×
☰ فهرست و مشخصات
البرهان في تفسير القرآن5

الجزء الخامس

الجزءُ الخامسُ‏
سُورَةُ الدُّخَانِ‏
فَضْلُهَا
9687/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الدُّخَانِ فِي فَرَائِضِهِ وَ نَوَافِلِهِ، بَعَثَهُ اللَّهُ مِنَ «1» الْآمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ عَرْشِهِ، وَ حَاسَبَهُ حِسَاباً يَسِيراً، وَ أَعْطَاهُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ».
9688/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا مِائَةُ أَلْفِ رَقَبَةٍ عَتِيقٍ، وَ مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ جَمِيعَ ذُنُوبِهِ؛ وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنَ كَيْدِ الشَّيَاطِينِ؛ وَ مَنْ جَعَلَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ رَأَى فِي مَنَامِهِ كُلَّ خَيْرٍ، وَ أَمِنَ مِنْ قَلَقِهِ فِي اللَّيْلِ؛ وَ إِذَا شَرِبَ مَاءَهَا صَاحِبُ الشَّقِيقَةِ بَرَأَ وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ جُعِلَتْ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ تِجَارَةٌ رَبِحَ صَاحِبُ الْمَوْضِعِ، وَ كَثُرَ مَالُهُ سَرِيعاً».
9689/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ السَّابِقَةَ؛ وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنَ كَيْدِ الشَّيَاطِينِ؛ وَ مَنْ تَرَكَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ رَأَى فِي مَنَامِهِ كُلَّ خَيْرٍ، وَ أَمِنَ مِنَ الْقَلَقِ، وَ إِنْ شَرِبَ مَاءَهَا صَاحِبُ الشَّقِيقَةِ بَرَأَ مِنْ سَاعَتِهِ؛ وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ جُعِلَتْ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ تِجَارَةٌ رَبِحَ صَاحِبُهَا وَ كَثُرَ مَالُهُ سَرِيعاً».
9690/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنْ شَرِّ كُلِّ مَلَكٍ، وَ كَانَ مُهَاباً فِي وَجْهِ كُلِّ مَنْ يَلْقَاهُ، وَ مَحْبُوباً عِنْدَ النَّاسِ؛ وَ إِذَا شَرِبَ مَاءَهَا نَفَعَ مِنْ انْعِصَارِ الْبَطْنِ، وَ سَهُلَ الْمَخْرَجُ بِإِذْنِ اللَّهِ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 114.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- خواص القرآن: 7 «مخطوط».
 (1) في المصدر: مع.

7
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حَم* وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ- إلى قوله تعالى- بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ [1- 9]
9691/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ، وَ نَحْنُ مَعَهُ بِالْعُرَيْضِ، فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ وَ سَفَرٍ شَاقٍّ، وَ سَأَلْتُ رَبِّي مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَنْ يُرْشِدَنِي إِلَى خَيْرِ الْأَدْيَانِ وَ إِلَى خَيْرِ الْعِبَادِ وَ أَعْلَمِهِمْ، وَ أَتَانِي آتٍ فِي النَّوْمِ فَوَصَفَ لِي رَجُلًا بِعَلْيَاءِ دِمَشْقَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ أَهْلِ دِينِي، وَ غَيْرِي أَعْلَمُ مِنِّي.
فَقُلْتُ: أَرْشِدْنِى إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، فَانِّي لَا أَسْتَعْظِمُ السَّفَرَ، وَ لَا تَبْعُدُ عَلَيَّ الشُّقَّةُ، وَ لَقَدْ قَرَأْتُ الْإِنْجِيلَ كُلَّهُ، وَ مَزَامِيرَ دَاوُدَ، وَ قَرَأْتُ أَرْبَعَةَ أَسْفَارٍ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَ قَرَأْتُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ حَتَّى اسْتَوْعَبْتُهُ كُلَّهُ.
فَقَالَ لِي الْعَالِمُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ النَّصْرَانِيَّةِ، فَأَنَا أَعْلَمُ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ بِهَا، وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْيَهُودِيَّةِ فَبَاطِي بْنُ شُرَحْبِيلَ السَّامِرِيُّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا الْيَوْمَ، وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْإِسْلَامِ وَ عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَ عِلْمَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ كِتَابَ هُودٍ، وَ كُلَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي دَهْرِكَ وَ دَهْرِ غَيْرِكَ، وَ مَا أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ خَبَرٍ فَعَلِمَهُ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ، فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، وَ شِفَاءٌ لِلْعَالَمِينَ، وَ رَوْحٌ لِمَنْ اسْتَرْوَحَ إِلَيْهِ، وَ بَصِيرَةٌ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً وَ أُنْسٌ إِلَى الْحَقِّ، وَ أُرْشِدُكَ إِلَيْهِ، فَأْتِهِ وَ لَوْ مَشْياً عَلَى رِجْلَيْكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَحَبْواً عَلَى رُكْبَتَيْكَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَزَحْفاً عَلَى اسْتِكَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَعَلَى وَجْهِكَ.
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 398/ 4.

8
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8

فَقُلْتُ: لَا، بَلْ أَنَا أَقْدِرُ عَلَى الْمَسِيرِ فِي الْبَدَنِ وَ الْمَالِ، قَالَ: فَانْطَلِقْ مِنْ فَوْرِكَ حَتَّى تَأْتِيَ يَثْرِبَ، فَقُلْتُ:
لَا أَعْرِفُ يَثْرِبَ. قَالَ: فَانْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ مَدِينَةَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، الَّذِي بُعِثَ فِي الْعَرَبِ، وَ هُوَ النَّبِيُّ الْعَرَبِيُّ الْهَاشِمِيُّ، فَإِذَا دَخَلْتَهَا فَسَلْ عَنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَ هُوَ عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهَا، وَ أَظْهِرْ بِزَّةَ النَّصْرَانِيَّةِ وَ حِلْيَتَهَا، فَإِنَّ وَالِيَهَا يَتَشَدَّدُ عَلَيْهِمْ، وَ الْخَلِيفَةُ أَشَدُّ، ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ، وَ هُوَ بِبَقِيعِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَ أَيْنَ مَنْزِلُهُ، وَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ حَاضِرٌ، فَإِنْ كَانَ مُسَافِراً فَالْحَقْهُ، فَإِنَّ سَفَرَهُ أَقْرَبُ مِمَّا ضُرِبَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَعْلِمْهُ أَنَّ مَطْرَانَ عَلْيَاءِ الْغُوطَةِ- غُوطَةِ دِمَشْقَ- هُوَ الَّذِي أَرْشَدَنِي إِلَيْكَ، وَ هُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ كَثِيراً، وَ يَقُولُ لَكَ:
إِنِّي لَأُكْثِرُ مُنَاجَاةَ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَ إِسْلَامِى عَلَى يَدَيْكَ.
فَقَصَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَ هُوَ قَائِمٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَصَاهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: إِنْ أَذِنْتَ لِي يَا سَيِّدِي كَفَّرْتُ لَكَ «1»، وَ جَلَسْتُ، فَقَالَ: «آذَنُ لَكَ أَنْ تَجْلِسَ، وَ لَا آذَنُ لَكَ أَنْ تُكَفِّرَ». فَجَلَسَ ثُمَّ أَلْقَى عَنْهُ بُرْنُسَهُ، ثُمَّ قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مَا جِئْتَ إِلَّا لَهُ».
فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: أُرْدُدْ عَلَى صَاحِبِيَ السَّلَامَ، أَ وَ مَا تَرُدُّ السَّلَامَ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «عَلَى صَاحِبِكَ أَنْ هَدَاهُ اللَّهُ، أَمَّا التَّسْلِيمُ فَذَاكَ إِذَا صَارَ فِي دِينِنَا».
فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي أَسْأَلُكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: «سَلْ»، قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَ نَطَقَ بِهِ ثُمَّ وَصَفَهُ بِمَا وَصَفَهُ، فَقَالَ: حَم* وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ مَا تَفْسِيرُهَا فِي الْبَاطِنِ؟ فَقَالَ: «أَمَّا حَم فَهُوَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هُوَ فِي كِتَابِ هُودٍ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، وَ هُوَ مَنْقُوصُ الْحُرُوفِ، وَ أَمَّا الْكِتَابُ الْمُبِينُ فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ أَمَّا اللَّيْلَةُ فَفَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يَقُولُ: يَخْرُجُ مِنْهَا خَيْرٌ كَثِيرٌ، فَرَجُلٌ حَكِيمٌ، وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ، وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ».
فَقَالَ الرَّجُلُ: صِفْ لِيَ الْأَوَّلَ وَ الْآخِرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «الصِّفَاتُ تَشْتَبِهُ، وَ لَكِنْ الثَّالِثَ مِنَ الْقَوْمِ أَصِفُ لَكَ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَسْلِهِ، وَ إِنَّهُ عِنْدَكُمْ لَفِي الْكُتُبِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَيْكُمْ، إِنْ لَمْ تُغَيِّرُوا وَ تُحَرِّفُوا وَ تَكْفُرُوا وَ قَدِيماً مَا فَعَلْتُمْ».
فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي لَا أَسْتُرُ عَنْكَ مَا عَلِمْتُ، وَ لَا أَكْذِبُكَ، وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ فِي صِدْقِ مَا أَقُولُ وَ كِذْبِهِ، وَ اللَّهُ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَ قَسَمَ عَلَيْكَ مِنْ نِعَمِهِ مَا لَا يَخْطُرُهُ الْخَاطِرُونَ، وَ لَا يَسْتُرُهُ السَّاتِرُونَ، وَ لَا يَكْذِبُ فِيهِ مَنْ كَذَبَ، فَقَوْلِي لَكَ فِي ذَلِكَ الْحُقُّ، كُلُّ مَا ذَكَرْتَ فَهُوَ كَمَا ذَكَرْتَ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أُعَجِّلُكَ أَيْضاً خَبَراً لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِمَّنْ قَرَأَ الْكُتُبَ، أَخْبِرْنِي مَا اسْمُ أُمِّ مَرْيَمَ؟
وَ أَيُّ يَوْمٍ نُفِخَتْ فِيهِ مَرْيَمُ؟ وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ؟ وَ أَيَّ يَوْمٍ وَضَعَتْ فِيهِ مَرْيَمُ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ؟». فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: لَا أَدْرِي.
فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَمَّا أُمُّ مَرْيَمَ فَاسْمُهَا مَرْثَا، وَ هِيَ وَهِيبَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَمَلَتْ فِيهِ مَرْيَمُ‏
__________________________________________________
 (1) التكفير: وضع اليد على الصدر.

9
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8

فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِلزَّوَالِ، وَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي هَبَطَ فِيهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، وَ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ كَانَ أَوْلَى مِنْهُ، عَظَّمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، وَ عَظَّمَهُ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عِيداً، فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي وَلَدَتْ فِيهِ مَرْيَمُ فَهُوَ يَوْمُ الثَّلَاثَاءِ لِأَرْبَعِ سَاعَاتٍ وَ نِصْفٍ مِنَ النَّهَارِ، وَ النَّهَرُ الَّذِي وَلَدَتْ عَلَيْهِ مَرْيَمُ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هَلْ تَعْرِفُهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «هُوَ الْفُرَاتُ، وَ عَلَيْهِ شَجَرُ النَّخْلِ وَ الْكَرْمِ، وَ لَيْسَ يُسَاوَى بِالْفُرَاتِ شَيْ‏ءٌ لِلْكُرُومِ وَ النَّخِيلِ، فَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَجَبَتْ فِيهِ لِسَانَهَا، وَ نَادَى قَيْدُوسُ وُلْدَهُ وَ أَشْيَاعَهُ، فَأَعَانُوهُ وَ أَخْرَجُوا آلَ عِمْرَانَ، لِيَنْظُرُوا إِلَى مَرْيَمَ، فَقَالُوا لَهَا مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكِ فِي كِتَابِهِ وَ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ، فَهَلْ فَهِمْتَهُ؟». قَالَ: نَعَمْ، وَ قَرَأْتُهُ الْيَوْمَ الْأَحْدَثَ، قَالَ: «إِذَنْ لَا تَقُومُ مِنْ مَجْلِسِكَ حَتَّى يَهْدِيَكَ اللَّهُ».
قَالَ النَّصْرَانِيُّ: مَا كَانَ اسْمُ أُمِّي بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَ الْعَرَبِيَّةِ؟ فَقَالَ: «كَانَ اسْمُ أُمِّكَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ عَنْقَالِيَةُ وَ عَنْقُورَةُ «1» كَانَ [اسْمَ‏] جَدَّتِكَ لِأَبِيكَ، وَ أَمَّا اسْمُ أُمِّكَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ مَيَّةُ، وَ أَمَّا اسْمُ أَبِيكَ فَعَبْدُ الْمَسِيحِ، وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَ لَيْسَ لِلْمَسِيحِ عَبْدٌ». قَالَ: صَدَقْتَ وَ بَرَرْتَ، فَمَا كَانَ اسْمُ جَدِّي؟ قَالَ: «كَانَ اسْمُ جَدِّكَ جَبْرَئِيلَ، وَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمَّيْتُهُ فِي مَجْلِسِي هَذَا». قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ مُسْلِماً، قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَعَمْ، وَ قُتِلَ شَهِيداً، دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَجْنَادٌ فَقَتَلُوهُ فِي مَنْزِلِهِ غِيلَةً، وَ الْأَجْنَادُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ».
قَالَ: فَمَا كَانَ اسْمِي قَبْلَ كُنْيَتِي؟ قَالَ: «كَانَ اسْمُكَ عَبْدَ الصَّلِيبِ» قَالَ: فَمَا تُسَمِّينِي؟ قَالَ: «أُسَمِّيكَ عَبْدَ اللَّهِ».
قَالَ: إِنِّي آمَنْتُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَرْداً صَمَداً، لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ النَّصَارَى، وَ لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ الْيَهُودُ، وَ لَا جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِ الشِّرْكِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ فَأَبَانَ بِهِ لِأَهْلِهِ، وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ، وَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى النَّاسِ كَافَّةً إِلَى الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ، وَ كَلٌّ فِيهِ مُشْتَرَكٌ، فَأَبْصَرَ مَنْ أَبْصَرَ، وَ اهْتَدَى مَنِ اهْتَدَى وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ، وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ وَلِيَّهُ نَطَقَ بِحِكْمَتِهِ، وَ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَطَقُوا بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ، وَ تَوَازَرُوا عَلَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ، وَ فَارَقُوا الْبَاطِلَ وَ أَهْلَهُ، وَ الرِّجْسَ وَ أَهْلَهُ، وَ هَجَرُوا سَبِيلَ الضَّلَالَةِ وَ نَصَرَهُمُ اللَّهُ بِالطَّاعَةِ لَهُ، وَ عَصَمَهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَهُمْ لِلَّهِ أَوْلِيَاءُ وَ لِلدِّينِ أَنْصَارٌ يَحُثُّونَ عَلَى الْخَيْرِ، وَ يَأْمُرُونَ بِهِ، آمَنْتُ بِالصَّغِيرِ وَ بِالْكَبِيرِ، وَ مَنْ ذَكَرْتُ مِنْهُمْ، وَ مَنْ لَمْ أَذْكُرْ، وَ آمَنْتُ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى.
ثُمَّ قَطَعَ زُنَّارَهُ «2»، وَ قَطَعَ صَلِيباً كَانَ فِي عُنُقِهِ مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ قَالَ: مُرْنِي حَتَّى أَضَعَ صَدَقَتِي حَيْثُ تَأْمُرُنِي، فَقَالَ:
 «هَا هُنَا أَخٌ لَكَ كَانَ عَلَى مِثْلِ دِينِكَ، وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَ هُوَ فِي نِعْمَةٍ كَنِعْمَتِكَ، فَتَوَاسَيَا وَ تَجَاوَرَا، وَ لَسْتُ أَدَعُ أَنْ أُورِدَ عَلَيْكُمَا حَقَّكُمَا فِي الْإِسْلَامِ».
فَقَالَ: وَ اللَّهِ- أَصْلَحَكَ اللَّهُ- إِنِّي لَغَنِيٌّ، وَ لَقَدْ تَرَكْتُ ثَلَاثَمِائَةِ طَرُوقٍ بَيْنَ فَرَسٍ وَ فَرَسَةٍ، وَ تَرَكْتُ أَلْفَ بَعِيرٍ، حَقُّكَ فِيهَا أَوْفَرُ مِنْ حَقِّي. فَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مَوْلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ أَنْتَ فِي حَدِّ نَسَبِكَ عَلَى حَالِكَ». وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فِهْرٍ، وَ أَصْدَقَهَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَمْسِينَ دِينَاراً مِنْ صَدَقَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَخْدَمَهُ،
__________________________________________________
 (1) في «ط، ي»: عنفالية و عنفورة.
 (2) الزّنّار: ما يلبسه الذمّي يشده على وسطه. «لسان العرب- زنز- 4: 33».

10
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8

وَ بَوَّأَهُ، وَ أَقَامَ حَتَّى أَخْرَجَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ فَمَاتَ بَعْدَ مُخْرَجِهِ بِثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً.
9692/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنِ الْفُضَيْلِ وَ زُرَارَةَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حُمْرَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ، قَالَ: «نَعَمْ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَ هِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَلَمْ يُنْزَلِ الْقُرْآنُ إِلَّا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» قَالَ: «يُقَدَّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ، خَيْرٍ وَ شَرٍّ وَ طَاعَةٍ وَ مَعْصِيَةٍ وَ مَوْلُودٍ وَ أَجَلٍ وَ رِزْقٍ، فَمَا قُدِّرَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَ قُضِيَ فَهُوَ الْمَحْتُومُ، وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ الْمَشِيئَةُ».
قَالَ: قُلْتُ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «1»، أَيُّ شَيْ‏ءٍ عُنِيَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: «الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَ لَوْلَا مَا يُضَاعِفُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَا بَلَغُوا، وَ لَكِنَّ اللَّهَ يُضَاعِفُ لَهُمُ الْحَسَنَاتِ» «2».
9693/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الإحْتِجَاجِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ لَهُ طَوِيلٍ- قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيهِ: «وَ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْخَلْقِ إِظْهَارَ قُدْرَتِهِ، وَ إِبْدَاءَ سُلْطَانِهِ، وَ تَبْيِينَ بَرَاهِينِ حِكْمَتِهِ. فَخَلَقَ مَا شَاءَ كَمَا شَاءَ، وَ أَجْرَى فِعْلَ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَيْدِي مَنِ اصْطَفَي مِنْ أُمَنَائِهِ، فَكَانَ فِعْلُهُمْ فِعْلَهُ، وَ أَمْرُهُمْ أَمْرَهُ، كَمَا قَالَ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «3»، وَ جَعَلَ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وِعَاءً لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، لِيَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ مَعَ سَابِقِ عِلْمِهِ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ أَهْلِهِمَا، وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِأَوْلِيَائِهِ وَ أُمَنَائِهِ، وَ عَرَّفَ الْخَلِيقَةَ فَضْلَ مَنْزِلَةِ أَوْلِيَائِهِ، وَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَتِهِمْ مِثْلَ الَّذِي فَرَضَهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ، وَ أَلْزَمَهُمْ الْحُجَّةَ بِأَنْ خَاطَبَهُمْ خِطَاباً يَدُلُّ عَلَى انْفِرَادِهِ وَ تَوْحِيدِهِ، وَ أَبَانَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ أَجْرَى «4» أَفْعَالَهُمْ وَ أَحْكَامَهُمْ مُجْرَى فِعْلِهِ، فَهُمُ الْعِبَادُ الْمُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، هُمْ الَّذِينَ «5» أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَ عَرَّفَ الْخَلْقَ اقْتِدَارَهُمْ «6» بِقَوْلِهِ: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ «7»، وَ هُمُ النَّعِيمُ الَّذِي يُسْأَلُ [الْعِبَادُ] عَنْهُ، وَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْعَمَ بِهِمْ عَلَى مَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ».
قَالَ السَّائِلُ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْحُجَجُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَنْ حَلَّ مَحَلَّهُ مِنْ أَصْفِيَاءِ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (2)- الكافي 4: 157/ 6.
 (3)- الإحتجاج: 251.
 (1) القدر 97: 3.
 (2) في المصدر زيادة: بحبنا.
 (3) النساء 4: 80.
 (4) في المصدر: توحده و بأن له أولياء تجري.
 (5) في المصدر: هو الّذي.
 (6) زاد في المصدر: على علم الغيب.
 (7) الجن 72: 26، 27.

11
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8

الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ بِرَسُولِهِ، وَ فَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ طَاعَتِهِمْ مِثْلَ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِنَفْسِهِ وَ هُمْ وُلَاةُ الْأَمْرِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «1»، وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ:
وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «2»».
قَالَ السَّائِلُ: مَا ذَلِكَ الْأَمْرُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الَّذِي بِهِ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ مِنْ خَلْقٍ وَ رِزْقٍ وَ أَجَلٍ وَ عَمَلٍ وَ حَيَاةٍ وَ مَوْتٍ، وَ عِلْمِ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِلَّهِ وَ أَصْفِيَائِهِ وَ السَّفَرَةِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ، وَ هُمْ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي قَالَ: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «3»، هُمْ بَقِيَّةُ اللَّهِ، يَعْنِي الْمَهْدِيَّ الَّذِي يَأْتِي عِنْدَ انْقِضَاءِ هَذِهِ النَّظِرَةِ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ «4» جَوْراً، وَ مِنْ آيَاتِهِ: الْغَيْبَةُ، وَ الِاكْتِتَامُ عِنْدَ عُمُومِ الطُّغْيَانِ وَ حُلُولِ الِانْتِقَامِ، وَ لَوْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي عَرَّفْتُكَ نَبَّأَهُ «5» لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) دُونَ غَيْرِهِ، لَكَانَ الْخِطَابُ يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ غَيْرِ دَائِمٍ وَ لَا مُسْتَقْبَلٍ، وَ لَقَالَ: نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ فَرَّقَ كُلَّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، وَ لَمْ يَقُلْ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ «6» وَ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ».
و الحديث طويل- يأتي إن شاء اللّه تعالى- في آخر الكتاب بطوله «7».
9694/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَم* وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ يَعْنِي الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، وَ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِيهَا إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ نَزَّلَ مِنَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي طُولِ عِشْرِينَ سَنَةً فِيها يُفْرَقُ يَعْنِي فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَيْ يُقَدِّرُ اللَّهُ كُلَّ أَمْرٍ مِنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ مَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَ لَهُ فِيهِ الْبَدَاءُ، وَ الْمَشِيئَةُ يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ وَ يُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْآجَالِ وَ الْأَرْزَاقِ وَ الْبَلَايَا «8» وَ الْأَمْرَاضِ، وَ يَزِيدُ فِيهَا مَا يَشَاءُ، وَ يَنْقُصُ مَا يَشَاءُ، وَ يُلْقِيهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ يُلْقِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ يَشْتَرِطُ لَهُ مَا فِيهِ الْبَدَاءُ وَ الْمَشِيئَةُ وَ التَّقْدِيمُ وَ التَّأْخِيرُ.
ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 290.
 (1) النساء 4: 59.
 (2) النساء 4: 83.
 (3) البقرة 2: 115.
 (4) في المصدر: الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و.
 (5) في المصدر: بأنّه.
 (6) القدر 97: 4.
 (7) يأتي في الحديث (1) باب (2) في ردّ متشابه القرآن إلى تأويله.
 (8) في المصدر زيادة: و الأعراض.

12
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 1 الى 9 ص 8

9695/ «5»- قَالَ: «وَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَا أَبَا الْمُهَاجِرِ، لَا تُخْفَى عَلَيْنَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَطُوفُونَ بِنَا فِيهَا».
قوله تعالى: رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ إلى قوله تعالى: رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ، فهو محكم «1».
ثمّ قال: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ، يعني في شك ممّا ذكرناه ممّا يكون في ليلة القدر.
قوله تعالى:
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ- إلى قوله تعالى- وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ [10- 28] 9696/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَارْتَقِبْ أي اصبر، يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ، قال:
ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر.
9697/ «2»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ رِعْلًا وَ ذَكْوَانَ، أَللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ سِنِيهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ». فَفِي الْخَبَرِ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَلْقَى صَاحِبَهُ فَلَا يُمْكِنُهُ الدُّنُوُّ، فَإِذَا دَنَا مِنْهُ لَا يُبْصِرُهُ مِنْ شِدَّةِ دُخَانِ الْجُوعِ، وَ كَانَ يُجْلَبُ إِلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَإِذَا اشْتَرَوْهُ وَ قَبَضُوهُ لَمْ يَصِلُوا بِهِ إِلَى بُيُوتِهِمْ حَتَّى يَتَسَوَّسَ وَ يُنْتِنَ، فَأَكَلُوا الْكِلَابَ الْمَيِّتَةَ وَ الْجِيَفَ وَ الْجُلُودَ، وَ نَبَشُوا الْقُبُورَ، وَ أَحْرَقُوا عِظَامَ الْمَوْتَى فَأَكَلُوهَا، وَ أَكَلَتِ الْمَرْأَةُ طِفْلَهَا، وَ كَانَ الدُّخَانُ يَتَرَاكَمُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَ رُؤَسَاءُ قُرَيْشٍ: يَا مُحَمَّدُ، أَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةٍ الرَّحِمِ، فَأَدْرِكْ قَوْمَكَ فَقَدْ هَلَكُوا؛ فَدَعَا لَهُمْ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ، فَعَادَ إِلَيْهِمُ الْخِصْبُ وَ الدَّعَةُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ «2».
9698/ «3»- نرجع إلى رواية عليّ بن إبراهيم: يَغْشَى النَّاسَ كلهم الظلمة، فيقولون: هذا عَذابٌ أَلِيمٌ*،
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 290.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 290.
 (2)- المناقب 1: 82 و 107 «نحوه»، البحار 16: 411/ 1.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 290.
 (1) قوله تعالى: (رحمة ... محكم) ليس في المصدر.
 (2) قريش 106: 3 و 4.

13
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 10 الى 28 ص 13

رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، فقال اللّه عزّ و جلّ ردا عليهم: أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى‏، في ذلك اليوم وَ قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ أي رسول قد تبين لهم: ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ، قال: قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و أخذه الغشي، فقالوا: هو مجنون، ثمّ قال: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ يعني إلى يوم القيامة، و لو كان قوله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ في القيامة لم يقل:
إِنَّكُمْ عائِدُونَ، لأنّه ليس بعد الآخرة و القيامة حالة يعودون إليها.
ثم قال: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى‏ يعني في القيامة: إِنَّا مُنْتَقِمُونَ* وَ لَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ، أي اختبرناهم وَ جاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ* أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ، أي ما فرض اللّه من الصلاة و الزكاة و الصوم و الحجّ و السنن و الأحكام، فأوحى اللّه إليه: فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، أي يتبعكم فرعون و جنوده وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً، أي جانبا، و خذ على الطريق «1»، إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ.
قوله تعالى: وَ مَقامٍ كَرِيمٍ أي حسن وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ، قال: النعمة في الأبدان، قوله تعالى:
فاكِهِينَ، أي مفاكهين للنساء كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ، يعني بني إسرائيل.
قوله تعالى:
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ [29]
9699/ «1»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، فَقَالَ: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَقَالَ: لَكِنَّ هَذَا لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ، وَ قَالَ: وَ مَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
9700/ «2»- قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولُ: أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ مَعَهُ «2» حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ، بَوَّأَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً «3»، وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ دَمْعاً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 291.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 291.
 (1) في «ج» و المصدر: الطرف.
 (2) في المصدر: الحسين بن علي (عليهما السلام) دمعة.
 (3) في المصدر زيادة: يسكنها أحقابا.

14
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان آية 29 ص 14

لِأَذًى مَسَّنَا مِنْ عَدُوِّنَا فِي الدُّنْيَا، بَوَّأَهُ اللَّهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ فِي الْجَنَّةِ، وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أَذًى فِينَا فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى يَسِيلَ دَمْعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ مِنْ مَضَاضَةِ مَا أُوذِيَ فِينَا، صَرَفَ [اللَّهُ‏] عَنْ وَجْهِهِ الْأَذَى، وَ آمَنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَ النَّارِ».
9701/ «3»- قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: وَ مَنْ ذَكَرَنَا أَوْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ مِنْ عَيْنَيْهِ دَمْعٌ مِثْلُ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ، وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ».
9702/ «4»- أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ فِي (كَامِلِ الزِّيَارَاتِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا، عَنْ «1» عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْرَقِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي الرَّحَبَةِ، وَ هُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) مِنْ بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «أَمَّا هَذَا سَيُقْتَلُ وَ تَبْكِي عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ».
9703/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ، وَ اجْتَمَعَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ، وَ جَاءَ الْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ، إِنَّ اللَّهَ عَيَّرَ أَقْوَاماً بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، وَ أَيْمُ اللَّهِ لَتُقْتَلَنَّ مِنْ «2» بَعْدِي، ثُمَّ تَبْكِيكَ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ».
وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ.
9704/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، قَالَ: «لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ أَحَداً مُنْذُ قُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا حَتَّى قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَبَكَتْ عَلَيْهِ».
9705/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، جَمِيعاً، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 292.
 (4)- كامل الزيارات: 88/ 1.
 (5)- كامل الزيارات: 89/ 2.
 (6)- كامل الزيارات: 89/ 6.
 (7)- كامل الزيارات: 92/ 16.
 (1) في المصدر: و جماعة مشايخنا.
 (2) في المصدر: ليقتلنّك.

15
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان آية 29 ص 14

الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الْحَسَنِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ الْحَارِثِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِي الرَّحَبَةِ، إِذْ طَلَعَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَضَحِكَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ضَحِكاً حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً فَقَالَ: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَيُقْتَلَنَّ هَذَا، وَ لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ».
9706/ «8»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ الْعَلَوِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ الْحَارِثِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالرَّحَبَةِ، إِذْ طَلَعَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: فَضَحِكَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً، فَقَالَ: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَيُقْتَلَنَّ هَذَا، وَ لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ».
9707/ «9»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «كَانَ الَّذِي قَتَلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَلَدَ زِناً، وَ الَّذِي قَتَلَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا وَلَدَ زِناً، وَ قَدِ احْمَرَّتِ السَّمَاءُ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَنَةً». ثُمَّ قَالَ: بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَ حُمْرَتُهَا بُكَاؤُهَا».
و تقدم طرف من هذا الباب، في قوله تعالى: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا، من سورة مريم (عليها السلام) «1».
9708/ «10»- و عن ابن عبّاس: في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، أنه إذا قبض اللّه نبيّا من الأنبياء، بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة، و إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما، و أمّا الحسين (عليه السلام) فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر، و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دماء و أن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين (عليه السلام)، و لم تر قبله أبدا، و أن يوم قتله (عليه السلام) لم يرفع حجر في الدنيا إلّا وجد تحته دم».
9709/ «11»- و نقل عن الشافعي في (شرح الوجيز): أن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين (عليه السلام)، و لم تر قبله أبدا.
__________________________________________________
 (8)- كامل الزيارات: 92/ 19.
 (9)- كامل الزيارات: 93/ 21.
 (10)- .....
 (11)- .....
 (1) تقدّم طرف منها في تفسير الآيات (2- 10) من سورة مريم.

16
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان آية 29 ص 14

9710/ «12»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، وَ لَمْ تَبْكِ إِلَّا عَلَيْهِمَا» قُلْتُ: فَمَا بُكَاؤُهَا؟ قَالَ: «كَانَتْ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغِيبُ حَمْرَاءَ».
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ نَجَّيْنا- إلى قوله تعالى- عَلَى الْعالَمِينَ [30- 32] 9711/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ لَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ، إلى قوله تعالى: عَلَى الْعالَمِينَ، فلفظه عام و معناه خاصّ، و إنّما اختارهم و فضلهم على عالمي زمانهم.
9712/ «2»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى‏ عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ، قَالَ: الْأَئِمَّةُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ».
9713/ «3»- السَّيِّدُ الرَّضِيُّ: بِالْإِسْنَادِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، لَهُ إِبِلٌ «1» بِنَاحِيَةِ أَذْرِبَايْجَانَ، قَدِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ جُمْلَةً فَمَنَعَتْ جَانِبَهَا، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا قَدْ نَالَهُ وَ أَنَّهُ كَانَ مَعَاشُهُ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فاسْتَغِثِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا أَزَالُ أَدْعُوا وَ أَبْتَهِلُ إِلَيْهِ، فَكُلَّمَا قَرُبْتُ مِنْهَا حَمَلَتْ عَلَيَّ. قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ رُقْعَةً فِيهَا: مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرَدَةِ الْجِنِّ وَ الشَّيَاطِينِ أَنْ تُذَلِّلُوا هَذِهِ الْمَوَاشِيَ لَهُ. قَالَ: «فَأَخَذَ الرَّجُلُ الرُّقْعَةَ وَ مَضَى، فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً، فَلَقِيتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخْبَرْتُهُ مِمَّا كَانَ، فَقَالَ: «وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَعُودَنَّ بِالْخَيْبَةِ»، فَهَدَأَ مَا بِي، وَ طَالَتْ عَلَيَّ سَنَتِي، وَ جَعَلْتُ أَرْقُبُ كُلَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ، فَإِذَا أَنَا بِالرَّجُلِ قَدْ وَافَى وَ فِي جَبْهَتِهِ شَجَّةٌ تَكَادُ الْيَدُ تَدْخُلُ فِيهَا، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ بَادَرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقَالَ: «إِنِّي صِرْتُ إِلَى الْمَوْضِعِ، وَ رَمَيْتُ بِالرُّقْعَةِ، فَحَمَلَ عَلَيَّ عِدَادٌ مِنْهَا، فَهَالَنِي أَمْرُهَا، فَلَمْ تَكُنْ لِي قُوَّةٌ بِهَا، فَجَلَسْتُ فَرَمَحَنِي «2» أَحَدُهَا فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهَا، فَكُلُّهَا يَشُدُّ عَلَيَّ وَ يُرِيدُ قَتْلِي، فَانْصَرَفَتْ عَنِّي، فَسَقَطْتُ فَجَاءَ أَخٌ لِي فَحَمَلَنِي، وَ لَسْتُ أَعْقِلُ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَعَالَجُ حَتَّى صَلَحْتُ، وَ هَذَا الْأَثَرُ فِي وَجْهِي، فَجِئْتُ‏
__________________________________________________
 (12)- مجمع البيان 9: 98.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 292.
 (2)- تأويل الآيات 2: 574/ 2.
 (3)- خصائص الأئمّة (عليهم السلام): 48.
 (1) في «ج، ي» و المصدر: و له فلاء.
 (2) رمحت الدابّة فلانا: رفسته. «أقرب الموارد- رمح- 1: 43».

17
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 30 الى 32 ص 17

لِأُعْلِمَهُ يَعْنِي عُمَرَ. فَقُلْتُ لَهُ: صِرْ إِلَيْهِ فَأَعْلِمْهُ.
فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ، وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَزَبَرَهُ، وَ قَالَ لَهُ: كَذَبْتَ لَمْ تَذْهَبْ بِكِتَابِي. قَالَ: فَحَلَفَ الرَّجُلُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَ حَقِّ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، لَقَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ حَمْلِ الْكِتَابِ، وَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ نَالَهُ مِنْهَا مَا يَرَى، قَالَ: فَزَبَرَهُ وَ أَخْرَجَهُ عَنْهُ.
فَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: «أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ»، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ، فَقَالَ لَهُ: «إِذَا انْصَرَفْتَ فَصِرْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ، وَ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ فَذَلِّلْ لِي صُعُوبَتَهَا وَ حُزَانَتَهَا «1»، وَ اكْفِنِي شَرَّهَا، فَإِنَّكَ الْكَافِي الْمُعَافِي الْغَالِبُ الْقَاهِرُ».
فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ رَاجِعاً، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ قَدِمَ الرَّجُلُ وَ مَعَهُ جُمْلَةٌ قَدْ حَمَلَهَا مِنَ أَثْمَانِهَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَصَارَ إِلَيْهِ وَ أَنَا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: «تُخْبِرُنِي أَوْ أُخْبِرُكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ تُخْبِرُنِي، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: «كَأَنَّكَ صِرْتَ إِلَيْهَا، فَجَاءَتْكَ وَ لَاذَتْ بِكَ خَاضِعَةً ذَلِيلَةً، فَأَخَذْتَ بِنَوَاصِيهَا وَاحِداً بَعْدَ آخَرَ» فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَأَنَّكَ كُنْتَ مَعِي، فَهَذَا كَانَ، فَتَفَضَّلْ بِقَبُولِ مَا جِئْتُكَ بِهِ فَقَالَ: «امْضِ رَاشِداً، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ»، فَبَلَغَ الْخَبَرُ عُمَرَ فَغَمَّهُ ذَلِكَ حَتَّى تَبَيَّنَ الْغَمُّ فِي وَجْهِهِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ كَانَ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ وَ لَقَدْ أَنْمَى اللَّهُ مَالَهُ.
قَالَ: وَ قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كُلُّ مَنِ اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ مَالٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ أَمْرِ فِرْعَوْنٍ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ فَلْيَبْتَهِلْ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يُكْفَى مِمَّا يَخَافُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
قوله تعالى:
أَ هُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ [37] تقدم حديث في قوم تبع، في قوله تعالى: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، من سورة البقرة «2»، و سيأتي في ذلك أيضا- إن شاء اللّه تعالى- في قوله تعالى: وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ، من سورة ق «3».
قوله تعالى:
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ* يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ*
__________________________________________________
 (1) في «ج»: حرافتها.
 (2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (89) من سورة البقرة.
 (3) يأتي في الحديث (3) من تفسير الآيات (12- 14) من سورة ق.

18
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 40 الى 42 ص 18

إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [40- 42]
9714/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثِ أَبِي بَصِيرٍ- قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِأَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَ لَا أَتْبَاعِهِمْ مَا خَلَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتَهُ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، يَعْنِي بِذَلِكَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتَهُ».
9715/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: «قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ نَحْنُ فِي الطَّرِيقِ، فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ:
 «اقْرَأْ فَإِنَّهَا لَيْلَةُ قُرْآنٍ» «1». فَقَرَأْتُ: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ* يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِي يُرْحَمُ «2»، وَ نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِي اسْتَثْنَى اللَّهُ، [وَ] لَكِنَّا نُغْنِي عَنْهُمْ».
9716/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ (رَحِمَهُ اللَّهُ): عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لِيَ:
 «اقْرَأْ» فَقَرَأْتُ، ثُمَّ قَالَ: «اقْرَأْ» فَقَرَأْتُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا شَحَّامُ اقْرَأْ فَإِنَّهَا لَيْلَةُ قُرْآنٍ». فَقَرَأْتُ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ، قَالَ: «هُمْ» قَالَ: قُلْتُ: إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قَالَ: «نَحْنُ الْقَوْمُ الَّذِينَ رَحِمَ اللَّهُ، وَ نَحْنُ الْقَوْمُ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ، وَ إِنَّا وَ اللَّهِ نُغْنِي عَنْهُمْ».
9717/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قَالَ: «نَحْنُ أَهْلُ الرَّحْمَةِ».
9718/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ*
__________________________________________________
 (1)- الكافي 8: 35/ 6.
 (2)- الكافي 1: 350/ 56.
 (3)- تأويل الآيات 2: 574/ 3.
 (4)- تأويل الآيات 2: 574/ 4.
 (5)- تأويل الآيات 2: 2: 575/ 5.
 (1) في المصدر: ليلة الجمعة قرآنا.
 (2) في المصدر: رحم اللّه.

19
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 40 الى 42 ص 18

إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قَالَ: «نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِينَ رَحِمَ اللَّهُ، وَ الَّذِينَ اسْتَثْنَى، وَ الَّذِينَ تُغْنِي وَلَايَتُنَا».
9719/ «6»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً، قال: «من والى غير أولياء اللّه لا يغني بعضهم عن بعض، ثمّ استثنى من والى آل محمد، فقال: «إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ.
قوله تعالى:
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ- إلى قوله تعالى- ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [43- 49] 9720/ «1»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعامُ الْأَثِيمِ، نزلت في أبي جهل بن هشام، قوله تعالى: كَالْمُهْلِ قال: «الصفر المذاب: يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ، و هو الذي قد حمي و بلغ المنتهى، ثمّ قال: «خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ، أي اضغطوه من كل جانب، ثمّ انزلوا به: إِلى‏ سَواءِ الْجَحِيمِ، ثمّ يصب عليه ذلك الحميم، ثمّ يقال له: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ. فلفظه خبر و معناه حكاية عمن يقول له ذلك، و ذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا العزيز الكريم، فيعير بذلك في الآخرة «1».
قوله تعالى:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ- إلى قوله تعالى- فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ [51- 59]
9721/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ أَقْبَلَ قِبَلَ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَقْبَلَ اللَّهُ قِبَلَ مَا يُحِبُّ، وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ عَصَمَهُ اللَّهُ، وَ مَنْ أَقْبَلَ اللَّهُ قِبَلَهُ وَ عَصَمَهُ لَمْ يُبَالِ لَوْ سَقَطَتِ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ كَانَتْ نَازِلَةٌ نَزَلَتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَشَمِلَتْهُمْ بَلِيَّةٌ كَانَ فِي حِزْبِ اللَّهِ بِالتَّقْوَى مِنْ كُلِّ بَلِيَّةٍ، أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ».
__________________________________________________
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 292.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 292.
 (2)- الكافي 2: 53/ 4.
 (1) في المصدر: النار.

20
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 51 الى 59 ص 20

9722/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ الْحَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَا سَعْدُ، تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا الْخَلْقُ، وَ النَّاسُ صُفُوفٌ عِشْرُونَ وَ مِائَةُ أَلْفِ صَفٍّ، ثَمَانُونَ أَلْفَ صَفٍّ امَّةُ مُحَمَّدٍ. وَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ صَفٍّ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ، فَيَأْتِي عَلَى صَفِّ الْمُسْلِمِينَ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، فَيُسَلِّمُ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، نَعْرِفُهُ بِنَعْتِهِ وَ صِفَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ أَشَدَّ اجْتِهَاداً مِنَّا فِي الْقُرْآنِ، فَمِنْ هُنَاكَ أُعْطِيَ مِنَ الْجَمَالِ وَ الْبَهَاءِ وَ النُّورِ مَا لَمْ نُعْطَهُ.
ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى صَفِّ الشُّهَدَاءِ فَيَنْظُرَ إِلَيْهِ الشُّهَدَاءُ. ثُمَّ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الرَّبُّ الرَّحِيمُ، إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَ الشُّهَدَاءِ، نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ شُهَدَاءِ الْبَحْرِ، فَمِنْ هُنَاكَ أُعْطِيَ مِنَ الْبَهَاءِ وَ الْفَضْلِ مَا لَمْ نُعْطَهُ».
قَالَ: «فَيُجَاوِزُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى صَفِّ شُهَدَاءِ الْبَحْرِ فِي صُورَةِ شَهِيدٍ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ شُهَدَاءُ الْبَحْرِ، فَيَكْثُرُ تَعَجُّبُهُمْ، وَ يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا مِنْ شُهَدَاءِ الْبَحْرِ، نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْجَزِيرَةَ الَّتِي أُصِيبَ فِيهَا كَانَتْ أَعْظَمَ هَوْلًا مِنَ الْجَزِيرَةِ الَّتِي أُصِبْنَا فِيهَا، فَمِنْ هُنَاكَ أُعْطِيَ مِنَ الْبَهَاءِ وَ الْجَمَالِ وَ النُّورِ مَا لَمْ نُعْطَهُ.
ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتَّى يَأْتِيَ صَفَّ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ فِي صِفَةِ «1» نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، فَيَنْظُرُ النَّبِيُّونَ وَ الْمُرْسَلُونَ إِلَيْهِ، فَيَشْتَدُّ لِذَلِكَ تَعَجُّبُهُمْ، وَ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ مُرْسَلٌ، نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ أُعْطِيَ فَضْلًا كَثِيراً». قَالَ: «فَيَجْتَمِعُونَ فَيَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَسْأَلُونَهُ وَ يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: أَ وَ مَا تَعْرِفُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: مَا نَعْرِفُهُ، هَذَا مِمَّنْ لَا يَغْضَبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): هَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ؛ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى صَفِّ الْمَلَائِكَةِ فِي صُورَةِ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، فَيَشْتَدُّ تَعَجُّبُهُمْ وَ يَكْبُرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، لَمَّا رَأَوْا مِنْ فَضْلِهِ، وَ يَقُولُونَ: تَعَالَى رَبُّنَا وَ تَقَدَّسَ، إِنَّ هَذَا الْعَبْدَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَقَاماً، فَمِنْ هُنَاكَ أُلْبِسَ مِنَ النُّورِ وَ الْجَمَالِ مَا لَمْ نُلْبَسْ.
ثُمَّ يَتَجَاوَزُ حَتَّى يَأْتِيَ «2» رَبَّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، فَيَخِرَّ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُنَادِيَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: يَا حُجَّتِي فِي الْأَرْضِ، وَ كَلَامِي الصَّادِقَ النَّاطِقَ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَ سَلْ تُعْطَ، وَ اشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:
كَيْفَ رَأَيْتَ عِبَادِي؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مِنْهُمْ مَنْ صَانَنِي، وَ حَافَظَ عَلَيَّ، وَ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئاً، وَ مِنْهُمْ مَنْ ضَيَّعَنِي وَ اسْتَخَفَّ بِحَقِّي، وَ كَذَّبَ بِي، وَ أَنَا حُجَّتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي، لَأُثِيبَنَّ عَلَيْكَ الْيَوْمَ أَحْسَنَ الثَّوَابِ، وَ لَأُعَاقِبَنَّ عَلَيْكَ الْيَوْمَ أَلِيمَ الْعِقَابِ».
قَالَ: «فَيَرْفَعُ الْقُرْآنُ رَأْسَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى». قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، فِي أَيِّ صُورَةٍ يَرْجِعُ؟ قَالَ: «فِي صُورَةِ رَجُلٍ شَاحِبٍ مُتَغَيِّرٍ، يُبْصِرُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ، فَيَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا الَّذِي كَانَ يَعْرِفُهُ، وَ يُجَادِلُ بِهِ أَهْلَ الْخِلَافِ، فَيَقُومُ‏
__________________________________________________
 (2)- الكافي 2: 436/ 1.
 (1) في المصدر: صورة.
 (2) في المصدر: يجاوز حتّى ينتهي إلى.

21
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدخان الآيات 51 الى 59 ص 20

بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ: مَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ. قَالَ: فَيَرْجِعُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ «1» فِي الْخَلْقِ الْأَوَّلِ: فَيَقُولُ: مَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ الْقُرْآنُ: أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَ أَنْصَبْتُ عَيْشَكَ وَ سَمِعْتَ الْأَذَي، وَ رُجِمْتَ بِالْقَوْلِ فِيَّ، أَلَا وَ إِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ قَدْ اسْتَوْفَى تِجَارَتِهِ، وَ أَنَا وَرَاءَكَ الْيَوْمَ».
قَالَ: «فَيَنْطَلِقُ بِهِ إِلَى رَبِّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، قَدْ كَانَ نَصِباً بِي، مُوَاظِباً عَلَيَّ، يُعَادِي بِسَبَبِي، وَ يُحِبُّ بِي وَ يُبْغِضُ. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَدْخِلُوا عَبْدِي جَنَّتِي، وَ اكْسُوهُ حُلَّةً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، وَ تَوِّجُوهُ بِتَاجِ الْكَرَامَةِ. فَإِذَا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ عُرِضَ عَلَى الْقُرْآنِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَضِيتَ بِمَا صُنِعَ بِوَلِيِّكَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنِّي أَسْتَقِلُّ هَذَا لَهُ، فَزِدْهُ مَزِيدَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، فَيَقُولُ: وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي «2» وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي، لَأَنْحَلَنَّ لَهُ الْيَوْمَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ، مَعَ الْمَزِيدِ لَهُ وَ لِمَنْ كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ: أَلَا إِنَّهُمْ شَبَابٌ لَا يَهْرَمُونَ، وَ أَصِحَّاءُ لَا يَسْقُمُونَ، وَ أَغْنِيَاءُ لَا يَفْتَقِرُونَ، وَ فَرِحُونَ لَا يَحْزَنُونَ، وَ أَحْيَاءٌ لَا يَمُوتُونَ؛ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى‏».
قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، هَلْ يَتَكَلَّمُ الْقُرْآنُ؟ فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ الضُّعَفَاءَ مِنْ شِيعَتِنَا، إِنَّهُمْ أَهْلُ تَسْلِيمٍ»، ثُمَّ قَالَ: «نَعَمْ- يَا سَعْدُ- وَ الصَّلَاةُ تَتَكَلَّمُ، وَ لَهَا صُورَةٌ وَ خَلْقٌ، تَأْمُرُ وَ تَنْهَى».
قَالَ سَعْدٌ: فَتَغَيَّرَ لِذَلِكَ لَوْنِي وَ قُلْتُ: هَذَا شَيْ‏ءٌ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ فِي النَّاسِ! فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «وَ هَلِ النَّاسُ إِلَّا شِيعَتَنَا، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الصَّلَاةَ فَقَدْ أَنْكَرَ حَقَّنَا»، ثُمَّ قَالَ: «يَا سَعْدُ أُسْمِعُكَ كَلَامَ الْقُرْآنِ؟». قَالَ سَعْدٌ:
قُلْتُ: بَلَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ فَقَالَ: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ «3»، فَالنَّهْيُ كَلَامٌ، وَ الْفَحْشَاءُ وَ الْمُنْكَرُ رِجَالٌ وَ نَحْنُ ذِكْرُ اللَّهِ وَ نَحْنُ أَكْبَرُ».
9723/ «3»- علي بن إبراهيم: ثم وصف ما أعده للمتقين من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ* فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ إلى قوله تعالى: إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى‏ يعني في الجنة غير الموتة التي في الدنيا، وَ وَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ إلى قوله تعالى: فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ، أي انتظر إنهم منتظرون.
9724/ «4»- علي بن إبراهيم: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ، قال: يريد ما يسر من نعمة الجنة و عذاب النار، يا محمد: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، يريد لكي يتعظ المشركون، فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ، تهديد من اللّه و وعيد، و انتظر إنهم منتظرون.
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 292.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 292.
 (1) في المصدر: صورته التي كانت.
 (2) في المصدر زيادة: و علوّي.
 (3) العنكبوت 29: 45.

22
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية ص 23

سورة الجاثية
فضلها
9725/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْجَاثِيَةِ كَانَ ثَوَابُهَا أَنْ لَا يَرَى النَّارَ أَبَداً، وَ لَا يَسْمَعَ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَ لَا شَهِيقَهَا، وَ هُوَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
9726/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ سَكَّنَ اللَّهُ رَوْعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَ سُتِرَتْ عَوْرَتُهُ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنَ سَطْوَةِ كُلِّ جَبَّارٍ وَ سُلْطَانٍ، وَ كَانَ مُهَاباً مَحْبُوباً وَجِيهاً فِي عَيْنِ كُلِّ مَنْ يَرَاهُ مِنَ النَّاسِ، تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
9727/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنَ سَطْوَةِ كُلِّ شَيْطَانٍ وَ جَبَّارٍ، وَ كَانَ مُهَاباً مَحْبُوباً فِي عَيْنِ كُلِّ مَنْ رَآهُ مِنَ النَّاسِ».
9728/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَمَّامٍ، وَ لَيْسَ يُغْتَابُ عِنْدَ النَّاسِ أَبَداً، وَ إِذَا عُلِّقَتْ عَلَى الطِّفْلِ حِينَ يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، كَانَ مَحْفُوظاً وَ مَحْرُوساً بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 114.
 (2)- خواصّ القرآن:
 (3)- خواص القرآن:
 (4)- خواص القرآن: 50 «مخطوط».

23
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية الآيات 1 الى 5 ص 24

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* إِنَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [1- 5] 9729/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ و هي النجوم و الشمس و القمر، و في الأرض ما يخرج منها من أنواع النبات للناس و الدوابّ لآيات لقوم يعقلون.
9730/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، رَفَعَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «يَا هِشَامُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَشَّرَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ الْفَهْمِ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: فَبَشِّرْ عِبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «1».
يَا هِشَامُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَكْمَلَ لِلنَّاسِ الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ، وَ نَصَرَ النَّبِيِّينَ بِالْبَيَانِ، وَ دَلَّهُمْ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ بِالْأَدِلَّةِ، فَقَالَ: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ* إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «2».
يَا هِشَامُ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً، فَقَالَ: وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 293.
 (2)- الكافي 1: 10/ 12.
 (1) الزمر 39: 17، 18.
 (2) البقرة 2: 163، 164.

24
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية الآيات 1 الى 5 ص 24

وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «1». وَ قَالَ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «2». وَ قَالَ: (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) «3».
9731/ «3»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، أي يجي‏ء من كل جانب و ربما كانت حارة، و ربما كانت باردة، و منها ما يثير «4» السحاب، و منها ما يبسط الرزق في الأرض «5»، و منها ما يلقح الشجر.
9732/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ:
الشَّمَالِ، وَ الْجَنُوبِ، وَ الصَّبَا، وَ الدَّبُورِ، وَ قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ أَنَّ الشَّمَالَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْجَنُوبَ مِنَ النَّارِ؟
فَقَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُنُوداً مِنْ رِيَاحٍ، يُعَذِّبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ عَصَاهُ، فَلِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ يُعَذِّبَ قَوْماً بِنَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ أَوْحَى إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الرِّيحِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا- قَالَ- فَيَأْمُرُهَا الْمَلَكُ فَتَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ- قَالَ- وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا اسْمٌ، أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ «6»، وَ قَالَ: الرِّيحَ الْعَقِيمَ «7»، وَ قَالَ: رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ «8»، وَ قَالَ: فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ «9»؟ وَ مَا ذَكَرَ مِنَ الرِّيَاحِ الَّتِي يُعَذِّبُ اللَّهُ بِهَا مَنْ عَصَاهُ».
قَالَ: «وَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ رِيَاحُ رَحْمَةٍ لَوَاقِحُ وَ غَيْرُ ذَلِكَ، يَنْشُرُهَا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، مِنْهَا مَا يُهَيِّجُ السَّحَابَ لِلْمَطَرِ، وَ مِنْهَا رِيَاحٌ تَحْبِسُ السَّحَابَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، وَ رِيَاحٌ تَعْصِرُ السَّحَابَ فَتُمْطِرُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَ مِنْهَا مَا «10» عَدَّدَ اللَّهُ فِي‏
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 293.
 (4)- الكافي 8: 91/ 63.
 (1) النحل 16: 12.
 (2) غافر 40: 67.
 (3) كذا، و هي مأخوذة من سورة الجاثية 45: 5، و التحريف من الرواة أو النسّاخ.
 (4) في المصدر: يسير.
 (5) في «ط، ي» يبسط في السماء.
 (6) القمر 54: 18، 19.
 (7) الذاريات 51: 41.
 (8) الأحقاف 46: 24.
 (9) البقرة 2: 266.
 (10) في المصدر: و منها رياح ممّا.

25
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية الآيات 1 الى 5 ص 24

الْكِتَابِ، فَأَمَّا الرِّيَاحُ الْأَرْبَعُ: الشَّمَالُ، وَ الْجَنُوبُ، وَ الصَّبَا، وَ الدَّبُورُ، فَإِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ تَهُبَّ شَمَالًا، أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الشَّمَالُ، فَيَهْبِطُ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الشَّمَالِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنَ الْبِرِّ وَ الْبَحْرِ، وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ تَبْعَثَ جَنُوباً، أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الْجَنُوبُ، فَيَهْبِطُ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الْجَنُوبِ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ، وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ دَبُوراً، أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الدَّبُورُ، فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الدَّبُورِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ: رِيحُ الشَّمَالِ، وَ رِيحُ الْجَنُوبِ، وَ رِيحُ الدَّبُورِ، وَ رِيحُ الصَّبَا؟ إِنَّمَا تُضَافُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا».
9733/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَعْمَشُ «1»، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ الْأَزْهَرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مُتَلَثِّماً أَسْمَرُ شَدِيدُ السُّمْرَةِ، فَسَلَّمَ فَرَدَّ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَسْأَلَةٌ؟ فَقَالَ: «هَاتِ». فَقَالَ: كَمْ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَ الْيَقِينِ؟ قَالَ: «أَرْبَعُ أَصَابِعَ»، قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ مَا سَمِعْنَاهُ، وَ الْيَقِينُ مَا رَأَيْنَاهُ، وَ بَيْنَ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ».
قوله تعالى:
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ- إلى قوله تعالى- وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [7- 13] 9734/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، أي كذاب: يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى‏ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً، أي يصر على أنّه كذب، و يستكبر على نفسه، كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها، و قوله تعالى:
وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً يعني إذا رأى فوضع العلم مكان الرؤية، و قوله تعالى: هذا هُدىً يعني القرآن هو تبيان، قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ، قال: الشدة و السوء،
__________________________________________________
 (5)- كفاية الأثر: 232.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 293.
 (1) الظاهر: أبو حفص الأعشى. انظر تهذيب الكمال 21: 607.

26
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية الآيات 7 الى 13 ص 26

ثم قال: اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ، أي السفن فِيهِ بِأَمْرِهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، ثم قال: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ، يعني ما في السماوات من الشمس و القمر و النجوم و المطر.
9735/ «1»- محمّد بن الحسن الصفار: عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن أبي الصامت، عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ، قال: «أجبرهم «1» بطاعتهم».
قال مؤلف الكتاب: هذا متن الحديث في نسختين عندي من (بصائر الدرجات)، و ذكر الحديث مصنفه الصفار في باب نادر بعد باب ما خص اللّه به الأئمة من آل محمد (صلّى اللّه عليه و آله) من ولاية أولي العزم لهم في الميثاق، و بالجملة الحديث في أبواب الولاية لآل محمد (صلّى اللّه عليه و آله).
قوله تعالى:
قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [14] 9736/ «2»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، قال: يقول لأئمة الحق: لا تدعوا على أئمة الجور حتّى يكون اللّه الذي يعاقبهم، في قوله تعالى: لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ‏
9737/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ رُشَيْدٍ، عَنْ دَاوُدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ لِلَّذِينَ مَنَنَّا عَلَيْهِمْ بِمَعْرِفَتِنَا أَنْ يُعَرِّفُوا الَّذِينَ «2» لَا يَعْلَمُونَ، فَإِذَا عَرَّفُوهُمْ فَقَدْ غَفَرُوا لَهُمْ».
9738/ «4»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ أَنَّ الْإِمَامَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ غُلَاماً لَهُ،
__________________________________________________
 (1)- بصائر الدرجات: 89/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 293.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 294.
 (4)- تأويل الآيات 2: 575/ 2.
 (1) في «ي»: أخبرهم.
 (2) في المصدر: أن يغفروا للذين.

27
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية آية 14 ص 27

فَقَرَأَ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، وَ وَضَعَ السَّوْطَ مِنْ يَدِهِ، فَبَكَى الْغُلَامُ، فَقَالَ لَهُ:
 «مَا يُبْكِيكَ»؟ قَالَ: وَ إِنِّي عِنْدَكَ- يَا مَوْلَايَ- مِمَّنْ لَا يَرْجُو أَيَّامَ اللَّهِ»؟ فَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مِمَّنْ يَرْجُو أَيَّامَ اللَّهِ»؟ قَالَ: نَعَمْ يَا مَوْلَايَ. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا أُحِبُّ أَنْ أَمْلِكَ مَنْ يَرْجُو أَيَّامَ اللَّهِ، قُمْ فَأْتِ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ خَطِيئَتَهُ يَوْمَ الدِّينِ؛ وَ أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى».
9739/ «1»- قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «أَيَّامُ اللَّهِ الْمَرْجُوَّةُ ثَلَاثَةٌ: يَوْمُ قِيَامِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ يَوْمُ الْكَرَّةِ، وَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ».
قوله تعالى:
مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [15] 9740/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني ابن سعيد، قال: حدّثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ، يريد المؤمنين: وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها، يريد المنافقين و المشركين: ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ، يريد إليه تصيرون‏
قوله تعالى:
ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى‏ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها- إلى قوله تعالى- لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [18- 19] 9741/ «3»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى‏ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، فهذا تأديب لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و المعنى لامته.
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 576/ 3.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 294.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 294.

28
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية الآيات 21 الى 24 ص 29

قوله تعالى:
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ- إلى قوله تعالى- إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [21- 24] 9742/ «1»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا عليّ بن عبيد، عن حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ، الآية، قال: الذين آمنوا و عملوا الصالحات: بنو هاشم و بنو عبد المطلب، و الذين اجترحوا السيئات:
بنو عبد شمس.
9743/ «2»- و عنه، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمّد ابن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ، الآية، قال: إن هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) و حمزة بن عبد المطلب، و عبيدة بن الحارث، هم الذين آمنوا، و في ثلاثة من المشركين عتبة، و شيبة ابني ربيعة، و الوليد بن عتبة، و هم الذين اجترحوا السيئات.
9744/ «3»- و من طريق المخالفين: عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، علي و حمزة و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة: أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ، هؤلاء علي و أصحابه كَالْفُجَّارِ «1» عتبة و أصحابه، و قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، فالذين آمنوا: بنو هاشم، و بنو عبد المطلب، و الذين اجترحوا السيئات: بنو عبد شمس.
9745/ «4»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ، إلى قوله تعالى: ساءَ ما يَحْكُمُونَ* وَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ لِتُجْزى‏ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ، فإنه محكم.
قال: قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، نزلت في قريش، كلما هووا شيئا عبدوه وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى‏ عِلْمٍ، أي عذبه على علم منه فيما ارتكبوا من أمير المؤمنين (عليه السلام)، و جرى ذلك بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فيما فعلوه بعده بأهوائهم و آرائهم، و أزالوا الخلافة و الإمامة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أخذ الميثاق عليهم مرتين لأمير المؤمنين (عليه السلام).
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 576/ 5.
 (2)- تأويل الآيات 2: 577/ 6.
 (3)- تحفة الأبرار: 115 «مخطوط».
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 294.
 (1) سورة ص 38: 28.

29
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية الآيات 21 الى 24 ص 29

9746/ «5»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، نزلت في قريش، و جرت بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في أصحابه «1» الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و اتخذوا إماما بأهوائهم، و الدليل على ذلك قوله تعالى: وَ مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ «2»، قال: من زعم أنّه إمام و ليس هو بإمام، فمن اتخذ إماما ففضله على علي (عليه السلام)، ثمّ عطف على الدهرية الذين قالوا: لا نحيا بعد الموت، فقال: وَ قالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ، و هذا مقدم و مؤخر، لأن الدهرية لم يقروا بالبعث و النشور بعد الموت، و إنّما قالوا: نحيا و نموت و ما يهلكنا إلّا الدهر؛ إلى قوله تعالى: يَظُنُّونَ، فهذا ظنّ شك، و نزلت هذه الآية في الدهرية و جرت في الذين فعلوا ما فعلوا بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بأمير المؤمنين و أهل بيته (عليهم السلام)، و إنّما كان أيمانهم إقرارا بلا تصديق فرقا «3» من السيف، و رغبة في المال.
قوله تعالى:
وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِمْ آياتُنا- إلى قوله تعالى- هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [25- 29] 9747/ «1»- ثم حكى اللّه عزّ و جلّ قول الدهرية، فقال: وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، أي إنكم تبعثون بعد الموت، فقال اللّه تعالى: قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى‏ يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
و قوله تعالى: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، قال: إلى ما يجب عليهم من أعمالهم، ثم قال: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، الآيتان محكمتان.
9748/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قَالَ: «إِنَّ الْكِتَابَ لَمْ يَنْطِقْ وَ لَنْ يَنْطِقَ، وَ لَكِنَ‏
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 294.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 295.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 295.
 (1) (أصحابه) ليس في المصدر.
 (2) الأنبياء 21: 29.
 (3) في المصدر: خوفا.

30
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية الآيات 25 الى 29 ص 30

رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هُوَ النَّاطِقُ بِالْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ». فَقُلْتُ: إِنَّا لَا نَقْرَأُهَا هَكَذَا «1». فَقَالَ: «هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَكِنَّهُ مِمَّا حُرِّفَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
9749/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ الْمِصْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّ الْكِتَابَ لَمْ يَنْطِقْ وَ لَنْ يَنْطِقَ، وَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هُوَ النَّاطِقُ بِالْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ». قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا لَا نَقْرَأُهَا هَكَذَا، قَالَ: «هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ لَكِنَّهُ مِمَّا حُرِّفَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
9750/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ تَعَالَى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قَالَ: «إِنَّ الْكِتَابَ لَا يَنْطِقُ، وَ لَكِنْ مُحَمَّدٌ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، هُمُ النَّاطِقُونَ بِالْكِتَابِ».
قوله تعالى:
إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [29]
9751/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ: أَ يَعْلَمُ اللَّهُ الشَّيْ‏ءَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ؟
فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْعَالِمُ بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ كَوْنِ الْأَشْيَاءِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَ قَالَ لِأَهْلِ النَّارِ: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «2»، فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُمْ «3» لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ، وَ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ لَمَّا قَالَتْ: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ «4»، فَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْمَهُ سَابِقاً لِلْأَشْيَاءِ قَدِيماً قَبْلَ أَنْ‏
__________________________________________________
 (3)- الكافي 8: 50/ 11.
 (4)- تأويل الآيات 2: 577/ 7.
 (1)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 118/ 8.
 (1) قال المجلسي: الظاهر أنّه قرأ (ينطق) على البناء للمفعول. مرآة العقول 25: 108. و في المصدر: هذا بكتابنا ينطق.
 (2) الأنعام 6: 28.
 (3) في المصدر: لو ردّوهم.
 (4) البقرة 2: 30.

31
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجاثية الآيات 25 الى 29 ص 30

يَخْلُقَهَا، تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّنَا وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً، خَلَقَ الْأَشْيَاءَ وَ عِلْمُهُ بِهَا سَابِقٌ لَهَا كَمَا شَاءَ، كَذَلِكَ اللَّهُ لَمْ يَزَلْ رَبّاً عَالِماً سَمِيعاً بَصِيراً».
9752/ «2»- رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ فِي قَلْبِهِ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فِي صَحِيفَةٍ، ثُمَّ يُعَارِضُ الْمَلَائِكَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُرِيهِمُ اللَّهُ ذِكْرَ عَبْدِهِ لَهُ بِقَلْبِهِ، فَيَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: رَبَّنَا عَمَلُ هَذَا الْعَبْدِ قَدْ أَحْصَيْنَاهُ، أَمَّا هَذَا الْعَمَلُ فَمَا نَعْرِفُهُ. فَيَقُولُ الرَّبُّ: إِنَّ عَبْدِي قَدْ ذَكَرَنِي بِقَلْبِهِ فَأَثْبَتُّهُ فِي صَحِيفَتِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».
قوله تعالى:
وَ قِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [34- 37] 9753/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ، أي نترككم، فهذا النسيان هو «1» الترك كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَ مَأْواكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ* ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً، و هم الأئمة (عليهم السلام)، أي كذبتموهم و استهزأتم بهم فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها، يعني من النار وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ، يعني لا يجابون «2»، و لا يقبلهم اللّه فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَ رَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ* وَ لَهُ الْكِبْرِياءُ يعني القدرة فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
__________________________________________________
 (2)- ..........
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 295.
 (1) في المصدر: فهذا نسيان.
 (2) في المصدر: أي لا يجاوبون.

32
البرهان في تفسير القرآن5

المستدرك سورة الجاثية ص 33

المستدرك (سورة الجاثية)
قوله تعالى:
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آياتِهِ يُؤْمِنُونَ [6]
 «1»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: سَأَلَنِي أَبُو قُرَّةَ الْمُحَدِّثُ صَاحِبُ شُبْرُمَةَ أَنْ أُدْخِلَهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- إِلَى أَنْ قَالَ- وَ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَسْرَى بِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ لِمَ أَسْرَى بِهِ، فَقَالَ: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا «1»، فَآيَاتُ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ، فَقَدْ أَعْذَرَ وَ بَيَّنَ لِمَ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، وَ مَا رَآهُ وَ قَالَ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آياتِهِ يُؤْمِنُونَ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ غَيْرُ اللَّهِ.
__________________________________________________
 (1)- الإحتجاج 2: 405.
 (1) الإسراء 17: 1.

33
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف ص 35

سورة الأحقاف‏
فضلها
9754/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ كُلَّ يَوْمٍ «1» أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ سُورَةَ الْأَحْقَافِ، لَمْ يُصِبْهُ اللَّهُ بِرَوْعَةٍ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَ آمَنَهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
9755/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كُتِبَتْ لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ كُلِّ رَجُلٍ مَشَتْ عَلَى الْأَرْضِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ مُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَ رُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى طِفْلٍ، أَوْ مَا يَرْضَعُ، أَوْ سَقَاهُ مَاءَهَا، كَانَ قَوِيّاً فِي جِسْمِهِ، سَالِماً مِمَّا يُصِيبُ الْأَطْفَالَ مِنَ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا، قَرِيرَ الْعَيْنِ فِي مَهْدِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَ مَنِّهِ عَلَيْهِ».
9756/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى طِفْلٍ، أَوْ كَتَبَهَا وَ سَقَاهُ مَاءَهَا، كَانَ قَوِيّاً فِي جِسْمِهِ، سَالِماً مُسَلَّماً صَحِيحاً مِمَّا يُصِيبُ الْأَطْفَالَ كُلِّهَا، قَرِيرَ الْعَيْنِ فِي مَهْدِهِ».
9757/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا فِي صَحِيفَةٍ وَ غَسَلَهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَ شَرِبَهَا كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مَحْبُوباً، وَ كَلِمَتُهُ مَسْمُوعَةٌ، وَ لَا يَسْمَعُ شَيْئاً إِلَّا وَعَاهُ، وَ تَصْلُحُ لِجَمِيعِ الْأَغْرَاضِ، تُكْتَبُ وَ تُمْحَى وَ تُغْسَلُ بِهَا الْأَمْرَاضُ، يُسَكَّنُ بِهَا الْمَرَضُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 114.
 (2)- ....
 (3)- ....
 (4)- خواصّ القرآن: 51 «مخطوط».
 (1) في المصدر: كلّ ليلة.

35
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف الآيات 1 الى 4 ص 36

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حَم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [1- 3] 9758/ «1»- علي بن إبراهيم: يعني قريشا عما دعاهم إليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و هو معطوف على قوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ، إلى قوله تعالى: عادٍ وَ ثَمُودَ «1»، ثمّ احتج اللّه عليهم، فقال: قُلْ لهم يا محمد: أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، يعني الأصنام التي كانوا يعبدونها أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ، إلى قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
9759/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، قَالَ: «عُنِيَ بِالْكِتَابِ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِيلُ، وَ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، فَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ عِلْمُ أَوْصِيَاءِ الْأَنْبِيَاءِ «2» (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 296.
 (2)- الكافي 1: 353/ 72.
 (1) فصّلت 41: 13.
 (2) في «ط، ي»: علم الأنبياء و الأوصياء.

36
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف الآيات 1 الى 4 ص 36

9760/ «1»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِجَازِيِّ «1»، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، قَالَ: يَعْنِي بِذَلِكَ عِلْمَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ».
قوله تعالى:
وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [5- 8] 9761/ «2»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى‏ يَوْمِ الْقِيامَةِ إلى قوله تعالى: بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ، قال: من عبد الشمس و القمر و الكواكب و البهائم و الشجر و الحجر، إذا حشر الناس كانت هذه الأشياء له أعداء، و كانوا بعبادتهم كافرين.
قال: قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ يا محمد افْتَراهُ يعني القرآن، وضعه من عنده فقل لهم: إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، إن أثابني أو عاقبني على ذلك هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ، أي تكذبون كَفى‏ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
قوله تعالى:
قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ- إلى قوله تعالى- وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [9]
9762/ «3»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ: «قَدْ كَانَ الشَّيْ‏ءُ يُنْزَلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَيُعْمَلُ بِهِ زَمَاناً، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِغَيْرِهِ فَيَأْمُرُ بِهِ أَصْحَابَهُ وَ أُمَّتَهُ، قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَأْمُرُنَا بِالشَّيْ‏ءِ
__________________________________________________
 (1)- مختصر بصائر الدرجات: 64.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 296.
 (3)- المحاسن: 299/ 1.
 (1) في المصدر: الحجال.

37
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 9 ص 37

حَتَّى إِذَا اعْتَدْنَاهُ وَ جَرَيْنَا عَلَيْهِ، أَمَرْتَنَا بِغَيْرِهِ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى‏ إِلَيَّ وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ».
9763/ «1»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ مَرْفُوعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالا: « [لَمَّا] نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ، يَعْنِي فِي حُرُوبِهِ، قَالَتْ قُرَيْشٌ:
فَعَلَى مَا نَتَّبِعُهُ، وَ هُوَ لَا يَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِهِ وَ لَا بِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً». وَ قَالا: «قَوْلُهُ تَعَالَى:
إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى‏ إِلَيَّ فِي عَلِيٍّ، هَكَذَا نَزَلَتْ».
9764/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: قُلْ لهم يا محمد: ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ، أي لم أكن واحدا من الرسل، فقد كان قبلي أنبياء كثيرة.
قوله تعالى:
قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ كَفَرْتُمْ بِهِ- إلى قوله تعالى- عَلى‏ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ [10] 9765/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: قل إن كان القرآن من عند اللّه وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى‏ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ، قال: الشاهد: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل عليه في سورة هود: أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «1»، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام).
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [13] 9766/ «4»- علي بن إبراهيم، قال: استقاموا على ولاية عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام).
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 578/ 2.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 296.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 297.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 297.
 (1) هود 11: 17.

38
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 15 ص 39

قوله تعالى:
وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً- إلى قوله تعالى- مِنَ الْمُسْلِمِينَ [15]
9767/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، جَاءَ جَبْرَئِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ سَتَلِدُ غُلَاماً تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَلَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) كَرِهَتْ حَمْلَهُ، وَ حِينَ وَضَعَتْهُ كَرِهَتْ وَضْعَهُ». ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمْ تُرَ فِي الدُّنْيَا أُمٌّ تَلِدُ غُلَاماً تَكْرَهُهُ، لَكِنَّهَا كَرِهَتْهُ لِمَا عَلِمَتْ بِأَنَّهُ سَيُقْتَلُ، وَ فِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:
وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».
9768/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الزَّيَّاتِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِمَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَ عَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى السَّمَاءِ «1»، ثُمَّ هَبَطَ وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَ عَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ هَبَطَ وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يُبَشِّرُكَ بِأَنَّهُ جَاعِلٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَصِيَّةَ، فَقَالَ: قَدْ رَضِيتُ.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُنِي بِمَوْلُودٍ يُولَدُ لَكِ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا: أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَايَةَ وَ الْوَصِيَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: انِّي قَدْ رَضِيتُ، فَحَمَلَتْهُ: كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى‏ والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فَلَوْ أَنَّهُ قَالَ: أَصْلِحْ لِي ذُرِّيَّتِي، لَكَانَ «2» ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً.
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 386/ 3.
 (2)- الكافي 1: 386/ 4.
 (1) (جبرئيل (عليه السّلام) إلى السماء) ليس في المصدر.
 (2) في المصدر: فلولا أنّه قال: أصلح لي في ذرّيتي لكانت.

39
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 15 ص 39

وَ لَمْ يَرْضَعِ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ لَا مِنْ أُنْثَى، كَانَ يُؤْتَى بِهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَضَعُ إِبْهَامَهُ فِي فِيهِ، فَيَمَصُّ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ الْيَوْمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ، فَنَبَتَ لَحْمُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ دَمُهُ «1» مِنْ دَمِهِ، وَ لَمْ يُولَدْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
9769/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ «2» (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ بُهْلُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، مِنْ أَيْنَ جَاءَ لِوُلْدِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْفَضْلُ عَلَى وُلْدِ الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُمَا يَجْرِيَانِ فِي شَرْعٍ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ: «لَا أَرَاكُمْ تَأْخُذُونَ بِهِ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَا وُلِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدُ، فَقَالَ لَهُ: يُولَدُ لَكَ غُلَامٌ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، فَخَاطَبَهُ ثَلَاثاً، ثُمَّ دَعَا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ: إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يُخْبِرُنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ يُولَدُ لَكَ غُلَامٌ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَخَاطَبَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثَلَاثاً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ يَكُونُ فِيهِ وَ فِي وُلْدِهِ الْإِمَامَةُ وَ الْوِرَاثَةُ وَ الْخِزَانَةُ.
فَأَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): لَيْسَ لِي فِيهِ يَا أَبَتِ حَاجَةٌ. فَخَاطَبَهَا ثَلَاثاً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْإِمَامَةُ وَ الْوِرَاثَةُ وَ الْخِزَانَةُ، فَقَالَتْ: رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَعَلِقَتْ وَ حَمَلَتْ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَحَمَلَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ وَضَعَتْ.
وَ لَمْ «3» يُولَدْ مَوْلُودٌ قَطُّ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ غَيْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ)، فَكَفَلَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَأْتِيهِ كُلِّ يَوْمٍ فَيَضَعُ لِسَانَهُ فِي فَمِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَيَمَصُّهُ حَتَّى يَرْوَى، فَأَنْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَحْمَهُ مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَمْ يَرْضَعْ مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ لَا مِنْ غَيْرِهَا لَبَناً قَطُّ.
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيهِ: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى‏ والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فَلَوْ قَالَ: أَصْلِحْ ذُرِّيَّتِي، كَانُوا كُلُّهُمْ أَئِمَّةً، لَكِنْ خَصَّ هَكَذَا».
9770/ «4»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْننِ وَهْبَانَ الْهُنَائِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ‏
__________________________________________________
 (3)- علل الشرائع: 205/ 3.
 (4)- الأمالي 2: 274.
 (1) (من دمه) ليس في «ج» و المصدر.
 (2) في المصدر: أحمد بن الحسن.
 (3) في المصدر: وضعته و لم يعش.

40
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 15 ص 39

مُحَمَّندِ بْننِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «حُمِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ أُرْضِعَ سَنَتَيْنِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».
9771/ «5»- أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ، فِي (كَامِلِ الزِّيَارَاتِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) جَاءَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ سَتَلِدُ وَلَداً تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَلَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَرِهَتْ حَمْلَهُ، وَ حِينَ وَضَعَتْهُ كَرِهَتْ وَضْعَهُ». ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هَلْ فِي الدُّنْيَا «1» أُمٌّ تَلِدُ غُلَاماً فَتَكْرَهُهُ؟! وَ لَكِنَّهَا كَرِهَتْهُ لِأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُقْتَلُ» قَالَ: «وَ فِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».
9772/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَخِيهِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «أَتَى جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، أَ لَا أُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. قَالَ:
فَانْتَهَضَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. [فَانْعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ انْقَضَّ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.] فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ جَاعِلٌ الْوَصِيَّةَ فِي عَقِبِهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَدَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَتَانِي فَبَشَّرَنِي بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَقَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ رَبِّي جَاعِلٌ الْوَصِيَّةَ فِي عَقِبِهِ. فَقَالَ: نَعَمْ إِذَنْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَكَ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةَ فِيهِ: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً، لِمَوْضِعِ إِعْلَامِ جَبْرَئِيلَ إِيَّاهَا بِقَتْلِهِ فَحَمَلَتْهُ كُرْهاً بِأَنَّهُ مَقْتُولٌ، وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ».
9773/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الزَّيَّاتِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَ يُبَشِّرُكَ بِمَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَ عَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي». قَالَ: «فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ هَبَطَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَ عَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ هَبَطَ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَ‏
__________________________________________________
 (5)- كامل الزيارات: 55/ 2.
 (6)- كامل الزيارات: 56/ 3.
 (7)- كامل الزيارات: 56/ 4.
 (1) في المصدر: هل رأيتم في الدنيا أمّا.

41
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 15 ص 39

رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يُبَشِّرُكَ أَنَّهُ جَاعِلٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَايَةَ وَ الْوِصَايَةَ «1»، فَقَالَ: «قَدْ رَضِيتُ.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُنِي بِمَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْكِ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: أَنْ لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلِدِ يُولَدُ مِنِّي تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا: انَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَاعِلٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَايَةَ وَ الْوِصَايَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ رَضِيتُ. فَحَمَلَتْهُ: كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى‏ والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فَلَوْ أَنَّهُ قَالَ: أَصْلِحْ لِي ذُرِّيَّتِي لَكَانَتْ ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً.
وَ لَمْ يَرْضَعِ الْحُسَيْنُ مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَ لَا مِنْ أُنْثَى، وَ لَكِنَّهُ كَانَ يُؤْتَى بِهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَضَعُ إِبْهَامَهُ فِي فِيهِ، فَيَمَصُّ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ الْيَوْمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ. فَنَبَتَ لَحْمُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ دَمُهُ مِنْ دَمِهِ، وَ لَمْ يُولَدْ مَوْلُودٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)».
وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الزَّيَّاتِ، مِثْلَهُ.
9774/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: «حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُ يُولَدُ لَكَ مَوْلُودٌ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ:
يَا جَبْرَئِيلُ، لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ مِنْهُ الْأَئِمَّةَ وَ الْأَوْصِيَاءَ».
قَالَ: «وَ جَاءَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهَا: إِنَّكِ تَلِدِينَ وَلَداً تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. فَخَاطَبَهَا ثَلَاثاً، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ مِنْهُ الْأَئِمَّةَ وَ الْأَوْصِيَاءَ، فَقَالَتْ: نَعَمْ يَا أَبَتِ، فَحَمَلَتْ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَحَفِظَهَا اللَّهُ وَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ إِبْلِيسَ، فَوَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَ لَمْ يُسْمَعْ بِمَوْلُودٍ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا الْحُسَيْنُ وَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَلَمَّا وَضَعَتْهُ وَضَعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِسَانَهُ فِي فَمِهِ «2» فَمَصَّهُ، وَ لَمْ يَرْضَعِ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ أُنْثَى حَتَّى نَبَتَ لَحْمُهُ وَ دَمُهُ مِنْ رِيقِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».
9775/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَصْرِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْمِقْيَسِ «3» بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ [قَالَ‏]: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَرْسَلَهُ فِي جَيْشٍ، فَغَابَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَدِمَ وَ كَانَ مَعَ أَهْلِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ،
__________________________________________________
 (8)- تأويل الآيات 2: 578/ 3.
 (9)- تأويل الآيات 2: 581/ 6.
 (1) في المصدر: الوصية، و كذا التي بعدها.
 (2) في «ج» و المصدر: فيه.
 (3) في «ط»: نسخة بدل، و المصدر: المقتبس.

42
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 15 ص 39

فَعَلِقَتْ مِنْهُ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَنْكَرَهُ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى عُمَرَ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْتُ فِي الْبَعْثِ الَّذِي وَجَّهْتَنِي فِيهِ، وَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدِمْتُ مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَ كُنْتُ مَعَ أَهْلِي، وَ قَدْ جَاءَتْ بِغُلَامٍ وَ هُوَ ذَا، وَ تَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: مَا تَقُولِينَ، أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَتْ: وَ اللَّهِ مَا غَشِيَنِي رَجُلٌ غَيْرُهُ، وَ مَا فَجَرْتُ، وَ إِنَّهُ لَابْنُهُ. وَ كَانَ اسْمُ الرَّجُلِ الْهَيْثَمَ، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: أَ حَقٌّ مَا يَقُولُ زَوْجُكِ؟ قَالَتْ: صَدَقَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ، فَحَفَرَ لَهَا حَفِيرَةً، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِيهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَجَاءَ مُسْرِعاً، حَتَّى أَدْرَكَهَا، وَ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَسَلَّهَا مِنَ الْحَفِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: «ارْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ «1»، إِنَّهَا قَدْ صَدَقَتْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً، وَ قَالَ فِي الرَّضَاعِ: وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ «2» فَالْحَمْلُ وَ الرَّضَاعُ ثَلَاثُونَ شَهْراً، وَ هَذَا الْحُسَيْنُ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ» فَعِنْدَهَا قَالَ عُمَرُ: لَوْ لَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ.
9776/ «10»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَحْمَدَ وَ مُحَمَّدٍ ابْنَيِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سَأَلَهُ أَبِي وَ أَنَا حَاضِرٌ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ قَالَ: «الِاحْتِلَامُ فَقَالَ: «يَحْتَلِمُ فِي سِتَّ عَشْرَةَ وَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ نَحْوِهَا»
قوله تعالى:
وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ [17- 18] 9777/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَ قَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي، الآية قال: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر.
9778/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ، بِإِسْنَادٍ رَفَعَهُ إِلَى جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتْبَعَ جَلَّ ذِكْرُهُ مَدْحَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) بِذَمِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ، فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا جَابِرُ، وَ اللَّهِ لَوْ سَبَقَتِ الدَّعْوَةُ مِنَ الْحُسَيْنِ: وَ أَصْلِحْ لِي ذُرِّيَّتِي، كَانُوا ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً طَاهِرِينَ وَ لَكِنْ سَبَقَتِ الدَّعْوَةُ:
__________________________________________________
 (10)- التهذيب 9: 182/ 6.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 297.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 297.
 (1) أي تمكث و انتظر.
 (2) البقرة 2: 233.

43
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف الآيات 17 الى 18 ص 43

وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي «1»، فَمِنْهُمُ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَاحِداً فَوَاحِداً، ثَبَّتَ اللَّهُ بِهِمْ حُجَّتَهُ».
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: أَ تَرَى إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لَمَّا عَرَضَ عَلَيْهِ جَابِرٌ الْحَدِيثَ، كَيْفَ انْتَقَلَ إِلَى ذِكْرِ مَا فِي الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، بَلْ أَعْرَضَ عَنْهُ إِلَى ذِكْرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
9779/ «3»- و في (كشف البيان): الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، و قيل: في أبيه قبل إسلامه.
9780/ «4»- الطبرسيّ في (مجمع البيان): قيل: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر «2»؛ عن ابن عبّاس، و أبي العالية، و السدي، و مجاهد.
قال: «و قيل: الآية عامة في كل كافر عاق لوالديه؛ عن الحسن و قتادة و الزجاج، قالوا: و يدلّ عليه أنّه قال عقيبها: أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ.
قوله تعالى:
وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [20] 9781/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها قال: أكلتم و شربتم و لبستم و ركبتم، و هي في بني فلان: فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ، قَالَ: الْعَطَشَ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ.
9782/ «2»- الْمُفِيدُ فِي (أَمَالِيهِ): قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَمِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أُتِيَ بِخَبِيصٍ «3»، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، فَقَالُوا لَهُ: أَ تُحَرِّمُهُ؟ قَالَ: لَا، وَ لَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَتُوقَ إِلَيْهِ نَفْسِي فَأَطْلُبَهُ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها.
__________________________________________________
 (3)- نهج البيان 3: 264 «مخطوط».
 (4)- مجمع البيان 9: 132.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 298.
 (2)- أمالي المفيد: 134/ 2.
 (1) الأحقاف 46: 15.
 (2) في المصدر زيادة: قال له أبواه أسلم و ألحّا عليه، فقال: أحيوا لي عبد اللّه بن جدعان و مشايخ قريش حتّى أسالهم عمّا تقولون.
 (3) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر و السّمن. «المعجم الوسيط- خبص- 1: 216».

44
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 20 ص 44

9783/ «3»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَدَّمَ إِلَيَّ مِنَ الْحُلْوِ وَ الْحَامِضِ مَا كَثُرَ تَعَجُّبِي مِنْهُ، ثُمَّ قَدَّمَ لَوْناً مَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: مَصَارِينُ الْبَطِّ مَحْشُوَّةٌ بِالْمُخِّ، قَدْ قُلِيَ بِدُهْنِ الْفُسْتُقِ، وَ ذُرَّ عَلَيْهِ الطَّبَرْزَدُ «1»، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ ذَكَرْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، بَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ، فَحَضَرَ وَقْتُ إِفْطَارٍ فَسَأَلَنِي الْمُقَامَ، إِذْ دَعَا بِجِرَابٍ مَخْتُومٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الْجِرَابُ؟ قَالَ: «سَوِيقُ الشَّعِيرِ»، فَقُلْتُ: خِفْتَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ، أَوْ بَخِلْتَ بِهِ؟ قَالَ: «لَا وَ لَا أَحَدُهُمَا، لَكِنِّي خِفْتُ أَنْ يُلَيِّنَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ بِسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ». قُلْتُ: مُحَرَّمٌ هُوَ؟ قَالَ:
 «لَا، وَ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ أَنْ يَقْتَدُوا بِالْقَسْمِ مِنْ ضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلَا يَطْغَى بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ»، فَقَالَ مُعَاوِيَةَ: ذَكَرْتَ مَنْ لَا يُنْكَرُ فَضْلُهُ.
9784/ «4»- العرني: وضع خوان من فالوذج «2» بين يديه، فوجأ بإصبعه حتّى بلغ أسفله [ثم سلها] و لم يأخذ منه شيئا، و تلمظه بإصبعه، و قال: «طيب طيب، و ما هو بحرام، و لكن أكره أن أعود نفسي بما لم أعودها».
9785/ «5»- وَ فِي خَبَرٍ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّهُ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ قَبَضَهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ قَطُّ، فَكَرِهْتُ أَنْ آكُلَهُ».
9786/ «6»- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالُوا لَهُ: أَ تُحَرِّمُهُ؟ قَالَ: لَا، وَ لَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَتُوقَ إِلَيْهِ نَفْسِي»، ثُمَّ تَلَا: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا.
9787/ «7»- الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي خَبَرٍ: «كَانَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَ اللَّحْمِ، وَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَ الزَّيْتَ وَ الْخَلَّ».
9788/ «8»- الطَّبْرِسِيُّ: فِي الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فِي مَشْرَبَةِ «3» أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، وَ إِنَّهُ لَمُضْطَجِعٌ عَلَى خَصَفَةٍ «4»، وَ أَنَّ بَعْضَهُ عَلَى التُّرَابِ، وَ تَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مَحْشُوَّةً لِيفاً، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَ صَفْوَتُهُ وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ كِسْرَى وَ قَيْصَرُ عَلَى سُرُرِ الذَّهَبِ وَ فُرُشِ الدِّيبَاجِ وَ الْحَرِيرِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ طَيِّبَاتُهُمْ، وَ هِيَ وَشِيكَةُ الِانْقِطَاعِ، وَ إِنَّمَا أُخِّرَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا».
__________________________________________________
 (3)- ... حيلة الأبرار 1: 352.
 (4)- المناقب 2: 99.
 (5)- المناقب 2: 99.
 (6)- المناقب 2: 99.
 (7)- المناقب 2: 99.
 (8)- مجمع البيان 9: 133.
 (1) الطّبرزد: السّكّر الأبيض، فارسية. «أقرب الموارد 1: 696».
 (2) الفالوذج: حلواء تعمل من الدقيق و الماء و العسل. و هو مأخوذ من فالوذة بالفارسية. «أقرب الموارد 2: 942».
 (3) المشربة: الغرفة. «أقرب الموارد- شرب- 1: 580».
 (4) الخصفة: الجلّة تعمل من الخوص للتمر، و: الثوب الغليظ جدّا. «أقرب الموارد- خصف- 1: 279».

45
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 20 ص 44

9789/ «9»- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: «وَ اللَّهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا، وَ لَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ: أَ لَا تَنْبِذُهَا؟ فَقُلْتُ: اعْزُبْ عَنِّي، فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يُحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى» «1».
9790/ «10»- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيَأْكُلُ أَكْلَةَ الْعَبْدِ، وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ، وَ إِنَّهُ كَانَ لَيَشْتَرِي الْقَمِيصَيْنِ فَيُخَيِّرُ غُلَامَهُ خَيْرَهُمَا، ثُمَّ يَلْبَسُ الْآخَرَ، فَإِذَا جَازَ أَصَابِعَهُ قَطَعَهُ، وَ إِذَا جَازَ كَعْبَهُ حَذَفَهُ، وَ لَقَدْ وُلِّيَ خَمْسَ سِنِينَ مَا وَضَعَ آجُرَّةً عَلَى آجُرَّةٍ، وَ لَا لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَ لَا أَوْرَثَ بَيْضَاءَ وَ لَا حَمْرَاءَ، وَ إِنْ كَانَ لَيُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَ اللَّحْمِ وَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَ الزَّيْتَ وَ الْخَلَّ، وَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ كِلَاهُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِهِ، وَ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ كَدِّ يَمِينِهِ، تَرِبَتْ مِنْهُ يَدَاهُ وَ عَرِقَ فِيهِ وَجْهُهُ، وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَ إِنْ كَانَ لَيُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ، وَ إِنْ كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ شَبَهاً بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَهُ».
ثُمَّ إِنَّهُ اشْتَهَرَ فِي الرِّوَايَةِ أَنَّهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ يَعُودُهُ. قَالَ لَهُ الْعَلَاءُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَشْكُو إِلَيْكَ أَخِي عَاصِمَ بْنَ زَيْدِ لَبِسَ الْعَبَاءَةَ، وَ تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «عَلِيٌّ بِهِ». فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ: «يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ، لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ، أَ مَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَ وُلْدَكَ، أَ تَرَى، اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا! أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ». قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا أَنْتَ فِي خُشُونَةِ مَلْبَسِكَ وَ جُشُوبَةِ مَأْكَلِكَ، قَالَ:
 «وَيْحَكَ إِنِّي لَسْتُ كَأَنْتَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلَا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ» «2».
قوله تعالى:
وَ اذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ [21] 9791/ «1»- علي بن إبراهيم: الأحقاف: بلاد عاد، من الشقوق إلى الأجفر و هي أربعة منازل.
9792/ «2»- ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: أَمَرَ الْمُعْتَصِمُ أَنْ يُحْفَرَ بِالْبَطَّانِيَّةِ «3» بِئْرٌ، فَحَفَرُوا ثَلَاثَمِائَةِ قَامَةٍ، فَلَمْ يَظْهَرِ الْمَاءُ، فَتَرَكَهُ وَ لَمْ يَحْفِرْهُ، فَلَمَّا وُلِّيَ الْمُتَوَكِّلُ أَمَرَ أَنْ يُحْفَرَ ذَلِكَ أَبَداً حَتَّى يَظْهَرَ الْمَاءَ، فَحَفَرُوا حَتَّى وَضَعُوا فِي كُلِ‏
__________________________________________________
 (9)- مجمع البيان 9: 133.
 (10)- مجمع البيان 9: 133.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 298.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 298.
 (1) مثل يضرب لمن يحتمل المشقّة رجاء الراحة، و يضرب أيضا في الحثّ على مزاولة الأمر و الصبر و توطين النفس حتّى تحمد عاقبته.
 (2) أي يهيج به و يغلبه حتّى يقهره.
 (3) في المصدر: بالباطئية.

46
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 21 ص 46

مِائَةِ قَامَةٍ؟ بَكَرَةً، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى صَخْرَةٍ، فَضَرَبُوهَا بِالْمِعْوَلِ فَانْكَسَرَتْ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا رِيحٌ بَارِدَةٌ، فَمَاتَ مَنْ كَانَ يَقْرَبُهَا، فَأَخْبَرُوا الْمُتَوَكِّلَ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَعْلَمْ مَا ذَاكَ، فَقَالُوا: سَلِ ابْنَ الرِّضَا عَنْ ذَلِكَ، وَ هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «تِلْكَ بِلَادُ الْأَحْقَافِ، وَ هُمْ قَوْمُ عَادٍ، الَّذِينَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِالرِّيحِ الصَّرْصَرِ».
9793/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّوَانِيقِيُّ يَقْطِينَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْراً بِقَصْرِ الْعُبَّادِي، فَلَمْ يَزَلْ يَقْطِينُ فِي حَفْرِهَا حَتَّى مَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَ لَمْ يَسْتَنْبِطْ مِنْهَا الْمَاءَ، فَأَخْبَرَ الْمَهْدِيَّ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: احْفِرْ أَبَداً حَتَّى تَسْتَنْبِطَ الْمَاءَ، وَ لَوْ أَنْفَقْتَ عَلَيْهَا جَمِيعَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ.
قَالَ: فَوَجَّهَ يَقْطِينُ أَخَاهُ أَبُا مُوسَى، فِي حَفْرِهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَحْفِرُ حَتَّى ثَقَبُوا ثَقْباً فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ، فَخَرَجَتْ مِنْهُ الرِّيحُ، قَالَ: «فَهَالَهُمْ ذَلِكَ فَأَخْبَرُوا أَبَا مُوسَى، فَقَالَ: أَنْزِلُونِي، وَ كَانَ رَأْسُ الْبِئْرِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً [فِي أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً] فَاجْلِسْ فِي شِقِّ مَحْمِلٍ وَ دُلِّيَ فِي الْبِئْرِ، فَلَمَّا صَارَ فِي قَعْرِهَا نَظَرَ إِلَى هَوْلٍ وَ سَمِعَ دَوِيَّ الرِّيحِ فِي أَسْفَلِ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُوَسِّعُوا ذَلِكَ الْخَرْقَ، فَجَعَلُوهُ شِبْهَ الْبَابِ الْعَظِيمِ، ثُمَّ دُلِّيَ فِيهِ رَجُلَانِ فِي شِقِّ مَحْمِلٍ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِخَبَرِ هَذَا مَا هُوَ؟ قَالَ: فَنَزَلَا فِي شِقِّ مَحْمِلٍ، فَمَكَثَا مَلِيّاً، ثُمَّ حَرَّكَا الْحَبْلَ فَأُصْعِدَا، فَقَالَ لَهُمَا: مَا رَأَيْتُمَا؟ قَالا: أَمْراً عَظِيماً، رِجَالًا وَ نِسَاءً وَ بُيُوتاً وَ آنِيَةً وَ مَتَاعاً، كُلُّهَا مَمْسُوخٌ مِنْ حِجَارَةٍ، فَأَمَّا الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ فَعَلَيْهِمْ ثِيَابُهُمْ، فَمِنْ بَيْنِ قَاعِدٍ وَ مُضْطَجِعٍ وَ مُتَّكِئٍ، فَلَمَّا مَسِسْنَاهُمْ إِذَا ثِيَابُهُمْ تَتَفَشَّى شِبْهَ الْهَبَاءِ، وَ مَنَازِلُ قَائِمَةٌ.
قَالَ: فَكَتَبَ بِذَلِكَ أَبُو مُوسَى إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَكَتَبَ الْمَهْدِيُّ إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، يَسْأَلُهُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَبَكَى بُكَاءً شَدِيداً، وَ قَالَ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَؤُلَاءِ بَقِيَّةُ قَوْمِ عَادٍ، غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَسَاخَتْ بِهِمْ مَنَازِلُهُمْ، هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْأَحْقَافِ». [قَالَ‏] فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، وَ مَا الْأَحْقَافُ؟
قَالَ: «الرَّمْلُ».
قوله تعالى:
قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [22- 32] 9794/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم حكى اللّه قوم عاد: قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا، أي تزيلنا بكذبك عما كان يعبد آباؤنا: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا، من العذاب إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، و كان نبيهم هود (عليه السلام)، و كانت‏
__________________________________________________
 (3)- الإحتجاج: 388.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 298.

47
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف الآيات 22 الى 32 ص 47

بلادهم كثيرة الخير خصبة، فحبس اللّه عنهم المطر سبع سنين حتّى أجدبوا، و ذهب خيرهم من بلادهم، و كان هود يقول لهم ما حكى اللّه في سورة هود: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ، إلى قوله تعالى: وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ «1» فلم يؤمنوا، و عتوا، فأوحى اللّه إلى هود (عليه السلام): أنه يأتيهم العذاب في وقت كذا و كذا رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ، فلما كان ذلك الوقت، نظروا إلى سحابة، قد أقبلت، ففرحوا و قالوا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا الساعة بمطر، فقال لهم هود: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ. في قوله تعالى: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ بِأَمْرِ رَبِّها، فلفظه عام و معناه خاصّ، لأنّها تركت أشياء كثيرة لم تدمرها، و انما دمرت ما لهم كله، فكان كما قال اللّه تعالى: فَأَصْبَحُوا لا يُرى‏ إِلَّا مَساكِنُهُمْ، و كل هذه الأخبار من هلاك الأمم تخويف و تحذير لأمة محمد (صلّى اللّه عليه و آله). و قوله تعالى: وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَ جَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَ أَبْصاراً وَ أَفْئِدَةً، أي قد أعطيناهم فكفروا، فنزل بهم العذاب، فاحذروا أن ينزل بكم ما نزل بهم. ثم خاطب اللّه تعالى قريشا: وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى‏ وَ صَرَّفْنَا الْآياتِ، أي بينا، و هي بلاد عاد و قوم صالح و قوم لوط، ثمّ قال احتجاجا عليهم: فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ أي بطلوا وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ أي كذبهم وَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.
قال: قوله تعالى: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، إلى قوله تعالى: فَلَمَّا قُضِيَ، أي فُرِغَ وَلَّوْا إِلى‏ قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ* قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا إلى قوله تعالى: أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، فهذا كله حكاية عن الجن، و كان سبب نزولها أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) خرج من مكّة إلى سوق عكاظ، و معه زيد بن حارثة، يدعو الناس إلى الإسلام، فلم يجبه أحد، و لم يجد من يقبله، ثمّ رجع إلى مكّة، فلما بلغ موضعا [يقال‏] له:
وادي مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل، فمر به نفر من الجن، فلما سمعوا قراءة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، استمعوا له، فلما سمعوا قراءته، قال بعضهم لبعض: أَنْصِتُوا، يعني اسكتوا: فَلَمَّا قُضِيَ، أي فرغ: وَلَّوْا إِلى‏ قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ* قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى‏ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَ إِلى‏ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ* يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ، إلى قوله تعالى: أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، فجاءوا إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و أسلموا و آمنوا، و علمهم شرائع الإسلام، فأنزل على نبيه قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ «2»، السورة كلها، فحكى [اللّه‏] عزّ و جلّ قولهم و ولى عليهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و كانوا يعودون إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في كل وقت، فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعلمهم و يفقههم، فمنهم مؤمنون و كافرون و ناصبون، و يهود و نصارى و مجوس، و هم ولد الجان.
9795/ «2»- قَالَ: وَ سُئِلَ الْعَالِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ أَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ: «لَا، وَ لَكِنْ لِلَّهِ حَظَائِرُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ يَكُونَ فِيهَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ وَ فُسَّاقُ الشِّيعَةِ».
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 300.
 (1) هود 11: 52.
 (2) الجنّ 72: 1.

48
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف الآيات 22 الى 32 ص 47

9796/ «1»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَدْ سَأَلَهُ يَهُودِيٌّ، قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَإِنَّ هَذَا سُلَيْمَانُ سُخِّرَتْ لَهُ الشَّيَاطِينُ، يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَ تَمَاثِيلَ.
قَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ. وَ لَقَدْ أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَفْضَلَ مِنْ هَذَا، إِنَّ الشَّيَاطِينَ سُخِّرَتْ لِسُلَيْمَانَ وَ هِيَ مُقِيمَةٌ عَلَى كُفْرِهَا، وَ سُخِّرَتْ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الشَّيَاطِينُ بِالْإِيمَانِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْجِنِّ تِسْعَةٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَاحِدٌ مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ، وَ الثَّمَانُ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنَ الْأَحْجَرِ «1»، مِنْهُمْ شَضَاهُ، وَ مَضَاهُ، وَ الْهَمْلَكَانُ، وَ الْمَرْزُبَانُ، وَ الْمَازَمَانُ، وَ نَضَاهُ، وَ هَاضِبٌ «2»، وَ عَمْرٌو، وَ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اسْمُهُ فِيهِمْ: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، وَ هُمُ التِّسْعَةُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الْجِنُّ وَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِبَطْنِ النَّخْلِ، فَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنَّ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً، وَ لَقَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْهُمْ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ نُصْحِ الْمُسْلِمِينَ، وَ اعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ قَالُوا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً، وَ هَذَا أَفْضَلُ مِمَّا أُعْطِيَ سُلَيْمَانُ، سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَهَا لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَتَمَرَّدُ وَ تَزْعُمُ أَنَّ لِلَّهِ وَلَداً، وَ لَقَدْ شَمِلَ مَبْعَثُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ مَا لَا يُحْصَى».
قوله تعالى:
أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ [33] 9797/ «2»- علي بن إبراهيم: ثم احتج اللّه تعالى على الدهرية، فقال: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‏ بَلى‏ إِنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.
قوله تعالى:
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [35]
9798/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَثْعَمِيِّ،
__________________________________________________
 (1)- الإحتجاج: 222.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 300.
 (3)- الكافي 1: 134/ 3.
 (1) في المصدر: الأحجة.
 (2) زاد في المصدر: و هضب.

49
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 35 ص 49

عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «سَادَةُ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ خَمْسَةٌ، وَ هُمْ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَ عَلَيْهِمْ دَارَتِ الرَّحَا: نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى وَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ).
9799/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ أَوَّلَ وَصِيٍّ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ هِبَةُ اللَّهِ شَيْثُ بْنُ آدَمَ، وَ مَا مِنْ نَبِيٍّ مَضَى إِلَّا وَ لَهُ وَصِيٌّ، وَ كَانَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ عِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ، مِنْهُمْ خَمْسَةٌ أُولُو الْعَزْمِ:
نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى، وَ مُحَمَّدٌ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ). وَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ هِبَةَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ وَرِثَ عِلْمَ الْأَوْصِيَاءِ وَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، أَمَا إِنَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَرِثَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ. عَلَى قَائِمَةِ الْعَرْشِ مَكْتُوبٌ: حَمْزَةُ أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ وَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَ فِي ذُؤَابَةِ الْعَرْشِ:
عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَهَذِهِ حُجَّتُنَا عَلَى مَنْ أَنْكَرَ حَقَّنَا، وَ جَحَدَ مِيرَاثَنَا، وَ مَا مَنَعَنَا مِنَ الْكَلَامِ وَ أَمَامَنَا الْيَقِينُ، فَأَيُّ حُجَّةٍ تَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ هَذَا؟».
9800/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ ابْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ؟
فَقَالَ: «نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ مُحَمَّدٌ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)».
قُلْتُ: كَيْفَ صَارُوا أُولِي الْعَزْمِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ نُوحاً بُعِثَ بِكِتَابٍ وَ شَرِيعَةٍ، وَ كُلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَ نُوحٍ أَخَذَ بِكِتَابِ نُوحٍ وَ شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالصُّحُفِ وَ بِعَزِيمَةِ تَرْكِ كِتَابِ نُوحٍ لَا كُفْراً بِهِ، فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخَذَ بِشَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ وَ مِنْهَاجِهِ وَ بِالصُّحُفِ، حَتَّى جَاءَ مُوسَى بِالتَّوْرَاةِ وَ شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ وَ بِعَزِيمَةِ تَرْكِ الصُّحُفِ، فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخَذَ بِالتَّوْرَاةِ وَ بِشَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، حَتَّى جَاءَ الْمَسِيحُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْإِنْجِيلِ وَ بِعَزِيمَةِ تَرْكِ شَرِيعَةِ مُوسَى وَ مِنْهَاجِهِ، فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ الْمَسِيحِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخَذَ بِشَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ حَتَّى جَاءَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَجَاءَ بِالْقُرْآنِ وَ بِشَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، فَحَلَالُهُ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ حَرَامُهُ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَهَؤُلَاءِ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ)».
9801/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ خَمْسَةٌ: نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى، وَ مُحَمَّدٌ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)».
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 175/ 2.
 (3)- الكافي 2: 14/ 2.
 (4)- الخصال: 300/ 73.

50
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأحقاف آية 35 ص 49

9802/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّمَا سُمِّيَ أُولُو الْعَزْمِ أُوْلِي الْعَزْمِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ الْعَزَائِمِ وَ الشَّرَائِعِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ كَانَ بَعْدَ نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ، وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى زَمَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ، وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى أَيَّامِ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي زَمَنِ عِيسَى وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى مِنْهَاجِ عِيسَى وَ شَرِيعَتِهِ، وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى زَمَنِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ هُمْ «1» أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ شَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [لَا تُنْسَخُ‏] إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنِ ادَّعَى بَعْدَهُ نُبُوَّةً أَوْ أَتَى بَعْدَ الْقُرْآنِ بِكِتَابٍ فَدَمُهُ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ».
9803/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثُمَّ أَدَّبَ اللَّهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالصَّبْرِ، فَقَالَ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَ هُمْ نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى، وَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مَعْنَى أُولِي الْعَزْمِ أَنَّهُمْ سَبَقُوا الْأَنْبِيَاءَ إِلَى الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَ الْإِقْرَارِ بِكُلِّ نَبِيٍّ كَانَ قَبْلَهُمْ وَ بَعْدَهُمْ، وَ عَزَمُوا عَلَى الصَّبْرِ مَعَ التَّكْذِيبِ لَهُمْ وَ الْأَذَى.
قوله تعالى:
وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [35] 9804/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم قال تعالى: وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ، يعني العذاب كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ، قال: يرون يوم القيامة أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلّا ساعة من نهار بَلاغٌ، أي أبلغهم ذلك فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ.
__________________________________________________
 (5)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 80/ 13.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 300.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 330.
 (1) في المصدر: الخمسة أولو العزم، فهم.

51
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد صلى الله عليه و آله ص 53

سورة محمد (صلّى اللّه عليه و آله)
فضلها
9805/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَا، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَمْ يَرْتَبْ أَبَداً، وَ لَمْ يَدْخُلْهُ شَكٌّ فِي دِينِهِ أَبَداً، وَ لَمْ يَبْتَلِهِ اللَّهُ بِفَقْرٍ أَبَداً، وَ لَا خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَبَداً، وَ لَمْ يَزَلْ مَحْفُوظاً مِنَ الشَّكِّ وَ الْكُفْرِ أَبَداً حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ فِي قَبْرِهِ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ فِي قَبْرِهِ، يَكُونُ ثَوَابُ صَلَاتِهِمْ لَهُ، وَ يُشَيِّعُونَهُ حَتَّى يُوقِفُوهُ مَوْقِفَ الْأَمْنِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ يَكُونُ فِي أَمَانِ اللَّهِ وَ أَمَانِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
9806/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ لَمْ يُوَلِّ وَجْهَهُ جِهَةً إِلَّا رَأَى فِيهِ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ، وَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، أَمِنَ فِي نَوْمِهِ وَ يَقَظَتِهِ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ بِبَرَكَتِهَا».
9807/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، أَمِنَ فِي نَوْمِهِ وَ يَقَظَتِهِ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ، وَ كَانَ مَحْرُوساً مِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَ دَاءٍ».
9808/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ دَفَعَ عَنْهُ الْجَانَّ، وَ أَمِنَ فِي نَوْمِهِ وَ يَقَظَتِهِ؛ وَ إِذَا جَعَلَهَا إِنْسَانٌ عَلَى رَأْسِهِ كُفِيَ شَرَّ كُلِّ طَارِقٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 114.
 (2)- .....
 (3)- ....
 (4)- ....

53
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 1 ص 54

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ [1] 9809/ «1»- علي بن إبراهيم: نزلت في أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) «1» الذين ارتدوا بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و غصبوا أهل بيته حقهم، و صدوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و عن ولايته «2»، أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي أبطل ما كان تقدم منهم مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من الجهاد و النصرة.
9810/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحَرِيشِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الْمَسْجِدِ وَ النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ بِصَوْتٍ عَالٍ: الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ، فَقَالَ لَهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، لِمَ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: قَرَأْتُ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ: لَقَدْ قُلْتَهُ لِأَمْرٍ. قَالَ: نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «3»، أَ فَتَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَوْصَى إِلَّا إِلَيْكَ. قَالَ فَهَلَّا بَايَعْتَنِي؟ قَالَ: اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَكُنْتُ مِنْهُمْ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَمَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِجْلِ عَلَى الْعِجْلِ، هَاهُنَا فُتِنْتُمْ، وَ مَثَلُكُمْ: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ*
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 330.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 301.
 (1) (أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)) ليس في المصدر.
 (2) في المصدر: و عن ولاية الأئمة (عليهم السلام)
 (3) الحشر 59: 7.

54
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 1 ص 54

صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «1»».
9811/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُصَيْنِ ابْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ؛ وَ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَصْبَغِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «سُورَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) آيَةٌ فِينَا، وَ آيَةٌ فِي بَنِي أُمَيَّةَ».
9812/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ مُوسَى، قَالَ:
أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ «2»، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ فَضْلَنَا عَلَى عَدُوِّنَا، فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فِينَا آيَةٌ، وَ فِيهِمْ آيَةٌ، إِلَى آخِرِهَا».
9813/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ الْبَجَلِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سُورَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) آيَةٌ فِينَا وَ آيَةٌ فِي بَنِي أُمَيَّةَ».
9814/ «6»- ابْنُ شَهْرَآشُوبَ: عَنْ جَعْفَرٍ، وَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ كَفَرُوا: يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ- إلى قوله تعالى- اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ [2- 3]
9815/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ فِي عَلِيٍّ وَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ، هَكَذَا نَزَلَتْ».
9816/ «2»- ثم قال عليّ بن إبراهيم أيضا، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ: نزلت في‏
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 582/ 1.
 (4)- تأويل الآيات 2: 584/ 3.
 (5)- تأويل الآيات 2: 582/ 2.
 (6)- المناقب 3: 72.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 301.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 301.
 (1) البقرة 2: 17، 18.
 (2) في المصدر: قطر، عن إبراهيم، و في «ط، ي»: قطر بن إبراهيم.

55
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 2 الى 6 ص 55

أبي ذر و سلمان و عمّار و المقداد، و لم ينقضوا العهد وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ، أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها اللّه: وَ هُوَ الْحَقُّ، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ أي حالهم.
ثم ذكر أعمالهم فقال: ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ و هم الذين اتبعوا أعداء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ.
قوله تعالى:
كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ [3- 4]
9817/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ «1»: «فِي سُورَةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) آيَةٌ فِينَا وَ آيَةٌ فِي عَدُوِّنَا، وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ* فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ، فَهَذَا السَّيْفُ عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَمِ مِنَ الزَّنَادِقَةِ، وَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ كِتَابٌ مِنْ عَبَدَةِ النِّيرَانِ وَ الْكَوَاكِبِ».
9818/ «2»- و قال أيضا: قوله تعالى: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ فالمخاطبة للجماعة، و المعنى لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و الامام من بعده.
9819/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، جَمِيعاً، عَنِ الْقَاسِمِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)- فِي حَدِيثٍ الْأَسْيَافِ الْخَمْسَةِ- قَالَ: «وَ السَّيْفُ الثَّالِثُ عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَمِ، يَعْنِي التُّرْكَ وَ الدَّيْلَمَ وَ الْخَزَرَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَصَّ قِصَّتَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ يَعْنِي بَعْدَ السَّبْيِ مِنْهُمْ وَ إِمَّا فِداءً يَعْنِي الْمُفَادَاةَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهَؤُلَاءِ لَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ، وَ لَا يَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 301.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 302.
 (3)- الكافي 5: 11/ 2.
 (1) في المصدر زيادة: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)

56
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 2 الى 6 ص 55

قوله تعالى:
لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ- إلى قوله تعالى- وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ [4- 6] 9820/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ* وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ أي وعدها إياهم، و ادخرها لهم لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ، أي يختبر.
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ [7]
9821/ «2»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِيِّ الْعَلَوِيِّ؛ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، جَمِيعاً، عَنْ أَبِي رَوْحٍ فَرَجِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ «1»، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَ سَوَّغَهُمْ كَرَامَةً مِنْهُ لَهُمْ وَ رَحْمَةً ادَّخَرَهَا «2»، وَ الْجِهَادُ لِبَاسُ التَّقْوَى، وَ دِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَ جُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ أَثْوَابَ الذِّلَّةِ «3» وَ شَمْلَةَ «4» الْبَلَاءِ، وَ فَارَقَ الرَّخَاءَ، وَ ضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسَاءَةِ «5»، وَ دُيِّثَ بِالصَّغَارِ «6» وَ الْقَمَاءِ، وَ سِيمَ الْخَسْفَ، وَ مُنِعَ النَّصَفَ «7»، وَ أُدِيلَ الْحَقَ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ، وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ نُصْرَتَهُ. وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 302.
 (2)- التهذيب 6: 123/ 216، نهج البلاغة: 69/ الخطبة 27.
 (1) في «ج»: فرح بن أبي قرة، و في المصدر: فرج بن أبي فروة.
 (2) في المصدر: و نعمة ذخرها.
 (3) في المصدر: ثوب المذلة.
 (4) في نهج البلاغة: شمله.
 (5) في المصدر: بالأشباه، و في نهج البلاغة: بالاسهاب، أي ذهاب العقل و كثرة الكلام، و في نسخة بالأسداد أي الحجب.
 (6) ديّث بالصّغار: أي ذلّل. «النهاية 2: 147».
 (7) و سيم الخسف: أي كلّف و ألزم، و الخسف: النقصان و الهوان، و النصف: العدل.

57
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 7 ص 57

9822/ «1»- علي بن إبراهيم: خاطب اللّه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ.
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ [8- 9] 9823/ «2»- علي بن إبراهيم، ثمّ قال تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ في علي فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ.
9824/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِهَذِهِ الْآيَةِ هَكَذَا: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فِي عَلِيٍّ فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ».
9825/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ «1» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «قَوْلُهُ تَعَالَى:
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فِي عَلِيٍّ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ».
قوله تعالى:
أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ [10- 14] 9826/ «5»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: أي أو لم ينظروا في أخبار الأمم الماضية.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 302.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 302.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 302.
 (4)- تأويل الآيات 2: 583/ 6.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 302.
 (1) في المصدر: محمّد بن خالد، و الظاهر أحمد بن محمّد بن خالد، انظر معجم رجال الحديث 16: 287.

58
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 10 الى 14 ص 58

9827/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ «1»، قَالَ: «مَعْنَاهُ أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي الْقُرْآنِ».
و قد تقدم حديث عن الصادق (عليه السلام) بهذا المعنى في قوله تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا من سورة الأنعام «2».
9828/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: أي أهلكهم و عذبهم، قوله تعالى:
وَ لِلْكافِرِينَ يعني الذين كفروا و كرهوا ما أنزل اللّه في علي أَمْثالُها أي لهم مثل ما كان للأمم الماضية من العذاب و الهلاك.
ثم ذكر المؤمنين الذين ثبتوا على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى‏ لَهُمْ. ثم ذكر المؤمنين، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني بولاية علي (عليه السلام): جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أعداؤه يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ يعني أكلا كثيرا وَ النَّارُ مَثْوىً لَهُمْ* وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ قال: الذين أهلكناهم من الأمم السالفة كانوا أشدّ قوة من قريتك، يعني أهل مكّة الذين أخرجوك منها، فلم يكن لهم ناصر أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ يعني الذين غصبوه وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.
9829/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ» «3».
قوله تعالى:
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ- إلى قوله تعالى- وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ [15] 9830/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم ضرب لأوليائه و أعدائه مثلا، فقال لأوليائه: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ‏
__________________________________________________
 (2)- الخصال: 396/ 102.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 302.
 (4)- مجمع البيان 9: 151.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 303.
 (1) الروم 30: 9.
 (2) تقدم في الحديث (3) من تفسير الآيات (4- 18) من سورة الأنعام.
 (3) في المصدر: و قيل: هم المنافقون.

59
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 15 الى 17 ص 59

إلى قوله تعالى: لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ أي خمرة إذا تناولها ولي اللّه وجد رائحة المسك فيها وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَ لَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ.
9831/ «1»- أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ قُولَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عِيسَى ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْمَاءُ سَيِّدُ شَرَابِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْجَنَّةِ: الْفُرَاتُ، وَ النِّيلُ، وَ سَيْحَانُ، وَ جَيْحَانُ «1»، الْفُرَاتُ: الْمَاءُ، وَ النِّيلُ: الْعَسَلُ، وَ سَيْحَانُ: الْخَمْرُ، وَ جَيْحَانُ: اللَّبَنُ».
9832/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَرْبَعَةٌ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ: الْفُرَاتُ، وَ النِّيلُ، وَ سَيْحَانُ، وَ جَيْحَانُ، فَالْفُرَاتُ: الْمَاءُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ النِّيلُ: الْعَسَلُ، وَ سَيْحَانُ: الْخَمْرُ، وَ جَيْحَانُ: اللَّبَنُ».
قوله تعالى:
كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ [15- 17] 9833/ «3»- علي بن إبراهيم: ثم ضرب لأعدائه مثلا، فقال: كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ فقال: ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار، كما أنّه ليس عدو اللّه كوليه.
قال: قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً فانها نزلت في المنافقين من أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و من كان إذا سمع شيئا منه لم يؤمن به و لم يعه، فإذا خرجوا، قالوا للمؤمنين: ماذا قال محمّد آنفا؟ فقال اللّه تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.
9834/ «4»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَدْعُو أَصْحَابَهُ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً سَمِعَ وَ عَرَفَ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ، وَ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ شَرّاً طَبَعَ عَلَى‏
__________________________________________________
 (1)- كامل الزيارات: 47/ 1.
 (2)- الخصال: 250/ 116.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 303.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 303
 (1) في النسخ: و سيحون و جيحون.

60
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 15 الى 17 ص 59

قَلْبِهِ وَ لَا يَسْمَعُ وَ لَا يَعْقِلُ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ الْآيَةَ».
9835/ «3»- علي بن إبراهيم: ثم ذكر المهتدين، فقال تعالى: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ، و هو ردّ على من زعم أن الإيمان لا يزيد و لا ينقص.
9836/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعُبَيْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ- وَ كَانَ خَيِّراً- عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا [نَكُونُ‏] عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَيُخْبِرُنَا بِالْوَحْيِ، فَأَعِيهِ أَنَا دُونَهُمْ وَ اللَّهِ وَ مَا يَعُونَهُ، وَ إِذَا خَرَجُوا قَالُوا لِي: مَاذَا قَالَ آنِفاً».
قوله تعالى:
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها [18] 9837/ «5»- علي بن إبراهيم، ثمّ قال تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ يعني القيامة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها.
9838/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَشَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيحٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رِيَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِجَّةَ الْوَدَاعِ، فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟».- وَ كَانَ أَدْنَى النَّاسِ [مِنْهُ‏] يَوْمَئِذٍ سَلْمَانُ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ)- فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِضَاعَةُ الصَّلَاةِ «1»، وَ اتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ، وَ الْمَيْلُ إِلَى الْأَهْوَاءِ وَ تَعْظِيمُ أَصْحَابِ الْمَالِ، وَ بَيْعُ الدِّينِ بِالدُّنْيَا، فَعِنْدَهَا يُذَابُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فِي جَوْفِهِ كَمَا يُذَابُ الْمِلْحُ بِالْمَاءِ، مِمَّا يَرَى مِنَ الْمُنْكَرِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَهُ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ».
يَا سَلْمَانُ، إِنَّ عِنْدَهَا أُمَرَاءَ جَوَرَةً وَ وُزَرَاءَ فَسَقَةٌ، وَ عُرَفَاءَ ظَلَمَةً، وَ أُمَنَاءَ خَوَنَةً». فَقَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 303.
 (4)- تأويل الآيات 2: 584/ 10.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 303.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 303.
 (1) في المصدر: أشراط القيامة إضاعة الصلوات‏

61
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 18 ص 61

يَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا يَكُونُ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفاً، وَ الْمَعْرُوفُ مُنْكَراً، وَ يُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ، وَ يُخَوَّنُ الْأَمِينُ، وَ يُصَدَّقُ الْكَاذِبُ، وَ يُكَذَّبُ الصَّادِقُ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ فَعِنْدَهَا تَكُونُ إِمَارَةُ النِّسَاءِ، وَ مُشَاوَرَةُ الْإِمَاءِ، وَ قُعُودُ الصِّبْيَانِ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَ يَكُونُ الْكَذِبُ ظَرْفاً «1»، وَ الزَّكَاةُ مَغْرَماً، وَ الْفَيْ‏ءُ مَغْنَماً، وَ يَجْفُو الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، وَ يَبَرُّ صَدِيقَهُ، وَ يَطْلَعُ الْكَوْكَبُ الْمُذَنَّبُ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا تُشَارِكُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي التِّجَارَةِ، وَ يَكُونُ الْمَطَرُ قَيْظاً، وَ يُغَاظُ الْكِرَامُ غَيْظاً، وَ يُحْتَقَرُ الرَّجُلُ الْمُعْسِرُ، فَعِنْدَهَا «2» تَقَارَبُ الْأَسْوَاقُ، إِذَا قَالَ هَذَا: لَمْ أَبِعْ شَيْئاً، وَ قَالَ هَذَا: لَمْ أَرْبَحْ [شَيْئاً]، فَلَا تَرَى إِلَّا ذَامّاً لِلَّهِ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، فَعِنْدَهَا يَلِيهِمْ أَقْوَامٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قَتَلُوهُمْ وَ إِنْ سَكَتُوا اسْتَبَاحُوهُمْ، لِيَسْتَأْثِرُوا بِفَيْئِهِمْ، وَ لَيَطَؤُنَّ حُرْمَتَهُمْ، وَ لَيَسْفِكُنَّ دِمَاءَهُمْ، وَ لَتُمْلَأَنَّ قُلُوبُهُمْ دَغَلًا وَ رُعْباً، فَلَا تَرَاهُمْ إِلَّا وَجِلِينَ خَائِفِينَ مَرْعُوبِينَ مَرْهُوبِينَ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، إِنَّ عِنْدَهَا يُؤْتَى بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْمَغْرِبِ يَلُونَ أُمَّتِي، فَالْوَيْلُ لِضُعَفَاءِ أُمَّتِي مِنْهُمْ، وَ الْوَيْلُ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ، لَا يَرْحَمُونَ صَغِيراً، وَ لَا يُوَقِّرُونَ كَبِيراً، وَ لَا يَتَجَاوَزُونَ عَنْ مُسِي‏ءٍ، جُثَّتُهُمْ جُثَّةُ الْآدَمِيِّينَ، وَ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا يَكْتَفِي الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَ يُغَارُ عَلَى الْغِلْمَانِ كَمَا يُغَارُ عَلَى الْجَارِيَةِ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا، وَ تُشَبَّهُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ وَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ، وَ يَرْكَبْنَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ، فَعَلَيْهِنَّ مِنْ أُمَّتِي لَعْنَةُ اللَّهِ».
قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا تُزَخْرَفُ الْمَسَاجِدُ كَمَا تُزَخْرَفُ الْبِيَعُ وَ الْكَنَائِسُ، وَ تُحَلَّى الْمَصَاحِفُ، وَ تُطَوَّلُ الْمَنَارَاتُ، وَ تَكْثُرُ الصُّفُوفُ بِقُلُوبٍ مُتَبَاغِضَةٍ وَ أَلْسُنٍ مُخْتَلِفَةٍ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا تُحَلَّى ذُكُورُ أُمَّتِي بِالذَّهَبِ وَ يَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ وَ الدِّيبَاجَ، وَ يَتَّخِذُونَ جُلُودَ النُّمُورِ صِفَاقاً «3»».
قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا يَظْهَرُ الرِّبَا. وَ يَتَعَامَلُونَ بِالْعِينَةِ «4» وَ الرِّشَا، وَ يُوضَعُ الدِّينُ، وَ تُرْفَعُ الدُّنْيَا» قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
__________________________________________________
 (1) في «ط» نسخة بدل و المصدر: طرفا.
 (2) زاد في «ط، ي»: لا.
 (3) في المصدر: صفافا.
 (4) عيّن: أخذ بالعينة بالكسر: أي السلف أو أعطى بها، و عيّن التاجر: باع سلعته بثمن إلى أجل ثمّ اشتراها منه بأقلّ من ذلك الثمن. «القاموس المحيط 4: 254».

62
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 18 ص 61

يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا يَكْثُرُ الطَّلَاقُ، فَلَا يُقَامُ لِلَّهِ حَدٌّ، وَ لَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا تَظْهَرُ الْقَيْنَاتُ وَ الْمَعَازِفُ، وَ يَلِيهِمْ شِرَارُ أُمَّتِي». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا تَحُجُّ أَغْنِيَاءُ أُمَّتِي لِلنُّزْهَةِ، وَ تَحُجُّ أَوْسَاطُهَا لِلتِّجَارَةِ، وَ تَحُجُّ فُقَرَاؤُهَا لِلرِّيَاءِ وَ السُّمْعَةِ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ أَقْوَامٌ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَيَتَّخِذُونَهُ مَزَامِيرَ، وَ يَكُونُ أَقْوَامٌ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَ تَكْثُرُ أَوْلَادُ الزِّنَا وَ يَتَغَنَّوْنَ بِالْقُرْآنِ، وَ يَتَهَافَتُونَ بِالدُّنْيَا». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، ذَاكَ إِذَا انْتُهِكَتِ الْمَحَارِمُ، وَ اكْتُسِبَتِ الْمَآثِمُ، وَ تَسَلَّطَ الْأَشْرَارُ عَلَى الْأَخْيَارِ، وَ يَفْشُو الْكَذِبُ، وَ تَظْهَرُ اللَّجَاجَةُ، وَ تَفْشُو الْفَاقَةُ «1»، وَ يَتَبَاهَوْنَ فِي اللِّبَاسِ، وَ يُمْطَرُونَ فِي غَيْرِ أَوَانِ الْمَطَرِ، وَ يَسْتَحْسِنُونَ الْكُوبَةَ «2»، وَ الْمَعَازِفَ، وَ يُنْكِرُونَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، حَتَّى يَكُونَ الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَذَلَّ مِنَ الْأَمَةِ، وَ يُظْهِرُ قُرَّاؤُهُمْ وَ عُبَّادُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمُ التَّلَاوُمَ، فَأُولَئِكَ يُدْعَوْنَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ الْأَرْجَاسَ وَ الْأَنْجَاسَ». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، فَعِنْدَهَا لَا يَخْشَى الْغَنِيُّ الّا الْفَقِيرَ، حَتَّى إِنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ فِيمَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ لَا يُصِيبُ أَحَداً يَضَعُ فِي كَفِّهِ شَيْئاً». قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
يَا سَلْمَانُ، وَ عِنْدَهَا يَتَكَلَّمُ الرُّوَيْبِضَةُ «3»». قَالَ سَلْمَانُ: وَ مَا الرُّوَيْبِضَةُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فِدَاكَ أَبِي وَ امي، قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ، فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى تَخُورَ الْأَرْضُ خَوْرَةً، فَلَا يَظُنُّ كُلُّ قَوْمٍ إِلَّا أَنَّهَا خَارَتْ فِي نَاحِيَتِهِمْ، فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَمْكُثُون فِي مَكْثِهِمْ فَتُلْقِي لَهُمُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا».
قَالَ: «ذَهَبٌ وَ فِضَّةٌ». ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَسَاطِينِ، فَقَالَ: «مِثْلَ هَذَا، فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ ذَهَبٌ وَ لَا فِضَّةٌ». فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها.
قوله تعالى:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [19]
9839/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 375/ 2.
 (1) في «ط، ج، ي» و يغشى العاقل.
 (2) أي الطّبل الصّغير المخصّر. «القاموس المحيط 1: 131».
 (3) الرّويبضة، تصغير الرّابضة: و هو العاجز الّذي ربض عن معالي الأمور، و قعد عن طلبها. «النهاية 2: 285».

63
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 19 ص 63

الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ، رَفَعَهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، غُرِسَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، نَبْتُهَا فِي مِسْكٍ أَبْيَضَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ، وَ أَطْيَبُ رِيحاً مِنَ الْمِسْكِ، فِيهَا أَمْثَالُ ثُدَيِّ الْأَبْكَارِ، تَفْلِقُ «1» عَنْ سَبْعِينَ حُلَّةً».
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «خَيْرُ الْعِبَادَةِ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَ قَالَ: «خَيْرُ الْعِبَادَةِ الِاسْتِغْفَارُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ».
9840/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الِاسْتِغْفَارُ وَ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَيْرُ الْعِبَادَةِ، قَالَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ‏
9841/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِّ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعِينَ مَرَّةً قَالَ قُلْتُ: كَانَ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ يَقُولُ:
وَ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ سَبْعِينَ مَرَّةً».
9842/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ لَا يَقُومُ عَنْ مَجْلِسٍ، وَ إِنْ خَفَّ، حَتَّى يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَمْساً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً».
9843/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ».
9844/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَ يَسْتَغْفِرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ».
9845/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ:
__________________________________________________
 (2)- الكافي 2: 366/ 6.
 (3)- الكافي 2: 366/ 5.
 (4)- الكافي 2: 366/ 4.
 (5)- الكافي 2: 325/ 1.
 (6)- الكافي 2: 326/ 2.
 (7)- الكافي 2: 365/ 1.
 (1) في المصدر: تعلو.

64
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 19 ص 63

«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): خَيْرُ الدُّعَاءِ الِاسْتِغْفَارُ».
9846/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا أَكْثَرَ الْعَبْدُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ رُفِعَتْ صَحِيفَتُهُ [وَ هِيَ‏] تَتَلَأْلَأُ».
9847/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، مِائَةَ مَرَّةٍ فِي [كُلِ‏] يَوْمٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ سَبْعَمِائَةِ ذَنْبٍ، وَ لَا خَيْرَ فِي عَبْدٍ يُذْنِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعَمِائَةِ ذَنْبٍ».
9848/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ بَيَّاعِ الْأَكْسِيَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُذَكَّرُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُ، وَ إِنَّمَا يُذَكِّرُهُ لِيَغْفِرَ لَهُ، وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَيُذْنِبُ فَيَنْسَاهُ مِنْ سَاعَتِهِ».
9849/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً اجِّلَ فِيهِ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنْ قَالَ:
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَّا إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ‏] ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ».
9850/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُقَارِفُ فِي يَوْمِهِ وَ لَيْلَتِهِ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً، فَيَقُولَ وَ هُوَ نَادِمٌ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ، وَ أَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ، إِلَّا غَفَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ لَا خَيْرَ فِيمَنْ يُقَارِفُ فِي يَوْمِهِ «1» أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً
9851/ «13»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، يَقُولُ: إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ ذَنْباً أُجِّلَ مِنْ غَدِهِ «2» إِلَى اللَّيْلِ، فَإِنِ اسْتَغْفَرَ [اللَّهَ‏] عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ‏
9852/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَاسِرٍ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَثَلُ الِاسْتِغْفَارِ مَثَلُ وَرَقٍ عَلَى شَجَرَةٍ تُحَرَّكُ فَيَتَنَاثَرُ، وَ الْمُسْتَغْفِرُ مِنْ ذَنْبٍ وَ يَفْعَلُهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ».
__________________________________________________
 (8)- الكافي 2: 366/ 2.
 (9)- الكافي 2: 318/ 10.
 (10)- الكافي 2: 318/ 6.
 (11)- الكافي 2: 318/ 5.
 (12)- الكافي 2: 318/ 7.
 (13)- الكافي 2: 317/ 1.
 (14)- الكافي 2: 366/ 3.
 (1) في المصدر زيادة: أكثر من.
 (2) في المصدر: غدوة.

65
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 19 ص 63

و الروايات في ذلك كثيرة، تركنا إيراد كثير منها مخافة الإطالة.
قوله تعالى:
وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ- إلى قوله تعالى- لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [20- 21] 9853/ «1»- قال عليّ بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ الآية، فهم المنافقون، ثمّ قال: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ يعني الحرب فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ.
قوله تعالى:
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ [22- 23]
9854/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانِ ابْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: إِنَّ عُمَرَ لَقِيَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ «1» وَ تُعَرِّضُ بِي وَ بِصَاحِبَيَّ؟ فَقَالَ:
أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِآيَةٍ، نَزَلَتْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، فَقَالَ:
كَذَبْتَ، بَنُو أُمَيَّةَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ مِنْكُمْ، وَ لَكِنَّكَ أَبَيْتَ إِلَّا عَدَاوَةً لِبَنِي تَيْمٍ وَ بَنِي عَدِيٍّ وَ بَنِي أُمَيَّةَ».
وَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ عُمَرَ لَقِيَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْحَدِيثَ
«2».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 307.
 (2)- الكافي 8: 103/ 76.
 (1) القلم 68: 6.
 (2) تفسير القمّيّ 2: 308.

66
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 22 الى 23 ص 66

9855/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَوْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ فِيهِ- قَالَ: وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْقَاطِعِ لِرَحِمِهِ، فَإِنِّي وَجَدْتُهُ مَلْعُوناً فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ، وَ قَالَ: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ «1»، وَ قَالَ فِي الْبَقَرَةِ: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «2»».
9856/ «3»- محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه)، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الكاتب، عن حسين بن خزيمة الرازيّ، عن عبد اللّه بن بشير، عن أبي هوذة، عن إسماعيل بن عيّاش، عن جويبر، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، قال: نزلت في بني هاشم و بني أميّة.
9857/ «4»- و من طريق المخالفين: و (تفسير الثعلبي) في تفسير قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ: أن الآية نزلت في بني أميّة و بني المغيرة: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ، و سيأتي من ذلك في آخر السورة «3».
قوله تعالى:
أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها [24]
9858/ «1»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ «4»، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا سُلَيْمَانُ، إِنَّ لَكَ قَلْباً وَ مَسَامِعَ، وَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَهْدِيَ عَبْداً فَتَحَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ، وَ إِذَا أَرَادَ بِهِ‏
__________________________________________________
 (2)- الكافي 2: 279/ 7.
 (3)- تأويل الآيات 2: 585/ 12.
 (4)- ... العمدة: 454/ 946.
 (1)- المحاسن: 200/ 35.
 (1) الرعد 13: 25.
 (2) البقرة 2: 27.
 (3) يأتي في الحديثين (4 و 6) من تفسير الآيات (35- 38) من هذه السورة.
 (4) عن (أبيه) ليس في المصدر.

67
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 24 ص 67

غَيْرَ ذَلِكَ خَتَمَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ، فَلَا يَصْلُحُ أَبَداً، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها».
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى- إلى قوله تعالى- فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ [25- 28]
9859/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ، وَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى: «فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِيمَانِ فِي تَرْكِ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ؟
قَالَ: «نَزَلَتْ فِيهِمَا وَ فِي أَتْبَاعِهِمَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ، قَالَ: «دَعَوْا بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى مِيثَاقِهِمْ أَلَّا يُصَيِّرُوا الْأَمْرَ فِينَا بَعْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَا يُعْطُونَا مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً، وَ قَالُوا: إِنْ أَعْطَيْنَاهُمْ إِيَّاهُ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى شَيْ‏ءٍ، وَ لَمْ يُبَالُوا أَنْ لَا «1» يَكُونَ الْأَمْرُ فِيهِمْ، فَقَالُوا: سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ الَّذِي دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ، وَ هُوَ الْخُمُسُ، أَنْ لَا نُعْطِيَهُمْ مِنْهُ شَيْئاً، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، وَ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ مَا افْتَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كَانَ مَعَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَ كَانَ كَاتِبَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ* أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ «2» الْآيَةَ».
9860/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عُبَيْدِ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْفَارِسِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ: «عَنِ الْإِيمَانِ بِتَرْكِهِمْ وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى‏ لَهُمْ، يَعْنِي الثَّانِيَ «3».
قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، وَ هُوَ مَا افْتَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ- قَالَ: دَعَوْا بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى مِيثَاقِهِمْ أَنْ لَا يَصِيرُوا الْأَمْرَ لَنَا بَعْدَ
__________________________________________________
 (1)- الكافي 348/ 43.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 308.
 (1) في «ط، ي»: إلّا أن.
 (2) الزخرف 43: 79، 80.
 (3) في المصدر: (الشيطان) يعني فلانا (سول لهم) يعني بني فلان و بني فلان و بني أميّة.

68
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 25 الى 28 ص 68

النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَا يُعْطُونَّا مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً، وَ قَالُوا: إِنْ أَعْطَيْنَاهُمُ الْخُمُسَ اسْتَغْنَوْا بِهِ، فَقَالُوا: سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ، أَيْ لَا تُعْطُوهُمْ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ* أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى‏ وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ «1»».
9861/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الزُّرَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، قَالَ: «الْهُدَى هُوَ سَبِيلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
9862/ «4»- علي بن إبراهيم أيضا: في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، نزلت في الذين نقضوا عهد اللّه في أمير المؤمنين (عليه السلام) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ أي هون [لهم‏] و هو فلان وَ أُمْلِي لَهُمْ، أي بسط لهم أن لا يكون ممّا يقول محمد (صلّى اللّه عليه و آله) شي‏ء ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، يعني في أمير المؤمنين (عليه السلام): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ، يعني في الخمس أن لا يردوه في بني هاشم وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ.
قال اللّه تعالى: فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ بنكثهم و بغيهم و إمساكهم الأمر من بعد أن أبرم عليهم إبراما، يقول: إذا ماتوا ساقتهم الملائكة إلى النار، فيضربونهم من خلفهم و من قدامهم ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ يعني موالاة فلان و فلان ظالمي أمير المؤمنين (عليه السلام): فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ يعني الذين عملوها من الخيرات.
9863/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ: الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ، كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
9864/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ «2»، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ، قَالَ: «كَرِهُوا عَلِيّاً، وَ كَانَ عَلِيٌّ رِضَا اللَّهِ وَ رِضَا رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَمَرَ اللَّهُ بِوَلَايَتِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ وَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، نَزَلَتْ فِيهِ اثْنَتَانِ وَ عِشْرُونَ آيَةً فِي الْحِجَّةِ الَّتِي صُدَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْجُحْفَةِ وَ بِخُمٍّ».
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 587/ 14.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 308.
 (5)- مجمع البيان 10: 160.
 (6)- تأويل الآيات 2: 589/ 17.
 (1) الزخرف 63: 79، 80.
 (2) في المصدر: بشار.

69
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 25 الى 28 ص 68

9865/ «7»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ، قَالَ: «كَرِهُوا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كَانَ أَمْرُ اللَّهُ بِوَلَايَتِهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَ حُنَيْنٍ وَ يَوْمَ بَطْنِ نَخْلَةَ وَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَ يَوْمَ عَرَفَةَ، نَزَلَتْ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ آيَةً فِي الْحِجَّةِ الَّتِي صُدَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْجُحْفَةِ وَ بِخُمٍّ».
وَ رَوَاهُ عَنِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ابْنُ الْفَارِسِيُّ فِي (رَوْضَةِ الْوَاعِظِينَ) «1».
قوله تعالى:
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ* وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [29- 30]
9866/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: «لَمَّا نَصَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ قَالَ قَوْمٌ: مَا بَالُهُ يَرْفَعُ بِضَبْعِ «2» ابْنِ عَمِّهِ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ».
9867/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْحَمَّامِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، قَالَ: بُغْضُهُمْ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
9868/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ رِئَابٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ أَخَذَ مِيثَاقَ شِيعَتِنَا بِالْوَلَايَةِ، فَنَحْنُ نَعْرِفُهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ».
__________________________________________________
 (7)- المناقب 3: 100.
 (1)- تأويل الآيات 2: 590/ 18.
 (2)- تأويل الآيات 2: 590/ 19.
 (3)- تأويل الآيات 2: 590/ 20.
 (1) روضة الواعظين: 106.
 (2) الضبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. «لسان العرب 8: 216».

70
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 29 الى 30 ص 70

9869/ «4»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَانَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ: «أَجَلْ، كَانَ يَعْرِفُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، وَ أَنْتَ تَعْرِفُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، فَهَلْ تَدْرِي مَا لَحْنُ الْقَوْلِ؟» قُلْتُ: لَا وَ اللَّهِ. قَالَ: «بُغْضُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ».
9870/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ لِي: «يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، إِيَّاكَ وَ أَصْحَابَ الْخُصُومَاتِ وَ الْكَذَّابِينَ عَلَيْنَا، فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا مَا أُمِرُوا بِعِلْمِهِ، وَ تَكَلَّفُوا عِلْمَ «1» السَّمَاءِ. يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، خَالِقُوا النَّاسَ بِأَخْلَاقِهِمْ، وَ زَايِلُوهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ، إِنَّا لَا نَعُدُّ الرَّجُلَ فِينَا عَاقِلًا حَتَّى يَعْرِفَ لَحْنَ الْقَوْلِ»، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ.
9871/ «6»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ الرَّازِيُّ فِي مَنْزِلِهِ بِالرَّيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قُلْتُ أَرْبَعاً أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقِي بِهَا فِي كِتَابِهِ، قُلْتُ: الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ ظَهَرَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَ قُلْتُ: فَمَنْ جَهِلَ شَيْئاً عَادَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ «2»، وَ قُلْتُ:- قَدْرُ أَوْ قَالَ قِيمَةُ- كُلِّ امْرِءٍ مَا يُحْسِنُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي قِصَّةِ طَالُوتَ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ «3»، وَ قُلْتُ: الْقَتْلُ يُقِلُّ الْقَتْلَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ «4»».
9872/ «7»- و من طريق المخالفين: ابن المغازلي الشافعي في (المناقب)، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، في قوله تعالى: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، قال: ببغضهم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
__________________________________________________
 (4)- المحاسن: 168/ 132.
 (5)- التوحيد: 458/ 24.
 (6)- أمالي الطوسيّ 2: 108.
 (7)- مناقب ابن المغازلي: 315/ 359.
 (1) في «ط، ي»: على.
 (2) يونس 10: 39.
 (3) البقرة 2: 247.
 (4) البقرة 2: 179.

71
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 31 ص 72

قوله تعالى:
وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [31]
9873/ «1»- الطَّبْرِسِيُّ: قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ، وَ مَا بَعْدَهُ بِالْيَاءِ.
9874/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَادِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ الْأَهْوَازِ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ... وَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ «1»، وَ غَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ: «إِنَّ جَمِيعَهَا جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى الِاخْتِبَارِ».
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى‏ [32] 9875/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، قال: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ، أي قطعوه في أهل بيته بعد أخذ الميثاق عليهم له.
9876/ «4»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى‏، قَالَ: «فِي أَمْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ [33]
__________________________________________________
 (1)- مجمع البيان 9: 161.
 (2)- الإحتجاج: 453.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 309.
 (4)- المناقب 3: 83.
 (1) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 4.

72
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد آية 33 ص 72

9877/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَامِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، غَرَسَ اللَّهُ لَهُ بِهَا شَجَرَةً فِي الْجَنَّةِ، وَ مَنْ قَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، غَرَسَ اللَّهُ لَهُ بِهَا شَجَرَةً فِي الْجَنَّةِ. وَ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ غَرَسَ اللَّهُ لَهُ بِهَا شَجَرَةً فِي الْجَنَّةِ، وَ مَنْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ؛ غَرَسَ لَهُ بِهَا شَجَرَةً فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ شَجَرَنَا فِي الْجَنَّةِ، كَثِيرٌ! قَالَ: نَعَمْ، وَ لَكِنْ إِيَّاكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا عَلَيْهَا نِيرَاناً فَتُحْرِقُوهَا، وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ».
قوله تعالى:
فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ [35- 38] 9878/ «2»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ، أي لم ينقصكم إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَ لا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ* إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا، أي يجدكم تبخلوا: وَ يُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ، قال:
العداوة التي في صدوركم، ثمّ قال: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ، معناه أنتم يا هؤلاء: تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَ مَنْ يَبْخَلْ إلى قوله تعالى: وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا، يعني عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام): يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ، قال: يدخلهم في هذا الأمر: ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ، في معاداتهم و خلافهم و ظلمهم لآل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) «1».
9879/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا بْنَ قَيْسٍ وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ عَنَى أَبْنَاءَ الْمَوَالِي الْمُعْتَقِينَ».
__________________________________________________
 (1)- أمالي الصدوق: 486/ 14.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 309.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 309.
 (1) في المصدر: في معاداتكم و خلافكم و ظلمكم لآل محمّد (صلّى اللّه عليه و آله)

73
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 35 الى 38 ص 73

9880/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى أَبُو بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «1»، قَالَ: «إِنْ تَتَوَلَّوْا، يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ يَعْنِي الْمَوَالِيَ».
و
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَدْ وَ اللَّهِ أَبْدَلَ [بِهِمْ‏] خَيْراً مِنْهُمْ، الْمَوَالِيَ».
9881/ «4»- رَوَى الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي (تَفْسِيرِهِ) فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ السُّورَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ «2»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ «3».
قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَنْ وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي؟ قَالُوا: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ «4»، يَعْنِي عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، هُوَ وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي، هَذِهِ الْأُولَى، وَ أَمَّا الثَّانِيَةُ: لَمَّا أَشْهَدَهُمْ غَدِيرَ خُمٍّ، وَ قَدْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَئِنْ قُبِضَ مُحَمَّدٌ لَا نُرْجِعُ هَذَا الْأَمْرَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَا نُعْطِيهِمْ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً. فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمُ: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى‏ وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ «5»، وَ قَالَ: أَيْضاً فِيهِمْ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ* أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها* إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، وَ الْهُدَى سَبِيلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى‏ لَهُمْ» «6».
قَالَ: وَ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هَذِهِ الْآيَةَ هَكَذَا: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ. وَ سُلِّطْتُمْ وَ مَلَكْتُمْ: أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، نَزَلَتْ فِي بَنِي عَمِّنَا بَنِي عَبَّاسٍ وَ بَنِي «7» أُمَيَّةَ، وَ فِيهِمْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ* أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، فَيَقْضُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها «8»».
__________________________________________________
 (3)- مجمع البيان 9: 164.
 (4)- تأويل الآيات 2: 2: 588/ 16.
 (1) في المصدر: أبي عبد اللّه (عليه السّلام)
 (2) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 9.
 (3) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 26.
 (4) التحريم 66: 4.
 (5) الزخرف 43: 80.
 (6) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 22- 25.
 (7) (عباس و بني) ليس في «ج» و المصدر.
 (8) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 23، 24.

74
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 35 الى 38 ص 73

9882/ «5»- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ كَانَ يَدْعُو أَصْحَابَهُ: مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً سَمِعَ وَ عَرَفَ مَا يَدْعُوهُ إِلَيْهِ، وَ مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءاً طَبَعَ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَسْمَعُ وَ لَا يَعْقِلُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «1»».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا يَخْرُجُ مِنْ شِيعَتِنَا أَحَدٌ إِلَّا أَبْدَلَنَا اللَّهُ بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ».
9883/ «6»- ثُمَّ قَالَ شَرَفُ الدِّينِ: وَ مِنْهَا مَا رَوَاهُ مَرْفُوعاً، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ، قَالَ: قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ، وَ سُلِّطْتُمْ وَ مَلَكْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ «2». ثُمَّ قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بَنِي عَمِّنَا بَنِي عَبَّاسٍ وَ بَنِي أُمَيَّةَ» ثُمَّ قَرَأَ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ [عَنِ الدِّينِ‏] وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ «3»، عَنِ الْوَحْيِ «4»، ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ بَعْدَ وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى‏ لَهُمْ «5»». ثُمَّ قَرَأَ:
 «وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا، بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، زادَهُمْ هُدىً حَيْثُ عَرَّفَهُمُ الْأَئِمَّةَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنْ بَعْدِهِ وَ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ [أَيْ ثَوَابَ تَقْوَاهُمْ‏] أَمَاناً مِنَ النَّارِ».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَ هُمْ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وَ أَصْحَابُهُ وَ الْمُؤْمِناتِ «6»، وَ هُنَّ خَدِيجَةُ وَ صُوَيْحِبَاتُهَا».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ، فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ «7»، ثُمَّ قَالَ: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا، بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَتَمَتَّعُونَ بِدُنْيَاهُمْ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَ النَّارُ مَثْوىً لَهُمْ «8»».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ، وَ هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ وَ أَشْيَاعُهُمْ»، ثُمَّ قَالَ: « [قَالَ‏] أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيها أَنْهارٌ، فَالْأَنْهَارُ رِجَالٌ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ فَهُوَ
__________________________________________________
 (5)- تأويل الآيات 2: 2: 585/ 11.
 (6)- تأويل الآيات 2: 585/ 13.
 (1) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 16.
 (2) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 22.
 (3) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 23.
 (4) في المصدر: الوصي.
 (5) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 25.
 (6) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 19.
 (7) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 2.
 (8) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 12.

75
البرهان في تفسير القرآن5

سورة محمد الآيات 35 الى 38 ص 73

عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْبَاطِنِ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ فَإِنَّهُ الْإِمَامُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ «1»، فَإِنَّهُ عِلْمُهُمْ يَتَلَذَّذُ مِنْهُ شِيعَتُهُمْ، وَ إِنَّمَا كَنَّى عَنِ الرِّجَالِ بِالْأَنْهَارِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، أَيْ أَصْحَابِ الْأَنْهَارِ وَ مِثْلُهُ وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ «2»، فَالْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) هُمْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَ مُلَّاكُهَا».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ، وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَيْ مَنْ وَالَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَهُ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ». ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ، أَيْ إِنَّ الْمُتَّقِينَ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ دَاخِلٌ فِي وَلَايَةِ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ وَلَايَةُ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ هِيَ النَّارُ، مَنْ دَخَلَهَا فَقَدْ دَخَلَ النَّارَ، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ: وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ «3»».
9884/ «7»- قَالَ جَابِرٌ: ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
هَكَذَا: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ، فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ «4»».
9885/ «8»- وَ قَالَ جَابِرٌ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): الَّذِينَ كَفَرُوا، حَتَّى بَلَغَ أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ «5»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ يَسِيرُ بِكَ [فَيَبْلُغُ بِكَ‏] مِنَ الْمَطْلَعِ إِلَى الْمَغْرِبِ [فِي‏] يَوْمٍ وَاحِدٍ؟». قَالَ: فَقُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ- جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ- وَ مَنْ لِي بِهَذَا؟ فَقَالَ: «ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَتَبْلُغَنَّ الْأَسْبَابَ، وَ اللَّهِ لَتَرْكَبَنَّ السَّحَابَ، وَ اللَّهِ لَتُؤْتَنَّ [لَتُؤْتَيَنَ‏] عَصَا مُوسَى، وَ اللَّهِ لَتُعْطَنَّ [لَتُؤْطَيَنَ‏] خَاتَمَ سُلَيْمَانَ». ثُمَّ قَالَ: «هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 584/ 8.
 (8)- تأويل الآيات 2: 584/ 9.
 (1) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 15.
 (2) يوسف 12: 82.
 (3) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47/ 15.
 (4) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 9.
 (5) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 8- 10.

76
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح ص 77

سورة الفتح‏
فضلها
9886/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ وَ نِسَاءَكُمْ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنَ التَّلَفِ بِقِرَاءَةِ: إِنَّا فَتَحْنا، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ يُدْمِنُ قِرَاءَتَهَا؛ نَادَى مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْمِعَ الْخَلَائِقَ: أَنْتَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ «1» الْمُخْلَصِينَ، أَلْحِقُوهُ بِالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِي، وَ أَسْكِنُوهُ «2» جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَ اسْقُوهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ بِمِزَاجِ الْكَافُورِ».
9887/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ كَمَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَ أَوْفَى بِبَيْعَتِهِ، وَ كَمَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ جَعَلَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ أَمِنَ مِنَ اللُّصُوصِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا فِي صَحِيفَةٍ وَ غَسَلَهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ وَ شَرِبَهَا، كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مَسْمُوعَ الْقَوْلِ، وَ لَا يَسْمَعُ شَيْئاً يَمُرُّ عَلَيْهِ إِلَّا وَعَاهُ وَ حَفِظَهُ».
9888/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ جَعَلَهَا فِي فِرَاشِهِ أَمِنَ مِنَ اللُّصُوصِ؛ وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ شَرِبَهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ، كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مَسْمُوعَ الْقَوْلِ، وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ سَمِعَهُ حَفِظَهُ».
9889/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ جَعَلَهَا فِي وَقْتِ مُحَارَبَةٍ أَوْ خُصُومَةٍ؛ أَمِنَ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ،
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 115.
 (2)- ....
 (3)- ....
 (4)- خواص القرآن: 7 «مخطوط»
 (1) في المصدر: من عبادي.
 (2) في المصدر: و أدخلوه.

77
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 77

وَ فُتِحَ عَلَيْهِ بَابُ الْخَيْرِ، وَ مَنْ شَرِبَ مَاءَهَا لِلرَّجْفِ وَ الرُّعْبِ، يُسْكِنُ الرَّجْفَ وَ يُطْلِقُهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي رُكُوبِ الْبَحْرِ، أَمِنَ مِنَ الْغَرَقِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».

78
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ [1- 2]
9890/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ وَ هَذَا الْفَتْحِ الْعَظِيمِ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي النَّوْمِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ يَطُوفَ، وَ يَحْلِقَ مَعَ الْمُحَلِّقِينَ، فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ وَ أَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ فَخَرَجُوا، فَلَمَّا نَزَلَ ذَا الْحُلَيْفَةِ أَحْرَمُوا بِالْعُمْرَةِ وَ سَاقَ الْبُدْنَ، وَ سَاقَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سِتّاً وَ سِتِّينَ بَدَنَةً، وَ أَشْعَرَهَا عِنْدَ إِحْرَامِهِ، وَ أَحْرَمُوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ مُلَبِّينَ بِالْعُمْرَةِ، وَ قَدْ سَاقَ مَنْ سَاقَ مِنْهُمْ الْهَدْيَ مُشْعَرَاتٍ مُجَلَّلَاتٍ.
فَلَمَّا بَلَغَ قُرَيْشاً ذَلِكَ، بَعَثُوا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ كَمِيناً، لِيَسْتَقْبِلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَكَانَ يُعَارِضُهُ عَلَى الْجِبَالِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ حَضَرَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ وَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [بِالنَّاسِ‏]، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ وَ هُمْ فِي الصَّلَاةِ لَأَصَبْنَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يَقْطَعُونَ صَلَاتَهُمْ، وَ لَكِنْ تَجِي‏ءُ لَهُمُ الْآنَ صَلَاةٌ أُخْرَى، أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ ضِيَاءِ أَبْصَارِهِمْ، فَإِذَا دَخَلُوا فِي الصَّلَاةِ أَغَرْنَا عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِصَلَاةِ الْخَوْفِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ «1» الْآيَةَ، وَ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَ قَدْ كَتَبْنَا خَبَرَ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِيهَا.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْحُدَيْبِيَةَ وَ هِيَ عَلَى طَرَفِ الْحَرَمِ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَسْتَنْفِرُ الْأَعْرَابَ فِي طَرِيقِهِ مَعَهُ، فَلَمْ يَتَّبِعْهُ أَحَدٌ، يَقُولُونَ: أَ يَطْمَعُ مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ أَنْ يَدْخُلُوا
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 309.
 (1) النساء 4: 102.

79
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79

الْحَرَمَ وَ قَدْ غَزَتْهُمْ قُرَيْشٌ فِي عُقْرِ دِيَارِهِمْ فَقَتَلُوهُمْ، أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَبَداً.
فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْحُدَيْبِيَةَ خَرَجَتْ قُرَيْشٌ يَحْلِفُونَ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَا يَدَعُونَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدْخُلُ مَكَّةَ وَ فِيهِمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنِّي لَمْ آتِ لِحَرْبٍ، وَ لَكِنْ جِئْتُ لِأَقْضِيَ نُسُكِي، وَ أَنْحَرَ بُدْنِي وَ أُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ لَحْمَاتِهَا.
فَبَعَثُوا إِلَيْهِ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ وَ كَانَ عَاقِلًا أَرِيباً «1»، وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «2»، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَظَّمَ ذَلِكَ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، تَرَكْتُ الْقَوْمَ «3»، وَ قَدْ ضَرَبُوا الْأَبْنِيَةَ، وَ أَخْرَجُوا الْعُوذَ الْمَطَافِيلَ، يَحْلِفُونَ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَا يَدَعُوكَ تَدْخُلُ مَكَّةَ، فَإِنَّ مَكَّةَ حَرَمُهُمْ، وَ فِيهِمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، أَ فَتُرِيدُ أَنْ تُبِيدَ أَهْلَكَ، وَ قَوْمَكَ، يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا جِئْتُ لِحَرْبٍ، وَ إِنَّمَا جِئْتُ لِأَقْضِيَ نُسُكِي، وَ أَنْحَرَ بُدْنِي، وَ أُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ لَحْمَاتِهَا. فَقَالَ عُرْوَةُ: بِاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ أَحَداً صَدَّ كَمَا صَدَدْتُ. فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمُ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: وَ اللَّهِ لَئِنْ دَخَلَ مُحَمَّدٌ مَكَّةَ وَ تَسَامَعَتْ بِهِ الْعَرَبُ لَنَذِلَّنَّ وَ لَتَجْتَرِيَنَّ عَلَيْنَا الْعَرَبُ.
فَبَعَثُوا حَفْصَ بْنَ الْأَحْنَفِ وَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: وَيْحَ قُرَيْشٍ، قَدْ نَهَكَتْهُمُ الْحَرْبُ، أَلَّا خَلَّوْا بَيْنِي وَ بَيْنَ الْعَرَبِ، فَإِنْ أَكُ صَادِقاً فَإِنَّمَا أَجُرُّ الْمُلْكَ إِلَيْهِمْ مَعَ النُّبُوَّةِ، وَ إِنْ أَكُ كَاذِباً كَفَيْتُهُمْ ذُؤْبَانَ الْعَرَبِ، لَا يَسْأَلُنِي الْيَوْمَ امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ خُطَّةً لَيْسَ لِلَّهِ فِيهَا سَخَطٌ إِلَّا أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهِ.
قَالَ: فَوَافَوْا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَلَّا تَرْجِعُ عَنَّا عَامَكَ هَذَا، إِلَى أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَاذَا يَصِيرُ أَمْرُكَ وَ أَمْرُ الْعَرَبِ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ مِنْ عَامِكَ هَذَا؟ فَإِنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَسَامَعَتْ بِمَسِيرِكَ، فَإِنْ دَخَلْتَ بِلَادَنَا وَ حَرَمَنَا اسْتَذَلَّتْنَا الْعَرَبُ وَ اجْتَرَأَتْ عَلَيْنَا، وَ نُخْلِي لَكَ الْبَيْتَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فِي هَذَا الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى تَقْضِيَ نُسُكَكَ وَ تَنْصَرِفَ عَنَّا. فَأَجَابَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى ذَلِكَ، وَ قَالُوا لَهُ: وَ تَرُدُّ إِلَيْنَا كُلَّ مَنْ جَاءَكَ مِنْ رِجَالِنَا، وَ نَرُدُّ إِلَيْكَ كُلَّ مَنْ جَاءَنَا مِنْ رِجَالِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَنْ جَاءَكُمْ مِنْ رِجَالِنَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ، وَ لَكِنْ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ لَا يُؤْذَوْنَ فِي إِظْهَارِهِمُ الْإِسْلَامَ، وَ لَا يُكْرَهُونَ وَ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِمْ شَيْ‏ءٌ يَفْعَلُونَهُ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، فَقَبِلُوا ذَلِكَ، فَلَمَّا أَجَابَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى الصُّلْحِ أَنْكَرَ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ، وَ أَشَدُّ مَا كَانَ إِنْكَاراً عُمَرُ «4». فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ لَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَ عَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَنُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ [قَدْ] وَعَدَنِي وَ لَنْ يُخْلِفَنِي. فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مَعِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا لَخَالَفْتُهُ.
وَ رَجَعَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ حَفْصُ بْنُ الْأَحْنَفِ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَاهُمْ بِالصُّلْحِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ لَمْ تَقُلْ لَنَا أَنْ نَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ نَحْلِقَ مَعَ الْمُحَلِّقِينَ؟ فَقَالَ: أَ مِنْ عَامِنَا هَذَا وَعَدْتُكَ، وَ قُلْتُ لَكَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ [قَدْ]
__________________________________________________
 (1) في المصدر: لبيبا.
 (2) الزخرف 43: 31.
 (3) في المصدر: قومك.
 (4) في المصدر: فلان.

80
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79

وَعَدَنِي أَنْ أَفْتَحَ مَكَّةَ وَ أَطُوفَ وَ أَسْعَى وَ أَحْلِقَ مَعَ الْمُحَلِّقِينَ؟ فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: فَإِنْ لَمْ تَقْبَلُوا الصُّلْحَ فَحَارِبُوهُمْ، فَمَرُّوا نَحْوَ قُرَيْشٍ وَ هُمْ مُسْتَعِدُّونَ لِلْحَرْبِ، وَ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هَزِيمَةً قَبِيحَةً، وَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، خُذِ السَّيْفَ وَ اسْتَقْبِلْ قُرَيْشاً. فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَيْفَهُ وَ حَمَلَ عَلَى قُرَيْشٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) تَرَاجَعُوا، وَ قَالُوا: يَا عَلِيُّ، بَدَا لِمُحَمَّدٍ فِيمَا أَعْطَانَا؟ فَقَالَ: لَا، وَ تَرَاجَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُسْتَحْيِينَ، وَ أَقْبَلُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ:
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ «1»؟ أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ أُحُدٍ:
إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى‏ أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ «2»؟ أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ كَذَا [أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ كَذَا]؟ فَاعْتَذَرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَ قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ وَ رَسُولُهُ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ.
وَ رَجَعَ حَفْصُ بْنُ الْأَحْنَفِ وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالا: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ أَجَابَتْ قُرَيْشٌ إِلَى مَا اشْتَرَطْتَ [عَلَيْهِمْ‏] مِنْ إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ، وَ أَنْ لَا يُكْرَهَ أَحَدٌ عَلَى دِينِهِ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالْمَكْتَبِ «3»، وَ دَعَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ، فَكَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ سُهَيْلُ ابْنُ عَمْرٍو: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، اكْتُبْ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ آبَاؤُكَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اكْتُبْ:
بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَإِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، ثُمَّ كَتَبَ: هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ. فَقَالَ سُهَيْلُ ابْنُ عَمْرٍو: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا حَارَبْنَاكَ، اكْتُبْ: هَذَا مَا تَقَاضَا عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَ تَأْنَفُ مِنْ نَسَبِكَ، يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَ إِنْ لَمْ تُقِرُّوا. ثُمَّ قَالَ: امْحُ- يَا عَلِيُّ- وَ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا أَمْحُو اسْمَكَ مِنَ النُّبُوَّةِ أَبَداً، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِيَدِهِ، ثُمَّ كَتَبَ:
هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَ اصْطَلَحُوا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، عَلَى أَنْ يَكُفَّ بَعْضُنَا عَنْ بَعْضٍ، وَ عَلَى أَنَّهُ لَا إِسْلَالَ وَ لَا إِغْلَالَ، وَ أَنَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ عَيْبَةً مَكْفُوفَةً، وَ أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ مُحَمَّدٍ وَ عَقْدِهِ فَعَلَ، وَ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَ عَقْدِهَا فَعَلَ، وَ أَنَّهُ مَنْ أَتَى مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ، وَ أَنَّهُ مَنْ أَتَى قُرَيْشاً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَرُدُّوهُ إِلَيْهِ، وَ أَنْ يَكُونَ الْإِسْلَامُ ظَاهِراً بِمَكَّةَ، لَا يُكْرَهُ أَحَدٌ عَلَى دِينِهِ، وَ لَا يُؤْذَى وَ لَا يُعَيَّرُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً يَرْجِعُ عَنْهُمْ عَامَّةَ هَذَا وَ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْنَا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مَكَّةَ، فَيُقِيمُ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَ لَا يَدْخُلْ عَلَيْنَا بِسِلَاحٍ إِلَّا سِلَاحَ الْمُسَافِرِ، السُّيُوفَ فِي الْقِرَبِ، وَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَ شَهِدَ عَلَى الْكِتَابِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، إِنَّكَ أَبَيْتَ أَنْ تَمْحُوَ اسْمِي مِنَ النُّبُوَّةِ، فَوَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً،
__________________________________________________
 (1) الأنفال 8: 9.
 (2) آل عمران 3: 153.
 (3) المكتب: قطعة من الأثاث يجلس عليها للكتابة.

81
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79

لَتُجِيبَنَّ أَبْنَاءَهُمْ إِلَى مِثْلِهَا وَ أَنْتَ مَضِيضٌ مُضْطَهَدٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ، وَ رَضُوا بِالْحَكَمَيْنِ، كَتَبَ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا حَارَبْنَاكَ، وَ لَكِنِ اكْتُبْ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ. ثُمَّ كَتَبَ الْكِتَابَ».
قَالَ: «فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ قَامَتْ خُزَاعَةُ، فَقَالَتْ: نَحْنُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَقْدِهِ. وَ قَامَتْ بَنُو بَكْرٍ فَقَالَتْ: نَحْنُ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَ عَقْدِهَا. وَ كَتَبُوا نُسْخَتَيْنِ: نُسْخَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ نُسْخَةً عِنْدَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَ رَجَعَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ حَفْصُ بْنُ الْأَحْنَفِ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَاهُمْ.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِأَصْحَابِهِ: انْحَرُوا بُدْنَكُمْ، وَ احْلِقُوا رُؤُسَكُمْ. فَامْتَنَعُوا وَ قَالُوا: كَيْفَ نَنْحَرُ وَ نَحْلِقُ وَ لَمْ نَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَ لَمْ نَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ: فَاغْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ ذَلِكَ وَ شَكَا [ذَلِكَ‏] إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْحَرْ أَنْتَ وَ احْلِقْ، فَنَحَرَ [رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ حَلَقَ، وَ نَحَرَ] الْقَوْمُ عَلَى خُبْثِ يَقِينٍ وَ شَكٍّ وَ ارْتِيَابٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَعْظِيماً لِلْبُدْنِ: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ. وَ قَالَ قَوْمٌ لَمْ يَسُوقُوا الْبُدْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ الْمُقَصِّرِينَ؟ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَسُقْ [هَدْياً] لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَلْقُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثَانِياً: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، الَّذِينَ لَمْ يَسُوقُوا الْهَدْيَ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ الْمُقَصِّرِينَ؟ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ الْمُقَصِّرِينَ.
ثُمَّ رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَرَجَعَ إِلَى التَّنْعِيمِ، وَ نَزَلَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَجَاءَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الصُّلْحَ، وَ اعْتَذَرُوا وَ أَظْهَرُوا النَّدَامَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الرِّضْوَانِ.
9891/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ الْقُرَشِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ، وَ عِنْدَهُ الرِّضَا عَلِيُّ ابْنُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَ لَيْسَ مِنْ قَوْلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ؟ قَالَ: «بَلَى». وَ ذَكَرَ الْمَأْمُونُ الْآيَاتِ الَّتِي فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَ قَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ آيَةٍ فِي مَوْضِعِهَا، إِلَى أَنْ قَالَ الْمَأْمُونُ: فَأَخْبِرْنِي- يَا أَبَا الْحَسَنِ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، قَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ عِنْدَ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ أَعْظَمَ ذَنْباً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ صَنَماً، فَلَمَّا جَاءَهُمْ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالدَّعْوَةِ إِلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، كَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ عَظُمَ، وَ قَالُوا: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ* وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلى‏ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ يُرادُ* ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ «1»، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَكَّةَ، قَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ:
__________________________________________________
 (2)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 202/ 1.
 (1) سورة ص 38: 5- 7.

82
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79

إِنَّا فَتَحْنا لَكَ «1» فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، عِنْدَ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ بِدُعَائِكَ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَ مَا تَأَخَّرَ، لِأَنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ وَ خَرَجَ بَعْضُهُمْ عَنْ مَكَّةَ، وَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِنْكَارِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ إِذَا دَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ، فَصَارَ ذَنْبُهُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ مَغْفُوراً بِظُهُورِهِ عَلَيْهِمْ». فَقَالَ الْمَأْمُونُ لِلَّهِ دَرُّكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ.
9892/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، وَ غَيْرِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي غَزَاةِ الْحُدَيْبِيَةِ، خَرَجَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَلَمَّا انْتَهَى، إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ أَحْرَمُوا وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِيَرُدَّهُ، قَالَ: ابْغُونِي رَجُلًا يَأْخُذُنِي عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ. فَأُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، أَوْ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَسَأَلَهُ فَلَمْ يُوَافِقْهُ، فَقَالَ: ابْغُونِي رَجُلًا غَيْرَهُ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ آخَرَ، إِمَّا مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ مِنْ جُهَيْنَةَ، قَالَ: فَذَكَرَ لَهُ فَأَخَذَهُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْعَقَبَةِ، فَقَالَ: مَنْ يَصْعَدْهَا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا حَطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ لَهُمْ: ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ «2»، قَالَ: فَابْتَدَرَتْهَا خَيْلُ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ، قَالَ: وَ كَانُوا أَلْفاً وَ ثَمَانَمِائَةٍ، قَالَ: فَلَمَّا هَبَطُوا إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ إِذَا امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنُهَا عَلَى الْقَلِيبِ، فَسَعَى ابْنُهَا هَارِباً، فَلَمَّا اثَّبَّتَتْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) صَرَخَتْ بِهِ:
هَؤُلَاءِ الصَّابِئُونَ «3»، لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهُمْ بَأْسٌ. فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَمَرَهَا فَاسْتَقَتْ دَلْواً مِنْ مَاءٍ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَشَرِبَ وَ غَسَلَ وَجْهَهُ، فَأَخَذَتْ فَضْلَتَهُ فَأَعَادَتْهُ فِي الْبِئْرِ فَلَمْ تَبْرَحْ حَتَّى السَّاعَةِ.
وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ، أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ فِي الْخَيْلِ، فَكَانَ بِإِزَائِهِ، ثُمَّ أَرْسَلُوا الْحُلَيْسَ، فَرَأَى الْبُدْنَ وَ هِيَ تَأْكُلُ بَعْضُهَا أَوْبَارَ بَعْضٍ، فَرَجَعَ وَ لَمْ يَأْتِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَمَا وَ اللَّهِ مَا عَلَى هَذَا حَالَفْنَاكُمْ عَلَى أَنْ تَرُدُّوا الْهَدْيَ عَنْ مَحِلِّهِ، فَقَالَ: اسْكُتْ فَإِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ. فَقَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ لَتُخَلِّيَنَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَ مَا أَرَادَ أَوْ لَأَنْفَرِدَنَّ فِي الْأَحَابِيشِ. فَقَالَ: اسْكُتْ حَتَّى نَأْخُذَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَلْثاً «4».
فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ، وَ قَدْ كَانَ جَاءَ إِلَى قُرَيْشٍ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ أَصَابَهُمْ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، خَرَجَ مَعَهُمْ مِنَ الطَّائِفِ، وَ كَانُوا تُجَّاراً فَقَتَلَهُمْ، وَ جَاءَ بِأَمْوَالِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَقْبَلَهَا، وَ قَالَ: هَذَا غَدْرٌ، وَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَدْ أَتَاكُمْ وَ هُوَ يُعَظِّمُ الْبُدْنَ، قَالَ: فَأَقَامُوهَا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَجِي‏ءَ مَنْ جِئْتَ؟ قَالَ: جِئْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَ أَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ، وَ أَنْحَرُ الْإِبِلَ، وَ أُخَلِّي عَنْكُمْ وَ عَنْ لَحْمَاتِهَا. قَالَ: لَا وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى، فَمَا رَأَيْتُ‏
__________________________________________________
 (3)- الكافي 8: 322/ 503.
 (1) في المصدر زيادة: مكّة.
 (2) الأعراف 7: 161.
 (3) صبأ فلان: إذا خرج من دين إلى دين غيره، و كانت العرب تسمّي النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، الصابئ، لأنّه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام، و يسمّون المسلمين الصباة. «النهاية 3: 3».
 (4) الولث: العهد بين القوم يقع من غير قصد. «لسان العرب 2: 203».

83
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79

مِثْلَكَ، رُدَّ عَمَّا جِئْتَ لَهُ، إِنَّ قَوْمَكَ يُذَكِّرُونَكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ بِلَادَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَ أَنْ تَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ، وَ أَنْ تُجَرِّئَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا أَنَا بِفَاعِلٍ حَتَّى أَدْخُلَهَا.
قَالَ: وَ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَنَاوَلَ لِحْيَتَهُ، وَ الْمُغِيرَةُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: هَذَا ابْنُ أَخِيكِ الْمُغِيرَةُ. فَقَالَ: يَا غُدَرُ «1» وَ اللَّهِ مَا جِئْتَ إِلَّا فِي غَسْلِ سَلْحَتِكَ «2».
قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ وَ أَصْحَابِهِ: لَا وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدٍ رُدَّ عَمَّا جَاءَ لَهُ. فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ ابْنَ عَمْرٍو وَ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأُثِيرَتْ فِي وُجُوهِهِمْ الْبُدْنُ، فَقَالا: مَجِي‏ءَ مَنْ جِئْتَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَ أَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ، وَ أَنْحَرَ الْبُدْنَ، وَ أُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ لَحْمَاتِهَا، فَقَالا:
إِنَّ قَوْمَكَ يُنَاشِدُونَكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ، أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ بِلَادَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَ تَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ، وَ تُجَرِّئَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ.
قَالَ: فَأَبَى عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَّا أَنْ يَدْخُلَهَا.
وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَشِيرَتِي قَلِيلَةٌ، وَ إِنِّي فِيهِمْ عَلَى مَا تَعْلَمُ، وَ لَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى قَوْمِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَشِّرْهُمْ بِمَا وَعَدَنِي رَبِّي مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ. فَلَمَّا انْطَلَقَ عُثْمَانُ لَقِيَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ، فَتَأَخَّرَ عَنِ السَّرْحِ، فَحَمَلَ عُثْمَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ دَخَلَ عُثْمَانُ فَأَعْلَمَهُمْ، وَ كَانَتِ الْمُنَاوَشَةُ، فَجَلَسَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ جَلَسَ عُثْمَانُ فِي عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ، وَ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمُسْلِمِينَ، وَ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى لِعُثْمَانَ، وَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: طُوبَى لِعُثْمَانَ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ أَحَلَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا كَانَ لِيَفْعَلَ. فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ طُفْتَ بِالْبَيْتِ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمْ يَطُفْ بِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ وَ مَا كَانَ فِيهَا. فَقَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ سُهَيْلٌ: مَا أَدْرِي مَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، إِلَّا أَنِّي أَظُنُّ هَذَا الَّذِي بِالْيَمَامَةِ، وَ لَكِنْ اكْتُبْ كَمَا نَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. قَالَ: وَ اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى رَسُولُ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو. فَقَالَ سُهَيْلٌ: فَعَلَى مَا نُقَاتِلُكَ يَا مُحَمَّدُ؟
فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّاسُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: اكْتُبْ. فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّاسُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَ كَانَ فِي الْقَضِيَّةِ أَنَّ [مَنْ‏] كَانَ مِنَّا أَتَى إِلَيْكُمْ رَدَدْتُمُوهُ إِلَيْنَا، وَ رَسُولُ اللَّهِ غَيْرُ مُسْتَكْبِرٍ عَنْ دِينِهِ، وَ مَنْ جَاءَ إِلَيْنَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ إِلَيْكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ، وَ عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ فِيكُمْ عَلَانِيَةً غَيْرَ سِرٍّ، وَ إِنْ كَانُوا لَيَتَهَادَوْنَ السُّيُورَ فِي الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَ مَا كَانَتْ قَضِيَّةٌ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا، لَقَدْ كَادَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى [أَهْلِ‏] مَكَّةَ الْإِسْلَامُ، فَضَرَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى أَبِي جَنْدَلٍ ابْنِهِ. فَقَالَ: أَوَّلُ مَا قَاضَيْنَا [عَلَيْهِ‏].
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ هَلْ قَاضَيْتُ عَلَى شَيْ‏ءٍ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا كُنْتَ بِغَدَّارٍ. قَالَ: فَذَهَبَ بِأَبِي جَنْدَلٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَدْفَعُنِي إِلَيْهِ؟ قَالَ: وَ لَمْ أَشْتَرِطْ لَكَ. قَالَ: وَ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِأَبِي جَنْدَلٍ مَخْرَجاً».
__________________________________________________
 (1) أي يا غادر.
 (2) السّلح: النّجو. «أقرب الموارد- سلح- 1: 531».

84
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79

9893/ «4»- الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ؛ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ، فَلَمْ يَعُدْ إِلَى ذَلِكَ الْكَلَامِ».
9894/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْمُكَتِّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قِيلَوَيْهِ «1» الْعَدْلُ بِالرَّافِقَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ كَثِيرٍ التَّمِيمِيُّ الْيَمَانِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَرْبٍ الْهِلَالِيَّ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ يَقُولُ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فِي نَفْسِي مَسْأَلَةٌ، أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَسْأَلَتِكَ [قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَنِي‏]، وَ إِنْ شِئْتَ فَسَلْ».
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، وَ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ تَعْرِفُ مَا فِي نَفْسِي قَبْلَ سُؤَالِي؟ قَالَ: «بِالتَّوَسُّمِ وَ التَّفَرُّسِ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ «2»، وَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ؟» قَالَ: فَقُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَخْبِرْنِي بِمَسْأَلَتِي. قَالَ: «أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، [لِمَ‏] لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ حَطِّهِ الْأَصْنَامَ عَنْ سَطْحِ الْكَعْبَةِ، مَعَ قُوَّتِهِ وَ شِدَّتِهِ وَ مَا ظَهَرَ مِنْهُ فِي قَلْعِ بَابِ الْقَمُوصِ بِخَيْبَرَ وَ الرَّمْيِ بِهِ إِلَى وَرَائِهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً، وَ كَانَ لَا يُطِيقُ حَمْلَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَرْكَبُ النَّاقَةَ وَ الْفَرَسَ وَ الْحِمَارَ، وَ رَكِبَ الْبُرَاقَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَ كُلُّ ذَلِكَ دُونَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْقُوَّةِ وَ الشِّدَّةِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: عَنْ هَذَا وَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ.
وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: «وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَمَّلَنِي ذُنُوبَ شِيعَتِكَ ثُمَّ غَفَرَهَا لِي، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ».
9895/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، قَالَ: «مَا كَانَ لَهُ ذَنْبٌ، وَ لَا هَمٌّ بِذَنْبٍ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ حَمَّلَهُ ذُنُوبَ شِيعَتِهِ ثُمَّ غَفَرَهَا لَهُ».
9896/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ- وَ يُكَنَّى بِأَبِي شُعَيْبٍ-، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِرَجُلٍ: أَذْنَبَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَطُّ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَقَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، فَمَا مَعْنَاهُ؟
__________________________________________________
 (4)- تفسير العيّاشي 2: 120/ 12.
 (5)- علل الشرائع: 173/ 1.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 314.
 (7)- ... تأويل الآيات 2: 591/ 1.
 (1) في المصدر: بشر بن سعيد بن قلبويه.
 (2) الحجر 15: 75.

85
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 1 الى 2 ص 79

قَالَ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَمَّلَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذُنُوبَ شِيعَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، ثُمَّ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَ مَا تَأَخَّرَ.
9897/ «8»- قَالَ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: وَ يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ مَرْفُوعاً عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ أَيُّ ذَنْبٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُتَقَدِّماً أَوْ مُتَأَخِّراً؟ وَ إِنَّمَا حَمَّلَهُ اللَّهُ ذُنُوبَ شِيعَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مَنْ مَضَى مِنْهُمْ وَ مَنْ بَقِيَ، ثُمَّ غَفَرَهَا لَهُ».
9898/ «9»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ:
 «وَ اللَّهِ مَا كَانَ لَهُ ذَنْبٌ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ضَمِنَ لَهُ أَنْ يَغْفِرَ ذُنُوبَ شِيعَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِمْ وَ مَا تَأَخَّرَ».
قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً- إلى قوله تعالى- فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [4- 10]
9899/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ». قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1»، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ».
9900/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «السَّكِينَةُ: الْإِيمَانُ».
9901/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ غَيْرِهِمَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ:
 «هُوَ الْإِيمَانُ».
__________________________________________________
 (8)- تأويل الآيات 2: 593/ 4.
 (9)- مجمع البيان 9: 168.
 (1)- الكافي 2: 12/ 1.
 (2)- الكافي 2: 12/ 3.
 (3)- الكافي 2: 13/ 4.
 (1) المجادلة 58: 22.

86
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 4 الى 10 ص 86

9902/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ جَمِيلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: « [هُوَ] الْإِيمَانُ». قَالَ:
قُلْتُ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1»، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ». وَ عَنْ قَوْلِهِ: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‏ «2»، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ».
9903/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَ الْحَجَّالِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «3»: «كَانَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ مَاءً، وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذِكْرُهُ الْمَاءَ فَاضْطَرَمَ نَاراً، ثُمَّ أَمَرَ النَّارَ فَخَمَدَتْ، فَارْتَفَعَ مِنْ خُمُودِهَا دُخَانٌ، فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّمَاوَاتِ مِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ، وَ خَلَقَ الْأَرْضَ مِنَ الرَّمَادِ، ثُمَّ اخْتَصَمَ الْمَاءُ وَ النَّارُ وَ الرِّيحُ، فَقَالَ الْمَاءُ: أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ. وَ قَالَتِ النَّارُ: أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ. وَ قَالَتِ الرِّيحُ: أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ. فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى الرِّيحِ: أَنْتَ جُنْدِيَ الْأَكْبَرُ».
9904/ «6»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فهم الذين لم يخالفوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و لم ينكروا عليه الصلح. ثم قال: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إلى قوله تعالى: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ، و هم الذين أنكروا الصلح، و اتهموا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً* وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً* إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً.
ثمّ عطف المخاطبة على أصحابه، فقال: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ، ثمّ عطف على نفسه عزّ و جلّ فقال: وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا معطوف على قوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ.
و نزلت في بيعة الرضوان: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ «4»، و اشترط عليهم ألا ينكروا بعد ذلك على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) شيئا يفعله، و لا يخالفوه في شي‏ء يأمرهم به، فقال اللّه عزّ و جلّ بعد نزول آية الرضوان: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى‏ نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى‏ بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً، و إنّما رضي عنهم بهذا الشرط أن يفوا بعد ذلك بعهد اللّه و ميثاقه، و لا ينقضوا عهده و عقده، فبهذا العقد رضي اللّه عنهم، فقدموا في التأليف آية الشرط على بيعة
__________________________________________________
 (4)- الكافي 2: 13/ 5.
 (5)- الكافي 8: 95/ 68.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 315.
 (1) المجادلة 58: 22.
 (2) الفتح 48: 26.
 (3) في «ج» أبو عبد اللّه (عليه السّلام)
 (4) الفتح 48: 18.

87
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 4 الى 10 ص 86

الرضوان، و إنّما نزلت أولا بيعة الرضوان ثمّ آية الشرط عليهم فيها.
و قد تقدم حديث في الآية، في قوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ في سورة الزخرف، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) «1».
قوله تعالى:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ [18- 25]
9905/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَيْنِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَنَا الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ بِمُؤَازَرَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَحْتَ الشَّجَرَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ».
9906/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: «أَلْفاً وَ مِائَتَيْنِ» قُلْتُ: هَلْ كَانَ فِيهِمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)؟ قَالَ: «نَعَمْ [عَلِيٌ‏] سَيِّدُهُمْ وَ شَرِيفُهُمْ».
9907/ «3»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ. قَالَ جَابِرٌ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفاً وَ أَرْبَعَمِائَةٍ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَنْتُمْ خِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ» فَبَايَعَنَا تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى الْمَوْتِ، فَمَا نَكَثَ أَصْلًا أَحَدٌ إِلَّا ابْنُ قَيْسٍ، وَ كَانَ مُنَافِقاً «2»، وَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لِأَنَّهُ قَالَ: وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً يَعْنِي [فَتْحَ‏] خَيْبَرَ، وَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
9908/ «4»- علي بن إبراهيم: ثم ذكر الأعراب الذين تخلفوا عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فقال:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 268.
 (2)- تأويل الآيات 2: 595/ 7.
 (3)- مناقب الخوارزمي: 195.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 315.
 (1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (55) من سورة الزخرف.
 (2) (فما نكث ... و كان منافقا) ليس في المصدر.

88
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 11 الى 25 ص 88

سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا، إلى قوله تعالى وَ كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً «1»، أي قوم سوء، و هم الذين استنفرهم في الحديبية. و لما رجع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إلى المدينة من الحديبية غزا خيبر فاستأذنه المخلفون أن يخرجوا معه، فأنزل اللّه: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى‏ مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا «2».
ثمّ قال: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى‏ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً «3».
ثمّ رخص عزّ و جلّ في الجهاد، فقال: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى‏ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، ثمّ قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً «4». ثم قال: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَ كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ، يعني فتح خيبر: وَ لِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ.
ثم قال: وَ أُخْرى‏ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَ كانَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيراً، ثمّ قال: وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ، أي بعد أن أممتم من المدينة إلى الحرم، و طلبوا منكم الصلح، بعد أن كانوا يغزونكم بالمدينة صاروا يطلبون الصلح، بعد إذ كنتم [أنتم‏] تطلبون الصلح منهم.
9909/ «5»- وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ زُرَارَةَ، وَ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ مَعَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً حَتَّى جَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَ الْمُشْرِكُونَ يَسْتَغِيثُونَ».
9910/ «6»- علي بن إبراهيم: ثم أخبر اللّه عزّ و جلّ نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) بعلة الصلح، و ما أجاز اللّه لنبيه، فقال:
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ يعني بمكّة: لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فأخبر اللّه نبيه أن علة الصلح إنّما كان للمؤمنين و المؤمنات الذين كانوا بمكّة، و لو لم يكن صلح و كانت الحرب لقتلوا، فلما كان الصلح آمنوا و أظهروا الإسلام، و يقال: إن ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم.
__________________________________________________
 (5)- تفسير العيّاشي 2: 54/ 43.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 316.
 (1) الفتح 48: 11، 12.
 (2) الفتح 48: 15.
 (3) الفتح 48: 16.
 (4) الفتح 48: 17.

89
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 11 الى 25 ص 88

قوله تعالى:
لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً [25]
9911/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [قَالَ‏]: قُلْتُ لَهُ:
مَا بَالُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَمْ يُقَاتِلْ فُلَاناً وَ فُلَاناً «1»؟ قَالَ: «لِآيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً».
قَالَ: قُلْتُ: وَ مَا يَعْنِي بِتَزَايُلِهِمْ؟ قَالَ: «وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ فِي أَصْلَابِ قَوْمٍ كَافِرِينَ، وَ كَذَلِكَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَنْ يَظْهَرَ أَبَداً حَتَّى تَخْرُجَ وَدَائِعُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَإِذَا خَرَجَتْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَتَلَهُمْ».
9912/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُظَفَّرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَوِيّاً فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟ قَالَ:
 «بَلَى» قَالَ: فَكَيْفَ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ، وَ كَيْفَ لَمْ يَدْفَعْهُمْ، وَ مَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنَعَتْهُ».
قَالَ: قُلْتُ: وَ أَيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟ قَالَ: «قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً، إِنَّهُ كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ فِي أَصْلَابِ قَوْمٍ كَافِرِينَ وَ مُنَافِقِينَ، فَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِيَقْتُلَ الْآبَاءَ حَتَّى تَخْرُجَ الْوَدَائِعُ، فَلَمَّا خَرَجَتِ الْوَدَائِعُ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ، فَقَاتَلَهُ وَ كَذَلِكَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، لَنْ يَظْهَرَ أَبَداً حَتَّى تَظْهَرَ وَدَائِعُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَإِذَا ظَهَرَتْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ، فَقَتَلَهُ».
9913/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُظَفَّرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِيُّ السَّمَرْقَنْدِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَبْرَئِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً: «لَوْ أَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا فِي أَصْلَابِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَ مَا فِي أَصْلَابِ الْكَافِرِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا».
9914/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، قَالَ:
__________________________________________________
 (1)- كمال الدين و تمام النعمة: 641.
 (2)- كمال الدين و تمام النعمة: 641.
 (3)- كمال الدين و تمام النعمة: 642.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 316.
 (1) في المصدر: يقاتل مخالفيه في الأول.

90
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح الآيات 11 الى 25 ص 88

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْخَشَّابُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ فُلَانٍ الْكَرْخِيِّ، [قَالَ:] قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ قَوِيّاً فِي بَدَنِهِ، قَوِيّاً بِأَمْرِ اللَّهِ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «بَلَى». قَالَ: فَمَا مَعَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَوْ يَمْتَنِعَ؟ قَالَ: «سَأَلْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ، مَنَعَ عَلِيّاً مِنْ ذَلِكَ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
فَقَالَ: وَ أَيُّ آيَةٍ؟ فَقَرَأَ: «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً، إِنَّهُ كَانَ لِلَّهِ وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ فِي أَصْلَابِ قَوْمٍ كَافِرِينَ وَ مُنَافِقِينَ، فَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِيَقْتُلَ الْآبَاءَ حَتَّى تَخْرُجَ الْوَدَائِعُ، فَلَمَّا خَرَجَتْ، ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ وَ قَتَلَهُ، وَ كَذَلِكَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَمْ يَظْهَرْ أَبَداً حَتَّى تَخْرُجَ وَدَائِعُ اللَّهِ، فَإِذَا خَرَجَتْ يَظْهَرُ عَلَى مَنْ يَظْهَرُ فَيَقْتُلُهُ».
قوله تعالى:
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيماً [26] 9915/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم قال: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ يعني قريشا و سهيل بن عمرو، حين قالوا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): لا نعرف الرحمن الرحيم «1»، و قولهم: لو علمنا أنك رسول اللّه ما حاربناك، فاكتب: محمّد بن عبد اللّه. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‏ وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيماً، تقدم معنى السكينة و معنى كلمة التقوى عن قريب في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «2».
9916/ «2»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، قَالَ: «أَخْبَرَنَا مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
: إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْداً، فَقُلْتُ: رَبِّ بَيِّنْهُ لِي: قَالَ: اسْمَعْ. قُلْتُ: سَمِعْتُ. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ عَلِيّاً رَايَةُ الْهُدَى بَعْدَكَ، وَ إِمَامُ أَوْلِيَائِي، وَ نُورُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ الْمُتَّقِينَ، فَمَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 317.
 (2)- أمالي الطوسيّ 1: 250.
 (1) في المصدر: و الرحيم.
 (2) تقدّم في تفسير الآيات (4- 10) من هذه السورة.

91
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح آية 26 ص 91

9917/ «3»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رِجَالِهِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ لِمَوْلَايَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‏ وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها؟ قَالَ: «هِيَ وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
9918/ «4»- قَالَ: وَ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، فِي تَفْسِيرِهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَسَحَ فِي بَصَرِي غَلْوَةً، كَمَا يَرَى الرَّاكِبُ خَرْقَ الْإِبْرَةِ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ، فَعَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي فِي عَلِيٍّ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: اسْمَعْ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ عَلِيّاً إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ، وَ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ». قَالَ: «فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ، فَأَلْقَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَاجِداً شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ إِنِّي لَأُذْكَرُ هُنَاكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيَعْرِفُكَ هُنَاكَ، وَ إِنَّكَ لَتُذْكَرُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى».
9919/ «5»- وَ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): «لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَسَحَ لِي فِي بَصَرِي غَلْوَةً، كَمِثَالِ مَا يَرَى الرَّاكِبُ خَرْقَ الْإِبْرَةِ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ، وَ عَهِدَ إِلَيَّ فِي عَلِيٍّ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّي.
فَقَالَ: إِنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ، فَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ». قَالَ: «فَبَشَّرَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّي أُذْكَرُ هُنَاكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّكَ لَتُذْكَرُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى».
9920/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ غَالِبٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)، قَالَ: «قَالَ لِيَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، أُوقِفْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ. فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَبِّ وَ سَعْدَيْكَ، قَالَ: قَدْ بَلَوْتَ خَلْقِي، فَأَيَّهُمْ وَجَدْتَ أَطْوَعَ لَكَ؟ قُلْتُ: رَبِّ عَلِيّاً. قَالَ: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ، فَهَلْ اتَّخَذْتَ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً يُؤَدِّي عَنْكَ، وَ يُعَلِّمُ عِبَادِي مِنْ كِتَابِي مَا لَا يَعْلَمُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ لَا، فَاخْتَرْ لِي، فَإِنَّ خِيَرَتَكَ خَيْرٌ لِي، قَالَ: قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ عَلِيّاً، فَاتَّخِذْهُ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً وَ وَصِيّاً، وَ قَدْ نَحَلْتُهُ عِلْمِي وَ حِلْمِي، وَ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً، لَمْ يَنَلْهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ.
يَا مُحَمَّدُ، عَلِيٌّ رَايَةُ الْهُدَى، وَ إِمَامُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ نُورُ أَوْلِيَائِي، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ. مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ، يَا مُحَمَّدُ». قَالَ: «فَبَشَّرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَ فِي قَبْضَتِهِ، إِنْ يُعَاقِبْنِي فَبِذَنْبِي لَمْ يَظْلِمْنِي، وَ إِنْ يُتِمَّ لِي مَا وَعَدَنِي فَاللَّهُ أَوْلَى بِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اللَّهُمَّ اجْلُ قَلْبَهُ، وَ اجْعَلْ رَبِيعَهُ الْإِيمَانَ بِكَ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِ‏
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 595/ 8.
 (4)- تأويل الآيات 2: 595/ 9.
 (5)- الإختصاص: 53.
 (6)- تأويل الآيات 2: 596/ 10.

92
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح آية 26 ص 91

يَا مُحَمَّدُ، غَيْرَ أَنِّي مُخْتَصُّهُ بِالْبَلَاءِ بِمَا لَا أَخْتَصُّ بِهِ أَحَداً مِنْ أَوْلِيَائِي. قَالَ: قُلْتُ: رَبِّ أَخِي وَ صَاحِبِي؟ قَالَ: إِنَّهُ [قَدْ] سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنَّهُ مُبْتَلًى وَ مُبْتَلًى بِهِ، وَ لَوْ لَا عَلِيٌّ لَمْ تُعْرَفْ أَوْلِيَائِي، وَ لَا أَوْلِيَاءُ رَسُولِي».
وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُقْدَةَ، يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْهَاشِمِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْأَبْرَدِ النَّخَعِيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا غَالِبٌ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ». وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ.
وَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَقِيتُ نَصْرَ بْنَ مُزَاحِمٍ الْمِنْقَرِيَّ، فَحَدَّثَنِي عَنْ غَالِبٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ». وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ. فَلَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ [فَذَكَرْتُ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: «حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ]، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى». وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
«1».
9921/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُنْذِرٍ، عَنْ مِسْكِينٍ الرَّحَّالِ «2» الْعَابِدِ- وَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ، وَ بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ الرَّسَّانُ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ؛ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيَّ فِي عَلِيٍّ عَهْداً، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لِي. فَقَالَ:
اسْمَعْ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ قَدْ سَمِعْتُ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَخْبِرْ عَلِيّاً بِأَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَ سَيِّدُ أَوْصِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ، وَ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ، وَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ».
قوله تعالى:
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ- إلى قوله تعالى: فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً [27] 9922/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: و أنزل في تطهير «3» الرؤيا التي رآها رسول اللّه:
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 2: 597/ 11.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 317.
 (1) أمالي الطوسيّ 1: 353.
 (2) في المصدر: مسكين الرجل.
 (3) في نسخة من «ط» و المصدر: تظهير.

93
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح آية 27 ص 93

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً يعني فتح خيبر، لأن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لما رجع من الحديبية غزا خيبر.
9923/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْآدَمِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الْعَطَّارِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَنَا: أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ؟ فَنَقُولُ: نَعَمْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَيَقُولُونَ: أَ لَيْسَ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْجَنَّةِ؟ فَنَقُولُ: بَلَى. فَيَقُولُونَ: أَ فَأَنْتُمْ فِي الْجَنَّةِ؟ فَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا ضَعُفْنَا وَ انْكَسَرْنَا عَنِ الْجَوَابِ. قَالَ: فَقَالَ: «إِذَا قَالُوا لَكُمْ: أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ؟ فَقُولُوا:
نَعَمْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
قَالَ: قُلْتُ: وَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُمْ لِأَنَّكُمْ شُكَّاكٌ. قَالَ: فَقُولُوا لَهُمْ: وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ بِشُكَّاكٍ، وَ لَكِنَّا اسْتَثْنَيْنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ، وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُونَهُ أَوَّلًا، وَ قَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ مُؤْمِنِينَ، وَ لَمْ يُسَمِّ مَنْ رَكِبَ الْكَبَائِرَ، وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ النَّارَ فِي قُرْآنٍ وَ لَا أَثَرٍ، فَلَا يُسَمِّيهِمْ بِالْإِيمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ».
قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [28] 9924/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: و هو الإمام الذي يظهره اللّه على الدين كله، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا. و هذا ممّا ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله.
9925/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ ابْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْمُنَخَّلِ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «1»، قَالَ: «يُظْهِرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الرَّجْعَةِ».
__________________________________________________
 (1)- معاني الأخبار: 413/ 105.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 317.
 (3)- مختصر بصائر الدرجات: 17.
 (1) التوبة 9: 33، الصف 61: 9.

94
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح آية 28 ص 94

9926/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ؟ قَالَ:
 «هُوَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولَهُ [بِالْوَلَايَةِ] لِوَصِيِّهِ، وَ الْوَلَايَةُ هِيَ دِينُ الْحَقِّ».
قُلْتُ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؟ قَالَ: «يُظْهِرُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ عِنْدَ قِيَامِ الْقَائِمِ، يَقُولُ اللَّهُ: وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ، وَلَايَةِ الْقَائِمِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «1» بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
وَ رَوَاهُ ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ فِي (الْمَنَاقِبِ)، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «2».
قوله تعالى:
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً [29] 9927/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم أعلم اللّه عزّ و جلّ أن صفة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و صفة «3» أصحابه المؤمنين في التوراة و الإنجيل مكتوب، فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، يعني: يقتلون الكفّار و هم أشداء عليهم، و فيما بينهم رحماء، تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ.
ثمّ ضرب لهم مثلا، فقال: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ، يعني فلانا «4» فَآزَرَهُ، يعني فلانا فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى‏ عَلى‏ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً.
9928/ «2»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ فِي (الْمَحَاسِنِ): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ لِأَبِيهِ وَ أُمِّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ طِينَتَهُمَا مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، وَ هِيَ مِنْ طِينَةِ الْجِنَانِ. ثُمَّ تَلَا: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، فَهَلْ يَكُونُ الرَّحِيمُ إِلَّا بَرّاً وَصُولًا». وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «وَ أَجْرَى فِيهِمَا مِنْ رَوْحِ رَحْمَتِهِ».
__________________________________________________
 (3)- الكافي 1: 358/ 91.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 317. و قطعة منه في المخطوطة: 121.
 (2)- المحاسن: 134/ 11.
 (1) الصف 61: 8.
 (2) المناقب 3: 82.
 (3) في المصدر: صفة نبيّه و.
 (4) في المصدر زيادة: و فلانا.

95
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح آية 29 ص 95

9929/ «3»- وَ أَحْمَدُ الْبَرْقِيُّ أَيْضاً: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَجْرَى فِي الْمُؤْمِنِ مِنْ رِيحِ رَوْحِ اللَّهِ، وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ».
9930/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى، يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «1»، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ صِفَةَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ صِفَةَ أَصْحَابِهِ، وَ مَبْعَثَهُ وَ مُهَاجَرَهُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ، فَهَذِهِ صِفَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ صِفَةُ أَصْحَابِهِ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ، فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، عَرَفَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ، كَمَا قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ».
9931/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، بِإِسْنَادِهِ فِي (الْفَقِيهِ): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، قَالَ: «هُوَ السَّهَرُ فِي الصَّلَاةِ».
9932/ «6»- ابْنُ الْفَارِسِيِّ فِي (الرَّوْضَةِ): سَأَلَ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، قَالَ: «هُوَ السَّهَرُ فِي الصَّلَاةِ».
9933/ «7»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا)، قَالَ: «اسْتَوَى الْإِسْلَامُ بِسَيْفِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
9934/ «8»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن عيسى بن إسحاق، عن الحسن بن الحارث بن طليب، عن أبيه، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى‏ عَلى‏ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ، قال: قوله تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ، أصل الزرع عبد المطلب، و شطأه محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، و يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ، قال: عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)».
__________________________________________________
 (3)- المحاسن 131/ 2.
 (4)- تفسير القمّيّ 1: 32.
 (5)- من لا يحضره الفقيه 1: 299/ 1369.
 (6)- روضة الواعظين: 321.
 (7)- ... غاية المرام: 442.
 (8)- تأويل الآيات 2: 600/ 13.
 (1) البقرة 2: 146.

96
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح آية 29 ص 95

9935/ «9»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا دِعْبِلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً، قَالَ: سَأَلَ قَوْمٌ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟
قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، عُقِدَ لِوَاءٌ مِنْ نُورٍ أَبْيَضَ، وَ نَادَى مُنَادٍ: لِيَقُمْ سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ [وَ مَعَهُ الَّذِينَ آمَنُوا بَعْدَ بَعْثِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]، فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَيُعْطِي اللَّهُ اللِّوَاءَ مِنَ النُّورِ الْأَبْيَضِ بِيَدِهِ، تَحْتَهُ جَمِيعُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ، حَتَّى يَجْلِسَ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعِزَّةِ، وَ يُعْرَضُ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ، رَجُلًا رَجُلًا، فَيُعْطَى أَجْرَهُ وَ نُورَهُ، فَإِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، قِيلَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ مَوْضِعَكُمْ وَ مَنَازِلَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، إِنَّ رَبَّكُمْ يَقُولُ: عِنْدِي لَكُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ يَعْنِي الْجَنَّةَ فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ الْقَوْمُ تَحْتَ لِوَائِهِ مَعَهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنْبَرِهِ، وَ لَا يَزَالُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَ يَتْرُكُ أَقْوَاماً عَلَى النَّارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ «1»، يَعْنِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَهْلَ الْوَلَايَةِ لَهُ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «2»، هُمُ الَّذِينَ قَاسَمَ عَلَيْهِمُ النَّارَ فَاسْتَحَقُّوا الْجَحِيمَ».
9936/ «10»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: رَوَاهُ مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ، يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَأَلَ قَوْمٌ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟
قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عُقِدَ لِوَاءٌ مِنْ نُورٍ أَبْيَضَ، وَ نَادَى مُنَادٍ: لِيَقُمْ سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَعَهُ الَّذِينَ آمَنُوا بَعْدَ بَعْثِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَيُعْطَى اللِّوَاءَ مِنَ النُّورِ الْأَبْيَضِ بِيَدِهِ، وَ تَحْتَهُ جَمِيعُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ، حَتَّى يَجْلِسَ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعِزَّةِ، وَ يُعْرَضُ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ رَجُلًا رَجُلًا، فَيُعْطِيهِ أَجْرَهُ وَ نُورَهُ، فَإِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، قِيلَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ صِفَتَكُمْ وَ مَنَازِلَكُمْ فِي الْجَنَّةِ، إِنَّ رَبَّكُمْ يَقُولُ: إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً- يَعْنِي الْجَنَّةَ- فَيَقُومُ عَلِيٌّ وَ الْقَوْمُ تَحْتَ لِوَائِهِ مَعَهُ، يَدْخُلُ بِهِمُ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنْبَرِهِ، فَلَا يَزَالُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَ يَتْرُكُ «3» أَقْوَاماً عَلَى النَّارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ، يَعْنِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَهْلُ الْوَلَايَةِ لَهُ:
__________________________________________________
 (9)- أمالي الطوسيّ 1: 387.
 (10)- ... مناقب ابن المغازلي: 322/ 369.
 (1) الّذي في سورة الحديد 57: 19 وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ.
 (2) الحديد 57: 19.
 (3) في «ج»: و ينزل.

97
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح آية 29 ص 95

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «1»، يَعْنِي كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِالْوَلَايَةِ وَ بِحَقِّ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
 (1) الحديد 57: 19.

98
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفتح آية 29 ص 95

سورة الحجرات‏
فضلها
9937/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْحُجُرَاتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ، كَانَ مِنْ زُوَّارِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
9938/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى وَ عَدَدِ مَنْ عَصَاهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ فِي قِتَالٍ أَوْ خُصُومَةٍ أَمِنَ خَوْفَ ذَلِكَ، وَ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ بَابَ كُلِّ خَيْرٍ».
9939/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ فِي قِتَالِ أَوْ خُصُومَةٍ، نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ فَتَحَ لَهُ بَابَ كُلِّ خَيْرٍ».
9940/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى الْمَتْبُوعِ، أَمِنَ مِنَ شَيْطَانِهِ، وَ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ، وَ أَمِنَ مِنْ كُلِّ مَا يَحْذَرُ مِنَ الْخَوْفِ، وَ الْمَرْأَةُ إِذَا شَرِبَتْ مَاءَهَا دَرَّتِ اللَّبَنُ بَعْدَ إِمْسَاكِهِ، وَ حُفِظَ جَنِينُهَا، وَ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَ مَحْذُورٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 115.
 (2)- .....
 (3)- .....
 (4)- خواص القرآن: 7 «مخطوط».

99
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 1 ص 100

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [1]
9941/ «1»- الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): رُوِيَ عَنِ ابْنِ كُدَيْنَةَ الْأَوْدِيِّ «1»، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فِيمَنْ نَزَلَتْ؟ قَالَ: «فِي رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ».
9942/ «2»- علي بن إبراهيم: نزلت في وفد بني تميم، كانوا إذا قدموا على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وقفوا على باب حجرته، فنادوا: يا محمد، اخرج إلينا، و كانوا إذا خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) تقدموه في المشي، و كانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته، يقولون: يا محمد؛ يا محمد؛ ما تقول في كذا و كذا؟ كما يكلمون بعضهم بعضا، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ‏
__________________________________________________
 (1)- الإختصاص: 128.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 318.
 (1) كذا، و لعلّه، أبو كدينة الكوفيّ، يحيى بن المهلب البجلي، انظر تهذيب التهذيب 11: 289، تقريب التهذيب 2: 359 و 466.

100
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 2 الى 5 ص 100

وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى‏ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ* وَ لَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [2- 5] 9943/ «1»- الزمخشري في (ربيع الأبرار)، قال: كان قوم من سفهاء بني تميم، أتوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فقالوا: يا محمد، اخرج إلينا نكلمك. فغم ذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و ساءه ما ظهر من سوء أدبهم، فأنزل اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.
9944/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جُفَيْرُ بْنُ حُكَيْمٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الرَّحَبَةِ، ثُمَّ قَالَ: «لَمَّا كَانَ فِي زَمَانِ الْحُدَيْبِيَةِ، خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أُنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ مَكَّةَ، فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ جَارُنَا وَ حَلِيفُنَا وَ ابْنُ عَمِّنَا، وَ قَدْ لَحِقَ بِكَ أُنَاسٌ مِنْ أَبْنَائِنَا وَ إِخْوَانِنَا وَ أَقَارِبِنَا، لَيْسَ بِهِمُ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ، وَ لَا رَغْبَةٌ فِيمَا عِنْدَكَ، وَ لَكِنْ إِنَّمَا خَرَجُوا فِرَاراً مِنْ ضِيَاعِنَا وَ أَعْمَالِنَا وَ أَمْوَالِنَا، فَارْدُدْهُمْ عَلَيْنَا. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ: انْظُرْ مَا يَقُولُونَ. فَقَالَ: صَدَقُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ جَارُهُمْ، فَارْدُدْهُمْ عَلَيْهِمْ. قَالَ: ثُمَّ دَعَا عُمَرَ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عِنْدَ ذَلِكَ: لَنْ تَنْتَهُوا- يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ- حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلتَّقْوَى، يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا. فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَ لَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ، وَ كُنْتُ أَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
__________________________________________________
 (1)- ربيع الأبرار 2: 305.
 (2)- تأويل الآيات 2: 2: 602/ 1.

101
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 2 الى 5 ص 100

9945/ «3»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي (مُسْنَدِهِ)، يَرْفَعُهُ إِلَى رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالرَّحَبَةِ، قَالَ: «اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالُوا:
يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَنَا لَحِقُوا بِكَ، فَارْدُدْهُمْ عَلَيْنَا، فَغَضِبَ حَتَّى رُئِيَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَتَنْتَهُنَّ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ رَجُلًا مِنْكُمْ، امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ؟
قَالَ: لَا. قِيلَ: فَعُمَرُ؟ قَالَ: لَا، وَ لَكِنْ خَاصِفُ النَّعْلِ فِي الْحُجْرَةِ».
ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً أَوْلَجْتُهُ «1» النَّارَ».
9946/ «4»- وَ مِنَ (الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ) لِلْعَبْدَرِيِّ: مِنْ (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ)، وَ (صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ)، يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَاءَتْ إِلَيْنَا أُنَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَقَالُوا: قَدْ خَرَجَ إِلَيْكُمْ مِنْ أَبْنَائِنَا وَ أَقَارِبِنَا، وَ إِنَّمَا خَرَجُوا فِرَاراً مِنْ خِدْمَتِنَا فَارْدُدْهُمْ إِلَيْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَتَنْتَهُنَّ عَنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ بِالسَّيْفِ [عَلَى‏] الدِّينِ، امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مِنْهُمْ خَاصِفُ النَّعْلِ». وَ كَانَ قَدْ أَعْطَى عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا.
9947/ «5»- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: عَنِ التِّرْمِذِيِّ، فِي (صَحِيحِهِ)، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، فِي خَبَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لِسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَ قَدْ سَأَلَهُ رَدَّ جَمَاعَةٍ فِرُّوا إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ، قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ عَلَى الْإِيمَانِ». قَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ». وَ كَانَ أَعْطَى عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا.
الْخَطِيبُ فِي (التَّارِيخِ)، وَ السَّمْعَانِيُّ فِي (الْفَضَائِلِ): أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ». الْحَدِيثِ سَوَاءً «2».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ [6]
__________________________________________________
 (3)- فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 649/ 1105.
 (4)- العمدة: 226/ 357، تحفة الأبرار: 123 «مخطوط».
 (5)- سنن الترمذي 5: 634/ 3715، تحفة الأبرار: 124 «مخطوط».
 (1) في المصدر: فليلج.
 (2) تاريخ بغداد 8: 433، إحقاق الحقّ 5: 609 عن السمعاني.

102
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 6 ص 102

9948/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْفُسُوقِ، فَقَالَ: «الْفُسُوقُ هُوَ الْكَذِبُ، أَ لَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ».
9949/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَيْسَ هُوَ مِنْكَ، وَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جُرَيحٍ الْقِبْطِيِّ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ إِلَيْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «خُذْ هَذَا السَّيْفَ وَ أْتِنِي بِرَأْسِ جُرَيحٍ». فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) السَّيْفَ، ثُمَّ قَالَ: «بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ إِذَا بَعَثْتَنِي فِي أَمْرٍ أَكُونُ فِيهِ كَالسَّفُّودِ «1» الْمَحْمِيِّ فِي الْوَبَرِ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي، أَثَّبَّتُ فِيهِ أَمْ أَمْضِي عَلَى ذَلِكَ؟». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «بَلْ تَثَبَّتْ» فَجَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى مَشْرَبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، فَتَسَلَّقَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ جُرَيحٌ هَرَبَ مِنْهُ وَ صَعِدَ النَّخْلَةَ، فَدَنَا مِنْهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ لَهُ: «انْزِلْ» فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، مَا هَاهُنَا أُنَاسٌ، إِنِّي مَجْبُوبٌ «2»، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ عَوْرَتِهِ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ، فَأَتَى [بِهِ‏] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَا شَأْنُكَ يَا جُرَيْحُ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْقِبْطَ يَجُبُّونَ حَشَمَهُمْ وَ مَنْ يَدْخُلُ إِلَى أَهْلِيهِمْ، وَ الْقِبْطِيُّونَ لَا يَأْنَسُونَ إِلَّا بِالْقِبْطِيِّينَ، فَبَعَثَنِي أَبُوهَا لِأَدْخُلَ إِلَيْهَا وَ أَخْدُمَهَا وَ أُؤنِسَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا، الْآيَةَ.
وَ قَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ فِي سُورَةِ النُّورِ، بِحَدِيثٍ مُسْنَدٍ عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «3».
9950/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ رُشَيْدٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمَرَ بِقَتْلِ الْقِبْطِيِّ، وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا كَذَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَ إِنَّمَا دَفَعَ اللَّهُ عَنِ الْقِبْطِيِّ الْقَتْلَ بِتَثَبُّتِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)؟ فَقَالَ: «بَلَى قَدْ كَانَ وَ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1)- معاني الأخبار: 294/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 318.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 319.
 (1) السّفّود: حديدة ذات شعب معقّفة، معروف، يشوى به اللحم. «لسان العرب 3: 218».
 (2) أي مقطوع الذكر. «النهاية 1: 233».
 (3) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (11) من سورة النور.

103
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 6 ص 102

عَلِمَ، وَ لَوْ كَانَتْ عَزِيمَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا انْصَرَفَ «1» عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى يَقْتُلَهُ، وَ لَكِنْ إِنَّمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِتَرْجِعَ عَنْ ذَنْبِهَا، فَمَا رَجَعَتْ، وَ لَا اشْتَدَّ عَلَيْهَا قَتْلُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِكَذِبِهَا».
و الروايات تقدمت في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ «2».
9951/ «4»- وَ قَالَ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي (تَفْسِيرِهِ) مَا صُورَةُ لَفْظِهِ: قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: «إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ مَارِيَةَ يَأْتِيهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا، وَ لَطَّخَتْهَا بِالْفَاحِشَةِ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ لَهَا: إِنْ كُنْتِ صَادِقَةً فَأَعْلِمِينِي إِذَا دَخَلَ إِلَيْهَا، فَرَصَدَتْهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا ابْنُ عَمِّهَا أَخْبَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَتْ: هُوَ الْآنَ عِنْدَهَا. فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، خُذْ هَذَا السَّيْفَ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ عِنْدَهَا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ- قَالَ- فَأَخَذَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) السَّيْفَ، وَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا بَعَثْتَنِي بِالْأَمْرِ أَكُونُ كَالسَّفُّودِ الْمَحْمِيِّ بِالْوَبَرِ، أَوْ أَثَبَّتُ؟ فَقَالَ: تَثَبَّتْ قَالَ: فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَعَهُ السَّيْفُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَابِ وَجَدَهُ مُغْلَقاً، فَأَلْزَمَ عَيْنَيْهِ نَقْبَ الْبَابِ، فَلَمَّا رَأَى الْقِبْطِيُّ عَيْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْبَابِ، فَزِعَ وَ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ الْآخَرِ، فَصَعِدَ نَخْلَةً، وَ تَسَوَّرَ عَلِيٌّ الْحَائِطَ، فَلَمَّا رَأَى الْقِبْطِيُّ عَلِيّاً وَ مَعَهُ السَّيْفُ، حَسَرَ عَنْ عَوْرَتِهِ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ، فَصَدَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِوَجْهِهِ عَنْهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَا رَأَى فَتَهَلَّلَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُعَاقِبْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ سُوءِ مَا يَلْحَظُونَنَا بِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ».
فَقَالَ زُرَارَةُ: إِنَّ الْعَامَّةَ يَقُولُونَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَخْبَرَهُ عَنْ بَنِي خُزَيْمَةَ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ؟ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا زُرَارَةُ، أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا وَ لَهَا ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ؟ فَهَذَا الَّذِي فِي أَيْدِي النَّاسِ ظَهْرُهَا، وَ الَّذِي حَدَّثْتُكَ بِهِ بَطْنُهَا».
9952/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ) فِي حَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ مَا جَرَى بَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ بِمَحْضَرِهِ، فَقَالَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا أَنْتَ يَا وَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَوَ اللَّهِ مَا أَلُومُكَ أَنْ تُبْغِضَ عَلِيّاً، وَ قَدْ جَلَدَكَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَ قَتَلَ أَبَاكَ صَبْراً بِيَدِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، أَمْ كَيْفَ تَسُبَّهُ وَ قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ مُؤْمِناً فِي عَشْرِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَ سَمَّاكَ فَاسِقاً! وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ «3»، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ، وَ مَا أَنْتَ وَ ذِكْرُ قُرَيْشٍ، وَ إِنَّمَا أَنْتَ ابْنُ عِلْجٍ، مِنْ أَهْلِ صَفُورِيَّةَ، يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ».
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات: 584. «طبع جماعة المدرسين».
 (5)- الإحتجاج: 276.
 (1) في المصدر: القتل ما رجع.
 (2) تقدّمت في تفسير الآية (11) من سورة النور.
 (3) السجدة 32: 18.

104
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 7 ص 105

قوله تعالى:
وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ [7]
9953/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ، وَ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، وَ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ، وَ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي فُسْطَاطِهِ بِمِنًى، فَنَظَرَ إِلَى زِيَادٍ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعَ الرِّجْلَيْنِ فَرَثَى لَهُ «1»، وَ قَالَ: «مَا لِرِجْلَيْكَ هَكَذَا؟» قَالَ: جِئْتُ عَلَى بَكْرٍ لِي نِضْوٍ «2»، فَكُنْتُ أَمْشِي عَنْهُ عَامَّةَ الطَّرِيقِ؛ فَرَثَى لَهُ، وَ قَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ زِيَادٌ: إِنِّي أُلِمُّ بِالذُّنُوبِ حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ هَلَكْتُ ذَكَرْتُ حُبَّكُمْ فَرَجَوْتُ النَّجَاةَ، وَ تَجَلَّى عَنِّي.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ هَلْ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ، وَ قَالَ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ «3»، وَ قَالَ: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ «4»، إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُحِبُّ الْمُصَلِّينَ وَ لَا أُصَلِّي، وَ أُحِبُّ الصَّوَّامِينَ وَ لَا أَصُومُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، وَ لَكَ مَا اكْتَسَبْتُ».
وَ قَالَ: «مَا تَبْغُونَ وَ مَا تُرِيدُونَ، أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ فُزْعَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَزِعَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَأْمَنِهِمْ، وَ فَزِعْنَا إِلَى نَبِيِّنَا، وَ فَزِعْتُمْ إِلَيْنَا».
9954/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ:
 «يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)»: وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ: «الْأَوَّلَ وَ الثَّانِيَ وَ الثَّالِثَ».
9955/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْحُبِّ وَ الْبُغْضِ، أَ مِنَ الْإِيمَانِ هُوَ؟ فَقَالَ: «وَ هَلْ الْإِيمَانُ إِلَّا الْحُبُّ وَ الْبُغْضُ». ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
__________________________________________________
 (1)- الكافي 8: 79/ 35.
 (2)- الكافي 1: 353/ 71.
 (3)- الكافي 2: 102/ 5.
 (1) رثى له: أي رقّ له. «الصحاح 6: 2352».
 (2) البكر: الفتيّ من الإبل. «لسان العرب 4: 79»، و النّضو، بالكسر: البعير المهزول، و قيل: هو المهزول من جميع الدوابّ. «لسان العرب 15:
330».
 (3) آل عمران 3: 31.
 (4) الحشر 59: 9.

105
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 7 ص 105

حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ.
9956/ «4»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْحُبِّ وَ الْبُغْضِ، أَ مِنَ الْإِيمَانِ هُوَ؟ قَالَ: «وَ هَلِ الْإِيمَانُ إِلَّا الْحُبُّ» «1»، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ.
9957/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ زِيَادٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثٍ لَهُ قَالَ: «يَا زِيَادُ وَيْحَكَ، وَ هَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ، أَ لَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «2»؟ أَ وَ لَا تَرَى قَوْلَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ؟ وَ قَالَ: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ «3»- فَقَالَ- الدِّينُ هُوَ الْحُبُّ، وَ الْحُبُّ هُوَ الدِّينُ».
9958/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ:
 «يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)». وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ. «الْأَوَّلَ وَ الثَّانِيَ وَ الثَّالِثَ» «4».
9959/ «7»- الطَّبْرِسِيُّ: الْفُسُوقُ: هُوَ الْكَذِبُ؛ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
قوله تعالى:
وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [9]
__________________________________________________
 (4)- المحاسن: 262/ 326.
 (5)- المحاسن: 262/ 327.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 319.
 (7)- مجمع البيان 9: 200.
 (1) زاد في المصدر: و البغض.
 (2) آل عمران 3: 31.
 (3) الحشر 59: 9.
 (4) في المصدر: فلان و فلان و فلان‏

106
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 9 ص 106

9960/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ؟ قَالَ: «الْفِئَتَانِ، إِنَّمَا جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْبَصْرَةِ، وَ هُمْ أَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَ هُمُ الَّذِينَ بَغَوْا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قِتَالَهُمْ وَ قَتْلَهُمْ حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، وَ لَوْ لَمْ يَفِيئُوا لَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ لَا يُرْفَعَ السَّيْفُ عَنْهُمْ حَتَّى يَفِيئُوا وَ يَرْجِعُوا عَنْ رَأْيِهِمْ، لِأَنَّهُمْ بَايَعُوا طَائِعِينَ غَيْرَ كَارِهِينَ، وَ هِيَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ يَعْدِلَ فِيهِمْ حَيْثُ كَانَ ظَفِرَ بِهِمْ، كَمَا عَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي أَهْلِ مَكَّةَ، إِنَّمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَ عَفَا، وَ كَذَلِكَ صَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ حَيْثُ ظَفِرَ بِهِمْ مِثْلَ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِأَهْلِ مَكَّةَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ».
قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى«1»؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ «2»».
قُلْتُ: وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ «3»، قَالَ: «أُولَئِكَ قَوْمُ لُوطٍ، ائْتَفَكَتْ عَلَيْهِمْ، انْقَلَبَتْ عَلَيْهِمْ».
9961/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، جَمِيعاً، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثِ الْأَسْيَافِ الْخَمْسَةِ- قَالَ: «وَ أَمَّا السَّيْفُ الْمَكْفُوفُ [فَسَيْفٌ‏] عَلَى أَهْلِ الْبَغْيِ وَ التَّأْوِيلِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ بَعْدِي عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ فَسُئِلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: خَاصِفُ النَّعْلِ، يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: قَاتَلْتُ بِهَذِهِ الرَّايَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثَلَاثاً وَ هَذِهِ الرَّابِعَةُ، وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا السَّعَفَاتِ مِنْ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ، وَ كَانَتِ السِّيرَةُ فِيهِمْ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي أَهْلِ مَكَّةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِ لَهُمْ ذُرِّيَّةً، وَ قَالَ: مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَ مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَ كَذَلِكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْبَصْرَةِ، نَادَى فِيهِمْ: لَا تَسْبُوا لَهُمْ ذُرِّيَّةً، وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ، وَ لَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً، وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 8: 180/ 202.
 (2)- الكافي 5: 11/ 2.
 (1) النجم 53: 53.
 (2) في المصدر زيادة: هي المؤتفكة.
 (3) التوبة 9: 70.

