البرهان في تفسير القرآن5
الجزء الخامس
الجزءُ الخامسُ
سُورَةُ الدُّخَانِ
فَضْلُهَا
9687/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الدُّخَانِ فِي فَرَائِضِهِ وَ نَوَافِلِهِ، بَعَثَهُ اللَّهُ مِنَ «1» الْآمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ عَرْشِهِ، وَ حَاسَبَهُ حِسَاباً يَسِيراً، وَ أَعْطَاهُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ».
9688/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا مِائَةُ أَلْفِ رَقَبَةٍ عَتِيقٍ، وَ مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ جَمِيعَ ذُنُوبِهِ؛ وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنَ كَيْدِ الشَّيَاطِينِ؛ وَ مَنْ جَعَلَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ رَأَى فِي مَنَامِهِ كُلَّ خَيْرٍ، وَ أَمِنَ مِنْ قَلَقِهِ فِي اللَّيْلِ؛ وَ إِذَا شَرِبَ مَاءَهَا صَاحِبُ الشَّقِيقَةِ بَرَأَ وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ جُعِلَتْ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ تِجَارَةٌ رَبِحَ صَاحِبُ الْمَوْضِعِ، وَ كَثُرَ مَالُهُ سَرِيعاً».
9689/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ السَّابِقَةَ؛ وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنَ كَيْدِ الشَّيَاطِينِ؛ وَ مَنْ تَرَكَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ رَأَى فِي مَنَامِهِ كُلَّ خَيْرٍ، وَ أَمِنَ مِنَ الْقَلَقِ، وَ إِنْ شَرِبَ مَاءَهَا صَاحِبُ الشَّقِيقَةِ بَرَأَ مِنْ سَاعَتِهِ؛ وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ جُعِلَتْ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ تِجَارَةٌ رَبِحَ صَاحِبُهَا وَ كَثُرَ مَالُهُ سَرِيعاً».
9690/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنْ شَرِّ كُلِّ مَلَكٍ، وَ كَانَ مُهَاباً فِي وَجْهِ كُلِّ مَنْ يَلْقَاهُ، وَ مَحْبُوباً عِنْدَ النَّاسِ؛ وَ إِذَا شَرِبَ مَاءَهَا نَفَعَ مِنْ انْعِصَارِ الْبَطْنِ، وَ سَهُلَ الْمَخْرَجُ بِإِذْنِ اللَّهِ».
__________________________________________________
(1)- ثواب الأعمال: 114.
(2)- .......
(3)- .......
(4)- خواص القرآن: 7 «مخطوط».
(1) في المصدر: مع.
7
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حَم* وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ- إلى قوله تعالى- بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ [1- 9]
9691/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ، وَ نَحْنُ مَعَهُ بِالْعُرَيْضِ، فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ وَ سَفَرٍ شَاقٍّ، وَ سَأَلْتُ رَبِّي مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَنْ يُرْشِدَنِي إِلَى خَيْرِ الْأَدْيَانِ وَ إِلَى خَيْرِ الْعِبَادِ وَ أَعْلَمِهِمْ، وَ أَتَانِي آتٍ فِي النَّوْمِ فَوَصَفَ لِي رَجُلًا بِعَلْيَاءِ دِمَشْقَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ أَهْلِ دِينِي، وَ غَيْرِي أَعْلَمُ مِنِّي.
فَقُلْتُ: أَرْشِدْنِى إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، فَانِّي لَا أَسْتَعْظِمُ السَّفَرَ، وَ لَا تَبْعُدُ عَلَيَّ الشُّقَّةُ، وَ لَقَدْ قَرَأْتُ الْإِنْجِيلَ كُلَّهُ، وَ مَزَامِيرَ دَاوُدَ، وَ قَرَأْتُ أَرْبَعَةَ أَسْفَارٍ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَ قَرَأْتُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ حَتَّى اسْتَوْعَبْتُهُ كُلَّهُ.
فَقَالَ لِي الْعَالِمُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ النَّصْرَانِيَّةِ، فَأَنَا أَعْلَمُ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ بِهَا، وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْيَهُودِيَّةِ فَبَاطِي بْنُ شُرَحْبِيلَ السَّامِرِيُّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا الْيَوْمَ، وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْإِسْلَامِ وَ عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَ عِلْمَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ كِتَابَ هُودٍ، وَ كُلَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي دَهْرِكَ وَ دَهْرِ غَيْرِكَ، وَ مَا أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ خَبَرٍ فَعَلِمَهُ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ، فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ، وَ شِفَاءٌ لِلْعَالَمِينَ، وَ رَوْحٌ لِمَنْ اسْتَرْوَحَ إِلَيْهِ، وَ بَصِيرَةٌ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً وَ أُنْسٌ إِلَى الْحَقِّ، وَ أُرْشِدُكَ إِلَيْهِ، فَأْتِهِ وَ لَوْ مَشْياً عَلَى رِجْلَيْكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَحَبْواً عَلَى رُكْبَتَيْكَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَزَحْفاً عَلَى اسْتِكَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَعَلَى وَجْهِكَ.
__________________________________________________
(1)- الكافي 1: 398/ 4.
8
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8
فَقُلْتُ: لَا، بَلْ أَنَا أَقْدِرُ عَلَى الْمَسِيرِ فِي الْبَدَنِ وَ الْمَالِ، قَالَ: فَانْطَلِقْ مِنْ فَوْرِكَ حَتَّى تَأْتِيَ يَثْرِبَ، فَقُلْتُ:
لَا أَعْرِفُ يَثْرِبَ. قَالَ: فَانْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ مَدِينَةَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، الَّذِي بُعِثَ فِي الْعَرَبِ، وَ هُوَ النَّبِيُّ الْعَرَبِيُّ الْهَاشِمِيُّ، فَإِذَا دَخَلْتَهَا فَسَلْ عَنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَ هُوَ عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهَا، وَ أَظْهِرْ بِزَّةَ النَّصْرَانِيَّةِ وَ حِلْيَتَهَا، فَإِنَّ وَالِيَهَا يَتَشَدَّدُ عَلَيْهِمْ، وَ الْخَلِيفَةُ أَشَدُّ، ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ، وَ هُوَ بِبَقِيعِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَ أَيْنَ مَنْزِلُهُ، وَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ حَاضِرٌ، فَإِنْ كَانَ مُسَافِراً فَالْحَقْهُ، فَإِنَّ سَفَرَهُ أَقْرَبُ مِمَّا ضُرِبَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَعْلِمْهُ أَنَّ مَطْرَانَ عَلْيَاءِ الْغُوطَةِ- غُوطَةِ دِمَشْقَ- هُوَ الَّذِي أَرْشَدَنِي إِلَيْكَ، وَ هُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ كَثِيراً، وَ يَقُولُ لَكَ:
إِنِّي لَأُكْثِرُ مُنَاجَاةَ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَ إِسْلَامِى عَلَى يَدَيْكَ.
فَقَصَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَ هُوَ قَائِمٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَصَاهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: إِنْ أَذِنْتَ لِي يَا سَيِّدِي كَفَّرْتُ لَكَ «1»، وَ جَلَسْتُ، فَقَالَ: «آذَنُ لَكَ أَنْ تَجْلِسَ، وَ لَا آذَنُ لَكَ أَنْ تُكَفِّرَ». فَجَلَسَ ثُمَّ أَلْقَى عَنْهُ بُرْنُسَهُ، ثُمَّ قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مَا جِئْتَ إِلَّا لَهُ».
فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: أُرْدُدْ عَلَى صَاحِبِيَ السَّلَامَ، أَ وَ مَا تَرُدُّ السَّلَامَ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «عَلَى صَاحِبِكَ أَنْ هَدَاهُ اللَّهُ، أَمَّا التَّسْلِيمُ فَذَاكَ إِذَا صَارَ فِي دِينِنَا».
فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي أَسْأَلُكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: «سَلْ»، قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَ نَطَقَ بِهِ ثُمَّ وَصَفَهُ بِمَا وَصَفَهُ، فَقَالَ: حَم* وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ مَا تَفْسِيرُهَا فِي الْبَاطِنِ؟ فَقَالَ: «أَمَّا حَم فَهُوَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هُوَ فِي كِتَابِ هُودٍ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، وَ هُوَ مَنْقُوصُ الْحُرُوفِ، وَ أَمَّا الْكِتَابُ الْمُبِينُ فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ أَمَّا اللَّيْلَةُ فَفَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يَقُولُ: يَخْرُجُ مِنْهَا خَيْرٌ كَثِيرٌ، فَرَجُلٌ حَكِيمٌ، وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ، وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ».
فَقَالَ الرَّجُلُ: صِفْ لِيَ الْأَوَّلَ وَ الْآخِرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «الصِّفَاتُ تَشْتَبِهُ، وَ لَكِنْ الثَّالِثَ مِنَ الْقَوْمِ أَصِفُ لَكَ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَسْلِهِ، وَ إِنَّهُ عِنْدَكُمْ لَفِي الْكُتُبِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَيْكُمْ، إِنْ لَمْ تُغَيِّرُوا وَ تُحَرِّفُوا وَ تَكْفُرُوا وَ قَدِيماً مَا فَعَلْتُمْ».
فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي لَا أَسْتُرُ عَنْكَ مَا عَلِمْتُ، وَ لَا أَكْذِبُكَ، وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ فِي صِدْقِ مَا أَقُولُ وَ كِذْبِهِ، وَ اللَّهُ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَ قَسَمَ عَلَيْكَ مِنْ نِعَمِهِ مَا لَا يَخْطُرُهُ الْخَاطِرُونَ، وَ لَا يَسْتُرُهُ السَّاتِرُونَ، وَ لَا يَكْذِبُ فِيهِ مَنْ كَذَبَ، فَقَوْلِي لَكَ فِي ذَلِكَ الْحُقُّ، كُلُّ مَا ذَكَرْتَ فَهُوَ كَمَا ذَكَرْتَ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أُعَجِّلُكَ أَيْضاً خَبَراً لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِمَّنْ قَرَأَ الْكُتُبَ، أَخْبِرْنِي مَا اسْمُ أُمِّ مَرْيَمَ؟
وَ أَيُّ يَوْمٍ نُفِخَتْ فِيهِ مَرْيَمُ؟ وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ؟ وَ أَيَّ يَوْمٍ وَضَعَتْ فِيهِ مَرْيَمُ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ؟». فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: لَا أَدْرِي.
فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَمَّا أُمُّ مَرْيَمَ فَاسْمُهَا مَرْثَا، وَ هِيَ وَهِيبَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَمَلَتْ فِيهِ مَرْيَمُ
__________________________________________________
(1) التكفير: وضع اليد على الصدر.
9
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8
فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِلزَّوَالِ، وَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي هَبَطَ فِيهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، وَ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ كَانَ أَوْلَى مِنْهُ، عَظَّمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، وَ عَظَّمَهُ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عِيداً، فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي وَلَدَتْ فِيهِ مَرْيَمُ فَهُوَ يَوْمُ الثَّلَاثَاءِ لِأَرْبَعِ سَاعَاتٍ وَ نِصْفٍ مِنَ النَّهَارِ، وَ النَّهَرُ الَّذِي وَلَدَتْ عَلَيْهِ مَرْيَمُ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هَلْ تَعْرِفُهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «هُوَ الْفُرَاتُ، وَ عَلَيْهِ شَجَرُ النَّخْلِ وَ الْكَرْمِ، وَ لَيْسَ يُسَاوَى بِالْفُرَاتِ شَيْءٌ لِلْكُرُومِ وَ النَّخِيلِ، فَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَجَبَتْ فِيهِ لِسَانَهَا، وَ نَادَى قَيْدُوسُ وُلْدَهُ وَ أَشْيَاعَهُ، فَأَعَانُوهُ وَ أَخْرَجُوا آلَ عِمْرَانَ، لِيَنْظُرُوا إِلَى مَرْيَمَ، فَقَالُوا لَهَا مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكِ فِي كِتَابِهِ وَ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ، فَهَلْ فَهِمْتَهُ؟». قَالَ: نَعَمْ، وَ قَرَأْتُهُ الْيَوْمَ الْأَحْدَثَ، قَالَ: «إِذَنْ لَا تَقُومُ مِنْ مَجْلِسِكَ حَتَّى يَهْدِيَكَ اللَّهُ».
قَالَ النَّصْرَانِيُّ: مَا كَانَ اسْمُ أُمِّي بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَ الْعَرَبِيَّةِ؟ فَقَالَ: «كَانَ اسْمُ أُمِّكَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ عَنْقَالِيَةُ وَ عَنْقُورَةُ «1» كَانَ [اسْمَ] جَدَّتِكَ لِأَبِيكَ، وَ أَمَّا اسْمُ أُمِّكَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ مَيَّةُ، وَ أَمَّا اسْمُ أَبِيكَ فَعَبْدُ الْمَسِيحِ، وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَ لَيْسَ لِلْمَسِيحِ عَبْدٌ». قَالَ: صَدَقْتَ وَ بَرَرْتَ، فَمَا كَانَ اسْمُ جَدِّي؟ قَالَ: «كَانَ اسْمُ جَدِّكَ جَبْرَئِيلَ، وَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمَّيْتُهُ فِي مَجْلِسِي هَذَا». قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ مُسْلِماً، قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَعَمْ، وَ قُتِلَ شَهِيداً، دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَجْنَادٌ فَقَتَلُوهُ فِي مَنْزِلِهِ غِيلَةً، وَ الْأَجْنَادُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ».
قَالَ: فَمَا كَانَ اسْمِي قَبْلَ كُنْيَتِي؟ قَالَ: «كَانَ اسْمُكَ عَبْدَ الصَّلِيبِ» قَالَ: فَمَا تُسَمِّينِي؟ قَالَ: «أُسَمِّيكَ عَبْدَ اللَّهِ».
قَالَ: إِنِّي آمَنْتُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَرْداً صَمَداً، لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ النَّصَارَى، وَ لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ الْيَهُودُ، وَ لَا جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِ الشِّرْكِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ فَأَبَانَ بِهِ لِأَهْلِهِ، وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ، وَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى النَّاسِ كَافَّةً إِلَى الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ، وَ كَلٌّ فِيهِ مُشْتَرَكٌ، فَأَبْصَرَ مَنْ أَبْصَرَ، وَ اهْتَدَى مَنِ اهْتَدَى وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ، وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ وَلِيَّهُ نَطَقَ بِحِكْمَتِهِ، وَ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَطَقُوا بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ، وَ تَوَازَرُوا عَلَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ، وَ فَارَقُوا الْبَاطِلَ وَ أَهْلَهُ، وَ الرِّجْسَ وَ أَهْلَهُ، وَ هَجَرُوا سَبِيلَ الضَّلَالَةِ وَ نَصَرَهُمُ اللَّهُ بِالطَّاعَةِ لَهُ، وَ عَصَمَهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَهُمْ لِلَّهِ أَوْلِيَاءُ وَ لِلدِّينِ أَنْصَارٌ يَحُثُّونَ عَلَى الْخَيْرِ، وَ يَأْمُرُونَ بِهِ، آمَنْتُ بِالصَّغِيرِ وَ بِالْكَبِيرِ، وَ مَنْ ذَكَرْتُ مِنْهُمْ، وَ مَنْ لَمْ أَذْكُرْ، وَ آمَنْتُ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى.
ثُمَّ قَطَعَ زُنَّارَهُ «2»، وَ قَطَعَ صَلِيباً كَانَ فِي عُنُقِهِ مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ قَالَ: مُرْنِي حَتَّى أَضَعَ صَدَقَتِي حَيْثُ تَأْمُرُنِي، فَقَالَ:
«هَا هُنَا أَخٌ لَكَ كَانَ عَلَى مِثْلِ دِينِكَ، وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَ هُوَ فِي نِعْمَةٍ كَنِعْمَتِكَ، فَتَوَاسَيَا وَ تَجَاوَرَا، وَ لَسْتُ أَدَعُ أَنْ أُورِدَ عَلَيْكُمَا حَقَّكُمَا فِي الْإِسْلَامِ».
فَقَالَ: وَ اللَّهِ- أَصْلَحَكَ اللَّهُ- إِنِّي لَغَنِيٌّ، وَ لَقَدْ تَرَكْتُ ثَلَاثَمِائَةِ طَرُوقٍ بَيْنَ فَرَسٍ وَ فَرَسَةٍ، وَ تَرَكْتُ أَلْفَ بَعِيرٍ، حَقُّكَ فِيهَا أَوْفَرُ مِنْ حَقِّي. فَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مَوْلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ أَنْتَ فِي حَدِّ نَسَبِكَ عَلَى حَالِكَ». وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فِهْرٍ، وَ أَصْدَقَهَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَمْسِينَ دِينَاراً مِنْ صَدَقَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَخْدَمَهُ،
__________________________________________________
(1) في «ط، ي»: عنفالية و عنفورة.
(2) الزّنّار: ما يلبسه الذمّي يشده على وسطه. «لسان العرب- زنز- 4: 33».
10
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8
وَ بَوَّأَهُ، وَ أَقَامَ حَتَّى أَخْرَجَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ فَمَاتَ بَعْدَ مُخْرَجِهِ بِثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً.
9692/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنِ الْفُضَيْلِ وَ زُرَارَةَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حُمْرَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ، قَالَ: «نَعَمْ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَ هِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَلَمْ يُنْزَلِ الْقُرْآنُ إِلَّا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» قَالَ: «يُقَدَّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ، خَيْرٍ وَ شَرٍّ وَ طَاعَةٍ وَ مَعْصِيَةٍ وَ مَوْلُودٍ وَ أَجَلٍ وَ رِزْقٍ، فَمَا قُدِّرَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَ قُضِيَ فَهُوَ الْمَحْتُومُ، وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ الْمَشِيئَةُ».
قَالَ: قُلْتُ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «1»، أَيُّ شَيْءٍ عُنِيَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: «الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَ لَوْلَا مَا يُضَاعِفُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَا بَلَغُوا، وَ لَكِنَّ اللَّهَ يُضَاعِفُ لَهُمُ الْحَسَنَاتِ» «2».
9693/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الإحْتِجَاجِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ لَهُ طَوِيلٍ- قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيهِ: «وَ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْخَلْقِ إِظْهَارَ قُدْرَتِهِ، وَ إِبْدَاءَ سُلْطَانِهِ، وَ تَبْيِينَ بَرَاهِينِ حِكْمَتِهِ. فَخَلَقَ مَا شَاءَ كَمَا شَاءَ، وَ أَجْرَى فِعْلَ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَيْدِي مَنِ اصْطَفَي مِنْ أُمَنَائِهِ، فَكَانَ فِعْلُهُمْ فِعْلَهُ، وَ أَمْرُهُمْ أَمْرَهُ، كَمَا قَالَ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «3»، وَ جَعَلَ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وِعَاءً لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، لِيَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ مَعَ سَابِقِ عِلْمِهِ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ أَهْلِهِمَا، وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِأَوْلِيَائِهِ وَ أُمَنَائِهِ، وَ عَرَّفَ الْخَلِيقَةَ فَضْلَ مَنْزِلَةِ أَوْلِيَائِهِ، وَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَتِهِمْ مِثْلَ الَّذِي فَرَضَهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ، وَ أَلْزَمَهُمْ الْحُجَّةَ بِأَنْ خَاطَبَهُمْ خِطَاباً يَدُلُّ عَلَى انْفِرَادِهِ وَ تَوْحِيدِهِ، وَ أَبَانَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ أَجْرَى «4» أَفْعَالَهُمْ وَ أَحْكَامَهُمْ مُجْرَى فِعْلِهِ، فَهُمُ الْعِبَادُ الْمُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، هُمْ الَّذِينَ «5» أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَ عَرَّفَ الْخَلْقَ اقْتِدَارَهُمْ «6» بِقَوْلِهِ: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ «7»، وَ هُمُ النَّعِيمُ الَّذِي يُسْأَلُ [الْعِبَادُ] عَنْهُ، وَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْعَمَ بِهِمْ عَلَى مَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ».
قَالَ السَّائِلُ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْحُجَجُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَنْ حَلَّ مَحَلَّهُ مِنْ أَصْفِيَاءِ اللَّهِ
__________________________________________________
(2)- الكافي 4: 157/ 6.
(3)- الإحتجاج: 251.
(1) القدر 97: 3.
(2) في المصدر زيادة: بحبنا.
(3) النساء 4: 80.
(4) في المصدر: توحده و بأن له أولياء تجري.
(5) في المصدر: هو الّذي.
(6) زاد في المصدر: على علم الغيب.
(7) الجن 72: 26، 27.
11
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8
الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ بِرَسُولِهِ، وَ فَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ طَاعَتِهِمْ مِثْلَ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِنَفْسِهِ وَ هُمْ وُلَاةُ الْأَمْرِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «1»، وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ:
وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «2»».
قَالَ السَّائِلُ: مَا ذَلِكَ الْأَمْرُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الَّذِي بِهِ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ مِنْ خَلْقٍ وَ رِزْقٍ وَ أَجَلٍ وَ عَمَلٍ وَ حَيَاةٍ وَ مَوْتٍ، وَ عِلْمِ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِلَّهِ وَ أَصْفِيَائِهِ وَ السَّفَرَةِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ، وَ هُمْ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي قَالَ: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «3»، هُمْ بَقِيَّةُ اللَّهِ، يَعْنِي الْمَهْدِيَّ الَّذِي يَأْتِي عِنْدَ انْقِضَاءِ هَذِهِ النَّظِرَةِ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ «4» جَوْراً، وَ مِنْ آيَاتِهِ: الْغَيْبَةُ، وَ الِاكْتِتَامُ عِنْدَ عُمُومِ الطُّغْيَانِ وَ حُلُولِ الِانْتِقَامِ، وَ لَوْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي عَرَّفْتُكَ نَبَّأَهُ «5» لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) دُونَ غَيْرِهِ، لَكَانَ الْخِطَابُ يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ غَيْرِ دَائِمٍ وَ لَا مُسْتَقْبَلٍ، وَ لَقَالَ: نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ فَرَّقَ كُلَّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، وَ لَمْ يَقُلْ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ «6» وَ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ».
و الحديث طويل- يأتي إن شاء اللّه تعالى- في آخر الكتاب بطوله «7».
9694/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَم* وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ يَعْنِي الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، وَ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِيهَا إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ نَزَّلَ مِنَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي طُولِ عِشْرِينَ سَنَةً فِيها يُفْرَقُ يَعْنِي فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَيْ يُقَدِّرُ اللَّهُ كُلَّ أَمْرٍ مِنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ مَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَ لَهُ فِيهِ الْبَدَاءُ، وَ الْمَشِيئَةُ يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ وَ يُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْآجَالِ وَ الْأَرْزَاقِ وَ الْبَلَايَا «8» وَ الْأَمْرَاضِ، وَ يَزِيدُ فِيهَا مَا يَشَاءُ، وَ يَنْقُصُ مَا يَشَاءُ، وَ يُلْقِيهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ يُلْقِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ يَشْتَرِطُ لَهُ مَا فِيهِ الْبَدَاءُ وَ الْمَشِيئَةُ وَ التَّقْدِيمُ وَ التَّأْخِيرُ.
ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
__________________________________________________
(4)- تفسير القمّيّ 2: 290.
(1) النساء 4: 59.
(2) النساء 4: 83.
(3) البقرة 2: 115.
(4) في المصدر: الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و.
(5) في المصدر: بأنّه.
(6) القدر 97: 4.
(7) يأتي في الحديث (1) باب (2) في ردّ متشابه القرآن إلى تأويله.
(8) في المصدر زيادة: و الأعراض.
12
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8
9695/ «5»- قَالَ: «وَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَا أَبَا الْمُهَاجِرِ، لَا تُخْفَى عَلَيْنَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَطُوفُونَ بِنَا فِيهَا».
قوله تعالى: رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ إلى قوله تعالى: رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ، فهو محكم «1».
ثمّ قال: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ، يعني في شك ممّا ذكرناه ممّا يكون في ليلة القدر.
قوله تعالى:
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ- إلى قوله تعالى- وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ [10- 28] 9696/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَارْتَقِبْ أي اصبر، يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ، قال:
ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر.
9697/ «2»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ رِعْلًا وَ ذَكْوَانَ، أَللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ سِنِيهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ». فَفِي الْخَبَرِ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَلْقَى صَاحِبَهُ فَلَا يُمْكِنُهُ الدُّنُوُّ، فَإِذَا دَنَا مِنْهُ لَا يُبْصِرُهُ مِنْ شِدَّةِ دُخَانِ الْجُوعِ، وَ كَانَ يُجْلَبُ إِلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَإِذَا اشْتَرَوْهُ وَ قَبَضُوهُ لَمْ يَصِلُوا بِهِ إِلَى بُيُوتِهِمْ حَتَّى يَتَسَوَّسَ وَ يُنْتِنَ، فَأَكَلُوا الْكِلَابَ الْمَيِّتَةَ وَ الْجِيَفَ وَ الْجُلُودَ، وَ نَبَشُوا الْقُبُورَ، وَ أَحْرَقُوا عِظَامَ الْمَوْتَى فَأَكَلُوهَا، وَ أَكَلَتِ الْمَرْأَةُ طِفْلَهَا، وَ كَانَ الدُّخَانُ يَتَرَاكَمُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَ رُؤَسَاءُ قُرَيْشٍ: يَا مُحَمَّدُ، أَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةٍ الرَّحِمِ، فَأَدْرِكْ قَوْمَكَ فَقَدْ هَلَكُوا؛ فَدَعَا لَهُمْ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ، فَعَادَ إِلَيْهِمُ الْخِصْبُ وَ الدَّعَةُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ «2».
9698/ «3»- نرجع إلى رواية عليّ بن إبراهيم: يَغْشَى النَّاسَ كلهم الظلمة، فيقولون: هذا عَذابٌ أَلِيمٌ*،
__________________________________________________
(5)- تفسير القمّيّ 2: 290.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 290.
(2)- المناقب 1: 82 و 107 «نحوه»، البحار 16: 411/ 1.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 290.
(1) قوله تعالى: (رحمة ... محكم) ليس في المصدر.
(2) قريش 106: 3 و 4.
13
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 10 الى 28 ص 13
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، فقال اللّه عزّ و جلّ ردا عليهم: أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى، في ذلك اليوم وَ قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ أي رسول قد تبين لهم: ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ، قال: قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و أخذه الغشي، فقالوا: هو مجنون، ثمّ قال: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ يعني إلى يوم القيامة، و لو كان قوله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ في القيامة لم يقل:
إِنَّكُمْ عائِدُونَ، لأنّه ليس بعد الآخرة و القيامة حالة يعودون إليها.
ثم قال: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى يعني في القيامة: إِنَّا مُنْتَقِمُونَ* وَ لَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ، أي اختبرناهم وَ جاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ* أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ، أي ما فرض اللّه من الصلاة و الزكاة و الصوم و الحجّ و السنن و الأحكام، فأوحى اللّه إليه: فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، أي يتبعكم فرعون و جنوده وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً، أي جانبا، و خذ على الطريق «1»، إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ.
قوله تعالى: وَ مَقامٍ كَرِيمٍ أي حسن وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ، قال: النعمة في الأبدان، قوله تعالى:
فاكِهِينَ، أي مفاكهين للنساء كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ، يعني بني إسرائيل.
قوله تعالى:
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ [29]
9699/ «1»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، فَقَالَ: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَقَالَ: لَكِنَّ هَذَا لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ، وَ قَالَ: وَ مَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
9700/ «2»- قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولُ: أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ مَعَهُ «2» حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ، بَوَّأَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً «3»، وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ دَمْعاً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 291.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 291.
(1) في «ج» و المصدر: الطرف.
(2) في المصدر: الحسين بن علي (عليهما السلام) دمعة.
(3) في المصدر زيادة: يسكنها أحقابا.
14
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان آية 29 ص 14
لِأَذًى مَسَّنَا مِنْ عَدُوِّنَا فِي الدُّنْيَا، بَوَّأَهُ اللَّهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ فِي الْجَنَّةِ، وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أَذًى فِينَا فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى يَسِيلَ دَمْعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ مِنْ مَضَاضَةِ مَا أُوذِيَ فِينَا، صَرَفَ [اللَّهُ] عَنْ وَجْهِهِ الْأَذَى، وَ آمَنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَ النَّارِ».
9701/ «3»- قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: وَ مَنْ ذَكَرَنَا أَوْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ مِنْ عَيْنَيْهِ دَمْعٌ مِثْلُ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ، وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ».
9702/ «4»- أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ فِي (كَامِلِ الزِّيَارَاتِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا، عَنْ «1» عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْرَقِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي الرَّحَبَةِ، وَ هُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) مِنْ بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «أَمَّا هَذَا سَيُقْتَلُ وَ تَبْكِي عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ».
9703/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ، وَ اجْتَمَعَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ، وَ جَاءَ الْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ، إِنَّ اللَّهَ عَيَّرَ أَقْوَاماً بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، وَ أَيْمُ اللَّهِ لَتُقْتَلَنَّ مِنْ «2» بَعْدِي، ثُمَّ تَبْكِيكَ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ».
وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ.
9704/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، قَالَ: «لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ أَحَداً مُنْذُ قُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا حَتَّى قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَبَكَتْ عَلَيْهِ».
9705/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، جَمِيعاً، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ
__________________________________________________
(3)- تفسير القمّيّ 2: 292.
(4)- كامل الزيارات: 88/ 1.
(5)- كامل الزيارات: 89/ 2.
(6)- كامل الزيارات: 89/ 6.
(7)- كامل الزيارات: 92/ 16.
(1) في المصدر: و جماعة مشايخنا.
(2) في المصدر: ليقتلنّك.
15
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان آية 29 ص 14
الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الْحَسَنِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ الْحَارِثِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِي الرَّحَبَةِ، إِذْ طَلَعَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَضَحِكَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ضَحِكاً حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً فَقَالَ: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَيُقْتَلَنَّ هَذَا، وَ لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ».
9706/ «8»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ الْعَلَوِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ الْحَارِثِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالرَّحَبَةِ، إِذْ طَلَعَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: فَضَحِكَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً، فَقَالَ: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَيُقْتَلَنَّ هَذَا، وَ لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ».
9707/ «9»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «كَانَ الَّذِي قَتَلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَلَدَ زِناً، وَ الَّذِي قَتَلَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا وَلَدَ زِناً، وَ قَدِ احْمَرَّتِ السَّمَاءُ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَنَةً». ثُمَّ قَالَ: بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَ حُمْرَتُهَا بُكَاؤُهَا».
و تقدم طرف من هذا الباب، في قوله تعالى: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا، من سورة مريم (عليها السلام) «1».
9708/ «10»- و عن ابن عبّاس: في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، أنه إذا قبض اللّه نبيّا من الأنبياء، بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة، و إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما، و أمّا الحسين (عليه السلام) فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر، و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دماء و أن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين (عليه السلام)، و لم تر قبله أبدا، و أن يوم قتله (عليه السلام) لم يرفع حجر في الدنيا إلّا وجد تحته دم».
9709/ «11»- و نقل عن الشافعي في (شرح الوجيز): أن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين (عليه السلام)، و لم تر قبله أبدا.
__________________________________________________
(8)- كامل الزيارات: 92/ 19.
(9)- كامل الزيارات: 93/ 21.
(10)- .....
(11)- .....
(1) تقدّم طرف منها في تفسير الآيات (2- 10) من سورة مريم.
16
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان آية 29 ص 14
9710/ «12»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، وَ لَمْ تَبْكِ إِلَّا عَلَيْهِمَا» قُلْتُ: فَمَا بُكَاؤُهَا؟ قَالَ: «كَانَتْ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغِيبُ حَمْرَاءَ».
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ نَجَّيْنا- إلى قوله تعالى- عَلَى الْعالَمِينَ [30- 32] 9711/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ لَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ، إلى قوله تعالى: عَلَى الْعالَمِينَ، فلفظه عام و معناه خاصّ، و إنّما اختارهم و فضلهم على عالمي زمانهم.
9712/ «2»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ، قَالَ: الْأَئِمَّةُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ».
9713/ «3»- السَّيِّدُ الرَّضِيُّ: بِالْإِسْنَادِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، لَهُ إِبِلٌ «1» بِنَاحِيَةِ أَذْرِبَايْجَانَ، قَدِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ جُمْلَةً فَمَنَعَتْ جَانِبَهَا، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا قَدْ نَالَهُ وَ أَنَّهُ كَانَ مَعَاشُهُ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فاسْتَغِثِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا أَزَالُ أَدْعُوا وَ أَبْتَهِلُ إِلَيْهِ، فَكُلَّمَا قَرُبْتُ مِنْهَا حَمَلَتْ عَلَيَّ. قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ رُقْعَةً فِيهَا: مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرَدَةِ الْجِنِّ وَ الشَّيَاطِينِ أَنْ تُذَلِّلُوا هَذِهِ الْمَوَاشِيَ لَهُ. قَالَ: «فَأَخَذَ الرَّجُلُ الرُّقْعَةَ وَ مَضَى، فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً، فَلَقِيتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخْبَرْتُهُ مِمَّا كَانَ، فَقَالَ: «وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَعُودَنَّ بِالْخَيْبَةِ»، فَهَدَأَ مَا بِي، وَ طَالَتْ عَلَيَّ سَنَتِي، وَ جَعَلْتُ أَرْقُبُ كُلَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ، فَإِذَا أَنَا بِالرَّجُلِ قَدْ وَافَى وَ فِي جَبْهَتِهِ شَجَّةٌ تَكَادُ الْيَدُ تَدْخُلُ فِيهَا، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ بَادَرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقَالَ: «إِنِّي صِرْتُ إِلَى الْمَوْضِعِ، وَ رَمَيْتُ بِالرُّقْعَةِ، فَحَمَلَ عَلَيَّ عِدَادٌ مِنْهَا، فَهَالَنِي أَمْرُهَا، فَلَمْ تَكُنْ لِي قُوَّةٌ بِهَا، فَجَلَسْتُ فَرَمَحَنِي «2» أَحَدُهَا فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهَا، فَكُلُّهَا يَشُدُّ عَلَيَّ وَ يُرِيدُ قَتْلِي، فَانْصَرَفَتْ عَنِّي، فَسَقَطْتُ فَجَاءَ أَخٌ لِي فَحَمَلَنِي، وَ لَسْتُ أَعْقِلُ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَعَالَجُ حَتَّى صَلَحْتُ، وَ هَذَا الْأَثَرُ فِي وَجْهِي، فَجِئْتُ
__________________________________________________
(12)- مجمع البيان 9: 98.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 292.
(2)- تأويل الآيات 2: 574/ 2.
(3)- خصائص الأئمّة (عليهم السلام): 48.
(1) في «ج، ي» و المصدر: و له فلاء.
(2) رمحت الدابّة فلانا: رفسته. «أقرب الموارد- رمح- 1: 43».
17
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 30 الى 32 ص 17
لِأُعْلِمَهُ يَعْنِي عُمَرَ. فَقُلْتُ لَهُ: صِرْ إِلَيْهِ فَأَعْلِمْهُ.
فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ، وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَزَبَرَهُ، وَ قَالَ لَهُ: كَذَبْتَ لَمْ تَذْهَبْ بِكِتَابِي. قَالَ: فَحَلَفَ الرَّجُلُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَ حَقِّ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، لَقَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ حَمْلِ الْكِتَابِ، وَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ نَالَهُ مِنْهَا مَا يَرَى، قَالَ: فَزَبَرَهُ وَ أَخْرَجَهُ عَنْهُ.
فَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: «أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ»، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ، فَقَالَ لَهُ: «إِذَا انْصَرَفْتَ فَصِرْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ، وَ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ فَذَلِّلْ لِي صُعُوبَتَهَا وَ حُزَانَتَهَا «1»، وَ اكْفِنِي شَرَّهَا، فَإِنَّكَ الْكَافِي الْمُعَافِي الْغَالِبُ الْقَاهِرُ».
فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ رَاجِعاً، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ قَدِمَ الرَّجُلُ وَ مَعَهُ جُمْلَةٌ قَدْ حَمَلَهَا مِنَ أَثْمَانِهَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَصَارَ إِلَيْهِ وَ أَنَا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: «تُخْبِرُنِي أَوْ أُخْبِرُكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ تُخْبِرُنِي، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: «كَأَنَّكَ صِرْتَ إِلَيْهَا، فَجَاءَتْكَ وَ لَاذَتْ بِكَ خَاضِعَةً ذَلِيلَةً، فَأَخَذْتَ بِنَوَاصِيهَا وَاحِداً بَعْدَ آخَرَ» فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَأَنَّكَ كُنْتَ مَعِي، فَهَذَا كَانَ، فَتَفَضَّلْ بِقَبُولِ مَا جِئْتُكَ بِهِ فَقَالَ: «امْضِ رَاشِداً، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ»، فَبَلَغَ الْخَبَرُ عُمَرَ فَغَمَّهُ ذَلِكَ حَتَّى تَبَيَّنَ الْغَمُّ فِي وَجْهِهِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ كَانَ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ وَ لَقَدْ أَنْمَى اللَّهُ مَالَهُ.
قَالَ: وَ قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كُلُّ مَنِ اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ أَمْرِ فِرْعَوْنٍ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ فَلْيَبْتَهِلْ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يُكْفَى مِمَّا يَخَافُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
قوله تعالى:
أَ هُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ [37] تقدم حديث في قوم تبع، في قوله تعالى: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، من سورة البقرة «2»، و سيأتي في ذلك أيضا- إن شاء اللّه تعالى- في قوله تعالى: وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ، من سورة ق «3».
قوله تعالى:
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ* يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ*
__________________________________________________
(1) في «ج»: حرافتها.
(2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (89) من سورة البقرة.
(3) يأتي في الحديث (3) من تفسير الآيات (12- 14) من سورة ق.
18
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 40 الى 42 ص 18
إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [40- 42]
9714/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثِ أَبِي بَصِيرٍ- قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِأَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَ لَا أَتْبَاعِهِمْ مَا خَلَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتَهُ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، يَعْنِي بِذَلِكَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتَهُ».
9715/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: «قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ نَحْنُ فِي الطَّرِيقِ، فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ:
«اقْرَأْ فَإِنَّهَا لَيْلَةُ قُرْآنٍ» «1». فَقَرَأْتُ: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ* يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِي يُرْحَمُ «2»، وَ نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِي اسْتَثْنَى اللَّهُ، [وَ] لَكِنَّا نُغْنِي عَنْهُمْ».
9716/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ (رَحِمَهُ اللَّهُ): عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لِيَ:
«اقْرَأْ» فَقَرَأْتُ، ثُمَّ قَالَ: «اقْرَأْ» فَقَرَأْتُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا شَحَّامُ اقْرَأْ فَإِنَّهَا لَيْلَةُ قُرْآنٍ». فَقَرَأْتُ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ، قَالَ: «هُمْ» قَالَ: قُلْتُ: إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قَالَ: «نَحْنُ الْقَوْمُ الَّذِينَ رَحِمَ اللَّهُ، وَ نَحْنُ الْقَوْمُ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ، وَ إِنَّا وَ اللَّهِ نُغْنِي عَنْهُمْ».
9717/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قَالَ: «نَحْنُ أَهْلُ الرَّحْمَةِ».
9718/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ*
__________________________________________________
(1)- الكافي 8: 35/ 6.
(2)- الكافي 1: 350/ 56.
(3)- تأويل الآيات 2: 574/ 3.
(4)- تأويل الآيات 2: 574/ 4.
(5)- تأويل الآيات 2: 2: 575/ 5.
(1) في المصدر: ليلة الجمعة قرآنا.
(2) في المصدر: رحم اللّه.
19
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 40 الى 42 ص 18
إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قَالَ: «نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِينَ رَحِمَ اللَّهُ، وَ الَّذِينَ اسْتَثْنَى، وَ الَّذِينَ تُغْنِي وَلَايَتُنَا».
9719/ «6»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً، قال: «من والى غير أولياء اللّه لا يغني بعضهم عن بعض، ثمّ استثنى من والى آل محمد، فقال: «إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ.
قوله تعالى:
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ- إلى قوله تعالى- ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [43- 49] 9720/ «1»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعامُ الْأَثِيمِ، نزلت في أبي جهل بن هشام، قوله تعالى: كَالْمُهْلِ قال: «الصفر المذاب: يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ، و هو الذي قد حمي و بلغ المنتهى، ثمّ قال: «خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ، أي اضغطوه من كل جانب، ثمّ انزلوا به: إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ، ثمّ يصب عليه ذلك الحميم، ثمّ يقال له: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ. فلفظه خبر و معناه حكاية عمن يقول له ذلك، و ذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا العزيز الكريم، فيعير بذلك في الآخرة «1».
قوله تعالى:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ- إلى قوله تعالى- فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ [51- 59]
9721/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ أَقْبَلَ قِبَلَ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَقْبَلَ اللَّهُ قِبَلَ مَا يُحِبُّ، وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ عَصَمَهُ اللَّهُ، وَ مَنْ أَقْبَلَ اللَّهُ قِبَلَهُ وَ عَصَمَهُ لَمْ يُبَالِ لَوْ سَقَطَتِ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ كَانَتْ نَازِلَةٌ نَزَلَتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَشَمِلَتْهُمْ بَلِيَّةٌ كَانَ فِي حِزْبِ اللَّهِ بِالتَّقْوَى مِنْ كُلِّ بَلِيَّةٍ، أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ».
__________________________________________________
(6)- تفسير القمّيّ 2: 292.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 292.
(2)- الكافي 2: 53/ 4.
(1) في المصدر: النار.
20
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 51 الى 59 ص 20
9722/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ الْحَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَا سَعْدُ، تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا الْخَلْقُ، وَ النَّاسُ صُفُوفٌ عِشْرُونَ وَ مِائَةُ أَلْفِ صَفٍّ، ثَمَانُونَ أَلْفَ صَفٍّ امَّةُ مُحَمَّدٍ. وَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ صَفٍّ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ، فَيَأْتِي عَلَى صَفِّ الْمُسْلِمِينَ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، فَيُسَلِّمُ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، نَعْرِفُهُ بِنَعْتِهِ وَ صِفَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ أَشَدَّ اجْتِهَاداً مِنَّا فِي الْقُرْآنِ، فَمِنْ هُنَاكَ أُعْطِيَ مِنَ الْجَمَالِ وَ الْبَهَاءِ وَ النُّورِ مَا لَمْ نُعْطَهُ.
ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى صَفِّ الشُّهَدَاءِ فَيَنْظُرَ إِلَيْهِ الشُّهَدَاءُ. ثُمَّ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الرَّبُّ الرَّحِيمُ، إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَ الشُّهَدَاءِ، نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ شُهَدَاءِ الْبَحْرِ، فَمِنْ هُنَاكَ أُعْطِيَ مِنَ الْبَهَاءِ وَ الْفَضْلِ مَا لَمْ نُعْطَهُ».
قَالَ: «فَيُجَاوِزُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى صَفِّ شُهَدَاءِ الْبَحْرِ فِي صُورَةِ شَهِيدٍ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ شُهَدَاءُ الْبَحْرِ، فَيَكْثُرُ تَعَجُّبُهُمْ، وَ يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا مِنْ شُهَدَاءِ الْبَحْرِ، نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْجَزِيرَةَ الَّتِي أُصِيبَ فِيهَا كَانَتْ أَعْظَمَ هَوْلًا مِنَ الْجَزِيرَةِ الَّتِي أُصِبْنَا فِيهَا، فَمِنْ هُنَاكَ أُعْطِيَ مِنَ الْبَهَاءِ وَ الْجَمَالِ وَ النُّورِ مَا لَمْ نُعْطَهُ.
ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتَّى يَأْتِيَ صَفَّ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ فِي صِفَةِ «1» نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، فَيَنْظُرُ النَّبِيُّونَ وَ الْمُرْسَلُونَ إِلَيْهِ، فَيَشْتَدُّ لِذَلِكَ تَعَجُّبُهُمْ، وَ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ مُرْسَلٌ، نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ أُعْطِيَ فَضْلًا كَثِيراً». قَالَ: «فَيَجْتَمِعُونَ فَيَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَسْأَلُونَهُ وَ يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: أَ وَ مَا تَعْرِفُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: مَا نَعْرِفُهُ، هَذَا مِمَّنْ لَا يَغْضَبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): هَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ؛ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى صَفِّ الْمَلَائِكَةِ فِي صُورَةِ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، فَيَشْتَدُّ تَعَجُّبُهُمْ وَ يَكْبُرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، لَمَّا رَأَوْا مِنْ فَضْلِهِ، وَ يَقُولُونَ: تَعَالَى رَبُّنَا وَ تَقَدَّسَ، إِنَّ هَذَا الْعَبْدَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَقَاماً، فَمِنْ هُنَاكَ أُلْبِسَ مِنَ النُّورِ وَ الْجَمَالِ مَا لَمْ نُلْبَسْ.
ثُمَّ يَتَجَاوَزُ حَتَّى يَأْتِيَ «2» رَبَّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، فَيَخِرَّ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُنَادِيَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: يَا حُجَّتِي فِي الْأَرْضِ، وَ كَلَامِي الصَّادِقَ النَّاطِقَ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَ سَلْ تُعْطَ، وَ اشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:
كَيْفَ رَأَيْتَ عِبَادِي؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مِنْهُمْ مَنْ صَانَنِي، وَ حَافَظَ عَلَيَّ، وَ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئاً، وَ مِنْهُمْ مَنْ ضَيَّعَنِي وَ اسْتَخَفَّ بِحَقِّي، وَ كَذَّبَ بِي، وَ أَنَا حُجَّتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي، لَأُثِيبَنَّ عَلَيْكَ الْيَوْمَ أَحْسَنَ الثَّوَابِ، وَ لَأُعَاقِبَنَّ عَلَيْكَ الْيَوْمَ أَلِيمَ الْعِقَابِ».
قَالَ: «فَيَرْفَعُ الْقُرْآنُ رَأْسَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى». قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، فِي أَيِّ صُورَةٍ يَرْجِعُ؟ قَالَ: «فِي صُورَةِ رَجُلٍ شَاحِبٍ مُتَغَيِّرٍ، يُبْصِرُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ، فَيَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا الَّذِي كَانَ يَعْرِفُهُ، وَ يُجَادِلُ بِهِ أَهْلَ الْخِلَافِ، فَيَقُومُ
__________________________________________________
(2)- الكافي 2: 436/ 1.
(1) في المصدر: صورة.
(2) في المصدر: يجاوز حتّى ينتهي إلى.
21
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الدخان الآيات 51 الى 59 ص 20
بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ: مَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ. قَالَ: فَيَرْجِعُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ «1» فِي الْخَلْقِ الْأَوَّلِ: فَيَقُولُ: مَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ الْقُرْآنُ: أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَ أَنْصَبْتُ عَيْشَكَ وَ سَمِعْتَ الْأَذَي، وَ رُجِمْتَ بِالْقَوْلِ فِيَّ، أَلَا وَ إِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ قَدْ اسْتَوْفَى تِجَارَتِهِ، وَ أَنَا وَرَاءَكَ الْيَوْمَ».
قَالَ: «فَيَنْطَلِقُ بِهِ إِلَى رَبِّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، قَدْ كَانَ نَصِباً بِي، مُوَاظِباً عَلَيَّ، يُعَادِي بِسَبَبِي، وَ يُحِبُّ بِي وَ يُبْغِضُ. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَدْخِلُوا عَبْدِي جَنَّتِي، وَ اكْسُوهُ حُلَّةً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، وَ تَوِّجُوهُ بِتَاجِ الْكَرَامَةِ. فَإِذَا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ عُرِضَ عَلَى الْقُرْآنِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَضِيتَ بِمَا صُنِعَ بِوَلِيِّكَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنِّي أَسْتَقِلُّ هَذَا لَهُ، فَزِدْهُ مَزِيدَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، فَيَقُولُ: وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي «2» وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي، لَأَنْحَلَنَّ لَهُ الْيَوْمَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ، مَعَ الْمَزِيدِ لَهُ وَ لِمَنْ كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ: أَلَا إِنَّهُمْ شَبَابٌ لَا يَهْرَمُونَ، وَ أَصِحَّاءُ لَا يَسْقُمُونَ، وَ أَغْنِيَاءُ لَا يَفْتَقِرُونَ، وَ فَرِحُونَ لَا يَحْزَنُونَ، وَ أَحْيَاءٌ لَا يَمُوتُونَ؛ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى».
قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، هَلْ يَتَكَلَّمُ الْقُرْآنُ؟ فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ الضُّعَفَاءَ مِنْ شِيعَتِنَا، إِنَّهُمْ أَهْلُ تَسْلِيمٍ»، ثُمَّ قَالَ: «نَعَمْ- يَا سَعْدُ- وَ الصَّلَاةُ تَتَكَلَّمُ، وَ لَهَا صُورَةٌ وَ خَلْقٌ، تَأْمُرُ وَ تَنْهَى».
قَالَ سَعْدٌ: فَتَغَيَّرَ لِذَلِكَ لَوْنِي وَ قُلْتُ: هَذَا شَيْءٌ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ فِي النَّاسِ! فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
«وَ هَلِ النَّاسُ إِلَّا شِيعَتَنَا، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الصَّلَاةَ فَقَدْ أَنْكَرَ حَقَّنَا»، ثُمَّ قَالَ: «يَا سَعْدُ أُسْمِعُكَ كَلَامَ الْقُرْآنِ؟». قَالَ سَعْدٌ:
قُلْتُ: بَلَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ فَقَالَ: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ «3»، فَالنَّهْيُ كَلَامٌ، وَ الْفَحْشَاءُ وَ الْمُنْكَرُ رِجَالٌ وَ نَحْنُ ذِكْرُ اللَّهِ وَ نَحْنُ أَكْبَرُ».
9723/ «3»- علي بن إبراهيم: ثم وصف ما أعده للمتقين من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ* فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ إلى قوله تعالى: إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى يعني في الجنة غير الموتة التي في الدنيا، وَ وَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ إلى قوله تعالى: فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ، أي انتظر إنهم منتظرون.
9724/ «4»- علي بن إبراهيم: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ، قال: يريد ما يسر من نعمة الجنة و عذاب النار، يا محمد: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، يريد لكي يتعظ المشركون، فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ، تهديد من اللّه و وعيد، و انتظر إنهم منتظرون.
__________________________________________________
(3)- تفسير القمّيّ 2: 292.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 292.
(1) في المصدر: صورته التي كانت.
(2) في المصدر زيادة: و علوّي.
(3) العنكبوت 29: 45.
22
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية ص 23
سورة الجاثية
فضلها
9725/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْجَاثِيَةِ كَانَ ثَوَابُهَا أَنْ لَا يَرَى النَّارَ أَبَداً، وَ لَا يَسْمَعَ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَ لَا شَهِيقَهَا، وَ هُوَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
9726/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ سَكَّنَ اللَّهُ رَوْعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَ سُتِرَتْ عَوْرَتُهُ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنَ سَطْوَةِ كُلِّ جَبَّارٍ وَ سُلْطَانٍ، وَ كَانَ مُهَاباً مَحْبُوباً وَجِيهاً فِي عَيْنِ كُلِّ مَنْ يَرَاهُ مِنَ النَّاسِ، تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
9727/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنَ سَطْوَةِ كُلِّ شَيْطَانٍ وَ جَبَّارٍ، وَ كَانَ مُهَاباً مَحْبُوباً فِي عَيْنِ كُلِّ مَنْ رَآهُ مِنَ النَّاسِ».
9728/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَمَّامٍ، وَ لَيْسَ يُغْتَابُ عِنْدَ النَّاسِ أَبَداً، وَ إِذَا عُلِّقَتْ عَلَى الطِّفْلِ حِينَ يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، كَانَ مَحْفُوظاً وَ مَحْرُوساً بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
(1)- ثواب الأعمال: 114.
(2)- خواصّ القرآن:
(3)- خواص القرآن:
(4)- خواص القرآن: 50 «مخطوط».
23
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية الآيات 1 الى 5 ص 24
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* إِنَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [1- 5] 9729/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ و هي النجوم و الشمس و القمر، و في الأرض ما يخرج منها من أنواع النبات للناس و الدوابّ لآيات لقوم يعقلون.
9730/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، رَفَعَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «يَا هِشَامُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَشَّرَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ الْفَهْمِ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: فَبَشِّرْ عِبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «1».
يَا هِشَامُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَكْمَلَ لِلنَّاسِ الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ، وَ نَصَرَ النَّبِيِّينَ بِالْبَيَانِ، وَ دَلَّهُمْ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ بِالْأَدِلَّةِ، فَقَالَ: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ* إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «2».
يَا هِشَامُ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً، فَقَالَ: وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 293.
(2)- الكافي 1: 10/ 12.
(1) الزمر 39: 17، 18.
(2) البقرة 2: 163، 164.
24
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية الآيات 1 الى 5 ص 24
وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «1». وَ قَالَ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «2». وَ قَالَ: (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) «3».
9731/ «3»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، أي يجيء من كل جانب و ربما كانت حارة، و ربما كانت باردة، و منها ما يثير «4» السحاب، و منها ما يبسط الرزق في الأرض «5»، و منها ما يلقح الشجر.
9732/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ:
الشَّمَالِ، وَ الْجَنُوبِ، وَ الصَّبَا، وَ الدَّبُورِ، وَ قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ أَنَّ الشَّمَالَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْجَنُوبَ مِنَ النَّارِ؟
فَقَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُنُوداً مِنْ رِيَاحٍ، يُعَذِّبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ عَصَاهُ، فَلِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ يُعَذِّبَ قَوْماً بِنَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ أَوْحَى إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الرِّيحِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا- قَالَ- فَيَأْمُرُهَا الْمَلَكُ فَتَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ- قَالَ- وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا اسْمٌ، أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ «6»، وَ قَالَ: الرِّيحَ الْعَقِيمَ «7»، وَ قَالَ: رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ «8»، وَ قَالَ: فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ «9»؟ وَ مَا ذَكَرَ مِنَ الرِّيَاحِ الَّتِي يُعَذِّبُ اللَّهُ بِهَا مَنْ عَصَاهُ».
قَالَ: «وَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ رِيَاحُ رَحْمَةٍ لَوَاقِحُ وَ غَيْرُ ذَلِكَ، يَنْشُرُهَا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، مِنْهَا مَا يُهَيِّجُ السَّحَابَ لِلْمَطَرِ، وَ مِنْهَا رِيَاحٌ تَحْبِسُ السَّحَابَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، وَ رِيَاحٌ تَعْصِرُ السَّحَابَ فَتُمْطِرُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَ مِنْهَا مَا «10» عَدَّدَ اللَّهُ فِي
__________________________________________________
(3)- تفسير القمّيّ 2: 293.
(4)- الكافي 8: 91/ 63.
(1) النحل 16: 12.
(2) غافر 40: 67.
(3) كذا، و هي مأخوذة من سورة الجاثية 45: 5، و التحريف من الرواة أو النسّاخ.
(4) في المصدر: يسير.
(5) في «ط، ي» يبسط في السماء.
(6) القمر 54: 18، 19.
(7) الذاريات 51: 41.
(8) الأحقاف 46: 24.
(9) البقرة 2: 266.
(10) في المصدر: و منها رياح ممّا.
25
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية الآيات 1 الى 5 ص 24
الْكِتَابِ، فَأَمَّا الرِّيَاحُ الْأَرْبَعُ: الشَّمَالُ، وَ الْجَنُوبُ، وَ الصَّبَا، وَ الدَّبُورُ، فَإِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ تَهُبَّ شَمَالًا، أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الشَّمَالُ، فَيَهْبِطُ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الشَّمَالِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنَ الْبِرِّ وَ الْبَحْرِ، وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ تَبْعَثَ جَنُوباً، أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الْجَنُوبُ، فَيَهْبِطُ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الْجَنُوبِ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ، وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ دَبُوراً، أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الدَّبُورُ، فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الدَّبُورِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ: رِيحُ الشَّمَالِ، وَ رِيحُ الْجَنُوبِ، وَ رِيحُ الدَّبُورِ، وَ رِيحُ الصَّبَا؟ إِنَّمَا تُضَافُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا».
9733/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَعْمَشُ «1»، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ الْأَزْهَرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مُتَلَثِّماً أَسْمَرُ شَدِيدُ السُّمْرَةِ، فَسَلَّمَ فَرَدَّ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَسْأَلَةٌ؟ فَقَالَ: «هَاتِ». فَقَالَ: كَمْ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَ الْيَقِينِ؟ قَالَ: «أَرْبَعُ أَصَابِعَ»، قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ مَا سَمِعْنَاهُ، وَ الْيَقِينُ مَا رَأَيْنَاهُ، وَ بَيْنَ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ».
قوله تعالى:
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ- إلى قوله تعالى- وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [7- 13] 9734/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، أي كذاب: يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً، أي يصر على أنّه كذب، و يستكبر على نفسه، كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها، و قوله تعالى:
وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً يعني إذا رأى فوضع العلم مكان الرؤية، و قوله تعالى: هذا هُدىً يعني القرآن هو تبيان، قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ، قال: الشدة و السوء،
__________________________________________________
(5)- كفاية الأثر: 232.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 293.
(1) الظاهر: أبو حفص الأعشى. انظر تهذيب الكمال 21: 607.
26
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية الآيات 7 الى 13 ص 26
ثم قال: اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ، أي السفن فِيهِ بِأَمْرِهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، ثم قال: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ، يعني ما في السماوات من الشمس و القمر و النجوم و المطر.
9735/ «1»- محمّد بن الحسن الصفار: عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن أبي الصامت، عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ، قال: «أجبرهم «1» بطاعتهم».
قال مؤلف الكتاب: هذا متن الحديث في نسختين عندي من (بصائر الدرجات)، و ذكر الحديث مصنفه الصفار في باب نادر بعد باب ما خص اللّه به الأئمة من آل محمد (صلّى اللّه عليه و آله) من ولاية أولي العزم لهم في الميثاق، و بالجملة الحديث في أبواب الولاية لآل محمد (صلّى اللّه عليه و آله).
قوله تعالى:
قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [14] 9736/ «2»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، قال: يقول لأئمة الحق: لا تدعوا على أئمة الجور حتّى يكون اللّه الذي يعاقبهم، في قوله تعالى: لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ
9737/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ رُشَيْدٍ، عَنْ دَاوُدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ لِلَّذِينَ مَنَنَّا عَلَيْهِمْ بِمَعْرِفَتِنَا أَنْ يُعَرِّفُوا الَّذِينَ «2» لَا يَعْلَمُونَ، فَإِذَا عَرَّفُوهُمْ فَقَدْ غَفَرُوا لَهُمْ».
9738/ «4»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ أَنَّ الْإِمَامَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ غُلَاماً لَهُ،
__________________________________________________
(1)- بصائر الدرجات: 89/ 1.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 293.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 294.
(4)- تأويل الآيات 2: 575/ 2.
(1) في «ي»: أخبرهم.
(2) في المصدر: أن يغفروا للذين.
27
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية آية 14 ص 27
فَقَرَأَ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، وَ وَضَعَ السَّوْطَ مِنْ يَدِهِ، فَبَكَى الْغُلَامُ، فَقَالَ لَهُ:
«مَا يُبْكِيكَ»؟ قَالَ: وَ إِنِّي عِنْدَكَ- يَا مَوْلَايَ- مِمَّنْ لَا يَرْجُو أَيَّامَ اللَّهِ»؟ فَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مِمَّنْ يَرْجُو أَيَّامَ اللَّهِ»؟ قَالَ: نَعَمْ يَا مَوْلَايَ. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا أُحِبُّ أَنْ أَمْلِكَ مَنْ يَرْجُو أَيَّامَ اللَّهِ، قُمْ فَأْتِ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ خَطِيئَتَهُ يَوْمَ الدِّينِ؛ وَ أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى».
9739/ «1»- قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «أَيَّامُ اللَّهِ الْمَرْجُوَّةُ ثَلَاثَةٌ: يَوْمُ قِيَامِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ يَوْمُ الْكَرَّةِ، وَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ».
قوله تعالى:
مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [15] 9740/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني ابن سعيد، قال: حدّثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ، يريد المؤمنين: وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها، يريد المنافقين و المشركين: ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ، يريد إليه تصيرون
قوله تعالى:
ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها- إلى قوله تعالى- لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [18- 19] 9741/ «3»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، فهذا تأديب لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و المعنى لامته.
__________________________________________________
(1)- تأويل الآيات 2: 576/ 3.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 294.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 294.
28
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية الآيات 21 الى 24 ص 29
قوله تعالى:
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ- إلى قوله تعالى- إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [21- 24] 9742/ «1»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا عليّ بن عبيد، عن حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ، الآية، قال: الذين آمنوا و عملوا الصالحات: بنو هاشم و بنو عبد المطلب، و الذين اجترحوا السيئات:
بنو عبد شمس.
9743/ «2»- و عنه، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمّد ابن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ، الآية، قال: إن هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) و حمزة بن عبد المطلب، و عبيدة بن الحارث، هم الذين آمنوا، و في ثلاثة من المشركين عتبة، و شيبة ابني ربيعة، و الوليد بن عتبة، و هم الذين اجترحوا السيئات.
9744/ «3»- و من طريق المخالفين: عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، علي و حمزة و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة: أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ، هؤلاء علي و أصحابه كَالْفُجَّارِ «1» عتبة و أصحابه، و قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، فالذين آمنوا: بنو هاشم، و بنو عبد المطلب، و الذين اجترحوا السيئات: بنو عبد شمس.
9745/ «4»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ، إلى قوله تعالى: ساءَ ما يَحْكُمُونَ* وَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ، فإنه محكم.
قال: قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، نزلت في قريش، كلما هووا شيئا عبدوه وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ، أي عذبه على علم منه فيما ارتكبوا من أمير المؤمنين (عليه السلام)، و جرى ذلك بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فيما فعلوه بعده بأهوائهم و آرائهم، و أزالوا الخلافة و الإمامة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أخذ الميثاق عليهم مرتين لأمير المؤمنين (عليه السلام).
__________________________________________________
(1)- تأويل الآيات 2: 576/ 5.
(2)- تأويل الآيات 2: 577/ 6.
(3)- تحفة الأبرار: 115 «مخطوط».
(4)- تفسير القمّيّ 2: 294.
(1) سورة ص 38: 28.
29
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية الآيات 21 الى 24 ص 29
9746/ «5»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، نزلت في قريش، و جرت بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في أصحابه «1» الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و اتخذوا إماما بأهوائهم، و الدليل على ذلك قوله تعالى: وَ مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ «2»، قال: من زعم أنّه إمام و ليس هو بإمام، فمن اتخذ إماما ففضله على علي (عليه السلام)، ثمّ عطف على الدهرية الذين قالوا: لا نحيا بعد الموت، فقال: وَ قالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ، و هذا مقدم و مؤخر، لأن الدهرية لم يقروا بالبعث و النشور بعد الموت، و إنّما قالوا: نحيا و نموت و ما يهلكنا إلّا الدهر؛ إلى قوله تعالى: يَظُنُّونَ، فهذا ظنّ شك، و نزلت هذه الآية في الدهرية و جرت في الذين فعلوا ما فعلوا بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بأمير المؤمنين و أهل بيته (عليهم السلام)، و إنّما كان أيمانهم إقرارا بلا تصديق فرقا «3» من السيف، و رغبة في المال.
قوله تعالى:
وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا- إلى قوله تعالى- هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [25- 29] 9747/ «1»- ثم حكى اللّه عزّ و جلّ قول الدهرية، فقال: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، أي إنكم تبعثون بعد الموت، فقال اللّه تعالى: قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
و قوله تعالى: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، قال: إلى ما يجب عليهم من أعمالهم، ثم قال: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، الآيتان محكمتان.
9748/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قَالَ: «إِنَّ الْكِتَابَ لَمْ يَنْطِقْ وَ لَنْ يَنْطِقَ، وَ لَكِنَ
__________________________________________________
(5)- تفسير القمّيّ 2: 294.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 295.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 295.
(1) (أصحابه) ليس في المصدر.
(2) الأنبياء 21: 29.
(3) في المصدر: خوفا.
30
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية الآيات 25 الى 29 ص 30
رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هُوَ النَّاطِقُ بِالْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ». فَقُلْتُ: إِنَّا لَا نَقْرَأُهَا هَكَذَا «1». فَقَالَ: «هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَكِنَّهُ مِمَّا حُرِّفَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
9749/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ الْمِصْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّ الْكِتَابَ لَمْ يَنْطِقْ وَ لَنْ يَنْطِقَ، وَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هُوَ النَّاطِقُ بِالْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ». قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا لَا نَقْرَأُهَا هَكَذَا، قَالَ: «هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ لَكِنَّهُ مِمَّا حُرِّفَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
9750/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ تَعَالَى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قَالَ: «إِنَّ الْكِتَابَ لَا يَنْطِقُ، وَ لَكِنْ مُحَمَّدٌ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، هُمُ النَّاطِقُونَ بِالْكِتَابِ».
قوله تعالى:
إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [29]
9751/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ: أَ يَعْلَمُ اللَّهُ الشَّيْءَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ؟
فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْعَالِمُ بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ كَوْنِ الْأَشْيَاءِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَ قَالَ لِأَهْلِ النَّارِ: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «2»، فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُمْ «3» لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ، وَ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ لَمَّا قَالَتْ: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ «4»، فَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْمَهُ سَابِقاً لِلْأَشْيَاءِ قَدِيماً قَبْلَ أَنْ
__________________________________________________
(3)- الكافي 8: 50/ 11.
(4)- تأويل الآيات 2: 577/ 7.
(1)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 118/ 8.
(1) قال المجلسي: الظاهر أنّه قرأ (ينطق) على البناء للمفعول. مرآة العقول 25: 108. و في المصدر: هذا بكتابنا ينطق.
(2) الأنعام 6: 28.
(3) في المصدر: لو ردّوهم.
(4) البقرة 2: 30.
31
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الجاثية الآيات 25 الى 29 ص 30
يَخْلُقَهَا، تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّنَا وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً، خَلَقَ الْأَشْيَاءَ وَ عِلْمُهُ بِهَا سَابِقٌ لَهَا كَمَا شَاءَ، كَذَلِكَ اللَّهُ لَمْ يَزَلْ رَبّاً عَالِماً سَمِيعاً بَصِيراً».
9752/ «2»- رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ فِي قَلْبِهِ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فِي صَحِيفَةٍ، ثُمَّ يُعَارِضُ الْمَلَائِكَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُرِيهِمُ اللَّهُ ذِكْرَ عَبْدِهِ لَهُ بِقَلْبِهِ، فَيَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: رَبَّنَا عَمَلُ هَذَا الْعَبْدِ قَدْ أَحْصَيْنَاهُ، أَمَّا هَذَا الْعَمَلُ فَمَا نَعْرِفُهُ. فَيَقُولُ الرَّبُّ: إِنَّ عَبْدِي قَدْ ذَكَرَنِي بِقَلْبِهِ فَأَثْبَتُّهُ فِي صَحِيفَتِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».
قوله تعالى:
وَ قِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [34- 37] 9753/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ، أي نترككم، فهذا النسيان هو «1» الترك كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَ مَأْواكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ* ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً، و هم الأئمة (عليهم السلام)، أي كذبتموهم و استهزأتم بهم فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها، يعني من النار وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ، يعني لا يجابون «2»، و لا يقبلهم اللّه فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَ رَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ* وَ لَهُ الْكِبْرِياءُ يعني القدرة فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
__________________________________________________
(2)- ..........
(1)- تفسير القمّيّ 2: 295.
(1) في المصدر: فهذا نسيان.
(2) في المصدر: أي لا يجاوبون.
32
البرهان في تفسير القرآن5
المستدرك سورة الجاثية ص 33
المستدرك (سورة الجاثية)
قوله تعالى:
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آياتِهِ يُؤْمِنُونَ [6]
«1»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: سَأَلَنِي أَبُو قُرَّةَ الْمُحَدِّثُ صَاحِبُ شُبْرُمَةَ أَنْ أُدْخِلَهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- إِلَى أَنْ قَالَ- وَ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَسْرَى بِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ لِمَ أَسْرَى بِهِ، فَقَالَ: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا «1»، فَآيَاتُ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ، فَقَدْ أَعْذَرَ وَ بَيَّنَ لِمَ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، وَ مَا رَآهُ وَ قَالَ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آياتِهِ يُؤْمِنُونَ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ غَيْرُ اللَّهِ.
__________________________________________________
(1)- الإحتجاج 2: 405.
(1) الإسراء 17: 1.
33
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف ص 35
سورة الأحقاف
فضلها
9754/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ كُلَّ يَوْمٍ «1» أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ سُورَةَ الْأَحْقَافِ، لَمْ يُصِبْهُ اللَّهُ بِرَوْعَةٍ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَ آمَنَهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
9755/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كُتِبَتْ لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ كُلِّ رَجُلٍ مَشَتْ عَلَى الْأَرْضِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ مُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَ رُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى طِفْلٍ، أَوْ مَا يَرْضَعُ، أَوْ سَقَاهُ مَاءَهَا، كَانَ قَوِيّاً فِي جِسْمِهِ، سَالِماً مِمَّا يُصِيبُ الْأَطْفَالَ مِنَ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا، قَرِيرَ الْعَيْنِ فِي مَهْدِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَ مَنِّهِ عَلَيْهِ».
9756/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى طِفْلٍ، أَوْ كَتَبَهَا وَ سَقَاهُ مَاءَهَا، كَانَ قَوِيّاً فِي جِسْمِهِ، سَالِماً مُسَلَّماً صَحِيحاً مِمَّا يُصِيبُ الْأَطْفَالَ كُلِّهَا، قَرِيرَ الْعَيْنِ فِي مَهْدِهِ».
9757/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا فِي صَحِيفَةٍ وَ غَسَلَهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَ شَرِبَهَا كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مَحْبُوباً، وَ كَلِمَتُهُ مَسْمُوعَةٌ، وَ لَا يَسْمَعُ شَيْئاً إِلَّا وَعَاهُ، وَ تَصْلُحُ لِجَمِيعِ الْأَغْرَاضِ، تُكْتَبُ وَ تُمْحَى وَ تُغْسَلُ بِهَا الْأَمْرَاضُ، يُسَكَّنُ بِهَا الْمَرَضُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
(1)- ثواب الأعمال: 114.
(2)- ....
(3)- ....
(4)- خواصّ القرآن: 51 «مخطوط».
(1) في المصدر: كلّ ليلة.
35
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف الآيات 1 الى 4 ص 36
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حَم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [1- 3] 9758/ «1»- علي بن إبراهيم: يعني قريشا عما دعاهم إليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و هو معطوف على قوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ، إلى قوله تعالى: عادٍ وَ ثَمُودَ «1»، ثمّ احتج اللّه عليهم، فقال: قُلْ لهم يا محمد: أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، يعني الأصنام التي كانوا يعبدونها أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ، إلى قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
9759/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، قَالَ: «عُنِيَ بِالْكِتَابِ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِيلُ، وَ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، فَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ عِلْمُ أَوْصِيَاءِ الْأَنْبِيَاءِ «2» (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 296.
(2)- الكافي 1: 353/ 72.
(1) فصّلت 41: 13.
(2) في «ط، ي»: علم الأنبياء و الأوصياء.
36
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف الآيات 1 الى 4 ص 36
9760/ «1»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِجَازِيِّ «1»، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، قَالَ: يَعْنِي بِذَلِكَ عِلْمَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ».
قوله تعالى:
وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [5- 8] 9761/ «2»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إلى قوله تعالى: بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ، قال: من عبد الشمس و القمر و الكواكب و البهائم و الشجر و الحجر، إذا حشر الناس كانت هذه الأشياء له أعداء، و كانوا بعبادتهم كافرين.
قال: قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ يا محمد افْتَراهُ يعني القرآن، وضعه من عنده فقل لهم: إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، إن أثابني أو عاقبني على ذلك هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ، أي تكذبون كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
قوله تعالى:
قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ- إلى قوله تعالى- وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [9]
9762/ «3»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ: «قَدْ كَانَ الشَّيْءُ يُنْزَلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَيُعْمَلُ بِهِ زَمَاناً، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِغَيْرِهِ فَيَأْمُرُ بِهِ أَصْحَابَهُ وَ أُمَّتَهُ، قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَأْمُرُنَا بِالشَّيْءِ
__________________________________________________
(1)- مختصر بصائر الدرجات: 64.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 296.
(3)- المحاسن: 299/ 1.
(1) في المصدر: الحجال.
37
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 9 ص 37
حَتَّى إِذَا اعْتَدْنَاهُ وَ جَرَيْنَا عَلَيْهِ، أَمَرْتَنَا بِغَيْرِهِ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ».
9763/ «1»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ مَرْفُوعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالا: « [لَمَّا] نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ، يَعْنِي فِي حُرُوبِهِ، قَالَتْ قُرَيْشٌ:
فَعَلَى مَا نَتَّبِعُهُ، وَ هُوَ لَا يَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِهِ وَ لَا بِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً». وَ قَالا: «قَوْلُهُ تَعَالَى:
إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ فِي عَلِيٍّ، هَكَذَا نَزَلَتْ».
9764/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: قُلْ لهم يا محمد: ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ، أي لم أكن واحدا من الرسل، فقد كان قبلي أنبياء كثيرة.
قوله تعالى:
قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ كَفَرْتُمْ بِهِ- إلى قوله تعالى- عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ [10] 9765/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: قل إن كان القرآن من عند اللّه وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ، قال: الشاهد: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل عليه في سورة هود: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «1»، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام).
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [13] 9766/ «4»- علي بن إبراهيم، قال: استقاموا على ولاية عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام).
__________________________________________________
(1)- تأويل الآيات 2: 578/ 2.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 296.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 297.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 297.
(1) هود 11: 17.
38
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 15 ص 39
قوله تعالى:
وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً- إلى قوله تعالى- مِنَ الْمُسْلِمِينَ [15]
9767/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، جَاءَ جَبْرَئِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ سَتَلِدُ غُلَاماً تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَلَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) كَرِهَتْ حَمْلَهُ، وَ حِينَ وَضَعَتْهُ كَرِهَتْ وَضْعَهُ». ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمْ تُرَ فِي الدُّنْيَا أُمٌّ تَلِدُ غُلَاماً تَكْرَهُهُ، لَكِنَّهَا كَرِهَتْهُ لِمَا عَلِمَتْ بِأَنَّهُ سَيُقْتَلُ، وَ فِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:
وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».
9768/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الزَّيَّاتِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِمَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَ عَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى السَّمَاءِ «1»، ثُمَّ هَبَطَ وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَ عَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ هَبَطَ وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يُبَشِّرُكَ بِأَنَّهُ جَاعِلٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَصِيَّةَ، فَقَالَ: قَدْ رَضِيتُ.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُنِي بِمَوْلُودٍ يُولَدُ لَكِ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا: أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَايَةَ وَ الْوَصِيَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: انِّي قَدْ رَضِيتُ، فَحَمَلَتْهُ: كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فَلَوْ أَنَّهُ قَالَ: أَصْلِحْ لِي ذُرِّيَّتِي، لَكَانَ «2» ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً.
__________________________________________________
(1)- الكافي 1: 386/ 3.
(2)- الكافي 1: 386/ 4.
(1) (جبرئيل (عليه السّلام) إلى السماء) ليس في المصدر.
(2) في المصدر: فلولا أنّه قال: أصلح لي في ذرّيتي لكانت.
39
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 15 ص 39
وَ لَمْ يَرْضَعِ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ لَا مِنْ أُنْثَى، كَانَ يُؤْتَى بِهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَضَعُ إِبْهَامَهُ فِي فِيهِ، فَيَمَصُّ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ الْيَوْمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ، فَنَبَتَ لَحْمُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ دَمُهُ «1» مِنْ دَمِهِ، وَ لَمْ يُولَدْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
9769/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ «2» (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ بُهْلُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، مِنْ أَيْنَ جَاءَ لِوُلْدِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْفَضْلُ عَلَى وُلْدِ الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُمَا يَجْرِيَانِ فِي شَرْعٍ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ: «لَا أَرَاكُمْ تَأْخُذُونَ بِهِ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَا وُلِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدُ، فَقَالَ لَهُ: يُولَدُ لَكَ غُلَامٌ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، فَخَاطَبَهُ ثَلَاثاً، ثُمَّ دَعَا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ: إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يُخْبِرُنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ يُولَدُ لَكَ غُلَامٌ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَخَاطَبَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثَلَاثاً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ يَكُونُ فِيهِ وَ فِي وُلْدِهِ الْإِمَامَةُ وَ الْوِرَاثَةُ وَ الْخِزَانَةُ.
فَأَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): لَيْسَ لِي فِيهِ يَا أَبَتِ حَاجَةٌ. فَخَاطَبَهَا ثَلَاثاً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْإِمَامَةُ وَ الْوِرَاثَةُ وَ الْخِزَانَةُ، فَقَالَتْ: رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَعَلِقَتْ وَ حَمَلَتْ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَحَمَلَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ وَضَعَتْ.
وَ لَمْ «3» يُولَدْ مَوْلُودٌ قَطُّ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ غَيْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ)، فَكَفَلَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَأْتِيهِ كُلِّ يَوْمٍ فَيَضَعُ لِسَانَهُ فِي فَمِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَيَمَصُّهُ حَتَّى يَرْوَى، فَأَنْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَحْمَهُ مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَمْ يَرْضَعْ مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ لَا مِنْ غَيْرِهَا لَبَناً قَطُّ.
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيهِ: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فَلَوْ قَالَ: أَصْلِحْ ذُرِّيَّتِي، كَانُوا كُلُّهُمْ أَئِمَّةً، لَكِنْ خَصَّ هَكَذَا».
9770/ «4»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْننِ وَهْبَانَ الْهُنَائِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ
__________________________________________________
(3)- علل الشرائع: 205/ 3.
(4)- الأمالي 2: 274.
(1) (من دمه) ليس في «ج» و المصدر.
(2) في المصدر: أحمد بن الحسن.
(3) في المصدر: وضعته و لم يعش.
40
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 15 ص 39
مُحَمَّندِ بْننِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «حُمِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ أُرْضِعَ سَنَتَيْنِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».
9771/ «5»- أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ، فِي (كَامِلِ الزِّيَارَاتِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) جَاءَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ سَتَلِدُ وَلَداً تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَلَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَرِهَتْ حَمْلَهُ، وَ حِينَ وَضَعَتْهُ كَرِهَتْ وَضْعَهُ». ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هَلْ فِي الدُّنْيَا «1» أُمٌّ تَلِدُ غُلَاماً فَتَكْرَهُهُ؟! وَ لَكِنَّهَا كَرِهَتْهُ لِأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُقْتَلُ» قَالَ: «وَ فِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».
9772/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَخِيهِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «أَتَى جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، أَ لَا أُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. قَالَ:
فَانْتَهَضَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. [فَانْعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ انْقَضَّ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.] فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ جَاعِلٌ الْوَصِيَّةَ فِي عَقِبِهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَدَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَتَانِي فَبَشَّرَنِي بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَقَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ رَبِّي جَاعِلٌ الْوَصِيَّةَ فِي عَقِبِهِ. فَقَالَ: نَعَمْ إِذَنْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَكَ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةَ فِيهِ: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً، لِمَوْضِعِ إِعْلَامِ جَبْرَئِيلَ إِيَّاهَا بِقَتْلِهِ فَحَمَلَتْهُ كُرْهاً بِأَنَّهُ مَقْتُولٌ، وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ».
9773/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الزَّيَّاتِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَ يُبَشِّرُكَ بِمَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَ عَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي». قَالَ: «فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ هَبَطَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَ عَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ هَبَطَ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَ
__________________________________________________
(5)- كامل الزيارات: 55/ 2.
(6)- كامل الزيارات: 56/ 3.
(7)- كامل الزيارات: 56/ 4.
(1) في المصدر: هل رأيتم في الدنيا أمّا.
41
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 15 ص 39
رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يُبَشِّرُكَ أَنَّهُ جَاعِلٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَايَةَ وَ الْوِصَايَةَ «1»، فَقَالَ: «قَدْ رَضِيتُ.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُنِي بِمَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْكِ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: أَنْ لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلِدِ يُولَدُ مِنِّي تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا: انَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَاعِلٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَايَةَ وَ الْوِصَايَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ رَضِيتُ. فَحَمَلَتْهُ: كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فَلَوْ أَنَّهُ قَالَ: أَصْلِحْ لِي ذُرِّيَّتِي لَكَانَتْ ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً.
وَ لَمْ يَرْضَعِ الْحُسَيْنُ مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَ لَا مِنْ أُنْثَى، وَ لَكِنَّهُ كَانَ يُؤْتَى بِهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَضَعُ إِبْهَامَهُ فِي فِيهِ، فَيَمَصُّ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ الْيَوْمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ. فَنَبَتَ لَحْمُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ دَمُهُ مِنْ دَمِهِ، وَ لَمْ يُولَدْ مَوْلُودٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)».
وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الزَّيَّاتِ، مِثْلَهُ.
9774/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: «حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُ يُولَدُ لَكَ مَوْلُودٌ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ:
يَا جَبْرَئِيلُ، لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ مِنْهُ الْأَئِمَّةَ وَ الْأَوْصِيَاءَ».
قَالَ: «وَ جَاءَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهَا: إِنَّكِ تَلِدِينَ وَلَداً تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. فَخَاطَبَهَا ثَلَاثاً، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ مِنْهُ الْأَئِمَّةَ وَ الْأَوْصِيَاءَ، فَقَالَتْ: نَعَمْ يَا أَبَتِ، فَحَمَلَتْ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَحَفِظَهَا اللَّهُ وَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ إِبْلِيسَ، فَوَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَ لَمْ يُسْمَعْ بِمَوْلُودٍ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا الْحُسَيْنُ وَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَلَمَّا وَضَعَتْهُ وَضَعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِسَانَهُ فِي فَمِهِ «2» فَمَصَّهُ، وَ لَمْ يَرْضَعِ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ أُنْثَى حَتَّى نَبَتَ لَحْمُهُ وَ دَمُهُ مِنْ رِيقِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».
9775/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَصْرِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْمِقْيَسِ «3» بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ [قَالَ]: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَرْسَلَهُ فِي جَيْشٍ، فَغَابَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَدِمَ وَ كَانَ مَعَ أَهْلِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ،
__________________________________________________
(8)- تأويل الآيات 2: 578/ 3.
(9)- تأويل الآيات 2: 581/ 6.
(1) في المصدر: الوصية، و كذا التي بعدها.
(2) في «ج» و المصدر: فيه.
(3) في «ط»: نسخة بدل، و المصدر: المقتبس.
42
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 15 ص 39
فَعَلِقَتْ مِنْهُ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَنْكَرَهُ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى عُمَرَ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْتُ فِي الْبَعْثِ الَّذِي وَجَّهْتَنِي فِيهِ، وَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدِمْتُ مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَ كُنْتُ مَعَ أَهْلِي، وَ قَدْ جَاءَتْ بِغُلَامٍ وَ هُوَ ذَا، وَ تَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: مَا تَقُولِينَ، أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَتْ: وَ اللَّهِ مَا غَشِيَنِي رَجُلٌ غَيْرُهُ، وَ مَا فَجَرْتُ، وَ إِنَّهُ لَابْنُهُ. وَ كَانَ اسْمُ الرَّجُلِ الْهَيْثَمَ، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: أَ حَقٌّ مَا يَقُولُ زَوْجُكِ؟ قَالَتْ: صَدَقَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ، فَحَفَرَ لَهَا حَفِيرَةً، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِيهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَجَاءَ مُسْرِعاً، حَتَّى أَدْرَكَهَا، وَ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَسَلَّهَا مِنَ الْحَفِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: «ارْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ «1»، إِنَّهَا قَدْ صَدَقَتْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً، وَ قَالَ فِي الرَّضَاعِ: وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ «2» فَالْحَمْلُ وَ الرَّضَاعُ ثَلَاثُونَ شَهْراً، وَ هَذَا الْحُسَيْنُ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ» فَعِنْدَهَا قَالَ عُمَرُ: لَوْ لَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ.
9776/ «10»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَحْمَدَ وَ مُحَمَّدٍ ابْنَيِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سَأَلَهُ أَبِي وَ أَنَا حَاضِرٌ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ قَالَ: «الِاحْتِلَامُ فَقَالَ: «يَحْتَلِمُ فِي سِتَّ عَشْرَةَ وَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ نَحْوِهَا»
قوله تعالى:
وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ [17- 18] 9777/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَ قَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي، الآية قال: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر.
