×
☰ فهرست و مشخصات
مجمع البحرين4

الجزء الرابع

الجزء الرابع‏

كتاب الزاي‏

4
مجمع البحرين4

باب ما أوله الألف ص 5

باب ما أوله الألف‏
 (أرز)
فِي الْحَدِيثِ" الْعِلْمُ يَأْرِزُ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا".
أي ينضم و يجتمع بعضه إلى بعض. قال بعض الأفاضل: كأنه إشارة إلى ما وقع بعده ص في ابتداء الأمر، حيث انحصر العلم في أهل العباء ع و في جمع قليل بعدهم من أتباعهم. و مثله‏
" إِنَّ الْإِسْلَامَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا".
قال في النهاية: و منه‏
كَلَامُ عَلِيٍّ ع" حَتَّى يَأْرِزُ إِلَى غَيْرِكُمْ".
قال: و منه‏
كَلَامُهُ الْآخَرُ" جَعَلَ الْجِبَالَ لِلْأَرْضِ عِمَاداً وَ أَرَزَهَا فِيهَا أَوْتَاداً".
أي أثبتها إن كانت الزاي مخففة، فهي من أَرَزَتِ الشجرةُ تَأْرِزُ: إذا ثبتت في الأرض، و إن كانت مشددة فهي من أَرَزَّتِ الجرادةُ و رَزَّتْ: إذا أدخلت ذنبها في الأرض لتلقي فيها بيضها. و أَرَزَ فلانٌ يَأْرِزُ أَرْزاً و أُرُوزاً: إذا تضام و تقبض من بخله. و منه‏
حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ" إِنَّ فُلَاناً إِذَا سُئِلَ أَرَزَ وَ إِذَا دُعِيَ إِلَى الطَّعَامِ اهْتَزَّ".
و فيه ذكر الأرز، و فيه لغات أُرْز كقفل، و ضم الراء للإتباع، و ضم الهمزة و الراء، و تشديد الزاي، و الرابعة فتح الهمزة مع التشديد، و الخامسة رز من غير همزة، و السادسة الرنز بالضم لغة في الأرز. قال في المصباح: هي لعبد القيس كأنهم أبدلوا من إحدى الزاءين نونا. و الأَرَزَةُ بفتح الراء: شجر الأرزن، و هو خشب معروف، و عن أبي عبيدة الأَرْزَة بالتسكين شجر الصنوبر و الصنوبر ثمرها.

5
مجمع البحرين4

أرز ص 5

و قوله" و لا يَأْرِزُ من ثمرها شيئا" أي لا ينقص. و قولهم" و لم ينظروا في أَرْزِ الكلام" أي في حصره و جمعه و التروي فيه. و المَأْرَزُ: الملجأ.
 (أزز)
قوله تعالى: أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا
 [19/ 83] أي تزعجهم إزعاجا، و قيل أي تغريهم على المعاصي، من الأَزِّ و هو التهيج و الإغراء قال الشيخ أبو علي: المعنى ثم خاطب الله تعالى نبيه فقال: أَ لَمْ تَرَ يا محمد أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ أي خلينا بينهم و بين الشياطين إذا وسوسوا إليهم و دعوهم إلى الضلال حتى أغووهم، و لم نخل بينهم و بينهم بالإلجاء و لا بالمنع و عبر عن ذلك بالإرسال على سبيل المجاز و التوسع، كما يقال لمن خلى بين الكلب و غيره أرسل كلبه عليه عن الجبائي، و قيل معناه سلطناه عليهم، و هو في معنى التخلية أيضا و
فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي مَانِعِي الْخُمُسِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْمَعْرُوفِ، يَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً أَوْ شَيْطَاناً فَيُنْفِقُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَ الْخُمُسِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ يُعَذِّبُهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَجِدُ فِي بَطْنِي أَزّاً أَوْ ضَرَبَاناً".
أراد بالأَزِّ التهيج و الغليان الحاصل في بطنه، من أَزَّتِ القِدْرُ: اشتد غليانها و تهيجها. و في بعض النسخ" أذى" و معناه واضح. و الأَزِيزُ: صوت الرعد، و صوت غليان القدر أيضا. و منه‏
الْخَبَرُ" كَانَ يُصَلِّي وَ لِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ".
أي خنين بالخاء المعجمة، و هو صوت البكاء، و قيل أن تجيش جوفه و تغلي بالبكاء و المِرْجَل قِدْرٌ من نحاس. و مجلس أَزَزٌ: أي ممتلى‏ء بالناس كثير الزحام ليس فيه متسع.

6
مجمع البحرين4

أوز ص 7

(أوز)

فيه الإِوَزُّ بكسر الهمزة و فتح الواو و تشديد الزاي: البط، واحدته إِوَزَّة، و الجمع إِوَزُّونَ بالواو و النون. و في لغة وز، الواحدة وزة مثل تمر و تمرة. و الإِوَّزُ أيضا الرجل الخفيف و المرأة إِوَّزَة
باب ما أوله الباء
 (برز)
قوله تعالى: وَ تَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً
 [18/ 47] أي ظاهرة ليس فيها مستظل و لا متفيأ، من بَرَزَ الشي‏ءُ بُرُوزاً من باب قعد: ظهر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَوْلُ مِثْلُ الْبَرَازِ".
و هو بفتح الباء اسم للفضاء الواسع كنوا به عن قضاء الحاجة كما كنوا بالخلاء و الحش عنه، يقال تَبَرَّزَ تَبَرُّزاً تغوط، و ذلك لأنهم كانوا يبرزون في الأمكنة الخالية من الناس، و قيل سمي بَرَازاً لبروزه من الجسد. قال في النهاية: قال الخطابي المحدثون يروونه بالكسر، و هو خطأ لأنه بالكسر مصدر المبارزة في الحرب. قال بعض شراح الحديث: و للعرب عادة حسنة في هذا الباب و أمثاله، فما يفحش ذكره أو يستحيا منه يعبرون عنه بالكنايات صيانة للألسنة عما تصان عنه الأبصار و الأسماع أو تنفر عنه الطباع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً".
يعني محبا
" فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ".
المُبَارَزَةُ بالمحاربة إظهارها و التصدي لها. و البَرْزَةُ من النساء: التي لا تحتجب احتجاب الشواب، و هي مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس و تحدثهم، من البُرُوز و هو الظهور. و رجل بَرْزٌ: أي عفيف- نقلا عن الخليل. و المكان البَارِزُ: أي الظاهر.

7
مجمع البحرين4

برز ص 7

و بَرَّزْتُ الشي‏ءَ تَبْرِيزاً أي أظهرته و تبينته. و الإِبْرِيزُ: الذهب الخالص من الكدورات، معرب و الهمزة و الياء زائدتان. و" أَبْرَوَازُ" ملك من ملوك الفرس- قاله في القاموس.
 (بزز)
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ النَّبِيُّ بَزَّازاً".
البَزَّاز بالفتح و تشديد الزاي الأولى صاحب البز، و البَزُّ من الثياب أمتعة التاجر، و منه" قَدِمَ بَزٌّ من اليمن"، و منه" اشتروا بَزّاً فاشتركوا". و البِزَّةُ بالكسر مع الهاء: الأثواب و السلاح. و البِزَّةُ أيضا: الهيئة، يقال هو حسن البِزَّةِ. و" أَظْهِرْ بِزَّةَ النَّصْرَانِيَّةِ" أي اجعلها وراء ظهر و من خلف ظهر. و ابْتَزَّ ثيابي: جردني منها و غلبني عليها. و بَزَّهُ ثِيَابَهُ يَبُزُّهُ بَزّاً: سلبه. و ابْتَزَزْتُ الشي‏ءَ: استلبته.
 (بوز)
" البُزَاةُ" جمع البَازِي و البَازِي مخففة أفصح لغاته، و الثانية بَازٌ، و الثالثة بَازِيٌّ بالتشديد، و يجمع على أَبْوَاز و بِيزَان.
باب ما أوله التاء
 (تمز)
تَمُّوزُ أحد فصول السنة عند أهل الحساب.
 (توز)
التُّوزُ بالضم: شجر معروف. و" التِّيزَانِيُّ" اسمه محمد بن عبد الله لغوي مشهور.

8
مجمع البحرين4

باب ما أوله الجيم ص 9

باب ما أوله الجيم‏
 (جرز)
قوله تعالى: إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً
 [32/ 27] الأرض الجُرُزُ بضمتين التي لم يصبها المطر و ليس فيها نبات، و الجمع أَجْرَازٌ. قال الجوهري: أرض جُرُزٌ مثل عسر و جَرَزٌ مثل نهر، و جمع الجُرْز جِرَزَة مثل جحر و جحرة، و جمع الجَرَز أَجْرَاز مثل سبب و أسباب. و الجُرُز: السنة المجدبة. و أرض جَارِزَة: أي يابسة غليظة يكتنفها رمل أو قاع، و الجمع جَوَارِزُ. و الجُرزُ: الطائفة من الترك، و قد جاء في الحديث.
وَ فِيهِ" سَأَلْتُهُ عَنِ اللِّحَافِ مِنَ الثَّعَالِبِ وَ الْجِرْزِ يُصَلَّى فِيهَا أَمْ لَا".
الجِرْزُ بالكسر و الراء المهملة و الزاي المعجمة: لباس من لباس النساء من الوبر قاله الجوهري، و يقال هو الفرو الغليظ.
وَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنِ اللِّحَافِ مِنَ الثَّعَالِبِ أَوِ الْخُوَارَزْمِيَّةِ".
و كأن المراد الحواصل الخوارزمية كما جاءت به الروايات، و هي حيوانات منسوبة إلى خوارزم اسم بلدة. و الجُرْزَة كغرفة: القبضة من القت و الجمع جُرَز كغرف. و جَرَزَهُ يَجْرُزُهُ جَرْزاً: قطعه. و سيف جُرَازٌ بالضم: أي قطاع.
 (جرمز)
ابن جُرْمُوز قاتل الزبير.
 (جزز)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبِي يُحْفِي رَأْسَهُ إِذَا جَزَّهُ".
و هو من الجَزِّ القطع، يقال جَزَزْتُ الصوفَ و الفجل أَجُزُّهُ جَزّاً: إذا قطعته و أخذته بِالْمِجَزِّ بكسر الميم و فتح الجيم. و قوله" يحفي رأسه إذا جَزَّهُ" أراد شدة المبالغة في الجز.

9
مجمع البحرين4

جزز ص 9

و الجَزَازُ كالجذاذ بالفتح و الكسر إلا أن الجَذَاذُ خاص في النخل و الجَزَاز فيه و في الزرع و الصوف و الشعر- قاله في المغرب. و الجِزَّةُ بالكسر: صوف الشاة، و الجمع جِزَز. و الجُزَازَة بالضم: ما سقط من الأديم إذا قطع. و منه‏
حَدِيثُ الْبَاقِرِ ع" مَنْ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَ شَارِبِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ وَ قَالَ حِينَ يَأْخُذُ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ص لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ قُلَامَةٌ وَ لَا جُزَازَةٌ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عِتْقَ نَسَمَةٍ، وَ لَمْ يَمْرَضْ إِلَّا مَرَضَهُ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ".
و الجَزُوزَةُ بالفتح: الغنم يجز أصوافها مثل الركوبة و الحلوبة.
 (جلز)
فِي الْحَدِيثِ" حَدَّثَنِي بَعْضُ جَلَاوِزَةِ السَّوَادِ بِكَذَا".
الجَلَاوِزَةُ جمع جِلْوَاز بالكسر و هم أعوان الظلمة. و الجَلْوَزَةُ مصدر الجِلْوَاز، و هي الخفة في الذهاب و المجي‏ء بين يدي العامل. و الجِلَازُ: السير الذي يشد في طرف السوط، و منه‏
الْخَبَرُ" أُحِبُّ أَنْ أَتَجَمَّلَ بِجِلَازِ سَوْطِي".
 (جمز)
يقال جَمَزَ جَمْزاً من باب ضرب عدا و أسرع- قاله في المصباح.
وَ فِي الْخَبَرِ" يَرُدُّونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ كُفَّاراً جَمَزَى".
قال في النهاية: الجَمَزَى بالتحريك ضرب من السير سريع فوق العَنَقِ.
 (جنز)
فِي الْحَدِيثِ" رَأَيْتُ ابْناً لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَطِيمٌ دَرَجَ" أَيْ مَشَى" فَطُعِنَ فِي جِنَازَةِ الْغُلَامِ فَمَاتَ".
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَرُمِيَتْ إِحْدَاهُمَا فِي جِنَازَتِهَا".
أي ماتت. قال في النهاية: تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رُمِيَ فِي جِنَازَتِهِ لأن الجنازة تصير مرميا فيها، و المراد بالرمي الحمل و الوضع. قال: و الجِنَازَة

10
مجمع البحرين4

جنز ص 10

بالكسر الميت بسريره، و قيل بالكسر السرير و بالفتح الميت يوضع عليه، و قد تكرر ذكرها في الحديث- انتهى.
وَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ" فَطُعِنَ فِي جِنَانِ الْغُلَامِ".
بالنون بدلا من الزاي،
وَ فِي أُخْرَى" فَطُعِنَ فِي حَيَاةِ الْغُلَامِ فَمَاتَ".
و كأنه تصحيف. و جَنَزْتُ الشي‏ءَ أَجْنِزُهُ من باب ضرب سَيَّرْتُهُ، و منه اشتقاق الجَنَازَة.
 (جوز)
قوله تعالى: نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ‏
 [46/ 16] أي نصفح عنها، من التَّجَاوُزِ عن الشي‏ء الصفح عنه قرئ بالنون مفتوحة و بالياء مضمومة، و كذلك نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ. قوله: فَلَمَّا جاوَزا
 [18/ 62] أي خلفا مكان الحوت بعدهما.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَرْأَةِ" لَا تَمْلِكُ مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا".
يحتمل أن يقرأ معلوما و مجهولا مشددا، أي لا يرخص لها الزوج فيما زاد على نفسها. و أَجَازَ أمرَه يُجِيزُهُ: إذا أمضاه و أنفذه. و أَجَازَ المكانَ بالألف: قطعه. و أَجَزْتُ العقدَ: جعلته جائزا نافذا. و الإِجَازَةُ في عرف العلماء: إخبار إجمالي بأمور معلومة مضبوطة مأمون عليها من الغلط و التصحيف، و هي في الأصل مصدر أَجَازَ، و أصلها إجوازة تحركت الواو فتوهم انفتاح ما قبلها فانقلبت ألفا فالتقى ساكنان فحذفت لالتقاء الساكنين فصارت إِجَازَة، و في المحذوف من الألفين الزائدة أو الأصلية قولان مشهوران: الأول قول سيبويه، و الثاني قول الأخفش. و الجِيزَةُ: هي قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل. و منه‏
قَوْلُهُ ع" أَجِيزُوا الْوَفْدَ بِمَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ".
أي أعطوهم الجيزة.
وَ فِي حَدِيثِ الصِّرَاطِ" فَأَكُونُ أَنَا وَ أُمَّتِي مَنْ يُجِيزُ عَلَيْهِ".
أي يجوز، و هي لغة فيه و بمعناه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ذُو الْمَجَازِ".
و هو موضع‏

11
مجمع البحرين4

جوز ص 11

عند عرفات، و يقال بمنى كان يقام به سوق من أسواق العرب في الجاهلية، و الميم زائدة. قيل سمي به لأن إجازة الحاج كانت فيه. و قولهم" جعل فلان ذلك الأمر مَجَازاً إلى حاجته" أي طريقا و مسلكا. و جَوْزُ كل شي‏ء: وسطه. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" إِنَّهُ قَامَ مِنْ جَوْزِ اللَّيْلِ يُصَلِّي".
وَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ" رَبَطَ جَوْزَهُ إِلَى سَمَاءِ الْبَيْتِ".
أي وسطه. و أَجْوَازُ البلدان القِفَار: أوساطها. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْإِمَامُ النَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَاهِبِ الدُّجَى وَ أَجْوَازِ الْبُلْدَانِ الْقِفَارِ".
أي أوساطها المقفرة، لأنها أقرب إلى الهلكة، و استعماله هنا على الاستعارة. و الجَائِزُ: السائغ. و منه‏
قَوْلُهُ ع" لَوْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ لَجَازَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص".
و
مِنْهُ" لَا أُجِيزُ فِي الطَّلَاقِ إِلَّا رَجُلَيْنِ".
و جَوَّزَ له ما صنع و أَجَازَ له: سوغ له ذلك.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنِّي أَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي".
أي أخففها و أقللها و أقتصر على الجائز المجزي مع بعض المندوبات.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ تَجَوَّزْ عَنِّي".
أي تَجَاوَزْ، و هما بمعنى. و الجَوْزُ فارسي معرب، الواحدة جَوْزَة، و الجمع جَوْزَات. و" الجَوْزَاءُ" نجم يقال إنها تعترض في جَوْزِ السماء أي وسطها. و من ذلك‏
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ" فَقَالَ تَبِينُ بِرَأْسِ الْجَوْزَاءِ وَ الْبَاقِي وِزْرٌ عَلَيْهِ وَ عُقُوبَةٌ".
أي‏

12
مجمع البحرين4

جوز ص 11

بعدد رأس الجوزاء، و هو إما الأنجم الثلاثة أو حرف الجيم و هو ثلاث بحساب العدد، و كيف كان يريد هي مطلقة بالثلاث و الباقي وزر عليه و عقوبة. و الجَائِزَة: العطية واحدة الجَوَائِز و هي العطايا و المنح. و منه‏
حَدِيثُ النَّبِيِّ ص لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ" أَ لَا أَمْنَحُكَ أَ لَا أُجِيزُكَ".
وَ أَصْلُ الْجَائِزَةِ أَنَّ قَطَنَ بْنَ عَبْدِ عَوْفٍ مِنْ بَنِي هِلَالٍ وَلِيَ فَارِسَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، فَمَرَّ بِهِ الْأَحْنَفُ فِي جَيْشِهِ غَازِياً إِلَى خُرَاسَانَ، فَوَقَفَ لَهُمْ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَقَالَ: أَجِيزُوهُمْ، فَجَعَلَ يَنْسُبُ الرَّجُلَ فَيُعْطِيهِ عَلَى قَدْرِ حَسَبِهِ وَ كَانَ يُعْطِيهِمْ مِائَةً مِائَةً، فَلَمَّا كَثُرُوا عَلَيْهِ قَالَ أَجِيزُوهُمْ فَأُجِيزُوا فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْجَوَائِزَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا طَلَعَ هِلَالُ شَوَّالٍ نُودِيَ الْمُؤْمِنُونَ أَنِ اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكُمْ فَهُوَ يَوْمُ الْجَائِزَةِ".
يعني ما أعده الله تعالى للصائمين من الثواب. و جَازَ الشي‏ءَ يَجُوزُهُ: إذا تعداه. و منه‏
حَدِيثُ الْحَائِضِ وَ الْجُنُبِ" لَا يَدْخُلَانِ الْمَسْجِدَ إِلَّا مُجْتَازَيْنِ".
أي غير لابثين فيه. و" نهر جُوَيْز" أحد رساتيق المدائن و يحتمل الراء المهملة و قد سبق.
 (جهز)
قوله تعالى: جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ*
 [12/ 70] أي كال لكل واحد منهم ما يصيبه، قرأ السبعة بالفتح و الكسر لغة قليلة. و الجَهَازُ بالفتح و الكسر لغة: ما أصلح حال الإنسان، و منه جَهَازُ العروس و المسافر. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِذَا أَخَذَ الْحَاجُّ بِجَهَازِهِ فَكَذَا".
و
مِنْهُ" إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ فَخُذْ فِي جَهَازِهِ وَ عَجِّلْهُ".
و
مِنْهُ" فَأَعِدُّوا الْجَهَازَ لِبُعْدِ الْمَجَازِ".
و تَجَهَّزْتُ لأمر كذا: أي تهيأت له.
وَ فِي حَدِيثِ يَوْمِ الْبَصْرَةِ" أَلَا لَا تُجْهِزُوا

13
مجمع البحرين4

جهز ص 13

عَلَى جَرِيحٍ وَ لَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً".
الإِجْهَازُ على الجريح هو أن يسرع إلى قتله، يقال جَهَزْتُ على الجريح من باب نفع و أَجْهَزْتُ إِجْهَازاً: إذا اهتممت عليه و أسرعت قتله. و جَهَّزْتُ بالتشديد للمبالغة و التكثير.
وَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الدُّنْيَا" هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا مَرَضاً مُفْسِداً أَوْ مَوْتاً مُجْهِزاً".
أي سريعا
باب ما أوله الحاء
 (حجز)
فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ص" خُذُوا بِحُجْزَةِ هَذَا الْأَنْزَعِ" يَعْنِي عَلِيّاً ع" فَإِنَّهُ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ وَ الْفَارُوقُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ".
الحُجْزَة بضم الحاء المهملة و إسكان الجيم و بالزاي: معقد الإزار ثم قيل للإزار حُجْزَة للمجاورة، و الجمع حُجَز مثل غرفة و غرف، و قد استعير الأخذ بِالْحُجْزَةِ للتمسك و الاعتصام يعني تمسكوا و اعتصموا به. و
مِثْلُهُ" رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا".
استعار لفظة الحُجْزَة لهدى الهادي و لزوم قصده و الاقتداء به، و فيه إيماء إلى الحاجة إلى الشيخ في سلوك سبيل الله.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ الرَّحِمَ قَدْ أَخَذَتْ بِحُجْزَةِ الرَّحْمَنِ".
أي اعتصمت به و التجأت إليه مستجيرة. و حُجْزَةُ السراويل: التي فيها التكة. و الحَاجِزُ: الحائل بين الشيئين. و منه" الحِجَازُ" بالكسر أعني مكة و المدينة و الطائف و مخاليفها، كأنها حَجَزَتْ بين نجد و تهامة و بين نجد و السراة، أو لأنها احتجزت بالحرار الخمس- قاله‏

14
مجمع البحرين4

حجز ص 14

في القاموس. و احْتَجَزَ الرجلُ بإزار: شده على وسطه. و حَجَزَهُ يَحْجُزُهُ حَجْزاً: أي منعه فَانْحَجَزَ. و المُحَاجَزَة: الممانعة.
 (حرز)
الحِرْزُ بالكسر: الموضع الحصين، و منه سمي التعويذ حِرْزاً، و الجمع أَحْرَاز كأحمال.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي حِرْزٍ حَارِزٍ".
أي في كهف منيع، و هذا كما يقال شعر شاعر، فأجرى اسم الفاعل صفة للشعر و هو لقائله، و القياس أن يقول: حِرْزٌ مُحْرِزٌ أو حِرْزٌ حَرِيزٌ، لأن الفعل أَحْرَزَ. و قال في النهاية: و لكن هكذا روي، و لعله لغة و تَحَرَّزْتُ من كذا و احْتَرَزْتُ: أي توقيته و تحفظت منه. و أَحْرَزْتُ الشي‏ءَ إِحْرَازاً: ضممت. و منه قولهم" أَحْرَزَ قصبة السبق" إذا سبق إليها فضمها دون غيرها. و حَرُزَ الموضعُ حَرَازَةً فهو حَرِيزٌ من باب فَعُلَ يَفْعُلُ بالضم فيها، و أَحْرَزَهُ جعله في الحرز.
 (حزز)
الحَزَازَةُ وجع في القلب من غيظ و نحوه، و الجمع حَزَازَات. قال الشاعر:
          (و قد ينبت المرعى على دمن الثرى             و تبقى حَزَازَاتُ النفوس كما هيا)

عن أبي عبيدة أنه قال: ضربه مثلا لرجل يظهر مودة و قلبه نغل بالعداوة. و الحَزُّ واحد الحُزُوز في العود و نحوه. و حَزَّهُ و احْتَزَّهُ: قطعه و حَزَزْتُ الخشبة حَزّاً- من باب قتل-: قرضتها. و الحَزُّ: القرض.

15
مجمع البحرين4

حفز ص 16

(حفز)

فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ" لَا تَلَثَّمْ وَ لَا تَحْتَفِزْ".
أي لا تتضام في سجودك بل تتخوى كما يتخوى البعير الضامر، و هكذا عكس المرأة فإنها تَحْتَفِزُ في سجودها و لا تتخوى.
وَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ" وَ لَا تَحْتَقِنْ".
أي لا تدافع البول و الغائط. و حَفَزَهُ: أي دفعه من خلفه. و قولهم" هو مُحْتَفِزٌ" أي مستعجل متوفر غير متمكن في جلوسه، كأنه يريد القيام.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الدُّنْيَا" فَهِيَ تَحْفِزُ بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا".
أي تدفعهم و تعجلهم و تسوقهم.
 (حمز)
فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ" أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَحْمَزُهَا".
أي أشقها و أمتنها و أقواها. قيل: و ليس بكلي، فليس كل أَحْمَز أفضل و لا العكس. و الحَمْزَةُ: بقلة حريفة.
وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَنَّانِي رَسُولُ اللَّهِ ص بِبَقْلَةٍ كُنْتُ أَجْتَنِيهَا وَ كَانَ يُكَنَّى أَبَا حَمْزَةَ.
و" حَمْزَةُ" عم النبي ص مدفون بأحد، و قبره معروف هناك.
 (حنز)
فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ" لَوْ صَلَّيْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كالحنايز [كَالْحَنَائِرِ] مَا نفعكم حَتَّى تُحِبُّوا آلَ الرَّسُولِ ص".
الحنايز [الحَنَائِر] جمع الحنيزة [الحَنِيرَة]، و هو القوس بلا وتر، و قيل الطاق المعقود، و كل شي‏ء منحن فهو

16
مجمع البحرين4

حنز ص 16

حنيزة [حَنِيرَة]: أي لو تعبدتم حتى تنحني ظهوركم ما نفعكم ذلك حتى تحبوا آل الرسول.
 (حيز)
قوله تعالى: أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى‏ فِئَةٍ
 [8/ 16] أي منضما أو مائلا إلى جماعة من المسلمين. و الحَوْزُ: الجمع، و كل من ضم إلى نفسه شيئا فقد حَازَهُ حَوْزاً و حِيَازَةً و احْتَازَهُ، و حَازَهُ حَيْزاً من باب سار لغة فيه. و الحَوْزَةُ: الناحية. و حَوْزَةُ الإسلام: حدوده و نواحيه. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْإِمَامُ مِنَّا مَنْ مَنَعَ حَوْزَتَهُ".
أي ما في تصرفه، و جاهد في سبيل الله حق جهاده. و" الحَيِّزُ" بالتشديد: ما انضم إلى الدار من مرافقتها. و كل ناحية حَيِّزٌ، و أصله الواو. و هذا في حَيِّزِكَ: أي في ناحيتك. و انْحَازَ عنه: عدل.
باب ما أوله الخاء
 (خبز)
" الخُبْزُ" بالضم فالسكون الذي يؤكل، و بالفتح المصدر، و قد خَبَزْتُ الخُبْزَ و اخْتَبَزْتُهُ. و الخَبِيزَةُ: عجين يوضع في الملة حتى ينضج. و الخَبِيزُ و الخَبِيزَة: الإدام، و قيل هي الطعام من اللحم و غيره، و خَبَزْتُهُ خَبْزاً من باب ضرب. و الخُبَّازُ بالضم: نبت معروف، و في لغة الخُبَّازَى بألف التأنيث كالخزامى.
 (خرز)
الخَرَزُ بالتحريك: الذي ينظم، الواحدة خَرَزَة كقصبة و قصب. و خَرَزُ الظَّهْرِ: فقاره. و خَرَزَةُ الدِّماغ بكسر الدال من الذبيحة قيل هي المخ، و قيل خَرَزَةٌ في وسط المخ الكائن في وسط الدماغ بقدر

17
مجمع البحرين4

خرز ص 17

الحمصة تقريبا يخالف لونها لونه تميل إلى الغبرة. و" المِخْرَزُ" بكسر الميم و سكون المعجمة قبل الراء المفتوحة: ما يخرز به الجراب و السقاء من الجلود. و منه‏
الْحَدِيثُ" سَافِرْ بِمِخْرَزِكَ".
و خَرَزْتُ الجلدَ خَرْزاً من بابي ضرب و قتل، و هو كالخياط للثوب.
 (خزز)
تكرر في الحديث ذكر" الخَزِّ" هو بتشديد الزاي: دابة من دواب الماء تمشي على أربع تشبه الثعلب و ترعى من البر و تنزل البحر، لها وبر يعمل منه الثياب، تعيش بالماء و لا تعيش خارجه، و ليس على حد الحيتان و ذكاتها إخراجها من الماء حية. قيل: و قد كانت في أول الإسلام إلى وسطه كثيرة جدا. و عن ابن فرشتة في شرح مجمع: الخَزُّ صوف غنم البحر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّمَا هِيَ كِلَابُ الْمَاءِ".
و الخَزُّ أيضا: ثياب تنسج من الإبريسم، و قد ورد النهي عن الركوب عليه و الجلوس عليه. قال في النهاية الخَزُّ المعروف أولا ثياب تنسج من صوف و إبريسم و هي مباحة و قد لبسها الصحابة و التابعون، فيكون النهي عنها لأجل التشبيه بالعجم و زي المترفين، و إن أريد بِالخَزِّ النوع الآخر و هو المعروف الآن فهو حرام، لأن جميعه معمول من الإبريسم. و الخَزَّازُونَ: قوم يعملون الخز. و الخُزَزُ كصرد: الذكر من الأرانب، و الجمع خِزَّان كصردان- كذا في المصباح و غيره.
 (خنز)
خَنِزَ اللحمُ خَنَزاً من باب تعب: تغير و أنتن. و خَنَزَ خُنُوزاً من باب قعد لغة. و لم يَخْنَزْ بفتح النون: لم ينتن.
 (خوز)
فِي الْحَدِيثِ" وَ احْذَرْ مَكْرَ خُوزِ الْأَهْوَازِ، فَإِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: الْإِيمَانُ لَا يَثْبُتُ فِي قَلْبِ يَهُودِيٍّ وَ لَا خُوزِي‏

18
مجمع البحرين4

خوز ص 18

أَبَداً".
الخُوزُ بالمعجمتين: جيل من الناس- قاله الجوهري و غيره. و في النهاية الخُوزُ جيل معروف. و كِرْمَان: صُقْعٌ معروف في العجم. و يروى بالراء المهملة و هو من أرض فارس.
باب ما أوله الدال‏
 (درز)
" الدَّرْزُ" واحد دُرُوز الثوب- فارسي معرب.
 (دهلز)
الدِّهْلِيزُ بالكسر: هو ما بين الباب و الدار، و الجمع الدَّهَالِيز- فارسي معرب.
باب ما أوله الراء
 (رجز)
قوله تعالى: وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ [74/ 5] الرِّجْزُ بكسر الراء و ضمها، إما العذاب كما هو قول الأكثرين، فيكون الأمر بهجرانه أمر بهجران أسبابه الموجبة له، أو النجاسة فهو حينئذ صريح في وجوب توقي النجاسة في الصلاة- كذا قال بعض المفسرين، و هو جيد. و فسره البعض بالأوثان، و سميت رِجْزاً لأنها سبب الرِّجْز الذي هو العذاب قوله تعالى: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ
 [7/ 135] أي العذاب، و الرِّجْزُ بمعناه. و رِجْزُ الشيطان: لطخه و ما يدعو إليه من الكفر. قوله: وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطان‏

19
مجمع البحرين4

رجز ص 19

 [8/ 11] قيل هي الجنابة، و قيل العذاب، و قيل وسوسته،
فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى كَثِيبٍ لَمْ تَرْسَخْ فِيهِ أَقْدَامُهُمْ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَاحْتَلَمَ أَكْثَرُهُمْ وَ الْمُشْرِكُونَ سَبَقُوهُمْ إِلَى الْمَاءِ، فَتَمَثَّلَ لَهُمْ إِبْلِيسُ وَ قَالَ: تُصَلُّونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَ عَلَى جَنَابَةٍ وَ قَدْ عَطِشْتُمْ، وَ لَوْ كُنْتُمْ عَلَى الْحَقِّ لَمَا غَلَبَكُمْ هَؤُلَاءِ عَلَى الْمَاءِ، فَحَزِنُوا شَدِيداً فَمُطِرُوا لَيْلًا حَتَّى جَرَى الْوَادِي وَ تَلَبَّدَ الرَّمْلُ حَتَّى ثَبَتَتْ عَلَيْهِ الْأَقْدَامُ وَ طَابَتِ النُّفُوسُ.
قال بعض الأفاضل: فعلى القول الأول فيه دلالة على نجاسة المني، و لذلك قرئ رِجْسَ و هو مرادف للنجاسة. قوله: رِجْزاً مِنَ السَّماءِ*
 [2/ 59] يعني العذاب. و الرَّجَزُ بفتح المهملة: بحر من البحور، و نوع من أنواع الشعر يكون كل مصراع منه منفردا، و تسمى قصائده أَرَاجِيزَ جمع أُرْجُوزَة كهيئة السجع إلا أنه وزن الشعر، و يسمى قائله رَاجِزاً.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ رَاجِزٌ".
سماه به لأن الرَّجَزَ أخف على اللسان من القصيدة.
وَ" الْمُرْتَجِزُ" عَلَى بِنَاءِ اسْمُ الْفَاعِلِ اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ وَ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ.
 (رزز)
" الرِّزُّ" بالكسر الصوت الخفي، تقول سمعت رِزَّ الرعد و غيره. و الرِّزُّ: وجع في البطن، و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا تَقْطَعِ الصَّلَاةَ الرُّعَافُ وَ رِزٌّ فِي الْبَطْنِ".
و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" مَنْ وَجَدَ فِي بَطْنِهِ رِزّاً فَلْيَنْصَرِفْ وَ لْيَتَوَضَّأْ".
كأنه يريد القرقرة أو غمز الحدث و حركته للخروج، و أمره بالوضوء لئلا يدافع أحد الأخبثين و إلا فليس بواجب ما لم يحدث. و رَزَزْتُ الشي‏ءَ في الأرض رَزّاً: أي أثبته فيها. و منه‏
الْحَدِيثُ" جَعَلَ الْجِبَالَ لِلْأَرْض‏

20
مجمع البحرين4

رزز ص 20

عِمَاداً وَ أَرَّزَهَا فِيهَا أَوْتَاداً".
و قد مر في أرز.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنْتَ يَا عَلِيُّ رِزُّ الْأَرْضِ".
أي عمادها.
 (رعز)
المرعزي: الزغب الذي تحت شعر العنز، و فيه لغات التخفيف و المد مع فتح الميم و كسرها و التثقيل و القصر مع كسر الميم لا غير، و العين مكسورة في الأحوال كلها، و حكي مرعز كجعفر و مرعز بكسرتين مع التثقيل، و لا يجوز التخفيف مع الكسرتين لفقد مفعل في كلامهم، و أما منحز و منتن فكسر الميم للإتباع و ليس بأصل.
 (ركز)
قوله تعالى: أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً
 [19/ 98] الرِّكْزُ: الصوت الخفي، أي لا يرى لهم عين و لا يسمع لهم صوت، و كانوا أكثر أموالا و أكثر أجساما و أشد خصاما من هؤلاء، فحكم هؤلاء حكمهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ".
الرِّكَازُ ككتاب بمعنى المَرْكُوز، أي المدفون، و اختلف أهل العراق و الحجاز في معناه، فقال أهل العراق الرِّكَازُ المعادن كلها، و قال أهل الحجاز الرِّكَازُ المال المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإسلام، و القولان يحتملهما أهل اللغة لأن كلا منهما مركوز في الأرض أي ثابت، يقال رَكَزَهُ رَكْزاً: إذا دفنه، و إنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه و سهولة أخذه.
وَ فِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ سُئِلَ وَ مَا الرِّكَازُ؟ فَقَالَ" الذَّهَبُ وَ الْفِضَّةُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خَلْقِهَا".
و رَكَزْتُ الرمحَ و غيره من باب قتل: أثبته بالأرض، و المَرْكِزُ وزان مسجد موضع الثبوت و الجمع مَرَاكِز. و مَرْكَزُ الدائرة: وسطها. و مَرْكَزُ الرحل: موضعه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْوَلِيمَةُ فِي الرِّكَازِ".

21
مجمع البحرين4

ركز ص 21

يعني قدوم الرجل من مكة.
 (رمز)
قوله تعالى: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً
 [3/ 41] و الرَّمْزُ هو تحريك الشفتين في اللفظ من غير إتيانه بصوت، و قد يكون إشارة بالعين و الحاجبين. فإن قيل: عليه: الرَّمْزُ ليس من جنس الكلام فكيف يستثنى منه؟ أجيب: بأنه لما أدى مؤدى الكلام و فهم ما يفهم منه سمي كلاما، و يجوز أن يكون استثناء منقطعا. و رَمَزَ من باب قتل، و في لغة من باب ضرب. و الرَّمَّازَةُ: الزانية، لأنها تَرْمِزُ بعينها.
 (روز)
فيه" رُوزُ حسني" في نسخ متعددة، و هو اسم رجل. و رُزْتُهُ أَرُوزُهُ رَوْزاً: أي جربته و خبرته، و المَرْوَزِيُّ مر في مرا.
باب ما أوله الشين‏
 (شرز)
فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنِ الْأُتُنِ وَ الشِّيرَازِ الْمُتَّخَذِ مِنْهَا".
و مثله‏
" وَ هَذَا شِيرَازُ الْأُتُنِ اتَّخَذْنَاهُ لِمَرِيضٍ عِنْدَنَا".
الشِّيرَازُ وزان دينار: اللبن الرائب يستخرج منه ماؤه. و قال بعضهم: لبن يغلي حتى يثخن ثم ينشف حتى يميل طبعه إلى الحموضة، و الجمع شَوَارِيز. و" شِيرَاز" اسم بلدة بفارس ينسب إليها بعض أصحاب الحديث‏

22
مجمع البحرين4

شمأز ص 23

(شمأز)

قوله تعالى: اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ‏
 [39/ 45] أي انقبضت، من قولهم اشْمَأَزَّ الرجلُ اشْمِئْزَازاً: انقبض.
 (شونز)
الشُّونِيزُ و الشِّينِيزُ و الشِّهْنِيزُ: الحبة السوداء- قاله في القاموس.
 (شهرز)
يقال تَمْرٌ شِهْرِيزٌ و سِهْرِيزٌ بالسين و الشين جميعا: لضرب من التمر، و إن شئت أضفت مثل ثوب خز و ثوب خز.
باب ما أوله الضاد
 (ضيز)
قوله تعالى: قِسْمَةٌ ضِيزى‏
 [53/ 22] أي ناقصة، و يقال جائرة، من قولهم ضَازَهُ حَقَّهُ: أي نقصه، و ضَازَ في الحكم: أي جار فيه. و إنما كسروا الضاد لتسلم الياء لأنه ليس في الكلام فعلى صفة و إنما هو من بناء الأسماء كالشعرى. قال الجوهري: و حكى أبو حاتم عن أبي زيد أنه سمع بعض العرب تهمز ضِيزَى.
باب ما أوله الطاء
 (طرز)
الطِّرَازُ: علم الثوب، فارسي معرب- قاله الجوهري. و الطَّرْزُ: الهيئة.

23
مجمع البحرين4

باب ما أوله العين ص 24

باب ما أوله العين‏
 (عجز)
قوله تعالى: وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ*
 [29/ 22] الإِعْجَازُ: أن يأتي الإنسان بشي‏ء يعجز خصمه و يقصر دونه. قوله تعالى: غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ*
 [9/ 2] أي لا يفوتونه و إن أمهلهم. قوله: لِيُعْجِزَهُ‏
 [35/ 44] أي ليسبقه و يفوته. قوله تعالى: مُعاجِزِينَ*
 [22/ 51] أي يعاجزون الأنبياء و أولياء الله و يقاتلونهم و يمانعونهم ليصيروهم إلى العجز عن أمر الله تعالى. قوله: أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ
 [69/ 7] أي أصول نخل بالية. قوله: أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ
 [54/ 20] أي أصول نخل منقطع.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ لَنَا حَقٌّ إِنْ نُعْطَهُ نَأْخُذْهُ، وَ إِنْ نُمْنَعْهُ نَرْكَبْ أَعْجَازَ الْإِبِلِ وَ إِنْ طَالَ السُّرَى".
قال بعض المتبحرين: هذا الكلام من لطيف كلامه و فصيحه، و معناه إن لم نعط حقنا كنا أذلاء، و ذلك لأن الرديف يركب عجز البعير كالعبد و الأسير و من يجري مجراهما، و وجه آخر و هو أن الركوب على أعجاز الإبل شاق، أي إن منعنا حقنا ركبنا مركب المشقة صابرين عليها و إن طال الأمد. و عَجُزُ كل شي‏ء: مؤخره. و العَجُزُ من الرجل و المرأة: ما بين الوركين، و هي مؤنثة، و العَجِيزَة للمرأة خاصة، و بنو تميم يذكرون، و نقل فيها أربع لغات فتح العين و ضمها و مع كل واحد ضم الجيم و سكونها، و الأفصح وزان رجل، و الجمع أَعْجَاز. و عَجِزَ الإنسانُ عَجَزاً من باب تعب: عظم عجزه.

24
مجمع البحرين4

عجز ص 24

وَ فِي الْحَدِيثِ" تَزَوَّجْ مِنَ النِّسَاءِ الْعَجْزَاءَ".
يقال امرأة عَجْزَاءُ: أي ذات عجز. و عَجِزَتْ كفرح: عظمت عجيزتها، أي عجزها. و عَجَزَ الرجلُ عن الشي‏ء- من باب ضرب- و عَجِزَ عَجْزاً من باب تعب لغة: إذا لم يقدر عليه.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَ الْكَسَلِ".
يمكن قراءته بالوجهين.
وَ فِي الْخَبَرِ" كُلُّ شَيْ‏ءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَ الْكَيْسُ".
بالرفع عطفا على كل، أراد بِالعَجْزِ ترك ما يجب فعله بالتسويف، و هو عام في أمور الدنيا و الدين، و الكَيْسُ ضد العجز، و هو النشاط و الحذق في الأمور. و العَجُوزُ بالضم: المرأة الكبيرة المسنة. و عن ابن السكيت و لا تقل عَجُوزَة و العامة تقوله، و الجمع عَجَائِزُ و عُجُز بضمتين. و أيام العَجُوزِ عند العرب خمسة أيام، و قيل هي سبعة أيام آخر الشتاء. و المُعْجِزُ: الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوى المقرون بالتحدي، و قد ذكر المسلمون للنبي ص ألف مُعْجِزَةٍ منها القرآن. و المُعْجِزَةُ في الحديث واحدة مُعْجِزَات الأنبياء. و المِعْجَزُ بكسر الميم: المنطقة، لأنها تلي عجز المنطق بها.
وَ فِي الْخَبَرِ" قَدِمَ عَلَيْهِ صَاحِبُ كِسْرَى فَوَهَبَ لَهُ مِعْجَزَةً فَسُمِّيَ ذَا الْمِعْجَزَةِ".
 (عزز)
قوله تعالى: وَ قالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ‏
 [12/ 30] قال المفسر: العَزِيزُ الملك‏

25
مجمع البحرين4

عزز ص 25

بلسان العرب، و فتاها غلامها. قوله: عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ‏
 [9/ 128] أي شديد يغلب صبره، يقال عَزَّهُ يَعُزُّهُ عَزّاً: إذا غلبه. قوله: فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ‏
 [36/ 14] أي قوينا و شددنا ظهورهما برسول ثالث، و الاسم العِزَّةُ، و هي القوة و الغلبة، و منه قوله وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ‏
 [38/ 33] أي غلبني، و يقال عَزَّنِي صار أَعَزَّ مني. قوله: فِي عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ‏
 [38/ 2] العِزَّةُ: المغالبة و الممانعة. قوله: أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ‏
 [2/ 206] أي حملته العزة التي فيه من الغيرة و حمية الجاهلية على الإثم المنهي عنه و ألزمته ارتكابه، يقال أخذته بكذا: حملته عليه. قوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ
 [37/ 180] يريد الله تعالى أصناف الرب إلى العزة لاختصاصه بها. قوله: أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ‏
 [5/ 54] أي يُعَازُّونَ الكافرين، أي يغالبونهم و يمانعونهم، من عَزَّهُ: إذا غلبه. و" العُزَّى" تأنيث الأَعَزِّ [و قد يكون الأَعَزُّ] بمعنى [العَزِيزِ و العُزَّى بمعنى‏] العَزِيزَةِ [و هو أيضا] اسم صنم من حجارة لقريش و بني كنانة.
وَ يُقَالُ" الْعُزَّى" سَمُرَةٌ كَانَتْ لِغَطْفَانَ يَعْبُدُونَهَا، وَ كَانُوا بَنَوْا عَلَيْهَا بَيْتاً وَ أَقَامُوا لَهَا سَدَنَةً، فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَهَدَمَ الْبَيْتَ وَ أَحْرَقَ السَّمُرَةَ.
وَ" عَبْدُ الْعُزَّى" اسْمٌ لِأَبِي بَكْرٍ، وَ كُنْيَتُهُ أَبُو فَصِيلٍ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ ص عَبْدَ اللَّهِ وَ كَنَّاهُ أَبَا بَكْرٍ- كَذَا فِي الْكَشْكُولِ‏
و" الْعَزِيزُ"*
 من أسمائه تعالى، و هو الذي لا يعادله شي‏ء، أو الغالب الذي لا يغلب، و جمع العَزِيزِ عِزَاز مثل كريم و كرام، و قوم أَعِزَّة و أَعِزَّاء. و عَازَّهُ: غالبه.

26
مجمع البحرين4

عزز ص 25

و منه‏
الْحَدِيثُ" فَعَازَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ".
أي غالبه. و من أسمائه تعالى" المُعِزُّ" و هو الذي يهب العز لمن يشاء من عباده. و يَعِزُّ علي أن أراك بحال سيئة: أي يشتد و يشق علي و عَزَّ علي أن تفعل كذا- من باب ضرب-: كناية عن الأنفة عنه. و العِزُّ بالكسر: خلاف الذل و عَزَّ الشي‏ءُ عِزّاً و عَزَازَةً: إذا قل و لا يكاد يوجد فهو عَزِيزٌ. و عَزَّ فلانٌ يَعِزُّ عِزّاً و عَزَازَةً أيضا: صار عَزِيزاً، أي قوي بعد ذلة و الجمع أَعِزَّة.
وَ فِي حَدِيثِ مَدْحِ الْإِسْلَامِ" وَ أَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ".
أي حماها ممن قصد هدمها. و
" الْمُؤْمِنُ أَعَزُّ مِنَ الْجَبَلِ".
أي أصلب.
فِي الْحَدِيثِ" مَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَوْحِشَ إِلَى أَخِيهِ فَمَنْ دُونَهُ الْمُؤْمِنُ عَزِيزٌ فِي دِينِهِ".
لعل المعنى أن المؤمن إذا فقد أخاه فمن دونه لا ينبغي أن يستوحش لفقدهما، لأن المؤمن عَزِيزٌ في دينه إذا مسته الوحشة استأنس بالله لا بغيره. و التَّعَزِّي: التأسي و التصبر عند المصيبة و أن يقول" إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ".
 (عكز)
العُكَّازَةُ وزان تفاحة و رمانة: العنزة، و هي رمح بين العصا و الرمح فيها زج، و الجمع عَكَاكِيز و عَكَزَ على عُكَّازَتِهِ: توكأ عليها.
 (علهز)
فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص لَمَّا دَعَا عَلَى قُرَيْشٍ" اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ أَكَلُوا الْعِلْهِزَ".
بكسر العين و إسكان اللام و كسر الهاء قبل الزاي: القراد الضخم، و قيل المراد به الوبر المخلوط بالدم.
 (عنز)
العَنْزُ: الماعزة، و هي الأنثى من المعز و كذلك العَنْزُ: من الظباء و الأوعال- قاله الجوهري.

27
مجمع البحرين4

عنز ص 27

وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَجْعَلُ الْعَنَزَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى وَ كَانَ ذَلِكَ لِيَسْتَتِرَ بِهَا عَنِ الْمَارَّةِ".
العَنَزَةُ بالتحريك أطول من العصا و أقصر من الرمح، و الجمع عَنَزٌ و عَنَزَاتٌ كقصبة و قصبات و قصب. قال بعض شراح الحديث: و إنما كانوا يحملون العَنَزَةَ معه ع لأنه إذا أتى الخلاء أبعد حتى لا تراه عيون الناظرين، فيتخذون له العَنَزَةَ لمقاتلة عدو إن حضر أو سبع أو مدافعة هامة، ثم لينبش الأرض إذا كانت صلبة لئلا يرتد إليه البول.
 (عوز)
العَوَزُ بالفتح: العدم، و قد أَعْوَزَ فهو مُعْوِزٌ. و عَوِزَ الشي‏ءُ كفرح: إذا لم يوجد، و الرجلُ: افتقر. و كان مُعْوِزاً: أي فقيرا. و الرجلُ المُعْوِزُ: الفقير. و أَعْوَزَهُ الشي‏ءُ: إذا احتاج إليه فلم يقدر عليه. و الإِعْوَازُ: الفقر. و أَعْوَزَهُ الدهرُ: أفقره.
باب ما أوله الغين‏
 (غرز)
فِي الْحَدِيثِ" الْجُبْنُ وَ الْبُخْلُ وَ الْحِرْصُ غَرِيزَةٌ يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ".
أي بالله. الغَرِيزَةُ: الطبيعة و القريحة، و الجمع غَرَائِز. و غَرَزَهَا في الخلق بالتخفيف و التشديد أي ركبها فيهم. و فيه" فأخذت بِغَرْزِ راحلته" هو كفلس: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب، و قيل هو الكور مطلقا مثل الركاب للسرج. و مثله" فوضع رجله في الغَرْزِ". و غَرَزْتُ رجلي في الغَرْزِ غَرْزاً: إذا وضعتها فيه لتركب.

28
مجمع البحرين4

غرز ص 28

و غَرَزَتِ الناقةُ تَغْرُزُ: إذا قل لبنها. و الغَارِزُ من النوق من ذلك. و غَرَزْتُ الشي‏ءَ غَرْزاً من باب ضرب: أثبته في الأرض، و أَغْرَزْتُهُ بالألف لغة. و منه‏
حَدِيثُ لَفِّ الْخِرْقَةِ لِلْمَيِّتِ" وَ اغْرِزْهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَفَفْتَ فِيهِ الْخِرْقَةَ".
 (غمز)
قوله تعالى: وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ‏
 [83/ 30] أي يغمز بعضهم بعضا و يشيرون بأعينهم.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص مَعَ عَائِشَةَ" وَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيْهَا".
الغَمْزُ هنا العصر و الكبس باليد، و قد تكرر ذكره في الحديث، و بعضهم فسره بالإشارة كالرمز بالعين أو الحاجب أو اليد. و غَمَزَهُ غَمْزاً من باب ضرب: أشار إليه بعين أو حاجب أو يد.
وَ فِي حَدِيثِ آدَمَ" فَغَمَزَهُ- يَعْنِي جَبْرَئِيلَ ع- فَصَيَّرَ طُولُهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ".
و عليه إشكال مر الجواب عنه في قعد. و المَغْمُوزُ: المتهم. و المَغَامِزُ: المعايب. و ليس فيه مَغْمَزٌ: أي عيب.
باب ما أوله الفاء
 (فرز)
فِي الْحَدِيثِ" التَّخَتُّمُ بِالْفَيْرُوزَجِ يُقَوِّي الْبَصَرَ وَ يَزِيدُ فِي قُوَّةِ الْقَلْبِ".
الفَيْرُوزَجُ: حجر معروف يتختم به. و الفَرْزُ مصدر قولك فَرَزْتُ الشي‏ءَ أَفْرِزُهُ: إذا عزلته من غيره و مزته، و القطعة منه فِرْزَة بالكسر، و كذلك أَفْرَزْتُهُ بالألف. و إِفْرِيزُ: الحائط معرب- قاله الجوهري.

29
مجمع البحرين4

فرز ص 29

و" فَيْرُوزُ" من أبناء الفرس.
 (فزز)
قوله تعالى: وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ‏
 [17/ 64] أي استخف من استطعت منهم و استزلهم بوسوستك. و الفَزُّ: الخفيف، و منه رجل فَزٌّ. قوله: لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ‏
 [17/ 76] أي ليزعجوك منها بالإخراج يقال أراد بها أرض مكة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ قُلُوبَ الْجُهَّالِ تَسْتَفِزُّهَا الْأَطْمَاعُ".
أي تستخفها، من اسْتَفَزَّهُ: إذا استخفه و أخرجه عن داره و أزعجه، و منه اسْتَفَزَّهُ الخوفُ. و قعد مُسْتَفِزّاً: أي غير مطمئن.
 (فوز)
قوله: ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*
 [9/ 72] الفَوْزُ: النجاة و الظفر بالخير، من قولهم فَازَ يَفُوزُ فَوْزاً: إذا ظفر و نجا. و الفَائِزُ بالشي‏ء: الظافر به، و منه" الفائزون". قوله: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً
 [78/ 31] أي ظفرا بما يريدون. قوله: وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ‏
 [39/ 61] أي بسبب منجاتهم و هو العمل الصالح. و المَفَازَةُ: المنجاة، و هي مفعلة من الفوز، يقال فَازَ فلانٌ: إذا نجا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَسْتَقِرُّ أَيَّاماً فِي جَبَلٍ فِي طَرَفِ الْحَرَمِ فِي فَازَةٍ".
و هي مظلة بين عمودين، قال الجوهري هو عربي فيما أرى. و المَفَازَةُ: المهلك، مأخوذة من فَوَّزَ بالتشديد: إذا مات لأنها مظنة الموت، و قيل من فَازَ إذا نجا و سلم، سميت بذلك تفؤلا بالسلامة، و الجمع المَفَاوِز، و قد تكرر في الحديث.

30
مجمع البحرين4

باب ما أوله القاف ص 31

باب ما أوله القاف‏
 (قرمز)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تَلْبَسِ الْقِرْمِزَ لِأَنَّهُ أَرْدِيَةُ إِبْلِيسَ".
القِرْمِزُ بكسر القاف و الميم: صبغ أرمني يكون من عصارة دود يكون في آجامهم- قاله في القاموس.
 (قزز)
في الحديث ذكر القَزِّ، هو بالفتح و التشديد ما يعمل من الإبريسم، و عن بعضهم القَزُّ و الإِبْرِيسَم مثل الحنطة و الدقيق و التَّقَزُّزُ: التباعد من الدنس. و
مِنْهُ" تَقَزَّزَ مِنْ أَكْلِ الضَّبِّ".
و القَزُّ: إباء النفس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَ لَكِنَّ الْأَنْفُسَ تَتَنَزَّهُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ تَقَزُّزاً".
أي إباء و تباعدا عنه.
 (قفز)
فِي حَدِيثِ الْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ" وَ لَا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ".
القُفَّازُ بالضم و التشديد: شي‏ء يعمل لليدين و يحشى بقطن و يكون له أزرار تزر على الساعد، تلبسه المرأة من نساء العرب تتوقى به من البرد، و هما قُفَّازَانِ. و قَفَزَ الشي‏ءُ يَقْفِزُ من باب ضرب يضرب قَفْزاً و قَفَزَاناً: وثب، فهو قَافِزٌ، و قَفَّازٌ مبالغة. و منه‏
الْحَدِيثُ" فَقَفَزَ فَأَصَابَ ثَوْبَ يُونُسَ".
و منه‏
حَدِيثُ قَيْسٍ الْمَاصِرِ" أَنْتَ وَ الْأَحْوَلُ قَفَّازَانِ".
و القَفِيزُ: مكيال يتواضع الناس عليه، و هو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك، و الجمع أَقْفِزَة و قُفْزَان‏

31
مجمع البحرين4

باب ما أوله الكاف ص 32

باب ما أوله الكاف‏
 (كزز)
الكُزَازُ: داء يتولد من شدة البرد، و قيل هو نفس البرد، و منه‏
حَدِيثُ مَنْ أُمِرَ بِالْغُسْلِ" فَكُزَّ فَمَاتَ".
و الكَزَزَةُ: الانقباض و اليبس. و قد كُزَّ الشي‏ءُ فهو مَكْزُوزٌ: إذا انقبض من البرد.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي وَصْفِهِ ص" لَمْ يَكُنْ بِالْكَزِّ فِي وُجُوهِ السَّائِلِينَ".
أي لم يكن معبسا في وجوههم. و الكَزُّ: المُعَبِّس.
 (كنز)
قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما
 [18/ 82] قَالَ: ذَلِكَ الْكَنْزُ لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ مَكْتُوبٌ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَجِبْتُ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ كَيْفَ يَفْرَحُ عَجِبْتُ لِمَنْ يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَحْزَنُ، عَجِبْتُ لِمَنْ يَذْكُرُ النَّارَ كَيْفَ يَضْحَكُ، عَجِبْتُ لِمَنْ يَرَى الدُّنْيَا وَ تَصَرُّفَ أَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَيْفَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا" كَذَا فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ. وَ مِثْلُهُ فِيمَا صَحَّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏
قوله: الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ
 [9/ 34] الآية، أي يجمعونهما و يدخرونهما. و أصل الكَنْزِ: المال المدفون لعاقبة ما ثم اتسع فيه، فيقال لكل قينة يتخذها الإنسان كَنْزٌ، و منه‏
قَوْلُهُ" أَ لَا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُهُ الْمَرْءُ".
أي يقينه و يتخذه لعاقبته، و الجمع كُنُوز كفلس و فلوس. و كَنَزَ المالَ من باب ضرب: جمعه و ادخره. و يقال لكل ما أديت زكاته ليس بِكَنْزٍ و إن كان مدفونا، و كل ما لم يؤد

32
مجمع البحرين4

كنز ص 32

زكاته فهو كَنْزٌ و إن كان ظاهرا يكوى فيه صاحبه يوم القيامة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الصَّلَاةُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ".
أي أجرها مدخر لفاعلها و المتصف بها، كما يدخر الكنز الذي هو أنفس أموالكم. و مثله‏
" لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ".
و اكْتَنَزَ الشي‏ء: اجتمع و امتلأ. و" أَكْنَزَ من غير طائل" أي جمع، و يروى فأكثر، و هو قريب منه.
 (كوز)
الكُوزُ: إناء معروف يجمع فيه الماء، و اتسع فيه فيقال لما يوضع فيه المال، و يجمع على كِيزَان كعود و عيدان، و على أَكْوَاز كأعواد، و على كِوَزَة كعودة. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ وَ وَضَعَهُ فِي كِوَزَةٍ".
باب ما أوله اللام‏
 (لزز)
لَزَّهُ يَلُزُّهُ لَزّاً و لَزَزاً: أي شده و ألصقه. و لَازَزْتُهُ: لاصقته. و منه" لَزَّهُ إلى صدره". و كان له ص فرس يقال له اللِّزَازُ، سمي به لشدة تَلَزُّزِهِ.
 (لغز)
أَلْغَزَ في كلامه: إذا عمى مراده، و الاسم اللُّغَزُ كرطب، و الجمع أَلْغَاز كأرطاب.
 (لكز)
اللَّكْزُ: الضرب بالجمع على الصدر، يقال لَكَزَهُ لَكْزاً من باب قتل: ضربه بجمع كفه في صدره، و يقال اللَّكْزُ الضرب بجميع الجسد.
 (لمز)
قوله تعالى: وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ‏
 [49/ 11] أي لا تعيبوا إخوانكم المسلمين و مثله لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. قوله: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ‏
 [9/ 58]

33
مجمع البحرين4

لمز ص 33

أي يعيبك، من قولهم لَمَزَهُ يَلْمِزُهُ و يَلْمُزُهُ و هَمَزَهُ يَهْمِزُه و يَهْمُزُهُ: إذا عابه، و الهَمْزُ و اللَّمْز العيب و الغض من الناس، و منه قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
 [104/ 1]. قال الليث: الهُمَزَة هو الذي يعيبك بوجهك، و اللُّمَزَة الذي يعيبك بالغيب، و قيل اللَّمْزُ ما يكون باللسان و العين و الإشارة، و الهَمْزُ لا يكون إلا بلسان. و قال غيره: هما شي‏ء واحد، و لعل هذا في غير الفاسق أما فيه فلا، لما
رُوِيَ عَنْهُ ص" اذْكُرُوا الْمَرْءَ بِمَا فِيهِ لِيَحْتَرِزَهُ النَّاسُ".
قال في المجمع في قوله تعالى وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ‏
 أي يروزك و يسألك، و الرَّوْزُ الامتحان، يقال رُزْتُ ما عنده: إذا اختبرته و امتحنته، أي يمتحنك و يذوقك هل تخاف لائمته إذا منعته أم لا.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ هَمْزِهِ وَ لَمْزِهِ".
و هو من هذا الباب، و المراد مكائده.
 (لهز)
اللَّهْزُ مثل اللكز. و لَهَزَهُ القَتِيرُ: خالطه الشيب، فهو مَلْهُوزٌ، ثم هو أشمط ثم أشيب- قاله الجوهري.
 (لوز)
اللَّوْزَةُ واحدة اللَّوْز المعروف. و أرض مَلَازَة: فيها أشجار اللوز- قاله الجوهري.
باب ما أوله الميم‏
 (مرز)
في الحديث ذكر البتع و المرز، الْمِرْزُ بكسر الميم و سكون الراء: الشراب المتخذ من الشعير، و البتع نوع آخر منه‏

34
مجمع البحرين4

مرز ص 34

و الْمَرْزُ أيضا: جمع التراب حول ما يريد إحياءه من الأرض ليتميز عن غيره، و منه" التحجير بِمَرْزٍ". و" امْرُزْ لي من هذا العجين مَرْزَةً" أي اقطع لي منه قطعة
. (مزز)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الْإِدَاوَةِ لَوْ تَمَزَّزَهَا الصَّدْيَانُ لَمْ تَنْقَعْ غُلَّتَهُ".
أي لم يسكن عطشه التَّمَزُّزُ: تمصص الماء قليلا، و الصديان العطشان، و نقع ينقع سكن عطشه، شبه بقيتها ببقية الماء في الإناء، و الْمَزَّةُ و الْمَزَّتَانِ: المصّة و المصّتان. و مَزَّهُ يَمُزُّهُ مَزّاً: مصه.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تُحَرِّمُ الْمَزَّةُ وَ الْمَزَّتَانِ".
يعني في الرضاع. و رمان مُزٌّ: بين الحلو و الحامض.
 (معز)
قوله تعالى: وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ‏
 [6/ 143] الْمَعَزُ بفتح الميم و العين و تسكينها لغة: نوع من الغنم خلاف الضأن، و هي ذوات الشعور و الأذناب القصار، و هو اسم جنس لا واحد له من لفظه، و الواحدة شاة، و هي مؤنثة، و قيل واحد المعز ماعز كصحب و صاحب و تجر و تاجر، و الأنثى مَاعِزَةٌ، و الجمع مَوَاعِزُ. و مَعَزَ القوم: كثر معزهم. ذكر أن لحمه يورث الهمّ و النسيان و يزيد البلغم و يحرك السوداء، لكنه نافع جيد لمن به الدماميل. و الْمِعْزَى بالقصر و يمد، و عن سيبويه مِعْزًى منون مصروف لأن الألف للإلحاق بدرهم لا للتأنيث. و عن الجاحظ أنه قال: اتفقوا على‏

35
مجمع البحرين4

معز ص 35

أن الضأن أفضل من المعز، و استدلوا على أفضليته بأوجه: منها أنه قال تعالى: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ و لم يقل تسع و تسعون عنزا، و منها وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، و منها أنها تلد في السنة مرة و المعز تلد مرتين و قد تثني و تثلث، و البركة في الضأن أكثر، و منها أن الضأن إذا رعت شيئا من الكلاء نبت و إذا رعت الماعز لما ينبت، و أيضا صوف الغنم أفضل من الشعر و أعز قيمة، و منها أنه إذا مدحوا شخصا قالوا هو كبش و إذا ذموه قالوا هو تيس، و مما أهان الله به التيس أن جعله مهتوك الستر مكشوف القبل و الدبر" إلى غير ذلك و الْمَاعِزُ: جلد المعز.
 (موز)
الْمَوْزُ معروف، الواحدة مَوْزَةٌ.
 (ميز)
قوله تعالى: وَ امْتازُوا الْيَوْمَ‏
 [36/ 59] أي اعتزلوا من أهل الجنة و كونوا فرقة واحدة.
نُقِلَ أَنَّهُ إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَقُوا قِيَاماً عَلَى أَقْدَامِهِمْ حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ فَيُنَادُونَ: يَا رَبَّنَا حَاسِبْنَا وَ لَوْ إِلَى النَّارِ. قَالَ: فَيَبْعَثُ اللَّهُ رِيَاحاً فَتَضْرِبُ بَيْنَهُمْ وَ يُنَادِي مُنَادٍ: امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ‏
، فَتُمَيِّزُ بَيْنَهُمْ، فَصَارَ الْمُجْرِمُونَ إِلَى النَّارِ، وَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ إِيمَانٌ صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ.
قوله: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ [67/ 8] أي تتشقق غيظا على الكفار. قوله: يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ‏
 [3/ 179] تميز أي يخلص المؤمنين من الكفار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَيِّزِ الشَّعْرَ بِأَنَامِلِكَ".
أي خلص بعضه من بعض، يقال مِزْتُ الشي‏ء أَمِيزُهُ مَيْزاً: عزلته، و كذلك مَيَّزْتُهُ تَمْيِيزاً فَانْمَازَ و امْتَازَ و تَمَيَّزَ بمعنى. و فلان يكاد يَتَمَيَّزُ من الغيظ: أي يتقطع.

36
مجمع البحرين4

ميز ص 36

و من كلام الفقهاء: و المضطربة ترجع إلى التَّمْيِيزِ- يعني في معرفة الحيض من غيره، و اشترطوا له شروطا تذكر في مظانها.
باب ما أوله النون‏
 (نبز)
قوله تعالى: وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ‏
 [49/ 11] أي لا تتداعوا بها، يقال تَنَابَزُوا بالألقاب: أي لقب بعضهم بعضا و الْأَنْبَازُ و الألقاب واحد، و واحده نبز و لقب. و نَبَزَهُ نَبْزاً من باب ضرب: لقبه. و النَّبْزُ: اللقب، تسمية بالمصدر. و التلقيب المنهي عنه هو ما يدخل به على المدعو كراهة لكونه ذما له و شينا، فأما ما يحبه مما يزينه و ينوه به فلا بأس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" حَقُّ الْمُؤْمِنِ عَلَى أَخِيهِ أَنْ يُسَمِّيَهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ عَلَيْهِ".
و منه‏
حَدِيثُ الشِّيعَةِ" إِنَّا قَدْ نُبِزْنَا بِنَبْزٍ انْكَسَرَتْ لَهُ ظُهُورُنَا".
يعني أنتم الرافضة.
 (نجز)
فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ" تَأْخُذُ تُرَاثَ مُحَمَّدٍ وَ تَقْضِي دَيْنَهُ وَ تُنْجِزُ عِدَاتِهِ".
من قولهم نَجِزَ حاجتَه كفرح و نصر يَنْجَزُهَا نَجْزاً: قضاها، و يقال نَجِزَ الشي‏ء بالكسر يَنْجَزُ نَجَزاً: أي انقضى و فنى. و النَّاجِزُ: الحاضر و نَجَزَ الوعد نَجْزاً: تعجل، و النُّجْزُ كقفل اسم منه، و يعدى بالهمزة و الحرف فيقال أَنْجَزْتُهُ. و نَجَزْتُ به: إذا عجلته. و اسْتَنْجَزَ الرجل حاجته و تَنَجَّزَهَا: أي استنجحها.
 (نحز)
فِي الْحَدِيثَ" الْأَدَبُ لِلنَّحِيزَةِ".
بالنون و الحاء المهملة و الزاي المعجمة بعد الياء المثناة التحتانية و الهاء أخيرا: الطبيعة- كذا نقلا عن أهل اللغة.

37
مجمع البحرين4

نرز ص 38

(نرز)

في الحديث ذكر" النَّيْرُوزِ"، و هو فيعول بفتح الفاء و سكون الياء. و" النَّوْرُوزُ" بالواو لغة. قال في المصباح و الياء أشهر من الواو لفقد فوعول في كلام العرب، و هو معرب، و هو أول يوم من السنة لكنه عند الفرس عند نزول الشمس الحمل.
وَ فِي الْخَبَرِ" قُدِّمَ إِلَى عَلِيٍّ ع شَيْ‏ءٌ مِنَ الْحَلَاوَى فَسَأَلَ عَنْهُ؟ فَقَالُوا: لِلنَّيْرُوزِ. فَقَالَ: نَيْرُوزُنَا كُلَّ يَوْمٍ".
فَالنَّيْرُوزُ هو الاعتدال الربيعي و المِهْرَجَان وقت انتهاء الشمس إلى الميزان و هو الاعتدال الخريفي، أعني الذي يستوي فيه الليل و النهار- كذا نقلا عن أهل التحقيق. و قد مر البحث في المهرجان في مهر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ عَلِيّاً ع أَعْتَقَ أَبَا نَيْرُوزٍ وَ رِيَاحاً وَ عِيَاضاً وَ عَلَيْهِمْ عُمَالَةُ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً".
 (نزز)
فِي الْحَدِيثِ" وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ حَائِطٍ فِي الْقِبْلَةِ يَنِزُّ مِنْ بَالُوعَةٍ".
أي يتحلب منها، من النَّزِّ بالفتح و هو ما يتحلب من الأرض من الماء، يقال نَزَّتِ الأرض نَزّاً من باب ضرب: كثر نزها، تسمية بالمصدر، و منهم من يكسر النون و يجعله اسما. و
مِنْهُ" إِذَا ظَهَرَ النَّزُّ مِنْ خَلْفِ الْكَنِيفِ وَ هُوَ فِي الْقِبْلَةِ سَتَرَهُ بِشَيْ‏ءٍ".
و نَزَزَ الظبي يَنِزُّ نَزّاً: إذا عدا.
 (نشز)
قوله تعالى: وَ إِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا
 [98/ 11] أي انهضوا و ارتفعوا عن مجلس النبي ص إلى الصلاة و الجهاد و أعمال البر، و قرئ بضم الشين و كسرها. و قعد على نَشْزٍ من الأرض: أي على مكان مرتفع. قوله: وَ اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ‏
 [4/ 34] أي معصيتهن و تعاليمهن عما أوجب الله تعالى من طاعة الأزواج، يقال نَشَزَتِ المرأة تَنْشُزُ نُشُوزاً: استعصت على زوجها و أبغضته. و نَشَزَ بعلها عليها: إذا ضربها و جفاها.

38
مجمع البحرين4

نشز ص 38

و منه قوله تعالى: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً
 [4/ 128]. قوله: وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها
 [2/ 259] أي نرفعها إلى مواضعها، مأخوذ من النَّشْزِ و هو المكان المرتفع، يريد نرفع العظام بعضها على بعض، و قرى‏ء ننشرها بالراء المهملة من النشر و الطي. و في المصباح نَنْشُزُها في السبعة بالزاي و الراء.
 (نقز)
فِي الْحَدِيثِ" لَوْ تَنَقَّزَتْ كَبِدُهُ عَطَشاً لَمْ يَسْتَسْقِ مِنْ دَارِ صَيْرَفِيٍّ".
أي تنقز و تثبت من شدة العطش. و في بعض النسخ" تفرثت" من قولهم تفرثت كبده: انتثرت.
 (نهز)
النُّهْزَةُ بالضم: الفرصة. و انْتَهَزْتُهَا: اغتنمتها. و نَهَزَ نَهْزاً من باب نفع: نهض لتناول شي‏ء. و انْتَهَزَ الفرصة: بادر وقتها، و الفرصة ما أمكن من نفسك.
باب ما أوله الواو
 (وجز)
" كلام مُوجَزٌ" أي وجيز قصير، يقال أَوْجَزْتُ الكلام: قصرته، و وَجُزَ اللفظ بالضم وَجَازَةً.
 (وخز)
الْوَخْزُ: طعن ليس بنافذ، و قد جاء في الأدعية و غيرها.
 (وعز)
فِي الْحَدِيثِ" أَوْعِزْ إِلَى رَسُولِكَ أَنْ لَا يُحَوِّلَهَا".
أي تقدم إليه لذلك. و مثله" أَوْعَزْتُ إليه بكذا" أي تقدمت. و كذلك" وَعَزْتُ إليه تَوْعِيزاً" قال في المصباح: و قد يخفف‏

39
مجمع البحرين4

وفز ص 40

(وفز)

أَوْفَازٌ جمع وَفَزٍ بالتحريك و السكون، و هو العجلة
 (وكز)
قوله تعالى: فَوَكَزَهُ مُوسى‏
 [28/ 15] أي ضربه و دفعه. و يقال وَكَزَهُ: أي ضربه بجميع يده على ذقنه. و قوله: هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ يعني أن العمل الذي وقع القتل بسببه من عمل الشيطان إذ حصل بسببه. و أصابه بِوَكْزَةٍ: أي بطعنة و ضربة.
باب ما أوله الهاء
 (هرز)
فِي الْحَدِيثِ" سُئِلَ عَنْ وَادِي مَهْرُوزٍ".
بتقديم الراء المهملة على الزاي المعجمة، و قد تقدم القول فيه مستوفى في هرز
 (هرمز)
" الْهُرْمُزَانِ" مَلِكُ الْأَهْوَازِ أَسْلَمَ، وَ قَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ اتِّهَاماً أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ.
وَ مِنْ كَلَامِ سَلَامَةَ بِنْتِ يَزْدَجَرْدَ حِينَ نَظَرَ إِلَيْهَا عُمَرُ وَ غَطَّتْ وَجْهَهَا عَنْهُ" أُفٍّ بِيرُوجْ بَادَا هُرْمُزْ".
و هو كلام يشعر بالتأفيف منه و الدعاء على أهاليها. و" هُرْمُزُ" بضم الهاء و الميم: اسم ملك الفرس.
 (هزز)
قوله تعالى: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
 [19/ 25] أي حركي، يقال هَزَّهُ و هَزَّ به: إذا حركه. قوله: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ*
 [22/ 5]

40
مجمع البحرين4

هزز ص 40

أي تحركت بالنبات عند وقوع الماء عليها. و هَزَزْتُ الشي‏ء هَزّاً فَاهْتَزَّ: أي حركته فتحرك. و اهْتَزَّ النبات: إذا حسن و اخضر.
وَ فِي الْخَبَرِ" اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِكَذَا".
قيل المراد بالعرش العز، و اهْتَزَّ أي تزلزل. و عن بعض شراح الحديث: اهْتِزَازُ عرش الله المراد حملته، و يحتمل اهْتِزَازُ نفس العرش حقيقة.
 (هزز)
فِي الْحَدِيثِ" الْمُؤْمِنُ وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ".
الْهَزَاهِزُ هي الفتن و تحريك البلايا و الحروب بين الناس.
 (همز)
قوله: هَمَزاتِ الشَّياطِينِ‏
 [23/ 98] نخساتهم و غمزاتهم الإنسان و طمعهم فيه. قوله: هَمَّازٍ
 [68/ 11] أي عياب. و أصل الْهَمْزِ: الغمز و الوقيعة في الناس و ذكر عيوبهم. قوله: هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
 [104/ 1] و المعنى واحد، أي عياب، و قد سبق فرق بين اللفظين. قوله: الَّذِي جَمَعَ هو في موضع جر على البدل من الهمزة، و لا يجوز أن يكون صفة لأنه معرفة، و يجوز أن يكون في موضع نصب على إضمار أعني، و في موضع رفع على إضمار هو.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ مِنَ النِّسَاءِ وَلَّاجَةٌ هَمَّازَةٌ".
أي عيابة تستعيب غيرها و تقع فيه.
 (هندز)
" الْهِنْدَازُ" معرب- قاله الجوهري و أصله بالفارسية" اندازه"، و منه" الْمُهَنْدِزُ" و هو الذي يقدر مجاري القنى و الأبنية، إلا أنهم صيروا الزاي سينا فقالوا" مهندس".
 (هوز)
فِي الْحَدِيثِ" يَخْرُجُ إِلَى الْأَهْوَازِ فِي السُّفُنِ".
الْأَهْوَازُ بلاد مشهورة في ناحية

41
مجمع البحرين4

هوز ص 41

البصرة، و يقال الأهواز سبع كور لكل كورة منها اسم مشهور، و يجمعهن الأهواز و الكورة بالضم المدينة. و" هَوَّزْ" حروف وضعت للحساب الجمل.

42
مجمع البحرين4

كتاب السين ص 43

كتاب السين‏

43
مجمع البحرين4

باب ما أوله الألف ص 45

باب ما أوله الألف‏
 (اسس)
قوله تعالى: أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ تَقْوى‏ مِنَ اللَّهِ‏
 [9/ 109] الآية. قال المفسر: المعنى أ فمن أسس بنيان دينه على قاعدة محكمة، و هو الحق الذي هو تقوى الله و رضوانه خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ على قاعدة هي أضعف القواعد و أقلها بقاء و هو الباطل. و المسجد الذي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى‏
، و قد تقدم الكلام فيه.
وَ فِي الْحَدِيثِ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ رَدَّ الْبَيْتَ إِلَى إِسَاسِهِ وَ رَدَّ مَسْجِدَ الرَّسُولِ إِلَى إِسَاسِهِ وَ رَدَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ إِلَى إِسَاسِهِ".
الْإِسَاسُ على فعال بكسر الفاء جمع أُسٍّ بالضم كخفاف جمع خف، و الْأُسُّ أصل البناء،
وَ مِنْهُ" الْإِمَامَةُ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي أَصْلُهُ".
و في المصباح أُسُّ الحائط بالضم و جمعه آسَاسٌ كقفل و أقفال، و ربما قيل إِسَاسٌ مثل عس و عساس، و جمعه أُسُسٌ مثل عناق و عنق. و في المصباح الْأَسَاسُ: أصل البناء، و الْأُسُسُ مقصور منه، و جمع الْإِسَاسِ أُسُسٌ مثل قذال و قذل، و جمع الأسس آسَاسٌ مثل سبب و أسباب.
 (الس)
فِي الدُّعَاءِ" نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَلْسِ".
الْأَلْسُ هو اختلاط العقل، يقال أُلِسَ فهو مَأْلُوسٌ، و قيل هو الخيانة.
 (امس)
قال الجوهري: أَمْسِ اسم حرك آخره لالتقاء الساكنين، و اختلفت العرب فيه فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، و منهم من يعربه معرفة، و كلهم يعربه إذا دخل عليه الألف و اللام، أو صيره نكرة أو إضافة تقول" مضى الْأَمْسُ المبارك" و" مضى أَمْسُنَا" و" كل غد صائر أَمْساً". ثم قال: قال سيبويه: قد جاء

45
مجمع البحرين4

امس ص 45

في ضرورة الشعر مذ أَمْسَ بالفتح. قال: و لا يصغر أمس كما لا يصغر غدا و البارحة و كيف و أين و متى و أي و ما و عند و أسماء الشهور و الأسبوع.
 (انس)
قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً
 [4/ 6] أي علمتم و وجدتم فيهم رشدا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ. قوله: آنَسْتُ ناراً*
 [20/ 10] أي أبصرتها. و الْإِينَاسُ: الرؤية و العلم و الإحساس بالشي‏ء. قال ابن الأعرابي: و بهذا سمي الْإِنْسُ لأنهم يؤنسون، أي يرون بإنسان العين. قوله: لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا
 [24/ 27] فيه وجهان:" أحدهما"- أنه من الِاسْتِينَاسِ خلاف الاستيحاش، لأن الذي يطرق باب غيره لا يدري يؤذن له أم لا، فهو كالمستوحش لخفاء الحال عليه، فإذا أذن له استأنس، و المعنى حتى يؤذن لكم، فوضع الاستيناس موضع الإذن. و" الثاني"- أنه استفعل من استأنس فلم أر أحدا أي استعملت و تعرفت.
وَ فِي الْخَبَرِ" يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِينَاسُ؟ قَالَ: يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ بِالتَّسْبِيحَةِ وَ التَّحْمِيدَةِ وَ التَّكْبِيرَةِ وَ يَتَنَحْنَحُ وَ يُؤْذِنُ أَهْلَ الْبَيْتِ".
قوله: وَ لا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ‏
 [33/ 53] أي يستأنس بعضكم ببعض لأجل حديث يحدثه به، أو مُسْتَأْنِسِينَ حديث أهل البيت ع. و اسْتِينَاسُهُ تسمّعه. قوله: وَ أَناسِيَّ كَثِيراً
 [25/ 49] هو جمع إِنْسِيٍّ، و هو واحد الإنس مثل كرسي و كراسي، و الْإِنْسُ جمع الجنس يكون بطرح ياء النسبة مثل رومي و روم، و يجوز أن يكون أَنَاسِيّ جمع إِنْسَانٍ، فيكون الياء بدلا من النون، لأن الأصل أَنَاسِين بالنون مثل سراحين جمع سرحان، فلما ألقيت النون من آخره عوضت النون بالياء

46
مجمع البحرين4

انس ص 46

قوله: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ‏
 [23/ 12] قيل المراد به هنا الهيكل المخصوص. قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
 [103/ 2] الْإِنْسَانُ من الناس اسم جنس يقع على الذكر و الأنثى و الواحد و الجمع، و اختلف في اشتقاقه مع اتفاقهم على زيادة النون الأخيرة. فقال البصريون: من الْأِنْسِ، و الهمزة أصلية، وزنه فعلان. و قال الكوفيون: مشتق من النسيان، فالهمزة زائدة، و وزنه إفعان على النقص و الأصل إنسيان على إفعلان، و لهذا يرد إلى أصله مع التصغير فيقال أنيسيان. و قد اختلف الناس في معرفته اختلافا كثيرا لا يكاد ينضبط، لكن يرجع حاصله إلى أنه إما جوهر أو عرض، و الجوهر إما جسماني أو روحاني، فالأقسام ثلاثة:" الأول"- أن يكون عرضا، فقيل هو المزاج المعتدل، و قيل الحياة، و قيل تخاطيط الأعضاء و تشكل البدن." الثاني"- أن يكون جسما أو جسمانيا، فقيل الهيكل المحسوس، و قيل الأربعة. و قيل أحد العناصر الأربعة، فكل ذهب إليه قوم، و قال النظام جسم لطيف داخل البدن و قال الراوندي جزء لا يتجزى في القلب، و قيل الروح، و هو جسم مركب من نارية الأخلاط. و المحققون من المتكلمين قالوا: أنه أجزاء أصلية في البدن باقية من أول العمر إلى آخره، لا يتطرق إليها الزيادة و النقصان، و من أحب الوقوف على دلائل هذه الأقوال فليطلبها من مظانها. و" الْإِنْسَانُ" على ما قيل مركب من صفات بهيمية و صفات سبعية و شيطانية و ربوبية، فيصدر من البهيمة الشهوة و الشره و الفجور، و من السبعية الغضب و الحسد و العداوة و البغضاء، و من الشيطانية المكر و الحيلة و الخداع، و من الربوبية الكبر و العز و حب المدح، و أصول هذه الأخلاط هذه الأربع و قد عجنت في طينة الإنسان عجنا محكما لا يكاد يتخلص منها، و إنما ينجو من ظلماتها بنور الإيمان المستفاد من العقل و الشرع، فأول ما يخلق في‏

47
مجمع البحرين4

انس ص 46

الآدمي البهيمية، فيغلب عليه الشره و الشهوة كما في الصبي، ثم يخلق فيه السبعية فيغلب عليه المعاداة و المنافسة، ثم يخلق فيه الشيطانية فيغلب عليه المكر و الخداع، ثم تظهر بعد ذلك صفات الربوبية و هو الكبر و الاستيلاء، ثم بعد ذلك يخلق العقل فيه و يظهر الإيمان، و هو من حزب الله و جنود الملائكة، و تلك الصفات من جنود الشيطان، و جنود العقل تكمل عند الأربعين و يبدو أصله عند البلوغ، و أما سائر جنود الشيطان تكون قد سبقت إلى القلب قبل البلوغ و استولت عليه و ألفتها النفس و استرسلت في الشهوات متابعة لها إلى أن يرد نور العقل فيقوم القتال و التطارد في معركة القلب، فإن ضعف جند العقل و نور الإيمان لم يقو على إزعاج جنود الشيطان، فتبقى جنود الشيطان مستقرة في القلب آخرا كما سبقت إلى النزول فيه أولا، و قد سلم للشيطان مملكة القلب. و قال بعض الأفاضل: اعلم أيها الإنسان أنك نسخة مختصرة من العالم، فيك بسائطه و مركباته و مادياته و مجرداته، بل أنت العالم الكبير بل الأكبر كما
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ:
دَوَاؤُكَ فِيكَ وَ مَا تَشْعُرُ             وَ دَاؤُكَ مِنْكَ وَ مَا تُبْصِرُ
وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ جِرْمٌ صَغِيرٌ             وَ فِيكَ انْطَوَى الْعَالَمُ الْأَكْبَرُ.


و الإنس: خلاف الجن، سمي إِنْساً لظهورهم، و كذلك الإنسان سمي إِنْسَاناً لظهوره. و الْإِنْسِيُّ: خلاف الوحشي. و الْأَنَسَةُ بالتحريك: ضد الوحشة. و الْأَنَسُ بالتحريك لغة في الإنس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ".
أي سرهم ذكرك. و الْأُنَاسُ بضم الفاء لغة في الناس، و هو في الأصل فحذف. و اسْتَأْنَسْتُ بفلان و تَأَنَّسْتُ بمعنى. و الْأَنِيسُ: المؤانس، و كل ما يؤنس به. و ما بالدار من أَنِيسٍ: أي أحد. و الِاسْتِينَاسُ: التَّأَنُّسُ. و من أمثلتهم" الِاسْتِينَاسُ بالناس من‏

48
مجمع البحرين4

انس ص 46

الإفلاس" قيل: أي من العلم و العمل لا من المال. و" يُونُسُ بن متى" المرسل إلى أهل نِينَوَى من أرض موصل- كذا في التواريخ.
وَ" أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ" صَحَابِيٌّ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع ذَاتَ يَوْمٍ وَ قَدْ كَانَ بَعَثَهُ إِلَى طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ لَمَّا جَاءَا إِلَى الْبَصْرَةِ يُذَكِّرُهُمَا شَيْئاً سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي مَعْنَاهُمَا، فَلَوَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي نَسِيتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَقَالَ ع" إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَضَرَبَكَ اللَّهُ بَيْضَاءَ لَامِعَةً لَا تُوَارِيهَا الْعِمَامَةُ" يَعْنِي الْبَرَصَ، فَأَصَابَ أنس [أَنَساً] هذَا الدَّاءُ فِي وَجْهِهِ، فَكَانَ لَا يُرَى فِيمَا بَعْدُ إِلَّا مُتَبَرْقَعاً.
 (اوس)
" أوس" أبو قبيلة من اليمن، و هو أوس بن قيلة أخو الخزرج، و قيلة أمهما. و" أُوَيْسٌ القرني" أحد الزهاد الثمانية، و في القاموس أُوَيْسُ بن عامر القرني من سادات التابعين. و الْآسُ: شجر معلوم.
 (أيس)
أَيَسَ من الشي‏ء بمعنى يئس. و أَيِسَ أَيَساً من باب تعب، و كسر المضارع لغة، حكاها في المصباح. و آيَسَنِي منه فلان مثل أَيْأَسَنِي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَرْأَةُ الَّتِي تَيْأَسُ مِنَ الْمَحِيضِ كَذَا".

49
مجمع البحرين4

باب ما أوله الباء ص 50

باب ما أوله الباء
 (بأس)
قوله تعالى: نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ
 [27/ 33] الْبَأْسُ: الشدة في الحرب. و الْبَأْسُ: العذاب، و منه قوله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا*
 [40/ 84] أي عذابنا. و قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ
 [57/ 25]. و قوله: وَ حِينَ الْبَأْسِ‏
 [2/ 177] أي وقت مجاهدة العدو، و جمع الْبَأْسِ بُئُوسٌ كفلس و فلوس. قوله تعالى: فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ
 [6/ 42] الْبَأْسَاءُ من الْبَأْسِ أو الْبُؤْسِ، و الضراء من الضر، و قيل الْبَأْسَاءُ القحط و الجوع، و الضراء المرض و نقصان الأنفس و الأموال. قال الأخفش: بني على فعلاء، و ليس له أفعل لأنه اسم كما يجي‏ء أفعل في الأسماء ليس معه فعلاء نحو أحمد. و الْبُؤْسِىُّ خلاف النعمى. قوله: الْبائِسَ الْفَقِيرَ
 [22/ 28] الْبَائِسُ الذي أصابه بُؤْسٌ، أي شدة، و هو القتال في الحرب، و يقال أيضا بُؤْسٌ أي فقر و سوء حال. و في المغرب: الْبَائِسُ هو الذي به الزمانة إذا كان محتاجا، و الفقير المحتاج الذي لا يطوف بالأبواب، و المسكين الذي يطوف و يسأل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَائِسُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ لِزَمَانَتِهِ".
و هو تصديق لما في المغرب. قوله:" و لا تَبْأَسْ" أي و لا تحزن و لا تشتك، من الْبُؤْسِ، و هو الضر و الشدة أي لا يلحقك ما يضرك و لا يلحقك بُؤْسٌ بالذي فعلوا. و الْمُبْتَئِسُ: الكاره و الحزين، و منه‏

50
مجمع البحرين4

بأس ص 50

الدُّعَاءُ" فَكُنْتَ رَجَاءَ الْمُبْتَئِسِ".
و" بِئْسَ" كلمة ذم كما أن نعم كلمة مدح، و منه قرأ نافع بعذاب بِئْسَ بفتح السين، و قرأ نافع و ابن عامر بعذاب بِئْسٍ على فعل بكسر الفاء بالتنوين إلا أن نافعا لا يهمز. قال الكسائي: أصلها بَئِيسٍ على فعيل ثم خففت الهمزة فاجتمعت ياءان فحذفوا إحداهما و ألقوا حركتها على الياء. و قال محمد: أصلها بَئِسٌ ثم كسر الباء لكسرة الهمزة فصار بِئِسٌ ثم حذفت الكسرة لثقلها. و قال علي بن سليمان: معنى بعذابٍ بِئْسٍ أي ردي‏ء. و قرأ بعضهم بعذاب بَئِسٍ مثل حذر. و قرأ بعضهم بَئِيسٍ‏
 على فعيل، أي شديد، و هو اختيار أبي عبيدة و الكوفيين و" الْبُؤْسُ" بضم الفاء: الفقر و الخوف و شدة الإفلاس و سوء الحال للقوة، يقال بَئِسَ الرجل يَبْأَسُ كسمع يسمع: اشتدت حاجته. فهو بَائِسٌ. و الْبُؤْسُ: ضد النعيم. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَا أَقْرَبَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعِيمِ".
لعله يريد نعيم الآخرة. و يوم بُؤْسٍ: ضد يوم نعمة.
وَ فِيهِ" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَ التَّجَمُّلَ وَ يُبْغِضُ الْبُؤْسَ وَ التَّبَؤُّسَ".
كان المراد إظهار الفقر و الحاجة للناس. و بِئْسَ الرجل زيد و بِئْسَتِ المرأة هند، و هما فعلان ماضيان لا يتصرفان لأنهما أزيلا عن موضعهما، فنعم منقول من قولك نعم فلان إذا أصاب نعمة، و بِئْسَ منقول من قولك بئس فلان إذا أصاب بؤسا، فنقلا إلى المدح و الذم فشابها الحروف فلم يتصرفا، و فيهما لغات يجي‏ء ذكرها في نعم. و الْبَأْسُ: الخضوع و الخوف، و منه قوله" و من المكارم صدق الْبَائِسِ". و قد تكرر
فِي الْحَدِيثِ" لَا بَأْسَ بِذَلِكَ".
و معناه الإباحة و الجواز.
 (بجس)
قوله تعالى: فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً
 [7/ 160] أي انفجرت منه، من قولهم انْبَجَسَ الماء. و تَبَجَّسَ: تفجر. و بَجَسْتُ الماء فَانْبَجَسَ من باب قتل: أي فجرته فانفجر. و بَجَسَ الماء بنفسه يتعدى و لا يتعدى.

51
مجمع البحرين4

بجس ص 51

وَ فِي دُعَاءِ الْغَيْثِ" مُنْبَجِسَةٌ بُرُوقُهُ".
أي منفجرة بالماء.
 (بخس)
قوله تعالى: وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ‏
 [12/ 20] أي ناقص، من البخس مثلثة: النقصان، أي شروه بثمن ذي ظلم، لأنه كان حرا و كان ثمنه دراهم لا دنانير قليلة تعد عدا و لا توزن.
قِيلَ وَ هِيَ قِيمَةُ كَلْبِ الصَّيْدِ إِذَا قُتِلَ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ دِرْهَماً.
قوله: لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ*
 [7/ 75] أي لا تنقصوهم أشياءهم، من قوله بخسه حقه يبخسه بخسا من باب نفع: إذا نقصه، يتعدى إلى مفعولين كما في الآية.
 (برجس)
فِي الْخَبَرِ" سُئِلَ عَنِ الْكَوَاكِبِ الْخُنَّسِ؟ فَقَالَ: هِيَ الْبِرْجِيسُ وَ زُحَلُ وَ عُطَارِدُ وَ بَهْرَامُ وَ الزُّهْرَةُ".
و فسر الْبِرْجِيسُ بالمشتري و بهرام بالمريخ.
 (برس)
فِي الْخَبَرِ" أَحْلَى مِنْ مَاءِ بُرْسٍ".
بُرْس بضم الباء قرية معروفة بالعراق، و يريد بمائها ماء الفرات. و" الْبُرْنُسُ" بالضم كبرسن قلنسوة طويلة كان العبّاد يلبسونها في صدر الإسلام من البرس بكسر الباء و هو القطن و النون زائدة، و قيل إنه غير عربي. و منه‏
حَدِيثُ الْعَالِمِ الْمَرْضِيِّ" قَدْ تَحَنَّكَ فِي بُرْنُسِهِ وَ قَامَ اللَّيْلَ فِي حِنْدِسِهِ".
أي تعمد للعبادة و توجه بها و صار في ناحيتها و تجنب الناس و صار في ناحية منهم. و تَبَرْنَسَ الرجل: إذا لبس البرنس. و الْبُرْنُسُ: شي‏ء تلبسه النصارى على رءوسهم. و الْبُرْنُسُ: كل ثوب رأسه منه ملزوق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ لَهُ بُرْنُسٌ يَتَبَرْنَس‏

52
مجمع البحرين4

برس ص 52

بِهِ".
أي يلبسه على رأسه.
 (بسس)
قوله تعالى: وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا
 [56/ 5] أي فتت حتى صارت كالدقيق. و السويق الْمَبْسُوسِ: أي المبلول. و قيل حطمت. الْبَسُّ: الحطم. و منه سميت مكة" الْبَاسَّةُ" لأنها تحطم من أخطأ فيها، و تسمى" الْبَسَّاسَةُ" لأنهم كانوا إذا ظلموا بَسَّتْهُمْ أي أهلكتهم و روي بالنون من النس و هو الطرد و الْبَسُّ: اتخاذ البسيسة، و هو أن يلت السويق أو الدقيق أو الأقط المطحون بالسمن أو الزيت ثم يؤكل و لا يطبخ- كذا قاله الجوهري. و عن ابن السكيت بَسَسْتُ السويق أو الدقيق أَبُسُّهُ بَسّاً: إذا بللته بشي‏ء من الماء، و هو أشد من اللت. و عن الأصمعي الْبَسِيسَةُ كل شي‏ء خلطته بغيره مثل السويق بالأقط مع بلة أو بالرب، أو مثل الشعير بالنوى للإبل. بَسْ في معنى: حسب و الْبَسُّ: السويق اللين. و قد بَسَسْتُ الإبل أَبُسُّهَا بالضم بَسّاً.
 (بلس)
قوله تعالى: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ*
 [17/ 61].
رُوِيَ عَنْهُ ص أَنَّهُ قَالَ:" أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَدَخَلَ فِي أَمْرِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ إِبْلِيسُ، فَإِنَّ إِبْلِيسَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ يَعْبُدُ اللَّهَ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ خَرَجَ مَا كَانَ فِي قَلْبِ إِبْلِيسَ مِنَ الْحَسَدِ فَعَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ. فَقِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ وَقَعَ الْأَمْرُ عَلَى إِبْلِيسَ وَ مَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُود

53
مجمع البحرين4

بلس ص 53

لِآدَمَ؟ فَقَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنْهُمْ بِالْوَلَاءِ وَ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَلَائِكَةِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً قَبْلَ آدَمَ وَ كَانَ إِبْلِيسُ فِيهِمْ فِي الْأَرْضِ، فَاعْتَدَوْا وَ أَفْسَدُوا وَ سَفَكُوا الدِّمَاءَ، فَبَعَثَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَقَتَلُوهُمْ وَ أَسَرُوا إِبْلِيسَ وَ رَفَعُوهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ يَعْبُدُ اللَّهَ إِلَى أَنْ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ".
و
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ قَتَادَةَ وَ ابْنِ جَرِيرٍ وَ الزَّجَاجِ وَ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ طَائِفَةٍ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ، وَ كَانَ اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ عَزَازِيلَ- بِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ- فَلَمَّا عَصَى اللَّهُ لَعَنَهُ وَ جَعَلَهُ شَيْطَاناً مَرِيداً، وَ بِالْعَرَبِيَّةِ الْحَارِثَ، وَ كَانَ رَئِيسَ مَلَائِكَةِ الدُّنْيَا وَ سُلْطَانَهَا وَ سُلْطَانَ الْأَرْضِ، وَ كَانَ مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ اجْتِهَاداً وَ أَكْثَرِهَا عِلْماً، وَ كَانَ يَسُوسُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَيَرَى بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ شَرَفاً عَظِيماً وَ عِظَماً، فَذَلِكَ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الْكِبْرِ فَعَصَى وَ كَفَرَ، فَمَسَخَهُ اللَّهُ شَيْطَاناً رَجِيماً مَلْعُوناً.
و" إِبْلِيسُ" إفعيل من أَبْلَسَ أي يئس من رحمة الله، يقال إنه اسم أعجمي فلذلك لا ينصرف، و قيل عربي. و في حياة الحيوان: و كنية إبليس" أبو مرة". قوله: فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ‏
 [6/ 44] أي آيسون من النجاة و الرحمة، و قيل متحيرون. و الْمُبْلِسُ: النادم، و يقال الساكت المنقطع الحجة. و مثله قوله: لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ‏
 [43/ 75] أي يائسون ملقون بأيديهم. و الْإِبْلَاسُ بالكسر: الحيرة، يقال أَبْلَسَ يُبْلِسُ: إذا تحير. و منه‏
الْخَبَرُ" أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْجِنِّ وَ إِبْلَاسِهَا".
أي تحيرها و دهشها. و منه‏
الدُّعَاءُ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يُلْبِسُ بِهِ إِبْلِيسُ وَ جُنُودُهُ".
و الْأَبَالِسَةُ: الشياطين. قال الكفعمي و هم ذكور و إناث يتوالدون و لا يموتون بل يخلدون في الدنيا كما يخلد إبليس. قال: و إِبْلِيسُ هو أب الجن، و الجن‏

54
مجمع البحرين4

بلس ص 53

ذكور و إناث يتوالدون و يموتون، و أما الجان فهو أب الجن، و قيل إنه مسخ الجن كما أن القردة و الخنازير مسخ الناس، و الكل خلقوا قبل آدم ع. و قد سبق في" شطا" ما يناسب المقام.
وَ فِي كُتُبِ السِّيَرِ: رُوِيَ أَنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَمَثَّلَ لِيَحْيَى ع فَقَالَ لَهُ: أَنْصَحُكَ. قَالَ: لَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ بَنِي آدَمَ. قَالَ: هُمْ عِنْدَنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ مِنْهُمْ- وَ هُمْ أَشَدُّ الْأَصْنَافِ عِنْدَنَا- نُقْبِلُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ نَفْتِنُهُ عَنْ دِينِهِ وَ نَتَمَكَّنُ مِنْهُ ثُمَّ يَفْزَعُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ وَ التَّوْبَةِ فَلَا نَحْنُ نَيْأَسُ مِنْهُ وَ لَا نَحْنُ نُدْرِكُ حَاجَتَنَا فَنَحْنُ مَعَهُ فِي عَنَاءٍ، وَ أَمَّا الصِّنْفُ الْآخَرُ مِنْهُمْ فَهُمْ فِي أَيْدِينَا كَالْكُرَةِ فِي أَيْدِي صِبْيَانِكُمْ نَتَلَقَّفُهُمْ كَيْفَ شِئْنَا قَدْ كَفَوْنَا مَئُونَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَ أَمَّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ فَهُمْ مَعْصُومُونَ لَا نَقْدِرُ مِنْهُمْ عَلَى شَيْ‏ءٍ.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرِقَّ قَلْبُهُ فَلْيُدِمْ أَكْلَ الْبَلَسِ".
هو بفتح لام و قيل بضمها: التين. و الْبَلَاسُ كسلام: هو المسح، و أهل اليمن يسمون المسح بَلَاساً، و هو فارسي معرب، و الجمع بُلُسٌ بضمتين مثل عناق و عنق. و" الْبَلَسَانُ" شجر كثير الورق ينبت بمصر، و له دهن معروف.
 (بلقس)
" بِلْقِيسُ" فعليل ملكة سبأ بن الهداهد بن شرجيل، مر ذكرها في مرا. و مما نقل أنها كانت كثيرة الشعر، فقال سليمان للشياطين اتخذوا لها شيئا يذهب عنها هذا الشعر، فعملوا الحمامات و طبخوا النورة و الزرنيخ، فالحمامات و النورة مما اتخذته الشياطين لِبِلْقِيسَ، و كذا الأرحية تدور عليها الماء.
 (بوس)
الْبَوْسُ: التقبيل- قاله الجوهري، فارسي معرب. و قد بَاسَهُ يَبُوسُهُ‏
. (بيس)
فِي الْحَدِيثِ" شَرُّ الْيَهُودِ يَهُودُ بَيْسَانَ".

55
مجمع البحرين4

بيس ص 55

قال الجوهري بَيْسَانُ موضع تنسب إليها الخمر، و أنشد عليه قول حسان بن ثابت:
من خمر بَيْسَانَ تخيرتها             ترياقة توشك فتر العظام‏

باب ما أوله التاء
 (ترس)
فِي الْحَدِيثِ" التَّقِيَّةُ تُرْسُ اللَّهِ بَيْنَ خَلْقِهِ".
التُّرْسُ جمعه تِرَسَةٌ بالكسر كعنبة و تُرُوسٌ و تِرَاسٌ مثل فلوس و سهام، و ربما قيل أَتْرَاسٌ. و تَتَرَّسَ بالشي‏ء: جعله كالترس و تستر به. و الْمَتْرَسُ: خشبة توضع خلف الباب.
 (تعس)
التَّعْسُ: الهلاك و العثار و السقوط و الشر و البعد و الانحطاط. و يقال التَّعْسُ: أن يخر الرجل على وجهه، و النكس أن يخر على رأسه. و تَعْساً لهم: أي عثارا و سقوطا. و تَعْساً له: أي ألزمه الله هلاكا. و تَعَسَ يَتْعَسُ تَعْساً من باب نفع و من باب تعب لغة: إذا عثر و انكب على وجهه و هو دعاء.
 (تيس)
فِي الْحَدِيثِ" لِي تَيْسٌ أَكْرِيهِ".
التَّيْسُ من المعز، و الجمع تُيُوسٌ و أَتْيَاسٌ. قال الجوهري: و يقال للذكر من الضأن أيضا و للأنثى عنز. و التَّيْسُ أيضا من الظباء و الوعول إذا أتى عليه سنة.