107
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 9 ص 106

وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدِيثَ الْأَسْيَافِ بِتَمَامِهِ هَاهُنَا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِيهِ، وَ نَحْنُ ذَكَرْنَا كُلَّ آيَةٍ مِنَ الْحَدِيثِ فِي مَوْضِعِهِ، فَأَغْنَانَا عَنْ ذِكْرِهِ بِطُولِهِ هُنَا «1».
9962/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ فِيهِ: «فَمَا رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، فَقَدْ فَاءَ، مِثْلَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2»، أَيْ رَجَعُوا، ثُمَّ قَالَ: وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «3»، وَ قَالَ: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ، أَيْ تَرْجِعَ فَإِنْ فاءَتْ أَيْ رَجَعَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى: تَفِي‏ءَ، تَرْجِعَ، فِي مَعْنَى الْآيَةِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ بَعْدِي عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ. فَسُئِلَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَنْ هُوَ؟
قَالَ: هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ، وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) «4»».
قوله تعالى:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [10]
9963/ «1»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، وَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، آخَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَآخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ، وَ بَيْنَ عُثْمَانَ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَ بَيْنَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ حَتَّى آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ أَجْمَعِهِمْ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنْتَ أَخِي وَ أَنَا أَخُوكَ».
__________________________________________________
 (3)- الكافي 5: 16/ 1.
 (1)- الأمالي 2: 199.
 (1) تفسير القمّيّ 2: 320.
 (2) البقرة 2: 226.
 (3) البقرة 2: 227.
 (4) في المصدر: خاصف النّعل يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام)

108
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 10 ص 108

9964/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، وَ فِيهَا مَاتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بِشْرٍ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي نُوَيْرَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَ الْمُهَاجِرِينَ أُخُوَّةَ الدِّينِ، وَ كَانَ يُؤَاخِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَ نَظِيرِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «هَذَا أَخِي». قَالَ حُذَيْفَةُ: فَرَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ «1»، وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْأَنَامِ شِبْهٌ وَ لَا نَظِيرٌ، وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخُوهُ.
9965/ «3»- وَ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ، رَوَاهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ فِي (الْمَنَاقِبِ): رَفَعَهُ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، وَ كَانَ يُؤَاخِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَ نَظِيرِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: «هَذَا أَخِي». قَالَ حُذَيْفَةُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ «2»، وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ [فِي الْأَنَامِ‏] شَبِيهٌ وَ لَا نَظِيرٌ، وَ عَلِيٌّ أَخُوهُ «3».
قُلْتُ: التَّشَاغُلُ بِذِكْرِ أَحَادِيثِ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَ كَوْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخَا رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَطُولُ بِهَا الْكِتَابُ، وَ هِيَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ مُتَوَاتِرَةٌ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى‏ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى‏ أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ [11]
9966/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَ كَانَتْ زَوْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ وَ حَفْصَةَ كَانَتَا تُؤْذِيَانِهَا وَ تَشْتِمَانِهَا، وَ تَقُولَانِ لَهَا: يَا بِنْتَ الْيَهُودِيَّةِ. فَشَكَتْ ذَلِكَ‏
__________________________________________________
 (2)- الأمالي 2: 199.
 (3)- المناقب: 38/ 60.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 321.
 (1) (و سيد ولد آدم) ليس في المصدر.
 (2) في المصدر: المسلمين.
 (3) في المصدر: عليّ بن أبي طالب أخوان.

109
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 11 ص 109

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ [لَهَا]: «أَ لَا تُجِيبِيهِمَا؟» فَقَالَتْ: بِمَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «قُولِي: إِنَّ أَبِي هَارُونُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَ عَمِّي مُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ، وَ زَوْجِي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَمَا تُنْكِرَانِ مِنِّي؟» فَقَالَتْ لَهُمَا. فَقَالَتَا: هَذَا عَلَّمَكِ رَسُولُ اللَّهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ- إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى- وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ.
9967/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّيَّارُ وَ أَنَا عِنْدَهُ، فَقَالَ [لَهُ‏]: جُعِلْتُ فِدَاكَ، رَأَيْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فِي غَيْرِ مَكَانٍ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْمُؤْمِنِينَ، أَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُنَافِقُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُنَافِقُونَ وَ الضُّلَّالُ، وَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [12] باب النهي عن سوء الظنّ و طلب عثرات المؤمنين، و الغيبة و معناها
9968/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا اتَّهَمَ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ، انْمَاثَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ».
9969/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَنِ اتَّهَمَ أَخَاهُ فِي دِينِهِ فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَهُمَا، وَ مَنْ عَامَلَ أَخَاهُ بِمِثْلِ مَا يُعَامِلُ «1» النَّاسَ فَهُوَ بَرِي‏ءٌ مِمَّا يَنْتَحِلُ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 8: 274/ 413.
 (2)- الكافي 2: 137/ 5.
 (3)- الكافي 2: 269/ 2.
 (1) في المصدر: ما عامل به.

110
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 12 ص 110

9970/ «3»- ثُمَّ قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي كَلَامٍ لَهُ: ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ حَتَّى يَأْتِيَكَ مَا يَقْلِبُكَ «1»، وَ لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً وَ أَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمِلًا».
9971/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَ الْفَضْلِ ابْنَيْ يَزِيدَ الْأَشْعَرِيَّيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالا: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُؤَاخِيَ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ، فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَ زَلَّاتِهِ لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً مَّا».
9972/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ يَخْلُصِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تَذُمُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَ لَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَ مَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَ لَوْ فِي بَيْتِهِ».
ثُمَّ قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: عَنْهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ.
9973/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُؤَاخِيَ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ، فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَ زَلَّاتِهِ، لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً مَّا».
9974/ «7»- ثُمَّ قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: عَنْهُ، عَنِ الْحَجَّالِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ [وَ لَمْ يُسْلِمْ بِقَلْبِهِ‏]، لَا تَتَبَّعُوا عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ لِيَفْضَحَهُ «2»».
9975/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَوِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا تَطْلُبُوا عَثَرَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَثَرَاتِ أَخِيهِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ، وَ مَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ يَفْضَحْهُ وَ لَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ».
9976/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ
__________________________________________________
 (3)- الكافي 2: 269/ 3.
 (4)- الكافي 2: 264/ 1.
 (5)- الكافي 2: 264/ 2.
 (6)- الكافي 2: 264/ 3.
 (7)- الكافي 2: 264/ 4.
 (8)- الكافي 2: 265/ 5.
 (9)- الكافي 2: 265/ 6.
 (1) في المصدر: ما يغلبك منه.
 (2) في المصدر: و متتبّع اللّه عثرته يفضحه.

111
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 12 ص 110

زُرَارَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُؤَاخِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ زَلَّاتِهِ لِيُعَيِّرَهُ بِهَا يَوْماً مَّا».
9977/ «10»- ثُمَّ قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: عَنْهُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَبْعَدُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ يُؤَاخِي الرَّجُلَ وَ هُوَ يَحْفَظُ [عَلَيْهِ‏] زَلَّاتِهِ لِيُعَيِّرَهُ بِهَا يَوْماً مَّا».
9978/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَجِبُ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ سَبْعِينَ كَبِيرَةً».
9979/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْغَيْبَةُ أَسْرَعُ فِي دِينِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْأَكِلَةِ فِي جَوْفِهِ».
قَالَ: «وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ انْتِظَاراً لِلصَّلَاةِ عِبَادَةٌ مَا لَمْ يُحْدِثْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَا يُحْدِثُ؟ قَالَ: الِاغْتِيَابَ».
9980/ «13»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْهُ عَيْنَاهُ وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ، فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «1»».
9981/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْغَيْبَةِ، قَالَ: «هُوَ أَنْ تَقُولَ لِأَخِيكَ فِي دِينِهِ مَا لَمْ يَفْعَلْ، وَ تَبُثَّ عَلَيْهِ أَمْراً قَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ فِيهِ حَدٌّ».
9982/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا كَفَّارَةُ الِاغْتِيَابِ؟ قَالَ: أَنْ تَسْتَغْفِرَ «2» لِمَنِ اغْتَبْتَهُ كُلَّمَا ذَكَرْتَهُ».
9983/ «16»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ بَهَتَ مُؤْمِناً أَوْ مُؤْمِنَةً بِمَا لَيْسَ فِيهِ، بَعَثَهُ اللَّهُ فِي‏
__________________________________________________
 (10)- الكافي 2: 265/ 7.
 (11)- الكافي 2: 265/ 8.
 (12)- الكافي 2: 266/ 1.
 (13)- الكافي 2: 266/ 2.
 (14)- الكافي 2: 266/ 3.
 (15)- الكافي 2: 266/ 4.
 (16)- الكافي 2: 266/ 5.
 (1) النور 24: 19.
 (2) في المصدر زيادة: اللّه.

112
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 12 ص 110

طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ».
قُلْتُ: وَ مَا طِينَةُ خَبَالٍ؟ قَالَ: «صَدِيدٌ يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ».
9984/ «17»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ رَجُلٍ لَا نَعْلَمُهُ إِلَّا يَحْيَى الْأَزْرَقَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ خَلْفِهِ بِمَا هُوَ فِيهِ مِمَّا عَرَفَهُ النَّاسُ لَمْ يَغْتَبْهُ، وَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِمَا هُوَ فِيهِ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ اغْتَابَهُ، وَ مَنْ ذَكَرَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَهُ».
9985/ «18»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ سَيَابَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «الْغَيْبَةُ أَنْ تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَ أَمَّا الْأَمْرُ الظَّاهِرُ [فِيهِ‏] مِثْلُ الْحِدَّةِ وَ الْعَجَلَةِ، فَلَا، وَ الْبُهْتَانُ أَنْ تَقُولَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ».
9986/ «19»- الْمُفِيدُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «الْغَيْبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا، فَقِيلَ: وَ لِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ:
 «صَاحِبُ الزِّنَا يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَ صَاحِبُ الْغَيْبَةِ يَتُوبُ فَلَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ صَاحِبُهُ الَّذِي يُحَلِّلُهُ».
9987/ «20»- الشَّيْخُ وَرَّامٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «ثَلَاثٌ لَا يَنْجُو مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الظَّنُّ، وَ الطِّيَرَةُ، وَ الْحَسَدُ، وَ سَأُحَدِّثُكُمْ بِالْمَخْرَجِ مِنْ ذَلِكَ: إِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ، وَ إِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ، وَ إِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [13]
9988/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ حَنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَرْوِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ سَلْمَانُ جَالِساً مَعَ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلُوا يَنْتَسِبُونَ وَ يَرْفَعُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ، حَتَّى بَلَغُوا سَلْمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَخْبِرْنِي مَنْ أَنْتَ، وَ مَنْ أَبُوكَ، وَ مَا أَصْلُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، كُنْتُ ضَالًّا فَهَدَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كُنْتُ عَائِلًا فَأَغْنَانِيَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كُنْتُ مَمْلُوكاً فَأَعْتَقَنِي اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، هَذَا نَسَبِي وَ هَذَا حَسَبِي».
قَالَ: «فَخَرَجَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ سَلْمَانُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) يُكَلِّمُهُمْ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَقِيتُ مِنْ‏
__________________________________________________
 (17)- الكافي 2: 266/ 6.
 (18)- الكافي 2: 266/ 7.
 (19)- الإختصاص: 226.
 (20)- تنبيه الخواطر 1: 127.
 (1)- الكافي 8: 181/ 203.

113
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 13 ص 113

هَؤُلَاءِ، جَلَسْتُ مَعَهُمْ فَأَخَذُوا يَنْتَسِبُونَ وَ يَرْفَعُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا إِلَيَّ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَنْ أَنْتَ، وَ مَا أَصْلُكَ، وَ مَا حَسَبُكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَمَا قُلْتَ لَهُ يَا سَلْمَانُ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، كُنْتُ ضَالًّا فَهَدَانِيَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كُنْتُ عَائِلًا فَأَغْنَانِيَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كُنْتُ مَمْلُوكاً فَأَعْتَقَنِي اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، هَذَا نَسَبِي وَ هَذَا حَسَبِي، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ حَسَبَ الرَّجُلِ دِينُهُ، وَ مُرُوءَتَهُ خُلُقُهُ، وَ أَصْلَهُ عَقْلُهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا سَلْمَانُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَيْكَ فَضْلٌ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ إِنْ كَانَ التَّقْوَى لَكَ عَلَيْهِمْ فَأَنْتَ أَفْضَلُ».
وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «جَلَسَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَنْتَسِبُونَ وَ يَفْتَخِرُونَ وَ فِيهِمْ سَلْمَانُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَ فِي آخِرِهِ:
فَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنْهُ» وَ فِيهِ بَعْضُ التَّغْيِيرِ
«1».
9989/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ نَصْرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ اللَّهِ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ رَجُلٌ أَشْرَفُ مِنْكَ آبَاءً، فَقَالَ: «التَّقْوَى شَرَّفَهُمْ، وَ طَاعَةُ اللَّهِ أَحَاطَتْهُمْ «2»».
فَقَالَ لَهُ آخَرُ: أَنْتَ وَ اللَّهِ خَيْرُ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: «لَا تَحْلِفْ يَا هَذَا، خَيْرٌ مِنِّي مَنْ كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ تَعَالَى، وَ أَطْوَعَ لَهُ، وَ اللَّهِ مَا نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةَ آيَةٌ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ».
9990/ «3»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [قَالَ‏]: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَسَمَ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا قِسْماً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي ذِكْرِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَ أَصْحَابِ الشِّمَالِ، وَ أَنَا خَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، ثُمَّ قَسَمَ «3» الْقِسْمَيْنِ أَثْلَاثاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا ثُلُثاً وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «4»، وَ أَنَا خَيْرُ السَّابِقِينَ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَثْلَاثَ قَبَائِلَ، وَ جَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهَا قَبِيلَةً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، فَأَنَا أَتْقَى وُلْدِ آدَمَ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَ لَا فَخْرَ، ثُمَّ جَعَلَ القَبَائِلَ بُيُوتاً،
__________________________________________________
 (2)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 236/ 10.
 (3)- أمالي الصدوق: 503/ 1.
 (1) الأمالي 1: 146.
 (2) في المصدر: أحظتهم.
 (3) في المصدر: جعل.
 (4) الواقعة 56: 8- 10.

114
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 13 ص 113

فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتاً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1»».
وَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ الثَّعْلَبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَسَمَ اللَّهُ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ» وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «2».
و قد تقدم في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ «3».
9991/ «4»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فَيْرُوزِ بْنِ غِيَاثٍ الْجَلَّابُ بِبَابِ الْأَبْوَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُخْتَارٍ الْبَائِيُّ «4»، وَ يُعْرَفُ بِفَضْلَانَ صَاحِبِ الْجَارِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْفَضْلُ بْنُ مُخْتَارٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَيرٍ الْفَزَارِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَمَّا يَجِدُ وَ قُمْتُ لِأَخْرُجَ، فَقَالَ لِي: «اجْلِسْ يَا سَلْمَانُ، فَسَيُشْهِدُكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْراً إِنَّهُ لَمِنْ خَيْرِ الْأُمُورِ». فَجَلَسْتُ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ دَخَلَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ ابْنَتُهُ فِيمَنْ دَخَلَ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ الضَّعْفِ، خَنَقَتْهَا الْعَبْرَةُ، حَتَّى فَاضَ دَمْعُهَا عَلَى خَدِّهَا، فَأَبْصَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ يَا بُنَيَّةِ، أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكِ وَ لَا أَبْكَاهَا»؟ قَالَتْ: «وَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ أَنَا أَرَى مَا بِكَ مِنَ الضَّعْفِ». قَالَ لَهَا:
 «يَا فَاطِمَةُ، تَوَكَّلِي عَلَى اللَّهِ، وَ اصْبِرِي كَمَا صَبَرَ آبَاؤُكِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ أُمَّهَاتِكِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، أَ لَا أُبَشِّرُكِ يَا فَاطِمَةُ»؟
قَالَتْ: «بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ- أَوْ قَالَتْ- يَا أَبَهْ» قَالَ: «أَ مَا عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَ أَبَاكِ فَجَعَلَهُ نَبِيّاً، وَ بَعَثَهُ إِلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ رَسُولًا، ثُمَّ اخْتَارَ عَلِيّاً فَأَمَرَنِي فَزَوَّجْتُكِ إِيَّاهُ، وَ اتَّخَذْتُهُ بِأَمْرِ رَبِّي وَزِيراً وَ وَصِيّاً، يَا فَاطِمَةُ إِنَّ عَلِيّاً أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدِي حَقّاً، وَ أَقْدَمُهُمْ سِلْماً وَ أَعْلَمُهُمْ عِلْماً، وَ أَحْلَمُهُمْ حِلْماً، وَ أَثَبْتُهُمْ فِي الْمِيزَانِ قَدْراً».
فَاسْتَبْشَرَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: «هَلْ سَرَرْتُكِ يَا فَاطِمَةُ؟» قَالَتْ: «نَعَمْ يَا أَبَهْ».
قَالَ: «أَ فَلَا أَزِيدُكِ فِي بَعْلُكِ وَ ابْنِ عَمِّكِ مِنْ مَزِيدِ الْخَيْرِ وَ فَوَاضِلِهِ؟» قَالَتْ: «بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ». قَالَ: «إِنَّ عَلِيّاً أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، هُوَ وَ خَدِيجَةُ أُمُّكِ، وَ أَوَّلُ مَنْ وَازَرَنِي عَلَى مَا جِئْتُ بِهِ. يَا فَاطِمَةُ إِنَّ عَلِيّاً أَخِي وَ صَفِيِّي وَ أَبُو وُلْدِي، إِنَّ عَلِيّاً أُعْطِيَ خِصَالًا مِنَ الْخَيْرِ لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ وَ لَا يُعْطَاهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ، فَأَحْسِنِي‏
__________________________________________________
 (4)- الأمالي 2: 219.
 (1) الأحزاب 33: 33.
 (2) العمدة: 42/ 28 عن تفسير الثعلبي.
 (3) تقدّم في الحديث (50) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.
 (4) في المصدر: الباني.

115
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات آية 13 ص 113

عَزَاكِ وَ اعْلَمِي أَنَّ أَبَاكِ لَاحِقٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
قَالَتْ: «يَا أَبَهْ قَدْ سَرَرْتَنِي «1» وَ أَحْزَنْتَنِي». قَالَ: «كَذَلِكِ يَا بُنَيَّةِ أُمُورُ الدُّنْيَا، يَشُوبُ سُرُورَهَا حُزْنُهَا، وَ صَفْوَهَا كَدِرُها، أَ فَلَا أَزِيدُكِ يَا بُنَيَّةِ؟» قَالَتْ: «بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ».
قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَهُمْ قِسْمَيْنِ، فَجَعَلَنِي وَ عَلِيّاً فِي خَيْرِهِمَا قِسْماً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «2»، ثُمَّ جَعَلَ الْقِسْمَيْنِ قَبَائِلَ فَجَعَلَنَا فِي خَيْرِهَا قَبِيلَةً، وَ ذَلِكِ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، ثُمَّ جَعَلَ القَبَائِلَ بُيُوتاً، فَجَعَلَنَا فِي خَيْرِهَا بَيْتاً فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3»، ثُمَّ إِنَّ تَعَالَى اخْتَارَنِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَ اخْتَارَ عَلِيّاً وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ وَ اخْتَارَكِ، فَأَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ، وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ، وَ أَنْتِ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ مِنْ ذُرِّيَّتِكِ «4» الْمَهْدِيُّ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ مِنْ قَبْلِهِ جَوْراً».
9992/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبَانَ الْهُنَائِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، قَالَ:
 «أَعْمَلُكُمْ بِالتَّقِيَّةِ».
9993/ «6»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، قَالَ: «أَشَدُّكُمْ تَقِيَّةً».
9994/ «7»- علي بن إبراهيم، قال: الشعوب: العجم، و القبائل: من العرب.
9995/ «8»- الطَّبْرِسِيُّ: ذَهَبَ قَوْمٌ فَقَالُوا: الشُّعُوبُ مِنَ الْعَجَمِ، وَ القَبَائِلُ مِنَ الْعَرَبِ، وَ الْأَسْبَاطُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
__________________________________________________
 (5)- أمالي الطوسيّ 2: 274.
 (6)- المحاسن: 258/ 302.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 322.
 (8)- مجمع البيان 9: 207.
 (1) في المصدر: يا أبتاه فرحتني.
 (2) الواقعة 56: 27.
 (3) الأحزاب 33: 33.
 (4) في المصدر: ذريتكما.

116
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117

قوله تعالى:
قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ [14]
9996/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ ابْنِ مُحَمَّدِ، جَمِيعاً، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ آمَنُوا فَقَدْ كَذَبَ، وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ لَمْ يُسْلِمُوا فَقَدْ كَذَبَ».
9997/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ، فَقَالَ لِي: «أَ لَا تَرَى أَنَّ الْإِيمَانَ غَيْرُ الْإِسْلَامِ».
9998/ «3»- وَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ‏عُمَيْرٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ عَنِ الْقَاسِمِ الصَّيْرَفِيِّ شَرِيكِ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «الْإِسْلَامُ يُحْقَنُ بِهِ الدَّمُ، وَ تُؤَدَّى بِهِ الْأَمَانَةُ، وَ تُسْتَحَلُّ بِهِ الْفُرُوجُ، وَ الثَّوَابُ عَلَى الْإِيمَانِ».
9999/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ وَ عَمَلٌ، وَ الْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ بِلَا عَمَلٍ».
10000/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السِّمْطِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ، مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَلَمْ يُجِبْهُ، [ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ‏] ثُمَّ الْتَقَيَا فِي الطَّرِيقِ وَ قَدْ أَزِفَ مِنَ الرَّجُلِ الرَّحِيلُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَأَنَّهُ قَدْ أَزِفَ مِنْكَ رَحِيلٌ؟» فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: «فَالْقَنِي فِي الْبَيْتِ». فَلَقِيَهُ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ، مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ: «الْإِسْلَامُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ‏] وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ، وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَ حِجُّ الْبَيْتِ، وَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَهَذَا الْإِسْلَامُ».
وَ قَالَ: «الْإِيمَانُ: مَعْرِفَةُ؟ هَذَا الْأَمْرِ مَعَ هَذَا، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا الْأَمْرَ، كَانَ مُسْلِماً وَ كَانَ ضَالًّا».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 21/ 5.
 (2)- الكافي 2: 20/ 3.
 (3)- الكافي 2: 20/ 1.
 (4)- الكافي 2: 20/ 2.
 (5)- الكافي 2: 20/ 4.

117
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117

10001/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ عَنِ الْقَاسِمِ الصَّيْرَفِيِّ شَرِيكِ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «الْإِسْلَامُ يُحْقَنُ بِهِ الدَّمُ، وَ تُؤَدَّى بِهِ الْأَمَانَةُ، وَ تُسْتَحَلُّ بِهِ الْفُرُوجُ، وَ الثَّوَابُ عَلَى الْإِيمَانِ».
10002/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ، أَ هُمَا مُخْتَلِفَانِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ، وَ الْإِسْلَامُ لَا يُشَارِكُ الْإِيمَانَ».
فَقُلْتُ: فَصِفْهُمَا لِي، فَقَالَ: «الْإِسْلَامُ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ التَّصْدِيقُ بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، بِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ، وَ عَلَيْهِ جَرَتِ الْمَنَاكِحُ وَ الْمَوَارِيثُ، وَ عَلَى ظَاهِرِهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَ الْإِيمَانُ: الْهُدَى، وَ مَا يَثْبُتُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ صِفَةِ الْإِسْلَامِ، وَ مَا ظَهَرَ مِنَ الْعَمَلِ [بِهِ‏] وَ الْإِيمَانُ أَرْفَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ. إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ فِي الظَّاهِرِ، وَ الْإِسْلَامُ لَا يُشَارِكُ الْإِيمَانَ فِي الْبَاطِنِ وَ إِنِ اجْتَمَعَا فِي الْقَوْلِ وَ الصِّفَةِ».
10003/ «8»- وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ، وَ لَا يُشَارِكُهُ الْإِسْلَامُ، إِنَّ الْإِيمَانَ مَا وَقَرَ «1» فِي الْقُلُوبِ، وَ الْإِسْلَامُ مَا عَلَيْهِ الْمَنَاكِحُ وَ الْمَوَارِيثُ وَ حَقْنُ الدِّمَاءِ، وَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ، وَ الْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ».
10004/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْإِيمَانُ أَوِ الْإِسْلَامُ؟ فَإِنَّ مَنْ قِبَلَنَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْإِسْلَامَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ: «الْإِيْمَانُ أَرْفَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ».
قُلْتُ: فَأَوْجِدْنِي ذَلِكَ قَالَ: «مَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُتَعَمِّداً؟» قَالَ: قُلْتُ يُضْرَبُ ضَرْباً شَدِيداً. قَالَ: «أَصَبْتَ». قَالَ: «فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الْكَعْبَةِ مُتَعَمِّداً؟». قُلْتُ: يُقْتَلُ. قَالَ: «أَصَبْتَ، أَ لَا تَرَى أَنَّ الْكَعْبَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَ أَنَّ الْكَعْبَةَ تَشْرَكُ الْمَسْجِدَ، وَ الْمَسْجِدُ لَا يَشْرَكُ الْكَعْبَةَ؟ وَ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ، وَ الْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ».
10005/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ: مَا اسْتَقَرَّ فِي الْقَلْبِ وَ أَفْضَى بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ صَدَّقَهُ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ التَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ،
__________________________________________________
 (6)- الكافي 2: 21/ 6.
 (7)- الكافي 2: 21/ 1.
 (8)- الكافي 2: 21/ 3.
 (9)- الكافي 2: 21/ 4.
 (10)- الكافي 2: 22/ 5.
 (1) أي ثبت.

118
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117

وَ الْإِسْلَامُ: [مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنَ الْفِرَقِ كُلِّهَا، وَ بِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ، وَ عَلَيْهِ جَرَتِ الْمَوَارِيثُ وَ جَازَ النِّكَاحُ وَ اجْتَمَعُوا عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ، فَخَرَجُوا بِذَلِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَ أُضِيفُوا إِلَى الْإِيمَانِ، الْإِسْلَامُ‏] لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ، وَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ، وَ هُمَا فِي الْقَوْلِ وَ الْعَمَلِ «1»، يَجْتَمِعَانِ، كَمَا صَارَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَ الْمَسْجِدُ لَيْسَ فِي الْكَعْبَةِ، وَ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَ الْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: «قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْدَقُ الْقَوْلِ».
قُلْتُ: فَهَلْ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ فَضْلٍ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ وَ الْأَحْكَامِ وَ الْحُدُودِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: [لَا] هُمَا يَجْرِيَانِ فِي ذَلِكَ مَجْرًى وَاحِداً، وَ لَكِنْ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي أَعْمَالِهِمَا، وَ مَا يَتَقَرَّبَانِ بِهِ إِلَى اللَّهِ» ..
قُلْتُ: أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «2»، وَ زَعَمْتَ أَنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ، وَ الصَّوْمِ، وَ الْحَجِّ مَعَ الْمُؤْمِنِ؟ قَالَ: «أَ لَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً «3»».
فَالْمُؤْمِنُونَ هُمُ الَّذِينَ يُضَاعِفُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ حَسَنَاتُهُمْ لِكُلِّ حَسَنَةٍ سَبْعِينَ ضِعْفاً، فَهَذَا فَضْلُ الْمُؤْمِنِ، وَ يَزِيدُهُ فِي حَسَنَاتِهِ عَلَى قَدْرِ صِحَّةِ إِيمَانِهِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً، وَ يَفْعَلُ اللَّهُ بِالْمُؤْمِنِينَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْخَيْرِ».
قُلْتُ: أَ رَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَ لَيْسَ هُوَ دَاخِلًا فِي الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ: «لَا، وَ لَكِنَّهُ [قَدْ] أُضِيفَ إِلَى الْإِيمَانِ وَ خَرَجَ مِنَ الْكُفْرِ. وَ سَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا تَعْقِلُ بِهِ فَضْلَ الْإِيمَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ: أَ رَأَيْتَ لَوْ أَبْصَرْتَ رَجُلًا فِي الْمَسْجِدِ، أَ كُنْتَ شَاهِداً أَنَّكَ رَأَيْتَهُ فِي الْكَعْبَةِ»؟ قُلْتُ: لَا يَجُوزُ لِي ذَلِكَ، قَالَ: «فَلَوْ أَبْصَرْتَ رَجُلًا فِي الْكَعْبَةِ، أَ كُنْتَ شَاهِداً أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟». قُلْتُ: إِنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى دُخُولِ الْكَعْبَةِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَقَالَ: «أَصَبْتَ وَ أَحْسَنْتَ». ثُمَّ قَالَ: «كَذَلِكَ الْإِسْلَامُ وَ الْإِيمَانُ».
10006/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ، قَالَ: كَتَبْتُ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَسْأَلُهُ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ: «سَأَلْتَ- رَحِمَكَ اللَّهُ- عَنِ الْإِيمَانِ، وَ الْإِيمَانُ هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ وَ عَقْدٌ فِي الْقَلْبِ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ، وَ الْإِيمَانُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، هُوَ دَارٌ، وَ كَذَلِكَ الْإِسْلَامُ دَارٌ وَ الْكُفْرُ دَارٌ، فَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْلِماً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِناً، وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً، فَالْإِسْلَامُ قَبْلَ الْإِيمَانِ، وَ هُوَ يُشَارِكُ الْإِيمَانَ، فَإِذَا أَتَى الْعَبْدُ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الْمَعَاصِي، أَوْ صَغِيرَةً مِنْ صَغَائِرِ الْمَعَاصِي الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا، كَانَ خَارِجاً عَنِ الْإِيمَانِ، سَاقِطاً عَنْ اسْمِ الْإِيمَانِ، وَ ثَابِتاً عَلَيْهِ اسْمُ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ تَابَ وَ اسْتَغْفَرَ عَادَ إِلَى دَارِ الْإِيمَانِ، وَ لَا يُخْرِجُهُ إِلَى الْكُفْرِ إِلَّا الْجُحُودُ وَ الِاسْتِحْلَالُ؛ أَنْ يَقُولَ لِلْحَلَالِ: هَذَا حَرَامٌ، وَ لِلْحَرَامِ: هَذَا حَلَالٌ، وَ دَانَ بِذَلِكَ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ‏
__________________________________________________
 (11)- الكافي 2: 23/ 1.
 (1) في المصدر: و الفعل.
 (2) الأنعام 6: 16.
 (3) البقرة 2: 245.

119
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117

خَارِجاً مِنَ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ، دَاخِلًا فِي الْكُفْرِ، وَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ ثُمَّ دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَ أَحْدَثَ فِي الْكَعْبَةِ حَدَثاً، فَأُخْرِجَ عَنِ الْكَعْبَةِ وَ عَنِ الْحَرَمِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَ صَارَ إِلَى النَّارِ».
10007/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَ الْإِسْلَامِ، قُلْتُ لَهُ: أَ فَرْقٌ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ؟ قَالَ: «فَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلَهُ»؟ قَالَ:
قُلْتُ: أَوْرِدْ ذَلِكَ. قَالَ: «مَثَلُ الْإِيمَانِ وَ الْإِسْلَامِ مَثَلُ الْكَعْبَةِ مِنَ الْحَرَمِ، قَدْ يَكُونُ فِي الْحَرَمِ وَ لَا يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ، وَ لَا يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْحَرَمِ، وَ قَدْ يَكُونُ مُسْلِماً وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً، وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً».
قَالَ: قُلْتُ: فَيَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ بِشَيْ‏ءٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
قُلْتُ يَصِيرُ «1» إِلَى مَاذَا؟ قَالَ: «إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْكُفْرِ» وَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَأَفْلَتَ مِنْهُ بَوْلُهُ، أُخْرِجَ مِنَ الْكَعْبَةِ وَ لَمْ يُخْرَجْ مِنَ الْحَرَمِ، فَغَسَلَ ثَوْبَهُ وَ تَطَهَّرَ، ثُمَّ لَمْ يُمْنَعْ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ، وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَبَالَ فِيهَا مُعَانِداً أُخْرِجَ مِنَ الْكَعْبَةِ وَ مِنَ الْحَرَمِ وَ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ».
10008/ «13»- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الْقُرَشِيُّ الْحَاكِمُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْحَسَنِ المُطَّوِّعِيُّ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ».
10009/ «14»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ، وَ لَفْظٌ بِاللِّسَانِ، وَ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، لَا يَكُونُ الْإِيمَانُ إِلَّا هَكَذَا».
10010/ «15»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ مِنْ أَصْفَهَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَ مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
: الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ».
10011/ «16»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبُنْدَارُ بِفَرْغَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ‏
__________________________________________________
 (12)- الكافي 2: 23/ 2.
 (13)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 226/ 1.
 (14)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 227/ 3.
 (15)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 277/ 4.
 (16)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 226/ 2.
 (1) في المصدر: فيصيره.

120
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117

مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْحَمَّادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَلْخِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ».
10012/ «17»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) بِقُمْ فِي رَجَبِ سَنَةِ تِسْعٍ وَ ثَلَاثِينَ وَ ثَلَاثِ مِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْغَازِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ ابْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ».
قَالَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): وَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ، يَقُولُ: وَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: وَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَبَرَأَ.

10013/ «18»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْقِلٍ الْقِرْمِيسِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً عَلَى رَأْسِ أَبِي وَ عِنْدَهُ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ وَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ حَنْبَلٍ، فَقَالَ أَبِي: لِيُحَدِّثْنِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَدِيثٍ، فَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ كَانَ وَ اللَّهِ رِضًا كَمَا سُمِّيَ- عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ».
فلما خرجنا، قال أحمد بن محمّد بن حنبل: ما هذا الإسناد؟ فقال له أبي: هذا سَعُوطُ المَجَانِينِ، أي لو سُعِطَ بِهِ المَجْنُونُ لَأَفَاقَ «1».
قوله تعالى:
لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [14- 15]
__________________________________________________
 (17)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 227/ 5.
 (18)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 228/ 6.
 (1) في المصدر: إذا سعط به المجنون أفاق.

121
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 14 الى 15 ص 117

10014/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً أي لا ينقصكم.
قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أي لم يشكوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية، قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام).
10015/ «2»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد، عن حفص بن غياث، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس أنّه قال في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، قال ابن عبّاس: ذهب علي (عليه السلام) بشرفها و فضلها.
قوله تعالى:
قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [16- 18] 10016/ «3»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ، أي أ تعلمون [اللّه‏] دينكم.
10017/ «4»- الشَّيْخُ فِي (مِصْبَاحِ الْأَنْوَارِ): بِإِسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَ قَدْ حَفَرَ النَّاسُ وَ حَفَرَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «بِأَبِي مَنْ يَحْفِرُ وَ جَبْرَئِيلُ يَكْنُسُ التُّرَابَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ مِيكَائِيلُ يُعِينُهُ، وَ لَمْ يَكُنْ يُعِينُ أَحَداً قَبْلَهُ مِنَ الْخَلْقِ».
ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: «احْفِرْ» فَغَضِبَ عُثْمَانُ وَ قَالَ: لَا يَرْضَى مُحَمَّدٌ أَنْ أَسْلَمْنَا عَلَى يَدِهِ حَتَّى يَأْمُرَنَا بِالْكَدِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
10018/ «5»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ هُوَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ، وَ قَدِ ارْتَفَعَ الْغُبَارُ مِنَ الْحَفْرِ، فَوَضَعَ عُثْمَانُ كُمَّهُ عَلَى أَنْفِهِ وَ مَرَّ، فَقَالَ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 322.
 (2)- تأويل الآيات 2: 607/ 8.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 322.
 (4)- مصباح الأنوار: 325 «مخطوط».
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 322.

122
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحجرات الآيات 16 الى 18 ص 122

عَمَّارٌ:
         لَا يَسْتَوِي مَنْ يَعْمُرُ الْمَسَاجِدَا             يَظَلُّ فِيهَا رَاكِعاً وَ سَاجِداً
         كَمَنْ يَمُرُّ بِالْغُبَارِ حَائِداً             يُعْرِضُ عَنْهُ جَاهِداً مُعَانِداً
فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ، فَقَالَ: يَا بْنَ السَّوْدَاءِ، إِيَّايَ تَعْنِي؟ ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ: لَمْ نَدْخُلْ مَعَكَ لِتُسَبَّ أَعْرَاضُنَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَدْ أَقَلْتُكَ إِسْلَامَكَ فَاذْهَبْ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. أَيْ لَسْتُمْ صَادِقِينَ. إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.

123
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق ص 125

سورة ق‏
فضلها
10019/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَدْمَنَ فِي فَرَائِضِهِ وَ نَوَافِلِهِ قِرَاءَةَ سُورَةِ ق، وَسَّعَ اللَّهُ [عَلَيْهِ فِي‏] رِزْقِهِ، وَ أَعْطَاهُ اللَّهُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَ حَاسَبَهُ حِسَاباً يَسِيراً».
10020/ «2»- وَ مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مَصْرُوعٍ أَفَاقَ مِنْ صَرْعَتِهِ وَ أَمِنَ مِنْ شَيْطَانِهِ، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ شَرِبَتْهَا امْرَأَةٌ قَلِيلَةُ اللَّبَنِ كَثُرَ لَبَنُهَا».
10021/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مَصْرُوعٍ أَفَاقَ، وَ مَنْ كَتَبَهَا فِي إِنَاءٍ وَ شَرِبَتْهَا امْرَأَةٌ قَلِيلَةُ اللَّبَنِ كَثُرَ لَبَنُهَا».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 115.
 (2)- .........
 (3)- .........

125
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 1 الى 9 ص 126

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَ وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ- إلى قوله تعالى- عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ [1- 9]
10022/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الْمُصَدَّرَةِ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَ؟ قَالَ: « [وَ أَمَّا] (قَ) فَهُوَ الْجَبَلُ الْمُحِيطُ بِالْأَرْضِ، وَ خُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْهُ، وَ بِهِ يُمْسِكُ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا».
10023/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْسَرَةَ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: « (ق) جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ وَ خُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ».
10024/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَقْطِينٍ الْجَوَالِيقِيِّ، عَنْ فُلْفُلَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «1» جَبَلًا مُحِيطاً بِالدُّنْيَا مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، وَ إِنَّمَا خُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ خُضْرَةِ ذَلِكَ الْجَبَلِ، وَ خَلَقَ خَلْقَهُ لَمْ يَفْتَرِضْ عَلَيْهِمْ شَيْئاً مِمَّا افْتَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَ زَكَاةٍ، وَ كُلُّهُمْ يَلْعَنُ رَجُلَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ» «2».
__________________________________________________
 (1)- معاني الأخبار: 22: 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 267.
 (3)- مختصر بصائر الدرجات: 11.
 (1) في المصدر: اللّه عزّ و جلّ خلق.
 (2) في المصدر زيادة: و سمّاهما.

126
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 1 الى 9 ص 126

10025/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الرَّيَّانِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ هَذَا النِّطَاقَ «1» زَبَرْجَدَةً خَضْرَاءَ، مِنْهَا اخْضَرَّتِ السَّمَاءُ».
قُلْتُ وَ مَا النِّطَاقُ؟ قَالَ: «الْحِجَابُ، وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَرَاءَ ذَلِكَ سَبْعُونَ أَلْفَ عَالَمٍ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ، وَ كُلُّهُمْ يَلْعَنُ فُلَاناً وَ فُلَاناً».
10026/ «5»- وَ فِي كِتَابِ (مَنْهَجِ التَّحْقِيقِ إِلَى سَوَاءِ الطَّرِيقِ) لِبَعْضِ الْإِمَامِيَّةِ- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- فِي سُؤَالِ الْحَسَنِ أَبَاهُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَنَّ يُرِيَهُ مَا فَضَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَمَرَ الرِّيحَ فَصَارَتْ بِنَا إِلَى جَبَلٍ (ق) فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ، وَ عَلَيْهَا مَلَكٌ عَلَى صُورَةِ النَّسْرِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ الْمَلَكُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ خَلِيفَتَهُ، أَ تَأْذَنُ لِي فِي الرَّدِّ؟ فَرَدَّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ لَهُ: «إِنْ شِئْتَ تَكَلَّمْ، وَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَمَّا تَسْأَلُنِي عَنْهُ». فَقَالَ الْمَلَكُ: بَلْ تَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: «تُرِيدُ أَنْ آذَنَ لَكَ أَنْ تَزُورَ الْخَضِرَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)». فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَدْ أَذِنْتُ لَكَ».
فَأَسْرَعَ الْمَلَكُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
ثُمَّ تَمَشَّيْنَا عَلَى الْجَبَلِ هُنَيْئَةً، فَإِذَا بِالْمَلَكِ قَدْ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ بَعْدَ زِيَارَةِ الْخَضِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، رَأَيْتُ الْمَلَكَ مَا زَارَ الْخَضِرَ إِلَّا حِينَ أَخَذَ إِذْنَكَ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاءَ بِغَيْرِ عَمَدٍ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَامَ أَنْ يَزُولَ مِنْ مَكَانِهِ بِقَدْرِ نَفَسٍ وَاحِدٍ، لَمَا زَالَ حَتَّى آذَنَ لَهُ، وَ كَذَا يَصِيرُ حَالُ وَلَدِيَ الْحَسَنِ، وَ بَعْدَهُ الْحُسَيْنِ، وَ تِسْعَةٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ».
فَقُلْنَا: مَا اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِقَافٍ؟ فَقَالَ: (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «تَرْجَائِيلُ».
فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَيْفَ تَأْتِي كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَ تَعُودُ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَمَا أَتَيْتُ بِكُمْ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنِّي لَأَمْلِكُ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، مَا لَوْ عَلِمْتُمْ بِبَعْضِهِ لَمَا احْتَمَلَهُ جِنَانُكُمْ، إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِينَ حَرْفاً، عِنْدَ آصَفَ بْنِ بَرْخِيَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَخَسَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عَرْشِ بِلْقِيسَ، حَتَّى تَنَاوَلَ السَّرِيرَ، ثُمَّ عَادَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ، أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ النَّظَرِ، وَ عِنْدَنَا نَحْنُ- وَ اللَّهِ- اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً، وَ حَرْفٌ وَاحِدٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى اسْتَأْثَرَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، عَرَفَنَا مَنْ عَرَفَنَا، وَ أَنْكَرَنَا مَنْ أَنْكَرَنَا».
و الحديث بطوله تقدم في باب يأجوج و مأجوج من آخر سورة الكهف «2».
10027/ «6»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قَ وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، قال: ق جبل محيط بالدنيا من‏
__________________________________________________
 (4)- مختصر بصائر الدرجات: 12.
 (5)- المحتضر: 73، البحار 27: 36/ 5.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 323.
 (1) في المصدر: النطاف، و كذا التي بعدها.
 (2) تقدّم في الحديث (3) من الباب المذكور أعلاه بعد تفسير الآيات (83- 98) من سورة الكهف.

127
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 1 الى 9 ص 126

وراء يأجوج و مأجوج، و هو قسم، بَلْ عَجِبُوا، يعني قريشا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ* أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ، قال: نزلت في أبي ابن خلف، قال لأبي جهل، إني لأعجب «1» من محمد، ثمّ أخذ عظما ففته، ثمّ قال: يزعم محمّد أن هذا يحيا! فقال اللّه بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ يعني مختلف.
ثمّ احتج عليهم و ضرب للبعث و النشور مثلا فقال: أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَ زَيَّنَّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ* وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. أي حسن تَبْصِرَةً وَ ذِكْرى‏ لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ* وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَ حَبَّ الْحَصِيدِ قَالَ: كُلَّ حَبٍّ يُحْصَدُ.
10028/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ:
 «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً، قَالَ: لَيْسَ [مِنْ‏] مَاءٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا وَ قَدْ خَالَطَهُ مَاءُ السَّمَاءِ».
قوله تعالى:
وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ- إلى قوله تعالى- كَذلِكَ الْخُرُوجُ [10- 11] 10029/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ أي مرتفعات لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ يعني بعضه على بعض رِزْقاً لِلْعِبادِ وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ، جوابا لقولهم: أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ، فقال اللّه: كما أن الماء إذا أنزلناه من السماء، فيخرج النبات من الأرض، كذلك أنتم تخرجون من الأرض «2».
قوله تعالى:
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ وَ ثَمُودُ* وَ عادٌ وَ فِرْعَوْنُ وَ إِخْوانُ لُوطٍ*
__________________________________________________
 (7)- الكافي 6: 387/ 1.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 323.
 (1) في المصدر: قال لأبي جهل: تعال إلي لأعجبك.
 (2) سورةُ قَ: 50: 3.

128
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 12 الى 14 ص 128

وَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ [12- 14]
10030/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ الصَّيْدَنَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَمَسَحَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، فَقَالَ: «هُنَّ اللَّوَاتِي بِاللَّوَاتِي» يَعْنِي النِّسَاءَ بِالنِّسَاءِ.
10031/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَ هِشَامٍ وَ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ نِسْوَةٌ، فَسَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ عَنِ السَّحْقِ؟ فَقَالَ: «حَدُّهَا حَدُّ الزَّانِي». فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: «بَلَى». [قَالَتْ: وَ أَيْنَ هُوَ؟]. قَالَ: «هُنَّ أَصْحَابُ الرَّسِّ».
10032/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ، أَنَا وَ صَاحِبٌ لِي، فَتَذَاكَرْنَا الْأَنْصَارَ، فَقَالَ أَحَدُنَا: هُمْ نُزَّاعٌ مِنْ قَبَائِلَ «1»، وَ قَالَ أَحَدُنَا: هُمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَابْتَدَأَ الْحَدِيثَ وَ لَمْ نَسْأَلْهُ، فَقَالَ: «إِنَّ تُبَّعاً لَمَّا جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْعِرَاقِ، وَ جَاءَ مَعَهُ الْعُلَمَاءُ وَ أَبْنَاءُ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى هَذَا الْوَادِي لِهُذَيْلٍ، أَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْ بَعْضِ الْقَبَائِلِ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَأْتِي أَهْلَ بَلْدَةٍ قَدْ لَعِبُوا بِالنَّاسِ زَمَاناً طَوِيلًا، حَتَّى اتَّخَذُوا بِلَادَهُمْ حَرَماً، وَ بَنِيَّتَهُمْ رَبّاً أَوْ رَبَّةً. فَقَالَ: إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ قَتَلْتُ مُقَاتِلِيهِمْ، وَ سَبَيْتُ ذُرِّيَّتَهُمْ [وَ هَدَمْتُ بَنِيَّتَهُمْ‏].
قَالَ: فَسَالَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى وَقَعَتَا عَلَى خَدَّيْهِ، قَالَ: فَدَعَا الْعُلَمَاءَ وَ أَبْنَاءَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ: انْظُرُونِي وَ أَخْبِرُونِي لِمَا أَصَابَنِي هَذَا؟ قَالَ: فَأَبَوْا أَنْ يُخْبِرُوهُ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْهِمْ، قَالُوا: حَدِّثْنَا بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ حَدَّثْتَ نَفْسَكَ؟ قَالَ: حَدَّثْتُ نَفْسِي أَنْ أَقْتُلَ مُقَاتِلِيهِمْ، وَ أَسْبِيَ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَ أَهْدِمَ بَنِيَّتَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَرَى الَّذِي أَصَابَكَ إِلَّا لِذَلِكَ، قَالَ: وَ لِمَ هَذَا؟ قَالُوا: لِأَنَّ الْبَلَدَ حَرَمُ اللَّهُ، وَ الْبَيْتَ بَيْتُ اللَّهِ، وَ سُكَّانَهُ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَانِ.
فَقَالَ: صَدَقْتُمْ، فَمَا مَخْرَجِي مِمَّا وَقَعْتُ فِيهِ؟ قَالُوا: تُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ، قَالَ:
فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِخَيْرٍ، فَرَجَعَتْ حَدَقَتَاهُ حَتَّى ثَبَتَتَا مَكَانَهُمَا، قَالَ: فَدَعَا بِالْقَوْمِ الَّذِينَ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِهَدْمِهَا فَقَتَلَهُمْ، ثُمَ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 5: 551/ 1.
 (2)- الكافي 7: 202/ 1.
 (3)- الكافي 4: 215/ 1.
 (1) النّزّاع من القبائل: هم جمع نازع و نزيع، و هو الغريب الذي نزّع عن أهله و عشيرته، أي بعد و غاب. «النهاية 5: 41».

129
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 12 الى 14 ص 128

أَتَى الْبَيْتَ وَ كَسَاهُ، وَ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ثَلَاثِينَ يَوْماً كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ جَزُورٍ، حَتَّى حُمِلَتِ الْجِفَانُ إِلَى السِّبَاعِ فِي رُؤْسِ الْجِبَالِ، وَ نُثِرَتِ الْأَعْلَافُ فِي الْأَوْدِيَةِ لِلْوُحُوشِ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَنْزَلَ بِهَا قَوْماً مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ غَسَّانَ، وَ هُمُ الْأَنْصَارُ».
و
فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: كَسَاهُ النِّطَاعَ «1» وَ طَيَّبَهُ.
قلت: و قد تقدم حديث في تبع في سورة البقرة، في قوله عزّ و جلّ: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا «2» فليؤخذ من هناك.
10033/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ تُبَّعاً قَالَ لِلْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ: كُونُوا هَاهُنَا حَتَّى يَخْرُجَ هَذَا النَّبِيُّ، أَمَّا أَنَا فَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ وَ لَخَرَجْتُ مَعَهُ».
10034/ «5»- و عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسين البزاز، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الأصمّ، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدّثنا يونس بن بكير الشيباني، عن زكريا بن يحيى المدني، عن عكرمة، قال: سمعت ابن عبّاس يقول: لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنّه كان مسلما.
10035/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبَانٍ، رَفَعَهُ: إِنَّ تُبَّعاً قَالَ فِي مَسِيرِهِ:
         وَ لَقَدْ أَتَانِي مِنْ قُرَيْظَةَ عَالِمٌ             حَبْرٌ لَعَمْرُكَ فِي الْيَهُودِ مُسَوَّدٌ «3»
         قَالَ ازْدَجِرْ عَنْ قَرْيَةٍ مَحْجُوبَةٍ             لِنَبِيِّ مَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ تَهْتَدِ
         فَعَفَوْتُ عَنْهُمْ عَفْوَ غَيْرِ مُثَرَّبٍ             وَ تَرَكْتُهُمْ لِعِقَابِ يَوْمٍ سَرْمَدٍ
         وَ تَرَكْتُهَا لِلَّهِ أَرْجُو عَفْوَهُ             يَوْمَ الْحِسَابِ مِنَ الْحَمِيمِ الْمُوقَدِ
         وَ لَقَدْ تَرَكْتُ لَهُ بِهَا مِنْ قَوْمِنَا             نَفَراً اولِي حَسَبٍ وَ مِمَّنْ يُحْمَدُ
         نَفَراً يَكُونُ النَّصْرُ فِي أَعْقَابِهِمْ             أَرْجُو بِذَاكَ ثَوَابَ رَبِّ مُحَمَّدٍ
         مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ بَيْتاً ظَاهِراً             لِلَّهِ فِي بَطْحَاءِ مَكَّةَ يُعْبَدُ
         قَالُوا: بِمَكَّةَ بَيْتُ مَالٍ دَاثِرٍ             وَ كُنُوزُهُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَ زَبَرْجَدٍ
         فَأَرَدْتُ أَمْراً حَالَ رَبِّي دُونَهُ             وَ اللَّهُ يَدْفَعُ عَنْ خَرَابِ الْمَسْجِدِ
__________________________________________________
 (4)- كمال الدين و تمام النعمة: 170/ 26.
 (5)- كمال الدين و تمام النعمة: 171/ 27.
 (6)- كمال الدين و تمام النعمة: 169/ 25.
 (1) النّطع: بساط من الجلد، يقال: كسا بيت اللّه بالأنطاع. «المعجم الوسيط 2: 930».
 (2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (89) من سورة البقرة.
 (3) في هذا البيت إقواء، و كذلك البيت الخامس و السابع.

130
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 12 الى 14 ص 128

         فَتَرَكْتُ مَا أَمَّلْتُهُ فِيهِ لَهُمْ             وَ تَرَكْتُهُمْ مِثْلًا لِأَهْلِ الْمَشْهَدِ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَدْ أُخْبِرَ أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ- يَعْنِي مَكَّةَ- نَبِيٌّ يَكُونُ مُهَاجَرَتُهُ إِلَى يَثْرِبَ، فَأَخَذَ قَوْماً مِنَ الْيَمَنِ فَأَنْزَلَهُمْ مَعَ الْيَهُودِ لِيَنْصُرُوهُ إِذَا خَرَجَ، وَ فِي ذَلِكَ يَقُولُ:
         شَهِدْتُ عَلَى أَحْمَدَ أَنَّهُ             رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بَارِئِ النَّسَمِ‏
         فَلَوْ مُدَّ عُمُرِي إِلَى عُمُرِهِ             لَكُنْتُ وَزِيراً لَهُ وَ ابْنَ عَمٍ‏
         وَ كُنْتُ عَذَاباً عَلَى الْمُشْرِكِينَ             أَسْقِيهِمُ كَأْسَ حَتْفٍ وَ غَمٍّ».
10036/ «7»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، [أَنَّهُ‏] قَالَ: «لَا تَسُبُّوا تُبَّعاً فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ».
وَ رَوَى الطَّبْرِسِيُّ، مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «1».
قلت: و قد تقدم خبر قوم نوح و عاد و ثمود و إخوان لوط و أصحاب الأيكة في سورة هود «2»، و خبر أصحاب الرس في سورة الفرقان «3»، و فرعون في طه و غيرها «4»، فلتؤخذ من هناك.
10037/ «8»- علي بن إبراهيم: الرس: نهر بناحية آذربيجان.
قوله تعالى:
أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [15]
10038/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ خَلَقَهَا سَبْعَةَ عَوَالِمَ لَيْسَ فِيهَا «5» مِنْ‏
__________________________________________________
 (7)- مجمع البيان 9: 100.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 323.
 (1)- الخصال: 358/ 45.
 (1) مجمع البيان 9: 101.
 (2) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49، 50، 53، 61، 69، 83) من سورة هود.
 (3) تقدّم في تفسير الآية (38) من سورة الفرقان.
 (4) تقدّم في تفسير الآيتين (43- 44) من سورة طه، و تفسير الآيات (10- 63) من سورة الشعراء، و تفسير الآيات (4، 5، 6، 38، 41) من سورة القصص.
 (5) في المصدر: ليس هم.

131
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 15 ص 131

وُلْدِ آدَمَ، خَلَقَهُمْ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، فَأَسْكَنَهُمْ فِيهَا وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ مَعَ عَالَمِهِ، ثُمَّ خَلَقَ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ أَبَا هَذَا الْبَشَرِ وَ خَلَقَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْهُ، لَا وَ اللَّهِ مَا خَلَتِ الْجَنَّةُ مِنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ مُنْذُ خَلَقَهَا، وَ لَا خَلَتِ النَّارُ مِنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ الْعُصَاةِ «1» مُنْذُ خَلَقَهَا عَزَّ وَ جَلَّ، لَعَلَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَ صَيَّرَ [اللَّهُ‏] أَبْدَانَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَعَ أَرْوَاحِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَ صَيَّرَ أَبْدَانَ أَهْلِ النَّارِ مَعَ أَرْوَاحِهِمْ فِي النَّارِ، أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يُعْبَدَ فِي بِلَادِهِ، وَ لَا يَخْلُقُ خَلْقاً يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ [وَ يُعَظِّمُونَهُ‏]، بَلَى وَ اللَّهِ لَيَخْلُقَنَّ اللَّهُ خَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَ لَا إِنَاثٍ يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ وَ يُعَظِّمُونَهُ، وَ يَخْلُقُ لَهُمْ أَرْضاً تَحْمِلُهُمْ، وَ سَمَاءً تُظِلُّهُمْ، أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ «2»، وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ».
10039/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.
قَالَ: «يَا جَابِرُ، تَأْوِيلُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَفْنَى هَذَا الْخَلْقَ وَ هَذَا الْعَالَمَ، وَ سَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ، جَدَّدَ اللَّهُ عَالَماً غَيْرَ هَذَا الْعَالَمِ، وَ جَدَّدَ خَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَ لَا إِنَاثٍ يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ، وَ خَلَقَ لَهُمْ أَرْضاً غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْضِ تَحْمِلُهُمْ، وَ سَمَاءً غَيْرَ هَذِهِ السَّمَاءِ تُظِلُّهُمْ، لَعَلَّكَ تَرَى [أَنَّ اللَّهَ‏] إِنَّمَا خَلَقَ هَذَا الْعَالَمَ الْوَاحِدَ، وَ تَرَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ بَشَراً غَيْرَكُمْ، بَلَى وَ اللَّهِ، لَقَدْ خَلَقَ أَلْفَ أَلْفِ عَالَمٍ، وَ أَلْفَ أَلْفِ آدَمٍ، أَنْتَ فِي آخِرِ تِلْكَ الْعَوَالِمِ وَ أُولَئِكَ الْآدَمِيِّينَ».
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [16]
10040/ «1»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: تَأْوِيلُهُ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ هُوَ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُيَسِّرٍ، عَنْ بَعْضِ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ.
__________________________________________________
 (2)- التوحيد: 277/ 2.
 (1)- تأويل الآيات 2: 608/ 1.
 (1) في المصدر: و العصاة.
 (2) إبراهيم 14: 48.

132
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 16 ص 132

قَالَ: «هُوَ الْأَوَّلُ»، وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَ لكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ «1»، قَالَ: «هُوَ زُفَرُ، وَ هَذِهِ الْآيَاتُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ «2»، فِيهِمَا وَ فِي أَتْبَاعِهِمَا، وَ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا».
10041/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: حَبْلِ الْوَرِيدِ، قال: حبل العنق.
قوله تعالى:
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ* ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [17- 18]
10042/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ، عَلَى إِحْدَاهُمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ، وَ عَلَى الْأُخْرَى شَيْطَانٌ مُفَتِّنٌ، هَذَا يَأْمُرُهُ وَ هَذَا يَزْجُرُهُ، الشَّيْطَانُ يَأْمُرُهُ بِالْمَعَاصِي، وَ الْمَلَكُ يَزْجُرُهُ عَنْهَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ* ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ».
10043/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عُثْمَانَ الْمُرَادِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ لَمْ يَهْلِكْ عَلَى اللَّهِ بَعْدَهُنَّ إِلَّا هَالِكٌ؛ يَهُمُّ الْعَبْدُ بِالْحَسَنَةِ فَيَعْمَلُهَا، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً بِحُسْنِ نِيَّتِهِ، وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْراً، وَ يَهُمُّ بِالسَّيِّئَةِ أَنْ يَعْمَلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ، وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ، وَ قَالَ صَاحِبُ الْحَسَنَاتِ لِصَاحِبِ السَّيِّئَاتِ، وَ هُوَ صَاحِبُ الشِّمَالِ: لَا تَعْجَلْ، عَسَى أَنْ يُتْبِعَهَا بِحَسَنَةٍ تَمْحُوهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ «3» أَوِ اسْتِغْفَارٍ، فَإِنْ [هُوَ] قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَادَةِ، الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ، وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ، لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ، وَ إِنْ مَضَتْ سَبْعُ سَاعَاتٍ وَ لَمْ يُتْبِعْهَا بِحَسَنَةٍ وَ لَا اسْتِغْفَارٍ، قَالَ صَاحِبُ الْحَسَنَاتِ لِصَاحِبِ السَّيِّئَاتِ: اكْتُبْ عَلَى الشَّقِيِّ الْمَحْرُومِ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 324.
 (2)- الكافي 2: 205/ 1.
 (3)- الكافي 2: 313/ 4.
 (1) سورة 50: 27.
 (2) سورة ق 50: 30.
 (3) هود 11: 114.

133
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133

10044/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ وَ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يُكْتَبُ «1» مِنَ الدُّعَاءِ وَ الْقِرَاءَةِ إِلَّا مَا أَسْمَعَ نَفْسَهُ».
10045/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يَكْتُبُ الْمَلَكُ إِلَّا مَا سَمِعَ، وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً «2» فَلَا يَعْلَمُ ثَوَابَ ذَلِكَ الذِّكْرِ فِي نَفْسِ الرَّجُلِ غَيْرُ اللَّهِ لِعَظَمَتِهِ».
10046/ «5»- وَ رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يَكْتُبُ الْمَلَكُ إِلَّا مَا يَسْمَعُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً «3»» قَالَ: «لَا يَعْلَمُ ثَوَابَ ذَلِكَ الذِّكْرِ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى».
10047/ «6»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ مَعَهُ مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ مَا يَلْفِظُهُ، ثُمَّ يَرْفَعَانِ ذَلِكَ إِلَى مَلَكَيْنِ فَوْقَهُمَا، فَيُثْبِتَانِ مَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ، وَ يُلْقِيَانِ مَا سِوَى ذَلِكَ» «4».
10048/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْضِعِ الْمَلَكَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ؟ قَالَ: «هَاهُنَا وَاحِدٌ، وَ هَاهُنَا وَاحِدٌ» يَعْنِي عِنْدَ شِدْقَيْهِ.
10049/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [قَالَ‏]: «لَا يَكْتُبُ الْمَلَكَانِ إِلَّا مَا نَطَقَ بِهِ الْعَبْدُ».
10050/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ فِي الْهَوَاءِ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ يُحْصُونَ أَعْمَالَ الْعِبَادِ، فَإِذَا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ السِّجِلُّ فَانْتَسَخَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:
__________________________________________________
 (3)- الكافي 3: 313/ 6.
 (4)- الكافي 2: 364/ 4.
 (5)- الزهد: 53/ 144.
 (6)- الزهد: 53/ 141.
 (7)- الزهد: 53/ 142.
 (8)- الزهد: 53/ 143.
 (9)- الزهد: 54/ 145.
 (1) في «ط» زيادة: الملك.
 (2) الأعراف 7: 205.
 (3) الأعراف 7: 205.
 (4) في «ط، ي»: و له.

134
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133

يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ «1»».
10051/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ قَالَ: «هُمَا الْمَلَكَانِ».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ «2»، قَالَ: «هُوَ الْمَلَكُ الَّذِي يَحْفَظُ عَلَيْهِ عَمَلَهُ».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ «3»، قَالَ: «هُوَ شَيْطَانُهُ».
10052/ «11»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ جَمِيلِ ابْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ لِآدَمَ فِي ذُرِّيَّتِهِ: مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَ لَمْ يَعْمَلْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَ عَمِلَهَا، كُتِبَ لَهُ بِهَا عَشْرٌ، وَ مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ [وَ لَمْ يَعْمَلْهَا] لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، وَ مَنْ هَمَّ بِهَا وَ عَمِلَهَا، كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ».
10053/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَهُمُّ بِالْحَسَنَةِ وَ لَا يَعْمَلُ بِهَا، فَكُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ، وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَهُمُّ بِالسَّيِّئَةِ أَنْ يَعْمَلَهَا [فَلَا يَعْمَلُهَا] فَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ».
10054/ «13»- ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْهُ، عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْعُوسِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَائِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَلَكَيْنِ، هَلْ يَعْلَمَانِ بِالذَّنْبِ إِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَفْعَلَهُ أَوِ الْحَسَنَةِ؟ فَقَالَ: «رِيحُ الْكَثِيفِ [الْكَنِيفِ‏] وَ الطَّيِّبِ سَوَاءٌ؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا هَمَّ بِالْحَسَنَةِ خَرَجَ نَفَسُهُ طَيِّبَ الرِّيحِ، فَقَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الشِّمَالِ: قُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ هَمَّ بِالْحَسَنَةِ؛ فَإِذَا فَعَلَهَا كَانَ لِسَانُهُ قَلَمَهُ، وَ رِيقُهُ مِدَادَهُ فَأَثْبَتَهَا لَهُ.
وَ إِذَا هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ: خَرَجَ نَفَسُهُ مُنْتِنَ الرِّيحِ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الشِّمَالِ لِصَاحِبِ الْيَمِينِ: قِفْ، فَإِنَّهُ قَدْ هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ، فَإِذَا هُوَ فَعَلَهَا كَانَ لِسَانُهُ قَلَمَهُ، وَ رِيقُهُ مِدَادَهُ، وَ أَثْبَتَهَا عَلَيْهِ».
10055/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أُجِّلَ مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ، فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ».
__________________________________________________
 (10)- الزهد: 54/ 146.
 (11)- الكافي 2: 313/ 1.
 (12)- الكافي 2: 313/ 2.
 (13)- الكافي 2: 313/ 3.
 (14)- الكافي 2: 317/ 1.
 (1) الأنبياء 21: 104.
 (2) سورة ق 50: 23.
 (3) سورة ق 50: 27.

135
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133

10056/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، وَ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً أُجِّلَ فِيهَا سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ».
10057/ «16»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، جَمِيعاً، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ، لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ وَ إِنْ مَضَتِ السَّاعَاتُ وَ لَمْ يَسْتَغْفِرْ؛ كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ. وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُذَكَّرُ ذَنْبَهُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ فَيَغْفِرَ لَهُ، وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَيُنْسَاهُ مِنْ سَاعَتِهِ».
10058/ «17»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنْ قَالَ:
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ».
10059/ «18»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، جَمِيعاً، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنْ هُوَ تَابَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ، وَ إِنْ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ كُتِبَ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ». فَأَتَاهُ عَبَّادٌ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ لَهُ: بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ؟ فَقَالَ: «لَيْسَ هَكَذَا قُلْتُ، وَ لَكِنِّي قُلْتُ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ، وَ كَذَلِكَ كَانَ قَوْلِي».
10060/ «19»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «إِنَّ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: رَبِّ سَلَّطْتَ عَلَيَّ الشَّيْطَانَ وَ أَجْرَيْتَهُ مِنِّي مَجْرَى الدَّمِ، فَاجْعَلْ لِي شَيْئاً. فَقَالَ: يَا آدَمُ، جَعَلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ هَمَّ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ، وَ مَنْ هَمَّ مِنْهُمْ بِحَسَنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرٌ؛ قَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي [قَالَ: جُعِلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ سَيِّئَةً ثُمَّ اسْتَغْفَرَ غَفَرْتُ لَهُ، قَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي‏] قَالَ: جَعَلْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ- أَوْ قَالَ بَسَطْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ- حَتَّى تَبْلُغَ النَّفْسُ هَذِهِ، قَالَ: يَا رَبِّ حَسْبِي».
__________________________________________________
 (15)- الكافي 2: 317/ 2.
 (16)- الكافي 2: 317/ 3.
 (17)- الكافي 2: 318/ 5.
 (18)- الكافي 2: 318/ 9.
 (19)- الكافي 2: 319/ 1.

136
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133

10061/ «20»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَنَظَرَ إِلَيَّ بِوَجْهٍ قَاطِبٍ، فَقُلْتُ: مَا الَّذِي غَيَّرَكَ لِي؟
قَالَ: «الَّذِي غَيَّرَكَ لِإِخْوَانِكَ، بَلَغَنِي- يَا إِسْحَاقُ- أَنَّكَ أَقْعَدْتَ بِبَابِكَ بَوَّاباً يَرُدُّ عَنْكَ فُقَرَاءَ الشِّيعَةِ». فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي خِفْتُ الشُّهْرَةَ.
فَقَالَ: «أَ فَلَا خِفْتَ الْبَلِيَّةَ، أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا الْتَقَيَا فَتَصَافَحَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرَّحْمَةَ عَلَيْهِمَا، فَكَانَتْ تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ لِأَشَدِّهِمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ، فَإِذَا تَوَافَقَا غَمَرَتْهُمَا الرَّحْمَةُ، وَ إِذَا قَعَدَا يَتَحَدَّثَانِ قَالَتِ الْحَفَظَةُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: اعْتَزِلُوا بِنَا، فَلَعَلَّ لَهُمَا سِرّاً، وَ قَدْ سَتَرَ [اللَّهُ‏] عَلَيْهِمَا!؟».
فَقُلْتُ: أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ؟ فَقَالَ: « «يَا إِسْحَاقُ، إِنْ كَانَتِ الْحَفَظَةُ لَا تَسْمَعُ، فَإِنَّ عَالِمَ السِّرِّ يَسْمَعُ وَ يَرَى».
10062/ «21»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا اعْتَنَقَا غَمَرَتْهُمَا الرَّحْمَةُ، فَإِذَا الْتَزَمَا لَا يُرِيدَانِ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ، وَ لَا يُرِيدَانِ غَرَضاً مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا، قِيلَ لَهُمَا: مَغْفُوراً لَكُمَا فَاسْتَأْنِفَا، فَإِذَا أَقْبَلَا عَلَى الْمُسَاءَلَةِ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ:
تَنَحَّوْا عَنْهُمَا فَإِنَّ لَهُمَا سِرّاً، وَ قَدْ سَتَرَ [اللَّهُ‏] عَلَيْهِمَا».
قَالَ إِسْحَاقُ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِمَا لَفْظُهُمَا، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ؟ قَالَ: فَتَنَفَّسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الصُّعَدَاءَ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى أَخْضَلَتْ دُمُوعُهُ لِحْيَتَهُ؛ وَ قَالَ:
 «يَا إِسْحَاقُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ انْ تَعْتَزِلَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا الْتَقَيَا إِجْلَالًا لَهُمَا، وَ إِنَّهُ وَ إِنْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ لَا تَكْتُبُ لَفْظَهُمَا وَ لَا تَعْرِفُ كَلَامَهُمَا فَإِنَّهُ يَعْرِفُهُ وَ يَحْفَظُهُ عَلَيْهِمَا عَالِمُ السِّرِّ وَ أَخْفَى».
10063/ «22»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (بِشَارَاتِ الشِّيعَةِ): عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ عِنْدَهُ أَبُو بَصِيرٍ وَ مَيْسَرَةُ وَ عِدَّةٌ مِنْ جُلَسَائِهِ، فَلَمَّا انْ أَخَذْتُ مَجْلِسِي أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ، وَ قَالَ: «يَا سَدِيرُ، أَمَا إِنَّ وَلِيَّنَا لَيَعْبُدُ اللَّهَ قَائِماً وَ قَاعِداً «1» وَ نَائِماً وَ حَيّاً وَ مَيِّتاً».
قَالَ: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَمَّا عِبَادَتُهُ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ حَيّاً فَقَدْ عَرَفْنَا، كَيْفَ يَعْبُدُ اللَّهَ نَائِماً وَ مَيِّتاً؟
قَالَ: «إِنَّ وَلِيَّنَا لَيَضَعُ رَأْسَهُ فَيَرْقُدُ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ خُلِقَا فِي الْأَرْضِ، لَمْ يَصْعَدَا إِلَى السَّمَاءِ، وَ لَمْ يَرَيَا مَلَكُوتَهُمَا، فَيُصَلِّيَانِ عِنْدَهُ حَتَّى يَنْتَبِهَ، فَيَكْتُبَ [اللَّهُ ثَوَابَ‏] صَلَاتِهِمَا لَهُ، وَ الرَّكْعَةُ مِنْ صَلَاتِهِمَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ مِنْ صَلَاةِ الْآدَمِيِّينَ.
__________________________________________________
 (20)- الكافي 2: 145/ 14.
 (21)- الكافي 2: 147/ 2.
 (22)- فضائل الشيعة: 65/ 23.
 (1) في «ط، ي»: أو قاعدا أو.

137
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 17 الى 18 ص 133

وَ إِنَّ وَلِيَّنَا لَيَقْبِضُهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، فَيَصْعَدُ مَلَكَاهُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولَانِ: يَا رَبَّنَا، عَبْدُكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، انْقَطَعَ وَ اسْتَوْفَى أَجَلَهُ، وَ لَأَنْتَ أَعْلَمُ مِنَّا بِذَلِكَ، فَأْذَنْ لَنَا نَعْبُدْكَ فِي آفَاقِ سَمَائِكَ وَ أَطْرَافِ أَرْضِكَ، قَالَ: فَيُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِمَا: أَنَّ فِي سَمَائِي لَمَنْ يَعْبُدُنِي، وَ مَا لِي فِي عِبَادَتِهِ مِنْ حَاجَةٍ بَلْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهَا، وَ إِنَّ فِي أَرْضِي لَمَنْ يَعْبُدُنِي حَقَّ عِبَادَتِي، وَ مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَحَبَّ «1» إِلَيَّ مِنْهُ. فَيَقُولَانِ: يَا رَبَّنَا مَنْ هَذَا الَّذِي يَسْعَدُ بِحُبِّكَ إِيَّاهُ؟ قَالَ: فَيُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِمَا: ذَلِكَ مَنْ أُخِذَ مِيثَاقُهُ بِمُحَمَّدٍ عَبْدِي وَ وَصِيِّهِ وَ ذُرِّيَّتِهِمَا بِالْوَلَايَةِ، اهْبِطَا إِلَى قَبْرِ وَلِيِّي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَصَلِّيَا عِنْدَهُ إِلَى أَنْ أَبْعَثَهُ فِي الْقِيَامَةِ.
قَالَ: فَيَهْبِطُ الْمَلَكَانِ، فَيُصَلِّيَانِ عِنْدَ الْقَبْرِ إِلَى أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهُ، فَيُكْتَبُ ثَوَابُ صَلَاتِهِمَا لَهُ، وَ الرَّكْعَةُ مِنْ صَلَاتِهِمَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ مِنْ صَلَاةِ الْآدَمِيِّينَ».
قَالَ سَدِيرٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِذَنْ وَلِيُّكُمْ نَائِماً وَ مَيِّتاً أَعْبَدُ مِنْهُ حَيّاً وَ قَائِماً؟ قَالَ: فَقَالَ: «هَيْهَاتَ يَا سَدِيرُ، إِنَّ وَلِيَّنَا لَيُؤَمِّنُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجِيزُ أَمَانَهُ».
10064/ «23»- الدَّيْلَمِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُحْصِي عَلَى الْعَبْدِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ، حَتَّى أَنِينَهُ فِي مَرَضِهِ».
و الأحاديث في ذلك كثيرة، تركنا ذكرها مخافة الإطالة، و قد ذكرنا من ذلك شيئا كثيرا في كتاب، (معالم الزلفى) «2» من أرادها وقف عليها من هناك.
قوله تعالى:
وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [19] 10065/ «1»- علي بن إبراهيم: قال: نزلت: (و جاءت سكرة الحق بالموت).
و روى الطبرسيّ مثله، قال: و رواه أصحابنا عن أئمة الهدى (عليهم السلام) «3».
قوله تعالى:
ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ- إلى قوله تعالى- هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ [19- 23]
__________________________________________________
 (23)- إرشاد القلوب: 70.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 324.
 (1) في المصدر: أحوج.
 (2) انظر معالم الزلفى: الباب (41) و ما بعده.
 (3) مجمع البيان 9: 216.

138
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 19 الى 23 ص 138

10066/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ، قال: نزلت في الأول «1»، و قوله تعالى: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ، يشهد عليها، قال: سائق يسوقها. قوله: وَ قالَ قَرِينُهُ، يعني شيطانه، و هو الثاني «2». هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ.
و قد تقدمت رواية في هذا المعنى في ما تقدم من السورة «3».
10067/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فِي مَعْنَى الْقَرِينِ: «يَعْنِي الْمَلَكَ الشَّهِيدَ [عَلَيْهِ‏]».
10068/ «3»- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ: بِإِسْنَادِهِ عَنْ رِجَالِهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ. قَالَ: «السَّائِقُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الشَّهِيدُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
قوله تعالى:
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ [24]
10069/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا جَمَعَ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِي وَ لَكَ. قُومَا فَأَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا وَ كَذَّبَكُمَا، وَ عَادَاكُمَا «4» فِي النَّارِ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 324.
 (2)- مجمع البيان 9: 220.
 (3)- تأويل الآيات 2: 609/ 2.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 324.
 (1) في المصدر: زريق.
 (2) في المصدر: حبتر.
 (3) تقدمت في الحديث (1) من تفسير الآية (16) من هذه السورة.
 (4) (و عاداكما) ليس في «ج، ي» و المصدر.

139
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 24 ص 139

10070/ «2»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْخَزَّازِ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْوَسِيلَةَ، فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْوَسِيلَةِ. فَقَالَ: هِيَ دَرَجَتِي فِي الْجَنَّةِ، وَ هِيَ أَلْفُ مِرْقَاةٍ جَوْهَرٍ، إِلَى مِرْقَاةٍ زَبَرْجَدٍ، إِلَى مِرْقَاةٍ لُؤْلُؤٍ، إِلَى مِرْقَاةٍ ذَهَبٍ إِلَى مِرْقَاةٍ فِضَّةٍ، فَيُؤْتَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تُنْصَبَ مَعَ دَرَجَةِ النَّبِيِّينَ، وَ هِيَ فِي دَرَجَةِ النَّبِيِّينَ كَالْقَمَرِ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَ لَا شَهِيدٌ وَ لَا صِدِّيقٌ إِلَّا قَالَ: طُوبَى لِمَنْ كَانَتْ هَذِهِ دَرَجَتَهُ، فَيُنَادِي الْمُنَادِي وَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ جَمِيعُ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الْمُؤْمِنِينَ: هَذِهِ دَرَجَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فَأُقْبِلُ يَوْمَئِذٍ مُتَّزِراً بِرِيطَةٍ «1» مِنْ نُورٍ، عَلَى رَأْسِي تَاجُ الْمُلْكِ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ:
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ، الْمُفْلِحُونَ هُمُ الْفَائِزُونَ بِاللَّهِ. فَإِذَا مَرَرْنَا بِالنَّبِيِّينَ، قَالُوا: [هَذَانِ‏] مَلَكَانِ مُقَرَّبَانِ؛ وَ إِذَا مَرَرْنَا بِالْمَلَائِكَةِ قَالُوا: هَذَانِ مَلَكَانِ لَمْ نَعْرِفْهُمَا وَ لَمْ نَرَهُمَا، أَوْ قَالُوا «2»: هَذَانِ نَبِيَّانِ مُرْسَلَانِ؛ حَتَّى أَعْلُوَ الدَّرَجَةَ وَ عَلِيٌّ يَتْبَعُنِي، حَتَّى إِذَا صِرْتُ فِي أَعْلَى دَرَجَةٍ مِنْهَا، وَ عَلِيٌّ أَسْفَلُ مِنِّي وَ بِيَدِهِ لِوَائِي، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَ لَا مُؤْمِنٌ إِلَّا رَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ إِلَيَّ، يَقُولُونَ: طُوبَى لِهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، مَا أَكْرَمَهُمَا عَلَى اللَّهِ! فَيُنَادِي الْمُنَادِي يُسْمِعُ النَّبِيِّينَ وَ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ: هَذَا حَبِيبِي مُحَمَّدٌ، وَ هَذَا وَلِيِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّهُ، وَ وَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَهُ وَ كَذَّبَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ فِي مَشْهَدِ الْقِيَامَةِ أَحَدٌ يُحِبُّكَ إِلَّا اسْتَرْوَحَ إِلَى هَذَا الْكَلَامِ، وَ ابْيَضَّ وَجْهُهُ، وَ فَرِحَ قَلْبُهُ، وَ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ عَادَاكَ وَ نَصَبَ لَكَ حَرْباً أَوْ جَحَدَ لَكَ حَقّاً إِلَّا اسْوَدَّ وَجْهُهُ، وَ اضْطَرَبَتْ قَدَمَاهُ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا بِمَلَكَيْنِ قَدْ أَقْبَلَا إِلَيَّ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَرِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ، وَ أَمَّا الْآخَرُ فَمَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، فَيَدْنُو إِلَيَّ رِضْوَانُ، وَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ، وَ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَأَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَ أَقُولُ: مَنْ أَنْتَ، أَيُّهَا الْمَلَكُ الطَّيِّبُ الرِّيحِ، الْحَسَنُ الْوَجْهِ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ؟ فَيَقُولُ: أَنَا رِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ، أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ آتِيَكَ بِمَفَاتِيحِ الْجَنَّةِ، فَخُذْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَقُولُ: [قَدْ] قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّي، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ، وَ فَضَّلَنِي بِهِ، ادْفَعْهَا إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ وَ يَرْجِعُ رِضْوَانُ، ثُمَّ يَدْنُو مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، فَيُسَلِّمُ عَلَيَّ، وَ يَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، فَأَقُولُ لَهُ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ أَيُّهَا الْمَلَكُ، مَا أَنْكَرَ رُؤْيَتَكَ، وَ أَقْبَحَ وَجْهَكَ! مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ:
أَنَا مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ آتِيَكَ بِمَفَاتِيحِ النَّارِ، فَأَقُولُ: قَدْ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّي، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ، وَ فَضَّلَنِي بِهِ، ادْفَعْهَا إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ.
ثُمَّ يَرْجِعُ مَالِكٌ، فَيُقْبِلُ عَلِيٌّ وَ مَعَهُ مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ وَ مَقَالِيدُ النَّارِ، حَتَّى يَقِفَ «3» عَلَى عُجْزَةِ «4» جَهَنَّمَ، وَ يَأْخُذَ
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 324.
 (1) الرّيطة: كلّ ثوب لين رقيق. «لسان العرب 7: 307».
 (2) في المصدر: قال.
 (3) في: «ط، ج، ي» يقعد.
 (4) العجزة: مؤخّرة الشي‏ء، و في المصدر: شفير.

140
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 24 ص 139

زِمَامَهَا بِيَدِهِ، وَ قَدْ عَلَا زَفِيرُهَا، وَ اشْتَدَّ حَرُّهَا «1»، فَتُنَادِي جَهَنَّمُ: يَا عَلِيُّ جُزْنِي فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي. فَيَقُولُ لَهَا عَلِيٌّ [قِرِّي يَا جَهَنَّمُ‏] ذَرِي هَذَا وَلِيِّي وَ خُذِي هَذَا عَدُوِّي. فَلَجَهَنَّمُ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مُطَاوَعَةً لِعَلِيٍّ مِنْ غُلَامِ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ شَاءَ يَذْهَبُ بِهِ يَمْنَةً وَ إِنْ شَاءَ يَذْهَبُ بِهِ يَسْرَةً، وَ لَجَهَنَّمُ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مُطَاوَعَةً لِعَلِيٍّ فِيمَا يَأْمُرُهَا بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيّاً يَوْمَئِذٍ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ».
10071/ «3»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِيَّ وَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شَفَّعَنِي رَبِّي وَ شَفَّعَكَ يَا عَلِيُّ، وَ كَسَانِي وَ كَسَاكَ يَا عَلِيُّ، ثُمَّ قَالَ لِي وَ لَكَ: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ مَنْ أَبْغَضَكُمَا وَ أَدْخِلَا الْجَنَّةَ كُلَّ مَنْ أَحَبَّكُمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُؤْمِنُ».
10072/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) كَثِيراً مَّا يَقُولُ: أَنَا قَسِيمُ اللَّهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ أَنَا الْفَارُوقُ الْأَكْبَرُ، وَ أَنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَ الْمِيسَمِ».
وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُمْهُورِ الْعَمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.
10073/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْأَعْرَجُ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَا قَسِيمُ اللَّهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ أَنَا الْفَارُوقُ الْأَكْبَرُ، وَ أَنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَ الْمِيسَمِ».
10074/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لِمَ صَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَسِيمَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ حُبَّهُ إِيمَانٌ، وَ بُغْضَهُ كُفْرٌ، وَ أَنَّمَا خُلِقَتِ الْجَنَّةُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَ النَّارُ لِأَهْلِ الْكُفْرِ، فَهُوَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، فَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا أَهْلُ مَحَبَّتِهِ، وَ النَّارُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا أَهْلُ بُغْضِهِ».
قَالَ الْمُفَضَّلُ، فَقُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَالْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَوْصِيَاءُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، كَانُوا يُحِبُّونَهُ، وَ أَعْدَاؤُهُمْ كَانُوا
__________________________________________________
 (3)- الأمالي 1: 378.
 (4)- الكافي 1: 152/ 1.
 (5)- الكافي 1: 153/ 2.
 (6)- علل الشرائع: 161/ 1.
 (1) في المصدر زيادة: و كثر شررها.

141
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 24 ص 139

يُبْغِضُونَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
قُلْتُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ يَوْمَ خَبِيرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، مَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ؟ فَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَفَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى يَدَيْهِ». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا أُتِيَ بِالطَّائِرِ الْمَشْوِيِّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَ إِلَيَّ، يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ؛ وَ عَنَى بِهِ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ). قُلْتُ، بَلَى. قَالَ: «فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ لَا يُحِبَّ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ وَ رُسُلُهُ وَ أَوْصِيَاؤُهُمْ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، وَ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا. قَالَ:
 «فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أُمَمِهِمْ لَا يُحِبُّونَ حَبِيبَ اللَّهِ وَ رَسُولَهُ وَ أَنْبِيَاءَهُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ جَمِيعَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلَهُ وَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُحِبِّينَ، وَ ثَبَتَ أَنَّ أَعْدَاءَهُمْ وَ الْمُخَالِفِينَ لَهُمْ كَانُوا لَهُمْ وَ لِجَمِيعِ أَهْلِ مَحَبَّتِهِمْ مُبْغِضِينَ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَلَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَحَبَّهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ لَا يُدْخِلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَبْغَضَهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، فَهُوَ إِذَنْ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ».
قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَرَّجْتَ عَنِّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، فَزِدْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. قَالَ:
 «سَلْ يَا مُفَضَّلُ».
فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يُدْخِلُ مُحِبَّهُ الْجَنَّةَ، وَ مُبْغِضَهُ النَّارَ، أَوْ رِضْوَانُ وَ مَالِكٌ؟ فَقَالَ: «يَا مُفَضَّلُ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ رُوحٌ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ هُمْ أَرْوَاحٌ قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ بِأَلْفَيْ عَامٍ»؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ، وَ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ، وَ وَعَدَهُمُ الْجَنَّةَ عَلَى ذَلِكَ، وَ أَوْعَدَ مَنْ خَالَفَ مَا أَجَابُوا إِلَيْهِ وَ أَنْكَرَهُ النَّارَ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ:
 «أَ فَلَيْسَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ضَامِناً لِمَا وَعَدَ وَ أَوْعَدَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَ وَ لَيْسَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَلِيفَتَهُ وَ إِمَامَ أُمَّتِهِ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَ وَ لَيْسَ رِضْوَانٌ وَ مَالِكٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ لِشِيعَتِهِ النَّاجِينَ بِمَحَبَّتِهِ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَنْ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ رِضْوَانٌ وَ مَالِكٌ صَادِرَانِ عَنْ أَمْرِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، يَا مُفَضَّلُ خُذْ هَذَا فَإِنَّهُ مِنْ مَخْزُونِ الْعِلْمِ وَ مَكْنُونِهِ، وَ لَا تُخْرِجْهُ إِلَّا إِلَى أَهْلِهِ».
10075/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُهَاجِرَيْنِ إِلَى بِلَادِ الْحَبَشَةِ، فَأُهْدِيَتْ لِجَعْفَرٍ جَارِيَةٌ قِيمَتُهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَهْدَاهَا لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) تَخْدُمُهُ، فَجَعَلَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَدَخَلَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) يَوْماً فَنَظَرَتْ إِلَى رَأْسِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي حَجْرِ الْجَارِيَةِ، فَقَالَتْ: «يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَعَلْتَهَا؟». فَقَالَ: «لَا وَ اللَّهِ،- يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ- مَا فَعَلْتُ شَيْئاً فَمَا الَّذِي تُرِيدِينَ؟». قَالَتْ: «تَأْذَنُ لِي فِي الْمَصِيرِ إِلَى مَنْزِلِ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟».
__________________________________________________
 (7)- علل الشرائع: 163/ 2.

142
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 24 ص 139

فَقَالَ لَهَا: «قَدْ أَذِنْتُ لَكَ». فَتَجَلْبَبَتْ بِجِلْبَابِهَا «1»، وَ تَبَرْقَعَتْ بِبُرْقُعِهَا، وَ أَرَادَتِ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: إِنَّ هَذِهِ فَاطِمَةُ، قَدْ أَقْبَلَتْ إِلَيْكَ تَشْكُو عَلِيّاً، فَلَا تَقْبَلْ مِنْهَا فِي عَلِيٍّ شَيْئاً. فَدَخَلَتْ فَاطِمَةُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «جِئْتِ تَشْكِينَ عَلِيّاً؟». قَالَتْ: «إِي وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ». فَقَالَ [لَهَا]: «ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَقُولِي لَهُ: رَغِمَ أَنْفِي لِرِضَاكَ».
فَرَجَعَتْ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَقَالَتْ لَهُ: «يَا أَبَا الْحَسَنِ، رَغِمَ أَنْفِي لِرِضَاكَ». تَقُولُهَا ثَلَاثاً، فَقَالَ [لَهَا] عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «شَكَوْتِنِي إِلَى خَلِيلِي وَ حَبِيبِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَا سَوْأَتَاهْ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أُشْهِدُ اللَّهَ- يَا فَاطِمَةُ- أَنَّ الْجَارِيَةَ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَ أَنَّ الْأَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِي صَدَقَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ» ثُمَّ تَلَبَّسَ وَ انْتَعَلَ، وَ أَرَادَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: قُلْ لِعَلِيٍّ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ الْجَنَّةَ بِعِتْقِكَ الْجَارِيَةَ فِي رِضَا فَاطِمَةَ وَ النَّارَ بِالْأَرْبَعِمَائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي تَصَدَّقْتَ بِهَا، فَأَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ شِئْتَ بِرَحْمَتِي، وَ أَخْرِجْ مِنَ النَّارِ مَنْ شِئْتَ بِعَفْوِي، فَعِنْدَهَا قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَا قَسِيمُ اللَّهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ».
10076/ «8»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ): عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْفَحَّامِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عُبْدُوسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَهَارِ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ، فَجَلَسْتُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لِي عَائِشَةُ، مَا وَجَدْتَ إِلَّا فَخِذِي أَوْ فَخِذَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ فَقَالَ: مَهْ يَا عَائِشَةُ لَا تُؤْذِينِي فِي عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَ أَخِي فِي الْآخِرَةِ، وَ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، يُجْلِسُهُ «2» اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الصِّرَاطِ، فَيُدْخِلُ أَوْلِيَاءَهُ الْجَنَّةَ وَ أَعْدَاءَهُ النَّارَ».
10077/ «9»- وَ عَنْهُ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَحَّامُ، وَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، حَدَّثَنِي أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرْحَانِ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فُرَاتٍ الدَّهَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِي وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا وَ أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ».
10078/ «10»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَفْصٍ ابْنِ عُمَرَ الْعَسْكَرِيُّ بِالْمِصِّيصَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَنْمَاطِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بِحَلَبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي‏
__________________________________________________
 (8)- الأمالي 1: 296.
 (9)- الأمالي 1: 296.
 (10)- الأمالي 2: 241.
 (1) في «ط، ج، ي» فتجللت بجلالها.
 (2) في المصدر: يجعله.

143
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 24 ص 139

الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ النَّخَعِيُّ ابْنُ عَمِّ شَرِيكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، قَالَ: حَضَرْتُ الْأَعْمَشَ فِي عِلَّتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ، فَذَكَرَ ضَعْفاً شَدِيداً، وَ ذَكَرَ مَا يَتَخَوَّفُ مِنْ خَطِيئَاتِهِ، وَ أَدْرَكَتْهُ رَنَّةٌ فَبَكَى، وَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اتَّقِ اللَّهَ، وَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ، فَإِنَّكَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِأَحَادِيثَ، لَوْ رَجَعْتَ عَنْهَا كَانَ خَيْراً لَكَ.
قَالَ الْأَعْمَشُ: مِثْلُ مَاذَا، يَا نُعْمَانُ؟ قَالَ: مِثْلُ حَدِيثِ عَبَايَةَ: «أَنَا قَسِيمُ النَّارِ». قَالَ: أَ وَ لِمِثْلِي تَقُولُ يَا يَهُودِيُّ! أَقْعِدُونِي، أَسْنِدُونِي، أَقْعِدُونِي، حَدَّثَنِي- وَ الَّذِي إِلَيْهِ مَصِيرِي- مُوسَى بْنُ طَرِيفٍ، وَ لَمْ أَرَ أَسَدِيّاً كَانَ خَيْراً مِنْهُ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَبَايَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ إِمَامَ الْحَيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، يَقُولُ: «أَنَا قَسِيمُ النَّارِ، أَقُولُ: هَذَا وَلِيِّي دَعِيهِ، وَ هَذَا عَدُوِّي خُذِيهِ».
و
حَدَّثَنِي أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ، وَ كَانَ يَشْتِمُ عَلِيّاً شَتْماً مُقْذِعاً- يَعْنِي الْحَجَّاجَ لَعَنَهُ اللَّهُ- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَقْعُدُ أَنَا وَ عَلِيٌّ عَلَى الصِّرَاطِ، وَ يُقَالُ لَنَا: أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ آمَنَ بِي وَ أَحَبَّكُمَا، وَ أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ كَفَرَ بِي وَ أَبْغَضَكُمَا». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَا آمَنَ بِاللَّهِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَ لَمْ [يُؤْمِنْ بِي مَنْ لَمْ‏] يَتَوَلَّ- أَوْ قَالَ لَمْ يُحِبَّ- عَلِيّاً» وَ تَلَا: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ».
قال: فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه، و قال: قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمّد بأطم من هذا. قال الحسن بن سعيد: قال لي شريك بن عبد اللّه: فما أمسى- يعني الأعمش- حتى فارق الدنيا.
10079/ «11»- عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ «1»، فِي (الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعِينَ): عَنْ أَرْبَعِينَ شَيْخاً، عَنْ أَرْبَعِينَ صَحَابِيّاً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ هَمُوشَةُ الْفَرْزَادِيُّ الْمُقْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَنِيُّ الْحَافِظُ إِمْلَاءً، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْمُقْرِي الْمَعْرُوفُ بِالْخَبَّازِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ الْمُقْرِئُ الْعَدْلُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَ أَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ الْقَاضِي، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْأَعْمَشِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَالْتَفَتَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَ كَانَ أَكْبَرَهُمْ، وَ قَالَ: لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِأَحَادِيثَ، لَوْ أَمْسَكْتَ عَنْهَا لَكَانَ خَيْراً لَكَ.
قَالَ: فَقَالَ الْأَعْمَشُ: أَ لِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا! أَسْنِدُونِي أَسْنِدُونِي، حَدَّثَنِي أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
__________________________________________________
 (11)- أربعين منتجب الدين: 51/ 23.
 (1) في «ج»: أبو عبيد اللّه، و هو الشيخ منتجب الدين عليّ بن عبيد اللّه بن الحسن و الحسين بن الحسن بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، صاحب كتاب «الفهرست) و المتوفّي بعد سنة 585 ه. انظر الثقات العيون: 196.

144
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 24 ص 139

الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا، وَ أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قَالَ: فَقَامَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَ قَالَ: قُومُوا: لَا يَأْتِي بِمَا هُوَ أَطَمُّ مِنْ هَذَا. قَالَ: فَوَ اللَّهِ مَا جُزْنَا بَابَهُ حَتَّى مَاتَ الْأَعْمَشُ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ).
10080/ «12»- صَاحِبُ (الْأَرْبَعِينَ حَدِيثاً عَنِ الْأَرْبَعِينَ)؛ وَ هُوَ الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَطِيبُ الدِّينَوَرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتُ بِسَامَرَّةَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ تِسْعِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السُّرُورِ الْهَاشِمِيُّ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَادِلٍ الْقَطَّانُ بِنَصِيبِينَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ فِي مَرْضَتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَأَقْبَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، فَقَالَ: يَا سُلَيْمَانُ، اتَّقِ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ اعْلَمْ أَنَّكَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ قَدْ كُنْتَ تَرْوِي فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَحَادِيثَ، لَوْ أَمْسَكْتَ عَنْهَا لَكَانَ أَفْضَلَ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ: لِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا؟ أَقْعِدُونِي وَ أَسْنِدُونِي، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا، وَ النَّارَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قُومُوا بِنَا لَا يَأْتِي بِشَيْ‏ءٍ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا.
قَالَ الْفَضْلُ: سَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَقُلْتُ: مَنِ الْكَفَّارُ؟ فَقَالَ: «الْكَافِرُ بِجَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)». وَ مَنِ الْعَنِيدُ؟ قَالَ: «الْجَاحِدُ حَقَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10081/ «13»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ (رَحِمَهُ اللَّهُ): عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ حَمَّادٍ، عَنْ شَرِيكٍ، قَالَ: بَعَثَ [إِلَيْنَا] الْأَعْمَشُ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمَرَضِ، فَأَتَيْنَاهُ وَ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ، وَ فِيهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَ ابْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرِ، فَقَالَ: لِابْنِهِ: [يَا بُنَيَ‏] أَجْلِسْنِي. فَأَجْلَسَهُ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَ ابْنَ قَيْسٍ الْمَاصِرَ أَتَيَانِي فَقَالا: إِنَّكَ قَدْ حَدَّثْتَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَحَادِيثَ، فَارْجِعْ عَنْهَا، فَإِنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ مَا دَامَتِ الرُّوحُ فِي الْبَدَنِ، فَقُلْتُ لَهُمَا: مِثْلُكُمَا يَقُولُ لِمِثْلِي هَذَا! أُشْهِدُكُمْ- يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ- فَإِنِّي فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، أَنِّي سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رِيَاحٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَنَا وَ عَلِيٌّ نُلْقِي فِي جَهَنَّمَ كُلَّ مَنْ عَادَانَا». فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِابْنِ قَيْسٍ: قُمْ بِنَا لَا يَجِي‏ءُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا. فَقَامَا وَ انْصَرَفَا.
10082/ «14»- السَّيِّدُ الرَّضِيُّ فِي كِتَابِ (الْمَنَاقِبِ الْفَاخِرَةِ فِي الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ) عَنِ الْقَاضِي الْأَمِينِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَلَّابِيِّ الْمَغَازِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسنِ
__________________________________________________
 (12)- أربعين الخزاعيّ: 14/ 14.
 (13)- تأويل الآيات 2: 610/ 6.
 (14)- .... الفضائل لابن شاذان: 129.

145
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 24 ص 139

الدَّيَّاسُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ سَوَادِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ مُسْلِمٍ الْبَطَائِحِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمِّهِ حَارِثَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ يَوْماً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرِنِي الْحَقَّ حَتَّى أَتَّبِعَهُ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا بْنَ مَسْعُودٍ، لِجْ إِلَى الْمِخْدَعِ» فَوَلَجْتُ، فَرَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَاكِعاً وَ سَاجِداً، وَ هُوَ يَقُولُ: عَقِيبَ صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ، اغْفِرْ لِلْخَاطِئِينَ مِنْ شِيعَتِي». قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَخَرَجْتُ لِأُخْبِرَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ، فَوَجَدْتُهُ رَاكِعاً وَ سَاجِداً، وَ هُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ بِحُرْمَةِ عَبْدِكَ عَلِيٍّ اغْفِرْ لِلْعَاصِينَ مِنْ أُمَّتِي».
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَأَخَذَنِي الْهَلَعُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيَّ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَأْسَهُ، وَ قَالَ: «يَا بْنَ مَسْعُودٍ، أَ كُفْراً بَعْدَ إِيمَانٍ؟» فَقُلْتُ: مَعَاذَ اللَّهِ، وَ لَكِنِّي رَأَيْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى بِكَ، وَ أَنْتَ تَسْئَلُ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ.
فَقَالَ: «يَا بْنَ مَسْعُودٍ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَنِي وَ عَلِيّاً وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ قَبْلَ الْخَلْقِ بِأَلْفَيْ عَامٍ، حِينَ لَا تَسْبِيحَ وَ لَا تَقْدِيسَ، وَ فَتَقَ نُورِي فَخَلَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، وَ أَنَا أَفْضَلُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ فَتَقَ نُورَ عَلِيٍّ فَخَلَقَ مِنْهُ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِيَّ، وَ عَلِيٌّ أَجَلُّ مِنَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ، وَ فَتَقَ نُورَ الْحَسَنِ فَخَلَقَ مِنْهُ اللَّوْحَ وَ الْقَلَمَ، وَ الْحَسَنُ أَجَلُّ مِنَ اللَّوْحِ وَ الْقَلَمِ، وَ فَتَقَ نُورَ الْحُسَيْنِ فَخَلَقَ مِنْهُ الْجِنَانَ وَ الْحُورَ الْعِينَ، وَ الْحُسَيْنُ أَفْضَلُ مِنْهُمَا، فَأَظْلَمَتِ الْمَشَارِقُ وَ الْمَغَارِبُ، فَشَكَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الظُّلْمَةَ، وَ قَالَتْ: اللَّهُمَّ بِحَقِّ هَؤُلَاءِ الْأَشْبَاحِ الَّذِينَ خَلَقْتَ إِلَّا مَا فَرَّجْتَ عَنَّا هَذِهِ الظُّلْمَةَ؛ فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رُوحاً وَ قَرَّبَهَا بِأُخْرَى، فَخَلَقَ مِنْهُمَا نُوراً، ثُمَّ أَضَافَ النُّورَ إِلَى الرُّوحِ، فَخَلَقَ مِنْهَا الزَّهْرَاءَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءَ، فَأَضَاءَ مِنْهَا الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ.
يَا بْنَ مَسْعُودٍ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ لِعَلِيٍّ. أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ شِئْتُمَا، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». فَالْكُفَّارُ مَنْ جَحَدَ نُبُوَّتِي، وَ الْعَنِيدُ مَنْ عَانَدَ عَلِيّاً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ شِيعَتَهُ».
10083/ «15»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) «1» بِإِسْنَادِهِ، عَنْ رِجَالِهِ، عَنِ الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ وَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شَفَّعَنِي رَبِّي وَ شَفَّعَكَ يَا عَلِيُّ، وَ كَسَانِي وَ كَسَاكَ يَا عَلِيُّ، ثُمَّ قَالَ لِي وَ لَكَ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنْ أَبْغَضَكُمَا، وَ أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُؤْمِنُ».
10084/ «16»- ثُمَّ قَالَ شَرَفُ الدِّينِ: وَ يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ فَقَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَقَفَ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) عَلَى الصِّرَاطِ، فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ مَعَهُ بَرَاءَةٌ».
قُلْتُ: وَ مَا بَرَاءَتُهُ؟ قَالَ: «وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ يُنَادِي مُنَادٍ،
__________________________________________________
 (15)- تأويل الآيات 2: 609/ 4.
 (16)- تأويل الآيات 2: 609/ 5.
 (1) الأمالي 1: 378.

146
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 24 ص 139

يَا مُحَمَّدُ، يَا عَلِيُّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ بِنُبُوَّتِكَ عَنِيدٍ، لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ».
10085/ «17»- أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ فِي (الْمَنَاقِبِ الْمِائَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: الثَّالِثُ وَ الْعِشْرُونَ: عَنِ الْبَاقِرِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ قَالَ: يَا عَلِيُّ إِذَا جُمِعَ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى، يَا مُحَمَّدُ، وَ يَا عَلِيُّ، قُومَا وَ أَلْقِيَا مَنْ أَبْغَضَكُمَا وَ خَالَفَكُمَا وَ كَذَّبَكُمَا فِي النَّارِ».
قوله تعالى:
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ- إلى قوله تعالى- ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ [25- 29] 10086/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ، قال: المناع: الثاني، و الخير: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و حقوق آل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و لما كتب الأول كتاب فدك بردها على فاطمة (عليها السلام)، منعه الثاني، فهو: مُعْتَدٍ مُرِيبٍ* الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، قال: هو ما قالوا: نحن كافرون بمن جعل لكم الإمامة و الخمس.
قال: و أمّا قوله: قالَ قَرِينُهُ، أي شيطانه، و هو الثاني رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ، يعني الأول وَ لكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ، فيقول اللّه لهما: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ* ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، أي ما فعلتم لا يبدل حسنات، ما وعدته لا اخلفه.
قوله تعالى:
وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [29]
10087/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، هَلْ يُجْبِرُ عِبَادَهُ عَلَى الْمَعَاصِي؟ فَقَالَ: «بَلْ يُخَيِّرُهُمْ وَ يُمْهِلُهُمْ حَتَّى يَتُوبُوا».
__________________________________________________
 (17)- مائة منقبة: 47/ 23.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 326.
 (2)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 124/ 16.

147
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 25 الى 29 ص 147

قُلْتُ: فَهَلْ يُكَلِّفُ عِبَادَهُ مَا لَا يُطِيقُونَ؟ فَقَالَ: «وَ كَيْفَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَ هُوَ يَقُولُ: وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «1»». ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «حَدَّثَنِي أَبَى مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجْبِرُ عِبَادَهُ عَلَى الْمَعَاصِي أَوْ يُكَلِّفُهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، فَلَا تَأْكُلُوا ذَبِيحَتَهُ، وَ لَا تَقْبَلُوا شَهَادَتَهُ، وَ لَا تُصَلُّوا وَرَاءَهُ، وَ لَا تُعْطُوهُ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْئاً».
قوله تعالى:
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [30] 10088/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: هو استفهام، لأن اللّه وعد النار أن يملأها، فتمتلئ النار فيقول لها: هل امتلأت»؟ و تقول: هل من مزيد؟ على حدّ الاستفهام، أي ليس في مزيد، قال: فتقول الجنة: يا ربّ وعدت النار أن تملأها، و وعدتني أن تملأني، فبم تملأني و قد ملأت النار؟ قال: فيخلق اللّه يومئذ خلقا يملأ بهم الجنة.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «طُوبَى لَهُمْ [إِنَّهُمْ‏] لَمْ يَرَوْا هُمُومَ الدُّنْيَا وَ غُمُومَهَا».
قوله تعالى:
وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ [31] 10089/ «2»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ أي زينت غَيْرَ بَعِيدٍ: قال بسرعة.
قوله تعالى:
لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها- إلى قوله تعالى- أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ [35- 37] 10090/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ، قال: النظر إلى وجه اللّه‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 326.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 327.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 327.
 (1) فصّلت 41: 46.

148
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 35 الى 37 ص 148

يعني إلى نعمة اللّه، و هو ردّ على من يقول بالرؤية.
و قد تقدمت روايتان في ذلك- في قوله: وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ- و في قوله: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ، من سورة الم السجدة، فليؤخذ من هناك «1».
10091/ «2»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ، أي مروا. قال: قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ، أي ذكر «2» أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ: أي سمع و أطاع.
10092/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، رَفَعَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ [لِي‏] أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- قَالَ فِيهِ: «يَا هِشَامُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ، يَعْنِي عَقْلٌ».
10093/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ فِي خُطْبَةٍ: «وَ أَنَا ذُو الْقَلْبِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ». وَ قَدْ ذَكَرْنَا سَنَدَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ «3».
10094/ «5»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ وَكِيعٍ وَ السُّدِّيِّ وَ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَاقَتَانِ عَظِيمَتَانِ سَمِينَتَانِ، فَقَالَ لِلصَّحَابَةِ: «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِقِيَامِهِمَا وَ رُكُوعِهِمَا وَ سُجُودِهِمَا وَ وُضُوئِهِمَا وَ خُشُوعِهِمَا، لَا يَهُمُّ مَعَهُمَا «4» مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا بِشَيْ‏ءٍ، وَ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِذِكْرِ «5» الدُّنْيَا، أُهْدِيهِ إِحْدَى هَاتَيْنِ النَّاقَتَيْنِ؟». فَقَالَهَا مَرَّةً وَ مَرَّتَيْنِ وَ ثَلَاثَةً، لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
فَقَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «أَنَا- يَا رَسُولَ اللَّهِ- أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْأُولَى وَ إِلَى انْ أُسَلِّمَ مِنْهُمَا، لَا أُحَدِّثُ نَفْسِي بِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا». فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ، صَلِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ». فَكَبَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، هَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ أَعْطِهِ إِحْدَى النَّاقَتَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنِّي شَارَطْتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثَ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، أَعْطِهِ إِحْدَى النَّاقَتَيْنِ إِنْ صَلَّاهُمَا، وَ إِنَّهُ جَلَسَ فِي التَّشَهُّدِ فَتَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ أَيَّهُمَا
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 327.
 (3)- الكافي 1: 12/ 12.
 (4)- معاني الأخبار: 59/ 9.
 (5)- المناقب 2: 20.
 (1) تقدمتا في تفسير الآيتين (16، 17) من سورة السجدة.
 (2) في المصدر: أي ذاكر.
 (3) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (49- 69) من سورة العنكبوت.
 (4) في المصدر: لا يهتم فيهما.
 (5) في «ج» و المصدر: قلبه بفكر.

149
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 35 الى 37 ص 148

يَأْخُذُ!».
فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: تَفَكَّرَ أَيَّهُمَا يَأْخُذُهَا، أَسْمَنَهَا وَ أَعْظَمَهَا، فَيَنْحَرُهَا وَ يَتَصَدَّقُ بِهَا لِوَجْهِ اللَّهِ، فَكَانَ تَفَكُّرُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، لَا لِنَفْسِهِ وَ لَا لِلدُّنْيَا. فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَعْطَاهُ كِلْتَيْهِمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏، لِعِظَةً لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ عَقْلٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ، يَعْنِي اسْتَمَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأُذُنَيْهِ إِلَى مَا تَلَاهُ بِلِسَانِهِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ: وَ هُوَ شَهِيدٌ، يَعْنِي وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَاضِرُ «1» الْقَلْبِ لِلَّهِ فِي صَلَاتِهِ، لَا يَتَفَكَّرُ فِيهَا بِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا.
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ [38]
10095/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ضُرَيْسٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عُمَارَةُ السُّكَّرِيُّ السُّرْيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَاصِمٍ بِقَزْوِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْكَرْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سَلَّامِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «2» مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَ قَالَ فِيهِ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ؟ قَالَ: «يَوْمُ الْأَحَدِ» قَالَ: وَ لِمَ سُمِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مَحْدُودٌ».
قَالَ: فَالْإِثْنَيْنِ؟ قَالَ: « [هُوَ] الْيَوْمُ الثَّانِي مِنَ الدُّنْيَا». قَالَ: وَ الثَّلَاثَاءُ؟ قَالَ: «الثَّالِثُ مِنَ الدُّنْيَا». قَالَ: فَالْأَرْبِعَاءُ؟ قَالَ:
 «الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنَ الدُّنْيَا». قَالَ: فَالْخَمِيسُ؟ قَالَ: «هُوَ الْيَوْمُ الْخَامِسُ مِنَ الدُّنْيَا، وَ هُوَ يَوْمٌ أَنِيسٌ، لُعِنَ فِيهِ إِبْلِيسُ، وَ رُفِعَ فِيهِ إِدْرِيسُ، قَالَ: فَالْجُمُعَةُ؟ قَالَ: «هُوَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «3»، وَ هُوَ شَاهِدٌ وَ مَشْهُودٌ»، قَالَ: فَالسَّبْتُ؟ قَالَ: «يَوْمٌ مَسْبُوتٌ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْقُرْآنِ: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، [فَمِنَ الْأَحَدِ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَيَّامٍ‏] وَ السَّبْتُ مُعَطَّلٌ». قَالَ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
و قد تقدم حديث في ذلك، في قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، من سورة يونس «4».
__________________________________________________
 (1)- علل الشرائع: 47/ 33.
 (1) في المصدر: شاهد.
 (2) في المصدر: عبد اللّه.
 (3) هود 11: 103.
 (4) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (3) من سورة يونس.

150
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق آية 40 ص 151

قوله تعالى:
وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ [40]
10096/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: وَ أَدْبارَ السُّجُودِ، قَالَ: «رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ».
10097/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ، قَالَ: «أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ».
قوله تعالى:
وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ- إلى قوله تعالى- فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [41- 45]
10098/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ «1»». قَالَ: «ذَلِكَ وَ اللَّهِ فِي الرَّجْعَةِ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَثِيرٌ لَمْ يُنْصَرُوا فِي الدُّنْيَا وَ قُتِلُوا، وَ أَئِمَّةً [قَدْ] قُتِلُوا وَ لَمْ يُنْصَرُوا، فَذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ».
قُلْتُ: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ؟
قَالَ: «هِيَ الرَّجْعَةُ».
10099/ «4»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال: ينادي المنادي باسم القائم و اسم أبيه (عليهما السلام)، قوله تعالى: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ، قال: صيحة القائم من‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 3: 444/ 11.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 327.
 (3)- مختصر بصائر الدرجات: 18.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 327.
 (1) غافر 40: 51.

151
البرهان في تفسير القرآن5

سورة ق الآيات 41 الى 45 ص 151

السماء، ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ.
10100/ «3»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ قَالَ: «هِيَ الرَّجْعَةُ».
10101/ «4»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً، قال: في الرجعة، قوله تعالى: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ، قال: ذكر- يا محمد- بما وعدناه من العذاب «1».
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 327.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 327.
 (1) في نسخة من «ط، ج، ي» من النار.

152
البرهان في تفسير القرآن5

المستدرك سورة ق ص 153

المستدرك (سورة ق)
قوله تعالى:
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ- إلى قوله تعالى- يَوْمُ الْخُلُودِ [33- 34]
 «1»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ): جَاءَ فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا ابْنَ مَسْعُودٍ، اخْشَ اللَّهَ بِالْغَيْبِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، وَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ* ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ.
قوله تعالى:
فَاصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ [39]
 «2»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (مَجْمَعِ الْبَيَانِ) قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، فَقَالَ: «تَقُولُ حِينَ تُصْبِحُ وَ حِينَ تُمْسِي عَشْرَ مَرَّاتٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ، وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ».
__________________________________________________
 (1)- مكارم الأخلاق: 457.
 (2)- مجمع البيان 9: 225.

153
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات ص 155

سورة الذاريات‏
فضلها
10102/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الذَّارِيَاتِ فِي يَوْمِهِ، أَوْ فِي لَيْلَتِهِ، أَصْلَحَ اللَّهُ لَهُ مَعِيشَتَهُ، وَ أَتَاهُ بِرِزْقٍ وَاسِعٍ، وَ نَوَّرَ لَهُ فِي قَبْرِهِ بِسِرَاجٍ يَزْهَرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
10103/ «2»-- وَ مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعَدَدِ كُلِّ رِيحٍ هَبَّتْ وَ جَرَتْ فِي الدُّنْيَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ».
10104/ «3»- وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا فِي إِنَاءٍ وَ شَرِبَهَا زَالَ عَنْهُ وَجَعُ الْجَوْفِ، وَ إِنْ عُلِّقَتْ عَلَى الْحَامِلِ وَضَعَتْ وَلَدَهَا».
10105/ «4»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا فِي إِنَاءٍ وَ شَرِبَهَا زَالَ عَنْهُ وَجَعُ الْبَطْنِ، وَ إِنْ عُلِّقَتْ عَلَى الْحَامِلِ الْمُتَعَسِّرَةِ وَلَدَتْ سَرِيعاً».
10106/ «5»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا عِنْدَ مَرِيضٍ يُسَاقُ «1» سَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ جِدّاً، وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ عُلِّقَتْ عَلَى امْرَأَةٍ مُطْلَقَةٍ وَضَعَتْ فِي عَاجِلِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 115.
 (2)- ....
 (3)- ....
 (4)- ....
 (5)- خواص القرآن 9: «مخطوط».
 (1) ساق المريض نفسه عند الموت سوقا و سياقا، و سيق على المجهول: شرع في نزوع الروح. «أقرب الموارد 2: 558».

155
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 1 الى 6 ص 156

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ [1- 6]
10107/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً، فَقَالَ: «إِنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الذَّارِيَاتِ ذَرُوا، فَقَالَ:
هِيَ الرِّيحُ، وَ عَنِ الْحَامِلَاتِ وِقْراً، فَقَالَ: هِيَ السَّحَابُ، وَ عَنِ الْجَارِيَاتِ يُسْراً فَقَالَ: هِيَ السُّفُنُ، وَ عَنِ الْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً، فَقَالَ: الْمَلَائِكَةُ». وَ هُوَ قَسَمٌ كُلُّهُ وَ خَبَرٌ إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ* وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ يَعْنِي الْمُجَازَاةَ وَ الْمُكَافَأَةَ.
10108/ «2»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ) مُرْسَلًا، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً، قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ تُقَسِّمُ أَرْزَاقَ بَنِي آدَمَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَمَنْ نَامَ فِيمَا بَيْنَهُمَا نَامَ عَنْ رِزْقِهِ».
10109/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): «لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُقْسِمَ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَ اللَّهُ تَعَالَى يُقْسِمُ بِمَا يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ».
10110/ «4»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ بِإِسْنَادٍ، مُتَّصِلٍ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ، فِي عَلِيٍّ، هَكَذَا أُنْزِلَتْ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 327.
 (2)- التهذيب 2: 139/ 541.
 (3)- مجمع البيان 9: 23.
 (4)- تأويل الآيات 2: 614/ 1.

156
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 1 الى 6 ص 156

10111/ «5»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: «سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ، يَعْنِي فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ يَعْنِي عَلِيّاً، وَ عَلِيٌّ هُوَ الدِّينُ».
قوله تعالى:
وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ* إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ* يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ [7- 9]
10112/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ، فَقَالَ: «هِيَ مَحْبُوكَةٌ إِلَى الْأَرْضِ» وَ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.
قُلْتُ: كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوكَةً إِلَى الْأَرْضِ، وَ اللَّهُ يَقُولُ: رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها «1»، فَقَالَ:
 «سُبْحَانَ اللَّهِ، أَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟ قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: «ثَمَّ عَمَدٌ وَ لَكِنْ لَا تَرَوْنَهَا».
قُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: فَبَسَطَ كَفَّهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَيْهَا، فَقَالَ: هَذِهِ أَرْضُ الدُّنْيَا، وَ السَّمَاءُ الدُّنْيَا عَلَيْهَا فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ الثَّانِيَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَ السَّمَاءُ الثَّانِيَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ الثَّالِثَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، وَ السَّمَاءُ الثَّالِثَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ الرَّابِعَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، وَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ الْخَامِسَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، وَ السَّمَاءُ الْخَامِسَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ السَّادِسَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، وَ السَّمَاءُ السَّادِسَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، وَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ عَرْشُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ «2»، فَأَمَّا صَاحِبُ الْأَمْرِ فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ الْوَصِيُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَائِمٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِنَّمَا يَتَنَزَّلُ [الْأَمْرُ] إِلَيْهِ مِنْ فَوْقِ السَّمَاءِ مِنْ بَيْنِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ.
قُلْتُ: فَمَا تَحْتَنَا إِلَّا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ؟ فَقَالَ: «مَا تَحْتَنَا إِلَّا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ، وَ إِنَّ السِّتَّ لَهُنَّ فَوْقَنَا».
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 329.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 328.
 (1) الرعد 13: 2.
 (2) الطلاق 65: 12.

157
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 7 الى 9 ص 157

10113/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ فِي أَمْرِ الْوَلَايَةِ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ قَالَ: «مَنْ أُفِكَ عَنِ الْوَلَايَةِ أُفِكَ عَنِ الْجَنَّةِ».
10114/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ، [فَإِنَّهُ عَلِيٌّ، يَعْنِي إِنَّهُ لَمُخْتَلَفٌ عَلَيْهِ، وَ قَدِ] اخْتَلَفَتِ هَذِهِ الْأُمَّةُ، فَمَنِ اسْتَقَامَ عَلَى وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَ مَنْ خَالَفَ وَلَايَةَ عَلِيٍّ أُدْخِلَ النَّارَ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ- قَالَ- يَعْنِي عَلِيّاً، مَنْ أُفِكَ عَنْ وَلَايَتِهِ أُفِكَ عَنِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ.
10115/ «4»- و قال عليّ بن إبراهيم: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قال: السماء: رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و علي (عليه السلام) ذات الحبك و قوله تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ، يعني مختلف في علي (عليه السلام)، اختلفت هذه الأمة في ولايته، فمن استقام على ولاية علي (عليه السلام) دخل الجنة، و من خالف ولاية علي (عليه السلام)، ادخل النار، قوله تعالى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ، فإنه يعني عليا (عليه السلام)، من أفك عن ولايته أفك عن الجنة.
قوله تعالى:
قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ- إلى قوله تعالى- هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ [10- 14] 10116/ «1»- و قال عليّ بن إبراهيم، في قوله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ: الذين يخرصون «1»، بآرائهم من غير علم و لا يقين، الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ، أي في ضلال، و الساهي: الذي لا يذكر اللّه، و قوله تعالى:
يَسْئَلُونَ، يا محمد: أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ، أي متى يكون يوم الحساب «2»، قال اللّه: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ، أي يعذبون ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ، أي عذابكم: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ.
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 349/ 48.
 (3)- بصائر الدرجات: 59/ 5.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 329.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 329.
 (1) في المصدر زيادة: الدين.
 (2) في المصدر: متى يكون المجازاة.

158
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 10 الى 14 ص 158

10117/ «1»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَبِيصَةَ الْمُهَلَّبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي بَابِ «1» الْكَرَّاتِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ، قَالَ: «يُكْسَرُونَ فِي الْكَرَّةِ كَمَا يُكْسَرُ الذَّهَبُ، حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ إِلَى شِبْهِهِ»، يَعْنِي إِلَى حَقِيقَتِهِ.
قوله تعالى:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ- إلى قوله تعالى- وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ [15- 21] 10118/ «2»- علي بن إبراهيم: ثم ذكر المتقين، فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ* آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إلى قوله تعالى: ما يَهْجَعُونَ، أي ما ينامون.
10119/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «2» يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ يُوقَظُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَبَالَ فِي أُذُنِهِ».
قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ، قَالَ: «كَانُوا أَقَلَّ اللَّيَالِي تَفُوتُهُمْ لَا يَقُومُونَ فِيهَا».
10120/ «4»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ، قَالَ:
 «كَانَ الْقَوْمُ يَنَامُونَ، وَ لَكِنْ كُلَّمَا انْقَلَبَ أَحَدُهُمْ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ اللَّهُ أَكْبَرُ».
10121/ «5»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ: «فِي الْوَتْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ سَبْعِينَ مَرَّةً».
__________________________________________________
 (1)- مختصر بصائر الدرجات: 28.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 330.
 (3)- الكافي 3: 446/ 18.
 (4)- التهذيب 2: 335/ 1384.
 (5)- التهذيب 2: 130/ 498.
 (1) في المصدر: كتاب.
 (2) في المصدر: أبا عبد اللّه (عليه السّلام)

159
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 15 الى 23 ص 159

10122/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، وَ قَالَ: «كَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ [اللَّهَ‏] فِي آخِرِ الْوَتْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ سَبْعِينَ مَرَّةً».
10123/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ، قَالَ: «الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ «1» الَّذِي حُرِمَ كَدَّ يَدِهِ فِي الشِّرَاءِ وَ الْبَيْعِ».
و
فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَنَّهُمَا قَالا: «الْمَحْرُومُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَيْسَ بِعَقْلِهِ بَأْسٌ، وَ لَمْ يُبْسَطْ لَهُ فِي الرِّزْقِ، وَ هُوَ مُحَارَفٌ».
10124/ «7»- علي بن إبراهيم: السائل: الذي يسأل، و المحروم: الذي قد منع كده.
قال: قوله تعالى: وَ فِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ، قال: في كل شي‏ء خلقه [اللّه‏] آية، و قال الشاعر:
         و في كل شي‏ء له آية             تدل على أنّه واحد
و قوله تعالى: وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ قال: خلقك سميعا بصيرا، تغضب مرة، و ترضى مرة، و تجوع مرة، و تشبع مرة، و ذلك كله من آيات اللّه.
10125/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَسِّنٍ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فِي حَدِيثٍ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الصَّانِعِ، قَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ- فِي حَدِيثٍ، بَعْدَ مَا ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الدَّلِيلَ عَلَى الصَّانِعِ- فَقُلْتُ: مَا مَنَعَهُ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ «2» أَنْ يَظْهَرَ لِخَلْقِهِ، وَ يَدْعُوَهُمْ إِلَى عِبَادَتِهِ، حَتَّى لَا يَخْتَلِفَ مِنْهُمْ اثْنَانِ، وَ لِمَ احْتَجَبَ عَنْهُمْ وَ أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ، وَ لَوْ بَاشَرَهُمْ بِنَفْسِهِ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْإِيمَانِ [بِهِ‏].
فَقَالَ لِي: «وَيْلَكَ، وَ كَيْفَ احْتَجَبَ عَنْكَ مَنْ أَرَاكَ قُدْرَتَهُ فِي نَفْسِكَ نُشُوءَكَ وَ لَمْ تَكُنْ، وَ كِبَرَكَ بَعْدَ صِغَرِكَ، وَ قُوَّتَكَ بَعْدَ ضَعْفِكَ، وَ ضَعْفَكَ بَعْدَ قُوَّتِكَ، وَ سُقْمَكَ بَعْدَ صِحَّتِكَ، وَ صِحَّتَكَ بَعْدَ سُقْمِكَ، وَ رِضَاكَ بَعْدَ غَضَبِكَ، وَ غَضَبَكَ، بَعْدَ رِضَاكَ، وَ حُزْنَكَ بَعْدَ فَرَحِكَ، وَ فَرَحَكَ بَعْدَ حُزْنِكَ، وَ حُبَّكَ بَعْدَ بُغْضِكَ وَ بُغْضَكَ بَعْدَ حُبِّكَ، وَ عَزْمَكَ بَعْدَ أَنَاتِكَ، وَ أَنَاتَكَ بَعْدَ عَزْمِكَ، وَ شَهْوَتَكَ بَعْدَ كَرَاهِيَتِكَ، وَ كَرَاهِيَتَكَ «3» بَعْدَ شَهْوَتِكَ، وَ رَغْبَتَكَ بَعْدَ رَهْبَتِكَ،
__________________________________________________
 (5)- علل الشرائع: 364/ 1.
 (6)- الكافي 3: 500/ 12.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 33.
 (8)- الكافي 1: 59/ 2.
 (1) و هو الكاسب الكادّ على عياله.
 (2) في المصدر: يقولون.
 (3) في المصدر: كراهتك و كراهتك.

160
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 15 الى 23 ص 159

وَ رَهْبَتَكَ بَعْدَ رَغْبَتِكَ، وَ رَجَاءَكَ بَعْدَ يَأْسِكَ، وَ يَأْسَكَ بَعْدَ رَجَائِكَ، وَ خَاطِرَكَ بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي وَهْمِكَ، وَ غُرُوبَ مَا أَنْتَ مُعْتَقِدُهُ عَنْ ذِهْنِكَ». وَ مَا زَالَ يُعَدِّدُ عَلَيَّ قُدْرَتَهُ الَّتِي هِيَ فِي نَفْسِي الَّتِي لَا أَدْفَعُهَا، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَهُ.
قوله تعالى:
وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [21- 23] 10126/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ، قال: المطر ينزل من السماء، فيخرج به أقوات العالم من الأرض، و ما توعدون من أخبار القيامة و الرجعة و الأخبار التي في السماء، ثم أقسم عزّ و جلّ بنفسه. فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ يعني ما وعدتكم.
10127/ «2»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): «أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ، فَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَ لْيَنْصَبْ فِي الدُّعَاءِ». فَقَالَ ابْنُ سَبَأَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَ لَيْسَ اللَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَلِمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ؟ فَقَالَ: رِزْقَكُمْ أَمَّا تَقْرَأُ: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ فَمِنْ أَيْنَ يُطْلَبُ الرِّزْقُ إِلَّا مِنْ مَوْضِعِهِ؟ وَ مَوْضِعُ الرِّزْقِ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ السَّمَاءُ».
10128/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ، قَالَ: «قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ لَحَقٌّ، [هُوَ] قِيَامُ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ فِيهِ نَزَلَتْ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى‏ لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً «1»».
قوله تعالى:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 33.
 (2)- التهذيب 2: 322/ 1315.
 (3)- تأويل الآيات 2: 615/ 4.
 (1) النور 24: 55.

161
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 24 الى 47 ص 161

هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ* فَراغَ إِلى‏ أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ* فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ* فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ* فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ* قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ* قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ* قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى‏ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ* لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ* فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ* وَ تَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ- إلى قوله تعالى- وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ [24- 47]
10129/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ:
لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَتَعَوَّذُ مِنَ الْبُخْلِ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ- يَا أَبَا مُحَمَّدٍ- فِي كُلِّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ، وَ نَحْنُ نَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنَ الْبُخْلِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1»، وَ سَأُخْبِرُكَ عَنْ عَاقِبَةِ الْبُخْلِ، إِنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ أَشِحَّاءَ عَلَى الطَّعَامِ، فَأَعْقَبَهُمُ الْبُخْلُ دَاءً لَا دَوَاءَ لَهُ فِي فُرُوجِهِمْ».
فَقُلْتُ: وَ مَا أَعْقَبَهُمْ؟ فَقَالَ: «إِنَّ قَرْيَةَ قَوْمِ لُوطٍ كَانَتْ عَلَى طَرِيقِ السَّيَّارَةِ إِلَى الشَّامِ وَ مِصْرَ، فَكَانَتِ السَّيَّارَةُ تَنْزِلُ بِهِمْ فَيُضِيفُونَهُمْ، فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِمْ ضَاقُوا بِذَلِكَ ذَرْعاً بُخْلًا وَ لُؤْماً، فَدَعَاهُمُ الْبُخْلُ إِلَى أَنْ كَانُوا إِذَا نَزَلَ بِهِمُ الضَّيْفُ فَضَحُوهُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ بِهِمْ إِلَى ذَلِكَ، وَ إِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِالضَّيْفِ حَتَّى يَنْكُلَ النَّازِلُ عَنْهُمْ، فَشَاعَ أَمْرُهُمْ فِي الْقَرْيَةِ، وَ حَذَّرَهُمْ النَّازِلَةَ، فَأَوْرَثَهُمُ الْبُخْلُ دَاءً «2» لَا يَسْتَطِيعُونَ رَفْعَهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، حَتَّى‏
__________________________________________________
 (1)- علل الشرائع: 548/ 4.
 (1) الحشر 59: 9.
 (2) في المصدر: بلاء.

162
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 24 الى 47 ص 161

صَارُوا يَطْلُبُونَهُ مِنَ الرِّجَالِ فِي الْبِلَادِ، وَ يُعْطُونَهُمْ عَلَيْهِ الْجُعْلَ». ثُمَّ قَالَ: «فَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ، وَ لَا أَضَرُّ عَاقِبَةً، وَ لَا أَفْحَشُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟».
قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَهَلْ كَانَ أَهْلُ قَرْيَةِ لُوطٍ كُلُّهُمْ هَكَذَا [يَعْمَلُونَ‏]؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، إِلَّا بَيْتٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ لُوطاً لَبِثَ فِي قَوْمِهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ يُحَذِّرُهُمْ عَذَابَهُ، وَ كَانُوا لَا يَتَنَظَّفُونَ مِنَ الْغَائِطِ وَ لَا يَتَطَهَّرُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَ كَانَ لُوطٌ ابْنَ خَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَ كَانَتِ امْرَأَةُ إِبْرَاهِيمَ سَارَةُ أُخْتَ لُوطٍ، وَ كَانَ لُوطٌ وَ إِبْرَاهِيمُ نَبِيَّيْنِ مُرْسَلَيْنِ مُنْذِرَيْنِ، وَ كَانَ لُوطٌ رَجُلًا سَخِيّاً كَرِيماً، يَقْرِي الضَّيْفَ إِذَا نَزَلَ بِهِ وَ يُحَذِّرُهُمْ قَوْمَهُ، فَلَمَّا رَأَى قَوْمُ لُوطٍ ذَلِكَ مِنْهُ، قَالُوا لَهُ: أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ؟ لَا تَقْرِ ضَيْفاً يَنْزِلُ بِكَ، إِنْ فَعَلْتَ فَضَحْنَا ضَيْفَكَ الَّذِي يَنْزِلُ بِكَ وَ أَخْزَيْنَاكَ. فَكَانَ لُوطٌ إِذَا نَزَلَ بِهِ الضَّيْفُ كَتَمَ أَمْرَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَفْضَحَهُ قَوْمُهُ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلُوطٍ عَشِيرَةٌ».
قَالَ: «وَ لَمْ يَزَلْ لُوطٌ وَ إِبْرَاهِيمُ يَتَوَقَّعَانِ نُزُولَ الْعَذَابِ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ، فَكَانَتْ لِإِبْرَاهِيمَ وَ لِلُوطٍ مَنْزِلَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَرِيفَةٌ، وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَانَ إِذَا أَرَادَ عَذَابَ قَوْمِ لُوطٍ، أَدْرَكَتْهُ مَوَدَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَ خَلَّتُهُ وَ مَحَبَّةُ لُوطٍ، فَيُرَاقِبُهُمْ وَ يُؤَخِّرُ عَذَابَهُمْ».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَلَمَّا اشْتَدَّ أَسَفُ اللَّهِ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ، وَ قَدَّرَ عَذَابَهُمْ وَ قَضَى أَنْ يُعَوِّضَ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ عَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ، فَيُسَلِّيَ بِهِ مُصَابَهُ بِهَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ رُسُلًا إِلَى إِبْرَاهِيمَ يُبَشِّرُونَهُ بِإِسْمَاعِيلَ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ لَيْلًا فَفَزِعَ مِنْهُمْ، وَ خَافَ أَنْ يَكُونُوا سُرَّاقاً، فَلَمَّا رَأَتْهُ الرُّسُلُ فَزِعاً مَذْعُوراً، قَالُوا:
سَلَاماً. قَالَ: سَلَامٌ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ. قَالُوا: لَا تَوْجَلُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «وَ الْغُلَامُ هُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ هَاجَرَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلرُّسُلِ: أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ؟ قَالُوا: بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَمَا خَطْبُكُمْ بَعْدَ الْبِشَارَةِ؟ قَالُوا: إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، قَوْمِ لُوطٍ، إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ، لِنُنْذِرَهُمْ عَذَابَ رَبِّ الْعَالَمِينَ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِلرُّسُلِ: إِنَّ فِيهَا لُوطاً! قَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا، لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ أَجْمَعِينَ، إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا أَنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ».
قَالَ: «فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ، قَالَ: إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكِرُونَ! قَالُوا: بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ قَوْمُكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَمْتَرُونَ، وَ أَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ لِتُنْذِرَ قَوْمَكَ الْعَذَابَ، وَ إِنَّا لَصَادِقُونَ، فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ يَا لُوطُ إِذَا مَضَى لَكَ مِنْ يَوْمِكَ هَذَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ وَ لَيَالِيهَا، بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، إِذَا مَضَى نِصْفُ اللَّيْلِ، وَ لَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ، إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ، وَ امْضُوا مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَقَضَوْا ذَلِكَ الْأَمْرَ إِلَى لُوطٍ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رُسُلًا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، يُبَشِّرُونَهُ بِإِسْحَاقَ وَ يُعَزُّونَهُ بِهَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى‏ قالُوا سَلاماً قال‏

163
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 24 الى 47 ص 161

سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ، يَعْنِي ذَكِيّاً «1» مَشْوِيّاً نَضِيجاً فَلَمَّا رَأى‏ إِبْرَاهِيمُ أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى‏ قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ فَضَحِكَتْ يَعْنِي تَعَجَّبَتْ مِنْ قَوْلِهِمْ: قالَتْ يا وَيْلَتى‏ أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ* قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ «2»».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَلَمَّا جَاءَتْ إِبْرَاهِيمَ الْبِشَارَةُ بِإِسْحَاقَ وَ ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، أَقْبَلَ يُنَاجِي رَبَّهُ فِي قَوْمِ لُوطٍ، وَ يَسْأَلُهُ كَشْفَ الْبَلَاءِ عَنْهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمٍ مَحْتُومٍ غَيْرُ مَرْدُودٍ «3»».
10130/ «2»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَأَلَ جَبْرَئِيلَ: كَيْفَ كَانَ مَهْلِكُ قَوْمِ لُوطٍ؟ فَقَالَ: إِنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ لَا يَتَنَظَّفُونَ مِنَ الْغَائِطِ، وَ لَا يَتَطَهَّرُونَ عَنِ الْجَنَابَةِ، بُخَلَاءَ أَشِحَّاءَ عَلَى الطَّعَامِ، وَ إِنَّ لُوطاً لَبِثَ فِيهِمْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَ إِنَّمَا كَانَ نَازِلًا عَلَيْهِمْ، وَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ، وَ لَا عَشِيرَةَ لَهُ مِنْهُمْ وَ لَا قَوْمَ، وَ إِنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى الْإِيمَانِ [بِهِ‏] وَ اتِّبَاعِهِ، وَ نَهَاهُمْ عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَ حَثَّهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، فَلَمْ يُجِيبُوهُ، وَ لَمْ يُطِيعُوهُ، وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا أَرَادَ عَذَابَهُمْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رُسُلًا مُنْذِرِينَ عُذْراً وَ نُذْراً، فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ أَمْرِهِ بَعَثَ، إِلَيْهِمْ مَلَائِكَةً، لِيُخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَرْيَتِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا وَجَدُوا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخْرَجُوهُمْ مِنْهَا، وَ قَالُوا لِلُوطٍ: أَسْرِ بِأَهْلِكَ مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَ لَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ، وَ امْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ.
فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ سَارَ بِبَنَاتِهِ، وَ تَوَلَّتْ امْرَأَتُهُ مُدْبِرَةً، فَانْقَطَعَتْ إِلَى قَوْمِهَا تَسْعَى بِلُوطٍ، وَ تُخْبِرُهُمْ أَنَّ لُوطاً قَدْ سَارَ بِبَنَاتِهِ. وَ إِنِّي قَدْ نُودِيتُ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ لَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ: يَا جَبْرَئِيلُ، حَقَّ الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ بِحَتْمِ عَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ، فَاهْبِطْ إِلَى قَرْيَةِ قَوْمِ لُوطٍ وَ مَا حَوَتْ، فَاقْلَعْهَا مِنْ تَحْتِ سَبْعِ أَرَضِينَ، ثُمَّ اعْرُجْ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَأَوْقِفْهَا حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرُ الْجَبَّارِ فِي قَلْبِهَا، وَ دَعْ مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً مِنْ مَنْزِلِ لُوطٍ عِبْرَةً لِلسَّيَّارَةِ، فَهَبَطْتُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِينَ، فَضَرَبْتُ بِجَنَاحِيَ الْأَيْمَنِ عَلَى مَا حَوَى عَلَيْهِ شَرْقِيُّهَا، وَ ضَرَبْتُ بِجَنَاحِيَ الْأَيْسَرِ عَلَى مَا حَوَى عَلَيْهِ غَرْبِيُّهَا، فَاقْتَلَعْتُهَا- يَا مُحَمَّدُ- مِنْ تَحْتِ سَبْعِ أَرَضِينَ إِلَّا مَنْزِلَ لُوطٍ آيَةً لِلسَّيَّارَةْ، ثُمَّ عَرَجْتُ بِهَا فِي خَوَافِي «4» جَنَاحَيَّ حَتَّى أَوْقَفْتُهَا حَيْثُ يَسْمَعُ أَهْلُ السَّمَاءِ زُقَاءَ «5» دُيُوكِهَا، وَ نُبَاحَ كِلَابِهَا، فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ نُودِيتُ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ: يَا جَبْرَئِيلُ، اقْلِبِ الْقَرْيَةَ عَلَى‏
__________________________________________________
 (2)- علل الشرائع: 550/ 5.
 (1) في النسخ: زكيا.
 (2) هود 11: 69- 73.
 (3) هود 11: 76.
 (4) الخوافي: هي الريش الصغار التي في جناح الطائر. «لسان العرب 14: 236».
 (5) زقا الدّيك و الطائر يزقو و يزقي زقوا و زقاء: صاح «لسان العرب 14: 357».

164
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 24 الى 47 ص 161

الْقَوْمِ، فَقَلَبْتُهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى صَارَ أَسْفَلُهَا أَعْلَاهَا، وَ أَمْطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ، وَ مَا هِيَ- يَا مُحَمَّدُ- مِنَ الظَّالِمِينَ مِنْ أُمَّتِكَ بِبَعِيدٍ».
قَالَ: «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا جَبْرَئِيلُ، وَ أَيْنَ كَانَتْ قَرْيَتُهُمْ مِنَ الْبِلَادِ؟ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: كَانَ مَوْضِعُ قَرْيَتِهِمْ فِي مَوْضِعِ بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ الْيَوْمَ، وَ هِيَ فِي نَوَاحِي الشَّامِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ رَايَتَكَ حِينَ قَلَبْتَهَا، فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرَضِينَ وَقَعَتِ الْقَرْيَةُ وَ أَهْلُهَا؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَقَعَتْ فِيمَا بَيْنَ بَحْرِ الشَّامِ إِلَى مِصْرَ، فَصَارَتْ تُلُولًا فِي الْبَحْرِ».
10131/ «3»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، وَ غَيْرِهِ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا جَاءَتْ فِي هَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ قَالُوا: إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَتْ سَارَةُ، وَ عَجِبْتُ مِنْ قِلَّتِهِمْ وَ كَثْرَةِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، فَقَالَتْ: وَ مَنْ يُطِيقُ قَوْمَ لُوطٍ؟ فَبَشَّرُوهَا بِإِسْحَاقَ وَ مِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ، فَصَكَّتْ وَجْهَهَا، وَ قَالَتْ: عَجُوزٌ عَقِيمٌ، وَ هِيَ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ تِسْعِينَ سَنَةً، وَ إِبْرَاهِيمُ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عِشْرِينَ وَ مِائَةِ سَنَةٍ، فَجَادَلَ إِبْرَاهِيمُ عَنْهُمْ، وَ قَالَ: إِنَّ فِيهَا لُوطاً! قَالَ جَبْرَئِيلُ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا. فَزَادَ «1» إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَعْرِضْ عَنْ هَذَا، إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ، وَ إِنَّهُمْ آتِيَهُمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ».
قَالَ: «وَ إِنَّ جَبْرَئِيلَ لَمَّا أَتَى لُوطاً فِي هَلَاكِ قَوْمِهِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَ جَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ، قَامَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْبَابِ، ثُمَّ نَاشَدَهُمْ، فَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي. قَالُوا: أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ؟ ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِمْ بَنَاتَهُ نِكَاحاً، قَالُوا: مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ، وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ، قَالَ: فَمَا مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ! قَالَ: فَأَبَوْا، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةَ أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، قَالَ: وَ جَبْرَئِيلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: لَوْ يَعْلَمُ أَيُّ قُوَّةٍ لَهُ. ثُمَّ دَعَاهُ فَأَتَاهُ، فَفَتَحُوا الْبَابَ وَ دَخَلُوا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ جَبْرَئِيلُ بِيَدِهِ فَرَجَعُوا عُمْيَاناً، يَلْتَمِسُونَ الْجِدَارَ بِأَيْدِيهِمْ، يُعَاهِدُونَ اللَّهَ لَئِنْ أَصْبَحْنَا لَا نَسْتَبْقِي أَحَداً مِنْ آلِ لُوطٍ».
قَالَ: «لَمَّا قَالَ جَبْرَئِيلُ: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ. قَالَ لَهُ لُوطٌ: يَا جَبْرَئِيلُ عَجِّلْ. قَالَ: نَعَمْ قَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ عَجِّلْ. قَالَ: إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ؟ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا لُوطُ، اخْرُجْ مِنْهَا أَنْتَ وَ وُلْدُكَ حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ كَذَا وَ كَذَا.
قَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ إِنَّ حُمُرِي ضِعَافٌ، قَالَ: ارْتَحِلْ فَاخْرُجْ مِنْهَا. فَارْتَحَلَ حَتَّى إِذَا كَانَ السَّحَرُ نَزَلَ إِلَيْهَا جَبْرَئِيلُ فَأَدْخَلَ جَنَاحَهُ تَحْتَهَا حَتَّى إِذَا اسْتَعْلَتْ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ، وَ رَمَى جُدْرَانَ الْمَدِينَةِ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، وَ سَمِعَتِ امْرَأَةُ لُوطٍ الْهَدَّةَ فَهَلَكَتْ مِنْهَا».
10132/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ، عَنْ دُرُسْتَ، عَنْ عَطِيَّةَ أَخِي أَبِي الْمَغْرَا، قَالَ:
__________________________________________________
 (3)- علل الشرائع: 551/ 6.
 (4)- علل الشرائع: 552/ 7.
 (1) كذا، و الظاهر أنّها تصحيف فرادّه، و رادّه في القول: راجعه إياه.

165
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 24 الى 47 ص 161

ذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، الْمَنْكُوحَ مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «لَيْسَ يَبْتَلِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَذَا الْبَلَاءِ أَحَداً وَ لَهُ فِيهِ حَاجَةٌ، إِنَّ فِي أَدْبَارِهِمْ أَرْحَاماً مَنْكُوسَةً وَ حَيَاءُ، أَدْبَارِهِمْ كَحَيَاءِ الْمَرْأَةِ، وَ قَدْ شَرِكَ فِيهِمْ ابْنٌ لِإِبْلِيسَ يُقَالُ لَهُ زَوَالٌ، فَمَنْ شَرِكَ فِيهِ مِنَ الرِّجَالِ كَانَ مَنْكُوحاً، وَ مَنْ شَرِكَ فِيهِ مِنَ النِّسَاءِ كَانَتْ عَقِيماً مِنَ الْمَوْلُودِ، وَ الْعَامِلُ بِهَا مِنَ الرِّجَالِ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَتْرُكْهُ، وَ هُمْ بَقِيَّةُ سَدُومَ، أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَعْنِي بَقِيَّتَهُمْ أَنَّهُمْ وُلْدُهُ، وَ لَكِنْ مِنْ طِينَتِهِمْ».
قُلْتُ: سَدُومُ الَّتِي قُلِبَتْ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: «هِيَ أَرْبَعُ مَدَائِنَ: سَدُومُ، وَ صَدِيمُ، وَ لَدْنَا، وَ عَسِيرَا» قَالَ: «فَأَتَاهُمْ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُنَّ مَقْلُوبَاتٌ إِلَى تُخُومِ الْأَرَضِينَ السَّابِعَةِ، فَوَضَعَ جَنَاحَهُ تَحْتَ السُّفْلَى مِنْهُنَّ، وَ رَفَعَهُنَّ جَمِيعاً حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا نُبَاحَ كِلَابِهِمْ ثُمَّ قَلَبَهَا».
10133/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَنَانٍ، عَنْ سَالِمٍ الْحَنَّاطِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «آلُ مُحَمَّدٍ، لَمْ يَبْقَ فِيهَا غَيْرُهُمْ».
10134/ «6»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدٍ وَ غَيْرِهِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «لَمْ يَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ شَيْ‏ءٌ أَقَلُّ وَ لَا أَعَزُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَمَّا أَوَّلُهَا فَالتَّسْلِيمُ، وَ الثَّانِيَةُ الْبِرُّ، وَ الثَّالِثَةُ الْيَقِينُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ:
فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».
وَ قَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ هُودٍ، مَنْ أَرَادَهَا وَقَفَ عَلَيْهَا مِنْ هُنَاكَ «1».
10135/ «7»- و قال عليّ بن إبراهيم: قوله تعالى: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ، [أي‏] في جماعة.
10136/ «8»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فِي صَرَّةٍ: فِي جَمَاعَةٍ».
10137/ «9»- و قال عليّ بن إبراهيم: فَصَكَّتْ وَجْهَها أي غطته لما بشرها جبرئيل بإسحاق (عليه السلام) وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، و هي التي لا تلد، و قوله تعالى: وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ، و هي التي لا تلقح الشجر و لا تنبت النبات، و قوله تعالى: وَ فِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ، قال: الحين هنا ثلاثة أيام، و قوله تعالى: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ، قال: بقوة.
10138/ «10»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
__________________________________________________
 (5)- الكافي 1: 352/ 67.
 (6)- مختصر بصائر الدرجات: 93.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 330.
 (8)- مجمع البيان 9: 238.
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 330.
 (10)- التوحيد: 153/ 1.
 (1) تقدّمت الروايات في تفسير الآية (69) من سورة هود.

166
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 24 الى 47 ص 161

عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرٌ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقُلْتُ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ «1»، قَالَ: «الْيَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْقُوَّةُ وَ النِّعْمَةُ، قَالَ: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ «2»، وَ قَالَ: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ، أَيْ بِقُوَّةٍ، وَ قَالَ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «3»، أَيْ قَوَّاهُمْ، وَ يُقَالُ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَيَادٍ كَثِيرَةٌ، أَيْ فَوَاضِلُ وَ إِحْسَانٌ، وَ لَهُ عِنْدِي يَدٌ بَيْضَاءُ، أَيْ نِعْمَةٌ».
قوله تعالى:
وَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [49]
10139/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي قُثَمُ بْنُ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ذِعْلِبٌ، ذَرِبُ اللِّسَانِ، بَلِيغٌ فِي الْخِطَابِ، شُجَاعُ الْقَلْبِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلَبُ مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبّاً لَمْ أَرَهُ.
قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ فَقَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ، لَمْ تَرَهُ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ، وَ لَكِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ، وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ إِنَّ رَبِّي لَطِيفُ اللَّطَافَةِ، فَلَا يُوصَفُ بِاللُّطْفِ، عَظِيمُ الْعَظَمَةِ لَا يُوصَفُ بِالْعِظَمِ، كَبِيرُ الْكِبْرِيَاءِ «4» لَا يُوصَفُ بِالْكِبَرِ، جَلِيلُ الْجَلَالَةِ لَا يُوصَفُ بِالغِلَظِ، قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَلَا يُقَالُ: شَيْ‏ءٌ قَبْلَهُ، وَ بَعْدَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَلَا يُقَالُ: شَيْ‏ءٌ بَعْدَهُ، شَاءَ «5» الْأَشْيَاءَ لَا بِهِمَّةٍ، دَرَّاكٌ لَا بِخَدِيعَةٍ، هُوَ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا غَيْرُ مُتَمَازِجٍ بِهَا، وَ لَا بَائِنٍ عَنْهَا، ظَاهِرٌ لَا بِتَأْوِيلِ الْمُبَاشَرَةِ، مُتَجَلٍّ لَا بِاسْتِهْلَالِ رُؤْيَةٍ، بَائِنٌ لَا بِمَسَافَةٍ، قَرِيبٌ لَا بِمُدَانَاةٍ، لَطِيفٌ لَا بِتَجْسِيمٍ «6» مَوْجُودٌ لَا بَعْدَ عَدَمٍ، فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابٍ، مُقَدِّرٌ لَا بِحَرَكَةٍ، مُرِيدٌ لَا بِهِمَّةٍ، سَمِيعٌ لَا بِآلَةٍ، بَصِيرٌ لَا بِأَدَاةٍ لَا تَحْوِيهِ الْأَمَاكِنُ، وَ لَا تَصْحَبُهُ الْأَوْقَاتُ، وَ لَا تَحُدُّهُ الصِّفَاتُ، وَ لَا تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ، سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَ الْعَدَمَ وُجُودُهُ، وَ الِابْتِدَاءَ أَزَلُهُ، بِتَشْعِيرِهِ‏
__________________________________________________
 (1)- التوحيد: 308/ 2.
 (1) سورة ص 38: 75.
 (2) سورة ص: 38: 17.
 (3) المجادلة 58: 22.
 (4) في «ط»: الكبراء.
 (5) في المصدر زيادة: شائي.
 (6) في «ط، ي» و المصدر: بتجسم.

167
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات آية 49 ص 167

الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَهُ، وَ بِتَجْهِيرِهِ الْجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لَا جَوْهَرَ لَهُ، وَ بِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ، وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَهُ، ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَ الْجُسْوَ «1» بِالْبَلَلِ، وَ الصَّرْدَ بِالْحَرُورِ، وَ مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا، مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا، دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَى مُفَرِّقِهَا، وَ بِتَأْلِيفِهَا عَلَى مُؤَلِّفِهَا، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَفَرَّقَ بِهَا بَيْنَ قَبْلٍ وَ بَعْدٍ، لِيُعْلَمَ أَنْ لَا قَبْلَ لَهُ وَ لَا بَعْدَ، شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا أَنْ لَا غَرِيزَةَ لِمُغْرِزِهَا، مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لَا وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا، حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ لِيُعْلَمَ انْ لَا حِجَابَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ غَيْرُ خَلْقِهِ، كَانَ رَبّاً إِذْ لَا مَرْبُوبَ، وَ إِلَهاً إِذْ لَا مَأْلُوهَ، وَ عَالِماً إِذْ لَا مَعْلُومَ، وَ سَمِيعاً إِذْ لَا مَسْمُوعَ.
ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
         وَ لَمْ يَزَلْ سَيِّدِي بِالْعِلْمِ «2» مَعْرُوفاً             وَ لَمْ يَزَلْ سَيِّدِي بِالْجُودِ مَوْصُوفاً
         وَ كَانَ إِذْ لَيْسَ نُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ             وَ لَا ظَلَامَ عَلَى الْآفَاقِ «3» مَعْكُوفاً
         فَرَبُّنَا بِخِلَافِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ             وَ كُلِّ مَا كَانَ فِي الْأَوْهَامِ مَوْصُوفاً
         فَمَنْ يُرِدْهُ عَلَى التَّشْبِيهِ مُمْتَثِلًا             يَرْجِعْ أَخَا حَصْرٍ بِالْعَجْزِ مَكْتُوفاً
         وَ فِي الْمَعَارِجِ يَلْقَى مَوْجُ قُدْرَتِهِ             مَوْجاً يُعَارِضُ طَرْفَ الرُّوحِ مَكْفُوفاً
         فَاتْرُكْ أَخَا جَدَلٍ فِي الدِّينِ مُنْعَمِقاً             قَدْ بَاشَرَ الشَّكُّ فِيهِ الرَّأْيَ مَوْؤُفاً «4»
         وَ اصْحَبْ أَخَا ثِقَةٍ حُبّاً لِسَيِّدِهِ             وَ بِالْكَرَامَاتِ مِنْ مَوْلَاهُ مَحْفُوفا
         أَمْسَى دَلِيلُ الْهُدَى فِي الْأَرْضِ مُنْتَشِراً             وَ فِي السَّمَاءِ جَمِيلَ الْحَالِ مَعْرُوفاً
قَالَ: فَخَرَّ ذِعْلِبٌ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، وَ قَالَ: مَا سَمِعْتُ بِهَذَا الْكَلَامِ، وَ لَا أَعُودُ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ».
10140/ «2»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الشَّرِيفُ الصَّالِحُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ حَمْزَةَ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ الطَّبَرِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الطَّبَرِيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَتَكَلَّمُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَوَّلُ عِبَادَةِ اللَّهِ مَعْرِفَتُهُ، وَ أَصْلُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ- جَلَّ اسْمُهُ- تَوْحِيدُهُ، وَ نِظَامُ تَوْحِيدِهِ نَفْيُ التَّحْدِيدِ عَنْهُ، لِشَهَادَةِ الْعُقُولِ أَنَّ كُلَّ مَحْدُودٍ مَخْلُوقٌ، وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَخْلُوقٍ، أَنَّ لَهُ خَالِقاً لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَ الْمُمْتَنِعُ الْحَدَثِ هُوَ الْقَدِيمُ فِي الْأَزَلِ، فَلَيْسَ عَبَدَ اللَّهَ مَنْ نَعَتَ ذَاتَهُ، وَ لَا إِيَّاهُ وَحَّدَ مَنِ اكْتَنَهَهُ، وَ لَا حَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ، وَ لَا بِهِ صَدَّقَ مَنْ نَهَّاهُ، وَ لَا صَمَدَ صَمْدَهُ «5» مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ، وَ لَا إِيَّاهُ عَنَى‏
__________________________________________________
 (2)- الأمالي 1: 22.
 (1) الجسو: اليبس و الصّلابة.
 (2) في المصدر: بالحمد.
 (3) في النسخ: الأوقات.
 (4) المؤوف: الذي أصابته آفة فأفسدته.
 (5) أي قصده و اعتمده.

168
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات آية 49 ص 167

مَنْ شَبَّهَهُ، وَ لَا لَهُ عَرَفَ مَنْ بَعَّضَهُ، وَ لَا إِيَّاهُ أَرَادَ مَنْ تَوَهَّمَهُ، كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ، وَ كُلُّ قَائِمٍ فِي «1» سِوَاهُ مَعْلُولٌ، بِصُنْعِ اللَّهِ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ، وَ بِالْعُقُولِ تُعْتَقَدُ مَعْرِفَتُهُ، وَ بِالْفِطْرَةِ تَثْبُتُ حُجَّتُهُ «2».
خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ حِجَاباً بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ، وَ مُبَايَنَتُهُ إِيَّاهُمْ مُفَارَقَتُهُ إِنِّيَّتَهُمْ، وَ ابْتِدَاؤُهُ لَهُمْ دَلِيلٌ «3» عَلَى أَنْ لَا ابْتِدَاءَ لَهُ، لِعَجْزِ كُلِّ مُبْتَدَأٍ مِنْهُمْ عَنِ ابْتِدَاءِ مِثْلِهِ، فَأَسْمَاؤُهُ تَعَالَى تَعْبِيرٌ، وَ أَفْعَالُهُ سُبْحَانَهُ تَفْهِيمٌ، قَدْ جَهِلَ اللَّهَ مَنْ حَدَّهُ، وَ قَدْ تَعَدَّاهُ مَنِ اشْتَمَلَهُ، وَ قَدْ أَخْطَأَهُ مَنِ اكْتَنَهَهُ، وَ مَنْ قَالَ: كَيْفَ هُوَ، فَقَدْ شَبَّهَهُ، وَ مَنْ قَالَ فِيهِ: لِمَ فَقَدْ عَلَّلَهُ، وَ مَنْ قَالَ:
مَتَى، فَقَدْ وَقَّتَهُ، وَ مَنْ قَالَ: فِيمَ، فَقَدْ ضَمَّنَهُ، وَ مَنْ قَالَ: إِلَامَ، فَقَدْ نَهَّاهُ، وَ مَنْ قَالَ: حَتَّامَ؛ فَقَدْ غَيَّاهُ، وَ مَنْ غَيَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ، وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ أَلْحَدَ فِيهِ، لَا يَتَغَيَّرُ اللَّهُ تَعَالَى بِتَغَايُرِ الْمَخْلُوقِ، وَ لَا يَتَحَدَّدُ بِتَحْدِيدِ الْمَحْدُودِ، وَاحِدٌ لَا بِتَأْوِيلِ عَدَدٍ، ظَاهِرٌ لَا بِتَأْوِيلِ الْمُبَاشَرَةِ، مُتَجَلٍّ لَا بِاسْتِهْلَالِ رُؤْيَةٍ، بَاطِنٌ لَا بِمُزَايَلَةٍ، مُبَايِنٌ لَا بِمَسَافَةٍ، قَرِيبٌ لَا بِمُدَانَاةٍ، لَطِيفٌ لَا بِتَجْسِيمٍ، مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ، فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابٍ، مُقَدِّرٌ لَا بِفِكْرَةٍ، مُدَبِّرٌ لَا بِحَرَكَةٍ، مُرِيدٌ لَا بِعَزِيمَةٍ، شَاءٍ لَا بِهِمَّةٍ، مُدْرِكٌ لَا بِحَاسَّةٍ، سَمِيعٌ لَا بِآلَةٍ، بَصِيرٌ لَا بِأَدَاةٍ، لَا تَصْحَبُهُ الْأَوْقَاتُ، وَ لَا تَضَمَّنُهُ الْأَمَاكِنُ، وَ لَا تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ، لَا تَحُدُّهُ الصِّفَاتُ، وَ لَا تُقَيِّدُهُ الْأَدَوَاتُ، سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَ الْعَدَمَ وُجُودُهُ، وَ الِابْتِدَاءَ أَزَلُهُ.
بِخَلْقِهِ الْأَشْيَاءَ «4» عُلِمَ أَنْ لَا شِبْهَ لَهُ، وَ بِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُلِمَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ، وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَهُ، ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ «5»، مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا «6»، مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا، بِتَفْرِيقِهَا دَلَّ عَلَى مُفَرِّقِهَا، وَ بِتَأْلِيفِهَا عَلَى مُؤَلِّفِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
لَهُ مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ إِذْ لَا مَرْبُوبَ، وَ حَقِيقَتُهُ [حَقِيقَةُ] الْإِلَهِيَّةُ إِذْ لَا مَأْلُوهَ، وَ مَعْنَى الْعَالِمِ وَ لَا مَعْلُومَ، لَيْسَ مُنْذُ خَلَقَ اسْتَحَقَّ مَعْنَى الْخَالِقِ، وَ لَا مِنْ حَيْثُ أَحْدَثَ اسْتَفَادَ مَعْنَى الْمُحْدِثِ، لَا تَغَيِّيهِ مُنْذُ، وَ لَا تُدْنِيهِ قَدْ، وَ لَا يَحْجُبُهُ لَعَلَّ، وَ لَا يُوَقِّتُهُ مَتَى، وَ لَا يَشْتَمِلُهُ حِينٌ، وَ لَا يُقَارِنُهُ مَعَ، كُلُّ مَا فِي الْخَلْقِ مِنْ أَثَرٍ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي خَالِقِهِ، وَ كُلُّ مَا أَمْكَنَ فِيهِ، مُمْتَنِعٌ مِنْ صَانِعِهِ، لَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْحَرَكَةُ وَ السُّكُونُ، كَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ؟ أَوْ يَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ ابْتَدَأَهُ؟ إِذَنْ لَتَفَاوَتَتْ دَلَالَتُهُ، وَ لَامْتَنَعَ مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ، وَ لَمَا كَانَ لِلْبَارِئِ مَعْنًى غَيْرُ الْمُبْرِئِ، لَوْ حُدَّ لَهُ وَرَاءُ لَحُدَّ لَهُ أَمَامٌ، وَ لَوِ الْتُمِسَ لَهُ التَّمَامُ لَلَزِمَهُ النُّقْصَانُ، كَيْفَ يَسْتَحِقُّ الْأَزَلَ مَنْ لَا يَمْتَنِعُ عَنِ الْحَدَثِ؟ وَ كَيْفَ يُنْشِئُ الْأَشْيَاءَ مَنْ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الْإِنْشَاءِ «7»؟ لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْمَعَانِي لَقَامَتْ فِيهِ آيَةُ الْمَصْنُوعِ، وَ لَتَحَوَّلَ عَنْ كَوْنِهِ دَالًّا إِلَى كَوْنِهِ مَدْلُولًا عَلَيْهِ، لَيْسَ فِي‏
__________________________________________________
 (1) في «ط، ي»: من.
 (2) في المصدر: محبّته.
 (3) في المصدر: دليلهم.
 (4) في المصدر: الأشباه.
 (5) في المصدر: و الصّرّ بالحرّ.
 (6) في المصدر: متعاقباتها.
 (7) في «ج»: الأشياء.

169
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات آية 49 ص 167

مُحَالِ «1» الْقَوْلِ حُجَّةٌ، وَ لَا فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْهُ جَوَابٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ».
قوله تعالى:
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ الذِّكْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [50- 55]
10141/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ، قَالَ: «حُجُّوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
10142/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ، قَالَ: «حُجُّوا إِلَى اللَّهِ».
10143/ «3»- وَ عَنْهُ فِي (الْفَقِيهِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ: «يَعْنِي حُجُّوا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، يَا بُنَيَّ إِنَّ الْكَعْبَةَ بَيْتُ اللَّهِ، فَمَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ فَقَدْ قَصَدَ إِلَى اللَّهِ، وَ الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللَّهِ، فَمَنْ سَعَى إِلَيْهَا فَقَدْ سَعَى إِلَى اللَّهِ وَ قَصَدَ إِلَيْهِ».
10144/ «4»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ، قال: حجوا، و قوله تعالى: كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ* أَ تَواصَوْا بِهِ، يعني قريشا بأسمائهم حتّى قالوا لرسول اللّه: ساحر أو مجنون. و قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ، يا محمد: فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ، قال: هم اللّه جل ذكره بهلاك أهل الأرض، فأنزل اللّه على رسوله: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ، يا محمد فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ. ثم بدا لله في ذلك فأنزل عليه: وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ، و هذا ردّ على من أنكر «2» البداء و المشيئة.
10145/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَنَّهُمَا قَالا: «إِنَّ النَّاسَ لَمَّا كَذَّبُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، هَمَ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 4: 256/ 21.
 (2)- معاني الأخبار: 222/ 1.
 (3)- من لا يحضره الفقيه 1: 127/ 603.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 330.
 (5)- الكافي 8: 103/ 78.
 (1) في «ط، ي» و المصدر: مجال.
 (2) في المصدر زيادة: أنّ للّه.

170
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 50 الى 55 ص 170

اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِهَلَاكِ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا عَلِيّاً فَمَا سِوَاهُ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَحِمَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ قَالَ: «لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ».
10146/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ صَدَقَةَ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَنْصَارِيِّ الْكَنْجِيُّ «1»، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيَّ يَقُولُ: قَدِمَ سُلَيْمَانُ الْمَرْوَزِيُّ مُتَكَلِّمُ خُرَاسَانَ عَلَى الْمَأْمُونِ- وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مَعَ الْإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيِّ- إِلَى أَنْ قَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «رُوِّيتُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: [إِنَ‏] لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْمَيْنِ، عِلْماً مَخْزُوناً مَكْنُوناً لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ، مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ الْبَدَاءُ، وَ عِلْماً عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ، فَالْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ «2» يَعْلَمُونَهُ».
قَالَ سُلَيْمَانُ: أُحِبُّ أَنْ تَنْزِعَهُ لِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ، أَرَادَ هَلَاكَهُمْ ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ».
قوله تعالى:
وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ- إلى قوله تعالى- مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [56- 60]
10147/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، قَالَ: «خَلَقَهُمْ لِيَأْمُرَهُمْ بِالْعِبَادَةِ».
قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ «3»، قَالَ:
 «خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا مَا يَسْتَوْجِبُونَ [بِهِ‏] رَحْمَتَهُ فَيَرْحَمَهُمْ».
10148/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ،
__________________________________________________
 (6)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 181/ 1.
 (1)- علل الشرائع: 13/ 10.
 (2)- علل الشرائع: 13/ 11.
 (1) في المصدر: الكجي.
 (2) في المصدر: نبيّنا.
 (3) هود 11: 118، 119.

171
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 56 الى 60 ص 171

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهِيكِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَرَسَتُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ؟ فَقَالَ: «خَلَقَهُمْ لِلْعِبَادَةِ».
10149/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السَّعْدَآبَادِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، قَالَ: «خَلَقَهُمْ لِلْعِبَادَةِ».
قُلْتُ: خَاصَّةٌ أَمْ عَامَّةٌ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ عَامَّةٌ».
10150/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّرِيفُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ ابْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَ السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ؟». فَقَالَ: «الشَّقِيُّ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ وَ هُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَنَّهُ سَيَعْمَلُ أَعْمَالَ الْأَشْقِيَاءِ، وَ السَّعِيدُ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ وَ هُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَنَّهُ سَيَعْمَلُ أَعْمَالَ السُّعَدَاءِ».
قُلْتُ [لَهُ‏]: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ». فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ لِيَعْبُدُوهُ، وَ لَمْ يَخْلُقْهُمْ لِيَعْصُوهُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، فَيَسَّرَ، كُلَّا لِمَا خُلِقَ لَهُ، فَالْوَيْلُ لِمَنِ اسْتَحَبَّ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى».
10151/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، وَ حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَبْنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ حَبِيبٍ السِّجِسْتَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ ظَهْرِهِ، لِيَأْخُذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَ بِالنُّبُوَّةِ لِكُلِّ نَبِيٍّ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِآدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): انْظُرْ مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: فَنَظَرَ آدَمُ إِلَى ذُرِّيَّتِهِ وَ هُمْ ذَرٌّ قَدْ مَلَأُوا السَّمَاءَ، فَقَالَ آدَمُ، يَا رَبِّ، مَا أَكْثَرَ ذُرِّيَّتِي، وَ لِأَمْرٍ مَّا خَلَقْتَهُمْ، فَمَا تُرِيدُ بِأَخْذِكَ الْمِيثَاقَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
يَعْبُدُونَنِي، وَ لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، وَ يُؤْمِنُونَ بِرُسُلِي وَ يَتْبَعُونَهُمْ.
قَالَ آدَمُ [يَا رَبِ‏] فَمَا لِي أَرَى بَعْضَ الذَّرِّ أَعْظَمَ مِنْ بَعْضٍ، وَ بَعْضَهُمْ لَهُ نُورٌ كَثِيرٌ، وَ بَعْضَهُمْ لَهُ نُورٌ قَلِيلٌ، وَ بَعْضَهُمْ لَيْسَ لَهُ نُورٌ؟ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: كَذَلِكَ خَلَقْتُهُمْ لِأَبْلُوَهُمْ فِي كُلِّ حَالاتِهِمْ.
__________________________________________________
 (3)- علل الشرائع: 14/ 12.
 (4)- التوحيد: 356/ 3.
 (5)- علل الشرائع: 10/ 4.

172
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 56 الى 60 ص 171

قَالَ: آدَمُ يَا رَبِّ أَ فَتَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ فَأَتَكَلَّمُ؟ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: تَكَلَّمْ، فَإِنَّ رُوحَكَ مِنْ رُوحِي، وَ طَبِيعَتَكَ مِنْ خِلَافِ كَيْنُونَتِي.
قَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، لَوْ كُنْتَ خَلَقْتَهُمْ عَلَى مِثَالٍ وَاحِدٍ، وَ قَدْرٍ وَاحِدٍ، وَ طَبِيعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ جِبِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، [وَ أَلْوَانٍ وَاحِدَةٍ] وَ أَعْمَارٍ وَاحِدَةٍ، وَ أَرْزَاقٍ سَوَاءٍ، لَمْ يَبْغِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ تَحَاسُدٌ وَ لَا تَبَاغُضٌ، وَ لَا اخْتِلَافٌ فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: يَا آدَمُ بِرُوحِي نَطَقْتَ وَ بِضَعْفِ طَبْعِكَ تَكَلَّفْتَ مَا لَا عِلْمَ لَكَ [بِهِ‏]، وَ أَنَا الْخَالِقُ الْعَلِيمُ، بِعِلْمِي خَالَفْتَ بَيْنَ خَلْقِهِمْ، وَ بِمَشِيئَتِي يَمْضِي فِيهِمْ أَمْرِي، وَ إِلَى تَدْبِيرِي وَ تَقْدِيرِي هُمْ صَائِرُونَ، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِي، وَ إِنَّمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ لِيَعْبُدُونِي، وَ خَلَقْتُ الْجَنَّةَ لِمَنْ عَبَدَنِي وَ أَطَاعَنِي مِنْهُمْ وَ اتَّبَعَ رُسُلِي، وَ لَا أُبَالِي، وَ خَلَقْتُ النَّارَ لِمَنْ كَفَرَ بِي وَ عَصَانِي، وَ لَمْ يَتَّبِعْ رُسُلِي، وَ لَا أُبَالِي، وَ خَلَقْتُكَ وَ خَلَقْتُ ذُرِّيَّتَكَ مِنْ غَيْرِ فَاقَةٍ إِلَيْكَ وَ إِلَيْهِمْ، وَ إِنَّمَا خَلَقْتُكَ وَ خَلَقْتُهُمْ لِأَبْلُوَكَ وَ أَبْلُوَهُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فِي دَارِ الدُّنْيَا فِي حَيَاتِكُمْ وَ قَبْلَ مَمَاتِكُمْ، وَ كَذَلِكَ خَلَقْتُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ، وَ الْحَيَاةَ وَ الْمَوْتَ، وَ الطَّاعَةَ وَ الْمَعْصِيَةَ، وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ، وَ كَذَلِكَ أَرَدْتُ فِي تَقْدِيرِي وَ تَدْبِيرِي، وَ بِعِلْمِيَ النَّافِذِ فِيهِمْ خَالَفْتُ بَيْنَ صُوَرِهِمْ وَ أَجْسَادِهِمْ وَ أَلْوَانِهِمْ وَ أَعْمَارِهِمْ وَ أَرْزَاقِهِمْ وَ طَاعَتِهِمْ وَ مَعْصِيَتِهِمْ، فَجَعَلْتُ مِنْهُمُ السَّعِيدَ وَ الشَّقِيَّ، وَ الْبَصِيرَ وَ الْأَعْمَى، وَ الْقَصِيرَ وَ الطَّوِيلَ، وَ الْجَمِيلَ وَ الدَّمِيمَ، وَ الْعَالِمَ وَ الْجَاهِلَ، وَ الْغَنِيَّ وَ الْفَقِيرَ، وَ الْمُطِيعَ وَ الْعَاصِيَ، وَ الصَّحِيحَ وَ السَّقِيمَ، وَ مَنْ بِهِ الزَّمَانَةُ «1» وَ مَنْ لَا عَاهَةَ بِهِ، فَيَنْظُرُ الصَّحِيحُ إِلَى الَّذِي بِهِ الْعَاهَةُ فَيَحْمَدُنِي عَلَى عَافِيَتِهِ، وَ يَنْظُرُ الَّذِي بِهِ الْعَاهَةُ إِلَى الصَّحِيحِ فَيَدْعُونِي وَ يَسْأَلُنِي أَنْ أُعَافِيَهُ، وَ يَصْبِرُ عَلَى بَلَائِي، فَأُثِيبُهُ جَزِيلَ عَطَائِي، وَ يَنْظُرُ الْغَنِيُّ إِلَى الْفَقِيرِ فَيَحْمَدُنِي وَ يَشْكُرُنِي، وَ يَنْظُرُ الْفَقِيرُ إِلَى الْغَنِيِّ فَيَدْعُونِي وَ يَسْأَلُنِي وَ يَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَى الْكَافِرِ فَيَحْمَدُنِي عَلَى هِدَايَتِهِ، فَكَذَلِكَ «2» خَلَقْتُهُمْ لِأَبْلُوَهُمْ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ، وَ فِيمَا عَافَيْتُهُمْ، وَ فِيمَا ابْتَلَيْتُهُمْ، وَ فِيمَا أَعْطَيْتُهُمْ، وَ فِيمَا مَنَعْتُهُمْ، وَ أَنَا اللَّهُ الْمَلِكُ الْقَادِرُ، وَ لِيَ أَنْ أُمْضِي جَمِيعَ مَا قَدَّرْتُ عَلَى مَا دَبَّرْتُ، وَ لِي أَنْ أُغَيِّرَ مِنْ ذَلِكَ مَا شِئْتُ «3» فَأُقَدِّمَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخَّرْتَ، وَ أُؤَخِّرَ مَا قَدَّمْتُ، وَ أَنَا اللَّهُ الْفَعَّالُ لِمَا أُرِيدُ، لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ، وَ أَنَا أَسْأَلُ خَلْقِي عَمَّا هُمْ فَاعِلُونَ».
وَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ حَبِيبٍ السِّجِسْتَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «4» يَقُولُ، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ «5».
10152/ «6»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، قال: خلقتهم‏
__________________________________________________
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 331.
 (1) أي العاهة. «لسان العرب 13: 199».
 (2) في المصدر: ما هديته فلذلك.
 (3) في المصدر زيادة: إلى ما شئت.
 (4) في «ط، ي»: أبا عبد اللّه (عليه السّلام)
 (5) الكافي 2: 7/ 2.

173
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 56 الى 60 ص 171

للأمر و النهي و التكليف، و ليست خلقة جبر أن يعبدوه، و لكن خلقه اختيار ليختبرهم بالأمر و النهي، و من يطيع اللّه و من يعصي.
قال: و
فِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ «1»
، و قوله تعالى:
ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ، و إنّي لم أخلقهم لحاجة بي إليهم، قوله تعالى: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمّد حقهم ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ، العذاب، ثمّ قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ.
__________________________________________________
 (1) هود 11: 118.

174
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الذاريات الآيات 56 الى 60 ص 171

سورة الطور
فضلها
10153/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالا: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الطُّورِ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ».
10154/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُؤْمِنَهُ مِنْ عَذَابِهِ، وَ أَنْ يُنْعِمَ عَلَيْهِ فِي جَنَّتِهِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ أَدْمَنَ فِي قِرَاءَتِهَا، وَ كَانَ مُقَيَّداً مَغْلُولًا مَسْجُوناً، سَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خُرُوجَهُ، وَ لَوْ كَانَ مَا كَانَ مِنَ الْجِنَايَاتِ».
10155/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا وَ هُوَ مَسْجُونٌ أَوْ مُقَيَّدٌ، سَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خُرُوجُهُ».
10156/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ أَدْمَنَ فِي قِرَاءَتِهَا، وَ هُوَ مُعْتَقَلٌ، سَهَّلَ اللَّهُ خُرُوجَهُ، وَ لَوْ كَانَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْحُدُودِ «1» الْوَاجِبَةُ؛ وَ إِذَا أَدْمَنَ فِي قِرَاءَتِهَا وَ هُوَ مُسَافِرٌ، أَمِنَ فِي سَفَرِهِ مِمَّا يَكْرَهُ؛ وَ إِذَا رُشَّ بِمَائِهَا عَلَى لَدْغِ الْعَقْرَبِ، بَرِئَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 116.
 (2)- .....
 (3)- .....
 (4)- خواص القرآن: 9 «مخطوط».
 (1) في «ط، ي»: الحقوق.

175
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطور الآيات 1 الى 4 ص 176

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ- إلى قوله تعالى- وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ [1- 4]
10157/ «1»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: تَأْوِيلُهُ: رُوِيَ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ، قَالَ: «كِتَابٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي وَرَقَةِ آسٍ، وَ وَضَعَهُ عَلَى عَرْشِهِ، قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ بِأَلْفَيْ عَامٍ: يَا شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ أَجَبْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ تَدْعُونِي، وَ أَعْطَيْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُونِي، وَ غَفَرْتُ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَغْفِرُونِي».
10158/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: الطور: جبل «1» سيناء وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ، أي مكتوب فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ* وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، قال: هو في السماء الرابعة، هو الضراح «2» يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثمّ لا يعودون [إليه‏] أبدا».
10159/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبَّادٍ عِمْرَانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ فِيهِ: «فَأَمَرَ اللَّهُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَيْتاً فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةُ، يُسَمَّى الضُّرَاحَ، بِإِزَاءِ عَرْشِهِ، فَصَيَّرَهُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ، يَطُوفُ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، لَا يَعُودُونَ، وَ يَسْتَغْفِرُونَ».
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 616/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 331.
 (3)- الكافي 4: 187/ 1.
 (1) في المصدر زيادة: بطور.
 (2) الضّراح: بيت في السّماء حيال الكعبة. «النهاية 3: 81».

176
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطور الآيات 5 الى 16 ص 177

قوله تعالى:
وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ- إلى قوله تعالى- فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا [5- 16] 10160/ «1»- علي بن إبراهيم: وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ، قال: السماء وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، قَالَ: يُسْجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
10161/ «2»- وَ فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ): عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْمَسْجُورُ: الْمُوقَدُ».
10162/ «3»- علي بن إبراهيم: هذا كله قسم، و جوابه إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ* ما لَهُ مِنْ دافِعٍ و قوله تعالى يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً أي تنفش وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً أي تسير مثل الريح فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ، قال: يخوضون في المعاصي.
و قوله تعالى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى‏ نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا، قال: يدفعون في النار. و
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا مَرَّ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَ هُمَا فِي حَائِطٍ، يَشْرَبَانِ وَ يُغَنِّيَانِ بِهَذَا الْبَيْتِ فِي حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمَّا قُتِلَ:
         كَمْ مِنْ حَوَارِيٍّ. تَلُوحُ عِظَامُهُ             وَرَاءَ الْحَرْبِ عَنْهُ أَنْ يُجَرَّ فَيُقْبَرَا
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «اللَّهُمَّ الْعَنْهُمَا، وَ ارْكُسْهُمَا فِي الْفِتْنَةِ رَكْساً، وَ دُعَّهُمَا إِلَى النَّارِ دَعّاً».
قوله تعالى: اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا أي اجترءوا، أو لا تجترئوا، لأن أحدا لا يصبر على النار، و الدليل على ذلك قوله: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ «1» يعني ما أجرأهم!.
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ- إلى قوله تعالى- فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ [21- 40]
10163/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي زَاهِرٍ، عَنِ الْخَشَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 331.
 (2)- نهج البيان 3: 275 «مخطوط».
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 331.
 (4)- الكافي 1: 216/ 1.
 (1) البقرة 2: 175.

177
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطور الآيات 21 الى 40 ص 177

حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ، قَالَ: «الَّذِينَ آمَنُوا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذُرِّيَّتُهُ الْأَئِمَّةَ وَ الْأَوْصِيَاءَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَلْحَقْنَا بِهِمْ وَ لَمْ تَنْقُصْ ذُرِّيَّتَهُمْ الْحُجَّةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ حُجَّتُهُمْ وَاحِدَةٌ، وَ طَاعَتُهُمْ وَاحِدَةٌ».
10164/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قَالَ: «قَصُرَتِ الْأَبْنَاءُ عَنْ عَمَلِ الْآبَاءِ، فَأَلْحَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَبْنَاءَ بِالْآبَاءِ لِيُقِرَّ بِذَلِكَ أَعْيُنَهُمْ».
10165/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ أَطْفَالَ شِيعَتِنَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تُرَبِّيهِمْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)». وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قَالَ: «يُهْدَوْنَ إِلَى آبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
10166/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قَالَ: «الَّذِينَ آمَنُوا النَّبِيُّ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ ذُرِّيَّتُهُ «1» الْأَئِمَّةُ وَ الْأَوْصِيَاءُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ لَمْ تَنْقُصْ ذُرِّيَّتُهُمْ مِنَ الْحُجَّةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي عَلِيٍّ، وَ حُجَّتُهُمْ وَاحِدَةٌ، وَ طَاعَتُهُمْ وَاحِدَةٌ».
10167/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عِيسَى بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْمُجَبِّرِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ عَمِّهِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، كُنَّا نُفَاضِلُ فَنَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ، وَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ: فُلَانٌ وَ فُلَانٌ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَعَلِيٌّ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا يُقَاسُ بِهِمْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، عَلِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي دَرَجَتِهِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، فَفَاطِمَةُ ذُرِّيَّةُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هِيَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ، وَ عَلِيٌّ مَعَ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا).
10168/ «6»- و عنه، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن إبراهيم بن محمّد، عن عليّ بن نصير، عن الحكم‏
__________________________________________________
 (2)- التوحيد: 394/ 7.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 332.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 332.
 (5)- تأويل الآيات 2: 618/ 5.
 (6)- تأويل الآيات 2: 618/ 6.
 (1) في المصدر: الذرّية.

178
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطور الآيات 21 الى 40 ص 177

ابن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عبّاس (رحمه اللّه)، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ (صلّى اللّه عليه و آله) وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
10169/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ جَنْدَلِ بْنِ وَالِقٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنِ الْإِمَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ لَدُنِ الْعَرْشِ: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ، غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَتَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى، وَ يَسْتَقْبِلُهَا مِنَ الْفِرْدَوْسِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ حَوْرَاءَ، مَعَهُنَّ خَمْسُونَ أَلْفَ مَلَكٍ عَلَى نَجَائِبَ مِنْ يَاقُوتٍ، أَجْنِحَتُهَا اللُّؤْلُؤُ الرَّطْبُ، وَ الزَّبَرْجَدُ، عَلَيْهَا رَحَائِلُ مِنْ دُرٍّ، عَلَى كُلِّ رَحْلٍ نُمْرُقَةٌ مِنْ سُنْدُسٍ، حَتَّى تَجُوزَ بِهَا الصِّرَاطَ، وَ يَأْتُونَ الْفِرْدَوْسَ فَيَتَبَاشَرُ بِهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَ تَجْلِسُ عَلَى عَرْشٍ مِنْ نُورٍ، وَ يَجْلِسُونَ حَوْلَهَا.
وَ فِي بُطْنَانِ الْعَرْشِ قَصْرَانِ، قَصْرٌ أَبْيَضُ وَ قَصْرٌ أَصْفَرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ، مِنْ عِرْقٍ وَاحِدٍ، وَ إِنَّ فِي الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ سَبْعِينَ أَلْفَ دَارٍ، مَسَاكِنَ مُحَمَّدِ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ إِنَّ فِي الْقَصْرِ الْأَصْفَرِ سَبْعِينَ أَلْفَ دَارٍ، مَسَاكِنَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكاً لَمْ يَبْعَثْ إِلَى أَحَدٍ قَبْلَهَا، وَ لَا يَبْعَثُ إِلَى أَحَدٍ بَعْدَهَا، فَيَقُولُ لَهَا: إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكِ: سَلِينِي أُعْطِكِ، فَتَقُولُ: قَدْ، أَتَمَّ عَلَيَّ نِعْمَتَهُ، وَ أَبَاحَنِي جَنَّتَهُ، وَ هَنَّأَنِي كَرَامَتَهُ، وَ فَضَّلَنِي عَلَى نِسَاءِ خَلْقِهِ، أَسْأَلُهُ أَنْ يُشَفِّعَنِي فِي وُلْدِي وَ فِي ذُرِّيَّتِي وَ مَنْ وَدَّهُمْ بَعْدِي وَ حَفِظَهُمْ بَعْدِي.
قَالَ: فَيُوحِي اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَلَكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ أَنْ خَبِّرْهَا أَنِّي قَدْ شَفَّعْتُهَا فِي وُلْدِهَا وَ ذُرِّيَّتِهَا وَ مَنْ وَدَّهُمْ وَ أَحَبَّهُمْ وَ حَفَظَهُمْ بَعْدَهَا، قَالَ: فَتَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْحَزَنَ، وَ أَقَرَّ عَيْنَيَّ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَانَ أَبِي إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ».
10170/ «8»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خُشَيْشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْعِجْلِيُّ الْقِرْمِيسِينِيُّ بِسُهْرَوَرْدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الصُّهْبَانِ الذُّهْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ كَرَّامِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولَانِ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَوَّضَ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ قَتْلِهِ أَنْ جَعَلَ الْإِمَامَةَ فِي ذُرِّيَّتِهِ، وَ الشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ، وَ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ قَبْرِهِ، وَ لَا تُعَدُّ أَيَّامُ زَائِرِيهِ جَائِياً وَ رَاجِعاً مِنْ عُمُرِهِ».
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فِي هَذِهِ الْخِلَالِ تُنَالُ بِالْحُسَيْنِ، فَمَا لَهُ فِي نَفْسِهِ؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْحَقَهُ بِالنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَكَانَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَ مَنْزِلَتِهِ». ثُمَّ تَلَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، الْآيَةَ.
10171/ «9»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، فِي (الْفَقِيهِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 618/ 7.
 (8)- الأمالي 1: 324.
 (9)- من لا يحضره الفقيه 3: 316/ 1536.

179
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطور الآيات 21 الى 40 ص 177

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَكْفَلَ إِبْرَاهِيمَ وَ سَارَةَ أَطْفَالَ الْمُؤْمِنِينَ، يُغَذُّونَهُمْ بِشَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ، لَهَا أَخْلَافٌ كَأَخْلَافِ الْبَقَرِ، فِي قَصْرٍ مِنْ دُرَّةٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُلْبِسُوا وَ طُيِّبُوا وَ أُهْدُوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَهُمْ مُلُوكٌ فِي الْجَنَّةِ مَعَ آبَائِهِمْ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ».
10172/ «10»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ، أَيْ مَا أَنْقَصْاهُمْ، و قوله تعالى لا لَغْوٌ فِيها وَ لا تَأْثِيمٌ قال: ليس في الجنة غناء و لا فحش، و يشرب المؤمن و لا يأثم، ثم حكى اللّه عزّ و جلّ قول أهل الجنة، [فقال‏]: وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ، قال: في الجنة قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ، أي خائفين من العذاب فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَ وَقانا عَذابَ السَّمُومِ. قال: السموم: الحر الشديد. و قوله تعالى يحكي قول قريش: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ، يعنون رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ، فقال اللّه عزّ و جلّ: قُلْ، لهم يا محمد تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ* أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا، قال: لم يكن في الدنيا أحلم من قريش.
ثم عطف على أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فقال: أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) بَلْ لا يُؤْمِنُونَ أنه لم يتقوله، و لم يقله برأيه، ثمّ قال: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ، أي برجل مثله من عند اللّه إِنْ كانُوا صادِقِينَ.
و قوله تعالى: أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَ لَكُمُ الْبَنُونَ، قال: هو ما قالت قريش: إن الملائكة بنات اللّه، ثمّ قال: أَمْ تَسْئَلُهُمْ، يا محمد: أَجْراً، فيما أتيتهم به فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ، أي يقع عليهم الغرم الثقيل.
قوله تعالى:
وَ إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ [47] 10173/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى وَ إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمّد حقهم عَذاباً دُونَ ذلِكَ، قال: عذاب الرجعة بالسيف.
10174/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا، الْآيَةَ، قَالَ: «إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا، آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ: عَذاباً دُونَ ذلِكَ».
__________________________________________________
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 332.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 333.
 (2)- تأويل الآيات 2: 620/ 8.

180
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطور الآيات 48 الى 49 ص 181

قوله تعالى:
وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ- إلى قوله تعالى- وَ إِدْبارَ النُّجُومِ [48- 49] 10175/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا أي بحفظنا و حرزنا و نعمتنا وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ، قال: صلاة الليل فَسَبِّحْهُ قال: «1» صلاة الليل.
10176/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِدْبَارَ السُّجُودِ: أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَ إِدْبَارَ النُّجُومِ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ».
10177/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: وَ إِدْبارَ النُّجُومِ، قَالَ: «رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ».
10178/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ): وَ إِدْبارَ النُّجُومِ، يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ. قَالَ: وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ).
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 333.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 333.
 (3)- الكافي 3: 444/ 11.
 (4)- مجمع البيان 9: 257.
 (1) في المصدر زيادة: قبل.

181
البرهان في تفسير القرآن5

المستدرك سورة الطور ص 182

المستدرك (سورة الطور)
قوله تعالى:
وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ- إلى قوله تعالى- الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ [44- 45]
 «1»- فِي كِتَابِ (طِبِّ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)): عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْخَضِيبِ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، هَلْ يُكْرَهُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ الْجِمَاعُ؟ قَالَ:
 «نَعَمْ، وَ إِنْ كَانَ حَلَالًا، يُكْرَهُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَ مَا بَيْنَ مَغِيبِ الشَّمْسِ إِلَى سُقُوطِ الشَّفَقِ، وَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَنْكَسِفُ فِيهِ الشَّمْسُ، وَ فِي اللَّيْلَةِ وَ الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الزَّلْزَلَةُ وَ الرِّيحُ السَّوْدَاءُ وَ الرِّيحُ الْحَمْرَاءُ وَ الصَّفْرَاءُ.
وَ لَقَدْ بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَ بَعْضِ نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ انْكَسَفَ فِيهَا الْقَمَرُ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَيْ‏ءٌ مِمَّا كَانَ فِي غَيْرِهَا مِنَ اللَّيَالِي، فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِبُغْضٍ كَانَ هَذَا الْجَفَاءُ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ ظَهَرَتْ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَلَذَّذَ وَ أَلْهُوَ فِيهَا، وَ أَتَشَبَّهَ بِقَوْمٍ عَيَّرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ، فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَ يَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي، كَانُوا يُوعَدُونَ «1»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَيْمُ اللَّهِ، لَا يُجَامِعُ أَحَدٌ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْجِمَاعَ فِيهَا، ثُمَّ رُزِقَ لَهُ وَلَدٌ، فَيَرَى فِي وَلَدِهِ مَا لَا يُحِبُّ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ‏
__________________________________________________
 (1)- طب الأئمة: 131.
 (1) الزخرف 43: 83.

182
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطور الآيات 44 الى 45 ص 182

الْأَوْقَاتِ الَّتِي كَرِهَ فِيهَا الْجِمَاعَ وَ اللَّهْوَ وَ اللَّذَّةَ، وَ اعْلَمْ- يَا بْنَ سَالِمٍ- أَنَّ مَنْ لَا يَجْتَنِبُ اللَّهْوَ وَ اللَّذَّةَ عِنْدَ ظُهُورِ الْآيَاتِ، مِمَّنْ كَانَ يَتَّخِذُ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً».

183
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم ص 185

سورة النجم‏
فضلها
10179/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ كَانَ يُدْمِنُ قِرَاءَةَ النَّجْمِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، أَوْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، عَاشَ مَحْمُوداً بَيْنَ النَّاسِ، وَ كَانَ مَغْفُوراً لَهُ، وَ كَانَ مَحْبُوباً بَيْنَ النَّاسِ».
10180/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ بِعَدَدِ مَنْ صَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مَنْ كَتَبَهَا فِي جِلْدِ نَمِرٍ وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، قَوِيَ قَلْبُهُ عَلَى كُلِّ سُلْطَانٍ دَخَلَ عَلَيْهِ».
10181/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا فِي جِلْدِ نَمِرٍ وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، قَوِيَ قَلْبُهُ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ احْتَرَمَهُ كُلُّ سُلْطَانٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِ».
10182/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا عَلَى جِلْدِ نَمِرٍ وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، قَوِيَ بِهَا عَلَى كُلِّ شَيْطَانٍ، وَ لَا يُخَاصِمُ أَحَداً إِلَّا قَهَرَهُ، وَ كَانَ لَهُ الْيَدُ وَ الْقُوَّةُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 116.
 (2)- .....
 (3)- ....
 (4)- خواص القرآن: 9 «مخطوط».

185
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏- إلى قوله تعالى- ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ [1- 23]
10183/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏ «1»، وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏، وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُقْسِمَ مِنْ خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ، وَ لَيْسَ لِخَلْقِهِ أَنْ يُقْسِمُوا إِلَّا بِاللَّهِ».
10184/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ؛ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏، قَالَ: «أَقْسَمَ بِقَبْرِ «2» مُحَمَّدٍ إِذَا قُبِضَ ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ بِتَفْضِيلِهِ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏، يَقُولُ: مَا يَتَكَلَّمُ بِفَضْلِ أَهْلِ بَيْتِهِ بِهَوَاهُ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏».
10185/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ
__________________________________________________
 (1)- الكافي 7: 449/ 1.
 (2)- الكافي 8: 380/ 574.
 (3)- أمالي الصدوق: 468/ 1.
 (1) الليل 92: 1.
 (2) في المصدر: بقبض.

186
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَرَضَهُ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُ بَيْتِهِ وَ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَمَنْ لَنَا بَعْدَكَ، وَ مَنِ الْقَائِمُ فِينَا بِأَمْرِكَ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ بِجَوَابٍ، وَ سَكَتَ عَنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَعَادُوا عَلَيْهِ [الْقَوْلَ‏]، فَلَمْ يُجِبْهُمْ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِمَّا سَأَلُوهُ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَعَادُوا عَلَيْهِ، وَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَمَنْ لَنَا بَعْدَكَ، وَ مَنِ الْقَائِمُ فِينَا بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: إِذَا كَانَ غَدٌ هَبَطَ نَجْمٌ مِنَ السَّمَاءِ فِي دَارِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي، فَانْظُرُوا مَنْ هُوَ، فَهُوَ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي، وَ الْقَائِمُ فِيكُمْ بِأَمْرِي، وَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ هُوَ يَطْمَعُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنْتَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ جَلَسَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي حُجْرَتِهِ يَنْتَظِرُ هُبُوطَ النَّجْمِ، إِذْ انْقَضَّ نَجْمٌ مِنَ السَّمَاءِ، قَدْ غَلَبَ ضَوْؤُهُ عَلَى ضَوْءِ الدُّنْيَا حَتَّى وَقَعَ فِي حُجْرَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَهَاجَ الْقَوْمُ، وَ قَالُوا: لَقَدْ ضَلَّ هَذَا الرَّجُلُ وَ غَوَى، وَ مَا يَنْطِقُ فِي ابْنِ عَمِّهِ إِلَّا بِالْهَوَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ».
10186/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ فُرَاتٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّيْنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَلَمَّا سَلَّمَ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ سَيَنْقَضُّ كَوْكَبٌ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَيَسْقُطُ فِي دَارِ أَحَدِكُمْ، فَمَنْ سَقَطَ ذَلِكَ الْكَوْكَبُ فِي دَارِهِ فَهُوَ وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي وَ الْإِمَامُ بَعْدِي».
فَلَمَّا كَانَ قُرْبُ الْفَجْرِ جَلَسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا فِي دَارِهِ، يَنْتَظِرُ سُقُوطَ الْكَوْكَبِ فِي دَارِهِ، وَ كَانَ أَطْمَعَ الْقَوْمِ فِي ذَلِكَ أَبِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ انْقَضَّ كَوْكَبٌ مَنِ الْهَوَاءِ، فَسَقَطَ فِي دَارِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا عَلِيُّ وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ، لَقَدْ وَجَبَتْ لَكَ الْوَصِيَّةُ وَ الْخِلَافَةُ وَ الْإِمَامَةُ بَعْدِي». فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَ أَصْحَابُهُ: لَقَدْ ضَلَّ مُحَمَّدٌ فِي مَحَبَّةِ ابْنِ عَمِّهِ وَ غَوَى، وَ مَا يَنْطِقُ فِي شَأْنِهِ إِلَّا بِالْهَوَى؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏، يَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَالِقِ النَّجْمِ إِذَا هَوَى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ، يَعْنِي فِي مَحَبَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏، فِي شَأْنِهِ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ بَابَوَيْهِ: وَ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ شَيْخٌ لِأَهْلِ الرَّيِّ، يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّقْرِ الصَّائِغُ الْعَدْلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ بَسَّامٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ
__________________________________________________
 (4)- أمالي الصدوق: 453/ 4.

187
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

ابْنُ الْخَطَّابِ «1»، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِهِ: «يَهْوَى كَوْكَبٌ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ يَسْقُطُ فِي دَارِ أَحَدِكُمْ».
10187/ «5»- وَ قَالَ أَيْضاً: وَ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ شَيْخٌ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ، يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، الْمَعْرُوفُ بِأَبِي عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْعَدْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّنْجَرِيُّ «2» أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حُسَيْنٍ الْمَشْهَدِيِّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ؛ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏، قَالَ: هُوَ النَّجْمُ الَّذِي هَوَى مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَسَقَطَ فِي حُجْرَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كَانَ أَبِي الْعَبَّاسُ يُحِبُّ انْ يَسْقُطَ ذَلِكَ النَّجْمُ فِي دَارِهِ، فَيَحُوزَ الْوَصِيَّةَ وَ الْخِلَافَةَ وَ الْإِمَامَةَ، وَ لَكِنْ أَبَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَلِكَ فَضْلُهُ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.
10188/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ (رَحِمَهُ اللَّهُ): عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ جَنْدَلِ بْنِ وَالِقٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ وَ لَا فَخْرَ، وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: وَ اللَّهِ مَا يَأْلُو يُطْرِي ابْنَ عَمِّهِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏، وَ مَا هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي يَقُولُهُ بِهَوَاهُ فِي ابْنِ عَمِّهِ: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏».
10189/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ الْأَزْدِيِّ «3»، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏: «مَا فُتِنْتُمْ إِلَّا بِبُغْضِ آلِ مُحَمَّدٍ إِذَا مَضَى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ بِتَفْضِيلِ أَهْلِ بَيْتِهِ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏».
10190/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ الْعَبَّاسِ الْقَصَبَانِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ فَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا أَوْقَفَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْغَدِيرِ، افْتَرَقَ النَّاسُ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: ضَلَّ مُحَمَّدٌ، وَ فِرْقَةٌ قَالَتْ: غَوَى، وَ فِرْقَةٌ قَالَتْ:
بِهَوَاهُ يَقُولُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏*
__________________________________________________
 (5)- أمالي الصدوق: 454/ 5.
 (6)- تأويل الآيات 2: 623/ 4.
 (7)- تأويل الآيات 2: 623/ 5.
 (8)- تأويل الآيات 2: 623/ 6.
 (1) في المصدر: أحمد بن أبي الخطاب.
 (2) في النسخ و المصدر نسخة بدل: السحري.
 (3) في المصدر: أحمد بن خالد، عن محمّد بن خالد الأزدي.

188
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏».
10191/ «9»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَيْلَةَ أُسْرِيَ فِي إِلَى السَّمَاءِ صِرْتُ إِلَى السَّمَاءِ صِرْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَقَالَ لِي:
جَبْرَئِيلُ، تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ، فَدَنَوْتُ دُنُوَّةً- وَ الدُّنُوَّةُ مَدُّ الْبَصَرِ- فَرَأَيْتُ نُوراً سَاطِعاً، فَخَرَرْتُ لِلَّهِ سَاجِداً، فَقَالَ لِي:
يَا مُحَمَّدُ، مَنْ خَلَّفْتَ فِي الْأَرْضِ؟ قُلْتُ يَا رَبِّي أَعْدَلَهَا وَ أَصْدَقَهَا وَ أَبَّرَهَا وَ آمَنَهَا «1» عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَصِيِّي وَ وَارِثِي، وَ خَلِيفَتِي فِي أَهْلِي. فَقَالَ لِي: أَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَ قُلْ لَهُ: إِنَّ غَضَبَهُ عِزٌّ، وَ رِضَاهُ حُكْمٌ. يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَهَبْتُ لِأَخِيكَ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي، فَسَمَّيْتُهُ، عَلِيّاً، وَ أَنَا الْعَلِيُّ الْأَعْلَى: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَهَبْتُ لِابْنَتِكَ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي، فَسَمَّيْتُهَا فَاطِمَةَ، وَ أَنَا فَاطِرُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا الْحَسَنُ الْبَلَاءِ، وَهَبْتُ لِسِبْطَيْكَ اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِي، فَسَمَّيْتُهُمَا الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ، وَ أَنَا الْحَسَنُ الْبَلَاءِ.
قَالَ: فَلَمَّا حَدَّثَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قُرَيْشاً بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ قَوْمٌ: مَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُحَمَّدٍ بِشَيْ‏ءٍ، وَ إِنَّمَا تَكَلَّمَ هُوَ عَنْ نَفْسَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تِبْيَانَ ذَلِكَ وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى‏».
10192/ «10»- الْبُرْسِيُّ: بِالْإِسْنَادِ، يَرْفَعُهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَادِي، عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَيْلَةً فِي عَامِ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ الْأَنْبِيَاءُ إِلَّا أَنَّهُمْ إِذَا اسْتَقَامَ أَمْرُهُمْ أَنْ يُوصِيَ إِلَى وَصِيٍّ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بَعْدَهُ، وَ يَأْمُرَهُ بِأَمْرِهِ، وَ يَسِيرَ فِي الْأُمَّةِ كَسِيرَتِهِ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَدْ وَعَدَنِي رَبِّي بِذَلِكَ، أَنْ يُبَيِّنَ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ يُحِبُّ أَنَّهُ مِنَ الْأُمَّةِ بَعْدِي مَنْ هُوَ الْخَلِيفَةُ عَلَى أُمَّتِي بِآيَةٍ تُنْزَلُ مِنَ السَّمَاءِ، لِيَعْلَمُوا الْوَصِيَّ بَعْدِي». فَلَمَّا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، نَظَرَ النَّاسُ إِلَى السَّمَاءِ، لِيَنْظُرُوا مَا يَكُونُ، وَ كَانَتْ لَيْلَةً ظَلْمَاءَ لَا قَمَرٌ فِيهَا، وَ إِذَا بِضَوْءِ عَظِيمٍ قَدْ أَضَاءَ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ، وَ قَدْ نَزَلَ نَجْمٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَ جَعَلَ يَدُورُ عَلَى الدُّورِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى حُجْرَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لَهُ شُعَاعٌ هَائِلٌ، وَ صَارَ عَلَى الْحُجْرَةِ كَالْغِطَاءِ عَلَى التَّنُّورُ «2»، وَ قَدْ أَظَلَّ شُعَاعُهُ الدُّورَ، وَ قَدْ فَزِعَ النَّاسُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُهَلِّلُونَ وَ يُكَبِّرُونَ، وَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَجْمٌ قَدْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى ذِرْوَةِ حُجْرَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)! قَالَ: فَقَامَ وَ قَالَ: «هُوَ وَ اللَّهِ، الْإِمَامُ مِنْ بَعْدِي، وَ الْوَصِيُّ الْقَائِمُ «3» بِأَمْرِي، فَأَطِيعُوهُ وَ لَا تُخَالِفُوهُ،
__________________________________________________
 (9)- تأويل الآيات 2: 624/ 7.
 (10)- البحار 35: 275/ 3، عن الروضة لابن شاذان، الفضائل لابن شاذان: 65.
 (1) في المصدر: و أسنمها.
 (2) في «ط، ج»: المنشور، و في «ي»: المنثور.
 (3) في «ج»: و القائم.

189
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

وَ لَا تَتَقَدَّمُوهُ، فَهُوَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مِنْ بَعْدِي».
قَالَ: فَخَرَجَ النَّاسُ مِنَ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ: مَا يَقُولُ فِي ابْنِ عَمِّهِ إِلَّا بِالْهَوَى، وَ قَدْ رَكِبَتْهُ الْغَوَايَةُ حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ أَنْ يَجْعَلَهُ نَبِيّاً لَفَعَلَ، قَالَ. فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، الْعَلِيُّ الْأَعْلَى يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: اقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏.
10193/ «11»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏، يَقُولُ: «مَا ضَلَّ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَا غَوَى، وَ مَا يَنْطِقُ فِيهِ بِالْهَوَى، وَ مَا كَانَ قَدْ قَالَ فِيهِ إِلَّا بِالْوَحْيِ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِ».
10194/ «12»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ الشَّافِعِيُّ فِي (الْمَنَاقِبِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْحِمَارِيُّ «1» السُّقُطِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ الْمَالِكِيُّ الْبَصْرِيُّ «2» الْوَاعِظُ بِوَاسِطٍ فِي الْقَرَاطِيسِيِّينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَالِكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُضَاعَةَ رَبِيعَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا ثَوْبَانُ، عَنْ ذُو النُّونِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ غَسَّانَ النَّهْشَلِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: انْقَضَّ كَوْكَبٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْكَوْكَبِ، فَمَنِ انْقَضَّ فِي دَارِهِ فَهُوَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي». فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ قَدِ انْقَضَّ فِي مَنْزِلِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏».
10195/ «13»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ابْنِ حَيَّوَيْهِ الْخَزَّازُ، إِذْناً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الدِّهْقَانُ الْمَعْرُوفُ بِأَخِي حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِيلِ بْنِ هَارُونَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ فِتْيَةٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا انْقَضَّ كَوْكَبٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنِ انْقَضَّ هَذَا النَّجْمُ فِي مَنْزِلِهِ فَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ بَعْدِي». فَقَامَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَنَظَرُوا، فَإِذَا الْكَوْكَبُ قَدِ انْقَضَّ فِي مَنْزِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ [قَدْ] غَوَيْتَ فِي حُبِّ عَلِيٍّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: بِالْأُفُقِ الْأَعْلى‏.
__________________________________________________
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 334.
 (12)- مناقب ابن المغازلي: 266/ 313.
 (13)- مناقب ابن المغازلي: 310/ 353.
 (1) في المصدر: الجماري.
 (2) في المصدر: المصري.

190
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

10196/ «14»- علي بن إبراهيم: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏، قال: النجم: رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إِذا هَوى‏ لما أسري به إلى السماء، و هو في الهواء، و هو ردّ على من أنكر المعراج، و هو قسم برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و هو فضل له على سائر الأنبياء، و جواب القسم ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏، أي لا يتكلم بالهوى: إِنْ هُوَ يعني القرآن إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى‏ يعني اللّه عزّ و جلّ: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى‏ يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله).
10197/ «15»- قَالَ: وَ حَدَّثَنِي يَاسِرٌ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا صَاحِبَ مِرَّةٍ سَوْدَاءَ صَافِيَةٍ».
10198/ «16»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ يُونُسَ، رَفَعَهُ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً قَطُّ إِلَّا صَاحِبَ مِرَّةٍ سَوْدَاءَ صَافِيَةٍ، وَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً قَطُّ حَتَّى يُقِرَّ لَهُ بِالْبَدَاءِ».
10199/ «17»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى‏، يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏، قال: كان من اللّه كما بين مقبض القوس إلى رأس السية «1» أَوْ أَدْنى‏ أي من نعمته و رحمته، قال: بل أدنى من ذلك فَأَوْحى‏ إِلى‏ عَبْدِهِ ما أَوْحى‏، قال: وحي مشافهة.
10200/ «18»- علي بن إبراهيم: ثم قال: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى‏، ثمّ أذن له فرقى في «2» السماء، فقال: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى‏* وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى‏* ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏، كان بين لفظه و بين سماع رسول اللّه كما بين وتر القوس و عودها: فَأَوْحى‏ إِلى‏ عَبْدِهِ ما أَوْحى‏، فسئل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عن ذلك الوحي،
فَقَالَ: «أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّ عَلِيّاً سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ أَوَّلُ خَلِيفَةٍ يَسْتَخْلِفُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ‏
، فدخل القوم في الكلام، فقالوا له: أمن اللّه و من رسوله؟ فقال اللّه جل ذكره لرسوله (صلّى اللّه عليه و آله): قل لهم: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى‏، ثمّ ردّ عليهم، فقال: أَ فَتُمارُونَهُ عَلى‏ ما يَرى‏، ثُمَ‏
قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَدْ أُمِرْتُ فِيهِ بِغَيْرِ هَذَا، أُمِرْتُ انْ أَنْصِبَهُ لِلنَّاسِ، وَ أَقُولَ لَهُمْ: هَذَا وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي، وَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّفِينَةِ يَوْمَ الْغَرَقِ، مَنْ دَخَلَ فِيهَا، نَجَا، وَ مَنْ خَرَجَ عَنْهَا غَرِقَ».
ثمّ قال: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏، يقول: رأيت الوحي مرة أخرى: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏، التي‏
__________________________________________________
 (14)- تفسير القمّيّ 2: 333.
 (15)- تفسير القمّيّ 2: 334.
 (16)- الكافي 8: 165/ 177.
 (17)- تفسير القمّيّ 2: 334.
 (18)- تفسير القمّيّ 2: 334.
 (1) سية القوس: ما عطف من طرفيها. «لسان العرب 14: 417».
 (2) في المصدر: له فوفد إلى.

191
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

يتحدث تحتها الشيعة في الجنان، ثمّ قال اللّه عزّ و جلّ: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى‏ يقول: إذ يغشى السدرة ما يغشى من حجب النور: ما زاغَ الْبَصَرُ، يقول: ما عمي البصر عن تلك الحجب وَ ما طَغى‏ يقول:
و ما طغى القلب بزيادة فيما أوحي إليه، و لا نقصان: لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏ يقول: لقد سمع كلاما لو أنه «1» قوي ما قوي.
10201/ «19»- ثم قال عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏ قال: في السماء السابعة، و أمّا الرد على من أنكر خلق الجنة و النار، فقوله تعالى: عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى‏ أي عند سدرة المنتهى في السماء السابعة. و جنة المأوى عندها.
10202/ «20»- ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَشْهَدَكَ مَعِي فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ؛ أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ: فَلَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: أَيْنَ أَخُوكَ؟ فَقُلْتُ خَلَّفْتُهُ وَرَائِي. قَالَ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيَأْتِكَ بِهِ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ، فَإِذَا مِثَالُكَ مَعِي، وَ إِذَا الْمَلَائِكَةُ وُقُوفٌ صُفُوفٌ، فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ يُبَاهِيهِمُ اللَّهُ بِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَدَنَوْتُ وَ نَطَقْتُ بِمَا كَانَ وَ بِمَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَ الثَّانِي: حِينَ أُسْرِيَ بِي فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: أَيْنَ أَخُوكَ؟ قُلْتُ: خَلَّفْتُهُ وَرَائِي. قَالَ ادْعُ اللَّهَ فَلْيَأْتِكَ بِهِ؛ فَدَعَوْتُ اللَّهَ، فَإِذَا مِثَالُكَ مَعِي، فَكُشِطَ لِي عَنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ حَتَّى رَأَيْتُ سُكَّانَهَا وَ عُمَّارَهَا وَ مَوْضِعَ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهَا.
وَ الثَّالِثُ: حِينَ بُعِثْتُ إِلَى الْجِنِّ، فَقَالَ لِي جَبْرَئِيلُ أَيْنَ أَخُوكَ؟ قُلْتُ: خَلَّفْتُهُ وَرَائِي. فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيَأْتِكَ بِهِ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ، فَإِذَا أَنْتَ مَعِي، فَمَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئاً، وَ لَا رَدُّوا عَلَيَّ شَيْئاً إِلَّا سَمِعْتَهُ.
وَ الرَّابِعُ: خُصِّصْنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِنَا.
وَ الْخَامِسُ: دَعَوْتُ اللَّهَ فِيكَ فَأَعْطَانِي فِيكَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ إِلَّا النُّبُوَّةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: خَصَّصْتُكَ- يَا مُحَمَّدُ- بِهَا، وَ خَتَمْتُهَا بِكَ.
وَ أَمَّا السَّادِسُ: لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، جَمَعَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَ مِثَالُكَ خَلْفِي.
وَ السَّابِعُ: هَلَاكُ الْأَحْزَابِ بِأَيْدِينَا». فَهَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْمِعْرَاجَ.
10203/ «21»- وَ عَنْهُ، قَالَ: وَ مِنَ الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ خَلْقُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ أَيْضاً، مَا حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، رَفَعَهُ، قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) لَا يَذْكُرُهَا أَحَدٌ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَّا أَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى أَيِسَ النَّاسُ مِنْهَا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَسَرَّ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ أَوْلَى بِمَا تَرَى، غَيْرَ أَنَّ نِسَاءَ قُرَيْشٍ‏
__________________________________________________
 (19)- تفسير القمّيّ 2: 335.
 (20)- تفسير القمّيّ 2: 335.
 (21)- تفسير القمّيّ 2: 336.
 (1) في المصدر: لولا أنّه.

192
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

تُحَدِّثُنِي عَنْهُ أَنَّهُ رَجُلٌ دَحْدَاحُ «1» الْبَطْنِ طَوِيلُ الذِّرَاعَيْنِ، ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ «2»، أَنْزَعُ، عَظِيمُ الْعَيْنَيْنِ، لِمَنْكِبِهِ مُشَاشٌ «3» كَمُشَاشِ الْبَعِيرِ، ضَاحِكُ السِّنِّ، لَا مَالَ لَهُ».
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا فَاطِمَةُ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَشْرَفَ عَلَى الدُّنْيَا فَاخْتَارَنِي عَلَى رِجَالِ الْعَالَمِينَ، نَبِيّاً، ثُمَّ اطَّلَعَ أُخْرَى فَاخْتَارَ عَلِيّاً عَلَى رِجَالِ الْعَالَمِينَ وَصِيّاً، ثُمَّ اطَّلَعَ فَاخْتَارَكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ! يَا فَاطِمَةُ، إِنَّهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ وَجَدْتُ مَكْتُوباً عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ، وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِيرِهِ. فَقُلْتُ لِجَبْرَئِيلَ: وَ مَنْ وَزِيرِي؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَجَدْتُ مَكْتُوباً عَلَيْهَا: إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، مُحَمَّدٌ صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ، وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِيرِهِ، فَقُلْتُ لِجَبْرَئِيلَ: وَ مَنْ وَزِيرِي؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. فَلَمَّا جَاوَزْتُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، انْتَهَيْتُ إِلَى عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَوَجَدْتُ مَكْتُوباً عَلَى كُلِّ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ: أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، مُحَمَّدٌ حَبِيبِي، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ، وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِيرِهِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ رَأَيْتُ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةَ طُوبَى أَصْلُهَا فِي دَارِ عَلِيٍّ، وَ مَا فِي الْجَنَّةِ دَارٌ وَ لَا «4» قَصْرٌ إِلَّا وَ فِيهَا فَنَنٌ «5» مِنْهَا، أَعْلَاهَا أَسْفَاطُ حُلَلٍ مِنْ سُنْدُسٍ، وَ إِسْتَبْرَقٍ، وَ يَكُونُ لِلْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَلْفُ أَلْفِ سَفَطٍ، وَ فِي كُلِّ سَفَطٍ مِائَةُ أَلْفِ حُلَّةٍ، مَا فِيهَا حُلَّةٌ تُشْبِهُ حُلَّةً أُخْرَى، عَلَى أَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَ هِيَ ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَسَطُهَا ظِلٌّ مَمْدُودٌ، عَرْضُ الْجَنَّةِ كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ذَلِكَ الظَّنُّ مِائَةَ عَامٍ فَلَا يَقْطَعُهُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ «6»، وَ أَسْفَلُهَا ثِمَارُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ طَعَامُهُمْ مُتَدَلٍّ فِي بُيُوتِهِمْ، يَكُونُ فِي الْقَضِيبِ مِنْهَا مِائَةُ لَوْنٍ مِنَ الْفَاكِهَةِ مِمَّا رَأَيْتُمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَ مِمَّا لَمْ تَرَوْهُ، وَ مَا سَمِعْتُمْ بِهِ وَ مَا لَمْ تَسْمَعُوا بِمِثْلِهِ، وَ كُلَّمَا يُجْتَنَى مِنْهَا شَيْ‏ءٌ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى، لَا مَقْطُوعَةٌ وَ لَا مَمْنُوعَةٌ، وَ يَجْرِي نَهَرٌ فِي أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ، يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ الْأَرْبَعَةُ: نَهَرٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسن، وَ نَهَرٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَ نَهَرٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَ نَهَرٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى.
يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي فِي عَلِيٍّ سَبْعَ خِصَالٍ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ مَعِي، وَ أَوَّلُ مَنْ يَقِفُ مَعِي عَلَى الصِّرَاطِ، فَيَقُولُ لِلنَّارِ: خُذِي ذَا وَ ذَرِي ذَا، وَ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِذَا كُسِيتُ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَقِفُ مَعِي عَلَى يَمِينِ الْعَرْشِ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ مَعِي بَابَ الْجَنَّةِ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَسْكُنُ مَعِي عِلِّيِّينَ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَشْرَبُ مَعِي مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، خِتَامُهُ مِسْكٍ، وَ فِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ماْلُمَتَنَافِسُونَ.
يَا فَاطِمَةُ [هَذَا مَا] أَعْطَاهُ اللَّهُ عَلِيّاً فِي الْآخِرَةِ، وَ أَعَدَّ لَهُ فِي الْجَنَّةِ، إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا لَا مَالَ لَهُ، فَأَمَّا مَا قُلْتِ: إِنَّهُ بَطِينٌ، فَإِنَّهُ مَمْلُوءٌ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ، وَ أَكْرَمَهُ مِنْ بَيْنِ أُمَّتِي، وَ أَمَّا مَا قُلْتِ: إِنَّهُ أَنْزَعُ عَظِيمُ الْعَيْنَيْنِ، فَإِنَ‏
__________________________________________________
 (1) رجل دحداح: قصير غليظ البطن. «لسان العرب 2: 434».
 (2) الكراديس: رؤوس العظام. «لسان العرب 6: 195».
 (3) المشاش: رؤوس العظام مثل الركبتين و المرفقين و المنكبين. «لسان العرب 2: 347».
 (4) (دار و لا) ليس في «ج» و المصدر.
 (5) الفنن: الغصن.
 (6) الواقعة 56: 30.

193
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهُ بِصِفَةِ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ أَمَّا طُولُ يَدَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ طَوَّلَهُمَا لِيَقْتُلَ بِهِمَا أَعْدَاءَهُ وَ أَعْدَاءَ رَسُولِهِ، وَ بِهِ يُظْهِرُ اللَّهُ الدِّينَ كُلَّهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَ بِهِ يَفْتَحُ اللَّهُ الْفُتُوحَ، وَ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى تَنْزِيلِ الْقُرْآنِ وَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَ النَّكْثِ وَ الْفُسُوقِ عَلَى تَأْوِيلِهِ، وَ يُخْرِجُ اللَّهُ مِنْ صُلْبِهِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ يُزَيِّنُ بِهِمَا عَرْشَهُ.
يَا فَاطِمَةُ، مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا جَعَلَ لَهُ ذُرِّيَّةً مِنْ صُلْبِهِ، وَ جَعَلَ ذُرِّيَّتِي مِنْ صُلْبِ عَلِيٍّ، وَ لَوْ لَا عَلِيٌّ مَا كَانَتْ لِي ذُرِّيَّةٌ».
فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَخْتَارُ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ» «1».
فقال ابن عبّاس عند ذلك و اللّه ما كان لفاطمة كفؤ غير علي (عليه السلام).
10204/ «22»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْجِعَابِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَجَبٍ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ دُرُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ صَقِينٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، دَنَوْتُ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ، حَتَّى كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ قَابُ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ تُحِبُّ مِنَ الْخَلْقِ؟ قُلْتُ: يَا رَبِّ عَلِيّاً، قَالَ: الْتَفِتْ يَا مُحَمَّدُ؛ فَالْتَفَتُّ عَنْ يَسَارِي، فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ».
10205/ «23»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: سَأَلَنِي أَبُو قُرَّةَ الْمُحَدِّثُ أَنْ أُدْخِلَهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ «2» حَتَّى بَلَغَ سُؤَالُهُ إِلَى التَّوْحِيدِ، فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ: إِنَّا رُوِّينَا أَنَّ اللَّهَ قَسَّمَ الرُّؤْيَةَ وَ الْكَلَامَ بَيْنَ نَبِيَّيْنِ، فَقَسَّمَ الْكَلَامَ لِمُوسَى، وَ لِمُحَمَّدٍ الرُّؤْيَةَ؟
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَمَنِ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ إِلَى الثَّقَلَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، وَ لَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً، وَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ، أَ لَيْسَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: كَيْفَ يَجِي‏ءُ رَجُلٌ إِلَى الْخَلْقِ جَمِيعاً فَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَ أَنَّهُ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ بِأَمْرِ اللَّهِ فَيَقُولُ: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «3» وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً «4»، وَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ «5»، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا رَأَيْتُهُ بِعَيْنِي، وَ أَحَطْتُ بِهِ عِلْماً، وَ هُوَ عَلَى صُورَةِ الْبَشَرِ؟! أَ مَا تَسْتَحْيُونَ، مَا قَدَرَتِ الزَّنَادِقَةُ أَنْ تَرْمِيَهُ بِهَذَا، أَنْ يَكُونَ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِشَيْ‏ءٍ ثُمَّ يَأْتِي بِخِلَافِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ».
قَالَ أَبُو قُرَّةَ: فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏؟
__________________________________________________
 (22)- الأمالي 1: 362.
 (23)- الكافي 1: 74/ 2.
 (1) في المصدر زيادة: فزوّجها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)
 (2) في المصدر زيادة: و الأحكام.
 (3) الأنعام 6: 103.
 (4) طه 20: 110.
 (5) الشورى 42: 11.

194
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا رَأَى، حَيْثُ قَالَ: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى‏ يَقُولُ: مَا كَذَبَ فُؤَادُهُ مَا رَأَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا رَأَى، فَقَالَ: لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏، فَآيَاتُ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً فَإِذَا رَأَتْهُ الْأَبْصَارُ فَقَدْ أَحَاطَ بِهِ الْعِلْمَ، وَ وَقَعَتِ الْمَعْرِفَةُ».
فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ: فَتُكَذِّبُ بِالرِّوَايَاتِ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا كَانَتِ الرِّوَايَاتُ مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ كَذَّبْتُهَا، وَ مَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُحَاطُ بِهِ عِلْماً، وَ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، وَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ».
10206/ «24»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَكَى أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثِ الْإِسَرَاءِ بِالنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: «وَ انْتَهَيْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا الْوَرَقَةَ مِنْهَا تُظِلُّ امَّةً مِنَ الْأُمَمِ، فَكُنْتُ مِنْهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَنَادَانِي: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ «1»».
10207/ «25»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ حَبِيبٍ السِّجِسْتَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏* فَأَوْحى‏ إِلى‏ عَبْدِهِ ما أَوْحى‏، فَقَالَ لِي:
 «يَا حَبِيبُ، لَا تَقْرَأْهَا هَكَذَا، اقْرَأْ: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَانَى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ) فِي الْقُرْبِ (أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ) يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): (مَا أَوْحَى).
يَا حَبِيبُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا افْتَتَحَ مَكَّةَ أَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الشُّكْرِ لِنِعَمِهِ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَعَهُ، فَلَمَّا غَشِيَهُمَا اللَّيْلُ انْطَلَقَا إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ يُرِيدَانِ السَّعْيَ، قَالَ: فَلَمَّا هَبَطَا مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ، وَ صَارَا فِي الْوَادِي دُونَ الْعَلَمِ الَّذِي رَأَيْتَ، غَشِيَهُمَا مِنَ السَّمَاءِ نُورٌ، فَأَضَاءَتْ لَهُمَا جِبَالُ مَكَّةَ، وَ خَشَعَتْ أَبْصَارُهُمَا، قَالَ: فَفَزِعَا لِذَلِكَ فَزَعاً شَدِيداً، قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى ارْتَفَعَ عَنِ الْوَادِي، وَ تَبِعَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ بِرُمَّانَتَيْنِ عَلَى رَأْسِهِ، قَالَ فَتَنَاوَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مُحَمَّدٍ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُمَا مِنْ قُطُفِ الْجَنَّةِ، فَلَا يَأْكُلْ مِنْهُمَا إِلَّا أَنْتَ وَ وَصِيُّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِحْدَاهُمَا، وَ أَكَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْأُخْرَى، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا أَوْحَى».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا حَبِيبُ، وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏* عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى‏، يَعْنِي عِنْدَ مَا «2» وَافَى جَبْرَئِيلُ حِينَ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَحَلِّ السِّدْرَةِ وَقَفَ جَبْرَئِيلُ دُونَهَا، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ هَذَا مَوْقِفِي الَّذِي وَضَعَنِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ، وَ لَنْ أَقْدِرَ عَلَى أَنْ أَتَقَدَّمَهُ، وَ لَكِنِ امْضِ أَنْتَ‏
__________________________________________________
 (24)- تفسير القمّيّ 2: 11.
 (25)- علل الشرائع: 267/ 1.
 (1) البقرة 2: 285.
 (2) في «ج» و المصدر: عندها.

195
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

أَمَامَكَ إِلَى السِّدْرَةِ، فَقِفْ عِنْدَهَا- قَالَ- فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى السِّدْرَةِ، وَ تَخَلَّفَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّمَا سُمِّيَتْ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، لِأَنَّ أَعْمَالَ أَهْلِ الْأَرْضِ تَصْعَدُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ إِلَى مَحَلِّ السِّدْرَةِ، وَ الْحَفَظَةُ الْكِرَامُ الْبَرَرَةُ دُونَ السِّدْرَةِ، يَكْتُبُونَ مَا تَرْفَعُ إِلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ فِي الْأَرْضِ، قَالَ: فَيَنْتَهُونَ بِهِ إِلَى مَحَلِّ السِّدْرَةِ».
قَالَ: «فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَرَأَى أَغْصَانَهَا تَحْتَ الْعَرْشِ وَ حَوْلَهُ، قَالَ: فَتَجَلَّى لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نُورُ الْجَبَّارِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَلَمَّا غَشِيَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) النُّورُ، شَخَصَ بِبَصَرِهِ وَ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ، قَالَ: فَشَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَلْبَهُ، وَ قَوَّى لَهُ بَصَرَهُ، حَتَّى رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ مَا رَأَى، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏* عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى‏، يَعْنِي الْمُوَافَاةَ، قَالَ: فَرَأَى مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِبَصَرِهِ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى، يَعْنِي أَكْبَرَ الْآيَاتِ».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ إِنَّ غِلَظَ السِّدْرَةِ لَمَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ إِنَّ الْوَرَقَةَ مِنْهَا تُغَطِّي أَهْلَ الدُّنْيَا، وَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَائِكَةً، وَ كُلُّهُمْ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ مِنَ الشَّجَرِ وَ النَّخْلِ، فَلَيْسَ مِنْ شَجَرَةٍ وَ لَا نَخْلَةٍ إِلَّا وَ مَعَهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَائِكَةٌ تَحْفَظُهَا «1» وَ مَا كَانَ فِيهَا، وَ لَوْ لَا أَنَّ مَعَهَا مَنْ يَمْنَعُهَا لَأَكَلَهَا السِّبَاعُ وَ هَوَامُّ الْأَرْضِ، إِذَا كَانَ فِيهَا ثَمَرُهَا، قَالَ: وَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَضْرِبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خِبَاءَهُ «2» تَحْتَ شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ قَدْ أَثْمَرَتْ، لِمَكَانِ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا، قَالَ: وَ لِذَلِكَ يَكُونُ الشَّجَرُ وَ النَّخْلُ أُنْساً إِذَا كَانَ فِيهِ حَمْلُهُ، لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْضُرُهُ».
10208/ «26»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ، وَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقُ، وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ الْمُؤَدِّبُ، وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ الْأَسَدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثَابِتِ ابْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ زَيْنَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، عَنِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، هَلْ يُوصَفُ بِمَكَانٍ؟ فَقَالَ: «تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ».
قُلْتُ: لِمَ أَسْرَى بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى السَّمَاءِ؟ قَالَ: «لِيُرِيَهُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِيهَا مِنْ عَجَائِبِ صُنْعِهِ وَ بَدَائِعِ خَلْقِهِ».
قُلْتُ: فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏؟ قَالَ: «ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، دَنَا مِنْ حُجُبِ النُّورِ، فَرَأَى مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ، ثُمَّ تَدَلَّى (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَنَظَرَ مِنْ تَحْتِهِ إِلَى مَلَكُوتِ الْأَرْضِ، حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ فِي الْقُرْبِ مِنَ الْأَرْضِ كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى».
__________________________________________________
 (26)- علل الشرائع: 131/ 1.
 (1) في المصدر: و معها ملك من اللّه تعالى يحفظها.
 (2) في المصدر: خلاه.

