مجمع البحرين4
باب ما أوله الألف ص 5
باب ما أوله الألف
(أرز)
فِي الْحَدِيثِ" الْعِلْمُ يَأْرِزُ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا".
أي ينضم و يجتمع بعضه إلى بعض. قال بعض الأفاضل: كأنه إشارة إلى ما وقع بعده ص في ابتداء الأمر، حيث انحصر العلم في أهل العباء ع و في جمع قليل بعدهم من أتباعهم. و مثله
" إِنَّ الْإِسْلَامَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا".
قال في النهاية: و منه
كَلَامُ عَلِيٍّ ع" حَتَّى يَأْرِزُ إِلَى غَيْرِكُمْ".
قال: و منه
كَلَامُهُ الْآخَرُ" جَعَلَ الْجِبَالَ لِلْأَرْضِ عِمَاداً وَ أَرَزَهَا فِيهَا أَوْتَاداً".
أي أثبتها إن كانت الزاي مخففة، فهي من أَرَزَتِ الشجرةُ تَأْرِزُ: إذا ثبتت في الأرض، و إن كانت مشددة فهي من أَرَزَّتِ الجرادةُ و رَزَّتْ: إذا أدخلت ذنبها في الأرض لتلقي فيها بيضها. و أَرَزَ فلانٌ يَأْرِزُ أَرْزاً و أُرُوزاً: إذا تضام و تقبض من بخله. و منه
حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ" إِنَّ فُلَاناً إِذَا سُئِلَ أَرَزَ وَ إِذَا دُعِيَ إِلَى الطَّعَامِ اهْتَزَّ".
و فيه ذكر الأرز، و فيه لغات أُرْز كقفل، و ضم الراء للإتباع، و ضم الهمزة و الراء، و تشديد الزاي، و الرابعة فتح الهمزة مع التشديد، و الخامسة رز من غير همزة، و السادسة الرنز بالضم لغة في الأرز. قال في المصباح: هي لعبد القيس كأنهم أبدلوا من إحدى الزاءين نونا. و الأَرَزَةُ بفتح الراء: شجر الأرزن، و هو خشب معروف، و عن أبي عبيدة الأَرْزَة بالتسكين شجر الصنوبر و الصنوبر ثمرها.
5
و قوله" و لا يَأْرِزُ من ثمرها شيئا" أي لا ينقص. و قولهم" و لم ينظروا في أَرْزِ الكلام" أي في حصره و جمعه و التروي فيه. و المَأْرَزُ: الملجأ.
(أزز)
قوله تعالى: أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا
[19/ 83] أي تزعجهم إزعاجا، و قيل أي تغريهم على المعاصي، من الأَزِّ و هو التهيج و الإغراء قال الشيخ أبو علي: المعنى ثم خاطب الله تعالى نبيه فقال: أَ لَمْ تَرَ يا محمد أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ أي خلينا بينهم و بين الشياطين إذا وسوسوا إليهم و دعوهم إلى الضلال حتى أغووهم، و لم نخل بينهم و بينهم بالإلجاء و لا بالمنع و عبر عن ذلك بالإرسال على سبيل المجاز و التوسع، كما يقال لمن خلى بين الكلب و غيره أرسل كلبه عليه عن الجبائي، و قيل معناه سلطناه عليهم، و هو في معنى التخلية أيضا و
فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي مَانِعِي الْخُمُسِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْمَعْرُوفِ، يَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً أَوْ شَيْطَاناً فَيُنْفِقُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَ الْخُمُسِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ يُعَذِّبُهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَجِدُ فِي بَطْنِي أَزّاً أَوْ ضَرَبَاناً".
أراد بالأَزِّ التهيج و الغليان الحاصل في بطنه، من أَزَّتِ القِدْرُ: اشتد غليانها و تهيجها. و في بعض النسخ" أذى" و معناه واضح. و الأَزِيزُ: صوت الرعد، و صوت غليان القدر أيضا. و منه
الْخَبَرُ" كَانَ يُصَلِّي وَ لِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ".
أي خنين بالخاء المعجمة، و هو صوت البكاء، و قيل أن تجيش جوفه و تغلي بالبكاء و المِرْجَل قِدْرٌ من نحاس. و مجلس أَزَزٌ: أي ممتلىء بالناس كثير الزحام ليس فيه متسع.
6
(أوز)
فيه الإِوَزُّ بكسر الهمزة و فتح الواو و تشديد الزاي: البط، واحدته إِوَزَّة، و الجمع إِوَزُّونَ بالواو و النون. و في لغة وز، الواحدة وزة مثل تمر و تمرة. و الإِوَّزُ أيضا الرجل الخفيف و المرأة إِوَّزَة
باب ما أوله الباء
(برز)
قوله تعالى: وَ تَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً
[18/ 47] أي ظاهرة ليس فيها مستظل و لا متفيأ، من بَرَزَ الشيءُ بُرُوزاً من باب قعد: ظهر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَوْلُ مِثْلُ الْبَرَازِ".
و هو بفتح الباء اسم للفضاء الواسع كنوا به عن قضاء الحاجة كما كنوا بالخلاء و الحش عنه، يقال تَبَرَّزَ تَبَرُّزاً تغوط، و ذلك لأنهم كانوا يبرزون في الأمكنة الخالية من الناس، و قيل سمي بَرَازاً لبروزه من الجسد. قال في النهاية: قال الخطابي المحدثون يروونه بالكسر، و هو خطأ لأنه بالكسر مصدر المبارزة في الحرب. قال بعض شراح الحديث: و للعرب عادة حسنة في هذا الباب و أمثاله، فما يفحش ذكره أو يستحيا منه يعبرون عنه بالكنايات صيانة للألسنة عما تصان عنه الأبصار و الأسماع أو تنفر عنه الطباع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً".
يعني محبا
" فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ".
المُبَارَزَةُ بالمحاربة إظهارها و التصدي لها. و البَرْزَةُ من النساء: التي لا تحتجب احتجاب الشواب، و هي مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس و تحدثهم، من البُرُوز و هو الظهور. و رجل بَرْزٌ: أي عفيف- نقلا عن الخليل. و المكان البَارِزُ: أي الظاهر.
7
و بَرَّزْتُ الشيءَ تَبْرِيزاً أي أظهرته و تبينته. و الإِبْرِيزُ: الذهب الخالص من الكدورات، معرب و الهمزة و الياء زائدتان. و" أَبْرَوَازُ" ملك من ملوك الفرس- قاله في القاموس.
(بزز)
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ النَّبِيُّ بَزَّازاً".
البَزَّاز بالفتح و تشديد الزاي الأولى صاحب البز، و البَزُّ من الثياب أمتعة التاجر، و منه" قَدِمَ بَزٌّ من اليمن"، و منه" اشتروا بَزّاً فاشتركوا". و البِزَّةُ بالكسر مع الهاء: الأثواب و السلاح. و البِزَّةُ أيضا: الهيئة، يقال هو حسن البِزَّةِ. و" أَظْهِرْ بِزَّةَ النَّصْرَانِيَّةِ" أي اجعلها وراء ظهر و من خلف ظهر. و ابْتَزَّ ثيابي: جردني منها و غلبني عليها. و بَزَّهُ ثِيَابَهُ يَبُزُّهُ بَزّاً: سلبه. و ابْتَزَزْتُ الشيءَ: استلبته.
(بوز)
" البُزَاةُ" جمع البَازِي و البَازِي مخففة أفصح لغاته، و الثانية بَازٌ، و الثالثة بَازِيٌّ بالتشديد، و يجمع على أَبْوَاز و بِيزَان.
باب ما أوله التاء
(تمز)
تَمُّوزُ أحد فصول السنة عند أهل الحساب.
(توز)
التُّوزُ بالضم: شجر معروف. و" التِّيزَانِيُّ" اسمه محمد بن عبد الله لغوي مشهور.
8
مجمع البحرين4
باب ما أوله الجيم ص 9
باب ما أوله الجيم
(جرز)
قوله تعالى: إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً
[32/ 27] الأرض الجُرُزُ بضمتين التي لم يصبها المطر و ليس فيها نبات، و الجمع أَجْرَازٌ. قال الجوهري: أرض جُرُزٌ مثل عسر و جَرَزٌ مثل نهر، و جمع الجُرْز جِرَزَة مثل جحر و جحرة، و جمع الجَرَز أَجْرَاز مثل سبب و أسباب. و الجُرُز: السنة المجدبة. و أرض جَارِزَة: أي يابسة غليظة يكتنفها رمل أو قاع، و الجمع جَوَارِزُ. و الجُرزُ: الطائفة من الترك، و قد جاء في الحديث.
وَ فِيهِ" سَأَلْتُهُ عَنِ اللِّحَافِ مِنَ الثَّعَالِبِ وَ الْجِرْزِ يُصَلَّى فِيهَا أَمْ لَا".
الجِرْزُ بالكسر و الراء المهملة و الزاي المعجمة: لباس من لباس النساء من الوبر قاله الجوهري، و يقال هو الفرو الغليظ.
وَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنِ اللِّحَافِ مِنَ الثَّعَالِبِ أَوِ الْخُوَارَزْمِيَّةِ".
و كأن المراد الحواصل الخوارزمية كما جاءت به الروايات، و هي حيوانات منسوبة إلى خوارزم اسم بلدة. و الجُرْزَة كغرفة: القبضة من القت و الجمع جُرَز كغرف. و جَرَزَهُ يَجْرُزُهُ جَرْزاً: قطعه. و سيف جُرَازٌ بالضم: أي قطاع.
(جرمز)
ابن جُرْمُوز قاتل الزبير.
(جزز)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبِي يُحْفِي رَأْسَهُ إِذَا جَزَّهُ".
و هو من الجَزِّ القطع، يقال جَزَزْتُ الصوفَ و الفجل أَجُزُّهُ جَزّاً: إذا قطعته و أخذته بِالْمِجَزِّ بكسر الميم و فتح الجيم. و قوله" يحفي رأسه إذا جَزَّهُ" أراد شدة المبالغة في الجز.
9
و الجَزَازُ كالجذاذ بالفتح و الكسر إلا أن الجَذَاذُ خاص في النخل و الجَزَاز فيه و في الزرع و الصوف و الشعر- قاله في المغرب. و الجِزَّةُ بالكسر: صوف الشاة، و الجمع جِزَز. و الجُزَازَة بالضم: ما سقط من الأديم إذا قطع. و منه
حَدِيثُ الْبَاقِرِ ع" مَنْ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَ شَارِبِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ وَ قَالَ حِينَ يَأْخُذُ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ص لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ قُلَامَةٌ وَ لَا جُزَازَةٌ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عِتْقَ نَسَمَةٍ، وَ لَمْ يَمْرَضْ إِلَّا مَرَضَهُ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ".
و الجَزُوزَةُ بالفتح: الغنم يجز أصوافها مثل الركوبة و الحلوبة.
(جلز)
فِي الْحَدِيثِ" حَدَّثَنِي بَعْضُ جَلَاوِزَةِ السَّوَادِ بِكَذَا".
الجَلَاوِزَةُ جمع جِلْوَاز بالكسر و هم أعوان الظلمة. و الجَلْوَزَةُ مصدر الجِلْوَاز، و هي الخفة في الذهاب و المجيء بين يدي العامل. و الجِلَازُ: السير الذي يشد في طرف السوط، و منه
الْخَبَرُ" أُحِبُّ أَنْ أَتَجَمَّلَ بِجِلَازِ سَوْطِي".
(جمز)
يقال جَمَزَ جَمْزاً من باب ضرب عدا و أسرع- قاله في المصباح.
وَ فِي الْخَبَرِ" يَرُدُّونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ كُفَّاراً جَمَزَى".
قال في النهاية: الجَمَزَى بالتحريك ضرب من السير سريع فوق العَنَقِ.
(جنز)
فِي الْحَدِيثِ" رَأَيْتُ ابْناً لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَطِيمٌ دَرَجَ" أَيْ مَشَى" فَطُعِنَ فِي جِنَازَةِ الْغُلَامِ فَمَاتَ".
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَرُمِيَتْ إِحْدَاهُمَا فِي جِنَازَتِهَا".
أي ماتت. قال في النهاية: تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رُمِيَ فِي جِنَازَتِهِ لأن الجنازة تصير مرميا فيها، و المراد بالرمي الحمل و الوضع. قال: و الجِنَازَة
10
بالكسر الميت بسريره، و قيل بالكسر السرير و بالفتح الميت يوضع عليه، و قد تكرر ذكرها في الحديث- انتهى.
وَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ" فَطُعِنَ فِي جِنَانِ الْغُلَامِ".
بالنون بدلا من الزاي،
وَ فِي أُخْرَى" فَطُعِنَ فِي حَيَاةِ الْغُلَامِ فَمَاتَ".
و كأنه تصحيف. و جَنَزْتُ الشيءَ أَجْنِزُهُ من باب ضرب سَيَّرْتُهُ، و منه اشتقاق الجَنَازَة.
(جوز)
قوله تعالى: نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ
[46/ 16] أي نصفح عنها، من التَّجَاوُزِ عن الشيء الصفح عنه قرئ بالنون مفتوحة و بالياء مضمومة، و كذلك نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ. قوله: فَلَمَّا جاوَزا
[18/ 62] أي خلفا مكان الحوت بعدهما.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَرْأَةِ" لَا تَمْلِكُ مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا".
يحتمل أن يقرأ معلوما و مجهولا مشددا، أي لا يرخص لها الزوج فيما زاد على نفسها. و أَجَازَ أمرَه يُجِيزُهُ: إذا أمضاه و أنفذه. و أَجَازَ المكانَ بالألف: قطعه. و أَجَزْتُ العقدَ: جعلته جائزا نافذا. و الإِجَازَةُ في عرف العلماء: إخبار إجمالي بأمور معلومة مضبوطة مأمون عليها من الغلط و التصحيف، و هي في الأصل مصدر أَجَازَ، و أصلها إجوازة تحركت الواو فتوهم انفتاح ما قبلها فانقلبت ألفا فالتقى ساكنان فحذفت لالتقاء الساكنين فصارت إِجَازَة، و في المحذوف من الألفين الزائدة أو الأصلية قولان مشهوران: الأول قول سيبويه، و الثاني قول الأخفش. و الجِيزَةُ: هي قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل. و منه
قَوْلُهُ ع" أَجِيزُوا الْوَفْدَ بِمَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ".
أي أعطوهم الجيزة.
وَ فِي حَدِيثِ الصِّرَاطِ" فَأَكُونُ أَنَا وَ أُمَّتِي مَنْ يُجِيزُ عَلَيْهِ".
أي يجوز، و هي لغة فيه و بمعناه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ذُو الْمَجَازِ".
و هو موضع
11
عند عرفات، و يقال بمنى كان يقام به سوق من أسواق العرب في الجاهلية، و الميم زائدة. قيل سمي به لأن إجازة الحاج كانت فيه. و قولهم" جعل فلان ذلك الأمر مَجَازاً إلى حاجته" أي طريقا و مسلكا. و جَوْزُ كل شيء: وسطه. و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" إِنَّهُ قَامَ مِنْ جَوْزِ اللَّيْلِ يُصَلِّي".
وَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ" رَبَطَ جَوْزَهُ إِلَى سَمَاءِ الْبَيْتِ".
أي وسطه. و أَجْوَازُ البلدان القِفَار: أوساطها. و منه
الْحَدِيثُ" الْإِمَامُ النَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَاهِبِ الدُّجَى وَ أَجْوَازِ الْبُلْدَانِ الْقِفَارِ".
أي أوساطها المقفرة، لأنها أقرب إلى الهلكة، و استعماله هنا على الاستعارة. و الجَائِزُ: السائغ. و منه
قَوْلُهُ ع" لَوْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ لَجَازَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص".
و
مِنْهُ" لَا أُجِيزُ فِي الطَّلَاقِ إِلَّا رَجُلَيْنِ".
و جَوَّزَ له ما صنع و أَجَازَ له: سوغ له ذلك.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنِّي أَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي".
أي أخففها و أقللها و أقتصر على الجائز المجزي مع بعض المندوبات.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ تَجَوَّزْ عَنِّي".
أي تَجَاوَزْ، و هما بمعنى. و الجَوْزُ فارسي معرب، الواحدة جَوْزَة، و الجمع جَوْزَات. و" الجَوْزَاءُ" نجم يقال إنها تعترض في جَوْزِ السماء أي وسطها. و من ذلك
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ" فَقَالَ تَبِينُ بِرَأْسِ الْجَوْزَاءِ وَ الْبَاقِي وِزْرٌ عَلَيْهِ وَ عُقُوبَةٌ".
أي
12
بعدد رأس الجوزاء، و هو إما الأنجم الثلاثة أو حرف الجيم و هو ثلاث بحساب العدد، و كيف كان يريد هي مطلقة بالثلاث و الباقي وزر عليه و عقوبة. و الجَائِزَة: العطية واحدة الجَوَائِز و هي العطايا و المنح. و منه
حَدِيثُ النَّبِيِّ ص لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ" أَ لَا أَمْنَحُكَ أَ لَا أُجِيزُكَ".
وَ أَصْلُ الْجَائِزَةِ أَنَّ قَطَنَ بْنَ عَبْدِ عَوْفٍ مِنْ بَنِي هِلَالٍ وَلِيَ فَارِسَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، فَمَرَّ بِهِ الْأَحْنَفُ فِي جَيْشِهِ غَازِياً إِلَى خُرَاسَانَ، فَوَقَفَ لَهُمْ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَقَالَ: أَجِيزُوهُمْ، فَجَعَلَ يَنْسُبُ الرَّجُلَ فَيُعْطِيهِ عَلَى قَدْرِ حَسَبِهِ وَ كَانَ يُعْطِيهِمْ مِائَةً مِائَةً، فَلَمَّا كَثُرُوا عَلَيْهِ قَالَ أَجِيزُوهُمْ فَأُجِيزُوا فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْجَوَائِزَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا طَلَعَ هِلَالُ شَوَّالٍ نُودِيَ الْمُؤْمِنُونَ أَنِ اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكُمْ فَهُوَ يَوْمُ الْجَائِزَةِ".
يعني ما أعده الله تعالى للصائمين من الثواب. و جَازَ الشيءَ يَجُوزُهُ: إذا تعداه. و منه
حَدِيثُ الْحَائِضِ وَ الْجُنُبِ" لَا يَدْخُلَانِ الْمَسْجِدَ إِلَّا مُجْتَازَيْنِ".
أي غير لابثين فيه. و" نهر جُوَيْز" أحد رساتيق المدائن و يحتمل الراء المهملة و قد سبق.
(جهز)
قوله تعالى: جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ*
[12/ 70] أي كال لكل واحد منهم ما يصيبه، قرأ السبعة بالفتح و الكسر لغة قليلة. و الجَهَازُ بالفتح و الكسر لغة: ما أصلح حال الإنسان، و منه جَهَازُ العروس و المسافر. و منه
الْحَدِيثُ" إِذَا أَخَذَ الْحَاجُّ بِجَهَازِهِ فَكَذَا".
و
مِنْهُ" إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ فَخُذْ فِي جَهَازِهِ وَ عَجِّلْهُ".
و
مِنْهُ" فَأَعِدُّوا الْجَهَازَ لِبُعْدِ الْمَجَازِ".
و تَجَهَّزْتُ لأمر كذا: أي تهيأت له.
وَ فِي حَدِيثِ يَوْمِ الْبَصْرَةِ" أَلَا لَا تُجْهِزُوا
13
عَلَى جَرِيحٍ وَ لَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً".
الإِجْهَازُ على الجريح هو أن يسرع إلى قتله، يقال جَهَزْتُ على الجريح من باب نفع و أَجْهَزْتُ إِجْهَازاً: إذا اهتممت عليه و أسرعت قتله. و جَهَّزْتُ بالتشديد للمبالغة و التكثير.
وَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الدُّنْيَا" هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا مَرَضاً مُفْسِداً أَوْ مَوْتاً مُجْهِزاً".
أي سريعا
باب ما أوله الحاء
(حجز)
فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ص" خُذُوا بِحُجْزَةِ هَذَا الْأَنْزَعِ" يَعْنِي عَلِيّاً ع" فَإِنَّهُ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ وَ الْفَارُوقُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ".
الحُجْزَة بضم الحاء المهملة و إسكان الجيم و بالزاي: معقد الإزار ثم قيل للإزار حُجْزَة للمجاورة، و الجمع حُجَز مثل غرفة و غرف، و قد استعير الأخذ بِالْحُجْزَةِ للتمسك و الاعتصام يعني تمسكوا و اعتصموا به. و
مِثْلُهُ" رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا".
استعار لفظة الحُجْزَة لهدى الهادي و لزوم قصده و الاقتداء به، و فيه إيماء إلى الحاجة إلى الشيخ في سلوك سبيل الله.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ الرَّحِمَ قَدْ أَخَذَتْ بِحُجْزَةِ الرَّحْمَنِ".
أي اعتصمت به و التجأت إليه مستجيرة. و حُجْزَةُ السراويل: التي فيها التكة. و الحَاجِزُ: الحائل بين الشيئين. و منه" الحِجَازُ" بالكسر أعني مكة و المدينة و الطائف و مخاليفها، كأنها حَجَزَتْ بين نجد و تهامة و بين نجد و السراة، أو لأنها احتجزت بالحرار الخمس- قاله
14
في القاموس. و احْتَجَزَ الرجلُ بإزار: شده على وسطه. و حَجَزَهُ يَحْجُزُهُ حَجْزاً: أي منعه فَانْحَجَزَ. و المُحَاجَزَة: الممانعة.
(حرز)
الحِرْزُ بالكسر: الموضع الحصين، و منه سمي التعويذ حِرْزاً، و الجمع أَحْرَاز كأحمال.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي حِرْزٍ حَارِزٍ".
أي في كهف منيع، و هذا كما يقال شعر شاعر، فأجرى اسم الفاعل صفة للشعر و هو لقائله، و القياس أن يقول: حِرْزٌ مُحْرِزٌ أو حِرْزٌ حَرِيزٌ، لأن الفعل أَحْرَزَ. و قال في النهاية: و لكن هكذا روي، و لعله لغة و تَحَرَّزْتُ من كذا و احْتَرَزْتُ: أي توقيته و تحفظت منه. و أَحْرَزْتُ الشيءَ إِحْرَازاً: ضممت. و منه قولهم" أَحْرَزَ قصبة السبق" إذا سبق إليها فضمها دون غيرها. و حَرُزَ الموضعُ حَرَازَةً فهو حَرِيزٌ من باب فَعُلَ يَفْعُلُ بالضم فيها، و أَحْرَزَهُ جعله في الحرز.
(حزز)
الحَزَازَةُ وجع في القلب من غيظ و نحوه، و الجمع حَزَازَات. قال الشاعر:
(و قد ينبت المرعى على دمن الثرى و تبقى حَزَازَاتُ النفوس كما هيا)
عن أبي عبيدة أنه قال: ضربه مثلا لرجل يظهر مودة و قلبه نغل بالعداوة. و الحَزُّ واحد الحُزُوز في العود و نحوه. و حَزَّهُ و احْتَزَّهُ: قطعه و حَزَزْتُ الخشبة حَزّاً- من باب قتل-: قرضتها. و الحَزُّ: القرض.
15
(حفز)
فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ" لَا تَلَثَّمْ وَ لَا تَحْتَفِزْ".
أي لا تتضام في سجودك بل تتخوى كما يتخوى البعير الضامر، و هكذا عكس المرأة فإنها تَحْتَفِزُ في سجودها و لا تتخوى.
وَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ" وَ لَا تَحْتَقِنْ".
أي لا تدافع البول و الغائط. و حَفَزَهُ: أي دفعه من خلفه. و قولهم" هو مُحْتَفِزٌ" أي مستعجل متوفر غير متمكن في جلوسه، كأنه يريد القيام.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الدُّنْيَا" فَهِيَ تَحْفِزُ بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا".
أي تدفعهم و تعجلهم و تسوقهم.
(حمز)
فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ" أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَحْمَزُهَا".
أي أشقها و أمتنها و أقواها. قيل: و ليس بكلي، فليس كل أَحْمَز أفضل و لا العكس. و الحَمْزَةُ: بقلة حريفة.
وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَنَّانِي رَسُولُ اللَّهِ ص بِبَقْلَةٍ كُنْتُ أَجْتَنِيهَا وَ كَانَ يُكَنَّى أَبَا حَمْزَةَ.
و" حَمْزَةُ" عم النبي ص مدفون بأحد، و قبره معروف هناك.
(حنز)
فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ" لَوْ صَلَّيْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كالحنايز [كَالْحَنَائِرِ] مَا نفعكم حَتَّى تُحِبُّوا آلَ الرَّسُولِ ص".
الحنايز [الحَنَائِر] جمع الحنيزة [الحَنِيرَة]، و هو القوس بلا وتر، و قيل الطاق المعقود، و كل شيء منحن فهو
16
حنيزة [حَنِيرَة]: أي لو تعبدتم حتى تنحني ظهوركم ما نفعكم ذلك حتى تحبوا آل الرسول.
(حيز)
قوله تعالى: أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ
[8/ 16] أي منضما أو مائلا إلى جماعة من المسلمين. و الحَوْزُ: الجمع، و كل من ضم إلى نفسه شيئا فقد حَازَهُ حَوْزاً و حِيَازَةً و احْتَازَهُ، و حَازَهُ حَيْزاً من باب سار لغة فيه. و الحَوْزَةُ: الناحية. و حَوْزَةُ الإسلام: حدوده و نواحيه. و منه
الْحَدِيثُ" الْإِمَامُ مِنَّا مَنْ مَنَعَ حَوْزَتَهُ".
أي ما في تصرفه، و جاهد في سبيل الله حق جهاده. و" الحَيِّزُ" بالتشديد: ما انضم إلى الدار من مرافقتها. و كل ناحية حَيِّزٌ، و أصله الواو. و هذا في حَيِّزِكَ: أي في ناحيتك. و انْحَازَ عنه: عدل.
باب ما أوله الخاء
(خبز)
" الخُبْزُ" بالضم فالسكون الذي يؤكل، و بالفتح المصدر، و قد خَبَزْتُ الخُبْزَ و اخْتَبَزْتُهُ. و الخَبِيزَةُ: عجين يوضع في الملة حتى ينضج. و الخَبِيزُ و الخَبِيزَة: الإدام، و قيل هي الطعام من اللحم و غيره، و خَبَزْتُهُ خَبْزاً من باب ضرب. و الخُبَّازُ بالضم: نبت معروف، و في لغة الخُبَّازَى بألف التأنيث كالخزامى.
(خرز)
الخَرَزُ بالتحريك: الذي ينظم، الواحدة خَرَزَة كقصبة و قصب. و خَرَزُ الظَّهْرِ: فقاره. و خَرَزَةُ الدِّماغ بكسر الدال من الذبيحة قيل هي المخ، و قيل خَرَزَةٌ في وسط المخ الكائن في وسط الدماغ بقدر
17
الحمصة تقريبا يخالف لونها لونه تميل إلى الغبرة. و" المِخْرَزُ" بكسر الميم و سكون المعجمة قبل الراء المفتوحة: ما يخرز به الجراب و السقاء من الجلود. و منه
الْحَدِيثُ" سَافِرْ بِمِخْرَزِكَ".
و خَرَزْتُ الجلدَ خَرْزاً من بابي ضرب و قتل، و هو كالخياط للثوب.
(خزز)
تكرر في الحديث ذكر" الخَزِّ" هو بتشديد الزاي: دابة من دواب الماء تمشي على أربع تشبه الثعلب و ترعى من البر و تنزل البحر، لها وبر يعمل منه الثياب، تعيش بالماء و لا تعيش خارجه، و ليس على حد الحيتان و ذكاتها إخراجها من الماء حية. قيل: و قد كانت في أول الإسلام إلى وسطه كثيرة جدا. و عن ابن فرشتة في شرح مجمع: الخَزُّ صوف غنم البحر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّمَا هِيَ كِلَابُ الْمَاءِ".
و الخَزُّ أيضا: ثياب تنسج من الإبريسم، و قد ورد النهي عن الركوب عليه و الجلوس عليه. قال في النهاية الخَزُّ المعروف أولا ثياب تنسج من صوف و إبريسم و هي مباحة و قد لبسها الصحابة و التابعون، فيكون النهي عنها لأجل التشبيه بالعجم و زي المترفين، و إن أريد بِالخَزِّ النوع الآخر و هو المعروف الآن فهو حرام، لأن جميعه معمول من الإبريسم. و الخَزَّازُونَ: قوم يعملون الخز. و الخُزَزُ كصرد: الذكر من الأرانب، و الجمع خِزَّان كصردان- كذا في المصباح و غيره.
(خنز)
خَنِزَ اللحمُ خَنَزاً من باب تعب: تغير و أنتن. و خَنَزَ خُنُوزاً من باب قعد لغة. و لم يَخْنَزْ بفتح النون: لم ينتن.
(خوز)
فِي الْحَدِيثِ" وَ احْذَرْ مَكْرَ خُوزِ الْأَهْوَازِ، فَإِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: الْإِيمَانُ لَا يَثْبُتُ فِي قَلْبِ يَهُودِيٍّ وَ لَا خُوزِي
18
أَبَداً".
الخُوزُ بالمعجمتين: جيل من الناس- قاله الجوهري و غيره. و في النهاية الخُوزُ جيل معروف. و كِرْمَان: صُقْعٌ معروف في العجم. و يروى بالراء المهملة و هو من أرض فارس.
باب ما أوله الدال
(درز)
" الدَّرْزُ" واحد دُرُوز الثوب- فارسي معرب.
(دهلز)
الدِّهْلِيزُ بالكسر: هو ما بين الباب و الدار، و الجمع الدَّهَالِيز- فارسي معرب.
باب ما أوله الراء
(رجز)
قوله تعالى: وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ [74/ 5] الرِّجْزُ بكسر الراء و ضمها، إما العذاب كما هو قول الأكثرين، فيكون الأمر بهجرانه أمر بهجران أسبابه الموجبة له، أو النجاسة فهو حينئذ صريح في وجوب توقي النجاسة في الصلاة- كذا قال بعض المفسرين، و هو جيد. و فسره البعض بالأوثان، و سميت رِجْزاً لأنها سبب الرِّجْز الذي هو العذاب قوله تعالى: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ
[7/ 135] أي العذاب، و الرِّجْزُ بمعناه. و رِجْزُ الشيطان: لطخه و ما يدعو إليه من الكفر. قوله: وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطان
19
[8/ 11] قيل هي الجنابة، و قيل العذاب، و قيل وسوسته،
فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى كَثِيبٍ لَمْ تَرْسَخْ فِيهِ أَقْدَامُهُمْ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَاحْتَلَمَ أَكْثَرُهُمْ وَ الْمُشْرِكُونَ سَبَقُوهُمْ إِلَى الْمَاءِ، فَتَمَثَّلَ لَهُمْ إِبْلِيسُ وَ قَالَ: تُصَلُّونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَ عَلَى جَنَابَةٍ وَ قَدْ عَطِشْتُمْ، وَ لَوْ كُنْتُمْ عَلَى الْحَقِّ لَمَا غَلَبَكُمْ هَؤُلَاءِ عَلَى الْمَاءِ، فَحَزِنُوا شَدِيداً فَمُطِرُوا لَيْلًا حَتَّى جَرَى الْوَادِي وَ تَلَبَّدَ الرَّمْلُ حَتَّى ثَبَتَتْ عَلَيْهِ الْأَقْدَامُ وَ طَابَتِ النُّفُوسُ.
قال بعض الأفاضل: فعلى القول الأول فيه دلالة على نجاسة المني، و لذلك قرئ رِجْسَ و هو مرادف للنجاسة. قوله: رِجْزاً مِنَ السَّماءِ*
[2/ 59] يعني العذاب. و الرَّجَزُ بفتح المهملة: بحر من البحور، و نوع من أنواع الشعر يكون كل مصراع منه منفردا، و تسمى قصائده أَرَاجِيزَ جمع أُرْجُوزَة كهيئة السجع إلا أنه وزن الشعر، و يسمى قائله رَاجِزاً.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ رَاجِزٌ".
سماه به لأن الرَّجَزَ أخف على اللسان من القصيدة.
وَ" الْمُرْتَجِزُ" عَلَى بِنَاءِ اسْمُ الْفَاعِلِ اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ وَ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ.
(رزز)
" الرِّزُّ" بالكسر الصوت الخفي، تقول سمعت رِزَّ الرعد و غيره. و الرِّزُّ: وجع في البطن، و منه
الْحَدِيثُ" لَا تَقْطَعِ الصَّلَاةَ الرُّعَافُ وَ رِزٌّ فِي الْبَطْنِ".
و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" مَنْ وَجَدَ فِي بَطْنِهِ رِزّاً فَلْيَنْصَرِفْ وَ لْيَتَوَضَّأْ".
كأنه يريد القرقرة أو غمز الحدث و حركته للخروج، و أمره بالوضوء لئلا يدافع أحد الأخبثين و إلا فليس بواجب ما لم يحدث. و رَزَزْتُ الشيءَ في الأرض رَزّاً: أي أثبته فيها. و منه
الْحَدِيثُ" جَعَلَ الْجِبَالَ لِلْأَرْض
20
عِمَاداً وَ أَرَّزَهَا فِيهَا أَوْتَاداً".
و قد مر في أرز.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنْتَ يَا عَلِيُّ رِزُّ الْأَرْضِ".
أي عمادها.
(رعز)
المرعزي: الزغب الذي تحت شعر العنز، و فيه لغات التخفيف و المد مع فتح الميم و كسرها و التثقيل و القصر مع كسر الميم لا غير، و العين مكسورة في الأحوال كلها، و حكي مرعز كجعفر و مرعز بكسرتين مع التثقيل، و لا يجوز التخفيف مع الكسرتين لفقد مفعل في كلامهم، و أما منحز و منتن فكسر الميم للإتباع و ليس بأصل.
(ركز)
قوله تعالى: أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً
[19/ 98] الرِّكْزُ: الصوت الخفي، أي لا يرى لهم عين و لا يسمع لهم صوت، و كانوا أكثر أموالا و أكثر أجساما و أشد خصاما من هؤلاء، فحكم هؤلاء حكمهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ".
الرِّكَازُ ككتاب بمعنى المَرْكُوز، أي المدفون، و اختلف أهل العراق و الحجاز في معناه، فقال أهل العراق الرِّكَازُ المعادن كلها، و قال أهل الحجاز الرِّكَازُ المال المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإسلام، و القولان يحتملهما أهل اللغة لأن كلا منهما مركوز في الأرض أي ثابت، يقال رَكَزَهُ رَكْزاً: إذا دفنه، و إنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه و سهولة أخذه.
وَ فِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ سُئِلَ وَ مَا الرِّكَازُ؟ فَقَالَ" الذَّهَبُ وَ الْفِضَّةُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خَلْقِهَا".
و رَكَزْتُ الرمحَ و غيره من باب قتل: أثبته بالأرض، و المَرْكِزُ وزان مسجد موضع الثبوت و الجمع مَرَاكِز. و مَرْكَزُ الدائرة: وسطها. و مَرْكَزُ الرحل: موضعه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْوَلِيمَةُ فِي الرِّكَازِ".
21
يعني قدوم الرجل من مكة.
(رمز)
قوله تعالى: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً
[3/ 41] و الرَّمْزُ هو تحريك الشفتين في اللفظ من غير إتيانه بصوت، و قد يكون إشارة بالعين و الحاجبين. فإن قيل: عليه: الرَّمْزُ ليس من جنس الكلام فكيف يستثنى منه؟ أجيب: بأنه لما أدى مؤدى الكلام و فهم ما يفهم منه سمي كلاما، و يجوز أن يكون استثناء منقطعا. و رَمَزَ من باب قتل، و في لغة من باب ضرب. و الرَّمَّازَةُ: الزانية، لأنها تَرْمِزُ بعينها.
(روز)
فيه" رُوزُ حسني" في نسخ متعددة، و هو اسم رجل. و رُزْتُهُ أَرُوزُهُ رَوْزاً: أي جربته و خبرته، و المَرْوَزِيُّ مر في مرا.
باب ما أوله الشين
(شرز)
فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنِ الْأُتُنِ وَ الشِّيرَازِ الْمُتَّخَذِ مِنْهَا".
و مثله
" وَ هَذَا شِيرَازُ الْأُتُنِ اتَّخَذْنَاهُ لِمَرِيضٍ عِنْدَنَا".
الشِّيرَازُ وزان دينار: اللبن الرائب يستخرج منه ماؤه. و قال بعضهم: لبن يغلي حتى يثخن ثم ينشف حتى يميل طبعه إلى الحموضة، و الجمع شَوَارِيز. و" شِيرَاز" اسم بلدة بفارس ينسب إليها بعض أصحاب الحديث
22
(شمأز)
قوله تعالى: اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
[39/ 45] أي انقبضت، من قولهم اشْمَأَزَّ الرجلُ اشْمِئْزَازاً: انقبض.
(شونز)
الشُّونِيزُ و الشِّينِيزُ و الشِّهْنِيزُ: الحبة السوداء- قاله في القاموس.
(شهرز)
يقال تَمْرٌ شِهْرِيزٌ و سِهْرِيزٌ بالسين و الشين جميعا: لضرب من التمر، و إن شئت أضفت مثل ثوب خز و ثوب خز.
باب ما أوله الضاد
(ضيز)
قوله تعالى: قِسْمَةٌ ضِيزى
[53/ 22] أي ناقصة، و يقال جائرة، من قولهم ضَازَهُ حَقَّهُ: أي نقصه، و ضَازَ في الحكم: أي جار فيه. و إنما كسروا الضاد لتسلم الياء لأنه ليس في الكلام فعلى صفة و إنما هو من بناء الأسماء كالشعرى. قال الجوهري: و حكى أبو حاتم عن أبي زيد أنه سمع بعض العرب تهمز ضِيزَى.
باب ما أوله الطاء
(طرز)
الطِّرَازُ: علم الثوب، فارسي معرب- قاله الجوهري. و الطَّرْزُ: الهيئة.
23
مجمع البحرين4
باب ما أوله العين ص 24
باب ما أوله العين
(عجز)
قوله تعالى: وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ*
[29/ 22] الإِعْجَازُ: أن يأتي الإنسان بشيء يعجز خصمه و يقصر دونه. قوله تعالى: غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ*
[9/ 2] أي لا يفوتونه و إن أمهلهم. قوله: لِيُعْجِزَهُ
[35/ 44] أي ليسبقه و يفوته. قوله تعالى: مُعاجِزِينَ*
[22/ 51] أي يعاجزون الأنبياء و أولياء الله و يقاتلونهم و يمانعونهم ليصيروهم إلى العجز عن أمر الله تعالى. قوله: أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ
[69/ 7] أي أصول نخل بالية. قوله: أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ
[54/ 20] أي أصول نخل منقطع.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ لَنَا حَقٌّ إِنْ نُعْطَهُ نَأْخُذْهُ، وَ إِنْ نُمْنَعْهُ نَرْكَبْ أَعْجَازَ الْإِبِلِ وَ إِنْ طَالَ السُّرَى".
قال بعض المتبحرين: هذا الكلام من لطيف كلامه و فصيحه، و معناه إن لم نعط حقنا كنا أذلاء، و ذلك لأن الرديف يركب عجز البعير كالعبد و الأسير و من يجري مجراهما، و وجه آخر و هو أن الركوب على أعجاز الإبل شاق، أي إن منعنا حقنا ركبنا مركب المشقة صابرين عليها و إن طال الأمد. و عَجُزُ كل شيء: مؤخره. و العَجُزُ من الرجل و المرأة: ما بين الوركين، و هي مؤنثة، و العَجِيزَة للمرأة خاصة، و بنو تميم يذكرون، و نقل فيها أربع لغات فتح العين و ضمها و مع كل واحد ضم الجيم و سكونها، و الأفصح وزان رجل، و الجمع أَعْجَاز. و عَجِزَ الإنسانُ عَجَزاً من باب تعب: عظم عجزه.
24
وَ فِي الْحَدِيثِ" تَزَوَّجْ مِنَ النِّسَاءِ الْعَجْزَاءَ".
يقال امرأة عَجْزَاءُ: أي ذات عجز. و عَجِزَتْ كفرح: عظمت عجيزتها، أي عجزها. و عَجَزَ الرجلُ عن الشيء- من باب ضرب- و عَجِزَ عَجْزاً من باب تعب لغة: إذا لم يقدر عليه.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَ الْكَسَلِ".
يمكن قراءته بالوجهين.
وَ فِي الْخَبَرِ" كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَ الْكَيْسُ".
بالرفع عطفا على كل، أراد بِالعَجْزِ ترك ما يجب فعله بالتسويف، و هو عام في أمور الدنيا و الدين، و الكَيْسُ ضد العجز، و هو النشاط و الحذق في الأمور. و العَجُوزُ بالضم: المرأة الكبيرة المسنة. و عن ابن السكيت و لا تقل عَجُوزَة و العامة تقوله، و الجمع عَجَائِزُ و عُجُز بضمتين. و أيام العَجُوزِ عند العرب خمسة أيام، و قيل هي سبعة أيام آخر الشتاء. و المُعْجِزُ: الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوى المقرون بالتحدي، و قد ذكر المسلمون للنبي ص ألف مُعْجِزَةٍ منها القرآن. و المُعْجِزَةُ في الحديث واحدة مُعْجِزَات الأنبياء. و المِعْجَزُ بكسر الميم: المنطقة، لأنها تلي عجز المنطق بها.
وَ فِي الْخَبَرِ" قَدِمَ عَلَيْهِ صَاحِبُ كِسْرَى فَوَهَبَ لَهُ مِعْجَزَةً فَسُمِّيَ ذَا الْمِعْجَزَةِ".
(عزز)
قوله تعالى: وَ قالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ
[12/ 30] قال المفسر: العَزِيزُ الملك
25
بلسان العرب، و فتاها غلامها. قوله: عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ
[9/ 128] أي شديد يغلب صبره، يقال عَزَّهُ يَعُزُّهُ عَزّاً: إذا غلبه. قوله: فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ
[36/ 14] أي قوينا و شددنا ظهورهما برسول ثالث، و الاسم العِزَّةُ، و هي القوة و الغلبة، و منه قوله وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ
[38/ 33] أي غلبني، و يقال عَزَّنِي صار أَعَزَّ مني. قوله: فِي عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ
[38/ 2] العِزَّةُ: المغالبة و الممانعة. قوله: أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ
[2/ 206] أي حملته العزة التي فيه من الغيرة و حمية الجاهلية على الإثم المنهي عنه و ألزمته ارتكابه، يقال أخذته بكذا: حملته عليه. قوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ
[37/ 180] يريد الله تعالى أصناف الرب إلى العزة لاختصاصه بها. قوله: أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ
[5/ 54] أي يُعَازُّونَ الكافرين، أي يغالبونهم و يمانعونهم، من عَزَّهُ: إذا غلبه. و" العُزَّى" تأنيث الأَعَزِّ [و قد يكون الأَعَزُّ] بمعنى [العَزِيزِ و العُزَّى بمعنى] العَزِيزَةِ [و هو أيضا] اسم صنم من حجارة لقريش و بني كنانة.
وَ يُقَالُ" الْعُزَّى" سَمُرَةٌ كَانَتْ لِغَطْفَانَ يَعْبُدُونَهَا، وَ كَانُوا بَنَوْا عَلَيْهَا بَيْتاً وَ أَقَامُوا لَهَا سَدَنَةً، فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَهَدَمَ الْبَيْتَ وَ أَحْرَقَ السَّمُرَةَ.
وَ" عَبْدُ الْعُزَّى" اسْمٌ لِأَبِي بَكْرٍ، وَ كُنْيَتُهُ أَبُو فَصِيلٍ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ ص عَبْدَ اللَّهِ وَ كَنَّاهُ أَبَا بَكْرٍ- كَذَا فِي الْكَشْكُولِ
و" الْعَزِيزُ"*
من أسمائه تعالى، و هو الذي لا يعادله شيء، أو الغالب الذي لا يغلب، و جمع العَزِيزِ عِزَاز مثل كريم و كرام، و قوم أَعِزَّة و أَعِزَّاء. و عَازَّهُ: غالبه.
26
و منه
الْحَدِيثُ" فَعَازَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ".
أي غالبه. و من أسمائه تعالى" المُعِزُّ" و هو الذي يهب العز لمن يشاء من عباده. و يَعِزُّ علي أن أراك بحال سيئة: أي يشتد و يشق علي و عَزَّ علي أن تفعل كذا- من باب ضرب-: كناية عن الأنفة عنه. و العِزُّ بالكسر: خلاف الذل و عَزَّ الشيءُ عِزّاً و عَزَازَةً: إذا قل و لا يكاد يوجد فهو عَزِيزٌ. و عَزَّ فلانٌ يَعِزُّ عِزّاً و عَزَازَةً أيضا: صار عَزِيزاً، أي قوي بعد ذلة و الجمع أَعِزَّة.
وَ فِي حَدِيثِ مَدْحِ الْإِسْلَامِ" وَ أَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ".
أي حماها ممن قصد هدمها. و
" الْمُؤْمِنُ أَعَزُّ مِنَ الْجَبَلِ".
أي أصلب.
فِي الْحَدِيثِ" مَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَوْحِشَ إِلَى أَخِيهِ فَمَنْ دُونَهُ الْمُؤْمِنُ عَزِيزٌ فِي دِينِهِ".
لعل المعنى أن المؤمن إذا فقد أخاه فمن دونه لا ينبغي أن يستوحش لفقدهما، لأن المؤمن عَزِيزٌ في دينه إذا مسته الوحشة استأنس بالله لا بغيره. و التَّعَزِّي: التأسي و التصبر عند المصيبة و أن يقول" إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ".
(عكز)
العُكَّازَةُ وزان تفاحة و رمانة: العنزة، و هي رمح بين العصا و الرمح فيها زج، و الجمع عَكَاكِيز و عَكَزَ على عُكَّازَتِهِ: توكأ عليها.
(علهز)
فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص لَمَّا دَعَا عَلَى قُرَيْشٍ" اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ أَكَلُوا الْعِلْهِزَ".
بكسر العين و إسكان اللام و كسر الهاء قبل الزاي: القراد الضخم، و قيل المراد به الوبر المخلوط بالدم.
(عنز)
العَنْزُ: الماعزة، و هي الأنثى من المعز و كذلك العَنْزُ: من الظباء و الأوعال- قاله الجوهري.
27
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَجْعَلُ الْعَنَزَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى وَ كَانَ ذَلِكَ لِيَسْتَتِرَ بِهَا عَنِ الْمَارَّةِ".
العَنَزَةُ بالتحريك أطول من العصا و أقصر من الرمح، و الجمع عَنَزٌ و عَنَزَاتٌ كقصبة و قصبات و قصب. قال بعض شراح الحديث: و إنما كانوا يحملون العَنَزَةَ معه ع لأنه إذا أتى الخلاء أبعد حتى لا تراه عيون الناظرين، فيتخذون له العَنَزَةَ لمقاتلة عدو إن حضر أو سبع أو مدافعة هامة، ثم لينبش الأرض إذا كانت صلبة لئلا يرتد إليه البول.
(عوز)
العَوَزُ بالفتح: العدم، و قد أَعْوَزَ فهو مُعْوِزٌ. و عَوِزَ الشيءُ كفرح: إذا لم يوجد، و الرجلُ: افتقر. و كان مُعْوِزاً: أي فقيرا. و الرجلُ المُعْوِزُ: الفقير. و أَعْوَزَهُ الشيءُ: إذا احتاج إليه فلم يقدر عليه. و الإِعْوَازُ: الفقر. و أَعْوَزَهُ الدهرُ: أفقره.
باب ما أوله الغين
(غرز)
فِي الْحَدِيثِ" الْجُبْنُ وَ الْبُخْلُ وَ الْحِرْصُ غَرِيزَةٌ يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ".
أي بالله. الغَرِيزَةُ: الطبيعة و القريحة، و الجمع غَرَائِز. و غَرَزَهَا في الخلق بالتخفيف و التشديد أي ركبها فيهم. و فيه" فأخذت بِغَرْزِ راحلته" هو كفلس: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب، و قيل هو الكور مطلقا مثل الركاب للسرج. و مثله" فوضع رجله في الغَرْزِ". و غَرَزْتُ رجلي في الغَرْزِ غَرْزاً: إذا وضعتها فيه لتركب.
28
و غَرَزَتِ الناقةُ تَغْرُزُ: إذا قل لبنها. و الغَارِزُ من النوق من ذلك. و غَرَزْتُ الشيءَ غَرْزاً من باب ضرب: أثبته في الأرض، و أَغْرَزْتُهُ بالألف لغة. و منه
حَدِيثُ لَفِّ الْخِرْقَةِ لِلْمَيِّتِ" وَ اغْرِزْهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَفَفْتَ فِيهِ الْخِرْقَةَ".
(غمز)
قوله تعالى: وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ
[83/ 30] أي يغمز بعضهم بعضا و يشيرون بأعينهم.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص مَعَ عَائِشَةَ" وَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيْهَا".
الغَمْزُ هنا العصر و الكبس باليد، و قد تكرر ذكره في الحديث، و بعضهم فسره بالإشارة كالرمز بالعين أو الحاجب أو اليد. و غَمَزَهُ غَمْزاً من باب ضرب: أشار إليه بعين أو حاجب أو يد.
وَ فِي حَدِيثِ آدَمَ" فَغَمَزَهُ- يَعْنِي جَبْرَئِيلَ ع- فَصَيَّرَ طُولُهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ".
و عليه إشكال مر الجواب عنه في قعد. و المَغْمُوزُ: المتهم. و المَغَامِزُ: المعايب. و ليس فيه مَغْمَزٌ: أي عيب.
باب ما أوله الفاء
(فرز)
فِي الْحَدِيثِ" التَّخَتُّمُ بِالْفَيْرُوزَجِ يُقَوِّي الْبَصَرَ وَ يَزِيدُ فِي قُوَّةِ الْقَلْبِ".
الفَيْرُوزَجُ: حجر معروف يتختم به. و الفَرْزُ مصدر قولك فَرَزْتُ الشيءَ أَفْرِزُهُ: إذا عزلته من غيره و مزته، و القطعة منه فِرْزَة بالكسر، و كذلك أَفْرَزْتُهُ بالألف. و إِفْرِيزُ: الحائط معرب- قاله الجوهري.
29
و" فَيْرُوزُ" من أبناء الفرس.
(فزز)
قوله تعالى: وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ
[17/ 64] أي استخف من استطعت منهم و استزلهم بوسوستك. و الفَزُّ: الخفيف، و منه رجل فَزٌّ. قوله: لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ
[17/ 76] أي ليزعجوك منها بالإخراج يقال أراد بها أرض مكة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ قُلُوبَ الْجُهَّالِ تَسْتَفِزُّهَا الْأَطْمَاعُ".
أي تستخفها، من اسْتَفَزَّهُ: إذا استخفه و أخرجه عن داره و أزعجه، و منه اسْتَفَزَّهُ الخوفُ. و قعد مُسْتَفِزّاً: أي غير مطمئن.
(فوز)
قوله: ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*
[9/ 72] الفَوْزُ: النجاة و الظفر بالخير، من قولهم فَازَ يَفُوزُ فَوْزاً: إذا ظفر و نجا. و الفَائِزُ بالشيء: الظافر به، و منه" الفائزون". قوله: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً
[78/ 31] أي ظفرا بما يريدون. قوله: وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ
[39/ 61] أي بسبب منجاتهم و هو العمل الصالح. و المَفَازَةُ: المنجاة، و هي مفعلة من الفوز، يقال فَازَ فلانٌ: إذا نجا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَسْتَقِرُّ أَيَّاماً فِي جَبَلٍ فِي طَرَفِ الْحَرَمِ فِي فَازَةٍ".
و هي مظلة بين عمودين، قال الجوهري هو عربي فيما أرى. و المَفَازَةُ: المهلك، مأخوذة من فَوَّزَ بالتشديد: إذا مات لأنها مظنة الموت، و قيل من فَازَ إذا نجا و سلم، سميت بذلك تفؤلا بالسلامة، و الجمع المَفَاوِز، و قد تكرر في الحديث.
30
مجمع البحرين4
باب ما أوله القاف ص 31
باب ما أوله القاف
(قرمز)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تَلْبَسِ الْقِرْمِزَ لِأَنَّهُ أَرْدِيَةُ إِبْلِيسَ".
القِرْمِزُ بكسر القاف و الميم: صبغ أرمني يكون من عصارة دود يكون في آجامهم- قاله في القاموس.
(قزز)
في الحديث ذكر القَزِّ، هو بالفتح و التشديد ما يعمل من الإبريسم، و عن بعضهم القَزُّ و الإِبْرِيسَم مثل الحنطة و الدقيق و التَّقَزُّزُ: التباعد من الدنس. و
مِنْهُ" تَقَزَّزَ مِنْ أَكْلِ الضَّبِّ".
و القَزُّ: إباء النفس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَ لَكِنَّ الْأَنْفُسَ تَتَنَزَّهُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ تَقَزُّزاً".
أي إباء و تباعدا عنه.
(قفز)
فِي حَدِيثِ الْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ" وَ لَا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ".
القُفَّازُ بالضم و التشديد: شيء يعمل لليدين و يحشى بقطن و يكون له أزرار تزر على الساعد، تلبسه المرأة من نساء العرب تتوقى به من البرد، و هما قُفَّازَانِ. و قَفَزَ الشيءُ يَقْفِزُ من باب ضرب يضرب قَفْزاً و قَفَزَاناً: وثب، فهو قَافِزٌ، و قَفَّازٌ مبالغة. و منه
الْحَدِيثُ" فَقَفَزَ فَأَصَابَ ثَوْبَ يُونُسَ".
و منه
حَدِيثُ قَيْسٍ الْمَاصِرِ" أَنْتَ وَ الْأَحْوَلُ قَفَّازَانِ".
و القَفِيزُ: مكيال يتواضع الناس عليه، و هو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك، و الجمع أَقْفِزَة و قُفْزَان
31
مجمع البحرين4
باب ما أوله الكاف ص 32
باب ما أوله الكاف
(كزز)
الكُزَازُ: داء يتولد من شدة البرد، و قيل هو نفس البرد، و منه
حَدِيثُ مَنْ أُمِرَ بِالْغُسْلِ" فَكُزَّ فَمَاتَ".
و الكَزَزَةُ: الانقباض و اليبس. و قد كُزَّ الشيءُ فهو مَكْزُوزٌ: إذا انقبض من البرد.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي وَصْفِهِ ص" لَمْ يَكُنْ بِالْكَزِّ فِي وُجُوهِ السَّائِلِينَ".
أي لم يكن معبسا في وجوههم. و الكَزُّ: المُعَبِّس.
(كنز)
قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما
[18/ 82] قَالَ: ذَلِكَ الْكَنْزُ لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ مَكْتُوبٌ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَجِبْتُ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ كَيْفَ يَفْرَحُ عَجِبْتُ لِمَنْ يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَحْزَنُ، عَجِبْتُ لِمَنْ يَذْكُرُ النَّارَ كَيْفَ يَضْحَكُ، عَجِبْتُ لِمَنْ يَرَى الدُّنْيَا وَ تَصَرُّفَ أَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَيْفَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا" كَذَا فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ. وَ مِثْلُهُ فِيمَا صَحَّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع
قوله: الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ
[9/ 34] الآية، أي يجمعونهما و يدخرونهما. و أصل الكَنْزِ: المال المدفون لعاقبة ما ثم اتسع فيه، فيقال لكل قينة يتخذها الإنسان كَنْزٌ، و منه
قَوْلُهُ" أَ لَا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُهُ الْمَرْءُ".
أي يقينه و يتخذه لعاقبته، و الجمع كُنُوز كفلس و فلوس. و كَنَزَ المالَ من باب ضرب: جمعه و ادخره. و يقال لكل ما أديت زكاته ليس بِكَنْزٍ و إن كان مدفونا، و كل ما لم يؤد
32
زكاته فهو كَنْزٌ و إن كان ظاهرا يكوى فيه صاحبه يوم القيامة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الصَّلَاةُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ".
أي أجرها مدخر لفاعلها و المتصف بها، كما يدخر الكنز الذي هو أنفس أموالكم. و مثله
" لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ".
و اكْتَنَزَ الشيء: اجتمع و امتلأ. و" أَكْنَزَ من غير طائل" أي جمع، و يروى فأكثر، و هو قريب منه.
(كوز)
الكُوزُ: إناء معروف يجمع فيه الماء، و اتسع فيه فيقال لما يوضع فيه المال، و يجمع على كِيزَان كعود و عيدان، و على أَكْوَاز كأعواد، و على كِوَزَة كعودة. و منه
الْحَدِيثُ" مَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ وَ وَضَعَهُ فِي كِوَزَةٍ".
باب ما أوله اللام
(لزز)
لَزَّهُ يَلُزُّهُ لَزّاً و لَزَزاً: أي شده و ألصقه. و لَازَزْتُهُ: لاصقته. و منه" لَزَّهُ إلى صدره". و كان له ص فرس يقال له اللِّزَازُ، سمي به لشدة تَلَزُّزِهِ.
(لغز)
أَلْغَزَ في كلامه: إذا عمى مراده، و الاسم اللُّغَزُ كرطب، و الجمع أَلْغَاز كأرطاب.
(لكز)
اللَّكْزُ: الضرب بالجمع على الصدر، يقال لَكَزَهُ لَكْزاً من باب قتل: ضربه بجمع كفه في صدره، و يقال اللَّكْزُ الضرب بجميع الجسد.
(لمز)
قوله تعالى: وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ
[49/ 11] أي لا تعيبوا إخوانكم المسلمين و مثله لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. قوله: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ
[9/ 58]
33
أي يعيبك، من قولهم لَمَزَهُ يَلْمِزُهُ و يَلْمُزُهُ و هَمَزَهُ يَهْمِزُه و يَهْمُزُهُ: إذا عابه، و الهَمْزُ و اللَّمْز العيب و الغض من الناس، و منه قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
[104/ 1]. قال الليث: الهُمَزَة هو الذي يعيبك بوجهك، و اللُّمَزَة الذي يعيبك بالغيب، و قيل اللَّمْزُ ما يكون باللسان و العين و الإشارة، و الهَمْزُ لا يكون إلا بلسان. و قال غيره: هما شيء واحد، و لعل هذا في غير الفاسق أما فيه فلا، لما
رُوِيَ عَنْهُ ص" اذْكُرُوا الْمَرْءَ بِمَا فِيهِ لِيَحْتَرِزَهُ النَّاسُ".
قال في المجمع في قوله تعالى وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ
أي يروزك و يسألك، و الرَّوْزُ الامتحان، يقال رُزْتُ ما عنده: إذا اختبرته و امتحنته، أي يمتحنك و يذوقك هل تخاف لائمته إذا منعته أم لا.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ هَمْزِهِ وَ لَمْزِهِ".
و هو من هذا الباب، و المراد مكائده.
(لهز)
اللَّهْزُ مثل اللكز. و لَهَزَهُ القَتِيرُ: خالطه الشيب، فهو مَلْهُوزٌ، ثم هو أشمط ثم أشيب- قاله الجوهري.
(لوز)
اللَّوْزَةُ واحدة اللَّوْز المعروف. و أرض مَلَازَة: فيها أشجار اللوز- قاله الجوهري.
باب ما أوله الميم
(مرز)
في الحديث ذكر البتع و المرز، الْمِرْزُ بكسر الميم و سكون الراء: الشراب المتخذ من الشعير، و البتع نوع آخر منه
34
و الْمَرْزُ أيضا: جمع التراب حول ما يريد إحياءه من الأرض ليتميز عن غيره، و منه" التحجير بِمَرْزٍ". و" امْرُزْ لي من هذا العجين مَرْزَةً" أي اقطع لي منه قطعة
. (مزز)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الْإِدَاوَةِ لَوْ تَمَزَّزَهَا الصَّدْيَانُ لَمْ تَنْقَعْ غُلَّتَهُ".
أي لم يسكن عطشه التَّمَزُّزُ: تمصص الماء قليلا، و الصديان العطشان، و نقع ينقع سكن عطشه، شبه بقيتها ببقية الماء في الإناء، و الْمَزَّةُ و الْمَزَّتَانِ: المصّة و المصّتان. و مَزَّهُ يَمُزُّهُ مَزّاً: مصه.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تُحَرِّمُ الْمَزَّةُ وَ الْمَزَّتَانِ".
يعني في الرضاع. و رمان مُزٌّ: بين الحلو و الحامض.
(معز)
قوله تعالى: وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ
[6/ 143] الْمَعَزُ بفتح الميم و العين و تسكينها لغة: نوع من الغنم خلاف الضأن، و هي ذوات الشعور و الأذناب القصار، و هو اسم جنس لا واحد له من لفظه، و الواحدة شاة، و هي مؤنثة، و قيل واحد المعز ماعز كصحب و صاحب و تجر و تاجر، و الأنثى مَاعِزَةٌ، و الجمع مَوَاعِزُ. و مَعَزَ القوم: كثر معزهم. ذكر أن لحمه يورث الهمّ و النسيان و يزيد البلغم و يحرك السوداء، لكنه نافع جيد لمن به الدماميل. و الْمِعْزَى بالقصر و يمد، و عن سيبويه مِعْزًى منون مصروف لأن الألف للإلحاق بدرهم لا للتأنيث. و عن الجاحظ أنه قال: اتفقوا على
35
أن الضأن أفضل من المعز، و استدلوا على أفضليته بأوجه: منها أنه قال تعالى: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ و لم يقل تسع و تسعون عنزا، و منها وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، و منها أنها تلد في السنة مرة و المعز تلد مرتين و قد تثني و تثلث، و البركة في الضأن أكثر، و منها أن الضأن إذا رعت شيئا من الكلاء نبت و إذا رعت الماعز لما ينبت، و أيضا صوف الغنم أفضل من الشعر و أعز قيمة، و منها أنه إذا مدحوا شخصا قالوا هو كبش و إذا ذموه قالوا هو تيس، و مما أهان الله به التيس أن جعله مهتوك الستر مكشوف القبل و الدبر" إلى غير ذلك و الْمَاعِزُ: جلد المعز.