9778/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ، بِإِسْنَادٍ رَفَعَهُ إِلَى جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتْبَعَ جَلَّ ذِكْرُهُ مَدْحَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) بِذَمِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ، فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا جَابِرُ، وَ اللَّهِ لَوْ سَبَقَتِ الدَّعْوَةُ مِنَ الْحُسَيْنِ: وَ أَصْلِحْ لِي ذُرِّيَّتِي، كَانُوا ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً طَاهِرِينَ وَ لَكِنْ سَبَقَتِ الدَّعْوَةُ:
__________________________________________________
(10)- التهذيب 9: 182/ 6.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 297.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 297.
(1) أي تمكث و انتظر.
(2) البقرة 2: 233.
43
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف الآيات 17 الى 18 ص 43
وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي «1»، فَمِنْهُمُ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَاحِداً فَوَاحِداً، ثَبَّتَ اللَّهُ بِهِمْ حُجَّتَهُ».
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: أَ تَرَى إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لَمَّا عَرَضَ عَلَيْهِ جَابِرٌ الْحَدِيثَ، كَيْفَ انْتَقَلَ إِلَى ذِكْرِ مَا فِي الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، بَلْ أَعْرَضَ عَنْهُ إِلَى ذِكْرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
9779/ «3»- و في (كشف البيان): الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، و قيل: في أبيه قبل إسلامه.
9780/ «4»- الطبرسيّ في (مجمع البيان): قيل: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر «2»؛ عن ابن عبّاس، و أبي العالية، و السدي، و مجاهد.
قال: «و قيل: الآية عامة في كل كافر عاق لوالديه؛ عن الحسن و قتادة و الزجاج، قالوا: و يدلّ عليه أنّه قال عقيبها: أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ.
قوله تعالى:
وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [20] 9781/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها قال: أكلتم و شربتم و لبستم و ركبتم، و هي في بني فلان: فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ، قَالَ: الْعَطَشَ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ.
9782/ «2»- الْمُفِيدُ فِي (أَمَالِيهِ): قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَمِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أُتِيَ بِخَبِيصٍ «3»، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، فَقَالُوا لَهُ: أَ تُحَرِّمُهُ؟ قَالَ: لَا، وَ لَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَتُوقَ إِلَيْهِ نَفْسِي فَأَطْلُبَهُ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها.
__________________________________________________
(3)- نهج البيان 3: 264 «مخطوط».
(4)- مجمع البيان 9: 132.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 298.
(2)- أمالي المفيد: 134/ 2.
(1) الأحقاف 46: 15.
(2) في المصدر زيادة: قال له أبواه أسلم و ألحّا عليه، فقال: أحيوا لي عبد اللّه بن جدعان و مشايخ قريش حتّى أسالهم عمّا تقولون.
(3) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر و السّمن. «المعجم الوسيط- خبص- 1: 216».
44
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 20 ص 44
9783/ «3»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَدَّمَ إِلَيَّ مِنَ الْحُلْوِ وَ الْحَامِضِ مَا كَثُرَ تَعَجُّبِي مِنْهُ، ثُمَّ قَدَّمَ لَوْناً مَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: مَصَارِينُ الْبَطِّ مَحْشُوَّةٌ بِالْمُخِّ، قَدْ قُلِيَ بِدُهْنِ الْفُسْتُقِ، وَ ذُرَّ عَلَيْهِ الطَّبَرْزَدُ «1»، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ ذَكَرْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، بَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ، فَحَضَرَ وَقْتُ إِفْطَارٍ فَسَأَلَنِي الْمُقَامَ، إِذْ دَعَا بِجِرَابٍ مَخْتُومٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الْجِرَابُ؟ قَالَ: «سَوِيقُ الشَّعِيرِ»، فَقُلْتُ: خِفْتَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ، أَوْ بَخِلْتَ بِهِ؟ قَالَ: «لَا وَ لَا أَحَدُهُمَا، لَكِنِّي خِفْتُ أَنْ يُلَيِّنَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ بِسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ». قُلْتُ: مُحَرَّمٌ هُوَ؟ قَالَ:
«لَا، وَ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ أَنْ يَقْتَدُوا بِالْقَسْمِ مِنْ ضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلَا يَطْغَى بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ»، فَقَالَ مُعَاوِيَةَ: ذَكَرْتَ مَنْ لَا يُنْكَرُ فَضْلُهُ.
9784/ «4»- العرني: وضع خوان من فالوذج «2» بين يديه، فوجأ بإصبعه حتّى بلغ أسفله [ثم سلها] و لم يأخذ منه شيئا، و تلمظه بإصبعه، و قال: «طيب طيب، و ما هو بحرام، و لكن أكره أن أعود نفسي بما لم أعودها».
9785/ «5»- وَ فِي خَبَرٍ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّهُ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ قَبَضَهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ قَطُّ، فَكَرِهْتُ أَنْ آكُلَهُ».
9786/ «6»- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالُوا لَهُ: أَ تُحَرِّمُهُ؟ قَالَ: لَا، وَ لَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَتُوقَ إِلَيْهِ نَفْسِي»، ثُمَّ تَلَا: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا.
9787/ «7»- الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي خَبَرٍ: «كَانَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَ اللَّحْمِ، وَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَ الزَّيْتَ وَ الْخَلَّ».
9788/ «8»- الطَّبْرِسِيُّ: فِي الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فِي مَشْرَبَةِ «3» أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، وَ إِنَّهُ لَمُضْطَجِعٌ عَلَى خَصَفَةٍ «4»، وَ أَنَّ بَعْضَهُ عَلَى التُّرَابِ، وَ تَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مَحْشُوَّةً لِيفاً، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَ صَفْوَتُهُ وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ كِسْرَى وَ قَيْصَرُ عَلَى سُرُرِ الذَّهَبِ وَ فُرُشِ الدِّيبَاجِ وَ الْحَرِيرِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ طَيِّبَاتُهُمْ، وَ هِيَ وَشِيكَةُ الِانْقِطَاعِ، وَ إِنَّمَا أُخِّرَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا».
__________________________________________________
(3)- ... حيلة الأبرار 1: 352.
(4)- المناقب 2: 99.
(5)- المناقب 2: 99.
(6)- المناقب 2: 99.
(7)- المناقب 2: 99.
(8)- مجمع البيان 9: 133.
(1) الطّبرزد: السّكّر الأبيض، فارسية. «أقرب الموارد 1: 696».
(2) الفالوذج: حلواء تعمل من الدقيق و الماء و العسل. و هو مأخوذ من فالوذة بالفارسية. «أقرب الموارد 2: 942».
(3) المشربة: الغرفة. «أقرب الموارد- شرب- 1: 580».
(4) الخصفة: الجلّة تعمل من الخوص للتمر، و: الثوب الغليظ جدّا. «أقرب الموارد- خصف- 1: 279».
45
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 20 ص 44
9789/ «9»- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: «وَ اللَّهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا، وَ لَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ: أَ لَا تَنْبِذُهَا؟ فَقُلْتُ: اعْزُبْ عَنِّي، فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يُحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى» «1».
9790/ «10»- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيَأْكُلُ أَكْلَةَ الْعَبْدِ، وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ، وَ إِنَّهُ كَانَ لَيَشْتَرِي الْقَمِيصَيْنِ فَيُخَيِّرُ غُلَامَهُ خَيْرَهُمَا، ثُمَّ يَلْبَسُ الْآخَرَ، فَإِذَا جَازَ أَصَابِعَهُ قَطَعَهُ، وَ إِذَا جَازَ كَعْبَهُ حَذَفَهُ، وَ لَقَدْ وُلِّيَ خَمْسَ سِنِينَ مَا وَضَعَ آجُرَّةً عَلَى آجُرَّةٍ، وَ لَا لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَ لَا أَوْرَثَ بَيْضَاءَ وَ لَا حَمْرَاءَ، وَ إِنْ كَانَ لَيُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَ اللَّحْمِ وَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَ الزَّيْتَ وَ الْخَلَّ، وَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ كِلَاهُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِهِ، وَ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ كَدِّ يَمِينِهِ، تَرِبَتْ مِنْهُ يَدَاهُ وَ عَرِقَ فِيهِ وَجْهُهُ، وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَ إِنْ كَانَ لَيُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ، وَ إِنْ كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ شَبَهاً بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَهُ».
ثُمَّ إِنَّهُ اشْتَهَرَ فِي الرِّوَايَةِ أَنَّهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ يَعُودُهُ. قَالَ لَهُ الْعَلَاءُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَشْكُو إِلَيْكَ أَخِي عَاصِمَ بْنَ زَيْدِ لَبِسَ الْعَبَاءَةَ، وَ تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «عَلِيٌّ بِهِ». فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ: «يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ، لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ، أَ مَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَ وُلْدَكَ، أَ تَرَى، اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا! أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ». قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا أَنْتَ فِي خُشُونَةِ مَلْبَسِكَ وَ جُشُوبَةِ مَأْكَلِكَ، قَالَ:
«وَيْحَكَ إِنِّي لَسْتُ كَأَنْتَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلَا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ» «2».
قوله تعالى:
وَ اذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ [21] 9791/ «1»- علي بن إبراهيم: الأحقاف: بلاد عاد، من الشقوق إلى الأجفر و هي أربعة منازل.
9792/ «2»- ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: أَمَرَ الْمُعْتَصِمُ أَنْ يُحْفَرَ بِالْبَطَّانِيَّةِ «3» بِئْرٌ، فَحَفَرُوا ثَلَاثَمِائَةِ قَامَةٍ، فَلَمْ يَظْهَرِ الْمَاءُ، فَتَرَكَهُ وَ لَمْ يَحْفِرْهُ، فَلَمَّا وُلِّيَ الْمُتَوَكِّلُ أَمَرَ أَنْ يُحْفَرَ ذَلِكَ أَبَداً حَتَّى يَظْهَرَ الْمَاءَ، فَحَفَرُوا حَتَّى وَضَعُوا فِي كُلِ
__________________________________________________
(9)- مجمع البيان 9: 133.
(10)- مجمع البيان 9: 133.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 298.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 298.
(1) مثل يضرب لمن يحتمل المشقّة رجاء الراحة، و يضرب أيضا في الحثّ على مزاولة الأمر و الصبر و توطين النفس حتّى تحمد عاقبته.
(2) أي يهيج به و يغلبه حتّى يقهره.
(3) في المصدر: بالباطئية.
46
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 21 ص 46
مِائَةِ قَامَةٍ؟ بَكَرَةً، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى صَخْرَةٍ، فَضَرَبُوهَا بِالْمِعْوَلِ فَانْكَسَرَتْ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا رِيحٌ بَارِدَةٌ، فَمَاتَ مَنْ كَانَ يَقْرَبُهَا، فَأَخْبَرُوا الْمُتَوَكِّلَ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَعْلَمْ مَا ذَاكَ، فَقَالُوا: سَلِ ابْنَ الرِّضَا عَنْ ذَلِكَ، وَ هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «تِلْكَ بِلَادُ الْأَحْقَافِ، وَ هُمْ قَوْمُ عَادٍ، الَّذِينَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِالرِّيحِ الصَّرْصَرِ».
9793/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّوَانِيقِيُّ يَقْطِينَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْراً بِقَصْرِ الْعُبَّادِي، فَلَمْ يَزَلْ يَقْطِينُ فِي حَفْرِهَا حَتَّى مَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَ لَمْ يَسْتَنْبِطْ مِنْهَا الْمَاءَ، فَأَخْبَرَ الْمَهْدِيَّ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: احْفِرْ أَبَداً حَتَّى تَسْتَنْبِطَ الْمَاءَ، وَ لَوْ أَنْفَقْتَ عَلَيْهَا جَمِيعَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ.
قَالَ: فَوَجَّهَ يَقْطِينُ أَخَاهُ أَبُا مُوسَى، فِي حَفْرِهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَحْفِرُ حَتَّى ثَقَبُوا ثَقْباً فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ، فَخَرَجَتْ مِنْهُ الرِّيحُ، قَالَ: «فَهَالَهُمْ ذَلِكَ فَأَخْبَرُوا أَبَا مُوسَى، فَقَالَ: أَنْزِلُونِي، وَ كَانَ رَأْسُ الْبِئْرِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً [فِي أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً] فَاجْلِسْ فِي شِقِّ مَحْمِلٍ وَ دُلِّيَ فِي الْبِئْرِ، فَلَمَّا صَارَ فِي قَعْرِهَا نَظَرَ إِلَى هَوْلٍ وَ سَمِعَ دَوِيَّ الرِّيحِ فِي أَسْفَلِ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُوَسِّعُوا ذَلِكَ الْخَرْقَ، فَجَعَلُوهُ شِبْهَ الْبَابِ الْعَظِيمِ، ثُمَّ دُلِّيَ فِيهِ رَجُلَانِ فِي شِقِّ مَحْمِلٍ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِخَبَرِ هَذَا مَا هُوَ؟ قَالَ: فَنَزَلَا فِي شِقِّ مَحْمِلٍ، فَمَكَثَا مَلِيّاً، ثُمَّ حَرَّكَا الْحَبْلَ فَأُصْعِدَا، فَقَالَ لَهُمَا: مَا رَأَيْتُمَا؟ قَالا: أَمْراً عَظِيماً، رِجَالًا وَ نِسَاءً وَ بُيُوتاً وَ آنِيَةً وَ مَتَاعاً، كُلُّهَا مَمْسُوخٌ مِنْ حِجَارَةٍ، فَأَمَّا الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ فَعَلَيْهِمْ ثِيَابُهُمْ، فَمِنْ بَيْنِ قَاعِدٍ وَ مُضْطَجِعٍ وَ مُتَّكِئٍ، فَلَمَّا مَسِسْنَاهُمْ إِذَا ثِيَابُهُمْ تَتَفَشَّى شِبْهَ الْهَبَاءِ، وَ مَنَازِلُ قَائِمَةٌ.
قَالَ: فَكَتَبَ بِذَلِكَ أَبُو مُوسَى إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَكَتَبَ الْمَهْدِيُّ إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، يَسْأَلُهُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَبَكَى بُكَاءً شَدِيداً، وَ قَالَ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَؤُلَاءِ بَقِيَّةُ قَوْمِ عَادٍ، غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَسَاخَتْ بِهِمْ مَنَازِلُهُمْ، هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْأَحْقَافِ». [قَالَ] فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، وَ مَا الْأَحْقَافُ؟
قَالَ: «الرَّمْلُ».
قوله تعالى:
قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [22- 32] 9794/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم حكى اللّه قوم عاد: قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا، أي تزيلنا بكذبك عما كان يعبد آباؤنا: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا، من العذاب إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، و كان نبيهم هود (عليه السلام)، و كانت
__________________________________________________
(3)- الإحتجاج: 388.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 298.
47
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف الآيات 22 الى 32 ص 47
بلادهم كثيرة الخير خصبة، فحبس اللّه عنهم المطر سبع سنين حتّى أجدبوا، و ذهب خيرهم من بلادهم، و كان هود يقول لهم ما حكى اللّه في سورة هود: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ، إلى قوله تعالى: وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ «1» فلم يؤمنوا، و عتوا، فأوحى اللّه إلى هود (عليه السلام): أنه يأتيهم العذاب في وقت كذا و كذا رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ، فلما كان ذلك الوقت، نظروا إلى سحابة، قد أقبلت، ففرحوا و قالوا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا الساعة بمطر، فقال لهم هود: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ. في قوله تعالى: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها، فلفظه عام و معناه خاصّ، لأنّها تركت أشياء كثيرة لم تدمرها، و انما دمرت ما لهم كله، فكان كما قال اللّه تعالى: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ، و كل هذه الأخبار من هلاك الأمم تخويف و تحذير لأمة محمد (صلّى اللّه عليه و آله). و قوله تعالى: وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَ جَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَ أَبْصاراً وَ أَفْئِدَةً، أي قد أعطيناهم فكفروا، فنزل بهم العذاب، فاحذروا أن ينزل بكم ما نزل بهم. ثم خاطب اللّه تعالى قريشا: وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَ صَرَّفْنَا الْآياتِ، أي بينا، و هي بلاد عاد و قوم صالح و قوم لوط، ثمّ قال احتجاجا عليهم: فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ أي بطلوا وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ أي كذبهم وَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.
قال: قوله تعالى: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، إلى قوله تعالى: فَلَمَّا قُضِيَ، أي فُرِغَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ* قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا إلى قوله تعالى: أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، فهذا كله حكاية عن الجن، و كان سبب نزولها أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) خرج من مكّة إلى سوق عكاظ، و معه زيد بن حارثة، يدعو الناس إلى الإسلام، فلم يجبه أحد، و لم يجد من يقبله، ثمّ رجع إلى مكّة، فلما بلغ موضعا [يقال] له:
وادي مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل، فمر به نفر من الجن، فلما سمعوا قراءة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، استمعوا له، فلما سمعوا قراءته، قال بعضهم لبعض: أَنْصِتُوا، يعني اسكتوا: فَلَمَّا قُضِيَ، أي فرغ: وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ* قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَ إِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ* يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ، إلى قوله تعالى: أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، فجاءوا إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و أسلموا و آمنوا، و علمهم شرائع الإسلام، فأنزل على نبيه قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ «2»، السورة كلها، فحكى [اللّه] عزّ و جلّ قولهم و ولى عليهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و كانوا يعودون إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في كل وقت، فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعلمهم و يفقههم، فمنهم مؤمنون و كافرون و ناصبون، و يهود و نصارى و مجوس، و هم ولد الجان.
9795/ «2»- قَالَ: وَ سُئِلَ الْعَالِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ أَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ: «لَا، وَ لَكِنْ لِلَّهِ حَظَائِرُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ يَكُونَ فِيهَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ وَ فُسَّاقُ الشِّيعَةِ».
__________________________________________________
(2)- تفسير القمّيّ 2: 300.
(1) هود 11: 52.
(2) الجنّ 72: 1.
48
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف الآيات 22 الى 32 ص 47
9796/ «1»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَدْ سَأَلَهُ يَهُودِيٌّ، قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَإِنَّ هَذَا سُلَيْمَانُ سُخِّرَتْ لَهُ الشَّيَاطِينُ، يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَ تَمَاثِيلَ.
قَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ. وَ لَقَدْ أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَفْضَلَ مِنْ هَذَا، إِنَّ الشَّيَاطِينَ سُخِّرَتْ لِسُلَيْمَانَ وَ هِيَ مُقِيمَةٌ عَلَى كُفْرِهَا، وَ سُخِّرَتْ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الشَّيَاطِينُ بِالْإِيمَانِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْجِنِّ تِسْعَةٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَاحِدٌ مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ، وَ الثَّمَانُ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنَ الْأَحْجَرِ «1»، مِنْهُمْ شَضَاهُ، وَ مَضَاهُ، وَ الْهَمْلَكَانُ، وَ الْمَرْزُبَانُ، وَ الْمَازَمَانُ، وَ نَضَاهُ، وَ هَاضِبٌ «2»، وَ عَمْرٌو، وَ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اسْمُهُ فِيهِمْ: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، وَ هُمُ التِّسْعَةُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الْجِنُّ وَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِبَطْنِ النَّخْلِ، فَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنَّ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً، وَ لَقَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْهُمْ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ نُصْحِ الْمُسْلِمِينَ، وَ اعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ قَالُوا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً، وَ هَذَا أَفْضَلُ مِمَّا أُعْطِيَ سُلَيْمَانُ، سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَهَا لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَتَمَرَّدُ وَ تَزْعُمُ أَنَّ لِلَّهِ وَلَداً، وَ لَقَدْ شَمِلَ مَبْعَثُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ مَا لَا يُحْصَى».
قوله تعالى:
أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [33] 9797/ «2»- علي بن إبراهيم: ثم احتج اللّه تعالى على الدهرية، فقال: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
قوله تعالى:
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [35]
9798/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَثْعَمِيِّ،
__________________________________________________
(1)- الإحتجاج: 222.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 300.
(3)- الكافي 1: 134/ 3.
(1) في المصدر: الأحجة.
(2) زاد في المصدر: و هضب.
49
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 35 ص 49
عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «سَادَةُ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ خَمْسَةٌ، وَ هُمْ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَ عَلَيْهِمْ دَارَتِ الرَّحَا: نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى وَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ).
9799/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ أَوَّلَ وَصِيٍّ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ هِبَةُ اللَّهِ شَيْثُ بْنُ آدَمَ، وَ مَا مِنْ نَبِيٍّ مَضَى إِلَّا وَ لَهُ وَصِيٌّ، وَ كَانَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ عِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ، مِنْهُمْ خَمْسَةٌ أُولُو الْعَزْمِ:
نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى، وَ مُحَمَّدٌ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ). وَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ هِبَةَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ وَرِثَ عِلْمَ الْأَوْصِيَاءِ وَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، أَمَا إِنَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَرِثَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ. عَلَى قَائِمَةِ الْعَرْشِ مَكْتُوبٌ: حَمْزَةُ أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ وَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَ فِي ذُؤَابَةِ الْعَرْشِ:
عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَهَذِهِ حُجَّتُنَا عَلَى مَنْ أَنْكَرَ حَقَّنَا، وَ جَحَدَ مِيرَاثَنَا، وَ مَا مَنَعَنَا مِنَ الْكَلَامِ وَ أَمَامَنَا الْيَقِينُ، فَأَيُّ حُجَّةٍ تَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ هَذَا؟».
9800/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ ابْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ؟
فَقَالَ: «نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ مُحَمَّدٌ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)».
قُلْتُ: كَيْفَ صَارُوا أُولِي الْعَزْمِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ نُوحاً بُعِثَ بِكِتَابٍ وَ شَرِيعَةٍ، وَ كُلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَ نُوحٍ أَخَذَ بِكِتَابِ نُوحٍ وَ شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالصُّحُفِ وَ بِعَزِيمَةِ تَرْكِ كِتَابِ نُوحٍ لَا كُفْراً بِهِ، فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخَذَ بِشَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ وَ مِنْهَاجِهِ وَ بِالصُّحُفِ، حَتَّى جَاءَ مُوسَى بِالتَّوْرَاةِ وَ شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ وَ بِعَزِيمَةِ تَرْكِ الصُّحُفِ، فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخَذَ بِالتَّوْرَاةِ وَ بِشَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، حَتَّى جَاءَ الْمَسِيحُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْإِنْجِيلِ وَ بِعَزِيمَةِ تَرْكِ شَرِيعَةِ مُوسَى وَ مِنْهَاجِهِ، فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ الْمَسِيحِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخَذَ بِشَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ حَتَّى جَاءَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَجَاءَ بِالْقُرْآنِ وَ بِشَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، فَحَلَالُهُ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ حَرَامُهُ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَهَؤُلَاءِ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ)».
9801/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ خَمْسَةٌ: نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى، وَ مُحَمَّدٌ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)».
__________________________________________________
(2)- الكافي 1: 175/ 2.
(3)- الكافي 2: 14/ 2.
(4)- الخصال: 300/ 73.
50
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الأحقاف آية 35 ص 49
9802/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّمَا سُمِّيَ أُولُو الْعَزْمِ أُوْلِي الْعَزْمِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ الْعَزَائِمِ وَ الشَّرَائِعِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ كَانَ بَعْدَ نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ، وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى زَمَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى أَيَّامِ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي زَمَنِ عِيسَى وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى مِنْهَاجِ عِيسَى وَ شَرِيعَتِهِ، وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى زَمَنِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ هُمْ «1» أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ شَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [لَا تُنْسَخُ] إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنِ ادَّعَى بَعْدَهُ نُبُوَّةً أَوْ أَتَى بَعْدَ الْقُرْآنِ بِكِتَابٍ فَدَمُهُ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ».
9803/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثُمَّ أَدَّبَ اللَّهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالصَّبْرِ، فَقَالَ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَ هُمْ نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى، وَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مَعْنَى أُولِي الْعَزْمِ أَنَّهُمْ سَبَقُوا الْأَنْبِيَاءَ إِلَى الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَ الْإِقْرَارِ بِكُلِّ نَبِيٍّ كَانَ قَبْلَهُمْ وَ بَعْدَهُمْ، وَ عَزَمُوا عَلَى الصَّبْرِ مَعَ التَّكْذِيبِ لَهُمْ وَ الْأَذَى.
قوله تعالى:
وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [35] 9804/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم قال تعالى: وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ، يعني العذاب كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ، قال: يرون يوم القيامة أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلّا ساعة من نهار بَلاغٌ، أي أبلغهم ذلك فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ.
__________________________________________________
(5)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 80/ 13.
(6)- تفسير القمّيّ 2: 300.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 330.
(1) في المصدر: الخمسة أولو العزم، فهم.
51
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد صلى الله عليه و آله ص 53
سورة محمد (صلّى اللّه عليه و آله)
فضلها
9805/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَا، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَمْ يَرْتَبْ أَبَداً، وَ لَمْ يَدْخُلْهُ شَكٌّ فِي دِينِهِ أَبَداً، وَ لَمْ يَبْتَلِهِ اللَّهُ بِفَقْرٍ أَبَداً، وَ لَا خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَبَداً، وَ لَمْ يَزَلْ مَحْفُوظاً مِنَ الشَّكِّ وَ الْكُفْرِ أَبَداً حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ فِي قَبْرِهِ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ فِي قَبْرِهِ، يَكُونُ ثَوَابُ صَلَاتِهِمْ لَهُ، وَ يُشَيِّعُونَهُ حَتَّى يُوقِفُوهُ مَوْقِفَ الْأَمْنِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ يَكُونُ فِي أَمَانِ اللَّهِ وَ أَمَانِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
9806/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ لَمْ يُوَلِّ وَجْهَهُ جِهَةً إِلَّا رَأَى فِيهِ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ، وَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، أَمِنَ فِي نَوْمِهِ وَ يَقَظَتِهِ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ بِبَرَكَتِهَا».
9807/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، أَمِنَ فِي نَوْمِهِ وَ يَقَظَتِهِ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ، وَ كَانَ مَحْرُوساً مِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَ دَاءٍ».
9808/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ دَفَعَ عَنْهُ الْجَانَّ، وَ أَمِنَ فِي نَوْمِهِ وَ يَقَظَتِهِ؛ وَ إِذَا جَعَلَهَا إِنْسَانٌ عَلَى رَأْسِهِ كُفِيَ شَرَّ كُلِّ طَارِقٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
(1)- ثواب الأعمال: 114.
(2)- .....
(3)- ....
(4)- ....
53
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 1 ص 54
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ [1] 9809/ «1»- علي بن إبراهيم: نزلت في أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) «1» الذين ارتدوا بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و غصبوا أهل بيته حقهم، و صدوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و عن ولايته «2»، أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي أبطل ما كان تقدم منهم مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من الجهاد و النصرة.
9810/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحَرِيشِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الْمَسْجِدِ وَ النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ بِصَوْتٍ عَالٍ: الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ، فَقَالَ لَهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، لِمَ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: قَرَأْتُ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ: لَقَدْ قُلْتَهُ لِأَمْرٍ. قَالَ: نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «3»، أَ فَتَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَوْصَى إِلَّا إِلَيْكَ. قَالَ فَهَلَّا بَايَعْتَنِي؟ قَالَ: اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَكُنْتُ مِنْهُمْ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَمَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِجْلِ عَلَى الْعِجْلِ، هَاهُنَا فُتِنْتُمْ، وَ مَثَلُكُمْ: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ*
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 330.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 301.
(1) (أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)) ليس في المصدر.
(2) في المصدر: و عن ولاية الأئمة (عليهم السلام)
(3) الحشر 59: 7.
54
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 1 ص 54
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «1»».
9811/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُصَيْنِ ابْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ؛ وَ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَصْبَغِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «سُورَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) آيَةٌ فِينَا، وَ آيَةٌ فِي بَنِي أُمَيَّةَ».
9812/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ مُوسَى، قَالَ:
أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ «2»، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ فَضْلَنَا عَلَى عَدُوِّنَا، فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فِينَا آيَةٌ، وَ فِيهِمْ آيَةٌ، إِلَى آخِرِهَا».
9813/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ الْبَجَلِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سُورَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) آيَةٌ فِينَا وَ آيَةٌ فِي بَنِي أُمَيَّةَ».
9814/ «6»- ابْنُ شَهْرَآشُوبَ: عَنْ جَعْفَرٍ، وَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ كَفَرُوا: يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ- إلى قوله تعالى- اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ [2- 3]
9815/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ فِي عَلِيٍّ وَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ، هَكَذَا نَزَلَتْ».
9816/ «2»- ثم قال عليّ بن إبراهيم أيضا، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ: نزلت في
__________________________________________________
(3)- تأويل الآيات 2: 582/ 1.
(4)- تأويل الآيات 2: 584/ 3.
(5)- تأويل الآيات 2: 582/ 2.
(6)- المناقب 3: 72.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 301.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 301.
(1) البقرة 2: 17، 18.
(2) في المصدر: قطر، عن إبراهيم، و في «ط، ي»: قطر بن إبراهيم.
55
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 2 الى 6 ص 55
أبي ذر و سلمان و عمّار و المقداد، و لم ينقضوا العهد وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ، أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها اللّه: وَ هُوَ الْحَقُّ، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ أي حالهم.
ثم ذكر أعمالهم فقال: ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ و هم الذين اتبعوا أعداء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ.
قوله تعالى:
كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ [3- 4]
9817/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ «1»: «فِي سُورَةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) آيَةٌ فِينَا وَ آيَةٌ فِي عَدُوِّنَا، وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ* فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ، فَهَذَا السَّيْفُ عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَمِ مِنَ الزَّنَادِقَةِ، وَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ كِتَابٌ مِنْ عَبَدَةِ النِّيرَانِ وَ الْكَوَاكِبِ».
9818/ «2»- و قال أيضا: قوله تعالى: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ فالمخاطبة للجماعة، و المعنى لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و الامام من بعده.
9819/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، جَمِيعاً، عَنِ الْقَاسِمِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)- فِي حَدِيثٍ الْأَسْيَافِ الْخَمْسَةِ- قَالَ: «وَ السَّيْفُ الثَّالِثُ عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَمِ، يَعْنِي التُّرْكَ وَ الدَّيْلَمَ وَ الْخَزَرَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَصَّ قِصَّتَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ يَعْنِي بَعْدَ السَّبْيِ مِنْهُمْ وَ إِمَّا فِداءً يَعْنِي الْمُفَادَاةَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهَؤُلَاءِ لَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ، وَ لَا يَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ».
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 301.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 302.
(3)- الكافي 5: 11/ 2.
(1) في المصدر زيادة: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)
56
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 2 الى 6 ص 55
قوله تعالى:
لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ- إلى قوله تعالى- وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ [4- 6] 9820/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ* وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ أي وعدها إياهم، و ادخرها لهم لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ، أي يختبر.
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ [7]
9821/ «2»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِيِّ الْعَلَوِيِّ؛ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، جَمِيعاً، عَنْ أَبِي رَوْحٍ فَرَجِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ «1»، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَ سَوَّغَهُمْ كَرَامَةً مِنْهُ لَهُمْ وَ رَحْمَةً ادَّخَرَهَا «2»، وَ الْجِهَادُ لِبَاسُ التَّقْوَى، وَ دِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَ جُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ أَثْوَابَ الذِّلَّةِ «3» وَ شَمْلَةَ «4» الْبَلَاءِ، وَ فَارَقَ الرَّخَاءَ، وَ ضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسَاءَةِ «5»، وَ دُيِّثَ بِالصَّغَارِ «6» وَ الْقَمَاءِ، وَ سِيمَ الْخَسْفَ، وَ مُنِعَ النَّصَفَ «7»، وَ أُدِيلَ الْحَقَ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ، وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ نُصْرَتَهُ. وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ».
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 302.
(2)- التهذيب 6: 123/ 216، نهج البلاغة: 69/ الخطبة 27.
(1) في «ج»: فرح بن أبي قرة، و في المصدر: فرج بن أبي فروة.
(2) في المصدر: و نعمة ذخرها.
(3) في المصدر: ثوب المذلة.
(4) في نهج البلاغة: شمله.
(5) في المصدر: بالأشباه، و في نهج البلاغة: بالاسهاب، أي ذهاب العقل و كثرة الكلام، و في نسخة بالأسداد أي الحجب.
(6) ديّث بالصّغار: أي ذلّل. «النهاية 2: 147».
(7) و سيم الخسف: أي كلّف و ألزم، و الخسف: النقصان و الهوان، و النصف: العدل.
57
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 7 ص 57
9822/ «1»- علي بن إبراهيم: خاطب اللّه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ.
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ [8- 9] 9823/ «2»- علي بن إبراهيم، ثمّ قال تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ في علي فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ.
9824/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِهَذِهِ الْآيَةِ هَكَذَا: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فِي عَلِيٍّ فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ».
9825/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ «1» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «قَوْلُهُ تَعَالَى:
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فِي عَلِيٍّ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ».
قوله تعالى:
أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ [10- 14] 9826/ «5»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: أي أو لم ينظروا في أخبار الأمم الماضية.
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 302.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 302.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 302.
(4)- تأويل الآيات 2: 583/ 6.
(5)- تفسير القمّيّ 2: 302.
(1) في المصدر: محمّد بن خالد، و الظاهر أحمد بن محمّد بن خالد، انظر معجم رجال الحديث 16: 287.
58
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 10 الى 14 ص 58
9827/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ «1»، قَالَ: «مَعْنَاهُ أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي الْقُرْآنِ».
و قد تقدم حديث عن الصادق (عليه السلام) بهذا المعنى في قوله تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا من سورة الأنعام «2».
9828/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: أي أهلكهم و عذبهم، قوله تعالى:
وَ لِلْكافِرِينَ يعني الذين كفروا و كرهوا ما أنزل اللّه في علي أَمْثالُها أي لهم مثل ما كان للأمم الماضية من العذاب و الهلاك.
ثم ذكر المؤمنين الذين ثبتوا على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ. ثم ذكر المؤمنين، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني بولاية علي (عليه السلام): جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أعداؤه يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ يعني أكلا كثيرا وَ النَّارُ مَثْوىً لَهُمْ* وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ قال: الذين أهلكناهم من الأمم السالفة كانوا أشدّ قوة من قريتك، يعني أهل مكّة الذين أخرجوك منها، فلم يكن لهم ناصر أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ يعني الذين غصبوه وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.
9829/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ» «3».
قوله تعالى:
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ- إلى قوله تعالى- وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ [15] 9830/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم ضرب لأوليائه و أعدائه مثلا، فقال لأوليائه: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ
__________________________________________________
(2)- الخصال: 396/ 102.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 302.
(4)- مجمع البيان 9: 151.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 303.
(1) الروم 30: 9.
(2) تقدم في الحديث (3) من تفسير الآيات (4- 18) من سورة الأنعام.
(3) في المصدر: و قيل: هم المنافقون.
59
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 15 الى 17 ص 59
إلى قوله تعالى: لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ أي خمرة إذا تناولها ولي اللّه وجد رائحة المسك فيها وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَ لَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ.
9831/ «1»- أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ قُولَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عِيسَى ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْمَاءُ سَيِّدُ شَرَابِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْجَنَّةِ: الْفُرَاتُ، وَ النِّيلُ، وَ سَيْحَانُ، وَ جَيْحَانُ «1»، الْفُرَاتُ: الْمَاءُ، وَ النِّيلُ: الْعَسَلُ، وَ سَيْحَانُ: الْخَمْرُ، وَ جَيْحَانُ: اللَّبَنُ».
9832/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَرْبَعَةٌ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ: الْفُرَاتُ، وَ النِّيلُ، وَ سَيْحَانُ، وَ جَيْحَانُ، فَالْفُرَاتُ: الْمَاءُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ النِّيلُ: الْعَسَلُ، وَ سَيْحَانُ: الْخَمْرُ، وَ جَيْحَانُ: اللَّبَنُ».
قوله تعالى:
كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ [15- 17] 9833/ «3»- علي بن إبراهيم: ثم ضرب لأعدائه مثلا، فقال: كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ فقال: ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار، كما أنّه ليس عدو اللّه كوليه.
قال: قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً فانها نزلت في المنافقين من أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و من كان إذا سمع شيئا منه لم يؤمن به و لم يعه، فإذا خرجوا، قالوا للمؤمنين: ماذا قال محمّد آنفا؟ فقال اللّه تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.
9834/ «4»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَدْعُو أَصْحَابَهُ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً سَمِعَ وَ عَرَفَ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ، وَ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ شَرّاً طَبَعَ عَلَى
__________________________________________________
(1)- كامل الزيارات: 47/ 1.
(2)- الخصال: 250/ 116.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 303.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 303
(1) في النسخ: و سيحون و جيحون.
60
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 15 الى 17 ص 59
قَلْبِهِ وَ لَا يَسْمَعُ وَ لَا يَعْقِلُ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ الْآيَةَ».
9835/ «3»- علي بن إبراهيم: ثم ذكر المهتدين، فقال تعالى: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ، و هو ردّ على من زعم أن الإيمان لا يزيد و لا ينقص.
9836/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعُبَيْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ- وَ كَانَ خَيِّراً- عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا [نَكُونُ] عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَيُخْبِرُنَا بِالْوَحْيِ، فَأَعِيهِ أَنَا دُونَهُمْ وَ اللَّهِ وَ مَا يَعُونَهُ، وَ إِذَا خَرَجُوا قَالُوا لِي: مَاذَا قَالَ آنِفاً».
قوله تعالى:
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها [18] 9837/ «5»- علي بن إبراهيم، ثمّ قال تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ يعني القيامة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها.
9838/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَشَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيحٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رِيَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِجَّةَ الْوَدَاعِ، فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟».- وَ كَانَ أَدْنَى النَّاسِ [مِنْهُ] يَوْمَئِذٍ سَلْمَانُ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ)- فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِضَاعَةُ الصَّلَاةِ «1»، وَ اتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ، وَ الْمَيْلُ إِلَى الْأَهْوَاءِ وَ تَعْظِيمُ أَصْحَابِ الْمَالِ، وَ بَيْعُ الدِّينِ بِالدُّنْيَا، فَعِنْدَهَا يُذَابُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فِي جَوْفِهِ كَمَا يُذَابُ الْمِلْحُ بِالْمَاءِ، مِمَّا يَرَى مِنَ الْمُنْكَرِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَهُ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ».
يَا سَلْمَانُ، إِنَّ عِنْدَهَا أُمَرَاءَ جَوَرَةً وَ وُزَرَاءَ فَسَقَةٌ، وَ عُرَفَاءَ ظَلَمَةً، وَ أُمَنَاءَ خَوَنَةً». فَقَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
__________________________________________________
(3)- تفسير القمّيّ 2: 303.
(4)- تأويل الآيات 2: 584/ 10.
(5)- تفسير القمّيّ 2: 303.
(6)- تفسير القمّيّ 2: 303.
(1) في المصدر: أشراط القيامة إضاعة الصلوات
61
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 18 ص 61
يَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا يَكُونُ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفاً، وَ الْمَعْرُوفُ مُنْكَراً، وَ يُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ، وَ يُخَوَّنُ الْأَمِينُ، وَ يُصَدَّقُ الْكَاذِبُ، وَ يُكَذَّبُ الصَّادِقُ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ فَعِنْدَهَا تَكُونُ إِمَارَةُ النِّسَاءِ، وَ مُشَاوَرَةُ الْإِمَاءِ، وَ قُعُودُ الصِّبْيَانِ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَ يَكُونُ الْكَذِبُ ظَرْفاً «1»، وَ الزَّكَاةُ مَغْرَماً، وَ الْفَيْءُ مَغْنَماً، وَ يَجْفُو الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، وَ يَبَرُّ صَدِيقَهُ، وَ يَطْلَعُ الْكَوْكَبُ الْمُذَنَّبُ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا تُشَارِكُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي التِّجَارَةِ، وَ يَكُونُ الْمَطَرُ قَيْظاً، وَ يُغَاظُ الْكِرَامُ غَيْظاً، وَ يُحْتَقَرُ الرَّجُلُ الْمُعْسِرُ، فَعِنْدَهَا «2» تَقَارَبُ الْأَسْوَاقُ، إِذَا قَالَ هَذَا: لَمْ أَبِعْ شَيْئاً، وَ قَالَ هَذَا: لَمْ أَرْبَحْ [شَيْئاً]، فَلَا تَرَى إِلَّا ذَامّاً لِلَّهِ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، فَعِنْدَهَا يَلِيهِمْ أَقْوَامٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قَتَلُوهُمْ وَ إِنْ سَكَتُوا اسْتَبَاحُوهُمْ، لِيَسْتَأْثِرُوا بِفَيْئِهِمْ، وَ لَيَطَؤُنَّ حُرْمَتَهُمْ، وَ لَيَسْفِكُنَّ دِمَاءَهُمْ، وَ لَتُمْلَأَنَّ قُلُوبُهُمْ دَغَلًا وَ رُعْباً، فَلَا تَرَاهُمْ إِلَّا وَجِلِينَ خَائِفِينَ مَرْعُوبِينَ مَرْهُوبِينَ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، إِنَّ عِنْدَهَا يُؤْتَى بِشَيْءٍ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ شَيْءٍ مِنَ الْمَغْرِبِ يَلُونَ أُمَّتِي، فَالْوَيْلُ لِضُعَفَاءِ أُمَّتِي مِنْهُمْ، وَ الْوَيْلُ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ، لَا يَرْحَمُونَ صَغِيراً، وَ لَا يُوَقِّرُونَ كَبِيراً، وَ لَا يَتَجَاوَزُونَ عَنْ مُسِيءٍ، جُثَّتُهُمْ جُثَّةُ الْآدَمِيِّينَ، وَ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا يَكْتَفِي الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَ يُغَارُ عَلَى الْغِلْمَانِ كَمَا يُغَارُ عَلَى الْجَارِيَةِ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا، وَ تُشَبَّهُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ وَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ، وَ يَرْكَبْنَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ، فَعَلَيْهِنَّ مِنْ أُمَّتِي لَعْنَةُ اللَّهِ».
قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا تُزَخْرَفُ الْمَسَاجِدُ كَمَا تُزَخْرَفُ الْبِيَعُ وَ الْكَنَائِسُ، وَ تُحَلَّى الْمَصَاحِفُ، وَ تُطَوَّلُ الْمَنَارَاتُ، وَ تَكْثُرُ الصُّفُوفُ بِقُلُوبٍ مُتَبَاغِضَةٍ وَ أَلْسُنٍ مُخْتَلِفَةٍ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا تُحَلَّى ذُكُورُ أُمَّتِي بِالذَّهَبِ وَ يَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ وَ الدِّيبَاجَ، وَ يَتَّخِذُونَ جُلُودَ النُّمُورِ صِفَاقاً «3»».
قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا يَظْهَرُ الرِّبَا. وَ يَتَعَامَلُونَ بِالْعِينَةِ «4» وَ الرِّشَا، وَ يُوضَعُ الدِّينُ، وَ تُرْفَعُ الدُّنْيَا» قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
__________________________________________________
(1) في «ط» نسخة بدل و المصدر: طرفا.
(2) زاد في «ط، ي»: لا.
(3) في المصدر: صفافا.
(4) عيّن: أخذ بالعينة بالكسر: أي السلف أو أعطى بها، و عيّن التاجر: باع سلعته بثمن إلى أجل ثمّ اشتراها منه بأقلّ من ذلك الثمن. «القاموس المحيط 4: 254».
62
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 18 ص 61
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا يَكْثُرُ الطَّلَاقُ، فَلَا يُقَامُ لِلَّهِ حَدٌّ، وَ لَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا تَظْهَرُ الْقَيْنَاتُ وَ الْمَعَازِفُ، وَ يَلِيهِمْ شِرَارُ أُمَّتِي». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا تَحُجُّ أَغْنِيَاءُ أُمَّتِي لِلنُّزْهَةِ، وَ تَحُجُّ أَوْسَاطُهَا لِلتِّجَارَةِ، وَ تَحُجُّ فُقَرَاؤُهَا لِلرِّيَاءِ وَ السُّمْعَةِ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ أَقْوَامٌ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَيَتَّخِذُونَهُ مَزَامِيرَ، وَ يَكُونُ أَقْوَامٌ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَ تَكْثُرُ أَوْلَادُ الزِّنَا وَ يَتَغَنَّوْنَ بِالْقُرْآنِ، وَ يَتَهَافَتُونَ بِالدُّنْيَا». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، ذَاكَ إِذَا انْتُهِكَتِ الْمَحَارِمُ، وَ اكْتُسِبَتِ الْمَآثِمُ، وَ تَسَلَّطَ الْأَشْرَارُ عَلَى الْأَخْيَارِ، وَ يَفْشُو الْكَذِبُ، وَ تَظْهَرُ اللَّجَاجَةُ، وَ تَفْشُو الْفَاقَةُ «1»، وَ يَتَبَاهَوْنَ فِي اللِّبَاسِ، وَ يُمْطَرُونَ فِي غَيْرِ أَوَانِ الْمَطَرِ، وَ يَسْتَحْسِنُونَ الْكُوبَةَ «2»، وَ الْمَعَازِفَ، وَ يُنْكِرُونَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، حَتَّى يَكُونَ الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَذَلَّ مِنَ الْأَمَةِ، وَ يُظْهِرُ قُرَّاؤُهُمْ وَ عُبَّادُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمُ التَّلَاوُمَ، فَأُولَئِكَ يُدْعَوْنَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ الْأَرْجَاسَ وَ الْأَنْجَاسَ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، فَعِنْدَهَا لَا يَخْشَى الْغَنِيُّ الّا الْفَقِيرَ، حَتَّى إِنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ فِيمَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ لَا يُصِيبُ أَحَداً يَضَعُ فِي كَفِّهِ شَيْئاً». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا يَتَكَلَّمُ الرُّوَيْبِضَةُ «3»». قَالَ سَلْمَانُ: وَ مَا الرُّوَيْبِضَةُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فِدَاكَ أَبِي وَ امي، قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ، فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى تَخُورَ الْأَرْضُ خَوْرَةً، فَلَا يَظُنُّ كُلُّ قَوْمٍ إِلَّا أَنَّهَا خَارَتْ فِي نَاحِيَتِهِمْ، فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَمْكُثُون فِي مَكْثِهِمْ فَتُلْقِي لَهُمُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا».
قَالَ: «ذَهَبٌ وَ فِضَّةٌ». ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَسَاطِينِ، فَقَالَ: «مِثْلَ هَذَا، فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ ذَهَبٌ وَ لَا فِضَّةٌ». فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها.
قوله تعالى:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [19]
9839/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
__________________________________________________
(1)- الكافي 2: 375/ 2.
(1) في «ط، ج، ي» و يغشى العاقل.
(2) أي الطّبل الصّغير المخصّر. «القاموس المحيط 1: 131».
(3) الرّويبضة، تصغير الرّابضة: و هو العاجز الّذي ربض عن معالي الأمور، و قعد عن طلبها. «النهاية 2: 285».
63
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 19 ص 63
الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ، رَفَعَهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، غُرِسَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، نَبْتُهَا فِي مِسْكٍ أَبْيَضَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ، وَ أَطْيَبُ رِيحاً مِنَ الْمِسْكِ، فِيهَا أَمْثَالُ ثُدَيِّ الْأَبْكَارِ، تَفْلِقُ «1» عَنْ سَبْعِينَ حُلَّةً».
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «خَيْرُ الْعِبَادَةِ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَ قَالَ: «خَيْرُ الْعِبَادَةِ الِاسْتِغْفَارُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ».
9840/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الِاسْتِغْفَارُ وَ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَيْرُ الْعِبَادَةِ، قَالَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
9841/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِّ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعِينَ مَرَّةً قَالَ قُلْتُ: كَانَ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ يَقُولُ:
وَ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ سَبْعِينَ مَرَّةً».
9842/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ لَا يَقُومُ عَنْ مَجْلِسٍ، وَ إِنْ خَفَّ، حَتَّى يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَمْساً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً».
9843/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ».
9844/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَ يَسْتَغْفِرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ».
9845/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ:
__________________________________________________
(2)- الكافي 2: 366/ 6.
(3)- الكافي 2: 366/ 5.
(4)- الكافي 2: 366/ 4.
(5)- الكافي 2: 325/ 1.
(6)- الكافي 2: 326/ 2.
(7)- الكافي 2: 365/ 1.
(1) في المصدر: تعلو.
64
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 19 ص 63
«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): خَيْرُ الدُّعَاءِ الِاسْتِغْفَارُ».
9846/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا أَكْثَرَ الْعَبْدُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ رُفِعَتْ صَحِيفَتُهُ [وَ هِيَ] تَتَلَأْلَأُ».
9847/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، مِائَةَ مَرَّةٍ فِي [كُلِ] يَوْمٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ سَبْعَمِائَةِ ذَنْبٍ، وَ لَا خَيْرَ فِي عَبْدٍ يُذْنِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعَمِائَةِ ذَنْبٍ».
9848/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ بَيَّاعِ الْأَكْسِيَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُذَكَّرُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُ، وَ إِنَّمَا يُذَكِّرُهُ لِيَغْفِرَ لَهُ، وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَيُذْنِبُ فَيَنْسَاهُ مِنْ سَاعَتِهِ».
9849/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً اجِّلَ فِيهِ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنْ قَالَ:
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَّا إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ] ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ».
9850/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُقَارِفُ فِي يَوْمِهِ وَ لَيْلَتِهِ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً، فَيَقُولَ وَ هُوَ نَادِمٌ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ، وَ أَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ، إِلَّا غَفَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ لَا خَيْرَ فِيمَنْ يُقَارِفُ فِي يَوْمِهِ «1» أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً
9851/ «13»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، يَقُولُ: إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ ذَنْباً أُجِّلَ مِنْ غَدِهِ «2» إِلَى اللَّيْلِ، فَإِنِ اسْتَغْفَرَ [اللَّهَ] عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ
9852/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَاسِرٍ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَثَلُ الِاسْتِغْفَارِ مَثَلُ وَرَقٍ عَلَى شَجَرَةٍ تُحَرَّكُ فَيَتَنَاثَرُ، وَ الْمُسْتَغْفِرُ مِنْ ذَنْبٍ وَ يَفْعَلُهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ».
__________________________________________________
(8)- الكافي 2: 366/ 2.
(9)- الكافي 2: 318/ 10.
(10)- الكافي 2: 318/ 6.
(11)- الكافي 2: 318/ 5.
(12)- الكافي 2: 318/ 7.
(13)- الكافي 2: 317/ 1.
(14)- الكافي 2: 366/ 3.
(1) في المصدر زيادة: أكثر من.
(2) في المصدر: غدوة.
65
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 19 ص 63
و الروايات في ذلك كثيرة، تركنا إيراد كثير منها مخافة الإطالة.
قوله تعالى:
وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ- إلى قوله تعالى- لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [20- 21] 9853/ «1»- قال عليّ بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ الآية، فهم المنافقون، ثمّ قال: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ يعني الحرب فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ.
قوله تعالى:
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ [22- 23]
9854/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانِ ابْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: إِنَّ عُمَرَ لَقِيَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ «1» وَ تُعَرِّضُ بِي وَ بِصَاحِبَيَّ؟ فَقَالَ:
أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِآيَةٍ، نَزَلَتْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، فَقَالَ:
كَذَبْتَ، بَنُو أُمَيَّةَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ مِنْكُمْ، وَ لَكِنَّكَ أَبَيْتَ إِلَّا عَدَاوَةً لِبَنِي تَيْمٍ وَ بَنِي عَدِيٍّ وَ بَنِي أُمَيَّةَ».
وَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ عُمَرَ لَقِيَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْحَدِيثَ «2».
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 307.
(2)- الكافي 8: 103/ 76.
(1) القلم 68: 6.
(2) تفسير القمّيّ 2: 308.
66
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 22 الى 23 ص 66
9855/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَوْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ فِيهِ- قَالَ: وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْقَاطِعِ لِرَحِمِهِ، فَإِنِّي وَجَدْتُهُ مَلْعُوناً فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ، وَ قَالَ: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ «1»، وَ قَالَ فِي الْبَقَرَةِ: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «2»».
9856/ «3»- محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه)، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الكاتب، عن حسين بن خزيمة الرازيّ، عن عبد اللّه بن بشير، عن أبي هوذة، عن إسماعيل بن عيّاش، عن جويبر، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، قال: نزلت في بني هاشم و بني أميّة.
9857/ «4»- و من طريق المخالفين: و (تفسير الثعلبي) في تفسير قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ: أن الآية نزلت في بني أميّة و بني المغيرة: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ، و سيأتي من ذلك في آخر السورة «3».
قوله تعالى:
أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [24]
9858/ «1»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ «4»، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا سُلَيْمَانُ، إِنَّ لَكَ قَلْباً وَ مَسَامِعَ، وَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَهْدِيَ عَبْداً فَتَحَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ، وَ إِذَا أَرَادَ بِهِ
__________________________________________________
(2)- الكافي 2: 279/ 7.
(3)- تأويل الآيات 2: 585/ 12.
(4)- ... العمدة: 454/ 946.
(1)- المحاسن: 200/ 35.
(1) الرعد 13: 25.
(2) البقرة 2: 27.
(3) يأتي في الحديثين (4 و 6) من تفسير الآيات (35- 38) من هذه السورة.
(4) عن (أبيه) ليس في المصدر.
67
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 24 ص 67
غَيْرَ ذَلِكَ خَتَمَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ، فَلَا يَصْلُحُ أَبَداً، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها».
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى- إلى قوله تعالى- فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ [25- 28]
9859/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ، وَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى: «فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِيمَانِ فِي تَرْكِ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ؟
قَالَ: «نَزَلَتْ فِيهِمَا وَ فِي أَتْبَاعِهِمَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ، قَالَ: «دَعَوْا بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى مِيثَاقِهِمْ أَلَّا يُصَيِّرُوا الْأَمْرَ فِينَا بَعْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَا يُعْطُونَا مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً، وَ قَالُوا: إِنْ أَعْطَيْنَاهُمْ إِيَّاهُ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى شَيْءٍ، وَ لَمْ يُبَالُوا أَنْ لَا «1» يَكُونَ الْأَمْرُ فِيهِمْ، فَقَالُوا: سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ الَّذِي دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ، وَ هُوَ الْخُمُسُ، أَنْ لَا نُعْطِيَهُمْ مِنْهُ شَيْئاً، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، وَ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ مَا افْتَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كَانَ مَعَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَ كَانَ كَاتِبَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ* أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ «2» الْآيَةَ».
9860/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عُبَيْدِ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْفَارِسِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ: «عَنِ الْإِيمَانِ بِتَرْكِهِمْ وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ، يَعْنِي الثَّانِيَ «3».
قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، وَ هُوَ مَا افْتَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ- قَالَ: دَعَوْا بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى مِيثَاقِهِمْ أَنْ لَا يَصِيرُوا الْأَمْرَ لَنَا بَعْدَ
__________________________________________________
(1)- الكافي 348/ 43.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 308.
(1) في «ط، ي»: إلّا أن.
(2) الزخرف 43: 79، 80.
(3) في المصدر: (الشيطان) يعني فلانا (سول لهم) يعني بني فلان و بني فلان و بني أميّة.
68
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 25 الى 28 ص 68
النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَا يُعْطُونَّا مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً، وَ قَالُوا: إِنْ أَعْطَيْنَاهُمُ الْخُمُسَ اسْتَغْنَوْا بِهِ، فَقَالُوا: سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ، أَيْ لَا تُعْطُوهُمْ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ* أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ «1»».
9861/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الزُّرَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، قَالَ: «الْهُدَى هُوَ سَبِيلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
9862/ «4»- علي بن إبراهيم أيضا: في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، نزلت في الذين نقضوا عهد اللّه في أمير المؤمنين (عليه السلام) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ أي هون [لهم] و هو فلان وَ أُمْلِي لَهُمْ، أي بسط لهم أن لا يكون ممّا يقول محمد (صلّى اللّه عليه و آله) شيء ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، يعني في أمير المؤمنين (عليه السلام): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ، يعني في الخمس أن لا يردوه في بني هاشم وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ.
قال اللّه تعالى: فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ بنكثهم و بغيهم و إمساكهم الأمر من بعد أن أبرم عليهم إبراما، يقول: إذا ماتوا ساقتهم الملائكة إلى النار، فيضربونهم من خلفهم و من قدامهم ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ يعني موالاة فلان و فلان ظالمي أمير المؤمنين (عليه السلام): فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ يعني الذين عملوها من الخيرات.
9863/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ: الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ، كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
9864/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ «2»، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ، قَالَ: «كَرِهُوا عَلِيّاً، وَ كَانَ عَلِيٌّ رِضَا اللَّهِ وَ رِضَا رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَمَرَ اللَّهُ بِوَلَايَتِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ وَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، نَزَلَتْ فِيهِ اثْنَتَانِ وَ عِشْرُونَ آيَةً فِي الْحِجَّةِ الَّتِي صُدَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْجُحْفَةِ وَ بِخُمٍّ».
__________________________________________________
(3)- تأويل الآيات 2: 587/ 14.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 308.
(5)- مجمع البيان 10: 160.
(6)- تأويل الآيات 2: 589/ 17.
(1) الزخرف 63: 79، 80.
(2) في المصدر: بشار.
69
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 25 الى 28 ص 68
9865/ «7»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ، قَالَ: «كَرِهُوا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كَانَ أَمْرُ اللَّهُ بِوَلَايَتِهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَ حُنَيْنٍ وَ يَوْمَ بَطْنِ نَخْلَةَ وَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَ يَوْمَ عَرَفَةَ، نَزَلَتْ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ آيَةً فِي الْحِجَّةِ الَّتِي صُدَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْجُحْفَةِ وَ بِخُمٍّ».
وَ رَوَاهُ عَنِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ابْنُ الْفَارِسِيُّ فِي (رَوْضَةِ الْوَاعِظِينَ) «1».
قوله تعالى:
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ* وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [29- 30]
9866/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: «لَمَّا نَصَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ قَالَ قَوْمٌ: مَا بَالُهُ يَرْفَعُ بِضَبْعِ «2» ابْنِ عَمِّهِ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ».
9867/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْحَمَّامِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، قَالَ: بُغْضُهُمْ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
9868/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ رِئَابٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ أَخَذَ مِيثَاقَ شِيعَتِنَا بِالْوَلَايَةِ، فَنَحْنُ نَعْرِفُهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ».
__________________________________________________
(7)- المناقب 3: 100.
(1)- تأويل الآيات 2: 590/ 18.
(2)- تأويل الآيات 2: 590/ 19.
(3)- تأويل الآيات 2: 590/ 20.
(1) روضة الواعظين: 106.
(2) الضبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. «لسان العرب 8: 216».
70
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 29 الى 30 ص 70
9869/ «4»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَانَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ: «أَجَلْ، كَانَ يَعْرِفُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، وَ أَنْتَ تَعْرِفُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، فَهَلْ تَدْرِي مَا لَحْنُ الْقَوْلِ؟» قُلْتُ: لَا وَ اللَّهِ. قَالَ: «بُغْضُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ».
9870/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ لِي: «يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، إِيَّاكَ وَ أَصْحَابَ الْخُصُومَاتِ وَ الْكَذَّابِينَ عَلَيْنَا، فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا مَا أُمِرُوا بِعِلْمِهِ، وَ تَكَلَّفُوا عِلْمَ «1» السَّمَاءِ. يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، خَالِقُوا النَّاسَ بِأَخْلَاقِهِمْ، وَ زَايِلُوهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ، إِنَّا لَا نَعُدُّ الرَّجُلَ فِينَا عَاقِلًا حَتَّى يَعْرِفَ لَحْنَ الْقَوْلِ»، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ.
9871/ «6»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ الرَّازِيُّ فِي مَنْزِلِهِ بِالرَّيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قُلْتُ أَرْبَعاً أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقِي بِهَا فِي كِتَابِهِ، قُلْتُ: الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ ظَهَرَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَ قُلْتُ: فَمَنْ جَهِلَ شَيْئاً عَادَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ «2»، وَ قُلْتُ:- قَدْرُ أَوْ قَالَ قِيمَةُ- كُلِّ امْرِءٍ مَا يُحْسِنُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي قِصَّةِ طَالُوتَ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ «3»، وَ قُلْتُ: الْقَتْلُ يُقِلُّ الْقَتْلَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ «4»».
9872/ «7»- و من طريق المخالفين: ابن المغازلي الشافعي في (المناقب)، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، في قوله تعالى: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، قال: ببغضهم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
__________________________________________________
(4)- المحاسن: 168/ 132.
(5)- التوحيد: 458/ 24.
(6)- أمالي الطوسيّ 2: 108.
(7)- مناقب ابن المغازلي: 315/ 359.
(1) في «ط، ي»: على.
(2) يونس 10: 39.
(3) البقرة 2: 247.
(4) البقرة 2: 179.
71
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 31 ص 72
قوله تعالى:
وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [31]
9873/ «1»- الطَّبْرِسِيُّ: قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ، وَ مَا بَعْدَهُ بِالْيَاءِ.
9874/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَادِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ الْأَهْوَازِ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ... وَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ «1»، وَ غَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ: «إِنَّ جَمِيعَهَا جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى الِاخْتِبَارِ».
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى [32] 9875/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، قال: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ، أي قطعوه في أهل بيته بعد أخذ الميثاق عليهم له.
9876/ «4»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى، قَالَ: «فِي أَمْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ [33]
__________________________________________________
(1)- مجمع البيان 9: 161.
(2)- الإحتجاج: 453.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 309.
(4)- المناقب 3: 83.
(1) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 4.
72
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد آية 33 ص 72
9877/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَامِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، غَرَسَ اللَّهُ لَهُ بِهَا شَجَرَةً فِي الْجَنَّةِ، وَ مَنْ قَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، غَرَسَ اللَّهُ لَهُ بِهَا شَجَرَةً فِي الْجَنَّةِ. وَ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ غَرَسَ اللَّهُ لَهُ بِهَا شَجَرَةً فِي الْجَنَّةِ، وَ مَنْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ؛ غَرَسَ لَهُ بِهَا شَجَرَةً فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ شَجَرَنَا فِي الْجَنَّةِ، كَثِيرٌ! قَالَ: نَعَمْ، وَ لَكِنْ إِيَّاكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا عَلَيْهَا نِيرَاناً فَتُحْرِقُوهَا، وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ».
قوله تعالى:
فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ [35- 38] 9878/ «2»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ، أي لم ينقصكم إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَ لا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ* إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا، أي يجدكم تبخلوا: وَ يُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ، قال:
العداوة التي في صدوركم، ثمّ قال: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ، معناه أنتم يا هؤلاء: تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَ مَنْ يَبْخَلْ إلى قوله تعالى: وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا، يعني عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام): يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ، قال: يدخلهم في هذا الأمر: ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ، في معاداتهم و خلافهم و ظلمهم لآل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) «1».
9879/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا بْنَ قَيْسٍ وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ عَنَى أَبْنَاءَ الْمَوَالِي الْمُعْتَقِينَ».
__________________________________________________
(1)- أمالي الصدوق: 486/ 14.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 309.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 309.
(1) في المصدر: في معاداتكم و خلافكم و ظلمكم لآل محمّد (صلّى اللّه عليه و آله)
73
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 35 الى 38 ص 73
9880/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى أَبُو بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «1»، قَالَ: «إِنْ تَتَوَلَّوْا، يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ يَعْنِي الْمَوَالِيَ».
و
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَدْ وَ اللَّهِ أَبْدَلَ [بِهِمْ] خَيْراً مِنْهُمْ، الْمَوَالِيَ».
9881/ «4»- رَوَى الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي (تَفْسِيرِهِ) فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ السُّورَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ «2»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ «3».
قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَنْ وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي؟ قَالُوا: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ «4»، يَعْنِي عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، هُوَ وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي، هَذِهِ الْأُولَى، وَ أَمَّا الثَّانِيَةُ: لَمَّا أَشْهَدَهُمْ غَدِيرَ خُمٍّ، وَ قَدْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَئِنْ قُبِضَ مُحَمَّدٌ لَا نُرْجِعُ هَذَا الْأَمْرَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَا نُعْطِيهِمْ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً. فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمُ: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ «5»، وَ قَالَ: أَيْضاً فِيهِمْ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ* أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها* إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، وَ الْهُدَى سَبِيلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ» «6».
قَالَ: وَ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هَذِهِ الْآيَةَ هَكَذَا: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ. وَ سُلِّطْتُمْ وَ مَلَكْتُمْ: أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، نَزَلَتْ فِي بَنِي عَمِّنَا بَنِي عَبَّاسٍ وَ بَنِي «7» أُمَيَّةَ، وَ فِيهِمْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ* أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، فَيَقْضُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها «8»».
__________________________________________________
(3)- مجمع البيان 9: 164.
(4)- تأويل الآيات 2: 2: 588/ 16.
(1) في المصدر: أبي عبد اللّه (عليه السّلام)
(2) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 9.
(3) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 26.
(4) التحريم 66: 4.
(5) الزخرف 43: 80.
(6) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 22- 25.
(7) (عباس و بني) ليس في «ج» و المصدر.
(8) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 23، 24.
74
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 35 الى 38 ص 73
9882/ «5»- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ كَانَ يَدْعُو أَصْحَابَهُ: مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً سَمِعَ وَ عَرَفَ مَا يَدْعُوهُ إِلَيْهِ، وَ مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءاً طَبَعَ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَسْمَعُ وَ لَا يَعْقِلُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «1»».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا يَخْرُجُ مِنْ شِيعَتِنَا أَحَدٌ إِلَّا أَبْدَلَنَا اللَّهُ بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ».
9883/ «6»- ثُمَّ قَالَ شَرَفُ الدِّينِ: وَ مِنْهَا مَا رَوَاهُ مَرْفُوعاً، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ، قَالَ: قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ، وَ سُلِّطْتُمْ وَ مَلَكْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ «2». ثُمَّ قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بَنِي عَمِّنَا بَنِي عَبَّاسٍ وَ بَنِي أُمَيَّةَ» ثُمَّ قَرَأَ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ [عَنِ الدِّينِ] وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ «3»، عَنِ الْوَحْيِ «4»، ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ بَعْدَ وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ «5»». ثُمَّ قَرَأَ:
«وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا، بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، زادَهُمْ هُدىً حَيْثُ عَرَّفَهُمُ الْأَئِمَّةَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنْ بَعْدِهِ وَ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ [أَيْ ثَوَابَ تَقْوَاهُمْ] أَمَاناً مِنَ النَّارِ».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَ هُمْ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وَ أَصْحَابُهُ وَ الْمُؤْمِناتِ «6»، وَ هُنَّ خَدِيجَةُ وَ صُوَيْحِبَاتُهَا».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ، فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ «7»، ثُمَّ قَالَ: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا، بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَتَمَتَّعُونَ بِدُنْيَاهُمْ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَ النَّارُ مَثْوىً لَهُمْ «8»».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ، وَ هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ وَ أَشْيَاعُهُمْ»، ثُمَّ قَالَ: « [قَالَ] أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيها أَنْهارٌ، فَالْأَنْهَارُ رِجَالٌ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ فَهُوَ
__________________________________________________
(5)- تأويل الآيات 2: 2: 585/ 11.
(6)- تأويل الآيات 2: 585/ 13.
(1) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 16.
(2) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 22.
(3) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 23.
(4) في المصدر: الوصي.
(5) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 25.
(6) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 19.
(7) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 2.
(8) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 12.
75
البرهان في تفسير القرآن5
سورة محمد الآيات 35 الى 38 ص 73
عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْبَاطِنِ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ فَإِنَّهُ الْإِمَامُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ «1»، فَإِنَّهُ عِلْمُهُمْ يَتَلَذَّذُ مِنْهُ شِيعَتُهُمْ، وَ إِنَّمَا كَنَّى عَنِ الرِّجَالِ بِالْأَنْهَارِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، أَيْ أَصْحَابِ الْأَنْهَارِ وَ مِثْلُهُ وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ «2»، فَالْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) هُمْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَ مُلَّاكُهَا».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ، وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَيْ مَنْ وَالَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَهُ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ». ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ، أَيْ إِنَّ الْمُتَّقِينَ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ دَاخِلٌ فِي وَلَايَةِ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ وَلَايَةُ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ هِيَ النَّارُ، مَنْ دَخَلَهَا فَقَدْ دَخَلَ النَّارَ، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ: وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ «3»».
9884/ «7»- قَالَ جَابِرٌ: ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
هَكَذَا: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ، فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ «4»».
9885/ «8»- وَ قَالَ جَابِرٌ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): الَّذِينَ كَفَرُوا، حَتَّى بَلَغَ أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ «5»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ يَسِيرُ بِكَ [فَيَبْلُغُ بِكَ] مِنَ الْمَطْلَعِ إِلَى الْمَغْرِبِ [فِي] يَوْمٍ وَاحِدٍ؟». قَالَ: فَقُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ- جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ- وَ مَنْ لِي بِهَذَا؟ فَقَالَ: «ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَتَبْلُغَنَّ الْأَسْبَابَ، وَ اللَّهِ لَتَرْكَبَنَّ السَّحَابَ، وَ اللَّهِ لَتُؤْتَنَّ [لَتُؤْتَيَنَ] عَصَا مُوسَى، وَ اللَّهِ لَتُعْطَنَّ [لَتُؤْطَيَنَ] خَاتَمَ سُلَيْمَانَ». ثُمَّ قَالَ: «هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
__________________________________________________
(7)- تأويل الآيات 2: 584/ 8.
(8)- تأويل الآيات 2: 584/ 9.
(1) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 15.
(2) يوسف 12: 82.
(3) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47/ 15.
(4) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 9.
(5) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 8- 10.
76
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح ص 77
سورة الفتح
فضلها
9886/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ وَ نِسَاءَكُمْ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنَ التَّلَفِ بِقِرَاءَةِ: إِنَّا فَتَحْنا، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ يُدْمِنُ قِرَاءَتَهَا؛ نَادَى مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْمِعَ الْخَلَائِقَ: أَنْتَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ «1» الْمُخْلَصِينَ، أَلْحِقُوهُ بِالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِي، وَ أَسْكِنُوهُ «2» جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَ اسْقُوهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ بِمِزَاجِ الْكَافُورِ».
9887/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ كَمَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَ أَوْفَى بِبَيْعَتِهِ، وَ كَمَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ جَعَلَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ أَمِنَ مِنَ اللُّصُوصِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا فِي صَحِيفَةٍ وَ غَسَلَهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ وَ شَرِبَهَا، كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مَسْمُوعَ الْقَوْلِ، وَ لَا يَسْمَعُ شَيْئاً يَمُرُّ عَلَيْهِ إِلَّا وَعَاهُ وَ حَفِظَهُ».
9888/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ جَعَلَهَا فِي فِرَاشِهِ أَمِنَ مِنَ اللُّصُوصِ؛ وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ شَرِبَهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ، كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مَسْمُوعَ الْقَوْلِ، وَ كُلَّ شَيْءٍ سَمِعَهُ حَفِظَهُ».
9889/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ جَعَلَهَا فِي وَقْتِ مُحَارَبَةٍ أَوْ خُصُومَةٍ؛ أَمِنَ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ،
__________________________________________________
(1)- ثواب الأعمال: 115.
(2)- ....
(3)- ....
(4)- خواص القرآن: 7 «مخطوط»
(1) في المصدر: من عبادي.
(2) في المصدر: و أدخلوه.
77
البرهان في تفسير القرآن5
فضلها ص 77
وَ فُتِحَ عَلَيْهِ بَابُ الْخَيْرِ، وَ مَنْ شَرِبَ مَاءَهَا لِلرَّجْفِ وَ الرُّعْبِ، يُسْكِنُ الرَّجْفَ وَ يُطْلِقُهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي رُكُوبِ الْبَحْرِ، أَمِنَ مِنَ الْغَرَقِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
78
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ [1- 2]
9890/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ وَ هَذَا الْفَتْحِ الْعَظِيمِ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي النَّوْمِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ يَطُوفَ، وَ يَحْلِقَ مَعَ الْمُحَلِّقِينَ، فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ وَ أَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ فَخَرَجُوا، فَلَمَّا نَزَلَ ذَا الْحُلَيْفَةِ أَحْرَمُوا بِالْعُمْرَةِ وَ سَاقَ الْبُدْنَ، وَ سَاقَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سِتّاً وَ سِتِّينَ بَدَنَةً، وَ أَشْعَرَهَا عِنْدَ إِحْرَامِهِ، وَ أَحْرَمُوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ مُلَبِّينَ بِالْعُمْرَةِ، وَ قَدْ سَاقَ مَنْ سَاقَ مِنْهُمْ الْهَدْيَ مُشْعَرَاتٍ مُجَلَّلَاتٍ.
فَلَمَّا بَلَغَ قُرَيْشاً ذَلِكَ، بَعَثُوا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ كَمِيناً، لِيَسْتَقْبِلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَكَانَ يُعَارِضُهُ عَلَى الْجِبَالِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ حَضَرَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ وَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [بِالنَّاسِ]، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ وَ هُمْ فِي الصَّلَاةِ لَأَصَبْنَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يَقْطَعُونَ صَلَاتَهُمْ، وَ لَكِنْ تَجِيءُ لَهُمُ الْآنَ صَلَاةٌ أُخْرَى، أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ ضِيَاءِ أَبْصَارِهِمْ، فَإِذَا دَخَلُوا فِي الصَّلَاةِ أَغَرْنَا عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِصَلَاةِ الْخَوْفِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ «1» الْآيَةَ، وَ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَ قَدْ كَتَبْنَا خَبَرَ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِيهَا.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْحُدَيْبِيَةَ وَ هِيَ عَلَى طَرَفِ الْحَرَمِ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَسْتَنْفِرُ الْأَعْرَابَ فِي طَرِيقِهِ مَعَهُ، فَلَمْ يَتَّبِعْهُ أَحَدٌ، يَقُولُونَ: أَ يَطْمَعُ مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ أَنْ يَدْخُلُوا
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 309.
(1) النساء 4: 102.
79
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79
الْحَرَمَ وَ قَدْ غَزَتْهُمْ قُرَيْشٌ فِي عُقْرِ دِيَارِهِمْ فَقَتَلُوهُمْ، أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَبَداً.
فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْحُدَيْبِيَةَ خَرَجَتْ قُرَيْشٌ يَحْلِفُونَ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَا يَدَعُونَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدْخُلُ مَكَّةَ وَ فِيهِمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنِّي لَمْ آتِ لِحَرْبٍ، وَ لَكِنْ جِئْتُ لِأَقْضِيَ نُسُكِي، وَ أَنْحَرَ بُدْنِي وَ أُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ لَحْمَاتِهَا.
فَبَعَثُوا إِلَيْهِ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ وَ كَانَ عَاقِلًا أَرِيباً «1»، وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «2»، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَظَّمَ ذَلِكَ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، تَرَكْتُ الْقَوْمَ «3»، وَ قَدْ ضَرَبُوا الْأَبْنِيَةَ، وَ أَخْرَجُوا الْعُوذَ الْمَطَافِيلَ، يَحْلِفُونَ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَا يَدَعُوكَ تَدْخُلُ مَكَّةَ، فَإِنَّ مَكَّةَ حَرَمُهُمْ، وَ فِيهِمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، أَ فَتُرِيدُ أَنْ تُبِيدَ أَهْلَكَ، وَ قَوْمَكَ، يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا جِئْتُ لِحَرْبٍ، وَ إِنَّمَا جِئْتُ لِأَقْضِيَ نُسُكِي، وَ أَنْحَرَ بُدْنِي، وَ أُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ لَحْمَاتِهَا. فَقَالَ عُرْوَةُ: بِاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ أَحَداً صَدَّ كَمَا صَدَدْتُ. فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمُ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: وَ اللَّهِ لَئِنْ دَخَلَ مُحَمَّدٌ مَكَّةَ وَ تَسَامَعَتْ بِهِ الْعَرَبُ لَنَذِلَّنَّ وَ لَتَجْتَرِيَنَّ عَلَيْنَا الْعَرَبُ.
فَبَعَثُوا حَفْصَ بْنَ الْأَحْنَفِ وَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: وَيْحَ قُرَيْشٍ، قَدْ نَهَكَتْهُمُ الْحَرْبُ، أَلَّا خَلَّوْا بَيْنِي وَ بَيْنَ الْعَرَبِ، فَإِنْ أَكُ صَادِقاً فَإِنَّمَا أَجُرُّ الْمُلْكَ إِلَيْهِمْ مَعَ النُّبُوَّةِ، وَ إِنْ أَكُ كَاذِباً كَفَيْتُهُمْ ذُؤْبَانَ الْعَرَبِ، لَا يَسْأَلُنِي الْيَوْمَ امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ خُطَّةً لَيْسَ لِلَّهِ فِيهَا سَخَطٌ إِلَّا أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهِ.
قَالَ: فَوَافَوْا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَلَّا تَرْجِعُ عَنَّا عَامَكَ هَذَا، إِلَى أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَاذَا يَصِيرُ أَمْرُكَ وَ أَمْرُ الْعَرَبِ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ مِنْ عَامِكَ هَذَا؟ فَإِنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَسَامَعَتْ بِمَسِيرِكَ، فَإِنْ دَخَلْتَ بِلَادَنَا وَ حَرَمَنَا اسْتَذَلَّتْنَا الْعَرَبُ وَ اجْتَرَأَتْ عَلَيْنَا، وَ نُخْلِي لَكَ الْبَيْتَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فِي هَذَا الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى تَقْضِيَ نُسُكَكَ وَ تَنْصَرِفَ عَنَّا. فَأَجَابَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى ذَلِكَ، وَ قَالُوا لَهُ: وَ تَرُدُّ إِلَيْنَا كُلَّ مَنْ جَاءَكَ مِنْ رِجَالِنَا، وَ نَرُدُّ إِلَيْكَ كُلَّ مَنْ جَاءَنَا مِنْ رِجَالِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَنْ جَاءَكُمْ مِنْ رِجَالِنَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ، وَ لَكِنْ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ لَا يُؤْذَوْنَ فِي إِظْهَارِهِمُ الْإِسْلَامَ، وَ لَا يُكْرَهُونَ وَ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ يَفْعَلُونَهُ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، فَقَبِلُوا ذَلِكَ، فَلَمَّا أَجَابَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى الصُّلْحِ أَنْكَرَ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ، وَ أَشَدُّ مَا كَانَ إِنْكَاراً عُمَرُ «4». فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ لَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَ عَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَنُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ [قَدْ] وَعَدَنِي وَ لَنْ يُخْلِفَنِي. فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مَعِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا لَخَالَفْتُهُ.
وَ رَجَعَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ حَفْصُ بْنُ الْأَحْنَفِ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَاهُمْ بِالصُّلْحِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ لَمْ تَقُلْ لَنَا أَنْ نَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ نَحْلِقَ مَعَ الْمُحَلِّقِينَ؟ فَقَالَ: أَ مِنْ عَامِنَا هَذَا وَعَدْتُكَ، وَ قُلْتُ لَكَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ [قَدْ]
__________________________________________________
(1) في المصدر: لبيبا.
(2) الزخرف 43: 31.
(3) في المصدر: قومك.
(4) في المصدر: فلان.
80
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79
وَعَدَنِي أَنْ أَفْتَحَ مَكَّةَ وَ أَطُوفَ وَ أَسْعَى وَ أَحْلِقَ مَعَ الْمُحَلِّقِينَ؟ فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: فَإِنْ لَمْ تَقْبَلُوا الصُّلْحَ فَحَارِبُوهُمْ، فَمَرُّوا نَحْوَ قُرَيْشٍ وَ هُمْ مُسْتَعِدُّونَ لِلْحَرْبِ، وَ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هَزِيمَةً قَبِيحَةً، وَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، خُذِ السَّيْفَ وَ اسْتَقْبِلْ قُرَيْشاً. فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَيْفَهُ وَ حَمَلَ عَلَى قُرَيْشٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) تَرَاجَعُوا، وَ قَالُوا: يَا عَلِيُّ، بَدَا لِمُحَمَّدٍ فِيمَا أَعْطَانَا؟ فَقَالَ: لَا، وَ تَرَاجَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُسْتَحْيِينَ، وَ أَقْبَلُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ:
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ «1»؟ أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ أُحُدٍ:
إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ «2»؟ أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ كَذَا [أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ كَذَا]؟ فَاعْتَذَرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَ قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ وَ رَسُولُهُ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ.
وَ رَجَعَ حَفْصُ بْنُ الْأَحْنَفِ وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالا: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ أَجَابَتْ قُرَيْشٌ إِلَى مَا اشْتَرَطْتَ [عَلَيْهِمْ] مِنْ إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ، وَ أَنْ لَا يُكْرَهَ أَحَدٌ عَلَى دِينِهِ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالْمَكْتَبِ «3»، وَ دَعَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ، فَكَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ سُهَيْلُ ابْنُ عَمْرٍو: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، اكْتُبْ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ آبَاؤُكَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اكْتُبْ:
بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَإِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، ثُمَّ كَتَبَ: هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ. فَقَالَ سُهَيْلُ ابْنُ عَمْرٍو: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا حَارَبْنَاكَ، اكْتُبْ: هَذَا مَا تَقَاضَا عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَ تَأْنَفُ مِنْ نَسَبِكَ، يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَ إِنْ لَمْ تُقِرُّوا. ثُمَّ قَالَ: امْحُ- يَا عَلِيُّ- وَ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا أَمْحُو اسْمَكَ مِنَ النُّبُوَّةِ أَبَداً، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِيَدِهِ، ثُمَّ كَتَبَ:
هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَ اصْطَلَحُوا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، عَلَى أَنْ يَكُفَّ بَعْضُنَا عَنْ بَعْضٍ، وَ عَلَى أَنَّهُ لَا إِسْلَالَ وَ لَا إِغْلَالَ، وَ أَنَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ عَيْبَةً مَكْفُوفَةً، وَ أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ مُحَمَّدٍ وَ عَقْدِهِ فَعَلَ، وَ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَ عَقْدِهَا فَعَلَ، وَ أَنَّهُ مَنْ أَتَى مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ، وَ أَنَّهُ مَنْ أَتَى قُرَيْشاً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَرُدُّوهُ إِلَيْهِ، وَ أَنْ يَكُونَ الْإِسْلَامُ ظَاهِراً بِمَكَّةَ، لَا يُكْرَهُ أَحَدٌ عَلَى دِينِهِ، وَ لَا يُؤْذَى وَ لَا يُعَيَّرُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً يَرْجِعُ عَنْهُمْ عَامَّةَ هَذَا وَ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْنَا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مَكَّةَ، فَيُقِيمُ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَ لَا يَدْخُلْ عَلَيْنَا بِسِلَاحٍ إِلَّا سِلَاحَ الْمُسَافِرِ، السُّيُوفَ فِي الْقِرَبِ، وَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَ شَهِدَ عَلَى الْكِتَابِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، إِنَّكَ أَبَيْتَ أَنْ تَمْحُوَ اسْمِي مِنَ النُّبُوَّةِ، فَوَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً،
__________________________________________________
(1) الأنفال 8: 9.
(2) آل عمران 3: 153.
(3) المكتب: قطعة من الأثاث يجلس عليها للكتابة.
81
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79
لَتُجِيبَنَّ أَبْنَاءَهُمْ إِلَى مِثْلِهَا وَ أَنْتَ مَضِيضٌ مُضْطَهَدٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ، وَ رَضُوا بِالْحَكَمَيْنِ، كَتَبَ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا حَارَبْنَاكَ، وَ لَكِنِ اكْتُبْ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ. ثُمَّ كَتَبَ الْكِتَابَ».
قَالَ: «فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ قَامَتْ خُزَاعَةُ، فَقَالَتْ: نَحْنُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَقْدِهِ. وَ قَامَتْ بَنُو بَكْرٍ فَقَالَتْ: نَحْنُ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَ عَقْدِهَا. وَ كَتَبُوا نُسْخَتَيْنِ: نُسْخَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ نُسْخَةً عِنْدَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَ رَجَعَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ حَفْصُ بْنُ الْأَحْنَفِ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَاهُمْ.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِأَصْحَابِهِ: انْحَرُوا بُدْنَكُمْ، وَ احْلِقُوا رُؤُسَكُمْ. فَامْتَنَعُوا وَ قَالُوا: كَيْفَ نَنْحَرُ وَ نَحْلِقُ وَ لَمْ نَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَ لَمْ نَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ: فَاغْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ ذَلِكَ وَ شَكَا [ذَلِكَ] إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْحَرْ أَنْتَ وَ احْلِقْ، فَنَحَرَ [رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ حَلَقَ، وَ نَحَرَ] الْقَوْمُ عَلَى خُبْثِ يَقِينٍ وَ شَكٍّ وَ ارْتِيَابٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَعْظِيماً لِلْبُدْنِ: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ. وَ قَالَ قَوْمٌ لَمْ يَسُوقُوا الْبُدْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ الْمُقَصِّرِينَ؟ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَسُقْ [هَدْياً] لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَلْقُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثَانِياً: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، الَّذِينَ لَمْ يَسُوقُوا الْهَدْيَ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ الْمُقَصِّرِينَ؟ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ الْمُقَصِّرِينَ.