196
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

10209/ «27»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): هَلْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ؟ قَالَ: «نَعَمْ بِقَلْبِهِ، أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى‏، لَمْ يَرَهُ بِالْبَصَرِ، وَ لَكِنْ رَآهُ بِالْفُؤَادِ».
10210/ «28»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏، قَالَ: «رَأَى جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى سَاقِهِ الدُّرُّ مِثْلُ الْقَطْرِ عَلَى الْبَقْلِ، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ».
10211/ «29»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ السُّلَمِيُّ أَبَا إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏، قَالَ: أَرَى هَاهُنَا خُرُوجاً مِنْ حُجُبٍ، وَ تَدَلِّياً إِلَى الْأَرْضِ، وَ أَرَى مُحَمَّداً رَأَى رَبَّهُ بِقَلْبِهِ، وَ نُسِبَ إِلَى بَصَرِهِ، فَكَيْفَ هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «دَنا فَتَدَلَّى فَإِنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِنْ مَوْضِعٍ، وَ لَمْ يَتَدَلَّ بِبَدَنٍ».
فَقَالَ عَبْدُ الْغَفَّارِ أَصِفُهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ حَيْثُ قَالَ: دَنا فَتَدَلَّى، فَلَمْ يَتَدَلَّ بِبَدَنٍ عَنْ مَجْلِسِهِ، وَ إِلَّا قَدْ زَالَ عَنْهُ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ نَفْسُهُ؟ فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ هَذِهِ لُغَةُ قُرَيْشٍ، إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ: قَدْ سَمِعْتُ، يَقُولُ: قَدْ تَدَلَّيْتُ؛ وَ إِنَّمَا التَّدَلِّي: الْفَهْمُ».
10212/ «30»- وَ فِي (الْإِحْتِجَاجِ) أَيْضاً: عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏: «يَعْنِي مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ كَانَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، حَيْثُ لَا يَتَجَاوَزُهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى‏* لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏، رَأَى جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ: هَذِهِ الْمَرَّةَ، وَ مَرَّةً أُخْرَى، وَ ذَلِكَ أَنَّ خَلْقَ جَبْرَئِيلَ [خَلْقٌ‏] عَظِيمٌ، فَهُوَ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ، الَّذِينَ لَا يُدْرِكُ خَلْقَهُمْ وَ لَا صِفَتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ».
10213/ «31»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ:
ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏.
فَقَالَ: «أَدْنَى اللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْهُ، فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ إِلَّا قَفَصُ لُؤْلُؤٍ، فِيهِ فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ يَتَلَأْلَأُ فَأُرِيَ‏
__________________________________________________
 (27)- التوحيد: 116/ 17.
 (28)- التوحيد: 116/ 18.
 (29)- الإحتجاج: 386.
 (30)- الإحتجاج: 243.
 (31)- تأويل الآيات 2: 625/ 8.

197
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

صُورَةً، فَقِيلَ لَهُ، يَا مُحَمَّدُ، أَ تَعْرِفُ هَذِهِ الصُّورَةَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، هَذِهِ صُورَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: أَنْ زَوِّجْهُ فَاطِمَةَ، وَ اتَّخِذْهُ وَصِيّاً».
10214/ «32»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عِيسٍ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى‏.
قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ، قَالَ: وَقَفَ بِي جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ مِثْلَهَا، عَلَى كُلِّ غُصْنٍ مِنْهَا مَلَكٌ، وَ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مِنْهَا مَلَكٌ، وَ عَلَى كُلِّ ثَمَرَةٍ مِنْهَا مَلَكٌ، وَ قَدْ تَجَلَّلَهَا نُورٌ مِنْ نُورِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ [ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، كَانَ يَنْتَهِي الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَكَ إِلَيْهَا]، ثُمَّ لَا يَتَجَاوَزُونَهَا، وَ أَنْتَ تَجُوزُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِيُرِيَكَ مِنْ آيَاتِهِ الْكُبْرَى، فَاطْمَئِنَّ أَيَّدَكَ اللَّهُ تَعَالَى بِالثَّبَاتِ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ كَرَامَاتِهِ، وَ تَصِيرَ إِلَى جِوَارِهِ، ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى تَحْتِ الْعَرْشِ، فَدُلِّيَ إِلَيَّ رَفْرَفٌ أَخْضَرُ، مَا أُحْسِنُ أَصِفُهُ، فَرَفَعَنِي بِإِذْنِ رَبِّي، فَصِرْتُ عِنْدَهُ، وَ انْقَطَعَ عَنِّي أَصْوَاتُ الْمَلَائِكَةِ وَ دَوِيُّهُمْ، وَ ذَهَبَتِ الْمَخَاوِفُ وَ الرَّوْعَاتُ، وَ هَدَأَتْ نَفْسِي وَ اسْتَبْشَرْتُ، وَ جَعَلْتُ أَمْتَدُّ وَ أَنْقَبِضُ، وَ وَقَعَ عَلَيَّ السُّرُورُ وَ الِاسْتِبْشَارُ، وَ ظَنَنْتُ أَنَّ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ قَدْ مَاتُوا، وَ لَمْ أَرَ غَيْرِي أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ، فَتَرَكَنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ رُوحِي فَأَفَقْتُ، وَ كَانَ تَوْفِيقاً مِنْ رَبِّي أَنْ غَمَضْتُ عَيْنَيَّ، وَ كَلَّ بَصَرِي وَ غُشِيَ عَنِ النَّظَرِ، فَجَعَلْتُ أُبْصِرُ بِقَلْبِي كَمَا أُبْصِرُ بِعَيْنِي، بَلْ أَبْعَدَ وَ أَبْلَغَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى‏* لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏ وَ إِنَّمَا كُنْتُ أُبْصِرُ مِثْلَ مَخِيطِ «1» الْإِبْرَةِ نُوراً بَيْنِي وَ بَيْنَ رَبِّي لَا تُطِيقُهُ الْأَبْصَارُ.
فَنَادَانِي رَبِّي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: يَا مُحَمَّدُ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّي وَ سَيِّدِي وَ إِلَهِي لَبَّيْكَ. قَالَ: [هَلْ‏] عَرَفْتَ قَدْرَكَ عِنْدِي، وَ مَوْضِعَكَ وَ مَنْزِلَتَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، يَا سَيِّدِي. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ عَرَفْتَ مَوْقِعَكَ مِنِّي وَ مَوْقِعَ ذُرِّيَّتِكَ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ، يَا سَيِّدِي، قَالَ: فَهَلْ تَعْلَمُ يَا مُحَمَّدُ فِيمَا اخْتَصَمَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: يَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ وَ أَحْكَمُ، وَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. قَالَ: اخْتَصَمُوا فِي الدَّرَجَاتِ وَ الْحَسَنَاتِ [فَهَلْ تَدْرِي مَا الدَّرَجَاتُ وَ الْحَسَنَاتُ‏]، قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ سَيِّدِي وَ أَحْكَمُ. قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَفْرُوضَاتِ، وَ الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ [مَعَكَ‏]، وَ مَعَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ، وَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَ إِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَ التَّهَجُّدُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ.
ثُمَّ قَالَ: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ قُلْتُ: وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ، قَالَ: صَدَقْتَ، يَا مُحَمَّدُ:
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ فَقُلْتُ: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «2»، قَالَ: ذَلِكَ لَكَ وَ لِذُرِّيَّتِكَ يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّي‏
__________________________________________________
 (32)- تأويل الآيات 2: 625/ 9.
 (1) المخيط: الممرّ و المسلك.
 (2) البقرة 2: 285، 286.

198
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

وَ سَعْدَيْكَ سَيِّدِي وَ إِلَهِي.
قَالَ: أَسْأَلُكَ عَمَّا أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ، مَنْ خَلَّفْتَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَكَ؟ قُلْتُ: خَيْرَ أَهْلِهَا، أَخِي وَ ابْنَ عَمِّي، وَ نَاصِرَ دِينِكَ وَ الْغَاضِبَ لِمَحَارِمِكَ إِذَا اسْتُحِلَّتْ وَ لِنَبِيِّكَ غَضَبَ النَّمِرِ إِذَا غَضِبَ؛ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ بِالنُّبُوَّةِ، وَ بَعَثْتُكَ بِالرِّسَالَةِ، وَ امْتَحَنْتُ عَلِيّاً بِالْبَلَاغِ وَ الشَّهَادَةِ عَلَى أُمَّتِكَ وَ جَعَلْتُهُ حُجَّةً فِي الْأَرْضِ مَعَكَ وَ بَعْدَكَ، وَ هُوَ نُورُ أَوْلِيَائِي، وَ وَلِيُّ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ، يَا مُحَمَّدُ، وَ زَوِّجْهُ فَاطِمَةَ، فَإِنَّهُ وَصِيُّكَ وَ وَارِثُكَ وَ وَزِيرُكَ، وَ غَاسِلُ عَوْرَتِكَ، وَ نَاصِرُ دِينِكَ، وَ الْمَقْتُولُ عَلَى سُنَّتِي وَ سُنَّتِكَ، يَقْتُلُهُ شَقِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): ثُمَّ إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي بِأُمُورٍ وَ أَشْيَاءَ، وَ أَمَرَنِي أَنْ أَكْتُمَهَا، وَ لَمْ يَأْذَنْ لِي فِي إِخْبَارِ أَصْحَابِي بِهَا ثُمَّ هَوَى بِي الرَّفْرَفُ، فَإِذَا بِجَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَتَنَاوَلَنِي حَتَّى صِرْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَوَقَفَ بِي تَحْتَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَنِي جَنَّةَ الْمَأْوَى، فَرَأَيْتُ مَسْكَنِي وَ مَسْكَنَكَ يَا عَلِيُّ فِيهَا، فَبَيْنَمَا جَبْرَئِيلُ يُكَلِّمُنِي إِذْ عَلَانِي نُورٌ مِنْ نُورِ اللَّهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى مِثْلِ مَخِيطِ الْإِبْرَةِ، مِثْلَ مَا كُنْتُ نَظَرْتُ إِلَيْهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَنَادَانِي رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ: يَا مُحَمَّدُ.
قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَبِّي وَ إِلَهِي وَ سَيِّدِي؟ قَالَ: سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي لَكَ وَ لِذُرِّيَّتِكَ، أَنْتَ صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي، وَ أَنْتَ أَمِينِي وَ حَبِيبِي وَ رَسُولِي، وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَوْ لَقِيَنِي جَمِيعُ خَلْقِي يَشُكُّونَ فِيكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَوْ يُنَقِّصُونَكَ أَوْ يُنَقِّصُونَ صَفْوَتِي مِنْ ذُرِّيَّتِكَ لَأَدْخَلْتُهُمْ نَارِي وَ لَا أُبَالِي. يَا مُحَمَّدُ، عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ، أَبُو السِّبْطَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ جَنَّتِي الْمَقْتُولَيْنِ بِي ظُلْماً.
ثُمَّ فَرَضَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ وَ مَا أَرَادَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، وَ قَدْ كُنْتُ قَرِيباً مِنْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى مِثْلَ مَا بَيْنَ كَبِدِ الْقَوْسِ إِلَى سِيَتِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ».
10215/ «33»- الشَّيْخُ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَوْسِيُّ فِي كِتَابِهِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ قَالَ لِجَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أُحِبُّ أَنْ أَرَاكَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا بِالسَّمَاءِ». قَالَ: إِنَّكَ لَا تَقْوَى عَلَى ذَلِكَ. قَالَ:
 «لَا بُدَّ لِي مِنْ ذَلِكَ». فَأَقْسَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: أَيْنَ تُرِيدُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «بِالْأَبْطَحِ». قَالَ: لَا يَسَعُنِي. قَالَ:
 «بِمِنًى». قَالَ: لَا يَسَعُنِي. قَالَ: «بِعَرَفَاتٍ». قَالَ: لَا يَسَعُنِي، وَ لَكِنْ سِرْ بِنَا إِلَيْهِ.
فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى عَرَفَاتٍ، وَ إِذَا هُوَ جَبْرَئِيلُ بِعَرَفَاتٍ بِخَشْخَشِهِ، وَ كَلْكَلِهِ «1» قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ وَ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، فَخَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَتَحَوَّلَ جَبْرَئِيلُ بِصُورَتِهِ الْأُولَى، وَ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَا تَخَفْ أَنَا أَخُوكَ جَبْرَئِيلُ. فَقَالَ: «يَا أَخِي، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً فِي السَّمَاءِ يُشْبِهُكَ». قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَوْ رَأَيْتَ إِسْرَافِيلَ الَّذِي رَأْسُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَ رِجْلَاهُ تَحْتَ تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ بَيْنَ حَاجِبَيْهِ، وَ إِنَّهُ إِذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ يَبْقَى كَالْعُصْفُورِ، سُئِلَ: جَبْرَئِيلُ يَتَصَوَّرُ «2»؟ وَ إِذَا هُوَ
__________________________________________________
 (33)- .........
 (1) الخشخشة: الصوت، و الكلكل: الصدر.
 (2) كذا.

199
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

أَجْلَى الْجَبِينِ، مُعْتَدِلُ الشَّعْرِ، كَأَنَّ شَعْرَهُ الْمَرْجَانُ، لَهُ جَنَاحَانِ خَضْرَاوَانِ وَ قَدَمَانِ وَ لَوْنُهُ كَالثَّلْجِ الْمُوَشَّحِ بِالدُّرِّ، هَكَذَا صُورَتُهُ الَّتِي رَآهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِهَا، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَآهُ مَرَّتَيْنِ، وَ قَالَ تَعَالَى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏، فَالْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَرَاهُ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ وَ إِذَا بِوَاحِدٍ مِنْ أَجْنِحَتِهِ سَدَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ».
10216/ «34»- قَالَ: وَ حَكَى ابْنُ سِيرِينَ فِي (كِتَابِ الْعَظَمَةِ): أَنَّ حَمْزَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَرِنِي جَبْرَئِيلَ؟
فَقَالَ: «اسْكُتْ». فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، وَ إِذَا جَبْرَئِيلُ قَدْ نَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْشِفْ عَنْ بَصَرِ حَمْزَةَ. فَقَالَ: انْظُرْ. فَنَظَرَ وَ إِذَا قَدَمَاهُ كَالزَّبَرْجَدِ، فَخَرَّ حَمْزَةُ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ، فَقَالَ:
 «يَا حَمْزَةُ، وَ مَا رَأَيْتَ»؟ فَقَالَ: هَيْهَاتَ يَا سَيِّدِي أَنْ أَتَعَاهَدَ هَذَا الْفِعْلَ.
10217/ «35»- قَالَ: وَ رُوِيَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ بَعْضَ حَظِّكَ وَ مَنْزِلَتِكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: «بَلَى» يَعْنِي نَعَمْ، فَكَشَفَ لَهُ عَنْ جَنَاحٍ بَيْنَ أَجْنِحَتِهِ، وَ إِذَا هُوَ أَخْضَرُ، عَلَيْهِ نَهَرٌ، عَلَيْهِ أَلْفُ قَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ.
10218/ «36»- قَالَ: وَ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «رَأَيْتُ جَبْرَئِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، يَتَنَاثَرُ مِنْ رِيشِهِ أَكَابِرُ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ».
10219/ «37»- (بستان الواعظين): عن ابن عبّاس: أن إسرافيل سأل اللّه أن يعطيه قوة سبع سماوات، فأعطاه اللّه قوة سبع أرضين، فأعطاه اللّه قوة الجبال و قوة الرياح، فأعطاه قوة السباع، فأعطاه من لدن رأسه إلى قدميه بشعور و أفواه و ألسنة مغطاة بأجنحة، يسبح اللّه بكل لسان بألف ألف لغة، فيصير من كل نفس ملك، يسبحون اللّه إلى يوم القيامة، و هم المقربون و حملة العرش و كرام كاتبين هم على صفة إسرافيل، و ينظر إسرافيل في كل يوم و ليلة ثلاث مرّات إلى جهنم، فيذوب إسرافيل، و يصير كوتر القوس و يبكي، لو انسكب دمعه من السماء ليطبق ما بين السماء إلى الأرض حتّى يغلب على الدنيا، و لو صبت جميع البحور و الأنّهار على رأس إسرافيل ما وقعت قطرة على الأرض، و لو لا أن اللّه منع بكاءه و دموعه لامتلأت الأرض بدموعه، فصار طوفان نوح، و من عظمة إسرافيل أن جبرئيل طار ثلاثمائة عام ما بين شفة إسرافيل و أنفه فلم يبلغ إلى آخره.
و أمّا ميكائيل خلقه اللّه بعد إسرافيل بخمس مائة عام، من رأسه إلى قدمه شعور من الزعفران، و أجنحته من زبرجد أخضر، على كل شعره ألف ألف وجه، في كل وجه ألف ألف فم، و في كل فم ألف ألف لسان، و على كل لسان ألف ألف عين، تبكي رحمة على المذنبين من المؤمنين، بكل عين و بكل لسان يستغفرون، فيقطر من كل عين سبعون ألف ألف قطرة، فتصير ملكا على صورة ميكائيل، و أسماؤهم الكروبيون، و هم أعوان لميكائيل، موكلون على القطر و النبات و الأوراق و الثمار، فما من قطرة في البحار، و لا ثمرة على الأشجار، إلّا و عليها ملك‏
__________________________________________________
 (34)- .........
 (35)- ...........
 (36)- ...........
 (37)- ...........

200
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 1 الى 23 ص 186

موكل.
و أمّا جبرئيل خلقه اللّه بعد ميكائيل بخمس مائة عام، و له ألف ألف و ستمائة جناح، من رأسه إلى قدمه شعور من زعفران، و الشمس بين عينيه، و كل شعرة قمر و كواكب، و كل يوم يدخل في بحر من نور ثلاثمائة و ستين مرة، فإذا خرج سقط من أجنحته قطرة، فتصير ملكا على صورة جبرئيل، يسبحون اللّه إلى يوم القيامة، و هم الروحانيون، و أمّا صورة ملك الموت مثل صورة إسرافيل بالوجه و الألسنة و الأجنحة.
10220/ «38»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى‏ قال: لما رفع الحجاب بينه و بين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، غشي نوره السدرة، و قوله تعالى: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى‏، أي لم ينكر لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏، أي رأى جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل، له ستمائة جناح، قد ملأ ما بين السماء و الأرض.
و قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى قال: اللات رجل، و العزى امرأة، و قوله تعالى: وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى‏ قال: صنم بالمشلل خارج من الحرم على ستة أميال يسمى المناة.
قوله تعالى أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى‏ قال: هو ما قالت قريش: إن الملائكة هم بنات اللّه، فرد عليهم، فقال:
أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى‏* تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى‏ أي ناقصة، ثمّ قال: إِنْ هِيَ يعني اللات و العزى و مناة إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أي من حجة.
قوله تعالى:
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ- إلى قوله تعالى- هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى‏ [32]
10221/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [قَالَ: «سَمِعْتُ أَبِي‏] يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: دَخَلَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَلَمَّا سَلَّمَ وَ جَلَسَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ ثُمَّ أَمْسَكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا أَسْكَتَكَ؟ قَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَعْرِفَ الْكَبَائِرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
فَقَالَ: نَعَمْ- يَا عَمْرُو- وَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ: (وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) «1»،
__________________________________________________
 (38)- تفسير القمّيّ 2: 338.
 (1)- الكافي 2: 217/ 24.
 (1) المائدة 72: 5، و في المصحف هكذا (إنّه من يشرك)

201
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم آية 32 ص 201

وَ بَعْدَهُ الْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ «1» ثُمَّ الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ «2»، وَ مِنْهَا عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الْعَاقَّ جَبَّاراً شَقِيّاً، وَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها «3»، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «4»، وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «5»، وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى‏ فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ «6»، وَ أَكْلُ الرِّبَا، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ «7»، وَ السِّحْرُ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ:
وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ «8»، وَ الزِّنَا، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً* يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «9»، وَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ «10» الْفَاجِرَةُ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ «11»، وَ الْغُلُولُ «12»، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ «13»، وَ مَنْعُ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ:
فَتُكْوى‏ بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ «14»، وَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَ كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ «15»، وَ شُرْبُ الْخَمْرِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَى عَنْهَا، كَمَا نَهَى عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَ تَرْكُ الصَّلَاةِ مُتَعَمِّداً، أَوْ شَيْئاً مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِى‏ءَ مِنْ ذِمَّةِ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1) يوسف 12: 87.
 (2) الأعراف 7: 99.
 (3) النساء 4: 93.
 (4) النور 24: 23.
 (5) النساء 4: 10.
 (6) الأنفال 8: 16.
 (7) البقرة 2: 275.
 (8) البقرة 2: 102.
 (9) الفرقان 25: 68، 69.
 (10) اليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الإثم ثمّ في النار. «لسان العرب 6: 156».
 (11) آل عمران 3: 77.
 (12) غلّ يغلّ غلولا: خان. «لسان العرب 11: 499».
 (13) آل عمران 3: 161.
 (14) التوبة 9: 35.
 (15) البقرة 2: 283.

202
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم آية 32 ص 201

وَ ذِمَّةِ رَسُولِهِ، وَ نَقْضُ الْعَهْدِ وَ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ «1».
قَالَ: فَخَرَجَ عَمْرٌو وَ لَهُ صُرَاخٌ مِنْ بُكَائِهِ، وَ هُوَ يَقُولُ: هَلَكَ مَنْ يَقُولُ بِرَأْيِهِ، وَ نَازَعَكُمْ فِي الْفَضْلِ وَ الْعِلْمِ».
10222/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ، قَالَ:
 «الْفَوَاحِشُ: الزِّنَا وَ السَّرِقَةُ، وَ اللَّمَمُ: الرَّجُلُ يُلِمُّ بِالذَّنْبِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ».
قُلْتُ: بَيْنَ الضَّلَالِ وَ الْكُفْرِ مَنْزِلَةٌ؟ قَالَ: «مَا أَكْثَرَ عُرَى الْإِيمَانِ».
10223/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ؟ قَالَ: «هُوَ الذَّنْبُ يُلِمُّ بِهِ الرَّجُلُ، فَيَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُلِمُّ [بِهِ‏] بَعْدُ».
10224/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ؟ قَالَ: «الْهَنَةُ بَعْدَ الْهَنَةِ، أَيِ الذَّنْبُ بَعْدَ الذَّنْبِ [يُلِمُّ بِهِ‏] الْعَبْدُ».
10225/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لَهُ ذَنْبٌ يَهْجُرُهُ زَمَاناً ثُمَّ يُلِمُّ بِهِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِلَّا اللَّمَمَ».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ، قَالَ: «الْفَوَاحِشُ: الزِّنَا وَ السَّرِقَةُ، وَ اللَّمَمُ: الرَّجُلُ يُلِمُّ بِالذَّنْبِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ».
10226/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ إِلَّا وَ قَدْ طُبِعَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ، يَهْجُرُهُ زَمَاناً ثُمَّ يُلِمُّ بِهِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ، قَالَ: اللَّمَّامُ: الْعَبْدُ الَّذِي يُلِمُّ بِالذَّنْبِ بَعْدَ الذَّنْبِ، لَيْسَ مِنْ سَلِيقَتِهِ» «2». أَيْ مِنْ طَبْعِهِ «3».
10227/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، وَ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ‏
__________________________________________________
 (2)- الكافي 2: 212/ 7.
 (3)- الكافي 2: 320/ 1.
 (4)- الكافي 2: 320/ 2.
 (5)- الكافي 2: 320/ 3.
 (6)- الكافي 2: 320/ 5.
 (7)- الكافي 2: 321/ 6.
 (1) الرعد 13: 25.
 (2) في «ي، ط» خليقته.
 (3) في المصدر: طبيعته.

203
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم آية 32 ص 201

مَحْبُوبٍ، عَنِ ابْنِ رِئَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَكُونُ سَجِيَّتُهُ الْكَذِبَ وَ الْبُخْلَ وَ الْفُجُورَ، وَ رُبَّمَا أَلَمَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً لَا يَدُومُ عَلَيْهِ». قِيلَ: فَيَزْنِي؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَ لَكِنْ لَا يُولَدُ لَهُ مِنْ تِلْكَ النُّطْفَةِ».
10228/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْكَبَائِرِ؟ فَقَالَ: «هُنَّ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَبْعٌ: الْكُفْرُ بِاللَّهِ، وَ قَتْلُ النَّفْسِ، وَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَ أَكْلُ الرِّبَا بَعْدَ الْبَيِّنَةِ، وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً، وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَ التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ».
قَالَ: قُلْتُ: هَذَا أَكْبَرُ الْمَعَاصِي؟ قَالَ: «نَعَمْ».
قُلْتُ: فَأَكْلُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً أَكْبَرُ، أَمْ تَرْكُ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «تَرْكُ الصَّلَاةِ».
قُلْتُ: فَمَا عَدَدْتَ تَرْكَ الصَّلَاةَ فِي الْكَبَائِرِ؟ فَقَالَ: «أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَوَّلُ مَا قُلْتُ لَكَ؟». [قَالَ‏]: قُلْتُ: الْكُفْرُ. قَالَ: «فَإِنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَافِرٌ». يَعْنِي مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ.
10229/ «9»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ الْكُوفِيُّ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثٍ، قَالَ: «اقْرَأْ يَا إِبْرَاهِيمُ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، يَعْنِي مِنَ الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ، وَ الْأَرْضِ الْمُنْتِنَةِ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى‏، مِنْكُمْ، يَقُولُ: لَا يَفْتَخِرُ أَحَدُكُمْ بِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ وَ صِيَامِهِ وَ زَكَاتِهِ وَ نُسُكِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى مِنْكُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ اللَّمَمِ، وَ هُوَ الْمِزَاجُ».
10230/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى‏، قَالَ: «قَوْلُ الْإِنْسَانِ: صَلَّيْتُ الْبَارِحَةَ، وَ صُمْتُ أَمْسِ، وَ نَحْوَ هَذَا».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ قَوْماً كَانُوا يُصْبِحُونَ فَيَقُولُونَ: صَلَّيْنَا الْبَارِحَةَ، وَ صُمْنَا أَمْسِ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَكِنِّي أَنَامُ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ، وَ لَوْ أَجِدُ شَيْئاً بَيْنَهُمَا لَنِمْتُهُ».
الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى‏، فَقَالَ: «هُوَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ: صَلَّيْتُ الْبَارِحَةَ، وَ صُمْتُ أَمْسِ». وَ سَاقَ الْحَدِيثَ «1».
__________________________________________________
 (8)- الكافي 2: 212/ 8.
 (9)- علل الشرائع: 610/ 81.
 (10)- معاني الأخبار: 243/ 1.
 (1) الزهد: 66/ 174.

204
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم آية 32 ص 201

10231/ «11»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ».
قَالَ: وَ مَا الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ؟ قَالَ: «يَصِلُ الرَّجُلُ بِصِلَتِهِ، وَ يُنْفِقُ نَفَقَتَهُ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَتُكْتَبُ لَهُ سِرّاً، ثُمَّ يَذْكُرُهَا فَتُمْحَى، فَتُكْتَبُ لَهُ عَلَانِيَةً، ثُمَّ يَذْكُرُهَا فَتُمْحَى، فَتُكْتَبُ لَهُ رِيَاءً».
قوله تعالى:
وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى [37]
10232/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى، قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ وَ أَمْسَى: أَصْبَحْتُ وَ رَبِّي مَحْمُودٌ، أَصْبَحْتُ لَا أُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً، وَ لَا أَدْعُو مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ، وَ لَا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ عَبْداً شَكُوراً».
10233/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: مَا عَنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى؟ قَالَ: «كَلِمَاتٍ بَالَغَ فِيهِنَّ».
قُلْتُ: وَ مَا هُنَّ؟ قَالَ: «كَانَ إِذَا أَصْبَحَ، قَالَ: أَصْبَحْتُ وَ رَبِّي مَحْمُودٌ، أَصْبَحْتُ لَا أُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً، وَ لَا أَدْعُو مَعَهُ إِلَهاً، وَ لَا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً، ثَلَاثاً، وَ إِذَا أَمْسَى قَالَهَا ثَلَاثاً، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى».
10234/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: وفي بما أمره اللّه به من الأمر و النهي و ذبح ابنه، و سيأتي- إن شاء اللّه تعالى- ذكر ما أنزل على موسى و على إبراهيم (عليهما السلام) من الصحف في سورة الأعلى «1».
قوله تعالى:
أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏* وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ [38- 39]
__________________________________________________
 (11)- الكافي 2: 224/ 16.
 (1)- علل الشرائع: 37/ 1.
 (2)- الكافي 2: 388/ 38.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 338.
 (1) يأتي في تفسير الآيات (16- 19) من سورة الأعلى.

205
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 38 الى 39 ص 205

قد تقدم الحديث في ذلك عن الصادق (عليه السلام) في آخر سورة الأنعام «1».
قوله تعالى:
وَ أَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏ [42]
10235/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ أَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏، فَإِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى اللَّهِ فَأَمْسِكُوا».
10236/ «2»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا سُلَيْمَانُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ:
وَ أَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏، فَإِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى اللَّهِ فَأَمْسِكُوا».
10237/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏، قَالَ: «إِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى اللَّهِ فَأَمْسِكُوا».
10238/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ «2» الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
إِنَّ النَّاسَ قِبَلَنَا قَدْ أَكْثَرُوا فِي الصِّفَةِ، فَمَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: «مَكْرُوهٌ، أَ مَا تَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ أَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏، [تَكَلَّمُوا فِيمَا دُونَ ذَلِكَ‏]».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 72/ 2.
 (2)- المحاسن: 237/ 206.
 (3)- التوحيد: 456/ 9.
 (4)- التوحيد: 457/ 18.
 (1) تقدم الحديث (9) من تفسير الآيات (161- 165) من تفسير سورة الأنعام.
 (2) في المصدر: بن.

206
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم آية 42 ص 206

10239/ «5»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى اللَّهِ فَأَمْسِكُوا، وَ تَكَلَّمُوا فِيمَا دُونَ الْعَرْشِ، فَإِنَّ قَوْماً تَكَلَّمُوا فِيمَا فَوْقَ الْعَرْشِ فَتَاهَتْ عُقُولُهُمْ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يُنَادَى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَيُجِيبُ مِنْ خَلْفِهِ، وَ يُنَادَى مِنْ خَلْفِهِ، فَيُجِيبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ».
10240/ «6»- علي بن إبراهيم، قال: إذا انتهى الكلام إلى اللّه فأمسكوا، و تكلموا فيما دون العرش، و لا تكلموا فيما فوق العرش، فإن قوما تكلموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم، حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه، و ينادى من خلفه فيجيب من بين يديه، و هذا ردّ على من وصف اللّه.
قوله تعالى:
وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى‏ [43] 10241/ «1»- ابن شهر آشوب: عن شعبة، و قتادة، و عطاء، و ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى‏ أضحك أمير المؤمنين و حمزة و عبيدة و المسلمين، و أبكى كفّار مكّة حتّى قتلوا و دخلوا النار.
10242/ «2»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى‏، قال: أبكى السماء بالمطر، و أضحك الأرض بالنبات، قال الشاعر:
         كل يوم باقحوان جديد             تضحك الأرض من بكاء السماء
قوله تعالى:
مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى‏ [46] 10243/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: تتحول النطفة إلى الدم، فتكون أولا دما، ثمّ تصير النطفة في الدماع في عرق يقال له الوريد، و تمر في فقار الظهر، فلا تزال تجوز فقرة حتّى تصير في الحالبين، فتصير بيضاء، و أما نطفة المرأة فانها تنزل من صدرها.
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 1: 25.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 338.
 (1)- المناقب 3: 118.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 339.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 339.

207
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم آية 48 ص 208

قوله تعالى:
وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى‏ وَ أَقْنى‏ [48]
10244/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى‏ وَ أَقْنى‏، قَالَ: «أَغْنَى كُلَّ إِنْسَانٍ بِمَعِيشَتِهِ، وَ أَرْضَاهُ بِكَسْبِ يَدِهِ».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (مَعَانِي الْأَخْبَارِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ، (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ «1».
قوله تعالى:
وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى‏ [49] 10245/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: هو نجم في السماء، يسمى الشعرى، كانت قريش و قوم من العرب يعبدونه، و هو نجم يطلع في آخر الليل.
قوله تعالى:
وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى‏ [53]
10246/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى‏؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، هِيَ الْمُؤْتَفِكَةِ».
 [قُلْتُ‏]: وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ «2»؟ قَالَ: «أُولَئِكَ قَوْمُ لُوطٍ، ائْتَفَكَتْ عَلَيْهِمْ، أَيْ انْقَلَبَتْ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 339.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 339.
 (3)- الكافي 8: 18/ 202.
 (1) معاني الأخبار: 2: 339.
 (2) التوبة 9: 70.

208
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم آية 53 ص 208

عَلَيْهِمْ».
10247/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى‏، قال: المؤتفكة: البصرة، و الدليل على ذلك‏
قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ، يَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ، يَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ، وَ أَتْبَاعَ الْبَهِيمَةِ، رَغَا فَأَجَبْتُمْ، وَ عُقِرَ فَانْهَزَمْتُمْ، مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ «1»، وَ أَدْيَانُكُمْ «2» رِقَاقٌ «3»، وَ فِيكُمْ خَتْمُ النِّفَاقِ، وَ لُعِنْتُمْ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيّاً، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَخْبَرَنِي أَنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَوَى لَهُ الْأَرْضَ، فَرَأَى الْبَصْرَةَ أَقْرَبَ الْأَرَضِينَ مِنَ الْمَاءِ، وَ أَبْعَدَهَا مِنَ السَّمَاءِ، وَ فِيهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ وَ الدَّاءُ الْعُضَالُ، الْمُقِيمُ فِيهَا بِذَنْبٍ «4»، وَ الْخَارِجُ مِنْهَا [مُتَدَارِكٌ‏] بِرَحْمَةٍ [مِنْ رَبِّهِ‏]، وَ قَدِ ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا مَرَّتَيْنِ، وَ عَلَى اللَّهِ [تَمَامُ‏] الثَّالِثَةِ، وَ تَمَامُ الثَّالِثَةِ فِي الرَّجْعَةِ».
قوله تعالى:
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى‏ [55] 10248/ «2»- علي بن إبراهيم: أي بأي سلطان تخاصم.
10249/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الشَّكُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى الْمِرْيَةِ، وَ الْهَوَى، وَ التَّرَدُّدِ، وَ الِاسْتِسْلَامِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى‏».
قوله تعالى:
هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى‏- إلى قوله تعالى- وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ [56- 61] 10250/ «4»- علي بن إبراهيم: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى‏، يعني: رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من النذر
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 339.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 340.
 (3)- الكافي 2: 289/ 1.
 (4)- تفسير القمّيّ 340.
 (1) ماء زعاق: مرّ غليظ لا يطاق شربه من أجوجته. «لسان العرب- 10: 141».
 (2) في المصدر: أحلامكم.
 (3) الرّقّة: مصدر الرقيق عامّ في كلّ شي‏ء حتّى يقال: فلان رقيق الدّين. «لسان العرب 10: 122».
 (4) في المصدر: مذنب.

209
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم الآيات 56 الى 61 ص 209

الأولى.
10251/ «2»- ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى‏، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَرَأَ «1» الْخَلْقَ إِلَى «2» الذَّرِّ الْأَوَّلِ، فَأَقَامَهُمْ صُفُوفاً، وَ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَآمَنَ بِهِ قَوْمٌ، وَ أَنْكَرَهُ قَوْمٌ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى‏ يَعْنِي بِهِ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، حَيْثُ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الذَّرِّ الْأَوَّلِ».
10252/ «3»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ ابْنُ وَهْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ حُبِشِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي غُنْدَرٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً أَكْرَمَ مِنْ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَا خَلَقَ قَبْلَهُ أَحَداً، وَ لَا أَنْذَرَ اللَّهُ خَلْقَهُ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى‏، وَ قَالَ: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «3» فَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مُطَاعٌ فِي الْخَلْقِ، وَ لَا يَكُونُ بَعْدَهُ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فِي كُلِّ قَرْنٍ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْهَا».
10253/ «4»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ قال: قربت القيامة لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ، أي لا يكشفها إلّا اللّه أَ فَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ أي ما قد تقدم ذكره من الأخبار.
10254/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ: يَعْنِي بِالْحَدِيثِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْأَخْبَارِ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
10255/ «6»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ تَضْحَكُونَ وَ لا تَبْكُونَ* وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ، أي [لاهون‏] ساهون.
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 340.
 (3)- الأمالي 2: 282.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 340.
 (5)- مجمع البيان 9: 277.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 340.
 (1) في «ي»: ذرّ.
 (2) في المصدر: في.
 (3) الرعد 13: 7.

210
البرهان في تفسير القرآن5

المستدرك سورة النجم ص 211

المستدرك (سورة النجم)
قوله تعالى:
وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى‏ [26] «1»- الطبرسيّ في (مجمع البيان): في قوله تعالى وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ الآية، قال ابن عبّاس:
يريد لا تشفع الملائكة إلّا لمن رضي اللّه عنه، كما قال: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى«1»
 «2»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ، فِي (الْمَنَاقِبِ): عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيِّ، كِلَيْهِمَا عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: «أَنَا وَارِدُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ السَّاقِي، وَ الْحَسَنُ الرَّائِدُ، وَ الْحُسَيْنُ الْآمِرُ، وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَارِطُ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّاشِرُ، وَ جَعْفَرُ ابْنُ مُحَمَّدٍ السَّائِقُ، وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ مُحْصِي الْمُحِبِّينَ وَ الْمُبْغِضِينَ وَ قَامِعُ الْمُنَافِقِينَ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى مُزَيِّنُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مُنْزِلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي دَرَجَاتِهِمْ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ خَطِيبُ شِيعَتِهِمْ وَ مُزَوِّجُهُمُ الْحُورَ، وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ سِرَاجُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، يَسْتَضِيئُونَ بِهِ، وَ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ شَفِيعُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَيْثُ لَا يَأْذَنُ إِلَّا لِمَنْ يَشَاءُ وَ يَرْضَى».
__________________________________________________
 (1)- مجمع البيان 9: 268.
 (2)- المناقب 1: 292.
 (1) الأنبياء 21: 28.

211
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النجم آية 31 ص 212

قوله تعالى:
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [31]
 «1»- الدَّيْلَمِيُّ، فِي (أَعْلَامِ الدِّينِ): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَطَبَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) خُطْبَةً- إِلَى أَنْ قَالَ- «أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَظْلِمُ بِظُلْمٍ، وَ لَا يُجَاوِزُهُ ظُلْمٌ، وَ هُوَ بِالْمِرْصَادِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى مَنْ أَحْسَنَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا».
__________________________________________________
 (1)- أعلام الدين: 427.

212
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر ص 213

سورة القمر
فضلها
10256/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ قَبْرِهِ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ».
10257/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ وَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، مُسْفِراً عَلَى وَجْهِ الْخَلَائِقِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ كَانَ أَفْضَلَ، وَ مَنْ كَتَبَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقْتَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ جَعَلَهَا فِي عِمَامَتِهِ أَوْ تَعَلَّقَهَا، كَانَ وَجِيهاً أَيْنَمَا قَصَدَ وَ طَلَبَ».
10258/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ وَ تَرَكَهَا فِي عِمَامَتِهِ، أَوْ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، كَانَ وَجِيهاً عِنْدَ النَّاسِ مَحْبُوباً».
10259/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ عَلَّقَهَا عَلَى عِمَامَتِهِ، كَانَ عِنْدَ النَّاسِ وَجِيهاً وَ مَقْبُولًا، وَ سَهُلَتْ عَلَيْهِ الْأُمُورُ الصَّعْبَةُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 116.
 (2)- .....
 (3)- خواص القرآن: 52 «مخطوط».
 (4)- خواص القرآن: 9 «مخطوط»

213
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 1 الى 2 ص 214

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ* وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [1- 2] 10260/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، قربت القيامة، فلا يكون بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إلا القيامة، و قد انقضت النبوّة و الرسالة، و قوله تعالى: وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ، فإن قريشا سألت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، أن يريهم آية، فدعا اللّه فانشق القمر نصفين حتّى نظروا إليه، ثمّ التأم، فقالوا: هذا سحر مستمر، أي صحيح.
10261/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ الْآجُرِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: قَالَ [لِي‏] أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «اجْتَمَعَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَ لَهُ آيَةٌ، فَمَا آيَتُكَ فِي لَيْلَتِكَ هَذِهِ؟ فَقَالَ [النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]: مَا الَّذِي تُرِيدُونَ؟ فَقَالُوا: إِنْ يَكُنْ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ قَدْرٌ فَأْمُرِ الْقَمَرَ أَنْ يَنْقَطِعَ قِطْعَتَيْنِ. فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ: إِنِّي قَدْ أَمَرْتُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ بِطَاعَتِكَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَأَمَرَ الْقَمَرَ أَنْ يَنْقَطِعَ قِطْعَتَيْنِ، فَانْقَطَعَ قِطْعَتَيْنِ، فَسَجَدَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) شُكْراً [لِلَّهِ‏]، وَ سَجَدَ شِيعَتُنَا، ثُمَّ رَفَعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَأْسَهُ وَ رَفَعُوا رُؤُسَهُمْ، ثُمَّ قَالُوا: يَعُودُ كَمَا كَانَ. فَعَادَ كَمَا كَانَ، ثُمَّ قَالُوا: يَنْشَقُّ رَأْسُهُ! فَأَمَرَهُ فَانْشَقَّ، فَسَجَدَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) شُكْراً لِلَّهِ، وَ سَجَدَ شِيعَتُنَا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، حِينَ تَقْدَمُ سُفَّارُنَا مِنَ الشَّامِ وَ الْيَمَنِ نَسْأَلُهُمْ مَا رَأَوْا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَإِنْ يَكُونُوا رَأَوْا مِثْلَ مَا رَأَيْنَا، عَلِمْنَا أَنَّهُ مِنْ رَبِّكَ، وَ إِنْ لَمْ يَرَوْا مِثْلَ مَا رَأَيْنَا، عَلِمْنَا أَنَّهُ سِحْرٌ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 340.
 (2)- تفسير القمّيّ 1: 341.

214
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 1 الى 2 ص 214

سَحَرْتَنَا بِهِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ».
10262/ «3»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ): عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُقْدَةَ، يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُسَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ، فِلْقَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اشْهَدُوا، اشْهَدُوا بِهَذَا».
10263/ «4»- الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ الْخَصِيبِيُّ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالرِّسَالَةِ، وَ دَعَا النَّاسَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، تَحَيَّرَتْ قَبَائِلُ قُرَيْشٍ، وَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:
مَا تَرَوْنَ [مِنَ الرَّأْيِ فِي‏] مَا يَأْتِينَا مِنْ مُحَمَّدٍ كَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ السَّحَرَةُ وَ الْكَهَنَةُ؟ وَ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَسْأَلُوهُ شَقَّ الْقَمَرِ فِي السَّمَاءِ، وَ إِنْزَالَهُ إِلَى الْأَرْضِ شُعْبَتَيْنِ، وَ قَالُوا: إِنَّ الْقَمَرَ مَا سَمِعْنَا فِي سَائِرِ النَّبِيِّينَ أَحَداً قَدَرَ عَلَيْهِ، كَمَا قَدَرَ عَلَى الشَّمْسِ، فَإِنَّهَا رُدَّتْ لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَصِيِّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كَانَ النَّاسُ يَظُنُّونَ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ عَنْ مَوْضِعِهَا.
وَ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ آيَةً، إِنْ أَتَيْتَ بِهَا آمَنَّا بِكَ وَ صَدَّقْنَاكَ. فَقَالَ لَهُمْ: سَلُوا، فَإِنِّي آتِيكُمْ بِكُلِّ مَا تَخْتَارُونَ. فَقَالُوا: الْوَعْدُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَ طُلُوعُ الْقَمَرِ، وَ أَنْ تَقِفَ بَيْنَ الْمَشْعَرَيْنِ، فَتَسْأَلَ رَبَّكَ الَّذِي تَقُولُ إِنَّهُ أَرْسَلَكَ رَسُولًا، أَنْ يَشُقَّ الْقَمَرَ شُعْبَتَيْنِ وَ يُنْزِلَهُ، مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى يَنْقَسِمَ قِسْمَيْنِ، وَ يَقَعَ قِسْمٌ عَلَى الْمَشْعَرَيْنِ وَ قَسْمٌ عَلَى الصَّفَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اللَّهُ أَكْبَرُ، أَنَا وَفِيُّ بِالْعَهْدِ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُوفُونَ بِمَا قُلْتُمْ إِنَّكُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ؟
قَالُوا: نَعَمْ يَا مُحَمَّدُ. وَ تَسَامَعَ النَّاسُ، ثُمَّ تَوَاعَدُوا سَوَادَ اللَّيْلِ. وَ أَقْبَلَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ إِلَى الْبَيْتِ وَ حَوْلَهُ حَتَّى أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَ اسْوَدَّ، وَ طَلَعَ الْقَمَرُ وَ أَنَارَ، وَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ، يُصَلُّونَ خَلْفَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ.
وَ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالُوا: الْآنَ يَبْطُلُ سِحْرُكَ وَ كِهَانَتُكَ وَ حِيلَتُكَ، هَذَا الْقَمَرُ، فَأَوْفِ بِوَعْدِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قُمْ- يَا أَبَا الْحَسَنِ- فَقِفْ بِجَانِبِ الصَّفَا، وَ هَرْوِلْ إِلَى الْمَشْعَرَيْنِ، وَ نَادِ نِدَاءً ظَاهِراً، وَ قُلْ فِي نِدَائِكَ: اللَّهُمَّ رَبَّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَ زَمْزَمَ وَ الْمَقَامِ، وَ مُرْسِلَ الرَّسُولِ التِّهَامِيِّ، ائْذَنْ لِلْقَمَرِ أَنْ يَنْشَقَّ وَ يَنْزِلَ إِلَى الْأَرْضِ، فَيَقَعَ نِصْفُهُ عَلَى الصَّفَا وَ نِصْفُهُ عَلَى الْمَشْعَرَيْنِ، فَقَدْ سَمِعْتَ سِرَّنَا وَ نَجْوَانَا وَ أَنْتَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ.
قَالَ: فَتَضَاحَكَتْ قُرَيْشٌ فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّداً قَدِ اسْتَشْفَعَ بِعَلِيٍّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ وَ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَ قَالَ أَبُو لَهَبٍ:
لَقَدْ أَشْمَتَنِيَ اللَّهُ بِكَ- يَا بْنَ أَخِي- فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اخْسَأْ، يَا مَنْ أَتَبَّ اللَّهُ يَدَيْهِ، وَ لَمْ يَنْفَعْهُ مَالُهُ، وَ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَأَفْضَحَنَّكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ بِالْقَمَرِ وَ شَقِّهِ وَ إِنْزَالِهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَ إِلَّا أَلَّفْتَ‏
__________________________________________________
 (3)- الأمالي 1: 351.
 (4)- الهداية الكبرى: 70/ 24.

215
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 1 الى 2 ص 214

كَلَامَكَ هَذَا وَ جَعَلْتَهُ سُورَةً، وَ قُلْتَ: هَذَا أُوحِيَ إِلَيَّ فِي أَبِي لَهَبٍ.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): امْضِ يَا عَلِيُّ فِيمَا أَمَرْتُكَ وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَ هَرْوَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَشْعَرَيْنِ، وَ نَادَى وَ أَسْمَعَ وَ دَعَا، فَمَا اسْتَتَمَّ كَلَامَهُ حَتَّى كَادَتِ الْأَرْضُ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا، وَ السَّمَاءُ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، حَيْثُ أَعْجَزَكَ شَقُّ الْقَمَرِ أَتَيْتَنَا بِسِحْرِكَ لِتَفْتِنَّا بِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): هَانَ عَلَيْكُمْ مَا دَعَوْتُ اللَّهَ بِهِ. فَإِنَّ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ لَا يَهُونُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، وَ لَا يُطِيقَانِ سَمَاعَهُ، فَقِفُوا بِأَمَاكِنِكُمْ وَ انْظُرُوا إِلَى الْقَمَرِ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ نِصْفَيْنِ، قِسْمٌ وَقَعَ عَلَى الصَّفَا، وَ قِسْمٌ وَقَعَ عَلَى الْمَشْعَرَيْنِ، فَأَضَاءَتْ دَوَاخِلُ مَكَّةَ وَ أَوْدِيَتُهَا وَ شِعَابُهَا، وَ صَاحَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ. وَ صَاحَ الْمُنَافِقُونَ: أَهْلَكْتَنَا بِسِحْرِكَ فَافْعَلْ مَا تَشَاءُ، فَلَنْ نُؤْمِنَ لَكَ بِمَا جِئْتَنَا بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَمَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ مِنَ الْفَلَكِ، وَ أَصْبَحَ النَّاسُ يَلُومُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ يَقُولُونَ لِكُبَرَائِهِمْ: وَ اللَّهِ لَنُؤْمِنُنَّ بِمُحَمَّدٍ، وَ لَنَقَاتِلَنَّكُمْ مَعَهُ مُؤْمِنِينَ بِهِ، فَقَدْ سَقَطَتِ الْحُجَّةُ وَ تَبَيَّنَتِ الْأَعْذَارُ، وَ تَبَيَّنَ الْحَقُّ.
وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُورَةَ أَبِي لَهَبٍ وَ اتَّصَلَتْ بِهِ. فَقَالَ: آهٍ لِمُحَمَّدٍ، نَظَرَ مَا قُلْتُهُ لَهُ فِي تَأْلِيفِهِ هَذَا الْكَلَامَ، وَ اللَّهِ إِنَّ مُحَمَّداً لَيُعَادِينِي لِكُفْرِي بِهِ وَ تَكْذِيبِي لَهُ [لِسَبَبِ الْعَبَّاسِ‏]، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَوْلَادِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَمَّا أَتَتْ أُمُّهُ بِتِلْكَ الْفَاحِشَةِ وَ حَرَّقَهَا أَبُونَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَلَى الصَّفَا، وَ كَانَ أَشَدَّهُمْ لَهُ جَحْداً الْحَارِثُ وَ الزُّبَيْرُ وَ أَبُو لَهَبٍ، فَحَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّى أَنَّهُ مِنْ أَبِينَا عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَلْحَقْتُ عَبْدَ اللَّهِ [الْعَبَّاسَ‏] بِالنَّسَبِ «1»، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ شَعَرَ وَ أَلَّفَ هَذَا الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ سُورَةٌ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ فِيَّ، فَوَ حَقِّ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَوْ أَتَى مُحَمَّدٌ بِمَا يَمْلَأُ الْأُفُقَ فِيَّ مِنْ مَدْحٍ مَا آمَنْتُ بِهِ، وَ حَسْبِي أَنْ أُبَايِنَ مُحَمَّداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ، وَ لَوْ عَذَّبَنِي رَبُّ الْكَعْبَةِ بِالنَّارِ.
فَآمَنَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سِتُّمِائَةٍ وَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا أَسَرَّ أَكْثَرُهُمْ إِيمَانَهُ وَ كَتَمَهُ إِلَى أَنْ هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مَاتَ أَبُو لَهَبٍ عَلَى كُفْرِهِ، وَ قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ، وَ آمَنَ «2» أَبُو سُفْيَانَ وَ مُعَاوِيَةُ وَ عُتْبَةُ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَ الْعَبَّاسُ وَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَ آمَنَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ تَحْتَ الْقَتْلِ، ثَمَانُونَ رَجُلًا، وَ كَانُوا طُلَقَاءَ وَ لَمْ يَنْفَعْهُمْ إِيمَانُهُمْ».
10264/ «5»- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: قال ابن عبّاس: سألوا أهل مكّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أن يريهم أكبر الآيات، فأراهم القمر فرقتين حتّى رأوا حراء بينهما.
قال: و قال ابن مسعود: انشقاق القمر لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و ردّ الشمس لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأن كل فضل أعطى اللّه لنبيه (صلّى اللّه عليه و آله) أعطى مثله لوليه إلّا النبوّة. و قيل: هذا خاتم النبيين، و هذا خاتم الوصيين.
__________________________________________________
 (5)- .......
 (1) في المصدر: و تكذيبي له من بين بني عبد المطلب، و خاصّة لسبب العبّاس، فإنّه أنكره أولاد عبد المطلب لمّا أتت أمّه بتلك الفاحشة، و أحرقها أبونا عبد المطلب على الصفا، و كان أشدهم له جحدا الحارث و الزبير و أبو طالب و عبد اللّه، فحلفت باللّات و العزّى أنّه من أبناء عبد المطلب حتّى ألحقت العبّاس بالنسب.
 (2) في «ج» و المصدر، و «ط» نسخة بدل: و أسر.

216
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 1 الى 2 ص 214

10265/ «6»- ابن شهر آشوب، قال: أجمع المفسرون و المحدّثون سوى عطاء و الحسن و البلخيّ، في قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ
أَنَّهُ [قَدِ] اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ لَيْلَةَ بَدْرٍ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَشُقَّ لَنَا الْقَمَرَ فِرْقَتَيْنِ. فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنْ فَعَلْتُ تُؤْمِنُونَ؟» قَالُوا: نَعَمْ. فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِإِصْبَعِهِ، فَانْشَقَّ شِقَّتَيْنِ.
و
فِي رِوَايَةٍ: نِصْفاً عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَ نِصْفاً عَلَى قُعَيْقِعَانِ.
و
فِي رِوَايَةٍ: نِصْفاً عَلَى الصَّفَا، وَ نِصْفاً عَلَى الْمَرْوَةِ.
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «اشْهَدُوا اشْهَدُوا» فَقَالَ نَاسٌ: سَحَرَنَا مُحَمَّدٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنْ كَانَ سَحَرَكُمْ فَلَمْ يَسْحَرِ النَّاسَ كُلَّهُمْ‏
؛ [و كان‏] ذلك قبل الهجرة، و بقي قدر ما بين العصر إلى الليل و هم ينظرون إليه، و يقولون: هذا سحر مستمر. فنزل وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ الآيات.
و
فِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ قَدِمَ السُّفَّارُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَمَا مِنْ أَحَدٍ قَدِمَ إِلَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا مِثْلَ مَا رَأَوْا.
10266/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ النَّاشِرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ قَدْ سَأَلَهُ عُمَارَةُ الْهَمْدَانِيُّ، فَقَالَ [لَهُ‏]: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنَّ نَاساً يُعَيِّرُونَنَا وَ يَقُولُونَ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّهُ سَيَكُونُ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ.
فَقَالَ لَهُ: «لَا تَرْوِ عَنِّي، وَ ارْوِ عَنْ أَبِي، كَانَ أَبِي يَقُولُ: هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ «1» فَيُؤْمِنُ أَهْلُ الْأَرْضِ جَمِيعاً لِلصَّوْتِ [الْأَوَّلِ‏]، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَعِدَ إِبْلِيسُ اللَّعِينُ حَتَّى يَتَوَارَى فِي جَوِّ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً، فَاطْلُبُوا بِدَمِهِ، فَيَرْجِعُ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ شَرّاً، وَ يَقُولُونَ هَذَا سِحْرُ الشِّيعَةِ، وَ حَتَّى يَتَنَاوَلُونَّا، وَ يَقُولُونَ: هُوَ مِنْ سِحْرِهِمْ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ».
10267/ «8»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَسَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ هَمْدَانَ يَقُولُ [لَهُ‏]: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْعَامَّةَ يُعَيِّرُونَّا، وَ يَقُولُونَ لَنَا: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ مُنَادِياً يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ؛ وَ كَانَ مُتَّكِئاً، فَغَضِبَ وَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «لَا تَرْوُوهُ عَنِّي وَ ارْوُوهُ عَنْ أَبِي، وَ لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ، أَشْهَدُ أَنِّي [قَدْ] سَمِعْتُ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ لَبَيِّنٌ حَيْثُ يَقُولُ: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ «2»، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا خَضَعَ وَ ذَلَّتْ رَقَبَتُهُ‏
__________________________________________________
 (6)- المناقب 1: 122.
 (7)- الغيبة: 261/ 20.
 (8)- الغيبة: 260/ 19.
 (1) الشعراء 26: 4.
 (2) الشعراء 26: 4.

217
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 1 الى 2 ص 214

[لَهَا]، فَيُؤْمِنُ أَهْلُ الْأَرْضِ إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ: أَلَا إِنَّ الْحَقَّ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتِهِ. قَالَ:
فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَعِدَ إِبْلِيسُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى يَتَوَارَى عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ [وَ شِيعَتِهِ‏]، فَإِنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً، فَاطْلُبُوا بِدَمِهِ- قَالَ:- فَيُثْبِتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ عَلَى الْحَقِّ، وَ هُوَ النِّدَاءُ الْأَوَّلُ، وَ يَرْتَابُ يَوْمَئِذٍ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، وَ الْمَرَضُ وَ اللَّهِ عَدَاوَتُنَا. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْرَءُونَ مِنَّا وَ يَتَنَاوَلُونَّا، وَ يَقُولُونَ:
إِنَّ الْمُنَادِيَ الْأَوَّلَ سِحْرٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ». ثُمَّ تَلَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ.
وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَ سَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، مِثْلَهُ سَوَاءً بِلَفْظِهِ.
قوله تعالى:
وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ- إلى قوله تعالى- هذا يَوْمٌ عَسِرٌ [3- 8] 10268/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ، أي كانوا يعملون برأيهم، و يكذبون أنبيائهم: وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ، أي متعظ.
و قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى‏ شَيْ‏ءٍ نُكُرٍ قال: الإمام [إذا خرج‏] يدعوهم إلى ما ينكرون.
قوله تعالى: مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ إذا رجع، فيقول: ارجعوا يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ.
10269/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يُحَدِّثُ النَّاسَ، قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى النَّاسَ مِنْ حُفَرِهِمْ غُرْلًا بُهْماً جُرْداً مُرْداً فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَسُوقُهُمْ النُّورُ، وَ تَجْمَعُهُمْ الظَّلَمَةُ، حَتَّى يَقِفُوا عَلَى عَقَبَةِ الْمَحْشَرِ، فَيَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ يَزْدَحِمُونَ دُونَهَا، فَيُمْنَعُونَ مِنَ الْمُضِيِّ، فَتَشْتَدُّ أَنْفَاسُهُمْ، وَ يَكْثُرُ عَرَقُهُمْ، وَ تَضِيقُ بِهِمْ أُمُورُهُمْ، وَ يَشْتَدُّ ضَجِيجُهُمْ وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ. قَالَ: وَ هُوَ أَوَّلُ هَوْلٍ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مِنَ فَوْقِ عَرْشِهِ [فِي ظُلَلٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَيَأْمُرُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَيُنَادِي فِيهِمْ‏]: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ، أَنْصِتُوا وَ اسْمَعُوا مُنَادِيَ الْجَبَّارِ، قَالَ: فَيَسْمَعُ آخِرُهُمْ كَمَا يَسْمَعُ أَوَّلُهُمْ، قَالَ: فَتَنْكَسِرُ أَصْوَاتُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، وَ تَخْشَعُ أَبْصَارُهُمْ، وَ تَضْطَرِبُ فَرَائِصُهُمْ، وَ تَفْزَعُ قُلُوبُهُمْ، وَ يَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ إِلَى‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 341.
 (2)- الكافي 8: 104/ 79.

218
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 3 الى 8 ص 218

نَاحِيَةِ الصَّوْتِ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ».
و الحديث طويل، ذكرناه بطوله في آخر سورة الزمر «1».
قوله تعالى:
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ [9] 10270/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم حكى اللّه عزّ و جلّ هلاك الأمم الماضية، فقال: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ أي آذوه و أرادوا رجمه.
قوله تعالى:
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً [11- 19] 10271/ «2»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ، قال: صب بلا قطر وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ، قال: ماء السماء و ماء الأرض عَلى‏ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ* وَ حَمَلْناهُ، يعني نوحا عَلى‏ ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ قال: ذات ألواح: السفينة، و الدسر: المسامير، و قيل: الدسر: ضرب من الحشيش، تشد به السفينة تَجْرِي بِأَعْيُنِنا أي بأمرنا و حفظنا، و قصة نوح قد مضى الحديث فيها في سورة هود فلتؤخذ من هناك «2».
قوله تعالى: وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أي يسرناه لمن تذكر، قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً، أي باردة، و قد ذكرنا حديث الرياح الأربع في سورة الجاثية «3».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 341.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 341.
 (1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (69) من سورة الزمر.
 (2) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود.
 (3) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآيات (1- 5) من سورة الجاثية.

219
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 27 الى 30 ص 220

قوله تعالى:
إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ [27- 30] 10272/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ أي اختبارا، و قوله تعالى:
فَنادَوْا صاحِبَهُمْ، قال: قدار، الذي عقر الناقة.
10273/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَرْحَبِيُّ، وَ يُعْرَفُ بِشَعِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُخَوَّلٌ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَحْنَفَ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ يَقُولُ [أَيُّهَا النَّاسُ‏]: «أَنَا أَنْفُ [الْإِيمَانِ، أَنَا أَنْفُ‏] الْهُدَى وَ عَيْنَاهُ». أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ مَنْ يَسْلُكُهُ، إِنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَى مَائِدَةٍ، قَلِيلٍ شِبَعُهَا، كَثِيرٍ جُوعُهَا، وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَ إِنَّمَا يَجْمَعُ النَّاسَ الرِّضَا وَ الْغَضَبُ. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ وَاحِدٌ، فَأَصَابَهُمُ اللَّهُ بِعَذَابِهِ بِالرِّضَا لِفِعْلِهِ، وَ آيَةُ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ وَ عَزَّ فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى‏ فَعَقَرَ* فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ، وَ قَالَ: فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها* وَ لا يَخافُ عُقْباها «1»، أَلَا وَ مَنْ سُئِلَ عَنْ قَاتِلِي، فَزَعَمَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَقَدْ قَتَلَنِي أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ وَرَدَ الْمَاءَ، وَ مَنْ حَادَ عَنْهُ وَقَعَ فِي التِّيهِ» ثُمَّ نَزَلَ.
ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ رَوَاهُ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نُوحٍ، عَنِ ابْنِ عُلَيْمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَحْنَفَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: «لَا تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِهِ».
قوله تعالى:
كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ [31] 10274/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: الحشيش و النبات.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 342.
 (2)- الغيبة: 27.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 342.
 (1) الشمس 91: 14، 15.

220
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر آية 31 ص 220

و قد تقدم الخبر في القصة في سورة هود «1».
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ [37]
10275/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْحَمَّارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثٍ الْقِصَّةِ، قَالَ: «فَكَاثَرُوهُ حَتَّى دَخَلُوا الْبَيْتَ، فَصَاحَ بِهِ جَبْرَئِيلُ، فَقَالَ: يَا لُوطُ، دَعْهُمْ يَدْخُلُوا، فَلَمَّا دَخَلُوا أَهْوَى جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِإِصْبَعِهِ نَحْوَهُمْ، فَذَهَبَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ».
و قد تقدمت الأحاديث في القصة في سورة هود «2» و سورة العنكبوت «3» و سورة الذاريات «4» فليؤخذ من هناك.
قوله تعالى:
كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها- إلى قوله تعالى- فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ [42- 47] 10276/ «2»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: أَ كُفَّارُكُمْ مخاطبة لقريش خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ يعني هذه الأمم الهالكة أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ أي في الكتب لكم براءة أن لا تهلكوا كما هلكوا، فقالت قريش: قد اجتمعنا لننتصر و نقتلك يا محمد، فأنزل اللّه: أَمْ يَقُولُونَ يا محمد نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ* سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ يعني يوم بدر حين هزموا و أسروا و قتلوا ثمّ قال: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ يعني القيامة وَ السَّاعَةُ أَدْهى‏ وَ أَمَرُّ أي أشدّ و أغلظ [و أمر]، و قوله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ أي في عذاب، و سعر: واد في جهنم عظيم.
__________________________________________________
 (1)- الكافي 5: 548/ 6.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 342.
 (1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (50- 53) من سورة هود.
 (2) تقدّمت في تفسير الآيات (69- 83) من سورة هود.
 (3) تقدّمت في تفسير الآيات (27- 35) من سورة العنكبوت.
 (4) تقدّمت في تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

221
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 42 الى 47 ص 221

10277/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، رَفَعَهُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها «يَعْنِي الْأَوْصِيَاءَ كُلَّهُمْ».
10278/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فِي بَطْنِ الْقُرْآنِ كَذَّبُوا بِالْأَوْصِيَاءِ كُلِّهِمْ».
قوله تعالى:
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى‏ وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ* إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ- إلى قوله تعالى- فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [48- 55]
10279/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَارِسِيُّ الْعَزَائِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رُمَيْحٍ النَّسَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ بِالْبَصْرَةِ، وَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ مُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَّابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ، فَقَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ لِأَهْلِ النَّارِ بِقَدَرٍ أَعْمَالِهِمْ».
10280/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ، عَنِ الرُّقَى «1» أَ تَدْفَعُ مِنَ الْقَدَرِ شَيْئاً؟ فَقَالَ: «هِيَ مِنَ الْقَدَرِ».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ الْقَدَرِيَّةَ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ هُمُ الَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَصِفُوا اللَّهَ بِعَدْلِهِ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْ سُلْطَانِهِ، وَ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى‏ وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ* إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ».
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 161/ 2.
 (3)- تفسير القمّيّ 1: 119.
 (4)- التوحيد: 382/ 30.
 (5)- التوحيد: 382/ 29.
 (1) الرقى جمع رقية: و هي العوذة التي يرقى بها «النهاى 2: 254».

222
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 48 الى 55 ص 222

10281/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ قال: له وقت و أجل و مدة.
10282/ «4»- ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَجَدْتُ لِأَهْلِ الْقَدَرِ اسْماً فِي كِتَابِ اللَّهِ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ* يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى‏ وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ* إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ «1»، وَ هُمُ الْمُجْرِمُونَ».
قوله تعالى: وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ يعني بقول «2» كن فيكون، و قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ أي أتباعكم و عبدة الأصنام وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ أي مكتوب في الكتب وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ يعني من ذنب مُسْتَطَرٌ أي مكتوب، ثمّ ذكر ما أعده للمتقين فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.
10283/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ؟ قَالَ: «نَحْنُ وَ اللَّهِ وَ شِيعَتُنَا، لَيْسَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرُنَا، وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْهَا بُرَآءُ».
10284/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ «3» بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، قَالَ: إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الْمَسْجِدِ، فَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنَّ أَوَّلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا إِلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، [أليس‏] أَخْبَرْتَنَا أَنَّ الْجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى تَدْخُلَهَا، وَ عَلَى الْأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أُمَّتُكَ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «بَلَى، يَا أَبَا دُجَانَةَ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِوَاءً مِنْ نُورٍ، وَ عَمُوداً مِنْ نُورٍ، خَلَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، مَكْتُوبٌ عَلَى ذَلِكَ اللِّوَاءِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، خَيْرُ الْبَرِيَّةِ آلُ مُحَمَّدٍ، صَاحِبُ اللِّوَاءِ عَلِيٌّ، وَ هُوَ إِمَامُ الْقَوْمِ».
فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ شَرَّفَنَا».
فَقَالَ [النَّبِيُ‏] (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَنْتَحِلُ مَوَدَّتَكَ إِلَّا بَعَثَهُ اللَّهُ مَعَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وَ جَاءَ
فِي
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 342.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 342.
 (5)- الكافي 1: 361/ 91.
 (6)- تأويل الآيات 2: 629/ 2.
 (1) القمر 54: 47- 49.
 (2) في المصدر: نقول.
 (3) في «ج»: محمّد بن عمرو، و في المصدر: محمّد بن عمر.

223
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر الآيات 48 الى 55 ص 222

رِوَايَةٍ أُخْرَى: «يَا عَلِيُّ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّنَا وَ انْتَحَلَ مَحَبَّتَنَا أَسْكَنَهُ اللَّهُ مَعَنَا». وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.
10285/ «7»- الشَّيْخُ الْأَجَلُّ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: رَوَيْنَاهُ بِالْإِسْنَادِ إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): « [يَا عَلِيُ‏] مَنْ أَحَبَّكَ وَ تَوَلَّاكَ أَسْكَنَهُ اللَّهُ مَعَنَا فِي الْجَنَّةِ». ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.
10286/ «8»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ فِي (الْمَنَاقِبِ) قَالَ رَوَى السَّيِّدُ أَبُو طَالِبٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ مَنْ أَحَبَّكَ وَ تَوَلَّاكَ أَسْكَنَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مَعَنَا». ثُمَّ قَالَ: وَ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 629/ 1.
 (8)- المناقب: 195.

224
البرهان في تفسير القرآن5

المستدرك سورة القمر ص 225

المستدرك (سورة القمر)
قوله تعالى:
أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [10]
 «1»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ جَالِساً فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ النَّهْرَوَانِ، فَجَرَى الْكَلَامُ حَتَّى قِيلَ لَهُ: لِمَ لَا حَارَبْتَ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ كَمَا حَارَبْتَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ وَ مُعَاوِيَةَ؟
فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنِّي كُنْتُ لَمْ أَزَلْ مَظْلُوماً مُسْتَأْثَراً عَلَى حَقِّي». فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. لِمَ لَمْ تَضْرِبْ بِسَيْفِكَ، وَ لَمْ تَطْلُبْ بِحَقِّكَ؟ فَقَالَ: «يَا أَشْعَثُ، قَدْ قُلْتَ قَوْلًا فَاسْمَعِ الْجَوَابَ وَ عِهِ، وَ اسْتَشْعِرِ الْحُجَّةَ، إِنَّ لِي أُسْوَةً بِسِتَّةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ).
أَوَّلُهُمْ: نُوحٌ حَيْثُ قَالَ: رَبِّ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّهُ قَالَ هَذَا لِغَيْرِ خَوْفٍ فَقَدْ كَفَرَ، وَ إِلَّا فَالْوَصِيُّ أَعْذَرُ».
قوله تعالى:
تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [20]
 «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (عِلَلِ الشَّرَائِعِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنِ شَاذَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْبَرْوَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ الْحَافِظُ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ سَعِيدٍ
__________________________________________________
 (1)- الإحتجاج: 189.
 (2)- علل الشرائع: 33/ 1.

225
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القمر آية 20 ص 225

التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّ الرِّيحَ الْعَقِيمَ تَحْتَ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا، قَدْ زُمَّتْ بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ مِنْ حَدِيدٍ، قَدْ وُكِّلَ بِكُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، فَلَمَّا سَلَّطَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى عَادٍ، اسْتَأْذَنَتْ خَزَنَةُ الرِّيحِ رَبَّهَا عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا فِي مِثْلِ مَنْخِرَيِ الثَّوْرِ، وَ لَوْ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهَا مَا تَرَكَتْ شَيْئاً عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ إِلَّا أَحْرَقَتْهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى خَزَنَةِ الرِّيحِ: أَنْ أَخْرِجُوا مِنْهَا مِثْلَ ثَقْبِ الْخَاتَمِ فَأُهْلِكُوا بِهَا. وَ بِهَا يَنْسِفُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْجِبَالَ نَسْفاً، وَ التِّلَالَ وَ الْآكَامَ وَ الْمَدَائِنَ وَ الْقُصُورَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً* فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً* لا تَرى‏ فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً «1»، وَ الْقَاعُ: الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ، وَ الصَّفْصَفُ: الَّذِي لَا عِوَجَ فِيهِ، وَ الْأَمْتُ: الْمُرْتَفِعُ، وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْعَقِيمَ لِأَنَّهَا تَلَقَّحَتْ بِالْعَذَابِ، وَ تَعَقَّمَتْ عَنِ الرَّحْمَةِ كَتَعَقُّمِ الرَّجُلِ إِذَا كَانَ عَقِيماً لَا يُولَدُ لَهُ، وَ طَحَنَتْ تِلْكَ الْقُصُورَ وَ الْمَدَائِنَ وَ الْمَصَانِعَ، حَتَّى عَادَ ذَلِكَ كُلُّهُ رَمْلًا رَقِيقاً تَسْفِيهِ الرِّيحُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ما تَذَرُ مِنْ شَيْ‏ءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ «2».
وَ إِنَّمَا كَثُرَ الرَّمْلُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، لِأَنَّ الرِّيحَ طَحَنَتْ تِلْكَ الْبِلَادَ وَ عَصَفَتْ عَلَيْهِمُ سَبْعَ لَيَالٍ وَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً، فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٌ، وَ الْحُسُومُ: الدَّائِمَةُ، وَ يُقَالُ: الْمُتَتَابِعَةُ الدَّائِمَةُ. وَ كَانَتْ تَرْفَعُ الرِّجَالَ وَ النِّسَاءَ فَتَهُبُّ بِهِمْ صُعُداً، ثُمَّ تَرْمِي بِهِمْ مِنَ الْجَوِّ، فَيَقَعُونَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ مُنَكَّسَيْنِ، تَقْلَعُ الرِّجَالَ وَ النِّسَاءَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، ثُمَّ تَرْفَعُهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ، وَ النَّزْعُ:
الْقَلْعُ، وَ كَانَتِ الرِّيحُ تَعْصَفُ الْجَبَلَ كَمَا تَعْصَفُ الْمَسَاكِنَ فَتَطْحَنُهَا، ثُمَّ تَعُودُ رَمْلًا رَقِيقاً، فَمِنْ هُنَاكَ لَا يُرَى فِي الرَّمْلِ جَبَلُ، وَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ عَادٌ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْلَخُونَ الْعَمَدَ مِنَ الْجِبَالِ، فَيَجْعَلُونَ طُولَ الْعَمَدِ مِثْلَ طُولِ الْجَبَلِ الَّذِي يَسْلَخُونَهُ مِنَ أَسْفَلِهِ إِلَى أَعْلَاهُ، ثُمَّ يَنْقُلُونَ تِلْكَ الْعَمَدَ فَيَنْصِبُونَهَا، ثُمَّ يَبْنُونَ الْقُصُورَ عَلَيْهَا، فَسُمِّيَتْ ذَاتَ الْعِمَادِ لِذَلِكَ.
__________________________________________________
 (1) طه: 2: 105- 107.
 (2) الذاريات 51: 42.

226
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن ص 227

سورة الرحمن‏
فضلها
10287/ «1»- الشَّيْخُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَزَّازِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «يُسْتَحَبُّ أَنْ تَقْرَأَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الرَّحْمَنَ، ثُمَّ تَقُولَ كُلَّمَا قُلْتَ:
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ «1» قُلْتَ: لَا بِشَيْ‏ءٍ مِنْ آلَائِكَ رَبِّ أُكَذِّبُ».
10288/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا تَدَعُوا قِرَاءَةَ سُورَةِ الرَّحْمَنِ وَ الْقِيَامَ بِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَقِرُّ فِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ، وَ يَأْتِي [بِهَا رَبُّهَا] يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَ أَطْيَبِ رِيحٍ، حَتَّى تَقِفَ مِنَ اللَّهِ مَوْقِفاً لَا يَكُونُ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ مِنْهَا، فَيَقُولُ لَهَا: مَنِ الَّذِي كَانَ يَقُومُ بِكِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَ يُدْمِنُ قِرَاءَتَكِ؟ فَتَقُولُ: يَا رَبِّ، فُلَانٌ وَ فُلَانٌ. فَتَبْيَضُّ وُجُوهُهُمْ، فَيَقُولُ [لَهُمُ‏]: اشْفَعُوا فِيمَنْ أَحْبَبْتُمْ.
فَيَشْفَعُونَ، حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُمْ غَايَةٌ [وَ لَا أَحَدٌ يَشْفَعُونَ لَهُ‏]، فَيَقُولُ لَهُمُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، وَ اسْكُنُوا فِيهَا حَيْثُ شِئْتُمْ».
10289/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، أَوْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ: لَا بِشَيْ‏ءٍ مِنْ آلَائِكَ رَبِّ أُكَذِّبُ، فَإِنْ قَرَأَهَا لَيْلًا ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيداً، وَ إِنْ قَرَأَهَا نَهَاراً ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيداً».
__________________________________________________
 (1)- التهذيب 3: 8/ 25.
 (2)- ثواب الأعمال: 116.
 (3)- ثواب الأعمال: 116.
 (1) الرحمن 55: 13.

227
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 227

10290/ «4»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا قَرَأَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الرَّحْمَنَ عَلَى النَّاسِ سَكَتُوا، فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئاً، فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لِلْجِنِّ كَانُوا أَحْسَنَ جَوَاباً مِنْكُمْ، لَمَّا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، قَالُوا: لَا بِشَيْ‏ءٍ مِنْ آلَائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ».
10291/ «5»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ رَحِمَ اللَّهُ ضَعْفَهُ، وَ أَدَّى شُكْرَ مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ كُلَّ أَمْرٍ صَعْبٍ، وَ إِنْ عُلِّقَتْ عَلَى مَنْ بِهِ رَمَدٌ بَرَأَ».
10292/ «6»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَمِنَ وَ هَانَ عَلَيْهِ كُلُّ أَمْرٍ صَعْبٍ؛ وَ إِنْ عُلِّقَتْ عَلَى مَنْ بِهِ رَمَدٌ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
10293/ «7»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى الْأَرْمَدِ زَالَ عَنْهُ، وَ إِذَا كُتِبَتْ جَمِيعاً عَلَى حَائِطِ الْبَيْتِ مَنَعَتِ الْهَوَامَّ مِنْهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (4)- المناقب 1: 47.
 (5)- ........
 (6)- خواص القرآن: 52 «مخطوط».
 (7)- خواص القرآن: 9.

228
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 1 الى 13 ص 229

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ- إلى قوله تعالى- فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [1- 13]
10294/ «1»- الطَّبْرِسِيُّ: قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْبَيَانُ: الِاسْمُ الْأَعْظَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِهِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ».
10295/ «2»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَّمَ [مُحَمَّداً] الْقُرْآنَ».
قُلْتُ: خَلَقَ الْإِنْسانَ* عَلَّمَهُ الْبَيانَ؟ قَالَ: «ذَاكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَلَّمَهُ بَيَانَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ».
10296/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ، قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «اللَّهُ عَلَّمَ [مُحَمَّداً] الْقُرْآنَ».
قُلْتُ: خَلَقَ الْإِنْسانَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: عَلَّمَهُ الْبَيانَ؟ قَالَ: «عَلَّمَهُ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ».
قُلْتُ: الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ، قَالَ: «هُمَا يُعَذَّبَانِ». قُلْتُ: الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ يُعَذَّبَانِ؟ قَالَ: «إِنْ سَأَلْتَ عَنْ شَيْ‏ءٍ فَأَتْقِنْهُ، إِنَّ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، يَجْرِيَانِ بِأَمْرِهِ، مُطِيعَانِ لَهُ، ضَوْؤُهُمَا مِنْ نُورِ عَرْشِهِ،
__________________________________________________
 (1)- مجمع البيان 9: 299.
 (2)- مختصر البصائر: 57.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 343.

229
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 1 الى 13 ص 229

وَ جِرْمُهُمَا «1» مِنْ جَهَنَّمَ، فَإِذَا كَانَتِ الْقِيَامَةُ عَادَ إِلَى الْعَرْشِ نُورُهُمَا، وَ عَادَ إِلَى النَّارِ جِرْمُهُمَا، فَلَا يَكُونُ شَمْسٌ وَ لَا قَمَرٌ، وَ إِنَّمَا عَنَاهُمَا لَعَنَهُمَا اللَّهُ، أَ لَيْسَ قَدْ رَوَى النَّاسُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ نُورَانِ [فِي النَّارِ]؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «وَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ النَّاسِ: فُلَانٌ وَ فُلَانٌ شَمْسَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ نُورُهُمَا؟ فَهُمَا فِي النَّارِ، وَ اللَّهِ مَا عَنَى غَيْرَهُمَا».
قُلْتُ: وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ قَالَ: «النَّجْمُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَقَالَ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏ «2»، وَ قَالَ: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ «3»، [فَالْعَلَامَاتُ: الْأَوْصِيَاءُ، وَ النَّجْمُ:
رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)»].
قُلْتُ: يَسْجُدانِ؟ قَالَ: «يَعْبُدَانِ».
قُلْتُ: وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ؟ قَالَ: «السَّمَاءُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَ الْمِيزَانُ:
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، نَصَبَهُ لِخَلْقِهِ».
قُلْتُ: أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ؟ قَالَ: «لَا تَعْصُوا الْإِمَامَ».
قُلْتُ: [وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ؟ قَالَ: «أَقِيمُوا الْإِمَامَ بِالْعَدْلِ».
قُلْتُ:] وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ؟ قَالَ: «لَا تَبْخَسُوا الْإِمَامَ حَقَّهُ، وَ لَا تَظْلِمُوهُ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ، قَالَ: «لِلنَّاسِ»، فِيها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ قَالَ:
 «يَكْبَرُ ثَمَرُ النَّخْلِ فِي الْقَمْعِ، ثُمَّ يَطْلُعُ مِنْهُ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَ الرَّيْحانُ، قَالَ: «الْحَبُّ: الْحِنْطَةُ وَ الشَّعِيرِ وَ الْحُبُوبِ، وَ الْعَصْفُ:
التِّينِ، وَ الرَّيْحَانُ: مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، قَالَ: «فِي الظَّاهِرِ مُخَاطَبَةٌ لِلْجِنِّ وَ الْإِنْسِ، وَ فِي الْبَاطِنِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ».
10297/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سُورَةُ الرَّحْمَنِ نَزَلَتْ فِينَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا».
10298/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: «اللَّهُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ».
قُلْتُ: فَقَوْلُهُ: خَلَقَ الْإِنْسانَ* عَلَّمَهُ الْبَيانَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَلَّمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَانَ‏
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 630/ 1.
 (5)- تأويل الآيات 2: 2: 630/ 2.
 (1) الجرم: الحرّ، فارسي معرّب. «لسان العرب 12: 95».
 (2) النجم 53: 1.
 (3) النحل 6: 16.

230
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 1 الى 13 ص 229

كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ».
10299/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ «1»، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏] الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ، قَالَ: «يَا دَاوُدُ، سَأَلْتَ عَنْ أَمْرٍ فَاكْتَفِ بِمَا يَرِدُ عَلَيْكَ، إِنَّ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، يَجْرِيَانِ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ ذَلِكَ مَثَلًا لِمَنْ وَثَبَ عَلَيْنَا وَ هَتَكَ حُرْمَتَنَا وَ ظَلَمَنَا حَقَّنَا، فَقَالَ: هُمَا بِحُسْبَانٍ، قَالَ: هُمَا فِي عَذَابِي».
قَالَ: قُلْتُ: وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ؟ قَالَ: «النَّجْمُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الشَّجَرُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) لَمْ يَعْصُوا اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ».
قَالَ: قُلْتُ: وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ؟ قَالَ: «السَّمَاءُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَبَضَهُ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ وَ وَضَعَ الْمِيزانَ وَ الْمِيزَانُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ نَصَبَهُ لَهُمْ مِنْ بَعْدِهِ».
قُلْتُ: أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ؟ قَالَ: «لَا تَطْغَوْا فِي الْإِمَامِ بِالْعِصْيَانِ وَ الْخِلَافِ».
قُلْتُ: وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ؟ قَالَ: «أَطِيعُوا الْإِمَامَ بِالْعَدْلِ، وَ لَا تَبْخَسُوهُ فِي حَقِّهِ».
10300/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، أَيْ بِأَيِّ، نِعْمَتِي تُكَذِّبَانِ بِمُحَمَّدٍ أَمْ بِعَلِيٍّ؟ فَبِهِمَا أَنْعَمْتُ عَلَى الْعِبَادِ».
10301/ «8»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ: فَبِأَيِّ النِّعْمَتَيْنِ تَكْفُرَانِ، بِمُحَمَّدٍ أَمْ بِعَلِيٍّ».
10302/ «9»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، رَفَعَهُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) «2»
، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ: «أَ بِالنَّبِيِّ أَمْ بِالْوَصِيِّ [تُكَذِّبَانِ‏]، نَزَلَتْ فِي (الرَّحْمَنِ)».
__________________________________________________
 (6)- تأويل الآيات 2: 2: 632/ 5.
 (7)- تأويل الآيات 2: 2: 633/ 6.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 344.
 (9)- الكافي 1: 169/ 2.
 (1) في المصدر: مهران.
 (2) إلى جعفر بن محمّد (عليهما السلام) ليس في المصدر.

231
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 14 ص 232

قوله تعالى:
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ [14] 10303/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: الماء المتصلصل بالطين.
قوله تعالى:
وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ [15]
10304/ «2»- (تُحْفَةِ الْإِخْوَانِ): بِالْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ خَلْقِ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، كَيْفَ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ نَارَ السَّمُومِ، وَ هِيَ نَارٌ لَا حَرَّ لَهَا وَ لَا دُخَانَ، فَخَلَقَ مِنْهَا الْجَانَّ، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ «1»، وَ سَمَّاهُ مَارِجاً، وَ خَلَقَ مِنْهَا «2» زَوْجَهُ وَ سَمَّاهَا مَارِجَةَ، فَوَاقَعَهَا فَوَلَدَتِ الْجَانَّ، ثُمَّ وَلَدَ الْجَانُّ وَلَداً وَ سَمَّاهُ الْجِنَّ، وَ مِنْهُ تَفَرَّعَتْ قَبَائِلُ الْجِنِّ، وَ مِنْهُمْ إِبْلِيسُ اللَّعِينُ، وَ كَانَ يُولَدُ لِلْجَانِّ الذَّكَرُ وَ الْأُنْثَى، وَ يُولَدُ الْجِنُّ كَذَلِكَ تَوْأَمَيْنِ، فَصَارُوا تِسْعِينَ أَلْفاً ذَكَراً وَ أُنْثَى، وَ ازْدَادُوا حَتَّى بَلَغُوا عَدَدَ الرِّمَالِ».
و الحديث طويل، تقدم بطوله في قوله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ من سورة الحجر «3».
قوله تعالى:
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [17] 10305/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: مشرق الشتاء، و مشرق الصيف، [و مغرب الشتاء، و مغرب الصيف‏].
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 1: 375.
 (2)- تحفة الإخوان: 62 «مخطوط».
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 344.
 (1) الحجر 15: 27.
 (2) في «ج» و المصدر: منه.
 (3) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (27- 35) من سورة الحجر.

232
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 17 ص 232

10306/ «1»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ قَالَ: «الْمَشْرِقَيْنِ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الْمَغْرِبَيْنِ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، [وَ فِي‏] أَمْثَالِهِمَا تَجْرِي» فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، قَالَ: «بِرَسُولِ اللَّهِ وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ- إلى قوله تعالى- يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ [19- 22]
10307/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ* بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قَالَ: «عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، [بَحْرَانِ عَمِيقَانِ لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ‏] يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
10308/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ* بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، قَالَ: «عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) بَحْرَانِ مِنَ الْعِلْمِ عَمِيقَانِ، لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
10309/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ بَشِيرٍ «1»، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، قَالَ: «عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)» بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قَالَ: «لَا يَبْغِي عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ، وَ لَا فَاطِمَةُ تَبْغِي عَلَى عَلِيٍّ».
يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، قَالَ: «الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
10310/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 344.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 344.
 (3)- الخصال: 65/ 96.
 (4)- تأويل الآيات 2: 635/ 11.
 (5)- تأويل الآيات 2: 636/ 12.
 (1) في المصدر: بشر.

233
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 19 الى 22 ص 233

عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، قَالَ: عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ، لَا يَبْغِي هَذَا عَلَى هَذِهِ، وَ لَا هَذِهِ عَلَى هَذَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، قَالَ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ).
10311/ «5»- و عنه، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد، عن محمّد بن الصلت، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس في قوله عزّ و جلّ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ* بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، قال: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ علي و فاطمة (عليهما السلام) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، قال:
النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، قال: الحسن و الحسين (عليهما السلام).
10312/ «6»- و عنه: عن عليّ بن مخلد الدهان، عن أحمد بن سليمان، عن إسحاق بن إبراهيم الأعمش، عن كثير بن هشام، عن كهمس بن الحسن، عن أبي السليل، عن أبي ذر (رضي اللّه عنه)، في قوله عزّ و جلّ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، قال: علي و فاطمة (عليهما السلام)، يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ الحسن و الحسين (عليهما السلام)، فمن رأى مثل هؤلاء الأربعة: علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)؟ لا يحبهم إلّا مؤمن، و لا يبغضهم إلّا كافر، فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت، و لا تكونوا كفّارا ببغضهم فتلقوا في النار.
10313/ «7»- السيّد الرضي في (المناقب الفاخرة): عن المبارك بن سرور، قال: أخبرني القاضي أبو عبد اللّه، قال: أخبرني أبي (رحمه اللّه)، قال: أخبرني أبو غالب محمّد بن عبد اللّه، يرفعه إلى أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سئل ابن عبّاس عن قول اللّه عزّ و جلّ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، فقال: «علي و فاطمة (عليهما السلام) و بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال: الحسن و الحسين (عليهما السلام)».
10314/ «8»- أبو علي الطبرسيّ: روي عن سلمان الفارسيّ، و سعيد بن جبير، و سفيان الثوري: أن البحرين علي و فاطمة (عليهما السلام) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ محمد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ الحسن و الحسين (عليهما السلام).
10315/ «9»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنِ الْخَرْكُوشِيِّ فِي كِتَابَيْهِ (اللَّوَامِعِ)، وَ (شَرَفِ الْمُصْطَفَى) بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَلْمَانَ، وَ أَبِي بَكْرٍ الشِّيرَازِيِّ فِي كِتَابِهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَ أَبِي إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيِّ، وَ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الطَّائِيِّ «1»، وَ ابْنِ عَلُّويَةَ الْقَطَّانِ، فِي تَفَاسِيرِهِمْ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَ أَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيِّ (فِيمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي‏
__________________________________________________
 (5)- تأويل الآيات 2: 636/ 13.
 (6)- تأويل الآيات 2: 636/ 14.
 (7)- ........
 (8)- مجمع البيان 9: 305.
 (9)- المناقب 3: 318، شرف النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): 258.
 (1) في المصدر زيادة: و أبو محمّد بن الحسن.

234
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 19 الى 22 ص 233

أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَ الْقَاضِي النَّطَنْزِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «1»
، وَ اللَّفْظُ لَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قَالَ: «عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ بَحْرَانِ عَمِيقَانِ لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ».
وَ فِي رِوَايَةٍ: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قَالَ: «الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
10316/ «10»- وَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، بَكَتْ لِلْجُوعِ وَ الْعُرْيِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «اقْنَعِي- يَا فَاطِمَةُ- بِزَوْجِكِ، فَوَ اللَّهِ، إِنَّهُ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا وَ سَيِّدٌ فِي الْآخِرَةِ»، وَ أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ، يَقُولُ [اللَّهُ‏]: أَنَا أَرْسَلْتُ الْبَحْرَيْنِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَحْرَ الْعِلْمِ، وَ فَاطِمَةَ بَحْرَ النُّبُوَّةِ يَلْتَقِيانِ يَتَّصِلَانِ، أَنَا اللَّهُ أَوْقَعْتُ الْوُصْلَةَ بَيْنَهُمَا.
ثُمَّ قَالَ: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ مَانِعٌ رَسُولُ اللَّهِ، يَمْنَعُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَحْزَنَ لِأَجْلِ الدُّنْيَا، وَ يَمْنَعَ فَاطِمَةَ أَنْ تُخَاصِمَ بَعْلَهَا لِأَجْلِ الدُّنْيَا، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ تُكَذِّبانِ بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ حُبِّ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، فَاللُّؤْلُؤُ: الْحَسَنُ، وَ الْمَرْجَانُ: الْحُسَيْنُ، لِأَنَّ اللُّؤْلُؤَ الْكِبَارُ، وَ الْمَرْجَانَ الصِّغَارُ، وَ لَا غَرْوَ أَنْ يَكُونَا بَحْرَيْنِ لِسَعَةِ فَضْلِهِمَا، وَ كَثْرَةِ خَيْرِهِمَا، فَإِنَّ الْبَحْرَ إِنَّمَا سُمِّيَ بَحْراً لِسَعَتِهِ، وَ أَجْرَى النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَرَساً، فَقَالَ: «وَجَدْتُهُ بَحْراً».
10317/ «11»- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، قَالَ: «مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا فِي الْبَحْرِ، فَيَقَعُ فِيهَا مِنْ الْمَاءِ الْمَطَرِ، فَتَخْرُجُ «2» اللُّؤْلُؤِ الصَّغِيرَةُ مِنَ الْقَطْرَةِ الصَّغِيرَةِ، وَ اللُّؤْلُؤَةُ الْكَبِيرَةُ مِنَ الْقَطْرَةِ الْكَبِيرَةِ».
10318/ «12»- و من طريق المخالفين: ما رواه الثعلبي، في تفسير قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ يرفعه إلى سفيان الثوري، في هذه الآية، قال: فاطمة و علي (عليهما السلام) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ [قال: الحسن و الحسين (عليهما السلام)]، قال الثعلبي: و روي هذا عن سعيد بن جبير و قال: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ محمد (صلّى اللّه عليه و آله).
__________________________________________________
 (10)- المناقب 3: 319.
 (11)- قرب الإسناد: 64.
 (12)- ... العمدة: 399/ 810 و: 400/ 811، عن الثعلبي.
 (1) في «ج» زيادة: عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)
 (2) في «ج» و المصدر: فتخلق.

235
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 24 ص 236

قوله تعالى:
وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ [24] 10319/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخرا.
         و إن صخرا لمولانا و سيدنا             و إن صخرا إذا نشتو لنحار
         و إن صخرا لتأتم الهداة به             كأنّه علم في رأسه نار
10320/ «2»- ابْنِ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ قَالَ: السُّفُنُ.
قوله تعالى:
كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ [26- 27] 10321/ «3»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ قال: من على وجه الأرض وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ قال: دين ربك، و
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «نَحْنُ الْوَجْهُ الَّذِي يُؤْتَى اللَّهَ مِنْهُ».
10322/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَمَا مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رَوَوْهُ أَنَّ ثَوَابَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا أَبَا الصَّلْتِ، مَنْ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِوَجْهٍ كَالْوُجُوهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَ لَكِنَّ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْبِيَاؤُهُ وَ رُسُلُهُ وَ حُجَجُهُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، هُمُ الَّذِينَ بِهِمْ يُتَوَجَّهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى دِينِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ، وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ:
كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ».
و قد تقدمت الروايات في معنى الوجه، في قوله تعالى: كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ من آخر سورة القصص «1».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 344، ديوان الخنساء: 48.
 (2)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 66/ 300.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 345.
 (4)- أمالي الصدوق: 372/ 7.
 (1) تقدّمت الروايات في تفسير الآية (88) من سورة القصص.

236
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 29 ص 237

قوله تعالى:
يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [29] 10323/ «1»- علي بن إبراهيم: يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ قال: يحيي و يميت، و يرزق و يزيد و ينقص.
10324/ «2»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ الْبَيْهَقِيُّ بِجُرْجَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو مُوسَى الْمُجَاشِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ الْمُجَاشِعِيُّ: وَ حَدَّثَنَا الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْباً، وَ يُفَرِّجَ كَرْباً، وَ يَرْفَعَ قَوْماً وَ يَضَعَ آخَرِينَ».
قوله تعالى:
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ [31]
10325/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ هَارُونَ ابْنِ خَارِجَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ، قَالَ: «الثَّقَلَانِ: نَحْنُ وَ الْقُرْآنُ».
10326/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ، عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ، قَالَ: «كِتَابُ اللَّهِ وَ نَحْنُ».
10327/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ مَالِكٍ، عَنْ حَجَّامٍ بْنِ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 345.
 (2)- الأمالي 2: 135.
 (3)- تأويل الآيات 2: 637/ 17.
 (4)- تأويل الآيات 2: 638/ 18.
 (5)- تأويل الآيات 2: 638/ 19.

237
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 31 ص 237

عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ، كِتَابَ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ».
10328/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَوْلُهُ تَعَالَى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ، قَالَ: قَالَ: «نَحْنُ وَ كِتَابُ اللَّهِ، وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي».
قوله تعالى:
يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ [33]
10329/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْهُ: «إِنَّ لِلَّهِ إِذَا بَدَا لَهُ أَنْ يُبِينَ خَلْقَهُ وَ يَجْمَعَهُمْ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، أَمَرَ مُنَادِياً يُنَادِي، فَيَجْتَمِعُ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ فِي أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ، ثُمَّ أَذِنَ لِسَمَاءِ الدُّنْيَا فَتَنْزِلُ، وَ كَانَ مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ، وَ أَذِنَ لِلسَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَتَنْزِلُ، وَ هِيَ ضِعْفُ الَّتِي تَلِيهَا، فَإِذَا رَآهَا أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالُوا: جَاءَ رَبُّنَا. قَالُوا:
 [لَا] وَ هُوَ آتٍ،- يَعْنِي أَمْرَهُ- حَتَّى تَنْزِلَ كُلُّ سَمَاءٍ، [تَكُونُ‏] وَاحِدَةٌ [مِنْهَا] مِنْ وَرَاءِ الْأُخْرَى، وَ هِيَ ضِعْفُ الَّتِي تَلِيهَا، ثُمَّ يَأْتِي «1» أَمْرُ اللَّهِ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَ الْمَلَائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ إِلَى اللَّهِ تَرْجِعُ الْأُمُورُ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ مُنَادِياً يُنَادِي:
يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ».
قَالَ: وَ بَكَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى إِذَا سَكَتَ، قُلْتُ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، يَا أَبَا جَعْفَرٍ، وَ أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتُهُ؟.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتُهُ، عَلَى كُثْبَانٍ مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، يَحْزَنُ النَّاسُ وَ لَا يَحْزَنُونَ، وَ يَفْزَعُ النَّاسُ وَ لَا يَفْزَعُونَ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ «2».
 «فَالْحَسَنَةُ: وَلَايَةُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)» ثُمَّ قَالَ:
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 345.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 77 و 345.
 (1) في «ج» و المصدر: ينزل.
 (2) النمل 27: 89.

238
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 33 ص 238

لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ «1».
قَوْلُهُ تَعَالَى: بِسُلْطانٍ أَيْ بِحُجَّةٍ.
قوله تعالى:
فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ [37]
10330/ «1»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُدْعَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَيُكْسَى حُلَّةً وَرْدِيَّةً».
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَرْدِيَّةً؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ، ثُمَّ يُدْعَى [عَلِيٌّ فَيَقُومُ عَلَى يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ، ثُمَّ يُدْعَى‏] مَنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَقُومُونَ عَلَى يَمِينِ عَلِيٍّ، ثُمَّ يُدْعَى شِيعَتُنَا فَيَقُومُونَ عَلَى يَمِينِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ».
ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَيْنَ تَرَى يُنْطَلَقُ بِنَا»؟ قَالَ: قُلْتُ إِلَى الْجَنَّةِ. قَالَ: «مَا شَاءَ اللَّهُ».
قوله تعالى:
فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ [39] 10331/ «2»- علي بن إبراهيم: قوله فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ، قال: منكم، يعني من الشيعة إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ، قال: معناه أن من تولى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و تبرأ من أعدائه، و أحل حلاله و حرم حرامه، ثمّ دخل في الذنوب و لم يتب في الدنيا، عذب عليها في البرزخ، و يخرج يوم القيامة، و ليس له ذنب يسئل عنه يوم القيامة.
10332/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (بِشَارَاتٍ الشِّيعَةِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ «2»، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «لَا يُرَى مِنْكُمْ فِي النَّارِ اثْنَانِ، لَا وَ اللَّهِ وَ لَا وَاحِدٌ».
قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ ذَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ فَأَمْسَكَ عَنِّي سَنَةً، قَالَ: فَإِنِّي مَعَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي الطَّوَافِ، إِذْ قَالَ: «يَا مَيْسَرَةُ،
__________________________________________________
 (1)- المحاسن: 180/ 171.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 345.
 (3)- فضائل الشيعة: 76/ 43.
 (1) الأنبياء 21: 103.
 (2) في «ج» و المصدر: ميسر، و كذا الموضع الآتي.

239
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 39 ص 239

أُذِنَ لِي فِي جَوَابِكَ عَنْ مَسْأَلَتِكَ كَذَا». قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: «فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ مِنْكُمْ إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ).
فَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَ فِيهَا (مِنْكُمْ)؟ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَهَا ابْنُ أَرْوَى «1»، وَ ذَلِكَ أَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا (مِنْكُمْ) لَسَقَطَ عِقَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ خَلْقِهِ، إِذَا لَمْ يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ، فَلِمَنْ يُعَاقِبُ اللَّهُ إِذَنْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»؟.
10333/ «1»- الطَّبْرِسِيُّ: رُوِيَ عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْئَلُ مِنْكُمْ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ)».
قوله تعالى:
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ- إلى قوله تعالى- حَمِيمٍ آنٍ [41- 44]
10334/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ، قَالَ: «اللَّهُ يَعْرِفُهُمْ، وَ لَكِنْ أُنْزِلَتْ فِي الْقَائِمِ يَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فَيَخْبِطُهُمْ بِالسَّيْفِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ خَبْطاً».
10335/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ، فَقَالَ: «يَا مُعَاوِيَةُ، مَا يَقُولُونَ فِي هَذَا؟» قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَعْرِفُ الْمِجْرِمِينَ بِسِيمَاهُمْ فِي الْقِيَامَةِ، فَيَأْمُرُ فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَ أَقْدَامِهِمْ، وَ يُلْقَوْنَ فِي النَّارِ. فَقَالَ لِي: «وَ كَيْفَ يَحْتَاجُ [الْجَبَّارُ] تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى مَعْرِفَةِ خَلْقٍ أَنْشَأَهُمْ وَ هُوَ خَلَقَهُمْ».
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ مَا ذَاكَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ لَوْ قَامَ قَائِمُنَا أَعْطَاهُ اللَّهُ السِّيمَاءَ، فَيَأْمُرُ بِالْكَافِرِ، فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَ أَقْدَامِهِمْ، ثُمَّ يَخْبِطُ بِالسَّيْفِ خَبْطاً».
10336/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ: وَ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمَا بِهَا تُكَذِّبَانِ تَصْلَيَانِهَا لَا تَمُوتَانِ «2»
__________________________________________________
 (1)- مجمع البيان 9: 312.
 (2)- الغيبة: 242/ 39.
 (3)- بصائر الدرجات: 376/ 8 و: 379/ 17.
 (4)- مجمع البيان 9: 308.
 (1) يريد به عثمان بن عفان، و أروى أمّه.
 (2) في المصدر: تكذبان اصلياها فلا تموتان فيها.

240
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 41 الى 44 ص 240

وَ لَا تَحْيَيَانِ».
10337/ «4»- الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ فَقَالَ: «يَا مُعَاوِيَةُ، مَا يَقُولُونَ فِي هَذَا». قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَعْرِفُ الْمِجْرِمِينَ بِسِيمَاهُمْ فِي الْقِيَامَةِ، فَيَأْمُرُ بِهِمْ، فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَ أَقْدَامِهِمْ، وَ يُلْقَوْنَ فِي النَّارِ، فَقَالَ لِي: «وَ كَيْفَ يَحْتَاجُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى مَعْرِفَةِ الْخَلْقِ بِسِيمَاهُمْ وَ هُوَ خَلَقَهُمْ؟!» قُلْتُ: فَمَا ذَا ذَاكَ، جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: «ذَلِكَ لَوْ قَامَ قَائِمُنَا أَعْطَاهُ اللَّهُ سِيمَاءُ أَعْدَائِنَا، فَيَأْمُرُ بِالْكَافِرِ، فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَ الْأَقْدَامِ، ثُمَّ يَخْبِطُ بِالسَّيْفِ خَبْطاً».
10338/ «5»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ، قَالَ: «سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى يَعْرِفُهُمْ، وَ لَكِنْ هَذِهِ نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، هُوَ «1» يَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فَيَخْبِطُهُمْ بِالسَّيْفِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ خَبْطاً».
10339/ «6»- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَ تِسْعِينَ وَ مِائَةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ مُصْحَفاً، فَتَصَفَّحَتْ، فَوَقَعَ بَصَرِي عَلَى مَوْضِعٍ مِنْهُ، فَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ: (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمَا بِهَا تُكَذِّبَانِ فَاصْلَيَا فِيهَا لَا تَمُوتَانِ وَ لَا تَحْيَيَانِ) يَعْنِي الْأَوَّلَيْنِ.
10340/ «7»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ قال: لها أنين من شدة حرها.
10341/ «8»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، أَ هُمَا الْيَوْمَ مَخْلُوقَتَانِ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ رَأَى النَّارَ، لَمَّا عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ».
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْماً يَقُولُونَ: إِنَّهُمَا الْيَوْمَ مُقَدَّرَتَانِ غَيْرُ مَخْلُوقَتَيْنِ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا هُمْ مِنَّا وَ لَا نَحْنُ مِنْهُمْ، مَنْ أَنْكَرَ خَلْقَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فَقَدْ كَذَّبَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَذَّبَنَا، وَ لَيْسَ مِنْ وَلَايَتِنَا عَلَى شَيْ‏ءٍ، وَ يُخَلَّدُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ* يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
__________________________________________________
 (4)- الإختصاص: 304.
 (5)- ......
 (6)- قرب الإسناد: 9.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 345.
 (8)- أمالي الصدوق: 373/ 7.
 (1) في «ي» زيادة: حكم.

241
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 41 الى 44 ص 240

لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَخَذَ بِيَدِي جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ، فَنَاوَلَنِي مِنْ رُطَبِهَا فَأَكَلْتُهُ، فَتَحَوَّلَ ذَلِكَ نُطْفَةً فِي صُلْبِي، فَلَمَّا هَبَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ وَاقَعْتُ خَدِيجَةَ فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ، فَفَاطِمَةُ حَوْرَاءُ إِنْسِيَّةٌ، فَكُلَّمَا اشْتَقْتُ إِلَى رَائِحَةِ الْجَنَّةِ تَشَمَّمْتُ رَائِحَةَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ».
قوله تعالى:
وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ [46] و قوله تعالى: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ [62]
10342/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ. قَالَ: «مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ، وَ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُهُ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ، فَيَحْجُزُهُ ذَلِكَ عَنِ الْقَبِيحِ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَذَلِكَ الَّذِي خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى».
10343/ «2»- كِتَابِ (الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْجِنَانَ أَرْبَعٌ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ، وَ هُوَ أَنَّ الرَّجُلَ يَهْجُمُ عَلَى شَهْوَةٍ مِنْ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا وَ هِيَ مَعْصِيَةٌ، فَيَذْكُرُ مَقَامَ رَبِّهِ، فَيَدَعُهَا مِنْ مَخَافَتِهِ، فَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهِ، فَهَاتَانِ جَنَّتَانِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ السَّابِقِينَ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، يَقُولُ: مِنْ دُونِهِمَا فِي الْفَضْلِ، وَ لَيْسَ مِنْ دُونِهِمَا فِي الْقُرْبِ، وَ هُمَا لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَ هِيَ جَنَّةُ النَّعِيمِ وَ جَنَّةُ الْمَأْوَى، وَ فِي هَذِهِ الْجِنَانِ الْأَرْبَعِ فَوَاكِهُ فِي الْكَثْرَةِ كَوَرَقِ الشَّجَرِ وَ النُّجُومِ، وَ عَلَى هَذِهِ الْجِنَانِ الْأَرْبَعِ حَائِطٌ مُحِيطٌ بِهَا، طُولُهُ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَ لَبِنَةٌ مِنْ دُرٍّ، وَ لَبِنَةٌ مِنْ يَاقُوتٍ، وَ مَلاطُهُ الْمِسْكُ وَ الزَّعْفَرَانُ، وَ شُرَفُهُ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ، يَرَى الرَّجُلُ وَجْهَهُ فِي الْحَائِطِ، وَ فِي الْحَائِطِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مِصْرَاعَانِ، عَرْضُهُمَا كَحُضْرِ «1» الْفَرَسِ الْجَوَادِ سَنَةً».
10344/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ،
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 57/ 10.
 (2)- الإختصاص: 356.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 345.
 (1) الحضر بالضم: العدو. «النهاية 1: 398».

242
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 46 ص 242

قَالَ: «خَضْرَاوَانِ فِي الدُّنْيَا يَأْكُلُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهَا حَتَّى يَفْرُغَ «1» مِنَ الْحِسَابِ».
10345/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ:
جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي عَنِ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ، لَهُ امْرَأَةٌ مُؤْمِنَةٌ، يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ، يَتَزَوَّجُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ؟ فَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ اللَّهَ حَكَمٌ عَدْلٌ، إِذَا كَانَ هُوَ أَفْضَلَ مِنْهَا خَيَّرَهُ، فَإِنْ اخْتَارَهَا كَانَتْ مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَ إِنْ كَانَتْ هِيَ خَيْراً مِنْهُ خَيَّرَهَا، فَإِنْ اخْتَارَتْهُ كَانَ زَوْجاً لَهَا».
قَالَ: وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا تَقُولَنَّ جَنَّةٌ وَاحِدَةٌ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، وَ لَا تَقُولَنَّ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) إِنَّمَا تَفَاضَلَ الْقَوْمُ بِالْأَعْمَالِ».
قَالَ: وَ قُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ، فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا أَرْفَعَ مَكَاناً مِنَ الْآخَرِ، فَيَشْتَهِي أَنْ يَلْقَى صَاحِبَهُ؟ قَالَ: «مَنْ كَانَ فَوْقَهُ فَلَهُ أَنْ يَهْبِطَ، وَ مَنْ كَانَ تَحْتَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصْعِدَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَ لَكِنَّهُمْ إِذَا أَحَبُّوا ذَلِكَ وَ اشْتَهَوْهُ الْتَقَوْا عَلَى الْأَسِرَّةِ».
10346/ «5»- وَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سَيَابَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [قَالَ‏]: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَتَعَجَّبُونَ مِنَّا إِذَا قُلْنَا:
يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُونَ لَنَا: فَيَكُونُونَ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: «يَا عَلَاءُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، لَا وَ اللَّهِ لَا يَكُونُونَ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ».
قُلْتُ: كَانُوا كَافِرِينَ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا وَ اللَّهِ، لَوْ كَانُوا كَافِرِينَ مَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ».
قُلْتُ: كَانُوا مُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: «لَا وَ اللَّهِ، لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ مَا دَخَلُوا النَّارَ، وَ لَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ».
10347/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، الْمَرْأَةُ يَكُونُ لَهَا زَوْجَانِ فَيَمُوتُونَ، وَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، لِأَيِّهِمَا تَكُونُ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا أُمَّ سَلَمَةَ، تَخَيَّرُ أَيَّهُمَا أَحْسَنُ «2» خُلُقاً، وَ خَيْرَهُمَا لِأَهْلِهِ. يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ ذَهَبَ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ».
قوله تعالى:
فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ [56] 10348/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ، قال: الحور العين يقصر الطرف‏
__________________________________________________
 (4)- مجمع البيان 9: 318.
 (5)- مجمع البيان 9: 318.
 (6)- أمالي الصدوق: 403/ 8.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 346.
 (1) في المصدر: يفرغوا.
 (2) في المصدر: تخير أحسنهما.

243
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 56 ص 243

عنها من ضوء نورها، و قوله تعالى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ، أي لم يمسسهن [أحد].
قوله تعالى:
هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ [60]
10349/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ، فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِيرِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ بَنِي آدَمَ يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، بَرَاءَةً «1» مِمَّا يَقُولُونَ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْعِبَادَ لَا يُؤَدُّونَ شُكْرَ نِعْمَتِهِ، فَحَمِدَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْمَدَهُ الْعِبَادُ، وَ هُوَ أَوَّلُ كَلَامٍ، لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى أَحَدٍ بِنِعْمَةٍ وَ قَوْلُهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَعْنِي وَحْدَانِيَّتَهُ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الْأَعْمَالَ إِلَّا بِهَا، وَ هِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى يُثَقِّلَ «2» اللَّهُ بِهَا الْمَوَازِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَهِيَ كَلِمَةٌ أَعْلَى الْكَلِمَاتِ وَ أَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، يَعْنِي لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَكْبَرَ مِنَ اللَّهِ، وَ لَا تَصِحُّ «3» الصَّلَاةُ، إِلَّا بِهَا لِكَرَامَتِهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ هُوَ الِاسْمُ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ.
قَالَ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ، فَمَا جَزَاءُ قَائِلِهَا؟ قَالَ: إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سَبَّحَ مَعَهُ مَا دُونَ الْعَرْشِ، فَيُعْطَى قَائِلُهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَ إِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا مَوْصُولًا بِنَعِيمِ الْآخِرَةِ، وَ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي يَقُولُهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا، وَ يَنْقَطِعُ الْكَلَامُ الَّذِي يَقُولُونَهُ فِي الدُّنْيَا مَا خَلَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «4»، وَ أَمَّا قَوْلُهُ:
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ ثَمَنُهَا الْجَنَّةُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ يَقُولُ: هَلْ جَزَاءُ مَنْ قَالَ:
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَّا الْجَنَّةُ «5»، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ».
وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ) «6».
__________________________________________________
 (1)- أمالي الصدوق: 158/ 1.
 (1) في المصدر: تبرّيا.
 (2) في «ي»: يتقبل.
 (3) في المصدر: لا تفتتح.
 (4) يونس 10: 10.
 (5) في المصدر: فالجنّة جزاؤه.
 (6) الإختصاص: 34.

244
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 60 ص 244

10350/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ الْقُشَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَرِيشِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْكِلَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) سَنَةَ خَمْسِينَ «1» وَ مِائَتَيْنِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ: مَا جَزَاءُ مَنْ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا الْجَنَّةُ».
10351/ «3»- وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ): بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْحَكَمِ الْعَسْكَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْقُشَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَرِيشِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْكِلَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) سَنَةَ خَمْسٍ وَ مِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ‏] قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ: مَا جَزَاءُ مَنْ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا الْجَنَّةُ».
10352/ «4»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، بِدُبَيْل سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى «2»، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى ابْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، قَالَ: «قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): هَلْ جَزَاءُ مَنْ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا الْجَنَّةُ».
10353/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ابْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، مُنْذُ خَمْسٍ وَ سَبْعِينَ سَنَةً، قَالَ:
حَدَّثَنَا الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)،

__________________________________________________
 (2)- التوحيد: 28/ 29، أمالي الصدوق: 316/ 7.
 (3)- الأمالي 2: 44.
 (4)- الأمالي 2: 182.
 (5)- الأمالي 2: 182.
 (1) في الحديث الآتي: سنة خمس.
 (2) في المصدر: عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن الحسني في رجب سنة سبع و ثلاث مائة، قال:
حدّثني محمّد بن عليّ بن الحسين (بن زيد بن عليّ بن الحسين) بن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، قال: حدّثني الرضا عليّ بن موسى.

245
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن آية 60 ص 244

قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: التَّوْحِيدُ ثَمَنُ الْجَنَّةِ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَفَاءُ كُلِّ نِعْمَةٍ؛ وَ خَشْيَةُ اللَّهِ مِفْتَاحُ كُلِّ حِكْمَةٍ وَ الْإِخْلَاصُ مِلَاكُ كُلِّ طَاعَةٍ».
10354/ «6»- ثُمَّ قَالَ: بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنِّي سَمَّيْتُ فَاطِمَةَ لِأَنَّ اللَّهَ فَطَمَهَا وَ ذُرِّيَّتَهَا مِنَ النَّارِ، مَنْ لَقِيَ اللَّهَ مِنْهُمْ بِالتَّوْحِيدِ، وَ الْإِيمَانِ بِمَا جِئْتُ بِهِ».
10355/ «7»- الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ) قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: مَا جَزَاءُ مَنْ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا الْجَنَّةُ».
10356/ «8»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: [آيَةٌ] فِي كِتَابِ اللَّهِ مُسَجَّلَةٌ». قُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: «قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ جَرَتْ فِي الْمُؤْمِنِ وَ الْكَافِرِ وَ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ، مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَ بِهِ، وَ لَيْسَتِ الْمُكَافَاةُ أَنْ يَصْنَعَ كَمَا صُنِعَ بِهِ، بَلْ حَتَّى يَرَى مَعَ فِعْلِهِ لِذَلِكَ: أَنَّ لَهُ فَضْلَ الْمُبْتَدِئِ».
قوله تعالى:
مُدْهامَّتانِ [64]
10357/ «1»-- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمَّادٍ الْخَزَّازِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ مُدْهامَّتانِ، قَالَ: «تَتَّصِلُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ نَخْلًا».
قوله تعالى:
فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ- إلى قوله تعالى- حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ [66- 72] 10358/ «2»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ قال: تفوران، و قوله تعالى:
__________________________________________________
 (6)- الأمالي 2: 183.
 (7)- الإختصاص: 225.
 (8)- الزهد 31: 78.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 346.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 346.

246
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 66 الى 72 ص 246

فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ قال: جوار نابتات على شط الكوثر، كلما أخذت منها واحدة نبتت مكانها أخرى، و قوله تعالى:
حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ قال: يقصر الطرف عنها.
10359/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ، قَالَ: «هُنَّ صَوَالِحُ الْمُؤْمِنَاتِ الْعَارِفَاتِ».
قَالَ: قُلْتُ: حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ؟ قَالَ: «الْحُورُ: هُنَّ الْبِيضُ الْمَصُونَاتُ الْمُخَدَّرَاتُ فِي خِيَامِ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ الْمَرْجَانِ، لِكُلِّ خَيْمَةٍ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ سَبْعُونَ كَاعِباً حُجَّاباً لَهُنَّ، وَ يَأْتِيهِنَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ، يُبَشِّرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِنَّ الْمُؤْمِنَ».
10360/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، النَّوْفَلِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ أَعْيَنَ أَخِي مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً، مَا يُعْنَى بِهِ؟
قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ خَيْراً نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، مَخْرَجُهُ مِنَ الْكَوْثَرِ، وَ الْكَوْثَرُ مَخْرَجُهُ مِنْ سَاقِ الْعَرْشِ، عَلَيْهِ مَنَازِلُ الْأَوْصِيَاءِ وَ شِيعَتِهِمْ، عَلَى حَافَتَيْ ذَلِكَ النَّهَرِ جَوَارٍ نَابِتَاتٌ، كُلَّمَا قُلِعَتْ وَاحِدَةٌ نَبَتَتْ أُخْرَى، سُمِّيَ بِذَلِكَ «1» النَّهَرُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً، فَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ تِلْكَ الْمَنَازِلَ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِصَفْوَتِهِ وَ خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَعْيَنَ أَخِي مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «2».
10361/ «4»- كِتَابِ (صِفَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ «3»، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- قَالَ: وَ حَدَّثَ: «أَنَّ الْحُورَ الْعِينَ خَلَقَهُنَّ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ شَجَرِهَا، وَ حَبَسَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فِي الدُّنْيَا، عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سَبْعُونَ حُلَّةً، يُرَى بَيَاضُ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْحُلَلَ السَّبْعِينَ، كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الْأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ، وَ السِّلْكُ الْأَبْيَضِ فِي الْيَاقُوتَةَ الْحَمْرَاءِ، يُجَامِعُهَا فِي قُوَّةِ مِائَةِ رَجُلٍ فِي شَهْوَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَ هُنَّ أَتْرَابٌ أَبْكَارٌ عَذَارَى، كُلَّمَا نُكِحَتْ صَارَتْ‏
__________________________________________________
 (2)- الكافي 8: 156/ 147.
 (3)- الكافي 8: 230/ 298.
 (4)- الإختصاص: 351.
 (1) كذا، و في معاني الأخبار: باسم ذلك، قال المجلسي (رحمه اللّه) قوله (عليه السّلام): «سميّ» كذا في أكثر النسخ و الظاهر سمّين، و يمكن أن يقرأ على البناء للمعلوم، أي سمّاهن اللّه بها في قوله: (خيرات)، و يحتمل أن يكون المشار إليه النابت، أي سمّى النهر باسم ذلك النابت أي الجواري، لأنّ اللّه سمّاهنّ خيرات. «مرآت العقول». 26/ 166.
 (2) معاني الأخبار: 182/ 1.
 (3) في المصدر زيادة: عن بعض أصحابنا.

247
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الرحمن الآيات 66 الى 72 ص 246

عَذْرَاءَ: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌّ «1» يَقُولُ: لَمْ يَمَسَّهُنَّ إِنْسِيٌّ وَ لَا جِنِّيٌّ قَطُّ: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ، يَعْنِي خَيْرَاتٌ الْأَخْلَاقِ حِسَانُ الْوُجُوهِ: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَ الْمَرْجانُ «2»، يَعْنِي صَفَاءَ الْيَاقُوتِ وَ بَيَاضَ اللُّؤْلُؤِ».
قَالَ: «وَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَنَهَراً حَافَتَاهُ الْجَوَارِي- قَالَ: فَيُوحِي إِلَيْهِنَّ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: أَسْمِعْنَ عِبَادِي تَمْجِيدِي وَ تَسْبِيحِي وَ تَحْمِيدِي؛ فَيَرْفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ بِأَلْحَانٍ وَ تَرْجِيعٍ لَمْ يَسْمَعِ الْخَلَائِقُ مِثْلَهَا قَطُّ، فَيَطْرَبُ أَهْلُ الْجَنَّةِ».
10362/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الدَّقَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَشَّابُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ يَذْكُرُ فِيهِ زُهْدَهُ- لَوْ شِئْتُ لَتَسَرْبَلْتُ بِالْعَبْقَرِيِّ «3» الْمَنْقُوشِ مِنْ دِيبَاجِكُمْ».
قوله تعالى:
تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ [78]
10363/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ فَقَالَ: «نَحْنُ جَلَالُ اللَّهِ وَ كَرَامَتُهُ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ الْعِبَادَ بِطَاعَتِنَا».
10364/ «2»- وَ رَوَاهُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ، فَنَحْنُ جَلَالُ اللَّهِ وَ كَرَامَتُهُ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْعِبَادَ بِطَاعَتِنَا».
و الحديث يأتي بتمامه- إن شاء اللّه تعالى- في قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ، من سورة الحديد «4».
__________________________________________________
 (5)- أمالي الصدوق: 496/ 7.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 346.
 (2)- مختصر بصائر الدرجات: 56.
 (1) الرحمن 55: 56، 74.
 (2) الرحمن 55: 58.
 (3) العبقري: الدّيباج، و الب‏سط التي فيها الأصباغ و النقوش، و أصله صفة لكلّ ما بولغ في وصفه، و قيل: العبقري: الذي ليس فوقه شي‏ء. «لسان العرب- عبقر- 4: 535».
 (4) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (25) من سورة الحديد.

248
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة ص 249

سورة الواقعة
فضلها
10365/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ الْوَاقِعَةَ، أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ أَحَبَّهُ إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَ لَمْ يَرَ فِي الدُّنْيَا بُؤْساً أَبَداً وَ لَا فَقْراً وَ لَا فَاقَةً، وَ لَا آفَةً مِنْ آفَاتِ الدُّنْيَا، وَ كَانَ مِنْ رُفَقَاءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هَذِهِ السُّورَةُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَاصَّةً، لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهَا أَحَدٌ».
10366/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ، [قَالَ‏]: قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ وَ إِلَى صِفَتِهَا، فَلْيَقْرَأِ الْوَاقِعَةَ، وَ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى صِفَةِ النَّارِ، فَلْيَقْرَأْ سَجْدَةَ لُقْمَانَ».
10367/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْوَاقِعَةَ كُلَّ لَيْلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ».
10368/ «4»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ جُعِلَتْ فِي الْمَنْزِلِ نَمَا مِنَ الْخَيْرِ فِيهِ، وَ مَنْ أَدْمَنَ عَلَى قِرَاءَتِهَا زَالَ عَنْهُ الْفَقْرُ، وَ فِيهَا قَبُولٌ وَ زِيَادَةٌ
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 117.
 (2)- ثواب الأعمال: 117.
 (3)- ثواب الأعمال: 117.
 (4)- ......

249
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 249

حِفْظٍ وَ تَوْفِيقٍ وَ سَعَةٍ فِي الْمَالِ».
10369/ «5»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا فِي مَنْزِلِهِ كَثُرَ الْخَيْرُ عَلَيْهِ، وَ مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا زَالَ عَنْهُ الْفَقْرُ، وَ فِيهَا قَبُولٌ وَ زِيَادَةٌ وَ حِفْظٌ وَ تَوْفِيقٌ وَ سَعَةٌ فِي الْمَالِ».
10370/ «6»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ فِيهَا مِنَ الْمَنَافِعِ مَا لَا يُحْصَى، فَمِنْ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَتْ عَلَى الْمَيِّتِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَ إِذَا قُرِئَتْ عَلَى مَنْ قَرُبَ أَجَلُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ سَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خُرُوجَ رُوحِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (5)- ........
 (6)- .........

250
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 1 الى 11 ص 251

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [1- 11]
10371/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ عَلَى الدُّنْيَا حَسَرَاتٍ، وَ اللَّهِ مَا الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ إِلَّا كَكَفَّتَيِ الْمِيزَانِ، فَأَيُّهُمَا رَجَحَ ذَهَبَ الْآخَرُ «1»» ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ «يَعْنِي الْقِيَامَةَ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ* خافِضَةٌ خَفَضَتْ وَ اللَّهِ أَعْدَاءٌ اللَّهِ إِلَى النَّارِ رافِعَةٌ رَفَعَتْ وَ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ إِلَى الْجَنَّةِ».
10372/ «2»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ* لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ، قال: [القيامة] هي حق، قوله تعالى خافِضَةٌ، قال: لأعداء اللّه رافِعَةٌ، قال: لأولياء اللّه إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا قال:
يدق بعضها بعضا وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا، قال: قلعت الجبال قلعا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا قال: الهباء: الذي يدخل في الكوة من شعاع الشمس.
قوله تعالى وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً، قال: يوم القيامة فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ و هم المؤمنون من أصحاب التبعات يوقفون للحساب وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الذين قد سبقوا إلى الجنة بلا حساب.
10373/ «3»- ثُمَّ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ
__________________________________________________
 (1)- الخصال 64: 95.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 346.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 346.
 (1) في المصدر: بالآخر.

251
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 1 الى 11 ص 251

ابْنِ عُلْوَانَ الْكَلْبِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ السَّعْدِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَرْسَلَ إِلَى بِلَالٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ «1» بِالصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِ كُلِّ يَوْمٍ فِي رَجَبٍ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا نَادَى بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَزِعَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعاً شَدِيداً وَ ذُعِرُوا، وَ قَالُوا: رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، لَمْ يَغِبْ عَنَّا، وَ لَمْ يَمُتْ! فَاجْتَمَعُوا وَ حَشَدُوا، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَمْشِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيْهِ، وَ فِي الْمَسْجِدِ مَكَانٌ يُسَمَّى السُّدَّةَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَسْمَعُونَ أَهْلَ السُّدَّةِ؟» فَقَالُوا: سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا. فَقَالَ: «هَلْ تُبْلِغُونَ؟» قَالُوا ضَمِنَّا ذَلِكَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
 «أُخْبِرُكُمْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا قِسْماً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ «2» وَ أَصْحابُ الشِّمالِ «3»، فَأَنَا مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَ أَنَا مِنْ «4» خَيْرِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، ثُمَّ جَعَلَ الْقِسْمَيْنِ أَثْلَاثاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا ثُلُثاً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، فَأَنَا مِنَ السَّابِقِينَ، وَ أَنَا خَيْرُ السَّابِقِينَ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَثْلَاثَ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا قَبِيلَةً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «5»، فَقَبِيلَتِي خَيْرُ القَبَائِلِ، وَ أَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَ لَا فَخْرَ، ثُمَّ جَعَلَ القَبَائِلَ بُيُوتاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتاً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «6».
أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَنِي فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَ أَنَا سَيِّدُ الثَّلَاثَةِ وَ أَتْقَاهُمْ [وَ لَا فَخْرَ] لِلَّهِ، اخْتَارَنِي وَ عَلِيّاً وَ جَعْفَراً ابْنَيْ أَبِي طَالِبٍ، وَ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، كُنَّا رُقُوداً بِالْأَبْطَحِ، لَيْسَ مِنَّا إِلَّا مُسَجًّى بِثَوْبِهِ عَلَى وَجْهِهِ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَنْ يَمِينِي، وَ جَعْفَرٌ عَنْ يَسَارِي، وَ حَمْزَةُ عِنْدَ رِجْلِي، فَمَا نَبَّهَنِي عَنْ رَقْدَتِي غَيْرُ حَفِيفِ أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَ بَرْدِ ذِرَاعِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صَدْرِي، فَانْتَبَهْتُ مِنْ رَقْدَتِي وَ جَبْرَئِيلُ فِي ثَلَاثَةِ أَمْلَاكٍ، يَقُولُ لَهُ أَحَدُ الْأَمْلَاكِ الثَّلَاثَةِ: يَا جَبْرَئِيلُ إِلَى أَيِّ هَؤُلَاءِ أُرْسِلْتَ، فَرَكَضَنِي بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: إِلَى هَذَا. قَالَ: وَ مَنْ هَذَا؟ يَسْتَفْهِمُهُ، فَقَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ، وَ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، وَ هَذَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَهُ جَنَاحَانِ خَضِيبَانِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ، وَ هَذَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ».
10374/ «4»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُصَيْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ‏
__________________________________________________
 (4)- الأمالي 1: 70.
 (1) في المصدر: فأمره فنادى.
 (2) الواقعة 56: 27.
 (3) الواقعة 56: 41.
 (4) (من) ليس في المصدر.
 (5) الحجرات 49: 13.
 (6) الأحزاب 33: 33.

252
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 1 الى 11 ص 251

الْمُقْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَسْنِيمٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ ابْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ
: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، فَقَالَ: «قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: ذَلِكَ عَلِيٌّ وَ شِيعَتُهُ، هُمُ السَّابِقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ، الْمُقَرَّبُونَ مِنَ اللَّهِ بِكَرَامَتِهِ لَهُمْ».
وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي (أَمَالِيهِ) «1».
10375/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا جَابِرُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ، وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً* فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فَالسَّابِقُونَ هُمْ رُسُلُ اللَّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ خَاصَّةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، جَعَلَ فِيهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ، أَيَّدَهُمْ بِرُوحِ الْقُدُسِ، فَبِهِ عَرَفُوا الْأَشْيَاءَ، وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحِ الْإِيمَانِ، فَبِهِ خَافُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحِ الْقُوَّةِ، فَبِهِ قَدَرُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ، فَبِهِ اشْتَهَوْا طَاعَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ كَرِهُوا مَعْصِيَتَهُ، وَ جَعَلَ فِيهِمْ رُوحَ الْمَدْرَجِ، الَّذِي بِهِ يَذْهَبُ النَّاسُ وَ يَجِيئُونَ، وَ جَعَلَ فِي الْمُؤْمِنِينَ أَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ رُوحَ الْإِيمَانِ، فَبِهِ خَافُوا اللَّهَ، وَ جَعَلَ فِيهِمْ رُوحَ الْقُوَّةِ، فَبِهِ قَدَرُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَ جَعَلَ فِيهِمْ رُوحَ الشَّهْوَةِ فَبِهِ اشْتَهَوْا طَاعَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ جَعَلَ فِيهِمْ رُوحَ الْمَدْرَجِ الَّذِي بِهِ يَذْهَبُ النَّاسُ وَ يَجِيئُونَ».
10376/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، رَفَعَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْغَنَوِيِّ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أُنَاساً زَعَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَزْنِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ، وَ لَا يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ، وَ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ، وَ لَا يَأْكُلُ الرِّبَا وَ هُوَ مُؤْمِنٌ، وَ لَا يَسْفِكُ الدَّمَ الْحَرَامَ، وَ هُوَ مُؤْمِنٌ، فَقَدْ ثَقُلَ عَلَيَّ وَ حَرَجَ مِنْهُ صَدْرِي حِينَ أَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يُصَلِّي صَلَاتِي، وَ يَدْعُو دُعَائِي، وَ يُنَاكِحُنِي وَ أُنَاكِحُهُ، وَ يُوَارِثُنِي وَ أُوَارِثُهُ، وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَجْلِ ذَنْبٍ يَسِيرٍ أَصَابَهُ؟
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «صَدَقْتَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ، وَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ:
خَلَقَ الْهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّاسَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ، وَ أَنْزَلَهُمُ ثَلَاثَ مَنَازِلَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْكِتَابِ:
أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ، فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِ السَّابِقِينَ فَإِنَّهُمْ أَنْبِيَاءُ مُرْسَلُونَ وَ غَيْرُ مُرْسَلِينَ، جَعَلَ [اللَّهُ‏] فِيهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ: رُوحَ الْقُدُسِ، وَ رُوحَ الْإِيمَانِ، وَ رُوحَ الْقُوَّةِ، وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ، وَ رُوحَ الْبَدَنِ، فَبِرُوحِ الْقُدُسِ بُعِثُوا أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مُرْسَلِينَ وَ غَيْرَ مُرْسَلِينَ، وَ بِهَا عَلِمُوا الْأَشْيَاءَ، وَ بِرُوحِ الْإِيمَانِ عَبَدُوا اللَّهَ وَ لَمْ‏
__________________________________________________
 (5)- الكافي 1: 213/ 1.
 (6)- الكافي 2: 214/ 16.
 (1) الأمالي: 298/ 7.

253
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 1 الى 11 ص 251

يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَ بِرُوحِ الْقُوَّةِ جَاهَدُوا عَدُوَّهُمْ وَ عَالَجُوا مَعَايِشَهُمْ، وَ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ أَصَابُوا لَذِيذَ الطَّعَامِ وَ نَكَحُوا الْحَلَالَ مِنَ شَبَابِ النِّسَاءِ، وَ بِرُوحِ الْبَدَنِ دَبُّوا وَ دَرَجُوا، فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: [قَالَ‏] اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ «1»، ثُمَّ قَالَ فِي جَمَاعَتِهِمْ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «2» يَقُولُ أَكْرَمَهُمْ بِهَا وَ فَضَّلَهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ، وَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً بِأَعْيَانِهِمْ، جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ أَرْبَعَةَ أَرْوَاحٍ: رُوحَ الْإِيمَانِ، وَ رُوحَ الْقُوَّةِ، وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ، وَ رُوحَ الْبَدَنِ، فَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَسْتَكْمِلُ هَذِهِ الْأَرْوَاحَ الْأَرْبَعَةَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَيْهِ حَالاتٌ».
فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذِهِ الْحَالاتُ؟ فَقَالَ: «أَمَّا أُولَاهُنَّ، فَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً «3» فَهَذَا يَنْتَقِصُ مِنْهُ جَمِيعُ الْأَرْوَاحِ، وَ لَيْسَ بِالَّذِي يُخْرِجُ مِنْ دِينِ اللَّهِ، لِأَنَّ الْفَاعِلَ بِهِ رَدَّهُ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، فَهُوَ لَا يَعْرِفُ لِلصَّلَاةِ وَقْتاً، وَ لَا يَسْتَطِيعُ التَّهَجُّدَ بِاللَّيْلِ وَ لَا بِالنَّهَارِ، وَ [لَا] الْقِيَامَ فِي الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ، فَهَذَا نُقْصَانٌ مِنْ رُوحِ الْإِيمَانِ، وَ لَيْسَ يَضُرُّهُ شَيْئاً، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَقِصَ مِنْهُ رُوحُ الْقُوَّةِ، فَلَا يَسْتَطِيعُ جِهَادَ عَدُوِّهِ، وَ لَا يَسْتَطِيعُ طَلَبَ الْمَعِيشَةِ، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ، فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ أَصْبَحَ بَنَاتُ آدَمَ لَمْ يَحِنَّ إِلَيْهَا وَ لَمْ يَقُمْ، وَ تَبْقَى رُوحُ الْبَدَنِ فِيهِ، فَهُوَ يَدِبُّ وَ يَدْرُجُ حَتَّى يَأْتِيَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَهَذَا الْحَالُ خَيْرٌ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الْفَاعِلُ بِهِ. وَ قَدْ تَأْتِي عَلَيْهِ حَالاتٌ فِي قُوَّتِهِ وَ شَبَابِهِ فَيَهُمُّ بِالْخَطِيئَةِ، فَتُشَجِّعُهُ رُوحُ الْقُوَّةِ، وَ تُزَيِّنُ لَهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ، وَ تَقُودُهُ رُوحُ الْبَدَنِ حَتَّى تُوقِعَهُ فِي الْخَطِيئَةِ، فَإِذَا لَامَسَهَا نَقَصَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَ تَفَصَّى «4» مِنْهُ، فَلَيْسَ يَعُودُ فِيهِ حَتَّى يَتُوبَ، فَإِذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ.
فَأَمَّا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ، فَمِنْهُمْ «5» الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «6» يَعْرِفُونَ مُحَمَّداً وَ الْوَلَايَةَ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ، كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ «7» فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «8»، فَلَمَّا جَحَدُوا مَا عَرَفُوا ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ، فَسَلَبَهُمْ رُوحَ الْإِيمَانِ، وَ أَسْكَنَ أَبْدَانَهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْوَاحٍ: رُوحَ الْقُوَّةِ، وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ، وَ رُوحَ الْبَدَنِ، ثُمَّ أَضَافَهُمْ إِلَى الْأَنْعَامِ، فَقَالَ: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ «9» لِأَنَّ الدَّابَّةَ إِنَّمَا تَحْمِلُ بِرُوحِ الْقُوَّةِ وَ تَعْتَلِفُ بِرُوحِ‏
__________________________________________________
 (1) البقرة 2: 253.
 (2) المجادلة 58: 22.
 (3) النحل 16: 70.
 (4) تفصّى من الشي‏ء: تخلص. «لسان العرب 15: 156».
 (5) في المصدر: فهم.
 (6) البقرة 2: 146.
 (7) في المصدر زيادة: أنك الرسول إليهم.
 (8) البقرة 2: 146، 147.
 (9) الفرقان 25: 44.

254
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 1 الى 11 ص 251

الشَّهْوَةِ، وَ تَسِيرُ بِرُوحِ الْبَدَنِ».
فَقَالَ السَّائِلُ: أَحْيَيْتَ قَلْبِي بِإِذْنِ اللَّهِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
10377/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَسَمَ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا قِسْماً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي [ذِكْرِ] أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَ أَصْحَابِ الشِّمَالِ «1»، وَ أَنَا خَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، ثُمَّ قَسَمَ الْقِسْمَيْنِ أَثْلَاثاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا ثُلُثاً، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «2» وَ أَنَا خَيْرُ السَّابِقِينَ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَثْلَاثَ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهَا قَبِيلَةً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «3» فَأَنَا أَتْقَى وُلْدِ آدَمَ، وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ لَا أَفْخَرُ، ثُمَّ جَعَلَ القَبَائِلَ بُيُوتاً فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتاً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «4»».
10378/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ: لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ.
قَالَ: «نَطَقَ اللَّهُ بِهَذَا يَوْمَ ذَرَأَ الْخَلْقَ فِي الْمِيثَاقِ، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ».
فَقُلْتُ: فَسِّرْ لِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ مِنْ طِينٍ، وَ رَفَعَ لَهُمْ نَاراً، وَ قَالَ لَهُمُ:
ادْخُلُوهَا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَهَا مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ تِسْعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِمَاماً بَعْدَ إِمَامٍ، ثُمَّ أَتْبَعَهُمْ شِيعَتَهُمْ، فَهُمْ وَ اللَّهِ السَّابِقُونَ».
10379/ «9»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ): أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيِّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحَسَنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ صُلْحِهِ وَ مُعَاوِيَةَ- فَقَالَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي خُطْبَةٍ لَهُ: «فَصَدَّقَ أَبِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَابِقاً، وَ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يُقَدِّمُهُ، وَ لِكُلِ‏
__________________________________________________
 (7)- أمالي الصدوق: 503/ 1.
 (8)- الغيبة: 90/ 20.
 (9)- الأمالي 2: 175.
 (1) في المصدر زيادة: و أنا من أصحاب اليمين.
 (2) في المصدر زيادة: و أنا من السابقين.
 (3) الحجرات 49: 13.
 (4) الأحزاب 33: 33.

255
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 1 الى 11 ص 251

شَدِيدَةٍ يُرْسِلُهُ ثِقَةً مِنْهُ بِهِ وَ طُمَأْنِينَةً إِلَيْهِ، لِعِلْمِهِ بِنَصِيحَتِهِ لِلَّهِ [وَ رَسُولِهِ، وَ أَنَّهُ أَقْرَبُ الْمُقَرَّبِينَ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ‏] عَزَّ وَ جَلَّ: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ وَ كَانَ أَبِي سَابِقَ السَّابِقِينَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَقْرَبَ الْأَقْرَبِينَ».
وَ الْخُطْبَةُ تَقَدَّمَتْ بِتَمَامِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1».
10380/ «10»- محمّد بن العبّاس: عن أحمد بن محمّد الكاتب، عن حميد بن الربيع، عن الحسين بن الحسن الأشقر، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن عامر، عن ابن عبّاس، قال: سبق الناس ثلاثة: يوشع صاحب موسى (عليه السلام) إلى موسى، و صاحب يس إلى عيسى (عليه السلام)، و عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، و هو أفضلهم «2».
10381/ «11»- و عنه، قال: حدّثنا علي بن «3» الحسين بن علي المقرئ، عن أبي بكر محمّد بن إبراهيم الجواني، عن محمّد بن عمرو الكوفيّ، عن حسين الأشقر، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: السباق ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون إلى موسى، و حبيب صاحب يس إلى عيسى، و عليّ بن أبي طالب إلى النبيّ، و هو أفضلهم (صلوات اللّه عليهم أجمعين).
10382/ «12»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، قَالَ: «أَبِي أَسْبَقُ السَّابِقِينَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى رَسُولِهِ، وَ أَقْرَبُ الْأَقْرَبِينَ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ».
10383/ «13»- الطَّبْرِسِيُّ؛ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «السَّابِقُونَ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ آدَمَ الْمَقْتُولُ، وَ سَابِقُ أُمَّةِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَ سَابِقُ أُمَّةِ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ حَبِيبٌ النَّجَّارُ، وَ السَّابِقُ فِي امَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10384/ «14»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: الثَّعْلَبِيُّ، رَفَعَهُ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى قَسَمَ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا قِسْماً، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:
__________________________________________________
 (10)- تأويل الآيات 2: 641/ 2.
 (11)- تأويل الآيات 2: 641/ 3.
 (12)- تأويل الآيات 2: 642/ 4.
 (13)- مجمع البيان 9: 325.
 (14)- .... ينابيع المودة: 15، عن الثعلبي، شواهد التنزيل 2: 29/ 669.
 (1) تقدّمت في الحديث (24) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.
 (2) (و هو أفضلهم) ليس في المصدر.
 (3) «علي بن» ليس في المصدر.

256
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 1 الى 11 ص 251

وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «1»، فَأَنَا خَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، ثُمَّ جَعَلَ الْقِسْمَ أَثْلَاثاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا قِسْماً، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ فَأَنَا مِنَ السَّابِقِينَ، وَ أَنَا خَيْرُ السَّابِقِينَ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَثْلَاثَ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا قَبِيلَةً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «2»، فَأَنَا أَتْقَى وُلْدِ آدَمَ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا فَخْرَ، ثُمَّ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ القَبَائِلَ بُيُوتاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتاً، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3»».
الثَّعْلَبِيُّ: قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَسَمَ اللَّهُ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ». الْحَدِيثَ سَوَاءً «4».
10385/ «15»- أبو نعيم الحافظ: عن رجاله، مرفوعا إلى ابن عبّاس، قال: سابق هذه الأمة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
10386/ «16»- الفقيه ابن المغازلي في (المناقب): في قوله تعالى: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، يرفعه إلى ابن عباس، قال: السباق ثلاثة «5»: سبق يوشع بن نون إلى موسى (عليه السلام)، و سبق صاحب يس إلى عيسى (عليه السلام)، و سبق علي (عليه السلام) إلى محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، و هو أفضلهم «6».
قوله تعالى:
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ- إلى قوله تعالى- يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ [13- 17]
10387/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَرِيرِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ،
__________________________________________________
 (15)- النول المشتعل: 240/ 65.
 (16)- مناقب ابن المغازلي: 320/ 365.
 (1)- تأويل الآيات 2: 2: 643/ 7.
 (1) الواقعة 56: 27.
 (2) الحجرات 49: 13.
 (3) الأحزاب 33: 33.
 (4) العمدة: 42/ 28، عن الثعلبي.
 (5) (السباق ثلاثة) ليس في المصدر.
 (6) «و هو أفضلهم» ليس في المصدر.

257
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 13 الى 17 ص 257

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ، قَالَ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ابْنُ آدَمَ الَّذِي قَتَلَهُ أَخُوهُ، وَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَ حَبِيبٌ النَّجَّارُ صَاحِبُ يَس: وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10388/ «2»- ابْنُ الْفَارِسِيِّ فِي (الرَّوْضَةِ): قَالَ الْإِمَامُ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ابْنُ آدَمَ الْمَقْتُولُ، وَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَ صَاحِبُ يَس، وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10389/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، قال: هم أتباع الأنبياء وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ هم أتباع النبيّ محمد «1» (صلّى اللّه عليه و آله) عَلى‏ سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ، أي منصوبة يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ، أي مسرورون «2».
10390/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ، فِي مَعْنَى الْوِلْدَانِ: عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُثَابُوا عَلَيْهَا، وَ لَا سَيِّئَاتٌ فَيُعَاقَبُوا عَلَيْهَا، فَأُنْزِلُوا هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ».
10391/ «5»- قَالَ: وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «هُمْ خُدَّامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
قوله تعالى:
وَ كَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ [18]
10392/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «حَوْضُنَا [مَتْرَعٌ‏] فِيهِ مَثْعَبَانِ «3» يَنْصَبَّانِ مِنَ الْجَنَّةِ: أَحَدُهُمَا مِنْ تَسْنِيمٍ، وَ الْآخَرُ مِنْ مَعِينٍ».
__________________________________________________
 (2)- روضة الواعظين: 105.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 348.
 (4)- مجمع البيان 9: 327.
 (5)- مجمع البيان 9: 327.
 (1)- الخصال: 624/ 10.
 (1) «محمد» ليس في «ج» و المصدر.
 (2) في نسخة من «ج، ي، ط» مستورون.
 (3) المثعب: مجرى الماء من الحوض و غيره. «المعجم الوسيط 1: 96».

258
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة آية 19 ص 259

قوله تعالى:
وَ لا يُنْزِفُونَ [19] 10393/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا يُنْزِفُونَ، أي يطردون.
قوله تعالى:
وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ [21]
10394/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ سَيِّدِ الْإِدَامِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ. فَقَالَ: «اللَّحْمُ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ».
قوله تعالى:
وَ حُورٌ عِينٌ* كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ [22- 23]
10395/ «3»- كِتَابِ (صِفَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ «1»، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ «2» يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا كَانَ لَهُ مِنَ الْأَزْوَاجِ خَمْسُمِائَةِ حَوْرَاءَ، مَعَ كُلِّ حَوْرَاءَ سَبْعُونَ غُلَاماً وَ سَبْعُونَ جَارِيَةً، كَأَنَّهُنَّ اللُّؤْلُؤُ الْمَنْثُورُ، وَ كَأَنَّهُنَّ اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ، وَ تَفْسِيرُ الْمَكْنُونِ بِمَنْزِلَةِ اللُّؤْلُؤِ فِي الصَّدَفِ، لَمْ تَمَسَّهُ الْأَيْدِي وَ لَمْ تَرَهُ الْأَعْيُنُ، وَ أَمَّا الْمَنْثُورُ فَيَعْنِي فِي الْكَثْرَةِ، وَ لَهُ سَبْعَةُ قُصُورٍ، فِي كُلِّ قَصْرٍ سَبْعُونَ بَيْتاً وَ فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ فِرَاشاً، عَلَيْهَا زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ «3» أَنْهَارٌ مِنَ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ صَافٍ لَيْسَ بِالْكَدِرِ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 222.
 (2)- الكافي 6: 308/ 1.
 (3)- الإختصاص: 352.
 (1) في المصدر زيادة: عن بعض أصحابنا.
 (2) في المصدر: من أحد.
 (3) الأعراف 7: 43.

259
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 22 الى 23 ص 259

وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ «1» لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ضُرُوعِ الْمَوَاشِي وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى « «2»» لَمْ يَخْرُجْ مِنَ بُطُونِ النَّحْلِ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ « «3»» لَمْ يَعْصِرْهُ الرِّجَالُ بِأَقْدَامِهِمْ، فَإِذَا اشْتَهَوْا الطَّعَامَ جَاءَتْهُمُ طُيُورٌ بِيضٌ يَرْفَعْنَ أَجْنِحَتَهُنَّ، فَيَأْكُلُونَ مِنْ أَيِّ الْأَلْوَانِ اشْتَهَوْا، جُلُوساً إِنْ شَاءُوا أَوْ مُتَّكِئِينَ، وَ إِنْ اشْتَهَوْا الْفَاكِهَةَ سَعَتْ «4» إِلَيْهِمْ الْأَغْصَانُ، فَأَكَلُوا مِنْ أَيِّهَا اشْتَهَوْا، قَالَ: وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ «5»».
قوله تعالى:
لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً- إلى قوله تعالى- وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ [25- 29] 10396/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا تَأْثِيماً، قال: الفحش و الكذب و الغناء، قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ، قال: اليمين: عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه و شيعته، و قوله تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، قال: شجر لا يكون له ورق و لا شوك فيه».
و
قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ) قَالَ: «بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ».
10397/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى أَصْحَابُنَا، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ؟
قَالَ: «لَا، وَ طَلْعٍ مَنْضُودٍ».
قوله تعالى:
وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ- إلى قوله تعالى- لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ [30- 33]
10398/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ نَصْرِ بْنِ قَابُوسَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ* وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ* وَ فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ قَالَ: «يَا نَصْرُ، إِنَّهُ وَ اللَّهِ لَيْسَ حَيْثُ يَذْهَبُ النَّاسُ، إِنَّمَا هُوَ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 348.
 (2)- مجمع البيان 9: 330.
 (3)- مختصر بصائر الدرجات: 57.
 (1- 2- 3) محمد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 15.
 (4) في المصدر: تسعبت، و تسعّب الشي‏ء: تمطّط. «لسان العرب 1: 468».
 (5) الرعد 13: 23، 24.

260
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 30 الى 33 ص 260

الْعِلْمُ وَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ «1»، قَالَ: «الْبِئْرُ الْمُعَطَّلَةُ: الْإِمَامُ الصَّامِتُ، وَ الْقَصْرُ الْمَشِيدُ: الْإِمَامُ النَّاطِقُ».
10399/ «2»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ [قال: ظل ممدود] وسط الجنة في عرض الجنة، و عرض الجنة كعرض السماء و الأرض، يسير الراكب في ذلك الظل مائة عام فلا يقطعه.
10400/ «3»- الشَّيْخُ وَرَّامٌ: عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَقْطَعُهَا، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ، وَ مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا»، وَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ «2»».
10401/ «4»- كِتَابِ (صِفَةَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ «3»، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- قَالَ: «فَإِذَا انْتَهَى- يَعْنِي الْمُؤْمِنَ- إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ قِيلَ لَهُ: هَاتِ الْجَوَازَ، قَالَ: هَذَا جَوَازِي مَكْتُوبٌ فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا جَوَازٌ جَائِزٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ يُسْمِعُ أَهْلَ الْجَمْعِ كُلَّهُمْ: أَلَا إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، قَدْ سَعِدَ سَعَادَةً لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً؛ قَالَ: فَيَدْخُلُ فَإِذَا هُوَ بِشَجَرَةٍ ذَاتِ ظِلٍّ مَمْدُودٍ، وَ مَاءٍ مَسْكُوبٍ، وَ ثِمَارٍ مُهْدَلَةٍ تُسَمِّي رِضْوَانَ، يَخْرُجُ مِنْ سَاقِهَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ، فَيَنْطَلِقُ إِلَى إِحْدَاهُمَا كَمَا أُمِرَ «4» بِذَلِكَ، فَيَغْتَسِلُ مِنْهَا، فَيَخْرُجُ وَ عَلَيْهِ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، ثُمَّ يَشْرَبُ مِنَ الْأُخْرَى، فَلَا يَكُونُ فِي بَطْنِهِ مَغْصٌ، وَ لَا مَرَضٌ وَ لَا دَاءٌ أَبَداً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً «5».
ثُمَّ تَسْتَقْبِلُهُ الْمَلَائِكَةُ وَ تَقُولُ: طِبْتَ فَادْخُلْهَا مَعَ الدَّاخِلِينَ؛ فَيَدْخُلُ فَإِذَا هُوَ بِسِمَاطَيْنِ مِنْ شَجَرٍ، أَغْصَانُهَا اللُّؤْلُؤُ، وَ فُرُوعُهَا الْحُلِيُّ وَ الْحُلَلُ، ثِمَارُهَا مِثْلُ ثَدْيِ الْجَوَارِي الْأَبْكَارِ فَتَسْتَقْبِلُهُ الْمَلَائِكَةُ مَعَهُمْ النُّوقُ وَ الْبَرَاذِينُ وَ الْحُلِيُّ وَ الْحُلَلُ، فَيَقُولُونَ: يَا وَلِيَّ اللَّهِ، ارْكَبْ مَا شِئْتَ، [وَ الْبِسْ مَا شِئْتَ‏] وَ سَلْ مَا شِئْتَ، قَالَ: فَيَرْكَبُ مَا اشْتَهَى، وَ يَلْبَسُ مَا اشْتَهَى وَ هُوَ عَلَى نَاقَةٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ مِنْ نُورٍ، وَ ثِيَابُهُ مِنْ نُورٍ وَ حِلْيَةٌ مِنْ نُورٍ، يَسِيرُ فِي دَارِ النُّورِ مَعَهُ مَلَائِكَةٌ مِنْ نُورٍ، وَ غِلْمَانٌ مِنْ نُورٍ، وَ وَصَائِفُ مِنْ نُورٍ حَتَّى تَهَابَهُ الْمَلَائِكَةُ مِمَّا يَرَوْنَ مِنَ النُّورِ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَنَحَّوْا فَقَدْ
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 348.
 (3)- تنبيه الخواطر: 7.
 (4)- الإختصاص: 350.
 (1) الحجّ 22: 45.
 (2) آل عمران 3: 185.
 (3) في المصدر زيادة: عن بعض أصحابنا.
 (4) في المصدر: كلما مر.
 (5) الإنسان 76: 21.

261
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 30 الى 33 ص 260

جَاءَ وَفْدُ الْحَلِيمِ الْغَفُورِ.
قَالَ: فَيَنْظُرُ إِلَى أَوَّلِ قَصْرٍ لَهُ مِنْ فِضَّةٍ، مُشْرِفاً بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ، فَتُشْرِفُ عَلَيْهِ أَزْوَاجُهُ، فَيَقُلْنَ: مَرْحَباً مَرْحَباً، انْزِلْ بِنَا؛ فَيَهُمُّ أَنْ يَنْزِلَ بِقَصْرِهِ، قَالَ: فَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: سِرْ- يَا وَلِيَّ اللَّهِ- فَإِنَّ هَذَا لَكَ وَ غَيْرَهُ؛ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى قَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلٍ بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ، [فَتُشْرِفُ عَلَيْهِ أَزْوَاجُهُ، فَيَقُلْنَ: مَرْحَباً مَرْحَباً يَا وَلِيَّ اللَّهِ. انْزِلْ بِنَا،] فَيَهُمُّ أَنْ يَنْزِلَ بِقَصْرِهِ، فَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: سِرْ يَا وَلِيَّ اللَّهِ.
قَالَ: ثُمَّ يَأْتِي قَصْراً مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، مُكَلَّلًا بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ، فِيهِمْ بِالنُّزُولِ بِقَصْرِهِ، فَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ سِرْ- يَا وَلِيَّ اللَّهِ- فَإِنَّ هَذَا لَكَ وَ غَيْرَهُ، قَالَ: فَيَسِيرُ حَتَّى يَأْتِيَ تَمَامَ أَلْفِ قَصْرٍ، كُلَّ ذَلِكَ يَنْفُذُ فِيهِ بَصَرُهُ، وَ يَسِيرُ فِي مُلْكِهِ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْنِ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى أَقْصَاهَا قَصْراً نَكَسَ رَأْسَهُ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: مَا لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: وَ اللَّهِ لَقَدْ كَادَ بَصَرِي أَنْ يُخْتَطَفَ [فَيَقُولُونَ: يَا وَلِيَّ اللَّهِ، أَبْشِرْ فَإِنَّ الْجَنَّةَ] لَيْسَ فِيهَا عَمًى وَ لَا صَمَمٌ.
فَيَأْتِي قَصْراً يُرَى ظَاهِرُهُ مِنْ بَاطِنِهِ، وَ بَاطِنُهُ مِنْ ظَاهِرِهِ لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةٌ مِنْ يَاقُوتٍ وَ لَبِنَةٌ مِنْ دُرٍّ، مِلَاطُهُ الْمِسْكُ، قَدْ شُرِّفَ بِشُرَفٍ مِنْ نُورٍ يَتَلَأْلَأُ وَ يَرَى الرَّجُلُ وَجْهَهُ فِي الْحَائِطِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: خِتامُهُ مِسْكٌ «1» يَعْنِي خِتَامَ الشَّرَابِ.
ثُمَّ ذَكَرَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْحُورَ الْعِينَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ مَا لَنَا فَضْلٌ عَلَيْهِنَّ؟
قَالَ: بَلَى، بِصَلَاتِكُنَّ وَ صِيَامِكُنَّ وَ عِبَادَتِكُنَّ لِلَّهِ؛ بِمَنْزِلَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْبَاطِنَةِ».
وَ تَقَدَّمَ صِفَةُ «حُورِ الْعَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ «2»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ «3»، فَلْيُؤْخَذْ مِنْ هُنَاكَ، وَ مَنْ أَرَادَ وَصْفَ الْحُورِ الْعِينِ وَ وَصْفَ الْآدَمِيَّاتِ فَعَلَيْهِ بِكِتَابِ (مَعَالِمِ الزُّلْفَى) «4».
10402/ «5»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ أي مرشوش، قوله تعالى: لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ أي لا تقطع، و لا يمنع أحد من أخذها.
قوله تعالى:
وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ [34]
10403/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ‏
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 348.
 (1)- الكافي 8: 97/ 69.
 (1) المطففين 83: 26.
 (2) تقدّم في تفسير الآيات (66- 72) من سورة الرحمن.
 (3) تقدّم في تفسير الآيات (16- 17) من سورة السجدة.
 (4) انظر معالم الزلفى للمصنّف: الباب (22)

262
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة آية 34 ص 262

الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ «1»، بِمَاذَا بُنِيَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، تِلْكَ غُرَفٌ بَنَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَوْلِيَائِهِ بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ، سُقُوفُهَا الزَّبَرْجَدُ «2» مَحْبُوكَةً بِالْفِضَّةِ، لِكُلِّ غُرْفَةٍ، مِنْهَا أَلْفُ بَابٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ، فِيهَا فُرُشٌ مَرْفُوعَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مِنَ الْحَرِيرِ وَ الدِّيبَاجِ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، حَشْوُهَا الْمِسْكُ وَ الْكَافُورُ وَ الْعَنْبَرُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ».
قوله تعالى:
إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً- إلى قوله تعالى- لِأَصْحابِ الْيَمِينِ [35- 38] 10404/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً، قال: الحور العين في الجنة فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً* عُرُباً، قال: يتكلمون بالعربية «3»، و قوله تعالى أَتْراباً، أي مستويات السن «4» لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام).
10405/ «2»- كِتَابِ (صِفَةَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، وَ تَنْجُونَ مِنْ النَّارِ بِعَفْوِي وَ تَقْسِمُونَ الْجَنَّةَ بِأَعْمَالِكُمْ، فَوَ عِزَّتِي لَأُنْزِلَنَّكُمْ دَارَ الْخُلُودِ، دَارَ الْكَرَامَةِ، فَإِذَا دَخَلُوهَا صَارُوا عَلَى طُولِ آدَمَ سَبْعِينَ «5» ذِرَاعاً، وَ عَلَى مَلَدِ «6» عِيسَى ثَلَاثٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ الْعَرَبِيَّةِ، وَ عَلَى صُورَةِ يُوسُفَ فِي الْحُسْنِ، ثُمَّ يَعْلُو وُجُوهَهُمُ النُّورُ، وَ عَلَى قَلْبِ أَيُّوبَ فِي السَّلَامَةِ مِنَ الْغِلِّ».
10406/ «3»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ جُرْدٌ مُرْدٌ، مُكَحَّلِينَ مُكَلَّلِينَ، مُطَوَّقِينَ مَسْرُورِينَ «7» مُخَتَّمِينَ، نَاعِمِينَ مَحْبُورِينَ مُكَرَّمِينَ، يُعْطَى أَحَدُهُمْ قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 348.
 (2)- الإختصاص: 356.
 (3)- الإختصاص: 358.
 (1) الزمر 39: 20.
 (2) في المصدر: الذهب.
 (3) في المصدر: لا يتكلّمون إلّا بالعربية.
 (4) في النسخ: الأسنان، و ما أثبتناه من المصدر.
 (5) في المصدر: ستين.
 (6) الملد: الشّباب و نعمته. «لسان العرب 3: 410».
 (7) في المصدر: مسوّرين.

263
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 35 الى 38 ص 263

وَ الشَّهْوَةِ وَ الْجِمَاعِ «1» وَ يَجِدُ لَذَّةَ غَدَائِهِ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَ لَذَّةَ عَشَائِهِ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَدْ أَلْبَسَ اللَّهُ وُجُوهَهُمُ النُّورُ، وَ أَجْسَادَهُمُ الْحَرِيرَ، بِيضَ الْأَلْوَانِ، صُفْرَ الْحُلِيِّ، خُضْرَ الثِّيَابِ».
10407/ «4»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُحْيَوْنَ فَلَا يَمُوتُونَ أَبَداً، وَ يَسْتَيْقِظُونَ فَلَا يَنَامُونَ ابَداً، وَ يَسْتَغْنُونَ فَلَا يَفْتَقِرُونَ أَبَداً، وَ يَفْرَحُونَ فَلَا يَحْزَنُونَ أَبَداً، وَ يَضْحَكُونَ فَلَا يَبْكُونَ أَبَداً، وَ يُكْرَمُونَ فَلَا يُهَانُونَ أَبَداً، وَ يَفْكَهُونَ وَ لَا يُقَطِّبُونَ أَبَداً، وَ يُحْبَرُونَ وَ يُسَرُّونَ أَبَداً، وَ يَأْكُلُونَ فَلَا يَجُوعُونَ أَبَداً، وَ يَرْوَوْنَ فَلَا يَظْمَؤُونَ أَبَداً، وَ يَكْسُونَ فَلَا يَعْرُونَ أَبَداً، وَ يَرْكَبُونَ وَ يَتَزَاوَرُونَ أَبَداً، يُسَلِّمُ عَلَيْهِمُ الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ أَبَداً، بِأَيْدِيهِمْ أَبَارِيقُ الْفِضَّةِ وَ آنِيَةُ الذَّهَبِ أَبَداً، مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ أَبَداً، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ أَبَداً، تَأْتِيهِمُ التَّحِيَّةُ وَ التَّسْلِيمُ مِنَ اللَّهِ أَبَداً، نَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ».
10408/ «5»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ أَرْضَ الْجَنَّةِ رُخَامُهَا فِضَّةٌ، وَ تُرَابُهَا الْوَرْسُ «2»، وَ الزَّعْفَرَانُ، وَ كَنْسُهَا الْمِسْكُ، وَ رَضْرَاضُهَا الدُّرُّ وَ الْيَاقُوتُ».
10409/ «6»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ أَسِرَّتَهَا مِنْ دُرٍّ وَ يَاقُوتٍ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: عَلى‏ سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ «3»، يَعْنِي «4» أَوْسَاطَ السُّرُرِ [مِنْ‏] قُضْبَانِ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ مَضْرُوبَةً عَلَيْهَا الْحِجَالُ، وَ الْحِجَالُ مِنْ دُرٍّ وَ يَاقُوتٍ، أَخَفُّ مِنَ الرِّيشِ وَ أَلْيَنُ مِنَ الْحَرِيرِ، وَ عَلَى السُّرُرِ مِنَ الْفُرُشِ عَلَى قَدْرِ سِتِّينَ غُرْفَةً مِنْ غُرَفِ الدُّنْيَا، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ «5» يَعْنِي بِالْأَرَائِكِ السُّرُرَ الْمَوْضُونَةَ عَلَيْهَا الْحِجَالُ».
10410/ «7»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَجْرِي فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ، أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ، وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَ أَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ، طِينُ النَّهَرِ مِسْكٌ أَذْفَرُ، وَ حَصَاهُ الدُّرُّ وَ الْيَاقُوتِ، تَجْرِي فِي عُيُونِهِ وَ أَنْهَارِهِ حَيْثُ يَشْتَهِي وَ يُرِيدُ فِي جِنَانِهِ وَلِيُّ اللَّهِ، فَلَوْ أَضَافَ مَنْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ لَأَوْسَعَهُمْ طَعَاماً وَ شَرَاباً، وَ حُلَلًا وَ حُلِيّاً، لَا يَنْقُصُهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ».
10411/ «8»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ نَخْلَ‏
__________________________________________________
 (4)- الإختصاص: 358.
 (5)- الإختصاص: 357.
 (6)- الإختصاص: 357.
 (7)- الإختصاص: 357.
 (8)- الإختصاص: 357.
 (1) زاد في المصدر: قوة غذائه قوة مائة رجل في الطعام و الشراب.
 (2) الورس: نبت أصفر، يكون باليمن، يتّخذ منه الغمرة للوجه. «الصحاح 3: 988».
 (3) الواقعة 56: 15.
 (4) في «ط، ج» زيادة: الوصم تعاسل، و في «ي»: الوضم تعاسل، و في المصدر: الوصم تغاسل.
 (5) المطففين 83: 23، 35.

264
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 35 الى 38 ص 263

الْجَنَّةِ جُذُوعُهَا ذَهَبٌ أَحْمَرُ، وَ كَرَبُهَا زَبَرْجَدٌ أَخْضَرُ، وَ شَمَارِيخُهَا دُرٌّ أَبْيَضُ، وَ سَعَفُهَا حُلَلٌ خُضْرٌ وَ رُطَبُهَا أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الْفِضَّةِ، وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَ أَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، لَيْسَ فِيهِ عُجْمٌ، طُولُ الْعِذْقِ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعاً، مَنْضُودَةً مِنْ أَعْلَاهُ إِلَى أَسْفَلِهِ، لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ إِلَّا أَعَادَهُ اللَّهُ كَمَا كَانَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ «1»، وَ إِنَّ رُطَبَهَا لَأَمْثَالُ الْقِلَالِ، وَ مَوْزَهَا وَ رُمَّانَهَا أَمْثَالُ الدُّلِيِّ، وَ أَمْشَاطَهُمُ الذَّهَبُ، وَ مَجَامِرُهُمُ «2» الدُّرُّ».
10412/ «9»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُلْوَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مِنَ الشُّهَدَاءِ مَنْ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ زَوْجَةٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَ أَرْبَعَةَ آلَافِ بِكْرٍ، وَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ ثَيِّبٍ، يَخْدُمُ كُلَّ [زَوْجَةٍ] مِنْهُنَّ سَبْعُونَ أَلْفَ خَادِمٍ، غَيْرَ أَنَّ الْحُورَ الْعِينَ، يُضَعَّفُ لَهُنَّ، يَطُوفُ عَلَى جَمَاعَتِهِنَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ إِحْدَاهُنَّ أَوْ سَاعَتُهَا، اجْتَمَعْنَ إِلَيْهَا يُصَوِّتْنَ بِأَصْوَاتٍ لَا أَصْوَاتَ أَحْلَى مِنْهَا وَ لَا أَحْسَنَ، حَتَّى مَا يَبْقَى فِي الْجَنَّةِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا اهْتَزَّ لِحُسْنِ أَصْوَاتِهِنَّ، يَقُلْنَ: أَلَا نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُوتُ، أَبَداً، وَ نَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ «3» أَبَداً، وَ نَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ أَبَداً».
10413/ «10»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْمُؤْمِنُ يُزَوَّجُ ثَمَانَمِائَةِ عَذْرَاءَ، وَ أَرْبَعَةَ آلَافِ ثَيِّبٍ، وَ زَوْجَتَيْنِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، ثَمَانُمِائَةِ عَذْرَاءَ! قَالَ: «نَعَمْ، مَا يَفْتَرِشْ مِنْهُنَّ شَيْئاً إِلَّا وَجَدَهَا كَذَلِكَ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خُلِقَتِ الْحُورُ الْعِينُ؟ قَالَ: «مِنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ النُّورَانِيَّةِ، وَ يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ، وَ كَبِدُهُ مِرْآتُهَا».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَ لَهُنَّ كَلَامٌ يُكَلِّمْنَ بِهِ أَهْلَ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، كَلَامٌ يَتَكَلَّمْنَ بِهِ لَمْ يَسْمَعِ الْخَلَائِقُ بِمِثْلِهِ وَ أَعْذَبُ مِنْهُ».
قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: «يَقُلْنَ بِأَصْوَاتٍ رَخِيمَةٍ: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُوتُ، وَ نَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ «4»، وَ نَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظْعَنُ، وَ نَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ، طُوبَى لِمَنْ خُلِقَ لَنَا، وَ طُوبَى لِمَنْ خُلِقْنَا لَهُ، وَ نَحْنُ اللَّوَاتِي لَوْ أَنْ شَعْرَ إِحْدَانَا عُلِّقَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ لَأَغْشَى نُورُهُ الْأَبْصَارَ».
10414/ «11»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ دُرُسْتَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ،
__________________________________________________
 (9)- الزهد: 101/ 276.
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 82.
 (11)- الزهد: 102/ 280.
 (1) الواقعة 56: 33.
 (2) المجامر، جمع مجمر: و هو ما يوضع فيه الجمر مع البخور. «المعجم الوسيط 1: 134».
 (3) في «ط، ي» نبوس، و الظاهر انّها تصحيف نيبس.
 (4) الظاهر: نأبس.

265
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 35 الى 38 ص 263

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَوْ أَنَّ حَوْرَاءَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ أَشْرَفَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، وَ أَبْدَتْ ذُؤَابَةً مِنْ ذَوَائِبِهَا، لَأَفْتَنَ  «1»  أَهْلَ الدُّنْيَا- أَوْ لَأَمَاتَتْ أَهْلَ الدُّنْيَا «2»- وَ إِنَّ الْمُصَلِّيَ لَيُصَلِّي فَإِذَا لَمْ يَسْأَلْ رَبَّهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ قُلْنَ: 
مَا أَزْهَدَ هَذَا فِينَا!».
10415/ «12»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي جَوَابِهِ لِسُؤَالِ زِنْدِيقٍ- قَالَ لَهُ: فَمِنْ أَيْنَ قَالُوا: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِلَى ثَمَرَةٍ يَتَنَاوَلُهَا، فَإِذَا أَكَلَهَا عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَعَمْ، ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ السِّرَاجِ، يَأْتِي الْقَابِسُ فَيَقْتَبِسُ مِنْهُ، فَلَا يَنْقُصُ مِنْ ضَوْئِهِ شَيْ‏ءٌ وَ قَدِ امْتَلَأَتِ الدُّنْيَا مِنْهُ سِرَاجاً».
قَالَ: أَ لَيْسَ يَأْكُلُونَ وَ يَشْرَبُونَ، وَ تَزْعُمُ أَنَّهُ لَا تَكُونُ لَهُمُ الْحَاجَةُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «بَلَى، لِأَنَّ غَذَاءَهُمْ رَقِيقٌ لَا ثُفْلَ «3» لَهُ، بَلْ يَخْرُجُ مِنْ أَجْسَادِهِمْ بِالْعَرَقِ».
قَالَ: فَكَيْفَ تَكُونُ الْحَوْرَاءُ فِي كُلِّ مَا أَتَاهَا زَوْجُهَا عَذْرَاءَ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الطِّيبِ، لَا تَعْتَرِيهَا عَاهَةٌ، وَ لَا تُخَالِطُ جِسْمَهَا آفَةٌ، وَ لَا يَجْرِي فِي ثَقْبِهَا شَيْ‏ءٌ وَ لَا يُدَنِّسُهَا حَيْضٌ، فَالرَّحِمُ مُلْتَزِقَةٌ مُلَدَّمٌ «4» إِذْ لَيْسَ فِيهِ لِسِوَى الْإِحْلِيلَ مَجْرًى».
قَالَ: فَهِيَ تَلْبَسُ سَبْعِينَ حُلَّةً، وَ يَرَى زَوْجُهَا مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا [وَ بَدَنَهَا]؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَعَمْ، كَمَا يَرَى أَحَدُكُمُ الدَّرَاهِمَ إِذَا أُلْقِيَتْ فِي مَاءٍ صَافٍ قَدْرُهُ قَدْرُ رُمْحٍ».
قَالَ: فَكَيْفَ تَنَعَّمُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِمَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ، وَ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدِ افْتَقَدَ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ أَوْ حَمِيمَهُ أَوْ أُمَّهُ، فَإِذَا افْتَقَدُوهُمْ فِي الْجَنَّةِ، لَمْ يَشُكُّوا فِي مَصِيرِهِمْ إِلَى النَّارِ، فَمَا يَصْنَعُ بِالنَّعِيمِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ حَمِيمَهُ فِي النَّارِ يُعَذَّبُ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا: يُنْسَوْنَ ذِكْرَهُمْ، وَ قَالَ بَعْضُهُمُ: انْتَظَرُوا قُدُومَهُمْ، وَ رَجَوْا أَنْ يَكُونُوا بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فِي أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ».
10416/ «13»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْحُسَيْنِ الْكَاتِبُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ فِيهَا مَاتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُبِّيٍّ الْهُنَائِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ لَهُ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَطْلَعَتْ مِنْ سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ، لَأَضَاءَتْ لَهَا [الْأَرْضُ‏] أَفْضَلَ مِمَّا تُضِي‏ءُ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَ لَوَجَدَ رِيحَ نَشْرِهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَ لَوْ أَنَّ ثَوْباً مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ نُشِرَ الْيَوْمَ فِي الدُّنْيَا لَصَعِقَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ مَا
__________________________________________________
 (12)- الإحتجاج: 351.
 (13)- الأمالي 2: 146.
 (1) في نسخة من المصدر: لأمتن.
 (2) في النسخ: لأقلبت الدنيا، و ما أثبتاه من المصدر.
 (3) الثّفل: ما سفل من كلّ شي‏ء. «لسان العرب 11: 84».
 (4) في النسخ: ملزم، و ما أثبتناه من المصدر، يقال: رجل ملدم، أي كثير اللّحم ثقيل.

266
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 35 الى 38 ص 263

حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ عَلَى مُحَمَّدٍ، إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَزْدَادُونَ جَمَالًا وَ حُسْناً، كَمَا يَزْدَادُونَ فِي الدُّنْيَا قَبَاحَةً وَ هَرَماً» «1».
10417/ «14»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ صَالِحٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كُشِفَ غِطَاءٌ مِنْ أَغْطِيَةِ الْجَنَّةِ، فَوَجَدَ رِيحَهَا مَنْ كَانَتْ لَهُ رُوحٌ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، إِلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ»، قُلْتُ مَنْ هُمْ؟ قَالَ:
 «الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ».
10418/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ فُرَاتٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِيَّاكُمْ وَ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ، وَ لَا يَجِدُهَا عَاقٌّ، وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَ لَا شَيْخٌ زَانٍ، وَ لَا جَارٌّ إِزَارَهُ خُيَلَاءَ، إِنَّمَا الْكِبْرِيَاءُ لِلَّهِ تَعَالَى رَبِّ الْعَالَمِينَ».
10419/ «16»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ قَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ؛ فَلْيُكْثِرْ مِنْ ذَلِكَ، وَ مَنْ قَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى آلِهِ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَ رِيحُهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ».
و الروايات في ذلك كثيرة، ليس هذا موضع ذكرها مخافة الإطالة.
قوله تعالى:
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ- إلى قوله تعالى- فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ [39- 55]
10420/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنْ سَالِمٍ بَيَّاعِ الزُّطِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْمَدَائِنِيَّ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، قَالَ: «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ حِزْقِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ‏
__________________________________________________
 (14)- الكافي 2: 260/ 3.
 (15)- الكافي 2: 261/ 6.
 (16)- أمالي الصدوق: 310/ 6.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 348.
 (1) (و قال (صلّى اللّه عليه و آله) ... و هرما) ليس في المصدر.

267
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 39 الى 55 ص 267

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10421/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَدَائِنِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، قَالَ: «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ حِزْقِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ «1»».
10422/ «3»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، قال: من الطبقة الأولى التي كانت مع النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، قال: بعد النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) من هذه الأمة.
وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ، قال: أصحاب الشمال أعداء آل «2» محمد (صلّى اللّه عليه و آله) و أصحابهم الذين والوهم فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ، قال: السموم: اسم النار، و الحميم: ماء قد حمي وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: ظلمة شديدة الحر لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ، قال: ليس بطيب فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ قال: من الزقوم، و الهيم: الإبل.
10423/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الرَّجُلِ يَشْرَبُ الْمَاءَ وَ لَا يَقْطَعُ نَفَسَهُ حَتَّى يَرْوَى؟ قَالَ:
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ هَلِ اللَّذَّةُ إِلَّا ذَاكَ؟».
قُلْتُ: فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ شُرْبُ الْهِيمِ، [قَالَ‏]: فَقَالَ: «كَذَبُوا، إِنَّمَا شُرْبُ الْهِيمِ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ».
10424/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، بِإِسْنَادِهِ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَشْرَبُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: «لَا بَأْسَ».
قُلْتُ: فَإِنَّ مَنْ قِبَلَنَا يَقُولُ: ذَلِكَ شُرْبُ الْهِيمِ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا شُرْبُ الْهِيمِ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ».
10425/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ رَجُلٍ يَشْرَبُ فَلَا يَقْطَعُ حَتَّى يَرْوَى؟ فَقَالَ: «وَ هَلْ اللَّذَّةُ إِلَّا ذَاكَ؟».
__________________________________________________
 (2)- تأويل الآيات 2: 643/ 8.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 349.
 (4)- الكافي 6: 383/ 9.
 (5)- معاني الأخبار: 149/ 1.
 (6)- معاني الأخبار: 149/ 2.
 (1) (من هذه الأمة) ليس في «ج» و المصدر.
 (2) (آل) ليس في المصدر.

268
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 39 الى 55 ص 267

قُلْتُ: فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ شُرْبُ الْهِيمِ، فَقَالَ: «كَذَبُوا، إِنَّمَا شُرْبُ الْهِيمِ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ».
10426/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ النَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «ثَلَاثَةُ أَنْفَاسٍ فِي الشُّرْبِ أَفْضَلُ مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ». وَ قَالَ: «كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُشَبَّهَ بِالْهِيمِ». قُلْتُ: وَ مَا الْهِيمُ؟ قَالَ: «الرَّمْلُ» «1». وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: «هِيَ الْإِبِلُ».
ثُمَّ قَالَ: ابْنُ بَابَوَيْهِ: سَمِعْتُ شَيْخَنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الصَّفَّارَ يَقُولُ: كُلُّ مَا كَانَ فِي كِتَابِ الْحَلَبِيِّ «وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ» فَذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ.
10427/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [عَنِ‏] الرَّجُلِ يَشْرَبُ بِالنَّفَسِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: «يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَ ذَلِكَ شُرْبُ الْهِيمِ»، قُلْتُ: وَ مَا الْهِيمُ؟ قَالَ: «الْإِبِلُ».
10428/ «9»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «ثَلَاثَةُ أَنْفَاسٍ أَفْضَلُ مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ»، وَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُشَبَّهَ بِالْهِيمِ، وَ قَالَ: «الْهِيمُ:
النِّيبُ «2»».
قوله تعالى:
هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ- إلى قوله تعالى- لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً [56- 70]
10429/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولُ: «عَجَبٌ كُلُّ الْعَجَبِ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمَوْتَ وَ هُوَ يَرَى مَنْ يَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ، وَ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى وَ هُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الْأُولَى».
__________________________________________________
 (7)- معاني الأخبار: 149/ 3.
 (8)- التهذيب 9: 94/ 145.
 (9)- التهذيب 9: 94/ 146.
 (1)- الكافي 3: 258/ 28.
 (1) الهيم: هي الإبل العطاش، و يقال: الرّمل. «لسان العرب- هيم- 12: 627».
 (2) النيّب، جمع ناب: المسنّة من النّوق. «لسان العرب 1: 777».

269
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 56 الى 70 ص 269

10430/ «2»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ، قال: هذا ثوابهم يوم المجازاة. و قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ يعني النطفة أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ، إلى قوله: حُطاماً فلم نثبته.
قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ، قال: من السحاب لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً مالحا زعاقا.
و قد تقدم: الأجاج: المر،
فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ مِنْ سُورَةِ الْمَلَائِكَةِ «1».
10431/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أذنية، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَزْرَعَ زَرْعاً فَخُذْ قَبْضَةً مِنَ الْبَذْرِ، وَ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَ قُلْ: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ* أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلِ: بَلْ اللَّهُ الزَّارِعُ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَبّاً مُبَارَكاً، وَ ارْزُقْنَا فِيهِ السَّلَامَةَ؛ ثُمَّ انْثُرِ الْقَبْضَةَ الَّتِي فِي يَدِكَ فِي الْقَرَاحِ «2»».
10432/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: [لِي‏]: «إِذَا بَذَرْتَ فَقُلِ: اللَّهُمَّ قَدْ بَذَرْتُ وَ أَنْتَ الزَّارِعُ، فَاجْعَلْهُ حَبّاً مُبَارَكاً «3»».
قوله تعالى:
أَ فَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ- إلى قوله تعالى- وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ [71- 73] 10433/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أي تورونها و توقدنها و تنتفعون بها أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ* نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً لنار يوم القيامة وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ، قَالَ: الْمُحْتَاجِينَ.
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 126 «مخطوط»
 (3)- الكافي 5: 262/ 1.
 (4)- الكافي 5: 263/ 2.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 349.
 (1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (12) من سورة فاطر.
 (2) القراح من الأرض: البارز الظاهر الذي لا شجر فيه. «لسان العرب- قرح- 2: 561».
 (3) في المصدر: متراكما.

270
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 75 الى 76 ص 271

قوله تعالى:
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ* وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [75- 76]
10434/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْلِفُونَ بِهَا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. قَالَ: «عَظُمَ أَمْرُ [مَنْ‏] يَحْلِفُ بِهَا».
قَالَ: «وَ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ يُعَظِّمُونَ الْحَرَمَ وَ لَا يُقْسِمُونَ بِهِ وَ لَا بِشَهْرِ رَجَبٍ، وَ لَا يَعْرِضُونَ فِيهِمَا لِمَنْ كَانَ فِيهَا ذَاهِباً أَوْ جَائِياً، وَ إِنْ كَانَ [قَدْ] قَتَلَ أَبَاهُ، وَ لَا لِشَيْ‏ءٍ [يَخْرُجُ‏] مِنَ الْحَرَمِ دَابَّةٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ «1»» قَالَ: «فَبَلَغَ مِنْ جَهْلِهِمْ أَنَّهُمُ اسْتَحَلُّوا قَتْلَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عَظَّمُوا أَيَّامَ الشَّهْرِ حَيْثُ يُقْسِمُونَ بِهِ [فَيَفُونَ‏]».
10435/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، قَالَ: «آثِمٌ «2» مَنْ يَحْلِفُ بِهَا».
قَالَ: «وَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعَظِّمُونَ الْحَرَمَ، وَ لَا يُقْسِمُونَ بِهِ، وَ يَسْتَحِلُّونَ حُرْمَةَ اللَّهِ فِيهِ، وَ لَا يَعْرِضُونَ لِمَنْ كَانَ فِيهِ، وَ لَا يُخْرِجُونَ مِنْهُ دَابَّةً، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ «3» قَالَ: «يُعَظِّمُونَ الْبَلَدَ أَنْ يَحْلِفُوا بِهِ وَ يَسْتَحِلُّونَ فِيهِ حُرْمَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
10436/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (الْفَقِيهِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ* وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ:
 «يَعْنِي بِهِ الْيَمِينَ بِالْبَرَرَةِ «4» مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، يَحْلِفُ بِهَا الرَّجُلُ، يَقُولُ: إِنَّ ذَلِكَ عِنْدِي «5» عَظِيمٌ».
و هذا الحديث‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 7: 450/ 4.
 (2)- الكافي 7: 45/ 5.
 (3)- من لا يحضره الفقيه 3: 237/ 1123.
 (1) البلد 90: 1، 2.
 (2) في المصدر: أعظم إثم.
 (3) البلد 90: 1- 3.
 (4) في المصدر: بالبراءة.
 (5) في المصدر: عند اللّه.

271
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 75 الى 76 ص 271

في (نوادر الحكمة).
10437/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ مَوَاقِعَ النُّجُومِ: رُجُومُهَا لِلشَّيَاطِينِ».
10438/ «5»- الشَّيْبَانِيُّ فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ)، قَالَ: رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْلِفُونَ بِالنُّجُومِ، فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: لَا أَحْلِفُ بِهَا، وَ قَالَ: مَا أَعْظَمَ إِثْمَ مَنْ يَحْلِفُ بِهَا، وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ عَظِيمٌ عِنْدَ الْجَاهِلِيَّةِ».
قوله تعالى:
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ* لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [77- 79]
10439/ «1»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الصَّبَّاحِ، جَمِيعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْمُصْحَفُ لَا تَمَسَّهُ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ، وَ لَا جُنُباً، وَ لَا تَمَسَّ خَيْطَهُ «1»، وَ لَا تُعَلِّقْهُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ».
10440/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَ الْحَائِضِ وَ الْمُحْدِثِ مَسُّ الْمُصْحَفِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فِي مَعْنَى الْآيَةِ.
قوله تعالى:
وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ- إلى قوله تعالى- تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [82- 87]
10441/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ‏
__________________________________________________
 (4)- مجمع البيان 9: 341.
 (5)- نهج البيان 3: 284. «مخطوط».
 (1)- التهذيب 1: 127/ 344.
 (2)- مجمع البيان 9: 341.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 349.
 (1) في نسخة من المصدر: خطه.

272
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 82 الى 87 ص 272

سَمَاعَةُ وَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَزَّازُ، جَمِيعاً، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، وَ لَا أَرَانِي سَمِعْتُهُ إِلَّا مِنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَرَأَ بِهِمُ الْوَاقِعَةَ (وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «إِنِّي عَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَقُولُ قَائِلٌ: لِمَ قَرَأَ هَكَذَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقْرَأُهَا هَكَذَا، وَ كَانُوا إِذَا مُطِرُوا قَالُوا: مُطِرْنَا بِنَوْءِ «1» كَذَا وَ كَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)».
10442/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ، قَالَ: «بَلْ هِيَ:
 (وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)».
10443/ «3»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: جَاءَ فِي تَأْوِيلِ أَهْلِ الْبَيْتِ الْبَاطِنُ، فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْهُمْ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَيْ شُكْرَكُمُ النِّعْمَةَ الَّتِي رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَ مَا مَنَّ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بِوَصِيَّةٍ فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ إِلَى وَصِيِّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَشِّرْ وَلِيَّهُ بِالْجَنَّةِ، وَ عَدُوَّهُ بِالنَّارِ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ يَعْنِي أَقْرَبُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ أَيْ لَا تَعْرِفُونَ.
10444/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ إِلَى قَوْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ فَقَالَ: «إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، ثُمَّ رَأَى مَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: رُدُّونِي إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى أُخْبِرَ أَهْلِي بِمَا أَرَى، فَيُقَالُ لَهُ: لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ».
10445/ «5»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ* وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ* فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 349.
 (3)- تأويل الآيات 2: 644/ 9.
 (4)- الكافي 3: 135/ 15.
 (5)- الزهد: 84/ 223.
 (1) النّوء: سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر و طلوع رقبه من المشرق يقابله من ساعته في كلّ ليلة إلى ثلاثة عشر يوما، و كانت العرب تضيف الأمطار و الرياح و الحرّ و البرد إلى الساقط منها. «الصحاح 1: 79».

273
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 82 الى 87 ص 272

قَالَ: «إِنَّ نَفْسَ الْمُحْتَضَرِ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ كَانَ مُؤْمِناً، رَأَى مَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: رُدُّونِي إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى أُخْبِرَ أَهْلَهَا بِمَا أَرَى، فَيُقَالُ لَهُ: لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ».
10446/ «6»- علي بن إبراهيم: في قوله: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ يعني النفس، قال: معناه: فإذا بلغت الحلقوم وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ* وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ* فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ، قال:
معناه: فلو كنتم غير مجازين على أفعالكم تَرْجِعُونَها يعني الروح إذا بلغت الحلقوم، تردونها في البدن إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
قوله تعالى:
فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ* وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ [88- 98]
10447/ «1»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّرَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا الْمَوْصِلِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنْتَ الَّذِي احْتَجَّ اللَّهُ بِكَ فِي ابْتِدَائِهِ الْخَلْقَ حَيْثُ أَقَامَهُمْ أَشْبَاحاً، فَقَالَ لَهُمْ: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: وَ مُحَمَّدٌ رَسُولِي؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: وَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [وَصِيِّي‏]؟ فَأَبَى الْخَلْقُ جَمِيعاً إِلَّا اسْتِكْبَاراً وَ عُتُوّاً عَنْ وَلَايَتِكَ إِلَّا نَفَرٌ قَلِيلٌ، وَ هُمْ أَقَلُّ الْقَلِيلِ، وَ هُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ».
10448/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّحْوِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُقْبِلٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ مُوسَى ابْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِلَى قَبْرِهِ، فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ جَاءَهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِيرٌ فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ، وَ مَا دِينُكَ، وَ مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَ مُحَمَّدٌ
__________________________________________________
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 350.
 (1)- الأمالي 1: 237.
 (2)- أمالي الصدوق: 239/ 12.

274
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 88 الى 96 ص 274

نَبِيِّي، وَ الْإِسْلَامُ دِينِي، فَيَفْسَحَانِ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَ يَأْتِيَانِهِ بِالطَّعَامِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَ يُدْخِلَانِ عَلَيْهِ الرَّوْحَ وَ الرَّيْحَانَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يَعْنِي فِي قَبْرِهِ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا مَاتَ الْكَافِرُ شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مِنَ الزَّبَانِيَةِ إِلَى قَبْرِهِ، وَ إِنَّهُ لَيُنَاشِدُ حَامِلِيهِ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، وَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَ يَقُولُ: ارْجِعُونِي لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ، فَتُجِيبُهُ الزَّبَانِيَةُ: كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا، وَ يُنَادِيهِمْ مَلَكٌ: لَوْ رُدَّ لَعَادَ لِمَا نُهِيَ عَنْهُ؛ فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ وَ فَارَقَهُ النَّاسُ، أَتَاهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِيرٌ فِي أَهْوَلِ صُورَةٍ فَيُقِيمَانِهِ، ثُمَّ يَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ، وَ مَا دِينُكَ، وَ مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَتَلَجْلَجُ لِسَانُهُ، وَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجَوَابِ، فَيَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يُذْعَرُ لَهَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ، ثُمَّ يَقُولَانِ [لَهُ‏]: مَنْ رَبُّكَ، وَ مَا دِينُكَ، وَ مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا دَرَيْتَ وَ لَا هُدِيتَ وَ لَا أَفْلَحْتَ؛ ثُمَّ يَفْتَحَانِ لَهُ بَاباً إِلَى النَّارِ، وَ يُنْزِلَانِ إِلَيْهِ الْحَمِيمَ مِنْ جَهَنَّمَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يَعْنِي فِي الْقَبْرِ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ».
10449/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعَيْبٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِمْيَرِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعُرَنِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ فِي أَهْلِ وَلَايَتِنَا، وَ أَهْلِ عَدَاوَتِنَا فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يَعْنِي فِي قَبْرِهِ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ، وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يَعْنِي فِي قَبْرِهِ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ».
10450/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ بِجَادٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، فَقَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): هُمْ شِيعَتُكَ، فَسَلِمَ وُلْدُكَ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ».
10451/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ آدَمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أُنْزِلَ فِي الْوَاقِعَةِ: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ فَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ».
10452/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ*
__________________________________________________
 (3)- أمالي الصدوق: 383/ 11.
 (4)- الكافي 8: 260/ 373.
 (5)- الكافي 2: 25/ 1.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 350.

275
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 88 الى 96 ص 274

فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ قَالَ: «فِي قَبْرِهِ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ فِي الْآخِرَةِ، وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ فِي قَبْرِهِ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ فِي الْآخِرَةِ».
10453/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، قَالَ: «هُمُ الشِّيعَةُ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ يَعْنِي أَنَّكَ تَسْلَمُ مِنْهُمْ لَا يَقْتُلُونَ وُلْدَكَ».
10454/ «8»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هُمْ شِيعَتُنَا وَ مُحِبُّونَا».
10455/ «9»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ، فَقَالَ: «هَذَا فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)».
10456/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ «1»، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَقَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ مَنْ [كَانَتْ لَهُ‏] مَنْزِلَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ».
قُلْتُ: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ؟ قَالَ: «ذَلِكَ مَنْ وُصِفَ بِهَذَا الْأَمْرِ» قُلْتُ: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ؟ قَالَ: «الْجَاحِدِينَ لِلْإِمَامِ».
10457/ «11»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (جَوَامِعِ الْجَامِعِ): فَرُوحٌ بِالضَّمِّ، وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَيْ فَرَحْمَةٌ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ كَالْحَيَاةِ لِلْمَرْحُومِ.
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 651/ 12.
 (8)- تأويل الآيات 2: 651/ 13.
 (9)- تأويل الآيات 2: 652/ 16.
 (10)- تأويل الآيات 2: 653/ 18
 (11)- جوامع الجامع: 480.
 (1) في المصدر: محمّد بن عمران.

276
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الواقعة الآيات 88 الى 96 ص 274

سورة الحديد
فضلها
10458/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْحَدِيدِ، وَ الْمُجَادَلَةِ فِي صَلَاةٍ فَرِيضَةٍ أَدْمَنَهَا، لَمْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ حَتَّى يَمُوتَ أَبَداً، وَ لَا يَرَى فِي نَفْسِهِ وَ لَا أَهْلِهِ سُوءاً أَبَداً، وَ لَا خِصَامَةً فِي بَدَنِهِ».
10459/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْمُسَبِّحَاتِ كُلَّهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُدْرِكَ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ إِنْ مَاتَ كَانَ فِي جِوَارِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
10460/ «3»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُؤْمِنَهُ مِنْ عَذَابِهِ، وَ أَنْ يُنْعِمَ عَلَيْهِ فِي جَنَّتِهِ. وَ مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا وَ كَانَ مُقَيَّداً مَغْلُولًا مَسْجُوناً، سَهَّلَ اللَّهُ خُرُوجَهُ، وَ لَوْ كَانَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِنَايَاتِ».
10461/ «4»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ وَ هُوَ فِي الْحَرْبِ لَمْ يُصِبْهُ سَهْمٌ وَ لَا حَدِيدٌ، وَ كَانَ قَوِيَّ الْقَلْبِ فِي طَلَبِ الْقِتَالِ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ حَدِيدٌ خَرَجَ مِنْ وَقْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَلَمٍ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 117.
 (2)- مجمع البيان 9: 345.
 (3)- ......
 (4)- خواصّ القرآن: 20، 53 «مخطوط».

277
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 1 ص 278

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [1]
10462/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: هُوَ قَوْلُهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ».
قوله تعالى:
هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ [3]
10463/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ قُلْتُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، وَ أَمَّا الْآخِرُ فَبَيِّنْ لَنَا تَفْسِيرَهُ.
فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ إِلَّا يَبِيدُ أَوْ يَتَغَيَّرُ، أَوْ يَدْخُلُهُ التَّغْيِيرُ وَ الزَّوَالُ، أَوْ يَنْتَقِلُ مِنْ لَوْنٍ إِلَى لَوْنٍ، وَ مِنْ هَيْئَةٍ إِلَى هَيْئَةٍ، وَ مِنْ صِفَةٍ إِلَى صِفَةٍ، وَ مِنْ زِيَادَةٍ إِلَى نُقْصَانٍ، وَ مِنْ نُقْصَانٍ إِلَى زِيَادَةٍ، إِلَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَ لَا يَزَالُ بِحَالَةٍ وَاحِدَةٍ، هُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، وَ هُوَ الْآخِرُ عَلَى مَا لَمْ يَزَلْ، وَ لَا تَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ وَ الْأَسْمَاءُ كَمَا تَخْتَلِفُ عَلَى غَيْرِهِ، مِثْلُ الْإِنْسَانِ الَّذِي يَكُونُ تُرَاباً مَرَّةً، وَ مَرَّةً لَحْماً وَ دَماً، وَ مَرَّةً رُفَاتاً رَمِيماً، وَ كَالْبُسْرِ الَّذِي يَكُونُ مَرَّةً بَلَحاً، وَ مَرَّةً بُسْراً، وَ مَرَّةً رُطَباً، وَ مَرَّةً تَمْراً، فَتَتَبَدَّلُ عَلَيْهِ الْأَسْمَاءُ وَ الصِّفَاتُ، وَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ بِخِلَافِ ذَلِكَ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 350.
 (2)- الكافي 1: 89/ 5.

278
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 3 ص 278

وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (التَّوْحِيدِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ سَنَداً وَ مَتْناً «1».
10464/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُكَيْمٍ، عَنْ مَيْمُونٍ الْبَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الْأَوَّلِ وَ الْآخِرِ. فَقَالَ: «الْأَوَّلُ لَا عَنْ أَوَّلٍ قَبْلَهُ، وَ لَا عَنْ بَدْءٍ سَبَقَهُ، وَ الْآخِرُ لَا عَنْ نِهَايَةٍ كَمَا يُعْقَلُ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ، وَ لَكِنْ قَدِيمٌ، أَوَّلٌ آخِرٌ، لَمْ يَزَلْ وَ لَا يَزَالُ «2» بِلَا بَدْءٍ وَ لَا نِهَايَةٍ، وَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْحُدُوثُ، وَ لَا يُحَوَّلُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، خَالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (التَّوْحِيدِ) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ سَنَداً وَ مَتْناً «3»
10465/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مُرْسَلًا، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ يُفَسِّرُ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى- قَالَ: «وَ أَمَّا الظَّاهِرُ فَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَا الْأَشْيَاءَ بِرُكُوبِ فَوْقِهَا، وَ قُعُودٍ عَلَيْهَا، وَ تَسَنُّمٍ لِذُرَاهَا، وَ لَكِنْ ذَلِكَ لِقَهْرِهِ وَ لِغَلَبَتِهِ الْأَشْيَاءَ وَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا، كَقَوْلِ الرَّجُلِ: ظَهَرْتُ عَلَى أَعْدَائِي، وَ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَى خَصْمِي، يُخْبِرُ عَنِ الْفَلْجِ وَ الْغَلَبَةِ، فَهَكَذَا ظُهُورُ اللَّهِ عَلَى الْأَشْيَاءِ.
وَ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ الظَّاهِرُ لِمَنْ أَرَادَهُ، وَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ، وَ أَنَّهُ مُدَبِّرٌ لِكُلِّ مَا بَرَأَ، فَأَيُّ ظَاهِرٍ أَظْهَرُ وَ أَوْضَحُ مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى؟ لِأَنَّكَ لَا تَعْدَمُ صَنْعَتَهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ، وَ فِيكَ مِنْ آثَارِهِ مَا يُغْنِيكَ، وَ الظَّاهِرُ مِنَّا الْبَارِزُ بِنَفْسِهِ وَ الْمَعْلُومُ بِحَدِّهِ، فَقَدْ جَمَعَنَا الِاسْمُ وَ لَمْ يَجْمَعْنَا الْمَعْنَى.
وَ أَمَّا الْبَاطِنُ فَلَيْسَ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِبْطَانِ لِلْأَشْيَاءِ، بِأَنْ يَغُورَ فِيهَا، وَ لَكِنْ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى اسْتِبْطَانِهِ لِلْأَشْيَاءِ عِلْماً وَ حِفْظاً وَ تَدْبِيراً، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَبْطَنْتُهُ؛ يَعْنِي خَبَّرْتُهُ وَ عَلِمْتُ مَكْتُومَ سِرِّهِ، الْبَاطِنُ مِنَّا الْغَائِبُ فِي الشَّيْ‏ءِ الْمُسْتَتِرُ، وَ قَدْ جَمَعَنَا الِاسْمُ وَ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (التَّوْحِيدِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «4».
10466/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْعَطَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 90/ 6.
 (3)- الكافي 1: 95/ 2.
 (4)- تأويل الآيات 2: 654/ 1.
 (1) التوحيد: 314/ 2.
 (2) في «ج، ي» و المصدر: و لا يزول.
 (3) التوحيد: 313/ 1.
 (4) التوحيد: 186/ 2، و قد نقل المصنّف سند الحديث الأول من المصدر سهوا، و الصواب ما أثبتناه‏

279
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 3 ص 278

عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَقِيتُ عَمَّاراً فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي مَسْجِدِهِ فِي مَلَأٍ مِنَ قَوْمِهِ، وَ أَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الْغَدَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ وَ قَدْ بَزَغَتِ الشَّمْسُ، إِذَا أَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَ أَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ حَتَّى مُسَّتْ رُكْبَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَلِيُّ، قُمْ لِلشَّمْسِ فَكَلِّمْهَا، فَإِنَّهَا تُكَلِّمُكَ».
فَقَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا: أَ تَرَى «1» الشَّمْسَ تُكَلِّمُ عَلِيّاً؟ وَ قَالَ بَعْضٌ: لَا يَزَالُ يَرْفَعُ خَسِيسَةَ ابْنِ عَمِّهِ وَ يُنَوِّهُ بِاسْمِهِ؛ إِذْ خَرَجَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لِلشَّمْسِ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ، يَا خَلْقَ اللَّهِ؟» فَقَالَتْ: بِخَيْرٍ يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ، يَا أَوَّلُ يَا آخِرُ، يَا ظَاهِرُ يَا بَاطِنُ، يَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ.
فَرَجَعَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)] فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ، تُخْبِرُنِي أَوْ أُخْبِرُكَ؟» فَقَالَ: «مِنْكَ أَحْسَنُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَمَّا قَوْلُهَا لَكَ: يَا أَوَّلُ، فَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَ قَوْلُهَا: يَا آخِرُ، فَأَنْتَ آخِرُ مَنْ تُعَايِنُنِي عَلَى مَغْسَلِي، وَ قَوْلُهَا: يَا ظَاهِرُ، فَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَظْهَرُ عَلَى مَخْزُونِ سِرِّي، وَ قَوْلُهَا: يَا بَاطِنُ، فَأَنْتَ الْمُسْتَبْطِنُ لِعِلْمِي، وَ أَمَّا الْعَلِيمُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ، فَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عِلْماً مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْفَرَائِضِ وَ الْأَحْكَامِ وَ التَّنْزِيلِ وَ التَّأْوِيلِ وَ النَّاسِخِ وَ الْمَنْسُوخِ وَ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ وَ الْمُشْكِلِ إِلَّا وَ أَنْتَ بِهِ عَلِيمٌ، وَ لَوْ لَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى، لَقُلْتُ فِيكَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ «2»».
قَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ حَدِيثِهِ، أَقْبَلَ سَلْمَانُ، فَقَالَ عَمَّارٌ: وَ هَذَا سَلْمَانُ كَانَ مَعَنَا، فَحَدَّثَنِي سَلْمَانُ كَمَا حَدَّثَنِي عَمَّارٌ.
10467/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُكَيْمٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «بَيْنَمَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ رَأْسُهُ فِي حَجْرِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) صَلَّى الْعَصْرَ، فَقَامَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَذَكَرَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) شَأْنَ صَلَاتِهِ، فَدَعَا اللَّهَ فَرَدَّ اللَّهُ الشَّمْسَ كَهَيْئَتِهَا- [فِي وَقْتِ الْعَصْرِ] وَ ذَكَرَ حَدِيثَ رَدِّ الشَّمْسِ- فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، قُمْ فَسَلِّمْ عَلَى الشَّمْسِ، وَ كَلِّمْهَا فَإِنَّهَا تُكَلِّمُكَ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أُسَلِّمُ عَلَيْهَا؟ قَالَ: قُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلْقَ اللَّهِ، فَقَامَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلْقَ اللَّهِ.
فَقَالَتْ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَوَّلُ يَا آخِرُ، يَا ظَاهِرُ يَا بَاطِنُ، يَا مَنْ يُنْجِي مُحِبِّيهِ، وَ يُوثِقُ مُبْغِضِيهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ الشَّمْسُ؟ فَكَانَ عَلِيٌّ كَاتِماً عَنْهُ [فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قُلْ مَا قَالَتْ لَكَ الشَّمْسُ؟ فَقَالَ لَهُ مَا قَالَتْ‏].
فَقَالَ [النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]: إِنَّ الشَّمْسَ قَدْ صَدَقَتْ، وَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ نَطَقَتْ، أَنْتَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً، وَ أَنْتَ‏
__________________________________________________
 (5)- تأويل الآيات 2: 655/ 2.
 (1) في المصدر زيادة: عين.
 (2) في «ي»: يستشفعون.

280
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 3 ص 278

آخِرُ الْوَصِيِّينَ، لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ، وَ لَا بَعْدَكَ وَصِيٌّ وَ أَنْتَ الظَّاهِرُ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَ أَنْتَ الْبَاطِنُ فِي الْعِلْمِ الظَّاهِرُ عَلَيْهِ، وَ لَا فَوْقَكَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْتَ عَيْبَةُ عِلْمِي وَ خِزَانَةُ وَحْيِ رَبِّي، وَ أَوْلَادُكَ خَيْرُ الْأَوْلَادِ، وَ شِيعَتُكَ هُمُ النُّجَبَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
10468/ «6»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ قال: قبل كل شي‏ء وَ الْآخِرُ، قال: يبقى بعد كل شي‏ء وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «1»، قال: بالضمائر.
قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ [4] 10469/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أي في ستة أوقات.
10470/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَيْرَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَ مَا كَانَ لِيَخْلُقَ الشَّرَّ قَبْلَ الْخَيْرِ، وَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَ الْإِثْنَيْنِ خَلَقَ الْأَرَضِينَ، وَ خَلَقَ أَقْوَاتَهَا فِي يَوْمِ الثَّلَاثَاءِ، وَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَ خَلَقَ أَقْوَاتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ «2»».
و معنى اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ تقدم في سورة طه «3».
قوله تعالى:
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ [6]
10471/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَا يَنْقُصُ مِنَ اللَّيْلِ‏
__________________________________________________
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 350.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 350.
 (2)- الكافي 8: 145/ 117.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 167.
 (1) الحديد 57: 6.
 (2) السجدة 32: 4.
 (3) تقدّم في تفسير الآية (5) من سورة طه.

281
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 6 ص 281

يَدْخُلُ فِي النَّهَارِ، وَ مَا يَنْقُصُ مِنَ النَّهَارِ يَدْخُلُ فِي اللَّيْلِ».
قوله تعالى:
لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [9]
10472/ «1»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ جَعْفَرَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ يَقُولُ: «مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ، يَعْنِي إِلَى الْوَلَايَةِ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً [10]
10473/ «2»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحَسَنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)- فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عِنْدَ صُلْحِ مُعَاوِيَةَ بِمَحْضَرِهِ- قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيهَا: «وَ كَانَ أَبِي سَابِقَ السَّابِقِينَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ إِلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَقْرَبُ الْأَقْرَبِينَ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً.
فَأَبِي كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَاماً وَ إِيمَاناً، وَ أَوَّلَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، هِجْرَةً وَ لُحُوقاً، وَ أَوَّلَهُمْ عَلَى وُجْدِهِ وَ وُسْعِهِ نَفَقَةً، قَالَ سُبْحَانَهُ: وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «1» فَالنَّاسُ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ يَسْتَغْفِرُونَ بِسَبْقِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى الْإِيمَانِ أَحَدٌ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ «2» فَهُوَ سَابِقُ جَمِيعِ السَّابِقِينَ، فَكَمَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَ‏
__________________________________________________
 (1)- المناقب 3: 80.
 (2)- الأمالي 2: 175.
 (1) الحشر 59: 10.
 (2) التوبة 9: 100.

282
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 10 ص 282

السَّابِقِينَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِينَ وَ الْمُتَأَخِّرِينَ [فَكَذَلِكَ‏] فَضْلُ سَابِقِ السَّابِقِينَ عَلَى السَّابِقِينَ».
و الخطبة طويلة، تقدمت بطولها في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1».
قوله تعالى:
مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [11]
10474/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَا، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ قَالَ: «نَزَلَتْ فِي صِلَةِ الْإِمَامِ».
10475/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ يُونُسَ؛ وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ، قَالَ: «صِلَةُ الْإِمَامِ فِي دَوْلَةِ الْفَسَقَةِ».
10476/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَا، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي صِلَةِ الْإِمَامِ «2»».
10477/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً، قَالَ: «ذَاكَ [فِي‏] صِلَةِ الرَّحِمِ، وَ الرَّحِمُ رَحِمُ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) خَاصَّةً».
10478/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمَّادٍ
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 451/ 4.
 (2)- الكافي 8: 302/ 461.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 351.
 (4)- تأويل الآيات 2: 2: 658/ 5.
 (5)- الكافي 1: 451/ 3.
 (1) تقدّمت في الحديث (24) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.
 (2) في المصدر: الأرحام.

283
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 11 ص 283

ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاذٍ صَاحِبِ الْأَكْسِيَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْ خَلْقَهُ مَا فِي أَيْدِيهِمْ قَرْضاً مِنْ حَاجَةٍ بِهِ إِلَى ذَلِكَ، وَ مَا كَانَ لِلَّهِ مِنْ حَقٍّ فَإِنَّمَا هُوَ لِوَلِيِّهِ».
10479/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَيَّاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا مَيَّاحُ، دِرْهَمٌ يُوصَلُ بِهِ الْإِمَامُ أَعْظَمُ وَزْناً مِنْ أُحُدٍ».
10480/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «دِرْهَمٌ يُوصَلُ بِهِ الْإِمَامُ أَفْضَلُ «1» مِنْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ».
قوله تعالى:
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى‏ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ [12]
10481/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَسْعى‏ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ أَئِمَّةُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَسْعَى بَيْنَ يَدَيِ الْمُؤْمِنِينَ وَ بِأَيْمَانِهِمْ حَتَّى يُنْزِلُوهُمْ مَنَازِلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْبَجَلِيِّ، وَ مُحَمَّدِ ابْنِ يَحْيَى، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، جَمِيعاً، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ.
10482/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ يَقُولُ: «نُورُهُمْ يَسْعَى «2» بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَانِهِمْ» قَالَ: «نُورُ أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ وَ بِأَيْمَانِهِمْ حَتَّى يَنْزِلُوا بِهِمْ مَنَازِلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ».
__________________________________________________
 (6)- الكافي 1: 452/ 5.
 (7)- الكافي 1: 452/ 6.
 (1)- الكافي 1: 151/ 5.
 (2)- تأويل الآيات 2: 2: 659/ 9.
 (1) في «ط، ي»: أعظم.
 (2) كذا، و الآية يَسْعى‏ نُورُهُمْ.

284
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 12 ص 284

10483/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَمَّارُ بْنُ الْحُسَيْنِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِصْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ اللَّيْثِ الرَّازِيُّ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ الْأُبُلِّيِّ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُنْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، إِذْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ:
 «أَ لَا أُبَشِّرُكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟» قَالَ: «بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ». قَالَ: «هَذَا جَبْرَئِيلُ يُخْبِرُنِي عَنِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ أَنَّهُ قَدْ أَعْطَى شِيعَتَكَ وَ مُحِبِّيكَ سَبْعَ خِصَالٍ: الرِّفْقَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَ الْأُنْسَ عِنْدَ الْوَحْشَةِ، وَ النُّورَ عِنْدَ الظُّلْمَةِ، وَ الْأَمْنَ عِنْدَ الْفَزَعِ، وَ الْقِسْطَ عِنْدَ الْمِيزَانِ، وَ الْجَوَازَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَ دُخُولَ الْجَنَّةِ قَبْلَ النَّاسِ، «نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَانِهِمْ».
قوله تعالى:
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ- إلى قوله تعالى- أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [13- 16] 10484/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: يقسم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم، يقسم للمنافق فيكون نوره في إبهام رجله اليسرى، فينظر نوره، ثمّ يقول للمؤمنين: مكانكم حتّى أقتبس من نوركم، فيقول المؤمنون لهم: ارجعوا وراءكم، فالتمسوا نورا. فيرجعون فيضرب بينهم بسور [له باب‏] فينادون من وراء السور، يا مؤمنين «1»، أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى‏ وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ قال: بالمعاصي وَ ارْتَبْتُمْ قال: شككتم و تربصتم.
10485/ «2»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ النَّاسَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمُ النُّورُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِمْ، وَ يُقْسَمُ لِلْمُنَافِقِ فَيَكُونُ نُورُهُ عَلَى [قَدْرِ] إِبْهَامِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَيَطَأُ «2» نُورَهُ، فَيَقُولُ: مَكَانَكُمْ حَتَّى أَقْتَبِسَ مِنْ نُورِكُمْ. قِيلَ: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً
__________________________________________________
 (3)- الخصال: 402/ 112.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 351.
 (2)- الزهد: 93/ 249.
 (1) في المصدر: المؤمنين.
 (2) في المصدر: فيطفؤ.

285
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد الآيات 13 الى 17 ص 285

يَعْنِي حَيْثُ قُسِمَ النَّارُ». قَالَ: «فَيَرْجِعُونَ فَيُضْرَبُ بَيْنَهُمُ السُّورُ، فَيُنَادُونَهُمْ مِنْ وَرَاءِ السُّورِ: أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى‏ وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ* فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ».
ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَمَا وَ اللَّهِ مَا قَالَ اللَّهُ لِلْيَهُودِ وَ النَّصَارَى، وَ لَكِنَّهُ عَنَى أَهْلَ الْقِبْلَةِ».
10486/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ، وَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ مُوسَى الدَّقَّاقُ، وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُكَتِّبُ، وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالُوا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حُكَيْمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)
: «لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ مَنْقَبَةٌ إِلَّا وَ قَدْ شَرِكْتُهُ فِيهَا وَ فَضَلْتُهُ، وَ لِي سَبْعُونَ مَنْقَبَةً لَمْ يَشْرَكْنِي فِيهَا أَحَدٌ».
قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبِرْنِي بِهِنَّ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):- وَ ذَكَرَ السَّبْعِينَ- قَالَ: «وَ أَمَّا الثَّلَاثُونَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: تُحْشَرُ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى خَمْسِ رَايَاتٍ، فَأَوَّلُ رَايَةٍ تَرِدُ عَلَيَّ رَايَةُ فِرْعَوْنِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ هُوَ مُعَاوِيَةُ، وَ الثَّانِيَةُ مَعَ سَامِرِيِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَ الثَّالِثَةُ مَعَ جَاثَلِيقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ هُوَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَ الرَّابِعَةُ مَعَ أَبِي الْأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ، وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ فَمَعَكَ يَا عَلِيُّ، تَحْتَهَا الْمُؤْمِنُونَ وَ أَنْتَ إِمَامُهُمْ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِلْأَرْبَعَةِ: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَ هُمْ شِيعَتِي، وَ مَنْ وَالانِي، وَ قَاتَلَ مَعِي الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ وَ النَّاكِبَةَ عَنِ الصِّرَاطِ، وَ بَابَ الرَّحْمَةِ هُمْ شِيعَتِي، فَيُنَادِي هَؤُلَاءِ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى‏ وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ فِي الدُّنْيَا حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ* فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ، ثُمَّ تَرِدُ أُمَّتِي وَ شِيعَتِي، فَيُرَوَّوْنَ مِنْ حَوْضِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ بِيَدِي عَصَا عَوْسَجٍ، أَطْرُدُ بِهَا أَعْدَائِي طَرْدَ غَرِيبَةِ الْإِبِلِ».
10487/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْأَحْوَلِ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:
فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ* يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ».
قَالَ: فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهَا نَزَلَتْ فِينَا وَ فِي شِيعَتِنَا وَ فِي الْكُفَّارِ، أَمَا إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَ حُبِسَ الْخَلَائِقُ فِي طَرِيقِ الْمَحْشَرِ، ضَرَبَ اللَّهُ سُوراً مِنْ ظُلْمَةٍ، فِيهِ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ- يَعْنِي النُّورَ- وَ ظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ- يَعْنِي الظُّلْمَةَ- فَيُصَيِّرُنَا اللَّهُ وَ شِيعَتَنَا فِي بَاطِنِ السُّورِ الَّذِي فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ النُّورُ، وَ يُصَيِّرُ عَدُوَّنَا وَ الْكُفَّارَ فِي ظَاهِرِ السُّورِ الَّذِي‏
__________________________________________________
 (3)- الخصال: 575/ 1.
 (4)- تأويل الآيات 2: 660/ 11.

286
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد الآيات 13 الى 17 ص 285

فِيهِ الظُّلْمَةُ، فَيُنَادِيكُمْ أَعْدَاؤُنَا وَ أَعْدَاؤُكُمْ مِنَ الْبَابِ الَّذِي فِي السُّورِ ظَاهِرُهُ الْعَذَابُ: أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ فِي الدُّنْيَا، نَبِيُّنَا وَ نَبِيُّكُمْ وَاحِدٌ، وَ صَلَاتُنَا وَ صَلَاتُكُمْ [وَاحِدَةٌ]، وَ صَوْمُنَا وَ صَوْمُكُمْ وَاحِدٌ، وَ حَجُّنَا وَ حَجُّكُمْ وَاحِدٌ؟».
قَالَ: «فَيُنَادِيهِمُ الْمَلَكُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: بَلَى، وَ لَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ، وَ تَرَكْتُمُ اتِّبَاعَ مَنْ أَمَرَكُمْ بِهِ نَبِيُّكُمْ، وَ تَرَبَّصْتُمْ بِهِ الدَّوَائِرَ، وَ ارْتَبْتُمْ فِيمَا قَالَ فِيهِ نَبِيُّكُمْ، وَ غَرَّتْكُمْ الْأَمَانِيُّ وَ مَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خِلَافِكُمْ لِأَهْلِ الْحَقِّ، وَ غَرَّكُمْ حِلْمُ اللَّهِ عَنْكُمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ، حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ- يَعْنِي بِالْحَقِّ ظُهُورَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ ظَهَرَ مِنْ بَعْدِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْحَقِّ- وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ يَعْنِي الشَّيْطَانَ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ لَا تُوجَدُ لَكُمْ حَسَنَةٌ تَفْدُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ».
10488/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعُبَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَ كَانَ خَيِّراً، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أَنَا السُّورُ، وَ عَلِيٌّ الْبَابُ».
10489/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، فَقَالَ: «أَنَا السُّورُ، وَ عَلِيٌّ الْبَابُ، وَ لَيْسَ يُؤْتَى السُّورُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ الْبَابِ».
10490/ «7»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ، قال: و اللّه ما عنى بذلك اليهود و لا النصارى، و إنّما عنى بذلك أهل القبلة، ثمّ قال: مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ يعني هي أولى بكم، و قوله تعالى: أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني أ لم يجب. قوله تعالى: أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ يعني الرهب لِذِكْرِ اللَّهِ.
قوله تعالى:
وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ [16- 17]
10491/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ،
__________________________________________________
 (5)- تأويل الآيات 2: 661/ 12.
 (6)- تأويل الآيات 2: 662/ 13.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 351.
 (1)- الغيبة: 24.

287
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد الآيات 13 الى 17 ص 285

قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ وَ لا يَكُونُوا «1» كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ فِي أَهْلِ زَمَانِ الْغَيْبَةِ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وَ قَالَ: «إِنَّ الْأَمَدَ أَمَدُ الْغَيْبَةِ».
10492/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فِي مَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ سَمَاعَةَ وَ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْقَائِمِ: وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ».
10493/ «3»- الشَّيْخُ الْمُفِيدُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ:
سَمِعْتُهُ يَقُولُ
: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ، فِي أَهْلِ زَمَانِ الْغَيْبَةِ، وَ الْأَمَدُ أَمَدُ الْغَيْبَةِ» كَأَنَّهُ أَرَادَ عَزَّ وَ جَلَّ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، أَوْ يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ، لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ. فَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ جَارٍ [فِي أَهْلِ‏] زَمَانِ الْغَيْبَةِ وَ أَيَّامِهَا دُونَ غَيْرِهِمْ.
10494/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، قَالَ:
 «لَيْسَ يُحْيِيهَا بِالْقَطْرِ، وَ لَكِنْ يَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِجَالًا، فَيُحْيُونَ الْعَدْلَ، فَتُحْيَا الْأَرْضُ لِإِحْيَاءِ الْعَدْلِ، وَ لَإِقَامَةُ الْحَدِّ فِيهَا «2» أَنْفَعُ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْقَطْرِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً».
10495/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَلَبِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، قَالَ: «الْعَدْلَ بَعْدَ الْجَوْرِ».
10496/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ
__________________________________________________
 (2)- كمال الدين و تمام النعمة: 668/ 12.
 (3)- تأويل الآيات 2: 662/ 14.
 (4)- الكافي 7: 174/ 2.
 (5)- الكافي 8: 267/ 390.
 (6)- كمال الدين و تمام النعمة: 668/ 13.
 (1) كذا، و في الآية: وَ لا يَكُونُوا.
 (2) في المصدر: للّه.

288
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد الآيات 13 الى 17 ص 285

مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُؤْمِنٍ الطَّاقِ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، قَالَ: يُحْيِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدَ مَوْتِهَا- يَعْنِي بِمَوْتِهَا؛ كُفْرَ أَهْلِهَا- وَ الْكَافِرُ مَيِّتٌ».
10497/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها: «يَعْنِي بِمَوْتِهَا؛ كُفْرَ أَهْلِهَا، وَ الْكَافِرُ مَيِّتٌ، فَيُحْيِيهَا اللَّهُ بِالْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَيَعْدِلُ فِيهَا، فَتَحْيَا الْأَرْضُ وَ يَحْيَا أَهْلُهَا بَعْدَ مَوْتِهِمْ».
قوله تعالى:
إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَ الْمُصَّدِّقاتِ وَ أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [18]
10498/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ [لِلْفُقَرَاءِ] فِي مَالِ «1» الْأَغْنِيَاءِ فَرِيضَةً لَا يُحْمَدُونَ إِلَّا بِأَدَائِهَا، وَ هِيَ الزَّكَاةُ، بِهَا حَقَنُوا دُعَاءَهُمْ، وَ بِهَا سُمُّوا مُسْلِمِينَ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ حُقُوقاً غَيْرَ الزَّكَاةِ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ «2» فَالْحَقُّ الْمَعْلُومُ [مِنْ‏] غَيْرِ الزَّكَاةِ- إِلَى أَنْ قَالَ-: وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَيْضاً: أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً».
10499/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ: الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ، وَ الْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ».
و
فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «بِخَمْسَةَ عَشَرَ».
10500/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبٌ: الْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَ الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ، وَ ذَلِكَ أَنَّ الْقَرْضَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمُحْتَاجٍ، وَ الصَّدَقَةَ رُبَّمَا وَقَعَتْ فِي يَدِ غَيْرِ مُحْتَاجٍ».
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 663/ 15.
 (1)- الكافي 3: 498/ 8.
 (2)- الكافي 4: 33/ 1.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 350.
 (1) في المصدر: أموال.
 (2) المعارج 70: 24.

289
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 19 ص 290

قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ [19]
10501/ «1»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ) بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِي خُضَيْرَةَ، عَمَّنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولُ، وَ ذَكَرَ الشُّهَدَاءَ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُنَا: فِي الْمَبْطُونِ، وَ قَالَ بَعْضُنَا: فِي الَّذِي يَأْكُلُهُ السَّبُعُ، وَ قَالَ بَعْضُنَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُذْكَرُ فِي الشَّهَادَةِ. فَقَالَ إِنْسَانٌ: مَا كُنْتُ أَدْرِي «1» أَنَّ الشَّهِيدَ إِلَّا مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «إِنَّ الشُّهَدَاءَ إِذَا لَقَلِيلٌ» ثُمَّ قَرَأَ [هَذِهِ‏] الْآيَةَ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ لَنَا وَ لِشِيعَتِنَا».
10502/ «2»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا مِنْ شِيعَتِنَا إِلَّا صِدِّيقٌ شَهِيدٌ».
قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَ عَامَّتُهُمْ يَمُوتُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ؟ فَقَالَ: «أَ مَا تَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي الْحَدِيدِ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ» قَالَ: فَقُلْتُ: كَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَطُّ. قَالَ: «لَوْ كَانَ لَيْسَ إِلَّا كَمَا تَقُولُونَ كَانَ «2» الشُّهَدَاءُ قَلِيلًا».
10503/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مِنْهَالٍ الْقَصَّابِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَشَهِيدٌ حَيْثُ مَاتَ، أَ وَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ».
10504/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ: حَبِيبٌ النَّجَّارُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ‏
__________________________________________________
 (1)- التهذيب 6: 167/ 318.
 (2)- المحاسن: 163/ 115.
 (3)- المحاسن: 164/ 117.
 (4)- تأويل الآيات 2: 663/ 16.
 (1) في المصدر: أرى.
 (2) في المصدر: كان الشهداء ليس إلّا كما تقول لكان.

290
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 19 ص 290

آلِ يَس، وَ حِزْقِيلُ وَ هُوَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ «1»».
10505/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ «2» بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ رِجَالِهِ، مَرْفُوعاً إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ: حِزْقِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَ حَبِيبٌ صَاحِبُ آلِ يَس، وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُوَ أَفْضَلُ الثَّلَاثَةِ».
10506/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ «3»، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْمُفَضَّلِ «4» الْبَصْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «هَبَطَ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَلَكٌ لَهُ عِشْرُونَ أَلْفَ رَأْسٍ، فَوَثَبَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِيُقَبِّلَ يَدَهُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: مَهْلًا مَهْلًا يَا مُحَمَّدُ، فَأَنْتَ [وَ اللَّهِ‏] أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلِ الْأَرَضِينَ أَجْمَعِينَ، وَ الْمَلَكُ يُقَالُ لَهُ مَحْمُودٌ، فَإِذَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيٌّ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): حَبِيبِي مَحْمُودٌ، [مُنْذُ] كَمْ هَذَا مَكْتُوبٌ بَيْنَ مَنْكِبَيْكَ؟ قَالَ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ آدَمَ «5» بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ عَامٍ».
10507/ «7»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ [بِالْإِسْنَادِ] عَنْ مِنْهَالٍ الْقَصَّابِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي الشَّهَادَةَ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ شَهِيدٌ» وَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.
10508/ «8»- وَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «الْعَارِفُ مِنْكُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ الْمُنْتَظِرُ لَهُ، الْمُحْتَسِبُ فِيهِ الْخَيْرَ، كَمَنْ جَاهَدَ وَ اللَّهِ مَعَ قَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِسَيْفِهِ». ثُمَّ قَالَ: «بَلْ وَ اللَّهِ كَمَنْ جَاهَدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، [بِسَيْفِهِ‏]» ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ: «بَلْ وَ اللَّهِ كَمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي فُسْطَاطِهِ، وَ فِيكُمْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
قُلْتُ: وَ أَيُّ آيَةٍ، جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: «قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ» [ثُمَ‏] قَالَ: «صِرْتُمْ وَ اللَّهِ صَادِقِينَ [شُهَدَاءَ عِنْدَ رَبِّكُمْ‏]».
10509/ «9»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى صَاحِبُ كِتَابِ (الْبِشَارَاتِ) مَرْفُوعاً إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ،
__________________________________________________
 (5)- تأويل الآيات 2: 664/ 17.
 (6)- تأويل الآيات 2: 664/ 18.
 (7)- مجمع البيان 9: 359.
 (8)- مجمع البيان 9: 359.
 (9)- تأويل الآيات 2: 665/ 21.
 (1) في المصدر زيادة: و هو أفضل الثلاثة.
 (2) في المصدر، و «ج»: الحسن.
 (3) في المصدر: محمّد بن عمرو.
 (4) في المصدر: عمر بن الفضل.
 (5) في المصدر زيادة: أباك.