(موز)
الْمَوْزُ معروف، الواحدة مَوْزَةٌ.
(ميز)
قوله تعالى: وَ امْتازُوا الْيَوْمَ
[36/ 59] أي اعتزلوا من أهل الجنة و كونوا فرقة واحدة.
نُقِلَ أَنَّهُ إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَقُوا قِيَاماً عَلَى أَقْدَامِهِمْ حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ فَيُنَادُونَ: يَا رَبَّنَا حَاسِبْنَا وَ لَوْ إِلَى النَّارِ. قَالَ: فَيَبْعَثُ اللَّهُ رِيَاحاً فَتَضْرِبُ بَيْنَهُمْ وَ يُنَادِي مُنَادٍ: امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ
، فَتُمَيِّزُ بَيْنَهُمْ، فَصَارَ الْمُجْرِمُونَ إِلَى النَّارِ، وَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ إِيمَانٌ صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ.
قوله: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ [67/ 8] أي تتشقق غيظا على الكفار. قوله: يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ
[3/ 179] تميز أي يخلص المؤمنين من الكفار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَيِّزِ الشَّعْرَ بِأَنَامِلِكَ".
أي خلص بعضه من بعض، يقال مِزْتُ الشيء أَمِيزُهُ مَيْزاً: عزلته، و كذلك مَيَّزْتُهُ تَمْيِيزاً فَانْمَازَ و امْتَازَ و تَمَيَّزَ بمعنى. و فلان يكاد يَتَمَيَّزُ من الغيظ: أي يتقطع.
36
و من كلام الفقهاء: و المضطربة ترجع إلى التَّمْيِيزِ- يعني في معرفة الحيض من غيره، و اشترطوا له شروطا تذكر في مظانها.
باب ما أوله النون
(نبز)
قوله تعالى: وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ
[49/ 11] أي لا تتداعوا بها، يقال تَنَابَزُوا بالألقاب: أي لقب بعضهم بعضا و الْأَنْبَازُ و الألقاب واحد، و واحده نبز و لقب. و نَبَزَهُ نَبْزاً من باب ضرب: لقبه. و النَّبْزُ: اللقب، تسمية بالمصدر. و التلقيب المنهي عنه هو ما يدخل به على المدعو كراهة لكونه ذما له و شينا، فأما ما يحبه مما يزينه و ينوه به فلا بأس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" حَقُّ الْمُؤْمِنِ عَلَى أَخِيهِ أَنْ يُسَمِّيَهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ عَلَيْهِ".
و منه
حَدِيثُ الشِّيعَةِ" إِنَّا قَدْ نُبِزْنَا بِنَبْزٍ انْكَسَرَتْ لَهُ ظُهُورُنَا".
يعني أنتم الرافضة.
(نجز)
فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ" تَأْخُذُ تُرَاثَ مُحَمَّدٍ وَ تَقْضِي دَيْنَهُ وَ تُنْجِزُ عِدَاتِهِ".
من قولهم نَجِزَ حاجتَه كفرح و نصر يَنْجَزُهَا نَجْزاً: قضاها، و يقال نَجِزَ الشيء بالكسر يَنْجَزُ نَجَزاً: أي انقضى و فنى. و النَّاجِزُ: الحاضر و نَجَزَ الوعد نَجْزاً: تعجل، و النُّجْزُ كقفل اسم منه، و يعدى بالهمزة و الحرف فيقال أَنْجَزْتُهُ. و نَجَزْتُ به: إذا عجلته. و اسْتَنْجَزَ الرجل حاجته و تَنَجَّزَهَا: أي استنجحها.
(نحز)
فِي الْحَدِيثَ" الْأَدَبُ لِلنَّحِيزَةِ".
بالنون و الحاء المهملة و الزاي المعجمة بعد الياء المثناة التحتانية و الهاء أخيرا: الطبيعة- كذا نقلا عن أهل اللغة.
37
(نرز)
في الحديث ذكر" النَّيْرُوزِ"، و هو فيعول بفتح الفاء و سكون الياء. و" النَّوْرُوزُ" بالواو لغة. قال في المصباح و الياء أشهر من الواو لفقد فوعول في كلام العرب، و هو معرب، و هو أول يوم من السنة لكنه عند الفرس عند نزول الشمس الحمل.
وَ فِي الْخَبَرِ" قُدِّمَ إِلَى عَلِيٍّ ع شَيْءٌ مِنَ الْحَلَاوَى فَسَأَلَ عَنْهُ؟ فَقَالُوا: لِلنَّيْرُوزِ. فَقَالَ: نَيْرُوزُنَا كُلَّ يَوْمٍ".
فَالنَّيْرُوزُ هو الاعتدال الربيعي و المِهْرَجَان وقت انتهاء الشمس إلى الميزان و هو الاعتدال الخريفي، أعني الذي يستوي فيه الليل و النهار- كذا نقلا عن أهل التحقيق. و قد مر البحث في المهرجان في مهر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ عَلِيّاً ع أَعْتَقَ أَبَا نَيْرُوزٍ وَ رِيَاحاً وَ عِيَاضاً وَ عَلَيْهِمْ عُمَالَةُ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً".
(نزز)
فِي الْحَدِيثِ" وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ حَائِطٍ فِي الْقِبْلَةِ يَنِزُّ مِنْ بَالُوعَةٍ".
أي يتحلب منها، من النَّزِّ بالفتح و هو ما يتحلب من الأرض من الماء، يقال نَزَّتِ الأرض نَزّاً من باب ضرب: كثر نزها، تسمية بالمصدر، و منهم من يكسر النون و يجعله اسما. و
مِنْهُ" إِذَا ظَهَرَ النَّزُّ مِنْ خَلْفِ الْكَنِيفِ وَ هُوَ فِي الْقِبْلَةِ سَتَرَهُ بِشَيْءٍ".
و نَزَزَ الظبي يَنِزُّ نَزّاً: إذا عدا.
(نشز)
قوله تعالى: وَ إِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا
[98/ 11] أي انهضوا و ارتفعوا عن مجلس النبي ص إلى الصلاة و الجهاد و أعمال البر، و قرئ بضم الشين و كسرها. و قعد على نَشْزٍ من الأرض: أي على مكان مرتفع. قوله: وَ اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ
[4/ 34] أي معصيتهن و تعاليمهن عما أوجب الله تعالى من طاعة الأزواج، يقال نَشَزَتِ المرأة تَنْشُزُ نُشُوزاً: استعصت على زوجها و أبغضته. و نَشَزَ بعلها عليها: إذا ضربها و جفاها.
38
و منه قوله تعالى: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً
[4/ 128]. قوله: وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها
[2/ 259] أي نرفعها إلى مواضعها، مأخوذ من النَّشْزِ و هو المكان المرتفع، يريد نرفع العظام بعضها على بعض، و قرىء ننشرها بالراء المهملة من النشر و الطي. و في المصباح نَنْشُزُها في السبعة بالزاي و الراء.
(نقز)
فِي الْحَدِيثِ" لَوْ تَنَقَّزَتْ كَبِدُهُ عَطَشاً لَمْ يَسْتَسْقِ مِنْ دَارِ صَيْرَفِيٍّ".
أي تنقز و تثبت من شدة العطش. و في بعض النسخ" تفرثت" من قولهم تفرثت كبده: انتثرت.
(نهز)
النُّهْزَةُ بالضم: الفرصة. و انْتَهَزْتُهَا: اغتنمتها. و نَهَزَ نَهْزاً من باب نفع: نهض لتناول شيء. و انْتَهَزَ الفرصة: بادر وقتها، و الفرصة ما أمكن من نفسك.
باب ما أوله الواو
(وجز)
" كلام مُوجَزٌ" أي وجيز قصير، يقال أَوْجَزْتُ الكلام: قصرته، و وَجُزَ اللفظ بالضم وَجَازَةً.
(وخز)
الْوَخْزُ: طعن ليس بنافذ، و قد جاء في الأدعية و غيرها.
(وعز)
فِي الْحَدِيثِ" أَوْعِزْ إِلَى رَسُولِكَ أَنْ لَا يُحَوِّلَهَا".
أي تقدم إليه لذلك. و مثله" أَوْعَزْتُ إليه بكذا" أي تقدمت. و كذلك" وَعَزْتُ إليه تَوْعِيزاً" قال في المصباح: و قد يخفف
39
(وفز)
أَوْفَازٌ جمع وَفَزٍ بالتحريك و السكون، و هو العجلة
(وكز)
قوله تعالى: فَوَكَزَهُ مُوسى
[28/ 15] أي ضربه و دفعه. و يقال وَكَزَهُ: أي ضربه بجميع يده على ذقنه. و قوله: هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ يعني أن العمل الذي وقع القتل بسببه من عمل الشيطان إذ حصل بسببه. و أصابه بِوَكْزَةٍ: أي بطعنة و ضربة.
باب ما أوله الهاء
(هرز)
فِي الْحَدِيثِ" سُئِلَ عَنْ وَادِي مَهْرُوزٍ".
بتقديم الراء المهملة على الزاي المعجمة، و قد تقدم القول فيه مستوفى في هرز
(هرمز)
" الْهُرْمُزَانِ" مَلِكُ الْأَهْوَازِ أَسْلَمَ، وَ قَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ اتِّهَاماً أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ.
وَ مِنْ كَلَامِ سَلَامَةَ بِنْتِ يَزْدَجَرْدَ حِينَ نَظَرَ إِلَيْهَا عُمَرُ وَ غَطَّتْ وَجْهَهَا عَنْهُ" أُفٍّ بِيرُوجْ بَادَا هُرْمُزْ".
و هو كلام يشعر بالتأفيف منه و الدعاء على أهاليها. و" هُرْمُزُ" بضم الهاء و الميم: اسم ملك الفرس.
(هزز)
قوله تعالى: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
[19/ 25] أي حركي، يقال هَزَّهُ و هَزَّ به: إذا حركه. قوله: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ*
[22/ 5]
40
أي تحركت بالنبات عند وقوع الماء عليها. و هَزَزْتُ الشيء هَزّاً فَاهْتَزَّ: أي حركته فتحرك. و اهْتَزَّ النبات: إذا حسن و اخضر.
وَ فِي الْخَبَرِ" اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِكَذَا".
قيل المراد بالعرش العز، و اهْتَزَّ أي تزلزل. و عن بعض شراح الحديث: اهْتِزَازُ عرش الله المراد حملته، و يحتمل اهْتِزَازُ نفس العرش حقيقة.
(هزز)
فِي الْحَدِيثِ" الْمُؤْمِنُ وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ".
الْهَزَاهِزُ هي الفتن و تحريك البلايا و الحروب بين الناس.
(همز)
قوله: هَمَزاتِ الشَّياطِينِ
[23/ 98] نخساتهم و غمزاتهم الإنسان و طمعهم فيه. قوله: هَمَّازٍ
[68/ 11] أي عياب. و أصل الْهَمْزِ: الغمز و الوقيعة في الناس و ذكر عيوبهم. قوله: هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
[104/ 1] و المعنى واحد، أي عياب، و قد سبق فرق بين اللفظين. قوله: الَّذِي جَمَعَ هو في موضع جر على البدل من الهمزة، و لا يجوز أن يكون صفة لأنه معرفة، و يجوز أن يكون في موضع نصب على إضمار أعني، و في موضع رفع على إضمار هو.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ مِنَ النِّسَاءِ وَلَّاجَةٌ هَمَّازَةٌ".
أي عيابة تستعيب غيرها و تقع فيه.
(هندز)
" الْهِنْدَازُ" معرب- قاله الجوهري و أصله بالفارسية" اندازه"، و منه" الْمُهَنْدِزُ" و هو الذي يقدر مجاري القنى و الأبنية، إلا أنهم صيروا الزاي سينا فقالوا" مهندس".
(هوز)
فِي الْحَدِيثِ" يَخْرُجُ إِلَى الْأَهْوَازِ فِي السُّفُنِ".
الْأَهْوَازُ بلاد مشهورة في ناحية
41
البصرة، و يقال الأهواز سبع كور لكل كورة منها اسم مشهور، و يجمعهن الأهواز و الكورة بالضم المدينة. و" هَوَّزْ" حروف وضعت للحساب الجمل.
42
مجمع البحرين4
باب ما أوله الألف ص 45
باب ما أوله الألف
(اسس)
قوله تعالى: أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ
[9/ 109] الآية. قال المفسر: المعنى أ فمن أسس بنيان دينه على قاعدة محكمة، و هو الحق الذي هو تقوى الله و رضوانه خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ على قاعدة هي أضعف القواعد و أقلها بقاء و هو الباطل. و المسجد الذي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى
، و قد تقدم الكلام فيه.
وَ فِي الْحَدِيثِ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ رَدَّ الْبَيْتَ إِلَى إِسَاسِهِ وَ رَدَّ مَسْجِدَ الرَّسُولِ إِلَى إِسَاسِهِ وَ رَدَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ إِلَى إِسَاسِهِ".
الْإِسَاسُ على فعال بكسر الفاء جمع أُسٍّ بالضم كخفاف جمع خف، و الْأُسُّ أصل البناء،
وَ مِنْهُ" الْإِمَامَةُ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي أَصْلُهُ".
و في المصباح أُسُّ الحائط بالضم و جمعه آسَاسٌ كقفل و أقفال، و ربما قيل إِسَاسٌ مثل عس و عساس، و جمعه أُسُسٌ مثل عناق و عنق. و في المصباح الْأَسَاسُ: أصل البناء، و الْأُسُسُ مقصور منه، و جمع الْإِسَاسِ أُسُسٌ مثل قذال و قذل، و جمع الأسس آسَاسٌ مثل سبب و أسباب.
(الس)
فِي الدُّعَاءِ" نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَلْسِ".
الْأَلْسُ هو اختلاط العقل، يقال أُلِسَ فهو مَأْلُوسٌ، و قيل هو الخيانة.
(امس)
قال الجوهري: أَمْسِ اسم حرك آخره لالتقاء الساكنين، و اختلفت العرب فيه فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، و منهم من يعربه معرفة، و كلهم يعربه إذا دخل عليه الألف و اللام، أو صيره نكرة أو إضافة تقول" مضى الْأَمْسُ المبارك" و" مضى أَمْسُنَا" و" كل غد صائر أَمْساً". ثم قال: قال سيبويه: قد جاء
45
في ضرورة الشعر مذ أَمْسَ بالفتح. قال: و لا يصغر أمس كما لا يصغر غدا و البارحة و كيف و أين و متى و أي و ما و عند و أسماء الشهور و الأسبوع.
(انس)
قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً
[4/ 6] أي علمتم و وجدتم فيهم رشدا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ. قوله: آنَسْتُ ناراً*
[20/ 10] أي أبصرتها. و الْإِينَاسُ: الرؤية و العلم و الإحساس بالشيء. قال ابن الأعرابي: و بهذا سمي الْإِنْسُ لأنهم يؤنسون، أي يرون بإنسان العين. قوله: لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا
[24/ 27] فيه وجهان:" أحدهما"- أنه من الِاسْتِينَاسِ خلاف الاستيحاش، لأن الذي يطرق باب غيره لا يدري يؤذن له أم لا، فهو كالمستوحش لخفاء الحال عليه، فإذا أذن له استأنس، و المعنى حتى يؤذن لكم، فوضع الاستيناس موضع الإذن. و" الثاني"- أنه استفعل من استأنس فلم أر أحدا أي استعملت و تعرفت.
وَ فِي الْخَبَرِ" يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِينَاسُ؟ قَالَ: يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ بِالتَّسْبِيحَةِ وَ التَّحْمِيدَةِ وَ التَّكْبِيرَةِ وَ يَتَنَحْنَحُ وَ يُؤْذِنُ أَهْلَ الْبَيْتِ".
قوله: وَ لا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ
[33/ 53] أي يستأنس بعضكم ببعض لأجل حديث يحدثه به، أو مُسْتَأْنِسِينَ حديث أهل البيت ع. و اسْتِينَاسُهُ تسمّعه. قوله: وَ أَناسِيَّ كَثِيراً
[25/ 49] هو جمع إِنْسِيٍّ، و هو واحد الإنس مثل كرسي و كراسي، و الْإِنْسُ جمع الجنس يكون بطرح ياء النسبة مثل رومي و روم، و يجوز أن يكون أَنَاسِيّ جمع إِنْسَانٍ، فيكون الياء بدلا من النون، لأن الأصل أَنَاسِين بالنون مثل سراحين جمع سرحان، فلما ألقيت النون من آخره عوضت النون بالياء
46
قوله: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ
[23/ 12] قيل المراد به هنا الهيكل المخصوص. قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
[103/ 2] الْإِنْسَانُ من الناس اسم جنس يقع على الذكر و الأنثى و الواحد و الجمع، و اختلف في اشتقاقه مع اتفاقهم على زيادة النون الأخيرة. فقال البصريون: من الْأِنْسِ، و الهمزة أصلية، وزنه فعلان. و قال الكوفيون: مشتق من النسيان، فالهمزة زائدة، و وزنه إفعان على النقص و الأصل إنسيان على إفعلان، و لهذا يرد إلى أصله مع التصغير فيقال أنيسيان. و قد اختلف الناس في معرفته اختلافا كثيرا لا يكاد ينضبط، لكن يرجع حاصله إلى أنه إما جوهر أو عرض، و الجوهر إما جسماني أو روحاني، فالأقسام ثلاثة:" الأول"- أن يكون عرضا، فقيل هو المزاج المعتدل، و قيل الحياة، و قيل تخاطيط الأعضاء و تشكل البدن." الثاني"- أن يكون جسما أو جسمانيا، فقيل الهيكل المحسوس، و قيل الأربعة. و قيل أحد العناصر الأربعة، فكل ذهب إليه قوم، و قال النظام جسم لطيف داخل البدن و قال الراوندي جزء لا يتجزى في القلب، و قيل الروح، و هو جسم مركب من نارية الأخلاط. و المحققون من المتكلمين قالوا: أنه أجزاء أصلية في البدن باقية من أول العمر إلى آخره، لا يتطرق إليها الزيادة و النقصان، و من أحب الوقوف على دلائل هذه الأقوال فليطلبها من مظانها. و" الْإِنْسَانُ" على ما قيل مركب من صفات بهيمية و صفات سبعية و شيطانية و ربوبية، فيصدر من البهيمة الشهوة و الشره و الفجور، و من السبعية الغضب و الحسد و العداوة و البغضاء، و من الشيطانية المكر و الحيلة و الخداع، و من الربوبية الكبر و العز و حب المدح، و أصول هذه الأخلاط هذه الأربع و قد عجنت في طينة الإنسان عجنا محكما لا يكاد يتخلص منها، و إنما ينجو من ظلماتها بنور الإيمان المستفاد من العقل و الشرع، فأول ما يخلق في
47
الآدمي البهيمية، فيغلب عليه الشره و الشهوة كما في الصبي، ثم يخلق فيه السبعية فيغلب عليه المعاداة و المنافسة، ثم يخلق فيه الشيطانية فيغلب عليه المكر و الخداع، ثم تظهر بعد ذلك صفات الربوبية و هو الكبر و الاستيلاء، ثم بعد ذلك يخلق العقل فيه و يظهر الإيمان، و هو من حزب الله و جنود الملائكة، و تلك الصفات من جنود الشيطان، و جنود العقل تكمل عند الأربعين و يبدو أصله عند البلوغ، و أما سائر جنود الشيطان تكون قد سبقت إلى القلب قبل البلوغ و استولت عليه و ألفتها النفس و استرسلت في الشهوات متابعة لها إلى أن يرد نور العقل فيقوم القتال و التطارد في معركة القلب، فإن ضعف جند العقل و نور الإيمان لم يقو على إزعاج جنود الشيطان، فتبقى جنود الشيطان مستقرة في القلب آخرا كما سبقت إلى النزول فيه أولا، و قد سلم للشيطان مملكة القلب. و قال بعض الأفاضل: اعلم أيها الإنسان أنك نسخة مختصرة من العالم، فيك بسائطه و مركباته و مادياته و مجرداته، بل أنت العالم الكبير بل الأكبر كما
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ:
دَوَاؤُكَ فِيكَ وَ مَا تَشْعُرُ وَ دَاؤُكَ مِنْكَ وَ مَا تُبْصِرُ
وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ جِرْمٌ صَغِيرٌ وَ فِيكَ انْطَوَى الْعَالَمُ الْأَكْبَرُ.
و الإنس: خلاف الجن، سمي إِنْساً لظهورهم، و كذلك الإنسان سمي إِنْسَاناً لظهوره. و الْإِنْسِيُّ: خلاف الوحشي. و الْأَنَسَةُ بالتحريك: ضد الوحشة. و الْأَنَسُ بالتحريك لغة في الإنس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ".
أي سرهم ذكرك. و الْأُنَاسُ بضم الفاء لغة في الناس، و هو في الأصل فحذف. و اسْتَأْنَسْتُ بفلان و تَأَنَّسْتُ بمعنى. و الْأَنِيسُ: المؤانس، و كل ما يؤنس به. و ما بالدار من أَنِيسٍ: أي أحد. و الِاسْتِينَاسُ: التَّأَنُّسُ. و من أمثلتهم" الِاسْتِينَاسُ بالناس من
48
الإفلاس" قيل: أي من العلم و العمل لا من المال. و" يُونُسُ بن متى" المرسل إلى أهل نِينَوَى من أرض موصل- كذا في التواريخ.
وَ" أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ" صَحَابِيٌّ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع ذَاتَ يَوْمٍ وَ قَدْ كَانَ بَعَثَهُ إِلَى طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ لَمَّا جَاءَا إِلَى الْبَصْرَةِ يُذَكِّرُهُمَا شَيْئاً سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي مَعْنَاهُمَا، فَلَوَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي نَسِيتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَقَالَ ع" إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَضَرَبَكَ اللَّهُ بَيْضَاءَ لَامِعَةً لَا تُوَارِيهَا الْعِمَامَةُ" يَعْنِي الْبَرَصَ، فَأَصَابَ أنس [أَنَساً] هذَا الدَّاءُ فِي وَجْهِهِ، فَكَانَ لَا يُرَى فِيمَا بَعْدُ إِلَّا مُتَبَرْقَعاً.
(اوس)
" أوس" أبو قبيلة من اليمن، و هو أوس بن قيلة أخو الخزرج، و قيلة أمهما. و" أُوَيْسٌ القرني" أحد الزهاد الثمانية، و في القاموس أُوَيْسُ بن عامر القرني من سادات التابعين. و الْآسُ: شجر معلوم.
(أيس)
أَيَسَ من الشيء بمعنى يئس. و أَيِسَ أَيَساً من باب تعب، و كسر المضارع لغة، حكاها في المصباح. و آيَسَنِي منه فلان مثل أَيْأَسَنِي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَرْأَةُ الَّتِي تَيْأَسُ مِنَ الْمَحِيضِ كَذَا".
49
مجمع البحرين4
باب ما أوله الباء ص 50
باب ما أوله الباء
(بأس)
قوله تعالى: نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ
[27/ 33] الْبَأْسُ: الشدة في الحرب. و الْبَأْسُ: العذاب، و منه قوله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا*
[40/ 84] أي عذابنا. و قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ
[57/ 25]. و قوله: وَ حِينَ الْبَأْسِ
[2/ 177] أي وقت مجاهدة العدو، و جمع الْبَأْسِ بُئُوسٌ كفلس و فلوس. قوله تعالى: فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ
[6/ 42] الْبَأْسَاءُ من الْبَأْسِ أو الْبُؤْسِ، و الضراء من الضر، و قيل الْبَأْسَاءُ القحط و الجوع، و الضراء المرض و نقصان الأنفس و الأموال. قال الأخفش: بني على فعلاء، و ليس له أفعل لأنه اسم كما يجيء أفعل في الأسماء ليس معه فعلاء نحو أحمد. و الْبُؤْسِىُّ خلاف النعمى. قوله: الْبائِسَ الْفَقِيرَ
[22/ 28] الْبَائِسُ الذي أصابه بُؤْسٌ، أي شدة، و هو القتال في الحرب، و يقال أيضا بُؤْسٌ أي فقر و سوء حال. و في المغرب: الْبَائِسُ هو الذي به الزمانة إذا كان محتاجا، و الفقير المحتاج الذي لا يطوف بالأبواب، و المسكين الذي يطوف و يسأل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَائِسُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ لِزَمَانَتِهِ".
و هو تصديق لما في المغرب. قوله:" و لا تَبْأَسْ" أي و لا تحزن و لا تشتك، من الْبُؤْسِ، و هو الضر و الشدة أي لا يلحقك ما يضرك و لا يلحقك بُؤْسٌ بالذي فعلوا. و الْمُبْتَئِسُ: الكاره و الحزين، و منه
50
الدُّعَاءُ" فَكُنْتَ رَجَاءَ الْمُبْتَئِسِ".
و" بِئْسَ" كلمة ذم كما أن نعم كلمة مدح، و منه قرأ نافع بعذاب بِئْسَ بفتح السين، و قرأ نافع و ابن عامر بعذاب بِئْسٍ على فعل بكسر الفاء بالتنوين إلا أن نافعا لا يهمز. قال الكسائي: أصلها بَئِيسٍ على فعيل ثم خففت الهمزة فاجتمعت ياءان فحذفوا إحداهما و ألقوا حركتها على الياء. و قال محمد: أصلها بَئِسٌ ثم كسر الباء لكسرة الهمزة فصار بِئِسٌ ثم حذفت الكسرة لثقلها. و قال علي بن سليمان: معنى بعذابٍ بِئْسٍ أي رديء. و قرأ بعضهم بعذاب بَئِسٍ مثل حذر. و قرأ بعضهم بَئِيسٍ
على فعيل، أي شديد، و هو اختيار أبي عبيدة و الكوفيين و" الْبُؤْسُ" بضم الفاء: الفقر و الخوف و شدة الإفلاس و سوء الحال للقوة، يقال بَئِسَ الرجل يَبْأَسُ كسمع يسمع: اشتدت حاجته. فهو بَائِسٌ. و الْبُؤْسُ: ضد النعيم. و منه
الْحَدِيثُ" مَا أَقْرَبَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعِيمِ".
لعله يريد نعيم الآخرة. و يوم بُؤْسٍ: ضد يوم نعمة.
وَ فِيهِ" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَ التَّجَمُّلَ وَ يُبْغِضُ الْبُؤْسَ وَ التَّبَؤُّسَ".
كان المراد إظهار الفقر و الحاجة للناس. و بِئْسَ الرجل زيد و بِئْسَتِ المرأة هند، و هما فعلان ماضيان لا يتصرفان لأنهما أزيلا عن موضعهما، فنعم منقول من قولك نعم فلان إذا أصاب نعمة، و بِئْسَ منقول من قولك بئس فلان إذا أصاب بؤسا، فنقلا إلى المدح و الذم فشابها الحروف فلم يتصرفا، و فيهما لغات يجيء ذكرها في نعم. و الْبَأْسُ: الخضوع و الخوف، و منه قوله" و من المكارم صدق الْبَائِسِ". و قد تكرر
فِي الْحَدِيثِ" لَا بَأْسَ بِذَلِكَ".
و معناه الإباحة و الجواز.
(بجس)
قوله تعالى: فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً
[7/ 160] أي انفجرت منه، من قولهم انْبَجَسَ الماء. و تَبَجَّسَ: تفجر. و بَجَسْتُ الماء فَانْبَجَسَ من باب قتل: أي فجرته فانفجر. و بَجَسَ الماء بنفسه يتعدى و لا يتعدى.
51
وَ فِي دُعَاءِ الْغَيْثِ" مُنْبَجِسَةٌ بُرُوقُهُ".
أي منفجرة بالماء.
(بخس)
قوله تعالى: وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ
[12/ 20] أي ناقص، من البخس مثلثة: النقصان، أي شروه بثمن ذي ظلم، لأنه كان حرا و كان ثمنه دراهم لا دنانير قليلة تعد عدا و لا توزن.
قِيلَ وَ هِيَ قِيمَةُ كَلْبِ الصَّيْدِ إِذَا قُتِلَ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ دِرْهَماً.
قوله: لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ*
[7/ 75] أي لا تنقصوهم أشياءهم، من قوله بخسه حقه يبخسه بخسا من باب نفع: إذا نقصه، يتعدى إلى مفعولين كما في الآية.
(برجس)
فِي الْخَبَرِ" سُئِلَ عَنِ الْكَوَاكِبِ الْخُنَّسِ؟ فَقَالَ: هِيَ الْبِرْجِيسُ وَ زُحَلُ وَ عُطَارِدُ وَ بَهْرَامُ وَ الزُّهْرَةُ".
و فسر الْبِرْجِيسُ بالمشتري و بهرام بالمريخ.
(برس)
فِي الْخَبَرِ" أَحْلَى مِنْ مَاءِ بُرْسٍ".
بُرْس بضم الباء قرية معروفة بالعراق، و يريد بمائها ماء الفرات. و" الْبُرْنُسُ" بالضم كبرسن قلنسوة طويلة كان العبّاد يلبسونها في صدر الإسلام من البرس بكسر الباء و هو القطن و النون زائدة، و قيل إنه غير عربي. و منه
حَدِيثُ الْعَالِمِ الْمَرْضِيِّ" قَدْ تَحَنَّكَ فِي بُرْنُسِهِ وَ قَامَ اللَّيْلَ فِي حِنْدِسِهِ".
أي تعمد للعبادة و توجه بها و صار في ناحيتها و تجنب الناس و صار في ناحية منهم. و تَبَرْنَسَ الرجل: إذا لبس البرنس. و الْبُرْنُسُ: شيء تلبسه النصارى على رءوسهم. و الْبُرْنُسُ: كل ثوب رأسه منه ملزوق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ لَهُ بُرْنُسٌ يَتَبَرْنَس
52
بِهِ".
أي يلبسه على رأسه.
(بسس)
قوله تعالى: وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا
[56/ 5] أي فتت حتى صارت كالدقيق. و السويق الْمَبْسُوسِ: أي المبلول. و قيل حطمت. الْبَسُّ: الحطم. و منه سميت مكة" الْبَاسَّةُ" لأنها تحطم من أخطأ فيها، و تسمى" الْبَسَّاسَةُ" لأنهم كانوا إذا ظلموا بَسَّتْهُمْ أي أهلكتهم و روي بالنون من النس و هو الطرد و الْبَسُّ: اتخاذ البسيسة، و هو أن يلت السويق أو الدقيق أو الأقط المطحون بالسمن أو الزيت ثم يؤكل و لا يطبخ- كذا قاله الجوهري. و عن ابن السكيت بَسَسْتُ السويق أو الدقيق أَبُسُّهُ بَسّاً: إذا بللته بشيء من الماء، و هو أشد من اللت. و عن الأصمعي الْبَسِيسَةُ كل شيء خلطته بغيره مثل السويق بالأقط مع بلة أو بالرب، أو مثل الشعير بالنوى للإبل. بَسْ في معنى: حسب و الْبَسُّ: السويق اللين. و قد بَسَسْتُ الإبل أَبُسُّهَا بالضم بَسّاً.
(بلس)
قوله تعالى: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ*
[17/ 61].
رُوِيَ عَنْهُ ص أَنَّهُ قَالَ:" أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَدَخَلَ فِي أَمْرِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ إِبْلِيسُ، فَإِنَّ إِبْلِيسَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ يَعْبُدُ اللَّهَ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ خَرَجَ مَا كَانَ فِي قَلْبِ إِبْلِيسَ مِنَ الْحَسَدِ فَعَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ. فَقِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ وَقَعَ الْأَمْرُ عَلَى إِبْلِيسَ وَ مَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُود
53
لِآدَمَ؟ فَقَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنْهُمْ بِالْوَلَاءِ وَ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَلَائِكَةِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً قَبْلَ آدَمَ وَ كَانَ إِبْلِيسُ فِيهِمْ فِي الْأَرْضِ، فَاعْتَدَوْا وَ أَفْسَدُوا وَ سَفَكُوا الدِّمَاءَ، فَبَعَثَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَقَتَلُوهُمْ وَ أَسَرُوا إِبْلِيسَ وَ رَفَعُوهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ يَعْبُدُ اللَّهَ إِلَى أَنْ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ".
و
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ قَتَادَةَ وَ ابْنِ جَرِيرٍ وَ الزَّجَاجِ وَ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ طَائِفَةٍ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ، وَ كَانَ اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ عَزَازِيلَ- بِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ- فَلَمَّا عَصَى اللَّهُ لَعَنَهُ وَ جَعَلَهُ شَيْطَاناً مَرِيداً، وَ بِالْعَرَبِيَّةِ الْحَارِثَ، وَ كَانَ رَئِيسَ مَلَائِكَةِ الدُّنْيَا وَ سُلْطَانَهَا وَ سُلْطَانَ الْأَرْضِ، وَ كَانَ مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ اجْتِهَاداً وَ أَكْثَرِهَا عِلْماً، وَ كَانَ يَسُوسُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَيَرَى بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ شَرَفاً عَظِيماً وَ عِظَماً، فَذَلِكَ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الْكِبْرِ فَعَصَى وَ كَفَرَ، فَمَسَخَهُ اللَّهُ شَيْطَاناً رَجِيماً مَلْعُوناً.
و" إِبْلِيسُ" إفعيل من أَبْلَسَ أي يئس من رحمة الله، يقال إنه اسم أعجمي فلذلك لا ينصرف، و قيل عربي. و في حياة الحيوان: و كنية إبليس" أبو مرة". قوله: فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ
[6/ 44] أي آيسون من النجاة و الرحمة، و قيل متحيرون. و الْمُبْلِسُ: النادم، و يقال الساكت المنقطع الحجة. و مثله قوله: لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
[43/ 75] أي يائسون ملقون بأيديهم. و الْإِبْلَاسُ بالكسر: الحيرة، يقال أَبْلَسَ يُبْلِسُ: إذا تحير. و منه
الْخَبَرُ" أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْجِنِّ وَ إِبْلَاسِهَا".
أي تحيرها و دهشها. و منه
الدُّعَاءُ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يُلْبِسُ بِهِ إِبْلِيسُ وَ جُنُودُهُ".
و الْأَبَالِسَةُ: الشياطين. قال الكفعمي و هم ذكور و إناث يتوالدون و لا يموتون بل يخلدون في الدنيا كما يخلد إبليس. قال: و إِبْلِيسُ هو أب الجن، و الجن
54
ذكور و إناث يتوالدون و يموتون، و أما الجان فهو أب الجن، و قيل إنه مسخ الجن كما أن القردة و الخنازير مسخ الناس، و الكل خلقوا قبل آدم ع. و قد سبق في" شطا" ما يناسب المقام.
وَ فِي كُتُبِ السِّيَرِ: رُوِيَ أَنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَمَثَّلَ لِيَحْيَى ع فَقَالَ لَهُ: أَنْصَحُكَ. قَالَ: لَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ بَنِي آدَمَ. قَالَ: هُمْ عِنْدَنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ مِنْهُمْ- وَ هُمْ أَشَدُّ الْأَصْنَافِ عِنْدَنَا- نُقْبِلُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ نَفْتِنُهُ عَنْ دِينِهِ وَ نَتَمَكَّنُ مِنْهُ ثُمَّ يَفْزَعُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ وَ التَّوْبَةِ فَلَا نَحْنُ نَيْأَسُ مِنْهُ وَ لَا نَحْنُ نُدْرِكُ حَاجَتَنَا فَنَحْنُ مَعَهُ فِي عَنَاءٍ، وَ أَمَّا الصِّنْفُ الْآخَرُ مِنْهُمْ فَهُمْ فِي أَيْدِينَا كَالْكُرَةِ فِي أَيْدِي صِبْيَانِكُمْ نَتَلَقَّفُهُمْ كَيْفَ شِئْنَا قَدْ كَفَوْنَا مَئُونَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَ أَمَّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ فَهُمْ مَعْصُومُونَ لَا نَقْدِرُ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرِقَّ قَلْبُهُ فَلْيُدِمْ أَكْلَ الْبَلَسِ".
هو بفتح لام و قيل بضمها: التين. و الْبَلَاسُ كسلام: هو المسح، و أهل اليمن يسمون المسح بَلَاساً، و هو فارسي معرب، و الجمع بُلُسٌ بضمتين مثل عناق و عنق. و" الْبَلَسَانُ" شجر كثير الورق ينبت بمصر، و له دهن معروف.
(بلقس)
" بِلْقِيسُ" فعليل ملكة سبأ بن الهداهد بن شرجيل، مر ذكرها في مرا. و مما نقل أنها كانت كثيرة الشعر، فقال سليمان للشياطين اتخذوا لها شيئا يذهب عنها هذا الشعر، فعملوا الحمامات و طبخوا النورة و الزرنيخ، فالحمامات و النورة مما اتخذته الشياطين لِبِلْقِيسَ، و كذا الأرحية تدور عليها الماء.
(بوس)
الْبَوْسُ: التقبيل- قاله الجوهري، فارسي معرب. و قد بَاسَهُ يَبُوسُهُ
. (بيس)
فِي الْحَدِيثِ" شَرُّ الْيَهُودِ يَهُودُ بَيْسَانَ".
55
قال الجوهري بَيْسَانُ موضع تنسب إليها الخمر، و أنشد عليه قول حسان بن ثابت:
من خمر بَيْسَانَ تخيرتها ترياقة توشك فتر العظام
باب ما أوله التاء
(ترس)
فِي الْحَدِيثِ" التَّقِيَّةُ تُرْسُ اللَّهِ بَيْنَ خَلْقِهِ".
التُّرْسُ جمعه تِرَسَةٌ بالكسر كعنبة و تُرُوسٌ و تِرَاسٌ مثل فلوس و سهام، و ربما قيل أَتْرَاسٌ. و تَتَرَّسَ بالشيء: جعله كالترس و تستر به. و الْمَتْرَسُ: خشبة توضع خلف الباب.
(تعس)
التَّعْسُ: الهلاك و العثار و السقوط و الشر و البعد و الانحطاط. و يقال التَّعْسُ: أن يخر الرجل على وجهه، و النكس أن يخر على رأسه. و تَعْساً لهم: أي عثارا و سقوطا. و تَعْساً له: أي ألزمه الله هلاكا. و تَعَسَ يَتْعَسُ تَعْساً من باب نفع و من باب تعب لغة: إذا عثر و انكب على وجهه و هو دعاء.
(تيس)
فِي الْحَدِيثِ" لِي تَيْسٌ أَكْرِيهِ".
التَّيْسُ من المعز، و الجمع تُيُوسٌ و أَتْيَاسٌ. قال الجوهري: و يقال للذكر من الضأن أيضا و للأنثى عنز. و التَّيْسُ أيضا من الظباء و الوعول إذا أتى عليه سنة.
56
مجمع البحرين4
باب ما أوله الجيم ص 57
باب ما أوله الجيم
(جدس)
فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ" مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ جَادِسَةٌ قَدْ عُرِفَتْ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَسْلَمَ فَهِيَ لِرَبِّهَا".
الْجَادِسَةُ الأرض التي لم تعمر و لم تحرث.
(جرس)
فِي الْخَبَرِ" لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رِفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ".
الْجَرَسُ الذي يعلق في عنق البعير. و الْجَرَسُ: الصوت الخفي، و منه يقال" سمعت جَرَسَ الطير" إذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأكله.
(جرجس)
" الْجِرْجِسُ" لغة في القرقس، و هو البعوض الصغار، و الذي يسمى" الولع" أصغر من الجرجس، و قد جاء في الحديث و" جِرْجِيسُ" اسم نبي من الأنبياء من أهل فلسطين، بعثه الله بعد المسيح إلى ملك موصل.
(جسس)
قوله تعالى: وَ لا تَجَسَّسُوا [49/ 12] التَّجَسُّسُ التفتيش عن بواطن الأمور و تتبع الأخبار، و أكثر ما يقال في الشر، و منه الْجَاسُوسُ، و هو صاحب سر الشر، كما أن الناموس صاحب سر الخير. و قيل التَّجَسُّسُ بالجيم أن يطلبه لغيره و بالحاء أن يطلبه لنفسه. و قيل بالجيم البحث عن العورات، و بالحاء الاستماع لحديث القوم، و قيل معناهما واحد في تطلب معرفة الأخبار. و يقال في معنى وَ لا تَجَسَّسُوا
خذوا ما ظهر و دعوا ما تستتر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" النَّاسُ جَوَاسِيسُ الْعُيُوبِ فَاحْذَرُوهُمْ".
57
و جَسَّهُ بيده جَسّاً: مسه.
(جفس)
" جِفْسِيَةُ" بالجيم و الفاء و السين المهملة بعدها الياء- على ما صح في النسخ-: أحد الأوصياء السابقين على إبراهيم الخليل، و يقال إنه وصي برة الذي هو وصي يافث، و بينه و بين إبراهيم ع عمران الذي دفع الوصية إلى إبراهيم ع.
(جلس)
قوله تعالى: تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ
[58/ 11] الْمَجَالِسُ جمع مجلس بالكسر و هو موضع الجلوس، و الْمَجْلَسُ بفتح اللام المصدر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ مَجَالِسَ".
و ربما كانت هذه العادة للرؤساء و المترفين. و الْجَلْسَةُ بالفتح المرة من الجلوس، و بالكسر النوع و الحال التي تكون عليها، كَجَلْسَةِ الاستراحة و التشهد. و الْجُلُوسُ: هي الانتقال من سفل إلى علو، و القعود هو الانتقال من علو إلى سفل، فعلى الأول يقال لمن هو نائم اجْلِسْ، و على الثاني لمن هو قائم اقعد. و قد يستعمل جَلَسَ بمعنى قعد، كما يقال جلس متربعا و قعد متربعا، و قد يفارقه و منه" جَلَسَ بين شعبيها" أي حصل و تمكن، إذ لا يسمى هذا قعودا. و الْجَلِيسُ: من يُجَالِسُكَ، فعيل بمعنى فاعل، و منه
الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ" أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي".
و الْمُجَالَسَةُ: الألفة و المخالطة و المصاحبة.
وَ فِي حَدِيثِ عِيسَى ع" يَا رُوحَ اللَّهِ لِمَنْ نُجَالِسُ؟ فَقَالَ: مَنْ يُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ، وَ يَزِيدُ فِي عَمَلِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَ يُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ".
- الحديث. قال بعض الأفاضل من المعاصرين: فيه إشعار بأن من لم يكن على هذه الصفات لا ينبغي مجالسته و لا مخالطته، فكيف من كان موصوفا بأضدادها كأكثر أبناء زماننا، فطوبى لمن وفقه الله تعالى لمباعدتهم و الاعتزال عنهم، و الأنس بالله وحده و الوحشة منهم، فإن مخالطتهم تميت
58
القلب و تفسد الدين و يحصل بسببها للنفس ملكات مهلكة مؤدية إلى الخسران المبين
وَ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ" فِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ".
- انتهى. و لبعض العارفين:
الزم الوحدة تنجو ما بقي في الناس خله
إن ود الناس أضحى لنفاق أو لعله
و اترك الأصحاب إلا صاحبا يصحبك لله
و من الرزق تقنع إن في الحرص مذله
و إذا اللمة شابت فالهنا فات محله
آخر الدنيا إلى الموت و يبقى الملك لله
(جمس)
" الْجَامُوسُ" هو واحد الْجَوَامِيسِ فارسي معرب، و هو حيوان عنده شجاعة و شدة بأس، و هو مع ذلك أجزع خلق الله، يفرق من عض بعوضة و يهرب منها إلى الماء، و الأسد يخافه، و يقال إنه لا ينام أصلا لكثرة حراسته لنفسه. و" جَامَاسُ" بالجيم و الميم بعد الألف و بالسين المهملة و التاء المثناة الفوقانية كما في الحديث اسم كتاب لليهود كان يقع في اثني عشر ألف جلد ثور فحرقوه- كذا ذكره الصدوق رحمه الله.
(جنس)
الْجِنْسُ الضرب من الشيء، و هو أعم من النوع، و إن شئت قلت الْجِنْسُ اللفظ الدال على الحقيقة النوعية، و لك أن تقول هو اللفظ الجامع لأفراد الحقيقة. و قد فرق بين اسم الْجِنْسِ و علم الْجِنْسِ بأن اسم الجنس ما وضع لمعنى مشترك بين أفراد الطبيعة باعتبار اشتراكها، و علم الجنس ما وضع لنفس الطبيعة باعتبار تميزها عن الغير، فالوضع على الطبيعة باعتبار كليتها اسم جِنْسٍ كأسد، و باعتبار جزئيتها علم جِنْسٍ كأسامة. و الأجناس على ما حقق سبعة: الوجود، و الماهية، و الجوهر، و الجسم و النبات، و الحيوان، و الإنسان.
59
و فصولها على الترتيب: الممكن، القائم بالذات، القابل للأبعاد، النامي، الحساس، الناطق.
(جوس)
قوله تعالى فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
[17/ 5] أي تخللوها، فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها، أي طلبوا هل يجدون أحدا لم يقتلوه. و قيل الْجَوْسُ: الدوس. و يقال جَاسُوا و عاثوا و قتلوا، و كذلك حاسوا و هاسوا و داسوا
باب ما أوله الحاء
(حبس)
فِي الْحَدِيثِ" أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِرَدِّ الْحَبِيسِ وَ إِنْفَاذِ الْمَوَارِيثِ".
و مثله
فِي الْخَبَرِ" جَاءَ مُحَمَّدٌ ص بِإِطْلَاقِ الْحُبُسِ".
الْحُبُسُ بالضم جمع الحبيس و أراد به ما كان أهل الجاهلية يحبسونه و يحرمونه من ظهور الحامي و السائبة و العجيرة و ما أشبهها مما نزل القرآن بإحلال ما حرموا منها و إطلاق ما حبسوه. و حَبَسْتُهُ فهو حَبِيسٌ، و الجمع حُبُسٌ مثل بريد و برد، بمعنى وقفته. و الْحَبْسُ مصدر حبسه من باب ضرب، ثم أطلق على الموضع، و الجمع حُبُوسٌ كفلس و فلوس.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ" وَ هِيَ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ ع: سُوءُ النِّيَّةِ، وَ خُبْثُ السَّرِيرَةِ، وَ النِّفَاقُ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَ تَرْكُ التَّصْدِيقِ بِالْإِجَابَةِ، وَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى تَذْهَبَ أَوْقَاتُهَا.
وَ قَالَ ع فِي الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ غَيْثَ السَّمَاءِ" هِيَ جَوْرُ الْحُكَّامِ، وَ شَهَادَةُ الزُّورِ، وَ كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ، وَ مَنْعُ الزَّكَاةَ، وَ الْمُعَاوَنَةُ عَلَى الظُّلْمِ، وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ عَلَى الْفُقَرَاءِ".
و أَحْبَسْتُ فرسا في سبيل الله: أي وقفت، فهو مُحْبَسٌ و حَبِيسٌ.
وَ فِيهِ" مَنْ أَحْبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللَّه
60
فَكَذَا".
و المعنى أنه يَحْبِسُهُ على نفسه ليسد ما عسى أن يحدث في ثغر من الثغور من ثلمة. و الْحَبْسُ: نقيض التخلية، و حَبَسَهُ و احْتَبَسَهُ بمعنى. و منه
دُعَاءُ الِاسْتِسْقَاءِ" أَلْجَأَتْنَا الْمَحَابِسُ الْعَسِرَةُ".
و العسرة من العسر ضد اليسر، و الْحُبْسَةُ كغرفة اسم من الاحتباس و" ذات حَبِيسٍ" بفتح حاء و كسر ياء موضع بمكة.
(حدس)
فِي الدُّعَاءِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَنَالُهُ حَدْسُ الْفِطَنِ".
الْحَدْسُ في اللغة الظن، و في الاصطلاح العلمي سرعة انتقال الذهن من المبادئ إلى المطالب، يقال هو يَحْدِسُ بالكسر أي يقول شيئا برأيه. و حَدَسَ حَدْساً من باب ضرب: إذا ظن ظنا مؤكدا.
(حندس)
فِي الْحَدِيثِ" قَامَ اللَّيْلَ فِي حِنْدِسِهِ".
أي في ظلامه. و ليلة ظلماء حِنْدِسٌ: أي شديدة الظلمة، و الجمع حَنَادِسُ.
(حرس)
قوله تعالى: مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً
[72/ 8] أي حفظة من الملائكة شداد. و الْحَرَسُ: حرس السلطان، و هم الْحُرَّاسُ الواحد حَرَسِيٌّ. و الْحَرَسُ اسم مفرد بمعنى الحراس كالخدام و الخدم، و لذلك وصف بشديد. و حَرَسَهُ حِرَاسَةً: حفظه، و الجمع حَرَسٌ و حُرَّاسٌ مثل خدام و خدم. و منه
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ احْرُسْنِي مِنْ حَيْثُ أَحْتَرِسُ وَ مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَرِسُ".
و احْتَرَسْتُ من فلان و تَحَرَّسْتُ منه بمعنى: أي تحفظت منه.
(حسس)
قوله تعالى: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا
[21/ 12] أي علموا شدة بطشنا بإحساسهم و شاهدوا العذاب ركضوا من ديارهم، و الركض ضرب الدابة بالرجل أي هربوا و انهزموا. قوله: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ
[3/ 52] أي علم و وجد، و قيل رأى، و أصل أَحَسَّ أبصر ثم نقل، و عن
61
الأخفش أَحْسَسْتُ معناه ظننت و وجدت، و منه قوله تعالى فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ
. قوله: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ
[19/ 98] أي ترى من حسه إذا أشعر به، و منه الحاسة. قوله: إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ
[3/ 152] أي تستأصلونهم و تقتلونهم قتلا ذريعا، من حَسَّهُ: إذا أبطل حسه. قوله: لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها [21/ 102] الْحَسِيسُ: الصوت الخفي. قوله: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ
[12/ 87] تَحَسَّسُوا بالحاء و تجسسوا بالجيم بمعنى واحد. أي تبحثوا و تخبروا، و ربما فرق بينهما، و قد مر.
وَ كَانَ بَيْنَ يَعْقُوبَ وَ بَيْنَ يُوسُفَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَ كَانَ فِي بَادِيَةٍ فِيهَا مُقِلٌّ.
سُئِلَ ع: أَ كَانَ عَلِمَ يَعْقُوبُ أَنَّ ابْنَهُ حَيٌّ وَ قَدْ فَارَقَهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً؟ قَالَ: نَعَمْ إِنَّهُ عَلِمَ حَيٌّ أَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ بِالسَّحَرِ أَنْ يُهْبِطَ عَلَيْهِ مَلَكَ الْمَوْتِ، فَهَبَطَ عَلَيْهِ بِأَطْيَبِ رَائِحَةٍ وَ أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ أَ لَيْسَ سَأَلْتَ اللَّهَ أَنْ يُنْزِلَنِي إِلَيْكَ. قَالَ: نَعَمْ، فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَرْوَاحِ تَقْبِضُهَا جُمْلَةً أَوْ تَفَارِيقَ. قَالَ: يَقْبِضُهَا أَعْوَانِي مُتَفَرِّقَةً وَ تُعْرَضُ عَلَيَّ مُجْمَعَةً. قَالَ يَعْقُوبُ: أَسْأَلُكَ بِإِلَهِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ هَلْ عَرَضَ عَلَيْكَ فِي الْأَرْوَاحِ رُوحُ يُوسُفَ. فَقَالَ: لَا فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ حَيٌّ، فَقَالَ لِوُلْدِهِ: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ.
الآية. و الْحِسُّ الاسم من أحس بالشيء: إذا علم به و وجده. و" الْحَوَاسُّ" جمع حَاسَّةٍ كدواب جمع دابة، و هي المشاعر الخمس. السمع، و البصر، و الشم، و الذوق، و اللمس. و هذه الحواس الظاهرة، و أما الْحَوَاسُّ الباطنة فهي: الخيال، و الوهم، و الحس المشترك و الحافظة، و المتصرفة. و لتحقيق كل منها محل آخر.
62
و الْمِحَسَّةُ بكسر الميم: الفرجون. و حَسَّانُ بن ثابت بن المنذر الخزرجي كان فحلا من فحول الشعراء مادح النبي ص، و كان أحد المعمرين المخضرمين، عمر مائة و عشرين سنة ستين في الجاهلية و ستين في الإسلام. قيل يجوز أن يكون من الْحِسِّ فتكون النون زائدة، و يجوز أن تكون من الحسن فتكون أصلية.
(حلس)
فِي الْحَدِيثِ" يَا مُوسَى كُنْ حِلْسَ الْبُيُوتِ مِصْبَاحَ اللَّيْلِ".
و مثله
فِي حَدِيثِ سَدِيرٍ" يَا سَدِيرُ كُنْ حِلْساً مِنْ أَحْلَاسِ الْبُيُوتِ".
وَ فِي الْخَبَرِ" كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ".
الْحِلْسُ بالكسر: كساء يوضع على ظهر البعير تحت البرذعة، هذا هو الأصل، و المعنى الزموا بيوتكم لزوم الأحلاس، و لا تخرجوا منها فتقعوا في الفتنة. و جمع الحلس أَحْلَاسٌ كحمل و أحمال. و الْحِلْسُ أيضا: الرابع من سهام الميسر العشرة التي أولها الفذ. و الْحَلِسُ بكسر اللام: الشجاع. و قولهم" نحن أَحْلَاسُ الخيل" أي نقتنيها و نلزم ظهورها.
(حمس)
يقال" حَمِسَ عظم الساق" من باب تعب حَمْسَةً: دق، و هو أَحْمَسُ كأحمر. و التَّحْمِيسُ: التفاخر. و الْأَحْمَسُ: المكان الصلب. و الْأَحْمَسُ: الشديد الصلب في الدين و القتال، و قد حَمِسَ فهو حَمِسٌ. و" الْحُمْسُ" بضم حاء و سكون ميم جمع أحمس، و هم قريش و من ولدته و كنانة و جديلة قيس لأنهم تحمسوا في دينهم، أي تشددوا، و كانوا يقفون بمزدلفة لا بعرفة، و يقولون" نحن أهل الله فلا نخرج من الحرم"، و كانوا لا يدخلون
63
البيوت من أبوابها و هم محرمون. و الْحَمَاسَةُ: الشجاعة. و الْأَحْمَسُ، الشجاع. و" حِمَاسٌ" اسم رجل. و" الْأَحْمَسِيُّ" من رواة الحديث
(حوس)
فِي حَدِيثِ مُجَامَعَةِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ" يَتَحَوَّسُ وَ يَتَمَكَّثُ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ مِنْهُمَا جَمِيعاً".
هو من الْحَوْسِ، و هو شدة الاختلاط و ذلك لأنه إذا لم يفعل ذلك فقد قضى حاجته من أهله و لم تقض حاجتها.
(حيس)
فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حِينَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ أَطْعَمَ النَّاسَ الْحَيْسَ".
هو بفتح المهملة و إسكان التحتانية تمر ينزع نواه و يدق مع أقط و يعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد، و ربما جعل معه سويق.
باب ما أوله الخاء
(خبس)
تَخَبَّسْتُ الشيء: أخذته و غنمته. و الْخُبَاسَةُ بالضم: المغنم. و اخْتَبَسْتُ الشيء: إذا أخذته مغالبة و خَبَسَ الشيء بكفه: أخذه. و فلانا حقه: ظلمه. و الْخَبُوسُ: الظلوم.
(خرس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا وَلِيمَةَ إِلَّا فِي خَمْسٍ" وَ عَدَّ مِنْهَا الْخُرْسَ.
هو بضم و سكون ثانيه: طعام يصنع للولادة، و في الخبر مفسر بالنفاس. و الْخَرَسُ بالتحريك: آفة تصيب اللسان فتمنعه من الكلام، و النعت أخرس و قد خَرِسَ الإنسان خَرَساً، و أَخْرَسَهُ الله فهو أَخْرَسُ، و الأنثى خَرْسَاءُ، و الجمع خُرْسٌ. و منه
الدُّعَاءُ" وَ عَصَيْتُكَ بِلِسَانِي وَ لَو
64
شِئْتَ لَأَخْرَسْتَنِي".
و" خُرَاسَانُ" من بلاد العجم، و النسبة إليها خُرَسِيٌّ و خُرَاسِيٌّ و خُرَاسَانِيٌّ.
(خدرس)
الْخَنْدَرِيسُ: الخمر.
(خسس)
الْخَسِيسُ: الدنيء. و خَسَّ الشيء يَخِسُّ- من بابي ضرب و تعب خَسَاسَةً: حقر، و الجمع أَخِسَّاءُ مثل شحيح و أشحاء، و قد يجمع على خِسَاسٍ ككريم و كرام، و الأنثى خَسِيسَةٌ. و خَسِسَ بالكسر خِسَّةً و خَسَاسَةً: إذا كان في نفسه خسيسا. و اسْتَخَسَّهُ: عده خسيسا. و" الْخَسُّ" بالفتح و التشديد: بقل معروف، الواحدة خَسَّةٌ.
(خنفس)
الْخُنْفَسَاءُ قد تكرر ذكرها في الحديث و هي بفتح الفاء و المد: دويبة سوداء، و هي أصغر من الجعل منتنة الريح يضرب بها المثل في اللجاجة، يقال" ألج من الْخُنْفَسَاءِ"، و الأنثى خُنْفَسَةٌ و خُنْفَسَاءُ و ضم الفاء في كل ذلك لغة. و الْخُنْفَسُ: اسم لكثير من الْخَنَافِسِ قال الأصمعي: و لا يقال خَنْفَسَاءَةٌ بالهاء
65
(خلس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يُقْطَعُ الْمُخْتَلِسُ".
و هو الذي يأخذ المال خفية من غير الحرز، و الْمُسْتَلِبُ هو الذي يأخذه جهرا و يهرب مع كونه غير محارب، يقال خَلَسْتُ الشيء خَلْساً من باب ضرب: اختطفته بسرعة على غفلة، و اخْتَلَسْتُهُ كذلك. و" الْخَلْسَةُ" بالفتح المرة و بالضم: ما يخلس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الدَّغَارَةُ وَ هِيَ الْخَلْسَةُ".
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع فِي خَطَّابِ النَّبِيِّ ص وَ قَدْ دَفَنَ الزَّهْرَاءَ ع" قَدِ اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ وَ أُخِذَتِ الرَّهِينَةُ وَ أُخْلِسَتِ الزَّهْرَاءُ".
(خمس)
قوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ
[8/ 41] الْخُمُسُ بضمتين و إسكان الثاني لغة اسم لحق يجب في المال يستحقه بنو هاشم، و قد اختلف في كيفية القسمة و الظاهر منها عند فقهاء الإمامية أن تقسم ستة أقسام ثلاثة للرسول ص في حياته و بعده للإمام القائم مقامه، و هو المعنى بذي القربى، و الثلاثة الباقية لمن سماهم الله تعالى من بني عبد المطلب خاصة دون غيرهم. و خَمَسْتُ المال من باب قتل: أخذت خمسه. قوله: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
[70/ 4] قال المفسر: في القيامة خمسون موقفا، و الموقف ألف سنة و يوم الْخَمِيسِ معروف، و الجمع أخمساء و أخمسة كأنصباء و أنصبة. و الْخِمِيسُ بالكسر: الثوب الذي طوله خمسة أذرع، و يقال له الخموس أيضا، و قيل سمي خميسا لأن أول من عمله باليمن ملك يقال له الخميس، و في الصحاح الْخَمِيُس ضرب من برد اليمن. و الْخَمِيسُ بالفتح: الجيش، سمي به
66
لأنه خمسة أقسام: الميمنة، و الميسرة، و المقدم، و الساقة، و القلب. و" شرطة الْخَمِيسِ" أعيانه. و منه
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْحَضْرَمِيِّ" إِنَّكَ وَ أَبَاكَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيسِ".
و إنما سموا شرطة قيل من الشرط و هو العلامة، لأن لهم علامة يعرفون بها، أو من الشرط و هو تهيؤ لأنهم متهيئون لدفع الخصم. و
قَوْلُهُ:" إِنَّكَ وَ أَبَاكَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيسِ".
يريد أنهما من أعيان حزبنا يوم القيامة. و الْأَخْمَاسُ: الأصابع الخمس. و منه
فِي وَصْفِهِ تَعَالَى" لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَ لَا يُمَسُّ بِالْأَخْمَاسِ".
و الغلام الْخُمَاسِيُّ: الذي سنه خمس سنين، أو لطوله خمسة أشبار، و لا يقال سداسي و لا سباعي لأنه إذا بلغ هذا المقدار فهو رجل. و قولهم" فلان يضرب أَخْمَاساً لأسداس" أي يسعى في المكر و الخديعة. و خَمَسْتُ القوم من باب ضرب: إذا صرت خامسهم. و خَمَّسْتُ الشيء بالتثقيل: جعلته أخماسا خمسة. و أَخْمَاسُ القرآن: ما يكتب في هامشه. و كذلك أسباعه و أعشاره.
(خنس)
قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ
[81/ 15] يريد بها النجوم الخمسة المتقدم ذكرها في" برجس" سميت بذلك لأنها تَخْنِسُ في مجراها و تكنس، أي تستر كما تكنس الظباء في المغارة، و هي الكناس. قوله: الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ
[114/ 4] يعني الشيطان لعنه الله لأنه يخنس إذا ذكر الله تعالى، أي يذهب و يستتر.
