صنع
الصنع فی اللغة :
1. اجادة الفعل [1]
و المراد من الاجادة الاتقان و العمل بدقة . فلا یتوهم احد ان اخذ الاجادة فی معنی الصنع یلزم منه وقوع التکرار فی قوله تعالی « و هم یحسبون انهم یحسنون صنعا » [2] . وجه التوهم ان کلا من قوله تعالی « یحسنون » و « صنعا » مشتمل علی معنی الاجادة . و جوابه ان المراد بالاجادة المأخوذة فی معنی الصنع هو الاتقان و العمل بدقة و هو یحصل حتی ممن یأتی بعمل قبیح کسارق یسرق باجادة و اتقان و المراد من الاحسان فی قوله تعالی : « یحسنون » الاتیان بعمل حسن ممدوح عند العقلاء فالاجادة غیر الاحسان فلا تکرار .
2. التربیة [3]
3. العمل [4]
4. الفعل [5]
الفرق بین العمل و الفعل و الصنع :
قال فی ریاض السالکین : فرق الراغب بين الثلاثة فقال: الفعل لفظ عام، يقال لما كان بإجادة و بدونها، و لما كان بعلم أو غير علم، و قصد أو غير قصد، و لما كان من الإنسان و الحيوان و الجماد.و أما العمل فإنه لا يقال إلا لما كان من الحيوان دون الجماد، و لما كان بقصد و علم دون ما لم يكن عن قصد و علم ... و أما الصنع فإنه يكون من الإنسان دون سائر الحيوان، و لا يقال إلا لما كان بإجادة. و لهذا يقال للحاذق المجيد، و الحاذقة المجيدة. صنع كبطل، و صناع كسلام، و الصنع يكون بلا فكر لشرف فاعله. و الفعل قد يكون بلا فكر لنقص فاعله، و العمل لا يكون إلا بفكر لتوسط فاعله، فالصنع أخص المعاني الثلاثة، و الفعل أعمها، و العمل أوسطها، فكل صنع عمل و ليس كل عمل صنعا، و كل عمل فعل و ليس كل فعل عملا [6] .
ثم انه یمکن ان یقال : ان مادة صنع لیس لها الا معنی واحد و هو المعنی الاول کما هو متبادر من موارد استعماله و یعادله فی الفارسیة کلمة « ساختن » و لکن قد یعبر عن هذا المعنی الواحد بتعابیر مختلفة کالتربیة او العمل او الفعل بمناسبة متعلقه فان متعلقه علی ثلاثة انحاء فقد یتعلق بما هو فعل من الافعال و یقال مثلا : صنع معروفا او قبیحا ای فعلا معروفا او فعلا قبیحا . و قد یتعلق بذات من ذوی الحیاة و یقال مثلا : صنع دابته او جاریته و منه قوله تعالی : « و لتصنع علی عینی »[7]. و قد یتعلق بذات من غیر ذوی الحیاة و یقال مثلا : صنع سلاحا و منه قوله تعالی : « یصنع الفلک » [8].
فاذا کان متعلقه من القسم الاول یفسَّر صَنَع بفَعَل کما قال فی الصحاح : صنع الیه معروفا و صنع الیه صنیعا قبیحا ای فعل . و اذا کان متعلقه من القسم الثانی : یفسر بمثل ربّاه و اذا کان من القسم الثالث یفسر بعمل .
الصنع فی الحدیث :
بناء علی ما ذکرنا من ان الصنع لیس له الا معنی واحد و لکن یعبّر عن ذلک المعنی الواحد بمناسبة متعلقه بتعابیر مختلفة یمکن ان یعبر عن کلمة « یصنع » فی الحدیث بکل من « یفعل» او « یربّی » بحسب متعلقه کما سیأتی توضیحه فی بیان معنی هذه الفقرة .
[1] مفردات الفاظ القران : الصنع اجادة الفعل فکل صنع فعل و لیس کل فعل صنع و لا ینسب الی الحیوانات والجمادات کما ینسب الیها الفعل . و نحوه فی معجم الفروق اللغویة . و لعل الیه یرجع ما فی ریاض السالکین، ج7، ص 373 : « و صنعت الشيء صنعا من باب- منع- و الاسم الصنع بالضم أي فعلته فعلا محكما.قال الراغب: الصنع: إجادة الفعل فكل صنع فعل و ليس كل فعل صنعا. قالتعالى: صنع الله الذي أتقن كل شيء .» فان اجادة الفعل لیس الا باحکامه والشاهد علیه ذیل کلامه فان ظاهره انه استشهد لمعناه بکلام الراغب .
[3] تهذیب اللغة : و لتصنع علی عینی معناه و لتربی بمرأی منی . یقال : صنع فلان جاریته اذا رباها و صنع فرسه : اذا قام بعلفه و تسمینه . و نظیره فی المعجم الوسیط .
[4] معجم مقاییس اللغة : صنع الصاد والنون و العین اصل صحیح واحد و هو عمل الشیئ . القاموس المحیط و المعجم الوسیط : صنع الشیئ : عمله . مجمع البحرین : و قوله تعالی : یحسبون انهم یحسنون صنعا ای عملا .
[5] الصحاح : صنع ، الصنع مصدر قولک :صنع الیه معروفا و صنع به صنیعا قبیحا ای فعل .
[6] ریاض السالکین، ج1، ص372 . نقله عن کتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة ( للراغب الاصفهانی ): ص 220.