291
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 19 ص 290

عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ كَبِرَ سِنِّي، وَ دَقَّ عَظْمِي، وَ اقْتَرَبَ أَجَلِي، وَ قَدْ خِفْتُ أَنْ يُدْرِكَنِي قَبْلَ هَذَا الْأَمْرِ الْمَوْتُ.
قَالَ: فَقَالَ لِي «يَا أَبَا حَمْزَةَ، [أَ وَ مَا تَرَى الشَّهِيدَ إِلَّا مَنْ قُتِلَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ. فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا حَمْزَةَ،] مَنْ آمَنَ بِنَا، وَ صَدَّقَ حَدِيثَنَا، وَ انْتَظَرَ أَمْرَنَا، كَانَ كَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، بَلْ وَ اللَّهِ تَحْتَ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
10510/ «10»- وَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قَالَ [لِيَ‏] الْإِمَامُ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ الْمَيِّتَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ شَهِيدٌ» قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ إِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ؟ قَالَ: [ «وَ إِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ،] فَإِنَّهُ حَيٌّ يُرْزَقُ».
10511/ «11»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ: لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، الرَّادُّ عَلَى هَذِهِ الْأَمْرِ فَهُوَ كَالرَّادِّ عَلَيْكُمْ؟ فَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ هَذَا الْأَمْرَ فَهُوَ كَالرَّادِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ الْمَيِّتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ شَهِيدٌ» [قَالَ‏]: قُلْتُ: وَ إِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ؟ فَقَالَ: «إِي وَ اللَّهِ وَ إِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ حَيٌّ [عِنْدَ رَبِّهِ‏] يُرْزَقُ».
10512/ «12»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا مَالِكُ، أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَ تُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَ تَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَلْسِنَتَكُمْ وَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ، يَا مَالِكُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ ائْتَمُّوا بِإِمَامٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَلْعَنُهُمْ وَ يَلْعَنُونَهُ إِلَّا أَنْتُمْ وَ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِكُمْ، يَا مَالِكُ، إِنَّ الْمَيِّتَ مِنْكُمْ وَ اللَّهِ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لَشَهِيدٌ بِمَنْزِلَةِ الضَّارِبِ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
10513/ «13»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، بِإِسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي بَصِيرٍ وَ مُحَمَّدِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): «أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَمِائَةِ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ، مِنْهَا قَوْلُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): احْذَرُوا السَّفِلَةَ، فَإِنَّ السَّفِلَةَ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، لِأَنَّ فِيهِمْ قَتَلَةَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ فِيهِمْ أَعْدَاؤُنَا.
إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا، وَ اخْتَارَ لَنَا شِيعَةً يَنْصُرُونَنَا وَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا، وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا، وَ يَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَنْفُسَهُمْ فِينَا [أُولَئِكَ مِنَّا] وَ إِلَيْنَا، وَ مَا مِنَ الشِّيعَةِ عَبْدٌ يُقَارِفُ أَمْراً نَهَيْنَاهُ عَنْهُ فَلَا يَمُوتُ حَتَّى يُبْتَلَى بِبَلِيَّةٍ تُمَحَّصُ فِيهَا ذُنُوبُهُ، إِمَّا فِي مَالِهِ، أَوْ وُلْدِهِ، أَوْ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ، وَ إِنَّهُ لَيَبْقَى عَلَيْهِ الشَّيْ‏ءُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَيُشَدَّدُ [بِهِ‏] عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَ الْمَيِّتُ مِنْ شِيعَتِنَا صِدِّيقٌ شَهِيدٌ صَدَّقَ بِأَمْرِنَا، وَ أَحَبَّ فِينَا، وَ أَبْغَضَ فِينَا، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَ رَسُولُهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
__________________________________________________
 (10)- تأويل الآيات 2: 666/ 22.
 (11)- الكافي 8: 146/ 120.
 (12)- الكافي 8: 146/ 122.
 (13)- الخصال: 635/ 10، تأويل الآيات 2: 667/ 25.

292
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 19 ص 290

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ».
10514/ «14»- وَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «الْزَمُوا الْأَرْضَ، وَ اصْبِرُوا عَلَى الْبَلَاءِ، وَ لَا تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ وَ سُيُوفِكُمْ وَ أَلْسِنَتِكُمْ، وَ لَا تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجِّلْهُ اللَّهُ لَكُمْ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وَ هُوَ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِّ رَبِّهِ وَ حَقِّ رَسُولِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، مَاتَ شَهِيداً وَ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَ اسْتَوْجَبَ مَا نَوَى مِنْ صَالِحِ عَمَلِهِ، وَ قَامَتِ النِّيَّةُ مَقَامَ مُقَاتَلَتِهِ بِسَيْفِهِ».
10515/ «15»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، فِي (فَضَائِلِ الشِّيعَةِ): عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُؤْتَى بِأَقْوَامٍ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، تَتَلَأْلَأُ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، يَغْبِطُهُمُ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ أَعَادَ الْكَلَامَ ثَلَاثاً.
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، هُمُ الشُّهَدَاءُ؟ قَالَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ، وَ لَيْسَ هُمُ الشُّهَدَاءَ الَّذِينَ تَظُنُّونَ؟
قَالَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ، وَ لَيْسَ هُمُ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَظُنُّونَ؟ قَالَ: هُمُ الْأَوْصِيَاءُ؟ قَالَ: هُمُ الْأَوْصِيَاءُ، وَ لَيْسَ هُمُ الْأَوْصِيَاءَ الَّذِينَ تَظُنُّونَ، قَالَ: فَمِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ؟ قَالَ: هُمْ [مِنْ‏] أَهْلِ الْأَرْضِ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَنْ هُمْ؟ قَالَ: فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: هَذَا وَ شِيعَتُهُ، مَا يُبْغِضُهُ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا سِفَاحِيٌّ، وَ لَا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا يَهُودِيٌّ، وَ لَا مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَعِيٌّ، وَ لَا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا شَقِيٌّ، يَا عُمَرُ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَ يُبْغِضُ هَذَا».
10516/ «16»- ابن شهر آشوب؛ عن عليّ بن الجعد، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ، قال: صديق هذه الأمة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) هو الصديق الأكبر، و الفاروق الأعظم.
ثمّ قال: وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قال ابن عبّاس: و هم علي و حمزة و جعفر، فهم صديقون و هم شهداء الرسل على أممهم، إنهم قد بلغوا الرسالة، ثمّ قال: لَهُمْ أَجْرُهُمْ عند ربهم على التصديق بالنبوة وَ نُورُهُمْ على الصراط.
10517/ «17»- و من طريق المخالفين: ما رواه الحافظ محمّد بن مؤمن الشيرازي، في كتابه المستخرج من التفاسير الاثني عشر، في تفسير قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ يرفعه إلى ابن عبّاس، و قال: وَ الَّذِينَ آمَنُوا [يعني صدقوا] بِاللَّهِ أنه واحد:
عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) و حمزة بن عبد المطلب و جعفر الطيار أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ،
قَالَ: [رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]: «صِدِّيقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَ هُوَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ وَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ».
__________________________________________________
 (14)- نهج البلاغة: 282 الخطبة 190، تأويل الآيات 2: 668/ 26.
 (15)- فضائل الشيعة: 67/ 25.
 (16)- المناقب 3: 89.
 (17)- ... عنه: الطرائف: 94/ 132.

293
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 19 ص 290

10518/ «18»- مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ: يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَأَلَ قَوْمٌ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟ قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عُقِدَ لِوَاءٌ مِنْ نُورٍ أَبْيَضَ، وَ نَادَى مُنَادٍ: لِيَقُمْ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ وَ مَعَهُ الَّذِينَ آمَنُوا بَعْدَ بَعْثِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَيُعْطَى اللِّوَاءَ مِنَ النُّورِ الْأَبْيَضِ بِيَدِهِ، وَ تَحْتَهُ جَمِيعُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ، حَتَّى يَجْلِسَ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعِزَّةِ، وَ يُعْرَضَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ رَجُلًا رَجُلًا، فَيُعْطِيَهُ أَجْرَهُ وَ نُورَهُ، فَإِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ قِيلَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ صِفَتَكُمْ «1» وَ مَنَازِلَكُمْ فِي الْجَنَّةِ، إِنَّ رَبَّكُمْ يَقُولُ: إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً؛ يَعْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُومُ عَلِيٌّ وَ الْقَوْمُ تَحْتَ لِوَائِهِ مَعَهُ يَدْخُلُ بِهِمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنْبَرِهِ، فَلَا يَزَالُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَ يُنْزِلُ أَقْوَاماً عَلَى النَّارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ يَعْنِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ [مِنَ‏] الْمُؤْمِنِينَ وَ أَهْلِ الْوَلَايَةِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ يَعْنِي كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِالْوَلَايَةِ وَ بِحَقِّ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [21]
10519/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِلْإِيمَانِ دَرَجَاتٍ وَ مَنَازِلَ، يَتَفَاضَلُ الْمُؤْمِنُونَ فِيهَا عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
قُلْتُ: صِفْهُ لِي رَحِمَكَ اللَّهُ حَتَّى أَفْهَمَهُ؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ سَبَّقَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا يُسَبِّقُ بَيْنَ الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ، ثُمَّ فَضَّلَهُمْ عَلَى دَرَجَاتِهِمْ فِي السَّبْقِ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِ لَا يَنْقُصُهُ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ، وَ لَا يَتَقَدَّمُ مَسْبُوقٌ سَابِقاً، وَ لَا مَفْضُولٌ فَاضِلًا، تَفَاضَلُ بِذَلِكَ أَوَائِلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَوَاخِرُهَا، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّابِقِ إِلَى الْإِيمَانِ فَضْلٌ عَلَى الْمَسْبُوقِ إِذَنْ لَلَحِقَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، نَعَمْ وَ لَتَقَدَّمُوهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ إِلَى الْإِيمَانِ الْفَضْلُ عَلَى مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ، وَ لَكِنْ بِدَرَجَاتِ الْإِيمَانِ قَدَّمَ اللَّهُ السَّابِقِينَ، وَ بِالْإِبْطَاءِ عَنِ الْإِيمَانِ أَخَّرَ اللَّهُ الْمُقَصِّرِينَ، لِأَنَّا نَجِدُ مِنَ‏
__________________________________________________
 (18)- .... مناقب ابن المغازلي: 322/ 369.
 (1)- الكافي 2: 34/ 1.
 (1) في المناقب: موضعكم.

294
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 21 ص 294

الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْآخِرِينَ، مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَمَلًا مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً وَ صَوْماً وَ حَجّاً وَ زَكَاةً وَ جِهَاداً وَ إِنْفَاقاً، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَوَابِقُ يَفْضُلُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عِنْدَ اللَّهِ لَكَانَ الْآخِرُونَ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ مُتَقَدِّمِينَ عَلَى الْأَوَّلِينَ، [لَكِنْ‏] أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُدْرِكَ آخِرُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ أَوَّلَهَا، وَ يُقَدَّمَ فِيهَا مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ، أَوْ يُؤَخَّرَ فِيهَا مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ».
قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَمَّا نَدَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ مِنَ الِاسْتِبَاقِ إِلَى الْإِيمَانِ. فَقَالَ: «قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ، وَ قَالَ:
السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1»، وَ قَالَ: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ «2»، فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْأَنْصَارِ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلَى قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا فَضَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ «3» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَ قَالَ: وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى‏ بَعْضٍ «4»، وَ قَالَ: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا «5»، وَ قَالَ: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ «6»، وَ قَالَ: يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ «7»، وَ قَالَ: الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ «8»، وَ قَالَ: وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً* دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً «9»، وَ قَالَ: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا «10»، وَ قَالَ: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ «11»، وَ قَالَ: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ «12»، وَ قَالَ:
__________________________________________________
 (1) الواقعة 56: 10، 11.
 (2) التوبة 9: 100.
 (3) البقرة 2: 253.
 (4) الإسراء 17: 55.
 (5) الإسراء 17: 21.
 (6) آل عمران 3: 163.
 (7) هود 11: 3.
 (8) التوبة 9: 20.
 (9) النساء 4: 95، 96.
 (10) الحديد 57: 10.
 (11) المجادلة 58: 11.
 (12) التوبة 9: 120.

295
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 21 ص 294

وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ «1»، وَ قَالَ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «2» فَهَذَا ذِكْرُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ وَ مَنَازِلِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى».
10520/ «2»- الرَّضِيُّ فِي (الْخَصَائِصِ): بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَدِمَ أُسْقُفُّ نَجْرَانَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ شَدِيدَةُ الْمَؤُونَةِ لَا تَحْتَمِلُ الْجَيْشَ، وَ أَنَا ضَامِنٌ لِخَرَاجِ أَرْضِي أَحْمِلُهُ إِلَيْكَ فِي كُلِّ عَامٍ كَمَلًا، فَكَانَ يَقْدَمُ هُوَ بِالْمَالِ بِنَفْسِهِ وَ مَعَهُ أَعْوَانٌ لَهُ حَتَّى يُوَفِّيَهُ بَيْتَ الْمَالِ، وَ يَكْتُبُ لَهُ عُمَرُ الْبَرَاءَةَ».
قَالَ: «فَقَدِمَ الْأُسْقُفُّ ذَاتَ عَامٍ، وَ كَانَ شَيْخاً جَمِيلًا، فَدَعَاهُ عُمَرُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى دِينِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَنْشَأَ، يَذْكُرُ فَضْلَ الْإِسْلَامِ، وَ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنَ النَّعِيمِ وَ الْكَرَامَةِ، فَقَالَ لَهُ الْأُسْقُفُّ: يَا عُمَرُ، أَنْتُمْ تَقْرَءُونَ فِي كِتَابِكُمْ أَنَّ [لِلَّهِ‏] جَنَّةً عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، فَأَيْنَ تَكُونُ النَّارُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عُمَرُ، وَ نَكَسَ رَأْسَهُ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ كَانَ حَاضِراً- أَجِبْ هَذَا النَّصْرَانِيَّ. فَقَالَ: لَهُ عُمَرُ: بَلْ أَجِبْهُ أَنْتَ. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَهُ: يَا أُسْقُفَّ نَجْرَانَ، أَنَا أُجِيبُكَ «3»، إِذَا جَاءَ النَّهَارُ أَيْنَ يَكُونُ اللَّيْلُ، وَ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ أَيْنَ يَكُونُ النَّهَارُ؟ فَقَالَ الْأُسْقُفُّ: مَا كُنْتُ أَرَى [أَنَ‏] أَحَداً يُجِيبُنِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ هَذَا الْفَتَى، يَا عُمَرُ؟ قَالَ عُمَرُ: هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ أَوَّلُ مُؤْمِنٍ مَعَهُ، هَذَا أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ.
قَالَ الْأُسْقُفُّ: أَخْبِرْنِي- يَا عُمَرُ- عَنْ بُقْعَةٍ فِي الْأَرْضِ طَلَعَتْ فِيهَا الشَّمْسُ سَاعَةً، وَ لَمْ تَطْلَعْ فِيهَا قَبْلَهَا وَ لَا بَعْدَهَا؟ قَالَ عُمَرُ: سَلِ الْفَتَى، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَا أُجِيبُكَ، هُوَ الْبَحْرُ حَيْثُ انْفَلَقَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَوَقَعَتِ الشَّمْسُ فِيهِ، وَ لَمْ تَقَعْ فِيهِ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ، قَالَ الْأُسْقُفُّ: صَدَقْتَ يَا فَتَى.
ثُمَّ قَالَ الْأُسْقُفُّ: أَخْبِرْنِي- يَا عُمَرُ- عَنْ شَيْ‏ءٍ فِي أَيْدِي أَهْلِ الدُّنْيَا شَبِيهٌ بِثِمَارِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: سَلِ الْفَتَى.
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَا أُجِيبُكَ: هُوَ الْقُرْآنُ، يَجْتَمِعُ أَهْلُ الدُّنْيَا عَلَيْهِ، فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ حَاجَتَهُمْ، وَ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ، وَ كَذَلِكَ ثِمَارُ الْجَنَّةِ. قَالَ الْأُسْقُفُّ: صَدَقْتَ يَا فَتَى. ثُمَّ قَالَ الْأُسْقُفُّ: يَا عُمَرُ، أَخْبِرْنِي هَلْ لِلسَّمَاوَاتِ مِنْ أَبْوَابٍ؟ فَقَالَ عُمَرُ: سَلِ الْفَتَى، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): نَعَمْ يَا أُسْقُفُّ، لَهَا أَبْوَابٌ. فَقَالَ: يَا فَتَى هَلْ لِتِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ أَقْفَالِ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
نَعَمْ يَا أُسْقُفُّ، أَقْفَالُهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ. قَالَ الْأُسْقُفُّ: صَدَقْتَ يَا فَتَى. فَمَا مِفْتَاحُ تِلْكَ الْأَقْفَالِ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَا يَحْجُبُهَا شَيْ‏ءٌ دُونَ الْعَرْشِ، فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا فَتَى.
ثُمَّ قَالَ الْأُسْقُفُّ: يَا عُمَرُ، أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ دَمٍ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، أَيُّ دَمٍ كَانَ فَقَالَ: سَلِ الْفَتَى.
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَا أُجِيبُكَ يَا أُسْقُفَّ نَجْرَانَ، أَمَّا نَحْنُ فَلَا نَقُولُ كَمَا تَقُولُونَ أَنَّهُ دَمُ ابْنِ آدَمَ الَّذِي قَتَلَهُ أَخُوهُ؛ وَ لَيْسَ هُوَ كَمَا قُلْتُمْ، وَ لَكِنْ أَوَّلُ دَمٍ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَشِيمَةُ حَوَّاءَ حِينَ وَلَدَتْ قَابِيلَ بْنَ آدَمَ. قَالَ الْأُسْقُفُّ: صَدَقْتَ‏
__________________________________________________
 (2)- خصائص الأئمة (عليه السّلام): 90.
 (1) البقرة 2: 110.
 (2) الزلزلة 99: 7، 8.
 (3) في المصدر زيادة: أ رأيت.

296
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 21 ص 294

يَا فَتَى.
ثُمَّ قَالَ الْأُسْقُفُّ: بَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، أَخْبِرْنِي أَنْتَ- يَا عُمَرُ- أَيْنَ اللَّهُ تَعَالَى؟ قَالَ: فَغَضِبَ عُمَرُ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَا أُجِيبُكَ وَ سَلْ عَمَّا شِئْتَ، كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ، إِذَا أَتَاهُ مَلَكٌ فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مِنْ أَيْنَ أُرْسِلْتَ؟ قَالَ: مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ مِنْ عِنْدِ رَبِّي. ثُمَّ أَتَاهُ مَلَكٌ آخَرُ، فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ أَيْنَ أُرْسِلْتَ؟ قَالَ: مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ مِنْ عِنْدِ رَبِّي. ثُمَّ أَتَاهُ مَلَكٌ آخَرُ، فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ أَيْنَ أُرْسِلْتَ؟ قَالَ: مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ مِنْ عِنْدِ رَبِّي. ثُمَّ أَتَى مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مِنْ أَيْنَ أُرْسِلْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ مِنْ عِنْدِ رَبِّي. فَاللَّهُ هَا هُنَا وَ هَا هُنَا، فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ، وَ فِي الْأَرْضِ إِلَهٌ، وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَعْنَاهُ مِنْ مَلَكُوتِ رَبِّي فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيْ‏ءٌ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى».
10521/ «3»- ابن الفارسيّ: سئل أنس بن مالك فقيل له: يا أبا حمزة، الجنة في الأرض أم في السماء؟ قال:
و أي أرض تسع الجنة، و أي سماء تسع الجنة، قيل: فأين هي؟ قال: فوق السماء السابعة تحت العرش.
10522/ «4»- السَّيِّدُ الرَّضِيُّ، فِي (فَضَائِلِ الْعِتْرَةِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- وَ قَدْ سَأَلَهُ جَاثَلِيقُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، أَيْنَ هُمَا؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْجَنَّةُ تَحْتَ الْعَرْشِ فِي الْآخِرَةِ، وَ النَّارِ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى» فَقَالَ الْجَاثَلِيقُ: صَدَقْتَ.
10523/ «5»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى‏ بَعْضٍ «1»: «إِنَّهُمَا نَزَلَتَا فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «2»».
قوله تعالى:
ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ*
__________________________________________________
 (3)- روضة الواعظين: 505.
 (4)- ....
 (5)- المناقب 3: 99.
 (1) النساء 4: 99.
 (2) في المصدر: إنهما نزلا فيهم.

297
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد الآيات 22 الى 23 ص 297

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [22- 23]
10524/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) عَنِ الزُّهْدِ فَقَالَ: «عَشَرَةُ أَشْيَاءَ فَأَعْلَى دَرَجَةِ الزُّهْدِ أَدْنَى دَرَجَةِ الْوَرَعِ، وَ أَعْلَى دَرَجَةِ الْوَرَعِ أَدْنَى دَرَجَةِ الْيَقِينِ، وَ أَعْلَى دَرَجَةِ الْيَقِينِ أَدْنَى دَرَجَةِ الرِّضَا، [أَلَا] وَ إِنَّ الزُّهْدَ كُلَّهُ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ».
10525/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَا حَدُّ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: فَقَالَ: «قَدْ حَدَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ إِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِاللَّهِ أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ، وَ أَخْوَفَهُمْ لَهُ أَعْلَمُهُمْ بِهِ، وَ أَعْلَمَهُمْ بِهِ أَزْهَدُهُمْ فِيهَا».
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَوْصِنِي. فَقَالَ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ، فَإِنَّكَ لَا تَسْتَوْحِشُ عَنْهُ».
10526/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، رَفَعَهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)- وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ- فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: فَمَا الزُّهْدُ؟ قَالَ: «الزُّهْدُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ: أَعْلَى دَرَجَاتِ الزُّهْدِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الرِّضَا، أَلَا وَ إِنَّ الزُّهْدَ فِي آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ».
10527/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَرِيشِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ، قَالَ: «قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): سَأَلَ رَجُلٌ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ «1» وَ أَصْحَابِهِ، وَاحِدَةٌ مُقَدَّمَةٌ وَ وَاحِدَةٌ مُؤَخَّرَةٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي عَرَضَتْ لَكُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَصْحَابُ الْحُكْمِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ فَذَهَبَ فَلَمْ أَرَهُ».
10528/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها:
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 104/ 4.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 146.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 260.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 351.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 351.
 (1) في المصدر: في زريق.

298
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد الآيات 22 الى 23 ص 297

 «صَدَقَ اللَّهُ وَ بَلَّغَتْ رُسُلُهُ، كِتَابُهُ فِي السَّمَاءِ عِلْمُهُ بِهَا، وَ كِتَابُهُ فِي الْأَرْضِ إِعْلَامُنَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ فِي غَيْرِهَا إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ».
10529/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمَّا أُدْخِلَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَ أُدْخِلَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ بَنَاتُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) مُقَيَّداً مَغْلُولًا، فَقَالَ يَزِيدُ: يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَ أَبَاكَ. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ أَبِي. قَالَ: فَغَضِبَ يَزِيدُ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): فَإِذَا قَتَلْتَنِي فَبَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَنْ يَرُدُّهُنَّ إِلَى مَنَازِلِهِنَّ، وَ لَيْسَ لَهُنَّ مَحْرَمٌ غَيْرِي؟ فَقَالَ: أَنْتَ تَرُدُّهُنَّ إِلَى مَنَازِلِهِنَّ، ثُمَّ دَعَا بِمِبْرَدٍ، فَأَقْبَلَ يَبْرُدُ الْجَامِعَةَ مِنْ عُنُقِهِ بِيَدِهِ.
ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، أَ تَدْرِي مَا الَّذِي أُرِيدُ بِذَلِكَ؟ قَالَ: بَلَى تُرِيدُ أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ عَلَيَّ مِنَّةٌ غَيْرُكَ.
فَقَالَ يَزِيدُ: هَذَا وَ اللَّهِ [مَا] أَرَدْتُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ «1» فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): كَلَّا مَا هَذِهِ فِينَا نَزَلَتْ، إِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ الْآيَةِ؛ فَنَحْنُ الَّذِينَ لَا نَأْسَى عَلَى مَا فَاتَنَا، مِنَ الدُّنْيَا «2» وَ لَا نَفْرَحُ بِمَا آتَانَا مِنْهَا».
10530/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُظَفَّرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [قَالَ:] «تَعْتَلِجُ «3» النُّطْفَتَانِ فِي الرَّحِمِ، فَأَيَّتُهُمَا كَانَتْ أَكْثَرَ جَاءَتْ تُشْبِهُهَا، فَإِنْ كَانَتْ نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ أَكْثَرَ جَاءَتْ تُشْبِهُ أَخْوَالَهُ، وَ إِنْ كَانَتْ نُطْفَةُ الرَّجُلِ أَكْثَرَ جَاءَتْ تُشْبِهُ أَعْمَامَهُ».
وَ قَالَ: تَحَوَّلُ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَفِي تِلْكَ الْأَرْبَعِينَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكَ الْأَرْحَامِ إِلَيْهَا، فَيَأْخُذُهَا، فَيَصْعَدُ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَيَقِفُ حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ، فَيَقُولُ: يَا إِلَهِي، أَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيُوحِي اللَّهُ تَعَالَى مَا يَشَاءُ، وَ يَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا إِلَهِي أَ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيُوحِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ، وَ يَكْتُبُ الْمَلَكُ، وَ يَقُولُ اللَّهُمَّ كَمْ رِزْقُهُ، وَ مَا أَجَلُهُ؟ ثُمَّ يَكْتُبُهُ وَ يَكْتُبُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ يُصِيبُهُ فِي الدُّنْيَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ فَيَرُدُّهُ فِي الرَّحِمِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها».
__________________________________________________
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 352.
 (7)- علل الشرائع: 95/ 4.
 (1) الشورى 42: 30.
 (2) (من الدنيا) ليس في «ج» و المصدر.
 (3) اعتلجت الأمواج: إذا التطمت. «النهاية 3: 286».

299
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد الآيات 22 الى 23 ص 297

و سيأتي- إن شاء اللّه- حديث في تفسير الآية في تفسير إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1».
قوله تعالى:
لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [25]
10531/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَ غَيْرِهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ وَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الدَّيْلَمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَوْصَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَ أَوْصَى يُوشَعُ بْنُ نُونٍ إِلَى وَلَدِ هَارُونَ، وَ لَمْ يُوصِ إِلَى وُلْدِهِ، وَ لَا إِلَى وُلْدِ مُوسَى، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الْخِيَرَةُ، يَخْتَارُ مَا يَشَاءُ مِمَّنْ يَشَاءُ، وَ بَشَّرَ مُوسَى وَ يُوشَعُ بِالْمَسِيحِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فَلَمَّا أَنْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمَسِيحَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ الْمَسِيحُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَهُمْ: إِنَّهُ سَوْفَ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي نَبِيٌّ اسْمُهُ أَحْمَدُ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، يَجِي‏ءُ بِتَصْدِيقِي وَ تَصْدِيقِكُمْ وَ عُذْرِي وَ عُذْرِكُمْ، وَ جَرَتْ مِنْ بَعْدِهِ فِي الْحَوَارِيِّينَ فِي الْمُسْتَحْفَظِينَ، وَ إِنَّمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُسْتَحْفَظِينَ لِأَنَّهُمُ اسْتُحْفِظُوا الِاسْمَ الْأَكْبَرَ، وَ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ عِلْمُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، الَّذِي كَانَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (وَ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ أَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَ الْمِيزَانَ) «2» الْكِتَابُ: الِاسْمُ الْأَكْبَرُ، وَ إِنَّمَا عُرِفَ مِمَّا يُدْعَى الْكِتَابَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِيلُ وَ الْفُرْقَانُ، فِيهَا كِتَابُ نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ فِيهَا كِتَابُ صَالِحٍ وَ شُعَيْبٍ وَ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏* صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ «3» وَ أَيْنَ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ؟ إِنَّمَا صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ الِاسْمُ الْأَكْبَرُ، وَ صُحُفُ مُوسَى الِاسْمُ الْأَكْبَرُ.
فَلَمْ تَزَلِ الْوَصِيَّةُ فِي عَالِمٍ بَعْدَ عَالِمٍ، حَتَّى دَفَعُوهَا إِلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَسْلَمَ لَهُ الْعَقِبُ مِنَ الْمُسْتَحْفَظِينَ، وَ كَذَّبَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَ دَعَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ عَلَيْهِ: أَنْ أَعْلِنْ فَضْلَ وَصِيِّكَ. فَقَالَ [رَبِ‏] إِنَّ الْعَرَبَ قَوْمٌ جُفَاةٌ، لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِتَابٌ، وَ لَمْ يُبْعَثْ إِلَيْهِمْ نَبِيٌّ، وَ لَا يَعْرِفُونَ نُبُوَّةَ «4» الْأَنْبِيَاءِ وَ لَا شَرَفَهُمْ، وَ لَا يُؤْمِنُونَ بِي إِنْ أَنَا أَخْبَرْتُهُمْ بِفَضْلِ أَهْلِ بَيْتِي، فَقَالَ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 232/ 3.
 (1) يأتي في الحديث (2) من تفسير سورة القدر.
 (2) لم ترد هذه الآية بهذا الوجه في القرآن.
 (3) الأعلى 87: 18، 19.
 (4) في المصدر: و لا يعرفون فضل نبوّات.

300
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 25 ص 300

اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ «1» وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ «2» فَذَكَرَ مِنْ فَضْلِ وَصِيِّهِ ذِكْراً، فَوَقَعَ النِّفَاقُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَعَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَلِكَ وَ مَا يَقُولُونَ، فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: «وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَ لَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ» «3» لَكِنَّهُمْ يَجْحَدُونَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ لَهُمْ.
وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَتَأَلَّفُهُمْ وَ يَسْتَعِينُ بِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَ لَا يَزَالُ يُخْرِجُ لَهُمْ شَيْئاً فِي فَضْلِ وَصِيِّهِ حَتَّى [نَزَلَتْ‏] هَذِهِ السُّورَةُ، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِمْ حِينَ أَعْلَمُ بِمَوْتِهِ وَ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَ إِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ «4» يَقُولُ: إِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ عَلَمَكَ وَ أَعْلِنْ وَصِيَّكَ، فَأَعْلِمْهُمْ فَضْلَهُ عَلَانِيَةً، فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- ثُمَّ قَالَ: لَأَبْعَثَنَّ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولُهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ- يُعَرِّضُ بِمَنْ رَجَعَ يُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ يُجَبِّنُونَهُ- وَ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): عَلِيٌّ سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ. وَ قَالَ: عَلِيٌّ عَمُودُ الدِّينِ، وَ قَالَ: هَذَا هُوَ الَّذِي يَضْرِبُ النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَلَى الْحَقِّ بَعْدِي. وَ قَالَ: الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ أَيْنَمَا مَالَ. وَ قَالَ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ، إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ أَهْلَ بَيْتِي عِتْرَتِي. أَيُّهَا النَّاسُ: اسْمَعُوا وَ قَدْ بَلَّغْتُ، إِنَّكُمْ سَتَرِدُونَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَأَسْأَلُكُمْ عَمَّا فَعَلْتُمْ فِي الثَّقَلَيْنِ، [وَ] الثَّقَلَانِ: كِتَابُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ أَهْلُ بَيْتِي، فَلَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَهْلِكُوا، وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ.
فَوَقَعَتِ الْحُجَّةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بِالْكِتَابِ الَّذِي يَقْرَأُهُ النَّاسُ.
فَلَمْ يَزَلْ يُلْقِي فَضْلَ أَهْلِ بَيْتِهِ بِالْكَلَامِ وَ يُبَيِّنُ لَهُمْ بِالْقُرْآنِ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «5»، وَ قَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ «6»، ثُمَّ قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ «7»، وَ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ كَانَ حَقُّهُ الْوَصِيَّةَ الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ، وَ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ، وَ مِيرَاثَ الْعِلْمِ، وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ، فَقَالَ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ «8»، ثُمَّ قَالَ: (وَ إِذَا الْمَوَدَّةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) «9»، يَقُولُ: أَسْأَلُكُمْ عَنِ الْمَوَدَّةِ الَّتِي أَنْزَلْتُ عَلَيْكُمْ فَضْلَهَا، مَوَدَّةَ
__________________________________________________
 (1) النحل 16: 127.
 (2) الزخرف 43: 89.
 (3) لم ترد هذه الآية بهذا الوجه في القرآن، بل الذي في سورة الآية 97 و 98: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، و في سورة الأنعام الآية 33: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ.
 (4) الانشراح 97: 7، 8.
 (5) الأحزاب 33: 33.
 (6) الأنفال 8: 41.
 (7) الإسراء 17: 26.
 (8) الشورى 42: 23.
 (9) التكوير 81: 8، 9. قال المجلسي: قوله «و إذا المودّة سئلت»، أقول: القراءة المشهورة: الموؤدة بالهمزة، قال الطّبرسي: الموؤدة:
هي الجارية المدفونة حيّة، و كانت المرأة إذا حان وقت ولادتها حفرت حفرة و قعدت على رأسها، فان ولدت بنتا رمتها في الحفرة، و إن-

301
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 25 ص 300

الْقُرْبَى، بِأَيِّ ذَنْبٍ قَتَلْتُمُوهُمْ؟
وَ قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «1»، قَالَ: الْكِتَابُ [هُوَ] الذِّكْرُ، وَ أَهْلُهُ آلُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِسُؤَالِهِمْ، وَ لَمْ يَأْمُرْ بِسُؤَالِ الْجُهَّالِ، وَ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْقُرْآنَ ذِكْراً، فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «2»، وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ «3».
وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «4»، وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «5» فَرَدَّ اللَّهُ أَمْرَ النَّاسِ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، الَّذِينَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ وَ بِالرَّدِّ إِلَيْهِمْ.
فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ «6»، فَنَادَى النَّاسَ فَاجْتَمَعُوا، وَ أَمَرَ بِسَمُرَاتٍ فَقُمَّ «7»، شَوْكُهُنَّ، ثُمَّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ وَلِيُّكُمْ وَ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟ فَقَالُوا: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ. فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- فَوَقَعَتْ حَسَكَةُ النِّفَاقِ فِي قُلُوبِ الْقَوْمِ، وَ قَالُوا: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ هَذَا عَلَى مُحَمَّدٍ قَطُّ، وَ مَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَ بِضَبْعِ «8» ابْنِ عَمِّهِ.
__________________________________________________
- وَلَدَتْ غُلَاماً حَبَسَتْهُ، أَيْ تُسْئَلُ فَيُقَالُ لَهَا: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟ وَ مَعْنَى سُؤَالِهَا تَوْبِيخُ قَاتِلِهَا، وَ قِيلَ: الْمَعْنَى: يُسْئَلُ قَاتِلُهَا، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟
وَ
رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «وَ إِذَا الْمَوَدَّةِ سُئِلْتَ» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَ الْوَاوِ.
و
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مَنْ قُتِلَ فِي مَوَدَّتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.
و
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «يَعْنِي قَرَابَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَنْ قُتِلَ فِي جِهَادٍ»
و
فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، قَالَ: «هُوَ مَنْ قُتِلَ فِي مَوَدَّتِنَا وَ وَلَايَتِنَا»
انتهى.
و أقول: الظاهر أنّ أكثر تلك الأخبار مبنيّة على تلك الأخبار مبنيّة على تلك القراءة الثانية، إمّا بحذف المضاف، أي أهل المودّة يسئلون بأي ذنب قتلوا، أو بإسناد القتل إلى المودّة مجازا، و المراد قتل أهلها، أو بالتجوّز في القتل، و المراد تضييع مودّة أهل البيت (عليهم السلام) و إبطالها و عدم القيام بها و بحقوقها، و بعضها على القراءة الأولى المشهورة بأن يكون المراد بالمؤودة النفس المدفونة في التّراب مطلقا أو حيّة، إشارة إلى أنّهم لكونهم مقتولين في سبيل اللّه تعالى، ليسوا بأموات، بل أحياء عند ربّهم يرزقون، فكأنهم دفنوا أحياء، و فيه من اللطف مالا يخفى، و هذا الخبر يؤيّد الوجه الأوّل لقوله: «قتلتموهم». «مرآة العقول 3: 281».
 (1) النحل 16: 43، الأنبياء 21: 7.
 (2) النحل 16: 44.
 (3) الزخرف 43: 44.
 (4) النساء 4: 59.
 (5) النساء 4: 83.
 (6) المائدة 5: 67.
 (7) السّمر: نوع من الشجر، و قمّ: كنس.
 (8) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها. «المعجم الوسيط- ضبع- 1: 533».

302
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 25 ص 300

فلما قدم المدينة أتته الأنصار، فقالوا: يا رسول اللّه، إن اللّه جل ذكره قد أحسن إلينا و شرفنا بك و بنزولك بين ظهرانينا، فقد فرح اللّه صديقنا و كبت عدونا، و قد يأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم، فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتّى إذا قدم عليك وفد مكّة وجدت ما تعطيهم. فلم يرد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عليهم شيئا، و كان ينتظر ما يأتيه من ربّه، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) و قال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏، و لم يقبل أموالهم، فقال المنافقون: ما أنزل هذا على محمد، و ما يريد إلّا أن يرفع بضبع ابن عمه، و يحمل علينا أهل بيته، يقول أمس: من كنت مولاه فعلي مولاه، و اليوم: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏، ثمّ نزل عليه آية الخمس، فقالوا: يريد أن يعطيهم أموالنا و فيئنا. ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، إنك قد قضيت نبوتك، و استكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوّة عند علي، فإني لم أترك الأرض إلّا و فيها عالم، تعرف به طاعتي، و تعرف به ولايتي، و يكون حجة لمن يولد بين قبض النبيّ إلى خروج النبيّ الآخر. قال: فأوصى إليه بالاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوّة، و أوصى إليه بألف كلمة و ألف باب، تفتح كل كلمة و كل باب ألف كلمة و ألف باب».
10532/ «2»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ ثَمَانِيَةَ رِجَالٍ، فَذَكَرْنَا رَمَضَانَ، فَقَالَ:
 «لَا تَقُولُوا هَذَا رَمَضَانُ، [وَ لَا ذَهَبَ رَمَضَانُ‏] وَ لَا جَاءَ رَمَضَانُ، [فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ لَا يَجِي‏ءُ وَ لَا يَذْهَبُ.
وَ إِنَّمَا يَجِي‏ءُ وَ يَذْهَبُ الزَّائِلُ وَ لَكِنْ قُولُوا: شَهْرُ رَمَضَانَ‏]، فَالشَّهْرُ الْمُضَافُ إِلَى الِاسْمِ [وَ الِاسْمُ‏] اسْمُ اللَّهِ، وَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، جَعَلَهُ اللَّهُ- سَقَطَ فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي الْأَصْلِ- «1» لَا يُفْعَلُ الْخُرُوجُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِزِيَارَةِ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ عِيداً، أَلَا وَ مَنْ «2» خَرَجَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ بَيْتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ نَحْنُ سَبِيلُ اللَّهِ الَّذِي مَنْ دَخَلَ فِيهِ يُطَافُ بِالْحِصْنِ، وَ الْحِصْنُ هُوَ الْإِمَامُ، فَيُكَبِّرُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ كَانَتْ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَخْرَةٌ فِي مِيزَانِهِ أَثْقَلُ مِنَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ».
قُلْتُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، وَ مَا الْمِيزَانُ؟ فَقَالَ: «إِنَّكَ قَدِ ازْدَدْتَ قُوَّةً وَ نَظَراً يَا سَعْدُ، رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الصَّخْرَةُ، وَ نَحْنُ الْمِيزَانُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْإِمَامِ: لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَ مَنْ كَبَّرَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ وَ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. كَتَبَ اللَّهُ لَهُ رِضْوَانَهُ الْأَكْبَرَ، وَ مَنْ كَتَبَ لَهُ رِضْوَانَهُ الْأَكْبَرَ يَجْمَعْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ الْمُرْسَلِينَ فِي دَارِ الْجَلَالِ».
فَقُلْتُ: وَ مَا دَارُ الْجَلَالِ؟ فَقَالَ: «نَحْنُ الدَّارُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «3» [فَنَحْنُ الْعَاقِبَةُ يَا سَعْدُ، وَ أَمَّا مَوَدَّتُنَا لِلْمُتَّقِينَ‏] فَيَقُولُ‏
__________________________________________________
 (2)- مختصر بصائر الدرجات: 56، بحار الأنوار 24: 396/ 116.
 (1) هذه العبارة مثبتة في جميع النسخ، و في هذا الموضع من المصدر سقط أيضا.
 (2) كذا، و في البحار: جعله اللّه مثلا وعيدا، ألا و من.
 (3) القصص 28: 83.

303
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 25 ص 300

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ «1» فَنَحْنُ جَلَالُ اللَّهِ وَ كَرَامَتُهُ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْعِبَادَ بِطَاعَتِنَا «2»».
10533/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: الميزان الإمام.
قوله تعالى:
وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [25]
10534/ «1»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- وَ قَالَ: «وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ فَإِنْزَالُهُ ذَلِكَ: خَلْقُهُ [إِيَّاهُ‏]».
10535/ «2»- ابن شهر آشوب: عن تفسير السدي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ قال: أنزل اللّه آدم معه من الجنة سيف ذي الفقار، خلق من ورق آس الجنة، ثمّ قال: فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ، فكان به يحارب آدم أعداءه من الجن و الشياطين، و كان عليه مكتوبا: لا يزال أنبيائي يحاربون به، نبي بعد نبي، و صديق بعد صديق، حتى يرثه أمير المؤمنين فيحارب به مع «3» النبيّ الأمي، وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ لمحمد و علي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ منيع بالنقمة من الكفّار «4» بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال: و قد روى كافة أصحابنا أن المراد بهذه الآية ذو الفقار، أنزل من السماء على النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) فأعطاه عليا (عليه السلام).
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ [26]
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 352.
 (1)- الإحتجاج: 250.
 (2)- المناقب 3: 294.
 (1) الرحمن 55: 77.
 (2) في «ط، ي»: بطاعتهم.
 (3) في المصدر: عن.
 (4) في المصدر: منيع من النقمة بالكفار.

304
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 26 ص 304

10536/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شَاذَوَيْهِ الْمُؤَدِّبُ، وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثِ الْمَأْمُونِ مَعَ الْعُلَمَاءِ، وَ قَدْ أَشَرْنَا لَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ- قَالَتِ الْعُلَمَاءُ: أَخْبِرْنَا- يَا أَبَا الْحَسَنِ- عَنِ الْعِتْرَةِ، أَ هُمُ الْآلُ أَمْ غَيْرُ الْآلِ؟ فَقَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هُمُ الْآلُ».
فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ: فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يُؤْثَرُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أُمَّتِي آلِي» وَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُهُ يَقُولُونَ بِالْخَبَرِ الْمُسْتَفَاضِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ: آلُ مُحَمَّدٍ: أُمَّتُهُ.
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَخْبِرُونِي هَلْ تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْآلِ»؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «فَتَحْرُمُ عَلَى الْأُمَّةِ»؟
قَالُوا: لَا. قَالَ: «هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْآلِ وَ الْأُمَّةِ، وَيْحَكُمْ أَيْنَ يُذْهَبُ بِكُمْ؟ أَ ضَرَبْتُمْ عَنِ الذِّكْرِ صَفْحاً أَمْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ؟
أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ وَقَعَتِ الْوِرَاثَةُ وَ الطَّهَارَةُ عَلَى الْمُصْطَفَيْنَ الْمُهْتَدِينَ دُونَ سَائِرِهِمْ»؟ قَالُوا: وَ مِنْ أَيْنَ، يَا أَبَا الْحَسَنِ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ فَصَارَتْ وِرَاثَةُ النُّبُوَّةِ وَ الْكِتَابِ لِلْمُهْتَدِينَ دُونَ الْفَاسِقِينَ. أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ نُوحاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حِينَ سَأَلَ رَبَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، فَقَالَ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ «1» وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَعَدَهُ أَنْ يُنْجِيَهُ وَ أَهْلَهُ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ «2»؟».
قوله تعالى:
وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ [27]
10537/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ، قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (عُيُونِ الْأَخْبَارِ) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ‏
__________________________________________________
 (1)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 229/ 1.
 (2)- الكافي 3: 488/ 12.
 (1) هود 11: 45.
 (2) هود 11: 46.

305
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 27 ص 305

الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «1».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ [28]
10538/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَقَدْ آتَى اللَّهُ أَهْلَ الْكِتَابِ خَيْراً كَثِيراً، قَالَ: «وَ مَا ذَاكَ»؟
قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا «2».
قَالَ: فَقَالَ: «قَدْ آتَاكُمُ اللَّهُ كَمَا آتَاهُمْ»، ثُمَّ تَلَا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ «يَعْنِي إِمَاماً تَأْتَمُّونَ بِهِ».
10539/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، قَالَ: «الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)». وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، قَالَ: «إِمَامٌ تَأْتَمُّونَ بِهِ».
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ «3».
10540/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، قَالَ: «الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
قُلْتُ: وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، قَالَ: «يَجْعَلْ لَكُمْ إِمَاماً تَأْتَمُّونَ بِهِ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 150/ 3.
 (2)- الكافي 1: 356/ 86.
 (3)- تأويل الآيات 2: 668/ 27.
 (1) عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 282/ 29.
 (2) القصص 28: 52- 54.
 (3) تفسير القمّيّ 2: 352.

306
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحديد آية 28 ص 306

10541/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي شَيْبَةَ «1»، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، قَالَ:
 «الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)» وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، قَالَ: «يَجْعَلْ لَكُمْ إِمَامَ عَدْلٍ تَأْتَمُّونَ بِهِ، وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10542/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي «2» شُعَيْبُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، قَالَ: «الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، قَالَ: عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10543/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ حَسَنٍ الْمَرْوَزِيِّ، عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ جَوَّابِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ «3»، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: طَعَنْتُ عَلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَوَكَزَنِي فِي صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا كَعْبُ، إِنَّ لِعَلِيٍّ نُورَيْنِ:
نُورٌ فِي السَّمَاءِ، وَ نُورٌ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِنُورِهِ أَدْخَلَهُ [اللَّهُ‏] الْجَنَّةَ، وَ مَنْ أَخْطَأَهُ أَدْخَلَهُ [اللَّهُ‏] النَّارَ، فَبَشِّرِ النَّاسَ عَنِّي بِذَلِكَ».
10544/ «7»- قَالَ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: وَ رُوِيَ فِي مَعْنَى نُورِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا رُوِيَ مَرْفُوعاً، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «خَلَقَ اللَّهُ مِنْ نُورِ وَجْهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ لِمُحِبِّيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
10545/ «8»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال: نصيبين من رحمته:
أحدهما أن لا يدخله النار، و الثانية أن يدخله الجنة، و قوله تعالى: وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ يعني الإيمان.
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 669/ 29.
 (5)- تأويل الآيات 2: 669/ 28.
 (6)- تأويل الآيات 2: 669/ 30.
 (7)- تأويل الآيات 2: 670/ 31.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 352.
 (1) في المصدر: عن ابن أبي شيبة.
 (2) كذا و الظاهر قال: و حدّثني، و في شواهد التنزيل 2: 228/ 944: محمّد بن زكريا، حدّثنا محمّد بن عيسى، حدّثنا شعيب بن واقد.
 (3) في النسخ: الأول بن جولب، عن عمّار بن رزين، و في المصدر: الأحوال بن حوأب، عن عمّار بن زريق، و الصحيح ما أثبتناه، انظر تهذيب الكمال 21: 189.

307
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة ص 309

سورة المجادلة
فَضْلُهَا
تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ.
10546/ «1»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ الْمُفْلِحِينَ. وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مَرِيضٍ، أَوْ قَرَأَهَا عَلَيْهِ، سَكَنَ عَنْهُ مَا يُؤْلِمُهُ. وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَا يُدْفَنُ أَوْ يُحْرَزُ، حَفِظَتْهُ إِلَى أَنْ يُخْرِجَهُ صَاحِبُهُ».
10547/ «2»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مَرِيضٍ، أَوْ قَرَأَهَا عَلَيْهِ، سَكَنَ عَنْهُ الْأَلَمُ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَالٍ يُدْفَنُ أَوْ يُخْزَنُ حُفِظَ».
10548/ «3»- وَ قَالَ الْإِمَامُ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ مَرِيضٍ نَوَّمَتْهُ وَ سَكَّنَتْهُ. وَ إِذَا أَدْمَنَ عَلَى قِرَاءَتِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَاراً حُفِظَ مِنْ كُلِّ طَارِقٍ. وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَا يُخْزَنُ أَوْ يُدْفَنُ يُحْفَظُ إِلَى أَنْ يُخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ طُرِحَتْ فِي الْحُبُوبِ، زَالَ عَنْهَا مَا يُفْسِدُهَا وَ يُتْلِفُهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ......
 (2)- .......
 (3)- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

309
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 1 الى 4 ص 310

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ- إلى قوله تعالى- ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ [1- 4]
10549/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ جَمِيلِ «1» بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): إِنَّ زَوْجَكِ بَعْدِي يُلَاقِي كَذَا وَ كَذَا «2»؛ فَخَبِّرْهَا بِمَا يَلْقَى بَعْدَهُ، فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ لَا تَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ عَنْهُ؟ فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتُ اللَّهَ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ مُبْتَلًى وَ مُبْتَلًى بِهِ، فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ».
10550/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي وَلَّادٍ الْحَنَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَتَتْ رَسُولَ‏
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 670/ 1.
 (2)- الكافي 6: 152/ 1.
 (1) في المصدر: جميع.
 (2) في المصدر: زوجك يلاقي بعدي كذا، و يلاقي بعدي كذا.

310
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 1 الى 4 ص 310

اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَاناً زَوْجِي قَدْ نَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي «1»، وَ أَعَنْتُهُ عَلَى دُنْيَاهُ وَ آخِرَتِهِ، فَلَمْ يَرَ مِنِّي مَكْرُوهاً، وَ أَنَا أَشْكُوهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَيْكَ. قَالَ: مِمَّا تَشْتَكِينَهُ؟ قَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ قَالَ لِيَ الْيَوْمَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، وَ قَدْ أَخْرَجَنِي مِنْ مَنْزِلِي، فَانْظُرْ فِي أَمْرِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ كِتَاباً أَقْضِي بِهِ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ زَوْجِكِ، وَ أَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ؛ فَجَعَلَتْ تَبْكِي وَ تَشْتَكِي مَا بِهَا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ انْصَرَفَتْ، فَسَمِعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَاوَرَتَهَا لِرَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي زَوْجِهَا وَ مَا شَكَتْ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُرْآناً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما، يَعْنِي مُحَاوَرَتَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي زَوْجِهَا: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ* الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ.
فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى الْمَرْأَةِ فَأَتَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: جِيئِينِي بِزَوْجِكِ؛ فَأَتَتْهُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَ قُلْتَ لِامْرَأَتِكَ هَذِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي؟ قَالَ: قَدْ قُلْتُ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيكَ وَ فِي امْرَأَتِكَ قُرْآناً، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ قَوْلِهِ: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ فَضُمَّ امْرَأَتَكَ إِلَيْكَ، فَإِنَّكَ قَدْ قُلْتَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً قَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ وَ غَفَرَ لَكَ، فَلَا تَعُدْ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ هُوَ نَادِمٌ عَلَى مَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ.
وَ كَرِهَ اللَّهُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا يَعْنِي لِمَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي؛ قَالَ: فَمَنْ قَالَهَا بَعْدَ مَا عَفَا اللَّهُ وَ غَفَرَ لِلرَّجُلِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا يَعْنِي مُجَامَعَتَهَا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً فَجَعَلَ اللَّهُ عُقُوبَةَ مَنْ ظَاهَرَ بَعْدَ النَّهْيِ هَذَا، وَ قَالَ: ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا حَدَّ الظِّهَارِ».
قَالَ حُمْرَانُ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ لَا يَكُونُ ظِهَارٌ فِي يَمِينٍ، وَ لَا فِي إِضْرَارٍ، وَ لَا فِي غَضَبٍ، وَ لَا يَكُونُ ظِهَارٌ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ بِغَيْرِ جِمَاعٍ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ».
10551/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً، قَالَ:
 «مِنْ مَرَضٍ أَوْ عُطَاشٍ».
10552/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: قُلْتُ‏
__________________________________________________
 (3)- الكافي 4: 116/ 1.
 (4)- الكافي 6: 155/ 10.
 (1) نثرت المرأة بطنها: كثر ولدها. «المعجم الوسيط 2: 90».

311
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 1 الى 4 ص 310

لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ عَمَّتِي أَوْ خَالَتِي «1»؟ قَالَ: «هُوَ الظِّهَارُ».
قَالَ: وَ سَأَلْنَاهُ عَنِ الظِّهَارِ مَتَى يَقَعُ عَلَى صَاحِبِهِ الْكَفَّارَةُ؟ فَقَالَ: «إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاقِعَ امْرَأَتَهُ».
قُلْتُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُوَاقِعَهَا، أَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ؟ قَالَ: «سَقَطَتِ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ «2»». قُلْتُ: فَإِنْ صَامَ بَعْضاً ثُمَّ مَرِضَ فَأَفْطَرَ، أَ يَسْتَقْبِلُ أَمْ يُتِمُّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: «إِنْ صَامَ شَهْراً فَمَرِضَ اسْتَقْبَلَ، وَ إِنْ زَادَ عَلَى الشَّهْرِ الْآخَرِ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ بَنَى عَلَى مَا بَقِيَ».
قَالَ: وَ قَالَ: «الْحُرَّةُ وَ الْمَمْلُوكَةُ سَوَاءٌ، غَيْرَ أَنَّ عَلَى الْمَمْلُوكِ نِصْفَ مَا عَلَى الْحُرِّ مِنَ الْكَفَّارَةِ، وَ لَيْسَ عَلَيْهِ عِتْقٌ وَ لَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرِ».
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي وَلَّادٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الثَّانِي «3».
10553/ «5»- علي بن إبراهيم، قال: كان سبب نزول هذه السورة، أنه أول من ظاهر في الإسلام كان رجلا يقال له أوس بن الصامت من الأنصار، و كان شيخا كبيرا، فغضب على أهله يوما، فقال لها: أنت علي كظهر أمي، ثم ندم على ذلك، قال: و كان الرجل في الجاهلية إذا قال لأهله: أنت علي كظهر أمي، حرمت عليه إلى آخر الأبد.
و قال أوس [لأهله‏]: يا خولة: إنا كنا نحرم هذا في الجاهلية، و قد أتانا اللّه بالإسلام، فاذهبي إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فسليه عن ذلك، فأتت خولة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فقالت: بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه إن أوس ابن الصامت زوجي و أبو ولدي و ابن عمي، فقال لي: أنت علي كظهر أمي. و كنا نحرم ذلك في الجاهلية، و قد آتانا اللّه الإسلام بك، فأنزل اللّه السورة «4».
قوله تعالى:
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى‏ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ [7]
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 353.
 (1) في «ج» و المصدر: عمّته أو خالته.
 (2) في المصدر: قال: لا، سقطت عنه الكفّارة.
 (3) تفسير القمّيّ 2: 353.
 (4) (فأنزل اللّه السورة) ليس في «ج» و المصدر.

312
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 7 ص 312

10554/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ، فَقَالَ: «هُوَ وَاحِدٌ، وَاحِدِيُّ الذَّاتِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَ بِذَاكَ وَصَفَ نَفْسَهُ، وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ بِالْإِشْرَافِ وَ الْإِحَاطَةِ وَ الْقُدْرَةِ، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَ لَا فِي الْأَرْضِ وَ لَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْبَرُ بِالْإِحَاطَةِ وَ الْعِلْمِ لَا بِالذَّاتِ، لِأَنَّ الْأَمَاكِنَ مَحْدُودَةٌ تَحْوِيهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ، فَإِذَا كَانَ بِالذَّاتِ لَزِمَهَا الْحَوَايَةُ».
10555/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، رَفَعَهُ، قَالَ: سَأَلَ الْجَاثَلِيقُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ- فَأَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «هُوَ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ فَوْقُ وَ تَحْتِ وَ مُحِيطٌ بِنَا وَ مَعَنَا، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٌ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى‏ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا».
10556/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى‏ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ.
قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي فُلَانٍ، وَ فُلَانٍ، وَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، حَيْثُ كَتَبُوا الْكِتَابَ بَيْنَهُمْ، وَ تَعَاهَدُوا وَ تَوَافَقُوا: لَئِنْ مَضَى مُحَمَّدٌ لَا تَكُونُ الْخِلَافَةُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَ لَا النُّبُوَّةُ أَبَداً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةِ».
ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ «1».
10557/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَانَ لَمْ يَزَلْ بِلَا زَمَانٍ وَ لَا مَكَانٍ، وَ هُوَ الْآنَ كَمَا كَانَ، لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَ لَا يُشْغَلُ بِهِ مَكَانٌ وَ لَا [يَحُلُّ فِي مَكَانٍ، مَا] يَكُونُ مِنَ نَجْوَى‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 98/ 5.
 (2)- الكافي 1: 101/ 1.
 (3)- الكافي 8: 179/ 202.
 (4)- التوحيد: 178/ 12.
 (1) التوحيد: 131/ 13.

313
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 7 ص 312

ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ، وَ لَا خَمْسَةُ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ، وَ لَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا، لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ حِجَابٌ غَيْرُ خَلْقِهِ، احْتَجَبَ بِغَيْرِ حِجَابٍ مَحْجُوبٍ، وَ اسْتَتَرَ بِغَيْرِ سِتْرٍ مَسْتُورٍ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ».
10558/ «5»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ وَ بَكْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّمَا النَّجْوى‏ مِنَ الشَّيْطانِ «1»، قَالَ: «الثَّانِي «2»» وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ، قَالَ: «فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ ابْنُ فُلَانٍ أَمِينُهُمْ، حِينَ اجْتَمَعُوا فَدَخَلُوا الْكَعْبَةَ، فَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَاباً: إِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ أَنْ لَا يَرْجِعَ الْأَمْرُ فِيهِمْ أَبَداً».
قوله تعالى:
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى‏- إلى قوله تعالى- بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ [8] 10559/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى‏ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ، قال: كان أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يأتون رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فيسألونه أن يسأل اللّه لهم، و كانوا يسألون ما لا يحل لهم، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ يَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ، و قولهم له إذا أتوه: أنعم صباحا، [و] أنعم مساء، و هي تحية أهل الجاهلية، فأنزل اللّه تعالى: وَ إِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ،
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَدْ أَبْدَلَنَا بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ: تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ».
10560/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «دَخَلَ يَهُودِيٌّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَائِشَةُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: السَّامُ «3» عَلَيْكُمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): عَلَيْكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا رَدَّ عَلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَمَا رَدَّ عَلَى صَاحِبَيْهِ، فَغَضِبَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَ الْغَضَبُ وَ اللَّعْنَةُ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ وَ يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَ الْخَنَازِيرِ.
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 356.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 354.
 (2)- الكافي 2: 474/ 1.
 (1) المجادلة 58: 10.
 (2) في المصدر: فلان.
 (3) أي الموت. «النهاية 2: 404».

314
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 8 ص 314

فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَائِشَةُ، إِنَّ الْفُحْشَ لَوْ كَانَ مُمَثَّلًا لَكَانَ مِثَالَ سَوْءٍ، وَ إِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يُوضَعْ عَلَى شَيْ‏ءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ، وَ لَا يُرْفَعُ عَنْهُ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ.
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ مَا سَمِعْتَ إِلَى قَوْلِهِمْ: السَّامُ عَلَيْكُمْ؟ فَقَالَ: بَلَى، أَ مَا سَمِعْتَ مَا رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ؟ قُلْتُ:
عَلَيْكُمْ، فَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ مُسْلِمٌ فَقُولُوا: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ كَافِرٌ فَقُولُوا: عَلَيْكَ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ [9]
10561/ «1»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ الْخَثْعَمِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ أَبُو سَعِيدٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّيِّدُ بْنُ عِيسَى الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَتْ أَمَارَةُ الْمُنَافِقِينَ بُغْضَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ يَوْمٍ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، وَ كُنْتُ فِيهِمْ، إِذَا أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَتَخَطَّى الْقَوْمَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)] وَ كَانَ هُنَاكَ مَجْلِسُهُ الَّذِي يُعْرَفُ فِيهِ «1»، فَسَارَّ رَجُلٌ رَجُلًا، وَ كَانَا يُرْمَيَانِ بِالنِّفَاقِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا أَرَادَا، فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً حَتَّى الْتَمَعَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: «وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَدْخُلُ عَبْدٌ الْجَنَّةَ حَتَّى يُحِبَّنِي، وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَ يُبْغِضُ هَذَا». وَ أَخَذَ بِكَفِّ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي شَأْنِهِمَا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
قوله تعالى:
إِنَّمَا النَّجْوى‏ مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [10]
10562/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي
__________________________________________________
 (1)- الأمالي 2: 217.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 355، بحار الأنوار 43: 90/ 14.
 (1) في المصدر: به.

315
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 10 ص 315

عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) رَأَتْ فِي مَنَامِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هَمَّ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَ فَاطِمَةُ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجُوا حَتَّى جَازُوا مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَعَرَضَ لَهُمْ طَرِيقَانِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى انْتَهَى بِهِمْ إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ نَخْلٌ وَ مَاءٌ، فَاشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) شَاةً ذَرَّاءَ- وَ هِيَ الَّتِي فِي أَحَدِ أُذُنَيْهَا نُقَطٌ بِيضٌ- فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا، فَلَمَّا أَكَلُوا مَاتُوا فِي مَكَانِهِمْ، فَانْتَبَهَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، بَاكِيَةً ذَعِرَةً، فَلَمْ تُخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِذَلِكَ.
فَلَمَّا أَصْبَحَتْ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِحِمَارٍ، فَأَرْكَبَ عَلَيْهِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ أَمَرَ أَنْ يَخْرُجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ فِي نَوْمِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ عَرَضَ لَهُمْ طَرِيقَانِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ الْيَمِينِ كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ نَخْلٌ وَ مَاءٌ، فَاشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) شَاةً ذَرَّاءَ كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا، فَذُبِحَتْ وَ شُوِيَتْ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَكْلَهَا قَامَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَ تَنَحَّتْ نَاحِيَةً مِنْهُمْ تَبْكِي مُخَالَفَةَ أَنْ يَمُوتُوا، فَطَلَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى وَقَفَ «1» عَلَيْهَا وَ هِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ يَا بُنَيَّةِ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَ كَذَا فِي نَوْمِي، وَ فَعَلْتَ أَنْتَ كَمَا رَأَيْتُهُ، فَتَنَحَّيْتُ عَنْكُمْ لِأَنْ لَا أَرَاكُمْ تَمُوتُونَ.
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَاجَى رَبَّهُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ: الزُّهَا «2»، وَ هُوَ الَّذِي أَرَى فَاطِمَةَ هَذِهِ الرُّؤْيَا، وَ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ فِي نَوْمِهِمْ مَا يَغْتَمُّونَ بِهِ، فَأَمَرَ جَبْرَئِيلَ [أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]، فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي أَرَيْتَ فَاطِمَةَ هَذِهِ الرُّؤْيَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ يَا مُحَمَّدُ، فَبَصَقَ «3» عَلَيْهِ ثَلَاثَ بَصَقَاتٍ، فَشَجَّهُ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ.
ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قُلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَيْتَ فِي مَنَامِكَ شَيْئاً تَكْرَهُهُ، أَوْ رَأَى أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ وَ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ مِنْ رُؤْيَايَ، وَ يَقْرَأُ الْحَمْدَ وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَ يَتْفُلُ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ تَفَلَاتٍ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ مَا رَأَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ: إِنَّمَا النَّجْوى‏ مِنَ الشَّيْطانِ الْآيَةَ».
10563/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ وَ بَكْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
إِنَّمَا النَّجْوى‏ مِنَ الشَّيْطانِ «4»، قَالَ: «الثَّانِي» وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ «5»
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 356.
 (1) في «ط، ي»: وقع.
 (2) في نسخة بدل من المصدر: الرهاط، و في البحار: الدهار.
 (3) في المصدر: فبزق، و كذا التي بعدها.
 (4) في المصدر: فلان.
 (5) المجادلة 58: 7.

316
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 10 ص 315

قَالَ: «فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ ابْنُ فُلَانٍ أَمِينُهُمْ، حِينَ اجْتَمَعُوا فَدَخَلُوا الْكَعْبَةَ، فَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَاباً إِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ أَنْ لَا يَرْجِعَ الْأَمْرُ فِيهِمْ أَبَداً».
10564/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مَنْصُورٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِي رُؤْيَاهَا الَّتِي رَأَتْهَا: قُولِي: أَعُوذُ «1» بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ وَ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ «2» سُوءٌ أَوْ شَيْ‏ءٌ أَكْرَهُهُ، ثُمَّ اتْفُلِي «3» عَنْ يَسَارِكِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
10565/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا رَأَى الرَّجُلُ مَا يَكْرَهُهُ فِي مَنَامِهِ، فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ شِقِّهِ الَّذِي كَانَ [عَلَيْهِ‏] نَائِماً، وَ لْيَقُلْ:
إِنَّمَا النَّجْوى‏ مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، ثُمَّ لْيَقُلْ: عُذْتُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ وَ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».
10566/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَأْيُ الْمُؤْمِنِ وَ رُؤْيَاهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عَلَى سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ».
10567/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الرُّؤْيَا عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: بِشَارَةٍ مِنَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ، وَ تَحْذِيرٍ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ «4»، وَ أَضْغَاثِ أَحْلَامٍ».
10568/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَ الْكَاذِبَةُ، مَخْرَجُهَا مِنْ مَوْضِعٍ «5» وَاحِدٍ؟ قَالَ: «صَدَقْتَ، أَمَّا الْكَاذِبَةُ الْمُخْتَلِفَةُ: فَإِنَّ الرَّجُلَ يَرَاهَا فِي أَوَّلِ لَيْلِهِ فِي سُلْطَانِ الْمَرَدَةِ الْفَسَقَةِ، وَ إِنَّمَا هِيَ شَيْ‏ءٌ يُخَيَّلُ إِلَى الرَّجُلِ وَ هِيَ كَاذِبَةٌ مُخَالِفَةٌ، لَا خَيْرَ فِيهَا. وَ أَمَّا الصَّادِقَةُ: إِذَا رَآهَا بَعْدَ الثُّلُثَيْنِ مِنَ‏
__________________________________________________
 (3)- الكافي 8: 142/ 107.
 (4)- الكافي 8: 142/ 106.
 (5)- الكافي 8: 90/ 58.
 (6)- الكافي 8: 90/ 61.
 (7)- الكافي 8: 91/ 62.
 (1) في النسخ زيادة: باللّه.
 (2) في النسخ: أن تقيني من.
 (3) في «ج» و المصدر: انقلبي.
 (4) (الرجيم) ليس في المصدر.
 (5) في «ج، ي»: مخرج.

317
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 10 ص 315

اللَّيْلِ مَعَ حُلُولِ الْمَلَائِكَةِ، وَ ذَلِكَ قَبْلَ السَّحَرِ فَهِيَ صَادِقَةٌ، لَا تَخْتَلِفُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُباً أَوْ يَنَامَ عَلَى غَيْرِ طَهُورٍ وَ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَقِيقَةَ ذِكْرِهِ، فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ وَ تُبْطِئُ عَلَى صَاحِبِهَا».
10569/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ مِنْ مُبَشِّرَاتٍ؟ يَعْنِي [بِهِ‏] الرُّؤْيَا».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا- إلى قوله تعالى- أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [11] 10570/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ قال: كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إذا دخل المسجد يقوم له الناس، فنهاهم اللّه أن يقوموا له، فقال: تَفَسَّحُوا أي وسعوا [له‏] في المجلس وَ إِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يعني إذا قال: قوموا، فقوموا.
10571/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا دَخَلَ مَنْزِلًا قَعَدَ فِي أَدْنَى الْمَجْلِسِ إِلَيْهِ حِينَ يَدْخُلُ».
10572/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَكْثَرَ مَا يَجْلِسُ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ».
10573/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُرَازِمٍ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الزَّاهِدِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ رَضِيَ بِدُونِ التَّشَرُّفِ مِنَ الْمَجْلِسِ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُومَ».
10574/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)،
__________________________________________________
 (8)- الكافي 8: 90/ 59.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 356.
 (2)- الكافي 2: 484/ 6.
 (3)- الكافي 2: 484/ 4.
 (4)- الكافي 2: 484/ 3.
 (5)- الكافي 2: 485/ 8.

318
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 11 ص 318

قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَنْبَغِي لِلْجُلَسَاءِ فِي الصَّيْفِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ، مِقْدَارُ عَظْمِ الذِّرَاعِ، لِئَلَّا يَشُقَّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحَرِّ».
10575/ «6»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الِاحْتِجَاجِ): رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّهُ اتَّصَلَ بِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ ابْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) أَنَّ رَجُلًا مِنْ فُقَهَاءِ شِيعَتِهِ كَلَّمَ بَعْضَ النُّصَّابِ فَأَفْحَمَهُ بِحُجَّتِهِ حَتَّى أَبَانَ عَنْ فَضِيحَتِهِ، فَدَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ فِي صَدْرِ مَجْلِسِهِ دَسْتٌ «1» عَظِيمٌ مَنْصُوبٌ، وَ هُوَ قَاعِدٌ خَارِجَ الدَّسْتِ، وَ بِحَضْرَتِهِ خَلْقٌ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ وَ بَنِي هَاشِمٍ، فَمَا زَالَ يَرْفَعُهُ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِي ذَلِكَ الدَّسْتِ، وَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أُولَئِكَ الْأَشْرَافِ، فَأَمَّا الْعَلَوِيَّةُ فَأَجَلُّوهُ عَنِ الْعِتَابِ، وَ أَمَّا الْهَاشِمِيُّونَ فَقَالَ لَهُ شَيْخُهُمْ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، هَكَذَا تُؤْثِرُ عَامِّيّاً عَلَى سَادَاتِ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الطَّالِبِيِّينَ وَ الْعَبَّاسِيِّينَ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِيَّاكُمْ وَ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [فِيهِمْ‏] أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى‏ كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَ هُمْ مُعْرِضُونَ «2»، أَ تَرْضَوْنَ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَكَماً؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ، فَلَمْ يَرْضَ لِلْعَالِمِ الْمُؤْمِنِ إِلَّا أَنْ يُرْفَعَ عَلَى الْمُؤْمِنِ غَيْرِ الْعَالِمِ كَمَا لَمْ يَرْضَ لِلْمُؤْمِنِ إِلَّا أَنْ يُرْفَعَ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ؟ أَخْبِرُونِي عَنْهُ، هَلْ قَالَ:
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ، أَوْ قَالَ: يَرْفَعُ اللَّهُ الَّذِينَ أُوتُوا شَرَفَ النَّسَبِ دَرَجَاتٍ؟ أَ وَ لَيْسَ قَالَ اللَّهُ: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ «3»، فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ رَفْعِي لِهَذَا لَمَّا رَفَعَهُ اللَّهُ، إِنَّ كَسْرَ هَذَا لِفُلَانٍ النَّاصِبِ بِحُجَجِ اللَّهِ الَّتِي عَلَّمَهُ إِيَّاهَا لَأَفْضَلُ لَهُ مِنْ كُلِّ شَرَفٍ فِي النَّسَبِ.
فَقَالَ الْعَبَّاسِيُّ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، قَدْ شَرَّفْتَ عَلَيْنَا وَ قَصَّرْتَنَا عَمَّنْ لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ كَنَسَبِنَا، وَ مَا زَالَ مُنْذُ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فِي الشَّرَفِ عَلَى مَنْ دُونَهُ فِيهِ.
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): سُبْحَانَ اللَّهِ: أَ لَيْسَ الْعَبَّاسُ بَايَعَ لِأَبِي بَكْرٍ وَ هُوَ تَيْمِيٌّ، وَ الْعَبَّاسُ هَاشِمِيٌّ؟ أَ وَ لَيْسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ كَانَ يَخْدُمُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ هُوَ هَاشِمِيٌّ أَبُو الْخُلَفَاءِ وَ عُمَرُ عَدَوِيٌّ؟ وَ مَا بَالُ عُمَرَ أَدْخَلَ الْبُعَدَاءَ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الشُّورَى وَ لَمْ يُدْخِلِ الْعَبَّاسَ؟ فَإِنْ كَانَ رَفْعُنَا لِمَنْ لَيْسَ بِهَاشِمِيٍّ عَلَى هَاشِمِيٍّ مُنْكَراً، فَأَنْكِرُوا عَلَى الْعَبَّاسِ بَيْعَتَهُ لِأَبِي بَكْرٍ وَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ خِدْمَتَهُ لِعُمَرَ بَعْدَ بَيْعَتِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزاً فَهَذَا جَائِزٌ، فَكَأَنَّمَا أُلْقِمَ الْهَاشِمِيُّ حَجَراً».
قَالَ: وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَادِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ لَا مَنْ يَبْقَى بَعْدَ غَيْبَةِ قَائِمِكُمْ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الْعُلَمَاءِ الدَّاعِينَ إِلَيْهِ، وَ الدَّالِّينَ عَلَيْهِ، وَ الذَّابِّينَ عَنْ دِينِهِ بِحُجَجِ اللَّهِ، وَ الْمُنْقِذِينَ لِضُعَفَاءِ عِبَادِ اللَّهِ مِنْ شُبَّاكِ إِبْلِيسَ‏
__________________________________________________
 (6)- الإحتجاج: 454.
 (1) الدّست: المجلس، أو الوسادة. «أقرب الموارد 1: 332».
 (2) آل عمران 3: 23.
 (3) الزمر 39: 9.

319
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 11 ص 318

وَ مَرَدَتِهِ، وَ مِنْ فِخَاخِ النَّوَاصِبِ، لَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا ارْتَدَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ، وَ لَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يُمْسِكُونَ أَزِمَّةَ قُلُوبِ ضُعَفَاءِ الشِّيعَةِ كَمَا يُمْسِكُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ سُكَّانَهَا، أُولَئِكَ هُمُ الْأَفْضَلُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
و سيأتي معنى الخبير- إن شاء اللّه تعالى- في سورة الملك «1».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [12- 13]
10576/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الْخَثْعَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الثَّعْلَبِيِّ «2»، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ «3» بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَنْصُورٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ وَ بَيْعَةِ النَّاسِ لَهُ وَ فِعْلِهِمْ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا كَانَ، لَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُظْهِرُ لَهُ الِانْبِسَاطَ وَ يَرَى مِنْهُ انْقِبَاضاً، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَحَبَّ لِقَاءَهُ وَ اسْتِخْرَاجَ مَا عِنْدَهُ وَ الْمَعْذِرَةَ إِلَيْهِ، لِمَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَ تَقْلِيدِهِمْ إِيَّاهُ أَمْرَ الْأُمَّةِ وَ قِلَّةِ رَغْبَتِهِ فِي ذَلِكَ وَ زُهْدِهِ فِيهِ، أَتَاهُ فِي وَقْتِ غَفْلَةٍ وَ طَلَبَ مِنْهُ الْخَلْوَةَ، وَ قَالَ لَهُ: وَ اللَّهِ- يَا أَبَا الْحَسَنِ- مَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ مُوَاطَأَةَ مِنِّي، وَ لَا رَغْبَةً فِيمَا وَقَعْتُ فِيهِ، وَ لَا حِرْصاً عَلَيْهِ، وَ لَا ثِقَةً بِنَفْسِي فِيمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَ لَا قُوَّةً لِي بِمَالٍ، وَ لَا كَثْرَةِ الْعَشِيرَةِ، وَ لَا ابْتِزَازاً لَهُ دُونَ غَيْرِي، فَمَا لَكَ تُضْمِرُ عَلَيَّ مَا لَا أَسْتَحِقُّهُ مِنْكَ، وَ تُظْهِرُ لِيَ الْكَرَاهَةَ بِمَا صِرْتُ إِلَيْهِ، وَ تَنْظُرُ إِلَيَّ بِعَيْنِ السَّأْمَةِ مِنِّي؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَمَا حَمَلَكَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ تَرْغَبْ فِيهِ وَ لَا حَرَصْتَ عَلَيْهِ وَ لَا وَثِقْتَ بِنَفْسِكَ فِي الْقِيَامِ بِهِ، وَ بِمَا يَحْتَاجُ مِنْكَ فِيهِ؟
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ اللَّهَ لَا يُجْمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ؛ وَ لَمَّا رَأَيْتُ اجْتِمَاعَهُمْ اتَّبَعْتُ حَدِيثَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَحَلْتُ أَنْ يَكُونَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى خِلَافِ الْهُدَى، وَ أَعْطَيْتُهُمْ قَوَدَ الْإِجَابَةِ، وَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً يَتَخَلَّفُ لَامْتَنَعْتُ.
__________________________________________________
 (1)- الخصال: 548/ 30.
 (1) يأتي في تفسير الآية (14) من سورة الملك.
 (2) في المصدر: التغلبي.
 (3) في المصدر: أحمد.

320
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 12 الى 13 ص 320

قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ اللَّهَ لَا يُجْمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ؛ أَ فَكُنْتُ مِنَ الْأُمَّةِ أَوْ لَمْ أَكُنْ؟ قَالَ: بَلَى: وَ كَذَلِكَ الْعِصَابَةُ الْمُمْتَنِعَةُ عَلَيْكَ مِنْ سَلْمَانَ وَ عَمَّارٍ وَ أَبِي ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادِ وَ ابْنِ عُبَادَةَ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: كُلُّ مِنَ الْأُمَّةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَكَيْفَ تَحْتَجُّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ قَدْ تَخَلَّفُوا عَنْكَ، وَ لَيْسَ لِلْأُمَّةِ فِيهِمْ طَعْنٌ، وَ لَا فِي صُحْبَةِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ نَصِيحَتِهِ مِنْهُمْ تَقْصِيرٌ؟
قَالَ: مَا عَلِمْتُ بِتَخَلُّفِهِمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِبْرَامِ الْأَمْرِ، وَ خِفْتُ إِنْ دَفَعْتُ عَنِّي الْأَمْرَ أَنْ يَتَفَاقَمَ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ مُرْتَدِّينَ عَنِ الدِّينِ، وَ كَانَ مُمَارَسَتُكُمْ إِلَيَّ إِنْ أَجَبْتُمْ أَهْوَنَ مَؤُونَةً عَلَى الدِّينِ وَ أَبْقَى لَهُ «1» مِنْ ضَرْبِ النَّاسِ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ فَيَرْجِعُوا كُفَّاراً، وَ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَسْتَ بِدُونِي فِي الْإِبْقَاءِ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى أَدْيَانِهِمْ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَجَلْ، وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ هَذَا الْأَمْرَ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالنَّصِيحَةِ، وَ الْوَفَاءِ وَ رَفْعِ الْمُدَاهَنَةِ، وَ الْمُحَابَاةِ، وَ حُسْنِ السِّيرَةِ، وَ إِظْهَارِ الْعَدْلِ، وَ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ، وَ فَصْلِ الْخِطَابِ، مَعَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَ قِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِيهَا، وَ إِنْصَافِ الْمَظْلُومَ مِنَ الظَّالِمِ الْقَرِيبِ وَ الْبَعِيدِ. ثُمَّ سَكَتَ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ- يَا أَبَا بَكْرٍ- أَ فِي نَفْسِكَ تَجِدُ هَذِهِ الْخِصَالَ، أَوْ فِيَّ؟ قَالَ: بَلْ فِيكَ، يَا أَبَا الْحَسَنِ.
قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الْمُجِيبُ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَبْلَ ذُكْرَانِ الْمُسْلِمِينَ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الْأَذَانُ لِأَهْلِ الْمَوْسِمِ وَ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ بِسُورَةِ بَرَاءَةَ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا وَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِنَفْسِي يَوْمَ الْغَارِ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَ لِيَ الْوَلَايَةُ مِنَ اللَّهِ مَعَ وَلَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ فِي آيَةِ زَكَاةِ الْخَاتَمِ، أَمْ لَكَ؟ قَالَ: بَلْ لَكَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الْمَوْلَى لَكَ وَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْمَ الْغَدِيرِ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَ لِيَ الْوِزَارَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْمَثَلُ مِنْ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، أَمْ لَكَ؟ قَالَ: بَلْ لَكَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَ بِي بَرَزَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بِأَهْلِ بَيْتِي وَ وُلْدِي فِي مُبَاهَلَةِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ النَّصَارَى، أَمْ بِكَ وَ بِأَهْلِكَ وَ وُلْدِكَ؟ قَالَ: بَلْ بِكَمْ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَ لِي وَ لِأَهْلِي وَ وُلْدِي آيَةُ التَّطْهِيرِ مِنَ الرِّجْسِ، أَمْ لَكَ وَ لِأَهْلِ بَيْتِكَ؟ قَالَ: بَلْ لَكَ وَ لِأَهْلِ بَيْتِكَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا صَاحِبُ دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي يَوْمَ الْكِسَاءِ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي إِلَيْكَ لَا إِلَى النَّارِ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ وَ أَهْلُكَ وَ وُلْدُكَ.
__________________________________________________
 (1) في نسخة من «ط، ج، ي»: لهم.

321
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 12 الى 13 ص 320

قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا صَاحِبُ الْآيَةِ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً «1» أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ:
بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الْفَتَى الَّذِي نُودِيَ مِنَ السَّمَاءِ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ لِوَقْتِ صَلَاتِهِ فَصَلَّاهَا ثُمَّ تَوَارَتْ، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي حَبَاكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ رَايَتَهُ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي نَفَّسْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كُرْبَتَهُ وَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي طَهَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ السِّفَاحِ مِنْ آدَمَ إِلَى أَبِيكَ بِقَوْلِهِ: أَنَا وَ أَنْتَ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ مِنْ آدَمَ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الَّذِي اخْتَارَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ وَ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اللَّهُ زَوَّجَكَ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا وَالِدُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ رَيْحَانَتِي رَسُولِ اللَّهِ «2» اللَّذَيْنِ يَقُولُ فِيهِمَا: هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَخُوكَ الْمُزَيَّنُ بِجَنَاحَيْنِ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ، أَمْ أَخِي؟ قَالَ: بَلْ أَخُوكَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا ضَمِنْتُ دَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ نَادَيْتُ فِي الْمَوْسِمِ بِإِنْجَازِ مَوْعِدِهِ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الَّذِي دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الطَّيْرُ «3» عِنْدَهُ يُرِيدُ أَكْلَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ بِأَكْلِ مَعِي أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الَّذِي بَشَّرَنِي رَسُولُ اللَّهِ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الَّذِي شَهِدْتُ آخِرَ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ وُلِّيتُ غُسْلَهُ وَ دَفْنَهُ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِعِلْمِ الْقَضَاءِ بِقَوْلِهِ: عَلِيٌّ أَقْضَاكُمْ، أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ:
بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنَا الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَصْحَابَهُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ بِالْإِمْرَةِ فِي حَيَاتِهِ، أَمْ أَنْتَ؟
__________________________________________________
 (1) الدهر 76: 7.
 (2) في «ج» و المصدر: و الحسين ريحانتيه.
 (3) في المصدر: رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لطير.

322
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 12 الى 13 ص 320

قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي سَبَقَتْ لَهُ الْقَرَابَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي حَبَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِدِينَارٍ عِنْدَ حَاجَتِهِ، وَ بَاعَكَ جَبْرَئِيلُ، وَ أَضَفْتَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَطْعَمْتَ وُلْدَهُ، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي حَمَلَكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى كَتِفِهِ «1» فِي طَرْحِ صَنَمِ الْكَعْبَةِ وَ كَسْرِهِ حَتَّى لَوْ شَاءَ أَنْ يَنَالَ أُفُقَ السَّمَاءِ لَنَالَهَا، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنْتَ صَاحِبُ لِوَائِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، أَمْ أَنَا؟
قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِفَتْحِ بَابِهِ فِي مَسْجِدِهِ حِينَ أَمَرَ بِسَدِّ جَمِيعِ أَبْوَابِ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَحَلَّ لَهُ فِيهِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) «2» صَدَقَةً فَنَاجَاهُ، أَمْ أَنَا، إِذْ عَاتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْماً فَقَالَ: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ الْآيَةِ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): زَوَّجْتُكِ أَوَّلَ النَّاسِ إِيمَاناً، وَ أَرْجَحَهُمْ إِسْلَاماً، فِي كَلَامٍ لَهُ، أَمْ أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ.
قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَعُدُّ عَلَيْهِ مَنَاقِبَةُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ دُونَهُ وَ دُونَ غَيْرِهِ، وَ يَقُولُ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: [بَلْ أَنْتَ، قَالَ:] فَبِهَذَا وَ شِبْهِهِ يَسْتَحِقُّ الْقِيَامَ بِأُمُورِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَمَا الَّذِي غَرَّكَ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ وَ عَنْ دِينِهِ وَ أَنْتَ خِلْوٌ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَهْلُ دِينِهِ؟
قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَ قَالَ: صَدَقْتَ- يَا أَبَا الْحَسَنِ- أَنْظِرْنِي يَوْمِي هَذَا، فَأُدَبِّرُ مَا أَنَا فِيهِ وَ مَا سَمِعْتُ مِنْكَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَكَ ذَلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ.
فَرَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ، وَ خَلَا بِنَفْسِهِ يَوْمَهُ، وَ لَمْ يَأْذَنْ لِأَحَدٍ إِلَى اللَّيْلِ، وَ عُمَرُ يَتَرَدَّدُ فِي النَّاسِ لِمَا بَلَغَهُ مِنْ خَلْوَتِهِ بِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَبَاتَ فِي لَيْلَتِهِ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَنَامِهِ مُتَمَثِّلًا لَهُ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَوَلَّى وَجْهَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ أَمَرْتَ بِأَمْرٍ فَلَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: أَرُدُّ السَّلَامَ عَلَيْكَ وَ قَدْ عَادَيْتَ مَنْ وَلَّاهُ «3» اللَّهُ وَ رَسُولَهُ، رُدَّ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَهْلُهُ؟ قَالَ: مَنْ عَاتَبَكَ عَلَيْهِ، وَ هُوَ عَلِيٌّ. قَالَ: فَقَدْ رَدَدْتُ عَلَيْهِ- يَا رَسُولَ اللَّهِ- بِأَمْرِكَ.
قَالَ: فَأَصْبَحَ وَ بَكَى، وَ قَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ابْسُطْ يَدَكَ؛ فَبَايَعَهُ وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ الْأَمْرَ وَ قَالَ لَهُ: تَخْرُجُ «4» إِلَى مَسْجِدِ
__________________________________________________
 (1) في المصدر: كتفيه.
 (2) في المصدر: نجوى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)
 (3) في المصدر: عاديت اللّه و رسوله و عاديت من والى.
 (4) في المصدر: أخرج.

323
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 12 الى 13 ص 320

رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَخْبِرِ النَّاسَ بِمَا رَأَيْتَ فِي لَيْلَتِي، وَ مَا جَرَى بَيْنِي وَ بَيْنَكَ، فَأُخْرِجُ نَفْسِي مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ أُسَلِّمُ عَلَيْكَ بِالْإِمْرَةِ. قَالَ: عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): نَعَمْ.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ مُتَغَيِّراً لَوْنُهُ فَصَادَفَهُ عُمَرُ، وَ هُوَ فِي طَلَبِهِ، فَقَالَ: مَا حَالُكَ، يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ وَ مَا رَأَى، وَ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ- يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ- أَنْ تَغْتَرَّ بِسِحْرِ بَنِي هَاشِمٍ، فَلَيْسَ هَذَا بِأَوَّلِ سِحْرٍ مِنْهُمْ، فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى رَدَّهُ عَنْ رَأْيِهِ، وَ صَرَفَهُ عَنْ عَزْمِهِ، وَ رَغَّبَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، وَ أَمَرَهُ بِالثَّبَاتِ عَلَيْهِ وَ الْقِيَامِ بِهِ.
قَالَ: فَأَتَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْمَسْجِدَ لِلْمِيعَادِ، فَلَمْ يَرَ فِيهِ أَحَداً، فَحَسَّ «1» بِالشَّرِّ مِنْهُمْ، فَقَعَدَ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، دُونَ مَا تَرُومُ خَرْطُ الْقَتَادِ، فَعَلِمَ بِالْأَمْرِ وَ قَامَ وَ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ».
10577/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ، وَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الدَّقَّاقُ، وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُكَتِّبُ، وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)، قَالُوا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حُكَيْمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)
: «لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ مَنْقَبَةٌ إِلَّا وَ قَدْ شَرِكْتُهُ فِيهَا وَ فَضَلْتُهُ، وَ لِي سَبْعُونَ مَنْقَبَةً لَمْ يَشْرَكْنِي فِيهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ».
قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبِرْنِي بِهِنَّ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ أَوَّلَ مَنْقَبَةٍ- وَ ذَكَرَ السَّبْعِينَ وَ قَالَ فِي ذَلِكَ- وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ وَ الْعِشْرُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً فَكَانَ لِي دِينَارٌ فَبِعْتُهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَكُنْتُ إِذَا نَاجَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَتَصَدَّقُ «2» قَبْلَ ذَلِكَ بِدِرْهَمٍ، وَ وَ اللَّهِ مَا فَعَلَ هَذَا أَحَدٌ غَيْرِي مِنْ أَصْحَابِهِ قَبْلِي وَ لَا بَعْدِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْآيَةَ، فَهَلْ تَكُونُ التَّوْبَةُ إِلَّا مِنْ ذَنْبٍ كَانَ؟».
10578/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، قَالَ: «قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ صَدَقَةً، ثُمَّ نَسَخَتْهَا:
أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ».
10579/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
__________________________________________________
 (2)- الخصال: 574/ 1.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 357.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 357.
 (1) في المصدر: ير فيه منهم أحدا فأحس.
 (2) في «ج» و المصدر: أصدق.

324
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 12 الى 13 ص 320

مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ خُنَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَبَّاحٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ): «إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَآيَةً مَا عَمِلَ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي وَ لَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي: آيَةَ النَّجْوَى، كَانَ لِي دِينَارٌ فَبِعْتُهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَجَعَلْتُ أُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْ كُلِّ نَجْوَى أُنَاجِيهَا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) دِرْهَماً، قَالَ: فَنَسَخَتْهَا:
أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ- إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى- وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ».
10580/ «5»- محمّد بن العبّاس: عن عليّ بن عتبة «1»، و محمّد بن القاسم، قالا: حدّثنا الحسن بن الحكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، قال: نزلت في علي (عليه السلام) خاصّة، كان له دينار فباعه بعشرة دراهم، فكان كلما ناجاه قدم درهما حتّى ناجاه عشر مرّات، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحد قبله و لا بعده.
10581/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ نَاجَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ عِنْدِي دِينَارٌ فَصَرَفْتُهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَ كَلَّمْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُنَاجِيَهُ تَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا بَالُهُ «2» مَا يَنْجَشُ «3» لِابْنِ عَمِّهِ؟ حَتَّى نَسَخَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَكُنْتَ أَوَّلَ مَنْ عَمِلَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَ آخِرَ مَنْ عَمِلَ بِهَا، فَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي وَ لَا بَعْدِي».
10582/ «7»- و عنه، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمّد ابن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، [قال: إنّه حرم كلام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، ثمّ رخص لهم في كلامه بالصدقة] فكان إذا أراد الرجل أن يكلمه تصدق بدرهم ثمّ كلمه بما يريد، قال: فكف الناس عن [كلام‏] رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و بخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه، فتصدق علي (عليه السلام) بدينار كان له، فباعه بعشرة دراهم في عشر كلمات سألهن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و لم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره، و بخل أهل الميسرة أن يفعلوا ذلك، فقال المنافقون: ما صنع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) الذي صنع من الصدقة إلّا أنّه أراد أن يروج لابن عمه؛ فأنزل اللّه تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ‏
__________________________________________________
 (5)- تأويل الآيات 2: 673/ 4.
 (6)- تأويل الآيات 2: 673/ 5.
 (7)- تأويل الآيات 2: 674/ 6.
 (1) في المصدر: عليّ بن عقبة.
 (2) في المصدر: ما يألو.
 (3) النجش: هو أن يزيد الرجل ثمن السلعة و هو لا يريد شراءها، و لكن ليسمعه غيره فيزيد بزيادته، و قد أطلق هنا مجازا. «لسان العرب 6: 351».

325
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 12 الى 13 ص 320

من إمساكها وَ أَطْهَرُ يقول: و أزكى لكم من المعصية فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا الصدقة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* أَ أَشْفَقْتُمْ يقول الحكيم: ء أشفقتم يا أهل الميسرة أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ يقول قدام نجواكم، يعني كلام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) صَدَقاتٍ على الفقراء فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا يا أهل الميسرة وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ يعني تجاوز عنكم إذ لم تفعلوا فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ يقول: أقيموا الصلوات الخمس وَ آتُوا الزَّكاةَ يعني أعطوا الزكاة، يقول: تصدقوا، فنسخت ما أمروا به عند المناجاة بإتمام الصلاة و إيتاء الزكاة وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ بالصدقة في الفريضة و التطوع وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [أي بما تنفقون خبير].
قال شرف الدين النجفيّ بعد ذكره هذه الأحاديث عن محمّد بن العبّاس، قال: اعلم أن محمّد بن العبّاس ذكر في تفسيره هذا المنقول منه في آية المناجاة سبعين حديثا من طريق الخاصّة و العامّة يتضمن أن المناجي لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) هو أمير المؤمنين (عليه السلام) دون الناس أجمعين، اخترنا منها هذه الثلاثة أحاديث ففيها غنية.
10583/ «8»- ثُمَّ قَالَ شَرَفُ الدِّينِ: وَ نَقَلْتُ مِنْ مُؤَلَّفِ شَيْخِنَا أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ): أَنَّهُ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: « [بِي‏] خَفَّفَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّ اللَّهَ امْتَحَنَ الصَّحَابَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَتَقَاعَسُوا عَنْ مُنَاجَاةِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كَانَ قَدْ احْتَجَبَ فِي مَنْزِلِهِ مِنْ مُنَاجَاةِ كُلِّ أَحَدٍ إِلَّا مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، وَ كَانَ مَعِي دِينَارٌ فَتَصَدَّقْتُ بِهِ، فَكُنْتُ أَنَا سَبَبَ التَّوْبَةِ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ عَلِمْتُ بِالْآيَةِ، وَ لَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا أَحَدٌ لَنَزَلَ الْعَذَابُ، لِامْتِنَاعِ الْكُلِّ مِنَ الْعَمَلِ بِهَا».
قلت: الروايات في ذلك كثيرة يطول بها الكتاب من الخاصّة و العامّة.
قوله تعالى:
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [14- 21]
10584/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي الثَّانِي، لِأَنَّهُ مَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ يَكْتُبُ خَبَرَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لا مِنْهُمْ فَجَاءَ الثَّانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: «رَأَيْتُكَ تَكْتُبُ عَنِ الْيَهُودِ وَ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ؟». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَتَبْتُ عَنْهُ مَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ صِفَتِكَ، وَ أَقْبَلَ يَقْرَأُ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ‏
__________________________________________________
 (8)- تأويل الآيات 2: 675/ 7، سنن الترمذي 5: 406/ 3300، غاية المرام: 349/ 4.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 357.

326
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 14 الى 21 ص 326

اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ غَضْبَانُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: وَيْلَكَ، أَمَا تَرَى غَضَبَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ، إِنِّي إِنَّمَا كَتَبْتُ ذَلِكَ لِمَا وَجَدْتُ فِيهِ مِنْ خَبَرِكَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
 «يَا فُلَانُ، لَوْ أَنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ فِيهِمْ قَائِماً ثُمَّ أَتَيْتَهُ رَغْبَةً عَمَّا جِئْتُ بِهِ لَكُنْتَ كَافِراً [بِمَا جِئْتُ بِهِ‏]» وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً أَيْ حِجَاباً بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْكُفَّارِ، وَ إِيمَانُهُمْ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ فَرَقاً «1» مِنَ السَّيْفِ وَ رَفْعِ الْجِزْيَةِ».
و قوله تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ قال: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه الذين غصبوا آل محمّد حقهم، فيعرض عليهم أعمالهم، فيحلفون له أنهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا الولاية في بني هاشم، و حين هموا بقتل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في العقبة، فلما أطلع اللّه نبيه و أخبره، حلفوا له أنهم لم يقولوا ذلك و لم يهموا به حتّى أنزل اللّه على رسوله:
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ «2».
قال: ذلك إذا عرض اللّه عزّ و جلّ ذلك عليهم في القيامة ينكرونه و يحلفون له كما حلفوا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و هو قوله: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ* اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أي غلب عليهم الشيطان أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أي أعوانه أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ* كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ.
10585/ «2»- سُلَيْمُ بْنُ قَيْسٍ الْهِلَالِيُّ فِي كِتَابِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً، اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِي النَّارِ، وَ فِرْقَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فِرْقَةً مِنَ الثَّلَاثِ وَ السَّبْعِينَ تَنْتَحِلُ مَوَدَّتَنَا «3» أَهْلَ الْبَيْتَ، وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِي النَّارِ.
فَأَمَّا الْفِرْقَةُ «4» الْمَهْدِيَّةُ الْمُؤَمِّلَةُ الْمُؤْمِنَةُ الْمُسْلِمَةُ الْمُوَفَّقَةُ الْمُرْشَدَةُ، فَهِيَ الْمُؤْتَمِنَةُ بِي، وَ هِيَ الْمُسَلِّمَةُ لِأَمْرِي الْمُطِيعَةُ الْمُتَوَلِّيَةُ «5» الْمُتَبَرِّئَةُ مِنْ عَدُوِّي، الْمُحِبَّةُ لِي، الْمُبْغِضَةُ لِعَدُوِّي، الَّتِي عَرَفَتْ حَقِّي وَ إِمَامَتِي وَ فَرْضَ طَاعَتِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَمْ تَرْتَبِ «6» وَ لَمْ تَشُكَّ لِمَا قَدْ نَوَّرَ اللَّهُ مِنْ حَقِّنَا فِي قُلُوبِهَا «7» وَ عَرَّفَهَا مِنْ‏
__________________________________________________
 (2)- كتاب سليم بن قيس: 53.
 (1) الفرق: الخوف. «لسان العرب 10: 304»، و و خوفا.
 (2) التوبة 9: 74.
 (3) في المصدر: محبتنا.
 (4) زاد في المصدر: فأمّا الناجية.
 (5) في المصدر: المطيعة لي.
 (6) في المصدر: نبيّه (صلّى اللّه عليه و آله) فلم ترتدّ.
 (7) في المصدر: اللّه في قلبها من معرفة حقّنا.

327
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة الآيات 14 الى 21 ص 326

فَضْلِنَا، وَ أَلْهَمَهَا وَ أَخَذَ بِنَوَاصِيهَا فَأَدْخَلَهَا فِي شِيعَتِنَا، حَتَّى اطْمَأَنَّتْ [قُلُوبُهَا] وَ اسْتَيْقَنَتْ يَقِيناً لَا يُخَالِطُهُ شَكٌّ.
أَنِّي أَنَا وَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ «1» بَعْدِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [هُدَاةٌ مُهْتَدُونَ‏] الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ فِي آيٍ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرَةٍ، وَ طَهَّرَنَا وَ عَصَمَنَا وَ جَعَلَنَا الشُّهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ، وَ حُجَّتَهُ فِي أَرْضِهِ [وَ خُزَّانَهُ عَلَى عِلْمِهِ، وَ مَعَادِنَ حُكْمِهِ وَ تَرَاجِمَةَ وَحْيِهِ‏] وَ جَعَلَنَا مَعَ الْقُرْآنِ، وَ جَعَلَ الْقُرْآنَ مَعَنَا، لَا نُفَارِقُهُ وَ لَا يُفَارِقُنَا حَتَّى نَرِدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَوْضَهُ، كَمَا قَالَ.
فَتِلْكَ الْفِرْقَةُ مِنَ الثَّلَاثِ وَ السَّبْعِينَ هِيَ النَّاجِيَةُ مِنَ النَّارِ، وَ مِنْ جَمِيعِ الْفِتَنِ وَ الضَّلَالاتِ وَ الشُّبُهَاتِ، وَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقّاً، وَ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَ جَمِيعُ الْفِرَقِ الِاثْنَيْنِ وَ السَّبْعِينَ فِرْقَةً هُمُ الْمَدِينُونَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، النَّاصِرُونَ لِدِينِ الشَّيْطَانِ، الْآخِذُونَ عَنْ إِبْلِيسَ وَ أَوْلِيَائِهِ، هُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَعْدَاءُ رَسُولِهِ وَ أَعْدَاءُ الْمُؤْمِنِينَ، يَدْخُلُونَ النَّارَ بِغَيْرِ حِسَابٍ بَرَاءَةً مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ «2»، وَ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً، يَقُولُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: وَ اللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، وَ يَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ، وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْ‏ءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ».
قوله تعالى:
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [22] 10586/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ الآية، أي من يؤمن بالله و اليوم الآخر لا يؤاخي من حاد اللّه و رسوله، قوله تعالى: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ و هم الأئمة (عليهم السلام) وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قال: الروح: ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و هو مع الأئمة (عليهم السلام).
10587/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «3»، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ».
قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 358.
 (2)- الكافي 2: 12/ 1.
 (1) في المصدر: أنا و أوصيائي.
 (2) في المصدر: باللّه و كفروا به.
 (3) الفتح 48: 4.

328
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 22 ص 328

10588/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ فُضَيْلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ، هَلْ لَهُمْ فِي مَا كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ صُنْعٌ؟ قَالَ: «لَا».
10589/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ جَمِيلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «1»، قَالَ: « [هُوَ] الْإِيمَانُ».
قَالَ: قُلْتُ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ».
وَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى«2»، قَالَ: «هُوَ الْإِيمَانُ».
10590/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ أُذُنَانِ فِي جَوْفِهِ: أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ، وَ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْمَلَكُ، فَيُؤَيِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ».
10591/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، جَمِيعاً، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لِي: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَيَّدَ الْمُؤْمِنَ بِرُوحٍ مِنْهُ تَحْضُرُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُحْسِنُ فِيهِ وَ يَتَّقِي، وَ تَغِيبُ عَنْهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُذْنِبُ فِيهِ وَ يَعْتَدِي، فَهِيَ مَعَهُ تَهْتَزُّ سُرُوراً عِنْدَ إِحْسَانِهِ، وَ تَسِيخُ فِي الثَّرَى عِنْدَ إِسَاءَتِهِ، فَتَعَاهَدُوا عِبَادَ اللَّهِ نِعَمَهُ بِإِصْلَاحِكُمْ أَنْفُسَكُمْ تَزْدَادُوا يَقِيناً وَ تَرْبَحُوا نَفِيساً ثَمِيناً، رَحِمَ اللَّهُ امْرَءاً هَمَّ بِخَيْرٍ فَعَمِلَهُ، أَوْ هَمَّ بِشَرٍّ فَارْتَدَعَ عَنْهُ» ثُمَّ قَالَ: «نَحْنُ نَزِيدُ «3» الرُّوحَ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَ الْعَمَلِ لَهُ».
10592/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أَيْ قَوَّاهُمْ».
و إسناد الحديث مذكور في قوله تعالى: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ «4».
__________________________________________________
 (3)- الكافي 2: 12/ 2.
 (4)- الكافي 2: 13/ 5.
 (5)- الكافي 2: 206/ 3.
 (6)- الكافي 2: 206/ 1.
 (7)- التوحيد: 153/ 1.
 (1) الفتح 48: 4.
 (2) الفتح 48: 26.
 (3) في المصدر: نؤيد.
 (4) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآية (24- 47) من سورة الذاريات.

329
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المجادلة آية 22 ص 328

10593/ «8»- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ: رُوحُ الْإِيمَانِ يُسَارُّهُ بِالْخَيْرِ، وَ الشَّيْطَانُ يُسَارُّهُ بِالشَّرِّ، فَأَيُّهُمَا ظَهَرَ عَلَى صَاحِبِهِ غَلَبَهُ».
قَالَ: وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا زَنَى الرَّجُلُ أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهُ رُوحَ الْإِيمَانِ» قُلْنَا: الرُّوحُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ، وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ، إِنَّمَا عَنَى مَا دَامَ عَلَى بَطْنِهَا، فَإِذَا تَوَضَّأَ وَ تَابَ كَانَ فِي حَالٍ غَيْرِ ذَلِكَ».
10594/ «9»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا المنذر بن محمّد، عن أبيه، قال: حدّثني عمي الحسين بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن عليّ بن محمّد بن بشر، قال: قال محمّد بن علي (عليه السلام)- ابن الحنفية- إنّما حبنا أهل البيت شي‏ء يكتبه اللّه في أيمن قلب العبد، و من كتبه اللّه في قلبه لا يستطيع أحد محوه، أما سمعت اللّه سبحانه يقول: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ إلى آخر الآية، فحبنا أهل البيت الإيمان.
قوله تعالى:
أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [22] 10595/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ يعني الأئمة (عليهم السلام) أعوان اللّه أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
10596/ «2»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَا طَلَعْتَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَّا وَ ضَرَبَ بَيْنَ كَتِفَيَّ، وَ قَالَ: يَا سَلْمَانُ، هَذَا وَ حِزْبُهُ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
__________________________________________________
 (8)- قرب الإسناد: 17.
 (9)- تأويل الآيات 2: 676/ 8.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 358.
 (2)- ... تأويل الآيات 2: 676/ 9، النور المشتعل: 253/ 70.

330
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر ص 331

سورة الحشر
فضلها
10597/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْحَشْرِ لَمْ تَبْقَ جَنَّةٌ وَ لَا نَارٌ وَ لَا عَرْشٌ وَ لَا كُرْسِيٌّ وَ لَا حُجُبٌ وَ لَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ لَا الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ الْهَوَاءُ وَ الرِّيحُ وَ الطَّيْرُ وَ الشَّجَرُ وَ الْجِبَالُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ الْمَلَائِكَةُ، إِلَّا صَلَّوْا عَلَيْهِ وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ، وَ إِنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ مَاتَ شَهِيداً».
10598/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ الْمُفْلِحِينَ، وَ لَمْ يَبْقَ جَنَّةٌ وَ لَا نَارٌ وَ لَا عَرْشٌ وَ لَا كُرْسِيٌّ وَ لَا حُجُبٌ وَ لَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ لَا الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ لَا الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ وَ لَا الْجِبَالُ وَ لَا شَجَرٌ وَ لَا دَوَابُّ وَ لَا مَلَائِكَةٌ، إِلَّا صَلَّوْا عَلَيْهِ وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ، وَ إِنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَمِنَ مِنَ الْبَلَاءِ حَتَّى يُصْبِحَ. وَ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدَ وَ الْحَشْرَ وَ يَتَوَجَّهُ إِلَى أَيِّ حَاجَةٍ شَاءَهَا وَ طَلَبَهَا، قَضَاهَا اللَّهُ تَعَالَى، مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً».
10599/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا وَ تَوَجَّهَ فِي حَاجَةٍ، قَضَاهَا اللَّهُ لَهُ، مَا لَمْ تَكُنْ فِي مَعْصِيَةٍ».
10600/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَةَ جُمُعَةٍ أَمِنَ مِنْ بَلَائِهَا إِلَى أَنْ يُصْبِحَ. وَ مَنْ تَوَضَّأَ عِنْدَ طَلَبِ حَاجَةٍ ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدَ وَ السُّورَةَ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَ يَتَوَجَّهُ إِلَى حَاجَةٍ، يُسَهِّلُ اللَّهُ أَمْرَهَا. وَ مَنْ كَتَبَهَا بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَ شَرِبَهَا رُزِقَ الذَّكَاءَ وَ قِلَّةَ النِّسْيَانَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 117.
 (2)- ......
 (3)- خواصّ القرآن: 21، 53 «مخطوط».
 (4)- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

331
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 1 الى 4 ص 332

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ [1- 4]
10601/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَبْطُنٍ مِنَ الْيَهُودِ: بَنُو النَّضِيرِ، وَ قُرَيْظَةَ وَ قَيْنُقَاعَ، وَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَهْدٌ وَ مُدَّةٌ، فَنَقَضُوا عَهْدَهُمْ، وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ فِي نَقْضِ عَهْدِهِمْ، أَنَّهُ أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَسْتَسْلِفُهُمْ دِيَةَ رَجُلَيْنِ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ غِيلَةً، يَعْنِي يَسْتَقْرِضُ، وَ كَانَ قَصَدَ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى كَعْبٍ قَالَ: مَرْحَباً يَا أَبَا الْقَاسِمِ وَ أَهْلًا، وَ قَامَ كَأَنَّهُ يَصْنَعُ لَهُ الطَّعَامَ، وَ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ تَتَبُّعِ أَصْحَابِهِ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ.
فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ: «اذْهَبْ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْبَرَنِي بِمَا هَمَمْتُمْ بِهِ مِنَ الْغَدْرِ، فَإِمَّا أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ بِلَادِنَا، وَ إِمَّا أَنْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ». فَقَالُوا:
نَخْرُجُ مِنْ بِلَادِكُمْ؛ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، أَنْ لَا تَخْرُجُوا، وَ تُقِيمُوا وَ تُنَابِذُوا مُحَمَّداً الْحَرْبَ، فَإِنِّي أَنْصُرُكُمْ أَنَا وَ قَوْمِي وَ حُلَفَائِي، فَإِنْ خَرَجْتُمْ خَرَجْتُ مَعَكُمْ، وَ لَئِنْ قَاتَلْتُمْ قَاتَلْتُ مَعَكُمْ، فَأَقَامُوا وَ أَصْلَحُوا حُصُونَهُمْ وَ تَهَيَّئُوا لِلْقِتَالِ، وَ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّا لَا نَخْرُجُ فَاصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ.
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ كَبَّرَ وَ كَبَّرَ أَصْحَابُهُ، وَ قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «تَقَدَّمْ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ» فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الرَّايَةَ وَ تَقَدَّمَ، وَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَحَاطَ بِحِصْنِهِمْ، وَ غَدَرَ [بِهِمْ‏] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 358.

332
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 1 الى 4 ص 332

وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا ظَهَرَ بِمُقَدَّمِ بُيُوتِهِمْ حَصَّنُوا مَا يَلِيهِمْ وَ خَرَّبُوا مَا يَلِيهِ، وَ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ مِمَّنْ كَانَ لَهُ بَيْتٌ حَسَنٌ خَرَّبَهُ، وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمَرَ بِقَطْعِ نَخْلِهِمْ فَجَزِعُوا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ بِالْفَسَادِ؟ إِنْ كَانَ لَكَ هَذَا فَخُذُوهُ، وَ إِنْ كَانَ لَنَا فَلَا تَقْطَعْهُ؛ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، نَخْرُجُ مِنْ بِلَادِكَ فَأَعْطِنَا مَالَنَا. فَقَالَ: «لَا، وَ لَكِنْ تَخْرُجُونَ [وَ لَكُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ» فَلَمْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ فَبَقُوا أَيَّاماً، ثُمَّ قَالُوا: نَخْرُجُ وَ لَنَا مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ. قَالَ: «لَا وَ لَكِنْ تَخْرُجُونَ‏] وَ لَا يَحْمِلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئاً، فَمَنْ وَجَدْنَا مَعَهُ شَيْئاً قَتَلْنَاهُ».
فَخَرَجُوا عَلَى ذَلِكَ، وَ وَقَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ إِلَى فَدَكَ وَ وَادِي الْقُرَى، وَ خَرَجَ مِنْهُمْ قَوْمٌ إِلَى الشَّامِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ:
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَ مَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيمَا عَابُوهُ مَنْ قَطْعِ النَّخْلِ: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى‏ أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَ لِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ إِلَى قَوْلِهِ: رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «1».
وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَ أَصْحَابِهِ: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَ لا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَ إِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ إِلَى قَوْلِهِ لا يُنْصَرُونَ «2» ثُمَّ قَالَ: كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يَعْنِي بَنِي قَيْنُقَاعَ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «3»، ثُمَّ ضَرَبَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَ بَنِي النَّضِيرِ مَثَلًا، فَقَالَ: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ* فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ «4».
10602/ «2»- ثُمَّ قَالَ: فِيهِ زِيَادَةٌ أَحْرُفٍ لَمْ تَكُنْ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ «5»، قَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِيثَمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ- فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ- وَ زَادَ فِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِلْأَنْصَارِ: «إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُ إِلَيْكُمْ فِي الْمُهَاجِرِينَ، وَ إِنْ شِئْتُمْ قَسَمْتُهَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ وَ تَرَكْتُهُمْ مَعَكُمْ». قَالُوا: قَدْ شِئْنَا أَنْ تَقْسِمَهَا فِيهِمْ. فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ دَفَعَهُمْ عَنِ الْأَنْصَارِ، وَ لَمْ يُعْطِ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا رَجُلَيْنِ وَ هُمَا: سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَ أَبُو دُجَانَةَ فَإِنَّهُمَا ذَكَرَا حَاجَةً.
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 360.
 (1) الحشر 59: 5- 10.
 (2) الحشر 59: 11، 12.
 (3) الحشر 59: 15.
 (4) الحشر 59: 16، 17.
 (5) لعلّ القائل بذلك هو راوي الكتاب.

333
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 5 ص 334

قوله تعالى:
ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى‏ أُصُولِها [5]
10603/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْعَجْوَةُ أُمُّ التَّمْرِ، وَ هِيَ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْجَنَّةِ لِآدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى‏ أُصُولِها، قَالَ: «يَعْنِي الْعَجْوَةَ».
قوله تعالى:
وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ* ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ [6- 7]
10604/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِذِي الْقُرْبَى، الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ مِنَّا خَاصَّةً، وَ لَمْ يَجْعَلْ لَنَا سَهْماً فِي الصَّدَقَةِ، أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَ أَكْرَمَنَا أَنْ يُطْعِمَنَا أَوْسَاخَ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ».
10605/ «3»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: وَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ، قَالَ: «الْفَيْ‏ءُ مَا كَانَ مِنْ أَمْوَالٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا هِرَاقَةُ دَمٍ أَوْ قَتْلٌ، وَ الْأَنْفَالُ مِثْلُ ذَلِكَ، هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 6: 347/ 11.
 (2)- الكافي 1: 453/ 1.
 (3)- التهذيب 4: 133/ 371.

334
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 6 الى 7 ص 334

10606/ «3»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سِنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلَاءٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «الْفَيْ‏ءُ وَ الْأَنْفَالُ مَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا هِرَاقَةٌ مِنَ الدِّمَاءِ، وَ قَوْمٍ صُولِحُوا وَ أَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ، وَ مَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ خَرِبَةٍ أَوْ بُطُونِ أَوْدِيَةٍ فَهُوَ كُلُّهُ مِنَ الْفَيْ‏ءِ، فَهَذَا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ، وَ هُوَ لِلْإِمَامِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدَ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَوْلُهُ:
وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ قَالَ: أَ لَا تَرَى هُوَ هَذَا.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَغْنَمِ، كَانَ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ ذَلِكَ، وَ لَيْسَ لَنَا فِيهِ غَيْرُ سَهْمَيْنِ: سَهْمِ الرَّسُولِ، وَ سَهْمِ الْقُرْبَى، نَحْنُ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا بَقِيَ».
10607/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، جَمِيعاً، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ:
جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏؟ قَالَ:
الْقُرْبَى هِيَ وَ اللَّهِ قَرَابَتُنَا.
10608/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِينَا خَاصَّةً، فَمَا كَانَ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ فَهُوَ لَنَا، وَ نَحْنُ أُولُو «1» الْقُرْبَى، وَ نَحْنُ الْمَسَاكِينُ، لَا تَذْهَبُ مَسْكَنَتُنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَبَداً، وَ نَحْنُ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ فَلَا يُعْرَفُ سَبِيلُ اللَّهِ إِلَّا بِنَا، وَ الْأَمْرُ كُلُّهُ لَنَا».
قوله تعالى:
وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ [7]
10609/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي زَاهِرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ النَّحْوِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَسَمِعْتُهُ‏
__________________________________________________
 (3)- التهذيب 4: 134/ 376.
 (4)- تأويل الآيات 2: 677/ 1.
 (5)- تأويل الآيات 2: 677/ 2.
 (1)- الكافي 1: 207/ 1.
 (1) في المصدر: ذو.

335
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 6 الى 7 ص 334

يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَدَّبَ نَبِيَّهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ، فَقَالَ: وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ «1» ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «2»».
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «وَ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ فَوَّضَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ ائْتَمَنَهُ، فَسَلَّمْتُمْ وَ جَحَدَ النَّاسُ، فَوَ اللَّهِ لَنُحِبُّكُمْ أَنْ تَقُولُوا إِذَا قُلْنَا، وَ أَنْ تَصْمُتُوا إِذَا صَمَتْنَا، وَ نَحْنُ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، مَا جَعَلَ اللَّهُ لِأَحَدٍ خَيْراً فِي خِلَافِ أَمْرِنَا».
وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَهُ نَحْوَهُ.
10610/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ بَكَّارِ بْنِ بَكْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَشْيَمَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَخْبَرَهُ بِهَا، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ الْآيَةِ فَأَخْبَرَهُ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ الْأَوَّلَ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى كَأَنَّ قَلْبِي يُشْرَحُ بِالسَّكَاكِينِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: تَرَكْتُ أَبَا قَتَادَةَ بِالشَّامِ لَا يُخْطِئُ بِالْوَاوِ وَ شِبْهِهِ، وَ جِئْتُ إِلَى هَذَا يُخْطِئُ هَذَا الْخَطَأَ كُلَّهُ! فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ فَسَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ الْآيَةِ فَأَخْبَرَهُ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَنِي وَ أَخْبَرَ صَاحِبَيَّ، فَسَكَنَتْ نَفْسِي فَقُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ عَنْهُ تَقِيَّةٌ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ لِي: «يَا ابْنَ أَشْيَمَ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَّضَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَقَالَ: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «3»، وَ فَوَّضَ إِلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ:
ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فَمَا فَوَّضَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَدْ فَوَّضَهُ إِلَيْنَا».
10611/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَجَّالِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولَانِ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَّضَ إِلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمْرَ خَلْقِهِ لِيَنْظُرَ كَيْفَ طَاعَتُهُمْ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.
10612/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذُنَيْهِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ لِبَعْضِ أَصْحَابِ قَيْسٍ الْمَاصِرِ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَدَّبَ نَبِيَّهُ فَأَحْسَنَ أَدَبَهُ، فَلَمَّا أَكْمَلَ لَهُ الْأَدَبَ قَالَ: إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ «4»، ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ أَمْرَ الدِّينِ وَ الْأُمَّةِ لِيَسُوسَ عِبَادَهُ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ:
ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ مُسَدَّداً مُوَفَّقاً مُؤَيَّداً بِرُوحِ الْقُدُسِ، لَا يَزِلُّ وَ لَا يُخْطِئُ فِي شَيْ‏ءٍ مِمَّا يَسُوسُ بِهِ الْخَلْقَ، فَتَأَدَّبَ، بِآدَابِ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ الصَّلَاةَ
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 208/ 2.
 (3)- الكافي 1: 208/ 3.
 (4)- الكافي 1: 208/ 4.
 (1) القلم 68: 4.
 (2) النساء 4: 80.
 (3) سورة ص 38: 39.
 (4) القلم 68: 4.

336
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 6 الى 7 ص 334

رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، عَشْرَ رَكَعَاتٍ، فَأَضَافَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَ إِلَى الْمَغْرِبِ رَكْعَةً، فَصَارَتْ عَدِيلَ الْفَرِيضَةِ، لَا يَجُوزُ تَرْكُهُنَّ إِلَّا فِي سَفَرٍ، وَ أَفْرَدَ الرَّكْعَةَ فِي الْمَغْرِبِ فَتَرَكَهَا قَائِمَةً فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ، فَأَجَازَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَصَارَتِ الْفَرِيضَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
ثُمَّ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) النَّوَافِلَ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ رَكْعَةً مِثْلَيِ الْفَرِيضَةِ، فَأَجَازَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ، وَ الْفَرِيضَةُ وَ النَّافِلَةُ إِحْدَى وَ خَمْسُونَ رَكْعَةً، مِنْهَا رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ جَالِساً تُعَدُّ بِرَكْعَةٍ مَكَانَ الْوَتْرِ.
وَ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي السَّنَةِ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) صَوْمَ شَعْبَانَ، وَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِثْلَيِ الْفَرِيضَةِ، فَأَجَازَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ.
وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْخَمْرَ بِعَيْنِهَا، وَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمُسْكِرَ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ، فَأَجَازَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ.
وَ عَافَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَشْيَاءَ وَ كَرِهَهَا وَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا نَهْيَ حَرَامٍ وَ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا نَهْيَ إِعَافَةٍ وَ كَرَاهَةٍ، ثُمَّ رَخَّصَ فِيهَا فَصَارَ الْأَخْذُ بِرُخَصِةِ وَاجِباً عَلَى الْعِبَادِ كَوُجُوبِ مَا يَأْخُذُونَ بِنَهْيِهِ وَ عَزَائِمِهِ، وَ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ نَهْيَ حَرَامٍ، وَ لَا فِيمَا أَمَرَ بِهِ أَمْرَ فَرْضٍ لَازِمٍ، فَكَثِيرُ الْمُسْكِرِ مِنَ الْأَشْرِبَةِ نَهَاهُمْ عَنْهُ نَهْيَ حَرَامٍ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ لِأَحَدٍ، وَ لَمْ يُرَخِّصْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِأَحَدٍ تَقْصِيرَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ضَمَّهُمَا إِلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَلْ أَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ إِلْزَاماً وَاجِباً، لَمْ يُرَخِّصْ لِأَحَدٍ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا لِلْمُسَافِرِ، وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُرَخِّصَ مَا لَمْ يُرَخِّصْهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَوَافَقَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ نَهْيُهُ نَهْيَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ وَجَبَ عَلَى الْعِبَادِ التَّسْلِيمُ لَهُ كَالتَّسْلِيمِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى».
10613/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ زُرَارَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولَانِ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَوَّضَ إِلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمْرَ خَلْقِهِ لِيَنْظُرَ كَيْفَ طَاعَتُهُمْ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.
وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَجَّالِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ زُرَارَةَ، مِثْلَهُ.
10614/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَدَّبَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ إِلَى مَا أَرَادَ، قَالَ لَهُ:
إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ «1»، فَفَوَّضَ إِلَيْهِ دِينَهُ فَقَالَ: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ الْفَرَائِضَ وَ لَمْ يَقْسِمْ لِلْجَدِّ شَيْئاً، وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَطْعَمَهُ السُّدُسَ فَأَجَازَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لَهُ ذَلِكَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «2»».
__________________________________________________
 (5)- الكافي 1: 209/ 5.
 (6)- الكافي 1: 209/ 6.
 (1) القلم 68/ 4.
 (2) سورة ص 38: 39.

337
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 6 الى 7 ص 334

10615/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَدَّبَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى قَوَّمَهُ عَلَى مَا أَرَادَ، ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، فَمَا فَوَّضَ اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَدْ فَوَّضَهُ إِلَيْنَا».
10616/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ صَنْدَلٍ الْخَيَّاطِ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «1» قَالَ: «أَعْطَى سُلَيْمَانَ مُلْكاً عَظِيماً، ثُمَّ جَرَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَكَانَ لَهُ [أَنْ‏] يُعْطِيَ «2» مَنْ شَاءَ وَ يَمْنَعَ مَنْ شَاءَ، وَ أَعْطَاهُ [اللَّهُ‏] أَفْضَلَ مِمَّا أَعْطَى سُلَيْمَانُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا».
10617/ «9»- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ: عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَدَّبَهُ «3» حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْحَى إِلَيْهِ، وَ فَوَّضَ إِلَيْهِ الْأَشْيَاءَ، فَقَالَ: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا».
10618/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولَانِ: «إِنَّ اللَّهَ فَوَّضَ إِلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمْرَ خَلْقِهِ لِيَنْظُرَ كَيْفَ طَاعَتُهُمْ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.
10619/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَدَّبَ نَبِيَّهُ وَ أَحْسَنَ أَدَبَهُ «4»، فَقَالَ: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ «5»، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ «6»، وَ فَوَّضَ إِلَيْهِ أَمْرَ دِينِهِ، فَقَالَ: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، فَحَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ بِعَيْنِهَا، وَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كُلَّ مُسْكِرٍ، فَأَجَازَ
__________________________________________________
 (7)- الكافي 1: 210/ 9.
 (8)- الكافي 1: 210/ 10.
 (9)- بصائر الدرجات: 398/ 1.
 (10)- بصائر الدرجات: 398/ 2.
 (11)- بصائر الدرجات: 398/ 3.
 (1) سورة ص 38: 39.
 (2) زاد في المصدر: ما شاء.
 (3) فِي الْمَصْدَرِ: قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَبْداً فَأَدَّبَهُ.
 (4) في المصدر: فأحسن تأديبه.
 (5) الأعراف 7: 199.
 (6) القلم 68: 4.

338
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 6 الى 7 ص 334

اللّه ذلك، [و كان يضمن على اللّه الجنة فيجيز اللّه ذلك له، و ذكر الفرائض فلم يذكر الجد فأطعمه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) سهما فأجاز ذلك‏]، و لم يفوض إلى أحد من الأنبياء [غيره‏].
10620/ «12»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ، قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا تَقُولُ فِي التَّفْوِيضِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوَّضَ إِلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمْرَ دِينِهِ، فَقَالَ: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، فَأَمَّا الْخَلْقُ وَ الرِّزْقُ فَلَا».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى [يَقُولُ: اللَّهُ‏] خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ «1»، وَ يَقُولُ تَعَالَى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ «2»».
10621/ «13»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ «3» بْنُ أَحْمَدَ الْمَالِكِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ ظُلْمَ آلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِمَنِ ظَلَمَهُمْ».
و الأحاديث في ذلك كثيرة، اقتصرنا على ذلك مخافة الإطالة.
قوله تعالى:
وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [9]
10622/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الرَّجُلِ لَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا قُوتُ يَوْمِهِ، أَ يَعْطِفُ مَنْ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ عَلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ وَ يَعْطِفُ مَنْ عِنْدَهُ قُوتُ شَهْرٍ عَلَى مَنْ دُونَهُ، وَ السُّنَّةُ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ، أَمْ ذَلِكَ كُلُّهُ الْكَفَافُ الَّذِي‏
__________________________________________________
 (12)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 202/ 3.
 (13)- تأويل الآيات 2: 678/ 3.
 (1)- الكافي 4: 18/ 1.
 (1) الرعد 13: 16.
 (2) الروم 30: 40.
 (3) في المصدر: الحسين.

339
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 9 ص 339

لَا يُلَامُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: «هُوَ أَمْرَانِ، أَفْضَلُهُمْ فِيهِ أَحْرَصُهُمْ «1» عَلَى الرَّغْبَةِ وَ الْأَثَرَةِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ، وَ الْأَمْرُ الْآخَرُ لَا يُلَامُ عَلَى الْكَفَافِ، وَ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَ ابْدأْ بِمَنْ تَعُولُ».
10623/ «2»- قَالَ: وَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ بُنْدَارَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ السَّائِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَوْصِنِي؟ فَقَالَ: «آمُرُكَ بِتَقْوَى اللَّهِ». ثُمَّ سَكَتَ، فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ قِلَّةَ ذَاتِ يَدِي، وَ قُلْتُ: وَ اللَّهِ لَقَدْ عَرِيتُ حَتَّى بَلَغَ مِنْ عُرْيِي أَنَّ أَبَا فُلَانٍ نَزَعَ ثَوْبَيْنِ كَانَا عَلَيْهِ وَ كَسَانِيهِمَا، فَقَالَ: «صُمْ وَ تَصَدَّقْ».
فَقُلْتُ: أَتَصَدَّقُ بِمَا وَصَلَنِي بِهِ إِخْوَانِي «2»؟ قَالَ: «تَصَدَّقْ بِمَا رَزَقَكَ اللَّهُ وَ لَوْ آثَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ».
10624/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «خِيَارُكُمْ سُمَحَاؤُكُمْ، وَ شِرَارُكُمْ بُخَلَاؤُكُمْ، وَ مِنْ خَالِصِ الْإِيمَانِ الْبِرُّ بِالْإِخْوَانِ وَ السَّعْيُ فِي حَوَائِجِهِمْ، وَ إِنَّ الْبَارَّ بِالْإِخْوَانِ لَيُحِبُّهُ الرَّحْمَنُ، وَ فِي ذَلِكَ مَرْغَمَةٌ لِلشَّيْطَانِ وَ تَزَحْزُحٌ عَنِ النِّيرَانِ وَ دُخُولُ الْجِنَانِ، يَا جَمِيلُ، أَخْبِرْ بِهَذَا غُرَرَ أَصْحَابِكَ» قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ غُرَرُ أَصْحَابِي؟ قَالَ: «هُمُ الْبَارُّونَ بِالْإِخْوَانِ فِي الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ».
ثُمَّ قَالَ: «يَا جَمِيلُ، أَمَا إِنَّ صَاحِبَ الْكَثِيرِ يَهُونُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَ قَدْ مَدَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْقَلِيلِ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
وَ رَوَى الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: «أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ الْإِسْكَافِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْآدَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَعْرُوفُ بِزُحَلَ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «خِيَارُكُمْ سُمَحَاؤُكُمْ، وَ شِرَارُكُمْ بُخَلَاؤُكُمْ»، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «3».
وَ رَوَاهُ الْمُفِيدُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، وَ سَاقَ الْحَدِيثَ بِالسَّنَدِ وَ الْمَتْنِ سَوَاءً «4».
10625/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جُهْدُ الْمُقِلِّ، أَمَا
__________________________________________________
 (2)- الكافي 4: 18/ 2.
 (3)- الكافي 4: 41/ 15.
 (4)- الكافي 4: 18/ 3.
 (1) في المصدر: أفضلكم فيه أحرصكم.
 (2) زاد في المصدر: و إن كان قليلا.
 (3) الأمالي 1: 65.
 (4) الأمالي: 291/ 9.

340
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 9 ص 339

سَمِعْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ تَرَى هَا هُنَا فَضْلًا؟».
10626/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ صَاحِبِ الْكِلَلِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ؟ فَقَالَ:
 «يَا أَبَانُ، دَعْهُ لَا تَرِدْهُ». قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَانُ، تُقَاسِمُهُ شَطْرَ مَالِكَ» ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَرَأَى مَا دَخَلَنِي، فَقَالَ: «يَا أَبَانُ، أَ لَمَ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ ذَكَرَ الْمُؤْثِرِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؟» قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ: «إِذَا قَاسَمْتَهُ، فَلَمْ تُؤْثِرْهُ بَعْدُ، إِنَّمَا أَنْتَ وَ هُوَ سَوَاءٌ، إِنَّمَا إِذَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ».
10627/ «6»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الدِّهْقَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَشَكَا إِلَيْهِ الْجُوعَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ فَقُلْنَ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا الْمَاءُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ لِهَذَا الرَّجُلِ اللَّيْلَةَ»؟ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَتَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فَقَالَ لَهَا: «مَا عِنْدَكَ يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟» فَقَالَتْ: «مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ، لَكِنَّا نُؤْثِرُ ضَيْفَنَا».
فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا ابْنَةَ مُحَمَّدٍ، نَوِّمِي الصِّبْيَةَ، وَ أَطْفِئِي الْمِصْبَاحَ» فَلَمَّا أَصْبَحَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْعَطَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو الدِّهْقَانِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَشَكَا إِلَيْهِ الْجُوعَ، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ بِبَعْضِ التَّغْيِيرِ الْيَسِيرِ لَا يَضُرُّ بِالْمَعْنَى «1».
10628/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قَالَ: «بَيْنَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) إِذْ قَالَتْ لَهُ: يَا عَلِيُّ، اذْهَبْ إِلَى أَبِي فَابْغِنَا مِنْهُ شَيْئاً. فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَعْطَاهُ دِينَاراً، وَ قَالَ: يَا عَلِيُّ اذْهَبْ فَابْتَعْ لِأَهْلِكَ طَعَاماً.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَهُ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَ قَامَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُومَا وَ ذَكَرَ لَهُ حَاجَتَهُ، فَأَعْطَاهُ الدِّينَارَ
__________________________________________________
 (5)- الكافي 2: 137/ 8.
 (6)- الأمالي 1: 188.
 (7)- تأويل الآيات 2: 679/ 5.
 (1) تأويل الآيات 2: 678/ 4.

341
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 9 ص 339

وَ انْطَلَقَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، فَانْتَظَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَلَمْ يَأْتِ، ثُمَّ انْتَظَرَهُ فَلَمْ يَأْتِ، فَخَرَجَ يَدُورُ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِذَا هُوَ بِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَائِماً فِي الْمَسْجِدِ فَحَرَّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَعَدَ. فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ فَلَقِيَنِي الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَذَكَرَ لِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَذْكُرَ فَأَعْطَيْتُهُ الدِّينَارَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَمَا إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَدْ أَنْبَأَنِي بِذَلِكَ، وَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ كِتَاباً وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
10629/ «8»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَالٍ وَ حُلَلٍ، وَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ جُلُوسٌ، فَقَسَّمَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ حُلَّةٌ وَ لَا دِينَارٌ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَ كَانَ غَائِباً، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: أَيُّكُمْ يُعْطِي هَذَا نَصِيبَهُ وَ يُؤْثِرُهُ عَلَى نَفْسِهِ؟ فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: نَصِيبِي. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَعْطَاهُ الرَّجُلَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ جَعَلَكَ سَبَّاقاً لِلْخَيْرِ «1»، سَخَّاءً بِنَفْسِكَ عَنِ الْمَالِ، أَنْتَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ، وَ الظَّلَمَةُ هُمُ الَّذِينَ يَحْسُدُونَكَ وَ يَبْغُونَ عَلَيْكَ وَ يَمْنَعُونَكَ حَقَّكَ بَعْدِي».
10630/ «9»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ «2»، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ جَالِساً ذَاتَ يَوْمٍ وَ أَصْحَابُهُ جُلُوسٌ حَوْلَهُ، فَجَاءَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ عَلَيْهِ سَمِلٌ ثَوْبٌ مُتَخَرِّقٌ عَنْ بَعْضِ جَسَدِهِ، فَجَلَسَ قَرِيباً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَنَظَرَ إِلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ قَرَأَ: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَمَا إِنَّكَ رَأْسُ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ وَ سَيِّدُهُمْ وَ إِمَامُهُمْ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ: أَيْنَ حُلَّتُكَ الَّتِي كَسَوْتُكَهَا يَا عَلِيُّ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِكَ أَتَانِي يَشْتَكِي عُرْيَهُ وَ عُرْيَ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَرَحِمْتُهُ وَ آثَرْتُهُ بِهَا عَلَى نَفْسِي، وَ عَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ سَيَكْسُونِي خَيْراً مِنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): صَدَقْتَ أَمَا إِنَّ جَبْرَئِيلَ قَدْ أَتَانِي يُحَدِّثُنِي أَنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ لَكَ مَكَانَهَا فِي الْجَنَّةِ حُلَّةً خَضْرَاءَ مِنِ إِسْتَبْرَقٍ، وَ صِنْفَتُهَا «3» مِنْ يَاقُوتٍ وَ زَبَرْجَدٍ، فَنِعْمَ الْجَوَازُ جَوَازُ رَبِّكَ بِسَخَاوَةِ نَفْسِكَ وَ صَبْرِكَ عَلَى‏
__________________________________________________
 (8)- تأويل الآيات 2: 679/ 6.
 (9)- تأويل الآيات 2: 680/ 7.
 (1) في المصدر: للخيرات.
 (2) في «ط، ي» القاسم بن إسماعيل بن أبان.
 (3) صنفة الإزار: هي حاشيته. «لسان العرب 9: 198».

342
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 9 ص 339

شملتك «1» هَذِهِ الْمُنْخَرِقَةِ، فَأَبْشِرْ يَا عَلِيُّ. فَانْصَرَفَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَرِحاً مُسْتَبْشِراً بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ- إلى قوله تعالى- رَؤُفٌ رَحِيمٌ [10]
10631/ «1»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)- فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عِنْدَ صُلْحِهِ مَعَ مُعَاوِيَةَ- فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيهَا بِمَحْضَرِ مُعَاوِيَةَ: «فَصَدَّقَ أَبِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَابِقاً وَ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يُقَدِّمُهُ، وَ لِكُلِّ شَدِيدَةٍ يُرْسِلُهُ ثِقَةً مِنْهُ بِهِ وَ طُمَأْنِينَةً إِلَيْهِ، لِعِلْمِهِ بِنَصِيحَتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولِهِ [وَ إِنَّهُ أَقْرَبُ الْمُقَرَّبِينَ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:] وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «2»، فَكَانَ أَبِي سَابِقَ السَّابِقِينَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ إِلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَقْرَبُ الْأَقْرَبِينَ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً «3»، فَأَبِي كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَاماً وَ إِيمَاناً، وَ أَوَّلَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ هِجْرَةً وَ لُحُوقاً، وَ أَوَّلَهُمْ عَلَى وُجْدِهِ وَ وُسْعِهِ نَفَقَةً، قَالَ سُبْحَانَهُ: وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، فَالنَّاسُ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ لِسَبْقِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ بِهِ أَحَدٌ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ «4»، فَهُوَ سَابِقُ جَمِيعِ السَّابِقِينَ، فَكَمَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَ السَّابِقِينَ عَلَى الْمُخْتَلِفِينَ [وَ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَكَذَلِكَ‏] فَضَّلَ سَابِقَ السَّابِقِينَ عَلَى السَّابِقِينَ».
و الخطبة طويلة تقدمت بطولها في قوله تعالى:
__________________________________________________
 (1)- الأمالي 2: 175.
 (1) في المصدر: سملتك.
 (2) الواقعة 56: 10، 11.
 (3) الحديد 57: 10.
 (4) التوبة 9: 100.

343
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 10 ص 343

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1».
10632/ «2»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد، عن يحيى بن صالح، عن الحسين الأشقر، عن عيسى بن راشد، عن أبي بصير، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: فرض اللّه الاستغفار لعلي (عليه السلام) في القرآن على كل مسلم، و هو قوله تعالى: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ و هو سابق الأمة.
قوله تعالى:
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ- إلى قوله تعالى- وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ [11- 17] تقدم في القصة في أول السورة «2».
قوله تعالى:
وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [19]
10633/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِعَلَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الرَّقَّامِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا عَلِيَّ بْنَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «3». فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يَنْسَى وَ لَا يَسْهُو، وَ إِنَّمَا يَنْسَى وَ يَسْهُو الْمَخْلُوقُ الْمُحْدَثُ، أَ لَا تَسْمَعُهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «4»؟ وَ إِنَّمَا يُجَازِي مَنْ‏
__________________________________________________
 (2)- تأويل الآيات 2: 681/ 8.
 (1)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 18.
 (1) تقدّمت في الحديث (24) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.
 (2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 4) من هذه السورة.
 (3) التوبة 9: 67.
 (4) مريم 19: 64.

344
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 19 ص 344

نَسِيَهُ وَ نَسِيَ لِقَاءَ يَوْمِهِ بِأَنْ يُنْسِيَهُمْ أَنْفُسَهُمْ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «1» أَيْ بِتَرْكِهِمْ «2» الِاسْتِعْدَادَ لِلِقَاءِ يَوْمِهِمْ هَذَا».
قوله تعالى:
لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ [20]
10634/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْمُجَاوِرُ، فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَزِينٍ- ابْنُ أَخِي دِعْبِلِ بْنِ عَلِيٍّ الْخُزَاعِيُّ- عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ، فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَصْحَابُ الْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ سَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدِي، وَ أَقَرَّ بِوَلَايَتِهِ. وَ أَصْحَابُ النَّارِ؟ مَنْ سَخِطَ الْوَلَايَةَ، وَ نَقَضَ الْعَهْدَ، وَ قَاتَلَهُ بَعْدِي».
10635/ «2»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ فَقَالَ: أَصْحَابُ الْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ سَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدِي، وَ أَقَرَّ بِوَلَايَتِهِ. فَقِيلَ: وَ أَصْحَابُ النَّارِ؟ قَالَ: مَنْ سَخِطَ الْوَلَايَةَ، وَ نَقَضَ الْعَهْدَ، وَ قَاتَلَهُ بَعْدِي».
10636/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ طَرِيفٍ الْحَنْظَلِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيِّ، عَنْ مَحْدُوجِ بْنِ زَيْدٍ الذُّهْلِيِّ، وَ كَانَ فِي وَفْدِ قَوْمِهِ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي وَ سَلَّمَ لِهَذَا مِنْ بَعْدِي».
__________________________________________________
 (1)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 280/ 22.
 (2)- الأمالي 2: 373.
 (3)- الأمالي 2: 100.
 (1) الأعراف 7: 51.
 (2) في المصدر: أي نتركهم كما تركوا.

345
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 20 ص 345

قَالَ: وَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِكَفِّ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ إِلَى جَنْبِهِ- فَرَفَعَهَا، وَ قَالَ: «أَلَا إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ، فَمَنْ حَادَّهُ فَقَدْ حَادَّنِي، وَ مَنْ حَادَّنِي أَسْخَطَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ» ثُمَّ قَالَ: «يَا عَلِيُّ، حَرْبُكَ حَرْبِي وَ سِلْمُكَ سِلْمِي، وَ أَنْتَ الْعَلَمُ بَيْنِي وَ بَيْنَ أُمَّتِي».
قَالَ عَطِيَّةُ: فَدَخَلْتُ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ [فِي‏] مَنْزِلِهِ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ مَحْدُوجِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ بَقِيَ مِمَّنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ هَذَا غَيْرِي، أَشْهَدُ لَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ حَادَّهُ رِجَالٌ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَوْلَهُ هَذَا، وَ قَدْ رَدُّوا.
10637/ «4»- صَاحِبُ (الْأَرْبَعِينَ) فِي الْحَدِيثِ التَّاسِعِ وَ الْعِشْرِينَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا السَّيِّدُ أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ هَارُونَ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ أَصْلًا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى هُدِيَ، وَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كُفِيَ، وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ أُغْنِيَ، وَ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ نَجَا، فَاتَّقُوا عِبَادَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ سَلِّمُوا الْأَمْرَ لِأَهْلِهِ تُفْلِحُوا، وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ «1» الْآيَةِ لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ، وَ هُمْ شِيعَةُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَّهَا قَالَتْ: أَقْرَانِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَصْحَابِ النَّارِ؟ قَالَ: مُبْغِضُ عَلِيٍّ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ مُنَقِّصُوهُمْ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنِ الْفَائِزُونَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: شِيعَةُ عَلِيٍّ هُمُ الْفَائِزُونَ».
10638/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ بِقِرَائَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطَوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَدْ أَتَاكُمْ أَخِي» ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَضَرَبَهَا بِيَدِهِ، فَقَالَ:
 «وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ هَذَا وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ أَوَّلُكُمْ إِيمَاناً مَعِي، وَ أَوْفَاكُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَ أَقْوَمُكُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَ أَعْدَلُكُمْ فِي الرَّعِيَّةِ، وَ أَقْسَمُكُمْ فِي السَّوِيَّةَ، وَ أَعْظَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَزِيَّةً» قَالَ: وَ نَزَلَتْ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ «2».
__________________________________________________
 (4)- أربعين الخزاعيّ: 28/ 29.
 (5)- أربعين الخزاعيّ: 28/ 28.
 (1) الحشر 59: 19.
 (2) البيّنة 98: 7.

346
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر آية 20 ص 345

وَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ، وَ هُوَ مِنْ أَعْيَانِ عُلَمَاءِ الْمُخَالِفِينَ فِي كِتَابِ (الْمَنَاقِبِ)، قَالَ: أَنْبَأَنِي سَيِّدُ الْحُفَّاظِ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ شَهْرَدَارَ بْنِ شِيرَوَيْهِ بْنِ شَهْرَدَارَ الدَّيْلَمِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ مِنَ هَمْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبْدُوسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبْدُوسٍ الْهَمْدَانِيُّ مِنْ كِتَابِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ «1» الْبَزَّازُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْقَطَوَانِيَّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَنَسٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «قَدْ أَتَاكُمْ أَخِي» ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَضَرَبَهَا بِيَدِهِ، وَ قَالَ: «وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ هَذَا وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ»، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ «2».
10639/ «6»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)- لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فِي حَدِيثٍ-: «يَا فَاطِمَةُ لَا تَبْكِي، فَإِنِّي إِذَا دُعِيتُ غَداً إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَيَكُونُ عَلِيٌّ مَعِي، وَ إِذَا بُعِثْتُ غَداً بُعِثَ عَلِيٌّ مَعِي. يَا فَاطِمَةُ لَا تَبْكِي، فَإِنَّ عَلِيّاً وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ».
قوله تعالى:
عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [22- 24] 10640/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ، قال: القدوس: هو البري‏ء من شوائب الآفات الموجبات للجهل، قوله تعالى: السَّلامُ الْمُؤْمِنُ، قال: يأمن أولياؤه من العذاب، قوله تعالى: الْمُهَيْمِنُ أي الشاهد، قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ هو الذي يخلق الشي‏ء لا من شي‏ء لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
10641/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَ اشْتِقَاقِهَا، [اللَّهُ‏] مِمَّا هُوَ مُشْتَقٌّ؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: «يَا هِشَامُ، اللَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ أَلِهَ، وَ الْإِلَهُ يَقْتَضِي مَأْلُوهاً، وَ الِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى، فَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ كَفَرَ وَ لَمْ يَعْبُدْ شَيْئاً، وَ مَنْ عَبَدَ
__________________________________________________
 (6)- مناقب الخوارزمي: 206 «نحوه».
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 360.
 (2)- الكافي 1: 68/ 2.
 (1) في المصدر: أبو الحسن محمّد بن أحمد، و في «ي»: محمّد، بدل: عبد.
 (2) مناقب الخوارزمي: 62.

347
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 22 الى 24 ص 347

الِاسْمَ وَ الْمَعْنَى فَقَدْ كَفَرَ وَ عَبَدَ اثْنَيْنِ، وَ مَنْ عَبَدَ الْمَعْنَى دُونَ الِاسْمِ فَذَاكَ التَّوْحِيدُ، أَ فَهِمْتَ يَا هِشَامُ؟» قَالَ: فَقُلْتُ:
زِدْنِي.
فَقَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ اسْماً، فَلَوْ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى، لَكَانَ كُلُّ اسْمٍ مِنْهَا إِلَهاً، وَ لَكِنَّ اللَّهَ مَعْنًى يُدَلُّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَ كُلُّهَا غَيْرُهُ. يَا هِشَامُ، الْخُبْزُ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ، وَ الْمَاءُ اسْمٌ لِلْمَشْرُوبِ، وَ الثَّوْبُ اسْمٌ لِلْمَلْبُوسِ، وَ النَّارُ اسْمٌ لِلْمُحْرِقِ، أَ فَهِمْتَ- يَا هِشَامُ- فَهْماً تَدْفَعُ بِهِ وَ تُنَاضِلُ بِهِ أَعْدَاءَنَا الْمُلْحِدِينَ «1» مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ غَيْرَهُ؟» قُلْتُ:
نَعَمْ، قَالَ: فَقَالَ: «نَفَعَكَ اللَّهُ وَ ثَبَّتَكَ، يَا هِشَامُ» قَالَ هِشَامٌ: فَوَ اللَّهِ مَا قَهَرَنِي أَحَدٌ فِي التَّوْحِيدِ حِينَ قُمْتُ مِنْ مَقَامِي هَذَا.
10642/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ اسْماً، مِائَةً إِلَّا وَاحِدٌ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَ هِيَ: اللَّهُ، الْإِلَهُ، الْوَاحِدُ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الْأَوَّلُ، الْآخِرُ، السَّمِيعُ، الْبَصِيرُ، الْقَدِيرُ «2»، الْقَاهِرُ، الْعَلِيُّ، الْأَعْلَى، الْبَاقِي، الْبَدِيعُ، الْبَارِئُ، الْأَكْرَمُ، الظَّاهِرُ، الْبَاطِنُ، الْحَيُّ، الْحَكِيمُ، الْعَلِيمُ، الْحَلِيمُ، الْحَفِيظُ، الْحَقُّ، الْحَسِيبُ، الْحَمِيدُ، الْحَفِيُّ «3»، الرَّبُّ، الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ الذَّارِئُ، الرَّازِقُ «4»، الرَّقِيبُ، الرَّؤُوفُ، الْبَارُّ «5»، السَّلَامُ، الْمُؤْمِنُ، الْمُهَيْمِنُ، الْعَزِيزُ، الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ، السَّيِّدُ، السُّبُّوحُ، الشَّهِيدُ، الصَّادِقُ، الصَّانِعُ، الطَّاهِرُ، الْعَدْلُ، الْعَفُوُّ، الْغَفُورُ، الْغَنِيُّ، الْغِيَاثُ، الْفَاطِرُ، الْفَرْدُ، الْفَتَّاحُ، الْفَالِقُ، الْقَدِيمُ، الْمَلِكُ، الْقُدُّوسُ، الْقَوِيُّ، الْقَرِيبُ، الْقَيُّومُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، قَاضِي الْحَاجَاتِ، الْمَجِيدُ، الْمَوْلَى، الْمَنَّانُ، الْمُحِيطُ، الْمُبِينُ، الْمُقِيتُ، الْمُصَوِّرُ، الْكَرِيمُ «6»، الْكَبِيرُ، الْكَافِي، كَاشِفُ الضُّرِّ، الْوَتْرُ، النُّورُ، الْوَهَّابُ، النَّاصِرُ، الْوَاسِعُ، الْوَدُودُ، الْهَادِي، الْوَفِيُّ، الْوَكِيلُ، الْوَارِثُ، الْبَرُّ، الْبَاعِثُ، التَّوَّابُ، الْجَلِيلُ، الْجَوَادُ، الْخَبِيرُ، الْخَالِقُ، خَيْرُ النَّاصِرِينَ، الدَّيَّانُ، الشَّكُورُ، الْعَظِيمُ، اللَّطِيفُ، الشَّافِي».
10643/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَصْفَهَانِيُّ الْأَسْوَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ ابْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدَوَيْهِ الْبَرْدَعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ بِدِمَشْقَ وَ أَنَا أَسْمَعُ، قَالَ:
__________________________________________________
 (3)- التوحيد: 194/ 8.
 (4)- التوحيد: 219/ 11.
 (1) في المصدر: و المتخذين.
 (2) في «ط، ي» نسخة بدل: القادر، و زاد في «ج»: القادر.
 (3) في «ج»: الخفي.
 (4) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: الرزاق.
 (5) في المصدر: الرائي.
 (6) (الكريم) ليس في «ج، ي».

348
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 22 الى 24 ص 347

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ مُوسَى بْنُ عَامِرٍ الْمُرِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ اسْماً، مِائَةً إِلَّا وَاحِدٌ، إِنَّهُ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
فَبَلَغَنَا أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَّهَا يُفْتَتَحُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَ هُوَ عَلِيُّ كُلُّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى: اللَّهُ، الْوَاحِدُ، الصَّمَدُ، الْأَوَّلُ، الْآخِرُ، الظَّاهِرُ، الْبَاطِنُ، الْخَالِقُ، الْبَارِئُ، الْمُصَوِّرُ، الْمَلِكُ، الْقُدُّوسُ، السَّلَامُ، الْمُؤْمِنُ، الْمُهَيْمِنُ، الْعَزِيزُ، الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ، الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ، اللَّطِيفُ، الْخَبِيرُ، السَّمِيعُ، الْبَصِيرُ، الْعَلِيُّ، الْعَظِيمُ، الْبَارِئُ «1»، الْمُتَعَالِي، الْجَلِيلُ، الْجَمِيلُ، الْحَيُّ «2»، الْقَيُّومُ، الْقَادِرُ، الْقَاهِرُ، الْحَكِيمُ، الْقَرِيبُ، الْمُجِيبُ «3»، الْغَنِيُّ، الْوَهَّابُ، الْوَدُودُ، الشَّكُورُ، الْمَاجِدُ، الْأَحَدُ، الْوَلِيُّ، الرَّشِيدُ، الْغَفُورُ، الْكَرِيمُ، الْحَلِيمُ، التَّوَّابُ، الرَّبُّ، الْمَجِيدُ، الْحَمِيدُ، الْوَفِيُّ «4»، الشَّهِيدُ، الْمُبِينُ، الْبُرْهَانُ، الرَّؤُوفُ، الْمُبْدِئُ، الْمُعِيدُ، الْباعِثُ، الْوارِثُ، الْقَوِيُّ، الشَّدِيدُ، الضَّارُّ، النَّافِعُ، الْوَافِي، الْحَافِظُ، الرَّافِعُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الْمُعِزُّ، الْمُذِلُّ، الرَّازِقُ، ذُو الْقُوَّةِ، الْمَتِينُ، الْقَائِمُ، الْوَكِيلُ، الْجَامِعُ، الْعَادِلُ، الْمُعْطِي، الْمُجْتَبِي «5»، الْمُحْيِي، الْمُمِيتُ، الْكَافِي، الْهَادِي، الْأَبَدُ، الصَّادِقُ، النُّورُ، الْقَدِيمُ، الْحَقُّ، الْفَرْدُ، الْوَتْرُ، الْوَاسِعُ، الْمُحْصِي، الْمُقْتَدِرُ، الْمُقَدِّمُ، الْمُؤَخِّرُ، الْمُنْتَقِمُ، الْبَدِيعُ.
10644/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ اسْماً، مَنْ دَعَا بِهَا «6» اسْتَجَابَ لَهُ، وَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
قال الشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه (رحمه اللّه): معنى‏
قَوْلِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ اسْماً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»
إحصاؤها هو الإحاطة بها و الوقوف على معانيها، و ليس معنى الإحصاء عدها، و بالله التوفيق، ثمّ شرع في شرح معانيها، ذكره في كتاب (التوحيد).
10645/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ،
__________________________________________________
 (5)- التوحيد: 195/ 9.
 (6)- الكافي 2: 471/ 7.
 (1) في «ج»: البار.
 (2) في «ج»: الحق.
 (3) (المجيب) ليس في «ج، ي».
 (4) في «ج»: الواقي.
 (5) (المجتبي) ليس في «ي».
 (6) في «ط»: وعاها.

349
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحشر الآيات 22 الى 24 ص 347

عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْهَرْ بِسَلَامِهِ لَا يَقُولُ: سَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ، وَ لَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ سَلَّمَ وَ لَمْ يُسْمِعْهُمْ، فَإِذَا رَدَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْهَرْ بِرَدِّهِ وَ لَا يَقُولُ الْمُسَلِّمُ: سَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ». ثُمَّ قَالَ:
 «كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: لَا تَغْضَبُوا وَ لَا تُغْضِبُوا، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَ أَطِيبُوا الْكَلَامَ، وَ صَلُّوا بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ.
10646/ «7»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَ يُسَمَّى «1» بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ:
الرَّحْمَنِ، الرَّحِيمِ، الْعَزِيزِ، الْجَبَّارِ، الْعَلِيِّ، الْعَظِيمِ، فَتَاهَتْ هُنَاكَ عُقُولُهُمْ، وَ اسْتُخِفَّتْ حُلُومُهُمْ، فَضَرَبُوا لَهُ الْأَمْثَالَ، وَ جَعَلُوا لَهُ أَنْدَاداً، وَ شَبَّهُوهُ بِالْأَمْثَالِ، وَ مَثَّلُوهُ أَشْبَاهاً، وَ جَعَلُوهُ يَحُولُ وَ يَزُولُ، فَتَاهُوا فِي بَحْرٍ عَمِيقٍ، لَا يَدْرُونَ مَا غَوْرُهُ، وَ لَا يُدْرِكُونَ كُنْهَ «2» بُعْدِهِ».
10647/ «8»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ، فَقَالَ: «عَالِمُ الْغَيْبِ: مَا لَمْ يَكُنْ، وَ الشَّهَادَةِ: مَا قَدْ كَانَ».
10648/ «9»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَنَفَةٌ لِلَّهِ».
10649/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ مَوْلَى طِرْبَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ الْجَوَالِيقِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سُبْحانَ اللَّهِ مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَالَ: «تَنْزِيهَهُ».
و الروايات كثيرة في ذلك تقدمت في آخر سورة يوسف (عليه السلام) «3».
__________________________________________________
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 361.
 (8)- معاني الأخبار: 146/ 1.
 (9)- الكافي 1: 92/ 11.
 (10)- الكافي 1: 92/ 11.
 (1) في المصدر: سمي.
 (2) في النسخ: كمية.
 (3) تقدّمت في تفسير الآية (108) من سورة يوسف.

350
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة ص 351

سورة الممتحنة
فضلها
10650/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْمُمْتَحِنَةِ فِي فَرَائِضِهِ وَ نَوَافِلِهِ، امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، وَ نَوَّرَ لَهُ بَصَرَهُ، وَ لَا يُصِيبُهُ فَقْرٌ أَبَداً، وَ لَا جُنُونٌ فِي بَدَنِهِ وَ لَا فِي يَدِهِ».
10651/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَ اسْتَغْفَرَتْ لَهُ، وَ إِذَا مَاتَ فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَتِهِ مَاتَ شَهِيداً، وَ كَانَ الْمُؤْمِنُونَ شُفَعَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ شَرِبَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ لَمْ يَبْقَ لَهُ طُحَالٌ «1»، وَ أَمِنَ مِنْ وَجَعِهِ وَ زِيَادَتِهِ، وَ تَعَلُّقِ الرِّيَاحِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
10652/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ، وَ إِنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ مَاتَ شَهِيداً، وَ كَانَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنَاتُ شُفَعَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
10653/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ بُلِيَ بِالطُّحَالِ وَ عَسُرَ عَلَيْهِ، يَكْتُبُهَا وَ يَشْرَبُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ، يَزُولُ عَنْهُ الطُّحَالُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 118.
 (2)- .....
 (3)- ....
 (4)- خواص القرآن: 10 «مخطوط».
 (1) الطّحال: داء يصيب الطّحال. «أقرب الموارد- طحل- 1: 699».

351
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة الآيات 1 الى 8 ص 352

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ- إلى قوله تعالى- بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [1- 3] 10654/ «1»- علي بن إبراهيم: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، و لفظ الآية عام، و معناه خاصّ، و كان سبب ذلك أن حاطب بن أبي بلتعة كان قد أسلم و هاجر إلى المدينة، و كان عياله بمكّة، و كانت قريش تخاف أن يغزوهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فصاروا إلى عيال حاطب، و سألوهم أن يكتبوا إلى حاطب يسألونه عن خبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و هل يريد أن يغزو مكّة، فكتبوا إلى حاطب يسألونه عن ذلك، فكتب إليهم حاطب: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يريد ذلك، و دفع الكتاب إلى امرأة تسمى صفية، فوضعته في قرونها «1» و مرت، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فأخبره بذلك.
فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي طَلَبِهَا فَلَحِقَاهَا، فَقَالَ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَيْنَ الْكِتَابُ؟» فَقَالَتْ: مَا مَعِي شَيْ‏ءٌ، فَفَتَّشَاهَا فَلَمْ يَجِدَا مَعَهَا شَيْئاً، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: مَا نَرَى مَعَهَا شَيْئاً، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ اللَّهِ مَا كَذَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ لَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لَا كَذَبَ جَبْرَئِيلُ عَلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَ اللَّهِ لَتُظْهِرِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَأُورِدَنَّ رَأْسَكِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). فَقَالَتْ: تَنَحَّيَا حَتَّى أُخْرِجَهُ، فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ قُرُونِهَا، فَأَخَذَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ جَاءَ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 361.
 (1) في المصدر: قرنها، في الموضعين، القرن: ذوابة المرأة، يقال: لها قرون طوال، أي ذوائب، و الخصلة من الشعر. «أقرب الموارد- قرن- 2:
992».

352
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة الآيات 1 الى 8 ص 352

بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟» فَقَالَ حَاطِبٌ: وَ اللَّهِ- يَا رَسُولَ اللَّهِ- مَا نَافَقْتُ وَ لَا غَيَّرْتُ وَ لَا بَدَّلْتُ، وَ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً، وَ لَكِنْ أَهْلِي وَ عِيَالِي كَتَبُوا إِلَيَّ بِحُسْنِ صُنْعِ قُرَيْشٍ إِلَيْهِمْ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُجَازِيَ قُرَيْشاً بِحُسْنِ مُعَاشَرَتِهِمْ‏
، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى رَسُولِهِ (صلّى اللّه عليه و آله): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ- إلى قوله تعالى- لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
قوله تعالى:
رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [5]
10655/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَهْلٍ وَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّادٍ، جَمِيعاً، يَرْفَعَانِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا كَانَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ مُؤْمِنٌ إِلَّا فَقِيراً، وَ لَا كَافِرٌ إِلَّا غَنِيّاً، حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا فَصَيَّرَ اللَّهُ فِي هَؤُلَاءِ أَمْوَالًا وَ حَاجَةً وَ فِي هَؤُلَاءِ أَمْوَالًا وَ حَاجَةً».
قوله تعالى:
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَ اللَّهُ قَدِيرٌ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [7]
10656/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَ اللَّهُ قَدِيرٌ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ: «فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ قَوْمِهِمْ مَا دَامُوا كُفَّاراً».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ «1» الْآيَةَ، قَطَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَلَايَةَ الْمُؤْمِنِينَ [مِنْهُمْ‏] وَ أَظْهَرُوا لَهُمُ الْعَدَاوَةَ فَقَالَ:
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ مَكَّةَ خَالَطَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 202/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 362.
 (1) الممتحنة 60: 4.

353
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة الآيات 1 الى 8 ص 352

اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ نَاكَحُوهُمْ، وَ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أُمَّ حَبِيبٍ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ ثُمَّ قَالَ:
لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ.
10657/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ وُجُوهِ الْكُفْرِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟ قَالَ:
الْكُفْرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ- وَ ذَكَرَ الْخَمْسَةَ وَ قَالَ فِيهَا- وَ الْوَجْهُ الْخَامِسُ مِنَ وُجُوهِ الْكُفْرِ: كُفْرُ الْبَرَاءَةِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَحْكِي قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ «1» يَعْنِي تَبَرَّأْنَا مِنْكُمْ».
وَ الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ «2».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- إلى قوله تعالى- إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [10] 10658/ «2»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ قال: إذا لحقت امرأة من المشركين بالمسلمين تمتحن بأن تحلف بالله أنّه لم يحملها على اللحوق بالمسلمين بعضها لزوجها الكافر، و لا حبها لأحد من المسلمين، و إنّما حملها على ذلك الإسلام، فإذا حلفت على ذلك قبل إسلامها، ثمّ قال اللّه عزّ و جلّ: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا يعني يرد المسلم على زوجها الكافر صداقها ثمّ يتزوجها المسلم، و هو قوله تعالى: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.
10659/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْحَنَّاطِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ لِامْرَأَتِي أُخْتاً عَارِفَةً عَلَى رَأْيِنَا، وَ لَيْسَ عَلَى رَأْيِنَا بِالْبَصْرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ فَأُزَوِّجُهَا مِمَّنْ لَا يَرَى رَأْيَهَا؟
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 288/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 362.
 (3)- الكافي 5: 349/ 6.
 (1) الممتحنة 60: 4.
 (2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

354
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة الآيات 10 الى 11 ص 354

فَقَالَ: «لَا، وَ لَا نَعْمَةَ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ».
قوله تعالى:
وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [10]
10660/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ دُرُسْتَ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يَنْبَغِي نِكَاحُ أَهْلِ الْكِتَابِ» قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ أَيْنَ تَحْرِيمُهُ؟ قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ».
10661/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «1»، فَقَالَ: «هَذِهِ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ».
10662/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ، يَقُولُ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ كَافِرَةٌ يَعْنِي عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَ هُوَ عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، فَلْيَعْرِضْ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ، فَإِنْ قَبِلَتْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَ إِلَّا فَهِيَ بَرِيئَةٌ مِنْهُ، نَهَى اللَّهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ «2» بِعِصْمَتِهَا «3»».
قوله تعالى:
وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ- إلى قوله تعالى- وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ [10- 11] 10663/ «4»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ يعني إذا لحقت امرأة من المسلمين‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 5: 358/ 7.
 (2)- الكافي 5: 358/ 8.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 363.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 363.
 (1) المائدة 5: 5.
 (2) في المصدر: يمسك.
 (3) في «ج»: بعصمها.

355
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة الآيات 10 الى 11 ص 354

بالكفار، فعلى الكافر أن يرد على المسلم صداقها، فإن لم يفعل الكافر و غنم المسلمون غنيمة أخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار.
و قال في قوله تعالى: وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ يقول: يلحقن بالكفار الذين «1» لا عهد بينكم و بينهم، فأصبتم غنيمة فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ قال: و كان سبب [نزول‏] ذلك أن عمر بن الخطّاب كانت عنده فاطمة بنت أبي أميّة بن المغيرة، فكرهت الهجرة معه، و أقامت مع المشركين، فنكحها معاوية بن أبي سفيان، فأمر اللّه رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) أن يعطي عمر مثل صداقها.
10664/ «2»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ أُذَنْيَةَ وَ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ لَحِقَتِ امْرَأَتُهُ بِالْكُفَّارِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا، مَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ هَاهُنَا؟ قَالَ: «أَنْ يُعَقِّبَ الَّذِي ذَهَبَتِ امْرَأَتُهُ عَلَى امْرَأَةٍ غَيْرِهَا- يَعْنِي تَزَوَّجَهَا بِعَقِبٍ- فَإِذَا هُوَ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَهْرَهَا مَهْرَ امْرَأَتِهِ الذَّاهِبَةِ».
قُلْتُ: فَكَيْفَ صَارَ الْمُؤْمِنُونَ يَرُدُّونَ عَلَى زَوْجِهَا بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُمْ فِي ذَهَابِهَا، وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَى زَوْجِهَا مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِمَّا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: «يَرُدُّ الْإِمَامُ عَلَيْهِ أَصَابُوا مِنَ الْكُفَّارِ أَوْ لَمْ يُصِيبُوا، لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْبُرَ «2» جَمَاعَةً مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، وَ إِنْ حَضَرَتِ الْقِسْمَةُ فَلَهُ أَنْ يَسُدَّ كُلَّ نَائِبَةٍ تَنُوبُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَ إِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ، وَ إِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْ‏ءٌ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ».
10665/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ وَ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ يُونُسَ، عَنْ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: رَجُلٌ لَحِقَتِ امْرَأَتُهُ بِالْكُفَّارِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا مَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ هَاهُنَا؟ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي ذَهَبَتِ امْرَأَتُهُ فَعَاقَبَ عَلَى امْرَأَةٍ أُخْرَى غَيْرِهَا- يَعْنِي تَزَوَّجَهَا- فَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى غَيْرَهَا فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَهْرَ امْرَأَتِهِ الذَّاهِبَةِ».
فَسَأَلْتُهُ: فَكَيْفَ صَارَ الْمُؤْمِنُونَ يَرُدُّونَ عَلَى زَوْجِهَا الْمَهْرَ بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُمْ فِي ذَهَابِهَا، وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَى زَوْجِهَا مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِمَّا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: «يَرُدُّ الْإِمَامُ عَلَيْهِ، أَصَابُوا مِنَ الْكُفَّارِ أَوْ لَمْ يُصِيبُوا، لِأَنَّ عَلَى‏
__________________________________________________
 (2)- التهذيب 6: 313/ 865.
 (3)- علل الشرائع: 517/ 6.
 (1) في «ج، ي»: يلحقن بالذين.
 (2) في المصدر: يجيز.

356
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة الآيات 10 الى 11 ص 354

الْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَهُ «1» مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، وَ إِنْ حَضَرَتِ الْقِسْمَةُ فَلَهُ أَنْ يَسُدَّ كُلَّ نَائِبَةٍ تَنُوبُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَ إِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ، وَ إِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْ‏ءٌ فَلَا شَيْ‏ءَ لَهُمْ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى‏ أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [12]
10666/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَكَّةَ بَايَعَ الرِّجَالَ، ثُمَّ جَاءَ النِّسَاءُ يُبَايِعْنَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى‏ أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، فَقَالَتْ: هِنْدٌ: أَمَّا الْوَلَدُ فَقَدْ رَبَّيْنَا صِغَاراً وَ قَتَلْتَهُمْ كِبَاراً، وَ قَالَتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَ كَانَتْ عِنْدَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ أَنْ لَا نَعْصِيَكَ فِيهِ؟ فَقَالَ:
لَا تَلْطِمْنَ خَدّاً، وَ لَا تَخْمِشْنَ وَجْهاً، وَ لَا تَنْتِفْنَ شَعْراً، وَ لَا تَشْقُقْنَ جَيْباً، وَ لَا تُسَوِّدْنَ ثَوْباً، وَ لَا تَدْعِينَ بِوَيْلٍ، فَبَايَعَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى هَذَا.
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُبَايِعُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، فَقَالَ: أَدْخِلْنَ أَيْدِيَكُنَّ فِي هَذَا الْمَاءِ فَهِيَ الْبَيْعَةُ».
10667/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ، قَالَ: «الْمَعْرُوفُ أَنْ لَا يَشْقُقْنَ جَيْباً، وَ لَا يَلْطِمْنَ خَدّاً، وَ لَا يَدْعُوْنَ وَيْلًا، وَ لَا يَتَخَلَّفْنَ عِنْدَ قَبْرٍ، وَ لَا يُسَوِّدْنَ ثَوْباً، وَ لَا يَنْشُرْنَ شَعْراً».
10668/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ عَلِيِ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 5: 527/ 5.
 (2)- الكافي 5: 526/ 3.
 (3)- الكافي 5: 527/ 4.
 (1) في المصدر: ينجز حاجته.

357
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة آية 12 ص 357

ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «تَدْرُونَ مَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ؟» قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): إِذَا أَنَا مِتُّ فَلَا تَخْمِشِي عَلَيَّ وَجْهاً، وَ لَا تُرْخِي «1» عَلَيَّ شَعْراً، وَ لَا تُنَادِي بِالْوَيْلِ، وَ لَا تُقِيمِي عَلَيَّ نَائِحَةً» قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «هَذَا الْمَعْرُوفُ الَّذِي أَمَرَ «2» اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ».
10669/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الْجَبَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ الْأَشَلِّ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَيْفَ مَاسَحَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) النِّسَاءَ حِينَ بَايَعَهُنَّ؟ قَالَ: «دَعَا بِمِرْكَنِهِ «3» الَّذِي كَانَ يَتَوَضَّأُ فِيهِ، فَصَبَّ فِيهِ مَاءً، ثُمَّ غَمَسَ يَدَهُ الْيُمْنَى، فَكُلَّمَا بَايَعَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ قَالَ: اغْمِسِي يَدَكِ، فَتَغْمِسُ، كَمَا غَمَسَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدَهُ، فَكَانَ هَذَا مُمَاسَحَتَهُ إِيَّاهُنَّ».
وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِّ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ.
10670/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ تَدْرِي كَيْفَ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) النِّسَاءَ؟» قُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ، قَالَ: «جَمَعَهُنَّ حَوْلَهُ ثُمَّ دَعَا بِتَوْرِ بِرَامٍ «4» وَ صَبَّ فِيهِ نَضُوحاً، ثُمَّ غَمَسَ يَدَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: اسْمَعْنَ يَا هَؤُلَاءِ، أُبَايِعُكُنَّ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً، وَ لَا تَسْرِقْنَ، وَ لَا تَزْنِينَ، وَ لَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ، وَ لَا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَ أَرْجُلِكُنَّ، وَ لَا تَعْصِينَ بُعُولَتَكُنَّ فِي مَعْرُوفٍ، أَقْرَرْتُنَّ؟ قُلْنَ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنَ التَّوْرِ ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ: اغْمِسْنَ أَيْدِيَكُنَّ، فَفَعَلْنَ، فَكَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الطَّاهِرَةُ أَطْيَبَ مِنْ أَنْ يَمَسَّ بِهَا كَفَّ أُنْثَى لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ».
10671/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ، قَالَ: «هُوَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ مِنَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ، وَ مَا أَمَرَهُنَّ بِهِ مِنْ خَيْرٍ».
10672/ «7»- الشَّيْخُ الْمِقْدَادُ فِي (كَنْزِ الْعِرْفَانِ): رُوِيَ أَنَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَايَعَهُنَّ عَلَى الصَّفَا، وَ كَانَ عُمَرُ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ مُتَنَقِّبَةً مُتَنَكِّرَةً مَعَ النِّسَاءِ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَعْرِفَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: «أُبَايِعُكُنَّ عَلَى أَنْ‏
__________________________________________________
 (4)- الكافي 5: 526/ 1.
 (5)- الكافي 5: 526/ 2.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 364.
 (7)- كنز العرفان 1: 385.
 (1) في المصدر: و لا تنثري.
 (2) في المصدر: قال.
 (3) المركن: الإجانة التي تغسل فيها الثياب و نحوها. «لسان العرب 13: 186».
 (4) التور: هو إناء من صفر أو حجارة كالإجانة، و قد يتوضأ منه، و البرمة: القدر مطلقا، و جمعها برام، و هي في الأصل المتّخذة من الحجر المعروف بالحجاز و اليمن. «النهاية 1: 121، 199».

358
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة آية 12 ص 357

لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً». فَقَالَتْ هِنْدُ: إِنَّكَ لَتَأْخُذُ عَلَيْنَا أَمْراً مَا رَأَيْنَاكَ أَخَذْتَهُ عَلَى الرِّجَالِ «1»! وَ ذَلِكَ أَنَّهُ بَايَعَ الرِّجَالَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْإِسْلَامِ وَ الْجِهَادِ فَقَطْ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «وَ لَا تَسْرِقْنَ». فَقَالَتْ هِنْدٌ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ، وَ إِنِّي أَصَبْتُ مِنْ مَالِهِ هَنَاتٍ، فَلَا أَدْرِي أَ يَحِلُّ لِي أَمْ لَا؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا أَصَبْتِ مِنْ شَيْ‏ءٍ فِيمَا مَضَى وَ فِيمَا غَبَرَ فَهُوَ لَكِ حَلَالٌ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَرَفَهَا، فَقَالَ لَهَا: «وَ إِنَّكِ لَهِنْدٌ ابْنَةُ عُتْبَةَ؟» فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَاعْفُ عَمَّا سَلَفَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، عَفَا اللَّهُ عَنْكَ.
فَقَالَ: «وَ لَا تَزْنِينَ» فَقَالَتْ هِنْدٌ: أَ وَ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟ فَتَبَسَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِمَا جَرَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «وَ لَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ». فَقَالَتْ هِنْدٌ: رَبَّيْنَاهُمْ صِغَاراً وَ قَتَلْتُمُوهُمْ كِبَاراً، فَأَنْتُمْ وَ هُمْ أَعْلَمُ، وَ كَانَ ابْنُهَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ بَدْرٍ، فَضَحِكَ عُمَرُ حَتَّى اسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ، وَ تَبَسَّمَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ «2»: «وَ لَا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ». قَالَتْ هِنْدٌ: وَ اللَّهِ إِنَّ الْبُهْتَانَ قَبِيحٌ، وَ مَا تَأْمُرُنَا إِلَّا بِالرُّشْدِ وَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَ لَمَّا قَالَ: «وَ لَا تَعْصِينَنِي فِي مَعْرُوفٍ» قَالَتْ هِنْدٌ: مَا جَلَسْنَا مَجْلِسَنَا هَذَا وَ فِي أَنْفُسِنَا أَنْ نَعْصِيَكَ فِي شَيْ‏ءٍ.
10673/ «8»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ فِي (الْمَنَاقِبِ): قَوْلَهُ تَعَالَى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ قَالَ: رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدْعُو النِّسَاءَ إِلَى الْبَيْعَةِ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ أُمُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَوَّلَ مَنْ «3» بَايَعَتْ.
10674/ «9»- قَالَ: وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ أَوَّلُ امْرَأَةٍ هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى قَدَمَيْهَا».
10675/ «10»- عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي (مَقَاتِلِ الطَّالِبِيِّينَ): عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ أُمَّ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَتْ حَادِيَةَ عَشَرَةَ- يَعْنِي فِي السَّابِقَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ- وَ كَانَتْ بَدْرِيَّةً».
وَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ كَانَتْ فَاطِمَةُ أَوَّلَ امْرَأَةٍ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) «4»، وَ دُفِنَتْ بِالرَّوْحَاءِ مُقَابِلَ حَمَّامِ أَبِي قَطِيفَةَ «5».
__________________________________________________
 (8)- مناقب الخوارزمي: 196.
 (9)- مناقب الخوارزمي: 196.
 (10)- مقاتل الطالبيّين: 5.
 (1) في «ط، ي»: تأخذ الرجال.
 (2) في المصدر: و لمّا قال.
 (3) في المصدر: أول امرأة.
 (4) من قوله: و لمّا نزلت، مرويّ عن الزبير بن العوام.
 (5) من قوله: و دفنت، مرويّ عن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)

359
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الممتحنة آية 13 ص 360

قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ [13]
10676/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْجَارُودِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَمَّنْ سَمِعَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَقُولُ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَ رَجَبٍ».
فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذَا الْعَجَبُ الَّذِي لَا تَزَالُ تَعْجَبُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَ أَيُّ الْعَجَبِ أَعْجَبُ مِنْ أَمْوَاتٍ يَضْرِبُونَ كُلَّ عَدُوٍّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ، وَ ذَلِكَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ فَإِذَا اشْتَدَّ الْقَتْلُ قُلْتُمْ:
مَاتَ وَ هَلَكَ «1» وَ أَيَّ وَادٍ سَلَكَ، وَ ذَلِكَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً «2»».
10677/ «2»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ:
معطوف على قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ «3».
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 684/ 2.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 364.
 (1) في المصدر: مات أو هلك أو.
 (2) الإسراء 17: 6.
 (3) الممتحنة 60: 1.

360
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف ص 361

سورة الصف‏
فضلها
10678/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الصَّفِّ وَ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا فِي فَرَائِضِهِ وَ نَوَافِلِهِ، صَفَّهُ اللَّهُ مَعَ مَلَائِكَتِهِ وَ أَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
10679/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُصَلِّياً عَلَيْهِ وَ مُسْتَغْفِراً لَهُ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا، وَ إِنْ مَاتَ كَانَ رَفِيقَهُ فِي الْآخِرَةِ. وَ مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا فِي سَفَرِهِ حَفِظَهُ اللَّهُ، وَ كُفِيَ طَوَارِقَهُ حَتَّى يَرْجِعَ».
10680/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا كَانَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا، وَ إِنْ مَاتَ كَانَ رَفِيقَهُ فِي الْآخِرَةِ. وَ مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا فِي سَفَرِهِ حَفِظَهُ اللَّهُ وَ كَفَاهُ طَوَارِقَهُ حَتَّى يَرْجِعَ بِالسَّلَامَةِ».
10681/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا فِي سَفَرِهِ أَمِنَ مِنَ طَوَارِقِهِ، وَ كَانَ مَحْفُوظاً إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 118.
 (2)- .....
 (3)- .....
 (4)- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

361
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف الآيات 1 الى 3 ص 362

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- إلى قوله تعالى- أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ [1- 3] 10682/ «1»- علي بن إبراهيم: مخاطبة لأصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) الذين و عدوه أن ينصروه و لا يخالفوا أمره و لا ينقضوا عهده في أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعلم اللّه أنهم لا يفون بما يقولون فقال: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ الآية، و قد سماهم اللّه مؤمنين بإقرارهم و إن لم يصدقوا.
10683/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «عِدَةُ الْمُؤْمِنِ أَخَاهُ نَذْرٌ لَا كَفَّارَةَ لَهُ، فَمَنْ أَخْلَفَ فَبِخُلْفِ اللَّهِ بَدَأَ، وَ لِمَقْتِهِ تَعَرَّضَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ».
قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ [4]
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 365.
 (2)- الكافي 2: 270/ 1.

362
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف آية 4 ص 362

10684/ «1»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا عليّ بن عبيد، و محمّد بن القاسم، قالا جميعا: حدّثنا الحسين ابن الحكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، قال: نزلت في علي و حمزة و عبيدة بن الحارث (عليهم السلام) و سهل بن حنيف و الحارث بن الصمة و أبي دجانة الأنصاري (رضي اللّه عنهم).
10685/ «2»- و عنه، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد، عن حجاج بن يوسف، عن بشر بن الحسين، عن الزبير ابن عدي، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس (رضي اللّه عنه)، في قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، و حمزة أسد اللّه و أسد رسوله، و عبيدة بن الحارث، و المقداد بن الأسود.
10686/ «3»- و عنه، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن ميسرة بن محمّد، عن إبراهيم بن محمّد، عن ابن فضيل، عن حسان بن عبيد اللّه «1»، عن الضحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس (رضي اللّه عنه)، قال: كان علي (عليه السلام) إذا صف في القتال كأنّه بنيان مرصوص، يتبع ما قال اللّه فيه، فمدحه اللّه، و ما قتل من المشركين، كقتله أحد.
10687/ «4»- (تُحْفَةِ الْإِخْوَانِ): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ حَمْزَةَ، وَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ، وَ أَبِي دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيِّ».
10688/ «5»- و من طريق المخالفين ما رواه الحبري، عن ابن عبّاس: أنها نزلت في علي، و حمزة، و عبيدة بن الحارث، و سهل بن حنيف، و الحارث بن الصمة، و أبي دجانة.
10689/ «6»- علي بن إبراهيم: ثم ذكر المؤمنين الذين جاهدوا و قاتلوا في سبيل اللّه فقال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، قال: يصطفون كالبنيان الذي لا يزول.
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 685/ 1.
 (2)- تأويل الآيات 2: 685/ 2.
 (3)- تأويل الآيات 2: 686/ 3.
 (4)- تحفة الاخوان: 95 «مخطوط».
 (5)- تفسير الحبري: 321/ 66.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 365.
 (1) في المصدر: حسان بن عبد اللّه.

363
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف الآيات 5 الى 6 ص 364

قوله تعالى:
فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ- إلى قوله تعالى- يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [5- 6] 10690/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ أي شكك اللّه قلوبهم، ثم حكى قول عيسى بن مريم (عليه السلام) لبني إسرائيل إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ.
قَالَ: وَ سَأَلَ بَعْضُ الْيَهُودِ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: لِمَ سُمِّيتَ مُحَمَّداً وَ أَحْمَدَ وَ بَشِيراً وَ نَذِيراً؟ فَقَالَ:
 «أَمَّا مُحَمَّدٌ فَإِنِّي فِي الْأَرْضِ مَحْمُودٌ، وَ أَمَّا أَحْمَدُ فَإِنِّي فِي السَّمَاءِ أَحْمَدُ [مِنْهُ فِي الْأَرْضِ‏]، وَ أَمَّا الْبَشِيرُ فَأُبَشِّرُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ بِالْجَنَّةِ، وَ أَمَّا النَّذِيرُ فَأُنْذِرُ مَنْ عَصَى اللَّهَ بِالنَّارِ».
10691/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- «فَلَمَّا نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [وَ كَانَ بَيْنَ يُوسُفَ وَ مُوسَى مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَشْرَةٌ «1»، وَ كَانَ وَصِيُّ مُوسَى يُوشَعَ بْنَ نُونٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُوَ فَتَاهُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ، فَلَمْ تَزَلِ الْأَنْبِيَاءُ تُبَشِّرُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ فَبَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)] وَ كَانَ ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى: يَجِدُونَهُ يَعْنِي الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى مَكْتُوباً يَعْنِي صِفَةَ مُحَمَّدٍ وَ اسْمَهُ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ «2» وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُخْبِرُ عَنْ عِيسَى: وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ وَ بَشَّرَ مُوسَى وَ عِيسَى بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَمَا بَشَّرَ الْأَنْبِيَاءُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّى بَلَغَتْ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
قوله تعالى:
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ [8]
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 365، و المخطوط: 129.
 (2)- الكافي 8: 117/ 92، كمال الدين: 213/ 2.
 (1) «عشرة» من كمال الدين.
 (2) الأعراف 7: 157.

364
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف آية 8 ص 364

10692/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، قَالَ: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِأَفْوَاهِهِمْ».
قُلْتُ: وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ؟ قَالَ: «وَ اللَّهُ مُتِمُّ الْإِمَامَةِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا «1» فَالنُّورُ هُوَ الْإِمَامُ».
قُلْتُ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ؟ قَالَ: «هُوَ [الَّذِي‏] أَمَرَ رَسُولَهُ مُحَمَّداً بِالْوَلَايَةِ لِوَصِيِّهِ، وَ الْوَلَايَةُ هِيَ دِينُ الْحَقِّ».
قُلْتُ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؟ قَالَ: «يُظْهِرَهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ عِنْدَ قِيَامِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ» قُلْتُ: هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ أَمَّا هَدَفُ الْحَرْفِ فَتَنْزِيلٌ، وَ أَمَّا غَيْرُهُ فَتَأْوِيلٌ».
10693/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَ مُوسَى بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، قَالَ: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِأَفْوَاهِهِمْ».
قَالَ: قُلْتُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ؟ قَالَ: «يَقُولُ: وَ اللَّهُ مُتِمُّ الْإِمَامَةِ وَ الْإِمَامَةُ هِيَ النُّورُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا «2»- قَالَ- [النُّورُ] هُوَ الْإِمَامُ».
10694/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ اللَّهِ لَوْ تَرَكْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ، مَا تَرَكَهُ اللَّهُ».
10695/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ «3»، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّوْلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاسِدِيِّ، عَنْ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 358/ 91، تأويل الآيات 2: 686/ 5.
 (2)- الكافي 1: 151/ 6.
 (3)- تأويل الآيات 2: 686/ 4.
 (4)- تأويل الآيات 2: 687/ 6.
 (1) التغابن 64: 8.
 (2) التغابن 64: 8.
 (3) في «ط، ي»: عليّ بن الحسين.

365
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف آية 8 ص 364

عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمِنْبَرَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ نَظْرَةً فَاخْتَارَنِي مِنْهُمْ، ثُمَّ نَظَرَ ثَانِيَةً فَاخْتَارَ عَلِيّاً أَخِي وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي وَ وَصِيِّي، وَ خَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي، وَ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي، مَنْ تَوَلَّاهُ تَوَلَّى اللَّهَ، وَ مَنْ عَادَاهُ عَادَى اللَّهَ، وَ مَنْ أَحَبَّهُ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَهُ اللَّهُ، وَ اللَّهِ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَ لَا يُبْغِضُهُ إِلَّا كَافِرٌ، وَ هُوَ نُورُ الْأَرْضِ بَعْدِي وَ رُكْنُهَا، وَ هُوَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ «1». يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لِيُبَلِّغْ مَقَالَتِي هَذِهِ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَيْهِمْ.
أَيُّهَا النَّاسُ، وَ إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ ثَالِثَةً، وَ اخْتَارَ بَعْدِي وَ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً، وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، كُلَّمَا هَلَكَ وَاحِدٌ قَامَ وَاحِدٌ «2»، كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ، كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، هُدَاةٌ مَهْدِيُّونَ، لَا يَضُرُّهُمْ كَيْدُ مَنْ كَادَهُمُ، وَ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ، [هُمْ‏] حُجَّةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ شُهَدَاؤُهُ عَلَى خَلْقِهِ، مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَ مَنْ عَصَاهُمْ عَصَى اللَّهَ، هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ وَ الْقُرْآنُ مَعَهُمْ، لَا يُفَارِقُهُمْ وَ لَا يُفَارِقُونَهُ حَتَّى، يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ».
قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [9]
10696/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ: «وَ اللَّهِ مَا نَزَلَ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ مَتَى يَنْزِلُ تَأْوِيلُهَا، قَالَ: «حِينَ «3» يَقُومُ الْقَائِمُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ أَوْ مُشْرِكٌ إِلَّا كَرِهَ خُرُوجَهُ حَتَّى لَوْ أَنَّ كَافِراً أَوْ مُشْرِكاً فِي بَطْنِ صَخْرَةٍ لَقَالَتِ الصَّخْرَةُ:
يَا مُؤْمِنُ، فِي بَطْنِي كَافِرٌ أَوْ مُشْرِكٌ فَاقْتُلْهُ، فَيَجِيئُهُ فَيَقْتُلُهُ».
10697/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِيثَمٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ:
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 688/ 7.
 (2)- تأويل الآيات 2: 689/ 8.
 (1) التوبة 9: 32.
 (2) في «ج» قام مثله، و في المصدر: قام مثلهم.
 (3) في «ط»: حتى.

366
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف آية 9 ص 366

 «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أَ ظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدُ؟ كَلَّا- وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ- حَتَّى لَا تَبْقَى قَرْيَةٌ إِلَّا وَ نُودِيَ فِيهَا بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، بُكْرَةً وَ عَشِيّاً».
10698/ «3»- و عنه، قال: حدّثنا يوسف بن يعقوب، عن محمّد بن أبي بكر المقرئ، عن نعيم بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، قال:
لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهودي و لا نصراني و لا صاحب ملة إلّا صار إلى الإسلام، حتى تأمن الشاة و الذئب و البقرة و الأسد و الإنسان و الحية، [و] حتى لا تقرض فأرة جرابا، و حتّى توضع الجزية، و يكسر الصليب، و يقتل الخنزير، و هو قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و ذلك يكون عند قيام القائم (عليه السلام).
10699/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ؟ قَالَ: «هُوَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولَهُ بِالْوَلَايَةِ لِوَصِيِّهِ، وَ الْوَلَايَةُ هِيَ دِينُ الْحَقِّ».
قُلْتُ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؟ قَالَ: «يُظْهِرَهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ عِنْدَ قِيَامِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10700/ «5»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْمُنَخَّلِ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، قَالَ: «يُظْهِرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الرَّجْعَةِ».
10701/ «6»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ «1»، قال: بالقائم من آل محمد (عليهم السلام) إذا خرج يظهره اللّه على الدين كله حتّى لا يعبد غير اللّه، و هو
قَوْلُهُ: «يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- إلى قوله تعالى- نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ [10- 13]
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 2: 689/ 9.
 (4)- الكافي 1: 358/ 91.
 (5)- مختصر بصائر الدرجات: 17.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 365.
 (1) الصّفّ 61: 8.

367
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف الآيات 10 الى 13 ص 367

10702/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ: «فَقَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ مَا هِيَ لَبَذَلْنَا فِيهَا الْأَمْوَالَ وَ الْأَنْفُسَ وَ الْأَوْلَادَ، فَقَالَ تَعَالَى: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَ أُخْرى‏ تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ يَعْنِي فِي الدُّنْيَا بِفَتْحِ الْقَائِمِ، وَ أَيْضاً فَتْحِ مَكَّةَ».
10703/ «2»- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ): عَنْ رِجَالِهِ، بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إِلَى النَّوْفَلِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَا التِّجَارَةُ الْمُرْبِحَةُ الْمُنْجِيَةُ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ الَّتِي دَلَّ اللَّهُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ».
10704/ «3»- وَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ: عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْوَاحِدِيِّ حَدِيثاً مَرْفُوعاً إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «لَمُبَارَزَةُ عَلِيٍّ لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ هِيَ التِّجَارَةُ الْمُرْبِحَةُ الْمُنْجِيَةُ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ يُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».
10705/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقِ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: سَأَلْتُ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ وَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ، فَقَالا: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ، سَأَلْنَا عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: «قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ «1» فِي الْجَنَّةِ، فِي ذَلِكَ الْقَصْرِ سَبْعُونَ دَاراً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، فِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ بَيْتاً مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ فِرَاشاً مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ امْرَأَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فِي كُلِّ قَصْرٍ «2» سَبْعُونَ مَائِدَةً، عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ سَبْعُونَ لَوْناً مِنَ الطَّعَامِ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ وَصِيفاً وَ وَصِيفَةً، قَالَ: فَيُعْطَى‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 365.
 (2)- .... تأويل الآيات 2: 689/ 10.
 (3)- .... تأويل الآيات 2: 690/ 11.
 (4)- تأويل الآيات 2: 690/ 12.
 (1) في «ج، ي»: من لؤلؤة.
 (2) في المصدر: بيت.

368
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الصف الآيات 10 الى 13 ص 367

الْمُؤْمِنُ مِنَ الْقُوَّةِ مَا يَأْتِي بِهَا كُلَّ غَدَاةٍ وَاحِدَةً إِلَى أَنْ يَأْتِيَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ» «1».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ [14] 10706/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ، قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى (عليه السلام) و صلبته، و التي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى (عليه السلام) حتى لا يقتل. فقتلت الطائفة التي قتلته «2» و صلبته، و هو قوله تعالى: فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى‏ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ.
10707/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، جَمِيعاً، قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى كَوْكَبِ الدَّمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ حَوَارِيِّي عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانُوا شِيعَتَهُ، وَ إِنَّ شِيعَتَنَا حَوَارِيُّونَا وَ مَا كَانَ حَوَارِيُّو عِيسَى بِأَطْوَعَ لَهُ مِنْ حَوَارِيِّينَا لَنَا، وَ إِنَّمَا قَالَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِلْحَوَارِيِّينَ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ، فَلَا وَ اللَّهِ مَا نَصَرُوهُ مِنَ الْيَهُودِ وَ لَا قَاتَلُوهُمْ دُونَهُ، وَ شِيعَتُنَا وَ اللَّهِ لَا يَزَالُونَ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ رَسُولَهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَنْصُرُونَنَا، وَ يُقَاتِلُونَ دُونَنَا، وَ يُحْرَقُونَ وَ يُعَذَّبُونَ، وَ يُشَرَّدُونَ مِنَ «3» الْبُلْدَانِ، جَزَاهُمُ اللَّهُ عَنَّا خَيْراً. وَ قَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ مُحِبِّينَا بِالسَّيْفِ مَا أَبْغَضُونَا، وَ اللَّهِ لَوْ أَدْنَيْتُ مُبْغِضِينَا وَ حَثَوْتُ لَهُمْ مِنَ الْمَالِ مَا أَحَبُّونَا».
10708/ «3»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن سابق، عن محمّد بن عبد الملك بن زنجويه، عن عبد الرزاق، عن معمر، قال: تلا قتادة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قال: كان محمد (صلّى اللّه عليه و آله) بحمد «4» اللّه قد جاءه حواريون فبايعوه و نصروه حتّى أظهر اللّه دينه، و الحواريون كلهم من قريش. فذكر عليا و حمزة و جعفر (عليهم السلام) و عثمان بن مظعون و آخرين.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 366، بحار الأنوار 14: 337/ 7.
 (2)- الكافي 8: 268/ 396.
 (3)- تأويل الآيات 2: 691/ 13.
 (1) (في ساعة واحدة) ليس في المصدر.
 (2) في «ج، ي»: التي قتلت شبه عيسى.
 (3) في المصدر: في.
 (4) في «ج»: يحمد.

369
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة ص 371

سورة الجمعة
فضلها
10709/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ إِذَا كَانَ لَنَا شِيعَةً، أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِالْجُمُعَةِ وَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بِالْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِينَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا يَعْمَلُ كَعَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كَانَ جَزَاؤُهُ وَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ».
10710/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ بِالْجُمُعَةِ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِشَارَةً لَهُمْ، وَ الْمُنَافِقِينَ تَوْبِيخاً لِلْمُنَافِقِينَ، وَ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُمَا، وَ مَنْ تَرَكَهُمَا «1» مُتَعَمِّداً فَلَا صَلَاةَ لَهُ».
10711/ «3»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ بِعَدَدِ مَنِ اجْتَمَعَ فِي الْجُمُعَةِ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ أَوْ نَهَارٍ، أَمِنَ مِمَّا يَخَافُ وَ صُرِفَ عَنْهُ كُلُّ مَحْذُورٍ».
10712/ «4»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ عَظِيمٌ، وَ أَمِنَ مِمَّا يَخَافُ وَ يَحْذَرُ
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 118.
 (2)- الكافي 3: 425/ 4.
 (3)- ......
 (4)- ......
 (1) في المصدر: تركها، فمن تركها.

371
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 371

وَ صُرِفَ عَنْهُ كُلُّ مَحْذُورٍ».
10713/ «5»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَاراً فِي صَبَاحِهِ وَ مَسَائِهِ، أَمِنَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وَ غُفِرَ لَهُ مَا يَأْتِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّانِي».
__________________________________________________
 (5)- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

372
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة آية 1 ص 373

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [1] 10714/ «1»- علي بن إبراهيم: القدوس: البري‏ء من الآفات الموجبات للجهل.
قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [2]
10715/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 366.
 (2)- علل الشرائع: 124/ 1.

373
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة آية 2 ص 373

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيِّ، قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَقُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، لِمَ سُمِّيَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْأُمِّيَّ؟ فَقَالَ: «مَا يَقُولُ النَّاسُ؟» قُلْتُ:
يَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ الْأُمِّيَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَكْتُبَ. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَذَبُوا عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ، أَنَّى ذَلِكَ وَ اللَّهُ يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ فَكَيْفَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ مَا لَمْ يُحْسِنْ؟ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقْرَأُ وَ يَكْتُبُ بِاثْنَيْنِ- أَوْ قَالَ بِثَلَاثَةٍ- وَ سَبْعِينَ لِسَاناً، وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْأُمِّيَّ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَ مَكَّةُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْقُرَى، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَ مَنْ حَوْلَها «1»».
وَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ فِي (بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ): عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ «2».
10716/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْخَشَّابُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، وَ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، وَ غَيْرِهِ، رَفَعَهُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمْ يَكْتُبْ وَ لَا يَقْرَأُ. فَقَالَ: «كَذَبُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ؟ فَكَيْفَ يُعَلِّمَهُمُ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ، وَ لَيْسَ يُحْسِنُ أَنْ يَقْرَأَ وَ يَكْتُبَ؟».
قَالَ: قُلْتُ: فَلِمَ سُمِّيَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْأُمِّيَّ؟ قَالَ: «نُسِبَ إِلَى مَكَّةَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَ مَنْ حَوْلَها «3»، وَ أُمُّ الْقُرَى مَكَّةُ، فَقِيلَ أُمِّيٌّ لِذَلِكَ».
10717/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حُكَيْمٍ، عَنْ أَحْمَدَ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ مِمَّا مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَ لَا يَكْتُبُ، فَلَمَّا تَوَجَّهَ أَبُو سُفْيَانَ، إِلَى أُحُدٍ، كَتَبَ الْعَبَّاسُ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَجَاءَهُ الْكِتَابُ وَ هُوَ فِي بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَقَرَأَهُ وَ لَمْ يُخْبِرْ أَصْحَابَهُ، وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَدِينَةَ أَخْبَرَهُمْ».
10718/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ،
__________________________________________________
 (2)- علل الشرائع: 125/ 2.
 (3)- علل الشرائع: 125/ 5.
 (4)- علل الشرائع: 126/ 6.
 (1) الأنعام 6: 92.
 (2) بصائر الدرجات: 245/ 1.
 (3) الأنعام 6: 92.

374
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة آية 2 ص 373

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقْرَأُ «1»، وَ لَا يَكْتُبُ».
10719/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الصَّيْقَلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «كَانَ مِمَّا مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ كَانَ أُمِّيّاً لَا يَكْتُبُ، وَ يَقْرَأُ الْكِتَابَ».
10720/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَحْنُ الَّذِينَ بَعَثَ اللَّهُ فِينَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْنَا آيَاتِهِ وَ يُزَكِّينَا وَ يُعَلِّمُنَا الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ».
10721/ «7»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ، قَالَ: «كَانُوا يَكْتُبُونَ، وَ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَ لَا يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ رَسُولًا فَنَسَبَهُمْ إِلَى الْأُمِّيَّةِ».
10722/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَقْرَأُ وَ يَكْتُبُ، وَ يَقْرَأُ مَا لَمْ يُكْتَبْ».
قوله تعالى:
وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ [3] 10723/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ، قال: دخلوا في الإسلام بعدهم «2».
__________________________________________________
 (5)- علل الشرائع: 126/ 7.
 (6)- تأويل الآيات 2: 2: 692/ 1.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 366.
 (8)- بصائر الدرجات: 247/ 5.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 366.
 (1) في المصدر: يقرأ الكتاب.
 (2) (بعدهم) ليس في «ج، ي».

375
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة آية 4 ص 376

قوله تعالى:
ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [4]
10724/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ النَّخَعِيِّ، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا «1» لَيَطَّلِعُونَ إِلَى الْوَاحِدِ وَ الِاثْنَيْنِ وَ الثَّلَاثَةِ وَ هُمْ يَذْكُرُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فَيَقُولُونَ: أَ مَا تَرَوْنَ هَؤُلَاءِ فِي قِلَّتِهِمْ وَ كَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ يَصِفُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ؟ فَتَقُولُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ».
10725/ «2»- عَنْ وَائِلٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا)، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «مَا مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ فَضْلَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا وَ هَبَطَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنَ السَّمَاءِ يَحُفُّونَ بِهِمْ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: إِنَّا نَشَمُّ مِنْكُمْ رَائِحَةً مَا شَمِمْنَاهَا، وَ لَا رَائِحَةَ أَطْيَبُ مِنْهَا، فَيَقُولُونَ: إِنَّا كُنَّا قُعُوداً عِنْدَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ فَضْلَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فَعَبَقَ بِنَا مِنْ رِيحِهِمْ، فَيَقُولُونَ: اهْبِطُوا بِنَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ فَيَقُولُونَ: إِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا».
قوله تعالى:
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ- إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [5- 6] 10726/ «3»- علي بن إبراهيم: ثم ضرب مثلا في بني إسرائيل، فقال: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً قال: الحمار يحمل الكتب و لا يعلم ما فيها و لا يعمل [بها] كذلك بنو إسرائيل قد حملوا مثل الحمار لا يعلمون ما فيه و لا يعلمون به. قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، قال: في التوراة مكتوب: أولياء اللّه يتمنون الموت.
10727/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِحَدِيثٍ، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، زَعَمْتَ لِيَ السَّاعَةَ كَذَا وَ كَذَا؟ فَقَالَ: «لَا»، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: بَلَى وَ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 149/ 4.
 (2)- .... ينابيع المودة: 246، بحار الأنوار 38: 199/ 7 عن روضة ابن شاذان.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 366.
 (4)- الكافي 2: 256/ 20.
 (1) في المصدر: في السماء.

376
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة الآيات 5 الى 6 ص 376

زَعَمْتَ. فَقَالَ: «لَا وَ اللَّهِ مَا زَعَمْتُ». قَالَ: فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ قَدْ قُلْتَهُ. قَالَ: «نَعَمْ، قَدْ قُلْتُهُ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ كُلَّ زَعْمٍ فِي الْقُرْآنِ كَذِبٌ؟».
قوله تعالى:
قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ- إلى قوله تعالى- فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [8] 10728/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ،
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُلُّ امْرِئٍ مُلَاقٍ فِي فِرَارِهِ مَا مِنْهُ يَفِرُّ، وَ الْأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إِلَيْهِ، وَ الْهَرَبُ مِنْهُ مُؤَاتَاتُهُ «1».
10729/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ- إِلَى قَوْلِهِ- تَعْمَلُونَ- قَالَ- تَعُدُّ السِّنِينَ، ثُمَّ تَعُدُّ الشُّهُورَ، ثُمَّ تَعُدُّ الْأَيَّامَ، ثُمَّ تَعُدُّ السَّاعَاتِ، ثُمَّ تَعُدُّ النَّفَسَ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ «2»».
وَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «3».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [9- 11]
10730/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 366.
 (2)- الكافي 3: 262/ 44.
 (3)- الكافي 3: 415/ 10.
 (1) في «ط» و المصدر: موافاته.
 (2) الأعراف 7: 34.
 (3) قرب الإسناد: 20.

377
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة الآيات 9 الى 11 ص 377

مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ [لَهُ‏]: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا وَ عَجِّلُوا، فَإِنَّهُ يَوْمٌ مُضَيَّقٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيهِ، وَ ثَوَابُ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ عَلَى قَدْرِ مَا ضُيِّقَ عَلَيْهِمْ، وَ الْحَسَنَةُ وَ السَّيِّئَةُ تُضَاعَفُ فِيهِ».
قَالَ: وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ «1» (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانُوا يَتَجَهَّزُونَ لِلْجُمُعَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأَنَّهُ يَوْمٌ مُضَيَّقٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ».
10731/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى «2» الْخَزَّازِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قَالَ: «الصَّلَاةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَ الِانْتِشَارُ يَوْمَ السَّبْتِ».
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أُفٍّ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ لَا يُفَرِّغَ نَفْسَهُ فِي الْأُسْبُوعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَمْرِ دِينِهِ فَيَسْأَلَ عَنْهُ».
وَ رَوَاهُ أَيْضاً فِي (الْفَقِيهِ) بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، مِثْلَهُ «3».
10732/ «3»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «السَّبْتُ لَنَا، وَ الْأَحَدُ لِشِيعَتِنَا، وَ الِاثْنَيْنِ لِبَنِي أُمَيَّةَ، وَ الثَّلَاثَاءُ لِشِيعَتِهِمْ، وَ الْأَرْبِعَاءُ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، وَ الْخَمِيسُ لِشِيعَتِهِمْ، وَ الْجُمُعَةُ لِسَائِرِ النَّاسِ جَمِيعاً، وَ لَيْسَ فِيهِ سَفَرٌ «4»، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ يَعْنِي يَوْمَ السَّبْتِ».
10733/ «4»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، وَ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، قَالا: سَأَلْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَ الِانْتِشَارُ يَوْمَ السَّبْتِ- وَ قَالَ:- السَّبْتُ لَنَا، وَ الْأَحَدُ لِبَنِي أُمَيَّةَ».
10734/ «5»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
 «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ، يَقُولُ: اسْعَوْا [أَيْ‏] امْضُوا، وَ يَقُولُ: اسْعَوْا أَيِ اعْمَلُوا لَهَا، وَ هُوَ قَصُّ الشَّارِبِ، وَ نَتْفُ الْإِبْطَيْنِ، وَ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَ الْغُسْلُ، وَ لُبْسُ أَنْظَفِ‏
__________________________________________________
 (2)- الخصال: 393/ 96.
 (3)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 42/ 146.
 (4)- المحاسن: 346/ 8.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 367.
 (1) في المصدر: أبو جعفر.
 (2) في المصدر: أبي أيوب إبراهيم بن عثمان.
 (3) من لا يحضره الفقيه 2: 273/ 1252.
 (4) في «ط»: سعة.

378
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة الآيات 9 الى 11 ص 377

الثِّيَابِ «1»، وَ تَطَيُّبٌ لِلْجُمُعَةِ، فَهُوَ السَّعْيُ لِقَوْلِ اللَّهِ: وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعى‏ لَها سَعْيَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ «2»».
10735/ «6»- الطَّبْرِسِيُّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ، قَالَ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» قَالَ: وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ: وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ).
10736/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ:
كَيْفَ سُمِّيَتِ الْجُمُعَةُ جُمُعَةً؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَمَعَ فِيهَا خَلْقَهُ لِوَلَايَةِ مُحَمَّدٍ وَ وَصِيِّهِ فِي الْمِيثَاقِ، فَسَمَّاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِجَمْعِهِ فِيهِ خَلْقَهُ».
10737/ «8»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ، عَنِ الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنِ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): لِمَ سُمِّيَتِ الْجُمُعَةُ جُمُعَةً؟ قَالَ: «لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ فِيهَا خَلْقَهُ لِوَلَايَةِ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
10738/ «9»- الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ)، قَالَ: رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: كُنْتُ لَيْلَةً مِنْ بَعْضِ اللَّيَالِي عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَهْ يَا جَابِرُ، كَيْفَ قَرَأْتَ؟» قُلْتُ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ، قَالَ: «هَذَا تَحْرِيفٌ، يَا جَابِرُ».
قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ أَقْرَأُ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» هَكَذَا نَزَلَتْ يَا جَابِرُ [لَوْ كَانَ سَعْياً لَكَانَ عَدْواً، لِمَا كَرِهَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)] لَقَدْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَعْدُوَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلَاةِ.
يَا جَابِرُ، لِمَ سُمِّيَتِ الْجُمُعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟» قَالَ: قُلْتُ: تُخْبِرُنِي، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ: «أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِتَأْوِيلِهِ الْأَعْظَمِ؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ: فَقَالَ: «يَا جَابِرُ، سَمَّى اللَّهُ الْجُمُعَةَ جُمُعَةً لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَمَعَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ جَمِيعَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ، وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَ رَبُّنَا وَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ الْبِحَارَ، وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ، وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الْمِيثَاقِ، فَأَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْهُمْ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالنُّبُوَّةِ، وَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْوَلَايَةِ، وَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ اللَّهُ لِلسَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ‏
__________________________________________________
 (6)- مجمع البيان 10: 434.
 (7)- الكافي 3: 415/ 7.
 (8)- الأمالي 2: 299.
 (9)- الإختصاص: 128.
 (1) في المصدر: أفضل ثيابك.
 (2) الإسراء 17: 19.

379
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة الآيات 9 الى 11 ص 377

ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ «1».
فَسَمَّى اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الْجُمُعَةَ لِجَمْعِهِ فِيهِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا الَّذِي جَمَعَكُمْ فِيهِ، وَ الصَّلَاةُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَعْنِي بِالصَّلَاةِ الْوَلَايَةَ، وَ هِيَ الْوَلَايَةُ الْكُبْرَى، فَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَتَتِ الرُّسُلُ وَ الْأَنْبِيَاءُ، وَ الْمَلَائِكَةُ وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَ اللَّهُ، وَ الثَّقَلَانِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ، وَ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ، وَ الْمُؤْمِنُونَ بِالتَّلْبِيَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: (فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) وَ ذِكْرُ اللَّهُ:
خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَيْعَةِ الْأَوَّلِ وَ وَلَايَتِهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ يَعْنِي بَيْعَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ يَعْنِي بِالْأَرْضِ الْأَوْصِيَاءَ، أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ وَ وَلَايَتِهِمْ كَمَا أَمَرَ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ وَ طَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، كَنَى اللَّهُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَسْمَائِهِمْ فَسَمَّاهُمْ بِالْأَرْضِ (وَ ابْتَغُوا فَضْلَ اللَّهِ)». قَالَ جَابِرٌ: وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ! قَالَ: «تَحْرِيفٌ، هَكَذَا أُنْزِلَتْ: وَ ابْتَغُوا فَضْلَ اللَّهِ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
ثُمَّ خَاطَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَ إِذا رَأَوْا الشُّكَّاكُ وَ الْجَاحِدُونَ تِجارَةً يَعْنِي الْأَوَّلَ أَوْ لَهْواً يَعْنِي الثَّانِيَ (انْصَرَفُوا إِلَيْهَا)». قَالَ: قُلْتُ: انْفَضُّوا إِلَيْها! قَالَ:
 «تَحْرِيفٌ، هَكَذَا نَزَلَتْ وَ تَرَكُوكَ مَعَ عَلِيٍّ قائِماً قُلْ يَا مُحَمَّدُ ما عِنْدَ اللَّهِ مِنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ وَ الْأَوْصِيَاءِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ يَعْنِي بَيْعَةَ الْأَوَّلِ وَ الثَّانِي (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا)، قَالَ: قُلْتُ: لَيْسَ فِيهَا (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا)؟ قَالَ:
فَقَالَ: «بَلَى، هَكَذَا نَزَلَتِ الْآيَةُ، وَ أَنْتُمْ هُمْ الَّذِينَ اتَّقُوا وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».
10739/ «10»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: وَرَدَ الْمَدِينَةَ عَيْرٌ فِيهَا تِجَارَةٌ مِنَ الشَّامِ، فَضَرَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالدُّفُوفِ، وَ فَرِحُوا وَ ضَحِكُوا «2»، وَ دَخَلْتُ وَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَخَرَجَ النَّاسُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ تَرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَائِماً، وَ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْهُمْ.
10740/ «11»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ بْنِ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏]: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً؟ «قَالَ: «انْفَضُّوا عَنْهُ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».
__________________________________________________
 (10)- تأويل الآيات 2: 2: 693/ 3.
 (11)- تأويل الآيات 2: 693/ 4.
 (1) فصّلت 41: 11.
 (2) في المصدر: و ضجوا.

380
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجمعة الآيات 9 الى 11 ص 377

10741/ «12»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قال:
كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يصلي بالناس يوم الجمعة، و دخلت ميرة و بين يديها قوم يضربون بالدفوف و الملاهي، فترك الناس الصلاة و مروا ينظرون إليهم، فأنزل اللّه تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
10742/ «13»- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجُمُعَةِ، كَيْفَ يَخْطُبُ الْإِمَامُ؟ قَالَ: يَخْطُبُ قَائِماً، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ تَرَكُوكَ قائِماً.
10743/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَتْ (وَ إِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْصَرَفُوا إِلَيْهَا وَ تَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجَارَةِ) يَعْنِي لِلَّذِينَ اتَّقَوْا وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».
10744/ «15»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ، وَ أَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً: إِنَّ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنَ الشَّامِ بِالْمِيرَةِ، فَنَزَلَ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِالطُّبُولِ لِيُؤْذِنَ النَّاسَ بِقُدُومِهِ، فَنَفَرَ «1» النَّاسُ إِلَيْهِ إِلَّا عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ فَاطِمَةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ صُهَيْبٌ، وَ تَرَكُوا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَائِماً يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَقَدْ نَظَرَ اللَّهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى مَسْجِدِي، فَلَوْلَا هَؤُلَاءِ الثَّمَانِيَةُ «2» الَّذِينَ جَلَسُوا فِي مَسْجِدِي لَأُضْرِمَتِ «3» الْمَدِينَةُ عَلَى أَهْلِهَا نَاراً، وَ حُصِبُوا بِالْحِجَارَةِ كَقَوْمِ لُوطٍ، وَ نَزَلَ فِيهِمْ: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ «4» الْآيَةَ».
10745/ «16»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي مَعْنَى انْفَضُّوا إِلَيْها، قَالَ: «انْصَرَفُوا إِلَيْهَا».
__________________________________________________
 (12)- تفسير القمّيّ 2: 367.
 (13)- تفسير القمّيّ 2: 367.
 (14)- تفسير القمّيّ 2: 367.
 (15)- المناقب 2: 146.
 (16)- مجمع البيان 10: 436.
 (1) في المصدر: فانفض.
 (2) في «ط»، نسخة بدل و المصدر: الفئة.
 (3) في «ط»: نسخة بدل و المصدر: لانضرمت.
 (4) النور 24: 37.

381
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المنافقون ص 383

سورة المنافقون‏
فضلها
10746/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ- إِذَا كَانَ لَنَا شِيعَةً- أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِالْجُمُعَةِ وَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بِالْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِينَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا يَعْمَلُ كَعَمَلِ «1» رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كَانَ جَزَاؤُهُ وَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ».
10747/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ بَرِى‏ءَ مِنَ النِّفَاقِ وَ الشَّكِّ فِي الدِّينِ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى الدَّمَامِيلَ أَزَالَتْهَا، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى الْأَوْجَاعِ الْبَاطِنَةِ سَكَّنَتْهَا».
10748/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ بَرِى‏ءَ مِنَ الشِّرْكِ وَ النِّفَاقِ فِي الدِّينِ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى عَلِيلٍ أَوْ عَلَى وَجِيعٍ شَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى».
10749/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الْأَرْمَدِ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَزَالَهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الْأَوْجَاعِ الْبَاطِنَةِ سَكَّنَتْهَا، وَ تَزُولُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 118.
 (2)- ......
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن: 10 «مخطوط».
 (1) في «ط»: بعمل.

383
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المنافقون الآيات 1 الى 3 ص 384

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- فَطُبِعَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [1- 3]
10750/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ: قُلْتُ: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَمَّى مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ رَسُولَهُ فِي وَلَايَةِ وَصِيِّهِ مُنَافِقِينَ، وَ جَعَلَ مَنْ جَحَدَ وَصِيَّهُ «1» وَ إِمَامَتَهُ كَمَنْ جَحَدَ مُحَمَّداً وَ أَنْزَلَ بِذَلِكَ قُرْآناً، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ بِوَلَايَةِ وَصِيِّكَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ لَكاذِبُونَ* اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ السَّبِيلُ هُوَ الْوَصِيُّ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِرِسَالَتِكَ وَ كَفَرُوا بِوَلَايَةِ وَصِيِّكَ فَطَبَعَ اللَّهُ «2» عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ».
قُلْتُ: مَا مَعْنَى لَا يَفْقَهُونَ؟ قَالَ: «يَقُولُ: لَا يَعْقِلُونَ بِنُبُوَّتِكَ». [قُلْتُ‏]: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَ إِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْجِعُوا إِلَى وَلَايَةِ عَلِيٍّ، يَسْتَغْفِرْ لَكُمُ النَّبِيُّ مِنْ ذُنُوبِكُمْ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ قَالَ اللَّهُ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 358/ 91.
 (1) في المصدر: وصيته.
 (2) (اللّه) ليس في «ج، ي».

384
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المنافقون الآيات 1 الى 3 ص 384

وَ رَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَطَفَ الْقَوْلَ مِنَ اللَّهِ بِمَعْرِفَتِهِ بِهِمْ فَقَالَ:
سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «1» يَقُولُ:
الظَّالِمِينَ لِوَصِيِّكَ».
10751/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ لَهُ طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْمٍ شَهِدُوا شَهَادَةَ الْحَقِّ وَ كَانُوا كَاذِبِينَ؟ قَالَ: «الْمُنَافِقُونَ حِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ».
10752/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي غَزَاةِ الْمُرَيْسِيعِ «2»، وَ هِيَ غَزَاةُ بَنِي الْمُصْطَلَقِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) خَرَجَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْهَا نَزَلَ عَلَى بِئْرٍ، وَ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا فِيهَا، وَ كَانَ أَنَسُ بْنُ سَيَّارٍ حَلِيفَ الْأَنْصَارِ، وَ كَانَ جَهْجَاهُ بْنُ سَعِيدٍ الْغِفَارِيُّ أَجِيراً لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى الْبِئْرِ، فَتَعَلَّقَ دَلْوُ [ابْنِ‏] سَيَّارٍ بِدَلْوِ جَهْجَاهٍ، فَقَالَ [ابْنُ‏] سَيَّارٍ: دَلْوِي وَ قَالَ: جَهْجَاهٌ دَلْوِي، فَضَرَبَ جَهْجَاهٌ يَدَهُ «3» عَلَى وَجْهِ [ابْنِ‏] سَيَّارٍ، فَسَالَ مِنْهُ الدَّمُ، فَنَادَى [ابْنُ‏] سَيَّارٍ بِالْخَزْرَجِ، وَ نَادَى جَهْجَاهٌ بِقُرَيْشٍ، وَ أَخَذَ النَّاسُ السِّلَاحَ، وَ كَادَ أَنْ تَقَعَ الْفِتْنَةُ، فَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ النِّدَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَأَخْبَرُوهُ بِالْخَبَرِ، فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً، ثُمَّ قَالَ: قَدْ كُنْتُ كَارِهاً لِهَذَا الْمَسِيرِ، إِنِّي لَأَذَلُّ الْعَرَبِ، مَا ظَنَنْتُ أَنِّي أَبْقَى إِلَى أَنْ أَسْمَعَ مِثْلَ هَذَا فَلَا يَكُونَ عِنْدِي تَغْيِيرٌ «4».
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: هَذَا عَمَلُكُمْ، أَنْزَلْتُمُوهُمْ مَنَازِلَكُمْ، وَ وَاسَيْتُمُوهُمْ بِأَمْوَالِكُمْ، وَ وَقَيْتُمُوهُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، وَ أَبْرَزْتُمْ نُحُورَكُمْ إِلَى الْقَتْلِ، فَأُرْمِلَ نِسَاؤُكُمْ وَ أُيْتِمَ صِبْيَانُكُمْ، وَ لَوْ أَخْرَجْتُمُوهُمْ لَكَانُوا عِيَالًا عَلَى غَيْرِكُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، وَ كَانَ فِي الْقَوْمِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَ كَانَ غُلَاماً قَدْ رَاهَقَ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ «5»، وَ عِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، فَجَاءَ زَيْدٌ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَعَلَّكَ وَهِمْتَ يَا غُلَامُ؟» فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ مَا وَهِمْتُ، فَقَالَ: «فَلَعَلَّكَ غَضِبْتَ عَلَيْهِ؟» قَالَ: لَا وَ اللَّهِ مَا غَضِبْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: «فَلَعَلَّهُ سَفِهَ عَلَيْكَ؟» فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِشُقْرَانَ مَوْلَاهُ: «أَحْدِجْ «6»» فَأَحْدَجَ رَاحِلَتَهُ وَ رَكِبَ، وَ تَسَامَعَ النَّاسَ بِذَلِكَ،
__________________________________________________
 (2)- الإحتجاج: 329.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 368.
 (1) المنافقون 63: 5، 6.
 (2) المريسيع: ماء من ناحية قديد إلى الساحل به غزوة النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) إلى بني المصطلق من خزاعة. «مراصد الاطلاع 3: 1263».
 (3) (يده) ليس في «ج، ي».
 (4) في «ط»: تعيير.
 (5) أي نصف النهار عند اشتداد الحرّ. «لسان العرب 5: 254».
 (6) يقال: أحدج بعيرك أي شدّ عليه قتبه بأداته. «لسان العرب 2: 231».

385
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المنافقون الآيات 1 الى 3 ص 384

فَقَالُوا: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِيَرْحَلَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ، فَرَحَلَ النَّاسُ وَ لَحِقَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، فَقَالَ: «وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ». فَقَالَ: مَا كُنْتَ لِتَرْحَلَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ؟ فَقَالَ:
 «أَ وَ مَا سَمِعْتَ قَوْلًا قَالَهُ صَاحِبُكُمْ؟» قَالَ: وَ أَيُّ صَاحِبٍ لَنَا غَيْرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، زَعَمَ أَنَّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ الْأَعَزُّ، وَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ الْأَذَلُّ.
فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْمَهُ كُلَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ أَحَدٌ، فَأَقْبَلَتْ الْخَزْرَجُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَعْذِلُونَهُ، فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: فَقُمْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى نَعْتَذِرَ «1» إِلَيْهِ، فَلَوَى عُنُقَهُ، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَيْلَهُ كُلَّهُ وَ النَّهَارَ، فَلَمْ يَنْزِلُوا إِلَّا لِلصَّلَاةِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ نَزَلَ أَصْحَابُهُ، وَ قَدْ أَمْهَدَهُمُ الْأَرْضَ مِنَ السَّهَرِ الَّذِي أَصَابَهُمْ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، وَ أَنَّهُ لَيَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَّ زَيْداً قَدْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْهُ، وَ أَقْبَلَتِ الْخَزْرَجُ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ يَشْتِمُونَهُ وَ يَقُولُونَ لَهُ: كَذَبْتَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِنَا.
فَلَمَّا رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ زَيْدٌ مَعَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكْذِبْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَمَا سَارَ «2» إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى أَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ «3» عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ، فَثَقُلَ حَتَّى كَادَتْ نَاقَتُهُ أَنْ تَبْرَكَ مِنْ ثِقَلِ الْوَحْيِ، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ يَسْكُبُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ «4»، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَرَفَعَهُ مِنَ الرَّحْلِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا غُلَامُ، صَدَقَ قَوْلُكَ، وَ وَعَى قَلْبُكَ، وَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا قُلْتَ قُرْآناً».
فَلَمَّا نَزَلَ، جَمَعَ أَصْحَابَهُ وَ قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ* اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ «5» فَفَضَحَ اللَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ.
10753/ «4»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِيثَمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْماً وَ لَيْلَةً وَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى ارْتَفَعَ الضُّحَى، فَنَزَلَ وَ نَزَلَ النَّاسُ، فَرَمَوْا بِأَنْفُسِهِمْ نِيَاماً، وَ إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَكُفَّ النَّاسَ عَنِ الْكَلَامِ، قَالَ: وَ إِنَّ وَلَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كُنْتَ عَزَمْتَ عَلَى قَتْلِهِ‏
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 370.
 (1) في «ج»: تعتذر.
 (2) في «ج، ي»: ساروا.
 (3) أي الشّدّة و المشقّة: «لسان العرب 2: 410».
 (4) في المصدر: جبهته.
 (5) المنافقون 63: 8.

386
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المنافقون الآيات 1 الى 3 ص 384

فَمُرْنِي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَحْمِلُ إِلَيْكَ رَأْسَهُ، فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتِ الْخَزْرَجُ وَ الْأَوْسُ أَنِّي أَبَرُّهُمْ وَلَداً بِوَالِدَيَّ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَأْمُرَ غَيْرِي فَيَقْتُلَهُ «1»، فَلَا تَطِيبَ نَفْسِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى قَاتِلِ أَبِي فَأَقْتُلَ مُؤْمِناً بِكَافِرٍ فَأَدْخُلَ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «بَلْ نُحْسِنُ صُحْبَتَهُ مَا دَامَ مَعَنَا».
قوله تعالى:
كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ- إلى قوله تعالى- لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ [4- 5]
10754/ «1»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَقُولُ: «لَا يَسْمَعُونَ وَ لَا يَعْقِلُونَ، قَوْلُهُ: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ يَعْنِي كُلَّ صَوْتٍ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ فَلَمَّا نَعَتَهُمُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ وَ عَرَّفَهُ مَسَاءَتَهُمْ إِلَيْهِ «2» وَ إِلَى عَشَائِرِهِمْ فَقَالُوا لَهُمْ: قَدِ افْتَضَحْتُمْ وَيْلَكُمْ فَأْتُوا نَبِيَّ اللَّهِ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ فَلَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَ زَهِدُوا فِي الِاسْتِغْفَارِ، يَقُولُ اللَّهُ: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ».
قوله تعالى:
سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ [6]
10755/ «2»- الْعَيَّاشِيُّ: عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ «3» فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ مِائَةَ مَرَّةٍ لِيَغْفِرَ لَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، وَ قَالَ: وَ لا تُصَلِّ عَلى‏ أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى‏ قَبْرِهِ «4» فَلَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَ لَمْ يَقُمْ عَلَى قَبْرِ أَحَدٍ مِنْهُمْ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 370.
 (2)- تفسير العيّاشي 2: 100/ 92.
 (1) في «ج، ي»: بقتله.
 (2) في المصدر: إليهم.
 (3) التوبة 9: 80.
 (4) التوبة 9: 84.