وَ فِي التَّفْسِيرِ: لَهُ رَأْسٌ كَرَأْسِ الْحَيَّةِ يَجْثُمُ عَلَى الْقَلْبِ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى خَنَسَ أَيْ تَرَاجَعَ وَ تَأَخَّرَ، وَ إِذَا تُرِكَ ذِكْرُ اللَّهِ رَجَعَ إِلَى الْقَلْبِ يُوَسْوِسُ فِيهِ.
يقال خَنَسَ يخنس بالضم: إذا تأخر.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْوَسْواسِ الْخَنَّاس
67
اسْمُ الشَّيْطَانِ الَّذِي هُوَ فِي صُدُورِ النَّاسِ يُوَسْوِسُ فِيهَا يُؤْيِسُهُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَ يَعِدُهُمْ الْفَقْرَ وَ يَحْمِلُهُمُ عَلَى الْمَعَاصِي وَ الْفَوَاحِشِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع" مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ عَلَى إِحْدَاهُمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ وَ عَلَى الْأُخْرَى شَيْطَانٌ مُفْتَرٍ هَذَا يَأْمُرُهُ وَ هَذَا يَزْجُرُهُ، وَ كَذَلِكَ مِنَ النَّاسِ شَيْطَانٌ يَحْمِلُ عَلَى الْمَعَاصِي كَمَا يَحْمِلُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْجِنِّ".
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ:" الشَّيْطَانُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، لَهُ خُرْطُومٌ مِثْلُ خُرْطُومِ الْخِنْزِيرِ، يُوَسْوِسُ لِابْنِ آدَمَ أَنْ أَقْبِلْ عَلَى الدُّنْيَا وَ مَا لَا يُحِلُّ اللَّهُ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ".
و الْخَنْسَاءُ الشاعرة المشهورة، و كانت تدخل على عائشة.
(خوس)
مِخْوَسٌ كمنبر و مشرح و جمد و أبضعة كأرنبة بنو معدي كرب الملوك الأربعة الذين لعنهم النبي ص و لعن أختهم العمردة، و فدوا مع الأشعث و أسلموا ثم ارتدوا فقتلوا [يوم النجير] و عليهم تقول النائحة:
يا عين ابكي للملوك الأربعة
(خيس)
يقال خَاسَ اللحم خيسا: إذا فسد و تغير. و منه" خَاسَتِ الثمرة" إذا تغيرت و فسدت. و خَاسَ فلان بالعهد: إذا نكس. و خَاسَ يَخِيسُ: إذا غدر. و منه" خَاسَ بالمال"
68
مجمع البحرين4
باب ما أوله الدال ص 69
باب ما أوله الدال
(دبس)
في الحديث ذكر القمري و الدَّبْسِيُّ هو بفتح الدال المهملة، و يقال له الدُّبْسِيُّ أيضا بضم الدال: طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب لأنهم يغيرون في النسب. و الْأَدْبَسُ من الطير و الخيل الذي في لونه غبرة بين السواد و الحمرة، و هذا النوع قسم من الحمام البري، و هو أصناف مصري و حجازي و عراقي، و هي متقاربة و الدِّبْسُ بالكسر: ما يستخرج من التمر و الرطب بالنار و بدونها.
(دحس)
فِي الْخَبَرِ" حَقٌّ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَدْحَسُوا الصُّفُوفَ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ فُرَجٌ".
أي يزدحموا فيها و يدسوا أنفسهم بين فرجها. و الدَّحْسُ: إدخال اليد بين جلدة الشاة و صفاقها تسلخها. و الدَّحَّاسُ: دويبة تغيب في التراب. و الجمع دَحَاحِيسُ و كل شيء ملأته فقد دَحَسْتَهُ، و منه" دَحَسْتُ الغنم دَحْساً" يريد أنها سمينة مملوءة. و الدِّحَاسُ: الامتلاء و الزحام
. (دخس)
الدَّخَسُ: التشديد من الناس، و الإبل و الكثير الهم الشديد. و الدَّخَسُ: ورم يكون في حافر الدابة
. (درس)
قوله تعالى: وَ دَرَسُوا ما فِيهِ
[7/ 169] أي قرءوا ما فيه، و دِراسَتِهِمْ
قراءتهم. قوله: وَ لِيَقُولُوا دَرَسْتَ
[6/ 105] أي قرأت، و اللام للعاقبة، أي فعلنا التصريف ليقولوا هذا القول.
69
و دَرَسْتُ و دَارَسْتُ و دَرَّسْتُ: أي قرأت و تعلمت.
وَ" إِدْرِيسُ" هُوَ أخنوخ أَحَدُ أَجْدَادِ نُوحٍ ع، رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ بَعْدَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ خَمْسٍ وَ سِتِّينَ سَنَةً، قِيلَ سُمِّيَ إِدْرِيسُ لِأَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ الدَّرْسَ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ سُنَنِ الْإِسْلَامِ.
قال الشيخ أبو علي: و فيه نظر، لأن الاسم أعجمي و لذلك امتنع عن الصرف، و لو كان إفعيلا من الدرس لم يكن فيه غير سبب و هو العلمية، و كان يجب أن ينصرف،
وَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً عَلَيْهِ، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ خَاطَ الثِّيَابَ وَ لَبِسَهَا، وَ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْجُلُودَ، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطِّ بِالْقَلَمِ وَ نَظَرَ فِي عِلْمِ النُّجُومِ وَ الْحِسَابِ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" تَدَارَسُوا الْقُرْآنَ".
أي اقرءوه و تعهدوه لئلا تنسوه، من قولهم دَرَسَ يدرس درسا و دراسة. و فيه" تذاكر العلم دراسة". و الدِّرَاسَةُ: صلاة حسنة. و أصل الدِّرَاسَةِ الرياضة و التعهد للشيء، و دَرَسْتُ العلم من باب قتل. و دَرَسَ المنزل: عفا. و دَرَسَ الثوب: أخلق.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ لْيَكُنِ الْقُرْآنُ مَحْفُوظاً مَدْرُوساً".
كأن المعنى مقروءا متلوّا.
(درفس)
الدِّرَفْسُ من الإبل: العظيم.
(دسس)
قوله تعالى: وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها
[91/ 10] أي فاته الظفر، من دَسَّ نفسه يعني أخفاها بالفجور و المعصية، و الأصل دَسَّسَهَا فغيرت، فكل شيء أخفيته فقد دسسته. و منه قوله: يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ
[16/ 59] أي يخفيه و يدفنه في التراب. يقال دَسَّهُ في التراب من باب قتل: دفنه. و دَسَّهُ دَسّاً: إذا أدخله في شيء بقهر و عنف. و الدَّسِيسُ: إخفاء المكر، و منه
الْحَدِيثُ" مَمْلُوكٌ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَه
70
فَدَسَّ إِنْسَاناً فَهَلْ لِلْمَدْسُوسِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ كُلَّهُ".
(دقيس)
دِقْيَانُوسُ بْنُ خلانوس كَانَ مَلِكاً جَبَّاراً، كَانَ عَلَى بَقَايَا مِمَّنْ كَانَ عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ ع، وَ كَانَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَ يَذْبَحُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَ كَانَ يَدْعُو أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، فَمَنْ لَمْ يُجِبْهُ قَتَلَهُ، وَ كَانَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ فِي زَمَانِهِ، وَ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ.
(دلس)
قد جاء
فِي الْحَدِيثِ" لَا يَجُوزُ لِعِلَّةِ التَّدْلِيسِ".
التَّدْلِيسُ كتمان عيب السلعة عن المشتري، يقال دَلَّسَ البائع تَدْلِيساً: كتم عيب السلعة. و يقال أيضا دَلَسَ من باب ضرب، و التشديد أظهر في الاستعمال. و الدُّلْسَةُ بالضم: الخديعة.
(دمس)
فِي الْخَبَرِ" إِنَّهُ كَانَ لِلْمَجُوسِ نَبِيُّ اسْمُهُ دَامَسْت".
بالدال المهملة و الميم بعد الألف ثم السين المهملة ثم التاء المثناة الفوقانية. و دَمَسَ الظلام يَدْمِسُ: أي اشتد. و ليل دَامِسٌ: أي مظلم. و دَمَسْتُ الشيء: دفنته و خبأته، و كذلك التَّدْمِيسُ. و الدِّيمَاسُ: الكن، و منه
حَدِيثُ الْمَسِيحِ ع" سَبْطُ الشَّعْرِ كَثِيرُ خِيلَانِ الْوَجْهِ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ".
(دنس)
فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ ع" لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ".
أصل الدَّنَسِ الوسخ، يقال دَنِسَ الثوب يَدْنَسُ دَنَساً: توسخ. و تَدَنَّسَ مثله، و دَنَّسَهُ غيره تَدْنِيساً. و المراد هنا دنس النسب، و هو ظاهر. و فلان دَنِسُ الثياب: إذا كان خبيث الفعل و المذهب.
(دنفس)
الدِّنْفَسُ بالكسر: الحمقاء- قاله الجوهري. و الدِّنْفَاسُ: الأحمق، و قد جاء في الحديث.
71
(دوس)
الدَّائِسُ: هو الذي يدوس الطعام و يدقه ليخرج الحب من السنبل، و هو الدياس، قلبت الواو ياء لكسرة الدال. و منه
حَدِيثُ السَّلَمِ" لَا تُسَلِّمْ إِلَى دِيَاسٍ وَ لَا إِلَى حَصَادٍ".
و دَاسَ الشيء برجله يَدُوسُهُ دِيَاسَةً فَانْدَاسَ، و الموضع مَدَاسَةٌ. و الْمِدْوَسُ بكسر الميم: ما يداس به الطعام، لأنه آلة. قال في المصباح: و أما الْمِدَاسُ الذي ينتعله الإنسان فإن صح سماعه فقياسه كسر الميم، و يجمع على أَمْدِسَةٍ. و" دَوْسٌ" قبيلة من الأزد- قاله الجوهري.
(دهس)
يقال عنز دَهْسَاءُ، و هي مثل الصداء إلا أنها أقل حمرة منها.
باب ما أوله الراء
(رأس)
قوله تعالى: كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ
[37/ 65] قيل إنها مستدقة كرءوس الحيات، و الحية يقال لها شيطان، و قيل إنها وحشية المنظر سمجة الأشكال، فهو مثل في استقباح صورتها. و الرَّأْسُ من الإنسان و سائر الحيوان معروف، و هو مذكر، و يجمع في القلة على أَرْؤُسٍ، و في الكثرة على رُءُوسٍ. و بائع الرءوس رأآس بهمزة مشددة مثل نجار و عطار، و أما رؤاس فمولد. قوله: وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ
يعني هارون يَجُرُّهُ إِلَيْهِ [7/ 150] قيل إنما فعل ذلك مستعظما لفعلهم مفكرا فيما كان منهم، كما يفعل الإنسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب يقبض لحيته، فأجرى موسى ع أخاه مجرى نفسه، فصنع ما صنع. و الرَّأْسُ عند الفقهاء يقال لمعان:" الأول"- يقال لكرة الرأس التي
72
هي منبت الشعر، و هو رَأْسُ المحرم." الثاني"- أنه عبارة عن ذلك مع الأذنين، و هو رَأْسُ الصائم." الثالث"- أنه ذلك مع الوجه، و هو رَأْسُ الجناية في الشجاج." الرابع"- أنه ذلك كله مع الرقبة، و هو رَأْسُ المغتسل. قال في المصباح: الرَّأْسُ مهموز في أكثر لغاتهم إلا بني تميم فإنهم يتركون الهمزة لزوما.
وَ فِي الْخَبَرِ" خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فِي الرَّأْسِ" وَ عَدَّ مِنْهَا السِّوَاكَ وَ الْمَضْمَضَةَ وَ الِاسْتِنْشَاقَ.
و كأن إطلاق الرأس على ذلك من باب المجاز. و مثله
" كَانَ يُصِيبُ مِنَ الرَّأْسِ وَ هُوَ صَائِمٌ".
أي يقبّل. و" رَأْسُ الجالوت" كبيرهم، و قد جاء في الحديث. و رَأَسَ القوم يَرْأَسُهُمْ رِئَاسَةً: إذا صار رئيسهم و مقدمهم و" ذو الرِّئَاسَتَيْنِ" لقب فضل بن سهل و كان واليا على نيسابور من قبل المأمون، و هو الذي أشار برده من المصلى. و الرِّئَاسَتَانِ: هما السيف و القلم. و رَأْسُ الشخص مهموز بفتحتين: شرف قدره، و الجمع رُؤَسَاءُ مثل شريف و شرفاء. و رَأْسُ المال: أصله. و الرَّئِيسُ: الشجاع و الداهية، يقال داهية رَيْسَاءُ: أي شديدة. و في مرثية بنت أبي يشكر:
و اعدد عقيلا بعده الرُّؤَسَاءَ
أي اذكر بعد عقيل الرؤساء كأنها تعني الرؤساء و الشجعان فغيرت الكلام للقافية. و الله أعلم.
(رجس)
قوله تعالى: كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
[6/ 125] أي اللعنة في الدنيا و العذاب في الآخرة. قوله: فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِم
73
[9/ 125] أي نتنا إلى نتنهم، و النتن عبارة عن الكفر، أي كفرا إلى كفرهم، و قيل فزادتهم عذابا إلى عذابهم بما عدد من كفرهم. و الرِّجْسُ و الرجز واحد، و هو العذاب. قوله: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ
[22/ 30] قيل هي الشطرنج، و قَوْلَ الزُّورِ الغناء. قوله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ
[5/ 90] قيل الرِّجْسُ بالكسر القذر، و قيل العقاب و الغضب كما نقله الفراء في قوله تعالى: كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
قال بعض الأفاضل: الرِّجْسُ و إن كان في اللغة بمعنى القذر و هو أعم من النجاسة، إلا أن الشيخ قال في التهذيب: إن الرِّجْسَ هو النجس بلا خلاف. و ظاهره أنه لا خلاف بين علمائنا في أنه في الآية بمعنى النجس. قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
[33/ 33] أي الأعمال القبيحة و المآثم. و الرِّجْسُ: لطخ الشيطان و وسوسته.
وَ فِي حَدِيثِ الْخَلْوَةِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النَّجْسِ الْمُخْبِثِ الْخَبِيثِ".
هو بكسر النون و سكون الجيم لمزاوجة الرجس. و في المجمع الرجس: القذر، و قد يعبر به عن الحرام و الفعل القبيح و اللعنة و لكنه هنا الأول. و" الرَّجْسُ" بالفتح: الصوت الشديد من الرعد. و غيث مُرْتَجَسَةٌ: هموعة، من قولهم رَجَسَتِ السماء تَرْجُسُ: إذا رعدت و تمخضت.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَمَّا وُلِدَ ص ارْتَجَسَ إِيْوَانُ كِسْرَى".
أي اضطرب و تحرك حركة لها صوت.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّوْمِ" سَمِعْتُهُ يَنْهَى عَنِ النِّرْجِسِ".
هو بكسر النون و فتحها على اختلاف اللغتين: ريحان الأعاجم- كما
74
جاءت به الرواية.
وَ فِيهِ" شَمُّوا النَّرْجِسَ وَ لَوْ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً، وَ لَوْ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً، وَ لَوْ فِي السَّنَةِ مَرَّةً، وَ لَوْ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ حَبَّةً مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ وَ لَا يَقْطَعُهَا إِلَّا النَّرْجِسُ".
قال الجوهري و نَرْجِسُ معرب، و النون زائدة لأنه ليس في الكلام فعلل و فيه تفعل، و لو سميت به رجلا لم تصرفه لأنه مثل تضرب.
(ردس)
" مِرْدَاسٌ" بالكسر فالسكون اسم رجل. و قال الجوهري: الْمِرْدَاسُ حجر يرمى به في البئر ليعلم فيها ماء أم لا، و منه سمي الرجل.
(رسس)
قوله تعالى: أَصْحابُ الرَّسِّ وَ ثَمُودُ
[50/ 12] الرَّسُّ: البئر المطوية بالحجارة و الرَّسُّ: اسم بئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم و رَسُّوهُ في بئر.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَصْحَابُ الرَّسِّ هُنَّ اللَّوَاتِي بِاللَّوَاتِي وَ هُنَّ وَ هُنَّ الرَّسِّيَّاتُ".
و" الرَّسُّ" اسم واد. و في الغريب: و الرَّسُّ اسم معدن، و كل ركية لم تطو فهي رَسُّ، و هذا يناقض ما تقدم من تعريفها.
وَ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ مَعْنَى أَصْحَابِ الرَّسِّ أَنَّهُمْ نُسِبُوا إِلَى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ الرَّسُّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ، وَ قَدْ قِيلَ إِنَّ الرَّسَّ هُوَ الْبِئْرُ وَ إِنَّ أَصْحَابَهُ رَسُّوا نَبِيَّهُمْ بَعْدَ سُلَيْمَان
75
بْنِ دَاوُدَ وَ كَانُوا يَعْبُدُونَ شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ يُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتْ، كَانَ غَرَسَهَا يَافِثُ بْنُ نُوحٍ ع فَأَنْبَتَتْ لِنُوحٍ بَعْدَ الطُّوفَانِ، وَ كَانَ نِسَاؤُهُمْ يَشْتَغِلْنَ بِالنِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ، فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِرِيحٍ عَاصِفٍ شَدِيدَةِ الْحُمْرَةِ وَ جَعَلَ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِمْ حَجَرَ كِبْرِيتٍ تَتَوَقَّدُ، وَ أَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ فَانْكَفَّتْ عَلَيْهِمْ كَالْقُبَّةِ جَمْرَةً تَلْتَهِبُ، فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ فِي النَّارِ.
و رَسُّ: الحمى و رَسِيسُهَا واحد، و هو أول مسها. و فلان يَرُسُّ الحديث في نفسه: أي يحدث به في نفسه. و الرَّسِيسُ: الشيء الثابت.
(رفس)
الرَّفْسُ: الضرب بالرجل، يقال رَفَسَهُ رَفْساً من باب ضرب: إذا ضربه برجله، و منه رَفَسَتْهُ الدابة: إذا رمحته برجلها. و في القاموس الرَّفْسَةُ بالرجل الصدمة بالرجل في الصدر.
(ركس)
قوله تعالى: وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا
[4/ 88] أي ردهم إلى كفرهم بأعمالهم، من الرَّكْسِ و هو رد الشيء مقلوبا. و أَرْكَسْتُهُ بالألف: رددته على رأسه، و رَكَسَهُ و أَرْكَسَهُ بمعنى. و رَكَسْتُ الشيء رَكْساً من باب قتل: أي قلبته و رددت أوله على آخره. و ارْتَكَسَ فلان في أمر: قد نجا منه. و الرَّكُوسِيَّةُ: فرقة بين النصارى و الصابئين- قاله الجوهري.
(رمس)
فِي الْخَبَرِ" ارْمُسُوا قَبْرِي رَمْساً".
أي سووه بالأرض و لا تجعلوه مسنما مرتفعا. و أصل الرَّمْسِ الستر. قال في المجمع: و يقال لما يحشى على القبر من التراب رَمْسٌ، و للقبر نفسه رَمْسٌ و رَمَسْتُ الميت رمسا من باب قتل: دفنته، و جمع الرمس رُمُوسٌ كفلس و فلوس، و أَرْمَسْتُ بالألف لغة. و ارْتَمَسَ في الماء: مثل انغمس.
76
و منه
الْحَدِيثُ" مَنْ دَانَ اللَّهَ بِالرَّأْيِ لَمْ يَزَلْ دَهْرَهُ فِي ارْتِمَاسٍ".
أي لا يزال دهره منغمسا في الضلال و العمى عن الحق. و
" لَا يَرْمُسُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ".
أي لا يغمسه فيه لما يلزم منه من تغطية الرأس من غير ضرورة. و رَمَسْتُ عليه الخبر: كتمته عنه. و الصائم يَرْتَمِسُ و لا ينغمس، كأن المعنى يغمس بدنه و لا يغمس رأسه.
باب ما أوله السين
(سدس)
قوله تعالى: فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ
[4/ 11] السُّدُسُ بضمتين و الإسكان تخفيف جزء من ستة، و السَّدِيسُ ككريم لغة فيه، و جمع السدس أَسْدَاسٌ. و السَّدِيسُ من الإبل: ما دخل في الثامنة، لأنه ألقى السن الذي بعد الرباعية. و شاة سَدِيسٌ: إذا أتى عليه السنة السادسة و السَّدَسُ بالتحريك: السن قبل البازل، يستوي فيه المذكر و المؤنث لأن الإناث في الأسنان كلها بالهاء إلا السدس- قاله الجوهري.
(سندس)
السُّنْدُسُ: ما رق من الديباج.
(سرخس)
" أحمد بن علي بن مكتوم السرخسي" من رواة الحديث." السَّرَخْسُ" بفتح السين و الراء بلد عظيم بخراسان.
(سلس)
فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ الْجَوَادَ إِذَا حَبَاكَ بِمَوْعِدٍ أَعْطَاكَهُ سَلِساً بِغَيْرِ مَطَالٍ".
السَّلِس
77
ككتف: اللين المنقاد السهل. و سَلِسَ سَلَساً من باب تعب: إذا سهل و لان. و فلان سَلِسُ البول: أي لا يستمسكه.
(سوس)
السُّوسَةُ و السُّوسُ: دود يقع في الصوف و الطعام و منه قولهم" حنطة مُسَوِّسَةٌ" بكسر الواو المشددة. و سَاسَ الطعام من باب قال، و سَاسَ يَسَاسُ من باب تعب، و أَسَاسَ بالألف: إذا وقع فيه السُّوس، كلها أفعال لازمة. و
فِي وَصْفِ الْأَئِمَّةِ ع" أَنْتُمْ سَاسَةُ الْعِبَادِ".
و
فِيهِ" الْإِمَامُ عَارِفٌ بِالسِّيَاسَةِ".
و
فِيهِ" ثُمَّ فَوَّضَ إِلَى النَّبِيِّ ص أَمْرَ الدِّينِ وَ الْأُمَّةِ لِيَسُوسَ عِبَادَهُ".
كل ذلك من سُسْتُ الرعية سِيَاسَةً: أمرتها و نهيتها. و سَاسَ زيد سِيَاسَةً: أمر و قام بأمره.
وَ فِي الْخَبَرِ" كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ".
أي تتولى أمرهم كالأمراء و الولاة، بالرعية من السِّيَاسَةِ و هو القيام على الشيء بما يصلحه. و السُّوسُ: نبات يشبه الرياحين عريض الورق و ليس له رائحة كالرياحين. قال في المصباح: و العامة تضم الأول.
باب ما أوله الشين
(شرس)
شَرِسَ الرجل: الشَّرِسُ هو السيء الخلق بيّن الشَّرِسِ و الشَّرَاسَةِ و شَرِسَ شَرَساً من باب تعب، و الاسم الشَّرَاسَةُ بالفتح، و شَرِسَتْ نفسه بكسر الراء و ضمها. و مكان شَرِسٌ: أي غليظ.
(شكس)
قوله تعالى شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ
[39/ 29] أي مختلفون متنازعون، يقال تَشَاكَسَ القوم: أي اختلفوا و تنازعوا
78
و منه" رجل شَكْسٌ" بالفتح فالسكون، أي صعب الخلق. و قد شَكِسَ شَكَاسَةً فهو شَكِسٌ مثل شرس شراسة فهو شرس وزنا و معنى
. (شمس)
قد تكرر ذكر الشَّمْسِ في الكتاب و السنة، و هي أنثى واحدة الوجود ليس لها ثان، و لهذا لا تثنى و لا تجمع، و قول بعضهم تجمع الشمس على شُمُوسٍ على وجه التأويل لا الحقيقة، كأنهم جعلوا كل ناحية منها شمسا، كما قالوا للمفرق مفارق. و مقدار الشمس على ما هو مروي
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع" سِتُّونَ فَرْسَخاً فِي سِتِّينَ فَرْسَخاً وَ الْقَمَرِ أَرْبَعُونَ فَرْسَخاً فِي أَرْبَعِينَ فَرْسَخاً، بُطُونُهُمَا يُضِيئَانِ لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ ظُهُورُهُمَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ".
و
عَنْهُ ع" إِنَّ لِلشَّمْسِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ بُرْجاً، كُلُّ بُرْجٍ مِنْهَا مِثْلُ جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْعَرَبِ، فَتَنْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى بُرْجٍ مِنْهَا".
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَلَقَ الشَّمْسَ مِنْ نُورِ النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا، حَتَّى إِذَا كَانَتْ سَبْعَةُ أَطْبَاقٍ أَلْبَسَهَا لِبَاساً مِنْ نَارٍ، فَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَشَدَّ حَرَارَةً مِنَ الْقَمَرِ، وَ جَعَلَ الْقَمَرَ عَكْسَ مَا فَعَلَ فِي الشَّمْسِ بِأَنْ جَعَلَ الطَّبَقَ الْفَوْقَ مِنَ الْمَاءِ".
و
فِيهِ" الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يَجْرِيَانِ بِأَمْرِهِ مُطِيعَانِ لَهُ، ضَوْؤُهُمَا مِنْ نُورِ عَرْشِهِ وَ حَرُّهُمَا مِنْ جَهَنَّمَ، فَإِذَا كَانَتِ الْقِيَامَةُ عَادَ إِلَى الْعَرْشِ نُورُهُمَا وَ عَادَ إِلَى النَّارِ حَرُّهُمَا، فَلَا يَكُونُ شَمْسٌ وَ لَا قَمَرٌ" كَذَا عَنِ الرِّضَا ع
و شَمِسَ يومنا يَشْمَسُ كسمع: صار ذا شمس. قيل و سميت الشمس شمسا لأن ثلاثة من الكواكب السبعة فوقها و هي زحل و المشتري و المريخ، و ثلاثة تحتها و هي الزهرة و عطارد و القمر، فهي بمنزلة الوسطة التي في البخنقة التي تسمى شمس و شمسة. و السنة الشَّمْسِيَّةُ ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و ربع يوم إلا جزء من
79
ثلاثمائة جزء من يوم، و القمرية ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما و خمس يوم و سدس و فصل ما بينهما عشرة أيام و ثلث و عشر يوم بالتقريب على رأي بطليموس- كذا عن صاحب المغرب.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَلَا إِنَّ الْخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ".
الشَّمْسُ جمع شُمُوسٍ كرسول، يقال شَمَسَ الفرس يَشْمَسُ شُمُوساً و شِمَاساً بالكسر: استعصى على راكبه و منع ظهره فهو شَمُوسٌ، و خيل شُمُسٌ كرسل.
(شوس)
الشَّوْسُ في السواك كالشوص. و الشَّوْسُ: النظر بمؤخر العين تكبرا و تغيظا و" الشَّاسُ" بلد بما وراء النهر.
باب ما أوله الضاد
(ضرس)
فِي الْحَدِيثِ" مُشْطُ اللِّحْيَةِ يَشُدُّ الْأَضْرَاسَ".
هي جمع ضرس، و هو مذكر ما دام له هذا الاسم، لأن الأسنان إناث إلا الأضراس و الأنياب، و ربما جمع على ضُرُوسٍ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَمْ يَعَضَّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ".
أي لم يتقنه على اليقين
80
و لم يحكم أموره، و الكلام استعارة.
وَ" فِيهِ كَأَنَّمَا نَشَأَ مِنْ ضِرْسٍ قَاطِعٍ".
يعني أنه ماض في الأمور نافذ العزيمة. و الضَّرِسُ: الصعب السيء الخلق. و منه
" إِنَّ النَّبِيَّ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ فَرَساً كَانَ اسْمُهُ الضَّرِسَ فَسَمَّاهُ السَّكْبَ أَوَّلَ مَا غَزَى عَلَيْهِ فِي أُحُدٍ".
و منه يقال فلان ضَرِسٌ و ضَرِيسٌ، و فلان ضِرْسٌ من الْأَضْرَاسِ: أي داهية و هو في الأصل أحد الأسنان فاستعاروه. و الضَّرُوسُ: الناقة السيئة الخلق تعض حالبها. و منه
كَلَامُهُ ع فِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ" كَأَنِّي بِهِ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ وَ فَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ، فَعَطَفَ عَلَيْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ".
و ذلك لأنه ظهر بالشام حين جعله أبوه خليفة من بعده، و سار إلى الكوفة لقتال مصعب بن الزبير، و قد كان بمكة فقتله و هدم الكعبة و قتل خلقا كثيرا من العرب. و حصاة مُضْرِسَةٌ: غير متساوية الجسم.
باب ما أوله الطاء
(طربس)
" طَرَابُلُسُ" بفتح الطاء و ضم الباء و اللام: بلد الشام.
(طرس)
الطِّرْسُ بالكسر الصحيفة أو التي محيت ثم كتبت- قاله في القاموس.
81
(طسس)
الطَّسُّ لغة في الطست، و الطست الطس، أبدل من إحدى السينين تاء، و حكي بالشين المعجمة، و الطِّسَاسُ جمع طَسٍ
(طنفس)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبِي يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ يَحْمِلُهَا عَلَى الطِّنْفِسَةِ".
هي بكسرتين و في لغة بكسر الطاء و الفاء و بضمهما و بكسر الطاء و فتح الفاء: البساط الذي له خمل رقيق، و هي ما تجعل تحت الرحل على كتفي البعير، و الجمع الطَّنَافِسُ. و الطَّفَسُ بالتحريك: الوسخ و الدرن. و رجل طَفِسٌ: أي وسخ قذر.
(طيلس)
" الطَّيْلَسَانُ" مثلّثة اللام واحد الطَّيَالِسَةِ، و هو ثوب يُحِيط بالبدن يُنْسَج للُّبْس خالٍ عن التفصيل و الخِياطة، و هو من لباس العَجَم، و الهاء في الجمع للعجمة لأنه فارسيّ معرّب تَالِشَان. و طَلَسْتُهُ: محوته. و منه
الْخَبَرُ" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَطْلِسُ مَا قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ".
و الدّينار الأَطْلَسُ: الذي لا نقش فيه، و الْمُطَلَّسُ مثله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنْ وَجَدْتَ دِينَاراً مُطَلَّساً فَهُوَ لَكَ لَا تُعَرِّفْهُ".
قيل المراد به القديم و إن اشتهر في غير المنقوش
(طمس)
قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها
[4/ 47] أي نمحو ما فيها من عين و أنف فنجعلها كخف البعير. و قال الشيخ أبو علي رحمه الله اختلف في معناه على أقوال:" أحدها"- أن معناه من قبل أن نمحو آثار وجوهكم حتى تصير كالأقفية، و نجعل عيونها في أقفيتها فتمشي القهقرى. و" ثانيها"- نَطْمِسُهَا عن الهدى فنردها على أدبارها في ضلالتها، ذما لها بأنها لا تفلح أبدا. و" ثالثها"- أن معناه نجعل في وجوهها الشعر كوجوه القرود. و" رابعها"- حتى نمحو آثارهم من وجوههم أي نواحيهم التي هم بها،
82
و هي الحجاز الذي هو مسكنهم، و نردها على أدبارها حتى يعودوا إلى حيث جاءوا و هو الشام. قوله: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ
[10/ 88] أي غيرها من جهتها إلى جهة لا ينتفع بها. قيل صار جميع أموالهم حجارة. قوله: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ
[77/ 8] أي ذهب ضوؤها كما يطمس الأثر حتى يذهب. و طَمَسْتُ الشيء طَمْساً من باب ضرب: محوته. و الطُّمُوسُ: الدروس و الانمحاء.
(طوس)
" الطَّاوُسُ" طائر معروف، و تصغيره بعد حذف الزائد طُوَيْسٌ.
رُوِيَ أَنَّ الطَّاوُسَ كَانَ رَجُلًا جَمِيلًا فَكَابَرَ امْرَأَةَ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ فَوَقَعَ بِهَا ثُمَّ رَاسَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ طَاوُسَيْنِ ذَكَراً وَ أُنْثَى.
وَ فِي الْخَبَرِ" الطَّاوُسُ يَدْعُو بِالْوَيْلِ لِخَطِيئَتِهِ".
و يقال إن الخطيئة هي حمله الحية التي كان الشيطان فيها إلى الجنة.
وَ حُكِيَ أَنَّ آدَمَ ع لَمَّا غَرَسَ الْكَرْمَةَ جَاءَ إِبْلِيسُ فَذَبَحَ عَلَيْهَا طَاوُساً فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا طَلَعَتْ أَوْرَاقُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا قِرْداً فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا طَلَعَتْ ثَمَرَتُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا أَسَداً فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا انْتَهَتْ ثَمَرَتُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا خِنْزِيراً فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلِهَذَا شَارِبُ الْخَمْرِ تَعْتَرِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ الْأَرْبَعَةُ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا يَشْرَبُهَا وَ تَدِبُّ فِي أَعْضَائِهِ تَزْهُو لَهُ كَمَا يَزْهُو الطَّاوُسُ، فَإِذَا جَاءَتْ مَبَادِئُ السُّكْرِ لَعِبَ وَ صَفَّقَ كَمَا يَفْعَلُ الْقِرْدُ، فَإِذَا قَوِيَ سُكْرُهُ جَاءَتِ الصِّفَةُ الْأَسَدِيَّةُ فَيَعْبَثُ وَ يُعَرْبِدُ وَ يَهْدِرُ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، ثُمَّ يَنْعَقِصُ كَمَا يَنْعَقِصُ الْخِنْزِيرُ فَيَطْلُبُ النَّوْمَ وَ تَنْحَلُّ عُرَى قُوَّتِهِ.
و
عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي تَفْسِيرِ مَا يَقُولُ الطَّيْرُ الطَّاوُسُ يَقُولُ: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ.
و" ابن طَاوُسٍ" تارة يراد به علي
83
بن موسى و تارة أحمد بن موسى و ولده عبد الكريم، و التميز موكول إلى القرائن. و" طُوسٌ" بلدة من أرض خراسان من عمل نيشابور على مرحلتين. و" الشيخ الطُّوسِيُّ" ينسب إليها.
باب ما أوله العين
(عبس)
قوله تعالى: عَبَسَ وَ تَوَلَّى. أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى
[80/ 1] عَبَسَ الرجل يَعْبِسُ عُبُوساً من باب ضرب: لوى بشرته و قبض وجهه، وَ تَوَلَّى أي أعرض بوجهه أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى أي لأن جاءه الأعمى.
رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ ص فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ الْفِهْرِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَلَمَّا رَآهُ نَفَرَ مِنْهُ وَ عَبَسَ وَ جَمَعَ نَفْسَهُ وَ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ، فَحَكَى اللَّهُ تَعَالَى ذَلِك
84
وَ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ.
وَ فِي نَقْلٍ آخَرَ هُوَ عُثْمَانُ. وَ الْآيَةُ فِيهِ وَ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَ كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَعْمَى وَ كَانَ مُؤَذِّناً لِرَسُولِ اللَّهِ ص، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عِنْدَهُ أَصْحَابُهُ وَ عِنْدَهُ عُثْمَانُ، فَقَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى عُثْمَانَ، فَعَبَسَ عُثْمَانُ فَتَوَلَّى عَنْهُ فَنَزَلَتْ.
وَ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضاً أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ: مَرْحَباً وَ اللَّهِ لَا يُعَاتِبُنِي اللَّهُ فِيكَ أَبَداً.
قوله: يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً
[76/ 10] اليوم الْعَبُوسُ الذي تعبس فيه الوجوه، و القمطرير الشديد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَعَنَ اللَّهُ الْأُعَيْبِسَ".
يعني به خليفة بني العباس. و العباس هو ابن عبد المطلب عم النبي ص، و قد نزلت فيه آيتان تقدمتا في عما. و الْعَبَّاسِيَّةُ مدرسة صنعت في زمن العباس. و عَبَسٌ أبو قبيلة من قيس.
(عدس)
فِي الْحَدِيثِ" رَأَيْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ع ثَوْباً عَدَسِيّاً كَانَ يُشْبِهُ لَوْنَ الْعَدَسِ".
و الْعَدَسُ: حب معروف. و الْعَدَسَةُ: بثرة تخرج بالإنسان و ربما قتلت. و عَدَس: زجر للبغل. و" عُدَسٌ" بضم الأول و فتح الثاني اسم رجل
(عرس)
فِي الْحَدِيثِ" نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ".
هو كرسول وصف يستوي فيه المذكر و المؤنث ما داما في أعراسهما، يقال رجل عَرُوسٌ و امرأة عَرُوسٌ، و جمع الرجل عُرُسٌ كرسل و جمع المرأة عَرَائِسُ، و إنما ضرب المثل بنومة العروس لأن الإنسان أعز ما يكون في أهله و ذويه و أرغد و أنعم إذا كان في ليلة الأعراس، حتى أن أمثالهم" كاد العروس أن يكون
85
أميرا". و الْعِرْسُ بالكسر: امرأة الرجل، و الجمع أَعْرَاسٌ كحمل و أحمال، و قد يقال للرجل عِرْسٌ أيضا. و الْعُرْسُ بالضم: طعام الزفاف، يذكر و يؤنث، فيقال هو الْعُرْسُ و الجمع أَعْرَاسٌ كقفل و أقفال، و هي الْعُرْسُ و الجمع عُرُسَاتٌ. و أَعْرَسَ بأهله: إذا بنى بها، و كذا إذا غشيها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَلَيْكُمْ بِالتَّعْرِيسِ وَ الدُّلْجَةِ".
و
فِيهِ" إِيَّاكُمْ وَ التَّعْرِيسَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ وَ بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ".
الَتَّعْرِيسُ نزول المسافر آخر الليل للنوم و الاستراحة، من قولهم عَرَّسَ القوم: إذا نزلوا آخر الليل للاستراحة. و الْمُعَرَّسُ: موضع التعريس،
وَ بِهِ سُمِّيَ مُعَرَّسُ ذِي الْحُلَيْفَةِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ص عَرَّسَ فِيهِ وَ صَلَّى الصُّبْحَ فِيهِ ثُمَّ رَحَلَ.
و
فِيهِ" إِذَا أَتَيْتَ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَأْتِ مُعَرَّسَ النَّبِيِّ ص، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يُعَرِّسُ فِيهِ وَ يُصَلِّي".
و
فِيهِ أَيْضاً" قُلْنَا أَيُّ شَيْءٍ نَصْنَعُ؟ قَالَ: تُصَلِّي وَ تَضْطَجِعُ قَلِيلًا لَيْلًا أَوْ نَهَاراً وَ إِنْ كَانَ التَّعْرِيسُ بِاللَّيْلِ".
و الْمُعَرَّسُ: فرسخ من المدينة بقرب مسجد الشجرة بإزائه مما يلي القبلة- ذكره في الدروس. و هذا الموضع مسجد النبي ص، و حيث أنه نزل به استحب النزول به مطلقا ليلا أو نهارا تأسيا.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي أَهْلِ الدُّنْيَا" إِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا كَرَكْبٍ عَرَّسُوا
86
وَ أَنَاخُوا ثُمَّ اسْتَقَلُّوا وَ غَدَوْا وَ رَاحُوا".
و ابن عِرْسٍ ذكر في الحديث، و هي دويبة تشبه الفأر، و الجمع بنات عرس. قال الجوهري: و كذلك ابن آوى و ابن مخاض و ابن لبون و ابن ماء، تقول بنات آوى و بنات مخاض و بنات لبون و بنات ماء.
(عرندس)
الْعَرَنْدَسُ من الإبل الشديد.
(عسس)
قوله تعالى: وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ
[81/ 17] أي أقبل ظلامه و أدبر، و هو من الأضداد. و قال الفراء: اجتمع المفسرون على أن معنى عَسْعَسَ
أدبر. قال: و قال بعض أصحابنا إنه دنا أوله و أظلم. و" الْعُسُّ" بالضم و التشديد: القدح الكبير، و الجمع عِسَاسٌ مثل سهام، و قيل أَعْسَاسٌ مثل أقفال.
(عطس)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَ يَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ".
الْعُطَاسُ بالضم من الْعَطْسَةِ. و عَطَسَ بالفتح عَطْساً من باب ضرب، و في لغة من باب قتل، و قد مر الوجه في ثاب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعَطْسَةُ مِنَ اللَّهِ وَ ذَلِكَ يُذَكِّرُ اللَّهُ عَبْدَهُ النِّعْمَةَ فَيَحْمَدَهُ بِقَوْلِهِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ".
وَ فِيهِ أَيْضاً" إِنَّ لِلَّهِ نِعَماً عَلَى عَبْدِهِ وَ فِي صِحَّةِ بَدَنِهِ وَ سَلَامَةِ جَوَارِحِهِ، وَ إِنَّ الْعَبْدَ يَنْسَى ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، وَ إِذَا نَسِيَ أَمَرَ اللَّهُ الرِّيحَ فَجَالَتْ فِي بَدَنِهِ ثُمَّ يُخْرِجُهَا مِنْ أَنْفِهِ فَيَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ حَمْدُهُ عِنْدَ ذَلِكَ شُكْراً لِمَا نَسِيَ".
و عَطَسَ الصبح: إذا انفلق. و الْمَعْطِسُ وزان مجلس: الأنف، و ربما جاء بفتح الطاء.
وَ مِنْ كَلَامِهِ ع مَعَ عَائِشَةَ فِي مَنْعِهَا دَفْنَ الْحَسَنِ ع مَعَ جَدِّهِ" يَا عَائِشَةُ لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي كَرِهْتِهِ مِنْ دَفْنِ الْحَسَنِ جَائِزاً فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ اللَّهِ لَعَلِمْتِ أَنَّهُ سَيُدْفَنُ وَ إِنْ رَغِمَ مَعْطِسُكِ".
87
(عكس)
الْعَكْسُ: ردك آخر الشيء على أوله.
(علس)
في الحديث ذكر السلت و الْعَلَسِ بالتحريك نوع من الحنطة يكون حبتان في قشر، و هو طعام أهل صنعاء- قاله الجوهري. و قال غيره: هو ضرب من الحنطة يكون في القشر منه حبتان و قد تكون واحدة و ثلث. و قال بعضهم: هو حبة سوداء تؤكل في الجدب. و قيل: هو مثل البر إلا أنه عسر الاستنقاء. و قيل: هو العدس- قاله في المصباح
(عمس)
" أسماء بنت عُمَيْسٍ" بالعين و السين المهملتين مصغرا: هي أم محمد بن أبي بكر، و قد سبق الكلام فيها في سما. و" ليل عَمَاسٌ" بالفتح أي مظلم، و فلان يَتَعَامَسُ عن الصبي أي يتغافل عنه.
وَ مِنْ كَلَامِهِ ع" أَلَا وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ وَ عَمَّسَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرَ".
أي لبس الحال عليهم و جعل الأمر مظلما. يقال أمر عَمُوسٌ: أي مظلم.
(عملس)
الْعَمَلَّسُ بفتح العين و تشديد اللام: الذئب الخبيث.
(عيس)
" عِيسَى" اسم عبراني أو سرياني، ولد بناحية بيت المقدس، و قيل بأرض بابل.
قَالَ أَهْلُ التَّارِيخِ: حَمَلَتْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بِهِ ع وَ لَهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ، وَ رُفِعَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَ عَاشَتْ مَرْيَمُ بَعْدَ رَفْعِهِ سِتَّ سِنِينَ وَ قِيلَ سِتّاً وَ سِتِّينَ، وَ عِمْرَانُ بْنُ مَاتَانَ جَدُّهُ وَ حَنَانَه أُمُّ مَرْيَمَ جَدَّتُهُ.
و عن بعض الأعلام أنه أسر بالروم
88
فقال لهم: لم تعبدون عِيسَى؟ قالوا: لأنه لا أب له. قال: فآدم أولى لأنه لا أبوين له. قالوا: كان يحيي الموتى. قال: فحزقيل أولى لأن عيسى أحيا أربعة نفر و حزقيل أحيا ثمانية آلاف. قالوا: كان يبرىء الأكمه و الأبرص. قال: فجرجيس أولى لأنه طبخ و أحرق فقام سالما. قيل: كان ما بين موسى و عيسى ألف سنة و سبعمائة و ألف نبي، و بين عيسى و محمد ص أربعة أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل و واحد من العرب، و هو خالد بن سنان العبسي، و كان بين عيسى و محمد ص خمسمائة و ستون سنة و قيل ستمائة سنة. و جمع عيسى عيسون بفتح السين- قاله الجوهري: و أجاز الكوفيون ضم السين قبل الواو و كسرها قبل الياء و لم يجزه البصريون و قالوا: إن الألف إذا سقطت لاجتماع الساكنين فوجب أن تبقى السين مفتوحة على ما كانت عليه سواء كانت الألف أصلية أو غير أصلية، و كان الكسائي يفرق بينهما و يفتح الأصلية فيقول معطون و يضم في غير الأصلية و يقول عيسون، و كذلك القول في موسى. و عِيسَى بن موسى ولد الحسن بن زيد بن الحسن هو أول من لبس لباس العباسيين من العلويين. و الْعِيسُ بكسر العين: الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة، واحدها أَعْيَسُ، و الأنثى عَيْسَاءُ، و قيل هي كرام الإبل.
باب ما أوله الغين
(غرس)
فِي الْحَدِيثِ" يَا عَلِيُّ إِذَا أَنَا مِتُّ فَاغْسِلْنِي بِسَبْعِ قِرَبٍ مِنْ بِئْرِ غَرْسٍ".
هي بالغين المعجمة المفتوحة و الراء المهملة الساكنة: بئر معروفة بالمدينة غسل منها النبي
89
ص، و هي من عيون الجنة و غَرَسْتُ الشجر أَغْرِسُهُ غَرْساً من باب ضرب. و الْغِرَاسُ وقت الغرس كالحصاد و القطاف. و يقال للنخلة أو ما تنبت" غَرِيسَةٌ".
(غسس)
" غَسَّانُ" بتشديد السين: قبيلة من اليمن، منهم ملوك غسان.
(غطس)
الْغَطْسُ في الماء: الغمس فيه. و الْمَغْنَطِيسُ: حجر يجذب الحديد، و هو معرب.
(غطرس)
الْغِطْرِيسُ الظالم المتكبر، يقال تَغَطْرَسَ و هو مُتَغَطْرِسٌ: أي متكبر.
(غلس)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ النَّبِيُّ ص يُغَلِّسُ بِالْفَجْرِ إِذَا اخْتَلَطَ بِضَوْءِ الصَّبَاحِ".
يقال غَلَّسَ بالصلاة يريد صلاها بِالْغَلَسِ. و الْغَلَسُ بالتحريك: الظلمة آخر الليل، و منه التَّغْلِيسُ و هو السير بغلس. و غَلَّسْنَا الماء: أي أوردناه بغلس. و غَلَّسَ القوم تَغْلِيساً: خرجوا بغلس.
(غمس)
فِي الْحَدِيثِ" الْيَمِينُ الْغَمُوسُ هِيَ الَّتِي تَذَرُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ".
اليمين الْغَمُوسُ بفتح الغين هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه أن الأمر بخلافه، و ليس فيها كفارة لشدة الذنب فيها، سميت بذلك لأنها تَغْمِسُ صاحبها في الإثم ثم في النار، فهي فعول للمبالغة.
وَ فِيهِ" الْيَمِينُ الْغَمُوسُ هِيَ الَّتِي عُقُوبَتُهَا دُخُولُ النَّارِ".
و هي أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما. و الْغَمْسُ في الماء: المقل فيه، يقال غمسه في الماء من باب ضرب: مقله فيه، و منه اغْتِمَاسُ الجنب في الماء.
90
مجمع البحرين4
باب ما أوله الفاء ص 91
باب ما أوله الفاء
(فردس)
قوله تعالى: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ
[23/ 11] الْفِرْدَوْسُ هي البستان الذي فيه الكرم و الأشجار، و الجمع فَرَادِيسُ. و منه" جنة الفردوس". و في الغريب الْفِرْدَوْسُ البستان بلغة الروم، و قال الفراء هو عربي، و
يُقَالُ الْفِرْدَوْسُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَ أَعْلَاهَا وَ مِنْهَا يَتَفَجَّرُ أَنْهَارُهَا.
قيل هي مشتق من الْفَرْدَسَةِ، و هي السعة، و قيل منقول إلى العربية و أصله رومي.
(فرس)
فِي الْحَدِيثِ" اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ".
الْفِرَاسَةُ بالكسر الاسم من قولك" تَفَرَّسْتُ فيه خيرا"، و هي نوعان: أحدهما- ما يوقعه الله في قلوب أوليائه فيعلمون بعض أحوال الناس بنوع من الكرامات و إصابة الحدس و الظن، و هو ما دل عليه ظاهر
الْحَدِيثِ" اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ".
و ثانيهما- نوع يعلم بالدلائل و التجارب و الأخلاق. و" الْفَرَاسَةُ" بالفتح مصدر قولك رجل بين الْفَرَاسَةِ و الْفُرُوسَةِ و الْفُرُوسِيَّةِ. و فَرُسَ بالضم يَفْرُسُ فُرُوسَةً و فَرَاسَةً: حذق في أمر الخيل. و" فَارِس" جيل من الناس. و" سلمان الْفَارِسِيُّ" معروف مشهور، أصله من أصفهان، و قيل من
91
مرازم، توفي سنة سبع و ثلاثين بالمدائن. نقل أنه عاش ثلاثمائة و خمسين سنة و أما مائتين و خمسين سنة فمما لا يشك فيه. و" الْفَرَسُ" واحد الخيل، و الجمع أَفْرَاسٌ الذكر و الأنثى في ذلك سواء، و أصلها التأنيث، و لفظها مشتق من الافتراس كأنها تَفْتَرِسُ الأرض بسرعة مشيها. و راكب الفرس فَارِسٌ: أي صاحب فرس، مثل لابن و تامر، و يجمع على فُرْسَان و فَوَارِس، و لا يقاس عليه لأن فوارس جمع فاعلة مثل ضاربة و ضوارب، أو جمع فاعل إذا كانت صفة للمؤنث مثل حائض و حوائض، أو ما كان لغير الآدميين مثل بازل و بوازل، و أما مذكر يعقل فلم يجمع عليه إلا فوارس و نواكس.
وَ كَانَ لِلنَّبِيِّ ص أَفْرَاسٌ: السَّكْبُ اشْتَرَاهُ مِنْ أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ وَ كَانَ أَدْهَمَ وَ كَانَ اسْمُهُ عِنْدَ الْأَعْرَابِيِّ الضَّرْسَ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ ص السَّكْبَ، وَ الْمُرْتَجِزُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُسْنِ صَهِيلِهِ. وَ اللِّزَازُ قَالَ السُّهَيْلِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُسَابِقُ شَيْئاً إِلَّا لَزَّهُ أَيْ أَثْبَتَهُ، وَ الطِّرْزُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَ اللَّحِيفُ كَانَ يَلْحَفُ الْأَرْضَ بِجَرْيِهِ، وَ الْوَرْدُ أَهْدَاهُ لَهُ تَمِيمٌ الرَّازِيُّ، وَ هَذِهِ السَّبْعَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَ قِيلَ كَانَ لَهُ غَيْرُهَا، وَ هِيَ: الْأَبْلَقُ، وَ ذُو الْفَقَارِ، وَ ذُو اللِّمَّةِ، وَ الْمُرْتَجَلُ، وَ السِّرْحَانُ، وَ الْيَعْسُوبُ، وَ الْبَحْرُ، وَ الْأَدْهَمُ وَ غَيْرُ ذَلِكَ.
و الْفَرِيسَةُ: فريسة الأسد التي يكسرها فعيلة بمعنى مفعولة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِيَّاكَ وَ فَرِيسَةَ الْأَسَدِ".
كأنه يريد كيفية وضع الصدر في سجود الصلاة. و" أبو فِرَاسٍ" كنية الأسد، يقال فَرَسَ الأسد فَرِيسَةً يَفْرِسُهَا فَرَساً. و افْتَرَسَهَا: دق عنقها، و أصل الفرس هذا ثم كثر حتى صير لكل قتل فرسا، و به سمي أبو فِرَاس بن حمدان أخو سيف
92
الدولة، و كان ملكا جليلا و شاعرا مجيدا حتى قيل بدئ الشعر بملك و ختم بملك بدئ بامرئ القيس و ختم بأبي فراس و فارس و الروم بلاد، و منه أتيت فارس و بياض فارس، و فارس مجوس و الروم أهل كتاب. و التمر الْفَارِسِيُّ: نوع جيد نسبة إلى فارس. و الْفِرْسُ بالكسر فالسكون: ضرب من النبت. و الْفِرْسِنُ للبعير كالحافر للدابة. و في البارع نقلا عنه لا يكون الفرسن إلا للبعير، و هي له كالقدم للإنسان، و النون زائدة.
(فرطس)
" فَرْطَسٌ" كَجَعْفَرٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلَايَةُ عَلِيٍّ ع فَأَبَاهَا فَكَسَرَ اللَّهُ جَنَاحَهُ.
(فطس)
الْفَطَسُ بالتحريك: تطامن قصبة الأنف و انتشارها. و الرجل أَفْطَسُ و المرأة فَطْسَاءُ. و" الحسن الْأَفْطَسُ" هو الحسن بن علي بن الحسين ع، كأنه ولد أفطس الأنف. و الْأَفْطَسُ لقب عبد الله بن جعفر الصادق ع أخو موسى ع.
(فقس)
فَقَسَ الطائر بيضته فَقْساً: أفسدها.
(فلس)
أَفْلَسَ الرجل كأنه صار إلى حال ليس له فلوس بعد أن كان ذا دراهم، فهو مُفْلِسٌ، و الجمع مَفَالِيسُ. و حقيقته الانتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر. و الْفَلْسُ الذي يتعامل به، و فاؤه مفتوحة، و يجمع في القلة على أَفْلُسٍ و في الكثرة على فُلُوسٍ. و قد فَلَّسَهُ القاضي تَفْلِيساً: نادى عليه أنه أفلس. و" تَفْلِيسُ" من بلاد الأرامنة،
93
و منه الفضل بن أبي قرة التَّفْلِيسِيُّ المذكور في رجال من لم يرو.
باب ما أوله القاف
(قبس)
قوله تعالى: بِشِهابِ قَبَسٍ [27/ 7] أي بشعلة نار في رأس عود، و الْقِبَاسُ و الْمِقْبَاسُ بالكسر فيهما مثله، و الْقَبَسُ النار الْمَقْبُوسَةُ، و أضاف الشهاب إلى الْقَبَسِ لأنه يكون قَبَساً و غير قَبَسٍ و قرئ بِشِهابٍ منونا، فيكون قَبَساً بدلا أو صفة. و قَبَسْتُ منه نارا و اقْتَبَسْتُ منه علما. استفدته، و
مِنْهُ" مَنِ اقْتَبَسَ عِلْماً مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ".
و" أبو قُبَيْسٍ" جبل بمكة يقرب من الكعبة، سمي برجل من مذحج لأنه أول من بنى فيه، و كان يسمى الأمين لأن الركن كان مستودعا فيه. و" أبو قَابُوسٍ" كنية النعمان بن المنذر بن إمرئ القيس بن عمرو بن عدي ملك العرب.
(قدس)
قوله تعالى: وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ*
[2/ 87] بضمتين و إسكان الثاني جبرئيل ع كما جاءت به الرواية، و قد مر تمام البحث في روح. و الأرض الْمُقَدَّسَةُ: أي المطهرة بيت الْمَقْدِسِ لأنها كانت قرار الأنبياء و مسكن المؤمنين، و قيل الطور و ما حوله، و قيل دمشق، و قيل الشام. و بيت الْمَقْدِسِ يشدد و يخفف الذي يتطهر به من الذنوب، بناه سليمان بن داود ع، و النسبة إليه مَقْدِسيٌّ كَمَجْلِسِيٍّ من الْقُدْسِ و هو الطهارة. قوله: وَ نُقَدِّسُ لَكَ
[2/ 30]
94
أي نطهرك عما لا يليق بك، و قيل نطهر أنفسنا لك. و" الْقُدُّوسُ"
من أسمائه تعالى من الْقُدْسِ و هو الطاهر المنزه عن العيوب و النقائص، و نظيره السبوح. قال تغلب نقلا عنه: كل اسم جاء على فعول فهو مفتوح الأول إلا السبوح و الْقُدُّوسُ فإن الضم فيهما أكثر و قد يفتحان. قوله: بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ*
[20/ 12] أي المطهر، و أما طوى فاسم الوادي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَكُونُ فِي بَيْتِهِ عَنْزٌ حَلُوبٌ إِلَّا قُدِّسَ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ، فَإِنْ كَانَتِ اثْنَتَيْنِ قُدِّسُوا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. قُلْتُ: كَيْفَ يُقَدَّسُونَ؟ قَالَ: يَقُولُ لَهُمْ بُورِكَ عَلَيْكُمْ وَ طِبْتُمْ وَ طَابَ إِدَامُكُمْ. قَالَ الرَّاوِي: فَمَا مَعْنَى قُدِّسْتُمْ؟ قَالَ: طُهِّرْتُمْ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ أَرْضٍ فِيهَا اسْمُ مُحَمَّدٍ إِلَّا تَقَدَّسَتْ".
و التَّقْدِيسُ: التطهير. و الْقُدْسُ: الطهر، اسم مصدر، و منه قيل للجنة حظيرة الْقُدْسِ. و" الْقَادِسِيَّةُ" قرية قريبة من الكوفة إذا خرجت منها أشرفت على النجف، مر بها إبراهيم ع و دعا لها بِالْقُدْسِ و أن تكون محلة الحاج. قال في المغرب: بينهما و بين الكوفة خمسة عشر ميلا. و في المصباح الْقَادِسِيَّةُ قرية قريبة من الكوفة من جهة الغرب على طرف البادية على نحو خمسة عشر فرسخا، و هي آخر أرض العرب و أول حدود سواد العراق، و هناك كانت وقعة مشهورة في خلافة الثاني و" قَيْدُوسٌ" فيما صح من نسخ اسم رجل من بني إسرائيل.
(قربس)
الْقَرَبُوسُ بالتحريك للسرج، و لا يخفف إلا للشعر.
(قرطس)
قوله تعالى: مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها
[6/ 91] و هي جمع قرطاس مثلثة القاف و كجعفر و درهم: الكاغذ
95
يكتب به، و كسر القاف أشهر من ضمها. قال المفسر: أي تجعلونه كتبا و صحفا متفرقة أو ذا قَرَاطِيسَ يودعونه إياها تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً أي تبدون بعضها و تكتمون بعضها، و هو ما في الكتب من صفات النبي ص و الإشارة إليه.
(قرقس)
فِي حَدِيثِ مُيَسِّرٍ" كَمْ يَكُونُ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ قِرْقِيسَا. قُلْتُ: قَرِيبٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ بِهَا وَقْعَةٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ".
قال في القاموس: قِرْقِيسَا بالكسر و يقصر: بلد على الفرات سمي بِقِرْقِيسا بن طهمورث. و الْقِرْقِسُ: الْجِرْجِسُ.
(قسس)
قوله تعالى: قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً
[5/ 82] الْقِسِّيسُونَ رؤساء النصارى و علماؤهم، واحدهم قِسِّيسٌ، و هو العالم بلغة الروم. و عن بعضهم هو فعيل من قسته و قصصته إذا تتبعته فَالْقِسِّيسُ سمي بذلك لتتبعه آثار المعاني. و في الصحاح الْقِسُّ كفلس رئيس من رؤساء النصارى في الدين و العلم، و كذلك الْقِسِّيسُ و السريانية لغتهم، و كذلك الجاثليق.
وَ فِي الْخَبَرِ" نُهِيَ عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ".
و هي ثياب من كتان مخلوطة بحرير، نسبة إلى قرية قَسٍّ بفتح القاف و قيل بكسرها. و قيل أصله قزي بالزاي نسبة إلى القز: ضرب من الإبريسم، فأبدلت سينا. و درهم قَسِّيٌّ وزان شَقِّيٍّ فسل ردىء. و اللباس الْقَسِّيُّ: المرذول من الثياب.
(قسطس)
قوله تعالى: وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ* [26/ 182] الْقِسْطَاسُ بالضم و الكسر و بهما قرأ السبعة، الميزان أي ميزان كان، قيل هو عربي مأخوذ من القسط العدل، و قيل رومي معرب و الجمع قَسَاطِيسُ.
(قعس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يَنْبَغِي لِلَّذِي يُدْعَى
96
إِلَى شَهَادَةٍ أَنْ يَتَقَاعَسَ عَنْهَا".
أي يتأخر عنها و لم يشهد، من قولهم تَقَاعَسَ الرجل عن الأمر: إذا تأخر و رجع إلى خلف و لم يتقدم فيه. و الْقَعَسُ بالتحريك: خروج الصدر و دخول الظهر، و هو ضد الحدب. و اقْعَنْسَسَ عن الأمر مثل قَعَسَ، و إنما لم يدغم لأنه ملحق باحرنجم.
(قلدس)
" أُوقْلُيدُس" بالضم و زيادة واو اسم رجل وضع كتابا في العلم المعروف بهذا الاسم.
(قلس)
فِي الْخَبَرِ" مَنْ قَاءَ أَوْ قَلَسَ فَلْيَتَوَضَّأْ".