ثُمَّ رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَرَجَعَ إِلَى التَّنْعِيمِ، وَ نَزَلَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَجَاءَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الصُّلْحَ، وَ اعْتَذَرُوا وَ أَظْهَرُوا النَّدَامَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الرِّضْوَانِ.
9891/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ الْقُرَشِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ، وَ عِنْدَهُ الرِّضَا عَلِيُّ ابْنُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَ لَيْسَ مِنْ قَوْلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ؟ قَالَ: «بَلَى». وَ ذَكَرَ الْمَأْمُونُ الْآيَاتِ الَّتِي فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَ قَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ آيَةٍ فِي مَوْضِعِهَا، إِلَى أَنْ قَالَ الْمَأْمُونُ: فَأَخْبِرْنِي- يَا أَبَا الْحَسَنِ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، قَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ عِنْدَ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ أَعْظَمَ ذَنْباً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ صَنَماً، فَلَمَّا جَاءَهُمْ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالدَّعْوَةِ إِلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، كَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ عَظُمَ، وَ قَالُوا: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ* وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ* ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ «1»، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَكَّةَ، قَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ:
__________________________________________________
(2)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 202/ 1.
(1) سورة ص 38: 5- 7.
82
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79
إِنَّا فَتَحْنا لَكَ «1» فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، عِنْدَ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ بِدُعَائِكَ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَ مَا تَأَخَّرَ، لِأَنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ وَ خَرَجَ بَعْضُهُمْ عَنْ مَكَّةَ، وَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِنْكَارِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ إِذَا دَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ، فَصَارَ ذَنْبُهُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ مَغْفُوراً بِظُهُورِهِ عَلَيْهِمْ». فَقَالَ الْمَأْمُونُ لِلَّهِ دَرُّكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ.
9892/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، وَ غَيْرِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي غَزَاةِ الْحُدَيْبِيَةِ، خَرَجَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَلَمَّا انْتَهَى، إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ أَحْرَمُوا وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِيَرُدَّهُ، قَالَ: ابْغُونِي رَجُلًا يَأْخُذُنِي عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ. فَأُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، أَوْ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَسَأَلَهُ فَلَمْ يُوَافِقْهُ، فَقَالَ: ابْغُونِي رَجُلًا غَيْرَهُ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ آخَرَ، إِمَّا مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ مِنْ جُهَيْنَةَ، قَالَ: فَذَكَرَ لَهُ فَأَخَذَهُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْعَقَبَةِ، فَقَالَ: مَنْ يَصْعَدْهَا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا حَطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ لَهُمْ: ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ «2»، قَالَ: فَابْتَدَرَتْهَا خَيْلُ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ، قَالَ: وَ كَانُوا أَلْفاً وَ ثَمَانَمِائَةٍ، قَالَ: فَلَمَّا هَبَطُوا إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ إِذَا امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنُهَا عَلَى الْقَلِيبِ، فَسَعَى ابْنُهَا هَارِباً، فَلَمَّا اثَّبَّتَتْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) صَرَخَتْ بِهِ:
هَؤُلَاءِ الصَّابِئُونَ «3»، لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهُمْ بَأْسٌ. فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَمَرَهَا فَاسْتَقَتْ دَلْواً مِنْ مَاءٍ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَشَرِبَ وَ غَسَلَ وَجْهَهُ، فَأَخَذَتْ فَضْلَتَهُ فَأَعَادَتْهُ فِي الْبِئْرِ فَلَمْ تَبْرَحْ حَتَّى السَّاعَةِ.
وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ، أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ فِي الْخَيْلِ، فَكَانَ بِإِزَائِهِ، ثُمَّ أَرْسَلُوا الْحُلَيْسَ، فَرَأَى الْبُدْنَ وَ هِيَ تَأْكُلُ بَعْضُهَا أَوْبَارَ بَعْضٍ، فَرَجَعَ وَ لَمْ يَأْتِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَمَا وَ اللَّهِ مَا عَلَى هَذَا حَالَفْنَاكُمْ عَلَى أَنْ تَرُدُّوا الْهَدْيَ عَنْ مَحِلِّهِ، فَقَالَ: اسْكُتْ فَإِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ. فَقَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ لَتُخَلِّيَنَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَ مَا أَرَادَ أَوْ لَأَنْفَرِدَنَّ فِي الْأَحَابِيشِ. فَقَالَ: اسْكُتْ حَتَّى نَأْخُذَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَلْثاً «4».
فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ، وَ قَدْ كَانَ جَاءَ إِلَى قُرَيْشٍ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ أَصَابَهُمْ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، خَرَجَ مَعَهُمْ مِنَ الطَّائِفِ، وَ كَانُوا تُجَّاراً فَقَتَلَهُمْ، وَ جَاءَ بِأَمْوَالِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَقْبَلَهَا، وَ قَالَ: هَذَا غَدْرٌ، وَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَدْ أَتَاكُمْ وَ هُوَ يُعَظِّمُ الْبُدْنَ، قَالَ: فَأَقَامُوهَا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَجِيءَ مَنْ جِئْتَ؟ قَالَ: جِئْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَ أَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ، وَ أَنْحَرُ الْإِبِلَ، وَ أُخَلِّي عَنْكُمْ وَ عَنْ لَحْمَاتِهَا. قَالَ: لَا وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى، فَمَا رَأَيْتُ
__________________________________________________
(3)- الكافي 8: 322/ 503.
(1) في المصدر زيادة: مكّة.
(2) الأعراف 7: 161.
(3) صبأ فلان: إذا خرج من دين إلى دين غيره، و كانت العرب تسمّي النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، الصابئ، لأنّه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام، و يسمّون المسلمين الصباة. «النهاية 3: 3».
(4) الولث: العهد بين القوم يقع من غير قصد. «لسان العرب 2: 203».
83
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79
مِثْلَكَ، رُدَّ عَمَّا جِئْتَ لَهُ، إِنَّ قَوْمَكَ يُذَكِّرُونَكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ بِلَادَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَ أَنْ تَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ، وَ أَنْ تُجَرِّئَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا أَنَا بِفَاعِلٍ حَتَّى أَدْخُلَهَا.
قَالَ: وَ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَنَاوَلَ لِحْيَتَهُ، وَ الْمُغِيرَةُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: هَذَا ابْنُ أَخِيكِ الْمُغِيرَةُ. فَقَالَ: يَا غُدَرُ «1» وَ اللَّهِ مَا جِئْتَ إِلَّا فِي غَسْلِ سَلْحَتِكَ «2».
قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ وَ أَصْحَابِهِ: لَا وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدٍ رُدَّ عَمَّا جَاءَ لَهُ. فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ ابْنَ عَمْرٍو وَ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأُثِيرَتْ فِي وُجُوهِهِمْ الْبُدْنُ، فَقَالا: مَجِيءَ مَنْ جِئْتَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَ أَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ، وَ أَنْحَرَ الْبُدْنَ، وَ أُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ لَحْمَاتِهَا، فَقَالا:
إِنَّ قَوْمَكَ يُنَاشِدُونَكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ، أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ بِلَادَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَ تَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ، وَ تُجَرِّئَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ.
قَالَ: فَأَبَى عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَّا أَنْ يَدْخُلَهَا.
وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَشِيرَتِي قَلِيلَةٌ، وَ إِنِّي فِيهِمْ عَلَى مَا تَعْلَمُ، وَ لَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى قَوْمِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَشِّرْهُمْ بِمَا وَعَدَنِي رَبِّي مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ. فَلَمَّا انْطَلَقَ عُثْمَانُ لَقِيَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ، فَتَأَخَّرَ عَنِ السَّرْحِ، فَحَمَلَ عُثْمَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ دَخَلَ عُثْمَانُ فَأَعْلَمَهُمْ، وَ كَانَتِ الْمُنَاوَشَةُ، فَجَلَسَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ جَلَسَ عُثْمَانُ فِي عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ، وَ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمُسْلِمِينَ، وَ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى لِعُثْمَانَ، وَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: طُوبَى لِعُثْمَانَ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ أَحَلَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا كَانَ لِيَفْعَلَ. فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ طُفْتَ بِالْبَيْتِ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمْ يَطُفْ بِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ وَ مَا كَانَ فِيهَا. فَقَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ سُهَيْلٌ: مَا أَدْرِي مَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، إِلَّا أَنِّي أَظُنُّ هَذَا الَّذِي بِالْيَمَامَةِ، وَ لَكِنْ اكْتُبْ كَمَا نَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. قَالَ: وَ اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى رَسُولُ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو. فَقَالَ سُهَيْلٌ: فَعَلَى مَا نُقَاتِلُكَ يَا مُحَمَّدُ؟
فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّاسُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: اكْتُبْ. فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّاسُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَ كَانَ فِي الْقَضِيَّةِ أَنَّ [مَنْ] كَانَ مِنَّا أَتَى إِلَيْكُمْ رَدَدْتُمُوهُ إِلَيْنَا، وَ رَسُولُ اللَّهِ غَيْرُ مُسْتَكْبِرٍ عَنْ دِينِهِ، وَ مَنْ جَاءَ إِلَيْنَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ إِلَيْكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ، وَ عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ فِيكُمْ عَلَانِيَةً غَيْرَ سِرٍّ، وَ إِنْ كَانُوا لَيَتَهَادَوْنَ السُّيُورَ فِي الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَ مَا كَانَتْ قَضِيَّةٌ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا، لَقَدْ كَادَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى [أَهْلِ] مَكَّةَ الْإِسْلَامُ، فَضَرَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى أَبِي جَنْدَلٍ ابْنِهِ. فَقَالَ: أَوَّلُ مَا قَاضَيْنَا [عَلَيْهِ].
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ هَلْ قَاضَيْتُ عَلَى شَيْءٍ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا كُنْتَ بِغَدَّارٍ. قَالَ: فَذَهَبَ بِأَبِي جَنْدَلٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَدْفَعُنِي إِلَيْهِ؟ قَالَ: وَ لَمْ أَشْتَرِطْ لَكَ. قَالَ: وَ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِأَبِي جَنْدَلٍ مَخْرَجاً».
__________________________________________________
(1) أي يا غادر.
(2) السّلح: النّجو. «أقرب الموارد- سلح- 1: 531».
84
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79
9893/ «4»- الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ؛ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ، فَلَمْ يَعُدْ إِلَى ذَلِكَ الْكَلَامِ».
9894/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْمُكَتِّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قِيلَوَيْهِ «1» الْعَدْلُ بِالرَّافِقَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ كَثِيرٍ التَّمِيمِيُّ الْيَمَانِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَرْبٍ الْهِلَالِيَّ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ يَقُولُ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فِي نَفْسِي مَسْأَلَةٌ، أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَسْأَلَتِكَ [قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَنِي]، وَ إِنْ شِئْتَ فَسَلْ».
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، وَ بِأَيِّ شَيْءٍ تَعْرِفُ مَا فِي نَفْسِي قَبْلَ سُؤَالِي؟ قَالَ: «بِالتَّوَسُّمِ وَ التَّفَرُّسِ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ «2»، وَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ؟» قَالَ: فَقُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَخْبِرْنِي بِمَسْأَلَتِي. قَالَ: «أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، [لِمَ] لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ حَطِّهِ الْأَصْنَامَ عَنْ سَطْحِ الْكَعْبَةِ، مَعَ قُوَّتِهِ وَ شِدَّتِهِ وَ مَا ظَهَرَ مِنْهُ فِي قَلْعِ بَابِ الْقَمُوصِ بِخَيْبَرَ وَ الرَّمْيِ بِهِ إِلَى وَرَائِهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً، وَ كَانَ لَا يُطِيقُ حَمْلَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَرْكَبُ النَّاقَةَ وَ الْفَرَسَ وَ الْحِمَارَ، وَ رَكِبَ الْبُرَاقَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَ كُلُّ ذَلِكَ دُونَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْقُوَّةِ وَ الشِّدَّةِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: عَنْ هَذَا وَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ.
وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: «وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَمَّلَنِي ذُنُوبَ شِيعَتِكَ ثُمَّ غَفَرَهَا لِي، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ».
9895/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، قَالَ: «مَا كَانَ لَهُ ذَنْبٌ، وَ لَا هَمٌّ بِذَنْبٍ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ حَمَّلَهُ ذُنُوبَ شِيعَتِهِ ثُمَّ غَفَرَهَا لَهُ».
9896/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ- وَ يُكَنَّى بِأَبِي شُعَيْبٍ-، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِرَجُلٍ: أَذْنَبَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَطُّ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَقَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، فَمَا مَعْنَاهُ؟
__________________________________________________
(4)- تفسير العيّاشي 2: 120/ 12.
(5)- علل الشرائع: 173/ 1.
(6)- تفسير القمّيّ 2: 314.
(7)- ... تأويل الآيات 2: 591/ 1.
(1) في المصدر: بشر بن سعيد بن قلبويه.
(2) الحجر 15: 75.
85
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79
قَالَ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَمَّلَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذُنُوبَ شِيعَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، ثُمَّ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَ مَا تَأَخَّرَ.
9897/ «8»- قَالَ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: وَ يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ مَرْفُوعاً عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ أَيُّ ذَنْبٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُتَقَدِّماً أَوْ مُتَأَخِّراً؟ وَ إِنَّمَا حَمَّلَهُ اللَّهُ ذُنُوبَ شِيعَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مَنْ مَضَى مِنْهُمْ وَ مَنْ بَقِيَ، ثُمَّ غَفَرَهَا لَهُ».
9898/ «9»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ:
«وَ اللَّهِ مَا كَانَ لَهُ ذَنْبٌ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ضَمِنَ لَهُ أَنْ يَغْفِرَ ذُنُوبَ شِيعَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِمْ وَ مَا تَأَخَّرَ».
قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً- إلى قوله تعالى- فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [4- 10]
9899/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ». قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1»، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ».
9900/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «السَّكِينَةُ: الْإِيمَانُ».
9901/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ غَيْرِهِمَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ:
«هُوَ الْإِيمَانُ».
__________________________________________________
(8)- تأويل الآيات 2: 593/ 4.
(9)- مجمع البيان 9: 168.
(1)- الكافي 2: 12/ 1.
(2)- الكافي 2: 12/ 3.
(3)- الكافي 2: 13/ 4.
(1) المجادلة 58: 22.
86
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 4 الى 10 ص 86
9902/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ جَمِيلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: « [هُوَ] الْإِيمَانُ». قَالَ:
قُلْتُ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1»، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ». وَ عَنْ قَوْلِهِ: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى «2»، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ».
9903/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَ الْحَجَّالِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «3»: «كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مَاءً، وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذِكْرُهُ الْمَاءَ فَاضْطَرَمَ نَاراً، ثُمَّ أَمَرَ النَّارَ فَخَمَدَتْ، فَارْتَفَعَ مِنْ خُمُودِهَا دُخَانٌ، فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّمَاوَاتِ مِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ، وَ خَلَقَ الْأَرْضَ مِنَ الرَّمَادِ، ثُمَّ اخْتَصَمَ الْمَاءُ وَ النَّارُ وَ الرِّيحُ، فَقَالَ الْمَاءُ: أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ. وَ قَالَتِ النَّارُ: أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ. وَ قَالَتِ الرِّيحُ: أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ. فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى الرِّيحِ: أَنْتَ جُنْدِيَ الْأَكْبَرُ».
9904/ «6»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فهم الذين لم يخالفوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و لم ينكروا عليه الصلح. ثم قال: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إلى قوله تعالى: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ، و هم الذين أنكروا الصلح، و اتهموا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً* وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً* إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً.
ثمّ عطف المخاطبة على أصحابه، فقال: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ، ثمّ عطف على نفسه عزّ و جلّ فقال: وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا معطوف على قوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ.
و نزلت في بيعة الرضوان: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ «4»، و اشترط عليهم ألا ينكروا بعد ذلك على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) شيئا يفعله، و لا يخالفوه في شيء يأمرهم به، فقال اللّه عزّ و جلّ بعد نزول آية الرضوان: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً، و إنّما رضي عنهم بهذا الشرط أن يفوا بعد ذلك بعهد اللّه و ميثاقه، و لا ينقضوا عهده و عقده، فبهذا العقد رضي اللّه عنهم، فقدموا في التأليف آية الشرط على بيعة
__________________________________________________
(4)- الكافي 2: 13/ 5.
(5)- الكافي 8: 95/ 68.
(6)- تفسير القمّيّ 2: 315.
(1) المجادلة 58: 22.
(2) الفتح 48: 26.
(3) في «ج» أبو عبد اللّه (عليه السّلام)
(4) الفتح 48: 18.
87
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 4 الى 10 ص 86
الرضوان، و إنّما نزلت أولا بيعة الرضوان ثمّ آية الشرط عليهم فيها.
و قد تقدم حديث في الآية، في قوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ في سورة الزخرف، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) «1».
قوله تعالى:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ [18- 25]
9905/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَيْنِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَنَا الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ بِمُؤَازَرَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَحْتَ الشَّجَرَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ».
9906/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: «أَلْفاً وَ مِائَتَيْنِ» قُلْتُ: هَلْ كَانَ فِيهِمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)؟ قَالَ: «نَعَمْ [عَلِيٌ] سَيِّدُهُمْ وَ شَرِيفُهُمْ».
9907/ «3»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ. قَالَ جَابِرٌ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفاً وَ أَرْبَعَمِائَةٍ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَنْتُمْ خِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ» فَبَايَعَنَا تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى الْمَوْتِ، فَمَا نَكَثَ أَصْلًا أَحَدٌ إِلَّا ابْنُ قَيْسٍ، وَ كَانَ مُنَافِقاً «2»، وَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لِأَنَّهُ قَالَ: وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً يَعْنِي [فَتْحَ] خَيْبَرَ، وَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
9908/ «4»- علي بن إبراهيم: ثم ذكر الأعراب الذين تخلفوا عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فقال:
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 268.
(2)- تأويل الآيات 2: 595/ 7.
(3)- مناقب الخوارزمي: 195.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 315.
(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (55) من سورة الزخرف.
(2) (فما نكث ... و كان منافقا) ليس في المصدر.
88
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 11 الى 25 ص 88
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا، إلى قوله تعالى وَ كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً «1»، أي قوم سوء، و هم الذين استنفرهم في الحديبية. و لما رجع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إلى المدينة من الحديبية غزا خيبر فاستأذنه المخلفون أن يخرجوا معه، فأنزل اللّه: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا «2».
ثمّ قال: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً «3».
ثمّ رخص عزّ و جلّ في الجهاد، فقال: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، ثمّ قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً «4». ثم قال: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَ كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ، يعني فتح خيبر: وَ لِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ.
ثم قال: وَ أُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً، ثمّ قال: وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ، أي بعد أن أممتم من المدينة إلى الحرم، و طلبوا منكم الصلح، بعد أن كانوا يغزونكم بالمدينة صاروا يطلبون الصلح، بعد إذ كنتم [أنتم] تطلبون الصلح منهم.
9909/ «5»- وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ زُرَارَةَ، وَ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ مَعَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً حَتَّى جَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَ الْمُشْرِكُونَ يَسْتَغِيثُونَ».
9910/ «6»- علي بن إبراهيم: ثم أخبر اللّه عزّ و جلّ نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) بعلة الصلح، و ما أجاز اللّه لنبيه، فقال:
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ يعني بمكّة: لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فأخبر اللّه نبيه أن علة الصلح إنّما كان للمؤمنين و المؤمنات الذين كانوا بمكّة، و لو لم يكن صلح و كانت الحرب لقتلوا، فلما كان الصلح آمنوا و أظهروا الإسلام، و يقال: إن ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم.
__________________________________________________
(5)- تفسير العيّاشي 2: 54/ 43.
(6)- تفسير القمّيّ 2: 316.
(1) الفتح 48: 11، 12.
(2) الفتح 48: 15.
(3) الفتح 48: 16.
(4) الفتح 48: 17.
89
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 11 الى 25 ص 88
قوله تعالى:
لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً [25]
9911/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [قَالَ]: قُلْتُ لَهُ:
مَا بَالُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَمْ يُقَاتِلْ فُلَاناً وَ فُلَاناً «1»؟ قَالَ: «لِآيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً».
قَالَ: قُلْتُ: وَ مَا يَعْنِي بِتَزَايُلِهِمْ؟ قَالَ: «وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ فِي أَصْلَابِ قَوْمٍ كَافِرِينَ، وَ كَذَلِكَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَنْ يَظْهَرَ أَبَداً حَتَّى تَخْرُجَ وَدَائِعُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَإِذَا خَرَجَتْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَتَلَهُمْ».
9912/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُظَفَّرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَوِيّاً فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟ قَالَ:
«بَلَى» قَالَ: فَكَيْفَ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ، وَ كَيْفَ لَمْ يَدْفَعْهُمْ، وَ مَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنَعَتْهُ».
قَالَ: قُلْتُ: وَ أَيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟ قَالَ: «قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً، إِنَّهُ كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ فِي أَصْلَابِ قَوْمٍ كَافِرِينَ وَ مُنَافِقِينَ، فَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِيَقْتُلَ الْآبَاءَ حَتَّى تَخْرُجَ الْوَدَائِعُ، فَلَمَّا خَرَجَتِ الْوَدَائِعُ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ، فَقَاتَلَهُ وَ كَذَلِكَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، لَنْ يَظْهَرَ أَبَداً حَتَّى تَظْهَرَ وَدَائِعُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَإِذَا ظَهَرَتْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ، فَقَتَلَهُ».
9913/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُظَفَّرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِيُّ السَّمَرْقَنْدِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَبْرَئِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً: «لَوْ أَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا فِي أَصْلَابِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَ مَا فِي أَصْلَابِ الْكَافِرِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا».
9914/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، قَالَ:
__________________________________________________
(1)- كمال الدين و تمام النعمة: 641.
(2)- كمال الدين و تمام النعمة: 641.
(3)- كمال الدين و تمام النعمة: 642.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 316.
(1) في المصدر: يقاتل مخالفيه في الأول.
90
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح الآيات 11 الى 25 ص 88
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْخَشَّابُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ فُلَانٍ الْكَرْخِيِّ، [قَالَ:] قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ قَوِيّاً فِي بَدَنِهِ، قَوِيّاً بِأَمْرِ اللَّهِ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «بَلَى». قَالَ: فَمَا مَعَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَوْ يَمْتَنِعَ؟ قَالَ: «سَأَلْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ، مَنَعَ عَلِيّاً مِنْ ذَلِكَ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
فَقَالَ: وَ أَيُّ آيَةٍ؟ فَقَرَأَ: «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً، إِنَّهُ كَانَ لِلَّهِ وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ فِي أَصْلَابِ قَوْمٍ كَافِرِينَ وَ مُنَافِقِينَ، فَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِيَقْتُلَ الْآبَاءَ حَتَّى تَخْرُجَ الْوَدَائِعُ، فَلَمَّا خَرَجَتْ، ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ وَ قَتَلَهُ، وَ كَذَلِكَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَمْ يَظْهَرْ أَبَداً حَتَّى تَخْرُجَ وَدَائِعُ اللَّهِ، فَإِذَا خَرَجَتْ يَظْهَرُ عَلَى مَنْ يَظْهَرُ فَيَقْتُلُهُ».
قوله تعالى:
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [26] 9915/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم قال: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ يعني قريشا و سهيل بن عمرو، حين قالوا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): لا نعرف الرحمن الرحيم «1»، و قولهم: لو علمنا أنك رسول اللّه ما حاربناك، فاكتب: محمّد بن عبد اللّه. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً، تقدم معنى السكينة و معنى كلمة التقوى عن قريب في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «2».
9916/ «2»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، قَالَ: «أَخْبَرَنَا مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْداً، فَقُلْتُ: رَبِّ بَيِّنْهُ لِي: قَالَ: اسْمَعْ. قُلْتُ: سَمِعْتُ. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ عَلِيّاً رَايَةُ الْهُدَى بَعْدَكَ، وَ إِمَامُ أَوْلِيَائِي، وَ نُورُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ الْمُتَّقِينَ، فَمَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ».
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 317.
(2)- أمالي الطوسيّ 1: 250.
(1) في المصدر: و الرحيم.
(2) تقدّم في تفسير الآيات (4- 10) من هذه السورة.
91
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح آية 26 ص 91
9917/ «3»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رِجَالِهِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ لِمَوْلَايَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها؟ قَالَ: «هِيَ وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
9918/ «4»- قَالَ: وَ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، فِي تَفْسِيرِهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَسَحَ فِي بَصَرِي غَلْوَةً، كَمَا يَرَى الرَّاكِبُ خَرْقَ الْإِبْرَةِ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ، فَعَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي فِي عَلِيٍّ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: اسْمَعْ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ عَلِيّاً إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ، وَ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ». قَالَ: «فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ، فَأَلْقَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَاجِداً شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ إِنِّي لَأُذْكَرُ هُنَاكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيَعْرِفُكَ هُنَاكَ، وَ إِنَّكَ لَتُذْكَرُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى».
9919/ «5»- وَ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): «لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَسَحَ لِي فِي بَصَرِي غَلْوَةً، كَمِثَالِ مَا يَرَى الرَّاكِبُ خَرْقَ الْإِبْرَةِ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ، وَ عَهِدَ إِلَيَّ فِي عَلِيٍّ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّي.
فَقَالَ: إِنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ، فَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ». قَالَ: «فَبَشَّرَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّي أُذْكَرُ هُنَاكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّكَ لَتُذْكَرُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى».
9920/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ غَالِبٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)، قَالَ: «قَالَ لِيَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، أُوقِفْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ. فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَبِّ وَ سَعْدَيْكَ، قَالَ: قَدْ بَلَوْتَ خَلْقِي، فَأَيَّهُمْ وَجَدْتَ أَطْوَعَ لَكَ؟ قُلْتُ: رَبِّ عَلِيّاً. قَالَ: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ، فَهَلْ اتَّخَذْتَ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً يُؤَدِّي عَنْكَ، وَ يُعَلِّمُ عِبَادِي مِنْ كِتَابِي مَا لَا يَعْلَمُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ لَا، فَاخْتَرْ لِي، فَإِنَّ خِيَرَتَكَ خَيْرٌ لِي، قَالَ: قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ عَلِيّاً، فَاتَّخِذْهُ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً وَ وَصِيّاً، وَ قَدْ نَحَلْتُهُ عِلْمِي وَ حِلْمِي، وَ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً، لَمْ يَنَلْهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ.
يَا مُحَمَّدُ، عَلِيٌّ رَايَةُ الْهُدَى، وَ إِمَامُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ نُورُ أَوْلِيَائِي، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ. مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ، يَا مُحَمَّدُ». قَالَ: «فَبَشَّرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَ فِي قَبْضَتِهِ، إِنْ يُعَاقِبْنِي فَبِذَنْبِي لَمْ يَظْلِمْنِي، وَ إِنْ يُتِمَّ لِي مَا وَعَدَنِي فَاللَّهُ أَوْلَى بِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اللَّهُمَّ اجْلُ قَلْبَهُ، وَ اجْعَلْ رَبِيعَهُ الْإِيمَانَ بِكَ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِ
__________________________________________________
(3)- تأويل الآيات 2: 595/ 8.
(4)- تأويل الآيات 2: 595/ 9.
(5)- الإختصاص: 53.
(6)- تأويل الآيات 2: 596/ 10.
92
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح آية 26 ص 91
يَا مُحَمَّدُ، غَيْرَ أَنِّي مُخْتَصُّهُ بِالْبَلَاءِ بِمَا لَا أَخْتَصُّ بِهِ أَحَداً مِنْ أَوْلِيَائِي. قَالَ: قُلْتُ: رَبِّ أَخِي وَ صَاحِبِي؟ قَالَ: إِنَّهُ [قَدْ] سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنَّهُ مُبْتَلًى وَ مُبْتَلًى بِهِ، وَ لَوْ لَا عَلِيٌّ لَمْ تُعْرَفْ أَوْلِيَائِي، وَ لَا أَوْلِيَاءُ رَسُولِي».
وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُقْدَةَ، يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْهَاشِمِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْأَبْرَدِ النَّخَعِيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا غَالِبٌ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ». وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ.
وَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَقِيتُ نَصْرَ بْنَ مُزَاحِمٍ الْمِنْقَرِيَّ، فَحَدَّثَنِي عَنْ غَالِبٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ». وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ. فَلَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ [فَذَكَرْتُ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: «حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ]، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى». وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ «1».
9921/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُنْذِرٍ، عَنْ مِسْكِينٍ الرَّحَّالِ «2» الْعَابِدِ- وَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ، وَ بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ الرَّسَّانُ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ؛ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيَّ فِي عَلِيٍّ عَهْداً، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لِي. فَقَالَ:
اسْمَعْ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ قَدْ سَمِعْتُ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَخْبِرْ عَلِيّاً بِأَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَ سَيِّدُ أَوْصِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ، وَ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ، وَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ».
قوله تعالى:
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ- إلى قوله تعالى: فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً [27] 9922/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: و أنزل في تطهير «3» الرؤيا التي رآها رسول اللّه:
__________________________________________________
(7)- تأويل الآيات 2: 2: 597/ 11.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 317.
(1) أمالي الطوسيّ 1: 353.
(2) في المصدر: مسكين الرجل.
(3) في نسخة من «ط» و المصدر: تظهير.
93
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح آية 27 ص 93
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً يعني فتح خيبر، لأن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لما رجع من الحديبية غزا خيبر.
9923/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْآدَمِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الْعَطَّارِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَنَا: أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ؟ فَنَقُولُ: نَعَمْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَيَقُولُونَ: أَ لَيْسَ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْجَنَّةِ؟ فَنَقُولُ: بَلَى. فَيَقُولُونَ: أَ فَأَنْتُمْ فِي الْجَنَّةِ؟ فَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا ضَعُفْنَا وَ انْكَسَرْنَا عَنِ الْجَوَابِ. قَالَ: فَقَالَ: «إِذَا قَالُوا لَكُمْ: أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ؟ فَقُولُوا:
نَعَمْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
قَالَ: قُلْتُ: وَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُمْ لِأَنَّكُمْ شُكَّاكٌ. قَالَ: فَقُولُوا لَهُمْ: وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ بِشُكَّاكٍ، وَ لَكِنَّا اسْتَثْنَيْنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ، وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُونَهُ أَوَّلًا، وَ قَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ مُؤْمِنِينَ، وَ لَمْ يُسَمِّ مَنْ رَكِبَ الْكَبَائِرَ، وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ النَّارَ فِي قُرْآنٍ وَ لَا أَثَرٍ، فَلَا يُسَمِّيهِمْ بِالْإِيمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ».
قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [28] 9924/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: و هو الإمام الذي يظهره اللّه على الدين كله، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا. و هذا ممّا ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله.
9925/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ ابْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْمُنَخَّلِ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «1»، قَالَ: «يُظْهِرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الرَّجْعَةِ».
__________________________________________________
(1)- معاني الأخبار: 413/ 105.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 317.
(3)- مختصر بصائر الدرجات: 17.
(1) التوبة 9: 33، الصف 61: 9.
94
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح آية 28 ص 94
9926/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ؟ قَالَ:
«هُوَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولَهُ [بِالْوَلَايَةِ] لِوَصِيِّهِ، وَ الْوَلَايَةُ هِيَ دِينُ الْحَقِّ».
قُلْتُ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؟ قَالَ: «يُظْهِرُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ عِنْدَ قِيَامِ الْقَائِمِ، يَقُولُ اللَّهُ: وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ، وَلَايَةِ الْقَائِمِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «1» بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
وَ رَوَاهُ ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ فِي (الْمَنَاقِبِ)، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «2».
قوله تعالى:
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً [29] 9927/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم أعلم اللّه عزّ و جلّ أن صفة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و صفة «3» أصحابه المؤمنين في التوراة و الإنجيل مكتوب، فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، يعني: يقتلون الكفّار و هم أشداء عليهم، و فيما بينهم رحماء، تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ.
ثمّ ضرب لهم مثلا، فقال: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ، يعني فلانا «4» فَآزَرَهُ، يعني فلانا فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً.
9928/ «2»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ فِي (الْمَحَاسِنِ): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ لِأَبِيهِ وَ أُمِّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ طِينَتَهُمَا مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، وَ هِيَ مِنْ طِينَةِ الْجِنَانِ. ثُمَّ تَلَا: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، فَهَلْ يَكُونُ الرَّحِيمُ إِلَّا بَرّاً وَصُولًا». وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «وَ أَجْرَى فِيهِمَا مِنْ رَوْحِ رَحْمَتِهِ».
__________________________________________________
(3)- الكافي 1: 358/ 91.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 317. و قطعة منه في المخطوطة: 121.
(2)- المحاسن: 134/ 11.
(1) الصف 61: 8.
(2) المناقب 3: 82.
(3) في المصدر: صفة نبيّه و.
(4) في المصدر زيادة: و فلانا.
95
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح آية 29 ص 95
9929/ «3»- وَ أَحْمَدُ الْبَرْقِيُّ أَيْضاً: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَجْرَى فِي الْمُؤْمِنِ مِنْ رِيحِ رَوْحِ اللَّهِ، وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ».
9930/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى، يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «1»، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ صِفَةَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ صِفَةَ أَصْحَابِهِ، وَ مَبْعَثَهُ وَ مُهَاجَرَهُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ، فَهَذِهِ صِفَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ صِفَةُ أَصْحَابِهِ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ، فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، عَرَفَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ، كَمَا قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ».
9931/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، بِإِسْنَادِهِ فِي (الْفَقِيهِ): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، قَالَ: «هُوَ السَّهَرُ فِي الصَّلَاةِ».
9932/ «6»- ابْنُ الْفَارِسِيِّ فِي (الرَّوْضَةِ): سَأَلَ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، قَالَ: «هُوَ السَّهَرُ فِي الصَّلَاةِ».
9933/ «7»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا)، قَالَ: «اسْتَوَى الْإِسْلَامُ بِسَيْفِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
9934/ «8»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن عيسى بن إسحاق، عن الحسن بن الحارث بن طليب، عن أبيه، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ، قال: قوله تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ، أصل الزرع عبد المطلب، و شطأه محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، و يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ، قال: عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)».
__________________________________________________
(3)- المحاسن 131/ 2.
(4)- تفسير القمّيّ 1: 32.
(5)- من لا يحضره الفقيه 1: 299/ 1369.
(6)- روضة الواعظين: 321.
(7)- ... غاية المرام: 442.
(8)- تأويل الآيات 2: 600/ 13.
(1) البقرة 2: 146.
96
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح آية 29 ص 95
9935/ «9»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا دِعْبِلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً، قَالَ: سَأَلَ قَوْمٌ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟
قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، عُقِدَ لِوَاءٌ مِنْ نُورٍ أَبْيَضَ، وَ نَادَى مُنَادٍ: لِيَقُمْ سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ [وَ مَعَهُ الَّذِينَ آمَنُوا بَعْدَ بَعْثِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]، فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَيُعْطِي اللَّهُ اللِّوَاءَ مِنَ النُّورِ الْأَبْيَضِ بِيَدِهِ، تَحْتَهُ جَمِيعُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ، حَتَّى يَجْلِسَ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعِزَّةِ، وَ يُعْرَضُ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ، رَجُلًا رَجُلًا، فَيُعْطَى أَجْرَهُ وَ نُورَهُ، فَإِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، قِيلَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ مَوْضِعَكُمْ وَ مَنَازِلَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، إِنَّ رَبَّكُمْ يَقُولُ: عِنْدِي لَكُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ يَعْنِي الْجَنَّةَ فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ الْقَوْمُ تَحْتَ لِوَائِهِ مَعَهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنْبَرِهِ، وَ لَا يَزَالُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَ يَتْرُكُ أَقْوَاماً عَلَى النَّارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ «1»، يَعْنِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَهْلَ الْوَلَايَةِ لَهُ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «2»، هُمُ الَّذِينَ قَاسَمَ عَلَيْهِمُ النَّارَ فَاسْتَحَقُّوا الْجَحِيمَ».
9936/ «10»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: رَوَاهُ مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ، يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَأَلَ قَوْمٌ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟
قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عُقِدَ لِوَاءٌ مِنْ نُورٍ أَبْيَضَ، وَ نَادَى مُنَادٍ: لِيَقُمْ سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَعَهُ الَّذِينَ آمَنُوا بَعْدَ بَعْثِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَيُعْطَى اللِّوَاءَ مِنَ النُّورِ الْأَبْيَضِ بِيَدِهِ، وَ تَحْتَهُ جَمِيعُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ، حَتَّى يَجْلِسَ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعِزَّةِ، وَ يُعْرَضُ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ رَجُلًا رَجُلًا، فَيُعْطِيهِ أَجْرَهُ وَ نُورَهُ، فَإِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، قِيلَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ صِفَتَكُمْ وَ مَنَازِلَكُمْ فِي الْجَنَّةِ، إِنَّ رَبَّكُمْ يَقُولُ: إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً- يَعْنِي الْجَنَّةَ- فَيَقُومُ عَلِيٌّ وَ الْقَوْمُ تَحْتَ لِوَائِهِ مَعَهُ، يَدْخُلُ بِهِمُ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنْبَرِهِ، فَلَا يَزَالُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَ يَتْرُكُ «3» أَقْوَاماً عَلَى النَّارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ، يَعْنِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَهْلُ الْوَلَايَةِ لَهُ:
__________________________________________________
(9)- أمالي الطوسيّ 1: 387.
(10)- ... مناقب ابن المغازلي: 322/ 369.
(1) الّذي في سورة الحديد 57: 19 وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ.
(2) الحديد 57: 19.
(3) في «ج»: و ينزل.
97
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح آية 29 ص 95
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «1»، يَعْنِي كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِالْوَلَايَةِ وَ بِحَقِّ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
(1) الحديد 57: 19.
98
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الفتح آية 29 ص 95
سورة الحجرات
فضلها
9937/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْحُجُرَاتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ، كَانَ مِنْ زُوَّارِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
9938/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى وَ عَدَدِ مَنْ عَصَاهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ فِي قِتَالٍ أَوْ خُصُومَةٍ أَمِنَ خَوْفَ ذَلِكَ، وَ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ بَابَ كُلِّ خَيْرٍ».
9939/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ فِي قِتَالِ أَوْ خُصُومَةٍ، نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ فَتَحَ لَهُ بَابَ كُلِّ خَيْرٍ».
9940/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى الْمَتْبُوعِ، أَمِنَ مِنَ شَيْطَانِهِ، وَ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ، وَ أَمِنَ مِنْ كُلِّ مَا يَحْذَرُ مِنَ الْخَوْفِ، وَ الْمَرْأَةُ إِذَا شَرِبَتْ مَاءَهَا دَرَّتِ اللَّبَنُ بَعْدَ إِمْسَاكِهِ، وَ حُفِظَ جَنِينُهَا، وَ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَ مَحْذُورٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
(1)- ثواب الأعمال: 115.
(2)- .....
(3)- .....
(4)- خواص القرآن: 7 «مخطوط».
99
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 1 ص 100
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [1]
9941/ «1»- الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): رُوِيَ عَنِ ابْنِ كُدَيْنَةَ الْأَوْدِيِّ «1»، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فِيمَنْ نَزَلَتْ؟ قَالَ: «فِي رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ».
9942/ «2»- علي بن إبراهيم: نزلت في وفد بني تميم، كانوا إذا قدموا على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وقفوا على باب حجرته، فنادوا: يا محمد، اخرج إلينا، و كانوا إذا خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) تقدموه في المشي، و كانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته، يقولون: يا محمد؛ يا محمد؛ ما تقول في كذا و كذا؟ كما يكلمون بعضهم بعضا، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ
__________________________________________________
(1)- الإختصاص: 128.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 318.
(1) كذا، و لعلّه، أبو كدينة الكوفيّ، يحيى بن المهلب البجلي، انظر تهذيب التهذيب 11: 289، تقريب التهذيب 2: 359 و 466.
100
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 2 الى 5 ص 100
وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ* وَ لَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [2- 5] 9943/ «1»- الزمخشري في (ربيع الأبرار)، قال: كان قوم من سفهاء بني تميم، أتوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فقالوا: يا محمد، اخرج إلينا نكلمك. فغم ذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و ساءه ما ظهر من سوء أدبهم، فأنزل اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.
9944/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جُفَيْرُ بْنُ حُكَيْمٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الرَّحَبَةِ، ثُمَّ قَالَ: «لَمَّا كَانَ فِي زَمَانِ الْحُدَيْبِيَةِ، خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أُنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ مَكَّةَ، فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ جَارُنَا وَ حَلِيفُنَا وَ ابْنُ عَمِّنَا، وَ قَدْ لَحِقَ بِكَ أُنَاسٌ مِنْ أَبْنَائِنَا وَ إِخْوَانِنَا وَ أَقَارِبِنَا، لَيْسَ بِهِمُ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ، وَ لَا رَغْبَةٌ فِيمَا عِنْدَكَ، وَ لَكِنْ إِنَّمَا خَرَجُوا فِرَاراً مِنْ ضِيَاعِنَا وَ أَعْمَالِنَا وَ أَمْوَالِنَا، فَارْدُدْهُمْ عَلَيْنَا. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ: انْظُرْ مَا يَقُولُونَ. فَقَالَ: صَدَقُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ جَارُهُمْ، فَارْدُدْهُمْ عَلَيْهِمْ. قَالَ: ثُمَّ دَعَا عُمَرَ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عِنْدَ ذَلِكَ: لَنْ تَنْتَهُوا- يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ- حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلتَّقْوَى، يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا. فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَ لَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ، وَ كُنْتُ أَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
__________________________________________________
(1)- ربيع الأبرار 2: 305.
(2)- تأويل الآيات 2: 2: 602/ 1.
101
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 2 الى 5 ص 100
9945/ «3»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي (مُسْنَدِهِ)، يَرْفَعُهُ إِلَى رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالرَّحَبَةِ، قَالَ: «اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالُوا:
يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَنَا لَحِقُوا بِكَ، فَارْدُدْهُمْ عَلَيْنَا، فَغَضِبَ حَتَّى رُئِيَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَتَنْتَهُنَّ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ رَجُلًا مِنْكُمْ، امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ؟
قَالَ: لَا. قِيلَ: فَعُمَرُ؟ قَالَ: لَا، وَ لَكِنْ خَاصِفُ النَّعْلِ فِي الْحُجْرَةِ».
ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً أَوْلَجْتُهُ «1» النَّارَ».
9946/ «4»- وَ مِنَ (الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ) لِلْعَبْدَرِيِّ: مِنْ (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ)، وَ (صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ)، يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَاءَتْ إِلَيْنَا أُنَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَقَالُوا: قَدْ خَرَجَ إِلَيْكُمْ مِنْ أَبْنَائِنَا وَ أَقَارِبِنَا، وَ إِنَّمَا خَرَجُوا فِرَاراً مِنْ خِدْمَتِنَا فَارْدُدْهُمْ إِلَيْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَتَنْتَهُنَّ عَنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ بِالسَّيْفِ [عَلَى] الدِّينِ، امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مِنْهُمْ خَاصِفُ النَّعْلِ». وَ كَانَ قَدْ أَعْطَى عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا.
9947/ «5»- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: عَنِ التِّرْمِذِيِّ، فِي (صَحِيحِهِ)، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، فِي خَبَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لِسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَ قَدْ سَأَلَهُ رَدَّ جَمَاعَةٍ فِرُّوا إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ، قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ عَلَى الْإِيمَانِ». قَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ». وَ كَانَ أَعْطَى عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا.
الْخَطِيبُ فِي (التَّارِيخِ)، وَ السَّمْعَانِيُّ فِي (الْفَضَائِلِ): أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ». الْحَدِيثِ سَوَاءً «2».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ [6]
__________________________________________________
(3)- فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 649/ 1105.
(4)- العمدة: 226/ 357، تحفة الأبرار: 123 «مخطوط».
(5)- سنن الترمذي 5: 634/ 3715، تحفة الأبرار: 124 «مخطوط».
(1) في المصدر: فليلج.
(2) تاريخ بغداد 8: 433، إحقاق الحقّ 5: 609 عن السمعاني.
102
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 6 ص 102
9948/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْفُسُوقِ، فَقَالَ: «الْفُسُوقُ هُوَ الْكَذِبُ، أَ لَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ».
9949/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَيْسَ هُوَ مِنْكَ، وَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جُرَيحٍ الْقِبْطِيِّ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ إِلَيْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «خُذْ هَذَا السَّيْفَ وَ أْتِنِي بِرَأْسِ جُرَيحٍ». فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) السَّيْفَ، ثُمَّ قَالَ: «بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ إِذَا بَعَثْتَنِي فِي أَمْرٍ أَكُونُ فِيهِ كَالسَّفُّودِ «1» الْمَحْمِيِّ فِي الْوَبَرِ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي، أَثَّبَّتُ فِيهِ أَمْ أَمْضِي عَلَى ذَلِكَ؟». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «بَلْ تَثَبَّتْ» فَجَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى مَشْرَبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، فَتَسَلَّقَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ جُرَيحٌ هَرَبَ مِنْهُ وَ صَعِدَ النَّخْلَةَ، فَدَنَا مِنْهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ لَهُ: «انْزِلْ» فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، مَا هَاهُنَا أُنَاسٌ، إِنِّي مَجْبُوبٌ «2»، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ عَوْرَتِهِ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ، فَأَتَى [بِهِ] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَا شَأْنُكَ يَا جُرَيْحُ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْقِبْطَ يَجُبُّونَ حَشَمَهُمْ وَ مَنْ يَدْخُلُ إِلَى أَهْلِيهِمْ، وَ الْقِبْطِيُّونَ لَا يَأْنَسُونَ إِلَّا بِالْقِبْطِيِّينَ، فَبَعَثَنِي أَبُوهَا لِأَدْخُلَ إِلَيْهَا وَ أَخْدُمَهَا وَ أُؤنِسَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا، الْآيَةَ.
وَ قَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ فِي سُورَةِ النُّورِ، بِحَدِيثٍ مُسْنَدٍ عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «3».
9950/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ رُشَيْدٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمَرَ بِقَتْلِ الْقِبْطِيِّ، وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا كَذَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَ إِنَّمَا دَفَعَ اللَّهُ عَنِ الْقِبْطِيِّ الْقَتْلَ بِتَثَبُّتِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)؟ فَقَالَ: «بَلَى قَدْ كَانَ وَ اللَّهِ
__________________________________________________
(1)- معاني الأخبار: 294/ 1.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 318.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 319.
(1) السّفّود: حديدة ذات شعب معقّفة، معروف، يشوى به اللحم. «لسان العرب 3: 218».
(2) أي مقطوع الذكر. «النهاية 1: 233».
(3) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (11) من سورة النور.
103
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 6 ص 102
عَلِمَ، وَ لَوْ كَانَتْ عَزِيمَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا انْصَرَفَ «1» عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى يَقْتُلَهُ، وَ لَكِنْ إِنَّمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِتَرْجِعَ عَنْ ذَنْبِهَا، فَمَا رَجَعَتْ، وَ لَا اشْتَدَّ عَلَيْهَا قَتْلُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِكَذِبِهَا».
و الروايات تقدمت في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ «2».
9951/ «4»- وَ قَالَ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي (تَفْسِيرِهِ) مَا صُورَةُ لَفْظِهِ: قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: «إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ مَارِيَةَ يَأْتِيهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا، وَ لَطَّخَتْهَا بِالْفَاحِشَةِ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ لَهَا: إِنْ كُنْتِ صَادِقَةً فَأَعْلِمِينِي إِذَا دَخَلَ إِلَيْهَا، فَرَصَدَتْهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا ابْنُ عَمِّهَا أَخْبَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَتْ: هُوَ الْآنَ عِنْدَهَا. فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، خُذْ هَذَا السَّيْفَ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ عِنْدَهَا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ- قَالَ- فَأَخَذَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) السَّيْفَ، وَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا بَعَثْتَنِي بِالْأَمْرِ أَكُونُ كَالسَّفُّودِ الْمَحْمِيِّ بِالْوَبَرِ، أَوْ أَثَبَّتُ؟ فَقَالَ: تَثَبَّتْ قَالَ: فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَعَهُ السَّيْفُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَابِ وَجَدَهُ مُغْلَقاً، فَأَلْزَمَ عَيْنَيْهِ نَقْبَ الْبَابِ، فَلَمَّا رَأَى الْقِبْطِيُّ عَيْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْبَابِ، فَزِعَ وَ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ الْآخَرِ، فَصَعِدَ نَخْلَةً، وَ تَسَوَّرَ عَلِيٌّ الْحَائِطَ، فَلَمَّا رَأَى الْقِبْطِيُّ عَلِيّاً وَ مَعَهُ السَّيْفُ، حَسَرَ عَنْ عَوْرَتِهِ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ، فَصَدَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِوَجْهِهِ عَنْهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَا رَأَى فَتَهَلَّلَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُعَاقِبْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ سُوءِ مَا يَلْحَظُونَنَا بِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ».
فَقَالَ زُرَارَةُ: إِنَّ الْعَامَّةَ يَقُولُونَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَخْبَرَهُ عَنْ بَنِي خُزَيْمَةَ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ؟ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا زُرَارَةُ، أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا وَ لَهَا ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ؟ فَهَذَا الَّذِي فِي أَيْدِي النَّاسِ ظَهْرُهَا، وَ الَّذِي حَدَّثْتُكَ بِهِ بَطْنُهَا».
9952/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ) فِي حَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ مَا جَرَى بَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ بِمَحْضَرِهِ، فَقَالَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا أَنْتَ يَا وَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَوَ اللَّهِ مَا أَلُومُكَ أَنْ تُبْغِضَ عَلِيّاً، وَ قَدْ جَلَدَكَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَ قَتَلَ أَبَاكَ صَبْراً بِيَدِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، أَمْ كَيْفَ تَسُبَّهُ وَ قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ مُؤْمِناً فِي عَشْرِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَ سَمَّاكَ فَاسِقاً! وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ «3»، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ، وَ مَا أَنْتَ وَ ذِكْرُ قُرَيْشٍ، وَ إِنَّمَا أَنْتَ ابْنُ عِلْجٍ، مِنْ أَهْلِ صَفُورِيَّةَ، يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ».
__________________________________________________
(4)- تأويل الآيات: 584. «طبع جماعة المدرسين».
(5)- الإحتجاج: 276.
(1) في المصدر: القتل ما رجع.
(2) تقدّمت في تفسير الآية (11) من سورة النور.
(3) السجدة 32: 18.
104
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 7 ص 105
قوله تعالى:
وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ [7]
9953/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ، وَ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، وَ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ، وَ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي فُسْطَاطِهِ بِمِنًى، فَنَظَرَ إِلَى زِيَادٍ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعَ الرِّجْلَيْنِ فَرَثَى لَهُ «1»، وَ قَالَ: «مَا لِرِجْلَيْكَ هَكَذَا؟» قَالَ: جِئْتُ عَلَى بَكْرٍ لِي نِضْوٍ «2»، فَكُنْتُ أَمْشِي عَنْهُ عَامَّةَ الطَّرِيقِ؛ فَرَثَى لَهُ، وَ قَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ زِيَادٌ: إِنِّي أُلِمُّ بِالذُّنُوبِ حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ هَلَكْتُ ذَكَرْتُ حُبَّكُمْ فَرَجَوْتُ النَّجَاةَ، وَ تَجَلَّى عَنِّي.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ هَلْ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ، وَ قَالَ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ «3»، وَ قَالَ: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ «4»، إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُحِبُّ الْمُصَلِّينَ وَ لَا أُصَلِّي، وَ أُحِبُّ الصَّوَّامِينَ وَ لَا أَصُومُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، وَ لَكَ مَا اكْتَسَبْتُ».
وَ قَالَ: «مَا تَبْغُونَ وَ مَا تُرِيدُونَ، أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ فُزْعَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَزِعَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَأْمَنِهِمْ، وَ فَزِعْنَا إِلَى نَبِيِّنَا، وَ فَزِعْتُمْ إِلَيْنَا».
9954/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ:
«يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)»: وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ: «الْأَوَّلَ وَ الثَّانِيَ وَ الثَّالِثَ».
9955/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْحُبِّ وَ الْبُغْضِ، أَ مِنَ الْإِيمَانِ هُوَ؟ فَقَالَ: «وَ هَلْ الْإِيمَانُ إِلَّا الْحُبُّ وَ الْبُغْضُ». ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
__________________________________________________
(1)- الكافي 8: 79/ 35.
(2)- الكافي 1: 353/ 71.
(3)- الكافي 2: 102/ 5.
(1) رثى له: أي رقّ له. «الصحاح 6: 2352».
(2) البكر: الفتيّ من الإبل. «لسان العرب 4: 79»، و النّضو، بالكسر: البعير المهزول، و قيل: هو المهزول من جميع الدوابّ. «لسان العرب 15:
330».
(3) آل عمران 3: 31.
(4) الحشر 59: 9.
105
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 7 ص 105
حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ.
9956/ «4»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْحُبِّ وَ الْبُغْضِ، أَ مِنَ الْإِيمَانِ هُوَ؟ قَالَ: «وَ هَلِ الْإِيمَانُ إِلَّا الْحُبُّ» «1»، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ.
9957/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ زِيَادٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثٍ لَهُ قَالَ: «يَا زِيَادُ وَيْحَكَ، وَ هَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ، أَ لَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «2»؟ أَ وَ لَا تَرَى قَوْلَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ؟ وَ قَالَ: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ «3»- فَقَالَ- الدِّينُ هُوَ الْحُبُّ، وَ الْحُبُّ هُوَ الدِّينُ».
9958/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ:
«يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)». وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ. «الْأَوَّلَ وَ الثَّانِيَ وَ الثَّالِثَ» «4».
9959/ «7»- الطَّبْرِسِيُّ: الْفُسُوقُ: هُوَ الْكَذِبُ؛ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
قوله تعالى:
وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [9]
__________________________________________________
(4)- المحاسن: 262/ 326.
(5)- المحاسن: 262/ 327.
(6)- تفسير القمّيّ 2: 319.
(7)- مجمع البيان 9: 200.
(1) زاد في المصدر: و البغض.
(2) آل عمران 3: 31.
(3) الحشر 59: 9.
(4) في المصدر: فلان و فلان و فلان
106
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 9 ص 106
9960/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ؟ قَالَ: «الْفِئَتَانِ، إِنَّمَا جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْبَصْرَةِ، وَ هُمْ أَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَ هُمُ الَّذِينَ بَغَوْا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قِتَالَهُمْ وَ قَتْلَهُمْ حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، وَ لَوْ لَمْ يَفِيئُوا لَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ لَا يُرْفَعَ السَّيْفُ عَنْهُمْ حَتَّى يَفِيئُوا وَ يَرْجِعُوا عَنْ رَأْيِهِمْ، لِأَنَّهُمْ بَايَعُوا طَائِعِينَ غَيْرَ كَارِهِينَ، وَ هِيَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ يَعْدِلَ فِيهِمْ حَيْثُ كَانَ ظَفِرَ بِهِمْ، كَمَا عَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي أَهْلِ مَكَّةَ، إِنَّمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَ عَفَا، وَ كَذَلِكَ صَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ حَيْثُ ظَفِرَ بِهِمْ مِثْلَ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِأَهْلِ مَكَّةَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ».
قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى «1»؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ «2»».
قُلْتُ: وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ «3»، قَالَ: «أُولَئِكَ قَوْمُ لُوطٍ، ائْتَفَكَتْ عَلَيْهِمْ، انْقَلَبَتْ عَلَيْهِمْ».
9961/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، جَمِيعاً، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثِ الْأَسْيَافِ الْخَمْسَةِ- قَالَ: «وَ أَمَّا السَّيْفُ الْمَكْفُوفُ [فَسَيْفٌ] عَلَى أَهْلِ الْبَغْيِ وَ التَّأْوِيلِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ بَعْدِي عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ فَسُئِلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: خَاصِفُ النَّعْلِ، يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: قَاتَلْتُ بِهَذِهِ الرَّايَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثَلَاثاً وَ هَذِهِ الرَّابِعَةُ، وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا السَّعَفَاتِ مِنْ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ، وَ كَانَتِ السِّيرَةُ فِيهِمْ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي أَهْلِ مَكَّةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِ لَهُمْ ذُرِّيَّةً، وَ قَالَ: مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَ مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَ كَذَلِكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْبَصْرَةِ، نَادَى فِيهِمْ: لَا تَسْبُوا لَهُمْ ذُرِّيَّةً، وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ، وَ لَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً، وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ».
__________________________________________________
(1)- الكافي 8: 180/ 202.
(2)- الكافي 5: 11/ 2.
(1) النجم 53: 53.
(2) في المصدر زيادة: هي المؤتفكة.
(3) التوبة 9: 70.
107
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 9 ص 106
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدِيثَ الْأَسْيَافِ بِتَمَامِهِ هَاهُنَا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِيهِ، وَ نَحْنُ ذَكَرْنَا كُلَّ آيَةٍ مِنَ الْحَدِيثِ فِي مَوْضِعِهِ، فَأَغْنَانَا عَنْ ذِكْرِهِ بِطُولِهِ هُنَا «1».
9962/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ فِيهِ: «فَمَا رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، فَقَدْ فَاءَ، مِثْلَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2»، أَيْ رَجَعُوا، ثُمَّ قَالَ: وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «3»، وَ قَالَ: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، أَيْ تَرْجِعَ فَإِنْ فاءَتْ أَيْ رَجَعَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى: تَفِيءَ، تَرْجِعَ، فِي مَعْنَى الْآيَةِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ بَعْدِي عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ. فَسُئِلَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَنْ هُوَ؟
قَالَ: هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ، وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) «4»».
قوله تعالى:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [10]
9963/ «1»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، وَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، آخَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَآخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ، وَ بَيْنَ عُثْمَانَ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَ بَيْنَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ حَتَّى آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ أَجْمَعِهِمْ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنْتَ أَخِي وَ أَنَا أَخُوكَ».
__________________________________________________
(3)- الكافي 5: 16/ 1.
(1)- الأمالي 2: 199.
(1) تفسير القمّيّ 2: 320.
(2) البقرة 2: 226.
(3) البقرة 2: 227.
(4) في المصدر: خاصف النّعل يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام)
108
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 10 ص 108
9964/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، وَ فِيهَا مَاتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بِشْرٍ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي نُوَيْرَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَ الْمُهَاجِرِينَ أُخُوَّةَ الدِّينِ، وَ كَانَ يُؤَاخِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَ نَظِيرِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «هَذَا أَخِي». قَالَ حُذَيْفَةُ: فَرَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ «1»، وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْأَنَامِ شِبْهٌ وَ لَا نَظِيرٌ، وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخُوهُ.
9965/ «3»- وَ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ، رَوَاهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ فِي (الْمَنَاقِبِ): رَفَعَهُ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، وَ كَانَ يُؤَاخِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَ نَظِيرِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: «هَذَا أَخِي». قَالَ حُذَيْفَةُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ «2»، وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ [فِي الْأَنَامِ] شَبِيهٌ وَ لَا نَظِيرٌ، وَ عَلِيٌّ أَخُوهُ «3».
قُلْتُ: التَّشَاغُلُ بِذِكْرِ أَحَادِيثِ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَ كَوْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخَا رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَطُولُ بِهَا الْكِتَابُ، وَ هِيَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ مُتَوَاتِرَةٌ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ [11]
9966/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَ كَانَتْ زَوْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ وَ حَفْصَةَ كَانَتَا تُؤْذِيَانِهَا وَ تَشْتِمَانِهَا، وَ تَقُولَانِ لَهَا: يَا بِنْتَ الْيَهُودِيَّةِ. فَشَكَتْ ذَلِكَ
__________________________________________________
(2)- الأمالي 2: 199.
(3)- المناقب: 38/ 60.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 321.
(1) (و سيد ولد آدم) ليس في المصدر.
(2) في المصدر: المسلمين.
(3) في المصدر: عليّ بن أبي طالب أخوان.
109
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 11 ص 109
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ [لَهَا]: «أَ لَا تُجِيبِيهِمَا؟» فَقَالَتْ: بِمَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «قُولِي: إِنَّ أَبِي هَارُونُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَ عَمِّي مُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ، وَ زَوْجِي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَمَا تُنْكِرَانِ مِنِّي؟» فَقَالَتْ لَهُمَا. فَقَالَتَا: هَذَا عَلَّمَكِ رَسُولُ اللَّهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ- إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى- وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ.
9967/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّيَّارُ وَ أَنَا عِنْدَهُ، فَقَالَ [لَهُ]: جُعِلْتُ فِدَاكَ، رَأَيْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فِي غَيْرِ مَكَانٍ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْمُؤْمِنِينَ، أَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُنَافِقُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُنَافِقُونَ وَ الضُّلَّالُ، وَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [12] باب النهي عن سوء الظنّ و طلب عثرات المؤمنين، و الغيبة و معناها
9968/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا اتَّهَمَ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ، انْمَاثَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ».
9969/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَنِ اتَّهَمَ أَخَاهُ فِي دِينِهِ فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَهُمَا، وَ مَنْ عَامَلَ أَخَاهُ بِمِثْلِ مَا يُعَامِلُ «1» النَّاسَ فَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا يَنْتَحِلُ».
__________________________________________________
(1)- الكافي 8: 274/ 413.
(2)- الكافي 2: 137/ 5.
(3)- الكافي 2: 269/ 2.
(1) في المصدر: ما عامل به.
110
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 12 ص 110
9970/ «3»- ثُمَّ قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي كَلَامٍ لَهُ: ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ حَتَّى يَأْتِيَكَ مَا يَقْلِبُكَ «1»، وَ لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً وَ أَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمِلًا».
9971/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَ الْفَضْلِ ابْنَيْ يَزِيدَ الْأَشْعَرِيَّيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالا: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُؤَاخِيَ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ، فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَ زَلَّاتِهِ لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً مَّا».
9972/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ يَخْلُصِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تَذُمُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَ لَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَ مَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَ لَوْ فِي بَيْتِهِ».
ثُمَّ قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: عَنْهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ.
9973/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُؤَاخِيَ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ، فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَ زَلَّاتِهِ، لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً مَّا».
9974/ «7»- ثُمَّ قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: عَنْهُ، عَنِ الْحَجَّالِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ [وَ لَمْ يُسْلِمْ بِقَلْبِهِ]، لَا تَتَبَّعُوا عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ لِيَفْضَحَهُ «2»».
9975/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَوِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا تَطْلُبُوا عَثَرَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَثَرَاتِ أَخِيهِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ، وَ مَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ يَفْضَحْهُ وَ لَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ».
9976/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ
__________________________________________________
(3)- الكافي 2: 269/ 3.
(4)- الكافي 2: 264/ 1.
(5)- الكافي 2: 264/ 2.
(6)- الكافي 2: 264/ 3.
(7)- الكافي 2: 264/ 4.
(8)- الكافي 2: 265/ 5.
(9)- الكافي 2: 265/ 6.
(1) في المصدر: ما يغلبك منه.
(2) في المصدر: و متتبّع اللّه عثرته يفضحه.
111
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 12 ص 110
زُرَارَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُؤَاخِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ زَلَّاتِهِ لِيُعَيِّرَهُ بِهَا يَوْماً مَّا».
9977/ «10»- ثُمَّ قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: عَنْهُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَبْعَدُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ يُؤَاخِي الرَّجُلَ وَ هُوَ يَحْفَظُ [عَلَيْهِ] زَلَّاتِهِ لِيُعَيِّرَهُ بِهَا يَوْماً مَّا».
9978/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَجِبُ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ سَبْعِينَ كَبِيرَةً».
9979/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْغَيْبَةُ أَسْرَعُ فِي دِينِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْأَكِلَةِ فِي جَوْفِهِ».
قَالَ: «وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ انْتِظَاراً لِلصَّلَاةِ عِبَادَةٌ مَا لَمْ يُحْدِثْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَا يُحْدِثُ؟ قَالَ: الِاغْتِيَابَ».
9980/ «13»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْهُ عَيْنَاهُ وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ، فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «1»».
9981/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْغَيْبَةِ، قَالَ: «هُوَ أَنْ تَقُولَ لِأَخِيكَ فِي دِينِهِ مَا لَمْ يَفْعَلْ، وَ تَبُثَّ عَلَيْهِ أَمْراً قَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ فِيهِ حَدٌّ».
9982/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا كَفَّارَةُ الِاغْتِيَابِ؟ قَالَ: أَنْ تَسْتَغْفِرَ «2» لِمَنِ اغْتَبْتَهُ كُلَّمَا ذَكَرْتَهُ».
9983/ «16»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ بَهَتَ مُؤْمِناً أَوْ مُؤْمِنَةً بِمَا لَيْسَ فِيهِ، بَعَثَهُ اللَّهُ فِي
__________________________________________________
(10)- الكافي 2: 265/ 7.
(11)- الكافي 2: 265/ 8.
(12)- الكافي 2: 266/ 1.
(13)- الكافي 2: 266/ 2.
(14)- الكافي 2: 266/ 3.
(15)- الكافي 2: 266/ 4.
(16)- الكافي 2: 266/ 5.
(1) النور 24: 19.
(2) في المصدر زيادة: اللّه.
112
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 12 ص 110
طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ».
قُلْتُ: وَ مَا طِينَةُ خَبَالٍ؟ قَالَ: «صَدِيدٌ يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ».
9984/ «17»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ رَجُلٍ لَا نَعْلَمُهُ إِلَّا يَحْيَى الْأَزْرَقَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ خَلْفِهِ بِمَا هُوَ فِيهِ مِمَّا عَرَفَهُ النَّاسُ لَمْ يَغْتَبْهُ، وَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِمَا هُوَ فِيهِ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ اغْتَابَهُ، وَ مَنْ ذَكَرَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَهُ».
9985/ «18»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ سَيَابَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «الْغَيْبَةُ أَنْ تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَ أَمَّا الْأَمْرُ الظَّاهِرُ [فِيهِ] مِثْلُ الْحِدَّةِ وَ الْعَجَلَةِ، فَلَا، وَ الْبُهْتَانُ أَنْ تَقُولَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ».
9986/ «19»- الْمُفِيدُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «الْغَيْبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا، فَقِيلَ: وَ لِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ:
«صَاحِبُ الزِّنَا يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَ صَاحِبُ الْغَيْبَةِ يَتُوبُ فَلَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ صَاحِبُهُ الَّذِي يُحَلِّلُهُ».
9987/ «20»- الشَّيْخُ وَرَّامٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «ثَلَاثٌ لَا يَنْجُو مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الظَّنُّ، وَ الطِّيَرَةُ، وَ الْحَسَدُ، وَ سَأُحَدِّثُكُمْ بِالْمَخْرَجِ مِنْ ذَلِكَ: إِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ، وَ إِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ، وَ إِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [13]
9988/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ حَنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَرْوِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ سَلْمَانُ جَالِساً مَعَ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلُوا يَنْتَسِبُونَ وَ يَرْفَعُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ، حَتَّى بَلَغُوا سَلْمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَخْبِرْنِي مَنْ أَنْتَ، وَ مَنْ أَبُوكَ، وَ مَا أَصْلُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، كُنْتُ ضَالًّا فَهَدَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كُنْتُ عَائِلًا فَأَغْنَانِيَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كُنْتُ مَمْلُوكاً فَأَعْتَقَنِي اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، هَذَا نَسَبِي وَ هَذَا حَسَبِي».
قَالَ: «فَخَرَجَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ سَلْمَانُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) يُكَلِّمُهُمْ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَقِيتُ مِنْ
__________________________________________________
(17)- الكافي 2: 266/ 6.
(18)- الكافي 2: 266/ 7.
(19)- الإختصاص: 226.
(20)- تنبيه الخواطر 1: 127.
(1)- الكافي 8: 181/ 203.
113
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 13 ص 113
هَؤُلَاءِ، جَلَسْتُ مَعَهُمْ فَأَخَذُوا يَنْتَسِبُونَ وَ يَرْفَعُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا إِلَيَّ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَنْ أَنْتَ، وَ مَا أَصْلُكَ، وَ مَا حَسَبُكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَمَا قُلْتَ لَهُ يَا سَلْمَانُ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، كُنْتُ ضَالًّا فَهَدَانِيَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كُنْتُ عَائِلًا فَأَغْنَانِيَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كُنْتُ مَمْلُوكاً فَأَعْتَقَنِي اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، هَذَا نَسَبِي وَ هَذَا حَسَبِي، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ حَسَبَ الرَّجُلِ دِينُهُ، وَ مُرُوءَتَهُ خُلُقُهُ، وَ أَصْلَهُ عَقْلُهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا سَلْمَانُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَيْكَ فَضْلٌ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ إِنْ كَانَ التَّقْوَى لَكَ عَلَيْهِمْ فَأَنْتَ أَفْضَلُ».
وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «جَلَسَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَنْتَسِبُونَ وَ يَفْتَخِرُونَ وَ فِيهِمْ سَلْمَانُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَ فِي آخِرِهِ:
فَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنْهُ» وَ فِيهِ بَعْضُ التَّغْيِيرِ «1».
9989/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ نَصْرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ اللَّهِ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ رَجُلٌ أَشْرَفُ مِنْكَ آبَاءً، فَقَالَ: «التَّقْوَى شَرَّفَهُمْ، وَ طَاعَةُ اللَّهِ أَحَاطَتْهُمْ «2»».
فَقَالَ لَهُ آخَرُ: أَنْتَ وَ اللَّهِ خَيْرُ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: «لَا تَحْلِفْ يَا هَذَا، خَيْرٌ مِنِّي مَنْ كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ تَعَالَى، وَ أَطْوَعَ لَهُ، وَ اللَّهِ مَا نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةَ آيَةٌ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ».
9990/ «3»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [قَالَ]: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَسَمَ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا قِسْماً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي ذِكْرِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَ أَصْحَابِ الشِّمَالِ، وَ أَنَا خَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، ثُمَّ قَسَمَ «3» الْقِسْمَيْنِ أَثْلَاثاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا ثُلُثاً وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «4»، وَ أَنَا خَيْرُ السَّابِقِينَ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَثْلَاثَ قَبَائِلَ، وَ جَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهَا قَبِيلَةً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، فَأَنَا أَتْقَى وُلْدِ آدَمَ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَ لَا فَخْرَ، ثُمَّ جَعَلَ القَبَائِلَ بُيُوتاً،
__________________________________________________
(2)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 236/ 10.
(3)- أمالي الصدوق: 503/ 1.
(1) الأمالي 1: 146.
(2) في المصدر: أحظتهم.
(3) في المصدر: جعل.
(4) الواقعة 56: 8- 10.
114
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 13 ص 113
فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتاً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1»».
وَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ الثَّعْلَبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَسَمَ اللَّهُ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ» وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «2».
و قد تقدم في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ «3».
9991/ «4»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فَيْرُوزِ بْنِ غِيَاثٍ الْجَلَّابُ بِبَابِ الْأَبْوَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُخْتَارٍ الْبَائِيُّ «4»، وَ يُعْرَفُ بِفَضْلَانَ صَاحِبِ الْجَارِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْفَضْلُ بْنُ مُخْتَارٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَيرٍ الْفَزَارِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَمَّا يَجِدُ وَ قُمْتُ لِأَخْرُجَ، فَقَالَ لِي: «اجْلِسْ يَا سَلْمَانُ، فَسَيُشْهِدُكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْراً إِنَّهُ لَمِنْ خَيْرِ الْأُمُورِ». فَجَلَسْتُ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ دَخَلَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ ابْنَتُهُ فِيمَنْ دَخَلَ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ الضَّعْفِ، خَنَقَتْهَا الْعَبْرَةُ، حَتَّى فَاضَ دَمْعُهَا عَلَى خَدِّهَا، فَأَبْصَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ يَا بُنَيَّةِ، أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكِ وَ لَا أَبْكَاهَا»؟ قَالَتْ: «وَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ أَنَا أَرَى مَا بِكَ مِنَ الضَّعْفِ». قَالَ لَهَا:
«يَا فَاطِمَةُ، تَوَكَّلِي عَلَى اللَّهِ، وَ اصْبِرِي كَمَا صَبَرَ آبَاؤُكِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ أُمَّهَاتِكِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، أَ لَا أُبَشِّرُكِ يَا فَاطِمَةُ»؟
قَالَتْ: «بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ- أَوْ قَالَتْ- يَا أَبَهْ» قَالَ: «أَ مَا عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَ أَبَاكِ فَجَعَلَهُ نَبِيّاً، وَ بَعَثَهُ إِلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ رَسُولًا، ثُمَّ اخْتَارَ عَلِيّاً فَأَمَرَنِي فَزَوَّجْتُكِ إِيَّاهُ، وَ اتَّخَذْتُهُ بِأَمْرِ رَبِّي وَزِيراً وَ وَصِيّاً، يَا فَاطِمَةُ إِنَّ عَلِيّاً أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدِي حَقّاً، وَ أَقْدَمُهُمْ سِلْماً وَ أَعْلَمُهُمْ عِلْماً، وَ أَحْلَمُهُمْ حِلْماً، وَ أَثَبْتُهُمْ فِي الْمِيزَانِ قَدْراً».
فَاسْتَبْشَرَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: «هَلْ سَرَرْتُكِ يَا فَاطِمَةُ؟» قَالَتْ: «نَعَمْ يَا أَبَهْ».
قَالَ: «أَ فَلَا أَزِيدُكِ فِي بَعْلُكِ وَ ابْنِ عَمِّكِ مِنْ مَزِيدِ الْخَيْرِ وَ فَوَاضِلِهِ؟» قَالَتْ: «بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ». قَالَ: «إِنَّ عَلِيّاً أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، هُوَ وَ خَدِيجَةُ أُمُّكِ، وَ أَوَّلُ مَنْ وَازَرَنِي عَلَى مَا جِئْتُ بِهِ. يَا فَاطِمَةُ إِنَّ عَلِيّاً أَخِي وَ صَفِيِّي وَ أَبُو وُلْدِي، إِنَّ عَلِيّاً أُعْطِيَ خِصَالًا مِنَ الْخَيْرِ لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ وَ لَا يُعْطَاهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ، فَأَحْسِنِي
__________________________________________________
(4)- الأمالي 2: 219.
(1) الأحزاب 33: 33.
(2) العمدة: 42/ 28 عن تفسير الثعلبي.
(3) تقدّم في الحديث (50) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.
(4) في المصدر: الباني.
115
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات آية 13 ص 113
عَزَاكِ وَ اعْلَمِي أَنَّ أَبَاكِ لَاحِقٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
قَالَتْ: «يَا أَبَهْ قَدْ سَرَرْتَنِي «1» وَ أَحْزَنْتَنِي». قَالَ: «كَذَلِكِ يَا بُنَيَّةِ أُمُورُ الدُّنْيَا، يَشُوبُ سُرُورَهَا حُزْنُهَا، وَ صَفْوَهَا كَدِرُها، أَ فَلَا أَزِيدُكِ يَا بُنَيَّةِ؟» قَالَتْ: «بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ».
قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَهُمْ قِسْمَيْنِ، فَجَعَلَنِي وَ عَلِيّاً فِي خَيْرِهِمَا قِسْماً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «2»، ثُمَّ جَعَلَ الْقِسْمَيْنِ قَبَائِلَ فَجَعَلَنَا فِي خَيْرِهَا قَبِيلَةً، وَ ذَلِكِ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، ثُمَّ جَعَلَ القَبَائِلَ بُيُوتاً، فَجَعَلَنَا فِي خَيْرِهَا بَيْتاً فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3»، ثُمَّ إِنَّ تَعَالَى اخْتَارَنِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَ اخْتَارَ عَلِيّاً وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ وَ اخْتَارَكِ، فَأَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ، وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ، وَ أَنْتِ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ مِنْ ذُرِّيَّتِكِ «4» الْمَهْدِيُّ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ مِنْ قَبْلِهِ جَوْراً».
9992/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبَانَ الْهُنَائِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، قَالَ:
«أَعْمَلُكُمْ بِالتَّقِيَّةِ».
9993/ «6»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، قَالَ: «أَشَدُّكُمْ تَقِيَّةً».
9994/ «7»- علي بن إبراهيم، قال: الشعوب: العجم، و القبائل: من العرب.
9995/ «8»- الطَّبْرِسِيُّ: ذَهَبَ قَوْمٌ فَقَالُوا: الشُّعُوبُ مِنَ الْعَجَمِ، وَ القَبَائِلُ مِنَ الْعَرَبِ، وَ الْأَسْبَاطُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
__________________________________________________
(5)- أمالي الطوسيّ 2: 274.
(6)- المحاسن: 258/ 302.
(7)- تفسير القمّيّ 2: 322.
(8)- مجمع البيان 9: 207.
(1) في المصدر: يا أبتاه فرحتني.
(2) الواقعة 56: 27.
(3) الأحزاب 33: 33.
(4) في المصدر: ذريتكما.
116
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117
قوله تعالى:
قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ [14]
9996/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ ابْنِ مُحَمَّدِ، جَمِيعاً، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ آمَنُوا فَقَدْ كَذَبَ، وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ لَمْ يُسْلِمُوا فَقَدْ كَذَبَ».
9997/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ، فَقَالَ لِي: «أَ لَا تَرَى أَنَّ الْإِيمَانَ غَيْرُ الْإِسْلَامِ».
9998/ «3»- وَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِعُمَيْرٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ عَنِ الْقَاسِمِ الصَّيْرَفِيِّ شَرِيكِ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «الْإِسْلَامُ يُحْقَنُ بِهِ الدَّمُ، وَ تُؤَدَّى بِهِ الْأَمَانَةُ، وَ تُسْتَحَلُّ بِهِ الْفُرُوجُ، وَ الثَّوَابُ عَلَى الْإِيمَانِ».
9999/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ وَ عَمَلٌ، وَ الْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ بِلَا عَمَلٍ».
10000/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السِّمْطِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ، مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَلَمْ يُجِبْهُ، [ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ] ثُمَّ الْتَقَيَا فِي الطَّرِيقِ وَ قَدْ أَزِفَ مِنَ الرَّجُلِ الرَّحِيلُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَأَنَّهُ قَدْ أَزِفَ مِنْكَ رَحِيلٌ؟» فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: «فَالْقَنِي فِي الْبَيْتِ». فَلَقِيَهُ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ، مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ: «الْإِسْلَامُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ] وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ، وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَ حِجُّ الْبَيْتِ، وَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَهَذَا الْإِسْلَامُ».
وَ قَالَ: «الْإِيمَانُ: مَعْرِفَةُ؟ هَذَا الْأَمْرِ مَعَ هَذَا، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا الْأَمْرَ، كَانَ مُسْلِماً وَ كَانَ ضَالًّا».
__________________________________________________
(1)- الكافي 2: 21/ 5.
(2)- الكافي 2: 20/ 3.
(3)- الكافي 2: 20/ 1.
(4)- الكافي 2: 20/ 2.
(5)- الكافي 2: 20/ 4.
117
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117
10001/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ عَنِ الْقَاسِمِ الصَّيْرَفِيِّ شَرِيكِ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «الْإِسْلَامُ يُحْقَنُ بِهِ الدَّمُ، وَ تُؤَدَّى بِهِ الْأَمَانَةُ، وَ تُسْتَحَلُّ بِهِ الْفُرُوجُ، وَ الثَّوَابُ عَلَى الْإِيمَانِ».
10002/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ، أَ هُمَا مُخْتَلِفَانِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ، وَ الْإِسْلَامُ لَا يُشَارِكُ الْإِيمَانَ».
فَقُلْتُ: فَصِفْهُمَا لِي، فَقَالَ: «الْإِسْلَامُ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ التَّصْدِيقُ بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، بِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ، وَ عَلَيْهِ جَرَتِ الْمَنَاكِحُ وَ الْمَوَارِيثُ، وَ عَلَى ظَاهِرِهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَ الْإِيمَانُ: الْهُدَى، وَ مَا يَثْبُتُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ صِفَةِ الْإِسْلَامِ، وَ مَا ظَهَرَ مِنَ الْعَمَلِ [بِهِ] وَ الْإِيمَانُ أَرْفَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ. إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ فِي الظَّاهِرِ، وَ الْإِسْلَامُ لَا يُشَارِكُ الْإِيمَانَ فِي الْبَاطِنِ وَ إِنِ اجْتَمَعَا فِي الْقَوْلِ وَ الصِّفَةِ».
10003/ «8»- وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ، وَ لَا يُشَارِكُهُ الْإِسْلَامُ، إِنَّ الْإِيمَانَ مَا وَقَرَ «1» فِي الْقُلُوبِ، وَ الْإِسْلَامُ مَا عَلَيْهِ الْمَنَاكِحُ وَ الْمَوَارِيثُ وَ حَقْنُ الدِّمَاءِ، وَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ، وَ الْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ».
10004/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْإِيمَانُ أَوِ الْإِسْلَامُ؟ فَإِنَّ مَنْ قِبَلَنَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْإِسْلَامَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ: «الْإِيْمَانُ أَرْفَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ».
قُلْتُ: فَأَوْجِدْنِي ذَلِكَ قَالَ: «مَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُتَعَمِّداً؟» قَالَ: قُلْتُ يُضْرَبُ ضَرْباً شَدِيداً. قَالَ: «أَصَبْتَ». قَالَ: «فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الْكَعْبَةِ مُتَعَمِّداً؟». قُلْتُ: يُقْتَلُ. قَالَ: «أَصَبْتَ، أَ لَا تَرَى أَنَّ الْكَعْبَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَ أَنَّ الْكَعْبَةَ تَشْرَكُ الْمَسْجِدَ، وَ الْمَسْجِدُ لَا يَشْرَكُ الْكَعْبَةَ؟ وَ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ، وَ الْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ».
10005/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ: مَا اسْتَقَرَّ فِي الْقَلْبِ وَ أَفْضَى بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ صَدَّقَهُ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ التَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ،
__________________________________________________
(6)- الكافي 2: 21/ 6.
(7)- الكافي 2: 21/ 1.
(8)- الكافي 2: 21/ 3.
(9)- الكافي 2: 21/ 4.
(10)- الكافي 2: 22/ 5.
(1) أي ثبت.
118
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117
وَ الْإِسْلَامُ: [مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنَ الْفِرَقِ كُلِّهَا، وَ بِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ، وَ عَلَيْهِ جَرَتِ الْمَوَارِيثُ وَ جَازَ النِّكَاحُ وَ اجْتَمَعُوا عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ، فَخَرَجُوا بِذَلِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَ أُضِيفُوا إِلَى الْإِيمَانِ، الْإِسْلَامُ] لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ، وَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ، وَ هُمَا فِي الْقَوْلِ وَ الْعَمَلِ «1»، يَجْتَمِعَانِ، كَمَا صَارَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَ الْمَسْجِدُ لَيْسَ فِي الْكَعْبَةِ، وَ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَ الْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: «قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْدَقُ الْقَوْلِ».
قُلْتُ: فَهَلْ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ فَضْلٍ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ وَ الْأَحْكَامِ وَ الْحُدُودِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: [لَا] هُمَا يَجْرِيَانِ فِي ذَلِكَ مَجْرًى وَاحِداً، وَ لَكِنْ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي أَعْمَالِهِمَا، وَ مَا يَتَقَرَّبَانِ بِهِ إِلَى اللَّهِ» ..
قُلْتُ: أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «2»، وَ زَعَمْتَ أَنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ، وَ الصَّوْمِ، وَ الْحَجِّ مَعَ الْمُؤْمِنِ؟ قَالَ: «أَ لَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً «3»».
فَالْمُؤْمِنُونَ هُمُ الَّذِينَ يُضَاعِفُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ حَسَنَاتُهُمْ لِكُلِّ حَسَنَةٍ سَبْعِينَ ضِعْفاً، فَهَذَا فَضْلُ الْمُؤْمِنِ، وَ يَزِيدُهُ فِي حَسَنَاتِهِ عَلَى قَدْرِ صِحَّةِ إِيمَانِهِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً، وَ يَفْعَلُ اللَّهُ بِالْمُؤْمِنِينَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْخَيْرِ».