387
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المنافقون آية 8 ص 388

قوله تعالى:
وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ [8]
10756/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَحْمَسِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا، وَ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِيلًا، أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَالْمُؤْمِنٍ يَكُونُ عَزِيزاً وَ لَا يَكُونُ ذَلِيلًا».
ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَعَزُّ مِنَ الْجَبَلِ، أَنَّ الْجَبَلَ يُسْتَقَلُّ مِنْهُ بِالْمَعَاوِلِ، وَ الْمُؤْمِنُ لَا يُسْتَقَلُّ مِنْ دِينِهِ شَيْ‏ءٌ».
10757/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا، وَ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ، أَ لَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَالْمُؤْمِنُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَزِيزاً وَ لَا يَكُونُ ذَلِيلًا، يُعِزُّهُ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ وَ الْإِسْلَامِ».
10758/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ إِلَّا إِذْلَالَ نَفْسِهِ».
10759/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ». قِيلَ لَهُ: وَ كَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ:
 «يَتَعَرَّضُ لِمَا لَا يُطِيقُ».
10760/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ»، قُلْتُ: بِمَاذَا يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ:
 «يَدْخُلُ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ «1»».
10761/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ سَعْدَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ
__________________________________________________
 (1)- الكافي 5: 63/ 1.
 (2)- الكافي 5: 63/ 2.
 (3)- الكافي 5: 63/ 3.
 (4)- الكافي 5: 63/ 4.
 (5)- الكافي 5: 64/ 5.
 (6)- الكافي 5: 64/ 6.
 (1) في المصدر: فيما يتعذّر منه.

388
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المنافقون آية 8 ص 388

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا، وَ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ، أَ لَمْ تَرَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَا هُنَا: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ؟ وَ الْمُؤْمِنُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ عَزِيزاً وَ لَا يَكُونَ ذَلِيلًا».
10762/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ فِيكَ كِبْراً، فَقَالَ: «كَلَّا، الْكِبْرُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَ لَكِنْ فِيَّ عِزَّةٌ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ».
10763/ «8»- الزَّمَخْشَرِيُّ فِي (رَبِيعِ الْأَبْرَارِ): قِيلَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): فِيكَ عَظَمَةٌ، قَالَ: «لَا، بَلْ فِيَّ عِزَّةٌ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ».
قوله تعالى:
وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [10- 11] 10764/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ يعني بقوله: فَأَصَّدَّقَ أَيْ أَحُجَّ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ يعني عند الموت، فرد اللّه عليه فقال: وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.
10765/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (الْفَقِيهِ): مُرْسَلًا عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ، قَالَ: «فَأَصَّدَّقَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ أَيْ أَحُجَّ».
10766/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ وَ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، وَ أَطَاقَ فَلَمْ يَحُجَّ، إِلَّا سَأَلَ اللَّهَ الرَّجْعَةَ عَنِ الْمَوْتِ، قَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ اتَّقِ اللَّهَ، إِنَّمَا نَرَى هَذَا الْكَافِرَ يَسْأَلُ الرَّجْعَةَ؟ فَقَالَ: أَنَا أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ قُرْآناً، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنَ الصَّالِحِينَ.
وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
10767/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي‏
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 695/ 2.
 (8)- ربيع الأبرار 3: 177.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 370.
 (2)- من لا يحضره الفقيه 2: 142/ 618.
 (3)- مجمع البيان 10: 445.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 370.

389
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المنافقون الآيات 10 الى 11 ص 389

قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها قَالَ: «إِنَّ عِنْدَ اللَّهِ كُتُباً مَوْقُوفَةً «1» يُقَدِّمُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَ يُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ، فَإِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا كُلَّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ إِلَى لَيْلَةٍ مِثْلِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها إِذَا أَنْزَلَهُ وَ كَتَبَهُ كُتَّابُ السَّمَاوَاتِ «2»، وَ هُوَ الَّذِي لَا يُؤَخِّرُهُ «3»».
__________________________________________________
 (1) في المصدر: مرقومة.
 (2) في «ج، ي» و كتبه كتابا في السماوات.
 (3) في «ي»: يؤخّر.

390
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن ص 391

سورة التغابن‏
فضلها
10768/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ التَّغَابُنِ فِي فَرِيضَةٍ كَانَتْ شَفِيعَةً لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ شَاهِدَ عَدْلٍ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ شَهَادَتَهَا، ثُمَّ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى يَدْخُلَ «1» الْجَنَّةَ».
10769/ «2»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَنْ قَرَأَ الْمُسَبِّحَاتِ «2» كُلَّهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُدْرِكَ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ إِنْ مَاتَ كَانَ فِي جِوَارِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
10770/ «3»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْتَ الْفُجْأَةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ دَخَلَ عَلَى سُلْطَانٍ يَخَافُ بَأْسَهُ، كَفَاهُ اللَّهُ شَرَّهُ».
10771/ «4»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْتَ الْفُجْأَةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ دَخَلَ عَلَى سُلْطَانٍ جَائِرٍ يَخَافُهُ، كَفَاهُ اللَّهُ شَرَّهُ، وَ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ سُوءٌ».
10772/ «5»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ خَافَ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِ، يَقْرَأُهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْفِيهِ‏
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 118.
 (2)- ثواب الأعمال: 118.
 (3)- ......
 (4)- ......
 (5)- خواص القرآن: 11 «مخطوط».
 (1) في «ط»: لا تفارقه حتّى تدخله، و في المصدر: لا يفارقها حتّى يدخل.
 (2) في المصدر: بالمسبحات.

391
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 391

شَرَّهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».

392
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن الآيات 1 الى 2 ص 393

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ* هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [1- 2]
10773/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ نُعَيْمٍ الصَّحَّافِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ:
 «عَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِيمَانَهُمْ بِوَلَايَتِنَا وَ كُفْرَهُمْ بِهَا يَوْمَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي صُلْبِ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُمْ ذَرٌّ».
10774/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ نُعَيْمٍ الصَّحَّافِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ: «عَرَفَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِيمَانَهُمْ بِمُوَالاتِنَا وَ كُفْرَهُمْ بِهَا يَوْمَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ، وَ هُمْ ذَرٌّ فِي صُلْبِ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى‏ رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «1»، قَالَ: «أَمَا وَ اللَّهِ مَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ مَا هَلَكَ مَنْ هَلَكَ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَّا فِي تَرْكِ وَلَايَتِنَا وَ جُحُودِ حَقِّنَا، وَ مَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى أَلْزَمَ رِقَابَ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَقَّنَا، وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 341/ 4.
 (2)- الكافي 1: 353/ 74.
 (1) التغابن 64: 12.

393
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن الآيات 1 الى 2 ص 393

إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ».
10775/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي مُنَاكَحَةِ النَّاسِ؟ فَإِنِّي قَدْ بَلَغْتُ مَا تَرَى «1»، وَ مَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ، فَقَالَ:
 «وَ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ؟» فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُنِي إِلَّا أَنَّنِي أَخْشَى أَنْ لَا تَحِلَّ لِي مُنَاكَحَتُهُمْ، فَمَا تَأْمُرُنِي؟
فَقَالَ: «وَ كَيْفَ تَصْنَعُ وَ أَنْتَ شَابٌّ، أَ تَصْبِرُ؟» قُلْتُ: أَتَّخِذُ الْجَوَارِيَ. فَقَالَ: «فَهَاتِ الْآنَ، فَبِمَا تَسْتَحِلُّ الْجَوَارِيَ؟» قُلْتُ إِنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ، إِنْ رَابَتْنِي بِشَيْ‏ءٍ بِعْتُهَا وَ اعْتَزَلْتُهَا. قَالَ: «فَحَدِّثْنِي بِمَا اسْتَحْلَلْتَهَا؟» قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ. فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا تَرَى، أَتَزَوَّجُ؟ فَقَالَ: «مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ».
قُلْتُ: أَ رَأَيْتَ قَوْلَكَ: مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلْ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ، تَقُولُ: لَسْتُ أُبَالِي أَنْ تَأَثَّمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ، فَمَا تَأْمُرُنِي، أَفْعَلُ ذَلِكَ بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لِي: «قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَزَوَّجَ، وَ قَدْ كَانَ مِنِ امْرَأَةِ نُوحٍ وَ امْرَأَةِ لُوطٍ مَا قَدْ كَانَ، إِنَّهُمَا كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ».
فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَيْسَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِي، إِنَّمَا هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَ هِيَ مُقِرَّةٌ بِحُكْمِهِ، مُقِرَّةٌ بِدِينِهِ.
قَالَ: فَقَالَ لِي: «مَا تَرَى مِنَ الْخِيَانَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَخانَتاهُما «2» مَا يَعْنِي بِذَلِكَ إِلَّا الْفَاحِشَةَ، وَ قَدْ زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فُلَاناً».
قَالَ: قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا تَأْمُرُنِي، أَنْطَلِقُ فَأَتَزَوَّجُ بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لِي: «إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَعَلَيْكَ بِالْبَلْهَاءِ مِنَ النِّسَاءِ» قُلْتُ: وَ مَا الْبَلْهَاءُ؟ قَالَ: «ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَ الْعَفَائِفُ».
قُلْتُ: مَنْ هِيَ عَلَى دِينِ سَالِمٍ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ؟ قَالَ: «لَا» قُلْتُ: مَنْ هِيَ عَلَى دِينِ رَبِيعَةَ الرَّأْيِ؟ فَقَالَ: «لَا، وَ لَكِنْ الْعَوَاتِقُ اللَّاتِي لَا يَنْصِبْنَ كُفْراً، وَ لَا يَعْرِفْنَ مَا تَعْرِفُونَ».
قُلْتُ: وَ هَلْ تَعْدُو أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً أَوْ كَافِرَةً؟ فَقَالَ: «تَصُومُ وَ تُصَلِّي وَ تَتَّقِي اللَّهَ وَ لَا تَدْرِي مَا آمُرُكُمْ».
فَقُلْتُ: قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ لَا وَ اللَّهِ لَا يَكُونُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَ لَا كَافِرٍ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَوْلُ اللَّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِكَ يَا زُرَارَةُ، أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ «3»؟ فَلِمَا قَالَ: «عَسَى»؟ فَقُلْتُ: مَا هُمْ إِلَّا مُؤْمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ.
قَالَ: فَقَالَ: «فَمَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ‏
__________________________________________________
 (3)- الكافي 2: 295/ 2.
 (1) في المصدر: ما تراه.
 (2) التحريم 66: 10.
 (3) التوبة 9: 102.

394
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن الآيات 1 الى 2 ص 393

حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا «1» إِلَى الْإِيمَانِ» فَقُلْتُ: مَا هُمْ إِلَّا مُؤْمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ، فَقَالَ: «وَ اللَّهِ مَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ وَ لَا كَافِرِينَ».
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُ فِي أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ؟» فَقُلْتُ: مَا هُمْ إِلَّا مُؤْمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ، إِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ فَهُمْ مُؤْمِنُونَ وَ إِنْ دَخَلُوا النَّارَ فَهُمْ كَافِرُونَ. فَقَالَ: «وَ اللَّهِ مَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ وَ لَا كَافِرِينَ، وَ لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَدَخَلُوا الْجَنَّةَ كَمَا دَخَلَهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَ لَوْ كَانُوا كَافِرِينَ لَدَخَلُوا النَّارَ كَمَا دَخَلَهَا الْكَافِرُونَ، وَ لَكِنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ أَعْمَالُهُمْ وَ «2» حَسَنَاتُهُمْ وَ سَيِّئَاتُهُمْ، فَقَصُرَتْ بِهِمُ الْأَعْمَالُ، وَ إِنَّهُمْ لَكَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ».
فَقُلْتُ: أَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ هُمْ، أَمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ: «اتْرُكْهُمْ حَيْثُ تَرَكَهُمُ اللَّهُ». قُلْتُ: أَ فَتُرْجِئُهُمْ؟ قَالَ: «نَعَمْ، أُرْجِئُهُمْ كَمَا أَرْجَأَهُمُ اللَّهُ، إِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَ إِنْ شَاءَ سَاقَهُمْ إِلَى النَّارِ بِذُنُوبِهِمْ وَ لَمْ يَظْلِمْهُمْ».
فَقُلْتُ: هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ؟ قَالَ: «لَا».
قُلْتُ: فَهَلْ يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا كَافِرٌ؟ قَالَ: فَقَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. يَا زُرَارَةُ، إِنَّنِي أَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَ أَنْتَ لَا تَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَمَا إِنَّكَ إِنْ كَبِرْتَ رَجَعْتَ وَ تَحَلَّلَتْ عَنْكَ عُقَدُكَ».
10776/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ نُعَيْمٍ الصَّحَّافِ، قَالَ: سَأَلْتُ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ: «عَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِيمَانَهُمْ بِوَلَايَتِنَا وَ كُفْرَهُمْ بِتَرْكِهَا يَوْمَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي «3» صُلْبِ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10777/ «5»- و قال عليّ بن إبراهيم: هذه [الآية] خاصّة في المؤمنين و الكافرين.
قوله تعالى:
ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ [6]
10778/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ السَّائِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ، قَالَ: «الْبَيِّنَاتُ هُمُ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 371.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 371.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 372.
 (1) النساء 4: 98.
 (2) (أعمالهم و) ليس في المصدر.
 (3) في المصدر: الميثاق و هم في عالم الذرّ و في.

395
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن آية 7 ص 396

قوله تعالى:
زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى‏ وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [7] 10779/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم حكى اللّه سبحانه أهل الدهرية، فقال: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى‏ وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.
قوله تعالى:
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [8] 10780/ «2»- علي بن إبراهيم: وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا «1» أمير المؤمنين (عليه السلام).
10781/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مِرْدَاسٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى، وَ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا.
فَقَالَ: «يَا أَبَا خَالِدٍ، النُّورُ وَ اللَّهِ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ هُمْ وَ اللَّهِ نُورُ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ، وَ هُمْ وَ اللَّهِ نُورُ اللَّهِ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ اللَّهِ- يَا أَبَا خَالِدٍ- لَنُورُ الْإِمَامِ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْوَرُ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ بِالنَّهَارِ، وَ هُمْ وَ اللَّهِ يُنَوِّرُونَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَحْجُبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نُورَهُمْ عَمَّنْ يَشَاءُ فَتُظْلِمُ قُلُوبُهُمْ، وَ اللَّهِ- يَا أَبَا خَالِدٍ- لَا يُحِبُّنَا عَبْدٌ، وَ يَتَوَلَّانَا حَتَّى يُطَهِّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ، وَ لَا يُطَهِّرُ اللَّهُ قَلْبَ عَبْدٍ حَتَّى يُسَلِّمَ لَنَا وَ يَكُونَ سِلْماً لَنَا، فَإِذَا كَانَ سِلْماً لَنَا سَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ شَدِيدِ الْحِسَابِ، وَ آمَنَهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَكْبَرِ».
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى آخِرِهِ- «وَ آمَنَهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 371.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 371.
 (3)- الكافي 1: 150/ 1.
 (1) (الذي أنزلنا) ليس في المصدر.

396
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن آية 8 ص 396

الْأَكْبَرُ «1»».
وَ رَوَاهُ أَيْضاً سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي (بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ)، عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ يَزِيدَ الْكُنَاسِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ «2» (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا، فَقَالَ: «يَا أَبَا خَالِدٍ، النُّورُ وَ اللَّهِ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ). يَا أَبَا خَالِدٍ، لَنُورُ الْإِمَامُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْوَرُ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ بِالنَّهَارِ- وَ سَاقَهُ إِلَى- وَ آمَنَهُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ» «3» بِبَعْضِ التَّغْيِيرِ الْيَسِيرِ «4».
10782/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ وَ الْحَسَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا، فَقَالَ: «يَا أَبَا خَالِدٍ، النُّورُ وَ اللَّهِ الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. يَا أَبَا خَالِدٍ، لَنُورُ الْإِمَامِ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْوَرُ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ بِالنَّهَارِ، وَ هُمُ الَّذِينَ يُنَوِّرُونَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ يَحْجُبُ اللَّهُ نُورَهُمْ عَمَّنْ يَشَاءُ فَتُظْلِمُ قُلُوبُهُمْ وَ يَغْشَاهُمْ بِهَا».
10783/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَ مُوسَى بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، قَالَ: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِأَفْوَاهِهِمْ».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ «5»، قَالَ: «يَقُولُ: وَ اللَّهُ مُتِمُّ الْإِمَامَةِ، وَ الْإِمَامَةُ هِيَ النُّورُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا- قَالَ- النُّورُ هُوَ الْإِمَامُ».
قوله تعالى:
يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ [9]
10784/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِيِّ، عَنْ
__________________________________________________
 (3)- الكافي 1: 151/ 4.
 (4)- الكافي 1: 151/ 6.
 (1)- معاني الأخبار: 156/ 1.
 (1) تفسير القمّيّ 2: 371.
 (2) في المصدر: أبا عبد اللّه.
 (3) في المصدر: فزع يوم القيامة الأكبر.
 (4) مختصر بصائر الدرجات: 96.
 (5) الصف 61: 8.

397
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن آية 9 ص 397

سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَوْمُ التَّلَاقِ: يَوْمُ يَلْتَقِي أَهْلُ السَّمَاءِ وَ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَ يَوْمُ التَّنَادِ: يَوْمُ يُنَادِي أَهْلُ النَّارِ أَهْلَ الْجَنَّةِ: أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ «1»، وَ يَوْمُ التَّغَابُنِ: يَوْمُ يَغْبِنُ أَهْلُ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ، وَ يَوْمُ الْحَسْرَةِ: يَوْمُ يُؤْتَى بِالْمَوْتِ فَيُذْبَحُ».
قوله تعالى:
وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [11] 10785/ «1»- علي بن إبراهيم: أي يصدق اللّه في قلبه، فإذا بين اللّه له و اختار الهدى يزيده اللّه كما قال:
وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً «2».
10786/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْقَلْبَ لَيَرْجَجُ «3» فِيمَا بَيْنَ الصَّدْرِ وَ الْحَنْجَرَةِ حَتَّى يُعْقَدَ عَلَى الْإِيمَانِ، فَإِذَا عُقِدَ عَلَى الْإِيمَانِ قَرَّ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ- قَالَ- يَسْكُنُ «4»».
قوله تعالى:
وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى‏ رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [12]
10787/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ نُعَيْمٍ الصَّحَّافِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى‏ رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ، فَقَالَ: «أَمَا وَ اللَّهِ مَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ مَا هَلَكَ مَنْ هَلَكَ حَتَّى يَقُومَ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 372.
 (2)- الكافي 2: 308/ 4.
 (3)- الكافي 1: 353/ 74.
 (1) الأعراف 7: 50.
 (2) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 17.
 (3) أي يتحرّك و يتزلزل. «مجمع البحرين 2: 303».
 (4) (قال: يسكن) ليس في «ي» و المصدر.

398
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن آية 12 ص 398

قَائِمُنَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِلَّا فِي تَرْكِ وَلَايَتِنَا وَ جُحُودِ حَقِّنَا، وَ مَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى أَلْزَمَ رِقَابَ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَقَّنَا، وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ».
قوله تعالى:
إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [14]
10788/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ، «وَ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ الْهِجْرَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَعَلَّقَ بِهِ ابْنُهُ وَ امْرَأَتُهُ، وَ قَالُوا: نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَذْهَبَ عَنَّا [وَ تَدَعَنَا] فَنَضِيعَ بَعْدَكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُطِيعُ أَهْلَهُ فَيُقِيمُ، فَحَذَّرَهُمُ اللَّهُ أَبْنَاءَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ، وَ نَهَاهُمْ عَنْ طَاعَتِهِمْ، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْضِي وَ يَذَرُهُمْ وَ يَقُولُ: أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُهَاجِرُوا مَعِي ثُمَّ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ، لَا أَنْفَعُكُمْ بِشَيْ‏ءٍ أَبَداً. فَلَمَّا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَتُوقَ بِحُسْنِ وُصْلَةٍ «1»، فَقَالَ تَعَالَى: وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».
قوله تعالى:
إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [15] 10789/ «2»- قال عليّ بن إبراهيم: إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ أي حبّ.
قوله تعالى:
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ- إلى قوله تعالى- فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [16] 10790/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ: ناسخة لقوله تعالى:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 372، بحار الأنوار 19: 89/ 43.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 372.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 372.
 (1) في المصدر: اللّه أن يوفي و يحسن و يصلهم، و في البحار: اللّه أن يبوء بحسن و بصلة.

399
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التغابن آية 16 ص 399

اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «1».
10791/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، مِنْ أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «2».
10792/ «3»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ تَفْسِيرِ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «3»، قَالَ: «وَ اللَّهِ مَا عَمِلَ بِهَا غَيْرُ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، نَحْنُ ذَكَرْنَا اللَّهَ فَلَا نَنْسَاهُ، وَ نَحْنُ شَكَرْنَاهُ فَلَنْ نَكْفُرَهُ، وَ نَحْنُ أَطَعْنَاهُ فَلَمْ نَعْصِهِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ قَالَتْ الصَّحَابَةُ: لَا نُطِيقُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي مَا أَطَقْتُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَ اسْمَعُوا مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَ أَطِيعُوا يَعْنِي أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ فِيمَا يَأْمُرُونَكُمْ بِهِ.
10793/ «4»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ، قال: يوق شح نفسه «4»، إذا اختار النفقة في طاعة اللّه.
10794/ «5»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَطُوفُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى الصَّبَاحِ، وَ هُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي» فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِغَيْرِ هَذَا الدُّعَاءِ! فَقَالَ: «وَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَشَدُّ مِنْ شُحِّ النَّفْسِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
باب معنى الشح و البخل‏
10795/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: إِنَّ الشَّحِيحَ أَغْدَرُ مِنَ الظَّالِمِ، فَقَالَ لَهُ:
__________________________________________________
 (2)- مجمع البيان 2: 805.
 (3)- المناقب 2: 177.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 372.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 372.
 (1)- الكافي 4: 44/ 1.
 (1) آل عمران 3: 102.
 (2) آل عمران 3: 102.
 (3) آل عمران 3: 102.
 (4) في المصدر: يوق الشح.

400
البرهان في تفسير القرآن5

باب معنى الشح و البخل ص 400

«كَذَبْتَ، إِنَّ الظَّالِمَ قَدْ يَتُوبُ وَ يَسْتَغْفِرُ وَ يَرُدُّ الظُّلَامَةَ عَلَى أَهْلِهَا، وَ الشَّحِيحُ إِذَا شَحَّ مَنَعَ الزَّكَاةَ وَ الصَّدَقَةَ وَ صِلَةَ الرَّحِمِ وَ قِرَي الضَّيْفِ وَ النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ أَبْوَابَ الْبِرِّ، وَ حَرَامٌ عَلَى الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَهَا شَحِيحٌ».
10796/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا لَمْ يَكُنِ لِلَّهِ فِي عَبْدٍ حَاجَةٌ ابْتَلَاهُ بِالْبُخْلِ».
10797/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِبَنِي سَلِمَةَ: يَا بَنِي سَلِمَةَ، مَنْ سَيِّدُكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَيِّدُنَا رَجُلٌ فِيهِ بُخْلٌ». قَالَ: «فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ! ثُمَّ قَالَ: بَلْ سَيِّدُكُمُ الْأَبْيَضُ الْجَسَدِ؛ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ».
10798/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْبَخِيلُ مَنْ بَخِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ».
10799/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا مَحَقَ الْإِسْلَامَ مَحْقَ الشُّحِّ شَيْ‏ءٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِهَذَا الشُّحِّ دَبِيباً كَدَبِيبِ النَّمْلِ، وَ شُعَباً كَشُعَبِ الشِّرْكِ» «1».
10800/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَيْسَ بِالْبَخِيلِ الَّذِي يُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فِي مَالِهِ وَ يُعْطِي الْبَائِنَةَ «2» فِي قَوْمِهِ».
10801/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَرِيفِ بْنِ سَابِقٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «تَدْرِي مَا الشَّحِيحُ؟» قُلْتُ: هُوَ الْبَخِيلُ، قَالَ: «الشُّحُّ هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ، إِنَّ الْبَخِيلَ يَبْخَلُ بِمَا فِي يَدِهِ، وَ الشَّحِيحُ يَشُحُّ بِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ عَلَى مَا فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يَرَى مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ شَيْئاً إِلَّا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَ الْحَرَامِ، وَ لَا يَقْنَعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ».
10802/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَيْسَ الْبَخِيلُ مَنْ أَدَّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ مَالِهِ وَ أَعْطَى‏
__________________________________________________
 (2)- الكافي 4: 44/ 2.
 (3)- الكافي 4: 44/ 3.
 (4)- الكافي 4: 45/ 4.
 (5)- الكافي 4: 45/ 5.
 (6)- الكافي 4: 45/ 6.
 (7)- الكافي 4: 45/ 7.
 (8)- الكافي 4: 46/ 8.
 (1) في نسخة من «ط، ج، ي» و المصدر: الشوك.
 (2) أي العطية.

401
البرهان في تفسير القرآن5

باب معنى الشح و البخل ص 400

الْبَائِنَةَ فِي قَوْمِهِ، إِنَّمَا الْبَخِيلُ حَقُّ الْبَخِيلِ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ [مَالِهِ‏]، وَ لَمْ يُعْطِ الْبَائِنَةَ فِي قَوْمِهِ، وَ هُوَ يُبَذِّرُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ».
10803/ «9»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ تَدْرِي مَنِ الشَّحِيحُ؟» فَقُلْتُ: هُوَ الْبَخِيلُ، قَالَ: «الشُّحُّ أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ «1»، إِنَّ الْبَخِيلَ يَبْخَلُ بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَ إِنَّ الشَّحِيحَ يَشُحُّ بِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ حَتَّى لَا يَرَى فِي أَيْدِي النَّاسِ شَيْئاً إِلَّا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَ الْحَرَامِ، وَ لَا يَشْبَعُ وَ لَا يَقْنَعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ».
10804/ «10»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الْأَرَّجَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْبَخِيلَ مَنْ كَسَبَ مَالَهُ «2» مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَ أَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ».
10805/ «11»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا بَلَغَ بِهِ سَعْدَ بْنَ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، قَالَ: فِيمَا سَأَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ابْنَهُ الْحَسَنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ قَالَ لَهُ: «مَا الشُّحُّ؟» قَالَ: «الشُّحُّ أَنْ تَرَى مَا فِي يَدَيْكَ شَرَفاً، وَ مَا أَنْفَقْتَ تَلَفاً».
10806/ «12»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّمَا الشَّحِيحُ مَنْ مَنَعَ حَقَّ اللَّهِ وَ أَنْفَقَهُ «3» فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
10807/ «13»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارَ بْنِ الْمُثَنَّى التَّمِيمِيُّ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْمُقْرِئُ الرَّقِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَزِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْبَخِيلُ [حَقّاً] مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ».
__________________________________________________
 (9)- معاني الأخبار: 245/ 1.
 (10)- معاني الأخبار: 245/ 2.
 (11)- معاني الأخبار: 245/ 3.
 (12)- معاني الأخبار: 246/ 6.
 (13)- معاني الأخبار: 246/ 9.
 (1) في المصدر: فقال: الشحيح أشدّ من البخيل.
 (2) في المصدر: مالا.
 (3) في المصدر: و أنفق.

402
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق ص 403

سورة الطلاق‏
فضلها
10808/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الطَّلَاقِ وَ التَّحْرِيمِ فِي فَرِيضَةٍ، أَعَاذَهُ اللَّهُ «1» أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِمَّنْ يَخَافُ أَوْ يَحْزَنُ، وَ عُوفِيَ مِنَ النَّارِ، وَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِتِلَاوَتِهِ إِيَّاهُمَا وَ مُحَافَظَتِهِ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُمَا لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
10809/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَوْبَةً نَصُوحاً، وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ غُسِلَتْ وَ رُشَّ مَاؤُهَا فِي مَنْزِلِ لَمْ يُسْكَنْ فِيهِ أَبَداً، وَ إِنْ سُكِنَ لَمْ يَزَلْ فِيهِ الشَّرُّ إِلَى حَيْثُ يُجْلَى».
10810/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَوْبَةً نَصُوحاً، وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ غُسِلَتْ وَ رُشَّ مَاؤُهَا فِي مَنْزِلِ لَمْ يُسْكَنْ وَ لَمْ يُنْزَلْ فِيهِ حَتَّى تُخْرَجَ مِنْهُ».
10811/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا كُتِبَتْ وَ رُشَّ بِمَائِهَا فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ الْبَغْضَاءِ، وَ إِذَا رُشَّ بِمَائِهَا فِي مَوْضِعٍ مَسْكُونٍ وَقَعَ الْقِتَالُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ كَانَ الْفِرَاقُ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 119.
 (2)- ........
 (3)- ........
 (4)- خواص القرآن: 11 «مخطوط».
 (1) زاد في المصدر: من.
                       

403
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 1 الى 3 ص 404

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً [1] 10812/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: المخاطبة للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) و المعنى للناس، و هو ما
قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ نَبِيَّهُ بِإِيَّاكِ أَعْنِي وَ اسْمَعِي يَا جَارَةُ».
10813/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ طَلَاقٍ لَا يَكُونُ عَلَى السُّنَّةِ أَوْ طَلَاقٍ عَلَى الْعِدَّةِ فَلَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ».
قَالَ زُرَارَةُ: فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَسِّرْ لِي طَلَاقَ السُّنَّةِ وَ طَلَاقَ الْعِدَّةِ؟ فَقَالَ: «أَمَّا طَلَاقُ السُّنَّةِ فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيَنْتَظِرْ بِهَا حَتَّى تَطْمَثَ وَ تَطْهُرَ، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ طَمْثِهَا طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَ يُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَدَعُهَا حَتَّى تَطْمَثَ طَمْثَتَيْنِ، فَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَ يَكُونُ خَاطِباً مِنَ الْخُطَّابِ إِنْ شَاءَتْ تَزَوَّجَتْهُ، وَ إِنْ شَاءَتْ لَمْ تَتَزَوَّجْهُ، وَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَ السُّكْنَى مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا، وَ هُمَا يَتَوَارَثَانِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ».
قَالَ: «وَ أَمَّا طَلَاقُ الْعِدَّةِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 373.
 (2)- الكافي 6: 65/ 2.

404
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 1 الى 3 ص 404

أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقَ الْعِدَّةِ، فَلْيَنْتَظِرْ بِهَا حَتَّى تَحِيضَ وَ تَخْرُجَ مِنْ حَيْضِهَا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا تَطْلِيقَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَ يُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَ يُرَاجِعُهَا مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ إِنْ أَحَبَّ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، وَ يُشْهِدُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَ يُوَاقِعُهَا، وَ تَكُونُ مَعَهُ «1» حَتَّى تَحِيضَ، فَإِذَا حَاضَتْ وَ خَرَجَتْ مِنْ حَيْضِهَا طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً أُخْرَى مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَ يُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يُرَاجِعُهَا أَيْضاً مَتَى شَاءَ، قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، وَ يُشْهِدُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَ يُوَاقِعُهَا، وَ تَكُونُ مَعَهُ إِلَى أَنْ تَحِيضَ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا الثَّالِثَةِ طَلَّقَهَا التَّطْلِيقَةَ الثَّالِثَةَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ، وَ يُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ».
قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ، قَالَ: «مِثْلُ هَذِهِ تُطَلَّقُ طَلَاقَ السُّنَّةِ».
10814/ «3»- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ: بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَفْوَانَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ- يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ جَاءَ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي ثَلَاثاً فِي مَجْلِسٍ؟ فَقَالَ: «لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ». ثُمَّ قَالَ: «أَ مَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ؟ ثُمَّ قَالَ: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً» ثُمَّ قَالَ: «كُلُّ مَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَ السُّنَّةَ فَهُوَ يُرَدُّ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ السُّنَّةِ».
10815/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ: «وَ الْعِدَّةُ: الطُّهْرُ مِنَ الْحَيْضِ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ، وَ ذَلِكَ أَنْ تَدَعَهَا حَتَّى تَحِيضَ، فَإِذَا حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ وَ اغْتَسَلَتْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَامِعَهَا، وَ يُشْهِدُ عَلَى طَلَاقِهَا إِذَا طَلَّقَهَا، ثُمَّ إِنْ شَاءَ رَاجَعَهَا، وَ يُشْهِدُ عَلَى رَجْعَتِهَا إِذَا رَاجَعَهَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا حَاضَتْ وَ طَهُرَتْ وَ اغْتَسَلَتْ طَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ، وَ أَشْهَدَ عَلَى طَلَاقِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَامِعَهَا، ثُمَّ إِنْ شَاءَ رَاجَعَهَا، وَ أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا ثُمَّ يَدَعُهَا حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَتْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ، وَ هُوَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ الثَّالِثَةَ أَمْلَكُ بِهَا، وَ إِنْ، شَاءَ رَاجَعَهَا، غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا اعْتَدَّتْ بِمَا طَلَّقَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَ هَكَذَا السُّنَّةُ فِي الطَّلَاقِ، لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ إِلَّا عِنْدَ طُهْرِهَا مِنْ حَيْضِهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ كَمَا وَصَفْتَ، وَ كُلَّمَا رَاجَعَ فَلْيُشْهِدْ، فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا حَبَسَهَا مَا بَدَا لَهُ، ثُمَّ إِنْ طَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا حَبَسَهَا بِوَاحِدَةٍ مَا بَدَا لَهُ، ثُمَّ إِنْ طَلَّقَهَا تِلْكَ الْوَاحِدَةَ الْبَاقِيَةَ بَعْدَ مَا كَانَ رَاجَعَهَا اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَ هِيَ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَ إِنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ فَإِذَا وَضَعَتْ انْقَضَى أَجَلُهَا، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ أَيْضاً ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «2»».
وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ‏
__________________________________________________
 (3)- قرب الإسناد: 30.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 373.
 (1) في المصدر: و يكون معها.
 (2) الطلاق 64: 4.

405
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 1 الى 3 ص 404

يَقُولُ: إِذَا تَرْضَى الْمَرْأَةُ فَتُرْضِعَ الْوَلَدَ، وَ إِنْ لَمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا عِنْدَهَا، يَقُولُ: فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى‏* لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ «1».
10816/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، قَالَ: «أَذَاهَا لِأَهْلِ الرَّجُلِ وَ سُوءُ خُلُقِهَا».
10817/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَأَلَ الْمَأْمُونُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، قَالَ: «يَعْنِي بِالْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ أَنْ تُؤْذِيَ أَهْلَ زَوْجِهَا، فَإِذَا فَعَلَتْ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَعَلَ».
10818/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنَ الطَّلَاقِ، فَقَالَ: «إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقاً لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ، فَقَدْ بَانَتْ [مِنْهُ‏] سَاعَةَ طَلَّقَهَا وَ مَلَكَتْ نَفْسَهَا، وَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا، وَ تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ وَ لَا نَفَقَةَ لَهَا».
قَالَ: فَقُلْتُ: أَ لَيْسَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ؟ قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ الَّتِي تُطَلَّقُ تَطْلِيقَةً بَعْدَ تَطْلِيقَةٍ، فَهِيَ الَّتِي لَا تُخْرَجُ [وَ لَا تُخْرَجُ حَتَّى تُطَلَّقَ الثَّالِثَةَ]، فَإِذَا طُلِّقَتِ الثَّالِثَةَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَ الْمَرْأَةُ الَّتِي يُطَلِّقُهَا الرَّجُلُ تَطْلِيقَةً ثُمَّ يَدَعُهَا حَتَّى يَخْلُوَ أَجَلُهَا فَهَذِهِ تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ «2» زَوْجِهَا، وَ لَهَا السُّكْنَى وَ النَّفَقَةُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا».
10819/ «8»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [قَالَ‏] فِي الَّتِي يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا: «تَخْرُجُ إِلَى الْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ، وَ لَا تَخْرُجُ الَّتِي تُطَلَّقُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ طُلِّقَتْ فِي سَفَرٍ».
10820/ «9»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (الْفَقِيهِ)، قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
__________________________________________________
 (5)- الكافي 6: 97/ 1.
 (6)- الكافي 6: 97/ 2.
 (7)- الكافي 6: 90/ 5.
 (8)- التهذيب 5: 401/ 1397.
 (9)- من لا يحضره الفقيه 3: 322/ 1565.
 (1) الطلاق 64: 6، 7.
 (2) في المصدر: فهذه أيضا تقعد في منزل.

406
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 1 الى 3 ص 404

لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، قَالَ: «إِلَّا أَنْ تَزْنِيَ فَيُقَامَ «1» عَلَيْهَا الْحَدُّ».
10821/ «10»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيِّ، عَنِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ الَّتِي إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ بِهَا فِي أَيَّامِ عِدَّتِهَا حَلَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ بَيْتِهِ. قَالَ: «الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ هِيَ السَّحْقُ دُونَ الزِّنَا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا زَنَتْ وَ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ لَيْسَ لِمَنْ أَرَادَهَا أَنْ يَمْتَنِعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ التَّزَوُّجَ بِهَا لِأَجْلِ الْحَدِّ، فَإِذَا سَحَقَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّجْمُ، وَ الرَّجْمُ خِزْيٌ، وَ مَنْ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِرَجْمِهِ فَقَدْ أَخْزَاهُ، وَ مَنْ أَخْزَاهُ فَقَدْ أَبْعَدَهُ، وَ مَنْ أَبْعَدَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَبَهُ».
10822/ «11»- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: لا يحل لرجل أن يخرج امرأته إذا طلقها و كان له عليها رجعة من بيته، و هي أيضا لا يحل لها أن تخرج من بيتها «2» إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ و معنى الفاحشة أن تزني أو تسرق على الرجل، و من الفاحشة أيضا السلاطة على زوجها، فإن فعلت شيئا من ذلك حل له أن يخرجها.
10823/ «12»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «أُحِبُّ لِلرَّجُلِ الْفَقِيهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلَاقَ السُّنَّةِ».
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «وَ هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً يَعْنِي بَعْدَ الطَّلَاقِ وَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، التَّزْوِيجَ بِهَا «3» مِنْ قَبْلِ أَنْ تَزَوَّجَ زَوْجاً غَيْرَهُ».
قَالَ: «وَ مَا أَعْدَلَهُ وَ أَوْسَعَهُ لَهُمَا جَمِيعاً أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى طُهْرٍ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ تَطْلِيقَةً بِشُهُودٍ، ثُمَّ يَدَعُهَا حَتَّى يَخْلُوَ أَجَلُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، ثُمَّ يَكُونُ خَاطِباً مِنَ الْخُطَّابِ!».
10824/ «13»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْمُطَلَّقَةُ تَكْتَحِلُ وَ تَخْتَضِبُ وَ تَطَيَّبُ وَ تَلْبَسُ مَا شَاءَتْ مِنَ الثِّيَابِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً لَعَلَّهَا أَنْ تَقَعَ فِي نَفْسِهِ فَيُرَاجِعَهَا».
10825/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي الْمُطَلَّقَةِ: «تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا، وَ تُظْهِرُ لَهُ زِينَتَهَا، لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً».
__________________________________________________
 (10)- كمال الدين و تمام النعمة: 459/ 21.
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 374.
 (12)- الكافي 6: 65/ 3.
 (13)- الكافي 6: 92/ 14.
 (14)- الكافي 6: 91/ 10.
 (1) في المصدر: تزني فتخرج و يقام.
 (2) في المصدر: بيته.
 (3) في المصدر: لهما.

407
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 1 الى 3 ص 404

قوله تعالى:
فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [2] 10826/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ يعني إذا انقضت عدتها، إما أن يراجعها، و إمّا أن يفارقها، يطلقها و يمتعها، على الموسع قدره، و على المقتر قدره.
قوله تعالى:
وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ [2]
10827/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَا غَشِيَهَا، بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ. فَقَالَ: «لَيْسَ هَذَا بِطَلَاقٍ».
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَيْفَ طَلَاقُ السُّنَّةِ؟ فَقَالَ: «يُطَلِّقُهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا، قَبْلَ أَنْ يَغْشَاهَا، بِشَهَادَةِ «1» عَدْلَيْنِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ، فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ رُدَّ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنْ طَلَّقَ عَلَى طُهْرٍ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ بِشَاهِدٍ وَ امْرَأَتَيْنِ؟ فَقَالَ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الطَّلَاقِ، وَ قَدْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ غَيْرِهِنَّ فِي الدَّمِ إِذَا حَضَرَتْهُ».
فَقُلْتُ: إِذَا أَشْهَدَ رَجُلَيْنِ نَاصِبِيَّيْنِ عَلَى الطَّلَاقِ، أَ يَكُونُ طَلَاقاً؟ فَقَالَ: «مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ أُجِيزَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ بَعْدَ أَنْ يُعْرَفَ مِنْهُ خَيْرٌ».
10828/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَمَ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 374.
 (2)- الكافي 6: 67/ 6.
 (3)- الكافي 7: 380/ 1.
 (1) في المصدر: بشاهدين.

408
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 1 الى 3 ص 404

شَهَادَةً أَوْ شَهِدَهَا «1» لِيُهْدِرَ بِهَا دَمَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، أَوْ يَزْوِيَ «2» مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لِوَجْهِهِ ظُلْمَةٌ مَدَّ الْبَصَرِ، وَ فِي وَجْهِهِ كُدُوحٌ «3»، تَعْرِفُهُ الْخَلَائِقُ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ، وَ مَنْ شَهِدَ شَهَادَةَ حَقٍّ لِيُحْيِيَ بِهَا حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لِوَجْهِهِ نُورٌ مَدَّ الْبَصَرِ تَعْرِفُهُ الْمَلَائِكَةُ «4» بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ لَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ؟».
قوله تعالى:
وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدْراً [2- 3]
10829/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْكُنَاسِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، قَالَ: «هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ شِيعَتِنَا ضُعَفَاءُ، لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَتَحَمَّلُونَ [بِهِ‏] إِلَيْنَا، فَيَسْمَعُونَ حَدِيثَنَا، وَ يَقْتَبِسُونَ مِنْ عِلْمِنَا، فَيَرْحَلُ قَوْمٌ فَوْقَهُمْ وَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ يُتْعِبُونَ أَبْدَانَهُمْ حَتَّى يَتَعَلَّمُوا «5» حَدِيثَنَا، فَيَنْقُلُوهُ إِلَيْهِمْ، فَيَعِيهِ هَؤُلَاءِ، وَ يُضِيعُهُ هَؤُلَاءِ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ لَهُمْ مَخْرَجاً، وَ يَرْزُقُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ».
10830/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْهَزْهَازِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ السَّرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ أَرْزَاقَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ، وَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ وَجْهَ رِزْقِهِ كَثُرَ دُعَاؤُهُ».
10831/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَّالِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 8: 178/ 201.
 (2)- الكافي 5: 84/ 4.
 (3)- الكافي 2: 53/ 5.
 (1) في المصدر: أو شهد بها.
 (2) زويت الشي‏ء عن فلان، أي نحّيته. «لسان العرب 14: 364».
 (3) الكدوح: آثار الخدوش، و كلّ أثر من خدش أو عضّ فهو كدح. «لسان 2: 570».
 (4) في المصدر: الخلائق.
 (5) في المصدر: حتّى يدخلوا علينا فيسمعوا.

409
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 1 الى 3 ص 404

اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، فَقَالَ: «التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ دَرَجَاتٌ، مِنْهَا أَنْ تَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا، فَمَا فَعَلَ بِكَ كُنْتَ عَنْهُ رَاضِياً، تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَأْلُوكَ خَيْراً وَ فَضْلًا، وَ تَعْلَمُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ لَهُ، فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ [إِلَيْهِ‏] وَ ثِقْ [بِهِ‏] فِيهَا وَ فِي غَيْرِهَا».
10832/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنْ يَحْيَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أُعْطِيَ ثَلَاثاً لَمْ يُمْنَعْ ثَلَاثاً، مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ أُعْطِيَ الْإِجَابَةَ، وَ مَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ أُعْطِيَ الزِّيَادَةَ، وَ مَنْ أُعْطِيَ التَّوَكُّلَ أُعْطِيَ الْكِفَايَةَ». [ثُمَ‏] قَالَ: «أَ تَلَوْتَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، وَ قَالَ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ «1»، وَ قَالَ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «2»؟».
10833/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ؟». فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَ تَرَكَ التِّجَارَةَ.
فَقَالَ: «وَيْحَهُ! أَ مَا [عَلِمَ‏] أَنَّ تَارِكَ الطَّلَبِ لَا يُسْتَجَابُ لَهُ، إِنَّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا نَزَلَتْ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ أَغْلَقُوا الْأَبْوَابَ وَ أَقْبَلُوا عَلَى الْعِبَادَةِ، وَ قَالُوا: قَدْ كُفِينَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى مَا صَنَعْتُمْ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُكُفِّلَ لَنَا بِأَرْزَاقِنَا، فَأَقْبَلْنَا عَلَى الْعِبَادَةِ. فَقَالَ: إِنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ دُعَاؤُهُ، عَلَيْكُمْ بِالطَّلَبِ».
10834/ «6»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ، فِي كِتَابِ (التَّمْحِيصِ): عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، فَقَالَ: «التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ دَرَجَاتٌ، فَمِنْهَا أَنْ تَثِقَ بِهِ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا، فَمَا فَعَلَ بِكَ كُنْتَ عَنْهُ رَاضِياً، تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتِكَ إِلَّا خَيْراً وَ فَضْلًا، وَ تَعْلَمُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ لَهُ، فَتَوَكَّلْتَ عَلَى اللَّهِ بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَ وَثِقْتَ بِهِ فِيهَا وَ فِي غَيْرِهَا».
10835/ «7»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ قَالَ: «فِي دُنْيَاهُ».
__________________________________________________
 (4)- الكافي 2: 53/ 6.
 (5)- الكافي 5: 84/ 5.
 (6)- التمحيص: 62/ 140.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 375.
 (1) إبراهيم 14: 7.
 (2) غافر 40: 60.

410
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق آية 4 ص 411

قوله تعالى:
وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [4]
10836/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «عِدَّةُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَحِيضُ، وَ الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي لَا تَطْهُرُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَ عِدَّةُ الَّتِي تَحِيضُ وَ يَسْتَقِيمُ حَيْضُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنِ ارْتَبْتُمْ، مَا الرِّيبَةُ؟ فَقَالَ: «مَا زَادَ عَلَى شَهْرٍ فَهُوَ رِيبَةٌ، فَلْتَعْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَ لْتَتْرُكِ الْحَيْضَ، وَ مَا كَانَ فِي الشَّهْرِ لَمْ تَزِدْ فِي الْحَيْضِ عَلَيْهِ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ».
10837/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنِ ارْتَبْتُمْ، فَقَالَ: «مَا جَازَ الشَّهْرَ فَهُوَ رِيبَةٌ».
10838/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْحَامِلُ أَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، وَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا».
قوله تعالى:
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَ لا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى‏* لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ [6- 7]
10839/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 6: 100/ 8.
 (2)- الكافي 3: 75/ 2.
 (3)- الكافي 6: 103/ 1.
 (4)- الكافي 6: 103/ 2.

411
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 6 الى 7 ص 411

مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَ هِيَ حُبْلَى، أَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، فَإِذَا وَضَعَتْهُ أَعْطَاهَا أَجْرَهَا وَ لَا يُضَارُّهَا إِلَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ هِيَ أَرْخَصُ أَجْراً مِنْهَا، فَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ الْأَجْرِ فَهِيَ أَحَقُّ بِابْنِهَا حَتَّى تَفْطِمَهُ».
10840/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يُضَارَّ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِذَا طَلَّقَهَا فَيُضَيِّقَ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْتَقِلَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَ لا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ».
وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ.
10841/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ، قَالَ: «إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ مَا يُقِيمُ ظَهْرَهَا مَعَ الْكِسْوَةِ، وَ إِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا».
10842/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (الْفَقِيهِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ، قَالَ: «إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مَا يُقِيمُ ظَهْرَهَا مَعَ الْكِسْوَةِ، وَ إِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا».
10843/ «5»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «1»، قال:
المطلقة الحامل أجلها أن تضع ما في بطنها، إن وضعت يوم طلقها زوجها فلها أن تتزوج إذا طهرت، و إن [لم‏] تضع ما في بطنها إلى تسعة أشهر لم تتزوج «2» إلى أن تضع.
10844/ «6»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ، قال: المطلقة التي لزوجها عليها رجعة، لها عليه سكنى و نفقة ما دامت في العدة، فإن كانت حاملا ينفق عليها حتّى تضع حملها.
10845/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ هَاشِمٍ، وَ مُحَمَّدِ
__________________________________________________
 (2)- الكافي 6: 123/ 1.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 375.
 (4)- من لا يحضره الفقيه 3: 279/ 1331.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 374.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 374.
 (7)- الكافي 6: 82/ 9.
 (1) الطلاق 65: 4.
 (2) في المصدر: تبرأ.

412
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 6 الى 7 ص 411

ابْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْحُبْلَى إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَوَضَعَتْ سِقْطاً، تَمَّ أَوْ لَمْ يَتِمَّ، أَوْ وَضَعَتْهُ مُضْغَةً؟ قَالَ: «كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَضَعَتْهُ يَسْتَبِينُ أَنَّهُ حَمْلٌ تَمَّ أَوْ لَمْ يَتِمَّ، فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا «1»».
10846/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِمْرَانَ السَّقَّا «2»، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَ هِيَ حُبْلَى، وَ كَانَ فِي بَطْنِهَا اثْنَانِ، فَوَضَعَتْ وَاحِداً وَ بَقِيَ وَاحِدٌ. فَقَالَ: «تَبِينُ بِالْأَوَّلِ، وَ لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا».
و قد تقدم حديث زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في أول السورة: «النفقة و السكنى في الطلاق الرجعي على الزوج في العدة «3»».
قوله تعالى:
وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ- إلى قوله تعالى- آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ [8- 11]
10847/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ قَالَ: أَهْلُ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً.
قَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً* رَسُولًا قَالَ: ذِكْرٌ: اسْمُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). قَالُوا: نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ.
10848/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شَاذَوَيْهِ الْمُؤَدِّبُ، وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ فِي حَدِيثِ مَجْلِسِ الْمَأْمُونِ، قَالَ: «الذِّكْرُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ نَحْنُ أَهْلُهُ، وَ ذَلِكَ بَيِّنٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَيْثُ يَقُولُ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً* رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ». قَالَ: «فَالذِّكْرُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ نَحْنُ أَهْلُهُ».
__________________________________________________
 (8)- الكافي 6: 82/ 10.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 375.
 (2)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 239/ 1.
 (1) زاد في المصدر: و إن كانت مضغة.
 (2) في المصدر: الشفا.
 (3) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (1) من هذه السورة.

413
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق الآيات 8 الى 11 ص 413

و قد تقدم من ذلك في قوله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من سورة النحل «1».
10849/ «3»- ابن شهر آشوب: عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: ذِكْراً* رَسُولًا النبيّ ذكره «2» من اللّه، و علي ذكر من محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، كما قال اللّه: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ «3».
قوله تعالى:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ- إلى قوله تعالى- قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً [12] 10850/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ دليل على أن تحت كل سماء أرضا يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً.
10851/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ «4». فَقَالَ: هِيَ «مَحْبُوكَةٌ إِلَى الْأَرْضِ»، وَ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.
فَقُلْتُ: كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوكَةً إِلَى الْأَرْضِ، وَ اللَّهُ يَقُولُ: رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها «5»؟ فَقَالَ:
 «سُبْحَانَ اللَّهِ! أَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟». قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: «ثَمَّ عَمَدٌ وَ لَكِنْ لَا تَرَوْنَهَا».
قُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: فَبَسَطَ كَفَّهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَيْهَا، فَقَالَ: «هَذِهِ أَرْضُ الدُّنْيَا، وَ السَّمَاءُ الدُّنْيَا «6» فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ الثَّانِيَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَ السَّمَاءُ الثَّانِيَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ الثَّالِثَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، وَ السَّمَاءُ الثَّالِثَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ الرَّابِعَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، وَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ الْخَامِسَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، وَ السَّمَاءُ الْخَامِسَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ السَّادِسَةُ، فَوْقَ السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ،
__________________________________________________
 (3)- المناقب 3: 97.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 375.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 328.
 (1) تقدّم في تفسير الآيتين (43، 44) من سورة النحل.
 (2) في المصدر: ذكر.
 (3) الزخرف 43: 44.
 (4) الذاريات 51: 7.
 (5) الرعد 13: 2.
 (6) زاد في النسخ و المصدر: عليها.

414
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطلاق آية 12 ص 414

وَ السَّمَاءُ السَّادِسَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، وَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ، وَ عَرْشُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِبَاقاً وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ فَأَمَّا صَاحِبُ الْأَمْرِ فَرَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ الْوَصِيُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَائِمٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِنَّمَا يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ إِلَيْهِ مِنْ فَوْقِ السَّمَاءِ مِنْ بَيْنِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ».
قُلْتُ: فَمَا تَحْتَنَا إِلَّا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ؟ فَقَالَ: «مَا تَحْتَنَا إِلَّا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ، وَ إِنَّ السِّتَّ لَهُنَّ فَوْقَنَا».
الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي صِفَةِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ «1».
10852/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ بِإِيلَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَبَلَةَ الْوَاعِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي الْحُسَيْنُ ابْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [بِالْكُوفَةِ] فِي الْجَامِعِ، إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ. فَقَالَ: سَلْ تَفَقُّهاً وَ لَا تَسْأَلْ تَعَنُّتاً، فَأْحَدَقَ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقَالَ:
أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى؟ قَالَ: خَلَقَ النُّورَ.
قَالَ: فَمِمَّ خُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ. قَالَ: فَمِمَّ خُلِقَتِ الْأَرْضُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ. قَالَ: فَمِمَّ خُلِقَتِ الْجِبَالُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مِنَ الْأَمْوَاجِ. قَالَ: فَلِمَ سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لِأَنَّ الْأَرْضَ دُحِيَتْ مِنْ تَحْتِهَا.
وَ سَأَلَهُ عَنْ سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَمِمَّ هِيَ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مِنْ مَوْجٍ مَكْفُوفٍ. وَ سَأَلَهُ عَنْ طُولِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ عَرْضِهِمَا؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): تِسْعُ مِائَةِ فَرْسَخٍ فِي تِسْعِ مِائَةِ فَرْسَخٍ. وَ سَأَلَهُ كَمْ طُولُ الْكَوْكَبِ وَ عَرْضُهُ؟ قَالَ: اثْنَا عَشَرَ فَرْسَخاً فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَرْسَخاً.
وَ سَأَلَهُ عَنْ أَلْوَانِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ أَسْمَائِهَا. فَقَالَ لَهُ: اسْمُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا رَفِيعٌ، وَ هِيَ مِنْ مَاءٍ وَ دُخَانٍ، وَ اسْمُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ قَيْدُومٌ «2»، وَ هِيَ عَلَى لَوْنِ النُّحَاسِ، وَ السَّمَاءُ الثَّالِثَةُ اسْمُهَا الْمَارُومُ وَ هِيَ عَلَى لَوْنِ الشَّبَهِ، وَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ اسْمُهَا أَرْفَلُونُ، وَ هِيَ عَلَى لَوْنِ الْفِضَّةِ، وَ السَّمَاءُ الْخَامِسَةُ اسْمُهَا هَيْعُونُ، وَ هِيَ عَلَى لَوْنِ الذَّهَبِ، وَ السَّمَاءُ السَّادِسَةُ اسْمُهَا عَرُوسٌ، وَ هِيَ يَاقُوتَةٌ خَضْرَاءُ، وَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ اسْمُهَا عَجْمَاءُ، وَ هِيَ دُرَّةٌ بَيْضَاءُ».
و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
__________________________________________________
 (3)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 240/ 1.
 (1) مجمع البيان 10: 467.
 (2) في «ي» و المصدر: فيدوم.

415
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم ص 417

سورة التَّحْرِيمِ‏
فضلها
تقدم في سورة الطلاق «1»
10853/ «1»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَوْبَةً نَصُوحاً، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى مَلْسُوعٍ شَفَاهُ اللَّهُ وَ لَمْ يَمْشِ السَّمُّ فِيهِ، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ رُشَّ مَاؤُهَا عَلَى مَصْرُوعٍ احْتَرَقَ شَيْطَانُهُ».
10854/ «2»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَوْبَةً نَصُوحاً، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى مَلْسُوعٍ شَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ مُحِيَتْ «2» بِالْمَاءِ وَ رُشَّ مَاؤُهَا عَلَى مَصْرُوعٍ زَالَ عَنْهُ ذَلِكَ الْأَلَمُ».
10855/ «3»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الْمَرِيضِ سَكَّنَتْهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الرَّجْفَانِ بَرَدَتْهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الْمَصْرُوعِ تُفِيقُهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى السَّهْرَانِ تُنَوِّمُهُ، وَ إِنْ أَدْمَنَ فِي قِرَاءَتِهَا مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ لَمْ يَبْقَ شَيْ‏ءٌ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ........
 (2)- .........
 (3)- خواص القرآن: 11 «مخطوط»
 (1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الطلاق.
 (2) في «ج»: و بخّت.

417
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم الآيات 1 الى 5 ص 418

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ- إلى قوله تعالى- عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَ أَبْكاراً [1- 5]
10856/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ فَجَعَلَهَا يَمِيناً وَ كَفَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)». قُلْتُ: بِمَ كَفَّرَ؟ قَالَ: «أَطْعَمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ».
قُلْتُ: فَمَنْ وَجَدَ «1» الْكِسْوَةَ؟ قَالَ: «ثَوْبٌ يُوَارِي بِهِ عَوْرَتَهُ».
10857/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ؟ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ لِي عَلَيْهِ سُلْطَانٌ لَأَوْجَعْتُ رَأْسَهُ، وَ قُلْتُ [لَهُ‏]: اللَّهُ أَحَلَّهَا لَكَ، فَمَا حَرَّمَهَا عَلَيْكَ؟ إِنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ كَذَبَ، فَزَعَمَ أَنَّ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ حَرَامٌ، وَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَ لَا كَفَّارَةٌ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 7: 452/ 4.
 (2)- الكافي 6: 134/ 1.
 (1) في المصدر: قلنا: فما حدّ.

418
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم الآيات 1 الى 5 ص 418

فَقُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ فَجَعَلَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْهِ جَارِيَتَهُ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ، وَ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا، وَ إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ فِي الْحَلْفِ، وَ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ فِي التَّحْرِيمِ».
10858/ «3»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ السَّعِيدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ
: وَجَدَتْ حَفْصَةُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ فِي يَوْمِ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: لَأُخْبِرَنَّهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «اكْتُمِي ذَلِكَ، وَ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ». فَأَخْبَرَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ بِذَلِكَ، فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَعَرَّفَ حَفْصَةَ أَنَّهَا أَفْشَتْ سِرَّهُ، فَقَالَتْ لَهُ: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا؟ قَالَ: «نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ». فَآلَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ نِسَائِهِ شَهْراً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما.
قال ابن عبّاس: فسألت عمر بن الخطّاب: من اللتان تظاهرتا على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)؟ فقال: حفصة و عائشة.
10859/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ، قَالَ: «اطَّلَعَتْ عَائِشَةُ وَ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ مَعَ مَارِيَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ اللَّهِ لَا أَقْرَبُهَا، فَأَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ».
10860/ «5»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ فِي بَعْضِ بُيُوتِ نِسَائِهِ، وَ كَانَتْ مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ مَعَهُ تَخْدُمُهُ، وَ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَذَهَبَتْ حَفْصَةُ فِي حَاجَةٍ لَهَا، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَارِيَةَ، فَعَلِمَتْ حَفْصَةُ بِذَلِكَ، فَغَضِبَتْ وَ أَقْبَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا [فِي‏] يَوْمِي، وَ فِي دَارِي، وَ عَلَى فِرَاشِي! فَاسْتَحْيَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْهَا، فَقَالَ: «كُفِّي فَقَدْ حَرَّمْتُ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِي، وَ لَا أَطَأُهَا بَعْدَ هَذَا أَبَداً، وَ أَنَا أُفْضِي إِلَيْكَ سِرّاً، فَإِنْ أَنْتِ أَخْبَرْتِ بِهِ فَعَلَيْكِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ». فَقَالَتْ: نَعَمْ، مَا هُوَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ أَبَا بَكْرٍ يَلِي الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِي، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عُمَرُ أَبُوكِ». فَقَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «اللَّهُ أَخْبَرَنِي».
فَأَخْبَرَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ مِنْ يَوْمِهَا بِذَلِكَ، وَ أَخْبَرَتْ عَائِشَةُ أَبَا بَكْرٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي عَنْ حَفْصَةَ كَذَا، وَ لَا أَثِقُ بِقَوْلِهَا، فَسَلْ أَنْتَ حَفْصَةَ، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ، فَقَالَ لَهَا: مَا هَذَا الَّذِي أَخْبَرَتْ عَنْكِ عَائِشَةُ؟ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ، وَ قَالَتْ: مَا قُلْتُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً. فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: إِنْ كَانَ هَذَا حَقّاً فَأَخْبِرِينَا حَتَّى نَتَقَدَّمَ‏
__________________________________________________
 (3)- الأمالي 1: 150.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 375.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 375.

419
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم الآيات 1 الى 5 ص 418

فِيهِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَدْ قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ.
فَاجْتَمَعَ أَرْبَعَةٌ عَلَى أَنْ يَسُمُّوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِهَذِهِ السُّورَةِ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ يَعْنِي قَدْ أَبَاحَ اللَّهُ لَكَ أَنْ تُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِكَ وَ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى‏ بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ [أَيْ أَخْبَرَتْ بِهِ‏] بِهِ وَ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ يَعْنِي أَظْهَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا أَخْبَرَتْ بِهِ وَ مَا هَمُّوا بِهِ مِنْ قَتْلِهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ أَيْ أَخْبَرَهَا وَ قَالَ: «لِمَ أَخْبَرْتِ بِمَا أَخْبَرْتُكِ بِهِ؟».
10861/ «6»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ قال: لم يخبرهم بما علم ممّا هموا به من قتله، قالَتْ: مَنْ أَنْبَأَكَ هذا؟ قالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ* إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ يعني لأمير المؤمنين (عليه السلام) ثم خاطبها، فقال: عَسى‏ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَ أَبْكاراً عرض عائشة لأنّه لم يتزوج بكرا غير عائشة.
10862/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، فِي (الْفَقِيهِ)، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنِّي لَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمُوتَ وَ قَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ خَلَّةٌ مِنْ خِلَالِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمْ يَأْتِهَا».
فَقُلْتُ لَهُ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ قَالَ: «نَعَمْ» وَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى‏ بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً إِلَى قَوْلِهِ: ثَيِّباتٍ وَ أَبْكاراً.
10863/ «8»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: «صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10864/ «9»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَوْرَدَ اثْنَيْنِ وَ خَمْسِينَ حَدِيثاً هُنَا مِنْ طَرِيقِ الْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ، مِنْهَا:
قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) غُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ، وَ أَنَا أَبْكِي وَ أُقَبِّلُ يَدَيْهِ، وَ أَقُولُ: مَنْ لِي وَ لِوُلْدِي بَعْدَكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: «لَكَ اللَّهُ بَعْدِي وَ وَصِيِّي صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ».
10865/ «10»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْقَطَّانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ‏
__________________________________________________
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 376.
 (7)- من لا يحضره الفقيه 3: 297/ 1416.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 377.
 (9)- تأويل الآيات 2: 698/ 1.
 (10)- تأويل الآيات 2: 698/ 2.

420
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم الآيات 1 الى 5 ص 418

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: أَ لَا أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا زِلْتَ مُبَشِّراً بِالْخَيْرِ. قَالَ: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ قُرْآناً. قَالَ: قُلْتُ: وَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُرِنْتَ بِجَبْرَئِيلَ؛ ثُمَّ قَرَأَ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ فَأَنْتَ وَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِيكَ الصَّالِحِينَ».
10866/ «11»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَرَّفَ أَصْحَابَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَرَّتَيْنِ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: أَ تَدْرُونَ مَنْ وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي؟ قَالُوا: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي. وَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ حِينَ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ».
10867/ «12»- و عنه، قال: حدّثنا عليّ بن عبيد و محمّد بن القاسم، قالا: حدّثنا حسين بن حكم، عن حسن ابن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ (عليه السلام) خاصّة.
10868/ «13»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَعَاشِرَ النَّاسِ، مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا، وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً؟
مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ رَبَّكُمْ جَلَّ جَلَالُهُ أَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ لَكُمْ عَلِيّاً عَلَماً وَ إِمَاماً وَ خَلِيفَةً وَ وَصِيّاً، وَ أَنْ أَتَّخِذَهُ أَخاً وَ وَزِيراً.
مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ عَلِيّاً بَابُ الْهُدَى بَعْدِي، وَ الدَّاعِي إِلَى رَبِّي، وَ هُوَ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «1».
مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي، وُلْدُهُ وُلْدِي، وَ هُوَ زَوْجُ حَبِيبَتِي، أَمْرُهُ أَمْرِي، وَ نَهْيُهُ نَهْيِي.
أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِطَاعَتِهِ، وَ اجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَ إِنَّ طَاعَتَهُ طَاعَتِي، وَ مَعْصِيَتَهُ مَعْصِيَتِي.
مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ عَلِيّاً صِدِّيقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ [وَ مُحَدَّثُهَا] إِنَّهُ فَارُوقُهَا، وَ هَارُونُهَا، وَ يُوشَعُهَا وَ آصَفُهَا وَ شَمْعُونُهَا، إِنَّهُ بَابُ حِطَّتِهَا وَ سَفِينَةُ نَجَاتِهَا، وَ إِنَّهُ طَالُوتُهَا وَ ذُو قَرْنَيْهَا.
مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّهُ مِحْنَةُ الْوَرَى، وَ الْحُجَّةُ الْعُظْمَى، وَ الْآيَةُ الْكُبْرَى، وَ إِمَامُ الْهُدَى «2»، وَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى.
مَعَاشِرَ النَّاسِ، [إِنَّ عَلِيّاً مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ وَ عَلَى لِسَانِهِ.
__________________________________________________
 (11)- تأويل الآيات 2: 699/ 3.
 (12)- تأويل الآيات 2: 699/ 4.
 (13)- أمالي الصدوق: 35/ 4.
 (1) فصّلت 41: 33.
 (2) في المصدر: و إمام أهل الدنيا.

421
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم الآيات 1 الى 5 ص 418

مَعَاشِرَ النَّاسِ،] إِنَّ عَلِيّاً قَسِيمُ النَّارِ، لَا يَدْخُلُ النَّارَ وَلِيٌّ لَهُ، وَ لَا يَنْجُو مِنْهَا عَدُوٌّ لَهُ، وَ إِنَّهُ قَسِيمُ الْجَنَّةِ لَا يَدْخُلُهَا عَدُوٌّ لَهُ، وَ لَا يَتَزَحْزَحُ مِنْهَا وَلِيٌّ لَهُ.
مَعَاشِرَ أَصْحَابِي، قَدْ نَصَحْتُ لَكُمْ، وَ بَلَّغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي، وَ لَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ».
10869/ «14»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ تَفْسِيرِ أَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ النَّسَوِيِّ، وَ الْكَلْبِيِّ، وَ مُجَاهِدٍ، وَ أَبِي صَالِحٍ، وَ الْمَغْرِبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ رَأَتْ حَفْصَةُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَعَ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ، فَقَالَ:
 «أَ تَكْتُمِينَ عَلَيَّ حَدِيثِي؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «إِنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ» لِيَطِيبَ قَلْبُهَا، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةَ وَ سَرَّتْهَا «1» مِنْ تَحْرِيمِ مَارِيَةَ، فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي ذَلِكَ، فَنَزَلَ وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى‏ بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً إِلَى قَوْلِهِ:
فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ عَلِيٌّ، يَقُولُ [اللَّهُ‏]: وَ اللَّهُ حَسْبُهُ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ.
10870/ «15»- و عن البخاري، و أبي يعلي الموصلي: قال ابن عبّاس: سألت عمر بن الخطّاب، عن المتظاهرين؟ فقال: حفصة و عائشة.
10871/ «16»- وَ عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
وَ الثَّعْلَبِيِّ بِالْإِسْنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ). وَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالُوا
: «2» وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
10872/ «17»- و من طريق المخالفين أيضا، عن ابن عبّاس، قوله: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ نزلت في عائشة و حفصة فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ نزلت في رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ نزلت فِي عَلِيٍّ خَاصَّةً.
10873/ «18»- و من (مختصر وسيط الواحدي) للشهرزوري «3»: عن ابن عبّاس، قال: أردت أن أسأل عمر بن الخطاب، فمكثت سنتين، فلما كنا بمر الظهران و ذهب ليقضي حاجته، فجاء و قد قضى حاجته، فذهبت أصب عليه من الماء، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)؟ قال: عائشة
__________________________________________________
 (14)- المناقب 3: 76.
 (15)- المناقب 3: 77.
 (16)- المناقب 3: 77.
 (17)- تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار: 115 «مخطوط».
 (18)- تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار: 115 «مخطوط».
 (1) في المصدر: و بشرتها.
 (2) في المصدر: قال.
 (3) في المصدر: للسهروردي.

422
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم الآيات 1 الى 5 ص 418

و حفصة.
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ [6]
10874/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّيَّارُ، فَسَأَلَهُ وَ أَنَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فِي غَيْرِ مَكَانٍ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْمُؤْمِنِينَ، أَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُنَافِقُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُنَافِقُونَ وَ الضُّلَالُ وَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ».
10875/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلٍ، قَالَ: كَانَ الطَّيَّارُ يَقُولُ لِي:
إِبْلِيسُ لَيْسَ «1» مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَ إِنَّمَا أُمِرَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ إِبْلِيسُ: لَا أَسْجُدُ؛ فَمَا لِإِبْلِيسَ يَعْصِي حِينَ لَمْ يَسْجُدْ وَ لَيْسَ هُوَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟
قَالَ: فَدَخَلْتُ أَنَا وَ هُوَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: فَأَحْسَنَ وَ اللَّهِ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَقُلْتُ «2»: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَ رَأَيْتَ مَا نَدَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَوْلِهِ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ مَعَهُمْ؟ قَالَ:
 «نَعَمْ، وَ الضُّلَّالُ وَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ، وَ كَانَ إِبْلِيسُ مِمَّنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ مَعَهُمْ».
10876/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً جَلَسَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ «3» يَبْكِي، وَ قَالَ: أَنَا عَجَزْتُ عَنْ نَفْسِي وَ كُلِّفْتُ أَهْلِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): حَسْبُكَ أَنْ تَأْمُرَهُمْ بِمَا تَأْمُرُ بِهِ نَفْسَكَ، وَ تَنْهَاهُمْ عَمَّا تَنْهَى عَنْهُ نَفْسَكَ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 8: 274/ 413.
 (2)- الكافي 2: 303/ 1.
 (3)- الكافي 5: 62/ 1.
 (1) (ليس) ليس في «ي».
 (2) في المصدر: فقال.
 (3) في «ط، ي»: المؤمنين.

423
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم آية 6 ص 423

10877/ «4»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً قُلْتُ: كَيْفَ أَقِيهِمْ؟ قَالَ: «تَأْمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَ تَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللَّهُ، فَإِنْ أَطَاعُوكَ كُنْتَ قَدْ وَقَيْتَهُمْ، وَ إِنْ عَصَوْكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ».
10878/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً، كَيْفَ نَقِي أَهْلَنَا؟ قَالَ:
 «تَأْمُرُونَهُمْ وَ تَنْهَوْنَهُمْ».
10879/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ لِي أَهْلَ بَيْتٍ وَ هُمْ يَسْمَعُونَ مِنِّي، أَ فَأَدْعُوهُمْ إِلَى هَذَا [الْأَمْرِ]؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ».
10880/ «7»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ ابْنَ سُوَيْدٍ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ [قُلْتُ‏]،: هَذِهِ نَفْسِي أَقِيهَا، فَكَيْفَ أَقِي أَهْلِي؟ قَالَ: «تَأْمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَ تَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنْ أَطَاعُوكَ كُنْتَ قَدْ وَقَيْتَهُمْ، وَ إِنْ عَصَوْكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ».
وَ رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنِ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ فَقُلْتُ: هَذِهِ نَفْسِي أَقِيهَا، فَكَيْفَ أَقِي أَهْلِي، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ «1».
10881/ «8»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ- فِي حَدِيثٍ-: «وَ لَقَدْ مَرَرْنَا مَعَهُ- يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)- بِجَبَلٍ، فَإِذَا الدُّمُوعُ تَخْرُجُ مِنْ بَعْضِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا يُبْكِيكَ يَا جَبَلُ؟
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ عِيسَى مَرَّ بِي وَ هُوَ يُخَوِّفُ النَّاسَ بِنَارٍ وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجَارَةُ، فَأَنَا أَخَافُ أَنْ أَكُونَ مِنْ تِلْكَ الْحِجَارَةِ؟ قَالَ لَهُ: لَا تَخَفْ، تِلْكَ حِجَارَةُ الْكِبْرِيتِ، فَقَرَّ الْجَبَلُ وَ سَكَنَ».
__________________________________________________
 (4)- الكافي 5: 62/ 2.
 (5)- الكافي 5: 62/ 3.
 (6)- الكافي 2: 168/ 1.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 377.
 (8)- الإحتجاج: 220.
 (1) الزهد: 17/ 37.

424
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم آية 8 ص 425

قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [8]
10882/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ: «يَتُوبُ الْعَبْدُ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا يَعُودُ فِيهِ».
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ: سَأَلْتُ عَنْهَا أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «يَتُوبُ عَنِ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا يَعُودُ فِيهِ، وَ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ الْمُفَتَّنُونَ «1» التَّوَّابُونَ».
10883/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً؟ قَالَ: «هُوَ الذَّنْبُ الَّذِي لَا يَعُودُ فِيهِ أَبَداً».
فَقُلْتُ: وَ أَيُّنَا لَمْ يَعُدْ «2»؟ فَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُفَتَّنَ «3» التَّوَّابَ».
10884/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: إِذَا تَابَ الْعَبْدُ تَوْبَةً نَصُوحاً أَحَبَّهُ اللَّهُ، فَسَتَرَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.
فَقُلْتُ: وَ كَيْفَ يَسْتُرُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «يُنْسِي مَلَكَيْهِ مَا كَتَبَا عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَ يُوحِي إِلَى جَوَارِحِهِ: اكْتُمِي عَلَيْهِ [ذُنُوبَهُ‏]؛ وَ يُوحِي إِلَى بِقَاعِ الْأَرْضِ: اكْتُمِي مَا كَانَ يَعْمَلُ عَلَيْكِ مِنَ الذُّنُوبِ، فَيَلْقَى اللَّهَ حِينَ يَلْقَاهُ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ يَشْهَدُ عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ».
10885/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَخِيرَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ، فَكَتَبَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنْ يَكُونَ الْبَاطِنُ كَالظَّاهِرِ وَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ».
10886/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ،
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 314/ 3.
 (2)- الكافي 2: 314/ 4.
 (3)- الكافي 2: 314/ 1.
 (4)- معاني الأخبار: 174/ 1.
 (5)- معاني الأخبار: 174/ 2.
 (1) في «ط، ي»: المفتتنون.
 (2) في «ط، ي»: و إنا لم نعد.
 (3) في «ج»: المفتتن.

425
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم آية 8 ص 425

قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً، قَالَ: «هُوَ صَوْمُ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَ الْخَمِيسِ وَ الْجُمُعَةِ».
قال ابن بابويه: معناه أن يصوم هذه الأيّام ثمّ يتوب.
10887/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ الْيَقْطِينِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، وَ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ
: «التَّوْبَةُ النَّصُوحُ أَنْ يَكُونَ بَاطِنُ الرَّجُلِ كَظَاهِرِهِ وَ أَفْضَلَ».
و
رُوِيَ أَنَّ التَّوْبَةَ النَّصُوحَ هُوَ أَنْ يَتُوبَ الرَّجُلُ مِنْ ذَنْبٍ وَ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ أَبَداً.
10888/ «7»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
وَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً، قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَتُوبُ الْعَبْدُ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فِيهِ، وَ إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ «1»».
10889/ «8»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً؟ قَالَ: «مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي لَا يَعُودُ فِيهِ أَبَداً».
قُلْتُ: وَ أَيُّنَا لَمْ يَعُدْ؟ فَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُفَتَّنَ «2» التَّوَّابَ».
قوله تعالى:
يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى‏ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا [8]
10890/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ صَالِحٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- قَالَ فِيهِ: «ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّعَاءِ إِلَيْهِ بَعْدَهُ وَ بَعْدَ
__________________________________________________
 (6)- معاني الأخبار: 174/ 3.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 377.
 (8)- الزهد 72: 191.
 (1)- الكافي 5: 13/ 1.
 (1) في المصدر: عباد اللّه إلى اللّه المتقي التائب.
 (2) في «ي»: المفتتن.

426
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم آية 8 ص 425

رَسُولِهِ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1».
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ مِمَّنْ هِيَ، وَ أَنَّهَا مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ سُكَّانِ الْحَرَمِ، مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدُوا غَيْرَ اللَّهِ قَطُّ، الَّذِينَ وَجَبَتْ لَهُمْ الدَّعْوَةُ، دَعْوَةُ «2» إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً، الَّذِينَ وَصَفْنَاهُمْ قَبْلَ هَذَا فِي صِفَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) «3»، الَّذِينَ عَنَاهُمْ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي «4»، يَعْنِي أَوَّلَ مَنْ اتَّبَعَهُ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَ التَّصْدِيقِ لَهُ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، مِنَ الْأُمَّةِ الَّتِي بُعِثَ فِيهَا وَ مِنْهَا وَ إِلَيْهَا قَبْلَ الْخَلْقِ مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ قَطُّ، وَ لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ وَ هُوَ الشِّرْكُ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَتْبَاعَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي وَصَفَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ جَعَلَهَا دَاعِيَةً إِلَيْهِ، وَ أَذِنَ لَهُ «5» فِي الدُّعَاءِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «6»، ثُمَّ وَصَفَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «7»، وَ قَالَ: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى‏ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ، يَعْنِي أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ قَدْ قَالَ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ «8».
ثُمَّ حَلَّاهُمْ وَ وَصَفَهُمْ كَيْ لَا يَطْمَعَ فِي الْإِلْحَاقِ «9» بِهِمْ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ، فَقَالَ فِيمَا حَلَّاهُمْ بِهِ وَ وَصَفَهُمْ:
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ* وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ «10» إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ، وَ قَالَ فِي صِفَتِهِمْ وَ حِلْيَتِهِمْ أَيْضاً: الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً* يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «11»».
__________________________________________________
 (1) آل عمران 3: 104.
 (2) في «ط، ي»: و دعوة.
 (3) في المصدر: أمّة إبراهيم (عليه السّلام)
 (4) يوسف 12: 108.
 (5) في المصدر: لها.
 (6) الأنفال 8: 64.
 (7) الفتح 48: 29.
 (8) المؤمنون 23: 1.
 (9) في المصدر: اللّحاق.
 (10) المؤمنون 23: 2- 11.
 (11) الفرقان 25: 68، 69.

427
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم آية 8 ص 425

10891/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ: «يَسْعى‏ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ أَئِمَّةُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَسْعَى بَيْنَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ وَ بِأَيْمَانِهِمْ حَتَّى يُنْزِلُوهُمْ مَنَازِلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
وَ قَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَاتٌ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى‏ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ مِنْ سُورَةِ الْحَدِيدِ «1».
10892/ «3»- ابن شهر آشوب: عن تفسير مقاتل: عن عطاء، عن ابن عبّاس: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ لا يعذب اللّه محمّدا وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ لا يعذب عليّ بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفرا نُورُهُمْ يَسْعى‏ يضي‏ء على الصراط لعلي و فاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعى نورهم بين أيديهم و يسعى عن أيمانهم، و هم يتبعونه، فيمضي أهل بيت محمّد أول مرة «2» على الصراط مثل البرق الخاطف، ثم يمضي قوم مثل الريح، ثمّ يمضي قوم مثل عدو الفرس، ثمّ قوم مثل شد «3» الرجل «4»، ثمّ قوم مثل المشي، ثمّ قوم مثل الحبو، ثمّ قوم مثل الزحف، و يجعله اللّه على المؤمنين عريضا، و على المذنبين دقيقا، يقول اللّه تعالى:
يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا حتى نجتاز به على الصراط، قال: فيجوز أمير المؤمنين (عليه السلام) في هودج من الزمرد الأخضر، و معه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر، و حولها سبعون ألف حوراء كالبرق اللامع.
10893/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «5» [فِي قَوْلِهِ‏]: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى‏ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ» فَمَنْ كَانَ لَهُ نُورٌ يَوْمَئِذٍ نَجَا، وَ كُلُّ مُؤْمِنٍ لَهُ نُورٌ».
10894/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَمَّارُ بْنُ الْحُسَيْنِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِصْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ «6» بْنُ لَيْثٍ الرَّازِيُّ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ الْأُبُلِّيِّ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ:
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 151/ 5.
 (3)- المناقب 2: 155.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 378.
 (5)- الخصال: 402/ 112.
 (1) تقدّمت في تفسير الآية (12) من سورة الحديد.
 (2) في المصدر: محمّد و آله زمرة.
 (3) الشدّ: العدو. «لسان العرب 3: 234».
 (4) (ثمّ قوم مثل شدّ الرجل) ليس في المصدر.
 (5) في «ج»: أبي عبد اللّه (عليه السّلام)
 (6) في «ج»: الحسين.

428
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم آية 8 ص 425

كُنْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «أَ لَا أُبَشِّرُكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟» قَالَ: «بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ».
قَالَ: «هَذَا جَبْرَئِيلُ يُخْبِرُنِي عَنِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ أَنَّهُ قَدْ أَعْطَى شِيعَتَكَ وَ مُحِبِّيكَ سَبْعَ خِصَالٍ: الرِّفْقَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَ الْأُنْسَ عِنْدَ الْوَحْشَةِ، وَ النُّورَ عِنْدَ الظُّلْمَةِ، وَ الْأَمْنَ عِنْدَ الْفَزَعِ، وَ الْقِسْطَ عِنْدَ الْمِيزَانِ، وَ الْجَوَازَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَ دُخُولَ الْجَنَّةِ قَبْلَ النَّاسِ، نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَانِهِمْ».
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ [9]
10895/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْكَاتِبِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ:
 (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ بِالْمُنَافِقِينَ)، قَالَ: «هَكَذَا نَزَلَتْ، فَجَاهَدَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْكُفَّارَ، وَ جَاهَدَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْمُنَافِقِينَ جِهَادَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
10896/ «2»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ الْخَثْعَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الرَّاشِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ أَنَسٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَأُجَاهِدَنَّ الْعَمَالِقَةَ» يَعْنِي الْكُفَّارَ وَ الْمُنَافِقِينَ، وَ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ:
أَنْتَ أَوْ عَلِيٌّ.
قوله تعالى:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ- إلى قوله تعالى-
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 377.
 (2)- الأمالي 2: 116.

429
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم الآيات 10 الى 12 ص 429

مِنَ الْقانِتِينَ [10- 12]
10897/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي مُنَاكَحَةِ النَّاسِ، فَإِنِّي قَدْ بَلَغْتُ مَا تَرَى وَ مَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ؟
قَالَ: «وَ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ؟». قُلْتُ: مَا يَمْنَعُنِي إِلَّا أَنِّي أَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ يَحِلُّ لِي مُنَاكَحَتُهُمْ، فَمَا تَأْمُرُنِي؟
فَقَالَ: «وَ كَيْفَ تَصْنَعُ وَ أَنْتَ شَابٌّ أَ تَصْبِرُ؟». قُلْتُ: أَتَّخِذُ الْجَوَارِيَ. قَالَ: «فَهَاتِ بِمَا تَسْتَحِلُّ الْجَوَارِيَ، أَخْبِرْنِي؟» فَقُلْتُ: إِنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ، إِنْ رَابَتْنِي الْأَمَةُ بِشَيْ‏ءٍ بِعْتُهَا أَوِ اعْتَزَلْتُهَا. قَالَ: «حَدِّثْنِي فَبِمَ تَستَحِلُّهَا؟» قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي مَا تَرَى، أَتَزَوَّجُ؟ قَالَ: «مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ؟».
قَالَ: قُلْتُ أَ رَأَيْتَ قَوْلَكَ: «مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ» فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ، تَقُولُ: لَسْتُ أُبَالِي أَنْ تَأَثَّمَ أَنْتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ، فَمَا تَأْمُرُنِي، أَفْعَلُ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِكَ؟ فَقَالَ لِي: «قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَزَوَّجَ، وَ قَدْ كَانَ مِنِ امْرَأَةِ نُوحٍ وَ امْرَأَةِ لُوطٍ مَا قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما».
فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَسْتُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِ «1»، إِنَّمَا هِيَ تَحْتَ يَدَيْهِ وَ هِيَ مُقِرَّةٌ بِحُكْمِهِ مُظْهِرَةٌ دَيْنَهُ. قَالَ: فَقَالَ لِي: «مَا تَرَى مِنَ الْخِيَانَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَخانَتاهُما؟ مَا يَعْنِي بِذَلِكَ إِلَّا «2» الْفَاحِشَةَ، وَ قَدْ زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فُلَاناً».
قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي، أَنْطَلِقُ فَأَتَزَوَّجُ بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لِي: «إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَعَلَيْكَ بِالْبَلْهَاءِ، مِنَ النِّسَاءِ».
فَقُلْتُ: وَ مَا الْبَلْهَاءُ؟ قَالَ: «ذَوَاتُ الْخُدُورِ مِنَ الْعَفَائِفِ».
فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ عَلَى دِينِ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ؟ فَقَالَ: «لَا». فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ عَلَى دِينِ رَبِيعَةَ الرَّأْيِ؟ فَقَالَ: «لَا»، وَ لَكِنَّ الْعَوَاتِقَ اللَّوَاتِي لَا يَنْصِبْنَ وَ لَا يَعْرِفْنَ مَا تَعْرِفُونَ».
و في هذا الحديث تتمة تقدمت بتمامها في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ «3».
10898/ «2»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: «قَوْلُهُ تَعَالَى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ الْآيَةِ، مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِعَائِشَةَ وَ حَفْصَةَ إِذْ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ، أَفْشَتَا سِرَّهُ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 5: 350/ 12.
 (2)- تأويل الآيات 2: 700/ 7.
 (1) في «ج» و المصدر، و «ط» نسخة بدل: مثل منزلته.
 (2) في المصدر: مظهرة دينه، أما و اللّه ما عنى بذلك إلّا في قول اللّه عزّ و جلّ: فَخانَتاهُما ما عنى بذلك إلّا.
 (3) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآية (2) من سورة التغابن.

430
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التحريم الآيات 10 الى 12 ص 429

10899/ «3»- و قال عليّ بن إبراهيم: ثم ضرب اللّه فيهما مثلا، فقال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما قَالَ: وَ اللَّهِ مَا عَنَى بِقَوْلِهِ: فَخانَتاهُما إِلَّا الْفَاحِشَةَ، و ليقيمن الحدّ على فلانة فيما أتت في طريق البصرة، و كان فلان «1» يحبها، فلما أرادت أن تخرج إلى البصرة، قال لها فلان: لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم فزوجت نفسها من فلان « «2»»، ثم ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها قال: لم ينظر إليه «3» فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا قال: روح مخلوقة وَ كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ قال: من الراضين «4».
10900/ «4»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ الْآيَةِ، أَنَّهُ قَالَ: «هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِرُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الَّتِي تَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ».
قَالَ: «وَ قَوْلُهُ: وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ يَعْنِي مِنَ الثَّالِثِ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يَعْنِي بِهِ بَنِي أُمَيَّةَ».
10901/ «5»- وَ عَنْهُ: بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ قَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللَّهُ ذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ».
10902/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها، قَالَ: «هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 377.
 (4)- تأويل الآيات 2: 700/ 8.
 (5)- تأويل الآيات 2: 700/ 9.
 (6)- تأويل الآيات 2: 700/ 10.
 (1، 2) في نسخة من «ط، ج، ي»: طلحة.
 (3) في المصدر: إليها.
 (4) في نسخة من «ط، ج، ي»: من الراغبين، و في نسخ أخرى و المصدر: من الداعين.
هذا التفسير غريب و مخالف للأصول، إذ أنّه لم يرد بقوله: فَخانَتاهُما الفاحشة، فما بغت امرأة نبيّ قطّ، و إنّما كانت خيانتهما في الدين، فكانت امرأة نوح كافرة، تقول للناس: إنّه مجنون، و كانت امرأة لوط تدلّ على أضيافه. و قوله: «فزوّجت نفسها من فلان» فيه شناعة عجيبة، و مخالفة ظاهرة لما أجمع عليه المسلمون من الخاصّة و العامّة، إذ كلهم يقرّون بقداسة أذيال أزواج النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) ممّا ذكر، و دليل ذلك قوله تعالى: وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ الأحزاب 33: 6.

431
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك ص 433

سورة الملك‏
فضلها
10903/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ فِي الْمَكْتُوبَةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، لَمْ يَزَلْ فِي أَمَانِ اللَّهِ حَتَّى يُصْبِحَ، وَ فِي أَمَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ».
10904/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «سُورَةُ الْمُلْكِ هِيَ الْمَانِعَةُ، تَمْنَعُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي التَّوْرَاةِ سُورَةَ الْمُلْكِ، [وَ] مَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَتِهِ فَقَدْ أَكْثَرَ وَ أَطَابَ وَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَ إِنِّي لَأَرْكَعُ بِهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ أَنَا جَالِسٌ، وَ إِنَّ وَالِدِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي يَوْمِهِ وَ لَيْلَتِهِ.
وَ مَنْ قَرَأَهَا، إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ نَاكِرٌ وَ نَكِيرٌ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ قَالَتْ رِجْلَاهُ لَهُمَا: لَيْسَ لَكُمَا إِلَى مَنْ قِبَلِي سَبِيلٌ، قَدْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ يَقُومُ عَلَيَّ، فَيَقْرَأُ سُورَةَ الْمُلْكِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ؛ فَإِذَا أَتَيَاهُ مِنْ قِبَلِ جَوْفِهِ قَالَ لَهُمَا: لَيْسَ لَكُمَا إِلَى مَنْ قِبَلِي سَبِيلٌ، قَدْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ أَوْعَانِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ سُورَةَ الْمُلْكِ، وَ إِذَا أَتَيَاهُ مِنْ قِبَلِ لِسَانِهِ قَالَ لَهُمَا:
لَيْسَ لَكُمَا إِلَى مَنْ قِبَلِي سَبِيلٌ، قَدْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ يَقْرَأُ بِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ سُورَةَ الْمُلْكِ».
10905/ «3»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةِ، وَ هِيَ الْمُنْجِيَةُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَ مَنْ حَفِظَهَا كَانَتْ أَنِيسَهُ فِي قَبْرِهِ، تَدْفَعُ عَنْهُ كُلَّ نَازِلَةٍ تَهُمُّ بِهِ فِي قَبْرِهِ مِنَ الْعَذَابِ، وَ تَحْرُسُهُ إِلَى يَوْمِ بَعْثِهِ، وَ تَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ رَبِّهَا وَ تُقَرِّبُهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ آمِناً مِنْ وَحْشَتِهِ وَ وَحْدَتِهِ فِي قَبْرِهِ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 119.
 (2)- الكافي 2: 463/ 26.
 (3)- ......

433
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 433

10906/ «4»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ حَفِظَهَا كَانَتْ لَهُ أُنْساً فِي قَبْرِهِ، وَ تَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ آمِناً، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ أَهْدَاهَا إِلَى إِخْوَانِهِ أَسْرَعَتْ إِلَيْهِمْ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، وَ خَفَّفَتْ عَنْهُمْ مَا هُمْ فِيهِ، وَ آنَسَتْهُمْ فِي قُبُورِهِمْ».
10907/ «5»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى مَيِّتٍ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ مَا هُوَ فِيهِ، وَ إِذَا قُرِئَتْ وَ أُهْدِيَتْ إِلَى الْمَوْتَى أَسْرَعَتْ إِلَيْهِمْ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (4)- .......
 (5)- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

434
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك الآيات 1 الى 2 ص 435

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ [1- 2] 10908/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ قدرهما، و معناه قدر الحياة ثمّ قدر الموت لِيَبْلُوَكُمْ أي يختبركم بالأمر و النهي أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ.
10909/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: بِإِسْنَادِهِ عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْحَيَاةُ وَ الْمَوْتُ خَلْقَانِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فَإِذَا جَاءَ الْمَوْتُ فَدَخَلَ فِي الْإِنْسَانِ، لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ الْحَيَاةُ».
10910/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، قَالَ: «لَيْسَ يَعْنِي أَكْثَرَكُمْ عَمَلًا، وَ لَكِنْ أَصْوَبَكُمْ عَمَلًا، وَ إِنَّمَا الْإِصَابَةُ خَشْيَةُ اللَّهِ وَ النِّيَّةُ الصَّادِقَةُ وَ الْحَسَنَةُ «1»- ثُمَّ قَالَ- الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى يَخْلُصَ أَشَدَّ مِنَ الْعَمَلِ، أَلَا وَ الْعَمَلُ الْخَالِصُ: الَّذِي لَا تُرِيدُ أَنْ يَحْمَدَكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ النِّيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَمَلِ، أَلَا وَ إِنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْعَمَلُ- ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ- قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ «2» يَعْنِي عَلَى نِيَّتِهِ».
10911/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ، فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي رِسَالَتِهِ إِلَى‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 378.
 (2)- الكافي 3: 259/ 34.
 (3)- الكافي 2: 13/ 4.
 (4)- الإحتجاج: 450.
 (1) في النسخ: و الخشية.
 (2) الإسراء 17: 84.

435
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك الآيات 1 الى 2 ص 435

أَهْلِ الْأَهْوَازِ حِينَ سَأَلُوهُ عَنِ الْجَبْرِ وَ التَّفْوِيضِ- أَنْ قَالَ: «اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ قَاطِبَةً لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ لَا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ جَمِيعِ فِرَقِهَا، فَهُمْ فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِ مُصِيبُونَ، وَ عَلَى تَصْدِيقِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مُهْتَدُونَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ؛ فَأَخْبَرَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ وَ لَمْ يُخَالِفْ بَعْضُهَا بَعْضاً هُوَ الْحَقُّ، فَهَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ، لَا مَا تَأَوَّلَهُ الْجَاهِلُونَ وَ لَا مَا قَالَهُ الْمُعَانِدُونَ مِنْ إِبْطَالِ حُكْمِ الْكِتَابِ، وَ اتِّبَاعِ حُكْمِ الْأَحَادِيثِ الْمُزَوَّرَةِ وَ الرِّوَايَاتِ الْمُزَخْرَفَةِ، وَ اتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ الْمُرْدِيَةِ الْمُهْلِكَةِ الَّتِي تُخَالِفُ نَصَّ الْكِتَابِ وَ تَحْقِيقَ الْآيَاتِ الْوَاضِحَاتِ النَّيِّرَاتِ، وَ نَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِلصَّوَابِ وَ يَهْدِينَا إِلَى الرَّشَادِ».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَإِذَا شَهِدَ الْكِتَابُ بِتَصْدِيقِ خَبَرٍ وَ تَحْقِيقِهِ فَأَنْكَرَتْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْأُمَّةِ وَ عَارَضَتْهُ بِحَدِيثٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُزَوَّرَةِ، فَصَارَتْ بِإِنْكَارِهَا وَ دَفْعِهَا الْكِتَابَ كُفَّاراً ضُلَّالًا، وَ أَصَحُّ خَبَرٍ مَا عُرِفَ تَحْقِيقُهُ مِنَ الْكِتَابِ، مِثْلُ الْخَبَرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَيْثُ قَالَ: إِنِّي مُسْتَخْلِفٌ فِيكُمْ «1» كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، وَ إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ؛ وَ اللَّفْظَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ قَوْلُهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، وَ إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا.
فَلَمَّا وَجَدْنَا شَوَاهِدَ الْحَدِيثِ نَصّاً فِي كِتَابِ اللَّهِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «2» ثُمَّ اتَّفَقَتْ رِوَايَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ وَ هُوَ رَاكِعٌ، فَشَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُ، وَ أَنْزَلَ الْآيَةَ فِيهِ، ثُمَّ وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ أَبَانَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ.
وَ قَوْلُهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): عَلِيٌّ يَقْضِي دَيْنِي وَ يُنْجِزُ مَوْعِدِي «3»، وَ هُوَ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ بَعْدِي. وَ قَوْلُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حِينَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ تُخَلِّفُنِي عَلَى النِّسَاءِ وَ الصِّبْيَانِ! فَقَالَ: أَ مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.
فَعَلِمْنَا أَنَّ الْكِتَابَ شَهِدَ بِتَصْدِيقِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَ تَحْقِيقِ هَذِهِ الشَّوَاهِدِ، فَيَلْزَمُ الْأُمَّةَ الْإِقْرَارُ بِهَا إِذْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ وَافَقَتِ الْقُرْآنَ، وَ وَافَقَ الْقُرْآنُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ، فَلَمَّا وَجَدْنَا ذَلِكَ مُوَافِقاً لِكِتَابِ اللَّهِ، وَ وَجَدْنَا كِتَابَ اللَّهِ لِهَذِهِ الْأَخْبَارِ مُوَافِقاً وَ عَلَيْهَا دَلِيلًا، كَانَ الِاقْتِدَاءُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ فَرْضاً لَا يَتَعَدَّاهُ إِلَّا أَهْلُ الْعِنَادِ وَ الْفَسَادِ».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ مُرَادُنَا وَ قَصْدُنَا الْكَلَامُ فِي الْجَبْرِ وَ التَّفْوِيضِ وَ شَرْحُهُمَا وَ بَيَانُهُمَا، وَ إِنَّمَا قَدَّمْنَا مَا قَدَّمْنَا لِيَكُونَ اتِّفَاقُ الْكِتَابِ وَ الْخَبَرِ إِذاً اتِّفَاقاً دَلِيلًا لِمَا أَرَدْنَاهُ وَ قُوَّةً لِمَا نَحْنُ مُبَيِّنُوهُ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ: الْجَبْرُ وَ التَّفْوِيضُ بِقَوْلِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ مَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ، بَلْ أَمْرٌ بَيْنَ‏
__________________________________________________
 (1) زاد في المصدر: خليفتين.
 (2) المائدة 5: 55.
 (3) في «ط، ي»: عدتي.

436
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك الآيات 1 الى 2 ص 435

أَمْرَيْنِ. قِيلَ: فَمَا ذَا، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: صِحَّةُ الْعَقْلِ، وَ تَخْلِيَةُ السَّرْبِ «1»، وَ الْمُهْلَةُ فِي الْوَقْتِ، وَ الزَّادُ قَبْلَ الرَّاحِلَةِ، وَ السَّبَبُ الْمُهَيِّجُ لِلْفَاعِلِ عَلَى فِعْلِهِ، فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ، فَإِذَا نَقَصَ الْعَبْدُ مِنْهَا خَلَّةً كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُ مُطَّرَحاً بِحَسَبِهِ، وَ أَنَا أَضْرِبُ لَكَ لِكُلِّ بَابٍ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ، وَ هِيَ الْجَبْرُ وَ التَّفْوِيضُ وَ الْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ مَثَلًا يُقَرِّبُ الْمَعْنَى لِلطَّالِبِ، وَ يُسَهِّلُ لَهُ الْبَحْثَ مِنْ شَرْحِهِ، وَ يَشْهَدُ بِهِ الْقُرْآنُ بِمُحْكَمِ آيَاتِهِ، وَ يُحَقِّقُ تَصْدِيقَهُ عِنْدَ ذَوِي الْأَلْبَابِ وَ بِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَ التَّوْفِيقُ».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَأَمَّا الْجَبْرُ فَهُوَ [قَوْلُ‏] مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي، وَ عَاقَبَهُمْ عَلَيْهَا، وَ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَقَدْ ظَلَّمَ اللَّهَ وَ كَذَّبَهُ وَ رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً «2» وَ قَوْلَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «3» مَعَ آيٍ كَثِيرَةٍ فِي مِثْلِ هَذَا، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْمَعَاصِي فَقَدْ أَحَالَ بِذَنْبِهِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ظَلَّمَهُ فِي عُقُوبَتِهِ «4»، وَ مَنْ ظَلَّمَ رَبَّهُ فَقَدْ كَذَّبَ كِتَابَهُ، وَ مَنْ كَذَّبَ كِتَابَهُ لَزِمَهُ الْكُفْرُ بِإِجْمَاعٍ الْأُمَّةِ، فَالْمَثَلُ الْمَضْرُوبُ فِي ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبْداً مَمْلُوكاً لَا يَمْلِكُ إِلَّا نَفْسَهُ، وَ لَا يَمْلِكُ عَرَضاً مِنْ عُرُوضِ الدُّنْيَا، وَ يَعْلَمُ مَوْلَاهُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَأَمَرَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِالْمَصِيرِ إِلَى السُّوقِ بِحَاجَةٍ يَأْتِيهِ بِهَا، وَ لَا يُمْلِكُهُ ثَمَنَ مَا يَأْتِيهِ بِهِ، وَ عَلِمَ الْمَالِكُ أَنَّ عَلَى الْحَاجَةِ رَقِيباً، لَا يَطْمَعُ أَحَدٌ «5» فِي أَخْذِهَا مِنْهُ إِلَّا بِمَا يَرْضَى بِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَ قَدْ وَصَفَ مَالِكُ هَذَا الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِالْعَدْلِ وَ النَّصَفَةِ وَ إِظْهَارِ الْحِكْمَةِ وَ نَفْيِ الْجَوْرِ، فَأَوْعَدَ عَبْدَهُ إِنْ لَمْ يَأْتِهِ بِالْحَاجَةِ أَنْ يُعَاقِبَهُ، فَلَمَّا صَارَ الْعَبْدُ إِلَى السُّوقِ وَ حَاوَلَ أَخْذَ الْحَاجَةِ الَّتِي بَعَثَهُ الْمَوْلَى لِلْإِتْيَان بِهَا، وَجَدَ عَلَيْهَا مَانِعاً يَمْنَعُهُ مِنْهَا إِلَّا بِالثَّمَنِ [وَ لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ ثَمَنَهَا]، فَانْصَرَفَ إِلَى مَوْلَاهُ خَائِباً بِغَيْرِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، فَاغْتَاظَ مَوْلَاهُ لِذَلِكَ وَ عَاقَبَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ كَانَ ظَالِماً مُتَعَدِّياً، مُبْطِلًا لِمَا وَصَفَ مِنْ عَدْلِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ نَصَفَتِهِ، وَ إِنْ لَمْ يُعَاقِبْهُ كَذَّبَ نَفْسَهُ، أَ لَيْسَ يَجِبُ أَنْ لَا يُعَاقِبَهُ؟ وَ الْكَذِبُ وَ الظُّلْمُ يَنْفِيَانِ الْعَدْلَ وَ الْحِكْمَةَ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْمُجَبِّرَةُ عُلُوّاً كَبِيراً».
ثُمَّ قَالَ الْعَالِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ: «فَأَمَّا التَّفْوِيضُ الَّذِي أَبْطَلَهُ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ خَطَّأَ مَنْ دَانَ بِهِ، فَهُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوَّضَ إِلَى الْعِبَادِ اخْتِيَارَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ وَ أَهْمَلَهُمْ، وَ هَذَا الْكَلَامُ دَقِيقٌ لَمْ يَذْهَبْ إِلَى غَوْرِهِ وَ دِقَّتِهِ إِلَّا الْأَئِمَّةُ الْمَهْدِيَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنْ عِتْرَةِ الرَّسُولِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ فَوَّضَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ عَلَى جِهَةِ الْإِهْمَالِ لَكَانَ لَازِماً رِضَا مَا اخْتَارُوهُ وَ اسْتَوْجَبُوا بِهِ الثَّوَابَ، وَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيمَا اجْتَرَمُوا الْعُقَابَ، إِذَا كَانَ الْإِهْمَالُ وَاقِعاً، وَ تَنْصَرِفُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ «6»، إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعِبَادُ تَظَاهَرُوا عَلَيْهِ فَأَلْزَمُوهُ قَبُولَ اخْتِيَارِهِمْ بِآرَائِهِمْ ضَرُورَةً، كَرِهَ ذَلِكَ أَمْ أَحَبَّ فَقَدْ لَزِمَهُ الْوَهْنُ، أَوْ يَكُونُ جَلَّ وَ تَقَدَّسَ عَجَزَ عَنْ تَعَبُّدِهِمْ بِالْأَمْرِ وَ النَّهْيِ عَنْ إِرَادَتِهِ، فَفَوَّضَ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ إِلَيْهِمْ،
__________________________________________________
 (1) السّرب: الطريق، يقال: خلّ له سربه، أي طريقه. و فلان مخلّى السّرب، أي موسّع عليه غير مضيّق. «أقرب الموارد 1: 508».
 (2) الكهف 18: 49.
 (3) الحجّ 22: 10.
 (4) في المصدر: في عظمته له.
 (5) في النسخ: لا يطيع أحدا.
 (6) في المصدر: على معنيين.

437
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك الآيات 1 الى 2 ص 435

وَ أَجْرَاهُمَا عَلَى مَحَبَّتِهِمْ، إِذْ عَجَزَ عَنْ تَعَبُّدِهِمْ بِالْأَمْرِ وَ النَّهْيِ عَنْ «1» إِرَادَتِهِ، فَجَعَلَ الِاخْتِيَارَ إِلَيْهِمْ فِي الْكُفْرِ وَ الْإِيمَانِ، وَ مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبْداً ابْتَاعَهُ لِيَخْدُمَهُ، وَ يَعْرِفَ لَهُ فَضْلَ وَلَايَتِهِ، وَ يَقِفَ عِنْدَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، وَ ادَّعَى مَالِكُ الْعَبْدِ أَنَّهُ قَادِرٌ قَاهِرٌ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، فَأَمَرَ عَبْدَهُ وَ نَهَاهُ، وَ وَعَدَهُ عَلَى اتِّبَاعِ أَمْرِهِ عَظِيمَ الثَّوَابِ، وَ أَوْعَدَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ أَلِيمَ الْعِقَابِ، فَخَالَفَ الْعَبْدُ إِرَادَةَ مَالِكِهِ، وَ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، فَأَيُّ أَمْرٍ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ نَهْيٍ نَهَاهُ عَنْهُ لَمْ يَأْتَمِرْ عَلَى إِرَادَةِ الْمَوْلَى، بَلْ كَانَ الْعَبْدُ يَتْبَعُ إِرَادَةَ نَفْسِهِ، وَ بَعَثَهُ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ، وَ فِيمَا الْحَاجَةُ لَهُ وَ صَدَرَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ تِلْكَ الْحَاجَةِ خِلَافاً عَلَى مَوْلَاهُ، وَ قَصَدَ إِرَادَةَ نَفْسِهِ، وَ اتَّبَعَ هَوَاهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَوْلَاهُ نَظَرَ إِلَى مَا أَتَاهُ، فَإِذَا هُوَ خِلَافُ مَا أَمَرَهُ، فَقَالَ الْعَبْدُ: اتَّكَلْتُ عَلَى تَفْوِيضِكَ الْأَمْرَ إِلَيَّ، فَاتَّبَعْتُ هَوَايَ وَ إِرَادَتِي، لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إِلَيْهِ غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ، لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعٍ التَّفْوِيضِ وَ التَّحْظِيرِ».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ فَوَّضَ قَبُولَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ إِلَى عِبَادِهِ، فَقَدْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ الْعَجْزَ، وَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ قَبُولَ كُلِّ مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَ أَبْطَلَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَ نَهْيَهُ».
ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ، وَ مَلَّكَهُمْ اسْتَطَاعَةَ مَا تَعَبَّدَهُمْ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ، وَ قَبِلَ مِنْهُمْ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ [وَ نَهْيِهِ‏]، وَ رَضِيَ بِذَلِكَ لَهُمْ، وَ نَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَ ذَمَّ مَنْ عَصَاهُ وَ عَاقَبَهُ عَلَيْهَا، وَ لِلَّهِ الْخِيَرَةُ فِي الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ، يَخْتَارُ مَا يُرِيدُ، وَ يَأْمُرُ بِهِ، وَ يَنْهَى عَمَّا يَكْرَهُ، وَ يُثِيبُ وَ يُعَاقِبُ بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَهَا عِبَادَهُ لِاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَ اجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، لِأَنَّهُ الْعَدْلُ، وَ مِنْهُ النَّصَفَةُ وَ الْحُكُومَةُ بَالَغَ الْحُجَّةَ بِالْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ، وَ إِلَيْهِ الصَّفْوَةُ يَصْطَفِي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، اصْطَفَى مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بَعَثَهُ بِالرِّسَالَةِ إِلَى خَلْقِهِ، وَ لَوْ فَوَّضَ اخْتِيَارَ أُمُورِهِ إِلَى عِبَادِهِ لَأَجَازَ لِقُرَيْشٍ اخْتِيَارَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، إِذْ كَانَا عِنْدَهُمْ أَفْضَلَ مِنْ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا قَالُوا: لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «2» يَعْنُونَهُمَا بِذَلِكَ، فَهَذَا [هُوَ] الْقَوْلُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ بِجَبْرٍ وَ لَا تَفْوِيضٍ، بِذَلِكَ أُخْبِرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حِينَ سَأَلَهُ عَبَايَةُ بْنُ رِبْعِيٍّ الْأَسَدِيُّ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
تَمَلِكُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَوْ مَعَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ عَبَايَةُ بْنُ رِبْعِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ يَا عَبَايَةُ. قَالَ: وَ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ قُلْتَ تَمْلِكُهَا مَعَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ، وَ إِنْ قُلْتَ تَمْلِكُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ قَتَلْتُكَ. قَالَ: وَ مَا أَقُولُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: تَقُولُ تَمْلِكُهَا بِاللَّهِ الَّذِي يَمْلِكُهَا مِنْ دُونِكَ «3»، فَإِنْ مَلَّكَكَهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَطَائِهِ، وَ إِنْ سَلَبَكَهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَلَائِهِ، وَ هُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَكَ، وَ الْمَالِكُ لِمَا عَلَيْهِ أَقْدَرَكَ، أَ مَا سَمِعْتَ النَّاسَ يَسْأَلُونَ الْحَوْلَ وَ الْقُوَّةَ حَيْثُ يَقُولُونَ: لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ؟ فَقَالَ:
الرَّجُلُ: مَا تَأْوِيلُهَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: لَا حَوْلَ بِنَا عَنْ «4» مَعَاصِي اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ، وَ لَا قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: فَوَثَبَ الرَّجُلُ وَ قَبَّلَ يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
__________________________________________________
 (1) في «ج»: على.
 (2) الزخرف 43: 31.
 (3) في «ط، ي»: الذي لا تملكها من دونه.
 (4) في المصدر: لا حول لنا من.

438
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك الآيات 1 الى 2 ص 435

وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ «1»، وَ فِي قَوْلِهِ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ «2»، وَ فِي قَوْلِهِ: أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ «3»، وَ فِي قَوْلِهِ: وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ «4»، وَ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ «5»، وَ قَوْلُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ «6»، وَ قَوْلُهُ: لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ «7»، وَ قَوْلُهُ:
ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ «8»، وَ قَوْلُهُ: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ «9»، وَ قَوْلُهُ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا «10»، وَ قَوْلُهُ: وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ «11» وَ قَوْلُهُ: وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ «12»، أَنْ جَمِيعِهَا جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى الِاخْتِبَارِ».
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَإِنْ قَالُوا: مَا الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ «13»، وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: فَعَلَى مَجَازِ هَذِهِ الْآيَةِ تَقْتَضِي مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ تَعَالَى قَادِراً عَلَى هِدَايَةِ مَنْ يَشَاءُ وَ ضَلَالَةِ مَنْ يَشَاءُ، وَ لَوْ أَجْبَرَهُمْ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَجِبْ لَهُمْ ثَوَابٌ وَ لَا عَلَيْهِمْ عِقَابٌ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ وَ الْمَعْنَى الْآخَرُ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنْهُ التَّعْرِيفُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ «14» وَ لَيْسَ كُلُّ آيَةٍ مُشْتَبِهَةً فِي الْقُرْآنِ كَانَتِ الْآيَةُ حُجَّةً عَلَى حُكْمِ الْآيَاتِ اللَّاتِي أُمِرَ بِالْأَخْذِ بِهَا وَ تَقْلِيدِهَا، وَ هِيَ قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ «15» الْآيَةَ، وَ قَالَ: فَبَشِّرْ عِبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «16»، وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ لِمَا يُحِبُّ وَ يَرْضَى، وَ يُعَرِّفُ «17»
__________________________________________________
 (1) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 31.
 (2) الأعراف 7: 182.
 (3) العنكبوت 29: 2.
 (4) سورة ص 38: 34.
 (5) طه 20: 85.
 (6) الأعراف 7: 155.
 (7) المائدة 5: 48.
 (8) آل عمران 3: 152.
 (9) القلم 68/ 17.
 (10) هود 11: 7.
 (11) البقرة 2: 124.
 (12) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 4.
 (13) النحل 16: 93.
 (14) فصّلت 41: 17.
 (15) آل عمران 3: 7.
 (16) الزمر 39: 17، 18.
 (17) في المصدر: يقرب.

439
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك الآيات 1 الى 2 ص 435

لَنَا وَ لَكُمْ الْكَرَامَةُ وَ الزُّلْفَى، وَ هَدَانَا لِمَا هُوَ لَنَا وَ لَكُمْ خَيْرٌ وَ أَبْقَى، إِنَّهُ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، الْحَكِيمُ الْجَوَادُ الْمَجِيدُ».
قوله تعالى:
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً- إلى قوله تعالى- إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ [3- 9] 10912/ «1»- علي بن إبراهيم: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً، قال: بعضها طبق لبعض ما تَرى‏ فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ قال: من فساد فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى‏ مِنْ فُطُورٍ أي من عيب ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ قال: انظر في ملكوت السماوات و الأرض يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ أي يقصر و هو حسير، أي منقطع.
قوله: وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ قال: بالنجوم وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ قوله: إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً قال: وقعا وَ هِيَ تَفُورُ أي ترتفع تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ قال: على أعداء اللّه كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ و هم الملائكة الذين يعذبونهم بالنار قالُوا بَلى‏ قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ فيقولون لهم: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ أي في عذاب شديد.
10913/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ بَعَثَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ وَ الرُّسُلَ إِلَى النَّاسِ؟ فَقَالَ: «لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ، وَ لِئَلَّا يَقُولُوا: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَ لَا نَذِيرٍ، وَ لِتَكُونَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، أَ لَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، يَقُولُ حِكَايَةً عَنْ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ وَ احْتِجَاجِهِمْ عَلَى أَهْلِ النَّارِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ: أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ* قالُوا بَلى‏ قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ؟».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 378.
 (2)- علل الشرائع: 120/ 4.

440
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك الآيات 10 الى 11 ص 441

قوله تعالى:
وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ- إلى قوله تعالى- فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ [10- 11] 10914/ «1»- علي بن إبراهيم: وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ، قال: قد سمعوا و عقلوا، و لكنهم لم يطيعوا و لم يفعلوا «1»، و الدليل على أنهم قد سمعوا و عقلوا و لم يقبلوا، قوله: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ.
10915/ «2»- (كِتَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثٍ يَذْكُرُ فِيهِ أَهْلَ النَّارِ: «فَيَقُولُونَ: إِنْ عَذَّبَنَا رَبُّنَا، لَمْ يَكُنْ ظَلَمَنَا شَيْئاً- قَالَ- فَيَقُولُ مَالِكٌ: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ أَيْ بُعْداً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ».
قوله تعالى:
وَ أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [13] 10916/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: بالضمائر.
قوله تعالى:
أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [14]
10917/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّمَا سُمِّيَ اللَّهُ بِالْعِلْمِ لِغَيْرِ عِلْمٍ حَادِثٍ عَلِمَ بِهِ الْأَشْيَاءَ، وَ اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى حِفْظِ مَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 378.
 (2)- الإختصاص: 364.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 350.
 (4)- التوحيد: 188/ 2.
 (1) في المصدر: لم يقبلوا.

441
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 14 ص 441

أَمْرِهِ، وَ الرِّوَيَةِ فِيمَا يَخْلُقُ [مِنْ خَلْقِهِ‏] وَ بِعَيْنِهِ مَا مَضَى مِمَّا أَفْنَى مِنْ خَلْقِهِ مِمَّا لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ ذَلِكَ الْعِلْمُ وَ يَعْنِهِ كَانَ جَاهِلًا ضَعِيفاً، كَمَا أَنَّا رَأَيْنَا عُلَمَاءَ الْخَلْقِ إِنَّمَا سُمُّوا بِالْعِلْمِ لِعِلْمٍ حَادِثٍ إِذْ كَانُوا قَبْلَهُ جَهَلَةً، وَ رُبَّمَا فَارَقَهُمُ الْعِلْمُ بِالْأَشْيَاءِ، فَصَارُوا إِلَى الْجَهْلِ، وَ إِنَّمَا سُمِّيَ اللَّهُ عَالِماً لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُ شَيْئاً، وَ قَدْ جَمَعَ الْخَالِقَ وَ الْمَخْلُوقَ [اسْمُ الْعِلْمِ‏] وَ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى عَلَى مَا رَأَيْتَ.
وَ أَمَّا اللَّطِيفُ فَلَيْسَ عَلَى قِلَّةٍ وَ قَضَافَةٍ «1» وَ صِغَرٍ، وَ لَكِنْ ذَلِكَ عَلَى النَّفَاذِ فِي الْأَشْيَاءِ، وَ الِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُدْرَكَ، كَقَوْلِكَ: لَطُفَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، وَ لَطُفَ فُلَانٌ فِي مَذْهَبِهِ، وَ قَوْلُهُ يُخْبِرُكَ أَنَّهُ غَمُضَ فَبَهَرَ الْعَقْلَ، وَ فَاتَ الطَّلَبُ، وَ عَادَ مُتَعَمِّقاً مُتَلَطِّفاً لَا يُدْرِكُهُ الْوَهْمُ، فَهَكَذَا لَطُفَ رَبُّنَا، تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَنْ أَنْ يُدْرَكَ بِحَدٍّ أَوْ يُحَدَّ بِوَصْفٍ، وَ اللَّطَافَةُ مِنَّا الصِّغَرُ وَ الْقِلَّةُ، فَقَدْ جَمَعَنَا الِاسْمُ وَ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى.
وَ أَمَّا الْخَبِيرُ فَالَّذِي لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْ‏ءٌ، وَ لَا يَفُوتُهُ شَيْ‏ءٌ، لَيْسَ لِلتَّجْرِبَةِ وَ لَا لِلِاعْتِبَارِ لِلْأَشْيَاءِ «2» فَتُفِيدُهُ التَّجْرِبَةُ وَ الِاعْتِبَارُ عِلْماً لَوْلَاهُمَا مَا عَلِمَ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ جَاهِلًا، وَ اللَّهُ لَمْ يَزَلْ خَبِيراً بِمَا يَخْلُقُ، وَ الْخَبِيرُ مِنَ النَّاسِ الْمُسْتَخْبِرُ عَنْ جَهْلِ الْمُتَعَلِّمِ، وَ قَدْ جَمَعَنَا الِاسْمُ وَ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى».
10918/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُخْتَارِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْفَتْحِ بْنِ يَزِيدَ الْجُرْجَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ: فَقَوْلُكَ: اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فَسِّرْهُ [لِي‏] كَمَا فَسَّرْتَ الْوَاحِدَ، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ لُطْفَهُ عَلَى خِلَافِ لُطْفِ خَلْقِهِ لِلْفَصْلِ «3»، غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ تَشْرَحَ لِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «يَا فَتْحُ، إِنَّمَا قُلْنَا اللَّطِيفُ، لِلْخَلْقِ اللَّطِيفِ، وَ لِعِلْمِهِ بِالشَّيْ‏ءِ اللَّطِيفِ، أَ وَ لَا تَرَى- وَفَّقَكَ اللَّهُ وَ ثَبَّتَكَ- إِلَى أَثَرِ صُنْعِهِ فِي النَّبَاتِ اللَّطِيفِ وَ غَيْرِ اللَّطِيفِ وَ فِي [الْخَلْقِ اللَّطِيفِ‏] مِنَ الْحَيَوَانِ الصِّغَارِ مِنَ الْبَعُوضِ وَ الْجِرْجِسِ «4» وَ مَا [هُوَ] أَصْغَرُ مِنْهُمَا مِمَّا لَا تَكَادُ تَسْتَبِينُهُ الْعُيُونُ، بَلْ لَا يَكَادُ يُسْتَبَانُ- لِصِغَرِهِ- الذَّكَرُ مِنَ الْأُنْثَى، وَ الْحَدَثُ الْمَوْلُودُ مِنَ الْقَدِيمِ، فَلَمَّا رَأَيْنَا صِغَرَ ذَلِكَ وَ لُطْفَهُ، وَ اهْتِدَاءَهُ لِلسِّفَادِ «5» وَ الْهَرَبَ مِنَ الْمَوْتِ، وَ الْجَمْعَ لِمَا يُصْلِحُهُ مِمَّا فِي لُجَجِ الْبِحَارِ وَ مَا فِي لِحَاءِ الْأَشْجَارِ وَ الْمَفَاوِزِ وَ الْقِفَارِ، وَ فَهْمَ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ مَنْطِقَهَا، وَ مَا تَفْهَمُ بِهِ أَوْلَادَهَا عَنْهَا، وَ نَقْلَهَا الْغِذَاءَ إِلَيْهَا، ثُمَّ تَأْلِيفَ أَلْوَانِهَا حُمْرَةٍ مَعَ صُفْرَةٍ وَ بَيَاضٍ مَعَ حُمْرَةٍ، وَ مَا لَا تَكَادُ عُيُونُنَا تَسْتَبِينُهُ بِتَمَامِ خَلْقِهَا، وَ لَا تَرَاهُ عُيُونُنَا، وَ لَا تَمَسُّهُ «6» أَيْدِينَا، عَلِمْنَا أَنَّ خَالِقَ هَذَا الْخَلْقِ لَطِيفٌ، لَطُفَ فِي خَلْقِ مَا سَمَّيْنَاهُ بِلَا عِلَاجٍ وَ لَا أَدَاةٍ وَ لَا آلَةٍ، وَ أَنَّ كُلَّ صَانِعِ شَيْ‏ءٍ فَمِنْ شَيْ‏ءٍ صَنَعَ، وَ اللَّهُ الْخَالِقُ اللَّطِيفُ خَلَقَ وَ صَنَعَ لَا مِنْ شَيْ‏ءٍ».
__________________________________________________
 (2)- التوحيد: 186/ 1.
 (1) القضافة: قلّة اللحم. «لسان العرب 9: 284».
 (2) في المصدر: بالأشياء.
 (3) في «ج»: للفضل.
 (4) الجرجس: البق. «لسان العرب 6: 37».
 (5) السّفاد: نزو الذكر على الأنثى. «لسان العرب 3: 218».
 (6) في المصدر: تلمسه.

442
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 15 ص 443

قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها [15] 10919/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا أَيْ فِرَاشاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها أي في أطرافها.
قوله تعالى:
أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [22]
10920/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ مَثَلًا مَنْ حَادَ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَمَنْ يَمْشِي عَلَى وَجْهِهِ، لَا يَهْتَدِي لِأَمْرِهِ، وَ جَعَلَ مَنْ تَبِعَهُ سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10921/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَ هُوَ يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: «يَعْنِي وَ اللَّهِ عَلِيّاً وَ الْأَئِمَّةَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) «1»».
10922/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيَّ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَ نَحْنُ عَلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَقَالَ:
 «يَا فُضَيْلُ، هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَ لَا يَعْرِفُونَ حَقّاً، وَ لَا يَدِينُونَ دِيناً.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 379.
 (2)- الكافي 1: 359/ 91.
 (3)- تأويل الآيات 2: 702/ 2.
 (4)- الكافي 8: 288/ 434.
 (1) في نسخة من «ط، ج، ي»، و المصدر: و الأوصياء (عليهم السلام)

443
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 22 ص 443

يَا فُضَيْلُ، انْظُرْ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ مُكِبُّونَ «1» عَلَى وُجُوهِهِمْ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقٍ مَمْسُوخٍ «2» مُكِبِّينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يَعْنِي وَ اللَّهِ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ الْأَوْصِيَاءَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ «3» أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
يَا فُضَيْلُ، لَمْ يُسَمَّ «4» بِهَذَا الِاسْمِ غَيْرُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَّا مُفْتَرٍ كَذَّابٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَمَا وَ اللَّهِ- يَا فُضَيْلُ- مَا لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ حَاجٌّ غَيْرُكُمْ، وَ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا لَكُمْ، وَ لَا يَتَقَبَّلُ إِلَّا مِنْكُمْ، وَ إِنَّكُمْ لَأَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً «5».
يَا فُضَيْلُ، أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَ تُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَ تَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَرَأَ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «6» أَنْتُمْ وَ اللَّهِ أَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ».
10923/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْقُلُوبَ أَرْبَعَةٌ: قَلْبٌ فِيهِ نِفَاقٌ وَ إِيمَانٌ، وَ قَلْبٌ مَنْكُوسٌ، وَ قَلْبٌ مَطْبُوعٌ، وَ قَلْبٌ أَزْهَرُ «7»».
فَقُلْتُ: مَا الْأَزْهَرُ؟ فَقَالَ: «فِيهِ كَهَيْئَةِ السِّرَاجِ، فَأَمَّا الْمَطْبُوعُ فَقَلْبُ الْمُنَافِقِ، وَ أَمَّا الْأَزْهَرُ فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ، إِنْ أَعْطَاهُ شَكَرَ، وَ إِنِ ابْتَلَاهُ صَبَرَ، وَ أَمَّا الْمَنْكُوسُ فَقَلْبُ الْمُشْرِكِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَأَمَّا الْقَلْبُ الَّذِي فِيهِ إِيمَانٌ وَ نِفَاقٌ، فَهُمْ قَوْمٌ كَانُوا بِالطَّائِفِ، فَإِنْ أَدْرَكَ أَحَدَهُمْ أَجَلُهُ عَلَى نِفَاقِهِ هَلَكَ، وَ إِنْ أَدْرَكَهُ عَلَى إِيمَانِهِ نَجَا».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ هَارُونَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْقُلُوبَ أَرْبَعَةٌ» وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ: «وَ قَلْبٌ أَزْهَرُ أَنْوَرُ «8»».
__________________________________________________
 (4)- الكافي 2: 309/ 2.
 (1) في «ج»: منكبّون.
 (2) في المصدر: خلق مسخور بهم‏
 (3) الملك 67: 27.
 (4) في المصدر: يتسمّ.
 (5) النساء 4: 31.
 (6) النساء 4: 77.
 (7) زاد في المصدر: أجرد.
 (8) معاني الأخبار: 395/ 51.

444
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 27 ص 445

قوله تعالى:
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ [27]
10924/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَهْلٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي السَّفَاتِجِ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، قَالَ: «هَذِهِ نَزَلَتْ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ عَمِلُوا مَا عَمِلُوا، يَرَوْنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي أَغْبَطِ الْأَمَاكِنِ فَيُسِي‏ءُ وُجُوهَهُمْ، وَ يُقَالُ لَهُمْ: هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، الَّذِي انْتَحَلْتُمْ اسْمَهُ، أَيْ سَمَّيْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ».
10925/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ [وَ] جَمَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْخَلَائِقَ، كَانَ نُوحٌ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى بِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). قَالَ: فَيَخْرُجُ نُوحٌ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَيَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى يَجِي‏ءَ إِلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ عَلَى كَثِيبِ الْمِسْكِ وَ مَعَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُ نُوحٌ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَأَلَنِي: هَلْ بَلَّغْتَ؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَقُلْتُ: مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). فَيَقُولُ: يَا جَعْفَرُ، وَ يَا حَمْزَةُ، اذْهَبَا فَاشْهَدُوا لَهُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ؟». فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَجَعْفَرٌ وَ حَمْزَةُ هُمَا الشَّاهِدَانِ لِلْأَنْبِيَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) بِمَا بَلَغُوا».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَعَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ: «هُوَ أَعْظَمُ مَنْزِلَةً مِنْ ذَلِكَ».
10926/ «3»- أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ فِي (كَامِلِ الزِّيَارَاتِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- يَذْكُرُ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ حَالَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ-: «وَ يَرَيَانِ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَيُقَالُ لَهُمَا: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ يَعْنِي بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ».
و الحديث ذكرناه بطوله في قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ من سورة الزخرف «1».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 352/ 68.
 (2)- الكافي 8: 267/ 392.
 (3)- كامل الزيارات: 332/ 11.
 (1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (38، 39) من سورة الزخرف.

445
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 27 ص 445

10927/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الْكِنَانِيِّ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، قَالَ: «ذَلِكَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذَا رَأَوْا مَنْزِلَتَهُ وَ مَكَانَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَكَلُوا أَكُفَّهُمْ عَلَى مَا فَرَّطُوا فِي وَلَايَتِهِ».
10928/ «5»- و عنه، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن يزيد، عن إسماعيل بن عامر، عن شريك، عن الأعمش، في قوله عزّ و جلّ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
10929/ «6»- و عنه، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن زكريا بن يحيى الساجي، عن عبد اللّه بن الحسين الأشقر، عن ربيعة الخياط، عن شريك، عن الأعمش، في قوله عزّ و جلّ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، قال: لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) عند النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) من قرب المنزلة سيئت وجوه الذين كفروا.
10930/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ثُمَّ قَالَ: «أَ تَدْرِي مَا رَأَوْا؟ رَأَوْا وَ اللَّهِ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَرَّبَهُ [مِنْهُ‏] وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ: أَيْ تَتَسَّمَوْنَ بِأَمِيرِ «1» الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
يَا فُضَيْلُ، لَا يَتَسَمَّى بِهَا أَحَدٌ غَيْرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَّا مُفْتَرٍ كَذَّابٌ إِلَى يَوْمِ النَّاسِ «2» هَذَا».
10931/ «8»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً: «نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَلِكَ لَمَّا رَأَوْا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ اسْوَدَّتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَمَّا رَأَوْا مَنْزِلَتَهُ وَ مَكَانَهُ مِنَ اللَّهِ أَكَلُوا أَكُفَّهُمْ عَلَى مَا فَرَّطُوا فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10932/ «9»- الطبرسيّ: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالأسانيد الصحيحة، عن الأعمش: [قال‏]: لما رأوا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) عند اللّه من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا.
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 704/ 4.
 (5)- تأويل الآيات 2: 704/ 5.
 (6)- تأويل الآيات 2: 704/ 6.
 (7)- تأويل الآيات 2: 705/ 7.
 (8)- المناقب 3: 213.
 (9)- مجمع البيان 10: 494.
 (1) في «ط، ج»: تتسمون به أمير، و في «ي»: تسمّون به أمير.
 (2) في المصدر: البأس.

446
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 27 ص 445

10933/ «10»- وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَلَمَّا رَأَوْا مَكَانَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَعْنِي الَّذِينَ كَذَّبُوا بِفَضْلِهِ».
و تقدمت رواية الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في ذلك في الآية السابقة «1».
قوله تعالى:
قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَ مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا- إلى قوله تعالى- فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [28- 29]
10934/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ: «يَا مَعْشَرَ الْمُكَذِّبِينَ حَيْثُ أَنْبَأْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ وَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنْ بَعْدِهِ، فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ».
10935/ «2»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَ مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا غَيَّرُوا وَ حَرَّفُوا، مَا كَانَ اللَّهُ لِيَهْلِكَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ لَا مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ هُوَ خَيْرُ وُلْدِ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لَكِنْ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً «2» أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ».
10936/ «3»- قَالَ: وَ يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ يَرْفَعُهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ الْأَشَلِّ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَ مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا؟ قَالَ: «مَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ هَكَذَا، وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُهْلِكَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَنْ مَعَهُ، وَ لَكِنْ أَنْزَلَهَا: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَكُمُ اللَّهُ وَ مَنْ مَعَكُمْ وَ نَجَّانِي وَ مَنْ مَعِيَ فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ».
__________________________________________________
 (10)- مجمع البيان 10: 494.
 (1)- الكافي 1: 349/ 45.
 (2)- تأويل الآيات 2: 707/ 10.
 (3)- تأويل الآيات 2: 707/ 11.
 (1) تقدّمت في الحديث (3) من تفسير الآية (22) من هذه السورة.
 (2) في المصدر: و.

447
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 30 ص 448

قوله تعالى:
قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ [30]
10937/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ الْخَثْعَمِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمَّارٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، وَ قَتَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَصْحَابَ الْأَلْوِيَةِ وَ فَرَّقَ جَمْعَهُمْ، وَ قَتَلَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيَّ، وَ قَتَلَ شَيْبَةَ بْنَ نَافِعٍ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلِيّاً قَدْ جَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ. فَقَالَ: «لِأَنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ، وَ إِنَّهُ وَارِثُ عِلْمِي، وَ قَاضِي دَيْنِي، وَ مُنْجِزُ وَعْدِي، وَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي، وَ لَوْلَاهُ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُ الْمَحْضُ بَعْدِي، حَرْبُهُ حَرْبِي، وَ حَرْبِي حَرْبُ اللَّهِ، وَ سِلْمُهُ سِلْمِي، وَ سِلْمِي سِلْمُ اللَّهِ، أَلَا إِنَّهُ أَبُو سِبْطَيَّ، وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ صُلْبِهِ، يُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِينَ مِنْ صُلْبِهِ، وَ مِنْهُمْ مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ».
فَقُلْتُ: بِأَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هَذَا الْمَهْدِيُّ؟ قَالَ: «يَا عَمَّارُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةٌ تِسْعَةٌ، وَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِهِ يَغِيبُ عَنْهُمْ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ طَوِيلَةٌ، يَرْجِعُ عَنْهَا قَوْمٌ وَ يَثْبُتُ عَلَيْهَا آخَرُونَ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْرُجُ فَيَمْلَأَ الدُّنْيَا قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً، وَ يُقَاتِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ، وَ هُوَ سَمِيِّي وَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِي.
يَا عَمَّارُ، سَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِيّاً وَ اصْحَبْهُ، فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ.
يَا عَمَّارُ، إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِي مَعَ عَلِيٍّ صِنْفَيْنِ: النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ، ثُمَّ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ».
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى رِضَا اللَّهِ وَ رِضَاكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، عَلَى رِضَا اللَّهِ وَ رِضَايَ، وَ يَكُونُ آخِرُ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ تَشْرَبُهُ».
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ خَرَجَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ: يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ، أَ تَأْذَنُ لِي فِي الْقِتَالِ؟ فَقَالَ: «مَهْلًا رَحِمَكَ اللَّهُ» فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَأَجَابَهُ بِمِثْلِهِ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ ثَالِثاً، فَبَكَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَمَّارٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي وَصَفَهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَنَزَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ بَغْلَتِهِ، وَ عَانَقَ عَمَّاراً وَ وَدَّعَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا الْيَقْظَانِ جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّكَ وَ عَنِّي خَيْراً، فَنِعْمَ الْأَخُ كُنْتَ، وَ نِعْمَ الصَّاحِبُ كُنْتَ». ثُمَّ بَكَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ بَكَى عَمَّارٌ، ثُمَّ قَالَ: وَ اللَّهِ- يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- مَا اتَّبَعْتُكَ إِلَّا بِبَصِيرَةٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «يَا عَمَّارُ، سَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِيّاً وَ حِزْبَهُ، فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ، وَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِي النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ» فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً- يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- عَنِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ، فَلَقَدْ أَدَّيْتَ وَ أَبْلَغْتَ وَ نَصَحْتَ.
__________________________________________________
 (1)- كفاية الأثر: 120.

448
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 30 ص 448

ثُمَّ رَكِبَ وَ رَكِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، ثُمَّ بَرَزَ إِلَى الْقِتَالِ، ثُمَّ دَعَا بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَقِيلَ: مَا مَعَنَا مَاءٌ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ سَقَاهُ شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَكُونَ آخِرُ زَادِي مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةَ لَبَنٍ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَتَلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَفْساً، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَطَعَنَاهُ، وَ قُتِلَ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ طَافَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدَ عَمَّاراً مُلْقًى بَيْنَ الْقَتْلَى، فَجَعَلَ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ بَكَى عَلَيْهِ وَ أَنْشَأَ يَقُولُ:
         أَلَا أَيُّهَا الْمَوْتُ الَّذِي لَيْسَ [لَسْتَ‏] تَارِكِي             أَرِحْنِي فَقَدْ أَفْنَيْتَ كُلَّ خَلِيلٍ‏
         أَيَا مَوْتُ كَمْ هَذَا التَّفَرُّقُ عَنْوَةً             فَلَسْتَ تُبَقِّي خَلَّةً لِخَلِيلٍ‏
         أَرَاكَ بَصِيراً بِالَّذِينَ أُحِبُّهُمْ «1»             كَأَنَّكَ تَمْضِي نَحْوَهُمْ بِدَلِيلٍ‏
10938/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ الْبَجَلِيِّ، وَ أَبِي قَتَادَةَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: مَا تَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ؟ فَقَالَ: «إِذَا فَقَدْتُمْ إِمَامَكُمْ فَلَمْ تَرَوْهُ فَمَا ذَا تَصْنَعُونَ؟».
10939/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَزَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: سُئِلَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَاؤُكُمْ أَبْوَابُكُمْ، أَيِ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ الْأَئِمَّةُ أَبْوَابُ اللَّهِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ يَعْنِي بِعِلْمِ الْإِمَامِ».
10940/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ، قَالَ: «إِذَا غَابَ عَنْكُمْ إِمَامُكُمْ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِإِمَامٍ جَدِيدٍ؟».
10941/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُنْدَارَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ؟
__________________________________________________
 (2)- كمال الدين و تمام النعمة: 360/ 3.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 379.
 (4)- الكافي 1: 274/ 14.
 (5)- الغيبة: 176/ 17.
 (1) في «ج»: نحبهم.

449
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الملك آية 30 ص 448

فَقَالَ: «إِنْ فَقَدْتُمْ إِمَامَكُمْ فَلَمْ تَرَوْهُ، فَمَا ذَا تَصْنَعُونَ «1»؟».
10942/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ، قَالَ: «إِنْ غَابَ إِمَامُكُمْ، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِإِمَامٍ جَدِيدٍ؟».
10943/ «7»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ؟ فَقَالَ: «تَأْوِيلُهُ: إِنْ فَقَدْتُمْ إِمَامَكُمْ، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِإِمَامٍ جَدِيدٍ».
__________________________________________________
 (6)- تأويل الآيات 2: 708/ 15.
 (7)- تأويل الآيات 2: 708/ 13.
 (1) في المصدر: إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد.

450
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم ص 451

سورة القلم‏
فضلها
10944/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ الصَّائِغِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ (ن وَ الْقَلَمِ) فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ آمَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَنْ يُصِيبَهُ فَقْرٌ أَبَداً، وَ أَعَاذَهُ اللَّهُ إِذَا مَاتَ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ».
10945/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ كَثَوَابِ الَّذِينَ أَجَلَّ اللَّهَ أَحْلَامَهُمْ، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ عُلِّقَتْ عَلَى الضِّرْسِ الْمَضْرُوبِ سَكَنَ أَلَمُهُ مِنْ سَاعَتِهِ».
10946/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْ بِهِ وَجَعُ الضِّرْسِ سَكَنَ مِنْ سَاعَتِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
10947/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا كُتِبَتْ وَ عُلِّقَتْ عَلَى صَاحِبِ الضِّرْسِ سَكَنَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 119.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- .......

451
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 1 الى 3 ص 452

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ [1- 3]
10948/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الزَّنْجَانِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ عَلَى يَدَيْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيِّ الْوَرَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي تَفْسِيرِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ: «وَ أَمَّا النُّونُ فَهُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: اجْمُدْ فَجَمَدَ، فَصَارَ مِدَاداً، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْقَلَمِ: اكْتُبْ فَسَطَرَ الْقَلَمُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَالْمِدَادُ مِدَادٌ مِنْ نُورٍ، وَ الْقَلَمُ قَلَمٌ مِنْ نُورٍ، وَ اللَّوْحُ لَوْحٌ مِنْ نُورٍ».
قَالَ سُفْيَانُ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، بَيِّنْ [لِي‏] أَمْرَ اللَّوْحِ وَ الْقَلَمِ وَ الْمِدَادِ فَصْلُ «1» بَيَانٍ، وَ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: «يَا بْنَ سَعِيدٍ، لَوْ لَا أَنَّكَ أَهْلٌ لِلْجَوَابِ مَا أَجَبْتُكَ، فَنُونٌ مَلَكٌ يُؤَدِّي إِلَى الْقَلَمِ وَ هُوَ مَلَكٌ، وَ الْقَلَمُ يُؤَدِّي إِلَى اللَّوْحِ وَ هُوَ مَلَكٌ، وَ اللَّوْحُ يُؤَدِّي إِلَى إِسْرَافِيلَ، وَ إِسْرَافِيلُ يُؤَدِّي إِلَى مِيكَائِيلَ، وَ مِيكَائِيلُ يُؤَدِّي إِلَى جَبْرَئِيلَ، وَ جَبْرَئِيلُ يُؤَدِّي إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)». قَالَ: ثُمَّ قَالَ [لِي‏]: «قُمْ- يَا سُفْيَانُ- فَلَا نَأْمَنُ عَلَيْكَ».
10949/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُبْشِيِّ بْنِ قُونِيٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ،
__________________________________________________
 (1)- معاني الأخبار: 23: 1.
 (2)- علل الشرائع: 402/ 2.
 (1) في المصدر: فضل.

452
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 1 الى 3 ص 452

قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ الرَّازِيِّ، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ، فَقَالَ: «أَمَّا نُونٌ فَكَانَ نَهَراً فِي الْجَنَّةِ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: كُنْ مِدَاداً، فَكَانَ مِدَاداً، ثُمَّ أَخَذَ شَجَرَةً فَغَرَسَهَا بِيَدِهِ- ثُمَّ قَالَ: وَ الْيَدُ: الْقُوَّةُ، وَ لَيْسَ بِحَيْثُ تَذْهَبُ إِلَيْهِ الْمُشَبِّهَةُ- ثُمَّ قَالَ لَهَا: كُونِي قَلَماً، فَكَانَتْ قَلَماً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ. فَقَالَ لَهُ: يَا رَبِّ، وَ مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ خَتَمَ عَلَيْهِ وَ قَالَ:
لَا تَنْطِقَنَّ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ».
10950/ «3»- وَ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِبَاطٍ «1» الْعَرْزَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الْمِنْقَرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) عَنِ اللَّوْحِ وَ الْقَلَمِ، فَقَالَ: «هُمَا مَلَكَانِ».
10951/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ فَالْقَلَمُ قَلَمٌ مِنْ نُورٍ، وَ كِتَابٌ مِنْ نُورٍ، وَ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ وَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً».
10952/ «5»- الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنِّي لَأَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ طُوَالٌ جُعْشُمٌ «2» مُتَعَمِّمٌ بِعِمَامَةٍ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبِي، فَقَالَ: أَشْيَاءُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا، مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَعْلَمُهَا إِلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ، قَالَ:
فَأَخْبِرْنِي عَنِ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ قَالَ: نُونُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، قَالَ: فَأَمَرَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ وَ مَا يَكُونُ، فَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَوْضُوعٌ، مَا شَاءَ مِنْهُ زَادَ فِيهِ، وَ مَا شَاءَ نَقَصَ مِنْهُ، وَ مَا شَاءَ كَانَ، وَ مَا لَا يَشَاءُ لَا يَكُونُ. قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبَ أَبِي مِنْ قَوْلِهِ: صَدَقْتَ».
و
فِي الْحَدِيثِ: قَالَ: «ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ أَبِي: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ؛ فَطَلَبْتُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ».
10953/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ، عَنْ أَبِي
__________________________________________________
 (3)- معاني الأخبار: 30/ 1.
 (4)- الخصال: 332/ 30.
 (5)- تفسير العيّاشي 1: 29/ 5.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 379.
 (1) في المصدر: محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن زياد.
 (2) الجعشم: الصغير البدن، القليل لحم الجسد، و قيل: هو المنتفخ الجنبين الغليظهما مع، و قيل: القصير الغليظ مع شدّة. «لسان العرب 12: 102».

453
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 1 الى 3 ص 452

عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ ن وَ الْقَلَمِ. قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْقَلَمَ مِنْ شَجَرَةٍ مِنَ «1» الْجَنَّةِ، يُقَالُ لَهَا الْخُلْدُ، ثُمَّ قَالَ لِنَهَرٍ فِي الْجَنَّةِ: كُنْ مِدَاداً، فَجَمَدَ النَّهَرُ، وَ كَانَ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَلَمِ: اكْتُبْ، قَالَ: يَا رَبِّ وَ مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ فَكَتَبَ الْقَلَمُ فِي رَقٍّ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الْفِضَّةِ، وَ أَصْفَى مِنَ الْيَاقُوتِ، ثُمَّ طَوَاهُ فَجَعَلَهُ فِي رُكْنِ الْعَرْشِ، ثُمَّ خَتَمَ عَلَى فَمِ الْقَلَمِ فَلَمْ يَنْطِقْ بَعْدَ ذَلِكَ وَ لَا يَنْطِقُ أَبَداً، فَهُوَ الْكِتَابُ الْمَكْنُونُ الَّذِي مِنْهُ النُّسَخُ كُلُّهَا، أَ وَ لَسْتُمْ عَرَباً؟ فَكَيْفَ لَا تَعْرِفُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ وَ أَحَدُكُمْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: انْسَخْ ذَلِكَ الْكِتَابَ، أَ وَ لَيْسَ إِنَّمَا يُنْسَخُ مِنْ كِتَابٍ أُخِذَ «2» مِنَ الْأَصْلِ؟ وَ هُوَ قَوْلُهُ: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «3»».
10954/ «7»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَمَّادٍ الطَّنَافِسِيِّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ: «يَا كَلْبِيُّ، كَمْ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ اسْمٍ فِي الْقُرْآنِ؟» فَقُلْتُ: اسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ. فَقَالَ: «يَا كَلْبِيُّ لَهُ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ» ثُمَّ ذَكَرَهَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ فِيهَا: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْعَشَرَةَ بِتَمَامِهَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ طَهَ «4».
10955/ «8»- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ: بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ: «فَالنُّونُ اسْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ الْقَلَمُ اسْمٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
10956/ «9»- الطَّبْرِسِيُّ: فِي مَعْنَى نُونٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «5»: «هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ اللَّهُ لَهُ: كُنْ مِدَاداً، فَجَمَدَ، وَ كَانَ أَبْيَضَ مِنَ اللَّبَنِ، وَ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَلَمِ: اكْتُبْ، فَكَتَبَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
10957/ «10»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ تَفْسِيرِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَمِيدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي خَبَرٍ يَذْكُرُ فِيهِ كَيْفِيَّةَ بِعْثَةِ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَائِمٌ يُصَلِّي مَعَ خَدِيجَةَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: «هَذَا دِينُ اللَّهِ» فَآمِنْ بِهِ وَ صَدِّقْهُ، ثُمَّ كَانَا يُصَلِّيَانِ وَ يَرْكَعَانِ وَ يَسْجُدَانِ، فَأَبْصَرَهُمَا أَهْلُ مَكَّةَ فَفَشَا الْخَبَرُ فِيهِمْ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ جُنَّ، فَنَزَلَ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ.
__________________________________________________
 (7)- مختصر بصائر الدرجات: 67.
 (8)- تأويل الآيات 2: 710/ 1.
 (9)- مجمع البيان 10: 499.
 (10)- المناقب 2: 14.
 (1) في المصدر: في.
 (2) في النسخ: آخر.
 (3) الجاثية 45: 29.
 (4) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة طه.
 (5) في المصدر: معنى نون، و روي مرفوعا إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) و قيل.

454
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 1 الى 3 ص 452

10958/ «11»- علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما يَسْطُرُونَ أي ما يكتبون، و هو قسم و جوابه: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ قوله: وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ أي لا نمن عليك في ما نعطيك من عظيم الثواب.
قوله تعالى:
وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ [4]
10959/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ، قَالَ: «هُوَ الْإِسْلَامُ».
و
رُوِيَ أَنَّ الْخُلُقَ الْعَظِيمَ: الدِّينُ الْعَظِيمُ.
10960/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَوْلُهُ: إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ أَيْ عَلَى دِينٍ عَظِيمٍ».
10961/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَحْرٍ السَّقَّاءِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا بَحْرُ، حُسْنُ الْخُلُقِ يُسْرٌ».
ثُمَّ قَالَ: «أَ لَا أُخْبِرُكَ بِحَدِيثٍ مَا هُوَ فِي يَدَيْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ جَاءَتْ جَارِيَةٌ لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ وَ هُوَ قَائِمٌ، فَأَخَذَتْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَلَمْ تَقُلْ شَيْئاً وَ لَمْ يَقُلْ لَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) شَيْئاً، حَتَّى فَعَلَتْ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الرَّابِعَةِ وَ هِيَ خَلْفَهُ، فَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ.
فَقَالَ لَهَا الْأَنْصَارُ «1»: فَعَلَ اللَّهُ بِكِ وَ فَعَلَ، حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا تَقُولِينَ لَهُ شَيْئاً، وَ لَا هُوَ يَقُولُ لَكِ شَيْئاً، مَا كَانَتْ حَاجَتُكِ إِلَيْهِ؟ قَالَتْ: إِنَّ لَنَا مَرِيضاً، فَأَرْسَلَنِي أَهْلِي لِآخُذَ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهِ يَسْتَشْفِي بِهَا، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَخْذَهَا رَآنِي فَقَامَ، وَ اسْتَحْيَيْتُ أَنْ آخُذَهَا وَ هُوَ يَرَانِي، وَ أَكْرَهُ أَنْ أَسْتَأْمِرَهُ فِي أَخْذِهَا، فَأَخَذْتُهَا».
10962/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ أَبِي‏
__________________________________________________
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 380.
 (1)- معاني الأخبار: 188/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 382.
 (3)- الكافي 2: 83/ 15.
 (4)- الكافي 2: 83/ 16.
 (1) في المصدر: الناس.

455
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم آية 4 ص 455

عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَفَاضِلُكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقاً الْمُوَطَّؤُونَ أَكْنَافاً «1» الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَ يُؤْلَفُونَ وَ تُوَطَّأُ رِحَالُهُمْ».
10963/ «5»- الشَّيْخُ وَرَّامٌ: رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَمْشِي وَ مَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْباً شَدِيداً، وَ كَانَ عَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَثَّرَتِ الْحَاشِيَةُ فِي عُنُقِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [مِنْ شِدَّةِ جَذْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَبْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)] فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِإِعْطَائِهِ، وَ لَمَّا أَكْثَرَتْ قُرَيْشٌ أَذَاهُ وَ ضَرْبَهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي، فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ». فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ.
10964/ «6»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَضَائِرِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْقُمِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وُجُوهاً، خَلَقَهُمْ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَرْضِهِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِ إِخْوَانِهِمْ يَرَوْنَ الْحَمْدَ مَجْداً، وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ، وَ كَانَ فِيمَا خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ قَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ: وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ قَالَ: السَّخَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ».
قوله تعالى:
فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ- إلى قوله تعالى- عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ [5- 13]
10965/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانِ ابْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ عُمَرَ لَقِيَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ وَ تُعَرِّضُ بِي وَ بِصَاحِبَيَّ؟ فَقَالَ:
أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِآيَةٍ نَزَلَتْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ «2».
__________________________________________________
 (5)- تنبيه الخواطر 1: 99.
 (6)- الأمالي 1: 308.
 (1)- الكافي 8: 103/ 76.
 (1) قال ابن الأثير: هذا مثل، و حقيقته من التّوطئة، و هي التمهيد و التّذليل. و فراش وطي: لا يؤذي جنب النائم. و الأكناف: الجوانب. أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم و لا يتأذى. «لسان العرب 1: 198».
 (2) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 22.

456
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 5 الى 13 ص 456

فَقَالَ: كَذَبْتَ، بَنُو أُمَيَّةَ أَوْصَلُ مِنْكُمْ لِلرَّحِمِ، وَ لَكِنَّكَ أَبَيْتَ إِلَّا عَدَاوَةً لِبَنِي تَيْمٍ وَ بَنِي عَدِيٍّ وَ بَنِي أُمَيَّةَ».
10966/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ تُرْكِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ دُلْهُمِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: لَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ تَقْدِيمَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ إِعْظَامَهُ لَهُ، نَالُوا مِنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالُوا: قَدِ افْتَتَنَ بِهِ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ «1» قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ* وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ* وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ* فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ* إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «2» وَ سَبِيلُهُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
10967/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ حَفْصِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَنَانٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَخَذَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِيَدِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَرَفَعَهَا، وَ قَالَ:
 «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» قَالَ أُنَاسٌ: إِنَّمَا افْتَتَنَ بِابْنِ عَمِّهِ؛ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ.
10968/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَمَدِ مَهْدِيُّ بْنُ نِزَارٍ الْحُسَيْنِيُّ الْقَائِنُّي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسْكَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْجُرْجَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ تُرْكِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ دُلْهُمِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: لَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ تَقْدِيمَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ إِعْظَامَهُ لَهُ، نَالُوا مِنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالُوا: قَدِ افْتَتَنَ بِهِ مُحَمَّدٌ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ «3» قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ وَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ* وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ «4» يَعْنِي الْقُرْآنَ، إِلَى قَوْلِهِ: بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُمُ النَّفَرُ الَّذِينَ قَالُوا مَا قَالُوا وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
10969/ «5»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ بِأَيِّكُمْ تُفْتَنُونَ، هكذا نزلت في بني أميّة بِأَيِّيكُمُ أَيْ حْبَتٍر وَ زُفَرَ وَ عَلِيٍّ.
__________________________________________________
 (2)- تأويل الآيات 2: 711/ 2.
 (3)- تأويل الآيات 2: 711/ 3.
 (4)- مجمع البيان 10: 501.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 380.
 (1) القلم 68/ 1.
 (2) القلم 68: 2- 7.
 (3) القلم 68: 1.
 (4) القلم 68: 2- 4.

457
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 5 الى 13 ص 456

10970/ «6»- قَالَ: وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَقِيَ عُمَرُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ فِيَّ وَ فِي صَاحِبِي: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ؟ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَ فَلَا أُخْبِرُكَ- يَا أَبَا حَفْصٍ- مَا نَزَلَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ؟ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ «1». فَقَالَ عُمَرُ: كَذَبْتَ- يَا عَلِيُّ- بَنُو أُمَيَّةَ خَيْرٌ مِنْكَ وَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ».
10971/ «7»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْهُمْ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ): قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ الثَّانِي هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ قَالَ: «الْعُتُلُّ: الْكَافِرُ الْعَظِيمُ الْكُفْرِ، وَ الزَّنِيمُ: وَلَدُ الزِّنَا».
10972/ «8»- وَ قَالَ شَرَفُ الدِّينِ: رَوَى مُحَمَّدٌ الْبَرْقِيُّ، عَنِ الْأَحْمَسِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِثْلَهُ، وَ زَادَ فِيهِ: «وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ فَلَقِيَهُ الثَّانِي، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَ كَذَا، تَعْرِضُ بِي وَ بِصَاحِبَيَّ؟ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ لَمْ يَعْتَذِرْ إِلَيْهِ: أَ لَا أُخْبِرُكَ بِمَا نُزِّلَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ؟ نُزِّلَ فِيهِمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ «2» قَالَ: فَكَذَّبَهُ وَ قَالَ لَهُ:
هُمْ خَيْرٌ مِنْكَ وَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ».
10973/ «9»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ قَدْ «3» خَلَصَ وُدِّي إِلَى قَلْبِهِ [وَ مَا خَلَصَ وُدِّي إِلَى قَلْبِ أَحَدٍ] إِلَّا وَ قَدْ خَلَصَ وُدُّ عَلِيٍّ إِلَى قَلْبِهِ، كَذَبَ- يَا عَلِيُّ- مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَ يُبْغِضُكَ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلَانِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: لَقَدْ فُتِنَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِهَذَا الْغُلَامِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ ... وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ* وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِيهِمَا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ».
10974/ «10»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ قال: في علي (عليه السلام) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ أي أحبوا أن تغش في علي فيغشون معك وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ قال: الحلاف: الثاني، حلف لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أنه لا ينكث عهدا هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ قال: كان ينم على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و يهمز «4» بين أصحابه، قال: الذي يغمز الناس و يستحقر الفقراء «5».
__________________________________________________
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 380.
 (7)- تأويل الآيات 2: 2: 712/ 4.
 (8)- تأويل الآيات 2: 712/ 5.
 (9)- المحاسن: 151/ 71.
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 380.
 (1) الإسراء 17: 60.
 (2) محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) 47: 22.
 (3) (إلا و قد) ليس في «ط، ي».
 (4) في المصدر: و ينم.
 (5) (قال: الذي يغمز الناس و يستحقر الفقراء) ليس في المصدر.

458
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 5 الى 13 ص 456

قوله تعالى: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ قال: الْخَيْرُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مُعْتَدٍ أي اعتدى عليه، و قوله: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ قال: العتل: العظيم الكفر، و الزنيم: الدعي، قال الشاعر:
         زنيم تداعاه الرجال تداعيا             كما زيد في عرض الأديم الأكارع.
10975/ «11»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْعَبَّاسِ ابْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ؟ قَالَ: «الْعُتُلُّ: الْعَظِيمُ الْكُفْرِ [وَ الزَّنِيمُ‏]: الْمُسْتَهْتَرُ «1» بِكُفْرِهِ».
10976/ «12»- الطَّبْرِسِيُّ: الزَّنِيمُ: هُوَ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
قوله تعالى:
إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ* سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ [15- 16] 10977/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله: إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا قال: كَنَّى عَنِ الثَّانِي، قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أَيْ أَكَاذِيبُ الْأَوِّلِينَ، قوله: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ قال: في الرجعة، إذا رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) و رجع أعداؤه، فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم، على الخراطيم: الأنف و الشفتين «2».
قوله تعالى:
إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ- إلى قوله تعالى- لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ [17- 33]
10978/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبَانِ‏
__________________________________________________
 (11)- معاني الأخبار: 149/ 1.
 (12)- مجمع البيان 10: 502.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 381.
 (2)- الكافي 2: 208/ 12.
 (1) في النسخ: المستهزئ.
 (2) في المصدر: الخرطوم و الأنف و الشفتين.

459
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 17 الى 33 ص 459

ابْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُدْرَأُ عَنْهُ الرِّزْقُ، وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ* وَ لا يَسْتَثْنُونَ* فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ».
10979/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: حدّثني أبي عن إسحاق بن الهيثم، عن عليّ بن الحسين العبدي، عن سليمان الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس: أنه قيل [له‏]: إن قوما من هذه الأمة يزعمون أن العبد يذنب فيحرم به الرزق؟ فقال ابن عبّاس: فو الذي لا إله إلّا هو، لهذا أنور في كتاب اللّه من الشمس الضاحية، ذكره اللّه في سورة (ن و القلم)، أنه كان شيخ و كانت له جنة، و كان لا يدخل بيته ثمرة منها و لا إلى منزله حتّى يعطي كل ذي حق حقه، فلما قبض الشيخ ورثه بنوه، و كان له خمسة من البنين، فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملته قبل ذلك، فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر، فأشرفوا على ثمرة و رزق فاضل، لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم، فلما نظروا إلى الفضل طغوا و بغوا، و قال بعضهم لبعض: إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله و خرف، فهلموا «1» نتعاقد فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا [هذا] شيئا حتّى نستغني و تكثر أموالنا ثمّ نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة؛ فرضي بذلك منهم أربعة، و سخط الخامس، و هو الذي قال اللّه تعالى: قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ.
فقال الرجل: يا بن عبّاس، كان أوسطهم في السن؟ فقال: بل كان أصغرهم سنا، و أكبرهم عقلا، و أوسط «2» القوم خير القوم، و الدليل عليه في القرآن أنكم يا أمة محمّد أصغر الأمم و خير الأمم، قوله عزّ و جلّ: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً.
فقال لهم أوسطهم: اتقوا اللّه، و كونوا على منهاج أبيكم تسلموا و تغنموا؛ فبطشوا به و ضربوه ضربا مبرحا، فلما أيقن الأخ منهم أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لأمرهم غير طائع، فراحوا إلى منازلهم، ثم حلفوا بالله ليصرموه إذا أصبحوا، و لم يقولوا: إن شاء اللّه، فابتلاهم اللّه بذلك الذنب، و حال بينهم و بين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه، فأخبر عنهم في الكتاب، و قال: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ* وَ لا يَسْتَثْنُونَ* فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ* فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ قال:
كالمحترق فقال الرجل: يا ابن عبّاس، ما الصريم؟ قال: الليل المظلم، ثمّ قال: لا ضوء له و لا نور.
فلما أصبح القوم فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ* أَنِ اغْدُوا عَلى‏ حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ قال: فَانْطَلَقُوا وَ هُمْ يَتَخافَتُونَ.
قال الرجل: و ما التخافت، يا بن عبّاس؟ قال: يتشاورون، فيشاور «3» بعضهم بعضا لكيلا يسمع أحد غيرهم.
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 381.
 (1) زاد في المصدر: نتعاهدو.
 (2) البقرة 2: 143.
 (3) في المصدر: قال: يتسارّون.

460
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 17 الى 33 ص 459

فقالوا: لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ* وَ غَدَوْا عَلى‏ حَرْدٍ قادِرِينَ و في أنفسهم أن يصرموها، و لا يعلمون ما قد حل بهم من سطوات اللّه و نقمته فَلَمَّا رَأَوْها و [عاينوا] ما قد حل بهم قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ فحرمهم اللّه ذلك الرزق بذنب كان منهم و لم يظلمهم شيئا: قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ* قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ* فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قال: يلومون أنفسهم فيما عزموا عليه قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ* عَسى‏ رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا راغِبُونَ فقال اللّه: كَذلِكَ الْعَذابُ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.
10980/ «3»- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ ابْتُلُوا بِالْجُوعِ كَمَا ابْتُلِيَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ، وَ هِيَ [الْجَنَّةُ الَّتِي‏] كَانَتْ فِي الدُّنْيَا وَ كَانَتْ بِالْيَمَنِ، يُقَالُ لَهَا الرِّضْوَانُ، عَلَى تِسْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ صَنْعَاءَ».
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ وَ هُوَ الْعَذَابُ، قَوْلُهُ: إِنَّا لَضَالُّونَ قَالَ:
خَاطِئُو الطَّرِيقِ، قَوْلُهُ: لَوْ لا تُسَبِّحُونَ يَقُولُ: أَ لَا تَسْتَغْفِرُونَ؟
قوله تعالى:
سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ- إلى قوله تعالى- يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ [40- 43] 10981/ «1»- و قال عليّ بن إبراهيم، في قوله: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ: أي كَفِيلٌ، قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ قال: يكشف عن الأمور التي خفيت و ما غصبوا آل محمّد حقهم وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ قال: يكشف لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر- يعني قرونها- فَلا يَسْتَطِيعُونَ أن يسجدوا، و هي عقوبة لأنّهم لا يطيعون اللّه في الدنيا في أمره، و هو قوله: وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ قال: إلى ولايته في الدنيا و هم يستطيعون.
10982/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ بَكْرٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ، قَالَ: «حِجَابٌ مِنْ نُورٍ يُكْشَفُ فَيَقَعُ الْمُؤْمِنُونَ سُجَّداً، وَ تَدْمُجُ أَصْلَابُ الْمُنَافِقِينَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُودَ».
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 382.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 383.
 (2)- التوحيد: 154/ 1.

461
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 40 الى 43 ص 461

10983/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ، قَالَ:
 «تَبَارَكَ الْجَبَّارُ- ثُمَّ أَشَارَ إِلَى سَاقِهِ، فَكَشَفَ عَنْهَا الْإِزَارَ- قَالَ: وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ قَالَ: أُفْحِمَ الْقَوْمُ وَ دَخَلَتْهُمُ الْهَيْبَةُ، وَ خَشَعَتِ «1» الْأَبْصَارُ، وَ بَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ».
قال ابن بابويه: قوله: «تبارك الجبار، و أشار إلى ساقه فكشف عنها الإزار» يعني به تبارك الجبار من أن يوصف بالساق الذي هذا صفته.
10984/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ، قَالَ: كَشَفَ إِزَارَهُ عَنْ سَاقٍ، وَ يَدُهُ الْأُخْرَى عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى!».
قال ابن بابويه: قوله:
 «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى!»
تنزيه لله عزّ و جلّ أن يكون له ساق.
10985/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ ابْنِ أَبَانٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّيَّارِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ، قَالَ: «مُسْتَطِيعُونَ، يَسْتَطِيعُونَ الْأَخْذَ بِمَا أُمِرُوا بِهِ وَ التَّرْكَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ، وَ بِذَلِكَ ابْتُلُوا» ثُمَّ قَالَ: «لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ وَ نُهُوا عَنْهُ إِلَّا وَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ ابْتِلَاءٌ وَ قَضَاءٌ».
10986/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالا: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ؟ قَالَ: «وَ هُمْ مُسْتَطِيعُونَ».
10987/ «7»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ، قَالَ:
__________________________________________________
 (3)- التوحيد: 154/ 2.
 (4)- التوحيد: 155/ 3.
 (5)- التوحيد: 349/ 9.
 (6)- التوحيد: 351/ 17.
 (7)- المحاسن: 279/ 404.
 (1) في المصدر: و شخصت.

462
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 40 الى 43 ص 461

 «وَ هُمْ يَسْتَطِيعُونَ الْأَخْذَ لِمَا أُمِرُوا بِهِ وَ التَّرْكِ لِمَا نُهُوا عَنْهُ، وَ لِذَلِكَ ابْتُلُوا» وَ قَالَ: «لَيْسَ فِي الْعَبْدِ قَبْضٌ وَ لَا بَسْطٌ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَ «1» نَهَى عَنْهُ إِلَّا [وَ] مِنَ اللَّهِ فِيهِ ابْتِلَاءٌ وَ قَضَاءٌ».
قوله تعالى:
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ- إلى قوله تعالى- إِذْ نادى‏ وَ هُوَ مَكْظُومٌ [44- 48]
10988/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السِّمْطِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً فَأَذْنَبَ ذَنْباً أَتْبَعَهُ بِنَقِمَةٍ وَ ذَكَّرَهُ الِاسْتِغْفَارَ، وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً فَأَذْنَبَ ذَنْباً أَتْبَعَهُ بِنِعْمَةٍ لِيُنْسِيَهُ الِاسْتِغْفَارَ وَ يَتَمَادَى بِهَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ بِالنِّعَمِ عِنْدَ الْمَعَاصِي».
و الروايات قد تقدمت في ذلك في سورة الأعراف «2».
10989/ «2»- و قال عليّ بن إبراهيم: في قوله: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ، قال: تحذيرا عن «3» المعاصي، ثم قال لنبيه (صلّى اللّه عليه و آله): فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ يعني يونس (عليه السلام)، [لما] دعا على قومه ثمّ ذهب مغاضبا.
10990/ «3»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: إِذْ نادى‏ وَ هُوَ مَكْظُومٌ يَقُولُ: «مَغْمُومٌ».
قوله تعالى:
لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ- إلى قوله تعالى- وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ [49- 52]
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 327/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 383.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 383.
 (1) في المصدر: أو.
 (2) تقدّمت في تفسير الآيات (182- 184) من سورة الأعراف.
 (3) في المصدر: قال: تجديدا لهم عند.

463
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 49 الى 52 ص 463

10991/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله: لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ قال: النعمة: الرحمة لَنُبِذَ بِالْعَراءِ قال: العراء: الموضع الذي لا سقف له.
قوله تعالى: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ قال: لما أخبرهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بفضل أمير المؤمنين (عليه السلام) قالوا: هو مجنون، فقال اللّه سبحانه: وَ ما هُوَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ.
10992/ «2»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحَجَّالِ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ حَسَّانَ الْجَمَّالِ، قَالَ: حَمَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ:
فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى مَسْجِدِ الْغَدِيرِ نَظَرَ فِي مَيْسَرَةِ الْجَبَلِ «1»، فَقَالَ: «ذَاكَ مَوْضِعُ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، حَيْثُ قَالَ:
مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ».
ثُمَّ نَظَرَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ، قَالَ: «ذَاكَ مَوْضِعُ فُسْطَاطِ أَبِي فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَ أَبِي عُبَيْدَةَ ابْنِ الْجَرَّاحِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ رَافِعاً يَدَهُ، قَالَ بَعْضُهُمُ: انْظُرُوا إِلَى عَيْنَيْهِ تَدُورَانِ كَأَنَّهُمَا عَيْنَا مَجْنُونٍ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِهَذِهِ الْآيَةِ: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ* وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ» ثُمَّ قَالَ: «يَا حَسَّانُ، لَوْ لَا أَنَّكَ جَمَّالِي مَا «2» حَدَّثْتُكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ».
10993/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ «3» بْنُ أَحْمَدَ الْمَالِكِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ الْجَمَّالِ، قَالَ حَمَلْتُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا بَلَغَ غَدِيرَ خُمٍّ نَظَرَ إِلَيَّ، وَ قَالَ: «هَذَا مَوْضِعُ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، وَ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْفُسْطَاطِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ- سَمَّاهُمْ لِي- فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ وَ قَدْ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى بَانَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، قَالُوا: انْظُرُوا إِلَى عَيْنَيْهِ، قَدِ انْقَلَبَتَا كَأَنَّهُمَا عَيْنَا مَجْنُونٍ، فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ: اقْرَأْ وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ* وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ وَ الذِّكْرُ:
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 383.
 (2)- التهذيب 3: 263/ 746.
 (3)- تأويل الآيات 2: 713/ 6.
 (1) في المصدر: المسجد.
 (2) في المصدر: لما.
 (3) في المصدر: الحسن.

464
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القلم الآيات 49 الى 52 ص 463

فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسْمَعَنِي مِنْكَ هَذَا. فَقَالَ: «لَوْلَا أَنَّكَ جَمَّالٌ «1» مَا «2» حَدَّثْتُكَ بِهَذَا، لِأَنَّكَ لَا تُصَدَّقُ إِذَا رَوَيْتَ عَنِّي».
__________________________________________________
 (1) في «ط»: جمالي.
 (2) في المصدر: لما.

465
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة ص 467

سورة الحاقة
فضلها
10994/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَكْثِرُوا مِنْ قِرَاءَةِ الْحَاقَّةِ، فَإِنَّ قِرَاءَتَهَا فِي الْفَرَائِضِ وَ النَّوَافِلِ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ، لِأَنَّهَا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مُعَاوِيَةَ، وَ لَمْ يُسْلَبْ قَارِئُهَا دِينَهُ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ».
10995/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ حَاسَبَهُ اللَّهُ حِسَاباً يَسِيراً، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى امْرَأَةٍ، حَامِلٍ حُفِظَ مَا فِي بَطْنِهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ غُسِلَتْ وَ سُقِيَ مَاؤُهَا طِفْلًا يَرْضِعُ اللَّبَنِ قَبْلَ كَمَالِ فِطَامِهِ، خَرَجَ ذَكِيّاً حَافِظاً».
10996/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا حَاسَبَهُ اللَّهُ حِسَاباً يَسِيراً، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى امْرَأَةٍ حَامِلٍ حُفِظَ مَا فِي بَطْنِهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ غُسِلَتْ وَ شَرِبَ مَاءَهَا طِفْلٌ يَرْضَعُ اللَّبَنَ خَرَجَ ذَكِيّاً حَافِظاً لِكُلِّ مَا يَسْمَعُهُ».
10997/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا كُتِبَتْ وَ عُلِّقَتْ عَلَى حَامِلٍ حَفَظَتْ الْجَنِينَ، وَ إِذَا سُقِيَ مِنْهَا الْوَلَدُ ذَكَّاهُ وَ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَ نَشَأَ أَحْسَنَ نُشُوءٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 119.
 (2)- .......
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

467
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة الآيات 1 الى 6 ص 468

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَاقَّةُ* مَا الْحَاقَّةُ- إلى قوله تعالى- فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ [1- 6] 10998/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: الْحَاقَّةُ الحذر من العذاب، و الدليل على ذلك قوله تعالى: وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ «1»، كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَ عادٌ بِالْقارِعَةِ [قال‏]: قرعهم بالعذاب.
قوله فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ* وَ أَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ أي بَارِدَةٍ عاتِيَةٍ قال:
خرجت أكثر ممّا أمرت [به‏].
10999/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ: «وَ أَمَّا الرِّيحُ الْعَقِيمُ فَإِنَّهَا رِيحُ عَذَابٍ، لَا تُلْقِحُ شَيْئاً مِنَ الْأَرْحَامِ، وَ لَا شَيْئاً مِنَ النَّبَاتِ، وَ هِيَ رِيحٌ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَ مَا خَرَجَتْ مِنْهَا رِيحٌ قَطُّ إِلَّا عَلَى قَوْمِ عَادٍ حِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَأَمَرَ الْخُزَّانَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْهَا عَلَى قَدْرِ سَعَةِ الْخَاتَمِ، فَعَتَتْ عَلَى الْخُزَّانِ فَخَرَجَ مِنْهَا عَلَى مِقْدَارِ مَنْخِرِ الثَّوْرِ تَغَيُّظاً مِنْهَا عَلَى قَوْمِ عَادٍ، قَالَ: فَضَجَّ الْخُزَّانُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 383.
 (2)- الكافي 8: 92/ 64.
 (1) غافر 40: 45.

468
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة الآيات 1 الى 6 ص 468

رَبَّنَا إِنَّهَا [قَدْ] عَتَتْ عَنْ أَمْرِنَا، إِنَّا نَخَافُ أَنْ نُهْلِكَ مَنْ لَمْ يَعْصِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ عَمَرَ «1» بِلَادَكَ. قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهَا جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَاسْتَقْبَلَهَا بِجَنَاحَيْهِ، فَرَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا، وَ قَالَ لَهَا: اخْرُجِي [عَلَى‏] مَا أُمِرْتِ بِهِ، قَالَ:
فَخَرَجَتْ عَلَى مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَ أَهْلَكْتَ قَوْمَ عَادٍ وَ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِمْ».
قوله تعالى:
سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً [7] 11000/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً قال: كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال و ثمانية أيّام حتّى هلكوا.
11001/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْأَرْبِعَاءُ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ يَوْمٍ وَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً».
قوله تعالى:
وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ [9] 11002/ «3»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ المؤتفكات: البصرة، و الخاطئة: فلانة.
11003/ «4»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقْرَأُ: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ قَالَ: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ يَعْنِي الثَّالِثَ، وَ مَنْ قَبْلَهُ الْأَوَّلَيْنِ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ [أَهْلُ الْبَصْرَةِ] بِالْخاطِئَةِ [الْحُمَيْرَاءِ] يَعْنِي عَائِشَةَ».
قَالَ: «وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ الْمُؤْتَفِكاتُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ». فَقَدْ جَاءَ فِي كَلَامِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِأَهْلِ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 383.
 (2)- علل الشرائع: 381/ 2.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (4)- تأويل الآيات 2: 714/ 1.
 (1) في المصدر: و عمّار.

469
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة آية 9 ص 469

الْبَصْرَةِ: «يَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ، ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا ثَلَاثاً، وَ عَلَى اللَّهِ تَمَامُ الرَّابِعَةِ». وَ مَعْنَى ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا، أَيْ خَسَفَتْ بِهِمْ.
وَ قَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِزِيَادَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى«1».
قوله تعالى:
فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً [10]
11004/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً: « [وَ الرَّابِيَةُ] الَّتِي أَرْبَتْ عَلَى مَا صَنَعُوا».
قوله تعالى:
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ [11] 11005/ «2»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه.
قوله تعالى:
وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ [12]
11006/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ، قَالَ: «وَعَتْهَا أُذُنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ اللَّهِ وَ «2» مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 385.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (3)- مختصر بصائر الدرجات: 65.
 (1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (53) من سورة النجم.
 (2) (و) ليس في المصدر.

470
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة آية 12 ص 470

11007/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أُذُنُكَ يَا عَلِيُّ».
11008/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَنَا الْأُذُنُ الْوَاعِيَةُ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ».
11009/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: رَوَى ثَلَاثِينَ حَدِيثاً، عَنِ الْخَاصِّ وَ الْعَامِّ، مِنْهَا:
مَا رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْقَطَّانِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الدِّهْقَانِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
: «إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَ لِعَلِيٍّ أُذُناً وَاعِيَةً، فَقِيلَ لِي: قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ».
11010/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَوْشَبٍ الْفَزَارِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَ عَلِيٍّ» قَالَ: وَ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) شَيْئاً إِلَّا حَفِظْتُهُ وَ لَا أَنْسَاهُ «1»».
11011/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمٍ الْأَشَلِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ، قَالَ: «الْأُذُنُ الْوَاعِيَةُ أُذُنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَعَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هُوَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، مَنْ أَطَاعَهُ أَطَاعَ اللَّهَ، وَ مَنْ عَصَاهُ عَصَى اللَّهَ».
11012/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ هَذِهِ الْآيَةُ: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ، وَ إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ، وَ قُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا أُذُنَ عَلِيٍّ، فَفَعَلَ».
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 350/ 57.
 (3)- معاني الأخبار: 59/ 9.
 (4)- تأويل الآيات 2: 715/ 3.
 (5)- تأويل الآيات 2: 715/ 4.
 (6)- تأويل الآيات 2: 715/ 5.
 (7)- تأويل الآيات 2: 716/ 6.
 (1) في المصدر: و لم أنسه.

471
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة آية 12 ص 470

11013/ «8»- عَنِ الْعَيَّاشِيِّ: عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، فِي حَدِيثٍ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ فِيهِ: «وَ اللَّهِ أَنَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ فَإِنَّا كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَيُخْبِرُنَا بِالْوَحْيِ فَأَعِيهِ أَنَا وَ مَنْ يَعِيهِ، فَإِذَا خَرَجْنَا قَالُوا: مَا ذَا قَالَ آنِفاً؟».
و الحديث بطوله تقدم في باب أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلّا الأئمة (عليهم السلام) و عندهم تأويله، من مقدّمة الكتاب «1».
11014/ «9»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فِي (حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ): رَوَى عُمَرُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الْوَاحِدِيُّ فِي (أَسْبَابِ نُزُولِ الْقُرْآنِ)، عَنْ بُرَيْدَةَ، وَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ فِي (تَفْسِيرِهِ)، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ اللَّفْظُ لَهُ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ: أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُدْنِيَكَ وَ لَا أُقْصِيَكَ، وَ أَنْ تَسْمَعَ وَ تَعِيَ».
11015/ «10»- (تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ): فِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ: «وَ أَنْ أُعَلِّمَكَ وَ تَعِيَ، وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ تَسْمَعَ وَ تَعِيَ» فَنَزَلَتْ:
وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ، وَ ذَكَرَهُ النَّطَنْزِيُّ فِي (الْخَصَائِصِ).
11016/ «11»- و في أخبار أبي رافع قال: «إن اللّه تعالى أمرني أن أدنيك و لا أقصيك، و أن أعلمك و لا أجفوك، و حقّ علي أن أطيع ربي [فيك‏]، و حقّ عليك أن تعي».
11017/ «12»- (مُحَاضَرَاتُ الرَّاغِبِ): قَالَ الضَّحَّاكُ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَ فِي (أَمَالِي الطُّوسِيِّ): قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الشِّيعَةِ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالُوا: «وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ» أُذُنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
11018/ «13»- (كِتَابُ الْيَاقُوتِ): عَنْ أَبِي عُمَرَ غُلَامِ ثَعْلَبٍ، وَ (الْكَشْفُ وَ الْبَيَانُ) عَنِ الثَّعْلَبِيِّ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، وَ فِي (كِتَابِ الْكُلَيْنِيِّ) وَ اللَّفْظُ لَهُ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَمَّا نَزَلَتْ وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ قُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا أُذُنَ عَلِيٍّ». فَمَا سَمِعَ شَيْئاً بَعْدَهَا إِلَّا حَفِظَهُ.
11019/ «14»- سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ أُذُنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، ثُمَّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَا زِلْتُ أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مُنْذُ أُنْزِلَتْ أَنْ تَكُونَ أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ».
__________________________________________________
 (8)- تفسير العيّاشي 1: 14/ 1.
 (9)- المناقب 3: 78.
 (10)- المناقب 3: 78.
 (11)- المناقب 3: 78.
 (12)- المناقب 3: 78.
 (13)- المناقب 3: 78.
 (14)- المناقب 3: 78.
 (1) تقدّم في الحديث (13) باب (5)

472
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة آية 12 ص 470

11020/ «15»- جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَ مَكْحُولٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ، وَ قُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا أُذُناً وَاعِيَةً، أُذُنَ عَلِيٍّ، فَفَعَلَ، فَمَا سَمِعْتُ شَيْئاً بَعْدُ إِلَّا وَعَيْتُهُ «1»».
و الروايات في ذلك من الخاصّة و العامّة كثيرة، اقتصرنا على ذلك مخافة الإطالة.
قوله تعالى:
وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ- إلى قوله تعالى- فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ [14- 16] 11021/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ، قال: وقعت فدك بعضها على بعض، و قوله: فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ، قال: باطلة.
قوله تعالى:
وَ الْمَلَكُ عَلى‏ أَرْجائِها وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ [17]
11022/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «حَمَلَةُ الْعَرْشِ- وَ الْعَرْشُ:
العلِمُ- [ثَمَانِيَةٌ] أَرْبَعَةٌ مِنَّا، وَ أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ شَاءَ اللَّهُ».
11023/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَعْيُنٍ، كُلُّ عَيْنٍ طِبَاقُ الدُّنْيَا».
__________________________________________________
 (15)- المناقب 3: 78.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (2)- الكافي 1: 102/ 6.
 (3)- الخصال: 407/ 4.
 (1) في المصدر: فما نسيت شيئا سمعته بعد.

473
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة الآيات 17 الى 23 ص 473

11024/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ مُرْسَلًا، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ، أَحَدُهُمْ عَلَى صُورَةِ ابْنِ آدَمَ يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ لِوُلْدِ آدَمَ، وَ الثَّانِي عَلَى صُورَةِ الدِّيكِ يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ لِلطَّيْرِ، وَ الثَّالِثُ عَلَى صُورَةِ الْأَسَدِ يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ لِلسِّبَاعِ، وَ الرَّابِعُ عَلَى صُورَةِ الثَّوْرِ يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ لِلْبَهَائِمِ، وَ نَكَسَ الثَّوْرُ رَأْسَهُ مُنْذُ عَبَدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْعِجْلَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صَارُوا ثَمَانِيَةً».
11025/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ «1»، قَالَ: «يَعْنِي مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ وَ نُوحَ وَ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)» يَعْنِي أَنَّ «2» هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ.
11026/ «5»- و قال الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في (اعتقاداته)، قال: و أمّا العرش الذي هو العلم فحملته أربعة من الأولين و أربعة من الآخرين، فأما الأربعة من الأولين: فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى (عليهم السلام)، و أمّا الأربعة من الآخرين: فمحمد و علي و الحسن و الحسين (صلوات اللّه عليهم أجمعين)، هكذا روي بالأسانيد الصحيحة عن الأئمة (عليهم السلام).
11027/ «6»- علي بن إبراهيم، قال: حملة العرش ثمانية، لكل واحد ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا.
11028/ «7»- قَالَ: وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ، أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْأَوَّلِينَ: فَنُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى، وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْآخِرِينَ فَمُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) «3».
وَ قَدْ مَضَى تَفْسِيرُ الْآيَةِ فِي حَم الْمُؤْمِنِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ «4».
قوله تعالى:
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ*
__________________________________________________
 (3)- الخصال: 407/ 5.
 (4)- تأويل الآيات 2: 716/ 7.
 (5)- اعتقادات الصدوق: 75.
 (6)- تفسير القمّيّ: 131 «المخطوط».
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (1) غافر 40: 7.
 (2) (أن) ليس في «ي».
 (3) زاد في المصدر: و معنى يحملون العرش يعني العلم.
 (4) تقدّم في تفسير الآيات (6: 12) من سورة المؤمن.

474
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة الآيات 17 الى 23 ص 473

إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ* فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ* قُطُوفُها دانِيَةٌ [19- 23]
11029/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِيِّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، إِلَى آخِرِ الْكَلَامِ: «نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ جَرَتْ فِي أَهْلِ الْإِيمَانِ مَثَلًا».
11030/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ عُثْمَانَ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ، قَالَ: «هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ».
11031/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ، فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ «1» فَهُوَ الشَّامِيُّ «2»».
11032/ «4»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ: «عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11033/ «5»- شرف الدين النجفيّ: قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره: هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
11034/ «6»- و من طريق المخالفين: ما نقله ابن مردويه، عن رجاله، عن ابن عبّاس، قال في قوله عزّ و جلّ:
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ إلى قوله: الْخالِيَةِ «3» هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام).
11035/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ‏
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 717/ 10.
 (2)- تأويل الآيات 2: 717/ 11.
 (3)- تأويل الآيات 2: 719/ 15.
 (4)- المناقب 2: 152.
 (5)- تأويل الآيات 2: 727/ 9.
 (6)- تأويل الآيات 2: 717/ 9.
 (7)- علل الشرائع: 8/ 5.
 (1) الحاقّة 69: 25.
 (2) في «ج»: فالشاني.
 (3) الحاقّة 69: 24.

475
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة الآيات 17 الى 23 ص 473

الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «1»، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَوْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَكَمِ الْبَرَاجِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي وَقَّاصٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنَّ حَافِظَيْ عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏] لَيَفْتَخِرَانِ عَلَى جَمِيعِ الْحَفَظَةِ لِكَيْنُونَتِهِمَا مَعَ عَلِيٍّ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا لَمْ يَصْعَدَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِشَيْ‏ءٍ مِنْهُ يُسْخِطُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى».
11036/ «8»- وَ رَوَاهُ صَدْرُ الْأَئِمَّةِ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ أَخْطَبُ خُوارِزْمَ مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ شِهَابِ الدِّينِ أَفْضَلُ الْحُفَّاظِ أَبُو النَّجِيبِ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْهَمْدَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْمَرْوَزِيِّ، فِي مَا كَتَبَ إِلَيَّ مِنْ هَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَدَّادِ بِأَصْبَهَانَ فِي مَا أَذِنَ لِي فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْأَدِيبُ أَبُو يَعْلَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الطِّهْرَانِيِّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ وَ أَرْبَعِ مِائَةٍ، أَخْبَرَنِي الْإِمَامُ الْحَافِظُ طِرَازُ الْمُحَدِّثِينَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَرْدَوَيْهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رُشَيْدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَغْرِبِيُّ الْكُوفِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَكَمِ الْبَرَاجِمِيُّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَقَّاصِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ «2»، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «إِنَّ حَافِظَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَيَفْتَخِرَانِ عَلَى سَائِرِ الْحَفَظَةِ لِكَوْنِهِمَا مَعَ عَلِيٍّ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا لَمْ يَصْعَدَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِشَيْ‏ءٍ مِنْهُ يُسْخِطُهُ».
11037/ «9»- وَ رَوَاهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، بِأَسَانِيدَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «مَلَكَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَفْتَخِرَانِ عَلَى سَائِرِ الْأَمْلَاكِ بِكَوْنِهِمَا مَعَ عَلِيٍّ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَصْعَدَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُ قَطُّ بِشَيْ‏ءٍ يُسْخِطُهُ».
11038/ «10»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ مَا فِي كِتَابِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَ كِتَابِ أَصْحَابِ الشِّمَالِ، فَأَمَّا كِتَابُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
11039/ «11»- الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُدْعَى كُلٌّ بِإِمَامِهِ الَّذِي مَاتَ فِي عَصْرِهِ، فَإِنْ أَثْبَتَهُ أُعْطِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، لِقَوْلِهِ: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ «3» وَ الْيَمِينُ إِثْبَاتُ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ كِتَابٌ يَقْرَؤُهُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:
__________________________________________________
 (8)- المناقب: 225.
 (9)- مناقب ابن المغازلي: 127/ 167.
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 385.
 (11)- تفسير العيّاشيّ 2: 302/ 115.
 (1) زاد في المصدر: قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا الحسن بن مهزيار.
 (2) في المصدر: محمّد بن عثمان بن ثابت.
 (3) الإسراء 17: 71.

476
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة الآيات 17 الى 23 ص 473

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ* إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ الْآيَةَ، وَ الْكِتَابُ: الْإِمَامُ، فَمَنْ نَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ كَمَا قَالَ: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ «1» وَ مَنْ أَنْكَرَهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشِّمَالِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ* فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ* وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ «2» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ».
11040/ «12»- (كِتَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي حَالِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: «ثُمَّ يَقُولُ: يَا جَبْرَئِيلُ، انْطَلِقْ بِعَبْدِي فَأَرِهِ كَرَامَتِي، فَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَدْ أَخَذَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَدْحُو بِهِ مَدَّ الْبَصَرِ، فَيَبْسُطُ صَحِيفَتَهِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَ هُوَ يُنَادِي هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ* إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ».
وَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «فَإِذَا اشْتَهَوْا الطَّعَامَ جَائَهُمْ طُيُورٌ بِيضٌ يَرْفَعْنَ أَجْنِحَتَهُنَّ، فَيَأْكُلُونَ مِنْ أَيِّ الْأَلْوَانِ اشْتَهَوْا جُلُوساً إِنْ شَاءُوا، أَوْ مُتَّكِئِينَ، وَ إِنْ اشْتَهَوْا الْفَوَاكِهِ سَعَتْ إِلَيْهِمْ الْأَغْصَانِ، فَيَأْكُلُونَ «3» مِنْ أَيِّهَا اشْتَهَوْا».
11041/ «13»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كُلُّ امَّةِ يُحَاسِبُهَا إِمَامُ زَمَانِهَا، وَ يَعْرِفُ الْأَئِمَّةُ أَوْلِيَاءَهُمْ وَ أَعْدَاءَهُمْ بِسِيمَاهُمْ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ [وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ] يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «4» فَيُعْطُونَ أَوْلِيَاءَهُمْ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، فَيَمُرُّونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَ يُعْطُونَ أَعْدَاءَهُمْ كُتُبَهُمْ بِشِمَالِهِمْ، فَيَمُرُّونَ إِلَى النَّارِ بِلَا حِسَابٍ، فَإِذَا نَظَرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ* إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ أَيْ مَرْضِيَّةٍ، فَوُضِعَ الْفَاعِلُ مَكَانَ الْمَفْعُولِ».
11042/ «14»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: قُطُوفُها دانِيَةٌ يقول: مدلية ينالها القاعد و القائم.
قوله تعالى:
كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ [24]
11043/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ)، قَالَ: جَاءَ فِي أَخْبَارِنَا عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ:
__________________________________________________
 (12)- الإختصاص: 350.
 (13)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (14)- تفسير القمّيّ 2: 385.
 (1)- نهج البيان 3: 300 «مخطوط».
 (1) آل عمران 3: 187.
 (2) الواقعة 56: 41- 43.
 (3) فِي الْمَصْدَرِ:
اشْتَهَوْا الْفَاكِهَةَ تَسَعَّبَتْ [بِمَعْنَى تَمَطَّطَتْ‏] إِلَيْهِمْ أَغْصَانٌ فَأَكَلُوا.
 (4) الأعراف 7: 46.

477
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة آية 24 ص 477

 «الأيّام الخالية: أيام الصوم في الدنيا».
قوله تعالى:
وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ- إلى قوله تعالى- سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ [25- 32] 11044/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في معاوية فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ* وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ* يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ يعني الموت ما أَغْنى‏ عَنِّي مالِيَهْ يعني ماله الذي جمعه هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ أي حجته، فيقال: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ أي أسكنوه ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ قال: معنى السلسلة السبعين ذراعا في الباطن، هم الجبابرة السبعون.
11045/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَانَ مُعَاوِيَةُ صَاحِبَ السِّلْسِلَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ* إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ «1» وَ كَانَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ».
11046/ «3»- ابْنُ طَاوُسٍ «2» فِي (الدُّرُوعِ الْوَاقِيَةِ): فِي حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «وَ لَوْ أَنَّ ذِرَاعاً مِنَ السِّلْسِلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وُضِعَ عَلَى جَمِيعِ جِبَالِ الدُّنْيَا لَذَابَتْ عَنْ آخِرِهَا «3»».
11047/ «4»- (كِتَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَذْكُرُ فِيهِ صِفَةَ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: «ثُمَّ تَجِي‏ءُ صَحِيفَتُهُ تَطِيرُ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ، فَتَقَعُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ يَأْتِيهِ مَلَكٌ فَيَثْقُبُ صَدْرَهُ إِلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ يُقَلِّبُ «4» شِمَالَهُ إِلَى خَلْفِ ظَهْرِهِ.
ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ كِتَابَكَ. قَالَ فَيَقُولُ: كَيْفَ أَقْرَأُ وَ جَهَنَّمُ أَمَامِي؟ قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ: دُقَّ عُنُقَهُ، وَ اكْسِرْ صُلْبَهُ، وَ شُدَّ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (2)- الكافي 4: 244/ 1.
 (3)- الدروع الواقية: 58 «مخطوط».
 (4)- الإختصاص: 361.
 (1) الحاقّة 69: 32، 33.
 (2) في النسخ: ابن بابويه، وهم صحيحه ما أثبتناه.
 (3) في النسخ: حرها.
 (4) في المصدر: يفتل و الظاهر أنّها تصحيف: يغلّ.

478
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة الآيات 25 الى 32 ص 478

نَاصِيَتَهُ، إِلَى قَدَمَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. قَالَ: فَيَبْتَدِرُهُ لِتَعْظِيمِ قَوْلِ اللَّهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ غِلَاظٌ شِدَادٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتِفُ لِحْيَتَهُ، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَعَضُّ لَحْمَهُ، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَحْطِمُ عِظَامَهُ، قَالَ: فَيَقُولُ: أَ مَا تَرْحَمُونِّي؟ قَالَ:
فَيَقُولُونَ: يَا شَقِيُّ، كَيْفَ نَرْحَمُكَ وَ لَا يَرْحَمُكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ! أَ فَيُؤْذِيكَ هَذَا؟ قَالَ: فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَشَدَّ الْأَذَى. قَالَ:
فَيَقُولُونَ: يَا شَقِيُّ، وَ كَيْفَ لَوْ طَرَحْنَاكَ فِي النَّارِ؟ قَالَ: فَيَدْفَعُهُ الْمَلَكُ فِي صَدْرِهِ دَفْعَةً فَيَهْوِي سَبْعِينَ أَلْفَ عَامٍ، قَالَ:
فَيَقُولُونَ: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا «1» قَالَ: فَيُقْرَنُ مَعَهُ حَجَرٌ [عَنْ يَمِينِهِ‏]، وَ شَيْطَانٌ عَنْ يَسَارِهِ، حَجَرُ كِبْرِيتٍ مِنْ نَارٍ يَشْتَعِلُ فِي وَجْهِهِ، وَ يَخْلُقُ اللَّهُ لَهُ سَبْعِينَ جِلْداً، كُلُّ جِلْدٍ غِلَظُهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً، [بِذِرَاعِ الْمَلَكِ الَّذِي يُعَذِّبُهُ، وَ] بَيْنَ الْجِلْدِ إِلَى الْجِلْدِ [أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً، وَ بَيْنَ الْجِلْدِ إِلَى الْجِلْدِ] حَيَّاتٌ وَ عَقَارِبُ مِنْ نَارٍ، وَ دِيدَانٌ مِنْ نَارٍ، رَأْسُهُ مِثْلُ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ، وَ فَخِذَاهُ مِثْلُ جَبَلِ وَرْقَانَ- وَ هُوَ جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ- مِشْفَرُهُ «2» أَطْوَلُ مِنَ مِشْفَرِ الْفِيلِ، فَيَسْحَبُهُ سَحْباً، وَ أُذُنَاهُ عَضُوضَانِ «3» بَيْنَهُمَا سُرَادِقٌ مِنْ نَارٍ تَشْتَعِلُ، قَدْ اطَّلَعَتِ النَّارُ مِنْ دُبُرِهِ عَلَى فُؤَادِهِ، فَلَا يَبْلُغُ دُوَيْنَ بُنْيَانِهَا «4» حَتَّى يُبَدَّلُ لَهُ سَبْعُونَ سِلْسِلَةً، لِلسِّلْسِلَةِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً، مَا بَيْنَ الذِّرَاعِ إِلَى الذِّرَاعِ حَلَقٌ، عَدَدَ قَطْرِ الْمَطَرِ، لَوْ وُضِعَتْ حَلْقَةٌ مِنْهَا عَلَى جِبَالِ الْأَرْضِ لَأَذَابَتْهَا».
و الحديث طويل، ذكرناه بتمامه في (معالم الزلفى) «5».
قوله تعالى:
إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ [33- 36] 11048/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ* وَ لا يَحُضُّ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ حُقُوقِ آلِ مُحَمَّدٍ الَّتِي غَصَبُوهَا، قَالَ اللَّهُ: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ أَيْ قَرَابَةٌ وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ قال: عَرَقِ الْكُفَّارِ.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (1) الأحزاب 33: 66.
 (2) المشفر للبعير، كالشّفة للإنسان. «لسان العرب 4: 419».
 (3) العضوض من الآبار: الشاقّة على الساقي في العمل، و قيل: هي البعيدة القعر الضيّقة. «لسان العرب 7: 190».
 (4) في المصدر: درين سامهما.
 (5) معالم الزلفى: 340.

479
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الحاقة الآيات 40 الى 52 ص 480

قوله تعالى:
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ- إلى قوله تعالى- فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [40- 52]
11049/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ؟ قَالَ: «يَعْنِي جَبْرَئِيلَ عَنِ اللَّهِ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: «قَالُوا: إِنَّ مُحَمَّداً كَذَّابٌ عَلَى رَبِّهِ، وَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهَذَا فِي عَلِيٍّ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ بِذَلِكَ قُرْآناً، فَقَالَ: إِنَّ وَلَايَةَ عَلِيٍّ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا «1» بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. ثُمَّ عَطَفَ الْقَوْلَ: [فَقَالَ‏] إِنَّ وَلَايَةَ عَلِيٍّ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ- لِلْعَالَمِينَ- وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ، وَ إِنَّ عَلِيّاً لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَ إِنَّ وَلَايَةَ عَلِيٍّ لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ- يَا مُحَمَّدُ- بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.
يَقُولُ: اشْكُرْ رَبَّكَ الْعَظِيمَ الَّذِي أَعْطَاكَ هَذَا الْفَضْلَ».
11050/ «2»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي خَبَرٍ- «لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ؛ قَالَ الْعَدَوِيُّ: لَا وَ اللَّهِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهَذَا، وَ مَا هُوَ إِلَّا شَيْ‏ءٌ يَتَقَوَّلُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ إِلَى قَوْلِهِ: وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ يَعْنِي مُحَمَّداً وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ يَعْنِي بِهِ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11051/ «3»- علي بن إبراهيم، قوله: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ قال: انتقمنا منه بالقوة «2» ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ قال: عرق في الظهر يكون منه الولد فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ يعني لا يحجز «3» اللّه أحد و لا يمنعه من رسول اللّه. قوله: وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ* وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 359/ 91.
 (2)- المناقب 3: 37.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (1) زاد في المصدر: محمّد.
 (2) في المصدر: بقوة.
 (3) زاد في المصدر: عن.

480
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج ص 481

سورة المعارج‏
فضلها
11052/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: أَكْثِرُوا مِنْ قِرَاءَةِ سَأَلَ سائِلٌ فَإِنَّ مَنْ أَكْثَرَ قِرَاءَتَهَا لَمْ يَسْأَلْهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ، وَ أَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
11053/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَدْرَكَتْهُمْ دَعْوَةُ نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ كَانَ مَأْسُوراً أَوْ مَسْجُوناً مُقَيَّداً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ، وَ حَفِظَهُ حَتَّى يَرْجِعَ».
11054/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ مَسْجُونٌ أَوْ مَأْسُورٌ فَرَّجَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ سَالِماً».
11055/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا لَيْلًا أَمِنَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ الِاحْتِلَامِ، وَ أَمِنَ فِي تَمَامِ لَيْلِهِ إِلَى أَنْ يُصْبِحَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 119.
 (2)- ......
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

481
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 1 الى 5 ص 482

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ- إلى قوله تعالى- فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا [1- 5]
11056/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ مَعْنَى هَذَا؟ فَقَالَ: «نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ مَلَكٌ يَسُوقُهَا مِنْ خَلْفِهَا حَتَّى تَأْتِيَ دَارَ [بَنِي‏] سَعْدِ بْنِ هَمَّامٍ عِنْدَ مَسْجِدِهِمْ، فَلَا تَدَعُ دَاراً لِبَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا أَحْرَقَتْهَا وَ أَهْلَهَا، وَ لَا تَدَعُ دَاراً فِيهَا وَتْرٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقَتْهَا، وَ ذَلِكَ الْمَهْدِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11057/ «2»- وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «لَمَّا اصْطَفَّتِ الْخَيْلَانِ يَوْمَ بَدْرٍ، رَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَقْطَعَنَا لِلرَّحِمِ، وَ آتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفُهُ، فَأَجِنَّهُ الْعَذَابَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ».
11058/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ، قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ عَنِ الْأَوْصِيَاءِ، وَ عَنْ شَأْنِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ مَا يُلْهَمُونَ فِيهَا؟ فَقَالَ: النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): سَأَلْتَ عَنْ عَذَابٍ وَاقِعٍ؛ ثُمَّ كَفَرْتَ «1» بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ، فَإِذَا وَقَعَ فَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ قَالَ:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 385.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 385.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 385.
 (1) في المصدر: كفر.

482
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 1 الى 5 ص 482

تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِي صُبْحِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَيْهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْوَصِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11059/ «4»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا أي لتكذيب من كذب إن ذلك لا يكون.
11060/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11061/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ [لَهُ‏] رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ فِيكَ شَبَهاً مِنْ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، وَ لَوْ لَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، قَالَ: فَغَضِبَ الْأَعْرَابِيَّانِ وَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ عِدَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَعَهُمْ، فَقَالُوا: مَا رَضِيَ أَنْ يَضْرِبَ لِابْنِ عَمِّهِ مَثَلًا إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ* وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ* وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يَعْنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ «1» قَالَ: فَغَضِبَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ يَتَوَارَثُونَ هِرَقْلًا بَعْدَ هِرَقْلٍ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَقَالَةَ الْحَارِثِ، وَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «2».
ثُمَّ قَالَ: يَا بْنَ عَمْرٍو، إِمَّا تُبْتَ، وَ إِمَّا رَحَلْتَ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، بَلْ تَجْعَلُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ شَيْئاً مِمَّا فِي يَدِكَ، فَقَدْ ذَهَبَتْ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكْرُمَةِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ، ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى.
فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ، قَلْبِي مَا يُتَابِعُنِي عَلَى التَّوْبَةِ، وَ لَكِنِ أَرْحَلُ عَنْكَ، فَدَعَا بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا، فَلَمَّا صَارَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ أَتَتْهُ جَنْدَلَةٌ، فَرَضَّتْ «3» هَامَتَهُ، ثُمَّ أَتَى الْوَحْيُ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ».
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 386.
 (5)- الكافي 1: 349/ 47.
 (6)- الكافي 8: 57/ 18.
 (1) الزخرف 43: 57- 60.
 (2) الأنفال 8: 33.
 (3) في المصدر: فرضخت.

483
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 1 الى 5 ص 482

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّا لَا نَقْرَؤُهَا هَكَذَا، فَقَالَ: «هَكَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هَكَذَا وَ اللَّهِ مُثْبَتٌ فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: انْطَلِقُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، فَقَدْ أَتَاهُ مَا اسْتَفْتَحَ بِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ «1»».
11062/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَمْرِو «2» ابْنِ الْحَسَنِ، عَنْ آدَمَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ، فِيمَنْ نَزَلَتْ؟ فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي، لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ شَيْ‏ءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، لَقَدْ سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) عَنْ مِثْلِ هَذَا الَّذِي قُلْتَ «3» فَقَالَ: «أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) خَطِيباً، ثُمَّ دَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخَذَ بِضَبْعَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِمَا، وَ قَالَ لِلنَّاسِ: أَ لَمْ أُبَلِّغْكُمُ الرِّسَالَةَ؟ أَ لَمْ أَنْصَحْ لَكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ.
قَالَ: فَفَشَتْ هَذِهِ فِي النَّاسِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَارِثَ بْنَ النُّعْمَانِ الْفِهْرِيَّ، فَرَحَلَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَيْهَا، وَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذْ ذَاكَ بِالْأَبْطَحِ، فَأَنَاخَ نَاقَتَهُ، ثُمَّ عَقَلَهَا، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّكَ دَعْوَتَنَا إِلَى أَنْ نَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَفَعَلْنَا «4»، ثُمَّ دَعْوَتَنَا إِلَى أَنْ نَقُولَ: إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَفَعَلْنَا وَ الْقَلْبُ فِيهِ مَا فِيهِ، ثُمَّ قُلْتَ لَنَا: صَلُّوا فَصَلَّيْنَا، ثُمَّ قُلْتَ لَنَا: صُومُوا فَصُمْنَا، ثُمَّ قُلْتَ لَنَا: حُجُّوا فَحَجَجْنَا، ثُمَّ قُلْتَ لَنَا: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، فَهَذَا عَنْكَ أَمْ عَنِ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَهُ: بَلْ عَنِ اللَّهِ، فَقَالَهَا ثَلَاثاً، فَنَهَضَ وَ إِنَّهُ لَمُغْضَبٌ، وَ إِنَّهُ لَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ حَقّاً فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ، تَكُونُ نَقِمَةً فِي أَوَّلِنَا وَ آيَةً فِي آخِرِنَا، وَ إِنْ كَانَ مَا يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ كَذِباً فَأَنْزِلْ بِهِ نَقِمَتَكَ، ثُمَّ رَكِبَ نَاقَتَهُ وَ اسْتَوَى عَلَيْهَا، فَرَمَاهُ اللَّهُ بِحَجَرٍ عَلَى رَأْسِهِ «5» فَسَقَطَ مَيِّتاً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ».
11063/ «8»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ تَلَا: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)».
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 722/ 1.
 (8)- تأويل الآيات 2: 723/ 2.
 (1) إبراهيم 14: 15.
 (2) في المصدر: عمر.
 (3) في المصدر: مثل الذي سألتني.
 (4) في المصدر: فقلنا، و كذا التي بعدها.
 (5) في المصدر: ثمّ استوى على ناقته فأثارها، فلمّا خرج من الأبطح رماه اللّه بحجر على رأسه فخرج من دبره.

484
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 1 الى 5 ص 482

11064/ «9»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هَكَذَا هُوَ مُثْبَتٌ فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)».
11065/ «10»- أَبُو عَلِيٍّ الطَّبْرِسِيُّ، فِي (مَجْمَعِ الْبَيَانِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَمْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسْكَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْجُرْجَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا نَصَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، وَ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، شَاعَ «1» ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ، فَقَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) النُّعْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ الْفِهْرِيُّ، فَقَالَ: أَمَرْتَنَا عَنِ اللَّهِ أَنْ نَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَمَرْتَنَا بِالْجِهَادِ وَ الْحَجِّ وَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ فَقَبِلْنَاهَا، ثُمَّ لَمْ تَرْضَ حَتَّى نَصَبْتَ هَذَا الْغُلَامَ، فَقُلْتُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، فَهَذَا شَيْ‏ءٌ مِنْكَ أَوْ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: بَلَى وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّ هَذَا مِنَ اللَّهِ، فَوَلَّى النُّعْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ وَ هُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ، فَرَمَاهُ اللَّهُ بِحَجَرٍ عَلَى رَأْسِهِ فَقَتَلَهُ، وَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ».
قلت و تقدم ذلك في حديث طويل، في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ من سورة الأنعام، رواه المفضل بن عمر، عن جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام) «2».
11066/ «11»- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ فِي كِتَابِ (الْغَيْبَةِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)
: «كَيْفَ تَقْرَءُونَ هَذِهِ السُّورَةَ؟» قَالَ: قُلْتُ: وَ أَيُّ سُورَةٍ؟ قَالَ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ.
قُلْتُ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ فَقَالَ: «لَيْسَ هُوَ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ وَ إِنَّمَا هُوَ (سَالَ سَيْلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ) وَ هِيَ نَارٌ تَقَعُ بِالثُّوَيَّةِ، ثُمَّ تَمْضِي إِلَى كُنَاسَةِ، بَنِي أَسَدٍ، ثُمَّ تَمْضِي إِلَى ثَقِيفٍ، فَلَا تَدَعُ وَتْراً لِآلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقَتْهُ».
11067/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ‏
__________________________________________________
 (9)- تأويل الآيات 2: 723/ 3.
 (10)- مجمع البيان 10: 529.
 (11)- الغيبة 272/ 49.
 (12)- الغيبة: 272/ 48.
 (1) في المصدر: طار.
 (2) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (146- 151) من سورة الأنعام.

485
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 1 الى 5 ص 482

اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ، فَقَالَ: «تَأْوِيلُهَا فِيمَا يَجِي‏ءُ: عَذَابٌ يَقَعُ فِي الثُّوَيَّةِ- يَعْنِي نَاراً- تَنْتَهِي إِلَى «1» كُنَاسَةِ بَنِي أَسَدٍ حَتَّى تَمُرَّ بِثَقِيفٍ، لَا تَدَعُ وَتْراً لِآلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقَتْهُ، وَ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11068/ «13»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: وَ سُئِلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ، فِيمَنْ نَزَلَ؟ قَالَ: سَأَلْتَنِي عَنْ مَسْأَلَةٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِغَدِيرِ خُمٍّ، نَادَى النَّاسَ فَاجْتَمَعُوا، فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، فَشَاعَ ذَلِكَ وَ طَارَ فِي «2» الْبِلَادِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَارِثَ بْنَ النُّعْمَانِ الْفِهْرِيَّ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى أَتَى الْأَبْطَحَ، فَنَزَلَ عَنْ نَاقَتِهِ وَ عَقَلَهَا، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَرْتَنَا عَنِ اللَّهِ أَنْ نَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهُ فَقَبِلْنَاهُ مِنْكَ، وَ أَمَرْتَنَا أَنْ نُصَلِّيَ خَمْساً فَقَبِلْنَاهُ مِنْكَ، وَ أَمَرْتَنَا أَنْ نَصُومَ شَهْراً فَقَبِلْنَاهُ، وَ أَمَرْتَنَا أَنْ نَحُجَّ الْبَيْتَ فَقَبِلْنَاهُ، ثُمَّ لَمْ تَرْضَ بِهَذَا حَتَّى رَفَعْتَ بِضَبْعَيِ ابْنِ عَمِّكَ فَفَضَّلْتَهُ عَلَيْنَا وَ قُلْتُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، وَ هَذَا شَيْ‏ءٌ مِنْكَ أَمْ مِنَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَوَلَّى الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ، يُرِيدُ رَاحِلَتَهُ، وَ هُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقّاً فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، فَمَا وَصَلَ إِلَيْهَا حَتَّى رَمَاهُ بِحَجَرٍ فَسَقَطَ عَلَى هَامَتِهِ، وَ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ فَقَتَلَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ».
11069/ «14»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قال: في يوم القيامة خمسون موقفا، كل موقف ألف سنة.
11070/ «15»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، وَ عَلِيُّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، جَمِيعاً، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ لَا يَسْأَلَ رَبَّهُ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ، فَلْيَيْأَسْ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ، وَ لَا يَكُونُ لَهُ رَجَاءٌ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، فَإِذَا عَلِمَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ لَمْ يَسْأَلْهُ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ، فَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا عَلَيْهَا، فَإِنَّ لِلْقِيَامَةِ خَمْسِينَ مَوْقِفاً، كُلُّ مَوْقِفٍ مِقْدَارُهُ أَلْفُ سَنَةٍ»، ثُمَّ تَلَا: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ «3».
وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ): قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ‏
__________________________________________________
 (13)- ....... نور الأبصار: 87، عن الثعلبي.
 (14)- تفسير القمّيّ 2: 386.
 (15)- الكافي 2: 119/ 2.
 (1) في المصدر: نارا حتّى تنتهي إلى الكناسة.
 (2) في «ط»: ذلك في أقطار.
 (3) (فحاسبوا أنفسكم ... ألف سنة) ليس في المصدر.

486
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 1 الى 5 ص 482

أَنْ لَا يَسْأَلَ اللَّهَ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ» وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «1».
وَ رَوَاهُ الْمُفِيدُ فِي (أَمَالِيهِ) بِإِسْنَادِهِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «2».
11071/ «16»- الطَّبْرِسِيُّ: رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَوْ وَلِيَ الْحِسَابَ غَيْرُ اللَّهِ لَمَكَثُوا فِيهِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْرُغُوا، وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ فِي سَاعَةٍ».
11072/ «17»- قَالَ: وَ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَطْوَلَ هَذَا الْيَوْمَ؟ فَقَالَ: «وَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَيَخِفُّ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا».
11073/ «18»- وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا يَنْتَصِفُ ذَلِكَ الْيَوْمُ حَتَّى يَكُونَ يُقْبَلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ».
11074/ «19»- السَّيِّدُ الْمُعَاصِرُ فِي (الرَّجْعَةِ): عَنْ أَسَدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِقْدَارَهُ فِي الْقُرْآنِ: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ: «هِيَ كَرَّةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَكُونُ مُلْكُهُ فِي كَرَّتِهِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَ يَمْلِكُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي كَرَّتِهِ أَرْبَعاً وَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ سَنَةٍ».
قوله تعالى:
يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ- إلى قوله تعالى- وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً [8- 21] 11075/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ، قال: الرصاص الذائب و النحاس كذلك تذوب السماء، و قوله: وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً قال: لا ينفع.
11076/ «2»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُبَصَّرُونَهُمْ‏
__________________________________________________
 (16)- مجمع البيان 10: 531.
 (17)- مجمع البيان 10: 531.
 (18)- مجمع البيان 10: 531.
 (19)- الرجعة: 3 «مخطوط».
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 386.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 386.
 (1) الأمالي 1: 34.
 (2) الأمالي: 274/ 1.

487
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 8 الى 21 ص 487

يَقُولُ: «يُعَرَّفُونَهُمْ ثُمَّ لَا يَتَسَاءَلُونَ، قَوْلُهُ: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ* وَ صاحِبَتِهِ وَ أَخِيهِ* وَ فَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَ هِيَ أُمُّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ».
11077/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: كَلَّا إِنَّها لَظى‏، قال: تلتهب عليهم النار، قوله تعالى:
نَزَّاعَةً لِلشَّوى‏ قال: تنزع عينيه و تسود وجهه تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّى، قال: تجره إليها وَ جَمَعَ فَأَوْعى‏ أي جمع مالا و دفنه و وعاه و لم ينفقه في سبيل اللّه، و قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً أي حريصا إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، قال: الشر: هو الفقر و الفاقة وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً، قال: الغناء و السعة.
قوله تعالى:
إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ [22- 23]
11078/ «2»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ: إِلَّا الْمُصَلِّينَ فَوَصَفَهُمْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ يَقُولُ: إِذَا فَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئاً مِنَ النَّوَافِلِ دَامَ عَلَيْهِ».
11079/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ «1»، قَالَ: «هِيَ الْفَرِيضَةُ»، قُلْتُ: الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ؟ قَالَ:
 «هِيَ النَّافِلَةُ».
11080/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ، قَالَ: «أُولَئِكَ وَ اللَّهِ أَصْحَابُ الْخَمْسِينَ مِنْ شِيعَتِنَا» قَالَ: قُلْتُ: وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ «2»؟ قَالَ: «أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْخَمْسِ [صَلَوَاتٍ‏] مِنْ شِيعَتِنَا» قَالَ: قُلْتُ: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ «3»؟ قَالَ: «هُمْ وَ اللَّهِ مِنْ شِيعَتِنَا».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 386.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 386.
 (3)- الكافي 3: 269/ 12.
 (4)- ..... تأويل الآيات 2: 724/ 4.
 (1) المؤمنون 23: 9.
 (2) المؤمنون 23: 9.
 (3) الواقعة 56: 27.

488
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 22 الى 23 ص 488

11081/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ نَافِلَةً فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَ لَكِنْ يَقْضِي بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ الَّذِينَ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ، وَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ، لَا تَقْضِي نَافِلَةً فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ، ابْدَأْ بِالْفَرِيضَةِ ثُمَّ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ».
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ [24- 25]
11082/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ لِلْفُقَرَاءِ فِي مَالِ «1» الْأَغْنِيَاءِ، فَرِيضَةً لَا يُحْمَدُونَ «2» بِأَدَائِهَا، وَ هِيَ الزَّكَاةُ، بِهَا حَقَنُوا «3» دِمَاءَهُمْ، وَ بِهَا سُمُّوا مُسْلِمِينَ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ حُقُوقاً غَيْرَ الزَّكَاةِ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، فَالْحَقُّ الْمَعْلُومُ [مِنْ‏] غَيْرِ الزَّكَاةِ وَ هُوَ شَيْ‏ءٌ يَفْرِضُهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَالِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرِضَهُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ وَ سَعَةِ مَالِهِ، فَيُؤَدِّي الَّذِي فَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَ إِنْ شَاءَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَ إِنْ شَاءَ فِي كُلِّ شَهْرٍ».
11083/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَا، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَعَنَا بَعْضُ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ، فَذَكَرُوا الزَّكَاةَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ الزَّكَاةَ لَيْسَ يُحْمَدُ بِهَا صَاحِبُهَا، إِنَّمَا هُوَ شَيْ‏ءٌ ظَاهِرٌ، إِنَّمَا حَقَنَ بِهَا دَمَهُ، وَ سُمِّيَ بِهَا مُسْلِماً، وَ لَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ، وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ غَيْرَ الزَّكَاةِ» [فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، وَ مَا عَلَيْنَا فِي أَمْوَالِنَا غَيْرُ الزَّكَاةِ؟] فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ! أَ مَا تَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ».
قَالَ: قُلْتُ: مَاذَا الْحَقُّ الْمَعْلُومُ الَّذِي عَلَيْنَا؟ قَالَ: «هُوَ الشَّيْ‏ءُ يَعْمَلُهُ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ، يُعْطِيهِ فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي الْجُمْعَةِ أَوْ فِي الشَّهْرِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يَدُومُ عَلَيْهِ».
__________________________________________________
 (4)- الخصال 628/ 10.
 (1)- الكافي 3: 498/ 8.
 (2)- الكافي 3: 499/ 9.
 (1) في المصدر: أموال.
 (2) زاد في المصدر: إلّا.
 (3) في «ج»: حصّنوا.

489
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 24 الى 25 ص 489

11084/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ أَ هُوَ سِوَى الزَّكَاةِ؟ فَقَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يُؤْتِيهِ اللَّهُ الثَّرْوَةَ مِنَ الْمَالِ، فَيُخْرِجُ مِنْهُ الْأَلْفَ وَ الْأَلْفَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ آلَافٍ وَ الْأَقَلَّ وَ الْأَكْثَرَ، فَيَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ، وَ يَحْمِلُ بِهِ الْكَلَّ «1» عَنْ قَوْمِهِ».
11085/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ مَا هَذَا الْحَقُّ الْمَعْلُومُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): الْحَقُّ الْمَعْلُومُ: الشَّيْ‏ءُ يُخْرِجُهُ الرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ، لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ، وَ لَا مِنَ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَتَيْنِ.
قَالَ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الزَّكَاةِ وَ لَا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ الشَّيْ‏ءُ يُخْرِجُهُ الرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ، إِنْ شَاءَ أَكْثَرَ، وَ إِنْ شَاءَ أَقَلَّ، عَلَى قَدْرِ مَا يَمْلِكُ.
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: فَمَا يَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: يَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ وَ يُقَوِّي بِهِ ضَعِيفاً «2»، وَ يَحْمِلُ بِهِ كَلًّا، أَوْ يَصِلُ بِهِ أَخاً لَهُ فِي اللَّهِ لِنَائِبَةٍ تَنُوبُهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: اللَّهُ يَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ».
11086/ «5»- ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: وَ عَنْهُ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ، قَالَ: «الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ الَّذِي قَدْ حُرِمَ كَدَّ يَدِهِ فِي الشِّرَاءِ وَ الْبَيْعِ».
11087/ «6»- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) أَنَّهُمَا قَالا: «الْمَحْرُومُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَيْسَ بِعَقْلِهِ بَأْسٌ، وَ لَمْ يُبْسَطْ لَهُ فِي الرِّزْقِ، وَ هُوَ مُحَارَفٌ».
11088/ «7»- الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنِّي لَأَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ طُوَالٌ جُعْشُمٌ «3» مُتَعَمِّمٌ بِعِمَامَةٍ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ- قَالَ- فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبِي، فَقَالَ: أَشْيَاءُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَعْلَمُهَا إِلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ؟- قَالَ- فَلَمَّا قَضَى أَبِي الطَّوَافَ دَخَلَ الْحِجْرَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَاهُنَا، أَبَا جَعْفَرٍ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ، فَسَأَلَهُ عَنْ الْمَسَائِلِ، فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ، قَالَ:
__________________________________________________
 (3)- الكافي 3: 499/ 10.
 (4)- الكافي 3: 500/ 11.
 (5)- الكافي 3: 500/ 12.
 (6)- الكافي 3: 500/ 12.
 (7)- تفسير العيّاشي 1: 29/ 5.
 (1) أي العيال و الثقل. «الصحاح 5: 1811».
 (2) في المصدر: و يقري به ضيفا.
 (3) الجعشم: هو المنتفخ الجنبين، الغليظهما. «لسان العرب 12: 102».

490
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 24 الى 25 ص 489

فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، مَا هَذَا الْحَقُّ الْمَعْلُومُ؟ قَالَ: هُوَ الشَّيْ‏ءُ يُخْرِجُهُ الرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ، فَيَكُونُ لِلنَّائِبَةِ وَ الصِّلَةِ. قَالَ: صَدَقْتَ، فَتَعَجَّبَ أَبِي مِنْ قَوْلِهِ: صَدَقْتَ، قَالَ: ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ أَبِي:
عَلَيَّ بِالرَّجُلِ- قَالَ- فَطَلَبْتُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ».
و الحديث بتمامه تقدم في قوله تعالى: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً من سورة البقرة «1».
11089/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عِيسَى بْنِ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ «2» مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: احْفَظْهُ يَا هَذَا وَ انْظُرْ كَيْفَ تَرْوِي عَنِّي، إِنَّ السَّائِلَ وَ الْمَحْرُومَ شَأْنُهُمَا عَظِيمٌ، أَمَّا السَّائِلُ فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَسْأَلَةِ اللَّهِ لَهُمْ فِي حَقِّهِ، وَ الْمَحْرُومُ هُوَ مَنْ حُرِمَ «3» الْخُمُسَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ ذُرِّيَّتُهُ الْأَئِمَّةُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)، هَلْ سَمِعْتَ وَ فَهِمْتَ؟ لَيْسَ هُوَ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ».
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [26]
11090/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: «بِخُرُوجِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ [29]
11091/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى، عَنْ‏
__________________________________________________
 (8)- تأويل الآيات 2: 724/ 5.
 (1)- الكافي 8: 287/ 432.
 (2)- الكافي 5: 453/ 2.
 (1) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآيات (30- 33) من سورة البقرة.
 (2) في المصدر: سأل أباه.
 (3) في النسخ: أحرم.

491
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج آية 29 ص 491

إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي سَارَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْهَا، يَعْنِي الْمُتْعَةَ؟ فَقَالَ لِي: «حَلَالٌ، فَلَا تَتَزَوَّجْ إِلَّا عَفِيفَةً، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ وَ لَا تَضَعْ فَرْجَكَ حَيْثُ لَا تَأْمَنُ عَلَى دَرَاهِمِكَ «1»».
قوله تعالى:
مُهْطِعِينَ* عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ- إلى قوله تعالى- عَلى‏ أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ [36- 41] 11092/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: مُهْطِعِينَ أي أَذِلَّاءَ، قوله: عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أي قُعُودٌ، قوله: كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ، قال: من نطفة ثمّ علقة، قوله: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ قال: مشارق الشتاء، و مشارق الصيف، و مغارب الشتاء، و مغارب الصيف، و هو قسم و جوابه: إِنَّا لَقادِرُونَ* عَلى‏ أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ.
11093/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنِ الْحَجَّالِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ، قَالَ: «لَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ مَشْرِقاً، وَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ سِتُّونَ مَغْرِباً، فَيَوْمُهَا الَّذِي تُشْرِقُ فِيهِ لَا تَعُودُ فِيهِ إِلَّا مِنْ قَابِلٍ، وَ يَوْمُهَا الَّذِي تَغْرُبُ فِيهِ لَا تَعُودُ فِيهِ إِلَّا مِنْ قَابِلٍ».
11094/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، سَلُونِي فَإِنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي عِلْماً» فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ، فَقَالَ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا الذَّارِيَاتِ ذَرْواً؟ قَالَ: «الرِّيَاحُ» قَالَ: فَمَا الْحَامِلَاتُ وِقْراً قَالَ: «السَّحَابُ»، قَالَ: فَمَا الْجَارِيَاتُ يُسْراً قَالَ: «السُّفُنُ» قَالَ: فَمَا الْمُقَسِّمَاتُ أَمْراً؟ قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ».
قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَدْتُ كِتَابَ اللَّهِ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضاً، قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا بْنَ الْكَوَّاءِ، كِتَابُ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 386.
 (2)- معاني الأخبار: 221/ 1.
 (3)- الإحتجاج: 259.
 (1) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «حيث لا تأمن» يحتمل وجوها.
الأول: أنّ من لا تأمنها على درهم كيف تأمنها على فرجك، فلعلّها تكون في عدّة غيرك فيكون وطؤك شبهة، و الاحتراز عن الشبهات مطلوب.
الثاني: أنّها إذا لم تكن عفيفة كانت فاسقة، فهي ليست بمحلّ للأمانة، فربما تذهب بدراهمك و لا تفي بالأجل.
الثالث: أنّها لما لم تكن مؤتمنة على الدراهم، فبالحريّ أن لا تؤن على ما يحصل من الفرج من الولد، فلعلّها تخلط ماءك بماء غيرك، أو أنّها لفسقها يحصل منها ولد غير مرضيّ. «مرآة العقول 20: 235».

492
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المعارج الآيات 36 الى 41 ص 492

يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَ لَا يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضاً، فَسَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ؟» قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ وَ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ «1»، وَ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ «2».
قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا بْنَ الْكَوَّاءِ، هَذَا الْمَشْرِقُ وَ هَذَا الْمَغْرِبُ، [وَ أَمَّا] قَوْلُهُ: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فَإِنَّ مَشْرِقَ الشِّتَاءِ عَلَى حِدَةٍ، وَ مَشْرِقَ الصَّيْفِ عَلَى حِدَةٍ، أَ مَا تَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ قُرْبِ الشَّمْسِ وَ بُعْدِهَا؟
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ فَإِنَّ لَهَا ثَلَاثَ مِائَةٍ وَ سِتِّينَ بُرْجاً، تَطْلُعُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ بُرْجٍ وَ تَغْرُبُ «3» فِي آخَرَ، فَلَا تَعُودُ إِلَيْهِ إِلَّا مِنْ قَابِلٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ».
11095/ «4»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ‏]: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ، قَالَ: «الْمَشَارِقُ:
الْأَنْبِيَاءُ، وَ الْمَغَارِبُ: الْأَوْصِيَاءُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)».
قوله تعالى:
يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ- إلى قوله تعالى- الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ [43- 44] 11096/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ قال: من القبور كَأَنَّهُمْ إِلى‏ نُصُبٍ يُوفِضُونَ، قال: إلى الداعي ينادون، قوله: تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ، قال: تصيبهم ذلة ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ.
11097/ «2»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُيَسِّرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ، قَالَ: «يَعْنِي يَوْمَ خُرُوجِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 725/ 6.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 387.
 (2)- تأويل الآيات 2: 726/ 7.
 (1) الرحمن 55: 17.
 (2) الشعراء 26: 28.
 (3) في المصدر: تغيب.