56
مجمع البحرين4

باب ما أوله الجيم ص 57

باب ما أوله الجيم‏
 (جدس)
فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ" مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ جَادِسَةٌ قَدْ عُرِفَتْ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَسْلَمَ فَهِيَ لِرَبِّهَا".
الْجَادِسَةُ الأرض التي لم تعمر و لم تحرث.
 (جرس)
فِي الْخَبَرِ" لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رِفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ".
الْجَرَسُ الذي يعلق في عنق البعير. و الْجَرَسُ: الصوت الخفي، و منه يقال" سمعت جَرَسَ الطير" إذا سمعت صوت مناقيرها على شي‏ء تأكله.
 (جرجس)
" الْجِرْجِسُ" لغة في القرقس، و هو البعوض الصغار، و الذي يسمى" الولع" أصغر من الجرجس، و قد جاء في الحديث و" جِرْجِيسُ" اسم نبي من الأنبياء من أهل فلسطين، بعثه الله بعد المسيح إلى ملك موصل.
 (جسس)
قوله تعالى: وَ لا تَجَسَّسُوا [49/ 12] التَّجَسُّسُ التفتيش عن بواطن الأمور و تتبع الأخبار، و أكثر ما يقال في الشر، و منه الْجَاسُوسُ، و هو صاحب سر الشر، كما أن الناموس صاحب سر الخير. و قيل التَّجَسُّسُ بالجيم أن يطلبه لغيره و بالحاء أن يطلبه لنفسه. و قيل بالجيم البحث عن العورات، و بالحاء الاستماع لحديث القوم، و قيل معناهما واحد في تطلب معرفة الأخبار. و يقال في معنى وَ لا تَجَسَّسُوا
 خذوا ما ظهر و دعوا ما تستتر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" النَّاسُ جَوَاسِيسُ الْعُيُوبِ فَاحْذَرُوهُمْ".

57
مجمع البحرين4

جسس ص 57

و جَسَّهُ بيده جَسّاً: مسه.
 (جفس)
" جِفْسِيَةُ" بالجيم و الفاء و السين المهملة بعدها الياء- على ما صح في النسخ-: أحد الأوصياء السابقين على إبراهيم الخليل، و يقال إنه وصي برة الذي هو وصي يافث، و بينه و بين إبراهيم ع عمران الذي دفع الوصية إلى إبراهيم ع.
 (جلس)
قوله تعالى: تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ‏
 [58/ 11] الْمَجَالِسُ جمع مجلس بالكسر و هو موضع الجلوس، و الْمَجْلَسُ بفتح اللام المصدر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ مَجَالِسَ".
و ربما كانت هذه العادة للرؤساء و المترفين. و الْجَلْسَةُ بالفتح المرة من الجلوس، و بالكسر النوع و الحال التي تكون عليها، كَجَلْسَةِ الاستراحة و التشهد. و الْجُلُوسُ: هي الانتقال من سفل إلى علو، و القعود هو الانتقال من علو إلى سفل، فعلى الأول يقال لمن هو نائم اجْلِسْ، و على الثاني لمن هو قائم اقعد. و قد يستعمل جَلَسَ بمعنى قعد، كما يقال جلس متربعا و قعد متربعا، و قد يفارقه و منه" جَلَسَ بين شعبيها" أي حصل و تمكن، إذ لا يسمى هذا قعودا. و الْجَلِيسُ: من يُجَالِسُكَ، فعيل بمعنى فاعل، و منه‏
الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ" أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي".
و الْمُجَالَسَةُ: الألفة و المخالطة و المصاحبة.
وَ فِي حَدِيثِ عِيسَى ع" يَا رُوحَ اللَّهِ لِمَنْ نُجَالِسُ؟ فَقَالَ: مَنْ يُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ، وَ يَزِيدُ فِي عَمَلِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَ يُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ".
- الحديث. قال بعض الأفاضل من المعاصرين: فيه إشعار بأن من لم يكن على هذه الصفات لا ينبغي مجالسته و لا مخالطته، فكيف من كان موصوفا بأضدادها كأكثر أبناء زماننا، فطوبى لمن وفقه الله تعالى لمباعدتهم و الاعتزال عنهم، و الأنس بالله وحده و الوحشة منهم، فإن مخالطتهم تميت‏

58
مجمع البحرين4

جلس ص 58

القلب و تفسد الدين و يحصل بسببها للنفس ملكات مهلكة مؤدية إلى الخسران المبين‏
وَ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ" فِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ".
- انتهى. و لبعض العارفين:
الزم الوحدة تنجو             ما بقي في الناس خله‏
إن ود الناس أضحى             لنفاق أو لعله‏
و اترك الأصحاب إلا             صاحبا يصحبك لله‏
و من الرزق تقنع             إن في الحرص مذله‏
و إذا اللمة شابت             فالهنا فات محله‏
آخر الدنيا إلى             الموت و يبقى الملك لله‏

 (جمس)
" الْجَامُوسُ" هو واحد الْجَوَامِيسِ فارسي معرب، و هو حيوان عنده شجاعة و شدة بأس، و هو مع ذلك أجزع خلق الله، يفرق من عض بعوضة و يهرب منها إلى الماء، و الأسد يخافه، و يقال إنه لا ينام أصلا لكثرة حراسته لنفسه. و" جَامَاسُ" بالجيم و الميم بعد الألف و بالسين المهملة و التاء المثناة الفوقانية كما في الحديث اسم كتاب لليهود كان يقع في اثني عشر ألف جلد ثور فحرقوه- كذا ذكره الصدوق رحمه الله.
 (جنس)
الْجِنْسُ الضرب من الشي‏ء، و هو أعم من النوع، و إن شئت قلت الْجِنْسُ اللفظ الدال على الحقيقة النوعية، و لك أن تقول هو اللفظ الجامع لأفراد الحقيقة. و قد فرق بين اسم الْجِنْسِ و علم الْجِنْسِ بأن اسم الجنس ما وضع لمعنى مشترك بين أفراد الطبيعة باعتبار اشتراكها، و علم الجنس ما وضع لنفس الطبيعة باعتبار تميزها عن الغير، فالوضع على الطبيعة باعتبار كليتها اسم جِنْسٍ كأسد، و باعتبار جزئيتها علم جِنْسٍ كأسامة. و الأجناس على ما حقق سبعة: الوجود، و الماهية، و الجوهر، و الجسم و النبات، و الحيوان، و الإنسان.

59
مجمع البحرين4

جنس ص 59

و فصولها على الترتيب: الممكن، القائم بالذات، القابل للأبعاد، النامي، الحساس، الناطق.
 (جوس)
قوله تعالى فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
 [17/ 5] أي تخللوها، فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها، أي طلبوا هل يجدون أحدا لم يقتلوه. و قيل الْجَوْسُ: الدوس. و يقال جَاسُوا و عاثوا و قتلوا، و كذلك حاسوا و هاسوا و داسوا
باب ما أوله الحاء
 (حبس)
فِي الْحَدِيثِ" أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِرَدِّ الْحَبِيسِ وَ إِنْفَاذِ الْمَوَارِيثِ".
و مثله‏
فِي الْخَبَرِ" جَاءَ مُحَمَّدٌ ص بِإِطْلَاقِ الْحُبُسِ".
الْحُبُسُ بالضم جمع الحبيس و أراد به ما كان أهل الجاهلية يحبسونه و يحرمونه من ظهور الحامي و السائبة و العجيرة و ما أشبهها مما نزل القرآن بإحلال ما حرموا منها و إطلاق ما حبسوه. و حَبَسْتُهُ فهو حَبِيسٌ، و الجمع حُبُسٌ مثل بريد و برد، بمعنى وقفته. و الْحَبْسُ مصدر حبسه من باب ضرب، ثم أطلق على الموضع، و الجمع حُبُوسٌ كفلس و فلوس.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ" وَ هِيَ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ ع: سُوءُ النِّيَّةِ، وَ خُبْثُ السَّرِيرَةِ، وَ النِّفَاقُ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَ تَرْكُ التَّصْدِيقِ بِالْإِجَابَةِ، وَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى تَذْهَبَ أَوْقَاتُهَا.
وَ قَالَ ع فِي الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ غَيْثَ السَّمَاءِ" هِيَ جَوْرُ الْحُكَّامِ، وَ شَهَادَةُ الزُّورِ، وَ كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ، وَ مَنْعُ الزَّكَاةَ، وَ الْمُعَاوَنَةُ عَلَى الظُّلْمِ، وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ عَلَى الْفُقَرَاءِ".
و أَحْبَسْتُ فرسا في سبيل الله: أي وقفت، فهو مُحْبَسٌ و حَبِيسٌ.
وَ فِيهِ" مَنْ أَحْبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللَّه‏

60
مجمع البحرين4

حبس ص 60

فَكَذَا".
و المعنى أنه يَحْبِسُهُ على نفسه ليسد ما عسى أن يحدث في ثغر من الثغور من ثلمة. و الْحَبْسُ: نقيض التخلية، و حَبَسَهُ و احْتَبَسَهُ بمعنى. و منه‏
دُعَاءُ الِاسْتِسْقَاءِ" أَلْجَأَتْنَا الْمَحَابِسُ الْعَسِرَةُ".
و العسرة من العسر ضد اليسر، و الْحُبْسَةُ كغرفة اسم من الاحتباس و" ذات حَبِيسٍ" بفتح حاء و كسر ياء موضع بمكة.
 (حدس)
فِي الدُّعَاءِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَنَالُهُ حَدْسُ الْفِطَنِ".
الْحَدْسُ في اللغة الظن، و في الاصطلاح العلمي سرعة انتقال الذهن من المبادئ إلى المطالب، يقال هو يَحْدِسُ بالكسر أي يقول شيئا برأيه. و حَدَسَ حَدْساً من باب ضرب: إذا ظن ظنا مؤكدا.
 (حندس)
فِي الْحَدِيثِ" قَامَ اللَّيْلَ فِي حِنْدِسِهِ".
أي في ظلامه. و ليلة ظلماء حِنْدِسٌ: أي شديدة الظلمة، و الجمع حَنَادِسُ.
 (حرس)
قوله تعالى: مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً
 [72/ 8] أي حفظة من الملائكة شداد. و الْحَرَسُ: حرس السلطان، و هم الْحُرَّاسُ الواحد حَرَسِيٌّ. و الْحَرَسُ اسم مفرد بمعنى الحراس كالخدام و الخدم، و لذلك وصف بشديد. و حَرَسَهُ حِرَاسَةً: حفظه، و الجمع حَرَسٌ و حُرَّاسٌ مثل خدام و خدم. و منه‏
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ احْرُسْنِي مِنْ حَيْثُ أَحْتَرِسُ وَ مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَرِسُ".
و احْتَرَسْتُ من فلان و تَحَرَّسْتُ منه بمعنى: أي تحفظت منه.
 (حسس)
قوله تعالى: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا
 [21/ 12] أي علموا شدة بطشنا بإحساسهم و شاهدوا العذاب ركضوا من ديارهم، و الركض ضرب الدابة بالرجل أي هربوا و انهزموا. قوله: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى‏ مِنْهُمُ الْكُفْرَ
 [3/ 52] أي علم و وجد، و قيل رأى، و أصل أَحَسَّ أبصر ثم نقل، و عن‏

61
مجمع البحرين4

حسس ص 61

الأخفش أَحْسَسْتُ معناه ظننت و وجدت، و منه قوله تعالى فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى‏ مِنْهُمُ الْكُفْرَ
. قوله: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ
 [19/ 98] أي ترى من حسه إذا أشعر به، و منه الحاسة. قوله: إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ‏
 [3/ 152] أي تستأصلونهم و تقتلونهم قتلا ذريعا، من حَسَّهُ: إذا أبطل حسه. قوله: لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها [21/ 102] الْحَسِيسُ: الصوت الخفي. قوله: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ‏
 [12/ 87] تَحَسَّسُوا بالحاء و تجسسوا بالجيم بمعنى واحد. أي تبحثوا و تخبروا، و ربما فرق بينهما، و قد مر.
وَ كَانَ بَيْنَ يَعْقُوبَ وَ بَيْنَ يُوسُفَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَ كَانَ فِي بَادِيَةٍ فِيهَا مُقِلٌّ.
سُئِلَ ع: أَ كَانَ عَلِمَ يَعْقُوبُ أَنَّ ابْنَهُ حَيٌّ وَ قَدْ فَارَقَهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً؟ قَالَ: نَعَمْ إِنَّهُ عَلِمَ حَيٌّ أَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ بِالسَّحَرِ أَنْ يُهْبِطَ عَلَيْهِ مَلَكَ الْمَوْتِ، فَهَبَطَ عَلَيْهِ بِأَطْيَبِ رَائِحَةٍ وَ أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ أَ لَيْسَ سَأَلْتَ اللَّهَ أَنْ يُنْزِلَنِي إِلَيْكَ. قَالَ: نَعَمْ، فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَرْوَاحِ تَقْبِضُهَا جُمْلَةً أَوْ تَفَارِيقَ. قَالَ: يَقْبِضُهَا أَعْوَانِي مُتَفَرِّقَةً وَ تُعْرَضُ عَلَيَّ مُجْمَعَةً. قَالَ يَعْقُوبُ: أَسْأَلُكَ بِإِلَهِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ هَلْ عَرَضَ عَلَيْكَ فِي الْأَرْوَاحِ رُوحُ يُوسُفَ. فَقَالَ: لَا فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ حَيٌّ، فَقَالَ لِوُلْدِهِ: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ.
الآية. و الْحِسُّ الاسم من أحس بالشي‏ء: إذا علم به و وجده. و" الْحَوَاسُّ" جمع حَاسَّةٍ كدواب جمع دابة، و هي المشاعر الخمس. السمع، و البصر، و الشم، و الذوق، و اللمس. و هذه الحواس الظاهرة، و أما الْحَوَاسُّ الباطنة فهي: الخيال، و الوهم، و الحس المشترك و الحافظة، و المتصرفة. و لتحقيق كل منها محل آخر.

62
مجمع البحرين4

حسس ص 61

و الْمِحَسَّةُ بكسر الميم: الفرجون. و حَسَّانُ بن ثابت بن المنذر الخزرجي كان فحلا من فحول الشعراء مادح النبي ص، و كان أحد المعمرين المخضرمين، عمر مائة و عشرين سنة ستين في الجاهلية و ستين في الإسلام. قيل يجوز أن يكون من الْحِسِّ فتكون النون زائدة، و يجوز أن تكون من الحسن فتكون أصلية.
 (حلس)
فِي الْحَدِيثِ" يَا مُوسَى كُنْ حِلْسَ الْبُيُوتِ مِصْبَاحَ اللَّيْلِ".
و مثله‏
فِي حَدِيثِ سَدِيرٍ" يَا سَدِيرُ كُنْ حِلْساً مِنْ أَحْلَاسِ الْبُيُوتِ".
وَ فِي الْخَبَرِ" كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ".
الْحِلْسُ بالكسر: كساء يوضع على ظهر البعير تحت البرذعة، هذا هو الأصل، و المعنى الزموا بيوتكم لزوم الأحلاس، و لا تخرجوا منها فتقعوا في الفتنة. و جمع الحلس أَحْلَاسٌ كحمل و أحمال. و الْحِلْسُ أيضا: الرابع من سهام الميسر العشرة التي أولها الفذ. و الْحَلِسُ بكسر اللام: الشجاع. و قولهم" نحن أَحْلَاسُ الخيل" أي نقتنيها و نلزم ظهورها.
 (حمس)
يقال" حَمِسَ عظم الساق" من باب تعب حَمْسَةً: دق، و هو أَحْمَسُ كأحمر. و التَّحْمِيسُ: التفاخر. و الْأَحْمَسُ: المكان الصلب. و الْأَحْمَسُ: الشديد الصلب في الدين و القتال، و قد حَمِسَ فهو حَمِسٌ. و" الْحُمْسُ" بضم حاء و سكون ميم جمع أحمس، و هم قريش و من ولدته و كنانة و جديلة قيس لأنهم تحمسوا في دينهم، أي تشددوا، و كانوا يقفون بمزدلفة لا بعرفة، و يقولون" نحن أهل الله فلا نخرج من الحرم"، و كانوا لا يدخلون‏

63
مجمع البحرين4

حمس ص 63

البيوت من أبوابها و هم محرمون. و الْحَمَاسَةُ: الشجاعة. و الْأَحْمَسُ، الشجاع. و" حِمَاسٌ" اسم رجل. و" الْأَحْمَسِيُّ" من رواة الحديث‏
 (حوس)
فِي حَدِيثِ مُجَامَعَةِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ" يَتَحَوَّسُ وَ يَتَمَكَّثُ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ مِنْهُمَا جَمِيعاً".
هو من الْحَوْسِ، و هو شدة الاختلاط و ذلك لأنه إذا لم يفعل ذلك فقد قضى حاجته من أهله و لم تقض حاجتها.
 (حيس)
فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حِينَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ أَطْعَمَ النَّاسَ الْحَيْسَ".
هو بفتح المهملة و إسكان التحتانية تمر ينزع نواه و يدق مع أقط و يعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد، و ربما جعل معه سويق.
باب ما أوله الخاء
 (خبس)
تَخَبَّسْتُ الشي‏ء: أخذته و غنمته. و الْخُبَاسَةُ بالضم: المغنم. و اخْتَبَسْتُ الشي‏ء: إذا أخذته مغالبة و خَبَسَ الشي‏ء بكفه: أخذه. و فلانا حقه: ظلمه. و الْخَبُوسُ: الظلوم.
 (خرس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا وَلِيمَةَ إِلَّا فِي خَمْسٍ" وَ عَدَّ مِنْهَا الْخُرْسَ.
هو بضم و سكون ثانيه: طعام يصنع للولادة، و في الخبر مفسر بالنفاس. و الْخَرَسُ بالتحريك: آفة تصيب اللسان فتمنعه من الكلام، و النعت أخرس و قد خَرِسَ الإنسان خَرَساً، و أَخْرَسَهُ الله فهو أَخْرَسُ، و الأنثى خَرْسَاءُ، و الجمع خُرْسٌ. و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ عَصَيْتُكَ بِلِسَانِي وَ لَو

64
مجمع البحرين4

خرس ص 64

شِئْتَ لَأَخْرَسْتَنِي".
و" خُرَاسَانُ" من بلاد العجم، و النسبة إليها خُرَسِيٌّ و خُرَاسِيٌّ و خُرَاسَانِيٌّ.
 (خدرس)
الْخَنْدَرِيسُ: الخمر.
 (خسس)
الْخَسِيسُ: الدني‏ء. و خَسَّ الشي‏ء يَخِسُّ- من بابي ضرب و تعب خَسَاسَةً: حقر، و الجمع أَخِسَّاءُ مثل شحيح و أشحاء، و قد يجمع على خِسَاسٍ ككريم و كرام، و الأنثى خَسِيسَةٌ. و خَسِسَ بالكسر خِسَّةً و خَسَاسَةً: إذا كان في نفسه خسيسا. و اسْتَخَسَّهُ: عده خسيسا. و" الْخَسُّ" بالفتح و التشديد: بقل معروف، الواحدة خَسَّةٌ.
 (خنفس)
الْخُنْفَسَاءُ قد تكرر ذكرها في الحديث و هي بفتح الفاء و المد: دويبة سوداء، و هي أصغر من الجعل منتنة الريح يضرب بها المثل في اللجاجة، يقال" ألج من الْخُنْفَسَاءِ"، و الأنثى خُنْفَسَةٌ و خُنْفَسَاءُ و ضم الفاء في كل ذلك لغة. و الْخُنْفَسُ: اسم لكثير من الْخَنَافِسِ قال الأصمعي: و لا يقال خَنْفَسَاءَةٌ بالهاء

65
مجمع البحرين4

خلس ص 66

(خلس)

فِي الْحَدِيثِ" لَا يُقْطَعُ الْمُخْتَلِسُ".
و هو الذي يأخذ المال خفية من غير الحرز، و الْمُسْتَلِبُ هو الذي يأخذه جهرا و يهرب مع كونه غير محارب، يقال خَلَسْتُ الشي‏ء خَلْساً من باب ضرب: اختطفته بسرعة على غفلة، و اخْتَلَسْتُهُ كذلك. و" الْخَلْسَةُ" بالفتح المرة و بالضم: ما يخلس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الدَّغَارَةُ وَ هِيَ الْخَلْسَةُ".
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع فِي خَطَّابِ النَّبِيِّ ص وَ قَدْ دَفَنَ الزَّهْرَاءَ ع" قَدِ اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ وَ أُخِذَتِ الرَّهِينَةُ وَ أُخْلِسَتِ الزَّهْرَاءُ".
 (خمس)
قوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ‏
 [8/ 41] الْخُمُسُ بضمتين و إسكان الثاني لغة اسم لحق يجب في المال يستحقه بنو هاشم، و قد اختلف في كيفية القسمة و الظاهر منها عند فقهاء الإمامية أن تقسم ستة أقسام ثلاثة للرسول ص في حياته و بعده للإمام القائم مقامه، و هو المعنى بذي القربى، و الثلاثة الباقية لمن سماهم الله تعالى من بني عبد المطلب خاصة دون غيرهم. و خَمَسْتُ المال من باب قتل: أخذت خمسه. قوله: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
 [70/ 4] قال المفسر: في القيامة خمسون موقفا، و الموقف ألف سنة و يوم الْخَمِيسِ معروف، و الجمع أخمساء و أخمسة كأنصباء و أنصبة. و الْخِمِيسُ بالكسر: الثوب الذي طوله خمسة أذرع، و يقال له الخموس أيضا، و قيل سمي خميسا لأن أول من عمله باليمن ملك يقال له الخميس، و في الصحاح الْخَمِيُس ضرب من برد اليمن. و الْخَمِيسُ بالفتح: الجيش، سمي به‏

66
مجمع البحرين4

خمس ص 66

لأنه خمسة أقسام: الميمنة، و الميسرة، و المقدم، و الساقة، و القلب. و" شرطة الْخَمِيسِ" أعيانه. و منه‏
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْحَضْرَمِيِّ" إِنَّكَ وَ أَبَاكَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيسِ".
و إنما سموا شرطة قيل من الشرط و هو العلامة، لأن لهم علامة يعرفون بها، أو من الشرط و هو تهيؤ لأنهم متهيئون لدفع الخصم. و
قَوْلُهُ:" إِنَّكَ وَ أَبَاكَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيسِ".
يريد أنهما من أعيان حزبنا يوم القيامة. و الْأَخْمَاسُ: الأصابع الخمس. و منه‏
فِي وَصْفِهِ تَعَالَى" لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَ لَا يُمَسُّ بِالْأَخْمَاسِ".
و الغلام الْخُمَاسِيُّ: الذي سنه خمس سنين، أو لطوله خمسة أشبار، و لا يقال سداسي و لا سباعي لأنه إذا بلغ هذا المقدار فهو رجل. و قولهم" فلان يضرب أَخْمَاساً لأسداس" أي يسعى في المكر و الخديعة. و خَمَسْتُ القوم من باب ضرب: إذا صرت خامسهم. و خَمَّسْتُ الشي‏ء بالتثقيل: جعلته أخماسا خمسة. و أَخْمَاسُ القرآن: ما يكتب في هامشه. و كذلك أسباعه و أعشاره.
 (خنس)
قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ‏
 [81/ 15] يريد بها النجوم الخمسة المتقدم ذكرها في" برجس" سميت بذلك لأنها تَخْنِسُ في مجراها و تكنس، أي تستر كما تكنس الظباء في المغارة، و هي الكناس. قوله: الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ‏
 [114/ 4] يعني الشيطان لعنه الله لأنه يخنس إذا ذكر الله تعالى، أي يذهب و يستتر.
وَ فِي التَّفْسِيرِ: لَهُ رَأْسٌ كَرَأْسِ الْحَيَّةِ يَجْثُمُ عَلَى الْقَلْبِ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى خَنَسَ أَيْ تَرَاجَعَ وَ تَأَخَّرَ، وَ إِذَا تُرِكَ ذِكْرُ اللَّهِ رَجَعَ إِلَى الْقَلْبِ يُوَسْوِسُ فِيهِ.
يقال خَنَسَ يخنس بالضم: إذا تأخر.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْوَسْواسِ الْخَنَّاس‏

67
مجمع البحرين4

خنس ص 67

اسْمُ الشَّيْطَانِ الَّذِي هُوَ فِي صُدُورِ النَّاسِ يُوَسْوِسُ فِيهَا يُؤْيِسُهُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَ يَعِدُهُمْ الْفَقْرَ وَ يَحْمِلُهُمُ عَلَى الْمَعَاصِي وَ الْفَوَاحِشِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع" مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ عَلَى إِحْدَاهُمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ وَ عَلَى الْأُخْرَى شَيْطَانٌ مُفْتَرٍ هَذَا يَأْمُرُهُ وَ هَذَا يَزْجُرُهُ، وَ كَذَلِكَ مِنَ النَّاسِ شَيْطَانٌ يَحْمِلُ عَلَى الْمَعَاصِي كَمَا يَحْمِلُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْجِنِّ".
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ:" الشَّيْطَانُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، لَهُ خُرْطُومٌ مِثْلُ خُرْطُومِ الْخِنْزِيرِ، يُوَسْوِسُ لِابْنِ آدَمَ أَنْ أَقْبِلْ عَلَى الدُّنْيَا وَ مَا لَا يُحِلُّ اللَّهُ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ".
و الْخَنْسَاءُ الشاعرة المشهورة، و كانت تدخل على عائشة.
 (خوس)
مِخْوَسٌ كمنبر و مشرح و جمد و أبضعة كأرنبة بنو معدي كرب الملوك الأربعة الذين لعنهم النبي ص و لعن أختهم العمردة، و فدوا مع الأشعث و أسلموا ثم ارتدوا فقتلوا [يوم النجير] و عليهم تقول النائحة:
يا عين ابكي للملوك الأربعة


 (خيس)
يقال خَاسَ اللحم خيسا: إذا فسد و تغير. و منه" خَاسَتِ الثمرة" إذا تغيرت و فسدت. و خَاسَ فلان بالعهد: إذا نكس. و خَاسَ يَخِيسُ: إذا غدر. و منه" خَاسَ بالمال"

68
مجمع البحرين4

باب ما أوله الدال ص 69

باب ما أوله الدال‏
 (دبس)
في الحديث ذكر القمري و الدَّبْسِيُّ هو بفتح الدال المهملة، و يقال له الدُّبْسِيُّ أيضا بضم الدال: طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب لأنهم يغيرون في النسب. و الْأَدْبَسُ من الطير و الخيل الذي في لونه غبرة بين السواد و الحمرة، و هذا النوع قسم من الحمام البري، و هو أصناف مصري و حجازي و عراقي، و هي متقاربة و الدِّبْسُ بالكسر: ما يستخرج من التمر و الرطب بالنار و بدونها.
 (دحس)
فِي الْخَبَرِ" حَقٌّ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَدْحَسُوا الصُّفُوفَ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ فُرَجٌ".
أي يزدحموا فيها و يدسوا أنفسهم بين فرجها. و الدَّحْسُ: إدخال اليد بين جلدة الشاة و صفاقها تسلخها. و الدَّحَّاسُ: دويبة تغيب في التراب. و الجمع دَحَاحِيسُ و كل شي‏ء ملأته فقد دَحَسْتَهُ، و منه" دَحَسْتُ الغنم دَحْساً" يريد أنها سمينة مملوءة. و الدِّحَاسُ: الامتلاء و الزحام‏
. (دخس)
الدَّخَسُ: التشديد من الناس، و الإبل و الكثير الهم الشديد. و الدَّخَسُ: ورم يكون في حافر الدابة
. (درس)
قوله تعالى: وَ دَرَسُوا ما فِيهِ‏
 [7/ 169] أي قرءوا ما فيه، و دِراسَتِهِمْ‏
 قراءتهم. قوله: وَ لِيَقُولُوا دَرَسْتَ‏
 [6/ 105] أي قرأت، و اللام للعاقبة، أي فعلنا التصريف ليقولوا هذا القول.

69
مجمع البحرين4

درس ص 69

و دَرَسْتُ و دَارَسْتُ و دَرَّسْتُ: أي قرأت و تعلمت.
وَ" إِدْرِيسُ" هُوَ أخنوخ أَحَدُ أَجْدَادِ نُوحٍ ع، رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ بَعْدَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ خَمْسٍ وَ سِتِّينَ سَنَةً، قِيلَ سُمِّيَ إِدْرِيسُ لِأَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ الدَّرْسَ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ سُنَنِ الْإِسْلَامِ.
قال الشيخ أبو علي: و فيه نظر، لأن الاسم أعجمي و لذلك امتنع عن الصرف، و لو كان إفعيلا من الدرس لم يكن فيه غير سبب و هو العلمية، و كان يجب أن ينصرف،
وَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً عَلَيْهِ، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ خَاطَ الثِّيَابَ وَ لَبِسَهَا، وَ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْجُلُودَ، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطِّ بِالْقَلَمِ وَ نَظَرَ فِي عِلْمِ النُّجُومِ وَ الْحِسَابِ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" تَدَارَسُوا الْقُرْآنَ".
أي اقرءوه و تعهدوه لئلا تنسوه، من قولهم دَرَسَ يدرس درسا و دراسة. و فيه" تذاكر العلم دراسة". و الدِّرَاسَةُ: صلاة حسنة. و أصل الدِّرَاسَةِ الرياضة و التعهد للشي‏ء، و دَرَسْتُ العلم من باب قتل. و دَرَسَ المنزل: عفا. و دَرَسَ الثوب: أخلق.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ لْيَكُنِ الْقُرْآنُ مَحْفُوظاً مَدْرُوساً".
كأن المعنى مقروءا متلوّا.
 (درفس)
الدِّرَفْسُ من الإبل: العظيم.
 (دسس)
قوله تعالى: وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها
 [91/ 10] أي فاته الظفر، من دَسَّ نفسه يعني أخفاها بالفجور و المعصية، و الأصل دَسَّسَهَا فغيرت، فكل شي‏ء أخفيته فقد دسسته. و منه قوله: يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ‏
 [16/ 59] أي يخفيه و يدفنه في التراب. يقال دَسَّهُ في التراب من باب قتل: دفنه. و دَسَّهُ دَسّاً: إذا أدخله في شي‏ء بقهر و عنف. و الدَّسِيسُ: إخفاء المكر، و منه‏
الْحَدِيثُ" مَمْلُوكٌ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَه‏

70
مجمع البحرين4

دسس ص 70

فَدَسَّ إِنْسَاناً فَهَلْ لِلْمَدْسُوسِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ كُلَّهُ".
 (دقيس)
دِقْيَانُوسُ بْنُ خلانوس كَانَ مَلِكاً جَبَّاراً، كَانَ عَلَى بَقَايَا مِمَّنْ كَانَ عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ ع، وَ كَانَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَ يَذْبَحُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَ كَانَ يَدْعُو أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، فَمَنْ لَمْ يُجِبْهُ قَتَلَهُ، وَ كَانَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ فِي زَمَانِهِ، وَ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ.
 (دلس)
قد جاء
فِي الْحَدِيثِ" لَا يَجُوزُ لِعِلَّةِ التَّدْلِيسِ".
التَّدْلِيسُ كتمان عيب السلعة عن المشتري، يقال دَلَّسَ البائع تَدْلِيساً: كتم عيب السلعة. و يقال أيضا دَلَسَ من باب ضرب، و التشديد أظهر في الاستعمال. و الدُّلْسَةُ بالضم: الخديعة.
 (دمس)
فِي الْخَبَرِ" إِنَّهُ كَانَ لِلْمَجُوسِ نَبِيُّ اسْمُهُ دَامَسْت".
بالدال المهملة و الميم بعد الألف ثم السين المهملة ثم التاء المثناة الفوقانية. و دَمَسَ الظلام يَدْمِسُ: أي اشتد. و ليل دَامِسٌ: أي مظلم. و دَمَسْتُ الشي‏ء: دفنته و خبأته، و كذلك التَّدْمِيسُ. و الدِّيمَاسُ: الكن، و منه‏
حَدِيثُ الْمَسِيحِ ع" سَبْطُ الشَّعْرِ كَثِيرُ خِيلَانِ الْوَجْهِ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ".
 (دنس)
فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ ع" لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ".
أصل الدَّنَسِ الوسخ، يقال دَنِسَ الثوب يَدْنَسُ دَنَساً: توسخ. و تَدَنَّسَ مثله، و دَنَّسَهُ غيره تَدْنِيساً. و المراد هنا دنس النسب، و هو ظاهر. و فلان دَنِسُ الثياب: إذا كان خبيث الفعل و المذهب.
 (دنفس)
الدِّنْفَسُ بالكسر: الحمقاء- قاله الجوهري. و الدِّنْفَاسُ: الأحمق، و قد جاء في الحديث.

71
مجمع البحرين4

دوس ص 72

(دوس)

الدَّائِسُ: هو الذي يدوس الطعام و يدقه ليخرج الحب من السنبل، و هو الدياس، قلبت الواو ياء لكسرة الدال. و منه‏
حَدِيثُ السَّلَمِ" لَا تُسَلِّمْ إِلَى دِيَاسٍ وَ لَا إِلَى حَصَادٍ".
و دَاسَ الشي‏ء برجله يَدُوسُهُ دِيَاسَةً فَانْدَاسَ، و الموضع مَدَاسَةٌ. و الْمِدْوَسُ بكسر الميم: ما يداس به الطعام، لأنه آلة. قال في المصباح: و أما الْمِدَاسُ الذي ينتعله الإنسان فإن صح سماعه فقياسه كسر الميم، و يجمع على أَمْدِسَةٍ. و" دَوْسٌ" قبيلة من الأزد- قاله الجوهري.
 (دهس)
يقال عنز دَهْسَاءُ، و هي مثل الصداء إلا أنها أقل حمرة منها.
باب ما أوله الراء
 (رأس)
قوله تعالى: كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ‏
 [37/ 65] قيل إنها مستدقة كرءوس الحيات، و الحية يقال لها شيطان، و قيل إنها وحشية المنظر سمجة الأشكال، فهو مثل في استقباح صورتها. و الرَّأْسُ من الإنسان و سائر الحيوان معروف، و هو مذكر، و يجمع في القلة على أَرْؤُسٍ، و في الكثرة على رُءُوسٍ. و بائع الرءوس رأآس بهمزة مشددة مثل نجار و عطار، و أما رؤاس فمولد. قوله: وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ‏
 يعني هارون يَجُرُّهُ إِلَيْهِ [7/ 150] قيل إنما فعل ذلك مستعظما لفعلهم مفكرا فيما كان منهم، كما يفعل الإنسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب يقبض لحيته، فأجرى موسى ع أخاه مجرى نفسه، فصنع ما صنع. و الرَّأْسُ عند الفقهاء يقال لمعان:" الأول"- يقال لكرة الرأس التي‏

72
مجمع البحرين4

رأس ص 72

هي منبت الشعر، و هو رَأْسُ المحرم." الثاني"- أنه عبارة عن ذلك مع الأذنين، و هو رَأْسُ الصائم." الثالث"- أنه ذلك مع الوجه، و هو رَأْسُ الجناية في الشجاج." الرابع"- أنه ذلك كله مع الرقبة، و هو رَأْسُ المغتسل. قال في المصباح: الرَّأْسُ مهموز في أكثر لغاتهم إلا بني تميم فإنهم يتركون الهمزة لزوما.
وَ فِي الْخَبَرِ" خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فِي الرَّأْسِ" وَ عَدَّ مِنْهَا السِّوَاكَ وَ الْمَضْمَضَةَ وَ الِاسْتِنْشَاقَ.
و كأن إطلاق الرأس على ذلك من باب المجاز. و مثله‏
" كَانَ يُصِيبُ مِنَ الرَّأْسِ وَ هُوَ صَائِمٌ".
أي يقبّل. و" رَأْسُ الجالوت" كبيرهم، و قد جاء في الحديث. و رَأَسَ القوم يَرْأَسُهُمْ رِئَاسَةً: إذا صار رئيسهم و مقدمهم و" ذو الرِّئَاسَتَيْنِ" لقب فضل بن سهل و كان واليا على نيسابور من قبل المأمون، و هو الذي أشار برده من المصلى. و الرِّئَاسَتَانِ: هما السيف و القلم. و رَأْسُ الشخص مهموز بفتحتين: شرف قدره، و الجمع رُؤَسَاءُ مثل شريف و شرفاء. و رَأْسُ المال: أصله. و الرَّئِيسُ: الشجاع و الداهية، يقال داهية رَيْسَاءُ: أي شديدة. و في مرثية بنت أبي يشكر:
و اعدد عقيلا بعده الرُّؤَسَاءَ


أي اذكر بعد عقيل الرؤساء كأنها تعني الرؤساء و الشجعان فغيرت الكلام للقافية. و الله أعلم.
 (رجس)
قوله تعالى: كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ‏
 [6/ 125] أي اللعنة في الدنيا و العذاب في الآخرة. قوله: فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِم‏

73
مجمع البحرين4

رجس ص 73

 [9/ 125] أي نتنا إلى نتنهم، و النتن عبارة عن الكفر، أي كفرا إلى كفرهم، و قيل فزادتهم عذابا إلى عذابهم بما عدد من كفرهم. و الرِّجْسُ و الرجز واحد، و هو العذاب. قوله: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ‏
 [22/ 30] قيل هي الشطرنج، و قَوْلَ الزُّورِ الغناء. قوله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ‏
 [5/ 90] قيل الرِّجْسُ بالكسر القذر، و قيل العقاب و الغضب كما نقله الفراء في قوله تعالى: كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ‏
 قال بعض الأفاضل: الرِّجْسُ و إن كان في اللغة بمعنى القذر و هو أعم من النجاسة، إلا أن الشيخ قال في التهذيب: إن الرِّجْسَ هو النجس بلا خلاف. و ظاهره أنه لا خلاف بين علمائنا في أنه في الآية بمعنى النجس. قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ‏
 [33/ 33] أي الأعمال القبيحة و المآثم. و الرِّجْسُ: لطخ الشيطان و وسوسته.
وَ فِي حَدِيثِ الْخَلْوَةِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النَّجْسِ الْمُخْبِثِ الْخَبِيثِ".
هو بكسر النون و سكون الجيم لمزاوجة الرجس. و في المجمع الرجس: القذر، و قد يعبر به عن الحرام و الفعل القبيح و اللعنة و لكنه هنا الأول. و" الرَّجْسُ" بالفتح: الصوت الشديد من الرعد. و غيث مُرْتَجَسَةٌ: هموعة، من قولهم رَجَسَتِ السماء تَرْجُسُ: إذا رعدت و تمخضت.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَمَّا وُلِدَ ص ارْتَجَسَ إِيْوَانُ كِسْرَى".
أي اضطرب و تحرك حركة لها صوت.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّوْمِ" سَمِعْتُهُ يَنْهَى عَنِ النِّرْجِسِ".
هو بكسر النون و فتحها على اختلاف اللغتين: ريحان الأعاجم- كما

74
مجمع البحرين4

رجس ص 73

جاءت به الرواية.
وَ فِيهِ" شَمُّوا النَّرْجِسَ وَ لَوْ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً، وَ لَوْ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً، وَ لَوْ فِي السَّنَةِ مَرَّةً، وَ لَوْ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ حَبَّةً مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ وَ لَا يَقْطَعُهَا إِلَّا النَّرْجِسُ".
قال الجوهري و نَرْجِسُ معرب، و النون زائدة لأنه ليس في الكلام فعلل و فيه تفعل، و لو سميت به رجلا لم تصرفه لأنه مثل تضرب.
 (ردس)
" مِرْدَاسٌ" بالكسر فالسكون اسم رجل. و قال الجوهري: الْمِرْدَاسُ حجر يرمى به في البئر ليعلم فيها ماء أم لا، و منه سمي الرجل.
 (رسس)
قوله تعالى: أَصْحابُ الرَّسِّ وَ ثَمُودُ
 [50/ 12] الرَّسُّ: البئر المطوية بالحجارة و الرَّسُّ: اسم بئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم و رَسُّوهُ في بئر.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَصْحَابُ الرَّسِّ هُنَّ اللَّوَاتِي بِاللَّوَاتِي وَ هُنَّ وَ هُنَّ الرَّسِّيَّاتُ".
و" الرَّسُّ" اسم واد. و في الغريب: و الرَّسُّ اسم معدن، و كل ركية لم تطو فهي رَسُّ، و هذا يناقض ما تقدم من تعريفها.
وَ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ مَعْنَى أَصْحَابِ الرَّسِّ أَنَّهُمْ نُسِبُوا إِلَى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ الرَّسُّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ، وَ قَدْ قِيلَ إِنَّ الرَّسَّ هُوَ الْبِئْرُ وَ إِنَّ أَصْحَابَهُ رَسُّوا نَبِيَّهُمْ بَعْدَ سُلَيْمَان‏

75
مجمع البحرين4

رسس ص 75

بْنِ دَاوُدَ وَ كَانُوا يَعْبُدُونَ شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ يُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتْ، كَانَ غَرَسَهَا يَافِثُ بْنُ نُوحٍ ع فَأَنْبَتَتْ لِنُوحٍ بَعْدَ الطُّوفَانِ، وَ كَانَ نِسَاؤُهُمْ يَشْتَغِلْنَ بِالنِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ، فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِرِيحٍ عَاصِفٍ شَدِيدَةِ الْحُمْرَةِ وَ جَعَلَ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِمْ حَجَرَ كِبْرِيتٍ تَتَوَقَّدُ، وَ أَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ فَانْكَفَّتْ عَلَيْهِمْ كَالْقُبَّةِ جَمْرَةً تَلْتَهِبُ، فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ فِي النَّارِ.
و رَسُّ: الحمى و رَسِيسُهَا واحد، و هو أول مسها. و فلان يَرُسُّ الحديث في نفسه: أي يحدث به في نفسه. و الرَّسِيسُ: الشي‏ء الثابت.
 (رفس)
الرَّفْسُ: الضرب بالرجل، يقال رَفَسَهُ رَفْساً من باب ضرب: إذا ضربه برجله، و منه رَفَسَتْهُ الدابة: إذا رمحته برجلها. و في القاموس الرَّفْسَةُ بالرجل الصدمة بالرجل في الصدر.
 (ركس)
قوله تعالى: وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا
 [4/ 88] أي ردهم إلى كفرهم بأعمالهم، من الرَّكْسِ و هو رد الشي‏ء مقلوبا. و أَرْكَسْتُهُ بالألف: رددته على رأسه، و رَكَسَهُ و أَرْكَسَهُ بمعنى. و رَكَسْتُ الشي‏ء رَكْساً من باب قتل: أي قلبته و رددت أوله على آخره. و ارْتَكَسَ فلان في أمر: قد نجا منه. و الرَّكُوسِيَّةُ: فرقة بين النصارى و الصابئين- قاله الجوهري.
 (رمس)
فِي الْخَبَرِ" ارْمُسُوا قَبْرِي رَمْساً".
أي سووه بالأرض و لا تجعلوه مسنما مرتفعا. و أصل الرَّمْسِ الستر. قال في المجمع: و يقال لما يحشى على القبر من التراب رَمْسٌ، و للقبر نفسه رَمْسٌ و رَمَسْتُ الميت رمسا من باب قتل: دفنته، و جمع الرمس رُمُوسٌ كفلس و فلوس، و أَرْمَسْتُ بالألف لغة. و ارْتَمَسَ في الماء: مثل انغمس.

76
مجمع البحرين4

رمس ص 76

و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنْ دَانَ اللَّهَ بِالرَّأْيِ لَمْ يَزَلْ دَهْرَهُ فِي ارْتِمَاسٍ".
أي لا يزال دهره منغمسا في الضلال و العمى عن الحق. و
" لَا يَرْمُسُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ".
أي لا يغمسه فيه لما يلزم منه من تغطية الرأس من غير ضرورة. و رَمَسْتُ عليه الخبر: كتمته عنه. و الصائم يَرْتَمِسُ و لا ينغمس، كأن المعنى يغمس بدنه و لا يغمس رأسه.
باب ما أوله السين‏
 (سدس)
قوله تعالى: فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ‏
 [4/ 11] السُّدُسُ بضمتين و الإسكان تخفيف جزء من ستة، و السَّدِيسُ ككريم لغة فيه، و جمع السدس أَسْدَاسٌ. و السَّدِيسُ من الإبل: ما دخل في الثامنة، لأنه ألقى السن الذي بعد الرباعية. و شاة سَدِيسٌ: إذا أتى عليه السنة السادسة و السَّدَسُ بالتحريك: السن قبل البازل، يستوي فيه المذكر و المؤنث لأن الإناث في الأسنان كلها بالهاء إلا السدس- قاله الجوهري.
 (سندس)
السُّنْدُسُ: ما رق من الديباج.
 (سرخس)
" أحمد بن علي بن مكتوم السرخسي" من رواة الحديث." السَّرَخْسُ" بفتح السين و الراء بلد عظيم بخراسان.
 (سلس)
فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ الْجَوَادَ إِذَا حَبَاكَ بِمَوْعِدٍ أَعْطَاكَهُ سَلِساً بِغَيْرِ مَطَالٍ".
السَّلِس

77
مجمع البحرين4

سلس ص 77

ككتف: اللين المنقاد السهل. و سَلِسَ سَلَساً من باب تعب: إذا سهل و لان. و فلان سَلِسُ البول: أي لا يستمسكه.
 (سوس)
السُّوسَةُ و السُّوسُ: دود يقع في الصوف و الطعام و منه قولهم" حنطة مُسَوِّسَةٌ" بكسر الواو المشددة. و سَاسَ الطعام من باب قال، و سَاسَ يَسَاسُ من باب تعب، و أَسَاسَ بالألف: إذا وقع فيه السُّوس، كلها أفعال لازمة. و
فِي وَصْفِ الْأَئِمَّةِ ع" أَنْتُمْ سَاسَةُ الْعِبَادِ".
و
فِيهِ" الْإِمَامُ عَارِفٌ بِالسِّيَاسَةِ".
و
فِيهِ" ثُمَّ فَوَّضَ إِلَى النَّبِيِّ ص أَمْرَ الدِّينِ وَ الْأُمَّةِ لِيَسُوسَ عِبَادَهُ".
كل ذلك من سُسْتُ الرعية سِيَاسَةً: أمرتها و نهيتها. و سَاسَ زيد سِيَاسَةً: أمر و قام بأمره.
وَ فِي الْخَبَرِ" كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ".
أي تتولى أمرهم كالأمراء و الولاة، بالرعية من السِّيَاسَةِ و هو القيام على الشي‏ء بما يصلحه. و السُّوسُ: نبات يشبه الرياحين عريض الورق و ليس له رائحة كالرياحين. قال في المصباح: و العامة تضم الأول.
باب ما أوله الشين‏
 (شرس)
شَرِسَ الرجل: الشَّرِسُ هو السي‏ء الخلق بيّن الشَّرِسِ و الشَّرَاسَةِ و شَرِسَ شَرَساً من باب تعب، و الاسم الشَّرَاسَةُ بالفتح، و شَرِسَتْ نفسه بكسر الراء و ضمها. و مكان شَرِسٌ: أي غليظ.
 (شكس)
قوله تعالى شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ‏
 [39/ 29] أي مختلفون متنازعون، يقال تَشَاكَسَ القوم: أي اختلفوا و تنازعوا

78
مجمع البحرين4

شكس ص 78

و منه" رجل شَكْسٌ" بالفتح فالسكون، أي صعب الخلق. و قد شَكِسَ شَكَاسَةً فهو شَكِسٌ مثل شرس شراسة فهو شرس وزنا و معنى‏
. (شمس)
قد تكرر ذكر الشَّمْسِ في الكتاب و السنة، و هي أنثى واحدة الوجود ليس لها ثان، و لهذا لا تثنى و لا تجمع، و قول بعضهم تجمع الشمس على شُمُوسٍ على وجه التأويل لا الحقيقة، كأنهم جعلوا كل ناحية منها شمسا، كما قالوا للمفرق مفارق. و مقدار الشمس على ما هو مروي‏
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع" سِتُّونَ فَرْسَخاً فِي سِتِّينَ فَرْسَخاً وَ الْقَمَرِ أَرْبَعُونَ فَرْسَخاً فِي أَرْبَعِينَ فَرْسَخاً، بُطُونُهُمَا يُضِيئَانِ لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ ظُهُورُهُمَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ".
و
عَنْهُ ع" إِنَّ لِلشَّمْسِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ بُرْجاً، كُلُّ بُرْجٍ مِنْهَا مِثْلُ جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْعَرَبِ، فَتَنْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى بُرْجٍ مِنْهَا".
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَلَقَ الشَّمْسَ مِنْ نُورِ النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا، حَتَّى إِذَا كَانَتْ سَبْعَةُ أَطْبَاقٍ أَلْبَسَهَا لِبَاساً مِنْ نَارٍ، فَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَشَدَّ حَرَارَةً مِنَ الْقَمَرِ، وَ جَعَلَ الْقَمَرَ عَكْسَ مَا فَعَلَ فِي الشَّمْسِ بِأَنْ جَعَلَ الطَّبَقَ الْفَوْقَ مِنَ الْمَاءِ".
و
فِيهِ" الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يَجْرِيَانِ بِأَمْرِهِ مُطِيعَانِ لَهُ، ضَوْؤُهُمَا مِنْ نُورِ عَرْشِهِ وَ حَرُّهُمَا مِنْ جَهَنَّمَ، فَإِذَا كَانَتِ الْقِيَامَةُ عَادَ إِلَى الْعَرْشِ نُورُهُمَا وَ عَادَ إِلَى النَّارِ حَرُّهُمَا، فَلَا يَكُونُ شَمْسٌ وَ لَا قَمَرٌ" كَذَا عَنِ الرِّضَا ع‏
و شَمِسَ يومنا يَشْمَسُ كسمع: صار ذا شمس. قيل و سميت الشمس شمسا لأن ثلاثة من الكواكب السبعة فوقها و هي زحل و المشتري و المريخ، و ثلاثة تحتها و هي الزهرة و عطارد و القمر، فهي بمنزلة الوسطة التي في البخنقة التي تسمى شمس و شمسة. و السنة الشَّمْسِيَّةُ ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و ربع يوم إلا جزء من‏

79
مجمع البحرين4

شمس ص 79

ثلاثمائة جزء من يوم، و القمرية ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما و خمس يوم و سدس و فصل ما بينهما عشرة أيام و ثلث و عشر يوم بالتقريب على رأي بطليموس- كذا عن صاحب المغرب.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَلَا إِنَّ الْخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ".
الشَّمْسُ جمع شُمُوسٍ كرسول، يقال شَمَسَ الفرس يَشْمَسُ شُمُوساً و شِمَاساً بالكسر: استعصى على راكبه و منع ظهره فهو شَمُوسٌ، و خيل شُمُسٌ كرسل.
 (شوس)
الشَّوْسُ في السواك كالشوص. و الشَّوْسُ: النظر بمؤخر العين تكبرا و تغيظا و" الشَّاسُ" بلد بما وراء النهر.
باب ما أوله الضاد
 (ضرس)
فِي الْحَدِيثِ" مُشْطُ اللِّحْيَةِ يَشُدُّ الْأَضْرَاسَ".
هي جمع ضرس، و هو مذكر ما دام له هذا الاسم، لأن الأسنان إناث إلا الأضراس و الأنياب، و ربما جمع على ضُرُوسٍ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَمْ يَعَضَّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ".
أي لم يتقنه على اليقين‏

80
مجمع البحرين4

ضرس ص 80

و لم يحكم أموره، و الكلام استعارة.
وَ" فِيهِ كَأَنَّمَا نَشَأَ مِنْ ضِرْسٍ قَاطِعٍ".
يعني أنه ماض في الأمور نافذ العزيمة. و الضَّرِسُ: الصعب السي‏ء الخلق. و منه‏
" إِنَّ النَّبِيَّ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ فَرَساً كَانَ اسْمُهُ الضَّرِسَ فَسَمَّاهُ السَّكْبَ أَوَّلَ مَا غَزَى عَلَيْهِ فِي أُحُدٍ".
و منه يقال فلان ضَرِسٌ و ضَرِيسٌ، و فلان ضِرْسٌ من الْأَضْرَاسِ: أي داهية و هو في الأصل أحد الأسنان فاستعاروه. و الضَّرُوسُ: الناقة السيئة الخلق تعض حالبها. و منه‏
كَلَامُهُ ع فِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ" كَأَنِّي بِهِ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ وَ فَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ، فَعَطَفَ عَلَيْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ".
و ذلك لأنه ظهر بالشام حين جعله أبوه خليفة من بعده، و سار إلى الكوفة لقتال مصعب بن الزبير، و قد كان بمكة فقتله و هدم الكعبة و قتل خلقا كثيرا من العرب. و حصاة مُضْرِسَةٌ: غير متساوية الجسم.
باب ما أوله الطاء
 (طربس)
" طَرَابُلُسُ" بفتح الطاء و ضم الباء و اللام: بلد الشام.
 (طرس)
الطِّرْسُ بالكسر الصحيفة أو التي محيت ثم كتبت- قاله في القاموس.

81
مجمع البحرين4

طسس ص 82

 (طسس)
الطَّسُّ لغة في الطست، و الطست الطس، أبدل من إحدى السينين تاء، و حكي بالشين المعجمة، و الطِّسَاسُ جمع طَسٍ‏
 (طنفس)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبِي يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ يَحْمِلُهَا عَلَى الطِّنْفِسَةِ".
هي بكسرتين و في لغة بكسر الطاء و الفاء و بضمهما و بكسر الطاء و فتح الفاء: البساط الذي له خمل رقيق، و هي ما تجعل تحت الرحل على كتفي البعير، و الجمع الطَّنَافِسُ. و الطَّفَسُ بالتحريك: الوسخ و الدرن. و رجل طَفِسٌ: أي وسخ قذر.
 (طيلس)
" الطَّيْلَسَانُ" مثلّثة اللام واحد الطَّيَالِسَةِ، و هو ثوب يُحِيط بالبدن يُنْسَج للُّبْس خالٍ عن التفصيل و الخِياطة، و هو من لباس العَجَم، و الهاء في الجمع للعجمة لأنه فارسيّ معرّب تَالِشَان. و طَلَسْتُهُ: محوته. و منه‏
الْخَبَرُ" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَطْلِسُ مَا قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ".
و الدّينار الأَطْلَسُ: الذي لا نقش فيه، و الْمُطَلَّسُ مثله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنْ وَجَدْتَ دِينَاراً مُطَلَّساً فَهُوَ لَكَ لَا تُعَرِّفْهُ".
قيل المراد به القديم و إن اشتهر في غير المنقوش‏
 (طمس)
قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى‏ أَدْبارِها
 [4/ 47] أي نمحو ما فيها من عين و أنف فنجعلها كخف البعير. و قال الشيخ أبو علي رحمه الله اختلف في معناه على أقوال:" أحدها"- أن معناه من قبل أن نمحو آثار وجوهكم حتى تصير كالأقفية، و نجعل عيونها في أقفيتها فتمشي القهقرى. و" ثانيها"- نَطْمِسُهَا عن الهدى فنردها على أدبارها في ضلالتها، ذما لها بأنها لا تفلح أبدا. و" ثالثها"- أن معناه نجعل في وجوهها الشعر كوجوه القرود. و" رابعها"- حتى نمحو آثارهم من وجوههم أي نواحيهم التي هم بها،

82
مجمع البحرين4

طمس ص 82

و هي الحجاز الذي هو مسكنهم، و نردها على أدبارها حتى يعودوا إلى حيث جاءوا و هو الشام. قوله: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى‏ أَمْوالِهِمْ‏
 [10/ 88] أي غيرها من جهتها إلى جهة لا ينتفع بها. قيل صار جميع أموالهم حجارة. قوله: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ‏
 [77/ 8] أي ذهب ضوؤها كما يطمس الأثر حتى يذهب. و طَمَسْتُ الشي‏ء طَمْساً من باب ضرب: محوته. و الطُّمُوسُ: الدروس و الانمحاء.
 (طوس)
" الطَّاوُسُ" طائر معروف، و تصغيره بعد حذف الزائد طُوَيْسٌ.
رُوِيَ أَنَّ الطَّاوُسَ كَانَ رَجُلًا جَمِيلًا فَكَابَرَ امْرَأَةَ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ فَوَقَعَ بِهَا ثُمَّ رَاسَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ طَاوُسَيْنِ ذَكَراً وَ أُنْثَى.
وَ فِي الْخَبَرِ" الطَّاوُسُ يَدْعُو بِالْوَيْلِ لِخَطِيئَتِهِ".
و يقال إن الخطيئة هي حمله الحية التي كان الشيطان فيها إلى الجنة.
وَ حُكِيَ أَنَّ آدَمَ ع لَمَّا غَرَسَ الْكَرْمَةَ جَاءَ إِبْلِيسُ فَذَبَحَ عَلَيْهَا طَاوُساً فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا طَلَعَتْ أَوْرَاقُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا قِرْداً فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا طَلَعَتْ ثَمَرَتُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا أَسَداً فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا انْتَهَتْ ثَمَرَتُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا خِنْزِيراً فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلِهَذَا شَارِبُ الْخَمْرِ تَعْتَرِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ الْأَرْبَعَةُ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا يَشْرَبُهَا وَ تَدِبُّ فِي أَعْضَائِهِ تَزْهُو لَهُ كَمَا يَزْهُو الطَّاوُسُ، فَإِذَا جَاءَتْ مَبَادِئُ السُّكْرِ لَعِبَ وَ صَفَّقَ كَمَا يَفْعَلُ الْقِرْدُ، فَإِذَا قَوِيَ سُكْرُهُ جَاءَتِ الصِّفَةُ الْأَسَدِيَّةُ فَيَعْبَثُ وَ يُعَرْبِدُ وَ يَهْدِرُ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، ثُمَّ يَنْعَقِصُ كَمَا يَنْعَقِصُ الْخِنْزِيرُ فَيَطْلُبُ النَّوْمَ وَ تَنْحَلُّ عُرَى قُوَّتِهِ.
و
عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي تَفْسِيرِ مَا يَقُولُ الطَّيْرُ الطَّاوُسُ يَقُولُ: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ.
و" ابن طَاوُسٍ" تارة يراد به علي‏

83
مجمع البحرين4

طوس ص 83

بن موسى و تارة أحمد بن موسى و ولده عبد الكريم، و التميز موكول إلى القرائن. و" طُوسٌ" بلدة من أرض خراسان من عمل نيشابور على مرحلتين. و" الشيخ الطُّوسِيُّ" ينسب إليها.
باب ما أوله العين‏
 (عبس)
قوله تعالى: عَبَسَ وَ تَوَلَّى. أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى‏
 [80/ 1] عَبَسَ الرجل يَعْبِسُ عُبُوساً من باب ضرب: لوى بشرته و قبض وجهه، وَ تَوَلَّى أي أعرض بوجهه أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى‏ أي لأن جاءه الأعمى.
رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ ص فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ الْفِهْرِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَلَمَّا رَآهُ نَفَرَ مِنْهُ وَ عَبَسَ وَ جَمَعَ نَفْسَهُ وَ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ، فَحَكَى اللَّهُ تَعَالَى ذَلِك‏

84
مجمع البحرين4

عبس ص 84

وَ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ.
وَ فِي نَقْلٍ آخَرَ هُوَ عُثْمَانُ. وَ الْآيَةُ فِيهِ وَ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَ كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَعْمَى وَ كَانَ مُؤَذِّناً لِرَسُولِ اللَّهِ ص، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عِنْدَهُ أَصْحَابُهُ وَ عِنْدَهُ عُثْمَانُ، فَقَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى عُثْمَانَ، فَعَبَسَ عُثْمَانُ فَتَوَلَّى عَنْهُ فَنَزَلَتْ.
وَ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضاً أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ: مَرْحَباً وَ اللَّهِ لَا يُعَاتِبُنِي اللَّهُ فِيكَ أَبَداً.
قوله: يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً
 [76/ 10] اليوم الْعَبُوسُ الذي تعبس فيه الوجوه، و القمطرير الشديد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَعَنَ اللَّهُ الْأُعَيْبِسَ".
يعني به خليفة بني العباس. و العباس هو ابن عبد المطلب عم النبي ص، و قد نزلت فيه آيتان تقدمتا في عما. و الْعَبَّاسِيَّةُ مدرسة صنعت في زمن العباس. و عَبَسٌ أبو قبيلة من قيس.
 (عدس)
فِي الْحَدِيثِ" رَأَيْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ع ثَوْباً عَدَسِيّاً كَانَ يُشْبِهُ لَوْنَ الْعَدَسِ".
و الْعَدَسُ: حب معروف. و الْعَدَسَةُ: بثرة تخرج بالإنسان و ربما قتلت. و عَدَس: زجر للبغل. و" عُدَسٌ" بضم الأول و فتح الثاني اسم رجل‏
 (عرس)
فِي الْحَدِيثِ" نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ".
هو كرسول وصف يستوي فيه المذكر و المؤنث ما داما في أعراسهما، يقال رجل عَرُوسٌ و امرأة عَرُوسٌ، و جمع الرجل عُرُسٌ كرسل و جمع المرأة عَرَائِسُ، و إنما ضرب المثل بنومة العروس لأن الإنسان أعز ما يكون في أهله و ذويه و أرغد و أنعم إذا كان في ليلة الأعراس، حتى أن أمثالهم" كاد العروس أن يكون‏

85
مجمع البحرين4

عرس ص 85

أميرا". و الْعِرْسُ بالكسر: امرأة الرجل، و الجمع أَعْرَاسٌ كحمل و أحمال، و قد يقال للرجل عِرْسٌ أيضا. و الْعُرْسُ بالضم: طعام الزفاف، يذكر و يؤنث، فيقال هو الْعُرْسُ و الجمع أَعْرَاسٌ كقفل و أقفال، و هي الْعُرْسُ و الجمع عُرُسَاتٌ. و أَعْرَسَ بأهله: إذا بنى بها، و كذا إذا غشيها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَلَيْكُمْ بِالتَّعْرِيسِ وَ الدُّلْجَةِ".
و
فِيهِ" إِيَّاكُمْ وَ التَّعْرِيسَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ وَ بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ".
الَتَّعْرِيسُ نزول المسافر آخر الليل للنوم و الاستراحة، من قولهم عَرَّسَ القوم: إذا نزلوا آخر الليل للاستراحة. و الْمُعَرَّسُ: موضع التعريس،
وَ بِهِ سُمِّيَ مُعَرَّسُ ذِي الْحُلَيْفَةِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ص عَرَّسَ فِيهِ وَ صَلَّى الصُّبْحَ فِيهِ ثُمَّ رَحَلَ.
و
فِيهِ" إِذَا أَتَيْتَ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَأْتِ مُعَرَّسَ النَّبِيِّ ص، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يُعَرِّسُ فِيهِ وَ يُصَلِّي".
و
فِيهِ أَيْضاً" قُلْنَا أَيُّ شَيْ‏ءٍ نَصْنَعُ؟ قَالَ: تُصَلِّي وَ تَضْطَجِعُ قَلِيلًا لَيْلًا أَوْ نَهَاراً وَ إِنْ كَانَ التَّعْرِيسُ بِاللَّيْلِ".
و الْمُعَرَّسُ: فرسخ من المدينة بقرب مسجد الشجرة بإزائه مما يلي القبلة- ذكره في الدروس. و هذا الموضع مسجد النبي ص، و حيث أنه نزل به استحب النزول به مطلقا ليلا أو نهارا تأسيا.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي أَهْلِ الدُّنْيَا" إِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا كَرَكْبٍ عَرَّسُوا

86
مجمع البحرين4

عرس ص 85

وَ أَنَاخُوا ثُمَّ اسْتَقَلُّوا وَ غَدَوْا وَ رَاحُوا".
و ابن عِرْسٍ ذكر في الحديث، و هي دويبة تشبه الفأر، و الجمع بنات عرس. قال الجوهري: و كذلك ابن آوى و ابن مخاض و ابن لبون و ابن ماء، تقول بنات آوى و بنات مخاض و بنات لبون و بنات ماء.
 (عرندس)
الْعَرَنْدَسُ من الإبل الشديد.
 (عسس)
قوله تعالى: وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ‏
 [81/ 17] أي أقبل ظلامه و أدبر، و هو من الأضداد. و قال الفراء: اجتمع المفسرون على أن معنى عَسْعَسَ‏
 أدبر. قال: و قال بعض أصحابنا إنه دنا أوله و أظلم. و" الْعُسُّ" بالضم و التشديد: القدح الكبير، و الجمع عِسَاسٌ مثل سهام، و قيل أَعْسَاسٌ مثل أقفال.
 (عطس)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَ يَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ".
الْعُطَاسُ بالضم من الْعَطْسَةِ. و عَطَسَ بالفتح عَطْساً من باب ضرب، و في لغة من باب قتل، و قد مر الوجه في ثاب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعَطْسَةُ مِنَ اللَّهِ وَ ذَلِكَ يُذَكِّرُ اللَّهُ عَبْدَهُ النِّعْمَةَ فَيَحْمَدَهُ بِقَوْلِهِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ".
وَ فِيهِ أَيْضاً" إِنَّ لِلَّهِ نِعَماً عَلَى عَبْدِهِ وَ فِي صِحَّةِ بَدَنِهِ وَ سَلَامَةِ جَوَارِحِهِ، وَ إِنَّ الْعَبْدَ يَنْسَى ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، وَ إِذَا نَسِيَ أَمَرَ اللَّهُ الرِّيحَ فَجَالَتْ فِي بَدَنِهِ ثُمَّ يُخْرِجُهَا مِنْ أَنْفِهِ فَيَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ حَمْدُهُ عِنْدَ ذَلِكَ شُكْراً لِمَا نَسِيَ".
و عَطَسَ الصبح: إذا انفلق. و الْمَعْطِسُ وزان مجلس: الأنف، و ربما جاء بفتح الطاء.
وَ مِنْ كَلَامِهِ ع مَعَ عَائِشَةَ فِي مَنْعِهَا دَفْنَ الْحَسَنِ ع مَعَ جَدِّهِ" يَا عَائِشَةُ لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي كَرِهْتِهِ مِنْ دَفْنِ الْحَسَنِ جَائِزاً فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ اللَّهِ لَعَلِمْتِ أَنَّهُ سَيُدْفَنُ وَ إِنْ رَغِمَ مَعْطِسُكِ".

87
مجمع البحرين4

عكس ص 88

 (عكس)
الْعَكْسُ: ردك آخر الشي‏ء على أوله.
 (علس)
في الحديث ذكر السلت و الْعَلَسِ بالتحريك نوع من الحنطة يكون حبتان في قشر، و هو طعام أهل صنعاء- قاله الجوهري. و قال غيره: هو ضرب من الحنطة يكون في القشر منه حبتان و قد تكون واحدة و ثلث. و قال بعضهم: هو حبة سوداء تؤكل في الجدب. و قيل: هو مثل البر إلا أنه عسر الاستنقاء. و قيل: هو العدس- قاله في المصباح‏
 (عمس)
" أسماء بنت عُمَيْسٍ" بالعين و السين المهملتين مصغرا: هي أم محمد بن أبي بكر، و قد سبق الكلام فيها في سما. و" ليل عَمَاسٌ" بالفتح أي مظلم، و فلان يَتَعَامَسُ عن الصبي أي يتغافل عنه.
وَ مِنْ كَلَامِهِ ع" أَلَا وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ وَ عَمَّسَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرَ".
أي لبس الحال عليهم و جعل الأمر مظلما. يقال أمر عَمُوسٌ: أي مظلم.
 (عملس)
الْعَمَلَّسُ بفتح العين و تشديد اللام: الذئب الخبيث.
 (عيس)
" عِيسَى" اسم عبراني أو سرياني، ولد بناحية بيت المقدس، و قيل بأرض بابل.
قَالَ أَهْلُ التَّارِيخِ: حَمَلَتْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بِهِ ع وَ لَهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ، وَ رُفِعَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَ عَاشَتْ مَرْيَمُ بَعْدَ رَفْعِهِ سِتَّ سِنِينَ وَ قِيلَ سِتّاً وَ سِتِّينَ، وَ عِمْرَانُ بْنُ مَاتَانَ جَدُّهُ وَ حَنَانَه أُمُّ مَرْيَمَ جَدَّتُهُ.
و عن بعض الأعلام أنه أسر بالروم‏

88
مجمع البحرين4

عيس ص 88

فقال لهم: لم تعبدون عِيسَى؟ قالوا: لأنه لا أب له. قال: فآدم أولى لأنه لا أبوين له. قالوا: كان يحيي الموتى. قال: فحزقيل أولى لأن عيسى أحيا أربعة نفر و حزقيل أحيا ثمانية آلاف. قالوا: كان يبرى‏ء الأكمه و الأبرص. قال: فجرجيس أولى لأنه طبخ و أحرق فقام سالما. قيل: كان ما بين موسى و عيسى ألف سنة و سبعمائة و ألف نبي، و بين عيسى و محمد ص أربعة أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل و واحد من العرب، و هو خالد بن سنان العبسي، و كان بين عيسى و محمد ص خمسمائة و ستون سنة و قيل ستمائة سنة. و جمع عيسى عيسون بفتح السين- قاله الجوهري: و أجاز الكوفيون ضم السين قبل الواو و كسرها قبل الياء و لم يجزه البصريون و قالوا: إن الألف إذا سقطت لاجتماع الساكنين فوجب أن تبقى السين مفتوحة على ما كانت عليه سواء كانت الألف أصلية أو غير أصلية، و كان الكسائي يفرق بينهما و يفتح الأصلية فيقول معطون و يضم في غير الأصلية و يقول عيسون، و كذلك القول في موسى. و عِيسَى بن موسى ولد الحسن بن زيد بن الحسن هو أول من لبس لباس العباسيين من العلويين. و الْعِيسُ بكسر العين: الإبل البيض يخالط بياضها شي‏ء من الشقرة، واحدها أَعْيَسُ، و الأنثى عَيْسَاءُ، و قيل هي كرام الإبل.
باب ما أوله الغين‏
 (غرس)
فِي الْحَدِيثِ" يَا عَلِيُّ إِذَا أَنَا مِتُّ فَاغْسِلْنِي بِسَبْعِ قِرَبٍ مِنْ بِئْرِ غَرْسٍ".
هي بالغين المعجمة المفتوحة و الراء المهملة الساكنة: بئر معروفة بالمدينة غسل منها النبي‏

89
مجمع البحرين4

غرس ص 89

ص، و هي من عيون الجنة و غَرَسْتُ الشجر أَغْرِسُهُ غَرْساً من باب ضرب. و الْغِرَاسُ وقت الغرس كالحصاد و القطاف. و يقال للنخلة أو ما تنبت" غَرِيسَةٌ".
 (غسس)
" غَسَّانُ" بتشديد السين: قبيلة من اليمن، منهم ملوك غسان.
 (غطس)
الْغَطْسُ في الماء: الغمس فيه. و الْمَغْنَطِيسُ: حجر يجذب الحديد، و هو معرب.
 (غطرس)
الْغِطْرِيسُ الظالم المتكبر، يقال تَغَطْرَسَ و هو مُتَغَطْرِسٌ: أي متكبر.
 (غلس)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ النَّبِيُّ ص يُغَلِّسُ بِالْفَجْرِ إِذَا اخْتَلَطَ بِضَوْءِ الصَّبَاحِ".
يقال غَلَّسَ بالصلاة يريد صلاها بِالْغَلَسِ. و الْغَلَسُ بالتحريك: الظلمة آخر الليل، و منه التَّغْلِيسُ و هو السير بغلس. و غَلَّسْنَا الماء: أي أوردناه بغلس. و غَلَّسَ القوم تَغْلِيساً: خرجوا بغلس.
 (غمس)
فِي الْحَدِيثِ" الْيَمِينُ الْغَمُوسُ هِيَ الَّتِي تَذَرُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ".
اليمين الْغَمُوسُ بفتح الغين هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه أن الأمر بخلافه، و ليس فيها كفارة لشدة الذنب فيها، سميت بذلك لأنها تَغْمِسُ صاحبها في الإثم ثم في النار، فهي فعول للمبالغة.
وَ فِيهِ" الْيَمِينُ الْغَمُوسُ هِيَ الَّتِي عُقُوبَتُهَا دُخُولُ النَّارِ".
و هي أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما. و الْغَمْسُ في الماء: المقل فيه، يقال غمسه في الماء من باب ضرب: مقله فيه، و منه اغْتِمَاسُ الجنب في الماء.

90
مجمع البحرين4

باب ما أوله الفاء ص 91

باب ما أوله الفاء
 (فردس)
قوله تعالى: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ‏
 [23/ 11] الْفِرْدَوْسُ هي البستان الذي فيه الكرم و الأشجار، و الجمع فَرَادِيسُ. و منه" جنة الفردوس". و في الغريب الْفِرْدَوْسُ البستان بلغة الروم، و قال الفراء هو عربي، و
يُقَالُ الْفِرْدَوْسُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَ أَعْلَاهَا وَ مِنْهَا يَتَفَجَّرُ أَنْهَارُهَا.
قيل هي مشتق من الْفَرْدَسَةِ، و هي السعة، و قيل منقول إلى العربية و أصله رومي.
 (فرس)
فِي الْحَدِيثِ" اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ".
الْفِرَاسَةُ بالكسر الاسم من قولك" تَفَرَّسْتُ فيه خيرا"، و هي نوعان: أحدهما- ما يوقعه الله في قلوب أوليائه فيعلمون بعض أحوال الناس بنوع من الكرامات و إصابة الحدس و الظن، و هو ما دل عليه ظاهر
الْحَدِيثِ" اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ".
و ثانيهما- نوع يعلم بالدلائل و التجارب و الأخلاق. و" الْفَرَاسَةُ" بالفتح مصدر قولك رجل بين الْفَرَاسَةِ و الْفُرُوسَةِ و الْفُرُوسِيَّةِ. و فَرُسَ بالضم يَفْرُسُ فُرُوسَةً و فَرَاسَةً: حذق في أمر الخيل. و" فَارِس" جيل من الناس. و" سلمان الْفَارِسِيُّ" معروف مشهور، أصله من أصفهان، و قيل من‏

91
مجمع البحرين4

فرس ص 91

مرازم، توفي سنة سبع و ثلاثين بالمدائن. نقل أنه عاش ثلاثمائة و خمسين سنة و أما مائتين و خمسين سنة فمما لا يشك فيه. و" الْفَرَسُ" واحد الخيل، و الجمع أَفْرَاسٌ الذكر و الأنثى في ذلك سواء، و أصلها التأنيث، و لفظها مشتق من الافتراس كأنها تَفْتَرِسُ الأرض بسرعة مشيها. و راكب الفرس فَارِسٌ: أي صاحب فرس، مثل لابن و تامر، و يجمع على فُرْسَان و فَوَارِس، و لا يقاس عليه لأن فوارس جمع فاعلة مثل ضاربة و ضوارب، أو جمع فاعل إذا كانت صفة للمؤنث مثل حائض و حوائض، أو ما كان لغير الآدميين مثل بازل و بوازل، و أما مذكر يعقل فلم يجمع عليه إلا فوارس و نواكس.
وَ كَانَ لِلنَّبِيِّ ص أَفْرَاسٌ: السَّكْبُ اشْتَرَاهُ مِنْ أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ وَ كَانَ أَدْهَمَ وَ كَانَ اسْمُهُ عِنْدَ الْأَعْرَابِيِّ الضَّرْسَ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ ص السَّكْبَ، وَ الْمُرْتَجِزُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُسْنِ صَهِيلِهِ. وَ اللِّزَازُ قَالَ السُّهَيْلِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُسَابِقُ شَيْئاً إِلَّا لَزَّهُ أَيْ أَثْبَتَهُ، وَ الطِّرْزُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَ اللَّحِيفُ كَانَ يَلْحَفُ الْأَرْضَ بِجَرْيِهِ، وَ الْوَرْدُ أَهْدَاهُ لَهُ تَمِيمٌ الرَّازِيُّ، وَ هَذِهِ السَّبْعَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَ قِيلَ كَانَ لَهُ غَيْرُهَا، وَ هِيَ: الْأَبْلَقُ، وَ ذُو الْفَقَارِ، وَ ذُو اللِّمَّةِ، وَ الْمُرْتَجَلُ، وَ السِّرْحَانُ، وَ الْيَعْسُوبُ، وَ الْبَحْرُ، وَ الْأَدْهَمُ وَ غَيْرُ ذَلِكَ.
و الْفَرِيسَةُ: فريسة الأسد التي يكسرها فعيلة بمعنى مفعولة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِيَّاكَ وَ فَرِيسَةَ الْأَسَدِ".
كأنه يريد كيفية وضع الصدر في سجود الصلاة. و" أبو فِرَاسٍ" كنية الأسد، يقال فَرَسَ الأسد فَرِيسَةً يَفْرِسُهَا فَرَساً. و افْتَرَسَهَا: دق عنقها، و أصل الفرس هذا ثم كثر حتى صير لكل قتل فرسا، و به سمي أبو فِرَاس بن حمدان أخو سيف‏

92
مجمع البحرين4

فرس ص 91

الدولة، و كان ملكا جليلا و شاعرا مجيدا حتى قيل بدئ الشعر بملك و ختم بملك بدئ بامرئ القيس و ختم بأبي فراس و فارس و الروم بلاد، و منه أتيت فارس و بياض فارس، و فارس مجوس و الروم أهل كتاب. و التمر الْفَارِسِيُّ: نوع جيد نسبة إلى فارس. و الْفِرْسُ بالكسر فالسكون: ضرب من النبت. و الْفِرْسِنُ للبعير كالحافر للدابة. و في البارع نقلا عنه لا يكون الفرسن إلا للبعير، و هي له كالقدم للإنسان، و النون زائدة.
 (فرطس)
" فَرْطَسٌ" كَجَعْفَرٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلَايَةُ عَلِيٍّ ع فَأَبَاهَا فَكَسَرَ اللَّهُ جَنَاحَهُ.
 (فطس)
الْفَطَسُ بالتحريك: تطامن قصبة الأنف و انتشارها. و الرجل أَفْطَسُ و المرأة فَطْسَاءُ. و" الحسن الْأَفْطَسُ" هو الحسن بن علي بن الحسين ع، كأنه ولد أفطس الأنف. و الْأَفْطَسُ لقب عبد الله بن جعفر الصادق ع أخو موسى ع.
 (فقس)
فَقَسَ الطائر بيضته فَقْساً: أفسدها.
 (فلس)
أَفْلَسَ الرجل كأنه صار إلى حال ليس له فلوس بعد أن كان ذا دراهم، فهو مُفْلِسٌ، و الجمع مَفَالِيسُ. و حقيقته الانتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر. و الْفَلْسُ الذي يتعامل به، و فاؤه مفتوحة، و يجمع في القلة على أَفْلُسٍ و في الكثرة على فُلُوسٍ. و قد فَلَّسَهُ القاضي تَفْلِيساً: نادى عليه أنه أفلس. و" تَفْلِيسُ" من بلاد الأرامنة،

93
مجمع البحرين4

فلس ص 93

و منه الفضل بن أبي قرة التَّفْلِيسِيُّ المذكور في رجال من لم يرو.
باب ما أوله القاف‏
 (قبس)
قوله تعالى: بِشِهابِ قَبَسٍ [27/ 7] أي بشعلة نار في رأس عود، و الْقِبَاسُ و الْمِقْبَاسُ بالكسر فيهما مثله، و الْقَبَسُ النار الْمَقْبُوسَةُ، و أضاف الشهاب إلى الْقَبَسِ لأنه يكون قَبَساً و غير قَبَسٍ و قرئ بِشِهابٍ منونا، فيكون قَبَساً بدلا أو صفة. و قَبَسْتُ منه نارا و اقْتَبَسْتُ منه علما. استفدته، و
مِنْهُ" مَنِ اقْتَبَسَ عِلْماً مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ".
و" أبو قُبَيْسٍ" جبل بمكة يقرب من الكعبة، سمي برجل من مذحج لأنه أول من بنى فيه، و كان يسمى الأمين لأن الركن كان مستودعا فيه. و" أبو قَابُوسٍ" كنية النعمان بن المنذر بن إمرئ القيس بن عمرو بن عدي ملك العرب.
 (قدس)
قوله تعالى: وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ*
 [2/ 87] بضمتين و إسكان الثاني جبرئيل ع كما جاءت به الرواية، و قد مر تمام البحث في روح. و الأرض الْمُقَدَّسَةُ: أي المطهرة بيت الْمَقْدِسِ لأنها كانت قرار الأنبياء و مسكن المؤمنين، و قيل الطور و ما حوله، و قيل دمشق، و قيل الشام. و بيت الْمَقْدِسِ يشدد و يخفف الذي يتطهر به من الذنوب، بناه سليمان بن داود ع، و النسبة إليه مَقْدِسيٌّ كَمَجْلِسِيٍّ من الْقُدْسِ و هو الطهارة. قوله: وَ نُقَدِّسُ لَكَ‏
 [2/ 30]

94
مجمع البحرين4

قدس ص 94

أي نطهرك عما لا يليق بك، و قيل نطهر أنفسنا لك. و" الْقُدُّوسُ"
 من أسمائه تعالى من الْقُدْسِ و هو الطاهر المنزه عن العيوب و النقائص، و نظيره السبوح. قال تغلب نقلا عنه: كل اسم جاء على فعول فهو مفتوح الأول إلا السبوح و الْقُدُّوسُ فإن الضم فيهما أكثر و قد يفتحان. قوله: بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ*
 [20/ 12] أي المطهر، و أما طوى فاسم الوادي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَكُونُ فِي بَيْتِهِ عَنْزٌ حَلُوبٌ إِلَّا قُدِّسَ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ، فَإِنْ كَانَتِ اثْنَتَيْنِ قُدِّسُوا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. قُلْتُ: كَيْفَ يُقَدَّسُونَ؟ قَالَ: يَقُولُ لَهُمْ بُورِكَ عَلَيْكُمْ وَ طِبْتُمْ وَ طَابَ إِدَامُكُمْ. قَالَ الرَّاوِي: فَمَا مَعْنَى قُدِّسْتُمْ؟ قَالَ: طُهِّرْتُمْ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ أَرْضٍ فِيهَا اسْمُ مُحَمَّدٍ إِلَّا تَقَدَّسَتْ".
و التَّقْدِيسُ: التطهير. و الْقُدْسُ: الطهر، اسم مصدر، و منه قيل للجنة حظيرة الْقُدْسِ. و" الْقَادِسِيَّةُ" قرية قريبة من الكوفة إذا خرجت منها أشرفت على النجف، مر بها إبراهيم ع و دعا لها بِالْقُدْسِ و أن تكون محلة الحاج. قال في المغرب: بينهما و بين الكوفة خمسة عشر ميلا. و في المصباح الْقَادِسِيَّةُ قرية قريبة من الكوفة من جهة الغرب على طرف البادية على نحو خمسة عشر فرسخا، و هي آخر أرض العرب و أول حدود سواد العراق، و هناك كانت وقعة مشهورة في خلافة الثاني و" قَيْدُوسٌ" فيما صح من نسخ اسم رجل من بني إسرائيل.
 (قربس)
الْقَرَبُوسُ بالتحريك للسرج، و لا يخفف إلا للشعر.
 (قرطس)
قوله تعالى: مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى‏ نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها
 [6/ 91] و هي جمع قرطاس مثلثة القاف و كجعفر و درهم: الكاغذ

95
مجمع البحرين4

قرطس ص 95

يكتب به، و كسر القاف أشهر من ضمها. قال المفسر: أي تجعلونه كتبا و صحفا متفرقة أو ذا قَرَاطِيسَ يودعونه إياها تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً أي تبدون بعضها و تكتمون بعضها، و هو ما في الكتب من صفات النبي ص و الإشارة إليه.
 (قرقس)
فِي حَدِيثِ مُيَسِّرٍ" كَمْ يَكُونُ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ قِرْقِيسَا. قُلْتُ: قَرِيبٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ بِهَا وَقْعَةٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ".
قال في القاموس: قِرْقِيسَا بالكسر و يقصر: بلد على الفرات سمي بِقِرْقِيسا بن طهمورث. و الْقِرْقِسُ: الْجِرْجِسُ.
 (قسس)
قوله تعالى: قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً
 [5/ 82] الْقِسِّيسُونَ رؤساء النصارى و علماؤهم، واحدهم قِسِّيسٌ، و هو العالم بلغة الروم. و عن بعضهم هو فعيل من قسته و قصصته إذا تتبعته فَالْقِسِّيسُ سمي بذلك لتتبعه آثار المعاني. و في الصحاح الْقِسُّ كفلس رئيس من رؤساء النصارى في الدين و العلم، و كذلك الْقِسِّيسُ و السريانية لغتهم، و كذلك الجاثليق.
وَ فِي الْخَبَرِ" نُهِيَ عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ".
و هي ثياب من كتان مخلوطة بحرير، نسبة إلى قرية قَسٍّ بفتح القاف و قيل بكسرها. و قيل أصله قزي بالزاي نسبة إلى القز: ضرب من الإبريسم، فأبدلت سينا. و درهم قَسِّيٌّ وزان شَقِّيٍّ فسل ردى‏ء. و اللباس الْقَسِّيُّ: المرذول من الثياب.
 (قسطس)
قوله تعالى: وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ* [26/ 182] الْقِسْطَاسُ بالضم و الكسر و بهما قرأ السبعة، الميزان أي ميزان كان، قيل هو عربي مأخوذ من القسط العدل، و قيل رومي معرب و الجمع قَسَاطِيسُ.
 (قعس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يَنْبَغِي لِلَّذِي يُدْعَى‏

96
مجمع البحرين4

قعس ص 96

إِلَى شَهَادَةٍ أَنْ يَتَقَاعَسَ عَنْهَا".
أي يتأخر عنها و لم يشهد، من قولهم تَقَاعَسَ الرجل عن الأمر: إذا تأخر و رجع إلى خلف و لم يتقدم فيه. و الْقَعَسُ بالتحريك: خروج الصدر و دخول الظهر، و هو ضد الحدب. و اقْعَنْسَسَ عن الأمر مثل قَعَسَ، و إنما لم يدغم لأنه ملحق باحرنجم.
 (قلدس)
" أُوقْلُيدُس" بالضم و زيادة واو اسم رجل وضع كتابا في العلم المعروف بهذا الاسم.
 (قلس)
فِي الْخَبَرِ" مَنْ قَاءَ أَوْ قَلَسَ فَلْيَتَوَضَّأْ".
الْقَلَسُ بالتحريك و قيل بالسكون: ما خرج من الجوف مل‏ء الفم أو دونه، يقال قَلَسَ قَلْساً من باب ضرب: خرج من بطنه طعام أو شرب إلى الفم سواء ألقاه أو أعاده إلى بطنه إذا كان مل‏ء الفم أو دونه، فإذا غلب فهو قي‏ء و الْقَلْسُ اسم لِلْمَقْلُوسِ فعل بمعنى مفعول و في الحديث ذكر الْقَلَنْسُوَةَ، و هي فعنلوة بفتح العين و سكون النون و ضم اللام و الجمع قَلَانِسُ، و يجوز قِلَاسٌ. و قال الجوهري الْقَلَنْسُوَةُ و الْقُلَنْسِيَةُ إذا فتحت القاف ضممت السين و إن ضممت القاف كسرت السين و قلبت الواو ياء، فإذا جمعت أو صغرت فأنت بالخيار، فإن شئت حذفت الواو فقلت قَلَانِسُ، و إن شئت حذفت النون و قلت قِلَاسٌ، و إن شئت عوضت فيهما ياء و قلت قَلَانِيسُ و قَلَاسِي و قد قَلْسَيْتُهُ فَتَقَلْسَى و تَقَلْنَسَ و تَقَلَّسَ، أي ألبسته الْقَلَنْسُوَةَ فلبسها.
 (قمس)
الْقَامُوسُ: صاحب السر المطلع على باطن أمرك و منه‏
حَدِيثُ الْيَهُودِيِّ فِي عَلِيٍّ ع" أَشْهَدُ أَنَّكَ قَامُوسُ مُوسَى".
 (قونس)
الْقَوْنَسُ: عظم ناتئ بين أذني الفرس.

97
مجمع البحرين4

قونس ص 97

قال شاعرهم:
أضرب عنك الهموم طارقها             ضربك بالسيف قونس الفرس‏

قال الجوهري: أراد أضربن، فحذف النون كما حذف من قوله:
أ يوم لم يقدر أم يوم قدر


 (قوس)
الْقَوْسُ معروف، يذكر و يؤنث، و الجمع أَقْوَاسٌ و قِيَاسٌ مثل أثواب و ثياب و قِسِيُّ بكسر القاف. و عن ابن الأنباري الْقَوْسُ أنثى و تصغيرها قُوَيْسٌ، و ربما قيل قُوَيْسَةٌ، و تضاف إلى ما يخصها فيقال قَوْسُ تدف و قَوْسُ جلاهق و قَوْسُ نبل و هي العربية و قَوْسُ النشاب و هي الفارسية. و الْقَوْسُ أيضا: برج في السماء. و قَوَّسَ الشيخ- بالتشديد- أي انحنى و اسْتَقْوَسَ مثله.
 (قيس)
فِي الْحَدِيثِ" أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ".
و قصته معلومة من قوله: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ*. و
فِيهِ" لَيْسَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ دِينَهُ بِهَوًى وَ لَا رَأْيٍ وَ لَا مَقَايِيسَ".
قيل ذكر المقاييس بعد الرأي من قبيل ذكر الخاص بعد العام لشدة الاهتمام، و الأصل في الْقِيَاسِ التقدير، يقال قِسْتُ الشي‏ء بالشي‏ء قدرته على مثاله فَانْقَاسَ، و يقال للمقدار مِقْيَاسٌ، و منه قَايَسْتُ بين الأمرين مُقَايَسَةً و قِيَاساً، و يقال بينهما قِيسُ رمح: أي قدر رمح. و" قَيْسٌ" يقال لأبي قبيلة مضر و لِقَيْسِ بن هذمة و لِقَيْسِ بن فهد الأنصاري. و إمرئ القيس بن عابس الكندي صحابي. و عبد الْقَيْسِ أبو قبيلة من أسد.

98
مجمع البحرين4

باب ما أوله الكاف ص 99

باب ما أوله الكاف‏
 (كأس)
قوله تعالى: يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً
 [52/ 13] الْكَأْسُ إناء بما فيه من الشراب، و هي مؤنثة. قال تعالى: وَ كَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ‏
 [56/ 17] و عن ابن الأعرابي لا يسمى الْكَأْسُ كَأْساً إلا و فيها الشراب، و قيل هو اسم لهما على الانفراد و الاجتماع، و الجمع كُئُوسٌ، و قد تترك الهمزة تخفيفا
 (كبس)
فِي الدُّعَاءِ" يَا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ".
أي أدخلها فيه، من قولهم كَبَسَ رأسه في ثوبه: أخفاه و أدخله فيه أو جمعها فيه.
وَ مِنْهُ" إِنَّا نَكْبِسُ الزَّيْتَ وَ السَّمْنَ نَطْلُبُ فِيهِ التِّجَارَةَ".
أي نجمعه. و الْكَبْسُ: الطم، يقال كبست النهر كَبْساً: طممته بالتراب. و الْكُبَاسُ بالضم: العظيم الرأس. و الْكِبَاسَةُ بالكسر: العذق، و هو من التمر بمنزلة العنقود من العنب. و الْكَابُوسُ: ما يقع على الإنسان بالليل لا يقدر معه أن يتحرك. قال الجوهري: و هو مقدمة الصرع. و السنة الْكَبِيسَةُ: التي يسترق منها يوم، و ذلك في كل أربع سنين.
 (كرس)
قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏
 [2/ 255] الْكُرْسِيُّ بالضم و الكسر: السرير و العلم. و الْكُرْسِيُّ: جسم بين يدي العرش محيط بالسماوات و الأرض وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى‏، و سمي كُرْسِيّاً لإحاطته.
وَ فِي حَدِيثِ الْفُضَيْلِ عَنِ الصَّادِقِ ع:" يَا فُضَيْلُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فِي الْكُرْسِيِّ".
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ" الْكُرْسِيُّ وَسِع‏

99
مجمع البحرين4

كرس ص 99

السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، وَ الْعَرْشُ وَسِعَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَسِعَ الْكُرْسِيُّ".
و قيل وَسِعَ كُرْسِيُّهُ‏
 يعني علمه و قيل ملكه تسمية بمكانه الذي هو كُرْسِيُّ الملك. و آية الْكُرْسِيُّ" معروفة، و هي إلى قوله وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
 (كربس)
فِي الْحَدِيثِ" اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ مِنْ كَرَابِيسَ".
الْكَرَابِيسُ جمع كِرْبَاسٍ، و هو القطن.
وَ مِنْهُ" بَعَثَ عَمِّي إِلَيَّ كِرْبَاسَةً فَشَقَّهَا".
 (كردس)
فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ص" ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ".
هي رءوس العظام، جمع كُرْدُوسٍ، و قيل هي ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين و المرفقين و المنكبين، أراد أنه ضخم الأعضاء. و الْكُرْدُوسُ: القطعة العظيمة من الخيل.
 (كرفس)
" الْكَرَفْسُ" بفتح الكاف و الراء: بقل معروف عظيم المنافع مدر محلل للرياح و النفخ منقي للكلى و الكبد و المثانة مفتح سددها مقو للباه لا سيما بزره مدقوقا بالسكر و السمن- كذا في القاموس.
 (كلس)
" الْكِلْسُ" بالكسر و السكون: الساروج يبنى به.
 (كنس)
قوله تعالى: الْجَوارِ الْكُنَّسِ‏
 [81/ 16] هي بالضم و التشديد هي الخنس، لأنها تَكْنُسُ في المغيب كالظباء، أو هي كل النجوم لأنها تبدو ليلا و تخفى نهارا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَرْكَبُ الْمُحْرِمُ فِي الْكَنِيسَةِ، وَ هِيَ لِلنِّسَاءِ جَائِزٌ".
هي شي‏ء يغرز في المحمل أو الرحل و يلقى عليه ثوب يستظل به الراكب و يستتر به، و الجمع كَنَائِسُ مثل كريمة و كرائم. و في الصحاح الْكِنَاسُ موضع في الشجر يكتن فيه الظباء و يستتر. و الْكَنَائِسُ جمع كَنِيسَةٍ، و هي متعبد

100
مجمع البحرين4

كنس ص 100

اليهود و النصارى و الكفار. و الْكُنَاسَةُ بالضم: القمامة. و اسم موضع بالكوفة صلب فيها زيد بن علي بن الحسين ع. و" الْكُنَاسَةُ" مثل الْكَنِيسَةِ. و كَنَسْتُ البيت أَكْنُسُهُ من باب قتل، و الْمِكْنَسَةُ: ما يُكْنَسُ به.
 (كوس)
فِي الْخَبَرِ" وَ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَكَوَّسَكَ بِالنَّارِ".
أي قلبك فيها على رأسك يقال كَوَّسْتُهُ على رأسه: إذا قلبته و جعلت رأسه أسفله.
 (كهمس)
الْكَهْمَسُ: القصير. و كَهْمَسُ أبو حي من العرب. و أبو كَهْمَسٍ من رواة الحديث من أصحاب أبي عبد الله ع.
 (كيس)
فِي الْحَدِيثِ" الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَ عَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ".
الْكَيِّسُ: العاقل، قيل هو من الْكَيْسِ كفلس العقل و الفطنة و جودة القريحة، و قيل الْكَيْسُ مخفف من كَيِّسٍ مثل هَيْنٍ و هَيِّنٍ، و الأول أصح، لأن الْكَيْسَ مصدر كَاسَ كباع، و الْكَيِّسُ بالتثقيل اسم فاعل، و جمعه أَكْيَاسٌ مثل جيد و أجياد. و الْكَيْسُ في الأمور: الذي يجري مجرى الرفق فيها. و الْكَيْسُ: ضد العجز، و منه‏
الْخَبَرُ" كُلُّ شَيْ‏ءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَ الْكَيْسُ".
يعني النشاط. و يسمى الغدر عند بعض العرب كَيْسَانٌ، و لعل منه‏
قَوْلَهُمْ ع" مَا زَالَ سِرُّنَا مَكْتُوماً حَتَّى سَارَ فِي وُلِدَ كَيْسَانَ".
أي أهل كَيْسَانَ، يعني أهل الغدر فتحدثوا به. و" الْكَيْسَانِيَّةُ" من قال بإمامة محمد بن الحنفية. و في الصحاح هم صنف من الروافض و هم أصحاب المختار بن عبيد، يقال إن‏

101
مجمع البحرين4

كيس ص 101

لقبه كان كَيْسَانَ و الْكِيسُ بالكسر واحد أَكْيَاسِ الدراهم، و هو ما يخاط من خرق مثل حمل و أحمال، و ما يصنع من أديم و خرق فلا يقال له كِيسٌ بل هو خريطة.
باب ما أوله اللام‏
 (لبس)
قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ‏
 أي لم يخلطوه بظلم أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ [6/ 82]. قال الشيخ علي بن إبراهيم رحمه الله: فمن كان مؤمنا ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها فقد لبس إيمانه بظلم، فلا ينفعه الإيمان حتى يتوب إلى الله تعالى من الظلم الذي لبس إيمانه حتى يخلص الله إيمانه. قوله: وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ‏
 [6/ 9] أي لو جعلنا الرسول ملكا لمثلناه كما مثل جبرئيل في صورة دحية فإن القوة البشرية لا تقوى على رؤية الملك في صورته، و لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم فيقولون ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قوله: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً
 [6/ 65] قال المفسر: أي يخلطكم فرقا مختلفي الأهواء لا تكونون شيعة واحدة، و قيل أن يكلهم إلى أنفسهم فلا يلطف بهم، و قيل عنى به يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه‏
                       

102
مجمع البحرين4

لبس ص 102

بينكم من العداوة. قوله: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ‏
 [2/ 187] أي مسكن لكم، أو من الْمُلَابَسَةِ و هي الاختلاط و الاجتماع، و لما كان الرجل و المرأة يعتنقان و يشتمل كل منهما على صاحبه شبه بِاللِّبَاسِ، فالرجل لِبَاسُ المرأة و المرأة لِبَاسُهُ. قوله: وَ لِباسُ التَّقْوى‏
 [7/ 26] قال المفسر: هو الإيمان، و قيل ستر العورة. و كل شي‏ء يستر فهو لِبَاسٌ، و منه قوله: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً
 [78/ 10] أي سترا يستتر به. قوله: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ‏
 [16/ 112] سمى الله الجوع و الخوف لِبَاساً لأن أثرهما يظهر على الإنسان كما يظهر اللِّبَاسُ، و قيل إنه شملهم الجوع و الخوف كما يشمل اللِّبَاسُ البدن، فكأنه قال: فأذاقهم ما غشيهم من الجوع و الخوف. قوله: وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ‏
 [2/ 42] أي لا تخلطوه به.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعَالِمُ بِزَمَانِهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ اللَّوَابِسُ".
أي لا تدخل عليه الشُّبَهُ. و اللَّبْسُ: الشبه في الأمر. و في الأمر لَبَّسَهُ: أي شبهه. و الْتَبَسَ عليه الأمر: اختلط و اشتبه. و" اللُّبْسُ" بالضم مصدر قولك لَبِسْتُ الثوب من باب تعب لُبْساً بالضم. و اللِّبْسُ بالكسر و اللِّبَاسُ: ما يُلْبَسُ و لَابَسْتُ الأمر: خالطته. و التَّلَبُّسُ كالتدليس و التخليط، شدد للمبالغة.
 (لحس)
اللَّحْسُ باللسان، يقال لَحِسَ القصعة بالكسرة يَلْحَسُهَا من باب تعب لَحْساً كفلس: أخذ ما علق بجوانبها بالإصبع و اللِّسَانُ، و منه لَحَسْتُ الإناء لَحْسَةً. و لَحِسَ الدود الصوف: أكله.
 (لمس)
قوله تعالى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ* [4/ 43] لَمَسْتُمُ النساء و لامَسْتُمُ النِّساءَ*

103
مجمع البحرين4

لمس ص 103

كناية عن الجماع- قاله الجوهري و غيره، و إليه ذهب الإمامية.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الْآيَةِ؟ فَقَالَ: مَا يَعْنِي إِلَّا الْمُوَاقَعَةَ فِي الْفَرْجِ.
و اللَّمْسُ: المَسُّ باليد. و قد لَمَسَهُ يَلْمَسُهُ لَمْساً من بابي قتل و ضرب: أفضى إليه باليد.
وَ قَوْلُهُ ع" مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً".
أي يطلب، و استعار له اللَّمْسُ. و الِالْتِمَاسُ: طلب المساوي من المساوي. و الِالْتِمَاسُ: الطلب مرة بعد أخرى و منه‏
حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع" الْتَمِسْ بِيَدِكَ فَمَا وَجَدْتَ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَادْفَعْهُ إِلَيَّ".
أي اطلب أنت مرة بعد أخرى و لا تول غيرك.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ".
و فسر بأن تقول: إذا لَمَسْتَ المبيع فقد وجب البيع بيننا بكذا، و وجه النهي لزوم الغرر.
 (لهس)
اللَّهْسُ لغة في اللحس.
 (ليس)
لَيْسَ فعل على المشهور، و قيل حرف بمنزلة ما لعدم تصرفها. و اختلف في معناها: فقيل إنها للنفي مطلقا، و قال الزمخشري لا يصح نفيها للمستقبل، و قال جماعة لا يجوز نفيها للماضي و لا للمستقبل الكائنين مع قد، تقول" ليس زيد قد ذهب" و لا قد يذهب، و ذهب أبو علي إلى أنها لنفي الحال في الجملة التي لا تقيد بزمان، و أما المقيدة فإنه لنفي ما دل عليه التقييد- كذا قدره العلامة الحلي. و قال الجوهري: أصله ليس بالكسر فسكنت استثقالا و لم تقلب ألفا لأنها لا تتصرف من حيث استعملت بلفظ الماضي للحال. قال: و الذي يدل على أنها فعل و إن لم تتصرف قولهم لَسْتَ و لَسْتُمَا و لَسْتُمْ، و جعلت من عوامل الأفعال نحو كان و أخواتها التي ترفع الأسماء و تنصب الأخبار إلا أن الباء تدخل في خبرها

104
مجمع البحرين4

ليس ص 104

دون أخواتها تقول زيد لَيْسَ بمنطلق، فالباء لتعدية الفعل و تأكيد النفي، و كذلك أن لا تدخلها لأن المؤكد يستغنى عنه، و لا يجوز تقديم خبرها عليها كما جاز في أخواتها.
باب ما أوله الميم‏
 (مجس)
" الْمَجُوسُ" كصبور: أمة من الناس كاليهود. و تَمَجَّسَ: صار مَجُوسِيّاً و دخل في دين الْمَجُوسِ.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ قَدْ سُئِلَ لِمَ تُسَمَّى الْمَجُوسُ مَجُوساً؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ تَمَجَّسُوا فِي السُّرْيَانِيَّةِ وَ ادَّعَوْا عَلَى آدَمَ وَ عَلَى شِيثٍ هِبَةِ اللَّهِ أَنَّهُمَا أَطْلَقَا نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَ الْأَخَوَاتِ وَ الْبَنَاتِ وَ الْخَالاتِ وَ الْعَمَّاتِ وَ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَ لَمْ يَجْعَلُوا لِصَلَوَاتِهِمْ وَقْتاً، وَ إِنَّمَا هُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَ كِذْبٌ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى آدَمَ وَ شِيثٍ.
و في الصحاح الْمَجُوسِيَّةُ نحلة، و الْمَجُوسِيُّ منسوب إليها، و الجمع الْمَجُوسُ. و قد تقدم في" هود" ما ينفع هنا.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْمَجُوسُ" كَانَ لَهُمْ نَبِيٌّ فَقَتَلُوهُ وَ كِتَابٌ فَحَرَّقُوهُ أَتَاهُمْ نَبِيُّهُمْ بِكِتَابِهِمْ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ جِلْدِ ثَوْرٍ".
و
فِيهِ" الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ".
و لعل ذلك لأنهم أحدثوا في الإسلام مذهبا يضاهي مذهب الْمَجُوسِ من وجه ما و إن لم يشابهه من كل وجه، و ذلك أن الْمَجُوسَ يضيفون الكوائن في دعواهم الباطلة إلى إلهين اثنين يسمون أحدهما يزدان و الآخر أهرمن، و يزعمون أن يزدان يأتي منه الخير و السرور و أهرمن يأتي منه الفتنة و الغم و الشرور، و يقولون ذلك في الأحداث و الأعيان، و يضاهي مذهب القدرية قولهم الباطل في إضافة

105
مجمع البحرين4

مجس ص 105

الخير إلى الله و الشر إلى غيره، غير أن القدرية يقولون ذلك في الأحداث دون الأعيان، فالأمران معا مضافان إلى الله تعالى خلقا و إيجادا و إلى العباد فعلا و اكتسابا.
 (مرس)
فِي الْحَدِيثِ" وَ هَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً".
الْمِرَاسُ: الْمُمَارَسَةُ و المعالجة. و رجل مَرِسٌ: شديد العلاج. و مَارَسَهُ: زاوله و عالجه. و مَرَسَتْ التمر و غيره في الماء من باب قتل: دلكته بالماء حتى تتحلل أجزاؤه. و أَمْرِسُهُ: أدلكه و أذابه. و تَمَارَسُوا: تضاربوا. و مَرَسْتُ يدي بالمنديل: مسحت. و الْمَرْمَرِيسُ: الداهية، يقال داهية مَرْمَرِيسٌ أي شديدة.
 (مسس)
قوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ‏
 [56/ 79] قيل الضمير يعود إلى الكتاب أي لا يَمَسُّ الكتاب إلا الملائكة المطهرون من الذنوب،
وَ قِيلَ الْمُصْحَفُ الَّذِي بِيَدِ النَّاسِ، أَيْ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ‏
 مِنَ الْأَحْدَاثِ وَ الْأَخْبَاثِ، وَ هُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ
قوله: يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ
 [2/ 275] قال بعض الأعلام: الْمَسُّ هو الذي ينال الإنسان من الجنون، و هو من فعل الله تعالى بما يحدثه من غلبة السوداء و البلغم فيصرعه، فنسبه الله تعالى إلى الشيطان و ذلك بتمكين الله تعالى من ذلك، و المعنى أن الذين يأكلون الربا يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين يعرفون بتلك السيماء عند أهل المحشر. قوله: لا مِساسَ‏
 [20/ 97] أي لا مُمَاسَّةَ و لا مخالطة، أو لا أَمَسُّ و لا أُمَسُّ،
عُوقِبَ السَّامِرِيُّ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ مُنِعَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ مَنْعاً كُلِّيّاً وَ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مُكَالَمَتُهُ وَ مُتَابَعَتُهُ وَ مُجَالَسَتُهُ وَ مُؤَاكَلَتُهُ، فَإِذَا اتَّفَقَ أَنْ يُمَاسَّ أَحَداً رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً حُمَّ الْمَاسُّ وَ الْمَمْسُوسُ، فَكَانَ يَهِيم‏

106
مجمع البحرين4

مسس ص 106

فِي الْبَرِيَّةِ مَعَ الْوَحْشِ، وَ إِذَا لَقِيَ أَحَداً قَالَ" لا مِساسَ" أَيْ لَا تَقْرَبْنِي وَ لَا تَمَسَّنِي، وَ قِيلَ ذَلِكَ بَقِيَ فِي وُلْدِهِ إِلَى الْيَوْمِ إِنْ مَسَّ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ وَاحِداً مِنْهُمْ حُمَّ كِلَاهُمَا فِي الْوَقْتِ.
قوله: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ
 [54/ 48] أي أول ما ينالكم منها. كقولهم" وجد مَسَّ الحمى، و ذاق طعم الضرب، و وجد مَسَّ الجوع" لأن النار إذا أصابتهم بحرها و شدتها فكأنها مَسَّتْهُم مَسَّاً كما يَمَسُّ الحيوان ما يؤذي و يؤلم. قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا*
 [58/ 3] هو كناية عن الجماع، يقال مَسَّ الرجل مرأته من باب تعب مَسّاً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلَّا وَ يَمَسَّهُ الشَّيْطَانُ".
أي يصيبه بما يؤذيه و ذلك أن الشيطان يتعرض المولود بما لا عهد له به من الإلمام، فتشمئز عنه نفسه و يضيق بإلمامه صدره و تلقى المكروه طبيعته، فيصيح صيحة من يجد الماء و ينتابه أذى.
وَ فِيهِ" مَنْ مَشَى فِي خُفٍّ وَاحِدٍ أَصَابَهُ مَسٌّ مِنَ الشَّيْطَانِ".
أي أذى منه. و الْمَسُّ: اللَّمْس باليد. و مَسِسْتُهُ من باب تعب، و في لغة من باب قتل: أفضيت إليه بيدي من غير حائل- هكذا قيدوه. و يقال مَسِسْتُهُ: إذا لاقيته بأحد جوارحك و مَسَّ الماء الجسد: أصابه، و يتعدى إلى اثنين بالهمزة و الحرف. و الْمَسِيسُ ككريم: الْمَسُّ. و حاجة مَاسَّةٌ: أي مهمة. و مِسْتُ الحاجة إلى كذا: ألجأت إليه. و هان عليه الْمَسِيسُ: أي مُمَاسَّةُ الأشياء و مزاولتها و التصرف فيها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ".
يجوز فتح سينه و كسرها و فك الإدغام و ياؤه مفتوحة.
وَ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ وَ قَدْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَغْتَسِلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَنْ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ؟ قَالَ: لَا إِنَّمَا مَسَّ الثِّيَابَ.
                       