الْقَلَسُ بالتحريك و قيل بالسكون: ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه، يقال قَلَسَ قَلْساً من باب ضرب: خرج من بطنه طعام أو شرب إلى الفم سواء ألقاه أو أعاده إلى بطنه إذا كان ملء الفم أو دونه، فإذا غلب فهو قيء و الْقَلْسُ اسم لِلْمَقْلُوسِ فعل بمعنى مفعول و في الحديث ذكر الْقَلَنْسُوَةَ، و هي فعنلوة بفتح العين و سكون النون و ضم اللام و الجمع قَلَانِسُ، و يجوز قِلَاسٌ. و قال الجوهري الْقَلَنْسُوَةُ و الْقُلَنْسِيَةُ إذا فتحت القاف ضممت السين و إن ضممت القاف كسرت السين و قلبت الواو ياء، فإذا جمعت أو صغرت فأنت بالخيار، فإن شئت حذفت الواو فقلت قَلَانِسُ، و إن شئت حذفت النون و قلت قِلَاسٌ، و إن شئت عوضت فيهما ياء و قلت قَلَانِيسُ و قَلَاسِي و قد قَلْسَيْتُهُ فَتَقَلْسَى و تَقَلْنَسَ و تَقَلَّسَ، أي ألبسته الْقَلَنْسُوَةَ فلبسها.
(قمس)
الْقَامُوسُ: صاحب السر المطلع على باطن أمرك و منه
حَدِيثُ الْيَهُودِيِّ فِي عَلِيٍّ ع" أَشْهَدُ أَنَّكَ قَامُوسُ مُوسَى".
(قونس)
الْقَوْنَسُ: عظم ناتئ بين أذني الفرس.
97
قال شاعرهم:
أضرب عنك الهموم طارقها ضربك بالسيف قونس الفرس
قال الجوهري: أراد أضربن، فحذف النون كما حذف من قوله:
أ يوم لم يقدر أم يوم قدر
(قوس)
الْقَوْسُ معروف، يذكر و يؤنث، و الجمع أَقْوَاسٌ و قِيَاسٌ مثل أثواب و ثياب و قِسِيُّ بكسر القاف. و عن ابن الأنباري الْقَوْسُ أنثى و تصغيرها قُوَيْسٌ، و ربما قيل قُوَيْسَةٌ، و تضاف إلى ما يخصها فيقال قَوْسُ تدف و قَوْسُ جلاهق و قَوْسُ نبل و هي العربية و قَوْسُ النشاب و هي الفارسية. و الْقَوْسُ أيضا: برج في السماء. و قَوَّسَ الشيخ- بالتشديد- أي انحنى و اسْتَقْوَسَ مثله.
(قيس)
فِي الْحَدِيثِ" أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ".
و قصته معلومة من قوله: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ*. و
فِيهِ" لَيْسَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ دِينَهُ بِهَوًى وَ لَا رَأْيٍ وَ لَا مَقَايِيسَ".
قيل ذكر المقاييس بعد الرأي من قبيل ذكر الخاص بعد العام لشدة الاهتمام، و الأصل في الْقِيَاسِ التقدير، يقال قِسْتُ الشيء بالشيء قدرته على مثاله فَانْقَاسَ، و يقال للمقدار مِقْيَاسٌ، و منه قَايَسْتُ بين الأمرين مُقَايَسَةً و قِيَاساً، و يقال بينهما قِيسُ رمح: أي قدر رمح. و" قَيْسٌ" يقال لأبي قبيلة مضر و لِقَيْسِ بن هذمة و لِقَيْسِ بن فهد الأنصاري. و إمرئ القيس بن عابس الكندي صحابي. و عبد الْقَيْسِ أبو قبيلة من أسد.
98
مجمع البحرين4
باب ما أوله الكاف ص 99
باب ما أوله الكاف
(كأس)
قوله تعالى: يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً
[52/ 13] الْكَأْسُ إناء بما فيه من الشراب، و هي مؤنثة. قال تعالى: وَ كَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ
[56/ 17] و عن ابن الأعرابي لا يسمى الْكَأْسُ كَأْساً إلا و فيها الشراب، و قيل هو اسم لهما على الانفراد و الاجتماع، و الجمع كُئُوسٌ، و قد تترك الهمزة تخفيفا
(كبس)
فِي الدُّعَاءِ" يَا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ".
أي أدخلها فيه، من قولهم كَبَسَ رأسه في ثوبه: أخفاه و أدخله فيه أو جمعها فيه.
وَ مِنْهُ" إِنَّا نَكْبِسُ الزَّيْتَ وَ السَّمْنَ نَطْلُبُ فِيهِ التِّجَارَةَ".
أي نجمعه. و الْكَبْسُ: الطم، يقال كبست النهر كَبْساً: طممته بالتراب. و الْكُبَاسُ بالضم: العظيم الرأس. و الْكِبَاسَةُ بالكسر: العذق، و هو من التمر بمنزلة العنقود من العنب. و الْكَابُوسُ: ما يقع على الإنسان بالليل لا يقدر معه أن يتحرك. قال الجوهري: و هو مقدمة الصرع. و السنة الْكَبِيسَةُ: التي يسترق منها يوم، و ذلك في كل أربع سنين.
(كرس)
قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ
[2/ 255] الْكُرْسِيُّ بالضم و الكسر: السرير و العلم. و الْكُرْسِيُّ: جسم بين يدي العرش محيط بالسماوات و الأرض وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى، و سمي كُرْسِيّاً لإحاطته.
وَ فِي حَدِيثِ الْفُضَيْلِ عَنِ الصَّادِقِ ع:" يَا فُضَيْلُ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْكُرْسِيِّ".
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ" الْكُرْسِيُّ وَسِع
99
السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، وَ الْعَرْشُ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ وَسِعَ الْكُرْسِيُّ".
و قيل وَسِعَ كُرْسِيُّهُ
يعني علمه و قيل ملكه تسمية بمكانه الذي هو كُرْسِيُّ الملك. و آية الْكُرْسِيُّ" معروفة، و هي إلى قوله وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
(كربس)
فِي الْحَدِيثِ" اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ مِنْ كَرَابِيسَ".
الْكَرَابِيسُ جمع كِرْبَاسٍ، و هو القطن.
وَ مِنْهُ" بَعَثَ عَمِّي إِلَيَّ كِرْبَاسَةً فَشَقَّهَا".
(كردس)
فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ص" ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ".
هي رءوس العظام، جمع كُرْدُوسٍ، و قيل هي ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين و المرفقين و المنكبين، أراد أنه ضخم الأعضاء. و الْكُرْدُوسُ: القطعة العظيمة من الخيل.
(كرفس)
" الْكَرَفْسُ" بفتح الكاف و الراء: بقل معروف عظيم المنافع مدر محلل للرياح و النفخ منقي للكلى و الكبد و المثانة مفتح سددها مقو للباه لا سيما بزره مدقوقا بالسكر و السمن- كذا في القاموس.
(كلس)
" الْكِلْسُ" بالكسر و السكون: الساروج يبنى به.
(كنس)
قوله تعالى: الْجَوارِ الْكُنَّسِ
[81/ 16] هي بالضم و التشديد هي الخنس، لأنها تَكْنُسُ في المغيب كالظباء، أو هي كل النجوم لأنها تبدو ليلا و تخفى نهارا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَرْكَبُ الْمُحْرِمُ فِي الْكَنِيسَةِ، وَ هِيَ لِلنِّسَاءِ جَائِزٌ".
هي شيء يغرز في المحمل أو الرحل و يلقى عليه ثوب يستظل به الراكب و يستتر به، و الجمع كَنَائِسُ مثل كريمة و كرائم. و في الصحاح الْكِنَاسُ موضع في الشجر يكتن فيه الظباء و يستتر. و الْكَنَائِسُ جمع كَنِيسَةٍ، و هي متعبد
100
اليهود و النصارى و الكفار. و الْكُنَاسَةُ بالضم: القمامة. و اسم موضع بالكوفة صلب فيها زيد بن علي بن الحسين ع. و" الْكُنَاسَةُ" مثل الْكَنِيسَةِ. و كَنَسْتُ البيت أَكْنُسُهُ من باب قتل، و الْمِكْنَسَةُ: ما يُكْنَسُ به.
(كوس)
فِي الْخَبَرِ" وَ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَكَوَّسَكَ بِالنَّارِ".
أي قلبك فيها على رأسك يقال كَوَّسْتُهُ على رأسه: إذا قلبته و جعلت رأسه أسفله.
(كهمس)
الْكَهْمَسُ: القصير. و كَهْمَسُ أبو حي من العرب. و أبو كَهْمَسٍ من رواة الحديث من أصحاب أبي عبد الله ع.
(كيس)
فِي الْحَدِيثِ" الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَ عَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ".
الْكَيِّسُ: العاقل، قيل هو من الْكَيْسِ كفلس العقل و الفطنة و جودة القريحة، و قيل الْكَيْسُ مخفف من كَيِّسٍ مثل هَيْنٍ و هَيِّنٍ، و الأول أصح، لأن الْكَيْسَ مصدر كَاسَ كباع، و الْكَيِّسُ بالتثقيل اسم فاعل، و جمعه أَكْيَاسٌ مثل جيد و أجياد. و الْكَيْسُ في الأمور: الذي يجري مجرى الرفق فيها. و الْكَيْسُ: ضد العجز، و منه
الْخَبَرُ" كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَ الْكَيْسُ".
يعني النشاط. و يسمى الغدر عند بعض العرب كَيْسَانٌ، و لعل منه
قَوْلَهُمْ ع" مَا زَالَ سِرُّنَا مَكْتُوماً حَتَّى سَارَ فِي وُلِدَ كَيْسَانَ".
أي أهل كَيْسَانَ، يعني أهل الغدر فتحدثوا به. و" الْكَيْسَانِيَّةُ" من قال بإمامة محمد بن الحنفية. و في الصحاح هم صنف من الروافض و هم أصحاب المختار بن عبيد، يقال إن
101
لقبه كان كَيْسَانَ و الْكِيسُ بالكسر واحد أَكْيَاسِ الدراهم، و هو ما يخاط من خرق مثل حمل و أحمال، و ما يصنع من أديم و خرق فلا يقال له كِيسٌ بل هو خريطة.
باب ما أوله اللام
(لبس)
قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ
أي لم يخلطوه بظلم أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ [6/ 82]. قال الشيخ علي بن إبراهيم رحمه الله: فمن كان مؤمنا ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها فقد لبس إيمانه بظلم، فلا ينفعه الإيمان حتى يتوب إلى الله تعالى من الظلم الذي لبس إيمانه حتى يخلص الله إيمانه. قوله: وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ
[6/ 9] أي لو جعلنا الرسول ملكا لمثلناه كما مثل جبرئيل في صورة دحية فإن القوة البشرية لا تقوى على رؤية الملك في صورته، و لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم فيقولون ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قوله: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً
[6/ 65] قال المفسر: أي يخلطكم فرقا مختلفي الأهواء لا تكونون شيعة واحدة، و قيل أن يكلهم إلى أنفسهم فلا يلطف بهم، و قيل عنى به يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه
102
بينكم من العداوة. قوله: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ
[2/ 187] أي مسكن لكم، أو من الْمُلَابَسَةِ و هي الاختلاط و الاجتماع، و لما كان الرجل و المرأة يعتنقان و يشتمل كل منهما على صاحبه شبه بِاللِّبَاسِ، فالرجل لِبَاسُ المرأة و المرأة لِبَاسُهُ. قوله: وَ لِباسُ التَّقْوى
[7/ 26] قال المفسر: هو الإيمان، و قيل ستر العورة. و كل شيء يستر فهو لِبَاسٌ، و منه قوله: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً
[78/ 10] أي سترا يستتر به. قوله: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ
[16/ 112] سمى الله الجوع و الخوف لِبَاساً لأن أثرهما يظهر على الإنسان كما يظهر اللِّبَاسُ، و قيل إنه شملهم الجوع و الخوف كما يشمل اللِّبَاسُ البدن، فكأنه قال: فأذاقهم ما غشيهم من الجوع و الخوف. قوله: وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ
[2/ 42] أي لا تخلطوه به.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعَالِمُ بِزَمَانِهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ اللَّوَابِسُ".
أي لا تدخل عليه الشُّبَهُ. و اللَّبْسُ: الشبه في الأمر. و في الأمر لَبَّسَهُ: أي شبهه. و الْتَبَسَ عليه الأمر: اختلط و اشتبه. و" اللُّبْسُ" بالضم مصدر قولك لَبِسْتُ الثوب من باب تعب لُبْساً بالضم. و اللِّبْسُ بالكسر و اللِّبَاسُ: ما يُلْبَسُ و لَابَسْتُ الأمر: خالطته. و التَّلَبُّسُ كالتدليس و التخليط، شدد للمبالغة.
(لحس)
اللَّحْسُ باللسان، يقال لَحِسَ القصعة بالكسرة يَلْحَسُهَا من باب تعب لَحْساً كفلس: أخذ ما علق بجوانبها بالإصبع و اللِّسَانُ، و منه لَحَسْتُ الإناء لَحْسَةً. و لَحِسَ الدود الصوف: أكله.
(لمس)
قوله تعالى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ* [4/ 43] لَمَسْتُمُ النساء و لامَسْتُمُ النِّساءَ*
103
كناية عن الجماع- قاله الجوهري و غيره، و إليه ذهب الإمامية.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الْآيَةِ؟ فَقَالَ: مَا يَعْنِي إِلَّا الْمُوَاقَعَةَ فِي الْفَرْجِ.
و اللَّمْسُ: المَسُّ باليد. و قد لَمَسَهُ يَلْمَسُهُ لَمْساً من بابي قتل و ضرب: أفضى إليه باليد.
وَ قَوْلُهُ ع" مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً".
أي يطلب، و استعار له اللَّمْسُ. و الِالْتِمَاسُ: طلب المساوي من المساوي. و الِالْتِمَاسُ: الطلب مرة بعد أخرى و منه
حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع" الْتَمِسْ بِيَدِكَ فَمَا وَجَدْتَ مِنْ شَيْءٍ فَادْفَعْهُ إِلَيَّ".
أي اطلب أنت مرة بعد أخرى و لا تول غيرك.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ".
و فسر بأن تقول: إذا لَمَسْتَ المبيع فقد وجب البيع بيننا بكذا، و وجه النهي لزوم الغرر.
(لهس)
اللَّهْسُ لغة في اللحس.
(ليس)
لَيْسَ فعل على المشهور، و قيل حرف بمنزلة ما لعدم تصرفها. و اختلف في معناها: فقيل إنها للنفي مطلقا، و قال الزمخشري لا يصح نفيها للمستقبل، و قال جماعة لا يجوز نفيها للماضي و لا للمستقبل الكائنين مع قد، تقول" ليس زيد قد ذهب" و لا قد يذهب، و ذهب أبو علي إلى أنها لنفي الحال في الجملة التي لا تقيد بزمان، و أما المقيدة فإنه لنفي ما دل عليه التقييد- كذا قدره العلامة الحلي. و قال الجوهري: أصله ليس بالكسر فسكنت استثقالا و لم تقلب ألفا لأنها لا تتصرف من حيث استعملت بلفظ الماضي للحال. قال: و الذي يدل على أنها فعل و إن لم تتصرف قولهم لَسْتَ و لَسْتُمَا و لَسْتُمْ، و جعلت من عوامل الأفعال نحو كان و أخواتها التي ترفع الأسماء و تنصب الأخبار إلا أن الباء تدخل في خبرها
104
دون أخواتها تقول زيد لَيْسَ بمنطلق، فالباء لتعدية الفعل و تأكيد النفي، و كذلك أن لا تدخلها لأن المؤكد يستغنى عنه، و لا يجوز تقديم خبرها عليها كما جاز في أخواتها.
باب ما أوله الميم
(مجس)
" الْمَجُوسُ" كصبور: أمة من الناس كاليهود. و تَمَجَّسَ: صار مَجُوسِيّاً و دخل في دين الْمَجُوسِ.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ قَدْ سُئِلَ لِمَ تُسَمَّى الْمَجُوسُ مَجُوساً؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ تَمَجَّسُوا فِي السُّرْيَانِيَّةِ وَ ادَّعَوْا عَلَى آدَمَ وَ عَلَى شِيثٍ هِبَةِ اللَّهِ أَنَّهُمَا أَطْلَقَا نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَ الْأَخَوَاتِ وَ الْبَنَاتِ وَ الْخَالاتِ وَ الْعَمَّاتِ وَ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَ لَمْ يَجْعَلُوا لِصَلَوَاتِهِمْ وَقْتاً، وَ إِنَّمَا هُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَ كِذْبٌ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى آدَمَ وَ شِيثٍ.
و في الصحاح الْمَجُوسِيَّةُ نحلة، و الْمَجُوسِيُّ منسوب إليها، و الجمع الْمَجُوسُ. و قد تقدم في" هود" ما ينفع هنا.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْمَجُوسُ" كَانَ لَهُمْ نَبِيٌّ فَقَتَلُوهُ وَ كِتَابٌ فَحَرَّقُوهُ أَتَاهُمْ نَبِيُّهُمْ بِكِتَابِهِمْ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ جِلْدِ ثَوْرٍ".
و
فِيهِ" الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ".
و لعل ذلك لأنهم أحدثوا في الإسلام مذهبا يضاهي مذهب الْمَجُوسِ من وجه ما و إن لم يشابهه من كل وجه، و ذلك أن الْمَجُوسَ يضيفون الكوائن في دعواهم الباطلة إلى إلهين اثنين يسمون أحدهما يزدان و الآخر أهرمن، و يزعمون أن يزدان يأتي منه الخير و السرور و أهرمن يأتي منه الفتنة و الغم و الشرور، و يقولون ذلك في الأحداث و الأعيان، و يضاهي مذهب القدرية قولهم الباطل في إضافة
105
الخير إلى الله و الشر إلى غيره، غير أن القدرية يقولون ذلك في الأحداث دون الأعيان، فالأمران معا مضافان إلى الله تعالى خلقا و إيجادا و إلى العباد فعلا و اكتسابا.
(مرس)
فِي الْحَدِيثِ" وَ هَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً".
الْمِرَاسُ: الْمُمَارَسَةُ و المعالجة. و رجل مَرِسٌ: شديد العلاج. و مَارَسَهُ: زاوله و عالجه. و مَرَسَتْ التمر و غيره في الماء من باب قتل: دلكته بالماء حتى تتحلل أجزاؤه. و أَمْرِسُهُ: أدلكه و أذابه. و تَمَارَسُوا: تضاربوا. و مَرَسْتُ يدي بالمنديل: مسحت. و الْمَرْمَرِيسُ: الداهية، يقال داهية مَرْمَرِيسٌ أي شديدة.
(مسس)
قوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ
[56/ 79] قيل الضمير يعود إلى الكتاب أي لا يَمَسُّ الكتاب إلا الملائكة المطهرون من الذنوب،
وَ قِيلَ الْمُصْحَفُ الَّذِي بِيَدِ النَّاسِ، أَيْ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ
مِنَ الْأَحْدَاثِ وَ الْأَخْبَاثِ، وَ هُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ
قوله: يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ
[2/ 275] قال بعض الأعلام: الْمَسُّ هو الذي ينال الإنسان من الجنون، و هو من فعل الله تعالى بما يحدثه من غلبة السوداء و البلغم فيصرعه، فنسبه الله تعالى إلى الشيطان و ذلك بتمكين الله تعالى من ذلك، و المعنى أن الذين يأكلون الربا يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين يعرفون بتلك السيماء عند أهل المحشر. قوله: لا مِساسَ
[20/ 97] أي لا مُمَاسَّةَ و لا مخالطة، أو لا أَمَسُّ و لا أُمَسُّ،
عُوقِبَ السَّامِرِيُّ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ مُنِعَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ مَنْعاً كُلِّيّاً وَ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مُكَالَمَتُهُ وَ مُتَابَعَتُهُ وَ مُجَالَسَتُهُ وَ مُؤَاكَلَتُهُ، فَإِذَا اتَّفَقَ أَنْ يُمَاسَّ أَحَداً رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً حُمَّ الْمَاسُّ وَ الْمَمْسُوسُ، فَكَانَ يَهِيم
106
فِي الْبَرِيَّةِ مَعَ الْوَحْشِ، وَ إِذَا لَقِيَ أَحَداً قَالَ" لا مِساسَ" أَيْ لَا تَقْرَبْنِي وَ لَا تَمَسَّنِي، وَ قِيلَ ذَلِكَ بَقِيَ فِي وُلْدِهِ إِلَى الْيَوْمِ إِنْ مَسَّ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ وَاحِداً مِنْهُمْ حُمَّ كِلَاهُمَا فِي الْوَقْتِ.
قوله: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ
[54/ 48] أي أول ما ينالكم منها. كقولهم" وجد مَسَّ الحمى، و ذاق طعم الضرب، و وجد مَسَّ الجوع" لأن النار إذا أصابتهم بحرها و شدتها فكأنها مَسَّتْهُم مَسَّاً كما يَمَسُّ الحيوان ما يؤذي و يؤلم. قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا*
[58/ 3] هو كناية عن الجماع، يقال مَسَّ الرجل مرأته من باب تعب مَسّاً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلَّا وَ يَمَسَّهُ الشَّيْطَانُ".
أي يصيبه بما يؤذيه و ذلك أن الشيطان يتعرض المولود بما لا عهد له به من الإلمام، فتشمئز عنه نفسه و يضيق بإلمامه صدره و تلقى المكروه طبيعته، فيصيح صيحة من يجد الماء و ينتابه أذى.
وَ فِيهِ" مَنْ مَشَى فِي خُفٍّ وَاحِدٍ أَصَابَهُ مَسٌّ مِنَ الشَّيْطَانِ".
أي أذى منه. و الْمَسُّ: اللَّمْس باليد. و مَسِسْتُهُ من باب تعب، و في لغة من باب قتل: أفضيت إليه بيدي من غير حائل- هكذا قيدوه. و يقال مَسِسْتُهُ: إذا لاقيته بأحد جوارحك و مَسَّ الماء الجسد: أصابه، و يتعدى إلى اثنين بالهمزة و الحرف. و الْمَسِيسُ ككريم: الْمَسُّ. و حاجة مَاسَّةٌ: أي مهمة. و مِسْتُ الحاجة إلى كذا: ألجأت إليه. و هان عليه الْمَسِيسُ: أي مُمَاسَّةُ الأشياء و مزاولتها و التصرف فيها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ".
يجوز فتح سينه و كسرها و فك الإدغام و ياؤه مفتوحة.
وَ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ وَ قَدْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَغْتَسِلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَنْ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ؟ قَالَ: لَا إِنَّمَا مَسَّ الثِّيَابَ.
107
قال بعض الشارحين: التعليل بقوله" إنما مس الثياب" لا يخلو من غموض، لأن مس الميت بعد الغسل لا يوجب الغسل، و التعليل بَمَسِّ الثياب يقتضي أنه لو مَسَّ بدن الميت وجب الغسل و هو خلاف المعروف، و احتمال كون المدخل في القبر غير مغسل في غاية البعد- انتهى. و الذي يخطر بالبال أن المستفاد من هذا التعليل استحباب الغسل لماس الميت بعد تغسيله، و يؤيد هذا
مُوَثَّقَةُ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يَغْتَسِلُ الَّذِي غَسَّلَ الْمَيِّتَ، وَ كُلُّ مَنْ مَسَّ مَيِّتاً فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ غُسِلَ.
و كلمة" فعليه" و إن كانت ظاهرة في الوجوب لكن معارضة الإجماع توجب صرفها إلى الندب كما في كثير من نظائرها.
وَ فِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ" وَ لَا تُمِسُّوهُ طِيباً".
بضم فوقية و كسر ميم.
(معس)
الْمَعْسُ: الدلك، يقال مَعَسَهُ كمنعه دلكه دلكا شديدا. و مَعَسَهُ: طعنه.
(مكس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُمَاكِسْ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ".
الْمُمَاكَسَةُ في البيع انتقاص الثمن و استحطاطه، يقال مَاكَسَهُ يُمَاكِسُهُ مِكَاساً و مُمَاكَسَةً، و مَكَسَ في البيع من باب ضرب مَكْساً. و الْمَاكِسُ: العشار، و منه
الْخَبَرُ" لَا يَدْخُلُ صَاحِبُ مَكْسٍ الْجَنَّةَ".
(ملس)
الْمَلَاسَةُ: ضد الخشونة. و شيء أَمْلَسُ: لا خشونة فيه. و مَلِسَ الشيء من باب تعب و قرب: إذا لم يكن له شيء يستمسك.
وَ فِي حَدِيثِ الْأَحْذِيَةِ" لَا تَتَّخِذُوا الْمَلْسَ فَإِنَّهُ حِذَاءُ فِرْعَوْنَ".
لعل
108
المراد غير المحضرة. و الله أعلم.
(موس)
فِي حَدِيثٍ طِينَةُ خَبَالٍ صَدِيدٌ يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ الْفَاجِرَةِ.
و تجمع على مِيَاسٍ أيضا. و أصحاب الحديث يقولون" مَيَامِيسُ"، قيل و لا يصح إلا على إشباع الكسرة لتصير ياء كطفل و مطافيل. و قد اختلف في أصل هذه اللفظة: فبعضهم يجعله من الهمزة، و بعضهم يجعله من الواو، و كل منهما تكلف له في الاشتقاق- قال في النهاية.
(ميس)
الْمَيْسُ: التبختر، يقال مَاسَ يَمِيسُ مَيْساً و مَيَسَاناً.
باب ما أوله النون
(نجس)
قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
[9/ 28] حصر أوصاف المشركين في النَّجَسِ، و النَّجَسُ مصدر في الأصل، تقول نَجِسَ بكسر العين و يَنْجَسُ بفتحها نَجَساً بفتحتين فهو نَجِسٌ بفتح العين و كسرها، و إذا استعمل مع الرجس كسر أوله، يقال رجس نِجْسٌ بكسر أولهما و سكون الجيم قال الفراء: و قرئ به شاذا. و في الآية دلالة على أن المشركين أَنْجَاسٌ نَجَاسَةً عينية لا حكمية، و هو مذهب أصحابنا، و به قال ابن عباس.
قَالَ: إِنَّ أَعْيَانَهُمْ نَجِسَةٍ كَاْلِكَلابِ وَ الْخَنَازِيرِ.
و روايات أهل البيت و إجماعهم على نَجَاسَتِهِمْ مشهور، و خالف في ذلك باقي الفقهاء و قالوا معنى كونهم نَجَساً أنهم لا يغتسلون من الجنابة و لا يجتنبون النَّجَاسَاتِ، أو كناية عن خبث اعتقادهم. و قال بعض المحققين: وقوع المصدر خبرا عن ذي جثة يمكن أن يكون بتقدير مضاف، و المراد ذو نَجَسٍ، أو بتأويل المشتق، أو هو باق على المصدرية من غير إضمار و لا تأويل طلبا للمبالغة، فكأنهم
109
تجسموا بِالنَّجَاسَةِ، فالكلام مجاز عقلي. قال: و هذا الوجه أولى من الوجهين الأولين كما صرح به محققو علماء المعاني في قول الخنساء:
فإنما هي إقبال و إدبار
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَلْقُوا الشَّعْرَ عَنْكُمْ فَإِنَّهُ نَجِسٌ".
أي قذر، و ذلك أنه وجد هناك و نَجِسَ الشيء يَنْجَسُ من باب تعب: إذا كان قذرا غير نظيف، و الاسم النَّجَاسَةُ و الظاهر فتح النون فيه، فإن العرب تبني الشيء على ضده، و هي في عرف الشرع قذر مخصوص يمنع جنسه الصلاة كالبول و الدم و نحوهما. و نَجِسَ يَنْجَسُ من باب قتل لغة. و ثوب نَجِسٌ بالكسر: اسم فاعل، و بالفتح وصف بالمصدر. و قوم أَنْجَاسٌ، و تَنَجَّسَ الشيء و نَجَّسْتُهُ
(نحس)
قوله تعالى: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ
[54/ 19] النَّحْسُ ضد السعد. و قوله نَحْسٍ بالجر على الصفة و الإضافة أكثر و أجود، أي استمر عليهم بِنُحُوسَتِهِ أي بشؤمه. قوله: أَيَّامٍ نَحِساتٍ
[41/ 16] أي مشومات. قوله: مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ
[55/ 35] النُّحَاسُ بالضم و الفتح دخان لا لهب فيه، و قيل الصفر المذاب يصب فوق رءوسهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى أَنْ يُتَخَتَّمُ بِنُحَاسٍ".
النُّحَاسُ بالضم معروف، و يقال أصله فضة إلا أن الأرض أفسدته. و النِّحَاسُ بالكسر: الأصل، و منه" فلان كريم النِّحَاسِ" أي الأصل. و أعمى نَحْسٌ: أي ناقص.
(نخس)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُسَلِّمْ ابْنَكَ نَخَّاساً فَإِنَّهُ أَتَانِي جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ شَرَّ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَبِيعُونَ النَّاسَ".
النَّخَّاسُ بالتشديد: هو دلال الدواب و الرقيق. و منه" أبو الأغر النَّخَّاسُ" من رواة
110
الحديث، لمعالجته الدواب. و نَخَسَ الدابةَ كنصر و جعل: غرز مؤخرها بعود و نحوه، و منه النَّاخِسَةُ و الْمَنْخُوسَةُ.
(نسس)
فِي الْحَدِيثِ" النَّسْنَاسُ هُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ" وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جَمَاعَةِ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ:" إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ".
و النَّسْنَاسُ و يكسر جنس من الخلق يثب أحدهم على رجلٍ واحدةٍ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ حَيّاً مِنْ عَادٍ عَصَوْا رَسُولَهُمْ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ نَسْنَاساً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَدٌ وَ رِجْلٌ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ، يَنْقُرُونَ كَمَا يَنْقُرُ الطَّائِرُ وَ يَرْعَوْنَ كَمَا تَرْعَى الْبَهَائِمُ" وَ قِيلَ أُولَئِكَ انْقَرَضُوا.
و
قِيلَ النَّسْنَاسُ هُمْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ.
و
قِيلَ هُمْ عَلَى صُوَرِ النَّاسِ أَشْبَهُوهُمْ فِي شَيْءٍ وَ خَالَفُوهُمْ فِي شَيْءٍ، وَ لَيْسُوا مِنْ بَنِي آدَمَ.
و النَّسْاسَةُ بالنون و سينين مهملتين، و قيل النَّاسَّةُ بسين واحدة من أسماء مكة شرفها الله تعالى، سميت بذلك لقلة مائها إذ ذاك، أو لأن من بغى بها ساقته أي أخرج عنها- قاله في القاموس.
(نطس)
التَّنَطٌسُ: المبالغة في التطهير. و كل من أدق النظر في الأمور و استقصى علمها فهو مُتَنَطِّسٌ.
(نعس)
قوله تعالى: ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً
[3/ 154] نُعاساً أبدل من أَمَنَةً أو هو مفعول له، لأن النُّعَاسَ سبب حصول الأمن. و النُّعَاسُ بالضم: الوسن و أول النوم و هي ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ تغطي العين و لا تصل إلى القلب، فإذا وصلت إليه كان نوما. و قد نَعَسْتُ بالفتح أَنْعُسُ نُعَاساً، و نَعَسَ يَنْعُسُ من باب قتل. و رجل نَاعِسٌ: أي وَسْنَان.
111
(نفس)
قوله تعالى: وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى
[79/ 40] أي النفس الأمارة بالسوء عن الهوى المردي، و هو اتباع الشهوات و ضبطها بالصبر. قوله: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ
[5/ 116] أي تعلم جميع ما أعلم من حقيقة أمري و لا أعلم حقيقة أمرك إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ* فَالنَّفْسُ عبارة عن جملة الشيء و حقيقته، و قيل تعلم سرى و لا أعلم سرك، و قيل تعلم مني ما كان في دار الدنيا و لا أعلم ما يكون منك في دار الآخرة. قوله: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي
[89/ 27]
عَنِ الصَّادِقِ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ" قَالَ: فَيُنَادِي رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَيَقُولُ: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
إِلَى مُحَمَّدٍ ص وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً بِالْوَلَايَةِ مَرْضِيَّةً بِالثَّوَابِ، فَادْخُلِي فِي عِبادِي يَعْنِي مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ ع وَ ادْخُلِي جَنَّتِي، فَمَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلَالِ رُوحِهِ وَ اللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي".
قوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ
[4/ 29] قال الشيخ أبو علي: فيه أقوال:" أحدها"- أن معناه لا يقتل بعضكم بعضا لأنكم أهل دين واحد و أنتم كَنَفْسٍ واحدة. كقوله فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ
. و" ثانيها"- أنه نهى الإنسان عن قتل نَفْسِهِ في حال غضب أو ضجر. و" ثالثها"- أن معناه وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ
بأن تهلكوها بارتكاب الآثام و العدوان و غير ذلك من المعاصي التي تستحقون بها العذاب. و" رابعها"- لا تخاطروا بنفوسكم في القتال فتقاتلوا من لا تطيقونه. قوله: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاس
112
جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [5/ 32] هو على أقوال:" أحدها"- هو أن الناس كلهم خصماؤه في قتل ذلك الإنسان، و قد وترهم وتر من قصد لقتلهم جميعها و أوصل إليهم من المكروه ما أشبه به القتل الذي أوصل إلى المقتول، فكأنه قتلهم كلهم، و من استنقذها من غرق أو حرق أو هدم أو استنقذها من ضلال، فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً أي أجره على الله أجر من أحياهم أجمعين، كأنه في إسدائه المعروف إليهم بإحيائه أخاهم المؤمن بمنزلة من أحيا كل واحد منهم. قال الشيخ أبو علي: و هذا المعنى مروي عن أبي عبد الله ع. ثم قال: و أفضل ذلك أن يخرجها من ضلال إلى هدى. و" ثانيها"- أن من قتل نبيا أو إمام عدل فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، ثم يعذب عليه كما لو قتل الناس كلهم، و من شد على عضد نبي أو إمام عدل فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً في استحقاق الثواب. و" ثالثها"- من قتل نفسا بغير حق فعليه مأثم كل قاتل من الناس، لأنه سن القتل و سهله لغيره فكان بمنزلة المشارك فيه، و من زجر عن قتلها بما فيه حياتها على وجه يقتدى به فيه- بأن يعظم تحريم قتلها كما حرمه الله تعالى و لم يقدم على قتلها لذلك- فقد أحيا الناس جميعا بسلامتهم منه، فذلك إحياؤه إياها. قوله: رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ
[3/ 164] أي من جنسهم عربيا مثلهم، و قيل من ولد إسماعيل كما أنهم كانوا من ولده. و وجه المنة عليهم في ذلك أنه إذا كان منهم كان اللسان واحدا فيسهل عليهم أخذ ما يجب أخذه عنه و في كونه من أنفسهم شرف لهم، كقوله وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ.
قَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَ فِي قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قِرَاءَةِ فَاطِمَةَ ع مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
أي من
113
أشرافهم، لأن عدنان ذروة ولد اسماعيل، و مضر ذروة نزار بن معد بن عدنان، و خندف ذروة مضر، و مدركة ذروة خندف، و قريش ذروة مدركة، و ذروة قريش محمد ص. قوله: فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ
[2/ 54] أي ليقتل بعضكم بعضا، أمر من لم يعبد العجل أن يقتل من عبده. قوله تعالى: وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ
[81/ 18] مر في صبح.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ نَفْسٌ".
أي دم سائل، و ما لا نَفْسَ له كالذباب و نحوه فلا بأس فيه و النَّفْسُ جاءت لمعان: الدم كما يقال سالت نَفْسُهُ أي دمه، و الروح كما يقال خرجت نَفْسُهُ، و الجسد و عليه قول الشاعر:
نبئت أن بني سحيم أدخلوا أبياتهم تامور نَفْسِ المنذر
و التامور: الدم- قاله في الصحاح، و العين يقال أصابت فلان نفس أي عين. و نَفْسُ الشيء عينه يؤكد به. و فلان يؤامر نَفْسَهُ: إذا تردد في الأمر و اتجه له رأيان و داعيان لا يدري على أيهما يعرج. و النَّفْسُ أنثى إن أريد بها الروح، قال تعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ*
[4/ 1] و إن أريد الشخص فمذكر، و جمعها أَنْفُسٌ و نُفُوسٌ مثل فلس و أفلس و فلوس، و هي مشتقة من التَّنَفُسٌ لحصولها بطريق النفخ في البدن. و لها خمس مراتب باعتبار صفاتها المذكورة في الذكر الحكيم:" الأولى"- الأمارة بالسوء، و هي التي تمشي على وجهها تابعة لهواها." الثانية"- اللوامة، و قد أشير إليها بقوله: وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
[75/ 2] و هي التي لا تزال تلوم نَفْسَهَا و إن اجتهدت في الإحسان، و تلوم على تقصيرها في التعدي في الدنيا و الآخرة." الثالثة"- المطمئنة، و هي النَّفْسُ الآمنة التي لا يستفزها خوف و لا حزن،
114
أو المطمئنة إلى الحق التي سكنها روح العلم و ثلج اليقين، فلا يخالجها شك" الرابعة"- الراضية، و هي التي رضيت بما أوتيت" الخامسة" المرضية، و هي التي رضي عنها و بعضهم يذكر لها مرتبة أخرى: و هي الملهمة بكسر الهاء على المشهور، و الظاهر فتحها لكونها مأخوذة من قوله تعالى: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها و الملهم الله أو الملك. و في تجرد النَّفْسِ و كيفية تعلقها بالبدن و تصرفها فيه أبحاث مشهورة مذكورة مقررة في محالها.
وَ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ ع" مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ".
أقوال:" منها"- أنه كما لا يمكن التوصل إلى معرفة النفس لا يمكن التوصل إلى معرفة الرب.
وَ فِي حَدِيثِ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَأَلْتُ مَوْلَانَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ تُعَرِّفَنِي نَفْسِي؟ قَالَ: قَالَ: يَا كُمَيْلُ أَيَّ نَفْسٍ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: يَا مَوْلَايَ هَلْ هِيَ إِلَّا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: يَا كُمَيْلُ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ: النَّامِيَةُ النَّبَاتِيَّةُ وَ الْحِسِّيَّةُ الْحَيَوَانِيَّةُ، وَ النَّاطِقَةُ الْقُدْسِيَّةُ، وَ الْكَلِمَةُ الْإِلَهِيَّةُ. وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ خَمْسُ قُوًى وَ خَاصَّتَانِ: فَالنَّامِيَةُ النَّبَاتِيَّةُ لَهَا خَمْسُ قُوًى: مَاسِكَةٌ، وَ جَاذِبَةٌ، وَ هَاضِمَةٌ، وَ دَافِعَةٌ، وَ مُرَبِّيَةٌ. وَ لَهَا خَاصَّتَانِ الزِّيَادَةُ، وَ النُّقْصَانُ. وَ انْبِعَاثُهَا مِنَ الْكَبِدِ وَ هِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ الْحَيَوَانِ. وَ الْحَيَوَانِيَّةُ الْحِسِّيَّةُ، وَ لَهَا خَمْسُ قُوًى: سَمْعٌ، وَ بَصَرٌ، وَ شَمٌّ، وَ ذَوْقٌ، وَ لَمِّسٌ. وَ لَهَا خَاصَّتَانِ: الرِّضَا، وَ الْغَضَبُ. وَ انْبِعَاثُهَا مِنَ الْقَلْبِ، وَ هِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ السِّبَاعِ. وَ النَّاطِقَةُ الْقُدْسِيَّةُ، وَ لَهَا خَمْسُ قُوًى: فِكْرٌ، وَ ذِكْرٌ، وَ عِلْمٌ، وَ حِلْمٌ، وَ نَبَاهَةٌ. وَ لَيْسَ لَهَا انْبِعَاثٌ، وَ هِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ الْمَلَائِكَةِ، وَ لَهَا خَاصَّتَانِ: النَّزَاهَةُ، وَ الْحِكْمَةُ. وَ الْكَلِمَةُ الْإِلَهِيَّةُ، وَ لَهَا خَمْسُ قُوًى: بَقَاءٌ فِي فَنَاءٍ، وَ نَعِيْمٌ فِي شَقَاءٍ، وَ عِزٌّ فِي ذُلٍّ، وَ فَقْرٌ فِي غِنًى، وَ صَبْر
115
فِي بَلَاءٍ. وَ لَهَا خَاصَّتَانِ: الْحِلْمُ، وَ الْكَرَمُ. وَ هَذِهِ الَّتِي مَبْدَؤُهَا مِنَ اللَّهِ وَ إِلَيْهِ تَعُودُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَ أَمَّا عَوْدُهَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً
وَ الْعَقْلُ وَسَطُ الْكُلَّ لِكَيْلَا يَقُولَ أَحَدُكُمْ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ إِلَّا لِقِيَاسٍ مَعْقُولٍ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ".
و قد مر البحث عنه، و نذكر مزيد بحث و هو أن النَّفْسَ الإنسانية- على ما حققه بعض المتبحرين- واقعة بين القوة الشهوانية و القوة العاقلة فبالأولى يحرص على تناول اللذات البدنية البهيمية كالغذاء و السفاد و التغالب و سائر اللذات العاجلة الفانية، و بالأخرى يحرص على تناول العلوم الحقيقية و الخصال الحميدة المؤدية إلى السعادة الباقية أبد الآبدين، و إلى هاتين القوتين أشار تعالى بقوله وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ و قوله تعالى إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً فإن جعلت أيها الإنسان الشهوة منقادة للعقل فقد فزت فوزا عظيما و اهتديت صراطا مستقيما، و إن سلطت الشهوة على العقل و جعلته منقادا لها ساعيا في استنباط الحيل المؤدية إلى مراداتها هلكت يقينا و خسرت خسرانا مبينا. و اعلم أن النَّفْسَ إذا تابعت القوة الشهوية سميت" بهيمية"، و إذا تابعت الغضبية سميت" سبعية"، و إن جعلت رذائل الأخلاق لها ملكة سميت" شيطانية" و سمى الله تعالى هذه الجملة في التنزيل" نَفْساً أمارة بالسوء" إن كانت رذائلها ثابتة، و إن لم تكن ثابتة بل تكون مائلة إلى الشر تارة و إلى الخير أخرى و تندم على الشر و تلوم عليه سماها" لوامة"، و إن كانت منقادة للعقل العملي سماها" مطمئنة"، و المعين على هذه المتابعات قطع العلائق البدنية كما قال بعضهم:
إذا شئت أن تحيا فمت عن علائق من الحس خمس ثم عن مدركاتها
116
و قابل بعين النَّفْسِ مرآة عقلها فتلك حياة النَّفْسِ بعد مماتها
وَ فِي حَدِيثِ السَّفَرِ" وَ ابْدَأْ بِعَلَفِ دَابَّتِكَ فَإِنَّهَا نَفْسُكَ".
بإسكان الفاء أي كَنَفْسِكَ، فكما تحتفظ على نَفْسِكَ احتفظ عليها، و يرويها بعض من يدعي الفضيلة
فِي الْحَدِيثِ" فَإِنَّهَا نَفَسُكَ".
بالتحريك من النَّفَسِ بفتحتين، يعني الفرح و العيش و السعة و الروح و الراحة كما في" اللَّهُمَّ نَفِّسْ كُرْبَتِي" و هو كما ترى. و النَّفَسُ بالتحريك واحد الْأَنْفَاسِ، و منه
الْحَدِيثُ" يُجْزِي بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ نَفَسٌ".
و الجمع أَنْفَاسٌ كسبب و أسباب و النَّفَسُ أيضا: الْجُرعة من الماء، يقال اكرع من الماء نَفَساً أو نَفَسَيْنِ أي جرعة أو جرعتين" و أنت في نَفَسٍ من أمرك" أي في سعة منه.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ".
أي تفرج الكرب و تنشيء السحاب و تنشر الغيب و تذهب الحزن.
وَ فِيهِ" بُعِثْتُ أَنَا مِنْ نَفَسِ السَّاعَةِ".
أي حين قيامها و قربها، إلا أنها أخرت قليلا قليلا فأطلق النَّفَسُ على القرب.
وَ فِيهِ" نَهَى عَنِ الشُّرْبِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ".
و حمل على الكراهة لأنه يكابس الماء في موارد حلقه فتثقل معدته.
وَ رُوِيَ" أَنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ" وَ" أَنَّهُ شُرْبُ الشَّيْطَانِ".
و النَّفْسُ الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ع،
وَ قَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الصَّادِقُ ع حِينَ أُمِرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ فَقَالَ:" وَ كَأَنِّي بِكَ وَ قَدْ حَمَلَ عَلَيْكَ فَارِسٌ مُعَلَّمٌ فِي يَدِهِ طِرَادَةٌ فَطَعَنَكَ الْفَارِسُ الْمُعَلَّمِ الَّذِي لَهُ عَلَامَةُ الشُّجْعَانِ".
و
قَالَ فِيهِ أَيْضاً:" سَمِعْتُ عَمَّكَ وَ هُوَ خَالُكَ يَذْكُرُ أَنَّكَ وَ بَنِي أَبِيكَ سَتُقْتَلُونَ".
و إنما كان عمه و خاله لأن بنت الحسين ع أم عبد الله بن الحسن. و النَّفْسُ الزكية يطلق على شخص
117
يخرج قريبا من خروج القائم كما نبه عليه ابن بابويه في كتاب كمال الدين و تمام النعمة، حيث
قَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ ع بِخَمْسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً.
و تَنَفَّسْتُ عنه تَنْفِيساً: أي رفهت، يقال نَفَّسَ الله عنه كربته أي فرجها، و الأصل في التَّنَفُّسِ التفريج، كأنه مأخوذ من قولهم" أنت في نَفَسٍ من أمرك" أي في سعة، و الذي يفرج عنه كأنه في سعة من أمره بحذف الكروب عنه.
وَ مِنْهُ" أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ إِشْبَاعُ جَوْعَةِ الْمُؤْمِنِ وَ تَنْفِيسُ كُرْبَتِهِ".
و
مِنْهُ" مَنْ أَعَانَ مُؤْمِناً نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلَاثاً وَ سَبْعِينَ كُرْبَةً".
و
قَوْلُهُ" نَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلُهُ".
أي وسعوا له. و التَّنَفُّسُ: ذهاب الهم و الغم. و تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ مر القول فيه. و شيء نَفِيسٌ: يُتَنَافَسُ فيه و يرغب. و هذا شيء نَفِيسٌ: أي جيد في نوعه، و منه" جارية نَفِيسَةٌ". و نَفُسَ الشيء بالضم نَفَاسَةً: أي صار مرغوبا فيه. و نَافَسْتُ في الشيء مُنَافَسَةً و نِفَاساً: إذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم. و مثله التَّنَافُسُ في الشيء، و منه" تَنَافَسُوا في الشيء" و منه" تَنَافَسُوا في زيارة الحسين ع". و النِّفَاسُ بالكسر: ولادة المرأة إذا وضعت فهي نُفَسَاءُ، و قد نَفِسَتِ المرأة كفرح و الولد مَنْفُوسٌ. و منه
الْحَدِيثُ" الْمَنْفُوسُ لَا يَرِثُ شَيْئاً حَتَّى يَصِيحَ".
و جمع النُّفَسَاءِ نِفَاسٌ. قال الجوهري: ليس في كلام العرب فعلاء يجمع على فعال غير نُفَسَاءَ و عُشَرَاءَ، و يجمع أيضا على نَفْسَاوَاتٍ و عشراوات. و نُفِسَتِ المرأة بالبناء للمفعول، و هو من النَّفْسِ، و هو الدم. و النَّفِيسُ: المال الكثير. و النَّافِسُ: أحد القداح العشرة من قداح الميسر- قاله في الحديث.
118
(نقس)
النَّاقُوسُ: الذي يضرب به النصارى لأوقات الصلاة، و هو خشبتان طويلة و قصيرة يضعهما بين أصابعه لهما صوت حسن.
(نقرس)
النِّقْرِسُ: ورم و وجع في مفاصل القدمين و أصابع الرجلين، و من خاصته أنه لا يجمع مدة و لا ينضح لأنه في عضو غير لحم.
(نكس)
قوله تعالى: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ
[36/ 68] أي نقلبه في الخلق، فنخلقه على عكس ما خلقناه قبل إذ كان يتزايد في القوة و العقل و العلم إلى أن استكمل قوته و بلغ أشده، و إذا انتهى نَكَّسْنَاهُ في الخلق فجعلناه يتناقص حتى يرجع في حالة شبيهة بحال الصبي في ضعف الجسد و قلة العقل و العلم، كما قال تعالى يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً. يقال: نَكَسْتُ الشيء أَنْكُسُهُ نَكْساً من باب قتل: قلبته على رأسه فَانْتَكَسَ و نَكَّسْتُهُ تَنْكِيساً، و قد مر مزيد بحث في الآية في عمر. قوله: نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ
[21/ 65] أي ثبتت الحجة عليهم. و النَّاكِسُ: المطأطىء رأسه. و الْمَنْكُوسُ: المقلوب.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع" لَا يُحِبُّنَا ذُو رَحِمٍ مَنْكُوسَةٍ".
قيل هو المأبون لانقلاب شهوته إلى دبره. و النَّكْسُ بالضم: عود المرض بعد النقه. و قد نَكَسَ الرجل نَكْساً و تَعْساً و نُكْساً، و قد يفتح هنا للازدواج- قاله الجوهري لأنه لغة.
(نمس)
فِي الْحَدِيثِ" يَا فُلَانُ هَاتِ النَّامُوسَ فَجَاءَ بِصَحِيفَةٍ كَبِيرَةٍ يَحْمِلُهَا، فَنَشَرَهَا".
- الحديث. و يستفاد منه أن النَّامُوسَ هنا صحيفة فيها ديوان الشيعة، و فيها أسماؤهم و أسماء آبائهم.
119
و
فِيهِ" أَنَّ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ قَالَ لِخَدِيجَةَ وَ هُوَ ابْنُ عَمِّهَا وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً: لَئِنْ كَانَ مَا تَقُولِينَ حَقّاً إِنَّهُ لَيَأْتِيهِ النَّامُوسُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى ع".
يعني به جبرئيل ع.
وَ فِي حَدِيثِ الْيَهُودِيِّ مَعَ عَلِيٍّ ع" أَشْهَدُ أَنَّكَ نَامُوسُ مُوسَى".
أي صاحب سره. قال بعض الشارحين: الناموس صاحب سر الملك، و يقال النَّامُوسُ صاحب سر الخير و الجاسوس صاحب سر الشر. و ناموس الرجل: صاحب سره الذي يطلعه على باطن أمره و يخصه بما يستره عن غيره. قال الجوهري: و أهل الكتاب يسمون جبرئيل ع النَّامُوسَ.
(نوس)
قوله تعالى: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ*
[2/ 8] قيل في معناه: أي بعض الناس يقول آمنا على أن يكون الجار و المجرور مبتدأ و الموصول خبر، و لو عكس لانتفت الفائدة. و" النَّاسُ" قد يكون من الجن و الإنس. قال الجوهري: أصله أُنَاسٌ فخفف و لم يجعلوا الألف و اللام فيه عوضا من الهمزة المحذوفة، لأنه لو كان كذلك لما اجتمع مع المعوض منه في قوله:
إن المنايا يطلعن على الْأُنَاسِ الآمنينا
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ النَّوَاوِيسَ شَكَتْ إِلَى اللَّهِ شِدَّةَ حَرِّهَا، فَقَالَ لَهَا تَعَالَى: اسْكُنِي فَإِنَّ مَوَاضِعَ الْقُضَاةِ أَشَدُّ حَرّاً مِنْكِ".
النَّوَاوِيسُ موضع في جهنم و في المغرب إن النَّاوُوسَ على فاعول مقبرة النصارى. و" النَّاوُوسِيَّةُ" من وقف على جعفر بن محمد الصادق أتباع رجل يقال له نَاوُوسٌ و قيل نسبوا إلى قرية نَاوُوسَاءَ.
120
قالت: إن الصادق ع حي لم يمت و لن يموت حتى يظهر و يظهر أمره، و هو القائم المهدي. و حكى أبو حامد الزوزني أنهم زعموا أن عليا ع مات و ستنشق الأرض عنه من قبل يوم القيامة فيملأ العالم عدلا- كذا في الملل و النحل.
(نهس)
نَهَسَ اللحم: أخذه بمقدم الأسنان و أطرافها. و بالمعجمة الأخذ بالأضراس.
باب ما أوله الواو
(وجس)
قوله تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً
[20/ 67] أي أحس و علم و أضمر في نفسه. قال المفسر: و كان إيجاس موسى للجبلة البشرية عند أمر فظيع. و في القاموس الْوَجْسُ كالوعد: الفزع يقع في القلب و السمع من صوت أو غيره. و الْوَجْسُ: الصوت الخفي.
(ورس)
فِي الْحَدِيثِ" وَ عَلَيْهِ مِلْحَفَةُ وَرْسٍ".
و
فِيهِ أَيْضاً" مِلْحَفَةٌ مُوَرَّسَةٌ".
الْوَرْسُ: صبغ يتخذ منه الحمرة للوجه و هو نبات كالسمسم ليس إلا باليمن، يزرع فيبقى عشرين سنة نافع للكلف و البهق شربا- قاله في القاموس. و في القانون: الْوَرْسُ شيء أحمر قان يشبه سحيق الزعفران.
(وسوس)
قوله تعالى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ
[20/ 120] أي ألقى إلى قلبه المعنى بصوت خفي، و المعنى فَوَسْوَسَ إليهما لكن
121
العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل، يقال لما يقع في النفس من عمل الخير إلهام و ما لا خير فيه وَسْوَاسٌ، و لما يقع من الخوف إيجاس، و لما يقع من تقدير ينل الخير أمل، و لما يقع ما لا يكون للإنسان و لا عليه خاطر. و الْوَسْوَاسُ بفتح الواو: الشيطان، و هو الخناس أيضا لأنه يُوَسْوِسُ في صدور الناس و يخنس. و الْوِسْوَاسُ بالكسر و الْوَسْوَسَةُ مصدران و الْوَسْوَسَةُ: حديث النفس، يقال وَسْوَسَتْ إليه نفسُهُ وَسْوَسَةً و وِسْوَاساً. قوله: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ
[114/ 4] قال الشيخ أبو علي فيه أقوال:" أحدها"- أن معناه الْوَسْوَسَةُ الواقعة من الجنة. و" ثانيها"- أن معناه من شر ذي الْوَسْوَاسِ و هو الشيطان كما جاء في الأثر أنه يُوَسْوِسُ فإذا ذكر العبد الله خنس، ثم وصفه الله تعالى بقوله الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ
أي بالكلام الخفي الذي يصل مفهومه إلى قلوبهم من غير سماع. ثم ذكر أن هذا الشيطان الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ
، و هو الشيطان كما قاله تعالى إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ ثم عطف بقوله: وَ النَّاسِ على الْوَسْوَاسِ، و المعنى من شر الْوَسْوَاسِ و من شر الناس، كأنه أمر أن يستعيذ من الجن و الإنس. و" ثالثها"- أن معناه من شر ذي الْوَسْوَاسِ الخناس، ثم فسره بقوله مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ، و على هذا فيكون المراد من وَسْوَاسِ الجِنَّةِ وَسْوَاسِ الشيطان، و من وَسْوَاسِ الإنس ما وسوسه الإنسان من نفسه و إغواء ما يغويه من الناس. و يدل عليه قوله: شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ. و قال جامع العلوم النحوي في تفسير هذه السورة: ليس في قوله النَّاسِ تكرارا، لأن المراد بالأول الأجنة، و لهذا قال بِرَبِّ النَّاسِ و المراد
122
بالثاني الأطفال و لذلك قال مَلِكِ النَّاسِ لأنه يملكهم، و المراد بالثالث البالغون المكلفون و لذلك قال إِلهِ النَّاسِ لأنهم يعبدونه، و المراد بالرابع العلماء لأن الشيطان يُوَسْوِسُ في صدورهم و لا يريد الجهال لأن الجاهل يضله جهله، و إنما تقع الْوَسْوَسَةُ في قلب العالم كما قال فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ".
قال بعض الأعلام: وَسَاوِسُ الشيطان غير متناهية، فمهما عارضه فيما يُوَسْوِسُ بحجة أتاه من باب آخر بوسوسة و أدنى ما يفيده من الاسترسال في ذلك إضاعة الوقت، و لا تدبير في إبطال ما يأتي به من الفساد أقوى و أحسن من اللجأ إلى الله تعالى و الاعتصام بحوله و قوته.
(وطس)
فِي الْحَدِيثِ" أَوْطَاسٌ لَيْسَ مِنَ الْعَقِيقِ".
و
فِيهِ" بَرِيدُ أَوْطَاسٍ آخِرَ الْعَقِيقِ".
و
فِيهِ" نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ فِي يَوْمِ أَوْطَاسٍ أَنِ اسْتَبْرُوا سَبَايَاكُمْ".
أَوْطَاسٌ اسم موضع معروف، وقعت فيه غزوة من رسول الله ص.
وَ فِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ" الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ".
الْوَطِيسُ: التنور، و هو كناية عن شدة الأمر و اضطراب الحرب، و يقال أول من قالها النبي ص لما اشتد البأس بموته، و هي أحسن الاستعارات.
(وعس)
الأرض الْوَعْسَاءُ: هي اللينة ذات الرمل
(وكس)
فِي الْحَدِيثِ" بَيْعُ الرِّبَا وَ شِرَاؤُهُ وَكْسٌ".
الْوَكْسُ: النقص. و وَكَسَهُ وَكْساً من باب وعد: نقصه. و وَكَسَ الشيء يَكِسُ وَكْساً أيضا:
123
نقص، يتعدى و لا يتعدى.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْمَرْأَةُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا وَكْسَ وَ لَا شَطَطَ".
قال الجوهري: أي لا نقصان و لا زيادة. و أُوكِسَ فلان على ما لم يسم فاعله: أي خسر. و الثَّمَنُ الْأَوْكَسُ: الأنقص.
(ومس)
فِي حَدِيثِ طِينَةِ خَبَالٍ" صَدِيدٌ يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ".
الْمُومِسَةُ: الفاجرة و يجمع على مَيَامِسُ و مَوَامِيسُ أيضا، و أصحاب الحديث يقولون مَيَامِيسُ، قيل و لا يصح إلا على إشباع الكسرة لتصير ياء كمطفل و مطافل و مطافيل. و قد اختلف في أصل هذه اللفظة: فبعضهم يجعله من الهمزة، و بعضهم يجعله من الواو، و كل منهما مكلف له في الاشتقاق- قاله في النهاية.
(ويس)
وَيْسٌ كويح. قال في القاموس: هي كلمة تستعمل في موضع رأفة و استماح.
باب ما أوله الهاء
(هجس)
هجس الأمر من باب قتل و قطع: خطر في باله. و منه
حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع:" أَنَا الضَّامِنُ لِمَنْ لَمْ يَهْجُسْ فِي قَلْبِهِ إِلَّا الرِّضَا أَنْ يَدْعُوَ فَيُسْتَجَابَ لَهُ".
(همس)
قوله تعالى: فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً
[20/ 108] الْهَمْسُ: الصوت الخفي حتى كأنه لم يخرج من فضاء الفم. و هَمَسَ الأقدام: أخفى ما يكون من صوت القدم. و يقال هو من هَمْسِ الإبل و هو أصوات أخفافها إذا مشت، أي لا تسمع إلا أصوات الأقدام إلى المحشر. و الحروف الْمَهْمُوسَةُ فيما بينهم عشرة
124
قال الجوهري: يجمعها قولك" حثه شخص فسكت". قال: و إنما سمي الحرف مَهْمُوساً لأنه أضعف الاعتماد في موضعه حتى جرى معه النفس.
باب ما أوله الياء
(يأس)
قوله تعالى: أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا
[13/ 31] أي يعلم، و هي لغة قوم من النخع، قيل إنما استعمل الْيَأْسُ بمعنى العلم لأنه بمعناه، لأن الْيَائِسَ من الشيء عالم بأنه لا يكون، و عليه قول سحيم بن وثيل:
أ لم تَيْأَسُوا أني ابن فارس زهدم
و الْيَأْسُ: القنوط. و قد يَئِسَ من الشيء يَيْأَسُ، و في لغة يَيْئِسُ بالكسر فيهما. قال الجوهري: و هو شاذ. و في القاموس يَأَسَ يَيْأَسُ كمنع يمنع و كيضرب شاذ. قوله: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ
[60/ 13] أي يَئِسُوا من رحمة الله كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ
أن يحيوا و يبعثوا. قوله: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا
[12/ 80] هو من الْيَأْسِ. قوله: لَيَؤُسٌ
[11/ 9] فعول، من يَأَسْتُ أي شديد الْيَأْسِ. قوله: وَ إِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
[37/ 123]
قِيلَ هُوَ إِدْرِيسُ النَّبِيُّ ع جَدُّ نُوحٍ.
و
قِيلَ هُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ ابْنِ عَمِّ الْيَسَعِ.
و
قِيلَ إِنَّهُ اسْتَخْلَفَ الْيَسَعَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَ رَفَعَهُ اللَّهُ وَ كَسَاهُ الرِّيشَ فَصَارَ إِنْسِيّاً مَلَكِيّاً وَ أَرَضِيّاً سَمَاوِيّاً.
و
قِيلَ إِلْيَاسُ صَاحِبُ الْبَرَارِي وَ الْخَضِرُ صَاحِبُ الْجَزَائِرِ وَ يَجْتَمِعَانِ كُلَّ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ.
و
فِي التَّارِيخِ، الْيَسَعُ كَانَ تِلْمِيذَ إِلْيَاسَ وَ نَبَّأَهُ اللَّهُ بَعْدَهُ.