493
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح ص 495

سورة نوح‏
فضلها
11098/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يَقْرَأُ كِتَابَهُ، لَا يَدَعُ قِرَاءَةَ إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى‏ قَوْمِهِ فَأَيُّ عَبْدٍ قَرَأَهَا مُحْتَسِباً صَابِراً فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَسْكَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسَاكِنِ الْأَبْرَارِ، وَ أَعْطَاهُ ثَلَاثَ جِنَانٍ مَعَ جَنَّتِهِ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ، وَ زَوَّجَهُ مِائَتَيْ حَوْرَاءَ، وَ أَرْبَعَةَ آلَافِ ثَيِّبٍ إِنْشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
11099/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ طَلَبَ حَاجَةً سَهَّلَ اللَّهُ قَضَاءَهَا».
11100/ «3»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَاراً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ فِي الْجَنَّةِ، وَ إِذَا قُرِئَتْ فِي وَقْتِ طَلَبِ حَاجَةٍ قُضِيَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 120.
 (2)- ........
 (3)- خواصّ القرآن: 11 «مخطوط».

495
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح آية 1 ص 496

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى‏ قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [1] قد تقدم الخبر في ذلك في سورة هود و غيرها «1».
قوله تعالى:
وَ إِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً [7- 9] 11101/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ إِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَ اسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ، قال: استتروا بها وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً أي عزموا على أن لا يسمعوا شيئا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً، قال: دعوتهم سرا و علانية.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 387.
 (1) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود، و في تفسير الآية (14) من سورة العنكبوت.

496
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح الآيات 10 الى 12 ص 497

قوله تعالى:
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً- إلى قوله تعالى- وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً [10- 12]
11102/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، قَالَ: شَكَا الْأَبْرَشُ الْكَلْبِيُّ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: لَا يُولَدُ لَهُ، وَ قَالَ: عَلِّمْنِي شَيْئاً؟ قَالَ: «اسْتَغْفِرِ اللَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً إِلَى قَوْلِهِ وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ».
11103/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شَيْخٍ مَدِينِيٍّ، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ زُرَارَةَ «1»، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ الْإِذْنُ حَتَّى اغْتَمَّ، وَ كَانَ لَهُ حَاجِبٌ كَبِيرٌ «2» لَا يُولَدُ لَهُ، فَدَنَا مِنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ: «هَلْ لَكَ أَنْ تُوصِلَنِي إِلَى هِشَامٍ وَ أُعَلِّمَكَ دُعَاءً يُولَدُ لَكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، فَأَوْصَلَهُ إِلَى هِشَامٍ، وَ قَضَى لَهُ جَمِيعَ حَوَائِجِهِ.
قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ الْحَاجِبُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، الدُّعَاءَ الَّذِي قُلْتَ لِي؟ قَالَ لَهُ: «نَعَمْ قُلْ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِذَا أَصْبَحْتَ وَ أَمْسَيْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سَبْعِينَ مَرَّةً، وَ تَسْتَغْفِرُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ تُسَبِّحُ تِسْعَ مَرَّاتٍ «3»، وَ تَخْتِمُ الْعَاشِرَةَ بِالاسْتِغْفَارِ، يَقُولُ اللَّهُ «4» اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً* وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً» فَقَالَهَا الْحَاجِبُ فَرُزِقَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً كَثِيرَةً، وَ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِلُ أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ).
فقال سليمان: ففعلتها «5»، و قد تزوجت ابنة عم لي، فأبطأ علي الولد منها، فعلمتها أهلي فرزقت ولدا، و زعمت المرأة أنّها متى تشاء أن تحمل حملت إذا قالتها و علمتها غير واحد من الهاشميين ممن لم يكن يولد لهم، فولد لهم ولد كثير و الحمد لله.
__________________________________________________
 (1)- الكافي 6: 8/ 4.
 (2)- الكافي 6: 8/ 5.
 (1) في المصدر: عن شيخ مدني عن زرارة.
 (2) في المصدر: حاجب كثير الدنيا و.
 (3) (و تسبّح تسع مرّات) ليس في «ي».
 (4) في المصدر: بالاستغفار، ثمّ تقول قول اللّه عزّ و جلّ.
 (5) في المصدر: فقلتهما.

497
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح الآيات 10 الى 12 ص 497

11104/ «1»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَا يُولَدُ لِي. فَقَالَ: «اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ فِي السَّحَرِ مِائَةَ مَرَّةٍ، فَإِنْ نَسِيتَهُ فَاقْضِهِ «1»».
قوله تعالى:
لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً- إلى قوله تعالى- وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً [13- 22]
11105/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً، قَالَ: «لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً».
11106/ «3»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً، قال: على اختلاف الأهواء و الإرادات و المشيئات، قوله: وَ اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ أي على وجه «2» الأرض نَباتاً، قوله: رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً، قال: اتبعوا الأغنياء وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً أي كبيرا.
قوله تعالى:
وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً- إلى قوله تعالى- إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً [23- 27] 11107/ «4»- علي بن إبراهيم، قال: كان قوم مؤمنون قبل نوح (عليه السلام) فماتوا، فحزن عليهم الناس، فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا، فلما جاءهم الشتاء أدخلوها البيوت، فمضى ذلك القرن و جاء القرن الآخر، فجاءهم إبليس فقال لهم: إن هؤلاء الآلهة كانوا آباؤكم يعبدونها، فعبدوهم و ضل منهم بشر كثير، فدعا عليهم نوح (عليه السلام) حتى أهلكهم اللّه.
__________________________________________________
 (1)- الكافي 6: 9/ 6.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 387.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 387.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 387.
 (1) (فإن نسيته فاقضه) ليس في «ج، ي».
 (2) (وجه) ليس في المصدر.

498
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح الآيات 23 الى 27 ص 498

11108/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً، قَالَ: «كَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَاتُوا، فَضَجَّ قَوْمُهُمْ وَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَهُمْ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُمْ: اتَّخَذَ لَكُمْ أَصْنَاماً عَلَى صُوَرِهِمْ فَتَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ وَ تَأْنَسُونَ بِهِمْ وَ تَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَأَعَدَّ لَهُمْ أَصْنَاماً عَلَى مِثَالِهِمْ، فَكَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ [وَ يَنْظُرُونَ إِلَى تِلْكَ الْأَصْنَامِ، فَلَمَّا جَاءَهُمُ الشِّتَاءُ وَ الْأَمْطَارُ أَدْخَلُوا الْأَصْنَامَ الْبُيُوتَ، فَلَمْ يَزَالُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ‏] حَتَّى هَلَكَ ذَلِكَ الْقَرْنُ وَ نَشَأَ أَوْلَادُهُمْ فَقَالُوا: إِنَّ آبَاءَنَا كَانُوا يَعْبُدُونَ هَؤُلَاءِ، فَعَبَدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً الْآيَةَ».
11109/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَحْمَدَ ابْنِ رِزْقٍ الْغُمْشَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَشَلِّ بَيَّاعِ الْأَنْمَاطِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَتْ قُرَيْشٌ تُلَطِّخُ الْأَصْنَامَ الَّتِي كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ بِالْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ، وَ كَانَ يَغُوثُ قِبَالَ الْبَابِ، وَ كَانَ يَعُوقُ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ، وَ كَانَ نَسْرٌ عَنْ يَسَارِهَا، وَ كَانُوا إِذَا دَخَلُوا خَرُّوا سُجَّداً لِيَغُوثَ وَ لَا يَنْحَنُونَ، ثُمَّ يَسْتَدْبِرُونَ «1» بِحِيَالِهِمْ إِلَى يَعُوقَ، ثُمَّ يَسْتَدْبِرُونَ بِحِيَالِهِمْ إِلَى نَسْرٍ، ثُمَّ يُلَبُّونَ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَ مَا مَلَكَ، قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ ذُبَاباً أَخْضَرَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ ذَلِكَ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ شَيْئاً إِلَّا أَكَلَهُ، وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ «2»».
11110/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ وُلْدِ أَبِي فَاطِمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي أَرَدْتُ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، فَأَرَدْتُ أَنْ أُسَلِّمَ عَلَيْكَ وَ أُوَدِّعَكَ، فَقَالَ لَهُ: وَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ أَرَدْتَ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: الْفَضْلَ، جُعِلْتُ فِدَاكَ. قَالَ: فَبِعْ رَاحِلَتَكَ وَ كُلْ زَادَكَ، وَ صَلِّ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ فِيهِ حِجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، وَ النَّافِلَةَ عُمْرَةٌ مَبْرُورَةٌ، وَ الْبَرَكَةَ فِيهِ عَلَى «3» اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا، يَمِينُهُ يُمْنٌ، وَ يَسَارُهُ مَكْرٌ، وَ فِي وَسَطِهِ عَيْنٌ مِنْ دُهْنٍ، وَ عَيْنٌ مِنْ لَبَنٍ، وَ عَيْنٌ مِنْ مَاءٍ شَرَابٍ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَ عَيْنٌ مِنْ مَاءٍ طُهْرٍ لِلْمُؤْمِنِينَ، مِنْهُ سَارَتْ سَفِينَةُ نُوحٍ، وَ كَانَ‏
__________________________________________________
 (2)- علل الشرائع: 3/ 1.
 (3)- الكافي 4: 542/ 11.
 (4)- الكافي 3: 491/ 2.
 (1) في «ط، ج»: يستدبرون، و هكذا التي بعدها.
 (2) الحجّ 22: 73.
 (3) في «ج، ي»: منه.

499
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح الآيات 23 الى 27 ص 498

فِيهِ نَسْرٌ وَ يَغُوثُ وَ يَعُوقُ، وَ صَلَّى فِيهِ سَبْعُونَ نَبِيّاً، وَ سَبْعُونَ وَصِيّاً أَنَا أَحَدُهُمْ- وَ قَالَ «1» بِيَدِهِ فِي صَدْرِهِ- مَا دَعَا فِيهِ مَكْرُوبٌ بِمَسْأَلَةٍ فِي حَاجَةِ مِنَ الْحَوَائِجِ إِلَّا أَجَابَهُ اللَّهُ وَ فَرَّجَ عَنْهُ كُرْبَتَهُ».
11111/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «وَ لَبِثَ نُوحٌ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ، فَيَهْزَءُونَ بِهِ وَ يَسْخَرُونَ مِنْهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ دَعَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ «2» وَ أَوْسِعْهَا وَ عَجِّلْ عَمَلَهَا، فَعَمِلَ نُوحٌ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَفِينَةً فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ [بِيَدِهِ‏] فَأَتَى بِالْخَشَبِ مِنْ بُعْدٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا».
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَانْقَطَعَ حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَقَامَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَصَلَّى الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَالْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِعٍ «3» الدَّارِيِّينَ «4»، وَ هُوَ مَوْضِعُ «5» ابْنِ حُكَيْمٍ، وَ ذَلِكَ فُرَاتٌ الْيَوْمَ، فَقَالَ: «يَا مُفَضَّلُ، وَ هَا هُنَا نُصِبَتْ أَصْنَامُ قَوْمِ نُوحٍ: يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً «6»».
11112/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَ رَأَيْتَ نُوحاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حِينَ دَعَا عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): « [إِنَّهُ‏] لَمْ «7» يَنْجُبْ مِنْ بَيْنِهِمْ أَحَدٌ».
قَالَ: قُلْتُ: وَ كَيْفَ عَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ، فَعِنْدَهَا «8» دَعَا عَلَيْهِمْ بِهَذَا الدُّعَاءِ».
11113/ «7»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنِ‏
__________________________________________________
 (5)- الكافي 8: 280/ 421.
 (6)- علل الشرائع: 31/ 1.
 (7)- كمال الدين و تمام النعمة: 133/ 2.
 (1) أي ضرب. «مجمع البحرين 5: 458».
 (2) في المصدر: سفينة.
 (3) زاد في المصدر: دار.
 (4) الدّاريّ: العطّار. «لسان العرب 4: 299».
 (5) زاد في المصدر: دار.
 (6) زاد في المصدر: ثمّ مضى حتّى ركب دابته.
 (7) في المصدر: لا.
 (8) في المصدر: فعند هذا.

500
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح الآيات 23 الى 27 ص 498

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى نُبُوَّةَ نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَيْقَنَ الشِّيعَةُ بِالْفَرَجِ، اشْتَدَّتِ الْبَلْوَى وَ عَظُمَتِ الْغُرْبَةُ «1» إِلَى أَنْ آلَ الْأَمْرُ إِلَى شِدَّةٍ شَدِيدَةٍ نَالَتِ الشِّيعَةَ، وَ الْوُثُوبِ عَلَى نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ، حَتَّى مَكَثَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَجْرِي الدَّمُ مِنْ أُذُنِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، وَ ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ مَبْعَثِهِ، وَ هُوَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ يَدْعُوهُمْ لَيْلًا وَ نَهَاراً فَيَهْرُبُونَ، وَ يَدْعُوهُمْ سِرّاً فَلَا يُجِيبُونَ، وَ يَدْعُوهُمْ عَلَانِيَةً فَيُوَلُّونَ.
فَهَمَّ بَعْدَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ، وَ جَلَسَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِلدُّعَاءِ، فَهَبَطَ إِلَيْهِ وَقْدٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَ هُمْ ثَلَاثَةُ أَمْلَاكٍ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَنَا حَاجَةٌ. قَالَ: وَ مَا هِيَ؟ قَالُوا: تُؤَخِّرَ الدُّعَاءَ عَلَى قَوْمِكَ، فَإِنَّهَا أَوَّلُ سَطْوَةٍ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْأَرْضِ، قَالَ: قَدْ أَخَّرْتُ الدُّعَاءَ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ أُخْرَى، وَ عَادَ إِلَيْهِمْ، فَصَنَعَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، وَ يَفْعَلُونَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ أُخْرَى وَ يَئِسَ مِنْ إِيمَانِهِمْ، جَلَسَ فِي وَقْتِ ضُحَى النَّهَارِ لِلدُّعَاءِ، فَهَبَطَ عَلَيْهِ وَفْدٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَ هُمْ ثَلَاثُمِائَةِ أَمْلَاكٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، وَ قَالُوا: نَحْنُ وَفْدٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ خَرَجْنَا بُكْرَةً وَ جِئْنَا «2» صَحْوَةً، ثُمَّ سَأَلُوهُ مِثْلَ مَا سَأَلَهُ وَفْدُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مِثْلِ مَا أَجَابَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةَ.
وَ عَادَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ فَلَا يَزِيدُهُمْ دُعَاؤُهُ إِلَّا فِرَاراً، حَتَّى انْقَضَتْ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ أُخْرَى تَتِمَّةُ تِسْعِمِائَةِ سَنَةٍ، فَصَارَتْ إِلَيْهِ الشِّيعَةُ، وَ شَكَوْا مَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْعَامَّةِ وَ الطَّوَاغِيتِ وَ سَأَلُوهُ الدُّعَاءَ بِالْفَرَجِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَ صَلَّى وَ دَعَا، فَهَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). فَقَالَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ أَجَابَ دَعْوَتَكَ فَقُلْ لِلشِّيعَةِ يَأْكُلُونَ التَّمْرَ وَ يَغْرِسُونَ النَّوَى وَ يُرَاعُونَهُ «3» حَتَّى يُثْمِرَ، فَإِذَا أَثْمَرَ، فَرَّجْتُ عَنْهُمْ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ عَرَّفَهُمْ ذَلِكَ فَاسْتَبْشَرُوا بِهِ، فَأَكَلُوا التَّمْرَ وَ غَرَسُوا النَّوَى وَ رَاعَوْهُ حَتَّى أَثْمَرَ، ثُمَّ صَارُوا إِلَى نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالتَّمْرِ، وَ سَأَلُوهُ أَنْ يُنْجِزَ لَهُمُ الْوَعْدَ، فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: قُلْ لَهُمْ: كُلُوا هَذَا التَّمْرَ، وَ اغْرِسُوا النَّوَى، فَإِذَا أَثْمَرَ فَرَّجْتُ عَنْكُمْ:
فَلَمَّا ظَنُّوا أَنَّ الْخُلْفَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ، ارْتَدَّ مِنْهُمُ الثُّلُثُ وَ ثَبَتَ الثُّلُثَانِ، فَأَكَلُوا التَّمْرَ وَ غَرَسُوا النَّوَى حَتَّى إِذَا أَثْمَرَ أَتَوْا بِهِ نُوحاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَخْبَرُوهُ وَ سَأَلُوهُ أَنْ يُنْجِزَ لَهُمُ الْوَعْدَ، فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ قُلْ لَهُمْ: كُلُوا هَذَا التَّمْرَ، وَ اغْرِسُوا النَّوَى، فَارْتَدَّ الثُّلُثُ الْآخَرُ وَ بَقِيَ الثُّلُثُ، فَأَكَلُوا التَّمْرَ وَ غَرَسُوا النَّوَى، فَلَمَّا أَثْمَرَ أَتَوْا بِهِ نُوحاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالُوا: لَمْ يَبْقَ مِنَّا إِلَّا الْقَلِيلُ وَ نَحْنُ نَتَخَوَّفُ عَلَى أَنْفُسِنَا بِتَأَخُّرِ الْفَرَجِ أَنْ نَهْلِكَ، فَصَلَّى نُوحٌ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ، لَمْ يَبْقَ مِنْ أَصْحَابِي إِلَّا هَذِهِ الْعِصَابَةُ، وَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِمُ الْهَلَاكَ إِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْفَرَجُ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: قَدْ أَجَبْتُ دُعَاءَكَ، فَاصْنَعِ الْفُلْكَ، وَ كَانَ بَيْنَ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَ الطُّوفَانِ خَمْسُونَ سَنَةً».
__________________________________________________
 (1) في المصدر: الفرية.
 (2) في المصدر: و جئناك.
 (3) في المصدر: يأكلوا التمر و يغرسوا النوى و يراعوه.

501
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح الآيات 23 الى 27 ص 498

11114/ «8»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً «1»، يَقُولُ: «بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ»، وَ قَوْلُهُ: وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً قَالَ: «كَانَتْ وَدٌّ صَنَماً لِكَلْبٍ، وَ كَانَتْ سُوَاعٌ لِهُذَيْلٍ، وَ كَانَتْ يَغُوثُ لِمُرَادٍ، وَ كَانَتْ يَعُوقُ لِهَمْدَانَ، وَ كَانَتْ نَسْرٌ لِحُصَيْنٍ». وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا، قَالَ: «هَلَاكاً وَ تَدْمِيراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ».
11115/ «9»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ فُضَيْلٍ الرَّسَّانِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مِيثَمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا كَانَ عِلْمُ نُوحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حِينَ دَعَا عَلَى قَوْمِهِ أَنَّهُمْ لَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً؟ فَقَالَ: «أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنُوحٍ: أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ «2»».
قوله تعالى:
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً [28]
11116/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً: «إِنَّمَا يَعْنِي الْوَلَايَةَ، مَنْ دَخَلَ فِي الْوَلَايَةِ دَخَلَ فِي بَيْتِ الْأَنْبِيَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3» يَعْنِي الْأَئِمَّةَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ وَلَايَتَهُمْ، مَنْ دَخَلَ فِيهَا دَخَلَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11117/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ أَخْبَرَنَا: أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ:
__________________________________________________
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 387.
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 388.
 (1)- الكافي 1: 350/ 54.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 388.
 (1) نوح 71: 15.
 (2) هود 11: 36.
 (3) الأحزاب 33: 33.

502
البرهان في تفسير القرآن5

سورة نوح آية 28 ص 502

رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً: «إِنَّمَا يَعْنِي الْوَلَايَةَ، مَنْ دَخَلَ فِيهَا دَخَلَ فِي بُيُوتِ الْأَنْبِيَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11118/ «3»- ابن شهر آشوب: عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً و قد كان قبر عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) مع نوح (عليه السلام) في السفينة، فلما خرج من السفينة ترك قبره خارج الكوفة، فسأل نوح (عليه السلام) ربه المغفرة لعلي و فاطمة (عليهما السلام) و هو قوله: وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ، ثمّ قال: وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ يعني الظلمة لأهل بيت محمد (صلّى اللّه عليه و آله) إِلَّا تَباراً».
11119/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً، التَّبَارُ: الْخَسَارُ.
__________________________________________________
 (3)- المناقب 3: 309.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 388.

503
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن ص 505

سورة الجن‏
فضلها
11120/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَكْثَرَ قِرَاءَةَ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ لَمْ يُصِبْهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا شَيْ‏ءٌ مِنْ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَ لَا نَفْثِهِمْ «1» وَ لَا سِحْرِهِمْ «2» وَ لَا كَيْدِهِمْ، وَ كَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا أُرِيدُ مِنْهُ بَدَلًا، وَ لَا «3» أَبْغِي عَنْهُ حِوَلًا».
11121/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ كُلِّ جِنِّيٍّ وَ شَيْطَانٍ صَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَوْ «4» كَذَّبَ بِهِ عِتْقَ رَقَبَةٍ، وَ أَمِنَ مِنَ الْجِنِّ».
11122/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا كَانَ لَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ، وَ أَمَّنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْجِنِّ».
11123/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قِرَاءَتُهَا تَهْرُبُ الْجَانَّ مِنَ الْمَوْضِعِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ قَاصِدٌ إِلَى سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَمِنَ مِنْهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ مُغَلْغَلٌ سَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خُرُوجَهُ، وَ مَنْ أَدْمَنَ فِي قِرَائَتِهَا وَ هُوَ فِي ضِيقٍ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابَ الْفَرَجِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 120.
 (2)- ......
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن: 11 «مخطوط».
 (1) في «ي»: تفثهم.
 (2) زاد في المصدر: من.
 (3) في المصدر: أريد به بدلا و لا أريد أن.
 (4) في «ط، ي»: و.

505
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 1 الى 4 ص 506

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ- إلى قوله تعالى- يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً [1- 4] 11124/ «1»- علي بن إبراهيم: قُلْ يا محمّد لقريش: أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً و قد كتبنا خبرهم في آخر سورة الأحقاف «1».
قوله تعالى: وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً قال: هو شي‏ء قالته الجن بجهالة فلم يرضه اللّه منهم، و معنى جد ربّنا، أي بخت ربّنا.
قوله تعالى: وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً أي ظلما.
11125/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ الْجِنِّ: وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا فَقَالَ: «شَيْ‏ءٌ كَذَبَهُ الْجِنُّ فَقَصَّهُ اللَّهُ كَمَا قَالُوا».
11126/ «3»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ،
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 388.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 388.
 (3)- التهذيب 2: 316/ 1290.
 (1) تفسير القمّيّ 2: 300.

506
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 1 الى 4 ص 506

عَنْ مُيَسِّرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «شَيْئَانِ يُفْسِدُ النَّاسُ بِهِمَا صَلَاتَهُمْ: قَوْلُ الرَّجُلِ: تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَ تَعَالَى جَدُّكَ، وَ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَ إِنَّمَا هُوَ شَيْ‏ءٌ قَالَتْهُ الْجِنُّ بِجَهَالَةٍ، فَحَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُمْ. وَ قَوْلُ الرَّجُلِ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ «1»».
قوله تعالى:
وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً [6]
11127/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً قَالَ: «كَانَ الْجِنُّ يَنْزِلُونَ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهم رَهَقاً- قَالَ- كَانَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ إِلَى الْكَاهِنِ الَّذِي يُوحِي إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: قُلْ لِشَيْطَانِكَ: فُلَانٍ قَدْ عَاذَ بِكَ».
11128/ «2»- و قال عليّ بن إبراهيم أيضا، في قوله: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً، قال: كان الجن ينزلون على قوم من الإنس، و يخبرونهم الأخبار التي يسمعونها في السماء من قبل مولد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و كان الناس يكهنون بما خبروهم الجن. قوله: فَزادُوهُمْ رَهَقاً أَيْ خُسْرَاناً.
قوله تعالى:
وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً- إلى قوله تعالى- فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً [10- 13]
11129/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 389.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 389.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 391، 389.
 (1) قال المجلسي (رحمه اللّه): قلنا: الظاهر أن الإفساد للإتيان به في التشهّد الأول، كما تفعله العامّة. و في الثاني مخرج و لا تبطل به الصلاة، كما عليه الأخبار الكثيرة. «ملاذ الأخيار 4: 472».

507
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 10 الى 28 ص 507

وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً، فَقَالَ: «لَا، بَلْ وَ اللَّهِ شَرٌّ أُرِيدَ بِهِمْ حِينَ بَايَعُوا مُعَاوِيَةَ وَ تَرَكُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
قَوْلُهُ: فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً قَالَ: الْبَخْسُ، النُّقْصَانُ، وَ الرَّهَقُ: الْعَذَابُ.
11130/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ: أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى‏ آمَنَّا بِهِ قَالَ: «الْهُدَى:
الْوَلَايَةُ، آمَنَّا بِمَوْلَانَا فَمَنْ آمَنَ بِوَلَايَةِ مَوْلَاهُ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَ لَا رَهَقاً». قُلْتُ: تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: «لَا، تَأْوِيلٌ».
قُلْتُ: قَوْلُهُ: لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً. قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) دَعَا النَّاسَ إِلَى وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَعْفِنَا مِنْ هَذَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): هَذَا إِلَى اللَّهِ لَيْسَ إِلَيَّ. فَاتَّهَمُوهُ وَ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً* قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ «1» أَحَدٌ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً* إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَ رِسالاتِهِ فِي عَلِيٍّ». قُلْتُ: هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ تَوْكِيداً: وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً».
قُلْتُ: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً «2»: «يَعْنِي بِذَلِكَ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَنْصَارَهُ».
11131/ «3»- علي بن إبراهيم: قوله: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً أي على مذاهب مختلفة.
قوله تعالى:
وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً- إلى قوله تعالى- وَ أَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً [14- 28]
11132/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً، [قَالَ: «يَعْنِي لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ قَبِلُوا طَاعَتَهُمْ فِي أَمْرِهِمْ وَ نَهْيِهِمْ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً] يَقُولُ: لَأَشْرَبْنَا قُلُوبَهُمُ الْإِيمَانَ،
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 369/ 91.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 389.
 (4)- الكافي 1: 171/ 1.
 (1) زاد في المصدر: إن عصيته.
 (2) الجن 72: 21- 24.

508
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 10 الى 28 ص 507

وَ الطَّرِيقَةُ هِيَ وَلَايَةُ «1» عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ الْأَوْصِيَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11133/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً* لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ، قَالَ: «يَعْنِي اسْتَقَامُوا عَلَى الْوَلَايَةِ فِي الْأَصْلِ عِنْدَ الْأَظِلَّةِ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ عَلَى ذُرِّيَّةِ آدَمَ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً يَعْنِي لَكِنَّا أَسْقَيْنَاهُمْ مِنَ الْمَاءِ الْفُرَاتِ الْعَذْبِ».
11134/ «3»- وَ عَنْهُ: بِالْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً: «يَعْنِي لَأَمْدَدْنَاهُمْ عِلْماً، كَيْ يَتَعَلَّمُوهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11135/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً، قَالَ: «لَأَذَقْنَاهُمْ عِلْماً كَثِيراً يَتَعَلَّمُونَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: قَوْلُهُ: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ؟ قَالَ: «إِنَّمَا هَؤُلَاءِ يَفْتِنُهُمْ فِيهِ، يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ».
11136/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً* لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ: لَجَعَلْنَا أَظِلَّتَهُمْ فِي الْمَاءِ الْعَذْبِ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «2»».
11137/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً: «يَعْنِي مَنْ جَرَى فِيهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ شِرْكِ الشَّيْطَانِ، عَلَى الطَّرِيقَةِ، يَعْنِي فِي الْوَلَايَةِ فِي الْأَصْلِ عِنْدَ الْأَظِلَّةِ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، أَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً، لَكِنَّا وَضَعْنَا أَظِلَّتَهُمْ فِي الْمَاءِ الْفُرَاتِ الْعَذْبِ».
11138/ «7»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَعْنَاهُ لَأَفَدْنَاهُمْ «3» عِلْماً كَثِيراً
__________________________________________________
 (2)- تأويل الآيات 2: 727/ 1.
 (3)- تأويل الآيات 2: 727/ 2.
 (4)- تأويل الآيات 2: 728/ 3.
 (5)- تأويل الآيات 2: 728/ 4.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 391.
 (7)- مجمع البيان 10: 560.
 (1) في المصدر: هي الإيمان بولاية.
 (2) في المصدر: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ و فتنهم في عليّ (عليه السّلام) و ما فتنوا فيه و كفروا إلّا بما أنزل في ولايته.
 (3) في «ي، ط»: لأذقناهم.

509
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 10 الى 28 ص 507

يَتَعَلَّمُونَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11139/ «8»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً: «أَيْ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِوَلَايَتِنَا فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً* وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً مُعَاوِيَةَ وَ أَصْحَابِهِ وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً فالطريقة: الْوَلَايَةُ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً* وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً أَيْ الْأَحَدَ مَعَ «1» آلِ مُحَمَّدٍ، فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْ غَيْرِهِمْ إِمَاماً «2».
وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدْعُوهُمْ إِلَى وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كادُوا قُرَيْشٌ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً أَيْ يَتَعَادَوْنَ عَلَيْهِ، قَالَ: قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي، قَالَ: إِنَّمَا أَدْعُو أَمْرَ رَبِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ ضَرًّا وَ لا رَشَداً.
قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ إِنْ كَتَمْتُ مَا أُمِرْتُ بِهِ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً يَعْنِي مَأْوًى إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ أُبَلِّغُكُمْ مَا أَمَرَنِيَ اللَّهُ بِهِ مِنْ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً.
قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، أَنْتَ قَسِيمُ النَّارِ، تَقُولُ: هَذَا لِي وَ هَذَا لَكَ قَالُوا «3»: فَمَتَى يَكُونُ مَا تَعِدُنَا بِهِ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ وَ النَّارِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ يَعْنِي الْمَوْتَ وَ الْقِيَامَةَ فَسَيَعْلَمُونَ يَعْنِي فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ أَصْحَابَ الضَّغَائِنِ مِنْ قُرَيْشٍ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً.
قَالُوا: فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قُلْ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً قَالَ: أَجَلًا عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ يَعْنِي عَلِيّاً الْمُرْتَضَى مِنَ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ: فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قَالَ: فِي قَلْبِهِ الْعِلْمَ، وَ مِنْ خَلْفِهِ الرَّصَدَ يُعَلِّمُهُ عِلْمَهُ، وَ يَزُقُّهُ الْعِلْمَ زَقّاً، وَ يُلْهِمُهُ اللَّهُ إِلْهَاماً، وَ الرَّصَدُ: التَّعْلِيمُ مِنَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِيُعَلِّمَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِمَا لَدَى الرَّسُولِ مِنَ الْعِلْمِ وَ أَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً مَا كَانَ أَوْ يَكُونُ مُنْذُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ زَلْزَلَةٍ أَوْ خَسْفٍ أَوْ قَذْفٍ، أَوْ أُمَّةٍ هَلَكَتْ فِيمَا مَضَى أَوْ تَهْلِكُ فِيمَا بَقِيَ، وَ كَمْ مِنْ إِمَامٍ جَائِرٍ أَوْ عَادِلٍ يَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ، وَ مَنْ يَمُوتُ مَوْتاً أَوْ يُقْتَلُ قَتْلًا، وَ كَمْ مِنْ إِمَامٍ مَخْذُولٍ لَا يَضُرُّهُ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُ، وَ كَمْ مِنْ إِمَامٍ مَنْصُورٍ لَا يَنْفَعُهُ نَصْرُ مَنْ نَصَرَهُ».
__________________________________________________
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 389.
 (1) في النسخ: من.
 (2) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: وليا.
 (3) في المصدر: قالت قريش.

510
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 10 الى 28 ص 507

11140/ «9»- و عنه: عن محمّد بن همام، عن جعفر، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن أحمد المدائني، قال:
حدّثني هارون بن مسلم، عن الحسين بن علوان، عن عليّ بن غراب، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله: وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ، قال: ذكر ربّه: ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قوله: فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً أي طلبوا الحق وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ الآية، قال: القاسط: الحائد عن الطريق.
11141/ «10»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً، قَالَ: «مَنْ أَعْرَضَ عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَسْلُكْهُ الْعَذَابَ الصَّعَدَ، وَ هُوَ أَشَدُّ الْعَذَابِ».
11142/ «11»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِي يَوْماً: «يَا حَمَّادُ، تُحْسِنُ أَنْ تُصَلِّيَ؟». فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، إِنِّي أَحْفَظُ كِتَابَ حَرِيزٍ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ:
 «لَا بَأْسَ عَلَيْكَ يَا حَمَّادُ، قُمْ فَصَلِّ» قَالَ: فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْقِبْلَةِ، فَاسْتَفْتَحْتُ الصَّلَاةَ، فَرَكَعْتُ وَ سَجَدْتُ، فَقَالَ: «يَا حَمَّادُ لَا تُحْسِنُ أَنْ تُصَلِّيَ، مَا أَقْبَحَ بِالرَّجُلِ مِنْكُمْ يَأْتِي عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً أَوْ سَبْعُونَ سَنَةً فَلَا يُقِيمُ صَلَاةً وَاحِدَةً بِحُدُودِهَا تَامَّةً؟!».
قَالَ حَمَّادٌ: فَأَصَابَنِي فِي نَفْسِي الذُّلُّ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَعَلَّمْتَنِي الصَّلَاةَ، فَقَامَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُنْتَصِباً، فَأَرْسَلَ يَدَيْهِ جَمِيعاً عَلَى فَخِذَيْهِ، قَدْ ضَمَّ أَصَابِعَهُ وَ قَرَّبَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مُنْفَرِجَاتٍ، وَ اسْتَقْبَلَ بِأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ جَمِيعاً الْقِبْلَةَ، لَمْ يُحَرِّفْهُمَا عَنِ الْقِبْلَةِ، وَ قَالَ بِخُشُوعٍ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» ثُمَّ قَرَأَ الْحَمْدَ بِتَرْتِيلٍ، وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثُمَّ صَبَرَ هُنَيْئَةً بِقَدْرِ مَا يَتَنَفَّسُ وَ هُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ وَجْهِهِ، وَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» وَ هُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَكَعَ وَ مَلَأَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّجَاتٍ، وَ رَدَّ رُكْبَتَيْهِ إِلَى خَلْفِهِ حَتَّى اسْتَوَى ظَهْرُهُ حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ أَوْ دُهْنٍ لَمْ تَزُلْ لِاسْتِوَاءِ ظَهْرِهِ، وَ مَدَّ عُنُقَهُ وَ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ سَبَّحَ ثَلَاثاً بِتَرْتِيلٍ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ» ثُمَّ اسْتَوَى قَائِماً، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنَ الْقِيَامِ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ثُمَّ كَبَّرَ وَ هُوَ قَائِمٌ، وَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ وَجْهِهِ.
ثُمَّ سَجَدَ وَ بَسَطَ كَفَّيْهِ مَضْمُومَتَيِ الْأَصَابِعِ بَيْنَ يَدَيْ رُكْبَتَيْهِ حِيَالَ وَجْهِهِ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ بِحَمْدِهِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَ لَمْ يَضَعْ شَيْئاً مِنْ جَسَدِهِ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهُ، وَ سَجَدَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَعْظُمٍ: الْكَفَّيْنِ وَ الرُّكْبَتَيْنِ وَ أَنَامِلِ إِبْهَامَيِ الرِّجْلَيْنِ وَ الْجَبْهَةِ وَ الْأَنْفِ، وَ قَالَ: «سَبْعَةٌ مِنْهَا فَرْضٌ يُسْجَدُ عَلَيْهَا، وَ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ:
وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً وَ هِيَ الْجَبْهَةُ وَ الْكَفَّانِ وَ الرُّكْبَتَانِ وَ الْإِبْهَامَانِ، وَ وَضْعُ الْأَنْفِ عَلَى‏
__________________________________________________
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 390.
 (10)- تأويل الآيات 2: 729/ 6.
 (11)- الكافي 3: 311/ 8.

511
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 10 الى 28 ص 507

الْأَرْضِ سُنَّةٌ». ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، فَلَمَّا اسْتَوَى جَالِساً قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» ثُمَّ قَعَدَ عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْسَرِ، وَ قَدْ وَقَعَ «1» ظَاهِرُ قَدَمِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْأَيْسَرِ، وَ قَالَ: «أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ» ثُمَّ كَبَّرَ وَ هُوَ جَالِسٌ، وَ سَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَ قَالَ كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى، وَ لَمْ يَضَعْ شَيْئاً مِنْ بَدَنِهِ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهُ فِي رُكُوعٍ وَ لَا سُجُودٍ، وَ كَانَ مُجَنِّحاً، وَ لَمْ يَضَعْ ذِرَاعَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَلَى هَذَا، وَ يَدَاهُ مَضْمُومَتَا الْأَصَابِعِ وَ هُوَ جَالِسٌ فِي التَّشَهُّدِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ التَّشَهُّدِ سَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا حَمَّادُ، هَكَذَا صَلِّ».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (الْفَقِيهِ): عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، وَ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى الْجُهَنِيِّ «2».
وَ رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى «3».
11143/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، قَالَ: «هُمُ الْأَوْصِيَاءُ».
11144/ «13»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْمَسَاجِدُ: الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11145/ «14»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ، قَالَ: «هُمُ الْأَوْصِيَاءُ».
11146/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عِيسَى بْنِ دَاوُدَ النَّجَّارِ، عَنِ الْإِمَامِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، قَالَ: «سَمِعْتُ أَبِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولُ: هُمُ الْأَوْصِيَاءُ الْأَئِمَّةُ مِنَّا وَاحِدٌ فَوَاحِدٌ، فَلَا تَدْعُوا إِلَى غَيْرِهِمْ فَتَكُونُوا كَمَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، هَكَذَا نَزَلَتْ».
11147/ «16»- الْعَيَّاشِيُّ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوَادِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي حَدِيثِ سُؤَالِ الْمُعْتَصِمِ لَهُ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): السُّجُودُ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ: الْوَجْهِ، وَ الْيَدَيْنِ، وَ الرُّكْبَتَيْنِ، وَ الرِّجْلَيْنِ، وَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ يَعْنِي بِهِ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ السَّبْعَةَ الَّتِي يُسْجَدُ عَلَيْهَا فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً
__________________________________________________
 (12)- الكافي 1: 352/ 65.
 (13)- تفسير القمّيّ 2: 39.
 (14)- تأويل الآيات 2: 729/ 7.
 (15)- تأويل الآيات 2: 729/ 8.
 (16)- تفسير العيّاشيّ 1: 319/ 109.
 (1) في «ي»: وضع.
 (2) من لا يحضره الفقيه 1: 196/ 916.
 (3) أمالي الصدوق: 337/ 13.

512
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 10 الى 28 ص 507

وَ مَا كَانَ لِلَّهِ لَمْ يُقْطَعْ، يَعْنِي لَمْ يُقْطَعْ فِي السَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ مَفْصِلِ الْأَصَابِعِ مِنَ الْيَدِ، وَ يَبْقَى الْكَفُّ لِلسُّجُودِ عَلَيْهِ».
11148/ «17»- علي بن إبراهيم: قوله عزّ و جلّ: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قال:
المساجد السبعة التي يسجد عليها: الكفان، و عينا الركبتين، و الإبهامان، و الجبهة.
11149/ «18»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ، يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يَدْعُوهُ كناية عن اللّه كادُوا يعني قريشا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً أي أيدا. قوله تعالى: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ، قَالَ: الْقَائِمَ وَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فِي الرَّجْعَةِ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً قال: هو
قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِزُفَرَ: «وَ اللَّهِ يَا بْنَ صُهَاكَ، لَوْ لَا عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَهْدٌ «1» مِنَ اللَّهِ سَبَقَ، لَعَلِمْتَ أَيُّنَا أَضْعَفُ نَاصِراً، وَ أَقَلُّ عَدَداً».
قال: فلما أخبرهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ما يكون من الرجعة قالوا:
متى يكون هذا؟ قال اللّه: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً.
قوله تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قال: يخبر اللّه رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار، و ما يكون بعده من أخبار القائم (عليه السلام) و الرجعة و القيامة.
11150/ «19»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي (شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ)، قَالَ: رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يُوَكِّلُ اللَّهُ بِأَنْبِيَائِهِ مَلَائِكَةً يُحْصُونَ أَعْمَالَهُمْ وَ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِ بِتَبْلِيغِهِمْ الرِّسَالَةَ، وَ وَكَّلَ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَلَكاً عَظِيماً مُنْذُ فُصِلَ عَنِ الرَّضَاعِ يُرْشِدُهُ إِلَى الْخَيْرَاتِ وَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَ يَصُدُّهُ عَنِ الشَّرِّ وَ مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ، وَ هُوَ الَّذِي كَانَ يُنَادِيهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ هُوَ شَابٌّ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الرِّسَالَةِ بَعْدُ، فَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْحَجَرِ وَ الْأَرْضِ، فَيَتَأَمَّلُ فَلَا يَرَى شَيْئاً».
11151/ «20»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ يَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ «2»، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ابْتَدَعَ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا بِعِلْمِهِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ كَانَ قَبْلَهُ، فَابْتَدَعَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ، وَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُنَّ سَمَاوَاتٌ وَ لَا أَرَضُونَ، أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ‏
__________________________________________________
 (17)- تفسير القمّيّ 2: 390.
 (18)- تفسير القمّيّ 2: 390.
 (19)- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13: 207.
 (20)- الكافي 1: 200/ 2.
 (1) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: و كتاب.
 (2) الأنعام 6: 101.

513
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الجن الآيات 10 الى 28 ص 507

تَعَالَى: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ «1»؟».
فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ: أَ رَأَيْتَ قَوْلَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً؟ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ وَ كَانَ وَ اللَّهِ مُحَمَّدٌ مِمَّنِ ارْتَضَاهُ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ: عالِمُ الْغَيْبِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَالِمٌ بِمَا غَابَ عَنْ خَلْقِهِ فِيمَا يُقَدِّرُ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ يَقْضِيهِ فِي عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ وَ قَبْلَ أَنْ يُفْضِيَهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ، فَذَلِكَ- يَا حُمْرَانُ- عِلْمٌ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ، إِلَيْهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ، فَيَقْضِيهِ إِذَا أَرَادَ، وَ يَبْدُو لَهُ فِيهِ فَلَا يُمْضِيهِ، فَأَمَّا [الْعِلْمُ‏] الَّذِي يُقَدِّرُهُ [اللَّهُ‏] عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَقْضِيهِ وَ يُمْضِيهِ فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثُمَّ إِلَيْنَا».
__________________________________________________
 (1) هود 11: 7.

514
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المزمل ص 515

سورة المزّمّل‏
فضلها
11152/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْمُزَّمِّلِ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، أَوْ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، كَانَ لَهُ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ شَاهِدَيْنِ مَعَ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ، وَ أَحْيَاهُ اللَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَ أَمَاتَهُ مِيتَةً طَيِّبَةً».
11153/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ أَعْتَقَ رِقَاباً فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِعَدَدِ الْجِنِّ وَ الشَّيَاطِينِ، وَ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْعُسْرَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا وَ رَأَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الْمَنَامِ فَلْيَطْلُبْ مِنْهُ مَا يَشْتَهِي فُؤَادُهُ».
11154/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا دَائِماً، رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْعُسْرَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ رَأَى النَّبِيَّ فِي الْمَنَامِ».
11155/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ أَدْمَنَ فِي قِرَاءَتِهَا وَ رَأَى النَّبِيَّ وَ سَأَلَهُ مَا يُرِيدُ أَعْطَاهُ اللَّهُ كُلَّ مَا يُرِيدُهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مِائَةَ ذَنْبٍ، وَ كَتَبَ لَهُ مِائَةَ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 120.
 (2)- ...........
 (3)- ...........
 (4)- خواص القرآن: 12 «مخطوط».

515
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المزمل الآيات 1 الى 3 ص 516

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا [1- 3] تقدم حديث في أول سورة طه‏
عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ اسْمٌ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) «1»».
11156/ «1»- علي بن إبراهيم: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا قال: هو النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، كان يتزمل بثوبه و ينام، فقال اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، قال: انقص من القليل أو زد عليه، أي على القليل قليلا.
11157/ «2»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، قَالَ: «أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ لَيْلَةٍ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي لَا يُصَلِّي فِيهَا شَيْئاً».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 390.
 (2)- التهذيب 2: 335/ 1380.
 (1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة طه.

516
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المزمل الآيات 4 الى 6 ص 517

قوله تعالى:
وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا- إلى قوله تعالى- هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا [4- 6] 11158/ «1»- علي بن إبراهيم: وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا قال: بينه تبيانا، و لا تنثره نثر الرمل، و لا تهذه هذ «1» الشعر، و لكن أفزع به القلوب القاسية.
11159/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا، قَالَ:
 «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): بَيِّنْهُ تِبْيَاناً وَ لَا تَهُذَّهُ هَذَّ الشِّعْرِ، وَ لَا تَنْثُرْهُ نَثْرَ الرَّمْلِ، وَ لَكِنْ أَفْزِعُوا قُلُوبَكُمُ الْقَاسِيَةَ، وَ لَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ».
11160/ «3»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا، قال: قيام الليل، و هو قوله: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا، قال: أَصْدَقُ.
11161/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا، قَالَ: «يَعْنِي بِقَوْلِهِ: وَ أَقْوَمُ قِيلًا قِيَامَ الرَّجُلِ مِنْ فِرَاشِهِ يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ لَا يُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ».
قوله تعالى:
وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [8] 11162/ «5»- علي بن إبراهيم، قال: رفع اليدين و تحريك السبابتين.
11163/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 392.
 (2)- الكافي 2: 449/ 1.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 392.
 (4)- الكافي 3: 446/ 17.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 392.
 (6)- الكافي 2: 347/ 1.
 (1) الهذّ: سرعة القراءة. «لسان العرب 3: 517».

517
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المزمل الآيات 7 الى 8 ص 517

مِهْرَانَ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الرَّغْبَةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ بِبَاطِنِ كَفَّيْكَ إِلَى السَّمَاءِ، وَ الرَّهْبَةُ أَنْ تَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْكَ إِلَى السَّمَاءِ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا، قَالَ: «الدُّعَاءُ: بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ تُشِيرُ بِهَا، وَ التَّضَرُّعُ: تُشِيرُ بِإِصْبَعَيْكَ وَ تُحَرِّكُهُمَا، وَ الِابْتِهَالُ: رَفْعُ الْيَدَيْنِ وَ تَمُدُّهُمَا، وَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّمْعَةِ، ثُمَّ ادْعُ».
11164/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، جَمِيعاً، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مَرْوَكٍ بَيَّاعِ اللُّؤْلُؤِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «ذَكَرَ الرَّغْبَةَ وَ أَبْرَزَ [بَاطِنَ‏] رَاحَتَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَ هَكَذَا الرَّهْبَةُ: وَ جَعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَ هَكَذَا التَّضَرُّعُ: وَ حَرَّكَ أَصَابِعَهُ يَمِيناً وَ شِمَالًا، وَ هَكَذَا التَّبَتُّلُ: وَ يَرْفَعُ أَصَابِعَهُ مَرَّةً، وَ يَضَعُهَا مَرَّةً، وَ هَكَذَا الِابْتِهَالُ وَ مَدَّ يَدَهُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَ لَا يَبْتَهِلُ حَتَّى تَجْرِيَ الدَّمْعَةُ».
11165/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَرَّ بِي رَجُلٌ وَ أَنَا أَدْعُو فِي صَلَاتِي بِيَسَارِي، فَقَالَ:
يَا أَبَا «1» عَبْدِ اللَّهِ بِيَمِينِكَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَقُّهُ «2» عَلَى هَذِهِ كَحَقِّهِ عَلَى هَذِهِ».
وَ قَالَ: «الرَّغْبَةُ: تَبْسُطُ يَدَيْكَ [وَ تُظْهِرُ] بَاطِنَهُمَا، وَ الرَّهْبَةُ: [تَبْسُطُ يَدَيْكَ وَ] تُظْهِرُ ظَاهِرَهُمَا «3»، وَ التَّضَرُّعُ:
تَحْرِيكُ «4» السَّبَّابَةِ الْيُمْنَى يَمِيناً وَ شِمَالًا، وَ التَّبَتُّلُ: تَحْرِيكُ «5» السَّبَّابَةِ الْيُسْرَى تَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ رِسْلًا وَ تَضَعُهَا، وَ الِابْتِهَالُ: تَبْسُطُ يَدَيْكَ وَ ذِرَاعَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ حِينَ تَرَى أَسْبَابَ الْبُكَاءِ».
11166/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الدُّعَاءِ وَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ. فَقَالَ: « [عَلَى‏] أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أَمَّا التَّعَوُّذُ فَتَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِبَاطِنِ كَفَّيْكَ، وَ أَمَّا الدُّعَاءُ فِي الرِّزْقِ فَتَبْسُطُ كَفَّيْكَ وَ تُفْضِي بِبَاطِنِهِمَا إِلَى السَّمَاءِ، وَ أَمَّا التَّبَتُّلُ فَإِيمَاءٌ بِإِصْبَعِكَ السَّبَّابَةِ، وَ أَمَّا الِابْتِهَالُ فَرَفْعُ يَدَيْكَ تُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَكَ، وَ دُعَاءُ التَّضَرُّعِ أَنْ تُحَرِّكَ إِصْبَعَكَ السَّبَّابَةَ مِمَّا يَلِي وَجْهَكَ، وَ هُوَ دُعَاءُ الْخِيفَةِ».
11167/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ زُرَارَةَ، قَالا:
__________________________________________________
 (3)- الكافي 2: 348/ 3.
 (4)- الكافي 2: 348/ 4.
 (5)- الكافي 2: 348/ 5.
 (6)- الكافي 2: 349/ 7.
 (1) (أبا) ليس في المصدر.
 (2) في المصدر: إنّ اللّه تبارك و تعالى حقا.
 (3) في المصدر: ظهرهما.
 (4) في المصدر: تحرّك.
 (5) في «ج» و المصدر: تحرّك.

518
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المزمل الآيات 7 الى 8 ص 517

قُلْنَا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَيْفَ الْمَسْأَلَةُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى؟ قَالَ: «تَبْسُطُ كَفَّيْكَ» قُلْنَا: كَيْفَ الِاسْتِعَاذَةُ؟ قَالَ:
 «تَقْضِي بِكَفَّيْكَ، وَ التَّبَتُّلُ: الْإِيمَاءُ بِالْإِصْبَعِ، وَ التَّضَرُّعُ: تَحْرِيكُ الْإِصْبَعِ، وَ الِابْتِهَالُ: [أَنْ‏] تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعاً».
11168/ «7»- الطَّبْرِسِيُّ: فِي مَعْنَى وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ زُرَارَةُ وَ حُمْرَانُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ التَّبَتُّلَ هُنَا رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ».
11169/ «8»- وَ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: «هُوَ رَفْعُ يَدَيْكَ «1» إِلَى اللَّهِ وَ تَضَرُّعُكَ إِلَيْهِ».
11170/ «9»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا «2» يَقُولُ: فَرَاغاً طَوِيلًا لِنَوْمِكَ وَ حَاجَتِكَ، قَوْلُهُ: وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا يَقُولُ: أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصاً.
قوله تعالى:
وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا- إلى قوله تعالى- وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [10- 20]
11171/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ؟ قَالَ: «يَقُولُونَ فِيكَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا* وَ ذَرْنِي «3» وَ الْمُكَذِّبِينَ بِوَصِيِّكَ أُولِي النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِيلًا» قُلْتُ: إِنَّ هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
11172/ «2»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ الْآيَةَ، قَالَ: «هُوَ وَعِيدٌ تَوَعَّدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ [بِهِ‏] مَنْ كَذَبَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11173/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ [أي‏] لا يقدر أن يبلعه، قوله:
__________________________________________________
 (7)- مجمع البيان 10: 571.
 (8)- مجمع البيان 10: 571.
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 392.
 (1)- الكافي 1: 360/ 91.
 (2)- المناقب 3: 203.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 392.
 (1) في المصدر: يدك.
 (2) المزّمّل 73: 7.
 (3) زاد في المصدر: يا محمد.

519
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المزمل الآيات 10 الى 20 ص 519

يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ أي تخسف، و قوله تعالى: وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا قال: مثل الرمل ينحدر.
11174/ «4»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى‏ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ: «فَفَعَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَلِكَ، وَ بَشَّرَ النَّاسَ بِهِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ».
وَ قَوْلُهُ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ وَ كَانَ الرَّجُلُ يَقُومُ وَ لَا يَدْرِي مَتَى يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ، وَ مَتَى يَكُونُ الثُّلُثَانِ، وَ كَانَ الرَّجُلُ يَقُومُ حَتَّى يُصْبِحَ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْفَظَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ إِلَى قَوْلِهِ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ يَقُولُ: مَتَى يَكُونُ النِّصْفُ وَ الثُّلُثُ، نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةَ: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا خَلَا بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَ لَا جَاءَ نَبِيٌّ قَطُّ «1» بِصَلَاةِ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ.
قَوْلُهُ: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً يَقُولُ: كَيْفَ إِنَّ كَفَرْتُمْ تَتَّقُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً؟
11175/ «5»- و قال أيضا عليّ بن إبراهيم، في قوله: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ الآية، قال: تشيب الولدان من الفزع حيث يسمعون الصيحة.
11176/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زُرْعَةَ، عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً، قَالَ: «هُوَ غَيْرُ الزَّكَاةِ».
سبب نزول السورة
11177/ «1»- فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ) لِلشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ السَّبَبَ فِي نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَقُومُ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ اللَّيْلَ كُلَّهُ لِلصَّلَاةِ حَتَّى تَوَرَّمَتْ أَقْدَامُهُمْ مِنَ كَثْرَةِ قِيَامِهِمْ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَتِ السُّورَةُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ وَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ اللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ أَيْ لَنْ تُطِيقُوهُ».
11178/ «2»- الطبرسيّ، قال: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله: وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ [قال‏]: علي و أبو ذر.
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 392.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 393.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 393.
 (1)- نهج البيان 3: 303 «مخطوط».
 (2)- مجمع البيان 10: 575.
 (1) زاد في النسخ: إلّا.

520
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر ص 521

سورة المدّثّر
فضلها
11179/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ فِي الْفَرِيضَةِ سُورَةَ الْمُدَّثِّرِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَجْعَلَهُ مَعَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي دَرَجَتِهِ، وَ لَا يُدْرِكُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا شَقَاءٌ أَبَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
11180/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ صَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بِعَدَدِ مَنْ كَذَّبَ بِهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ مَنْ أَدْمَنَ فِي قِرَاءَتِهَا وَ سَأَلَ اللَّهَ فِي آخِرِهَا حِفْظَ الْقُرْآنِ، لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَشْرَحَ اللَّهُ قَلْبَهُ وَ يُحَفِّظَهُ».
11181/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ عَظِيمٌ، وَ مَنْ طَلَبَ مِنَ اللَّهِ حِفْظَ كُلِّ سُورِ الْقُرْآنِ، لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَحْفَظَهُ».
11182/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ أَدْمَنَ فِي قِرَاءَتِهَا، وَ سَأَلَ اللَّهَ فِي آخِرِهَا حِفْظَهُ، لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَحْفَظَهُ، وَ لَوْ سَأَلَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ».
و اللّه أعلم.
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 120.
 (2)- ..........
 (3)- خواص القرآن: 56 «مخطوط».
 (4)- خواص القرآن: 12 «مخطوط».

521
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 1 الى 5 ص 522

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ- إلى قوله تعالى- وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ [1- 5]
11183/ «1»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْعَشَرَةِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ».
تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ مُسْنَداً بِتَمَامِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ طَه «1».
11184/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْمُنَخَّلِ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ:
 «يَعْنِي بِذَلِكَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قِيَامَهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهَا.
قَوْلُهُ: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ* نَذِيراً يَعْنِي مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَذِيراً لِلْبَشَرِ «2» فِي الرَّجْعَةِ» [وَ فِي قَوْلِهِ: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ كَافَّةً لِلنَّاسِ) «3» فِي الرَّجْعَةِ].
11185/ «3»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْمُدَّثِّرَ هُوَ
__________________________________________________
 (1)- مختصر بصائر الدرجات: 67.
 (2)- مختصر بصائر الدرجات: 26.
 (3)- مختصر بصائر الدرجات: 26.
 (1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة طه.
 (2) المدّثّر 74: 35، 36.
 (3) يريد معنى قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً سبأ 34: 28، فانه لا توجد في القرآن آية بهذا اللفظ.

522
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 1 الى 5 ص 522

كَائِنٌ عِنْدَ الرَّجْعَةِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَحْيَاءٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ أَمْوَاتٌ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: نَعَمْ وَ اللَّهِ لَكَفْرَةٌ مِنَ الْكُفْرِ بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَشَدُّ مِنَ الْكُفْرَاتِ قَبْلَهَا».
11186/ «4»- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: يريد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فالمدثر يعني المتدثر بثوبه قُمْ فَأَنْذِرْ قال: هو قيامه في الرجعة ينذر فيها، قوله: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ، قال: تطهيرها تشميرها، أي قصرها، و قال: شيعتنا يطهرون.
11187/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ: «فَشَمِّرْ».
11188/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ عِنْدَكُمْ فَأَتَى بَنِي دِيوَانٍ، فَاشْتَرَى ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ بِدِينَارٍ، الْقَمِيصَ إِلَى فَوْقِ الْكَعْبِ، وَ الْإِزَارَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَ الرِّدَاءَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ إِلَى ثَدْيَيْهِ، وَ مِنْ خَلْفِهِ إِلَى أَلْيَتَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمْ يَزَلْ يَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَا كَسَاهُ حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ، ثُمَّ قَالَ:
هَذَا اللِّبَاسُ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَلْبَسُوهُ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ لَكِنْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَلْبَسُوا هَذَا الْيَوْمَ، وَ لَوْ فَعَلْنَا لَقَالُوا مَجْنُونٌ، وَ لَقَالُوا مُرَائِي، وَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ، قَالَ: وَ ثِيَابَكَ ارْفَعْهَا وَ لَا تَجُرَّهَا، وَ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا كَانَ عَلَى هَذَا اللِّبَاسِ».
11189/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ كَانَ مَعَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَيَّامَ حُبِسَ بِبَغْدَادَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَ كَانَتْ ثِيَابُهُ طَاهِرَةً، وَ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتَّشْمِيرِ».
11190/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَلَمَةَ بَيَّاعِ الْقَلَانِسِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا بُنَيَّ، أَ لَا تُطَهِّرُ قَمِيصَكَ» فَذَهَبَ، فَظَنَنَّا أَنَّ ثَوْبَهُ قَدْ أَصَابَهُ شَيْ‏ءٌ، فَرَجَعَ «1» إِنَّهُ هَكَذَا، فَقُلْنَا: جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ، مَا لِقَمِيصِهِ؟ قَالَ: «كَانَ قَمِيصُهُ طَوِيلًا، وَ أَمَرْتُهُ أَنْ يُقَصِّرَ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ».
11191/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ‏
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 393.
 (5)- الكافي 6: 455/ 1.
 (6)- الكافي 6: 455/ 2.
 (7)- الكافي 6: 456/ 4.
 (8)- الكافي 6: 457/ 10.
 (9)- الكافي 6: 457/ 11.
 (1) زاد في المصدر: فقال.

523
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 1 الى 5 ص 522

يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّائِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: نَظَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى رَجُلٍ قَدْ لَبِسَ قَمِيصاً يُصِيبُ الْأَرْضَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الثَّوْبَ بِطَاهِرٍ».
11192/ «10»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «تَشْمِيرُ الثِّيَابِ طَهُورُهَا «1»، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ يَعْنِي فَشَمِّرْ».
11193/ «11»- علي بن إبراهيم: قوله: وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ، الرجز «2» الخبيث.
قوله تعالى:
وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ [6]
11194/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ، قَالَ: «لَا تَسْتَكْثِرْ مَا عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ لِلَّهِ».
11195/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ يَقُولُ: لَا تُعْطِي الْعَطِيَّةَ تَلْتَمِسُ أَكْثَرَ مِنْهَا.
قوله تعالى:
فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ* فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [8- 10]
11196/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، قَالَ: «إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُظَفَّراً مُسْتَتِراً، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِظْهَارَ أَمْرِهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً، فَظَهَرَ فَقَامَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (10)- الخصال: 622/ 10.
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 393.
 (1)- الكافي 2: 362/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 393.
 (3)- الكافي 1: 277/ 30.
 (1) في المصدر: طهور لها.
 (2) في نسخة من (ط، ج، ي»: الخسى.

524
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر آية 6 ص 524

11197/ «2»- الشَّيْخُ الْمُفِيدُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ (رَحْمَةُ اللَّهُ)، بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، قَالَ: «إِنَّ مِنَّا إِمَاماً يَكُونُ مُسْتَتِراً، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ إِظْهَارَ أَمْرِهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً، فَنَهَضَ «1» وَ قَامَ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
11198/ «3»- وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا نُقِرَ فِي أُذُنِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أُذِنَ لَهُ فِي الْقِيَامِ».
11199/ «4»- وَ رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، قَالَ: النَّاقُورُ هُوَ النِّدَاءُ مِنَ السَّمَاءِ، أَلَا إِنَّ وَلِيَّكُمْ اللَّهُ «2» وَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ، يُنَادِي بِهِ جَبْرَئِيلُ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَذَلِكَ يَوْمُ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ، يَعْنِي بِالْكَافِرِينَ الْمُرْجِئَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَ بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الطَّالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11200/ «5»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ تَفْسِيرِ جَابِرٍ؟ فَقَالَ: «لَا تُحَدِّثْ بِهِ السَّفِلَةَ فَيُذِيعُوهُ، أَ مَا تَقْرَأُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِظْهَارَ أَمْرِهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً، فَظَهَرَ وَ أَمَرَ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
قوله تعالى:
ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً- إلى قوله تعالى- وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [11- 31]
11201/ «- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَ كَانَ شَيْخاً كَبِيراً مُجَرِّبا مِنْ دُهَاةِ الْعَرَبِ، وَ كَانَ مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقْعُدُ فِي الْحُجْرَةِ وَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ، مَا هَذَا الَّذِي يَقُولُ مُحَمَّدٌ، أَ شِعْرٌ هُوَ أَمْ كِهَانَةٌ أَمْ‏
__________________________________________________
 (2)- ... تأويل الآيات 2: 732/ 1.
 (3)- ... تأويل الآيات 2: 732/ 2.
 (4)- ... تأويل الآيات 2: 732/ 3.
 (5)- كمال الدين و تمام النعمة: 349/ 42.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 393.
 (1) في المصدر: فظهر.
 (2) (اللّه و) ليس في «ج».

525
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 11 الى 56 ص 525

خُطَبٌ؟ فَقَالَ: دَعُونِي أَسْمَعْ كَلَامَهُ. فَدَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْشِدْنِي مِنْ شِعْرِكَ. قَالَ:
 «مَا هُوَ شَعْرٌ، وَ لَكِنْ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِمَلَائِكَتِهِ وَ أَنْبِيَائِهِ وَ رُسُلِهِ». فَقَالَ: اتْلُ عَلَيَّ مِنْهُ شَيْئاً. فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَم السَّجْدَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلَهُ: فَإِنْ أَعْرَضُوا يَا مُحَمَّدُ، يَعْنِي قُرَيْشاً فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ «1» فَاقْشَعَرَّ الْوَلِيدُ، وَ قَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ عَلَى رَأْسِهِ وَ لِحْيَتِهِ، وَ مَرَّ إِلَى بَيْتِهِ، وَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى قُرَيْشٍ مِنْ ذَلِكَ.
فَمَشَوْا إِلَى أَبِي جَهْلٍ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْحَكَمِ، إِنَّ أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ صَبَا إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ، أَ مَا تَرَاهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْنَا؟
فَغَدَا أَبُو جَهْلٍ إِلَى الْوَلِيدِ، فَقَالَ [لَهُ‏]: يَا عَمِّ، نَكَّسْتَ رُؤُوسَنَا وَ فَضَحْتَنَا، وَ أَشْمَتَّ بِنَا عَدُوَّنَا، وَ صَبَوْتَ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ! فَقَالَ: مَا صَبَوْتُ إِلَى دِينِهِ، وَ لَكِنِّي سَمِعْتُ [مِنْهُ‏] كَلَاماً صَعْباً تَقْشَعِرُّ مِنَ الْجُلُودِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَ خُطَبٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا، إِنَّ الْخُطَبَ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ، وَ هَذَا كَلَامٌ مَنْثُورٌ، وَ لَا يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً. قَالَ: فَشِعْرٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا، أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَشْعَارَ الْعَرَبِ بَسِيطَهَا وَ مَدِيدَهَا وَ رَمْلَهَا وَ رَجَزَهَا وَ مَا هُوَ بِشِعْرٍ، قَالَ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: دَعْنِي أُفَكِّرْ فِيهِ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ، مَا تَقُولُ فِيمَا قُلْنَا؟ قَالَ: قُولُوا هُوَ سِحْرٌ، فَإِنَّهُ آخَذٌ بِقُلُوبِ النَّاسِ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى رَسُولِهِ فِي ذَلِكَ ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَ إِنَّمَا سُمِّيَ وَحِيداً لِأَنَّهُ قَالَ لِقُرَيْشٍ: إِنِّي أَتَوَحَّدُ بِكِسْوَةِ الْبَيْتِ سَنَةً، وَ عَلَيْكُمْ بِجَمَاعَتِكُمْ سَنَةً. وَ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ وَ حَدَائِقُ، وَ كَانَ لَهُ عَشْرُ بَنِينَ بِمَكَّةَ، وَ كَانَ لَهُ عَشْرَةُ عَبِيدٍ، عِنْدَ كُلِّ عَبْدٍ أَلْفُ دِينَارٍ يَتَّجِرُ بِهَا، وَ مَلَكَ الْقِنْطَارَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَ يُقَالُ: إِنَّ الْقِنْطَارَ جِلْدُ ثَوْرٍ مَمْلُوءٌ ذَهَباً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: صَعُوداً.
11202/ «2»- علي بن إبراهيم: و أمّا صَعُود فجبل من صُفْر من نار وسط جهنم.
11203/ «3»- نَرْجِعُ إِلَى الرِّوَايَةِ، قَالَ: جَبَلٌ يُسَمَّى صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ يَعْنِي قَدَّرَهُ، كَيْفَ سَوَّاهُ وَ عَدَّلَهُ ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ قَالَ: عَبَسَ وَجْهَهُ وَ بَسَرَ، قَالَ: أَلْقَى شِدْقَهُ ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ* فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ما سَقَرُ وَادٍ فِي النَّارِ لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ أَيْ لَا تُبْقِيهِ وَ لَا تَذَرُهُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ قَالَ: تَلُوحُ عَلَيْهِ فَتُحْرِقُهُ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قَالَ: مَلَائِكَةٌ يُعَذِّبُونَهُمْ، وَ هُوَ قَوْلُهُ: وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَ هُمْ مَلَائِكَةٌ فِي النَّارِ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ: لِكُلِّ رَجُلٍ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُعَذِّبُونَهُ.
11204/ «4»- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، قَالَ: «الْوَحِيدُ وَلَدُ الزِّنَا وَ هُوَ زُفَرُ»، وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً قَالَ: «أَجَلًا مَمْدُوداً إِلَى مُدَّةٍ»، وَ بَنِينَ شُهُوداً، قَالَ:
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 394.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 394.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 395.
 (1) فصّلت 41: 13.

526
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 11 الى 56 ص 525

 «أَصْحَابُهُ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَا يُورَثُ وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً مُلْكَهُ الَّذِي مَلَّكْتُهُ: مَهَّدْتُهُ لَهُ»:
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ* كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً، قَالَ: «لِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، جَاحِداً عَانِداً لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [فِيهَا] سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً* إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ [فَكَّرَ] فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْوَلَايَةِ، وَ قَدَّرَ إِنْ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ لَا يُسَلِّمَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْبَيْعَةَ الَّتِي بَايَعَهُ بِهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)» فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ قَالَ: «عَذَابٌ بَعْدَ عَذَابٍ، يُعَذِّبُهُ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثُمَّ نَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَعَبَسَ وَ بَسَرَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ* فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ» قَالَ: «إِنَّ زُفَرَ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَحَرَ النَّاسَ بِعَلِيٍّ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ أَيْ لَيْسَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فِيهِ نَزَلَتْ».
11205/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ زُرَارَةَ، وَ حُمْرَانَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ الْوَحِيدَ وَلَدُ الزِّنَا».
قَالَ زُرَارَةُ: ذُكِرَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ «1» (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ أَحَدِ بَنِي هِشَامِ، أَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: أَنَا الْوَلِيدُ «2» الْوَحِيدُ، فَقَالَ: «وَيْلَهُ! لَوْ عَلِمَ مَا الْوَحِيدُ مَا فَخَرَ بِهَا». فَقُلْنَا لَهُ: وَ مَا هُوَ؟ قَالَ: «مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ».
قوله تعالى:
لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً- إلى قوله تعالى- هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [31- 56]
11206/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ؟ قَالَ: «يَسْتَيْقِنُونَ أَنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ وَصِيَّهُ حَقٌّ».
قُلْتُ: وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً؟ قَالَ: «يَزْدَادُونَ بِوَلَايَةِ الْوَصِيِّ إِيمَاناً».
قُلْتُ: وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْمُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: «بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: مَا هَذَا الِارْتِيَابُ؟ قَالَ: «يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ ذَكَرَ «3» اللَّهُ فَقَالَ وَ لَا يَرْتَابُونَ فِي‏
__________________________________________________
 (5)- مجمع البيان 9: 584.
 (1)- الكافي 1: 360/ 91.
 (1) في المصدر: لأبي جعفر.
 (2) في المصدر: أنا ابن.
 (3) في النسخ: ذكروا.

527
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 11 الى 56 ص 525

الْوَلَايَةِ».
قُلْتُ: وَ ما هِيَ إِلَّا ذِكْرى‏ لِلْبَشَرِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَايَةُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ؟ قَالَ: «الْوَلَايَةُ».
قُلْتُ: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ؟ قَالَ: «مَنْ تَقَدَّمَ إِلَى وَلَايَتِنَا أُخِّرَ عَنْ سَقَرَ، وَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا تَقَدَّمَ إِلَى سَقَرَ» إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ قَالَ: «هُمْ وَ اللَّهِ شِيعَتُنَا».
قُلْتُ لَهُ: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ؟ قَالَ: «إِنَّا لَمْ نَتَوَلَّ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ وَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ بَعْدِهِ وَ لَا يُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ».
قُلْتُ: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ؟ قَالَ: «عَنِ الْوَلَايَةِ مُعْرِضِينَ».
قُلْتُ: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ «1»؟ قَالَ: «الْوَلَايَةُ».
11207/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ* نَذِيراً لِلْبَشَرِ، قَالَ: «يَعْنِي فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)» وَ قَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثٌ فِي مَعْنَى الْآيَةِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ «2».
11208/ «3»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: جَاءَ فِي تَفْسِيرِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): رَوَاهُ الرِّجَالُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، [قَالَ‏]:
 «يَعْنِي بِهَذِهِ الْآيَةِ إِبْلِيسَ اللَّعِينَ، خَلَقَهُ وَحِيداً مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَ لَا أُمٍّ، وَ قَوْلُهُ: وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً يَعْنِي هَذِهِ الدَّوْلَةَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، يَوْمِ يَقُومُ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ بَنِينَ شُهُوداً* وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً* ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ* كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً «3» يَقُولُ: مُعَانِداً لِلْأَئِمَّةِ، يَدْعُو إِلَى غَيْرِ سَبِيلِهَا، وَ يَصُدُّ النَّاسَ عَنْهَا وَ هِيَ آيَاتُ اللَّهِ».
11209/ «4»- وَ قَوْلُهُ: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «صَعُودٌ: جَبَلٌ فِي النَّارِ مِنْ نُحَاسٍ يَحْمِلُ عَلَيْهِ حَبْتَرٌ، لِيَصْعَدَهُ كَارِهاً، فَإِذَا ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْجَبَلِ ذَابَتَا حَتَّى تَلْحَقَا بِالرُّكْبَتَيْنِ، فَإِذَا رَفَعَهُمَا عَادَتَا، فَلَا يَزَالُ هَكَذَا مَا شَاءَ اللَّهُ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ* ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ* فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ، قَالَ: «يَعْنِي تَدْبِيرَهُ وَ نَظَرَهُ وَ فِكْرَتَهُ وَ اسْتِكْبَارَهُ فِي نَفْسِهِ وَ ادِّعَاءَهُ الْحَقَّ لِنَفْسِهِ دُونَ أَهْلِهِ».
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 399.
 (3)- تأويل الآيات 2: 734/ 5.
 (4)- تأويل الآيات 2: 734/ 6.
 (1) عبس 80: 11.
 (2) تقدّم في الحديث (2) في تفسير الآيات (1- 5) من هذه السورة.
 (3) المدّثّر 74: 11- 16.

528
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 11 الى 56 ص 525

ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ* وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ* لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ* لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ، قَالَ: «يَرَاهُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ كَمَا يَرَاهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ، إِنَّهُ إِذَا كَانَ فِي سَقَرَ يَرَاهُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَ تَبَيَّنَ حَالُهُ». وَ الْمَعْنِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ جَمِيعِهَا حَبْتَرٌ.
قَالَ: «قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ أَيْ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَيَكُونُونَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فِي الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً، قَالَ: «فَالنَّارُ هُوَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الَّذِي أَنَارَ ضَوْؤُهُ وَ خُرُوجُهُ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، وَ الْمَلَائِكَةُ هُمُ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ عِلْمَ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا «1»، قَالَ: «يَعْنِي الْمُرْجِئَةَ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، قَالَ: «هُمُ الشِّيعَةُ، وَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَ هُمُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ «أَيْ لَا يَشُكُّ الشِّيعَةُ، فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَالْمُؤْمِنُ يُسَلِّمُ وَ الْكَافِرُ يَشُكُّ.
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ فَجُنُودُ رَبِّكَ هُمُ الشِّيعَةُ وَ هُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما هِيَ إِلَّا ذِكْرى‏ لِلْبَشَرِ .... لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ [قَالَ: «يَعْنِي الْيَوْمَ قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ، مَنَ شَاءَ قَبِلَ الْحَقَّ وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ، وَ مَنْ شَاءَ تَأَخَّرَ] عَنْهُ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ، قَالَ: «هُمْ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ «2»، قَالَ: [يَعْنِي‏] إِنَّهُمْ [آمَنُوا] بِالْمِيثَاقِ».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: «بِيَوْمِ خُرُوجِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ، قَالَ: «يَعْنِي بِالتَّذْكِرَةِ وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ* فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ، قَالَ: « [يَعْنِي‏] كَأَنَّهُمْ حُمُرُ وَحْشٍ فَرَّتْ مِنْ الْأَسَدِ حِينَ رَأَتْهُ، وَ كَذَلِكَ الْمُرْجِئَةُ «3» إِذَا سَمِعَتْ بِفَضْلِ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) نَفَرَتْ عَنِ الْحَقِّ».
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى‏ صُحُفاً مُنَشَّرَةً، قَالَ: «يُرِيدُ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُخَالِفِينَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنَ السَّمَاءِ».
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ، قَالَ: «هِيَ دَوْلَةُ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ عَرَّفَهُمْ التَّذْكِرَةَ هِيَ الْوَلَايَةُ: كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ* فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ*
__________________________________________________
 (1) المدّثّر 74: 11- 31.
 (2) الطور 52: 21.
 (3) في المصدر: رأته، و كذا أعداء آل محمد.

529
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 11 الى 56 ص 525

وَ ما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، قَالَ: «فَالتَّقْوَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ الْمَغْفِرَةُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11210/ «5»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ نُوحٍ الْمَضْرُوبِ، عَنْ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ، قَالَ: «هُمْ شِيعَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
11211/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ «1»، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ، قَالَ: «هُمْ شِيعَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
11212/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى النَّوْفَلِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ زَكَرِيَّا الْمَوْصِلِيِّ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): «أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا عَلِيُّ، قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ* فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ* ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ وَ الْمُجْرِمُونَ هُمُ الْمُنْكِرُونَ لِوَلَايَتِكَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ فَيَقُولُ لَهُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ: لَيْسَ مِنْ هَذَا أُوتِيتُمْ [أُتِيتُمْ‏]، فَمَا الَّذِي سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ يَا أَشْقِيَاءُ؟ قَالُوا: كُنَّا نَكْذِبُ بِيَوْمٍ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ. فَقَالُوا لَهُمْ: هَذَا الَّذِي سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ يَا أَشْقِيَاءُ، وَ يَوْمُ الدِّينِ يَوْمُ الْمِيثَاقِ حَيْثُ جَحَدُوا وَ كَذَّبُوا بِوَلَايَتِكَ، وَ عَتَوْا عَلَيْكَ وَ اسْتَكْبَرُوا».
11213/ «8»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَحْنُ وَ شِيعَتُنَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ».
11214/ «9»- الشَّيْبَانِيُّ، فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ)، قَالَ: هُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَهْلُ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ. قَالَ:
وَ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ).
11215/ «10»- الشَّيْبَانِيُّ، فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ): قَالَ: يَعْنِي الَّذِينَ أَجْرَمُوا بِتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). قَالَ:
وَ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ).
__________________________________________________
 (5)- المحاسن: 171/ 139.
 (6)- تأويل الآيات 2: 737/ 8.
 (7)- تأويل الآيات 2: 738/ 9.
 (8)- مجمع البيان 10: 591.
 (9)- نهج البيان 3: 305 «مخطوط».
 (10)- نهج البيان 3: 305 «مخطوط»
 (1) في المصدر: عتّبة بن أبي سعيد.

530
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 11 الى 56 ص 525

11216/ «11»- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: الْيَمِينُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابِهِ شِيعَتِهِ، فَيَقُولُونَ لِأَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أَيْ لَمْ نَكُ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
11217/ «12»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ الْقُمِّيِّ، عَنْ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، قَالَ: «عَنَى بِهَا لَمْ نَكُ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيهِمْ:
وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1» أَ مَا تَرَى النَّاسَ يُسَمُّونَ الَّذِي يَلِي السَّابِقَ فِي الْحَلْبَةِ الْمُصَلِّي فَذَلِكَ الَّذِي عَنَى حَيْثُ قَالَ: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ لَمْ نَكُ مِنْ أَتْبَاعِ السَّابِقِينَ».
11218/ «13»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَقِيلٍ الْخُزَاعِيِّ: أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ إِذَا حَضَرَ الْحَرْبَ يُوصِي الْمُسْلِمِينَ بِكَلِمَاتٍ فَيَقُولُ: «تَعَاهَدُوا الصَّلَاةَ، وَ حَافِظُوا عَلَيْهَا، وَ اسْتَكْثِرُوا مِنْهَا، وَ تَقَرَّبُوا بِهَا، فَإِنَّهَا كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً، وَ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ الْكُفَّارُ حِينَ سُئِلُوا:
ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ».
11219/ «14»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ قال: حقوق آل الرسول و هو الخمس لذي «2» القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و هم آل الرسول (عليهم السلام).
قوله تعالى: وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ* وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ أي يوم المجازاة حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ قال: الموت.
و قوله تعالى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ قال: لو أن كل ملك مقرب و نبي مرسل شفعوا في ناصب لآل محمّد ما قبل منهم ما شفعوا فيه.
ثمّ قال: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ قال: عما يذكر لهم من موالاة أمير المؤمنين (عليه السلام) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ* فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ يعني من الأسد.
11220/ «15»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى‏ صُحُفاً مُنَشَّرَةً: «وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُصْبِحُ وَ ذَنْبُهُ مَكْتُوبٌ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ كَفَّارَتُهُ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ:
__________________________________________________
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 395.
 (12)- الكافي 1: 347/ 38.
 (13)- الكافي 5: 36/ 1.
 (14)- تفسير القمّيّ 2: 395.
 (15)- تفسير القمّيّ 2: 596.
 (1) الواقعة 56: 10، 11.
 (2) في المصدر: حقوق آل محمّد من الخمس لذوي.

531
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المدثر الآيات 11 الى 56 ص 525

يَسْأَلُكَ قَوْمُكَ سُنَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الذُّنُوبِ، فَإِنْ شَاءُوا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ وَ أَخَذْنَاهُمْ بِمَا كُنَّا نَأْخُذُ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَرِهَ ذَلِكَ لِقَوْمِهِ».
11221/ «16»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، [قَالَ‏]: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى، وَ لَا يُشْرِكَ بِي عَبْدِي شَيْئاً، وَ أَنَا أَهْلٌ إِنْ لَمْ يُشْرِكْ بِي عَبْدِي شَيْئاً أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ [وَ جَلَالِهِ‏] أَنْ لَا يُعَذِّبَ أَهْلَ التَّوْحِيدِ «1» بِالنَّارِ أَبَداً».
__________________________________________________
 (16)- التوحيد: 19/ 6.
 (1) في المصدر: توحيده.

532
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة ص 533

سورة القيامة
فضلها
11222/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَةَ سُورَةِ لَا أُقْسِمُ، وَ كَانَ يَعْمَلُ بِهَا، بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ قَبْرِهِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَ يُبَشِّرُهُ وَ يَضْحَكُ فِي وَجْهِهِ حَتَّى يَجُوزَ عَلَى الصِّرَاطِ وَ الْمِيزَانِ».
11223/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ شَهِدْتُ لَهُ أَنَا وَ جَبْرَئِيلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُ كَانَ مُوقِناً بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَ وَجْهُهُ مُسْفِرٌ عَنْ وُجُوهِ الْخَلَائِقِ، يَسْعَى نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ إِدْمَانُ قِرَاءَتِهَا يَجْلِبُ الرِّزْقَ وَ الصِّيَانَةَ وَ يُحَبِّبُ إِلَى النَّاسِ».
11224/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا شَهِدْتُ أَنَا وَ جَبْرَئِيلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُ كَانَ مُؤْمِناً بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ».
11225/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قِرَاءَتُهَا تُخَشِّعُ وَ تَجْلِبُ الْعَفَافَ وَ الصِّيَانَةَ، وَ مَنْ قَرَأَهَا لَمْ يَخَفْ مِنْ سُلْطَانٍ، وَ حُفِظَ فِي لَيْلِهِ- إِذَا قَرَأَهَا- وَ نَهَارِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 121.
 (2)- .........
 (3)- .........
 (4)- .........

533
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة الآيات 1 الى 5 ص 534

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ* وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ- إلى قوله تعالى- بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ [1- 5] 11226/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ: يعني أقسم بيوم القيامة و وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، قال: نفس آدم التي عصت فلامها اللّه عزّ و جلّ. قوله عزّ و جلّ: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ* بَلى‏ قادِرِينَ عَلى‏ أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ قال: أطراف الأصابع، لو شاء اللّه لسواها.
قوله تعالى: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ، قال: يقدم الذنب و يؤخر التوبة، و يقول: سوف أتوب.
11227/ «2»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقْرَأُ: «بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ أَيْ يُكَذِّبَهُ».
11228/ «3»- قَالَ: وَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْهُمْ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): «أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ قَالَ: [بَلْ‏] يُرِيدُ أَنْ يَفْجُرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، بِمَعْنَى يَكِيدَهُ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 396.
 (2)- تأويل الآيات 2: 739/ 1.
 (3)- تأويل الآيات 2: 739/ 2.

534
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة الآيات 6 الى 15 ص 535

قوله تعالى:
يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ [6- 15] 11229/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ أي متى يكون؟ فقال اللّه: فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ، قال: يبرق البصر، فلا يقدر أن يطرف، قوله: كَلَّا لا وَزَرَ أي لا ملجأ، قوله تعالى: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ قال: يخبر بما قدم و أخر.
11230/ «2»- قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ: «بِمَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ، وَ مَا أَخَّرَ، مِنْ سُنَّةٍ لِيُسْتَنَّ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنْ كَانَ شَرّاً كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِهِمْ، وَ لَا يَنْقُصُ مِنْ وِزْرِهِمْ شَيْ‏ءٌ، وَ إِنْ كَانَ خَيْراً كَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ وَ لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْ‏ءٌ».
قوله: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ، قال: «يعلم ما صنع، و إن اعتذر».
11231/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: إِنِّي لَأَتَعَشَّى عِنْدَ «1» أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ: «يَا أَبَا حَفْصٍ، مَا يَصْنَعُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِخِلَافِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَعَالَى؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَسَرَّ سَرِيرَةً رَدَّاهُ اللَّهُ رِدَاءَهَا، إِنْ خَيْراً فَخَيْرٌ، وَ إِنْ شَرّاً فَشَرٌّ».
11232/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ فَضْلٍ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا يَصْنَعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُظْهِرَ حَسَناً وَ يُسِرَّ سَيِّئاً؟ أَ لَيْسَ يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ إِنَّ السَّرِيرَةَ إِذَا صَحَّتْ قَوِيَتِ الْعَلَانِيَةُ».
11233/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، [قَالَ‏]: إِنِّي لَأَتَعَشَّى عِنْدَ «2» أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذْ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ: «يَا أَبَا حَفْصٍ، مَا يَصْنَعُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَعْتَذِرَ إِلَى النَّاسِ بِخِلَافِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلْبَسَهُ اللَّهُ رِدَاءَهَا، إِنْ خَيْراً فَخَيْرٌ، وَ إِنْ شَرّاً فَشَرٌّ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 396.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 397.
 (3)- الكافي 2: 223/ 6.
 (4)- الكافي 2: 223/ 11.
 (5)- الكافي 2: 224/ 15.
 (1) في المصدر: مع.
 (2) في المصدر: مع.

535
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة الآيات 6 الى 15 ص 535

11234/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْخَفْقَةِ وَ الْخَفْقَتَيْنِ؟ فَقَالَ: «مَا أَدْرِي مَا الْخَفْقَةُ وَ الْخَفْقَتَانِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، إِنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ يَقُولُ: مَنْ وَجَدَ طَعْمَ النَّوْمِ قَائِماً أَوْ قَاعِداً، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ».
11235/ «7»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ- يَعْنِي الْمُفِيدَ- عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ، جَمِيعاً، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْخَفْقَةِ وَ الْخَفْقَتَيْنِ؟ فَقَالَ: «مَا أَدْرِي مَا الْخَفْقَةُ وَ الْخَفْقَتَانِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، إِنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ يَقُولُ: مَنْ وَجَدَ طَعْمَ النَّوْمِ قَائِماً أَوْ قَاعِداً وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ».
11236/ «8»- الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ- يَعْنِي ابْنَ الْوَلِيدِ- عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَاسِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ يُظْهِرُ حَسَناً وَ يُسِرُّ سَيِّئاً، أَ لَيْسَ إِذَا رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ إِنَّ السَّرِيرَةَ إِذَا صَلَحَتْ قَوِيَتِ الْعَلَانِيَةُ».
قوله تعالى:
إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ- إلى قوله تعالى- إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ [17- 23] 11237/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: على آل محمّد جمع القرآن و قراءته «1» فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، قال: اتبعوا إذا ما قرءوه ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ أي تفسيره.
11238/ «2»- الطبرسيّ، قال: بالإسناد يرفعه إلى الثقات الذين كتبوا الأخبار أنهم أوضحوا ما وجدوا بأن لهم من أسماء أمير المؤمنين (عليه السلام)، فله ثلاث مائة اسم في القرآن، منها ما رووه بالإسناد الصحيح عن ابن مسعود،
__________________________________________________
 (6)- الكافي 3: 37/ 15.
 (7)- التهذيب 1: 8/ 10.
 (8)- أمالي المفيد: 214/ 6.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 397.
 (2)- .......
 (1) في المصدر: و قرآنه.

536
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة الآيات 17 الى 23 ص 536

قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ «1»، و قوله تعالى: وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «2»، و قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ «3»، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ، و قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «4»، فالمنذر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) الهادي.
و قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «5» فالبينة محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، و الشاهد علي (عليه السلام)، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى‏* وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى‏ «6»، و قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً «7»، و قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ «8» جنب اللّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، و قوله تعالى: وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «9» معناه علي (عليه السلام)، و قوله تعالى: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «10»، و قوله تعالى: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ «11» معناه عن حبّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
11239/ «3»- علي بن إبراهيم: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ، قال: الدنيا الحاضرة وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ قال: تدعون وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ أي مشرقة إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ، قال: ينظرون إلى وجه اللّه عزّ و جلّ، يعني إلى رحمة اللّه و نعمته.
11240/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الرُّويَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى‏
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 397.
 (4)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 114/ 2.
 (1) الزخرف 43: 4.
 (2) مريم 19: 50.
 (3) الشعراء 26: 84.
 (4) الرعد 13: 7.
 (5) هود 11: 17.
 (6) الليل 92: 12، 13.
 (7) الأحزاب 33: 56.
 (8) الزمر 39: 56.
 (9) يس 36: 12.
 (10) يس 36: 3، 4.
 (11) التكاثر 102: 8.

537
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة الآيات 17 الى 23 ص 536

الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ، قَالَ: «يَعْنِي مُشْرِقَةً، تَنْظُرُ ثَوَابَ رَبِّهَا».
11241/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ: «إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَزُورُونَ رَبَّهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْجَنَّةِ»؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا أَبَا الصَّلْتِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَضَّلَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الْمَلَائِكَةِ، وَ جَعَلَ طَاعَتَهُ طَاعَتَهُ، وَ مُبَايَعَتَهُ مُبَايَعَتَهُ «1»، وَ زِيَارَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ زِيَارَتَهُ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «2»، وَ قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ «3»، وَ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِي فَقَدْ زَارَ اللَّهَ تَعَالَى. وَ دَرَجَةُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الْجَنَّةِ أَرْفَعُ الدَّرَجَاتِ، فَمَنْ زَارَهُ فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْ مَنْزِلِهِ فَقَدْ زَارَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى».
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَمَا مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رَوَوْهُ أَنَّ ثَوَابَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا أَبَا الصَّلْتِ، مَنْ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِوَجْهٍ «4» كَالْوُجُوهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَ لَكِنَّ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْبِيَاؤُهُ وَ رُسُلُهُ وَ حُجَجُهُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، هُمُ الَّذِينَ بِهِمْ يُتَوَجَّهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى دِينِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ «5»، وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «6»، فَالنَّظَرُ إِلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَ رُسُلِهِ وَ حُجَجِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) فِي دَرَجَاتِهِمْ ثَوَابٌ عَظِيمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ أَبْغَضَ أَهْلَ بَيْتِي وَ عِتْرَتِي لَمْ يَرَنِي وَ لَمْ أَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ فِيكُمْ مَنْ لَا يَرَانِي بَعْدَ أَنْ يُفَارِقَنِي. يَا أَبَا الصَّلْتِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ وَ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ «7» وَ الْأَوْهَامُ».
11242/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ النَّخَعِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، هَلْ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
قَالَ: «نَعَمْ، وَ قَدْ رَأَوْهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
__________________________________________________
 (5)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 114/ 3.
 (6)- التوحيد: 117/ 20.
 (1) في المصدر: متابعته متابعته.
 (2) النساء 4: 80.
 (3) الفتح 48: 10.
 (4) في «ط، ي»: بوصف.
 (5) الرحمن 55: 26، 27.
 (6) القصص 28: 88.
 (7) في المصدر: و لا يدرك بالأبصار.

538
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة الآيات 17 الى 23 ص 536

قُلْتُ: مَتَى؟ قَالَ: «حِينَ قَالَ اللَّهُ لَهُمْ: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ «1»» ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «وَ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَيَرَوْنَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَ لَسْتَ تَرَاهُ فِي وَقْتِكَ هَذَا؟».
قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأُحَدِّثُ بِهَذَا عَنْكَ؟ فَقَالَ: «لَا، فَإِنَّكَ إِذَا حَدَّثْتَ بِهِ فَأَنْكَرَهُ مُنْكِرٌ جَاهِلٌ بِمَعْنَى مَا تَقُولُ، ثُمَّ قَدَّرَ أَنَّ ذَلِكَ تَشْبِيهٌ كَفَرَ، وَ لَيْسَتِ الرُّؤْيَةُ بِالْقَلْبِ كَالرُّؤْيَةِ بِالْعَيْنِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَصِفُهُ الْمُشَبِّهُونَ وَ الْمُلْحِدُونَ».
11243/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ هَاشِمٍ الصَّيْدَاوِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا هَاشِمُ، حَدَّثَنِي أَبِي وَ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، عَنْ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ «2» شِيعَتِنَا إِلَّا وَ لَيْسَ عَلَيْهِ تَبِعَةٌ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ مَا التَّبِعَةُ؟ قَالَ: «مِنَ الْإِحْدَى وَ خَمْسِينَ رَكْعَةً، وَ مِنْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ وَ وُجُوهُهُمْ مِثْلُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ: سَلْ تُعْطَ، فَيَقُولُ: أَسْأَلُ رَبِّي النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: فَيَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَزُورُوا مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ:
فَيُنْصَبُ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْبَرٌ مِنْ نُورٍ عَلَى دُرْنُوكٍ مِنْ دَرَانِيكِ الْجَنَّةِ، لَهُ أَلْفُ مِرْقَاةٍ، بَيْنَ الْمِرْقَاةِ إِلَى الْمِرْقَاةِ رَكْضَةُ الْفَرَسِ، فَيَصْعَدُ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قَالَ: «فَيَحِفُّ ذَلِكَ الْمِنْبَرَ شِيعَةُ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فَيَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ- قَالَ- فَيُلْقَى عَلَيْهِمْ مِنَ النُّورِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا رَجَعَ لَمْ تَقْدِرِ الْحُورُ «3» أَنْ تَمْلَأَ بَصَرَهَا مِنْهُ». قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا هَاشِمُ، لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ».
11244/ «8»- قُلْتُ: وَ رَوَى صَاحِبُ (تُحْفَةِ الْإِخْوَانِ) هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ هَاشِمٍ الصَّيْدَاوِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا هَاشِمُ» الْحَدِيثَ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ، قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ فُقَرَاءِ شِيعَتِنَا إِلَّا وَ عَلَيْهِ تَبِعَهُ». قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ مَا التَّبِعَةُ؟ قَالَ: «مِنَ الْإِحْدَى وَ خَمْسِينَ رَكْعَةً، وَ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ».
وَ فِيهِ أَيْضاً: «فَيَحِفُّ ذَلِكَ الْمِنْبَرَ شِيعَةُ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فَيَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ يَعْنِي إِلَى نُورِ رَبِّهَا- قَالَ- فَيُلْقِي اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النُّورِ حَتَّى إِذَا رَجَعَ [أَحَدُهُمْ‏] لَمْ تَقْدِرْ زَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ [أَنْ‏] تَمْلَأَ بَصَرَهَا مِنْهُ» ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ «4».
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 739/ 4.
 (8)- تحفة الإخوان: 102 «مخطوط».
 (1) الأعراف 7: 172.
 (2) (المؤمنين من) ليس في «ج» و المصدر.
 (3) في المصدر: الحوراء.
 (4) الصافّات 37: 61.

539
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة الآيات 24 الى 30 ص 540

قوله تعالى:
وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ- إلى قوله تعالى- إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ [24- 30] 11245/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ أي ذليلة تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ، قوله تعالى: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ قال: يعني النفس إذا بلغت الترقوة وَ قِيلَ مَنْ راقٍ، قال: يقال له: من يرقيك؟ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ «1»* وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ قال: التفت الدنيا بالآخرة إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ، قال: يساقون إلى اللّه.
11246/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ قِيلَ مَنْ راقٍ* وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ، قَالَ:
 «ذَلِكَ ابْنُ آدَمَ، إِذَا حَلَّ بِهِ الْمَوْتُ قَالَ: هَلْ مِنْ طَبِيبٍ؟ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ أَيْقَنَ بِمُفَارَقَةِ الْأَحِبَّةِ وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ الْتَفَّتِ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ، قَالَ: الْمَصِيرُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ».
11247/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ أَبِي مَسْرُوقٍ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ قِيلَ مَنْ راقٍ، قَالَ: «ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ آدَمَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ:
هَلْ مِنْ طَبِيبٍ، هَلْ مِنْ دَافِعٍ «2»؟ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ يَعْنِي فِرَاقَ الْأَهْلِ وَ الْأَحِبَّةِ عِنْدَ ذَلِكَ. قَالَ: وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ الْتَفَّتِ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ، قَالَ: إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَئِذٍ الْمَصِيرُ».
قوله تعالى:
فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى- إلى قوله تعالى- أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‏ [31- 40]
11248/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) دَعَا إِلَى بَيْعَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 397.
 (2)- الكافي 3: 259/ 32.
 (3)- أمالي الصدوق: 253/ 1.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 397.
 (1) زاد في المصدر: علم أنّه الفراق.
 (2) في المصدر: راق.

540
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القيامة الآيات 31 الى 40 ص 540

غَدِيرِ خُمٍّ، فَلَمَّا بَلَّغَ النَّاسَ وَ أَخْبَرَهُمْ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِهِ، رَجَعَ النَّاسُ، فَاتَّكَأَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَتَمَطَّى نَحْوَ أَهْلِهِ وَ يَقُولُ: وَ اللَّهِ لَا نُقِرُّ «1» لِعَلِيٍّ بِالْوَلَايَةِ أَبَداً، وَ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّداً مَقَالَتَهُ فِيهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى* وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى* ثُمَّ ذَهَبَ إِلى‏ أَهْلِهِ يَتَمَطَّى* أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ الْعَبْدُ الْفَاسِقُ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمِنْبَرَ وَ هُوَ يُرِيدُ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ «2» فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ لَمْ يُسَمِّهِ.
11249/ «2»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَامَ ابْنُ هِنْدٍ وَ تَمَطَّى [وَ خَرَجَ‏] مُغْضَباً، وَاضِعاً يَمِينَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ، وَ يَسَارَهُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَ هُوَ يَقُولُ: وَ اللَّهِ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّداً عَلَى مَقَالَتِهِ، وَ لَا نُقِرُّ عَلِيّاً بِوَلَايَتِهِ، فَنَزَلَ: فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى الْآيَاتِ، فَهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَرُدَّهُ فَيَقْتُلَهُ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ «3» فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11250/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو تُرَابٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الرُّويَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏* ثُمَّ أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ [قَالَ‏]:
 «يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: بُعْداً لَكَ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا، بُعْداً لَكَ مِنْ خَيْرِ الْآخِرَةِ».
11251/ «4»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً قال: لا يحاسب و لا يعذب و لا يسأل [عن شي‏ء]، ثمّ قال: أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى‏ إذا نكح أمناه ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏* أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‏ رد على من أنكر البعث و النشور.
11252/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‏، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ! وَ بَلَى». قَالَ: وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ).
__________________________________________________
 (2)- المناقب 3: 38.
 (3)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 54/ 205.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 397.
 (5)- مجمع البيان 10: 607.
 (1) في نسخة من «ط، ج «ي»: لا نفي.
 (2) القيامة 75: 16.
 (3) القيامة 75: 16.

541
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الدهر ص 543

سورة الدهر
فضلها
11253/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ فِي [كُلِ‏] غَدَاةِ خَمِيسٍ، زَوَّجَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ثَمَانَمِائَةِ عَذْرَاءَ وَ أَرْبَعَةَ آلَافِ ثَيِّبٍ حَوْرَاءَ «1» مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11254/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ جَزَاؤُهُ عَلَى اللَّهِ جَنَّةً وَ حَرِيراً، وَ مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا قَوِيتَ نَفْسُهُ الضَّعِيفَةُ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ شَرِبَ مَاءَهَا نَفَعَتْ وَجَعَ الْفُؤَادِ، وَ صَحَّ جِسْمُهُ، وَ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ».
11255/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا أَجْزَاهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ مَا تَهْوَى نَفْسُهُ عَلَى كُلِّ الْأُمُورِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا فِي إِنَاءٍ وَ شَرِبَ مَاءَهَا نَفَعَتْ شَرَّ وَجَعِ الْفُؤَادِ، وَ نُفِعَ بِهَا الْجَسَدُ».
11256/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قِرَاءَتُهَا تُقَوِّي النَّفْسَ وَ تَشُدُّ [الْعَصَبَ، وَ تَسْكُنُ الْقَلَقَ‏] وَ إِنْ ضَعُفَ فِي قِرَاءَتِهَا، كُتِبَتْ وَ مُحِيَتْ وَ شُرِبَ [مَاؤُهَا]، مَنَعَتْ مِنَ [ضَعْفِ‏] النَّفْسِ وَ يَزُولُ عَنْهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 121.
 (2)- .....
 (3)- .....
 (4)- خواص القرآن: 12 «مخطوط».
 (1) في المصدر: و حوراء.

543
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 1 الى 3 ص 544

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً- إلى قوله تعالى- إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً [1- 3]
11257/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
أَ وَ لَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً «1»، فَقَالَ: «لَا مُقَدَّراً وَ لَا مُكَوَّناً».
قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً، فَقَالَ: «كَانَ مُقَدَّراً غَيْرَ مَذْكُورٍ».
11258/ «2»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً، فَقَالَ: «كَانَ شَيْئاً وَ لَمْ يَكُنْ مَذْكُوراً».
قُلْتُ: فَقَوْلُهُ: أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً «2» قَالَ: «لَمْ يَكُنْ شَيْئاً فِي كِتَابٍ وَ لَا
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 114/ 5.
 (2)- المحاسن: 243/ 234.
 (1) كذا، و الآية في سورة مريم 19: 67: أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً
 (2) مريم 19: 67.

544
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 1 الى 3 ص 544

عِلْمٍ».
11259/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً، قَالَ: «كَانَ شَيْئاً وَ لَمْ يَكُنْ مَذْكُوراً «1»».
11260/ «4»- وَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سَعِيدٍ الْحَدَّادِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ مَذْكُوراً فِي الْعِلْمِ، وَ لَمْ يَكُنْ مَذْكُوراً فِي الْخَلْقِ».
وَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ.
11261/ «5»- وَ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: « [كَانَ‏] شَيْئاً مَقْدُوراً، وَ لَمْ يَكُنْ مُكَوَّناً».
11262/ «6»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ يَعْنِي بِهِ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
ثمّ قال ابن شهر آشوب: و الدليل على صحة هذا القول قوله تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ و معلوم أن آدم لم يخلق من النطفة.
11263/ «7»- و قال عليّ بن إبراهيم: هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً قال:
لم يكن في العلم، و لا في الذكر.
قَالَ: وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «كَانَ فِي الْعِلْمِ، وَ لَمْ يَكُنْ فِي الذِّكْرِ».
قوله تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ أي نختبره فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً، ثم قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ أي بينا له طريق الخير و الشر إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً و هو ردّ على المجبرة، أنهم يزعمون أنّه لا فعل لهم.
11264/ «8»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً، قَالَ: «إِمَّا آخِذٌ فَشَاكِرٌ، وَ إِمَّا تَارِكٌ فَكَافِرٌ».
11265/ «9»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ‏
__________________________________________________
 (3)- مجمع البيان 10: 614.
 (4)- مجمع البيان 10: 614.
 (5)- مجمع البيان 10: 614.
 (6)- المناقب 3: 103.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 398.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 398.
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 398.
 (1) في «ط، ي»: قال: في الخلق.

545
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 1 الى 3 ص 544

قَالَ: «مَاءُ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ اخْتَلَطَا جَمِيعاً».
11266/ «10»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّيَّارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً، قَالَ: «عَرَّفْنَاهُ إِمَّا آخِذٌ وَ إِمَّا تَارِكٌ».
11267/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً، قَالَ: «إِمَّا آخِذٌ فَهُوَ شَاكِرٌ، وَ إِمَّا تَارِكٌ فَهُوَ كَافِرٌ».
قوله تعالى:
إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً* عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً* يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً* وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً* إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً [5- 9] 11268/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً يعني بردها و طيبها، لأن فيها الكافور عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ أي منها، قوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً قال: المستطير: العظيم.
11269/ «2»- قوله تعالى: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً،
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ عِنْدَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) شَعِيرٌ، فَجَعَلُوهُ عَصِيدَةً، فَلَمَّا أَنْضَجُوهَا وَ وَضَعُوهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ جَاءَ مِسْكِينٌ، فَقَالَ الْمِسْكِينُ: رَحِمَكُمُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَعْطَاهُ ثُلُثَاهُ [ثُلُثَيْهِ‏]، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ يَتِيمٌ، فَقَالَ الْيَتِيمُ: رَحِمَكُمُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَعْطَاهُ الثُّلُثَ الثَّانِي، ثُمَّ جَاءَ أَسِيرٌ، فَقَالَ الْأَسِيرُ: رَحِمَكُمُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ،
__________________________________________________
 (10)- الكافي 1: 124/ 3.
 (11)- الكافي 2: 283/ 4.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 398.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 398.

546
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

فَقَامَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَعْطَاهُ الثُّلُثَ الْبَاقِي، وَ مَا ذَاقُوهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ [فِيهِمْ‏] هَذِهِ الْآيَةَ وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً «1» فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هِيَ جَارِيَةٌ فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِنَشَاطٍ فِيهِ «2»».
11270/ «3»- علي بن إبراهيم: القمطرير: الشديد. قوله تعالى: مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ «3» [يقول:
متكئين‏] في الحجال على السرر. قوله: وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها، يقول: قريب «4» ظلالها منهم، قوله: وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا دليت عليهم ثمارها ينالها القاعد و القائم.
قوله تعالى: وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا* قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ الأكواب: الأكواز العظام التي لا آذان لها و لا عرى، قوارير من فضة الجنة يشربون فيها قَدَّرُوها تَقْدِيراً «5» يقول: صنعت لهم على قدر ريهم «6» لا تحجير فيه و لا فضل «7»، قوله تعالى: مِنْ سُندُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ «8»، قال: الإستبرق: الديباج.
11271/ «4»- و قال أيضا عليّ بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا «9»، قال: ينفذ البصر فيها كما ينفذ في الزجاج، قوله تعالى: وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ، قال: مستورون «10»، قوله تعالى: وَ مُلْكاً كَبِيراً، قال: لا يزول و لا يفنى، قوله تعالى: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَ إِسْتَبْرَقٌ «11» قال: تعلوهم الثياب يلبسونها.
ثمّ خاطب اللّه نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا إلى قوله: بُكْرَةً وَ أَصِيلًا «12»، قال: بالغداة و العشي «13» و نصف النهار وَ مِنَ اللَّيْلِ إلى قوله تعالى: وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا «14»،
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 399.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 399.
 (1) الدهر 76: 22.
 (2) (للّه عزّ و جلّ بنشاط فيه) ليس في المصدر.
 (3) الدهر 76: 13.
 (4) في «ي»: و قربت.
 (5) الدهر 75: 14- 16.
 (6) في «ط» نسخة بدل و المصدر: رتبتهم.
 (7) في «ط» و المصدر: و لا فصل.
 (8) الدخان 44: 53.
 (9) الدهر 76: 15.
 (10) في المصدر: مستوون.
 (11) الدهر 76: 19- 21.
 (12) الدهر 76: 23- 25.
 (13) (بالغداة و العشي) ليس في المصدر.
 (14) الدهر 76: 26.

547
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

قال: صلاة الليل، قوله تعالى: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ «1» يعني خلقهم.
قال الشاعر:
         و ضامرة شد المليك أسرها «2»             أسفلها و ظهرها و بطنها
قال: الضامرة: يعني فرسه، شد المليك أسرها، أي خلقها، يكاد ماذنها «3»، قال: عنقها، يكون شطرها، أي نصفها.
11272/ «5»- الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): فِي حَدِيثٍ مُسْنَدٍ بِرِجَالِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا عَلِيُّ، مَا عَمِلْتَ فِي لَيْلَتِكَ؟» قَالَ: «وَ لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟». قَالَ: «قَدْ نَزَلَتْ فِيكَ أَرْبَعَةُ مَعَالٍ». قَالَ: «بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، كَانَتْ مَعِي أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَتَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ لَيْلًا، وَ بِدِرْهَمٍ نَهَاراً، وَ بِدِرْهَمٍ سِرّاً، وَ بِدِرْهَمٍ عَلَانِيَةً». قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِيكَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «4»».
ثُمَّ قَالَ لَهُ: «هَلْ عَمِلْتَ شَيْئاً غَيْرَ هَذَا؟ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عَلَيَّ سَبْعَ عَشْرَةَ آيَةً، يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضاً، مِنْ قَوْلِهِ:
إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً».
11273/ «6»- قوله: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً
قَالَ: فَقَالَ الْعَالِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَمَا إِنَّ عَلِيّاً لَمْ يَقُلْ فِي مَوْضِعٍ: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً مِنْكُمْ وَ لَا شُكُوراً، وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَلِمَ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّ مَا أَطْعَمَ لِلَّهِ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ قَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ».
11274/ «7»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً، قَالَ: قُلْتُ: حُبُّ اللَّهِ، أَوْ حُبُّ الطَّعَامِ؟ قَالَ: «حُبُّ الطَّعَامِ».
11275/ «8»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ
__________________________________________________
 (5)- الإختصاص: 150.
 (6)- الإختصاص: 151.
 (7)- المحاسن: 397/ 71.
 (8)- أمالي الصدوق: 212/ 11.
 (1) الدهر 76: 28.
 (2) زاد في المصدر: يكاد ماذنها، و لا يستقيم، و قد جاء في شرح الشعر (يكاد ماذنها يكون شطرها) و الظاهر أنّ هذا الشطر سقط من الشعر أولا و ذكره في الشرح فقط، و قوله: (يكاد ماذنها) تصحيف صحيحه (يكاد هاديها) أي عنقها، إذ ليس في اللغة الماذن بمعنى العنق.
 (3) في «ج»: مادتها.
 (4) البقرة 2: 274.

548
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)
، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قَالَ: «مَرِضَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ هُمَا صَبِيَّانِ صَغِيرَانِ، فَعَادَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَعَهُ رَجُلَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: [يَا أَبَا الْحَسَنِ‏] لَوْ نَذَرْتَ فِي ابْنَيْكَ نَذْراً لِلَّهِ، إِنْ عَافَاهُمَا؟ فَقَالَ: أَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ كَذَلِكَ قَالَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ قَالَ الصَّبِيَّانِ: وَ نَحْنُ أَيْضاً نَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَ كَذَلِكَ قَالَتْ جَارِيَتُهُمْ فِضَّةُ، فَأَلْبَسَهُمَا اللَّهُ الْعَافِيَةَ، فَأَصْبَحُوا صَائِمِينَ وَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ طَعَامٌ.
فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى جَارٍ لَهُ مِنَ الْيَهُودِ، يُقَالُ لَهُ شَمْعُونُ، يُعَالِجُ الصُّوفَ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تُعْطِيَنِي جِزَّةً مِنْ صُوفٍ تَغْزِلُهَا ابْنَةُ مُحَمَّدٍ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ شَعِيرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَعْطَاهُ، فَجَاءَ بِالصُّوفِ وَ الشَّعِيرِ، وَ أَخْبَرَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فَقَبِلَتْ وَ أَطَاعَتْ، ثُمَّ عَمَدَتْ فَغَزَلَتْ ثُلُثَ الصُّوفِ، ثُمَّ أَخَذَتْ صَاعاً مِنَ الشَّعِيرِ فَطَحَنَتْهُ وَ عَجَنَتْهُ، وَ خَبَزَتْ مِنْ خَمْسَةِ أَقْرَاصٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُرْصٌ.
وَ صَلَّى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ، فَوُضِعَ الْخِوَانُ وَ جَلَسُوا خَمْسَتُهُمْ، فَأَوَّلُ لُقْمَةٍ كَسَرَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَا مِسْكِينٌ وَاقِفٌ [بِالْبَابِ‏]، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، أَنَا مِسْكِينٌ مِنْ مَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ، أَطْعِمُونِي مِمَّا تَأْكُلُونَ أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ عَلَى مَوَائِدِ الْجَنَّةِ، فَوَضَعَ اللُّقْمَةَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ:
         فَاطِمُ ذَاتَ الْمَجْدِ وَ الْيَقِينِ             يَا بِنْتَ خَيْرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ‏
         أَ مَا تَرَيْنَ الْبَائِسَ الْمِسْكِينَ             جَاءَ إِلَى الْبَابِ لَهُ حَنِينٌ‏
         يَشْكُو إِلَى اللَّهِ وَ يَسْتَكِينُ             يَشْكُو إِلَيْنَا جَائِعاً حَزِينٌ‏
         كُلِّ امْرِئٍ بِكَسْبِهِ رَهِينُ             مَنْ يَفْعَلُ الْخَيْرِ يَقِفُ سَمِينٌ «1»
         مَوْعِدُهُ فِي جَنَّةِ رَهِينُ «2»             حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى الضَّنِينِ‏
         وَ صَاحِبُ الْبُخْلِ يَقِفُ حَزِينُ             تَهْوِي بِهِ النَّارُ إِلَى سِجِّينٍ‏
         شَرَابُهُ الْحَمِيمُ وَ الْغِسْلِينُ             يَمْكُثُ فِيهِ الدَّهْرَ وَ السِّنِينَ «3»
فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) تَقُولُ:
         أَمْرُكَ سَمْعٌ يَا بْنَ عَمِّ وَ طَاعَةٌ             مَا بِي مِنْ لُؤْمٍ وَ لَا وَضَاعَهٌ‏
         غُذِّيتُ بِاللُّبِّ وَ بِالْبَرَاعَةِ             أَرْجُو إِذَا أَشْبَعْتُ فِي «4» مَجَاعَهً‏
         أَنْ أَلْحَقَ الْأَخْيَارَ وَ الْجَمَاعَهَ             وَ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ فِي شَفَاعَةٍ
__________________________________________________
 (1) في «ط، ي» غدا يدين.
 (2) في النسخ: دمين.
 (3) (يمكت فيه الدهر و السنين) ليس في «ج» و المصدر.
 (4) في المصدر: من.

549
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

وَ عَمَدْتْ إِلَى مَا كَانَ عَلَى الْخِوَانِ فَدَفَعَتْهُ إِلَى الْمِسْكِينِ، وَ بَاتُوا جِيَاعاً، فَأَصْبَحُوا صِيَاماً لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ «1» ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى الثُّلُثِ الثَّانِي مِنَ الصُّوفِ فَغَزَلَتْهُ، ثُمَّ أَخَذَتْ صَاعاً مِنَ الشَّعِيرِ فَطَحَنَتْهُ وَ عَجَنَتْهُ، وَ خَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ قُرْصٌ، وَ صَلَّى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ أَتَى إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا وُضِعَ الْخِوَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ جَلَسُوا خَمْسَتُهُمْ، فَأَوَّلُ لُقْمَةً كَسْرِهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَا يَتِيمٌ مِنْ يَتَامَى الْمُسْلِمِينَ قَدْ وَقَفَ بِالْبَابِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، أَنَا يَتِيمٌ مِنْ يَتَامَى الْمُسْلِمِينَ، أَطْعِمُونِي مِمَّا تَأْكُلُونَ أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ عَلَى مَوَائِدِ الْجَنَّةِ، فَوَضَعَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) اللُّقْمَةَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ:
         فَاطِمُ بِنْتَ السَّيِّدِ الْكَرِيمِ             بِنْتَ نَبِيٍّ لَيْسَ بِالزَّنِيمِ‏
         قَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِذَا الْيَتِيمِ             مَنْ يَرْحَمِ الْيَوْمَ هُوَ الرَّحِيمُ‏
         مَوْعِدُهُ فِي جَنَّةِ النَّعِيمِ             حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى اللَّئِيمِ‏
         وَ صَاحِبُ الْبُخْلِ يَقِفُ ذَمِيمٌ             تَهْوِي بِهِ النَّارَ إِلَى الْجَحِيمِ‏
شَرَابُهُ «2» الصَّدِيدُ وَ الْحَمِيمُ فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَ هِيَ تَقُولُ:
         فَسَوْفَ أُعْطِيهِ وَ لَا أُبَالِي             وَ أُؤْثِرُ اللَّهَ عَلَى عِيَالِي‏
         أَمْسَوْا جِيَاعاً وَ هُمُ أَشْبَالِي             أَصْغَرُهُمَا يُقْتَلُ فِي الْقِتَالِ‏
         فِي كَرْبَلَا يُقْتَلُ بِاغْتِيَالٍ             لِلْقَاتِلِ «3» الْوَيْلُ مَعَ الْوَبَالِ‏
         تَهْوِي بِهِ النَّارُ إِلَى سَفَالٍ             كُبُولُهُ «4» زَادَتْ عَلَى الْأَكْبَالِ‏
ثُمَّ عَمَدَتْ فَأَعْطَتْهُ جَمِيعَ مَا عَلَى الْخِوَانِ، وَ بَاتُوا جِيَاعاً لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ، فَأَصْبَحُوا صِيَاماً، وَ عَمَدَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فَغَزَلَتْ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ مِنَ الصُّوفِ، وَ طَحَنَتِ الصَّاعَ الْبَاقِيَ وَ عَجَنَتْهُ، وَ خَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُرْصٌ، وَ صَلَّى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [الْمَغْرِبَ‏] مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِ الْخِوَانَ، فَجَلَسُوا خَمْسَتُهُمْ، فَأَوَّلُ لُقْمَةٍ كَسَرَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَا أَسِيرٌ مِنَ أُسَرَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَدْ وَقَفَ بِالْبَابِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، تَأْسِرُونَنَا وَ تَشُدُّونَنَا وَ لَا تُطْعِمُونَنَا فَوَضَعَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) اللُّقْمَةَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ:
         فَاطِمُ يَا بِنْتَ النَّبِيِّ أَحْمَدٍ             بِنْتِ نَبِيٍّ سَيِّدٍ مُسَوِّدٍ
         قَدْ جَاءَكِ الْأَسِيرُ لَيْسَ يَهْتَدِ             مُكَبَّلًا فِي غُلِّهٍ مُقَيَّدٌ
         يَشْكُو إِلَيْنَا الْجُوعَ قَدْ تَقَدَّدَ             مَنْ يُطْعِمِ الْيَوْمَ يَجِدْهُ فِي غَدٍ
         عِنْدَ الْعَلِيِّ الْوَاحِدِ الْمُوَحَّدِ             مَا يَزْرَعُ الزَّارِعُ سَوْفَ يَحْصُدَ
__________________________________________________
 (1) أي الماء الذي لم يخالطه شي‏ء. «لسان العرب 2: 561».
 (2) في المصدر: شرابها.
 (3) في «ط»: لقاتليه.
 (4) الكبول: جمع كبل و هو القيد.

550
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

فَأَطْعِمِي مِنْ غَيْرِ مَنٍّ أَنْكَدَ فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَ هِيَ تَقُولُ:
         لَمْ يَبْقَ مِمَّا كَانَ غَيْرَ صَاعٍ             قَدْ دَبِرَتْ «1» كَفِّي مَعَ الذِّرَاعِ‏
         شِبْلَايَ وَ اللَّهِ هُمَا جِيَاعٌ             يَا رَبِّ لَا تَتْرُكْهُمَا ضِيَاعَ‏
         أَبُوهُمَا لِلْخَيْرِ ذُو اصْطِنَاعٍ             عَبْلُ «2» الذِّرَاعَيْنِ طَوِيلُ الْبَاعِ‏
         وَ مَا عَلَى رَأْسِي مِنْ قِنَاعٍ             إِلَّا عَباً نَسَجْتُهَا بِصَاعٍ‏
وَ عَمَدُوا إِلَى مَا كَانَ عَلَى الْخِوَانِ فَأَعْطَوْهُ، وَ بَاتُوا جِيَاعاً، وَ أَصْبَحُوا مُفْطِرِينَ وَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْ‏ءٌ».
قَالَ شُعَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ: وَ أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هُمَا يَرْتَعِشَانِ كَالْفِرَاخِ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، فَلَمَّا بَصُرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِهِمَا قَالَ: «يَا أَبَا الْحَسَنِ، شَدَّ مَا يَسُؤْنِي مَا أَرَى بِكُمْ، انْطَلِقْ إِلَى ابْنَتِي فَاطِمَةَ» فَانْطَلَقُوا [إِلَيْهَا] وَ هِيَ فِي مِحْرَابِهَا، قَدْ لَصِقَ بَطْنُهَا بِظَهْرِهَا مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ وَ غَارَتْ عَيْنَاهَا، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ضَمَّهَا إِلَيْهِ، وَ قَالَ: وَا غَوْثَاهْ، أَنْتُمْ مُنْذُ ثَلَاثٍ فِيمَا أَرَى! فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، خُذْهَا هَنَأَ لَكَ «3» فِي أَهْلِ بَيْتِكَ. فَقَالَ: وَ مَا آخُذُ يَا جَبْرَئِيلُ؟ قَالَ: هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ «4» حَتَّى بَلَغَ إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً «5».
وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مِهْرَانَ فِي حَدِيثِهِ: فَوَثَبَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَرَأَى مَا بِهِمْ فَجَمَعَهُمْ، ثُمَّ انْكَبَّ عَلَيْهِمْ يَبْكِي، وَ يَقُولُ: «أَنْتُمْ مُنْذُ ثَلَاثٍ فِيمَا أَرَى وَ أَنَا غَافِلٌ عَنْكُمْ». فَهَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِهَذِهِ الْآيَاتِ إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً* عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً قَالَ: هِيَ عَيْنٌ فِي دَارِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَتَفَجَّرُ إِلَى دُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُؤْمِنِينَ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ يَعْنِي عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ وَ جَارِيَتَهُمْ فِضَّةَ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً يَقُولُ عَابِساً كَلُوحاً وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ يَقُولُ: عَلَى حُبِّ شَهْوَتِهِمْ لِلطَّعَامِ وَ إِيثَارِهِمْ لَهُ مِسْكِيناً مِنْ مَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ وَ يَتِيماً مِنْ يَتَامَى الْمُسْلِمِينَ وَ أَسِيراً مِنْ أُسَارَى الْمُشْرِكِينَ، وَ يَقُولُونَ إِذَا أَطْعَمُوهُمْ: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً، قَالَ: وَ اللَّهِ مَا قَالُوا هَذَا، [لَهُمْ‏] وَ لَكِنَّهُمْ أَضْمَرُوهُ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ بِإِضْمَارِهِمْ.
يَقُولُ: لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً تُكَافِؤُنَنَا بِهِ وَ لا شُكُوراً تُثْنُونَ عَلَيْنَا بِهِ، وَ لَكِنَّا إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ وَ طَلَبِ ثَوَابِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً فِي الْقُلُوبِ‏
__________________________________________________
 (1) أي تقرّحت و تشققت.
 (2) رجل عبل الذّراعين، أي ضخمهما. «لسان العرب 11: 420».
 (3) في المصدر: خذ ما هيّأ اللّه لك.
 (4) الدهر 76: 1.
 (5) الدهر 76: 22.

551
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً جَنَّةً يَسْكُنُونَهَا وَ حَرِيراً يَفْرِشُونَهُ وَ يَلْبَسُونَهُ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ وَ الْأَرِيكَةُ: السَّرِيرُ عَلَيْهِ الْحَجَلَةُ «1» لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً «2»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَبَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ إِذَا رَأَوْا مِثْلَ الشَّمْسِ [قَدْ] أَشْرَقَتْ لَهَا الْجِنَانُ، فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ: لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً فَيُرْسِلُ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ إِلَيْهِمْ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَيَقُولُ: لَيْسَ هَذِهِ بِشَمْسٍ، وَ لَكِنَّ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ ضَحِكَا، فَأَشْرَقَتِ الْجِنَانُ مِنْ نُورِ ضَحِكِهِمَا، وَ نَزَلَتْ هَلْ أَتى‏ فِيهِمْ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً.
قلت: القصة رواها الخاص و العام معلومة عندهم بأنها نزلت في علي و أهل بيته (عليهم السلام) فالتشاغل بذكرها بأسانيد المخالفين يطول بها الكتاب.
11276/ «9»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ «3» الْكَاتِبُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُكَتِّبِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: مَرِضَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَنَذَرَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ الْجَارِيَةُ نَذْراً إِنْ بَرَئَا صَامُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً، فَبَرَئَا، فَوَفَوْا بِالنَّذْرِ وَ صَامُوا، فَلَمَّا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ قَامَتِ الْجَارِيَةُ وَ جَرَشَتْ شَعِيراً، فَخَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُرْصٌ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْفِطْرِ جَائَتِ الْجَارِيَةُ بِالْمَائِدَةِ فَوَضَعَتْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَلَمَّا مَدُّوا أَيْدِيَهُمْ لِيَأْكُلُوا وَ إِذَا مِسْكِينٌ بِالْبَابِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، مِسْكِينُ آلِ فُلَانٍ بِالْبَابِ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا تَأْكُلُوا وَ آثِرُوا الْمِسْكِينَ».
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي فَعَلَتِ الْجَارِيَةُ كَمَا فَعَلَتْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لِيَأْكُلُوا، فَإِذَا يَتِيمٌ بِالْبَابِ وَ هُوَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنَ الرِّسَالَةِ، يَتِيمُ آلِ فُلَانٍ بِالْبَابِ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا تَأْكُلُوا شَيْئاً وَ أَطْعِمُوا الْيَتِيمَ». قَالَ: فَفَعَلُوا.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَ فَعَلَتِ الْجَارِيَةُ كَمَا فَعَلَتْ فِي الْيَوْمَيْنِ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْجَارِيَةُ بِالْمَائِدَةِ فَوَضَعَتْهَا، فَمَدُّوا أَيْدِيَهُمْ لِيَأْكُلُوا، وَ إِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ يَصِيحُ بِالْبَابِ: يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، تَأْسِرُونَنَا وَ لَا تُطْعِمُونَنَا. قَالَ: فَبَكَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بُكَاءً شَدِيداً، وَ قَالَ: «يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكِ اللَّهُ وَ قَدْ آثَرْتِ هَذَا الْأَسِيرَ عَلَى نَفْسِكَ وَ أَشْبَالِكِ». فَقَالَتْ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَعْجَبَ مَا نَحْنُ فِيهِ مَعَكِ، أَ لَا تَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ فِي هَؤُلَاءِ الصِّبْيَةِ الَّذِينَ صَنَعْتَ بِهِمْ مَا صَنَعْتَ، وَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَتَى يَصْبِرُونَ صَبْرَنَا». فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَاللَّهُ يُصَبِّرُكِ وَ يُصَبِّرُهُمْ، وَ يَأْجُرُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَ بِهِ نَسْتَعِينُ، وَ عَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ، وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ، اللَّهُمَّ بَدِّلْنَا بِمَا فَاتَنَا مِنْ طَعَامِنَا هَذَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَ اشْكُرْ لَنَا صَبْرَنَا وَ لَا تُنْسِهِ لَنَا، إِنَّكَ رَحِيمٌ كَرِيمٌ». فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ.
__________________________________________________
 (9)- تأويل الآيات 2: 750/ 6.
 (1) هي بيت يزيّن بالثياب و الأسرّة و الستور. «لسان العرب 11: 144».
 (2) الدهر 76: 11- 13.
 (3) في المصدر: محمّد بن أحمد.

552
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

وَ بَكَّرَ إِلَيْهِمْ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَقَالَ: «مَا كَانَ مِنْ خَبَرِكُمْ فِي أَيَّامِكُمْ هَذِهِ؟» فَأَخْبَرَتْهُ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بِمَا كَانَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ شَكَرَهُ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ ضَحِكَ إِلَيْهِمْ، وَ قَالَ: «خُذُوا هَنَأَكُمُ اللَّهُ وَ بَارَكَ عَلَيْكُمْ وَ بَارَكَ لَكُمْ قَدْ هَبَطَ عَلَيَّ جَبْرَئِيلُ مِنْ عِنْدِ رَبِّي وَ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ، وَ قَدْ شَكَرَ مَا كَانَ مِنْكُمْ، وَ أَعْطَى فَاطِمَةَ سُؤْلَهَا، وَ أَجَابَ دَعْوَتَهَا، وَ تَلَا عَلَيْهِمْ إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً».
قَالَ: وَ ضَحِكَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَاكُمْ نَعِيماً لَا يَنْفَدُ وَ قُرَّةَ عَيْنٍ أَبَدَ الْآبِدِينَ، هَنِيئاً لَكُمْ يَا بَيْتَ النَّبِيِّ بِالْقُرْبِ مِنَ الرَّحْمَنِ، مَسْكَنُكُمْ «1» مَعَهُ فِي دَارِ الْجَلَالِ وَ الْجَمَالِ، وَ يَكْسُوكُمْ مِنَ السُّنْدُسِ وَ الْإِسْتَبْرَقِ وَ الْأُرْجُوَانِ، وَ يَسْقِيكُمْ الرَّحِيقَ الْمَخْتُومَ مِنَ الْوِلْدَانِ، فَأَنْتُمْ أَقْرَبُ الْخَلْقِ مِنْ الرَّحْمَنِ، تَأْمَنُونَ إِذَا فَزِعَ النَّاسُ، وَ تَفْرَحُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَ تَسْعَدُونَ إِذَا شَقِيَ النَّاسُ، فَأَنْتُمْ فِي رَوْحٍ وَ رَيْحَانٍ، وَ فِي جِوَارِ الرَّبِّ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْكُمْ غَيْرُ غَضْبَانَ، قَدْ أَمِنْتُمُ الْعِقَابَ وَ رَضِيتُمُ الثَّوَابَ، تَسْأَلُونَ فَتُعْطَوْنَ، وَ تُتْحَفُونَ فَتَرْضَوْنَ، وَ تَشْفَعُونَ فَتُشَفَّعُونَ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ مَعَكُمْ، وَ طُوبَى لِمَنْ أَعَزَّكُمْ إِذَا خَذَلَكُمْ النَّاسُ، وَ أَعَانَكُمْ إِذَا جَفَاكُمُ النَّاسُ، وَ آوَاكُمْ إِذَا طَرَدَكُمُ النَّاسُ، وَ نَصَرَكُمْ إِذَا قَتَلَكُمْ النَّاسُ، الْوَيْلُ لَكُمْ مِنْ أُمَّتِي، وَ الْوَيْلُ لِأُمَّتِي مِنَ اللَّهِ».
ثُمَّ قَبَّلَ فَاطِمَةَ وَ بَكَى، وَ قَبَّلَ جَبْهَةَ عَلِيٍّ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَ بَكَى، وَ ضَمَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ إِلَى صَدْرِهِ وَ بَكَى، وَ قَالَ:
 «اللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ فِي الْمَحْيَا وَ الْمَمَاتِ، وَ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَ هُوَ خَيْرُ مُسْتَوْدَعٍ، حَفِظَ اللَّهُ مَنْ حَفِظَكُمْ، وَ وَصَلَ اللَّهُ مَنْ وَصَلَكُمْ، وَ أَعَانَ اللَّهُ مَنْ أَعَانَكُمْ، وَ خَذَلَ اللَّهُ مَنْ خَذَلَكُمْ وَ أَخَافَكُمْ، أَنَا لَكُمْ سَلَفٌ وَ أَنْتُمْ عَنْ قَلِيلٍ [بِي‏] لَاحِقُونَ، وَ الْمَصِيرُ إِلَى اللَّهِ، وَ الْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ الْحِسَابُ عَلَى اللَّهِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى «2»».
11277/ «10»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قَالَ: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَلَايَتِنَا».
11278/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً؟ قَالَ:
 «يُوفُونَ [لِلَّهِ‏] بِالنَّذْرِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمْ [فِي الْمِيثَاقِ‏] مِنْ وَلَايَتِنَا».
11279/ «12»- وَ رَوَاهُ الصَّفَّارُ فِي (بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ): بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ:
__________________________________________________
 (10)- الكافي 1: 341/ 5.
 (11)- بصائر الدرجات: 110/ 2.
 (12)- الكافي 1: 360/ 91.
 (1) في المصدر: يسكنكم.
 (2) النجم 53: 31.

553
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

قَوْلُهُ تَعَالَى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ؟ قَالَ: «يُوفُونَ لِلَّهِ بِالنَّذْرِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمْ فِي الْمِيثَاقِ مِنْ وَلَايَتِنَا».
11280/ «13»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَا، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً؟ قَالَ: «لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ».
11281/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ لِئَلَّا يَتَمَنَّوْا مَوْتَهُ، وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً الْأَسِيرُ عِيَالُ الرَّجُلِ، يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا زِيدَ فِي النِّعْمَةِ أَنْ يَزِيدَ أُسَرَاءَهُ فِي السَّعَةِ عَلَيْهِمْ». ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ فُلَاناً أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ فَمَنَعَهَا أُسَرَاءَهُ وَ جَعَلَهَا عِنْدَ فُلَانٍ، فَذَهَبَ اللَّهُ بِهَا». قَالَ مُعَمَّرٌ:
وَ كَانَ فُلَانٌ حَاضِراً.
11282/ «15»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً، قَالَ: قُلْتُ: حُبُّ اللَّهِ أَوْ حُبُّ الطَّعَامِ؟
قَالَ: «حُبِّ الطَّعَامِ».
قوله تعالى:
وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا- إلى قوله تعالى- وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً [14- 21]
11283/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً: «يَعْنِي بِذَلِكَ وَلِيَّ اللَّهِ وَ مَا [هُوَ] فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ النَّعِيمِ وَ الْمُلْكِ الْعَظِيمِ الْكَبِيرِ، إِنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْهِ فَلَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَذَلِكَ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ الْكَبِيرُ، وَ قَالَ: عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ، إِنَّ الْوَرَقَةَ مِنْهَا لَيَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا أَلْفُ رَجُلٍ مِنَ النَّاسِ، وَ عَنْ يَمِينِ الشَّجَرَةِ عَيْنٌ مُطَهِّرَةٌ مُزَكِّيَةٌ، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ مِنْهَا شَرْبَةً فَيُطَهِّرُ اللَّهُ بِهَا قُلُوبَهُمْ مِنَ الْحَسَدِ، وَ تَسْقُطُ مِنْ أَبْشَارِهِمُ الشَّعَرُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً. قَالَ: وَ الثِّمَارُ دَانِيَةٌ مِنْهُمْ، وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا مِنْ قُرْبِهَا مِنْهُمْ يَتَنَاوَلُ الْمُؤْمِنُ مِنَ النَّوْعِ‏
__________________________________________________
 (13)- الكافي 3: 499/ 9.
 (14)- الكافي 4: 11/ 3.
 (15)- المحاسن: 397/ 71.
 (1)- الكافي 8: 98/ 69.

554
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 5 الى 23 ص 546

الَّذِي يَشْتَهِيهِ مِنَ الثِّمَارِ بِفِيهِ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ».
11284/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ كُنْتُ عِنْدَهُ غَدَاةَ ذَاتِ يَوْمٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً، مَا هَذَا الْمُلْكُ الَّذِي كَبَّرَهُ اللَّهُ حَتَّى سَمَّاهُ كَبِيراً؟ قَالَ:
فَقَالَ لِي: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، أَرْسَلَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَى وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، فَيَجِدُ الْحَجَبَةَ عَلَى بَابِهِ، فَتَقُولُ لَهُ: قِفْ حَتَّى نَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَمَا يَصِلُ [إِلَيْهِ‏] رَسُولُ رَبِّهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً».
قوله تعالى:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا [23]
11285/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا؟ قَالَ: «بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ تَنْزِيلًا» قُلْتُ: هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: «لَا، ذَا تَأْوِيلٌ».
قوله تعالى:
إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ- إلى قوله تعالى- وَ الظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً [29- 31]
11286/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قُلْتُ: إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ؟ قَالَ: «الْوَلَايَةُ» قُلْتُ: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ؟ قَالَ: «فِي وَلَايَتِنَا».
11287/ «4»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي‏
__________________________________________________
 (1)- معاني الأخبار: 210/ 1.
 (2)- الكافي 1: 360/ 91.
 (3)- الكافي 1: 360/ 91.
 (4)- مختصر بصائر الدرجات: 65.

555
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنسان الآيات 29 الى 31 ص 555

الْحَسَنِ الثَّالِثِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ قُلُوبَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مَوَارِدَ لِإِرَادَتِهِ، وَ إِذَا شَاءَ شَيْئاً شَاءُوهُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ».
11288/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ؟ قَالَ: «فِي وَلَايَتِنَا وَ الظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً أَ لَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «1»- قَالَ- إِنَّ اللَّهَ أَعَزُّ وَ أَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَظْلِمَ، وَ أَنْ يَنْسُبَ نَفْسَهُ إِلَى الظُّلْمِ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَلَطَنَا بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَ ظُلْمَنَا ظُلْمَهُ، وَ وَلَايَتَنَا وَلَايَتَهُ، ثُمَّ أَنْزَلَ بِذَلِكَ قُرْآناً عَلَى نَبِيِّهِ [فَقَالَ‏]: وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «2»» قُلْتُ:
هَذَا تَنْزِيلٌ. قَالَ: «نَعَمْ».
11289/ «4»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ: «الرَّحْمَةُ:
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
 (3)- الكافي 1: 360/ 91.
 (4)- المناقب 3: 99.
 (1) البقرة 2: 57.
 (2) النحل 16: 118.

556
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المرسلات ص 557

سورة المرسلات‏
فضلها
11290/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ وَ الْمُرْسَلَاتِ عُرْفاً، عَرَّفَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11291/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، كُتِبَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي مُحَاكَمَةٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَحَدٍ قَوَّاهُ اللَّهُ عَلَى خَصْمِهِ وَ ظَفِرَ بِهِ».
11292/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ فِي مُحَاكَمَةٍ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ وَالٍ، نَصَرَهُ اللَّهُ عَلَى خَصْمِهِ».
11293/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا فِي حُكُومَةٍ قَوِيَ عَلَى مَنْ يُحَاكِمُهُ، وَ إِذَا كُتِبَتْ وَ مُحِيَتْ بِمَاءِ الْبَصَلِ، ثُمَّ شَرِبَهُ مَنْ بِهِ وَجَعٌ فِي بَطْنِهِ، زَالَ عَنْهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 121.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- .......

557
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المرسلات الآيات 1 الى 27 ص 558

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً- إلى قوله تعالى- وَ أَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً [1- 27] 11294/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: الآيات يتبع بعضها بعضا، فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً قال: القبر وَ النَّاشِراتِ نَشْراً قال: نشر الأموات فَالْفارِقاتِ فَرْقاً قال: الدابّة فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً قال: الملائكة.
قوله تعالى: عُذْراً أَوْ نُذْراً أي أعذركم و أنذركم بما أقول، و هو قسم و جوابه إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ، قوله تعالى: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ قال: يذهب نورها و تسقط.
11295/ «2»- قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ «طَمْسُهَا: ذَهَابُ ضَوْئِهَا» وَ أَمَّا قَوْلُهُ: إِلى‏ قَدَرٍ مَعْلُومٍ يَقُولُ: «مُنْتَهَى الْأَجَلِ».
11296/ «3»- علي بن إبراهيم: وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ قال: تنفرج و تنشق وَ إِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ أي تقلع وَ إِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ، قال: بعثت في أوقات مختلفة.
11297/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أُقِّتَتْ، أَيْ بُعِثَتْ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ».
11298/ «5»- علي بن إبراهيم: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ قال: أخرت لِيَوْمِ الْفَصْلِ، قوله: أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 400.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 401.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 400.
 (4)- مجمع البيان 10: 629.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 400.

558
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المرسلات الآيات 1 الى 27 ص 558

قال: منتن فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ قال: في الرحم، قوله تعالى: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً* أَحْياءً وَ أَمْواتاً قال: الكفات: المساكن، و
قَالَ: نَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي رُجُوعِهِ مِنْ صِفِّينَ إِلَى الْمَقَابِرِ، فَقَالَ: «هَذِهِ كِفَاتُ الْأَمْوَاتِ» أَيْ مَسَاكِنُهُمْ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى بُيُوتِ الْكُوفَةِ، فَقَالَ: «هَذِهِ كِفَاتُ الْأَحْيَاءِ» ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى:
أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً* أَحْياءً وَ أَمْواتاً.
11299/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً* أَحْياءً وَ أَمْواتاً.
قَالَ: «دَفْنُ الشَّعْرِ وَ الظُّفُرِ».
11300/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: نَظَرَ إِلَى الْمَقَابِرِ، فَقَالَ:
 «يَا حَمَّادُ، هَذِهِ كِفَاتُ الْأَمْوَاتِ» وَ نَظَرَ إِلَى الْبُيُوتِ فَقَالَ: «هَذِهِ كِفَاتُ الْأَحْيَاءِ» وَ تَلَا أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً* أَحْياءً وَ أَمْواتاً.
و
رُوِيَ أَنَّهُ دَفْنُ الشَّعْرِ وَ الظُّفُرِ.
11301/ «8»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ جَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ قال: جبال مرتفعة وَ أَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً أي عذبا، و كل عذب من الماء فهو فرات، قوله تعالى: انْطَلِقُوا إِلى‏ ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ «1» قال: فيه ثلاث شعب من النار، قوله تعالى: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ «2»، قال: شرر النار كالقصور و الجبال، قوله تعالى: كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ «3»، أي سود.
11302/ «9»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ مَرْفُوعاً إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ، [قَالَ‏]: «يَعْنِي الْأَوَّلَ وَ الثَّانِيَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ قَالَ: الثَّالِثَ وَ الرَّابِعَ وَ الْخَامِسَ كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَ قَوْلُهُ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11303/ «10»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ‏
__________________________________________________
 (6)- الكافي 6: 493/ 1.
 (7)- معاني الأخبار: 342/ 1.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 400.
 (9)- تأويل الآيات 2: 754/ 1.
 (10)- الكافي 1: 361/ 91.
 (1) المرسلات 77: 30.
 (2) المرسلات 77: 32.
 (3) المرسلات 77: 33.

559
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المرسلات الآيات 1 الى 27 ص 558

الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ؟ قَالَ: «يَقُولُ: وَيْلٌ لِلْمُكَذِّبِينَ- يَا مُحَمَّدُ- بِمَا أَوْحَيْتُ إِلَيْكَ مِنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ* ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ، قَالَ: الْأَوَّلِينَ: الَّذِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ فِي طَاعَةِ الْأَوْصِيَاءِ كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ، قَالَ: مَنْ أَجْرَمَ إِلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَ رَكِبَ مِنْ وَصِيِّهِ مَا رَكِبَ».
قُلْتُ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ «1»؟ قَالَ: «نَحْنُ وَ اللَّهِ وَ شِيعَتُنَا، لَيْسَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرُنَا، وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْهَا بُرَآءُ».
قوله تعالى:
انْطَلِقُوا إِلى‏ ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ* انْطَلِقُوا إِلى‏ ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ* لا ظَلِيلٍ وَ لا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ [29- 31]
11304/ «1»- الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا لَاذَ النَّاسُ مِنَ الْعَطَشِ، قِيلَ لَهُمْ: انْطَلِقُوا إِلى‏ ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ:
فَإِذَا أَتَوْهُ قَالَ لَهُمْ: انْطَلِقُوا إِلى‏ ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ* لا ظَلِيلٍ وَ لا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ يَعْنِي مِنْ لَهَبِ الْعَطَشِ».
11305/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، مَرْفُوعاً إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا لَاذَ الْإِنْسَانُ مِنَ الْعَطَشِ قِيلَ لَهُمْ: انْطَلِقُوا إِلى‏ ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَيَقُولُ لَهُمْ: انْطَلِقُوا إِلى‏ ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ قَالَ: يَعْنِي الثَّلَاثَةَ:
فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ».
قوله تعالى:
هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ* وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [35- 36]
11306/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ [فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى‏] وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ، فَقَالَ:
__________________________________________________
 (1)- ... تأويل الآيات 2: 754/ 3.
 (2)- تأويل الآيات 2: 755/ 4.
 (3)- الكافي 8: 178/ 200.
 (1) المرسلات 77: 41.

560
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المرسلات الآيات 35 الى 36 ص 560

 «اللَّهُ أَجَلُّ وَ أَعْدَلُ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِعَبْدِهِ عُذْرٌ لَا يَدَعُهُ يَعْتَذِرُ بِهِ، وَ لَكِنْ فُلِجَ «1» فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ».
قوله تعالى:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ- إلى قوله تعالى- فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [41- 50] 11307/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ قال: ظلال من نور أنور من الشمس، قوله تعالى: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ قال: إذا قيل لهم: تولوا الإمام لم يتولوه، ثمّ قال لنبيه (صلّى اللّه عليه و آله): فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ بعد هذا الذي أحدثك به يُؤْمِنُونَ.
11308/ «2»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ، قَالَ: «هِيَ فِي بَطْنِ الْقُرْآنِ: وَ إِذَا قِيلَ لِلنُّصَّابِ تَوَلَّوْا عَلِيّاً لَا يَفْعَلُونَ».
11309/ «3»- ابن شهر آشوب: عن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان، عن مجاهد و ابن عبّاس: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ من اتقى الذنوب: عليّ بن أبي طالب و الحسن و الحسين (عليهم السلام) في ظلال من الشجر و الخيام من اللؤلؤ، طول كل خيمة مسيرة فرسخ في فرسخ- ثم ساق الحديث إلى قوله- إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ المطيعين لله أهل بيت محمّد في الجنة.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 400.
 (2)- تأويل الآيات 2: 756/ 6.
 (3)- المناقب 2: 94.
 (1) أي صار مغلوبا بالحجة.

561
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبأ ص 563

سورة النبأ
فضلها
11310/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [قَالَ‏]: «مَنْ قَرَأَ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، لَمْ تَخْرُجْ سَنَتُهُ- إِذَا كَانَ يُدْمِنُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ- حَتَّى يَزُورَ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
11311/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ وَ حَفِظَهَا، لَمْ يَكُنْ حِسَابُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا بِمِقْدَارِ سُورَةٍ مَكْتُوبَةٍ، حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَقْرَبْهُ قَمِلٌ، وَ زَادَتْ فِيهِ قُوَّةً عَظِيمَةً».
11312/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ حَفِظَهَا كَانَ حِسَابُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِقْدَارِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَقْرَبْهُ قَمِلٌ، وَ زَادَتْ فِيهِ قُوَّةً وَ هَيْبَةً عَظِيمَةً».
11313/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا لِمَنْ أَرَادَ السَّهَرَ سَهِرَ، وَ قِرَائَتُهَا لِمَنْ هُوَ مُسَافِرٌ بِاللَّيْلِ تَحْفَظُهُ مِنْ كُلِّ طَارِقٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 121.
 (2)- خواص القرآن: 27، 56 «مخطوط».
 (3)- ..........
 (4)- خواص القرآن: 12 «مخطوط».

563
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ الآيات 1 الى 5 ص 564

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [1- 5]
11314/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ الشِّيعَةَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ قَالَ: «ذَلِكَ إِلَيَّ، إِنْ شِئْتُ أَخْبَرْتُهُمْ، وَ إِنْ شِئْتُ لَمْ أُخْبِرْهُمْ- ثُمَّ قَالَ:- لَكِنِّي أُخْبِرُكَ بِتَفْسِيرِهَا». قُلْتُ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؟ قَالَ: فَقَالَ: «هِيَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: مَا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ آيَةٌ هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَ لَا لِلَّهِ مِنْ نَبَأٍ أَعْظَمُ مِنِّي».
11315/ «2»- وَ رَوَاهُ الصَّفَّارُ فِي (بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ) وَ فِي آخِرِ رِوَايَتِهِ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا لِلَّهِ آيَةٌ هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَ لَا لِلَّهِ مِنْ نَبَأٍ أَعْظَمَ مِنِّي، وَ لَقَدْ فُرِضَتْ وَلَايَتِي عَلَى الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهَا».
11316/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ، قَالَ: «النَّبَأُ الْعَظِيمُ: الْوَلَايَةُ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 161/ 3.
 (2)- بصائر الدرجات: 96/ 3.
 (3)- ....... الكافي 1: 346/ 34.

564
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ الآيات 1 الى 5 ص 564

وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ «1»، قَالَ: «وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11317/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
مَا لِلَّهِ نَبَأٌ أَعْظَمُ مِنِّي، وَ مَا لِلَّهِ آيَةٌ هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَ لَقَدْ عُرِضَ فَضْلِي عَلَى الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ عَلَى اخْتِلَافِ أَلْسِنَتِهَا، فَلَمْ تُقِرَّ بِفَضْلِي».
11318/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: مَا لِلَّهِ نَبَأٌ هُوَ أَعْظَمُ مِنِّي، وَ لَقَدْ عُرِضَ فَضْلِي عَلَى الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ بِاخْتِلَافٍ أَلْسِنَتِهَا».
11319/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، قَالَ: «هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ».
11320/ «7»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) بِقُمْ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَ ثَلَاثِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ فِي تِسْعٍ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)
: يَا عَلِيُّ، أَنْتَ حُجَّةُ اللَّهِ، وَ أَنْتَ بَابُ اللَّهِ، وَ أَنْتَ الطَّرِيقُ إِلَى اللَّهِ، وَ أَنْتَ النَّبَأُ الْعَظِيمُ، وَ أَنْتَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَ أَنْتَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى.
يَا عَلِيُّ، أَنْتَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ خَيْرُ الْوَصِيِّينَ، وَ سَيِّدُ الصِّدِّيقِينَ. يَا عَلِيُّ، أَنْتَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ، وَ أَنْتَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ. يَا عَلِيُّ، أَنْتَ خَلِيفَتِي «2»، وَ أَنْتَ قَاضِي دَيْنِي، وَ أَنْتَ مُنْجِزُ عِدَاتِي. يَا عَلِيُّ أَنْتَ الْمَظْلُومُ بَعْدِي. يَا عَلِيُّ، أَنْتَ الْمُفَارِقُ. يَا عَلِيُّ أَنْتَ الْمَهْجُورُ «3». أُشْهِدُ اللَّهَ وَ مَنْ حَضَرَ مِنْ أُمَّتِي أَنَّ حِزْبَكَ حِزْبِي وَ حِزْبِي حِزْبُ اللَّهِ، وَ أَنَّ حِزْبَ أَعْدَائِكِ حِزْبُ الشَّيْطَانِ».
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 401.
 (5)- تأويل الآيات 2: 758/ 2.
 (6)- تأويل الآيات 2: 2: 758/ 3.
 (7)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 6/ 13.
 (1) الكهف 18: 44.
 (2) زاد في المصدر: على امتي.
 (3) في المصدر: أنت المحجور بعدي.

565
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ الآيات 1 الى 5 ص 564

11321/ «8»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ مُؤْمِنٍ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنَ تَفَاسِيرِ الِاثْنَى عَشَرَ، فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ يَرْفَعُهُ إِلَى السُّدِّيِّ، قَالَ: أَقْبَلَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ حَتَّى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ لَنَا أَمْ لِمَنْ؟ قَالَ: «يَا صَخْرُ، الْإِمْرَةُ «1» مِنْ بَعْدِي لِمَنْ هُوَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ مِنْهُمْ الْمُصَدِّقُ بِوَلَايَتِهِ وَ خِلَافَتِهِ، وَ مِنْهُمُ الْمُكَذِّبُ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: كَلَّا وَ هُوَ رَدٌّ عَلَيْهِمْ سَيَعْلَمُونَ سَيَعْرِفُونَ خِلَافَتَهُ إِذْ يُسْأَلُونَ عَنْهَا فِي قُبُورِهِمْ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ لَا غَرْبِهَا، وَ لَا فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ، إِلَّا وَ مُنْكِرٌ وَ نَكِيرٌ يَسْأَلَانِهِ عَنْ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ خِلَافَتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، يَقُولَانِ لِلْمَيِّتِ:
مَنْ رَبُّكَ؟ وَ مَا دِينُكَ؟ وَ مَنْ نَبِيُّكَ؟ وَ مَنْ إِمَامُكَ؟.
11322/ «9»- وَ ذَكَرَ صَاحِبُ (النُّخَبِ) بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ صِفِّينَ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِ الشَّامِ، وَ عَلَيْهِ سِلَاحٌ، وَ فَوْقَهُ مُصْحَفٌ، وَ هُوَ يَقْرَأُ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ فَأَرَدْتُ الْبِرَازَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَكَانَكَ» وَ خَرَجَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ: «أَ تَعْرِفُ النَّبَأَ الْعَظِيمَ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ؟». قَالَ: لَا. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَا- وَ اللَّهِ- النَّبَأُ الْعَظِيمُ الَّذِي فِيهِ اخْتَلَفْتُمْ، وَ عَلَى وَلَايَتِهِ تَنَازَعْتُمْ، وَ عَنْ وَلَايَتِي رَجَعْتُمْ بَعْدَ مَا قَبِلْتُمْ، وَ بِبَغْيِكُمْ هَلَكْتُمْ بَعْدَ مَا بِسَيْفِي نَجَوْتُمْ، وَ يَوْمَ الْغَدِيرِ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَعْلَمُونَ مَا عَلِمْتُمْ» ثُمَّ عَلَاهُ بِسَيْفِهِ، فَرَمَى بِرَأْسِهِ وَ يَدِهِ.
11323/ «10»- وَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ: أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «وَ اللَّهِ، أَنَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، كَلَّا سَيَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ حِينَ أَقِفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ أَقُولُ: هَذَا لِي، وَ هَذَا لَكِ».
قوله تعالى:
أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً [6- 10] 11324/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً، قال: يمهد فيها الإنسان مهدا وَ الْجِبالَ أَوْتاداً أي أوتاد الأرض وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً، قال: يلبس على النهار.
__________________________________________________
 (8)- اليقين: 151.
 (9)- مناقب ابن شهر آشوب 3: 79.
 (10)- مناقب ابن شهر آشوب 3: 80.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 401.
 (1) في «ج»: الأمر.

566
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ الآيات 6 الى 11 ص 566

11325/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَخْبِرْنِي لِمَ سُمِّيَ اللَّيْلُ لَيْلًا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ يُلَايِلُ «1» الرِّجَالَ مِنَ النِّسَاءِ، جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أُلْفَةً وَ لِبَاساً، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً* وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً». قَالَ: صَدَقْتَ.
قوله تعالى:
وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً- إلى قوله تعالى- وَ جَنَّاتٍ أَلْفافاً [13- 16] 11326/ «2»- علي بن إبراهيم: وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً، قال: الشمس المضيئة.
11327/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: ذَاكَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيمَا يَرْوُونَ مِنَ الرُّؤْيَةِ؟ فَقَالَ:
 «الشَّمْسُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْكُرْسِيِّ، وَ الْكُرْسِيُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْعَرْشِ، وَ الْعَرْشُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْحِجَابِ، وَ الْحِجَابُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ السِّتْرِ، فَإِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فَلْيَمْلَؤُوا أَعْيُنَهُمْ مِنَ الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ».
11328/ «4»- علي بن إبراهيم: وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ، قال: من السحاب ماءً ثَجَّاجاً، قال: صب على صب. قوله: وَ جَنَّاتٍ أَلْفافاً، قال: بساتين ملتفة الشجر.
قوله تعالى:
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً [18]
11329/ «5»- (جَامِعُ الْأَخْبَارِ): عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «إِنَّ فِي الْقِيَامَةِ خَمْسِينَ مَوْقِفاً، كُلُّ مَوْقِفٍ أَلْفُ سَنَةٍ، فَأَوَّلُ مَوْقِفٍ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ [جَلَسُوا أَلْفَ سَنَةٍ عُرَاةً حُفَاةً جِيَاعاً
__________________________________________________
 (1)- علل الشرائع: 470/ 33.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 401.
 (3)- الكافي 1: 76/ 7.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 401.
 (5)- جامع الأخبار: 176.
 (1) قال المجلسي (رحمه اللّه): يظهر منه أن الملايلة كان في الأصل بمعنى الملابسة أو نحوها، و ليس هذا المعنى فيما عندنا من كتب اللغة. «البحار 9: 306».

567
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ آية 18 ص 567

عِطَاشاً، فَمَنْ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ مُؤْمِناً] بِرَبِّهِ، مُؤْمِناً بِجَنَّتِهِ وَ نَارِهِ، مُؤْمِناً بِالْبَعْثِ وَ الْحِسَابِ وَ الْقِيَامَةِ، مُقِرّاً بِاللَّهِ، مُصَدِّقاً بِنَبِيِّهِ وَ بِمَا جَاءَ [بِهِ‏] مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ نَجَا مِنَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَتَأْتُونَ أَفْواجاً، مِنَ الْقُبُورِ إِلَى الْمَوْقِفِ [أُمَماً]، كُلُّ أُمَّةٍ مَعَ إِمَامِهِمْ» وَ قِيلَ: جَمَاعَةً مُخْتَلِفَةً.
11330/ «2»- وَ عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، سَأَلْتَ عَنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ مِنَ الْأُمُورِ «1»، وَ قَالَ: تُحْشَرُ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مِنْ أُمَّتِي: بَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقِرَدَةِ، وَ بَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْخَنَازِيرِ، وَ بَعْضُهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ مُنَكَّسُونَ، أَرْجُلُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ لِيُحِبُّوا «2» عَلَيْهَا، وَ بَعْضُهُمْ عُمْياً، وَ بَعْضُهُمْ صُمّاً بُكْماً، وَ بَعْضُهُمْ يَمْضَغُونَ أَلْسِنَتَهُمْ فَهِيَ مُدْلَاةٌ عَلَى صُدُورِهِمْ، يَسِيلُ مِنْهَا الْقَيْحُ، يَتَقَذَّرُهُمْ أَهْلُ الْجَمْعِ، وَ بَعْضُهُمْ مُقَطَّعَةً أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ، وَ بَعْضُهُمْ مُصَلَّبُونَ عَلَى جُذُوعٍ مِنَ النَّارِ، وَ بَعْضُهُمْ أَشَدُّ نَتْناً مِنَ الْجِيفَةِ، وَ بَعْضُهُمْ مُلْبَسُونَ جِبَاباً سَابِغَةً مِنْ قَطِرَانٍ لَازِقَةٍ بِجُلُودِهِمْ.
فَأَمَّا الَّذِينَ عَلَى صُورَةِ الْقِرَدَةِ فَالْعُتَاةُ مِنَ النَّاسِ، وَ أَمَّا الَّذِينَ عَلَى صُورَةِ الْخَنَازِيرِ فَأَهْلُ السُّحْتِ، وَ أَمَّا الْمُنَكَّسُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَأَكَلَةُ الرِّبَا، وَ أَمَّا الْعُمْيُ فَالَّذِينَ يَجُورُونَ فِي الْحُكْمِ، وَ أَمَّا الصُّمُّ وَ الْبُكْمُ فَالْمُعْجَبُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَ الَّذِينَ يَمْضَغُونَ أَلْسِنَتَهُمْ الْعُلَمَاءُ وَ الْقُضَاةُ الَّذِينَ خَالَفَتْ أَعْمَالُهُمْ أَقْوَالَهُمْ، وَ أَمَّا الَّذِينَ قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ فَهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْجِيرَانَ، وَ أَمَّا الْمُصَلَّبُونَ عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَارٍ فَالسُّعَاةُ بِالنَّاسِ إِلَى السُّلْطَانِ، وَ أَمَّا الَّذِينَ أَشَدُّ نَتْناً مِنَ الْجِيَفِ فَالَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ وَ اللَّذَّاتِ، وَ يَمْنَعُونَ حَقَّ اللَّهِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَ أَمَّا الَّذِينَ يُلْبَسُونَ جِبَاباً مِنْ نَارٍ، فَأَهْلُ الْكِبْرِ «3» وَ الْفَخْرِ وَ الْخُيَلَاءِ «4»».
قوله تعالى:
وَ فُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً- إلى قوله تعالى- لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً [19- 23] 11331/ «1»- قال عليّ بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ فُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً، قال: تفتح أبواب‏
__________________________________________________
 (2)- جامع الأخبار: 176.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 401.
 (1) زاد في المصدر: ثمّ أرسل عينيه.
 (2) في المصدر: يسحبون.
 (3) في «ج»: الكبائر.
 (4) في المصدر: و الفجور و البخلاء.

568
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ الآيات 19 الى 23 ص 568

الجنان، قوله تعالى: وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً قال: تسير «1» الجبال مثل السراب الذي يلمع في المفاوز، قوله تعالى: إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً قال: قائمة لِلطَّاغِينَ مَآباً أي منزلا، قوله: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً، قال: الأحقاب: السنين، و الحقب: سنة «2»، و السنة: ثلاث مائة و ستون يوما، و اليوم كألف سنة ممّا تعدون.
11332/ «2»- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنِ الْأَحْوَلِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً* لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً، قَالَ: «هَذِهِ فِي الَّذِينَ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ».
11333/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً، قَالَ: «الْأَحْقَابُ: ثَمَانِيَةُ أَحْقَابٍ، وَ الحُقْبُ: ثَمَانُونَ سَنَةً، وَ السَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ يَوْماً، وَ الْيَوْمُ: كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ».
قوله تعالى:
لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً- إلى قوله تعالى- وَ كَواعِبَ أَتْراباً [24- 33] 11334/ «4»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً، قال: البرد: النوم، و قوله تعالى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً، قال: يفوزون، قوله تعالى: وَ كَواعِبَ أَتْراباً قال: جوار أتراب لأهل الجنة.
11335/ «5»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً فَهِيَ الْكَرَامَاتُ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ كَواعِبَ الْفَتَيَاتُ النَّوَاهِدُ».
قوله تعالى:
و كأسا دهاقا- إلى قوله تعالى- لا يتكلمون إلّا من أذن له الرحمن‏
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 402.
 (3)- معاني الأخبار: 220/ 1.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 402.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 402.
 (1) في نسخة من «ط، ج، ي»: تصير.
 (2) في المصدر: ثمانون سنة، و يطلق الحقب في اللغة على السنة، و على الدهر، و على الثمانين سنة.

569
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ الآيات 34 الى 38 ص 569

و قال صوابا [34- 38] 11336/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ كَأْساً دِهاقاً قال: مُمْتَلِئَةً يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، قال: الروح: ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل، [و] كان مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و هو مع الأئمة (عليهم السلام).
11337/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا، الْآيَةَ؟ قَالَ: «نَحْنُ وَ اللَّهِ الْمَأْذُونُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ الْقَائِلُونَ صَوَاباً».
قُلْتُ: مَا تَقُولُونَ إِذَا تَكَلَّمْتُمْ؟ قَالَ: «نَحْمَدُ «1» رَبَّنَا، وَ نُصَلِّي عَلَى نَبِيِّنَا، وَ نَشْفَعُ لِشِيعَتِنَا فَلَا يَرُدُّنَا رَبُّنَا».
11339/ «3»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، قَالَ:
 «نَحْنُ وَ اللَّهِ الْمَأْذُونُ لَنَا «2» فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَ الْقَائِلُونَ صَوَاباً».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ مَا تَقُولُونَ؟ قَالَ: «نَحْمَدُ «3» رَبَّنَا، وَ نُصَلِّي عَلَى نَبِيِّنَا، وَ نَشْفَعُ لِشِيعَتِنَا فَلَا يَرُدُّنَا رَبُّنَا».
11339/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، قَالَ: «نَحْنُ وَ اللَّهِ الْمَأْذُونُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ الْقَائِلُونَ صَوَاباً».
قُلْتُ: مَا تَقُولُونَ إِذَا تَكَلَّمْتُمْ؟ قَالَ: «نَحْمَدُ رَبَّنَا، وَ نُصَلِّي عَلَى نَبِيِّنَا، وَ نَشْفَعُ لِشِيعَتِنَا فَلَا يَرُدُّنَا رَبُّنَا».
وَ رُوِيَ عَنِ الْكَاظِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِثْلُهُ.
11340/ «5»- عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَ جَمَعَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، خُلِعَ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ إِلَّا مَنْ أَقَرَّ بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 402.
 (2)- الكافي 1: 361/ 91.
 (3)- المحاسن: 183/ 183.
 (4)- تأويل الآيات 2: 760/ 8.
 (5)- تأويل الآيات 2: 761/ 9.
 (1) في المصدر: نمجّد.
 (2) في المصدر: لهم.
 (3) في المصدر: نمجّد.

570
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ الآيات 34 الى 38 ص 569

يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً».
11341/ «6»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: «نَحْنُ وَ اللَّهِ الْمَأْذُونُ لَنَا «1» يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ الْقَائِلُونَ صَوَاباً».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا تَقُولُونَ؟ قَالَ: «نَحْمَدُ «2» رَبَّنَا، وَ نُصَلِّي عَلَى نَبِيِّنَا، وَ نَشْفَعُ لِشِيعَتِنَا فَلَا يَرُدُّنَا رَبُّنَا». قَالَ:
رَوَاهُ الْعَيَّاشِيُّ مَرْفُوعاً.
11342/ «7»- وَ قَالَ الطَّبْرِسِيُّ فِي مَعْنَى الرُّوحُ: رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي (تَفْسِيرِهِ) بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «هُوَ مَلَكٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ».
قلت: قد تقدم معنى الروح، في قوله: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي «3» و في قوله تعالى وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا «4».
قوله تعالى:
إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً [40] 11343/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً، قال: في النار، قوله تعالى: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً، قال: ترابيا أي علويا. قال: و قال: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) «5» المُكَنِّي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَبَا «6» تُرَابٍ.
11344/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، وَ عَنْ سَعِيدٍ
__________________________________________________
 (6)- مجمع البيان 10: 647.
 (7)- مجمع البيان 10: 647.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 402.
 (2)- تأويل الآيات 2: 2: 761/ 10.
 (1) في المصدر: لهم.
 (2) في المصدر: نمجّد.
 (3) تقدّم في تفسير الآية (85) من سورة الإسراء.
 (4) تقدّم في تفسير الآيتين (52، 53) من سورة الشورى.
 (5) زاد في «ط، ج» و المصدر: قال.
 (6) في المصدر: أبو.

571
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النبإ آية 40 ص 571

السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً يَعْنِي عَلَوِيّاً يُوَالِي أَبَا تُرَابٍ».
شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ وَ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، مِثْلَهُ.
11345/ «3»- قَالَ: وَ جَاءَ فِي بَاطِنِ تَفْسِيرِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مَا يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى‏ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً «1»، قَالَ: «هُوَ يُرَدُّ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً، حَتَّى يَقُولَ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً، أَيْ مِنْ شِيعَةِ أَبِي تُرَابٍ، وَ مَعْنَى رَبِّهِ أَيْ صَاحِبِهِ».
11346/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَبْدِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ كَنَّى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَبَا تُرَابٍ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ، وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى أَهْلِهَا بَعْدَهُ، وَ بِهِ بَقَاؤُهَا، وَ إِلَيْهِ سُكُونُهَا، وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَ رَأَى الْكَافِرُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِشِيعَةِ عَلِيٍّ مِنَ الثَّوَابِ وَ الزُّلْفَى وَ الْكَرَامَةِ، قَالَ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً، أَيْ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً».
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 761/ 11.
 (4)- علل الشرائع: 156/ 3.
 (1) الكهف 18: 87.

572
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النازعات ص 573

سورة النازعات‏
فضلها
11347/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ النَّازِعَاتِ، لَمْ يَمُتْ إِلَّا رَيَّاناً، وَ لَمْ يَبْعَثْهُ اللَّهُ إِلَّا رَيَّاناً، وَ لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَيَّاناً».
11348/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ بَرْدِ الشَّرَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ مُوَاجَهَةِ أَعْدَائِهِ انْحَرَفُوا عَنْهُ وَ سَلِمَ مِنْهُمْ وَ لَمْ يُضِرُّوهُ».
11349/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا أَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَ سَقَاهُ شَرْبَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ مُوَاجَهَةِ أَعْدَائِهِ انْحَرَفُوا عَنْهُ وَ سَلِمَ مِنْ أَذَاهُمْ».
11350/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ مُوَاجِهٌ أَعْدَاءَهُ لَمْ يُبْصِرُوهُ، وَ انْحَرَفُوا عَنْهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ دَاخِلٌ عَلَى أَحَدٍ يَخَافُهُ نَجَا مِنْهُ وَ أَمِنَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 121.
 (2)- ........
 (3)- ........
 (4)- خواص القرآن: 28، 57 «مخطوط».

573
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النازعات الآيات 1 الى 4 ص 574

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً- إلى قوله تعالى- فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً [1- 4] 11351/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً، قال: نزع الروح.
11352/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ، فِي مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَنْزِعُونَ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ عَنْ أَبْدَانِهِمْ بِالشِّدَّةِ، كَمَا يَغْرَقُ النَّازِعُ فِي الْقَوْسِ فَيَبْلُغُ فِيهَا غَايَةَ الْمَدِّ، قَالَ: وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
11353/ «3»- وَ قَالَ: وَ قِيلَ: هُوَ الْمَوْتُ يَنْزِعُ النُّفُوسَ، قَالَ: وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
11354/ «4»- وَ قَالَ فِي مَعْنَى النَّاشِطَاتِ: عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ تَنْشَطُ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ مَا بَيْنَ الْجِلْدِ وَ الْأَظْفَارِ حَتَّى تُخْرِجَهَا مِنْ أَجْوَافِهِمْ بِالْكَرْبِ وَ الْغَمِّ»
و النشط: الجذْب، يقال: نشطت الدلو: نزعتها.
11355/ «5»- الشَّيْبَانِيُّ فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ): عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً، قَالَ:
 «الْمَلَائِكَةُ تَنْزِعُ نُفُوسَ الْكُفَّارِ إِغْرَاقاً كَمَا يَغْرَقُ النَّازِعُ فِي الْقَوْسِ».
11356/ «6»- ابْنُ فَهْدٍ فِي (الْعُدَّةِ): فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ لِمُعَاذٍ: «لَا تَمْزِقَنَ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 402.
 (2)- مجمع البيان 10: 651.
 (3)- مجمع البيان 10: 651.
 (4)- مجمع البيان 10: 652.
 (5)- نهج البيان 3: 312 (مخطوط).
 (6)- عدّة الداعي: 244.

574
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النازعات الآيات 1 الى 4 ص 574

النَّاسَ فَتُمَزِّقَكَ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً، أَ فَتَدْرِي مَا النَّاشِطَاتُ؟ هِيَ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ، تَنْشَطُ اللَّحْمَ وَ الْعَظْمَ».
11357/ «7»- علي بن إبراهيم: وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً، قال: الكفّار ينشطون في الدنيا وَ السَّابِحاتِ سَبْحاً، قال: المؤمنون الذين يسبحون اللّه.
11358/ «8»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً: «يَعْنِي أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ تَسْبِقُ أَرْوَاحُهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ بِمِثْلِ الدُّنْيَا، وَ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ بِمِثْلِ ذَلِكَ إِلَى النَّارِ».
قوله تعالى:
فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً* يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ* تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ [5- 7]
11359/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُرْجَانِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ قَوْمٌ مِنْ خَوَاصِّ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) جُلُوساً بِحَضْرَتِهِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَقَالُوا: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَ أَدِيمَ هَذِهِ السَّمَاءِ، وَ أَنْوَارَ هَذِهِ النُّجُومِ وَ الْكَوَاكِبِ! فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ هَذَا، وَ إِنَّ الْمُدَبِّرَاتِ أَرْبَعَةٌ: جَبْرَئِيلُ، وَ مِيكَائِيلُ، وَ إِسْرَافِيلُ، وَ مَلَكُ الْمَوْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، يَنْظُرُونَ إِلَى الْأَرْضِ، فَيَرَوْنَكُمْ وَ إِخْوَانَكُمْ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَ نُورُكُمْ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ «1» أَحْسَنُ مِنْ أَنْوَارِ هَذِهِ الْكَوَاكِبِ، وَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ كَمَا تَقُولُونَ: مَا أَحْسَنَ أَنْوَارَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ!».
11360/ «2»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ* تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ يوم تنشق الأرض بأهلها، و الرادفة: الصيحة.
11361/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَالِدٍ الْعَاقُولِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ* تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، قَالَ: «الرَّاجِفَةُ: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا)،
__________________________________________________
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 402.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 403.
 (1)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 2/ 2.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 403.
 (3)- تأويل الآيات 2: 762/ 1.
 (1) في المصدر: السماوات و إليهم.

575
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النازعات الآيات 5 الى 7 ص 575

وَ الرَّادِفَةُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ أَوَّلُ مَنْ يَنْفُضُ عَنْ رَأْسِهِ التُّرَابَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فِي خَمْسَةٍ وَ سَبْعِينَ أَلْفاً، وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ* يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ «1»».
11362/ «4»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، قَالَ: «إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فَأَتْبِعْهَا خُرُوجَ الدَّابَّةِ».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ، قَالَ: «عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
و قد تقدمت الروايات في معنى هذه الآية بهذا المعنى في سورة النمل «2».
قوله تعالى:
قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ- إلى قوله تعالى- بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً [8- 16] 11363/ «1»- علي بن إبراهيم: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ أي خائفة أَبْصارُها خاشِعَةٌ* يَقُولُونَ أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ، قال: قالت قريش: أ نرجع بعد الموت إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً؟ أي بالية تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ قال: قالوا هذا على حدّ الاستهزاء، فقال اللّه: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ* فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ، قال: الزجرة: النفخة الثانية في الصور، و الساهرة: موضع بالشام عند بيت المقدس.
11364/ «2»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَجَرَى بَيْنَهُمَا حَدِيثٌ، فَقَالَ أَبِي لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا تَقُولُ فِي الْكَرَّةِ؟ قَالَ: «أَقُولُ فِيهَا مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ ذَلِكَ أَنَّ تَفْسِيرَهَا صَارَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا الْحَرْفُ بِخَمْسٍ وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا وَ لَمْ يَقْضُوا ذُحُولَهُمْ «3»».
فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ* فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ أَيَّ شَيْ‏ءٍ أَرَادَ بِهَذَا؟
فَقَالَ: «إِذَا انْتَقَمَ مِنْهُمْ وَ مَاتَتِ الْأَبْدَانُ بَقِيَتِ الْأَرْوَاحُ سَاهِرَةً لَا تَنَامُ وَ لَا تَمُوتُ».
__________________________________________________
 (4)- المناقب 3: 102.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 403.
 (2)- مختصر بصائر الدرجات: 28.
 (1) المؤمن 40: 51، 52.
 (2) تقدّمت الروايات في تفسير الآيات (82- 84) من سورة النّمل.
 (3) الذحل: الثأر.

576
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النازعات الآيات 8 الى 16 ص 576

11365/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْكَرَّةُ الْمُبَارَكَةُ النَّافِعَةُ لِأَهْلِهَا يَوْمَ الْحِسَابِ وَلَايَتِي وَ اتِّبَاعُ أَمْرِي وَ وَلَايَةُ عَلِيٍّ وَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ وَ اتِّبَاعُ أَمْرِهِمْ، يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِهَا، مَعِي [وَ مَعَ‏] عَلِيٍّ وَصِيِّي وَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ الْكَرَّةُ الْخَاسِرَةُ عَدَاوَتِي وَ تَرْكُ أَمْرِي وَ عَدَاوَةُ عَلِيٍّ وَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ، يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ بِهَا النَّارَ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ».
11366/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ يَقُولُ: «فِي الْخَلْقِ الْجَدِيدِ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ وَ السَّاهِرَةُ: الْأَرْضُ، كَانُوا فِي الْقُبُورِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الزَّجْرَةَ خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ فَاسْتَوَوْا عَلَى الْأَرْضِ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ: بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ [أَيْ‏] الْمُطَهَّرِ، وَ أَمَّا طُوىً فَاسْمُ الْوَادِي».
قوله تعالى:
فَحَشَرَ فَنادى‏- إلى قوله تعالى- فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى‏ [23- 25] 11367/ «5»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَحَشَرَ يعني فرعون فَنادى‏* فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏* فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى‏ و النكال: العقوبة، و الآخرة هو قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏، و الأولى قوله:
ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي «1» فأهلكه اللّه بهذين القولين.
11368/ «6»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ أَرْبَعُونَ سَنَةً».
11369/ «7»- قَالَ: وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قَالَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قُلْتُ: يَا رَبِّ، تَدَعُ فِرْعَوْنَ وَ قَدْ قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏! فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُولُ هَذَا مِثْلُكَ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ».
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 742/ 2.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 403.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 403.
 (6)- مجمع البيان 10: 656.
 (7)- مجمع البيان 10: 656.
 (1) القصص 28: 38.

577
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النازعات الآيات 29 الى 41 ص 578

قوله تعالى:
وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏ [29- 41] 11370/ «1»- علي بن إبراهيم: قوله: وَ أَغْطَشَ لَيْلَها أي أظلم. قال الأعشى:
         وَ يَهْمَاءُ «1» بِاللَّيْلِ غَطْشُ الْفَلَا             ةِ يُؤْنِسُنِي صَوْتُ فَيَّادِهَا «2»
قوله تعالى: وَ أَخْرَجَ ضُحاها، قال: الشمس، قوله: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها قال: بسطها، وَ الْجِبالَ أَرْساها أي أثبتها، قوله: يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى‏، قال: يذكر ما عمله كله، وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى‏ قال: أحضرت، قوله: وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏ قال: هو العبد إذا وقف على معصية اللّه و قدر عليها ثمّ تركها مخافة اللّه و نهى النفس عنها فمكافأته الجنة.
11371/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «3»، قَالَ: «مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ وَ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَ يَعْلَمُ مَا يَعْلَمُهُ مِنَ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، فَيَحْجُزُهُ ذَلِكَ عَنِ الْقَبِيحِ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَذَلِكَ الَّذِي خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى».
11372/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ: «إِنَّ رَجُلًا رَكِبَ الْبَحْرَ بِأَهْلِهِ فَكُسِرَ بِهِمْ، فَلَمْ يَنْجُ مِمَّنْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ إِلَّا امْرَأَةُ الرَّجُلِ، فَإِنَّهَا نَجَتْ عَلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ حَتَّى أُلْجِئَتْ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، وَ كَانَ فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ رَجُلٌ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ، وَ لَمْ يَدَعْ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا، فَلَمْ يَعْلَمْ إِلَّا وَ امْرَأَةٌ قَائِمَةٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: إِنْسِيَّةٌ أَمْ جِنِّيَّةٌ؟ فَقَالَتْ: إِنْسِيَّةٌ، فَلَمْ يُكَلِّمْهَا [كَلِمَةً] حَتَّى جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمَّا أَنْ هَمَّ بِهَا اضْطَرَبَتْ، فَقَالَ [لَهَا]: مَا لَكِ تَضْطَرِبِينَ؟ فَقَالَتِ: أَفْرَقُ «4»
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 403.
 (2)- الكافي 2: 57/ 10.
 (3)- الكافي 2: 56/ 8.
 (1) اليهماء: الفلاة التي لا ماء و لا علم فيها و لا يهتدى لطرقها. «لسان العرب 12: 648».
 (2) الفيّاد: ذكر البوم، و يقال: الصّدى. «لسان العرب 3: 341».
 (3) الرحمن 55: 46.
 (4) أي أخاف.

578
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النازعات الآيات 29 الى 41 ص 578

مِنْ هَذَا، وَ أَوْمَأَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَصَنَعْتِ مِنْ هَذَا شَيْئاً؟ قَالَتْ: لَا وَ عِزَّتِهِ. قَالَ: فَأَنْتِ تَفْرَقِينَ [مِنْهُ‏] هَذَا الْفَرَقَ، وَ لَمْ تَصْنَعِي مِنْ هَذَا شَيْئاً! وَ إِنَّمَا أَسْتَكْرَهُكَ اسْتِكْرَاهاً، فَأَنَا وَ اللَّهِ أَوْلَى بِهَذَا الْفَرَقِ وَ الْخَوْفِ وَ أَحَقُّ مِنْكِ.
قَالَ: فَقَامَ، وَ لَمْ يُحْدِثْ شَيْئاً، وَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَ لَيْسَتْ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا التَّوْبَةُ وَ الْمُرَاجَعَةُ، فَبَيْنَا هُوَ يَمْشِي، إِذْ جَاءَ «1» رَاهِبٌ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، فَحَمِيَتْ عَلَيْهِمَا الشَّمْسُ، فَقَالَ الرَّاهِبُ لِلشَّابِّ: أُدْعُ اللَّهَ يُظِلَّنَا بِغَمَامَةٍ فَقَدْ حَمِيَتْ عَلَيْنَا الشَّمْسُ. فَقَالَ الشَّابُّ: مَا [أَعْلَمُ أَنَ‏] لِي عِنْدَ رَبِّي حَسَنَةً فَأَتَجَاسَرَ عَلَى أَنْ أَسْأَلَهُ شَيْئاً، قَالَ: فَأَدْعُو أَنَا وَ تُؤَمِّنُ أَنْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ الرَّاهِبُ يَدْعُو وَ الشَّابُّ يُؤَمِّنُ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ أَظَلَّتْهُمَا غَمَامَةٌ، فَمَشَيَا تَحْتَهَا مَلِيّاً مِنَ النَّهَارِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ الْجَادَّةُ جَادَّتَيْنِ، فَأَخَذَ الشَّابُّ فِي وَاحِدَةٍ، وَ أَخَذَ الرَّاهِبُ فِي وَاحِدَةٍ، فَإِذَا السَّحَابَةُ مَعَ الشَّابِّ، فَقَالَ الرَّاهِبُ: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي، لَكَ اسْتُجِيبَ وَ لَمْ يُسْتَجَبْ لِي، فَخَبِّرْنِي مَا قِصَّتُكَ؟ فَخَبَّرَهُ بِخَبَرِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا مَضَى حَيْثُ دَخَلَكَ الْخَوْفُ، فَانْظُرْ مَا تَكُونُ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ».
11373/ «4»- ابن شهر آشوب: عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن مجاهد، عن ابن عبّاس: فَأَمَّا مَنْ طَغى‏* وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فهو علقمة بن الحارث بن عبد الدار، و أمّا من خاف مقام ربّه: عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، خاف و انتهى عن المعصية، و نهى عن الهوى نفسه فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏ خاصا لعلي و من كان على منهاج علي، هكذا عاما.
قوله تعالى:
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها- إلى قوله تعالى- إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها [42- 46] 11374/ «1»- علي بن إبراهيم، قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها، قال: متى تقوم؟ فقال اللّه:
إِلى‏ رَبِّكَ مُنْتَهاها، أي علمها عند قوله: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها، قال: يوم القيامة «2».
11375/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ، فَقَالَ:
__________________________________________________
 (4)- المناقب 2: 94.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 404.
 (2)- الكافي 8: 94/ 97.
 (1) في المصدر: صادفه.
 (2) في المصدر: قال: بعض يوم.

579
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النازعات الآيات 42 الى 46 ص 579

يَا أَبَا جَعْفَرٍ، جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَدْ أَعْيَتْ عَلَيَّ أَنْ أَجِدَ أَحَداً يُفَسِّرُهَا، وَ قَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهُمْ شَيْئاً غَيْرَ الَّذِي قَالَ الصِّنْفُ الْآخَرُ؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا ذَاكَ؟». قَالَ: إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ، فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ سَأَلْتُهُ قَالَ: الْقَدَرُ، وَ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَلَمُ، وَ قَالَ بَعْضُهُمُ: الرُّوحُ؟
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا قَالُوا شَيْئاً، أُخْبِرُكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَانَ وَ لَا شَيْ‏ءَ غَيْرُهُ، وَ كَانَ عَزِيزاً وَ لَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلَ عِزِّهِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ «1»، وَ كَانَ الْخَالِقُ قَبْلَ الْمَخْلُوقِ، وَ لَوْ كَانَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ الشَّيْ‏ءَ مِنَ الشَّيْ‏ءِ إِذَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ انْقِطَاعٌ أَبَداً، وَ لَمْ يَزَلْ إِذْنٍ وَ مَعَهُ شَيْ‏ءٌ لَيْسَ هُوَ يَتَقَدَّمُهُ، وَ لَكِنْ كَانَ إِذْ لَا شَيْ‏ءَ غَيْرُهُ، وَ خَلَقَ الشَّيْ‏ءَ الَّذِي جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ مِنْهُ، وَ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي خَلَقَ الْأَشْيَاءَ مِنْهُ، فَجَعَلَ نَسَبَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ إِلَى الْمَاءِ، وَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمَاءِ نَسَباً يُضَافُ إِلَيْهِ، وَ خَلَقَ الرِّيحَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ سَلَّطَ الرِّيحَ عَلَى الْمَاءِ، فَشَقَّقَتْ الرِّيحُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى ثَارَ مِنْ مَتْنِ الْمَاءِ زَبَدٌ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ أَنْ يَثُورَ، فَخَلَقَ مِنْ ذَلِكَ الزَّبَدِ أَرْضاً بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ وَ لَا ثَقْبٌ وَ لَا صُعُودٌ وَ لَا هُبُوطٌ وَ لَا شَجَرَةٌ، ثُمَّ طَوَاهَا فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ مِنَ الْمَاءِ، فَشَقَّقَتِ النَّارُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ دُخَانٌ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَثُورَ، فَخَلَقَ مِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ سَمَاءً صَافِيَةً نَقِيَّةً، لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ وَ لَا ثَقْبٌ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها* وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها «2» قَالَ: وَ لَا شَمْسٌ وَ لَا قَمَرٌ وَ لَا نُجُومٌ وَ لَا سَحَابٌ، ثُمَّ طَوَاهَا فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْأَرْضِ، ثُمَّ نَسَبَ الْخِلْقَتَيْنِ، فَرَفَعَ السَّمَاءَ قَبْلَ دَحْوِ «3» الْأَرْضِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ ذِكْرُهُ: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «4» يَقُولُ: بَسَطَهَا».
وَ الْحَدِيثُ طَوِيلٌ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ مِنْ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ «5».
__________________________________________________
 (1) الصافّات 37: 180.
 (2) النازعات 79: 27- 29.
 (3) (دحو) ليس في «ج» و المصدر.
 (4) النازعات 79: 30.
 (5) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (30) من سورة الأنبياء.

580
البرهان في تفسير القرآن5

سورة عبس ص 581

سورة عبس‏
فضلها
11376/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ عَبَسَ وَ تَوَلَّى، وَ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، كَانَ تَحْتَ جَنَاحِ اللَّهِ مِنَ الْجِنَانِ، وَ فِي ظِلِّ اللَّهِ وَ كَرَامَتِهِ، وَ فِي جَنَّاتِهِ، وَ لَمْ يَعْظُمْ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ».
11377/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً، وَ مَنْ كَتَبَهَا فِي رَقِّ غَزَالٍ وَ عَلَّقَهَا لَمْ يَرَ إِلَّا خَيْراً أَيْنَمَا تَوَجَّهَ».
11378/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَكْثَرَ قِرَاءَتَهَا خَرَجَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ وَجْهُهُ ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً، وَ مَنْ كَتَبَهَا فِي رَقِّ غَزَالٍ وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَلْقَ إِلَّا خَيْراً أَيْنَمَا تَوَجَّهَ».
11379/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا قَرَأَهَا الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ يُكْفَى مَا يَلِيهِ فِي طَرِيقِهِ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 121.
 (2)- ..........
 (3)- ..........
 (4)- ..........

581
البرهان في تفسير القرآن5

سورة عبس الآيات 1 الى 10 ص 582

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَبَسَ وَ تَوَلَّى* أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى‏- إلى قوله تعالى- فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى [1- 10] 11380/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في عثمان و ابن أم مكتوم، و كان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و كان أعمى، فجاء إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و عنده أصحابه، و عثمان عنده، فقدمه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على عثمان، فعبس عثمان وجهه و تولى عنه، فأنزل اللّه: عَبَسَ وَ تَوَلَّى [يعني عثمان‏] أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى‏* وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أي يكون طاهرا زكيا «1» أَوْ يَذَّكَّرُ قال: يذكره رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى‏.
ثمّ خاطب عثمان، فقال: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى‏* فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له و ترفعه: وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى أي لا تبالي زكيا كان أو غير زكي، إذا كان غنيا وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى‏ يعني ابن أم مكتوم وَ هُوَ يَخْشى‏* فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى أي تلهو و لا تلتفت إليه.
11381/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَلَمَّا رَآهُ تَقَذَّرَ مِنْهُ وَ عَبَّسَ وَجْهَهُ وَ جَمَعَ نَفْسَهُ، وَ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ، فَحَكَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ عَنْهُ وَ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 404.
 (2)- مجمع البيان 10: 664.
 (1) في المصدر: أزكى.

582
البرهان في تفسير القرآن5

سورة عبس الآيات 1 الى 10 ص 582

11382/ «1»- وَ قَالَ الطَّبْرِسِيُّ أَيْضاً: وَ رُوِيَ أَيْضاً عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [أَنَّهُ‏] قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ: مَرْحَباً مَرْحَباً، [وَ اللَّهِ‏] لَا يُعَاتِبُنِي اللَّهُ فِيكَ أَبَداً، وَ كَانَ يَصْنَعُ بِهِ مِنْ اللُّطْفِ حَتَّى كَانَ يَكُفُّ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِمَّا يَفْعَلُ [بِهِ‏]».
قوله تعالى:
كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ- إلى قوله تعالى- كِرامٍ بَرَرَةٍ [11- 16] 11383/ «2»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ، قال: القرآن فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ* مَرْفُوعَةٍ، قال: عِنْدَ اللَّهِ مُطَهَّرَةٍ* بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، قال: بأيدي الأئمة كِرامٍ بَرَرَةٍ.
11384/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَالِكِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ* كِرامٍ بَرَرَةٍ، قَالَ: «هُمُ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11385/ «4»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَّالِ «1»، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: صُحُفاً مُطَهَّرَةً* فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ «2»، قَالَ: «هُوَ حَدِيثُنَا فِي صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ مِنَ الْكَذِبِ».
قوله تعالى:
قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ- إلى قوله تعالى- كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ [17- 23] 11386/ «5»- علي بن إبراهيم: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ، قال: [هو] أمير المؤمنين (عليه السلام)، [قال‏]:
__________________________________________________
 (1)- مجمع البيان 10: 664.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 405.
 (3)- تأويل الآيات 2: 763/ 1.
 (4)- مختصر بصائر الدرجات: 64.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 405.
 (1) في النسخ: الحجازي، و الظاهر صحة ما أثبتناه من المصدر، انظر معجم رجال الحديث 9: 70.
 (2) البينة 98: 2، 3.

583
البرهان في تفسير القرآن5

سورة عبس الآيات 17 الى 23 ص 583

ما أَكْفَرَهُ أَيْ مَاذَا فَعَلَ وَ أَذْنَبَ حَتَّى قَتَلُوهُ؟ ثُمَّ قَالَ: مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ* مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ، قال: يسر له طريق الخير ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ* ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ قال: في الرجعة كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ أي لم يقض أمير المؤمنين (عليه السلام) ما قد أمره، و سيرجع حتّى يقضي ما أمره.
11387/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ قَالَ: «نَعَمْ، نَزَلَتْ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ما أَكْفَرَهُ يَعْنِي بِقَتْلِكُمْ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَسَبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَنَسَبَ خَلْقَهُ وَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ: مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ مِنْ طِينَةِ الْأَنْبِيَاءِ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ لِلْخَيْرِ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ يَعْنِي سَبِيلَ الْهُدَى، ثُمَّ أَمَاتَهُ مِيتَةَ الْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ».
قُلْتُ: مَا قَوْلُهُ: إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ؟ قَالَ: «يَمْكُثُ بَعْدَ قَتْلِهِ فِي الرَّجْعَةِ، فَيَقْضِي مَا أَمَرَهُ».
11388/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ، قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَتَى يَنْبَغِي [لَهُ‏] أَنْ يَقْضِيَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، نَزَلَتْ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُتِلَ الْإِنْسانُ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ما أَكْفَرَهُ يَعْنِي قَاتِلَهُ بِقَتْلِهِ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَسَبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَنَسَبَ خَلْقَهُ وَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ: مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ الْأَنْبِيَاءِ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ لِلْخَيْرِ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ يَعْنِي سَبِيلَ الْهُدَى، ثُمَّ أَمَاتَهُ مِيتَةَ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ؟ قَالَ: «يَمْكُثُ بَعْدَ قَتْلِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثَهُ اللَّهُ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ يَمْكُثُ بَعْدَ قَتْلِهِ فِي الرَّجْعَةِ».
قوله تعالى:
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى‏ طَعامِهِ- إلى قوله تعالى- فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ [24- 33]
11389/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ «1» (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى‏ طَعامِهِ، قُلْتُ:
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 405.
 (3)- تأويل الآيات 2: 764/ 2.
 (1)- الكافي 1 لا 39/ 8.
 (1) في المصدر: أبي جعفر.

584
البرهان في تفسير القرآن5

سورة عبس الآيات 24 الى 33 ص 584

مَا طَعَامُهُ، قَالَ: «عِلْمُهُ الَّذِي يَأْخُذُهُ عَمَّنْ يَأْخُذُهُ».
11390/ «2»- الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى‏ طَعامِهِ، قَالَ: «عِلْمُهُ الَّذِي يَأْخُذُهُ عَمَّنْ يَأْخُذُهُ».
11391/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى‏ طَعامِهِ* أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا إلى قوله تعالى:
وَ قَضْباً، قال: القَضْبُ. الْقَتُّ، وَ حَدائِقَ غُلْباً أي بَسَاتِينَ مُلْتَفَّةً مُجْتَمِعَةً، وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا قال: الْأَبُّ:
الحَشِيشُ لِلْبَهَائِمِ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ.
11392/ «4»- قَالَ الْمُفِيدُ فِي (إِرْشَادِهِ): رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا فَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْأَبِّ فِي الْقُرْآنِ، وَ قَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، أَمْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي، أَمْ كَيْفَ أَصْنَعُ إِنْ قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِمَا لَا أَعْلَمُ؟
أَمَّا الْفَاكِهَةُ فَنَعْرِفُهَا، وَ أَمَّا الأَبُّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، فَبَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَقَالُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! أَ مَا عَلِمَ أَنَّ الْأَبَّ هُوَ الْكَلَأُ وَ الْمَرْعَى، وَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا اعْتِدَادٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِإِنْعَامِهِ عَلَى خَلْقِهِ بِمَا غَذَّاهُمْ بِهِ وَ خَلَقَهُ لَهُمْ، وَ لِأَنْعَامِهِمْ مِمَّا تَحْيَا بِهِ أَنْفُسُهُمْ وَ تَقُومُ بِهِ أَجْسَادُهُمْ».
11393/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْفَاكِهَةُ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ لَوْناً، سَيِّدُهَا الرُّمَّانُ».
11394/ «6»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ قال: القيامة.
قوله تعالى:
يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ* وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [34- 37]
11395/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَبَلَةَ الْوَاعِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِيُّ، قَالَ:
__________________________________________________
 (2)- الإختصاص: 4.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 406.
 (4)- الإرشاد: 107.
 (5)- الكافي 6: 352/ 2.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 406.
 (1)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 245/ 1.

585
البرهان في تفسير القرآن5

سورة عبس الآيات 34 الى 37 ص 585

حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْكُوفَةِ فِي الْجَامِعِ، إِذَا قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ- وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فِيهِ- وَ قَامَ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ «1» وَ تَعَنَّتَهُ، وَ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ* وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ* [لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ مَنْ هُمْ؟]، فَقَالَ:
هَابِيلُ يَفِرُّ مِنْ قَابِيلَ، وَ الَّذِي يَفِرُّ مِنْ أُمِّهِ مُوسَى، وَ الَّذِي يَفِرُّ مِنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمُ «2»، وَ الَّذِي يَفِرُّ مِنْ صَاحِبَتِهِ لُوطٌ، وَ الَّذِي يَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ نُوحٌ، يَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ كَنْعَانَ».
11396/ «2»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، قال: شغل يشغله «3» عن غيره.
11397/ «3»- (بُسْتَانُ الْوَاعِظِينَ): عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَذْكُرُ الرَّجُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَمِيمَهُ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «ثَلَاثَةُ مَوَاطِنَ لَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَداً: عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَنْظُرَ أَ يَثْقُلُ مِيزَانُهُ أَمْ يَخِفُّ، وَ عِنْدَ الصِّرَاطِ حَتَّى يَنْظُرَ أَ يَجُوزُهُ أَمْ لَا، وَ عِنْدَ الصُّحُفِ حَتَّى يَنْظُرَ بِيَمِينِهِ يَأْخُذُ الصُّحُفَ أَمْ بِشِمَالِهِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ مَوَاطِنَ لَا يَذْكُرُ فِيهَا أَحَدٌ حَمِيمَهُ وَ لَا حَبِيبَهُ وَ لَا قَرِيبَهُ وَ لَا صَدِيقَهُ وَ لَا بَنِيهِ وَ لَا وَالِدَيْهِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ شِدَّةِ مَا يَرَى مِنَ الْأَهْوَالِ الْعِظَامِ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُسَهِّلَهَا لَنَا بِرَحْمَتِهِ، وَ يُهَوِّنَهَا عَلَيْنَا بِرَأْفَتِهِ «4» وَ لُطْفِهِ».
قوله تعالى:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [38- 42] 11398/ «4»- علي بن إبراهيم: ثم ذكر عزّ و جلّ الذين تولوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و تبرءوا من أعدائه،
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 406.
 (3)- .......
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 406.
 (1) في المصدر: رجل آخر سأله.
 (2) زاد في المصدر: يعني الأب المربّي لا الوالد.
 (3) في المصدر: يشتغل به.
 (4) في «ج»: برحمته.

586
البرهان في تفسير القرآن5

سورة عبس الآيات 38 الى 42 ص 586

فقال: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ* ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ثم ذكر أعداء آل الرسول وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ* تَرْهَقُها قَتَرَةٌ أي فقراء «1» من الخير و الثواب.
11399/ «2»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثني عبد الغني بن سعيد، قال: حدّثنا موسى بن عبد الرحمن، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، في قوله: مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ «2» يريد منافع لكم و لأنعامكم، قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ يريد مسودة تَرْهَقُها قَتَرَةٌ يريد غبار جهنم أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ أي الكافر الجاحد.
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 406.
 (1) في المصدر: أي فقر.
 (2) عبس 80: 32.

587
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير ص 589

سُورَةُ التَّكْوِيرِ
فضلها
تقدم في عبس «1»
11400/ «1»- رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنَ الْفَضِيحَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ تُنْشَرُ صَحِيفَتُهُ، وَ يَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ آمِنٌ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى أَرْمَدِ الْعَيْنِ أَوْ مَطْرُوفِهَا «2» أَبْرَأَهَا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
11401/ «2»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنَ الْفَضِيحَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَوْمَ تُنْشَرُ صَحِيفَتُهُ، وَ مَنْ كَتَبَهَا لِعَيْنٍ رَمْدَاءَ أَوْ مَطْرُوفَةٍ بَرِئَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ....
 (2)- .....
 (1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة عبس.
 (2) العين المطروفة: التي أصابتها طرفة، و هي نقطة حمراء من الدم تحدث في العين من ضربة و غيرها. «أقرب الموارد 1: 704».

589
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 1 الى 7 ص 590

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ- إلى قوله تعالى- وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [1- 7]
11402/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْبَلْخِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: كُنْتُ آخِذاً بِيَدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ نَحْنُ نَتَمَاشَى [جَمِيعاً]، فَمَا زِلْنَا نَنْظُرُ إِلَى الشَّمْسِ حَتَّى غَابَتْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَغِيبُ؟ قَالَ: «فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تُرْفَعُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ حَتَّى تُرْفَعَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا حَتَّى تَكُونَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرَّ سَاجِدَةً، فَتَسْجُدَ مَعَهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهَا، ثُمَّ تَقُولُ: يَا رَبِّ مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَطْلُعَ، أَ مِنْ مَغْرِبِي أَمْ مِنْ مَطْلِعِي؟ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «1» يَعْنِي بِذَلِكَ صُنْعَ الرَّبِّ الْعَزِيزِ فِي مُلْكِهِ، الْعَلِيمِ بِخَلْقِهِ».
قَالَ: «فَيَأْتِيهَا جَبْرَئِيلُ بِحُلَّةِ ضَوْءٍ مِنْ نُورِ الْعَرْشِ عَلَى مَقَادِيرِ سَاعَاتِ النَّهَارِ فِي طُولِهِ فِي الصَّيْفِ، أَوْ قِصَرِهِ فِي الشِّتَاءِ، أَوْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي الْخَرِيفِ وَ الرَّبِيعِ- قَالَ- فَتَلْبَسُ تِلْكَ الْحُلَّةَ كَمَا يَلْبَسُ أَحَدُكُمْ ثِيَابَهُ ثُمَّ يَنْطَلِقُ بِهَا فِي جَوِّ السَّمَاءِ حَتَّى تَطْلُعَ مِنْ مَطْلَعِهَا».
قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «وَ كَأَنِّي بِهَا قَدْ حُبِسَتْ مِقْدَارَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، ثُمَّ لَا تُكْسَى ضَوْءَهَا «2»، وَ تُؤْمَرُ أَنْ تَطْلُعَ مِنْ‏
__________________________________________________
 (1)- التوحيد: 280/ 7.
 (1) يس 36: 38.
 (2) في المصدر: ضوءا.

590
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 1 الى 7 ص 590

مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ* وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَ الْقَمَرُ كَذَلِكَ مِنْ مَطْلَعِهِ وَ مَجْرَاهُ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ وَ مَغْرِبِهِ وَ ارْتِفَاعِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَ يَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَأْتِيهِ جَبْرَئِيلُ بِالْحُلَّةِ مِنْ نُورِ الْكُرْسِيِّ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «1»».
قَالَ أَبُو ذَرٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ): ثُمَّ اعْتَزَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَصَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ.
11403/ «2»- علي بن إبراهيم: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، قال: تصير سوداء مظلمة وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ قال: يذهب ضوؤها وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ، قال: تسير، كما قال اللّه: وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ «2»، قوله تعالى: وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ قال: الإبل تعطل إذا مات الخلق، فلا يكون من يحلبها، قوله تعالى: وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ، قال: تتحول البحار التي حول الدنيا كلها نيرانا وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ، قال: من الحور العين.
11404/ «3»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ: وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ، قَالَ: «أَمَّا أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزُوِّجُوا الْخَيْرَاتِ الْحِسَانَ، وَ أَمَّا أَهْلُ النَّارِ فَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ شَيْطَانٌ» قُرِنَتْ نُفُوسُ الْكَافِرِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ بِالشَّيَاطِينِ، فَهُمْ قُرَنَاؤُهُمْ.
11405/ «4»- ابن شهر آشوب: عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ، قال: ما من مؤمن يوم القيامة إلّا إذا قطع الصراط، زوجه اللّه على باب الجنة أربع نسوة من نساء الدنيا و سبعين ألف حورية من حور الجنة، إلّا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه زوج البتول فاطمة في الدنيا و هو زوجها في الجنة، ليست له زوجة في الجنة غيرها من نساء الدنيا، لكن له في الجنان سبعون ألف حوراء، لكل حوراء سبعون ألف خادم».
قوله تعالى:
وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [8- 9]
11406/ «5»- أَبُو عَلِيٍّ الطَّبْرِسِيُّ: رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «وَ إِذَا الْمَوَدَّةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَ الْوَاوِ وَ الدَّالِ، وَ كَذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، وَ هِيَ الْمَوَدَّةُ فِي الْقُرْبَى، وَ إِنَّ قَاطِعَهَا يُسْأَلُ: بِأَيِ‏
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 407.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 407.
 (4)- المناقب 3: 324.
 (5)- مجمع البيان 10: 671.
 (1) يونس 10: 5.
 (2) النمل 27: 88.

591
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 8 الى 9 ص 591

ذَنْبٍ قَطَعْتَهَا «1»؟
11407/ «2»- وَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي مَوَدَّتِنَا وَ وَلَايَتِنَا.
11408/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ ابْنِ صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَرْسَلَ إِلَيْكُمُ الرَّسُولَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَنْزَلَ إِلَيْهِ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ، وَ أَنْتُمْ أُمِّيُّونَ عَنِ الْكِتَابِ، وَ مَنْ أَنْزَلَهُ، وَ عَنِ الرَّسُولِ وَ مَنْ أَرْسَلَهُ، عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَ طُولِ هَجْعَةٍ «2» مِنَ الْأُمَمِ، وَ انْبِسَاطٍ مِنَ الْجَهْلِ، وَ اعْتِرَاضٍ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَ انْتِقَاضٍ مِنَ الْمُبْرَمِ، وَ عَمًى عَنِ الْحَقِّ، وَ اعْتِسَافٍ مِنَ الْجَوْرِ وَ امْتِحَاقٍ مِنَ الدِّينِ، وَ تَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ، عَلَى حِينِ اصْفِرَارٍ مِنْ رِيَاضِ جَنَّاتِ الدُّنْيَا، وَ يُبْسٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، وَ انْتِثَارٍ «3» مِنْ وَرَقِهَا، وَ يَأْسٍ مِنْ ثَمَرِهَا، وَ اغْوِرَارٍ مِنْ مَائِهَا.
قَدْ دَرَسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى، وَ ظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى، فَالدُّنْيَا مُتَجَهِّمَةٌ فِي وُجُوهِ أَهْلِهَا مُكْفَهِرَّةٌ، مُدْبِرَةٌ غَيْرُ مُقْبِلَةٍ، ثَمَرُهَا «4» الْفِتْنَةُ، وَ طَعَامُهَا الْجِيفَةُ، وَ شِعَارُهَا الْخَوْفُ، وَ دِثَارُهَا السَّيْفُ، مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَ قَدْ أَعْمَتْ عُيُونَ أَهْلِهَا، وَ أَظْلَمَتْ عَلَيْهَا أَيَّامَهَا، قَدْ قَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَ دَفَنُوا فِي التُّرَابِ الْمَوْءُودَةَ بَيْنَهُمْ مِنْ أَوْلَادِهِمْ، يَجْتَازُ [يَخْتَارُونَ‏] «5» دُونَهُمْ طِيبَ الْعَيْشِ وَ رَفَاهِيَةَ خُفُوضِ الدُّنْيَا، لَا يَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ثَوَاباً، وَ لَا يَخَافُونَ وَ اللَّهِ مِنْهُ عِقَاباً، حَيُّهُمْ أَعْمَى نَجِسٌ «6»، وَ مَيِّتُهُمْ فِي النَّارِ مُبْلِسٌ «7»، فَجَاءَهُمُ بِنُسْخَةِ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى، وَ تَصْدِيقِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ تَفْصِيلِ الْحَلَالِ مِنْ رَيْبِ الْحَرَامِ، ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ، وَ لَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ، أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ أَنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا مَضَى، وَ عِلْمَ مَا يَأْتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ حُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ وَ بَيَانَ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ، فَلَوْ سَأَلْتُمُونِي عَنْهُ لَعَلَّمْتُكُمْ».
11409/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ؛ وَ غَيْرِهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ، وَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ابْنِ أَبِي الدَّيْلَمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ- قَالَ: «فَقَالَ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ «8»، ثُمَّ قَالَ: (وَ إِذَا الْمَوَدَّةُ سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) يَقُولُ: أَسْأَلُكُمْ عَنِ الْمَوَدَّةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْكُمْ فَضْلُهَا،
__________________________________________________
 (2)- مجمع البيان 10: 672.
 (3)- الكافي 1: 49/ 7.
 (4)- الكافي 1: 233/ 3.
 (1) في «ط، ي»: قطعها.
 (2) في «ط، ي»: محنة.
 (3) في النسخ: و انتشار.
 (4) في المصدر: ثمرتها.
 (5) في «ط، ي»: يختارون.
 (6) في «ط،» نسخة بدل: مبخس.
 (7) زاد في «ط، ي»: فإذا هم مبلسون أي بائسون.
 (8) الشورى 42: 23.

592
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 8 الى 9 ص 591

مَوَدَّةِ الْقُرْبَى، بِأَيِّ ذَنْبٍ قَتَلْتُمُوهُمْ؟»
11410/ «5»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَيْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: (وَ إِذَا الْمَوَدَّةُ سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)، قَالَ: «مَنْ قُتِلَ فِي مَوَدَّتِنَا. وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ «1»».
11411/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟ قَالَ: «هِيَ وَ اللَّهِ مَوَدَّتُنَا، وَ هِيَ وَ اللَّهِ فِينَا خَاصَّةً».
11412/ «7»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قَالَ: «مَنْ قُتِلَ فِي مَوَدَّتِنَا سُئِلَ قَاتِلُهُ عَنْ قَتْلِهِ».
11413/ «8»- وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قَالَ: «مَنْ قُتِلَ فِي مَوَدَّتِنَا».
11414/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قَالَ: «شِيعَةُ آلِ مُحَمَّدٍ تُسْأَلُ: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟».
11415/ «10»- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قَالَ: « [يَعْنِي‏] الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11416/ «11»- أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ فِي (كَامِلِ الزِّيَارَاتِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَبِي
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 407.
 (6)- تأويل الآيات 2: 766/ 6.
 (7)- تأويل الآيات 2: 766/ 7.
 (8)- تأويل الآيات 2: 767/ 8.
 (9)- تأويل الآيات 2: 767/ 9.
 (10)- تأويل الآيات 2: 767/ 10.
 (11)- كامل الزيارات: 63/ 3.
 (1) الشورى 42: 23.

593
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 8 الى 9 ص 591

عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
11417/ «12»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: [هُوَ] مَنْ قُتِلَ فِي «1» مَوَدَّتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.
11418/ «13»- وَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قَالَ: «هِيَ مَوَدَّتُنَا، وَ فِينَا نَزَلَتْ».
11419/ «14»- علي بن إبراهيم: [في‏] قوله تعالى: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قال كان العرب يقتلون البنات للغيرة، فإذا كان يوم القيامة سئلت الموءودة: بأي ذنب قتلت «2».
قوله تعالى:
وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ- إلى قوله تعالى- وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ [10- 13] 11420/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ، قال: صحف الأعمال، قوله تعالى: وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ، قال: أبطلت.
11421/ «2»- ثم قال: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى ابن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ يريد أوقدت للكافرين، و الجحيم، النار العليا من جهنم، و الجحيم في كلام العرب: ما عظم من النار، لقوله عزّ و جلّ:
ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ «3» يريد النار العظيمة وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ يريد قربت لأولياء اللّه من المتقين.
__________________________________________________
 (12)- تأويل الآيات 2: 766/ 4.
 (13)- تأويل الآيات 2: 2: 766/ 5.
 (14)- تفسير القمّيّ 2: 407.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 407.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 408.
 (1) (في) ليس في المصدر.
 (2) زاد في «ط» و المصدر: و قطعت.
 (3) الصافّات 37: 97.

594
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 15 الى 29 ص 595

قوله تعالى:
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ- إلى قوله تعالى- وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [15- 29] 11422/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ: أي اقسم بالخنس، و هي اسم النجوم الْجَوارِ الْكُنَّسِ، قال: النجوم تكنس بالنهار فلا تبين.
11423/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُمَرَ ابْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ «1» الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ، قَالَ: «الْخُنَّسُ: إِمَامٌ يَخْنِسُ فِي زَمَانِهِ عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنْ عِلْمِهِ عِنْدَ النَّاسِ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ يَبْدُو كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَإِنْ أَدْرَكْتِ ذَلِكِ قَرَّتْ عَيْنُكِ».
11424/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ شَاذَانَ، عَنِ الْحُسَيْنِ «2» بْنِ أَبِي الرَّبِيعِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ قَالَتْ: فَقَالَ:
 «إِمَامٌ يَخْنِسُ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ يَظْهَرُ كَالشِّهَابِ يَتَوَقَّدُ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وَ إِذَا أَدْرَكْتِ زَمَانَهُ قَرَّتْ عَيْنُكِ».
11425/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ):
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ؟ فَقَالَ: «يَا أُمَّ هَانِئٍ، إِمَامٌ يَخْنِسُ نَفْسَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنِ النَّاسِ عِلْمُهُ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ يَبْدُو كَالشِّهَابِ الْوَاقِدِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، فَإِنْ أَدْرَكْتِ ذَلِكِ الزَّمَانَ قَرَّتْ عَيْنُكِ».
11426/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ، عَنْ عُثْمَانَ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 408.
 (2)- الكافي 276/ 23.
 (3)- الكافي 1: 276/ 22.
 (4)- الغيبة: 149/ 6.
 (5)- تأويل الآيات 2: 769/ 15.
 (1) كذا، و في سند الحديث الآتي: الحسين بن أبي الربيع.
 (2) في المصدر: الحسن.

595
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 15 الى 29 ص 595

ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَرَّجَانِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُقْسِمُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ: بِالْخُنَّسِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ قَوْماً خَنَسُوا عِلْمَ الْأَوْصِيَاءِ وَ دَعَوُا النَّاسَ إِلَى غَيْرِ مَوَدَّتِهِمْ، وَ مَعْنَى خَنَسُوا:
سَتَرُوا».
فَقَالَ لَهُ: الْجَوارِ الْكُنَّسِ؟ قَالَ: «يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ، جَرَّتْ بِالْعِلْمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَكَنَسَهُ عَنِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، وَ مَعْنَى كَنَسَهُ: رَفَعَهُ وَ تَوَارَى بِهِ». قَالَ: فَقَوْلُهُ وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ [قَالَ: «يَعْنِي ظُلْمَةَ اللَّيْلِ،] وَ هَذَا ضَرَبَهُ اللَّهُ مَثَلًا لِمَنِ ادَّعَى الْوَلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَ عَدَلَ عَنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ».
فَقَالَ: وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ؟ قَالَ: «يَعْنِي بِذَلِكَ الْأَوْصِيَاءَ، يَقُولُ: إِنَّ عِلْمَهُمْ أَنْوَرُ وَ أَبْيَنُ مِنَ الصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ».
11427/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ السَّمَّانِ، عَنْ مُوسَى ابْنِ جَعْفَرِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ شَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ «1»، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ، قَالَتْ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ، فَقَالَ: «يَا أُمَّ هَانِئٍ إِمَامٌ يَخْنِسُ نَفْسَهُ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ يَظْهَرُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، فَإِنْ أَدْرَكْتَ زَمَانَهُ قَرَّتْ عَيْنُكِ يَا أُمَّ هَانِئٍ».
11428/ «7»- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ، قال: إذا أظلم وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ، قال:
إذا ارتفع، و هذا كله قسم، و جوابه: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ يعني ذا منزلة عظيمة عند اللّه مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ فهذا ما فضل [اللّه‏] به نبيه و لم يعط أحدا من الأنبياء مثله.
11429/ «8»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، قَالَ: «يَعْنِي جَبْرَئِيلَ».
قُلْتُ: مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ؟ قَالَ: «يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، هُوَ الْمُطَاعُ عِنْدَ رَبِّهِ، الْأَمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ؟ قَالَ: «يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ فِي نَصْبِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَماً لِلنَّاسِ».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ قَالَ: «وَ مَا هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِغَيْبِهِ بِضَنِينٍ عَلَيْهِ».
__________________________________________________
 (6)- تأويل الآيات 2: 769/ 16.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 408.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 408.
 (1) كذا في المصدر و النسخ، و فيه اختلاف عن سند الكافي المتقدم في الحديث (3)

596
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 15 الى 29 ص 595

قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ، قَالَ: «يَعْنِي الْكَهَنَةَ الَّذِينَ كَانُوا فِي قُرَيْشٍ، فَنَسَبَ كَلَامَهُمْ إِلَى كَلَامِ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ، فَقَالَ: وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ مِثْلَ أُولَئِكَ».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ؟ قَالَ: «أَيْنَ تَذْهَبُونَ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، يَعْنِي وَلَايَتَهُ، أَيْنَ تَفِرُّونَ مِنْهَا؟ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لِمَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ عَلَى وَلَايَتِهِ».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ؟ قَالَ: «فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ؟ قَالَ: «لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا إِلَى النَّاسِ».
11430/ «9»- محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا عليّ بن العبّاس، عن حسين بن محمّد، عن أحمد بن الحسين، عن سعيد بن خيثم، عن مقاتل، عمن حدثه، عن ابن عبّاس، في قوله عزّ و جلّ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ، قال: يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ذو قوة عند ذي العرش مكين، مطاع عند رضوان خازن الجنان «1» و عند مالك خازن النار، ثمّ أمين فيما استودعه [اللّه‏] إلى خلقه، و أخوه علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أمين أيضا فيما استودعه محمد (صلّى اللّه عليه و آله) إلى أمته.
11431/ «10»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَكَى أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ بِالنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)- إِلَى أَنْ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)-: «حَتَّى دَخَلْتُ سَمَاءَ الدُّنْيَا، فَمَا لَقِيَنِي مَلَكٌ إِلَّا [كَانَ‏] ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً، حَتَّى لَقِيَنِي مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمْ أَرَ خَلْقاً أَعْظَمَ مِنْهُ، كَرِيهُ الْمَنْظَرِ، ظَاهِرُ الْغَضَبِ، فَقَالَ [لِي‏] مِثْلَ مَا قَالُوا مِنَ الدُّعَاءِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَضْحَكْ وَ لَمْ أَرَ فِيهِ مِنَ الِاسْتِبْشَارِ مَا رَأَيْتُ فِيمَنْ «2» ضَحِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جَبْرَئِيلُ، فَإِنِّي قَدْ فَزِعْتُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ تَفْزَعَ مِنْهُ، وَ كُلُّنَا نَفْزَعُ مِنْهُ، إِنَّ هَذَا مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، لَمْ يَضْحَكْ [قَطُّ]، وَ لَمْ يَزَلْ مُنْذُ وَلَّاهُ اللَّهُ جَهَنَّمَ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ غَضَباً وَ غَيْظاً عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ، فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ، وَ لَوْ ضَحِكَ إِلَى أَحَدٍ كَانَ قِبَلَكَ أَوْ كَانَ ضَاحِكاً لِأَحَدٍ بَعْدَكَ لَضَحِكَ إِلَيْكَ، وَ لَكِنَّهُ لَا يَضْحَكُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ وَ بَشَّرَنِي بِالْجَنَّةِ، فَقُلْتُ لِجَبْرَئِيلَ، وَ جَبْرَئِيلُ بِالْمَكَانِ الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ: أَ لَا تَأْمُرُهُ أَنْ يُرِيَنِي النَّارَ؟ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ: يَا مَالِكُ، أَرِ مُحَمَّداً النَّارَ، فَكَشَفَ عَنْهَا غِطَاءَهَا، وَ فَتَحَ بَاباً مِنْهَا»، الْحَدِيثِ.
11432/ «11»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
__________________________________________________
 (9)- تأويل الآيات 2: 770/ 17.
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 5.
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 409.
 (1) في المصدر: الجنّة.
 (2) في المصدر: ممن.

597
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكوير الآيات 15 الى 29 ص 595

مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، عَنْ فُلَانٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ قُلُوبَ الْأَئِمَّةِ مَوْرِداً لِإِرَادَتِهِ، فَإِذَا شَاءَ اللَّهُ شَيْئاً شَاءُوهُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ».
11433/ «12»- و عنه، قال: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: رَبُّ الْعالَمِينَ، قال: إن اللّه عزّ و جلّ خلق ثلاثمائة عالم و بضعة عشر عالما خلف قاف «1» و خلف البحار السبعة، لم يعصوا اللّه طرفة عين قط، و لم يعرفوا آدم و لا ولده، كل عالم منهم يزيد على ثلاثمائة و ثلاثة عشر مثل آدم و ما ولد، فذلك قوله: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.
11434/ «13»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ قُلُوبَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مَوَارِدَ لِإِرَادَتِهِ، وَ إِذَا شَاءَ شَيْئاً شَاءُوهُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ».
باب معنى الأفق المبين‏
11435/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ مَرَّةً: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ، كُتِبَ فِي الْأُفُقِ الْمُبِينِ» [قَالَ‏]: قُلْتُ: وَ مَا الْأُفُقُ الْمُبِينُ؟ قَالَ: «قَاعٌ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ، فِيهِ أَنْهَارٌ تَطَّرِدُ فِيهِ مِنَ الْقِدْحَانِ عَدَدَ النُّجُومِ».
__________________________________________________
 (12)- تفسير القمّيّ 2: 409.
 (13)- مختصر بصائر الدرجات: 65.
 (1)- الخصال: 582/ 5.
 (1) جاء في بعض التفاسير أن قافا جبل محيط بالدنيا من ياقوتة خضراء. «لسان العرب 9: 293».

598
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإنفطار ص 599

سورة الإنفطار
فضلها
11436/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَنْ قَرَأَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ، وَ جَعَلَهُمَا نُصْبَ عَيْنِهِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ وَ النَّافِلَةِ: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ «1» لَمْ يَحْجُبْهُ مِنَ اللَّهِ حَاجِبٌ «2»، وَ لَمْ يَحْجُزْهُ مِنَ اللَّهِ حَاجِزٌ، وَ لَمْ يَزَلْ يَنْظُرُ اللَّهَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ».
11437/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعَاذَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَفْضَحَهُ حِينَ تُنْشَرُ صَحِيفَتُهُ، وَ سَتَرَ عَوْرَتَهُ، وَ أَصْلَحَ لَهُ شَأْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ مَسْجُونٌ أَوْ مُقَيَّدٌ وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، سَهَّلَ اللَّهُ خُرُوجَهُ، وَ خَلَّصَهُ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَ مِمَّا يَخَافُهُ أَوْ يُخَافُ عَلَيْهِ، وَ أَصْلَحَ حَالَهُ عَاجِلًا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
11438/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَائَتَهَا أَمِنَ فَضِيحَةَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ سُتِرَتْ عَلَيْهِ عُيُوبُهُ، وَ أُصْلِحَ لَهُ شَأْنُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ مَسْجُونٌ أَوْ مَوْثُوقٌ عَلَيْهِ، أَوْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، سَهَّلَ اللَّهُ خُرُوجَهُ سَرِيعاً».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 121.
 (2)- ......
 (3)- .......
 (1) الإنشقاق 84: 1.
 (2) في المصدر: يحجبه اللّه من حاجة.

599
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 599

11439/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ، وَ قِرَاءَتُهَا عَلَى الْعَيْنِ يُقَوِّي نَظَرَهَا، وَ يَزُولُ الرَّمَدُ وَ الْغِشَاوَةُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (4)- ......

600
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانفطار الآيات 1 الى 8 ص 601

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ- إلى قوله تعالى- فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ [1- 8] 11440/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: في قوله تعالى: وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ، قال: تتحول نيرانا وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ، قال: تنشق فيخرج الناس منها عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ أي ما عملت من خير و شر، ثمّ خاطب الناس يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ أي ليس فيك اعوجاج فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ، قال: لو شاء ركبك على غير هذه الصورة.
11441/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَوْ شَاءَ رَكَّبَكَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ».
قوله تعالى:
كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ- إلى قوله تعالى- وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [9- 19] 11442/ «3»- علي بن إبراهيم: كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ قال: برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ قال: الملكان الموكلان بالإنسان كِراماً كاتِبِينَ يكتبون‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 409.
 (2)- مجمع البيان ه 1: 683.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 409.

601
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانفطار الآيات 9 الى 19 ص 601

الحسنات و السيئات إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ* يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ يوم المجازاة، ثم قال تعظيما ليوم القيامة: وَ ما أَدْراكَ يا محمد ما يَوْمُ الدِّينِ* ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ* يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.
11443/ «2»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني بن سعيد، قال: حدّثنا موسى بن عبد الرحمن، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ قال: يريد الملك، و القدرة، و السلطان، و العزة، و الجبروت، و الجمال، و البهاء، و الهيبة «1»، لله وحده لا شريك له.
11444/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: رَوَى عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْأَمْرَ يَوْمَئِذٍ وَ الْيَوْمَ كُلَّهُ لِلَّهِ. يَا جَابِرُ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَادَتِ الْحُكَّامُ «2» فَلَمْ يَبْقَ حَاكِمٌ إِلَّا اللَّهُ».
11445/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ، قَالَ: «الْأَبْرَارُ نَحْنُ هُمْ، وَ الْفُجَّارُ هُمْ عَدُوُّنَا».
11446/ «5»- شرف الدين النجفيّ، في قوله: عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ «3»، قال: ذكر علي بن إبراهيم في (تفسيره): أنها نزلت في الثاني، يعني ما قدمه «4» من ولاية أبي فلان و من ولاية نفسه، و ما أخره «5» من ولاة الأمر من بعده.
11447/ «6»- قال: و ذكر أيضا، قال: و قوله عزّ و جلّ: بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ، أي بالولاية، فالدين هو الولاية.
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 410.
 (3)- مجمع البيان 10: 683.
 (4)- تأويل الآيات 2: 711/ 1.
 (5)- تأويل الآيات 2: 770.
 (6)- تأويل الآيات 2: 700.
 (1) زاد في المصدر: و الإلهيّة.
 (2) في «ج، ي»: القيامة يؤذن.
 (3) الإنفطار 82: 5.
 (4) في المصدر: قدمت.
 (5) في المصدر: أخرت.

602
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين ص 603

سورة الْمُطَفِّفِينَ‏
فضلها
11448/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ فِي الْفَرِيضَةِ:
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ أَعْطَاهُ اللَّهُ الْأَمْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ النَّارِ، وَ لَمْ تَرَهُ وَ لَمْ يَرَهَا، يَمُرُّ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، وَ لَا يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
11449/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ سَقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَخْزَنٍ حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ».
11450/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ عَلَى قِرَاءَتِهَا سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَخْزَنٍ حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ».
11451/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمْ تُقْرَأْ قَطُّ عَلَى شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَ حُفِظَ وَ وُقِيَ مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 122.
 (2)- ......
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن: 57 «مخطوط».

603
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 1 الى 5 ص 604

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ- إلى قوله تعالى- أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ [1- 5] 11452/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ قال: الذين يبخسون المكيال و الميزان.
11453/ «2»- قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَتْ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَ هُمْ يَوْمَئِذٍ أَسْوَأُ النَّاسِ كَيْلًا، فَأَحْسِنُوا الْكَيْلَ، وَ أَمَّا الْوَيْلُ فَبَلَغَنَا- وَ اللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ بِئْرٌ فِي جَهَنَّمَ».
11454/ «3»- ثم قال: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني بن سعيد، قال:
حدّثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ، قال: كانوا إذا اشتروا يستوفون بمكيال «1» راجح، و إذا باعوا بخسوا المكيال «2» و الميزان، فكان هذا فيهم فانتهوا.
11455/ «4»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ يَعْنِي النَّاقِصِينَ لِخُمُسِكَ يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، أَيْ إِذَا صَارُوا إِلَى حُقُوقِهِمْ مِنَ الْغَنَائِمِ يَسْتَوْفُونَ وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ،
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 410.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 410.
 (3)-- تفسير القمّيّ 2: 410.
 (4)- تأويل الآيات 2: 771/ 1.
 (1) في المصدر: بكيل.
 (2) في «ج»: الكيل.