107
مجمع البحرين4

مسس ص 106

قال بعض الشارحين: التعليل بقوله" إنما مس الثياب" لا يخلو من غموض، لأن مس الميت بعد الغسل لا يوجب الغسل، و التعليل بَمَسِّ الثياب يقتضي أنه لو مَسَّ بدن الميت وجب الغسل و هو خلاف المعروف، و احتمال كون المدخل في القبر غير مغسل في غاية البعد- انتهى. و الذي يخطر بالبال أن المستفاد من هذا التعليل استحباب الغسل لماس الميت بعد تغسيله، و يؤيد هذا
مُوَثَّقَةُ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يَغْتَسِلُ الَّذِي غَسَّلَ الْمَيِّتَ، وَ كُلُّ مَنْ مَسَّ مَيِّتاً فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ غُسِلَ.
و كلمة" فعليه" و إن كانت ظاهرة في الوجوب لكن معارضة الإجماع توجب صرفها إلى الندب كما في كثير من نظائرها.
وَ فِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ" وَ لَا تُمِسُّوهُ طِيباً".
بضم فوقية و كسر ميم.
 (معس)
الْمَعْسُ: الدلك، يقال مَعَسَهُ كمنعه دلكه دلكا شديدا. و مَعَسَهُ: طعنه.
 (مكس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُمَاكِسْ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ".
الْمُمَاكَسَةُ في البيع انتقاص الثمن و استحطاطه، يقال مَاكَسَهُ يُمَاكِسُهُ مِكَاساً و مُمَاكَسَةً، و مَكَسَ في البيع من باب ضرب مَكْساً. و الْمَاكِسُ: العشار، و منه‏
الْخَبَرُ" لَا يَدْخُلُ صَاحِبُ مَكْسٍ الْجَنَّةَ".
 (ملس)
الْمَلَاسَةُ: ضد الخشونة. و شي‏ء أَمْلَسُ: لا خشونة فيه. و مَلِسَ الشي‏ء من باب تعب و قرب: إذا لم يكن له شي‏ء يستمسك.
وَ فِي حَدِيثِ الْأَحْذِيَةِ" لَا تَتَّخِذُوا الْمَلْسَ فَإِنَّهُ حِذَاءُ فِرْعَوْنَ".
لعل‏

108
مجمع البحرين4

ملس ص 108

المراد غير المحضرة. و الله أعلم.
 (موس)
فِي حَدِيثٍ طِينَةُ خَبَالٍ صَدِيدٌ يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ الْفَاجِرَةِ.
و تجمع على مِيَاسٍ أيضا. و أصحاب الحديث يقولون" مَيَامِيسُ"، قيل و لا يصح إلا على إشباع الكسرة لتصير ياء كطفل و مطافيل. و قد اختلف في أصل هذه اللفظة: فبعضهم يجعله من الهمزة، و بعضهم يجعله من الواو، و كل منهما تكلف له في الاشتقاق- قال في النهاية.
 (ميس)
الْمَيْسُ: التبختر، يقال مَاسَ يَمِيسُ مَيْساً و مَيَسَاناً.
باب ما أوله النون‏
 (نجس)
قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ‏
 [9/ 28] حصر أوصاف المشركين في النَّجَسِ، و النَّجَسُ مصدر في الأصل، تقول نَجِسَ بكسر العين و يَنْجَسُ بفتحها نَجَساً بفتحتين فهو نَجِسٌ بفتح العين و كسرها، و إذا استعمل مع الرجس كسر أوله، يقال رجس نِجْسٌ بكسر أولهما و سكون الجيم قال الفراء: و قرئ به شاذا. و في الآية دلالة على أن المشركين أَنْجَاسٌ نَجَاسَةً عينية لا حكمية، و هو مذهب أصحابنا، و به قال ابن عباس.
قَالَ: إِنَّ أَعْيَانَهُمْ نَجِسَةٍ كَاْلِكَلابِ وَ الْخَنَازِيرِ.
و روايات أهل البيت و إجماعهم على نَجَاسَتِهِمْ مشهور، و خالف في ذلك باقي الفقهاء و قالوا معنى كونهم نَجَساً أنهم لا يغتسلون من الجنابة و لا يجتنبون النَّجَاسَاتِ، أو كناية عن خبث اعتقادهم. و قال بعض المحققين: وقوع المصدر خبرا عن ذي جثة يمكن أن يكون بتقدير مضاف، و المراد ذو نَجَسٍ، أو بتأويل المشتق، أو هو باق على المصدرية من غير إضمار و لا تأويل طلبا للمبالغة، فكأنهم‏

109
مجمع البحرين4

نجس ص 109

تجسموا بِالنَّجَاسَةِ، فالكلام مجاز عقلي. قال: و هذا الوجه أولى من الوجهين الأولين كما صرح به محققو علماء المعاني في قول الخنساء:
فإنما هي إقبال و إدبار


وَ فِي الْحَدِيثِ" أَلْقُوا الشَّعْرَ عَنْكُمْ فَإِنَّهُ نَجِسٌ".
أي قذر، و ذلك أنه وجد هناك و نَجِسَ الشي‏ء يَنْجَسُ من باب تعب: إذا كان قذرا غير نظيف، و الاسم النَّجَاسَةُ و الظاهر فتح النون فيه، فإن العرب تبني الشي‏ء على ضده، و هي في عرف الشرع قذر مخصوص يمنع جنسه الصلاة كالبول و الدم و نحوهما. و نَجِسَ يَنْجَسُ من باب قتل لغة. و ثوب نَجِسٌ بالكسر: اسم فاعل، و بالفتح وصف بالمصدر. و قوم أَنْجَاسٌ، و تَنَجَّسَ الشي‏ء و نَجَّسْتُهُ‏
 (نحس)
قوله تعالى: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ
 [54/ 19] النَّحْسُ ضد السعد. و قوله نَحْسٍ بالجر على الصفة و الإضافة أكثر و أجود، أي استمر عليهم بِنُحُوسَتِهِ أي بشؤمه. قوله: أَيَّامٍ نَحِساتٍ‏
 [41/ 16] أي مشومات. قوله: مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ
 [55/ 35] النُّحَاسُ بالضم و الفتح دخان لا لهب فيه، و قيل الصفر المذاب يصب فوق رءوسهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى أَنْ يُتَخَتَّمُ بِنُحَاسٍ".
النُّحَاسُ بالضم معروف، و يقال أصله فضة إلا أن الأرض أفسدته. و النِّحَاسُ بالكسر: الأصل، و منه" فلان كريم النِّحَاسِ" أي الأصل. و أعمى نَحْسٌ: أي ناقص.
 (نخس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُسَلِّمْ ابْنَكَ نَخَّاساً فَإِنَّهُ أَتَانِي جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ شَرَّ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَبِيعُونَ النَّاسَ".
النَّخَّاسُ بالتشديد: هو دلال الدواب و الرقيق. و منه" أبو الأغر النَّخَّاسُ" من رواة

110
مجمع البحرين4

نخس ص 110

الحديث، لمعالجته الدواب. و نَخَسَ الدابةَ كنصر و جعل: غرز مؤخرها بعود و نحوه، و منه النَّاخِسَةُ و الْمَنْخُوسَةُ.
 (نسس)
فِي الْحَدِيثِ" النَّسْنَاسُ هُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ" وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جَمَاعَةِ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ:" إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ".
و النَّسْنَاسُ و يكسر جنس من الخلق يثب أحدهم على رجلٍ واحدةٍ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ حَيّاً مِنْ عَادٍ عَصَوْا رَسُولَهُمْ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ نَسْنَاساً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَدٌ وَ رِجْلٌ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ، يَنْقُرُونَ كَمَا يَنْقُرُ الطَّائِرُ وَ يَرْعَوْنَ كَمَا تَرْعَى الْبَهَائِمُ" وَ قِيلَ أُولَئِكَ انْقَرَضُوا.
و
قِيلَ النَّسْنَاسُ هُمْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ.
و
قِيلَ هُمْ عَلَى صُوَرِ النَّاسِ أَشْبَهُوهُمْ فِي شَيْ‏ءٍ وَ خَالَفُوهُمْ فِي شَيْ‏ءٍ، وَ لَيْسُوا مِنْ بَنِي آدَمَ.
و النَّسْاسَةُ بالنون و سينين مهملتين، و قيل النَّاسَّةُ بسين واحدة من أسماء مكة شرفها الله تعالى، سميت بذلك لقلة مائها إذ ذاك، أو لأن من بغى بها ساقته أي أخرج عنها- قاله في القاموس.
 (نطس)
التَّنَطٌسُ: المبالغة في التطهير. و كل من أدق النظر في الأمور و استقصى علمها فهو مُتَنَطِّسٌ.
 (نعس)
قوله تعالى: ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً
 [3/ 154] نُعاساً أبدل من أَمَنَةً أو هو مفعول له، لأن النُّعَاسَ سبب حصول الأمن. و النُّعَاسُ بالضم: الوسن و أول النوم و هي ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ تغطي العين و لا تصل إلى القلب، فإذا وصلت إليه كان نوما. و قد نَعَسْتُ بالفتح أَنْعُسُ نُعَاساً، و نَعَسَ يَنْعُسُ من باب قتل. و رجل نَاعِسٌ: أي وَسْنَان.

111
مجمع البحرين4

نفس ص 112

 (نفس)
قوله تعالى: وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏
 [79/ 40] أي النفس الأمارة بالسوء عن الهوى المردي، و هو اتباع الشهوات و ضبطها بالصبر. قوله: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ‏
 [5/ 116] أي تعلم جميع ما أعلم من حقيقة أمري و لا أعلم حقيقة أمرك إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ* فَالنَّفْسُ عبارة عن جملة الشي‏ء و حقيقته، و قيل تعلم سرى و لا أعلم سرك، و قيل تعلم مني ما كان في دار الدنيا و لا أعلم ما يكون منك في دار الآخرة. قوله: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي‏
 [89/ 27]
عَنِ الصَّادِقِ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ" قَالَ: فَيُنَادِي رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَيَقُولُ: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
 إِلَى مُحَمَّدٍ ص وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً بِالْوَلَايَةِ مَرْضِيَّةً بِالثَّوَابِ، فَادْخُلِي فِي عِبادِي يَعْنِي مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ ع وَ ادْخُلِي جَنَّتِي، فَمَا شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلَالِ رُوحِهِ وَ اللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي".
قوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏
 [4/ 29] قال الشيخ أبو علي: فيه أقوال:" أحدها"- أن معناه لا يقتل بعضكم بعضا لأنكم أهل دين واحد و أنتم كَنَفْسٍ واحدة. كقوله فَسَلِّمُوا عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ‏
. و" ثانيها"- أنه نهى الإنسان عن قتل نَفْسِهِ في حال غضب أو ضجر. و" ثالثها"- أن معناه وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏
 بأن تهلكوها بارتكاب الآثام و العدوان و غير ذلك من المعاصي التي تستحقون بها العذاب. و" رابعها"- لا تخاطروا بنفوسكم في القتال فتقاتلوا من لا تطيقونه. قوله: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاس‏

112
مجمع البحرين4

نفس ص 112

جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [5/ 32] هو على أقوال:" أحدها"- هو أن الناس كلهم خصماؤه في قتل ذلك الإنسان، و قد وترهم وتر من قصد لقتلهم جميعها و أوصل إليهم من المكروه ما أشبه به القتل الذي أوصل إلى المقتول، فكأنه قتلهم كلهم، و من استنقذها من غرق أو حرق أو هدم أو استنقذها من ضلال، فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً أي أجره على الله أجر من أحياهم أجمعين، كأنه في إسدائه المعروف إليهم بإحيائه أخاهم المؤمن بمنزلة من أحيا كل واحد منهم. قال الشيخ أبو علي: و هذا المعنى مروي عن أبي عبد الله ع. ثم قال: و أفضل ذلك أن يخرجها من ضلال إلى هدى. و" ثانيها"- أن من قتل نبيا أو إمام عدل فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، ثم يعذب عليه كما لو قتل الناس كلهم، و من شد على عضد نبي أو إمام عدل فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً في استحقاق الثواب. و" ثالثها"- من قتل نفسا بغير حق فعليه مأثم كل قاتل من الناس، لأنه سن القتل و سهله لغيره فكان بمنزلة المشارك فيه، و من زجر عن قتلها بما فيه حياتها على وجه يقتدى به فيه- بأن يعظم تحريم قتلها كما حرمه الله تعالى و لم يقدم على قتلها لذلك- فقد أحيا الناس جميعا بسلامتهم منه، فذلك إحياؤه إياها. قوله: رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ‏
 [3/ 164] أي من جنسهم عربيا مثلهم، و قيل من ولد إسماعيل كما أنهم كانوا من ولده. و وجه المنة عليهم في ذلك أنه إذا كان منهم كان اللسان واحدا فيسهل عليهم أخذ ما يجب أخذه عنه و في كونه من أنفسهم شرف لهم، كقوله وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ.
قَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَ فِي قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قِرَاءَةِ فَاطِمَةَ ع مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
أي من‏

113
مجمع البحرين4

نفس ص 112

أشرافهم، لأن عدنان ذروة ولد اسماعيل، و مضر ذروة نزار بن معد بن عدنان، و خندف ذروة مضر، و مدركة ذروة خندف، و قريش ذروة مدركة، و ذروة قريش محمد ص. قوله: فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏
 [2/ 54] أي ليقتل بعضكم بعضا، أمر من لم يعبد العجل أن يقتل من عبده. قوله تعالى: وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ‏
 [81/ 18] مر في صبح.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ نَفْسٌ".
أي دم سائل، و ما لا نَفْسَ له كالذباب و نحوه فلا بأس فيه و النَّفْسُ جاءت لمعان: الدم كما يقال سالت نَفْسُهُ أي دمه، و الروح كما يقال خرجت نَفْسُهُ، و الجسد و عليه قول الشاعر:
نبئت أن بني سحيم أدخلوا             أبياتهم تامور نَفْسِ المنذر

و التامور: الدم- قاله في الصحاح، و العين يقال أصابت فلان نفس أي عين. و نَفْسُ الشي‏ء عينه يؤكد به. و فلان يؤامر نَفْسَهُ: إذا تردد في الأمر و اتجه له رأيان و داعيان لا يدري على أيهما يعرج. و النَّفْسُ أنثى إن أريد بها الروح، قال تعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ*
 [4/ 1] و إن أريد الشخص فمذكر، و جمعها أَنْفُسٌ و نُفُوسٌ مثل فلس و أفلس و فلوس، و هي مشتقة من التَّنَفُسٌ لحصولها بطريق النفخ في البدن. و لها خمس مراتب باعتبار صفاتها المذكورة في الذكر الحكيم:" الأولى"- الأمارة بالسوء، و هي التي تمشي على وجهها تابعة لهواها." الثانية"- اللوامة، و قد أشير إليها بقوله: وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
 [75/ 2] و هي التي لا تزال تلوم نَفْسَهَا و إن اجتهدت في الإحسان، و تلوم على تقصيرها في التعدي في الدنيا و الآخرة." الثالثة"- المطمئنة، و هي النَّفْسُ الآمنة التي لا يستفزها خوف و لا حزن،

114
مجمع البحرين4

نفس ص 112

أو المطمئنة إلى الحق التي سكنها روح العلم و ثلج اليقين، فلا يخالجها شك" الرابعة"- الراضية، و هي التي رضيت بما أوتيت" الخامسة" المرضية، و هي التي رضي عنها و بعضهم يذكر لها مرتبة أخرى: و هي الملهمة بكسر الهاء على المشهور، و الظاهر فتحها لكونها مأخوذة من قوله تعالى: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها و الملهم الله أو الملك. و في تجرد النَّفْسِ و كيفية تعلقها بالبدن و تصرفها فيه أبحاث مشهورة مذكورة مقررة في محالها.
وَ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ ع" مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ".
أقوال:" منها"- أنه كما لا يمكن التوصل إلى معرفة النفس لا يمكن التوصل إلى معرفة الرب.
وَ فِي حَدِيثِ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَأَلْتُ مَوْلَانَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ تُعَرِّفَنِي نَفْسِي؟ قَالَ: قَالَ: يَا كُمَيْلُ أَيَّ نَفْسٍ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: يَا مَوْلَايَ هَلْ هِيَ إِلَّا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: يَا كُمَيْلُ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ: النَّامِيَةُ النَّبَاتِيَّةُ وَ الْحِسِّيَّةُ الْحَيَوَانِيَّةُ، وَ النَّاطِقَةُ الْقُدْسِيَّةُ، وَ الْكَلِمَةُ الْإِلَهِيَّةُ. وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ خَمْسُ قُوًى وَ خَاصَّتَانِ: فَالنَّامِيَةُ النَّبَاتِيَّةُ لَهَا خَمْسُ قُوًى: مَاسِكَةٌ، وَ جَاذِبَةٌ، وَ هَاضِمَةٌ، وَ دَافِعَةٌ، وَ مُرَبِّيَةٌ. وَ لَهَا خَاصَّتَانِ الزِّيَادَةُ، وَ النُّقْصَانُ. وَ انْبِعَاثُهَا مِنَ الْكَبِدِ وَ هِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ الْحَيَوَانِ. وَ الْحَيَوَانِيَّةُ الْحِسِّيَّةُ، وَ لَهَا خَمْسُ قُوًى: سَمْعٌ، وَ بَصَرٌ، وَ شَمٌّ، وَ ذَوْقٌ، وَ لَمِّسٌ. وَ لَهَا خَاصَّتَانِ: الرِّضَا، وَ الْغَضَبُ. وَ انْبِعَاثُهَا مِنَ الْقَلْبِ، وَ هِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ السِّبَاعِ. وَ النَّاطِقَةُ الْقُدْسِيَّةُ، وَ لَهَا خَمْسُ قُوًى: فِكْرٌ، وَ ذِكْرٌ، وَ عِلْمٌ، وَ حِلْمٌ، وَ نَبَاهَةٌ. وَ لَيْسَ لَهَا انْبِعَاثٌ، وَ هِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ الْمَلَائِكَةِ، وَ لَهَا خَاصَّتَانِ: النَّزَاهَةُ، وَ الْحِكْمَةُ. وَ الْكَلِمَةُ الْإِلَهِيَّةُ، وَ لَهَا خَمْسُ قُوًى: بَقَاءٌ فِي فَنَاءٍ، وَ نَعِيْمٌ فِي شَقَاءٍ، وَ عِزٌّ فِي ذُلٍّ، وَ فَقْرٌ فِي غِنًى، وَ صَبْر

115
مجمع البحرين4

نفس ص 112

فِي بَلَاءٍ. وَ لَهَا خَاصَّتَانِ: الْحِلْمُ، وَ الْكَرَمُ. وَ هَذِهِ الَّتِي مَبْدَؤُهَا مِنَ اللَّهِ وَ إِلَيْهِ تَعُودُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَ أَمَّا عَوْدُهَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً
 وَ الْعَقْلُ وَسَطُ الْكُلَّ لِكَيْلَا يَقُولَ أَحَدُكُمْ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ إِلَّا لِقِيَاسٍ مَعْقُولٍ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ".
و قد مر البحث عنه، و نذكر مزيد بحث و هو أن النَّفْسَ الإنسانية- على ما حققه بعض المتبحرين- واقعة بين القوة الشهوانية و القوة العاقلة فبالأولى يحرص على تناول اللذات البدنية البهيمية كالغذاء و السفاد و التغالب و سائر اللذات العاجلة الفانية، و بالأخرى يحرص على تناول العلوم الحقيقية و الخصال الحميدة المؤدية إلى السعادة الباقية أبد الآبدين، و إلى هاتين القوتين أشار تعالى بقوله وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ و قوله تعالى إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً فإن جعلت أيها الإنسان الشهوة منقادة للعقل فقد فزت فوزا عظيما و اهتديت صراطا مستقيما، و إن سلطت الشهوة على العقل و جعلته منقادا لها ساعيا في استنباط الحيل المؤدية إلى مراداتها هلكت يقينا و خسرت خسرانا مبينا. و اعلم أن النَّفْسَ إذا تابعت القوة الشهوية سميت" بهيمية"، و إذا تابعت الغضبية سميت" سبعية"، و إن جعلت رذائل الأخلاق لها ملكة سميت" شيطانية" و سمى الله تعالى هذه الجملة في التنزيل" نَفْساً أمارة بالسوء" إن كانت رذائلها ثابتة، و إن لم تكن ثابتة بل تكون مائلة إلى الشر تارة و إلى الخير أخرى و تندم على الشر و تلوم عليه سماها" لوامة"، و إن كانت منقادة للعقل العملي سماها" مطمئنة"، و المعين على هذه المتابعات قطع العلائق البدنية كما قال بعضهم:
إذا شئت أن تحيا فمت عن علائق             من الحس خمس ثم عن مدركاتها

116
مجمع البحرين4

نفس ص 112

و قابل بعين النَّفْسِ مرآة عقلها             فتلك حياة النَّفْسِ بعد مماتها

وَ فِي حَدِيثِ السَّفَرِ" وَ ابْدَأْ بِعَلَفِ دَابَّتِكَ فَإِنَّهَا نَفْسُكَ".
بإسكان الفاء أي كَنَفْسِكَ، فكما تحتفظ على نَفْسِكَ احتفظ عليها، و يرويها بعض من يدعي الفضيلة
فِي الْحَدِيثِ" فَإِنَّهَا نَفَسُكَ".
بالتحريك من النَّفَسِ بفتحتين، يعني الفرح و العيش و السعة و الروح و الراحة كما في" اللَّهُمَّ نَفِّسْ كُرْبَتِي" و هو كما ترى. و النَّفَسُ بالتحريك واحد الْأَنْفَاسِ، و منه‏
الْحَدِيثُ" يُجْزِي بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ نَفَسٌ".
و الجمع أَنْفَاسٌ كسبب و أسباب و النَّفَسُ أيضا: الْجُرعة من الماء، يقال اكرع من الماء نَفَساً أو نَفَسَيْنِ أي جرعة أو جرعتين" و أنت في نَفَسٍ من أمرك" أي في سعة منه.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ".
أي تفرج الكرب و تنشي‏ء السحاب و تنشر الغيب و تذهب الحزن.
وَ فِيهِ" بُعِثْتُ أَنَا مِنْ نَفَسِ السَّاعَةِ".
أي حين قيامها و قربها، إلا أنها أخرت قليلا قليلا فأطلق النَّفَسُ على القرب.
وَ فِيهِ" نَهَى عَنِ الشُّرْبِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ".
و حمل على الكراهة لأنه يكابس الماء في موارد حلقه فتثقل معدته.
وَ رُوِيَ" أَنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ" وَ" أَنَّهُ شُرْبُ الشَّيْطَانِ".
و النَّفْسُ الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ع،
وَ قَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الصَّادِقُ ع حِينَ أُمِرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ فَقَالَ:" وَ كَأَنِّي بِكَ وَ قَدْ حَمَلَ عَلَيْكَ فَارِسٌ مُعَلَّمٌ فِي يَدِهِ طِرَادَةٌ فَطَعَنَكَ الْفَارِسُ الْمُعَلَّمِ الَّذِي لَهُ عَلَامَةُ الشُّجْعَانِ".
و
قَالَ فِيهِ أَيْضاً:" سَمِعْتُ عَمَّكَ وَ هُوَ خَالُكَ يَذْكُرُ أَنَّكَ وَ بَنِي أَبِيكَ سَتُقْتَلُونَ".
و إنما كان عمه و خاله لأن بنت الحسين ع أم عبد الله بن الحسن. و النَّفْسُ الزكية يطلق على شخص‏

117
مجمع البحرين4

نفس ص 112

يخرج قريبا من خروج القائم كما نبه عليه ابن بابويه في كتاب كمال الدين و تمام النعمة، حيث‏
قَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ ع بِخَمْسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً.
و تَنَفَّسْتُ عنه تَنْفِيساً: أي رفهت، يقال نَفَّسَ الله عنه كربته أي فرجها، و الأصل في التَّنَفُّسِ التفريج، كأنه مأخوذ من قولهم" أنت في نَفَسٍ من أمرك" أي في سعة، و الذي يفرج عنه كأنه في سعة من أمره بحذف الكروب عنه.
وَ مِنْهُ" أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ إِشْبَاعُ جَوْعَةِ الْمُؤْمِنِ وَ تَنْفِيسُ كُرْبَتِهِ".
و
مِنْهُ" مَنْ أَعَانَ مُؤْمِناً نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلَاثاً وَ سَبْعِينَ كُرْبَةً".
و
قَوْلُهُ" نَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلُهُ".
أي وسعوا له. و التَّنَفُّسُ: ذهاب الهم و الغم. و تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ مر القول فيه. و شي‏ء نَفِيسٌ: يُتَنَافَسُ فيه و يرغب. و هذا شي‏ء نَفِيسٌ: أي جيد في نوعه، و منه" جارية نَفِيسَةٌ". و نَفُسَ الشي‏ء بالضم نَفَاسَةً: أي صار مرغوبا فيه. و نَافَسْتُ في الشي‏ء مُنَافَسَةً و نِفَاساً: إذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم. و مثله التَّنَافُسُ في الشي‏ء، و منه" تَنَافَسُوا في الشي‏ء" و منه" تَنَافَسُوا في زيارة الحسين ع". و النِّفَاسُ بالكسر: ولادة المرأة إذا وضعت فهي نُفَسَاءُ، و قد نَفِسَتِ المرأة كفرح و الولد مَنْفُوسٌ. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْمَنْفُوسُ لَا يَرِثُ شَيْئاً حَتَّى يَصِيحَ".
و جمع النُّفَسَاءِ نِفَاسٌ. قال الجوهري: ليس في كلام العرب فعلاء يجمع على فعال غير نُفَسَاءَ و عُشَرَاءَ، و يجمع أيضا على نَفْسَاوَاتٍ و عشراوات. و نُفِسَتِ المرأة بالبناء للمفعول، و هو من النَّفْسِ، و هو الدم. و النَّفِيسُ: المال الكثير. و النَّافِسُ: أحد القداح العشرة من قداح الميسر- قاله في الحديث.

118
مجمع البحرين4

نقس ص 119

 (نقس)
النَّاقُوسُ: الذي يضرب به النصارى لأوقات الصلاة، و هو خشبتان طويلة و قصيرة يضعهما بين أصابعه لهما صوت حسن.
 (نقرس)
النِّقْرِسُ: ورم و وجع في مفاصل القدمين و أصابع الرجلين، و من خاصته أنه لا يجمع مدة و لا ينضح لأنه في عضو غير لحم.
 (نكس)
قوله تعالى: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ‏
 [36/ 68] أي نقلبه في الخلق، فنخلقه على عكس ما خلقناه قبل إذ كان يتزايد في القوة و العقل و العلم إلى أن استكمل قوته و بلغ أشده، و إذا انتهى نَكَّسْنَاهُ في الخلق فجعلناه يتناقص حتى يرجع في حالة شبيهة بحال الصبي في ضعف الجسد و قلة العقل و العلم، كما قال تعالى يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً. يقال: نَكَسْتُ الشي‏ء أَنْكُسُهُ نَكْساً من باب قتل: قلبته على رأسه فَانْتَكَسَ و نَكَّسْتُهُ تَنْكِيساً، و قد مر مزيد بحث في الآية في عمر. قوله: نُكِسُوا عَلى‏ رُؤُسِهِمْ‏
 [21/ 65] أي ثبتت الحجة عليهم. و النَّاكِسُ: المطأطى‏ء رأسه. و الْمَنْكُوسُ: المقلوب.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع" لَا يُحِبُّنَا ذُو رَحِمٍ مَنْكُوسَةٍ".
قيل هو المأبون لانقلاب شهوته إلى دبره. و النَّكْسُ بالضم: عود المرض بعد النقه. و قد نَكَسَ الرجل نَكْساً و تَعْساً و نُكْساً، و قد يفتح هنا للازدواج- قاله الجوهري لأنه لغة.
 (نمس)
فِي الْحَدِيثِ" يَا فُلَانُ هَاتِ النَّامُوسَ فَجَاءَ بِصَحِيفَةٍ كَبِيرَةٍ يَحْمِلُهَا، فَنَشَرَهَا".
- الحديث. و يستفاد منه أن النَّامُوسَ هنا صحيفة فيها ديوان الشيعة، و فيها أسماؤهم و أسماء آبائهم.

119
مجمع البحرين4

نمس ص 119

و
فِيهِ" أَنَّ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ قَالَ لِخَدِيجَةَ وَ هُوَ ابْنُ عَمِّهَا وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً: لَئِنْ كَانَ مَا تَقُولِينَ حَقّاً إِنَّهُ لَيَأْتِيهِ النَّامُوسُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى ع".
يعني به جبرئيل ع.
وَ فِي حَدِيثِ الْيَهُودِيِّ مَعَ عَلِيٍّ ع" أَشْهَدُ أَنَّكَ نَامُوسُ مُوسَى".
أي صاحب سره. قال بعض الشارحين: الناموس صاحب سر الملك، و يقال النَّامُوسُ صاحب سر الخير و الجاسوس صاحب سر الشر. و ناموس الرجل: صاحب سره الذي يطلعه على باطن أمره و يخصه بما يستره عن غيره. قال الجوهري: و أهل الكتاب يسمون جبرئيل ع النَّامُوسَ.
 (نوس)
قوله تعالى: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ*
 [2/ 8] قيل في معناه: أي بعض الناس يقول آمنا على أن يكون الجار و المجرور مبتدأ و الموصول خبر، و لو عكس لانتفت الفائدة. و" النَّاسُ" قد يكون من الجن و الإنس. قال الجوهري: أصله أُنَاسٌ فخفف و لم يجعلوا الألف و اللام فيه عوضا من الهمزة المحذوفة، لأنه لو كان كذلك لما اجتمع مع المعوض منه في قوله:
إن المنايا يطلعن             على الْأُنَاسِ الآمنينا

وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ النَّوَاوِيسَ شَكَتْ إِلَى اللَّهِ شِدَّةَ حَرِّهَا، فَقَالَ لَهَا تَعَالَى: اسْكُنِي فَإِنَّ مَوَاضِعَ الْقُضَاةِ أَشَدُّ حَرّاً مِنْكِ".
النَّوَاوِيسُ موضع في جهنم و في المغرب إن النَّاوُوسَ على فاعول مقبرة النصارى. و" النَّاوُوسِيَّةُ" من وقف على جعفر بن محمد الصادق أتباع رجل يقال له نَاوُوسٌ و قيل نسبوا إلى قرية نَاوُوسَاءَ.

120
مجمع البحرين4

نوس ص 120

قالت: إن الصادق ع حي لم يمت و لن يموت حتى يظهر و يظهر أمره، و هو القائم المهدي. و حكى أبو حامد الزوزني أنهم زعموا أن عليا ع مات و ستنشق الأرض عنه من قبل يوم القيامة فيملأ العالم عدلا- كذا في الملل و النحل.
 (نهس)
نَهَسَ اللحم: أخذه بمقدم الأسنان و أطرافها. و بالمعجمة الأخذ بالأضراس.
باب ما أوله الواو
 (وجس)
قوله تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً
 [20/ 67] أي أحس و علم و أضمر في نفسه. قال المفسر: و كان إيجاس موسى للجبلة البشرية عند أمر فظيع. و في القاموس الْوَجْسُ كالوعد: الفزع يقع في القلب و السمع من صوت أو غيره. و الْوَجْسُ: الصوت الخفي.
 (ورس)
فِي الْحَدِيثِ" وَ عَلَيْهِ مِلْحَفَةُ وَرْسٍ".
و
فِيهِ أَيْضاً" مِلْحَفَةٌ مُوَرَّسَةٌ".
الْوَرْسُ: صبغ يتخذ منه الحمرة للوجه و هو نبات كالسمسم ليس إلا باليمن، يزرع فيبقى عشرين سنة نافع للكلف و البهق شربا- قاله في القاموس. و في القانون: الْوَرْسُ شي‏ء أحمر قان يشبه سحيق الزعفران.
 (وسوس)
قوله تعالى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ‏
 [20/ 120] أي ألقى إلى قلبه المعنى بصوت خفي، و المعنى فَوَسْوَسَ إليهما لكن‏

121
مجمع البحرين4

وسوس ص 121

العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل، يقال لما يقع في النفس من عمل الخير إلهام و ما لا خير فيه وَسْوَاسٌ، و لما يقع من الخوف إيجاس، و لما يقع من تقدير ينل الخير أمل، و لما يقع ما لا يكون للإنسان و لا عليه خاطر. و الْوَسْوَاسُ بفتح الواو: الشيطان، و هو الخناس أيضا لأنه يُوَسْوِسُ في صدور الناس و يخنس. و الْوِسْوَاسُ بالكسر و الْوَسْوَسَةُ مصدران و الْوَسْوَسَةُ: حديث النفس، يقال وَسْوَسَتْ إليه نفسُهُ وَسْوَسَةً و وِسْوَاساً. قوله: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ‏
 [114/ 4] قال الشيخ أبو علي فيه أقوال:" أحدها"- أن معناه الْوَسْوَسَةُ الواقعة من الجنة. و" ثانيها"- أن معناه من شر ذي الْوَسْوَاسِ و هو الشيطان كما جاء في الأثر أنه يُوَسْوِسُ فإذا ذكر العبد الله خنس، ثم وصفه الله تعالى بقوله الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ‏
 أي بالكلام الخفي الذي يصل مفهومه إلى قلوبهم من غير سماع. ثم ذكر أن هذا الشيطان الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ
، و هو الشيطان كما قاله تعالى إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ ثم عطف بقوله: وَ النَّاسِ على الْوَسْوَاسِ، و المعنى من شر الْوَسْوَاسِ و من شر الناس، كأنه أمر أن يستعيذ من الجن و الإنس. و" ثالثها"- أن معناه من شر ذي الْوَسْوَاسِ الخناس، ثم فسره بقوله مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ، و على هذا فيكون المراد من وَسْوَاسِ الجِنَّةِ وَسْوَاسِ الشيطان، و من وَسْوَاسِ الإنس ما وسوسه الإنسان من نفسه و إغواء ما يغويه من الناس. و يدل عليه قوله: شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ. و قال جامع العلوم النحوي في تفسير هذه السورة: ليس في قوله النَّاسِ تكرارا، لأن المراد بالأول الأجنة، و لهذا قال بِرَبِّ النَّاسِ و المراد

122
مجمع البحرين4

وسوس ص 121

بالثاني الأطفال و لذلك قال مَلِكِ النَّاسِ لأنه يملكهم، و المراد بالثالث البالغون المكلفون و لذلك قال إِلهِ النَّاسِ لأنهم يعبدونه، و المراد بالرابع العلماء لأن الشيطان يُوَسْوِسُ في صدورهم و لا يريد الجهال لأن الجاهل يضله جهله، و إنما تقع الْوَسْوَسَةُ في قلب العالم كما قال فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ‏

وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ".
قال بعض الأعلام: وَسَاوِسُ الشيطان غير متناهية، فمهما عارضه فيما يُوَسْوِسُ بحجة أتاه من باب آخر بوسوسة و أدنى ما يفيده من الاسترسال في ذلك إضاعة الوقت، و لا تدبير في إبطال ما يأتي به من الفساد أقوى و أحسن من اللجأ إلى الله تعالى و الاعتصام بحوله و قوته.
 (وطس)
فِي الْحَدِيثِ" أَوْطَاسٌ لَيْسَ مِنَ الْعَقِيقِ".
و
فِيهِ" بَرِيدُ أَوْطَاسٍ آخِرَ الْعَقِيقِ".
و
فِيهِ" نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ فِي يَوْمِ أَوْطَاسٍ أَنِ اسْتَبْرُوا سَبَايَاكُمْ".
أَوْطَاسٌ اسم موضع معروف، وقعت فيه غزوة من رسول الله ص.
وَ فِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ" الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ".
الْوَطِيسُ: التنور، و هو كناية عن شدة الأمر و اضطراب الحرب، و يقال أول من قالها النبي ص لما اشتد البأس بموته، و هي أحسن الاستعارات.
 (وعس)
الأرض الْوَعْسَاءُ: هي اللينة ذات الرمل‏
 (وكس)
فِي الْحَدِيثِ" بَيْعُ الرِّبَا وَ شِرَاؤُهُ وَكْسٌ".
الْوَكْسُ: النقص. و وَكَسَهُ وَكْساً من باب وعد: نقصه. و وَكَسَ الشي‏ء يَكِسُ وَكْساً أيضا:

123
مجمع البحرين4

وكس ص 123

نقص، يتعدى و لا يتعدى.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْمَرْأَةُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا وَكْسَ وَ لَا شَطَطَ".
قال الجوهري: أي لا نقصان و لا زيادة. و أُوكِسَ فلان على ما لم يسم فاعله: أي خسر. و الثَّمَنُ الْأَوْكَسُ: الأنقص.
 (ومس)
فِي حَدِيثِ طِينَةِ خَبَالٍ" صَدِيدٌ يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ".
الْمُومِسَةُ: الفاجرة و يجمع على مَيَامِسُ و مَوَامِيسُ أيضا، و أصحاب الحديث يقولون مَيَامِيسُ، قيل و لا يصح إلا على إشباع الكسرة لتصير ياء كمطفل و مطافل و مطافيل. و قد اختلف في أصل هذه اللفظة: فبعضهم يجعله من الهمزة، و بعضهم يجعله من الواو، و كل منهما مكلف له في الاشتقاق- قاله في النهاية.
 (ويس)
وَيْسٌ كويح. قال في القاموس: هي كلمة تستعمل في موضع رأفة و استماح.
باب ما أوله الهاء
 (هجس)
هجس الأمر من باب قتل و قطع: خطر في باله. و منه‏
حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع:" أَنَا الضَّامِنُ لِمَنْ لَمْ يَهْجُسْ فِي قَلْبِهِ إِلَّا الرِّضَا أَنْ يَدْعُوَ فَيُسْتَجَابَ لَهُ".
 (همس)
قوله تعالى: فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً
 [20/ 108] الْهَمْسُ: الصوت الخفي حتى كأنه لم يخرج من فضاء الفم. و هَمَسَ الأقدام: أخفى ما يكون من صوت القدم. و يقال هو من هَمْسِ الإبل و هو أصوات أخفافها إذا مشت، أي لا تسمع إلا أصوات الأقدام إلى المحشر. و الحروف الْمَهْمُوسَةُ فيما بينهم عشرة

124
مجمع البحرين4

همس ص 124

قال الجوهري: يجمعها قولك" حثه شخص فسكت". قال: و إنما سمي الحرف مَهْمُوساً لأنه أضعف الاعتماد في موضعه حتى جرى معه النفس.
باب ما أوله الياء
 (يأس)
قوله تعالى: أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا
 [13/ 31] أي يعلم، و هي لغة قوم من النخع، قيل إنما استعمل الْيَأْسُ بمعنى العلم لأنه بمعناه، لأن الْيَائِسَ من الشي‏ء عالم بأنه لا يكون، و عليه قول سحيم بن وثيل:
أ لم تَيْأَسُوا أني ابن فارس زهدم‏


و الْيَأْسُ: القنوط. و قد يَئِسَ من الشي‏ء يَيْأَسُ، و في لغة يَيْئِسُ بالكسر فيهما. قال الجوهري: و هو شاذ. و في القاموس يَأَسَ يَيْأَسُ كمنع يمنع و كيضرب شاذ. قوله: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ
 [60/ 13] أي يَئِسُوا من رحمة الله كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ
 أن يحيوا و يبعثوا. قوله: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا
 [12/ 80] هو من الْيَأْسِ. قوله: لَيَؤُسٌ‏
 [11/ 9] فعول، من يَأَسْتُ أي شديد الْيَأْسِ. قوله: وَ إِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ‏
 [37/ 123]
قِيلَ هُوَ إِدْرِيسُ النَّبِيُّ ع جَدُّ نُوحٍ.
و
قِيلَ هُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ ابْنِ عَمِّ الْيَسَعِ.
و
قِيلَ إِنَّهُ اسْتَخْلَفَ الْيَسَعَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَ رَفَعَهُ اللَّهُ وَ كَسَاهُ الرِّيشَ فَصَارَ إِنْسِيّاً مَلَكِيّاً وَ أَرَضِيّاً سَمَاوِيّاً.
و
قِيلَ إِلْيَاسُ صَاحِبُ الْبَرَارِي وَ الْخَضِرُ صَاحِبُ الْجَزَائِرِ وَ يَجْتَمِعَانِ كُلَّ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ.
و
فِي التَّارِيخِ، الْيَسَعُ كَانَ تِلْمِيذَ إِلْيَاسَ وَ نَبَّأَهُ اللَّهُ بَعْدَهُ.
قوله: إِلْ‏ياسِينَ‏
 [37/ 130]

125
مجمع البحرين4

يأس ص 125

يعني إِلْيَاسَ و أهله. و قال بعض الأعلام يجوز أن يكون إِلْيَاسُ وَ إِلْيَاسِينُ بمعنى واحد، كما يقال ميكال و ميكائيل، و قرئ سلام على آل يَاسِينَ أي على محمد ص و أهل بيته.
وَ فِي الْحَدِيثَ" الْيَأْسُ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ عِزُّ الْمُؤْمِنِ".
و عليه‏
أَنْشَدَ الْبَاقِرُ ع قَوْلَ حَاتِمٍ:
إِذَا مَا عَرَفْتُ الْيَأْسَ أَلْفَيْتُهُ الْغِنَى             إِذَا عَرَفَتْهُ النَّفْسُ وَ الطَّمَعُ الْفَقْرُ.


 (يبس)
قوله تعالى: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً
 [20/ 77] الْيَبَسُ بالتحريك: المكان يكون رطبا ثم يَيْبَسُ. و الْيُبْسُ بالضم مصدر قولك" يَبِسَ الشي‏ء يَيْبَسُ" من باب علم و ضرب. و الْيَبْسُ بالفتح فالسكون: الْيَابِسُ. و شي‏ء يَابِسٌ: إذا لم يكن فيه رطوبة.

126
مجمع البحرين4

كتاب الشين ص 127

كتاب الشين‏

127
مجمع البحرين4

باب ما أوله الألف ص 129

باب ما أوله الألف‏
 (ارش)
أرش الجناية: ديتها، و الجمع أُرُوشٌ مثل فلس و فلوس. قال في المصباح: و أصله الفساد، من قولهم أَرَّشْتُ بين القوم تَأْرِيشاً: أي أفسدت ثم استعمل في نقصان الأعيان لأنه فساد فيها. و الْأَرْشُ ما يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع. و منها أُرُوشُ الجنايات لأنها جابرة للنقص.
 (اشش)
الْأَشَاشُ و الهشاش: الطلاقة و البشاشة
باب ما أوله الباء
 (برش)
فِي حَدِيثِ أَخْذِ حَصَى الْجِمَارِ" خُذِ الْحَصَى الْجِمَارَ الْبُرْشَ".
و هي المشتملة على ألوان مختلفة، يقال بَرِشَ يَبْرَشُ بَرَشاً فهو أَبْرَشُ و الأنثى بَرْشَاءُ و الجمع بُرْشٌ مثل برص برصا فهو أبرص و برصاء و برص وزنا و معنى. و الْبُرْشُ في شعر الفرس: نكت صغار تخالف لونه، و الفرس أَبْرَشُ.
 (برطش)
كان عمر في الجاهلية مُبَرْطِشاً: أي ساعيا بين البائع و المشتري شبه الدلال.
 (برقش)
" بَرَاقِشُ" طائر صغير أعلى ريشه أغر و أوسطه أحمر و أسفله أسود- قاله في القاموس.

129
مجمع البحرين4

بشش ص 130

(بشش)

الْبَشُّ و الْبَشَاشَةُ: طلاقة الوجه و حسن اللقاء. و رجل هش بَشٌّ: أي طلق الوجه طيب. و قولهم" لقيته فَتَبَشَّشَ" قاله الجوهري: أصله تَبَشْبَشَ، فأبدلوا من الشين الوسطى فاء الفعل.
 (بطش)
قوله تعالى: وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ‏
 [26/ 130] الْبَطْشُ الأخذ بسرعة و الأخذ بعنف و سطوة.
وَ الْبَطْشَةُ الْكُبْرَى: قِيلَ هِيَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَ قِيلَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
و بَطَشَ بَطْشاً من باب ضرب و بها قرأ السبعة، و في لغة من باب قتل، و قرأها الحسن البصري و أبو جعفر المدني- قاله في الصحاح.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" كُنْتُ يَدَهُ الَّذِي يَبْطِشُ بِهَا".
هو بالكسر و الضم أي يأخذ بها. و قد سبق تمام البحث فيه.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع لِأَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ:" كَيْفَ أَنْتَ إِذَا وَقَعَتِ الْبَطْشَةُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ".
قال بعض شراح الحديث: كأنه إشارة إلى وقعة عسكر السفياني بين المسجدين و إلى الفتنة التي من عسكره في عراق العرب، و ظهور رجل مترفع من الشيعة في العراق دلالة عسكر السفياني على الشيعة، و المراد من الحديث كله ظهور المهدي ع.
 (بوش)
الْبَوْشُ بالفتح: الجماعة من الناس المختلطين- قاله الجوهري.
باب ما أوله الجيم‏
 (جحش)
فِي الْحَدِيثَ" إِنَّهُ ع سَقَطَ مِنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ".
بضم جيم و كسر حاء أي أخدش جلده و قشر.

130
مجمع البحرين4

جحش ص 130

و الْجَحْشُ: شق الجلد، يقال جَحِشَ جلده من باب منع: أي قشر.
وَ مِنْهُ" فَجِحَش شِقُّهُ الْأَيْسَرُ".
و الْجَحْشُ: بالفتح فالسكون: ولد الحمار الوحشي و الأهلي، قيل سمي بذلك قبل أن يعظم، و الجمع جِحَاشٌ و جِحْشَانُ، و الأنثى جَحْشَةٌ.
وَ" زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ" زَوْجَةُ النَّبِيِّ ص تَزَوَّجَهَا سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَ كَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَ هِيَ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا قَضى‏ زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها فَلَمَّا طَلَّقَهَا زَيْدٌ وَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا تَزَوَّجَهَا ص عَلَى عَائِشَةَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ تُسَامِينِي فِي حُسْنِ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَهُ غَيْرُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَ كَانَتْ تَفْتَخِرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ص أَنَّ آبَاءَكُنَّ أَنْكَحُوكُنَّ لِلنَّبِيِّ وَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْكَحَنِي إِيَّاهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.
وَ كَانَتْ تَقِيَّةً صَادِقَةً أَوَّاهَةً خَاشِعَةً مُتَضَرِّعَةً خَيِّرَةً فِي الدِّينِ، كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَ تَتَصَدَّقُ- كَذَا فِي الإستيعاب.
 (جرش)
الملح الْجَرِيشُ: الْمَجْرُوشُ الذي لم ينعم دقه، من قولهم جَرَشْتُ الشي‏ء: إذا لم تنعم دقه، فهو جَرِيشٌ. و في الصحاح ملح جَرِيشٌ: لم يطيب.
 (جهش)
فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ ع" فَأَجْهَشَتْ" وَ يُرْوَى" فَجَهِشَتْ".
و المعنى واحد. و الْجَهْشُ: أن يفزع الإنسان إلى غيره و هو مع ذلك يريد البكاء، كالصبي يفزع إلى أمه و قد تهيأ للبكاء.
 (جوش)
الْجَوْشُ: الصدر مثل الْجَوْشَنُ. و منه" دعاء الْجَوْشَنُ" و هو مشهور.
 (جيش)
فِي الْحَدِيثِ" يَا عَلِيُّ لَا تُصَلِّ فِي ذَات‏

131
مجمع البحرين4

جيش ص 131

الْجَيْشِ".
هي بالفتح فالسكون واد بين مكة و المدينة،
يُقَالُ انْقَطَعَ فِيهِ عَقْدُ عَائِشَةَ.
رُوِيَ أَنَّ السُّفْيَانِيَّ أَتَى إِلَيْهَا قَاصِداً مَدِينَةَ الرَّسُولِ ص فَخَسَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِتِلْكَ الْأَرْضِ.
و بينها و بين ميقات أهل المدينة ميل واحد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ذَاتُ الْجَيْشِ دُونَ الْحُفْرَةِ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ".
و" الْجَيْشُ" واحد الْجُيُوشِ. و جَيَّشَ فلانٌ بالتشديد: جَمَعَ الْجُيُوشَ. و جَاشَتِ القدر تَجِيشُ: أي غلت. و جَاشَتْ نفسي: أي ارتاعت و خافت.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِيَّاكَ أَنْ تَقْذِفَ بِمَا جَاشَ صَدْرُكَ".
أي بما فار و ارتفع به صدرك.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي تَحْرِيصِ الْقَوْمِ لِلْقِتَالِ" غُضُّوا الْأَبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ".
أي للقلب. و الْجَأْشُ: جَأْشُ القلب، و هو رواعة إذا اضطرب عند الفزع. يقال فلان رابط الْجَأْشِ: أي ربط نفسه عن الفرار لشجاعته.
باب ما أوله الحاء
 (حبش)
" فاطمةُ بنت أبي حُبَيْشٍ" بمهملة و موحدة و معجمة مع التصغير، و اسمه قيس بن عبد المطلب- الأسديةُ صحابية

132
مجمع البحرين4

حبش ص 132

و هي التي سألت أم سلمة عن حديث الحيض.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع" إِنَّهَا اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ".
و الْحَبَشُ بالتحريك و الحَبَشُ: جنس من السودان، و الجمع الْحُبْشَانُ مثل جمل و جملان. و حُبْشٌ بالضم جبل بأسفل مكة، و منه" أَحَابِيشُ قريش" لأنهم تحالفوا بالله أنهم ليد على غيرهم ما سجى ليل الفص الْحَبَشِيُّ: يحتمل أن يكون من الجذع أو العقيق، لأن معدنهما اليمن. و منه‏
حَدِيثُ النَّبِيِّ ص" فِي خَاتَمِهِ فَصٌّ حَبَشِيٍّ".
 (حرش)
التَّحْرِيشُ: الإغراء بين القوم و الكلاب و تهييج بعضها على بعض. و منه‏
الْحَدِيثُ" فَلَمَّا جَاءَ أَبِي حَرَّشَهُ عَلَيَّ".
وَ حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" فَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مُحَرِّشاً عَلَى فَاطِمَةَ".
أراد بِالتَّحْرِيشِ هنا ما يوجب عتابها. و الْحَرِيشُ: دابة لها مخالب كمخالب الأسد و لها قرن واحد في هامتها، يسميها الناس الكركدن- قاله الجوهري. و قال غيره: لها قرن وسط رأسها مصمت مستقيم يناطح به جميع الحيوان فلا يغلبه شي‏ء. و الْحَرِيشُ: نوع من الحيات أرقط.
 (حشش)
فِي الْحَدِيثِ" سُئِلَ أَ يَصْلُحُ مَكَانُ الْحَشِّ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِداً؟ فَقَالَ: إِذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ مَا يُوَارِي ذَلِكَ".
الْحَشُّ بالفتح أكثر من الضم و الكسر المخرج و موضع الحاجة، و أصله من الْحَشِّ البستان لأنهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين،

133
مجمع البحرين4

حشش ص 133

فلما اتخذوا الكنف و جعلوها خلفا عنها أطلقوا عليها الاسم مجازا، و جمع الْحَشِّ حِشَّانُ مثل ضيف و ضيفان.
وَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ" أَنَّهُ دُفِنَ فِي حَشِّ كَوْكَبٍ".
و هو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع. و الْحَشِيشُ: ما يبس من الكلاء قال الجوهري: و لا يقال له حَشِيشٌ إذا كان رطبا. و حَشَشْتُهُ حَشّاً من باب قتل: قطعته، فهو فعيل بمعنى مفعول.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى أَنْ يُؤْتَى النِّسَاءُ فِي مَحَاشِّهِنَّ".
و مثله‏
" مَحَاشُّ نِسَاءِ أُمَّتِي عَلَى رِجَالِ أُمَّتِي حَرَامٌ".
الْمَحَاشُّ جمع مَحَشَّةٌ، و هي الدبر، فكني بها عن الأدبار كما يكنى بِالْحُشُوشِ عن مواضع الغائط. و الْمَحَشَّةِ في الأصل: لأسفل موضع الطعام من الأمعاء، فكني به عن الأدبار. و الْمَحَشُّ: المكان الكثير الْحَشِيشُ. و الْمِحَشُّ بكسر الميم: الذي يُحَشُّ به الْحَشِيشُ. و التَّحَشْحُشُ التحريك للنهوض، يقال حَشْحَشَهُ أي حركه. و مثله‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع وَ فَاطِمَةَ" دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلَيْنَا قَطِيفَةٌ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ تَحَشْحَشْنَا فَقَالَ: مَكَانَكُمَا".
و الْحُشَاشُ: ما تُحَشُّ به النار، أي توقد. و منه‏
كَلَامُ عَلِيٍّ ع فِي قَوْمِهِ" لَبِئْسَ حُشَاشُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ".
و الْحُشَاشُ و الْحُشَاشَةُ: بقية الروح في المريض.
 (حفش)
الْحَفَشُ: وعاء المغازل. و الْحَفَشُ الذي في الحديث هو البيت الصغير- قاله أبو عبيدة.
 (حمش)
فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ع" فِي سَاقَيْهِ حُمُوشَةٌ".
أي دقة، يقال رجل حَمْشُ الساقين بمفتوحة فساكنة فمعجمة أي دقيقهما.

134
مجمع البحرين4

حمش ص 134

وَ قَوْلُهُ:" وَ لَا حَمِيَّةَ تَحْمِشُكُمْ".
أي تغضبكم.
 (حنش)
الْحَنَشُ بالتحريك: كل ما يصاد من الطير و الهوام، و الجمع الْأَحْنَاشُ. و حَنَشْتُ الصيد من باب ضرب: صِدْتُهُ‏
 (حوش)
قوله تعالى: حاشَ لِلَّهِ*
 [12/ 31] قال المفسر معناه معاذ الله. و قال اللغويون معناه التنزيه و الاستثناء، و اشتقاقه من قولك" كنت في حَاشَا فلان" أي في ناحيته. قال الجوهري: يقال حَاشَ لله تنزيها لله و لا يقال حَاشَ لك قياسا عليه، و إنما يقال حَاشَاكَ و حَاشَا لك. و حَاشَاهُ من الصوم: نزهه. و فلان لا يَتَحَاشَى: أي لا يكترث بما يفعله و لا يخاف وباله و عقوبته و حُشْتُ الصيدَ أَحُوشُهُ: إذا جئته من حواليه لتصرفه عن الحبالة. و حُشْتُ الإبل: جمعتها. و حَاشِيَةُ كل شي‏ء: طرفه و جانبه، و منه حَاشِيَةُ الثوب و
مِنْهُ" كَانَ يُصَلِّي فِي حَاشِيَةِ الْمَقَامِ".
و منه حَاشِيَةُ النسب للأعمام و أولادهم على التشبيه. و
مِنْهُ" مَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُهُ يَعْرِفْ صَدِيقُهُ مِنْهُ الْمَوَدَّةَ".
أي طرفه و جانبه.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص لِبَعْضِ نِسَائِهِ" مُرِي نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَسْتَنْجِينَ بِالْمَاءِ وَ يُبَالِغْنَ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْحَوَاشِي وَ مَذْهَبَةٌ لِلْبَوَاسِيرِ".
و يعني بِالْحَوَاشِي جمع حَاشِيَةٍ و هي الجانب، و المراد جانب الفرج و طرفه، و المطهرة بفتح الميم و كسرها قيل و الفتح أصح موضوعة في الأصل للأواني، جمعها مطاهر، و يراد بها هنا للنجاسة، مثل‏
" السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ".
أي مزيلة لدنسه. و البواسير جمع باسور: علة تحدث في المقعدة.

135
مجمع البحرين4

حوش ص 135

وَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ" خُذْ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ".
هي صغار الإبل كابن المخاض و ابن اللبون، جمع حَاشِيَةٍ. و الْمُحَاشَاةُ: الاستثناء.
وَ مِنْهُ" إِنَّ اللَّهَ لَيُرِيدُ عَذَابَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَا يُحَاشِي مِنْهُمْ أَحَداً".
أي لا يستثني منهم أحدا.
باب ما أوله الخاء
 (خدش)
فِي الْحَدِيثِ" الرَّجُلُ يُخْدَشُ الْخَدْشَةَ".
هي بالفتح فالسكون: تفرق اتصال في الجلد أو الظفر أو نحو ذلك و إن لم يخرج الدم، يقال خَدَشَهُ يَخْدَشُهُ خَدْشاً من باب ضرب: إذا جرحه في ظاهر الجلد، و منه‏
حَدِيثُ الْقُرْآنِ" فِيهِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ".
فَالْخَدْشُ فوق الكدح دون الخمش لأن الْخَمْشَ يستعمل على معنى القطع، يقال خَمَشَ فلان فلانا: إذا قطع منه عضوا. و منه‏
حَدِيثُ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ لَمَّا أُخْبِرَتْ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهَا قَامَتْ إِلَيْهِ تَنْظُرُهُ فَإِذَا أَثَرُ السِّكِّينِ خُدُوشاً فِي حَلْقِهِ فَفَزِعَتْ وَ اشْتَكَتْ وَ كَانَ بُدُوَّ مَرَضِهَا الَّذِي هَلَكَتْ فِيهِ.
و تميم مولى خِدَاشٍ بكسر الخاء ابن الصمة، شهد بدرا و أحدا، و الصِّمَّة بالكسر الشجاع و الأسد- قاله في القاموس.
 (خرش)
خَرْبَشَ الكتاب: أفسده. و كتاب مُخَرْبَشٌ: أي مُشَوَّشٌ.
 (خشش)
الْخِشَاشُ بالكسر: عود يجعل في أنف البعير يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده، و هو خشب، و البرة من صفر، و الخزامة من شعر.

136
مجمع البحرين4

خشش ص 136

و منه الجمل الْمَخْشُوشُ للذي جعل في أنفه خِشَاشٌ. و الْخِشَاشُ بالكسر و قد يفتح: حشرات الأرض. و الْخَشْخَشَةُ: صوت السلاح و نحوه. و" الْخَشْخَاشُ" بالفتح فالسكون نبت معروف.
 (خفش)
" الْخُفَّاشُ" كرمان طائر بالليل، و يقال له الوطواط، و اشتقاقه من الْخَفَشُ مصدر من باب تعب، و هو صغر في العين و ضعف في البصر خلقة، و الجمع الْخَفَافِيشُ. و رجل أَخْفَشُ، و قد يكون الْخَفَشُ علة، و هو الذي يبصر الشي‏ء بالليل و لا يبصره بالنهار و يبصره في يوم غيم و لا يبصره في يوم صاحٍ.
 (خمش)
الْخُمُوشُ: الخدوش. و خَمَشَ وجهَه يَخْمِشُهُ و يَخْمُشُهُ بالضم و الكسر: خدشه و لطمه و ضربه و قطع عضوا منه. و خَمَشَتِ المرأة بظفرها خَمْشاً جرحت ظاهر البشرة، ثم أطلق الْخَمْشَ على الأثر، و جمع على خُمُوشٍ كفلس و فلوس.
وَ فِي الْخَبَرِ سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ فَقَالَ: هَذَا الْخِمَاشُ أَرَادَ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا.
باب ما أوله الدال‏
 (درش)
فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنْ جُلُودِ الدَّارِشِ يُتَّخَذُ مِنْهَا الْخِفَافُ؟ فَقَالَ: لَا تُصَلِّ فِيهِ".
وَ فِي آخَرَ" لَا تُصَلِّ فِي جُلُودِ الدَّارِشِ لِأَنَّهَا تُدْبَغُ بِخُرْءِ الْكِلَابِ".
الدَّارِشُ: جلد معروف- قاله الجوهري، كأنه فارسي معرب.

137
مجمع البحرين4

دشش ص 138

 (دشش)
الدَّشِيشَةُ: حسو من البر المرضوض‏
 (دنهش)
فِي الْحَدِيثِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ الدَّنَاهِشِ".
قيل هي جنس من أجناس الجن.
 (دهش)
دَهِشَ الرجل بالكسر يَدْهَشُ دَهَشاً من باب تعب: تحير و ذهل عقله. و دَهِشَ أيضا فهو مَدْهُوشٌ.
باب ما أوله الراء
 (رشش)
الرَّشُّ للماء و الدم و الدمع. و قد رَشَشْتُ المكان رَشّاً، و تَرَشَّشَ عليه الماء. و الرَّشُّ المطر القليل، و الجمع رِشَاشٌ بالكسر. و الرَّشَاشُ بالفتح: ما تَرَشَّشَ من الدم و الدمع- قاله الجوهري. و رَشَّتِ السماء: أمطرت. و أَرَشَّتْ بالألف لغة. و رَشَّ الماء على رجله: صبه قليلا قليلا. و تَرَشَّشَ في الإناء: أي انصب منه قليلا قليلا
 (رعش)
الرَّعَشُ بالتحريك الرعدة. و قد رَعِشَ كفرح و منع: أخذته الرَّعْشَةُ. و ارْتَعَشَ: أي ارتعد.
 (رقش)
الرَّقْشُ كالنقش. و رَقَشَ كلامه: زوره. و حية رَقْشَاءُ: فيها نقط سود و بيض.
 (ريش)
قوله تعالى: وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى‏
 [7/ 26] الآية. الرِّيشُ و الرِّيَاشُ واحد، و هو ما ظهر من اللباس الفاخر. قال بعض المفسرين: قد أنزل الله تعالى لحكمة إنزال اللباس ثلاثة أغراض: أحدها ستر العورة، و ثانيها التجمل بين‏

138
مجمع البحرين4

ريش ص 138

الناس، فإن الله يحب أن يرى آثار نعمته على عبده،
وَ قَدْ لَبِسَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع ثَوْبَيْنِ لِلصَّيْفِ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَ أُصِيبَ الْحُسَيْنُ ع وَ عَلَيْهِ الْخَزُّ.
وَ لَبِسَ الصَّادِقُ ع الْخَزَّ.
و ثالثها كونه للتقوى. قيل المراد به ما يحترز به من الضرر و البرد و حالة الحرب، و ليس بشي‏ء إذ التقوى عرفا و شرعا يراد بها الطاعة أو ما يقصد به العبادة أو الخشية من الله تعالى و التواضع كالصوف و الشعر. و عن بعض الأفاضل أنه يظهر من كلام هذا المفسر كون الأغراض الثلاثة لثلاثة أثواب، و فيه تكلف، و الأولى أن اللباس وصف بالصفات الثلاث لا مكان كون الثوب الواحد تجتمع فيه الأغراض الثلاثة، فيكون أبلغ في الحكمة. و قوله: ذلِكَ خَيْرٌ يحتمل أن يكون خيرا أفعل تفضيل كما هو المشهور فيكون ذلك إشارة إما إلى لباس التقوى أو للباس الجامع للصفات الثلاث، و يحتمل أن يكون أفعل ليس للتفضيل و تنكيره للتعظيم، أي ذلك اللباس الجامع للصفات خير عظيم أنزل، و لذلك أردفه بقوله: ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ أي إنزال اللباس الموصوف على نوع الإنسان آية عظيمة دالة على حكمة الله و نهاية رحمته‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَسْجُدْ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنَ الرِّيَاشِ".
قيل الرِّيَاشُ هنا جمع رِيشٍ، و هو لباس الزينة، و لعل المراد هنا مطلق اللباس، أو جمع الرِّيشُ و الرِّيشُ من الطائر معروف الواحدة رِيشَةٌ و الجمع أَرْيَاشٌ. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا تَسْجُدْ عَلَى رِيشٍ".
و رِشْتُ السَّهمَ رِيشاً: أصلحت رِيشَهُ، فهو مَرِيشٌ.

139
مجمع البحرين4

باب ما أوله الشين ص 140

باب ما أوله الشين‏
 (شيش)
فِي الْحَدِيثِ" أَدَّهِنُ بِالشِّيشَاءِ".
هو دهن معروف فيما بينهم، و يقال الشِّيشَاءُ لغة في الشيص و الشيصاء. و الشَّاشِي بالشينين المعجمتين- كما في كثير من النسخ- نسبة لمحمد بن يوسف.
وَ فِي خِيَرِةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ" اضْرِبْ بِيَدِكَ الرِّقَاعَ فَشَوِّشْهَا".
يعني اخلطها، من التَّشْوِيشِ و هو التخليط. و قد شُوِّشَ عليه الأمر: أي اختلط. و" شَاشٌ" بلد بما وراء النهر. و" نهر الشَّاشِ" أحد الأنهر الثمانية التي خرقها جبرئيل بإبهامه.
باب ما أوله الطاء
 (طرش)
الطَرَشُ: أهون الصمم.
 (طشش)
الطَّشُّ و الطَّشِيشُ: المطر الضعيف- قاله الجوهري نقلا عن رؤبة، و هو فوق الرذاذ.
 (طيش)
طَاشَ السهم عن الهدف: أي عدل، و أَطَاشَهُ الرامي. و الطَّيْشُ: النزق و الخفة.

140
مجمع البحرين4

باب ما أوله العين ص 141

باب ما أوله العين‏
 (عرش)
قوله تعالى: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ
 [11/ 7] أي ما كان خلق تحته إلا الماء قبل خلق السماوات و الأرض و ارتفاعه فوقها. قال الشيخ أبو علي: و فيه دلالة على أن الْعَرْشَ و الماء كانا مخلوقين قبل السماوات و الأرض- انتهى.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَأْمُونِ وَ قَدْ سَأَلَ الرِّضَا ع عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ
 الْآيَةِ. قَالَ ع: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْمَاءَ وَ الْعَرْشَ وَ الْمَلَائِكَةَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَدِلَّ بِنَفْسِهَا وَ بِالْعَرْشِ وَ بِالْمَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ جَعَلَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ لِيُظْهِرَ بِذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَيَعْلَمُوا أَنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ*، ثُمَّ رَفَعَ الْعَرْشَ بِقُدْرَتِهِ وَ ثَقَّلَهُ فَجَعَلَهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ثُمَّ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ* وَ هُوَ مُسْتَوْلٍ عَلَى عَرْشِهِ، وَ كَانَ قَادِراً أَنْ يَخْلُقَهُمَا فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ لِيُظْهِرَ لِلْمَلَائِكَةِ مَا يَخْلُقُهُ مِنْهَا شَيْئاً بَعْدَ شَيْ‏ءٍ، فَتَسْتَدِلَّ بِحُدُوثِ مَا يَحْدُثُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ الْعَرْشَ لِحَاجَةٍ بِهِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ الْعَرْشِ وَ عَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ، لَا يُوصَفُ بِالْكَوْنِ عَلَى الْعَرْشِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ تَعَالَى عَنْ صِفَةِ خَلْقِهِ عُلُوّاً كَبِيراً.
وَ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ الْعَطَّارَةِ" السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ وَ الْهَوَاءُ وَ حُجُبُ النُّورِ وَ الْكُرْسِيُّ عِنْدَ الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ".
وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ:" خَلَقَ اللَّهُ مَلَكاً تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ، فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْف‏

141
مجمع البحرين4

عرش ص 141

سَنَةٍ، ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ سَنَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ثَالِثَةً، فَأَوْحَى إِلَيْهِ لَوْ طِرْتَ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّوَرِ كَذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى الطَّرَفِ الثَّانِي مِنَ الْعَرْشِ، فَقَالَ الْمَلَكُ عِنْدَ ذَلِكَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ بِحَمْدِهِ".
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع" جَعَلَ تَعَالَى الْعَرْشَ أَرْبَاعاً- يَعْنِي مِنْ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٍ- لَمْ يَخْلُقَ مِنْ قَبْلِهِ شَيْئاً إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ الْهَوَاءَ وَ الْعِلْمَ وَ النُّورَ، ثُمَّ خَلَقَهُ مِنْ أَنْوَارٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ نُورٍ أَخْضَرَ مِنْهُ اخْضَرَّتِ الْخُضْرَةُ، وَ مِنْ نُورٍ أَصْفَرَ اصْفَرَّتِ مِنْهُ الصُّفْرَةُ، وَ مِنْ نُورٍ أَحْمَرَ احْمَرَّتْ مِنْهُ الْحُمْرَةُ وَ مِنْ نُورٍ أَبْيَضَ وَ هُوَ نُورُ الْأَنْوَارِ وَ مِنْهُ ضَوْءُ النَّهَارِ، ثُمَّ جَعَلَهُ سَبْعِينَ أَلْفَ طَبَقٍ غِلَظُ كُلِّ طَبَقٍ كَأَوَّلِ الْعَرْشِ إِلَى أَسْفَلِ السَّافِلِينَ، وَ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ طَبَقٌ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ يُقَدِّسُهُ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ أَلْسِنَةٍ غَيْرِ مُشْتَبِهَةٍ ... لَهُ ثَمَانِيَةُ أَرْكَانٍ يَحْمِلُ كُلَّ رُكْنٍ مِنْهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُحْصِي عِدَّتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ يُسَبِّحُونَ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ لا يَفْتُرُونَ".
و
عَنْهُ ع" حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ الْعَرْشُ العلِمُ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنَّا وَ أَرْبَعَةُ مِمَّا شَاءَ اللَّهُ".
و
فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فُسِّرَتِ الْأَرْبَعَةُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَ بِالْحَسَنَيْنِ وَ الْأَرْبَعَةُ الثَّانِيَةُ بِسَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادِ وَ أَبِي ذَرٍّ وَ عَمَّارٍ، وَ يَوْمَئِذٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَوْتِ النَّبِيِّ ص.
قوله: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ‏
 [12/ 100] العرش سرير الملك، و منه قوله أَ هكَذا عَرْشُكِ‏
 [27/ 42]. قال المفسر في قوله أَ هكَذا أربع كلمات حرف الاستفهام و حرف التنبيه و كاف التشبيه و اسم الإشارة، أي مثل هذا عَرْشُكِ، و لم يقل أ هذا عَرْشُكِ لئلا يكون تلقينا. قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ و لم تقل هو هو و لا ليس به، و ذلك من رجاحة عقلها إذ لم تقطع في موضع الاحتمال قوله: يَعْرِشُونَ*
 [7/ 137] أي يبنون.

142
مجمع البحرين4

عرش ص 141

قوله: مَعْرُوشاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ‏
 [6/ 141] أي مرفوعات على ما تحملها يقال عَرَشْتُ الكرم: إذا جعلت تحته قصبا و أشباهه لتميد عليه، و غير معروشات من سائر الشجر الذي لا يَعْرِشُ. و الْعَرِيشُ: ما يستظل به يبنى من سعف النخل مثل الكوخ فيقيمون فيه مدة إلى أن يصرم النخل، و
مِنْهُ عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى ع.
في حديث مسجد الرسول ص حين ظلل. و الْعَرِيشُ: خيمة من خشب و ثمام، و الجمع عُرُشٌ مثل قليب و قلب. قال الجوهري: و منه قيل لبيوت مكة الْعُرُشُ لأنها عيدان تنصب و يظلل عليها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا نَظَرَ إِلَى عُرُشِ مَكَّةَ".
أي إلى بيوتها، و كان ذلك قبل معاوية.
 (عشش)
" عُشُّ الطائر" بالضم و التشديد: موضعه الذي يجمعه من دقاق العيدان أو غيرها، و جمعه عِشَشَةٌ و عِشَاشٌ و أَعْشَاشُ. قال الجوهري: و هو في أفنان الشجر، فإذا كان في جبل أو جدار أو نحوهما فهو وكر و وكن، و إذا كان في الأرض فهو أفحوص و أدحي. و عَشَّشَ الطائر: اتخذ عُشّاً.
 (عطش)
فِي الْحَدِيثِ" الرَّجُلُ يُصِيبُهُ الْعُطَاشُ حَتَّى يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: يَشْرَبُ".
الْعُطَاشُ بالضم: شدة العطش، و قد يكون داء يصيب الإنسان يشرب الماء فلا يروى. و الْعَطَشُ: خلاف الري. و قد عَطِشَ بالكسر فهو عَطْشَان، و قوم عَطْشَى و عِطَاشٌ، و امرأة عَطْشَى و نسوة عِطَاشٌ. و مكان عَطِشٌ: قليل الماء.
 (عكرش)
الْعِكْرِشُ بالكسر: نبات من الحمض، و هو الثيل نفسه- قاله في القاموس.
 (عمش)
الْعَمَشُ بالتحريك في العين: ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها،

143
مجمع البحرين4

عمش ص 143

و هو من باب تعب. و الرجل أَعْمَشُ و المرأة عَمْشَاءُ.
 (عيش)
قوله تعالى: وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً
 [78/ 11] أي وقت مَعَاشٍ يَتَعَيَّشُونَ به. قوله: وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ*
 [7/ 10] هو جمع مَعْيَشَةٍ على وزن مفعلة و هو ما يُعَاشُ به من النبات و غيره من الحيوان، و الياء أصلية متحركة، فلا تقلب في الجمع، فعلى قول الجمهور إن مَعايِشَ* مفاعل من الْعَيْشِ من باب عاشَ فالميم زائدة، و وزن مَعَايِشُ مفاعل فلا يهمز. قال في المصباح و به قرأ السبعة. و قيل هو من مَعِيشٍ فالميم أصلية، فوزن مَعِيشَةٍ فعيلة و وزن مَعَائِشُ فعائل فيهمز، و به قرأ أبو جعفر المدني و الأعرج. قوله: مَعِيشَةً ضَنْكاً
 [20/ 124] قال كثير من المفسرين: إن المراد بِالْمَعِيشَةٍ الضنك عذاب القبر بقرينة ذكر القيامة بعدها، و لا يجوز أن يراد بها سوء الحال في الدنيا، لأن كثيرا من الكفار لهم في الدنيا مَعِيشَةٌ طيبة هنيئة غير ضنك، و المؤمنون بالضد كما ورد
فِي الْحَدِيثِ" الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرَ".
و يتم البحث في ضنك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَّا لِرَجُلَيْنِ رَجُلٍ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ خَيْراً وَ رَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ".
الْعَيْشُ: الحياة و ما يعاش به من أنواع الرزق و الخبز و وجوه النعم و المنافع أو ما يتوصل به إلى ذلك، يقال عَاشَ يَعِيشُ عَيْشاً و مَعَاشاً و عِيشَةً بالكسر. و
مِنْهُ" لَوْ لَا ذَلِكَ مَا انْتَفَعَ أَحَدٌ بِعَيْشٍ".
و
مِنْهُ" الرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ".
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ".
لعل المراد به الحياة الطيبة بعد الموت و التَّعَيُّشُ: تكلف أسباب الْمَعِيشَةِ. و" عَائِشَةُ بنت أبي بكر" زوجة

144
مجمع البحرين4

عيش ص 144

النبي ص، و هي مهموزة. قال الجوهري و لا تقل عِيشَةٌ. و" الْعَيَّاشِيُّ" نسبة لمحمد بن مسعود بن محمد من رواة الحديث.
باب ما أوله الغين‏
 (غبش)
فِي الْخَبَرِ" إِنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ بِغَبَشٍ".
يريد أنه قدم صلاة الفجر عند أول طلوعه، و ذلك الوقت هو الْغَبَشُ، و جمعه أَغْبَاشٌ. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع فِيمَنْ طَلَبَ عِلْماً لِغَيْرِ اللَّهِ" عَادٍ فِي أَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ".
أي بظلمتها. و الْغَبَشُ بالتحريك: البقية من الليل و في أول الليل أيضا- قاله في النهاية و غيره. و أَغْبَشَ الليل: إذا أظلم ظلمة يخالطها بياض.
 (غثمش)
" غَثْمِيشَا" على ما في النسخ وَصِيُّ مَحُوقَ بالقاف، الذي هو وصي مَجْلَث بالجيم و الثاء المثلثة، و هو وصيُّ شبانَ بن شيث بن آدم.
 (غشش)
الْمَغْشُوشُ: الغير الخالص.
وَ فِي حَدِيثِ الْقُرْآنِ" وَ اغْتَشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ".
أي اتخذوا أهواءكم غَاشَّةً.
وَ قَوْلُهُ ع" وَ كَمْ مِنْ مُسْتَنْصِحٍ لِلْحَدِيثِ مُسْتَغِشٌّ لِلْكِتَابِ".
أي ليس‏

145
مجمع البحرين4

غشش ص 145

بناصح في تعلمه و معرفته، من قوله غَشَّهُ: لم يمحضه النصح و أظهر له خلاف ما أضمر. و الْغِشُّ بالكسر اسم منه، و اغْتَشَّهُ و اسْتَغَشَّهُ ضد انتصحه و استنصحه.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا".
أي ليس من أخلاقنا و لا على سنننا.
 (غطش)
قوله تعالى: أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها
 [79/ 29] يقال أَغْطَشَهُ الله: أظلمه. و أَغْطَشَ الليل: أظلم بنفسه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَطْفَأَ بِشُعَاعِهِ ظُلْمَةَ الْغَطْشِ".
أي ظلمة الظلام. و الْغَطَشُ في العين: شبه العَمَشِ. و منه غَطِشَ الرجل بالكسر، فهو أَغْطَشُ، و المرأة غَطْشَاءُ.
 (غطمش)
الْغَطَمَّشُ بتشديد الميم: الكليل البصر.
 (غمش)
" أحمد بن رزق الْغُمْشَانِيُّ" بضم الغين من رواة الحديث‏
باب ما أوله الفاء
 (فتش)
فِي الْحَدِيثِ" يَحْرُمُ عَلَيْكُمْ تَفْتِيشُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ".
يقال فَتَشْتُ الشي‏ء فَتْشاً من باب ضرب: تصفحته. و فَتَشْتُ عنه: سألت و استقصيت في الطلب و فَتَّشْتُ بالتشديد هو الفاشي في الاستعمال.
 (فحش)
قوله تعالى: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا
 [4/ 15] قيل المراد بِالْفَاحِشَةِ المساحقة و الأكثرون المراد بها الزنا.

146
مجمع البحرين4

فحش ص 146

قوله: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ قيل المراد صيانتهن عن مثل فعلهن، فالإمساك كناية عنه، و الأكثر أنه على وجه الحد في الزنا، و كان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ بآية الجلد. قوله: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا قيل السبيل النكاح المغني عن السفاح، و هذا لا يتم على تقدير إرادة المحصنات، و قيل السبيل الحكم الناسخ، و لهذا
لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجَلْدِ قَالَ النَّبِيُّ ص: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا.
قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ*
 [4/ 19] قيل معناه إلا أن يزنين فإنها تخرج ليقام عليها الحد، و قيل إلا أن تظهر بأذى تؤذي به زوجها، و قيل إلا أن يرتكبن الْفَاحِشَةَ بالخروج بغير إذن. و قد يراد بِالْفَاحِشَةِ النشوز و سوء العشرة. قوله: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ‏
 [53/ 32] أراد بها الزنا و السرقة، و باللمم الرجل يلم بالذنب فيستغفر منه، و يتم البحث في لمم. قوله: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ‏
 [7/ 31] الْفَوَاحِشُ: المعاصي و القبائح ما ظهر منها و ما بطن، مثل قوله وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع" مَا ظَهَرَ هُوَ الزِّنَا وَ مَا بَطَنَ هُوَ الْمُخَالَّةُ".
وَ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ" إِنَّ الْقُرْآنَ لَهُ ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ، فَجَمِيعُ مَا حُرِّمَ فِي الْكِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ، وَ الْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ، وَ جَمِيعُ مَا أُحِلَّ فِي الْكِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ وَ الْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْحَقِّ".
قوله: وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ [2/ 268] الْفَحْشَاءُ: الْفَاحِشَةُ و كل مستقبح من الفعل و القول، و يقال يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ
 أي البخل، و يقال للبخل فَاحِشٌ و كل سوء جاوز حده فهو فاحش.

147
مجمع البحرين4

فحش ص 146

و فَحُشَ الشي‏ء فُحْشاً مثل قبح قبحا وزنا و معنى، و في لغة من باب قتل.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ".
الْفَاحِشُ ذو الفحش في كلامه و فعاله، و الْمُتَفَحِّشُ من يتكلمه و يتعمده قال في النهاية: قد تكرر ذكر الْفُحْشُ و الْفَاحِشَةُ و الْفَوَاحِشُ في الحديث، و هو كلما يشتد قبحه من الذنوب و المعاصي. و قد يكون الْفُحْشُ بمعنى الزيادة و الكثرة، و منه‏
حَدِيثُ دَمِ الْبَرَاغِيثِ" إِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشاً فَلَا بَأْسَ بِهِ".
و مثله‏
" إِنْ كَانَ الِالْتِفَاتُ فَاحِشاً فِي الصَّلَاةِ".
أي كثيرا.
 (فرش)
قوله تعالى: جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً
 [2/ 22] أي ذللها لكم للاستقرار عليها.
وَ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ:" جَعَلَهَا مُلَائِمَةً لِطِبَاعِكُمْ مُوَافِقَةً لِأَجْسَادِكُمْ، لَمْ يَجْعَلْهَا شَدِيدَةَ الْحُمَّى وَ الْحَرَارَةِ فَتُحْرِقَكُمْ وَ لَا شَدِيدَةَ الْبُرُودَةِ فَتُجْمِدَكُمْ، وَ لَا شَدِيدَةَ طِيبِ الرِّيحِ فَتُصَدِّعَ هَامَاتِكُمْ، وَ لَا شَدِيدَةَ النَّتْنِ فَتَعْطِبَكْم، وَ لَا شَدِيدَةَ اللِّينِ كَالْمَاءِ فَتُغْرِقَكُمْ، وَ لَا شَدِيدَةَ الصَّلَابَةِ فَتَمْتَنِعَ عَلَيْكُمْ فِي دُورِكُمْ وَ أَبْنِيَتِكُمْ وَ قُبُورِ مَوْتَاكُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ فِيهَا مِنَ الْمَتَانَةِ مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ تَتَمَاسَكُونَ وَ تَتَمَاسَكُ عَلَيْهَا أَبْدَانَكُمْ وَ بُنْيَانُكُمْ وَ مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ لِدُورِكُمْ وَ قُبُورِكُمْ وَ كَثِيرٍ مِنْ مَنَافِعِكُمْ، فَلِذَلِكَ جَعَلَ الْأَرْضَ فِراشاً".
قوله: حَمُولَةً وَ فَرْشاً [6/ 142] الْفَرْشُ بالفتح: الإبل التي لا تطيق أن يحمل عليها، و هي الصغار من الإبل، و قيل هو من الإبل و البقر و الغنم ما لا يصلح للذبح، و قدم الحمولة على الفرش لأنها أعظم في الانتفاع. قال الفراء نقلا عنه: و لم أسمع الْفَرْشَ يجمع، و يحتمل أن يكون مصدرا سمي به. قوله: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراش‏

148
مجمع البحرين4

فرش ص 148

الْمَبْثُوثِ [101/ 4] الْفَرَاشُ بالفتح و تخفيف الراء جمع الفراشة، و هو صغار البق، و قيل شبيهة بالبعوض تتهافت في النار، و ذلك لضعف أبصارها، فهي نسيت ضوء النهار، فإذا رأت المسكينة ضوء السراج بالليل ظنت أنها في بيت مظلم، فلا تزال تطلب الضوء و ترمي بنفسها إلى النار حتى تحترق. قال الغزالي: و لعلك تظن أن هذا لنقصان فهمها و جهلها. ثم قال: اعلم أن جهل الإنسان أعظم من جهلها، بل صورة الإنسان في الانكباب على الشهوات و التهافت فيها أعظم جهلا منها، لأنه لا يزال يرمي نفسه في النار بانكبابه على الشهوات و المعاصي إلى أن يغمس في النار و يهلك هلاكا مؤبدا، فليت جهل الآدمي كان كجهل الفراش، فإنها باغترارها بظاهر الضوء احترقت و تخلصت في الحال و الآدمي يبقى في النار أبد الآبدين أو مدة مديدة، و لذلك‏
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص" إِنَّكُمْ تَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ تَهَافُتَ الْفِرَاشِ".
و الْفِرَاشُ بالكسر واحد الْفَرْشِ، و قد يكنى به عن المرأة، و منه قوله تعالى: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
 [56/ 34] أي نساء مرتفعة الأقدار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْكَ".
يعني في سجودك، أي لا تبسطهما
" وَ لَكِنْ جَنِّحْ بِهِمَا".
و
فِيهِ" الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ".
أي للزوج فإن كل واحد من الزوجين يسمى فِرَاشاً للآخر كما يسمى كل واحد منهما لباسا للآخر. و فِرَاشُ الهام: عظام رقيقة تلي قحف الرأس. و كل عظم رقيق فِرَاشَةٌ مثل سحاب و سحابة، و
مِنْهُ" فِرَاشَةُ الْقُفْلِ".
و هو ما ينشب فيه. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" ضَرْبٌ يَطِيرُ مِنْهُ فِرَاشُ الْهَامِ".
و فَرَشْتُ البساطَ و غيره فَرْشاً من باب ضرب، و في لغة من باب قتل: بسطته.
 (فنش)
فَنَشَ في الأرض فَنْشاً: استرخى.

149
مجمع البحرين4

باب ما أوله القاف ص 150

باب ما أوله القاف‏
 (قرش)
قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ‏
 [106/ 1] قُرَيْشٌ قبيلة و أبوهم النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، و كل من كان ولدا لنضر بن كنانة فهو قرشي. و قيل قُرَيْشٌ هو فهر بن مالك، و من لم يلده فليس بقرشي. و اختلف في سبب التسمية: فقيل هو من الْقَرْشِ و هو الكسب و الجمع، و قيل سميت قُرَيْشاً لاجتماعها بعد تفرقها في البلاد، و
قِيلَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ رَكِبَ فِي بَحْرِ الْهِنْدِ فَقَالُوا قُرَيْشٌ [نوع من السمك يعرف بكلب البحر يقطع الحيوان بأسنانه‏] كَسَرَ مَرْكَبَنَا فَرَمَاهَا النَّضْرُ بِالْجِرَابِ فَقَتَلَهَا وَ حَزَّ رَأْسَهَا وَ كَانَ لَهَا آذَانٌ كَالشِّرَاعِ تَأْكُلُ وَ لَا تُؤْكَلُ تَعْلُو وَ لَا تُعْلَى، فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَنَصَبَهُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَكَانَ النَّاسُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ عِظَمِهِ فَيَقُولُونَ قَتَلَ النَّضْرُ قُرَيْشاً.
و قُرَيْشٌ أهل الشرف و الرئاسة، و هم قبائل متفرقة منهم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر و كان يدعى مُجَمِّعاً، و منهم هاشم الذي قيل فيه:
عمرو الذي هَشَمَ الثريد لقومه             و رجال مكة مسنتون عجاف‏

و منهم شيبة الحمد المطعم طير السماء الذي كان في وجهه قمر يضي‏ء ليلة الظلام الداجي. و ينسب إلى قُرَيْشٍ بحذف الياء، فيقال قُرَشِيٌّ، و ربما نسب إليه في الشعر من غير تغيير فيقال قُرَيْشِيٌّ.
وَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ".
يريد العلوية. قال بعض الأفاضل: الْقُرَشِيَّةُ ما انتسبت بالأب و الأم أو بالأب على المختار. و مقابر قُرَيْشٍ ببغداد معروفة.

150
مجمع البحرين4

قرقش ص 151

(قرقش)

القرقش [القِرْقِس‏] بكسر القاف: البعوض.
 (قش)
فِي الْحَدِيثِ" أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ لِسُورَتَيْ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الْمُقَشْقِشَتَانِ".
قال في القاموس و الصحاح: الْمُقَشْقِشَتَانِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وَ الْإِخْلَاصُ، أي الْمُبْرِئَتَانِ من النفاق و الشرك تبرئان كما يُقَشْقِشُ الهناءُ الجرب.
 (قمش)
فِي الْحَدِيثِ" رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا".
أي جمعه، من الْقَمْشِ بالفتح فالسكون و هو جمع الشي‏ء من هنا و من هنا، و كذلك التَّقَمُّشُ. و قُمَاشُ البيت بالضم: متاعه.
باب ما أوله الكاف‏
 (كبش)
فِي الْخَبَرِ" قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَقَدْ عَظَّمْتُمْ مُلْكَ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ".
كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَنْسُبُونَ النَّبِيَّ إِلَى أَبِي كَبْشَةَ، وَ كَانَ أَبُو كَبْشَةَ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ خَالَفَ قُرَيْشاً فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَ عَبَدَ الشِّعْرَى، فَلَمَّا خَالَفَهُمْ النَّبِيُّ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ شَبَّهُوهُ بِهِ.
و قيل هو نسبة إلى جد النبي ع لأمه، فأرادوا أنه نزع إليه في الشبه. و الْكَبْشُ: فحل الضأن في أي سن كان، و قيل الحمل إذا ثنى و إذا خرجت رباعيته، و الجمع كِبَاشٌ ككتاب. و كَبْشُ القوم: سيدهم- قاله الجوهري‏
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع فِي مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ" هُوَ أَبُو الْأَكْبُشِ الْأَرْبَعَةِ".
و كان له أربعة ذكور لصلبه: عبد الملك و وُلِّيَ الخلافة، و عبد العزيز و وُلِّيَ مصر،

151
مجمع البحرين4

كبش ص 151

و بِشْرٌ و وليَ العراق، و محمد و ولي الجزيرة و لم يَلِ الخلافةَ أربعةُ إِخوةٍ إِلَّا هُمْ.
 (كدش)
الْكَدْشُ: الخدش. و كَدَشَهُ: خدشه.
 (كرش)
لكل مجتر: بمنزلة المعدة للإنسان، و فيه لغتان كَرِشٌ و كِرْشٌ مثل كبد و كبد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَغْلُ كَرِشُهُ سِقَاؤُهُ".
و جمع الْكَرِشِ كُرُوشٌ كحمل و حمول و يسمى الْكَرِشُ إنفحة ما لم يأكل الجدي، فإن أكل يسمى كَرِشاً. و الكرش أيضا الجماعة من الناس.
وَ فِي خَبَرِ النَّبِيِّ ص" الْأَنْصَارُ كَرِشِي".
أي أنهم مني في المحبة و الرأفة بمنزلة الأولاد الصغار، لأن الإنسان مجبول على محبة ولده الصغير. و كَرِشُ الرجل: عياله من صغار ولده.
 (كشش)
" الْكَشُّ" بالفتح قرية من جرجان و الْكَشُّ: الكشك. و منه‏
حَدِيثُ الْمَنِيِّ" وَ لَهُ رَائِحَةُ الْكُشِّ".
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي ذَمِّ قَوْمِهِ فِي الْحَرْبِ" كَأَنِّي بِكُمْ أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ تَكِشُّونَ كشَيِشَ الضِّبَابِ صَوْتَهَا".
أي تصيحون صيحة ضعيفة. و كَشِيشُ الأفعى: صوتها من جلدها لا من فمها، كنى بذلك عن حالهم في الازدحام في الهزيمة.
 (كمش)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُوَارِ- يَعْنِي مِنَ الْقَتْلَى- إِلَّا كَمِيشاً".
يعني من كان ذكره صغيرا. قيل و لا يكون ذلك إلا في كرام الناس. و الْكَمِيشُ: السريع أيضا.

152
مجمع البحرين4

كمش ص 152

و الْكَمُوشُ: الصغيرة الضرع، سميت بذلك لِانْكِمَاشِ ضرعها و تقلصه.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَوَاعِظِ" وَ اكْمُشْ فِي فَرَاغِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْصَدَ قَصْدُكَ وَ يُنْحَى نَحْوُكَ فَلَا تَقْدِرَ حِينَئِذٍ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِمَّا طُلِبَ مِنْكَ".
أي شمر و جد في الطلب، يقال انْكَمِشْ في هذا الأمر: شمر و جد فيه. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" بَادِرْ مِنْ وَجَلٍ وَ اكْمُشْ فِي مَهَلٍ".
و هو من قبيل‏
" هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ".
باب ما أوله الميم‏
 (محش)
الْمُحَاشُ بالضم: المحرف. و الْمَحَاشُ بالفتح: المتاع.
وَ قَوْلُهُ ص" مَحَاشُّ نِسَاءِ أُمَّتِي حَرَامٌ".
قد مر في حشش.
 (مرش)
الْمَرْشُ: الخدش بأطراف الأصابع- قاله في القاموس.
 (مشش)
فِي وَصْفِهِ ص" عَظِيمُ مُشَاشَةِ الْمَنْكِبَيْنِ".
الْمُشَاشَةُ بالضم واحد الْمُشَاشِ كغراب، و هي رءوس العظام اللينة التي يمكن مضغها كالمرفقين و الكفين و الركبتين، و منه" جليل الْمُشَاشِ" أي عظيمها. و منه‏
حَدِيثُ شَارِبِ الْخَمْرِ" إِذَا شَرِبَ بَقِيَ فِي مُشَاشِهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً".
و" الْمِشْمِشُ" بالكسر الذي يؤكل و حكى الفتح في الصحاح عن أبي عبيدة.
 (ميش)
" الْمَاشُ" حب معروف معرب أو مولد. و" مُوشَا بن يوسف" و ولد له ابن يقال له موسى نبى‏ء قبل موسى- كذا في التاريخ.

153
مجمع البحرين4

باب ما أوله النون ص 154

باب ما أوله النون‏
 (نبش)
نَبَشْتُ الميت نَبْشاً من باب قتل: استخرجته من الأرض، و منه النَّبَّاشُ. و نَبَشْتُ الشر: أفشيته.
 (نجش)
فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ" نَهَى عَنِ النَّجْشِ".
النَّجَشُ بفتحتين هو أن يمدح السلعة في البيع لينفقها و يروجها أو يزيد في قيمتها و هو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، يقال نَجِشَ الرجل نَجْشاً من باب قتل، و الاسم النَّجْشُ، و الفاعل نَاجِشٌ و نَجَّاشٌ مبالغة، قيل و الأصل فيه تنفير الوحش من مكان إلى مكان، و النهي للتحريم لما فيه من إدخال الضرر على المسلم. و مثله‏
الْخَبَرُ" لَا تَنَاجَشُوا وَ لَا تَدَابَرُوا".
و النَّاجِشُ: الخائن. و" النَّجَاشِيُّ" بالفتح و التخفيف في غير موضع و هو الأكثر:
اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْحَبَشَةِ، وَ اسْمُهُ أَضْمَخَةُ، آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ غَائِباً، وَ كَانَ عَبْداً لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِيمَانِ.
وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ.
و" النَّجَاشِيُّ" أبو أحمد بن علي المكنى بأبي العباس صاحب كتاب الرجال المشهور، سمع كثيرا عن أبي عبد الله المفيد.
 (نشش)
فِي الْحَدِيثِ" النَّبِيذِ إِذَا نَشَّ فَلَا يَشْرَبُ".
أي إذا غلا، يقال نَشَّتِ الخمرة تَنِشُّ نَشِيشاً. و مثله‏
" إِنْ نَشَّ الْعَصِيرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ فَدَعْهُ حَتَّى يَصِيرَ خَلًّا".
و مثله‏
" إِذَا نَشَّ الْعَصِيرُ أَوْ غَلَى‏

154
مجمع البحرين4

نشش ص 154

حَرُمَ".
و النَّشِيشُ: صوت الماء و غيره إذا غلى. و نَشَّ الكوز الجديد: إذا صوت. و
فِيهِ" مُهُورُ نِسَاءِ آلِ مُحَمَّدِ اثْنَا عَشَرَ أُوقِيَّةً وَ نَشٌّ".
أي نصف أوقية، لأن النَّشَّ بالفتح و الشين المشددة عشرون درهما نصف أوقية- قاله الجوهري و غيره. فيكون الجمع خمسمائة درهم. و النَّشُّ من كل شي‏ء: نصفه.
 (نعش)
تكرر في الحديث ذكر النَّعْشُ، و هو سرير الميت إذا كان عليه، سمي بذلك لارتفاعه، فإذا لم يكن عليه ميت فهو سرير. و ميت مَنْعُوشٌ: محمول على النَّعْشِ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَسْأَلُكَ نِعْمَةً تَنْعَشُنِي بِهَا وَ عِيَالِي".
أي ترفعني بها عن مواطن الذل، من قولهم نَعَشَهُ الله يَنْعَشُهُ نَعْشاً: رفعه. قال الجوهري و لا تقل أَنْعَشَهُ الله. و قوله:" تَنْعَشُ الضعيفَ" أي تقويه و تقيمه، من قولهم نَعَشَهُ و أَنْعَشَهُ: أي أقامه. و انْتَعَشَ العاش: نهض من عثرته. و" بنات نَعْشٍ" نجوم سبعة معروفة لا تغيب بل ينحط بعضها إلى جانب المغيب انحطاطا.
 (نفش)
قوله تعالى: إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ‏
 [21/ 78] أي رعته ليلا، و لا يكون النَّفْشُ إلا بالليل، و الهمل يكون ليلا و نهارا، يقال نَفَشَتِ الغنم و الإبل تَنْفُشُ نُفُوشاً: إذا رعت ليلا بلا راع. و منه‏
الْحَدِيثُ" عَلَى صَاحِبِ الْمَاشِيَةِ حِفْظُهَا بِاللَّيْلِ فَمَا فَسَدَتْ بِاللَّيْلِ ضَمِنُوا وَ هُوَ النَّفَشُ".
و نَفَشْتُ القطن نَفْشاً من باب قتل: إذا هيجته.
 (نقش)
الْمُنَاقَشَةُ هي الاستقصاء في الأمر و الحساب، يقال نَاقَشَهُ مُنَاقَشَةً: إذا استقصيت في حسابه. و النَّقْشُ كفلس هو تلوين الشي‏ء

155
مجمع البحرين4

نقش ص 155

بلونين أو زائد، و الشي‏ء مَنْقُوشٌ، يقال نَقَشْتُ الشي‏ء نَقْشاً من باب قتل: لونته بألوان. و النَّقْشُ: النتف بِالْمِنْقَاشُ، و منه" نَقْشُ الخاتم".
 (نمش)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ ذَرَّ عَلَى أَوَّلِ لُقْمَةٍ مِنْ طَعَامِهِ الْمِلْحَ ذَهَبَ عَنْهُ بِنَمَشِ الْوَجْهِ".
النَّمَشُ محركة: نقط بيض و سود تقع في الجلد يخالف لونها لونه، و منه ثور نَمِشٌ بكسر الميم.
 (نوش)
قوله تعالى: وَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
 [34/ 52] التَّنَاوُشُ: التناول يقول أنى لهم تناول الإيمان في الآخرة و قد كفروا به في الدنيا، و لك أن تهمز الواو كما يقال أقتت و وقتت. قال الجوهري و قرئ بهما جميعا. و الْمُنَاوَشَةُ: المناولة. و الْمُنَاوَشَةُ في القتال: تداني الفريقين و أخذ بعضهم بعضا.
 (نهش)
فِي وَصْفِهِ ص" كَانَ مَنْهُوشَ الْقَدَمَيْنِ".
أي دقيقهما. و نَهَشَتْهُ الحية من بابي ضرب و نفع: لسعته و عضته.
باب ما أوله الواو
 (وبش)
الْأَوْبَاشُ من الناس: الأخلاط. قال الجوهري: هو جمع مقلوب من البوش. و منه‏
الْحَدِيثُ" قَدْ وَبَّشْتْ قُرَيْشٌ لِحَرْبِهِ أَوْبَاشاً".
بموحدة مشددة و شين معجمة، أي جمعت له جموعا من قبائل شتى و هم الْأَوْبَاشُ و الأوشاب أيضا.