قوله: إِلْياسِينَ
[37/ 130]
125
يعني إِلْيَاسَ و أهله. و قال بعض الأعلام يجوز أن يكون إِلْيَاسُ وَ إِلْيَاسِينُ بمعنى واحد، كما يقال ميكال و ميكائيل، و قرئ سلام على آل يَاسِينَ أي على محمد ص و أهل بيته.
وَ فِي الْحَدِيثَ" الْيَأْسُ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ عِزُّ الْمُؤْمِنِ".
و عليه
أَنْشَدَ الْبَاقِرُ ع قَوْلَ حَاتِمٍ:
إِذَا مَا عَرَفْتُ الْيَأْسَ أَلْفَيْتُهُ الْغِنَى إِذَا عَرَفَتْهُ النَّفْسُ وَ الطَّمَعُ الْفَقْرُ.
(يبس)
قوله تعالى: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً
[20/ 77] الْيَبَسُ بالتحريك: المكان يكون رطبا ثم يَيْبَسُ. و الْيُبْسُ بالضم مصدر قولك" يَبِسَ الشيء يَيْبَسُ" من باب علم و ضرب. و الْيَبْسُ بالفتح فالسكون: الْيَابِسُ. و شيء يَابِسٌ: إذا لم يكن فيه رطوبة.
126
مجمع البحرين4
باب ما أوله الألف ص 129
باب ما أوله الألف
(ارش)
أرش الجناية: ديتها، و الجمع أُرُوشٌ مثل فلس و فلوس. قال في المصباح: و أصله الفساد، من قولهم أَرَّشْتُ بين القوم تَأْرِيشاً: أي أفسدت ثم استعمل في نقصان الأعيان لأنه فساد فيها. و الْأَرْشُ ما يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع. و منها أُرُوشُ الجنايات لأنها جابرة للنقص.
(اشش)
الْأَشَاشُ و الهشاش: الطلاقة و البشاشة
باب ما أوله الباء
(برش)
فِي حَدِيثِ أَخْذِ حَصَى الْجِمَارِ" خُذِ الْحَصَى الْجِمَارَ الْبُرْشَ".
و هي المشتملة على ألوان مختلفة، يقال بَرِشَ يَبْرَشُ بَرَشاً فهو أَبْرَشُ و الأنثى بَرْشَاءُ و الجمع بُرْشٌ مثل برص برصا فهو أبرص و برصاء و برص وزنا و معنى. و الْبُرْشُ في شعر الفرس: نكت صغار تخالف لونه، و الفرس أَبْرَشُ.
(برطش)
كان عمر في الجاهلية مُبَرْطِشاً: أي ساعيا بين البائع و المشتري شبه الدلال.
(برقش)
" بَرَاقِشُ" طائر صغير أعلى ريشه أغر و أوسطه أحمر و أسفله أسود- قاله في القاموس.
129
(بشش)
الْبَشُّ و الْبَشَاشَةُ: طلاقة الوجه و حسن اللقاء. و رجل هش بَشٌّ: أي طلق الوجه طيب. و قولهم" لقيته فَتَبَشَّشَ" قاله الجوهري: أصله تَبَشْبَشَ، فأبدلوا من الشين الوسطى فاء الفعل.
(بطش)
قوله تعالى: وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ
[26/ 130] الْبَطْشُ الأخذ بسرعة و الأخذ بعنف و سطوة.
وَ الْبَطْشَةُ الْكُبْرَى: قِيلَ هِيَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَ قِيلَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
و بَطَشَ بَطْشاً من باب ضرب و بها قرأ السبعة، و في لغة من باب قتل، و قرأها الحسن البصري و أبو جعفر المدني- قاله في الصحاح.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" كُنْتُ يَدَهُ الَّذِي يَبْطِشُ بِهَا".
هو بالكسر و الضم أي يأخذ بها. و قد سبق تمام البحث فيه.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع لِأَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ:" كَيْفَ أَنْتَ إِذَا وَقَعَتِ الْبَطْشَةُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ".
قال بعض شراح الحديث: كأنه إشارة إلى وقعة عسكر السفياني بين المسجدين و إلى الفتنة التي من عسكره في عراق العرب، و ظهور رجل مترفع من الشيعة في العراق دلالة عسكر السفياني على الشيعة، و المراد من الحديث كله ظهور المهدي ع.
(بوش)
الْبَوْشُ بالفتح: الجماعة من الناس المختلطين- قاله الجوهري.
باب ما أوله الجيم
(جحش)
فِي الْحَدِيثَ" إِنَّهُ ع سَقَطَ مِنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ".
بضم جيم و كسر حاء أي أخدش جلده و قشر.
130
و الْجَحْشُ: شق الجلد، يقال جَحِشَ جلده من باب منع: أي قشر.
وَ مِنْهُ" فَجِحَش شِقُّهُ الْأَيْسَرُ".
و الْجَحْشُ: بالفتح فالسكون: ولد الحمار الوحشي و الأهلي، قيل سمي بذلك قبل أن يعظم، و الجمع جِحَاشٌ و جِحْشَانُ، و الأنثى جَحْشَةٌ.
وَ" زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ" زَوْجَةُ النَّبِيِّ ص تَزَوَّجَهَا سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَ كَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَ هِيَ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها فَلَمَّا طَلَّقَهَا زَيْدٌ وَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا تَزَوَّجَهَا ص عَلَى عَائِشَةَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ تُسَامِينِي فِي حُسْنِ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَهُ غَيْرُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَ كَانَتْ تَفْتَخِرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ص أَنَّ آبَاءَكُنَّ أَنْكَحُوكُنَّ لِلنَّبِيِّ وَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْكَحَنِي إِيَّاهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.
وَ كَانَتْ تَقِيَّةً صَادِقَةً أَوَّاهَةً خَاشِعَةً مُتَضَرِّعَةً خَيِّرَةً فِي الدِّينِ، كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَ تَتَصَدَّقُ- كَذَا فِي الإستيعاب.
(جرش)
الملح الْجَرِيشُ: الْمَجْرُوشُ الذي لم ينعم دقه، من قولهم جَرَشْتُ الشيء: إذا لم تنعم دقه، فهو جَرِيشٌ. و في الصحاح ملح جَرِيشٌ: لم يطيب.
(جهش)
فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ ع" فَأَجْهَشَتْ" وَ يُرْوَى" فَجَهِشَتْ".
و المعنى واحد. و الْجَهْشُ: أن يفزع الإنسان إلى غيره و هو مع ذلك يريد البكاء، كالصبي يفزع إلى أمه و قد تهيأ للبكاء.
(جوش)
الْجَوْشُ: الصدر مثل الْجَوْشَنُ. و منه" دعاء الْجَوْشَنُ" و هو مشهور.
(جيش)
فِي الْحَدِيثِ" يَا عَلِيُّ لَا تُصَلِّ فِي ذَات
131
الْجَيْشِ".
هي بالفتح فالسكون واد بين مكة و المدينة،
يُقَالُ انْقَطَعَ فِيهِ عَقْدُ عَائِشَةَ.
رُوِيَ أَنَّ السُّفْيَانِيَّ أَتَى إِلَيْهَا قَاصِداً مَدِينَةَ الرَّسُولِ ص فَخَسَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِتِلْكَ الْأَرْضِ.
و بينها و بين ميقات أهل المدينة ميل واحد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ذَاتُ الْجَيْشِ دُونَ الْحُفْرَةِ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ".
و" الْجَيْشُ" واحد الْجُيُوشِ. و جَيَّشَ فلانٌ بالتشديد: جَمَعَ الْجُيُوشَ. و جَاشَتِ القدر تَجِيشُ: أي غلت. و جَاشَتْ نفسي: أي ارتاعت و خافت.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِيَّاكَ أَنْ تَقْذِفَ بِمَا جَاشَ صَدْرُكَ".
أي بما فار و ارتفع به صدرك.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي تَحْرِيصِ الْقَوْمِ لِلْقِتَالِ" غُضُّوا الْأَبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ".
أي للقلب. و الْجَأْشُ: جَأْشُ القلب، و هو رواعة إذا اضطرب عند الفزع. يقال فلان رابط الْجَأْشِ: أي ربط نفسه عن الفرار لشجاعته.
باب ما أوله الحاء
(حبش)
" فاطمةُ بنت أبي حُبَيْشٍ" بمهملة و موحدة و معجمة مع التصغير، و اسمه قيس بن عبد المطلب- الأسديةُ صحابية
132
و هي التي سألت أم سلمة عن حديث الحيض.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع" إِنَّهَا اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ".
و الْحَبَشُ بالتحريك و الحَبَشُ: جنس من السودان، و الجمع الْحُبْشَانُ مثل جمل و جملان. و حُبْشٌ بالضم جبل بأسفل مكة، و منه" أَحَابِيشُ قريش" لأنهم تحالفوا بالله أنهم ليد على غيرهم ما سجى ليل الفص الْحَبَشِيُّ: يحتمل أن يكون من الجذع أو العقيق، لأن معدنهما اليمن. و منه
حَدِيثُ النَّبِيِّ ص" فِي خَاتَمِهِ فَصٌّ حَبَشِيٍّ".
(حرش)
التَّحْرِيشُ: الإغراء بين القوم و الكلاب و تهييج بعضها على بعض. و منه
الْحَدِيثُ" فَلَمَّا جَاءَ أَبِي حَرَّشَهُ عَلَيَّ".
وَ حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" فَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مُحَرِّشاً عَلَى فَاطِمَةَ".
أراد بِالتَّحْرِيشِ هنا ما يوجب عتابها. و الْحَرِيشُ: دابة لها مخالب كمخالب الأسد و لها قرن واحد في هامتها، يسميها الناس الكركدن- قاله الجوهري. و قال غيره: لها قرن وسط رأسها مصمت مستقيم يناطح به جميع الحيوان فلا يغلبه شيء. و الْحَرِيشُ: نوع من الحيات أرقط.
(حشش)
فِي الْحَدِيثِ" سُئِلَ أَ يَصْلُحُ مَكَانُ الْحَشِّ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِداً؟ فَقَالَ: إِذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ مَا يُوَارِي ذَلِكَ".
الْحَشُّ بالفتح أكثر من الضم و الكسر المخرج و موضع الحاجة، و أصله من الْحَشِّ البستان لأنهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين،
133
فلما اتخذوا الكنف و جعلوها خلفا عنها أطلقوا عليها الاسم مجازا، و جمع الْحَشِّ حِشَّانُ مثل ضيف و ضيفان.
وَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ" أَنَّهُ دُفِنَ فِي حَشِّ كَوْكَبٍ".
و هو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع. و الْحَشِيشُ: ما يبس من الكلاء قال الجوهري: و لا يقال له حَشِيشٌ إذا كان رطبا. و حَشَشْتُهُ حَشّاً من باب قتل: قطعته، فهو فعيل بمعنى مفعول.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى أَنْ يُؤْتَى النِّسَاءُ فِي مَحَاشِّهِنَّ".
و مثله
" مَحَاشُّ نِسَاءِ أُمَّتِي عَلَى رِجَالِ أُمَّتِي حَرَامٌ".
الْمَحَاشُّ جمع مَحَشَّةٌ، و هي الدبر، فكني بها عن الأدبار كما يكنى بِالْحُشُوشِ عن مواضع الغائط. و الْمَحَشَّةِ في الأصل: لأسفل موضع الطعام من الأمعاء، فكني به عن الأدبار. و الْمَحَشُّ: المكان الكثير الْحَشِيشُ. و الْمِحَشُّ بكسر الميم: الذي يُحَشُّ به الْحَشِيشُ. و التَّحَشْحُشُ التحريك للنهوض، يقال حَشْحَشَهُ أي حركه. و مثله
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع وَ فَاطِمَةَ" دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلَيْنَا قَطِيفَةٌ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ تَحَشْحَشْنَا فَقَالَ: مَكَانَكُمَا".
و الْحُشَاشُ: ما تُحَشُّ به النار، أي توقد. و منه
كَلَامُ عَلِيٍّ ع فِي قَوْمِهِ" لَبِئْسَ حُشَاشُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ".
و الْحُشَاشُ و الْحُشَاشَةُ: بقية الروح في المريض.
(حفش)
الْحَفَشُ: وعاء المغازل. و الْحَفَشُ الذي في الحديث هو البيت الصغير- قاله أبو عبيدة.
(حمش)
فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ع" فِي سَاقَيْهِ حُمُوشَةٌ".
أي دقة، يقال رجل حَمْشُ الساقين بمفتوحة فساكنة فمعجمة أي دقيقهما.
134
وَ قَوْلُهُ:" وَ لَا حَمِيَّةَ تَحْمِشُكُمْ".
أي تغضبكم.
(حنش)
الْحَنَشُ بالتحريك: كل ما يصاد من الطير و الهوام، و الجمع الْأَحْنَاشُ. و حَنَشْتُ الصيد من باب ضرب: صِدْتُهُ
(حوش)
قوله تعالى: حاشَ لِلَّهِ*
[12/ 31] قال المفسر معناه معاذ الله. و قال اللغويون معناه التنزيه و الاستثناء، و اشتقاقه من قولك" كنت في حَاشَا فلان" أي في ناحيته. قال الجوهري: يقال حَاشَ لله تنزيها لله و لا يقال حَاشَ لك قياسا عليه، و إنما يقال حَاشَاكَ و حَاشَا لك. و حَاشَاهُ من الصوم: نزهه. و فلان لا يَتَحَاشَى: أي لا يكترث بما يفعله و لا يخاف وباله و عقوبته و حُشْتُ الصيدَ أَحُوشُهُ: إذا جئته من حواليه لتصرفه عن الحبالة. و حُشْتُ الإبل: جمعتها. و حَاشِيَةُ كل شيء: طرفه و جانبه، و منه حَاشِيَةُ الثوب و
مِنْهُ" كَانَ يُصَلِّي فِي حَاشِيَةِ الْمَقَامِ".
و منه حَاشِيَةُ النسب للأعمام و أولادهم على التشبيه. و
مِنْهُ" مَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُهُ يَعْرِفْ صَدِيقُهُ مِنْهُ الْمَوَدَّةَ".
أي طرفه و جانبه.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص لِبَعْضِ نِسَائِهِ" مُرِي نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَسْتَنْجِينَ بِالْمَاءِ وَ يُبَالِغْنَ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْحَوَاشِي وَ مَذْهَبَةٌ لِلْبَوَاسِيرِ".
و يعني بِالْحَوَاشِي جمع حَاشِيَةٍ و هي الجانب، و المراد جانب الفرج و طرفه، و المطهرة بفتح الميم و كسرها قيل و الفتح أصح موضوعة في الأصل للأواني، جمعها مطاهر، و يراد بها هنا للنجاسة، مثل
" السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ".
أي مزيلة لدنسه. و البواسير جمع باسور: علة تحدث في المقعدة.
135
وَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ" خُذْ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ".
هي صغار الإبل كابن المخاض و ابن اللبون، جمع حَاشِيَةٍ. و الْمُحَاشَاةُ: الاستثناء.
وَ مِنْهُ" إِنَّ اللَّهَ لَيُرِيدُ عَذَابَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَا يُحَاشِي مِنْهُمْ أَحَداً".
أي لا يستثني منهم أحدا.
باب ما أوله الخاء
(خدش)
فِي الْحَدِيثِ" الرَّجُلُ يُخْدَشُ الْخَدْشَةَ".
هي بالفتح فالسكون: تفرق اتصال في الجلد أو الظفر أو نحو ذلك و إن لم يخرج الدم، يقال خَدَشَهُ يَخْدَشُهُ خَدْشاً من باب ضرب: إذا جرحه في ظاهر الجلد، و منه
حَدِيثُ الْقُرْآنِ" فِيهِ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ".
فَالْخَدْشُ فوق الكدح دون الخمش لأن الْخَمْشَ يستعمل على معنى القطع، يقال خَمَشَ فلان فلانا: إذا قطع منه عضوا. و منه
حَدِيثُ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ لَمَّا أُخْبِرَتْ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهَا قَامَتْ إِلَيْهِ تَنْظُرُهُ فَإِذَا أَثَرُ السِّكِّينِ خُدُوشاً فِي حَلْقِهِ فَفَزِعَتْ وَ اشْتَكَتْ وَ كَانَ بُدُوَّ مَرَضِهَا الَّذِي هَلَكَتْ فِيهِ.
و تميم مولى خِدَاشٍ بكسر الخاء ابن الصمة، شهد بدرا و أحدا، و الصِّمَّة بالكسر الشجاع و الأسد- قاله في القاموس.
(خرش)
خَرْبَشَ الكتاب: أفسده. و كتاب مُخَرْبَشٌ: أي مُشَوَّشٌ.
(خشش)
الْخِشَاشُ بالكسر: عود يجعل في أنف البعير يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده، و هو خشب، و البرة من صفر، و الخزامة من شعر.
136
و منه الجمل الْمَخْشُوشُ للذي جعل في أنفه خِشَاشٌ. و الْخِشَاشُ بالكسر و قد يفتح: حشرات الأرض. و الْخَشْخَشَةُ: صوت السلاح و نحوه. و" الْخَشْخَاشُ" بالفتح فالسكون نبت معروف.
(خفش)
" الْخُفَّاشُ" كرمان طائر بالليل، و يقال له الوطواط، و اشتقاقه من الْخَفَشُ مصدر من باب تعب، و هو صغر في العين و ضعف في البصر خلقة، و الجمع الْخَفَافِيشُ. و رجل أَخْفَشُ، و قد يكون الْخَفَشُ علة، و هو الذي يبصر الشيء بالليل و لا يبصره بالنهار و يبصره في يوم غيم و لا يبصره في يوم صاحٍ.
(خمش)
الْخُمُوشُ: الخدوش. و خَمَشَ وجهَه يَخْمِشُهُ و يَخْمُشُهُ بالضم و الكسر: خدشه و لطمه و ضربه و قطع عضوا منه. و خَمَشَتِ المرأة بظفرها خَمْشاً جرحت ظاهر البشرة، ثم أطلق الْخَمْشَ على الأثر، و جمع على خُمُوشٍ كفلس و فلوس.
وَ فِي الْخَبَرِ سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ فَقَالَ: هَذَا الْخِمَاشُ أَرَادَ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا.
باب ما أوله الدال
(درش)
فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنْ جُلُودِ الدَّارِشِ يُتَّخَذُ مِنْهَا الْخِفَافُ؟ فَقَالَ: لَا تُصَلِّ فِيهِ".
وَ فِي آخَرَ" لَا تُصَلِّ فِي جُلُودِ الدَّارِشِ لِأَنَّهَا تُدْبَغُ بِخُرْءِ الْكِلَابِ".
الدَّارِشُ: جلد معروف- قاله الجوهري، كأنه فارسي معرب.
137
(دشش)
الدَّشِيشَةُ: حسو من البر المرضوض
(دنهش)
فِي الْحَدِيثِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ الدَّنَاهِشِ".
قيل هي جنس من أجناس الجن.
(دهش)
دَهِشَ الرجل بالكسر يَدْهَشُ دَهَشاً من باب تعب: تحير و ذهل عقله. و دَهِشَ أيضا فهو مَدْهُوشٌ.
باب ما أوله الراء
(رشش)
الرَّشُّ للماء و الدم و الدمع. و قد رَشَشْتُ المكان رَشّاً، و تَرَشَّشَ عليه الماء. و الرَّشُّ المطر القليل، و الجمع رِشَاشٌ بالكسر. و الرَّشَاشُ بالفتح: ما تَرَشَّشَ من الدم و الدمع- قاله الجوهري. و رَشَّتِ السماء: أمطرت. و أَرَشَّتْ بالألف لغة. و رَشَّ الماء على رجله: صبه قليلا قليلا. و تَرَشَّشَ في الإناء: أي انصب منه قليلا قليلا
(رعش)
الرَّعَشُ بالتحريك الرعدة. و قد رَعِشَ كفرح و منع: أخذته الرَّعْشَةُ. و ارْتَعَشَ: أي ارتعد.
(رقش)
الرَّقْشُ كالنقش. و رَقَشَ كلامه: زوره. و حية رَقْشَاءُ: فيها نقط سود و بيض.
(ريش)
قوله تعالى: وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى
[7/ 26] الآية. الرِّيشُ و الرِّيَاشُ واحد، و هو ما ظهر من اللباس الفاخر. قال بعض المفسرين: قد أنزل الله تعالى لحكمة إنزال اللباس ثلاثة أغراض: أحدها ستر العورة، و ثانيها التجمل بين
138
الناس، فإن الله يحب أن يرى آثار نعمته على عبده،
وَ قَدْ لَبِسَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع ثَوْبَيْنِ لِلصَّيْفِ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَ أُصِيبَ الْحُسَيْنُ ع وَ عَلَيْهِ الْخَزُّ.
وَ لَبِسَ الصَّادِقُ ع الْخَزَّ.
و ثالثها كونه للتقوى. قيل المراد به ما يحترز به من الضرر و البرد و حالة الحرب، و ليس بشيء إذ التقوى عرفا و شرعا يراد بها الطاعة أو ما يقصد به العبادة أو الخشية من الله تعالى و التواضع كالصوف و الشعر. و عن بعض الأفاضل أنه يظهر من كلام هذا المفسر كون الأغراض الثلاثة لثلاثة أثواب، و فيه تكلف، و الأولى أن اللباس وصف بالصفات الثلاث لا مكان كون الثوب الواحد تجتمع فيه الأغراض الثلاثة، فيكون أبلغ في الحكمة. و قوله: ذلِكَ خَيْرٌ يحتمل أن يكون خيرا أفعل تفضيل كما هو المشهور فيكون ذلك إشارة إما إلى لباس التقوى أو للباس الجامع للصفات الثلاث، و يحتمل أن يكون أفعل ليس للتفضيل و تنكيره للتعظيم، أي ذلك اللباس الجامع للصفات خير عظيم أنزل، و لذلك أردفه بقوله: ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ أي إنزال اللباس الموصوف على نوع الإنسان آية عظيمة دالة على حكمة الله و نهاية رحمته
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَسْجُدْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الرِّيَاشِ".
قيل الرِّيَاشُ هنا جمع رِيشٍ، و هو لباس الزينة، و لعل المراد هنا مطلق اللباس، أو جمع الرِّيشُ و الرِّيشُ من الطائر معروف الواحدة رِيشَةٌ و الجمع أَرْيَاشٌ. و منه
الْحَدِيثُ" لَا تَسْجُدْ عَلَى رِيشٍ".
و رِشْتُ السَّهمَ رِيشاً: أصلحت رِيشَهُ، فهو مَرِيشٌ.
139
مجمع البحرين4
باب ما أوله الشين ص 140
باب ما أوله الشين
(شيش)
فِي الْحَدِيثِ" أَدَّهِنُ بِالشِّيشَاءِ".
هو دهن معروف فيما بينهم، و يقال الشِّيشَاءُ لغة في الشيص و الشيصاء. و الشَّاشِي بالشينين المعجمتين- كما في كثير من النسخ- نسبة لمحمد بن يوسف.
وَ فِي خِيَرِةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ" اضْرِبْ بِيَدِكَ الرِّقَاعَ فَشَوِّشْهَا".
يعني اخلطها، من التَّشْوِيشِ و هو التخليط. و قد شُوِّشَ عليه الأمر: أي اختلط. و" شَاشٌ" بلد بما وراء النهر. و" نهر الشَّاشِ" أحد الأنهر الثمانية التي خرقها جبرئيل بإبهامه.
باب ما أوله الطاء
(طرش)
الطَرَشُ: أهون الصمم.
(طشش)
الطَّشُّ و الطَّشِيشُ: المطر الضعيف- قاله الجوهري نقلا عن رؤبة، و هو فوق الرذاذ.
(طيش)
طَاشَ السهم عن الهدف: أي عدل، و أَطَاشَهُ الرامي. و الطَّيْشُ: النزق و الخفة.
140
مجمع البحرين4
باب ما أوله العين ص 141
باب ما أوله العين
(عرش)
قوله تعالى: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ
[11/ 7] أي ما كان خلق تحته إلا الماء قبل خلق السماوات و الأرض و ارتفاعه فوقها. قال الشيخ أبو علي: و فيه دلالة على أن الْعَرْشَ و الماء كانا مخلوقين قبل السماوات و الأرض- انتهى.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَأْمُونِ وَ قَدْ سَأَلَ الرِّضَا ع عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ
الْآيَةِ. قَالَ ع: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْمَاءَ وَ الْعَرْشَ وَ الْمَلَائِكَةَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَدِلَّ بِنَفْسِهَا وَ بِالْعَرْشِ وَ بِالْمَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ جَعَلَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ لِيُظْهِرَ بِذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَيَعْلَمُوا أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*، ثُمَّ رَفَعَ الْعَرْشَ بِقُدْرَتِهِ وَ ثَقَّلَهُ فَجَعَلَهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ثُمَّ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ* وَ هُوَ مُسْتَوْلٍ عَلَى عَرْشِهِ، وَ كَانَ قَادِراً أَنْ يَخْلُقَهُمَا فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ لِيُظْهِرَ لِلْمَلَائِكَةِ مَا يَخْلُقُهُ مِنْهَا شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ، فَتَسْتَدِلَّ بِحُدُوثِ مَا يَحْدُثُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ الْعَرْشَ لِحَاجَةٍ بِهِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ الْعَرْشِ وَ عَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ، لَا يُوصَفُ بِالْكَوْنِ عَلَى الْعَرْشِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ تَعَالَى عَنْ صِفَةِ خَلْقِهِ عُلُوّاً كَبِيراً.
وَ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ الْعَطَّارَةِ" السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ وَ الْهَوَاءُ وَ حُجُبُ النُّورِ وَ الْكُرْسِيُّ عِنْدَ الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ".
وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ:" خَلَقَ اللَّهُ مَلَكاً تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ، فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْف
141
سَنَةٍ، ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ سَنَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ثَالِثَةً، فَأَوْحَى إِلَيْهِ لَوْ طِرْتَ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّوَرِ كَذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى الطَّرَفِ الثَّانِي مِنَ الْعَرْشِ، فَقَالَ الْمَلَكُ عِنْدَ ذَلِكَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ بِحَمْدِهِ".
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع" جَعَلَ تَعَالَى الْعَرْشَ أَرْبَاعاً- يَعْنِي مِنْ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٍ- لَمْ يَخْلُقَ مِنْ قَبْلِهِ شَيْئاً إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ الْهَوَاءَ وَ الْعِلْمَ وَ النُّورَ، ثُمَّ خَلَقَهُ مِنْ أَنْوَارٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ نُورٍ أَخْضَرَ مِنْهُ اخْضَرَّتِ الْخُضْرَةُ، وَ مِنْ نُورٍ أَصْفَرَ اصْفَرَّتِ مِنْهُ الصُّفْرَةُ، وَ مِنْ نُورٍ أَحْمَرَ احْمَرَّتْ مِنْهُ الْحُمْرَةُ وَ مِنْ نُورٍ أَبْيَضَ وَ هُوَ نُورُ الْأَنْوَارِ وَ مِنْهُ ضَوْءُ النَّهَارِ، ثُمَّ جَعَلَهُ سَبْعِينَ أَلْفَ طَبَقٍ غِلَظُ كُلِّ طَبَقٍ كَأَوَّلِ الْعَرْشِ إِلَى أَسْفَلِ السَّافِلِينَ، وَ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ طَبَقٌ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ يُقَدِّسُهُ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ أَلْسِنَةٍ غَيْرِ مُشْتَبِهَةٍ ... لَهُ ثَمَانِيَةُ أَرْكَانٍ يَحْمِلُ كُلَّ رُكْنٍ مِنْهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُحْصِي عِدَّتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ يُسَبِّحُونَ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ لا يَفْتُرُونَ".
و
عَنْهُ ع" حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ الْعَرْشُ العلِمُ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنَّا وَ أَرْبَعَةُ مِمَّا شَاءَ اللَّهُ".
و
فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فُسِّرَتِ الْأَرْبَعَةُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَ بِالْحَسَنَيْنِ وَ الْأَرْبَعَةُ الثَّانِيَةُ بِسَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادِ وَ أَبِي ذَرٍّ وَ عَمَّارٍ، وَ يَوْمَئِذٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَوْتِ النَّبِيِّ ص.
قوله: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ
[12/ 100] العرش سرير الملك، و منه قوله أَ هكَذا عَرْشُكِ
[27/ 42]. قال المفسر في قوله أَ هكَذا أربع كلمات حرف الاستفهام و حرف التنبيه و كاف التشبيه و اسم الإشارة، أي مثل هذا عَرْشُكِ، و لم يقل أ هذا عَرْشُكِ لئلا يكون تلقينا. قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ و لم تقل هو هو و لا ليس به، و ذلك من رجاحة عقلها إذ لم تقطع في موضع الاحتمال قوله: يَعْرِشُونَ*
[7/ 137] أي يبنون.
142
قوله: مَعْرُوشاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ
[6/ 141] أي مرفوعات على ما تحملها يقال عَرَشْتُ الكرم: إذا جعلت تحته قصبا و أشباهه لتميد عليه، و غير معروشات من سائر الشجر الذي لا يَعْرِشُ. و الْعَرِيشُ: ما يستظل به يبنى من سعف النخل مثل الكوخ فيقيمون فيه مدة إلى أن يصرم النخل، و
مِنْهُ عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى ع.
في حديث مسجد الرسول ص حين ظلل. و الْعَرِيشُ: خيمة من خشب و ثمام، و الجمع عُرُشٌ مثل قليب و قلب. قال الجوهري: و منه قيل لبيوت مكة الْعُرُشُ لأنها عيدان تنصب و يظلل عليها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا نَظَرَ إِلَى عُرُشِ مَكَّةَ".
أي إلى بيوتها، و كان ذلك قبل معاوية.
(عشش)
" عُشُّ الطائر" بالضم و التشديد: موضعه الذي يجمعه من دقاق العيدان أو غيرها، و جمعه عِشَشَةٌ و عِشَاشٌ و أَعْشَاشُ. قال الجوهري: و هو في أفنان الشجر، فإذا كان في جبل أو جدار أو نحوهما فهو وكر و وكن، و إذا كان في الأرض فهو أفحوص و أدحي. و عَشَّشَ الطائر: اتخذ عُشّاً.
(عطش)
فِي الْحَدِيثِ" الرَّجُلُ يُصِيبُهُ الْعُطَاشُ حَتَّى يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: يَشْرَبُ".
الْعُطَاشُ بالضم: شدة العطش، و قد يكون داء يصيب الإنسان يشرب الماء فلا يروى. و الْعَطَشُ: خلاف الري. و قد عَطِشَ بالكسر فهو عَطْشَان، و قوم عَطْشَى و عِطَاشٌ، و امرأة عَطْشَى و نسوة عِطَاشٌ. و مكان عَطِشٌ: قليل الماء.
(عكرش)
الْعِكْرِشُ بالكسر: نبات من الحمض، و هو الثيل نفسه- قاله في القاموس.
(عمش)
الْعَمَشُ بالتحريك في العين: ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها،
143
و هو من باب تعب. و الرجل أَعْمَشُ و المرأة عَمْشَاءُ.
(عيش)
قوله تعالى: وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً
[78/ 11] أي وقت مَعَاشٍ يَتَعَيَّشُونَ به. قوله: وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ*
[7/ 10] هو جمع مَعْيَشَةٍ على وزن مفعلة و هو ما يُعَاشُ به من النبات و غيره من الحيوان، و الياء أصلية متحركة، فلا تقلب في الجمع، فعلى قول الجمهور إن مَعايِشَ* مفاعل من الْعَيْشِ من باب عاشَ فالميم زائدة، و وزن مَعَايِشُ مفاعل فلا يهمز. قال في المصباح و به قرأ السبعة. و قيل هو من مَعِيشٍ فالميم أصلية، فوزن مَعِيشَةٍ فعيلة و وزن مَعَائِشُ فعائل فيهمز، و به قرأ أبو جعفر المدني و الأعرج. قوله: مَعِيشَةً ضَنْكاً
[20/ 124] قال كثير من المفسرين: إن المراد بِالْمَعِيشَةٍ الضنك عذاب القبر بقرينة ذكر القيامة بعدها، و لا يجوز أن يراد بها سوء الحال في الدنيا، لأن كثيرا من الكفار لهم في الدنيا مَعِيشَةٌ طيبة هنيئة غير ضنك، و المؤمنون بالضد كما ورد
فِي الْحَدِيثِ" الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرَ".
و يتم البحث في ضنك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَّا لِرَجُلَيْنِ رَجُلٍ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ خَيْراً وَ رَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ".
الْعَيْشُ: الحياة و ما يعاش به من أنواع الرزق و الخبز و وجوه النعم و المنافع أو ما يتوصل به إلى ذلك، يقال عَاشَ يَعِيشُ عَيْشاً و مَعَاشاً و عِيشَةً بالكسر. و
مِنْهُ" لَوْ لَا ذَلِكَ مَا انْتَفَعَ أَحَدٌ بِعَيْشٍ".
و
مِنْهُ" الرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ".
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ".
لعل المراد به الحياة الطيبة بعد الموت و التَّعَيُّشُ: تكلف أسباب الْمَعِيشَةِ. و" عَائِشَةُ بنت أبي بكر" زوجة
144
النبي ص، و هي مهموزة. قال الجوهري و لا تقل عِيشَةٌ. و" الْعَيَّاشِيُّ" نسبة لمحمد بن مسعود بن محمد من رواة الحديث.
باب ما أوله الغين
(غبش)
فِي الْخَبَرِ" إِنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ بِغَبَشٍ".
يريد أنه قدم صلاة الفجر عند أول طلوعه، و ذلك الوقت هو الْغَبَشُ، و جمعه أَغْبَاشٌ. و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع فِيمَنْ طَلَبَ عِلْماً لِغَيْرِ اللَّهِ" عَادٍ فِي أَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ".
أي بظلمتها. و الْغَبَشُ بالتحريك: البقية من الليل و في أول الليل أيضا- قاله في النهاية و غيره. و أَغْبَشَ الليل: إذا أظلم ظلمة يخالطها بياض.
(غثمش)
" غَثْمِيشَا" على ما في النسخ وَصِيُّ مَحُوقَ بالقاف، الذي هو وصي مَجْلَث بالجيم و الثاء المثلثة، و هو وصيُّ شبانَ بن شيث بن آدم.
(غشش)
الْمَغْشُوشُ: الغير الخالص.
وَ فِي حَدِيثِ الْقُرْآنِ" وَ اغْتَشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ".
أي اتخذوا أهواءكم غَاشَّةً.
وَ قَوْلُهُ ع" وَ كَمْ مِنْ مُسْتَنْصِحٍ لِلْحَدِيثِ مُسْتَغِشٌّ لِلْكِتَابِ".
أي ليس
145
بناصح في تعلمه و معرفته، من قوله غَشَّهُ: لم يمحضه النصح و أظهر له خلاف ما أضمر. و الْغِشُّ بالكسر اسم منه، و اغْتَشَّهُ و اسْتَغَشَّهُ ضد انتصحه و استنصحه.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا".
أي ليس من أخلاقنا و لا على سنننا.
(غطش)
قوله تعالى: أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها
[79/ 29] يقال أَغْطَشَهُ الله: أظلمه. و أَغْطَشَ الليل: أظلم بنفسه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَطْفَأَ بِشُعَاعِهِ ظُلْمَةَ الْغَطْشِ".
أي ظلمة الظلام. و الْغَطَشُ في العين: شبه العَمَشِ. و منه غَطِشَ الرجل بالكسر، فهو أَغْطَشُ، و المرأة غَطْشَاءُ.
(غطمش)
الْغَطَمَّشُ بتشديد الميم: الكليل البصر.
(غمش)
" أحمد بن رزق الْغُمْشَانِيُّ" بضم الغين من رواة الحديث
باب ما أوله الفاء
(فتش)
فِي الْحَدِيثِ" يَحْرُمُ عَلَيْكُمْ تَفْتِيشُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ".
يقال فَتَشْتُ الشيء فَتْشاً من باب ضرب: تصفحته. و فَتَشْتُ عنه: سألت و استقصيت في الطلب و فَتَّشْتُ بالتشديد هو الفاشي في الاستعمال.
(فحش)
قوله تعالى: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا
[4/ 15] قيل المراد بِالْفَاحِشَةِ المساحقة و الأكثرون المراد بها الزنا.
146
قوله: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ قيل المراد صيانتهن عن مثل فعلهن، فالإمساك كناية عنه، و الأكثر أنه على وجه الحد في الزنا، و كان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ بآية الجلد. قوله: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا قيل السبيل النكاح المغني عن السفاح، و هذا لا يتم على تقدير إرادة المحصنات، و قيل السبيل الحكم الناسخ، و لهذا
لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجَلْدِ قَالَ النَّبِيُّ ص: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا.
قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ*
[4/ 19] قيل معناه إلا أن يزنين فإنها تخرج ليقام عليها الحد، و قيل إلا أن تظهر بأذى تؤذي به زوجها، و قيل إلا أن يرتكبن الْفَاحِشَةَ بالخروج بغير إذن. و قد يراد بِالْفَاحِشَةِ النشوز و سوء العشرة. قوله: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ
[53/ 32] أراد بها الزنا و السرقة، و باللمم الرجل يلم بالذنب فيستغفر منه، و يتم البحث في لمم. قوله: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ
[7/ 31] الْفَوَاحِشُ: المعاصي و القبائح ما ظهر منها و ما بطن، مثل قوله وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع" مَا ظَهَرَ هُوَ الزِّنَا وَ مَا بَطَنَ هُوَ الْمُخَالَّةُ".
وَ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ" إِنَّ الْقُرْآنَ لَهُ ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ، فَجَمِيعُ مَا حُرِّمَ فِي الْكِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ، وَ الْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ، وَ جَمِيعُ مَا أُحِلَّ فِي الْكِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ وَ الْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْحَقِّ".
قوله: وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ [2/ 268] الْفَحْشَاءُ: الْفَاحِشَةُ و كل مستقبح من الفعل و القول، و يقال يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ
أي البخل، و يقال للبخل فَاحِشٌ و كل سوء جاوز حده فهو فاحش.
147
و فَحُشَ الشيء فُحْشاً مثل قبح قبحا وزنا و معنى، و في لغة من باب قتل.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ".
الْفَاحِشُ ذو الفحش في كلامه و فعاله، و الْمُتَفَحِّشُ من يتكلمه و يتعمده قال في النهاية: قد تكرر ذكر الْفُحْشُ و الْفَاحِشَةُ و الْفَوَاحِشُ في الحديث، و هو كلما يشتد قبحه من الذنوب و المعاصي. و قد يكون الْفُحْشُ بمعنى الزيادة و الكثرة، و منه
حَدِيثُ دَمِ الْبَرَاغِيثِ" إِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشاً فَلَا بَأْسَ بِهِ".
و مثله
" إِنْ كَانَ الِالْتِفَاتُ فَاحِشاً فِي الصَّلَاةِ".
أي كثيرا.
(فرش)
قوله تعالى: جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً
[2/ 22] أي ذللها لكم للاستقرار عليها.
وَ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ:" جَعَلَهَا مُلَائِمَةً لِطِبَاعِكُمْ مُوَافِقَةً لِأَجْسَادِكُمْ، لَمْ يَجْعَلْهَا شَدِيدَةَ الْحُمَّى وَ الْحَرَارَةِ فَتُحْرِقَكُمْ وَ لَا شَدِيدَةَ الْبُرُودَةِ فَتُجْمِدَكُمْ، وَ لَا شَدِيدَةَ طِيبِ الرِّيحِ فَتُصَدِّعَ هَامَاتِكُمْ، وَ لَا شَدِيدَةَ النَّتْنِ فَتَعْطِبَكْم، وَ لَا شَدِيدَةَ اللِّينِ كَالْمَاءِ فَتُغْرِقَكُمْ، وَ لَا شَدِيدَةَ الصَّلَابَةِ فَتَمْتَنِعَ عَلَيْكُمْ فِي دُورِكُمْ وَ أَبْنِيَتِكُمْ وَ قُبُورِ مَوْتَاكُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ فِيهَا مِنَ الْمَتَانَةِ مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ تَتَمَاسَكُونَ وَ تَتَمَاسَكُ عَلَيْهَا أَبْدَانَكُمْ وَ بُنْيَانُكُمْ وَ مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ لِدُورِكُمْ وَ قُبُورِكُمْ وَ كَثِيرٍ مِنْ مَنَافِعِكُمْ، فَلِذَلِكَ جَعَلَ الْأَرْضَ فِراشاً".
قوله: حَمُولَةً وَ فَرْشاً [6/ 142] الْفَرْشُ بالفتح: الإبل التي لا تطيق أن يحمل عليها، و هي الصغار من الإبل، و قيل هو من الإبل و البقر و الغنم ما لا يصلح للذبح، و قدم الحمولة على الفرش لأنها أعظم في الانتفاع. قال الفراء نقلا عنه: و لم أسمع الْفَرْشَ يجمع، و يحتمل أن يكون مصدرا سمي به. قوله: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراش
148
الْمَبْثُوثِ [101/ 4] الْفَرَاشُ بالفتح و تخفيف الراء جمع الفراشة، و هو صغار البق، و قيل شبيهة بالبعوض تتهافت في النار، و ذلك لضعف أبصارها، فهي نسيت ضوء النهار، فإذا رأت المسكينة ضوء السراج بالليل ظنت أنها في بيت مظلم، فلا تزال تطلب الضوء و ترمي بنفسها إلى النار حتى تحترق. قال الغزالي: و لعلك تظن أن هذا لنقصان فهمها و جهلها. ثم قال: اعلم أن جهل الإنسان أعظم من جهلها، بل صورة الإنسان في الانكباب على الشهوات و التهافت فيها أعظم جهلا منها، لأنه لا يزال يرمي نفسه في النار بانكبابه على الشهوات و المعاصي إلى أن يغمس في النار و يهلك هلاكا مؤبدا، فليت جهل الآدمي كان كجهل الفراش، فإنها باغترارها بظاهر الضوء احترقت و تخلصت في الحال و الآدمي يبقى في النار أبد الآبدين أو مدة مديدة، و لذلك
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص" إِنَّكُمْ تَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ تَهَافُتَ الْفِرَاشِ".
و الْفِرَاشُ بالكسر واحد الْفَرْشِ، و قد يكنى به عن المرأة، و منه قوله تعالى: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
[56/ 34] أي نساء مرتفعة الأقدار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْكَ".
يعني في سجودك، أي لا تبسطهما
" وَ لَكِنْ جَنِّحْ بِهِمَا".
و
فِيهِ" الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ".
أي للزوج فإن كل واحد من الزوجين يسمى فِرَاشاً للآخر كما يسمى كل واحد منهما لباسا للآخر. و فِرَاشُ الهام: عظام رقيقة تلي قحف الرأس. و كل عظم رقيق فِرَاشَةٌ مثل سحاب و سحابة، و
مِنْهُ" فِرَاشَةُ الْقُفْلِ".
و هو ما ينشب فيه. و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" ضَرْبٌ يَطِيرُ مِنْهُ فِرَاشُ الْهَامِ".
و فَرَشْتُ البساطَ و غيره فَرْشاً من باب ضرب، و في لغة من باب قتل: بسطته.
(فنش)
فَنَشَ في الأرض فَنْشاً: استرخى.
149
مجمع البحرين4
باب ما أوله القاف ص 150
باب ما أوله القاف
(قرش)
قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ
[106/ 1] قُرَيْشٌ قبيلة و أبوهم النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، و كل من كان ولدا لنضر بن كنانة فهو قرشي. و قيل قُرَيْشٌ هو فهر بن مالك، و من لم يلده فليس بقرشي. و اختلف في سبب التسمية: فقيل هو من الْقَرْشِ و هو الكسب و الجمع، و قيل سميت قُرَيْشاً لاجتماعها بعد تفرقها في البلاد، و
قِيلَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ رَكِبَ فِي بَحْرِ الْهِنْدِ فَقَالُوا قُرَيْشٌ [نوع من السمك يعرف بكلب البحر يقطع الحيوان بأسنانه] كَسَرَ مَرْكَبَنَا فَرَمَاهَا النَّضْرُ بِالْجِرَابِ فَقَتَلَهَا وَ حَزَّ رَأْسَهَا وَ كَانَ لَهَا آذَانٌ كَالشِّرَاعِ تَأْكُلُ وَ لَا تُؤْكَلُ تَعْلُو وَ لَا تُعْلَى، فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَنَصَبَهُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَكَانَ النَّاسُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ عِظَمِهِ فَيَقُولُونَ قَتَلَ النَّضْرُ قُرَيْشاً.
و قُرَيْشٌ أهل الشرف و الرئاسة، و هم قبائل متفرقة منهم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر و كان يدعى مُجَمِّعاً، و منهم هاشم الذي قيل فيه:
عمرو الذي هَشَمَ الثريد لقومه و رجال مكة مسنتون عجاف
و منهم شيبة الحمد المطعم طير السماء الذي كان في وجهه قمر يضيء ليلة الظلام الداجي. و ينسب إلى قُرَيْشٍ بحذف الياء، فيقال قُرَشِيٌّ، و ربما نسب إليه في الشعر من غير تغيير فيقال قُرَيْشِيٌّ.
وَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ".
يريد العلوية. قال بعض الأفاضل: الْقُرَشِيَّةُ ما انتسبت بالأب و الأم أو بالأب على المختار. و مقابر قُرَيْشٍ ببغداد معروفة.
150
(قرقش)
القرقش [القِرْقِس] بكسر القاف: البعوض.
(قش)
فِي الْحَدِيثِ" أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ لِسُورَتَيْ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الْمُقَشْقِشَتَانِ".
قال في القاموس و الصحاح: الْمُقَشْقِشَتَانِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وَ الْإِخْلَاصُ، أي الْمُبْرِئَتَانِ من النفاق و الشرك تبرئان كما يُقَشْقِشُ الهناءُ الجرب.
(قمش)
فِي الْحَدِيثِ" رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا".
أي جمعه، من الْقَمْشِ بالفتح فالسكون و هو جمع الشيء من هنا و من هنا، و كذلك التَّقَمُّشُ. و قُمَاشُ البيت بالضم: متاعه.
باب ما أوله الكاف
(كبش)
فِي الْخَبَرِ" قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَقَدْ عَظَّمْتُمْ مُلْكَ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ".
كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَنْسُبُونَ النَّبِيَّ إِلَى أَبِي كَبْشَةَ، وَ كَانَ أَبُو كَبْشَةَ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ خَالَفَ قُرَيْشاً فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَ عَبَدَ الشِّعْرَى، فَلَمَّا خَالَفَهُمْ النَّبِيُّ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ شَبَّهُوهُ بِهِ.
و قيل هو نسبة إلى جد النبي ع لأمه، فأرادوا أنه نزع إليه في الشبه. و الْكَبْشُ: فحل الضأن في أي سن كان، و قيل الحمل إذا ثنى و إذا خرجت رباعيته، و الجمع كِبَاشٌ ككتاب. و كَبْشُ القوم: سيدهم- قاله الجوهري
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع فِي مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ" هُوَ أَبُو الْأَكْبُشِ الْأَرْبَعَةِ".
و كان له أربعة ذكور لصلبه: عبد الملك و وُلِّيَ الخلافة، و عبد العزيز و وُلِّيَ مصر،
151
و بِشْرٌ و وليَ العراق، و محمد و ولي الجزيرة و لم يَلِ الخلافةَ أربعةُ إِخوةٍ إِلَّا هُمْ.
(كدش)
الْكَدْشُ: الخدش. و كَدَشَهُ: خدشه.
(كرش)
لكل مجتر: بمنزلة المعدة للإنسان، و فيه لغتان كَرِشٌ و كِرْشٌ مثل كبد و كبد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَغْلُ كَرِشُهُ سِقَاؤُهُ".
و جمع الْكَرِشِ كُرُوشٌ كحمل و حمول و يسمى الْكَرِشُ إنفحة ما لم يأكل الجدي، فإن أكل يسمى كَرِشاً. و الكرش أيضا الجماعة من الناس.
وَ فِي خَبَرِ النَّبِيِّ ص" الْأَنْصَارُ كَرِشِي".
أي أنهم مني في المحبة و الرأفة بمنزلة الأولاد الصغار، لأن الإنسان مجبول على محبة ولده الصغير. و كَرِشُ الرجل: عياله من صغار ولده.
(كشش)
" الْكَشُّ" بالفتح قرية من جرجان و الْكَشُّ: الكشك. و منه
حَدِيثُ الْمَنِيِّ" وَ لَهُ رَائِحَةُ الْكُشِّ".
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي ذَمِّ قَوْمِهِ فِي الْحَرْبِ" كَأَنِّي بِكُمْ أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ تَكِشُّونَ كشَيِشَ الضِّبَابِ صَوْتَهَا".
أي تصيحون صيحة ضعيفة. و كَشِيشُ الأفعى: صوتها من جلدها لا من فمها، كنى بذلك عن حالهم في الازدحام في الهزيمة.
(كمش)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُوَارِ- يَعْنِي مِنَ الْقَتْلَى- إِلَّا كَمِيشاً".
يعني من كان ذكره صغيرا. قيل و لا يكون ذلك إلا في كرام الناس. و الْكَمِيشُ: السريع أيضا.
152
و الْكَمُوشُ: الصغيرة الضرع، سميت بذلك لِانْكِمَاشِ ضرعها و تقلصه.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَوَاعِظِ" وَ اكْمُشْ فِي فَرَاغِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْصَدَ قَصْدُكَ وَ يُنْحَى نَحْوُكَ فَلَا تَقْدِرَ حِينَئِذٍ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا طُلِبَ مِنْكَ".
أي شمر و جد في الطلب، يقال انْكَمِشْ في هذا الأمر: شمر و جد فيه. و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" بَادِرْ مِنْ وَجَلٍ وَ اكْمُشْ فِي مَهَلٍ".
و هو من قبيل
" هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ".
باب ما أوله الميم
(محش)
الْمُحَاشُ بالضم: المحرف. و الْمَحَاشُ بالفتح: المتاع.
وَ قَوْلُهُ ص" مَحَاشُّ نِسَاءِ أُمَّتِي حَرَامٌ".
قد مر في حشش.
(مرش)
الْمَرْشُ: الخدش بأطراف الأصابع- قاله في القاموس.
(مشش)
فِي وَصْفِهِ ص" عَظِيمُ مُشَاشَةِ الْمَنْكِبَيْنِ".
الْمُشَاشَةُ بالضم واحد الْمُشَاشِ كغراب، و هي رءوس العظام اللينة التي يمكن مضغها كالمرفقين و الكفين و الركبتين، و منه" جليل الْمُشَاشِ" أي عظيمها. و منه
حَدِيثُ شَارِبِ الْخَمْرِ" إِذَا شَرِبَ بَقِيَ فِي مُشَاشِهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً".
و" الْمِشْمِشُ" بالكسر الذي يؤكل و حكى الفتح في الصحاح عن أبي عبيدة.
(ميش)
" الْمَاشُ" حب معروف معرب أو مولد. و" مُوشَا بن يوسف" و ولد له ابن يقال له موسى نبىء قبل موسى- كذا في التاريخ.
153
مجمع البحرين4
باب ما أوله النون ص 154
باب ما أوله النون
(نبش)
نَبَشْتُ الميت نَبْشاً من باب قتل: استخرجته من الأرض، و منه النَّبَّاشُ. و نَبَشْتُ الشر: أفشيته.
(نجش)
فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ" نَهَى عَنِ النَّجْشِ".
النَّجَشُ بفتحتين هو أن يمدح السلعة في البيع لينفقها و يروجها أو يزيد في قيمتها و هو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، يقال نَجِشَ الرجل نَجْشاً من باب قتل، و الاسم النَّجْشُ، و الفاعل نَاجِشٌ و نَجَّاشٌ مبالغة، قيل و الأصل فيه تنفير الوحش من مكان إلى مكان، و النهي للتحريم لما فيه من إدخال الضرر على المسلم. و مثله
الْخَبَرُ" لَا تَنَاجَشُوا وَ لَا تَدَابَرُوا".
و النَّاجِشُ: الخائن. و" النَّجَاشِيُّ" بالفتح و التخفيف في غير موضع و هو الأكثر:
اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْحَبَشَةِ، وَ اسْمُهُ أَضْمَخَةُ، آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ غَائِباً، وَ كَانَ عَبْداً لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِيمَانِ.
وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ.
و" النَّجَاشِيُّ" أبو أحمد بن علي المكنى بأبي العباس صاحب كتاب الرجال المشهور، سمع كثيرا عن أبي عبد الله المفيد.
(نشش)
فِي الْحَدِيثِ" النَّبِيذِ إِذَا نَشَّ فَلَا يَشْرَبُ".
أي إذا غلا، يقال نَشَّتِ الخمرة تَنِشُّ نَشِيشاً. و مثله
" إِنْ نَشَّ الْعَصِيرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ فَدَعْهُ حَتَّى يَصِيرَ خَلًّا".
و مثله
" إِذَا نَشَّ الْعَصِيرُ أَوْ غَلَى
154
حَرُمَ".
و النَّشِيشُ: صوت الماء و غيره إذا غلى. و نَشَّ الكوز الجديد: إذا صوت. و
فِيهِ" مُهُورُ نِسَاءِ آلِ مُحَمَّدِ اثْنَا عَشَرَ أُوقِيَّةً وَ نَشٌّ".
أي نصف أوقية، لأن النَّشَّ بالفتح و الشين المشددة عشرون درهما نصف أوقية- قاله الجوهري و غيره. فيكون الجمع خمسمائة درهم. و النَّشُّ من كل شيء: نصفه.
(نعش)
تكرر في الحديث ذكر النَّعْشُ، و هو سرير الميت إذا كان عليه، سمي بذلك لارتفاعه، فإذا لم يكن عليه ميت فهو سرير. و ميت مَنْعُوشٌ: محمول على النَّعْشِ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَسْأَلُكَ نِعْمَةً تَنْعَشُنِي بِهَا وَ عِيَالِي".
أي ترفعني بها عن مواطن الذل، من قولهم نَعَشَهُ الله يَنْعَشُهُ نَعْشاً: رفعه. قال الجوهري و لا تقل أَنْعَشَهُ الله. و قوله:" تَنْعَشُ الضعيفَ" أي تقويه و تقيمه، من قولهم نَعَشَهُ و أَنْعَشَهُ: أي أقامه. و انْتَعَشَ العاش: نهض من عثرته. و" بنات نَعْشٍ" نجوم سبعة معروفة لا تغيب بل ينحط بعضها إلى جانب المغيب انحطاطا.
(نفش)
قوله تعالى: إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ
[21/ 78] أي رعته ليلا، و لا يكون النَّفْشُ إلا بالليل، و الهمل يكون ليلا و نهارا، يقال نَفَشَتِ الغنم و الإبل تَنْفُشُ نُفُوشاً: إذا رعت ليلا بلا راع. و منه
الْحَدِيثُ" عَلَى صَاحِبِ الْمَاشِيَةِ حِفْظُهَا بِاللَّيْلِ فَمَا فَسَدَتْ بِاللَّيْلِ ضَمِنُوا وَ هُوَ النَّفَشُ".
و نَفَشْتُ القطن نَفْشاً من باب قتل: إذا هيجته.
(نقش)
الْمُنَاقَشَةُ هي الاستقصاء في الأمر و الحساب، يقال نَاقَشَهُ مُنَاقَشَةً: إذا استقصيت في حسابه. و النَّقْشُ كفلس هو تلوين الشيء
155
بلونين أو زائد، و الشيء مَنْقُوشٌ، يقال نَقَشْتُ الشيء نَقْشاً من باب قتل: لونته بألوان. و النَّقْشُ: النتف بِالْمِنْقَاشُ، و منه" نَقْشُ الخاتم".
(نمش)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ ذَرَّ عَلَى أَوَّلِ لُقْمَةٍ مِنْ طَعَامِهِ الْمِلْحَ ذَهَبَ عَنْهُ بِنَمَشِ الْوَجْهِ".
النَّمَشُ محركة: نقط بيض و سود تقع في الجلد يخالف لونها لونه، و منه ثور نَمِشٌ بكسر الميم.
(نوش)
قوله تعالى: وَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
[34/ 52] التَّنَاوُشُ: التناول يقول أنى لهم تناول الإيمان في الآخرة و قد كفروا به في الدنيا، و لك أن تهمز الواو كما يقال أقتت و وقتت. قال الجوهري و قرئ بهما جميعا. و الْمُنَاوَشَةُ: المناولة. و الْمُنَاوَشَةُ في القتال: تداني الفريقين و أخذ بعضهم بعضا.
(نهش)
فِي وَصْفِهِ ص" كَانَ مَنْهُوشَ الْقَدَمَيْنِ".
أي دقيقهما. و نَهَشَتْهُ الحية من بابي ضرب و نفع: لسعته و عضته.
باب ما أوله الواو
(وبش)
الْأَوْبَاشُ من الناس: الأخلاط. قال الجوهري: هو جمع مقلوب من البوش. و منه
الْحَدِيثُ" قَدْ وَبَّشْتْ قُرَيْشٌ لِحَرْبِهِ أَوْبَاشاً".
بموحدة مشددة و شين معجمة، أي جمعت له جموعا من قبائل شتى و هم الْأَوْبَاشُ و الأوشاب أيضا.
156
(وحش)
قوله تعالى وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ
[81/ 5] قد مر تفسيره. و الْوُحُوشُ: الْوَحْشُ، و هو الحيوان البري، الواحد الْوَحْشِيُّ، و يقال جمع الْوَحْشِ وُحُوشٌ، و كل شيء يَسْتَوْحِشُ من الناس فهو وَحْشٌ و وَحْشِيٌّ. و كان الياء فيه للتأكيد كما في قوله:
و الدهر بالإنسان دواري
أي كثير الدوران. و يقال إذا أقبل الليل: استأنس كل وَحْشِيٍّ و استوحش كل إنسي. و الْوَحْشَةُ بين الناس: الانقطاع و بعد القلوب عن المودات.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قُلُوبُ الرِّجَالِ وَحْشِيَّةٌ".
أي متباعدة بعضها من بعض، من الْوَحْشَةُ التي هي عدم الأنس
" فَمَنْ تَأَلَّفَهَا أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ".
وَ فِي حَدِيثِ عَطِيَّةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ" وَ كَانَ فِيهِ إِيحَاشٌ لِلْبَاقِينَ".
أي بعد و تباعد لهم من الْوَحْشَةِ. و قد اضطربت النسخ في هذه اللفظة، و لعل ما ذكرنا هو الصواب. و الْوَحْشَةُ: الخلوة. و بلد وَحْشٌ بالتسكين: أي قفر. و" وَحْشِيٌّ" قاتل حمزة عم النبي ص آمن بعد قتل حمزة. و منه
الْحَدِيثُ" حَمْزَةُ وَ قَاتِلُهُ فِي الْجَنَّةِ".
(ورش)
فِي الْحَدِيثِ" مَنِ اتَّخَذَ طَيْراً فَلْيَتَّخِذْ وَرَشَاناً".
هو بفتح الواو و الراء و الشين المعجمة: الحمام الأبيض. و الْوَرَشَانُ أيضا: سَاقُ حُرٍّ، و هو ذكر القماري. و" الْوَرَشَانُ" قيل طائر يتولد من الفاختة و الحمامة.
157
و قال بعض الأعلام: الْوَرَشَانُ الحمام الأبيض، و القماري الأزرق، و الدباسي الأحمر، و الجمع وراشين، و يجمع على وِرْشَانٍ بكسر الواو ككروان جمع كروان للطائر المعروف.
وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ: يَقُولُ الْوَرَشَانُ" لِدُوا لِلْمَوْتِ وَ ابْنُوا لِلْخَرَابِ".
و" ورش" لقب رجل من القراء.
(وشوش)
الْوَشْوَشَةُ: كلام في اختلاط، يقال بين القوم وَشْوَشَةٌ و وَشَاوِشُ.
باب ما أوله الهاء
(هشش)
قوله تعالى: وَ أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي
[20/ 18] أي أضرب الأغصان ليسقط ورقها على غنمي، من قولهم هَشَشْتُ الورق أَهُشُّهُ هَشّاً: خبطته بعضا ليتخلف. و الْهَشَاشَةُ: الارتياح و الخفة للمعروف. و قد هَشِشْتُ بفلان بالكسر أَهِشُّ هَشَاشَةً: إذا خففت إليه و ارتحت له. و" هَشٌّ بش" لمن اتصف بذلك، يقال هَشَّ الرجل هَشّاً: إذا تبسم و ارتاح من بابي تعب و ضرب. و
" الْمُؤْمِنِ هَشَّاشٌ بَشَّاشٌ".
من الْهَشَاشَةِ، و هي طلاقة الوجه. و شيء هَشٌّ و هَشِيشٌ: أي رخو لين
(همش)
هَمْشَارِيجُ الرجل: أهل بلده، فارسي معرب. و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ" أَعْطِ هَمْشَارِيجَهُ".
158
(هوش)
فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ فِي الْهَايِشَاتِ عَقْلٌ وَ لَا قِصَاصٌ".
هي الفزعة تقع بالليل و النهار فَيُشَجُّ الرجل فيها أو يقتل لا يدرى من شَجَّهُ أو قتله.
وَ فِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ" إِيَّاكُمْ وَ هَوْشَاتِ الْأَسْوَاقِ".
أي فتنتها و هيجانها.
وَ فِي خَبَرِ الْإِسْرَاءِ" فَإِذَا بَشَرٌ يَهُوشُونَ".
أي يدخل بعضهم في بعض، من الْهَوْشِ، و هو الاختلاط.
(هيش)
الْهَيْشَةُ: الجماعة من الناس و هَاشَ القوم يهيشون هَيْشاً: إذا تحركوا و هاجوا.