604
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 1 الى 5 ص 604

أَيْ إِذَا سَأَلُوهُمْ خُمُسَ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَقَصُوهُمْ.
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ «1» بِوَصِيِّكَ يَا مُحَمَّدُ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «2»، قَالَ: يَعْنِي تَكْذِيبَهُ بِالْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِذْ يَقُولُ لَهُ: لَسْنَا نَعْرِفُكَ، وَ لَسْتَ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، كَمَا قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11456/ «5»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا لأنفسهم عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ فقال اللّه: أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أي ألا يعلمون أنهم يحاسبون على ذلك يوم القيامة؟
11457/ «6»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الِاحْتِجَاجِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَوْلُهُ أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ أَيْ أَ لَيْسَ يُوقِنُونَ «3» أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ؟».
قوله تعالى:
كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ- إلى قوله تعالى- عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ [7- 28] 11458/ «1»- علي بن إبراهيم: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ، قال: ما كتب اللّه لهم من العذاب لفي سجين. ثم قال: وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ* كِتابٌ مَرْقُومٌ أي مكتوب يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ، أي الملائكة الذين كتبوا عليهم.
11459/ «2»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «السِّجِّينُ: الْأَرْضُ السَّابِعَةُ، وَ عِلِّيُّونَ: السَّمَاءُ السَّابِعَةُ».
11460/ «3»- ثُمَّ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ «4»، قَالَ:
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 410.
 (6)- الإحتجاج: 250.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 410.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 410.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 410.
 (1) المطففين 83: 10.
 (2) المطففين 83: 13.
 (3) في «ج»: يعرفون.
 (4) زاد في المصدر: عن محمّد بن إبراهيم.

605
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 7 الى 28 ص 605

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُلْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ، قَالَ: «هُوَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ».
وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ، الْأَوَّلُ وَ الثَّانِي وَ ما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَ هُوَ الْأَوَّلُ وَ الثَّانِي، كَانَا يُكَذِّبَانِ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ، هُمَا ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يَعْنِيهِمَا وَ مَنْ تَبِعَهُمَا كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ* وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ* كِتابٌ مَرْقُومٌ* يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ أَيِ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ* عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ* تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ وَ هُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا، الْأَوَّلُ وَ الثَّانِي وَ مَنْ تَبِعَهُمَا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ* وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ «1» بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ فِيهِمَا.
11461/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قُلْتُ: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ؟، قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ فَجَرُوا «2» فِي حَقِّ الْأَئِمَّةِ وَ اعْتَدَوْا عَلَيْهِمْ».
قُلْتُ: ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ «3»؟ قَالَ: «يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)». قُلْتُ: تَنْزِيلٌ؟ قَالَ:
 «نَعَمْ».
11462/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ غَيْرِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ، عَنْ أَبِي نَهْشَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَنَا مِنْ [أَعْلَى‏] عِلِّيِّينَ، وَ خَلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِنَا مِمَّا خَلَقَنَا مِنْهُ، وَ خَلَقَ أَبْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ، وَ قُلُوبُهُمْ تَهْوِي إِلَيْنَا لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِمَّا خَلَقَنَا مِنْهُ- ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ* وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ* كِتابٌ مَرْقُومٌ* يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ، وَ خَلَقَ عَدُوَّنَا مِنْ سِجِّينٍ، وَ خَلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِهِمْ مِمَّا خَلَقَهُمْ مِنْهُ، وَ أَبْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ، فَقُلُوبُهُمْ تَهْوِي إِلَيْهِمْ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِمَّا خُلِقُوا مِنْهُ». ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ* وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ* كِتابٌ مَرْقُومٌ* وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.
__________________________________________________
 (4)- الكافي 1: 361/ 91.
 (5)- الكافي 2: 3/ 4.
 (1) المطففين 83: 29، 30.
 (2) في «ط، ي» تجرّءوا.
 (3) في «ج»: كنتم به تدعون.

606
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 7 الى 28 ص 605

11463/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ الْخَزَّازِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْمَدَائِنِيَّ، يَقُولُ: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ* وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ* كِتابٌ مَرْقُومٌ. بِالْخَيْرِ مَرْقُومٌ، بِحُبِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
ثُمَّ قَالَ: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ* وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ* كِتابٌ مَرْقُومٌ وَ سِجِّينٌ: مَوْضِعٌ فِي جَهَنَّمَ، وَ إِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ الْكِتَابُ مَجَازاً تَسْمِيَةَ الشَّيْ‏ءِ بِاسْمِ مُجَاوِرِهِ وَ مَحِلِّهِ، أَيْ كِتَابُ أَعْمَالِهِمْ فِي سِجِّينٍ.
11464/ «7»- وَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «سِجِّينٌ: أَسْفَلَ سَبْعِ أَرَضِينَ».
11465/ «8»- و روي أن عبد اللّه بن العبّاس جاء إلى كعب الأحبار، و قال له: أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ:
كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ، فقال [له‏]: إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء، فتأبى أن تقبلها، فيهبط بها إلى الأرض، فتأبي الأرض أن تقبلها، فتنزل إلى سبع أرضين حتّى ينتهى بها إلى سجين، و هو موضع جنود إبليس [اللعين‏]، فعليهم لعنة اللّه [و الملائكة] و الناس أجمعين.
11466/ «9»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، فِي كِتَابِ (الْمِعْرَاجِ): عَنْ رِجَالِهِ مَرْفُوعاً، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ يُخَاطِبُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَانَ وَ لَا شَيْ‏ءَ مَعَهُ، فَخَلَقَنِي وَ خَلَقَكَ رُوحَيْنِ مِنْ نُورِ جَلَالِهِ، وَ كُنَّا أَمَامَ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ نُسَبِّحُ اللَّهَ وَ نُقَدِّسُهُ وَ نُحَمِّدُهُ وَ نُهَلِّلُهُ، وَ ذَلِكَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ، فَلَمَّا أَرَادَ، أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ خَلَقَنِي وَ إِيَّاكَ مِنْ طِينَةٍ وَاحِدَةٍ، مِنْ طِينَةِ عِلِّيِّينَ، وَ عَجَنَنَا بِذَلِكَ النُّورِ، وَ غَمَسَنَا فِي جَمِيعِ الْأَنْوَارِ وَ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ خَلَقَ آدَمَ وَ اسْتَوْدَعَ صُلْبَهُ تِلْكَ الطِّينَةَ وَ النُّورَ، فَلَمَّا خَلَقَهُ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ، فَاستَنْطَقَهُمْ وَ قَرَّرَهُمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ.
فَأَوَّلُ خَلْقٍ أَقَرَّ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ أَنَا وَ أَنْتَ وَ النَّبِيُّونَ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ وَ قُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: صَدَقْتُمَا وَ أَقْرَرْتُمَا يَا مُحَمَّدُ وَ يَا عَلِيُّ، وَ سَبَقْتُمَا خَلْقِي إِلَى طَاعَتِي، وَ كَذَلِكَ كُنْتُمَا فِي سَابِقِ عِلْمِي فِيكُمَا، فَأَنْتُمَا صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي، وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِكُمَا وَ شِيعَتُكُمَا، وَ كَذَلِكَ خَلَقْتُكُمْ».
ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا عَلِيُّ، وَ كَانَتِ الطِّينَةُ فِي صُلْبِ آدَمَ وَ نُورِي وَ نُورُكَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ يَنْتَقِلُ بَيْنَ أَعْيُنِ النَّبِيِّينَ وَ الْمُنْتَجَبِينَ حَتَّى وَصَلَ النُّورُ وَ الطِّينَةُ إِلَى صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَافْتَرَقَتْ نِصْفَيْنِ، فَخَلَقَنِي اللَّهُ مِنْ نِصْفِهِ، وَ اتَّخَذَنِي نَبِيّاً وَ رَسُولًا، وَ خَلَقَكَ مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ، فَاتَّخَذَكَ خَلِيفَةً وَ وَصِيّاً وَ وَلِيّاً، فَلَمَّا كُنْتُ مِنْ عَظَمَةِ رَبِّي كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَطْوَعُ خَلْقِي لَكَ؟ فَقُلْتُ: عَلِيُّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: فَاتَّخِذْهُ خَلِيفَةً وَ وَصِيّاً، وَ قَدْ اتَّخَذْتُهُ وَلِيّاً وَ صَفِيّاً، يَا مُحَمَّدُ، كَتَبْتُ اسْمَكَ وَ اسْمَهُ عَلَى عَرْشِي مِنْ قَبْلِ أَنْ أَخْلُقَ الْخَلْقَ، مَحَبَّةً مِنِّي لَكُمَا وَ لِمَنْ أَحَبَّكُمَا وَ تَوَلَّاكُمَا وَ أَطَاعَكُمَا، فَمَنْ أَحَبَّكُمَا وَ أَطَاعَكُمَا وَ تَوَلَّاكُمَا، كَانَ‏
__________________________________________________
 (6)- تأويل الآيات 2: 775/ 5.
 (7)- تأويل الآيات 2: 775/ 6.
 (8)- تأويل الآيات 2: 775/ 7.
 (9)- تأويل الآيات 2: 773/ 4.

607
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 7 الى 28 ص 605

عِنْدِي مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَ مَنْ جَحَدَ وَلَايَتَكُمَا وَ عَدَلَ عَنْكُمَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الْكَافِرِينَ الضَّالِّينَ».
ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا عَلِيُّ، فَمَنْ ذَا يَلِجُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ أَنَا وَ أَنْتَ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ وَ طِينَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ وُلْدُكَ وُلْدِي، وَ شِيعَتُكَ شِيعَتِي، وَ أَوْلِيَاؤُكُمْ أَوْلِيَائِي، وَ أَنْتُمْ مَعِي غَداً فِي الْجَنَّةِ».
11467/ «10»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى أَبُو طَاهِرٍ الْمُقَلَّدُ بْنُ غَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ رِجَالِهِ، بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ شُعْبَةَ الْوَالِبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ سَاجِدٌ يَبْكِي، حَتَّى عَلَا نَحِيبُهُ وَ ارْتَفَعَ صَوْتُهُ بِالْبُكَاءِ، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَقَدْ أَمْرَضَنَا بُكَاؤُكَ، وَ أَمَضَّنَا وَ أَشْجَانَا، وَ مَا رَأَيْنَاكَ قَدْ فَعَلْتَ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ قَطُّ؟ فَقَالَ: «كُنْتُ سَاجِداً أَدْعُو رَبِّي بِدُعَاءِ الْخِيَرَةِ فِي سَجْدَتِي، فَغَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَرَأَيْتُ رُؤْيَا أَهَالَنِي وَ أَفْزَعَنِي، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَائِماً وَ هُوَ يَقُولُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، طَالَتْ غَيْبَتُكَ عَنِّي، وَ قَدِ اشْتَقْتُ إِلَى رُؤْيَتِكَ وَ قَدْ أَنْجَزَ لِي رَبِّي مَا وَعَدَنِي فِيكَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَا الَّذِي أَنْجَزَ لَكَ فِيَّ؟ قَالَ: أَنْجَزَ لِي فِيكَ وَ فِي زَوْجَتِكَ وَ ابْنَيْكِ وَ ذُرِّيَّتِكَ فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي عِلِّيِّينَ.
فَقُلْتُ: بِأَبِي [أَنْتَ‏] وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشِيعَتُنَا؟ قَالَ: شِيعَتُنَا مَعَنَا، وَ قُصُورُهُمْ بِحِذَاءِ قُصُورِنَا، وَ مَنَازِلُهُمْ مُقَابِلَ مَنَازِلِنَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا لِشِيعَتِنَا فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: الْأَمْنُ وَ الْعَافِيَةُ.
قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: يَحْكُمُ الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ، وَ يُؤْمَرُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِطَاعَتِهِ، وَ أَيَّ مِيتَةٍ شَاءَ مَاتَهَا، وَ إِنَّ شِيعَتَنَا لَيَمُوتُونَ عَلَى قَدْرِ حُبِّهِمْ لَنَا.
قُلْتُ: فَمَا لِذَلِكَ حَدٌّ يُعْرَفُ [بِهِ‏]؟ قَالَ: بَلَى، إِنَّ أَشَدَّ شِيعَتِنَا لَنَا حُبّاً يَكُونُ خُرُوجُ نَفْسِهِ كَشُرْبِ أَحَدِكُمْ فِي الْيَوْمِ الصَّائِفِ الْمَاءَ الْبَارِدَ الَّذِي يَنْتَفِعُ «1» مِنْهُ الْقَلْبُ، وَ إِنَّ سَائِرَهُمْ لَيَمُوتُ كَمَا يُغَطُّ أَحَدُكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ، كَأَقَرِّ مَا كَانَتْ عَيْنُهُ بِمَوْتِهِ».
11468/ «11»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، أي ما كتب لهم من الثواب.
11469/ «12»- ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَنَا مِنْ أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَ خَلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِنَا مِمَّا خَلَقَنَا مِنْهُ، وَ خَلَقَ أَبْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ، فَقُلُوبُهُمْ تَهْوِي إِلَيْنَا لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِمَّا خَلَقَنَا مِنْهُ». ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، إِلَى قَوْلِهِ: يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ... يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ* خِتامُهُ مِسْكٌ. قَالَ: «مَاءٌ إِذَا شَرِبَهُ الْمُؤْمِنُ وَجَدَ رَائِحَةَ الْمِسْكِ فِيهِ».
__________________________________________________
 (10)- تأويل الآيات 2: 776/ 8.
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 411.
 (12)- تفسير القمّيّ 2: 411.
 (1) في «ي»: ينتقع.

608
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 7 الى 28 ص 605

11470/ «13»- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ تَرَكَ الْخَمْرَ لِغَيْرِ اللَّهِ، سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ». قَالَ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَنْ تَرَكَهُ لِغَيْرِ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، صِيَانَةً لِنَفْسِهِ».
وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ، قَالَ: فِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الثَّوَابِ الَّذِي يَطْلُبُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ وَ هُوَ مَصْدَرُ سَنَّمَهُ إِذَا رَفَعَهُ، لِأَنَّهُ أَرْفَعُ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَوْ لِأَنَّهُ يَأْتِيهِمْ مِنْ فَوْقُ.
قَالَ: أَشْرَفُ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَأْتِيهِمْ فِي عَالِي التَّسْنِيمِ، وَ هِيَ عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ، وَ الْمُقَرَّبُونَ: آلُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1»، رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ خَدِيجَةُ وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ ذُرِّيَّاتُهُمْ تَلْحَقُ بِهِمْ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ «2»، وَ الْمُقَرَّبُونَ يَشْرَبُونَ مِنْ تَسْنِيمٍ بَحْتاً صِرْفاً «3»، وَ سَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ مَمْزُوجاً.
11471/ «14»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عُيَيْنَةَ «4»، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَخَذَ بِضَبْعَيْ «5» عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، وَ قَالَ [لَهُ‏]: «إِنَّ اللَّهَ ابْتَدَأَنِي فِيكَ بِسَبْعِ خِصَالٍ».
قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: بِأَبِي [أَنْتَ‏] وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَا السَّبْعُ الَّتِي ابْتَدَأَكَ بِهِنَّ؟ قَالَ: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ وَ عَلِيٌّ مَعِي، وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجُوزُ عَلَى الصِّرَاطِ وَ عَلِيٌّ مَعِي، وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ وَ عَلِيٌّ مَعِي، وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَسْكُنُ عِلِّيِّينَ وَ عَلِيٌّ مَعِي، وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَ عَلِيٌّ مَعِي، وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُسْقَى مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ الَّذِي خِتَامُهُ مِسْكٌ وَ عَلِيٌّ مَعِي» «6».
11472/ «15»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ، قَالَ: «هُوَ أَشْرَفُ شَرَابٍ فِي الْجَنَّةِ، يَشْرَبُهُ مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ» وَ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ السَّابِقُونَ، رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الْأَئِمَّةُ، وَ فَاطِمَةُ،
__________________________________________________
 (13)- تفسير القمّيّ 2: 411.
 (14)- تأويل الآيات 2: 777/ 9.
 (15)- تأويل الآيات 2: 777/ 10.
 (1) الواقعة 56: 10، 11.
 (2) الطور 52: 21.
 (3) البحت و الصرف: أي الخالص غير الممزوج.
 (4) في المصدر: جعفر بن عنبسة.
 (5) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. «لسان العرب 8: 216».
 (6) سقط من الحديث خصلة واحدة.

609
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 7 الى 28 ص 605

وَ خَدِيجَةُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، وَ ذُرِّيَّتُهُمُ «1» الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِيمَانٍ يَتَسَنَّمُ [عَلَيْهِمْ‏] مِنْ أَعَالِي دُورِهِمْ.
11473/ «16»- وَ رُوِيَ عَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: «تَسْنِيمٌ: أَشْرَفُ شَرَابٍ فِي الْجَنَّةِ يَشْرَبُهُ مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ صِرْفاً وَ يُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ وَ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
11474/ «17»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) جَالِساً، إِذَا أَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَدْنَاهُ، وَ مَسَحَ وَجْهَهُ بِبُرْدِهِ، وَ قَالَ: «يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَ لَا أُبَشِّرُكَ بِمَا بَشَّرَنِي بِهِ جَبْرَئِيلُ؟» فَقَالَ: «بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ». قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ عَيْناً يُقَالُ لَهَا تَسْنِيمٌ، يَخْرُجُ مِنْهَا نَهْرَانِ، لَوْ أَنَّ بِهِمَا سُفُنَ الدُّنْيَا لَجَرَتْ، [وَ عَلَى شَاطِئِ التَّسْنِيمِ أَشْجَارٌ] قُضْبَانُهَا مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْمَرْجَانِ الرَّطْبِ، وَ حَشِيشُهَا مِنَ الزَّعْفَرَانِ، عَلَى حَافَتَيْهِمَا كَرَاسِيُّ مِنْ نُورٍ، عَلَيْهَا أُنَاسٌ جُلُوسٌ، مَكْتُوبٌ عَلَى جِبَاهِهِمْ بِالنُّورِ: [هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ‏] هَؤُلَاءِ مُحِبُّو عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ- إلى قوله تعالى- هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ [29- 36]
11475/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِيثَمٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ بِالنَّفَرِ مِنْ قُرَيْشٍ فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي اصْطَفَاهُ مُحَمَّدٌ، وَ اخْتَارَهُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ! وَ يَتَغَامَزُونَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ* وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
11476/ «2»- و عنه، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحكم بن سليمان عن محمّد بن كثير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، قال: ذلك [هو] الحارث بن قيس و أناس معه، كانوا إذا مر بهم علي (عليه السلام)، قالوا: انظروا إلى هذا الرجل الذي اصطفاه محمد، و اختاره من أهل بيته! فكانوا يسخرون و يضحكون، فإذا كان يوم القيامة فتح بين الجنة و النار باب، و علي (عليه السلام) يومئذ على الأرائك متكئ، و يقول لهم: «هلم لكم» فإذا جاءوا سد بينهم الباب،
__________________________________________________
 (16)- تأويل الآيات 2: 779/ 12.
 (17)- ....، مائة منقبة: 55/ 29.
 (1)- تأويل الآيات 2: 780/ 13.
 (2)- تأويل الآيات 2: 780/ 14.
 (1) في المصدر: و على ذريتهم.

610
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 29 الى 36 ص 610

فهو كذلك يسخر منهم و يضحك، و هو قوله تعالى: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ* عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ* هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ.
11477/ «3»- و عنه: قال: حدّثنا محمّد بن محمّد الواسطي، بإسناده إلى مجاهد، [في‏] قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، قال: إن نفرا من قريش كانوا يقعدون بفناء الكعبة، فيتغامزون بأصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و يسخرون منهم، فمر بهم يوما علي (عليه السلام) في نفر من أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فضحكوا منهم و تغامزوا عليهم، و قالوا: هذا أخو محمد، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، فإذا كان يوم القيامة أدخل علي (عليه السلام) من «1» كان معه الجنة، فأشرفوا على هؤلاء الكفّار، و نظروا إليهم، فسخروا و ضحكوا عليهم، و ذلك قوله تعالى: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ.
11478/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ:
 «نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ فِي الَّذِينَ اسْتَهْزَءُوا بِهِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَ الْمُنَافِقِينَ فَسَخِرُوا مِنْهُ».
11479/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُخْرِجَتْ أَرِيكَتَانِ [مِنَ الْجَنَّةِ]، فَبُسِطَتَا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يَجِي‏ءُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى يَقْعُدَ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا قَعَدَ ضَحِكَ، وَ إِذَا ضَحِكَ انْقَلَبَتْ جَهَنَّمُ فَصَارَ عَالِيهَا سَافِلَهَا، ثُمَّ يُخْرَجَانِ فَيُوقَفَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولَانِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَا وَصِيَّ رَسُولِ اللَّهِ، أَ لَا تَرْحَمُنَا، أَ لَا تَشْفَعُ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ؟ قَالَ: فَيَضْحَكُ مِنْهُمَا، ثُمَّ يَقُومُ فَتَدْخُلُ الْأَرِيكَتَانِ، وَ يُعَادَانِ إِلَى مَوْضِعِهِمَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ* هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ».
و تقدم حديث في ذلك عن الإمام أبي محمّد العسكريّ (عليه السلام) في قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ من سورة البقرة «2».
11480/ «6»- الطبرسيّ، قال: ذكر الحاكم أبو القاسم الحسكاني، في كتاب (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) بإسناده عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: إن الذين أجرموا: منافقو قريش، و الذين آمنوا: عليّ بن أبي‏
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 781/ 15.
 (4)- تأويل الآيات 2: 781/ 16.
 (5)- تأويل الآيات 2: 781/ 17.
 (6)- مجمع البيان 10: 693.
 (1) في المصدر: و من.
 (2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (14، 15) من سورة البقرة.

611
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين الآيات 29 الى 36 ص 610

طالب (عليه السلام) [و أصحابه‏].
11481/ «7»- و من طريق المخالفين: ما رواه الحبري في كتابه، يرفعه إلى ابن عبّاس، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ إلى آخر السورة، فالذين آمنوا: عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، و الذين أجرموا: منافقو قريش.
11482/ «8»- علي بن إبراهيم: ثم وصف المجرمين الذين يستهزئون بالمؤمنين منهم، و يضحكون منهم، و يتغامزون عليهم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ- إلى قوله- فَكِهِينَ، قال:
يسخرون وَ إِذا رَأَوْهُمْ يعني المؤمنين قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ فقال اللّه: وَ ما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ ثمّ قال اللّه فَالْيَوْمَ يعني يوم القيامة الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ* عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ* هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ يعني هل جوزي الكفّار ما كانوا يفعلون.
هنا آيتان، قوله تعالى:
كَلَّا بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ [14]
11483/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [قَالَ‏]: «مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً خَرَجَ فِي النُّكْتَةِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا تَابَ ذَهَبَ ذَلِكَ السَّوَادُ، وَ إِنْ تَمَادَى فِي الذُّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ السَّوَادُ حَتَّى يُغَطِّيَ الْبَيَاضَ، فَإِذَا غَطَّى الْبَيَاضَ لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُهُ إِلَى الْخَيْرِ أَبَداً، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ».
الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ «1».
11484/ «2»- وَ قَالَ الطَّبْرِسِيُّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَصْدَأُ الْقَلْبُ، فَإِذَا ذَكَرْتَهُ بِآلَاءِ اللَّهِ انْجَلَى عَنْهُ».
11485/ «3»- الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا مِنْ عَبْدٍ «2» إِلَّا وَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، فَإِنْ أَذْنَبَ وَ ثَنَّى خَرَجَ مِنْ تِلْكَ النُّكْتَةِ سَوَادٌ، فَإِنْ تَمَادَى فِي الذُّنُوبِ اتَّسَعَ ذَلِكَ السَّوَادُ حَتَّى يُغَطِّيَ الْبَيَاضَ،
__________________________________________________
 (7)- تفسير الحبري: 327/ 70.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 412.
 (1)- الكافي 2: 209/ 20.
 (2)- مجمع البيان 10: 689.
 (3)- الإختصاص: 343.
 (1) مجمع البيان 10: 689.
 (2) زاد في المصدر: مؤمن.

612
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المطففين آية 14 ص 612

فَإِذَا غَطَّى الْبَيَاضَ لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُهُ إِلَى خَيْرٍ أَبَداً، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ».
قوله تعالى:
كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [15]
11486/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الْمُعَاذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ يَحُلُّ فِيهِ فَيُحْجَبَ عَنْ عِبَادِهِ، وَ لَكِنَّهُ يَعْنِي أَنَّهُمْ عَنْ ثَوَابِ رَبِّهِمْ مَحْجُوبُونَ».
__________________________________________________
 (1)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 19.

613
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانشقاق ص 615

سورة الانشقاق‏
فضلها
تقدم في سورة الإنفطار «1»
11487/ «1»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعَاذَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُعْطَى كِتَابَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ عُلِّقَتْ عَلَى الْمُتَعَسِّرَةِ بِوَلَدِهَا، أَوْ قُرِئَتْ عَلَيْهَا، وَضَعَتْ مِنْ سَاعَتِهَا».
11488/ «2»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا أَعَاذَهُ اللَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ كِتَابَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَ إِنْ كُتِبَتْ وَ وُضِعَتْ عَلَى الْمُتَعَسِّرَةِ وَلَدَتْ عَاجِلًا سَرِيعاً، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَيْهَا كَانَتْ سَرِيعَةَ الْوِلَادَةِ».
11489/ «3»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا عُلِّقَتْ عَلَى الْمَطْلُوقَةِ وَضَعَتْ، وَ يَحْرِصُ الْوَاضِعُ لَهَا أَنْ يَنْزِعَهَا عَنِ الْمَطْلُوقَةْ سَرِيعاً لِئَلَّا يَخْرُجَ جَمِيعُ مَا فِي بَطْنِهَا، وَ تَعْلِيقُهَا عَلَى الدَّابَّةِ يَحْفَظُهَا عَنِ الْآفَاتِ، وَ إِذَا كُتِبَتْ عَلَى حَائِطٍ الْمَنْزِلِ أَمِنَ مِنْ جَمِيعِ الْهَوَامِّ».
__________________________________________________
 (1)- ........
 (2)- ..........
 (3)- خواص القرآن 13: «مخطوط».
 (1) تقدّم في الحديث «1» من فضل سورة الإنفطار.

615
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانشقاق الآيات 1 الى 25 ص 616

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ- إلى قوله تعالى- إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [1- 25] 11490/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ قال: يوم القيامة وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها أي أطاعت ربها وَ حُقَّتْ، و حقّ لها أن تطيع ربها وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ* وَ أَلْقَتْ ما فِيها وَ تَخَلَّتْ، قال: تمد الأرض فتنشق، فيخرج الناس منها: وَ تَخَلَّتْ، أي تخلت من الناس يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى‏ رَبِّكَ كَدْحاً يعني تقدم خيرا أو شرا فَمُلاقِيهِ ما قدم من خير أو شر.
11491/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ: «فَهُوَ أَبُو سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَ هُوَ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَهُوَ أَخُوهُ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ بَدْرٍ».
قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً. الثُّبُورُ: الْوَيْلُ إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ يَقُولُ: ظَنَّ أَنْ لَنْ يُرْجَعَ بَعْدَ مَا يَمُوتُ فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ، الشَّفَقُ: الْحُمْرَةُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ اللَّيْلِ وَ ما وَسَقَ يَقُولُ: إِذَا سَاقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَ «1» إِلَى حَيْثُ يَهْلِكُونَ بِهَا وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ إِذَا اجْتَمَعَ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ، يَقُولُ: حَالًا بَعْدَ
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 412.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 412.
 (1) في المصدر: شي‏ء من الخلق.

616
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانشقاق الآيات 1 الى 25 ص 616

حَالٍ، قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةَ بِالْقُذَّةِ، وَ لَا تُخْطِئُونَ طَرِيقَهُمْ «1»، شِبْراً بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ، وَ بَاعاً بِبَاعٍ، حَتَّى إِنْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ»، قَالَ: قَالُوا: الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى تَعْنِي، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «فَمَنْ أَعْنِي! لَتُنْقَضُ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَيَكُونُ أَوَّلُ مَا تَنْقُضُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْإِمَامَةَ «2»، وَ آخِرُهُ الصَّلَاةَ».
11492/ «3»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ* بَلى‏ يرجع بعد الموت فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ و هو الذي يظهر بعد مغيب الشمس، و هو قسم و جوابه: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي مذهبا بعد مذهب وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ أي بما تعي صدورهم إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ، أي لا يمن عليهم.
هنا آيات، قوله تعالى:
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً* وَ يَنْقَلِبُ إِلى‏ أَهْلِهِ مَسْرُوراً* وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ* فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً* وَ يَصْلى‏ سَعِيراً* إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً* إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ [7- 14]
11493/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): كُلُّ مُحَاسَبٍ مُعَذَّبٌ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً؟ قَالَ:
ذَاكَ الْعَرْضُ» يَعْنِي التَّصَفُّحَ.
11494/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً* وَ يَنْقَلِبُ إِلى‏ أَهْلِهِ مَسْرُوراً هُوَ عَلِيٌّ وَ شِيعَتُهُ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ».
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 413.
 (1)- معاني الأخبار: 262/ 1.
 (2)- تأويل الآيات 2: 782/ 1.
 (1) في المصدر: طريقتهم.
 (2) في «ج، ي»، و المصدر: نسخة بدل: الأمانة.

617
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانشقاق الآيات 1 الى 25 ص 616

11495/ «3»- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ): عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ الْمُؤْمِنَ أَعْطَاهُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَ حَاسَبَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ، فَيَقُولُ: عَبْدِي فَعَلْتَ كَذَا وَ كَذَا، وَ عَمِلْتَ كَذَا وَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ. فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ وَ أَبْدَلْتُهَا حَسَنَاتٍ. فَيَقُولُ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا كَانَ لِهَذَا الْعَبْدِ وَ لَا «1» سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ! وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً* وَ يَنْقَلِبُ إِلى‏ أَهْلِهِ مَسْرُوراً».
قُلْتُ: أَيُّ أَهْلٍ؟ قَالَ: «أَهْلُهُ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُهُ فِي الْجَنَّةِ، إِذَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرّاً حَاسَبَهُ عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ وَ بَكَّتَهُ، وَ أَعْطَاهُ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ* فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً* وَ يَصْلى‏ سَعِيراً* إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً».
قُلْتُ: أَيُّ أَهْلٍ؟ قَالَ: «أَهْلُهُ فِي الدُّنْيَا».
قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ؟ قَالَ: «ظَنَّ أَنَّهُ لَنْ يَرْجِعَ».
11496/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «أَتَى جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَهُ إِلَى الْبَقِيعِ، فَانْتَهَى إِلَى قَبْرٍ، فَصَوَّتَ بِصَاحِبِهِ، فَقَالَ: قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ، قَالَ: فَخَرَجَ مِنْهُ رَجُلٌ مُبْيَضُّ الْوَجْهِ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ، وَ هُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ [جَبْرَئِيلُ‏]: عُدْ بِإِذْنِ اللَّهِ، ثُمَّ انْتَهَى بِهِ إِلَى قَبْرٍ آخَرَ، فَصَوَّتَ بِصَاحِبِهِ، وَ قَالَ لَهُ: قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَخَرَجَ مِنْهُ رَجُلٌ مُسْوَدُّ الْوَجْهِ، وَ هُوَ يَقُولُ: وَا حَسْرَتَاهْ، وَا ثُبُورَاهْ، ثُمَّ قَالَ [لَهُ جَبْرَئِيلُ‏]: عُدْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَكَذَا يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ الْمُؤْمِنُونَ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْلَ، وَ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ مَا تَرَى».
و أمّا كيفية إعطاء الكافر كتابه وراء ظهره، فقد تقدم في قوله تعالى: وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ من سورة الحاقة، في حديث عن أبي جعفر (عليه السلام) «2» قوله تعالى:
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ [19]
11497/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ
__________________________________________________
 (3)- الزهد: 92/ 246.
 (4)- الزهد: 94/ 253.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 413.
 (1) (و لا) ليس في المصدر.
 (2) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآيات (25- 32) من سورة الحاقة.

618
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانشقاق الآيات 1 الى 25 ص 616

مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ، قَالَ:
 «يَا زُرَارَةُ، أَ وَ لَمْ تَرْكَبْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ فِي أَمْرِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ»؟.
11498/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ، قَالَ: «يَا زُرَارَةُ، أَ وَ لَمْ تَرْكَبْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا «1» طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ فِي أَمْرِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ»؟.
11499/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُظَفَّرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ وَ حَيْدَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ جَمِيعاً، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَبْرَئِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ لِلْقَائِمِ مِنَّا غَيْبَةً يَطُولُ أَمَدُهَا».
فَقُلْتُ لَهُ: وَ لِمَ ذَاكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَبَى إِلَّا أَنْ تَجْرِىَ فِيهِ سُنَنُ الْأَنْبِيَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) فِي غَيْبَاتِهِمْ، وَ إِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ- يَا سَدِيرُ- مِنِ اسْتِيفَاءِ مَدَدِ غَيْبَاتِهِمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ، أَيْ عَلَى سَنَنِ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ».
11500/ «4»- ابن شهر آشوب: عن أبي يوسف يعقوب بن سفيان، و أبي عبد اللّه القاسم بن سلام في تفسيرهما، بالإسناد عن الأعمش، عن مسلم بن البطين، عن ابن جبير، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي لتصعدن ليلة المعراج من سماء إلى سماء.
ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْمِعْرَاجِ كُنْتُ مِنْ رَبِّي قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَقَالَ لِي رَبِّي:
يَا مُحَمَّدُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنِّي، أَقْرِئْ مِنِّي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ السَّلَامَ، وَ قُلْ لَهُ: فَإِنِّي أُحِبُّهُ وَ أُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ، يَا مُحَمَّدُ مَنْ حُبِّي لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ اشْتَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي، فَأَنَا الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وَ هُوَ عَلِيٌّ، وَ أَنَا الْمَحْمُودُ وَ أَنْتَ مُحَمَّدٌ. يَا مُحَمَّدُ، لَوْ عَبَدَنِي عَبْدٌ أَلْفَ سَنَةٍ، إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً- قَالَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ- لَقِيَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ عِنْدِي حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَما لَهُمْ يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ لا يُؤْمِنُونَ «2» يَعْنِي لَا يُصَدِّقُونَ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
11501/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي مَعْنَى ذَلِكَ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ أَحْوَالِهِمْ.
__________________________________________________
 (2)- الكافي 1: 343/ 17.
 (3)- كمال الدين و تمام النعمة: 480/ 6.
 (4)- ......
 (5)- مجمع البيان 10: 701.
 (1) (بعد نبيها) ليس في «ج».
 (2) الإنشقاق 84: 20.

619
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانشقاق الآيات 1 الى 25 ص 616

11502/ «6»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَوْلُهُ تَعَالَى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ: «أَيْ لَتَسْلُكُنَّ سَبِيلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ فِي الْغَدْرِ بِالْأَوْصِيَاءِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ».
__________________________________________________
 (6)- الإحتجاج: 248.

620
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البروج ص 621

سورة البروج‏
فضلها
11503/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ فِي فَرِيضَةٍ «1»، فَإِنَّهَا سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ، كَانَ مَحْشَرُهُ وَ مَوْقِفُهُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ الصَّالِحِينَ».
11504/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ كُلِّ مَنْ اجْتَمَعَ فِي جُمْعَةٍ وَ كُلِّ مَنْ اجْتَمَعَ يَوْمَ عَرَفَةَ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَ قِرَاءَتُهَا تُنَجِّي مِنَ الْمَخَاوِفِ وَ الشَّدَائِدِ».
11505/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ عَظِيمٌ، وَ أَمِنَ مِنَ الْمَخَاوِفِ وَ الشَّدَائِدِ».
11506/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا عُلِّقَتْ عَلَى مَفْطُومٍ إِلَّا سَهَّلَ اللَّهُ فِطَامَهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى فِرَاشِهِ كَانَ فِي أَمَانِ اللَّهِ إِلَى أَنْ يُصْبِحَ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 122.
 (2)- ......
 (3)- خواص القرآن: 58 «مخطوط».
 (4)- خواص القرآن: 13 «مخطوط».
 (1) في المصدر: فرايضه.

621
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البروج آية 1 ص 622

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [1]
11507/ «1»- الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِبَادَةٌ، وَ ذِكْرِي عِبَادَةٌ، وَ ذِكْرُ عَلِيٍّ عِبَادَةٌ، وَ ذِكْرُ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ عِبَادَةٌ، وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَ جَعَلَنِيَ خَيْرَ الْبَرِيَّةِ، إِنَّ وَصِيِّي لَأَفْضَلُ الْأَوْصِيَاءِ، وَ إِنَّهُ لَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَ خَلِيفَتُهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَ مِنْ وُلْدِهِ الْأَئِمَّةُ الْهُدَاةُ بَعْدِي، بِهِمْ يَحْبِسُ اللَّهُ الْعَذَابَ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَ بِهِمْ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَ بِهِمْ يُمْسِكُ الْجِبَالَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ، وَ بِهِمْ يَسْقِي خَلْقَهُ الْغَيْثَ، وَ بِهِمْ يُخْرِجُ النَّبَاتَ، أُولَئِكَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ حَقّاً وَ خُلَفَاؤُهُ صِدْقاً، عِدَّتُهُمْ عِدَّةُ الشُّهُورِ، وَ هِيَ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً، وَ عِدَّتُهُمْ عِدَّةُ نُقَبَاءِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)». ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ.
ثُمَّ قَالَ: «أَ تُقَدِّرُ- يَا بْنَ عَبَّاسٍ- أَنَّ اللَّهَ يُقْسِمُ بِالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ، وَ يَعْنِي بِهِ السَّمَاءَ وَ بُرُوجَهَا؟». قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا ذَاكَ، قَالَ: «أَمَّا السَّمَاءُ فَأَنَا، وَ أَمَّا الْبُرُوجُ فَالْأَئِمَّةُ بَعْدِي، أَوَّلُهُمْ عَلِيٌّ وَ آخِرُهُمْ الْمَهْدِيُّ».
__________________________________________________
 (1)- الإختصاص: 223.

622
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البروج الآيات 2 الى 3 ص 623

قوله تعالى:
وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ* وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ [2- 3]
11508/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قَالَ: «النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11509/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قَالَ: «الشَّاهِدُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَ الْمَشْهُودُ: يَوْمُ عَرَفَةَ».
11510/ «3»- وَ عَنْهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «الشَّاهِدُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَ الْمَشْهُودُ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَ الْمَوْعُودُ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ».
11511/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قَالَ: «الشَّاهِدُ: يَوْمُ عَرَفَةَ».
11512/ «5»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ، عَمَّنْ رَوَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلَهُ الْأَبْرَشُ الْكَلْبِيُّ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا قِيلَ لَكَ؟» فَقَالَ: قَالُوا: الشَّاهِدُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ الْمَشْهُودُ: يَوْمُ عَرَفَةَ. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «لَيْسَ كَمَا قِيلَ لَكَ. الشَّاهِدُ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَ الْمَشْهُودُ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَ مَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «1»».
11513/ «6»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قَالَ: «الشَّاهِدُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَ الْمَشْهُودُ: يَوْمُ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 352/ 69.
 (2)- معاني الأخبار: 298/ 2.
 (3)- معاني الأخبار: 299/ 3.
 (4)- معاني الأخبار: 299/ 4.
 (5)- معاني الأخبار: 299/ 5.
 (6)- معاني الأخبار: 299/ 6.
 (1) هود 11: 103.

623
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البروج الآيات 2 الى 3 ص 623

عَرَفَةَ، وَ الْمَوْعُودُ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ».
11514/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَاشِمِيِّ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قَالَ: «النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11515/ «8»- الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «1»: «فَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَ هُوَ الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ».
قوله تعالى:
قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ- إلى قوله تعالى- إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [4- 8] 11516/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: كان سببهم أن الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذا نواس، و هو آخر ملك من حمير، تهود و اجتمعت معه حمير على اليهودية، و سمى نفسه يوسف، و أقام على ذلك حينا من الدهر، ثمّ اخبر أن بنجران بقايا قوم على دين النصرانية، و كانوا على دين عيسى [و على‏] حكم الإنجيل، و رأس ذلك [الدين‏] عبد اللّه بن بريا «2»، فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم و يحملهم على اليهودية و يدخلهم فيها، فسار حتّى قدم نجران، فجمع من كان بها على دين النصرانية، ثمّ عرض عليهم دين اليهودية و الدخول فيها، فاختاروا القتل، فخد لهم أخدودا، و جمع فيه الحطب، و أشعل فيه النار، فمنهم من أحرق بالنار، و منهم من قتل بالسيف، و مثل بهم كل مثلة، فبلغ عدد من قتل و أحرق بالنار عشرين ألفا، و أفلت رجل منهم يدعى دوس ذو ثعلبان على فرس له، [و] ركضه «3» و اتبعوه حتّى أعجزهم في الرمل و رجع ذو نواس إلى ضيعة من «4» جنوده، فقال اللّه عزّ و جلّ:
__________________________________________________
 (7)- معاني الآخبار: 299/ 7.
 (8)- تفسير العيّاشيّ 2: 159/ 65.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 413.
 (1) هود: 11: 103.
 (2) في «ج»: بربا، و في تاريخ الطبريّ 2: 122، و الكامل في التاريخ 1: 429: عبد اللّه بن الثامر.
 (3) ركض الفرس برجله: استحثه للعدو. «أقرب الموارد 1: 428».
 (4) في المصدر: ضيعته في.

624
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البروج الآيات 4 الى 8 ص 624

قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ* النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إلى قوله تعالى: الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ.
11517/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (الْغَيْبَةِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- قَالَ: «مَلَكَ مَهْرَوَيْهِ بْنُ بُخْتَ نَصَّرَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً، وَ أَخَذَ عِنْدَ ذَلِكَ دَانِيَالَ وَ حَفَرَ لَهُ جُبّاً فِي الْأَرْضِ، وَ طَرَحَ فِيهِ دَانِيَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابَهُ وَ شِيعَتَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ النِّيرَانَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّ النِّيرَانَ لَيْسَتْ تَضُرُّ بِهِمْ وَ لَا تَقْرَبُهُمْ، اسْتَوْدَعَهُمُ الْجُبَّ وَ فِيهِ الْأُسْدُ وَ السِّبَاعُ، وَ عَذَّبَهُمْ بِكُلِّ لَوْنٍ مِنَ الْعَذَابِ حَتَّى خَلَّصَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ، وَ هُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ* النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ.
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ [10] 11518/ «2»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ أي أحرقوهم ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ.
11519/ «3»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً حَبَشِيّاً إِلَى قَوْمِهِ، فَقَاتَلَهُمْ، فَقُتِلَ أَصْحَابُهُ وَ أُسِرُوا، وَ خَدُّوا لَهُمْ أُخْدُوداً مِنْ نَارٍ، ثُمَّ نَادَوْا: مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِنَا فَلْيَعْتَزِلْ، وَ مَنْ كَانَ عَلَى دِينِ هَذَا النَّبِيِّ فَلْيَقْتَحِمِ النَّارَ، فَجَعَلُوا يَقْتَحِمُونَ النَّارَ، وَ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَهَابَتِ النَّارَ، فَقَالَ [لَهَا] صَبِيُّهَا: اقْتَحِمِي قَالَ: فَاقْتَحَمَتِ النَّارَ [وَ هُمْ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ]».
11520/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ «1» (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أَرْسَلَ عَلِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى أُسْقُفِّ نَجْرَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ، فَأَخْبَرَهُ بِشَيْ‏ءٍ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَيْسَ كَمَا ذَكَرْتَ، وَ لَكِنْ سَأُخْبِرُكَ عَنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ رَجُلًا حَبَشِيّاً نَبِيّاً، وَ هَمَّ حَبَشَةَ، فَكَذَّبُوهُ، فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلُوا أَصْحَابَهُ، وَ أَسَرُوهُ وَ أَسَرُوا أَصْحَابَهُ، ثُمَّ بَنَوْا لَهُ حَيْراً «2»، ثُمَّ مَلَؤٌوهُ نَاراً، ثُمَّ جَمَعُوا النَّاسَ فَقَالُوا: مَنْ كَانَ عَلَى دِينِنَا وَ أَمْرِنَا فَلْيَعْتَزِلْ، وَ مَنْ كَانَ‏
__________________________________________________
 (1)- كمال الدين و تمام النعمة: 266/ 20.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 414.
 (3)- المحاسن: 249/ 262.
 (4)- مجمع البيان 10: 706.
 (1) في المصدر: أبي جعفر.
 (2) الحير: شبه الحظيرة أو الحمى. «المعجم الوسيط 1: 211».

625
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البروج آية 10 ص 625

عَلَى دِينِ هَؤُلَاءِ فَلْيَرْمِ نَفْسَهُ فِي النَّارِ مَعَهُ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا ابْنُ شَهْرٍ، فَلَمَّا هَجَمَتْ عَلَى النَّارِ هَابَتْ وَ رَقَّتْ عَلَى ابْنِهَا، فَنَادَاهَا الصَّبِيُّ: لَا تَهَابِي وَ ارْمِينِي وَ نَفْسَكِ «1» فِي النَّارِ، فَإِنَّ هَذَا وَ اللَّهِ فِي اللَّهِ قَلِيلٌ؛ فَرَمَتْ بِنَفْسِهَا فِي النَّارِ وَ صَبِيَّهَا، وَ كَانَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ».
11521/ «4»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مِيثَمٍ التَّمَّارِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ، فَقَالَ: «كَانُوا عَشْرَةً، وَ عَلَى مِثَالِهِمْ عَشَرَةٌ يُقْتَلُونَ فِي هَذَا السُّوقِ».
قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ [11- 14]
11522/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُقَاتِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ صَبَّاحٍ الْأَزْرَقِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ: هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتُهُ».
11523/ «2»- علي بن إبراهيم، قال: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني ابن سعيد، قال: حدّثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا يريد الذين صدقوا و آمنوا بالله عزّ و جلّ و وحدوه، يريد لا إله إلّا اللّه وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يريد ما لا عين رأت و لا أذن سمعت ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ، يريد فازوا بالجنة و أمنوا العقاب إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ، يا محمد لَشَدِيدٌ إذا أخذ الجبابرة و الظلمة و الكفّار «2»، كقوله في سورة هود: إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ «3».
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ، يريد الخلق، ثمّ أماتهم ثمّ يعيدهم بعد الموت أيضا هُوَ الْغَفُورُ يريد لأوليائه و أهل طاعته، الْوَدُودُ كما يود أحدكم أخاه و صاحبه بالبشرى و المحبة.
__________________________________________________
 (4)- مجمع البيان 10: 707.
 (1)- تأويل الآيات 2: 784/ 3.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 414.
 (1) في المصدر: لا تهابي و ارمي بي و بنفسك.
 (2) في المصدر: من الكفّار.
 (3) هود 11: 102.

626
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البروج الآيات 15 الى 22 ص 627

قوله تعالى:
ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ- إلى قوله تعالى- فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [15- 22]
11524/ «1»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَوْلُهُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَهُوَ اللَّهُ الْكَرِيمُ الْمَجِيدُ».
11525/ «2»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ* فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ، قال: اللوح المحفوظ له طرفان: طرف على يمين العرش، و طرف على جبهة إسرافيل، فإذا تكلم الرب جل ذكره بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل، فينظر في اللوح، فيوحي بما في اللوح إلى جبرئيل (عليه السلام).
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 414.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 414.

627
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطارق ص 629

سورة الطارق‏
فضلها
11526/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ فِي فَرَائِضِهِ وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ، كَانَتْ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ جَاهٌ وَ مَنْزِلَةٌ، وَ كَانَ مِنْ رُفَقَاءِ الْمُؤْمِنِينَ «1» وَ أَصْحَابِهِمْ فِي الْجَنَّةِ».
11527/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ بِعَدَدِ كُلِّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ غَسَلَهَا بِالْمَاءِ، وَ غَسَلَ بِهَا الْجِرَاحَ لَمْ تَرِمْ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى شَيْ‏ءٍ حَرَسَتْهُ وَ أَمِنَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ».
11528/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا فِي إِنَاءٍ وَ غَسَلَهَا بِالْمَاءِ وَ غَسَلَ بِهَا الْجِرَاحَ لَمْ تَرِمْ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى شَيْ‏ءٍ حَرَسَتْهُ وَ أَمِنَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ».
11529/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ غَسَلَ بِمَائِهَا الْجِرَاحَ سَكَنَتْ وَ لَمْ تَقِحْ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى شَيْ‏ءٍ يَشْرَبُ دَوَاءً يَكُونُ فِيهِ الشِّفَاءُ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 122.
 (2)- ........
 (3)- ........
 (4)- خواص القرآن: 13 «نحوه».
 (1) في المصدر: النبيين.

629
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطارق الآيات 1 الى 17 ص 630

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ- إلى قوله تعالى- فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [1- 17]
11530/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، السَّعْدَآبَادِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ «1»، وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ قَالَ لَهُ: «مَرْحَباً بِكَ يَا سَعْدُ» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: بِهَذَا الِاسْمِ سَمَّتْنِي أُمِّي، وَ مَا أَقَلَّ مَنْ يَعْرِفُنِي بِهِ! فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «صَدَقْتَ، يَا سَعْدُ الْمَوْلَى» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، بِهَذَا كُنْتُ أُلَقَّبُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا خَيْرَ فِي اللَّقَبِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ «2»، مَا صُنْعُكَ «3» يَا سَعْدُ؟». فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّا مِنْ [أَهْلِ‏] بَيْتٍ نَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، لَا نَقُولُ إِنَّ بِالْيَمَنِ أَحَداً أَعْلَمَ بِالنُّجُومِ مِنَّا.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَمَا زُحَلُ عِنْدَكُمْ فِي النُّجُومِ؟». فَقَالَ الْيَمَانِيُّ: نَجْمٌ نَحْسٌ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَهْ، لَا تَقُولَنَّ هَذَا، فَإِنَّهُ نَجْمُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ نَجْمُ الْأَوْصِيَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ هُوَ النَّجْمُ الثَّاقِبُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ».
__________________________________________________
 (1)- الخصال: 489/ 68.
 (1) في المصدر: و غيره.
 (2) الحجرات 49: 11.
 (3) في المصدر: صناعتك.

630
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطارق الآيات 1 الى 17 ص 630

فَقَالَ [لَهُ‏] الْيَمَانِيُّ: فَمَا يَعْنِي بِالثَّاقِبِ؟ قَالَ: «إِنَّ مَطْلِعَهُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَ إِنَّهُ ثَقَبَ بِضَوْئِهِ حَتَّى أَضَاءَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَمِنْ ثَمَّ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّجْمَ الثَّاقِبَ».
11531/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ «1»، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: وَ سُئِلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الطَّارِقِ؟
قَالَ: «هُوَ أَحْسَنُ «2» نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ، وَ لَيْسَ تَعْرِفُهُ النَّاسُ، وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الطَّارِقَ لِأَنَّهُ يَطْرُقُ نُورُهُ سَمَاءً سَمَاءً إِلَى سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ يَطْرُقُ رَاجِعاً حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَكَانِهِ».
11532/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ، قَالَ: «السَّمَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الطَّارِقُ: الَّذِي يَطْرُقُ الْأَئِمَّةَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ مِمَّا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ، وَ هُوَ الرُّوحُ الَّذِي مَعَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) يُسَدِّدُهُمْ «3»».
قَالَ: وَ النَّجْمُ الثَّاقِبُ قَالَ: «ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11533/ «4»- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ قال: الملائكة، قال: في قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ، قال: النطفة التي تخرج بقوة يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ، قال: الصلب للرجل، و الترائب للمرأة «4»، و هي عظام صدرها إِنَّهُ عَلى‏ رَجْعِهِ لَقادِرٌ كما خلقه من نطفة يقدر أن يرده إلى الدنيا و إلى يوم القيامة يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ، قال: يكشف عنها وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ قال: ذات المطر وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ أي ذات النبات، و هو قسم، و جوابه: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ يعني ماض، أي قاطع وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ أي ليس بالسخرية إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً أي يحتالون الحيل وَ أَكِيدُ كَيْداً فهو من اللّه العذاب فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً، قال: دعهم قليلا.
11534/ «5»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: حدّثنا جعفر بن أحمد، عن عبد اللّه بن موسى، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، في قوله: فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ، قال: «ما له قوة يقوى بها على خالقه، و لا ناصر من اللّه ينصره، إن أراد به سوءا».
__________________________________________________
 (2)- علل الشرائع: 577/ 1.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 415.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 415.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 416.
 (1) زاد في المصدر: عن حريز.
 (2) في «ي» أنحس.
 (3) (يسددهم) ليس في (ج، ي».
 (4) في «ج»: الرجل و الترائب المرأة.

631
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الطارق الآيات 1 الى 17 ص 630

قلت: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَ أَكِيدُ كَيْداً قال: «كادوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و كادوا عليا (عليه السلام)، و كادوا فاطمة (عليها السلام)، فقال اللّه: يا محمد إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَ أَكِيدُ كَيْداً* فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ يا محمد أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً لوقت بعث القائم (عليه السلام) فينتقم لي من الجبابرة و الطواغيت من قريش و بني أميّة و سائر الناس».

632
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأعلى ص 633

سورة الأعلى‏
فضلها
11535/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ، قِيلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتَ «1»».
11536/ «2»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي خَمِيصَةَ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَيْسَ يَقْرَأُ إِلَّا سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَ قَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهَا لَقَرَأَهَا الرَّجُلُ كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ مَرَّةً، وَ إِنَّ مَنْ قَرَأَهَا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ صُحُفَ مُوسَى وَ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى».
11537/ «3»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى وَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ إِذَا قُرِئَتْ عَلَى الْأُذُنِ الْوَجِعَةِ زَالَ ذَلِكَ عَنْهَا، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى الْبَوَاسِيرِ قَلَعَتْهُنَّ وَ بَرَأَ صَاحِبُهُنَّ سَرِيعاً».
11538/ «4»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الْأُذُنَيْنِ وَ الرَّقَبَةِ الْوَجِيعَةِ زَالَ ذَلِكَ عَنْهَا، وَ تَقْرَأُ عَلَى الْبَوَاسِيرِ، وَ إِنْ كُتِبَتْ لَهَا «2» يَبْرَأُ صَاحِبُهَا سَرِيعاً».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 122.
 (2)- مجمع البيان 10: 717.
 (3)- .....
 (4)- خواص القرآن: 30، 58 «مخطوط».
 (1) في المصدر: الجنّة إن شاء اللّه.
 (2) في «ج»: له.

633
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 633

11539/ «5»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قِرَاءَتُهَا عَلَى الْأُذُنِ الدَّوِيَّةِ «1» الَّتِي فِيهَا الدَّوَاثِرُ تُزِيلُهَا، وَ قِرَاءَتُهَا عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُفَسَّخِ تُزِيلُهُ، وَ قِرَاءَتُهَا عَلَى الْبَوَاسِيرِ تَقْطَعُهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (5)- خواص القرآن: 13 «نحوه».
 (1) الدّوي: الفاسد الجوف من داء. «أقرب الموارد 1: 361».

634
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأعلى الآيات 1 الى 15 ص 635

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى- إلى قوله تعالى- وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [1- 15]
11540/ «1»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيِّ، عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ الْغَافِقِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ «1» قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ».
11541/ «2»- ابْنُ الْفَارِسِيِّ فِي (الرَّوْضَةِ): رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «فِي الْعَرْشِ تِمْثَالُ جَمِيعِ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ، وَ هَذَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ «2».
وَ إِنَّ بَيْنَ الْقَائِمَةِ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، وَ الْقَائِمَةِ الثَّانِيَةِ خَفَقَانَ الطَّيْرِ الْمُسْرِعِ مَسِيرَةَ أَلْفِ عَامٍ، وَ الْعَرْشُ يُكْسَى كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ أَلْفَ لَوْنٍ مِنَ النُّورِ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ.
وَ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا فِي الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ، وَ إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ حِزْقَائِيلُ، لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ جَنَاحٍ، مَا بَيْنَ الْجَنَاحِ إِلَى الْجَنَاحِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ، فَخَطَر لَهُ خَاطِرٌ، هَلْ فَوْقَ الْعَرْشِ شَيْ‏ءٌ؟ فَزَادَهُ اللَّهُ مِثْلَهَا أَجْنِحَةً أُخْرَى، فَكَانَ لَهُ سِتٌّ وَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ جَنَاحٍ، مَا بَيْنَ الْجَنَاحِ، إِلَى الْجَنَاحِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَيُّهَا الْمَلَكُ طِرْ، فَطَارَ مِقْدَارَ
__________________________________________________
 (1)- التهذيب 2: 313/ 1273.
 (2)- روضة الواعظين: 47
 (1) الواقعة 56: 74.
 (2) الحجر 15: 21.

635
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأعلى الآيات 1 الى 15 ص 635

عِشْرِينَ أَلْفَ عَامٍ، لَمْ يَنَلْ رَأْسُهُ قَائِمَةً مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، ثُمَّ ضَاعَفَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَاحِ وَ الْقُوَّةِ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَطِيرَ، فَطَارَ مِقْدَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ عَامٍ، وَ لَمْ يَنَلْ أَيْضاً، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَيُّهَا الْمَلَكُ، لَوْ طِرْتَ إِلَى نَفْخِ الصُّورِ مَعَ أَجْنِحَتِكَ وَ قُوَّتِكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ. فَقَالَ الْمَلَكُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ».
11542/ «3»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ تَفْسِيرِ الْقَطَّانِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَقُولُ فِي الرُّكُوعِ؟» فَنَزَلَ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ «1»، قَالَ: «مَا أَقُولُ فِي السُّجُودِ». فَنَزَلَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.
11543/ «4»- علي بن إبراهيم، قال: قل: سبحان ربي الأعلى و بحمده «2» الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى‏ قال: قدر الأشياء بالتقدير، ثمّ هدى إليها من يشاء، قوله: وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى‏، قال: أي النبات فَجَعَلَهُ بعد إخراجه غُثاءً أَحْوى‏، قال: يصير هشيما بعد بلوغه و يسود، قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‏ أي نعلمك فلا تنسى، فقال: إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ لأنّه لا يؤمن النسيان اللغوي، و هو الترك، لأن الذي لا ينسى هو اللّه.
11544/ «5»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ غَيْرِهِمَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ الْخَفَّافِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا تَقُولُ فِيمَنْ أَخَذَ عَنْكُمْ عِلْماً فَنَسِيَهُ؟ قَالَ: «لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ، إِنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِ، إِنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ مِنَّا حَدِيثاً فَأَنْكَرَهُ، أَوْ بَلَغَهُ فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ وَ كَفَرَ، وَ أَمَّا النِّسْيَانُ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْكُمْ، إِنَّ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، فَنَسِيَهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ حُجَّةٌ فِي نِسْيَانِهِ «3»، وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمْضَى لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‏».
11545/ «6»- علي بن إبراهيم: وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى‏* فَذَكِّرْ، يا محمد إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى‏* سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‏، قال: نذكرك إياه «4»، قال: وَ يَتَجَنَّبُهَا يعني ما يتذكر به الْأَشْقَى* الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى‏، قال: نار يوم القيامة ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى‏ يعني في النار، فيكون كما قال [اللّه‏] تعالى: وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ «5».
__________________________________________________
 (3)- المناقب 2: 15.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 416.
 (5)- مختصر بصائر الدرجات: 93.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 417.
 (1) الواقعة 56: 74.
 (2) (و بحمده) ليس في المصدر.
 (3) في المصدر: نسيانها.
 (4) كذا، و الظاهر أنّه تصحيف، بتذكيرك إياه.
 (5) إبراهيم 14: 17.

636
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأعلى الآيات 1 الى 15 ص 635

قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى قال: زكاة الفطرة، إذا أخرجها قبل صلاة العيد.
11546/ «7»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ تَمَامِ الصَّوْمِ إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ، كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَإِنَّهَا مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ، وَ مَنْ صَامَ وَ لَمْ يُؤَدِّهَا فَلَا صَوْمَ لَهُ إِذَا تَرَكَهَا مُتَعَمِّداً، وَ مَنْ صَلَّى وَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ تَرَكَ ذَلِكَ مُتَعَمِّداً فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَدَأَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى».
11547/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الرَّيَّانِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ لِي: «مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى؟». قُلْتُ: كُلَّمَا ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ قَامَ فَصَلَّى، فَقَالَ لِي: «لَقَدْ كَلَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا شَطَطاً!». فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَكَيْفَ هُوَ؟ فَقَالَ: «كُلَّمَا ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ».
11548/ «9»- علي بن إبراهيم: وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى قال: صلاة الفطر و الأضحى إِنَّ هذا يعني ما قد تلوته من القرآن لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏* صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ «1».
11549/ «10»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بِسْطَامَ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ، عَنِ الْأَصْبَغِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، فَقَالَ: «مَكْتُوبٌ عَلَى قَائِمَةِ الْعَرْشِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ بِأَلْفَيْ عَامٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، فَاشْهَدُوا بِهِمَا، وَ أَنَّ عَلِيّاً وَصِيُّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11550/ «11»- علي بن إبراهيم، قال: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما يَخْفى‏ يريد ما يكون إلى يوم القيامة في قلبك و نفسك وَ نُيَسِّرُكَ يا محمّد في جميع أمورك لِلْيُسْرى‏.
قوله تعالى:
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا* وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏* إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏* صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ [16- 19]
__________________________________________________
 (7)- التهذيب 2: 159/ 625.
 (8)- الكافي 2: 359/ 18.
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 417.
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 417.
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 417.
 (1) الأعلى 87: 18، 19.

637
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأعلى الآيات 16 الى 19 ص 637

11551/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا؟ قَالَ: «وَلَايَتَهُمْ». وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏ قَالَ: «وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏* صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏».
11552/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «وَلَايَةُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَكْتُوبَةٌ فِي جَمِيعِ صُحُفِ الْأَنْبِيَاءِ، وَ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ وَصِيَّةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11553/ «3»- وَ رَوَى حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنِ ابْنِ رِبَاطٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «1»، قَالَ: «يَا [أَبَا] مُحَمَّدٍ، إِنَّ عِنْدَنَا الصُّحُفَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏». قَالَ: قُلْتُ. جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ إِنَّ الصُّحُفَ هِيَ الْأَلْوَاحُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
11554/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ، عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَسْوَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الشَّجَرِيُّ «2» الْمُذَكِّرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَمْرُو «3» بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ مُحَمَّدُ بْنُ «4» عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ «5» بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ «6» عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ، فَاغْتَنَمْتُ خَلْوَتَهُ، فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً».
قُلْتُ: وَ مَا تَحِيَّتُهُ؟ قَالَ: «رَكْعَتَانِ تَرْكَعُهُمَا» ثُمَّ الْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ، فَمَا الصَّلَاةُ؟ قَالَ:
 «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنْ شَاءَ أَقَلَّ وَ مَنْ شَاءَ أَكْثَرَ» ..
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 345/ 30.
 (2)- الكافي 1: 363/ 6.
 (3)- تأويل الآيات 2: 785/ 2.
 (4)- الخصال: 523/ 13، بحار الأنوار 77: 70/ 1.
 (1) الحضر 59/ 7.
 (2) في المصدر: السجزي.
 (3) في المصدر: عمر.
 (4) في المصدر: «ج»: حدّثنا أبو محمّد.
 (5) في المصدر: الحسين.
 (6) في «ج، ي»: أبو.

638
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأعلى الآيات 16 الى 19 ص 637

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَ جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ».
قُلْتُ: فَأَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرِ».
قُلْتُ: فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ».
قُلْتُ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ إِلَى فَقِيرٍ فِي سِرٍّ».
قُلْتُ: فَمَا الصَّوْمُ؟ قَالَ: «فَرْضٌ يُجْزَى «1» وَ عِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافٌ كَثِيرَةٌ».
قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَغْلَاهَا «2» ثَمَناً، وَ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا».
قُلْتُ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَ أُهَرِيقَ دَمُهُ».
قُلْتُ: فَأَيُّ آيَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ». ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ [فَلَاةٍ]، وَ فَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلَقَةِ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمِ النَّبِيُّونَ؟ قَالَ: «مِائَةُ أَلْفٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ».
قُلْتُ: كَمِ الْمُرْسَلُونَ؟ قَالَ: «ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمَّاءَ غَفِيراً».
قُلْتُ: مَنْ كَانَ أَوَّلَ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ: «آدَمُ».
قُلْتُ: وَ كَانَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مُرْسَلًا؟ قَالَ: «نَعَمْ، خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ».
ثُمَّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سُرْيَانِيُّونَ، آدَمُ، وَ شِيثٌ، وَ أُخْنُوخُ،- وَ هُوَ إِدْرِيسُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)- وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ، وَ نُوحٌ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: هُودٌ، وَ صَالِحٌ، وَ شُعَيْبٌ، وَ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ، وَ أَوَّلُ نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى، وَ آخِرُهُمْ عِيسَى، وَ سِتُّمِائَةِ نَبِيٍّ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ؟ قَالَ: «مِائَةَ كِتَابٍ وَ أَرْبَعَةَ كُتُبٍ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى شِيثٍ خَمْسِينَ صَحِيفَةً، وَ عَلَى إِدْرِيسَ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً، وَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عِشْرِينَ صَحِيفَةً، وَ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ الزَّبُورَ وَ الْفُرْقَانَ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: «كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا [وَ كَانَ فِيهَا] أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُبْتَلَى الْمَغْرُورُ، [إِنِّي‏] لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَ لَكِنِّي بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنِّي لَا أَرُدُّهَا وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ.
وَ عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوباً [عَلَى عَقْلِهِ‏] أَنْ يَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ سَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَ سَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيمَا صُنْعَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ، وَ سَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بِحَظِّ نَفْسِهِ «3» مِنَ الْحَلَالِ، فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنُ تِلْكَ السَّاعَاتِ، وَ اسْتِجْمَامٌ لِلْقُلُوبِ، وَ تَوْزِيعٌ «4» لَهَا.
وَ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيراً بِزَمَانِهِ، مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ، حَافِظاً لِلِسَانِهِ، فَإِنَّ مَنْ حَسَبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَ‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: مجزي.
 (2) في «ي»: أعلاها.
 (3) في «ج، ي»: حقّه.
 (4) و في «ج»: و تفريغ، و في «ط، ي»: و تقريع، و الظاهر: و تفريح.

639
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الأعلى الآيات 16 الى 19 ص 637

كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ.
وَ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ طَالِباً لِثَلَاثٍ: مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ أَوْ تَلَذُّذٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قَالَ: «كَانَتْ عِبَراً «1» كُلُّهَا [وَ فِيهَا]: عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ لِمَ يَفْرَحُ، وَ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ لِمَ يَضْحَكُ، وَ لِمَنْ يَرَى الدُّنْيَا وَ تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا لِمَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا، وَ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ لِمَ يَنْصَبُ، وَ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ لِمَ لَا يَعْمَلُ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي أَيْدِينَا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ [شَيْ‏ءٌ] مِمَّا كَانَ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى؟ قَالَ:
 «يَا أَبَا ذَرٍّ، اقْرَأْ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى* بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا* وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏* إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏* صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ «2»».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، قَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ».
قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَ ذِكْرِ اللَّهِ كَثِيراً، فَإِنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ، وَ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ».
قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «عَلَيْكَ بِطُولِ الصَّمْتِ، فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيَاطِينِ، وَ عَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ».
قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «إِيَّاكَ وَ كَثْرَةَ الضَّحِكِ، فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ [وَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ‏]».
قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «عَلَيْكَ بِحُبِّ «3» الْمَسَاكِينِ وَ مُجَالَسَتِهِمْ».
قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «قُلِ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً».
قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «لَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ».
قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «لِيَحْجِزْكَ «4» عَنِ النَّاسِ مَا «5» تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ، وَ لَا تَجِدُ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَأْتِي مِثْلَهُ». ثُمَّ قَالَ:
 «كَفَى بِالْمَرْءِ عَيْباً أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ: يَعْرِفُ مِنَ النَّاسِ مَا يَجْهَلُ مِنْ نَفْسِهِ، وَ يَسْتَحْيِي لَهُمْ مِمَّا هُوَ فِيهِ، وَ يُؤْذِي جَلِيسَهُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ» ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ، وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ».
و روى الشيخ في (مجالسه) هذا الحديث مرسلا، و فيه بعض التغيير «6».
__________________________________________________
 (1) في المصدر: عبرانية.
 (2) الأعلى 87: 14- 19.
 (3) في المصدر:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي: قَالَ: انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ تَحْتَكَ، وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرِيَ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: صِلْ قَرَابَتَكَ وَ إِنْ قَطَعُوكَ. قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: أَحِبَّ.
 (4) في «ج»: ليحجرك.
 (5) زاد في النسخ: لم، و لم ترد في البحار أيضا.
 (6) الأمالي 2: 152.

640
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الغاشية ص 641

سورة الغاشية
فضلها
11555/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَةَ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ، غَشَّاهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ آتَاهُ الْأَمْنَ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ».
11556/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ حَاسَبَهُ اللَّهُ حِسَاباً يَسِيراً، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى مَوْلُودٍ بَشَراً وَ غَيْرِهِ صَارِخٍ أَوْ شَارِدٍ، سَكَّنَتْهُ وَ هَدَّأَتْهُ».
11557/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا حَاسَبَهُ اللَّهُ حِسَاباً يَسِيراً، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى مَوْلُودٍ أَوْ كَتَبْتُ لَهُ بَشَراً كَانَ أَوْ حَيَوَاناً سَكَّنَتْهُ وَ هَدَّأَتْهُ».
11558/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى ضِرْسٍ يُؤْلِمُ وَ يَضْرِبُ سَكَنَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى مَا يَأْكُلُهُ أَمِنَ مَا فِيهِ وَ رَزَقَهُ اللَّهُ السَّلَامَةَ فِيهِ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 122.
 (2)- .....
 (3)- .....
 (4)- خواص القرآن: 14 «مخطوط».

641
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الغاشية الآيات 1 الى 11 ص 642

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ- إلى قوله تعالى- لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً [1- 11]
11559/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ جَمَاعَةٍ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ؟ قَالَ: «يَغْشَاهُمُ الْقَائِمُ بِالسَّيْفِ».
قَالَ: قُلْتُ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ؟ قَالَ: «خَاضِعَةٌ لَا تُطِيقُ الِامْتِنَاعَ».
قَالَ: قُلْتُ: عامِلَةٌ؟ قَالَ: «عَمِلَتْ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ».
قَالَ: قُلْتُ: ناصِبَةٌ؟ قَالَ: «نَصَبَتْ غَيْرَ وُلَاةِ الْأَمْرِ».
قَالَ: قُلْتُ: تَصْلى‏ ناراً حامِيَةً؟ قَالَ: «تَصْلَى نَارَ الْحَرْبِ فِي الدُّنْيَا عَلَى عَهْدِ الْقَائِمِ وَ فِي الْآخِرَةِ نَارَ جَهَنَّمَ».
11560/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «كُلُّ نَاصِبٍ- وَ إِنْ تَعَبَّدَ وَ اجْتَهَدَ- مَنْسُوبٌ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ* تَصْلى‏ ناراً حامِيَةً، وَ كُلُّ نَاصِبٍ مُجْتَهِدٍ فَعَمَلُهُ هَبَاءٌ».
11561/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْكُنَاسِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ، قَالَ: «الَّذِينَ يَغْشَوْنَ الْإِمَامَ». إِلَى‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 8: 50/ 13.
 (2)- الكافي 8: 213/ 259.
 (3)- ................

642
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الغاشية الآيات 1 الى 11 ص 642

قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، قَالَ: «لَا يَنْفَعُهُمُ الدُّخُولُ وَ لَا يُغْنِيهِمُ الْقُعُودُ».
11562/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ حَنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [أَنَّهُ‏]، قَالَ: «لَا يُبَالِي النَّاصِبُ صَلَّى أَمْ زَنَى، وَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِمْ: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ* تَصْلى‏ ناراً حامِيَةً».
11563/ «5»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «مَنْ خَالَفَكُمْ- وَ إِنْ تَعَبَّدَ وَ اجْتَهَدَ- مَنْسُوبٌ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ* عامِلَةٌ ناصِبَةٌ* تَصْلى‏ ناراً حامِيَةً».
11564/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (بِشَارَاتِ الشِّيعَةِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «خَرَجْتُ أَنَا وَ أَبِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا هُوَ بِأَصْحَابِهِ بَيْنَ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ- قَالَ- فَدَنَا مِنْهُمْ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ رِيحَكُمْ وَ أَرْوَاحَكُمْ، فَأَعِينُونَا عَلَى ذَلِكَ بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ وَلَايَتَنَا لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ، مَنِ ائْتَمَّ مِنْكُمْ بِقَوْمٍ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِهِمْ، أَنْتُمْ شِيعَةُ اللَّهِ، وَ أَنْتُمْ أَنْصَارُ اللَّهِ، وَ أَنْتُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ وَ السَّابِقُونَ الْآخِرُونَ، السَّابِقُونَ فِي الدُّنْيَا إِلَى مَحَبَّتِنَا، وَ السَّابِقُونَ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْجَنَّةِ، ضَمِنْتُ لَكُمُ الْجَنَّةَ بِضَمَانِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ضَمَانِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَنْتُمُ الطَّيِّبُونَ وَ نِسَاؤُكُمُ الطَّيِّبَاتُ، كُلُّ مُؤْمِنَةٍ حَوْرَاءُ، كُلُّ مُؤْمِنٍ صِدِّيقٌ.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِقَنْبَرٍ: أَبْشِرُوا وَ بَشِّرُوا، فَوَ اللَّهِ لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ سَاخِطٌ عَلَى أُمَّتِهِ إِلَّا الشِّيعَةَ، أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عُرْوَةً وَ عُرْوَةُ الدِّينِ الشِّيعَةُ، أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ شَرَفاً وَ شَرَفُ الدِّينِ الشِّيعَةُ، أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ سَيِّداً، وَ سَيِّدُ الْمَجَالِسِ مَجَالِسُ الشِّيعَةِ، أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ إِمَاماً، وَ إِمَامُ الْأَرْضِ أَرْضٌ تَسْكُنُهَا الشِّيعَةُ، أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهْوَةً، وَ شَهْوَةُ الدُّنْيَا سُكْنَى شِيعَتِنَا فِيهَا، وَ اللَّهِ لَوْلَا مَا فِي الْأَرْضِ مِنْكُمْ مَا اسْتَكْمَلَ أَهْلُ خِلَافِكُمُ الطَّيِّبَاتِ، وَ مَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ، [كُلُّ نَاصِبٍ‏] وَ إِنْ تَعَبَّدَ وَ اجْتَهَدَ مَنْسُوبٌ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ* تَصْلى‏ ناراً حامِيَةً».
وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، إِلَّا أَنَّ حَدِيثَهُ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا الطُّولِ، وَ فِي هَذَا زِيَادَةٌ لَيْسَ فِي ذَلِكَ، وَ الْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ «1».
11565/ «7»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) حَدِيثٌ مُسْنَدٌ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ* عامِلَةٌ ناصِبَةٌ: «أَنَّهَا الَّتِي نَصَبَتِ الْعَدَاوَةَ لِآلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ أَمَّا
__________________________________________________
 (4)- الكافي 8: 160/ 162.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 419.
 (6)- فضائل الشيعة: 51/ 8.
 (7)- ..............
 (1) فضائل الشيعة: 59/ 18.

643
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الغاشية الآيات 1 الى 11 ص 642

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ* لِسَعْيِها راضِيَةٌ فَهُمْ شِيعَةُ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)».
11566/ «8»- الْكَشِّيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْبَرَاثِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَارِسِيُّ- يَعْنِي أَبَا عَلِيٍّ- عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ* عامِلَةٌ ناصِبَةٌ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي النُّصَّابِ، وَ الزَّيْدِيَّةُ، وَ الْوَاقِفَةُ مِنَ النُّصَّابِ».
11567/ «9»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ يعني قد أتاك- يا محمد- حديث القيامة، و معنى الغاشية أي تغشى الناس، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ* عامِلَةٌ ناصِبَةٌ، قال: نزلت في النصاب، و هم الذين خالفوا دين اللّه و صلوا و صاموا، و نصبوا لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو قوله تعالى: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ عملوا و نصبوا فلا يقبل منهم شي‏ء من أفعالهم تَصْلى‏ وجوههم ناراً حامِيَةً* تُسْقى‏ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ، قال: لها أنين من شدة حرها لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، قال: عرق أهل النار، و ما يخرج من فروج الزواني لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ.
ثمّ ذكر أتباع أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ* لِسَعْيِها راضِيَةٌ يرضى اللّه «1» بما سعوا فيه فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ* لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً، قال: الهزل و الكذب.
قوله تعالى:
فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ [13- 26] 11568/ «1»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: حدّثنا سعيد بن محمّد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ، ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد و الدر و الياقوت، تجري من تحتها الأنّهار وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ يريد الأباريق التي ليس لها آذان.
11569/ «2»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ، قال: البسط و الوسائد وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ، قال: كل شي‏ء خلقه اللّه في الجنة له مثال في الدنيا إلّا الزرابي فإنّه لا يدرى ما هي.
11570/ «3»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: و رجع إلى رواية عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى:
__________________________________________________
 (8)- رجال الكشّيّ: 460/ 874.
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 418.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 418.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 418.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 418.
 (1) في المصدر: ترضى.

644
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الغاشية الآيات 13 الى 26 ص 644

أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ يريد الأنعام، قوله تعالى: وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ* وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ* وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ، يقول [اللّه‏] عزّ و جلّ: هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل، و يرفع مثل السماء، و ينصب مثل الجبال، و يسطح مثل الأرض غيري، أو يفعل مثل هذا الفعل [أحد] سواي؟ قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ أي فعظ- يا محمد- إنّما أنت واعظ.
11571/ «4»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: في قوله: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ، قال: لست بحافظ و لا كاتب عليهم.
11572/ «5»- قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَ كَفَرَ: «يُرِيدُ مَنْ لَمْ يَتَّعِظْ وَ لَمْ يُصَدِّقْ «1» وَ جَحَدَ رُبُوبِيَّتِي وَ كَفَرَ نِعْمَتِي فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ يُرِيدُ الْغَلِيظَ الشَّدِيدَ الدَّائِمَ إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ، أَيْ مَرْجِعَهُمْ «2» ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ».
11573/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ: «يَا جَابِرُ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَ بَعَثَ «3» اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ لِفَصْلِ الْخِطَابِ، دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ دُعِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَيُكْسَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حُلَّةً خَضْرَاءَ تُضِي‏ءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، وَ يُكْسَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِثْلَهَا، [وَ يُكْسَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حُلَّةً وَرْدِيَّةً يُضِي‏ءُ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، وَ يُكْسَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِثْلَهَا]، ثُمَّ يَصْعَدَانِ عِنْدَهَا، ثُمَّ يُدْعَى بِنَا فَيُدْفَعُ إِلَيْنَا حِسَابُ النَّاسِ، فَنَحْنُ وَ اللَّهِ نُدْخِلُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يُدْعَى بِالنَّبِيِّينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) فَيُقَامُونَ صَفَّيْنِ عِنْدَ عَرْشِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ.
فَإِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ، بَعَثَ رَبُّ الْعِزَّةِ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَنْزَلَهُمْ مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَ زَوَّجَهُمْ، فَعَلِيٌّ وَ اللَّهِ يُزَوِّجُ أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ، وَ مَا ذَاكَ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ، كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ، [وَ] فَضْلًا فَضَّلَهُ اللَّهُ [بِهِ‏] وَ مَنَّ بِهِ عَلَيْهِ، وَ هُوَ وَ اللَّهِ يُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ، وَ هُوَ الَّذِي يُغْلِقُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوا فِيهَا أَبْوَاباً، لِأَنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ إِلَيْهِ، وَ أَبْوَابَ النَّارِ إِلَيْهِ».
11574/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ سَعْدَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً مَعَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ النَّاسُ فِي الطَّوَافِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَ لِي: «يَا سَمَاعَةُ، إِلَيْنَا إِيَابُ هَذَا
__________________________________________________
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 419.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 419.
 (6)- الكافي 8: 159/ 154.
 (7)- الكافي 8: 162/ 167.
 (1) في المصدر: يصدّقك.
 (2) في المصدر: يريد مصيرهم.
 (3) في المصدر: جمع.

645
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الغاشية الآيات 13 الى 26 ص 644

الْخَلْقِ، وَ عَلَيْنَا حِسَابُهُمْ، فَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ ذَنْبٍ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَمْنَا عَلَى اللَّهِ فِي تَرْكِهِ لَنَا، فَأَجَابَنَا إِلَى ذَلِكَ، وَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ النَّاسِ اسْتَوْهَبْنَاهُ مِنْهُمْ وَ أَجَابُوا إِلَى ذَلِكَ وَ عَوَّضَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ».
11575/ «8»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَيْهَقِيُّ بِفَيْدَ «1» بَعْدَ مُنْصَرَفِي مِنْ حَجِّ بَيْتِ اللَّهِ [الْحَرَامِ‏] فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَ خَمْسِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا «2» عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَوَيْهِ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وُلِّينَا حِسَابَ شِيعَتِنَا، فَمَنْ كَانَتْ مَظْلِمَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَكَمْنَا فِيهَا فَأَجَابَنَا، وَ مَنْ كَانَتْ مَظْلِمَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّاسِ اسْتَوْهَبْنَاهَا مِنْهُمْ فَوَهَبُوهَا لَنَا، وَ مَنْ كَانَتْ مَظْلِمَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَنَا كُنَّا أَحَقَّ مَنْ عَفَا وَ صَفَحَ».
11576/ «9»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وُكِّلْنَا «3» بِحِسَابِ شِيعَتِنَا، فَمَا كَانَ لِلَّهِ سَأَلْنَا اللَّهَ أَنْ يَهَبَهُ لَنَا، فَهُوَ لَهُمْ، وَ مَا كَانَ لِلْآدَمِيِّينَ سَأَلْنَا اللَّهَ أَنْ يُعَوِّضَهُمْ بَدَلَهُ، فَهُوَ لَهُمْ، وَ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لَهُمْ». ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ.
11577/ «10»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَكَّلَنَا اللَّهُ بِحِسَابِ شِيعَتِنَا، فَمَا كَانَ لِلَّهِ سَأَلْنَاهُ أَنْ يَهَبَهُ لَنَا، فَهُوَ لَهُمْ، وَ مَا كَانَ لِمُخَالِفِيهِمْ فَهُوَ لَهُمْ، وَ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لَهُمْ» ثُمَّ قَالَ:
 «هُمْ مَعَنَا حَيْثُ كُنَّا».
11578/ «11»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أُحَدِّثُهُمْ بِحَدِيثِ «4» جَابِرٍ؟ قَالَ: «لَا تُحَدِّثْ بِهِ السَّفِلَةَ فَيُذِيعُوهُ، أَ مَا تَقْرَأُ إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَ جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَلَّانَا حِسَابَ شِيعَتِنَا، فَمَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ حَكَمْنَا عَلَى اللَّهِ فِيهِ فَأَجَازَ حُكُومَتَنَا، وَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ‏
__________________________________________________
 (8)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 57/ 213.
 (9)- تأويل الآيات 2: 788/ 4.
 (10)- تأويل الآيات 2: 788/ 5.
 (11)- تأويل الآيات 2: 788/ 7.
 (1) فيد: بليدة في نصف طريق مكّة من الكوفة. «معجم البلدان 4: 282».
 (2) زاد في المصدر: عليّ بن جعفر المدني، قال: حدّثني.
 (3) في «ط، ي»: ولينا.
 (4) في المصدر: بتفسير.

646
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الغاشية الآيات 13 الى 26 ص 644

النَّاسِ اسْتَوْهَبْنَاهُ مِنْهُمْ فَوَهَبُوهُ لَنَا، وَ مَا كَانَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ فَنَحْنُ أَحَقُّ مَنْ عَفَا وَ صَفَحَ».
11579/ «12»- وَ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ، قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «إِذَا حُشِرَ النَّاسُ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، أَجَلَّ اللَّهُ أَشْيَاعَنَا أَنْ يُنَاقِشَهُمْ فِي الْحِسَابِ، فَنَقُولُ: إِلَهَنَا، هَؤُلَاءِ شِيعَتُنَا.
فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرَهُمْ إِلَيْكُمْ وَ شَفَّعْتُكُمْ فِيهِمْ، وَ غَفَرْتُ لِمُسِيئِهِمْ، أَدْخِلُوهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ».
11580/ «13»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): عَلِّمْنِي- يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ- قَوْلًا أَقُولُهُ بَلِيغاً كَامِلًا إِذَا زُرْتُ وَاحِداً مِنْكُمْ- ثُمَّ ذَكَرَ زِيَارَةَ الْجَامِعَةِ لِجَمِيعِ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيهَا: «فَالرَّاغِبُ عَنْكُمْ مَارِقٌ، وَ اللَّازِمُ لَكُمْ لَاحِقٌ، وَ الْمُقَصِّرُ فِي حَقِّكُمْ زَاهِقٌ، وَ الْحَقُّ مَعَكُمْ وَ فِيكُمْ وَ مِنْكُمْ وَ إِلَيْكُمْ، وَ أَنْتُمْ أَهْلُهُ وَ مَعْدِنُهُ «1»، وَ مِيرَاثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ، وَ إِيَابُ الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ، وَ حِسَابُهُمْ عَلَيْكُمْ، وَ فَصْلُ الْخِطَابِ عِنْدَكُمْ».
11581/ «14»- وَ عَنْهُ، فِي (أَمَالِيهِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيِّ الْأَحْمَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَحْمَدَ التَّمِيمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وُكِّلْنَا بِحِسَابِ شِيعَتِنَا، فَمَا كَانَ لِلَّهِ سَأَلْنَا اللَّهَ أَنْ يَهَبَهُ لَنَا، فَهُوَ لَهُمْ، وَ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لَهُمْ» ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ».
11582/ «15»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كُلُّ أُمَّةٍ يُحَاسِبُهَا إِمَامُ زَمَانِهَا، وَ يَعْرِفُ الْأَئِمَّةُ أَوْلِيَاءَهُمْ وَ أَعْدَاءَهُمْ بِسِيمَاهُمْ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ، [وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ] يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «2»، فَيُعْطُونَ أَوْلِيَاءَهُمْ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، فَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ إِلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَ يُعْطُونَ أَعْدَاءَهُمْ كُتُبَهُمْ بِشِمَالِهِمْ فَيَمُرُّونَ إِلَى النَّارِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَإِذَا نَظَرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ* إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ «3»، أَيْ مَرْضِيَّةٍ، فَوُضِعَ الْفَاعِلُ مَكَانَ الْمَفْعُولِ».
__________________________________________________
 (12)- تأويل الآيات 2: 788/ 6.
 (13)- التهذيب 6: 97/ 177.
 (14)- الأمالي 2: 20.
 (15)- تفسير القمّيّ 2: 384.
 (1) زاد في المصدر: و مثواه و منتهاه.
 (2) الأعراف 7: 46.
 (3) الحاقّة 69: 19- 21.

647
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر ص 649

سورة الفجر
فضلها
11583/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «اقْرَءُوا سُورَةَ الْفَجْرِ فِي فَرَائِضِكُمْ وَ نَوَافِلِكُمْ، فَإِنَّهَا سُورَةٌ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، مَنْ قَرَأَهَا كَانَ مَعَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي دَرَجَتِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».
11584/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ قَرَأَهَا، وَ جَعَلَ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى وَسَطِهِ، وَ جَامَعَ زَوْجَتَهُ حَلَالًا، رَزَقَهُ اللَّهُ وَلَداً ذَكَراً قُرَّةَ عَيْنٍ».
11585/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى زَوْجَتِهِ رَزَقَهُ اللَّهُ وَلَداً مُبَارَكاً».
11586/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَمِنَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى وَسْطِهِ ثُمَّ جَامَعَ زَوْجَتَهُ يَرْزُقُهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ وَ يَفْرَحُ بِهِ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 123.
 (2)- ......
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن 14 «مخطوط».

649
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 1 الى 4 ص 650

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْفَجْرِ* وَ لَيالٍ عَشْرٍ* وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ* وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [1- 4]
11587/ «1»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، [قَالَ‏]: رُوِيَ بِالْإِسْنَادِ مَرْفُوعاً، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الْفَجْرِ الْفَجْرُ هُوَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ لَيالٍ عَشْرٍ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنَ الْحَسَنِ إِلَى الْحَسَنِ وَ الشَّفْعِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ الْوَتْرِ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ هِيَ دَوْلَةُ حَبْتَرٍ، فَهِيَ تَسْرِي إِلَى دَوْلَةِ «1» الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11588/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «الشَّفْعُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الْوَتْرُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ عَزَّ وَ جَلَّ».
11589/ «3»- علي بن إبراهيم، قال: ليس فيها (واو) و إنّما هو (الفجر و ليال عشر) قال: عشر ذي الحجة وَ الشَّفْعِ قال: ركعتان وَ الْوَتْرِ ركعة.
11590/ «4»- قَالَ: وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: الشَّفْعُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ الْوَتْرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
11591/ «5»- الشَّيْبَانِيُّ فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ)، قَالَ: رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «أَنَّ الشَّفْعَ مُحَمَّدٌ
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 792/ 1.
 (2)- تأويل الآيات 2: 792/ 3.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 419.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 419.
 (5)- نهج البيان 3: 318 «مخطوط».
 (1) في المصدر: قيام.

650
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 1 الى 4 ص 650

وَ عَلِيٌّ، وَ الْوَتْرَ اللَّهُ تَعَالَى».
11592/ «6»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: الشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ، وَ الْوَتْرُ [يَوْمُ‏] عَرَفَةَ، قَالَ: وَ هِيَ رِوَايَةُ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
قال: و الوجه فيه أن يوم النحر يشفع بيوم «1» نَفْرٍ بعده، و ينفرد يوم عرفة، [
وَ قِيلَ: الشَّفْعُ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَ الْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ] وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
قوله تعالى:
هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ- إلى قوله تعالى- وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ [5- 10] 11593/ «1»- علي بن إبراهيم: ثم قال تعالى: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ، يقول: لذي عقل. وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ، قال: هي ليلة جَمْعٍ «2»».
11594/ «2»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: قال اللّه لنبيه (صلّى اللّه عليه و آله) أَ لَمْ تَرَ أي أ لم تعلم كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ، ثمّ مات عاد، و أهلك اللّه «3» قومه بالريح الصرصر.
قوله تعالى: وَ ثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ، أي حفروا الجوبة «4»، في الجبال، قوله تعالى:
وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ عمل الأوتاد التي أراد أن يصعد بها إلى السماء.
11595/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُؤَدِّبُ الرَّازِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلٍ: وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ سُمِّيَ ذَا الْأَوْتَادِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا عَذَّبَ رَجُلًا بَسَطَهُ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى وَجْهِهِ، وَ مَدَّ يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ فَأَوْتَدَهَا بِأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ فِي الْأَرْضِ، وَ رُبَّمَا بَسَطَهُ عَلَى خَشَبٍ مُنْبَسِطٍ فَوَتَّدَ
__________________________________________________
 (6)- مجمع البيان 10: 736.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 419.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 419.
 (3)- علل الشرائع: 69/ 1.
 (1) في النسخ: شفع ليوم.
 (2) جمع: هو المزدلفة، سمي جمعا لاجتماع الناس به. «معجم البلدان 2: 162».
 (3) في المصدر: و أهلكه اللّه و.
 (4) الجوبة: الحفرة. «لسان العرب 1: 286».

651
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 5 الى 10 ص 651

رِجْلَيْهِ وَ يَدَيْهِ بِأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ، ثُمَّ تَرَكَهُ عَلَى حَالِهِ حَتَّى يَمُوتَ، فَسَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِرْعَوْنَ ذَا الْأَوْتَادِ لِذَلِكَ».
قوله تعالى:
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ- إلى قوله تعالى- وَ جِي‏ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [14- 23] 11596/ «1»- علي بن إبراهيم: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ أي حافظ قائم على كل نفس «1».
11597/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَخْبَرَنِي الرُّوحُ الْأَمِينُ أَنَّ اللَّهَ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِذَا وَقَفَ الْخَلَائِقَ وَ جَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، أَتَى بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِأَلْفِ زِمَامٍ، أَخَذَ بِكُلِّ زِمَامٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مِنَ الْغِلَاظِ الشِّدَادِ، وَ لَهَا هَدَّةٌ «2» وَ تَحَطُّمٌ وَ زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ، وَ إِنَّهَا لَتَزْفِرُ الزَّفْرَةَ، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخَّرَهَا إِلَى الْحِسَابِ لَأَهْلَكَتِ الْجَمْعَ «3»، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ يُحِيطُ بِالْخَلَائِقِ، الْبَرِّ مِنْهُمْ وَ الْفَاجِرِ، فَمَا خَلَقَ اللَّهُ عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ، مَلَكٍ وَ لَا نَبِيٍّ إِلَّا وَ يُنَادِي: يَا رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي، وَ أَنْتَ تَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا صِرَاطٌ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، وَ أَقْطَعُ «4» مِنَ السَّيْفِ، عَلَيْهِ ثَلَاثُ قَنَاطِرَ: الْأُولَى عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ وَ الرَّحِمُ «5»، وَ الثَّانِيَةُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ، وَ الثَّالِثَةُ عَلَيْهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، فَيُكَلَّفُونَ الْمَمَرَّ عَلَيْهَا، فَتَحْبِسُهُمُ الْأَمَانَةُ وَ الرَّحِمُ «6»، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا حَبَسَتْهُمُ الصَّلَاةُ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا كَانَ الْمُنْتَهَى إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ ذِكْرُهُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ.
وَ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ، فَمُتَعَلِّقٌ تَزِلُّ قَدَمُهُ وَ تَثْبُتُ قَدَمُهُ، وَ الْمَلَائِكَةُ حَوْلَهَا يُنَادُونَ: يَا حَلِيمُ يَا كَرِيمُ، اعْفُ وَ اصْفَحْ وَ عُدْ بِفَضْلِكَ وَ سَلِّمْ، وَ النَّاسُ يَتَهَافَتُونَ فِيهَا كَالْفَرَاشِ، فَإِذَا نَجَا نَاجٍ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، نَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ بِفَضْلِهِ وَ مَنِّهِ «7»».
11598/ «3»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَجَّالِ، عَنْ غَالِبِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 420.
 (2)- الكافي 8: 312/ 486.
 (3)- الكافي 2: 248/ 2.
 (1) في المصدر: كل ظالم.
 (2) الهدّة: صوت شديد تسمعه من سقوط ركن أو حائط أو ناحية جبل. «لسان العرب 3: 432».
 (3) في المصدر: الجميع.
 (4) في المصدر: أحدّ.
 (5) في المصدر: الرحمة.
 (6) في المصدر: الرحمة و الأمانة.
 (7) في المصدر: منك بعد يأس بفضله و منّه إنّ ربّنا لغفور شكور.

652
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 14 الى 23 ص 652

قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ، قَالَ: «قَنْطَرَةٌ عَلَى الصِّرَاطِ، لَا يَجُوزُهَا عَبْدٌ بِمَظْلِمَةٍ».
11599/ «4»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَ جِي‏ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي الرُّوحُ الْأَمِينُ أَنَّ اللَّهَ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِذَا جَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، أَتَى بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِأَلْفِ زِمَامٍ، أَخَذَ بِكُلِّ زِمَامٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مِنَ الْغِلَاظِ الشِّدَادِ، وَ لَهَا هَدَّةٌ وَ تَغَيُّظٌ وَ زَفِيرٌ، وَ إِنَّهَا لَتَزْفِرُ الزَّفْرَةَ، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخَّرَهُمْ إِلَى الْحِسَابِ لَأَهْلَكَتِ الْجَمِيعَ «1»، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ يُحِيطُ [بِالْخَلَائِقِ‏] بِالْبِرِّ [مِنْهُمْ‏] وَ الْفَاجِرِ، فَمَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَبْداً [مِنْ عِبَادِهِ مَلَكاً] وَ لَا نَبِيّاً إِلَّا نَادَى: رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي، وَ أَنْتَ تُنَادِي يَا نَبِيَّ اللَّهِ: أُمَّتِي أُمَّتِي، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا الصِّرَاطُ أَدَقَّ مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، عَلَيْهِ ثَلَاثُ قَنَاطِرَ: أَمَّا وَاحِدَةٌ فَعَلَيْهَا الْأَمَانَةُ وَ الرَّحِمُ، وَ أَمَّا الثَّانِيَةُ، فَعَلَيْهَا الصَّلَاةُ، وَ أَمَّا الْأُخْرَى فَعَلَيْهَا عَدْلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، فَيُكَلَّفُونَ الْمَمَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ، فَيَحْبِسُهُمُ الرَّحِمُ وَ الْأَمَانَةُ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا [حَبَسَتْهُمُ الصَّلَاةُ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا] كَانَ الْمُنْتَهَى لِرَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ وَ عَزَّ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ.
وَ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ، فَمُتَعَلِّقٌ وَ قَدَمٌ تَزِلُّ وَ قَدَمٌ تَسْتَمْسِكُ، وَ الْمَلَائِكَةُ [حَوْلَهُمْ‏] يُنَادُونَ: يَا حَلِيمُ اغْفِرْ وَ اصْفَحْ وَ عُدْ بِفَضْلِكَ وَ سَلِّمْ، وَ النَّاسُ يَتَهَافَتُونَ فِيهَا كَالْفَرَاشِ، فَإِذَا نَجَا نَاجٍ بِرَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، نَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ بَعْدَ إِيَاسٍ بِمَنِّهِ وَ فَضْلِهِ، إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ».
وَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فِي (تَفْسِيرِهِ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَ جِي‏ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ:
بِذَلِكَ أَخْبَرَنِي الرُّوحُ الْأَمِينُ أَنَّ اللَّهَ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِذَا أَبْرَزَ الْخَلَائِقَ وَ جَمَعَ «2» الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، أَتَى بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِأَلْفِ زِمَامٍ، لِكُلِّ «3» زِمَامٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ» وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِبَعْضِ التَّغْيِيرِ «4».
11600/ «5»- (تُحْفَةِ الْإِخْوَانِ): بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى الصَّحَابَةِ وَ عَظُمَ عَلَيْهِمْ مَا رَأَوْا مِنْ حَالِهِ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالُوا: يَا عَلِيُّ، لَقَدْ حَدَثَ أَمْرٌ رَأَيْنَاهُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ قَالَ: فَأَتَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَاتِقَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي [أَنْتَ‏] وَ أُمِّي، مَا الَّذِي حَدَثَ عِنْدَكَ الْيَوْمَ؟».
__________________________________________________
 (4)- أمالي الصدوق: 148/ 3.
 (5)- تحفة الأخوان: 111.
 (1) في المصدر: الجمع.
 (2) في «ج»: و جميع.
 (3) في المصدر: مع كل.
 (4) تفسير القمّيّ 2: 421.

653
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 14 الى 23 ص 652

قَالَ: «جَاءَ جَبْرَئِيلُ، فَأَقْرَأَنِي وَ جِي‏ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ. فَقُلْتُ: وَ كَيْفَ يُجَاءُ بِهَا؟ قَالَ: يُؤْمَرُ بِجَهَنَّمَ فَتُقَادُ بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ، لِكُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، فِي يَدِ كُلِّ مَلَكٍ مِقْرَعَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَقُودُونَهَا بِأَزِمَّتِهَا وَ سَلَاسِلِهَا، وَ لَهَا قَوَائِمُ غِلَاظٌ شِدَادٌ، كُلُّ قَائِمَةٍ مَسِيرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ مِنْ سِنِينِ [سِنِي‏] الدُّنْيَا، وَ لَهَا ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَأْسٍ، فِي كُلِّ رَأْسٍ ثَلَاثُونَ أَلْفَ فَمٍ، فِي كُلِّ فَمٍ ثَلَاثُونَ أَلْفَ نَابٍ، كُلُّ نَابٍ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ثَلَاثُونَ أَلْفَ مَرَّةٍ، كُلُّ فَمٍ لَهُ شَفَتَانِ، كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ أَطْبَاقِ الدُّنْيَا، فِي كُلِّ شَفَةٍ سِلْسِلَةٌ يَقُودُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، كُلُّ مَلَكٍ لَوْ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَلْتَقِمَ الدُّنْيَا كُلَّهَا وَ السَّمَاوَاتِ كُلَّهَا «1» وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ، لَهَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ تَفْزَعُ جَهَنَّمُ وَ تَجْزَعُ وَ تُقَادُ عَلَى خَوْفٍ، كُلُّ ذَلِكَ خَوْفاً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ تَقُولُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكُمْ يَا مَلَائِكَةَ رَبِّي، هَلْ تَدْرُونَ مَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يَفْعَلَ بِي، وَ هَلْ أَذْنَبْتُ ذَنْباً حَتَّى اسْتَوْجَبْتُ مِنْهُ الْعَذَابَ؟ فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ:
لَا عِلْمَ لَنَا يَا جَهَنَّمُ. قَالَ: فَتَقِفُ وَ تَشْهَقُ وَ تَعَلَّقُ وَ تَضْطَرِبُ، وَ تَشْرُدُ شَرْدَةً لَوْ تُرِكَتْ لَأَحْرَقَتِ الْجَمْعَ، كُلُّ ذَلِكَ خَوْفاً وَ فَزَعاً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى: مَهْلًا مَهْلًا يَا جَهَنَّمُ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، مَا خَلَقْتُكَ لِشَيْ‏ءٍ أُعَذِّبُكَ بِهِ، وَ لَكِنِّي خَلَقْتُكَ عَذَاباً وَ نَقِمَةً عَلَى مَنْ جَحَدَنِي، وَ أَكَلَ رِزْقِي، وَ عَبَدَ غَيْرِي، وَ أَنْكَرَ نِعْمَتِي، وَ اتَّخَذَ إِلَهاً مِنْ دُونِي.
فَتَقُولُ: يَا سَيِّدِي، أَ تَأْذَنُ لِي فِي السُّجُودِ [وَ الثَّنَاءِ عَلَيْكَ‏]؟ فَيَقُولُ اللَّهُ: افْعَلِي يَا جَهَنَّمُ، فَتَسْجُدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَهَا بِالتَّسْبِيحِ وَ الثَّنَاءِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ».
قال ابن عبّاس (رضي اللّه عنه): لو سمع أحد من سكان السماوات و الأرضين زفرة من زفراتها لصعقوا و ماتوا أجمعين، و ذابوا كما يذوب الرصاص و النحاس في النار، فتقوم تمشي على قوائمها، و لها زفير و شهيق، و تخطر كما يخطر البعير الهائج، و ترمي من أفواهها و مناخرها شررا كالقصر كأنّه جمالة صفر، فتغشي الخلق ظلمة دخانها حتّى لم يبق أحد ينظر إلى أحد من شدة الظلام، إلّا من جعل اللّه له نورا من صالح عمله، فيضي‏ء له تلك الظلمة، فتقودها الزبانية الغلاظ الشداد لا يعصون اللّه فيما أمرهم [و يفعلون ما يؤمرون‏] حتى إذا نظرت الخلائق إليها تزفر و تشهق و تفور تكاد تميز من الغيظ، ثمّ تقرب «2» أنيابها إلى بعض، و ترمي بشرر «3» عدد نجوم السماء، كل شرارة بقدر السحابة العظيمة، فتطير منها الأفئدة، و ترجف منها القلوب، و تذهل الألباب، و تحسر الأبصار، و ترتعد الفرائص.
ثمّ تزفر الثانية، فلم يبق قطرة في عين مخلوق إلّا و انهملت و انسكبت، فتبلغ القلوب الحناجر من الكرب، و يشتد الفزع، ثمّ تزفر الثالثة فلو كان كل نبي عمل عمل سبعين نبيّا لظن أنّه مواقعها، و لم يجد عنها مصرفا، فلم يبق حينئذ نبي مرسل و لا ملك مقرب و لا ولي منتجب إلّا و جثا على ركبتيه، و بلغت نفسه تراقيه، ثمّ يعرض لها محمّد (صلّى اللّه عليه و آله)، فتقول: ما لي و ما لك- يا محمد- فقد حرم اللّه لحمك علي، فلا يبقى يومئذ أحد إلّا قال: نفسي نفسي، إلّا نبيّنا محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، فإنه يقول: «أمتي أمتي، وعدك وعدك يا من لا يخلف الميعاد».
__________________________________________________
 (1) في المصدر: يلتقم السماوات و الأرضين.
 (2) زاد في المصدر: بعض.
 (3) زاد في المصدر: كالقصر.

654
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 14 الى 23 ص 652

11601/ «6»- الطَّبْرِسِيُّ: رُوِيَ مَرْفُوعاً عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى أَصْحَابِهِ مَا رَأَوْا مِنْ حَالِهِ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالُوا: « [يَا عَلِيُّ، لَقَدْ حَدَثَ أَمْرٌ قَدْ رَأَيْنَاهُ فِي نَبِيِّ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]، فَجَاءَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَاتِقَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، مَا الَّذِي حَدَثَ الْيَوْمَ؟». قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «جَاءَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَقْرَأَنِي وَ جِي‏ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ فَقُلْتُ: وَ كَيْفَ يُجَاءُ بِهَا؟
قَالَ: يَجِي‏ءُ بِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، يَقُودُونَهَا بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ، فَتَشْرُدُ شَرْدَةً لَوْ تُرِكَتْ لَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْجَمْعِ، ثُمَّ أَتَعَرَّضُ أَنَا لَهَا، فَتَقُولُ: مَا لِي وَ مَا لَكَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَكَ عَلَيَّ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا قَالَ: نَفْسِي نَفْسِي، وَ إِنَّ مُحَمَّداً يَقُولُ: رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي».
11602/ «7»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ. أي امتحنه بالنعمة فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ أي امتحنه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ أي أفقره فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ.
11603/ «8»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ الْقُرَشِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ* فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ: «أَيْ ضَيَّقَ [وَ قَتَّرَ]».
11604/ «9»- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ* وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ. أي لا تدعون، و هم الذين غصبوا آل محمّد حقهم، و أكلوا أموال اليتامى و فقراءهم و أبناء سبيلهم، ثم قال: وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا أي و حدكم وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا أي تكنزونه و لا تنفقونه في سبيل اللّه.
11605/ «10»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا، قَالَ: «هِيَ الزَّلْزَلَةُ» وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فُتَّتْ فَتّاً.
11606/ «11»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا قال: اسم الملك واحد، و معناه جمع.
__________________________________________________
 (6)- مجمع البيان 10: 741.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 420.
 (8)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 201/ 1.
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 420.
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 420.
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 421.

655
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 14 الى 23 ص 652

11607/ «12»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ «1» الْمُعَاذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُوصَفُ بِالْمَجِي‏ءِ وَ الذَّهَابِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنِ الِانْتِقَالِ، إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ وَ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ الْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً».
11608/ «13»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ الصَّلْتِ الْأَهْوَازِيُّ، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): هَلْ تَدْرُونَ مَا تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا؟ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تُقَادُ جَهَنَّمُ بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ بِيَدِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ، فَتَشْرُدُ شَرْدَةً لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَبَسَهَا لَأَحْرَقَتِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ».
قوله تعالى:
فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ* وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ [25- 26]
11609/ «1»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا بْنَ خَرَّبُوذَ، أَ تَدْرِي مَا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ* وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ: «ذَلِكَ الثَّانِي، لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَهُ أَحَدٌ».
11610/ «2»- علي بن إبراهيم، قوله: فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ* وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ، قال: هو الثاني.
__________________________________________________
 (12)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 19.
 (13)- الأمالي 1: 346.
 (1)- تأويل الآيات 2: 795/ 5.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 421.
 (1) في المصدر: محمّد بن أحمد بن إبراهيم.

656
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 27 الى 30 ص 657

قوله تعالى:
يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ- إلى قوله تعالى- وَ ادْخُلِي جَنَّتِي [27- 30] 11611/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: إذا حضر المؤمن الوفاة، نادى مناد من عند اللّه: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ بولاية علي ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً المطمئنة بولاية علي مرضية بالثواب، فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فلا يكون له همة إلّا اللحوق بالنداء.
11612/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً: «يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11613/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ يُكْرَهُ الْمُؤْمِنُ عَلَى قَبْضِ رُوحِهِ؟ قَالَ: «لَا وَ اللَّهِ، إِنَّهُ إِذَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ جَزِعَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ [لَهُ‏] مَلَكُ الْمَوْتِ: يَا وَلِيَّ اللَّهِ، لَا تَجْزَعْ، فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَأَنَا أَبَرُّ بِكَ وَ أَشْفَقُ عَلَيْكَ مِنْ وَالِدٍ رَحِيمٍ لَوْ حَضَرَكَ، افْتَحْ عَيْنَيْكَ فَانْظُرْ، قَالَ: وَ يُمَثَّلُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، وَ الْحَسَنُ، وَ الْحُسَيْنُ، وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) رُفَقَاؤُكَ.
قَالَ: فَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ، فَيَنْظُرُ فَيُنَادِي رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ، فَيَقُولُ: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، إِلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً بِالْوَلَايَةِ مَرْضِيَّةً بِالثَّوَابِ فَادْخُلِي فِي عِبادِي يَعْنِي مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فَمَا شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلَالِ رُوحِهِ وَ اللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي».
11614/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَ ادْخُلِي جَنَّتِي، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11615/ «5»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ صَنْدَلٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ،
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 422.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 422.
 (3)- الكافي 3: 127/ 2.
 (4)- تأويل الآيات 2: 795/ 6.
 (5)- تأويل الآيات 2: 796/ 8.

657
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفجر الآيات 27 الى 30 ص 657

قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «اقْرَءُوا سُورَةَ الْفَجْرِ فِي فَرَائِضِكُمْ وَ نَوَافِلِكُمْ، فَإِنَّهَا سُورَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ ارْغَبُوا فِيهَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَ كَانَ حَاضِرَ الْمَجْلِسِ: كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ السُّورَةُ لِلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَاصَّةً؟
فَقَالَ: «أَ لَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَ ادْخُلِي جَنَّتِي؟ إِنَّمَا يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَهُوَ ذُو النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ الرَّاضِيَةِ الْمَرْضِيَّةِ وَ أَصْحَابُهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) الرَّاضُونَ عَنِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ، وَ هَذِهِ السُّورَةُ [نَزَلَتْ‏] فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ شِيعَتِهِ، وَ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَةَ الْفَجْرِ كَانَ مَعَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».
11616/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ يُكْرَهُ الْمُؤْمِنُ عَلَى قَبْضِ رُوحِهِ؟ قَالَ: «لَا، إِذَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ جَزِعَ لِذَلِكَ، فَيَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ: يَا وَلِيَّ اللَّهِ، لَا تَجْزَعْ، فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً، لَأَنَا أَبَرُّ بِكَ وَ أَشْفَقُ عَلَيْكَ مِنَ الْوَالِدِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ بِوَلَدِهِ، افْتَحْ عَيْنَيْكَ وَ انْظُرْ، قَالَ: فَيُمَثَّلُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ فَاطِمَةُ، وَ الْحَسَنُ، وَ الْحُسَيْنُ، وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فَيَقُولُ: هَؤُلَاءِ رُفَقَاؤُكَ، فَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ تُنَادَى نَفْسُهُ «1»: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً بِالْوَلَايَةِ مَرْضِيَّةً بِالثَّوَابِ فَادْخُلِي فِي عِبادِي يَعْنِي مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فَمَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلَالِ «2» رُوحِهِ وَ اللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي».
__________________________________________________
 (6)- فضائل الشيعة: 67/ 24.
 (1) في المصدر: و ينظر و ينادي روحه مناد من قبل العرش.
 (2) في المصدر: انسلال.

658
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد ص 659

سورة البلد
فضلها
11617/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ كَانَ قِرَاءَتُهُ فِي فَرِيضَةٍ لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ كَانَ فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً أَنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَ كَانَ فِي الْآخِرَةِ مَعْرُوفاً أَنَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَكَاناً، وَ كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رُفَقَاءِ النَّبِيِّينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ».
11618/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَمَانَ مِنَ غَضَبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ نَجَّاهُ مِنَ صُعُودِ الْعَقَبَةِ الْكَؤُودِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى الطِّفْلِ، أَوْ مَا يُولَدُ، أَمِنَ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَا يَعْرِضُ لِلْأَطْفَالِ».
11619/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا نَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ صُعُوبَةِ الْعَقَبَةِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مَوْلُودٍ أَمِنَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَ مِنْ بُكَاءِ الْأَطْفَالِ، وَ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ أُمِّ الصِّبْيَانِ «1»».
11620/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا عُلِّقَتْ عَلَى الطِّفْلِ أَمِنَ مِنَ النَّقْصِ، وَ إِذَا سُعِطَ مِنْ مَائِهَا أَيْضاً بَرَأَ مِمَّا يُؤْلِمُ الْخَيَاشِمَ، وَ نَشَأَ نُشُوءاً صَالِحاً».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 123.
 (2)- ......
 (3)- .....
 (4)- خواص القرآن: 14 «مخطوط».
 (1) و هي ريح تعرض لهم. «مجمع البحرين 1: 260».

659
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد الآيات 1 الى 20 ص 660

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ- إلى قوله تعالى- عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ [1- 20] 11621/ «1»- علي بن إبراهيم: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ، [و البلد مكّة] وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ، قال:
كانت قريش لا يستحلون أن يظلموا أحدا في هذا البلد، و يستحلون ظلمك فيه وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، قال: آدم و ما ولد من الأنبياء و الأوصياء لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ، قال: منتصبا، و لم يخلق مثله شي‏ء أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ* يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً قال: اللبد: المجتمع.
11622/ «2»- وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً، قَالَ:
 «هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدَوُدٍّ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْإِسْلَامَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَ قَالَ: فَأَيْنَ مَا أَنْفَقْتُ فِيكُمْ مَالًا لُبَداً؟ وَ كَانَ أَنْفَقَ مَالًا فِي الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11623/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ «1»، قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْلِفُونَ بِهَا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، قَالَ: عَظُمَ أَمْرُ مَنْ يَحْلِفُ بِهَا، قَالَ: وَ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ يُعَظِّمُونَ الْمُحَرَّمَ وَ لَا يُقْسِمُونَ بِهِ وَ لَا بِشَهْرِ رَجَبٍ، وَ لَا يَعْرِضُونَ فِيهِمَا لِمَنْ كَانَ فِيهِمَا ذَاهِباً أَوْ جَائِياً، وَ إِنْ كَانَ قَدْ قَتَلَ أَبَاهُ، وَ لَا لِشَيْ‏ءٍ [يَخْرُجُ‏] مِنَ الْحَرَمِ، دَابَّةٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: [لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)] لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ، قَالَ: فَبَلَغَ مِنْ جَهْلِهِمْ أَنَّهُمُ اسْتَحَلُّوا قَتْلَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)! وَ عَظَّمُوا أَيَّامَ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 422.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 422.
 (3)- الكافي 7: 450/ 4.
 (1) الواقعة 56: 75.

660
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد الآيات 1 الى 20 ص 660

الشَّهْرِ حَيْثُ يُقْسِمُونَ بِهِ فَيَفُونَ».
11624/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ «1»، قَالَ: «عَظُمَ إِثْمُ مَنْ يَحْلِفُ بِهَا، قَالَ: وَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعَظِّمُونَ الْحَرَمَ وَ لَا يُقْسِمُونَ بِهِ، وَ يَسْتَحِلُّونَ حُرْمَةَ اللَّهِ فِيهِ، وَ لَا يَعْرِضُونَ لِمَنْ كَانَ فِيهِ، وَ لَا يُخْرِجُونَ مِنْهُ دَابَّةً، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، قَالَ: يُعَظِّمُونَ الْبَلَدَ أَنْ يَحْلِفُوا بِهِ، وَ يَسْتَحِلُّونَ فِيهِ حُرْمَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11625/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، قَالَ: «أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا وَلَدَ مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11626/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ الْأَنْمَاطِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ، قَالَ: «يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)». قُلْتُ: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ؟ قَالَ: «عَلِيٌّ وَ مَا وَلَدَ».
11627/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حُصَيْنٍ، «2» عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، [قَالَ‏]: «يَعْنِي عَلِيّاً وَ مَا وَلَدَ مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11628/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ لِي: «يَا أَبَا بَكْرٍ، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَ مَا وَلَدَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11629/ «9»- الْمُفِيدُ فِي (الْإِخْتِصَاصِ): عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الشَّامِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنِّي وَ أَوْصِيَائِي مِنْ وُلْدِي أَئِمَّةٌ مُهْتَدُونَ، كُلُّنَا مُحَدَّثُونَ».
__________________________________________________
 (4)- الكافي 7: 450/ 5.
 (5)- الكافي 1: 342/ 11.
 (6)- تأويل الآيات 2: 2: 798/ 2.
 (7)- تأويل الآيات 2: 2: 797/ 1.
 (8)- تأويل الآيات 2: 798/ 3.
 (9)- الإختصاص: 329.
 (1) الواقعة 56: 75.
 (2) في «ج»: عبد اللّه بن حسين، و في المصدر: عبد اللّه بن حضيرة.

661
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد الآيات 1 الى 20 ص 660

قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، ثُمَّ ابْنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ- قَالَ: وَ عَلِيٌّ يَوْمَئِذٍ رَضِيعٌ- ثُمَّ ثَمَانِيَةٌ مِنْ بَعْدِهِ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، وَ هُمُ الَّذِينَ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِمْ، فَقَالَ: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، أَمَّا الْوَالِدُ فَرَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مَا وَلَدَ يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْأَوْصِيَاءَ».
فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَ يَجْتَمِعُ إِمَامَانِ؟ فَقَالَ: «لَا، إِلَّا وَ أَحَدُهُمَا مُصْمَتٌ لَا يَنْطِقُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَوَّلُ».
قَالَ سُلَيْمٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ: أَ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُحَدَّثاً؟ فَقَالَ: نَعَمْ، [قُلْتُ‏]: أَ يُحَدِّثُ الْمَلَائِكَةُ الْأَئِمَّةَ؟ فَقَالَ: أَ وَ مَا تَقْرَأُ: (وَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لَا نَبِيٍّ «1» وَ لَا مُحَدَّثٍ)؟ قُلْتُ: فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُحَدَّثٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَ فَاطِمَةُ كَانَتْ مُحَدَّثَةً، وَ لَمْ تَكُنْ نَبِيَّةً.
11630/ «10»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، قَالَ: «أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا وَلَدَ مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11631/ «11»- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن الحسن «2»، في قوله سبحانه و تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ: لا أعلم خليقة تكابد من الأمر ما يكابد الإنسان، يكابد مضائق الدنيا و شدائد الآخرة.
11632/ «12»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السَّعْدَآبَادِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّا نَرَى الدَّوَابَّ فِي بَطْنِ أَيْدِيهَا الرُّقْعَتَيْنِ مِثْلَ الْكَيِّ، فَمِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:
 «ذَلِكَ مَوْضِعُ مَنْخِرَيْهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَ ابْنُ آدَمَ مُنْتَصِبٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ، وَ مَا سِوَى ابْنِ آدَمَ فَرَأْسُهُ فِي دُبُرِهِ، وَ يَدَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ».
11633/ «13»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّادٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ: «يَعْنِي نَعْثَلَ فِي قَتْلِهِ بِنْتَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً يَعْنِي الَّذِي جَهَّزَ بِهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَالَ: فَسَادٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ، أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ لِساناً يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شَفَتَيْنِ يَعْنِي الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ إِلَى وَلَايَتِهِمَا فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ يَقُولُ: مَا أَعْلَمَكَ؟ وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فِي الْقُرْآنِ (مَا أَدْرَاكَ) فَهُوَ مَا أَعْلَمَكَ؟ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ يَعْنِي‏
__________________________________________________
 (10)- المناقب 3: 105.
 (11)- ربيع الأبرار 3: 394.
 (12)- علل الشرائع: 4995/ 1.
 (13)- تفسير القمّيّ 2: 423.
 (1) الحجّ 22: 52.
 (2) زاد في النسخ: (عليه السلام)، و الظاهر أن المراد به الحسن بن يسار، أبو سعيد البصري، انظر المصدر.

662
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد الآيات 1 الى 20 ص 660

رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ الْمَقْرَبَةُ قُرْبَاهُ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتْرَباً بِالْعِلْمِ».
11634/ «14»- الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ الْخَصِيبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَهْوَازِيِّ- وَ كَانَ عَالِماً بِأَخْبَارِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)- قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ السَّبَبُ فِي تَزْوِيجِ رُقَيَّةَ مِنْ عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَادَى فِي أَصْحَابِهِ:
مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ وَ حَفَرَ بِئْرَ رُومَةَ «1» وَ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِ، ضَمِنْتُ لَهُ عَلَى اللَّهِ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ، فَأَنْفَقَ عُثْمَانُ عَلَى الْجَيْشِ وَ الْبِئْرِ، فَصَارَ لَهُ الْبَيْتُ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: [أَنَا] أُنْفِقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِي، وَ تَضْمَنُ لِي الْبَيْتَ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنْفِقْ- يَا عُثْمَانُ- عَلَيْهِمَا، وَ أَنَا الضَّامِنُ [لَكَ‏] عَلَى اللَّهِ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ، فَأَنْفَقَ عُثْمَانُ عَلَى الْجَيْشِ وَ الْبِئْرِ، فَصَارَ لَهُ الْبَيْتُ «2» فِي ضَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؛ فَأُلْقِيَ فِي قَلْبِ عُثْمَانَ أَنْ يَخْطُبَ رُقَيَّةَ، فَخَطَبَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ رُقَيَّةَ تَقُولُ لَا تُزَوِّجُكَ نَفْسَهَا إِلَّا بِتَسْلِيمِ الْبَيْتِ الَّذِي ضَمِنْتُهُ لَكَ [عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏] فِي الْجَنَّةِ إِلَيْهَا بِصَدَاقِهَا، وَ إِنِّي أَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِي لَكَ الْبَيْتَ فِي الْجَنَّةِ «3». فَقَالَ عُثْمَانُ: أَفْعَلُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، وَ أَشْهَدَ فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ بَرِى‏ءَ مِنَ ضَمَانِ الْبَيْتِ لِعُثْمَانَ، وَ أَنَّ الْبَيْتَ لِرُقَيَّةَ دُونَهُ، لَا رَجْعَةَ لِعُثْمَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي الْبَيْتِ، عَاشَتْ رُقَيَّةُ أَوْ مَاتَتْ، ثُمَّ إِنَّ رُقَيَّةَ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ وَ عُثْمَانَ».
11635/ «15»- الشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبَانَ الْهُنَائِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ، قَالَ: « [نَجْدَ] الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ».
11636/ «16»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ، قَالَ: «نَجْدَ الْخَيْرِ وَ نَجْدَ الشَّرِّ».
11637/ «17»- علي بن إبراهيم: [في‏] قوله تعالى: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ، قال: بينا له طريق الخير و الشر.
__________________________________________________
 (14)- الهداية الكبرى: 39.
 (15)- الأمالي 2: 274.
 (16)- الكافي 1: 124/ 4.
 (17)- تفسير القمّيّ 2: 422.
 (1) و هي في عقيق المدينة. «معجم البلدان 1: 299».
 (2) في المصدر: و البئر من ماله طمعا.
 (3) زاد في المصدر: بتسليمه إليها، إن ماتت رقية عاشت.

663
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد الآيات 1 الى 20 ص 660

11638/ «18»- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ فِي (تَفْسِيرِهِ): حَدِيثٌ مُسْنَدٌ يُرْفَعُ إِلَى أَبِي يَعْقُوبَ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ* وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ، قَالَ: «الْعَيْنَانِ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ اللِّسَانُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الشَّفَتَانِ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
و قد سبقت رواية بهذا المعنى في الآية السابقة «1».
11639/ «19»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ: «يَعْنِي بِقَوْلِهِ: فَكُّ رَقَبَةٍ وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَإِنَّ ذَلِكَ فَكُّ رَقَبَةٍ».
11640/ «20»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَا أَكَلَ أُتِيَ بِصَحْفَةٍ، فَتُوضَعُ بِقُرْبِ مَائِدَتِهِ، فَيَعْمِدُ إِلَى أَطْيَبِ الطَّعَامِ مِمَّا يُؤْتَى بِهِ، فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَيْئاً، فَيُوضَعُ فِي تِلْكَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِهَا لِلْمَسَاكِينِ، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ثُمَّ يَقُولُ: «عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ إِنْسَانٍ يَقْدِرُ عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ، فَجَعَلَ لَهُمْ سَبِيلًا إِلَى الْجَنَّةِ».
11641/ «21»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: أَخْبَرْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنِّي أُصِبْتُ بِابْنَيْنِ وَ بَقِيَ لِي ابْنٌ صَغِيرٌ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ عَنْهُ» ثُمَّ قَالَ حِينَ حَضَرَ قِيَامِي: «مُرِ الصَّبِيَّ فَلْيَتَصَدَّقْ بِيَدِهِ بِالْكِسْرَةِ وَ الْقَبْضَةِ وَ الشَّيْ‏ءِ وَ إِنْ قَلَّ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْ‏ءٍ يُرَادُ بِهِ اللَّهُ وَ إِنْ قَلَّ بَعْدَ أَنْ تَصْدُقَ النِّيَّةُ [فِيهِ‏] عَظِيمٌ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «2»، وَ قَالَ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى فَكِّ رَقَبَةٍ، فَجَعَلَ إِطْعَامَ الْيَتِيمِ وَ الْمِسْكِينِ مِثْلَ ذَلِكَ تَصَسدَّقاً عَنْهُ».
11642/ «22»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ [قَوْلُهُ‏]: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ؟ فَقَالَ: «مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِوَلَايَتِنَا، فَقَدْ جَازَ الْعَقَبَةَ، وَ نَحْنُ تِلْكَ الْعَقَبَةُ الَّتِي مَنِ اقْتَحَمَهَا نَجَا».
__________________________________________________
 (18)- تأويل الآيات 2: 798/ 4.
 (19)- الكافي 1: 349/ 49.
 (20)- الكافي 4: 52/ 12.
 (21)- الكافي 4: 4/ 10.
 (22)-- الكافي 1: 357/ 88.
 (1) تقدّمت في الحديث (13)
 (2) الزلزلة 99: 7، 8.

664
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد الآيات 1 الى 20 ص 660

قَالَ: فَسَكَتَ، فَقَالَ: «هَلْ أُفِيدُكَ حَرْفاً، خَيْرٌ «1» [لَكَ‏] مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا؟». قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ. قَالَ:
 «قَوْلُهُ: فَكُّ رَقَبَةٍ» ثُمَّ قَالَ: «النَّاسُ كُلُّهُمْ عَبِيدُ النَّارِ غَيْرَكَ وَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ فَكَّ رِقَابَكُمْ مِنَ النَّارِ بِوَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ، فِي (بِشَارَاتِ الشِّيعَةِ) عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «2».
11643/ «23»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَطْعَمَ مُؤْمِناً حَتَّى يُشْبِعَهُ لَمْ يَدْرِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ، لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ». ثُمَّ قَالَ: «مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ إِطْعَامُ الْمُسْلِمِ السَّغْبَانِ» ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ.
11644/ «24»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ «3»، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَكُّ رَقَبَةٍ، قَالَ: «بِنَا تُفَكُّ الرِّقَابُ، وَ بِمَعْرِفَتِنَا، وَ نَحْنُ الْمُطْعِمُونَ فِي يَوْمِ الْجُوعِ وَ هُوَ الْمَسْغَبَةُ».
11645/ «25»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبَانٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، فَقَالَ: «يَا أَبَانُ، هَلْ بَلَغَكَ مِنْ أَحَدٍ فِيهَا شَيْ‏ءٌ؟» فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ: «نَحْنُ الْعَقَبَةُ، فَلَا يَصْعَدُ إِلَيْنَا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنَّا».
ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَانُ، أَ لَا أَزِيدُكَ فِيهَا حَرْفاً، خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا؟». قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «فَكُّ رَقَبَةٍ، النَّاسُ مَمَالِيكُ النَّارِ كُلُّهُمْ غَيْرَكَ وَ غَيْرَ أَصْحَابِكَ، فَكَّكُمُ اللَّهُ مِنْهَا». قُلْتُ: بِمَا فَكَّنَا مِنْهَا؟ قَالَ: «بِوَلَايَتِكُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11646/ «26»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَكُّ رَقَبَةٍ، قَالَ: «النَّاسُ كُلُّهُمْ عَبِيدُ النَّارِ إِلَّا مَنْ دَخَلَ فِي طَاعَتِنَا وَ وَلَايَتِنَا، فَقَدْ فَكَّ رَقَبَتَهُ مِنَ النَّارِ، وَ الْعَقَبَةُ: وَلَايَتُنَا».
__________________________________________________
 (23)- الكافي 2: 161/ 6.
 (24)- تفسير القمّيّ 2: 423.
 (25)- تأويل الآيات 2: 799/ 5.
 (26)- تأويل الآيات 2: 799/ 6.
 (1) أي هو خير.
 (2) فضائل الشيعة: 63/ 19.
 (3) في «ج»: جعفر بن محمّد.

665
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد الآيات 1 الى 20 ص 660

11647/ «27»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِهِ، وَ قَالَ: «نَحْنُ الْعَقَبَةُ الَّتِي مَنِ اقْتَحَمَهَا نَجَا». ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ [لِي‏]: «أَ لَا أُفِيدُكَ كَلِمَةً خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا» وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي تَقَدَّمَ.
11648/ «28»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنِ الْإِمَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، قَالَ: «نَحْنُ الْعَقَبَةُ، وَ مَنِ اقْتَحَمَهَا نَجَا، بِنَا فَكَّ اللَّهُ رِقَابَكُمْ مِنَ النَّارِ».
11649/ «29»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيِّ، عَنِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ: «إِنَّ فَوْقَ الصِّرَاطِ عَقَبَةً كَؤُوداً، طُولُهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ عَامٍ، أَلْفُ عَامٍ هُبُوطٌ، وَ أَلْفُ عَامٍ شَوْكٌ وَ حَسَكٌ وَ عَقَارِبُ وَ حَيَّاتٌ، وَ أَلْفُ عَامٍ صُعُودٌ، أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْطَعُ تِلْكَ الْعَقَبَةَ، وَ ثَانِي مَنْ يَقْطَعُ تِلْكَ الْعَقَبَةَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)». وَ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: «لَا يَقْطَعُهَا فِي غَيْرِ مَشَقَّةٍ إِلَّا مُحَمَّدٌ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ» الْخَبَرَ.
11650/ «30»- وَ عَنِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَحْنُ الْعَقَبَةُ الَّتِي مَنِ اقْتَحَمَهَا نَجَا». ثُمَّ [قَالَ‏]: «فَكُّ رَقَبَةٍ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَبِيدُ النَّارِ مَا خَلَا نَحْنُ وَ شِيعَتُنَا، فَكَّ اللَّهُ رِقَابَهُمْ مِنَ النَّارِ».
11651/ «31»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ، قال: العقبة:
الأئمة، من صعدها فك رقبته من النار أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ قال: لا يقيه من التراب شي‏ء.
11652/ «32»- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ قال: أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا قال: الذين خالفوا أمير المؤمنين (عليه السلام) هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ، و قال:
أصحاب المشأمة: أعداء آل محمد عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ أي مطبقة.
11653/ «33»- كِتَابِ (صِفَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفٌ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، يَصِفُ فِيهِ أَهْلَ النَّارِ- وَ فِي الْحَدِيثِ: «ثُمَّ يُعَلَّقُ عَلَى كُلِّ غُصْنٍ مِنَ الزَّقُّومِ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُلٍ، مَا يَنْحَنِي وَ لَا يَنْكَسِرُ، فَتَدْخُلُ النَّارَ مِنْ أَدْبَارِهِمْ، فَتَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ».
__________________________________________________
 (27)- تأويل الآيات 2: 800/ 7.
 (28)- تأويل الآيات 2: 2: 800/ 8.
 (29)- المناقب 2: 155.
 (30)- المناقب 2: 155.
 (31)- تفسير القمّيّ 2: 423.
 (32)- تفسير القمّيّ 2: 423.
 (33)- الإختصاص: 364.

666
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البلد الآيات 1 الى 20 ص 660

وَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «وَ هِيَ عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، أَيْ مُطْبَقَةٌ».
و سيأتي- إن شاء اللّه- الحديث بزيادة في قوله تعالى: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، من سورة الهمزة «1».
11654/ «34»- علي بن إبراهيم، قال: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني، عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريح، عن عطاء عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ على فرائض اللّه عزّ و جلّ: وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ فيما بينهم، و لا يقبل هذا إلّا من مؤمن.
__________________________________________________
 (34)- تفسير القمّيّ 2: 423.
 (1) يأتي في الحديث (4) من تفسير سورة الهمزة.

667
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشمس ص 669

سورة الشمس‏
فضلها
11655/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَكْثَرَ قِرَاءَةَ (وَ الشَّمْسِ) وَ (وَ اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) وَ (وَ الضُّحَى) وَ (أَ لَمْ نَشْرَحْ) فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، لَمْ يَبْقَ شَيْ‏ءٌ بِحَضْرَتِهِ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى شَعْرُهُ وَ بَشَرُهُ وَ لَحْمُهُ وَ دَمُهُ وَ عُرُوقُهُ وَ عَصَبُهُ وَ عِظَامُهُ، وَ كُلُّ مَا أَقَلَّتْهُ الْأَرْضُ مَعَهُ، وَ يَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: قَبِلْتُ شَهَادَتَكُمْ لِعَبْدِي، وَ أَجَزْتُهَا «1» لَهُ، انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى جِنَانِي حَتَّى يَتَخَيَّرَ مِنْهَا حَيْثُ مَا أَحَبَّ، فَأَعْطُوهُ [إِيَّاهَا] مِنْ غَيْرِ مَنٍّ، وَ لَكِنْ رَحْمَةً مِنِّي وَ فَضْلًا عَلَيْهِ، وَ هَنِيئاً لِعَبْدِي».
11656/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ عَلَى مَنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ، وَ مَنْ كَانَ قَلِيلَ التَّوْفِيقِ فَلْيُدْمِنْ قِرَاءَتَهَا، فَيُوَفِّقُهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْنَمَا يَتَوَجَّهُ، وَ فِيهَا زِيَادَةُ حِفْظٍ وَ قَبُولٍ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ وَ رِفْعَةٍ».
11657/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَانَ قَلِيلَ التَّوْفِيقِ فَلْيُدْمِنْ قِرَاءَتَهَا، يُوَفِّقْهُ اللَّهُ أَيْنَمَا تَوَجَّهَ، وَ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ، وَ حِفْظٌ وَ قَبُولٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ».
11658/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَكُونُ قَلِيلَ الرِّزْقِ وَ التَّوْفِيقِ كَثِيرَ الْخُسْرَانِ وَ الْحَسَرَاتِ أَنْ يُدْمِنَ فِي قِرَاءَتِهَا، يُصِيبُ فِيهَا زِيَادَةً وَ تَوْفِيقاً، وَ مَنْ شَرِبَ مَاءَهَا أَسْكَنَ عَنْهُ الرَّجْفَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 123.
 (2)- .........
 (3)- .........
 (4)- خواص القرآن: 14 «مخطوط».
 (1) في «ط»: أخرتها.

669
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشمس الآيات 1 الى 15 ص 670

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها- إلى قوله تعالى- وَ لا يَخافُ عُقْباها [1- 15]
11659/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ جَمَاعَةٍ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، قَالَ: «الشَّمْسُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، بِهِ أَوْضَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلنَّاسِ دِينَهُمْ».
قَالَ: قُلْتُ: وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها؟ قَالَ: «ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، تَلَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ نَفَثَهُ بِالْعِلْمِ نَفْثاً».
قَالَ: قُلْتُ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها؟ قَالَ: «ذَاكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ الَّذِينَ اسْتَبَدُّوا بِالْأَمْرِ دُونَ آلِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ جَلَسُوا مَجْلِساً كَانَ آلُ الرَّسُولِ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ، فَغَشُوا دِينَ اللَّهِ بِالْجَوْرِ وَ الظُّلْمِ، فَحَكَى اللَّهُ فِعْلَهُمْ، فَقَالَ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها».
قَالَ: فَقُلْتُ: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها؟ قَالَ: «ذَاكَ الْإِمَامُ مِنْ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، يَسْأَلُ عَنْ دِينِ رَسُولِ «1» اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيُجَلِّيهِ لِمَنْ يَسْأَلُ، فَحَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلَهُ «2»: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها».
11660/ «2»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، قَالَ: «الشَّمْسُ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَوْضَحَ اللَّهُ بِهِ لِلنَّاسِ دِينَهُمْ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 8: 50/ 12.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 424.
 (1) (رسول) لس في «ج، ي».
 (2) زاد في المصدر: فقال.

670
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشمس الآيات 1 الى 15 ص 670

قُلْتُ: وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها؟ قَالَ: «ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها؟ قَالَ: «ذَاكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ، الَّذِينَ اسْتَبَدُّوا بِالْأَمْرِ دُونَ آلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ جَلَسُوا مَجْلِساً كَانَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ، فَغَشُوا دِينَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ، وَ هُوَ قَوْلُهُ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها». قَالَ: «يَغْشَى ظُلْمُهُمْ ضَوْءَ النَّهَارِ».
قُلْتُ: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها؟ قَالَ: «ذَاكَ الْإِمَامُ مِنْ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، يَسْأَلُ عَنْ دِينِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيُجَلَّى لِمَنْ يَسْأَلُهُ، فَحَكَى اللَّهُ قَوْلَهُ: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها».
11661/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «1»، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «2»، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، قَالَ: «الشَّمْسُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَوْضَحَ لِلنَّاسِ دِينَهُمْ».
قُلْتُ: وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها؟ قَالَ: «ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، تَلَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
قُلْتُ: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها؟ قَالَ: «ذَاكَ الْإِمَامُ مِنْ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ نَسْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيُجَلِّي ظَلَامَ الْجَوْرِ وَ الظُّلْمِ، فَحَكَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها يَعْنِي بِهِ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها؟ قَالَ: «ذَاكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ، الَّذِينَ اسْتَبَدُّوا بِالْأُمُورِ دُونَ آلِ الرَّسُولِ وَ جَلَسُوا مَجْلِساً كَانَ آلُ الرَّسُولِ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ، فَغَشُوا دِينَ اللَّهِ بِالْجَوْرِ وَ الظُّلْمِ، فَحَكَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِعْلَهُمْ فَقَالَ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها».
11662/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاتِبِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَثَلِي فِيكُمْ مَثَلُ الشَّمْسِ، وَ مَثَلُ عَلِيٍّ مَثَلُ الْقَمَرِ، فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ فَاهْتَدُوا بِالْقَمَرِ».
11663/ «5»- و عنه: عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن حماد، بإسناده إلى مجاهد، عن ابن عبّاس، في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، قال: هو النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها، قال: عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها، [قال‏]: الحسن و الحسين (عليهما السلام) وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها بنو أميّة.
ثم‏
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «بَعَثَنِي اللَّهُ نَبِيّاً، فَأَتَيْتُ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقُلْتُ: يَا بَنِي أُمَيَّةَ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، قَالُوا: كَذَبْتَ، مَا أَنْتَ بِرَسُولٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بَنِي هَاشِمٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، فَآمَنَ بِي عَلِيُّ بْنُ‏
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 805/ 3.
 (4)- تأويل الآيات 2: 806/ 5.
 (5)- تأويل الآيات 2: 806/ 6.
 (1) في «ج»: جعفر بن محمّد بن عبد اللّه.
 (2) (عن محمّد بن عبد اللّه) ليس في «ج، ي».

671
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشمس الآيات 1 الى 15 ص 670

أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سِرّاً وَ جَهْراً، وَ حَمَانِي أَبُو طَالِبٍ جَهْراً، وَ آمَنَ بِي سِرّاً، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِلِوَائِهِ، فَرَكَزَهُ فِي بَنِي هَاشِمٍ، وَ بَعَثَ إِبْلِيسُ بِلِوَائِهِ فَرَكَزَهُ فِي بَنِي أُمَيَّةَ، فَلَا يَزَالُونَ أَعْدَاءَنَا، وَ شِيعَتُهُمْ أَعْدَاءُ شِيعَتِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
11664/ «6»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، وَ رَوَاهُ أَيْضاً عَلِيُّ ابْنُ الْحَكَمِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْفَضْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها: «الشَّمْسُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ضُحَاهَا: قِيَامُ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ: وَ أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى «1»، وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها هُوَ قِيَامُ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها حَبْتَرٌ وَ دَوْلَتُهُ، قَدْ غَشَّى عَلَيْهِ الْحَقَّ».
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ السَّماءِ وَ ما بَناها، قَالَ: «هُوَ مُحَمَّدٌ (عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ)، هُوَ السَّمَاءُ الَّذِي يَسْمُو إِلَيْهِ الْخَلْقُ فِي الْعِلْمِ» وَ قَوْلُهُ: وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها، قَالَ: «الْأَرْضُ: الشِّيعَةُ» وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها، قَالَ: «هُوَ الْمُؤْمِنُ الْمَسْتُورُ وَ هُوَ عَلَى الْحَقِّ» وَ قَوْلُهُ: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها، قَالَ: «عَرَفَتِ «2» الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها» قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَتْ نَفْسٌ زَكَّاهَا اللَّهُ وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها اللَّهُ».
وَ قَوْلُهُ: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها، قَالَ: «ثَمُودُ: رَهْطٌ مِنَ الشِّيعَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ «3» وَ هُوَ السَّيْفُ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ [هُوَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]». ناقَةَ اللَّهِ وَ سُقْياها، قَالَ:
 «النَّاقَةُ: الْإِمَامُ الَّذِي فَهِمَ عَنِ اللَّهِ [وَ فَهِمَ عَنْ رَسُولِهِ‏]، وَ سُقْيَاهَا، أَيْ عِنْدَهُ مُسْتَقَى الْعِلْمِ». فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها قَالَ: «فِي الرَّجْعَةِ» وَ لا يَخافُ عُقْباها، قَالَ: «لَا يَخَافُ مِنْ مِثْلِهَا إِذَا رَجَعَ».
11665/ «7»- علي بن إبراهيم: قوله: وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها، قال: خلقها و صورها، و قوله: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها أي عرفها و ألهمها ثمّ خيرها فاختارت.
11666/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّيَّارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها، قَالَ:
 «بَيَّنَ لَهَا مَا تَأْتِي وَ مَا تَتْرُكُ».
__________________________________________________
 (6)- تأويل الآيات 2: 803/ 1.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 424.
 (8)- الكافي 1: 124/ 3.
 (1) طه 20: 59.
 (2) في المصدر: عرفه.
 (3) فصّلت 41: 17.

672
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشمس الآيات 1 الى 15 ص 670

11667/ «9»- علي بن إبراهيم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها يعني نفسه، طهرها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها أي أغواها.
11668/ «10»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، قَالَ: «أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) زَكَّاهُ رَبُّهُ». وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها، قَالَ: «هُوَ الْأَوَّلُ وَ الثَّانِي فِي بَيْعَتِهِمَا إِيَّاهُ «1»».
11669/ «11»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها يَقُولُ: «الطُّغْيَانُ حَمَلَهُ «2» عَلَى التَّكْذِيبِ».
11670/ «12»- و قال عليّ بن إبراهيم، في قوله تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها* إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها، قال:
الذي عقر الناقة، قوله: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها، قال: أخذهم بغتة و غفلة بالليل وَ لا يَخافُ عُقْباها، قال: من بعد هؤلاء الذين أهلكناهم لا تخافوا.
11671/ «13»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَرْدَوَيْهِ فِي (فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ فِي (نُزُولِ الْقُرْآنِ): أَنَّهُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقْرَأُ «إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا «3»».
11672/ «14»- وَ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ وَ الْوَاحِدِيُّ، بِإِسْنَادِهِمَا، عَنْ عَمَّارٍ وَ عَنْ عُثْمَانَ بْنُ صُهَيْبٍ، وَ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَ عَنْ صُهَيْبٍ، وَ عَنْ عَمَّارٍ، وَ عَنِ ابْنِ عَدِيٍّ، وَ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَ رَوَى الْخَطِيبُ فِي (التَّارِيخِ) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَ رَوَى الطَّبَرِيُّ وَ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ عَمَّارٍ، وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا عَلِيُّ، أَشْقَى الْأَوَّلِينَ عَاقِرُ النَّاقَةِ، وَ أَشْقَى الْآخِرِينَ قَاتِلُكَ»
و
فِي رِوَايَةٍ: «مَنْ يَخْضِبُ هَذِهِ مِنْ هَذَا».
11673/ «15»- ابن عبّاس، قال: كان عبد الرحمن بن ملجم من ولد قدار عاقر ناقة صالح، و قصتهما واحدة،
__________________________________________________
 (9)- تفسير القمّيّ 2: 424.
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 424.
 (11)- تفسير القمّيّ 2: 424.
 (12)- تفسير القمّيّ 2: 424.
 (13)- المناقب 3: 309.
 (14)- المناقب 3: 309.
 (15)- المناقب 3: 309.
 (1) زاد في «ط» و المصدر: حيث مسح على كفه.
 (2) في المصدر: حملها.
 (3) زاد في المصدر: و أشار إليه لحيته.

673
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشمس الآيات 1 الى 15 ص 670

لأن قدار عشق امرأة يقال لها رباب، كما عشق ابن ملجم قطام.
11674/ «16»- وَ فِي حَدِيثٍ، قَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هَلْ أَخْبَرَتْكَ أُمُّكَ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِكَ وَ هِيَ طَامِثٌ»؟. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «بَايِعْ» فَبَايَعَ، ثُمَّ قَالَ: «خَلُّوا سَبِيلَهُ» وَ قَدْ سَمِعَهُ، وَ هُوَ يَقُولُ: لَأَضْرِبَنَّ عَلِيّاً بِسَيْفِي هَذَا «1».
11675/ «17»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي الرَّجُلِ يَنْسَى حَرْفاً مِنَ الْقُرْآنِ، فَذَكَرَ وَ هُوَ رَاكِعٌ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ؟ قَالَ: «لَا، وَ لَكِنْ إِذَا سَجَدَ فَلْيَقْرَأْهُ».
وَ قَالَ: «الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها فَيَخْتِمُهَا أَنْ يَقُولَ: صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ، وَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ: اللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ «2» أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ خَيْرٌ، اللَّهُ خَيْرٌ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَ إِذَا قَرَأَ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ «3» يَقُولُ: كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللَّهِ، وَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً «4»، أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ».
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَقُلِ الرَّجُلُ شَيْئاً مِنْ هَذَا، إِذَا قَرَأَ؟ قَالَ: «لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ».
__________________________________________________
 (16)- المناقب 3: 310.
 (17)- التهذيب 2: 297/ 1195.
 (1) (و قد سمعه ... بسيقي هذا) ليس في المصدر.
 (2) النمل 27: 59.
 (3) الأنعام 6: 1.
 (4) الإسراء 17: 111.

674
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الليل ص 675

سورة الليل‏
فضلها
تقدم في سورة الشمس «1»
11676/ «1»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يَرْضَى، وَ أَزَالَ عَنْهُ الْعُسْرَ، وَ يَسَّرَ لَهُ الْيُسْرَ، وَ أَغْنَاهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، لَمْ يَرَ فِي مَنَامِهِ إِلَّا مَا يُحِبُّ مِنَ الْخَيْرِ، وَ لَا يَرَى فِي مَنَامِهِ سُوءاً، وَ مَنْ صَلَّى بِهَا فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ كَأَنَّمَا صَلَّى بِرُبُعِ الْقُرْآنِ، وَ قُبِلَتْ صَلَاتُهُ».
11677/ «2»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مُنَاهُ حَتَّى يَرْضَى، وَ زَالَ عَنْهُ الْعُسْرُ، وَ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ الْيُسْرَ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ النَّوْمِ عِشْرِينَ مَرَّةً، لَمْ يَرَ فِي مَنَامِهِ إِلَّا خَيْراً، وَ لَمْ يَرَ سُوءاً أَبَداً، وَ مَنْ صَلَّى بِهَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، وَ تُقْبَلُ صَلَاتُهُ».
11678/ «3»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، لَمْ يَرَ مَا يَكْرَهُ، وَ نَامَ بِخَيْرٍ، وَ آمَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي أُذُنِ مَغْشِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ مَصْرُوعٍ، أَفَاقَ مِنْ سَاعَتِهِ».
__________________________________________________
 (1)- ......
 (2)- .......
 (3)- خواص القرآن: 14 «نحوه».
 (1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشمس.

675
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الليل الآيات 1 الى 4 ص 676

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏- إلى قوله تعالى- إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [1- 4]
11679/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏، وَ النَّجْمِ إِذا هَوى«1» وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُقْسِمَ مِنْ خَلْقِهِ بِمَا شَاءَ، وَ لَيْسَ لِخَلْقِهِ أَنْ يُقْسِمُوا إِلَّا بِهِ».
11680/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي (الْفَقِيهِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏* وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى«2»، وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُقْسِمَ مِنْ خَلْقِهِ بِمَا شَاءَ، وَ لَيْسَ لِخَلْقِهِ أَنْ يُقْسِمُوا إِلَّا بِهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
11681/ «3»- علي بن إبراهيم: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏، قال: حين يغشى النهار، و هو قسم. وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى إذا أضاء و أشرق وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏، إنّما يعني و الذي خلق الذكر و الأنثي، قسم و جواب القسم إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى، قال: منكم من يسعى في الخير، و منكم من يسعى في الشر.
11682/ «4»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏،
__________________________________________________
 (1)- الكافي 7: 449/ 1.
 (2)- من لا يحضره الفقيه 3: 236/ 1120.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 425.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 425.
 (1) النجم 53: 1.
 (2) النجم 53: 1.

676
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الليل الآيات 1 الى 4 ص 676

قَالَ: «اللَّيْلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الثَّانِي، يَغْشَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي دَوْلَتِهِ الَّتِي جَرَتْ لَهُ عَلَيْهِ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَصْبِرُ فِي دَوْلَتِهِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ».
قَالَ: وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى، قَالَ: «النَّهَارُ هُوَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، إِذَا قَامَ غَلَبَتْ دَوْلَتُهُ دَوْلَةَ الْبَاطِلِ، وَ الْقُرْآنُ ضَرَبَ فِيهِ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ، وَ خَاطَبَ نَبِيَّهُ بِهِ وَ نَحْنُ، فَلَيْسَ يَعْلَمُهُ غَيْرُنَا».
قوله تعالى:
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏- إلى قوله تعالى- إلا ابتغاء وجه ربّه الأعلى* و لسوف يرضى [5- 21]
11683/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏* وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏ قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي دَارِ رَجُلٍ آخَرُ، وَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ: «بِعْنِي نَخْلَتَكَ هَذِهِ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ». فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ. فَقَالَ: «تَبِيعُهَا بِحَدِيقَةٍ فِي الْجَنَّةِ؟» فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ. فَانْصَرَفَ، فَمَضَى إِلَيْهِ أَبُو الدَّحْدَاحِ، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ، وَ أَتَى أَبُو الدَّحْدَاحِ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُذْهَا وَ اجْعَلْ لِي فِي الْجَنَّةِ الْحَدِيقَةَ الَّتِي قُلْتَ لِهَذَا بِهَا فَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَكَ فِي الْجَنَّةِ حَدَائِقُ وَ حَدَائِقُ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ:
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏* وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏ يَعْنِي أَبُو الدَّحْدَاحِ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏* وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى‏* وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏* وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى [يَعْنِي‏] إِذَا مَاتَ إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى‏، قَالَ: عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَ لَهُمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى أَيْ تَلْتَهِبُ عَلَيْهِمْ لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى* الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى يَعْنِي هَذَا الَّذِي بَخِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، قَالَ: أَبُو الدَّحْدَاحِ.
وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى‏* إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى‏، قَالَ: لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَ اللَّهِ يَدٌ عَلَى رَبِّهِ بِمَا فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ، وَ إِنْ جَازَاهُ فَبِفَضْلِهِ يَفْعَلُهُ، وَ هُوَ قَوْلُهُ: إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى‏* وَ لَسَوْفَ يَرْضى‏ أَيْ يَرْضَى عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
11684/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى* لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى*
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 425.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 426.

677
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الليل الآيات 5 الى 21 ص 677

الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى، قَالَ: «فِي جَهَنَّمَ وَادٍ فِيهِ نَارٌ لَا يَصِلُهَا إِلَّا الْأَشْقَى، أَيْ فُلَانٌ الَّذِي كَذَّبَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ تَوَلَّى عَنْ وَلَايَتِهِ». ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «النِّيرَانُ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ، فَمَا كَانَ مِنْ نَارِ هَذَا الْوَادِي فَلِلنُّصَّابِ».
11685/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُضَيْنِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏* وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏، قَالَ: «بِالْوَلَايَةِ» فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏* وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى‏* وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏، قَالَ: «بِالْوَلَايَةِ» فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏.
11686/ «4»- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏، قَالَ: «إِنَّ رَجُلًا [مِنَ الْأَنْصَارِ] كَانَ لِرَجُلٍ فِي حَائِطِهِ نَخْلَةٌ، وَ كَانَ يَضُرُّ بِهِ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَدَعَاهُ، فَقَالَ: أَعْطِنِي نَخْلَتَكَ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ، فَأَبَى، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكَنَّى أَبَا الدَحْدَاحِ، فَجَاءَ إِلَى صَاحِبِ النَّخْلَةِ، فَقَالَ: بِعْنِي نَخْلَتَكَ بِحَائِطِي، فَبَاعَهُ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدِ اشْتَرَيْتُ نَخْلَةَ فُلَانٍ بِحَائِطِي، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فَلَكَ بَدَلَهَا نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏* إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى* فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ يَعْنِي النَّخْلَةَ وَ اتَّقى‏* وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏، هُوَ مَا عِنْدَ «1» رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏ إِلَى قَوْلِهِ: تَرَدَّى».
11687/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى‏؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ».
فَقُلْتُ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنَّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ مُكْتَسَبَةٌ، وَ إِنَّهُمْ إِنْ يَنْظُرُوا مِنْ وَجْهِ النَّظَرِ أَدْرَكُوا؟ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «مَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكْتَسِبُونَ الْخَيْرَ لِأَنْفُسِهِمْ، لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ خَيْراً مِمَّنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ مَوْضِعُهُمْ مَوْضِعُهُمْ، وَ قَرَابَتُهُمْ قَرَابَتُهُمْ، وَ هُمْ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ، أَ فَتَرَى أَنَّهُمْ لَا يَنْظُرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَ قَدْ عَرَفْتُمْ وَ لَمْ يَعْرِفُوا! قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَوِ اسْتَطَاعَ النَّاسُ لَأَحَبُّونَا».
11688/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مِهْرَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏* وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏:
 «بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي بِالْوَاحِدَةِ عَشَرَةً إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ فَمَا زَادَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏ قَالَ: لَا يُرِيدُ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ، إِلَّا
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 426.
 (4)- قرب الإسناد: 156.
 (5)- قرب الإسناد: 156.
 (6)- الكافي 4: 46/ 5.
 (1) في المصدر: بوعد.

678
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الليل الآيات 5 الى 21 ص 677

يَسَّرَهُ اللَّهُ لَهُ وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى‏ [قَالَ: بَخِلَ بِمَا آتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏] وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏ بِأَنَّ [اللَّهَ‏] يُعْطِي بِالْوَاحِدَةِ عَشَرَةً إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ فَمَا زَادَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏ [قَالَ‏]: لَا يُرِيدُ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ إِلَّا يَسَّرَهُ لَهُ وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى، قَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ مَا هُوَ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ، وَ لَا مِنْ جَبَلٍ، وَ لَا مِنْ حَائِطٍ، وَ لَكِنْ تَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ».
11689/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِرَجُلٍ يَغْرِسُ غَرْساً فِي حَائِطٍ لَهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَ لَا أَدُلُّكَ عَلَى غَرْسٍ أَثْبَتَ أَصْلًا، وَ أَسْرَعَ إِينَاعاً، وَ أَطْيَبَ ثَمَراً وَ أَبْقَى؟ قَالَ: بَلَى، فَدُلَّنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: إِذَا أَصْبَحْتَ وَ أَمْسَيْتَ فَقُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَإِنَّ لَكَ إِنْ قُلْتَهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَسْبِيحَ «1» عَشْرِ شَجَرَاتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَاكِهَةِ، وَ هُنَّ [مِنَ‏] الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ. قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي أُشْهِدُكَ- يَا رَسُولَ اللَّهِ- أَنَّ حَائِطِي هَذَا صَدَقَةٌ مَقْبُوضَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏* وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏».
11690/ «8»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: فِي مَعْنَى السُّورَةِ، قَالَ: جَاءَ مَرْفُوعاً، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏ «2»، قَالَ: «دَوْلَةُ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ هُوَ يَوْمُ قِيَامِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى «3»، وَ هُوَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَا قَامَ، وَ قَوْلُهُ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏ أَعْطَى نَفْسَهُ الْحَقَّ، وَ اتَّقَى الْبَاطِلَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏، أَيِ الْجَنَّةَ وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى‏ يَعْنِي بِنَفْسِهِ عَنِ الْحَقِّ، وَ اسْتَغْنَى بِالْبَاطِلِ عَنِ الْحَقِّ وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏ بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنْ بَعْدِهِ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏، يَعْنِي النَّارَ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى‏ يَعْنِي أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هُوَ الْهُدَى وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ «4» وَ الْأُولى‏* فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى قَالَ: [هُوَ] الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَا قَامَ بِالْغَضَبِ «5»، فَيَقْتُلُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَ تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى قَالَ: هُوَ عَدُوُّ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى قَالَ: ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتُهُ».
11691/ «9»- وَ رَوَى بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ،
__________________________________________________
 (7)- الكافي 2: 367/ 4.
 (8)- تأويل الآيات 2: 807/ 1.
 (9)- تأويل الآيات 2: 808/ 2.
 (1) في المصدر: بكل تسبيحة.
 (2) الليل 92: 1.
 (3) الليل 92: 2.
 (4) في المصدر: و ان له الآخرة.
 (5) في «ط، ي»: للغضب.

679
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الليل الآيات 5 الى 21 ص 677

قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَ النَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى، اللَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثَى، وَ لِعَلِيٍّ الْآخِرَةُ وَ الْأُولَى».
11692/ «10»- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ: عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ فَيْضِ بْنِ مُخْتَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَرَأَ: «إِنَّ عَلِيّاً لَلْهُدَى، وَ إِنَّ لَهُ الْآخِرَةَ وَ الْأُولَى» وَ ذَلِكَ حَيْثُ سُئِلَ عَنِ الْقُرْآنِ، قَالَ: «فِيهِ الْأَعَاجِيبَ، فِيهِ: وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ بِعَلِيٍّ، وَ فِيهِ: إِنَّ عَلِيّاً لَلْهُدَى، وَ إِنَّ لَهُ الْآخِرَةَ وَ الْأُولَى».
11693/ «11»- وَ رَوَى مَرْفُوعاً بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ بَكْرٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ: قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَ النَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى، اللَّهُ خَالِقُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى، وَ لِعَلِيٍّ الْآخِرَةُ وَ الْأُولَى».
11694/ «12»- وَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَيْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ «1»، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ هَكَذَا وَ اللَّهُ: [اللَّهُ‏] خَالِقُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى، وَ لِعَلِيٍّ الْآخِرَةُ وَ الْأُولَى».
11695/ «13»- قَالَ شَرَفُ الدِّينِ: وَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ: «سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ، وَ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ، لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ».
11696/ «14»- وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَيْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ الْخُمُسَ، وَ اتَّقى‏، وَلَايَةَ الطَّوَاغِيتِ وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏ بِالْوَلَايَةِ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏ فَلَا يُرِيدُ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا يُسِّرَ لَهُ وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ بِالْخُمُسِ وَ اسْتَغْنى‏ بِرَأْيِهِ عَنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏ بِالْوَلَايَةِ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏ فَلَا يُرِيدُ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ إِلَّا تَيَسَّرَ لَهُ».
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى قَالَ: «رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَنْ تَبِعَهُ»، وَ الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى قَالَ: «ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «2»». وَ قَوْلُهُ: ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى‏: «فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الَّذِي لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى، وَ نِعْمَتُهُ جَارِيَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)».
__________________________________________________
 (10)- تأويل الآيات 2: 808/ 3.
 (11)- تأويل الآيات 2: 808/ 4.
 (12)- تأويل الآيات 2: 808/ 5.
 (13)- تأويل الآيات 2: 809/ 6.
 (14)- تأويل الآيات 2: 809/ 7.
 (1) «عن أبي بصير» ليس في «ج».
 (2) المائدة 5: 55.

680
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الضحى ص 681

سورة الضحى‏
فضلها
تقدم في فضل (و الشمس) «1».
11697/ «1»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ كَتَبَ لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ كُلِّ سَائِلٍ وَ يَتِيمٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ إِنْ كَتَبَهَا عَلَى اسْمِ غَائِبٍ ضَالٍّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ سَالِماً، وَ مَنْ نَسِيَ فِي مَوْضِعٍ شَيْئاً ثُمَّ ذَكَرَهُ وَ قَرَأَهَا، حَفِظَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ يَأْخُذَهُ».
11698/ «2»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا عَلَى اسْمِ صَاحِبٍ لَهُ، رَجَعَ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ سَرِيعاً سَالِماً».
11699/ «3»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ أَكْثَرَ قِرَاءَةَ (وَ الشَّمْسِ)، (وَ اللَّيْلِ)، (وَ الضُّحَى) وَ (أَ لَمْ نَشْرَحْ) فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، لَمْ يَبْقَ شَيْ‏ءٌ بِحَضْرَتِهِ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى شَعْرُهُ وَ بَشَرُهُ وَ لَحْمُهُ وَ دَمُهُ وَ عُرُوقُهُ وَ عَصَبُهُ وَ عِظَامُهُ».
__________________________________________________
 (1)- .....
 (2)- .......
 (3)- .......
 (1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشمس.

681
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الضحى الآيات 1 الى 5 ص 682

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الضُّحى‏- إلى قوله تعالى- وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏ [1- 5] 11700/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الضُّحى‏ قال: [الضحى‏] إذا ارتفعت الشمس وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى‏، قال: إذا أظلم، قوله: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‏، قال: لم يبغضك، فقال يصف تفضله عليه:
وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى‏* وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏.
11701/ «2»- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى‏، قَالَ: «يَعْنِي الْكَرَّةَ هِيَ الْآخِرَةُ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)». [قُلْتُ‏] قَوْلُهُ: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏، [قَالَ‏]: «يُعْطِيكَ مِنَ الْجَنَّةِ حَتَّى تَرْضَى «1»».
11702/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «2»، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: عُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا هُوَ مَفْتُوحٌ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ كَفْراً كَفْراً، فَسُرَّ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى‏* وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏، قَالَ: فَأَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَلْفَ قَصْرٍ فِي الْجَنَّةِ، تُرَابُهُ الْمِسْكُ، وَ فِي كُلِّ قَصْرٍ مَا يَنْبَغِي لَهُ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَ الْخَدَمِ، وَ قَوْلُهُ: كَفْراً كَفْراً، أَيْ قَرْيَةً قَرْيَةً، وَ الْقَرْيَةُ تُسَمَّى كَفْراً.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 427.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 427.
 (3)- تأويل الآيات 2: 810/ 1.
 (1) في المصدر: الجنّة فترضى.
 (2) في النسخ: إسماعيل بن عبد اللّه، و ما أثبتناه هو الصحيح لروايته عن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس، راجع تهذيب الكمال 21: 36.

682
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الضحى الآيات 1 الى 5 ص 682

11703/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَ هِيَ تَطْحَنُ بِالرَّحَى، وَ عَلَيْهَا كِسَاءٌ مِنْ أَجِلَّةِ الْإِبِلِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا بَكَى، وَ قَالَ لَهَا: «يَا فَاطِمَةُ تَعَجَّلِي مَرَارَةَ الدُّنْيَا لِنَعِيمِ الْآخِرَةِ غَداً» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى‏* وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏.
11704/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ، عَنْ عِيسَى بْنِ مِهْرَانَ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏، قَالَ: إِنَّ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِدْخَالُ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ شِيعَتِهِمْ الْجَنَّةَ، وَ كَيْفَ لَا وَ إِنَّمَا خُلِقَتِ الْجَنَّةُ لَهُمْ، وَ النَّارُ لِأَعْدَائِهِمْ، فَعَلَى أَعْدَائِهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ.
11705/ «6»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‏: «وَ ذَلِكَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَبْطَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَنَّهُ كَانَتْ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ «1» ثُمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: لَعَلَّ رَبَّكَ قَدْ تَرَكَكَ، فَلَا يُرْسِلُ إِلَيْكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:
ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‏».
11706/ «7»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: الْفَقِيهِ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ الشَّافِعِيُّ، فِي كِتَابِ (الْفَضَائِلِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ إِجَازَةً، أَنَّ أَبَا أَحْمَدَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ أَخْبَرَهُمْ، [قَالَ‏]: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً «2»، قَالَ: الْمَوَدَّةُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏، قَالَ: رِضَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يُدْخِلَ أَهْلَ بَيْتِهِ الْجَنَّةَ.
11707/ «8»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: (تَفْسِيرُ الثَّعْلَبِيِّ)، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ (تَفْسِيرُ الْقُشَيْرِيِّ)، عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَاطِمَةَ وَ عَلَيْهَا كِسَاءٌ مِنْ أَجِلَّةِ الْإِبِلِ، وَ هِيَ تَطْحَنُ بِيَدَيْهَا، وَ تُرْضِعُ وَلَدَهَا، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: «يَا بِنْتَاهْ، تَعَجَّلِي مَرَارَةَ الدُّنْيَا بِحَلَاوَةِ الْآخِرَةِ» فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ‏
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 2: 810/ 2.
 (5)- تأويل الآيات 2: 811/ 3.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 428.
 (7)- مناقب ابن المغازلي: 316/ 360.
 (8)- ... مناقب ابن شهر آشوب 3: 342.
 (1) العلق 96: 1.
 (2) الشورى 42: 23.

683
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الضحى الآيات 1 الى 5 ص 682

اللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَعْمَائِهِ، وَ الشُّكْرُ لِلَّهِ عَلَى آلَائِهِ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏.
11708/ «9»- وَ مَنْ طَرِيقِهِمْ أَيْضاً: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏، قَالَ: رِضَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يُدْخِلَ [اللَّهُ‏] أَهْلَ بَيْتِهِ الْجَنَّةَ.
قوله تعالى:
أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى‏- إلى قوله تعالى- وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [6- 11]
11709/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى‏:
 «إِلَيْكَ النَّاسَ وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى‏ أَيْ هَدَى إِلَيْكَ قَوْماً لَا يَعْرِفُونَكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى‏ أَيْ وَجَدَكَ تَعُولُ أَقْوَاماً فَأَغْنَاهُمْ بِعِلْمِكَ».
11710/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى‏ [قَالَ:
إِنَّمَا سُمِّيَ يَتِيماً لِأَنَّهُ‏] لَمْ يَكُنْ لَكَ نَظِيرٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ [لَا مِنْ‏] الْآخِرِينَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُمْتَنّاً عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ «1» أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً أَيْ وَحِيداً لَا نَظِيرَ لَكَ فَآوى‏ إِلَيْكَ النَّاسَ وَ عَرَّفَهُمْ فَضْلَكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَ وَجَدَكَ ضَالًّا يَقُولُ: مَنْسُوباً عِنْدَ قَوْمِكَ إِلَى الضَّلَالَةِ فَهَدَاهُمُ اللَّهُ بِمَعْرِفَتِكَ «2» وَ وَجَدَكَ عائِلًا يَقُولُ:
فَقِيراً عِنْدَ قَوْمِكَ، يَقُولُونَ: لَا مَالَ لَكَ، فَأَغْنَاكَ اللَّهُ بِمَالِ خَدِيجَةَ، ثُمَّ زَادَكَ مِنْ فَضْلِهِ، فَجَعَلَ دُعَاءَكَ مُسْتَجَاباً حَتَّى لَوْ دَعَوْتَ عَلَى حَجَرٍ أَنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ لَكَ ذَهَباً، لَنَقَلَ عَيْنَهُ إِلَى مُرَادِكَ، فَأَتَاكَ بِالطَّعَامِ حَيْثُ لَا طَعَامَ، وَ أَتَاكَ بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا مَاءَ، وَ أَعَانَكَ «3» بِالْمَلَائِكَةِ حَيْثُ لَا مُغِيثَ، فَأَظْفَرَكَ بِهِمْ عَلَى أَعْدَائِكَ.
__________________________________________________
 (9)- ... ينابيع المودة: 46.
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 427.
 (2)- معاني الأخبار: 52/ 4.
 (1) في المصدر: بنعمته.
 (2) في المصدر: فهداهم لمعرفتك.
 (3) في المصدر: و أغاثك.

684
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الضحى الآيات 6 الى 11 ص 684

11711/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ- فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الْآيَاتِ الَّتِي سَأَلَ الْمَأْمُونُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ- قَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى‏ يَقُولُ: أَ لَمْ يَجِدْكَ وَحِيداً فَآوَى إِلَيْكَ النَّاسَ وَ وَجَدَكَ ضَالًّا يَعْنِي عِنْدَ قَوْمِكَ فَهَدى‏ أَيْ هَدَاهُمْ إِلَى مَعْرِفَتِكَ وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى‏ يَقُولُ: أَغْنَاكَ بِأَنْ جَعَلَ دُعَاءَكَ مُسْتَجَاباً». فَقَالَ الْمَأْمُونُ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ.
11712/ «4»- علي بن إبراهيم أيضا: ثم قال: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى‏ قال: اليتيم: الذي لا مثل له، و لذلك سميت الدرة اليتيمة لأنّه لا مثل لها وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى‏ بالوحي، فلا تسأل عن شي‏ء إلّا نبئته «1» وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى‏، قال: وجدك ضالا في قوم لا يعرفون فضل نبوتك، فهداهم اللّه بك.
قوله: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ أي لا تظلم، و المخاطبة للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) و المعنى للناس، قوله: وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ أي لا ترد «2»، قوله: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ، قال: بما أنزل اللّه عليك و أمرك به من الصلاة و الزكاة و الصوم و الحجّ و الولاية، و ما فضلك اللّه به فحدث.
11713/ «5»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ فَضْلٍ الْبَقْبَاقِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ، قَالَ: «الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكَ بِمَا فَضَّلَكَ وَ أَعْطَاكَ وَ أَحْسَنَ إِلَيْكَ» ثُمَّ قَالَ: «فَحَدِّثْ بِدِينِهِ وَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ وَ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ».
11714/ «6»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ: عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَطُوفَانِ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ؟ قَالَ: أَمَرَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
ثُمَّ إِنِّي قُلْتُ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ قَالَ: «أَمَرَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ دِينِهِ».
__________________________________________________
 (3)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 199/ 1.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 427.
 (5)- الكافي 2: 77/ 5.
 (6)- المحاسن: 218/ 115.
 (1) في المصدر: شي‏ء أحدا.
 (2) في المصدر: و «ط» نسخة بدل: أي لا تطرد.

685
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الانشراح ص 687

سورة الانشراح‏
فضلها
تقدم في فضل (و الشمس و ضحاها) «1»
11715/ «1»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ الْيَقِينَ وَ الْعَافِيَةَ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى أَلَمٍ فِي الصَّدْرِ، وَ كَتَبَهَا لَهُ، شَفَاهُ اللَّهُ».
11716/ «2»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا فِي إِنَاءٍ وَ شَرِبَهَا، وَ كَانَ حَصِرَ الْبَوْلِ، شَفَاهُ اللَّهُ وَ سَهَّلَ اللَّهُ إِخْرَاجَهُ».
11717/ «3»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الصَّدْرِ تَنْفَعُ مِنْ ضَرِّهِ، وَ عَلَى الْفُؤَادِ تُسْكِنُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَ مَاؤُهَا يَنْفَعُ لِمَنْ بِهِ الْبَرْدُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- .......
 (2)- .........
 (3)- .........
 (1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشمس.

687
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشرح الآيات 1 الى 8 ص 688

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ* وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ* فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَ إِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ [1- 8]
11718/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلٍ، وَ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، قَالَ: فَقَالَ: «بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11719/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَالَ: «قَالَ [اللَّهُ‏] سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى:
أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ بِعَلِيٍّ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ... فَإِذا فَرَغْتَ مِنْ نُبُوَّتِكَ فَانْصَبْ عَلِيّاً [وَصِيّاً] وَ إِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ فِي ذَلِكَ».
11720/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ تَعَالَى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ؟ قَالَ: «بِعَلِيٍّ، فَاجْعَلْهُ وَصِيّاً».
قُلْتُ: وَ قَوْلُهُ: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ، ثُمَّ أَمَرَهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَنْ يَنْصِبَ عَلِيّاً وَصِيَّهُ».
__________________________________________________
 (1)- بصائر الدرجات: 92/ 3.
 (2)- تأويل الآيات 2: 811/ 1.
 (3)- تأويل الآيات 2: 812/ 3.

688
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشرح الآيات 1 الى 8 ص 688

11721/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَاجّاً، فَنَزَلَتْ فَإِذا فَرَغْتَ مِنْ حِجَّتِكَ فَانْصَبْ عَلِيّاً لِلنَّاسِ».
11722/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ عَلِيّاً بِالْوَلَايَةِ».
11723/ «6»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَ غَيْرِهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ، وَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الدَّيْلَمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- قَالَ: «فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَ إِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ يَقُولُ: إِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ عَلَمَكَ وَ أَعْلِنْ وَصِيَّكَ، فَأَعْلِمْهُمْ فَضْلَهُ عَلَانِيَةً، فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
11724/ «7»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ:
 «أَ لَمْ نُعْلِمْكَ مَنْ وَصِيُّكَ؟ فَجَعَلْنَاهُ نَاصِرَكَ وَ مُذِلَّ عَدُوِّكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَ أَخْرَجَ مِنْهُ سُلَالَةَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُهْتَدَى بِهِمْ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فَلَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِي فَإِذا فَرَغْتَ مِنْ دِينِكَ «1» فَانْصَبْ عَلِيّاً لِلْوَلَايَةِ تَهْتَدِي بِهِ الْفِرْقَةُ».
11725/ «8»- وَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ يَا مُحَمَّدُ، أَ لَمْ نَجْعَلْ عَلِيّاً وَصِيَّكَ؟ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ ثِقْلَ مُقَاتَلَةِ الْكُفَّارِ وَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ رَفَعْنا لَكَ [بِذَلِكَ‏] ذِكْرَكَ أَيْ رَفَعْنَا مَعَ ذِكْرِكَ يَا مُحَمَّدُ لَهُ رُتْبَةً».
11726/ «9»- وَ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) قَرَأَ فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ قَالَ: «فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ إِكْمَالِ الشَّرِيعَةِ فَانْصَبْ عَلِيّاً لَهُمْ إِمَاماً».
11727/ «10»- الْبُرْسِيُّ: بِالْإِسْنَادِ، يَرْفَعُهُ إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اعْضُدْنِي، وَ اشْدُدْ أَزْرِي، وَ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَ ارْفَعْ‏
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 812/ 4.
 (5)- تأويل الآيات 2: 812/ 5.
 (6)- الكافي 1: 233/ 3.
 (7)- المناقب 3: 23.
 (8)- المناقب 3: 23.
 (9)- المناقب 3: 23.
 (10)- .... الفضائل لابن شاذان: 151، البحار 36: 116/ 63.
 (1) في المصدر: من دنياك.

689
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الشرح الآيات 1 الى 8 ص 688

ذِكْرِي» فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ يَا مُحَمَّدُ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ* وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ بِعَلِيٍّ صِهْرِكَ. قَالَ: فَقَرَأَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). وَ أَثْبَتَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ، وَ انْتَقَصَهَا «1» عُثْمَانُ.
11728/ «11»- ابن شهر آشوب: عن تفسير عطاء الخراسانيّ: قال ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي قوى ظهرك بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).
11729/ «12»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْنُ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: فَإِذا فَرَغْتَ: «مِنْ نُبُوَّتِكَ «2» فَانْصَبْ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ إِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ فِي ذَلِكَ».
11730/ «13»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ قال: بعلي، فجعلناه وصيك، قال: حين فتحت مكّة، و دخلت قريش في الإسلام، شرح اللّه صدره و يسره، وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ قال: ثقل الحرب «3» الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي أثقل ظهرك وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، قال: تذكر إذا ذكرت، و هو قول الناس:
أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أن محمّدا رسول اللّه.
ثمّ قال: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، قال: ما كنت فيه من العسر أتاك اليسر، فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ قال: إذا فرغت من حجة الوداع فانصب أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ إِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ.
11731/ «14»- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ: عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَراً [يَقُولُ: «كَانَ أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)] يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَ إِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ: فَإِذَا قَضَيْتَ الصَّلَاةَ قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ وَ أَنْتَ جَالِسٌ، فَانْصَبْ فِي الدُّعَاءِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الدُّعَاءِ فَارْغَبْ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى [أَنْ يَتَقَبَّلَهَا مِنْكَ‏]».
11732/ «15»- الطَّبْرِسِيُّ: مَعْنَاهُ: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَانْصَبْ إِلَى رَبِّكَ فِي الدُّعَاءِ، وَ ارْغَبْ إِلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ يُعْطِيكَ. قَالَ: وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ).
__________________________________________________
 (11)- المناقب 2: 67.
 (12)- تفسير القمّيّ 2: 429.
 (13)- تفسير القمّيّ 2: 428.
 (14)-- قرب الإسناد: 5.
 (15)- مجمع البيان 10: 772.
 (1) في «ج»: و أسقطها.
 (2) في «ج، ي»: بنبوّتك.
 (3) في المصدر: بعليّ الحرب.

690
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التين ص 691

سورة التين‏
فضلها
11733/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ (وَ التِّينِ) فِي فَرَائِضِهِ وَ نَوَافِلِهِ أُعْطِيَ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ يَرْضَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
11734/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَا لَا يُحْصَى، وَ كَأَنَّمَا تَلَقَّى مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ مُغْتَمٌّ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ، وَ إِذَا قُرِئَتْ عَلَى مَا يَحْضُرُ مِنَ الطَّعَامِ، صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ بَأْسَ ذَلِكَ الطَّعَامِ، وَ لَوْ كَانَ فِيهِ سَمّاً قَاتِلًا، وَ كَانَ فِيهِ الشِّفَاءُ».
11735/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى مَأْكُولٍ، رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَّ ذَلِكَ الْمَأْكُولِ، وَ لَوْ كَانَ سَمّاً، وَ صَيَّرَ فِيهِ الشِّفَاءَ».
11736/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا كُتِبَتْ وَ قُرِئَتْ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنَ الطَّعَامِ، صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَضُرُّهُ، وَ كَانَ فِيهِ الشِّفَاءُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 123.
 (2)- ....
 (3)- خواص القرآن: 33 «مخطوط».
 (4)- خواص القرآن: 14 «مخطوط»

691
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التين الآيات 1 الى 8 ص 692

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ* وَ طُورِ سِينِينَ* وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ* لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ* ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ* فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ* أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ [1- 8]
11737/ «1»- ابْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اخْتَارَ مِنَ الْبُلْدَانِ أَرْبَعَةً، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ* وَ طُورِ سِينِينَ* وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ التِّينُ: الْمَدِينَةُ، وَ الزَّيْتُونُ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَ طُورُ سِينِينَ: الْكُوفَةُ، وَ هَذَا الْبَلَدُ الْأَمِينُ: مَكَّةُ».
11738/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَمُّونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ، عَنِ الْبَطَلِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ التِّينُ: الْحَسَنُ، وَ الزَّيْتُونُ: الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)».
11739/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ‏
__________________________________________________
 (1)- معاني الأخبار: 364/ 1.
 (2)- تأويل الآيات 2: 813/ 1.
 (3)- تأويل الآيات 2: 813/ 2.

692
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التين الآيات 1 الى 8 ص 692

بَدْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ* وَ طُورِ سِينِينَ، قَالَ: «التِّينُ وَ الزَّيْتُونُ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ طُورُ سِينِينَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: قَوْلُهُ: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ؟ قَالَ: «الدِّينُ: وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11740/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ «1»، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، فَقَالَ: «التِّينُ وَ الزَّيْتُونُ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ».
قُلْتُ: وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ؟ قَالَ: «هُوَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَمِنَ النَّاسُ بِهِ مِنَ النَّارِ إِذَا أَطَاعُوهُ».
قُلْتُ: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ؟ قَالَ: «ذَاكَ أَبُو فَصِيلٍ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالنُّبُوَّةِ، وَ لِأَوْصِيَائِهِ بِالْوَلَايَةِ، فَأَقَرَّ وَ قَالَ: نَعَمْ، أَ لَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ يَعْنِي الدَّرْكَ الْأَسْفَلَ حِينَ نَكَصَ وَ فَعَلَ بِآلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا فَعَلَ؟».
قَالَ: قُلْتُ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ؟ قَالَ: «هُوَ وَ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ شِيعَتُهُ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ».
قَالَ: قُلْتُ: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ؟ قَالَ: «مَهْلًا مَهْلًا، لَا تَقُلْ هَكَذَا، [هَذَا] هُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ، لَا وَ اللَّهِ مَا كَذَّبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ» قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ هِيَ؟ قَالَ: «فَمَنْ يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدَّيْنِ، وَ الدِّينُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ».
11741/ «5»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي (تَفْسِيرِهِ): عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ* وَ طُورِ سِينِينَ، قَالَ: «التِّينُ وَ الزَّيْتُونُ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ طُورُ سِينِينَ: عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)». وَ قَوْلُهُ: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ، قَالَ: « [الدِّينُ‏] أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11742/ «6»- ابن شهر آشوب: عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة و ابن عبّاس، في قوله تعالى: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ يقول: يا محمد، لا يكذبك عليّ بن أبي طالب بعد ما آمن بالحساب.
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 2: 814/ 4.
 (5)- تأويل الآيات 2: 813/ 3.
 (6)- المناقب 2: 118.
 (1) في النسخ: إبراهيم بن محمّد بن سعد.

693
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التين الآيات 1 الى 8 ص 692

11743/ «7»- وَ عَنِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قَالَ: «ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ شِيعَتُهُ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ».
11744/ «8»- (كتاب أحمد بن عبد اللّه المؤدّب): عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، و ابن عبّاس، و في تفسير ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ‏
وَ قَدْ دَخَلَتِ الرِّوَايَاتُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ فَزِعاً، فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا أُمَّ هَانِئٍ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَضَ عَلَيَّ فِي الْمَنَامِ الْقِيَامَةَ وَ أَهْوَالَهَا، وَ الْجَنَّةَ وَ نَعِيمَهَا، وَ النَّارَ وَ مَا فِيهَا وَ عَذَابَهَا، فَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَإِذَا أَنَا بِمُعَاوِيَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَائِمَيْنِ فِي حَرِّ جَهَنَّمَ، يَرْضَخُ رَأْسَيْهِمَا الزَّبَانِيَةُ بِحِجَارَةٍ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ، يَقُولُونَ لَهُمَا هَلَّا آمَنْتُمَا بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)؟»
قال ابن عبّاس:
فيخرج علي (عليه السلام) من حجاب العظمة ضاحكا مستبشرا، و ينادي: حكم لي ربي و ربّ الكعبة، فذلك قوله تعالى: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ فينبعث الخبيث إلى النار، و يقوم علي في الموقف يشفع في أصحابه و أهل بيته و شيعته.
11745/ «9»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: قوله: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ* وَ طُورِ سِينِينَ* وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ التين: المدينة، و الزيتون: بيت المقدس، و طور سينين: الكوفة، و هذا البلد الأمين: مكّة.
11746/ «10»- علي بن إبراهيم أيضا: قوله: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ* وَ طُورِ سِينِينَ* وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ، قال: التين: رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و الزيتون: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و طور سينين: الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و البلد الأمين: الأئمة (عليهم السلام) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ قال: نزلت في الأول ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قال: ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي لا يمن عليهم به ثمّ قال لنبيه (صلّى اللّه عليه و آله): فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ، قال: ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ.
__________________________________________________
 (7)- المناقب 2: 122.
 (8)- ....
 (9)- الخصال: 255/ 58.
 (10)- تفسير القمّيّ 2: 429.

694
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العلق ص 695

سورة العلق‏
فضلها
11747/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «مَنْ قَرَأَ فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثُمَّ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ، مَاتَ شَهِيداً، وَ بَعَثَهُ اللَّهُ شَهِيداً، وَ أَحْيَاهُ شَهِيداً، وَ كَانَ كَمَنْ ضَرَبَ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11748/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَمَثَلِ ثَوَابِ مَنْ قَرَأَ جُزْءَ الْمُفَصَّلِ «1»، وَ كَأَجْرِ مَنْ شَهَرَ سَيْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ رَاكِبُ الْبَحْرِ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْغَرَقِ».
11749/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى بَابِ مَخْزَنٍ، سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَ سَارِقٍ إِلَى أَنْ يُخْرِجَ مَا فِيهِ مَالِكُهُ».
11750/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ فِي سَفَرِهِ كُفِيَ شَرَّهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَ هُوَ رَاكِبُ الْبَحْرِ سَلِمَ مِنَ أَلَمِهِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 124.
 (2)- .....
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن: 14 «نحوه».
 (1) قيل: إنّما سمّي به لكثرة ما يقع فيه من فصول التسمية بين السور، و قيل: لقصر سوره، و اختلف، و اختلف في أوّله، فقيل: من سورة محمّد (صلّى اللّه عليه و آله)، و قيل: من سورة ق، و قيل: من سورة الفتح. «مجمع البحرين 5: 441».

695
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العلق الآيات 1 الى 19 ص 696

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ- إلى قوله تعالى- كَلَّا لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ [1- 19]
11751/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ:
«نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اقْرَأْ، قَالَ: وَ مَا أَقْرَأُ؟ قَالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ يَعْنِي خَلَقَ نُورَكَ الْأَقْدَمَ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ يَعْنِي خَلَقَكَ مِنْ نُطْفَةٍ، وَ شَقَّ مِنْكَ عَلِيّاً، اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ يَعْنِي عَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَّمَ الْإِنْسانَ عَلَّمَ عَلِيّاً مِنَ الْكِتَابَةِ لَكَ ما لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ ذَلِكَ».
11752/ «2»- عمر بن إبراهيم الأوسي: قال ابن عبّاس: إن أول ما ابتدئ به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، و كان لا يرى رؤيا إلّا جاءت كفلق الصبح؛ و لما تزوج بخديجة (رضي اللّه عنها)، و كمل له من العمر أربعون سنة، قال: فخرج ذات يوم إلى جبل حراء، فهتف به جبرئيل و لم يبد له، فغشي عليه، فحملوه مشركو قريش إليها، و قالوا: يا خديجة، تزوجت بمجنون! فوثبت خديجة من السرير، و ضمته إلى صدرها، و وضعت رأسه في حجرها، و قبلت بين عينيه، و قالت: تزوجت نبيّا مرسلا. فلما أفاق قالت: بأبي و أمي يا رسول اللّه، ما الذي أصابك؟
قَالَ: «مَا أَصَابَنِي غَيْرُ الْخَيْرِ، وَ لَكِنِّي سَمِعْتُ صَوْتاً أَفْزَعَنِي، وَ أَظُنُّهُ جَبْرَئِيلَ» فَاسْتَبْشَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ: إِذَا كَانَ غَدَاةُ غَدٍ فَارْجِعْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي رَأَيْتَهُ، فِيهِ بِالْأَمْسِ، قَالَ: «نَعَمْ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 430.
 (2)- .....

696
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العلق الآيات 1 الى 19 ص 696

فخرج (صلّى اللّه عليه و آله)، و إذا هو بجبرئيل في أحسن صورة و أطيب رائحة، فقال: يا محمد، ربك يقرئك السلام و يخصك بالتحية و الإكرام، و يقول لك: أنت رسولي إلى الثقلين، فادعهم إلى عبادتي، و أن يقولوا: لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، عليٌّ وَلِيُّ اللّهِ، فضرب بجناحه الأرض، فنبعت عين ماء فشرب (صلّى اللّه عليه و آله) منها، و توضأ، و علَّمه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ إلى آخرها، و عرج جبرئيل إلى السماء، و خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من حراء فما مر بحجر و لا مدر و لا شجر إلّا و ناداه، السلام عليك يا رسول اللّه، فأتى خديجة و هي بانتظاره، و أخبرها بذلك، ففرحت به و بسلامته و بقائه.
قلت: تقدم باب في مقدّمة الكتاب في أول ما نزل من القرآن «1».
11753/ «3»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة، قوله: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، قال: اقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ، قال: من دم اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ يعني علم الإنسان الكتابة التي تتم بها أمور الدنيا في مشارق الأرض و مغاربها.
ثمّ قال: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‏* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى‏ قال: إن الإنسان إذا استغنى يكفر و يطغى و ينكر إِنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الرُّجْعى‏.
قوله: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى‏* عَبْداً إِذا صَلَّى، قال: كان الوليد بن المغيرة ينهى الناس عن الصلاة، و أن يطاع اللّه و رسوله، فقال اللّه: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى‏* عَبْداً إِذا صَلَّى.
قول اللّه عزّ و جلّ: أَ رَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى* أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى‏* كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ أي لنأخذنه بالناصية، فنلقيه في النار.
قوله: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ قال: لما مات أبو طالب، نادى أبو جهل و الوليد عليهما لعائن اللّه: هلموا فاقتلوا محمّدا، فقد مات الذي كان ينصره، فقال اللّه: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ، قال: كما دعا إلى قتل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، نحن أيضا ندعو الزبانية.
ثمّ قال: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ أي لا يطيعون لما دعاهم إليه، لأن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أجاره مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف و لم يجسر عليه أحد.
11754/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ سَاجِدٌ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ».
11755/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي‏
__________________________________________________
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 430.
 (4)- الكافي 3: 264/ 3.
 (5)- الكافي 8: 148/ 129.
 (1) تقدّم في باب (15) في أوّل سورة نزلت و آخر سورة.

697
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العلق الآيات 1 الى 19 ص 696

عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً إِلَّا وَ قَدْ أَمَّرَ عَلَيْهِ [آخَرَ] يَغْلِبُهُ فِيهِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْبِحَارَ السُّفْلَى فَخَرَتْ وَ زَخَرَتْ «1»، وَ قَالَتْ: أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي؟ فَخَلَقَ الْأَرْضَ فَسَطَحَهَا عَلَى ظَهْرِهَا [فَذَلَّتْ‏]، ثُمَّ إِنَّ الْأَرْضَ فَخَرَتْ، وَ قَالَتْ: أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي؟ فَخَلَقَ الْجِبَالَ وَ أَثْبَتَهَا عَلَى ظَهْرِهَا أَوْتَاداً مِنْ أَنْ تَمِيدَ بِمَا عَلَيْهَا، فَذَلَّتِ الْأَرْضُ وَ اسْتَقَرَّتْ، ثُمَّ إِنَّ الْجِبَالَ فَخَرَتْ عَلَى الْأَرْضِ، فَشَمَخَتْ وَ اسْتَطَالَتْ، وَ قَالَتْ: أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي؟ فَخَلَقَ اللَّهُ الْحَدِيدَ وَ قَطَعَهَا، فَقَرَّتِ الْجِبَالُ وَ ذَلَّتْ، ثُمَّ إِنَّ الْحَدِيدَ فَخَرَ عَلَى الْجِبَالِ، وَ قَالَ:
أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي؟ فَخَلَقَ اللَّهُ النَّارَ فَأَذَابَتِ الْحَدِيدَ [فَذَلَّ الْحَدِيدُ]، ثُمَّ إِنَّ النَّارَ زَفَرَتْ وَ شَهَقَتْ [وَ فَخَرَتْ‏] وَ قَالَتْ: أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي؟ فَخَلَقَ الْمَاءَ فَأَطْفَأَهَا فَذَلَّتْ، ثُمَّ إِنَّ الْمَاءَ فَخَرَ وَ زَخَرَ، وَ قَالَ: أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي؟ فَخَلَقَ اللَّهُ الرِّيحَ، فَحَرَّكَتْ أَمْوَاجَهُ وَ أَثَارَتْ مَا فِي قَعْرِهِ وَ حَبَسَتْهُ عَنْ مَجَارِيهِ، فَذَلَّ الْمَاءُ، ثُمَّ إِنَّ الرِّيحَ فَخَرَتْ وَ عَصَفَتْ، وَ لَوَّحَتْ «2» أَذْيَالَهَا، وَ قَالَتْ: أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَغْلِبُنِي؟ فَخَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ، فَبَنَى وَ احْتَالَ، وَ اتَّخَذَ مَا يَسْتُرُ «3» بِهِ عَنِ الرِّيحِ وَ غَيْرِهَا، فَذَلَّتِ الرِّيحُ، ثُمَّ إِنَّ الْإِنْسَانَ طَغَى وَ قَالَ: مَنْ أَشَدُّ مِنِّي قُوَّةً؟ فَخَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْمَوْتَ فَقَهَرَهُ [فَذَلَّ الْإِنْسَانُ‏]، ثُمَّ إِنَّ الْمَوْتَ فَخَرَ فِي نَفْسِهِ، وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَا تَفْخَرْ فَإِنِّي ذَابِحُكَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ: أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ لَا أُحْيِيكَ أَبَداً، فَتُرْجَى أَوْ تُخَافُ «4»».
وَ قَالَ أَيْضاً: «الْحِلْمُ يَغْلِبُ الْغَضَبَ، وَ الرَّحْمَةُ تَغْلِبُ السَّخَطَ، وَ الصَّدَقَةُ تَغْلِبُ الْخَطِيئَةَ» ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا [قَدْ] يَغْلِبُ غَيْرَهُ!».
__________________________________________________
 (1) زخر البحر، أي مدّ و كثر ماؤه و ارتفعت أمواجه. «لسان العرب 4: 320».
 (2) في المصدر: و أرخت.
 (3) في المصدر: يستتر.
 (4)
قَوْلُهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «فَتُرْجَى أَوْ تُخَافُ»
أي لا أحييك فتكون حياتك رجاء لأهل النار و خوفا لأهل الجنّة، و ذبح الموت لعلّ المراد به ذبح شي‏ء مسمّى بهذا الاسم ليعرف الفريقان رفع الموت عنهما على المشاهدة و العيان، إن لم نقل بتجسّم الأعراض في تلك النشأة لبعده عن طور العقل. «مرآة العقول 25: 368».

698
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر ص 699

سورة القدر
فضلها
11756/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَجْهَرُ بِهَا صَوْتَهُ، كَانَ كَالشَّاهِرِ سَيْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا سِرّاً كَانَ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ غُفِرَ لَهُ عَلَى [نَحْوِ] أَلْفِ ذَنْبٍ مِنْ ذُنُوبِهِ».
ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ «1».
11757/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعاً، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْعُوذَةِ، [قَالَ‏]: «تَأْخُذُ قُلَّةً «2» جَدِيدَةً، فَتَجْعَلُ فِيهَا مَاءً، ثُمَّ تَقْرَأُ عَلَيْهَا: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثَلَاثِينَ مَرَّةً، ثُمَّ تُعَلِّقُ وَ تَشْرَبُ مِنْهَا وَ تَتَوَضَّأُ، وَ يَزْدَادُ فِيهَا مَاءً إِنْ شَاءَ».
11758/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «مَنْ قَرَأَ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ نَادَى مُنَادٍ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا مَضَى فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 454/ 6.
 (2)- الكافي 2: 456/ 19.
 (3)- ثواب الأعمال: 124.
 (1) ثواب الأعمال: 124.
 (2) القلّة: الجرة عامّة، و قيل: الكوز الصغير. «لسان العرب 11: 565».

699
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 699

و سيأتي- إن شاء اللّه تعالى- زيادة فضل في فضل سورة التوحيد «1».
11759/ «4»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَ إِنْ وَافَقَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، كَانَ لَهُ ثَوَابٌ كَثَوَابِ مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى بَابِ مَخْزَنٍ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَ سُوءٍ إِلَى أَنْ يُخْرِجَ صَاحِبُهُ مَا فِيهِ».
11760/ «5»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا كَانَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ رَفِيقاً وَ صَاحِباً، وَ إِنْ كُتِبَتْ فِي إِنَاءٍ جَدِيدٍ، وَ نَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ اللَّقْوَةِ «2» شَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى».
11761/ «6»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ خَمْسَ عَشَرَ مَرَّةً، كَانَ فِي أَمَانِ اللَّهِ إِلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْأُخْرَى، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمِنَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى مَا يُدَّخَرُ «3» ذَهَباً أَوْ فِضَّةً أَوْ أَثَاثٍ بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ مَا يَضُرُّهُ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَا فِيهِ غَلَّةٌ «4» نَفَعَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (4)- ........
 (5)- ..........
 (6)- خواص القرآن: 14 «نحوه».
 (1) يأتي في الحديث (14) من فضل سورة التوحيد.
 (2) اللّقوة: داء يكون في الوجه يعوجّ منه الشّدق. «لسان العرب 15: 253».
 (3) في «ي»: على مدخر.
 (4) الغلّة: الدّخل الذي يحصل من الزرج و الثمر و اللبن. «لسان العرب 11: 504».

700
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [1- 5]
11762/ «1»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَذَكَرَ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الْإِمَامِ إِذَا وُلِدَ، فَقَالَ: «اسْتَوْجَبَ زِيَادَةَ الرُّوحِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ». فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَ لَيْسَ الرُّوحُ جَبْرَئِيلَ؟ فَقَالَ: «جَبْرَئِيلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَ الرُّوحُ [خَلْقٌ‏] أَعْظَمُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ؟».
11763/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَ مُحَمَّدِ ابْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَرِيشِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
«بَيْنَا أَبِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذَا رَجُلٌ مُعْتَجِرٌ «1»، قَدْ قُيِّضَ لَهُ، فَقَطَعَ عَلَيْهِ أُسْبُوعَهُ، حَتَّى أَدْخَلَهُ إِلَى دَارٍ جَنْبَ الصَّفَا، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ، فَكُنَّا ثَلَاثَةً، فَقَالَ: مَرْحَباً يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، وَ قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ بَعْدَ آبَائِهِ، يَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنْ شِئْتَ فَأَخْبِرْنِي، وَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ، وَ إِنْ شِئْتَ سَأَلْتَنِي، وَ إِنْ شِئْتَ سَأَلْتُكَ، وَ إِنْ شِئْتَ فَاصْدُقْنِي، وَ أَنْ شِئْتَ صَدَقْتُكَ، قَالَ: كُلَّ ذَلِكَ أَشَاءُ.
__________________________________________________
 (1)- ... بصائر الدرجات: 484/ 4.
 (2)- الكافي 1: 188/ 1.
 (1) الاعتجار بالعمامة: هو أن يلفّها على رأسه و يردّ طرفها على وجهه و لا يعمل منها شيئا تحت ذقنه. «لسان العرب 4: 544».

701
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

قَالَ: فَإِيَّاكَ أَنْ يَنْطِقَ لِسَانُكَ عِنْدَ مَسْأَلَتِي بِأَمْرٍ تُضْمِرُ لِي غَيْرَهُ، قَالَ: إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ فِي قَلْبِهِ عِلْمَانِ يُخَالِفُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَبَى أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلْمٌ فِيهِ اخْتِلَافٌ. قَالَ: هَذِهِ مَسْأَلَتِي، وَ قَدْ فَسَّرْتَ طَرَفاً مِنْهَا، أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الْعِلْمِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ مَنْ يَعْلَمُهُ؟
قَالَ: أَمَّا جُمْلَةُ الْعِلْمِ فَعِنْدَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، وَ أَمَّا مَا لَا بُدَّ لِلْعِبَادِ مِنْهُ فَعِنْدَ الْأَوْصِيَاءِ، قَالَ: فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَجِيرَتَهُ، وَ اسْتَوَى جَالِساً، وَ تَهَلَّلَ وَجْهُهُ، وَ قَالَ: هَذِهِ أَرَدْتُ، وَ لَهَا أَتَيْتُ، زَعَمْتُ أَنَّ عِلْمَ مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ عِنْدَ الْأَوْصِيَاءِ، فَكَيْفَ يَعْلَمُونَهُ؟
قَالَ: كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَعْلَمُهُ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَرَى، لِأَنَّهُ كَانَ نَبِيّاً، وَ هُمْ مُحَدَّثُونَ، وَ إِنَّهُ كَانَ يَفِدُ إِلَى اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَيَسْمَعُ الْوَحْيَ، وَ هُمْ لَا يَسْمَعُونَ. فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، سَآتِيكَ بِمَسْأَلَةٍ صَعْبَةٍ، أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الْعِلْمِ مَا لَهُ لَا يَظْهَرُ كَمَا كَانَ يَظْهَرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟
قَالَ: فَضَحِكَ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ: أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى عِلْمِهِ إِلَّا مُمْتَحَناً لِلْإِيمَانِ بِهِ، كَمَا قَضَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَصْبِرَ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ، وَ لَا يُجَاهِدُهُمْ إِلَّا بِأَمْرِهِ، فَكَمْ مِنِ اكْتِتَامٍ قَدِ اكْتَتَمَ بِهِ، حَتَّى قِيلَ لَهُ: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «1»، وَ أَيْمُ اللَّهِ أَنْ لَوْ صَدَعَ قَبْلَ ذَلِكَ لَكَانَ آمِناً، وَ لَكِنَّهُ إِنَّمَا نَظَرَ فِي الطَّاعَةِ وَ خَافَ الْخِلَافَ، فَلِذَلِكَ كَفَّ، فَوَدِدْتُ أَنْ تَكُونَ عَيْنُكَ مَعَ مَهْدِيِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ الْمَلَائِكَةُ بِسُيُوفِ آلِ دَاوُدَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، تُعَذِّبُ أَرْوَاحَ الْكَفَرَةِ مِنَ الْأَمْوَاتِ، وَ تُلْحِقُ بِهِمْ أَرْوَاحَ أَشْبَاهِهِمْ «2» مِنَ الْأَحْيَاءِ.
ثُمَّ أَخْرَجَ سَيْفاً، ثُمَّ قَالَ: هَا إِنَّ هَذَا مِنْهَا. قَالَ: فَقَالَ أَبِي: إِي وَ الَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّداً عَلَى الْبَشَرِ، قَالَ: فَرَدَّ الرَّجُلُ اعْتِجَارَهُ وَ قَالَ: أَنَا إِلْيَاسُ، مَا سَأَلْتُكَ عَنْ أَمْرِكَ وَ بِي مِنْهُ جَهَالَةٌ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ قُوَّةً لِأَصْحَابِكَ، وَ سَأُخْبِرُكَ بِآيَةٍ أَنْتَ تَعْرِفُهَا إِنْ خَاصَمُوا بِهَا «3» فَلَجُّوا.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبِي: إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِهَا؟ قَالَ: قَدْ شِئْتُ. قَالَ: إِنَّ شِيعَتَنَا إِنْ قَالُوا لِأَهْلِ الْخِلَافِ لَنَا: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى آخِرِهَا، فَهَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَعْلَمُ مِنَ الْعِلْمِ شَيْئاً لَا يَعْلَمُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، أَوْ يَأْتِيهِ بِهِ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي غَيْرِهَا؟ فَإِنَّهُمْ سَيَقُولُونَ: لَا، فَقُلْ لَهُمْ: فَهَلْ كَانَ لِمَا عَلِمَ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُظْهِرَ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَقُلْ لَهُمْ: فَهَلْ كَانَ فِيمَا أَظْهَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ اخْتِلَافٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، فَقُلْ لَهُمْ: فَمَنْ حَكَمَ بِحُكْمِ اللَّهِ فِيهِ اخْتِلَافٌ، فَهَلْ خَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَإِنْ قَالُوا: لَا، فَقَدْ نَقَضُوا أَوَّلَ كَلَامِهِمْ. فَقُلْ لَهُمْ: ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «4» فَإِنْ قَالُوا: مَنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ؟ فَقُلْ: مَنْ لَا يَخْتَلِفُ فِي عِلْمِهِ.
__________________________________________________
 (1) الحجر 15: 94.
 (2) في «ج»: أشياعهم.
 (3) في «ج»: ن خاصموك فيها.
 (4) آل عمران 3: 7.

702
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

فَإِنْ قَالُوا: فَمَنْ هُوَ ذَاكَ؟ فَقُلْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) صَاحِبَ ذَلِكَ، فَهَلْ بَلَّغَ أَوْ لَا؟ فَإِنَّ قَالُوا: قَدْ بَلَّغَ، فَقُلْ: هَلْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُ عِلْماً لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، فَقُلْ: إِنَّ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُؤَيَّدٌ، وَ لَا يَسْتَخْلِفُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَّا مَنْ يَحْكُمُ بِحُكْمِهِ، وَ إِلَّا مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُ إِلَّا النُّبُوَّةَ، وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي عِلْمِهِ أَحَداً، فَقَدْ ضَيَّعَ مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ مِمَّنْ يَكُونُ بَعْدَهُ.
فَإِنْ قَالُوا لَكَ: فَإِنَّ عِلْمَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقُلْ: حم* وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ «1». فَإِنْ قَالُوا لَكَ:
لَا يُرْسِلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا إِلَى نَبِيٍّ. فَقُلْ: هَذَا الْأَمْرُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُفَرِّقُ فِيهِ «2» هُوَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، أَوْ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى أَرْضٍ. فَإِنْ قَالُوا: مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، فَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ أَحَدٌ يَرْجِعُ مِنْ طَاعَةٍ إِلَى مَعْصِيَةٍ، فَإِنَّ قَالُوا: مِنْ سَمَاءٍ إِلَى أَرْضٍ، وَ أَهْلُ الْأَرْضِ أَحْوَجُ الْخَلْقِ إِلَى ذَلِكَ، فَقُلْ: فَهَلْ: لَهُمْ: لَا بُدَّ مِنْ سَيِّدٍ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ؟
فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّ الْخَلِيفَةَ هُوَ حَكَمُهُمْ، فَقُلْ: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ إِلَى قَوْلِهِ: خالِدُونَ «3»، لَعَمْرِي مَا فِي الْأَرْضِ وَ لَا فِي السَّمَاءِ وَلِيٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا وَ هُوَ مُؤَيَّدٌ، وَ مَنْ أُيِّدَ لَمْ يُخْطِئْ، وَ مَا فِي الْأَرْضِ عَدُوٌّ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ إِلَّا وَ هُوَ مَخْذُولٌ، وَ مَنْ خُذِلَ لَمْ يُصِبْ، كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ لَا بُدَّ مِنْ تَنْزِيلِهِ مِنَ السَّمَاءِ يَحْكُمُ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ، كَذَلِكَ وَ لَا بُدَّ مِنْ وَالِ، فَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْرِفُ هَذَا، فَقُلْ لَهُمْ: قُولُوا مَا أَحْبَبْتُمْ، أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَتْرُكَ الْعِبَادَ وَ لَا حُجَّةَ لَهُ عَلَيْهِمْ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: هَا هُنَا- يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ- بَابٌ غَامِضٌ، أَ رَأَيْتَ إِنْ قَالُوا: حُجَّةُ اللَّهِ الْقُرْآنُ؟ قَالَ: إِذَنْ أَقُولَ لَهُمْ: إِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِنَاطِقٍ يَأْمُرُ وَ يَنْهَى «4»، وَ لَكِنْ لِلْقُرْآنِ أَهْلٌ يَأْمُرُونَ وَ يَنْهَوْنَ، وَ أَقُولُ: قَدْ عَرَضَتْ لِبَعْضِ أَهْلِ الْأَرْضِ مُصِيبَةٌ مَا هِيَ فِي السُّنَّةِ وَ الْحُكْمِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَ لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ، أَبَي اللَّهُ لِعِلْمِهِ «5» بِتِلْكَ الْفِتْنَةِ أَنْ تَظْهَرَ فِي الْأَرْضِ وَ لَيْسَ فِي حُكْمِهِ رَادٌّ لَهَا وَ لَا مُفَرِّجٌ عَنْ أَهْلِهَا.
فَقَالَ: هَاهُنَا تَفْلُجُونَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ عَلِمَ بِمَا يُصِيبُ الْخَلْقَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الدِّينِ أَوْ غَيْرِهِ، فَوَضَعَ الْقُرْآنَ دَلِيلًا.
قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: هَلْ تَدْرِي- يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ- الْقُرْآنُ «6» دَلِيلُ مَا هُوَ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): نَعَمْ، فِيهِ‏
__________________________________________________
 (1) الدخان 44: 1- 5.
 (2) في «ج»: يفرق فيها.
 (3) البقرة 2: 257.
 (4) في «ج»: بأمر و نهي.
 (5) في «ط، ي»: في علمه.
 (6) (القرآن) ليس في المصدر.

703
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

جُمَلُ الْحُدُودِ وَ تَفْسِيرُهَا عِنْدَ الْحَكَمِ، فَقَدْ أَبَى اللَّهُ أَنْ يُصِيبَ عَبْداً بِمُصِيبَةٍ فِي دِينِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي مَالِهِ لَيْسَ فِي أَرْضِهِ مِنْ حُكْمِهِ قَاضٍ بِالصَّوَابِ فِي تِلْكَ الْمُصِيبَةِ.
قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا فِي هَذَا الْبَابِ فَقَدْ فَلَجْتُمْ بِحُجَّةٍ، إِلَّا أَنْ يَفْتَرِيَ خَصْمُكُمْ عَلَى اللَّهِ فَيَقُولَ: لَيْسَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ حُجَّةٌ، وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِيرِ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ مِمَّا خُصَّ بِهِ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «1» قَالَ: فِي أَبِي فُلَانٍ وَ أَصْحَابِهِ، وَ وَاحِدَةٌ مُقَدَّمَةٌ، وَ وَاحِدَةٌ مُؤَخَّرَةٌ، لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِمَّا خُصَّ بِهِ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي عَرَضَتْ لَكُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). فَقَالَ الرَّجُلُ:
أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَصْحَابُ الْحُكْمِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ. ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ وَ ذَهَبَ فَلَمْ أَرَهُ».
11764/ «3»- وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «بَيْنَا أَبِي جَالِسٌ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ إِذْ اسْتَضْحَكَ حَتَّى اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ دُمُوعاً، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا أَضْحَكَنِي؟ قَالَ: فَقَالُوا: لَا. قَالَ: زَعَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ- يَا بْنَ عَبَّاسٍ- تُخْبِرُكَ بِوَلَايَتِهَا لَكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ مِنَ الْأَمْنِ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْحُزْنِ؟ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ «2» وَ قَدْ دَخَلَ فِي هَذَا جَمِيعُ الْأُمَّةِ، فَاسْتَضْحَكْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا بْنَ عَبَّاسٍ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ فِي حُكْمِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ اخْتِلَافٌ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَا.
فَقُلْتُ: مَا تَرَى فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلًا أَصَابِعَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى سَقَطَتْ، ثُمَّ ذَهَبَ وَ أَتَى رَجُلٌ آخَرُ فَأَطَارَ كَفَّهُ، فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْكَ وَ أَنْتَ قَاضٍ، كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ؟ قَالَ: أَقُولُ لِهَذَا الْقَاطِعِ، أَعْطِهِ دِيَةَ كَفِّهِ، وَ أَقُولُ لِهَذَا الْمَقْطُوعِ: صَالِحْهُ عَلَى مَا شِئْتَ وَ أَبْعَثُ بِهِ إِلَى ذَوِي عَدْلٍ. قُلْتُ: جَاءَ الِاخْتِلَافُ فِي حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ، وَ نَقَضْتَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، أَبَى اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي خَلْقِهِ شَيْئاً مِنَ الْحُدُودِ وَ لَيْسَ تَفْسِيرُهُ فِي الْأَرْضِ، اقْطَعْ قَاطِعِ الْكَفِّ أَصْلًا، ثُمَّ أَعْطِهِ دِيَةَ الْأَصَابِعِ، هَذَا حُكْمُ اللَّهِ لَيْلَةَ يَنْزِلُ فِيهَا أَمْرُهُ، إِنْ جَحَدْتَهَا بَعْدَ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَدْخَلَكَ اللَّهُ النَّارَ، كَمَا أَعْمَى بَصَرَكَ يَوْمَ جَحَدْتَهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). قَالَ: فَلِذَلِكَ عَمِيَ بَصَرِي، وَ قَالَ: وَ مَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ فَوَ اللَّهِ إِنْ عَمِيَ بَصَرِي إِلَّا مِنْ صَفْقَةِ جَنَاحِ الْمَلَكِ، قَالَ: فَاسْتَضْحَكْتُ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ لِسَخَافَةِ عَقْلِهِ، ثُمَّ لَقِيتُهُ فَقُلْتُ: يَا بْنَ عَبَّاسٍ، مَا تَكَلَّمْتَ بِصِدْقٍ مِثْلَ أَمْسِ، قَالَ لَكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَ إِنَّهُ يَنْزِلُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَمْرُ السَّنَةِ، وَ إِنَّ لِذَلِكَ الْأَمْرِ وُلَاةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ فَقُلْتَ: مَنْ هُمْ؟ فَقَالَ:
أَنَا وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ صُلْبِي أَئِمَّةٌ مُحَدَّثُونَ. فَقُلْتَ: لَا أَرَاهَا كَانَتْ إِلَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَتَبَدَّى لَكَ الْمُلْكُ الَّذِي يُحَدِّثُهُ. فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، رَأَتْ عَيْنَايَ الَّذِي حَدَّثَكَ بِهِ عَلِيٌّ، وَ لَمْ تَرَهُ عَيْنَاهُ، وَ لَكِنْ وَعَاهُ قَلْبُهُ، وَ وَقَرَ فِي سَمْعِهِ. ثُمَّ صَفَقَكَ بِجَنَاحِهِ فَعَمِيتَ.
__________________________________________________
 (3)- الكافي 1: 191/ 2، و في سند الحديث الحسن بن العبّاس بن الحريش، قال فيه العلّامة: ضعيف جدا، و قال ابن الغضائري: ضعيف الرأي، روى عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) فضل إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كتابا مصنّفا فاسد الألفاظ، مخايله تشهد على أنّه موضوع، و هذا الرجل لا يلتفت إليه و لا يكتب حديثه. الخلاصة: 214/ 13.
 (1) الحديد 57: 23.
 (2) الحجرات 49: 10.

704
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

قال: فقال ابن عبّاس: ما اختلفنا في شي‏ء فحكمه إلى اللّه. فقلت له: فهل حكم اللّه في حكم من حكمه بأمرين؟ قال: لا. فقلت: ها هنا هلكت و أهلكت».
11765/ «4»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «1» يَقُولُ: يَنْزِلُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، وَ الْمُحْكَمُ لَيْسَ بِشَيْئَيْنِ، إِنَّمَا هُوَ شَيْ‏ءٌ وَاحِدٌ، فَمَنْ حَكَمَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ فَحُكْمُهُ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ مَنْ حَكَمَ بِأَمْرٍ فِيهِ اخْتِلَافٌ فَرَأَى أَنَّهُ مُصِيبٌ فَقَدْ حَكَمَ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ، إِنَّهُ لَيَنْزِلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ تَفْسِيرُ الْأُمُورِ سَنَةً سَنَةً، يُؤْمَرُ فِيهَا فِي أَمْرِ نَفْسِهِ بِكَذَا وَ كَذَا، وَ فِي أَمْرِ النَّاسِ بِكَذَا وَ كَذَا، وَ إِنَّهُ لَيَحْدُثُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ سِوَى ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْخَاصُّ وَ الْمَكْنُونُ الْعَجِيبُ الْمَخْزُونُ مِثْلُ مَا يَنْزِلُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْأَمْرِ» ثُمَّ قَرَأَ وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «2».
11766/ «5»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) يَقُولُ:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ صَدَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، أَنْزَلَ [اللَّهُ‏] الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا أَدْرِي. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ هَلْ تَدْرِي لِمَ هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: لِأَنَّهَا تَنَزَّلُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ وَ الرُّوحُ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، وَ إِذَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِشَيْ‏ءٍ فَقَدْ رَضِيَهُ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يَقُولُ: تُسَلِّمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ مَلَائِكَتِي وَ رُوحِي بِسَلَامِي مِنْ أَوَّلِ مَا يَهْبِطُونَ إِلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
ثُمَّ قَالَ فِي بَعْضِ كِتَابِهِ: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً «3» فِي إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَ قَالَ فِي بَعْضِ كِتَابِهِ: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ «4» يَقُولُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى: إِنَّ مُحَمَّداً حِينَ يَمُوتُ يَقُولُ أَهْلُ الْخِلَافِ لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: مَضَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَهَذِهِ فِتْنَةٌ أَصَابَتْهُمْ خَاصَّةً، وَ بِهَا ارْتَدُّوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ لِأَنَّهُمْ إِنْ قَالُوا: لَمْ تَذْهَبْ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا أَمْرٌ، وَ إِذَا أَقَرُّوا بِالْأَمْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ صَاحِبِ الْأَمْرِ بُدَّ».
11767/ «6»- وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَثِيراً مَا يَقُولُ: مَا اجْتَمَعَ التَّيْمِيُّ وَ الْعَدَوِيُ‏
__________________________________________________
 (4)- الكافي 1: 192/ 3.
 (5)- الكافي 1: 193/ 4.
 (6)- الكافي 1: 193/ 5.
 (1) الدخان 44: 5.
 (2) لقمان 31: 27.
 (3) الأنفال 8: 25.
 (4) آل عمران 3: 144.

705
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ يَقْرَأُ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِتَخَشُّعٍ وَ بُكَاءٍ، فَيَقُولَانِ: مَا أَشَدَّ رِقَّتَكَ لِهَذِهِ «1» السُّورَةِ! فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لِمَا رَأَتْ عَيْنِي وَ وَعَى قَلْبِي، وَ لِمَا يَرَى قَلْبُ هَذَا مِنْ بَعْدِي، فَيَقُولَانِ: وَ مَا الَّذِي رَأَيْتَ وَ مَا الَّذِي يَرَى؟ قَالَ: فَيَكْتُبُ لَهُمَا فِي التُّرَابِ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ.
قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: هَلْ بَقِيَ شَيْ‏ءٌ بَعْدَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كُلِّ أَمْرٍ؟ فَيَقُولَانِ: لَا، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْلَمَانِ مَنِ الْمُنْزَلُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ؟ فَيَقُولَانِ: أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: هَلْ تَكُونُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مِنْ بَعْدِي؟ فَيَقُولَانِ: نَعَمْ، قَالَ:
فَيَقُولُ: فَهَلْ يَنْزِلُ ذَلِكَ الْأَمْرُ فِيهَا؟ فَيَقُولَانِ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: إِلَى مَنْ؟ فَيَقُولَانِ: لَا نَدْرِي، فَيَأْخُذُ بِرَأْسِي وَ يَقُولُ: إِنْ لَمْ تَدْرِيَا فَادْرِيَا، هُوَ هَذَا مِنْ بَعْدِي، قَالَ: فَإِنْ كَانَا لَيَعْرِفَانِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ شِدَّةِ مَا يُدَاخِلُهُمَا مِنَ الرُّعْبِ».
11768/ «7»- وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ، خَاصِمُوا بِسُورَةِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ تَفْلُجُوا، فَوَ اللَّهِ إِنَّهَا لَحُجَّةُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ إِنَّهَا لَسَيِّدَةُ دِينِكُمْ، وَ إِنَّهَا لَغَايَةُ عِلْمِنَا. يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ، خَاصِمُوا بِ حَم* وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ «2» فَإِنَّهَا لِوُلَاةِ الْأَمْرِ خَاصَّةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ «3»».
قِيلَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، نَذِيرُهَا مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ فَقَالَ: «صَدَقْتَ، فَهَلْ كَانَ نَذِيرٌ وَ هُوَ حَيٌّ مِنَ الْبِعْثَةِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ؟». فَقَالَ السَّائِلُ: لَا، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ رَأَيْتَ بَعْثَهُ «4»، أَ لَيْسَ «5» نَذِيرَهُ؟ كَمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي بَعْثِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ نَذِيرٌ». فَقَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَكَذَلِكَ لَمْ يَمُتْ مُحَمَّدٌ إِلَّا وَ لَهُ بَعِيثٌ نَذِيرٌ». قَالَ: «فَإِنْ قُلْتَ: لَا، فَقَدْ ضَيَّعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ مِنْ أُمَّتِهِ». قَالَ: وَ مَا يَكْفِيهِمُ الْقُرْآنُ؟ قَالَ: «بَلَى، إِنْ وَجَدُوا لَهُ مُفَسِّراً». قَالَ: وَ مَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ قَالَ: «بَلَى، قَدْ فَسَّرَهُ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَ فَسَّرَ لِلْأُمَّةِ شَأْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قَالَ السَّائِلُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، كَأَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَاصٌّ، لَا يَحْتَمِلُهُ الْعَامَّةُ؟ قَالَ: «أَبَى اللَّهُ أَنْ يُعْبَدَ إِلَّا سِرّاً حَتَّى يَأْتِيَ إِبَّانُ «6» أَجَلِهِ الَّذِي يُظْهِرُ فِيهِ دِينَهُ، كَمَا أَنَّهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَ خَدِيجَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مُسْتَتِراً «7» حَتَّى أُمِرَ
__________________________________________________
 (7)- الكافي 1: 193/ 6.
 (1) في «ج»: أشدّ رأفتك بهذه.
 (2) الدخان 44: 1- 3.
 (3) فاطر 35: 24.
 (4) في «ط» و المصدر: بعيثه.
 (5) في «ج»: ليس.
 (6) إبّان الشي‏ء: حينه أو أجله.
 (7) في «ج»: مستقرا.

706
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

بِالْإِعْلَانِ».
قَالَ السَّائِلُ: فَيَنْبَغِي لِصَاحِبِ هَذَا الدِّينِ أَنْ يَكْتُمَ؟ قَالَ: «أَ وَ مَا كَتَمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُهُ؟». قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَكَذَلِكَ أَمْرُنَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ».
11769/ «8»- وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَوَّلَ مَا خَلَقَ الدُّنْيَا، وَ لَقَدْ خَلَقَ فِيهَا أَوَّلَ نَبِيٍّ يَكُونُ، وَ أَوَّلَ وَصِيٍّ يَكُونُ، وَ لَقَدْ قَضَى أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَيْلَةٌ يَهْبِطُ فِيهَا بِتَفْسِيرِ الْأُمُورِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ، مَنْ جَحَدَ ذَلِكَ فَقَدْ رَدَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْمَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ الْأَنْبِيَاءُ وَ الرُّسُلُ وَ الْمُحَدَّثُونَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ بِمَا يَأْتِيهِمْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَعَ الْحُجَّةِ الَّتِي يَأْتِيهِمْ بِهَا جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قُلْتُ: وَ الْمُحَدَّثُونَ أَيْضاً يَأْتِيهِمْ جَبْرَئِيلُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)؟ قَالَ: «أَمَّا الْأَنْبِيَاءُ وَ الرُّسُلُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ) فَلَا شَكَّ، وَ لَا بُدَّ لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ خُلِقَتْ فِيهِ الْأَرْضُ إِلَى آخِرِ فَنَاءِ الدُّنْيَا أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَهْرِ «1» الْأَرْضِ حُجَّةٌ يَنْزِلُ ذَلِكَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَى مَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ، وَ أَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ الرُّوحُ وَ الْمَلَائِكَةُ بِالْأَمْرِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى آدَمَ، وَ أَيْمُ اللَّهِ مَا مَاتَ آدَمُ إِلَّا وَ لَهُ وَصِيٌّ، وَ كُلُّ مَنْ بَعْدَ آدَمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ أَتَاهُ الْأَمْرُ فِيهَا، وَ وَضَعَ لِوَصِيِّهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ أَيْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ «2» النَّبِيُّ لَيُؤْمَرُ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنَ الْأَمْرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ أَوْصِ إِلَى فُلَانٍ، وَ لَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) خَاصَّةً: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «3».
يَقُولُ: أَسْتَخْلِفُكُمْ لِعِلْمِي وَ دِينِي وَ عِبَادَتِي بَعْدَ نَبِيِّكُمْ، كَمَا اسْتَخْلَفَ وُصَاةَ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى يُبْعَثَ النَّبِيُّ الَّذِي يَلِيهِ يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً يَقُولُ: يَعْبُدُونَنِي بِإِيمَانٍ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ فَقَدْ مَكَّنَ وُلَاةَ الْأَمْرِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالْعِلْمِ، وَ نَحْنُ هُمْ، فَاسْأَلُونَّا فَإِنْ صَدَقْنَاكُمْ فَأَقِرُّوا، وَ مَا أَنْتُمْ بِفَاعِلِينَ، أَمَّا عِلْمُنَا فَظَاهِرٌ، وَ أَمَّا إِبَّانُ أَجَلِنَا الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ الدِّينُ مِنَّا حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافٌ، فَإِنَّ لَهُ أَجَلًا مِنْ مَمَرِّ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ، إِذَا أَتَى ظَهَرَ، وَ كَانَ الْأَمْرُ وَاحِداً.
وَ أَيْمُ اللَّهِ، لَقَدْ قَضَى الْأَمْرَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ اخْتِلَافٌ، وَ لِذَلِكَ جَعَلَهُمُ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ لِيَشْهَدَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَيْنَا، وَ لِنَشْهَدَ عَلَى شِيعَتِنَا، وَ لِتَشْهَدَ شِيعَتُنَا عَلَى النَّاسِ، أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِهِ اخْتِلَافٌ أَوْ بَيْنَ أَهْلِ عِلْمِهِ تَنَاقُضٌ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَضْلُ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِ بِجُمْلَةِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ وَ تَفْسِيرِهَا، عَلَى مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الْإِيمَانِ بِهَا، كَفَضْلِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْبَهَائِمِ، وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَيَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِينَ بِهَا عَنِ الْجَاحِدِينَ لَهَا فِي الدُّنْيَا لِكَمَالِ‏
__________________________________________________
 (8)- الكافي 1: 194/ 7.
 (1) في المصدر: أهل.
 (2) «كان» ليس في «ج».
 (3) النور 24: 55.