156
مجمع البحرين4

وحش ص 157

 (وحش)
قوله تعالى وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ‏
 [81/ 5] قد مر تفسيره. و الْوُحُوشُ: الْوَحْشُ، و هو الحيوان البري، الواحد الْوَحْشِيُّ، و يقال جمع الْوَحْشِ وُحُوشٌ، و كل شي‏ء يَسْتَوْحِشُ من الناس فهو وَحْشٌ و وَحْشِيٌّ. و كان الياء فيه للتأكيد كما في قوله:
و الدهر بالإنسان دواري‏


أي كثير الدوران. و يقال إذا أقبل الليل: استأنس كل وَحْشِيٍّ و استوحش كل إنسي. و الْوَحْشَةُ بين الناس: الانقطاع و بعد القلوب عن المودات.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قُلُوبُ الرِّجَالِ وَحْشِيَّةٌ".
أي متباعدة بعضها من بعض، من الْوَحْشَةُ التي هي عدم الأنس‏
" فَمَنْ تَأَلَّفَهَا أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ".
وَ فِي حَدِيثِ عَطِيَّةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ" وَ كَانَ فِيهِ إِيحَاشٌ لِلْبَاقِينَ".
أي بعد و تباعد لهم من الْوَحْشَةِ. و قد اضطربت النسخ في هذه اللفظة، و لعل ما ذكرنا هو الصواب. و الْوَحْشَةُ: الخلوة. و بلد وَحْشٌ بالتسكين: أي قفر. و" وَحْشِيٌّ" قاتل حمزة عم النبي ص آمن بعد قتل حمزة. و منه‏
الْحَدِيثُ" حَمْزَةُ وَ قَاتِلُهُ فِي الْجَنَّةِ".
 (ورش)
فِي الْحَدِيثِ" مَنِ اتَّخَذَ طَيْراً فَلْيَتَّخِذْ وَرَشَاناً".
هو بفتح الواو و الراء و الشين المعجمة: الحمام الأبيض. و الْوَرَشَانُ أيضا: سَاقُ حُرٍّ، و هو ذكر القماري. و" الْوَرَشَانُ" قيل طائر يتولد من الفاختة و الحمامة.

 

157
مجمع البحرين4

ورش ص 157

و قال بعض الأعلام: الْوَرَشَانُ الحمام الأبيض، و القماري الأزرق، و الدباسي الأحمر، و الجمع وراشين، و يجمع على وِرْشَانٍ بكسر الواو ككروان جمع كروان للطائر المعروف.
وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ: يَقُولُ الْوَرَشَانُ" لِدُوا لِلْمَوْتِ وَ ابْنُوا لِلْخَرَابِ".
و" ورش" لقب رجل من القراء.
 (وشوش)
الْوَشْوَشَةُ: كلام في اختلاط، يقال بين القوم وَشْوَشَةٌ و وَشَاوِشُ.
باب ما أوله الهاء
 (هشش)
قوله تعالى: وَ أَهُشُّ بِها عَلى‏ غَنَمِي‏
 [20/ 18] أي أضرب الأغصان ليسقط ورقها على غنمي، من قولهم هَشَشْتُ الورق أَهُشُّهُ هَشّاً: خبطته بعضا ليتخلف. و الْهَشَاشَةُ: الارتياح و الخفة للمعروف. و قد هَشِشْتُ بفلان بالكسر أَهِشُّ هَشَاشَةً: إذا خففت إليه و ارتحت له. و" هَشٌّ بش" لمن اتصف بذلك، يقال هَشَّ الرجل هَشّاً: إذا تبسم و ارتاح من بابي تعب و ضرب. و
" الْمُؤْمِنِ هَشَّاشٌ بَشَّاشٌ".
من الْهَشَاشَةِ، و هي طلاقة الوجه. و شي‏ء هَشٌّ و هَشِيشٌ: أي رخو لين‏
 (همش)
هَمْشَارِيجُ الرجل: أهل بلده، فارسي معرب. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ" أَعْطِ هَمْشَارِيجَهُ".

158
مجمع البحرين4

هوش ص 159

 (هوش)
فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ فِي الْهَايِشَاتِ عَقْلٌ وَ لَا قِصَاصٌ".
هي الفزعة تقع بالليل و النهار فَيُشَجُّ الرجل فيها أو يقتل لا يدرى من شَجَّهُ أو قتله.
وَ فِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ" إِيَّاكُمْ وَ هَوْشَاتِ الْأَسْوَاقِ".
أي فتنتها و هيجانها.
وَ فِي خَبَرِ الْإِسْرَاءِ" فَإِذَا بَشَرٌ يَهُوشُونَ".
أي يدخل بعضهم في بعض، من الْهَوْشِ، و هو الاختلاط.
 (هيش)
الْهَيْشَةُ: الجماعة من الناس و هَاشَ القوم يهيشون هَيْشاً: إذا تحركوا و هاجوا.

159
مجمع البحرين4

كتاب الصاد ص 161

كتاب الصاد

161
مجمع البحرين4

باب ما أوله الألف ص 163

باب ما أوله الألف‏
 (اجص)
" الْإِجَّاصُ" بكسر الأول و تشديد الجيم فاكهة معروفة، الواحدة إِجَّاصَةٌ، و لا يقال إنجاص، و يقال إنه ليس من كلام العرب لأن الصاد و الجيم لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلامهم.
 (امص)
فِي الْفَقِيهِ" لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْآمِصِ".
الْآمِصُ و الْآمِيصُ طعام يتخذ من لحم عجل بجلده، أو مرق السكباج المصفى من الدهن معرب- قاله في القاموس. و روي أنها اليحامير.
باب ما أوله الباء
 (بخص)
فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ع" كَانَ مَبْخُوصَ العَقِبَيْنِ".
بالباء الموحدة و الخاء المعجمة ثم الصاد المهملة أي قليل لحمها. و الْبَخْصَةُ: لحم أسفل القدم. قال الهروي: و إن روي بالنون و الحاء و الضاد فهو من النَّحْضُ اللحم، يقال نَحَضْتُ العظم: إذا أخذت عنه لحمه.
 (برص)
الْبَرَصُ لون مختلط حمرة و بياضا أو غيرهما، و لا يحصل إلا من فساد المزاج و خلل في الطبيعة، يقال بَرِصَ الجسم بَرَصاً من باب تعب، و الذكر أَبْرَصُ و الأنثى بَرْصَاءُ، و الجمع بُرْصٌ كأحمر و حمراء و حمر. و" سام أَبْرَصُ" و" سَمَّبْرَصُ" هو كبار الوزغ، اسمان جعلا اسما واحدا، فإن شئت أعربت الأول و أضفته إلى الثاني، و إن شئت بنيت الأول على الفتح و أعربت الثاني، و لكنه غير منصرف في الوجهين للعلمية الجنسية

163
مجمع البحرين4

برص ص 163

و وزن الفعل- كذا قاله الجوهري و غيره، و تقول في التثنية هذان ساما أَبْرَصُ و في الجمع سوام أَبْرَصُ، و إن شئت قلت هؤلاء سوام و لا تذكر أَبْرَصَ، و إن شئت قلت هؤلاء الْبِرَصَةُ و الْأَبَارِصُ، و لا تذكر سام. و" أبو بَرْصٍ" بفتح ألباء: الوزغ الذي يسمى سامَّ أَبْرَصَ. و عن يحيى بن يعمر" لئن أقتل مائة وزغة أحب إلي من أن أعتق مائة رقبة". قيل: إنما قال ذلك لأنها دابة سوء، و زعموا أنها تستسقي الحيات و تمج في الماء، فإذا نال الإنسان من ذلك حصل له مكروه عظيم، و إذا تمكن من الملح تمرغ فيه فيصير مادة لتولد البرص. و من خواصه أنه إذا شق و جعل على موضع النصل و الشوك فإنه يخرجهما، و إذا سحق و خلط بالزيت أنبت الشعر على القرع.
 (بصبص)
فِي حَدِيثِ دَانِيَالَ حِينَ أُلْقِيَ فِي الْجُبِّ وَ أَلْقَوْا عَلَيْهِ السِّبَاعَ" جَعَلْنَ يَلْحَسْنَهُ وَ يُبَصْبِصْنَ إِلَيْهِ".
أَخْذاً مِنَ الْبَصْبَصَةِ، و هي تحريك الكلب ذنبه طمعا أو خوفا.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" يَا عِيسَى سُرُورِي أَنْ تُبَصْبِصَ إِلَيَّ".
أي تقبل إلي بخوف و طمع.
وَ نَقَلَ الشَّهِيدُ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ أَنَّ الْبَصْبَصَةَ: هِيَ أَنْ تَرْفَعَ سَبَّابَتَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ وَ تُحَرِّكَهُمَا وَ تَدْعُوَ.
و الْبَصِيصُ: البريق. و بَصَّ الشي‏ء يَبُصُّ: لمع.
 (بعص)
فِي الْحَدِيثِ" فِي الرَّجُلِ إِذَا انْكَسَرَ بُعْصُوصُهُ فَلَمْ يَمْلِكِ اسْتَهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ".
البُعْصُوصُ كعصفور: الورك و عظم دقيق حول الدبر، و هو الْعُصْعُصُ.

164
مجمع البحرين4

باب ما أوله الجيم ص 165

باب ما أوله الجيم‏
 (جصص)
الْجِصُّ بالكسر: ما يبنى به معرب. و الْجَصَّاصُ: من يتخذه.
باب ما أوله الحاء
 (حرص)
قوله تعالى: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ‏
 [9/ 128] أي حثيث عليكم بالنصيحة. و الْحَرِيصُ: الحثيث على الشي‏ء. و حَرَصَ عليه حَرْصاً من باب ضرب: اجتهد، و الاسم الْحِرْصُ بالكسر. و حَرِصَ كتعب حَرَصاً: أشرف على الهلاك. و الْحَارِصَةُ: هي الشجة التي تشق الجلد قليلا و لا تجري الدم، و كذلك الْحَرْصَةُ. و الْحَرْصُ: الشق، و منه" حَرَصَ القصار الثوب" من بابي ضرب و قتل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ تَتْرُكُ لِلْحَارِصِ كَذَا".
هو الذي يَحْرُصُ البستان و الناطور بها.
 (حرقص)
الْحُرْقُوصُ بالضم: دويبة كالبرغوث صفراء أرقط بحمرة أو صفرة و الغالب عليه السواد، و ربما ينبت له جناحان فيطير، حمته كحمة الزنبور و يلصق بالناس يثقب الأساقي، و يدخل في فروج الجواري‏
 (حصص)
قوله تعالى: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ‏
 [12/ 51] أي وضح و ظهر و تبين. و عن الأزهري أصله من حَصْحَصَةُ البعير بثفناته في الأرض، و ذلك إذا برك حتى تستبين آثارها فيها.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِع‏

165
مجمع البحرين4

حصص ص 165

الْأَذَانَ مَرَّ وَ لَهُ حُصَاصٌ".
قال أبو عبيدة هو الضراط. و الْحِصَّةُ بالكسر: النصيب، و الجمع حِصَصٌ مثل سدرة و سدر.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ لَا تُحَاصَّنَا بِذُنُوبِنَا".
أي لا تجعل لنا نصيبا من العذاب بسبب ذنوبنا. و تَحَاصَّ القوم يَتَحَاصُّونَ: إذا اقتسموا حِصَصاً، و كذلك المحاصة. و الْحَصْحَصَةُ: الإسراع في السير.
 (حمص)
" الْحِمَّصُ" بالكسر و التشديد: حب معروف يطبخ و يؤكل، الواحدة حِمَّصَةُ. و عن تغلب الاختيار فتح الميم، و قال المبرد بكسرها. و حب مُحَمَّصٌ: مقلو. و" حِمْصٌ" بالكسر بلد معروف بالشام يذكر و يؤنث.
 (حوص)
الْحَوَصُ: ضيق في العين، يقال حَوِصْتُ العين من باب تعب: ضاق مؤخرها و هو عيب. و الرجل أَحْوَصُ، و به سمي، و الأنثى حَوْصَاءُ مثل أحمر و حمراء.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَطَعَ مَا فَضَلَ عَنْ أَصَابِعِهِ مِنْ كُمَّيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلْخَيَّاطِ" حُصْهُ".
أي خط كفافه، يقال حَاصَ الثوب يَحُوصُهُ حَوْصاً: إذا خاطه.
 (حيص)
قوله تعالى: لا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً
 [4/ 122] أي مهربا و محيدا، يقال حَاصَ عنه يَحِيصُ حَيْصاً و حُيُوصاً و مَحِيصاً و مَحَاصاً و حَيَصَاناً أي عدل و حاد. و ما عنه مَحِيصٌ: أي محيد و مهرب. و منه قوله تعالى: ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ*
 [14/ 21] أي معدل يلجئون إليه. و قولهم" وقعوا في حَيْصَ بَيْصَ" أي في اختلاط من أمرهم لا مخرج لهم منه، و يقال في ضيق و شدة. قال الجوهري: و هما اسمان جعلا واحدا و بنيا على الفتح. و حَاصَ حَيْصَةً: أي جال جولة يطلب الفرار.

166
مجمع البحرين4

باب ما أوله الخاء ص 167

باب ما أوله الخاء
 (خبص)
في الحديث ذكر الْخَبِيصُ، و الْخَبِيصَةُ هو طعام معمول من التمر و الزبيب و السمن، فعيل بمعنى مفعول، و يجمع على أَخْبِصَةٍ، و منه‏
الْحَدِيثُ" رُبَّمَا أَطْعَمَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الْفَرَانِيَّ وَ الْأَخْبِصَةَ".
و خَبَصْتُ الشي‏ء خَبْصاً من باب ضرب: خلطته. و الْمِخْبَصَةُ بكسر الميم: ما يعمل بها الْخَبِيصُ.
 (خرص)
قوله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ‏
 [51/ 10] أي الكذابون. و الْخَرْصُ: الكذب، يقال خَرَصَ يَخْرُصُ بالضم خَرْصاً و تَخَرَّصَ أي كذب و قوله: تَخْرُصُونَ‏
 [6/ 148] أي تحدسون و تحزرون. و الْخَرْصُ بالفتح: حزر ما على النخل من الرطب، يقال كم خَرْصُ أرضك، و هو من الْخَرْصِ الظن، لأن الحزر إنما هو تقدير بظن. و الْخُرْصُ بالضم و الكسر: الحلقة الصغيرة من الحلي، و هو من حلي الأذن.
 (خصص)
قوله تعالى: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ
 [59/ 9] هي بالفتح الحاجة و الفقر، و منه" شملتني الْخَصَاصَةُ". و الْخَصَاصَةُ: الخلل و الثقب الصغير، و كل ثلمة خَصَاصَةٌ، و أصل الْخَصَاصِ الخلل و الفرج، و منه" خَصَاصُ الأصابع" و هي الفرج التي بينها. و الْخَاصَّةُ: خلاف العامة، و منه قوله تعالى: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِين‏

167
مجمع البحرين4

خصص ص 167

ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً
 [8/ 25]. و في القرآن خاص و عام. و خَصَّهُ بالشي‏ء خُصُوصاً من باب قعد و خَصُوصِيَّةٌ بالفتح أفصح من الضم و خُصَّ الشي‏ءُ: خلاف عم. و" مُحَمَّدٌ حَبِيبُكَ و خَاصَّتُكَ" أي اخْتَصَصْتَهُ من سائر خلقك. و" الْخُصُّ" بالضم و التشديد: البيت من القصب، و الجمع أَخْصَاصٌ مثل قفل و أقفال. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْخُصُّ لِمَنْ إِلَيْهِ الْقُمُطُ".
يعني شد الحبل.
 (خلص)
قوله تعالى: خَلَصُوا نَجِيًّا
 [12/ 80] أي تميزوا عن الناس و انفردوا متناجين. قوله: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ
 [38/ 46] أي جعلناهم لنا خَالِصِينَ بخصلة خَالِصَةٍ لا شوب فيها، و هي ذكرى الدار أي ذكراهم الآخرة دائما بطاعة الله تعالى، و قرئ بإضافة خَالِصَةٍ. قوله تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏
 [7/ 29] قال بعض المفسرين: و معنى الْإِخْلَاصِ هي القربة الذي يذكرها أصحابنا في نياتهم، و هو إيقاع الطاعة خَالِصاً لله وحده، فمنطوق الآية يدل على أن الأمر منحصر في العبادة الْمُخْلَصَةِ، و الأمر بالشي‏ء نهي أو مستلزم للنهي عن ضده كما تقرر في الأصول، فيكون كل ما ليس بِمُخْلَصٍ منهيا عنه، فيكون فاسدا. و أورد عليه: أن ذلك مخاطبة للكفار فلا يعم غيرهم، اللهم إلا مع ملاحظة قوله وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ و اللام في لِيَعْبُدُوا زائدة كما في شرح الرضي. قوله: إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلِصِينَ‏
 [12/ 24] بالكسر، أي الذين أَخْلَصُوا الطاعة لله بفتح اللام الذين أَخْلَصَهُمُ الله لرسالته، أي اختارهم. و قوله: أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي‏
 [12/ 54] و أَسْتَخِصُّهُ متقاربان، و المعنى أنه جعله خَالِصاً لنفسه و خاصا به يرجع إليه في تدبيره.

168
مجمع البحرين4

خلص ص 168

و في الحديث ذكر العمل الْخَالِصِ، و الْخَالِصُ في اللغة كلُّ ما صفي و تَخَلَّصَ و لم يمتزج بغيره، سواء كان ذلك الغير أدون منه أم لا، و قد خص العمل الْخَالِصُ في العرف بما تجرد قصد التقرب فيه عن جميع الشوائب، و لا تريد أن يحمدك عليه إلا الله، و هذا التجريد يسمى إِخْلَاصاً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ هِيَ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ".
قيل سميت بذلك لأنها خَالِصَةٌ في صفة الله تعالى، أو لأن اللافظ بها قد أَخْلَصَ التوحيد لله تعالى. و الْمُخْلَصُ من العباد: هو الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد، و إذا وجد رضي، و إذا بقي عنده شي‏ء أعطاه في الله، فإن لم يسأل المخلوق فقد أمر الله بالعبودية، و إذا وجد فرضي فهو عن الله راض و الله عنه راض، و إذا أعطى لله فهو على حد الثقة بربه- كذا في معاني الأخبار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنِّي لَا أَخْلُصُ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ ازْدِحَامِ النَّاسِ".
أي لا أصل إليه، من قولهم خَلَصَ فلان إلى كذا: أي وصل إليه. و منه‏
قَوْلُهُ" لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَ لَمْ يَخْلُصْ إِلَى الصَّعِيدِ".
أي لا يصل إليه. و خَالَصَهُ في المودة: أي صافاه فيها. و خُلَاصَةُ الشي‏ء: جيده و ما صفا منه مأخوذ من خُلَاصَةِ السمن، و هو ما يلقى فيه تمر أو سويق لِيَخْلُصَ من بقايا اللبن. و خَلَصَ الشي‏ء من التلف من باب قعد خُلُوصاً و خَلَاصاً: سلم و نجا. و خَلَصَ الماء من الكدر: صفا. و خَلَّصْتُهُ من غيره بالتثقيل: ميزته عنه.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَنَّهُ قَضَى فِي حُكُومَةٍ بِالْإِخْلَاصِ".
أي بما يُتَخَلَّصُ به من الخصومة.
 (خمص)
قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ
 [9/ 120] الْمَخْمَصَةُ: المجاعة، و هو مصدر مثل المغضبة يقال خَمُصَ: إذا جاع، فهو خَمِيصٌ مثل قرب فهو قريب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ السَّاجَ وَ المطلق [الطَّاقَ‏] وَ الْخَمَائِصَ".
و
فِيهِ" جِئْتُ إِلَيْهِ وَ عَلَيْهِ خَمِيصَةٌ".
هِي‏

169
مجمع البحرين4

خمص ص 169

ثوب خز أو صوف مربع معلم. قيل و لا تسمى خَمِيصَةً إلا أن تكون سوداء معلمة. قال في النهاية: و كانت من لباس الناس قديما، و جمعها الْخَمَائِصُ. و الْخَمِيصُ: الضامر البطن، و الجمع خِمَاصٌ.
وَ فِي حَدِيثِ الْمُشْتَبِهِ مَوْتُهُ" فَإِذَا رَأَيْتَهُ قَدْ خَمَصَ وَجْهُهُ وَ سَالَتْ عَيْنُهُ الْيُمْنَى فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَيِّتٌ".
قوله" خَمَصَ وجهه" أي سكن ورمه من خَمَصَ الجُرْحُ: إذا سكن ورمه. و قوله" فَاعْلَمْ أَنَّهُ" أي قد مات. و أَخْمَصُ القدم: باطنها الذي لا يصيب الأرض، يقال خَمِصَتِ القدمُ من باب تعب: ارتفعت عن الأرض فلم تمسه. و الرجل أَخْمَصُ و المرأةُ خَمْصَاءُ و الجمع خُمْصٌ كأَحْمَر و حَمْرَاء و حُمْر.
 (خوص)
الْخُوصُ وَرَق النخل، الواحدة خُوصَةٌ و الْخَوَصُ بالتحريك من باب تعب: ضيق العين و عورها. و رجل أَخْوَصُ: إذا كان غائر العين.
باب ما أوله الدال‏
 (دعص)
من شواهد تهذيب الحديث:
له كفل كَالدِّعْصِ لبده الندى             على حارك مثل الرتاج المضبب

الدِّعْصُ بالكسر: القطعة المستديرة من الرمل، أراد ضخامة مقعده و صلابته و ثقله كَالدِّعْصِ الملبد بالنداوة، و هذا المذكور متصل بحارك مثل الرتاج المضبب: أي مثل الباب الذي له ضباب تشد بعضه على بعض و الحارك من الفرس: فرع الكتفين. و الدُّعْمُوصُ كبرغوث: دويبة سوداء تغوص في الماء و تكون في العذرات، و الجمع الدَّعَامِيصُ كالبراغيث، و الدَّعَامِصُ أيضا.

170
مجمع البحرين4

ديص ص 171

(ديص)

فِي الْحَدِيثِ" عَبْدُ اللَّهِ الدَّيَصَانِيُّ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو شَاكِرٍ كَانَ زِنْدِيقاً مِنَ الزَّنَادِقَةِ وَ أَسْلَمَ".
و هو الذي تحير في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ و حديثه في السؤال عن البيضة مشهور. و دَاصَ يَدِيصُ دَيَصَاناً: زاغ و حاد، و لعل نسبته إلى الدَّيَصَانِيَّةِ من ذلك. و الله أعلم.
باب ما أوله الراء
 (ربص)
قوله تعالى: تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
 [2/ 226] أي تمكث أربعة أشهر. قوله: تَرَبَّصُونَ بِنا
 [9/ 52] أي ينتظرون، من الانتظار و هو وقوع البلاء بالأعداء، و منه قوله يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ
 [9/ 98]. و قوله: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ‏
 [20/ 135] أي منتظر للعاقبة، و نحن ننتظر وعد الله فيكم و أنتم تَرَبَّصُونَ بنا الدوائر.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَصْعُوقِ" يُتَرَبَّصُ بِهِ".
أي ينتظر به فلا يعجل بدفنه. و تَرَبَّصْتُ الأمر تَرَبُّصاً: انتظرته. و تَرَبَّصْتُ بفلان الأمر: توقعت نزوله به. و" الرُّبْصَةُ" وزان غرفة اسم منه‏
. (رخص)
تكرر في الحديث ذكر الرُّخْصَةَ، و هي كغرفة و قد تضم الخاء للإتباع: التسهيل في الأمر و رفع التشديد فيه، يقال رَخَّصَ لنا الشارع في كذا تَرَخُّصاً و أَرْخَصَ إِرْخَاصاً: إذا يسره و سهله، و الرُّخْصُ مثل قفل اسم منه. و رَخُصَ الشي‏ء فهو رَخِيصٌ من باب قرب، و هو ضد الغلاء، و كذلك الرُّخْص‏

171
مجمع البحرين4

رخص ص 171

كقفل.
 (رصص)
قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ‏
 [61/ 4] أي لاصق بعضه ببعض. و تَرَاصَّ القوم في الصف: أي تلاصقوا و تَرَاصَّوْا في الصفوف حتى لا تكون بينكم فُرَجٌ، و الأصل في ذلك رَصُّ البناء. و" الرَّصَاصُ" بالفتح معروف منه أسود و منه أبيض، و القطعة منه رَصَاصَةٌ. قال الجوهري: و العامة تقول بكسر الراء.
 (رقص)
الرقص: الغليان و الاضطراب. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنِ اسْتَشْعَرَ الشَّغَفَ بِالدُّنْيَا مَلَأَتْ ضَمِيرَهُ أَشْجَاناً لَهُنَّ رَقْصٌ عَلَى سُوَيْدَاءِ قَلْبِهِ هَمٌّ يَشْغَلُهُ وَ هَمُّ يَحْزُنُهُ".
و رَقَّصَتِ المرأةُ ولدها- بالتشديد- تَرْقِيصاً و أَرْقَصَتَهْ: أي نزته. و أَرْقَصَ الرجل بعيره: حمله على الخَبَبِ.
 (رمص)
الرَمَصُ بالتحريك: وسخ يجتمع في موق العين، فإن سال فهو غمص، و إن جمد فهو رَمَصٌ. و قد رَمِصَتْ عينه بالكسر من باب تعب، فالرجل أَرْمَصُ و الأنثى رَمْصَاءُ كأحمر و حمراء.
 (رهص)
الرَّهَصُ: شدة العصر. و رمينا الصيد حتى أَرْهَصْنَاهُ: أي أوهناه.
باب ما أوله الشين‏
 (شخص)
قوله تعالى: شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا
 [21/ 97] أي مرتفعة الأجفان لا تكاد تطرف من هول ما هي فيه. و منه أبصار شَاخِصة و شَوَاخِصُ.
وَ فِي حَدِيثِ شُرَيْحٍ" سَيَأْتِيكَ مَنْ لا

172
مجمع البحرين4

شخص ص 172

يَنْظُرُ فِي كِتَابِكَ وَ يُخْرِجُكَ مِنْ دَارِكَ شَاخِصاً".
و هو كناية عن الموت، و يجوز أن يكون من شَخَصَ من البلد بمعنى ذهب و سار، أو من شَخَصَ السهم إذا ارتفع عن الهدف، و المراد يخرجك منها مرفوعا محمولا على أكتاف الرجال.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ إِلَيْكَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ".
أي ارتفعت أجفانها ناظرة إلى عفوك و رحمتك. و شَخَصَ المسافر يَشْخَصُ بفتحتين شُخُوصاً: إذا خرج عن موضع إلى غيره. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِقَامَةُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ شُخُوصِ الْجَاهِلِ".
و شَخَصَ: ارتفع من بلد إلى بلد في رضا الله. و الشَّخْصُ: سواد الإنسان و غيره تراه من بعد، و استعمل في ذاته. و عن الخطابي لا يسمى شَخْصاً إلا جسم مؤلف له شُخُوصٌ و ارتفاع. و شَخُصَ الرجل بالضم فهو شَخِيصٌ، أي جسيم.
 (شصص)
الشَّصُّ بالكسر و الفتح: حديدة عقفاء يصاد بها السمك.
 (شقص)
فِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ" وَ أَخَذَ شَعْرَهُ بِمِشْقَصٍ".
و هو كمنبر نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض، و إذا كان عريضا فهو المعيلة، و الجمع مَشَاقِصُ. و الشِّقْصُ بالكسر: القطعة من الأرض. و الشَّقْصُ: النصيب، و في العين المشتركة من كل شي‏ء، و الجمع أَشْقَاصٌ كحمل و أحمال. و
مِنْهُ" إِنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصاً مِنْ مَمْلُوكٍ".
 (شوص)
فِي الْحَدِيثِ" اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَ لَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ".
أي غسالته، و قيل ما ينتف منه عند السواك.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّهُ كَانَ يَشُوصُ فَاه‏

173
مجمع البحرين4

شوص ص 173

بِالسِّوَاكِ".
أي يدلك أسنانه و ينقيها به. و قيل: هو أن يستاك من سفل إلى علو، و أصل الشَّوْصِ الغسل و التنظيف. و كل شي‏ء غسلته فقد شُصْتَهُ و مُصْتَهُ، يقال شُصْتُ الشي‏ء شَوْصاً من باب قال: غسلته. و قيل الشَّوْصُ الدلك، و المَوْصُ الغسل.
 (شيص)
الشِّيصُ بالكسر و الشِّيصَاءُ: التمر الذي لا يشتد نواه، و قد لا يكون له نوى أصلا.
باب ما أوله الصاد
 (صيص)
قوله تعالى: مِنْ صَياصِيهِمْ‏
 [33/ 26] هي الحصون و القلاع التي يمانعون فيها. و منه صِيصِيَةُ الديك في رجله. و صَيَاصِي الجبال: أطرافها العالية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كُلٌّ مِنَ الطُّيُورِ مَا كَانَتْ لَهُ صِيصِيَةٌ".
هي بكسر الأول و الثالث و التخفيف: الشوكة التي في الرجل في موضع العقب، و أصلها شوكة الحائك التي يسوي بها السداة و اللحمة، و الجمع صَيَاصِي.
باب ما أوله العين‏
 (عرص)
العرصة بالفتح: كل بقعة بين الدار واسعة ليس فيها بناء، و الجمع الْعِرَاصُ و الْعَرَصَاتُ، و منه" عَرَصَاتُ الجنة".
وَ فِي الْحَدِيثِ" رَجُلٌ اشْتَرَى دَاراً فَبَقِيَتْ عَرْصَةً".
يعني لا بناء فيها.
وَ قَوْلُهُ ع" عَرْصَةُ الْإِسْلَامِ الْقُرْآنُ".
جاء به على سبيل الاستعارة.

174
مجمع البحرين4

عصعص ص 175

 (عصعص)
الْعُصْعُصُ بضم عينيه: عظم الذنب، و هو عظم يقال إنه أول ما يخلق و آخر ما يبلى.
 (عفص)
الْعَفْصُ بتقديم الفاء: ثمر معروف كالبندقة يدبغ به و يتخذ منه الحبر. قال الجوهري: هو مولد، و ليس في كلام أهل البادية.
 (عقص)
عقص الشعر: جمعه و جعله في وسط الرأس و شده. و منه‏
الْحَدِيثُ" رَجُلٌ صَلَّى مَعْقُوصَ الشَّعْرِ؟ قَالَ: يُعِيدُ".
و الْعَقِيصَةُ للمرأة: الشعر يلوى و تدخل أطرافه في أصوله، و الجمع عَقَائِصُ، و عِقَاصٌ، و الْعِقْصَةُ مثلها، و الجمع عِقَصٌ كسدرة و سدر. و عَقَصَتِ المرأة شعرها عَقْصاً- من باب ضرب-: فعلت به ذلك. و التيس الْأَعْقَصُ: الذي التوى قرناه على أذنيه من خلفه. و قد عَقِصَ بالكسر: اعوجَّ.
 (عوص)
فِي الْحَدِيثِ" جَاءَنِي خَبَرٌ مِنَ الْأَعْوَصِ".
هو بفتح الهمزة و الواو بين المهملتين موضع قريب من المدينة، و واد بديار باهلةَ. و في بعض النسخ" من الأعراض" جمع عرض بإعجام الضاد و ضم المهملة و راء في الوسط، و هي رساتيق أرض الحجاز و في النهاية يقال لمكة و المدينة و اليمن العُرُوض، و يقال للرساتيق بأرض الحجاز الأَعْرَاض، واحدها عِرْض بالكسر.
 (عيص)
قد تكرر ذكر الْعِيصُ في أسانيد الحديث، و هو بكسر المهملة فالسكون من ثقات الرواة. و عِيصُ بن اسحاق بن إبراهيم.

175
مجمع البحرين4

باب ما أوله الغين ص 176

باب ما أوله الغين‏
 (غصص)
قوله تعالى: وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ
 [73/ 13] أي يُغَصُّ به الحلق فلا يسوغ. و الْغُصَّةُ الشجى في الحلق، و الجمع غُصَصٌ. و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ أَغَصَّنِي بِرِيقِي".
بتشديد المهملة، و هو كناية عن كمال الخوف و الاضطراب، أي صيرني بحيث لا أقدر أن أبلع ريقي و قد وقف في حلقي، يقال غَصِصْتُ بالماء غَصَصاً: إذا شرقت به و وقف في حلقك فلم تكد تسيغه. و غَصَصْتُ بالطعام غَصَصاً من باب تعب و قتل لغة، و الْغَصَصُ بالفتح مصدر قولك غَصِصْتَ يا رجلُ تَغَصُّ بالفتح. و المنزل غَاصٌّ بأهله: أي ممتلئ.
 (غمص)
فِي الْحَدِيثِ" أَعْظَمُ الْكِبْرِ غَمْصُ الْحَقِّ وَ سَفَهُ الْخَلْقِ. قُلْتُ: وَ مَا غَمْصُ الْحَقِّ وَ سَفَهُ الْخَلْقِ؟ قَالَ: تَجْهَلَ الْحَقَّ وَ تَطْعُنَ عَلَى أَهْلِهِ".
يقال غَمَصَهُ كضرب و سمع و خرج: احتقره و عابه و تهاون بحقه. و منه غَمَصْتُ عليه قولا قاله: أي عبته. و يقال للرجل إذا كان مطعونا عليه في دينه: إِنَّهُ لَمَغْمُوصٌ عليه. و السفه محركة: الجهل.
 (غوص)
فِي الْحَدِيثِ" إِنِّي وُلِّيتُ الْغَوْصَ فَأَصَبْتُ مَالًا".
هو بالفتح فالسكون: النزول تحت الماء لاستخراج ما فيه. و منه قيل غَاصَ في المعاني: إذا بلغ أقصاها حتى استخرج ما بعد منها. و الْغَوَّاصُ بالتشديد: هو الذي يَغُوصُ في البحر على اللؤلؤ، و فعله الْغِيَاصَةُ. و غَاصَ على الشي‏ء غَوْصاً- من باب قال-: هجم عليه، فهو غَائِصٌ. و الْغَوَّاصُ طائر يوجد في أطراف الأنهار يَغُوصُ في الماء و يصطاد السمك و يتقوت به.
وَ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى" لَا يَنَالُهُ غَوْص‏

176
مجمع البحرين4

غوص ص 176

الْفِطَنِ".
أي الفطن الغائصة، استعار لفظ الغوص هنا لتعمق الأفهام الثاقبة في بحار صفات جلاله.
باب ما أوله الفاء
 (فحص)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ بَنَى مَسْجِداً كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ".
مَفْحَصُ القطاة- بفتح الميم و الحاء- الموضع الذي تجثم و تبيض فيه، كأنها تَفْحَصُ فيه التراب أي تكشفه، يقال فَحَصَتِ القطاة من باب نفع: حفرت في الأرض موضعا تبيض فيه. و أنت خبير بأن مقدار المفحص لا يمكن أن يتخذ مسجدا و إنما هو على سبيل المبالغة في الكلام فإنها من مذاهب العرب، و المراد و لو أنه يسع مصليا واحدا.
 (فرص)
فِي الْحَدِيثِ" ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ وَ اصْطَكَّتْ فَرَائِصُ الْمَلَائِكَةِ".
هي جمع فَرِيصَةٍ، و هي اللحمة بين جنب الدابة و كتفها لا تزال ترعد من الدابة، و جمعها أيضا فَرِيصٌ. و فَرِيصُ العنق: أوداجها، الواحدة فَرِيصَةٌ. و الْفُرْصَةُ: ما أمكن من نفسك.
 (فصص)
فِي الْحَدِيثِ" الْفَصُّ يُتَّخَذُ مِنْ أَحْجَارِ زَمْزَمَ".
فَصُّ الخاتم بالفتح واحد الْفُصُوصِ كفلس و فلوس. قال الجوهري: و العامة تكسر الفاء، و لعل المراد به هنا الحصاة المخرجة لتنظيف زمزم كالقمامة. و الْفِصْفِصَةُ بكسر الفائين: الرُّطَبَةُ قبل أن تجف، فإذا جفت زالت عنها اسم الْفِصْفِصَةُ و سميت القت، و الجمع فَصَافِصُ.

177
مجمع البحرين4

باب ما أوله القاف ص 178

باب ما أوله القاف‏
 (قبص)
فِي الْحَدِيثِ" وَ يُطْعِمُ مَكَانَهَا قَبْصَةً".
مع احتمال قَبْضَةٍ بالضاد المعجمة. و الْقَبْصُ: الأخذ بأطراف الأصابع، و بالمعجمة الأخذ بجميع الكف. قال الجوهري: و منه قرأ الحسن فَقَبَصْتُ قَبْصَةً من أثر الرسول.
وَ" قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ" صَحَابِيٌّ أَوْ مِنْ التَّابِعِينَ، نُقِلَ أَنَّهُ أَصَابَ ظَبْياً وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَسَأَلَ عُمَرُ فَشَاوَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ثُمَّ أَمَرَ بِذَبْحِ شَاةٍ، فَقَالَ قَبِيصَةُ لِصَاحِبِهِ: وَ اللَّهِ مَا عَلِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى سَأَلَ غَيْرَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ضَرْباً بِالدِّرَّةِ أَ تَغْمِضُ الْفُتْيَا وَ تَقْتُلُ الصَّيْدَ وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ.
 (قرص)
فِي الْخَبَرِ" حُتِّيهِ ثُمَّ اقْرُصِيهِ".
و كأن الضمير للمني، و الْقَرْصُ الغسل بأطراف الأصابع- قاله الجوهري و غيره، و قيل هو القلع بالظفر و نحوه. و
قَوْلُهُ:" ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ".
أمر بغسله بالماء ثانيا بعد الغسل بأطراف الأصابع مبالغة في الإنقاء. و قَرْصُ البراغيث: لسعها. و قَرَصَهُ بلسانه: آذاه و ناله. و الْقُرْصُ بالضم فالسكون: معروف، و الجمع أَقْرَاصٌ كقفل و أقفال، و جمع الْقَرْصَةُ قُرَصٌ كصبرة و صبر. و قَرْصُ الشمس: عينها.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَنَّهُ قَضَى فِي الْقَارِصَةِ وَ الْقَامِصَةِ وَ الْوَاقِصَةِ بِالدِّيَةِ أَثْلَاثاً".
هن ثلاث جوار كن يلعبن فتراكبن فَقَرَصَتِ السفلى الوسطى فقمصت فسقطت العليا فوقصت عنقها فجعل ثلثي الدية على الثنتين، و أسقط ثلث العليا لأنها أعانت على نفسها.

178
مجمع البحرين4

قرفص ص 179

(قرفص)

فِي الْحَدِيثَ" كَانَ النَّبِيُّ ص يَجْلِسُ ثَلَاثاً" وَ عَدَّ مِنْهَا الْقُرْفُصَاءَ.
بضم القاف و سكون الراء و فتح الفاء و ضمها و بالمهملة ممدودا و مقصور ضرب من القعود، و هو أن يقيم ساقيه و يستقبلهما بيديه و يشد يده في ذراعه كجلسة المحتبي‏
 (قصص)
قوله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَ‏
 [6/ 57] قال المفسر: قرأ أهل الحجاز و عاصم يَقُصُّ الْحَقَّ بالصاد أي يقول الحق، و الباقون يقضي بالحق أي يقضي الأمر بيني و بينكم بالحق. قوله: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ‏
 [12/ 3] يمكن كونه مصدرا و أن يكون بمعنى الْمَقْصُوصُ، فإن أريد المصدر فالمعنى نحن نَقُصُّ عليك أحسن الْأَقْصَاصِ، أي أبدع أسلوب و أحسن طريقة و أعجب نظم، و إن أريد الْمَقْصُوصُ فالمعنى نحن نَقُصُّ عليك أحسن ما يُقَصُّ من الأحاديث في بابه. قوله: لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى‏ إِخْوَتِكَ‏
 [12/ 5] هو من قَصَصْتُ الرؤيا على فلان أخبرته بها. و الْقَصُّ: البيان. و" الْقَصَصُ" بالفتح الاسم و بالكسر جمع قِصَّةٍ. قوله: قُصِّيهِ‏
 [28/ 11] أي اتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه، من قَصَّ أثره تبعه. قوله تعالى: فَارْتَدَّا عَلى‏ آثارِهِما قَصَصاً
 [18/ 64] الْقَصَصُ: تتبع الأمر، و هو رجوع الرجل من حيث جاء. قوله: وَ الْجُرُوحُ قِصاصٌ‏
 [5/ 45]

179
مجمع البحرين4

قصص ص 179

الْقِصَاصُ بالكسر اسم للاستيفاء و المجازاة قبل الجناية من قتل أو قطع أو ضرب أو جرح، و أصله اقتفاء الأثر، فكأن الْمُقْتَصَّ يتبع أثر الجاني فيفعل مثل فعله فيجرح مثل جرحه و يقتل مثل قتله و نحو ذلك، و أخذ الْقِصَاصِ من الْقَصَصِ في السبيل الذي جاء منه فيقتل مثل قتله و يجرح مثل جرحه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا بَيْنَ قُصَاصِ الشَّعْرِ إِلَى طَرَفِ الْأَنْفِ مَسْجِدٌ".
و قُصَاصُ الشعر: حيث ينتهي نبته من مقدمه و مؤخره، و هو مثلث القاف. قال الجوهري: و الضم أعلى، و المراد هنا المقدم، و هو يأخذ من كل جانب من الناصية و يرتفع عن النزعة ثم ينحط إلى مواضع التحذيف و يمر فوق الصدغ و يتصل بالعذار، و أما ما يرتفع عن الأذن فهو داخل- على ما قيل- في المؤخر. و" الْقُصَّةُ" بالضم و التشديد: شعر الناصية، و الجمع قُصَصٌ،
وَ مِنْهُ" أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْقَنَازِعِ وَ الْقُصَصِ".
و
مِنْهُ" لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ حَاضَتْ أَنْ تَتَّخِذَ قُصَّةً وَ لَا جُمَّةً".
بجيم مضمومة و هي مجمع شعر الرأس. و الْقِصَّةُ: الشأن و الأمر، و الجمع قِصَصٌ مثل غرفة و غرف. و منه" ما قِصَّتُكَ" أي ما شأنك. و الْقَصُّ: القطع، يقال قَصَصْتُهُ قَصَّاً من باب قتل قطعته، و قَصَّيْتُهُ بالتشديد مبالغة و الأصل قَصَّصْتُهُ فاجتمع ثلاثة أمثال فأبدل من أحدهما للتخفيف. و منه‏
الْحَدِيثُ" قَصُّوا الْأَظْفَارَ لِأَنَّهَا مَقِيلُ الشَّيْطَانِ وَ مِنْهُ يَكُونُ النِّسْيَانُ".
و الْقَاصُّ: من يأتي بِالْقِصَّةِ على وجهها كأنه يتبع معانيها و ألفاظها.
وَ مِنْهُ" أَنَّهُ رَأَى قَاصّاً فِي الْمَسْجِدِ فَضَرَبَهُ".
لعله غير قَاصِّ المواعظ و الخطب. و اقْتَصَصْتُ الحديث: رويته على وجهه و أقَصُ عليه الخبر قَصَصاً، و الاسم الْقَصَصُ أيضا وضع موضع المصدر حتى غلب عليه. و الْمِقَصُّ بالكسر: المقراض.

180
مجمع البحرين4

قعص ص 181

 (قعص)
فِي الْحَدِيثِ" اللَّهُمَّ اقْعَصِ الزُّبَيْرَ بِشَرِّ قِتْلَةٍ".
أي أمته بشر ميتة، من الْقَعْصِ بالفتح فالسكون: الموت الوحي.
وَ مِنْهُ" مَنْ مَاتَ قَعْصاً".
أي أصابته ضربة فمات. و الْقُعَاصُ: داء يأخذ الغنم فيهلكها.
 (قلص)
فِي الْحَدِيثِ" فِي خَمْسِ قَلَائِصَ شَاةٌ".
هي جمع الْقُلُوصِ بالفتح، و هي الناقة الشابة بمنزلة الجارية من النساء و جمعها قُلُصٌ، و جمع الْقُلُصِ قِلَاصٌ بالكسر و قَلَائِصُ. و قيل لا تزال قَلُوصاً حتى تصير بازلا. و عن العدوي الْقَلُوصُ أول ما يركب من إناث الإبل إلى أن تثني، فإذا أثنت فهي ناقة، و القعود أول ما يركب من ذكور الإبل إلى أن يثني، فإذا أثنى فهو جمل، و ربما سموا الناقة الطويلة القوائم قَلُوصاً. و قَلَصَ الثوبُ يَقْلُصُ قُلُوصاً: ارتفع. و منه‏
حَدِيثُ الْحُسَيْنِ ع" أَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ قَدْ قَلَصَ عَنْ نِصْفٍ وَ قَارَبَ رُكْبَتَيْهِ".
و
مِنْهُ" مِنْ عَلَامَاتِ الْمَيِّتِ أَنْ تَقَلَّصَ شَفَتَاهُ".
أي تنضم و تنزوي، يقال قَلَصَتْ شفته تَقْلِصُ- من باب ضرب- انزوت، و تَقَلَّصَتْ مثله. و قَلَصَ و تَقَلَّصَ كله بمعنى انزوى و انضم‏
وَ فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا" أَنَّهَا عِنْدَ ذَوِي الْعُقُولِ كَفَيْ‏ءِ الظِّلِّ بَيْنَا تَرَاهُ سَائِغاً حَتَّى قَلَصَ".
أي انضم و انزوى.
 (قمص)
قوله تعالى: وَ جاؤُ عَلى‏ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ [12/ 18] الْقَمِيصُ: الثوب الذي يلبس، و الجمع الْقُمْصَانُ و الْأَقْمِصَةُ. و تَقَمَّصَ الْقَمِيصَ: لبسه. و تَقَمَّصَ الخلافة: أي لبسها كَالْقَمِيصِ و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" وَ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ".
يعني الأول لتلبسه بها
" وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى".

181
مجمع البحرين4

قمص ص 181

و
فِي آخَرَ" وَ لَئِنْ تَقَمَّصَهَا دُونِيَ الْأَشْقَيَانِ فَلَبِئْسَ مَا لِأَنْفُسِهِمَا مَهَّدَا".
و قَمَصَ الفرس غيره عند الركوب يقمص قمصا من بابي ضرب و قتل، و هو أن يرفع يديه و يعجن برجليه و يضمهما معا.
وَ مِنْهُ" فَقَمَصَتِ الْمَرْكُوبَةُ فَصَرَعَتِ الرَّاكِبَةَ".
و" الْقَامِصَةُ" مر شرحها
 (قنص)
فِي حَدِيثٍ الطَّيْرِ" كُلُّ مَا لَهُ قَانِصَةٌ".
هي واحدة الْقَوَانِصِ، و هي للطير بمنزلة الكرش و الْمَصَارِينُ لغيره. و الْقَانِصُ: الصائد. و قَنَصَهُ: أي صاده. و اقْتَنَصَهُ: اصطاده. و منه‏
حَدِيثُ الدُّنْيَا" حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا وَ اطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا قَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا".
أي صادت أهلها.
باب ما أوله اللام‏
 (لخص)
فِي الْحَدِيثِ" قَعَدَ لِتَلْخِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ".
أي لتخليصه.
 (لصص)
اللِّصُّ بالكسر واحد اللُّصُوصُ و هو السارق، و بالضم لغة. و لَصَّ الرجل لَصّاً من باب قتل: سرق. و أرض مَلَصَّةٌ: ذات لُصُوصٍ.

182
مجمع البحرين4

باب ما أوله الميم ص 183

باب ما أوله الميم‏
 (محص)
قوله تعالى: وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
 [3/ 141] أي يخلصهم من ذنوبهم و ينقيهم منها، يقال مَحَصَ الحبل: إذا ذهب منه الوبر حتى يخلص.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا بُدَّ لِلنَّاسِ أَنْ يُمَحَّصُوا وَ يُغَرْبَلُوا".
أي يبتلوا و يختبروا ليعرف جيدهم من رديهم.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع وَ ذَكَرَ فِتْنَةً فَقَالَ" يُمَحَّصُ النَّاسُ فِيهَا تَمَحُّصَ ذَهَبِ الْمَعْدِنِ مِنَ التُّرَابِ".
أي يختبرون فيها كما يختبر الذهب ليعرف الجيد من الردي‏ء، من التَّمْحِيصِ و هو الابتلاء و الاختبار. و مَحَّصَ الله العبد من الذنب: طهره. و قولهم" رَبَّنَا مَحِّصْ عَنَّا ذُنُوبَنَا" أي أذهب عنا ما تعلق بنا من الذنوب.
 (مصص)
فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ لِمُصَاصِ شِيعَتِنَا فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ إِلَّا الْقُوتُ".
الْمُصَاصُ بضم الميم و الصادين المهملتين: الخالص من كل شي‏ء، يقال فلان مُصَاصُ قومه: إذا كان أخلصهم نسبا، يستوي فيه الواحد و الاثنان و الجمع و المؤنث. و مَصِصْتُ الشي‏ء بالكسر أَمَصُّهُ مَصّاً من باب تعب لغة، و كذلك امْتَصَصْتُهُ. قال الجوهري: و التَّمَصُّمُص الْمَصُّ. و الْمَصْمَصَةُ بالمهملة مثل المضمضة بالمعجمة إلا أنها بطرف اللسان بخلاف المضمضة فإنها بالفم كله. قال الجوهري: و فرق ما بينهما شبيه بفرق ما بين القبصة و القبضة. و" الْمَصِيصَةُ" كسفينة بلد بالشام و لا يشدد- كذا في الصحاح و غيره.

183
مجمع البحرين4

مغص ص 184

(مغص)

فِي حَدِيثِ إِدْرِيسَ ع" فَسَمِعَ صَوْتَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَامْتَغَصَ فَخَرَّ مِنْ جَنَاحِ الْمَلَكِ فَقَبَضَ رُوحَهُ".
يقال مَغِصَ مَغَصاً فَامْتَغَصَ امْتِغَاصاً: شق عليه و عظم‏
وَ فِيهِ" فَأَخَذَهُ الْمَغْصُ فِي بَطْنِهِ".
هو بالفتح فالسكون: وجع في المعاء و تقطيع فيها. قال الجوهري: و العامة تقول مَغَصٌ بالتحريك. و منه مَغِصَ الرجل فهو مَمْغُوصٌ. و منه‏
قَوْلُهُ ع" فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا أَهْوَنُهَا الْمَغَصُ".
و
فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ" أَهْوَنُهَا الْمَعَضُ".
بالعين المهملة و الضاد المعجمة، أعني الأمر الشاق. و في بعضها" الْمَعَصُ" بالعين و الصاد المهملتين محركا، و هو التواء في عصب الرجل، كأنه يقصر عصبه و يعوج قدمه، و وجع في العقبين من كثرة المشي.
 (ملص)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي ذَمِّ أَهْلِ الْعِرَاقِ" أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ وَ مَاتَ قَيِّمُهَا وَ طَالَ تَأَيُّمُهَا وَ وَرِثَهَا أَبْعَدُهَا".
قال بعض شراح الحديث: وجه تشبيههم بالمرأة الموصوفة ما فيه من تشبيهات حالهم بحالها، فاستعدادهم لحرب أهل الشام يشبه حمل المرأة، و مشارفتهم للظفر يشبه الإتمام، فإن مالك الأشتر شارف دمشق صبيحة ليلة الهرير ليدخلها من غير حرب لو لا خديعة معاوية و قومه برفع المصاحف و انخداع أصحابه ع، و رجوعهم عن عدوهم بعد ظفرهم به يشبه الإملاص، و خروجهم عن رأيه و تفرقهم عليه يشبه موت قيمها و هو زوجها، و أخذهم عدوهم مالهم من البلاد و تغلبه عليها يشبه ميراث الأبعد لها.

184
مجمع البحرين4

ملص ص 184

و الْمَلَصُ بالتحريك: الزلق. و قد مَلِصَ الشي‏ء بالكسر من يدي يَمْلَصُ و انْمَلَصَ الشي‏ء: انفلت، و تدغم النون في الميم. و التَّمَلُّصُ: التفلت.
 (موص)
الْمَوْصُ بالفتح فالسكون: الغسل بالأصابع، يقال مَصَّتِ الشي‏ء: أي غسلته.
باب ما أوله النون‏
 (نصص)
فِي الْحَدِيثِ" فَنَصَّ رَاحِلَتَهُ فَادًلَفَتْ [كَأَنَّهَا ظَلِيمٌ‏] كَالظَّلِيمِ".
يقال نَصَّ راحلته: إذا استخرج ما عندها من السير. و عن الأصمعي هكذا حيث قال: النَّصُّ السير الشديد حتى يستخرج أقصى ما عندها. و منه‏
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ" لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص عَارَضَكَ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ نَاصَّةً قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى مَنْهَلٍ".
أي رافعة لها في السير الشديد. قال في الصحاح: و أصل النَّصِّ أقصى الشي‏ء و غايته، ثم سمي به ضرب من السير سريع. و نَصَصْتُ الحديث إلى فلان: رفعته إليه.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" إِذَا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الْحِقَاقِ فَكَذَا".
قال في المجمع الحِقاق: المخاصمة، و هو أن يقول كل واحدة من الخصمين أنا أحق به، و نص الشي‏ء: غايته و منتهاه، يعني أن الجارية ما دامت صغيرة فأمها أولى بها، فإذا بلغت فالعصبة أولى بأمرها. قال: و قيل أراد بِنَصِّ الحقاق بلوغ العقل و الإدراك، لأنه أراد منتهى الأمر الذي تجب فيه الحُقُوق. قال: و قيل أراد بلوغ المرأة إلى حد يجوز فيه تزويجها و تصرفها في أمرها،

185
مجمع البحرين4

نصص ص 185

تشبيها بالحقاق من الإبل جمع حق و حقة، و هو الداخل في السنة الرابعة، و عند ذلك يتمكن من ركوبه و تحميله. و
عَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ قَالَ: قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ص وَ الْأَئِمَّةِ ع أَنَّ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالْأَثَرِ الصَّحِيحِ وَ النَّصِّ الصَّرِيحِ.
قال: و النَّصُّ في اصطلاح أهل العلم هو" اللفظ الدال على معنى غير محتمل للنقيض بحسب الفهم" و الأثر ما جاء عن النبي ص و الإمام أو عن الصحابي و التابعي من قول أو فعل، و هو أعم من الخبر، و يقال الأثر ما جاء عن التابعي، و التفسير معناه كشف المراد عن اللفظ المشكل المجمل و المتشابه، و ذلك كأن يحمل المشترك اللفظي أو المعنوي على أحد المعاني بخصوصه من غير مرجح نقلي كخبر منصوص أو آية أو ظاهر أو إجماع، و منه يعلم خروج الظواهر لعدم إشكالها و عدم احتياجها إلى التفسير.
 (نغص)
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمُؤْمِنُونَ لَا يَزَالُونَ مُنَغَّصِينَ فِي الدُّنْيَا".
أي مكدرين، يقال نَغَّصَ عليه العيش تَنْغِيصاً: كدره. و تَنَغَّضَتْ معيشته: تكدرت.
 (نقص)
قوله تعالى: أَ فَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها
 [21/ 44] قيل يريد أرض الكفر يَنْقُصُهَا من أطرافها بما يفتح على المسلمين من بلادهم، فَيَنْقُصُ بلاد الحرب و يزيد في بلاد الإسلام، و ذلك من آيات الله.
وَ عَنْهُ ص" هُوَ فَقْدُ الْعُلَمَاءِ".
وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: إِنَّهُ يُسَخِّي بِهِ نَفْسِي فِي سُرْعَةِ الْمَوْتِ وَ الْقَتْلِ فِينَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَ تَلَا الْآيَةَ.
أي لا نبالي في الموت و القتل لأن فينا

186
مجمع البحرين4

نقص ص 186

قولَ اللهِ تعالى: أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها*
. قولَه: وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ‏
 [35/ 11] التقدير في أحد التأويلين ما يطول في عمر واحد و لا يُنْقَصُ من عمر آخر غير الأول، و التأويل الثاني في الآية عود الكناية إلى الأول، أي و لا يُنْقَصُ من عمر ذلك الشخص بتوالي الليل و النهار، و يتم الكلام في قولهم" له درهم و نصف". و هو في نصف. قوله: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ‏
 [50/ 4] الآية هو رد لاستبعادهم الرجوع أي علمنا ما تأكل الأرض من لحومهم و تبليه من عظامهم فلا يتعذر علينا رجعهم و إحياؤهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَامَ تِسْعَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً أَكْثَرَ مِمَّا صَامَ ثَلَاثِينَ؟ فَقَالَ:" كَذَبُوا مَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى أَنْ قُبِضَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْماً، وَ لَا نَقَصَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً".
و قد روي خلاف ذلك في كثير من الأخبار، و من ثم اختلف أقوال الفقهاء فمنهم من جوز النَّقْصَ و منهم من لم يُجَوِّزْ و ممن ذهب إلى عدم الجواز على ما هو المحكي عن الشيخ المفيد في كتاب لمح البرهان الشيخ الشريف الزكي أبو محمد الحسني و الشيخ الثقة أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه و الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه و الشيخ أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين و الشيخ أبو محمد هارون بن موسى- انتهى. قال الشيخ الصدوق في كتاب الخصال بعد أن أورد أحاديث في أن شهر رمضان لا يُنْقَصُ عن ثلاثين يوما: قال مصنف هذا الكتاب: خواص الشيعة و أهل الاستبصار منهم في شهر رمضان أنه لا يُنْقَصُ عن ثلاثين يوما أبدا، و الأخبار

187
مجمع البحرين4

نقص ص 186

في ذلك موافقة للكتاب و مخالفة للعامة، فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الأخبار التي وردت للتقية في أنه يُنْقَصُ و يصيبه ما يصيبه الشهور من النُّقْصَانِ و التمام اتقى كما تتقي العامة- انتهى كلامه. و هو قوي متين، على أنه يمكن الجمع بين الأخبار بوجه آخر هو أن يقال: الأخبار الواردة بأنه لا يُنْقَصُ مبنية على الأصل، و ما ورد فيه من النَّقْصَانِ مبني على الظاهر لإمكان حصول الاستتار فيه عقوبة للمخالفين و ارتفاع جانب اللطف عنهم، كما صرح بذلك الصدوق في الفقيه من أن الهلال قد يستتر عن الناس عقوبة لهم في عيد شهر رمضان و في عيد الأضحى و استشهد عليه بما رواه عن رزين قال:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع" لَمَّا ضُرِبَ الْحُسَيْنُ ع بِالسَّيْفِ وَ سَقَطَ ثُمَّ ابْتُدِرَ لِيُقْطَعَ رَأْسُهُ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ: أَلَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَيِّرَةُ الضَّالَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِأَضْحًى وَ لَا فِطْرٍ". قَالَ: وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ" لَا لِصَوْمٍ وَ لَا فِطْرٍ". قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع حَتَّى يَثُورَ ثَائِرُ الْحُسَيْنِ ع".
- انتهى." فلا جرم و الله ما وفقوا و لا يوفقون و هو واضح في الدلالة على ما قلناه.
وَ فِي خَبَرِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرَةِ قَالَ:" أَ يَنْقُصُ إِذَا جَفَّ؟ قَالَ: نَعَمْ".
لفظه استفهام و معناه تنبيه و تقرير لكنه بين الحكم و علته ليكون معتبرا في نظائره. قال في النهاية: و إلا فلا يجوز أن يخفى مثله على النبي ص مثل قوله أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ. و النَّقْصُ و النَّقِيصَةُ: العيب. و فلان يَنْتَقِصُ فلانا: أي يقع فيه و يعيبه. و انْتَقَصَ الشي‏ء: نَقَصَ. و نَقَصَ الشي‏ء يَنْقُصُ- من باب قتل نَقْصاً و نُقْصَاناً، و الْمَنْقَصَةُ النَّقْصُ.
وَ فِي حَدِيثِ النِّسَاءِ" نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ وَ نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ وَ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ".
ثم فسرها
بِقَوْلِهِ:" أَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْهُنَّ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، وَ أَمَّا نُقْصَان‏

188
مجمع البحرين4

نقص ص 186

حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ" ثُمَّ قَالَ ع" اتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ".
 (نكص)
قوله تعالى: نَكَصَ عَلى‏ عَقِبَيْهِ‏
 [8/ 48] أي رجع القهقرى. و مثله قوله: تَنْكِصُونَ [23/ 66] و النُّكُوصُ: الإحجام عن الشي‏ء، و نَكَصَ عَلى‏ عَقِبَيْهِ‏
 من باب قعد.
 (نمص)
فِي الْحَدِيثِ" لَعَنَ اللَّهُ النَّامِصَةَ وَ الْمُتَنَمِّصَةَ وَ الْوَاشِرَةَ وَ الْمُتَوَشِّرَةَ وَ الْوَاصِلَةَ وَ الْمُتَوَصِّلَةَ وَ الْوَاشِمَةَ وَ الْمُسْتَوْشِمَةَ".
قال في معاني الأخبار: قال علي بن غراب النَّامِصَةُ التي تنتف الشعر من الوجه، و الْمُتَنَمِّصَةُ التي يفعل بها ذلك، و الواشرة التي تنشر أسنان المرأة و تصلحها و تحددها، و المتوشرة التي يفعل بها ذلك، و الواصلة التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، و المستوصلة التي يفعل بها ذلك، و الواشمة التي تشم وشما في يد المرأة أو في شي‏ء من بدنها بغرز إبرة ثم تحشوه بالكحل أو بالنيل، و المستوشمة التي يفعل بها ذلك.
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ" الْوَاصِلَةُ وَ الْمُتَوِّصَلُة يَعْنِي الزَّانِيَةَ وَ الْقَوَّادَةَ".
و الْمُنَمِّصُ و الْمِنْمَاصُ: المنقاش الذي يؤخذ به الشعر و غيره.
 (نوص)
قوله تعالى: وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ‏
 [38/ 3] أي ليس الحين حين فرار و ليس الوقت وقت تأخير و فرار، و قد مر تمام البحث فيها في ليت. و الْمَنَاصُ: المنجى، يقال نَاصَ عن قرنه يَنُوصُ نَوْصاً و مَنَاصاً: أي فر و زاغ.

189
مجمع البحرين4

باب ما أوله الواو ص 190

باب ما أوله الواو
 (وبص)
فِي الْحَدِيثِ" وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ ص".
أي لَمَعَانِهِ و بريقه، من قولهم وَبَصَ الطير وَبِيصاً: إذا برق و لمع.
 (وقص)
" الْوَقَصُ" بالتحريك و في إسكان القاف لغة، واحد الْأَوْقَاصِ في الصدقة، و هو ما بين الفريضتين كالزيادة على الخمس من الإبل، و الجمع أَوْقَاصٌ و كذلك الشنق. و بعض يجعل الْوَقَصُ في البقر خاصة. و الْوَقْصُ: العفو. و الْوَقْصُ: كسر العنق. و منه‏
حَدِيثُ الْمُحْرِمِ" فَوَقَصَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَمَاتَ".
و لا يقال وَقَصَتِ العنق نفسها و لكن يقال وَقَصَ الرجل فهو مَوْقُوصٌ. و" الْوَاقِصَةُ" قد مر تفسيرها في قرص. و" وَاقِصَةُ" منزل بطريق مكة- قاله الجوهري.

190
مجمع البحرين4

كتاب الضاد ص 191

كتاب الضاد

191
مجمع البحرين4

باب ما أوله الألف ص 193

باب ما أوله الألف‏
 (ابض)
الْإِبَاضِيَّةُ فرقة من الخوارج، أصحاب عبد الله بن إِبَاضٍ التميمي. و" أُبَاضُ" اسم موضع.
 (أرض)
قوله تعالى: وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ‏
 [65/ 12] أي سبع أَرَضِينَ. قيل ليس في القرآن آية تدل على أن الْأَرَضِينَ سبع غير هذه الآية.
قَوْلُهُ: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ‏
 [31/ 34] قَالَ ع: مَنْ قَدَمٍ إِلَى قَدَمٍ.
و أَرَضُونَ بفتحتين جمع أَرْضٍ، و هي مؤنثة اسم جنس يفرق بينه و بين واحده بالتاء، و الجمع أَرَضَاتٌ و آرَاضٌ بالمد و أَرَاضِي على غير القياس.
وَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْأَرْضِ عَلَى أَيِّ شَيْ‏ءٍ هِيَ؟ قَالَ: عَلَى الْحُوتِ. قُلْتُ: فَالْحُوتُ عَلَى أَيِّ شَيْ‏ءٍ هُوَ؟ قَالَ: عَلَى الْمَاءِ. قُلْتُ: فَالْمَاءُ عَلَى أَيِّ شَيْ‏ءٍ هُوَ؟ قَالَ: عَلَى الصَّخْرَةِ. قُلْتُ: فَعَلَى أَيِّ شَيْ‏ءٍ الصَّخْرَةُ؟ قَالَ: عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ أَمْلَسَ. قُلْتُ: فَعَلَى أَيِّ شَيْ‏ءٍ الثَّوْرُ؟ قَالَ: عَلَى الثَّرَى. قُلْتُ: فَعَلَى أَيِّ شَيْ‏ءٍ الثَّرَى؟ فَقَالَ: هَيْهَاتَ عِنْدَ ذَلِكَ ضَلَّ عِلْمُ الْعُلَمَاءِ.
وَ رَوَى فَخْرُ الدِّينِ فِي كِتَابِ جَوَاهِرِ الْقُرْآنِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ مَسِيرَةُ الشَّمْسِ فِيهَا ثَلَاثُونَ يَوْماً، هِيَ مِثْلُ الدُّنْيَا ثَلَاثُونَ مَرَّةً، مَشْحُونَةٌ خَلْقاً لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَ لَا إِبْلِيسَ، وَ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يُعْصَى فِي الْأَرْضِ.
و الْأَرَضَةُ بالتحريك: دويبة صغيرة

193
مجمع البحرين4

أرض ص 193

كنصف العدسة تأكل الخشب، و هي التي ذكرها الله في كتابه العزيز، و لما كان فعلها في الْأَرْضِ أضيفت إليها. و نقل عن القزويني في الأشكال أنه إذا أتى على الْأَرَضَةِ سنة نبت لها جناحان طويلان تطير بهما، و هي الدابة التي دلت الجن على موت سليمان بن داود و النملة عدوها و هي أصغر منها، فتأتي من خلفها فتحملها إلى جحرها.
 (ايض)
آضَ يَئِيضُ أَيْضاً مثل باع يبيع بيعا: إذا رجع. فقولهم" افعل كذا أَيْضاً" معناه عود إلى ما تقدم. و آضَ فلان إلى أهله: رجع.
باب ما أوله الباء
 (بضض)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ هَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلَّا جواني [حَوَانِيَ‏] هَرَمِ الْمَشِيبِ".
الْبَضَاضَةُ بضادين معجمتين: رقة اللون و صفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شي‏ء. و الْبَضَاضَةُ: امتلاء البدن و قوته.
وَ فِي الْخَبَرِ" الشَّيْطَانُ يَجْرِي فِي الْإِحْلِيلِ وَ يَبِضُّ فِي الدُّبُرِ".
أي يدب فيه يتخيل أنه بلل أو ريح‏
. (بعض)
قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها
 [2/ 26] المعنى أن يضرب مثلا بَعُوضَةً نصبها على البدل و ما زائدة، و قد تقدم معنى الاستحياء. و" الْبَعُوضَةُ" بالفتح واحدة الْبَعُوضِ الذي هو صغار البق، و اشتقاقها من الْبَعْضِ لأنها كَبَعْضِ البقة، و هي على خلقة الفيل إلا أنها أكثر أعضاء، فإن للفيل أربعة

194
مجمع البحرين4

بعض ص 194

أرجل و خرطوما و ذنبا و لها مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان و أربعة أجنحة، و خرطوم الفيل مصمت و خرطومه مجوف، فإذا طعن به جسد الإنسان استسقى الدم و قذف به إلى جوفه فهو له كالبلعوم و الحلقوم قوله: فَما فَوْقَها قال الزمخشري: فيه معنيان" أحدهما" فما تجاوزها و زاد عليها في المعنى الذي ضربت فيه مثلا و هو القلة و الحقارة. و" الثاني" فما زاد عليها في الحجم، كأنه قصد بذلك رد ما استكبروه من ضرب المثل بالذباب و العنكبوت لأنهما أكبر من الْبَعُوضَةِ. و نقل القاضي بن خلكان عن بعض الفضلاء أن الزمخشري أوصى أن تكتب هذه الأبيات على قبره، و قد ذكرها في تفسيره في تفسير سورة البقرة و هي:
يَا مَنْ يَرَى مَدَّ الْبَعُوضِ جَنَاحَهُ             فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ الْأَلْيَلِ‏
و يرى مناط عروقها في نحرها             و المخ في تلك العظام النحل‏
امنن علي بتوبة أمحو بها             ما كان مني في الزمان الأول‏

و من بَعْضِ ما قيل:
لا تحقرن صغيرا في عداوته             إن الْبَعُوضَةَ تدمي مقلة الأسد

و بَعْضُ الشي‏ء: طائفة منه. و بَعَّضَهُ تَبْعِيضاً: أي جزأه فَتَبَعَّضَ. و عن تغلب أجمع أهل النحو على أن الْبَعْضَ شي‏ء من شي‏ء أو أشياء، و هذه تتناول ما فوق النصف كالثمانية، فإنه يصدق عليها أنها من العشرة. و قال الأزهري: و أجاز النحويون إدخال الألف و اللام على بَعْضٍ و كل إلا الأصمعي فإنه منع ذلك و قال: كل و بَعْضٌ معرفة فلا يدخلهما الألف و اللام لأنهما في نية الإضافة، و من هنا قال أبو علي كل و بَعْضٌ معرفتان لأنهما في نية الإضافة، و قد نصبت العرب عنها الحال فقالت" مررت بكل قائما" و الباء لِلتَّبْعِيضِ. قال في المصباح: و معناه أنها لا تقضي العموم، فيكفي أن يقع ما يصدق عليه أنه بَعْضٌ، و استدلوا عليه بقوله تعالى: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ و قالوا الباء هنا لِلتَّبْعِيضِ على رأي الكوفيين.

195
مجمع البحرين4

بعض ص 194

و نص على مجيئها لِلتَّبْعِيضِ ابن قتيبة في أدب الكاتب و أبو علي الفارسي و ابن جني، و نقله الفارسي عن الأصمعي. و قال ابن مالك في شرح التسهيل: و تأتي الباء موافقة من التَّبْعِيضِيَّةِ ... إلى أن قال: و ذهب إلى مجي‏ء الباء بمعنى التَّبْعِيضِ الشافعي و هو من أئمة اللسان، و قال بمقتضاه أحمد و أبو حنيفة حيث لم يوجب التعميم بل اكتفى أحمد بمسح الأكثر و أبو حنيفة بمسح الربع و لا معنى لِلتَّبْعِيضِ غير ذلك. قال: و جعلها لِلتَّبْعِيضِ أولى من القول بزيادتها، لأن الأصل عدم الزيادة و لا يلزم من الزيادة في موضع ثبوتها في كل موضع، بل لا يجوز القول به إلا بدليل، فدعوى الأصالة دعوى تأسيس و هو الحقيقة، و دعوى الزيادة دعوى مجاز و معلوم أن الحقيقة أولى. و قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ‏
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ.
وَ مِثْلُهُ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ أي علم الله ... إلى أن قال: و قال النحاة تأتي للإلصاق، و مَثَّلُوهُ بقولك" مسحت يدي بالمنديل" أي ألصقتها به، و الظاهر أنه لا يستوعبه و هو عرف الاستعمال، و يلزم من هذا الإجماع على أنها لِلتَّبْعِيضِ- انتهى. و هو تحقيق جيد يطابق المذهب الحق و يشهد له صريح الحديث الصحيح المشهور
الْمَرْوِيُّ عَنْ زُرَارَةَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَ لَا تُخْبِرُنِي مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ؟ وَ قُلْتُ: إِنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ وَ بَعْضِ الرِّجْلَيْنِ، فَضَحِكَ وَ قَالَ: يَا زُرَارَةُ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ قَالَ: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْوَجْهَ كُلَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُغْسَلَ، ثُمَّ قَالَ: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فَوَصَلَ الْيَدَيْنِ بِالْوَجْهِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يُغْسَلَا إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ فَصَّلَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَقَالَ: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فَعَرَفْنَا حِينَ قَالَ بِرُؤُسِكُمْ أَنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ لِمَكَانِ الْبَاءِ، ثُمَّ وَصَلَ الرِّجْلَيْنِ بِالرَّأْسِ كَمَا وَصَلَ الْيَدَيْنِ بِالْوَجْهِ فَقَالَ: وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فَعَرَفْنَا حِينَ وَصَلَهُمَا بِالرَّأْسِ أَن‏

196
مجمع البحرين4

بعض ص 194

الْمَسْحَ عَلَى بَعْضِهَا، ثُمَّ فَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ لِلنَّاسِ فَضَيَّعُوهُ.
وَ فِي حَدِيثِ صِفَاتِهِ تَعَالَى" لَا يَتَبَعَّضُ بِتَجْزِئَةِ الْعَدَدِ فِي كَمَالِهِ".
يعني أوصافه الكاملة كثيرة، و هو عالم قادر سميع بصير و مصداق لكل واحد، و هو ذاته، و هو منزه عن التجزئة التي تستلزم العدد في الكثرة
 (بغض)
الْبَغْضَاءُ بالمد: أشد الْبُغْضُ، و كذلك الْبِغْضَةُ بالكسر. و الْبُغْضُ: ضد الحب. و التَّبَاغُضُ: ضد التحاب. و بَغَضَهُ يَبْغُضُهُ من باب نصر، و قد بَغُضَ الرجل بَغَاضَةً: أي صار بَغِيضاً، و بَغَّضَهُ الله إلى الناس تَبْغِيضاً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْمُؤْمِنَ الضَّعِيفَ. قُلْتُ: وَ مَا الْمُؤْمِنُ الضَّعِيفُ؟ قَالَ: هُوَ الَّذِي يَرَى الْمُنْكَرَ وَ لَا يُنْكِرُ عَلَى فَاعِلِهِ".
و معناه أن يعامله معاملة الْمُبْغِضِ مع من أَبْغَضَهُ، بأن يوصل إليه ما يترتب على الْبُغْضِ لا حقيقة الْبُغْضِ، فإن ما يوصف به سبحانه يؤخذ باعتبار الغايات لا المبادئ.
 (بيض)
قوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ‏
 [37/ 49] أي مصون تشبه الجارية بالبيض بياضا و ملاسة و صفاء لون، و هي أحسن منه و إنما تشبه الألوان. قوله: بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ‏
 [37/ 46] وصفها بِالْبَيَاضِ تنبيها على كرمها و فضلها. قوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ‏
 [3/ 106] يحتمل أنهما كنايتان عن ظهور الفرج و السرور و كآبة الخوف و الخجل، أو المراد بهما حقيقة الْبَيَاضِ و السواد، و قد اعتبر هذان الوجهان‏
فِي قَوْلِهِ" اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ فِيهِ الْوُجُوهُ".
الدعاء. قوله: وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ‏
 [12/ 84] من الْبَيَاضِ بالفتح، و هو اللون الأبيض.
رُوِيَ" أَنَّهُ بَلَغَ مِنْ حُزْنِ يَعْقُوبَ عَلَى يُوسُفَ حُزْنَ سَبْعِينَ ثَكْلَى عَلَى أَوْلَادِهَا، وَ كَانَ ع لَمْ يَعْرِفِ الِاسْتِرْجَاع‏

197
مجمع البحرين4

بيض ص 197

فَمِنْهَا قَالَ وَا أَسَفِي عَلَى يُوسُفَ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" التَّقْصِيرُ فِي بَيَاضِ يَوْمٍ".
يريد من الفجر إلى الغروب.
وَ فِي حَدِيثِ الْحَائِضِ" يُمْسِكُ عَنْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ".
يريد الطهر من الحيض. و" الْبَيْضَةُ" واحد الْبَيْضِ من الطير و الحديد. و الْبَيْضَتَانِ: أنثيا الرجل. و بَيْضَةُ الإسلام: جماعته. و منه‏
الدُّعَاءُ" لَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ".
أي مجتمعهم و موضع سلطانهم و مستقر دعوتهم، أراد عدوا يستأصلهم و يهلكهم جميعهم، و قد تقدم و قيل أراد بِالْبَيْضَةِ الخوذة. فكأنه شبه مكان اجتماعهم و التيامهم بِبَيْضَةِ الحديد، و يجمع الْأَبْيَضُ على بِيضٍ، و أصله بُيْضٌ بضم الباء. قال الجوهري: و إنما أبدلوا من الضمة كسرة لتصح الياء. و" أيام الْبِيضِ" على حذف مضاف، يريد أيام الليالي الْبِيضِ، و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر، و سميت لياليها بِيضاً، لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها.
وَ" الْبَيْضَاءُ" أَحَدُ قَلَانِسِ النَّبِيِّ ص الَّتِي كَانَ يَلْبَسُهَا.
و في وصف الشريعة بكونها بَيْضَاءَ نقية تنبيها على كرمها و فضلها، لأن الْبَيَاضَ لما كان أفضل لون عند العرب عبر به عن الكرم و الفضل، حتى قيل لمن لم يتدنس بمعاب هو أَبْيَضُ الوجه، و يحتمل أن يكون المراد منها كونها مصونة عن التبديل و التحريف خالية عن التكاليف الشاقة. و الْأَبْيَضُ: السيف، و الْبِيضُ بالكسر جمعه. و الْبِيضَانُ من الناس: خلاف السودان. و الْمُبَيِّضَةُ بكسر الياء فرقة من الثنوية. قال الجوهري: و هم أصحاب المُقَنَّعِ، سُمُّوا بذلك لِتَبَيُّضِهِمْ بثيابهم مخالفة للمُسَوِّدَة من أصحاب الدولة العباسية.

198
مجمع البحرين4

باب ما أوله الجيم ص 199

باب ما أوله الجيم‏
 (جرض)
الْجَرَضُ بالتحريك: الريق، يقال جَرِضَ بريقه يَجْرَضُ، و هو أن يبتلع ريقه على هم و حزن بالجهد. و الْجَرِيضُ: الغصة، و منه‏
الْحَدِيثُ" أَلَمُ الْمَضَضِ".
أي الوجع، و
" غَصَصُ الْجَرَضِ".
 (جهض)
" الْجِهَاضُ" بالكسر اسم من أَجْهَضَتِ الناقة و المرأة ولدها إِجْهَاضاً أسقطته ناقص الخلق. و منه الْمُجْهِضُ المسقطةُ للحمل، و الولد مُجْهَضٌ بفتح الهاء و جَهِيضٌ.
 (جيض)
جَاضَ عن الشي‏ء يَجِيضُ جَيْضاً: حاد عنه و عدل. و أصل الْجَيْضِ: الميل عن الشي‏ء. و منه‏
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع" ارْتَدَّ النَّاسُ إِلَّا ثَلَاثَةً سَلْمَانُ وَ أَبُو الذَّرِّ وَ الْمِقْدَادُ. قُلْتُ: فَعَمَّارٌ؟ قَالَ: كَانَ جَاضَ جَيْضَةً أَيْ مَالَ وَ عَدَلَ".
قال في النهاية: و يروى بالحاء و الصاد المهملتين، يعني جال جولة يطلب الفرار و قد تقدم.
باب ما أوله الحاء
 (حرض)
قوله تعالى: حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ‏
 [8/ 65] أي حثهم، و التَّحْرِيضُ على القتال و الحث و الإحماء عليه. قوله: حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً
 [13/ 85] الْحَرَضُ بالتحريك الذي أذابه‏

199
مجمع البحرين4

حرض ص 199

العشق و الحزن، و عن قتادة حتى تهرم أو تموت، و يقال الْحَرَضُ الشرف على الهلاك، من قولهم حَرِضَ حَرَضاً من باب تعب: أشرف على الهلاك. و في الحديث ذكر الْحُرُضَ بضمتين و إسكان الراء أيضا، و هو الأشنان بضم الهمزة، سمي بذلك لأنه يهلك الوسخ.
 (حضض)
قوله: وَ لا تُحَاضُّونَ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ [89/ 18] أي لا تحثون على طعامه و لا تأمرون بالتصدق عليه، من قولهم حَضَّهُ على الأمر حَضّاً من باب قتل: حثه عليه. و حَضَّضَهُ: أي حرضه. قال الشيخ أبو علي: و من قرأ وَ لا تَحَاضُّونَ يعني بفتح التاء أي لا يَحُضُّ بعضكم بعضا على ذلك، و المعنى الإهانة مما فعلتموه من ترك إكرام اليتيم و منع الصدقة للفقير لا ما زعمتموه.
وَ فِي حَدِيثٍ" لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَحِلَ الصَّائِمُ بِالْحُضُضِ".
يروى بضم الضاد الأولى و فتحها، و قيل هو بظاءين، و قيل بضاد ثم بظاء دواء معروف، قيل إنه يعقد من أبوال الإبل، و قيل هو عقار، منه مكي و منه هندي و هو عصارة شجر معروف له ثمرة كالفلفل تسمى شجرته الْحُضْحُضَ. و الْحَضِيضُ: قرار الأرض، و أسفل الجبل أيضا. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ عَلَى الْحَضِيضِ وَ يَنَامُ عَلَى الْحَضِيضِ".
و منه‏
حَدِيثُ" مَنِ ادَّعَى الْإِمَامَةَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَنَّهُمْ ارْتَقَوْا مُرْتَقًى دَحْضاً".
يعني زلقا تزل عنه إلى الْحَضِيضِ أقدامهم. و حروف التَّحْضِيضِ أربعة: هلا، و ألا، و لولا، و لوما. قال النحاة: و دخولها على المستقبل حث على الفعل و طلب له، و على الماضي توبيخ على ترك الفعل نحو" هلَّا تَنْزِلُ" و" هَلَّا نَزَلْتَ عِنْدَنَا".
 (حمض)
حَمُضَ الشي‏ء بضم الميم و فتحها يَحْمُضُ حُمُوضَةً فهو حَامِضٌ، و الْحُمُوضَةُ: طعم الْحَامِضِ.

200
مجمع البحرين4

حمض ص 200

و الْحُمَّاضُ: نبت له نور أحمر- قاله الجوهري.
 (حوض)
فِي الْحَدِيثِ" أُمُّ إِسْمَاعِيلَ لَمَّا ظَهَرَ لَهَا مَاءُ زَمْزَمَ جَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ".
أي تجعل له حَوْضاً يجتمع فيه الماء. و روي" تخوطه". و" الْحَوْضُ" واحد أَحْوَاضِ الماء، و" الْحِيَاضُ" بالكسر مثل أثواب و ثياب. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِنْ لَمْ تَجِدْ مَوْضِعاً فَلَا تُجَاوِزِ الْحِيَاضَ عِنْدَ وَادِي مُحَسِّرٍ".
و الْحَوْضُ: الكوثر.
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع" أَنَا ابْنُ ذِي الْحَوْضَيْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هَاشِمٍ فِي الْعَامِ السَّغِبْ".
لعل المراد بهما الحقيقة، و يحتمل أنه أراد العلم و الهدى. و مثله‏
" أَلَا إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضاً".
 (حيض)
قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ‏
 [2/ 222] قيل الْمَحِيضُ يجي‏ء مصدرا كالمجي‏ء و المبيت، و اسم زمان و اسم مكان فَالْمَحِيضُ الأول مصدر لا غير لعود الضمير إليه بقوله: هُوَ أَذىً أي مستقذر، و أما الثاني فيحتمل المصدرية فيكون فيه تقدير مضاف أي في زمان المحيض، و يحتمل اسم الزمان و المكان فلا يحتاج إلى تقدير مضاف. و الْحَيْضُ: اجتماع الدم، و به سمي الْحَوْضُ لاجتماع الماء فيه. و حَاضَتِ المرأة تَحِيضُ حَيْضاً و مَحِيضاً و تَحَيَّضَتْ: إذا سال دمها في أوقات معلومة فإذا سال الدم من غير عرق الْحَيْضِ فهي مُسْتَحَاضَةٌ. و تَحَيَّضَتْ المرأة: قعدت في أيام حَيْضِهَا تنتظر انقطاعه. و منه‏
قَوْلُهُ ع" تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتّاً أَوْ سَبْعاً".
و إنما خصهما لأن ذلك هو الغالب في أيام الحيض. و امرأة حَائِضَةٌ و حَائِضٌ: أي ذات حَيْضٍ، و نساء حُيَّضٌ- بضم الحاء و التشديد- و جمع الْحَائِضَةُ حَائِضَاتٌ. و" الْحَيْضَةُ" المرة الواحدة من الْحَيْضِ، و بالكسر الاسم من الْحَيْضِ،

201
مجمع البحرين4

حيض ص 201

و هي هيئة الْحَيْضِ، مثل الجلسة لهيئة الجلوس. و الْحِيضَةُ بالكسر أيضا: الخرقة التي تستثفر بها المرأة. و منه‏
حَدِيثُ عَائِشَةَ" لَيْتَنِي كُنْتُ حِيضَةً مُلْقَاةً".
قال في النهاية و يقال لها الْمَحِيضُ و تجمع على الْمَحَايِضِ.
باب ما أوله الخاء
 (خضخض)
فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَضْخَضَةِ؟ فَقَالَ: هِيَ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ خَيْرٌ مِنْهُ".
و
فِي آخَرَ" سُئِلَ ع عَنِ الْخَضْخَضَةِ؟ فَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ الزِّنَا وَ نِكَاحُ الْأَمَةِ خَيْرٌ مِنْهُ".
الْخَضْخَضَةُ- بخاءين معجمتين و ضادين كذلك- هي الاستمناء باليد. و الْخَضْخَاضُ: ضرب من القطران تهنأ به الإبل- قاله الجوهري.
 (خفض)
قوله تعالى: خافِضَةٌ رافِعَةٌ
 [56/ 3] أي تَخْفَضُ قوما إلى النار و ترفع آخرين إلى الجنة. قوله: وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
 [17/ 24] يعني تواضع لهما، أو من المقلوب أي جناح الرحمة من الذل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" هُوَ أَنْ لَا تَمْلَأَ عَيْنَيْكَ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا وَ تَنْظُرَ إِلَيْهِمَا بِرِقَّةٍ وَ رَحْمَةٍ وَ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فَوْقَ أَصْوَاتِهِمَا وَ لَا يَدَكَ فَوْقَ أَيْدِيهِمَا وَ لَا تَتَقَدَّمْ قُدَّامَهُمَا".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ [انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَ] تَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ".
الْخَفْضُ: الراحة و السكون، يقال هو في خَفْضِ من العيش أي في سعة و راحة.

202
مجمع البحرين4

خفض ص 202

و منه" عيش خَافِضٌ" و" عيش خَفِيضٌ" أي واسع، و المراد فقد حصل الراحة و طيب العيش. و منه‏
حَدِيثُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ" يَوْمُ خَفْضٍ وَ دَعَةٍ".
أي يوم سكون و راحة عن طلب المعاش.
وَ" خَفِّضِي عَلَيْكَ الْأَمْرَ" فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ
أي هونيه و لا تحزني. و منه‏
كَلَامُ عَلِيٍّ ع لِعُمَرَ حِينَ قَالَ لَهُ أَرَادَكَ الْحَقُّ" وَ لَكِنْ أَبَى قَوْمُكَ- يَا أَبَا حَفْصٍ خَفِّضْ عَلَيْكَ مِنْ هُنَا وَ مِنْ هُنَا" أي هون عليك و لا تشدد إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً.
و خَفْضُ الجارية مثل ختن الغلام، يقال خَفَضَتِ الْخَافِضَةُ الجارية أي ختنتها، فالجارية مَخْفُوضَةٌ، و لا يطلق الْخَفْضُ إلا على الجارية دون الغلام. و خَفَضَ الرجل صوته خَفْضاً من باب ضرب: إذا لم يجهر به. و خَفَضَ اللهُ الكافرَ: أهانه. و خَفَضَ الحرفَ في الإعراب: جعله مكسورا، و الْخَفْضُ و الجر واحد، و هما في الإعراب بمنزلة الكسر في البناء في مواضعات النحويين. و الِانْخِفَاضُ: الانحطاط. و الله يَخْفَضُ من يشاء و يرفع من يشاء: أي يضع. و" الْخَافِضُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي يَخْفَضُ الجبارين و الفراعنة، أي يضعهم و يهينهم.
 (خوض)
قوله تعالى: وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ‏
 [74/ 45] أي نسرع في الباطل و نغوي مع الغاوين. قوله: وَ خُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا [9/ 69] أي كَخَوْضِهِمْ، و الذي مصدرية و أصل الْخَوْضِ دخول القدم فيما كان مائعا من الماء و الطين، ثم كثر حتى صار في كل دخول فيه أذى و تلويث. قال تعالى: ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ‏
 [6/ 91] أي في باطلهم، فلا عليك بعد التبليغ و إلزام الحجة. و قال تعالى: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا
 [6/ 68] أي‏

203
مجمع البحرين4

خوض ص 203

بالتكذيب و الاستهزاء بها و الطعن فيها. و قال تعالى: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ‏
 [4/ 140] أي يأخذوا في حديث، يقال خاض الناس في الحديث و تخاوضوا: أي تفاوضوا فيه، و فيها دلالة على تحريم مجالسة الكفار عند كفرهم بآيات الله و استهزائهم بها، و على إباحة مجالستهم عند خوضهم في حديث غيره. و روي أن هذا منسوخ بقوله تعالى: فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى‏ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. قال الشيخ أبو علي: و في الآية دلالة على وجوب إنكار المنكر مع القدرة على ذلك و زوال العذر، و إن من ترك ذلك مع القدرة عليه فهو مخطى‏ء آثم، و فيها أيضا دلالة على تحريم مجالسة الفساق و المبتدعين من أي جنس كانوا، و به قال جماعة من المفسرين. قال: و من ذلك إذا تكلم الرجل في مجلس يكذب ليضحك منه جلساؤه فيسخط الله عليهم. قال:
وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ع فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ:" إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَ يُكَذِّبُ بِهِ وَ يَقَعُ فِي أَهْلِهِ فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ وَ لَا تُقَاعِدْهُ".
قال: و في الآية أيضا دلالة على بطلان القول ببقاء الإعراض، و قولهم ليس هاهنا غير الأجسام لأنه قال: حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ‏
 فأثبت غيرا لما كانوا فيه و ذلك هو العرض.
وَ فِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ" يَخُوضُ الرَّجُلُ بِرِجْلَيْهِ الْمَاءَ خَوْضاً".
أي يدخلهما في الماء ماشيا، يقال خُضْتُ الماء أَخُوضُهُ خَوْضاً و خِيَاضاً: مشيت فيه. و منه" الْمَخَاضَةُ" بالفتح و هو موضع خَوْضِ الماء و ما جاز الناس فيها مشاة و ركبانا و جمعها الْمَخَاضُ و الْمَخَاوِضُ أيضا. و خُضْتُ الغمرات: اقتحمتها.

204
مجمع البحرين4

باب ما أوله الدال ص 205

باب ما أوله الدال‏
 (دحض)
قوله تعالى: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ‏
 [37/ 141] أي قارع فكان من المقروعين المغلوبين المقهورين. قوله: داحِضَةٌ
 [43/ 16] أي زائلة باطلة. قوله: لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ*
 [18/ 56] أي ليزيلوا به الحق و يذهبوا به.
وَ فِي الدُّعَاءِ" خُذْنِي مِنْ دَحْضِ الْمَزَلَّةِ".
أي أنقذني من مزلقة الخطيئة.
وَ فِي الْحَدِيثَ" الْحَجُّ مَدْحَضَةٌ لِلذَّنْبِ".
أي مبطل له. و دَحَضَتِ الْحِجَّةُ دَحْضاً- من باب نفع-: بطلت، و أَدْحَضَهَا الله في التعدي. و دَحَضَ الرجل: زلق. و دَحَضَتْ رجله: زلقت. و مكان دَحْضٌ: زلق. و الْإِدْحَاضُ: الإزلاق. و
" حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ".
أي تزول.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ إِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فِي هَذِهِ الْمَزَلَّةِ فَإِنَّا كُنَّا تَحْتَ ظِلِّ غَمَامَةٍ".
إلى آخره، و قد مر شرحه في وطا. و" المزلة" بكسر الزاي و فتحها بمعناه و هما بفتح الميم.

205
مجمع البحرين4

باب ما أوله الراء ص 206

باب ما أوله الراء
 (ربض)
فِي الْحَدِيثِ" أَقَلُّ مَا يَكُونُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الْقِبْلَةِ مَرْبِضُ غَنَمٍ، وَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ مَرْبِطُ فَرَسٍ".
مَرَابِضُ الغنم جمع مَرْبِضٍ بفتح الميم و كسر الباء، و هو موضع رَبْضِ الغنم، و هو كالجلوس للإنسان، و قيل كالاضطجاع له.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ النَّاسُ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ".
أي الغنم الرَّبِضْ، أي الباركة. و منه‏
حَدِيثُ الْمُنَافِقِ" إِذَا رَكَعَ رَبَضَ وَ إِذَا سَجَدَ نَقَرَ، وَ إِذَا جَلَسَ شَغَرَ".
و رُبُوضُ الغنم و البقر و الكلب و جثوم الطير مثل بروك الإبل. و الفصيل الرَّابِضُ: الجالس المقيم. و منه" كَرَبْضَةِ العنز".
 (رضض)
رَضَضْتُ الشي‏ء من باب قتل: كسرته. و الرَّضُّ: الدق الجريش.
 (رفض)
في الحديث ذكر الرَّافِضَةُ و الرَّوَافِضُ، و هم فرقة من الشيعة رَفَضُوا أي تركوا زيد بن علي ع حين نهاهم عن الطعن في الصحابة، فلما عرفوا مقالته و أنه لا يبرأ من الشيخين رَفَضُوهُ، ثم استعمل هذا اللقب في كل من غلا في هذا المذهب و أجاز الطعن في الصحابة

206
مجمع البحرين4

رفض ص 206

يقال رَفَضَهُ رَفْضاً من باب قتل: تركه. و الشي‏ء مَرْفُوضٌ: أي متروك. و ارْفِضَاضُ الدمع: ترششها. و منه‏
الْحَدِيثُ" ثُمَّ ارْفَضَّتْ عَيْنَاهُ وَ سَالَتْ دُمُوعُهُ".
و منه‏
حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع" لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى يَرْفَضَّ عِرْقاً".
أي يسيل و يجري.
 (ركض)
قوله تعالى: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ‏
 [28/ 42] أي اضرب الأرض برجلك، من رَكَضْتُ الدابة إذا ضربتها برجلك لتستحثها، و يقال ارْكُضْ بِرِجْلِكَ‏
: أي ادفع برجلك و الرَّكْضُ: الدفع بالرجل. قوله: إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ‏
 [21/ 12] أي يهربون و ينهزمون.
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى‏ ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ‏
 قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَ بَعَثَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ بِالشَّامِ هَرَبُوا إِلَى الرُّومِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الرُّومُ لَا نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَتَنَصَّرُوا، فَيُعَلِّقُونَ فِي أَعْنَاقِهِمُ الصُّلْبَانَ فَيُدْخِلُونَهُمْ، فَإِذَا نَزَلَ بِحَضْرَتِهِمْ أَصْحَابُ الْقَائِمِ طَلَبُوا الْأَمَانَ وَ الصُّلْحَ، فَيَقُولُ أَصْحَابُ الْقَائِمِ لَا نَفْعَلُ حَتَّى تَدْفَعُوا إِلَيْنَا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنَّا. قَالَ: فَيَدْفَعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى‏ ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ‏
 قَالَ: يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ الْكُنُوزِ وَ لَهُمْ عِلْمٌ بِهَا. قَالَ: فَيَقُولُونَ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ بِالسَّيْفِ وَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ صَاحِبُ نَهَرِ سَعِيدٍ بِالرَّحَبَةِ.
وَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِحَاضَةِ" إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ عَانِدٌ أَوْ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ".
أي دفعة و حركة من الشيطان، و المعنى أن الشيطان قد وجد بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها و طهرها و صلاتها حتى‏

207
مجمع البحرين4

ركض ص 207

أنساها ذلك عادتها، و صار في التقدير كأنه رَكْضَةٌ بآلة من رَكَضَاتِهِ- كذا في النهاية. و في المغرب: إنما أضيف ذلك إلى الشيطان و إن كانت من فعل الله تعالى لأنها ضرر و سيئة، و الله تعالى يقول: وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ أي بفعلك، و مثل هذا يكون بوسوسة الشيطان و إسناد الفعل إلى السبب كثير، و سيجي‏ء مزيد بحث في الحديث في عرق.
 (رمض)
قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ‏
 [2/ 185] فَرَمَضَانُ اسم للشهر، قيل سمي بذلك لأن وضعه وافق الرَّمَضَ بالتحريك، و هو شدة وقع الشمس على الرمل و غيره، و جمعه رَمَضَانَاتٌ و أَرْمِضَاءُ. و في المصباح قال بعض العلماء: يكره أن يقال جاء رَمَضَانُ و شبهه إذا أريد به الشهر، و ليس معه قرينة تدل عليه، و إنما يقال جاء شهر رَمَضَانَ، و استدل‏
بِحَدِيثِ" لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ لَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضانَ‏
".
قال: و هذا الحديث ضعفه البيهقي، و ضعفه ظاهر لأنه لم ينقل عن أحد من العلماء أن رَمَضَانَ من أسماء الله تعالى فلا يعمل به، و الظاهر جوازه من غير كراهة كما ذهب إليه البخاري و جماعة من المحققين لأنه لم يصح في الكراهة شي‏ء، و قد ثبت في الأحاديث الصحيحة ما يدل على الجواز مطلقا
كَقَوْلِهِ" إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَ غُلِّقَتْ أَبْوَابُ النِّيرَانِ وَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ".
قال: و قال القاضي عياض و
فِي قَوْلِهِ" إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ".
دليل على جواز استعماله من غير لفظ الشهر خلافا لمن كرهه من العلماء- انتهى كلامه. و هو مرغوب عنه، فإن في كثير من أحاديث أهل الحق النهي عن التلفظ بِرَمَضَانَ من دون إضافة الشهر تعليلا بأنه اسم من أسمائه تعالى، و وقوعه‏

208
مجمع البحرين4

رمض ص 208

في بعض الأحاديث مجردا عنه غير ضائر لإمكان قصد بيان الإباحة، و هي لا تنافي الكراهة. قال الشهيد الأول في كتاب نكت الإرشاد ما هذا لفظه:" فائدة" نهي عن التلفظ بِرَمَضَانَ، بل يقال شهر رَمَضَانَ في أحاديث من أجودها
مَا أَسْنَدَهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ إِلَى الْكَاظِمِ ع عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ:" لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ، مَنْ قَالَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ وَ لْيَصُمْ كَفَّارَةً لِقَوْلِهِ وَ لَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى شَهْرُ رَمَضانَ‏
".
و عن الأزهري العرب تذكر الشهور كلها مجردة من لفظ شهر إلا شهري ربيع و رَمَضَانَ، و يحكى أن العرب حين وضعت الشهور وافق الوضع الأزمنة، ثم كثر حتى استعملوها في الأهلة و إن لم يوافق ذلك الزمان، فقالوا شهر رَمَضَانَ لما أَرْمَضَتِ الأرض من شدة الحر، و شَوَّالٌ لما شالت الإبل بأذنابها للطروق، و ذو القَعْدَةُ لما ذللوا القعدان للركوب، و ذو الحِجَّةُ لما حجّوا، و المُحَرَّمُ لما حرموا القتال أو التجارة، و صَفَرٌ لما غَزَوْا و تركوا دار القوم صِفْراً، و شهر رَبِيعٌ لما أربعت الأرض و أمرعت، و جُمَادَى لما جمد الماء، و رَجَبٌ لما أرجبوا الشجر، و شَعْبَانُ لما أشعبوا العُود.
وَ فِي حَدِيثِ السُّجُودِ" أَخَافُ الرَّمْضَاءَ عَلَى وَجْهِي كَيْفَ أَصْنَعُ؟" يَعْنِي الْحِجَارَةَ الْحَامِيَةَ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ" قَالَ: تَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِكَ".
و مثله‏
" شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص الرَّمْضَاءَ فِي جباهنا فَلَمْ يَشْكُنَا".
أي لم يزل شكايتنا. و رَمِضَ يومنا رَمْضاً من باب تعب: اشتد حره. و رَمَضَتْ قدمه بالحر: احترقت. و أَرْمَضَتْنِي الرَّمْضَاءُ: أحرقتني. و لعل منه‏
قَوْلَهُ ع" أَرْمَضَنِي اخْتِلَافُ الشِّيعَةِ".
و الرَّمِيضُ: الحديد الماضي. و منه‏
الْخَبَرُ" إِذَا مَدَحْتَ الرَّجُلَ فِي وَجْهِهِ فَكَأَنَّمَا أَمْرَرْتَ عَلَى حَلْقِهِ مُوسَى رَمِيضاً".