159
مجمع البحرين4
باب ما أوله الألف ص 163
باب ما أوله الألف
(اجص)
" الْإِجَّاصُ" بكسر الأول و تشديد الجيم فاكهة معروفة، الواحدة إِجَّاصَةٌ، و لا يقال إنجاص، و يقال إنه ليس من كلام العرب لأن الصاد و الجيم لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلامهم.
(امص)
فِي الْفَقِيهِ" لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْآمِصِ".
الْآمِصُ و الْآمِيصُ طعام يتخذ من لحم عجل بجلده، أو مرق السكباج المصفى من الدهن معرب- قاله في القاموس. و روي أنها اليحامير.
باب ما أوله الباء
(بخص)
فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ع" كَانَ مَبْخُوصَ العَقِبَيْنِ".
بالباء الموحدة و الخاء المعجمة ثم الصاد المهملة أي قليل لحمها. و الْبَخْصَةُ: لحم أسفل القدم. قال الهروي: و إن روي بالنون و الحاء و الضاد فهو من النَّحْضُ اللحم، يقال نَحَضْتُ العظم: إذا أخذت عنه لحمه.
(برص)
الْبَرَصُ لون مختلط حمرة و بياضا أو غيرهما، و لا يحصل إلا من فساد المزاج و خلل في الطبيعة، يقال بَرِصَ الجسم بَرَصاً من باب تعب، و الذكر أَبْرَصُ و الأنثى بَرْصَاءُ، و الجمع بُرْصٌ كأحمر و حمراء و حمر. و" سام أَبْرَصُ" و" سَمَّبْرَصُ" هو كبار الوزغ، اسمان جعلا اسما واحدا، فإن شئت أعربت الأول و أضفته إلى الثاني، و إن شئت بنيت الأول على الفتح و أعربت الثاني، و لكنه غير منصرف في الوجهين للعلمية الجنسية
163
و وزن الفعل- كذا قاله الجوهري و غيره، و تقول في التثنية هذان ساما أَبْرَصُ و في الجمع سوام أَبْرَصُ، و إن شئت قلت هؤلاء سوام و لا تذكر أَبْرَصَ، و إن شئت قلت هؤلاء الْبِرَصَةُ و الْأَبَارِصُ، و لا تذكر سام. و" أبو بَرْصٍ" بفتح ألباء: الوزغ الذي يسمى سامَّ أَبْرَصَ. و عن يحيى بن يعمر" لئن أقتل مائة وزغة أحب إلي من أن أعتق مائة رقبة". قيل: إنما قال ذلك لأنها دابة سوء، و زعموا أنها تستسقي الحيات و تمج في الماء، فإذا نال الإنسان من ذلك حصل له مكروه عظيم، و إذا تمكن من الملح تمرغ فيه فيصير مادة لتولد البرص. و من خواصه أنه إذا شق و جعل على موضع النصل و الشوك فإنه يخرجهما، و إذا سحق و خلط بالزيت أنبت الشعر على القرع.
(بصبص)
فِي حَدِيثِ دَانِيَالَ حِينَ أُلْقِيَ فِي الْجُبِّ وَ أَلْقَوْا عَلَيْهِ السِّبَاعَ" جَعَلْنَ يَلْحَسْنَهُ وَ يُبَصْبِصْنَ إِلَيْهِ".
أَخْذاً مِنَ الْبَصْبَصَةِ، و هي تحريك الكلب ذنبه طمعا أو خوفا.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" يَا عِيسَى سُرُورِي أَنْ تُبَصْبِصَ إِلَيَّ".
أي تقبل إلي بخوف و طمع.
وَ نَقَلَ الشَّهِيدُ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ أَنَّ الْبَصْبَصَةَ: هِيَ أَنْ تَرْفَعَ سَبَّابَتَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ وَ تُحَرِّكَهُمَا وَ تَدْعُوَ.
و الْبَصِيصُ: البريق. و بَصَّ الشيء يَبُصُّ: لمع.
(بعص)
فِي الْحَدِيثِ" فِي الرَّجُلِ إِذَا انْكَسَرَ بُعْصُوصُهُ فَلَمْ يَمْلِكِ اسْتَهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ".
البُعْصُوصُ كعصفور: الورك و عظم دقيق حول الدبر، و هو الْعُصْعُصُ.
164
مجمع البحرين4
باب ما أوله الجيم ص 165
باب ما أوله الجيم
(جصص)
الْجِصُّ بالكسر: ما يبنى به معرب. و الْجَصَّاصُ: من يتخذه.
باب ما أوله الحاء
(حرص)
قوله تعالى: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ
[9/ 128] أي حثيث عليكم بالنصيحة. و الْحَرِيصُ: الحثيث على الشيء. و حَرَصَ عليه حَرْصاً من باب ضرب: اجتهد، و الاسم الْحِرْصُ بالكسر. و حَرِصَ كتعب حَرَصاً: أشرف على الهلاك. و الْحَارِصَةُ: هي الشجة التي تشق الجلد قليلا و لا تجري الدم، و كذلك الْحَرْصَةُ. و الْحَرْصُ: الشق، و منه" حَرَصَ القصار الثوب" من بابي ضرب و قتل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ تَتْرُكُ لِلْحَارِصِ كَذَا".
هو الذي يَحْرُصُ البستان و الناطور بها.
(حرقص)
الْحُرْقُوصُ بالضم: دويبة كالبرغوث صفراء أرقط بحمرة أو صفرة و الغالب عليه السواد، و ربما ينبت له جناحان فيطير، حمته كحمة الزنبور و يلصق بالناس يثقب الأساقي، و يدخل في فروج الجواري
(حصص)
قوله تعالى: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ
[12/ 51] أي وضح و ظهر و تبين. و عن الأزهري أصله من حَصْحَصَةُ البعير بثفناته في الأرض، و ذلك إذا برك حتى تستبين آثارها فيها.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِع
165
الْأَذَانَ مَرَّ وَ لَهُ حُصَاصٌ".
قال أبو عبيدة هو الضراط. و الْحِصَّةُ بالكسر: النصيب، و الجمع حِصَصٌ مثل سدرة و سدر.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ لَا تُحَاصَّنَا بِذُنُوبِنَا".
أي لا تجعل لنا نصيبا من العذاب بسبب ذنوبنا. و تَحَاصَّ القوم يَتَحَاصُّونَ: إذا اقتسموا حِصَصاً، و كذلك المحاصة. و الْحَصْحَصَةُ: الإسراع في السير.
(حمص)
" الْحِمَّصُ" بالكسر و التشديد: حب معروف يطبخ و يؤكل، الواحدة حِمَّصَةُ. و عن تغلب الاختيار فتح الميم، و قال المبرد بكسرها. و حب مُحَمَّصٌ: مقلو. و" حِمْصٌ" بالكسر بلد معروف بالشام يذكر و يؤنث.
(حوص)
الْحَوَصُ: ضيق في العين، يقال حَوِصْتُ العين من باب تعب: ضاق مؤخرها و هو عيب. و الرجل أَحْوَصُ، و به سمي، و الأنثى حَوْصَاءُ مثل أحمر و حمراء.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَطَعَ مَا فَضَلَ عَنْ أَصَابِعِهِ مِنْ كُمَّيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلْخَيَّاطِ" حُصْهُ".
أي خط كفافه، يقال حَاصَ الثوب يَحُوصُهُ حَوْصاً: إذا خاطه.
(حيص)
قوله تعالى: لا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً
[4/ 122] أي مهربا و محيدا، يقال حَاصَ عنه يَحِيصُ حَيْصاً و حُيُوصاً و مَحِيصاً و مَحَاصاً و حَيَصَاناً أي عدل و حاد. و ما عنه مَحِيصٌ: أي محيد و مهرب. و منه قوله تعالى: ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ*
[14/ 21] أي معدل يلجئون إليه. و قولهم" وقعوا في حَيْصَ بَيْصَ" أي في اختلاط من أمرهم لا مخرج لهم منه، و يقال في ضيق و شدة. قال الجوهري: و هما اسمان جعلا واحدا و بنيا على الفتح. و حَاصَ حَيْصَةً: أي جال جولة يطلب الفرار.
166
مجمع البحرين4
باب ما أوله الخاء ص 167
باب ما أوله الخاء
(خبص)
في الحديث ذكر الْخَبِيصُ، و الْخَبِيصَةُ هو طعام معمول من التمر و الزبيب و السمن، فعيل بمعنى مفعول، و يجمع على أَخْبِصَةٍ، و منه
الْحَدِيثُ" رُبَّمَا أَطْعَمَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الْفَرَانِيَّ وَ الْأَخْبِصَةَ".
و خَبَصْتُ الشيء خَبْصاً من باب ضرب: خلطته. و الْمِخْبَصَةُ بكسر الميم: ما يعمل بها الْخَبِيصُ.
(خرص)
قوله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ
[51/ 10] أي الكذابون. و الْخَرْصُ: الكذب، يقال خَرَصَ يَخْرُصُ بالضم خَرْصاً و تَخَرَّصَ أي كذب و قوله: تَخْرُصُونَ
[6/ 148] أي تحدسون و تحزرون. و الْخَرْصُ بالفتح: حزر ما على النخل من الرطب، يقال كم خَرْصُ أرضك، و هو من الْخَرْصِ الظن، لأن الحزر إنما هو تقدير بظن. و الْخُرْصُ بالضم و الكسر: الحلقة الصغيرة من الحلي، و هو من حلي الأذن.
(خصص)
قوله تعالى: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ
[59/ 9] هي بالفتح الحاجة و الفقر، و منه" شملتني الْخَصَاصَةُ". و الْخَصَاصَةُ: الخلل و الثقب الصغير، و كل ثلمة خَصَاصَةٌ، و أصل الْخَصَاصِ الخلل و الفرج، و منه" خَصَاصُ الأصابع" و هي الفرج التي بينها. و الْخَاصَّةُ: خلاف العامة، و منه قوله تعالى: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِين
167
ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً
[8/ 25]. و في القرآن خاص و عام. و خَصَّهُ بالشيء خُصُوصاً من باب قعد و خَصُوصِيَّةٌ بالفتح أفصح من الضم و خُصَّ الشيءُ: خلاف عم. و" مُحَمَّدٌ حَبِيبُكَ و خَاصَّتُكَ" أي اخْتَصَصْتَهُ من سائر خلقك. و" الْخُصُّ" بالضم و التشديد: البيت من القصب، و الجمع أَخْصَاصٌ مثل قفل و أقفال. و منه
الْحَدِيثُ" الْخُصُّ لِمَنْ إِلَيْهِ الْقُمُطُ".
يعني شد الحبل.
(خلص)
قوله تعالى: خَلَصُوا نَجِيًّا
[12/ 80] أي تميزوا عن الناس و انفردوا متناجين. قوله: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ
[38/ 46] أي جعلناهم لنا خَالِصِينَ بخصلة خَالِصَةٍ لا شوب فيها، و هي ذكرى الدار أي ذكراهم الآخرة دائما بطاعة الله تعالى، و قرئ بإضافة خَالِصَةٍ. قوله تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
[7/ 29] قال بعض المفسرين: و معنى الْإِخْلَاصِ هي القربة الذي يذكرها أصحابنا في نياتهم، و هو إيقاع الطاعة خَالِصاً لله وحده، فمنطوق الآية يدل على أن الأمر منحصر في العبادة الْمُخْلَصَةِ، و الأمر بالشيء نهي أو مستلزم للنهي عن ضده كما تقرر في الأصول، فيكون كل ما ليس بِمُخْلَصٍ منهيا عنه، فيكون فاسدا. و أورد عليه: أن ذلك مخاطبة للكفار فلا يعم غيرهم، اللهم إلا مع ملاحظة قوله وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ و اللام في لِيَعْبُدُوا زائدة كما في شرح الرضي. قوله: إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلِصِينَ
[12/ 24] بالكسر، أي الذين أَخْلَصُوا الطاعة لله بفتح اللام الذين أَخْلَصَهُمُ الله لرسالته، أي اختارهم. و قوله: أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي
[12/ 54] و أَسْتَخِصُّهُ متقاربان، و المعنى أنه جعله خَالِصاً لنفسه و خاصا به يرجع إليه في تدبيره.
168
و في الحديث ذكر العمل الْخَالِصِ، و الْخَالِصُ في اللغة كلُّ ما صفي و تَخَلَّصَ و لم يمتزج بغيره، سواء كان ذلك الغير أدون منه أم لا، و قد خص العمل الْخَالِصُ في العرف بما تجرد قصد التقرب فيه عن جميع الشوائب، و لا تريد أن يحمدك عليه إلا الله، و هذا التجريد يسمى إِخْلَاصاً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ هِيَ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ".
قيل سميت بذلك لأنها خَالِصَةٌ في صفة الله تعالى، أو لأن اللافظ بها قد أَخْلَصَ التوحيد لله تعالى. و الْمُخْلَصُ من العباد: هو الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد، و إذا وجد رضي، و إذا بقي عنده شيء أعطاه في الله، فإن لم يسأل المخلوق فقد أمر الله بالعبودية، و إذا وجد فرضي فهو عن الله راض و الله عنه راض، و إذا أعطى لله فهو على حد الثقة بربه- كذا في معاني الأخبار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنِّي لَا أَخْلُصُ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ ازْدِحَامِ النَّاسِ".
أي لا أصل إليه، من قولهم خَلَصَ فلان إلى كذا: أي وصل إليه. و منه
قَوْلُهُ" لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَ لَمْ يَخْلُصْ إِلَى الصَّعِيدِ".
أي لا يصل إليه. و خَالَصَهُ في المودة: أي صافاه فيها. و خُلَاصَةُ الشيء: جيده و ما صفا منه مأخوذ من خُلَاصَةِ السمن، و هو ما يلقى فيه تمر أو سويق لِيَخْلُصَ من بقايا اللبن. و خَلَصَ الشيء من التلف من باب قعد خُلُوصاً و خَلَاصاً: سلم و نجا. و خَلَصَ الماء من الكدر: صفا. و خَلَّصْتُهُ من غيره بالتثقيل: ميزته عنه.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَنَّهُ قَضَى فِي حُكُومَةٍ بِالْإِخْلَاصِ".
أي بما يُتَخَلَّصُ به من الخصومة.
(خمص)
قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ
[9/ 120] الْمَخْمَصَةُ: المجاعة، و هو مصدر مثل المغضبة يقال خَمُصَ: إذا جاع، فهو خَمِيصٌ مثل قرب فهو قريب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ السَّاجَ وَ المطلق [الطَّاقَ] وَ الْخَمَائِصَ".
و
فِيهِ" جِئْتُ إِلَيْهِ وَ عَلَيْهِ خَمِيصَةٌ".
هِي
169
ثوب خز أو صوف مربع معلم. قيل و لا تسمى خَمِيصَةً إلا أن تكون سوداء معلمة. قال في النهاية: و كانت من لباس الناس قديما، و جمعها الْخَمَائِصُ. و الْخَمِيصُ: الضامر البطن، و الجمع خِمَاصٌ.
وَ فِي حَدِيثِ الْمُشْتَبِهِ مَوْتُهُ" فَإِذَا رَأَيْتَهُ قَدْ خَمَصَ وَجْهُهُ وَ سَالَتْ عَيْنُهُ الْيُمْنَى فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَيِّتٌ".
قوله" خَمَصَ وجهه" أي سكن ورمه من خَمَصَ الجُرْحُ: إذا سكن ورمه. و قوله" فَاعْلَمْ أَنَّهُ" أي قد مات. و أَخْمَصُ القدم: باطنها الذي لا يصيب الأرض، يقال خَمِصَتِ القدمُ من باب تعب: ارتفعت عن الأرض فلم تمسه. و الرجل أَخْمَصُ و المرأةُ خَمْصَاءُ و الجمع خُمْصٌ كأَحْمَر و حَمْرَاء و حُمْر.
(خوص)
الْخُوصُ وَرَق النخل، الواحدة خُوصَةٌ و الْخَوَصُ بالتحريك من باب تعب: ضيق العين و عورها. و رجل أَخْوَصُ: إذا كان غائر العين.
باب ما أوله الدال
(دعص)
من شواهد تهذيب الحديث:
له كفل كَالدِّعْصِ لبده الندى على حارك مثل الرتاج المضبب
الدِّعْصُ بالكسر: القطعة المستديرة من الرمل، أراد ضخامة مقعده و صلابته و ثقله كَالدِّعْصِ الملبد بالنداوة، و هذا المذكور متصل بحارك مثل الرتاج المضبب: أي مثل الباب الذي له ضباب تشد بعضه على بعض و الحارك من الفرس: فرع الكتفين. و الدُّعْمُوصُ كبرغوث: دويبة سوداء تغوص في الماء و تكون في العذرات، و الجمع الدَّعَامِيصُ كالبراغيث، و الدَّعَامِصُ أيضا.
170
(ديص)
فِي الْحَدِيثِ" عَبْدُ اللَّهِ الدَّيَصَانِيُّ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو شَاكِرٍ كَانَ زِنْدِيقاً مِنَ الزَّنَادِقَةِ وَ أَسْلَمَ".
و هو الذي تحير في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ و حديثه في السؤال عن البيضة مشهور. و دَاصَ يَدِيصُ دَيَصَاناً: زاغ و حاد، و لعل نسبته إلى الدَّيَصَانِيَّةِ من ذلك. و الله أعلم.
باب ما أوله الراء
(ربص)
قوله تعالى: تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
[2/ 226] أي تمكث أربعة أشهر. قوله: تَرَبَّصُونَ بِنا
[9/ 52] أي ينتظرون، من الانتظار و هو وقوع البلاء بالأعداء، و منه قوله يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ
[9/ 98]. و قوله: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ
[20/ 135] أي منتظر للعاقبة، و نحن ننتظر وعد الله فيكم و أنتم تَرَبَّصُونَ بنا الدوائر.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَصْعُوقِ" يُتَرَبَّصُ بِهِ".
أي ينتظر به فلا يعجل بدفنه. و تَرَبَّصْتُ الأمر تَرَبُّصاً: انتظرته. و تَرَبَّصْتُ بفلان الأمر: توقعت نزوله به. و" الرُّبْصَةُ" وزان غرفة اسم منه
. (رخص)
تكرر في الحديث ذكر الرُّخْصَةَ، و هي كغرفة و قد تضم الخاء للإتباع: التسهيل في الأمر و رفع التشديد فيه، يقال رَخَّصَ لنا الشارع في كذا تَرَخُّصاً و أَرْخَصَ إِرْخَاصاً: إذا يسره و سهله، و الرُّخْصُ مثل قفل اسم منه. و رَخُصَ الشيء فهو رَخِيصٌ من باب قرب، و هو ضد الغلاء، و كذلك الرُّخْص
171
كقفل.
(رصص)
قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ
[61/ 4] أي لاصق بعضه ببعض. و تَرَاصَّ القوم في الصف: أي تلاصقوا و تَرَاصَّوْا في الصفوف حتى لا تكون بينكم فُرَجٌ، و الأصل في ذلك رَصُّ البناء. و" الرَّصَاصُ" بالفتح معروف منه أسود و منه أبيض، و القطعة منه رَصَاصَةٌ. قال الجوهري: و العامة تقول بكسر الراء.
(رقص)
الرقص: الغليان و الاضطراب. و منه
الْحَدِيثُ" مَنِ اسْتَشْعَرَ الشَّغَفَ بِالدُّنْيَا مَلَأَتْ ضَمِيرَهُ أَشْجَاناً لَهُنَّ رَقْصٌ عَلَى سُوَيْدَاءِ قَلْبِهِ هَمٌّ يَشْغَلُهُ وَ هَمُّ يَحْزُنُهُ".
و رَقَّصَتِ المرأةُ ولدها- بالتشديد- تَرْقِيصاً و أَرْقَصَتَهْ: أي نزته. و أَرْقَصَ الرجل بعيره: حمله على الخَبَبِ.
(رمص)
الرَمَصُ بالتحريك: وسخ يجتمع في موق العين، فإن سال فهو غمص، و إن جمد فهو رَمَصٌ. و قد رَمِصَتْ عينه بالكسر من باب تعب، فالرجل أَرْمَصُ و الأنثى رَمْصَاءُ كأحمر و حمراء.
(رهص)
الرَّهَصُ: شدة العصر. و رمينا الصيد حتى أَرْهَصْنَاهُ: أي أوهناه.
باب ما أوله الشين
(شخص)
قوله تعالى: شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا
[21/ 97] أي مرتفعة الأجفان لا تكاد تطرف من هول ما هي فيه. و منه أبصار شَاخِصة و شَوَاخِصُ.
وَ فِي حَدِيثِ شُرَيْحٍ" سَيَأْتِيكَ مَنْ لا
172
يَنْظُرُ فِي كِتَابِكَ وَ يُخْرِجُكَ مِنْ دَارِكَ شَاخِصاً".
و هو كناية عن الموت، و يجوز أن يكون من شَخَصَ من البلد بمعنى ذهب و سار، أو من شَخَصَ السهم إذا ارتفع عن الهدف، و المراد يخرجك منها مرفوعا محمولا على أكتاف الرجال.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ إِلَيْكَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ".
أي ارتفعت أجفانها ناظرة إلى عفوك و رحمتك. و شَخَصَ المسافر يَشْخَصُ بفتحتين شُخُوصاً: إذا خرج عن موضع إلى غيره. و منه
الْحَدِيثُ" إِقَامَةُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ شُخُوصِ الْجَاهِلِ".
و شَخَصَ: ارتفع من بلد إلى بلد في رضا الله. و الشَّخْصُ: سواد الإنسان و غيره تراه من بعد، و استعمل في ذاته. و عن الخطابي لا يسمى شَخْصاً إلا جسم مؤلف له شُخُوصٌ و ارتفاع. و شَخُصَ الرجل بالضم فهو شَخِيصٌ، أي جسيم.
(شصص)
الشَّصُّ بالكسر و الفتح: حديدة عقفاء يصاد بها السمك.
(شقص)
فِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ" وَ أَخَذَ شَعْرَهُ بِمِشْقَصٍ".
و هو كمنبر نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض، و إذا كان عريضا فهو المعيلة، و الجمع مَشَاقِصُ. و الشِّقْصُ بالكسر: القطعة من الأرض. و الشَّقْصُ: النصيب، و في العين المشتركة من كل شيء، و الجمع أَشْقَاصٌ كحمل و أحمال. و
مِنْهُ" إِنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصاً مِنْ مَمْلُوكٍ".
(شوص)
فِي الْحَدِيثِ" اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَ لَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ".
أي غسالته، و قيل ما ينتف منه عند السواك.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّهُ كَانَ يَشُوصُ فَاه
173
بِالسِّوَاكِ".
أي يدلك أسنانه و ينقيها به. و قيل: هو أن يستاك من سفل إلى علو، و أصل الشَّوْصِ الغسل و التنظيف. و كل شيء غسلته فقد شُصْتَهُ و مُصْتَهُ، يقال شُصْتُ الشيء شَوْصاً من باب قال: غسلته. و قيل الشَّوْصُ الدلك، و المَوْصُ الغسل.
(شيص)
الشِّيصُ بالكسر و الشِّيصَاءُ: التمر الذي لا يشتد نواه، و قد لا يكون له نوى أصلا.
باب ما أوله الصاد
(صيص)
قوله تعالى: مِنْ صَياصِيهِمْ
[33/ 26] هي الحصون و القلاع التي يمانعون فيها. و منه صِيصِيَةُ الديك في رجله. و صَيَاصِي الجبال: أطرافها العالية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كُلٌّ مِنَ الطُّيُورِ مَا كَانَتْ لَهُ صِيصِيَةٌ".
هي بكسر الأول و الثالث و التخفيف: الشوكة التي في الرجل في موضع العقب، و أصلها شوكة الحائك التي يسوي بها السداة و اللحمة، و الجمع صَيَاصِي.
باب ما أوله العين
(عرص)
العرصة بالفتح: كل بقعة بين الدار واسعة ليس فيها بناء، و الجمع الْعِرَاصُ و الْعَرَصَاتُ، و منه" عَرَصَاتُ الجنة".
وَ فِي الْحَدِيثِ" رَجُلٌ اشْتَرَى دَاراً فَبَقِيَتْ عَرْصَةً".
يعني لا بناء فيها.
وَ قَوْلُهُ ع" عَرْصَةُ الْإِسْلَامِ الْقُرْآنُ".
جاء به على سبيل الاستعارة.
174
(عصعص)
الْعُصْعُصُ بضم عينيه: عظم الذنب، و هو عظم يقال إنه أول ما يخلق و آخر ما يبلى.
(عفص)
الْعَفْصُ بتقديم الفاء: ثمر معروف كالبندقة يدبغ به و يتخذ منه الحبر. قال الجوهري: هو مولد، و ليس في كلام أهل البادية.
(عقص)
عقص الشعر: جمعه و جعله في وسط الرأس و شده. و منه
الْحَدِيثُ" رَجُلٌ صَلَّى مَعْقُوصَ الشَّعْرِ؟ قَالَ: يُعِيدُ".
و الْعَقِيصَةُ للمرأة: الشعر يلوى و تدخل أطرافه في أصوله، و الجمع عَقَائِصُ، و عِقَاصٌ، و الْعِقْصَةُ مثلها، و الجمع عِقَصٌ كسدرة و سدر. و عَقَصَتِ المرأة شعرها عَقْصاً- من باب ضرب-: فعلت به ذلك. و التيس الْأَعْقَصُ: الذي التوى قرناه على أذنيه من خلفه. و قد عَقِصَ بالكسر: اعوجَّ.
(عوص)
فِي الْحَدِيثِ" جَاءَنِي خَبَرٌ مِنَ الْأَعْوَصِ".
هو بفتح الهمزة و الواو بين المهملتين موضع قريب من المدينة، و واد بديار باهلةَ. و في بعض النسخ" من الأعراض" جمع عرض بإعجام الضاد و ضم المهملة و راء في الوسط، و هي رساتيق أرض الحجاز و في النهاية يقال لمكة و المدينة و اليمن العُرُوض، و يقال للرساتيق بأرض الحجاز الأَعْرَاض، واحدها عِرْض بالكسر.
(عيص)
قد تكرر ذكر الْعِيصُ في أسانيد الحديث، و هو بكسر المهملة فالسكون من ثقات الرواة. و عِيصُ بن اسحاق بن إبراهيم.
175
مجمع البحرين4
باب ما أوله الغين ص 176
باب ما أوله الغين
(غصص)
قوله تعالى: وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ
[73/ 13] أي يُغَصُّ به الحلق فلا يسوغ. و الْغُصَّةُ الشجى في الحلق، و الجمع غُصَصٌ. و منه
الدُّعَاءُ" وَ أَغَصَّنِي بِرِيقِي".
بتشديد المهملة، و هو كناية عن كمال الخوف و الاضطراب، أي صيرني بحيث لا أقدر أن أبلع ريقي و قد وقف في حلقي، يقال غَصِصْتُ بالماء غَصَصاً: إذا شرقت به و وقف في حلقك فلم تكد تسيغه. و غَصَصْتُ بالطعام غَصَصاً من باب تعب و قتل لغة، و الْغَصَصُ بالفتح مصدر قولك غَصِصْتَ يا رجلُ تَغَصُّ بالفتح. و المنزل غَاصٌّ بأهله: أي ممتلئ.
(غمص)
فِي الْحَدِيثِ" أَعْظَمُ الْكِبْرِ غَمْصُ الْحَقِّ وَ سَفَهُ الْخَلْقِ. قُلْتُ: وَ مَا غَمْصُ الْحَقِّ وَ سَفَهُ الْخَلْقِ؟ قَالَ: تَجْهَلَ الْحَقَّ وَ تَطْعُنَ عَلَى أَهْلِهِ".
يقال غَمَصَهُ كضرب و سمع و خرج: احتقره و عابه و تهاون بحقه. و منه غَمَصْتُ عليه قولا قاله: أي عبته. و يقال للرجل إذا كان مطعونا عليه في دينه: إِنَّهُ لَمَغْمُوصٌ عليه. و السفه محركة: الجهل.
(غوص)
فِي الْحَدِيثِ" إِنِّي وُلِّيتُ الْغَوْصَ فَأَصَبْتُ مَالًا".
هو بالفتح فالسكون: النزول تحت الماء لاستخراج ما فيه. و منه قيل غَاصَ في المعاني: إذا بلغ أقصاها حتى استخرج ما بعد منها. و الْغَوَّاصُ بالتشديد: هو الذي يَغُوصُ في البحر على اللؤلؤ، و فعله الْغِيَاصَةُ. و غَاصَ على الشيء غَوْصاً- من باب قال-: هجم عليه، فهو غَائِصٌ. و الْغَوَّاصُ طائر يوجد في أطراف الأنهار يَغُوصُ في الماء و يصطاد السمك و يتقوت به.
وَ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى" لَا يَنَالُهُ غَوْص
176
الْفِطَنِ".
أي الفطن الغائصة، استعار لفظ الغوص هنا لتعمق الأفهام الثاقبة في بحار صفات جلاله.
باب ما أوله الفاء
(فحص)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ بَنَى مَسْجِداً كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ".
مَفْحَصُ القطاة- بفتح الميم و الحاء- الموضع الذي تجثم و تبيض فيه، كأنها تَفْحَصُ فيه التراب أي تكشفه، يقال فَحَصَتِ القطاة من باب نفع: حفرت في الأرض موضعا تبيض فيه. و أنت خبير بأن مقدار المفحص لا يمكن أن يتخذ مسجدا و إنما هو على سبيل المبالغة في الكلام فإنها من مذاهب العرب، و المراد و لو أنه يسع مصليا واحدا.
(فرص)
فِي الْحَدِيثِ" ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ وَ اصْطَكَّتْ فَرَائِصُ الْمَلَائِكَةِ".
هي جمع فَرِيصَةٍ، و هي اللحمة بين جنب الدابة و كتفها لا تزال ترعد من الدابة، و جمعها أيضا فَرِيصٌ. و فَرِيصُ العنق: أوداجها، الواحدة فَرِيصَةٌ. و الْفُرْصَةُ: ما أمكن من نفسك.
(فصص)
فِي الْحَدِيثِ" الْفَصُّ يُتَّخَذُ مِنْ أَحْجَارِ زَمْزَمَ".
فَصُّ الخاتم بالفتح واحد الْفُصُوصِ كفلس و فلوس. قال الجوهري: و العامة تكسر الفاء، و لعل المراد به هنا الحصاة المخرجة لتنظيف زمزم كالقمامة. و الْفِصْفِصَةُ بكسر الفائين: الرُّطَبَةُ قبل أن تجف، فإذا جفت زالت عنها اسم الْفِصْفِصَةُ و سميت القت، و الجمع فَصَافِصُ.
177
مجمع البحرين4
باب ما أوله القاف ص 178
باب ما أوله القاف
(قبص)
فِي الْحَدِيثِ" وَ يُطْعِمُ مَكَانَهَا قَبْصَةً".
مع احتمال قَبْضَةٍ بالضاد المعجمة. و الْقَبْصُ: الأخذ بأطراف الأصابع، و بالمعجمة الأخذ بجميع الكف. قال الجوهري: و منه قرأ الحسن فَقَبَصْتُ قَبْصَةً من أثر الرسول.
وَ" قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ" صَحَابِيٌّ أَوْ مِنْ التَّابِعِينَ، نُقِلَ أَنَّهُ أَصَابَ ظَبْياً وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَسَأَلَ عُمَرُ فَشَاوَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ثُمَّ أَمَرَ بِذَبْحِ شَاةٍ، فَقَالَ قَبِيصَةُ لِصَاحِبِهِ: وَ اللَّهِ مَا عَلِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى سَأَلَ غَيْرَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ضَرْباً بِالدِّرَّةِ أَ تَغْمِضُ الْفُتْيَا وَ تَقْتُلُ الصَّيْدَ وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ.
(قرص)
فِي الْخَبَرِ" حُتِّيهِ ثُمَّ اقْرُصِيهِ".
و كأن الضمير للمني، و الْقَرْصُ الغسل بأطراف الأصابع- قاله الجوهري و غيره، و قيل هو القلع بالظفر و نحوه. و
قَوْلُهُ:" ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ".
أمر بغسله بالماء ثانيا بعد الغسل بأطراف الأصابع مبالغة في الإنقاء. و قَرْصُ البراغيث: لسعها. و قَرَصَهُ بلسانه: آذاه و ناله. و الْقُرْصُ بالضم فالسكون: معروف، و الجمع أَقْرَاصٌ كقفل و أقفال، و جمع الْقَرْصَةُ قُرَصٌ كصبرة و صبر. و قَرْصُ الشمس: عينها.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَنَّهُ قَضَى فِي الْقَارِصَةِ وَ الْقَامِصَةِ وَ الْوَاقِصَةِ بِالدِّيَةِ أَثْلَاثاً".
هن ثلاث جوار كن يلعبن فتراكبن فَقَرَصَتِ السفلى الوسطى فقمصت فسقطت العليا فوقصت عنقها فجعل ثلثي الدية على الثنتين، و أسقط ثلث العليا لأنها أعانت على نفسها.
178
(قرفص)
فِي الْحَدِيثَ" كَانَ النَّبِيُّ ص يَجْلِسُ ثَلَاثاً" وَ عَدَّ مِنْهَا الْقُرْفُصَاءَ.
بضم القاف و سكون الراء و فتح الفاء و ضمها و بالمهملة ممدودا و مقصور ضرب من القعود، و هو أن يقيم ساقيه و يستقبلهما بيديه و يشد يده في ذراعه كجلسة المحتبي
(قصص)
قوله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَ
[6/ 57] قال المفسر: قرأ أهل الحجاز و عاصم يَقُصُّ الْحَقَّ بالصاد أي يقول الحق، و الباقون يقضي بالحق أي يقضي الأمر بيني و بينكم بالحق. قوله: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ
[12/ 3] يمكن كونه مصدرا و أن يكون بمعنى الْمَقْصُوصُ، فإن أريد المصدر فالمعنى نحن نَقُصُّ عليك أحسن الْأَقْصَاصِ، أي أبدع أسلوب و أحسن طريقة و أعجب نظم، و إن أريد الْمَقْصُوصُ فالمعنى نحن نَقُصُّ عليك أحسن ما يُقَصُّ من الأحاديث في بابه. قوله: لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ
[12/ 5] هو من قَصَصْتُ الرؤيا على فلان أخبرته بها. و الْقَصُّ: البيان. و" الْقَصَصُ" بالفتح الاسم و بالكسر جمع قِصَّةٍ. قوله: قُصِّيهِ
[28/ 11] أي اتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه، من قَصَّ أثره تبعه. قوله تعالى: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً
[18/ 64] الْقَصَصُ: تتبع الأمر، و هو رجوع الرجل من حيث جاء. قوله: وَ الْجُرُوحُ قِصاصٌ
[5/ 45]
179
الْقِصَاصُ بالكسر اسم للاستيفاء و المجازاة قبل الجناية من قتل أو قطع أو ضرب أو جرح، و أصله اقتفاء الأثر، فكأن الْمُقْتَصَّ يتبع أثر الجاني فيفعل مثل فعله فيجرح مثل جرحه و يقتل مثل قتله و نحو ذلك، و أخذ الْقِصَاصِ من الْقَصَصِ في السبيل الذي جاء منه فيقتل مثل قتله و يجرح مثل جرحه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا بَيْنَ قُصَاصِ الشَّعْرِ إِلَى طَرَفِ الْأَنْفِ مَسْجِدٌ".
و قُصَاصُ الشعر: حيث ينتهي نبته من مقدمه و مؤخره، و هو مثلث القاف. قال الجوهري: و الضم أعلى، و المراد هنا المقدم، و هو يأخذ من كل جانب من الناصية و يرتفع عن النزعة ثم ينحط إلى مواضع التحذيف و يمر فوق الصدغ و يتصل بالعذار، و أما ما يرتفع عن الأذن فهو داخل- على ما قيل- في المؤخر. و" الْقُصَّةُ" بالضم و التشديد: شعر الناصية، و الجمع قُصَصٌ،
وَ مِنْهُ" أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْقَنَازِعِ وَ الْقُصَصِ".
و
مِنْهُ" لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ حَاضَتْ أَنْ تَتَّخِذَ قُصَّةً وَ لَا جُمَّةً".
بجيم مضمومة و هي مجمع شعر الرأس. و الْقِصَّةُ: الشأن و الأمر، و الجمع قِصَصٌ مثل غرفة و غرف. و منه" ما قِصَّتُكَ" أي ما شأنك. و الْقَصُّ: القطع، يقال قَصَصْتُهُ قَصَّاً من باب قتل قطعته، و قَصَّيْتُهُ بالتشديد مبالغة و الأصل قَصَّصْتُهُ فاجتمع ثلاثة أمثال فأبدل من أحدهما للتخفيف. و منه
الْحَدِيثُ" قَصُّوا الْأَظْفَارَ لِأَنَّهَا مَقِيلُ الشَّيْطَانِ وَ مِنْهُ يَكُونُ النِّسْيَانُ".
و الْقَاصُّ: من يأتي بِالْقِصَّةِ على وجهها كأنه يتبع معانيها و ألفاظها.
وَ مِنْهُ" أَنَّهُ رَأَى قَاصّاً فِي الْمَسْجِدِ فَضَرَبَهُ".
لعله غير قَاصِّ المواعظ و الخطب. و اقْتَصَصْتُ الحديث: رويته على وجهه و أقَصُ عليه الخبر قَصَصاً، و الاسم الْقَصَصُ أيضا وضع موضع المصدر حتى غلب عليه. و الْمِقَصُّ بالكسر: المقراض.
180
(قعص)
فِي الْحَدِيثِ" اللَّهُمَّ اقْعَصِ الزُّبَيْرَ بِشَرِّ قِتْلَةٍ".
أي أمته بشر ميتة، من الْقَعْصِ بالفتح فالسكون: الموت الوحي.
وَ مِنْهُ" مَنْ مَاتَ قَعْصاً".
أي أصابته ضربة فمات. و الْقُعَاصُ: داء يأخذ الغنم فيهلكها.
(قلص)
فِي الْحَدِيثِ" فِي خَمْسِ قَلَائِصَ شَاةٌ".
هي جمع الْقُلُوصِ بالفتح، و هي الناقة الشابة بمنزلة الجارية من النساء و جمعها قُلُصٌ، و جمع الْقُلُصِ قِلَاصٌ بالكسر و قَلَائِصُ. و قيل لا تزال قَلُوصاً حتى تصير بازلا. و عن العدوي الْقَلُوصُ أول ما يركب من إناث الإبل إلى أن تثني، فإذا أثنت فهي ناقة، و القعود أول ما يركب من ذكور الإبل إلى أن يثني، فإذا أثنى فهو جمل، و ربما سموا الناقة الطويلة القوائم قَلُوصاً. و قَلَصَ الثوبُ يَقْلُصُ قُلُوصاً: ارتفع. و منه
حَدِيثُ الْحُسَيْنِ ع" أَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ قَدْ قَلَصَ عَنْ نِصْفٍ وَ قَارَبَ رُكْبَتَيْهِ".
و
مِنْهُ" مِنْ عَلَامَاتِ الْمَيِّتِ أَنْ تَقَلَّصَ شَفَتَاهُ".
أي تنضم و تنزوي، يقال قَلَصَتْ شفته تَقْلِصُ- من باب ضرب- انزوت، و تَقَلَّصَتْ مثله. و قَلَصَ و تَقَلَّصَ كله بمعنى انزوى و انضم
وَ فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا" أَنَّهَا عِنْدَ ذَوِي الْعُقُولِ كَفَيْءِ الظِّلِّ بَيْنَا تَرَاهُ سَائِغاً حَتَّى قَلَصَ".
أي انضم و انزوى.
(قمص)
قوله تعالى: وَ جاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ [12/ 18] الْقَمِيصُ: الثوب الذي يلبس، و الجمع الْقُمْصَانُ و الْأَقْمِصَةُ. و تَقَمَّصَ الْقَمِيصَ: لبسه. و تَقَمَّصَ الخلافة: أي لبسها كَالْقَمِيصِ و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" وَ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ".
يعني الأول لتلبسه بها
" وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى".
181
و
فِي آخَرَ" وَ لَئِنْ تَقَمَّصَهَا دُونِيَ الْأَشْقَيَانِ فَلَبِئْسَ مَا لِأَنْفُسِهِمَا مَهَّدَا".
و قَمَصَ الفرس غيره عند الركوب يقمص قمصا من بابي ضرب و قتل، و هو أن يرفع يديه و يعجن برجليه و يضمهما معا.
وَ مِنْهُ" فَقَمَصَتِ الْمَرْكُوبَةُ فَصَرَعَتِ الرَّاكِبَةَ".
و" الْقَامِصَةُ" مر شرحها
(قنص)
فِي حَدِيثٍ الطَّيْرِ" كُلُّ مَا لَهُ قَانِصَةٌ".
هي واحدة الْقَوَانِصِ، و هي للطير بمنزلة الكرش و الْمَصَارِينُ لغيره. و الْقَانِصُ: الصائد. و قَنَصَهُ: أي صاده. و اقْتَنَصَهُ: اصطاده. و منه
حَدِيثُ الدُّنْيَا" حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا وَ اطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا قَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا".
أي صادت أهلها.
باب ما أوله اللام
(لخص)
فِي الْحَدِيثِ" قَعَدَ لِتَلْخِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ".
أي لتخليصه.
(لصص)
اللِّصُّ بالكسر واحد اللُّصُوصُ و هو السارق، و بالضم لغة. و لَصَّ الرجل لَصّاً من باب قتل: سرق. و أرض مَلَصَّةٌ: ذات لُصُوصٍ.
182
مجمع البحرين4
باب ما أوله الميم ص 183
باب ما أوله الميم
(محص)
قوله تعالى: وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
[3/ 141] أي يخلصهم من ذنوبهم و ينقيهم منها، يقال مَحَصَ الحبل: إذا ذهب منه الوبر حتى يخلص.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا بُدَّ لِلنَّاسِ أَنْ يُمَحَّصُوا وَ يُغَرْبَلُوا".
أي يبتلوا و يختبروا ليعرف جيدهم من رديهم.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع وَ ذَكَرَ فِتْنَةً فَقَالَ" يُمَحَّصُ النَّاسُ فِيهَا تَمَحُّصَ ذَهَبِ الْمَعْدِنِ مِنَ التُّرَابِ".
أي يختبرون فيها كما يختبر الذهب ليعرف الجيد من الرديء، من التَّمْحِيصِ و هو الابتلاء و الاختبار. و مَحَّصَ الله العبد من الذنب: طهره. و قولهم" رَبَّنَا مَحِّصْ عَنَّا ذُنُوبَنَا" أي أذهب عنا ما تعلق بنا من الذنوب.
(مصص)
فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ لِمُصَاصِ شِيعَتِنَا فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ إِلَّا الْقُوتُ".
الْمُصَاصُ بضم الميم و الصادين المهملتين: الخالص من كل شيء، يقال فلان مُصَاصُ قومه: إذا كان أخلصهم نسبا، يستوي فيه الواحد و الاثنان و الجمع و المؤنث. و مَصِصْتُ الشيء بالكسر أَمَصُّهُ مَصّاً من باب تعب لغة، و كذلك امْتَصَصْتُهُ. قال الجوهري: و التَّمَصُّمُص الْمَصُّ. و الْمَصْمَصَةُ بالمهملة مثل المضمضة بالمعجمة إلا أنها بطرف اللسان بخلاف المضمضة فإنها بالفم كله. قال الجوهري: و فرق ما بينهما شبيه بفرق ما بين القبصة و القبضة. و" الْمَصِيصَةُ" كسفينة بلد بالشام و لا يشدد- كذا في الصحاح و غيره.
183
(مغص)
فِي حَدِيثِ إِدْرِيسَ ع" فَسَمِعَ صَوْتَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَامْتَغَصَ فَخَرَّ مِنْ جَنَاحِ الْمَلَكِ فَقَبَضَ رُوحَهُ".
يقال مَغِصَ مَغَصاً فَامْتَغَصَ امْتِغَاصاً: شق عليه و عظم
وَ فِيهِ" فَأَخَذَهُ الْمَغْصُ فِي بَطْنِهِ".
هو بالفتح فالسكون: وجع في المعاء و تقطيع فيها. قال الجوهري: و العامة تقول مَغَصٌ بالتحريك. و منه مَغِصَ الرجل فهو مَمْغُوصٌ. و منه
قَوْلُهُ ع" فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا أَهْوَنُهَا الْمَغَصُ".
و
فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ" أَهْوَنُهَا الْمَعَضُ".
بالعين المهملة و الضاد المعجمة، أعني الأمر الشاق. و في بعضها" الْمَعَصُ" بالعين و الصاد المهملتين محركا، و هو التواء في عصب الرجل، كأنه يقصر عصبه و يعوج قدمه، و وجع في العقبين من كثرة المشي.
(ملص)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي ذَمِّ أَهْلِ الْعِرَاقِ" أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ وَ مَاتَ قَيِّمُهَا وَ طَالَ تَأَيُّمُهَا وَ وَرِثَهَا أَبْعَدُهَا".
قال بعض شراح الحديث: وجه تشبيههم بالمرأة الموصوفة ما فيه من تشبيهات حالهم بحالها، فاستعدادهم لحرب أهل الشام يشبه حمل المرأة، و مشارفتهم للظفر يشبه الإتمام، فإن مالك الأشتر شارف دمشق صبيحة ليلة الهرير ليدخلها من غير حرب لو لا خديعة معاوية و قومه برفع المصاحف و انخداع أصحابه ع، و رجوعهم عن عدوهم بعد ظفرهم به يشبه الإملاص، و خروجهم عن رأيه و تفرقهم عليه يشبه موت قيمها و هو زوجها، و أخذهم عدوهم مالهم من البلاد و تغلبه عليها يشبه ميراث الأبعد لها.
184
و الْمَلَصُ بالتحريك: الزلق. و قد مَلِصَ الشيء بالكسر من يدي يَمْلَصُ و انْمَلَصَ الشيء: انفلت، و تدغم النون في الميم. و التَّمَلُّصُ: التفلت.
(موص)
الْمَوْصُ بالفتح فالسكون: الغسل بالأصابع، يقال مَصَّتِ الشيء: أي غسلته.
باب ما أوله النون
(نصص)
فِي الْحَدِيثِ" فَنَصَّ رَاحِلَتَهُ فَادًلَفَتْ [كَأَنَّهَا ظَلِيمٌ] كَالظَّلِيمِ".
يقال نَصَّ راحلته: إذا استخرج ما عندها من السير. و عن الأصمعي هكذا حيث قال: النَّصُّ السير الشديد حتى يستخرج أقصى ما عندها. و منه
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ" لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص عَارَضَكَ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ نَاصَّةً قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى مَنْهَلٍ".
أي رافعة لها في السير الشديد. قال في الصحاح: و أصل النَّصِّ أقصى الشيء و غايته، ثم سمي به ضرب من السير سريع. و نَصَصْتُ الحديث إلى فلان: رفعته إليه.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" إِذَا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الْحِقَاقِ فَكَذَا".
قال في المجمع الحِقاق: المخاصمة، و هو أن يقول كل واحدة من الخصمين أنا أحق به، و نص الشيء: غايته و منتهاه، يعني أن الجارية ما دامت صغيرة فأمها أولى بها، فإذا بلغت فالعصبة أولى بأمرها. قال: و قيل أراد بِنَصِّ الحقاق بلوغ العقل و الإدراك، لأنه أراد منتهى الأمر الذي تجب فيه الحُقُوق. قال: و قيل أراد بلوغ المرأة إلى حد يجوز فيه تزويجها و تصرفها في أمرها،
185
تشبيها بالحقاق من الإبل جمع حق و حقة، و هو الداخل في السنة الرابعة، و عند ذلك يتمكن من ركوبه و تحميله. و
عَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ قَالَ: قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ص وَ الْأَئِمَّةِ ع أَنَّ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالْأَثَرِ الصَّحِيحِ وَ النَّصِّ الصَّرِيحِ.
قال: و النَّصُّ في اصطلاح أهل العلم هو" اللفظ الدال على معنى غير محتمل للنقيض بحسب الفهم" و الأثر ما جاء عن النبي ص و الإمام أو عن الصحابي و التابعي من قول أو فعل، و هو أعم من الخبر، و يقال الأثر ما جاء عن التابعي، و التفسير معناه كشف المراد عن اللفظ المشكل المجمل و المتشابه، و ذلك كأن يحمل المشترك اللفظي أو المعنوي على أحد المعاني بخصوصه من غير مرجح نقلي كخبر منصوص أو آية أو ظاهر أو إجماع، و منه يعلم خروج الظواهر لعدم إشكالها و عدم احتياجها إلى التفسير.
(نغص)
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمُؤْمِنُونَ لَا يَزَالُونَ مُنَغَّصِينَ فِي الدُّنْيَا".
أي مكدرين، يقال نَغَّصَ عليه العيش تَنْغِيصاً: كدره. و تَنَغَّضَتْ معيشته: تكدرت.
(نقص)
قوله تعالى: أَ فَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها
[21/ 44] قيل يريد أرض الكفر يَنْقُصُهَا من أطرافها بما يفتح على المسلمين من بلادهم، فَيَنْقُصُ بلاد الحرب و يزيد في بلاد الإسلام، و ذلك من آيات الله.
وَ عَنْهُ ص" هُوَ فَقْدُ الْعُلَمَاءِ".
وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: إِنَّهُ يُسَخِّي بِهِ نَفْسِي فِي سُرْعَةِ الْمَوْتِ وَ الْقَتْلِ فِينَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَ تَلَا الْآيَةَ.
أي لا نبالي في الموت و القتل لأن فينا
186
قولَ اللهِ تعالى: أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها*
. قولَه: وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ
[35/ 11] التقدير في أحد التأويلين ما يطول في عمر واحد و لا يُنْقَصُ من عمر آخر غير الأول، و التأويل الثاني في الآية عود الكناية إلى الأول، أي و لا يُنْقَصُ من عمر ذلك الشخص بتوالي الليل و النهار، و يتم الكلام في قولهم" له درهم و نصف". و هو في نصف. قوله: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ
[50/ 4] الآية هو رد لاستبعادهم الرجوع أي علمنا ما تأكل الأرض من لحومهم و تبليه من عظامهم فلا يتعذر علينا رجعهم و إحياؤهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَامَ تِسْعَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً أَكْثَرَ مِمَّا صَامَ ثَلَاثِينَ؟ فَقَالَ:" كَذَبُوا مَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى أَنْ قُبِضَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْماً، وَ لَا نَقَصَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً".
و قد روي خلاف ذلك في كثير من الأخبار، و من ثم اختلف أقوال الفقهاء فمنهم من جوز النَّقْصَ و منهم من لم يُجَوِّزْ و ممن ذهب إلى عدم الجواز على ما هو المحكي عن الشيخ المفيد في كتاب لمح البرهان الشيخ الشريف الزكي أبو محمد الحسني و الشيخ الثقة أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه و الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه و الشيخ أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين و الشيخ أبو محمد هارون بن موسى- انتهى. قال الشيخ الصدوق في كتاب الخصال بعد أن أورد أحاديث في أن شهر رمضان لا يُنْقَصُ عن ثلاثين يوما: قال مصنف هذا الكتاب: خواص الشيعة و أهل الاستبصار منهم في شهر رمضان أنه لا يُنْقَصُ عن ثلاثين يوما أبدا، و الأخبار
187
في ذلك موافقة للكتاب و مخالفة للعامة، فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الأخبار التي وردت للتقية في أنه يُنْقَصُ و يصيبه ما يصيبه الشهور من النُّقْصَانِ و التمام اتقى كما تتقي العامة- انتهى كلامه. و هو قوي متين، على أنه يمكن الجمع بين الأخبار بوجه آخر هو أن يقال: الأخبار الواردة بأنه لا يُنْقَصُ مبنية على الأصل، و ما ورد فيه من النَّقْصَانِ مبني على الظاهر لإمكان حصول الاستتار فيه عقوبة للمخالفين و ارتفاع جانب اللطف عنهم، كما صرح بذلك الصدوق في الفقيه من أن الهلال قد يستتر عن الناس عقوبة لهم في عيد شهر رمضان و في عيد الأضحى و استشهد عليه بما رواه عن رزين قال:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع" لَمَّا ضُرِبَ الْحُسَيْنُ ع بِالسَّيْفِ وَ سَقَطَ ثُمَّ ابْتُدِرَ لِيُقْطَعَ رَأْسُهُ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ: أَلَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَيِّرَةُ الضَّالَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِأَضْحًى وَ لَا فِطْرٍ". قَالَ: وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ" لَا لِصَوْمٍ وَ لَا فِطْرٍ". قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع حَتَّى يَثُورَ ثَائِرُ الْحُسَيْنِ ع".
- انتهى." فلا جرم و الله ما وفقوا و لا يوفقون و هو واضح في الدلالة على ما قلناه.
وَ فِي خَبَرِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرَةِ قَالَ:" أَ يَنْقُصُ إِذَا جَفَّ؟ قَالَ: نَعَمْ".
لفظه استفهام و معناه تنبيه و تقرير لكنه بين الحكم و علته ليكون معتبرا في نظائره. قال في النهاية: و إلا فلا يجوز أن يخفى مثله على النبي ص مثل قوله أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ. و النَّقْصُ و النَّقِيصَةُ: العيب. و فلان يَنْتَقِصُ فلانا: أي يقع فيه و يعيبه. و انْتَقَصَ الشيء: نَقَصَ. و نَقَصَ الشيء يَنْقُصُ- من باب قتل نَقْصاً و نُقْصَاناً، و الْمَنْقَصَةُ النَّقْصُ.
وَ فِي حَدِيثِ النِّسَاءِ" نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ وَ نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ وَ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ".
ثم فسرها
بِقَوْلِهِ:" أَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْهُنَّ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، وَ أَمَّا نُقْصَان
188
حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ" ثُمَّ قَالَ ع" اتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ".
(نكص)
قوله تعالى: نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ
[8/ 48] أي رجع القهقرى. و مثله قوله: تَنْكِصُونَ [23/ 66] و النُّكُوصُ: الإحجام عن الشيء، و نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ
من باب قعد.
(نمص)
فِي الْحَدِيثِ" لَعَنَ اللَّهُ النَّامِصَةَ وَ الْمُتَنَمِّصَةَ وَ الْوَاشِرَةَ وَ الْمُتَوَشِّرَةَ وَ الْوَاصِلَةَ وَ الْمُتَوَصِّلَةَ وَ الْوَاشِمَةَ وَ الْمُسْتَوْشِمَةَ".
قال في معاني الأخبار: قال علي بن غراب النَّامِصَةُ التي تنتف الشعر من الوجه، و الْمُتَنَمِّصَةُ التي يفعل بها ذلك، و الواشرة التي تنشر أسنان المرأة و تصلحها و تحددها، و المتوشرة التي يفعل بها ذلك، و الواصلة التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، و المستوصلة التي يفعل بها ذلك، و الواشمة التي تشم وشما في يد المرأة أو في شيء من بدنها بغرز إبرة ثم تحشوه بالكحل أو بالنيل، و المستوشمة التي يفعل بها ذلك.
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ" الْوَاصِلَةُ وَ الْمُتَوِّصَلُة يَعْنِي الزَّانِيَةَ وَ الْقَوَّادَةَ".
و الْمُنَمِّصُ و الْمِنْمَاصُ: المنقاش الذي يؤخذ به الشعر و غيره.
(نوص)
قوله تعالى: وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ
[38/ 3] أي ليس الحين حين فرار و ليس الوقت وقت تأخير و فرار، و قد مر تمام البحث فيها في ليت. و الْمَنَاصُ: المنجى، يقال نَاصَ عن قرنه يَنُوصُ نَوْصاً و مَنَاصاً: أي فر و زاغ.
189
مجمع البحرين4
باب ما أوله الواو ص 190
باب ما أوله الواو
(وبص)
فِي الْحَدِيثِ" وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ ص".
أي لَمَعَانِهِ و بريقه، من قولهم وَبَصَ الطير وَبِيصاً: إذا برق و لمع.
(وقص)
" الْوَقَصُ" بالتحريك و في إسكان القاف لغة، واحد الْأَوْقَاصِ في الصدقة، و هو ما بين الفريضتين كالزيادة على الخمس من الإبل، و الجمع أَوْقَاصٌ و كذلك الشنق. و بعض يجعل الْوَقَصُ في البقر خاصة. و الْوَقْصُ: العفو. و الْوَقْصُ: كسر العنق. و منه
حَدِيثُ الْمُحْرِمِ" فَوَقَصَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَمَاتَ".
و لا يقال وَقَصَتِ العنق نفسها و لكن يقال وَقَصَ الرجل فهو مَوْقُوصٌ. و" الْوَاقِصَةُ" قد مر تفسيرها في قرص. و" وَاقِصَةُ" منزل بطريق مكة- قاله الجوهري.
190
مجمع البحرين4
باب ما أوله الألف ص 193
باب ما أوله الألف
(ابض)
الْإِبَاضِيَّةُ فرقة من الخوارج، أصحاب عبد الله بن إِبَاضٍ التميمي. و" أُبَاضُ" اسم موضع.
(أرض)
قوله تعالى: وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ
[65/ 12] أي سبع أَرَضِينَ. قيل ليس في القرآن آية تدل على أن الْأَرَضِينَ سبع غير هذه الآية.
قَوْلُهُ: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ
[31/ 34] قَالَ ع: مَنْ قَدَمٍ إِلَى قَدَمٍ.
و أَرَضُونَ بفتحتين جمع أَرْضٍ، و هي مؤنثة اسم جنس يفرق بينه و بين واحده بالتاء، و الجمع أَرَضَاتٌ و آرَاضٌ بالمد و أَرَاضِي على غير القياس.
وَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْأَرْضِ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ هِيَ؟ قَالَ: عَلَى الْحُوتِ. قُلْتُ: فَالْحُوتُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ قَالَ: عَلَى الْمَاءِ. قُلْتُ: فَالْمَاءُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ قَالَ: عَلَى الصَّخْرَةِ. قُلْتُ: فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ الصَّخْرَةُ؟ قَالَ: عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ أَمْلَسَ. قُلْتُ: فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ الثَّوْرُ؟ قَالَ: عَلَى الثَّرَى. قُلْتُ: فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ الثَّرَى؟ فَقَالَ: هَيْهَاتَ عِنْدَ ذَلِكَ ضَلَّ عِلْمُ الْعُلَمَاءِ.
وَ رَوَى فَخْرُ الدِّينِ فِي كِتَابِ جَوَاهِرِ الْقُرْآنِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ مَسِيرَةُ الشَّمْسِ فِيهَا ثَلَاثُونَ يَوْماً، هِيَ مِثْلُ الدُّنْيَا ثَلَاثُونَ مَرَّةً، مَشْحُونَةٌ خَلْقاً لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَ لَا إِبْلِيسَ، وَ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يُعْصَى فِي الْأَرْضِ.
و الْأَرَضَةُ بالتحريك: دويبة صغيرة
193
كنصف العدسة تأكل الخشب، و هي التي ذكرها الله في كتابه العزيز، و لما كان فعلها في الْأَرْضِ أضيفت إليها. و نقل عن القزويني في الأشكال أنه إذا أتى على الْأَرَضَةِ سنة نبت لها جناحان طويلان تطير بهما، و هي الدابة التي دلت الجن على موت سليمان بن داود و النملة عدوها و هي أصغر منها، فتأتي من خلفها فتحملها إلى جحرها.
(ايض)
آضَ يَئِيضُ أَيْضاً مثل باع يبيع بيعا: إذا رجع. فقولهم" افعل كذا أَيْضاً" معناه عود إلى ما تقدم. و آضَ فلان إلى أهله: رجع.
باب ما أوله الباء
(بضض)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ هَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلَّا جواني [حَوَانِيَ] هَرَمِ الْمَشِيبِ".
الْبَضَاضَةُ بضادين معجمتين: رقة اللون و صفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شيء. و الْبَضَاضَةُ: امتلاء البدن و قوته.
وَ فِي الْخَبَرِ" الشَّيْطَانُ يَجْرِي فِي الْإِحْلِيلِ وَ يَبِضُّ فِي الدُّبُرِ".