قُلْتُ: أَ رَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَ لَيْسَ هُوَ دَاخِلًا فِي الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ: «لَا، وَ لَكِنَّهُ [قَدْ] أُضِيفَ إِلَى الْإِيمَانِ وَ خَرَجَ مِنَ الْكُفْرِ. وَ سَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا تَعْقِلُ بِهِ فَضْلَ الْإِيمَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ: أَ رَأَيْتَ لَوْ أَبْصَرْتَ رَجُلًا فِي الْمَسْجِدِ، أَ كُنْتَ شَاهِداً أَنَّكَ رَأَيْتَهُ فِي الْكَعْبَةِ»؟ قُلْتُ: لَا يَجُوزُ لِي ذَلِكَ، قَالَ: «فَلَوْ أَبْصَرْتَ رَجُلًا فِي الْكَعْبَةِ، أَ كُنْتَ شَاهِداً أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟». قُلْتُ: إِنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى دُخُولِ الْكَعْبَةِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَقَالَ: «أَصَبْتَ وَ أَحْسَنْتَ». ثُمَّ قَالَ: «كَذَلِكَ الْإِسْلَامُ وَ الْإِيمَانُ».
10006/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ، قَالَ: كَتَبْتُ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَسْأَلُهُ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ: «سَأَلْتَ- رَحِمَكَ اللَّهُ- عَنِ الْإِيمَانِ، وَ الْإِيمَانُ هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ وَ عَقْدٌ فِي الْقَلْبِ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ، وَ الْإِيمَانُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، هُوَ دَارٌ، وَ كَذَلِكَ الْإِسْلَامُ دَارٌ وَ الْكُفْرُ دَارٌ، فَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْلِماً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِناً، وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً، فَالْإِسْلَامُ قَبْلَ الْإِيمَانِ، وَ هُوَ يُشَارِكُ الْإِيمَانَ، فَإِذَا أَتَى الْعَبْدُ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الْمَعَاصِي، أَوْ صَغِيرَةً مِنْ صَغَائِرِ الْمَعَاصِي الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا، كَانَ خَارِجاً عَنِ الْإِيمَانِ، سَاقِطاً عَنْ اسْمِ الْإِيمَانِ، وَ ثَابِتاً عَلَيْهِ اسْمُ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ تَابَ وَ اسْتَغْفَرَ عَادَ إِلَى دَارِ الْإِيمَانِ، وَ لَا يُخْرِجُهُ إِلَى الْكُفْرِ إِلَّا الْجُحُودُ وَ الِاسْتِحْلَالُ؛ أَنْ يَقُولَ لِلْحَلَالِ: هَذَا حَرَامٌ، وَ لِلْحَرَامِ: هَذَا حَلَالٌ، وَ دَانَ بِذَلِكَ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ
__________________________________________________
(11)- الكافي 2: 23/ 1.
(1) في المصدر: و الفعل.
(2) الأنعام 6: 16.
(3) البقرة 2: 245.
119
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117
خَارِجاً مِنَ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ، دَاخِلًا فِي الْكُفْرِ، وَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ ثُمَّ دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَ أَحْدَثَ فِي الْكَعْبَةِ حَدَثاً، فَأُخْرِجَ عَنِ الْكَعْبَةِ وَ عَنِ الْحَرَمِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَ صَارَ إِلَى النَّارِ».
10007/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَ الْإِسْلَامِ، قُلْتُ لَهُ: أَ فَرْقٌ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ؟ قَالَ: «فَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلَهُ»؟ قَالَ:
قُلْتُ: أَوْرِدْ ذَلِكَ. قَالَ: «مَثَلُ الْإِيمَانِ وَ الْإِسْلَامِ مَثَلُ الْكَعْبَةِ مِنَ الْحَرَمِ، قَدْ يَكُونُ فِي الْحَرَمِ وَ لَا يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ، وَ لَا يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْحَرَمِ، وَ قَدْ يَكُونُ مُسْلِماً وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً، وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً».
قَالَ: قُلْتُ: فَيَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
قُلْتُ يَصِيرُ «1» إِلَى مَاذَا؟ قَالَ: «إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْكُفْرِ» وَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَأَفْلَتَ مِنْهُ بَوْلُهُ، أُخْرِجَ مِنَ الْكَعْبَةِ وَ لَمْ يُخْرَجْ مِنَ الْحَرَمِ، فَغَسَلَ ثَوْبَهُ وَ تَطَهَّرَ، ثُمَّ لَمْ يُمْنَعْ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ، وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَبَالَ فِيهَا مُعَانِداً أُخْرِجَ مِنَ الْكَعْبَةِ وَ مِنَ الْحَرَمِ وَ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ».
10008/ «13»- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الْقُرَشِيُّ الْحَاكِمُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْحَسَنِ المُطَّوِّعِيُّ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ».
10009/ «14»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ، وَ لَفْظٌ بِاللِّسَانِ، وَ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، لَا يَكُونُ الْإِيمَانُ إِلَّا هَكَذَا».
10010/ «15»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ مِنْ أَصْفَهَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَ مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ».
10011/ «16»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبُنْدَارُ بِفَرْغَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
__________________________________________________
(12)- الكافي 2: 23/ 2.
(13)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 226/ 1.
(14)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 227/ 3.
(15)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 277/ 4.
(16)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 226/ 2.
(1) في المصدر: فيصيره.
120
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117
مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْحَمَّادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَلْخِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ».
10012/ «17»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) بِقُمْ فِي رَجَبِ سَنَةِ تِسْعٍ وَ ثَلَاثِينَ وَ ثَلَاثِ مِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْغَازِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ ابْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ».
قَالَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): وَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ، يَقُولُ: وَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: وَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَبَرَأَ.
10013/ «18»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْقِلٍ الْقِرْمِيسِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً عَلَى رَأْسِ أَبِي وَ عِنْدَهُ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ وَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ حَنْبَلٍ، فَقَالَ أَبِي: لِيُحَدِّثْنِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَدِيثٍ، فَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ كَانَ وَ اللَّهِ رِضًا كَمَا سُمِّيَ- عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ».
فلما خرجنا، قال أحمد بن محمّد بن حنبل: ما هذا الإسناد؟ فقال له أبي: هذا سَعُوطُ المَجَانِينِ، أي لو سُعِطَ بِهِ المَجْنُونُ لَأَفَاقَ «1».
قوله تعالى:
لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [14- 15]
__________________________________________________
(17)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 227/ 5.
(18)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 228/ 6.
(1) في المصدر: إذا سعط به المجنون أفاق.
121
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117
10014/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً أي لا ينقصكم.
قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أي لم يشكوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية، قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام).
10015/ «2»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد، عن حفص بن غياث، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس أنّه قال في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، قال ابن عبّاس: ذهب علي (عليه السلام) بشرفها و فضلها.
قوله تعالى:
قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [16- 18] 10016/ «3»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ، أي أ تعلمون [اللّه] دينكم.
10017/ «4»- الشَّيْخُ فِي (مِصْبَاحِ الْأَنْوَارِ): بِإِسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَ قَدْ حَفَرَ النَّاسُ وَ حَفَرَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «بِأَبِي مَنْ يَحْفِرُ وَ جَبْرَئِيلُ يَكْنُسُ التُّرَابَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ مِيكَائِيلُ يُعِينُهُ، وَ لَمْ يَكُنْ يُعِينُ أَحَداً قَبْلَهُ مِنَ الْخَلْقِ».
ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: «احْفِرْ» فَغَضِبَ عُثْمَانُ وَ قَالَ: لَا يَرْضَى مُحَمَّدٌ أَنْ أَسْلَمْنَا عَلَى يَدِهِ حَتَّى يَأْمُرَنَا بِالْكَدِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
10018/ «5»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ هُوَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ، وَ قَدِ ارْتَفَعَ الْغُبَارُ مِنَ الْحَفْرِ، فَوَضَعَ عُثْمَانُ كُمَّهُ عَلَى أَنْفِهِ وَ مَرَّ، فَقَالَ
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 322.
(2)- تأويل الآيات 2: 607/ 8.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 322.
(4)- مصباح الأنوار: 325 «مخطوط».
(5)- تفسير القمّيّ 2: 322.
122
البرهان في تفسير القرآن5
سورة الحجرات الآيات 16 الى 18 ص 122
عَمَّارٌ:
لَا يَسْتَوِي مَنْ يَعْمُرُ الْمَسَاجِدَا يَظَلُّ فِيهَا رَاكِعاً وَ سَاجِداً
كَمَنْ يَمُرُّ بِالْغُبَارِ حَائِداً يُعْرِضُ عَنْهُ جَاهِداً مُعَانِداً
فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ، فَقَالَ: يَا بْنَ السَّوْدَاءِ، إِيَّايَ تَعْنِي؟ ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ: لَمْ نَدْخُلْ مَعَكَ لِتُسَبَّ أَعْرَاضُنَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَدْ أَقَلْتُكَ إِسْلَامَكَ فَاذْهَبْ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. أَيْ لَسْتُمْ صَادِقِينَ. إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.
123
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق ص 125
سورة ق
فضلها
10019/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَدْمَنَ فِي فَرَائِضِهِ وَ نَوَافِلِهِ قِرَاءَةَ سُورَةِ ق، وَسَّعَ اللَّهُ [عَلَيْهِ فِي] رِزْقِهِ، وَ أَعْطَاهُ اللَّهُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَ حَاسَبَهُ حِسَاباً يَسِيراً».
10020/ «2»- وَ مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مَصْرُوعٍ أَفَاقَ مِنْ صَرْعَتِهِ وَ أَمِنَ مِنْ شَيْطَانِهِ، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ شَرِبَتْهَا امْرَأَةٌ قَلِيلَةُ اللَّبَنِ كَثُرَ لَبَنُهَا».
10021/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مَصْرُوعٍ أَفَاقَ، وَ مَنْ كَتَبَهَا فِي إِنَاءٍ وَ شَرِبَتْهَا امْرَأَةٌ قَلِيلَةُ اللَّبَنِ كَثُرَ لَبَنُهَا».
__________________________________________________
(1)- ثواب الأعمال: 115.
(2)- .........
(3)- .........
125
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 1 الى 9 ص 126
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَ وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ- إلى قوله تعالى- عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ [1- 9]
10022/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الْمُصَدَّرَةِ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَ؟ قَالَ: « [وَ أَمَّا] (قَ) فَهُوَ الْجَبَلُ الْمُحِيطُ بِالْأَرْضِ، وَ خُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْهُ، وَ بِهِ يُمْسِكُ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا».
10023/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْسَرَةَ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: « (ق) جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ وَ خُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ».
10024/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَقْطِينٍ الْجَوَالِيقِيِّ، عَنْ فُلْفُلَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «1» جَبَلًا مُحِيطاً بِالدُّنْيَا مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، وَ إِنَّمَا خُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ خُضْرَةِ ذَلِكَ الْجَبَلِ، وَ خَلَقَ خَلْقَهُ لَمْ يَفْتَرِضْ عَلَيْهِمْ شَيْئاً مِمَّا افْتَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَ زَكَاةٍ، وَ كُلُّهُمْ يَلْعَنُ رَجُلَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ» «2».
__________________________________________________
(1)- معاني الأخبار: 22: 1.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 267.
(3)- مختصر بصائر الدرجات: 11.
(1) في المصدر: اللّه عزّ و جلّ خلق.
(2) في المصدر زيادة: و سمّاهما.
126
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 1 الى 9 ص 126
10025/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الرَّيَّانِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ هَذَا النِّطَاقَ «1» زَبَرْجَدَةً خَضْرَاءَ، مِنْهَا اخْضَرَّتِ السَّمَاءُ».
قُلْتُ وَ مَا النِّطَاقُ؟ قَالَ: «الْحِجَابُ، وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَرَاءَ ذَلِكَ سَبْعُونَ أَلْفَ عَالَمٍ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ، وَ كُلُّهُمْ يَلْعَنُ فُلَاناً وَ فُلَاناً».
10026/ «5»- وَ فِي كِتَابِ (مَنْهَجِ التَّحْقِيقِ إِلَى سَوَاءِ الطَّرِيقِ) لِبَعْضِ الْإِمَامِيَّةِ- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- فِي سُؤَالِ الْحَسَنِ أَبَاهُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَنَّ يُرِيَهُ مَا فَضَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَمَرَ الرِّيحَ فَصَارَتْ بِنَا إِلَى جَبَلٍ (ق) فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ، وَ عَلَيْهَا مَلَكٌ عَلَى صُورَةِ النَّسْرِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ الْمَلَكُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ خَلِيفَتَهُ، أَ تَأْذَنُ لِي فِي الرَّدِّ؟ فَرَدَّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ لَهُ: «إِنْ شِئْتَ تَكَلَّمْ، وَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَمَّا تَسْأَلُنِي عَنْهُ». فَقَالَ الْمَلَكُ: بَلْ تَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: «تُرِيدُ أَنْ آذَنَ لَكَ أَنْ تَزُورَ الْخَضِرَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)». فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَدْ أَذِنْتُ لَكَ».
فَأَسْرَعَ الْمَلَكُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
ثُمَّ تَمَشَّيْنَا عَلَى الْجَبَلِ هُنَيْئَةً، فَإِذَا بِالْمَلَكِ قَدْ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ بَعْدَ زِيَارَةِ الْخَضِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، رَأَيْتُ الْمَلَكَ مَا زَارَ الْخَضِرَ إِلَّا حِينَ أَخَذَ إِذْنَكَ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاءَ بِغَيْرِ عَمَدٍ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَامَ أَنْ يَزُولَ مِنْ مَكَانِهِ بِقَدْرِ نَفَسٍ وَاحِدٍ، لَمَا زَالَ حَتَّى آذَنَ لَهُ، وَ كَذَا يَصِيرُ حَالُ وَلَدِيَ الْحَسَنِ، وَ بَعْدَهُ الْحُسَيْنِ، وَ تِسْعَةٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ».
فَقُلْنَا: مَا اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِقَافٍ؟ فَقَالَ: (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «تَرْجَائِيلُ».
فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَيْفَ تَأْتِي كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَ تَعُودُ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَمَا أَتَيْتُ بِكُمْ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنِّي لَأَمْلِكُ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، مَا لَوْ عَلِمْتُمْ بِبَعْضِهِ لَمَا احْتَمَلَهُ جِنَانُكُمْ، إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِينَ حَرْفاً، عِنْدَ آصَفَ بْنِ بَرْخِيَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَخَسَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عَرْشِ بِلْقِيسَ، حَتَّى تَنَاوَلَ السَّرِيرَ، ثُمَّ عَادَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ، أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ النَّظَرِ، وَ عِنْدَنَا نَحْنُ- وَ اللَّهِ- اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً، وَ حَرْفٌ وَاحِدٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى اسْتَأْثَرَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، عَرَفَنَا مَنْ عَرَفَنَا، وَ أَنْكَرَنَا مَنْ أَنْكَرَنَا».
و الحديث بطوله تقدم في باب يأجوج و مأجوج من آخر سورة الكهف «2».
10027/ «6»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قَ وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، قال: ق جبل محيط بالدنيا من
__________________________________________________
(4)- مختصر بصائر الدرجات: 12.
(5)- المحتضر: 73، البحار 27: 36/ 5.
(6)- تفسير القمّيّ 2: 323.
(1) في المصدر: النطاف، و كذا التي بعدها.
(2) تقدّم في الحديث (3) من الباب المذكور أعلاه بعد تفسير الآيات (83- 98) من سورة الكهف.
127
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 1 الى 9 ص 126
وراء يأجوج و مأجوج، و هو قسم، بَلْ عَجِبُوا، يعني قريشا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ* أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ، قال: نزلت في أبي ابن خلف، قال لأبي جهل، إني لأعجب «1» من محمد، ثمّ أخذ عظما ففته، ثمّ قال: يزعم محمّد أن هذا يحيا! فقال اللّه بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ يعني مختلف.
ثمّ احتج عليهم و ضرب للبعث و النشور مثلا فقال: أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَ زَيَّنَّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ* وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. أي حسن تَبْصِرَةً وَ ذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ* وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَ حَبَّ الْحَصِيدِ قَالَ: كُلَّ حَبٍّ يُحْصَدُ.
10028/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ:
«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً، قَالَ: لَيْسَ [مِنْ] مَاءٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا وَ قَدْ خَالَطَهُ مَاءُ السَّمَاءِ».
قوله تعالى:
وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ- إلى قوله تعالى- كَذلِكَ الْخُرُوجُ [10- 11] 10029/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ أي مرتفعات لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ يعني بعضه على بعض رِزْقاً لِلْعِبادِ وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ، جوابا لقولهم: أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ، فقال اللّه: كما أن الماء إذا أنزلناه من السماء، فيخرج النبات من الأرض، كذلك أنتم تخرجون من الأرض «2».
قوله تعالى:
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ وَ ثَمُودُ* وَ عادٌ وَ فِرْعَوْنُ وَ إِخْوانُ لُوطٍ*
__________________________________________________
(7)- الكافي 6: 387/ 1.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 323.
(1) في المصدر: قال لأبي جهل: تعال إلي لأعجبك.
(2) سورةُ قَ: 50: 3.
128
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 12 الى 14 ص 128
وَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ [12- 14]
10030/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ الصَّيْدَنَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَمَسَحَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، فَقَالَ: «هُنَّ اللَّوَاتِي بِاللَّوَاتِي» يَعْنِي النِّسَاءَ بِالنِّسَاءِ.
10031/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَ هِشَامٍ وَ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ نِسْوَةٌ، فَسَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ عَنِ السَّحْقِ؟ فَقَالَ: «حَدُّهَا حَدُّ الزَّانِي». فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: «بَلَى». [قَالَتْ: وَ أَيْنَ هُوَ؟]. قَالَ: «هُنَّ أَصْحَابُ الرَّسِّ».
10032/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ، أَنَا وَ صَاحِبٌ لِي، فَتَذَاكَرْنَا الْأَنْصَارَ، فَقَالَ أَحَدُنَا: هُمْ نُزَّاعٌ مِنْ قَبَائِلَ «1»، وَ قَالَ أَحَدُنَا: هُمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَابْتَدَأَ الْحَدِيثَ وَ لَمْ نَسْأَلْهُ، فَقَالَ: «إِنَّ تُبَّعاً لَمَّا جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْعِرَاقِ، وَ جَاءَ مَعَهُ الْعُلَمَاءُ وَ أَبْنَاءُ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى هَذَا الْوَادِي لِهُذَيْلٍ، أَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْ بَعْضِ الْقَبَائِلِ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَأْتِي أَهْلَ بَلْدَةٍ قَدْ لَعِبُوا بِالنَّاسِ زَمَاناً طَوِيلًا، حَتَّى اتَّخَذُوا بِلَادَهُمْ حَرَماً، وَ بَنِيَّتَهُمْ رَبّاً أَوْ رَبَّةً. فَقَالَ: إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ قَتَلْتُ مُقَاتِلِيهِمْ، وَ سَبَيْتُ ذُرِّيَّتَهُمْ [وَ هَدَمْتُ بَنِيَّتَهُمْ].
قَالَ: فَسَالَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى وَقَعَتَا عَلَى خَدَّيْهِ، قَالَ: فَدَعَا الْعُلَمَاءَ وَ أَبْنَاءَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ: انْظُرُونِي وَ أَخْبِرُونِي لِمَا أَصَابَنِي هَذَا؟ قَالَ: فَأَبَوْا أَنْ يُخْبِرُوهُ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْهِمْ، قَالُوا: حَدِّثْنَا بِأَيِّ شَيْءٍ حَدَّثْتَ نَفْسَكَ؟ قَالَ: حَدَّثْتُ نَفْسِي أَنْ أَقْتُلَ مُقَاتِلِيهِمْ، وَ أَسْبِيَ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَ أَهْدِمَ بَنِيَّتَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَرَى الَّذِي أَصَابَكَ إِلَّا لِذَلِكَ، قَالَ: وَ لِمَ هَذَا؟ قَالُوا: لِأَنَّ الْبَلَدَ حَرَمُ اللَّهُ، وَ الْبَيْتَ بَيْتُ اللَّهِ، وَ سُكَّانَهُ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَانِ.
فَقَالَ: صَدَقْتُمْ، فَمَا مَخْرَجِي مِمَّا وَقَعْتُ فِيهِ؟ قَالُوا: تُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ، قَالَ:
فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِخَيْرٍ، فَرَجَعَتْ حَدَقَتَاهُ حَتَّى ثَبَتَتَا مَكَانَهُمَا، قَالَ: فَدَعَا بِالْقَوْمِ الَّذِينَ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِهَدْمِهَا فَقَتَلَهُمْ، ثُمَ
__________________________________________________
(1)- الكافي 5: 551/ 1.
(2)- الكافي 7: 202/ 1.
(3)- الكافي 4: 215/ 1.
(1) النّزّاع من القبائل: هم جمع نازع و نزيع، و هو الغريب الذي نزّع عن أهله و عشيرته، أي بعد و غاب. «النهاية 5: 41».
129
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 12 الى 14 ص 128
أَتَى الْبَيْتَ وَ كَسَاهُ، وَ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ثَلَاثِينَ يَوْماً كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ جَزُورٍ، حَتَّى حُمِلَتِ الْجِفَانُ إِلَى السِّبَاعِ فِي رُؤْسِ الْجِبَالِ، وَ نُثِرَتِ الْأَعْلَافُ فِي الْأَوْدِيَةِ لِلْوُحُوشِ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَنْزَلَ بِهَا قَوْماً مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ غَسَّانَ، وَ هُمُ الْأَنْصَارُ».
و
فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: كَسَاهُ النِّطَاعَ «1» وَ طَيَّبَهُ.
قلت: و قد تقدم حديث في تبع في سورة البقرة، في قوله عزّ و جلّ: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا «2» فليؤخذ من هناك.
10033/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ تُبَّعاً قَالَ لِلْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ: كُونُوا هَاهُنَا حَتَّى يَخْرُجَ هَذَا النَّبِيُّ، أَمَّا أَنَا فَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ وَ لَخَرَجْتُ مَعَهُ».
10034/ «5»- و عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسين البزاز، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الأصمّ، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدّثنا يونس بن بكير الشيباني، عن زكريا بن يحيى المدني، عن عكرمة، قال: سمعت ابن عبّاس يقول: لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنّه كان مسلما.
10035/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبَانٍ، رَفَعَهُ: إِنَّ تُبَّعاً قَالَ فِي مَسِيرِهِ:
وَ لَقَدْ أَتَانِي مِنْ قُرَيْظَةَ عَالِمٌ حَبْرٌ لَعَمْرُكَ فِي الْيَهُودِ مُسَوَّدٌ «3»
قَالَ ازْدَجِرْ عَنْ قَرْيَةٍ مَحْجُوبَةٍ لِنَبِيِّ مَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ تَهْتَدِ
فَعَفَوْتُ عَنْهُمْ عَفْوَ غَيْرِ مُثَرَّبٍ وَ تَرَكْتُهُمْ لِعِقَابِ يَوْمٍ سَرْمَدٍ
وَ تَرَكْتُهَا لِلَّهِ أَرْجُو عَفْوَهُ يَوْمَ الْحِسَابِ مِنَ الْحَمِيمِ الْمُوقَدِ
وَ لَقَدْ تَرَكْتُ لَهُ بِهَا مِنْ قَوْمِنَا نَفَراً اولِي حَسَبٍ وَ مِمَّنْ يُحْمَدُ
نَفَراً يَكُونُ النَّصْرُ فِي أَعْقَابِهِمْ أَرْجُو بِذَاكَ ثَوَابَ رَبِّ مُحَمَّدٍ
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ بَيْتاً ظَاهِراً لِلَّهِ فِي بَطْحَاءِ مَكَّةَ يُعْبَدُ
قَالُوا: بِمَكَّةَ بَيْتُ مَالٍ دَاثِرٍ وَ كُنُوزُهُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَ زَبَرْجَدٍ
فَأَرَدْتُ أَمْراً حَالَ رَبِّي دُونَهُ وَ اللَّهُ يَدْفَعُ عَنْ خَرَابِ الْمَسْجِدِ
__________________________________________________
(4)- كمال الدين و تمام النعمة: 170/ 26.
(5)- كمال الدين و تمام النعمة: 171/ 27.
(6)- كمال الدين و تمام النعمة: 169/ 25.
(1) النّطع: بساط من الجلد، يقال: كسا بيت اللّه بالأنطاع. «المعجم الوسيط 2: 930».
(2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (89) من سورة البقرة.
(3) في هذا البيت إقواء، و كذلك البيت الخامس و السابع.
130
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 12 الى 14 ص 128
فَتَرَكْتُ مَا أَمَّلْتُهُ فِيهِ لَهُمْ وَ تَرَكْتُهُمْ مِثْلًا لِأَهْلِ الْمَشْهَدِ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَدْ أُخْبِرَ أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ- يَعْنِي مَكَّةَ- نَبِيٌّ يَكُونُ مُهَاجَرَتُهُ إِلَى يَثْرِبَ، فَأَخَذَ قَوْماً مِنَ الْيَمَنِ فَأَنْزَلَهُمْ مَعَ الْيَهُودِ لِيَنْصُرُوهُ إِذَا خَرَجَ، وَ فِي ذَلِكَ يَقُولُ:
شَهِدْتُ عَلَى أَحْمَدَ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بَارِئِ النَّسَمِ
فَلَوْ مُدَّ عُمُرِي إِلَى عُمُرِهِ لَكُنْتُ وَزِيراً لَهُ وَ ابْنَ عَمٍ
وَ كُنْتُ عَذَاباً عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَسْقِيهِمُ كَأْسَ حَتْفٍ وَ غَمٍّ».
10036/ «7»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، [أَنَّهُ] قَالَ: «لَا تَسُبُّوا تُبَّعاً فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ».
وَ رَوَى الطَّبْرِسِيُّ، مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «1».
قلت: و قد تقدم خبر قوم نوح و عاد و ثمود و إخوان لوط و أصحاب الأيكة في سورة هود «2»، و خبر أصحاب الرس في سورة الفرقان «3»، و فرعون في طه و غيرها «4»، فلتؤخذ من هناك.
10037/ «8»- علي بن إبراهيم: الرس: نهر بناحية آذربيجان.
قوله تعالى:
أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [15]
10038/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ خَلَقَهَا سَبْعَةَ عَوَالِمَ لَيْسَ فِيهَا «5» مِنْ
__________________________________________________
(7)- مجمع البيان 9: 100.
(8)- تفسير القمّيّ 2: 323.
(1)- الخصال: 358/ 45.
(1) مجمع البيان 9: 101.
(2) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49، 50، 53، 61، 69، 83) من سورة هود.
(3) تقدّم في تفسير الآية (38) من سورة الفرقان.
(4) تقدّم في تفسير الآيتين (43- 44) من سورة طه، و تفسير الآيات (10- 63) من سورة الشعراء، و تفسير الآيات (4، 5، 6، 38، 41) من سورة القصص.
(5) في المصدر: ليس هم.
131
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 15 ص 131
وُلْدِ آدَمَ، خَلَقَهُمْ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، فَأَسْكَنَهُمْ فِيهَا وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ مَعَ عَالَمِهِ، ثُمَّ خَلَقَ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ أَبَا هَذَا الْبَشَرِ وَ خَلَقَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْهُ، لَا وَ اللَّهِ مَا خَلَتِ الْجَنَّةُ مِنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ مُنْذُ خَلَقَهَا، وَ لَا خَلَتِ النَّارُ مِنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ الْعُصَاةِ «1» مُنْذُ خَلَقَهَا عَزَّ وَ جَلَّ، لَعَلَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَ صَيَّرَ [اللَّهُ] أَبْدَانَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَعَ أَرْوَاحِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَ صَيَّرَ أَبْدَانَ أَهْلِ النَّارِ مَعَ أَرْوَاحِهِمْ فِي النَّارِ، أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يُعْبَدَ فِي بِلَادِهِ، وَ لَا يَخْلُقُ خَلْقاً يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ [وَ يُعَظِّمُونَهُ]، بَلَى وَ اللَّهِ لَيَخْلُقَنَّ اللَّهُ خَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَ لَا إِنَاثٍ يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ وَ يُعَظِّمُونَهُ، وَ يَخْلُقُ لَهُمْ أَرْضاً تَحْمِلُهُمْ، وَ سَمَاءً تُظِلُّهُمْ، أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ «2»، وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ».
10039/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.
قَالَ: «يَا جَابِرُ، تَأْوِيلُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَفْنَى هَذَا الْخَلْقَ وَ هَذَا الْعَالَمَ، وَ سَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ، جَدَّدَ اللَّهُ عَالَماً غَيْرَ هَذَا الْعَالَمِ، وَ جَدَّدَ خَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَ لَا إِنَاثٍ يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ، وَ خَلَقَ لَهُمْ أَرْضاً غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْضِ تَحْمِلُهُمْ، وَ سَمَاءً غَيْرَ هَذِهِ السَّمَاءِ تُظِلُّهُمْ، لَعَلَّكَ تَرَى [أَنَّ اللَّهَ] إِنَّمَا خَلَقَ هَذَا الْعَالَمَ الْوَاحِدَ، وَ تَرَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ بَشَراً غَيْرَكُمْ، بَلَى وَ اللَّهِ، لَقَدْ خَلَقَ أَلْفَ أَلْفِ عَالَمٍ، وَ أَلْفَ أَلْفِ آدَمٍ، أَنْتَ فِي آخِرِ تِلْكَ الْعَوَالِمِ وَ أُولَئِكَ الْآدَمِيِّينَ».
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [16]
10040/ «1»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: تَأْوِيلُهُ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ هُوَ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُيَسِّرٍ، عَنْ بَعْضِ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ.
__________________________________________________
(2)- التوحيد: 277/ 2.
(1)- تأويل الآيات 2: 608/ 1.
(1) في المصدر: و العصاة.
(2) إبراهيم 14: 48.
132
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 16 ص 132
قَالَ: «هُوَ الْأَوَّلُ»، وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَ لكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ «1»، قَالَ: «هُوَ زُفَرُ، وَ هَذِهِ الْآيَاتُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ «2»، فِيهِمَا وَ فِي أَتْبَاعِهِمَا، وَ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا».
10041/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: حَبْلِ الْوَرِيدِ، قال: حبل العنق.
قوله تعالى:
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ* ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [17- 18]
10042/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ، عَلَى إِحْدَاهُمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ، وَ عَلَى الْأُخْرَى شَيْطَانٌ مُفَتِّنٌ، هَذَا يَأْمُرُهُ وَ هَذَا يَزْجُرُهُ، الشَّيْطَانُ يَأْمُرُهُ بِالْمَعَاصِي، وَ الْمَلَكُ يَزْجُرُهُ عَنْهَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ* ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ».
10043/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عُثْمَانَ الْمُرَادِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ لَمْ يَهْلِكْ عَلَى اللَّهِ بَعْدَهُنَّ إِلَّا هَالِكٌ؛ يَهُمُّ الْعَبْدُ بِالْحَسَنَةِ فَيَعْمَلُهَا، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً بِحُسْنِ نِيَّتِهِ، وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْراً، وَ يَهُمُّ بِالسَّيِّئَةِ أَنْ يَعْمَلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ، وَ قَالَ صَاحِبُ الْحَسَنَاتِ لِصَاحِبِ السَّيِّئَاتِ، وَ هُوَ صَاحِبُ الشِّمَالِ: لَا تَعْجَلْ، عَسَى أَنْ يُتْبِعَهَا بِحَسَنَةٍ تَمْحُوهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ «3» أَوِ اسْتِغْفَارٍ، فَإِنْ [هُوَ] قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَادَةِ، الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ، وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ، لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَ إِنْ مَضَتْ سَبْعُ سَاعَاتٍ وَ لَمْ يُتْبِعْهَا بِحَسَنَةٍ وَ لَا اسْتِغْفَارٍ، قَالَ صَاحِبُ الْحَسَنَاتِ لِصَاحِبِ السَّيِّئَاتِ: اكْتُبْ عَلَى الشَّقِيِّ الْمَحْرُومِ».
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 324.
(2)- الكافي 2: 205/ 1.
(3)- الكافي 2: 313/ 4.
(1) سورة 50: 27.
(2) سورة ق 50: 30.
(3) هود 11: 114.
133
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133
10044/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ وَ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يُكْتَبُ «1» مِنَ الدُّعَاءِ وَ الْقِرَاءَةِ إِلَّا مَا أَسْمَعَ نَفْسَهُ».
10045/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يَكْتُبُ الْمَلَكُ إِلَّا مَا سَمِعَ، وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً «2» فَلَا يَعْلَمُ ثَوَابَ ذَلِكَ الذِّكْرِ فِي نَفْسِ الرَّجُلِ غَيْرُ اللَّهِ لِعَظَمَتِهِ».
10046/ «5»- وَ رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يَكْتُبُ الْمَلَكُ إِلَّا مَا يَسْمَعُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً «3»» قَالَ: «لَا يَعْلَمُ ثَوَابَ ذَلِكَ الذِّكْرِ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى».
10047/ «6»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ مَعَهُ مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ مَا يَلْفِظُهُ، ثُمَّ يَرْفَعَانِ ذَلِكَ إِلَى مَلَكَيْنِ فَوْقَهُمَا، فَيُثْبِتَانِ مَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ، وَ يُلْقِيَانِ مَا سِوَى ذَلِكَ» «4».
10048/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْضِعِ الْمَلَكَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ؟ قَالَ: «هَاهُنَا وَاحِدٌ، وَ هَاهُنَا وَاحِدٌ» يَعْنِي عِنْدَ شِدْقَيْهِ.
10049/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [قَالَ]: «لَا يَكْتُبُ الْمَلَكَانِ إِلَّا مَا نَطَقَ بِهِ الْعَبْدُ».
10050/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ فِي الْهَوَاءِ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ يُحْصُونَ أَعْمَالَ الْعِبَادِ، فَإِذَا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ السِّجِلُّ فَانْتَسَخَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:
__________________________________________________
(3)- الكافي 3: 313/ 6.
(4)- الكافي 2: 364/ 4.
(5)- الزهد: 53/ 144.
(6)- الزهد: 53/ 141.
(7)- الزهد: 53/ 142.
(8)- الزهد: 53/ 143.
(9)- الزهد: 54/ 145.
(1) في «ط» زيادة: الملك.
(2) الأعراف 7: 205.
(3) الأعراف 7: 205.
(4) في «ط، ي»: و له.
134
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133
يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ «1»».
10051/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ قَالَ: «هُمَا الْمَلَكَانِ».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ «2»، قَالَ: «هُوَ الْمَلَكُ الَّذِي يَحْفَظُ عَلَيْهِ عَمَلَهُ».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ «3»، قَالَ: «هُوَ شَيْطَانُهُ».
10052/ «11»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ جَمِيلِ ابْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ لِآدَمَ فِي ذُرِّيَّتِهِ: مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَ لَمْ يَعْمَلْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَ عَمِلَهَا، كُتِبَ لَهُ بِهَا عَشْرٌ، وَ مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ [وَ لَمْ يَعْمَلْهَا] لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، وَ مَنْ هَمَّ بِهَا وَ عَمِلَهَا، كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ».
10053/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَهُمُّ بِالْحَسَنَةِ وَ لَا يَعْمَلُ بِهَا، فَكُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ، وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَهُمُّ بِالسَّيِّئَةِ أَنْ يَعْمَلَهَا [فَلَا يَعْمَلُهَا] فَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ».
10054/ «13»- ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْهُ، عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْعُوسِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَائِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَلَكَيْنِ، هَلْ يَعْلَمَانِ بِالذَّنْبِ إِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَفْعَلَهُ أَوِ الْحَسَنَةِ؟ فَقَالَ: «رِيحُ الْكَثِيفِ [الْكَنِيفِ] وَ الطَّيِّبِ سَوَاءٌ؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا هَمَّ بِالْحَسَنَةِ خَرَجَ نَفَسُهُ طَيِّبَ الرِّيحِ، فَقَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الشِّمَالِ: قُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ هَمَّ بِالْحَسَنَةِ؛ فَإِذَا فَعَلَهَا كَانَ لِسَانُهُ قَلَمَهُ، وَ رِيقُهُ مِدَادَهُ فَأَثْبَتَهَا لَهُ.
وَ إِذَا هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ: خَرَجَ نَفَسُهُ مُنْتِنَ الرِّيحِ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الشِّمَالِ لِصَاحِبِ الْيَمِينِ: قِفْ، فَإِنَّهُ قَدْ هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ، فَإِذَا هُوَ فَعَلَهَا كَانَ لِسَانُهُ قَلَمَهُ، وَ رِيقُهُ مِدَادَهُ، وَ أَثْبَتَهَا عَلَيْهِ».
10055/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أُجِّلَ مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ، فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ».
__________________________________________________
(10)- الزهد: 54/ 146.
(11)- الكافي 2: 313/ 1.
(12)- الكافي 2: 313/ 2.
(13)- الكافي 2: 313/ 3.
(14)- الكافي 2: 317/ 1.
(1) الأنبياء 21: 104.
(2) سورة ق 50: 23.
(3) سورة ق 50: 27.
135
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133
10056/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، وَ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً أُجِّلَ فِيهَا سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ».
10057/ «16»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، جَمِيعاً، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ، لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَ إِنْ مَضَتِ السَّاعَاتُ وَ لَمْ يَسْتَغْفِرْ؛ كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ. وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُذَكَّرُ ذَنْبَهُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ فَيَغْفِرَ لَهُ، وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَيُنْسَاهُ مِنْ سَاعَتِهِ».
10058/ «17»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنْ قَالَ:
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ».
10059/ «18»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، جَمِيعاً، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنْ هُوَ تَابَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَ إِنْ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ كُتِبَ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ». فَأَتَاهُ عَبَّادٌ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ لَهُ: بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ؟ فَقَالَ: «لَيْسَ هَكَذَا قُلْتُ، وَ لَكِنِّي قُلْتُ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ، وَ كَذَلِكَ كَانَ قَوْلِي».
10060/ «19»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «إِنَّ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: رَبِّ سَلَّطْتَ عَلَيَّ الشَّيْطَانَ وَ أَجْرَيْتَهُ مِنِّي مَجْرَى الدَّمِ، فَاجْعَلْ لِي شَيْئاً. فَقَالَ: يَا آدَمُ، جَعَلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ هَمَّ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ، وَ مَنْ هَمَّ مِنْهُمْ بِحَسَنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرٌ؛ قَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي [قَالَ: جُعِلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ سَيِّئَةً ثُمَّ اسْتَغْفَرَ غَفَرْتُ لَهُ، قَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي] قَالَ: جَعَلْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ- أَوْ قَالَ بَسَطْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ- حَتَّى تَبْلُغَ النَّفْسُ هَذِهِ، قَالَ: يَا رَبِّ حَسْبِي».
__________________________________________________
(15)- الكافي 2: 317/ 2.
(16)- الكافي 2: 317/ 3.
(17)- الكافي 2: 318/ 5.
(18)- الكافي 2: 318/ 9.
(19)- الكافي 2: 319/ 1.
136
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133
10061/ «20»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَنَظَرَ إِلَيَّ بِوَجْهٍ قَاطِبٍ، فَقُلْتُ: مَا الَّذِي غَيَّرَكَ لِي؟
قَالَ: «الَّذِي غَيَّرَكَ لِإِخْوَانِكَ، بَلَغَنِي- يَا إِسْحَاقُ- أَنَّكَ أَقْعَدْتَ بِبَابِكَ بَوَّاباً يَرُدُّ عَنْكَ فُقَرَاءَ الشِّيعَةِ». فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي خِفْتُ الشُّهْرَةَ.
فَقَالَ: «أَ فَلَا خِفْتَ الْبَلِيَّةَ، أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا الْتَقَيَا فَتَصَافَحَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرَّحْمَةَ عَلَيْهِمَا، فَكَانَتْ تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ لِأَشَدِّهِمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ، فَإِذَا تَوَافَقَا غَمَرَتْهُمَا الرَّحْمَةُ، وَ إِذَا قَعَدَا يَتَحَدَّثَانِ قَالَتِ الْحَفَظَةُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: اعْتَزِلُوا بِنَا، فَلَعَلَّ لَهُمَا سِرّاً، وَ قَدْ سَتَرَ [اللَّهُ] عَلَيْهِمَا!؟».
فَقُلْتُ: أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ؟ فَقَالَ: « «يَا إِسْحَاقُ، إِنْ كَانَتِ الْحَفَظَةُ لَا تَسْمَعُ، فَإِنَّ عَالِمَ السِّرِّ يَسْمَعُ وَ يَرَى».
10062/ «21»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا اعْتَنَقَا غَمَرَتْهُمَا الرَّحْمَةُ، فَإِذَا الْتَزَمَا لَا يُرِيدَانِ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ، وَ لَا يُرِيدَانِ غَرَضاً مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا، قِيلَ لَهُمَا: مَغْفُوراً لَكُمَا فَاسْتَأْنِفَا، فَإِذَا أَقْبَلَا عَلَى الْمُسَاءَلَةِ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ:
تَنَحَّوْا عَنْهُمَا فَإِنَّ لَهُمَا سِرّاً، وَ قَدْ سَتَرَ [اللَّهُ] عَلَيْهِمَا».
قَالَ إِسْحَاقُ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِمَا لَفْظُهُمَا، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ؟ قَالَ: فَتَنَفَّسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الصُّعَدَاءَ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى أَخْضَلَتْ دُمُوعُهُ لِحْيَتَهُ؛ وَ قَالَ:
«يَا إِسْحَاقُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ انْ تَعْتَزِلَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا الْتَقَيَا إِجْلَالًا لَهُمَا، وَ إِنَّهُ وَ إِنْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ لَا تَكْتُبُ لَفْظَهُمَا وَ لَا تَعْرِفُ كَلَامَهُمَا فَإِنَّهُ يَعْرِفُهُ وَ يَحْفَظُهُ عَلَيْهِمَا عَالِمُ السِّرِّ وَ أَخْفَى».
10063/ «22»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (بِشَارَاتِ الشِّيعَةِ): عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ عِنْدَهُ أَبُو بَصِيرٍ وَ مَيْسَرَةُ وَ عِدَّةٌ مِنْ جُلَسَائِهِ، فَلَمَّا انْ أَخَذْتُ مَجْلِسِي أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ، وَ قَالَ: «يَا سَدِيرُ، أَمَا إِنَّ وَلِيَّنَا لَيَعْبُدُ اللَّهَ قَائِماً وَ قَاعِداً «1» وَ نَائِماً وَ حَيّاً وَ مَيِّتاً».