209
مجمع البحرين4

روض ص 210

(روض)

قوله تعالى: فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ [30/ 65] الرَّوْضَةُ: الأرض الخضرة بحسن النبات، و منه" رَوْضَاتُ الجنان" و هي أطيب البقاع و أنزهها. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَا بَيْنَ قَبْرِي وَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ".
أي كَرَوْضَةٍ يجي‏ء في ترع ما ينفع هنا. و جمع رَوْضَاتٍ رَوْضٌ و رِيَاضٌ صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها. و
مِنْهُ" بَادِرُوا إِلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ".
يعني طول الذكر أو حلق الذكر كما جاءت به الرواية. و رُضْتُ الدابةَ: ذللتها، و الفاعل رَائِضٌ، و هي مَرُوضَةٌ.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" لَأَرُوضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهِشُّ مَعَهَا إِلَى الْقُرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مَطْعُوماً وَ تَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً".
قيل المراد بِالرِّيَاضَةِ هنا منع النفس الحيوانية عن مطاوعة الشهوة و الغضب و ما يتعلق بهما، و منع النفس الناطقة عن متابعة القوى الحيوانية من رذائل الأخلاق و الأعمال، كالحرص على جمع المال و اقتناء الجاه و توابعهما من الحيلة و المكر و الخديعة و الغلبة و الحقد و الحسد و الفجور و الانهماك في الشرور و غيرها، و جعل طاعة النفس للعقل العملي ملكة لها على وجه يوصلها إلى كمالها الممكن لها إزالة الموانع الدنيوية عن خاطره، و المعين على ذلك إضعاف القوة الشهوانية و الغضبية بإضعاف حواسه بتقليل الأغذية و التنوق فيها، فإن لذلك أثرا عظيما في حصول الكمال و التشاغل بحضرة ذي الجلال. و يمكن أن يقال: المراد بِالرِّيَاضَةِ منع النفس عن المطلوب من الحركات المضطربة و جعلها بحيث تصير طاعتها لمولاها ملكة لها.
وَ قَوْلُهُ ع" إِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ".
قال بعض الشارحين:

210
مجمع البحرين4

روض ص 210

قوله" إنما هي نفسي" أي إنما همتي و حاجتي" أَرُوضُهَا" و رِيَاضَةُ النفس مأخوذة من رِيَاضَةِ البهيمة، و هي منعها عن الإقدام على حركات غير صالحة لصاحبها، فالقوة الحيوانية هي مبدأ الإدراكات و الأفعال إذا لم تكن مطيعة للقوة العاقلة كانت بمنزلة البهيمة لم تُرَضْ، فهي تتبع الشهوة تارة و الغضب أخرى، و تستخدم القوة العاقلة في تحصيل مراداتها، فتكون هي أمارة و العاقلة مؤتمرة، و أما إذا رَاضَتْهَا القوة العاقلة حتى صارت مؤتمرة لها متمرنة على ما يقتضيه العقل العملي تأتمر بأمره و تنتهي بنهيه كانت العاقلة مطمئنة لا تفعل أفعالا مختلفة المبادئ و كانت باقي القوى سالمة لها. ثم قال الشارح: لما كان الغرض الأقصى من رِيَاضَةِ نفسه نيل الكمال الحقيقي فلا بد له من الاستعداد، و كان ذلك الاستعداد موقوفا على زوال الموانع الخارجية و الداخلية كانت لِلرِّيَاضَةِ أغراض ثلاثة: الأول حذف كل مرغوب و محبوب و هو حذف الموانع الخارجية، الثاني تطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة فينجذب التخيل و التوهم عن الجانب السفلي إلى العلوي و تتبعها سائر القوى فتزول الدواعي الحيوانية و هو حذف الموانع الداخلية، الثالث توجيه السر إلى الجنبة العالية لتلقي السوانح الإلهية و اقتناصها. و يعين على الأول الزهد الحقيقي، و هو الإعراض عن متاع الدنيا و طيباتها بالقلب، و على الثاني العبادة المشفوعة بالفكر في ملكوت السماوات و الأرض و عظمة الله تعالى و الأعمال الصالحة المنوية لوجهه خالصا، و عبر عن هذه الأمور المعنوية بالتقوى التي يَرُوضُ نفسه بها. و رَاضَ نفسه: بمعنى حلم فهو رَيِّضٌ. و الرَّيِّضُ في العلم: المذلل نفسه لذلك من رَاضَ المهر رِيَاضَةً ذللَّه فهو مَرُوضٌ. و قوم رَوَاضٍ و رَاضَةٌ. و منه حديث‏
أَحَدِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ فِي بَغْلِ الْمُسْتَعِينِ" كَانَ قَدْ جَمَعَ عَلَيْهِ الرَّاضَةَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حِيلَةٌ فِي رُكُوبِهِ".
و قوله:" حتى نَتَرَاوَضَ على أمر"

211
مجمع البحرين4

روض ص 210

أي نستقر على أمر. و اسْتَرَاضَ المكان: أي اتسع. و منه قولهم" افعل ذلك ما دامت النفس مُسْتَرِيضَةً" أي متسعة.
باب ما أوله العين‏
 (عرض)
قوله تعالى: لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ‏
 [2/ 224] الْعُرْضَةُ فعلة بمعنى المفعول، أطلق على ما يُعْرَضُ دون الشي‏ء و على الْمُعْرِضِ للأمر، فمعنى الآية على الأول لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير بل مخالفته‏
لِقَوْلِهِ ص لِابْنِ سَمُرَةَ" إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ".
و على الثاني و لا تجعلوه مَعْرَضاً لأيمانكم فتبذلوه بكثرة الحلف به.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي كُلِّ حَالَةٍ" لَا وَ اللَّهِ وَ بَلَى وَ اللَّهِ".
قوله: عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ
 [2/ 235] التَّعْرِيضُ خلاف التصريح، و هو الإيماء و التلويح و لا تبيين فيه، و هو كثير في الكلام، و قد تقدم الفرق بينه و بين الكناية. و عَرَضْتُ لفلان و بفلان: إذا قلت قولا و أنت تعنيه. و منه" الْمَعَارِيضُ في الكلام" و هي التورية عن الشي‏ء بالشي‏ء، كما إذا سألت رجلا هل رأيت فلانا و قد رآه و يكره أن يكذب فيقول إن فلانا ليرى، فيجعل كلامه مِعْرَاضاً فرارا من الكذب. و منه المثل" إن في الْمَعَارِيضِ لمندوحةً عن الكذب" أي سعة. قوله: جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ‏
 [3/ 133] قيل كل جنة من الجنان عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ لو وضع بعضها على بعض، و خص الْعَرْضُ لأنه أقل من الطول غالبا، فشبهت بأوسع ما علم الناس.
                       

212
مجمع البحرين4

عرض ص 212

قوله: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ‏
 [41/ 51] استعار الْعَرْضَ لكثرة الدعاء و دوامه كما استعار الغليظ لشدة العذاب. قوله: وَ عَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً
 [18/ 100] أي أظهرناها حتى رآها الكفار، يقال عَرَضْتُ الشي‏ء فَأَعْرَضَ: أي أظهرته فظهر. قوله: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
 [46/ 24] أي سحاب يمطرنا أو ممطر لنا، و لا يجوز أن يكون صفة لِعَارِضِ النكرة، و سمي عَارِضاً لأنه يَعْرِضُ في الأفق. قوله: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى‏
 [8/ 169] مر في دنا. قوله: يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا
 [40/ 46] أي صباحا و مساء، أي يعذبون في هذين الوقتين و فيما بين ذلك الله أعلم بحالهم، فإذا قامت القيامة قيل لهم أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ قوله: تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا
 [4/ 94] أي تطلبون عَرَضَ الحياة الدنيا، أي طمع الدنيا و ما يُعْرَضُ منها يعني الغنيمة و المال و متاع الحياة الدنيا الذي لا بقاء له.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّ جَبْرَئِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ أَنَّهُ عَارَضَهُ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ".
أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، من الْمُعَارَضَةِ: المقابلة. و منه" عَارَضْتُ الكتاب بالكتاب" أي قابلته. و يقال عَارَضْتُهُ في السير: أي مررت حياله. و عَارَضْتُهُ بمثل ما صنع: أي أتيت إليه بمثل ما أتى.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص عَارَضَ جِنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ".
أي أتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطريق و لم يتبعه من منزله. و الْعَرَضُ: متاع الدنيا و حطامها. و منه‏
الْخَبَرُ" الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَإِنْ عَرَضَ فِي قَلْبِكَ مِنَ الْمَاءِ شَيْ‏ءٌ فَكَذَا".
أراد إن ظهر و خطر في قلبك شي‏ء من استعماله فأفرج الماء

213
مجمع البحرين4

عرض ص 212

بأصابعك و استعمله ليزول ذلك المنفر، من عَرَضْتُ الشي‏ء من باب ضرب: أظهرته له و أبرزته إليه. و الْإِعْرَاضُ: الصد عنه. و أَعْرَضَ لك الخير: إذا أمكنك. و اعْتَرَضَ الشي‏ء: صار عَارِضاً كالخشبة الْمُعْتَرِضَةِ في النهر. و اعْتَرَضَ الشي‏ء دون الشي‏ء: أي حال دونه. و اعْتَرَضَتِ الشهر: إذا ابتدأته من غير أوله، و منه" اعْتَرَضَ القرآن". و اعْتَرَضَ فلان فلانا: وقع فيه. و" الْعَارِضَةُ" واحدة الْعَوَارِضِ، و هي الحاجات. و عَارِضَةُ الباب: الخشبة التي تمسك عضادتيه. و عَرَضَ في الطريق عَارِضٌ: أي منعني مانع صدني عن المضي فيه. و منه اعتراضات الفقهاء، لأنها تمنع من التمسك بالدليل.
وَ فِي الدُّعَاءِ" تَعَرَّضَ لَكَ فِي هَذَا اللَّيْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ".
أي تصدى لطلب فضلك و إحسانك الْمُتَعَرِّضُونَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" صُونُوا أَعْرَاضَكُمْ".
الْأَعْرَاضُ جمع عِرْضٍ بالكسر، قيل هو موضع المدح و الذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سلفه أو من يلزمه أمره، و قيل هو جانبه الذي يصونه من نفسه و حسبه و يحامي عنه أن ينتقص و يعاب. و
عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عِرْضُ الرَّجُلِ: نَفْسُهُ وَ بَدَنُهُ لَا غَيْرُ.
و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَ عِرْضِهِ".
أي احتاط لنفسه. و منه‏
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى مَنْ ذَكَرَنِي".
و منه‏
حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ" أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ".
أي من عابك و ذمك فلا تجازه و اجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة.
وَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" إِنَّمَا هُوَ عَرَقٌ يَسِيلُ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ".
أي أجسادهم. و عَرَضْتُ البعير على الحوض من المقلوب و معناه عَرَضْتُ الحوض على البعير. و عَرَضَهُ عَارِضٌ من الحمى و نحوها.

214
مجمع البحرين4

عرض ص 212

و عَرَضَ الرجلُ: إذا أتى الْعَرُوضَ، و هي مكة و المدينة و ما حولهما، و يقال مكة و المدينة. و منه قول الشاعر:
فيا راكبا إما عرضت فبلغن             نداماي من نجران أن لا تلاقيا

قال الجوهري: قال أبو عبيدة أراد فيا راكباه للندبة فحذف الهاء، كقوله تعالى: يا أَسَفى‏ عَلى‏ يُوسُفَ و لا يجوز يا راكبا بالتنوين لأنه قصد بالنداء راكبا بعينه. و يقال الْعُرَيْضُ و النقب من قبل مكة لا من حدود المدينة. و" عُرَيْضٌ" كزبير واد بالمدينة فيه أموال لأهلها. و" الْعَرْضُ" بالفتح فالسكون: المتاع، و كل شي‏ء فهو عَرْضٌ سوى الدراهم و الدنانير فإنهما عين، و الجمع عُرُوضٌ كفلس و فلوس. و عن أبي عبيدة الْعُرُوضُ: الأمتعة التي لا يدخلها كيل و لا وزن و لا يكون حيوانا و لا عقارا. و الْعَرَضُ بالتحريك: ما يحل في الاسم و لا وجود له و لا شخص له في اصطلاح المتكلمين ما لا يقوم بنفسه و لا يوجد في محل يقوم به، و هو خلاف الجوهر و ذلك نحو حمرة الخجل و صفرة الوجل. و رجل عِرِّيضٌ كفسيق: أي يَتَعَرَّضُ للناس بالشر. و تَعَرَّضَ بمعنى تعوج، و منه" تَعَرَّض

215
مجمع البحرين4

عرض ص 212

الْجَمَلُ فِي الْجَبَلِ" إذا أخذ في مسيره يمينا و شمالا لصعوبة الطريق. و الْعَرُوضُ كرسول ميزان الشعر لأنه يُعَارِضُ بها، و هي مؤنثة، و لا يجمع لأنها اسم جنس. و يقال للرساتيق بأرض الحجاز" الْأَعْرَاضُ" واحدها عِرْضٌ بالكسر. و الْعَارِضُ من اللحية: ما ينبت على عِرْضِ اللحى فوق الذقن.
وَ فِي الْخَبَرِ" مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ عَارِضَيْهِ".
قيل أراد بخفة الْعَارِضَيْنِ خفة اللحية. قال النهاية و ما أراه مناسبا، و قيل عَارِضَا الإنسان صفحتا خديه، و خفتهما كناية عن كثرة الذكر و حركتهما به. و عن ابن السكيت فلان خفيف الشفة: إذا كان قليل السؤال. و فلان من عُرْضِ النَّاسِ: أي من العامة. و فلان عُرْضَةٌ للناس لا يزالون يقعون فيه.
وَ قَوْلُهُمْ ع" فَاضْرِبْ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ".
أي جانباً منه أي جانب كان، مثل قولهم" خرجوا يضربون الناس عن عَرْضٍ" أي شق و ناحية كيف ما اتفق لا يبالون من ضربوا. و عَرُضَ الشي‏ءُ بالضم: اتسع عَرْضُهُ، و هو تباعد حواشيه، فهو عَرِيضٌ. و اسْتَعْرَضْتُهُ: أي قلت له اعْرِضْ علي ما عندك. و" الْمِعْرَاضُ" كمفتاح و هو السهم الذي لا ريش له.
 (عضض)
فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ" وَ عَضَّتْنَا الصَّعْبَةُ عَلَائِقَ الشَّيْنِ".
كأنه من عَضَّ الرجلُ صاحبَهُ يَعَضُّ عَضِيضاً: لزمه. و الشين السبب خلاف الدين، و العلائق جمع علاقة و هو ما يتعلق بشي‏ء كعلاقة الحب و نحوه،

216
مجمع البحرين4

عضض ص 216

و الصعبة الشديدة خلاف السهلة، و المعنى ألزمتنا السنة الصعبة علائق الذل و المعايب. و عَضَضْتُ اللقمة و بها و عليها عَضَّاً: أمسكتها بالأسنان. قال في المصباح: و هو من باب تعب في الأكثر لكن المصدر ساكن، و من باب نفع لغة قليلة." و عَضَّ عليه بالنواجذ" مثل في شدة الاستمساك به. و النواجذ هي أواخر الأسنان، و قيل التي بعد الأنياب‏
 (عوض)
الْعِوَضُ كعنب واحد الْأَعْوَاضِ كأعناب و أَعَاضَنِي و عَوَّضَنِي بالتشديد و عَاوَضَنِي: أعطاني الْعِوَضَ و هو البدل، و منه" يُعَوِّضُونَ بالدرهم ألف درهم". و اعْتَاضَ: أخذ الْعِوَضَ، و تَعَوَّضَ مثله، و اسْتَعَاضَ سأل الْعِوَضَ. و قولهم" لا آتيك عِوَضَ الْعَائِضِينَ" كما يقال لا آتيك دهر الداهرين. و" عِيَاضاً" على ما في النسخ عبد لعلي ع أعتقه على عمالة.
وَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" عِيَاضُ بْنُ حَمَّازٍ أَوْ حَمَّادٍ الْمُجَاشِعِيُّ".
كان قاضيا لأهل عكاظ في الجاهلية. و في كتب العامة عِيَاضُ بنُ حِمَارٍ بالراء المهملة صحابي.
باب ما أوله الغين‏
 (غرض)
فِي الدُّعَاءِ" لَا تَجْعَلْنِي لِلْبَلَاءِ غَرَضاً".
الْغَرَضُ بالتحريك: الهدف الذي يرمى إليه، و الجمع أَغْرَاضٌ كسبب و أسباب، و المعنى لا تجعلني هدف بلاء

217
مجمع البحرين4

غرض ص 217

و منه‏
الْحَدِيثُ" أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ وَلِيَّهُ غَرَضاً لِعَدُوِّهِ".
و" لحم غَرِيضٌ" أي طري. و منه‏
الْحَدِيثُ" نَهَى أَنْ يُؤْكَلَ اللَّحْمُ غَرِيضاً".
يعني نِيّاً
وَ قَالَ:" إِنَّمَا تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ وَ لَكِنْ حَتَّى تُغَيِّرَهُ الشَّمْسُ أَوِ النَّارُ".
 (غضض)
قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ‏
 [24/ 30] أي ينقصوا من نظرهم عما حرم الله عليهم، و قد أطلق لهم ما سوى ذلك، يقال غض طرفه غِضَاضاً بالكسر و غَضَاضَةً بفتحتين: خفضه و تحمل المكروه، و مقول القول محذوف، أي قل لهم غَضُّوا يَغُضُّوا فيكون في يَغُضُّوا الآية جوابا لأمر محذوف، و كذا يَحْفَظُوا و من عند الأخفش زائدة. قوله: وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ‏
 [31/ 19] أي نقص منه، يقال غَضَّ صوته أي خفضه و لم يرفعه بصيحة. و غَضَّ طرفه: أي كسره. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَانَ إِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ".
يعني كسره و أطرق و لم يفتح عينيه، و إنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الأشر و المرح. و منه‏
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مَعَ عَائِشَةَ" حُمَادَيَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَطْرَافِ".
يعني كسرها، و الأمر منه في لغة الحجاز اغْضُضْ، و منه الآية، و أهل نجد يقولون غُضَّ طَرْفِكَ بالإدغام.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا انْكَشَفَ أَحَدُكُمْ لِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَغُضُّ بَصَرَهُ".
و أَغَضَّ الرجل العين بالألف: قارب بين جفنيها، ثم استعمل في الحلم فقيل" غَضَّ على القذى" إذا أمسك عفوا عنه. و قولهم" ليس عليك في هذا الأمر غَضَاضَةٌ" أي ذلة و منقصة. و مثله" عليه في دينه غَضَاضَةٌ" و" ما علي من غَضَاضَةٍ". و شي‏ء غَضٌّ: أي طري، و الباب ضرب‏

218
مجمع البحرين4

غضض ص 218

و قولهم غَضَّاً جديدا: أي طريا و جديدا كالمفسر له.
 (غمض)
قوله تعالى وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ‏
 [2/ 268] أي تُغْمِضُوا عن عيب فيه، أي لستم بآخذي الخبيث من الأموال ممن لكم قبله حق إلا على إِغْمَاضٍ و مسامحة، فلا تؤدون من حق الله ما لا ترضون مثله من غرمائكم. يقال غَمَضْتُ عن فلان: إذا تساهلت عليه. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَصَبْتُ مَالًا أَغْمَضْتُ فِي مَطَالِبِهِ".
أي تساهلت في تحصيله و لم أجتنب فيه الحرام و الشبهات، و محصله جمعته من حرام أو حلال و شبهة، و أصله من إِغْمَاضِ العين. و الْغَامِضُ: خلاف الواضح. و انْغِمَاضُ الطرف: انغضاضه. و ما اكتحلت غِمَاضاً: أي ما نمت و لا اغْتَمَضَتْ عيناي. و مثله" لا أكتحل بِغَمْضٍ حتى ترضى عني". و ما في الأمر غَمِيضَةٌ: أي عيب.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" أَنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِيَائِي عِنْدِي مَنْ كَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ".
أي من كان خفيا عنهم لا يعرف سوى الله تعالى. و" نسب غَامِضٌ" أي لا يعرف. و غَمَضَ الحقُّ- من باب قعد- خفي مأخذه، و غَمُضَ بالضم لغة.
 (غيض)
قوله تعالى: وَ غِيضَ الْماءُ
 [11/ 44] إذا نقص، يقال غَاضَ الماء يَغِيضُ غَيْضاً من باب سار، و مَغَاضاً أي قل و نضُب في الأرض، و انغاض مثله. و غِيضَ الماء: فعل به ذلك. قوله: وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ‏
 [13/ 8] أي تنقص عن مقدار الحمل الذي يسلم معه الولد. و غَيَّضْتُ الدمع بالتشديد: نقصته و حبسته. و غَاضَهُ الله و أَغَاضَهُ الله يتعدى و لا يتعدى.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى" لَا يُغِيضُه‏

219
مجمع البحرين4

غيض ص 219

سُؤَالُ السَّائِلِينَ".
أي لا ينقصه. و الْغَيْضَةُ: الأجمة، و هي مَغِيضُ ماء يجتمع فيه الشجر، و الجمع غِيَاضٌ و أَغْيَاضٌ مثل كلبة و كلاب و أكلاب، و غَيْضَاتٌ مثل بيضة و بيضات.
باب ما أوله الفاء
 (فرض)
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ
 [28/ 85] أي أوجب عليك تلاوته بتبليغه و العمل بما فيه. و الفرض: التوقيت، و منه قوله: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ‏
 [2/ 197] أي وقته أو أوجبه. قوله: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ*
 [4/ 11] نصب نصب المصادر، أي فرض الله فريضة. قوله: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ
 [4/ 24] أي من استيناف عقد آخر بعد انقضاء مدة الأجل. قوله: أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها [24/ 1] أي فَرَضْنَا ما فيها و الزمناكم العمل بها، و قرئ فَرَّضْناها بالتشديد أي فصلناها. قوله: لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ
 [2/ 68] الْفَارِضُ المسنة، يقال للشي‏ء القديم فَارِضٌ، و منه فَرَضَتِ الشاة فهي فَارِضٌ. و فَرَضَ الله علينا كذا و افْتَرَضَ: أي أوجب، و الاسم الْفَرِيضَةُ، و سمي ما أوجبه الله الْفَرْضَ لأن له معالم و حدودا. و منه قوله: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً
 [4/ 118] أي مقتطعا محدودا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ".
قال بعض شراح الحديث: قد أكثر الناس الأقاويل فيه و ضربوا

220
مجمع البحرين4

فرض ص 220

يمينا و شمالا، و المراد به العلم الذي فُرِضَ على العبد معرفته في أبواب المعارف، و تحقيقه هو: أن مراتب العلم الشرعي ثلاثة: فَرْضُ عين، و فَرْضُ كفاية، و سُنَّةٌ. فالأول ما لا يتأدى الواجب إلا به، و عليه حمل‏
" طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ".
و هو يرجع إلى اعتقاد و فعل و تركه، فالأول اعتقاد كلمتي الشهادة، و ما يجب لله و يمتنع، و الإذعان بالإمامة للإمام، و التصديق بما جاء به النبي ص من أحوال الدنيا و الآخرة مما ثبت عنه بالتواتر، كل ذلك بدليل تسكن النفس إليه و يحصل به الجزم، و ما زاد على ذلك من أدلة المتكلمين فهو فَرْضُ كفاية. و أما الفعل فتعلم واجب الصلاة و أمثالها. و أما الترك فيدخل في بعض ما ذكر.
وَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ" فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ".
قال بعض الأعلام: أراد بكون الزكاة فريضة واجبة كونها سهما مقتطعا من المال وجوبا، و إلا لما كان لتخصيصها من بين سائر الْفَرَائِضِ معنى. و الفرق بين الْفَرِيضَةِ و الواجب هو أن الْفَرِيضَةَ أخص من الواجب لأنها الواجب الشرعي، و الواجب إذا كان مطلقا يجوز حمله على العقلي و الشرعي. و الْفَرِيضَةُ فعيلة بمعنى مفعولة، و الجمع فَرَائِضُ قيل اشتقاقها من الْفَرْضِ الذي هو التقدير، لأن الْفَرَائِضَ مقدرات، و قيل هي من فَرْضِ القوس و هو الجزء الذي يقع فيه الوتر. و الْفَرْضُ: الْمَفْرُوضُ، و جمعه فُرُوضٌ مثل فلس و فلوس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَرِيضَةٌ وَ عَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ سُنَّةٌ".
و لعل المراد كَالْفَرِيضَةِ لشدة الاستحباب بخلاف السجود على غيرها.
وَ قَوْلُهُ ع" فَرَضَ اللَّهُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يَبْدَأْنَ بِبَاطِنِ أَذْرُعِهِنَّ".
أراد بِالْفَرْضِ هنا التقدير على الظاهر لا الوجوب‏

221
مجمع البحرين4

فرض ص 220

للاتفاق على عدمه. و مثله" ما ذا أقول و أفوض على نفسي و فَرَضَ الله الأحكام فَرْضاً أوجبها". و كتاب الْفَرَائِضِ يعني المواريث.
وَ فِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ ع" فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ وَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَيْهِ عَشْرَةَ أَوْجُهٍ: صَلَاةَ السَّفَرِ، وَ صَلَاةَ الْحَضَرِ".
- إلخ. لعل المعنى أوجب الله تعالى في الكتاب العزيز الصلاة على وجه الإجمال، و سنها رسول الله ص مفسرة في السنة. و أنت خبير بأن العشرة لا يتم عددها إلا بجعل الكسوف و الخسوف صلاتين. و فَرَضْتُ الخشبة فَرْضاً من باب ضرب حززتها. و قد اشتهر عند الناس" تعلموا الْفَرَائِضَ و علموها الناس فإنها نصف العلم" بتأنيث الضمير و إعادته إلى الْفَرَائِضِ، و نقل و علموه بالتذكير بإعادته إلى محذوف، و التقدير تعلموا علم الْفَرَائِضِ، قيل سماه نصف العلم باعتبار قسمة الأحكام إلى متعلق بالحي و متعلق بالميت، و قيل توسعا، و المراد الحث عليه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ".
يريد العدل في القسمة بحيث تكون على السهام و الأنصباء المذكورة في الكتاب و السنة، و قيل أراد بها أن تكون مستنبطة منهما و إن لم يرد بها نص فيها فتكون معادلة للنص، و قيل الْفَرِيضَةُ العادلة ما اتفق عليها المسلمون.
وَ فِي الْخَبَرِ" طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ".
أي بعد الْفَرِيضَةِ المعلومة عند أهل الشرع، و ذلك لأن طلب الحلال أصل الورع و أساس التقوى.
 (فضض)
قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها
 [62/ 11] هو من فَضَضْتُ القوم فَانْفَضُّوا: أي فرقتهم فتفرقوا، و المعنى تفرقوا إليها.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ" قَالَ: أَقْبَلَتْ عَيْرٌ وَ نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص الْجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلَيْهَا فَمَا بَقِيَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا أَنَا مِنْهُمْ".
و أصل الْفَضِّ الكسر، يقال فَضَضْت‏

222
مجمع البحرين4

فضض ص 222

الختم فَضّاً من باب قتل كسرته. و فَضَضْتُ البكارة: أزلتها على التشبيه بالختم. و فَضَّ فاه: أي نثر أسنان فيه. و لجام مُفَضَّضٌ: أي مرصع بِالْفِضَّةِ. و" الْفِضَّةُ" معروفة.
 (فوض)
قوله تعالى: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ‏
 [40/ 44] أي أرده إليه. و منه‏
الدُّعَاءُ" فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ".
أي رددته إليك و جعلتك الحاكم فيه. و منه‏
قَوْلُهُ ع" قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ ص أَمْرَ دِينِهِ وَ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ تَعَدِّيَ حُدُودِهِ".
وَ قَوْلُهُ ع" إِنَّ اللَّهَ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا".
لعل المراد تَفْوِيضُهُ في المباحات، بمعنى أنه لم يحاسبه على تناولها، و هو من قبيل إذن للمؤمن في كل شي‏ء إلا في إهانة نفسه، لكنه مما يفوت ثواب التواضع لله و إذلال النفس. و الْمُفَاوَضَةُ: المساواة و المشاركة في كل شي‏ء، و هي مفاعلة من التَّفْوِيضِ كان كل واحد منهما رد ما عنده إلى صاحبه. و منه" تَفَاوَضَ الشريكان في المال" إذا اشتركا فيه أجمع. و تَفَاوَضَ القوم في الأمر: أي فَاوَضَ إليه بعضهم بعضا. و" الْمُفَوِّضَةُ" قوم قالوا إن الله خلق محمدا و فَوَّضَ إليه خلق الدنيا فهو الخلاق لما فيها، و قيل فوض ذلك إلى علي ع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ قَالَ بِالتَّفْوِيضِ فَقَدْ أَخْرَجَ اللَّهَ عَنْ سُلْطَانِهِ".
وَ فِي خَبَرٍ" لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ وَ لَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ".
و ممن قال بِالتَّفْوِيضِ المعتزلة، بمعنى أن الله تعالى فَوَّضَ أفعال العباد إليهم، و قد مر تمام البحث في جبر. و التَّفْوِيضُ في النكاح و التزويج بلا مهر
 (فيض)
قوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ‏
 [2/ 199]

223
مجمع البحرين4

فيض ص 223

أي ادفعوا من حيث دفع الناس. و اختلف فيما المراد بِالْإِفَاضَةِ: فقيل المراد إِفَاضَةُ عرفات و إن الأمر لقريش لأنهم كانوا لا يقفون بعرفات مع سائر العرب و يقولون نحن حرم الله فلا نخرج منه فأمرهم الله بموافقة سائر العرب، و قيل الناس هو إبراهيم ع أي أَفِيضُوا من حيث أَفَاضَ و سماه بالناس كما سماه أُمَّةً. قوله: تُفِيضُونَ فِيهِ*
 [10/ 61] أي تدفعون فيه بكثرة، و منه‏
الْحَدِيثُ" فَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ".
و أصل الْإِفَاضَةِ الصبر، فاستعيرت للدفع في السير. و أَفَضْتُ الماء: إذا دفعته بكثرة. و فَاضَ السيل يَفِيضُ فَيْضاً: كثر و سال من شفا الوادي، و" أَفَاضَ" بالألف لغة. و أَفَاضَ الإناء فَيْضاً: امتلأ. و فَاضَ كل سائر: جرى. و فَاضَ الخبر: إذا شاع و كثر. و فَاضَتْ نفسه: خرجت روحه عن أبي عبيدة. و فَاضَ صدره بالسر: أي باح به. و يَفِيضُ من دموعه: يسيل. و أَفِضْ على رأسك الماء: أي صبه و شيعه عليه. و اسْتَفَاضَ الحديث: شاع في الناس و انتشر، فهو مُسْتَفِيضٌ اسم فاعل. و منه" أثر مُسْتَفِيضٌ" أي مشهور. و" فَيْضٌ" رجل من رواة الحديث و
فِي إِرْشَادِ الْمُفِيدِ" أَنَّ الْفَيْضَ بْنَ الْمُخْتَارِ مِنْ شُيُوخِ أَصْحَابِ الصَّادِقِ ع وَ خَاصَّتِهِ وَ بِطَانَتِهِ وَ ثِقَاتِهِ الْفُقَهَاءِ الصَّالِحِينَ".

224
مجمع البحرين4

باب ما أوله القاف ص 225

باب ما أوله القاف‏
 (قبض)
قوله تعالى: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ‏
 [20/ 96] أي أخذت مل‏ء كف من تراب موطى‏ء فرس الرسول- يعني جبرئيل. قوله: يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ‏
 [9/ 67] أي يمسكونها عن الصدقة و الخير. قوله: يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ
 [2/ 245] أي يضيق على قوم و يوسع على قوم. قوله: ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً
 [25/ 46] يريد به الظل المنبسط، و معنى قَبَضَهُ إليه أنه ينسخه بوجود الشمس قَبْضاً يَسِيراً
 أي على مهل، أي شيئا بعد شي‏ء، و في ذلك منافع غير محصورة، و لو قَبَضَهُ دفعة واحدة لتعطل أكثر منافع الناس بالظل و الشمس جميعا. قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ‏
 [67/ 19] أي باسطات أجنحتهن و قابضاتها. قوله: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ
 [39/ 67] أي في ملكه، مثل قولهم" قد صار الشي‏ء في قَبْضَتِكَ" أي في ملكك. و قَبَضْتُ الشي‏ءَ قَبْضاً: أخذته. و" القَابِضُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي يمسك الرزق و غيره من الأشياء عن العباد بلطفه و حكمته، و يقبض الأرواح عند الممات و الباسط القابض و القَابِضُ هو من أسمائه تعالى، و هو الذي يوسع الرزق على عباده، و يحسن القران بين هذين الاسمين، فيقال القَابِضُ الباسطُ، و كذلك كل اسمين يردان موردهما مثل الخافض الرافع و المعز المذل و الضار النافع، فإن ذلك أنبأ للقدرة و أدل على الحكمة. و قَبَضَ اللهُ الرزق قَبْضاً من باب ضرب: خلاف بسط. و يَقْبِضُ الله الأرض، و يَقْبِضُ السماءَ: أي يجمعهما.

225
مجمع البحرين4

قبض ص 225

و قَبَضْتُ قَبْضَةً من تمر- بفتح القاف و الضم لغة-: أي كفّا منه. و قَبَضَ عليه بيده: ضم عليه أصابعه و منه" مَقْبِضُ السيف" وزان مسجِد، و فتح الباء لغة.
وَ فِي الْحَدِيثَ" فَقَبَضَ عَلَيْهِنَّ".
أراد الكلمات الأخروية التي ذكرت في الحديث و لعل المراد بِالْقَبْضِ عدتهن بالأصابع و ضما لهن. و القَبَضُ بالتحريك: ما قُبِضَ من أموال الناس. و انْقَبَضَ الشي‏ءُ: صار مقبوضا. و الانْقِبَاضُ: خلاف الانبساط. و منه‏
الْحَدِيثُ" الِانْقِبَاضُ عَنِ النَّاسِ مَكْسَبَةٌ لِلْعَدَاوَةِ".
يعني من خالط ثم ينقبض عنهم و عن مخالطتهم لا لعلة فقد كسب العداوة. و تَقَبَّضَتِ الجلدةُ في النار: أي انزوت. و منه‏
الْحَدِيثُ" كُلَّمَا انْقَبَضَ اللَّحْمُ عَلَى النَّارِ فَهُوَ ذَكِيٌّ وَ كُلَّمَا انْبَسَطَ فَهُوَ مَيْتَةٌ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ قَبْضٍ وَ لَا بَسْطٍ إِلَّا وَ لِلَّهِ فِيهِ مَشِيَّةٌ وَ ابْتِلَاءٌ".
قيل المراد من القَبْضِ و البسط الفرح و الألم، سواء كان بطريق ظلم أحد أم لا. و قُبِضَ فلانٌ: أي مات، فهو مَقْبُوضٌ و منه" قُبِضَ موسى" و" قُبِضَ رسولُ الله ص".
 (قرض)
قوله تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ‏
 [64/ 17] القَرْضُ: ما تعطيه غيرك ليقضيكه، و أصله القطع، فهو قطيعة من مالك بإذنه على ضمان رد مثله، و المعنى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*
 [2/ 245] أي طيبة نفسه فَيُضاعِفَهُ لَهُ* في الجزاء ما بين سبع أو سبعين إلى سبعمائة. و قد استدل بهذه الآية و بقوله إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَ الْمُصَّدِّقاتِ و أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً
 على أرجحية القَرْضِ للمؤمن، و إن فيه أجرا عظيما، و إن الله هو المكافئ عليه، إذ الحقيقة ممنوعة لاستحالة الحاجة عليه، فتحمل على إقراض عبيده.

226
مجمع البحرين4

قرض ص 226

و اعترض بأن إطلاق القَرْض الذي هو إعطاء شي‏ء ليستعيد عوضه في وقت آخر استعارة للأعمال الصالحة، فإن الأعمال الصالحة يفعلها العبد و يحصل له العوض في دار الآخرة، و حينئذ لا دلالة في هاتين الآيتين و نظيرهما على مشروعية القرض. نعم يمكن الاستدلال بغير ذلك من العمومات، مثل قوله تعالى وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى‏ و أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ و نحو ذلك، و هو متجه. قوله: وَ إِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ‏
 [18/ 17] أي تخلفهم شمالا و تجاوزهم. و" المِقْرَاضُ" واحد المَقَارِيضِ التي يُقْرَضُ بها. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ قَطْرَةُ بَوْلٍ قَرَضُوا لُحُومَهُمْ بِالْمَقَارِيضِ".
أي قطعوها، و لعل ذلك كما قيل لشدة نجاسة البول على الدم، و كان ذلك من بول يصيب أبدانهم من خارج لا أن الاستنجاء من البول كان بذلك و إلا هلكوا في مدة يسيرة. و القُرَاضَةُ بالضم: ما سقط بالقرض، و منه" قُرَاضَةُ الحلي". و القِرَاضُ و المضاربة بمعنى واحد، و هو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليعمل به بحصة من ربحه. و قد قَارَضْتُ فلانا قِرَاضاً: إذا دفعت إليه مالا ليتجر فيه و يكون الربح بينكما على ما تشترطان و الوظيفة على المال.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنْ قَارَضْتَ النَّاسَ قَارَضُوكَ".
أي إن سببتهم و نلت منهم سبوك. و القَرْضُ: ما أسلفت من إحسان و من إساءة، و هو على التشبيه.
وَ فِي وَصْفِ الْمُنَافِقِينَ" يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ".
أي يمدح كل واحد منهم الآخر على سبيل القرض ليمدحه الآخر أيضا. و اسْتَقْرَضَ: طلب القرض. و اقْتَرَضَ: أخذه.

227
مجمع البحرين4

قضض ص 228

(قضض)

قوله تعالى: فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ‏
 [18/ 77] أي يسقط و ينهدم، من قولهم انْقَضَّ الحائطُ: إذا سقط، و قيل إذا تصدع و لم يسقط، فإذا سقط قيل انهار و تهور. و يقال انْقَضَّ الطائرُ: إذا هوى في طيرانه، و منه انْقِضَاضُ الكوكبِ. و يقال جاءوا بِقَضِّهِمْ و قَضِيضِهِمْ: أي بأجمعهم. و منه‏
الْخَبَرُ" يُؤْتَى بِالدُّنْيَا بِقَضِّهَا وَ قَضِيضِهَا".
أي بكل ما فيها. و اقْتَضَّ الجاريةَ: افترعها و أزال بكارتها، و الافتضاض بالفاء بمعناه. و اقْتَضَّ الإداوةَ: فتح رأسها، و يروى بالفاء أيضا.
 (قعض)
فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ" وَ تَقْعَضُ أَيَّامَهُ سُرُوراً".
لعله من قَعَضْتُ العودَ: إذا عطفته كما تعطف عروش الكرم و الهودج.
 (قوض)
يقال قَوَّضْتُ البناءَ: إذا نقضته من غير هدم.
 (قيض)
قوله تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً
 [43/ 36] أي نسبب له شيطانا، أو نقدر له شيطانا من قَيَّضَ له كذا: أي قدره، فجعل الله ذلك جزاءه، و قد تقدم الكلام في عشا. قوله: قَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ
 [41/ 25].
وَ فِي دُعَاءِ التَّزْوِيجِ" وَ قَيِّضْ لِي مِنْهَا وَلَداً طَيِّباً".
أي قدرنا و سببنا له قرناء و قدر لي منها ولدا.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ قِيضَتْ هَذِهِ السَّمَاءُ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا".
أي شقت. و قَايَضْتُ فلانا مُقَايَضَةً: إذا عارضته بمتاع، يعني أعطيته متاعا و أخذت عوضه سلعة. و قَيْضُ البيضة: قشرها الأعلى.

228
مجمع البحرين4

باب ما أوله الميم ص 229

باب ما أوله الميم‏
 (محض)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ إِلَّا مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً".
المَحْضُ: الخالص الذي لم يخالطه شي‏ء، و منه اللبن المَحْضُ و الحرير المَحْضُ. و العربي المَحْضُ: الخالص النسب. قال الجوهري: الذكر و الأنثى و الجمع فيه سواء. و مَحَضْتُهُ المودةَ: أخلصتها له. و مثله أَمْحَضْتُهُ بالألف. و منه‏
الْحَدِيثُ" امْحَضْ أَخَاكَ الْمَوَدَّةَ".
و كل شي‏ء أخلصته فقد مَحَضْتَهُ. و قد مَحَضَ الشي‏ءَ: صار محضا.
 (مخض)
قوله تعالى: فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى‏ جِذْعِ النَّخْلَةِ
 [19/ 23] هو بالفتح و الكسر لغة وجع الولادة، يقال مَخِضَتِ الناقةُ بالكسر تَمْخَضُ مَخَاضاً من باب تعب: دنا ولادتها و أخذها الطلق، فهي مَاخِضٌ بغير هاء، و شاة مَاخِضٌ و نوق مُخَّضٌ. و المَخَاضُ أيضا: الحوامل من النوق، واحدتها خلفة و لا واحد لها من لفظها كما قيل لواحدة الإبل ناقة من غير لفظها. و منه قيل للفصيل إذا استكمل الحول و دخل في الثانية" ابن مَخَاضٍ" لأن أمه لحقت بالمُخَّضِ أي الحوامل و إن لم تكن حاملا. قال الجوهري:" و ابن مَخَاضٍ" نكرة، فإذا أردت تعريفه أدخلت عليه الألف و اللام، إلا أنه تعريف جنس. و مَخَضْتُ اللبنَ من باب قتل و نفع: استخرجت زبده بوضع الماء عليه و تحريكه فهو مَخِيضٌ فعيل بمعنى مفعول. و المَخِيضُ و المَمْخُوضُ: اللبن الذي قد

229
مجمع البحرين4

مخض ص 229

مُخِضَ و أخذ زبده. و المِمْخَضَةُ بالكسر: الوعاء الذي يُمْخَض فيه.
 (مرض)
قوله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ*
 [2/ 10] أي شك و نفاق، و يقال المَرَضُ في القلب الفتور عن الحق، و في الأبدان فتور في الأعضاء، و في العيون فتور في النظر. و المَرَضُ: السُقم. و عن ابن فارس: المَرَضُ كل ما خرج به الإنسان عن الصحة من علة أو نفاق أو تقصير في أمر. و مَرِضَ كفرح فهو مَرِيضٌ، و الجمع مِرَاضٌ و مَرَاضَى. و مَرَّضْتُهُ تَمْرِيضاً: أقمت عليه في مرضه و تكلفت بمداراته. و منه‏
الْحَدِيثُ" تَقْعُدُ الْحَائِضُ عِنْدَ الْمَرِيضِ تُمَرِّضُهُ".
أي تكون في خدمته. و يقال شمس مَرِيضَةٌ: إذا لم تكن صافية.
 (مضض)
فِي الْحَدِيثِ" وَجَدُوا مَضَضَ حَرِّ النَّارِ".
أي لدغ حرها و ألمها. يقال مَضِضْتُ من الشي‏ء مَضَضاً من باب تعب تألمت، و يتعدى بالحركة و الهمزة فيقال مَضَّنِي الجرحُ مَضّاً و أَمَضَّنِي إِمْضَاضاً: إذا أوجعني. و الكحل يُمِضُّ العينَ بحدته إِمْضَاضاً: أي يلدغ.
وَ مِنْهُ" حَتَّى يَجِدَ مَضَضَ الْجُوعِ".
أي ألمه و لدغه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَضْمَضَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْوُضُوءِ".
أي من واجبه و فرضه بل من كمالاته، و هي إدارة الماء في الفم و تحريكه بالأصابع أو بقوة الفم ثم يمجه، و تَمَضْمَضْتُ بالماء: فعلت مثل ذلك. و مَضَّهُ الشي‏ء مَضّاً: بلغ من قلبه الحزن به و المَضَضُ: وجع المصيبة.
 (معض)
مَعِضَ في الأمر كفرح: غضب.

230
مجمع البحرين4

معض ص 230

وَ فِي خَبَرٍ نِكَاحِ الْيَتِيمَةُ" فَإِنْ مَعِضَتْ لَمْ تُنْكَحْ".
أي شق عليها الأمر. و مَعِضَ من شي‏ء سمعه، و امْتَعَضَ: إذا غضب و شق عليه الأمر. و منه‏
حَدِيثُ إِدْرِيسَ" فَامْتَعَضَ فَخَرَّ مِنْ جَنَاحِ الْمَلِكِ".
و في نسخة" فامتعص".
باب ما أوله النون‏
 (نبض)
يقال نَبَضَ العرقُ بالكسر يَنْبِضُ نَبْضاً و نَبَضَاناً: إذا تحرك.
 (نضض)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْ نَاضِّ الْمَالِ".
هو ما كان ذهبا أو فضة عينا أو ورقا، من نَضَّ المالُ: تحول نقدا بعد ما كان متاعا. و نَضَّ الماءُ يَنِضُّ نَضِيضاً: سال قليلا قليلا. و النَّضِيضُ: الماء القليل‏
 (نغض)
قوله تعالى: فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ‏
 [17/ 51] أي يحركونها استهزاء منهم. يقال أَنْغَضَ رأسَهُ: حركه كالمتعجب من الشي‏ء. و نَغَضَ رأسُهُ يَنْغِضُ بالكسر نَغْضاً: أي تحرك.
وَ فِي وَصْفِهِ ص" نَغَّاضُ الْبَطْنِ".
و فسر بمُعَكَّن البطن، و كان عكنه أحسن من سبائك الذهب.
 (نفض)
فِي الْحَدِيثِ" ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ وَ مَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ".
هو من نَفَضْتُ الثوبَ و الشجرَ أَنْفُضُهُ نَفْضاً: إذا حركته لينتفض. و النُّفَاضَةُ بالضم: ما سقط عن النفض. و نَفَضَهُ نَفْضاً: من باب قتل ليزول عنه الغبار و نحوه.
وَ فِي حَدِيثٍ" مَنْ طَافَ خَمْسَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ غَمَزَهُ بَطْنُهُ فَخَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَنَفَضَ".
أي نفض عن نفسه الأذى و دفعه عنه. و نَفَضْتُ الورقَ من الشجر: أسقطته.

231
مجمع البحرين4

نفض ص 231

و النَّفَضَةُ محركة: الجماعة يَنْفُضُون في الأرض لينظروا هل فيها عدو أم لا- قاله في القاموس.
 (نقض)
قوله تعالى: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ*
 [2/ 27] قال الزمخشري النَّقْضُ الفسخُ و فك التركيب. فإن قلت: فمن أين ساغ استعمال النَّقْضِ في العهد؟ قلت: من حيث تسميتهم العهد بالحبل على الاستعارة، لما فيه من ثبات الوصلة بين المتعاهدين، و منه‏
قَوْلُ ابْنِ التَّيِّهَانِ فِي بِيعَةِ الْعَقَبَةِ" يَا رَسُولَ اللَّهِ ص إِنَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ حِبَالًا وَ نَحْنُ قَاطِعُوهَا".
قال: و هذا من أسرار البلاغة و لطائفها أن يسكتوا عن ذكر الشي‏ء المستعار ثم يومئوا إليه بذكر شي‏ء من روادفه، فينبهوا بتلك الرمزة على مكانه. قوله: وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها
 [16/ 92] أي لا تكونوا في نقض الإيمان كالمرأة التي نقضت غزلها بعد إمراره و إحكامه، فجعلته أنكاثا، و هي ريطة بنت سعد بن تيم بن مرة من قريش، كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ثم تأمرهن فَيَنْقُضْنَ ما غزلن. قوله: أَنْقَضَ ظَهْرَكَ‏
 [94/ 3] أي أثقله حتى جعله نقضا. و النِّقْضُ: البعير المهزول الذي أتعبه السير و السفر و العمل فَنَقَضَ ظهرَه، فيقال حينئذ نقض. و النَّقْضُ بالفتح فالسكون: نَقْضُ البناء و الحبل و العهد من باب قتل. و نَقَضْتُ الحبلَ نَقْضاً: حللت برمه، و انْتَقَضَ هو بنفسه. و انْتَقَضَتِ الطهارةُ: بطلت و فسدت. و انْتَقَضَ الوضوءُ كذلك. و انْتَقَضَ الأمرُ بعد الاستقامة: فسد. و الإِنْقَاضُ: صوت كالنقر. و إِنْقَاضُ الأصابع: تصويتها و فرقعتها. و أَنْقَضَ أصابعَه: ضرب بها لتصوت. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا يُنْقِضُ الرَّجُلُ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ".
و النّقْضُ بالضم و الكسر بمعنى المنقوض و اقتصر الأزهري على الضم و بعضهم على‏a

232
مجمع البحرين4

نقض ص 232

الكسر، و الجمع نُقُوضٌ. و منه‏
حَدِيثُ مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا" وَ يُقَوَّمُ النِّقْضُ وَ الْأَبْوَابُ".
 (نهض)
فِي الدُّعَاءِ" مِنْ نَهَضَاتِ النَّصَبِ".
بالنون و المراد بها الترددات البدنية الموجبة للنصب أعني التعب،
وَ يُرْوَى" بهضات".
بالباء الموحدة من بهضه الحمل أثقله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع اسْتَنْهَضَ النَّاسَ فِي حَرْبِ مُعَاوِيَةَ".
أي طلب النهوض منهم. و نَهَضَ يَنْهَضُ نَهْضاً و نُهُوضاً: أي قام. و النَّاهِضُ: فرخ الطائر الذي وفر جناحاه و نهض للطيران.
باب ما أوله الواو
 (وفض)
قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ إِلى‏ نُصُبٍ يُوفِضُونَ‏
 [70/ 43] أي يسعون و يسرعون، أي إلى الداعي، يقال أَوْفَضَ و اسْتَوْفَضَ: إذا أسرع. و الأَوْفَاضُ: الفِرَق من الناس و الأخلاط من قبائل شتى، كأصحاب الصفة.
 (ومض)
فِي الْخَبَرِ" هَلَّا وَمَضْتَ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص".
أي هلا أشرت إلي إشارة خفية، من قولهم أَوْمَضَ البرقُ و وَمَضَ إِيمَاضاً و وَمْضاً و وَمِيضاً: إذا لمع لمعا خفيا و لم يعترض‏
باب ما أوله الهاء
 (هيض)
هَاضَ العظمَ يَهِيضُ هَيْضاً: أي كسر بعد الجبور، فهو مَهِيضٌ. قال الجوهري: و كل وجع على وجع فهو مَهِيضٌ، يقال هَاضَنِي الشي‏ءُ: إذا ردك إلى مرضك. و منه يقال" رجل هِيضَةٌ" بالكسر.

233
مجمع البحرين4

كتاب الطاء ص 235

كتاب الطاء

 

 

235
مجمع البحرين4

باب ما أوله الألف ص 237

باب ما أوله الألف‏
 (ابط)
فِي الْخَبَرِ" كَانَتْ رِدْيَتُهُ التَّأَبُّطُ".
و هو أن يدخل الثوب تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الأيسر. و الإِبْطُ كحمل: ما تحت الجناح يذكر و يؤنث، و الجمع آبَاطٌ كأحمال. و منه" تَأَبَّطَ شرّاً" و زعموا كان السيف لا يفارقه.
 (أرط)
في الحديث ذكر الأَرْطَى و هو شجر معروف ينبت بالرمل عروقه حمر، و همزته على ما قيل أصلية لقولهم" أديم مَأْرُوطٌ" إذا دبغ بذلك، و قيل زائدة للإلحاق و ليست للتأنيث لأن الواحدة أرطاة.
 (أقط)
الأَقِطُ بفتح الهمزة و كسر القاف و قد تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة و كسرها: لبن يابس مستحجر يتخذ من مخيض الغنم.
باب ما أوله الباء
 (بربط)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يُقَدِّسُ اللَّهُ أُسْرَةً فِيهَا بَرْبَطٌ يُقَعْقِعُ وَ فَايَةٌ تُفَجِّعُ".
البَرْبَطُ كجعفر شي‏ء من ملاهي العجم يشبه صدر البط،

237
مجمع البحرين4

بربط ص 237

معرب بربت أي صدر البط، لأن الصدر يقال له بالفارسية بر و الضارب به يضعه على صدره. قال في القاموس: و يقال له العود. و" الفاية" بالفاء أو غيرها على اختلاف النسخ شي‏ء من ملاهي العجم.
 (بسط)
قوله: وَ زادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً
 [7/ 69] أي طولا و تماما،
يُقَالُ كَانَ أَطْوَلُهُمْ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَ أَقْصَرُهُمْ سَبْعِينَ ذِرَاعاً، وَ قِيلَ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعاً.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع" كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَنْحِتُ الْجَبَلَ بِيَدِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قِطْعَةً".
قوله: وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ‏
 [2/ 247] أي زاده سعة و امتدادا في العلم و الجسم، و كان أعلم بني إسرائيل في وقته و أتمهم جسما و أشجعهم. قوله: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ*
 [13/ 26] أي يقدره و يوسعه دون غيره، و قد مر الكلام فيه. قوله: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ‏
 [5/ 64] كناية عن الجود، و تثنية اليد مبالغة في الرد، و نفي البخل عنه و إثبات لغاية الجود، فإن غاية ما يبلغه السخي من ماله أن يعطيه بيديه و لا يريد حقيقة اليد و الجارحة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. قوله: وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً
 [17/ 29]
قَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ لَا يَرُدُّ أَحَداً يَسْأَلُهُ شَيْئاً عِنْدَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَحْضُرْهُ شَيْ‏ءٌ، فَقَالَ: يَكُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ص أَعْطِنِي قَمِيصاً فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ.
وَ الْمَحْسُورُ: الْعُرْيَانُ قَالَهُ الصَّادِقُ ع.
. و بَسْطُ اليدِ: مدها إلى البطش، قال تعالى إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ‏
 [60/ 2]

238
مجمع البحرين4

بسط ص 238

و قال: لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ‏
 [5/ 28]
قِيلَ كَانَ هَابِيلُ أَقْوَى مِنْهُ وَ لَكِنْ تَحَرَّجَ عَنْ قَتْلِهِ وَ اسْتَسْلَمَ خَوْفاً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ الدَّفْعَ لَمْ يُبِحْ بَعْدَ أَوْ تَحَرِّياً لِمَا هُوَ الْأَفْضَلُ.
قوله: وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ‏
 [6/ 93] أي لقبض أرواحهم كالمتقاضي المسلط، و هذا عبارة عن العنف بالسياق و التغليظ في الإزهاق، فعل الغريم الملح يبسط يده إلى من عليه الحق، و يقال أخرج لي ما عليك أو بالعذاب أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ أي خلصوها من الدنيا و هم لا يقدرون على الخلاص. قوله: كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ
 [13/ 14] يومى‏ء إليه فلا يجيبه. و" البَاسِطُ" من أسمائه، و هو الذي يبسط الرزق لعباده و يوسعه عليهم بجوده و رحمته، و يبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ" لَا تَبْسُطْ ذِرَاعَيْكَ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ".
أي لا تفترشهما على الأرض في الصلاة. و الانْبِسَاطُ مصدر انْبَسَطَ لا بسط فحمله عليه. و الانْبِسَاطُ: ترك الاحتشام. و بَسْطُ الشي‏ءِ و بالصاد أيضا: نشره. و البَسْطَةُ: السعة. و البِسَاطُ بالكسر: ما يُبْسَطُ، أي ينشر.
 (بطط)
" البَطّ" من طير الماء و البَطَّةُ واحدته و ليست الهاء للتأنيث و إنما هي للواحد من الجنس، يقال هذه بَطَّة للذكر و الأنثى جميعا مثل حمامة و دجاجة. و" البَطّ" عند العرب صغارُهُ و كباره الإوزّ. و البَطّ أيضا: شق الدمل و الجراح و نحوهما، يقال بَطَّ الرجلُ الجرحَ بَطّاً من باب قتل: أي شقه.
 (بقط)
" البَاقَطَانِيّ" بالباء الموحدة و القاف و الطاء المهملة و النون ثم الياء على ما في نسخ متعددة أفيد أنه أحد وزراء بني العباس‏

239
مجمع البحرين4

بلط ص 240

(بلط)

البَلَاطُ بالفتح: كل شي‏ء فرشت به الدار من حجر و غيره، و منه" أرض مُبَلَّطَةٌ" أي مفروشة بالحصى. وَ الْبَلَاطَةُ الْحَمْرَاءُ: هِيَ حَجَرٌ تُسَمَّى حَجَرَ السُّمَاقِ، وُلِدَ عَلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَ قَدْ كَانَتْ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ ثُمَّ غُيِّرَتْ وَ جُعِلَتْ فِي ضِلْعِ الْبَيْتِ عِنْدَ الْبَابِ.
وَ فِي الْخَبَرِ" كَانَ الْبَلَاطُ حَيْثُ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ سُوقاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص يُسَمَّى الْبَطْحَاءَ".
قال في النهاية البَلَاطُ ضرب من الحجارة يفرش به الأرض، و يسمى المكان بَلَاطاً اتساعا. و المُبَالَطَةُ: المضاربة بالسيوف. و تَبَالَطُوا: تجالدوا. و" البَلُّوطُ" كتنور شجر معروف له حمل يؤكل و يدبغ بقشره.
باب ما أوله الثاء
 (ثبط)
قوله تعالى: فَثَبَّطَهُمْ‏
 [9/ 46] أي حبسهم بالجبن، يقال ثَبَّطَهُ عن الأمر أي أثقله و أقعده. و ثَبَّطَهُ عن الأمور: إذا حبسه و شغله عنها. و منه‏
الدُّعَاءُ" إِنْ هَمَمْتُ بِصَالِحٍ ثَبَّطَنِي".
باب ما أوله الحاء
 (حبط)
قوله تعالى: حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ*
 [2/ 217] أي بطلت. و فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ‏
 [33/ 19]

240
مجمع البحرين4

حبط ص 240

أبطلها و لم يؤجر عليها. قال بعض المحققين: استحقاق الثواب مشروط بالموافاة لقوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ‏
 [39/ 65] و لقوله تعالى: وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ الآية، و قوله تعالى: فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ
 فمن كان من أهل الموافاة و لم يلبس إيمانه بظلم كان ممن يستحق الثواب الدائم مطلقا، و من كان من أهل الكفر و مات على ذلك استحق العقاب الدائم مطلقا، و من كان ممن خلط عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً فإن وافى بالتوبة استحق الثواب مطلقا، و إن لم يواف بها فإما أن يستحق ثواب إيمانه أو لا، و الثاني باطل لقوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ فتعين الأول، فإما أن يثاب ثم يعاقب و هو باطل بالإجماع، لأن من يدخل الجنة لا يخرج منها، فحينئذ يلزم بطلان العقاب أو يعاقب ثم يثاب و هو المطلوب،
وَ لِقَوْلِهِ ع فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ" يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ كَالْحُمَمِ أَوْ كَالْفَحْمِ فَيَرَاهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ فَيُغْمَسُونَ فِي عَيْنِ الْحَيَوَانِ فَيَخْرُجُونَ وَاحِدُهُمْ كَالْبَدْرِ لَيْلَةَ تَمَامِهِ".
و بما قررناه يتبين أن الإِحْبَاطَ و الموازنة باطلان، و ذلك أن الوعيدية- و هم الذين لا يجوزون العفو عن الكبيرة- اختلفوا على قولين:" أحدهما"- قول أبي علي، و هو أن الاستحقاق الزائد يسقط الناقص و يبقى بكماله، كما لو كان أحد الاستحقاقين خمسة و الآخر عشرة، فإن الخمسة تسقط و تبقى العشرة، و يسمى الإِحْبَاطَ. و" ثانيهما"- قول أبي هاشم ابنه، و هو أن يسقط من الزائد ما قابل الناقص و يبقى الباقي، ففي المثال المذكور يسقط خمسة و يبقى خمسة و يسمى بالموازنة. و قد أبطلهما المحققون من المتكلمين بأن ذلك موقوف على بيان وجود الإضافات في الخارج كالأخوة و البنوة و عدمها، فقال المتكلمون بالعدم لأنها لو كانت موجودة في الخارج- مع أنها عرض‏

241
مجمع البحرين4

حبط ص 240

مفتقر إلى محل- يكون لها إضافة إلى ذلك المحل، فنقول فيها كما قلنا في الأول و يلزم التسلسل و هو باطل، و يلزم منه بطلانها في الخارج، لأن ما بني على الباطل باطل، و قول الحكماء بوجودها لا يلزم الوجود الخارجي بل الذهني. و تحقيق البحث في محله، و لو قيل ببطلان الإحباط و الموازنة و القول بالتكفير من باب العفو و التفضل لم يكن بعيدا، و ظواهر الأدلة تؤيده. و حَبِطَ العملُ يَحْبَطُ من باب تعب و من باب ضرب لغة قرى‏ء بهما في الشواذ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذَّنْبِ الْمُحْبِطِ لِلْأَعْمَالِ".
و فسر بالعجب.
 (حبطأ)
وَ فِي الْحَدِيثِ" تَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ غَداً فِي الْقِيَامَةِ حَتَّى إِنَّ السِّقْطَ لَيَجِي‏ءُ مُحْبَنْطِئاً عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلْ. فَيَقُولُ: لَا حَتَّى يَدْخُلَ أَبَوَايَ".
قال أبو عبيدة: المُحْبَنْطِئُ بالهمزة العظيم البطن المنتفخ، من قولهم احْبَنْطَأَ: انتفخ جوفه إذا امتلأ غيظا. و الحَبَنْطَى: القصير البطين، يعني عظيم البطن يهمز و لا يهمز، و الألف و النون للإلحاق.
 (حطط)
قوله: وَ قُولُوا حِطَّةٌ*
 [2/ 58] أي حُطَّ عنا أوزارَنا، و يقال هي كلمة أمر بها بنو إسرائيل لو قالوها لَحَطَّتْ أوزارُهم، و لكنهم قالوا حنطة في شعير، أي قيل لهم قولوا حط عنا ذنوبنا فبدلوه حنطة في شعير.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ".
أي يحط عنه خطاياه و ذنوبه، و هي فعلة من حَطَّ الشي‏ءَ يَحُطُّهُ: إذا أنزله و ألقاه. و حَطَطْتُ الرحلَ و غيره حَطّاً من باب قتل: أنزلته من علو إلى سفل. و منه" فانْحَطَّ الرجلُ و هو قائم في صلاته". و الاسْتِحْطَاطُ بعد الصفقة: هو أن يطلب المشتري من البائع أن يحط عنه ثمن المبيع، و يتم الكلام في صفق. و المُحَاطَّةُ في الرماية يجي‏ء ذكرها.
 (حنط)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُسَلِّمْ وَلَدَكَ حَنَّاطا

242
مجمع البحرين4

حنط ص 242

فَإِنَّهُ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ عَلَى أُمَّتِي".
الحَنَّاطُ بفتح الحاء و التشديد بياع الحِنْطَةِ بالكسر و هي القمح، و البر بضم الباء و الجمع حِنَطٌ
وَ مِنْهُ" فَخَرَجَ مِنْ بَابِ الْحَنَّاطِينَ".
لبيعهم الحنطة هناك، و قيل لبيعهم الحَنُوطَ. و الحَنُوطُ كرسول و الحِنَاطُ ككتاب: طيب يوضع للميت خاصة.
 (حوط)
قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ‏
 [2/ 66] أي إلا أن تبلغوا فلا تطيقوا ذلك. قوله: أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً
 [65/ 12] أي بلغ منتهى كل شي‏ء و أحاط به علمه. قوله: إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ
 [41/ 54] أي بالإشراق و الإحاطة و القدرة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خُذْ بِالْحَائِطَةِ لِدِينِكَ".
أي بالاحتياط في أمر الدين، يقال احْتَاطَ بالأمر لنفسه: أي أخذ بما هو أَحْوَطُ له، أي أوقى مما يخاف. و احْتَاطَ بالشي‏ء: أحدق به. و احْتَاطَ الرجلُ: أخذ بالثقة. و أنا أُحَوِّطُ حولَ ذلك الأمر: أي أدور. و حَاطَهُ يَحُوطُهُ حَوْطاً و حِيَاطَةً: إذا حفظه و صانه و ذب عنه و توفر على مصالحه. و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ اجْعَلْنِي فِي حِيَاطَتِكَ".
و حِيَاطَةُ الإسلام: حفظه و حمايته. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ أَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص".
أي أحفظهم و أحماهم له.
قَوْلُهُ" تُحِيطُ دَعْوَتُهُ مِنْ وَرَائِهِمْ".
أي تحدق بهم من جميع جوانبهم. و منه" أَحَطْتُ به علما" أي أحدق علمي به من جميع جهاته.
وَ فِي حَدِيثِ تَرْغِيبِ الْمَرْءِ وَ كَوْنِهِ مَعَ عَشِيرَتِهِ" هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ حِيطَةً مِنْ وَرَائِهِ".
أي حِيَاطَةً و حفظا
وَ فِي الْحَدِيثِ" كُلُّ مُحِبٍّ لِشَيْ‏ءٍ يَحُوطُ حَوْلَ مَا أَحَبَّ".
يقال حَاطَهُ حَوْطاً و حِيَاطَةً: كلأه و رعاه. و الحَائِطُ: الجدار و البستان أيضا من النخيل إذا كان عليه حائطا.

243
مجمع البحرين4

حوط ص 243

وَ مِنْهُ" دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ يَعْمَلُ فِي حَائِطٍ لَهُ".
و يجمع على حِيطَانٍ، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الِاحْتِبَاءُ حِيطَانُ الْعَرَبِ".
كأنه بمنزلة الحيطان التي يتكأ عليها و يستعان بها على الراحة و الجلوس. وَ كَانَ لِفَاطِمَةَ ع سَبْعَةُ حَوَائِطَ: مِنْهَا الْعُوَافُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَ الْفَاءِ وَ الْمِثْيَبُ بالثاء الْمُثَلَّثَةِ وَ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التحتانية، وَ الْحُسْنَى، وَ مَالُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ ع.
باب ما أوله الخاء
 (خبط)
قوله تعالى: لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ‏
 [2/ 275] أي لا يقومون من قبورهم إلا قياما كقيام المصروع، و زعمت العرب أن المصروع يَتَخَبَّطُهُ الشيطان فيصرعه. و الخَبْطُ: حركة على غير النحو الطبيعي و على غير اتساق، كَخَبْطِ الشعراء من المس: أي من مس الشيطان.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ".
و المعنى أعوذ بك أن يمسني الشيطان بنزعاته التي تزول بها الأقدام و تصارع العقول و الأحلام و الخَبْطُ: المشي على غير الطريق. و الخَبْطُ باليدين كالرمح بالرجلين. و خَبَطَهُ خَبْطاً: ضربه ضربا شديدا. و خَبَطْتُ الورقَ خَبْطاً من باب ضرب: أسقطته. و اسم الورق الساقط" خَبَطٌ" بالتحريك، فعل بمعنى مفعول، و هو من علف الدابة يجفف و يطحن و يخلط بالدقيق و يداف بالماء فيوجر للإبل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبِي يَنْزِلُ الْحَصْبَةَ قَلِيلًا وَ هُوَ دُونَ خَبْطٍ وَ حِرْمَانَ".
و هما اسما موضعين. و المُخْتَبِطُ: طالب الرفد من غير سابق‏

244
مجمع البحرين4

خبط ص 244

معرفة و لا وسيلة، شبه بِخَابِطِ الورق أو خَابِط الليل.
 (خرط)
فِي حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ ع" فَمَا لَبِثَ إِلَّا أَيَّاماً يَسِيرَةً حَتَّى جَاءَتِ الْخَرِيطَةُ بِنَعْيِهِ".
الخَرِيطَةُ وعاء من أدم و غيره يشد على ما فيه، و الجمع خَرَائِطُ ككريمة و كرائم. و أَخْرَطْتُ الخريطةَ: أشرجتها، و خَرَطْتُ الورقَ من بابي ضرب و قتل: حتته من الأغصان، و هو أن تقبض على أعلاه ثم تمر يدك عليه إلى أسفله. و منه المثل" دونه خَرْطُ القتاد" و قد مر.
وَ مِنْهُ" فَخَرَطَ مَا بَيْنَ الْأُنْثَيَيْنِ وَ الْمَقْعَدَةِ".
و انْخَرَطَ علينا فلانٌ: أي ابتدر بالقول السي‏ء. و اخْتَرَطَ سيفَهُ: سله.
 (خطط)
فِي الْحَدِيثِ" لَا صُورَةٌ وَ لَا تَخْطِيطٌ وَ لَا تَحْدِيدٌ".
و
فِيهِ" أَنَّ قَوْماً يَصِفُونَ اللَّهَ بِالصُّورَةِ وَ التَّخْطِيطِ".
أي إنه ذو أضلاع و الخِطَّةُ بالكسر: الأرض يَخْتَطُّهَا الرجلُ لنفسه، و هو أن يعلم عليها علامة بالخط ليعلم أنه قد اختارها ليبنيها دارا- قاله الجوهري، و منه خُطَطُ الكوفةِ و البصرة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَسْجِدُ الْكُوفَةِ آخِرُ السَّرَّاجِينَ خِطَّةُ آدَمَ".
و يحتمل خَطَّهُ آدمُ ع على صيغة الفعل. و خَطَّ الرجلُ الكتاب من باب قتل: كتب. و الخُطَّةُ بالضم من الخَطّ كالنقطة من النقط. و كساء مُخَطَّطٌ: أي فيه خُطَطٌ. و" الخَطّ" موضع باليمامة، و هو خَطّ هَجَر تنسب إليه الرماح الخَطِّيَّة لأنها تحمل من بلاد الهند فتقوم به فتنسب إليه على لفظه، فيقال رماحٌ خَطِّيَّةٌ. و عن الخليل: إذا جعلت النسبة اسما لازما قلت" خِطِّيَّةٌ" بكسر الخاء و لم تذكر الرماح، و هذا كما قالوا ثياب قِبْطِيَّة بالكسر، فإذا جعلوه اسما حذفوا الثياب و قالوا" قِبطية" فرقا بين الاسم‏

245
مجمع البحرين4

خطط ص 245

و النسبة.
 (خلط)
قوله تعالى: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً
 [9/ 102].
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِّ: هُمْ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَبُو لُبَابَةَ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَ أَوْسٍ بْنِ حِزَامٍ وَ ثَعْلَبَةَ بْنِ وَدِيعَةً خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً.
و فيه دلالة على بطلان القول بالإحباط، لأنه لو كان أحد العملين محبطا لم يكن لقوله خَلَطُوا معنى، لأن الخَلْطَ يستعمل في المجمع مع امتزاج كخلط الماء و اللبن و بغير امتزاج كخلط الدنانير و الدراهم. قوله: أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ‏
 [6/ 142] الاخْتِلَاطُ بالشي‏ء: الامتزاج به، سواء كان مع التمييز و عدمه. قيل: و المراد به شحم الألية لاتصالها بالعصعص. قوله: الْخُلَطاءِ
 [38/ 24] يعني شركاء، و هو جمع خَلِيطٍ بمعنى الشريك. و الخَلِيطُ: المخالط كالنديم و الجليس و المُخْلِطُ: هو الذي يحب عليا ع و لا يبرأ من عدوه، و من هذا الباب قول بعضهم" إن صاحبي كان مُخْلِطاً كان يقول طورا بالجبر و طورا بالقدر و ما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه". و الخِلْطُ بالكسر: طيب معروف، و الجمع أَخْلَاطٌ كحمل و أحمال. و خُولِطَ في عقله خِلَاطاً: إذا اختل عقله. و اخْتَلَطَ فلانٌ: فسد عقله.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَبْرَارِ" يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَ مَا خُولِطُوا وَ لَكِنْ خَالَطَ قلبَهُم هَمٌّ عَظِيمٌ".
هو من خُولِطَ في عقله: إذا اختلط عقله. و خَلَطَ الشي‏ءَ بغيره: إذا ضمه إليه و بابه ضرب. و قد يكنى بِالْمُخَالَطَةِ عن الجماع، و منه قولهم" و خَالَطَهَا مُخَالَطَةَ الأزواج" يريدون الجماع.
 (خمط)
قوله تعالى: ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ
 [34/ 16] الخَمْطُ على ما نقل عن أبي عبيدة كل شجر ذي شوك.

246
مجمع البحرين4

خمط ص 246

و قال غيره الخَمْطُ ضرب من الأراك له حمل يؤكل. قال الجوهري: ذَواتَيْ أُكُلِ خَمْطٍ!!
 (خيط)
قوله تعالى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ [2/ 187] الخَيْطُ الأبيضُ بياض النهار و الخَيْطُ الأسودُ سواد الليل، و قِيلَ الْخَيْطُ الْأَسْوَدُ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ وَ الْأَبْيَضُ الْفَجْرُ الْمُعْتَرِضُ. قوله: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
 [7/ 40] الخِيَاطُ ككتاب الإبرة، و المِخْيَطُ بكسر الميم مثله. و الخَيْطُ: السلك، و جمعه خُيُوطٌ و خُيُوطَةٌ مثل فحول و فحولة. و منه قوله:
خُيُوطَةُ ماري تغار و تفتل‏


و منه‏
الْحَدِيثُ" وَ سَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ الْمَدَنِيَّةِ" فَكَتَبَ: صَلِّ عَلَى مَا كَانَ فِيهَا مَعْمُولًا بِخُيُوطَةٍ لَا بِسُيُورَةٍ".
وَ قَوْلُهُ ع فِي وَصْفِ الْإِمَامَةِ" لِأَنَّ خَيْطَ فَرْضِي لَا يَنْقَطِعُ وَ حُجَّتِي لَا تَخْفَى".
هو على الاستعارة. و مثله‏
" أَخَافُ عَلَى خَيْطِ عُنُقِي".
أي على رقبتي، و يعني به القتل. و خَاطَ الرجلُ الثوبَ خِيَاطَةً من باب باع فهو مَخِيطٌ، و الياءُ في مَخِيط ياءُ مفعول و قيل إن الياء في مَخِيط أصلية و المحذوف واو مفعول. قال الجوهري: و القول هو الأول، لأن الواو مزيدة للبناء فلا ينبغي لها أن تحذف، و كذلك القول في كل مفعول من ذوات الثلاثة إذا كان من بنات الياء، فإنه يجي‏ء بالنقصان و التمام، و أما من بنات الواو فلم يجئ على التمام إلا حرفان مسك مدووف و ثوب مصووت فإن هذين جاءا نادرين.

247
مجمع البحرين4

باب ما أوله الراء ص 248

باب ما أوله الراء
 (ربط)
قوله تعالى: وَ رَبَطْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ‏
 [18/ 14] أي ثبتنا قلوبهم و ألهمناهم الصبر و مثله قوله لِيَرْبِطَ عَلى‏ قُلُوبِكُمْ‏
 [8/ 11] و رَبَطْنا عَلى‏ قَلْبِها
 [28/ 10]. و الرَّبْطُ على القلب: تسديده و تقويته و رِبَاطُ الخيلِ: مرابطتها. قوله: صابِرُوا وَ رابِطُوا
 [3/ 200] أي رابطوا من ارتباط الخيل في سبيل الله و قيل و كل العبادات رِبَاطٌ في سبيل الله، و أصل الرِّبَاطِ الملازمة و المواظبة على الأمر و ملازمة ثغر العدو كالمرابطة. و المُرَابَطَةُ: أن يربط كل من الفريقين خيلا لهم في ثغره و كل معد لصاحبه، فسمي المقام في ثغر رِبَاطاً، و هي مستحبة و لو مع فقد الإمام.
وَ مِنْهُ" مَنْ رَبَطَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ كَذَا".
أي أعدها للجهاد. و المُرَابَطَةُ أيضا: حبس الرجل نفسه على تحصيل معالم الدين، بل هو أبلغ في اسم المرابطة، فإن مهام الدين أولى بالاهتمام من مهام الأبدان. و المُرَابَطَةُ أيضا: انتظار الصلاة بعد الصلاة،
لِقَوْلِهِ ع" فَذَلِكُمُ الْمُرَابَطَةِ".
يعني أن هذه الأعمال هي المرابطة، لأنها تسد طريق الشيطان عن النفس و تمنعها عن الشهوات، و هو الجهاد الأكبر لما فيه من قهر أعدى عدو الله تعالى. و رَبَطْتُ الشي‏ءَ أَرْبُطُهُ و أَرْبِطُهُ بضم الباء و كسرها رَبْطاً من باب ضرب و من باب قتل لغة أي شددته، و الموضع مَرْبطٌ بكسر الباء و فتحها، و الجمع مَرَابِطُ. و مَرَابِطُ الخيلِ: موضعها التي تربط فيها. و الرِّبَاطُ: ما تشد به القربة، و الجمع رُبُطٌ ككتاب و كتب.

248
مجمع البحرين4

ربط ص 248

و الرِّبَاطُ أيضا: واحد الرِّبَاطَاتِ المبنية للفقراء، مولد، و الجمع رُبُطٌ بضمتين و رِبَاطَاتٌ. و فلانٌ رَابِطُ الجأشِ و رَبِيطُ الجأشِ: أي شديد القلب، كأنه يربط نفسه عن الفرار. و يقال للمصاب: رَبَطَ على قلبه بالصبر أي ألهمه.
 (رقط)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الرَّقْطَاءِ دُونَ الرَّدْمِ فَلَبِّ".
الرَّقْطَاءُ موضع دون الرَّدْم، و يسمى مَدْعَا، و مَدْعَى الأقوامِ مجتمع قبائلهم، و الجمع المَدَاعِي، يقال تداعت القوم عليهم من كل جانب: أي اجتمعت عليهم. و في حواشي بعض الفضلاء" فإذا انتهيت إلى الرمضاء" بالميم بدل القاف. و" الرُّقْطَةُ" سواد يشوبه نقط بياض و منه" دجاجة رَقْطَاءُ" و" حية رَقْطَاءُ".
 (رهط)
قوله تعالى وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ‏
 [11/ 91] أي قومك و عزتهم عندنا لكونهم على ملتنا. و الرَّهْطُ- و يحرك- ما دون العشرة من الرجال، و لا واحد له من لفظه، و الجمع أَرْهُط و أَرَاهِط و أَرْهَاط، و قيل من الثلاثة إلى العشرة، و قيل إلى التسعة و عن ابن السكيت الرَّهْطُ و العترةُ بمعنى، و قيل الرَّهْطُ ما فوق العشرة إلى الأربعين، و عن تغلب الرَّهْطُ و النفر و القوم و المعشر و العشيرة معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم، و هو للرجال دون النساء. و عن ابن فارس رَهطُ الرجلِ قومه و قبيلته الأقربون، و سكون الهاء أفصح من فتحها، و هو جمع لا واحد له من لفظه، قال تعالى: وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ [27/ 48].
 (ريط)
فِي حَدِيثِ وَصْفِ عَلِيٍّ ع فِي الْجَنَّةِ" وَ عَلَيْهِ رَيْطَتَانِ: رَيْطَةٌ مِنْ أُرْجُوَانِ النُّورِ، وَ رَيْطَةٌ مِنْ كَافُورٍ".
و مثله‏
فِي وَصْفِ رَسُولِ اللَّه‏

249
مجمع البحرين4

ريط ص 249

ص" مُرْتَدٍ بِرَيْطَتَيْنِ".
الرَّيْطَةُ بالفتح: كل ملاءة إذا كانت قطعة واحدة و ليست لفقين أي قطعتين، و الجمع رِيَاطٌ مثل كلبة و كلاب، و رَيْطٌ مثل تمرة و تمر.
باب ما أوله الزاي‏
 (زطط)
فِي الْحَدِيثِ" فَخَرَجَ عَلَيْنَا قَوْمٌ أَشْبَاهُ الزُّطِّ".
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ الْبَصْرَةِ" أَتَاهُ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الزُّطِّ فَكَلَّمُوهُ بِلِسَانِهِمْ فَكَلَّمَهُمْ وَ قَالُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ بَلْ أَنْتَ أَنْتَ".
الزُّطّ بضم الزاي و تشديد المهملة جنس من السودان أو الهنود، الواحد زُطِّيّ مثل زنج و زنجي. و منه" ميسر بياع الزُّطِّيّ" رجل من رواة الحديث. و في القاموس" الزُّطّ" بالضم جيل من الهند معرب جَتّ بالفتح، الواحد زُطِّيّ.

250
مجمع البحرين4

باب ما أوله السين ص 251

باب ما أوله السين‏
 (سبط)
قوله تعالى: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً
 [7/ 160] قال الجوهري و إنما أنث لأنه أراد اثنتي عشرة فرقة، ثم أخبر أن الفرق أَسْبَاطٌ و ليس الأسباط بتفسير و لكنه بدل من اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، لأن التفسير لا يكون إلا واحدا منكورا، كقولك" اثني عشر درهما" و لا يجوز دراهم. و الأَسْبَاطُ: أولاد الولد جمع سِبْطٍ مثل حمل و أحمال. و الأَسْبَاطُ في بني يعقوب كالقبائل في ولد إسماعيل، و هم اثنا عشر ولدا ليعقوب، و إنما سموا هؤلاء بالأَسْبَاطِ و هؤلاء بالقبائل ليفصل بين ولد إسماعيل و ولد إسحاق، و قد بعث منهم عدة رسل كيوسف و داود و سليمان و موسى و عيسى. و عن ابن الأعرابي الأَسْبَاطُ خاصة الأولاد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سِبْطَا رَسُولِ اللَّهِ ص".
أي طائفتان و قطعتان.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْحُسَيْنُ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاطِ".
أي أمة من الأمم في الخير. و يحتمل أن يراد بِالسِّبْطِ القبيلة، أي يتشعب منهما نسله. و السَّبَطُ: شجرة لها أغصان كثيرة و أصلها واحد. و شعر سَبْطٌ: أي مسترسل غير جعد، و قد سَبِطَ شعرُهُ بالكسر فهو سَبِطٌ بالكسر أيضا، و ربما قيل سَبَطٌ بالفتح.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ع" شَعْرُهُ لَيْسَ بِالسَّبْطِ وَ لَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ".
القَطَطُ الشديد الجعودة، أي كان شعره بينهما. و السَّابَاطُ: سقيفة بين حائطين تحتها طريق، و الجمع سَوَابِيط و سَابَاطَات.

251
مجمع البحرين4

سبط ص 251

و" سَابَاط" قرية من قرى المدائن و" يوم سَابَاط" من أيام الحسن بن علي ع مشهور. و" عمار بن موسى السَّابَاطِيّ" من رواة الحديث.
 (سخط)
" السَّخَطُ" بالتحريك و بضم أوله و سكون ثانيه: الغضب، و هو خلاف الرضا، يقال سَخِطَ سَخَطاً من باب تعب: أي غضب، فهو سَاخِطٌ. و أَسْخَطَهُ: أي أغضبه، و إذا أسند إلى الله تعالى يراد منه ما يوجب السخط من العقوبة كما مر في نظائره.
 (سرط)
قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [1/ 6] أي الطريق المستوي عن الاعوجاج و" السِّرَاطُ" لغة في الصراط بالصاد، و يتم الكلام في صرط. و في الحديث ذكر السَّرَطَانُ بالتحريك و هو خلق من خلق الماء، و قيل هو أبو جنيب. و في حياة الحيوان السَّرَطَانُ و يسمى عقرب الماء، و هو جيد المشي كثير العدو كثير الأسنان صلب الظهر، من رآه رأى حيوانا بلا رأس و لا ذنب، عيناه في كتفيه و فمه في صدره، له ثمانية أرجل، و هو يمشي على جانب واحد و يستنشق الماء و الهواء معا.
وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ السَّرَطَانُ يَقُولُ" اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ يَا مُذْنِبُونَ".

252
مجمع البحرين4

سرط ص 252

و" السَّرَطَانُ" برج في السماء، و داء يخرج في رسغ الدابة و ييبسه حتى يقلب حافره- قاله الجوهري. و سَرِطْتُ الشي‏ءَ سَرَطاً من باب تعب و نصر: بلعته. و من أمثالهم" لا تكن حلوا فَتُسْتَرَط و لا مُرّاً فَتُعْقَى" قال الجوهري: هو من أَعْقَيْتُ الشي‏ء: إذا أزلته من فيك لمرارته.
 (سعط)
سَعَطَهُ الدواءُ كمنعه و نصره: أدخله في أنفه، و السَّعُوطُ كصبور ذلك الدواء. و" المُسْعُطُ المِسْعَطُ" بالضم و يكسر: ما يجعل فيه و يصب منه في الأنف.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَسْتَعِطَ".
و
فِي آخَرَ" يُكْرَهُ السُّعُوطُ لِلصَّائِمِ".
و أَسْعَطْتُ الرجلَ فَاسْتَعَطَ بنفسه، و السُّعُوطُ كقعود مصدر.
 (سفط)
" السَّفَطُ" محركة واحد الأَسْفَاطُ التي يعبى فيه الطيب و نحوه، و يستعار للتابوت الصغير، و منه فأخرج في سَفَطٍ.
 (سقط)
قوله تعالى وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ‏
 [7/ 149] بالبناء للمفعول، و الظرف نائبه، يقال لكل من ندبه و عجز عن الشي‏ء قد سقط في يده و أسقط في يده لغتان، و معنى سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ‏
 ندموا على ما فاتهم. و في الصحاح و قرأ بعضهم سَقَطَ بالفتح كأنه أضمر الندم. قوله: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا
 [9/ 49] أي وقعوا فيها، و هي فتنة التخلف عن الجهاد، و الفتنة هي الإثم. قوله: تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا
 [19/ 25] قال الشيخ أبو علي: قرى‏ء تَسَّاقَطْ بالتاء و الياء و التشديد، و الأصل تتساقط و يتساقط فأدغم، و تُساقِطْ بضم التاء و كسر القاف و التاء للنخلة و الياء للجذع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَأَنْ أُقَدِّمَ سُقْطاً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ مُسْتَلْئِمٍ".
 [السقْط] هو بالحركات الثلاث و الضم أكثر الولد الذي يَسْقُطُ من بطن‏

253
مجمع البحرين4

سقط ص 253

أمه قبل تمام الحمل، فمنه تام و هو ما بلغ أربعة أشهر و منه غير تام و هو من لم يبلغ الأربعة، و المُسْتَلْئِمُ لابس عدة الحرب، يعني ثواب السقط أكثر من ثواب الكبير من الأولاد، لأن فعل الكبير يخصه أجره و ثوابه و إن شاركه الأب في بعضه، و ثواب السقط مقصور على الأب. و السُّقُوطُ في الشي‏ء: الوقوع فيه، يقال سَقَطَتِ الفأرةُ في الإناء: إذا وقعت فيه. و منه المثل" على الخبير بها سَقَطْتَ" أي على العارف بها وقعت. و سَقَطَ سُقُوطاً: وقع من أعلى إلى أسفل، و يتعدى بالألف، فيقال أَسْقَطْتُهُ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَيُّ قَاضٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَضَى فَأَخْطَأَ سَقَطَ أَبْعَدَ مِنَ السَّمَاءِ".
يعني عن درجة أهل الثواب أبعد مما بين السماء و الأرض، و يريد المبالغة في السقوط. و السَّاقِطُ من الناس: اللئيم في حسبه و نسبه. و السَّقَطَةُ: المحتقرون الساقطون عن غير الناس. و السَّقَطُ بالتحريك: ردي‏ء المتاع و الخطأ من القول و الفعل. و السَّقَّاطُ بتشديد القاف: الذي يبيع السَّقَطَ من المتاع. و السَّقْطَةُ: العثرة و الزلة، و هي بإسكان القاف، و من أمثالهم" لكل سَاقِطَةٍ لاقطة". قال الأصمعي و غيره" السَّاقِطَةُ" الكلمة التي يسقط بها الإنسان، و" اللاقطة" الحامل لها، أي لكل كلمة يخطى‏ء بها الإنسان لاقط حامل آخذ، و أدخل الهاء للازدواج مع ساقط. و المَسْقِطُ كمجلس: موضع السقوط، و منه يقال" هذا مَسْقِطُ رأسي" حيث ولد فيه. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا يُخْرَجُ الرَّجُلُ مِنْ مَسْقِطِ رَأْسَهُ".
يعني في الدين. و المَسْقَطُ بالفتح: السُّقُوط.
 (سقلط)
" سَقْلَاط" بلد بالروم تنسب إليه الثياب.

254
مجمع البحرين4

سلط ص 255

 (سلط)
قوله تعالى: وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً
 [28/ 35] أي غلبة و تَسْلِيطاً أو حجة و برهانا، و أصل السَّلْطَنَة القوة. قوله: وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ‏
 [14/ 22] أي من حجة و برهان، و لا يجمع لأن مجراه مجرى المصدر كغفران. قوله: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً
 [17/ 33] أي تسلطا على القصاص و أخذ الدية. و السُّلْطَان فعلان يذكر و يؤنث، يقال أتينا سُلْطَاناً جائرة. و السُّلْطَان بضم اللام لغة، و الجمع السَّلَاطِين. و السَّلِيط: هو الزيت عند عامة العرب، و عند أهل اليمن هو دهن السمسم و منه‏
خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ" رَأَيْتُ عَلِيّاً وَ كَأَنَّ عَيْنَيْهِ سِرَاجَا سَلِيطٍ".
و السَّلَاطَة: حدة اللسان، يقال رجل سَلِيط أي صخاب بذي‏ء اللسان، و امرأة سَلِيطَة كذلك. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْبَذَاءُ وَ السَّلَاطَةُ مِنَ النِّفَاقِ".
و سَلَّطْتُه على الشي‏ء تَسْلِيطاً: مكنته فَتَسَلَّطَ، أي تحكم و تمكن.
 (سمط)
فِي الْحَدِيثِ" حَتَّى انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى الْبَيْدَاءِ فَصُفَّ النَّاسُ لَهُ سِمَاطَيْنِ فَلَبَّى بِالْحَجِّ".
السِمَاط ككتاب: الصف من الناس، و السماطان: صفان. و مثله‏
حَدِيثُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ ع مَعَ الْمُوَفِّقُ" فَقَامُوا- يَعْنِي الْحِجَابَ وَ الْبَوَّابَ سِمَاطَيْنِ".
و السِّمَاطَان من النخل: الجانبان، يقال مشى بين السماطين.
وَ فِي الْحَدِيثِ" بَنَى رَسُولُ اللَّهِ ص مَسْجِدَهُ بِالسَّمِيطِ، ثُمَّ زِيدَ فِيهِ فَبَنَاهُ بِالسَّعِيدَةِ، ثُمَّ زِيدَ فِيهِ فَبَنَاهُ بِالْأُنْثَى وَ الذَّكَرِ".
أراد بِالسَّمِيطِ لبنة لبنة كما جاءت به الرواية، و كذلك يستفاد من اللغة، لأن فيها الآجر القائم بعضه فوق‏

255
مجمع البحرين4

سمط ص 255

بعض، و بالسعيدة لبنة و نصف، و بالأنثى و الذكر لبنتان متخالفتان. و السِّمْط كحمل: الخيط ما دام الخرز فيه و إلا فهو خيط.
وَ فِي حَدِيثِ الْأَرْضِ" وَ حِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا".
سُمِّطَتْ: زيّنت بالسمط، و هو العقد و رُوِيَ بالشين المعجمة أي خُلِطَتْ.
 (سوط)
قوله تعالى: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ‏
 [89/ 13] السَّوْطُ هو العذاب، و لم يكن ثمة ضرب بسوط، و يقال أي نصيب عذاب، و يقال شدته لأن العذاب قد يكون بالسوط، و يقال سَوْطَ عَذابٍ‏
 أي ألم سوط عذاب. قوله: وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ [17/ 64] أي بوسوستك‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَوَدِدْتُ أَصْحَابِي تُضْرَبُ رُءُوسُهُمْ بِالسِّيَاطِ حَتَّى يَتَفَقَّهُوا".
هي جمع سَوْط، و هو الذي يجلد به، و الأصل سواط فقلبت لكسرة ما قبلها، و تجمع على الأصل أَسْوَاط كثوب و أثواب و ثياب‏
وَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ ع" مَسُوطٌ لَحْمُهَا بِدَمِي وَ لَحْمِي".
أي ممزوج و مخلوط.
وَ فِي خَبَرِ سَوْدَةَ" أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْهُ الْمِسْوَطَ".
يعني الشيطان، سمي به من سَاطَ القدر بِالْمِسْوَطِ. و المِسْوَاطُ: خشبة يحرّك بها ما فيها ليختلط، كأنه يحرك الناس للمعصية و يجمعهم فيها. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" لَتُسَاطُنَّ سَوْطَ الْقِدْرِ".
قال بعض شراح الحديث" لَتُشَاطُنَّ" بالشين المعجمة بمعنى غليان القِدر أظهر.

256
مجمع البحرين4

باب ما أوله الشين ص 257

باب ما أوله الشين‏
 (شبط)
" الشَّبُّوطُ" كتنور ضرب من السمك دقيق الذنب عريض الوسط لين المس صغير الرأس، و هذا النوع قليل الإناث كثير الذكور. و فيه ذكر شُبَاط، و هو أحد أشهر السنة بعد كانون الثاني.
 (شحط)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ جَلَسَ فِيمَا بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَ الْإِقَامَةِ كَانَ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
أي المقتول المضطرب المتمرغ بدمه في سبيل الله، من قولهم يَتَشَحَّطُ بدمه: أي يتخبط فيه و يضطرب و يتمرغ.
 (شرط)
قوله تعالى: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها
 [47/ 18] أي جاء علاماتها التي تدل على قربها. و الشَّرَطُ بفتحتين: العلامة.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْحَضْرَمِيِّ يَوْمَ الْجَمَلِ" أَبْشِرْ يَا ابْنَ يَحْيَى فَإِنَّكَ وَ أَبَاكَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيسِ".
أي من نخبه و أصحابه المتقدمين على غيرهم من الجند. و" الشُّرْطَة" بالسكون و الفتح الجند و الجمع شُرَطٌ مثل رطب. و" الشُّرَطُ" على لفظ الجمع أعوان السلطان و الولاة و أول كتيبة تشهد الحرب و تتهيأ للموت، سموا بذلك لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها للأعداء، الواحدة شُرْطَة كغرف و غرفة. و" صاحب الشُّرْطَة" يعني الحاكم، و إذا نسب إلى هذا قيل شُرْطِيّ بالسكون ردّا إلى واحدة كتركي، و الخَمِيسُ: الجيش.
وَ فِي حَدِيثِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ" وَ قَد

257
مجمع البحرين4

شرط ص 257

سُئِلَ: كَيْفَ تَسَمَّيْتُمْ شُرْطَةَ الْخَمِيسِ يَا أَصْبَغُ؟ قَالَ: لِأَنَّا ضَمِنَّا لَهُ الذَّبْحَ وَ ضَمِنَ لَنَا الْفَتْحَ".
يعني أميرَ المؤمنين ع. و الشَّرْطُ: معروف، و جمعه شُرُوط كفلس و فلوس. و شَرَطَ الحاجمُ شَرْطاً من باب ضرب و قتل. و شَرَطْتُ عليه كذا شَرْطاً، و اشْتَرَطْتُ عليه، و منه‏
حَدِيثُ بَرِيرَةَ" شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ".
يريد ما أظهره و ما بينه من حكم الله‏
بِقَوْلِهِ" الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ".
و قيل هو إشارة إلى قوله تعالى: فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَ مَوالِيكُمْ. و الشَّرِيطَةُ في معنى الشرط، و جمعها شَرَائِط.
 (شطط)
قوله تعالى: وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً
 [72/ 4] أي جورا و علوا في القول و غيره، يقال شَطَّ في حكمه شُطُوطاً و شَطَطاً: جار. و منه" كلفتني شَطَطاً" أي أمرا شاقا. قوله: وَ لا تُشْطِطْ
 [38/ 22] أي لا تجر و تسرف. و الشَّطَطُ: الجور و الظلم و البعد عن الحق. و الشَّطُّ: جانب النهر الذي ينتهي إليه حد الماء، و الجمع شُطُوط كفلس و فلوس. و الشَّطُّ: جانب الوادي. و شَاطِئُ الوادي: جانبه، و قد مرّ. و شَطَّتِ الدار: بعُدت.
 (شمط)
فِي الْحَدِيثِ" لَا بَأْسَ بِجَزِّ الشَّمَطِ وَ نَتْفِهِ وَ جَزُّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَتْفِهِ".
هو بالتحريك بياض شعر الرأس يخالط سواده، و الرجل أَشْمَط و المرأة شَمْطَاء. و منه‏
الْحَدِيثُ" الشُّؤْمُ لِلْمُسَافِرِ فِي طَرِيقِهِ، فِي الْمَرْأَةِ الشَّمْطَاءِ تَلْقَى فَرْجَهَا".
و الشؤم: الشر و عدم اليمن.
وَ فِي خَبَرِ أَنَسٍ" لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَعَلْتُ".
أراد الشعرات البِيض، و يريد قلَّتها.

258
مجمع البحرين4

شوط ص 259

(شوط)

الشَّوْط: هو الجري إلى الغاية مرة واحدة، و الجمع أَشْوَاط.
وَ مِنْهُ" طَافَ ص بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ".
و" الشَّوْطُ" اسم حائط من بساتين المدينة.
 (شيط)
شَاطَتِ القِدْرُ: إذا احترقت و لصِق بها الشي‏ءُ. و غضب فلان و اسْتَشَاطَ كأنه التهب في غضبه.
باب ما أوله الصاد
 (صرط)
قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏
 [1/ 6] بالصاد، و هي اللغة الفصيحة، و الصراط المستقيم هو الدين الحق الذي لا يقبل الله من العباد غيره، و إنما سمي الدين صراطا لأنه يؤدي من يسلكه إلى الجنة كما أن الصراط يؤدي من يسلكه إلى مقصده.
وَ فِي عُيُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا عَنْهُ ع عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏
 قَدْ يَقُولُ أَرْشِدْنَا لِلُزُومِ الطَّرِيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَحَبَّتِكَ وَ الْمُبَلِّغِ دِينَكَ وَ الْمَانِعِ مِنْ أَنْ نَتَّبِعَ أَهْوَاءَنَا فَنَعْطَبَ أَوْ نَأْخُذَ بِآرَائِنَا وَ نَهْلِكَ.
و صِرَاطٌ مستقيم: دِين واضح. قوله: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ‏
 [7/ 16] أي في الطريق الذي يسلكونه‏
وَ فِي حَدِيثِ زُرَارَةَ" يَا زُرَارَةُ إِنَّمَا يَصْمُدُ لَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ، وَ أَمَّا الْآخَرُونَ فَقَدْ فَرَغَ مِنْهُمْ".
قوله: وَ لا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ‏
 [7/ 86]
قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا

259
مجمع البحرين4

صرط ص 259

يَقْعُدُونَ عَلَى طَرِيقِ مَنْ قَصَدَ شُعَيْباً لِلْإِيمَانِ، فَيُخَوِّفُونَهُ بِالْقَتْلِ.
باب ما أوله الضاد
 (ضبط)
ضَبَطَ الشي‏ء ضَبْطاً من باب ضرب: حفظه حفظا بليغا. و الضَبْطُ: الحزم. و منه رجل ضَابِطٌ: أي حازم.
 (ضرط)
الضُّرَاطُ معروف، و هو بالضم، و ضَرِطَ ضَرَطاً من باب تعب.
 (ضغط)
فِي الْحَدِيثِ" قَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ".
أي من عصرته و شدته. الضُّغْطَة بالضم: الشدة و المشقة. و ضَغَطَهُ ضَغْطاً من باب نفع: زحمه إلى حائط و نحوه و عصره، و لعل منه الحديث لأنه يضيق على الميت و يوسع له.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَتُضْغَطُنَّ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ".
أي لتزاحمون عليها.
وَ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ فِي الْحَجِّ" قُلْتُ: كَيْفَ صَارَ التَّكْبِيرُ يَذْهَبُ بِالضِّغَاطِ هُنَاكَ؟ قَالَ: لِأَنَّ قَوْلَ الْعَبْدِ اللَّهُ أَكْبَرُ مَعْنَاهُ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْأَصْنَامِ الْمَنْحُوتَةِ وَ الْآلِهَةِ الْمَعْبُودَةِ دُونَهُ، وَ أَنَّ إِبْلِيسَ وَ شَيَاطِينَهُ يُضَيِّقُ عَلَى الْحَاجِّ مَسْلَكَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَإِذَا سَمِعَ التَّكْبِيرَ طَارَ مَعَ شَيَاطِينِهِ وَ تَبِعَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يَقَعُوا فِي اللُّجَّةِ".

260
مجمع البحرين4

باب ما أوله العين ص 261

باب ما أوله العين‏
 (عبط)
مات فلان عَبْطَةً بالفتح فالسكون: أي صحيحا شابا. و منه قول بعضهم:
من لم يمت عَبْطَةً يمت هرما             للموت كأس و المرء ذائقها

وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ النَّاسُ يَعْتَبِطُونَ اعْتِبَاطاً- يَعْنِي قَبْلَ زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ ع- فَقَالَ: يَا رَبِّ اجْعَلْ لِلْمَوْتِ عِلَّةً يُؤْجَرُ بِهَا الْمَيِّتُ وَ يُسَلَّى بِهَا عَنِ الْمَصَائِبِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمُومَ وَ هُوَ الْبِرْسَامُ ثُمَّ أَنْزَلَ بَعْدَهُ الدَّاءَ".
و يقال لكل من مات من غير علة: اعْتَبَطَ.
 (عفط)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ لَكَانَتْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ".
أي ضرطة عنز، و قيل عطسة عنز.
 (عنط)
فِي حَدِيثِ التَّزْوِيجِ" أَيْنَ أَنْتَ مِنَ السَّوْدَاءِ الْعَنَطْنَطَةِ".
أي الطويلة العنق مع حسن قوام. و العَنَطْنَطُ: الطويل. قال الجوهري: و أصل الكلمة عَنَطَ فكررت.

261
مجمع البحرين4

باب ما أوله الغين ص 262

باب ما أوله الغين‏
 (غبط)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يَحْصُدْ غِبْطَةً".
أي فرحا و سرورا
" وَ مَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يَحْصُدْ نَدَامَةً".
و الغِبْطَةُ بالكسر: حسن الحال، و هي اسم من غَبَطْتُه غَبْطاً من باب ضرب: إذا تمنيت مثل ما له من غير أن تريد زواله منه، و هذا جائز و ليس من الحسد إلا إذا تمنيت زواله.
وَ مِنْهُ" إِنْ تَصْبِرْ تُغْتَبَطْ".
وَ مِنْهُ" عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا غِبْطَةُ الطَّالِبِ الرَّاجِي".
و منه‏
قَوْلُهُ ع" مَا بَيْنَ مَنْ وَصَفَ هَذَا الْأَمْرَ- يَعْنِي الْوَلَايَةَ- وَ بَيْنَ أَنْ يَغْتَبِطَ وَ يَرَى مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ".
قال بعض شراح الحديث: كل ما يتحلى به من علم و عمل فله عند الله منزلة لا يشاركه فيها غيره، و إن كان له من نوع آخر ما هو أرفع قدرا فَيَغْبِطُه، بأن يكون له مثله مضموما إلى ما له، فالأنبياء قد استغرقوا فيما هو أعلى من دعوة الخلق و إرشادهم، و اشتغلوا به عن العكوف على مثل هذه الجزئيات و القيام بحقوقها، فإذا رأوهم يوم القيامة ودوا لو كانوا ضامين خصالهم إلى خصالهم.
 (غطط)
غَطَّهُ بالماء يَغُطُّهُ غَطّاً من باب قتل: مقله و غوصه فيه. و الغَطُّ في الماء: الغوص فيه. و الغَطِيطُ: صوت النائم. و غَطَّ النائم غَطِيطاً: تردد نفسه إلى حلقه حتى يسمعه من حوله.
وَ مِنْهُ" أَنَّهُ نَامَ حَتَّى سَمِعَ غَطِيطَهُ".
و الغُطَاطُ بالضم: أول الصبح.

262
مجمع البحرين4

غلط ص 263

(غلط)

غَلِطَ في منطقه كفرح غَلَطاً بالتحريك: أخطأ وجه الصواب. و غَلَطْتُهُ أنا: قلت له غَلَطْتَ أو نسبته إلى الغَلَط. و الأُغْلُوطَة: ما يُغْلَطُ به من المسائل.
 (غمط)
غَمَطَ الناس كنصر و سمع: استحقرهم. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْكِبْرُ أَنْ تَسْفَهَ الْحَقَّ وَ تَغْمِطَ النَّاسَ".
غَمَطَ النعمة: لم يشكرها.
 (غوط)
قوله تعالى: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ*
 [4/ 43] الغَائِطُ في الأصل للمطمئن من الأرض: كانوا إذا أرادوا قضاء الحاجة أتوا غَائِطاً و قضوا حاجتهم، فكنى عن الحدث بِالْغَائِطِ، فهو من مجاز المجاورة، و المُغَوِّطَة: الفاعل لذلك، قيل و" من" للتبيين، أي جاء موضعا من الغَائِطِ، و عند الأخفش هي زائدة لتجويزه الزيادة في الإثبات، فلا حاجة إلى تقدير المفعول، و" أو" هنا بمعنى الواو.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا دَخَلْتُمُ الْغَائِطَ".
أي موضع التخلي فكذا، يريد بذلك بيان آداب التخلي. و الغَوْطُ: عمق الأرض الأبعد. و" الغُوطَةُ" بالضم موضع بالشام كثير الماء و الشجر، يقال لها" غُوطَةُ دمشق".

263
مجمع البحرين4

باب ما أوله الفاء ص 264

باب ما أوله الفاء
 (فرط)
قوله تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ
 [6/ 38] أي ما تركنا و لا ضيعنا و لا أغفلنا، و اختلف في الكتاب:
فَقِيلَ يُرِيدُ بِهِ الْقُرْآنَ لِأَنَّهُ فِيهِ جَمِيعُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْعِبَادُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَ الدُّنْيَا حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ.
و
قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُشْتَمِلُ عَلَى مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ الْمُسَمَّى بِاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.
قوله: ما فَرَّطْنا فِيها
 [6/ 31] الضمير للحياة و إن لم يجر لها ذكر للعلم بها أو للساعة، أي ما قصرنا في شأنها. قوله: ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ‏
 [12/ 80] أي ما قصرتم في أمره. قوله: عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ‏
 [39/ 56] أي قصرت في جنب الله. قوله: وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ‏
 [6/ 61] أي لا يتوانون و لا يقصرون عما أمروا به و لا يزيدون فيه. قوله: مُفْرَطُونَ‏
 [16/ 62] أي متروكون و منسيون في النار. و مُفْرِطُونَ بكسر الراء: المسرفون على أنفسهم في الذنوب. و أمر فُرُط: مجاوز فيه الحد، و منه قوله تعالى: وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
 قيل سرفا و تضييعا، و قيل ندما. و التَّفْرِيطُ: التقصير عن الحد و التأخير فيه. و الإِفْرَاطِ: مجاوزة الحد. قوله: إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا
 [4/ 45] أي يبادر إلى عقابنا، يقال فَرَطَ يَفْرُطُ بالضم: إذا تقدم و تعجل. و أَفْرَطَ يُفْرِطُ: إذا أسرف و جاوز الحد. و" اجعله لنا فَرَطاً" بالتحريك أي أجرا و ذخرا يتقدمنا. و" على ما فَرَطَ مني" أي تقدم و سبق.