أي يدب فيه يتخيل أنه بلل أو ريح
. (بعض)
قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها
[2/ 26] المعنى أن يضرب مثلا بَعُوضَةً نصبها على البدل و ما زائدة، و قد تقدم معنى الاستحياء. و" الْبَعُوضَةُ" بالفتح واحدة الْبَعُوضِ الذي هو صغار البق، و اشتقاقها من الْبَعْضِ لأنها كَبَعْضِ البقة، و هي على خلقة الفيل إلا أنها أكثر أعضاء، فإن للفيل أربعة
194
أرجل و خرطوما و ذنبا و لها مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان و أربعة أجنحة، و خرطوم الفيل مصمت و خرطومه مجوف، فإذا طعن به جسد الإنسان استسقى الدم و قذف به إلى جوفه فهو له كالبلعوم و الحلقوم قوله: فَما فَوْقَها قال الزمخشري: فيه معنيان" أحدهما" فما تجاوزها و زاد عليها في المعنى الذي ضربت فيه مثلا و هو القلة و الحقارة. و" الثاني" فما زاد عليها في الحجم، كأنه قصد بذلك رد ما استكبروه من ضرب المثل بالذباب و العنكبوت لأنهما أكبر من الْبَعُوضَةِ. و نقل القاضي بن خلكان عن بعض الفضلاء أن الزمخشري أوصى أن تكتب هذه الأبيات على قبره، و قد ذكرها في تفسيره في تفسير سورة البقرة و هي:
يَا مَنْ يَرَى مَدَّ الْبَعُوضِ جَنَاحَهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ الْأَلْيَلِ
و يرى مناط عروقها في نحرها و المخ في تلك العظام النحل
امنن علي بتوبة أمحو بها ما كان مني في الزمان الأول
و من بَعْضِ ما قيل:
لا تحقرن صغيرا في عداوته إن الْبَعُوضَةَ تدمي مقلة الأسد
و بَعْضُ الشيء: طائفة منه. و بَعَّضَهُ تَبْعِيضاً: أي جزأه فَتَبَعَّضَ. و عن تغلب أجمع أهل النحو على أن الْبَعْضَ شيء من شيء أو أشياء، و هذه تتناول ما فوق النصف كالثمانية، فإنه يصدق عليها أنها من العشرة. و قال الأزهري: و أجاز النحويون إدخال الألف و اللام على بَعْضٍ و كل إلا الأصمعي فإنه منع ذلك و قال: كل و بَعْضٌ معرفة فلا يدخلهما الألف و اللام لأنهما في نية الإضافة، و من هنا قال أبو علي كل و بَعْضٌ معرفتان لأنهما في نية الإضافة، و قد نصبت العرب عنها الحال فقالت" مررت بكل قائما" و الباء لِلتَّبْعِيضِ. قال في المصباح: و معناه أنها لا تقضي العموم، فيكفي أن يقع ما يصدق عليه أنه بَعْضٌ، و استدلوا عليه بقوله تعالى: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ و قالوا الباء هنا لِلتَّبْعِيضِ على رأي الكوفيين.
195
و نص على مجيئها لِلتَّبْعِيضِ ابن قتيبة في أدب الكاتب و أبو علي الفارسي و ابن جني، و نقله الفارسي عن الأصمعي. و قال ابن مالك في شرح التسهيل: و تأتي الباء موافقة من التَّبْعِيضِيَّةِ ... إلى أن قال: و ذهب إلى مجيء الباء بمعنى التَّبْعِيضِ الشافعي و هو من أئمة اللسان، و قال بمقتضاه أحمد و أبو حنيفة حيث لم يوجب التعميم بل اكتفى أحمد بمسح الأكثر و أبو حنيفة بمسح الربع و لا معنى لِلتَّبْعِيضِ غير ذلك. قال: و جعلها لِلتَّبْعِيضِ أولى من القول بزيادتها، لأن الأصل عدم الزيادة و لا يلزم من الزيادة في موضع ثبوتها في كل موضع، بل لا يجوز القول به إلا بدليل، فدعوى الأصالة دعوى تأسيس و هو الحقيقة، و دعوى الزيادة دعوى مجاز و معلوم أن الحقيقة أولى. و قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ.
وَ مِثْلُهُ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ أي علم الله ... إلى أن قال: و قال النحاة تأتي للإلصاق، و مَثَّلُوهُ بقولك" مسحت يدي بالمنديل" أي ألصقتها به، و الظاهر أنه لا يستوعبه و هو عرف الاستعمال، و يلزم من هذا الإجماع على أنها لِلتَّبْعِيضِ- انتهى. و هو تحقيق جيد يطابق المذهب الحق و يشهد له صريح الحديث الصحيح المشهور
الْمَرْوِيُّ عَنْ زُرَارَةَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَ لَا تُخْبِرُنِي مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ؟ وَ قُلْتُ: إِنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ وَ بَعْضِ الرِّجْلَيْنِ، فَضَحِكَ وَ قَالَ: يَا زُرَارَةُ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ قَالَ: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْوَجْهَ كُلَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُغْسَلَ، ثُمَّ قَالَ: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فَوَصَلَ الْيَدَيْنِ بِالْوَجْهِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يُغْسَلَا إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ فَصَّلَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَقَالَ: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فَعَرَفْنَا حِينَ قَالَ بِرُؤُسِكُمْ أَنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ لِمَكَانِ الْبَاءِ، ثُمَّ وَصَلَ الرِّجْلَيْنِ بِالرَّأْسِ كَمَا وَصَلَ الْيَدَيْنِ بِالْوَجْهِ فَقَالَ: وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فَعَرَفْنَا حِينَ وَصَلَهُمَا بِالرَّأْسِ أَن
196
الْمَسْحَ عَلَى بَعْضِهَا، ثُمَّ فَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ لِلنَّاسِ فَضَيَّعُوهُ.
وَ فِي حَدِيثِ صِفَاتِهِ تَعَالَى" لَا يَتَبَعَّضُ بِتَجْزِئَةِ الْعَدَدِ فِي كَمَالِهِ".
يعني أوصافه الكاملة كثيرة، و هو عالم قادر سميع بصير و مصداق لكل واحد، و هو ذاته، و هو منزه عن التجزئة التي تستلزم العدد في الكثرة
(بغض)
الْبَغْضَاءُ بالمد: أشد الْبُغْضُ، و كذلك الْبِغْضَةُ بالكسر. و الْبُغْضُ: ضد الحب. و التَّبَاغُضُ: ضد التحاب. و بَغَضَهُ يَبْغُضُهُ من باب نصر، و قد بَغُضَ الرجل بَغَاضَةً: أي صار بَغِيضاً، و بَغَّضَهُ الله إلى الناس تَبْغِيضاً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْمُؤْمِنَ الضَّعِيفَ. قُلْتُ: وَ مَا الْمُؤْمِنُ الضَّعِيفُ؟ قَالَ: هُوَ الَّذِي يَرَى الْمُنْكَرَ وَ لَا يُنْكِرُ عَلَى فَاعِلِهِ".
و معناه أن يعامله معاملة الْمُبْغِضِ مع من أَبْغَضَهُ، بأن يوصل إليه ما يترتب على الْبُغْضِ لا حقيقة الْبُغْضِ، فإن ما يوصف به سبحانه يؤخذ باعتبار الغايات لا المبادئ.
(بيض)
قوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ
[37/ 49] أي مصون تشبه الجارية بالبيض بياضا و ملاسة و صفاء لون، و هي أحسن منه و إنما تشبه الألوان. قوله: بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
[37/ 46] وصفها بِالْبَيَاضِ تنبيها على كرمها و فضلها. قوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ
[3/ 106] يحتمل أنهما كنايتان عن ظهور الفرج و السرور و كآبة الخوف و الخجل، أو المراد بهما حقيقة الْبَيَاضِ و السواد، و قد اعتبر هذان الوجهان
فِي قَوْلِهِ" اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ فِيهِ الْوُجُوهُ".
الدعاء. قوله: وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ
[12/ 84] من الْبَيَاضِ بالفتح، و هو اللون الأبيض.
رُوِيَ" أَنَّهُ بَلَغَ مِنْ حُزْنِ يَعْقُوبَ عَلَى يُوسُفَ حُزْنَ سَبْعِينَ ثَكْلَى عَلَى أَوْلَادِهَا، وَ كَانَ ع لَمْ يَعْرِفِ الِاسْتِرْجَاع
197
فَمِنْهَا قَالَ وَا أَسَفِي عَلَى يُوسُفَ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" التَّقْصِيرُ فِي بَيَاضِ يَوْمٍ".
يريد من الفجر إلى الغروب.
وَ فِي حَدِيثِ الْحَائِضِ" يُمْسِكُ عَنْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ".
يريد الطهر من الحيض. و" الْبَيْضَةُ" واحد الْبَيْضِ من الطير و الحديد. و الْبَيْضَتَانِ: أنثيا الرجل. و بَيْضَةُ الإسلام: جماعته. و منه
الدُّعَاءُ" لَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ".
أي مجتمعهم و موضع سلطانهم و مستقر دعوتهم، أراد عدوا يستأصلهم و يهلكهم جميعهم، و قد تقدم و قيل أراد بِالْبَيْضَةِ الخوذة. فكأنه شبه مكان اجتماعهم و التيامهم بِبَيْضَةِ الحديد، و يجمع الْأَبْيَضُ على بِيضٍ، و أصله بُيْضٌ بضم الباء. قال الجوهري: و إنما أبدلوا من الضمة كسرة لتصح الياء. و" أيام الْبِيضِ" على حذف مضاف، يريد أيام الليالي الْبِيضِ، و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر، و سميت لياليها بِيضاً، لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها.
وَ" الْبَيْضَاءُ" أَحَدُ قَلَانِسِ النَّبِيِّ ص الَّتِي كَانَ يَلْبَسُهَا.
و في وصف الشريعة بكونها بَيْضَاءَ نقية تنبيها على كرمها و فضلها، لأن الْبَيَاضَ لما كان أفضل لون عند العرب عبر به عن الكرم و الفضل، حتى قيل لمن لم يتدنس بمعاب هو أَبْيَضُ الوجه، و يحتمل أن يكون المراد منها كونها مصونة عن التبديل و التحريف خالية عن التكاليف الشاقة. و الْأَبْيَضُ: السيف، و الْبِيضُ بالكسر جمعه. و الْبِيضَانُ من الناس: خلاف السودان. و الْمُبَيِّضَةُ بكسر الياء فرقة من الثنوية. قال الجوهري: و هم أصحاب المُقَنَّعِ، سُمُّوا بذلك لِتَبَيُّضِهِمْ بثيابهم مخالفة للمُسَوِّدَة من أصحاب الدولة العباسية.
198
مجمع البحرين4
باب ما أوله الجيم ص 199
باب ما أوله الجيم
(جرض)
الْجَرَضُ بالتحريك: الريق، يقال جَرِضَ بريقه يَجْرَضُ، و هو أن يبتلع ريقه على هم و حزن بالجهد. و الْجَرِيضُ: الغصة، و منه
الْحَدِيثُ" أَلَمُ الْمَضَضِ".
أي الوجع، و
" غَصَصُ الْجَرَضِ".
(جهض)
" الْجِهَاضُ" بالكسر اسم من أَجْهَضَتِ الناقة و المرأة ولدها إِجْهَاضاً أسقطته ناقص الخلق. و منه الْمُجْهِضُ المسقطةُ للحمل، و الولد مُجْهَضٌ بفتح الهاء و جَهِيضٌ.
(جيض)
جَاضَ عن الشيء يَجِيضُ جَيْضاً: حاد عنه و عدل. و أصل الْجَيْضِ: الميل عن الشيء. و منه
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع" ارْتَدَّ النَّاسُ إِلَّا ثَلَاثَةً سَلْمَانُ وَ أَبُو الذَّرِّ وَ الْمِقْدَادُ. قُلْتُ: فَعَمَّارٌ؟ قَالَ: كَانَ جَاضَ جَيْضَةً أَيْ مَالَ وَ عَدَلَ".
قال في النهاية: و يروى بالحاء و الصاد المهملتين، يعني جال جولة يطلب الفرار و قد تقدم.
باب ما أوله الحاء
(حرض)
قوله تعالى: حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ
[8/ 65] أي حثهم، و التَّحْرِيضُ على القتال و الحث و الإحماء عليه. قوله: حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً
[13/ 85] الْحَرَضُ بالتحريك الذي أذابه
199
العشق و الحزن، و عن قتادة حتى تهرم أو تموت، و يقال الْحَرَضُ الشرف على الهلاك، من قولهم حَرِضَ حَرَضاً من باب تعب: أشرف على الهلاك. و في الحديث ذكر الْحُرُضَ بضمتين و إسكان الراء أيضا، و هو الأشنان بضم الهمزة، سمي بذلك لأنه يهلك الوسخ.
(حضض)
قوله: وَ لا تُحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ [89/ 18] أي لا تحثون على طعامه و لا تأمرون بالتصدق عليه، من قولهم حَضَّهُ على الأمر حَضّاً من باب قتل: حثه عليه. و حَضَّضَهُ: أي حرضه. قال الشيخ أبو علي: و من قرأ وَ لا تَحَاضُّونَ يعني بفتح التاء أي لا يَحُضُّ بعضكم بعضا على ذلك، و المعنى الإهانة مما فعلتموه من ترك إكرام اليتيم و منع الصدقة للفقير لا ما زعمتموه.
وَ فِي حَدِيثٍ" لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَحِلَ الصَّائِمُ بِالْحُضُضِ".
يروى بضم الضاد الأولى و فتحها، و قيل هو بظاءين، و قيل بضاد ثم بظاء دواء معروف، قيل إنه يعقد من أبوال الإبل، و قيل هو عقار، منه مكي و منه هندي و هو عصارة شجر معروف له ثمرة كالفلفل تسمى شجرته الْحُضْحُضَ. و الْحَضِيضُ: قرار الأرض، و أسفل الجبل أيضا. و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ عَلَى الْحَضِيضِ وَ يَنَامُ عَلَى الْحَضِيضِ".
و منه
حَدِيثُ" مَنِ ادَّعَى الْإِمَامَةَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَنَّهُمْ ارْتَقَوْا مُرْتَقًى دَحْضاً".
يعني زلقا تزل عنه إلى الْحَضِيضِ أقدامهم. و حروف التَّحْضِيضِ أربعة: هلا، و ألا، و لولا، و لوما. قال النحاة: و دخولها على المستقبل حث على الفعل و طلب له، و على الماضي توبيخ على ترك الفعل نحو" هلَّا تَنْزِلُ" و" هَلَّا نَزَلْتَ عِنْدَنَا".
(حمض)
حَمُضَ الشيء بضم الميم و فتحها يَحْمُضُ حُمُوضَةً فهو حَامِضٌ، و الْحُمُوضَةُ: طعم الْحَامِضِ.
200
و الْحُمَّاضُ: نبت له نور أحمر- قاله الجوهري.
(حوض)
فِي الْحَدِيثِ" أُمُّ إِسْمَاعِيلَ لَمَّا ظَهَرَ لَهَا مَاءُ زَمْزَمَ جَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ".
أي تجعل له حَوْضاً يجتمع فيه الماء. و روي" تخوطه". و" الْحَوْضُ" واحد أَحْوَاضِ الماء، و" الْحِيَاضُ" بالكسر مثل أثواب و ثياب. و منه
الْحَدِيثُ" إِنْ لَمْ تَجِدْ مَوْضِعاً فَلَا تُجَاوِزِ الْحِيَاضَ عِنْدَ وَادِي مُحَسِّرٍ".
و الْحَوْضُ: الكوثر.
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع" أَنَا ابْنُ ذِي الْحَوْضَيْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هَاشِمٍ فِي الْعَامِ السَّغِبْ".
لعل المراد بهما الحقيقة، و يحتمل أنه أراد العلم و الهدى. و مثله
" أَلَا إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضاً".
(حيض)
قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ
[2/ 222] قيل الْمَحِيضُ يجيء مصدرا كالمجيء و المبيت، و اسم زمان و اسم مكان فَالْمَحِيضُ الأول مصدر لا غير لعود الضمير إليه بقوله: هُوَ أَذىً أي مستقذر، و أما الثاني فيحتمل المصدرية فيكون فيه تقدير مضاف أي في زمان المحيض، و يحتمل اسم الزمان و المكان فلا يحتاج إلى تقدير مضاف. و الْحَيْضُ: اجتماع الدم، و به سمي الْحَوْضُ لاجتماع الماء فيه. و حَاضَتِ المرأة تَحِيضُ حَيْضاً و مَحِيضاً و تَحَيَّضَتْ: إذا سال دمها في أوقات معلومة فإذا سال الدم من غير عرق الْحَيْضِ فهي مُسْتَحَاضَةٌ. و تَحَيَّضَتْ المرأة: قعدت في أيام حَيْضِهَا تنتظر انقطاعه. و منه
قَوْلُهُ ع" تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتّاً أَوْ سَبْعاً".
و إنما خصهما لأن ذلك هو الغالب في أيام الحيض. و امرأة حَائِضَةٌ و حَائِضٌ: أي ذات حَيْضٍ، و نساء حُيَّضٌ- بضم الحاء و التشديد- و جمع الْحَائِضَةُ حَائِضَاتٌ. و" الْحَيْضَةُ" المرة الواحدة من الْحَيْضِ، و بالكسر الاسم من الْحَيْضِ،
201
و هي هيئة الْحَيْضِ، مثل الجلسة لهيئة الجلوس. و الْحِيضَةُ بالكسر أيضا: الخرقة التي تستثفر بها المرأة. و منه
حَدِيثُ عَائِشَةَ" لَيْتَنِي كُنْتُ حِيضَةً مُلْقَاةً".
قال في النهاية و يقال لها الْمَحِيضُ و تجمع على الْمَحَايِضِ.
باب ما أوله الخاء
(خضخض)
فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَضْخَضَةِ؟ فَقَالَ: هِيَ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ خَيْرٌ مِنْهُ".
و
فِي آخَرَ" سُئِلَ ع عَنِ الْخَضْخَضَةِ؟ فَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ الزِّنَا وَ نِكَاحُ الْأَمَةِ خَيْرٌ مِنْهُ".
الْخَضْخَضَةُ- بخاءين معجمتين و ضادين كذلك- هي الاستمناء باليد. و الْخَضْخَاضُ: ضرب من القطران تهنأ به الإبل- قاله الجوهري.
(خفض)
قوله تعالى: خافِضَةٌ رافِعَةٌ
[56/ 3] أي تَخْفَضُ قوما إلى النار و ترفع آخرين إلى الجنة. قوله: وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
[17/ 24] يعني تواضع لهما، أو من المقلوب أي جناح الرحمة من الذل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" هُوَ أَنْ لَا تَمْلَأَ عَيْنَيْكَ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا وَ تَنْظُرَ إِلَيْهِمَا بِرِقَّةٍ وَ رَحْمَةٍ وَ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فَوْقَ أَصْوَاتِهِمَا وَ لَا يَدَكَ فَوْقَ أَيْدِيهِمَا وَ لَا تَتَقَدَّمْ قُدَّامَهُمَا".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ [انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَ] تَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ".
الْخَفْضُ: الراحة و السكون، يقال هو في خَفْضِ من العيش أي في سعة و راحة.
202
و منه" عيش خَافِضٌ" و" عيش خَفِيضٌ" أي واسع، و المراد فقد حصل الراحة و طيب العيش. و منه
حَدِيثُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ" يَوْمُ خَفْضٍ وَ دَعَةٍ".
أي يوم سكون و راحة عن طلب المعاش.
وَ" خَفِّضِي عَلَيْكَ الْأَمْرَ" فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ
أي هونيه و لا تحزني. و منه
كَلَامُ عَلِيٍّ ع لِعُمَرَ حِينَ قَالَ لَهُ أَرَادَكَ الْحَقُّ" وَ لَكِنْ أَبَى قَوْمُكَ- يَا أَبَا حَفْصٍ خَفِّضْ عَلَيْكَ مِنْ هُنَا وَ مِنْ هُنَا" أي هون عليك و لا تشدد إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً.
و خَفْضُ الجارية مثل ختن الغلام، يقال خَفَضَتِ الْخَافِضَةُ الجارية أي ختنتها، فالجارية مَخْفُوضَةٌ، و لا يطلق الْخَفْضُ إلا على الجارية دون الغلام. و خَفَضَ الرجل صوته خَفْضاً من باب ضرب: إذا لم يجهر به. و خَفَضَ اللهُ الكافرَ: أهانه. و خَفَضَ الحرفَ في الإعراب: جعله مكسورا، و الْخَفْضُ و الجر واحد، و هما في الإعراب بمنزلة الكسر في البناء في مواضعات النحويين. و الِانْخِفَاضُ: الانحطاط. و الله يَخْفَضُ من يشاء و يرفع من يشاء: أي يضع. و" الْخَافِضُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي يَخْفَضُ الجبارين و الفراعنة، أي يضعهم و يهينهم.
(خوض)
قوله تعالى: وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ
[74/ 45] أي نسرع في الباطل و نغوي مع الغاوين. قوله: وَ خُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا [9/ 69] أي كَخَوْضِهِمْ، و الذي مصدرية و أصل الْخَوْضِ دخول القدم فيما كان مائعا من الماء و الطين، ثم كثر حتى صار في كل دخول فيه أذى و تلويث. قال تعالى: ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ
[6/ 91] أي في باطلهم، فلا عليك بعد التبليغ و إلزام الحجة. و قال تعالى: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا
[6/ 68] أي
203
بالتكذيب و الاستهزاء بها و الطعن فيها. و قال تعالى: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ
[4/ 140] أي يأخذوا في حديث، يقال خاض الناس في الحديث و تخاوضوا: أي تفاوضوا فيه، و فيها دلالة على تحريم مجالسة الكفار عند كفرهم بآيات الله و استهزائهم بها، و على إباحة مجالستهم عند خوضهم في حديث غيره. و روي أن هذا منسوخ بقوله تعالى: فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. قال الشيخ أبو علي: و في الآية دلالة على وجوب إنكار المنكر مع القدرة على ذلك و زوال العذر، و إن من ترك ذلك مع القدرة عليه فهو مخطىء آثم، و فيها أيضا دلالة على تحريم مجالسة الفساق و المبتدعين من أي جنس كانوا، و به قال جماعة من المفسرين. قال: و من ذلك إذا تكلم الرجل في مجلس يكذب ليضحك منه جلساؤه فيسخط الله عليهم. قال:
وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ع فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ:" إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَ يُكَذِّبُ بِهِ وَ يَقَعُ فِي أَهْلِهِ فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ وَ لَا تُقَاعِدْهُ".
قال: و في الآية أيضا دلالة على بطلان القول ببقاء الإعراض، و قولهم ليس هاهنا غير الأجسام لأنه قال: حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ
فأثبت غيرا لما كانوا فيه و ذلك هو العرض.
وَ فِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ" يَخُوضُ الرَّجُلُ بِرِجْلَيْهِ الْمَاءَ خَوْضاً".
أي يدخلهما في الماء ماشيا، يقال خُضْتُ الماء أَخُوضُهُ خَوْضاً و خِيَاضاً: مشيت فيه. و منه" الْمَخَاضَةُ" بالفتح و هو موضع خَوْضِ الماء و ما جاز الناس فيها مشاة و ركبانا و جمعها الْمَخَاضُ و الْمَخَاوِضُ أيضا. و خُضْتُ الغمرات: اقتحمتها.
204
مجمع البحرين4
باب ما أوله الدال ص 205
باب ما أوله الدال
(دحض)
قوله تعالى: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
[37/ 141] أي قارع فكان من المقروعين المغلوبين المقهورين. قوله: داحِضَةٌ
[43/ 16] أي زائلة باطلة. قوله: لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ*
[18/ 56] أي ليزيلوا به الحق و يذهبوا به.
وَ فِي الدُّعَاءِ" خُذْنِي مِنْ دَحْضِ الْمَزَلَّةِ".
أي أنقذني من مزلقة الخطيئة.
وَ فِي الْحَدِيثَ" الْحَجُّ مَدْحَضَةٌ لِلذَّنْبِ".
أي مبطل له. و دَحَضَتِ الْحِجَّةُ دَحْضاً- من باب نفع-: بطلت، و أَدْحَضَهَا الله في التعدي. و دَحَضَ الرجل: زلق. و دَحَضَتْ رجله: زلقت. و مكان دَحْضٌ: زلق. و الْإِدْحَاضُ: الإزلاق. و
" حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ".
أي تزول.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ إِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فِي هَذِهِ الْمَزَلَّةِ فَإِنَّا كُنَّا تَحْتَ ظِلِّ غَمَامَةٍ".
إلى آخره، و قد مر شرحه في وطا. و" المزلة" بكسر الزاي و فتحها بمعناه و هما بفتح الميم.
205
مجمع البحرين4
باب ما أوله الراء ص 206
باب ما أوله الراء
(ربض)
فِي الْحَدِيثِ" أَقَلُّ مَا يَكُونُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الْقِبْلَةِ مَرْبِضُ غَنَمٍ، وَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ مَرْبِطُ فَرَسٍ".
مَرَابِضُ الغنم جمع مَرْبِضٍ بفتح الميم و كسر الباء، و هو موضع رَبْضِ الغنم، و هو كالجلوس للإنسان، و قيل كالاضطجاع له.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ النَّاسُ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ".
أي الغنم الرَّبِضْ، أي الباركة. و منه
حَدِيثُ الْمُنَافِقِ" إِذَا رَكَعَ رَبَضَ وَ إِذَا سَجَدَ نَقَرَ، وَ إِذَا جَلَسَ شَغَرَ".
و رُبُوضُ الغنم و البقر و الكلب و جثوم الطير مثل بروك الإبل. و الفصيل الرَّابِضُ: الجالس المقيم. و منه" كَرَبْضَةِ العنز".
(رضض)
رَضَضْتُ الشيء من باب قتل: كسرته. و الرَّضُّ: الدق الجريش.
(رفض)
في الحديث ذكر الرَّافِضَةُ و الرَّوَافِضُ، و هم فرقة من الشيعة رَفَضُوا أي تركوا زيد بن علي ع حين نهاهم عن الطعن في الصحابة، فلما عرفوا مقالته و أنه لا يبرأ من الشيخين رَفَضُوهُ، ثم استعمل هذا اللقب في كل من غلا في هذا المذهب و أجاز الطعن في الصحابة
206
يقال رَفَضَهُ رَفْضاً من باب قتل: تركه. و الشيء مَرْفُوضٌ: أي متروك. و ارْفِضَاضُ الدمع: ترششها. و منه
الْحَدِيثُ" ثُمَّ ارْفَضَّتْ عَيْنَاهُ وَ سَالَتْ دُمُوعُهُ".
و منه
حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع" لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى يَرْفَضَّ عِرْقاً".
أي يسيل و يجري.
(ركض)
قوله تعالى: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ
[28/ 42] أي اضرب الأرض برجلك، من رَكَضْتُ الدابة إذا ضربتها برجلك لتستحثها، و يقال ارْكُضْ بِرِجْلِكَ
: أي ادفع برجلك و الرَّكْضُ: الدفع بالرجل. قوله: إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ
[21/ 12] أي يهربون و ينهزمون.
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ
قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَ بَعَثَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ بِالشَّامِ هَرَبُوا إِلَى الرُّومِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الرُّومُ لَا نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَتَنَصَّرُوا، فَيُعَلِّقُونَ فِي أَعْنَاقِهِمُ الصُّلْبَانَ فَيُدْخِلُونَهُمْ، فَإِذَا نَزَلَ بِحَضْرَتِهِمْ أَصْحَابُ الْقَائِمِ طَلَبُوا الْأَمَانَ وَ الصُّلْحَ، فَيَقُولُ أَصْحَابُ الْقَائِمِ لَا نَفْعَلُ حَتَّى تَدْفَعُوا إِلَيْنَا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنَّا. قَالَ: فَيَدْفَعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ
قَالَ: يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ الْكُنُوزِ وَ لَهُمْ عِلْمٌ بِهَا. قَالَ: فَيَقُولُونَ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ بِالسَّيْفِ وَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ صَاحِبُ نَهَرِ سَعِيدٍ بِالرَّحَبَةِ.
وَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِحَاضَةِ" إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ عَانِدٌ أَوْ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ".
أي دفعة و حركة من الشيطان، و المعنى أن الشيطان قد وجد بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها و طهرها و صلاتها حتى
207
أنساها ذلك عادتها، و صار في التقدير كأنه رَكْضَةٌ بآلة من رَكَضَاتِهِ- كذا في النهاية. و في المغرب: إنما أضيف ذلك إلى الشيطان و إن كانت من فعل الله تعالى لأنها ضرر و سيئة، و الله تعالى يقول: وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ أي بفعلك، و مثل هذا يكون بوسوسة الشيطان و إسناد الفعل إلى السبب كثير، و سيجيء مزيد بحث في الحديث في عرق.
(رمض)
قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
[2/ 185] فَرَمَضَانُ اسم للشهر، قيل سمي بذلك لأن وضعه وافق الرَّمَضَ بالتحريك، و هو شدة وقع الشمس على الرمل و غيره، و جمعه رَمَضَانَاتٌ و أَرْمِضَاءُ. و في المصباح قال بعض العلماء: يكره أن يقال جاء رَمَضَانُ و شبهه إذا أريد به الشهر، و ليس معه قرينة تدل عليه، و إنما يقال جاء شهر رَمَضَانَ، و استدل
بِحَدِيثِ" لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ لَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضانَ
".
قال: و هذا الحديث ضعفه البيهقي، و ضعفه ظاهر لأنه لم ينقل عن أحد من العلماء أن رَمَضَانَ من أسماء الله تعالى فلا يعمل به، و الظاهر جوازه من غير كراهة كما ذهب إليه البخاري و جماعة من المحققين لأنه لم يصح في الكراهة شيء، و قد ثبت في الأحاديث الصحيحة ما يدل على الجواز مطلقا
كَقَوْلِهِ" إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَ غُلِّقَتْ أَبْوَابُ النِّيرَانِ وَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ".
قال: و قال القاضي عياض و
فِي قَوْلِهِ" إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ".
دليل على جواز استعماله من غير لفظ الشهر خلافا لمن كرهه من العلماء- انتهى كلامه. و هو مرغوب عنه، فإن في كثير من أحاديث أهل الحق النهي عن التلفظ بِرَمَضَانَ من دون إضافة الشهر تعليلا بأنه اسم من أسمائه تعالى، و وقوعه
208
في بعض الأحاديث مجردا عنه غير ضائر لإمكان قصد بيان الإباحة، و هي لا تنافي الكراهة. قال الشهيد الأول في كتاب نكت الإرشاد ما هذا لفظه:" فائدة" نهي عن التلفظ بِرَمَضَانَ، بل يقال شهر رَمَضَانَ في أحاديث من أجودها
مَا أَسْنَدَهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ إِلَى الْكَاظِمِ ع عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ:" لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ، مَنْ قَالَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ وَ لْيَصُمْ كَفَّارَةً لِقَوْلِهِ وَ لَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى شَهْرُ رَمَضانَ
".
و عن الأزهري العرب تذكر الشهور كلها مجردة من لفظ شهر إلا شهري ربيع و رَمَضَانَ، و يحكى أن العرب حين وضعت الشهور وافق الوضع الأزمنة، ثم كثر حتى استعملوها في الأهلة و إن لم يوافق ذلك الزمان، فقالوا شهر رَمَضَانَ لما أَرْمَضَتِ الأرض من شدة الحر، و شَوَّالٌ لما شالت الإبل بأذنابها للطروق، و ذو القَعْدَةُ لما ذللوا القعدان للركوب، و ذو الحِجَّةُ لما حجّوا، و المُحَرَّمُ لما حرموا القتال أو التجارة، و صَفَرٌ لما غَزَوْا و تركوا دار القوم صِفْراً، و شهر رَبِيعٌ لما أربعت الأرض و أمرعت، و جُمَادَى لما جمد الماء، و رَجَبٌ لما أرجبوا الشجر، و شَعْبَانُ لما أشعبوا العُود.
وَ فِي حَدِيثِ السُّجُودِ" أَخَافُ الرَّمْضَاءَ عَلَى وَجْهِي كَيْفَ أَصْنَعُ؟" يَعْنِي الْحِجَارَةَ الْحَامِيَةَ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ" قَالَ: تَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِكَ".
و مثله
" شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص الرَّمْضَاءَ فِي جباهنا فَلَمْ يَشْكُنَا".
أي لم يزل شكايتنا. و رَمِضَ يومنا رَمْضاً من باب تعب: اشتد حره. و رَمَضَتْ قدمه بالحر: احترقت. و أَرْمَضَتْنِي الرَّمْضَاءُ: أحرقتني. و لعل منه
قَوْلَهُ ع" أَرْمَضَنِي اخْتِلَافُ الشِّيعَةِ".
و الرَّمِيضُ: الحديد الماضي. و منه
الْخَبَرُ" إِذَا مَدَحْتَ الرَّجُلَ فِي وَجْهِهِ فَكَأَنَّمَا أَمْرَرْتَ عَلَى حَلْقِهِ مُوسَى رَمِيضاً".
209
(روض)
قوله تعالى: فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ [30/ 65] الرَّوْضَةُ: الأرض الخضرة بحسن النبات، و منه" رَوْضَاتُ الجنان" و هي أطيب البقاع و أنزهها. و منه
الْحَدِيثُ" مَا بَيْنَ قَبْرِي وَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ".
أي كَرَوْضَةٍ يجيء في ترع ما ينفع هنا. و جمع رَوْضَاتٍ رَوْضٌ و رِيَاضٌ صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها. و
مِنْهُ" بَادِرُوا إِلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ".
يعني طول الذكر أو حلق الذكر كما جاءت به الرواية. و رُضْتُ الدابةَ: ذللتها، و الفاعل رَائِضٌ، و هي مَرُوضَةٌ.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" لَأَرُوضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهِشُّ مَعَهَا إِلَى الْقُرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مَطْعُوماً وَ تَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً".
قيل المراد بِالرِّيَاضَةِ هنا منع النفس الحيوانية عن مطاوعة الشهوة و الغضب و ما يتعلق بهما، و منع النفس الناطقة عن متابعة القوى الحيوانية من رذائل الأخلاق و الأعمال، كالحرص على جمع المال و اقتناء الجاه و توابعهما من الحيلة و المكر و الخديعة و الغلبة و الحقد و الحسد و الفجور و الانهماك في الشرور و غيرها، و جعل طاعة النفس للعقل العملي ملكة لها على وجه يوصلها إلى كمالها الممكن لها إزالة الموانع الدنيوية عن خاطره، و المعين على ذلك إضعاف القوة الشهوانية و الغضبية بإضعاف حواسه بتقليل الأغذية و التنوق فيها، فإن لذلك أثرا عظيما في حصول الكمال و التشاغل بحضرة ذي الجلال. و يمكن أن يقال: المراد بِالرِّيَاضَةِ منع النفس عن المطلوب من الحركات المضطربة و جعلها بحيث تصير طاعتها لمولاها ملكة لها.
وَ قَوْلُهُ ع" إِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ".
قال بعض الشارحين:
210
قوله" إنما هي نفسي" أي إنما همتي و حاجتي" أَرُوضُهَا" و رِيَاضَةُ النفس مأخوذة من رِيَاضَةِ البهيمة، و هي منعها عن الإقدام على حركات غير صالحة لصاحبها، فالقوة الحيوانية هي مبدأ الإدراكات و الأفعال إذا لم تكن مطيعة للقوة العاقلة كانت بمنزلة البهيمة لم تُرَضْ، فهي تتبع الشهوة تارة و الغضب أخرى، و تستخدم القوة العاقلة في تحصيل مراداتها، فتكون هي أمارة و العاقلة مؤتمرة، و أما إذا رَاضَتْهَا القوة العاقلة حتى صارت مؤتمرة لها متمرنة على ما يقتضيه العقل العملي تأتمر بأمره و تنتهي بنهيه كانت العاقلة مطمئنة لا تفعل أفعالا مختلفة المبادئ و كانت باقي القوى سالمة لها. ثم قال الشارح: لما كان الغرض الأقصى من رِيَاضَةِ نفسه نيل الكمال الحقيقي فلا بد له من الاستعداد، و كان ذلك الاستعداد موقوفا على زوال الموانع الخارجية و الداخلية كانت لِلرِّيَاضَةِ أغراض ثلاثة: الأول حذف كل مرغوب و محبوب و هو حذف الموانع الخارجية، الثاني تطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة فينجذب التخيل و التوهم عن الجانب السفلي إلى العلوي و تتبعها سائر القوى فتزول الدواعي الحيوانية و هو حذف الموانع الداخلية، الثالث توجيه السر إلى الجنبة العالية لتلقي السوانح الإلهية و اقتناصها. و يعين على الأول الزهد الحقيقي، و هو الإعراض عن متاع الدنيا و طيباتها بالقلب، و على الثاني العبادة المشفوعة بالفكر في ملكوت السماوات و الأرض و عظمة الله تعالى و الأعمال الصالحة المنوية لوجهه خالصا، و عبر عن هذه الأمور المعنوية بالتقوى التي يَرُوضُ نفسه بها. و رَاضَ نفسه: بمعنى حلم فهو رَيِّضٌ. و الرَّيِّضُ في العلم: المذلل نفسه لذلك من رَاضَ المهر رِيَاضَةً ذللَّه فهو مَرُوضٌ. و قوم رَوَاضٍ و رَاضَةٌ. و منه حديث
أَحَدِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ فِي بَغْلِ الْمُسْتَعِينِ" كَانَ قَدْ جَمَعَ عَلَيْهِ الرَّاضَةَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حِيلَةٌ فِي رُكُوبِهِ".
و قوله:" حتى نَتَرَاوَضَ على أمر"
211
أي نستقر على أمر. و اسْتَرَاضَ المكان: أي اتسع. و منه قولهم" افعل ذلك ما دامت النفس مُسْتَرِيضَةً" أي متسعة.
باب ما أوله العين
(عرض)
قوله تعالى: لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ
[2/ 224] الْعُرْضَةُ فعلة بمعنى المفعول، أطلق على ما يُعْرَضُ دون الشيء و على الْمُعْرِضِ للأمر، فمعنى الآية على الأول لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير بل مخالفته
لِقَوْلِهِ ص لِابْنِ سَمُرَةَ" إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ".
و على الثاني و لا تجعلوه مَعْرَضاً لأيمانكم فتبذلوه بكثرة الحلف به.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي كُلِّ حَالَةٍ" لَا وَ اللَّهِ وَ بَلَى وَ اللَّهِ".
قوله: عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ
[2/ 235] التَّعْرِيضُ خلاف التصريح، و هو الإيماء و التلويح و لا تبيين فيه، و هو كثير في الكلام، و قد تقدم الفرق بينه و بين الكناية. و عَرَضْتُ لفلان و بفلان: إذا قلت قولا و أنت تعنيه. و منه" الْمَعَارِيضُ في الكلام" و هي التورية عن الشيء بالشيء، كما إذا سألت رجلا هل رأيت فلانا و قد رآه و يكره أن يكذب فيقول إن فلانا ليرى، فيجعل كلامه مِعْرَاضاً فرارا من الكذب. و منه المثل" إن في الْمَعَارِيضِ لمندوحةً عن الكذب" أي سعة. قوله: جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ
[3/ 133] قيل كل جنة من الجنان عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ لو وضع بعضها على بعض، و خص الْعَرْضُ لأنه أقل من الطول غالبا، فشبهت بأوسع ما علم الناس.
212
قوله: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ
[41/ 51] استعار الْعَرْضَ لكثرة الدعاء و دوامه كما استعار الغليظ لشدة العذاب. قوله: وَ عَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً
[18/ 100] أي أظهرناها حتى رآها الكفار، يقال عَرَضْتُ الشيء فَأَعْرَضَ: أي أظهرته فظهر. قوله: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
[46/ 24] أي سحاب يمطرنا أو ممطر لنا، و لا يجوز أن يكون صفة لِعَارِضِ النكرة، و سمي عَارِضاً لأنه يَعْرِضُ في الأفق. قوله: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى
[8/ 169] مر في دنا. قوله: يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا
[40/ 46] أي صباحا و مساء، أي يعذبون في هذين الوقتين و فيما بين ذلك الله أعلم بحالهم، فإذا قامت القيامة قيل لهم أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ قوله: تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا
[4/ 94] أي تطلبون عَرَضَ الحياة الدنيا، أي طمع الدنيا و ما يُعْرَضُ منها يعني الغنيمة و المال و متاع الحياة الدنيا الذي لا بقاء له.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّ جَبْرَئِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ أَنَّهُ عَارَضَهُ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ".
أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، من الْمُعَارَضَةِ: المقابلة. و منه" عَارَضْتُ الكتاب بالكتاب" أي قابلته. و يقال عَارَضْتُهُ في السير: أي مررت حياله. و عَارَضْتُهُ بمثل ما صنع: أي أتيت إليه بمثل ما أتى.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص عَارَضَ جِنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ".
أي أتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطريق و لم يتبعه من منزله. و الْعَرَضُ: متاع الدنيا و حطامها. و منه
الْخَبَرُ" الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَإِنْ عَرَضَ فِي قَلْبِكَ مِنَ الْمَاءِ شَيْءٌ فَكَذَا".
أراد إن ظهر و خطر في قلبك شيء من استعماله فأفرج الماء
213
بأصابعك و استعمله ليزول ذلك المنفر، من عَرَضْتُ الشيء من باب ضرب: أظهرته له و أبرزته إليه. و الْإِعْرَاضُ: الصد عنه. و أَعْرَضَ لك الخير: إذا أمكنك. و اعْتَرَضَ الشيء: صار عَارِضاً كالخشبة الْمُعْتَرِضَةِ في النهر. و اعْتَرَضَ الشيء دون الشيء: أي حال دونه. و اعْتَرَضَتِ الشهر: إذا ابتدأته من غير أوله، و منه" اعْتَرَضَ القرآن". و اعْتَرَضَ فلان فلانا: وقع فيه. و" الْعَارِضَةُ" واحدة الْعَوَارِضِ، و هي الحاجات. و عَارِضَةُ الباب: الخشبة التي تمسك عضادتيه. و عَرَضَ في الطريق عَارِضٌ: أي منعني مانع صدني عن المضي فيه. و منه اعتراضات الفقهاء، لأنها تمنع من التمسك بالدليل.
وَ فِي الدُّعَاءِ" تَعَرَّضَ لَكَ فِي هَذَا اللَّيْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ".
أي تصدى لطلب فضلك و إحسانك الْمُتَعَرِّضُونَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" صُونُوا أَعْرَاضَكُمْ".
الْأَعْرَاضُ جمع عِرْضٍ بالكسر، قيل هو موضع المدح و الذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سلفه أو من يلزمه أمره، و قيل هو جانبه الذي يصونه من نفسه و حسبه و يحامي عنه أن ينتقص و يعاب. و
عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عِرْضُ الرَّجُلِ: نَفْسُهُ وَ بَدَنُهُ لَا غَيْرُ.
و منه
الْحَدِيثُ" مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَ عِرْضِهِ".
أي احتاط لنفسه. و منه
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى مَنْ ذَكَرَنِي".
و منه
حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ" أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ".
أي من عابك و ذمك فلا تجازه و اجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة.
وَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" إِنَّمَا هُوَ عَرَقٌ يَسِيلُ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ".
أي أجسادهم. و عَرَضْتُ البعير على الحوض من المقلوب و معناه عَرَضْتُ الحوض على البعير. و عَرَضَهُ عَارِضٌ من الحمى و نحوها.
214
و عَرَضَ الرجلُ: إذا أتى الْعَرُوضَ، و هي مكة و المدينة و ما حولهما، و يقال مكة و المدينة. و منه قول الشاعر:
فيا راكبا إما عرضت فبلغن نداماي من نجران أن لا تلاقيا
قال الجوهري: قال أبو عبيدة أراد فيا راكباه للندبة فحذف الهاء، كقوله تعالى: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ و لا يجوز يا راكبا بالتنوين لأنه قصد بالنداء راكبا بعينه. و يقال الْعُرَيْضُ و النقب من قبل مكة لا من حدود المدينة. و" عُرَيْضٌ" كزبير واد بالمدينة فيه أموال لأهلها. و" الْعَرْضُ" بالفتح فالسكون: المتاع، و كل شيء فهو عَرْضٌ سوى الدراهم و الدنانير فإنهما عين، و الجمع عُرُوضٌ كفلس و فلوس. و عن أبي عبيدة الْعُرُوضُ: الأمتعة التي لا يدخلها كيل و لا وزن و لا يكون حيوانا و لا عقارا. و الْعَرَضُ بالتحريك: ما يحل في الاسم و لا وجود له و لا شخص له في اصطلاح المتكلمين ما لا يقوم بنفسه و لا يوجد في محل يقوم به، و هو خلاف الجوهر و ذلك نحو حمرة الخجل و صفرة الوجل. و رجل عِرِّيضٌ كفسيق: أي يَتَعَرَّضُ للناس بالشر. و تَعَرَّضَ بمعنى تعوج، و منه" تَعَرَّض
215
الْجَمَلُ فِي الْجَبَلِ" إذا أخذ في مسيره يمينا و شمالا لصعوبة الطريق. و الْعَرُوضُ كرسول ميزان الشعر لأنه يُعَارِضُ بها، و هي مؤنثة، و لا يجمع لأنها اسم جنس. و يقال للرساتيق بأرض الحجاز" الْأَعْرَاضُ" واحدها عِرْضٌ بالكسر. و الْعَارِضُ من اللحية: ما ينبت على عِرْضِ اللحى فوق الذقن.
وَ فِي الْخَبَرِ" مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ عَارِضَيْهِ".
قيل أراد بخفة الْعَارِضَيْنِ خفة اللحية. قال النهاية و ما أراه مناسبا، و قيل عَارِضَا الإنسان صفحتا خديه، و خفتهما كناية عن كثرة الذكر و حركتهما به. و عن ابن السكيت فلان خفيف الشفة: إذا كان قليل السؤال. و فلان من عُرْضِ النَّاسِ: أي من العامة. و فلان عُرْضَةٌ للناس لا يزالون يقعون فيه.
وَ قَوْلُهُمْ ع" فَاضْرِبْ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ".
أي جانباً منه أي جانب كان، مثل قولهم" خرجوا يضربون الناس عن عَرْضٍ" أي شق و ناحية كيف ما اتفق لا يبالون من ضربوا. و عَرُضَ الشيءُ بالضم: اتسع عَرْضُهُ، و هو تباعد حواشيه، فهو عَرِيضٌ. و اسْتَعْرَضْتُهُ: أي قلت له اعْرِضْ علي ما عندك. و" الْمِعْرَاضُ" كمفتاح و هو السهم الذي لا ريش له.
(عضض)
فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ" وَ عَضَّتْنَا الصَّعْبَةُ عَلَائِقَ الشَّيْنِ".
كأنه من عَضَّ الرجلُ صاحبَهُ يَعَضُّ عَضِيضاً: لزمه. و الشين السبب خلاف الدين، و العلائق جمع علاقة و هو ما يتعلق بشيء كعلاقة الحب و نحوه،
216
و الصعبة الشديدة خلاف السهلة، و المعنى ألزمتنا السنة الصعبة علائق الذل و المعايب. و عَضَضْتُ اللقمة و بها و عليها عَضَّاً: أمسكتها بالأسنان. قال في المصباح: و هو من باب تعب في الأكثر لكن المصدر ساكن، و من باب نفع لغة قليلة." و عَضَّ عليه بالنواجذ" مثل في شدة الاستمساك به. و النواجذ هي أواخر الأسنان، و قيل التي بعد الأنياب
(عوض)
الْعِوَضُ كعنب واحد الْأَعْوَاضِ كأعناب و أَعَاضَنِي و عَوَّضَنِي بالتشديد و عَاوَضَنِي: أعطاني الْعِوَضَ و هو البدل، و منه" يُعَوِّضُونَ بالدرهم ألف درهم". و اعْتَاضَ: أخذ الْعِوَضَ، و تَعَوَّضَ مثله، و اسْتَعَاضَ سأل الْعِوَضَ. و قولهم" لا آتيك عِوَضَ الْعَائِضِينَ" كما يقال لا آتيك دهر الداهرين. و" عِيَاضاً" على ما في النسخ عبد لعلي ع أعتقه على عمالة.
وَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" عِيَاضُ بْنُ حَمَّازٍ أَوْ حَمَّادٍ الْمُجَاشِعِيُّ".
كان قاضيا لأهل عكاظ في الجاهلية. و في كتب العامة عِيَاضُ بنُ حِمَارٍ بالراء المهملة صحابي.
باب ما أوله الغين
(غرض)
فِي الدُّعَاءِ" لَا تَجْعَلْنِي لِلْبَلَاءِ غَرَضاً".
الْغَرَضُ بالتحريك: الهدف الذي يرمى إليه، و الجمع أَغْرَاضٌ كسبب و أسباب، و المعنى لا تجعلني هدف بلاء
217
و منه
الْحَدِيثُ" أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ وَلِيَّهُ غَرَضاً لِعَدُوِّهِ".
و" لحم غَرِيضٌ" أي طري. و منه
الْحَدِيثُ" نَهَى أَنْ يُؤْكَلَ اللَّحْمُ غَرِيضاً".
يعني نِيّاً
وَ قَالَ:" إِنَّمَا تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ وَ لَكِنْ حَتَّى تُغَيِّرَهُ الشَّمْسُ أَوِ النَّارُ".
(غضض)
قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ
[24/ 30] أي ينقصوا من نظرهم عما حرم الله عليهم، و قد أطلق لهم ما سوى ذلك، يقال غض طرفه غِضَاضاً بالكسر و غَضَاضَةً بفتحتين: خفضه و تحمل المكروه، و مقول القول محذوف، أي قل لهم غَضُّوا يَغُضُّوا فيكون في يَغُضُّوا الآية جوابا لأمر محذوف، و كذا يَحْفَظُوا و من عند الأخفش زائدة. قوله: وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ
[31/ 19] أي نقص منه، يقال غَضَّ صوته أي خفضه و لم يرفعه بصيحة. و غَضَّ طرفه: أي كسره. و منه
الْحَدِيثُ" كَانَ إِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ".
يعني كسره و أطرق و لم يفتح عينيه، و إنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الأشر و المرح. و منه
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مَعَ عَائِشَةَ" حُمَادَيَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَطْرَافِ".
يعني كسرها، و الأمر منه في لغة الحجاز اغْضُضْ، و منه الآية، و أهل نجد يقولون غُضَّ طَرْفِكَ بالإدغام.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا انْكَشَفَ أَحَدُكُمْ لِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَغُضُّ بَصَرَهُ".
و أَغَضَّ الرجل العين بالألف: قارب بين جفنيها، ثم استعمل في الحلم فقيل" غَضَّ على القذى" إذا أمسك عفوا عنه. و قولهم" ليس عليك في هذا الأمر غَضَاضَةٌ" أي ذلة و منقصة. و مثله" عليه في دينه غَضَاضَةٌ" و" ما علي من غَضَاضَةٍ". و شيء غَضٌّ: أي طري، و الباب ضرب
218
و قولهم غَضَّاً جديدا: أي طريا و جديدا كالمفسر له.
(غمض)
قوله تعالى وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ
[2/ 268] أي تُغْمِضُوا عن عيب فيه، أي لستم بآخذي الخبيث من الأموال ممن لكم قبله حق إلا على إِغْمَاضٍ و مسامحة، فلا تؤدون من حق الله ما لا ترضون مثله من غرمائكم. يقال غَمَضْتُ عن فلان: إذا تساهلت عليه. و منه
الْحَدِيثُ" أَصَبْتُ مَالًا أَغْمَضْتُ فِي مَطَالِبِهِ".
أي تساهلت في تحصيله و لم أجتنب فيه الحرام و الشبهات، و محصله جمعته من حرام أو حلال و شبهة، و أصله من إِغْمَاضِ العين. و الْغَامِضُ: خلاف الواضح. و انْغِمَاضُ الطرف: انغضاضه. و ما اكتحلت غِمَاضاً: أي ما نمت و لا اغْتَمَضَتْ عيناي. و مثله" لا أكتحل بِغَمْضٍ حتى ترضى عني". و ما في الأمر غَمِيضَةٌ: أي عيب.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" أَنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِيَائِي عِنْدِي مَنْ كَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ".
أي من كان خفيا عنهم لا يعرف سوى الله تعالى. و" نسب غَامِضٌ" أي لا يعرف. و غَمَضَ الحقُّ- من باب قعد- خفي مأخذه، و غَمُضَ بالضم لغة.
(غيض)
قوله تعالى: وَ غِيضَ الْماءُ
[11/ 44] إذا نقص، يقال غَاضَ الماء يَغِيضُ غَيْضاً من باب سار، و مَغَاضاً أي قل و نضُب في الأرض، و انغاض مثله. و غِيضَ الماء: فعل به ذلك. قوله: وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ
[13/ 8] أي تنقص عن مقدار الحمل الذي يسلم معه الولد. و غَيَّضْتُ الدمع بالتشديد: نقصته و حبسته. و غَاضَهُ الله و أَغَاضَهُ الله يتعدى و لا يتعدى.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى" لَا يُغِيضُه
219
سُؤَالُ السَّائِلِينَ".
أي لا ينقصه. و الْغَيْضَةُ: الأجمة، و هي مَغِيضُ ماء يجتمع فيه الشجر، و الجمع غِيَاضٌ و أَغْيَاضٌ مثل كلبة و كلاب و أكلاب، و غَيْضَاتٌ مثل بيضة و بيضات.
باب ما أوله الفاء
(فرض)
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ
[28/ 85] أي أوجب عليك تلاوته بتبليغه و العمل بما فيه. و الفرض: التوقيت، و منه قوله: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ
[2/ 197] أي وقته أو أوجبه. قوله: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ*
[4/ 11] نصب نصب المصادر، أي فرض الله فريضة. قوله: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ
[4/ 24] أي من استيناف عقد آخر بعد انقضاء مدة الأجل. قوله: أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها [24/ 1] أي فَرَضْنَا ما فيها و الزمناكم العمل بها، و قرئ فَرَّضْناها بالتشديد أي فصلناها. قوله: لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ
[2/ 68] الْفَارِضُ المسنة، يقال للشيء القديم فَارِضٌ، و منه فَرَضَتِ الشاة فهي فَارِضٌ. و فَرَضَ الله علينا كذا و افْتَرَضَ: أي أوجب، و الاسم الْفَرِيضَةُ، و سمي ما أوجبه الله الْفَرْضَ لأن له معالم و حدودا. و منه قوله: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً
[4/ 118] أي مقتطعا محدودا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ".
قال بعض شراح الحديث: قد أكثر الناس الأقاويل فيه و ضربوا
220
يمينا و شمالا، و المراد به العلم الذي فُرِضَ على العبد معرفته في أبواب المعارف، و تحقيقه هو: أن مراتب العلم الشرعي ثلاثة: فَرْضُ عين، و فَرْضُ كفاية، و سُنَّةٌ. فالأول ما لا يتأدى الواجب إلا به، و عليه حمل
" طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ".
و هو يرجع إلى اعتقاد و فعل و تركه، فالأول اعتقاد كلمتي الشهادة، و ما يجب لله و يمتنع، و الإذعان بالإمامة للإمام، و التصديق بما جاء به النبي ص من أحوال الدنيا و الآخرة مما ثبت عنه بالتواتر، كل ذلك بدليل تسكن النفس إليه و يحصل به الجزم، و ما زاد على ذلك من أدلة المتكلمين فهو فَرْضُ كفاية. و أما الفعل فتعلم واجب الصلاة و أمثالها. و أما الترك فيدخل في بعض ما ذكر.
وَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ" فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ".
قال بعض الأعلام: أراد بكون الزكاة فريضة واجبة كونها سهما مقتطعا من المال وجوبا، و إلا لما كان لتخصيصها من بين سائر الْفَرَائِضِ معنى. و الفرق بين الْفَرِيضَةِ و الواجب هو أن الْفَرِيضَةَ أخص من الواجب لأنها الواجب الشرعي، و الواجب إذا كان مطلقا يجوز حمله على العقلي و الشرعي. و الْفَرِيضَةُ فعيلة بمعنى مفعولة، و الجمع فَرَائِضُ قيل اشتقاقها من الْفَرْضِ الذي هو التقدير، لأن الْفَرَائِضَ مقدرات، و قيل هي من فَرْضِ القوس و هو الجزء الذي يقع فيه الوتر. و الْفَرْضُ: الْمَفْرُوضُ، و جمعه فُرُوضٌ مثل فلس و فلوس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَرِيضَةٌ وَ عَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ سُنَّةٌ".
و لعل المراد كَالْفَرِيضَةِ لشدة الاستحباب بخلاف السجود على غيرها.
وَ قَوْلُهُ ع" فَرَضَ اللَّهُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يَبْدَأْنَ بِبَاطِنِ أَذْرُعِهِنَّ".
أراد بِالْفَرْضِ هنا التقدير على الظاهر لا الوجوب
221
للاتفاق على عدمه. و مثله" ما ذا أقول و أفوض على نفسي و فَرَضَ الله الأحكام فَرْضاً أوجبها". و كتاب الْفَرَائِضِ يعني المواريث.
وَ فِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ ع" فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ وَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَيْهِ عَشْرَةَ أَوْجُهٍ: صَلَاةَ السَّفَرِ، وَ صَلَاةَ الْحَضَرِ".
- إلخ. لعل المعنى أوجب الله تعالى في الكتاب العزيز الصلاة على وجه الإجمال، و سنها رسول الله ص مفسرة في السنة. و أنت خبير بأن العشرة لا يتم عددها إلا بجعل الكسوف و الخسوف صلاتين. و فَرَضْتُ الخشبة فَرْضاً من باب ضرب حززتها. و قد اشتهر عند الناس" تعلموا الْفَرَائِضَ و علموها الناس فإنها نصف العلم" بتأنيث الضمير و إعادته إلى الْفَرَائِضِ، و نقل و علموه بالتذكير بإعادته إلى محذوف، و التقدير تعلموا علم الْفَرَائِضِ، قيل سماه نصف العلم باعتبار قسمة الأحكام إلى متعلق بالحي و متعلق بالميت، و قيل توسعا، و المراد الحث عليه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ".
يريد العدل في القسمة بحيث تكون على السهام و الأنصباء المذكورة في الكتاب و السنة، و قيل أراد بها أن تكون مستنبطة منهما و إن لم يرد بها نص فيها فتكون معادلة للنص، و قيل الْفَرِيضَةُ العادلة ما اتفق عليها المسلمون.
وَ فِي الْخَبَرِ" طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ".
أي بعد الْفَرِيضَةِ المعلومة عند أهل الشرع، و ذلك لأن طلب الحلال أصل الورع و أساس التقوى.
(فضض)
قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها
[62/ 11] هو من فَضَضْتُ القوم فَانْفَضُّوا: أي فرقتهم فتفرقوا، و المعنى تفرقوا إليها.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ" قَالَ: أَقْبَلَتْ عَيْرٌ وَ نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص الْجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلَيْهَا فَمَا بَقِيَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا أَنَا مِنْهُمْ".
و أصل الْفَضِّ الكسر، يقال فَضَضْت
222
الختم فَضّاً من باب قتل كسرته. و فَضَضْتُ البكارة: أزلتها على التشبيه بالختم. و فَضَّ فاه: أي نثر أسنان فيه. و لجام مُفَضَّضٌ: أي مرصع بِالْفِضَّةِ. و" الْفِضَّةُ" معروفة.
(فوض)
قوله تعالى: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ
[40/ 44] أي أرده إليه. و منه
الدُّعَاءُ" فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ".
أي رددته إليك و جعلتك الحاكم فيه. و منه
قَوْلُهُ ع" قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ ص أَمْرَ دِينِهِ وَ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ تَعَدِّيَ حُدُودِهِ".
وَ قَوْلُهُ ع" إِنَّ اللَّهَ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا".
لعل المراد تَفْوِيضُهُ في المباحات، بمعنى أنه لم يحاسبه على تناولها، و هو من قبيل إذن للمؤمن في كل شيء إلا في إهانة نفسه، لكنه مما يفوت ثواب التواضع لله و إذلال النفس. و الْمُفَاوَضَةُ: المساواة و المشاركة في كل شيء، و هي مفاعلة من التَّفْوِيضِ كان كل واحد منهما رد ما عنده إلى صاحبه. و منه" تَفَاوَضَ الشريكان في المال" إذا اشتركا فيه أجمع. و تَفَاوَضَ القوم في الأمر: أي فَاوَضَ إليه بعضهم بعضا. و" الْمُفَوِّضَةُ" قوم قالوا إن الله خلق محمدا و فَوَّضَ إليه خلق الدنيا فهو الخلاق لما فيها، و قيل فوض ذلك إلى علي ع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ قَالَ بِالتَّفْوِيضِ فَقَدْ أَخْرَجَ اللَّهَ عَنْ سُلْطَانِهِ".
وَ فِي خَبَرٍ" لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ وَ لَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ".
و ممن قال بِالتَّفْوِيضِ المعتزلة، بمعنى أن الله تعالى فَوَّضَ أفعال العباد إليهم، و قد مر تمام البحث في جبر. و التَّفْوِيضُ في النكاح و التزويج بلا مهر
(فيض)
قوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ
[2/ 199]
223
أي ادفعوا من حيث دفع الناس. و اختلف فيما المراد بِالْإِفَاضَةِ: فقيل المراد إِفَاضَةُ عرفات و إن الأمر لقريش لأنهم كانوا لا يقفون بعرفات مع سائر العرب و يقولون نحن حرم الله فلا نخرج منه فأمرهم الله بموافقة سائر العرب، و قيل الناس هو إبراهيم ع أي أَفِيضُوا من حيث أَفَاضَ و سماه بالناس كما سماه أُمَّةً. قوله: تُفِيضُونَ فِيهِ*
[10/ 61] أي تدفعون فيه بكثرة، و منه
الْحَدِيثُ" فَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ".
و أصل الْإِفَاضَةِ الصبر، فاستعيرت للدفع في السير. و أَفَضْتُ الماء: إذا دفعته بكثرة. و فَاضَ السيل يَفِيضُ فَيْضاً: كثر و سال من شفا الوادي، و" أَفَاضَ" بالألف لغة. و أَفَاضَ الإناء فَيْضاً: امتلأ. و فَاضَ كل سائر: جرى. و فَاضَ الخبر: إذا شاع و كثر. و فَاضَتْ نفسه: خرجت روحه عن أبي عبيدة. و فَاضَ صدره بالسر: أي باح به. و يَفِيضُ من دموعه: يسيل. و أَفِضْ على رأسك الماء: أي صبه و شيعه عليه. و اسْتَفَاضَ الحديث: شاع في الناس و انتشر، فهو مُسْتَفِيضٌ اسم فاعل. و منه" أثر مُسْتَفِيضٌ" أي مشهور. و" فَيْضٌ" رجل من رواة الحديث و
فِي إِرْشَادِ الْمُفِيدِ" أَنَّ الْفَيْضَ بْنَ الْمُخْتَارِ مِنْ شُيُوخِ أَصْحَابِ الصَّادِقِ ع وَ خَاصَّتِهِ وَ بِطَانَتِهِ وَ ثِقَاتِهِ الْفُقَهَاءِ الصَّالِحِينَ".