قَالَ: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَمَّا عِبَادَتُهُ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ حَيّاً فَقَدْ عَرَفْنَا، كَيْفَ يَعْبُدُ اللَّهَ نَائِماً وَ مَيِّتاً؟
قَالَ: «إِنَّ وَلِيَّنَا لَيَضَعُ رَأْسَهُ فَيَرْقُدُ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ خُلِقَا فِي الْأَرْضِ، لَمْ يَصْعَدَا إِلَى السَّمَاءِ، وَ لَمْ يَرَيَا مَلَكُوتَهُمَا، فَيُصَلِّيَانِ عِنْدَهُ حَتَّى يَنْتَبِهَ، فَيَكْتُبَ [اللَّهُ ثَوَابَ] صَلَاتِهِمَا لَهُ، وَ الرَّكْعَةُ مِنْ صَلَاتِهِمَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ مِنْ صَلَاةِ الْآدَمِيِّينَ.
__________________________________________________
(20)- الكافي 2: 145/ 14.
(21)- الكافي 2: 147/ 2.
(22)- فضائل الشيعة: 65/ 23.
(1) في «ط، ي»: أو قاعدا أو.
137
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133
وَ إِنَّ وَلِيَّنَا لَيَقْبِضُهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، فَيَصْعَدُ مَلَكَاهُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولَانِ: يَا رَبَّنَا، عَبْدُكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، انْقَطَعَ وَ اسْتَوْفَى أَجَلَهُ، وَ لَأَنْتَ أَعْلَمُ مِنَّا بِذَلِكَ، فَأْذَنْ لَنَا نَعْبُدْكَ فِي آفَاقِ سَمَائِكَ وَ أَطْرَافِ أَرْضِكَ، قَالَ: فَيُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِمَا: أَنَّ فِي سَمَائِي لَمَنْ يَعْبُدُنِي، وَ مَا لِي فِي عِبَادَتِهِ مِنْ حَاجَةٍ بَلْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهَا، وَ إِنَّ فِي أَرْضِي لَمَنْ يَعْبُدُنِي حَقَّ عِبَادَتِي، وَ مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَحَبَّ «1» إِلَيَّ مِنْهُ. فَيَقُولَانِ: يَا رَبَّنَا مَنْ هَذَا الَّذِي يَسْعَدُ بِحُبِّكَ إِيَّاهُ؟ قَالَ: فَيُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِمَا: ذَلِكَ مَنْ أُخِذَ مِيثَاقُهُ بِمُحَمَّدٍ عَبْدِي وَ وَصِيِّهِ وَ ذُرِّيَّتِهِمَا بِالْوَلَايَةِ، اهْبِطَا إِلَى قَبْرِ وَلِيِّي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَصَلِّيَا عِنْدَهُ إِلَى أَنْ أَبْعَثَهُ فِي الْقِيَامَةِ.
قَالَ: فَيَهْبِطُ الْمَلَكَانِ، فَيُصَلِّيَانِ عِنْدَ الْقَبْرِ إِلَى أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهُ، فَيُكْتَبُ ثَوَابُ صَلَاتِهِمَا لَهُ، وَ الرَّكْعَةُ مِنْ صَلَاتِهِمَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ مِنْ صَلَاةِ الْآدَمِيِّينَ».
قَالَ سَدِيرٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِذَنْ وَلِيُّكُمْ نَائِماً وَ مَيِّتاً أَعْبَدُ مِنْهُ حَيّاً وَ قَائِماً؟ قَالَ: فَقَالَ: «هَيْهَاتَ يَا سَدِيرُ، إِنَّ وَلِيَّنَا لَيُؤَمِّنُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجِيزُ أَمَانَهُ».
10064/ «23»- الدَّيْلَمِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُحْصِي عَلَى الْعَبْدِ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَنِينَهُ فِي مَرَضِهِ».
و الأحاديث في ذلك كثيرة، تركنا ذكرها مخافة الإطالة، و قد ذكرنا من ذلك شيئا كثيرا في كتاب، (معالم الزلفى) «2» من أرادها وقف عليها من هناك.
قوله تعالى:
وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [19] 10065/ «1»- علي بن إبراهيم: قال: نزلت: (و جاءت سكرة الحق بالموت).
و روى الطبرسيّ مثله، قال: و رواه أصحابنا عن أئمة الهدى (عليهم السلام) «3».
قوله تعالى:
ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ- إلى قوله تعالى- هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ [19- 23]
__________________________________________________
(23)- إرشاد القلوب: 70.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 324.
(1) في المصدر: أحوج.
(2) انظر معالم الزلفى: الباب (41) و ما بعده.
(3) مجمع البيان 9: 216.
138
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 19 الى 23 ص 138
10066/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ، قال: نزلت في الأول «1»، و قوله تعالى: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ، يشهد عليها، قال: سائق يسوقها. قوله: وَ قالَ قَرِينُهُ، يعني شيطانه، و هو الثاني «2». هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ.
و قد تقدمت رواية في هذا المعنى في ما تقدم من السورة «3».
10067/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فِي مَعْنَى الْقَرِينِ: «يَعْنِي الْمَلَكَ الشَّهِيدَ [عَلَيْهِ]».
10068/ «3»- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ: بِإِسْنَادِهِ عَنْ رِجَالِهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ. قَالَ: «السَّائِقُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الشَّهِيدُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
قوله تعالى:
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ [24]
10069/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا جَمَعَ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِي وَ لَكَ. قُومَا فَأَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا وَ كَذَّبَكُمَا، وَ عَادَاكُمَا «4» فِي النَّارِ».
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 324.
(2)- مجمع البيان 9: 220.
(3)- تأويل الآيات 2: 609/ 2.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 324.
(1) في المصدر: زريق.
(2) في المصدر: حبتر.
(3) تقدمت في الحديث (1) من تفسير الآية (16) من هذه السورة.
(4) (و عاداكما) ليس في «ج، ي» و المصدر.
139
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 24 ص 139
10070/ «2»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْخَزَّازِ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْوَسِيلَةَ، فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْوَسِيلَةِ. فَقَالَ: هِيَ دَرَجَتِي فِي الْجَنَّةِ، وَ هِيَ أَلْفُ مِرْقَاةٍ جَوْهَرٍ، إِلَى مِرْقَاةٍ زَبَرْجَدٍ، إِلَى مِرْقَاةٍ لُؤْلُؤٍ، إِلَى مِرْقَاةٍ ذَهَبٍ إِلَى مِرْقَاةٍ فِضَّةٍ، فَيُؤْتَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تُنْصَبَ مَعَ دَرَجَةِ النَّبِيِّينَ، وَ هِيَ فِي دَرَجَةِ النَّبِيِّينَ كَالْقَمَرِ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَ لَا شَهِيدٌ وَ لَا صِدِّيقٌ إِلَّا قَالَ: طُوبَى لِمَنْ كَانَتْ هَذِهِ دَرَجَتَهُ، فَيُنَادِي الْمُنَادِي وَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ جَمِيعُ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الْمُؤْمِنِينَ: هَذِهِ دَرَجَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فَأُقْبِلُ يَوْمَئِذٍ مُتَّزِراً بِرِيطَةٍ «1» مِنْ نُورٍ، عَلَى رَأْسِي تَاجُ الْمُلْكِ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ:
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ، الْمُفْلِحُونَ هُمُ الْفَائِزُونَ بِاللَّهِ. فَإِذَا مَرَرْنَا بِالنَّبِيِّينَ، قَالُوا: [هَذَانِ] مَلَكَانِ مُقَرَّبَانِ؛ وَ إِذَا مَرَرْنَا بِالْمَلَائِكَةِ قَالُوا: هَذَانِ مَلَكَانِ لَمْ نَعْرِفْهُمَا وَ لَمْ نَرَهُمَا، أَوْ قَالُوا «2»: هَذَانِ نَبِيَّانِ مُرْسَلَانِ؛ حَتَّى أَعْلُوَ الدَّرَجَةَ وَ عَلِيٌّ يَتْبَعُنِي، حَتَّى إِذَا صِرْتُ فِي أَعْلَى دَرَجَةٍ مِنْهَا، وَ عَلِيٌّ أَسْفَلُ مِنِّي وَ بِيَدِهِ لِوَائِي، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَ لَا مُؤْمِنٌ إِلَّا رَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ إِلَيَّ، يَقُولُونَ: طُوبَى لِهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، مَا أَكْرَمَهُمَا عَلَى اللَّهِ! فَيُنَادِي الْمُنَادِي يُسْمِعُ النَّبِيِّينَ وَ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ: هَذَا حَبِيبِي مُحَمَّدٌ، وَ هَذَا وَلِيِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّهُ، وَ وَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَهُ وَ كَذَّبَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ فِي مَشْهَدِ الْقِيَامَةِ أَحَدٌ يُحِبُّكَ إِلَّا اسْتَرْوَحَ إِلَى هَذَا الْكَلَامِ، وَ ابْيَضَّ وَجْهُهُ، وَ فَرِحَ قَلْبُهُ، وَ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ عَادَاكَ وَ نَصَبَ لَكَ حَرْباً أَوْ جَحَدَ لَكَ حَقّاً إِلَّا اسْوَدَّ وَجْهُهُ، وَ اضْطَرَبَتْ قَدَمَاهُ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا بِمَلَكَيْنِ قَدْ أَقْبَلَا إِلَيَّ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَرِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ، وَ أَمَّا الْآخَرُ فَمَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، فَيَدْنُو إِلَيَّ رِضْوَانُ، وَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ، وَ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَأَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَ أَقُولُ: مَنْ أَنْتَ، أَيُّهَا الْمَلَكُ الطَّيِّبُ الرِّيحِ، الْحَسَنُ الْوَجْهِ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ؟ فَيَقُولُ: أَنَا رِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ، أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ آتِيَكَ بِمَفَاتِيحِ الْجَنَّةِ، فَخُذْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَقُولُ: [قَدْ] قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّي، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ، وَ فَضَّلَنِي بِهِ، ادْفَعْهَا إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ وَ يَرْجِعُ رِضْوَانُ، ثُمَّ يَدْنُو مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، فَيُسَلِّمُ عَلَيَّ، وَ يَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، فَأَقُولُ لَهُ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ أَيُّهَا الْمَلَكُ، مَا أَنْكَرَ رُؤْيَتَكَ، وَ أَقْبَحَ وَجْهَكَ! مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ:
أَنَا مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ آتِيَكَ بِمَفَاتِيحِ النَّارِ، فَأَقُولُ: قَدْ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّي، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ، وَ فَضَّلَنِي بِهِ، ادْفَعْهَا إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ.
ثُمَّ يَرْجِعُ مَالِكٌ، فَيُقْبِلُ عَلِيٌّ وَ مَعَهُ مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ وَ مَقَالِيدُ النَّارِ، حَتَّى يَقِفَ «3» عَلَى عُجْزَةِ «4» جَهَنَّمَ، وَ يَأْخُذَ
__________________________________________________
(2)- تفسير القمّيّ 2: 324.
(1) الرّيطة: كلّ ثوب لين رقيق. «لسان العرب 7: 307».
(2) في المصدر: قال.
(3) في: «ط، ج، ي» يقعد.
(4) العجزة: مؤخّرة الشيء، و في المصدر: شفير.
140
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 24 ص 139
زِمَامَهَا بِيَدِهِ، وَ قَدْ عَلَا زَفِيرُهَا، وَ اشْتَدَّ حَرُّهَا «1»، فَتُنَادِي جَهَنَّمُ: يَا عَلِيُّ جُزْنِي فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي. فَيَقُولُ لَهَا عَلِيٌّ [قِرِّي يَا جَهَنَّمُ] ذَرِي هَذَا وَلِيِّي وَ خُذِي هَذَا عَدُوِّي. فَلَجَهَنَّمُ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مُطَاوَعَةً لِعَلِيٍّ مِنْ غُلَامِ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ شَاءَ يَذْهَبُ بِهِ يَمْنَةً وَ إِنْ شَاءَ يَذْهَبُ بِهِ يَسْرَةً، وَ لَجَهَنَّمُ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مُطَاوَعَةً لِعَلِيٍّ فِيمَا يَأْمُرُهَا بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيّاً يَوْمَئِذٍ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ».
10071/ «3»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِيَّ وَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شَفَّعَنِي رَبِّي وَ شَفَّعَكَ يَا عَلِيُّ، وَ كَسَانِي وَ كَسَاكَ يَا عَلِيُّ، ثُمَّ قَالَ لِي وَ لَكَ: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ مَنْ أَبْغَضَكُمَا وَ أَدْخِلَا الْجَنَّةَ كُلَّ مَنْ أَحَبَّكُمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُؤْمِنُ».
10072/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) كَثِيراً مَّا يَقُولُ: أَنَا قَسِيمُ اللَّهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ أَنَا الْفَارُوقُ الْأَكْبَرُ، وَ أَنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَ الْمِيسَمِ».
وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُمْهُورِ الْعَمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.
10073/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْأَعْرَجُ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَا قَسِيمُ اللَّهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ أَنَا الْفَارُوقُ الْأَكْبَرُ، وَ أَنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَ الْمِيسَمِ».
10074/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لِمَ صَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَسِيمَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ حُبَّهُ إِيمَانٌ، وَ بُغْضَهُ كُفْرٌ، وَ أَنَّمَا خُلِقَتِ الْجَنَّةُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَ النَّارُ لِأَهْلِ الْكُفْرِ، فَهُوَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، فَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا أَهْلُ مَحَبَّتِهِ، وَ النَّارُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا أَهْلُ بُغْضِهِ».
قَالَ الْمُفَضَّلُ، فَقُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَالْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَوْصِيَاءُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، كَانُوا يُحِبُّونَهُ، وَ أَعْدَاؤُهُمْ كَانُوا
__________________________________________________
(3)- الأمالي 1: 378.
(4)- الكافي 1: 152/ 1.
(5)- الكافي 1: 153/ 2.
(6)- علل الشرائع: 161/ 1.
(1) في المصدر زيادة: و كثر شررها.
141
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 24 ص 139
يُبْغِضُونَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
قُلْتُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ يَوْمَ خَبِيرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، مَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ؟ فَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَفَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى يَدَيْهِ». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا أُتِيَ بِالطَّائِرِ الْمَشْوِيِّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَ إِلَيَّ، يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ؛ وَ عَنَى بِهِ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ). قُلْتُ، بَلَى. قَالَ: «فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ لَا يُحِبَّ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ وَ رُسُلُهُ وَ أَوْصِيَاؤُهُمْ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، وَ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا. قَالَ:
«فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أُمَمِهِمْ لَا يُحِبُّونَ حَبِيبَ اللَّهِ وَ رَسُولَهُ وَ أَنْبِيَاءَهُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ جَمِيعَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلَهُ وَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُحِبِّينَ، وَ ثَبَتَ أَنَّ أَعْدَاءَهُمْ وَ الْمُخَالِفِينَ لَهُمْ كَانُوا لَهُمْ وَ لِجَمِيعِ أَهْلِ مَحَبَّتِهِمْ مُبْغِضِينَ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَلَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَحَبَّهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ لَا يُدْخِلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَبْغَضَهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، فَهُوَ إِذَنْ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ».
قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَرَّجْتَ عَنِّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، فَزِدْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. قَالَ:
«سَلْ يَا مُفَضَّلُ».
فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يُدْخِلُ مُحِبَّهُ الْجَنَّةَ، وَ مُبْغِضَهُ النَّارَ، أَوْ رِضْوَانُ وَ مَالِكٌ؟ فَقَالَ: «يَا مُفَضَّلُ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ رُوحٌ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ هُمْ أَرْوَاحٌ قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ بِأَلْفَيْ عَامٍ»؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ، وَ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ، وَ وَعَدَهُمُ الْجَنَّةَ عَلَى ذَلِكَ، وَ أَوْعَدَ مَنْ خَالَفَ مَا أَجَابُوا إِلَيْهِ وَ أَنْكَرَهُ النَّارَ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ:
«أَ فَلَيْسَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ضَامِناً لِمَا وَعَدَ وَ أَوْعَدَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَ وَ لَيْسَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَلِيفَتَهُ وَ إِمَامَ أُمَّتِهِ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَ وَ لَيْسَ رِضْوَانٌ وَ مَالِكٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ لِشِيعَتِهِ النَّاجِينَ بِمَحَبَّتِهِ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَنْ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ رِضْوَانٌ وَ مَالِكٌ صَادِرَانِ عَنْ أَمْرِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، يَا مُفَضَّلُ خُذْ هَذَا فَإِنَّهُ مِنْ مَخْزُونِ الْعِلْمِ وَ مَكْنُونِهِ، وَ لَا تُخْرِجْهُ إِلَّا إِلَى أَهْلِهِ».
10075/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُهَاجِرَيْنِ إِلَى بِلَادِ الْحَبَشَةِ، فَأُهْدِيَتْ لِجَعْفَرٍ جَارِيَةٌ قِيمَتُهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَهْدَاهَا لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) تَخْدُمُهُ، فَجَعَلَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَدَخَلَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) يَوْماً فَنَظَرَتْ إِلَى رَأْسِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي حَجْرِ الْجَارِيَةِ، فَقَالَتْ: «يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَعَلْتَهَا؟». فَقَالَ: «لَا وَ اللَّهِ،- يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ- مَا فَعَلْتُ شَيْئاً فَمَا الَّذِي تُرِيدِينَ؟». قَالَتْ: «تَأْذَنُ لِي فِي الْمَصِيرِ إِلَى مَنْزِلِ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟».
__________________________________________________
(7)- علل الشرائع: 163/ 2.
142
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 24 ص 139
فَقَالَ لَهَا: «قَدْ أَذِنْتُ لَكَ». فَتَجَلْبَبَتْ بِجِلْبَابِهَا «1»، وَ تَبَرْقَعَتْ بِبُرْقُعِهَا، وَ أَرَادَتِ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: إِنَّ هَذِهِ فَاطِمَةُ، قَدْ أَقْبَلَتْ إِلَيْكَ تَشْكُو عَلِيّاً، فَلَا تَقْبَلْ مِنْهَا فِي عَلِيٍّ شَيْئاً. فَدَخَلَتْ فَاطِمَةُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «جِئْتِ تَشْكِينَ عَلِيّاً؟». قَالَتْ: «إِي وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ». فَقَالَ [لَهَا]: «ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَقُولِي لَهُ: رَغِمَ أَنْفِي لِرِضَاكَ».
فَرَجَعَتْ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَقَالَتْ لَهُ: «يَا أَبَا الْحَسَنِ، رَغِمَ أَنْفِي لِرِضَاكَ». تَقُولُهَا ثَلَاثاً، فَقَالَ [لَهَا] عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «شَكَوْتِنِي إِلَى خَلِيلِي وَ حَبِيبِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَا سَوْأَتَاهْ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أُشْهِدُ اللَّهَ- يَا فَاطِمَةُ- أَنَّ الْجَارِيَةَ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَ أَنَّ الْأَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِي صَدَقَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ» ثُمَّ تَلَبَّسَ وَ انْتَعَلَ، وَ أَرَادَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: قُلْ لِعَلِيٍّ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ الْجَنَّةَ بِعِتْقِكَ الْجَارِيَةَ فِي رِضَا فَاطِمَةَ وَ النَّارَ بِالْأَرْبَعِمَائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي تَصَدَّقْتَ بِهَا، فَأَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ شِئْتَ بِرَحْمَتِي، وَ أَخْرِجْ مِنَ النَّارِ مَنْ شِئْتَ بِعَفْوِي، فَعِنْدَهَا قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَا قَسِيمُ اللَّهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ».
10076/ «8»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ): عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْفَحَّامِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عُبْدُوسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَهَارِ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ، فَجَلَسْتُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لِي عَائِشَةُ، مَا وَجَدْتَ إِلَّا فَخِذِي أَوْ فَخِذَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ فَقَالَ: مَهْ يَا عَائِشَةُ لَا تُؤْذِينِي فِي عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَ أَخِي فِي الْآخِرَةِ، وَ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، يُجْلِسُهُ «2» اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الصِّرَاطِ، فَيُدْخِلُ أَوْلِيَاءَهُ الْجَنَّةَ وَ أَعْدَاءَهُ النَّارَ».
10077/ «9»- وَ عَنْهُ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَحَّامُ، وَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، حَدَّثَنِي أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرْحَانِ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فُرَاتٍ الدَّهَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِي وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا وَ أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ».
10078/ «10»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَفْصٍ ابْنِ عُمَرَ الْعَسْكَرِيُّ بِالْمِصِّيصَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَنْمَاطِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بِحَلَبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي
__________________________________________________
(8)- الأمالي 1: 296.
(9)- الأمالي 1: 296.
(10)- الأمالي 2: 241.
(1) في «ط، ج، ي» فتجللت بجلالها.
(2) في المصدر: يجعله.
143
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 24 ص 139
الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ النَّخَعِيُّ ابْنُ عَمِّ شَرِيكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، قَالَ: حَضَرْتُ الْأَعْمَشَ فِي عِلَّتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ، فَذَكَرَ ضَعْفاً شَدِيداً، وَ ذَكَرَ مَا يَتَخَوَّفُ مِنْ خَطِيئَاتِهِ، وَ أَدْرَكَتْهُ رَنَّةٌ فَبَكَى، وَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اتَّقِ اللَّهَ، وَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ، فَإِنَّكَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِأَحَادِيثَ، لَوْ رَجَعْتَ عَنْهَا كَانَ خَيْراً لَكَ.
قَالَ الْأَعْمَشُ: مِثْلُ مَاذَا، يَا نُعْمَانُ؟ قَالَ: مِثْلُ حَدِيثِ عَبَايَةَ: «أَنَا قَسِيمُ النَّارِ». قَالَ: أَ وَ لِمِثْلِي تَقُولُ يَا يَهُودِيُّ! أَقْعِدُونِي، أَسْنِدُونِي، أَقْعِدُونِي، حَدَّثَنِي- وَ الَّذِي إِلَيْهِ مَصِيرِي- مُوسَى بْنُ طَرِيفٍ، وَ لَمْ أَرَ أَسَدِيّاً كَانَ خَيْراً مِنْهُ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَبَايَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ إِمَامَ الْحَيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، يَقُولُ: «أَنَا قَسِيمُ النَّارِ، أَقُولُ: هَذَا وَلِيِّي دَعِيهِ، وَ هَذَا عَدُوِّي خُذِيهِ».
و
حَدَّثَنِي أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ، وَ كَانَ يَشْتِمُ عَلِيّاً شَتْماً مُقْذِعاً- يَعْنِي الْحَجَّاجَ لَعَنَهُ اللَّهُ- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَقْعُدُ أَنَا وَ عَلِيٌّ عَلَى الصِّرَاطِ، وَ يُقَالُ لَنَا: أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ آمَنَ بِي وَ أَحَبَّكُمَا، وَ أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ كَفَرَ بِي وَ أَبْغَضَكُمَا». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَا آمَنَ بِاللَّهِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَ لَمْ [يُؤْمِنْ بِي مَنْ لَمْ] يَتَوَلَّ- أَوْ قَالَ لَمْ يُحِبَّ- عَلِيّاً» وَ تَلَا: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ».
قال: فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه، و قال: قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمّد بأطم من هذا. قال الحسن بن سعيد: قال لي شريك بن عبد اللّه: فما أمسى- يعني الأعمش- حتى فارق الدنيا.
10079/ «11»- عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ «1»، فِي (الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعِينَ): عَنْ أَرْبَعِينَ شَيْخاً، عَنْ أَرْبَعِينَ صَحَابِيّاً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ هَمُوشَةُ الْفَرْزَادِيُّ الْمُقْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَنِيُّ الْحَافِظُ إِمْلَاءً، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْمُقْرِي الْمَعْرُوفُ بِالْخَبَّازِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ الْمُقْرِئُ الْعَدْلُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَ أَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ الْقَاضِي، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْأَعْمَشِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَالْتَفَتَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَ كَانَ أَكْبَرَهُمْ، وَ قَالَ: لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِأَحَادِيثَ، لَوْ أَمْسَكْتَ عَنْهَا لَكَانَ خَيْراً لَكَ.
قَالَ: فَقَالَ الْأَعْمَشُ: أَ لِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا! أَسْنِدُونِي أَسْنِدُونِي، حَدَّثَنِي أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
__________________________________________________
(11)- أربعين منتجب الدين: 51/ 23.
(1) في «ج»: أبو عبيد اللّه، و هو الشيخ منتجب الدين عليّ بن عبيد اللّه بن الحسن و الحسين بن الحسن بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، صاحب كتاب «الفهرست) و المتوفّي بعد سنة 585 ه. انظر الثقات العيون: 196.
144
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 24 ص 139
الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا، وَ أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قَالَ: فَقَامَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَ قَالَ: قُومُوا: لَا يَأْتِي بِمَا هُوَ أَطَمُّ مِنْ هَذَا. قَالَ: فَوَ اللَّهِ مَا جُزْنَا بَابَهُ حَتَّى مَاتَ الْأَعْمَشُ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ).
10080/ «12»- صَاحِبُ (الْأَرْبَعِينَ حَدِيثاً عَنِ الْأَرْبَعِينَ)؛ وَ هُوَ الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَطِيبُ الدِّينَوَرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتُ بِسَامَرَّةَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ تِسْعِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السُّرُورِ الْهَاشِمِيُّ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَادِلٍ الْقَطَّانُ بِنَصِيبِينَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ فِي مَرْضَتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَأَقْبَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، فَقَالَ: يَا سُلَيْمَانُ، اتَّقِ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ اعْلَمْ أَنَّكَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ قَدْ كُنْتَ تَرْوِي فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَحَادِيثَ، لَوْ أَمْسَكْتَ عَنْهَا لَكَانَ أَفْضَلَ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ: لِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا؟ أَقْعِدُونِي وَ أَسْنِدُونِي، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا، وَ النَّارَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قُومُوا بِنَا لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا.
قَالَ الْفَضْلُ: سَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَقُلْتُ: مَنِ الْكَفَّارُ؟ فَقَالَ: «الْكَافِرُ بِجَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)». وَ مَنِ الْعَنِيدُ؟ قَالَ: «الْجَاحِدُ حَقَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10081/ «13»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ (رَحِمَهُ اللَّهُ): عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ حَمَّادٍ، عَنْ شَرِيكٍ، قَالَ: بَعَثَ [إِلَيْنَا] الْأَعْمَشُ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمَرَضِ، فَأَتَيْنَاهُ وَ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ، وَ فِيهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَ ابْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرِ، فَقَالَ: لِابْنِهِ: [يَا بُنَيَ] أَجْلِسْنِي. فَأَجْلَسَهُ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَ ابْنَ قَيْسٍ الْمَاصِرَ أَتَيَانِي فَقَالا: إِنَّكَ قَدْ حَدَّثْتَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَحَادِيثَ، فَارْجِعْ عَنْهَا، فَإِنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ مَا دَامَتِ الرُّوحُ فِي الْبَدَنِ، فَقُلْتُ لَهُمَا: مِثْلُكُمَا يَقُولُ لِمِثْلِي هَذَا! أُشْهِدُكُمْ- يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ- فَإِنِّي فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، أَنِّي سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رِيَاحٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَنَا وَ عَلِيٌّ نُلْقِي فِي جَهَنَّمَ كُلَّ مَنْ عَادَانَا». فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِابْنِ قَيْسٍ: قُمْ بِنَا لَا يَجِيءُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا. فَقَامَا وَ انْصَرَفَا.
10082/ «14»- السَّيِّدُ الرَّضِيُّ فِي كِتَابِ (الْمَنَاقِبِ الْفَاخِرَةِ فِي الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ) عَنِ الْقَاضِي الْأَمِينِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَلَّابِيِّ الْمَغَازِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسنِ
__________________________________________________
(12)- أربعين الخزاعيّ: 14/ 14.
(13)- تأويل الآيات 2: 610/ 6.
(14)- .... الفضائل لابن شاذان: 129.
145
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 24 ص 139
الدَّيَّاسُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ سَوَادِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ مُسْلِمٍ الْبَطَائِحِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمِّهِ حَارِثَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ يَوْماً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرِنِي الْحَقَّ حَتَّى أَتَّبِعَهُ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا بْنَ مَسْعُودٍ، لِجْ إِلَى الْمِخْدَعِ» فَوَلَجْتُ، فَرَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَاكِعاً وَ سَاجِداً، وَ هُوَ يَقُولُ: عَقِيبَ صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ، اغْفِرْ لِلْخَاطِئِينَ مِنْ شِيعَتِي». قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَخَرَجْتُ لِأُخْبِرَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ، فَوَجَدْتُهُ رَاكِعاً وَ سَاجِداً، وَ هُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ بِحُرْمَةِ عَبْدِكَ عَلِيٍّ اغْفِرْ لِلْعَاصِينَ مِنْ أُمَّتِي».
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَأَخَذَنِي الْهَلَعُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيَّ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَأْسَهُ، وَ قَالَ: «يَا بْنَ مَسْعُودٍ، أَ كُفْراً بَعْدَ إِيمَانٍ؟» فَقُلْتُ: مَعَاذَ اللَّهِ، وَ لَكِنِّي رَأَيْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى بِكَ، وَ أَنْتَ تَسْئَلُ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ.
فَقَالَ: «يَا بْنَ مَسْعُودٍ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَنِي وَ عَلِيّاً وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ قَبْلَ الْخَلْقِ بِأَلْفَيْ عَامٍ، حِينَ لَا تَسْبِيحَ وَ لَا تَقْدِيسَ، وَ فَتَقَ نُورِي فَخَلَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، وَ أَنَا أَفْضَلُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ فَتَقَ نُورَ عَلِيٍّ فَخَلَقَ مِنْهُ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِيَّ، وَ عَلِيٌّ أَجَلُّ مِنَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ، وَ فَتَقَ نُورَ الْحَسَنِ فَخَلَقَ مِنْهُ اللَّوْحَ وَ الْقَلَمَ، وَ الْحَسَنُ أَجَلُّ مِنَ اللَّوْحِ وَ الْقَلَمِ، وَ فَتَقَ نُورَ الْحُسَيْنِ فَخَلَقَ مِنْهُ الْجِنَانَ وَ الْحُورَ الْعِينَ، وَ الْحُسَيْنُ أَفْضَلُ مِنْهُمَا، فَأَظْلَمَتِ الْمَشَارِقُ وَ الْمَغَارِبُ، فَشَكَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الظُّلْمَةَ، وَ قَالَتْ: اللَّهُمَّ بِحَقِّ هَؤُلَاءِ الْأَشْبَاحِ الَّذِينَ خَلَقْتَ إِلَّا مَا فَرَّجْتَ عَنَّا هَذِهِ الظُّلْمَةَ؛ فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رُوحاً وَ قَرَّبَهَا بِأُخْرَى، فَخَلَقَ مِنْهُمَا نُوراً، ثُمَّ أَضَافَ النُّورَ إِلَى الرُّوحِ، فَخَلَقَ مِنْهَا الزَّهْرَاءَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءَ، فَأَضَاءَ مِنْهَا الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ.
يَا بْنَ مَسْعُودٍ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ لِعَلِيٍّ. أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ شِئْتُمَا، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». فَالْكُفَّارُ مَنْ جَحَدَ نُبُوَّتِي، وَ الْعَنِيدُ مَنْ عَانَدَ عَلِيّاً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ شِيعَتَهُ».
10083/ «15»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) «1» بِإِسْنَادِهِ، عَنْ رِجَالِهِ، عَنِ الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ وَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شَفَّعَنِي رَبِّي وَ شَفَّعَكَ يَا عَلِيُّ، وَ كَسَانِي وَ كَسَاكَ يَا عَلِيُّ، ثُمَّ قَالَ لِي وَ لَكَ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنْ أَبْغَضَكُمَا، وَ أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُؤْمِنُ».
10084/ «16»- ثُمَّ قَالَ شَرَفُ الدِّينِ: وَ يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ فَقَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَقَفَ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) عَلَى الصِّرَاطِ، فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ مَعَهُ بَرَاءَةٌ».
قُلْتُ: وَ مَا بَرَاءَتُهُ؟ قَالَ: «وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ يُنَادِي مُنَادٍ،
__________________________________________________
(15)- تأويل الآيات 2: 609/ 4.
(16)- تأويل الآيات 2: 609/ 5.
(1) الأمالي 1: 378.
146
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 24 ص 139
يَا مُحَمَّدُ، يَا عَلِيُّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ بِنُبُوَّتِكَ عَنِيدٍ، لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ».
10085/ «17»- أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ فِي (الْمَنَاقِبِ الْمِائَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: الثَّالِثُ وَ الْعِشْرُونَ: عَنِ الْبَاقِرِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ قَالَ: يَا عَلِيُّ إِذَا جُمِعَ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى، يَا مُحَمَّدُ، وَ يَا عَلِيُّ، قُومَا وَ أَلْقِيَا مَنْ أَبْغَضَكُمَا وَ خَالَفَكُمَا وَ كَذَّبَكُمَا فِي النَّارِ».
قوله تعالى:
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ- إلى قوله تعالى- ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ [25- 29] 10086/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ، قال: المناع: الثاني، و الخير: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و حقوق آل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و لما كتب الأول كتاب فدك بردها على فاطمة (عليها السلام)، منعه الثاني، فهو: مُعْتَدٍ مُرِيبٍ* الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، قال: هو ما قالوا: نحن كافرون بمن جعل لكم الإمامة و الخمس.
قال: و أمّا قوله: قالَ قَرِينُهُ، أي شيطانه، و هو الثاني رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ، يعني الأول وَ لكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ، فيقول اللّه لهما: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ* ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، أي ما فعلتم لا يبدل حسنات، ما وعدته لا اخلفه.
قوله تعالى:
وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [29]
10087/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، هَلْ يُجْبِرُ عِبَادَهُ عَلَى الْمَعَاصِي؟ فَقَالَ: «بَلْ يُخَيِّرُهُمْ وَ يُمْهِلُهُمْ حَتَّى يَتُوبُوا».
__________________________________________________
(17)- مائة منقبة: 47/ 23.
(1)- تفسير القمّيّ 2: 326.
(2)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 124/ 16.
147
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 25 الى 29 ص 147
قُلْتُ: فَهَلْ يُكَلِّفُ عِبَادَهُ مَا لَا يُطِيقُونَ؟ فَقَالَ: «وَ كَيْفَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَ هُوَ يَقُولُ: وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «1»». ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «حَدَّثَنِي أَبَى مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجْبِرُ عِبَادَهُ عَلَى الْمَعَاصِي أَوْ يُكَلِّفُهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، فَلَا تَأْكُلُوا ذَبِيحَتَهُ، وَ لَا تَقْبَلُوا شَهَادَتَهُ، وَ لَا تُصَلُّوا وَرَاءَهُ، وَ لَا تُعْطُوهُ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْئاً».
قوله تعالى:
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [30] 10088/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: هو استفهام، لأن اللّه وعد النار أن يملأها، فتمتلئ النار فيقول لها: هل امتلأت»؟ و تقول: هل من مزيد؟ على حدّ الاستفهام، أي ليس في مزيد، قال: فتقول الجنة: يا ربّ وعدت النار أن تملأها، و وعدتني أن تملأني، فبم تملأني و قد ملأت النار؟ قال: فيخلق اللّه يومئذ خلقا يملأ بهم الجنة.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «طُوبَى لَهُمْ [إِنَّهُمْ] لَمْ يَرَوْا هُمُومَ الدُّنْيَا وَ غُمُومَهَا».
قوله تعالى:
وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ [31] 10089/ «2»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ أي زينت غَيْرَ بَعِيدٍ: قال بسرعة.
قوله تعالى:
لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها- إلى قوله تعالى- أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ [35- 37] 10090/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ، قال: النظر إلى وجه اللّه
__________________________________________________
(1)- تفسير القمّيّ 2: 326.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 327.
(3)- تفسير القمّيّ 2: 327.
(1) فصّلت 41: 46.
148
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 35 الى 37 ص 148
يعني إلى نعمة اللّه، و هو ردّ على من يقول بالرؤية.
و قد تقدمت روايتان في ذلك- في قوله: وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ- و في قوله: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ، من سورة الم السجدة، فليؤخذ من هناك «1».
10091/ «2»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ، أي مروا. قال: قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ، أي ذكر «2» أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ: أي سمع و أطاع.
10092/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، رَفَعَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ [لِي] أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- قَالَ فِيهِ: «يَا هِشَامُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ، يَعْنِي عَقْلٌ».
10093/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ فِي خُطْبَةٍ: «وَ أَنَا ذُو الْقَلْبِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ». وَ قَدْ ذَكَرْنَا سَنَدَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ «3».
10094/ «5»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ وَكِيعٍ وَ السُّدِّيِّ وَ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَاقَتَانِ عَظِيمَتَانِ سَمِينَتَانِ، فَقَالَ لِلصَّحَابَةِ: «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِقِيَامِهِمَا وَ رُكُوعِهِمَا وَ سُجُودِهِمَا وَ وُضُوئِهِمَا وَ خُشُوعِهِمَا، لَا يَهُمُّ مَعَهُمَا «4» مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ، وَ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِذِكْرِ «5» الدُّنْيَا، أُهْدِيهِ إِحْدَى هَاتَيْنِ النَّاقَتَيْنِ؟». فَقَالَهَا مَرَّةً وَ مَرَّتَيْنِ وَ ثَلَاثَةً، لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
فَقَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «أَنَا- يَا رَسُولَ اللَّهِ- أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْأُولَى وَ إِلَى انْ أُسَلِّمَ مِنْهُمَا، لَا أُحَدِّثُ نَفْسِي بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا». فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ، صَلِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ». فَكَبَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، هَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ أَعْطِهِ إِحْدَى النَّاقَتَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنِّي شَارَطْتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثَ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، أَعْطِهِ إِحْدَى النَّاقَتَيْنِ إِنْ صَلَّاهُمَا، وَ إِنَّهُ جَلَسَ فِي التَّشَهُّدِ فَتَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ أَيَّهُمَا
__________________________________________________
(2)- تفسير القمّيّ 2: 327.
(3)- الكافي 1: 12/ 12.
(4)- معاني الأخبار: 59/ 9.
(5)- المناقب 2: 20.
(1) تقدمتا في تفسير الآيتين (16، 17) من سورة السجدة.
(2) في المصدر: أي ذاكر.
(3) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (49- 69) من سورة العنكبوت.
(4) في المصدر: لا يهتم فيهما.
(5) في «ج» و المصدر: قلبه بفكر.
149
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 35 الى 37 ص 148
يَأْخُذُ!».
فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: تَفَكَّرَ أَيَّهُمَا يَأْخُذُهَا، أَسْمَنَهَا وَ أَعْظَمَهَا، فَيَنْحَرُهَا وَ يَتَصَدَّقُ بِهَا لِوَجْهِ اللَّهِ، فَكَانَ تَفَكُّرُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، لَا لِنَفْسِهِ وَ لَا لِلدُّنْيَا. فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَعْطَاهُ كِلْتَيْهِمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى، لِعِظَةً لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ عَقْلٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ، يَعْنِي اسْتَمَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأُذُنَيْهِ إِلَى مَا تَلَاهُ بِلِسَانِهِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ: وَ هُوَ شَهِيدٌ، يَعْنِي وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَاضِرُ «1» الْقَلْبِ لِلَّهِ فِي صَلَاتِهِ، لَا يَتَفَكَّرُ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا.
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ [38]
10095/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ضُرَيْسٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عُمَارَةُ السُّكَّرِيُّ السُّرْيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَاصِمٍ بِقَزْوِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْكَرْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سَلَّامِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «2» مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَ قَالَ فِيهِ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ؟ قَالَ: «يَوْمُ الْأَحَدِ» قَالَ: وَ لِمَ سُمِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مَحْدُودٌ».
قَالَ: فَالْإِثْنَيْنِ؟ قَالَ: « [هُوَ] الْيَوْمُ الثَّانِي مِنَ الدُّنْيَا». قَالَ: وَ الثَّلَاثَاءُ؟ قَالَ: «الثَّالِثُ مِنَ الدُّنْيَا». قَالَ: فَالْأَرْبِعَاءُ؟ قَالَ:
«الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنَ الدُّنْيَا». قَالَ: فَالْخَمِيسُ؟ قَالَ: «هُوَ الْيَوْمُ الْخَامِسُ مِنَ الدُّنْيَا، وَ هُوَ يَوْمٌ أَنِيسٌ، لُعِنَ فِيهِ إِبْلِيسُ، وَ رُفِعَ فِيهِ إِدْرِيسُ، قَالَ: فَالْجُمُعَةُ؟ قَالَ: «هُوَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «3»، وَ هُوَ شَاهِدٌ وَ مَشْهُودٌ»، قَالَ: فَالسَّبْتُ؟ قَالَ: «يَوْمٌ مَسْبُوتٌ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْقُرْآنِ: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، [فَمِنَ الْأَحَدِ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَيَّامٍ] وَ السَّبْتُ مُعَطَّلٌ». قَالَ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
و قد تقدم حديث في ذلك، في قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، من سورة يونس «4».
__________________________________________________
(1)- علل الشرائع: 47/ 33.
(1) في المصدر: شاهد.
(2) في المصدر: عبد اللّه.
(3) هود 11: 103.
(4) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (3) من سورة يونس.
150
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق آية 40 ص 151
قوله تعالى:
وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ [40]
10096/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: وَ أَدْبارَ السُّجُودِ، قَالَ: «رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ».
10097/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ، قَالَ: «أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ».
قوله تعالى:
وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ- إلى قوله تعالى- فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [41- 45]
10098/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ «1»». قَالَ: «ذَلِكَ وَ اللَّهِ فِي الرَّجْعَةِ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَثِيرٌ لَمْ يُنْصَرُوا فِي الدُّنْيَا وَ قُتِلُوا، وَ أَئِمَّةً [قَدْ] قُتِلُوا وَ لَمْ يُنْصَرُوا، فَذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ».
قُلْتُ: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ؟
قَالَ: «هِيَ الرَّجْعَةُ».
10099/ «4»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال: ينادي المنادي باسم القائم و اسم أبيه (عليهما السلام)، قوله تعالى: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ، قال: صيحة القائم من
__________________________________________________
(1)- الكافي 3: 444/ 11.
(2)- تفسير القمّيّ 2: 327.
(3)- مختصر بصائر الدرجات: 18.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 327.
(1) غافر 40: 51.
151
البرهان في تفسير القرآن5
سورة ق الآيات 41 الى 45 ص 151
السماء، ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ.
10100/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ قَالَ: «هِيَ الرَّجْعَةُ».
10101/ «4»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً، قال: في الرجعة، قوله تعالى: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ، قال: ذكر- يا محمد- بما وعدناه من العذاب «1».
__________________________________________________
(3)- تفسير القمّيّ 2: 327.
(4)- تفسير القمّيّ 2: 327.
(1)