264
مجمع البحرين4

فرط ص 264

وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" لَا تَرَى الْجَاهِلَ إِلَّا مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً".
هو بالتخفيف المسرف في العمل، و بالتشديد المقصر. و الفَرَطُ بالتحريك: الواردة فيهي‏ء لهم الأرسان و الدلاء و الحياض و يستقي، و هو فعل بمعنى فاعل مثل تبع بمعنى تابع، يقال رجل فَرَط و قوم فَرَط. و منه‏
خَبَرُ النَّبِيِّ" أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ".
و الفَرْطُ: العلم المستقيم يهتدى به، و الجمع أَفْرَاط و أَفْرُط، و لعل منه‏
حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ" نَحْنُ أَفْرَاطُ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَبْنَاءُ الْأَوْصِيَاءِ".
و لقيته في الفَرْط بعد الفرط: أي الحين بعد الحين. و أتيته فَرْط يومين: أي بعدهما.
وَ فِي حَدِيثِ السِّوَاكِ" لَا يَضُرُّكَ تَرْكُهُ فِي فَرْطِ الْأَيَّامِ".
أي في بعض الأوقات و الأحيان. و عن أبي عبيدة: و لا يكون الفَرْط في أكثر من خمس عشرة ليلة.
 (فسط)
فِي الْحَدِيثِ" دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فُسْطَاطَهُ".
هو بالسين و الطاءين المهملات، و في الأول فاء مضمومة و مكسورة و يقال بفاء مثلثة: البيت من الشعر فوق الخباء، و فيه لغات الفُسْطَاطُ بطاءين و الفستات بتاءين و الفُسْتَاطُ بتاء و طاء، و الجمع فَسَاطِيط. و
مِنْهُ" كَانَ يَتَخَلَّلُ الْفَسَاطِيطَ".
فقط
هي من أسماء المعاني بمعنى انته، و كثيرا ما تصدر بالفاء تنزيلا للفظ منزلة جزاء شرط محذوف قاله التفتازاني. و قال الجوهري إذا كانت قَطُّ بمعنى حسب و هو الاكتفاء فهي مفتوحة ساكنة الطاء يقال رأيته مرة واحدة فَقَطْ يعني فحسب.
 (فلط)
كان تلامذة أفلاطون ثلاث فرق،

265
مجمع البحرين4

فلط ص 265

و هم الإشراقيون و الرواقيون و المشائيون فالإشراقيون هم الذين جردوا ألواح عقولهم عن النفوس الكونية فأشرقت عليهم لمعات أنوار الحكمة من لوح النفس الأفْلاطُونِيَّة من غير توسط العبارات و تخلل الإشارات، و الرواقيون هم الذين كانوا يحبسون في رواق بيته و يتلقون منه فوائد الحكمة في تلك الحالة، و كان أرسطو من هؤلاء، و ربما يقال إن المشاءين هم الذين كانوا يمشون في ركاب أرسطو لا في ركاب أفلاطون- كذا ذكر الشيخ البهائي رحمة الله عليه.
 (فلسط)
" فَلَسْطِين" قيل هو موضع بمكة و يقال إنه مولد النبي ص. و في القاموس" فَلَسْطِين" كورة بالشام و قرية بالعراق.
باب ما أوله القاف‏
 (قبط)
فِي الْحَدِيثِ" الْفَجْرُ الصَّادِقُ هُوَ الْمُعْتَرِضُ كَالْقَبَاطِيِّ".
بفتح القاف و تخفيف الموحدة قبل الألف و تشديد الياء بعد الطاء المهملة ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر، واحدها قُبْطِي بضم القاف نسبة إلى القِبْطِ بكسر القاف و هم أهل مصر، و التغيير في النسبة هنا للاختصاص كما في الدهري بالضم نسبة إلى الدهر بالفتح، و هذا التغيير إنما اعتبر في الثياب فرقا بين الإنسان و غيره، فأما في الناس فيبنى على اعتبار الأصل فيقال رجل قِبْطِي و جماعة قِبْطِيَّة بالكسر لا غير. و منه‏
حَدِيثُ" مَنْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِم‏

266
مجمع البحرين4

قبط ص 266

أَعْمَالَهُمْ فَجَعَلَهَا هَباءً مَنْثُوراً. قَالَ ع: أَمَا وَ اللَّهِ وَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الْقَبَاطِيِّ، وَ لَكِنْ إِذَا فُتِحَ لَهُمْ بَابٌ مِنَ الْحَرَامِ دَخَلُوا".
و منه‏
حَدِيثُ أُسَامَةَ" كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ ص قِبْطِيَّةً".
 (قحط)
القحط بالتحريك: الجدب. و قَحَطَ المطر يَقْحَطُ من باب نفع: إذا احتبس. و حكي عن الفراء قَحِطَ المطر من باب تعب. و أَقْحَطَ القوم: أصابهم القَحْطُ، و قُحِطُوا على ما لم يسم فاعله. و" قَحْطَان" أبو اليمن- قاله الجوهري.
 (قرط)
فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ ع حِينَ أَرَادَ ذِبْحَ ابْنِهِ" فَوَضَعَ لَهُ قُرْطَاطَ الْحِمَارِ فَأَضْجَعَهُ عَلَيْهِ".
هو بالضم البردعة، و كذلك القُرْطَان بالنون. و عن الخليل هو الحلس الذي يلقى تحت الرحل. و" القُرْط" بالضم فالسكون: هو الذي يعلق في شحمة الأذن، و الجمع قُرَطَة و قِرَاط أيضا كرمح و رماح. و القِيرَاطُ: نصف دانق، و عن بعض أهل الحساب القِيرَاطُ في لغة اليونان حبة خرنوب، و أصله قِرَّاط بالتشديد لأن جمعه قَرَارِيطُ، فأبدل. قال الجوهري: و أما القِيرَاط الذي جاء في الحديث فقد جاء تفسيره فيه أنه مثل جبل أحد. و في النهاية: القِيرَاط جزء من أجزاء الدينار، و هو نصف عشر في أكثر البلاد، و أهل الشام يجعلونه جزءا من أربعة و عشرين.
 (قرمط)
القَرْمَطَة: دقة الكتابة، و في المشي مقاربة الخطو. و" القَرْمَطِي" واحد القَرَامِطَة، و هم فرقة من الخوارج. و منه" تحول الرجل قَرْمَطِيّاً".
وَ عَنِ الشَّيْخِ الْبَهَائِيِّ أَنَّهُ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَ ثَلَاثِمَائَةٍ دَخَلَتِ القَرَامِطَةُ إِلَى مَكَّةَ فِي‏

267
مجمع البحرين4

قرمط ص 267

أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَ أَخَذُوا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَ بَقِيَ عِنْدَهُمْ عِشْرِينَ سَنَةً وَ قَتَلُوا خَلْقاً كَثِيراً، وَ مِمَّنْ قَتَلُوا عَلِيَّ بْنَ بَابَوَيْهِ، وَ كَانَ يَطُوفُ فَمَا قَطَعَ طَوَافَهُ فَضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَنْشَدَ:
تَرَى الْمُحِبِّينَ صَرْعَى فِي دِيَارِهِمْ             كَفِتْيَةِ الْكَهْفِ لَا يَدْرُونَ كَمْ لَبِثُوا.


 (قسط)
قوله تعالى: وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
 [72/ 15] أي الجائرون من القُسُوطِ و هو الجور. و الإِقْسَاطُ: العدل، و منه قوله تعالى: قائِماً بِالْقِسْطِ
 [3/ 18] و قوله: أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ*
 [33/ 5] كله بمعنى العدل. قال المفسر: و الضابط أن ما كان من قَسَطَ فهو بمعنى الجور، و ما كان من أَقْسَطَ فهو بمعنى العدل. قوله: وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى‏
 [4/ 3] الآية.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِّ: لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى خَافَ الْأَوْلِيَاءُ أَنْ يُلْحِقَهُمْ الحَوْبُ بِتَرْكِ الإِقْسَاطِ فِي حُقُوقِ الْيَتَامَى، وَ تَحَرَّجُوا مِنْ وَلَايَتِهِمْ، وَ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ رُبَّمَا كَانَ تَحْتَهُ الْعَشْرُ مِنْ الْأَزْوَاجِ أَوْ أَقَلَّ فَلَا يَقُومُ بِحُقُوقِهِنَّ، فَقِيلَ لَهُمْ إِنْ خِفْتُمْ تَرْكَ الْعَدْلِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى فَحَرَجْتُمْ فِيهَا فَخَافُوا أَيْضاً تَرْكَ الْعَدْلِ وَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ، لِأَنَّ مَنْ تَابَ مِنْ ذَنْبٍ وَ هُوَ مُرْتَكِبٌ مِثْلَهُ فَهُوَ غَيْرُ تَائِبٍ.
و قيل معناه إن خفتم الجور في حق اليتامى فخافوا الزنا أيضا فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ أي ما حل‏

268
مجمع البحرين4

قسط ص 268

لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ و لا تَحُومُوا حَوْلَ المُحَرَّمَاتِ‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَيُنْفِقُ الرَّجُلُ بِالْقِسْطِ".
أي بالعدل و بلغة الكفاف. و القَاسِطُون: الذين قَسَطُوا أي جاروا حين حاربوا إمام الحق كمعاوية و أتباعه و أعوانه الذين عدلوا عن أمير المؤمنين ع و حاربوه في وقعة صفين، أخذا من القُسُوطِ الذي هو العدول عن الحق.
وَ فِي حَدِيثِ مَسْجِدِ غَنِي بِالْكُوفَةِ" وَ اللَّهِ إِنَّ قِبْلَتَهُ لَقَاسِطَةٌ".
أي عدلة، من قولهم قَسَطَ قِسْطاً من باب ضرب: جار و عدل من الأضداد، و لم يرد المعنى الآخر لأن المسجد المذكور الظاهر أنه من المساجد المحمودة.
 (قشط)
قشطته قَشْطاً من باب ضرب: نحيته، و قيل لغة في الكشط.
 (قطط)
قوله تعالى: وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ‏
 [37/ 16] القِطُّ بالكسر الحساب عند أبي عبيدة، و القِطُّ: الكتاب و الصك بالجائزة، و المعنى عجل لنا صحيفتنا. و القِطُّ: النصيب. و القِطُّ: السنور، و الأنثى قِطَّةُ، و الجمع قِطَاطُ و قِطَطَةُ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا فَعَلَتْهُ امْرَأَةٌ قَطُّ إِلَّا عُوفِيَتْ".
يقال ما فعلت ذلك قَطُّ: أي في الزمان الماضي، و فيها لغات ضم الطاء مشددة مع فتح القاف و ضمها و كذلك هي مع تخفيف الطاء. قال الجوهري: هذا إذا كانت بمعنى الدهر، و أما إذا كانت بمعنى حسب و هو الاكتفاء فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء يقال رأيته مرة واحدة فَقَط- انتهى. و قال التفتازاني: من أسماء الأفعال بمعنى انته، و كثيرا ما تصدر بالفاء تنزيلا للفظ منزلة جزاء شرط محذر. و شعر قط و قَطَطُ بفتحتين شديد الجعودة، و يقال القَطَطُ شعر الزنجي، و قد قَطَطَ شعره بالكسر، و هو أحد ما جاء على الأصل بإظهار التضعيف. و قَطَّ السعر بالسين المهملة يَقِطُّ بالكسر قَطّاً: غلا و ارتفع.

269
مجمع البحرين4

قطط ص 269

و قَطَطَت القلم قَطّاً من باب قتل: قطعت رأسه عرضا في بريه. و المِقَطُّ بالكسر: ما يُقَطُّ عليه القلم.
 (قعط)
فِي الْحَدِيثِ" نَهَى عَنِ الِاقْتِعَاطِ".
هو شد العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك، يقال تعمم و لم يَقْتَعِطْ و هي العمة الطابقية.
 (قمط)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا اشْتَرَيْتَ أُضْحِيَّتَكَ وَ قَمَطْتَهَا وَ صَارَتْ فِي رَحْلِكَ فَقَدْ بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ".
أي شددتها بِالْقِمَاطِ بالكسر، و هو حبل يشد به الأخصاص و قوائم الشاة للذبح، و القِمْطُ بالكسر فالسكون مثله، يقال قَمَطَه يَقْمُطُه من باب قتل: شد يديه و رجليه كما يفعل بالصبي في المهد. و القِمَاطُ: خرقة عريضة تُقْمَطُ بها الصغير، و جمعه قُمُطٌ مثل كتاب و كتب. و قَمَطَ الطائر أنثاه يَقْمُطُهَا: سفدها.
 (قنط)
قوله تعالى: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ‏
 [39/ 53] القُنُوطُ من رحمة الله: الإياس منها، و قيل أشد الإياس من الشي‏ء، يقال قَنَطَ يَقْنِطُ من بابي جلس و قعد. قال الجوهري: و في لغة ثالثة قَنِطَ يَقْنَطُ قَنَطاً من باب تعب يتعب تعبا فهو قَنِطٌ و قَانِطُ و قُنُوطُ، و القنوط بالضم المصدر.
وَ فِي وَصْفِ الشَّيْطَانِ" إِنْ مَنَّانِي قَنَّطَنِي".
أي لا يفي لي بما مناني به فييئسني.
باب ما أوله الكاف‏
 (كشط)
قوله تعالى: وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ‏
 [81/ 11] أي كشفت و أزيلت كما يَكْشِطُ الإهاب عن الذبيحة. و الكَشْطُ: الكشف و القشط لغة فيه، و هو قراءة عبد الله.

270
مجمع البحرين4

كشط ص 270

و في الغريبين كُشِطَتْ أي أقلعت كما يقلع السقف. و انْكَشَطَ الشي‏ء: ذهب، و منه انكشط روعه.
باب ما أوله اللام‏
 (لغط)
اللَّغَطُ و يحرك: الصوت و الجلبة، و أصوات مبهمة لا تفهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا زَادَ قَوْمٌ عَلَى سَبْعَةٍ إِلَّا كَثُرَ لَغَطُهُمْ".
و لَغَطَ لَغْطاً من باب نفع، و أَلْغَط بالألف لغة. و
فِيهِ" لَهُمْ لَغَطٌ فِي أَسْوَاقِهِمْ".
أراد به الهواء من القول و ما لا طائل تحته من الكلام، فأحل ذلك محل الصوت و الجلبة الخالية عن الفائدة.
 (لقط)
قوله تعالى: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ‏
 [28/ 8] قال ابن عرفة: الالْتِقَاط وجودك للشي‏ء على غير طلب، و منه قوله تعالى: يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ
 [12/ 10] أي يجده من غير قصد. و منه قولهم" لقيته الْتِقَاطاً" إذا وردته و هجمت عليه بغتة. و لَقَطَ الطريق: إذا مشى على بصيرة و تؤدة. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" إِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْتَقِطُه الْتِقَاطاً".
يعني أمشي على بصيرة. و في الحديث ذكر اللَّقَطَةُ هي بالتحريك المال المَلْقُوطُ في الأصح الأغلب، و من هنا قال بعض الأعلام: اختلف أهل اللغة في المال الملقوط فقال قوم: إنه اللَّقَطَة بفتح القاف، و هو الذي يستعمله الأكثرون و يتعارفه المتفقهون قديما و حديثا، و قال الخليل إنما اللَّقَطَة بفتح القاف اسم الملتقط قياسا على نظائرها كهمزة لمزة، فأما اسم المال الملقوط فبسكون القاف، و في‏

271
مجمع البحرين4

لقط ص 271

المصباح اللَّقْطَة وزان رطبة ما تجده من المال الضائع. و قال الأزهري: اللَّقَطَة بفتح القاف اسم الشي‏ء الذي تجده ملقى فتأخذه. قال: و هذا قول جميع أهل اللغة و حذاق النحويين. و قال الليث: هي بالسكون، و لم أسمعه لغيره. و اقتصر ابن فارس و الفارابي و جماعة على الفتح، و منهم من يعد السكون من لحن العوام. و في النهاية اللُّقَطَة بضم اللام و فتحها اسم المال الملقوط، و قال بعضهم هي اسم المال المُلْتَقَط كالضحكة و الهمزة، و أما المال الملقوط فهو بسكون القاف، و الأول أكثر و أصح. و لَقَطْتُ الشي‏ء لَقْطاً من باب قتل: أخذته، فهو ملقوط و لقيط. و لَقَطْتُ العلم من الكتب: أخذته منها. و التَقَطْت الشي‏ء: جمعته. و" اللَّقِيط" قد غلب على المولود و المنبوذ.
 (لوط)
" لُوطٌ النَّبِيِّ" وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ ع، قِيلَ هُوَ ابْنِ هاران بْنِ تَارُخَ ابْنِ أَخِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ع، وَ قِيلَ ابْنِ خَالَتِهِ، وَ كَانَتْ سَارَةُ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ أُخْتَ لُوطٍ.
و هو اسم منصرف مع العجمة و التعريف كنوح لسكون وسطه. و كل شي‏ء لصق بشي‏ء فقد لَاطَ به يَلُوطُ لَوْطاً و يَلِيطُ لَيْطاً، و أصل اللَّوْطِ اللصوق. و" هذا شي‏ء لا يَلْتَاطُ بقلبي" أي لا يلصق به. و اللِّيَاطُ: الزنا، و جمعه ليط، و أصله لوط. و لَاطَ الرجل و لَاوَطَ: إذا عمل عمل قوم لوط، و منه اللِّوَاط أعني وطء الدبر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" اللِّوَاطِ مَا دُونَ الدُّبُرِ وَ الدُّبُرُ هُوَ الْكُفْرُ".
و لُطْتُ الحوض بالطين لَوْطاً: أي‏

272
مجمع البحرين4

لوط ص 272

ملطته و طينته. و" لُوطُ بن يحيى" أبو مخنف من أهل السير- قاله الشيخ المفيد في الإرشاد
 (ليط)
اللِّيطَة: هي قشر القصبة و القناة. و كل شي‏ء له صلابة و متانة، و الجمع لِيطٌ.
باب ما أوله الميم‏
 (مخط)
المُخَاطُ بضم الميم: ما يسيل من أنف الحيوان من الماء. و تَمَخَّطَ: استنشر المخاط. و قد مَخَطَ و امْتَخَطَ: رمى به من أنفه‏
 (مرط)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ يُصَلِّي فِي مُرُوط".
هي جمع مرط كحمل و حمول. و المِرْطُ: كساء من صوف أو خز كان يؤتزر به. و المَرَطُ بالفتح: نتف الشعر. و مَرَطَ شعره يَمْرُطُه: نتفه.
 (مشط)
فِي الْحَدِيثِ" لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمِشْطَةِ".
هي بالكسر فالسكون كالركبة و الجلسة نوع من المُشْطِ. و
قَوْلُهُ" لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمِشْطَةِ".
يعني في زمن النبي ص و الزمن السابق إنما كن يجمعنه جمعا. و مَشَطَت الشعر مَشْطاً من بابي ضرب و قتل: سرحته، و التثقيل مبالغة، و أَمْشَطَتِ المرأة، و مَشَّطَتْهَا المَاشِطَة. و المُشَاطَة بالضم: ما يخرج من الشعر عند مشطه. و المُشْطُ بالضم و قد يكسر: آلة

273
مجمع البحرين4

مشط ص 273

يُتَمَشَّطُ بها، و الجمع أَمْشَاط. و المُشْطُ: سلاميات ظهر القدم، و هي عظام طول إصبع في اليد و الرجل.
 (مطط)
فِي حَدِيثِ الْكَذَّابِ" كُلَّمَا أَفْنَى أُحْدُوثَةً مَطَّهَا بِأُخْرَى".
أي مدها بأخرى، يقال مَطَّهُ يَمُطُّه مَطّاً: أي مده. و مَطَّ حاجبيه: مدهما و تكبر. و في بعض النسخ" مطرها بأخرى" و كأنه بهذا المعنى. و المُطَيْطَاء بالمد: مد اليدين في المشي.
 (معط)
رجل أَمْعَطَ: بين المَعَط، و هو الذي لا شعر على جسده، و قد مَعِطَ الرجل مَعَطاً من باب تعب. و تَمَعَّطَ: أي تساقط من داء و نحوه قال الجوهري: و كذلك امَّعَطَ، و هو انفعل. و مَعَطَ السيف: سله كامْتَعَط.
 (مغط)
فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ص" لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ المَمَّغِطِ وَ لَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدُ".
قوله المُمَّغِط يعني الذي مد مدا من طوله، و المَغْطُ المد، يقال مَغَطَهُ فامْتَغَطَهُ، و القصير المتردد الذي انضم بعضه إلى بعض.
 (ملط)
فِي الْحَدِيثِ" الْجَنَّةُ مِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرِ".
المِلَاطُ: الطين الذي يجعل بين ساقي البناء يُمْلَطُ به الحائط، أي يخلط. و المِلْطَاط: شاطى‏ء الفرات. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" وَ لَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِلُزُومِ هَذَا المِلْطَاطِ".
 (ميط)
فِي حَدِيثِ الاسْتِنْجَاءِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاطَ عَنِّي الْأَذَى".
أي أبعده عني و نحاه و أزاله و أذهبه، و يريد بالأذى الفضلة، يقال مَطَتُ عنه و أَمْطَتُ عنه: إذا تنحيت عنه. و مَاطَ مِيطاً من باب باع و يتعدى بالهمزة و الحرف، فيقال أَمَاطَه غيره.

274
مجمع البحرين4

ميط ص 274

وَ" أَمِيطَا عَنِّي".
في مخاطبة الملكين: أي اذهبا عني و تنحيا. و إِمَاطَة الأذى عن طريق المسلمين لها معنيان:" الأول"- و هو الأظهر، أن ينحى عن الطريق ما يتأذون منه إيمانا و احتسابا." الثاني"- هو أن لا يتعرض لهم في طرقهم بما يؤذيهم، مثل التخلي في قارعة الطريق و إلقاء النتن و الجيف و نحو ذلك، فإنه إذا ترك ذلك إيمانا و احتسابا كان كمن أَمَاطَ الأذى عن الطريق.
باب ما أوله النون‏
 (نبط)
قوله تعالى: لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ‏
 [4/ 83] أي يستخرجونه و الاسْتِنْبَاط: الاستخراج بالاجتهاد. و" النَّبَطُ" قوم ينزلون البطائح بين العراقين، و الجمع أَنْبَاط كسبب و أسباب، و النَّبَطِّيَة منسوبة إليهم، قيل إنهم عرب استعجموا أو عجم استعربوا. و في المصباح:" النَّبَط" جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق، ثم استعمل في أخلاط الناس و عوامهم. و في المجمع النَّبَط بفتحتين و النَبِط بفتح فكسر تحتية: قوم من العرب دخلوا في العجم و الروم و اختلفت أنسابهم و فسدت ألسنتهم، و ذلك لمعرفتهم بإِنْبَاط الماء، أي استخراجه لكثرة فلاحتهم.
 (نشط)
قوله تعالى: وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً
 [79/ 2] قيل هم الملائكة% تَنْشَطُ أرواح المؤمنين، أي تحلها برفق كما ينشط

275
مجمع البحرين4

نشط ص 275

العقال من يد البعير، و هو أن يحل برفق. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ".
و روي نُشِطَ و ليس بصحيح، يقال نَشَطْتُ العقدة، إذا عقدتها و أنشطتها إذا حللتها، و قيل يعني النجوم تَنْشَط من برج إلى برج كالثور النَاشِط من بلد إلى بلد.
وَ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْمَرْوِيُّ عَنِ النَّبِيِّ ص" قَالَ: وَ لَا تَمْزِقْنَ النَّاسَ فَتُمَزِّقَكَ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً
 أَ فَتَدْرِي مَا النَّاشِطَاتُ؟ هِيَ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ تَنْشَطْ اللَّحْمَ وَ الْعَظْمَ".
و نَشِطَ في عمله يَنْشَط من باب تعب: خف و أسرع، فهو نَشِيطٌ. و منه‏
الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْقُوَّةَ وَ النَّشَاطَ".
بالفتح.
 (نفط)
جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" الْكِبْرِيتُ وَ النَّفْطُ".
بفتح النون و الكسر أفصح: هو دهن معروف له معدن في بلاد العراق.
 (نقط)
فِي حَدِيثِ الْجِمَارِ" خُذْهَا كُحْلِيَّةً مُنَقَّطَةً".
أي فيها نقط. و النُقْطَة بالضم فالسكون واحدة نَقَطَ الكتاب و الدم و نحوه، و النِّقَاط ككتاب جمع نُقْطَة كبرمة و برام.
 (نمط)
فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْبَيْتِ ع" نَحْنُ النَّمَطَ الْأَوْسَطِ لَا يُدْرِكُنَا الْغَالِي وَ لَا يَسْبِقُنَا التَّالِي".
النَّمَطُ بالتحريك الجماعة من الناس أمرهم واحد. و مثله‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" خَيْرٌ هَذِهِ الْأُمَّةِ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ".
قال في النهاية كره علي ع الغلو و التقصير في الدين. و النَّمَطُ: الطريقة من الطرائق و الضرب من الضروب، يقال ليس هذا من ذلك النَّمِط أي من ذلك الضرب. و" النَّمَط" ثوب من صوف ذو لون من الألوان و لا يكاد يقال للأبيض نَمَط، و الجمع أَنْمَاط كسبب و أسباب.

276
مجمع البحرين4

نمط ص 276

و في الغريبين: النَّمَط ما يفرش من مفارش الصوف الملونة، و عليه يحمل قول الصدوق (ره) في كيفية ترتيب الكفن" تبدأ بالنَّمَطِ فتبسطه" يريد به الفراش الذي يفرش تحت الكفن ليبسط الكفن عليه.
 (نيط)
فِي حَدِيثِ بِلَالٍ فِي الْأَذَانِ" وَيْحَكَ قُطَعْتَ نِيَاطَ قَلْبِي".
النِّيَاطُ ككتاب: عرق غليظ ينط به القلب إلى الوتين، فَنِيَاط القلب هو ذلك العرق الذي يعلق القلب به.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لَوَدَّ مُعَاوِيَةُ" أَنَّهُ مَا بَقِيَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ نَافِخُ ضَرْمَةٍ إِلَّا طَعَنَ فِي نَيْطِهِ".
أي مات. قال في النهاية: و يروى" طعن" على ما لم يسم فاعله. و النَّيْطُ: نِيَاط القلب. و نَاطَ الشي‏ء يَنُوطُ نَوْطاً: علقه. و كل شي‏ء علق في شي‏ء فهو نَوْطٌ و مَنُوط بمعاء من سرّته أي معلّق. و النَّوْطُ المذبذب: هو ما يُنَاطُ برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك، فهو أبدا يتقلقل إذا حث مركوبه و استعجل سيره.
باب ما أوله الواو
 (ورط)
فِي الدُّعَاءِ" أَسْأَلُكَ النَّجَاةَ مِنْ كُلِّ وَرْطَةٍ".
و هي بالتحريك: الهلاك. و منه" وقع في وَرْطَة" و الأصل في الورطة: الهوة العميقة من الأرض، ثم أستعير للبلية التي يعسر منها المخرج. و وَرَّطَهُ تَوْرِيطاً: أوقعه في الورطة فَتَوَّرَطَ فيها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مِنْ فَرَّطَ تَوَرَّطَ".

277
مجمع البحرين4

وسط ص 278

 (وسط)
قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏
 [2/ 238] قيل هي صلاة العصر، و هي خيرة المرتضى لأنها بين صلاتين بالليل و صلاتين بالنهار.
وَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْ الْبَاقِرِ ع" هِيَ صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَ هِيَ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هِيَ وَسَطُ صَلَاتَيْنِ بِالنَّهَارِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ".
و إلى هذا ذهب الشيخ. قوله: جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
 [2/ 143].
قَالَ الصَّادِقُ ع" نَحْنُ الْأُمَّةُ الْوُسْطَى، وَ نَحْنُ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ حُجَجُهُ فِي أَرْضِهِ، وَ الرَّسُولِ شَاهِدٌ عَلَيْنَا".
قوله: قالَ أَوْسَطُهُمْ‏
 [68/ 28] أي أعدلهم. و الأَوْسَطُ من كل شي‏ء: أعدله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خَيْرٌ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا".
قال بعض الأعلام: كل خصلة محمودة لها طرفان مذمومان كالسخاء مثلا، فإنه وسط بين البخل و التبذير، و الشجاعة فإنها وسط بين الجبن و التهور، و الإنسان مأمور أن يتجنب كل وصف مذموم و يتعرى عنه، و كلما ازداد بعدا ازداد تعريا، و أبعد الجهات و المقادير و المعاني من كل طرفين وسطهما، و هو غاية البعد عنهما، فإذا كان في الوسط فقد بعد عن الأطراف المذمومة بقدر الإمكان. و أَوْسَط أصابع اليد و الرجل أطولها غالبا. و" جلست وَسَطَ القوم" قال الجوهري: بالتسكين لأنه ظرف. قال: و" جلست في وسط الدار" بالتحريك لأنه اسم. ثم قال: و كل موضع صلح فيه بين فهو وسط- يعني بسكون السين- و إن لم يصلح فيه بين فهو وَسَطٌ بالتحريك. و في قواعد الشهيد: و الكوفيون لا يفرقون بينهما و يجعلونهما ظرفين.

278
مجمع البحرين4

وطوط ص 279

 (وطوط)
فِي الْحَدِيثِ" الْوَطْوَاطُ مِنْ الْمُسُوخِ كَانَ يَسْرِقُ تُمُورَ النَّاسِ".
الْوَطْوَاطُ الخطاف، و قيل الخفاش، و الجمع الْوَطَاوِط و لما أحرق بيت المقدس كانت الوطواط على ما نقل تطفيه بأجنحتها.
باب ما أوله الهاء
 (هبط)
قوله تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً
 [2/ 38] الهُبُوطُ يقال للانحطاط من علو إلى أسفل، أي انزلوا من الجنة جميعا. و منه قوله: يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَ بَرَكاتٍ عَلَيْكَ‏
 [11/ 48]. و قوله: اهْبِطُوا مِصْراً
 [2/ 61] أي انزلوا مصرا، و انحدروا إليها من التيه، فيمكن أن يريد العلم و صرفه مع اجتماع السببين العلمية و التأنيث لسكون وسطه، و إن يريد البلد فما فيه إلا سبب واحد. قوله: لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ‏
 [2/ 74] أي ينحدر من مكانه. و الهَبُوط بالفتح: الحدور. و هَبَطَ الماء و غيره من باب ضرب: نزل، و في لغة نادرة من باب قعد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ أَمَامَكَ عَقْبَةً كَئُوداً أَنْتَ هَابِطُهَا".
أي نازلها، و أن مَهْبِطَهَا إما على جنة أو نار. و هَبَطْتُ من موضع إلى موضع: انتقلت. و" مكة مَهْبِطِ الوحي" وزان مسجد أي منزله. و هَبَطَت الوادي هُبُوطاً: نزلته.

279
مجمع البحرين4

كتاب الظاء ص 281

كتاب الظاء

281
مجمع البحرين4

باب ما أوله الباء ص 283

باب ما أوله الباء
 (بهظ)
بَهَظَه الحمل يَبْهَظُه بَهْظاً: أثقله و عجز عنه، فهو مَبْهُوظٌ. و أَبْهَظَنِي: أثقلني. و هذا أمر بَاهِظٌ: أي شاق.
باب ما أوله الحاء
 (حظظ)
قوله تعالى: إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ‏
 [28/ 79] أي نصيب واف. و مثله قوله تعالى: نَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ*
 [5/ 13] أي نصيبا وافيا، و الجمع حظوظ
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ أَرَادَ بِالْعِلْمِ الدُّنْيَا فَهُوَ حَظُّهُ".
أي نصيبه و ليس له حظ في الآخرة. و مثله‏
" مِنْ أَنْشَدَ شَعْراً يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ حَظُّهُ".
و قيل في معناه أي يحبط ثواب أعماله في ذلك اليوم، و لعله شعر خاص. و مثله‏
" مِنْ أَتَى الْمَسْجِدِ لِشَيْ‏ءٍ فَهُوَ حَظُّهُ".
أي إن أتاه لعبادة فله الثواب، و إن أتاه لشغل دنيوي لا يحصل له إلا ذاك.
 (حفظ)
قوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏
 [2/ 238] الْمُحَافَظَة على الصلاة المواظبة عليها و المراقبة لها و شدة الاعتناء بها و عدم تضييعها في أوقاتها، و تخصيص الصلاة الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها مع أنها داخلة في الصلوات لاختصاصها بمزيد فضل يقتضي رفع شأنها، و إفرادها بالذكر كإفراد النخل و الرمان عن الفاكهة و جبرئيل عن الملائكة.

283
مجمع البحرين4

حفظ ص 283

قوله: ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ*
 [6/ 104] أي لست أنا الرقيب على أعمالكم. قوله: وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ‏
 [82/ 10] الآية.
قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ لَهُ مَلَكَانِ مُوَكَّلَانِ يَكْتُبَانِ عَلَيْهِ جَمِيعَ أَعْمَالِهِ، وَ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ وَ إِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَ إِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلْهَا وَ إِنْ عَمِلَهَا أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنْ تَابَ قَبْلَهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ يَتُبْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ، وَ الْمَلَكَانِ يَكْتُبَانِ عَلَى الْعَبْدِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى يَكْتُبَانِ النَّفْخَ فِي الرَّمَادِ، وَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ يُكْتَبُ مُحْسِناً مَا دَامَ سَاكِتاً فَإِذَا تَكَلَّمَ كُتِبَ إِمَّا مُحْسِناً أَوْ مُسِيئاً، وَ مَوْضِعُ الْمَلَكَيْنِ مِنِ ابْنِ آدَمَ التَّرْقُوَتَانِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْيَمِينِ يُكْتَبُ الْحَسَنَاتُ وَ صَاحِبَ الشِّمَالِ يُكْتَبُ السَّيِّئَاتُ، وَ مَلَكَا النَّهَارِ يَكْتُبَانِ عَمَلَ الْعَبْدِ بِالنَّهَارِ وَ مَلَكَا اللَّيْلِ يَكْتُبَانِ عَمَلَ اللَّيْلِ.
قوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ‏
 [15/ 9] قال المفسر هذا رد لإنكارهم و استهزائهم في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ و لذلك قال إِنَّا فأكد عليهم أنه هو المنزل للقرآن على القطع و الثبات و أنه حافظه من كل زيادة و نقصان و تغيير و تحريف، بخلاف الكتب المتقدمة فإنه لم يتعهد بحفظها و إنما استحفظها الربانيين و لم يكل القرآن إلى غير حفظه. و عن الفراء: يجوز أن يكون الضمير في لَهُ لرسول الله كقوله وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.
قَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ‏
 [23/ 9] وَ قَوْلِهِ الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ قَالَ ع:" الْمُرَادُ بِالْأُولَى الْفَرِيضَةُ وَ بِالثَّانِيَةِ النَّافِلَةُ".
قيل: و في الآية دلالة على أن المؤمن لا يجوز أن يكون مؤمنا ببعض ما أوجب الله عليه دون بعض، و فيه دلالة على عظم قدر الصلاة و منزلتها لأنه تعالى خصها

284
مجمع البحرين4

حفظ ص 283

بالذكر من بين سائر الفرائض، و نبه على أن من كان مصدقا بالقيامة و بالنبي ص لا يخل فيها و لا يتركها. قوله: سَقْفاً مَحْفُوظاً
 [21/ 32] أي الذي حُفِظَ من الشياطين و حجب عنهم.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتِ الشَّيَاطِينُ لَا تُحْجُبُ عَنْ السَّمَاوَاتِ، وَ كَانُوا يَتَخَبَّرُونَ أَخْبَارَهَا، فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى ع مُنِعُوا مِنْ ثَلَاثَ سَمَاوَاتٍ، فَلَمَّا وُلِدَ مُحَمَّدُ ص مُنِعُوا مِنْ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا، فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَسْتَرِقُّ السَّمْعَ إِلَّا رُمِيَ بِشَهَابٍ.
فذلك معنى قوله تعالى: وَ حَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ‏
 قوله: وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً
 [6/ 61] الحَفَظَةُ بالتحريك: الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم. قال المفسر: و في هذا لطف للعباد ليزجروا عن المعاصي إذا علموا أن عليهم حفظة من عند الله يشهدون عليهم يوم القيامة. و الحَفِيظُ: الحَافِظُ. و اسْتَحْفَظْتُهُ الشي‏ء: سألته أن يحفظه و قيل استودعته إياه، و بالقولين فسر قوله: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ‏
 [5/ 44]. و يقال اسْتُحْفِظُوا
: أمروا بِحِفْظِهِ.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورُ" مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثاً بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقِيهاً عَالِماً".
قال بعض الأفاضل: الْحِفْظُ بالكسر فالسكون مصدر قولك" حَفِظْتُ الشي‏ء" من باب علم، و هو الْحِفَاظَةُ عن الاندراس، و لعله أراد بالحديث هنا ما يعم الْحِفْظَ عن ظهر القلب و الكتاب و النقل بين الناس و لو من الكتاب، و هذا أظهر الاحتمالات في هذا المقام، و" على" في قوله" على أمتي" بمعنى اللام، أي لأمتي، و قيل أراد بالحفظ ما كان عن ظهر القلب، لما نقل من أن ذلك هو المتعارف المشهور في الصدر السالف لا غير حتى قيل إن تدوين الحديث من المستحدثات المتجددة في المائة الثانية من الهجرة، و الظاهر من ترتب الجزاء كما قيل على‏
                       

285
مجمع البحرين4

حفظ ص 283

مجرد حِفْظِ الحديث، و أن معناه غير شرط في حصول الثواب، فإن حفظ الحديث كحفظ ألفاظ القرآن، و قد دعا ص لناقل الحديث و إن لم يكن عالما بمعناه في‏
قَوْلِهِ ص" رَحِمَ اللَّهُ امرأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى أَفْقَهَ مِنْهُ".
و هل يصدق على من حفظ حديثا واحدا يتضمن أربعين حديثا كل يستقل بمعناه أنه حفظ الأربعين؟ احتمالان، و القول به غير بعيد و يتم الكلام في بقية الحديث في محله إن شاء الله تعالى. و الحِفْظُ: ضد النسيان، و احْتَفَظْتُهُ و حَفِظْتُهُ بمعنى و منه‏
قَوْلُهُ ع" احْتَفِظُوا بِكُتُبِكُمْ".
و التَّحَفُّظُ: التيقظ و التحرز و قلة الغفلة. و منه‏
قَوْلُهُ ع" إِنْ أُسْعِدَ الْقَلْبُ بِالرِّضَا نَسِيَ التَّحَفُّظَ".
يعني في الأمور. و الحَفِيظَةُ: الغضب و الحمية. و منه‏
الْحَدِيثُ" مِنْ دَعَائِمِ النِّفَاقِ الْحَفَظَةُ".
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْمُسْتَحْفَظِينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص".
قرئت بوجهين: بالبناء للفاعل و المعنى اسْتُحْفِظُوا الأمانة أي حفظوها، و البناء للمفعول و المعنى استحفظهم الله إياها، و المراد بهم الأئمة من أهل البيت ع لأنهم حفظوا الدين و الشريعة.
وَ رُوِيَ" أَنَّهُمْ سُمَّوْا مُسْتَحْفِظِينَ لِأَنَّهُمْ اسْتُحْفِظُوا الِاسْمَ الْأَكْبَرَ".
و هو الكتاب الذي يعلم به علم كل شي‏ء الذي كان مع الأنبياء الذي قال تعالى: رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ* و أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ فالكتاب الاسم الأكبر.

286
مجمع البحرين4

باب ما أوله الشين ص 287

باب ما أوله الشين‏
 (شظظ)
فِي الْحَدِيثِ" لَا بَأْسَ بِلُقَطَةِ الْعَصَا وَ الشِّظَاظِ وَ الْوَتِدِ".
الشِّظَاظُ: عود يشد به الجوالق، و منه قولهم" شَظَظْت الجوالق" إذا شددت عليه شِظَاظَهُ، و الجمع أَشِظَّةُ.
 (شوظ)
قوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ
 [55/ 34] هو بالضم اللهب من النار الذي لا يخالطه دخان.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ سَاقَهُمْ شُوَاظٌ إِلَى الْمَحْشَرِ.
باب ما أوله العين‏
 (عكظ)
" عُكَاظ" اسم سوق للعرب بناحية مكة، كانوا يجتمعون به في كل سنة فيقيمون شهرا يتبايعون به و يتناشدون الأشعار و يتفاخرون، و كل متاع فاخر يباع في ذلك الشهر هناك و ينقل إلى أطراف الأرض، و ينسب إليه فيقال أديم عُكَاظِي، فلما جاء الإسلام هدم ذلك السوق.

287
مجمع البحرين4

باب ما أوله الغين ص 288

باب ما أوله الغين‏
 (غلظ)
قوله تعالى: وَ مِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ
 [14/ 17] أي و من بين يديه عذاب أشد مما قبله و أَغْلَظ. قوله: وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ*
 [9/ 73] كان المراد شدد عليهم. قوله: فَاسْتَغْلَظَ [48/ 29] أي اشتد زرعه. و غَلُظَ الشي‏ء بالضم يَغْلُظُ غِلَظاً: خلاف دق، و الاسم الغِلَظُ بالكسر. و منه‏
الْحَدِيثُ فِي وَصْفِ عَلِيِّ ع" كُنْتُ عَلَى الْكَافِرِينَ غِلْظَةً وَ غَيْظاً".
أي شدة و قلة رحمة. و أَغْلَظَ له في القول إِغْلاظاً: عنفه. و غَلَّظْتُ عليه في اليمين تَغْلِيظاً: شددت و وكدت. و اسْتَغْلَظْتَ الشي‏ء: رأيته غَلِيظاً.
 (غيظ)
قوله تعالى: تَغَيُّظاً وَ زَفِيراً
 [25/ 12] التَّغَيُّظُ: الصوت الذي يهمهم به المُغْتَاظُ، و الزفير صوت يخرج من الصدر. و عن ابن عرفة: أي من شدة الحريق يقال تَغَيَّظَتِ الهاجرة إذا اشتد حميمها، فكان المراد بالتَّغَيُّظِ الغليان. قوله: مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ‏
 [3/ 119] هو مصدر من غَاظَهُ الأمر من باب سار. قوله: هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ
 [22/ 15] أي غيظه. و الغَيْظُ: الغضب المحيط بالكبد، و غَاظَهُ فهو مَغِيظٌ. و عن ابن السكيت و لا يقال أغاظه. و اغْتَاظَ فلان من كذا، و لا يكون الغيظ إلا بوصول مكروه إلى المُغْتَاظِ.

288
مجمع البحرين4

باب ما أوله الفاء ص 289

اب ما أوله الفاء
 (فظظ)
قوله تعالى: وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ‏
 [3/ 159] هما بمعنى السي‏ء الخلق القاسي القلب. و فَظَّ يَفَظُّ من باب تعب فَظَاظَة: إذا غلظ.
 (فيظ)
" فَاظَتْ نفسه" أي خرجت روحه. و نقل عن الأصمعي عن أبي عمرو العلا أنه يقول: لا يقال فاظت نفسه و لكن يقال فَاظَ إذا مات، و قد تقدمت الكلمة في كتاب الضاد.
باب ما أوله القاف‏
 (قرظ)
فِي الْخَبَرِ" أُتِيَ بِهَدِيَّةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ".
أي مدبوغ بالقرظ. و القَرَظُ بالتحريك: ورق السلم يدبغ به الأديم. قال الجوهري: و كبش قَرَظِيّ منسوب إلى بلاد القَرَظِ و هي اليمن لأنها منابت القرظ.
وَ" سَعْدُ الْقَرَظِ" مُؤَذِّنٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ص. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كَانَ بِقُبَاءَ فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرَ أَنْزَلَهُ الْمَدِينَةَ فَوُلْدُهُ إِلَى الْيَوْمِ يُؤَذِّنُونَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ.
قال: و" قُرَيْظَةُ" كجهينة و النضير

289
مجمع البحرين4

قرظ ص 289

حي من يهود خيبر، و قد دخلوا في العرب على نسبهم إلى هارون أخي موسى.
 (قيظ)
القَيْظُ: صميم الصيف، و هو على ما قيل من طلوع الثريا إلى طلوع سهيل، و الجمع أَقْيَاظ و قُيُوظ. و قَاظَ يوما: اشتد حره. و قَاظَ بالمكان قَيْظاً من باب باع: أقام به أياما.
باب ما أوله الكاف‏
 (كظظ)
فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْإِنْسَانِ" إِنْ أَفْرَطَ فِي الشِّبَعِ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ".
أي بهضته و الكِظَّة بالكسر: شي‏ء يعتري الإنسان من الامتلاء من الطعام حتى لا يطيق التنفس، و منه قولهم" كَظَّ الطعام فاكْتَظَّ". و كَظَّهُ الأمر كَظّاً: بهضه و أجهده و شق عليه.
باب ما أوله اللام‏
 (لحظ)
فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ص" جُلُّ نَظَرِهِ المُلاحَظَةُ".
و هي النظر بمؤخر العين مما يلي الصدغ، يقال لَحَظَهُ و لَحَظَ إليه: نظر إليه بمؤخر عينيه.
وَ مِنْهُ" فَلَحَظَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ".
و اللَّحَاظُ بالفتح مؤخر العين، و بالكسر مصدر لاحَظْتَهُ: إذا رعيته.
 (لفظ)
قوله تعالى ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ‏
 [50/ 18] أي لا يتكلم به، يقال لَفَظَ بكلام حسن و تَلَفَّظَ به تكلم كذلك.

290
مجمع البحرين4

لفظ ص 290

وَ فِي الْحَدِيثِ" اذْكُرُوا اللَّهَ عَلَى الطَّعَامِ وَ لَا تَلْفِظُوا فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ".
قيل إنه مضارع محذوف منه إحدى التاءين، و المعنى لا تتكلموا و تصوتوا بغير ذكر الله، فإنه نعمة من نعم الله و مقتضاها الشكر و عدم الغفلة عن ذكر المنعم. و لَفَظْتُ الشي‏ء من فمي أَلْفِظُهُ لَفْظاً من باب ضرب: رميت به. و مثله" لَفَظَهُ البحر" و" لَفَظَ ريقه" و ذلك الشي‏ء لُفَاظَةٌ و لَفَظَتِ الميتَ الأرضُ: أي قذفته من بطنها. و اللَّفْظُ واحد الأَلْفَاظ، و هو في الأصل مصدر
 (لمظ)
فِي الْحَدِيثِ" الْإِيمَانُ يَبْدُو لُمْظَةً فِي الْقَلْبِ كُلَّمَا ازْدَادَ الْإِيمَانُ ازْدَادَتْ اللُّمْظَةُ".
قال بعض الشارحين: اللُّمْظَةُ مثل النكتة و نحوها من البياض، و منه قيل فرس أَلْمَظ: إذا كان بجحفلته شي‏ء من البياض. و
قَوْلِهِ:" الْإِيمَانُ يَبْدُو لُمْظَةً".
تقديره علامة الإيمان تبدو كنكتة بياض في قلب من آمن أول مرة، ثم إذا أقر باللسان ازدادت تلك النكتة، و إذا عمل بالجوارح عملا صالحا ازدادت تلك و هكذا، فلا بد من إضمار المضاف على ما قدرناه، لأن الإيمان هو التصديق بالله و برسوله في جميع الأوامر و النواهي، و ذلك لا يتصور فيه الازدياد. و لَمَظَ يَلْمُظُ بالضم لَمْظاً: إذا تتبع بلسانه بقية الطعام في فمه أو أخرج لسانه فمسح به شفتيه، و كذلك التلمظ.

291
مجمع البحرين4

باب ما أوله الميم ص 292

باب ما أوله الميم‏
 (مظظ)
فِي الْحَدِيثِ" إِيَّاكُمْ وَ مُمَاظَّةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ".
أي منازعتهم، يقال مَاظَظْتُ الرجل مُمَاظَةً و مُظَاظاً: شاررته و نازعته. و منه" تَمَاظَّ القوم" إذا تنازعوا. و مُمَاظَةُ العدو: منازعته.
باب ما أوله النون‏
 (نعظ)
فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ فِي الْإِنْعَاظِ وُضُوءٌ".
هو الشبق بالتحريك، يقال نَعَظَ الذكر من باب نفع: إذا انتشر و أَنْعَظَهُ صاحبه. و أَنْعَظَ الرجل: إذا اشتهى الجماع.
باب ما أوله الواو
 (وعظ)
قوله تعالى: مَوْعِظَةً*
 [2/ 66] أي تخويف بسوء العاقبة. قوله: الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
 [16/ 125] قيل هي القرآن.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَجْعَلَنِي عِظَةً لِغَيْرِي".
أي موعظة بأن يتعظ بي. و المَوْعِظَةُ أيضا: عبارة عن الوصية بالتقوى و الحث على الطاعات و التحذير عن المعاصي و الاغترار بالدنيا و زخارفها و نحو ذلك. و الوَعْظُ: النصح و التذكير بالعواقب، تقول وَعَظْتُهُ وَعْظاً و عِظَةً فاتَّعَظَ أي قبل الموعظة.

292
مجمع البحرين4

وعظ ص 292

و" لأجعلنك عظة لغيرك" أي موعظة و عبرة لغيرك.
 (وكظ)
المُوَاكَظَةُ: المداومة على الأمر. قال الجوهري: و قوله تعالى: إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً قال مجاهد: أي مُوَاكِظاً.
باب ما أوله الياء
 (يقظ)
أَيْقَظْتُ الرجل من نومه: أي نبهته فَتَيَقَّظَ و اسْتَيْقَظَ، فهو يَقْظَانُ، و الاسم الْيَقْظَةُ. و رجل يَقِظٌ: أي مُتَيَقِّظٌ حذر.

293
مجمع البحرين4

كتاب العين ص 295

كتاب العين‏

295
مجمع البحرين4

باب ما أوله الألف ص 297

باب ما أوله الألف‏
 (إمع)
الإِمَّعَةُ بكسر الهمزة و التشديد في الميم: الذي لا رأي له، فهو يتابع كل أحد على رأيه، و الهاء للمبالغة، و يقال فيه إِمَّعٌ أيضا، و همزته أصلية. و منه‏
الْخَبَرُ" كُنَّ عَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً وَ لَا تَكُنْ إِمَّعَةً".
و رجل إِمَّعٌ و إِمَّعَةٌ: ضعيف الرأي.
باب ما أوله الباء
 (بتع)
فِي الْخَبَرِ" سُئِلَ عَنْ الْبِتْعُ؟ فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".
البِتْعُ بكسر الموحدة و إسكان الفوقانية و بالمهملة: نبيذ العسل و هو خمر أهل اليمن، و قد تحرك التاء كعنب. و" أَبْتَعُ" كلمة يؤكد بها.
 (بجع)
البُجْعَةُ بالضم: طلب الكلاء من مواضعه. و منه‏
حَدِيثُ" الدُّنْيَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ وَ لَيْسَتْ بِدَارِ بُجْعَةٍ".
أي مرعى.
 (بخع)
قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى‏ آثارِهِمْ‏
 [18/ 6] أي قاتل نفسك بالغم و الوجد عليهم، هو من قولهم بَخَعَ نفسه بَخْعاً: أي قتلها غما و وجدا. و بَخَعَ بالحق بُخُوعاً كمنع: أقر به و خضع له، و كذلك بَخِعَ بالكسر بُخُوعاً و بَخَاعَةً.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَرَق‏

297
مجمع البحرين4

بخع ص 297

قُلُوباً وَ أَبْخَعُ طَاعَةً".
أي أبلغ و أنصح في الطاعة من غيرهم" كأنهم بالغوا في بَخْعِ أنفسهم" أي قهرها و إذلالها بالطاعة. قال الزمخشري في الفائق: و هو من بَخَعَ الذبيحة: إذا بالغ في ذبحها، و هو أن يقطع عظم رقبتها و يبلغ بالذبح البِخَاعَ بالباء، و هو العرق الذي في الصلب، و النخع بالنون دون ذلك، و هو أن يبلغ بالذبح النخاع و هو الخيط الأبيض الذي يجري في الرقبة، هذا أصله ثم كثر حتى استعمل في كل مبالغة.
 (بدع)
قوله تعالى: ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ‏
 [46/ 9] أي ما كنت بدءا من الرسل، أي ما كنت أول من أرسل من الرسل قد كان قبلي رسل كثيرة. قوله: وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها
 [57/ 27] أي أحدثوها من عند أنفسهم و قد تقدم في كتب ما يتم به الكلام. قوله: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ*
 [2/ 117] أي مُبْدِعُهُمَا و موجد لهما من غير مثال سابق. و نوقش بأن فعيل بمعنى مفعل لم يثبت في اللغة، و إن ورد فيها فشاذ لا يقاس عليه. و أجيب بأن الإضافة فيه إضافة الوصف بحال المتعلق، فهي من قبيل حسن الغلام: أي إن السماوات و الأرض بَدِيعَةٌ أي عديمة النظير. و" البَدِيعُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي فطر الخلق مُبْدِعاً لا على مثال سبق. و بَدِيعُ الحكمة: غرائبها. و منه‏
الْحَدِيثُ" رَوِّحُوا أَنْفُسَكُمْ بِبَدِيعِ الْحِكْمَةِ فَإِنَّهَا تَكِلُّ كَمَا تَكِلُّ الْأَبْدَانُ".
و البَدِيعُ: المُبْتَدَعُ بالفتح، و منه شي‏ء بَدِعَ بالكسر أي مبتدع.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ لَا بِبِدْعٍ مِنْ وَلَايَتِكَ".
هو بإسكان الدال، و المراد أن العطية التي لا يحتاج معها إلى غيرك ليست أمرا بعيدا غريبا لم يعهد مثله من ولايتك بفتح الواو أي من إمدادك و إعانتك،" و لا ينكر" أي منكر و مستبعد ذلك. و" البِدْعَةُ" بالكسر فالسكون الحدث في الدين، و ما ليس له أصل في‏

298
مجمع البحرين4

بدع ص 298

كتاب و لا سنة، و إنما سميت بدعة لأن قائلها ابتدعها هو نفسه، و البِدَعُ بالكسر و الفتح جمع بِدْعَة. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثاً فَقَدْ أَبْدَعَ".
أي فعل خلاف السنة، لأن ما لم يكن في زمنه ص فهو بدعة. قال بعض شراح الحديث: البدعة بدعتان بدعة هدى و بدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به و رسوله فهو في حيز الذم و الإنكار، و ما كان تحت عموم ما ندب الله إليه و حض عليه أو رسوله فهو في حيز المدح، و ما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود و السخاء و فعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة و لا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به،
لِأَنَّ النَّبِيَّ ص قَدْ جَعَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ثَوَاباً فَقَالَ:" مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا".
و
قَالَ فِي ضِدَّهِ" مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا".
و ذلك إذا كان على خلاف ما أمر الله به و رسوله.
 (برع)
التَّبَرُّعُ: التطوع. و منه فعلت كذا مُتَبَرِّعاً: أي متطوعا و بَرَعَ الرجل يَبْرَعُ بفتحتين، و بَرُعَ بَرَاعَةً وزان ضخم ضخامة: فاق أصحابه في العلم و غيره، فهو بَارِعٌ.
 (برذع)
" البَرْذَعَةُ" بالذال و الدال: الحلس الذي يلقى تحت الرحل و الجمع البَرَاذِعُ. هذا في الأصل و في عرف زماننا هي للحمار ما يركب عليه بمنزلة السرج للفرس.
 (برقع)
البُرْقُعُ للدواب و نساء الأعراب. قال الجوهري: و كذلك البُرْقُوعُ.
 (بشع)
فِي الْخَبَرِ" كَانَ ص يَأْكُلُ الْبَشِعَ".
أي الخشن من الطعام الكريه الطعم. و شي‏ء بَشِعٌ: أي كريه الطعم و الرائحة يأخذ بالحلق، بيّن البَشَاعَة، يريد أنه لم يكن يذم طعاما.

299
مجمع البحرين4

بشع ص 299

و بَشِعَ الرجل من باب تعب بَشَاعَة: إذا ساء خلقه في عشيرته.
 (بضع)
قوله تعالى: اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ‏
 [12/ 62] البِضَاعَة بكسر الباء قطعة من المال، و المراد بها هنا التي شروا بها الطعام، و كانت على ما نقل نعالا و أدما. قوله: فِي بِضْعِ سِنِينَ‏
 [12/ 42] البِضْع بالكسر و قد يفتح، يقال لما بين الثلاثة إلى التسع، و قيل ما بين الثلاثة إلى العشرة، و هو قطعة من العدد يستوي فيه المذكر و المؤنث من الأربعة إلى التسعة، تقول بِضْعُ رجال و بِضْعُ سنين و لا يستوي من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر فتقول بِضْعَةَ عشر رجلا و بِضْعَ عشرة امرأة، و أصح الأقوال أن يوسف ع لبث في السجن سبع سنين عدد حروف الكلمتين. و جمع البضع [البَضْعَةِ] بَضْع و بَضَعَات كتَمْر و تَمَرات.
وَ فِي الْخَبَرِ" أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص هَرِيسَةٌ مِنْ هَرَائِسِ الْجَنَّةِ فَزَادَتْ فِي قُوَّتِهِ ص بُضْعَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا".
و
فِيهِ" صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْوَاحِدِ بِبِضْعٍ وَ عِشْرِينَ دَرَجَةً".
فهذا و نحوه يخالف ما ذكره الجوهري حيث قال: فإذا جاوزت العشر ذهب البِضْع، لا تقل بضع و عشرون. و البُضْعُ بالضم: يطلق على عقد النكاح و على الجماع و على الفرج، و الجمع أَبْضَاع مثل قُفْل و أَقْفَال. و المُبَاضَعَة: المجامعة،
وَ مِنْهُ" الْكُحْلُ يَزِيدُ فِي الْمُبَاضَعَةِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ" فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي".
بفتح الباء، أي أنها جزء مني كما أن القطعة من اللحم جزء من اللحم. و البَاضِعَة من الشجاج و هي التي تشق اللحم و تَبْضَعُهُ بعد الجلد و تدمي إلا أنها لا تسيل الدم. و منه‏
الْحَدِيثُ" وَ فِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ".
و" أَبْضَعَة" وزان أَرْنَبَة ملك من كندة، و قيل أبصعة بالمهملة، و منه‏
الْحَدِيث‏

300
مجمع البحرين4

بضع ص 300

" لَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ" وَ ذَكَرَ مِنْهُمْ أَبْضَعَةَ.
و" بئر بُضَاعَةَ" بئر بالمدينة لقوم من خزرج. و" بُضَاعَة" اسم رجل أو امرأة، و أهل اللغة يفتحون الباء و يكسرونها، و المحفوظ من الحديث الضم، و قد حكي عن بعضهم بالصاد المهملة و ليس بمحفوظ. و الإِبْضَاع: هو أن يدفع الإنسان إلي غيره مالا ليبتاع به متاعا و لا حصة له في ربحه بخلاف المضاربة.
 (بعع)
بَعَاعُ السحاب: ثقله بالمطر.
 (بقع)
قوله تعالي: فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ
 [28/ 30] و هي القطعة من الأرض علي غير الهيئة بجنبها. و البُقْعَةُ بضم الباء في الأكثر تجمع علي بُقَعٍ كغُرْفَة و غُرَف، و بالفتح تجمع على بِقَاع ككَلْبَة و كِلَاب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَتْ عَلَيْهِ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَيْهَا".
و يحتمل الحقيقة و المجاز. و" البَقِيعُ" من الأرض المكان المتسع قيل و لا يسمى بَقِيعاً إلا و فيه شجرا و أصولها، و منه" بَقِيعُ الغرقد". و بَقِعَ الغراب بَقْعاً من باب تَعِبَ: اختلف لونه، فهو أَبْقَعُ، و جمعه بِقْعَان بالكسر غلب فيه الإسمية. قال في المصباح: و لو اعتبرت الوصفية لقيل بقع مثل أحمر و حمر. و البَقَعُ بالتحريك في الطائر و الكلاب‏

301
مجمع البحرين4

بقع ص 301

كالبلق في الدواب.
 (بلع)
قوله تعالي: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ‏
 [11/ 44] أي ابْتَلِعِيهِ، يقال بَلِعْتُ الشي‏ء بالكسر و ابْتَلَعْتُهُ بمعنى. و في المصباح: بَلِعْتُ الماء و الريق بَلْعاً من باب تَعِبَ و من باب نَفَعَ لغة. و" سعد بُلَع" منزل من منازل القمر، و هما كوكبان متقاربان. قال الجوهري: زعموا أنه طلع لما قال الله تعالي للأرض: ابْلَعِي ماءَكِ‏
. و قد تكرر في الحديث ذكر البَالُوعَة، و هي ثقب في وسط الدار. قال الجوهري: و كذلك البَلُّوعَة يعني بفتح الباء و التشديد و الجمع البَلَالِيع، سميت بذلك لبلعها الماء و ما يقع فيها.
وَ فِي حَدِيث الرُّكُوعِ" بَلِّعْ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِكَ عَيْنَ الرُّكْبَةِ".
قال بعض شراح الحديث: تقرأ باللام المشددة و العين المهملة من البَلْع أي اجعل أطراف أصابعك بَالِعَة لعين الركبة. و البُلْعُومُ: مجرى الطعام في الحلق، و هو المري‏ء. قال في المصباح: مشتق من البَلْع فالميم زائدة، و البُلْعُمُ لغة. و" بَلْعَمُ بن باعورا" تقدم بيانه.
 (بلقع)
فِي الْحَدِيثِ" الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ تَذَرُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ مِنْ أَهْلِهَا".
أي خالية، و هو كناية عن خرابها و إبادة أهلها، يريد أن الحالف بها يفتقر و يذهب ما في بيته من الرزق. و قيل هو أن يفرق الله شمله و يغير عليه ما أولاه من نعمة. و البَلْقَعُ: الأرض القفراء التي لا شي‏ء فيها، يقال منزل بَلْقَعٌ و دار بَلْقَعٌ بغير هاء إذا كان نعتا.
 (بوع)
فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ عَلَى مَا نُقِلَ فِي الْخَبَرِ" إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي بَوْعاً أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".
البَوْعُ و البَاعُ مد اليدين و ما بينهما من البدن، و هو هنا مثل لقرب ألطاف الله‏

302
مجمع البحرين4

بوع ص 302

من العبد إذا تقرب إليه العبد بالإخلاص و الطاعة.
 (بيع)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ‏
 [60/ 12] الآية.
قِيلَ نَزَلَتْ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ ص مِنْ مُبَايَعَةِ الرِّجَالِ وَ جَاءَ النِّسَاءُ يُبَايِعْنَهُ، قِيلَ كَانَتْ مُبَايَعَتُهُنَّ بِأَنْ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي قَدَحٍ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ يَغْمِسْنَ أَيْدِيَهُنَّ فِيهِ، وَ قِيلَ كَانَ يُصَافِحُهُنَّ وَ عَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ، وَ شَرَطَ عَلَيْهِنَّ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ.
قوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا
 [2/ 275] المراد بالبَيْعِ إعطاء المثمن و أخذ الثمن. و منه‏
قَوْلُهُ:" إِنْ شَاءَ رَدَّ الْبَيْعَ وَ أَخَذَ مَالَهُ".
و يقال البَيْعُ الشراء و الشراء البيع لأن أحدهما مربوط بالآخر، و المعنى أنهم قاسوا الربا على البيع لأنهم قالوا: يجوز أن يشتري الإنسان شيئا يساوي درهما لا غير بدرهمين، فيجوز أن يبيع درهما بدرهمين، فرد الله عليهم بالنص على تحليل البيع و تحريم الربا إبطالا لقياسهم. و أورد أنه كان ينبغي أن يقال إنما الربا مثل البيع، لأن الربا محل الخلاف. و رد بأنه جاء مبالغة في أنه بلغ من اعتقادهم في حل الربا أنهم جعلوه أصلا يقاس عليه، و الأصل في ذلك أنه كان في الجاهلية إذا حل له مال على غيره و طالبه به يقول له الغريم زدني في الأجل حتى أزيدك في المال. فيفعلان ذلك و يقولان سواء علينا الزيادة في أول البيع بالربح أو عند المحل لأجل التأخير، فرد الله عليهم بقوله لا يَقُومُونَ الآية، و قد مرت. قوله: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ‏
 [48/ 10] قال المفسر: المراد بَيْعَةُ الحديبية، و هي بَيْعَةُ الرضوان بايعوا رسول الله ص على الموت. قوله: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ‏
 [22/ 40] البِيَعُ بكسر الموحدة و تحريك‏

303
مجمع البحرين4

بيع ص 303

المثناة جمع بِيعَة النصارى و معبدهم كسدرة و سدر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا".
يريد بهما البائع و المشتري، فإنه يقال لكل منهما بَيِّعٌ و بَائِعٌ، و المراد بالتفرق ما كان بالأبدان كما ذهب إليه معظم الفقهاء، و قيل إنه بالأقوال، و ليس بالمعتمد. و المبايعة: المعاقدة و المعاهدة كان كلا منهما باع ما عنده من صاحبه و أعطاه خالصة نفسه و دخيلة أمره.
وَ فِيهِ" نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَ سَلَفٍ".
و
" نَهَى عَنْ بَيْعَيْنِ فِي بَيْعٍ".
قيل كان ذلك للخوف من الدخول في الربا، كما دل عليه قوله‏
فِي الْخَبَرِ" صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ رِبًا".
أي بيعان في بيع.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا يَبِيعُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ".
أي لا يشتري على شراء أخيه، و النهي إنما وقع على المشتري لا البائع. و الابْتِيَاعُ: الاشتراء. و منه‏
قَوْلُهُ ع" إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ يَبْتَاعُ بِدِرْهَمٍ تَمْراً فَيَتَصَدَّقُ بِهِ".
و البَيْع: الإيجاب و القبول، و هو باعتبار النقد و النسيئة في الثمن و المثمن أربعة، و تفصيله في محله.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ مُعَاوِيَةَ" وَ لَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ الْبَائِعِ وَ خَزِيَتْ أَمَانَةُ الْمُبْتَاعِ".
و القصة في ذلك- على ما ذكره بعض الشارحين- هو أن عمرو بن العاص لم يبايع معاوية إلا بالثمن، و الثمن الذي اشترطه عمرو على معاوية في بيعته إياه و متابعته على حرب علي ع طعمة مصر، و لم يبايعه حتى كتب له كتابا، و المبتاع معاوية و البائع لدينه عمرو بن العاص، و لله در من قال:
عجبت لمن بَاعَ الضلالة بالهدى             و للمشتري بالدين دنياه أعجب‏
و أعجب من هذين من بَاعَ دينه             بدنيا سواه فهو من ذين أعجب.

304
مجمع البحرين4

باب ما أوله التاء ص 305

باب ما أوله التاء
 (تبع)
قوله تعالى: أَ هُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ‏
 [44/ 37] تُبَّعٌ كسُكَّر واحد التَبَابِعَة من ملوك حمير، سمي تُبَّعاً لكثرة أتباعه، و قيل سموا تَبَابِعَة لأن الأخير يتبع الأول في الملك، و هم سبعون تُبَّعاً ملكوا جميع الأرض و من فيها من العرب و العجم، و كان تُبَّعٌ الأوسط مؤمنا، و هو تُبَّعٌ الكامل بن ملكي أبو كرب بن تُبَّعِ بن الأكبر بن تُبَّعِ الأقرن، و هو ذو القرنين الذي قال الله فيه أَ هُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ‏
 و كان من أعظم التبابعة و أفصح شعراء العرب، و يقال إنه نبي مرسل إلى نفسه لما تمكن من ملك الأرض، و الدليل على ذلك أن الله تعالى ذكره عند ذكر الأنبياء فقال وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
 [50/ 14] و لم يعلم أنه أرسل إلى قوم تبع رسول غير تبع، و هو الذي نهى النبي ص عن سبه لأنه آمن به قبل ظهوره بسبعمائة عام. و في بعض الأخبار تُبَّع لم يكن مؤمنا و لا كافرا، و لكن يطلب الدين الحنيف، قيل و لم يملك المشرق إلا تبع و كسرى. و تبع أول من كسا البيت الأنطاع بعد آدم حيث كساه الشعر، و قيل إبراهيم حيث كساه الخصف، و أول من كساه الثياب سليمان ع. قوله: لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً
 [17/ 69] أي تابعا و ناصرا. قوله: فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏
 [2/ 178] أي مطالبة بالمعروف. قوله: وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ‏
 [52/ 21] الآية. قال المفسر: يعني بالذرية أولادهم الصغار، لأن الكبار يتبعون الآباء بإيمانهم، و الصغار يتبعون الآباء بإيمان من الآباء فالولد يحكم له بالإسلام تبعا لوالده.

305
مجمع البحرين4

تبع ص 305

فإن قيل: كيف يلحقون به في الثواب و لم يستحقوه؟ فالجواب أنهم يلحقون بهم في الجمع لا في الثواب و المرتبة.
وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَوْلَادَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةِ.
و قد تقدم غير ذلك في ذرأ. قوله: فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ‏
 [7/ 175] أي قفاه، يقال ما زلت أَتَّبِعُهُ حتى أَتْبَعْتُهُ. و تَبِعْتُ فلانا: إذا تلوته. و تَبِعَ الإمام: إذا تلاه. قوله: وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ‏
 [39/ 55] هو مثل قوله تعالى: وَ أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها و قد مر. قوله: وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى‏ لا يَتَّبِعُوكُمْ‏
 [7/ 193] أي لا يلحقونكم و مثله قوله: وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ‏
 [26/ 224] أي يلحقونهم. و أَتْبَعْتُ فلانا: إذا لحقته. قوله تعالى: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ‏
 [20/ 78] أي لحقهم. و مثله قوله: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ‏
 [37/ 10]. و أَتْبَعَهُ أيضا: تبعه. قال تعالى: فَأَتْبَعَ سَبَباً
 [18/ 85]. قوله: أَوِ التَّابِعِينَ‏
 [24/ 31] التَّابِعُونَ جمع التَّابِعِ، و هو الذي يتبعك لينال من طعامك و لا حاجة له في النساء، و هو الأبله الذي لا يعرف شيئا من أمر النساء.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَتْبِعْ وُضُوءَكَ بَعْضَهُ بَعْضاً".
أي ألحقه مواليا من غير فصل.
وَ فِي الدُّعَاءِ:" تَابِعْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ بِالْخَيْرَاتِ".
أي اجعلنا نَتَّبِعُهُمْ على ما هم عليه. و تَبِعَ زيد عمرا من باب تعب: مشى خلفه أو مر به فمضى معه. و" المصلي تَبَعٌ لإمامه و الناس تَبَعٌ له" يكون واحدا و جمعا. قال في المصباح: و يجوز جمعه على أَتْبَاع كسَبَب و أسباب. و تَتَابَعُوا على الأمر: تبع بعضهم بعضا.

306
مجمع البحرين4

تبع ص 305

وَ فِي حَدِيثِ الْجِنَازَةِ" أَكْرَهُ أَنْ تُتْبَعَ بِمِجْمَرَةٍ".
أي تلحق بها. و تَتَبَّعْتُ الأحوالَ: طلبتها شيئا بعد شي‏ء بمهلة. و التَّبِعَةُ: ككلمة ما فيه إثم يتبع به. و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ لَا تَجْعَلْ لَكَ عِنْدِي تَبِعَةً إِلَّا وَهَبْتَهَا".
و التَّبِعَةُ و التِّبَاعَةُ: المظلمة. و التَّبِيع: ولد البقر أول سنة. و بقرة تَبِيعٌ: ولدها معها، و الأنثى تَبِيعَة، و جمع الذكر أَتْبِعَة مثل رغيف و أَرْغِفَة، و جمع الأنثى تِبَاع مثل مليحة و مِلاح. و يقال لولد البقر في أول سنة عجل ثم تَبِيع ثم جذع ثم ثني ثم رباع ثم سديس. و التَّابِعُ من الجن: الذي يتبع المرأة بحبها. و التَّابِعَة: جنية تحب المرأة.
 (ترع)
فِي حَدِيثِ آدَمَ" وَ انْصِبِ الْخَيْمَةَ عَلَى التُّرْعَةِ".
هي بالضم الروضة في مكان مرتفع‏
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص" مَا بَيْنَ قَبْرِي وَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَ مِنْبَرِي عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ".
التُّرْعَة بالضم الباب الصغير، و هي في الأصل الروضة على المكان المرتفع خاصة، فإذا كانت في الموضع المطمئن فروضة، و الجمع تُرَعٌ و تُرُعَات كغرفة و غُرُفات، فمعنى‏
وَ" مِنْبَرِي عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ".
أن الصلاة و الذكر في هذا الموضع يؤديان إلى الجنة، فكأنه قطعة منها. و
قَوْلُهُ:" مَا بَيْنَ قَبْرِي وَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ".
لأن قبر فاطمة ع بين قبره و منبره، و قبرها روضة من رياض الجنة، و يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة في المنبر و الروضة بأن تكون حقيقتهما كذلك و إن لم يظهرا في الصورة بذلك في الدنيا، لأن الحقائق تظهر بالصور المختلفة- كذا ذكر بعض شراح الحديث، و هو جيد.
 (تسع)
قوله: فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى‏ فِرْعَوْن‏

307
مجمع البحرين4

تسع ص 307

[27/ 12] قال في القاموس و هي: عصا سنةٌ بحرٌ جَرَادٌ و قُمَّلٌ دمٌ و يدٌ بعد الضفادع طوفان- انتهى.
وَ قِيلَ مَكَانَ السَنَةِ الْحَجَرِ وَ مَكَانَ الطُّوفَانِ الطُّورِ، وَ هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ‏
و عن بعض المفسرين هي الدم و الضفادع و القمل و الرجز و الوباء و الجراد و البرد، كان ينزل من السماء و يطلع فيه حر نار جهنم فتحرقهم، و الظلام بحيث لا يمكن القائم أن يقعد و لا العكس، و موت الأبكار و قيل عوض موت الأبكار الطوفان، و قيل إنها تسع آيات في الأحكام. قوله: تِسْعَةُ رَهْطٍ
 [27/ 48] أي تسع أنفس، و هم الذين سعوا في عقر الناقة، و كانوا عتاة قوم صالح. قوله: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ
 [74/ 30] يعني من الملائكة، و هم خزنتها، و قيل تسعة عشر صنفا. قال بعض المفسرين: و لهذا العدد الخاص حكمة لا يعلمها إلا هو. و التِّسْعَة تقال في عدد المذكر، و التِّسْع بالكسر في المؤنث، و بالضم جزء من تسعة أجزاء، و الجمع أَتْسَاع كقفل و أَقْفَال و بضم السين للإتباع لغة. و" تَاسُوعَاء" قبل يوم عاشوراء. قال الجوهري: و أظنه مولدا.
وَ فِي حَدِيثِ الْجَارِيَةِ المُعْصِر" ثُمَّ عَقَدَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى تِسْعِينَ ثُمَّ قَالَ تَسْتَدْخِلُ قُطْنَةً ثُمَّ تَدَعُهَا مَلِيّاً".
قال بعض شراح الحديث أراد أنه لف سبابته اليسرى تحت العقد الأسفل من الإبهام اليسرى، فحصل بذلك عقد تسعين بحساب عدد اليد. و المراد أنها تستدخل قطنة بهذا الإصبع صونا للمسبحة عن القذارة كما صينت اليد اليمنى عن ذلك، ليتميز الدم الخارج على القطنة فتعمل على ما يقتضيه. و يحتمل أن يكون هذا العقد كناية عن الأمر بحفظ السر حفظا محكما كإحكام القابض تسعين، و كيف ما كان لم يوافق هذا الحساب حساب اليد المشهور، إذ العقد على هذا المحل إنما هو من عقود تسعمائة لا عقد التسعين فإن أهل الحساب وضعوا عقود اليد اليمنى لآحاد الأعداد و عشراتها، و اليد اليسرى لمئات الأعداد و ألوفها، فلعل الراوي وهم‏

308
مجمع البحرين4

تسع ص 307

في التعبير، أو أن ما ذكر اصطلاح آخر في العقود غير مشهور و قد وقع مثله في الخبر.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْعٍ".
يعني بنكاح تسع نساء في الدائم، و هو مما لا خلاف فيه من أنه لم يجتمع عنده بالنكاح غير تسع، و ما
رُوِيَ" أَنَّهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ".
فيجمع جاريتين مارية و ريحانة.
 (تعتع)
فِي وَصَفِ عَلِيٍّ ع" وَ نَطَقْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ تَتَعْتَعُوا".
هو من التَّعْتَعَةِ في الكلام: التردد فيه من حصر أو عي، أي حين عجزوا عن القيام به و ترددوا فيه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَمْ يَأْخُذْ ضَعِيفَهَا مِنْ قَوِيِّهَا بِحَقِّهِ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ".
مُتَعْتَع بفتح التاء: أي من غير أن يصيبه أذى يقلقه و يزعجه، يقال تَعْتَعَهُ فَتَتَعْتَعَ، و غير منصوب على أنه حال للضعيف‏
 (تلع)
فِي الْحَدِيثِ" يَتَدَهدَى الْبَلَاءُ إِلَى الْمُؤْمِنِ أَسْرَعُ مِنْ تَدَهْدِي السَّيْلِ مِنْ رَأْسِ التَّلْعَةِ".
هي بالفتح فالسكون: ما ارتفع من الأرض، و الجمع تِلَاعٌ: ككلبة و كِلاب. و التَّلْعَة أيضا: ما انهبط من الأرض فهي من الأضداد.
 (تيع)
فِي الدُّعَاءِ" وَ نَعُوذُ بِكَ أَنْ تُتَايِعَ بِنَا أَهْوَاؤُنَا دُونَ الْهُدَى الَّذِي جَاءَ مِنْ عِنْدِكَ".
التَّتَايُع: التهافت في الشر و اللجاج، فهو كالتتابع لكن الأول لا يكون إلا في الشر و الثاني يكون في الخير و الشر، و المعنى أن تُتَايِعَ في طلب الشر.
باب ما أوله الجيم‏
 (جدع)
فِي الْحَدِيثِ" أَنَّهُ ص خَطَبَ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ".
بالدال المهملة و هي المقطوعة الأذن، و قيل لم تكن‏

309
مجمع البحرين4

جدع ص 309

ناقته مقطوعة الأذن و إنما كان هذا اسمها.
وَ مِنْهُ" نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِجَدْعَاء".
و الجَدْعَاءُ من الشياه: المَجْدُوعَة الأذن مستأصلتها. و جُدِعَتِ الشاة جَدْعاً- من باب تعب-: قطعت أذنها من أصلها. و الجَدْعُ: قطع الأنف و الأذن و الشفة و اليد، تقول جَدَعْتُهُ فهو أَجْدَعُ و الأنثى جَدْعَاء.
وَ فِي الْحَدِيثِ" سُورَةُ الْأَنْفَالِ فِيهَا جَدْعُ الْأَنْفِ".
قيل لعل المراد أن أحكامها شاقة، أو لأن فيها إرغامات لأنوف المنافقين و المخالفين من المشركين، لما في اختصاص النبي ص و أولي القربى بأشياء لا توجد في غيرها من السور.
 (جذع)
قوله تعالى: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
 [19/ 25] فهو بالكسر فالسكون: ساق النخلة، و الجمع جُذُوع و أَجْذَاع. و في الحديث تكرر ذكر الجَذَعِ بفتحتين، و هو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، و من البقر و المعز ما دخل في الثانية. و في المغرب الجَذَع من المعز لسنة و من الضأن لثمانية أشهر. و في حياة الحيوان الجَذَع من الضأن ما له سنة تامة، هذا هو الصحيح عند أصحابنا، و هو الأشهر عند أهل اللغة و غيرهم. و قيل ما له ستة أشهر، و قيل ما له سبعة، و قيل ثمانية، و قيل عشرة حكاه القاضي عياض و هو غريب، و الأنثى جَذَعَة كقَصَبَة، سميت بذلك لأنها تَجْذَعُ مقدم أسنانها: أي تسقط، و الجمع جَذَعَات كقَصَبَات- انتهى‏
 (جرع)
قوله تعالى: يَتَجَرَّعُهُ وَ لا يَكادُ يُسِيغُهُ‏
 [14/ 17] يقال تَجَرَّعَ الماء: إذا جَرَعَهُ جُرْعَة بعد جرعة. و جَرَعْتُ الماء جَرْعاً من باب نفع و من باب تعب لغة، و هو الابتلاع.

310
مجمع البحرين4

جرع ص 310

قال في المصباح: و الجُرْعَة من الماء كاللُقْمَة من الطعام حسوة منه، و هو ما يَجْرَعُ مرة واحدة، و الجمع جُرَع كغرفة و غُرَف. و تَجَرُّع الغصص مستعار من ذلك، يقال جَرَّعَهُ غصص الغيض فَتَجَرَّعَهُ: أي كظمه. و
قَوْلُهُ" لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْإِنَاءِ".
يروى بالضم و الفتح، فالضم الاسم من الشرب اليسير، و الفتح المرة.
 (جزع)
فِي الْحَدِيثِ" تَخَتَّمُوا بِالْجَزْعِ الْيَمَانِيِّ".
هو بالفتح فالسكون: الخرز الذي فيه سواد و بياض تشبه به الأعين، الواحدة جَزْعَة مثل تمر و تمرة. و الجَزَعُ بالتحريك: نقيض الصبر، يقال جَزِعَ الرجل جَزَعاً من باب تعب فهو جَزِعٌ، و جَزُوعٌ مبالغة، و أَجْزَعَه غيره.
 (جشع)
فِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ" لَا جَشِعٌ وَ لَا هَلِعٌ".
الجَشَعُ محركة: أشد الحرص على الطعام و أسوؤه، تقول جَشِعَ بالكسر و تَجَشَّعَ مثله فهو جَشِعٌ، و الهلع أفحش الجَشَع. و منه‏
حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع" إِنِّي لَأَلْحَسُ أَصَابِعِي حَتَّى أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَرَانِي خَدَمِي فَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّجَشُّعِ".
وَ فِي الْخَبَرِ" فَبَكَى مُعَاذُ جَشَعاً لِفِرَاقِ رَسُولُ اللَّهِ ص".
أي جزعا. و" مُجَاشِعٌ" اسم رجل.
 (جعجع)
كَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ" أَنْ جَعْجِعْ بِالْحُسَيْنِ".
قال الأصمعي: يعني احبسه، و عن ابن الأعرابي يعني ضيق عليه، من الجَعْجَعَةِ و هو التضييق على الغريم في المطالبة. و الجَعْجَعَةُ: أصوات الجمال إذا اجتمعت‏
 (جمع)
قوله تعالى: وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ‏
 [4/ 23] أي‏

311
مجمع البحرين4

جمع ص 311

و حرم عليكم الجمع بين الأختين في النكاح و الوطء بملك اليمين، و لا يجوز الجمع بينهما في الملك إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ فإنه مغفور لكم، بدليل قوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً كذا ذكره الشيخ أبو علي (ره).
رَوَى مَرْوَانُ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي إِبْرَاهِيمَ ع لِأَيِّ عِلَّةٍ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ؟ فَقَالَ: لِتَحْصِينِ الْإِسْلَامِ وَ سَائِرِ الْأَدْيَانِ تَرَى ذَلِكَ.
قوله: وَ إِذا كانُوا مَعَهُ عَلى‏ أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ‏
 [24/ 62]. قوله: عَلى‏ أَمْرٍ جَامِعٍ‏
 يقتضي الاجتماع عليه و التعاون فيه من حضور حرب أو مشورة في أمر أو صلاة جمعة و ما أشبهها. قوله: جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ
 [75/ 9] أي جمع بينهما في ذهاب الضوء. قوله: حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ‏
 [18/ 60] أي ملتقاهما، يريد به المكان الذي وعد فيه موسى للقاء الخضر ع، و هو ملتقى بحر فارس و الروم، فبحر الروم مما يلي المغرب و بحر فارس مما يلي المشرق، و قيل البحران موسى و الخضر، فإن موسى كان بحر علم الظاهر و الخضر كان بحر علم الباطن. قوله: يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ*
 [3/ 155] يعني جمع المسلمين و جمع المشركين، يريد به يوم أحد. قوله: وَ أَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ‏
 [12/ 15] أي على إلقائه فيها. قوله: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَ شُرَكاءَكُمْ‏
 [10/ 71] أي اعزموا عليه و ادعوا شركاءكم لأنه لا يقال أجمعت شركائي إنما يقال جَمَعَتْ، و قيل معناه أَجْمِعُوا أمركم مع شركائكم. قوله: يَوْمَ الْجَمْعِ*
 [42/ 7] يريد به يوم القيامة لاجتماع الناس فيه. قوله: فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً
 [5/ 100] أي جمع العدو، يعني خيل المجاهدين في سبيل الله، و قيل جَمْعاً
- يعني المزدلفة. قوله تعالى: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُم‏

312
مجمع البحرين4

جمع ص 311

أَجْمَعُونَ*
 [15/ 30] هو تأكيد عن الخليل و سيبويه، و قيل غير متفرقين، و خطئ بأنه لو كان كذلك لكان منصوبا على الحال. قوله: مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
 [62/ 9] هو أحد أيام الأسبوع. و ضم الميم لغة الحجاز و فتحها لغة تميم و إسكانها لغة عقيل، سمي بذلك لاجتماع الناس فيه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" سَمِّيَتْ الْجُمُعَةُ جُمُعَةً لِأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ فِيهَا خَلْقَهُ لِوَلَايَةِ مُحَمَّدٍ ص وَ وَصِيِّهِ فِي الْمِيثَاقِ فَسَمَّاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِجَمْعِهِ فِيهِ خَلْقِهِ".
قوله: جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ‏
 [104/ 2] قال الشيخ أبو علي: قرأ أهل البصرة و ابن كثير و نافع و عاصم جَمَعَ مالًا
 و الباقون جَمَّعَ بالتشديد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أُعْطِيْتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ".
يريد به القرآن الكريم، لأن الله جمع بألفاظه اليسيرة المعاني الكثيرة، حتى‏
رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:" مَا مِنْ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفُ الْقُرْآنِ إِلَّا وَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَعْنَى".
و منه‏
فِي وَصْفِهِ ص" كَانَ يَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ".
يعني أنه كان يتكلم بلفظ قليل و يريد المعاني الكثيرة. و" حمدت الله بمَجَامِعِ الحمد" أي بكلمات جمعت أنواع الحمد و الثناء على الله.
وَ فِي الْخَبَرِ" قَالَ لَهُ: أَقْرِئْنِي سُورَةَ جَامِعَة، فَأَقْرَأَهُ إِذَا زُلْزِلَتْ".
سماها جَامِعَةً لجمعها أسباب الخير بقوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ النِّسَاءِ" مِنْهُنَّ جَامِعٌ مُجْمِعٌ وَ رَبِيعٌ مُرْبِعٌ وَ كَرْبٌ مُقْمِعٌ وَ غُلٌّ قَمِلٌ".
فَقَوْلُهُ" جَامِعٌ مُجْمِعٌ".
يعني كثيرة الخير مخصبة، و
" رَبِيعٌ مُرْبِعٌ".
في حجرها ولد و في بطنها آخر. و
" كَرْبٌ مُقْمِعٌ".
أي سيئة الخلق مع زوجها، و
" غُلٌّ قَمِلٌ".
أي هي عند زوجها كالغل القمل، و هو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله و لا يتهيأ له التخلص منه جميع ذلك ذكره الصدوق رحمه الله عن أحمد

313
مجمع البحرين4

جمع ص 311

بن أبي عبد الله البرقي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ لَمْ يَجْمَعِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ".
أي من لم يعزم عليه فينويه من الليل. و أَجْمَعْتُ الرأي و عزمت عليه بمعنى. و مثله‏
" لَا يَكُونُ الْإِتْمَامُ إِلَّا أَنْ يُجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ".
أي يعزم. و" الجَامِعُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي يجمع الخلائق لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ، و قيل جامع لأوصاف الحمد و الثناء، و قيل هو المؤلف بين المتماثلات و المتباينات المتضادات في الوجود. و" المسجد الجَامِع" الذي يجتمع فيه الناس و يقام فيه الجمعة.
وَ فِي حَدِيثِ التَّكْفِينِ" خُذْ بِمَجَامِعِ كَفَنِي".
أي بمجتمعها.
وَ فِي حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع" وَ عِنْدَنَا الْجَامِعَةُ. فَقِيلَ لَهُ: وَ مَا الْجَامِعَةُ؟ قَالَ: صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِمْلَائِهِ مِنْ فَلْقِ فِيهِ وَ خَطِّ عَلِيٍّ ع بِيَمِينِهِ فِيهَا كُلُّ حَلَالٍ وَ حَرَامٍ وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ".
و الجَامِعَة أيضا الغل لأنها تجمع اليدين إلى العنق. و الجِمَاعُ و المُجَامَعَةُ: غشيان الرجل المرأة. و الاجْتِمَاع: ضد الافتراق. و جَمَعْتُ الشي‏ء المتفرق فَاجْتَمَعَ. و تَجَمَّعَ القوم: اجتمعوا من هنا و من هنا. و" الخمر جِمَاع الإثم" بالكسر و التخفيف أي مجمعه و مظنته، و الجَمْع مصدر قولك" جَمَعْتُ الشي‏ء" و قد يكون اسما لجماعة الناس، و الموضع مَجْمع كمطلع بفتح الميم الثانية و كسرها. و جِمَاع الشي‏ء بالكسر جمعه، يقال جِمَاع الخباء الأخبية لأن الجِمَاع ما جمع عددا. و جُمْع الكف بالضم و هو حين تقبضها، تقول ضربته بجُمْعِ كفي. و الجَمْعُ ضربان: جَمْعُ قلة، و جَمْعُ كثرة فجَمْعُ القلة مدلوله الثلاثة فما فوقها إلى‏

314
مجمع البحرين4

جمع ص 311

العشرة، و جَمْعُ الكثرة مدلوله فما فوق العشرة إلى غير النهاية، و جَمْع القلة من جموع التكسير أَفْعُل و أَفْعَال و أَفْعِلَة و فِعْلَة و ما عداها جمع كثرة، و أما الجَمْع الصحيح فعده الأكثر من جموع القلة و جعله الرضي رحمه الله لمطلق الجمع. و" جَمْع" بالفتح فالسكون المشعر الحرام، و هو أقرب الموقفين إلى مكة المشرفة. و منه‏
حَدِيثُ آدَمَ ع" ثُمَّ انْتَهَى إِلَى جَمْعٍ فَجَمَعَ فِيهَا مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ".
قيل سمي به لأن الناس يجتمعون فيه و يزدلفون إلى الله تعالى، أي يتقربون إليه بالعبادة و الخير و الطاعة، و قيل لأن آدم اجتمع فيها مع حواء فازدلف و دنا منها، و قيل لأنه يجمع فيه بين المغرب و العشاء.
وَ فِي حَدِيثِ وَصَفَهُ ص" كَانَ إِذَا مَشَى مَشَى مُجْتَمِعاً".
أي شديد الحركة قوي الأعضاء غير مسترخ. و جَمَّعَ الناس بالتشديد: شهدوا الجمعة، كما يقال عيدوا إذا شهدوا العيد. و اسْتَجْمَعَ السيل: اجتمع من كل موضع. و اسْتَجْمَعَتْ شرائط الإمامة: حصلت و اجْتَمَعَتْ. و جاء القوم جَمِيعاً: أي مُجْتَمِعِينَ. و جاءوا أجمعين و بأَجْمَعِهِمْ بفتح الميم.
وَ فِي الْخَبَرِ" فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعِينَ".
قال في المصباح غلط من قال إنه نصب على الحال، لأن ألفاظ التوكيد معارف و الحال لا يكون إلا نكرة. ثم قال: و الوجه في الخبر فصلوا قعودا أجمعون و إنما هو تصحيف من المحدثين في الصدر الأول، و تمسك المتأخرون بالنقل.
وَ فِي خَبَرِ الْقُرْآنِ" أَجْمَعَهُ مِنْ الرِّقَاعِ".
قال بعض علماء القوم: اعلم أن القرآن كله كان مجموعا على هذا التأليف الذي‏

315
مجمع البحرين4

جمع ص 311

عليه اليوم إلا سورة براءة فإنها نزلت آخرا فلم يبين موضعها فألحقوها بالأنفال للمناسبة، و قد ثبت أن أربعة من الصحابة كانوا يجمعون القرآن و شركهم فيه آخرون. و (أما أبو بكر) فإنما جمعه في الصحف و حوله إلى ما بين الدفتين، و قيل جمعه في الصحف و كان قبله في نحو الأكتاف و لعله ص ترك جمعه في المصحف لئلا تسير به الركبان إلى البلدان فيشكل طرح ما نسخ منه فيؤدي إلى خلل عظيم. و (أما عثمان) فجرد اللغة القريشية من الصحف و جمع عليها، و كانت مشتملة على جميع أحرفه و وجوهه التي نزل بها على لغة قريش و غيرهم، أو كان صحفا فجعلها مصحفا واحدا. هذا كلامه.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ:" مَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَمَا أَنْزَلَهُ اللَّهِ إِلَّا كَذَبَ وَ مَا جَمَعَهُ كَمَا أَنْزَلَهُ اللَّهِ إِلَّا عَلِيُّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ".
و فيه‏
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ" يَا عَلِيُّ الْقُرْآنُ خَلْفَ فِرَاشِي فِي الصُّحُفِ وَ الْحَرِيرِ وَ الْقَرَاطِيسِ فَخُذُوهُ وَ اجْمَعُوهُ وَ لَا تُضَيِّعُوهُ كَمَا ضَيَّعَتِ الْيَهُودُ التَّوْرَاةَ، فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ ع وَ جَمَعَهُ فِي ثَوْبٍ أَصْفَرَ ثُمَّ خَتَمَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ وَ قَالَ: لَا أَرْتَدِي حَتَّى أَجْمَعُهُ، وَ إِنَّهُ كَانَ الرَّجُلِ لِيَأْتِيَهُ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ حَتَّى جَمَعَهُ وَ أَخْرَجَهُ إِلَى النَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ وَ كَتَبَهُ قَالَ لَهُمْ: هَذَا كِتَابُ اللَّهِ كَمَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ جَمَعْتُهُ مِنَ اللَّوْحَيْنِ. فَقَالُوا: هَذَا عِنْدَنَا مُصْحَفٌ جَامِعٌ فِيهِ الْقُرْآنُ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ لَنْ تَرَوْهُ بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا، إِنَّمَا كَانَ عَلَيَّ أَنْ أُخْبِرَكُمْ كَيْفَ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ".
و
فِي نَقْلٍ آخَرَ" أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي الْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ص بِمَدَّةٍ قَدْرُهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ".
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يَجْمَع‏

316
مجمع البحرين4

جمع ص 311

فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً".
قيل إن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرا طارت في جسم المرأة تحت كل ظفر و شعر، ثم تمكث أربعين ليلة ثم تنزل دما في الرحم، فذلك جَمْعُهَا. قيل و يجوز أن يريد بالجَمْعِ مكث النطفة في الرحم أربعين يوما تتخمر فيه حتى تتهيأ للخلق و التصوير فتخلق بعد الأربعين.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خُذْ بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُكَ وَ اتْرُكِ الشَّاذَّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ".
وَ فِيهِ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ ع عَنْ مَعْنَى الْوَاحِدِ فَقَالَ" إِجْمَاعُ الْأَلْسُنِ عَلَيْهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ".
و نحو ذلك جاء في الحديث، و هو في اللغة الاتفاق و العزم على الأمر، و في الاصطلاح العلمي هو عبارة عن اتفاق مخصوص، فالإِجْمَاعُ من قوم هو جمعهم في الآراء و إن كانوا متفرقين في الأبدان و الاجْتِمَاعُ يكون في الأبدان و إن كانوا متفرقين في آرائهم. قال الشيخ في العدة: ذهب الجمهور الأعظم و السواد الأكثر إلى أن طريق كون الإِجْمَاع حجة السمع دون العقل، ثم اختلفوا فذهب داود و كثير من أصحاب الظاهر إلى أن إجماع الصحابة هو الحجة دون غيرهم من أهل الأعصار، و ذهب مالك و من تابعه إلى أن الإجماع المراعى هو إجماع أهل المدينة دون غيرهم، و ذهب الباقون إلى أن الإجماع حجة في كل عصر و لا يختص ذلك ببعض الصحابة و لا بإجماع أهل المدينة. ثم قال: و الذي نذهب إليه أن الأمة لا يجوز أن تجتمع على خطإ، و أن ما تجتمع عليه لا يكون إلا صوابا و حجة، لأن عندنا أنه لا يخلو عصر من الأعصار من إمام معصوم حافظ للشرع يكون قوله حجة يجب الرجوع إلى قول الرسول ص. ثم قال: فإن قيل إذا كان المراعى في باب الحجة قول الإمام المعصوم فلا فائدة في أن تقولوا الإجماع حجة أو تعتبروا ذلك. قيل له: الأمر و إن كان على ما تضمنه السؤال فإن لاعتبارنا الإجماع‏

317
مجمع البحرين4

جمع ص 311

فائدة معلومة هي أنه قد لا يتعين لنا قول الإمام في كثير من الأوقات فيحتاج إلى اعتبار الإجماع ليعلم بإجماعهم أن قول المعصوم داخل فيهم، و لو تعين لنا قول المعصوم الذي هو الحجة لقطعنا على أن قوله هو الحجة و لم نعتبر سواه على حال ... إلى أن قال: إذا كان المعتبر في باب كونه حجة هو قول الإمام المعصوم فالطريق إلى معرفة قوله شيئان:" أحدهما" السماع منه و المشاهدة لقوله، و" الثاني" النقل عنه بما يوجب العلم فيعلم بذلك قوله أيضا. هذا إذا تعين لنا قول الإمام، فإذا لم يتعين و لم ينقل عنه نقل يوجب العلم و يكون قوله في جملة أقوال الأمة غير متميز منها فإنه يحتاج أن ينظر في أحوال المختلفين، فكل من خالف في من يعلم نسبه و يعرف منشؤه عرف أنه ليس بالإمام الذي دل الدليل على عصمته و كونه حجة و وجب اطراح قوله، و تعتبر أقوال الذين لا يعرف نسبهم لجواز أن يكون كل واحد منهم الإمام الذي هو الحجة. ثم أطنب الكلام في هذا الباب، فمن أراد الاطلاع عليه قصده.
 (جوع)
قوله تعالى: الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ‏
 [106/ 4] الجُوعُ هو الألم الذي ينال الحيوان من خلو المعدة عن الغذاء.
وَ فِي الْخَبَرِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ".
المراد بالجُوع هنا الذي يشغل عن ذكر الله و يثبط عن الطاعة لمكان الضعف، و أما الجوع الذي لا يصل إلى هذه الحالة فهو محمود بل هو سيد الأعمال كما جاءت به الرواية، و ذلك لما فيه من الأسرار الخفية كصفاء القلب و نفاذ البصيرة، لما
رُوِيَ" أَنَّ مَنْ أَجَاعَ بَطْنَهُ عَظُمَتْ فِكْرَتُهُ وَ فَطَنَ قَلْبُهُ".
و منها رقة القلب، و منها ذل النفس و زوال البطر و الطغيان، و لما فيه من طعم العذاب الذي به يعظم الخوف من عذاب الآخرة و كسر سائر الشهوات التي هي ينابيع المعاصي، و لما فيه من خفة البدن للتهجد و العبادة، و لما فيه من خفة المئونة و إمكان القناعة

318
مجمع البحرين4

جوع ص 318

بقليل من الدنيا، فإن من تخلص من شره البطن لم يفتقر إلى مال كثير، فيسقط عنه أكثر هموم الدنيا. و قد جَاعَ يَجُوعُ جَوْعاً و مَجَاعَةً، و قوم جِيَاعٌ بالكسر. و تَجَوَّعَ: تعمد الجوع. و عام مَجَاعَةٍ و مَجْوَعَةٍ بسكون الجيم.
باب ما أوله الخاء
 (خدع)
قوله تعالى: يُخادِعُونَ اللَّهَ*
 [2/ 9] و هو بمعنى يَخْدَعُونَ الله، أي يظهرون غير ما في أنفسهم، و الخِدَاعُ منهم يقع بالاحتيال و المكر، و من الله أن يتم عليهم النعمة في الدنيا و يستر عنهم ما أعدّ لهم من عذاب الآخرة، فجمع الفعلان لتشابههما من هذه الجهة. و قيل معنى الخَدْعِ في كلام العرب الفساد، فمعنى يُخادِعُونَ اللَّهَ*
 يفسدون ما يظهرون من الإيمان بما يضمرون من الكفر، كما أفسد الله عليهم نعيمهم في الدنيا بما صاروا إليه من عذاب الآخرة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص سُئِلَ فِيمَا النَّجَاةُ غَداً؟ قَالَ: النَّجَاةُ أَنْ لَا تُخَادِعُوا اللَّهَ فَيَخْدَعَكُمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يُخَادِعِ اللَّهَ يَخْدَعْهُ. فَقِيلَ لَهُ: وَ كَيْفَ يُخَادِعُ اللَّهَ؟ قَالَ: يَعْمَلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ ثُمَّ يُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ، فَاتَّقُوا الرِّيَاءَ فَإِنَّهُ شِرْكٌ بِاللَّهِ، إِنَّ الْمُرَائِيَ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ يَا كَافِرُ يَا فَاجِرُ يَا غَادِرُ يَا خَاسِرُ حَبِطَ عَمَلُكَ وَ بَطَلَ أَجْرُكَ وَ لَا خَلَاقَ لَكَ الْيَوْمَ فَالْتَمِسْ أَجْرَكَ مِمَّنْ كُنْتَ تَعْمَلُ لَهُ".
وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ ع" هَيْهَاتَ لَا يُخْدَعُ اللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ".
و ذلك أن من أظهر الطاعة لله و هو عاص في باطنه لا يدخله الله الجنة و لا يثيبه بذلك، لأن الخَدِيعَةَ تجوز على من لا يعلم السر دون من يعلمه.