224
مجمع البحرين4
باب ما أوله القاف ص 225
باب ما أوله القاف
(قبض)
قوله تعالى: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ
[20/ 96] أي أخذت ملء كف من تراب موطىء فرس الرسول- يعني جبرئيل. قوله: يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ
[9/ 67] أي يمسكونها عن الصدقة و الخير. قوله: يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ
[2/ 245] أي يضيق على قوم و يوسع على قوم. قوله: ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً
[25/ 46] يريد به الظل المنبسط، و معنى قَبَضَهُ إليه أنه ينسخه بوجود الشمس قَبْضاً يَسِيراً
أي على مهل، أي شيئا بعد شيء، و في ذلك منافع غير محصورة، و لو قَبَضَهُ دفعة واحدة لتعطل أكثر منافع الناس بالظل و الشمس جميعا. قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ
[67/ 19] أي باسطات أجنحتهن و قابضاتها. قوله: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ
[39/ 67] أي في ملكه، مثل قولهم" قد صار الشيء في قَبْضَتِكَ" أي في ملكك. و قَبَضْتُ الشيءَ قَبْضاً: أخذته. و" القَابِضُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي يمسك الرزق و غيره من الأشياء عن العباد بلطفه و حكمته، و يقبض الأرواح عند الممات و الباسط القابض و القَابِضُ هو من أسمائه تعالى، و هو الذي يوسع الرزق على عباده، و يحسن القران بين هذين الاسمين، فيقال القَابِضُ الباسطُ، و كذلك كل اسمين يردان موردهما مثل الخافض الرافع و المعز المذل و الضار النافع، فإن ذلك أنبأ للقدرة و أدل على الحكمة. و قَبَضَ اللهُ الرزق قَبْضاً من باب ضرب: خلاف بسط. و يَقْبِضُ الله الأرض، و يَقْبِضُ السماءَ: أي يجمعهما.
225
و قَبَضْتُ قَبْضَةً من تمر- بفتح القاف و الضم لغة-: أي كفّا منه. و قَبَضَ عليه بيده: ضم عليه أصابعه و منه" مَقْبِضُ السيف" وزان مسجِد، و فتح الباء لغة.
وَ فِي الْحَدِيثَ" فَقَبَضَ عَلَيْهِنَّ".
أراد الكلمات الأخروية التي ذكرت في الحديث و لعل المراد بِالْقَبْضِ عدتهن بالأصابع و ضما لهن. و القَبَضُ بالتحريك: ما قُبِضَ من أموال الناس. و انْقَبَضَ الشيءُ: صار مقبوضا. و الانْقِبَاضُ: خلاف الانبساط. و منه
الْحَدِيثُ" الِانْقِبَاضُ عَنِ النَّاسِ مَكْسَبَةٌ لِلْعَدَاوَةِ".
يعني من خالط ثم ينقبض عنهم و عن مخالطتهم لا لعلة فقد كسب العداوة. و تَقَبَّضَتِ الجلدةُ في النار: أي انزوت. و منه
الْحَدِيثُ" كُلَّمَا انْقَبَضَ اللَّحْمُ عَلَى النَّارِ فَهُوَ ذَكِيٌّ وَ كُلَّمَا انْبَسَطَ فَهُوَ مَيْتَةٌ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ قَبْضٍ وَ لَا بَسْطٍ إِلَّا وَ لِلَّهِ فِيهِ مَشِيَّةٌ وَ ابْتِلَاءٌ".
قيل المراد من القَبْضِ و البسط الفرح و الألم، سواء كان بطريق ظلم أحد أم لا. و قُبِضَ فلانٌ: أي مات، فهو مَقْبُوضٌ و منه" قُبِضَ موسى" و" قُبِضَ رسولُ الله ص".
(قرض)
قوله تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ
[64/ 17] القَرْضُ: ما تعطيه غيرك ليقضيكه، و أصله القطع، فهو قطيعة من مالك بإذنه على ضمان رد مثله، و المعنى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*
[2/ 245] أي طيبة نفسه فَيُضاعِفَهُ لَهُ* في الجزاء ما بين سبع أو سبعين إلى سبعمائة. و قد استدل بهذه الآية و بقوله إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَ الْمُصَّدِّقاتِ و أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً
على أرجحية القَرْضِ للمؤمن، و إن فيه أجرا عظيما، و إن الله هو المكافئ عليه، إذ الحقيقة ممنوعة لاستحالة الحاجة عليه، فتحمل على إقراض عبيده.
226
و اعترض بأن إطلاق القَرْض الذي هو إعطاء شيء ليستعيد عوضه في وقت آخر استعارة للأعمال الصالحة، فإن الأعمال الصالحة يفعلها العبد و يحصل له العوض في دار الآخرة، و حينئذ لا دلالة في هاتين الآيتين و نظيرهما على مشروعية القرض. نعم يمكن الاستدلال بغير ذلك من العمومات، مثل قوله تعالى وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى و أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ و نحو ذلك، و هو متجه. قوله: وَ إِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ
[18/ 17] أي تخلفهم شمالا و تجاوزهم. و" المِقْرَاضُ" واحد المَقَارِيضِ التي يُقْرَضُ بها. و منه
الْحَدِيثُ" كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ قَطْرَةُ بَوْلٍ قَرَضُوا لُحُومَهُمْ بِالْمَقَارِيضِ".
أي قطعوها، و لعل ذلك كما قيل لشدة نجاسة البول على الدم، و كان ذلك من بول يصيب أبدانهم من خارج لا أن الاستنجاء من البول كان بذلك و إلا هلكوا في مدة يسيرة. و القُرَاضَةُ بالضم: ما سقط بالقرض، و منه" قُرَاضَةُ الحلي". و القِرَاضُ و المضاربة بمعنى واحد، و هو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليعمل به بحصة من ربحه. و قد قَارَضْتُ فلانا قِرَاضاً: إذا دفعت إليه مالا ليتجر فيه و يكون الربح بينكما على ما تشترطان و الوظيفة على المال.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنْ قَارَضْتَ النَّاسَ قَارَضُوكَ".
أي إن سببتهم و نلت منهم سبوك. و القَرْضُ: ما أسلفت من إحسان و من إساءة، و هو على التشبيه.
وَ فِي وَصْفِ الْمُنَافِقِينَ" يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ".
أي يمدح كل واحد منهم الآخر على سبيل القرض ليمدحه الآخر أيضا. و اسْتَقْرَضَ: طلب القرض. و اقْتَرَضَ: أخذه.
227
(قضض)
قوله تعالى: فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ
[18/ 77] أي يسقط و ينهدم، من قولهم انْقَضَّ الحائطُ: إذا سقط، و قيل إذا تصدع و لم يسقط، فإذا سقط قيل انهار و تهور. و يقال انْقَضَّ الطائرُ: إذا هوى في طيرانه، و منه انْقِضَاضُ الكوكبِ. و يقال جاءوا بِقَضِّهِمْ و قَضِيضِهِمْ: أي بأجمعهم. و منه
الْخَبَرُ" يُؤْتَى بِالدُّنْيَا بِقَضِّهَا وَ قَضِيضِهَا".
أي بكل ما فيها. و اقْتَضَّ الجاريةَ: افترعها و أزال بكارتها، و الافتضاض بالفاء بمعناه. و اقْتَضَّ الإداوةَ: فتح رأسها، و يروى بالفاء أيضا.
(قعض)
فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ" وَ تَقْعَضُ أَيَّامَهُ سُرُوراً".
لعله من قَعَضْتُ العودَ: إذا عطفته كما تعطف عروش الكرم و الهودج.
(قوض)
يقال قَوَّضْتُ البناءَ: إذا نقضته من غير هدم.
(قيض)
قوله تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً
[43/ 36] أي نسبب له شيطانا، أو نقدر له شيطانا من قَيَّضَ له كذا: أي قدره، فجعل الله ذلك جزاءه، و قد تقدم الكلام في عشا. قوله: قَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ
[41/ 25].
وَ فِي دُعَاءِ التَّزْوِيجِ" وَ قَيِّضْ لِي مِنْهَا وَلَداً طَيِّباً".
أي قدرنا و سببنا له قرناء و قدر لي منها ولدا.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ قِيضَتْ هَذِهِ السَّمَاءُ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا".
أي شقت. و قَايَضْتُ فلانا مُقَايَضَةً: إذا عارضته بمتاع، يعني أعطيته متاعا و أخذت عوضه سلعة. و قَيْضُ البيضة: قشرها الأعلى.
228
مجمع البحرين4
باب ما أوله الميم ص 229
باب ما أوله الميم
(محض)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ إِلَّا مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً".
المَحْضُ: الخالص الذي لم يخالطه شيء، و منه اللبن المَحْضُ و الحرير المَحْضُ. و العربي المَحْضُ: الخالص النسب. قال الجوهري: الذكر و الأنثى و الجمع فيه سواء. و مَحَضْتُهُ المودةَ: أخلصتها له. و مثله أَمْحَضْتُهُ بالألف. و منه
الْحَدِيثُ" امْحَضْ أَخَاكَ الْمَوَدَّةَ".
و كل شيء أخلصته فقد مَحَضْتَهُ. و قد مَحَضَ الشيءَ: صار محضا.
(مخض)
قوله تعالى: فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ
[19/ 23] هو بالفتح و الكسر لغة وجع الولادة، يقال مَخِضَتِ الناقةُ بالكسر تَمْخَضُ مَخَاضاً من باب تعب: دنا ولادتها و أخذها الطلق، فهي مَاخِضٌ بغير هاء، و شاة مَاخِضٌ و نوق مُخَّضٌ. و المَخَاضُ أيضا: الحوامل من النوق، واحدتها خلفة و لا واحد لها من لفظها كما قيل لواحدة الإبل ناقة من غير لفظها. و منه قيل للفصيل إذا استكمل الحول و دخل في الثانية" ابن مَخَاضٍ" لأن أمه لحقت بالمُخَّضِ أي الحوامل و إن لم تكن حاملا. قال الجوهري:" و ابن مَخَاضٍ" نكرة، فإذا أردت تعريفه أدخلت عليه الألف و اللام، إلا أنه تعريف جنس. و مَخَضْتُ اللبنَ من باب قتل و نفع: استخرجت زبده بوضع الماء عليه و تحريكه فهو مَخِيضٌ فعيل بمعنى مفعول. و المَخِيضُ و المَمْخُوضُ: اللبن الذي قد
229
مُخِضَ و أخذ زبده. و المِمْخَضَةُ بالكسر: الوعاء الذي يُمْخَض فيه.
(مرض)
قوله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ*
[2/ 10] أي شك و نفاق، و يقال المَرَضُ في القلب الفتور عن الحق، و في الأبدان فتور في الأعضاء، و في العيون فتور في النظر. و المَرَضُ: السُقم. و عن ابن فارس: المَرَضُ كل ما خرج به الإنسان عن الصحة من علة أو نفاق أو تقصير في أمر. و مَرِضَ كفرح فهو مَرِيضٌ، و الجمع مِرَاضٌ و مَرَاضَى. و مَرَّضْتُهُ تَمْرِيضاً: أقمت عليه في مرضه و تكلفت بمداراته. و منه
الْحَدِيثُ" تَقْعُدُ الْحَائِضُ عِنْدَ الْمَرِيضِ تُمَرِّضُهُ".
أي تكون في خدمته. و يقال شمس مَرِيضَةٌ: إذا لم تكن صافية.
(مضض)
فِي الْحَدِيثِ" وَجَدُوا مَضَضَ حَرِّ النَّارِ".
أي لدغ حرها و ألمها. يقال مَضِضْتُ من الشيء مَضَضاً من باب تعب تألمت، و يتعدى بالحركة و الهمزة فيقال مَضَّنِي الجرحُ مَضّاً و أَمَضَّنِي إِمْضَاضاً: إذا أوجعني. و الكحل يُمِضُّ العينَ بحدته إِمْضَاضاً: أي يلدغ.
وَ مِنْهُ" حَتَّى يَجِدَ مَضَضَ الْجُوعِ".
أي ألمه و لدغه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَضْمَضَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْوُضُوءِ".
أي من واجبه و فرضه بل من كمالاته، و هي إدارة الماء في الفم و تحريكه بالأصابع أو بقوة الفم ثم يمجه، و تَمَضْمَضْتُ بالماء: فعلت مثل ذلك. و مَضَّهُ الشيء مَضّاً: بلغ من قلبه الحزن به و المَضَضُ: وجع المصيبة.
(معض)
مَعِضَ في الأمر كفرح: غضب.
230
وَ فِي خَبَرٍ نِكَاحِ الْيَتِيمَةُ" فَإِنْ مَعِضَتْ لَمْ تُنْكَحْ".
أي شق عليها الأمر. و مَعِضَ من شيء سمعه، و امْتَعَضَ: إذا غضب و شق عليه الأمر. و منه
حَدِيثُ إِدْرِيسَ" فَامْتَعَضَ فَخَرَّ مِنْ جَنَاحِ الْمَلِكِ".
و في نسخة" فامتعص".
باب ما أوله النون
(نبض)
يقال نَبَضَ العرقُ بالكسر يَنْبِضُ نَبْضاً و نَبَضَاناً: إذا تحرك.
(نضض)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْ نَاضِّ الْمَالِ".
هو ما كان ذهبا أو فضة عينا أو ورقا، من نَضَّ المالُ: تحول نقدا بعد ما كان متاعا. و نَضَّ الماءُ يَنِضُّ نَضِيضاً: سال قليلا قليلا. و النَّضِيضُ: الماء القليل
(نغض)
قوله تعالى: فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ
[17/ 51] أي يحركونها استهزاء منهم. يقال أَنْغَضَ رأسَهُ: حركه كالمتعجب من الشيء. و نَغَضَ رأسُهُ يَنْغِضُ بالكسر نَغْضاً: أي تحرك.
وَ فِي وَصْفِهِ ص" نَغَّاضُ الْبَطْنِ".
و فسر بمُعَكَّن البطن، و كان عكنه أحسن من سبائك الذهب.
(نفض)
فِي الْحَدِيثِ" ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ وَ مَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ".
هو من نَفَضْتُ الثوبَ و الشجرَ أَنْفُضُهُ نَفْضاً: إذا حركته لينتفض. و النُّفَاضَةُ بالضم: ما سقط عن النفض. و نَفَضَهُ نَفْضاً: من باب قتل ليزول عنه الغبار و نحوه.
وَ فِي حَدِيثٍ" مَنْ طَافَ خَمْسَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ غَمَزَهُ بَطْنُهُ فَخَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَنَفَضَ".
أي نفض عن نفسه الأذى و دفعه عنه. و نَفَضْتُ الورقَ من الشجر: أسقطته.
231
و النَّفَضَةُ محركة: الجماعة يَنْفُضُون في الأرض لينظروا هل فيها عدو أم لا- قاله في القاموس.
(نقض)
قوله تعالى: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ*
[2/ 27] قال الزمخشري النَّقْضُ الفسخُ و فك التركيب. فإن قلت: فمن أين ساغ استعمال النَّقْضِ في العهد؟ قلت: من حيث تسميتهم العهد بالحبل على الاستعارة، لما فيه من ثبات الوصلة بين المتعاهدين، و منه
قَوْلُ ابْنِ التَّيِّهَانِ فِي بِيعَةِ الْعَقَبَةِ" يَا رَسُولَ اللَّهِ ص إِنَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ حِبَالًا وَ نَحْنُ قَاطِعُوهَا".
قال: و هذا من أسرار البلاغة و لطائفها أن يسكتوا عن ذكر الشيء المستعار ثم يومئوا إليه بذكر شيء من روادفه، فينبهوا بتلك الرمزة على مكانه. قوله: وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها
[16/ 92] أي لا تكونوا في نقض الإيمان كالمرأة التي نقضت غزلها بعد إمراره و إحكامه، فجعلته أنكاثا، و هي ريطة بنت سعد بن تيم بن مرة من قريش، كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ثم تأمرهن فَيَنْقُضْنَ ما غزلن. قوله: أَنْقَضَ ظَهْرَكَ
[94/ 3] أي أثقله حتى جعله نقضا. و النِّقْضُ: البعير المهزول الذي أتعبه السير و السفر و العمل فَنَقَضَ ظهرَه، فيقال حينئذ نقض. و النَّقْضُ بالفتح فالسكون: نَقْضُ البناء و الحبل و العهد من باب قتل. و نَقَضْتُ الحبلَ نَقْضاً: حللت برمه، و انْتَقَضَ هو بنفسه. و انْتَقَضَتِ الطهارةُ: بطلت و فسدت. و انْتَقَضَ الوضوءُ كذلك. و انْتَقَضَ الأمرُ بعد الاستقامة: فسد. و الإِنْقَاضُ: صوت كالنقر. و إِنْقَاضُ الأصابع: تصويتها و فرقعتها. و أَنْقَضَ أصابعَه: ضرب بها لتصوت. و منه
الْحَدِيثُ" لَا يُنْقِضُ الرَّجُلُ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ".
و النّقْضُ بالضم و الكسر بمعنى المنقوض و اقتصر الأزهري على الضم و بعضهم علىa
232
الكسر، و الجمع نُقُوضٌ. و منه
حَدِيثُ مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا" وَ يُقَوَّمُ النِّقْضُ وَ الْأَبْوَابُ".
(نهض)
فِي الدُّعَاءِ" مِنْ نَهَضَاتِ النَّصَبِ".
بالنون و المراد بها الترددات البدنية الموجبة للنصب أعني التعب،
وَ يُرْوَى" بهضات".
بالباء الموحدة من بهضه الحمل أثقله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع اسْتَنْهَضَ النَّاسَ فِي حَرْبِ مُعَاوِيَةَ".
أي طلب النهوض منهم. و نَهَضَ يَنْهَضُ نَهْضاً و نُهُوضاً: أي قام. و النَّاهِضُ: فرخ الطائر الذي وفر جناحاه و نهض للطيران.
باب ما أوله الواو
(وفض)
قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ
[70/ 43] أي يسعون و يسرعون، أي إلى الداعي، يقال أَوْفَضَ و اسْتَوْفَضَ: إذا أسرع. و الأَوْفَاضُ: الفِرَق من الناس و الأخلاط من قبائل شتى، كأصحاب الصفة.
(ومض)
فِي الْخَبَرِ" هَلَّا وَمَضْتَ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص".
أي هلا أشرت إلي إشارة خفية، من قولهم أَوْمَضَ البرقُ و وَمَضَ إِيمَاضاً و وَمْضاً و وَمِيضاً: إذا لمع لمعا خفيا و لم يعترض
باب ما أوله الهاء
(هيض)
هَاضَ العظمَ يَهِيضُ هَيْضاً: أي كسر بعد الجبور، فهو مَهِيضٌ. قال الجوهري: و كل وجع على وجع فهو مَهِيضٌ، يقال هَاضَنِي الشيءُ: إذا ردك إلى مرضك. و منه يقال" رجل هِيضَةٌ" بالكسر.
233
مجمع البحرين4
باب ما أوله الألف ص 237
باب ما أوله الألف
(ابط)
فِي الْخَبَرِ" كَانَتْ رِدْيَتُهُ التَّأَبُّطُ".
و هو أن يدخل الثوب تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الأيسر. و الإِبْطُ كحمل: ما تحت الجناح يذكر و يؤنث، و الجمع آبَاطٌ كأحمال. و منه" تَأَبَّطَ شرّاً" و زعموا كان السيف لا يفارقه.
(أرط)
في الحديث ذكر الأَرْطَى و هو شجر معروف ينبت بالرمل عروقه حمر، و همزته على ما قيل أصلية لقولهم" أديم مَأْرُوطٌ" إذا دبغ بذلك، و قيل زائدة للإلحاق و ليست للتأنيث لأن الواحدة أرطاة.
(أقط)
الأَقِطُ بفتح الهمزة و كسر القاف و قد تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة و كسرها: لبن يابس مستحجر يتخذ من مخيض الغنم.
باب ما أوله الباء
(بربط)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يُقَدِّسُ اللَّهُ أُسْرَةً فِيهَا بَرْبَطٌ يُقَعْقِعُ وَ فَايَةٌ تُفَجِّعُ".
البَرْبَطُ كجعفر شيء من ملاهي العجم يشبه صدر البط،
237
معرب بربت أي صدر البط، لأن الصدر يقال له بالفارسية بر و الضارب به يضعه على صدره. قال في القاموس: و يقال له العود. و" الفاية" بالفاء أو غيرها على اختلاف النسخ شيء من ملاهي العجم.
(بسط)
قوله: وَ زادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً
[7/ 69] أي طولا و تماما،
يُقَالُ كَانَ أَطْوَلُهُمْ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَ أَقْصَرُهُمْ سَبْعِينَ ذِرَاعاً، وَ قِيلَ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعاً.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع" كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَنْحِتُ الْجَبَلَ بِيَدِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قِطْعَةً".
قوله: وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ
[2/ 247] أي زاده سعة و امتدادا في العلم و الجسم، و كان أعلم بني إسرائيل في وقته و أتمهم جسما و أشجعهم. قوله: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ*
[13/ 26] أي يقدره و يوسعه دون غيره، و قد مر الكلام فيه. قوله: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ
[5/ 64] كناية عن الجود، و تثنية اليد مبالغة في الرد، و نفي البخل عنه و إثبات لغاية الجود، فإن غاية ما يبلغه السخي من ماله أن يعطيه بيديه و لا يريد حقيقة اليد و الجارحة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. قوله: وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً
[17/ 29]
قَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ لَا يَرُدُّ أَحَداً يَسْأَلُهُ شَيْئاً عِنْدَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَحْضُرْهُ شَيْءٌ، فَقَالَ: يَكُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ص أَعْطِنِي قَمِيصاً فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ.
وَ الْمَحْسُورُ: الْعُرْيَانُ قَالَهُ الصَّادِقُ ع.
. و بَسْطُ اليدِ: مدها إلى البطش، قال تعالى إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ
[60/ 2]
238
و قال: لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ
[5/ 28]
قِيلَ كَانَ هَابِيلُ أَقْوَى مِنْهُ وَ لَكِنْ تَحَرَّجَ عَنْ قَتْلِهِ وَ اسْتَسْلَمَ خَوْفاً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ الدَّفْعَ لَمْ يُبِحْ بَعْدَ أَوْ تَحَرِّياً لِمَا هُوَ الْأَفْضَلُ.
قوله: وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ
[6/ 93] أي لقبض أرواحهم كالمتقاضي المسلط، و هذا عبارة عن العنف بالسياق و التغليظ في الإزهاق، فعل الغريم الملح يبسط يده إلى من عليه الحق، و يقال أخرج لي ما عليك أو بالعذاب أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ أي خلصوها من الدنيا و هم لا يقدرون على الخلاص. قوله: كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ
[13/ 14] يومىء إليه فلا يجيبه. و" البَاسِطُ" من أسمائه، و هو الذي يبسط الرزق لعباده و يوسعه عليهم بجوده و رحمته، و يبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ" لَا تَبْسُطْ ذِرَاعَيْكَ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ".
أي لا تفترشهما على الأرض في الصلاة. و الانْبِسَاطُ مصدر انْبَسَطَ لا بسط فحمله عليه. و الانْبِسَاطُ: ترك الاحتشام. و بَسْطُ الشيءِ و بالصاد أيضا: نشره. و البَسْطَةُ: السعة. و البِسَاطُ بالكسر: ما يُبْسَطُ، أي ينشر.
(بطط)
" البَطّ" من طير الماء و البَطَّةُ واحدته و ليست الهاء للتأنيث و إنما هي للواحد من الجنس، يقال هذه بَطَّة للذكر و الأنثى جميعا مثل حمامة و دجاجة. و" البَطّ" عند العرب صغارُهُ و كباره الإوزّ. و البَطّ أيضا: شق الدمل و الجراح و نحوهما، يقال بَطَّ الرجلُ الجرحَ بَطّاً من باب قتل: أي شقه.
(بقط)
" البَاقَطَانِيّ" بالباء الموحدة و القاف و الطاء المهملة و النون ثم الياء على ما في نسخ متعددة أفيد أنه أحد وزراء بني العباس
239
(بلط)
البَلَاطُ بالفتح: كل شيء فرشت به الدار من حجر و غيره، و منه" أرض مُبَلَّطَةٌ" أي مفروشة بالحصى. وَ الْبَلَاطَةُ الْحَمْرَاءُ: هِيَ حَجَرٌ تُسَمَّى حَجَرَ السُّمَاقِ، وُلِدَ عَلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَ قَدْ كَانَتْ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ ثُمَّ غُيِّرَتْ وَ جُعِلَتْ فِي ضِلْعِ الْبَيْتِ عِنْدَ الْبَابِ.
وَ فِي الْخَبَرِ" كَانَ الْبَلَاطُ حَيْثُ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ سُوقاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص يُسَمَّى الْبَطْحَاءَ".
قال في النهاية البَلَاطُ ضرب من الحجارة يفرش به الأرض، و يسمى المكان بَلَاطاً اتساعا. و المُبَالَطَةُ: المضاربة بالسيوف. و تَبَالَطُوا: تجالدوا. و" البَلُّوطُ" كتنور شجر معروف له حمل يؤكل و يدبغ بقشره.
باب ما أوله الثاء
(ثبط)
قوله تعالى: فَثَبَّطَهُمْ
[9/ 46] أي حبسهم بالجبن، يقال ثَبَّطَهُ عن الأمر أي أثقله و أقعده. و ثَبَّطَهُ عن الأمور: إذا حبسه و شغله عنها. و منه
الدُّعَاءُ" إِنْ هَمَمْتُ بِصَالِحٍ ثَبَّطَنِي".
باب ما أوله الحاء
(حبط)
قوله تعالى: حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ*
[2/ 217] أي بطلت. و فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ
[33/ 19]
240
أبطلها و لم يؤجر عليها. قال بعض المحققين: استحقاق الثواب مشروط بالموافاة لقوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
[39/ 65] و لقوله تعالى: وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ الآية، و قوله تعالى: فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ
فمن كان من أهل الموافاة و لم يلبس إيمانه بظلم كان ممن يستحق الثواب الدائم مطلقا، و من كان من أهل الكفر و مات على ذلك استحق العقاب الدائم مطلقا، و من كان ممن خلط عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً فإن وافى بالتوبة استحق الثواب مطلقا، و إن لم يواف بها فإما أن يستحق ثواب إيمانه أو لا، و الثاني باطل لقوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ فتعين الأول، فإما أن يثاب ثم يعاقب و هو باطل بالإجماع، لأن من يدخل الجنة لا يخرج منها، فحينئذ يلزم بطلان العقاب أو يعاقب ثم يثاب و هو المطلوب،
وَ لِقَوْلِهِ ع فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ" يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ كَالْحُمَمِ أَوْ كَالْفَحْمِ فَيَرَاهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ فَيُغْمَسُونَ فِي عَيْنِ الْحَيَوَانِ فَيَخْرُجُونَ وَاحِدُهُمْ كَالْبَدْرِ لَيْلَةَ تَمَامِهِ".
و بما قررناه يتبين أن الإِحْبَاطَ و الموازنة باطلان، و ذلك أن الوعيدية- و هم الذين لا يجوزون العفو عن الكبيرة- اختلفوا على قولين:" أحدهما"- قول أبي علي، و هو أن الاستحقاق الزائد يسقط الناقص و يبقى بكماله، كما لو كان أحد الاستحقاقين خمسة و الآخر عشرة، فإن الخمسة تسقط و تبقى العشرة، و يسمى الإِحْبَاطَ. و" ثانيهما"- قول أبي هاشم ابنه، و هو أن يسقط من الزائد ما قابل الناقص و يبقى الباقي، ففي المثال المذكور يسقط خمسة و يبقى خمسة و يسمى بالموازنة. و قد أبطلهما المحققون من المتكلمين بأن ذلك موقوف على بيان وجود الإضافات في الخارج كالأخوة و البنوة و عدمها، فقال المتكلمون بالعدم لأنها لو كانت موجودة في الخارج- مع أنها عرض
241
مفتقر إلى محل- يكون لها إضافة إلى ذلك المحل، فنقول فيها كما قلنا في الأول و يلزم التسلسل و هو باطل، و يلزم منه بطلانها في الخارج، لأن ما بني على الباطل باطل، و قول الحكماء بوجودها لا يلزم الوجود الخارجي بل الذهني. و تحقيق البحث في محله، و لو قيل ببطلان الإحباط و الموازنة و القول بالتكفير من باب العفو و التفضل لم يكن بعيدا، و ظواهر الأدلة تؤيده. و حَبِطَ العملُ يَحْبَطُ من باب تعب و من باب ضرب لغة قرىء بهما في الشواذ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذَّنْبِ الْمُحْبِطِ لِلْأَعْمَالِ".
و فسر بالعجب.
(حبطأ)
وَ فِي الْحَدِيثِ" تَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ غَداً فِي الْقِيَامَةِ حَتَّى إِنَّ السِّقْطَ لَيَجِيءُ مُحْبَنْطِئاً عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلْ. فَيَقُولُ: لَا حَتَّى يَدْخُلَ أَبَوَايَ".
قال أبو عبيدة: المُحْبَنْطِئُ بالهمزة العظيم البطن المنتفخ، من قولهم احْبَنْطَأَ: انتفخ جوفه إذا امتلأ غيظا. و الحَبَنْطَى: القصير البطين، يعني عظيم البطن يهمز و لا يهمز، و الألف و النون للإلحاق.
(حطط)
قوله: وَ قُولُوا حِطَّةٌ*
[2/ 58] أي حُطَّ عنا أوزارَنا، و يقال هي كلمة أمر بها بنو إسرائيل لو قالوها لَحَطَّتْ أوزارُهم، و لكنهم قالوا حنطة في شعير، أي قيل لهم قولوا حط عنا ذنوبنا فبدلوه حنطة في شعير.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ".
أي يحط عنه خطاياه و ذنوبه، و هي فعلة من حَطَّ الشيءَ يَحُطُّهُ: إذا أنزله و ألقاه. و حَطَطْتُ الرحلَ و غيره حَطّاً من باب قتل: أنزلته من علو إلى سفل. و منه" فانْحَطَّ الرجلُ و هو قائم في صلاته". و الاسْتِحْطَاطُ بعد الصفقة: هو أن يطلب المشتري من البائع أن يحط عنه ثمن المبيع، و يتم الكلام في صفق. و المُحَاطَّةُ في الرماية يجيء ذكرها.
(حنط)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُسَلِّمْ وَلَدَكَ حَنَّاطا
242
فَإِنَّهُ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ عَلَى أُمَّتِي".
الحَنَّاطُ بفتح الحاء و التشديد بياع الحِنْطَةِ بالكسر و هي القمح، و البر بضم الباء و الجمع حِنَطٌ
وَ مِنْهُ" فَخَرَجَ مِنْ بَابِ الْحَنَّاطِينَ".
لبيعهم الحنطة هناك، و قيل لبيعهم الحَنُوطَ. و الحَنُوطُ كرسول و الحِنَاطُ ككتاب: طيب يوضع للميت خاصة.
(حوط)
قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ
[2/ 66] أي إلا أن تبلغوا فلا تطيقوا ذلك. قوله: أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً
[65/ 12] أي بلغ منتهى كل شيء و أحاط به علمه. قوله: إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ
[41/ 54] أي بالإشراق و الإحاطة و القدرة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خُذْ بِالْحَائِطَةِ لِدِينِكَ".
أي بالاحتياط في أمر الدين، يقال احْتَاطَ بالأمر لنفسه: أي أخذ بما هو أَحْوَطُ له، أي أوقى مما يخاف. و احْتَاطَ بالشيء: أحدق به. و احْتَاطَ الرجلُ: أخذ بالثقة. و أنا أُحَوِّطُ حولَ ذلك الأمر: أي أدور. و حَاطَهُ يَحُوطُهُ حَوْطاً و حِيَاطَةً: إذا حفظه و صانه و ذب عنه و توفر على مصالحه. و منه
الدُّعَاءُ" وَ اجْعَلْنِي فِي حِيَاطَتِكَ".
و حِيَاطَةُ الإسلام: حفظه و حمايته. و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ أَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص".
أي أحفظهم و أحماهم له.
قَوْلُهُ" تُحِيطُ دَعْوَتُهُ مِنْ وَرَائِهِمْ".
أي تحدق بهم من جميع جوانبهم. و منه" أَحَطْتُ به علما" أي أحدق علمي به من جميع جهاته.
وَ فِي حَدِيثِ تَرْغِيبِ الْمَرْءِ وَ كَوْنِهِ مَعَ عَشِيرَتِهِ" هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ حِيطَةً مِنْ وَرَائِهِ".
أي حِيَاطَةً و حفظا
وَ فِي الْحَدِيثِ" كُلُّ مُحِبٍّ لِشَيْءٍ يَحُوطُ حَوْلَ مَا أَحَبَّ".
يقال حَاطَهُ حَوْطاً و حِيَاطَةً: كلأه و رعاه. و الحَائِطُ: الجدار و البستان أيضا من النخيل إذا كان عليه حائطا.
243
وَ مِنْهُ" دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ يَعْمَلُ فِي حَائِطٍ لَهُ".
و يجمع على حِيطَانٍ، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الِاحْتِبَاءُ حِيطَانُ الْعَرَبِ".
كأنه بمنزلة الحيطان التي يتكأ عليها و يستعان بها على الراحة و الجلوس. وَ كَانَ لِفَاطِمَةَ ع سَبْعَةُ حَوَائِطَ: مِنْهَا الْعُوَافُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَ الْفَاءِ وَ الْمِثْيَبُ بالثاء الْمُثَلَّثَةِ وَ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التحتانية، وَ الْحُسْنَى، وَ مَالُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ ع.
باب ما أوله الخاء
(خبط)
قوله تعالى: لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ
[2/ 275] أي لا يقومون من قبورهم إلا قياما كقيام المصروع، و زعمت العرب أن المصروع يَتَخَبَّطُهُ الشيطان فيصرعه. و الخَبْطُ: حركة على غير النحو الطبيعي و على غير اتساق، كَخَبْطِ الشعراء من المس: أي من مس الشيطان.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ".
و المعنى أعوذ بك أن يمسني الشيطان بنزعاته التي تزول بها الأقدام و تصارع العقول و الأحلام و الخَبْطُ: المشي على غير الطريق. و الخَبْطُ باليدين كالرمح بالرجلين. و خَبَطَهُ خَبْطاً: ضربه ضربا شديدا. و خَبَطْتُ الورقَ خَبْطاً من باب ضرب: أسقطته. و اسم الورق الساقط" خَبَطٌ" بالتحريك، فعل بمعنى مفعول، و هو من علف الدابة يجفف و يطحن و يخلط بالدقيق و يداف بالماء فيوجر للإبل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبِي يَنْزِلُ الْحَصْبَةَ قَلِيلًا وَ هُوَ دُونَ خَبْطٍ وَ حِرْمَانَ".
و هما اسما موضعين. و المُخْتَبِطُ: طالب الرفد من غير سابق
244
معرفة و لا وسيلة، شبه بِخَابِطِ الورق أو خَابِط الليل.
(خرط)
فِي حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ ع" فَمَا لَبِثَ إِلَّا أَيَّاماً يَسِيرَةً حَتَّى جَاءَتِ الْخَرِيطَةُ بِنَعْيِهِ".
الخَرِيطَةُ وعاء من أدم و غيره يشد على ما فيه، و الجمع خَرَائِطُ ككريمة و كرائم. و أَخْرَطْتُ الخريطةَ: أشرجتها، و خَرَطْتُ الورقَ من بابي ضرب و قتل: حتته من الأغصان، و هو أن تقبض على أعلاه ثم تمر يدك عليه إلى أسفله. و منه المثل" دونه خَرْطُ القتاد" و قد مر.
وَ مِنْهُ" فَخَرَطَ مَا بَيْنَ الْأُنْثَيَيْنِ وَ الْمَقْعَدَةِ".
و انْخَرَطَ علينا فلانٌ: أي ابتدر بالقول السيء. و اخْتَرَطَ سيفَهُ: سله.
(خطط)
فِي الْحَدِيثِ" لَا صُورَةٌ وَ لَا تَخْطِيطٌ وَ لَا تَحْدِيدٌ".
و
فِيهِ" أَنَّ قَوْماً يَصِفُونَ اللَّهَ بِالصُّورَةِ وَ التَّخْطِيطِ".
أي إنه ذو أضلاع و الخِطَّةُ بالكسر: الأرض يَخْتَطُّهَا الرجلُ لنفسه، و هو أن يعلم عليها علامة بالخط ليعلم أنه قد اختارها ليبنيها دارا- قاله الجوهري، و منه خُطَطُ الكوفةِ و البصرة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَسْجِدُ الْكُوفَةِ آخِرُ السَّرَّاجِينَ خِطَّةُ آدَمَ".
و يحتمل خَطَّهُ آدمُ ع على صيغة الفعل. و خَطَّ الرجلُ الكتاب من باب قتل: كتب. و الخُطَّةُ بالضم من الخَطّ كالنقطة من النقط. و كساء مُخَطَّطٌ: أي فيه خُطَطٌ. و" الخَطّ" موضع باليمامة، و هو خَطّ هَجَر تنسب إليه الرماح الخَطِّيَّة لأنها تحمل من بلاد الهند فتقوم به فتنسب إليه على لفظه، فيقال رماحٌ خَطِّيَّةٌ. و عن الخليل: إذا جعلت النسبة اسما لازما قلت" خِطِّيَّةٌ" بكسر الخاء و لم تذكر الرماح، و هذا كما قالوا ثياب قِبْطِيَّة بالكسر، فإذا جعلوه اسما حذفوا الثياب و قالوا" قِبطية" فرقا بين الاسم
245
و النسبة.
(خلط)
قوله تعالى: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً
[9/ 102].
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِّ: هُمْ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَبُو لُبَابَةَ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَ أَوْسٍ بْنِ حِزَامٍ وَ ثَعْلَبَةَ بْنِ وَدِيعَةً خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً.
و فيه دلالة على بطلان القول بالإحباط، لأنه لو كان أحد العملين محبطا لم يكن لقوله خَلَطُوا معنى، لأن الخَلْطَ يستعمل في المجمع مع امتزاج كخلط الماء و اللبن و بغير امتزاج كخلط الدنانير و الدراهم. قوله: أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ
[6/ 142] الاخْتِلَاطُ بالشيء: الامتزاج به، سواء كان مع التمييز و عدمه. قيل: و المراد به شحم الألية لاتصالها بالعصعص. قوله: الْخُلَطاءِ
[38/ 24] يعني شركاء، و هو جمع خَلِيطٍ بمعنى الشريك. و الخَلِيطُ: المخالط كالنديم و الجليس و المُخْلِطُ: هو الذي يحب عليا ع و لا يبرأ من عدوه، و من هذا الباب قول بعضهم" إن صاحبي كان مُخْلِطاً كان يقول طورا بالجبر و طورا بالقدر و ما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه". و الخِلْطُ بالكسر: طيب معروف، و الجمع أَخْلَاطٌ كحمل و أحمال. و خُولِطَ في عقله خِلَاطاً: إذا اختل عقله. و اخْتَلَطَ فلانٌ: فسد عقله.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَبْرَارِ" يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَ مَا خُولِطُوا وَ لَكِنْ خَالَطَ قلبَهُم هَمٌّ عَظِيمٌ".
هو من خُولِطَ في عقله: إذا اختلط عقله. و خَلَطَ الشيءَ بغيره: إذا ضمه إليه و بابه ضرب. و قد يكنى بِالْمُخَالَطَةِ عن الجماع، و منه قولهم" و خَالَطَهَا مُخَالَطَةَ الأزواج" يريدون الجماع.
(خمط)
قوله تعالى: ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ
[34/ 16] الخَمْطُ على ما نقل عن أبي عبيدة كل شجر ذي شوك.
246
و قال غيره الخَمْطُ ضرب من الأراك له حمل يؤكل. قال الجوهري: ذَواتَيْ أُكُلِ خَمْطٍ!!
(خيط)
قوله تعالى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ [2/ 187] الخَيْطُ الأبيضُ بياض النهار و الخَيْطُ الأسودُ سواد الليل، و قِيلَ الْخَيْطُ الْأَسْوَدُ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ وَ الْأَبْيَضُ الْفَجْرُ الْمُعْتَرِضُ. قوله: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
[7/ 40] الخِيَاطُ ككتاب الإبرة، و المِخْيَطُ بكسر الميم مثله. و الخَيْطُ: السلك، و جمعه خُيُوطٌ و خُيُوطَةٌ مثل فحول و فحولة. و منه قوله:
خُيُوطَةُ ماري تغار و تفتل
و منه
الْحَدِيثُ" وَ سَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ الْمَدَنِيَّةِ" فَكَتَبَ: صَلِّ عَلَى مَا كَانَ فِيهَا مَعْمُولًا بِخُيُوطَةٍ لَا بِسُيُورَةٍ".
وَ قَوْلُهُ ع فِي وَصْفِ الْإِمَامَةِ" لِأَنَّ خَيْطَ فَرْضِي لَا يَنْقَطِعُ وَ حُجَّتِي لَا تَخْفَى".
هو على الاستعارة. و مثله
" أَخَافُ عَلَى خَيْطِ عُنُقِي".
أي على رقبتي، و يعني به القتل. و خَاطَ الرجلُ الثوبَ خِيَاطَةً من باب باع فهو مَخِيطٌ، و الياءُ في مَخِيط ياءُ مفعول و قيل إن الياء في مَخِيط أصلية و المحذوف واو مفعول. قال الجوهري: و القول هو الأول، لأن الواو مزيدة للبناء فلا ينبغي لها أن تحذف، و كذلك القول في كل مفعول من ذوات الثلاثة إذا كان من بنات الياء، فإنه يجيء بالنقصان و التمام، و أما من بنات الواو فلم يجئ على التمام إلا حرفان مسك مدووف و ثوب مصووت فإن هذين جاءا نادرين.
247
مجمع البحرين4
باب ما أوله الراء ص 248
باب ما أوله الراء
(ربط)
قوله تعالى: وَ رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ
[18/ 14] أي ثبتنا قلوبهم و ألهمناهم الصبر و مثله قوله لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ
[8/ 11] و رَبَطْنا عَلى قَلْبِها
[28/ 10]. و الرَّبْطُ على القلب: تسديده و تقويته و رِبَاطُ الخيلِ: مرابطتها. قوله: صابِرُوا وَ رابِطُوا
[3/ 200] أي رابطوا من ارتباط الخيل في سبيل الله و قيل و كل العبادات رِبَاطٌ في سبيل الله، و أصل الرِّبَاطِ الملازمة و المواظبة على الأمر و ملازمة ثغر العدو كالمرابطة. و المُرَابَطَةُ: أن يربط كل من الفريقين خيلا لهم في ثغره و كل معد لصاحبه، فسمي المقام في ثغر رِبَاطاً، و هي مستحبة و لو مع فقد الإمام.
وَ مِنْهُ" مَنْ رَبَطَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ كَذَا".
أي أعدها للجهاد. و المُرَابَطَةُ أيضا: حبس الرجل نفسه على تحصيل معالم الدين، بل هو أبلغ في اسم المرابطة، فإن مهام الدين أولى بالاهتمام من مهام الأبدان. و المُرَابَطَةُ أيضا: انتظار الصلاة بعد الصلاة،
لِقَوْلِهِ ع" فَذَلِكُمُ الْمُرَابَطَةِ".
يعني أن هذه الأعمال هي المرابطة، لأنها تسد طريق الشيطان عن النفس و تمنعها عن الشهوات، و هو الجهاد الأكبر لما فيه من قهر أعدى عدو الله تعالى. و رَبَطْتُ الشيءَ أَرْبُطُهُ و أَرْبِطُهُ بضم الباء و كسرها رَبْطاً من باب ضرب و من باب قتل لغة أي شددته، و الموضع مَرْبطٌ بكسر الباء و فتحها، و الجمع مَرَابِطُ. و مَرَابِطُ الخيلِ: موضعها التي تربط فيها. و الرِّبَاطُ: ما تشد به القربة، و الجمع رُبُطٌ ككتاب و كتب.
248
و الرِّبَاطُ أيضا: واحد الرِّبَاطَاتِ المبنية للفقراء، مولد، و الجمع رُبُطٌ بضمتين و رِبَاطَاتٌ. و فلانٌ رَابِطُ الجأشِ و رَبِيطُ الجأشِ: أي شديد القلب، كأنه يربط نفسه عن الفرار. و يقال للمصاب: رَبَطَ على قلبه بالصبر أي ألهمه.
(رقط)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الرَّقْطَاءِ دُونَ الرَّدْمِ فَلَبِّ".
الرَّقْطَاءُ موضع دون الرَّدْم، و يسمى مَدْعَا، و مَدْعَى الأقوامِ مجتمع قبائلهم، و الجمع المَدَاعِي، يقال تداعت القوم عليهم من كل جانب: أي اجتمعت عليهم. و في حواشي بعض الفضلاء" فإذا انتهيت إلى الرمضاء" بالميم بدل القاف. و" الرُّقْطَةُ" سواد يشوبه نقط بياض و منه" دجاجة رَقْطَاءُ" و" حية رَقْطَاءُ".
(رهط)
قوله تعالى وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ
[11/ 91] أي قومك و عزتهم عندنا لكونهم على ملتنا. و الرَّهْطُ- و يحرك- ما دون العشرة من الرجال، و لا واحد له من لفظه، و الجمع أَرْهُط و أَرَاهِط و أَرْهَاط، و قيل من الثلاثة إلى العشرة، و قيل إلى التسعة و عن ابن السكيت الرَّهْطُ و العترةُ بمعنى، و قيل الرَّهْطُ ما فوق العشرة إلى الأربعين، و عن تغلب الرَّهْطُ و النفر و القوم و المعشر و العشيرة معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم، و هو للرجال دون النساء. و عن ابن فارس رَهطُ الرجلِ قومه و قبيلته الأقربون، و سكون الهاء أفصح من فتحها، و هو جمع لا واحد له من لفظه، قال تعالى: وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ [27/ 48].
(ريط)
فِي حَدِيثِ وَصْفِ عَلِيٍّ ع فِي الْجَنَّةِ" وَ عَلَيْهِ رَيْطَتَانِ: رَيْطَةٌ مِنْ أُرْجُوَانِ النُّورِ، وَ رَيْطَةٌ مِنْ كَافُورٍ".
و مثله
فِي وَصْفِ رَسُولِ اللَّه
249
ص" مُرْتَدٍ بِرَيْطَتَيْنِ".
الرَّيْطَةُ بالفتح: كل ملاءة إذا كانت قطعة واحدة و ليست لفقين أي قطعتين، و الجمع رِيَاطٌ مثل كلبة و كلاب، و رَيْطٌ مثل تمرة و تمر.
باب ما أوله الزاي
(زطط)
فِي الْحَدِيثِ" فَخَرَجَ عَلَيْنَا قَوْمٌ أَشْبَاهُ الزُّطِّ".
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ الْبَصْرَةِ" أَتَاهُ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الزُّطِّ فَكَلَّمُوهُ بِلِسَانِهِمْ فَكَلَّمَهُمْ وَ قَالُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ بَلْ أَنْتَ أَنْتَ".
الزُّطّ بضم الزاي و تشديد المهملة جنس من السودان أو الهنود، الواحد زُطِّيّ مثل زنج و زنجي. و منه" ميسر بياع الزُّطِّيّ" رجل من رواة الحديث. و في القاموس" الزُّطّ" بالضم جيل من الهند معرب جَتّ بالفتح، الواحد زُطِّيّ.
250
مجمع البحرين4
باب ما أوله السين ص 251
باب ما أوله السين
(سبط)
قوله تعالى: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً
[7/ 160] قال الجوهري و إنما أنث لأنه أراد اثنتي عشرة فرقة، ثم أخبر أن الفرق أَسْبَاطٌ و ليس الأسباط بتفسير و لكنه بدل من اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، لأن التفسير لا يكون إلا واحدا منكورا، كقولك" اثني عشر درهما" و لا يجوز دراهم. و الأَسْبَاطُ: أولاد الولد جمع سِبْطٍ مثل حمل و أحمال. و الأَسْبَاطُ في بني يعقوب كالقبائل في ولد إسماعيل، و هم اثنا عشر ولدا ليعقوب، و إنما سموا هؤلاء بالأَسْبَاطِ و هؤلاء بالقبائل ليفصل بين ولد إسماعيل و ولد إسحاق، و قد بعث منهم عدة رسل كيوسف و داود و سليمان و موسى و عيسى. و عن ابن الأعرابي الأَسْبَاطُ خاصة الأولاد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سِبْطَا رَسُولِ اللَّهِ ص".
أي طائفتان و قطعتان.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْحُسَيْنُ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاطِ".
أي أمة من الأمم في الخير. و يحتمل أن يراد بِالسِّبْطِ القبيلة، أي يتشعب منهما نسله. و السَّبَطُ: شجرة لها أغصان كثيرة و أصلها واحد. و شعر سَبْطٌ: أي مسترسل غير جعد، و قد سَبِطَ شعرُهُ بالكسر فهو سَبِطٌ بالكسر أيضا، و ربما قيل سَبَطٌ بالفتح.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ ع" شَعْرُهُ لَيْسَ بِالسَّبْطِ وَ لَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ".
القَطَطُ الشديد الجعودة، أي كان شعره بينهما. و السَّابَاطُ: سقيفة بين حائطين تحتها طريق، و الجمع سَوَابِيط و سَابَاطَات.
251
و" سَابَاط" قرية من قرى المدائن و" يوم سَابَاط" من أيام الحسن بن علي ع مشهور. و" عمار بن موسى السَّابَاطِيّ" من رواة الحديث.
(سخط)
" السَّخَطُ" بالتحريك و بضم أوله و سكون ثانيه: الغضب، و هو خلاف الرضا، يقال سَخِطَ سَخَطاً من باب تعب: أي غضب، فهو سَاخِطٌ. و أَسْخَطَهُ: أي أغضبه، و إذا أسند إلى الله تعالى يراد منه ما يوجب السخط من العقوبة كما مر في نظائره.
(سرط)
قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [1/ 6] أي الطريق المستوي عن الاعوجاج و" السِّرَاطُ" لغة في الصراط بالصاد، و يتم الكلام في صرط. و في الحديث ذكر السَّرَطَانُ بالتحريك و هو خلق من خلق الماء، و قيل هو أبو جنيب. و في حياة الحيوان السَّرَطَانُ و يسمى عقرب الماء، و هو جيد المشي كثير العدو كثير الأسنان صلب الظهر، من رآه رأى حيوانا بلا رأس و لا ذنب، عيناه في كتفيه و فمه في صدره، له ثمانية أرجل، و هو يمشي على جانب واحد و يستنشق الماء و الهواء معا.
وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ السَّرَطَانُ يَقُولُ" اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ يَا مُذْنِبُونَ".
252
و" السَّرَطَانُ" برج في السماء، و داء يخرج في رسغ الدابة و ييبسه حتى يقلب حافره- قاله الجوهري. و سَرِطْتُ الشيءَ سَرَطاً من باب تعب و نصر: بلعته. و من أمثالهم" لا تكن حلوا فَتُسْتَرَط و لا مُرّاً فَتُعْقَى" قال الجوهري: هو من أَعْقَيْتُ الشيء: إذا أزلته من فيك لمرارته.
(سعط)
سَعَطَهُ الدواءُ كمنعه و نصره: أدخله في أنفه، و السَّعُوطُ كصبور ذلك الدواء. و" المُسْعُطُ المِسْعَطُ" بالضم و يكسر: ما يجعل فيه و يصب منه في الأنف.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَسْتَعِطَ".
و
فِي آخَرَ" يُكْرَهُ السُّعُوطُ لِلصَّائِمِ".
و أَسْعَطْتُ الرجلَ فَاسْتَعَطَ بنفسه، و السُّعُوطُ كقعود مصدر.
(سفط)
" السَّفَطُ" محركة واحد الأَسْفَاطُ التي يعبى فيه الطيب و نحوه، و يستعار للتابوت الصغير، و منه فأخرج في سَفَطٍ.
(سقط)
قوله تعالى وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
[7/ 149] بالبناء للمفعول، و الظرف نائبه، يقال لكل من ندبه و عجز عن الشيء قد سقط في يده و أسقط في يده لغتان، و معنى سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
ندموا على ما فاتهم. و في الصحاح و قرأ بعضهم سَقَطَ بالفتح كأنه أضمر الندم. قوله: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا
[9/ 49] أي وقعوا فيها، و هي فتنة التخلف عن الجهاد، و الفتنة هي الإثم. قوله: تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا
[19/ 25] قال الشيخ أبو علي: قرىء تَسَّاقَطْ بالتاء و الياء و التشديد، و الأصل تتساقط و يتساقط فأدغم، و تُساقِطْ بضم التاء و كسر القاف و التاء للنخلة و الياء للجذع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَأَنْ أُقَدِّمَ سُقْطاً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ مُسْتَلْئِمٍ".
[السقْط] هو بالحركات الثلاث و الضم أكثر الولد الذي يَسْقُطُ من بطن
253
أمه قبل تمام الحمل، فمنه تام و هو ما بلغ أربعة أشهر و منه غير تام و هو من لم يبلغ الأربعة، و المُسْتَلْئِمُ لابس عدة الحرب، يعني ثواب السقط أكثر من ثواب الكبير من الأولاد، لأن فعل الكبير يخصه أجره و ثوابه و إن شاركه الأب في بعضه، و ثواب السقط مقصور على الأب. و السُّقُوطُ في الشيء: الوقوع فيه، يقال سَقَطَتِ الفأرةُ في الإناء: إذا وقعت فيه. و منه المثل" على الخبير بها سَقَطْتَ" أي على العارف بها وقعت. و سَقَطَ سُقُوطاً: وقع من أعلى إلى أسفل، و يتعدى بالألف، فيقال أَسْقَطْتُهُ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَيُّ قَاضٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَضَى فَأَخْطَأَ سَقَطَ أَبْعَدَ مِنَ السَّمَاءِ".
يعني عن درجة أهل الثواب أبعد مما بين السماء و الأرض، و يريد المبالغة في السقوط. و السَّاقِطُ من الناس: اللئيم في حسبه و نسبه. و السَّقَطَةُ: المحتقرون الساقطون عن غير الناس. و السَّقَطُ بالتحريك: رديء المتاع و الخطأ من القول و الفعل. و السَّقَّاطُ بتشديد القاف: الذي يبيع السَّقَطَ من المتاع. و السَّقْطَةُ: العثرة و الزلة، و هي بإسكان القاف، و من أمثالهم" لكل سَاقِطَةٍ لاقطة". قال الأصمعي و غيره" السَّاقِطَةُ" الكلمة التي يسقط بها الإنسان، و" اللاقطة" الحامل لها، أي لكل كلمة يخطىء بها الإنسان لاقط حامل آخذ، و أدخل الهاء للازدواج مع ساقط. و المَسْقِطُ كمجلس: موضع السقوط، و منه يقال" هذا مَسْقِطُ رأسي" حيث ولد فيه. و منه
الْحَدِيثُ" لَا يُخْرَجُ الرَّجُلُ مِنْ مَسْقِطِ رَأْسَهُ".
يعني في الدين. و المَسْقَطُ بالفتح: السُّقُوط.
(سقلط)
" سَقْلَاط" بلد بالروم تنسب إليه الثياب.
254
(سلط)
قوله تعالى: وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً
[28/ 35] أي غلبة و تَسْلِيطاً أو حجة و برهانا، و أصل السَّلْطَنَة القوة. قوله: وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ
[14/ 22] أي من حجة و برهان، و لا يجمع لأن مجراه مجرى المصدر كغفران. قوله: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً
[17/ 33] أي تسلطا على القصاص و أخذ الدية. و السُّلْطَان فعلان يذكر و يؤنث، يقال أتينا سُلْطَاناً جائرة. و السُّلْطَان بضم اللام لغة، و الجمع السَّلَاطِين. و السَّلِيط: هو الزيت عند عامة العرب، و عند أهل اليمن هو دهن السمسم و منه
خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ" رَأَيْتُ عَلِيّاً وَ كَأَنَّ عَيْنَيْهِ سِرَاجَا سَلِيطٍ".
و السَّلَاطَة: حدة اللسان، يقال رجل سَلِيط أي صخاب بذيء اللسان، و امرأة سَلِيطَة كذلك. و منه
الْحَدِيثُ" الْبَذَاءُ وَ السَّلَاطَةُ مِنَ النِّفَاقِ".
و سَلَّطْتُه على الشيء تَسْلِيطاً: مكنته فَتَسَلَّطَ، أي تحكم و تمكن.
(سمط)
فِي الْحَدِيثِ" حَتَّى انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى الْبَيْدَاءِ فَصُفَّ النَّاسُ لَهُ سِمَاطَيْنِ فَلَبَّى بِالْحَجِّ".
السِمَاط ككتاب: الصف من الناس، و السماطان: صفان. و مثله
حَدِيثُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ ع مَعَ الْمُوَفِّقُ" فَقَامُوا- يَعْنِي الْحِجَابَ وَ الْبَوَّابَ سِمَاطَيْنِ".
و السِّمَاطَان من النخل: الجانبان، يقال مشى بين السماطين.
وَ فِي الْحَدِيثِ" بَنَى رَسُولُ اللَّهِ ص مَسْجِدَهُ بِالسَّمِيطِ، ثُمَّ زِيدَ فِيهِ فَبَنَاهُ بِالسَّعِيدَةِ، ثُمَّ زِيدَ فِيهِ فَبَنَاهُ بِالْأُنْثَى وَ الذَّكَرِ".
أراد بِالسَّمِيطِ لبنة لبنة كما جاءت به الرواية، و كذلك يستفاد من اللغة، لأن فيها الآجر القائم بعضه فوق
255
بعض، و بالسعيدة لبنة و نصف، و بالأنثى و الذكر لبنتان متخالفتان. و السِّمْط كحمل: الخيط ما دام الخرز فيه و إلا فهو خيط.
وَ فِي حَدِيثِ الْأَرْضِ" وَ حِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا".
سُمِّطَتْ: زيّنت بالسمط، و هو العقد و رُوِيَ بالشين المعجمة أي خُلِطَتْ.
(سوط)
قوله تعالى: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ
[89/ 13] السَّوْطُ هو العذاب، و لم يكن ثمة ضرب بسوط، و يقال أي نصيب عذاب، و يقال شدته لأن العذاب قد يكون بالسوط، و يقال سَوْطَ عَذابٍ
أي ألم سوط عذاب. قوله: وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ [17/ 64] أي بوسوستك
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَوَدِدْتُ أَصْحَابِي تُضْرَبُ رُءُوسُهُمْ بِالسِّيَاطِ حَتَّى يَتَفَقَّهُوا".
هي جمع سَوْط، و هو الذي يجلد به، و الأصل سواط فقلبت لكسرة ما قبلها، و تجمع على الأصل أَسْوَاط كثوب و أثواب و ثياب
وَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ ع" مَسُوطٌ لَحْمُهَا بِدَمِي وَ لَحْمِي".
أي ممزوج و مخلوط.
وَ فِي خَبَرِ سَوْدَةَ" أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْهُ الْمِسْوَطَ".
يعني الشيطان، سمي به من سَاطَ القدر بِالْمِسْوَطِ. و المِسْوَاطُ: خشبة يحرّك بها ما فيها ليختلط، كأنه يحرك الناس للمعصية و يجمعهم فيها. و منه
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" لَتُسَاطُنَّ سَوْطَ الْقِدْرِ".
قال بعض شراح الحديث" لَتُشَاطُنَّ" بالشين المعجمة بمعنى غليان القِدر أظهر.
256
مجمع البحرين4
باب ما أوله الشين ص 257
باب ما أوله الشين
(شبط)
" الشَّبُّوطُ" كتنور ضرب من السمك دقيق الذنب عريض الوسط لين المس صغير الرأس، و هذا النوع قليل الإناث كثير الذكور. و فيه ذكر شُبَاط، و هو أحد أشهر السنة بعد كانون الثاني.
(شحط)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ جَلَسَ فِيمَا بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَ الْإِقَامَةِ كَانَ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
أي المقتول المضطرب المتمرغ بدمه في سبيل الله، من قولهم يَتَشَحَّطُ بدمه: أي يتخبط فيه و يضطرب و يتمرغ.
(شرط)
قوله تعالى: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها
[47/ 18] أي جاء علاماتها التي تدل على قربها. و الشَّرَطُ بفتحتين: العلامة.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْحَضْرَمِيِّ يَوْمَ الْجَمَلِ" أَبْشِرْ يَا ابْنَ يَحْيَى فَإِنَّكَ وَ أَبَاكَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيسِ".
أي من نخبه و أصحابه المتقدمين على غيرهم من الجند. و" الشُّرْطَة" بالسكون و الفتح الجند و الجمع شُرَطٌ مثل رطب. و" الشُّرَطُ" على لفظ الجمع أعوان السلطان و الولاة و أول كتيبة تشهد الحرب و تتهيأ للموت، سموا بذلك لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها للأعداء، الواحدة شُرْطَة كغرف و غرفة. و" صاحب الشُّرْطَة" يعني الحاكم، و إذا نسب إلى هذا قيل شُرْطِيّ بالسكون ردّا إلى واحدة كتركي، و الخَمِيسُ: الجيش.
وَ فِي حَدِيثِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ" وَ قَد
257