319
مجمع البحرين4

خدع ص 319

و خَدَعَهُ يَخُدَعُهُ خِدْعاً و خِدَاعاً أيضا بالكسر: ختله و أراد به المكروه من حيث لا يعلم، و الاسم الخَدِيعَة. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِيَّاكَ وَ الْخَدِيعَةَ".
أي احذرها. و
مِنْهُ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَاحِبِ خَدِيعَةٍ إِنْ رَأَى حَسَنَةً دَفَنَهَا وَ إِنْ رَأَى سَيِّئَةً أَفْشَاهَا".
و الخَدْعُ: إخفاء الشي‏ء، و سمي به المخْدَعُ، و هو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير، و تضم ميمه و تفتح. و
مِنْهُ" صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا".
وَ فِي دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ حَبَسَهُمُ الْمَنْصُورُ" اللَّهُمَّ اخْدَعْ عَنْهُمْ سُلْطَانَهُ".
أي اقطع، من التَّخْدِيعِ: التقطيع. و الحرب خُدْعَة و خَدْعَة ضما و فتحا. قال الجوهري و الفتح أفصح، و جاء خُدَعَة مثل هُمَزَة. و رجل خُدَعَةٌ: أي يخدع الناس. و خُدْعَةٌ: أي يخدعه الناس.
 (خرع)
الاخْتِرَاع [و الاسم الخِرْعَة] بالكسر: الابتداع و الإنشاء و قد جاء في الحديث يقال اخْتَرَعَ كذا: أي أنشأه و ابتدعه. و منه‏
الدُّعَاءُ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اخْتَرَعَ الْخَلْقَ بِمَشِيَّتِهِ".
و الخِرْوَعُ كمِقْوَد: نبت ضعيف يتثنى.
 (خزع)
تَخَزَّعْنَا الشي‏ءَ بيننا: أي اقتسمناه قطعا. و اخْتَزَعُوهُ: فرقوه، و به سميت خُزَاعَة قبيلة من الأزد لتفرقهم بمكة، و رئيسهم عمر بن ربيعة بن حارثة، و رئيس جرهم عمر بن الحرث الجرهمي، و لما بغت جرهم بمكة و استحلوا حرمتها بعث الله عليهم الرعاف و النمل فأفناهم و سلط عليهم خزاعة فهزموهم، فخرج من بقي من جرهم إلى أرض من أرض جهينة فجاءهم سيل أتي فذهب بهم، و وليت خزاعة البيت فلم تزل في أيديهم حتى جاء قصي بن كلاب فأخرج خزاعة من الحرم و ولي البيت و غلب عليه.
 (خشع)
قوله تعالى: وَ خَشَعَتِ الْأَصْوات‏

320
مجمع البحرين4

خشع ص 320

لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً [20/ 108] أي خضعت. و الخُشُوعُ: الخضوع. و منه قوله: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ‏
 [23/ 2] و الخُشُوعُ في الصلاة: قيل خشية القلب و التواضع، و قيل هو أن ينظر إلى موضع سجوده، بدليل‏
أَنْ النَّبِيَّ ص كَانَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةِ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَ نَظَرَ إِلَى مُصَلَّاهُ.
قوله: تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً
 [41/ 39] أي يابسة متطامنة، مستعار من الخُشُوع التذلل. قوله: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ*
 [68/ 43] أي لا يستطيعون النظر من هول ذلك اليوم قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ
 [88/ 2] أي خاضعة ذليلة.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ. عامِلَةٌ ناصِبَةٌ
 قَالَ نَزَلَتْ فِي النُّصَّابِ وَ الزَّيْدِيَّةِ وَ الْوَاقِفِيَّةِ مِنْ النُّصَّابِ.
و خَشَعَ في صلاته و دعائه: أي أقبل بقلبه على ذلك. و الفرق بين الخُشُوع و الخضوع هو أن الخُشُوع في البدن و البصر و الصوت و الخضوع في البدن.
وَ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص رَأَى رَجُلًا يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي صَلَاتِهِ، فَقَالَ" لَوْ خَشَعَ قَلْبُهُ لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ".
قال بعض الشارحين: في هذا دلالة على أن الخُشُوع في الصلاة يكون في القلب و الجوارح، فأما في القلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمة لها و الإعراض عما سواها، فلا يكون فيه غير العبادة و المعبود، و أما في الجوارح فهو غض البصر و ترك الالتفات و العبث.
وَ عَنْ عَلِيٍّ ع: هُوَ أَنْ لَا يَلْتَفِتُ يَمِيناً وَ لَا شِمَالًا، وَ لَا يَعْرِفُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَقَالَ بِخُشُوعٍ اللَّهُ أَكْبَرُ".
أي بسكون و تذلل و اطمئنان و انقطاع إلى الله تعالى.

321
مجمع البحرين4

خشع ص 320

و" الخشوع" نهر الشاش كما وردت به الرواية، و الشاش بشينين معجمتين بلد بما وراء النهر من الأنهر التي خرقها جبرئيل بإبهامه. و" بَخْتِيشُوع" الطبيب رجل نصراني، و قد كان طبيبا للرشيد، و له مع علي بن واقد قصة مشهورة حكاها المقداد في الكنز.
 (خضع)
قوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ‏
 [33/ 32] الآية هو من الخُضُوع، و هو التطامن و التواضع. و منه قوله: خاضِعِينَ‏
 [26/ 4] أي ذليلين منقادين، و هو لازم و متعد.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ" وَ خَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ".
أي ذل و انقاد.
 (خلع)
قوله تعالى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ‏
 [20/ 12] أي انزعهما من رجليك. يقال خَلَعَ الثوبَ خَلْعاً: إذا نزعه، و كذلك النعل و الخف و غيرهما. قيل أمر بخلع نعليه ليباشر الوادي بقدميه متبركا و احتراما. و في معاني الأخبار فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ‏
 ارفع خوفيك، يعني خوفه من ضياع أهله، و لقد خلفها تمخض، و خوفه من فرعون. قال:
وَ رُوِيَ أَنْ نَعْلَيْهِ كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ.
وَ فِي الْفَقِيهِ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِمُوسَى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً‏
 قَالَ: كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ.
و كان ذلك مذهبا للعامة، فتكلم ع بما يوافقهم للتقية، يدل على ذلك ما
رَوَاهُ فِي كِتَابِ كَمَالِ الدِّينِ وَ تَمَامِ النِّعْمَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيِّ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَائِمِ ع عَنْ مَسَائِلَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ فَأَخْبِرْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ص عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُوسَى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً‏
 فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْفَرِيقَيْنِ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ إِهَابِ الْمَيْتَةِ؟ فَقَالَ ع: مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَد

322
مجمع البحرين4

خلع ص 322

افْتَرَى عَلَى مُوسَى ع وَ اسْتَجْهَلَهُ فِي نُبُوَّتِهِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا مَا خَلَا مِنْ خَصْلَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ مُوسَى فِيهَا جَائِزَةً أَوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ جَائِزَةً جَازَ لَهُ لُبْسُهَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ إِذْ لَمْ تَكُنْ مُقَدَّسَةً مُطَهَّرَةً بِأَقْدَسَ وَ أَطْهَرَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَ إِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ غَيْرَ جَائِزَةٍ فِيهَا فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفِ الْحَلَالَ مِنَ الْحَرَامِ وَ علم [لَمْ يَعْلَمْ‏] مَا جَازَ فِيهِ الصَّلَاةُ وَ مَا لَمْ يَجُزْ، وَ هَذَا كُفْرٌ. قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي يَا مَوْلَايَ عَنْ التَّأْوِيلِ فِيهَا؟ قَالَ: إِنَّ مُوسَى نَاجَى رَبَّهُ بِالْوَادِ الْمَقَدَّسِ فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي قَدْ أَخْلَصْتُ لَكَ الْمَحَبَّةَ مِنِّي وَ غَسَلْتُ قَلْبِي عَمَّنْ سِوَاكَ وَ كَانَ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لِأَهْلِهِ، فَقَالَ اللَّهُ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ‏
 أَيْ انْزِعْ حُبَّ أَهْلِكَ مِنْ قَلْبِكَ إِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُكَ لِي خَالِصَةً.
- انتهى. و لعله الحق و خَلَعَ ربقةَ الإسلام عن عنقه: أي نزعها. و خَلَعَ الرجلُ امرأتَهُ خُلْعاً. و الخُلْعُ بالضم: أن يطلق الرجل زوجته على عوض تبذله له، و فائدته إبطال الزوجية إلا بعقد جديد، و هو استعارة من خَلْعِ اللباس، لأن كل واحد من الزوجين لباس الآخر و إذا فعلا فكان كل واحد نزع لباسه عنه. و اخْتَلَعَتِ المرأةُ: إذا طلقت من زوجها طلاقا بعوض. و الخَلْعُ: ترك المحاسن الظاهرة. و الخِلْعَةُ: ما يعطيه الإنسان غيره من الثياب منحة، و الجمع خِلَعٌ مثل سِدْرَة و سِدَر. و المَخْلُوع: من يتبرأ أبوه من عند السلطان من ميراثه و جريرته. و المَخْلُوع: أخو الخليفة و منه" و لما انقضى أمر المخلوع و استوى الأمر للمأمون كان كذا". و" الخُلَيْعِي" الشاعر المشهور، أدرك آخر البرامكة، و له مع الفضل بن يحيى بن خالد قائد الرشيد قصة غريبة.

323
مجمع البحرين4

خمع ص 324

(خمع)

خَمَعَ في مشيه: أي ظلع.
 (خنع)
فِي الدُّعَاءِ" خَنَعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِمُلْكِهِ".
الخُنْعُ بالضم: الخضوع، يقال خَنَعَ له خُنُوعاً: أي ذل و خضع. و أَخْنَعَتْهُ الحاجةُ: أي أذلَّتْه و أخضعتْه.
باب ما أوله الدال‏
 (درع)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا وَ لَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ: أَ لَا تَنْبِذُهَا عَنْكَ؟ فَقُلْتُ: اعْزُبْ عَنِّي فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى".
قال بعض الشارحين هو مثل يضرب لمتحمل المشقة ليصل إلى الراحة، و أصله أن القوم يسيرون ليلا فيحمدون عاقبة ذلك إذا أصبحوا. و المِدْرَعُ و المِدْرَعَة واحد، و هو ثوب من صوف يتدرع به. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَمْ يَتْرُكْ عِيسَى ع إِلَّا مِدْرَعَةَ صُوفٍ وَ مِخْذَفَة".
يعني مقلاعا. و الدُّرَّاعَةُ واحدة الدَرَارِيع، و
مِنْهُ" عَلَيْهِ دُرَّاعَةٌ سَوْدَاءُ".
و رجل دَرَّاعٌ: عليه درع، أي قميص و دِرْعُ الحديد مؤنثة، و جمع القلة أَدْرُع و أَدْرَاع، فإذا كثرت فهي الدُرُوع. و دِرْع المرأة: قميصها، و هو مذكر و الجمع أَدْرَاع.
 (دسع)
فِي خَبَرِ قس" ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ".
أي مجتمع الكتفين، و قيل العنق. و يقال للجواد: هو واسع الدَّسِيعَةِ، أي واسع العطية.

324
مجمع البحرين4

دسع ص 324

وَ فِي الْخَبَرِ" بَنَوْا المصانع وَ اتَّخَذُوا الدَّسَائِعَ".
أي العطايا أو الدساكر أو الجفان و الموائد أقوال.
 (دعع)
قوله تعالى: فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ‏
 [107/ 2] أي يدفعه حقه. و الدَّعُّ: الدفع بعنف. و منه قوله تعالى: يُدَعُّونَ إِلى‏ نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا
 [52/ 13] أي دفعا في أقفيتهم.
وَ فِي حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الشِّيعَةِ" خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ يُدَعْدِعُهُمُ اللَّهُ فِي بُطُونِ أَوْدِيَةٍ ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ".
و الدَّعْدَعَة: الزعزعة، و لعل منه الحديث. و الدَّعْدَعَة: تحريك المكيال و نحوه.
 (دفع)
قوله تعالى: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ‏
 [22/ 40] الآية، أي لو لا تسليطه المسلمين على الكفار لاستولى أهل الشرك على أهل الملل و على متعبداتهم فهدموها و ما تركوا للنصارى بيعا و لا لرهبانهم صوامع و لا لليهود صلوات و لا للمسلمين مساجد.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: إِنْ اللَّهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يُصَلِّي مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يُصَلِّي وَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ لَهَلَكُوا، وَ إِنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ بِمَنْ يُزَكِّي مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يُزَكِّي وَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ الزَّكَاةِ لَهَلَكُوا، وَ إِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يَحُجُّ مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يَحُجَّ وَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ لَهَلَكُوا، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ‏
.
و فيه دلالة على دخول أهل المعاصي في الشيعة. و دَفَعْتُهُ دَفْعاً: نحيته. و دَفَعْتُ عنه الأذى: أزلته. و" دَفَعَ" من عرفات ابتدأ السير و دفع نفسه منها و نحاها أو دفع ناقته و حملها على السير.

325
مجمع البحرين4

دفع ص 325

و تَدَافَعَ القومُ: دفع بعضهم بعضا. و دَفَعْتُ القولَ: رددته بالحجة. و دَفَعْتُ الوديعةَ إلى صاحبها: رددتها إليه. و انْدَفَعَ الفرسُ: أسرع في سيره. و الدَّفْعَةُ: الواحد من الدفع، مثل الدفقة من الدفق. و المُدَافَعَةُ: المماطلة، و دَافَعَ عنه و دَفَعَ بمعنى. و السلاح مَدْفُوعٌ عنه في حديث الأئمة: أي لا يصيبه ضرر من شي‏ء.
 (دقع)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إِلَّا فِي دَيْنٍ مُوجِعٍ أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ".
و مثله‏
فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ".
أي شديد يفضي بصاحبه إلى الدَّقْعَاء وزان حمراء، أعني التراب، يقال دَقِعَ الرجلُ بالكسر يَدْقَعُ: أي لصق بالتراب فيكون المُدْقَعُ هو الذي لا يكون عنده ما يتقي به التراب. و يحتمل أن يكون المُدْقَعُ الذي يفضى به إلى الدَّقَعُ، و هو سوء احتمال الفقر. و الدَّقَعُ بالتحريك: الرضا بالدون من المعيشة. و الدَّقَعُ: الخضوع في طلب الحاجة. و الدَّوْقَعَةُ: هي الفقر و الذل.
 (دلع)
فِي الْحَدِيثِ" شَارِبُ الْخَمْرِ يَجِي‏ءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْلِعاً لِسَانَهُ يَسِيلُ لُعَابُهُ عَلَى صَدْرِهِ".
يقال دَلَعَ الرجلُ لسانَه كمَنَعَ فانْدَلَعَ أخرجه، و يقال أيضا أَدْلَعَ الرجلُ لسانَهُ أي أخرجه.
وَ فِي الدُّعَاءِ" يَا مَنْ دَلَعَ لِسَانَ الصَّبَاحِ بِنُطْقِ تَبَلُّجِهِ".
هو عبارة عن الشمس عند طلوعها، أو النور المرتفع عن الأفق قبل طلوعها. و التبلج: الإشراق، و الإضافة بيانية.
 (دمع)
الدَّمْعُ: دمع العين. و الدَّمْعَةُ: القطرة منه. و دَمِعَتْ عينُه تَدْمَعُ من باب تَعِبَ لغة.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَيْن‏

326
مجمع البحرين4

دمع ص 326

لَا تَدْمَعُ".
يريد بها الجامدة عن البكاء من خشية الله تعالى. و" الدَّامِعَةُ" من الشجاج بالعين المهملة هي التي تدمي و تسيل الدم منها قطرا كالدمع، بخلاف الدامية و هي التي تدمي و لا تسيل. و المَدَامِعُ: المآقي، و هي أطراف العين.
باب ما أوله الذال‏
 (ذرع)
قوله: فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً
 [69/ 32] أي طولها إذا ذرعت و يتم الكلام في سلك إن شاء الله. قوله: وَ ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً*
 [11/ 77] أي ضاق بهم صدرا، و هو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه و الاحتيال فيه، كما قالوا رَحْبُ الذِّرَاعِ لمن كان مطيعا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَنَا مَسْأَلَةٌ وَ قَدْ ضِقْنَا بِهَا ذَرْعاً".
أي ضعفت طاقتنا عن معرفتها و لم نقدر عليها. و الذَّرْعُ: الوسع و الطاقة، و معنى ضيق الذَّرْعِ و الذِّرَاعِ قصرها، كما أن معنى سعتها و بسطها طولها، و وجه التمثيل أن القصير الذراع لا ينال ما يناله الطويل الذراع و لا يطيق طاقته، فضرب به المثل للذي سقطت قوته دون بلوغ الأمر، و الاقتدار عليه. و الذَّرْعُ: بسط اليد و مدها، و أصله من الذِّرَاع و هو الساعد. و الذِّرَاعُ من المرفق إلى أطراف الأصابع. و الذِّرَاعُ ست قبضات، و القبضة أربع أصابع.
وَ قَوْلُهُ ع" مَصِيرُكُمْ إِلَى أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ".
يريد به القبر.
وَ فِي صِفَتِهِ ع" كَانَ ذَرِيعُ الْمَشْيِ".
أي سريعه. و منه" فأكل أكلا ذَرِيعاً" أي سريعا

327
مجمع البحرين4

ذعذع ص 328

كثيرا.
وَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْبَيْتِ ع" أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ مَوَالِينَا بِالْبَطَنِ الذَّرِيعِ".
يعني السريع، و كأنه يريد الإسهال. و الذَّرِيعَةُ: الوسيلة. و تَذَرَّعَ بذريعة: توسل، و الجمع الذَّرَائِعُ.
وَ فِي خَبَرِ النِّسَاءِ" خَيْرُكُنَّ أَذْرَعُكُنَّ للمغزل".
أي أخفكن به، و قيل أقدركن عليه. و" الأَذْرِعَاتُ" بكسر الراء موضع بالشام. قال الجوهري: تنسب إليه الخمر.
 (ذعذع)
فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْبَيْتِ ع" لَا يُحِبُّنَا المُذَعْذَعُ".
قال: و المُذَعْذَعُ ولد الزنا. و الذَّعْذَعَةُ: التفريق. و ذَعْذَعَهُمُ الدهر: فرقهم.
 (ذيع)
قوله تعالى: أَذاعُوا بِهِ‏
 [4/ 83] أي أفشوه، من قولهم ذَاعَ الحديثُ ذَيْعاً إذا انتشر و ظهر. و أَذَاعَهُ غيرُهُ: أفشاه و أظهره. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنْ أَذَاعَ عَلَيْنَا حَدِيثَنَا سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ".
أي من أفشاه و أظهره للعدو. و مثله‏
" إِنْ رَأَى سِرّاً أَذَاعَهُ".
أي أفشاه و لم يكتمه. و المِذْيَاعُ: الذي لا يكتم السر، و جمعه مَذَايِيعُ. و منه‏
الْحَدِيثُ فِي وَصْفِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ" لَيْسُوا بِالْمَذَايِيعِ الْبُذُرِ".
و الإِذَاعَةُ ضدها: التقية.

328
مجمع البحرين4

باب ما أوله الراء ص 329

باب ما أوله الراء
 (ربع)
قوله تعالى: وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ‏
 [4/ 12] هو بضمتين و إسكان الموحدة و التخفيف جزء من أربعة أجزاء، و الجمع أَرْبَاعٌ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" النِّسَاءُ لَا يَرِثْنَ مِنْ الرِّبَاعِ شَيْئاً".
أي من الدور. و الرَّبْعُ كسَهْمٍ: الدار نفسها حيث كانت، و الجمع رِبَاعٌ كسِهَام. و رِبَاعُ مكة زيدت شرفا: دورها. و" المَرْبَعُ" كجَعْفَر: منزل القوم في الربيع. و الرًبِيعُ: ضد الخريف. و الرَّبِيعُ: المطر في الربيع، سمي رَبِيعاً لأن أول المطر يكون فيه و به ينبت الربيع. و الرَّبِيعُ المغدق: ذو المطر الكثير الماء و الرَّبِيعُ عند العرب رَبِيعَانِ: رَبِيع شهور، و رَبِيع زمان، فربيع الشهور اثنان قالوا و لا يقال فيهما إلا شهر رَبِيعٍ الأول و شهر رَبِيعٍ الآخر بزيادة شهر، و تنوين ربيع و الأول و الآخر وصفا تابعا في الإعراب، و يجوز فيه الإضافة، و هو من إضافة الشي‏ء إلى نفسه مثل حق اليقين. و أما رَبِيعُ الزمان فاثنان أيضا: الأول الذي يأتي فيه الكمأة و النور، و الثاني الذي تدرك به الثمار، و هو بحساب المنجمين تسعون يوما و نصف ثمن، و هو النصف من شباط و آذار و نيسان و نصف أيار.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ اجْعَلْ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي".
جعله ربيعا له لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان و يميل إليه. و النسبة إلى ربيع الزمان" رِبْعِيٌّ" بكسر الراء و سكون الباء على غير القياس للفرق بينه و بين الأول. و" الرَّبِيعُ بن خُثَيم" بالخاء المعجمة

329
مجمع البحرين4

ربع ص 329

المضمومة و الثاء المثلثة قبل الياء المنقطة نقطتين تحتها أحد الزهاد الثمانية- قاله الكشي.
وَ فِي شَرْحِ النَّهْجِ لِابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ خُطْبَتِهِ ع عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَى صِفِّينَ قَالَ نَصْرٌ: فَأَجَابَ عَلِيّاً ع إِلَى السَّيْرِ جُلٌّ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَتَوْهُ وَ فِيهِمْ عُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: إِنَّا نَخْرُجُ مَعَكُمْ وَ لَا نَنْزِلُ عَسْكَرَكُمْ وَ نُعَسْكِرُ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى نَنْظُرَ فِي أَمْرِكُمْ وَ أَمْرِ أَهْلِ الشَّامِ، فَمَنْ رَأَيْنَاهُ أَرَادَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَوْ بَدَا لَنَا مِنْهُ بَغْيٌ كُنَّا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ ع: مَرْحَباً وَ أَهْلًا وَ هَذَا هُوَ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ وَ الْعِلْمُ بِالسُّنَّةِ، مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَذَا فَهُوَ خَائِنٌ جَائِرٌ، وَ أَتَاهُ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِيهِمُ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَ هُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا قَدْ شَكَكْنَا فِي هَذَا الْقِتَالِ عَلَى مَعْرِفَتِنَا بِفَضْلِكَ وَ لَا غِنَى بِنَا وَ لَا بِكَ وَ لَا بِالْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ، فَوَلِّنَا بَعْضَ هَذِهِ الثُّغُورِ نَكُنْ ثَمَّ نُقَاتِلُ عَنْ أَهْلِهِ، فَوَجَّهَ عَلِيٌّ ع بالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَلَى ثَغْرِ الرَّيِّ، فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ عَلِيٌّ ع بِالْكُوفَةِ لِوَاءَ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ.
- انتهى. و على هذا فيكون الربيع- و العياذ بالله- داخلا في جملة المشككين. و أبو الرَّبِيعِ الشامي اسمه خليد بن أوفى. و قولهم" كنت أَرْبَعَ أَرْبَعَةٍ" أي واحدا من أربعة.
وَ فِي حَدِيثِ بِنْتِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيَّةِ وَ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ" تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَ تُدْبِرُ بِثَمَانٍ".
قال في شرح ذلك في المغرب: عنى بالأَرْبَعِ عكن و بالثمان أطرافها، لأن لكل عكنة طرفين إلى جانبها، و نظير هذا قولهم" تمشي على ست" إذا أقبلت‏

330
مجمع البحرين4

ربع ص 329

و يعني بالست اليدين و الرجلين و الثديين و الرُّبَعُ كرُطَبٍ: الفصيل ينتج في الربيع، و الجمع رِبَاعٌ و أَرْبَاعٌ مثل رُطَبٍ و رِطَابٍ و أَرْطَابٍ. و الرَّبَاعِيَةُ بالفتح: السن التي بين الثنية و الناب من كل جانب، و الجمع رَبَاعِيَاتٌ بالتخفيف، و للإنسان أربع رَبَاعِيَاتٍ. و منه‏
حَدِيثُ وَصْفِ الْإِمَامِ ع" يَقَعُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَ رَبَاعِيَتَاهُ مِنْ فَوْقٍ وَ أَسْفَلَ وَ نَابَاهُ وَ ضَاحِكَاهُ".
و
مِنْهُ" فِي الرَّبَاعِيَةِ مِنْ الْأَسْنَانِ كَذَا".
و الرَّبَاعِيُّ من الإبل: ما دخل في السنة السابعة، لأنه ألقى رباعيته- كذا في معاني الأخبار. و الأَرْبَعَةُ في عدد المذكر و الأَرْبَعُ في عدد المؤنث. و" ارْبَعْ على نفسك" أي ارْفُقْ بنفسك و كُفَّ و تَمَكَّثْ و لا تعجل. و الرِّبْعُ في الحُمَّى: أن تأخذ يوما و تدع يومين و تجي‏ء في اليوم الرابع. و رِبْعٌ بالكسر رجل من هذيل. و تَرَبَّعَ في جلوسه: جلس مُتَرَبِّعاً، و هو أن يقعد على وركيه و يمد ركبته اليمنى إلى جانب يمينه و قدمه إلى جانب يساره و اليسرى بالعكس- قاله في المجمع. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَجْلِسُ ثَلَاثاً الْقُرْفُصَاءَ وَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَ كَانَ يَثْنِي رِجْلًا وَاحِدَةً وَ يَبْسُطُ عَلَيْهَا الْأُخْرَى، وَ لَمْ يُرَ ص مُتَرَبِّعاً قَطُّ".
و ما
رَوَاهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّهُ رَأَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَأْكُلُ مُتَرَبِّعاً.
فيمكن حمله على الضرورة أو بيان الجواز. و تَرْبِيعُ الجنازة: حملها بجوانبها الأربع، بأن يبدأ بالجانب الأيمن من مقدم السرير فيضعه على كتفه الأيمن، ثم يضع القائمة اليمنى من عند رجليه على كتفه الأيمن، ثم يضع القائمة اليسرى من عند رجليه على كتفه الأيسر، ثم يضع القائمة اليسرى من عند رأسه على كتفه الأيسر، و هو الذي جاءت به‏

331
مجمع البحرين4

ربع ص 329

الرواية، و كان الأكمل في التربيع ما ذكرناه، و القول باستحباب التَّرْبِيعِ كيفما اتفق لاختلاف الأحاديث في ذلك غير بعيد، و يكون المراد بالتربيع المعنى اللغوي. و رَبِيعَةُ و مُضَرُ مر القول فيهما و النسبة إليهم رَبَعِيٌّ بالتحريك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ خَلَّى عَلَى جِيرَانِهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ مِثْلَ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ".
يضرب المثل بهما في الكثرة. و" الأَرْبِعَاءُ" من أيام الأسبوع. و الرَّبِيعُ: جدول أو ساقية تجري إلى النخل أو الزرع، و الجمع أَرْبِعَاءُ بكسر الموحدة. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا تَسْتَأْجِرِ الْأَرْضِ بِالْأَرْبِعَاءِ وَ لَا بِالنِّطَافِ. قُلْتُ: وَ مَا الْأَرْبِعَاءُ؟ قَالَ: الشِّرْبُ، وَ النِّطَافُ فَضْلُ الْمَاءِ".
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ" الْأَرْبِعَاءُ أَنْ يُسَنِّيَ مُسَنَّاةً فَيَحْمِلَ الْمَاءَ وَ يَسْقِيَ بِهِ الْأَرْضَ".
وَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ" اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُرَبَّعاً".
أي عاما يغني عن الارتياد. و" الناس يَرْبَعُونَ حيث شاءوا" أي يقيمون و لا يحتاجون إلى الانتقال في طلب الكلإ، أو يكون من أَرْبَعَ الغيثُ إذا أنبت الربيعَ. و روي الحديث بالياء المثناة من المراعة بفتح الميم، يقال مكان مريع، أي خصب. و المَرْبُوعُ: المتوسط، و هو ما بين الطويل و القصير و منه‏
الْحَدِيثُ" تَزَوَّجْ مِنَ النِّسَاءِ الْمَرْبُوعَةَ".
و منه‏
فِي وَصْفِهِ ص" أَطْوَلُ مِنْ المَرْبُوعِ".
و" اليَرْبُوعُ" بالفتح واحد اليَرَابِيعِ في البر، و هو حيوان طويل الرجلين قصير اليدين جدا و له ذنب كذنب الجرذ يرفعه صعدا لونه كلون الغزال.
 (رتع)
قوله تعالى: أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ‏
 [12/ 12] قرئ نَرْتَعْ و نَلْعَبْ بالنون فيهما و بالياء فيهما و الجزم، و قرئ الأول بالنون و الثاني بالياء، و قرئ‏

332
مجمع البحرين4

رتع ص 332

يَرْتَعِ بكسر العين وَ يَلْعَبْ بالياء فيهما و النون من ارتعى يرتعي و يَرْتَعْ بدون الكسر في العين رُتُوعاً أي يتسع في أكل الفواكه و نحوها، و كذلك بالنون من الرَّتَعَةِ و هي الخصب، يقال نَرْتَع أي تَرْتَع إبلُنا، يقال رَتَعَتِ الماشية تَرْتَعُ رُتُوعاً من باب نفع و رِتَاعاً بالكسر أي أكلت ما شاءت، يقال خرجنا نَرْتَعُ و نَلْعَبُ أي نتنعم و نلهو، و يقال المراد باللعب هنا اللعب المباح مثل الرمي و الاستباق لا مطلق اللعب. و مَنْ يَرْتَعْ حولَ الحِمَى: أي يطوف به و يدور حوله.
 (رجع)
قوله تعالى: إِنَّهُ عَلى‏ رَجْعِهِ لَقادِرٌ
 [86/ 8] أي بعد موته، و قيل رجعه في الإحليل. قوله: وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ‏
 [86/ 11] أي ذات المطر عند أكثر المفسرين، و قيل يعني بالرَّجْعِ شمسها و قمرها و نجومها. قوله: فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ‏
 [2/ 17] أي لا ينطقون وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ و ما ذا يَرْجِعُونَ‏
، أي ما ذا يردون من الجواب. و منه قوله يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى‏ بَعْضٍ الْقَوْلَ‏
 [34/ 31] و قيل يتلاومون. و الرُّجْعَى: الرجوع، و كذلك المَرْجِعُ. و منه قوله: إِلى‏ رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ*
 [6/ 146] قال الجوهري: و هو شاذ لأن المصادر من فَعَلَ يَفْعِلُ يكون بالفتح. قوله: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ‏
 أي ردده و كرره هَلْ تَرى‏ مِنْ فُطُورٍ و ليس المراد التثنية كما في قوله: الطَّلاقُ مَرَّتانِ أي مرة بعد مرة، و ليس المراد التثنية.
وَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ يَا أَبَهْ أَ لَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ؟ فَقَالَ: بَلَى‏

333
مجمع البحرين4

رجع ص 333

تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً. قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى ع لِرَسُولِ اللَّهِ ارْجِعْ إِلى‏ رَبِّكَ‏
؟ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي وَ مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى‏ وَ مَعْنَى فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ يَعْنِي حُجُّوا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، يَا بُنَيَّ الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ فَقَدْ قَصَدَ إِلَى اللَّهِ وَ الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللَّهِ فَمَنْ سَعَى إِلَيْهَا فَقَدْ سَعَى إِلَى اللَّهِ وَ قَصَدَ إِلَيْهِ، وَ الْمُصَلِّي مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ فَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، وَ إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَاعاً فِي سَمَاوَاتِهِ فَمَنْ عُرِجَ إِلَى بُقْعَةٍ مِنْهَا فَقَدْ عُرِجَ بِهِ إِلَيْهِ.
وَ فِي الْخَبَرِ" سَيَجِي‏ءُ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِي يُرَجِّعُونَ الْقُرْآنَ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَ النَّوْحِ وَ الرَّهْبَانِيَّةِ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ".
تَرْجِيعُ الصوت ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان آ آ آ آ، و هذا هو المنهي عنه، و أما التَّرْجِيعُ بمعنى تحسين الصوت في القراءة فمأمور به، و منه‏
قَوْلُهُ ع" رَجِّعْ بِالْقُرْآنِ صَوْتَكَ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ".
و ما
رُوِيَ" أَنَّهُ يَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ يُرَجِّعُ فِي قِرَاءَتِهِ".
و منه‏
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِقُلُوبِنَا عِبْرَةً عِنْدَ تَرْجِيعِهِ".
و الاسْتِرْجِاعُ: ترديد الصوت في البكاء. و التَّرْجِيعُ في الأذان: تكرار الفصول زيادة على الموظف. و قيل هو تكرار التكبير و الشهادتين في أول الأذان. و الرَّجْعَةُ بالفتح هي المرة في الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدي ع، و هي من ضروريات مذهب الإمامية، و عليها من الشواهد القرآنية و أحاديث أهل البيت ع ما هو أشهر من أن يذكر، حتى أنه‏
وَرَدَ عَنْهُمْ ع" مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِرَجْعَتِنَا وَ لَمْ يُقِرَّ بِمُتْعَتِنَا فَلَيْسَ مِنَّا".
و قد أنكر الجمهور حتى قال في النهاية الرَّجْعَةُ مذهب قوم من العرب في الجاهلية و طائفة من فرق المسلمين و أهل البدع و الأهواء، و من جملتهم طائفة من الرافضة. و فلان يؤمن بالرَّجْعَةِ: أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت.

334
مجمع البحرين4

رجع ص 333

و أما الرجْعَةُ بعد الطلاق فتقرأ بالفتح و الكسر على المرة و الحالة، و بعضهم يقتصر فيها على الفتح. قال في المصباح و هو الأصح. و طلاق رجْعِيٌّ يقرأ بالوجهين أيضا. و رَجَعَ من سفره و عن الأمر يَرْجِعُ رَجْعاً رُجُوعاً و مَرْجِعاً. قال ابن السكيت: هو نقيض الذهاب، و يتعدى بنفسه في اللغة الفصيحة. قال تعالى: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ‏
. قال في المصباح: و هذيل تعديه بالألف. و رَجَعْتُ الكلامَ و غيرَهُ: رددته. و رَجَعَ في هبته: إذا أعادها في ملكه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ".
الرَّجِيعُ هو العذرة و الروث لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا، قيل و يلحق بالرجيع جنس النجس و بالعظم جميع المطعومات، و علل العظم بأنه زاد الجن و قيل لأنه يؤكل في الشدائد و الرجيع بأنه علف دوابهم. و المُرَاجَعَةُ: المعاودة. و اسْتَرْجَعْتُ منه الشي‏ءَ: إذا أخذت منه ما دفعت إليه. و اسْتَرْجَعْتُ عند المصيبة: قلت" إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ"
، فقولك" إِنَّا لِلَّهِ" إقرار منك بالملك، و قولك" وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ" إقرار منك بإلهلك. و الاسْتِرْجَاعُ أيضا: ترديد الصوت في البكاء.
 (ردع)
فِي الْحَدِيثِ" الْمُحْرِمَةُ لَا تَلْبَسُ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَاتِ إِلَّا صِبْغاً لَا يَرْدَعُ".
أي لا يروج عنه الأثر. و الرَّدْعُ: الزعفران أو لطخ منه، أو من الدم و أثر الطيب في الجسد. و ثوب رَدِيعٌ: مصبوغ بالزعفران. و ثوب مَرْدُوعٌ: مزعفر. و رَادِعٌ و مُرْدَّعٌ كَمُعَظَّم: فيه أثر الطيب- قاله في القاموس. و رَدَعْتُهُ عن الشي‏ء رَدْعاً: منعته و زجرته عنه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الدُّنْيَا ردع [رَدِغٌ‏] مَشْرَبُهَا".
أي وحل من الردعة [الرَّدْغَةِ].

335
مجمع البحرين4

ردع ص 335

و الرِّدَاعُ: الطين الرقيق.
 (رسع)
فِي الْحَدِيثِ" شِعَارُنَا يَوْمَ الْمُرَيْسِيعِ كَذَا".
الْمُرَيْسِيعُ مصغر مَرْسُوعٍ بئر أو ماء لخزاعة على يوم من الفرع، و إليه يضاف غزوة بني المصطلق، و فيها سقط عقد عائشة و نزلت آية التيمم.
 (رصع)
التَّرْصِيعُ: التركيب. و تاج مُرَصَّعٌ بالجواهر، و سيف مُرَصَّعٌ أي محلى بالرَّصَائِعِ و هي حلي يحلى بها، الواحدة رَصِيعَةٌ.
 (رضع)
قوله تعالى: وَ حَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ‏
 [28/ 12] جمع مُرْضِعٍ، و هي التي تُرْضِعُ الولدَ، يقال رَضِعَ الصبيُّ من باب تَعِبَ لغة و رَضَاعَةً بفتح الراء، و رَاضَعْتُهُ مُرَاضَعَةً و رِضَاعاً و رِضَاعَةً بالكسر- قاله في المصباح. و يقال امرأة مُرْضِعٌ بلا هاء إذا أريد الصفة مثل حائض و حامل، فإذا أريد الفعل قالوا مُرْضِعَة بالهاء، فلذلك قال عز من قائل يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ‏
 [22/ 2] أي كل مشتغلة بِالْإِرْضَاعِ عما هي مرضعة إياه بالفعل عن إِرْضَاعِهَا إياه، و لعله تمثيل لشدة الهول فلا تراد الحقيقة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ".
و معناه- على ما في الرواية- إذا رَضِعَ الصبيُّ حولين كاملين ثم شرب بعد ذلك من امرأة أخرى ما شرب لم يحرم ذلك الرضاع، لأنه رضاع بعد فطام. و قد تكرر فيه ذكر الرَّضِيعِ، و المراد به في كلام أكثر الفقهاء من لم يتغذ بالطعام كثيرا بحيث يساوي اللبن، فلا يضر القليل سواء نقص عن الحولين أو بلغهما. قيل و لا يلحق به الرَّضِيعَةُ في نزح البئر لعدم النص.

336
مجمع البحرين4

رضع ص 336

و قال ابن إدريس: المراد بالرَّضِيعِ من كان في الحولين و إن اغتذى بالطعام و من جاوز الحولين نزح لبوله سبع و إن لم يتغذ بالطعام.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْراً فَأَتَمَّ اللَّهُ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ".
 (رعع)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ سَائِرُ النَّاسِ هَمَجٌ رَعَاعٌ".
الرَّعَاعُ كسَحَاب: العوام و السفلة و أمثالهم، الواحد رَعَاعَة.
وَ مِنْهُ" أَنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ".
أي أسقاطهم و أخلاطهم. و تَرَعْرَعَ الصبيُّ: تحرك و نشأ. و منه‏
الْحَدِيثُ" فَلَمَّا تَرَعْرَعْتُ وَ كَبِرْتُ كَانَ كَذَا وَ كَذَا".
أي تحركتُ و نشأتُ.
 (رفع)
قوله تعالى: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
 [56/ 34] قيل أراد نساء أهل الجنة ذوات الفرش المرفوعة. و مَرْفُوعَةٌ: رفعت بالجمال عن نساء أهل الدنيا. و قيل وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
 أي مقربة لهم، و منه قولهم" رَفَعْتُهُ إلى السلطان". و عن الفراء فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
 أي بعضها فوق بعض. و قيل نساء مكرمات، من قولك" و الله يَرْفَعُ من يشاء و يخفض". قوله: وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ*
 [2/ 63] قال الشيخ أبو علي: و ذلك أن موسى جاءهم بالألواح فرأوا ما فيها من التكاليف الشاقة فأبوا قبولها، فأمر جبرئيل فقلع الطور من أصله و رَفَعَهُ فوقهم و قال لهم موسى: إن قبلتم و إلا ألقي عليكم حتى قبلوا و سجدوا لله ملاحظين إلى الجبل فمن ثم تسجد اليهود على أحد شقي وجوههم. قوله: وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا
 [19/ 57] المكان العلي شرف النبوة و القربة لله. و قيل لأنه رفع إلى السماء الرابعة أو السادسة. قوله: وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏
 [35/ 10] الضمير إما أن يعود إلى‏

337
مجمع البحرين4

رفع ص 337

العمل الصالح أي يتقبله، و إما إلى الكلم الطيب أي العمل الصالح يرفع الكلم الطيب، و قيل هو من باب القلب أي الكلم الطيب يرفع العمل الصالح. قوله: وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ‏
 [52/ 5] المراد به السماء. و في الحديث تكرر ذكر الرَّفْعِ و هو خلاف الوضع، يقال رَفَعْتُهُ فَارْتَفَعَ، و الفاعل رَافِعٌ. و" رَفَعَ الله عمله" قبله. و رَفَعَ يده في الركوع و السجود: أي خضع و تذلل لله، و قد تقدم القول فيه في" عبد". و الرَّفْعُ في الأجسام حقيقة في الحركة و الانتقال، و في المعاني محمول على ما يقتضيه المقام.
وَ مِنْهُ" رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ".
و القلم لم يوضع على الصغير و لا المجنون و لا النائم و إنما معناه لا تكليف فلا مؤاخذة، و قيل المراد برَفْعِ القلم عدم المؤاخذة في الآخرة، بمعنى أنه لا إثم عليهم بما يأتونه من الأفعال المخالفة للشرع، و ليس المراد رفع غرامات المتلفات أو تخصيص الحديث بالعبادات و يصير المعنى لا تجب عليهم العبادات.
وَ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ" يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ".
و ذلك تنزيها لنفسه عن رذيلة الكبر. و الرَّفْعُ في الإعراب كالضم في البناء و هو من أوضاع النحويين. و" الرَّافِعُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي يرفع المؤمنين بالإسعاد و أولياءه بالتقريب، و هو ضد الخفص. و الرَّفِيعُ: الشريف، و منه الدرجات الرَّفِيعَةُ، و البيت الرَّفِيعُ. و رَفُعَ رِفْعَةً: ارْتَفَعَ قدرُه. و رَفُعَ الثوبُ فهو رَفِيعٌ: خلاف غَلُظَ. و رَافَعْتُهُ إلى الحاكم: قربته إليه. و منه" تَرَافَعْتُ إليه".
 (رقع)
الرُّقْعَةُ بالضم: الخرقة التي يُرْقَعُ فيها الثوب، يقال رَقَعْتُ الثوبَ رَقْعاً من باب نَفَعَ: إذا جعلت مكان القطيع خرقة

338
مجمع البحرين4

رقع ص 338

و اسمها رُقْعَةٌ و جمعها رِقَاعٌ كبُرْمَةٍ و بِرَامٍ. و منه‏
قَوْلُهُ ع" وَ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي".
إلخ، و قد مر. و الرُّقْعَةُ أيضا واحدة الرِّقَاعِ التي يكتب فيها. و منها استخارة ذات الرِّقَاعِ.
وَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ مَشْهُورَةٌ، وَ هِيَ غَزْوَةٌ غَزَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ غَطَفَانَ فَخَافَ الْجَمْعَانِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ص صَلَاةَ الْخَوْفِ.
و سميت الغزوة غزوة ذات الرِّقَاعِ لوجوه: قيل لأنهم كانوا يلفون على أرجلهم الخرق من شدة الحر أو يعصبونها من حيث تنصب أقدامهم من المشي، و قيل لأن الأرض التي التقوا فيها كانت قطعا بيضاء و حمراء و سوداء كالرِّقَاعِ المختلفة الألوان. و قيل لأنهم رَقَعُوا راياتِهِم فيها، و قيل هي اسم شجرة بذلك الموضع، و قيل اسم جبل قريب من المدينة فيه بقع حمر و سود و بيض. و يقال للواهي العقل رَقِيعٌ تشبيها بالثوب الخلق، كأنه رُقِعَ.
 (ركع)
قوله تعالى: وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ‏
 [2/ 43] أي مع المسلمين، لأن اليهود لا ركوع لهم، قيل الأولى حمل الآية على الأمر بصلاة الجماعة، فتكون إما وجوبا كما في الجمعة و العيدين أو استحبابا كما في باقي الصلوات الواجبة، و هو قول أكثر المسلمين، و قول أحمد بوجوبها على الكفاية محتجا بأنه ص توعد جماعة تركوها بإحراق‏

339
مجمع البحرين4

ركع ص 339

بيوتهم لا يدل على مطلوبه لاحتمال اعتقادهم عدم المشروعية، أو إصرارهم على ترك السنن، أو على شدة الاستحباب الذي لا نزاع فيه. قوله: وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ‏
 [3/ 43] قيل أمرت بالصلاة في الجماعة بذكر أركانها مبالغة في المحافظة عليها. و الرُّكُوعُ لغة: الانحناء، يقال رَكَعَ الشيخُ أي انحنى من الكِبَر. و في الشرع انحناء مخصوص. و الرَّاكِعُ: هو الفاعل لذلك. و قد يتجوز بالرُّكُوعِ عن الصلاة كما نص عليه البعض.
قَوْلُهُ:" وَ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ السَّجْدَةَ".
أي من أدرك الركوع فقد أدرك السجدة، أي الرَّكْعَةَ.
 (رمع)
فِي الْحَدِيثِ" أَوَّلُ مَنْ رَدَّ شَهَادَةَ الْمَمْلُوكِ رُمَعُ، وَ أَوَّلُ مَنْ أَعَالَ الْفَرَائِضِ رُمَعُ".
و الكلمة مقلوبة فلا تغفل.
 (روع)
قوله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ‏
 [11/ 74] الرَّوْعُ بالفتح فالسكون الفزع، يقال رَاعَنِي الشي‏ءُ من باب قال أفزعني، و رَوَّعَنِي مثله. و رُعْتُ فلانا: أفزعته.
وَ مِنْهُ" لَا يُرَوِّعُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالنَّارِ وَ لَا يُصِيبُهُمْ مِنْهُ فَزَعٌ".
و منه" آمن رَوْعَتِي"، و جمع الرَّوْعَةِ رَوْعَاتٌ. و قولهم" لا تُرَعْ" على بناء المجهول أي لا تخف و لا يلحقك خوف، و يجي‏ء الرَّوْعُ للإعجاب، يقال رَاعَنِي الشي‏ءُ: أعجبني. و الرُّوْعُ بالضم فالسكون: العقل و القلب، يقال وقع ذلك في رُوعِي أي في خلدي و بالي، و منه‏
حَدِيثُ النَّبِيِّ ص" إِنْ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَث‏

340
مجمع البحرين4

روع ص 340

فِي رُوعِي أَنَّهُ لَا تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا".
أي ألقى في قلبي، و المراد بالروح الأمين جبرئيل. و الأَرْوَعُ من الرجال: من يعجبك حسنه. و منه قولهم" مر بي غلام أَرْوَعُ اللون"
 (ريع)
قوله: أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ‏
 [26/ 128]. الرِّيعُ بالكسر: الارتفاع من الأرض و الطريق، و قيل هو الجبل، واحده رِيعَةٌ، و الجمع رِيَاعٌ. و الرَّيْعُ بالفتح فالسكون أيضا: النماء و الزيادة. و رَاعَتِ الحنطةُ و غيرها رَيْعاً من باب باع: إذا زكت. و أرض مَرِيعَةٌ بفتح الميم: أي مخصبة.
باب ما أوله الزاي‏
 (زبع)
فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ طَوَارِقِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ زَوَابِعِهِمْ".
الزَّوْبَعَةُ: اسم شيطان أو رئيس الجن و الجمع زَوَابِعُ. و زِنْبَاعٌ بكسر الزاي: اسم رجل.
 (زرع)
قوله تعالى: أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ‏
 [56/ 64] ء أنتم تنبتونه أم نحن. و الزَّرْعُ: الإنبات، يقال زَرَعَهُ أي أنبته. و الزَّرْعُ: واحد الزُّرُوعِ، و هو ما استنبت بالبذر تسميته بالمصدر، و منه يقال" حصدت الزَّرْعَ" أي النبات. قال بعضهم: و لا يسمى زَرْعاً إلا و هو غض طري.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ الْوَاسِطِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْفَلَّاحِينَ؟ فَقَالَ: هُمْ الزَّرَّاعُون‏

341
مجمع البحرين4

زرع ص 341

كُنُوزُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ مَا فِي الْأَعْمَالِ شَيْ‏ءٌ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الزِّرَاعَةِ، وَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا زَرَّاعاً إِلَّا إِدْرِيسَ ع فَإِنَّهُ كَانَ خَيَّاطاً".
و المُزَارَعَةُ: هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها. و المَزْرَعَةُ: مكان الزرع.
 (زعزع)
الزَّعْزَعَةُ: تحريك الشجرة و نحوها أو كل تحريك شديد، يقال زَعْزَعْتُهُ فَتَزَعْزَعَ، و ريح زَعْزَعٌ.
 (زلع)
فِي الْخَبَرِ" كَانَ يُصَلِّي حَتَّى تَزْلَعُ قَدَمَاهُ".
هو- على ما قيل- من زَلِعَ قدمُه بالكسر يَزْلَعُ زَلَعاً بالتحريك: إذا تشقق.
 (زمع)
فِي الْحَدِيثَ" خُذْ مِنْ شَعْرِكَ إِذَا أَزْمَعْتَ عَلَى الْحَجِّ".
أي إذا عزمت عليه يقال أجمعت الرأي و أَزْمَعْتُهُ و عزمت عليه بمعنى. و زَمِعَ زَمَعاً من باب تعب: دهش. و الزَّمَعُ بفتحتين: ما يتعلق بأظلاف الشاة من خلفها، الواحدة زَمَعَةٌ كقَصَبٍ و قَصَبَةٍ.
وَ" عَبْدُ اللَّهِ بْنِ زَمَعَةَ" مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ ع، وَ هُوَ الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ فِي خِلَافَتِهِ يَطْلُبُ مِنْهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ ع" هَذَا الْمَالُ لَيْسَ لِي وَ لَكَ وَ إِنَّمَا هُوَ فَيْ‏ءٌ لِلْمُسْلِمِينَ".
و الزَّمَعَةُ بالتحريك: التلعة الصغيرة
وَ مِنْهُ" إِنَّكَ مِنْ زَمَعَاتِ قُرَيْشٍ".
أي لست من أشرافهم.

342
مجمع البحرين4

باب ما أوله السين ص 343

باب ما أوله السين‏
 (سبع)
قوله: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ‏
 [9/ 80] نقل أن العرب تضع التَّسْبِيع موضع التضعيف و إن جاوز السبع. قوله: وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ‏
 [5/ 3] بضم الباء الموحدة واحد السِّبَاع و اللبوة، سَبْعَة، قيل و هي أجرأ من السبع، و إسكان الباء لغة، و قرى‏ء بها، و هو مروي عن جماعة، و رواه بعضهم عن عبد الله بن كثير أحد السَّبْعَة، و يجمع على لغة الضم على سباع كرجل و رجال، و في لغة السكون على أسبع كفلس و أفلس. قال في المصباح: و يقع السَّبُعُ على كل ما له ناب يعدو به و يفترس كالذئب و الفهد و النمر، و أما الثعلب فليس بسبع و إن كان له ناب لا يعدو به و لا يفترس و كذلك الضبع- قاله الأزهري. و" أرض مَسْبَعَة" بفتح الأول و الثالث: كثيرة السباع. و السُّبُع بضمتين و الإسكان تخفيف جزء من سبعة أجزاء، و الجمع أَسْبَاعٌ.
وَ فِي حَدِيثِ شَهْرِ رَمَضَانَ" مَنْ أَدَّى فِيهِ فَرْضاً كَانَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ".
قيل المراد بالسبعين إما العدد الخاص أو معنى الكثرة، كما قالوه في قوله تعالى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً
. قال بعض شراح الحديث: و قد يقال في تخصيص السبعين من بين سائر الأعداد إنها تكرر ما هو أكمل الآحاد أعني السبعة بعده عدد كامل هو العشرة لاشتماله على جميع مخارج الكسور التسعة، و لأن جميع ما فوقه يحصل بإضافة الآحاد إليه أو تكريره أو بهما معا، و وجه أكملية السبعة اشتمالها على جميع أقسام العدد،

343
مجمع البحرين4

سبع ص 343

لأنه إما زوج أو فرد، و إما منطق أو أصم، و إما مجذور أو غير مجذور، و إما تام أو زائد أو ناقص، و إما زوج الزوج أو زوج الفرد، و قد اشتملت السبعة على جميع هذه الأنواع إلا الزائد و الفرد غير الأول. و الأُسْبُوعُ من الطواف: سبع طوافات و الجمع أُسْبُوعَات و أَسَابِيعُ. و الْأُسْبُوعُ من الأيام: سبعة أيام، و جمعه أَسَابِيع أيضا. و أول أيام الأسبوع عند أهل اللغة الأحد، و سمي ما بعده بالإثنين لأنه ثانيه ثم الثلاثاء لأنه ثالثه و هكذا. و ذهب جمع من الفقهاء و المحدثين إلى أن أوله السبت احتجاجا
بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِيَدِي فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَ خَلَقَ الْجِنَانَ فِيهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَ خَلَقَ الشَّجَرَ فِيهَا يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَ خَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ، وَ خَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَ بَثَّ فِيهَا مِنَ الدَّوَابِّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتٍ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ".
وَ فِي حَدِيثِ الْحَقِّ تَعَالَى" وَ لَعْنَتِي تَبْلُغُ السَّابِعَ مِنَ الْوَرَى" وَ فِي نُسْخَةٍ" مِنَ الْوَلَدِ".
و فيه دلالة على سراية اللعن في الأعقاب.
 (سجع)
فِي الْخَبَرِ" اسْكُتْ سَجَّاعَةُ".
أي يا سجاعة. و السَّجْع: الكلام المقفى. و منه سَجَعَ الرجل كلامه، كما يقال نظمه إذا جعل لكلامه فواصل كقوافي الشعر، و الجمع أَسْجَاع و أَسَاجِيع. و سَجَعَتِ الحمامة سجعا- من باب نفع-: أي هدرت و صوتت.
 (سرع)
قوله تعالى: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً
 [70/ 43] أي مسرعين. قوله: وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ‏
 [6/ 62] يعني إذا حاسب فحسابه سريع.
وَ فِي الْخَبَرِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع‏

344
مجمع البحرين4

سرع ص 344

وَ قَدْ سُئِلَ كَيْفَ يُحَاسِبُ اللَّهُ الْخَلْقَ وَ لَا يَرَوْنَهُ؟ قَالَ: كَمَا يَرْزُقُهُمْ وَ لَا يَرَوْنَهُ.
وَ رُوِيَ" أَنَّ اللَّهَ يُحَاسِبُ جَمِيعَ عِبَادِهِ عَلَى قَدْرِ حَلْبَ شَاةٍ".
و هو دليل على أنه لا يشغله محاسبة أحد عن محاسبة أحد و أنه يتكلم بلا لسان. قوله: وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ‏
 [3/ 133] من المسارعة إلى الشي‏ء، و هي المبادرة إليه في أول أوقات إمكانه، و المراد إلى ما هو سبب المغفرة. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَنْهَاكَ عَنِ التَّسَرُّعِ فِي الْفِعْلِ وَ الْقَوْلِ".
أي الإسراع و المبادرة إليهما من دون تأمل و تدبر. و السُّرْعَة: نقيض البطء، تقول سَرُعَ بالضم سَرَعاً بالتحريك فهو سَرِيعٌ وزان صغر صغرا فهو صغير. و من كلامهم" عجبت من سُرْعَة فلان" يعني عجلته. و أَسْرَعَ في السير: خف فيه، و تَسَرَّعَ في الشر. و سَرَعَانُ الناس بالتحريك أوائلهم.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع عِنْدَ فَقْدِ فَاطِمَةَ ع" وَ سَرَعَانَ مَا فَرَّقَ بَيْنَنَا وَ إِلَى اللَّهِ أَشْكُو".
أي ما أسرع ما فرق بيننا بعد الاجتماع، كقولهم و سرعان ما فعلت كذا: أي ما أسرع ما فعلت.
 (سطع)
سَطَعَ الصبح يَسْطَعُ بفتحتين سُطُوعاً: إذا ارتفع. و منه" النور السَّاطِع" و هو اللامع المرتفع.
 (سفع)
قوله تعالى: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ
 [96/ 15] أي لنأخذن بناصيته إلى النار يقال سَفَعْتُ بالشي‏ء إذا أخذته و جذبته جذبا شديدا، و الناصية شعر مقدم الرأس و الجمع النواصي. و سَفَعَتْهُ النار و السموم: إذا نفحته نفحا يسيرا فغيرت لون البشرة. و منه‏
الدُّعَاءُ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَفَعَاتِ النَّارِ".
بالتحريك.

345
مجمع البحرين4

سفع ص 345

وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا بُعِثَ الْمُؤْمِنُ مِنْ قَبْرِهِ كَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ، فَإِذَا خَرَجَ سَفَعَ بِيَدِهِ وَ قَالَ: أَنَا قَرِينُكَ فِي الدُّنْيَا".
 (سقع)
يقال خطيب مِسْقَع و مصقع بالسين و الصاد أي بليغ. و في القاموس مِسْقَع كمنبر البليغ أو عالي الصوت.
 (سكع)
" حج مُتَسَكِّعاً" أي بغير زاد و لا راحلة.
 (سلع)
السِّلْعَةُ بالكسر: البضاعة، و الجمع السِّلَعُ مثل سدرة و سدر. و" سَلْع" بفتح المهملة و سكون جبل معروف بالمدينة. و" السِّلْعَةُ" بكسر السين أيضا زيادة في الجسد كالغدة و تتحرك إذا حركت. و" السَّلْعَةُ" بالفتح الشجة. و الْأَسْلَعُ: الأبرص.
 (سلفع)
السَّلْفَعُ: من تحيض من حيث لا تحيض النساء.
 (سمع)
قوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ*
 [5/ 41] أي قائلون للكذب، كما يقال لا نَسْمَعُ من فلان أي لا نقبل منه، و جائز أن يكون سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ*
 أي يسمعون منك ليكذبوا عليك. قيل عنى به اليهود سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ‏
 أي هم عيون لأولئك الغيب. قوله: سَمَّاعُونَ لَهُمْ‏
 [9/ 47] مطيعون، و يقال أي يتجسسون الأخبار لهم. قوله: أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ
 [19/ 38] أي ما أسمعهم و أبصرهم. قوله: غَيْرَ مُسْمَعٍ‏
 [4/ 46] أي غير مجاب إلى ما تدعو إليه.

346
مجمع البحرين4

سمع ص 346

قوله: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى‏*
 [27/ 8] أي لا تقدر أن توفق الكفار لقبول الحق. قوله: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ‏
 [6/ 36] أي يصغون إليك إصغاء الطاعة. قوله: كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً
 [18/ 101] أي لا يقدرون أن يسمعوا القرآن. قوله: وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا
 [7/ 204] قال الشيخ أبو علي هذا الظاهر يوجب استماع القرآن و الإنصات له وقت قراءته في الصلاة و غير الصلاة، و قيل أنه في الصلاة خاصة خلف الإمام الذي يؤتم به إذا سمعت قراءته، و كان المسلمون يتكلمون في الصلاة فنزلت- انتهى. و قد مر تمام البحث عن الآية في نصت. قوله: خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ‏
 [2/ 7] السمع يكون واحدا و جمعا، لأنه في الأصل مصدر قولك سَمِعْتُ الشي‏ء سَمْعاً. و سَمِعْتُ له: أي أصغيت و تسمعت إليه، فإذا أدغمت قلت اسمعت، و قرى‏ء لا يَسْمَعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى‏ مخففا. و" السَّمِيعُ"
 من أسمائه تعالى، و هو الذي لا يعزب عنه إدراك مسموع و أخفى يسمع بغير جارحة، و فعيل من أبنية المبالغة. و إسماعيل و إسحاق ولدا يعقوب النبي ع، و اختلف في الأكبر منهما كما يأتي تحقيقه في سحق.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع قَالَ: لَمَّا وُلِدَ إِسْمَاعِيلُ حَمَلَهُ إِبْرَاهِيمُ ع وَ أُمَّهُ عَلَى حِمَارٍ وَ أَقْبَلَ مَعَهُ جَبْرَئِيلُ حَتَّى وَضَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْحِجْرِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع لِجَبْرَئِيلَ: هُنَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَ مَكَّةُ يَوْمَئِذٍ سَلَمٌ وَ سَمُرٌ، وَ حَوْلَ مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ نَاسٌ مِنَ الْعَمَالِيقِ".
وَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع كَانَ أَكْبَرَ إِخْوَتِهِ، وَ كَانَ أَبُوهُ ع شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لَهُ وَ الْبِرِّ وَ الْإِشْفَاقِ عَلَيْهِ، وَ كَانَ قَوْمٌ مِنَ الشِّيعَةِ يَظُنُّونَ أَنَّهُ الْقَائِمُ بَعْدَ أَبِيهِ وَ الْخَلِيفَةُ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَمَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ بِالْعُرَيْضِ، وَ حُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَال‏

347
مجمع البحرين4

سمع ص 346

إِلَى أَبِيهِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى دُفِنَ بِالْبَقِيعِ. رُوِيَ أَنَّ الصَّادِقَ ع جَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعاً شَدِيداً وَ حَزِنَ عَلَيْهِ حُزْناً عَظِيماً، وَ تَقَدَّمَ سَرِيرَهُ بِغَيْرِ حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ، وَ أَمَرَ بِوَضْعِ سَرِيرِهِ عَلَى الْأَرْضِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِرَاراً كَثِيرَةً، وَ كَانَ يَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ وَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ.
يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته من بعده و إزالة المشتبه عنه في حياته، و لما مات إسماعيل انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه ع من كان يظن ذلك و يعتقده من أصحاب أبيه، و أقام على حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه و لا من الرواة عنه، و كانوا من الأباعد و الأطراف، فلما مات الصادق ع انتقل فريق منهم إلى القول بإمامة موسى الكاظم ع بعد أبيه، و افترق الباقون فريقين: فريق رجعوا عن حياة إسماعيل إلى إمامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنهم أن الإمامة كانت في أبيه و أن الابن أحق بمقام الإمامة من الأخ، و فريق منهم ثبتوا على حياة إسماعيل و هم اليوم شذاذ لا يعرف أحد يومى إليه، و هذان الفريقان يسميان الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ، و المعروف منهم الآن يقولون إن الإمامة بعد إسماعيل في ولده و ولد ولده إلى آخر الزمان- كذا في كشف الغمة. و سَمِعْتُهُ و سَمِعْتُ له و تَسَمَّعْتُ و اسْتَمَعْتُ كلها تتعدى بنفسها و بالحرف. و اسْتَمَعَ لما كان بقصد، و سَمِعَ يكون بقصد و بدونه. و سَمِعْتُ كلامه: أي فهمت معنى لفظه. و سَمِعَ الله قولك: علمه. و" سَمِعَ الله لمن حمده" أجاب الله حمد من حمده و تقبله، لأن غرض السماع الإجابة. و منه‏
الدُّعَاءُ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ دُعَاء

348
مجمع البحرين4

سمع ص 346

لَا يُسْمَعُ".
أي لا يستجاب و لا يعتد به، يقال دعوت الله حتى خفت أن لا يكون الله ليسمع ما أقول: أي لا يجيب ما أدعو به.
وَ" أَيُّ دُعَاءٍ أَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ".
أي أرجى للإجابة و أخلق.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْمُؤْمِنِ" يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ وَ يَشْنَأُ السُّمْعَةَ".
أي يبغض أن يسمع بعمله الذي عمل لله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ سَمِعَ فَاحِشَةً فَأَفْشَاهَا فَكَذَا".
قيل المراد بسماعها ما يشتمل سماعها من أهلها أو فاعلها، كأن يسمع من أحد كذبا أو قذفا أو غيبة، و لا ريب أن المراد في غير المواضع المستثناة
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ مَسَامِعَ خَلْقِهِ" وَ فِي رِوَايَةٍ" أَسَامِعَ خَلْقِهِ".
قيل هو من سمعت بالرجل تسميعا: إذا شهرته، و قيل أراد من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس و كان ذلك ثوابه. و الْمَسَامِعُ جمع مِسْمَعٍ، و هي آلة السمع و الْمَسْمَعُ بالفتح خرقها. و منه‏
حَدِيثِ الْمَيِّتِ" لَا يُقَرِّبُ مَسَامِعَهُ الْكَافُورَ".
يعني إذا حنط. و الْمَسَامِعُ جمع سَمْعٍ بغير قياس.
 (سمدع)
السَّمَيْدَعُ بفتح السين الموطوء الأكناف قال الجوهري: و لا تقل بضم السين.
 (سوع)
قوله تعالى: يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ*
 [30/ 12] يعني القيامة. و السَّاعَة: جزء من أجزاء الزمان يعبر بها عن القيامة لوقوعها بغتة، أو لأنها على طولها عند الله كساعة من ساعات الخلق، و هي من الأسماء الغالبة كالنجم و الثريا.
وَ رُوِيَ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: سَأَلْتُ سَيِّدِي الصَّادِقَ: هَلْ لِلْمَأْمُونِ الْمُنْتَظَرِ الْمَهْدِيِّ مِنْ وَقْتٍ يَعْلَمُهُ النَّاسُ؟ فَقَالَ: حَاشَ لِلَّهِ أَنْ يُوَقِّتَ ظُهُورَهُ بِوَقْتٍ يَعْلَمُهُ شِيعَتُنَا. قُلْتُ: يَا سَيِّدِي وَ لِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ هُوَ السَّاعَةَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏
 الْآيَة

349
مجمع البحرين4

سيع ص 350

، وَ تَلَا غَيْرَهَا مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي بِهَا لَفْظُ السَّاعَةَ.
و" سُوَاعٌ" اسم صنم كان يعبد في زمن نوح ع ثم صار لهذيل. و السَّاعَة: الوقت من ليل أو نهار، و العرب تطلقها و تريد بها الحين و الوقت و إن قل.
وَ فِي الْخَبَرِ" بُعِثْتُ أَنَا وَ السَّاعَةُ هَكَذَا أَوْ كَهَاتَيْنِ".
هو شك من الراوي، يريد ما بيني و بين الساعة بالنسبة إلى ما مضى مقدار فضل الوسطى على السبابة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ سَاعَاتِ الْجَنَّةِ".
يعني تشبه ساعات الجنة في ظهور الفيض فيها، و من تلك الجملة أن قسمة الأرزاق كل يوم تكون فيها. و المؤمن كل ما أراد في الجنة يحصل له في كل ساعة.
وَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ قَدْ سُئِلَ أَيُّ سَاعَةٍ لَا مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَ لَا مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا" مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ هِيَ مِنْ سَاعَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ".
فهي و إن خالفت الظاهر في الدلالة لكنها كما قيل تحتمل التأويل، أي ليست من ساعات الليل البينة و لا من ساعات النهار البينة، أو أجاب السائل النصراني على معتقده. و ما قاله بعض أئمة الحديث إنما صارت الصلاة في اليوم و الليلة خمسين ركعة لأن ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة و ساعات النهار اثنتا عشرة ساعة و ما بين طلوع الشمس ساعة فجعل الله لكل ركعتين، فهو خلاف الظاهر، و لعله جار على من اعتقد ذلك من أهل الملل. و الله أعلم.
 (سيع)
سَاعَ الماء يَسِيعُ سَيْعاً: أي جرى و اضطرب على وجه الأرض. و السِّيَاعُ: الطين بالتبن الذي يطين به البيوت.

350
مجمع البحرين4

باب ما أوله الشين ص 351

باب ما أوله الشين‏
 (شبع)
فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ".
أي حريصة تتعلق بالآمال البعيدة. و الشبع بالفتح و كعنب: ضد الجوع. و الشبع بالكسر و كعنب: ما أشبعك. و شبعة من الطعام بالضم: قدر ما يشبع به مرة. و منه‏
حَدِيثُ الْمُحْرِمِ الَّذِي يَمَسُّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ" فَلْيَتَصَدَّقْ بِقَدْرِ شُبْعَةٍ".
يعني من طعام. و شَبِعَ بكسر الباء شِبَعاً بفتحها و سكونها تخفيف، و بعضهم يجعل الساكن اسما لما يشبع به من خبز و لحم و غيره. و رجل شَبْعَان و امرأة شَبْعَى. و أَشْبَعْتُهُ: أطعمته حتى شبع.
وَ فِي الْخَبَرِ" مُوسَى ع آجَرَ نَفْسَهُ بِشِبْعِ بَطْنِهِ".
و هو ما أَشْبَعَ به بطنه من طعام.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَشْبَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ خَيْرٍ يَسْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةَ".
و هذا لأن سماع الخير سبب للعمل و هو سبب لدخولها.
 (شجع)
فِي الْحَدِيثِ" سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ شُجَاعاً أَقْرَعَ".
الشُّجَاعُ بالكسر و الضم الحية العظيمة التي تواثب الفارس و الرجل و تقوم على ذنبها، و ربما قلعت رأس الفارس، تكون في الصحاري، و الشُّجَاعُ الأقرع حية قد تمعط فروة رأسها لكثرة سمها. و الشَّجَاعَةُ: شدة القلب عند البأس. و قد شَجُعَ الرجل بالضم شَجَاعَةً: قوي قلبه و استهان بالحروب جرأة و إقداما و قوم شجعان بالضم مثل جريب و جربان، و شجعان بالكسر مثل غلام و غلمان. و تَشَجَّعَ: تكلف الشجاعة. و شَجِعَ شَجَعاً من باب تعب: طال.

351
مجمع البحرين4

شجع ص 351

و الْأَشَاجِعُ: أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف، الواحدة أَشْجَعُ‏
 (شرع)
قوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ‏
 [42/ 13] أي فتح لكم و عرفكم طريقه قوله: شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً
 [5/ 48] الشِّرْعَة بالكسر الدين و الشَّرْعُ و الشَّرِيعَةُ مثله، مأخوذ من الشَّرِيعَةِ و هو مورد الناس للاستسقاء سميت بذلك لوضوحها و ظهورها، و جمعها شَرَائِعُ. و المنهاج: الطريق الواضح المستقيم. فقوله شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً
 أي دينا و طريقا واضحا. قوله: عَلى‏ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ
 [45/ 18] أي سنة و طريقة، و قيل على دين و ملة و منهاج. قوله: شُرَّعاً
 [7/ 163] أي ظاهرة، و يقال حيتان شُرَّعٌ للرافعة رءوسها، واحدها شَارِعٌ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْغُلَامُ وَ الْجَارِيَةُ شَرَعٌ سَوَاءٌ".
هو مصدر يستوي فيه الواحد و الاثنان و الجمع و المذكر و المؤنث و تفتح الراء و تسكن، أي متساويان في الحكم لا فضل لأحدهما على الآخر. و
قَوْلُهُ:" شَرَعٌ سَوَاءٌ".
كأنه من عطف البيان، لأن الشَّرَعَ هو السواء، و مثله" و أنتم بشر سواء" أي واحد. و الشَّرِيعَةِ: ما شرع الله لعباده و افترضه عليهم. و قد شَرَعَ لكم شَرْعاً: أي سن. و شَرَعْتُ في هذا الأمر: أي خضت فيه. و شَرَعَ الله لنا كذا: أظهره و أوضحه و الشَّارِعُ: الطريق الأعظم. و الشَّارِعُ هو النبي، و الْمُتَشَرِّعَةُ ما عداه. و" الْمَشْرَعَة" بفتح الميم و الراء: طريق الماء للواردة. و أَشْرَعْتُ بابا: فتحت. و الشِّرَاعُ ككتاب للسفينة ما يرفع من فوقها من ثوب فيجريها.
 (شسع)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يَسْتَحِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ وَ لَوْ شِسْعَ نَعْلٍ".
و
فِيهِ" إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلا

352
مجمع البحرين4

شسع ص 352

يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ".
هو بالكسر واحد شُسُوعِ النعل، و هو ما يدخل بين الإصبعين في النعل العربي ممتد إلى الشراك، و الجمع شُسُوعٌ كحمل و حمول. و شَسَعَ المكان يَشْسَعُ بفتحتين بعد فهو شَاسِعٌ. و الشَاسِعُ: البعيد.
 (شعع)
شُعَاعُ الشمس بالضم: ما يرى من ضوئها عند ذرورها كالقضبان.
 (شفع)
قوله تعالى: وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ
 [89/ 3] مر شرحه في وتر. و الشَّفِيعُ: صاحب الشفاعة. قال تعالى: مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها
 [4/ 85] قيل معناه من يصلح بين اثنين يكن له جزء منها وَ مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً
 أي يمشي بالنميمة مثلا يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها أي إثم منها، و قيل المراد بالشَّفَاعَةِ الحسنة الدعاء للمؤمنين، و بالشفاعة السيئة الدعاء عليهم. قوله: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى‏
 [21/ 28] و هو! مروي عن الرضا ع، و عن بعض المفسرين و لا يشفعون إلا لمن ارتضى دينه من أهل الكبائر و الصغائر، فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة. قال الصدوق: المؤمن من تسره حسنته و تسوؤه سيئته،
لِقَوْلِ النَّبِيِّ ص" مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ".
و متى ساءته سيئته ندم عليها و الندم توبة و التائب مستحق الشفاعة و الغفران، و من لم تسوءه سيئته فليس بمؤمن، و من لم يكن مؤمنا لم يستحق الشفاعة، لأن الله تعالى غير مرتض دينه قوله: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ‏
 [74/ 48] قيل في معناه لا شافع و لا شفاعة، فالنفي راجع إلى الموصوف و الصفة كقوله لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً. و في الحديث تكرر ذكر الشفاعة فيما يتعلق بأمور الدنيا و الآخرة، و هي السؤال في التجاوز عن الذنوب و الجرائم. و منه‏

353
مجمع البحرين4

شفع ص 353

" أَعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ".
قال الشيخ أبو علي: و اختلفت الأمة في كيفية شَفَاعَةِ النبي يوم القيامة: فقالت المعتزلة و من تابعهم يشفع لأهل الجنة ليزيد في درجاتهم، و قال غيرهم من فرق الأمة بل يشفع لمذنبي أمته ممن ارتضى الله دينهم ليسقط عقابهم بشفاعته.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ" وَ إِنْ كَانَ الْمُسْتَضْعَفُ بِسَبِيلٍ مِنْكَ فَاسْتَغْفِرِ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَلَايَةِ".
وَ فِي الْخَبَرِ" اشْفَعْ تُشَفَّعْ".
أي تقبل شفاعتك.
وَ فِيهِ" أَنْتَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَ أَوَّلُ مُشَفَّعٍ".
هو بفتح الفاء، أي أنت أول من يشفع و أول من تقبل شفاعته.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَشْفَعْ فِي حَقِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ".
و
فِيهِ" يَشْفَعُونَ الْمَلَائِكَةُ لِإِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ يَسْعَى فِي الْمَسْعَى".
كأنهم يقولون: اللهم استجب دعاء هذا العبد. و الشُّفْعَةُ كغرفة قد تكرر ذكرها في الحديث، و هي في الأصل التقوية و الإعانة، و في الشرع استحقاق الشريك الحصة المبيعة في شركة، و اشتقاقها على ما قيل من الزيادة، لأن الشفيع يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به، كأنه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا. و الشَّافِعُ: الجاعل الوتر شفعا، و يقال الشُّفْعَةُ اسم للملك المشفوع مثل اللقمة اسم للشي‏ء الملقوم، و تستعمل بمعنى التملك لذلك الملك. قال في المصباح: و منه قولهم" من تثبت له شُفْعَةٌ فأخر الطلب بغير عذر بطلت شُفْعَتُهُ" ففي هذا جمع بين المعنيين، فإن الأولى للمال و الثانية للملك، و لا يعرف لها فعل، و اسم الفاعل شَفِيعٌ، و الجمع شُفَعَاءُ مثل كريم و كرماء، و شَافِعٌ أيضا. و شَفَعْتُ الشي‏ء شَفْعاً من باب نفع: ضممته إلى الفرد. و شَفَعْتُ الركعة: جعلتها ركعتين، و منه قول بعض الفقهاء و الشَّفْعُ ركعتان و الوتر واحدة بعد ثماني صلاة الليل.
 (شمع)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ تَتَبَّعَ الْمَشْمَعَةَ يُشَمَّع‏

354
مجمع البحرين4

شمع ص 354

بِهِ".
الْمَشْمَعَةُ اللعب و المزاح. و منه امرأة شَمُوعٌ كصبور: المزاحة اللعوب، و المعنى من عبث بالناس أصاره الله إلى حالة يعبث به فيها و يستهزأ منه. و الشَّمَعُ بالتحريك: الذي يستصبح به، و عن الفراء المولدون يقولون شَمْع بالتسكين. و" شَمْعُون بن حمون" بالحاء المهملة وصي عيسى بن مريم.
 (شنع)
فِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ ع" عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمْ مِنَ السُّلْطَانِ شُنْعَةٌ".
هي بالضم القباحة و الفظاعة، و كذلك الشَّنَاعَةُ، يقال شَنُعَ الشي‏ء بالضم شَنَاعَةً قبح فهو شَنِيعٌ و الجمع شُنُعٌ كبَرِيد و بُرُد، و شَنَّعْتُ عليه تَشْنِيعاً. و شَنَّعْتُ فلانا: أي استقبحته و سئمته.
 (شيع)
قوله تعالى: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ
 [19/ 69] أي من كل فرقة. قوله: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ‏
 [15/ 10] أي في فرقهم و طوائفهم. و الشِّيعَةُ: الفرقة إذا اختلفوا في مذهب و طريقة. قوله: وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ‏
 [54/ 15] أي أشباهكم و نظراءكم في الكفر. قوله: كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ‏
 [34/ 54] أي بأمثالهم من الشيع الماضية. قوله: الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا
 [24/ 19] أي يشيعونها عن قصد الإشاعة و محبة لها.
وَ رُوِيَ فِيمَا صَحَّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْ عَيْنَاهُ وَ سَمِعَتْ أُذُنَاهُ كَانَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ
 الْآيَةَ.
و قال أبو علي: في الآية دلالة على أن العزم على الفسق فسق. قوله: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيم‏

355
مجمع البحرين4

شيع ص 355

[37/ 83] قيل: أي و إن من شيعة نوح إبراهيم، يعني أنه على منهاجه و سنته في التوحيد و العدل و اتباع الحق. قيل: و إن من شيعة محمد ص إبراهيم كما قال أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ أي من هو أب لهم فجعلهم ذرية و قد سبقوهم.
وَ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ جَلَسَ لَيْلًا يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ إِذَا ذَكَرْتُمُ الْأَنْبِيَاءَ الْأَوَّلِينَ فَصَلُّوا عَلَيْهِمْ، وَ إِذَا ذَكَرْتُمْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ فَصَلُّوا عَلَيْهِ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَا نَالَ إِبْرَاهِيمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: اعْلَمُوا أَنَّ لَيْلَةَ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَرَقِيتُ السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ نُصِبَ لِي مِنْبَرٌ مِنْ نُورٍ فَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ الْمِنْبَرِ وَ جَلَسَ إِبْرَاهِيمُ تَحْتِي بِدَرَجَةٍ وَ جَلَسَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ الْأَوَّلِينَ حَوْلَ الْمِنْبَرِ، فَإِذَا بِعَلِيٍّ قَدْ أَقْبَلَ وَ هُوَ رَاكِبٌ نَاقَةً مِنْ نُورٍ وَ وَجْهُهُ كَالْقَمَرِ وَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ كَالنُّجُومِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا أَيُّ نَبِيٍّ مُعَظَّمٍ وَ أَيُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ؟ قُلْتُ: لَا نَبِيٌّ مُعَظَّمٌ وَ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ هَذَا أَخِي وَ ابْنُ عَمِّي وَ صِهْرِي وَ وَارِثُ عِلْمِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: وَ مَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَوْلَهُ كَالنُّجُومِ؟ قُلْتُ: شِيعَتُهُ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ، فَأَتَى جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ.
و الشِّيعَةُ: الأتباع و الأعوان و الأنصار مأخوذ من الشياع، و هو الحطب الصغار التي تشتعل بالنار و تعين الحطب الكبار على إيقاد النار، و كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، ثم صارت الشيعة جماعة مخصوصة، و الجمع شِيَعٌ مثل سدرة و سدر. و في النهاية: أصل الشِّيعَة الفرقة من الناس، و تقع على الواحد و الاثنين و الجمع و المذكر و المؤنث بلفظ واحد و معنى واحد، و غلب هذا الاسم على كل من يزعم أنه يوالي عليا و أهل بيته حتى صار لهم اسما خاصا. فإذا قيل فلان من الشيعة عرف أنه منهم، و في مذهب الشيعة [كذا أي عندهم‏]، و أصلها من الْمُشَايَعَةِ [و هي‏] المتابعة و المطاوعة- انتهى كلامه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" طَالَ مَا اتَّكَئُوا عَلَى‏

356
مجمع البحرين4

شيع ص 355

الْأَرَائِكِ وَ قَالُوا نَحْنُ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ".
و لعل هذا الحديث و غيره مما يقتضي بظاهره نفي الاسم عمن ليس فيهم أوصاف مخصوصة زيادة على المذكور المتعارف مخصوص بنفي الكمال من التشيع. و تَشَيَّعَ الرجل: إذا ادعى دعوى الشيعة. و شَاعَ الخبر تَشِيعُ شُيُوعَةً و شُيُوعاً: أي ذاع و ظهر، و يتعدى بالحرف و بالألف فيقال شِعْتُ به و أَشَعْتُهُ. و سهم مُشَاعٌ: أي غير مقسوم. و المُشَايِعُ للشي‏ء: أي اللاحق له كالمشيع. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنْ سَافَرَ قَصَّرَ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُشَيِّعاً لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ لَاحِقاً بِهِ وَ تَابِعاً لَهُ".
و شَيَّعَ الجنازة: لحقها و تبعها. و فلان من أَشْيَاعِ السلطان: أي من أتباعه. و شَيَّعْتُ الضيف: خرجت معه عند رحيله إكراما له، و هو التوديع. و شَايَعْتُهُ على الأمر مُشَايَعَةً مثل تابعته متابعة وزنا و معنى.
باب ما أوله الصاد
 (صبع)
قوله تعالى: جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ‏
 [71/ 7] أي أنامل أصابعهم فعبر بها عنها. و الأصابع: جمع إِصْبَع يؤنث و يذكر و بعضهم يقتصر على التأنيث، و كذلك سائر أسمائها كالخنصر و البنصر، و في الإِصْبَع كما قيل عشر لغات و المشهور كسر الهمزة و فتح الباء، و هي التي ارتضاها الفصحاء، و هي تثليث الهمزة مع تثليث الباء، و العاشرة أُصْبُوع كعصفور.
 (صدع)
قوله: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ
 [15/ 94] المعنى- و الله أعلم- أبن‏

357
مجمع البحرين4

صدع ص 357

الأمر إبانة لا تنمحي كما لا يلتئم صدع الزجاجة، و الكلام استعارة و المستعار منه كسر الزجاجة و المستعار له التبليغ و الجامع التأثر، و قيل أفرق بين الحق و الباطل، و قيل شق جماعاتهم بالتوحيد أو بالقرآن. قوله: وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ‏
 [86/ 12] أي تصدع بالنبات و الصَّدْعُ: الشق، يقال صَدَعْتُهُ فَانْصَدَعَ من باب نفع: أي انشق. قوله: يَصَّدَّعُونَ‏
 [30/ 43] أي يتفرقون فريقا في الجنة و فريقا في السعير. قوله: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها
 [56/ 19] أي بسببها لا يصدر صُدَاعُهُمْ عنها. قوله: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ‏
 [59/ 12] قال بعض المفسرين: الغرض منه توبيخ القارى‏ء على عدم تخشعه عند قراءة القرآن لقساوة قلبه و قلة تدبر معانيه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَ وَ تَرَى أَحَداً أَصْدَعَ بِالْحَقِّ مِنْ زُرَارَةَ".
قيل أراد كثرة إظهاره للحق و بيانه له، من قولهم صَدَعْتُ بالحق أظهرته و تكلمت به جهارا. و صَدَعْتُ الشي‏ء: بنيته و أظهرته. و الصَّدِيعُ: الصبح. و منه‏
الْحَدِيثُ" صَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حِينَ يَعْتَرِضُ الْفَجْرُ وَ هُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الصَّدِيعَ".
و الصُّدَاعُ بالضم: وجع الرأس. و صُدِّعَ تَصْدِيعاً بالبناء للمجهول، و تَصَدَّعَ السحاب صَدْعاً: أي تقطع و تفرق. و أَصْدَعَهَا صِدْعَيْنِ بالكسر: أي نصفين. و صَدَعْتُ الرداء صَدْعاً من باب نفع: إذا شققته، و الاسم الصِّدْع بالكسر. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَنَّ الْمُصَدِّقَ يَجْعَلُ الْغَنَمَ صِدْعَيْنِ" أَيْ فِرْقَتَيْنِ" ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهَا الصَّدَقَةَ".
 (صرع)
فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَمَّا صَرَعَ الْمِعْرَاض‏

358
مجمع البحرين4

صرع ص 358

مِنَ الصَّيْدِ".
أي طرحه، من الصَّرْع و يكسر: الطرح على الأرض. و صَرَعَتْهُ الدابة صَرْعاً من باب نفع: طرحته.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَقَمَصَتِ الرَّاكِبَةُ فَصُرِعَتِ الْمَرْكُوبَةُ".
و منه قوله" و صَرِيعٌ يتلوى"
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ سُقْمٍ مُصَرِّعٍ".
و هو المفضي بصاحبه إلى الصرعة. و الصُّرَعَة بضم الصاد و فتح الراء المبالغ في الصراع الذي يغلب. و الصَّرْعُ بالفتح: علة معروفة تشبه الجنون لأنها تصرع صاحبها. و صَرَعْتُهُ صَرْعاً بالفتح و الكسر، و صَارَعْتُهُ مُصَارَعَةً. و مِصْرَاعُ الباب: الشطر، و هما مِصْرَاعَانِ. و
" أَوَّلُ مَنْ عَلَّقَ عَلَى بَابِهَا- يَعْنِي الْكَعْبَةَ مِصْرَاعَيْنِ مُعَاوِيَةُ".
و مَصَارِعُ الشهداء: أمكنتهم التي صرعوا فيها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ".
 (صعصع)
" صَعْصَعَةُ" أبو قبيلة من هوازن. و" صَعْصَعَةُ بنُ صَوْحَان" من أصحاب علي ع، و له مسجد بالكوفة معروف.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا كَانَ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَعْرِفُ حَقَّهُ إِلَّا صَعْصَعَةُ وَ أَصْحَابُهُ.
 (صقع)
فِي حَدِيثِ الْمَفْقُودِ يُكْتَبُ إِلَى الصُّقْعِ الَّذِي فُقِدَ فِيهِ.
هو بالضم الناحية من البلاد و الجهة أيضا و المحلة. و
قَوْلُهُ:" وَ هُوَ فِي صُقْعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ".
أي في ناحيتهم، و الصَّقْعُ بالفتح: الغم يأخذ بالنفس من شدة الحر. و الصَّقْعَاءُ: الشمس. و الصُّقْعَةُ بالضم: موضعها من الرأس. و الْأَصْقَعُ من الخيل و الطير و غيرهما: الذي في رأسه بياض. و الصُّقْعَةُ بالضم: موضعها.

359
مجمع البحرين4

صلع ص 360

  (صلع)
فِي الْخَبَرِ" سُئِلَ عَنِ الصُّلَيْعَاءِ وَ الْقُرَيْعَاءِ".
أراد بِالصُّلَيْعَاءِ الأرض السبخة. و بالقريعاء الأرض التي لا تعطي بركتها و لا تخرج نبتها و لا يدرك ما أنفق فيها. و الأَصْلَعُ من الرجال: الذي انحسر مقدم شعر رأسه، و موضعه الصَّلَعَةُ بالتحريك و بالإسكان لغة. و صَلِعَ الرأس صَلَعاً من باب تعب: انحسر الشعر من مقدمه. و عن ابن سيناء و لا يحدث الصَّلَع للنساء لكثرة رطوبتهن، و لا للخصيان لقرب أمزجتهم من أمزجة النساء.
 (صلمع)
صَلْمَعَ الرجل رأسه: أي حلقه.
 (صمع)
قوله تعالى: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ‏
 [22/ 40] الصَّوَامِعُ جمع صَوْمَعَة النصارى دقيقة الرأس، و قد مر شرح الآية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمُؤْمِنُ مَجْلِسُهُ مَسْجِدُهُ وَ صَوْمَعَتُهُ بَيْتِهِ".
قال في القاموس: الصَّوْمَعَةُ كجوهرة بيت للنصارى، و يقال هي نحو المناصرة ينقطع فيها رهبان النصارى. و الصَّوْمَعَةُ: العقاب لأنها أبدا مرتفعة على أشرف مكان تقدر عليه.
 (صنع)
قوله تعالى: صُنْعَ اللَّهِ‏
 [27/ 88] أي فعل الله. قوله: وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً
 [18/ 104] أي عملا. و الصُّنْعُ و الصَّنِيعُ و الصَّنْعَةُ واحد. قوله: وَ لِتُصْنَعَ عَلى‏ عَيْنِي‏
 [20/ 39] أي تربى و تغذى بمرأى مني لا أكلك إلى غيري. قوله تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ‏
 [26/ 129] أي أبنية، واحدها مَصْنَعَةٌ. قوله: اصْطَنَعْتُكَ‏
 [20/ 41] أي لنفسي اتخذتك صنعي و خالصتي و اختصصتك بكرامتي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَرْبَعَةٌ يَذْهَبْنَ ضِيَاعاً مِنْهَا الصَّنِيعَةُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا".
أي الصنع و الإحسان إلى غير أهله. و فيه" و رب مغرور في الناس مَصْنُوع‏

360
مجمع البحرين4

صنع ص 360

له" أي مملى له أو مستدرج أو نحو ذلك و" الصُّنْع" بالضم مصدر قولك صَنَعَ إليه معروفا. و صَنَعَ صَنِيعاً قبيحا: أي فعل. و" الصِّنَاعَة" بالكسر حرفة الصانع و عمله الصَّنْعَة. و التَّصَنُّع: تكلف حسن السمت و العمل و منه‏
الْحَدِيثُ" مُتَصَنِّعٌ بِالْإِسْلَامِ".
أي متكلف له و متدلس به غير متصف به في نفس الأمر. و الصَّنِيعَة: الإحسان. و اصْطَنَعْتُ عند فلان صَنِيعَةً: أحسنت إليه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مِيتَةَ السَّوْءِ".
وَ فِي حَدِيثِ آدَمَ ع وَ قَدْ قَالَ لِمُوسَى ع" أَنْتَ كَلِيمُ اللَّهِ اصْطَنَعَكَ لِنَفْسِهِ".
قيل: هذا تمثيل لما أعطاه الله من التقريب و التكريم. و الِاصْطِنَاعُ افتعال من الصنعة، و هي العطية و الكرامة و الإحسان. و الْمُصَانَعَةُ: أن تصنع شيئا له ليصنع لك شيئا. و الصِّنْعُ بالكسر: الموضع الذي يتخذ للماء، و الجمع أَصْنَاعٌ، و يقال له مَصْنَعٌ و مَصَانِعُ. و المَصْنَعُ: ما يصنع لجمع الماء كالبركة و نحوها، و الجمع مَصَانِعُ. و" صَنْعَاءُ" ممدود في الأكثر بلد باليمن، نقل أنه أول بلد بني بعد الطوفان، و النسبة إليه صَنْعَانِيٌّ على غير القياس، و القياس بالواو.
 (صوع)
قوله تعالى: نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ‏
 [12/ 72] و صَاعُ الملك واحد و هو إناء يشرب فيه، و قيل الصُّوَاعُ جام كهيئة المكوك من فضة، و قرى‏ء صوغ الملك بالصاد و المعجمة ذاهبا إلى أنه كان مصوغا فسماه بالمصدر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ".
و الصَّاعُ: مكيال يسع أربعة أمداد، و قدر الصَّاعِ بتسعة أرطال بالعراقي و ستة بالمدني و أربعة و نصف بالمكي، و الرطل‏

361
مجمع البحرين4

صوع ص 361

المكي على وزن رطلين بالعراقي و على وزن رطل و ثلث بالمدني. و عن بعض شراح الحديث: الصَّاعُ مائة و ألف و سبعون درهما و ثمانمائة و تسعة عشر مثقالا.
وَ فِي مُكَاتَبَةِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع" وَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ- يَعْنِي الصَّاعَ- يَكُونُ بِالْوَزْنِ أَلْفاً وَ مِائَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ وَزْنَةً".
أي مرة بالوزن يعني درهما، فيكون منصوبا على التمييز مع احتمال رفعه اسما لكان مؤخرا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ صَاعُ النَّبِيِّ ص خَمْسَةَ أَمْدَادٍ".
و لعله كان مخصوصا و إلا فالمشهور أن الصَّاعَ الذي كان في عهده ص أربعة أمداد. و عن الفراء أهل الحجاز يؤنثون الصَّاع و يجمعونها في القلة على أَصْوُع و في الكثرة على صِيعَان، و بنو أسد و أهل نجد يذكرون و يجمعون على أَصْوَاع، و نقل عن المطرزي عن الفارسي أنه يجمع على آصُع بالقلب كما قيل دار و آدر بالقلب. و صُعْتُ الشي‏ء فانْصَاعَ: أي فرقته فتفرق. و التَّصَوُّع: التفرق. و منه‏
قَوْلُهُ" وَ فَاضَ فَانْصَاعَ بِهِ سَحَابُهُ".
أي تفرق في أمكنة متعددة ليعم نفعه.
باب ما أوله الضاد
 (ضبع)
فِي حَدِيثِ الْغَدِيرِ" مَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَ بِضَبْعِ ابْنِ عَمِّهِ".
الضَّبْعُ كفرخ العضد. و في القاموس الضَّبْع العضد كلها، أو وسطها بلحمها، أو الإبط، أو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها.
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع فِي عُثْمَانَ" أَمَامَهُ ثَلَاثَةٌ وَ اثْنَانِ خَمْسَةٌ لَيْسَ لَهُمْ سَادِسٌ مَلَكٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ وَ نَبِيٌّ أَخَذَ بِضَبْعَيْهِ".
أي عضديه‏
" وَ سَاعٍ مُجْتَهِدٌ وَ طَالِبٌ يَرْجُو وَ مُقَصِّرٌ فِي النَّارِ".
قال بعض الشارحين: قوله" ثلاثة

362
مجمع البحرين4

ضبع ص 362

و اثنان" ما الفائدة في ذلك. قلت: إن ثلاثة من الخمسة من أصحاب العصمة، و اثنان من صنف آخر، و المعنى أن من مشى على الأرض من صنف المكلفين خمسة جبرئيل ع و غيره من الملائكة و المراد من ساع مجتهد الأوصياء ع، و من طالب يرجو شيعتهم، و من مقصر ما سوى الأربعة المكلفين الماشين على الأرض. و" الضَّبُع" بضم الباء في لغة قيس و تسكينها في لغة تميم حيوان معروف، و هي أنثى، و قيل تقع على الذكر و الأنثى و ربما قيل في الأنثى ضَبْعَة بالهاء كما قيل سبع و سبعة بالسكون مع الهاء للتخفيف، و الذكر ضِبْعَانُ، و الجمع ضَبَاعِينَ كسِرْحَان و سَرَاحِين. قال في المصباح: و يجمع الضَّبُعُ على ضِبَاعٍ و بسكونها على أَضْبُعٍ.
 (ضجع)
قوله تعالى: تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ‏
 [32/ 16] أي المرقد. و مثله وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ‏
 [4/ 34] و لا تدخلوهن تحت اللحف. قوله: لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى‏ مَضاجِعِهِمْ‏
 [3/ 154] أي لخرج الذين قدر الله عليهم القتل، و كتب في اللوح المحفوظ إلى مضاجعهم و مصارعهم و لا تنفع الإقامة في المدينة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَجِّلُوا مَوْتَاكُمْ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ".
أي إلى قبورهم و مراقدهم.
وَ فِيهِ" اخْتَارُوا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ الْخَالَ أَحَدُ الضَّجِيعَيْنِ".
لعل المعنى فإن أخت الخال أحد الضجيعين، فإذا كان شريفا كان ابن الأخت أو بنت الأخت كذلك، و إذا كان وضيعا كان الولد وضيعا. و الله أعلم. و ضَجِيعُ الرجل: الذي يصاحبه. و المَضْجَعُ بفتح الميم و الجيم: موضع الضجوع، و الجمع مَضَاجِعُ. و المُضَاجَعَةُ بين الرجل و المرأة. و منه‏
الْحَدِيثِ" لَيْسَ فِي الْمُضَاجَعَةِ وُضُوءٌ".
و الضِّجْعَة بالكسر من الِاضْطِجَاعِ، و هو النوم كالجلسة من الجلوس، و بفتحها

363
مجمع البحرين4

ضجع ص 363

المرة الواحدة.
وَ فِي الْخَبَرِ" كَانَتْ ضِجْعَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص أَدَماً حَشْوُهَا لِيفٌ".
أي ما كان يضطجع عليه، فيكون في الكلام حذف تقديره كانت ذات ضجعة أو نحو ذلك. و ضَجَعَ الرجل: أي وضع جنبه بالأرض ضَجْعاً و ضُجُوعاً فهو ضَاجِعٌ، و اضْطَجَعَ مثله، و في افتعل لغتان للعرب فمنهم من يدغم فيقول اضَّجَعَ و منهم من لا يدغم فيقول اضْطَجَعَ.
 (ضرع)
قوله تعالى: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ‏
 [88/ 6] قيل هو نبت بالحجاز مشوم له شوك كبار، يقال له الشبرق تأكله الإبل يضرها و لا ينفعها. قال الشيخ أبو علي: و إنما سمي ضَرِيعاً لأنه يشتبه عليها أمره فتظنه كغيره من النبت، و الأصل في الْمُضَارَعَةِ المشابهة.
وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: الضَّرِيعُ شَيْ‏ءٌ يَكُونُ فِي النَّارِ يُشْبِهُ الشَّوْكَ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ وَ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ وَ أَشَدُّ حَرّاً مِنَ النَّارِ.
و تَضَرَّعَ إلى الله: ابتهل إليه و تذلل. و تَضَرَّعَ: خضع و ذل. و التَّضَرُّعُ: المبالغة في السؤال و الرغبة. و ضَرَعَ له يَضْرَعُ بفتحتين ضَراعَةً فهو ضَارِعٌ: ذل و خضع. و ضَرِعَ ضَرَعاً من باب تعب لغة. و التَّضَرُّعُ: رفع اليدين و التضرع بهما.
وَ فِي الْحَدِيثِ" التَّضَرُّعُ تَحْرِيكُ الْأَصَابِعِ يَمِيناً وَ شِمَالًا".
و
فِي آخَرَ" التَّضَرُّعُ تَحَرُّكُ السَّبَّابَةِ الْيُمْنَى يَمِيناً وَ شِمَالًا".
و ضَرُعَ ضَرَعاً وزان شرف شرفا: ضعف. و الفعل المُضَارِعُ: ما فيه أحد الزوائد الأربع يجمعها قولك" أنيت" أو" نأتي". و الضَّرْعُ لكل ذات ظلف أو خف كالثدي للمرأة. و قولهم" لا سهم للضَّرَعِ" محركة هو الصغير الذي لا يصلح للركوب أو الضعيف.

364
مجمع البحرين4

ضعضع ص 365

 (ضعضع)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ تَضَعْضَعَ لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ طَمَعاً فِيهِ كَانَ قَرِينَهُ فِي النَّارِ".
أي خضع و ذل. و مثله‏
فِي آخِرِ" مَا تَضَعْضَعَ امْرُؤٌ لِآخَرَ".
يريد به غرض الدنيا
" إِلَّا ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ".
و" تَضَعْضَعَ بهم الدهر فصاروا في ظلمات القبور" أي أذلهم. و ضَعْضَعَهُ: هدمه حتى الأرض. و تَضَعْضَعَتْ أركانه: أي اتضعت.
 (ضفدع)
قوله تعالى: وَ الضَّفادِعَ وَ الدَّمَ‏
 [7/ 133] هي جمع ضِفْدِعٍ كخنصر حيوان معروف، و الأنثى ضِفْدِعَة، و ربما قيل ضِفْدَع بفتح الدال قيل و أنكره الخليل و جماعة.
نُقِلَ أَنَّهُ لَمَّا نَقَضَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ مَا آمَنُوا بِهِ وَ عَادُوا إِلَى خُبْثِ أَعْمَالِهِمْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الضَّفَادِعَ فَامْتَلَأَتْ مِنْهَا بُيُوتُهُمْ وَ أَبْنِيَتُهُمْ، وَ كَانَتْ تَدْخُلُ فِي فُرُشِهِمْ وَ بَيْنَ ثِيَابِهِمْ وَ أَطْعِمَتِهِمْ فَلَا يَكْشِفُ أَحَدٌ طَعَاماً وَ لَا إِنَاءً إِلَّا وَ يَجِدُ فِيهِ الضَّفَادِعَ وَ كَانَ الرَّجُلُ يَجْلِسُ فِي الضَّفَادِعِ إِلَى ذَقَنِهِ وَ يَهُمُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَيَثِبُ الضِّفْدِعُ فِي فِيهِ، وَ كَانَتْ تُلْقِي نَفْسَهَا فِي الْقِدْرِ وَ هِيَ تَغْلِي فَتُفْسِدُ طَعَامَهُمْ وَ تُطْفِئُ نِيرَانَهُمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبَلَاءِ الشَّدِيدِ، فَضَجُّوا وَ صَاحُوا وَ سَأَلُوا مُوسَى فَقَالُوا: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفْهَا عَنَّا، فَدَعَا رَبَّهُ فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الضَّفَادِعَ فَأَقَامُوا شَهْراً فِي عَافِيَةٍ، ثُمَّ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ قَتْلِ سِتَّةٍ" وَ عَدَّ مِنْهَا الضِّفْدِعَ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أُضْرِمَتِ النَّارُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ شَكَتْ هَوَامُّ الْأَرْضِ إِلَى اللَّهِ فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَصُبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَلَمْ يَأْذَنْ لِشَيْ‏ءٍ مِنْهَا إِلَّا الضِّفْدِعَ.
 (ضلع)
فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَلْعِ الدَّيْنِ".
أي ثقله و ميله عن الاستواء و الاعتدال، يقال ضَلَعَ بالفتح يَضْلَعُ ضَلْعاً بالتسكين: أي مال عن الحق. و حمل مُضْلِعٌ: أي مثقل.

365
مجمع البحرين4

ضلع ص 365

و الضَّلَعُ بالتحريك الاعوجاج خلقة يقال ضَلِعَ بالكسر يَضْلَعُ ضَلَعاً بالتحريك من باب تعب اعوج، فهو ضَلِعٌ. و الضِّلَع من الحيوان بكسر الضاد و فتح اللام، و هي أنثى و جمعها أَضْلُع و أَضْلَاع و ضُلُوعٌ. و تَضَلَّعَ الرجل: امتلأ شبعا و ريا. و منه‏
حَدِيثُ مَاءِ زَمْزَمَ" شَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ".
أي أكثر من الشرب حتى تمدد جنبه و أضلاعه. و أَضْلَعَ المضيق: أي جعل مضيق الطريق وعرا مائلا عن الاستقامة. و الِاضْطِلَاعُ من الضلاعة، و هي القوة. و اضْطَلَعَ بهذا الأمر: أي قدر عليه، كأنه قويت عليه ضلوعه بحمله. و منه" مُضْطَلِعٌ بالإمامة".
وَ فِي وَصَفَهُ ص" إِنَّهُ كَانَ ضَلِيعَ الْفَمِ".
أي عظيمه، و قيل واسعه، و العرب تحمد عظم الفم و تذم صغره، و قيل هو عظم الأسنان.
 (ضوع)
فِي الْخَبَرِ" جَاءَ الْعَبَّاسُ فَجَلَسَ عَلَى الْبَابِ وَ هُوَ يَتَضَوَّعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص رَائِحَةً لَمْ يَجِدْ مِثْلَهَا".
يعني يشم منه رائحة منتشرة لم يجد مثلها، من قولهم ضَاعَ المسك يَضُوعُ ضَوْعاً من باب قال: فاحت رائحته و انتشرت.
 (ضيع)
فِي الْحَدِيثِ" بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلنَّاسِ فَضَيَّعُوهُ".
أي أماتوه و لم يعبئوا به.
وَ مِنْهُ" الْعَتَمَةُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَ ذَلِكَ تَضْيِيعٌ".
و منه‏
حَدِيثُ التَّأْخِيرِ فِي الصَّلَاةِ" ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ اللَّهُ".
وَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الثَّوْبِ" فَضَيَّعْتُ غَسْلَهُ".
أي قصرت في غسله. و الضَّيْعَةُ: الضَّيَاعُ. أعني الهلاك. و منه قوله" أخاف عليه الضَّيْعَةَ". و ضَاعَ يَضِيعُ ضَيْعَةً و ضَيَاعاً بالفتح‏

366
مجمع البحرين4

ضيع ص 366

أي هلك، فهو ضَائِعٌ، و الجمع ضُيَّعٌ و ضِيَاعٌ مثل ركع و جياع. و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ مَالٍ يَكُونُ عَلَيَّ ضَيَاعاً".
أي هلاكا. و الإِضَاعَةُ و التَّضْيِيعُ بمعنى. و الضَّيْعَةُ بالفتح فالسكون: العقار و الأرض المغلة، و الجمع ضِيَاعٌ ككلاب، و ضِيَعٌ كسدر. و الضَّيْعَةُ أيضا: الحرفة. و منه" كل رجل و ضَيْعَته". و الضِّيَاعُ: العيال، و منه‏
قَوْلُهُ ص" مَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَعَلَيَّ".
و المَضِيعَة و هي المفازة المنقطعة يجوز فيها كسر الضاد و سكون الياء كمعيشة و سكون الضاد و فتح الياء.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ".
قيل أراد به الحيوان، أي يحسن إليه و لا يهمل، و قيل إنفاقه في الحرام و المعاصي و ما لا يحبه الله تعالى، و قيل أراد به التبذير و الإسراف و إن كان في مباح.
باب ما أوله الطاء
 (طبع)
قوله تعالى: طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ*
 [9/ 93] أي ختم عليها فلم توفق للخير. و الطَّبْعُ بالسكون الختم، و بالتحريك العيب، و أصله الدنس و الوسخ يغشيان السيف، ثم يستعمل فيما يشبه الوسخ و الدنس من الآثام و الأوزار و غير ذلك من العيوب و المقابح، و كانوا يرون أن الطَّبَع هو الرين، و قيل الرين أيسر من الطبع و الطَّبَع أيسر من الإقفال و الإقفال أشد ذلك كله، و هو إشارة إلى قوله تعالى: بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ و قوله: طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ*
 و قوله: أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ".
أي ختم‏

367
مجمع البحرين4

طبع ص 367

عليه و غشاه و منعه ألطافه، و هو كما قيل صريح في إضلال الله لبعض عباده من باب المجازاة لا ابتداء كما زعمته الأشاعرة. و الطَّبِيعَةُ: مزاج الإنسان المركب من الأخلاط.
وَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ ع" طَبَائِعُ الْجِسْمِ عَلَى أَرْبَعَةٍ: فَمِنْهَا الْهَوَاءُ الَّذِي لَا تَحْيَا النَّفْسُ إِلَّا بِهِ وَ بِنَسِيمِهِ وَ يُخْرِجُ مَا فِي الْجِسْمِ مِنْ دَاءٍ وَ عُفُونَةٍ، وَ الْأَرْضُ الَّتِي قَدْ تُوَلِّدُ الْيُبْسَ وَ الْحَرَارَةَ، وَ الطَّعَامُ وَ مِنْهُ يَتَوَلَّدُ الدَّمُ أَ لَا تَرَى أَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الْمَعِدَةِ فَتَعْمَلُ بِهِ حَتَّى يَلِينَ ثُمَّ يَصْفُوَ فَتَأْخُذُ الطَّبِيعَةُ صَفْوَهُ وَ مَا تَمَّ يَنْحَدِرُ مَعَ الثُّفْلِ، وَ الْمَاءُ وَ هُوَ يُوَلِّدُ الْبَلْغَمَ".
قال بعض شراح الحديث: قوله" طَبَائِعُ الجسم" إلخ المراد أن نظام هيكل الإنسان مبني على أربعة: الهواء الذي متابعه دفع الفضلة فإن لتحرك النفس دخلا في الدفع، و الأرض التي تولد اليبس و الحرارة في الهيكل لانعكاس أشعة الشمس، و فيه إشارة إلى تولد المرتين مرة السوداء و مرة الصفراء.
 (طلع)
قوله تعالى: فَأَطَّلِعَ إِلى‏ إِلهِ مُوسى‏
 [40/ 37] أي لعلي أقف على حال إله موسى و أشرف عليه. و الطُّلُوعُ و الِاطِّلَاعُ: الصعود على الشي‏ء، قال تعالى: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ‏
 [37/ 55]. قوله: حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
 [5/ 97] بفتح اللام و كسرها موضع الطلوع، يقال طَلَعَت الشمس طُلُوعاً من باب قعد و مَطْلَعاً: أي بينت و ظهرت. قال الشيخ أبو علي: قرأ الكسائي و خلف مَطْلِعِ بكسر اللام و الباقون بفتح اللام. ثم قال: مَطْلَع مصدر بدلالة أن المعنى سَلَامٌ هِيَ حتى وقت طلوعه و إلى وقت طلوعه، فهو نحو مقدم الحاج و خفوق النجم بجعل المصدر فيه على تقدير حذف المضاف، و القياس أن يفتح اللام كما أن مصادر سائر ما كان من فعل يفعل مفتوح العين نحو المخرج و المقتل‏
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ".

368
مجمع البحرين4

طلع ص 368

بتشديد الطاء المهملة و البناء للمفعول: أمر الآخرة و موقف القيامة الذي يحصل الاطلاع عليه بعد الموت. و في الصحاح المُطَّلَعُ المأتى، يقال أين مُطَّلَعُ هذا الأمر أي مأتاه، و هو موضع الاطلاع من إشراف إلى انحدار. و قال ابن الأثير: المُطَّلَعُ مكان الاطلاع من موضع عال، يقال مُطَّلَعُ هذا الجبل من مكان كذا: أي مأتاه و مصعده. و منه‏
حَدِيثِ الْحَسَنِ" إِنَّمَا أَبْكِي لِهَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ فِرَاقِ الْأَحِبَّةِ".
و
مِنْهُ" لَوْ أَنَّ لِي مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ".
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ عَلِيٍّ ع مَعَ الصَّحَابَةِ" وَ تَطَلَّعْتُ حِينَ تَعْتَعُوا".
التَّطَلُّعُ الإشراف من عال، و كنى به عن الاهتمام العالي بما ينبغي تحصيله. و التَّتَعْتُعُ: التقبض، و تَتَعْتَعَ القنفذ: إذا أدخل رأسه في جلده، و كنى به عن قصورهم و قعودهم عن مقاماته. و طِلَاعُ الأرض: ملؤها. و أَطْلَعْتُ زيدا على كذا: مثل أعلمته وزنا و معنى. و الطَّلْعُ: ما يطلع من النخل ثم يصير بسرا و تمرا إن كانت أنثى، و إن كانت ذكرا لم تصر تمرا بل يترك على النخلة أياما معلومة حتى يصير فيه شي‏ء أبيض مثل الدقيق، له رائحة زكية فيلقح به الأنثى.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الطَّلِيعُ لَيْسَ بِمُحَارِبٍ".
المراد به عين القوم.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْمَوْلُودُ مِنْ أُمَّتِي أَحَبُّ عَلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَ غَرَبَت".
أي من جميع ما في الدنيا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَكْرَهُ أَنْ أَنَامَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَ أَكْرَهُ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ غَيْرِ مَطْلِعِهَا".
قال بعض الشارحين: يقرب إلى الذهن قراءة تُطَلَّعَ بتشديد اللام مبنيا للمفعول ليصح المعنى من غير تكلف. و الطَّالِعُ: طالع النجوم. و منه‏
الْحَدِيثُ" كُنْتُ أَنْظُرُ فِي النُّجُوم‏

369
مجمع البحرين4

طلع ص 368

وَ أَعْرِفُهَا وَ أَعْرِفُ الطَّالِعَ، فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى الطَّالِعِ الشَّرِّ جَلَسْتُ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِذَا اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرِقِ سَلَكَ بِكُمْ مَنَاهِجَ الرَّسُولِ فَتَدَاوَيْتُمْ مِنَ الْعَمَى".
قال بعض الشارحين: يحتمل أن يراد بالطَّالِعِ المهدي ع. لا يقال طُلُوعُهُ من مكة و هي وسط الأرض، لأنا نقول اجتماع العساكر الكثيرة عليه و توجهه إلى فتح البلاد إنما يكون من الكوفة و هي شرقي الحرمين و كثير من بلاد الإسلام، و يحتمل أن يراد به علي أمير المؤمنين لأن محله بالكوفة و هي شرقي الحرمين.
وَ مَا رُوِيَ مِنْ" أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ".
يذكر في محله.
 (طمع)
طَمِعَ في الشي‏ء طَمَعاً من باب تعب و طَمَاعَةً و طَمَاعِيَةً بالتخفيف، فهو طَامِعٌ و طَمِعٌ.
 (طوع)
قوله: ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً
 [41/ 11] الآية.
سُئِلَ الرِّضَا ع عَمَّنْ كَلَّمَ اللَّهَ لَا مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ؟ فَقَالَ: السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ فِي قَوْلِهِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ‏
.
قوله: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ‏
 [5/ 30] أي شجعته، و يقال رخصت و سهلت. قوله: وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً
 [2/ 158] قيل: أي من تبرع بالسعي بين الصفا و المروة بعد إتيانه بالواجب. قال بعض المفسرين: و ليس بشي‏ء لأنه لم يرد استحباب السعي ابتداء، بل إذا زاد شوطا سهوا استحب له إكمال أسبوعين، و حينئذ يكون المراد من تَطَوَّعَ بالحج و العمرة بعد الإتيان بالواجب، أو يكون المراد به الصعود على الصفا و إطالة الوقوف عليه،
فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ يُسْتَحَب‏

370
مجمع البحرين4

طوع ص 370

الْوُقُوفُ عَلَيْهِ قَدْرَ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي تَرْتِيلٍ، وَ رُوِيَ أَنَّهُ يُورِثُ الْغِنَى.
و قال بعضهم أنه على إطلاقه، أي أي خير كان من القربات فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ أي مجاز على الشكر بأضعافه عليهم بقدر إيصاله من الجزاء. قوله: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ‏
 [9/ 79] أي المتطوعين في الصدقة فأدغم. قوله: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
 [3/ 97] أي من قدر على ذلك، قيل إنها شاملة للمستطيع بنفسه و غيره، فيدخل المغصوب الواجد من يحج عنه، و وجه التناول- على ما قيل- مع أن فعل الغير مقام فعل الشخص مجاز مبني على إعراب الآية، و فيه ثلاثة أوجه:" أحدها"- إضافة حج الذي هو مصدر إلى المفعول و من هو الفاعل، و تقديره أن يحج المستطيع البيت." الثاني"- كذلك إلا أن من شرطية جزاؤها محذوف، التقدير مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
 فليفعل." الثالث"- بدل بعض من كل، و التقدير على الْمُسْتَطِيعِ من الناس حج البيت، فعلى الأول يكون الحمل على الأمرين جمعا بين الحقيقة و المجاز، و على الثاني و الثالث لا يكون جمعا بينهما. و الِاسْتِطَاعَةُ: هي الإطاقة و القدرة، و ربما قالوا اسْطَاعَ يَسْطِيعُ بحذف التاء و في قراءة حمزة فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ بالإدغام، فجمع بين الساكنين. قوله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏
 [94/ 16] مر في" وقى". قوله: لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً*
 [18/ 67] أي لن تقدر على ما أفعل، فإني أفعل أمورا ظاهرها مناكير و باطنها لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً. قوله: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ‏
 [5/ 112] أي هل يقدر ربك على ذلك. قوله: إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ‏
 [11/ 88] أي ما أريد إلا الإصلاح، و هو أن أصلحكم بموعظتي و نصيحتي. قال الشيخ أبو علي: ما اسْتَطَعْت

371
مجمع البحرين4

طوع ص 370

ظرف، أي مدة استطاعتي للإصلاح و ما دمت متمكنا منه، أو بدل من الإصلاح أي المقدار الذي استطعت منه، و يجوز أن يكون مفعولا للإصلاح، و كقوله‏
" ضعيف النكاية أعداءه"


، أي ما أريد إلا أن أصلح ما اسْتَطَعْتُ إصلاحه من فاسدكم.
وَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِطَاعَةِ" قَالَ الْبَصْرِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع: النَّاسُ مَجْبُورُونَ؟ قَالَ ع: لَوْ كَانُوا مَجْبُورِينَ لَكَانُوا مَعْذُورِينَ. قَالَ: فَفَوَّضَ إِلَيْهِمْ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَمَا هُمْ؟ فَقَالَ: عَلِمَ مِنْهُمْ فِعْلًا فَجَعَلَ فِيهِمْ آلَةَ الْفِعْلِ، فَإِذَا فَعَلُوا كَانُوا مَعَ الْفِعْلِ مُسْتَطِيعِينَ".
لعل المراد بالاستطاعة هنا الاستطاعة التامة دون المكلف بها، و إلى هذا نظر بعض شراح الحديث حيث قال: و يمكن الجمع بين الأخبار بأن الِاسْتِطَاعَةَ قسمان ظاهرية و باطنية، و أن الظاهرية مناط التكليف و أنها متقدمة على التكليف، ألا ترى أن الحج يجب على من يموت في طريق مكة و أن الِاسْتِطَاعَةَ الجامعة للظاهرية و الباطنية إنما تحصل في وقت الفعل و الترك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ".
يريد أن الطَّاعَةَ لا تسلم لصاحبها و لا تخلص إذا كانت مشوبة بمعصية و إنما تصح مع اجتنابها. و مثله‏
" لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ".
كما لو أمر بقتل و قطع و نحوه غير مشروع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ أَطَاعَ رَجُلًا فِي مَعْصِيَةٍ فَقَدْ عَبَدَهُ".
قال بعض العارفين: لعلك تظن أن ما تضمنه من أن الطَّاعَةَ عبادة لأهل المعاصي على ضرب من التجوز لا الحقيقة، و ليس كذلك بل هو حقيقة فإن العبادة ليست إلا الخضوع و التذلل و الطاعة و الانقياد، و لهذا جعل سبحانه اتباع الهوى و الانقياد إليه عبادة للهوى قال: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ و جعل طَاعَةَ الشيطان عبادة له فقال: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ.
قَوْلُهُ ع" هَوًى مُتَّبَعٌ وَ شُحٌّ مُطَاعٌ".
أي يطيعه صاحبه في منع حقوق‏

372
مجمع البحرين4

ظلع ص 373

واجبة عليه في ماله. و المُطَاوَعَةُ: الموافقة. و رجل مِطْوَاعٌ: أي مطيع. و انْطَاعَ له: انقاد. و طَاعَهُ طَوْعاً من باب قال، و في لغة من بابي باع و خاف أي أذعن و انقاد، و الطَّاعَةُ اسم، و منه اسم الفاعل من الرباعي مُطِيعٌ، و من الثلاثي طَائِعٌ. و لساني لا يَطُوعُ كذا: أي لا ينقاد. و أتينا طَوْعاً أو كرها: أي انقيادا. و الطَّوَاعِيَةُ: الطاعة، و منه‏
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِطَوَاعِيَتِي إِيَّاكَ وَ طَوَاعِيَتِي رَسُولَكَ".
. باب ما أوله الظاء
 (ظلع)
ظَلَعَ البعير يَظْلَعُ ظَلْعاً من باب نفع: غمز في مشيه، و هو شبيه بالعرج اليسير.
باب ما أوله الفاء
 (فجع)
الْفَجِيعَةُ: الرزية، و الجمع فَجَائِعُ، و هي الْفَاجِعَةُ أيضا: و الجمع فَوَاجِعُ. و فَجَعْتُهُ في المال فَجْعاً من باب نفع فهو مَفْجُوعٌ، و تَفَجَّعْتُ له: توجعت.
 (فدع)
الْفَدَعُ بفتحتين: اعوجاج الرسغ من اليد و الرجل الكف أو القدم إلى الجانب الأيسر، و ذلك الموضع الْفَدَعَةُ مثل النزعة و الصلعة. و رجل أَفْدَعُ و امرأة فَدْعَاءُ مثل أحمر و حمراء. و الْأَفْدَعُ: الذي يمشي على ظهور قدميه.
 (فرع)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" مَضَت‏

373
مجمع البحرين4

فرع ص 373

أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا".
أراد بالأصول الآباء و بِالْفُرُوعِ الأبناء. و فَرْعُ كل شي‏ء: أعلاه، و هو ما يتفرع عن أصله. و منه قوله" فَرَّعْتُ على هذا الأصل مسائل" أي استخرجت.
وَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ زُرَارَةَ وَ أَبِي بَصِيرٍ عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ ع قَالا:" عَلَيْنَا أَنْ نُلْقِيَ إِلَيْكُمُ الْأُصُولَ وَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُفَرِّعُوا".
و معناه بحسب التبادر- و الله أعلم- علينا أن نلقي إليكم نفس أحكامه تعالى بأصول من الكلام يفرع عليها غيرها من متعلقاتها عليكم، أي و يلزمكم أن تفرعوا عليها لوازمها و ما يتعلق بها، كأن يقول مثلا" حرمت الخمر لإسكاره" فَيُفَرَّعُ على هذا الأصل تحريم سائر المسكرات، لوجود علة الأصل التي هي سبب التحريم في الفرع، أو يأمر بواجب مطلقا مثلا يَتَفَرَّعُ عليه وجوب مقدماته التي يتوقف حصوله عليها إذ هو معنى التَّفْرِيعُ الذي هو استنباط أحكام جزئية من قواعدها و أصولها. و قال بعض الأفاضل: معناه علينا أن نلقي إليكم نفس أحكامه تعالى بقواعد كلية و عليكم استخراج تلك الصور الجزئية من تلك القواعد الكلية، مثل‏
قَوْلِهِمْ ع" كُلُّ شَيْ‏ءٍ فِيهِ حَلَالٌ وَ حَرَامٌ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْرِفَ الْحَرَامَ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ".
وَ قَوْلِهِمْ" إِذَا اخْتَلَطَ الْحَلَالُ وَ الْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ وَ لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ".
فإن تلك الصور الجزئية المشار إليها هي نفس ما أمر بها في تلك القواعد الكلية، فإن الأحكام الشرعية لا تجري على القواعد الكلية إلا باعتبار تلك الجزئيات، فالأمر بالكليات في الحقيقة ليس إلا أمرا بتلك الجزئيات، فلا معنى للتفريع حينئذ.
وَ فِي حَدِيثٍ فِي وَصْفِهِ ص" كَانَ أَفْرَعَ".
هو ضد الأصلع. و افْتَرَعْتُ البكر: افتضضتها.
وَ مِنْهُ" فَلَمَّا افْتَرَعَهَا غَلَبَ الدَّمُ".
و
مِنْهُ" إِذَا فُرِعَتِ الْمَرْأَةُ ذَهَبَ جُزْءٌ مِنْ حَيَائِهَا".

374
مجمع البحرين4

فرع ص 373

وَ فِي الْحَدِيثِ" إِيَّاكُمْ وَ الْكَذِبَ الْمُفْتَرَعَ قِيلَ لَهُ: وَ مَا الْكَذِبُ الْمُفْتَرَعُ؟ قَالَ: يُحَدِّثُكَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ فَتَتْرُكُهُ فَتَرْوِيهِ عَنْ غَيْرِ الَّذِي حَدَّثَكَ بِهِ".
و" الفُرْع" وزان قفل من أعمال المدينة، و الصفراء و أعمالها من الفرع، و كانت ديار عاد. و" فِرْعَوْن" على وزن برذون، فالواو و النون زائدتان، و هو لا ينصرف لأنه اسم أعجمي و معرفة عرف في حال تعريفه لأنه نقل من الاسم العلم و لو عرف في حال تنكيره لانصرف، و جمعه فَرَاعِنَةٌ. قال ابن الجوزي: و هو ثلاثة فِرْعَوْنُ الخليل و اسمه سنان، و فِرْعَوْنُ يوسف و اسمه الريان بن الوليد، و فِرْعَوْنُ موسى و اسمه الوليد بن مصعب، و كان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر و اليوم الذي دخلها موسى ع رسولا أربعمائة عام. و كل عات فِرْعَوْن، و العتاة الفَرَاعِنَةُ. و قد تَفَرْعَنَ و هو ذو فَرْعَنَةٍ: أي ذو دهاء و مكر.
 (فزع)
قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ‏
 [34/ 23] بالتشديد، أي جلي الفزع عن قلوبهم و كشف، أي عن قلوب الشافعين و المشفوع لهم.
قَوْلُهُ: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ
 [21/ 103] قِيلَ هُوَ إِطْبَاقُ بَابِ النَّارِ حِينَ تُغْلَقُ عَلَى أَهْلِهَا، وَ هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ ع‏
و الفَزَعُ: الذعر، و هو في الأصل مصدر. قال الجوهري: و ربما جمع على‏

375
مجمع البحرين4

فزع ص 375

أَفْزَاعٍ. و الإِفْزَاعُ: الإخافة و الإغاثة أيضا، يقال فَزِعْتُ إليه فَأَفْزَعَنِي: أي لجأت إليه من الفزع فأغاثني. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِذَا انْكَسَفَ الشَّمْسُ فَافْزَعُوا إِلَى مَسَاجِدِكُمْ".
" وَ فِي حَدِيثِ كُسُوفَيِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ" أَلَا إِنَّهُ لَا يَفْزَعُ لَهُمَا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا".
و وجهه على ما قيل إنهم يقولون بوجوب الصلاة لهاتين الآيتين، و أما غيرهم فيقولون باستحباب ذلك. و المَفْزَعُ: الملجأ. و فلان مَفْزَعُ الناس: إذا دهمهم أمر فزعوا إليه، يستوي فيه الواحد و الجمع و المؤنث.
 (فظع)
فَظُعَ الأمر ككرم فَظَاعَةً فهو فَظِيعٌ: أي شديد شنيع جاوز المقدار في ذلك كأفظع. و أَفْظَعَهُ و اسْتَفْظَعَهُ: وجده فظيعا.
 (فقع)
قوله تعالى: فاقِعٌ لَوْنُها
 أي شديدة الصفرة تَسُرُّ النَّاظِرِينَ [2/ 69]. و الْفُقَّاعُ كرمان: شي‏ء يشرب يتخذ من ماء الشعير فقط، و ليس بمسكر و لكن ورد النهي عنه، قيل سمي فُقَّاعاً لما يرتفع في رأسه من الزبد. و الفَقْعُ: ضرب من الكمأة، و هي البيضاء الرخوة، و كذلك الفِقْعُ كقرد.
باب ما أوله القاف‏
 (قبع)
قَبَعَ الرجل يَقْبَعُ قُبُوعاً: إذا أدخل رأسه في قميصه. و قَبِيعَةُ السيف: ما على مقبضه من فضة أو حديد.
 (قدع)
قَدَعْتُ فرسي: كففته. و قَدَعْتُ نفسي عما تريده و تطلب.

376
مجمع البحرين4

قرع ص 377

 (قرع)
قوله تعالى: الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ
 [101/ 2] القَارِعَةُ: البلية التي تقرع القلب بشدة المخافة. و القَرْعُ: الضرب بشدة الاعتماد. و قَوَارِعُ الدهر: دواهيه. و" القَارِعَةُ" اسم من أسماء القيامة لأنها تقرع القلوب بالفزع و تقرع أعداء الله بالعذاب. قوله: مَا الْقارِعَةُ*
 هو تهويل لأمرها و تعظيم لشأنها، و معناه و أي شي‏ء القارعة. و قَرَعَتْهُمْ قَوَارِعُ الدهر: أصابتهم. و قَوَارِعُ القرآن الآيات التي يقرؤها الإنسان إذا فزع من الجن و الإنس نحو آية الكرسي لأنها تقرع الشيطان و تهلكه و قارعة الدار: ساحتها و قَارِعَةُ الطريق: أعلاه، و هو موضع قرع المارة. و منه‏
الْحَدِيثُ" نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ".
و قَرَعْتُ الباب قَرْعاً: طرقته. و قَرَعَ ناقتَه: ضربها بالسوط. و قَرَعَ رأسَه بالعصا و قَرَعْتُهُ بالمقرعة: ضربته بها. و المِقْرَعَةُ بالكسر فالسكون: ما يقرع به الدابة. و قَارَعْتُهُ: أي ضاربته و جادلته، فَقَرَعْتُهُ أي غلبته بالمجادلة. و قَرَعْتُهُ أَقْرَعُهُ بفتحتين: غلبته. و" القُرْعَةُ" بالضم فالسكون معروفة و منه‏
الْحَدِيثُ" كُلُّ مَجْهُولٍ فَفِيهِ الْقُرْعَةُ".
و لها تفصيل حررناه في القواعد الأصولية. و أَقْرَعْتُ بينهم من القرعة، و اقْتَرَعُوا و تَقَارَعُوا بمعنى. و المُقَارَعَةُ: المساهمة.
وَ مِنْهُ" اقْتَرَعُوا عِنْدَ التنافس أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَ كَانُوا يَلْقَوْنَ الْأَقْلَامَ بِالنَّهَرِ فَمَنْ عَلَا سَهْمُهُ" أَيْ ارْتَفَعَ" كَانَ لَهُ الْحَظُّ".
و الأَقْرَعُ من الحيات: الذي قرع السم في رأسه أي جمعه فذهب شعره. و قَرَعَ الفحل الناقة من باب نفع.

377
مجمع البحرين4

قرع ص 377

و القَرَعُ محركة: البثر الأبيض يخرج بالفصال و دواه الملح. و الْأَقْرَعُ: الذي ذهب شعر رأسه من آفة، و قد قَرِعَ فهو أَقْرَعُ. و أرض قَرْعَاءُ: لا نبات فيها.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَرَعِ الْفَنَاءِ".
و قد مر شرحه. و" القَرْعُ" بالفتح فالسكون و بالتحريك في لغة: حمل اليقطين، الواحدة قَرْعَة بالفتح أيضا، و تسمى الدباء. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَيْسَ فِي حَبِّ الْقَرْعِ وُضُوءٌ".
و" قَارِع" اسم جبل على يسار الطريق لمريد الحج. و منه‏
الْحَدِيثُ" بَانِي قَارِعٍ وَ هَادِمُهُ يُقَطَّعُ إِرْباً إِرْباً".
يعني بذلك جعفر بن يحيى البرمكي، و قد أمر أن يبنى له ثم مجلس يجلس عليه ثم لما رجع من مكة صعد إليه ثم أمر بهدمه، فلما انصرف إلى العراق قطع إربا إربا. و قَرِيعَةُ البيت: خير موضع فيه. و التَّقْرِيعُ: التعنيف.
 (قرثع)
القَرْثَعُ من النساء: البلهاء. و سئل أعرابي عن القَرْثَعُ؟ فقال: هي التي تكحل إحدى عينيها و تترك الأخرى و تلبس قميصا مقلوبا.
 (قزع)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ" فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ".
و مثله‏
فِي أَصْحَابِ الْقَائِمِ" يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ".
أي قطع السحاب المتفرقة، قيل و إنما خص الخريف لأنه أول الشتاء و السحاب فيه يكون متفرقا غير متراكم و لا مطبق، ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك. و القَزَعُ بالتحريك: أن يحلق رأس الصبي و يترك في مواضع منه متفرقة غير محلوقة تشبيها بقزع السحاب. و منه‏
الْحَدِيثُ" نَهَى عَنِ الْقَزَعِ".
وَ رُوِيَ" أَنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ شَيْطَاناً".
و القَزَعَةُ: القطعة من الغنم، و جمعها قَزَع‏

378
مجمع البحرين4

قزع ص 378

مثل قصبة و قصب. و" القُنْزُعَة" بضم القاف و الزاي و سكون النون واحدة القَنَازِع، و هي أن يحلق الرأس إلا قليلا و يترك وسط الرأس. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمْرَضُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَ إِنْ بَلَغَتْ قُنْزُعَةَ رَأْسِهِ".
و الْقُنْزُعُ: الديوث الذي لا يغار على أهله.
 (قشع)
تَقَشَّعَ السحابُ: أي تصدع و أقلع. و قَشَعَتِ الريحُ السحابَ من باب نفع: أي كشفته، فَانْقَشَعَ و تَقَشَّعَ.
 (قصع)
في الحديث ذكر القَصْعَة هي كبدرة و هي معروفة، و الجمع قِصَعٌ كبدر، و قِصَاع ككلاب، و قَصَعَات كسجدات، و هي عربية، و قيل معربة، و عن الكسائي أعظم القِصَاع الجفنة ثم القَصْعَة تليها تشبع العشرة ثم الصَّحْفَة تشبع الخمسة ثم المكيلة تشبع الرجلين ثم الصحيفة تشبع الرجل. و قَصَعَهُ قَصْعاً: صغره و حقره. و القَصْعُ: ابتلاع الماء.
 (قضع)
" قُضَاعَة" أبو حي من اليمن- قاله الجوهري، و ذكر نسبه إلى عدنان.
 (قطع)
قوله تعالى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ‏
 [6/ 94] أي وقع التقطع بينكم، كما تقول جمع بين الشيئين أي أوقع الجمع بينهما على إسناد الفعل إلى مصدره، و قرى‏ء بَيْنُكُمْ على إسناد الفعل إلى الظرف قوله: وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ‏
 [13/ 4] أي متجاورة متلاصقة طيبة إلى سبخة و صلبة إلى رخوة و صالحة للزرع و الشجر إلى أخرى على عكسها مع انتظام الجميع في جنس الأرضية، و كذلك الكروم و الزروع و النخيل الثابتة في هذه القطع مختلفة الأجناس و الأنواع، و هي تسقى بماء واحد تراها متغايرة الثمار في الأشكال و النبات و الطعوم و الروائح متفاضلة فيها، و في ذلك دلالة على صنع القادر العالم الموقع أفعاله على وجه دون وجه. قوله: تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ*

379
مجمع البحرين4

قطع ص 379

 [21/ 93] أي تقسموه و اختلفوا في الاعتقاد و المذاهب. قوله: إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ‏
 [9/ 110] أي قطعا بحيث لا يبقى لها قابلية الإدراك. قوله: قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ‏
 [13/ 31] أي تصدعت من خشية الله عند قراءته و شققت فجعلت أنهارا و عيونا قوله: لِيَقْطَعَ طَرَفاً
 [3/ 127] أي يهلك جماعة. قوله: ثُمَّ لْيَقْطَعْ‏
 [22/ 15] أي ليختنق، و يسمى الاختناق قطعا لأن المختنق يَقْطَعُ نفسه بحبس مجاريه قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ‏
 بالتحريك جمع قِطْعَة، و من قرأ قِطْعاً بتسكين الطاء أراد اسم ما قطع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ".
كما لو حلف لا يكلم أباه مثلا، و يمكن أراد بالقَطِيعَة الأخ في الدين أيضا.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُقَطَّعَاتِ النِّيرَانِ".
قال بعض الشارحين: المُقَطَّعَاتُ كل ثوب يقطع كالقميص و الجبة و نحوهما لا ما لا يقطع كالإزار و الرداء. قال: و لعل السر في كون ثياب النار مُقَطَّعَاتٍ كونها أشد لاشتمالها على البدن و العذاب بها أشد- انتهى. و عن بعض اللغويين: أن المُقَطَّعَاتِ جمع لا واحد له من لفظه و واحدها ثوب، و بعضهم بدل القاف فاء و الطاء ظاء جمع مفظعة بسكون الفاء، من فظع الأمر فظاعة فهو فظيع: أي شديد شنيع، و الأول أشهر.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ".
و قد مر شرحها في رجا. و" القَطِيعَة" محال ببغداد أقطعها المنصور أناسا من أعيان دولته ليعمروها و يسكنوها.

380
مجمع البحرين4

قطع ص 379

و منه‏
" حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ" ..
و أَقْطَعْتُهُ قَطِيعَةً: أي طائفة من أرض الخراج. و الْإِقْطَاعُ: إعطاء الإمام قِطْعَةً من الأرض و غيرها و يكون تمليكا و غير تمليك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ وَ أَقْطَعَهُ الدُّنْيَا قَطِيعَةً".
أي أعطاه إياها. و أَقْطَعْتُهُ قضبانا من الكرم: أذنت له في قطعها. و القَطِيعُ: الطائفة من البقر و الغنم، و الجمع أَقَاطِيعُ على غير القياس. و التَّقَاطُعُ: ضد التواصل. و القَطِيعَة: الهجران. و القَطَائِعُ اسم لما لا ينقل من المال كالقرى و الأراضي و الأبراج و الحصون. و منه‏
الْحَدِيثُ" قَطَائِعُ الْمُلُوكِ كُلُّهَا لِلْإِمَامِ".
و مُنْقَطَعُ كل شي‏ء: حيث ينتهي إليه طرفه، نحو مُنْقَطَعُ الوادي و الرمل و الطريق.
وَ قَوْلُهُ:" مِنْ يَمِينِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ التُّرَابِ".
أي إلى آخر الدنيا و نهايتها. و القِطْعَةُ بالكسر: الطائفة من الشي‏ء، و الجمع قِطَعٌ كسدرة و سدر. و الأَقْطَعُ: المقطوع اليد، و الجمع قُطْعَان مثل أسود و سودان. و أَقْطَعُ الرجل: الذي قطعت رجله. و أرض مُنْقَطِعَةٌ: بعيدة عن العمران. و فلان مُنْقَطِعٌ إلى فلان: أي لم يأنس بغيره. و انْقَطَعَ الغيث: انحبس. و انْقَطَعَ بفلان فهو مُنْقَطِعٌ به: إذا عجز عن سفره من نفقة ذهبت و غيرها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قَطَعَ عَلَى يَدَيْهِ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ إِنْسَانٍ".
أي جزم بإمامته ع. و قَطَّعْتُ الشي‏ءَ شدد للمبالغة فَتَقَطَّعَ. و قَطَعَ الرجل الطريقَ: إذا أخافه فهو قَاطِعٌ، و الجمع قُطَّاعُ الطريق، و هم‏

381
مجمع البحرين4

قطع ص 379

اللصوص الذين يعتمدون على قوتهم و يأخذون أموال الناس و يقتلونهم إن منعوا. و قَطَعَ الحدث الصلاة: أبطلها. و قَطَعْتُ النَّهَرَ: عبرته. و قَطَعْتُ الصديق: هجرته. و قَطَعْتُهُ عن حقه: منعته. و المِقْطَعُ: بكسر الميم آلة القطع و بفتحها موضع القطع كالقطعة بالتحريك.
 (قعقع)
القَعْقَعَةُ: حكاية صوت السلاح و نحوه. و القَعْقَاعُ: تتابع أصوات الرعد. و" قَعْقَاع" اسم رجل. و" قُعَيْقِعَان" بضم الأولى و كسر الثانية و فتح المهملتين و سكون التحتانية جبل بمكة معروف مقابل أبي قبيس. و طريق قَعْقَاعٌ: لا يسلك إلا بمشقة. و" القُعْقُعُ" بالضم: طائر أبلق ضخم من طير البر طويل المنقار- قاله الجوهري. و" قَيْنُقَاع" بفتح القاف و ضم النون و قد تكسر و تفتح بطن من يهود المدينة، و منه سوق قَيْنُقَاع أضيف السوق إليهم. و منه‏
الْحَدِيثُ" شِعَارُنَا يَوْمَ قَيْنُقَاعَ يَا رَبَّنَا لَا يَغْلِبَنَّكَ".
 (قفع)
" ابن المُقَفَّع" بالميم و القاف و الفاء المشددة و العين المهملة أخيرا على ما صح في النسخ: رجل كان دهريا كابن أبي العوجاء.
 (قلع)
قوله تعالى: يا سَماءُ أَقْلِعِي‏

382
مجمع البحرين4

قلع ص 382

 [11/ 44] أي أمسكي. و الإقلاع: الإمساك.
وَ فِي وَصْفِهِ ع" كَانَ إِذَا مَشَى يَتَقَلَّعُ".
المعنى كان يرفع رجليه من الأرض رفعا بينا بقوة لا يمشي مشي احتشام و اختيال. و
قَوْلُهُ" كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ".
كالمبين له، فإن الانحدار و التكفؤ إلى قدام و التَّقَلُّعُ من الأرض يقارب بعضها بعضا. و قَلَعْتُ الشي‏ء من موضعه قَلْعاً: نزعته، و اقْتَلَعْتُهُ و تَقَلَّعَ و انْقَلَعَ. و الإِقْلَاعُ من الأمر: الكف عنه، و منه الإِقْلَاعُ عن الذنوب. و" القَلَعَةُ" بالتحريك لا يجوز الإسكان: الحصن على الجبل، و الجمع قَلَعٌ كقصبة و قَصَب، و قِلَاعٌ كرِقَاب. و القُلْعَةُ بالضم: المال العارية.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا دَارُ بُلْغَةٍ وَ مَنْزِلُ قُلْعَةٍ".
أي تحول و ارتحال ليس بمستوطن كأنه يقلع ساكنه.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ وَ لَا قَلَّاعٌ".
هو بالتشديد الساعي إلى السلطان بالباطل في حق الناس، سمي به لأنه يَقْلَعُ المتمكن من الأمر و يزيله عن رتبته كما يَقْلَعُ النبات من الأرض. و المِقْلَاعُ بالكسر: الذي يرمى به الحجر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الطَّاوُسُ كَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِيٍّ عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ".
القِلْعُ بالكسر: شراع السفينة، و داري منسوب إلى دارين بلدة على البحر، و عنجه أي عطفه، يقال عنجت الناقة أعنجها عنجا إذا عطفتها، و النوتي الملاح.
 (قمع)
قوله تعالى: وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ
 [22/ 21] المَقَامِعُ جمع مِقْمَعَة بكسر الميم، و هي شي‏ء من حديد كالمحجن يضرب به. و قَمَعْتُهُ: إذا ضربته بها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مِنَ النِّسَاءِ كَرْبٌ مُقَمَّعٌ".
و قد مر في جمع.

383
مجمع البحرين4

قمع ص 383

و قَمَعْتُهُ قَمْعاً: أذللته، و أَقْمَعْتُهُ بمعناه‏
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ أَوْلِيَائِهِ تَعَالَى" فَهُمْ بَيْنَ شَرِيدٍ نَادٍ وَ خَائِفٍ مَقْمُوعٍ".
أي مذلل مقهور. و القَمْعُ على التمرة و نحوها، و هو الذي تتعلق به، و هو كعنب في الحجاز و كحمل في تميم.
 (قنع)
قوله تعالى: وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ
 [22/ 36] القَانِعُ هو الذي يقنع بالقليل و لا يسخط و لا يكلح و لا يربد شدقه غيظا. و مثله جاء في الحديث، و في الصحاح القَانِعُ الراضي بما معه، و ربما يعطى من غير سؤال، من قَنِعَ بالكسر يَقْنَعُ قَنَاعَةً فهو قَانِعٌ، و قيل من قَنَعَ يَقْنَعُ بفتح العين فيهما قُنُوعاً فهو قَانِعٌ: إذا خضع و سأل. قوله: مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ‏
 [14/ 43] هو من قولهم أَقْنَعَ رأسه: إذا نصبه لا يلتفت يمينا و شمالا و جعل طرفه موازيا لما بين يديه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْقَانِعُ غَنِيٌّ وَ إِنْ جَاعَ وَ عَرِيَ، وَ مَنْ قَنِعَ اسْتَرَاحَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ اسْتَطَالَ عَلَى أَقْرَانِهِ، وَ مَنْ قَنِعَ فَقَدِ اخْتَارَ الْغِنَى عَلَى الذُّلِّ وَ الرَّاحَةَ عَلَى التَّعَبِ".
و القَنَاعَةُ بالفتح: الرضا بالقسم. و منه" القَانِعُ" و هو الذي يقنع بما يصيبه من الدنيا و إن كان قليلا و يشكر على اليسير.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَنْفَدُ".
و ذلك لأن الإنفاق منها لا ينقطع كلما تعذر عليه شي‏ء من أمور الدنيا قنع بما دونه و رضي.
وَ فِيهِ" عَزَّ مَنْ قَنِعَ وَ ذَلَّ مَنْ طَمَعَ".
و ذلك لأن القانع لا يذله الطلب فلا يزال عزيزا. و من أمثالهم" خير الغنى القُنُوعُ" بالضم أعني القناعة. و قد قَنِعَ بالشي‏ء من باب تعب:
                       

384
مجمع البحرين4

قنع ص 384

رضي به، فهو قَنِعٌ و قَنُوعٌ. و المِقْنَعُ و المِقْنَعَةُ بالكسر فيهما: ما تقنع به المرأة رأسها. قال الجوهري: و القِنَاعُ أوسع من المِقْنَعَةِ، و جمع القِنَاعِ قُنُعٌ ككتاب و كتب. و تَقَنَّعَتْ: لبست القناع. و قَنَّعَ الرجل رأسه بالتشديد، و تَقَنَّعَ فعل ذلك. و رجل مُقَنَّعٌ: عليه بيضة مستور بها. و منه‏
حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ ع" أَمْرُنَا مَسْتُورٌ.
- أي محجوب-
مُقَنَّعٌ بِالْمِيثَاقِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" ثُمَّ أَتَى بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ عَلَيْهِ أَلْوَانٌ".
القِنَاعُ الطبق الذي يؤكل عليه، و يقال القُنْعُ بالضم و الكسر. و" المُقْنِعُ" في الغيبة للسيد المرتضى رحمه الله.
 (قوع)
قوله تعالى: كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ
 [24/ 39] القِيعَةُ بالكسر و القَاعُ بمعنى واحد، و هو المستوي من الأرض، و يقال قِيعَةُ جمع قَاعٍ و جمع القاع أَقْوُعٌ و أَقْوَاعٌ و قِيعَان، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها. و قَاعَةُ الدار: ساحتها. و" قَاعٌ قرقر" قيل قرقر أيضا في معنى القاع، و هو المستوي من الأرض، و إنما عبر بلفظين مختلفين للمبالغة في استواء ذلك المكان، و قد روي" بِقَاعٍ قرق" و هو مثله في المعنى.
باب ما أوله الكاف‏
 (كرع)
الكُرَاعُ كغراب من الغنم و البقر بمنزلة الوظيف من الفرس، و هو مستدق الساعد، و هو أنثى، و الجمع أَكْرُعٌ كأفلس. و عن ابن فارس الكُرَاعُ من الدواب ما دون الكعب، و من الإنسان ما دون الركبة. و الكُرَاع: اسم لجماعة الخيل خاصة. و أَكَارِعُ الأرض: أطرافها، الواحدة

385
مجمع البحرين4

كرع ص 385

كُرَاعٌ و" كُرَاعُ الغميم" بالغين المعجمة وزان كريم: واد بينه و بين المدينة نحو من مائة و سبعين ميلا و بينه و بين مكة نحو ثلاثين ميلا و من عسفان إليه ثلاثة أميال. و كَرَعَ من الماء من باب نفع كُرُوعاً: شرب بفيه، و إن شرب بكفيه فليس بَكْرَعُ. و كَرِعَ كَرَعاً من باب تعب لغة. و كَرَعَ في الإناء: أمال عنقه إليه فشرب منه.
 (كرسع)
الكُرْسُوعُ: طرف الزند الذي يلي الخنصر، و هو ناتئ عند الرسغ- قاله الجوهري. و الكوع: رأس اليد مما يلي الإبهام، و سيأتي.
 (كسع)
فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ" أَنَّ رَجُلًا كَسَعَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ".
أي ضرب دبره بيده، من الكَسْعِ و هو أن تضرب دبر الإنسان بيدك أو بصدر قدمك.
 (كنع)
فِي الْحَدِيثِ" صَاحِبُ يَاسِينَ كَانَ مُكَنَّعَ الْأَصَابِعِ".
الأَكْنَعُ من رجعت أصابعه إلى كفه و ظهرت دواجيه، و هي مفاصل أصول الأصابع. و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ عَصَيْتُكَ بِيَدِي وَ لَوْ شِئْتَ وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَكَنَّعْتَنِي".
و يقال كَنِعَتْ أصابعه بالكسر كَنَعاً أي تشنجت و يبست. و التَّكَنُّعُ: التقبض. و كَنَعَ كُنُوعاً: انقبض.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الكُنُوعِ".
و هو الدنو من الذل و التخضع للسؤال، يقال كَنَعَ كُنُوعاً: إذا قرب و دنا. و الْمُكَنَّعُ: الذي قطعت يداه.
 (كوع)
الكُوعُ بالضم: طرف الزند الذي يلي الإبهام، و الجمع أَكْوَاعٌ كقفل و أقفال، و الكَاعُ لغة فيه.

386
مجمع البحرين4

كوع ص 386

و عن الأزهري الكُوعُ: طرف العظم الذي يلي رسغ اليد المحاذي للإبهام، و هما عظمان متلاصقان في الساعد أحدهما أدق من الآخر، و طرفاهما يلتقيان عند مفصل الكف، فالذي يلي الخنصر يقال له الكرسوع و الذي يلي الإبهام يقال له الكُوعُ، و هما عظما ساعدي الذراع. و الكَوَعُ بفتحتين مصدر من باب تعب و هو اعوجاج الكوع. و الأَكْوَعُ: المعوج الكوع.
 (كيع)
فِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ" يَكِيعُ عَنِ الْخَنَا وَ الْجَهْلِ".
أي يهابهما و يجبن عنهما، يقال كِعْتُ عن الشي‏ء: إذا هبته و جبنت عنه. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ قَدْ قَالَ لِلنَّاسِ" مَنْ مِنْكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمْرَةً فِي كَفِّهِ فَيُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْفَأَ؟ قَالَ: فَكَاعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ".
أي هابوا ذلك.
باب ما أوله اللام‏
 (لذع)
لَذَعَتْهُ النار لَذْعاً من باب نفع: أحرقته. و لَذَعَهُ بلسانه: أوجعه بكلام.
وَ فِي الدُّعَاءِ" نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ لَوَاذِعِهِ".
كأنها التي تلذع الإنسان و توجعه. و اللَّوْذَعِيُّ: الظريف الحديد الفؤاد.
 (لسع)
اللَسْعُ و اللذع سواء، يقال لَسَعَتْهُ الحية و العقرب تَلْسَعُهُ لَسْعاً.
وَ حَدِيثُ" لَا يُلْسَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ".
قد مر.
 (لطع)
اللَّطَعُ: اللحس، يقال لَطِعْتُهُ بالكسر أَلْطَعُهُ لَطَعاً: أي لحسته.
 (لفع)
فِي الْحَدِيثِ" كُنَّ نِسَاءً مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ النَّبِيِّ ص ثُم‏

387
مجمع البحرين4

لفع ص 387

يَرْجِعْنَ مُتَلَفِّعَاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ لَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ".
أي متلحفات بأكسيتهن، من اللِّفَاعِ بالكسر و هو اللحاف. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" وَ قَدْ دَخَلْنَا فِي لِفَاعِنَا".
و لَفَّعَ الرجل رأسه تَلْفِيعاً: أي غطاه. و تَلَفَّعَ الرجل الثوب: إذا اشتمل به و تغطى.
 (لكع)
فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ قَدْ قِيلَ لَهُ طَابَ اسْتِحْمَامُكَ فَقَالَ" وَ مَا تَصْنَعُ بِالاسْتِ يَا لُكَعُ".
قال في النهاية اللُّكَعُ عند العرب العبد، ثم استعمل في الحمق و الذم، يقال للرجل لُكَع و للمرأة لَكَاعٌ، و قد لَكِعَ الرجل لَكَعاً فهو أَلْكَعُ و أكثر ما يستعمل في البذاء، و هو اللئيم، و قيل الوسخ- انتهى. و منه‏
قَوْلُهُ:" يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ أَسْعَدَهُمْ بِالدُّنْيَا لُكَعٌ".
قال بعض الشارحين: و يقال للصبي الصغير لُكَعٌ ذهابا إلى صغر جثته، و أما قولهم للعبد و اللئيم لُكَعٌ فلعلهم ذهبوا فيه إلى صغر قدره.
وَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ ع قَالَ لِلرَّجُلِ" يَا لُكَعُ".
يريد صغر العلم. و لَكَعَ عليه الوسخ لَكْعاً: إذا لصق به و لزمه. و في الصحاح يقال للجحش لُكَع، و للصبي الصغير أيضا. اللَّكِيعَةُ: الأمة اللئيمة.
 (لمع)
فِي الْحَدِيثِ" اغْتَسَلَ أَبِي فَبَقِيَتْ لُمْعَةٌ".
أي بقعة يسيرة مِنْ جَسَدِهِ لَمْ يَنَلْهَا الْمَاءُ، و هي بضم اللام و سكون الميم و فتح العين المهملة و في الآخر هاء: القطعة من الأرض اليابسة العشب التي تلمع وسط الخضرة، استعيرت للموضع الذي لا يصيبه الماء في الغسل و الوضوء من الجسد حيث خالف ما حولها في بعض الصفات. و لَمَعَ البرق لَمْعاً و لَمَعَاناً: أي أضاء، و الْتَمَعَ مثله- قاله الجوهري. و الْأَلْمَعِيُّ من الرجال: الذكي المتوقد. و الْمُلَمَّعُ من الخيل: الذي يكون‏

388
مجمع البحرين4

لمع ص 388

في جسده بقع تخالف لونه.
 (لوع)
فِي الْخَبَرِ:" إِنِّي لَأَجِدُ لَهُ مِنَ اللَّاعَةِ مَا أَجِدُ لِوَلَدِي".
قال في النهاية اللَّاعَةُ و اللَّوْعَةُ ما يجد الإنسان لولده و حميمه من الحرقة و شدة الحب. و لَوْعَةُ الحزن: حرقته، و قد لَاعَهُ الحب يَلُوعُهُ. و الْتَاعَ فؤاده: احترق.
باب ما أوله الميم‏
 (متع)
قوله تعالى: وَ مَتِّعُوهُنَ‏
 [33/ 49] أي أعطوهن من مالكم ما يتمتعن به عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ أي على الغني الذي هو في سعة فغناه على قدر حاله، و على الفقير الذي هو في ضيق على قدر حاله، و معنى قدره مقداره الذي يطيقه، و المقدار و القدر لغتان.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنْ كَانَ مُوَسَّعاً مَتَّعَ امْرَأَتَهُ بِالْعَبْدِ وَ الْأَمَةِ، وَ الْمُقْتِرُ يُمَتِّعُ بِالْحِنْطَةِ وَ الزَّبِيبِ وَ الثَّوْبِ وَ الدَّرَاهِمِ".
و
فِي آخَرَ" الْغَنِيُّ يُمَتِّعُ بِدَارٍ أَوْ خَادِمٍ، وَ الْوَسَطُ يُمَتِّعُ بِثَوْبٍ، وَ الْفَقِيرُ بِدِرْهَمٍ أَوْ خَاتَمٍ".
قوله: يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً
 [11/ 3] أي يعمركم. و التمتع: التعمير. و منه قوله تعالى أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ‏
 [26/ 205]. و المُتْعَةُ: ما تبلغ به من الزاد، و منه قوله مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ
 [5/ 96] و قوله: تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ‏
 [11/ 65] أي تزودوا، و قيل عيشوا فيها ثلاثة أيام، و هذا أمر وعيد. قوله: مَتاعٌ إِلى‏ حِينٍ*
 [36/ 2] أي انتفاع يعيش إلى انقضاء حالكم. و المَتَاعُ: المنفعة، و كل ما ينتفع به كالطعام البر و أثاث البيت.

389
مجمع البحرين4

متع ص 389

و منه قوله تعالى: ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ‏
 [13/ 17]. و مَتَعَّتُهُ بالتثقيل: إذا أعطيته ذلك، و الجمع أَمْتِعَةٌ. قوله: مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا*
 [3/ 14] أي منفعتها التي لا تدوم. قوله: فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا
 [2/ 126] أي أبقيه و أؤخره، و إنما قال قَلِيلًا لأن المَتَاع يكثر و يطول. قوله: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ‏
 [4/ 24] المراد نكاح المتعة، و الآية محكمة غير منسوخة و لم يخالف في ذلك سوى الجمهور حيث حرموا ذلك. قوله: فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ‏
 [9/ 39] قيل معناه رضوا بنصيبهم من الدنيا عن نصيبهم من الآخرة. قوله: اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ‏
 [6/ 128] أي استنفع. و اسْتَمْتَعْتُ بكذا و تَمَتَّعْتُ به، و منه قوله فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ‏
 [3/ 196] الآية. و التَّمَتُّعُ في الحج: مناسك معروفة مذكورة في محالها، و قد جمعها قول من قال" أطرست للعمرة اجعل نهج أوو أر نحط رست طر مر لحج". و التَّمَتُّعُ أصله التلذذ، و سمي هذا النوع به لما يتخلل بين عمرته و حجته من التحلل الموجب لجواز الانتفاع و التلذذ بما كان قد حرمه الإحرام مع ارتباط عمرته بحجه حتى أنهما كالشى‏ء الواحد شرعا، فإذا حصل بينهما ذلك فكأنه حصل في الحج. و المُتْعَةُ بالضم فالسكون: اسم من تَمَتَّعْتُ بكذا أي انتفعت. و منه مُتْعَةُ النكاح، و مُتْعَةُ الطلاق، و مُتْعَةُ الحج، لأنه انتفاع. و نكاح المتعة هي النكاح بلفظ التَّمَتُّعِ إلى وقت معين، كأن يقول لامرأة" أَتَمَتَّعُ بكِ كذا مدة بكذا من المال".
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَأَفَ بِكُمْ فَجَعَلَ الْمُتْعَةَ عِوَضاً لَكُمْ مِنَ الْأَشْرِبَةِ".
و كأنه يريد بالأشربة المسكرات التي يتلذذ بها.

390
مجمع البحرين4

متع ص 389

وَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ" أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى شِيعَتِنَا الْمُسْكِرَ وَ كُلَّ شَرَابٍ وَ عَوَّضَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمُتْعَةَ".
و أَمْتَعَهُ الله بكذا، و مَتَّعَهُ بمعنى.
 (مجع)
المَجِيعُ: ضرب من الطعام، و هو تمر يعجن بلبن- قاله الجوهري.
 (مرع)
فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ" اسْقِنَا غَيْثاً مَرِيعاً".
قال بعض الشارحين: يروى بالياء المثناة و الباء الموحدة في المَرِيعِ بالياء المثناة من المراعة فتح ميمه، يقال مكان مَرِيعٌ: أي خصب، أو من راعت الإبل إذا كثر أولادها، و يكون المعنى اسقنا غيثا كثيرا. و المربع بالباء الموحدة المغني عن الارتياد لعمومه، فالناس يربعون حيث كانوا أي يقيمون و لا يحتاجون إلى الانتقال في طلب الكلأ. و قد تقدم البحث في ذلك. و جمع المَرِيع أَمْرُعٌ و أَمْرَاعٌ مثل أيمن و أيمان. و قد مَرُعَ الوادي بالضم و أَمْرَعَ أي أكلأ، فهو مُمْرِعٌ. و عيش مُمْرِعٌ: أي خصيب واسع. و أرض أُمْرُوعَة: أي خصيبة.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَا تَدَاوَى النَّاسُ بِشَيْ‏ءٍ خَيْرٍ مِنْ مرعة [مُزْعَةِ] عَسَلٍ. قُلْتُ: مَا المرعة [الْمُزْعَةُ] عَسَلٍ؟ قَالَ: لَعْقَةُ عَسَلٍ".
و
فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ السَّلْوَى؟ فَقَالَ: هِيَ المُرَعَةُ.
- بضم الميم و فتح الراء و سكونها- طائر أبيض حسن اللون طويل الرجلين بقدر السمانى يقع في المطر من السماء.
 (مزع)
فِي الْخَبَرِ" مَا زَالَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعَبْدِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَ مَا فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمِ".
أي قطعة يسيرة من اللحم.
وَ فِي خَبَرِ مُعَاذٍ" حَتَّى تَخَيَّلَ إِلَيَّ أَنَّ أَنْفَهُ يَتَمَزَّعُ مِنْ شِدَّةِ غَضَبِهِ".
أي يتقطع و يتشقق غضبا.
 (مصع)
فِي الْحَدِيثِ" الذَّبِيحَةُ إِذَا شَكَكْتَ فِي حَيَاتِهَا فَرَأَيْتَ تَطْرِفُ عَيْنَهَا أَوْ تُحَرِّكُ أُذُنَيْهَا أَوْ تَمْصَعُ بِذَنَبِهَا فَاذْبَحْهَا".
هو من‏

391
مجمع البحرين4

مصع ص 391

المَصْعِ: الحركة و الضرب. و مَصَعَ البرد: أي ذهب. و المُصَعَةُ: ثمرة العوسج، و الجمع مُصَعٌ.
 (معمع)
الْمَعْمَعَة: صوت الحريق في القصب و نحوه، و صوت الأبطال في الحرب. و المَعْمَعَانُ: شدة الحر. و مَعْمَعَ القوم: ساروا في شدة الحر. و المَعْمَعُ: المرأة التي أمرها مجمع لا تعطي أحدا من مالها شيئا. و" مَعَ" كلمة تدل على المصاحبة. قال الجوهري: قال محمد بن السري الذي يدل على من أن مَعَ اسم حركة آخره مع تحرك ما قبله، و قد يسكن و ينون يقول" جاءوا مَعاً". و في المصباح مَعَ كلمة تضم الشي‏ء إلى الشي‏ء، تقول" أفعل هذا مَعَ هذا" أي مجموعا، و هي ظرف على المختار لدخول التنوين نحو" خرجنا مَعاً" و دخول من عليه و لكن استعماله شاذ، و هو بفتح العين و إسكانها لغة لبني ربيعة، فيكسر لالتقاء الساكنين، نحو" مع القوم"، و قيل هو في السكون حرف. قال الرماني: إن دخل عليه حرف الجر كان اسما و إلا كان حرفا. قال: و تقول" خرجنا معا" أي في زمان واحد، و نصبه على الظرفية، و قيل على الحال، أي مجتمعين. قال: و الفرق بين" فعلنا معا" و" فعلنا جميعا" أن مَعاً يفيد الاجتماع حالة الفعل، و جميعا بمعنى كلنا يجوز فيه الاجتماع و الافتراق. و ألفها عند الخليل بدل من التنوين لأنه عنده ليس له لام، و عند يونس و الأخفش بدل من لام محذوف.
 (ملع)
الملع: السير الخفيف. و المَلِيعُ و المَلَاعُ: المفازة التي لا نبات فيها.
 (منع)
قوله تعالى: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ*
 [50/ 25] المَنْعُ خلاف الإعطاء، يقال مَنَعَ فهو مَانِعٌ و مَنُوعٌ و مَنَّاعٌ للمبالغة.

392
مجمع البحرين4

منع ص 392

و مَنَعْتُهُ الأمر فهو مَمْنُوعٌ منه، و جمع مَانِعٍ مَنَعَةٌ مثل كافر و كفرة. و المَمْنُوعُ: المقطوع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنِّي لَأَمْتَنِعُ مِنْ كَذَا".
يعني آبَاه و لا أَفْعَلُهُ. و امْتَنَعَ عن الأمر: كف عنه. و مَانَعْتُهُ: بمعنى نازعته. و امْتَنَعَ بقومه: تقوى بهم في مَنَعَةٍ بفتح النون أي في عز قومه، فلا يقدر عليه من يريده. قال في المصباح: قال الزمخشري هي مصدر مثل الأنفة و العظمة أو جمع مَانِعٍ، و هم العشيرة و الحماة، و يجوز أن يكون مقصورا من المَنَاعَةِ، و قد يسكن في الشعر لا في غيره خلافا لمن أجازه مطلقا. و منه‏
الْخَبَرُ" سَيَعُودُ لِهَذَا الْبَيْتِ قَوْمٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ".
أي قوة تمنع من يريدهم بسوء. قال في النهاية: قد تفتح النون، و قيل هي بالفتح جمع مَانِعٍ مثل كافر و كفرة. و" المَانِعُ" من أسمائه تعالى، قيل هو من المَنَعَة أي يحوط أولياءه و ينصرهم و قيل من المَنْعِ و الحرمان أي يمنع من يستحق المنع، فَمَنْعُهُ حكم و عطاؤه جود و رحمة. و المَنِيعُ: القوي ذو المنعة.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ مَنْ مَنَعْتَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ".
أي من حرمت فهو محروم‏
" وَ لَا يُعْطِيهِ أَحَدٌ غَيْرُكَ".
و قد مَنُعَ الحصن مَنَاعَةً مثل ضخم ضخامة، فهو مَنِيعٌ.
 (ميع)
مَاعَ السمن يَمِيعُ مَيْعاً من باب باع: سال و ذاب، و كل ذائب مَائِعٌ. و مَاعَ الشي‏ء: جرى على وجه الأرض.

393
مجمع البحرين4

باب ما أوله النون ص 394

باب ما أوله النون‏
 (نبع)
قوله تعالى: يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ‏
 [39/ 21] أي عيون تنبع، واحدها يَنْبُوع على يفعول، من نَبَعَ الماء نُبُوعاً من باب قعد، و نَبَعَ نَبْعاً من باب نفع لغة: إذا ظهر و خرج من العين. و قيل للعين يَنْبُوع، و منه قوله تعالى: حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً
 [17/ 90] أي عينا يَنْبُعُ منه الماء. و" يَنْبُع" بالفتح فالسكون و ضم الموحدة: قرية كبيرة بها حصن على سبع مراحل من المدينة،
نُقِلَ أَنَّهُ لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْفَيْ‏ءَ أَصَابَ عَلِيٌّ ع أَرْضاً فَاحْتَفَرَ عَيْناً فَخَرَجَ مِنْهَا مَاءٌ يَنْبُعُ فِي الْمَاءِ كَهَيْئَةِ عُنُقِ الْبَعِيرِ، فَسَمَّاهَا عَيْنَ يَنْبُعَ.
 (نجع)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" هِيَ- يَعْنِي الدُّنْيَا- مَنْزِلُ قُلْعَةٍ وَ لَيْسَتْ بِدَارِ نُجْعَةٍ".
قوله‏
" مَنْزِلُ قُلْعَةٍ".
بضم القاف: إذا لم تصلح للاستيطان. و النُّجْعَةُ بضم النون أيضا طلب الكلأ، و حاصله أنها ليست دار راحة و طيب عيش. و الِانْتِجَاعُ: طلب الإحسان، و منه انْتَجَعْتُ فلانا: إذا أتيته تطلب معروفه. و الِانْتِجَاعُ: طلب النبات و العلف و الماء. و نَجَعَ فيه الأمر و الخطاب و الوعظ: إذا أثر فيه و نفع. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" فَأَنْجِعُوا لِمَا يَحِقُّ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ".
و نَجَعَ الطعام يَنْجَعُ نُجُوعاً: أي هنأ آكله. و النَّجِيعُ من الدم: ما كان إلى السواد. قال الجوهري: قال الأصمعي هو دم الجوف خاصة.
 (نخع)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ تَنَخَّعَ فِي الْمَسْجِد

394
مجمع البحرين4

نخع ص 394

ثُمَّ رَدَّهَا فِي جَوْفِهِ لَمْ تَمُرَّ بِدَاءٍ إِلَّا أَبْرَأَتْهُ".
وَ فِي الْخَبَرِ" النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ".
النُّخَاعَةُ بالضم: النخامة، و هي ما يخرجه الإنسان من حلقه من مخرج الخاء المعجمة. و النُّخَاعُ بالضم هو الخيط الأبيض داخل عظم الرقبة ممتد إلى الصلب يكون في جوف الفقار بالفتح و الضم لغة قوم من الحجاز، و من العرب من يفتح، و منهم من يكسر- قاله في المصباح.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تَنْخَعُوا الذَّبِيحَةَ حَتَّى تَجِبَ".
أي لا تقطعوا رقبتها و تفصلوها حتى تسكن حركتها. قال بعض الشارحين: نَخَعَ الذبيحة هو أن يقطع نخاعها قبل موتها، و هو الخيط وسط الفقار بالفتح ممتدا من الرقبة إلى أصل الذنب. و تَنَخَّعَ الرجل: رمى بنخاعته. و المَنْخَعُ: ما بين العنق و الرأس من باطن، يقال ذبحه فَنَخَعَهُ نَخْعاً من باب نفع: أي جاوز منتهى الذبح إلى النخاع و" النَّخَعُ" بالتحريك قبيلة من اليمن من مذحج، و هم رهط إبراهيم النَّخَعِيِّ من قضاة العامة.
 (نزع)
قوله تعالى: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ*
 [7/ 46] أي أخرجنا. و مثله قوله: وَ نَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً [28/ 75] و هو نبيهم يشهد على تلك الأمة بما كان منها. قوله: تَنْزِعُ النَّاسَ‏
 [54/ 12] أي تقلعهم عن أماكنهم كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ يعني أنهم كانوا يتساقطون على الأرض أمواتا و هم جثث طوال عظام كأنهم أصول نخل منقعر عن أماكنه و مغارسه. و النَّزْعُ: القطع، و منه قوله تعالى: نَزَّاعَةً لِلشَّوى‏
 [17/ 16] أي قطاعة له. قوله: يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً
 [52/ 23] أي يتجاذبون فيها كأسا، من النَّزْعِ و هو الجذب.
قَوْلُهُ: وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً
 يَعْنِي بِالنَّازِعَاتِ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَنْزِعُونَ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ عَنْ أَبْدَانِهِمْ بِالشِّدَّةِ كَمَا يُفَرَّق‏

395
مجمع البحرين4

نزع ص 395

فِي الْقَوْسِ فَيَبْلُغُ بِهِ غَايَةَ الْمَدِّ- رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ع‏
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" لَقَدْ أُغْرِقَ فِي النَّزْعِ".
أي بالغ في الأمر و انتهى فيه، و أصله من نَزْعِ القوس و مدها، و استعير لمن بالغ في كل شي‏ء.
وَ فِي الْخَبَرِ" تَذَاكَرْنَا الْأَنْصَارَ فَقَالَ أَحَدُنَا: هُمْ نُزَّاعٌ مِنْ قَبَائِلَ".
و مثله‏
" طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ النُّزَّاعُ مِنَ القَبَائِلِ".
قال بعض الشراح: النُّزَّاعُ جمع نَازِع و نَزِيع، و هو الغريب الذي نَزَعَ عن أهله و عشيرته أي بعد و غاب، و قيل لأنه يَنْزِعُ إلى أهله أي ينجذب و يميل، أي طوبى للمهاجرين الذين هجروا أوطانهم في الله.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ عَلِيٍّ ع" الْأَنْزَعُ الْبَطِينُ".
كان ع أَنْزَعَ الشعر له بطن، و قيل الأَنْزَعُ من الشرك المملوء البطن من العلم و الإيمان. و الأَنْزَعُ: بين النَّزَعِ، و هو الذي انحسر الشعر عن جانبي جبهته، و موضعه النَّزَعَةُ بالتحريك، و هو أحد البياضين المكتنفين بالناصية، و هما النَّزَعَتَانِ، يقال نَزِعَ نَزَعاً من باب تعب إذا كان كذلك.
وَ فِي الْخَبَرِ" صِيَاحُ الْمَوْلُودِ حِينَ يَقَعُ نزعة [نَزْغَةٌ] مِنَ الشَّيْطَانِ".
أي نخسة و طعنة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ أَبْعَدُ شَيْ‏ءٍ مَنْزَعاً".
أي رجوعا عن المعصية، إذ هي مجبولة على محبة الباطل، و أنها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى. و نَزَعْتُ الدلو: أخرجتها، و أصل النَّزْعِ الجذب و القلع. و نَزَعْتُ الشي‏ء من مكانه نَزْعا من باب ضرب: قلعته. و قولهم فلان في النَّزْعِ: أي في قلع الحياة. و رجل ثقل عليه نَزْع العمامة: أي قلعها عن رأسه. و نَزَعَ عن المعاصي نُزُوعاً: انتهى عنها. و نَزَعَ عن الشي‏ء نُزُوعاً: كف و قلع عنه. و نَازَعَتْنِي نفسي إلى كذا: اشتاقت إليه. و نَزَعَ إلى أبيه في الشبه: ذهب إليه.

396
مجمع البحرين4

نزع ص 395

وَ مِنْهُ" إِنَّ الْغُلَامَ لَيَنْزِعُ إِلَى اللَّبَنِ".
يعني إلى الظئر في الرعونة و الحمق. و نَازَعْتُهُ مُنَازَعَةً: جاذبته في الخصومة. و بينهم نزَاعَةٌ: أي خصومة في حق. و التَّنَازُع: التخاصم.
 (نسع)
فِي حَدِيثِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ" إِنِّي أَخَذْتُ مِقْدَارَهُ بِنِسْعٍ".
النِّسْعُ بالكسر: سير ينسج عريضا يشد به الرحال، القطعة منه نِسْعَة و يسمى نِسْعاً لطوله، و جمعه نُسْع بالضم و أَنْسَاع.
 (نصع)
النَّاصِع: الخالص من كل شي‏ء، يقال أصفر نَاصِعٌ و أبيض نَاصِعٌ. و نَصَعَ لونه نُصُوعاً: إذا اشتد بياضه و خلص.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَ تَنْصَعُ طِيبَهَا".
أي تخلصه‏
. (نطع)
فِي الْحَدِيثِ" يَا غُلَامُ النِّطْعَ وَ السَّيْفَ".
النِّطْع بالكسر و الفتح و كعنب و كطبق أيضا بساط من الأديم، و يجمع على أَنْطَاع و نُطُوع. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَتَى الْبَيْتَ وَ كَسَاهُ الْأَنْطَاعَ".
قال بعض شراح الحديث: أول من كسا البيت كسوة كاملة تبع كساه الأَنْطَاع ثم كساه الوصائل أي حبر اليمن، و في بعض النسخ الوصائد.
 (نعنع)
" النَّعْنَاع" بقلة معروفة، و النَّعْنَع مقصور منه.
 (نفع)
قوله تعالى: وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما
 [2/ 219] و هو التلذذ بشرب الخمر و القمار و الطرب فيهما و التوصل بهما إلى الفتيان و معاشرتهم و النيل منهم. و" النَّافِع" من أسمائه تعالى، و هو الذي يوصل النَّفْعَ إلى من يشاء من خلقه حيث هو خالق النفع و الضرر و الخير و الشر. و" نَافِع" مولى عمر بن الخطاب، و كان رأيه رأي الخوارج. و النَّفْع: ضد الضر، يقال نَفَعْتُه‏

397
مجمع البحرين4

نفع ص 397

بكذا فَانْتَفَعَ، و الاسم المَنْفَعَة. و النَّفْع: الخير، و هو ما يتوصل به الإنسان إلى غيره، يقال نَفَعَنِي الشي‏ء نَفْعا فهو نَافِع، و انْتَفَعْتُ بالشي‏ء و نَفَعَنِي الله. و" نُفَيْعُ بن الحرث" مولى رسول الله ص.
 (نقع)
قوله تعالى: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً
 [4/ 100] النَّقْعُ: الغبار، و الجمع نِقَاع بالكسر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" شَارِبُ الْخَمْرِ لَا يَنْقَعُ".
أي لا يروى، يقال نَقَعْتُ بالماء: أي رويت. و شربت حتى نَقَعْتُ: أي شفيت غليلي. و نَقَعَ الماءُ العطشَ: أي سكبه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا جُرْعَةً كَجُرْعَةِ الْإِنَاءِ لَوْ تَمَزَّزَهَا الصَّدْيَانُ لَمْ تَنْقَعْ غُلَّتُهُ".
أي لم يسكن عطشه و لم يرو.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَجُوزُ أَكْلُ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْمُسُوخِ".
و ذكر منها النَّقْعَاء بالنون و القاف و العين المهملة كما في النسخ المعتمدة و قد تعددت النسخ في اللفظة و لعلها مصحفة، و يقرب تصحيفها بالعنقاء، و هو الطائر الغريب الذي يبيض في الجبال. و الله أعلم. و سم نَاقِعٌ: أي بالغ، و قيل قاتل. و دم نَاقِعٌ: أي طري.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى ص أَنْ يُمْنَعَ نَقْعُ الْبِئْرِ".
أي فضل مائها لأنه يُنْقَعُ به العطش" أي يروى. و النَّقُوعُ بالفتح: ما ينقع في الماء من الليل لدواء أو نبيذ، و ذلك مِنْقَعٌ بالكسر. و النَّقِيع: شراب يتخذ من زبيب ينقع في الماء من غير طبخ، و قد جاء في الحديث كذلك. و المَنْقَعُ بالفتح: الموضع يستنقع فيه الماء، و الجمع مَنَاقِع. و النَّقِيع على فعيل: الماء الناقع المجتمع. و" النَّقِيع" موضع حماه عمر لنعم الفي‏ء و خيل المجاهدين، و هو موضع قريب من المدينة، و قيل إنه على مرحلتين منها، كان يُسْتَنْقَعُ فيه الماء: أي‏

398
مجمع البحرين4

نقع ص 398

يجتمع. و أَنْقَعَنِي الماء: أرواني. و اسْتَنْقَعْتُ في الغدير: أي نزلت و اغتسلت. و نَقَعَ الماء في الوهدة من باب نفع و اسْتَنْقَعَ: ثبت و اجتمع و طال مكثه و النَّقِيعَة كسفينة: طعام القادم من سفره، و قيل و لعلها من النَّقْع.
 (نوع)
فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ اكْشِفْ عَنَّا أَنْوَاعَ الْبَلَاءِ".
أي جميع البلايا. و قد تَنَوَّعَ الشي‏ء أَنْوَاعاً: أي تقسم أقساما. و" النَّوْعُ" عندهم أخص من الجنس كالإنسان و الحيوان.
باب ما أوله الواو
 (وجع)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إِلَّا فِي دَيْنِ دَمٍ مُوجِعٍ".
و مثله‏
الْخَبَرُ" لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ".
و معناه على ما ذكره بعض الشارحين هو أن يتحمل الإنسان دية فيسعى فيها حتى يؤديها إلى أولياء المقتول، فإن لم يؤدها قتل المتحمل عنه فيوجعه قتله. و الوَجَعُ: المرض، و الجمع أَوْجَاع و وِجَاع مثل جبل و أجبال و جبال- قاله الجوهري.

399
مجمع البحرين4

وجع ص 399

و وَجِعَ فلان يَوْجَعُ و يَيْجَعُ و يَاجَعُ فهو وَجِعٌ، و قوم وَجِعُونَ و وَجْعَى مثل مرضى و وِجَاعٌ، و نسوة وَجَاعَى و وَجِعَاتٌ و تقول" يَوْجَعُنِي رأسي" بفتح الجيم و لا تقل يُوجِعُنِي بضم الياء و كسر الجيم. و" الجِعَةُ" بكسر الأول و فتح الثاني نبيذ الشعير، نقلا عن أبي عبيد. قال الجوهري. و لست أدري ما نقصانه.
 (ودع)
قوله تعالى: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ‏
 [3/ 93] أي ما تركك. و منه قولهم" أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ غَيْرَ مُوَدَّعٍ" أي غير متروك. و منه سمي الوَدَاعُ بالفتح لأنه فراق و متاركة.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‏
 قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَبْطَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص، وَ إِنَّهُ كَانَتْ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثُمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: لَعَلَّ رَبَّكَ قَدْ تَرَكَكَ وَ لَا يُرْسِلُ إِلَيْكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‏.
و يقال وَدَعَ الشي‏ء يَدَعُهُ وَدْعاً: إذا تركه، و النحاة يقولون إن العرب أماتوا ماضي يَدَعُ و مصدره و استغنوا عنه بتَرَكَ، و النبي ص أفصح العرب و قد استعمله، فيحمل قولهم على قلة استعماله، فهو شاذ في الاستعمال صحيح في القياس، و قد جاء في غير الحديث حتى قرى‏ء به قوله ما وَدَعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‏ بالتخفيف. و تَوَادَعَ الفريقان: أي أعطى كل واحد منهما الآخر عهدا أن لا يغزوه، و اسم ذلك العهد الوَدِيعُ، يقال أعطيته وَدِيعاً أي عهدا. و وَادَعْتُهُ: صالحته، و الاسم الوِدَاعُ بالكسر. و دَعْ ذا: أي اتركه، و أصله وَدَعَ يَدَعُ. و لا تَدَعْهُنَّ: أي لا تتركهن. و" حجة الوَدَاع" حجة الفراق،

400
مجمع البحرين4

ودع ص 400

سميت بذلك لأن الرسول لما قال: هَلْ بَلَّغْتُ؟ و قالوا: نَعَم، طَفِقَ يقول" اللهم اشْهَدْ" ثم وَدَّعَ الناسَ فقالوا هذه حجة الوَدَاع.
وَ فِي حَدِيثِ السَّفَرِ" أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَ أَمَانَتَكَ".
من الوَدَاع. قال بعض الشارحين: و ذلك لأن السفر يصيب الإنسان فيه المشقة و الخوف فيكون ذلك سببا لنقص أمور الدين. و التَّوْدِيع عند الرحيل، و الوَدِيعَة واحد الوَدَائِع فعيلة بمعنى مفعولة، و هي استنابة في الحفظ، يقال أَوْدَعْتُهُ مالا: أي دفعته إليه يكون وَدِيعَةً عنده. و اسْتَوْدَعْتُهُ وَدِيعَةً: استحفظته إياها. و منه" وَ اسْتَوْدَعَهَا أُمَّ سَلَمَةَ" أي طلب منها حفظها. و الدَّعَة بالفتح: الخفض، و الهاء عوض من الواو، تقول منه وَدُعَ الرجل بالضم فهو وَدِيعٌ أي ساكن، و وَادِعٌ أيضا مثل حَمُضَ فهو حامِض. و رجل مُتَّدِعٌ: أي صاحب دَعَةٍ و راحة
وَ مِنْهُ" عَلَيْكُمْ بِالدَّعَةِ وَ الْوَقَارِ".
و الدَّعَةُ: السعة و الخفض في العيش. و
قَوْلُهُ:" وَ لَا دَعَةٌ مُزِيحَةٌ".
أي و لا راحة مبعدة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ مَأْوَاهُ- يَعْنِي الْعِلْمَ الْمُوَادَعَةُ".
لعل المراد المباحثة و المذاكرة و المناظرة، لأن جميع ذلك حفظ للعلم،
وَ ضَبَطَهُ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ" وَ مَاؤُهُ الْمُوَادَعَةُ".
و هو تصحيف.
 (ورع)
فِي الْحَدِيثِ" صُونُوا دِينَكُمْ بِالْوَرَعِ".
و
فِيهِ" مِلَاكُ الدِّينِ الْوَرَعُ".
و
فِيهِ أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ تَوَرَّعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى".
و
فِيهِ" لَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ".
و الوَرَعُ في الأصل الكف عن المحارم و التحرج منها، يقال وَرِعَ الرجلُ يَرِعُ بالكسر فيهما وَرَعاً و رِعَةً فهو وَرِعٌ: إذا كف عما حرم الله انتهاكه، ثم استعمل في الكف المطلق. قال بعض شراح الحديث: و هو أقسام‏

401
مجمع البحرين4

ورع ص 401

فمنه ما يخرج المكلف عن الفسق و هو الموجب لقبول الشهادة و يسمى وَرَعَ التائبين و منه ما يخرج به عن الشبهات فإن من رتع حول الحمى يوشك أن يدخل فيه و يسمى وَرَعَ الصالحين، و منه ترك الحلال الذي يتخوف انجراره إلى المحرم و يسمى وَرَعَ المتقين، و عليه حمل‏
قَوْلُهُ ص" لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَأْسٌ".
و مثل" يترك الكلام عن الغير مخافةَ الوقوع في الغِيبة"، و منه الإعراض عن غير الله خوفا من ضياع ساعة من العمر فيما لا فائدة فيه و يسمى وَرَعَ الصديقين. و المُوَارَعَةُ: المُناطَقة و المُكَالَمة. و لعل منه‏
الْحَدِيثَ عَلَى بَعْضِ النُّسَخِ" وَ مَأْوَاهُ- يَعْنِي الْعِلْمَ- الْمُوَارَعَةُ".
 (وزع)
قوله تعالى: يُوزَعُونَ*
 [41/ 19] أي يحبسون.
وَ فِي التَّفْسِيرِ" يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ".
قوله: أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ*
 [27/ 19] أي ألهمني شكرها. و" اسْتَوْزَعْتُ اللهَ شُكْرَه فَأَوْزَعَنِي" أي استلهمته فأَلْهَمَنِي. و الإِيزَاعُ لشُكرِك: أي الإلهام له.
وَ فِي الْحَدِيثِ" السُّلْطَانُ وَزَعَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ".
الوَزَعَةُ جمع وَازِع و هو الكافّ الدافِع. و وَزَعْتُهُ وَزَعاً: كففته فَاتَّزَعَ أي كَفَّ. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" أَ وَ مَا وَزَعَ الْجُهَّالُ سَابِقَتِي عَنْ تُهَمَتِي".
أي دفع و كف. و وَزَعَهُمْ عن الباطل: أي كفهم و يحتمل الراء المهملة. و أَوْزَعْتُهُ بالشي‏ء: أي أغريته به، فهو مُوزَعٌ به أي مغرى به. و الوَازِع: الذي يتقدم الصف فيصلحه و يقدم و يؤخر. و التَّوْزِيعُ: القسمة و التفريق.

402
مجمع البحرين4

وسع ص 403

و قد تَوَزَّعُوهُ فيما بينهم: أي تقسموه و مال وَزَّعْتُهُ بين الورثة: أي فرقته بينهم. و" الأَوْزَاعُ" بطن من همدان. قال الجوهري: و منهم الأَوْزَاعِيّ.
 (وسع)
قوله تعالى: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً
 [4/ 97] قال الزمخشري: و هذا دليل على أن الرجل إذا كان في بلد لا يتمكن فيه من إقامة أمر دينه كما يجب حقت عليه المهاجرة.
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص" مَنْ فَرَّ بِدِينِهِ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ وَ إِنْ كَانَ شِبْراً مِنَ الْأَرْضِ اسْتَوْجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَ كَانَ رَفِيقَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ وَ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ص".
قَوْله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏
 [2/ 255] سُئِلَ ع أَيُّمَا أَوْسَعُ الْكُرْسِيُّ أَوِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ؟ قَالَ: بَلِ الْكُرْسِيُّ وَسِعَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَ اللَّهُ فِي الْكُرْسِيِّ.
قوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
 [2/ 286] أي إلا طاقتها و ما تقدر عليه. و الوُسْع: الطاقة. قوله: واسِعُ الْمَغْفِرَةِ
 [53/ 32] أي تَسَعُ مغفرته الذنوب لا تضيق عنها. قوله: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ‏
 [51/ 47] أي قادرون على ما هو أعظم منها، و قيل معناه و إنا لَمُوسِعُونَ الرزق على الخلق بالمطر، و قيل معناه إنا لذو سَعَةٍ لخلقنا، أي قادرون على رزقهم لا نعجز عنه. و" الوَاسِع" من أسمائه تعالى، و هو الذي يَسَعُ ما يسأل، و وَسِعَ غناه كل فقير، و وَسِعَ رزقه جميع خلقه و رحمته كلَّ شي‏ء، و يقال" الوَاسِع" المحيط بعلم كل شي‏ء، كما قال تعالى: وَسِعَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً
 [20/ 98] أي أحاط به‏

403
مجمع البحرين4

وسع ص 403

علما و السَّعَةُ بالتحريك: الجِدَة و الطاقة و منه قوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ‏
 [65/ 7] أي على قدر سَعَتِهِ، و الهاء عوض من الواو.
وَ فِي حَدِيثٍ" الْكُرُّ ذِرَاعَانِ عُمْقُهُ فِي ذِرَاعٍ وَ شِبْرٍ سَعَتُهُ".
أراد بالسَّعَة هنا الطول و العرض، إذ هو مقتضى الظاهر في هذا المقام، و ربما فهم من الحديث أيضا كما تقدم.
وَ" السَّعَةُ" قَصْعَةٌ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ص.
و السَّعَة: عدم الضيق. و الوَاسِع: ضد الضيق. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَاءُ الْبِئْرِ وَاسِعٌ".
أي فيه سَعَةٌ لا ينفعل بما يلاقيه من النجاسة إلا بالتغيير. و أَوْسَعَ الرجل: صار ذا سَعَةٍ و غنى. و أَوْسَعَ اللهُ عليك: أي أغناك. و التَّوَسُّعُ: خلاف التضيق، يقال وَسَّعْتُ الشي‏ء فَاتَّسَعَ. و اسْتَوْسَعَ: أي صار وَاسِعاً. و تَوَسَّعُوا في المجلس: أي تفسحوا فيه. و" اليَسَعُ" اسم من أسماء العجم، و سيأتي الكلام فيه.
 (وشع)
" يُوشَعُ بن نون" وصي موسى ع ردت عليه الشمس كما ردت على علي ع، يقال هو يُوشَعُ بن نون ابن افرائيم بن يوسف ع، و إلياس هو من سبط يُوشَع بن نون. و الوَشِيعُ: شريجة من السعف تلقى على خشب السعف، و جمعه وَشَائِع. و التَّوْشِيع: لف القطن بعد الندف، و كل لفيفة منه وَشِيعَة.
 (وصع)
فِي الْخَبَرِ" أَنَّ إِسْرَافِيلَ لَيَتَوَاضَعُ لِلَّهِ حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ الوَصَعُ".
قال بعض الشارحين: الوَصَعُ بالتحريك طائر أبيض أصغر من العصفور.
 (وضع)
قوله تعالى: وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ‏
 [9/ 47] أي لأسرعوا فيما بينكم بالنمائم و أشباه ذلك. قوله وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْل‏

404
مجمع البحرين4

وضع ص 404

حَمْلَها [22/ 2] قيل هو عند زلزلة الساعة قبل خروجهم من الدنيا، و قيل هو في القيامة، و هو كناية عن الشدائد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ".
يحتمل أن يراد من الملائكة العموم، و يحتمل إرادة الكرام الكاتبين، و يحتمل أن يكون صنعهم هذا في الدنيا، و يحتمل في الآخرة و يحتمل في الدارين جميعا، و كل ذلك عبارة عن توقير الملائكة طلاب العلم، و قد مر في جنح تمام البحث فيه.
وَ فِيهِ" كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُفِيضُونَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَ إِيضَاعِ الْإِبِلِ".
أي إسراعها. و الإِيضَاعُ: الإسراع، و كذلك الإهطاع. الوَضِيعُ من الناس: الدني‏ء. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَوْ كَانَ الْوَضِيعُ فِي قَعْرِ بِئْرٍ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ رِيحاً تَرْفَعُهُ".
و وَضُعَ الرجلُ بالضم يَوْضُعُ ضَعَةً: صار وَضِيعاً. و وَضَعَ من فلان: أي حط من درجته. و الوَضْعُ: الحط، و منه‏
حَدِيثُ التَّيَمُّمِ فَلَمَّا وَضَعَ الْوُضُوءَ عَمَّنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ أَثْبَتَ بَعْضَ الْغَسْلِ مَسْحاً".
و التَّوَاضُعُ: التذلل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ".
فيحتمل رفعه في الدنيا أو الآخرة أو في كلتيهما. و الوَضْعُ: الطرح و منه‏
قَوْلُهُ" هَذَا عَنْهُ مَوْضُوعٌ".
أي مطروح غير مكلف به.
وَ مِنْهُ" وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي كَذَا".
و
مِنْهُ" مَلْعُونٌ مَنْ وَضَعَ رِدَاءَهُ فِي مُصِيبَةِ غَيْرِهِ".
و كأنّ ذلك لأن صاحب المصيبة قاعدته أنه يطرح رداءه ليعرف أنه صاحب المصيبة، فإذا فعل غيره ذلك أوهم أنه صاحب المصيبة فيوقع الغلط فنهى عن ذلك.
وَ فِي حَدِيثِ الْحَجِّ" فَأَوْضِعْ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ".
أي أسرع فيه إذا أتيته، يقال وَضَعَ البعير يَضَعُ وَضْعاً و أَوْضَعَهُ راكبه إِيضَاعاً: إذا حمله على سرعة السير. و المُوَاضَعَةُ: المحاطّة، و منه" بيع المُوَاضَعَةِ" أعني المحاطّة، و هي خلاف‏

405
مجمع البحرين4

وضع ص 404

المرابحة، مأخوذة من الوَضْعِ و هي أن يبيع برأس المال و وَضِيعَةٍ معلومة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْوَضِيعَةُ بَعْدَ الصَّفْقَةِ حَرَامٌ".
و لعل المراد شدة الكراهة. و" المَوْضِعُ" مصدر قولك وَضَعْتُ الشي‏ء من يدي وَضْعاً و مَوْضِعاً. و وَضَعْتُ عن فلان دَيْنه: أسقطته عنه. و وَضَعَتِ المرأة وَضْعاً: ولدت و وَضَعَتْ وُضْعاً بالضم: أي حملت في آخر طهرها في مقبل الحيضة فهي وَاضِعٌ. و وَضَعْتُ الشي‏ء بين يديه: تركته هناك. و الوَضِيعَةُ: الخسارة و النقيصة. و منه‏
الْحَدِيثُ" وَ إِنْ كُنْتَ لَا تَجِدُ إِلَّا وَضِيعَةً فَلَيْسَ عَلَيْكَ زَكَاةٌ".
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّهُ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ".
و ذلك أن نجوهم كان يخرج منهم كما يخرج البعر من الشاة من أكلهم ورق الشجر و عدم الغذاء المألوف.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ ارْفَعْ ثَوْبَكَ وَ ضَعْ حَيْثُ شِئْتَ".
أي تغوط حيث شئت. و الحديثُ المَوْضُوعُ: المكذوب على رسول الله ص أو الأئمة ع، و من ذلك ما
حُكِيَ أَنَّ غِيَاثَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ الْعَبَّاسِيِّ وَ كَانَ يُحِبُّ الْمُسَابَقَةَ بِالْحَمَامِ، فَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ" لَا سَبْقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ أَوْ جَنَاحٍ" فَأَمَرَ لَهُ الْمَهْدِيُّ بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الْمَهْدِيُّ: أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاهُ قَفَا كَذَّابٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَ لَكِنْ هَذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيْنَا وَ أَمَرَ بِذَبْحِ الْحَمَامِ وَ قَالَ: أَنَا حَمَلْتُهُ عَلَى ذَلِكَ.
و قد وَضَعَ الغلاةُ و الخوارجُ و الزنادقةُ من الأحاديث ما لا يحصى. و عن الصنعاني في كتاب الدر الملتقط أنه قال: و من المَوْضُوعَاتِ ما زعموا
أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ يَتَجَلَّى لِلْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَامَّةً وَ يَتَجَلَّى لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ خَاصَّةً!!!".
و أنه‏
قَالَ:" حَدَّثَنِي جَبْرَئِيلُ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ الْأَرْوَاحَ اخْتَارَ رُوحَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بَيْنِ الْأَرْوَاحِ"!!!.
و ما
رُوِيَ" أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يُعْطَى كِتابَهُ بِيَمِينِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ لَهُ شُعَاعٌ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ!!!".

406
مجمع البحرين4

وضع ص 404

و
مِنْهَا" مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ قُتِلَ وَ مَنْ سَبَّ عُثْمَانَ وَ عَلِيّاً جُلِدَ الْحَدَّ"!!!.
إلى غير ذلك و هو كثير.
 (وقع)
قوله تعالى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ
 [56/ 1] يعني قامت القيامة. قوله: إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ‏
 [52/ 7] أي واجب على الكفار. و مثله إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ‏
 [27/ 82] أي وجب، و قيل ثبتت الحجة. قوله: وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ‏
 [7/ 171] أي و علموا أنه وَاقِعٌ بهم، أي و علموا أنه ساقط عليهم،
وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوا أَحْكَامَ التَّوْرَاةِ فَرَفَعَ اللَّهُ الطُّورَ عَلَى رُءُوسِهِمْ مِقْدَارَ عَسْكَرِهِمْ وَ كَانَ فَرْسَخاً فِي فَرْسَخٍ، وَ قِيلَ لَهُمْ إِنْ قَبِلْتُمُوهَا بِمَا فِيهَا وَ إِلَّا لَيَقَعَنَّ عَلَيْكُمْ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى الْجَبَلِ خَرُّوا سُجَّداً عَلَى أَحَدِ شِقَّيْ وُجُوهِهِمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْجَبَلِ فَزِعاً مِنْ سُقُوطِهِ.
قوله: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ‏
 [56/ 75] قيل أي نجوم القرآن إذا نزل لأنه نزل نجما نجما، و يقال مساقط النجوم في الغرب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" يَعْنِي بِهِ الْيَمِينَ بِالْبَرَاءَةِ مِنَ الْأَئِمَّةِ ع يَحْلِفُ بِهَا الرَّجُلُ يَقُولُ: إِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ، وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ".
يعني لكثرة تعاطي الشبهات يصادف الحرام و إن لم يتعمده و يأثم به لتقصيره أو يغتاله التساهل و يتمرن به حتي يقع في شبهة أغلظ ثم أغلظ إلى أن يقع فيه تحقيقا لمداناة الوقوع، كما يقال من اتبع نفسه هواها فقد هلك. و السر فيه: أن حمى الأملاك حدود محسوسة يدركها كل ذي بصر إلا الغافل أو الجزع، و أما حمى ملك الأملاك فمعقول صرف لا يدركه إلا الحذاق و يدخل فيه من في ماله شبهة أو خالطه رياء، و جوائز السلطان و التجارة في أسواق بنوها بغير حق و اجتناب ربط و مدارس‏

407
مجمع البحرين4

وقع ص 407

و قناطر بنوها بالأموال المغصوبة. و الوَاقِعَةُ: النازلة الشديدة، و الجمع وِقَاعٌ و وَقَائِعُ.
وَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ" فَوَقَعَ بِي أَبِي".
أي لامني و عنفني، من قولهم وَقَعْتُ بفلان: إذا لمته، و وَقَعْتُ فيه: إذا عبته و ذممته. و" الوَقْعَةُ" المرة من الوُقُوعِ السقوط و الوَقْعُ المكان المرتفع من الجبل. و لعل منه‏
" سُبْحَانَ مَنْ يَعْلَمُ وَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ".
و وَقَعَ الشي‏ء وُقُوعاً: سقط. و وَقَعَ في الناس وَقِيعَةً: اغتابهم. و وقع الشي‏ء مَوْقِعَهُ: إذا صادف محله. و وَقَعَ في قلبي منه شي‏ء: أي حصل في قلبي منه دغدغة. و" مَوْقَعَةُ الطائر" بفتح القاف الموضع الذي يقع عليه. و مِيقَعَةُ البازي: الموضع الذي يألفه فيقع عليه. و" المِيقَعَةُ": المطرقة و منه‏
الْخَبَرُ" نَزَلَ مَعَ آدَمَ الْمِيقَعَةُ وَ السِّنْدَانُ وَ الْكَلْبَتَانِ".
و الْمُوَاقَعَةُ: الْوِقَاعُ، و هو من كنايات الجماع. و
مِنْهُ" الرَّجُلُ يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَ هِيَ حَائِضٌ".
أي يطؤها. و التَّوْقِيعُ: ما يُوَقَّعُ في الكتاب من الجواب، و منه تَوْقِيعُ العسكري ع و غيره.
 (وكع)
" وَكِيعُ بن سلمة بن زهير بن إياد" و كان ولي البيت بعد جرهم، و قد مر ذكره في حرز، و لعله هو المشار إليه بقول من قال:
شكوت إلى وَكِيعٍ سوء حفظي             فأرشدني إلى ترك المعاصي‏
و علله بأن العلم فضل             و فضل الله لا يؤتاه عاصي‏

 (ولع)
الولعُ: أصغر من الجرجس، كما ذكر في الحديث. و" الوَلُوعُ" بالفتح اسم من وَلِعْتُ به أَوْلَعُ وَلَعاً و وَلُوعاً المصدر و الاسم جميعا بالفتح. و أَوْلَعْتُهُ بالشي‏ء و أُولَعَ به فهو مُولَعٌ به: بفتح اللام أي مُغرَى به. و منه" أَنَّهُ كَانَ مُولَعاً بِالسِّوَاكِ".

408
مجمع البحرين4

ولع ص 408

و مثله‏
" أَوْلَعْتُ قُرَيْشاً بِعَمَّارٍ".
أي صبرتهم يُولَعُونَ به‏
باب ما أوله الهاء
 (هبلع)
الهِبْلَعُ مثل الدرهم: الأكول، و قيل بزيادة الهاء من البَلْع. و الهِبْلَعُ: الكلب السلوقي.
 (هجع)
قوله تعالى: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ‏
 [51/ 17] من الهُجُوعِ، و هو النوم ليلا، و الليل هنا في معنى الجمع، أي كانوا قليلا من الليالي ما ينامون أي يصلون في أكثرها، قال المفسر: ما زائدة، أي يَهْجَعُونَ في طائفة من الليل أو يَهْجَعُونَ هُجُوعاً قليلا، و قيل مصدرية أو موصولة أي في قليل من الليل هُجُوعُهُمْ أو ما يَهْجَعُونَ فيه، و لا يجوز أن تكون نافية لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ الْقَوْمُ يَنَامُونَ وَ لَكِنْ كُلَّمَا انْقَلَبَ أَحَدُهُمْ قَالَ:" الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ".
وَ فِي حَدِيثٍ حَسَنٍ قَالَ:" كَانُوا أَقَلَّ اللَّيَالِي تَفُوتُهُمْ لَا يَقُومُونَ فِيهَا".
و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ طَالَ هُجُوعِي وَ قَلَّ قِيَامِي".
و انتبه بعد هَجْعَةٍ: أي بعد نومة خفيفة من أول الليل.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص" أُرْسِلَ عَلَى طُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ".
لعل المراد على طول مدة من بعد الأمم السالفة

409
مجمع البحرين4

هجع ص 409

و" الهَجْعَةُ" قد يراد بها الغفلة و الجهل و الموت و رجل هُجَع بضم الهاء: أي غافل.
 (هرع)
قوله تعالى: وَ جاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ‏
 [11/ 78] أي يستحثون و يقال يسرعون إليه كأنهم يدفعون دفعا لطلب الفاحشة من أضيافه فأوقع الفعل بهم و هو لهم في المعنى، كما قيل أولع فلان بكذا و زهي فلان بكذا، و أرعد فلان بكذا فجعلوا مفعولين و هم فاعلون، و ذلك لأن المعنى أولعه طبعه و جبلته و زهاه ماله أو جهله و أرعده غضبه، فلهذه العلة خرجت هذه الأسماء مخرج المفعول بهم. و عن الفراء لا يكون الْإِهْرَاعُ إسراعا إلا مع رعدة. و رجل هَرِعٌ: أي سريع البكاء
 (هزع)
فِي الْخَبَرِ" إِيَّاكُمْ وَ تَهْزِيعَ الْأَخْلَاقِ".
أي تفريقها و تكثيرها، قيل نهى عن النفاق و تَهْزِيعُ الأخلاق: تغييرها عن محاسنها إلى مساوئها، يقال هَزَعْتُ الشي‏ء و هَزَّعْتُهُ: إذا كسرته. و مضى هَزِيعٌ من الليل: أي طائفة، و هو نحو من ثلثه أو ربعه. و هَزَعَ: بمعنى أسرع، و مثله اهْتَزَعَ و تَهَزَّعَ.
 (هطع)
قوله تعالى: مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ‏
 [54/ 8] أي مسرعين إليه في خوف. و أَهْطَعَ: أسرع في عدوه. و هَطَعَ كمنع: أسرع مقبلا خائفا. و الإِهْطَاعُ: الإسراع في العَدْو. و في التفسير أي ناظرون رافعو رءوسهم إلى الداعي، و عن تغلب هو الذي ينظر في ذل و خشوع لا يقلع. و أَهْطَعَ: إذا مد عنقه و صوب رأسه أي خفظه. و الْمُهْطِعُ إلى صوت الداعي بضم الميم و كسر الطاء: المقبل ببصره على الشي‏ء لا يقلع عنه‏

410
مجمع البحرين4

هلع ص 411

 (هلع)
قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً
 [70/ 19] أي حريصا إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ* يعني الفقر و الفاقة جَزُوعاً. وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ الغنى و السعة مَنُوعاً
وَ فِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ" لَا جَشِعٌ وَ لَا هَلِعٌ".
من الهَلَعِ و هو أفحش الجزع. و منه‏
فِي وَصْفِ عَلِيٍّ ع" وَ عَلَوْتَ إِذْ هَلِعُوا".
يعني الصحابة.
 (همع)
فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ" غَيْثٌ مُرْتَجِسَةٌ هُمُوعُهُ".
الهُمُوعُ بالضم: السيلان، و قد هَمَعَتْ عينه تَهْمَعُ هُمُوعاً و هَمَعَاناً: دَمَعَت‏
 (هوع)
هَاعَ يَهُوعُ من باب قال و هَيْعُوعَةً: إذا قاء. و التَّهَوُّعُ: التقيؤ.
 (هيع)
فِي الْحَدِيثِ" كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً طَارَ إِلَيْهَا".
الْهَيْعَةُ: الصوت الذي يفزع منه و يخافه من عدو، و معنى طار إليها سارع إليها. و قد هَاعَ يَهِيعُ هُيُوعاً: إذا جبن. و الهَائِعَة: الصياح و الضَّجَّة.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي الْمَرْأَةِ الْمُسْتَعْدِيَةِ عَلَى زَوْجِهَا" قَالَ لَهَا: يَا مَهْيَعُ يَا سَلْفَعُ يَا فَرْدَعُ، فَحِينَ سُئِلَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ ذَلِكَ جَاءَتْ بِتَفْسِيرِهَا فَقَالَتْ: أَمَّا قَوْلُهُ يَا مَهْيَعُ فَإِنِّي وَ اللَّهِ صَاحِبَةُ النِّسَاءِ وَ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ الرِّجَالِ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ يَا سَلْفَعُ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبَ عَلَيَّ إِنِّي أَحِيضُ مِنْ حَيْثُ لَا تَحِيضُ النِّسَاءُ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ يَا فَرْدَعُ فَإِنِّي الْمُخْرِبَةُ بَيْتَ زَوْجِي وَ مَا أُبْقِي عَلَيْهِ".
و" المَهْيَعَةُ" بسكون الهاء و فتح البواقي هي الجحفة ميقات أهل الشام و أهل المغرب، و هي أحد المواقيت التي وقتها رسول الله ص. و أرض مَهْيَعَةٌ: مبسوطة، و بها كانت تعرف فلما ذهب السيل بأهلها سميت" جحفة" و كانت بعد ذلك دارا لليهود يحلونها و لهذا دعا النبي ص عليها

411
مجمع البحرين4

هيع ص 411

بنقل وباء المدينة إليها، و منه يعلم جواز الدعاء على الكفار بالأمراض.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" اتَّقُوا الْبِدَعَ وَ الْزَمُوا الْمَهْيَعَ".
هو الطريق الواسع المنبسط، و الميم زائدة، و هو مفعل من التَّهَيُّعِ: الانبساط.
باب ما أوله الياء
 (يدع)
أَيْدَعَ الحجَّ على نفسه: أوجبه، و ذلك إذا تَطَيَّبَ لإحرامه.
 (يرع)
اليَرَاعُ جمع يَرَاعَة، و هو ذباب يطير بالليل كأنه نار.
 (يسع)
" اليَسَعُ" هو ابن اخطوب علم أعجمي أدخل عليه اللام كما أدخل على اليزيد، و
يُقَالُ هُوَ ابْنُ عَمِّ إِلْيَاسَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
و
فِي كُتُبِ السِّيَرِ: كَانَ الْيَسَعُ تِلْمِيذَ إِلْيَاسَ فَتَنَبَّأَ بَعْدَهُ.
. (يفع)
فِي الْحَدِيثِ" الْإِمَامُ النَّارُ عَلَى الْيَفَاعِ".
أي يضي‏ء للقريب و البعيد
" الْحَارُّ لِمَنِ اصْطَلَى".
أي أراد الانتفاع. و اليَفَاعُ: ما ارتفع من الأرض. و اليَفَاعُ: ما ارتفع من كل شي‏ء. و أَيْفَعَ الغلامُ: إذا شارف الاحتلام و لم يحتلم، و هو من نوادر الأبنية، فلا يقال مُوفِعٌ.
وَ مِنْهُ" خَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَ مَعَهُ النَّبِيُّ ص وَ قَدْ أَيْفَعَ".
و يقال أيضا أَيْفَعَ الغلام: راهق العشرين.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع‏

412
مجمع البحرين4

يفع ص 412

" لَا يُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَلَدُ الْمُيَافَعَةِ".
أي ولد زنا، يقال يَافَعَ الرجلُ جاريةَ فلان: إذا زنا بها.
 (ينع)
قوله تعالى: انْظُرُوا إِلى‏ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ يَنْعِهِ‏
 [6/ 99] أي انظروا إلى خروج الثمار نظر الاعتبار، و يَنْعِهِ أي نضجه. قال المفسِّر: يعني انظروا من ابتداء خروجه إذا أثمر إلى انتهائه إذا أَيْنَعَ و أدرك كيف تنتقل عليه الأحوال في الطعم و اللون و الرائحة و الصغر و الكبر لتستدلوا بذلك على أنّ له صانعا مدبرا. و أَيْنَعَ الثمر يُونِعُ، و يَنَعَ الثمر كمنع و ضرب يَنْعاً و يُنْعاً و يُنُوعاً فهو مُونِعٌ و يَانِعٌ: إذا أدرك و نضج و حان قِطافه، و أَيْنَعَ أكثر استعمالا. و منه‏
حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ ع" بِنَا أَيْنَعَتِ الثِّمَارُ".
و اليَانِعُ: الأحمر من كل شي‏ء، و الثمر الناضج و اليَنِيعُ و اليَانِعُ مثل النضيج و الناضِج.

413