707
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

عَذَابِ الْآخِرَةِ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ مَا يَدْفَعُ بِالْمُجَاهِدِينَ عَنِ الْقَاعِدِينَ، وَ لَا أَعْلَمُ أَنَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلَّا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ وَ الْجِوَارَ».
11770/ «9»- قَالَ: وَ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، لَا تَغْضَبْ عَلَيَّ. قَالَ: «لِمَاذَا؟». قَالَ: لِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ. قَالَ: «قُلْ». قَالَ: وَ لَا تَغْضَبْ. قَالَ: «وَ لَا أَغْضَبُ». قَالَ: أَ رَأَيْتَ قَوْلَكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا إِلَى الْأَوْصِيَاءِ، يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ عَلِمَهُ، [أَوْ يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَعْلَمُهُ‏] وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَاتَ وَ لَيْسَ مِنْ عِلْمِهِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا وَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَهُ وَاعٍ؟
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا لِي وَ مَا لَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، وَ مَنْ أَدْخَلَكَ عَلَيَّ»؟ قَالَ: أَدْخَلَنِي عَلَيْكَ الْقَضَاءُ لِطَلَبِ الدِّينِ، قَالَ: «فَافْهَمْ مَا أَقُولُ لَكَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ لَمْ يَهْبِطْ حَتَّى أَعْلَمَهُ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ عِلْمَ مَا قَدْ كَانَ وَ مَا سَيَكُونُ، وَ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ عِلْمِهِ ذَلِكَ جُمَلًا يَأْتِي تَفْسِيرُهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَ كَذَلِكَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَدْ عَلِمَ جُمَلَ الْعِلْمِ، وَ يَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ، كَمَا كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
قَالَ السَّائِلُ: أَ وَ مَا كَانَ فِي الْجُمَلِ تَفْسِيرُهُ؟ قَالَ: «بَلَى، وَ لَكِنَّهُ إِنَّمَا يَأْتِي بِالْأَمْرِ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي لَيَالِي الْقَدْرِ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ إِلَى الْأَوْصِيَاءِ: افْعَلْ كَذَا وَ كَذَا، لِأَمْرٍ قَدْ كَانُوا عَلِمُوهُ، أُمِرُوا كَيْفَ يَعْمَلُونَ فِيهِ».
قُلْتُ: فَسِّرْ لِي هَذَا؟ قَالَ: «لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَّا حَافِظاً لِجُمْلَةِ الْعِلْمِ وَ تَفْسِيرِهِ».
قُلْتُ: فَالَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ، عِلْمُ مَا هُوَ؟ قَالَ: «الْأَمْرُ وَ الْيُسْرُ فِيمَا كَانَ قَدْ عَلِمَ».
قَالَ السَّائِلُ: فَمَا يَحْدُثُ لَهُمْ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ عِلْمٌ سِوَى مَا عَلِمُوا؟ قَالَ: «هَذَا مِمَّا أُمِرُوا بِكِتْمَانِهِ، وَ لَا يَعْلَمُ تَفْسِيرَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ».
قَالَ السَّائِلُ: فَهَلْ يَعْلَمُ الْأَوْصِيَاءُ مَا لَا يَعْلَمُ الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: «لَا، وَ كَيْفَ يَعْلَمُ وَصِيٌّ غَيْرَ عِلْمِ مَا أُوصِيَ إِلَيْهِ؟».
قَالَ السَّائِلُ: فَهَلْ يَسَعُنَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّ أَحَداً مِنَ الْوُصَاةِ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُ الْآخَرُ؟ قَالَ: «لَا، لَمْ يَمُتْ نَبِيٌّ إِلَّا وَ عِلْمُهُ فِي جَوْفِ وَصِيِّهِ، وَ إِنَّمَا تَنَزُّلُ الْمَلَائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالْحُكْمِ الَّذِي يُحْكَمُ بِهِ بَيْنَ الْعِبَادِ».
قَالَ السَّائِلُ: وَ مَا كَانُوا عَلِمُوا ذَلِكَ الْحُكْمَ؟ قَالَ: «بَلَى، قَدْ عَلِمُوهُ، وَ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ إِمْضَاءَ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمَرُوا فِي لَيَالِي الْقَدْرِ كَيْفَ يَصْنَعُونَ إِلَى السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ». قَالَ السَّائِلُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، لَا أَسْتَطِيعُ إِنْكَارَ هَذَا؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ أَنْكَرَهُ فَلَيْسَ مِنَّا».
قَالَ السَّائِلُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، أَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هَلْ كَانَ يَأْتِيهِ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ شَيْ‏ءٌ لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ؟ قَالَ:
 «لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ هَذَا، أَمَّا عِلْمُ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ؟ فَلَيْسَ يَمُوتُ نَبِيٌّ وَ لَا وَصِيٌّ إِلَّا وَ الْوَصِيُّ الَّذِي بَعْدَهُ يَعْلَمُهُ، أَمَّا هَذَا الْعِلْمُ الَّذِي تَسْأَلُ عَنْهُ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَبَى أَنْ يُطْلِعَ الْأَوْصِيَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ».
قَالَ السَّائِلُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، كَيْفَ أَعْرِفُ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَكُونُ فِي كُلِّ سَنَةٍ؟ قَالَ: «إِذَا أَتَى شَهْرُ رَمَضَانَ فَاقْرَأْ
__________________________________________________
 (9)- الكافي 1: 195/ 8.

708
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

سُورَةَ الدُّخَانِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، فَإِذَا أَتَتْ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ فَإِنَّكَ نَاظِرٌ إِلَى تَصْدِيقِ الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ».
11771/ «10»- وَ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمَا تَرَوْنَ مَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلشَّقَاءِ عَلَى أَهْلِ الضَّلَالَةِ مِنْ أَجْنَادِ الشَّيَاطِينِ وَ أَرْوَاحِهِمْ «1» أَكْثَرُ مِمَّا تَرَوْنَ مَعَ «2» خَلِيفَةِ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَهُ لِلْعَدْلِ وَ الصَّوَابِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ» قِيلَ:
يَا أَبَا جَعْفَرٍ، وَ كَيْفَ يَكُونُ شَيْ‏ءٌ أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟ قَالَ: «كَمَا يَشَاءُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ».
قَالَ السَّائِلُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، إِنِّي لَوْ حَدَّثْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا الشِّيعَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَأَنْكَرُوهُ، قَالَ: «كَيْفَ يُنْكِرُونَهُ؟» قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) أَكْثَرُ مِنَ الشَّيَاطِينِ. قَالَ: «صَدَقْتَ، افْهَمْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ وَ لَا لَيْلَةٍ إِلَّا وَ جَمِيعُ الْجِنِّ وَ الشَّيَاطِينِ تَزُورُ أَئِمَّةَ الضَّلَالَةِ، وَ تَزُورُ أَئِمَّةَ «3» الْهُدَى، عَدَدُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، حَتَّى إِذَا أَتَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَهَبَطَ «4» فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، خَلْقُ اللَّهِ- أَوْ قَالَ: قَيَّضَ اللَّهُ- عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الشَّيَاطِينِ بِعَدَدِهِمْ ثُمَّ زَارُوا وَلِيَّ الضَّلَالَةِ فَأَتَوْهُ بِالْإِفْكِ وَ الْكَذِبِ حَتَّى لَعَلَّهُ يُصْبِحُ فَيَقُولُ: رَأَيْتُ كَذَا وَ كَذَا، فَلَوْ سُئِلَ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ لَقَالَ:
رَأَيْتَ شَيْطَاناً أَخْبَرَكَ بِكَذَا وَ كَذَا حَتَّى يُفَسِّرَ لَهُ تَفْسِيراً وَ يُعَلِّمَهُ الضَّلَالَةَ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، وَ أَيْمُ اللَّهِ إِنَّ مَنْ صَدَّقَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ لِيَعْلَمَ أَنَّهَا لَنَا خَاصَّةٌ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حِينَ دَنَا مَوْتُهُ: هَذَا وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي، فَإِنْ أَطَعْتُمُوهُ رَشَدْتُمْ، وَ لَكِنْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِمَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مُنْكِرٌ، وَ مَنْ آمَنَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ مِمَّنْ عَلَى غَيْرِ رَأْيِنَا فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ فِي الصِّدْقِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: إِنَّهَا لَنَا، وَ مَنْ لَمْ يَقُلْ، فَإِنَّهُ كَاذِبٌ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُنْزِلَ الْأَمْرَ مَعَ الرُّوحِ وَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى كَافِرٍ فَاسِقٍ، فَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ يُنْزِلُ إِلَى الْخَلِيفَةِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهَا، فَلَيْسَ قَوْلُهُمْ ذَلِكَ بِشَيْ‏ءٍ، وَ إِنْ قَالُوا: إِنَّهُ لَيْسَ يُنْزِلُ إِلَى أَحَدٍ، فَلَا يَكُونُ أَنْ يُنْزَلَ شَيْ‏ءٌ إِلَى غَيْرِ شَيْ‏ءٍ، وَ إِنْ قَالُوا؛ وَ سَيَقُولُونَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْ‏ءٍ؟ فَقَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيداً».
11772/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَالَ: «الْتَمِسْهَا لَيْلَةَ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ».
11773/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ [لَهُ‏] أَبُو بَصِيرٍ:
جُعِلْتُ فِدَاكَ، اللَّيْلَةُ الَّتِي يُرْجَى فِيهَا مَا يُرْجَى؟ فَقَالَ: «فِي إِحْدَى وَ عِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ». قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَقْوَ
__________________________________________________
 (10)- الكافي 1: 196/ 9.
 (11)- الكافي 4: 156/ 1.
 (12)- الكافي 4: 156/ 2.
 (1) في المصدر: و أزواجهم.
 (2) (مع) ليس في المصدر.
 (3) في المصدر: و يزور إمام.
 (4) في «ط» و المصدر: فيهبط.

709
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

عَلَى كِلْتَيْهِمَا؟ فَقَالَ: «مَا أَيْسَرَ لَيْلَتَيْنِ فِيمَا تَطْلُبُ!».
قُلْتُ: فَرُبَّمَا رَأَيْنَا الْهِلَالَ عِنْدَنَا، وَ جَاءَنَا مَنْ يُخْبِرُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى؟ فَقَالَ: «مَا أَيْسَرَ أَرْبَعَ لَيَالٍ تَطْلُبُهَا فِيهَا!».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ لَيْلَةُ الْجُهَنِيِّ «1»؟ فَقَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ لَيُقَالُ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ خَالِدٍ رَوَى: فِي تِسْعَ عَشْرَةَ [يُكْتَبُ‏] وَفْدُ الْحَاجِّ؟ فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، وَفْدُ الْحَاجِّ يُكْتَبُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ الْمَنَايَا وَ الْبَلَايَا وَ الْأَرْزَاقُ وَ مَا يَكُونُ إِلَى مِثْلِهَا فِي قَابِلٍ، فَاطْلُبْهَا فِي لَيْلَةِ إِحْدَى [وَ عِشْرِينَ‏] وَ ثَلَاثٍ [وَ عِشْرِينَ‏] «2»، وَ صَلِّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِائَةَ رَكْعَةٍ، وَ أَحْيِهِمَا إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَى النُّورِ، وَ اغْتَسِلْ فِيهِمَا».
قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ وَ أَنَا قَائِمٌ؟ قَالَ: «فَصَلِّ وَ أَنْتَ جَالِسٌ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ؟ قَالَ: «فَعَلَى فِرَاشِكَ، لَا عَلَيْكَ أَنْ تَكْتَحِلَ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ النَّوْمِ، إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفَتَّحُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ تُصَفَّدُ الشَّيَاطِينُ، وَ تُقْبَلُ أَعْمَالُ الْمُؤْمِنِينَ، نِعْمَ الشَّهْرُ رَمَضَانُ، كَانَ يُسَمَّى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمَرْزُوقَ».
11774/ «13»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ عَلَامَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؟ فَقَالَ:
 «عَلَامَتُهَا أَنْ تَطِيبَ رِيحُهَا، وَ إِنْ كَانَتْ فِي بَرْدٍ دَفِئَتْ، وَ إِنْ كَانَتْ فِي حَرٍّ بَرَدَتْ وَ طَابَتْ».
قَالَ: وَ سُئِلَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ. فَقَالَ: «تَنَزَّلُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ وَ الْكَتَبَةُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَكْتُبُونَ مَا يَكُونُ فِي أَمْرِ السَّنَةِ وَ مَا يُصِيبُ الْعِبَادَ، وَ أَمْرُهُ عِنْدَهُ مَوْقُوفٌ [لَهُ‏]، وَ فِيهِ الْمَشِيئَةُ، فَيُقَدِّمُ [مِنْهُ‏] مَا يَشَاءُ وَ يُؤَخِّرُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ. وَ يَمْحُو وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ».
11775/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، [قَالُوا]: قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا سَعِيدَ السَّمَّانَ: كَيْفَ تَكُونُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ؟ قَالَ: «الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ».
11776/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ فِي سِتٍّ مَضَتْ مِنْ‏
__________________________________________________
 (13)- الكافي 4: 157/ 3.
 (14)- الكافي 4: 157/ 4.
 (15)- الكافي 4: 157/ 5.
 (1) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «ليلة الجهني» إشارة إلى ما رواه في الفقيه عن زرارة عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: سألته عن الليالي الّتي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان فقال: ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين، و قال: ليلة ثلاث و عشرين هي ليلة الجهني و حديثه: أنّه قال لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): إن منزلي ناء عن المدينة فمرني بليلة أدخل فيها فأمر بليلة ثلاث و عشرين، ثمّ قال الصدوق (رحمه اللّه): و اسم الجهني عبد اللّه بن أنيس الأنصاري. «مرآة العقول 16: 382، من لا يحضره الفقيه 2: 103/ 461».
 (2) في المصدر: إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين.

710
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ نَزَلَ الْإِنْجِيلُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ نَزَلَ الزَّبُورُ فِي لَيْلَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ».
11777/ «16»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنِ الْفُضَيْلِ وَ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حُمْرَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ «1»، قَالَ: «نَعَمْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَ هِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَلَمْ يُنْزَلِ الْقُرْآنُ إِلَّا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «2» قَالَ: يُقَدَّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ خَيْرٍ وَ شَرٍّ وَ طَاعَةٍ وَ مَعْصِيَةٍ وَ مَوْلُودٍ وَ أَجَلٍ أَوْ رِزْقٍ، فَمَا قُدِّرَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَ قُضِيَ فَهُوَ الْمَحْتُومُ، وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ الْمَشِيئَةُ».
قَالَ: قُلْتُ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَيُّ شَيْ‏ءٍ عَنَى بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: «الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَ لَوْ لَا مَا يُضَاعِفُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا بَلَغُوا، وَ لَكِنَّ اللَّهَ يُضَاعِفُ لَهُمُ الْحَسَنَاتِ».
11778/ «17»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ السَّيَّارِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ دَاوُدَ ابْنِ فَرْقَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، كَانَتْ أَوْ تَكُونُ فِي كُلِّ عَامٍ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَوْ رُفِعَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَرُفِعَ الْقُرْآنُ».
11779/ «18»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَ نَاسٌ يَسْأَلُونَهُ، يَقُولُونَ: إِنَّ الْأَرْزَاقَ تُقْسَمُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ؟
قَالَ: فَقَالَ: «لَا وَ اللَّهِ، مَا ذَاكَ إِلَّا فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ، فَإِنَّهُ فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ يَلْتَقِي الْجَمْعَانِ، وَ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، وَ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ يُمْضَى مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.
قَالَ: قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «يَلْتَقِي الْجَمْعَانِ؟» قَالَ: «يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهَا مَا أَرَادَ مِنْ تَقْدِيمِهِ وَ تَأْخِيرِهِ وَ إِرَادَتِهِ وَ قَضَائِهِ».
قَالَ: قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى يُمْضِيهِ فِي ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ يُفْرَقُ «3» فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ إِمْضَاؤُهُ، وَ يَكُونُ لَهُ فِيهِ الْبَدَاءُ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ أَمْضَاهُ، فَيَكُونُ مِنَ الْمَحْتُومِ الَّذِي لَا يَبْدُو [لَهُ‏] فِيهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (16)- الكافي 4: 157/ 6.
 (17)- الكافي 4: 158/ 7.
 (18)- الكافي 4: 158/ 8.
 (1) الدخان 44: 3.
 (2) الدخان 44: 4.
 (3) في المصدر: يفرقه.

711
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

11780/ «19»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «التَّقْدِيرُ فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَ الْإِبْرَامُ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ، وَ الْإِمْضَاءُ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ».
11781/ «20»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْقَمَّاطِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «أُرِيَ «1» رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [فِي مَنَامِهِ‏] بَنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ يُضِلُّونَ النَّاسَ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَى، فَأَصْبَحَ [كَئِيباً] حَزِيناً، قَالَ: فَهَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً؟ قَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، إِنِّي رَأَيْتُ بَنِي أُمَيَّةَ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ يَصْعَدُونَ مِنْبَرِي مِنْ بَعْدِي، وَ يُضِلُّونَ النَّاسَ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَى! فَقَالَ: وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً، إِنَّنِي مَا اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ؛ فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ بِآيٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُؤْنِسُهُ بِهَا [قَالَ‏]:
أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ* ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ «2»، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرِ مُلْكِ بَنِي أُمَيَّةَ».
11782/ «21»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ [هِيَ‏] أَوَّلُ السَّنَةِ وَ هِيَ آخِرُهَا».
11783/ «22»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ رَبِيعٍ الْمُسْلِيِّ، وَ زِيَادِ ابْنِ أَبِي الْحَلَّالِ، ذَكَرَاهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ التَّقْدِيرُ، وَ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ الْقَضَاءُ، وَ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ إِبْرَامُ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فِي خَلْقِهِ».
11784/ «23»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، قَالَ: «مِنْ مُلْكِ بَنِي أُمَيَّةَ، قَالَ: وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أَيْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِكُلِّ أَمْرٍ سَلَامٍ».
__________________________________________________
 (19)- الكافي 4: 159/ 9.
 (20)- الكافي 4: 159/ 10.
 (21)- الكافي 4: 160/ 11.
 (22)- الكافي 4: 160/ 12.
 (23)- تأويل الآيات 2: 820/ 8.
 (1) في «ط» و المصدر: رأى.
 (2) الشعراء 26: 205- 207.

712
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

11785/ «24»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «قَالَ لِي أَبِي مُحَمَّدٌ: قَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ عِنْدَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا أَبَتَاهْ، كَأَنَّ بِهَا مِنْ فِيكَ حَلَاوَةً. فَقَالَ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنِي، اعْلَمْ أَنِّي أَعْلَمُ فِيهَا مَا لَا تَعْلَمُ، إِنَّهَا لَمَّا أُنْزِلَتْ بَعَثَ إِلَيَّ جَدُّكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَرَأَهَا عَلَيَّ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى كَتِفِيَ الْأَيْمَنِ، وَ قَالَ: يَا أَخِي وَ وَصِيِّي وَ وَلِيِّي عَلَى أُمَّتِي بَعْدِي، وَ حَرْبَ أَعْدَائِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، هَذِهِ السُّورَةُ لَكَ مِنْ بَعْدِي، وَ لِوَلَدَيْكَ «1» مِنْ بَعْدِكَ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَخِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَدَّثَ «2» لِي أَحْدَاثَ أُمَّتِي فِي سُنَّتِهَا، وَ إِنَّهُ لَيَحْدُثُ ذَلِكَ إِلَيْكَ كَأَحْدَاثِ النُّبُوَّةِ، وَ لَهَا نُورٌ سَاطِعٌ فِي قَلْبِكَ وَ قُلُوبِ أَوْصِيَائِكَ إِلَى مَطْلَعِ فَجْرِ الْقَائِمِ».
11786/ «25»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي السَّمَاءِ، فِي حَدِيثٍ الْإِسْرَاءِ- قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ نِسْبَةَ رَبِّكَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى [قُلْ هُوَ] اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ «3» وَ هَذَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: اقْرَأْ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ، فَقَرَأَهَا مِثْلَ مَا قَرَأَ أَوَّلًا، ثُمَّ أَوْحَى [اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏] إِلَيْهِ: اقْرَأْ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فَإِنَّهَا نِسْبَتُكَ وَ نِسْبَةُ أَهْلِ بَيْتِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
11787/ «26»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ هُوَ سُلْطَانُ بَنِي أُمَيَّةَ».
وَ قَالَ: «لَيْلَةٌ مِنْ إِمَامٍ عَادِلٍ «4» خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرِ مُلْكِ بَنِي أُمَيَّةَ».
وَ قَالَ: «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ أَيْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِكُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ».
11788/ «27»- وَ عَنْهُ أَيْضاً: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَمَّا يُفْرَقُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، هَلْ هُوَ مَا يُقَدِّرُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى فِيهَا؟ قَالَ: «لَا تُوصَفُ قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «5» فَكَيْفَ يَكُونُ حَكِيماً إِلَّا مَا فَرَقَ، وَ لَا تُوصَفُ قُدْرَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، لِأَنَّهُ‏
__________________________________________________
 (24)- تأويل الآيات 2: 820/ 9.
 (25)- الكافي 3: 485/ 1.
 (26)- تأويل الآيات 2: 827/ 2.
 (27)- تأويل الآيات 2: 818/ 3.
 (1) في المصدر: و لولدك.
 (2) في «ط، ج»: أحدث.
 (3) التوحيد 112: 1- 4.
 (4) في المصدر: عدل.
 (5) الدخان 44: 4.

713
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

يُحْدِثُ مَا يَشَاءُ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: [لَيْلَةُ الْقَدْرِ] خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يَعْنِي فَاطِمَةَ (سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْهَا)، وَ قَوْلُهُ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها وَ الْمَلَائِكَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ عِلْمَ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ الرُّوحُ رُوحُ الْقُدُسِ وَ هِيَ «1» فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ يَقُولُ: [مِنْ‏] كُلِّ أَمْرٍ سَلَّمَهُ «2» حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يَعْنِي حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11789/ «28»- وَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ، عَنْ رِجَالِهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَجْلَانَ السَّكُونِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «بَيْتُ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ [مِنْ‏] حُجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ سَقْفُ بَيْتِهِمْ عَرْشُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ فِي قَعْرِ بُيُوتِهِمْ فُرْجَةٌ مَكْشُوطَةٌ إِلَى الْعَرْشِ مِعْرَاجُ الْوَحْيِ وَ الْمَلَائِكَةِ، تَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ بِالْوَحْيِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً، وَ كُلَّ سَاعَةٍ وَ طَرْفَةِ عَيْنٍ، وَ الْمَلَائِكَةُ لَا يَنْقَطِعُ فَوْجُهُمْ، فَوْجٌ يَنْزِلُ وَ فَوْجٌ يَصْعَدُ، وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَشَفَ لِإِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ السَّمَاوَاتِ حَتَّى أَبْصَرَ الْعَرْشَ، وَ زَادَ اللَّهُ فِي قُوَّةِ نَاظَرِهِ، وَ إِنَّ اللَّهَ زَادَ فِي قُوَّةِ نَاظِرٍ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، وَ كَانُوا يُبْصِرُونَ الْعَرْشَ، وَ لَا يَجِدُونَ لِبُيُوتِهِمْ سَقْفاً غَيْرَ الْعَرْشِ، فَبُيُوتُهُمْ مُسَقَّفَةٌ بِعَرْشِ الرَّحْمَنِ، وَ مَعَارِجِ الْمَلَائِكَةِ، وَ الرُّوحِ فَوْجٍ بَعْدَ فَوْجٍ، لَا انْقِطَاعَ لَهُمْ، وَ مَا مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الْأَئِمَّةِ مِنَّا إِلَّا وَ فِيهِ مِعْرَاجُ الْمَلَائِكَةِ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ».
قَالَ: قُلْتُ: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ؟ قَالَ: «بِكُلِّ أَمْرٍ» فَقُلْتُ: هَذَا التَّنْزِيلُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
11790/ «29»- وَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ، شَيْ‏ءٌ يَكُونُ عَلَى عَهْدِ الْأَنْبِيَاءِ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ فِيهَا الْأَمْرُ، فَإِذَا مَضَوْا رُفِعَتْ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
11791/ «30»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ هُمْ سُكَّانُ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَ فِيهِمْ جَبْرَئِيلُ، وَ مَعَهُمْ أَلْوِيَةٌ، فَيُنْصَبُ لِوَاءٌ مِنْهَا عَلَى قَبْرِي، وَ لِوَاءٌ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَ لِوَاءٌ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَ لِوَاءٌ عَلَى طُورِ سَيْنَاءَ، وَ لَا يَدَعُ مُؤْمِناً وَ لَا مُؤْمِنَةً إِلَّا وَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا مُدْمِنَ الْخَمْرِ، وَ آكِلَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ الْمُنْضَجِ «3» بِالزَّعْفَرَانِ». وَ وَرَدَ: أَنَّهَا اللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ.
11792/ «31»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي (صَحِيحِهِ)، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)
__________________________________________________
 (28)- تأويل الآيات 2: 818/ 4.
 (29)- تأويل الآيات 2: 819/ 5.
 (30)- تأويل الآيات 2: 816/ 1، مجمع البيان 10: 789.
 (31)- سنن الترمذي 5: 444/ 3350.
 (1) في المصدر: القدس و هو في.
 (2) في المصدر: أمر مسلّمة.
 (3) في المصدر: المضمخ، و في المجمع: و المتضمخ.

714
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القدر الآيات 1 الى 5 ص 701

بَعْدَ مَا بَايَعَ [مُعَاوِيَةَ]، فَقَالَ: سَوَّدْتَ وُجُوهَ الْمُؤْمِنِينَ «1». فَقَالَ: «لَا تُؤْذِينِي «2» رَحِمَكَ اللَّهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أُرِيَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مِنْبَرِهِ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ «3»، وَ الْكَوْثَرُ نَهَرٌ «4» فِي الْجَنَّةِ، وَ نَزَلَتْ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يَمْلِكُهَا بَنُو أُمَيَّةَ، يَا مُحَمَّدُ».
قَالَ الْقَاسِمُ «5»: فَعَدَدْنَاهَا فَإِذَا هِيَ أَلْفُ شَهْرٍ لَا تَنْقُصُ يَوْماً وَ لَا تَزِيدُ «6».
11793/ «32»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة واحدة، و على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في طول [ثلاث و] عشرين سنة وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ و معنى ليلة القدر أن اللّه تعالى يقدر فيها الآجال و الأرزاق و كل أمر يحدث من موت أو حياة أو خصب أو جدب أو خير أو شر، كما قال اللّه: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «7» إلى سنة.
قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها قال: تنزل الملائكة و روح القدس على إمام الزمان، و يدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأمور.
قوله: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، قال: رأى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في نومه كأنّ قردة يصعدون منبره فغمه ذلك، فأنزل اللّه: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تملكه بنو أميّة ليس فيها ليلة القدر.
قوله: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ قال: تحية يحيى بها الامام إلى أن يطلع الفجر.
و
قِيلَ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): تَعْرِفُونَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؟ فَقَالَ: «وَ كَيْفَ لَا نَعْرِفُ [لَيْلَةَ الْقَدْرِ] وَ الْمَلَائِكَةُ تَطُوفُ بِنَا فِيهَا!».
__________________________________________________
 (32)- تفسير القمّيّ 2: 431.
 (1) زاد في المصدر: أو يا مسوّد وجوه المؤمنين.
 (2) في المصدر: لا تؤنبني.
 (3) الكوثر 108: 1.
 (4) في المصدر: يا محمّد يعني نهرا.
 (5) و هو القاسم بن الفضل الحداني، الذي في سند الحديث.
 (6) في المصدر: ألف يوم لا يزيد يوم و لا ينقص.
 (7) الدخان 44: 4.

715
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البينة ص 717

سورة البينة
فضلها
11794/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ (لَمْ يَكُنْ) كَانَ بَرِيئاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ «1»، وَ أُدْخِلَ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِناً، وَ حَاسَبَهُ حِسَاباً يَسِيراً».
11795/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَعَ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ رَفِيقاً وَ صَاحِبَا، وَ هُوَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ إِنْ كُتِبَتْ فِي إِنَاءٍ جَدِيدٍ وَ نَظَرَ فِيهَا صَاحِبُ اللَّقْوَةِ بِعَيْنَيْهِ بَرِى‏ءَ مِنْهَا».
11796/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا عَلَى خُبْزٍ رِقَاقٍ وَ أُطْعِمَهَا سَارِقٌ غُصَّ، وَ يَفْتَضِحُ مِنْ سَاعَتِهِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى خَاتَمٍ بِاسْمِ سَارِقٍ تَحَرَّكَ الْخَاتَمُ».
11797/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، وَ كَانَ فِيهِ يَرَقَانٌ «2»، زَالَ عَنْهُ، وَ إِذَا عُلِّقَتْ عَلَى بَيَاضٍ بِالْعَيْنِ، وَ الْبَرَصِ، وَ شُرِبَ مَاؤُهَا، دَفَعَهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَ إِنْ شَرِبَتْ مَاءَهَا الْحَوَامِلُ نَفَعَتْها، وَ سَلَّمَتْهَا مِنْ سُمُومِ الطَّعَامَ، وَ إِذَا كُتِبَتْ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْرَامِ أَزَالَتْهَا بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 124.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- خواص القرآن: 15 «مخطوط».
 (1) في المصدر: الشرك.
 (2) اليرقان: حالة مرضيّة تمنع الصّفراء من بلوغ المعى بسهولة. «المعجم الوسيط 2: 1064».

717
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البينة الآيات 1 الى 8 ص 718

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ- إلى قوله تعالى- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [1- 8]
11798/ «1»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ مَرْفُوعاً، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ، قَالَ: «هُمْ مُكَذِّبُو الشِّيعَةِ، لِأَنَّ الْكِتَابَ هُوَ الْآيَاتُ، وَ أَهْلَ الْكِتَابِ الشِّيعَةُ».
وَ قَوْلُهُ: وَ الْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ يَعْنِي الْمُرْجِئَةَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، قَالَ: حَتَّى يَتَّضِحَ لَهُمُ الْحَقُّ، وَ قَوْلُهُ: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَعْنِي مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً يَعْنِي يَدُلُّ عَلَى اولِي الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ هُمُ الصُّحُفُ الْمُطَهَّرَةُ.
وَ قَوْلُهُ: فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ أَيْ عِنْدَهُمُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَ قَوْلُهُ: وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَعْنِي مُكَذِّبِي الشِّيعَةِ، وَ قَوْلُهُ: إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ أَيْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَ ما أُمِرُوا هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافُ إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَ الْإِخْلَاصُ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ قَوْلُهُ:
وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ الصَّلَاةُ «1»: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ. قَالَ: هِيَ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ).
وَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قَالَ: الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ بِأُولِي الْأَمْرِ وَ أَطَاعُوهُمْ بِمَا
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 829/ 1.
 (1) في المصدر: فالصلاة و الزكاة.

718
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البينة الآيات 1 الى 8 ص 718

أَمَرُوهُمْ بِهِ، فَذَلِكَ هُوَ الْإِيمَانُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ.
11799/ «2»- و قال: قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ،
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «اللَّهُ رَاضٍ عَنِ الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ الْمُؤْمِنِ وَ إِنْ كَانَ رَاضِياً عَنِ اللَّهِ فَإِنَّ فِي قَلْبِهِ مَا فِيهِ، لِمَا يَرَى فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ التَّمْحِيصِ، فَإِذَا عَايَنَ الثَّوَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَضِيَ عَنِ اللَّهِ الْحَقِّ حَقَّ الرِّضَا، وَ هُوَ قَوْلُهُ: وَ رَضُوا عَنْهُ، وَ قَوْلُهُ: ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ أَيْ أَطَاعَ رَبَّهُ».
11800/ «3»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ: وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ، قَالَ: «هُوَ ذَلِكَ دِينُ «1» الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11801/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْهَيْثَمِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُسَاوِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرَاحِيلَ كَاتِبِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَنَا مُسْنِدُهُ إِلَى صَدْرِي، وَ عَائِشَةُ عِنْدَ أُذُنِي، فَأَصْغَتْ عَائِشَةُ لِتَسْمَعَ إِلَى مَا يَقُولُ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي، أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ، وَ مَوْعِدِي وَ مَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ إِذَا جَثَتِ الْأُمَمُ تُدْعَوْنَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ شِبَاعاً مَرْوِيِّينَ».
11802/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ «2»، ثُمَّ إِنَّهُ وَجَدَ فِي كُتُبِ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: أَنْتَ يَا عَلِيُّ وَ شِيعَتُكَ، وَ مِيعَادُكَ وَ مِيعَادُهُمُ الْحَوْضُ، تَأْتُونَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مُتَوَّجِينَ». قَالَ يَعْقُوبُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «هَكَذَا هُوَ عِنْدَنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11803/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): يَا بُنَيَّةِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَرْسِلِي إِلَى بَعْلِكِ فَادْعِيهِ إِلَيَّ»، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِلْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): انْطَلِقْ إِلَى أَبِيكَ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ جَدِّي يَدْعُوكَ. فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ فَدَعَاهُ، فَأَقْبَلَ أَمِيرُ
__________________________________________________
 (2)- تأويل الآيات 2: 830/ 1.
 (3)- تأويل الآيات 2: 831/ 2.
 (4)- تأويل الآيات 2: 831/ 3.
 (5)- تأويل الآيات 2: 831/ 4.
 (6)- تأويل الآيات 2: 832/ 5.
 (1) في «ي»: الدين.
 (2) في المصدر: يعقوب بن ميثم.

719
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البينة الآيات 1 الى 8 ص 718

الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ فَاطِمَةُ عِنْدَهُ، وَ هِيَ تَقُولُ: وَا كَرْبَاهْ لِكَرْبِكَ يَا أَبَتَاهْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ. يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ النَّبِيَّ لَا يُشَقُّ عَلَيْهِ الْجَيْبُ، وَ لَا يُخْمَشُ عَلَيْهِ الْوَجْهُ، وَ لَا يُدْعَى عَلَيْهِ بِالْوَيْلِ، وَ لَكِنْ قُولِي كَمَا قَالَ أَبُوكِ عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ: تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَ قَدْ يُوجَعُ الْقَلْبُ، وَ لَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ، وَ إِنَّا بِكَ- يَا إِبْرَاهِيمُ- لَمَحْزُونُونَ، وَ لَوْ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ لَكَانَ نَبِيّاً.
ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ ادْنُ مِنِّي. فَدَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: أَدْخِلْ أُذُنَكَ فِي فَمِي. فَفَعَلَ، فَقَالَ: يَا أَخِي، أَ لَمَ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ؟ قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: هُمْ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ، تَجِيئُونَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ شِبَاعاً مَرْوِيِّينَ، أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ؟ قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: هُمْ أَعْدَاؤُكَ وَ شِيعَتُهُمْ، يَجِيئُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ ظِمَاءً مُظْمَئِينَ، أَشْقِيَاءَ مُعَذَّبِينَ، كُفَّاراً مُنَافِقِينِ، ذَاكَ لَكَ وَ لِشِيعَتِكَ، وَ هَذَا لِعَدُوِّكَ وَ شِيعَتِهِمْ».
11804/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيِّ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاتِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ لِأَهْلِ الشُّورَى: «أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ يَوْمَ أَتَيْتُكُمْ وَ أَنْتُمْ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: هَذَا أَخِي قَدْ أَتَاكُمْ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْكَعْبَةِ، قَالَ: وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ الْمَبْنِيَّةِ، إِنَّ هَذَا وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ وَ قَالَ: أَمَا إِنِّي أَوَّلُكُمْ إِيمَاناً، وَ أَقْوَمُكُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَ أَوْفَاكُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَ أَقْضَاكُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ، وَ أَعْدَلُكُمْ فِي الرَّعِيَّةِ، وَ أَقْسَمُكُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَ أَعْظَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَزِيَّةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ كَبَّرْتُمْ، وَ هَنَّأْتُمُونِي بِأَجْمَعِكُمْ، فَهَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ؟» قَالُوا:
اللَّهُمَّ نَعَمْ.
11805/ «8»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ شِبْلِ بْنِ أَسَدٍ الْوَكِيلِ، وَ أَنَا أَسْمَعُ، فِي مَنْزِلِهِ بِبَغْدَادَ فِي الرَّبَضِ بِبَابِ مُحَوَّلٍ فِي صَفَرٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَ أَرْبَعِمِائَةٍ: حَدَّثَنَا ظَفَرُ بْنُ حُمْدُونِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَدَّادٍ الْبَادَرَائِيُّ أَبُو مَنْصُورٍ بِبَادَرَايَا فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ الْأَحْمَرِيُّ فِي مَنْزِلِهِ بِفَارِسْفَانَ مِنْ رُسْتَاقِ الْأَسْفِيدِهَانِ مِنْ كُورَةِ نَهَاوَنْدَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ وَ مِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مِيثَمٍ التَّمَّارِ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنِّي وَجَدْتُ فِي كُتُبِ أَبِي أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ لِأَبِي مِيثَمٍ: «أَحْبِبْ حَبِيبَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ إِنْ كَانَ فَاسِقاً زَانِياً، وَ أَبْغِضْ مُبْغِضَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ إِنْ كَانَ صَوَّاماً قَوَّاماً، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 833/ 6.
 (8)- الأمالي 2: 19.

720
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البينة الآيات 1 الى 8 ص 718

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، وَ قَالَ: هُمْ وَ اللَّهِ [أَنْتَ‏] وَ شِيعَتُكَ يَا عَلِيُّ، وَ مِيعَادُكَ وَ مِيعَادُهُمُ الْحَوْضُ غَداً، غُرّاً مُحَجَّلِينَ مُتَوَّجِينَ».
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: «هَكَذَا هُوَ عِيَانٌ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11806/ «9»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَنَسٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ [النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]: «قَدْ أَتَاكُمْ أَخِي» ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَضَرَبَهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ هَذَا وَ شِيعَتَهُ لَهُمُ الْفَائِزُونَ [يَوْمَ الْقِيَامَةِ]» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ أَوَّلُكُمْ إِيمَاناً مَعِي، وَ أَوْفَاكُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَ أَقْوَمُكُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَ أَعْدَلُكُمْ فِي الرَّعِيَّةِ، وَ أَقْسَمُكُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَ أَعْظَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَزِيَّةً» قَالَ: فَنَزَلَتْ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قَالَ: فَكَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالُوا: قَدْ جَاءَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.
11807/ «10»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدُو، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَاشِرِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِزْقٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «دَخَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَلَمَّا رَآهُ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ إِذَا جُمِعَتِ الْأُمَمُ، وَ وُضِعَتِ الْمَوَازِينُ، وَ بَرَزَ لِعَرْضِ خَلْقِهِ، وَ دُعِيَ النَّاسُ إِلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ؟ قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا يُبْكِيكَ يَا عَلِيُّ، تُدْعَى وَ اللَّهِ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ، رِوَاءً مَرْوِيِّينَ، مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ، وَ يُدْعَى بِعَدُوِّكَ مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ، أَشْقِيَاءَ مُعَذَّبِينَ، أَ مَا سَمِعْتَ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ، وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ، عَدُوُّكَ يَا عَلِيُّ».
صَاحِبُ (الْأَرْبَعِينَ)، وَ هُوَ [الْحَدِيثُ‏] الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَرْبَعِينَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عُقْدَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطَوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ
«1»، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ النَّبِيُّ: «قَدْ أَتَاكُمْ‏
__________________________________________________
 (9)- الأمالي 1: 257.
 (10)- الأمالي 2: 283.
 (1) في الحديث «9»: سلمة.

721
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البينة الآيات 1 الى 8 ص 718

أَخِي» ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَضَرَبَهَا بِيَدِهِ «1»، وَ ذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخِ فِي (أَمَالِيهِ) «2».
11808/ «11»- ابْنُ الْفَارِسِيِّ فِي (الرَّوْضَةِ): قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُبْتَدِئاً: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ هُمْ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ».
11809/ «12»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي شَيْئاً يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ. قَالَ: «عَلَيْكَ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ فِي عَاجِلِ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتِكَ»، إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاطِمَةُ تَدْعُوكَ» قَالَ: «نَعَمْ». فَقَالَ الرَّجُلُ: مَنْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هَذَا مِنَ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ».
11810/ «13»- ابْنُ عَبَّاسٍ وَ أَبُو بَرْزَةَ، وَ ابْنُ شَرَاحِيلَ، وَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ مُبْتَدِئاً: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ، وَ مِيعَادِي وَ مِيعَادُكُمُ الْحَوْضُ إِذَا حُشِرَ النَّاسُ جِئْتَ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ شِبَاعاً مَرْوِيِّينَ، غُرّاً مُحَجَّلِينَ» وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ: «أَنْتَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، وَ شِيعَتُكَ غُرٌّ مُحَجَّلُونَ».
11811/ «14»- أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي (مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)): بِالْإِسْنَادِ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «نَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ لَا نُقَاسُ بِالنَّاسِ». فَقَامَ رَجُلٌ فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: صَدَقَ عَلِيٌّ، النَّبِيُّ لَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ؟ وَ قَدْ نَزَلَ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.
11812/ «15»- أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِ (نُزُولِ الْقُرْآنِ فِي شَأْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)): أَنَّهُ حَدَّثَ مَالِكُ ابْنُ أَنَسٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ، صَدَّقَ أَوَّلَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ تَمَسَّكُوا بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ يَعْنِي عَلِيّاً أَفْضَلُ الْخَلِيقةِ بَعْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
11813/ «16»- الْأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ الْخُدْرِيِّ، وَ رَوَى الْخَطِيبُ الْخُوَارِزْمِيُّ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ» وَ فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا أَقْبَلَ عَلِيٌ‏
__________________________________________________
 (11)- روضة الواعظين: 105.
 (12)- المناقب 3: 68.
 (13)- المناقب 3: 68.
 (14)- المناقب 3: 68.
 (15)- المناقب 3: 68.
 (16)- المناقب 3: 69.
 (1) أربعين الخزاعيّ: 28/ 28.
 (2) تقدّم في الحدث «9».

722
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البينة الآيات 1 الى 8 ص 718

قَالُوا: جَاءَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.
11814/ «17»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِ (الْمَنَاقِبِ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَيِّدُ الْحُفَّاظِ أَبُو مَنْصُورٍ شَهْرَدَارُ بْنُ شِيرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ مِنْ هَمَذَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ عُبْدُوسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبْدُوسٍ الْهَمَذَانِيُّ إِجَازَةً، عَنِ الشَّرِيفِ أَبِي طَالِبٍ الْمُفَضَّلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْجَعْفَرِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) بِدَارِهِ بِأَصْبَهَانَ فِي سِكَّةِ الْخَوَارِجِ، وَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَرْدَوَيْهِ بْنِ فَوْرَكَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ السَّرِيِّ، أَخْبَرَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زِيَادٍ الْبَزَّازِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ شَرَاحِيلَ الْأَنْصَارِيُّ، كَاتِبُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَنَا مُسْنِدُهُ إِلَى صَدْرِي، فَقَالَ
: أَيْ عَلِيُّ، أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ؟ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ، وَ مَوْعِدِي وَ مَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ، إِذَا جَثَتِ الْأُمَمُ لِلْحِسَابِ تُدْعَوْنَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ».
11815/ «18»- و روى الحبري، يرفعه إلى ابن عبّاس، قال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ في علي (عليه السلام) و شيعته.
11816/ «19»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ يعني قريشا مُنْفَكِّينَ قال: هم في كفرهم حتّى تأتيهم البينة.
11817/ «20»- ثُمَّ قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْبَيِّنَةُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11818/ «21»- [و قال‏] علي بن إبراهيم، [في قوله‏]: وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، قال: لما جاءهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بالقرآن خالفوه و تفرقوا بعده، قوله: حُنَفاءَ، قال: طاهرين، قوله: وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ، أي دين قيم، قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ قال: أنزل عليهم القرآن فارتدوا و كفروا و عصوا أمير المؤمنين (عليه السلام) أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ، قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، قال: نزلت في آل الرسول (عليهم السلام).
11819/ «22»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس،
__________________________________________________
 (17)- المناقب للخوارزمي: 187.
 (18)- تفسير الحبري: 328/ 71.
 (19)- تفسير القمّيّ 2: 432.
 (20)- تفسير القمّيّ 2: 432.
 (21)- تفسير القمّيّ 2: 432.
 (22)- تفسير القمّيّ 2: 432.

723
البرهان في تفسير القرآن5

سورة البينة الآيات 1 الى 8 ص 718

في قوله: أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ يريد خير الخلق جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يصف الواصفون خير ما فيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يريد رضي أعمالهم وَ رَضُوا عَنْهُ رضوا بثواب اللّه ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ يريد لمن خاف و تناهى عن معاصي اللّه.
11820/ «23»- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، قَالَ:
 «هُمْ شِيعَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
11821/ «24»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: فِي كِتَابِ (شَوَاهِدِ التَّنْزِيلِ) لِلْحَاكِمِ أَبِي الْقَاسِمِ الْحَسْكَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، بِالْإِسْنَادِ الْمَرْفُوعِ إِلَى يَزِيدَ بْنِ شَرَاحِيلَ الْأَنْصَارِيِّ، كَاتِبِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ سَمِعْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَنَا مُسْنِدُهُ إِلَى صَدْرِي، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ؟ هُمْ شِيعَتُكَ، وَ مَوْعِدِي وَ مَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ إِذَا اجْتَمَعَ الْأُمَمُ لِلْحِسَابِ تُدْعَوْنَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ».
11822/ «25»- و روى الطبرسيّ، رفعه: عن مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، في قوله: هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، قال: نزلت في علي و أهل بيته (عليهم السلام).
__________________________________________________
 (23)- المحاسن: 171/ 140.
 (24)- مجمع البيان 10: 795.
 (25)- مجمع البيان 10: 795.

724
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الزلزلة ص 725

سورة الزلزلة
فضلها
11823/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَمَلُّوا مِنْ قِرَاءَةِ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها فَإِنَّهُ مَنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ بِهَا فِي نَوَافِلِهِ، لَمْ يُصِبْهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِزَلْزَلَةٍ أَبَداً، وَ لَمْ يَمُتْ بِهَا وَ لَا بِصَاعِقَةٍ وَ لَا بِآفَةٍ مِنْ آفَاتِ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ نَزَلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ، فَيَقْعُدُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِوَلِيِّ اللَّهِ، فَإِنَّهُ كَانَ كَثِيراً مَا يَذْكُرُنِي وَ يُكْثِرُ تِلَاوَةَ هَذِهِ السُّورَةِ، وَ تَقُولُ لَهُ السُّورَةُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ: قَدْ أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أَسْمَعَ لَهُ وَ أُطِيعَ، وَ لَا أُخْرِجَ رُوحَهُ حَتَّى يَأْمُرَنِي بِذَلِكَ، فَإِذَا أَمَرَنِي أَخْرَجْتُ رُوحَهُ، وَ لَا يَزَالُ مَلَكُ الْمَوْتِ عِنْدَهُ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِقَبْضِ رُوحِهِ، وَ إِذَا كُشِفَ لَهُ الْغِطَاءُ، فَيَرَى مَنَازِلَهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيُخْرِجُ رُوحَهُ فِي أَلْيَنِ مَا يَكُونُ مِنَ الْعِلَاجِ، ثُمَّ يُشَيِّعُ رُوحَهُ إِلَى الْجَنَّةِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَبْتَدِرُونَ بِهَا إِلَى الْجَنَّةِ».
11824/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَا تَمَلُّوا [مِنْ‏] قِرَاءَةِ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ، فَمَنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ فِي نَوَافِلِهِ لَمْ يُصِبْهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِزَلْزَلَةٍ أَبَداً، وَ لَمْ يَمُتْ بِهَا وَ لَا بِصَاعِقَةٍ وَ لَا بِآفَةٍ مِنْ آفَاتِ الدُّنْيَا، فَإِذَا أُمِرَ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: عَبْدِي أَبَحْتُكَ جَنَّتِي، فَاسْكُنْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتَ وَ هَوِيتَ لَا مَمْنُوعاً وَ لَا مَدْفُوعاً».
11825/ «3»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ قَرَأَ رُبُعَ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا عَلَى خُبْزِ الرُّقَاقِ وَ أَطْمَعَهَا صَاحِبَ السَّرِقَةِ غُصَّ بِهَا صَاحِبُ الْجَرِيرَةِ
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 458/ 24.
 (2)- ثواب الأعمال: 123.
 (3)- ......

725
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الزلزلة الآيات 1 الى 8 ص 727

وَ افْتَضَحَ».
11826/ «4»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا عَلَى خُبْزٍ رُقَاقٍ وَ أَطْعَمَهَا سَارِقاً غُصَّ وَ يَفْتَضِحُ مِنْ سَاعَتِهِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى خَاتَمٍ بِاسْمِ سَارِقٍ تَحَرَّكَ الْخَاتَمُ».
11827/ «5»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ أَوْ قَرَأَهَا وَ هُوَ دَاخِلٌ عَلَى سُلْطَانٍ يَخَافُ مِنْهُ، نَجَا مِمَّا يَخَافُ مِنْهُ وَ يَحْذَرُ، وَ إِذَا كُتِبَتْ عَلَى طَشْتٍ جَدِيدٍ لَمْ يُسْتَعْمَلْ وَ نَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ اللَّقْوَةِ أُزِيلَ وَجَعُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ ثَلَاثٍ أَوْ أَقَلَّ».
__________________________________________________
 (4)- ......
 (5)- خواص 3 القرآن: 15 «نحوه».

726
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الزلزلة الآيات 1 الى 8 ص 727

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها* وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها- إلى قوله تعالى- وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [1- 8]
11828/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ، رَفَعَهُ، عَنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، قَالَتْ: «أَصَابَ النَّاسَ زَلْزَلَةٌ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَفَزِعُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ، فَوَجَدُوهُمَا قَدْ خَرَجَا فَزِعَيْنِ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَتَبِعَهُمَا النَّاسُ إِلَى أَنِ انْتَهَوْا إِلَى [بَابِ‏] عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) غَيْرَ مُكْتَرِثٍ لِمَا هُمْ فِيهِ، فَمَضَى فَاتَّبَعَهُ النَّاسُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى تَلْعَةٍ «1»، فَقَعَدَ عَلَيْهَا وَ قَعَدُوا حَوْلَهُ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى حِيطَانِ الْمَدِينَةِ تَرْتَجُّ جَائِيَةً وَ ذَاهِبَةً، فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَأَنَّكُمْ قَدْ هَالَكُمْ مَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: وَ كَيْفَ لَا يَهُولُنَا وَ لَمْ نَرَ مِثْلَهَا قَطُّ! فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ الْأَرْضَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكِ؟ اسْكُنِي، فَسَكَنَتْ، فَعَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ أَوَّلًا حَيْثُ خَرَجَ إِلَيْهِمْ، قَالَ [لَهُمْ‏]: فَإِنَّكُمْ قَدْ تَعَجَّبْتُمْ مِنْ صُنْعِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: أَنَا الرَّجُلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها* وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها، فَأَنَا الْإِنْسَانُ الَّذِي يَقُولُ لَهَا: مَا لَكِ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إِيَّايَ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا».
11829/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ‏
__________________________________________________
 (1)- علل الشرائع: 556/ 8.
 (2)- علل الشرائع: 555/ 5.
 (1) التلعة: ما انهبط من الأرض، و قيل: ما ارتفع، و هو من الأضداد «لسان العرب 8: 36».

727
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الزلزلة الآيات 1 الى 8 ص 727

عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ حِذْيَمٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَيْثُ تَوَجَّهْنَا إِلَى الْبَصْرَةِ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ نُزُولٌ إِذْ اضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ، فَضَرَبَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَا لَكِ؟» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: «أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ لَأَجَابَتْنِي، وَ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ تِلْكَ».
11830/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ الصَّبَّاحِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ يَطُوفُ فِي السُّوقِ، فَيَأْمُرُهُمْ بِوَفَاءِ الْكَيْلِ وَ الْوَزْنِ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى بَابِ الْقَصْرِ رَكَضَ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ «1» الْمُبَارَكَةِ، فَتَزَلْزَلَتْ، فَقَالَ: «هِيَ هِيَ، مَا لَكِ؟ اسْكُنِي، أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّي أَنَا الْإِنْسَانُ الَّذِي تُنْبِئُهُ الْأَرْضُ أَخْبَارَهَا، أَوْ رَجُلٌ مِنِّي».
11831/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسَدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّجَفِيِّ «2»، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ الْفَضْلِ «3» بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ جَالِساً فِي الرَّحَبَةِ «4» فَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ، فَضَرَبَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: «قِرِّي، إِنَّهُ إِنَّمَا هُوَ قِيَامٌ، وَ لَوْ كَانَ ذَلِكِ لَأَخْبَرْتِنِي، وَ إِنِّي أَنَا الَّذِي تُحَدِّثُهُ الْأَرْضُ أَخْبَارَهَا، ثُمَّ قَرَأَ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها* وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها* يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها* بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى‏ لَها أَ مَا تَرَوْنَ أَنَّهَا تُحَدِّثُ عَنْ رَبِّهَا؟».
11832/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ جَذْيَمٍ [حِذْيَمٍ‏]، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَيْثُ تَوَجَّهْنَا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَبَيْنَا نَحْنُ نُزُولٌ إِذْ اضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ، فَضَرَبَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا لَكِ [اسْكُنِي‏]؟» فَسَكَنَتْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ الشَّرِيفِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: «أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ لَأَجَابَتْنِي، وَ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ تِلْكَ».
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْبَكْرِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ حَدِيثاً، يَرْفَعُهُ إِلَى سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، قَالَتْ: «أَصَابَ النَّاسَ زَلْزَلَةٌ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ، فَفَزِعَ النَّاسُ إِلَيْهِمَا، فَوَجَدُوهُمَا [قَدْ خَرَجَا]
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 385/ 1.
 (4)- تأويل الآيات 2: 835/ 2.
 (5)- تأويل الآيات 2: 836/ 3.
 (1) ركض الأرض و الثوب: ضربهما برجله. «لسان العرب 7: 159».
 (2) في المصدر: عبد اللّه بن سليمان النخعيّ، و قد ورد اسم: عبيد بن سليمان النخعيّ يروى عنه إبراهيم بن محمّد الثقفي في كتاب الغارات: 11.
 (3) في المصدر: فضيل.
 (4) الرّحبة، بالضم: بقرب القادسية، على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكّة، و الرّحبة، بالفتح، بالفتح: هي محلة بالكوفة تنسب إلى خنيس بن سعد: «مراصد الاطلاع 2: 608».

728
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الزلزلة الآيات 1 الى 8 ص 727

فَزِعَيْنِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «1»» وَ ذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ «2».
11833/ «6»- وَ رَوَى أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ التَّمَّارُ، قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنْ مَجْلِسِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، فَمَرَرْتُ عَلَى سَلْمَانَ الشَّاذَكُونِيِّ، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ فَقُلْتُ:
جِئْتُ مِنْ مَجْلِسِ فُلَانٍ- يَعْنِي وَاضِعِ كِتَابِ (الْوَاحِدَةِ)- فَقَالَ لِي: مَاذَا قَوْلُهُ فِيهِ؟ فَقُلْتُ شَيْ‏ءٌ مِنْ فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِفَضِيلَةٍ حَدَّثَنِي بِهَا قُرَشِيٌّ عَنْ قُرَشِيٍّ إِلَى أَنْ بَلَغَ سِتَّةَ نَفَرٍ [مِنْهُمْ‏]، ثُمَّ قَالَ: رَجَفَتْ قُبُورُ الْبَقِيعِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَضَجَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ عُمَرُ وَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدْعُونَ لِتَسْكُنَ الرَّجْفَةُ، فَمَا زَالَتْ تَزِيدُ إِلَى أَنْ تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، وَ عَزَمَ أَهْلُهَا عَلَى الْخُرُوجِ عَنْهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ: عَلَيَّ بِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَحَضَرَ، فَقَالَ:
يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَ لَا تَرَى إِلَى قُبُورِ الْبَقِيعِ وَ رَجْفَتِهَا حَتَّى تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى حِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَ قَدْ هَمَّ أَهْلُهَا بِالرَّحْلَةِ عَنْهَا؟
فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «عَلَيَّ بِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْبَدْرِيِّينَ» فَاخْتَارَ مِنَ الْمِائَةِ عَشْرَةً، فَجَعَلَهُمْ خَلْفَهُ، وَ جَعَلَ التِّسْعِينَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَ لَمْ يَبْقَ بِالْمَدِينَةِ سِوَى هَؤُلَاءِ إِلَّا حَضَرَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِالْمَدِينَةِ ثَيِّبٌ وَ لَا عَاتِقٌ «3» إِلَّا خَرَجَتْ، ثُمَّ دَعَا بِأَبِي ذَرٍّ وَ مِقْدَادَ وَ سَلْمَانَ وَ عَمَّارٍ، فَقَالَ لَهُمْ: «كُونُوا بَيْنَ يَدَيَّ» حَتَّى تُوُسِّطَ الْبَقِيعُ، وَ النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِهِ، فَضَرَبَ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا لَكِ مَا لَكِ؟» ثَلَاثاً، فَسَكَنَتْ، فَقَالَ: «صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لَقَدْ أَنْبَأَنِي بِهَذَا الْخَبَرِ، وَ هَذَا الْيَوْمِ، وَ هَذِهِ السَّاعَةِ، وَ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها* وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها، أَمَا لَوْ كَانَتْ هِيَ هِيَ لَقُلْتُ: مَا لَهَا، وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ لِي أَثْقَالَهَا» ثُمَّ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ مَعَهُ، وَ قَدْ سَكَنَتِ الرَّجْفَةُ.
11834/ «7»- علي بن إبراهيم: في معنى السورة إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها قال: من الناس وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها، قال: ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إلى قوله تعالى: أَشْتاتاً، قال: يجيئون «4» أشتاتا مؤمنين و كافرين و منافقين لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ قال: يقفون على ما فعلوه [ثم قال‏]: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ، و هو رد على المجبرة الذين يزعمون أنّه لا فعل لهم.
11835/ «8»- قَالَ: وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ:
__________________________________________________
 (6)- تأويل الآيات 2: 837/ 5.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 433.
 (8)- تفسير القمّيّ 2: 433.
 (1) تأويل الآيات 2: 836/ 4.
 (2) تقدم في الحديث (1) من هذه السورة.
 (3) جارية عاتق: أي شابة أول ما أدركت فخدرت في بيت أهلها و لم تبن إلى زوج. «الصحاح 4: 1520».
 (4) في المصدر: يحيون.

729
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الزلزلة الآيات 1 الى 8 ص 727

 «يَقُولُ: إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ [وَ كَانَ‏] قَدْ عَمِلَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي الدُّنْيَا خَيْراً [يَرَهُ‏] يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسْرَةً، إِنْ كَانَ عَمَلُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ يَقُولُ: إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ رَأَى ذَلِكَ الشَّرَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ».
و قد تقدم حديث في ذلك في سورة البلد «1».
__________________________________________________
 (1) تقدّم في الحديث (21) من تفسير الآيات (1- 20) من سورة البلد.

730
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العاديات ص 731

سورة العاديات‏
فضلها
11836/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْعَادِيَاتِ وَ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَاصَّةً، وَ كَانَ فِي حَجْرِهِ «1» وَ رُفَقَائِهِ».
11837/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَ مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا وَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى قَضَائِهِ سَرِيعاً، كَائِناً مَا كَانَ».
11838/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ صَلَّى بِهَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ عَدَلَ ثَوَابُهَا نِصْفَ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا وَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَعَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَضَائِهِ سَرِيعاً».
11839/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا لِلْخَائِفِ أَمِنَ مِنَ الْخَوْفِ، وَ قِرَاءَتُهَا لِلْجَائِعِ يُسَكِّنُ جَوْعَهُ، وَ الْعَطْشَانِ يُسَكِّنُ عَطَشَهُ، فَإِذَا قَرَأَهَا وَ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا الْمَدْيُونُ أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ دَيْنَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 125.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- خواص القرآن: 15 «مخطوط».
 (1) حجر فلان: أي في كنفه و منعته و منعه. «لسان العرب 4: 168».

731
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العاديات الآيات 1 الى 11 ص 732

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً- إلى قوله تعالى- إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ [1- 11]
11840/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً* فَالْمُورِياتِ قَدْحاً، قَالَ: «هَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ».
قَالَ: قُلْتُ: وَ مَا كَانَ حَالُهُمْ وَ قِصَّتُهُمْ؟ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ وَادِي الْيَابِسِ اجْتَمَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَ تَعَاقَدُوا وَ تَعَاهَدُوا وَ تَوَافَقُوا «1» عَلَى أَنْ لَا يَتَخَلَّفَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ، وَ لَا يَخْذُلَ أَحَدٌ أَحَداً، وَ لَا يَفِرَّ رَجُلٌ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يَمُوتُوا كُلُّهُمْ عَلَى حِلْفٍ وَاحِدٍ، وَ يَقْتُلُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِمْ وَ مَا تَعَاقَدُوا عَلَيْهِ وَ تَوَافَقُوا، وَ أَمَرَهُ أَنْ يَبْعَثَ أَبَا بَكْرٍ إِلَيْهِمْ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ قَدْ أَخْبَرَنِي أَنَّ أَهْلَ وَادِي الْيَابِسِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، قَدِ اسْتَعَدُّوا وَ تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَى أَنْ لَا يَغْدِرَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِصَاحِبِهِ وَ لَا يَفِرَّ عَنْهُ، وَ لَا يَخْذُلَهُ حَتَّى يَقْتُلُونِي وَ أَخِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، [وَ قَدْ] أَمَرَنِي أَنْ أُسَيِّرَ إِلَيْهِمْ أَبَا بَكْرٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَخُذُوا فِي مَسِيرِكُمْ «2»، وَ اسْتَعِدُّوا لِعَدُوِّكُمْ، وَ انْهَضُوا إِلَيْهِمْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَ بَرَكَتِهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ عُدَّتَهُمْ وَ تَهَيَّؤُوا، وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَبَا بَكْرٍ بِأَمْرِهِ، وَ كَانَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ أَنَّهُ إِذَا رَآهُمْ‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 434.
 (1) في المصدر: و تواثقوا و كذا في الموضع الآتي.
 (2) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: أمركم.

732
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العاديات الآيات 1 الى 11 ص 732

أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ بَايَعُوكَ وَ إِلَّا وَاقِفْهُمْ «1»، فَاقْتُلْ مُقَاتِلِيهِمْ، وَ اسْبِ ذَرَارِيَّهُمْ، وَ اسْتَبِحْ أَمْوَالَهُمْ، وَ خَرِّبْ ضِيَاعَهُمْ وَ دِيَارَهُمْ؛ فَمَضَى أَبُو بَكْرٍ وَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فِي أَحْسَنِ عُدَّةٍ، وَ أَحْسَنِ هَيْئَةٍ، يَسِيرُ بِهِمْ سَيْراً رَفِيقاً حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ، فَلَمَّا نَظَرَ «2» الْقَوْمُ نُزُولَ الْقَوْمِ عَلَيْهِمْ، وَ نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ أَصْحَابُهُ قَرِيباً مِنْهُمْ، خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ مِائَتَا رَجُلٍ مُدَجَّجِينَ بِالسِّلَاحِ، فَلَمَّا صَادَفُوهُمْ قَالُوا لَهُمْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ وَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ؟ وَ أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ لِيَخْرُجْ إِلَيْنَا صَاحِبُكُمْ حَتَّى نُكَلِّمَهُ؛ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا أَبُو بَكْرِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ. قَالُوا: مَا أَقْدَمَكَ عَلَيْنَا؟ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكُمْ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ تَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ، لَكُمْ مَا لَهُمْ، وَ عَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ، وَ إِلَّا فَالْحَرْبُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ؛ قَالُوا: وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى، لَوْ لَا رَحِمٌ مَاسَّةٌ وَ قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ لَقَتَلْنَاكَ وَ جَمِيعَ مَنْ مَعَكَ قِتْلَةً تَكُونُ حَدِيثاً لِمَنْ يَكُونُ بَعْدَكُمْ، فَارْجِعْ أَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ وَ ارْبَحُوا الْعَافِيَةَ، فَإِنَّا إِنَّمَا نُرِيدُ صَاحِبَكُمْ بِعَيْنِهِ، وَ أَخَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِأَصْحَابِهِ: يَا قَوْمِ، الْقَوْمُ أَكْثَرُ مِنْكُمْ أَضْعَافاً، وَ أَعَدُّ مِنْكُمْ، وَ قَدْ نَأَتْ دَارُكُمْ عَنْ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَارْجِعُوا؛ نُعْلِمْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِحَالِ الْقَوْمِ، فَقَالُوا لَهُ جَمِيعاً: خَالَفْتَ- يَا أَبَا بَكْرٍ- قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَا أَمَرَكَ بِهِ، فَاتَّقِ اللَّهَ وَ وَاقِعِ الْقَوْمَ، وَ لَا تُخَالِفْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؛ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ، وَ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ، فَانْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَقَالَةِ الْقَوْمِ، وَ مَا رَدَّ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ [رَسُولُ اللَّهِ‏] (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا أَبَا بَكْرٍ، خَالَفْتَ أَمْرِي، وَ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ، وَ كُنْتَ لِي وَ اللَّهِ عَاصِياً فِيمَا أَمَرْتُكَ.
فَقَامَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَمَرْتُ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَسِيرَ إِلَى أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ، وَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، وَ يَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَإِنْ أَجَابُوهُ وَ إِلَّا وَاقَعَهُمْ «3»، وَ إِنَّهُ سَارَ إِلَيْهِمْ، وَ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ مِائَتَا رَجُلٍ، فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهُمْ وَ مَا اسْتَقْبَلُوهُ بِهِ انْتَفَخَ سَحْرُهُ «4»، وَ دَخَلَهُ الرُّعْبُ مِنْهُمْ، وَ تَرَكَ قَوْلِي، وَ لَمْ يُطِعْ أَمْرِي، وَ إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) جَاءَ مِنْ عِنْدِ «5» اللَّهِ أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْهِمْ عُمَرَ مَكَانَهُ فِي أَصْحَابِهِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَسِرْ يَا عُمَرُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَ لَا تَعْمَلْ مَا عَمِلَ أَبُو بَكْرٍ أَخُوكَ، فَإِنَّهُ قَدْ عَصَى اللَّهَ وَ عَصَانِي، وَ أَمَرَهُ بِمَا أَمَرَ بِهِ أَبَا بَكْرٍ.
فَخَرَجَ عُمَرُ وَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ أَبِي بَكْرٍ يَقْصِدُ فِي سَيْرِهِ «6» حَتَّى شَارَفَ الْقَوْمَ وَ كَانَ قَرِيباً مِنْهُمْ بِحَيْثُ يَرَاهُمْ وَ يَرَوْنَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِائَتَا رَجُلٍ، فَقَالُوا لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ مِثْلَ مَقَالَتِهِمْ لِأَبِي بَكْرٍ، فَانْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: فان تابعوه و إلّا واقعهم.
 (2) في المصدر: بلغ.
 (3) في «ي»: واقفهم.
 (4) انتفخ سحره: امتلأ خوفا و جبن. «المعجم الوسيط 1: 419».
 (5) في المصدر: جبرئيل (عليه السّلام) أمرني عن.
 (6) في المصدر: يقتصد بهم في سيرهم.

733
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العاديات الآيات 1 الى 11 ص 732

النَّاسُ مَعَهُ، وَ كَادَ أَنْ يَطِيرَ قَلْبُهُ مِمَّا رَأَى مِنْ عُدَّةِ الْقَوْمِ وَ جَمْعِهِمْ، وَ رَجَعَ يَهْرُبُ مِنْهُمْ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَا صَنَعَ عُمَرُ، وَ أَنَّهُ قَدِ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ.
فَصَعِدَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ أَخْبَرَهُمْ بِمَا صَنَعَ عُمَرُ وَ مَا كَانَ مِنْهُ، وَ أَنَّهُ قَدْ انْصَرَفَ [وَ انْصَرَفَ‏] الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ مُخَالِفاً لِأَمْرِي، عَاصِياً لِقَوْلِي، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَ بِهِ صَاحِبَهُ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، عَصَيْتَ اللَّهَ فِي عَرْشِهِ وَ عَصَيْتَنِي، وَ خَالَفْتَ قَوْلِي، وَ عَمِلْتَ بِرَأْيِكَ، أَلَا قَبَّحَ اللَّهُ رَأْيَكَ، وَ إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَبْعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَدَعَا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَوْصَاهُ بِمَا أَوْصَى بِهِ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَصْحَابَهُ الْأَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ سَيَفْتَحُ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ.
فَخَرَجَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ، فَسَارَ بِهِمْ سَيْراً غَيْرَ سَيْرِ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَعْنَفَ بِهِمْ فِي السَّيْرِ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَنْقَطِعُوا «1» مِنَ التَّعَبِ وَ تَحْفَى «2» دَوَابُّهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَخَافُوا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ سَيَفْتَحُ عَلَيَّ وَ عَلَيْكُمْ، فَأَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى خَيْرٍ وَ إِلَى خَيْرٍ، فَطَابَتْ نُفُوسُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ، وَ سَارُوا عَلَى ذَلِكَ السَّيْرِ وَ التَّعَبِ، حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيباً مِنْهُمْ حَيْثُ يَرَوْنَهُ وَ يَرَاهُمْ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَنْزِلُوا، وَ سَمِعَ أَهْلُ وَادِي الْيَابِسِ بِمَقْدَمِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ مِائَتَا رَجُلٍ شَاكِينَ فِي السِّلَاحِ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا لَهُمْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ وَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ؟
وَ أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالَ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَخُوهُ، وَ رَسُولُهُ إِلَيْكُمْ، أَدْعُوكُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ لَكُمْ [إِنْ آمَنْتُمْ‏] مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَ عَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ. فَقَالُوا لَهُ: إِيَّاكَ أَرَدْنَا، وَ أَنْتَ طَلِبَتُنَا «3»، قَدْ سَمِعْنَا مَقَالَتَكَ وَ مَا عَرَضْتَ عَلَيْنَا، [هَذَا مَا لَا يُوَافِقُنَا]، فَخُذْ حِذْرَكَ، وَ اسْتَعِدَّ لِلْحَرْبِ الْعَوَانِ «4»، وَ اعْلَمْ أَنَّا قَاتِلُوكَ وَ قَاتِلُوا أَصْحَابِكَ، وَ الْمَوْعُودُ فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ غَداً ضَحْوَةً، وَ قَدْ أَعْذَرْنَا فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ.
فَقَالَ [لَهُمْ‏] عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَيْلَكُمْ تُهَدِّدُونِّي بِكَثْرَتِكُمْ وَ جَمْعِكُمْ، فَأَنَا أَسْتَعِينُ بِاللَّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْكُمْ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ؛ فَانْصَرَفُوا إِلَى مَرَاكِزِهِمْ، وَ انْصَرَفَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى مَرْكَزِهِ، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُحْسِنُوا إِلَى دَوَابِّهِمْ وَ يُقْضِمُوا «5» وَ يَحُسُّوا «6» وَ يُسْرِجُوا، فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ صَلَّى بِالنَّاسِ بِغَلَسٍ، ثُمَّ أَغَارَ عَلَيْهِمْ بِأَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى وَطِئَتْهُمْ الْخَيْلُ، فَمَا أَدْرَكَ آخِرُ أَصْحَابِهِ حَتَّى قَتَلَ‏
__________________________________________________
 (1) في «ج» يتقلعوا.
 (2) حفيَ من كثرة المشي أي رقّت قدمه أو حافره. «لسان العرب 14: 187».
 (3) الطّلية: أي المطلوب.
 (4) و هي الحرب التي قوتل فيها مرّة بعد أخرى كأنهم جعلوا الأولى بكرا، و الحرب العوان هي أشدّ الحروب. «أقرب الموارد 2: 850».
 (5) أقضم القوم: امتاروا شيئا قليلا في القحط، و أقضم الدابّة: علفها القضيم، و هو نبت من الحمض.
 (6) حسّ الدابّة: نفض التراب عنها بالمحسّة.

734
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العاديات الآيات 1 الى 11 ص 732

مُقَاتِلِيهِمْ، وَ سَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَ اسْتَبَاحَ أَمْوَالَهُمْ، وَ خَرَّبَ دِيَارَهُمْ، وَ أَقْبَلَ بِالْأُسَارَى وَ الْأَمْوَالِ مَعَهُ، وَ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ أَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ «1» مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلَانِ، فَنَزَلَ، وَ خَرَجَ يَسْتَقْبِلُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي جَمِيعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَقِيَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا رَآهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُقْبِلًا نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَ نَزَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى الْتَزَمَهُ، وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَنَزَلَ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَيْثُ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَقْبَلَ بِالْغَنِيمَةِ وَ الْأُسَارَى وَ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ».
ثُمَّ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «مَا غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهَا قَطُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ خَيْبَرَ، فَإِنَّهَا مِثْلُ خَيْبَرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً يَعْنِي بِالْعَادِيَاتِ الْخَيْلَ تَعْدُو بِالرِّجَالِ، وَ الضَّبْحُ: صَيْحَتُهَا فِي أَعِنَّتِهَا وَ لُجُمِهَا فَالْمُورِياتِ قَدْحاً* فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهَا أَغَارَتْ عَلَيْهِمْ صُبْحاً».
 [قُلْتُ‏]: قَوْلُهُ: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً؟ قَالَ: «يَعْنِي الْخَيْلَ، فَأَثَرْنَ بِالْوَادِي نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً».
قُلْتُ: قَوْلُهُ: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ؟ قَالَ: «لَكَفُورٌ». وَ إِنَّهُ عَلى‏ ذلِكَ لَشَهِيدٌ؟ قَالَ: «يَعْنِيهِمَا جَمِيعاً، قَدْ شَهِدَا جَمِيعاً وَادِيَ الْيَابِسِ، وَ كَانَا لِحُبِّ الْحَيَاةِ حَرِيصَيْنِ».
 [قُلْتُ‏]: قَوْلُهُ: أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ* وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ* إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ؟
قَالَ: «نَزَلَتِ الْآيَتَانِ فِيهِمَا خَاصَّةً، كَانَا يُضْمِرَانِ ضَمِيرَ السَّوْءِ وَ يَعْمَلَانِ بِهِ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ خَبَرَهُمَا وَ فَعَالَهُمَا، فَهَذِهِ قِصَّةُ أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ وَ تَفْسِيرُ الْعَادِيَاتِ».
11841/ «2»- ثم قال عليّ بن إبراهيم أيضا في تفسير الْعادِياتِ ضَبْحاً: أي عدوا عليهم في الضبح، ضباح الكلاب: صوتها، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً كانت بلادهم فيها حجارة، فإذا وطئتها سنابك الخيل كانت تقدح «2» منها النار، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً أي صبحهم بالغارة فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً قال: ثارت الغبرة من ركض الخيل فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً، قال: توسط المشركين بجمعهم إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ أي كفور، و هم الذين أمروا و أشاروا على أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يدع الطريق ممّا حسدوه، و كان علي (عليه السلام) قد أخذ بهم على غير الطريق الذي أخذ فيه أبو بكر و عمر، فعلموا أنّه يظفر بالقوم، فقال عمرو بن العاص لأبي بكر: إن عليا غلام حدث لا علم له بالطريق، و هذا طريق مسبع «3» لا يؤمن فيه السباع، فمشيا إليه، و قالا له: يا أبا الحسن، هذا الطريق الذي أخذت فيه طريق مسبع، فلو رجعت إلى الطريق؟
فَقَالَ لَهُمَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْزَمَا رِحَالَكُمَا، وَ كُفَّا عَمَّا لَا يَعْنِيكُمَا، وَ اسْمَعَا وَ أَطِيعَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ بِمَا أَصْنَعُ»
فسكتا.
__________________________________________________
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 439.
 (1) في المصدر: يصب.
 (2) في المصدر: تنقدح.
 (3) أسبع الطريق: كثرت به السّباع. «المعجم الوسيط 1: 414».

735
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العاديات الآيات 1 الى 11 ص 732

و قوله: وَ إِنَّهُ عَلى‏ ذلِكَ لَشَهِيدٌ أي على العداوة وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ يعني حبّ الحياة حيث خافا السباع على أنفسهما. فقال اللّه عزّ و جلّ: أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ* وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ أي يجمع و يظهر إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ.
11842/ «3»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ ابْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَقْرَعَ بَيْنَ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَبَعَثَ مِنْهُمْ ثَمَانِينَ رَجُلًا إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ، وَ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا بَكْرٍ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُمْ قَرِيباً مِنَ الْحَرَّةِ، وَ كَانَتْ أَرْضُهُمْ أَسِنَّةً كَثِيرَةَ الْحِجَارَةِ وَ الشَّجَرِ بِبَطْنِ الْوَادِي، وَ الْمُنْحَدَرُ إِلَيْهِمْ صَعْبٌ، فَهَزَمُوهُ وَ قَتَلُوا مِنْ أَصْحَابِهِ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَقَدَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ بَعَثَهُ، فَكَمَنَ [لَهُ‏] بَنُو سُلَيْمٍ بَيْنَ الْحِجَارَةِ وَ تَحْتَ الشَّجَرِ، فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَهْبِطَ خَرَجُوا عَلَيْهِ لَيْلًا فَهَزَمُوهُ حَتَّى بَلَغَ جُنْدُهُ سِيفَ الْبَحْرِ «1»، فَرَجَعَ عُمَرُ مُنْهَزِماً.
فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: أَنَا لَهُمْ- يَا رَسُولَ اللَّهِ- ابْعَثْنِي إِلَيْهِمْ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ فِي شَأْنِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَهَزَمُوهُ، وَ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ: وَ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَيَّاماً، يَدْعُو عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِلَالًا، وَ قَالَ: عَلَيَّ بِبُرْدِيَ النَّجْرَانِيِّ وَ قَبَائِيَ الْخَطِّيَّةِ، ثُمَّ دَعَا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَعَقَدَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْسَلْتُهُ كَرَّاراً غَيْرَ فَرَّارٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ فَاحْفَظْنِي فِيهِ، وَ افْعَلْ بِهِ وَ افْعَلْ. فَقَالَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يُشَيِّعُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ مَسْجِدِ الْأَحْزَابِ، وَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى فَرَسٍ أَشْقَرَ مَهْلُوبٍ «2»، وَ هُوَ يُوصِيهِ، قَالَ: فَسَارَ وَ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْعِرَاقِ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِمْ غَيْرَ ذَلِكَ الْوَجْهِ، فَسَارَ بِهِمْ حَتَّى اسْتَقْبَلَ الْوَادِيَ مِنْ فَمِهِ، وَ جَعَلَ يَسِيرُ فِي اللَّيْلِ، وَ يَمْكُنُ النَّهَارَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُطْعِمُوا الْخَيْلَ، وَ أَوْقَفَهُمْ مَكَاناً، وَ قَالَ: لَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ، ثُمَّ سَارَ أَمَامَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مَا صَنَعَ، وَ ظَهَرَتْ آيَةُ الْفَتْحِ، قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: إِنَّ هَذَا شَابٌّ حَدَثٌ، وَ أَنَا أَعْلَمُ بِهَذِهِ الْبِلَادِ مِنْهُ، وَ هَاهُنَا عَدُوٌّ، هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: الضِّبَاعُ وَ الذِّئَابُ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا نَفَرَتْ بِنَا، وَ خَشِيتُ أَنْ تُقَطِّعَنَا، فَكَلِّمْهُ يُخَلِّي عَنَّا نَعْلُو الْوَادِيَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ فَكَلَّمَهُ وَ أَطَالَ، فَلَمْ يُجِبْهُ حَرْفاً، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ مَا أَجَابَنِي حَرْفاً، فَقَالَ عَمْرُو ابْنُ الْعَاصِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: انْطَلِقْ إِلَيْهِ لَعَلَّكَ أَقْوَى عَلَيْهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، [قَالَ‏]: فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَصَنَعَ بِهِ مَا صَنَعَ بِأَبِي بَكْرٍ، فَرَجَعَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُجِبْهُ حَرْفاً، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا وَ اللَّهِ لَا نَزُولُ مِنَ مَكَانِنَا، أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ نَسْمَعَ لِعَلِيٍّ وَ نُطِيعَ.
قَالَ: فَلَمَّا أَحَسَّ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْفَجْرِ أَغَارَ عَلَيْهِمْ، فَأَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْ دِيَارِهِمْ، فَنَزَلَتْ وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً* فَالْمُورِياتِ قَدْحاً* فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً* فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً* فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ‏
__________________________________________________
 (3)- تأويل الآيات 2: 841/ 2.
 (1) السيّف: ساحل البحر. «لسان العرب 9: 167».
 (2) فرس مهلوب: مستأصل شعر الذّنب. «لسان العرب 1: 786».

736
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العاديات الآيات 1 الى 11 ص 732

اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ يَقُولُ: صَبَّحَ عَلِيٌّ وَ اللَّهِ جَمْعَ الْقَوْمِ، ثُمَّ صَلَّى وَ قَرَأَ بِهَا، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَدِمَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْمَدِينَةَ، وَ قَدْ قَتَلَ مِنَ الْقَوْمِ عِشْرِينَ وَ مِائَةَ فَارِسٍ، وَ سَبَى سِتَّمِائَةٍ وَ عِشْرِينَ نَاهِداً» «1».
11843/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً، قَالَ: «رَكْضُ الْخَيْلِ فِي قِتَالِهَا» فَالْمُورِياتِ قَدْحاً، قَالَ: «تُورِي وَ قَدْ [قُدِحَ‏] «2» النَّارُ مِنْ حَوَافِرِهَا» فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً، قَالَ:
 «أَغَارَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَيْهِمْ صَبَاحاً» فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً، قَالَ: «أَثَرَ بِهِمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابُهُ الْجِرَاحَاتِ حَتَّى اسْتَنْقَعُوا فِي دِمَائِهِمْ» فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً، قَالَ: «تَوَسَّطَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابُهُ دِيَارَهُمْ» إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، قَالَ: «إِنَّ فُلَاناً لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ» وَ إِنَّهُ عَلى‏ ذلِكَ لَشَهِيدٌ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ شَهِيدٌ عَلَيْهِمْ» وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ، قَالَ: «ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11844/ «5»- وَ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، قَالَ: «كَنُودٌ «3» بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11845/ «6»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ): بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ وَ أَبُو الْمَغْرَا الْعِجْلِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا الْحَلَبِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً، قَالَ: «وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عُمَرَ بْنَ الْخَظَّابِ فِي سَرِيَّةٍ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً يُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ يُجَبِّنُهُ أَصْحَابُهُ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلْيِه وَ آلِهِ قَالَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ صَاحِبُ الْقَوْمِ، فَتَهَيَّأْ أَنْتَ وَ مَنْ تُرِيدُ مِنْ فُرْسَانِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، فَوَجَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ لَهُ: اكْمُنِ النَّهَارَ، وَ سِرِ اللَّيْلَ، وَ لَا تُفَارِقْكَ الْعَيْنُ، قَالَ:
فَانْتَهَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى مَا أَمَرَهُ [بِهِ‏] رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ وَجْهِ الصُّبْحِ أَغَارَ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً إِلَى آخِرِهَا».
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 843/ 3.
 (5)- تأويل الآيات 2: 843/ 4.
 (6)- الأمالي 2: 21.
 (1) في المصدر: و سبي عشرين و مائة ناهد.
 (2) في المصدر: توري قدح.
 (3) في المصدر: كفور.

737
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القارعة ص 739

سورة القارعة
فضلها
11846/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ وَ أَكْثَرَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقَارِعَةِ آمَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، وَ مِنْ فَيْحِ «1» جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
11847/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ ثَقَّلَ اللَّهُ مِيزَانَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مُحَارَفٍ «2» مُعْسِرٍ مِنْ أَهْلِهِ وَ خَدَمِهِ، فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ وَ رَزَقَهُ».
11848/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى مُحَارَفٍ، سَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ».
11849/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا عُلِّقَتْ عَلَى مَنْ تَعَطَّلَ وَ كَسَدَتْ سِلْعَتُهُ، رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَفَاقَ سِلْعَتِهِ، وَ كَذَا كُلُّ مَنْ أَدْمَنَ فِي قِرَاءَتِهَا فَعَلَتْ بِهِ ذَلِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 125.
 (2)- .........
 (3)- .........
 (4)- خواص القرآن: 15 «نحوه».
 (1) الفيح: سطوع الحرّ و فورانه. «لسان العرب 2: 550».
 (2) يقال للمحروم الذي قتّر عليه رزقه محارف. «لسان العرب 9: 43».

739
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القارعة الآيات 1 الى 11 ص 740

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْقارِعَةُ* مَا الْقارِعَةُ- إلى قوله تعالى- نارٌ حامِيَةٌ [1- 11] 11850/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: الْقارِعَةُ* مَا الْقارِعَةُ* وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يرددها اللّه لهولها و فزع الناس بها يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ* وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ، قال: العهن:
الصوف فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ بالحسنات فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ* وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ، قال: من الحسنات فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ، قال: أم رأسه، يقذف «1» في النار على رأسه ثمّ قال: وَ ما أَدْراكَ يا محمّد ما هِيَهْ يعني الهاوية، ثمّ قال: نارٌ حامِيَةٌ.
11851/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا فِي الْمِيزَانِ شَيْ‏ءٌ أَثْقَلَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَتُوضَعُ أَعْمَالُهُ فِي الْمِيزَانِ فَتَمِيلُ «2» بِهِ، فَيُخْرِجُ الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ «3» فَيَضَعُهَا فِي مِيزَانِهِ فَتَرْجَحُ».
11852/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): التَّسْبِيحُ نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَ اللَّهُ أَكْبَرُ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ».
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 440.
 (2)- الكافي 2: 358/ 15.
 (3)- الكافي 2: 367/ 3.
 (1) في المصدر: يقلّب.
 (2) أي تميل الأعمال بالميزان.
 (3) في المصدر: الصلاة عليه.

740
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القارعة الآيات 1 الى 11 ص 740

11853/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ عَاصِمٍ الْمَيْنِيُّ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ* فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي ثَلَاثَةٍ» يَعْنِي الثَّلَاثَةَ.
11854/ «5»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ، قَالَ: الْإِمَامَانِ الْجَعْفَرَانِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ: «فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ* وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ وَ أَنْكَرَ وَلَايَةَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ فَهِيَ النَّارُ، جَعَلَهَا اللَّهُ أُمَّهُ وَ مَأْوَاهُ».
11855/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ «1»، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَخِيهِ سَهْلٍ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «بَيْنَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي سِيَاحَتِهِ إِذْ مَرَّ بِقَرْيَةٍ، فَوَجَدَ أَهْلَهَا مَوْتَى فِي الطَّرِيقِ وَ الدُّورِ، قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا بِسَخْطَةٍ، وَ لَوْ مَاتُوا بِغَيْرِهَا تَدَافَنُوا، قَالَ: فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَدِدْنَا أَنَّا عَرَفْنَا قِصَّتَهُمْ، فَقِيلَ لَهُ: نَادِهِمْ يَا رُوحَ اللَّهِ، قَالَ، فَقَالَ:
يَا أَهْلَ الْقَرْيَةِ، فَأَجَابَهُمْ مُجِيبٌ مِنْهُمْ: لَبَّيْكَ يَا رُوحَ اللَّهِ، قَالَ: مَا حَالُكُمْ وَ مَا قِصَّتُكُمْ؟ قَالَ: أَصْبَحْنَا فِي عَافِيَةٍ، وَ بِتْنَا فِي الْهَاوِيَةِ، قَالَ: فَقَالَ: وَ مَا الْهَاوِيَةُ؟ قَالَ: بِحَارٌ مِنْ نَارٍ فِيهَا جِبَالٌ مِنْ نَارٍ، قَالَ: وَ مَا بَلَغَ بِكُمْ مَا أَرَى؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَ عِبَادَةُ الطَّوَاغِيتِ. قَالَ: وَ مَا بَلَغَ مِنْ حُبِّكُمُ الدُّنْيَا؟ قَالَ: كَحُبِّ الصَّبِيِّ لِأُمِّهِ، إِذَا أَقْبَلَتْ فَرِحَ، وَ إِذَا أَدْبَرَتْ حَزِنَ. قَالَ:
وَ مَا بَلَغَ مِنْ عِبَادَتِكُمُ الطَّوَاغِيتَ؟ قَالَ: كَانُوا إِذَا أَمَرُونَا أَطَعْنَاهُمْ. قَالَ: فَكَيْفَ أَجَبْتَنِي [أَنْتَ‏] مِنْ بَيْنِهِمْ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلُجُمٍ مِنْ نَارٍ، عَلَيْهِمْ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ، وَ إِنِّي كُنْتُ فِيهِمْ وَ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ، فَلَمَّا أَصَابَهُمُ الْعَذَابُ أَصَابَنِي مَعَهُمْ، فَأَنَا مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ أَخَافُ أَنْ أُكَبْكَبَ فِي النَّارِ، قَالَ: فَقَالَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِأَصْحَابِهِ: النَّوْمُ عَلَى الْمَزَابِلِ، وَ أَكْلُ خُبْزِ الشَّعِيرِ، خَيْرٌ مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ».
11856/ «7»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُهَاجِرٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَرَّ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى قَرْيَةٍ قَدْ مَاتَ أَهْلُهَا وَ طَيْرُهَا وَ دَوَابُّهَا، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَمُوتُوا إِلَّا بِسَخْطَةٍ، وَ لَوْ مَاتُوا مُتَفَرِّقِينَ لَتَدَافَنُوا، فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحْيِيَهُمْ لَنَا فَيُخْبِرُونَا مَا كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فَنَجْتَنِبَهَا؛ فَدَعَا عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَبَّهُ، فَنُودِيَ مِنَ الْجَوِّ: أَنْ نَادِهِمْ، فَقَامَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِاللَّيْلِ عَلَى شَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ. فَأَجَابَهُ مِنْهُمْ مُجِيبٌ: لَبَّيْكَ يَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ فَقَالَ: وَيْحَكُمْ، مَا كَانَتْ‏
__________________________________________________
 (4)- تأويل الآيات 2: 849/ 1.
 (5)- المناقب 2: 151.
 (6)- علل الشرائع: 466/ 21.
 (7)- الكافي 2: 239/ 11.
 (1) في المصدر: سعد بن عبد اللّه.

741
البرهان في تفسير القرآن5

سورة القارعة الآيات 1 الى 11 ص 740

أَعْمَالُكُمْ؟ قَالَ: عِبَادَةُ الطَّاغُوتِ، وَ حُبُّ الدُّنْيَا مَعَ خَوْفٍ قَلِيلٍ، وَ أَمَلٍ بَعِيدٍ، وَ غَفْلَةٍ فِي لَهْوٍ وَ لَعِبٍ. فَقَالَ: كَيْفَ [كَانَ‏] حُبُّكُمُ لِلدُّنْيَا؟ قَالَ: كَحُبِّ الصَّبِيِّ لِأُمِّهِ، إِذَا أَقْبَلَتْ عَلَيْنَا رَضِينَا وَ فَرِحْنَا وَ سُرِرْنَا، وَ إِذَا أَدْبَرَتْ [عَنَّا] بَكَيْنَا وَ حَزِنَّا. قَالَ:
كَيْفَ كَانَتْ عِبَادَتُكُمْ الطَّاغُوتَ؟ قَالَ: الطَّاعَةُ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي. قَالَ: كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِكُمْ؟ قَالَ: بِتْنَا لَيْلَتَنَا فِي عَافِيَةٍ وَ أَصْبَحْنَا فِي الْهَاوِيَةِ. فَقَالَ: وَ مَا الْهَاوِيَةُ؟ فَقَالَ: سِجِّينٌ. قَالَ: وَ مَا سِجِّينٌ؟ قَالَ: جِبَالٌ مِنْ جَمْرٍ تُوقَدُ عَلَيْنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَمَا قُلْتُمْ، وَ مَا قِيلَ لَكُمْ؟ قَالَ: قُلْنَا: رُدَّنَا إِلَى الدُّنْيَا نَزْهَدْ فِيهَا، قِيلَ لَنَا: كَذَبْتُمْ. قَالَ: وَيْحَكَ، لِمَ لَمْ يُكَلِّمْنِي غَيْرُكَ مِنْ بَيْنِهِمْ؟ قَالَ: يَا رُوحَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ بِأَيْدِي مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ، وَ إِنِّي كُنْتُ فِيهِمْ وَ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ عَمَّنِي مَعَهُمْ، فَأَنَا مُعَلَّقٌ بِشَعْرَةٍ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، لَا أَدْرِي أُكَبْكَبُ فِيهَا أَمْ أَنْجُو [مِنْهَا].
فَالْتَفَتَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى الْحَوَارِيِّينَ، فَقَالَ: يَا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، أَكْلُ الْخُبْزِ الْيَابِسِ بِالْمِلْحِ الْجَرِيشِ [وَ النَّوْمُ عَلَى الْمَزَابِلِ‏] خَيْرٌ كَثِيرٌ مَعَ عَافِيَةِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ».

742
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكاثر ص 743

سورة التكاثر
فضلها
11857/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ، عَنْ دُرُسْتَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ قَرَأَ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ عِنْدَ النَّوْمِ وُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ».
ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ، عَنْ دُرُسْتَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، مِثْلَهُ «1».
11858/ «2»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ فِي فَرِيضَةٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَوَابَ أَجْرِ مِائَةِ شَهِيدٍ، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي نَافِلَةٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَوَابَ خَمْسِينَ شَهِيداً، وَ صَلَّى مَعَهُ فِي فَرِيضَتِهِ أَرْبَعُونَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
11859/ «3»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ لَمْ يُحَاسِبْهُ اللَّهُ بِالنِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ وَقْتَ فَرَاغِهِ».
11860/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا وَقْتَ نُزُولِ الْمَطَرِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا وَقْتَ صَلَاةِ الْعَصْرِ كَانَ فِي أَمَانِ اللَّهِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 456/ 14.
 (2)- ثواب الأعمال: 125.
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن: 16 «مخطوط».
 (1) ثواب الأعمال: 125.

743
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 743

11861/ «5»- (بُسْتَانِ الْوَاعِظِينَ): عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَرَأَ الْقَارِئُ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ يُدْعَى فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: مُؤَدِّيَ الشُّكْرِ لِلَّهِ».
__________________________________________________
 (5)- ......

744
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكاثر الآيات 1 الى 8 ص 745

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [1- 8] 11862/ «1»- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ أي أغفلكم كثرتكم حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ و لم تذكروا الموت «1» كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ أي لا بد [من‏] أن ترونها ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [أي‏] عن الولاية، و الدليل على ذلك قوله: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ «2».
11863/ «2»- أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قَالَ: «الْمُعَايَنَةُ».
11864/ «3»- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ، قَالَ: فِي تَفْسِيرِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ «3»، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيحٍ الْيَمَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ؟ قَالَ: «يَعْنِي مَرَّةً فِي الْكَرَّةِ، وَ مَرَّةً أُخْرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
11865/ «4»- ابْنُ الْفَارِسِيِّ فِي (رَوْضَةِ الْوَاعِظِينَ): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 440.
 (2)- المحاسن: 247/ 250.
 (3)- تأويل الآيات 2: 850/ 1.
 (4)- روضة الواعظين: 493.
 (1) في نسخة من «ط، ج، ي»، و المصدر: الموتى.
 (2) زاد في المصدر: قال: عن الو لآية، و الآية في سورة الصافّات 37: 24.
 (3) زاد في المصدر: عمر بن عبد اللّه.

745
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكاثر الآيات 1 الى 8 ص 745

أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ثُمَّ قَالَ: «تَكَاثُرُ الْأَمْوَالِ: جَمْعُهَا مِنْ غَيْرِ حَقِّهَا، وَ مَنْعُهَا مِنْ حَقِّهَا، وَ شَدُّهَا فِي الْأَوْعِيَةِ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ حَتَّى دَخَلْتُمْ قُبُورَكُمْ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَحْشَرِكُمْ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ، قَالَ: وَ ذَلِكَ حِينَ يُؤْتَى بِالصِّرَاطِ فَيُنْصَبُ بَيْنَ جِسْرَيْ جَهَنَّمَ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ: عَنْ خَمْسٍ: عَنْ شِبَعِ الْبُطُونِ، وَ بَارِدِ الشَّرَابِ، وَ لَذَّةِ النَّوْمِ، وَ ظِلَالِ الْمَسَاكِنِ، وَ اعْتِدَالِ الْخَلْقِ».
11866/ «5»- ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْفَارِسِيِّ: وَ رُوِيَ فِي أَخْبَارِنَا أَنَّ النَّعِيمَ وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
11867/ «6»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُقْدَةَ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَجِيحٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الصَّائِغُ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هُوَ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، أَبُو سُلَيْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ: «نَحْنُ مِنَ النَّعِيمِ»، وَ فِي قَوْلِهِ: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً «1»، قَالَ: «نَحْنُ الْحَبْلُ».
11868/ «7»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ؟ قَالَ: «تُسْأَلُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِرَسُولِهِ «2» (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ بِأَهْلِ بَيْتِهِ «3» (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)».
11869/ «8»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) جَمَاعَةً، فَدَعَا بِطَعَامٍ مَا لَنَا عَهْدٌ بِمِثْلِهِ لَذَاذَةً وَ طِيباً، وَ أُوتِينَا بِتَمْرٍ نَنْظُرُ فِيهِ إِلَى وُجُوهِنَا مِنْ صَفَائِهِ وَ حُسْنِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ الَّذِي تَنَعَّمْتُمْ بِهِ عِنْدَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَكْرَمُ وَ أَجَلُّ أَنْ يُطْعِمَكُمْ طَعَاماً فَيُسَوِّغَكُمُوهُ ثُمَّ يَسْأَلَكُمْ عَنْهُ، وَ لَكِنْ يَسْأَلُكُمْ عَمَّا أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
11870/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَرِيزٍ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَدَعَا بِالْغَدَاءِ، فَأَكَلْتُ مَعَهُ طَعَاماً مَا أَكَلْتُ طَعَاماً قَطُّ أَطْيَبَ مِنْهُ وَ لَا أَلْطَفَ «4»، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الطَّعَامِ،
__________________________________________________
 (5)- روضة الواعظين: 493.
 (6)- الأمالي 1: 378.
 (7)- تفسير القمّيّ 2: 440.
 (8)- الكافي 6: 280/ 3.
 (9)- الكافي 6: 280/ 5.
 (1) آل عمران 3: 103.
 (2) في المصدر: عليهم برسول اللّه.
 (3) زاد في المصدر: المعصومين.
 (4) في المصدر: قط أنظف منه و لا أطيب.

746
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكاثر الآيات 1 الى 8 ص 745

قَالَ: «يَا أَبَا خَالِدٍ، كَيْفَ رَأَيْتَ طَعَامَكَ،- أَوْ قَالَ- طَعَامَنَا؟» قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا أَكَلْتُ طَعَاماً أَطْيَبَ مِنْهُ قَطُّ وَ لَا أَنْظَفَ، وَ لَكِنْ «1» ذَكَرْتُ الْآيَةَ الَّتِي فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا، إِنَّمَا يَسْأَلُكُمْ عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ».
11871/ «10»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ذَكْوَانَ الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى «2» سَنَةَ خَمْسٍ وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَتَيْنِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ الصَّوْلِيُّ الْكَاتِبُ بِالْأَهْوَازِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ وَ مِائَتَيْنِ، قَالَ: كُنَّا يَوْماً بَيْنَ يَدَيْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: «لَيْسَ فِي الدُّنْيَا نَعِيمٌ حَقِيقِيٌّ». فَقَالَ [لَهُ‏] بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِمَّنْ بِحَضْرَتِهِ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ أَمَّا هَذَا النَّعِيمُ فِي الدُّنْيَا وَ هُوَ الْمَاءُ الْبَارِدُ؟ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- وَ عَلَا صَوْتُهُ-: «كَذَا فَسَّرْتُمُوهُ أَنْتُمْ، وَ جَعَلْتُمُوهُ عَلَى ضُرُوبٍ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ الْمَاءُ الْبَارِدُ، وَ قَالَ غَيْرُهُمْ: هُوَ الطَّعَامُ الطَّيِّبُ، وَ قَالَ آخَرُونَ: هُوَ النَّوْمُ الطَّيِّبُ.
وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَّ أَقْوَالَكُمْ هَذِهِ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فَغَضِبَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَسْأَلُ عِبَادَهُ عَمَّا تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِهِ، وَ لَا يَمُنُّ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَ الِامْتِنَانُ مُسْتَقْبَحٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، فَكَيْفَ يُضَافُ إِلَى الْخَالِقِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا لَا يَرْضَى بِهِ لِلْمَخْلُوقِينَ «3»؟! وَ لَكِنَّ النَّعِيمَ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ مُوَالاتُنَا، يَسْأَلُ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ التَّوْحِيدِ وَ النُّبُوَّةِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا وَفَى بِذَلِكَ أَدَّاهُ إِلَى نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَا يَزُولُ، وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَّكَ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ، بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ وَ جَعَلْتُهُ لَكَ، فَمَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَ كَانَ يَعْتَقِدُهُ صَارَ إِلَى النَّعِيمِ الَّذِي لَا زَوَالَ لَهُ».
فَقَالَ لِي أَبُو ذَكْوَانَ؛ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ مُبْتَدِءاً مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ: حَدَّثْتُكَ بِهِ بِجِهَاتٍ، مِنْهَا: لِقَصْدِكَ لِي مِنَ الْبَصْرَةِ، وَ مِنْهَا: أَنَّ عَمَّكَ أَفَادَنِيهِ، وَ مِنْهَا: أَنِّي كُنْتُ مَشْغُولًا بِاللُّغَةِ وَ الْأَشْعَارِ وَ لَا أُعَوِّلُ عَلَى غَيْرِهِمَا، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي النَّوْمِ وَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَ يُجِيبُهُمْ، فَسَلَّمْتُ فَمَا رَدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ لِي: بَلَى، وَ لَكِنْ حَدِّثِ النَّاسَ بِحَدِيثِ النَّعِيمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ الصَّوْلِيُّ: وَ هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّعِيمِ، وَ الْآيَةِ وَ تَفْسِيرُهَا إِنَّمَا رَوَوْا أَنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ الشَّهَادَةُ وَ النُّبُوَّةُ وَ مُوَالاةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
__________________________________________________
 (10)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 129/ 8.
 (1) في المصدر: فداك ما رأيت أطيب منه و لا أنظف قط و لكني.
 (2) في المصدر: بسيراف.
 (3) في المصدر: يرضى المخلوق به.

747
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكاثر الآيات 1 الى 8 ص 745

11872/ «11»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ أَبِي حَفْصٍ الصَّائِغِ، عَنِ الْإِمَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ وَ اللَّهِ مَا هُوَ الطَّعَامَ وَ الشَّرَابَ، وَ لَكِنْ وَلَايَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
11873/ «12»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نَجِيحٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِي حَفْصٍ الصَّائِغِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ: «نَحْنُ النَّعِيمُ».
11874/ «13»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيحٍ الْيَمَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ؟ قَالَ: «النَّعِيمُ الَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ وَلَايَتِنَا، وَ حُبِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)».
11875/ «14»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ نَحْنُ النَّعِيمُ».
11876/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ؛ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ: «نَحْنُ نَعِيْمُ الْمُؤْمِنِ، وَ عَلْقَمُ الْكَافِرِ».
11877/ «16»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَدَّمَ [لِي‏] طَعَاماً لَمْ آكُلْ أَطْيَبَ مِنْهُ، فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا خَالِدٍ، كَيْفَ رَأَيْتَ طَعَامَنَا» فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا أَطْيَبَهُ! غَيْرَ أَنِّي ذَكَرْتُ آيَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ فَتَنَغَّصَتْ «1»، فَقَالَ: «وَ مَا هِيَ؟» قُلْتُ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، فَقَالَ: «وَ اللَّهِ لَا تُسْأَلُ عَنْ هَذَا الطَّعَامِ أَبَداً» ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى افْتَرَّ «2» ضَاحِكاً وَ بَدَتْ أَضْرَاسُهُ، وَ قَالَ: «أَ تَدْرِي مَا النَّعِيمُ؟» قُلْتُ: لَا، قَالَ: «نَحْنُ النَّعِيمُ [الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ‏]».
__________________________________________________
 (11)- تأويل الآيات 2: 850/ 2.
 (12)- تأويل الآيات 2: 850/ 3.
 (13)- تأويل الآيات 2: 850/ 4.
 (14)- تأويل الآيات 2: 851/ 6.
 (15)- تأويل الآيات 2: 851/ 5.
 (16)- تأويل الآيات 2: 851/ 7.
 (1) في المصدر: فنغصته.
 (2) افترّ فلان ضاحكا، أي أبدى أسنانه. «لسان العرب 5: 51».

748
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكاثر الآيات 1 الى 8 ص 745

11878/ «17»- وَ رَوَى الشَّيْخُ الْمُفِيدِ: بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْعِرَاقَ نَزَلَ الْحِيرَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَ سَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ، وَ كَانَ مِمَّا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْمَعْرُوفُ- يَا أَبَا حَنِيفَةَ- الْمَعْرُوفُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، الْمَعْرُوفُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ، وَ ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَا الْمُنْكَرُ؟ قَالَ: «اللَّذَانِ ظَلَمَاهُ حَقَّهُ، وَ ابْتَزَّاهُ أَمْرَهُ، وَ حَمَلَا النَّاسَ عَلَى كَتِفِهِ».
قَالَ: أَلَا مَا هُوَ أَنْ تَرَى الرَّجُلَ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ فَتَنْهَاهُ عَنْهَا؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَيْسَ ذَاكَ أَمْراً بِالْمَعْرُوفِ، وَ لَا نَهْياً عَنِ الْمُنْكَرِ إِنَّمَا ذَاكَ خَيْرٌ قَدَّمَهُ».
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَخْبِرْنِي- جُعِلْتُ فِدَاكَ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ: «فَمَا عِنْدَكَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ؟» قَالَ: الْأَمْنُ فِي السَّرْبِ، وَ صِحَّةُ الْبَدَنِ، وَ الْقُوتُ الْحَاضِرُ. فَقَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ، لَئِنْ وَقَّفَكَ اللَّهُ وَ أَوْقَفَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَسْأَلَكَ عَنْ [كُلِ‏] أَكْلَةٍ أَكَلْتَهَا وَ شَرْبَةٍ شَرِبْتَهَا لَيَطُولَنَّ وُقُوفُكَ»، قَالَ: فَمَا النَّعِيمُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: «النَّعِيمُ نَحْنُ الَّذِينَ أَنْقَذَ [اللَّهُ‏] النَّاسَ بِنَا مِنَ الضَّلَالَةِ وَ بَصَّرَهُمْ بِنَا مِنَ الْعَمَى، وَ عَلَّمَهُمْ بِنَا مِنَ الْجَهْلِ».
قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَكَيْفَ كَانَ الْقُرْآنُ جَدِيداً أَبَداً؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ لِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ فَتُخْلِقَهُ «1» الْأَيَّامُ، وَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَفَنِيَ الْقُرْآنُ قَبْلَ فَنَاءِ الْعَالَمِ».
11879/ «18»- الطَّبْرِسِيُّ: رُوِيَ الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ- قَالَ: سَأَلَ أَبُو حَنِيفَةَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ لَهُ: «مَا النَّعِيمُ عِنْدَكَ يَا نُعْمَانُ؟» قَالَ: القُوتُ مِنَ الطَّعَامِ وَ الْمَاءُ الْبَارِدُ. فَقَالَ: «لَئِنْ أَوْقَفَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَسْأَلَكَ عَنْ كُلِّ أَكْلَةٍ أَكَلْتَهَا أَوْ شَرْبَةٍ شَرِبْتَهَا لَيَطُولَنَّ وُقُوفُكَ بَيْنَ يَدَيْهِ»، قَالَ: فَمَا النَّعِيمُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: «نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ- النَّعِيمُ الَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِنَا عَلَى الْعِبَادِ، وَ بِنَا ائْتَلَفُوا بَعْدَ أَنْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ، وَ بِنَا أَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ جَعَلَهُمْ إِخْوَاناً بَعْدَ أَنْ كَانُوا أَعْدَاءً، وَ بِنَا هَدَاهُمُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَ هِيَ النِّعْمَةُ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ، وَ اللَّهُ سَائِلُهُمْ عَنْ حَقِّ النَّعِيمِ الَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَ هُوَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عِتْرَتُهُ».
11880/ «19»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ:
 «يَعْنِي الْأَمْنَ وَ الصِّحَّةَ وَ وَلَايَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11881/ «20»- وَ عَنِ (التَّنْوِيرِ فِي مَعَانِي التَّفْسِيرِ): عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): «النَّعِيمُ: وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
__________________________________________________
 (17)- تأويل الآيات 2: 852/ 8.
 (18)- مجمع البيان 10: 813.
 (19)- المناقب 2: 153.
 (20)- المناقب 2: 153.
 (1) أي تبليه.

749
البرهان في تفسير القرآن5

سورة التكاثر الآيات 1 الى 8 ص 745

11882/ «21»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: عَنِ أَبِي نُعَيْمٍ الْحَافِظِ يَرْفَعُهُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ: «يَعْنِي الْأَمْنَ وَ الصِّحَّةَ وَ وَلَايَةَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «1»».
11883/ «22»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ: «الرُّطَبُ وَ الْمَاءُ الْبَارِدُ».
وَ مِثْلُهُ فِي (صَحِيفَةِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ): عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «2».
11884/ «23»- الزَّمَخْشَرِيُّ فِي (رَبِيعِ الْأَبْرَارِ): عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ:
 «الرُّطَبُ وَ الْمَاءُ الْبَارِدِ».
11885/ «24»- الشَّيْخُ وَرَّامٌ: عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قَالَ:
 «الْأَمْنُ وَ الصِّحَّةُ وَ الْعَافِيَةُ».
11886/ «25»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فِي مَعْنَى النَّعِيمِ: «هُوَ الْأَمْنُ وَ الصِّحَّةُ».
__________________________________________________
 (21)- النور المشتعل: 285/ 79.
 (22)- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 38/ 110.
 (23)- ربيع الأبرار 1: 236.
 (24)- تنبيه الخواطر 1: 44.
 (25)- مجمع البيان 10: 812.
 (1) في المصدر: قال: عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)
 (2) صحيفة الرضا (عليه السّلام): 230/ 126.

750
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العصر ص 751

سورة العصر
فضلها
11887/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ (وَ الْعَصْرِ) فِي نَوَافِلِهِ بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُشْرِقاً وَجْهُهُ، ضَاحِكاً سِنُّهُ، قَرِيرَةً عَيْنُهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ».
11888/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَ خُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ، وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَقِّ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَا يُدْفَنُ تَحْتَ الْأَرْضِ أَوْ يُخْزَنُ، حَفِظَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ يُخْرِجَهُ صَاحِبُهُ».
11889/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَتَهَا خَتَمَ اللَّهُ لَهُ بِالْخَيْرِ، وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَقِّ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى مَا يُخْزَنُ «1» حَفِظَهُ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى صَاحِبِهِ».
11890/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا قُرِئَتْ عَلَى مَا يُدْفَنُ حُفِظَ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَ وُكِّلَ بِهِ مَنْ يَحْرُسُهُ إِلَى أَنْ يُخْرِجَهُ صَاحِبُهُ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 125.
 (2)- ......
 (3)- ......
 (4)- خواص القرآن: 16 «مخطوط».
 (1) في «ي»: ماعوز.

751
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العصر الآيات 1 الى 3 ص 752

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ [1- 3]
11891/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَامِيُّ، وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ، وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شَاذَوَيْهِ الْمُؤَذِّنُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ جَامِعٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ الزَّيَّاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «الْعَصْرُ: عَصْرُ خُرُوجِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ يَعْنِي أَعْدَاءَنَا، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [يَعْنِي‏] بِآيَاتِنَا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَعْنِي بِمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ يَعْنِي بِالْإِمَامَةِ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ، يَعْنِي فِي الْعُسْرَةِ «1»».
11892/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَشْرِقَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ، قَالَ: «اسْتَثْنَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهْلَ صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَيْ أَدَّوْا الْفَرَائِضَ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ أَيْ‏
__________________________________________________
 (1)- كمال الدين و تمام النعمة: 656/ 1.
 (2)- تأويل الآيات 2: 853/ 1.
 (1) في «ج، و المصدر»: الفترة.

752
البرهان في تفسير القرآن5

سورة العصر الآيات 1 الى 3 ص 752

بِالْوَلَايَةِ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ أَيْ وَصَّوْا ذَرَارِيَّهُمْ وَ مَنْ خَلَّفُوا مِنْ بَعْدِهِمْ بِهَا وَ بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا».
11893/ «3»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ، فَقَالَ: «اسْتَثْنَى أَهْلَ صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا يَقُولُ: آمَنُوا بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ مَنْ بَعْدِهِمْ وَ ذَرَارِيَّهُمْ وَ مَنْ خَلَّفُوا، أَيْ بِالْوَلَايَةِ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ أَيْ وَصَّوْا أَهْلَهُمْ بِالْوَلَايَةِ وَ تَوَاصَوْا بِهَا وَ صَبَرُوا عَلَيْهَا».
11894/ «4»- و قال عليّ بن إبراهيم أيضا: وَ الْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، قال: هو قسم، و جوابه: إن الإنسان لخاسر.
وَ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (وَ الْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، وَ إِنَّهُ فِيهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَ تَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ «1» وَ ائْتَمَرُوا بِالتَّقْوَى، وَ ائْتَمَرُوا بِالصَّبْرِ).
__________________________________________________
 (3)-- تفسير القمّيّ 2: 441.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 441.
 (1) (و تواصوا بالحقّ و تواصوا بالصّبر) ليس في المصدر.

753
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الهمزة ص 755

سورة الهمزة
فضلها
11895/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ فِي فَرَائِضِهِ، أَبْعَدَ اللَّهُ عَنْهُ الْفَقْرَ، وَ جَلَبَ عَلَيْهِ الرِّزْقَ، وَ يَدْفَعُ عَنْهُ مِيتَةَ السَّوْءِ».
11896/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنِ اسْتَهْزَأَ بِمُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى الْعَيْنِ نَفَعَتْهَا».
11897/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ كَتَبَهَا لِعَيْنِ وَجِعَةٍ، تُعَافَى بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
11898/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا قُرِئَتْ عَلَى مَنْ بِهِ عَيْنٌ، زَالَتْ عَنْهُ الْعَيْنُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 126.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- خواص القرآن: 16 «مخطوط».

755
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الهمزة الآيات 1 الى 9 ص 756

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ- إلى قوله تعالى- فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ [1- 9]
11899/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ؟ قَالَ: «الَّذِينَ هَمَزُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَ لَمَزُوهُمْ، وَ جَلَسُوا مَجْلِساً كَانَ آلُ مُحَمَّدِ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ».
11900/ «2»- علي بن إبراهيم: في معنى السورة، قوله: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ، قال: الذي يغمز الناس، و يستحقر الفقراء، و قوله: لُمَزَةٍ الذي يلوي عنقه و رأسه و يغضب إذا رأى فقيرا و سائلا، و قوله: الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ، قال: أعده و وضعه يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ قال: [يحسب أن ماله يخلده‏] و يبقيه، ثمّ قال:
كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ و الحطمة: النار [التي‏] تحطم كل شي‏ء.
ثمّ قال: وَ ما أَدْراكَ يا محمد مَا الْحُطَمَةُ* نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ* الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، قال: تلتهب على الفؤاد، قال أبو ذر (رضي اللّه عنه): بشر المتكبرين بكي في الصدور، و سحب على الظهور، قوله: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، قال: مُطْبَقَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ، قال: إذا مدت العمد عليهم أكلت و اللّه الجلود «1».
11901/ «3»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْكُفَّارَ وَ الْمُشْرِكِينَ يُعَيِّرُونَ أَهْلَ التَّوْحِيدِ فِي النَّارِ، وَ يَقُولُونَ: مَا نَرَى تَوْحِيدَكُمْ أَغْنَى‏
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 854/ 1.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 441.
 (3)- مجمع البيان 10: 819.
 (1) في المصدر نسخة بدل: إذا مدّت العمد كان و اللّه الخلود.

756
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الهمزة الآيات 1 الى 9 ص 756

عَنْكُمْ شَيْئاً، وَ مَا نَحْنُ وَ أَنْتُمْ إِلَّا سَوَاءٌ، قَالَ: فَيَأْنَفُ [لَهُمُ‏] الرَّبُّ تَعَالَى، فَيَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ: اشْفَعُوا، فَيَشْفَعُونَ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَقُولُ لِلنَّبِيِّينَ: اشْفَعُوا، فَيَشْفَعُونَ لِمَنْ يَشَاءُ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ: اشْفَعُوا، فَيَشْفَعُونَ لِمَنْ شَاءَ، وَ يَقُولُ اللَّهُ: أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، اخْرُجُوا بِرَحْمَتِي، فَيَخْرُجُونَ كَمَا يَخْرُجُ الْفَرَاشُ» قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مُدَّتِ الْعَمَدُ، وَ أُوصِدَتْ عَلَيْهِمْ، وَ كَانَ وَ اللَّهِ الْخُلُودُ».
11902/ «4»- كِتَابِ (صِفَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ): عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَذْكُرُ فِيهِ صِفَةَ أَهْلِ النَّارِ- إِلَى أَنْ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيهِ: «ثُمَّ يُعَلَّقُ عَلَى كُلِّ غُصْنٍ مِنَ الزَّقُّومِ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُلٍ، مَا يَنْحَنِي وَ لَا يَنْكَسِرُ، فَتَدْخُلُ النَّارُ مِنْ أَدْبَارِهِمْ، فَتَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، تُقَلِّصُ الشِّفَاهَ، وَ يُطَيِّرُ الْجَنَانَ «1»، وَ تُنْضِجُ الْجُلُودَ، وَ تَذُوبُ الشُّحُومُ، وَ يَغْضَبُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ فَيَقُولُ:
يَا مَالِكُ، قُلْ لَهُمْ: ذُوقُوا، فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً. يَا مَالِكُ، سَعِّرْ سَعِّرْ، قَدِ اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَى مَنْ شَتَمَنِي عَلَى عَرْشِي، وَ اسْتَخَفَّ بِحَقِّي، وَ أَنَا الْمَلِكُ الْجَبَّارُ.
فَيُنَادِي مَالِكٌ: يَا أَهْلَ الضَّلَالِ وَ الِاسْتِكْبَارِ وَ النِّعْمَةِ «2» فِي دَارِ الدُّنْيَا، كَيْفَ تَجِدُونَ مَسَّ سَقَرَ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ:
قَدْ أَنْضَجَتْ قُلُوبَنَا، وَ أَكَلَتْ لُحُومَنَا، وَ حَطَمَتْ عِظَامَنَا، فَلَيْسَ لَنَا مُسْتَغِيثٌ، وَ لَا لَنَا مُعِينٌ. قَالَ: فَيَقُولُ مَالِكٌ: وَ عِزَّةِ رَبِّي، لَا أَزِيدُكُمْ إِلَّا عَذَاباً. فَيَقُولُونَ: إِنْ عَذَّبَنَا رَبُّنَا لَمْ يَظْلِمْنَا شَيْئاً. قَالَ: فَيَقُولُ مَالِكٌ: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ «3» يَعْنِي بُعْداً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ.
ثُمَّ يَغْضَبُ الْجَبَّارُ فَيَقُولُ: يَا مَالِكُ، سَعِّرْ سَعِّرْ، فَيَغْضَبُ مَالِكٌ، فَيَبْعَثُ عَلَيْهِمْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ تُظِلُّ أَهْلَ النَّارِ كُلَّهُمْ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ فَيَسْمَعُهَا أَوَّلُهُمْ وَ آخِرُهُمْ وَ أَقْصَاهُمْ «4» وَ أَدْنَاهُمْ فَيَقُولُ: مَا ذَا تُرِيدُونَ أَنْ أُمْطِرَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: الْمَاءَ الْبَارِدَ، وَا عَطَشَاهْ وَ أَطْوَلَ هَوَانَاهْ، فَيُمْطِرُهُمْ حِجَارَةً وَ كَلَالِيبَ وَ خَطَاطِيفَ وَ غِسْلِيناً وَ دِيدَاناً مِنْ نَارٍ، فَتُنْضِجُ «5» وُجُوهَهُمْ وَ جِبَاهَهُمْ، وَ تُعْمِي أَبْصَارَهُمْ، وَ تَحْطِمُ عِظَامَهُمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُنَادُونَ: وَا ثُبُورَاهْ، فَإِذَا بَقِيَتْ الْعِظَامُ عَوَارِيَ [مِنَ اللُّحُومِ‏] اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ فَيَقُولُ: يَا مَالِكُ، أَسْجِرْهَا عَلَيْهِمْ كَالْحَطَبِ فِي النَّارِ. ثُمَّ تَضْرِبُ أَمْوَاجُهَا أَرْوَاحَهُمْ سَبْعِينَ خَرِيفاً فِي النَّارِ، ثُمَّ تُطْبِقُ عَلَيْهِمْ أَبْوَابَهَا مِنَ الْبَابِ إِلَى الْبَابِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَ غِلَظُ الْبَابِ [مَسِيرَةُ] مِائَةِ عَامٍ، ثُمَّ يُجْعَلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثِ تَوَابِيتَ مِنْ حَدِيدٍ [مِنْ نَارٍ] بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، فَلَا يُسْمَعُ لَهُمْ كَلَامٌ أَبَداً، إِلَّا أَنَّ لَهُمْ فِيهَا شَهِيقاً كَشَهِيقِ الْبِغَالِ وَ نَهِيقاً «6» كَنِهيقِ الْحِمَارِ، وَ عُوَاءً كَعُوَاءِ الْكِلَابِ، صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا
__________________________________________________
 (4)- الإختصاص: 364.
 (1) أي القلب. «لسان العرب 13: 93».
 (2) في «ي»: و النقمة.
 (3) الملك 67: 11.
 (4) في «ط، ي» و المصدر: و أفضلهم.
 (5) في «ج»: فتنضح.
 (6) و في نسخة من «ط، ج، ي»: و زفير.

757
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الهمزة الآيات 1 الى 9 ص 756

كَلَامٌ إِلَّا أَنِينٌ، فَتُطْبَقُ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُهَا، وَ تُسَدُّ عَلَيْهِمْ عَمَدُهَا، فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ رَوْحٌ، وَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ الْغَمُّ أَبَداً، وَ هِيَ عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ- يَعْنِي مُطْبَقَةٌ- لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ شَافِعُونَ، وَ لَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ صَدِيقٌ حَمِيمٌ، وَ يَنْسَاهُمُ الرَّبُّ، وَ يَمْحُو ذِكْرَهُمْ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَلَا يُذْكَرُونَ أَبَداً، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ الْعَفُوِّ «1» الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [مِنَ النَّارِ وَ مَا فِيهَا، وَ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ مِنَ النَّارِ، إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ جَوَادٌ كَرِيمٌ»].
__________________________________________________
 (1) في المصدر: الغفور.

758
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفيل ص 759

سورة الفيل‏
فضلها
11903/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ فِي فَرَائِضِهِ: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُلُّ سَهْلٍ وَ جَبَلٍ وَ مَدَرٍ، بِأَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ يُنَادِي لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنَادٍ:
صَدَقْتُمْ عَلَى عَبْدِي، قَبِلْتُ شَهَادَتَكُمْ «1» لَهُ وَ عَلَيْهِ، أَدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ وَ لَا تُحَاسِبُوهُ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ أُحِبُّهُ وَ أُحِبُّ عَمَلَهُ».
11904/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَ الْمَسْخِ فِي الدُّنْيَا، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى الرِّمَاحِ الَّتِي تُصَادِمَ كَسَرَتْ مَا تُصَادِمُهُ».
11905/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وَ الْمَسْخِ فِي الدُّنْيَا، وَ إِنْ قُرِئَتْ عَلَى الرِّمَاحِ الْخَطِّيَّةِ «2» كَسَرَتْ مَا تُصَادِمُهُ».
11906/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا قُرِئَتْ عَلَى مَصَافَّ «3» إِلَّا وَ انْصَرَعَ الْمَصَافُّ الثَّانِي الْمُقَابِلُ لِلْقَارِئِ لَهَا، وَ مَا كَانَ قِرَاءَتُهَا إِلَّا قُوَّةً لِلْقَلْبِ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 126.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- خواص القرآن: 62 «مخطوط».
 (1) في «ج، ي»: شهادتهم.
 (2) الخطّي: الرمح المنسوب إلى الخطّ، و هو موضع ببلاد البحرين تنسب إليه الرّماح الخطّية. «المعجم الوسيط 1: 244».
 (3) المصافّ: موقف القتال.

759
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفيل الآيات 1 الى 5 ص 760

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ- إلى قوله تعالى- فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [1- 5]
11907/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَمَّا أَتَى «1» صَاحِبُ الْحَبَشَةِ بِالْخَيْلِ وَ مَعَهُمُ الْفِيلُ لِيَهْدِمَ الْبَيْتَ مَرُّوا بِإِبِلٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَسَاقُوهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، فَأَتَى صَاحِبَ الْحَبَشَةِ، فَدَخَلَ الْآذِنُ، فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: وَ مَا يَشَاءُ؟ قَالَ التَّرْجُمَانُ: جَاءَ فِي إِبِلٍ لَهُ سَاقُوهَا يَسْأَلُكَ رَدَّهَا، فَقَالَ مَلِكُ الْحَبَشَةِ لِأَصْحَابِهِ: هَذَا رَئِيسُ قَوْمٍ وَ زَعِيمُهُمْ! جِئْتُ إِلَى بَيْتِهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ لِأَهْدِمَهُ وَ هُوَ يَسْأَلُنِي إِطْلَاقَ إِبِلِهِ! أَمَا لَوْ سَأَلَنِي الْإِمْسَاكَ عَنْ هَدْمِهِ لَفَعَلْتُ، رُدُّوا عَلَيْهِ إِبِلَهُ.
فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِتَرْجُمَانِهِ: مَا قَالَ الْمَلِكُ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: أَنَا رَبُّ الْإِبِلِ، وَ لِهَذَا الْبَيْتِ رَبٌّ يَمْنَعُهُ، فَرُدَّتْ عَلَيْهِ إِبِلُهُ، وَ انْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَحْوَ مَنْزِلِهِ، فَمَرَّ بِالْفِيلِ فِي مُنْصَرَفِهِ، فَقَالَ لِلْفِيلِ: يَا مَحْمُودُ، فَحَرَّكَ الْفِيلُ رَأْسَهُ. فَقَالَ لَهُ: أَ تَدْرِي لِمَ جَاءُوا بِكَ؟ فَقَالَ «2» الْفِيلُ بِرَأْسِهِ: لَا، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: جَاءُوا بِكَ لِتَهْدِمَ بَيْتَ رَبِّكَ، أَ فَتَرَاكَ فَاعِلَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ: لَا.
فَانْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا بِهِ لِدُخُولِ الْحَرَمِ، فَأَبَى وَ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِبَعْضِ مَوَالِيهِ عِنْدَ ذَلِكَ: اعْلُ الْجَبَلَ، فَانْظُرْ تَرَى شَيْئاً؟ فَقَالَ: أَرَى سَوَاداً مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ، فَقَالَ لَهُ:
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 372/ 25.
 (1) في المصدر: لمّا أن وجّه.
 (2) أي حرّك أو أشار.

760
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفيل الآيات 1 الى 5 ص 760

يُصِيبُهُ بَصَرُكَ أَجْمَعَ؟ فَقَالَ لَهُ: لَا، وَ أَوْشَكَ أَنْ يُصِيبَ، فَلَمَّا أَنْ قَرُبَ قَالَ: هُوَ طَيْرٌ كَثِيرٌ وَ لَا أَعْرِفُهُ، يَحْمِلُ كُلُّ طَيْرٍ فِي مِنْقَارِهِ حَصَاةً مِثْلَ حَصَاةِ الْخَذْفِ أَوْ دُونَ حَصَاةِ الخَذْفِ. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: وَ رَبِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا تُرِيدُ إِلَّا الْقَوْمَ، حَتَّى لَمَّا صَارَتْ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ أَجْمَعَ أَلْقَتِ الْحَصَاةَ، فَوَقَعَتْ كُلُّ حَصَاةٍ عَلَى هَامَّةِ رَجُلٍ، فَخَرَجَتْ مِنْ دُبُرِهِ فَقَتَلَتْهُ، فَمَا انْفَلَتَ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ يُخْبِرُ النَّاسَ، فَلَمَّا أَنْ أَخْبَرَهُمْ أَلْقَتْ عَلَيْهِ حَصَاةً فَقَتَلَتْهُ».
11908/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا أَقْبَلَ صَاحِبُ الْحَبَشَةِ بِالْفِيلِ يُرِيدُ هَدْمَ الْكَعْبَةِ، مَرُّوا بِإِبِلٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَاسْتَاقُوهَا، فَتَوَجَّهَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى صَاحِبِهِمْ يَسْأَلُهُ رَدَّ إِبِلِهِ عَلَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ، وَ قِيلَ لَهُ: إِنَّ هَذَا شَرِيفُ قُرَيْشٍ- أَوْ عَظِيمُ قُرَيْشٍ- وَ هُوَ رَجُلٌ لَهُ عَقْلٌ وَ مُرُوءَةٌ، فَأَكْرَمَهُ وَ أَدْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُ: مَا حَاجَتُكَ؟
فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَصْحَابَكَ مَرُّوا بِإِبِلٍ [لِي‏] فَاسْتَاقُوهَا فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَرُدَّهَا عَلَيَّ. قَالَ: فَتَعَجَّبَ مِنْ سُؤَالِهِ إِيَّاهُ رَدَّ الْإِبِلِ. وَ قَالَ:
هَذَا الَّذِي زَعَمْتُمْ أَنَّهُ عَظِيمُ قُرَيْشٍ وَ ذَكَرْتُمْ عَقْلَهُ، يَدَعُ أَنْ يَسْأَلَنِي أَنْ أَنْصَرِفَ عَنْ بَيْتِهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ، أَمَا لَوْ سَأَلَنِي أَنْ أَنْصَرِفَ عَنْ هَذَا «1» لَانْصَرَفْتُ لَهُ عَنْهُ، فَأَخْبَرَهُ التَّرْجُمَانُ بِمَقَالَةِ الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: إِنَّ لِذَلِكَ الْبَيْتِ رَبّاً يَمْنَعُهُ، وَ إِنَّمَا سَأَلْتُكَ رَدَّ إِبِلِي لِحَاجَتِي إِلَيْهَا، فَأَمَرَ بِرَدِّهَا عَلَيْهِ.
فَمَضَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَتَّى لَقِيَ الْفِيلَ عَلَى طَرَفِ الْحَرَمِ، فَقَالَ لَهُ: مَحْمُودٌ، فَحَرَّكَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: أَ تَدْرِي لِمَ جِي‏ءَ بِكَ؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ: لَا، فَقَالَ: جَاءُوا بِكَ لِتَهْدِمَ بَيْتَ رَبِّكَ أَ فَتَفْعَلُ؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ: لَا، قَالَ: فَانْصَرَفَ عَنْهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَ جَاءُوا بِالْفِيلِ لِيَدْخُلَ الْحَرَمَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى طَرَفِ الْحَرَمِ امْتَنَعَ مِنَ الدُّخُولِ فَضَرَبُوهُ فَامْتَنَعَ مِنَ الدُّخُولِ، فَأَدَارُوا بِهِ نَوَاحِيَ الْحَرَمِ كُلَّهَا، كُلَّ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَدْخُلْ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الطَّيْرَ كَالْخَطَاطِيفِ، فِي مَنَاقِيرِهَا حَجَرٌ كَالْعَدَسَةِ أَوْ نَحْوِهَا، ثُمَّ تُحَاذِي بِرَأْسِ الرَّجُلِ ثُمَّ تُرْسِلُهَا عَلَى رَأْسِهِ فَتَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلٌ هَرَبَ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَا رَأَى إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِ طَائِرٌ مِنْهَا فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: هَذَا الطَّيْرُ مِنْهَا، وَ جَاءَ الطَّيْرُ حَتَّى حَاذَى بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَلْقَاهَا عَلَيْهِ فَخَرَجَتْ مِنْ دُبُرِهِ فَمَاتَ».
11909/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قَالَ: «كَانَ طَيْرٌ سَافٌّ «2»، جَاءَهُمْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ، رُؤُوسُهَا كَأَمْثَالِ رُؤُوسِ السِّبَاعِ، وَ أَظْفَارُهَا كَأَظْفَارِ السِّبَاعِ مِنَ الطَّيْرِ، مَعَ كُلِّ طَيْرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ: فِي رِجْلَيْهِ حَجَرَانِ، وَ فِي مِنْقَارِهِ حَجَرٌ، فَجَعَلَتْ تَرْمِيهِمْ بِهَا حَتَّى جُدِّرَتْ أَجْسَادُهُمْ فَقَتَلَتْهُمْ بِهَا، وَ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رُئِيَ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْجُدَرِيِّ، وَ لَا رَأَوْا مِنْ ذَلِكَ الطَّيْرِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ لَا بَعْدَهُ؟».
__________________________________________________
 (2)- الكافي 4: 216/ 2.
 (3)- الكافي 8: 84/ 44.
 (1) في المصدر: هدّه، يقال: هدّ البناء يهدّه هدّا، إذا كسره و ضعضعه. «لسان العرب 3: 432».
 (2) أَسَفّ الطائر: دنا من الأرض. «لسان العرب 9: 153».

761
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفيل الآيات 1 الى 5 ص 760

قَالَ: «وَ مَنْ أَفْلَتَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ انْطَلَقَ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا حَضْرَمَوْتَ، وَ هُوَ وَادٍ دُونَ الْيَمَنِ، أَرْسَلَ [اللَّهُ‏] عَلَيْهِمْ سَيْلًا فَغَرَّقَهُمْ أَجْمَعِينَ». قَالَ: «وَ مَا رُئِيَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي مَاءٌ [قَطُّ] قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخَمْسَةِ عَشَرَ سَنَةً» قَالَ: «فَلِذَلِكَ سُمِّيَ حَضْرَمَوْتَ حِينَ مَاتُوا فِيهِ».
11910/ «4»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ- يَعْنِي الْمُفِيدَ- قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ الرَّبَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُمْهُورٍ الْعَمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا قَصَدَ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَّاحِ مَلِكُ الْحَبَشَةِ لِيَهْدِمَ الْبَيْتَ، تَسَرَّعَتِ الْحَبَشَةُ، فَأَغَارُوا عَلَيْهَا، فَأَخَذُوا سَرْحاً «1» لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ، فَجَاءَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ وَ هُوَ فِي قُبَّةِ دِيبَاجٍ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ أَبْرَهَةُ السَّلَامَ، وَ جَعَلَ يَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ، فَرَاقَهُ حُسْنُهُ وَ جَمَالُهُ وَ هَيْئَتُهُ. فَقَالَ لَهُ: هَلْ كَانَ فِي آبَائِكَ مِثْلُ هَذَا النُّورِ الَّذِي أَرَاهُ لَكَ وَ الْجَمَالُ؟ قَالَ: نَعَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُلُّ آبَائِي كَانَ لَهُمْ هَذَا الْجَمَالُ وَ النُّورُ وَ الْبَهَاءُ فَقَالَ لَهُ أَبْرَهَةُ: لَقَدْ فُقْتُمُ [الْمُلُوكَ‏] فَخْراً وَ شَرَفاً، وَ يَحِقُّ لَكَ أَنْ تَكُونَ سَيِّدَ قَوْمِكَ.
ثُمَّ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، وَ قَالَ لِسَائِسِ فِيلِهِ الْأَعْظَمِ- وَ كَانَ فِيلًا أَبْيَضَ عَظِيمَ الْخَلْقِ، لَهُ نَابَانِ مُرَصَّعَانِ بِأَنْوَاعِ الدُّرِّ وَ الْجَوَاهِرِ، وَ كَانَ الْمَلِكُ يُبَاهِي بِهِ مُلُوكَ الْأَرْضِ- ائْتِنِي بِهِ، فَجَاءَ بِهِ سَائِسُهُ، وَ قَدْ زُيِّنَ بِكُلِّ زِينَةٍ حَسَنَةٍ، فَحِينَ قَابَلَ وَجْهَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَجَدَ لَهُ، وَ لَمْ يَكُنْ يَسْجُدُ لِمَلِكِهِ، وَ أَطْلَقَ اللَّهُ لِسَانَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمَّا رَأَى الْمَلِكُ ذَلِكَ ارْتَاعَ لَهُ وَ ظَنَّهُ سِحْراً، فَقَالَ: رُدُّوا الْفِيلَ إِلَى مَكَانِهِ.
ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: فِيمَ جِئْتَ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي سَخَاؤُكَ وَ كَرَمُكَ وَ فَضْلُكَ، وَ رَأَيْتُ مِنْ هَيْئَتِكَ «2» وَ جَمَالِكَ وَ جَلَالِكَ مَا يَقْتَضِي أَنْ أَنْظُرَ فِي حَاجَتِكَ، فَسَلْنِي مَا شِئْتَ. وَ هُوَ يَرَى أَنْ يَسْأَلَهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: إِنَّ أَصْحَابَكَ غَدَوْا عَلَى سَرْحٍ لِي فَذَهَبُوا بِهِ، فَمُرْهُمْ بِرَدِّهِ عَلِيٍّ.
قَالَ: فَتَغَيَّظَ الْحَبَشِيُّ مِنْ ذَلِكَ، وَ قَالَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: لَقَدْ سَقَطْتَ مِنْ عَيْنِي، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي فِي سَرْحِكَ، وَ أَنَا قَدْ جِئْتُ لِهَدْمِ شَرَفِكَ وَ شَرَفِ قَوْمِكَ، وَ مَكْرُمَتِكُمْ الَّتِي تَتَمَيَّزُونَ بِهَا مِنْ كُلِّ جِيلٍ، وَ هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي يُحَجُّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ صُقْعٍ فِي الْأَرْضِ، فَتَرَكْتَ مَسْأَلَتِي فِي ذَلِكَ وَ سَأَلْتَنِي فِي سَرْحِكَ.
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: لَسْتُ بِرَبِّ الْبَيْتِ الَّذِي قَصَدْتَ لِهَدْمِهِ، وَ أَنَا رَبُّ سَرْحِيَ الَّذِي أَخَذَهُ أَصْحَابُكَ، فَجِئْتُ أَسْأَلُكَ فِيمَا أَنَا رَبُّهُ، وَ لِلْبَيْتِ رَبٌّ هُوَ أَمْنَعُ لَهُ مِنَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ، وَ أَوْلَى [بِهِ‏] مِنْهُمْ.
فَقَالَ الْمَلِكُ: رُدُّوا إِلَيْهِ سَرْحَهُ، فَرَدُّوهُ إِلَيْهِ وَ انْصَرَفَ إِلَى مَكَّةَ، وَ أَتْبَعَهُ الْمَلِكُ بِالْفِيلِ الْأَعْظَمِ مَعَ الْجَيْشِ لِهَدْمِ الْبَيْتِ، فَكَانُوا إِذَا حَمَلُوهُ عَلَى دُخُولِ الْحَرَمِ أَنَاخَ، وَ إِذَا تَرَكُوهُ رَجَعَ مُهَرْوِلًا، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِغِلْمَانِهِ: ادْعُوا لِي‏
__________________________________________________
 (4)- الأمالي 1: 78.
 (1) السّرح: المال يسام في المرعى من الأنعام. «لسان العرب 2: 478».
 (2) في المصدر: هيبتك.

762
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفيل الآيات 1 الى 5 ص 760

ابْنِي، فَجِي‏ءَ بِالْعَبَّاسِ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، ادْعُوا لِيَ ابْنِي، فَجِي‏ءَ بِأَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، ادْعُوا لِيَ ابْنِي، فَجِي‏ءَ بِعَبْدِ اللَّهِ أَبِي النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَلَمَّا أَقْبَلَ إِلَيْهِ، قَالَ: اذْهَبْ يَا بُنَيَّ حَتَّى تَصْعَدَ أَبَا قُبَيْسٍ «1»، ثُمَّ اضْرِبْ بِبَصَرِكَ نَاحِيَةَ الْبَحْرِ، فَانْظُرْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَجِي‏ءُ مِنْ هُنَاكَ، وَ خَبِّرْنِي بِهِ.
قَالَ: فَصَعِدَ عَبْدُ اللَّهِ أَبَا قُبَيْسٍ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ طَيْرٌ أَبَابِيلُ مِثْلُ السَّيْلِ وَ اللَّيْلِ، فَسَقَطَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، ثُمَّ صَارَ إِلَى الْبَيْتِ، فَطَافَ [بِهِ‏] سَبْعاً، ثُمَّ صَارَ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَطَافَ بِهِمَا سَبْعاً، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: انْظُرْ يَا بُنَيَّ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهَا بَعْدُ فَأَخْبِرْنِي بِهِ، فَنَظَرَهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ أَخَذَتْ نَحْوَ عَسْكَرِ الْحَبَشَةِ فَأَخْبَرَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَ هُوَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، اخْرُجُوا إِلَى الْعَسْكَرِ فَخُذُوا غَنَائِمَكُمْ.
قَالَ: فَأَتَوُا الْعَسْكَرَ، وَ هُمْ أَمْثَالُ الْخُشُبِ النَّخِرَةِ، وَ لَيْسَ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا مَا مَعَهُ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ، فِي مِنْقَارِهِ وَ رِجْلَيْهِ، يَقْتُلُ بِكُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا وَاحِداً مِنَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا أَتَوْا عَلَى جَمِيعِهِمْ انْصَرَفَ الطَّيْرُ، وَ لَمْ يُرَ قَبْلَ ذَلِكَ وَ لَا بَعْدَهُ فَلَمَّا هَلَكَ الْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ جَاءَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى الْبَيْتِ فَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِهِ، وَ قَالَ:
         يَا حَابِسَ الْفِيلِ بِذِي الْمُغَمَّسِ «2»             حَبَسْتَهُ كَأَنَّهُ مُكَوْكَسٌ «3»
فِي مَجْلِسٍ تَزْهَقُ فِيهِ الْأَنْفُسُ فَانْصَرَفَ وَ هُوَ يَقُولُ فِي فِرَارِ قُرَيْشٍ وَ جَزَعِهِمْ مِنَ الْحَبَشَةِ:
         طَارَتْ قُرَيْشٌ إِذْ رَأَتْ خَمِيساً             فَظَلْتُ فَرْداً لَا أَرَى أَنِيساً
         وَ لَا أَحُسُّ مِنْهُمْ حَسِيساً             إِلَّا أَخاً لِي مَاجِداً نَفِيساً
مُسَوَّداً فِي أَهْلِهِ رَئِيساً».
11911/ «5»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة، قال: نزلت في الحبشة حين جاءوا بالفيل ليهدموا به الكعبة، فلما أدنوه من باب المسجد، قال له عبد المطلب: أ تدري أين يؤم بك؟ فقال برأسه: لا، قال: أتوا بك لتهدم كعبة اللّه، أ تفعل ذلك؟ فقال برأسه: لا، فجهدت به الحبشة ليدخل المسجد فأبى، فحملوا عليه بالسيوف و قطعوه وَ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ. قال: بعضها على أثر بعض، تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قال: كان مع كل طير ثلاثة أحجار: حجر في منقاره، و حجران في رجليه «4»، و كانت ترفرف على رؤوسهم، و ترمي أدمغتهم، فيدخل الحجر في دماغ الرجل منهم، و يخرج من دبره، و تنقض أبدانهم، فكانوا كما قال اللّه: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ قال: العصف: التبن، و المأكول: هو الذي يبقى من فضله.
__________________________________________________
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 442.
 (1) و هو جبل مشرف على مسجد مكّة. «معجم البلدان 4: 308».
 (2) المغمّس: موضع قرب مكّة في طريق الطائف. «معجم البلدان 5: 161».
 (3) يقال: كوسه على رأسه: قلبه، و تكوّس الرجل: تنكّس، و في أمالي المفيد: 314/ 5: مكركس، أي المنكّس الذي قلب على رأسه.
 (4) في المصدر: مخاليبه.

763
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفيل الآيات 1 الى 5 ص 760

قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ هَذَا الْجُدَرِيُّ مِنْ ذَلِكَ «1» الَّذِي أَصَابَهُمْ فِي زَمَانِهِمْ».
__________________________________________________
 (1) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: و أهل الجدري من ذلك أصابهم.

764
البرهان في تفسير القرآن5

سورة قريش ص 765

سورة قريش‏
فضلها
11912/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَكْثَرَ مِنْ قِرَاءَةِ (لِإِيْلَافِ قُرَيْشٍ) بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَرْكَبٍ مِنْ مَرَاكِبِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَقْعُدَ عَلَى مَوَائِدِ النُّورِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
11913/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ طَافَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَ اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَ إِذَا قُرِئَتْ عَلَى طَعَامٍ يُخَافُ مِنْهُ كَانَ فِيهِ الشِّفَاءُ، وَ لَمْ يُؤْذِ آكِلَهُ أَبَداً».
11914/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى طَعَامٍ لَمْ يَرَ فِيهِ سُوءً أَبَداً».
11915/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِذَا قُرِئَتْ عَلَى طَعَامٍ يُخَافُ مِنْهُ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَ إِذَا قَرَأْتَهَا عَلَى مَاءٍ ثُمَّ رُشَّ الْمَاءُ عَلَى مَنْ أُشْغِلَ قَلْبُهُ بِالْمَرَضِ وَ لَا يَدْرِي مَا سَبَبُهُ يَصْرِفُهُ اللَّهُ عَنْهُ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 126.
 (2)- .....
 (3)- .....
 (4)- خواص القرآن: 16 «نحوه».

765
البرهان في تفسير القرآن5

سورة قريش الآيات 1 الى 4 ص 766

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ- إلى قوله تعالى- وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [1- 4] 11916/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في قريش، لأنّه كان معاشهم من الرحلتين: رحلة في الشتاء إلى اليمن، و رحلة في الصيف إلى الشام، و كانوا يحملون من مكّة الأدم و اللب «1»، و ما يقع من ناحية البحر من الفلفل و غيره، فيشترون بالشام الثياب و الدرمك «2» و الحبوب، و كانوا يتآلفون في طريقهم، و يثبتون «3» في الخروج في كل خرجة «4» رئيسا من رؤوساء قريش، و كان معاشهم من ذلك، فلما بعث اللّه رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) استغنوا عن ذلك، لأن الناس وفدوا على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و حجوا إلى البيت، فقال اللّه: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ فلا يحتاجون أن يذهبوا إلى الشام وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ يعني خوف «5» الطريق.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 444.
 (1) أي الجوز و اللّوز و نحوهما، و قد غلب على ما يؤكل داخله و يرمى خارجه. «أقرب الموارد 2: 1123»، و في المصدر: اللباس.
 (2) أي الدقيق الأبيض. «المعجم الوسيط 1: 282».
 (3) في «ط»: يترتّبون، و في «ج»: يرتّبون.
 (4) في «ط، ي، ج»: ناحية.
 (5) (خوف) ليس في «ج، ي».

766
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الماعون ص 767

سورة الماعون‏
فضلها
11917/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ (أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) فِي فَرَائِضِهِ وَ نَوَافِلِهِ، كَانَ فِيمَنْ قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَلَاتَهُ وَ صِيَامَهُ، وَ لَمْ يُحَاسِبْهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا».
11918/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا دَامَتِ الزَّكَاةُ مُؤَدَّاةً، وَ مَنْ قَرَأَهَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِائَةَ مَرَّةٍ حَفِظَهُ اللَّهُ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ».
11919/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَ حَفِظَهُ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ».
11920/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ كَانَ فِي أَمَانِ اللَّهِ وَ حِفْظِهِ إِلَى وَقْتِهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 126.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- .......

767
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الماعون الآيات 1 الى 7 ص 768

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ- إلى قوله تعالى- وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ [1- 7]
11921/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ عَاصِمٍ، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الرَّمَادِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، قَالَ: «بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
11922/ «2»- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، قَالَ: «بِالْوَلَايَةِ «1»».
11923/ «3»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: قوله تعالى: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ قال: نزلت في أبي جهل و كفّار قريش فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ، أي يدفعه عن حقه وَ لا يَحُضُّ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ أي لا يرغب في طعام المسكين، ثمّ قال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ قال: عنى به التاركين، لأن كل إنسان يسهو في الصلاة «2»، و
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الَّذِي يُؤَخِّرُهَا عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إِلَى آخِرِهِ مِنْ غَيْرِ «3» عُذْرٍ».
__________________________________________________
 (1)- تأويل الآيات 2: 855/ 1.
 (2)- تأويل الآيات 2: 855/ 2.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 444.
 (1) زاد في المصدر: يعني أنّ الدين هو الولاية.
 (2) في «ط، ي» زيادة: فهو كالتارك لها.
 (3) فِي الْمَصْدَرِ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا لِغَيْرِ.

768
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الماعون الآيات 1 الى 7 ص 768

الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ فيما يفعلون وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ مثل السراج و النار و الخمير و أشباه ذلك من الآلات «1» التي يحتاج إليها الناس‏
 و
فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «الْخُمُسُ وَ الزَّكَاةُ».
11924/ «4»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: سَأَلْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ، قَالَ: «هُوَ التَّضْيِيعُ».
11925/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَا، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ، قَالَ: «هُوَ الْقَرْضُ يُقْرِضُهُ، وَ الْمَعْرُوفُ يَصْطَنِعُهُ، وَ مَتَاعُ الْبَيْتِ يُعِيرُهُ، وَ مِنْهُ الزَّكَاةُ».
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لَنَا جِيرَاناً إِذَا أَعَرْنَاهُمْ مَتَاعاً كَسَرُوهُ وَ أَفْسَدُوهُ، فَعَلَيْنَا جُنَاحٌ أَنْ نَمْنَعَهُمْ؟ فَقَالَ: «لَا، لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَمْنَعُوهُمْ إِذَا كَانُوا كَذَلِكَ».
11926/ «6»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «2» (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: لَيْسَ عَمَلٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الصَّلَاةِ، فَلَا يَشْغَلَنَّكُمْ عَنْ أَوْقَاتِهَا شَيْ‏ءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَمَّ أَقْوَاماً فَقَالَ: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ يَعْنِي أَنَّهُمْ غَافِلُونَ، اسْتَهَانُوا بِأَوْقَاتِهَا».
11927/ «7»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِالْإِسْنَادِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أَ هِيَ وَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ؟ فَقَالَ: «لَا، كُلَّ أَحَدٍ يُصِيبُهُ هَذَا، وَ لَكِنْ أَنْ يَغْفُلَهَا وَ يَدَعَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا».
11928/ «8»- وَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ، قَالَ: «هُوَ التَّرْكُ لَهَا وَ التَّوَانِي عَنْهَا».
11929/ «9»- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «هُوَ التَّضْيِيعُ لَهَا».
11930/ «10»- الطَّبْرِسِيُّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ، قَالَ: اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ: هُوَ الزَّكَاةُ
__________________________________________________
 (4)- الكافي 3: 268/ 5.
 (5)- الكافي 3: 499/ 9.
 (6)- الخصال: 621/ 10.
 (7)- مجمع البيان 10: 834.
 (8)- مجمع البيان 10: 834.
 (9)- مجمع البيان 10: 834.
 (10)- مجمع البيان 10: 834.
 (1) في المصدر: ذلك ممّا.
 (2) في المصدر: عن أبي عبد اللّه.

769
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الماعون الآيات 1 الى 7 ص 768

الْمَفْرُوضَةُ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ابْنِ عُمَرَ، وَ الْحَسَنِ، وَ قَتَادَةَ، وَ الضَّحَّاكِ، قَالَ: وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
11931/ «11»- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «هُوَ الْقَرْضُ تُقْرِضُهُ، وَ الْمَعْرُوفُ تَصْنَعُهُ، وَ مَتَاعُ الْبَيْتِ تُعِيرُهُ، وَ مِنْهُ الزَّكَاةُ».
 [قَالَ‏]: فَقُلْتُ: إِنَّ لَنَا جِيرَاناً إِذَا أَعَرْنَاهُمْ مَتَاعاً كَسَرُوهُ، [وَ أَفْسَدُوهُ أَ] فَعَلَيْنَا جُنَاحٌ أَنْ نَمْنَعَهُمْ؟ فَقَالَ: « [لَا]، لَيْسَ عَلَيْكَ جُنَاحٌ أَنْ تَمْنَعَهُمْ إِذَا كَانُوا كَذَلِكَ».
__________________________________________________
 (11)- مجمع البيان 10: 834.

770
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكوثر ص 771

سورة الكوثر
فضلها
11932/ «1»- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كانت قراءته: (إنا أعطيناك الكوثر) في فرائضه و نوافله، سقاه الله من الكوثر يوم القيامة، و كان محدثه عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أصل طوبى».
11933/ «2»- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة سقاه الله تعالى من نهر الكوثر، و من كل نهر في الجنة و كتب له عشر حسنات بعدد كل من قرب قربانا من الناس يوم النحر، و من قرأها ليلة الجمعة مائة مرة رأى النبي (صلى الله عليه و آله) في منامه رأي العين، لا يتمثل بغيره من الناس إلا كما يراه».
11934/ «3»- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها سقاه الله من نهر الكوثر و من كل نهر في الجنة، و من قرأها ليلة الجمعة مائة مرة مكملة رأى النبي (صلى الله عليه و آله) في منامه بإذن الله تعالى».
11935/ «4»- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها بعد صلاة يصليها نصف الليل سرا من ليلة الجمعة ألف مرة مكملة رأى النبي (صلى الله عليه و آله) في منامه بإذن الله تعالى».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 126.
 (2)- .......
 (3)- .......
 (4)- خواص القرآن: 16 «مخطوط».

771
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكوثر الآيات 1 الى 3 ص 772

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ* إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [1- 3]
11936/ «1»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ- يَعْنِي الْمُفِيدُ- قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: لَمَّا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «مَا هُوَ الْكَوْثَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟». قَالَ: «نَهَرٌ أَكْرَمَنِيَ اللَّهُ بِهِ».
قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ هَذَا النَّهَرَ شَرِيفٌ، فَانْعَتْهُ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ»؟ قَالَ: «نَعَمْ يَا عَلِيُّ، الْكَوْثَرُ نَهَرٌ يَجْرِي تَحْتَ عَرْشِ اللَّهِ تَعَالَى، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَ أَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، حَصَاهُ الزَّبَرْجَدُ وَ الْيَاقُوتُ وَ الْمَرْجَانُ، حَشِيشُهُ الزَّعْفَرَانُ، تُرَابُهُ الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، قَوَاعِدُهُ تَحْتَ عَرْشِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ». ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدَهُ عَلَى جَنْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: «يَا عَلِيُّ، إِنَّ هَذَا النَّهَرَ لِي، وَ لَكَ، وَ لِمُحِبِّيكَ مِنْ بَعْدِي».
وَ رَوَاهُ الْمُفِيدُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا هُوَ الْكَوْثَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ». وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «1».
__________________________________________________
 (1)- الأمالي 1: 67.
 (1) الأمالي: 294/ 5.

772
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكوثر الآيات 1 الى 3 ص 772

11937/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ «1» بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَرْزَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ هِلَالٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «أَعْطَانِي اللَّهُ تَعَالَى خَمْساً وَ أَعْطَى عَلِيّاً خَمْساً، أَعْطَانِي جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَ أَعْطَى عَلِيّاً جَوَامِعَ الْعِلْمِ، وَ جَعَلَنِي نَبِيّاً، وَ جَعَلَهُ وَصِيّاً، وَ أَعْطَانِي الْكَوْثَرَ، وَ أَعْطَاهُ السَّلْسَبِيلَ، وَ أَعْطَانِي الْوَحْيَ، وَ أَعْطَاهُ الْإِلْهَامَ، وَ أَسْرَى بِي إِلَيْهِ، وَ فَتَحَ لَهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَ الْحُجُبِ حَتَّى نَظَرَ إِلَيَّ وَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ».
قَالَ: ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقُلْتُ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي؟ قَالَ: «يَا بْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّ أَوَّلَ مَا كَلَّمَنِي بِهِ أَنْ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، انْظُرْ تَحْتَكَ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْحُجُبِ قَدِ انْخَرَقَتْ، وَ إِلَى أَبْوَابِ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ، وَ نَظَرْتُ إِلَى عَلِيٍّ وَ هُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فَكَلَّمَنِي وَ كَلَّمْتُهُ، وَ كَلَّمَنِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ».
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَ كَلَّمَكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: «قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي جَعَلْتُ عَلِيّاً وَصِيَّكَ وَ وَزِيرَكَ وَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَأَعْلِمْهُ، فَهَا هُوَ يَسْمَعُ كَلَامَكَ. فَأَعْلَمْتُهُ وَ أَنَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ لِي: قَدْ قَبِلْتُ وَ أَطَعْتُ. فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَفَعَلَتْ، فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ، وَ رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ يَتَبَاشَرُونَ بِهِ، وَ مَا مَرَرْتُ بِمَلَائِكَةٍ مِنْ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ إِلَّا هَنَّئُونِي وَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً، لَقَدْ دَخَلَ السُّرُورُ عَلَى جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ بِاسْتِخْلَافِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَكَ ابْنَ عَمِّكَ، وَ رَأَيْتُ حَمَلَةَ الْعَرْشِ قَدْ نَكَّسُوا رُؤُوسَهُمْ إِلَى الْأَرْضِ، فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ لِمَ نَكَّسَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ رُؤُوسَهُمْ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا مِنْ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا وَ قَدْ نَظَرَ إِلَى وَجْهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ اسْتِبْشَاراً بِهِ، مَا خَلَا حَمَلَةَ الْعَرْشِ فَإِنَّهُمْ اسْتَأْذَنُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ «2» السَّاعَةَ، فَأَذِنَ لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا هَبَطْتُ جَعَلْتُ أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَ هُوَ يُخْبِرُنِي بِهِ، فَعَلِمْتُ أَنِّي لَمْ أَطَأْ مَوْطِئاً إِلَّا وَ قَدْ كُشِفَ لِعَلِيٍّ عَنْهُ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ».
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِمَوَدَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ عَبْدٍ حَسَنَةً حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ هُوَ تَعَالَى أَعْلَمُ، فَإِنْ جَاءَ بِوَلَايَتِهِ، قَبِلَ عَمَلَهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، وَ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَلَايَتِهِ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ إِلَى النَّارِ.
يَا بْنَ عَبَّاسٍ، وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً، إِنَّ النَّارَ لَأَشَدُّ غَضَباً عَلَى مُبْغِضِ عَلِيٍّ مِنْهَا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ وَلَداً.
يَا بْنَ عَبَّاسٍ، لَوْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ وَ الْأَنْبِيَاءَ الْمُرْسَلِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى بُغْضِ عَلِيٍّ، وَ لَنْ يَفْعَلُوا، لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالنَّارِ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ هَلْ يُبْغِضُهُ أَحَدٌ؟ قَالَ: «يَا بْنَ عَبَّاسٍ نَعَمْ، يُبْغِضُهُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي، لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ نَصِيباً. يَا بْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ بُغْضِهِمْ لَهُ تَفْضِيلَهُمْ مَنْ هُوَ دُونَهُ عَلَيْهِ. وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِ‏
__________________________________________________
 (2)- الأمالي 1: 102.
 (1) في «ج»: سعد.
 (2) زاد في المصدر: في هذه.

773
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكوثر الآيات 1 الى 3 ص 772

نَبِيّاً، مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنِّي، وَ لَا وَصِيّاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ وَصِيِّي «1»».
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمْ أَزَلْ لَهُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ وَصَّانِي بِمَوَدَّتِهِ، وَ إِنَّهُ لَأَكْبَرُ عَمَلِي عِنْدِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ مَضَى مِنَ الزَّمَانِ مَا مَضَى، وَ حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْوَفَاةُ، حَضَرْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ دَنَا أَجَلُكَ، فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ: «يَا بْنَ عَبَّاسٍ، خَالِفْ مَنْ خَالَفَ عَلِيّاً، وَ لَا تَكُونَنَّ لَهُمْ ظَهِيراً وَ لَا وَلِيّاً».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلِمَ لَا تَأْمُرُ النَّاسَ بِتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ؟ قَالَ: فَبَكَى (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
 «يَا بْنَ عَبَّاسٍ [قَدْ] سَبَقَ فِيهِمْ عِلْمُ رَبِّي. وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً، لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِمَّنْ خَالَفَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَ أَنْكَرَ حَقَّهُ، حَتَّى يُغَيِّرَ اللَّهُ تَعَالَى مَا بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ. يَا بْنَ عَبَّاسٍ، إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ، فَاسْلُكْ طَرِيقَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ مِلْ مَعَهُ حَيْثُ مَالَ، وَ ارْضَ بِهِ إِمَاماً، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ. يَا بْنَ عَبَّاسٍ، احْذَرْ أَنْ يَدْخُلَكَ شَكٌّ فِيهِ، فَإِنَّ الشَّكَّ فِي عَلِيٍّ كُفْرٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
11938/ «3»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ».
قَالَ عَطَاءٌ: فَسَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا جَوَامِعُ الْكَلِمِ؟ قَالَ: «الْقُرْآنُ».
11939/ «4»- محمّد بن العبّاس: عن أحمد بن سعيد العماري، من ولد عمّار بن ياسر، عن إسماعيل بن زكريا، عن محمّد بن عون، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، في قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قال: نهر في الجنة، عمقه في الأرض سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن و أحلى من العسل، شاطئاه من اللؤلؤ و الزبرجد و الياقوت، خص اللّه تعالى به نبيه و أهل بيته (صلوات اللّه عليهم أجمعين) دون الأنبياء.
11940/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ خَالِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَرَانِي جَبْرَئِيلُ مَنَازِلِي فِي الْجَنَّةِ، وَ مَنَازِلَ أَهْلِ بَيْتِي، عَنِ الْكَوْثَرِ».
11941/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ مِسْمَعِ بْنِ أَبِي سَيَّارٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ أَمَامَكَ. وَ أَرَانِيَ الْكَوْثَرَ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا الْكَوْثَرُ لَكَ دُونَ النَّبِيِّينَ، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قُصُوراً كَثِيرَةً مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ وَ الدُّرِّ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَذِهِ مَسَاكِنُكَ وَ مَسَاكِنُ وَزِيرِكَ وَ وَصِيِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ ذُرِّيَّتِهِ الْأَبْرَارِ»، قَالَ:
__________________________________________________
 (3)- الأمالي 2: 99.
 (4)- تأويل الآيات 2: دأ 5/ 1.
 (5)- تأويل الآيات 2: 856/ 2.
 (6)- تأويل الآيات 2: 586/ 3.
 (1) زاد في المصدر: عليّ.

774
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكوثر الآيات 1 الى 3 ص 772

 «فَضَرَبْتُ بِيَدِي عَلَى بَلَاطِهِ فَشَمِمْتُهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ، وَ إِذَا أَنَا بِقُصُورٍ، لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ».
11942/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) صَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ:
 [يَا عَلِيُ‏] مَا هَذَا النُّورُ الَّذِي أَرَاهُ قَدْ غَشِيَكَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَأَخَذْتُ بَطْنَ الْوَادِي فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ نَادَانِي مُنَادٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا خَلْفِي إِبْرِيقٌ مَمْلُوءٌ مِنْ مَاءٍ، وَ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٌ مِنْ مَاءٍ، فَاغْتَسَلْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ أَمَّا الْمُنَادِي فَجَبْرَئِيلُ، وَ الْمَاءُ مِنْ نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ الْكَوْثَرُ، عَلَيْهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ أَلْفَ شَجَرَةٍ، كُلُّ شَجَرَةٍ لَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ غُصْناً، فَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الطَّرَبَ، هَبَّتْ رِيحٌ، فَمَا مِنْ شَجَرَةٍ وَ لَا غُصْنٍ إِلَّا وَ هُوَ أَحْلَى صَوْتاً مِنَ الْآخَرِ، وَ لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ لَا يَمُوتُوا، لَمَاتُوا فَرَحاً مِنْ شِدَّةِ حَلَاوَةِ تِلْكَ الْأَصْوَاتِ، وَ هَذَا النَّهَرُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ، وَ هُوَ لِي وَ لَكَ وَ لِفَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْ‏ءٌ».
11943/ «8»- السَّيِّدُ الرَّضِيُّ فِي كِتَابِ (الْمَنَاقِبِ الْفَاخِرَةِ فِي الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ الشَّافِعِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ، أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْمُلَقَّبُ بِالسَّقَّاءِ الْحَافِظُ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الرَّازِيُّ الْبَصْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ الْأَصْفَهَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِأَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ: «امْضِيَا إِلَى عَلِيٍّ حَتَّى يُحَدِّثَكُمَا مَا كَانَ فِي لَيْلَتِهِ، وَ أَنَا عَلَى أَثَرِكُمَا».
قَالَ أَنَسٌ: فَمَضَيْنَا فَاسْتَأْذَنَّا عَلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَخَرَجَ إِلَيْنَا، وَ قَالَ: «أَ حَدَثَ شَيْ‏ءٌ؟». قُلْنَا: لَا، بَلْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «امْضِيَا إِلَى عَلِيٍّ يُحَدِّثُكُمَا مَا كَانَ مِنْهُ فِي لَيْلَتِهِ». وَ جَاءَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ حَدِّثْهُمَا مَا كَانَ مِنْكَ فِي لَيْلَتِكَ». فَقَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَحِي يَا رَسُولَ اللَّهِ». فَقَالَ: «حَدِّثْهُمَا، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ».
فَقَالَ عَلِيٌّ: «إِنَّ الْبَارِحَةَ أَرَدْتُ الْمَاءَ لِلطَّهَارَةِ، وَ قَدْ أَصْبَحْتُ وَ خِفْتُ أَنْ تَفُوتَنِي الصَّلَاةُ، فَوَجَّهْتُ الْحَسَنَ فِي طَرِيقٍ وَ الْحُسَيْنَ فِي أُخْرَى، فَأَبْطَيَا عَلَيَّ فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ فَإِذَا السَّقْفُ قَدِ انْشَقَّ وَ نَزَلَ مِنْهُ سَطْلٌ مُغَطًّى بِمِنْدِيلٍ، فَلَمَّا صَارَ فِي الْأَرْضِ نَحَّيْتُ الْمِنْدِيلَ فَإِذَا فِيهِ مَاءٌ فَتَطَهَّرْتُ لِلصَّلَاةِ وَ اغْتَسَلْتُ بِبَاقِيهِ، وَ صَلَّيْتُ، ثُمَّ ارْتَفَعَ السَّطْلُ وَ الْمِنْدِيلُ وَ الْتَأَمَ السَّقْفُ». فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ لَهُمَا: «أَمَّا السَّطْلُ فَمِنَ الْجَنَّةِ، وَ الْمَاءُ فَمِنْ نَهْرِ الْكَوْثَرِ، وَ الْمِنْدِيلُ فَمِنْ إِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ، مَنْ مِثْلُكَ- يَا عَلِيُّ- وَ جَبْرَئِيلُ لَيْلَتَكَ يَخْدُمُكَ!».
11944/ «9»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَ الْيَهُودِ، قَالَتِ الْيَهُودُ: نُوحٌ خَيْرٌ مِنْكَ، قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «وَ لِمَ ذَلِكَ؟» قَالُوا: لِأَنَّهُ رَكِبَ عَلَى السَّفِينَةِ فَجَرَتْ عَلَى الْجُودِيِّ. قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَقَدْ أُعْطِيتُ أَنَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». قَالُوا: وَ مَا ذَاكَ؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَانِي نَهَراً فِي‏
__________________________________________________
 (7)- تأويل الآيات 2: 857/ 4.
 (8)- ..... العمدة 375/ 738.
 (9)- الإحتجاج: 48.

775
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكوثر الآيات 1 الى 3 ص 772

الْجَنَّةِ «1» مَجْرَاهُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ وَ عَلَيْهِ أَلْفُ أَلْفِ قَصْرٍ، لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَ لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، حَشِيشُهَا الزَّعْفَرَانُ، وَ رَضْرَاضُهَا «2» الدُّرُّ وَ الْيَاقُوتُ، وَ أَرْضُهَا الْمِسْكُ الْأَبْيَضُ، فَذَلِكَ خَيْرٌ لِي وَ لِأُمَّتِي، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ». قَالُوا: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ، هُوَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ، وَ هَذَا خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ.
11945/ «10»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي مَعْنَى الْكَوْثَرِ، قَالَ: «نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عِوَضاً عَنِ ابْنِهِ». قَالَ: وَ قِيلَ: [هُوَ] الشَّفَاعَةُ. رَوَوْهُ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
11946/ «11»- ابْنُ الْفَارِسِيِّ فِي (الرَّوْضَةِ): قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمِنْبَرَ فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا الَّذِي [قَدْ] أَعْطَاكَ اللَّهُ؟ قَالَ: «نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَ أَشَدُّ اسْتِقَامَةً مِنَ الْقِدْحِ «3»، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ تَرِدُهُ طُيُورٌ خُضْرٌ لَهَا أَعْنَاقٌ كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ».
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَنْعَمَ هَذَا الطَّائِرَ! قَالَ: «أَ فَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَنْعَمَ مِنْهُ؟». قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «مَنْ أَكَلَ الطَّيْرَ وَ شَرِبَ الْمَاءَ، وَ فَازَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ».
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «خُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ شَطْرُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، وَ بَيْنَ الشَّفَاعَةِ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ لِأَنَّهَا أَعَمُّ وَ أَكْفَى، أَ تَرَوْنَهَا لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ؟ لَا، وَ لَكِنَّهَا لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُتَلَوِّثِينَ الْخَطَّائِينَ».
و أحاديث الكوثر كثيرة، اقتصرت على ذلك مخافة الإطالة.
11947/ «12»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُقَاتِلٍ الْكَشِّيُّ بِبَغْدَادَ، قَدِمَ عَلَيْنَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ سَبْعِينَ وَ مِائَتَيْنِ فِي قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ، قَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَا هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي؟ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهَا لَيْسَتْ نَحِيرَةً، وَ لَكِنَّهَا رَفْعُ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ».
11948/ «13»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ؟ قَالَ: «النَّحْرُ: الِاعْتِدَالُ فِي الْقِيَامِ، أَنْ يُقِيمَ‏
__________________________________________________
 (10)- مجمع البيان 10: 836.
 (11)- روضة الواعظين: 501.
 (12)- الأمالي 1: 386.
 (13)- الكافي 3: 336/ 9.
 (1) في «ج» و المصدر: السماء.
 (2) الرّضراض: ما دقّ من الحصى، و الأرض المرضوضة بالحجارة. «أقرب الموارد- رضرض- 1: 409».
 (3) القدح: السّهم قبل أن ينصل و يراش. «لسان العرب- قدح- 2: 556».

776
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكوثر الآيات 1 الى 3 ص 772

صُلْبَهُ وَ نَحْرَهُ». وَ قَالَ: «لَا تُكَفِّرْ، فَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ الْمَجُوسُ، وَ لَا تَلَثَّمْ، وَ لَا تَحْتَفِزْ «1»، وَ لَا تُقْعِ عَلَى قَدَمَيْكَ، وَ لَا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْكَ».
11949/ «14»- الطَّبْرِسِيُّ: فِي مَعْنَى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) [يَقُولُ‏] فِي قَوْلِهِ: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ: «هُوَ رَفْعُ يَدَيْكَ حِذَاءَ وَجْهِكَ». وَ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ مِثْلَهُ.
11950/ «15»- وَ عَنْ جَمِيلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ؟ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، يَعْنِي اسْتَقْبَلَ بِيَدَيْهِ حَذْوَ وَجْهِهِ الْقِبْلَةَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ.
11951/ «16»- وَ رُوِيَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ، قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِجَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي؟ قَالَ: لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ، وَ لَكِنَّهُ يَأْمُرُكَ إِذَا تَحَرَّمْتَ لِلصَّلَاةِ، أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إِذَا كَبَّرْتَ، وَ إِذَا رَكَعْتَ، وَ إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ، وَ إِذَا سَجَدْتَ، فَإِنَّهُ صَلَاتُنَا وَ صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زِينَةً وَ إِنَّ زِينَةَ الصَّلَاةِ رَفْعُ الْأَيْدِي عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ.
قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «رَفْعُ الْأَيْدِي مِنَ الِاسْتِكَانَةِ. قُلْتُ: وَ مَا الِاسْتِكَانَةُ؟ قَالَ: «أَ لَا تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ؟ «2»».
ثمّ قال الطبرسيّ: أورده الثعلبي، و الواحدي في تفسيريهما.
11952/ «17»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، قال: الكوثر: نهر في الجنة أعطاه اللّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عوضا عن ابنه إبراهيم. قال: دخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) المسجد و فيه عمرو بن العاص و الحكم بن أبي العاص، فقال عمرو: يا أبا الأبتر، و كان الرجل في الجاهلية إذا لم يكن له ولد سمي أبتر، ثمّ قال عمرو: إني لأشنأ محمّدا، أي أبغضه. فأنزل اللّه على رسوله (صلّى اللّه عليه و آله): إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ* إِنَّ شانِئَكَ أي مبغضك عمرو بن العاص: هُوَ الْأَبْتَرُ يعني لا دين له و لا نسب.
11953/ «18»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي حَدِيثٍ: «أَشَرُّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ اثْنَا عَشَرَ». إِلَى أَنْ قَالَ فِي السِّتَّةِ الْآخِرِينَ: «وَ الْأَبْتَرُ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ».
__________________________________________________
 (14)- مجمع البيان 10: 837.
 (15)- مجمع البيان 10: 837.
 (16)- مجمع البيان 10: 837.
 (17)- تفسير القمّيّ 2: 445.
 (18)- الخصال: 459/ 2.
 (1) احتفز: استوى جالسا على وركيه، و قيل: استوى جالسا على ركبتيه كأنّه ينهض. «لسان العرب 5: 337».
 (2) المؤمنون 23: 76.

777
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكوثر الآيات 1 الى 3 ص 772

11954/ «19»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الدَّهَّانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَهْدٍ الْقُرَيْضِيِّ «1» بِالرَّقَّةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَنَاحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ «2»، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: « [وَ لَقَدْ] قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى مِنْبَرِ مِصْرَ: مُحِيَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَلْفُ حَرْفٍ، وَ حُرِّفَ مِنْهُ أَلْفُ. حَرْفٍ، وَ أَعْطَيْتُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَمْحُوَ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ. [قُلْتُ‏]: فَكَيْفَ جَازَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَ لَمْ يَجُزْ لِي؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ بَلَغَنِي مَا قُلْتَ عَلَى مِنْبَرِ مِصْرَ، وَ لَسْتَ هُنَاكَ».
__________________________________________________
 (19)- تأويل الآيات 2: 569/ 42.
 (1) في المصدر: عليّ بن أحمد العريضي.
 (2) زاد في المصدر: بن محمّد.

778
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكافرون ص 779

سورة الكافرون‏
فضلها
11955/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ [أَبِي (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)] يَقُولُ: « (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثُلُثُ الْقُرْآنِ، وَ (قُلْ يأيها الْكَافِرُونَ) رُبُعَ الْقُرْآنِ».
11956/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ الشِّرْكِ».
11957/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي فَرِيضَةٍ مِنَ الْفَرَائِضِ غُفِرَ لَهُ وَ لِوَالِدَيْهِ وَ مَا وَلَدَ، وَ إِنْ كَانَ شَقِيّاً مُحِيَ مِنْ دِيوَانِ الْأَشْقِيَاءِ، وَ أُثْبِتَ فِي دِيوَانِ السُّعَدَاءِ، وَ أَحْيَاهُ اللَّهُ تَعَالَى سَعِيداً، وَ أَمَاتَهُ شَهِيداً، وَ بَعَثَهُ شَهِيداً».
11958/ «4»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ شُعَيْبٍ الْحَدَّادِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ أَبِي يَقُولُ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) رُبُعُ الْقُرْآنِ، وَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: أَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، أَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ».
11959/ «5»- وَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا قُلْتَ: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ فَقُلْ:
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 454/ 7.
 (2)- الكافي 2: 458/ 23.
 (3)- ثواب الأعمال: 127.
 (4)- مجمع البيان 10: 839.
 (5)- مجمع البيان 10: 839.

779
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 779

وَ لَكِنِّي أَعْبُدُ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا، فَقُلْ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
11960/ «6»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْأَجْرِ كَأَنَّمَا قَرَأَ رُبُعَ الْقُرْآنِ، وَ تَبَاعَدَتْ عَنْهُ مُؤْذِيَةُ الشَّيْطَانِ، وَ نَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ مَنَامِهِ، لَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَيْهِ شَيْ‏ءٌ فِي مَنَامِهِ، فَعَلِّمُوهَا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ النَّوْمِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ دَعَا بِمَا أَرَادَ مِنَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً يَفْعَلُهَا».
11961/ «7»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا تَبَاعَدَتْ عَنْهُ مُؤْذِيَةُ الشَّيْطَانِ، وَ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ النَّوْمِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ شَيْ‏ءٌ فِي مَنَامِهِ وَ كَانَ مَحْرُوساً، فَعَلِّمُوهَا أَوْلَادَكُمْ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ دَعَا اللَّهَ، اسْتَجَابَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَعْصِيَةٍ».
11962/ «8»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا قُلْتَ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فَقُلْ: يَا أَيُّهَا «1» الْكَافِرُونَ وَ إِذَا قُلْتَ: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ، فَقُلْ: أَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَ إِذَا قُلْتَ: لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ فَقُلْ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَ دِينِيَ الْإِسْلَامُ».
__________________________________________________
 (6)- .....
 (7)- .......
 (8)- مجمع البيان 10: 842.
 (1) في المصدر: فقل: أيّها.

780
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الكافرون الآيات 1 الى 6 ص 781

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ- إلى قوله تعالى- لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ [1- 6]
11963/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، قَالَ: سَأَلَ أَبُو شَاكِرٍ أَبَا جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ* لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ* وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ* وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ* وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ فَهَلْ يَتَكَلَّمُ الْحَكِيمُ بِمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ وَ يُكَرِّرُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؟ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ فِي ذَلِكَ جَوَابٌ، فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا وَ تَكْرَارِهَا أَنَّ قُرَيْشاً قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً، وَ نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً، وَ تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً، وَ نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً، فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ بِمِثْلِ مَا قَالُوا، فَقَالَ فِيمَا قَالُوا: تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ* لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ، وَ فِيمَا قَالُوا: نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً: وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وَ فِيمَا قَالُوا: تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً: وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَ فِيمَا قَالُوا: نَعْبُدْكَ إِلَهَكَ سَنَةً: وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ». قَالَ: فَرَجَعَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ إِلَى أَبِي شَاكِرٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو شَاكِرٍ: هَذَا حَمَلَتْهُ الْإِبِلُ مِنَ الْحِجَازِ، وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهَا يَقُولُ: «دِينِيَ الْإِسْلَامُ» ثَلَاثاً.
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 445.

781
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النصر ص 783

سورة النصر
فضلها
11964/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ) فِي نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ، نَصَرَهُ اللَّهُ عَلَى جَمِيعِ أَعْدَائِهِ، وَ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ مَعَهُ كِتَابٌ يَنْطِقُ، قَدْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ جَوْفِ قَبْرِهِ فِيهِ أَمَانٌ مِنْ حَرِّ «1» جَهَنَّمَ وَ مِنَ النَّارِ، وَ مِنْ زَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَلَا يَمُرُّ عَلَى شَيْ‏ءٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا بَشَّرَهُ وَ أَخْبَرَهُ بِكُلِّ خَيْرٍ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَ يُفْتَحُ لَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ مَا لَمْ يَتَمَنَّ وَ لَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِهِ».
11965/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي صَلَاةٍ وَ صَلَّى بِهَا بَعْدَ الْحَمْدِ، قُبِلَتْ صَلَاتُهُ مِنْهُ أَحْسَنَ قَبُولِ».
11966/ «3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا فِي صَلَاتِهِ، قُبِلَتْ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ».
11967/ «4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قُبِلَتْ مِنْهُ الصَّلَاةُ أَحْسَنَ قَبُولٍ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 127.
 (2)- .......
 (3)- خواص القرآن: 37 «مخطوط».
 (4)- خواص القرآن: 62 «مخطوط».
 (1) في المصدر: جسر.

783
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النصر آية 1 ص 784

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ [1]
11968/ «1»- الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ الْمُقْرِئُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَزْهَرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ قَالَ لِي: يَا عَلِيُّ، لَقَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ، فَإِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً.
يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَتَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْجِهَادَ فِي الْفِتْنَةِ مِنْ بَعْدِي كَمَا كَتَبَ عَلَيْهِمْ جِهَادَ الْمُشْرِكِينَ مَعِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَا الْفِتْنَةُ الَّتِي كُتِبَ عَلَيْنَا فِيهَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: فِتْنَةُ قَوْمٍ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَ هُمْ مُخَالِفُونَ لِسُنَّتِي وَ طَاعِنُونَ فِي دِينِي. فَقُلْتُ: فَعَلَامَ نُقَاتِلُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ هُمْ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: عَلَى إِحْدَاثِهِمْ فِي دِينِهِمْ، وَ فِرَاقِهِمْ لِأَمْرِي، وَ اسْتِحْلَالِهِمْ دِمَاءَ عِتْرَتِي.
قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ كُنْتَ وَعَدْتَنِي الشَّهَادَةَ، فَسَلِ اللَّهَ تَعْجِيلَهَا لِي. فَقَالَ: أَجَلْ، قَدْ كُنْتُ وَعَدْتُكَ الشَّهَادَةَ، فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذَا خُضِبَتْ هَذِهِ مِنْ هَذَا؟ وَ أَوْمَأَ إِلَى رَأْسِي وَ لِحْيَتِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا إِذَا ثَبَتَ لِي مَا ثَبَتَ «1»، فَلَيْسَ بِمَوْطِنِ صَبْرٍ، وَ لَكِنَّهُ مَوْطِنُ بُشْرَى وَ شُكْرٍ. فَقَالَ: أَجَلْ، فَأَعِدَّ لِلْخُصُومَةِ، فَإِنَّكَ مُخَاصِمٌ «2» أُمَّتِي.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْشِدْنِي الْفَلْجَ؟ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ قَوْمَكَ قَدْ عَدَلُوا عَنِ الْهُدَى إِلَى الضَّلَالِ فَخَاصِمْهُمْ، فَإِنَّ الْهُدَى مِنَ اللَّهِ، وَ الضَّلَالَ مِنَ الشَّيْطَانِ. يَا عَلِيُّ، إِنَّ الْهُدَى هُوَ اتِّبَاعُ أَمْرِ اللَّهِ دُونَ الْهَوَى وَ الرَّأْيِ، وَ كَأَنَّكَ بِقَوْمٍ قَدْ تَأَوَّلُوا
__________________________________________________
 (1)- الأمالي 1: 63.
 (1) في المصدر: إذا بينت لي ما بينت.
 (2) في المصدر: تخاصم.

784
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النصر آية 1 ص 784

الْقُرْآنَ، وَ أَخَذُوا بِالشُّبُهَاتِ، وَ اسْتَحَلُّوا الْخَمْرَ وَ النَّبِيذَ وَ الْبَخْسَ بِالزَّكَاةِ، وَ السُّحْتَ بِالْهَدِيَّةِ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا هُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، أَ هُمْ أَهْلُ فِتْنَةٍ أَمْ أَهْلُ رِدَّةٍ؟ فَقَالَ: هُمْ أَهْلُ فِتْنَةٍ يَعْمَهُونَ فِيهَا إِلَى أَنْ يُدْرِكَهُمُ الْعَدْلُ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْعَدْلُ مِنَّا، أَمْ مِنْ غَيْرِنَا؟ فَقَالَ: بَلْ مِنَّا، بِنَا فَتَحَ اللَّهُ، وَ بِنَا يَخْتِمُ اللَّهُ، وَ بِنَا أَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ الْقُلُوبِ بَعْدَ الشِّرْكِ، وَ بِنَا يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْقُلُوبِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ. فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا وَهَبَ لَنَا مِنْ فَضْلِهِ».
وَ رَوَاهُ الْمُفِيدُ فِي (أَمَالِيهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ، وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ «1».
11969/ «2»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ السُّدِّيِّ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «2» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَيْتَنِي أَعْلَمُ مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ». فَنَزَلَتْ سُورَةُ النَّصْرِ، فَكَانَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ نُزُولِهَا، فَيَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَ بِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ». فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّ نَفْسِي نُعِيَتْ إِلَيَّ». ثُمَّ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ وَ تَبْكِي مِنَ الْمَوْتِ وَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ؟
قَالَ: «فَأَيْنَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ، وَ أَيْنَ ضِيقُ الْقَبْرِ وَ ظُلْمَةُ اللَّحْدِ، وَ أَيْنَ الْقِيَامَةُ وَ الْأَهْوَالُ؟». فَعَاشَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ عَاماً.
11970/ «3»- وَ فِي (الْأَسْبَابِ وَ النُّزُولِ): عَنِ الْوَاحِدِيِّ، أَنَّهُ رَوَى عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ غَزَاةِ خَيْبَرَ «3» وَ أَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الْفَتْحِ، قَالَ: «يَا عَلِيُّ، وَ يَا فَاطِمَةُ، إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ». إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
11971/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فِي مَعْنَى السُّورَةِ: قَوْلُهُ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ قَالَ: نَزَلَتْ بِمِنًى فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ، فَلَمَّا نَزَلَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي»، فَجَاءَ إِلَى مَسْجِدِ الْخَيْفِ فَجَمَعَ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: «نَصَرَ اللَّهُ امْرَءاً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ. ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَ النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمْ.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا وَ لَنْ تَزِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ، وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، فَإِنَّهُ قَدْ نَبَّأَنِيَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَإِصْبَعَيَّ هَاتَيْنِ- وَ جَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ- وَ لَا أَقُولُ‏
__________________________________________________
 (2)- المناقب 1: 234.
 (3)- المناقب 1: 234.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 446.
 (1) الأمالي: 288/ 7.
 (2) الزمر 39: 30.
 (3) في المصدر: غزوة حنين.

785
البرهان في تفسير القرآن5

سورة النصر آية 1 ص 784

كَهَاتَيْنِ وَ- جَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتِهِ وَ الْوُسْطَى- فَتَفْضُلَ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ».
11972/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ كَثِيراً: «سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».
11973/ «6»- وَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، بِالْآخِرَةِ لَا يَقُومُ وَ لَا يَقْعُدُ وَ لَا يَجِي‏ءُ وَ لَا يَذْهَبُ، إِلَّا قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَ بِحَمْدِهِ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ». فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنِّي أُمِرْتُ بِهَا» ثُمَّ قَرَأَ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ.
11974/ «7»- وَ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ: أَنَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ يَقُولُ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ إِلَيْكَ».
و قد تقدم في مقدّمة الكتاب: أنها آخر سورة نزلت «1».
__________________________________________________
 (5)- مجمع البيان 10: 844.
 (6)- مجمع البيان 10: 844.
 (7)- مجمع البيان 10: 845.
 (1) تقدّم في الباب (15) في أوّل سورة نزلت و آخر سورة.

786
البرهان في تفسير القرآن5

سورة اللهب ص 787

سورة اللهب‏
فضلها
11975/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِذَا قَرَأْتُمْ (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ) فَادْعُوا عَلَى أَبِي لَهَبٍ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
11976/ «2»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةُ لَمْ يَجْمَعِ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَبِي لَهَبٍ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الْأَمْغَاصِ الَّتِي فِي الْبَطْنِ؛ سَكَنَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ نَوْمِهِ حَفِظَهُ اللَّهُ».
11977/ «3»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الْمَغْصِ سَكَّنَهُ اللَّهُ وَ أَزَالَهُ، وَ مَنْ قَرَأَهَا فِي فِرَاشِهِ كَانَ فِي حِفْظِ اللَّهِ وَ أَمَانِهِ».
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال: 127.
 (2)- .......
 (3)- خواص القرآن: 16 «مخطوط».

787
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المسد الآيات 1 الى 5 ص 788

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ- إلى قوله تعالى- فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ [1- 5] 11978/ «1»- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ، قال: أي خسرت، لما اجتمع مع قريش في دار الندوة و بايعهم على قتل محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، و كان كثير المال، فقال اللّه: ما أَغْنى‏ عَنْهُ مالُهُ وَ ما كَسَبَ* سَيَصْلى‏ ناراً ذاتَ لَهَبٍ عليه فتحرقه وَ امْرَأَتُهُ، قال: كانت أم جميل بنت صخر، و كانت تنم على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و تنقل أحاديثه إلى الكفّار حَمَّالَةَ الْحَطَبِ أي احتطبت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فِي جِيدِها أي في عنقها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أي من نار، و كان اسم أبي لهب عبد مناف، فكناه اللّه عزّ و جلّ، لأن منافا اسم صنم يعبدونه.
11979/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ؛ وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا أَرَادَتْ قُرَيْشٌ قَتْلَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَ: كَيْفَ لَنَا بِأَبِي لَهَبٍ؟ فَقَالَتْ أُمُّ جَمِيلٍ: أَنَا أَكْفِيكُمُوهُ، أَنَا أَقُولُ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَقْعُدَ الْيَوْمَ [فِي الْبَيْتِ‏] نَصْطَبِحْ. فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ، وَ تَهَيَّأَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَعَدَ أَبُو لَهَبٍ وَ أُمُّ جَمِيلٍ يَشْرَبَانِ، فَدَعَا أَبُو طَالِبٍ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، اذْهَبْ إِلَى عَمِّكَ أَبِي لَهَبٍ فَاسْتَفْتِحْ عَلَيْهِ، فَإِنْ فُتِحَ لَكَ فَادْخُلْ، وَ إِنْ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ فَتَحَامَلْ عَلَى الْبَابِ وَ اكْسِرْهُ وَ ادْخُلْ عَلَيْهِ، فَإِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِ فَقُلِ: يَقُولُ لَكَ أَبِي:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 448.
 (2)- الكافي 8: 276/ 418.

788
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المسد الآيات 1 الى 5 ص 788

إِنَّ امْرَءاً عَمُّهُ عَيْنُهُ «1» فِي الْقَوْمِ «2» لَيْسَ بِذَلِيلٍ.
قَالَ: فَذَهَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَوَجَدَ الْبَابَ مُغْلَقاً، فَاسْتَفْتَحَ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، فَتَحَامَلَ عَلَى الْبَابِ وَ كَسَرَهُ وَ دَخَلَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو لَهَبٍ، قَالَ لَهُ: مَا لَكَ يَا بْنَ أَخِي؟ فَقَالَ لَهُ: [إِنَ‏] أَبِي يَقُولُ لَكَ: إِنَّ امْرَءاً عَمُّهُ عَيْنُهُ فِي الْقَوْمِ لَيْسَ بِذَلِيلٍ. فَقَالَ لَهُ: صَدَقَ أَبُوكَ، فَمَا ذَا يَا بْنَ أَخِي؟ فَقَالَ لَهُ: يُقْتَلُ ابْنُ أَخِيكَ وَ أَنْتَ تَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ! فَوَثَبَ وَ أَخَذَ سَيْفَهُ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ أُمُّ جَمِيلٍ، فَرَفَعَ يَدَهُ وَ لَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً فَفَقَأَ عَيْنَهَا، فَمَاتَتْ وَ هِيَ عَوْرَاءُ، وَ خَرَجَ أَبُو لَهَبٍ وَ مَعَهُ السَّيْفُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ عَرَفَتِ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَتْ: مَا لَكَ يَا أَبَا لَهَبٍ؟ فَقَالَ: أُبَايِعُكُمْ عَلَى ابْنِ أَخِي، ثُمَّ تُرِيدُونَ قَتْلَهُ! وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُسْلِمَ، ثُمَّ تَنْظُرُونَ مَا أَصْنَعُ. فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَ رَجَعَ».
11980/ «3»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ الْخَزَّازِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَيْلَةً فَقَرَأَ: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ فَقِيلَ لِأُمِّ جَمِيلٍ امْرَأَةِ أَبِي لَهَبٍ: إِنَّ مُحَمَّداً لَمْ يَزَلِ الْبَارِحَةَ يَهْتِفُ بِكِ وَ بِزَوْجِكِ فِي صَلَاتِهِ، فَخَرَجَتْ تَطْلُبُهُ وَ هِيَ تَقُولُ: لَئِنْ رَايَتُهُ لَأُسْمِعَنَّهُ، وَ جَعَلَتْ تَقُولُ: مَنْ أَحَسَّ لِي مُحَمَّداً؟ فَانْتَهَتْ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ مَعَهُ إِلَى جَنْبِ حَائِطٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ تَنَحَّيْتَ، هَذِهِ أُمُّ جَمِيلٍ وَ أَنَا خَائِفٌ أَنْ تُسْمِعَكَ مَا تَكْرَهُهُ. فَقَالَ: إِنَّهَا لَمْ تَرَنِي وَ لَنْ تَرَانِي. فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ عَلَيْهِمَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، رَأَيْتَ مُحَمَّداً؟ فَقَالَ: لَا. فَمَضَتْ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «ضُرِبَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ أَصْفَرُ».
11981/ «4»- ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «بُعِثْتُ إِلَى أَهْلِ بَيْتِي خَاصَّةً، وَ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً». وَ قَدْ كَانَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى مَا ذَكَرُهُ الطَّبَرِيُّ فِي (تَارِيخِهِ) وَ الْخَرْگُوشِيُّ فِي (تَفْسِيرِهِ)، وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي (كِتَابِهِ) عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «3»، جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَنِي هَاشِمٍ، وَ هُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَ أَمَرَ عَلِيّاً أَنْ يُنْضِجَ رِجْلَ شَاةٍ وَ يَخْبُزَ «4» لَهُمْ صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، وَ جَاءَ بِعُسٍّ «5» مِنْ لَبَنٍ، ثُمَّ جَعَلَ يُدْخِلُهُمُ إِلَيْهِ عَشَرَةَ عَشَرَةً حَتَّى شَبِعُوا، وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَمَنْ يَأْكُلُ الْجَذَعَةَ وَ يَشْرَبُ الْفَرْقَ «6»، وَ أَرَاهُمْ بِذَلِكَ الْآيَةَ الْبَاهِرَةَ «7».
__________________________________________________
 (3)- مختصر بصائر الدرجات: 9.
 (4)- المناقب 2: 24.
 (1) (عينه) ليس في «ي».
 (2) قال المجلسي (رحمة اللّه): المراد بالعمّ إمّا أبو لهب، أو نفسه، و الأول أظهر إذ الظاهر أن الفرض حمله على الحمية، و المراد بالعين السيّد أو الرقيب و الحافظ، و الحاصل أنّ من كان عمّه مثلك سيّد القوم و زعيمهم لا ينبغي أن يكون ذليلا. «مرآة العقول 26: 290».
 (3) الشعراء 26: 214.
 (4) في «ي» شاة و يختبز، و في المصدر: شاة و خبز.
 (5) العسّ: القدح الضخم. «لسان العرب 6: 140».
 (6) و هو مكيال معروف بالمدينة. «الصحاح 4: 1540».
 (7) في المصدر: الفرق، و في رواية مقاتل، عن الضّحاك، عن ابن عبّاس، أنّه قال: و قد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم.

789
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المسد الآيات 1 الى 5 ص 788

11982/ «5»- وَ فِي رِوَايَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ بَدَرَهُمْ أَبُو لَهَبٍ، فَقَالَ: هَذَا مَا سَحَرَكُمْ بِهِ الرَّجُلُ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى الْأَسْوَدِ وَ الْأَبْيَضِ وَ الْأَحْمَرِ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِيَ «1» الْأَقْرَبِينَ، وَ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِلَّا أَنْ تَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: أَ لِهَذَا دَعَوْتَنَا! ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْهُ، فَنَزَلَتْ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ، ثُمَّ دَعَاهُمْ دَعْوَةً أُخْرَى «2»، وَ أَطْعَمَهُمْ وَ سَقَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَطِيعُونِي تَكُونُوا مُلُوكَ الْأَرْضِ وَ حُكَّامَهَا، وَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا جَعَلَ لَهُ وَصِيّاً، أَخاً وَ وَزِيراً، فَأَيُّكُمْ يَكُونُ أَخِي، وَ وَزِيرِي، وَ وَصِيِّي، وَ وَارِثِي، وَ قَاضِي دَيْنِي؟».
11983/ «6»- وَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ، وَ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ الْجُرْجَانِيِّ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ: «فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَ وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي فِيكُمْ؟». فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ.
11984/ «7»- وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الشِّيرَازِيِّ، عَنْ مُقَاتِلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَ فِي (مُسْنَدِ الْعَشَرَةِ) وَ (فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ): عَنْ أَحْمَدَ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَأَيُّكُمْ يُبَايِعُنِي عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَ صَاحِبِي؟». فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، وَ كَانَ عَلِيٌّ أَصْغَرَ الْقَوْمِ، يَقُولُ: «أَنَا». فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «أَجَلْ». وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
11985/ «8»- وَ فِي (تَفْسِيرِ الْخَرْگُوشِيِّ): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَ ابْنِ جُبَيْرٍ، وَ أَبِي مَالِكٍ، وَ فِي (تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ): عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: فَقَالَ عَلِيٌّ، وَ هُوَ أَصْغَرُ الْقَوْمِ: «أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ». فَقَالَ: «أَنْتَ». فَلِذَلِكَ كَانَ وَصِيَّهُ. قَالُوا: فَقَامَ الْقَوْمُ، وَ هُمْ يَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: أَطِعْ ابْنَكَ فَقَدْ أُمِّرَ عَلَيْكَ!
11986/ «9»- وَ فِي (تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ) وَ (صَفْوَةِ الْجُرْجَانِيِّ): فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عَلَيْهِ». فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا أَخِي، وَ وَصِيِّي، وَ خَلِيفَتِي فِيكُمْ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا». قَالَ: فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ وَ يَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكَ وَ تُطِيعَ.
11987/ «10»- وَ فِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَ أَبِي رَافِعٍ، وَ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَنْتَ، وَ أَدْنَانِي إِلَيْهِ، وَ تَفَلَ فِي فِيَّ، فَقَامُوا يَتَضَاحَكُونَ وَ يَقُولُونَ: بِئْسَ مَا حَبَا ابْنَ عَمِّهِ إِذْ اتَّبَعَهُ وَ صَدَّقَهُ».
__________________________________________________
 (5)- المناقب 2: 24.
 (6)- المناقب 2: 25.
 (7)- المناقب 2: 25.
 (8)- المناقب 2: 25.
 (9)- المناقب 2: 25، تاريخ الطبريّ 2: 321.
 (10)- المناقب 2: 25.
 (1) في «ي»: عشيرتك.
 (2) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: دعاهم دفعة ثانية.

790
البرهان في تفسير القرآن5

سورة المسد الآيات 1 الى 5 ص 788

11988/ «11»- (تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ): عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بِمَ وَرِثْتَ ابْنَ عَمِّكَ دُونَ عَمِّكَ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)- بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الدَّعْوَةِ-: «فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، وَ كُنْتُ مِنْ أَصْغَرِ الْقَوْمِ،- قَالَ-: فَقَالَ: اجْلِسْ، ثُمَّ قَالَ [ذَلِكَ‏] ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ أَقُومُ إِلَيْهِ فَيَقُولُ لِيَ: اجْلِسْ، حَتَّى كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِي، قَالَ: فَبِذَلِكَ وَرِثْتُ ابْنَ عَمِّي دُونَ عَمِّي».
11989/ «12»- وَ فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ: «أَنَّهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلْعَبَّاسِ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ جَمَعَكُمْ وَ قَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّهُ لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا جَعَلَ لَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَزِيراً وَ أَخاً وَ وَصِيّاً وَ خَلِيفَةً فِي أَهْلِهِ، فَمَنْ يَقُمْ مِنْكُمْ يُبَايِعْنِي عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي، وَ وَزِيرِي، وَ وَارِثِي، وَ وَصِيِّي، وَ خَلِيفَتِي فِي أَهْلِي». فَبَايَعَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى مَا شَرَطَ لَهُ. وَ إِذَا صَحَّتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَجَبَتْ إِمَامَتُهُ بَعْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِلَا فَصْلٍ «1».
__________________________________________________
 (11)- المناقب 2: 25، تاريخ الطبريّ 2: 321.
 (12)- المناقب 2: 26.
 (1) (و إذا صحت ... بلا فصل) ليس في «ي».

791
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص ص 793

سورة الإخلاص‏
فضلها
11990/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ جَعْفَرٍ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مِائَةَ «1» مَرَّةٍ حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَ خَمْسِينَ سَنَةً».
11991/ «2»- عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ مَضَى بِهِ يَوْمٌ وَاحِدٌ فَصَلَّى فِيهِ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ وَ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا ب (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قِيلَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَسْتَ مِنَ الْمُصَلِّينَ».
11992/ «3»- وَ عَنْهُ: بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدَعْ أَنْ يَقْرَأَ فِي دُبُرِ الْفَرِيضَةِ بِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فَإِنَّ مَنْ قَرَأَهَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ غَفَرَ لَهُ وَ لِوَالِدَيْهِ وَ مَا وَلَدَ «2»».
11993/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) صَلَّى عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ: لَقَدْ وَافَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَبْعُونَ أَلْفاً وَ فِيهِمْ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 454/ 4.
 (2)- الكافي 2: 455/ 10.
 (3)- الكافي 2: 455/ 11.
 (4)- الكافي 2: 455/ 13.
 (1) (مائة) ليس في «ي».
 (2) في «ط» و المصدر: و ما ولدا.

793
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 793

يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا جَبْرَئِيلُ، بِمَا يَسْتَحِقُّ صَلَاتَكُمْ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: بِقِرَاءَتِهِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قَائِماً، وَ قَاعِداً، وَ رَاكِباً «1»، وَ مَاشِياً، وَ ذَاهِباً، وَ جَائِياً».
11994/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ إِدْرِيسَ الْحَارِثِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا مُفَضَّلُ، احْتَجِزْ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ب (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَ بِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) اقْرَأْهَا عَنْ يَمِينِكَ، وَ عَنْ شِمَالِكَ، وَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ، وَ مِنْ خَلْفِكَ، وَ مِنْ «2» فَوْقِكَ، وَ مِنْ تَحْتِكَ، وَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى سُلْطَانٍ جَائِرٍ فَاقْرَأْهَا حِينَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَ اعْقِدْ بِيَدِكَ الْيُسْرَى، ثُمَّ لَا تُفَارِقْهَا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِ».
11995/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُوسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ تُعْلِمُهُ أَنَّ أَفْضَلَ مَا يُقْرَأُ فِي الْفَرَائِضِ بِ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، وَ إِنَّ صَدْرِي لَيَضِيقُ بِقِرَاءَتِهِمَا فِي الْفَجْرِ.
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا يَضِيقَنَّ صَدْرُكَ بِهِمَا، فَإِنَّ الْفَضْلَ وَ اللَّهِ فِيهِمَا».
11996/ «7»- وَ عَنْهُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): الرَّجُلُ يَقُومُ فِي الصَّلَاةِ فَيُرِيدُ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً، فَيَقْرَأُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)؟ فَقَالَ: «يَرْجِعُ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ إِلَّا مِنْ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)».
11997/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ «3» كُلُّهَا ب (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)».
11998/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يُكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، بِنَفَسٍ وَاحِدٍ».
11999/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) حِينَ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لَمْ يَزَلْ فِي حِفْظِ
__________________________________________________
 (5)- الكافي 2: 457/ 20.
 (6)- الكافي 3: 315/ 19.
 (7)- الكافي 3: 317/ 25.
 (8)- الكافي 3: 314/ 13.
 (9)- الكافي 2: 451/ 12.
 (10)- الكافي 2: 394/ 8.
 (1) في «ي»: و راكعا.
 (2) (خلفك و من) ليس في «ج، ي».
 (3) في المصدر زيادة: الخمسون.

794
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 793

اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كِلَاءَتِهِ «1» حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ».
12000/ «11»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَرْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِفَارِسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَعَثَ سَرِيَّةً، وَ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَلَمَّا رَجَعُوا سَأَلَهُمْ عَنْهُ؟ فَقَالُوا كُلَّ خَيْرٍ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَرَأَ بِنَا فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ بِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)! فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟» فَقَالَ: «لِحُبِّي لِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)» فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَا أَحْبَبْتَهَا حَتَّى أَحَبَّكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ».
12001/ «12»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
«مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) «2» حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَ خَمْسِينَ سَنَةً».
12002/ «13»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هَاشِمٍ الْمُكَتِّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مَرَّةً وَاحِدَةً فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ ثُلُثَ التَّوْرَاةِ، وَ ثُلُثَ الْإِنْجِيلِ، وَ ثُلُثَ الزَّبُورِ».
12003/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «3»، قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَمِائَةِ بَابٍ مِمَّا يَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ- وَ ذَكَرَ ذَلِكَ، وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي ذَلِكَ- مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مِنْ قَبْلِ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَ مِثْلَهَا (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ)، وَ مِثْلَهَا آيَةَ الْكُرْسِيِّ، مَنَعَ مَالَهُ مِمَّا يَخَافُ، وَ مَنْ قَرَأَ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، لَمْ يُصِبْهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ذَنْبٌ، وَ إِنْ جَهَدَ إِبْلِيسُ.
وَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ حَاجَةً فَلْيُبَكِّرْ فِي طَلَبِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَ لْيَقْرَأْ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ، وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) وَ أُمَ‏
__________________________________________________
 (11)- التوحيد 94/ 11.
 (12)- التوحيد: 94/ 12.
 (13)- التوحيد: 95/ 15.
 (14)- الخصال: 622، 623، 624، 626/ 10.
 (1) كلأك اللّه كلاءة، أي حفظك و حرسك. «لسان العرب 1: 145».
 (2) زاد في المصدر: مائة مرّة.
 (3) في المصدر: أبي عبد اللّه.

795
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 793

الْكِتَابِ، فَإِنَّ فِيهَا قَضَاءَ الْحَوَائِجِ لِلدُّنْيَا «1» وَ الْآخِرَةِ.
إِذَا وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ إِلَى أَحَدِكُمْ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ، وَ لْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ.
إِذَا كَسَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِناً ثَوْباً جَدِيداً فَلْيَتَوَضَّأْ وَ لْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا أُمَّ الْكِتَابِ، وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وَ لْيَحْمَدِ اللَّهَ الَّذِي سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَ زَيَّنَهُ فِي النَّاسِ، وَ لْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْصِي اللَّهَ فِيهِ، وَ لَهُ بِكُلِّ سِلْكٍ فِيهِ مَلَكٌ يُقَدِّسُ لَهُ، وَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ، وَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ، وَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ، يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَلْيَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا وَ لْيَقْرَأْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ فَإِنَّهُ يَنْفِي الْفَقْرَ».
12004/ «15»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ عَلِيُّ بْنِ النُّعْمَانِ: وَ قَالَ الْحَارِثُ:
سَمِعْتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثُلُثُ الْقُرْآنِ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبُعَهُ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَجْمَعُ قَوْلَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي الْوَتْرِ لِكَيْ يَجْمَعَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ.
12005/ «16»- وَ رُوِيَ أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ: الْحَمْدَ مَرَّةً، وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثَلَاثِينَ مَرَّةً، انْفَتَلَ «2» وَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذَنْبٌ إِلَّا غُفِرَ لَهُ.
12006/ «17»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الْوَتْرِ؟ فَقَالَ: «كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَبِي بَابٌ، فَكَانَ [أَبِي‏] إِذَا صَلَّى يَقْرَأُ فِي الْوَتْرِ بِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي ثَلَاثَتِهِنَّ، وَ كَانَ يَقْرَأُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّي، أَوْ كَذَاكَ اللَّهُ رَبِّي».
12007/ «18»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجْمَعَهَا فِي الْوَتْرِ لِيَكُونَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ».
12008/ «19»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «الْوَتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ يُفْصَلُ بَيْنَهُنَّ، وَ يُقْرَأُ فِيهِنَّ جَمِيعاً ب (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)».
12009/ «20»- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَجَبٍ الْأَنْبَارِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ‏
__________________________________________________
 (15)- التهذيب 2: 124/ 469.
 (16)- التهذيب 2: 124/ 470.
 (17)- التهذيب 2: 126/ 481.
 (18)- التهذيب 2: 127/ 482.
 (19)- التهذيب 2: 127/ 484.
 (20)- تأويل الآيات 2: 860/ 2.
 (1) في المصدر: لحوائج الدنيا.
 (2) انفتل فلان عن صلاته، أي انصرف. «لسان العرب 11: 514».

796
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 793

حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فَإِنَّ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّةً، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ. وَ كَذَلِكَ أَنْتَ، مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ كَانَ لَهُ ثُلُثُ ثَوَابِ الْعِبَادِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ كَانَ لَهُ ثُلُثَا ثَوَابِ الْعِبَادِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ كَانَ لَهُ ثَوَابُ الْعِبَادِ أَجْمَعَ».
12010/ «21»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ بِشْرٍ الْكَاهِلِيِّ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ نُعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مَرَّةً فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، وَ كَذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً بِقَلْبِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثُلُثَ ثَوَابِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ مَنْ أَحَبَّهُ بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثُلُثَيْ ثَوَابِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا، وَ مَنْ أَحَبَّهُ بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا».
12011/ «22»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، إِنَّ فِيكَ مَثَلًا مِنْ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مَنْ قَرَأَهَا مَرَّةً فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثاً فَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ [كُلَّهُ‏]. يَا عَلِيُّ، مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ كَانَ لَهُ [مِثْلُ‏] أَجْرِ ثُلُثِ [هَذِهِ‏] الْأُمَّةِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَكَ بِلِسَانِهِ كَانَ لَهُ [مِثْلُ‏] أَجْرِ ثُلُثَيْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَكَ بِلِسَانِهِ وَ نَصَرَكَ بِسَيْفِهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ».
12012/ «23»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ نُوحِ بْنِ شُعَيْبٍ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَخِي شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْماً لِأَصْحَابِهِ: أَيُّكُمْ يَصُومُ الدَّهْرَ؟ فَقَالَ سَلْمَانُ (رَحِمَهُ اللَّهُ): أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فَأَيُّكُمْ يُحْيِي اللَّيْلَ؟ قَالَ سَلْمَانُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَأَيُّكُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ؟ فَقَالَ سَلْمَانُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَغَضِبَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ سَلْمَانَ رَجُلٌ مِنَ الْفُرْسِ، يُرِيدُ أَنْ يَفْتَخِرَ عَلَيْنَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، قُلْتَ: أَيُّكُمْ يَصُومُ الدَّهْرَ؟ فَقَالَ: أَنَا. وَ هُوَ أَكْثَرَ أَيَّامِهِ يَأْكُلُ، وَ قُلْتَ: أَيُّكُمْ يُحْيِي اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: أَنَا، وَ هُوَ أَكْثَرَ لَيْلِهِ نَائِمٌ. وَ قُلْتُ: أَيُّكُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ؟ فَقَالَ: أَنَا، وَ هُوَ أَكْثَرُ أَيَّامِهِ صَامِتٌ.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): [مَهْ‏] يَا فُلَانُ، أَنَّى لَكَ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ، سَلْهُ فَإِنَّهُ يُنَبِّئُكَ. فَقَالَ الرَّجُلُ لِسَلْمَانَ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَ لَيْسَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تَصُومُ الدَّهْرَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: رَأَيْتُكَ فِي أَكْثَرِ نَهَارِكَ تَأْكُلُ! فَقَالَ: لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ، إِنِّي أَصُومُ الثَّلَاثَةَ فِي الشَّهْرِ، وَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1»، وَ أَصِلُ‏
__________________________________________________
 (21)- تأويل الآيات 2: 861/ 3.
 (22)- تأويل الآيات 2: 861/ 4.
 (23)- أمالي الصدوق: 37/ 5.
 (1) الأنعام 6: 160.

797
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 793

شَهْرَ شَعْبَانَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ، وَ ذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ.
فَقَالَ أَ لَيْسَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تُحْيِي اللَّيْلَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّكَ أَكْثَرَ لَيْلِكَ نَائِمٌ! فَقَالَ: لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ، وَ لَكِنِّي سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: مَنْ بَاتَ عَلَى طُهْرٍ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا اللَّيْلَ كُلَّهُ. وَ أَنَا أَبِيتُ عَلَى طُهْرٍ.
فَقَالَ: أَ لَيْسَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّكَ أَكْثَرَ أَيَّامِكَ صَامِتٌ! فَقَالَ: لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ، وَ لَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَثَلُكَ فِي أُمَّتِي مَثَلُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّةً فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثاً فَقَدْ خَتَمَ الْقُرْآنَ، فَمَنْ أَحَبَّكَ بِلِسَانِهِ فَقَدْ كَمَلَ لَهُ ثُلُثُ الْإِيمَانِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ فَقَدْ كَمَلَ لَهُ ثُلُثَا الْإِيمَانِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ وَ نَصَرَكَ بِيَدِهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ، وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ يَا عَلِيُّ، لَوْ أَحَبَّكَ أَهْلُ الْأَرْضِ كَمَحَبَّةِ أَهْلِ السَّمَاءِ [لَكَ‏]، لَمَا عَذَّبَ اللَّهُ أَحَداً بِالنَّارِ. وَ أَنَا أَقْرَأُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَقَامَ وَ كَأَنَّهُ قَدْ أُلْقِمَ الْقَوْمُ حَجَراً».
12013/ «24»- الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: أَمَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ أَقْرَأَ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، وَ أَقُولَ إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا: كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّي ثَلَاثاً.
و قد تقدم في فضل سورة الكافرون من ذلك «1».
12014/ «25»- وَ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَالِفِينَ: مَا رَوَاهُ أَخْطَبُ خُطَبَاءِ خُوَارِزْمَ، بِإِسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا عَلِيُّ مَا مَثَلُكَ فِي النَّاسِ إِلَّا كَمَثَلِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي الْقُرْآنِ، مَنْ قَرَأَهَا مَرَّةً فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَنْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ. وَ كَذَا أَنْتَ يَا عَلِيُّ، مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ فَقَدْ أَحَبَّ ثُلُثَ الْإِيمَانِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ فَقَدْ أَحَبَّ ثُلُثَيِ الْإِيمَانِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ فَقَدْ أَحَبَّ الْإِيمَانَ كُلَّهُ، وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً، لَوْ أَحَبَّكَ أَهْلُ الْأَرْضِ كَمَا يُحِبُّكَ أَهْلُ السَّمَاءِ لَمَا عَذَّبَ اللَّهُ أَحَداً مِنْهُمْ بِالنَّارِ».
12015/ «26»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةِ وَ أَصْغَى لَهَا أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَ مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ نَجَا، وَ قِرَاءَتُهَا عَلَى قُبُورِ الْأَمْوَاتِ فِيهَا ثَوَابٌ كَثِيرٌ، وَ هِيَ حِرْزٌ مِنْ كُلِّ آفَةٍ».
12016/ «27»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا وَ أَهْدَاهَا لِلْمَوْتَى كَانَ فِيهَا ثَوَابُ مَا فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَلَى الرَّمِدِ سَكَّنَهُ اللَّهُ وَ هَدَّأَهُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (24)- مجمع البيان 10: 863.
 (25)- تأويل الآيات 2: 860/ 1.
 (26)- ......
 (27)- خواص القرآن: 17 «مخطوط».
 (1) تقدّم في الحديث (4) من فضل سورة الكافرون.

798
البرهان في تفسير القرآن5

فضلها ص 793

12017/ «28»- الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي (صَحِيفَتِهِ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ وَ قَرَأَ:
 (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ وَهَبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ».
12018/ «29»- وَ عَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي (صَحِيفَتِهِ): «عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا صَلَّى بِنَا صَلَاةَ السَّفَرِ قَرَأَ فِي الْأُولَى الْحَمْدَ وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، وَ فِي الْأُخْرَى الْحَمْدَ وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، ثُمَّ قَالَ:
قَرَأْتُ لَكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَ رُبُعَهُ».
__________________________________________________
 (28)- صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام): 94/ 28.
 (29)- صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام): 228/ 117.

799
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص الآيات 1 الى 4 ص 800

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [1- 4]
12019/ «1»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ): عَنِ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنَّ الْيَهُودَ أَعْدَاءُ اللَّهِ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمَدِينَةَ أَتَوْهُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ صُورِيَا- وَ ذَكَرَ حَدِيثاً طَوِيلًا يَسْأَلُ فِيهِ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ- أَخْبِرْنِي عَنْ رَبِّكَ مَا هُوَ؟ فَنَزَلَتْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَقَالَ ابْنُ صُورِيَا: صَدَقْتَ».
12020/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا:
انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ؟ فَلَبِثَ ثَلَاثاً لَا يُجِيبُهُمْ، ثُمَّ نَزَلَتْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَى آخِرِهَا».
وَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ.
12021/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى؛ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو النَّصِيبِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
 «نِسْبَةُ اللَّهِ إِلَى خَلْقِهِ، أَحَداً صَمَداً أَزَلِيّاً صَمَدِيّاً لَا ظِلَّ لَهُ يُمْسِكُهُ، وَ هُوَ يُمْسِكُ الْأَشْيَاءَ بِأَظِلَّتِهَا، عَارِفٌ بِالْمَجْهُولِ، مَعْرُوفٌ عِنْدَ كُلِّ جَاهِلٍ، فَرْدَانِيّاً، لَا خَلْقُهُ فِيهِ، وَ لَا هُوَ فِي خَلْقِهِ، غَيْرُ مَحْسُوسٍ وَ لَا مَجْسُوسٍ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، عَلَا فَقَرُبَ، وَ دَنَا فَبَعُدَ، وَ عُصِيَ فَغَفَرَ، وَ أُطِيعَ فَشَكَرَ، لَا تَحْوِيهِ أَرْضُهُ، وَ لَا تُقِلُّهُ سَمَاوَاتُهُ، حَامِلُ الْأَشْيَاءِ بِقُدْرَتِهِ، دَيْمُومِيٌّ أَزَلِيٌّ، لَا يَنْسَى وَ لَا يَلْهُو، وَ لَا يَغْلَطُ وَ لَا يَلْعَبُ، [وَ] لَا لِإِرَادَتِهِ فَصْلٌ، وَ فَصْلُهُ جَزَاءٌ، وَ أَمْرُهُ وَاقِعٌ، لَمْ يَلِدْ فَيُورَثَ، وَ لَمْ يُولَدْ فَيُشَارَكَ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ».
__________________________________________________
 (1)- الإحتجاج: 44.
 (2)- الكافي 1: 71/ 1.
 (3)- الكافي 1: 71/ 2.

800
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص الآيات 1 الى 4 ص 800

12022/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنِ التَّوْحِيدِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ مُتَعَمِّقُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ الْحَدِيدِ إِلَى قَوْلِهِ: وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «1» فَمَنْ رَامَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ».
12023/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي، قَالَ سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ التَّوْحِيدِ، فَقَالَ: «كُلُّ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ آمَنَ بِهَا، فَقَدْ عَرَفَ التَّوْحِيدَ». قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ يَقْرَؤُهَا؟ قَالَ:
 «كَمَا يَقْرَؤُهَا النَّاسُ، وَ زَادَ فِيهِ: كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّي، كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّي».
12024/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَ لَقَبُهُ شَبَابٌ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا الصَّمَدُ؟
قَالَ: «السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ فِي الْقَلِيلِ وَ الْكَثِيرِ».
12025/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنَ التَّوْحِيدِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ الَّتِي يُدْعَى بِهَا، وَ تَعَالَى فِي عُلُوِّ كُنْهِهِ، وَاحِدٌ تَوَحَّدَ بِالتَّوْحِيدِ فِي تَوَحُّدِهِ، ثُمَّ أَجْرَاهُ عَلَى خَلْقِهِ، فَهُوَ وَاحِدٌ صَمَدٌ قُدُّوسٌ، يَعْبُدُهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ، وَ يَصْمِدُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ، وَ وَسِعَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً».
فهذا هو المعنى الصحيح في تأويل الصمد «2»، لا ما ذهب إليه المشبهة أن تأويل الصمد المصمت الذي لا جوف له، لأن ذلك لا يكون إلّا من صفة الجسم، و اللّه جل ذكره متعال عن ذلك، و هو أعظم و أجل من أن تقع الأوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته، و لو كان تأويل الصمد في صفة اللّه عزّ و جلّ المصمت لكان مخالفا لقوله عزّ و جلّ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ «3» لأن ذلك من صفة الأجسام المصمتة التي لا أجواف لها، مثل الحجر و الحديد و سائر الأشياء المصمتة التي لا أجواف لها، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.
فأما ما جاء في الأخبار من ذلك،
فَالْعَالِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَعْلَمُ بِمَا قَالَ، وَ هَذَا الَّذِي قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ الصَّمَدَ هُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ»
هو معنى صحيح موافق لقول اللّه عزّ و جلّ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ و المقصود إليه: المقصود في اللغة، قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) من شعره:
__________________________________________________
 (4)- الكافي 1: 72/ 3.
 (5)- الكافي 1: 72/ 4.
 (6)- الكافي 1: 96/ 1.
 (7)- الكافي 1: 96/ 2.
 (1) الحديد 57: 6.
 (2) «في تأويل الصمد» ليس في «ج، ي».
 (3) الشورى 42: 11.

801
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص الآيات 1 الى 4 ص 800

         و بالجمرة الوسطى «1» إذا صمدوا لها             يؤمون رضخا «2» رأسها بالجنادل‏
يعني قصدوا نحوها يرمون رأسها «3» بالجنادل، يعني الحصى الصغار التي تسمى بالجمار.
و قال بعض شعراء الجاهلية:
         ما كنت أحسب أن بيتا ظاهرا             لله في أكناف مكّة يصمد
يعني يقصد.
و قال ابن الزبرقان:
و لا رهيبة إلّا سيد صمد و قال شداد بن معاوية في حذيفة بن بدر:
         علوته بحسام ثمّ قلت له:             خذها حذيف فأنت السيّد الصمد
و مثل هذا كثير، و اللّه عزّ و جلّ هو السيّد الصمد الذي جميع الخلق من الجن و الإنس إليه يصمدون في الحوائج، و إليه يلجأون عند الشدائد، و منه يرجون الرخاء و دوام النعماء ليدفع عنهم الشدائد.
12026/ «8»-
ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ الْقُمِّيُّ ثُمَّ الْإِيلَاقِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ عَبْدَانُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ جَعْفَرٍ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِمَدِينَةِ خُجَنْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شُجَاعٍ الْفَرْغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ «4» الْعَنْبَرِيُّ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْجَلِيلِ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، قَالَ: «قُلْ أَيْ أَظْهِرْ مَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَ بَعَثْنَاكَ «5» بِهِ بِتَأْلِيفِ الْحُرُوفِ الَّتِي قَرَأْنَاهَا لَكَ لِيَهْتَدِيَ بِهَا مَنْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ، وَ هُوَ اسْمٌ مَكِّنِيٌّ مُشَارٌ بِهِ إِلَى غَائِبٍ، فَالْهَاءُ تَنْبِيهٌ عَلَى مَعْنًى ثَابِتٍ، وَ الْوَاوُ إِشَارَةٌ إِلَى الْغَائِبِ عَنِ الْحَوَاسِّ، كَمَا أَنَّ قَوْلَكَ:
هَذَا، إِشَارَةٌ إِلَى الشَّاهِدِ عَنِ الْحَوَاسِّ، وَ ذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ نَبَّهُوا عَنْ آلِهَتِهِمْ بِحَرْفِ إِشَارَةِ الشَّاهِدِ الْمُدْرَكِ فَقَالُوا: هَذِهِ آلِهَتُنَا الْمَحْسُوسَةُ الْمُدْرَكَةُ بِالْأَبْصَارِ، فَأَشِرْ أَنْتَ- يَا مُحَمَّدُ- إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ حَتَّى نَرَاهُ وَ نُدْرِكُهُ وَ لَا نَأْلَهُ فِيهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَالْهَاءُ تَثْبِيتٌ لِلثَّابِتِ، وَ الْوَاوُ إِشَارَةٌ إِلَى الْغَائِبِ عَنْ دَرْكِ الْأَبْصَارِ وَ لَمْسِ الْحَوَاسِّ، وَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُدْرِكُ الْأَبْصَارِ وَ مُبْدِعُ الْحَوَاسِّ».
__________________________________________________
 (8)- التوحيد: 88/ 1.
 (1) في المصدر: القصوى.
 (2) في المصدر: قذفا.
 (3) في المصدر: يرمونها.
 (4) في المصدر: أبو الحسن محمّد بن حماد، و في «ج»: أبو محمّد الحسن بن حماد.
 (5) في المصدر: و نبأناك.

802
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص الآيات 1 الى 4 ص 800

12027/ «9»- «حَدَّثَنِي أَبِي «1»، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: رَأَيْتُ الْخَضِرَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْمَنَامِ قَبْلَ بَدْرٍ بِلَيْلَةٍ، فَقُلْتُ لَهُ: عَلِّمْنِي شَيْئاً أَنْتَصِرُ بِهِ عَلَى الْأَعْدَاءِ، فَقَالَ: قُلْ: يَا هُوَ يَا مَنْ لَا هُوَ إِلَّا هُوَ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، قَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ، عُلِّمْتَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، فَكَانَ عَلَى لِسَانِي يَوْمَ بَدْرٍ.
و
إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: يَا هُوَ يَا مَنْ لَا هُوَ إِلَّا هُوَ اغْفِرْ لِي وَ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. وَ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ ذَلِكَ يَوْمَ صِفِّينَ وَ هُوَ يُطَارِدُ، فَقَالَ لَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذِهِ الْكِنَايَاتُ؟ قَالَ: اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ وَ عِمَادُ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، ثُمَّ قَرَأَ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ «2»، وَ آخِرَ الْحَشْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الزَّوَالِ.
قَالَ: وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): اللَّهُ مَعْنَاهُ: الْمَعْبُودُ الَّذِي يَأْلَهُ فِيهِ الْخَلْقُ وَ يُؤْلَهُ [إِلَيْهِ‏]، وَ اللَّهُ هُوَ الْمَسْتُورُ عَنْ دَرْكِ الْأَبْصَارِ، الْمَحْجُوبُ عَنِ الْأَوْهَامِ وَ الْخَطَرَاتِ».
12028/ «10»- قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): « [اللَّهُ‏] مَعْنَاهُ: الْمَعْبُودُ الَّذِي أَلِهَ الْخَلْقُ عَنْ دَرْكِ مَاهِيَّتِهِ، وَ الْإِحَاطَةِ بِكَيْفِيَّتِهِ، وَ تَقُولُ الْعَرَبُ: أَلِهَ الرَّجُلُ إِذَا تَحَيَّرَ فِي الشَّيْ‏ءِ فَلَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْماً، وَ وَلِهَ إِذَا فَزِعَ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِمَّا يَحْذَرُهُ وَ يَخَافُهُ فَالْإِلَهُ هُوَ الْمَسْتُورُ عَنْ حَوَاسِّ الْخَلْقِ».
12029/ «11»- قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الْأَحَدُ: الْفَرْدُ الْمُتَفَرِّدُ، وَ الْأَحَدُ وَ الْوَاحِدُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَ هُوَ الْمُتَفَرِّدُ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ، وَ التَّوْحِيدُ: الْإِقْرَارُ بِالْوَحْدَةِ وَ هُوَ الِانْفِرَادُ، وَ الْوَاحِدُ: الْمُتَبَايِنُ الَّذِي لَا يَنْبَعِثُ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ لَا يَتَّحِدُ بِشَيْ‏ءٍ، وَ مِنْ ثُمَّ قَالُوا: إِنِّ بِنَاءَ الْعَدَدِ مِنَ الْوَاحِدِ، وَ لَيْسَ الْوَاحِدُ مِنَ الْعَدَدِ لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ بَلْ يَقَعُ عَلَى الِاثْنَيْنِ، فَمَعْنَى قَوْلِ: اللَّهُ أَحَدٌ، أَيِ الْمَعْبُودُ الَّذِي يَأْلَهُ الْخَلْقُ عَنْ إِدْرَاكِهِ وَ الْإِحَاطَةِ بِكَيْفِيَّتِهِ، فَرْدٌ بِإِلَهِيَّتِهِ، مُتَعَالٍ عَنْ صِفَاتِ خَلْقِهِ».
12030/ «12»- قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «حَدَّثَنِي أَبِي زَيْنُ الْعَابِدِينَ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: الصَّمَدُ: الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، وَ الصَّمَدُ: الَّذِي قَدِ انْتَهَى سُؤْدَدُهُ، وَ الصَّمَدُ: الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَ لَا يَشْرَبُ، وَ الصَّمَدُ: الَّذِي لَا يَنَامُ، وَ الصَّمَدُ: الدَّائِمُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَ لَا يَزَالُ».
12031/ «13»- قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) يَقُولُ: الصَّمَدُ: الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ، الْغَنِيُّ عَنْ غَيْرِهِ، وَ قَالَ غَيْرُهُ: الصَّمَدُ: الْمُتَعَالِي عَنِ الْكَوْنِ وَ الْفَسَادِ، وَ الصَّمَدُ: الَّذِي لَا يُوصَفُ بِالتَّغَايُرِ».
__________________________________________________
 (9)- التوحيد: 89/ 2.
 (10)- التوحيد: 89/ 2.
 (11)- التوحيد: 90/ 2.
 (12)- التوحيد: 90/ 3.
 (13)- التوحيد: 90/ 3.
 (1) من تتمّة كلام الباقر (عليه السّلام)
 (2) آل عمران 3: 18.

803
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص الآيات 1 الى 4 ص 800

12032/ «14»- قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الصَّمَدُ: السَّيِّدُ الْمُطَاعُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ آمِرٌ وَ نَاهٍ».
12033/ «15»- قَالَ: «وَ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) عَنِ الصَّمَدِ؟ فَقَالَ: الصَّمَدُ: الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ لَا يَؤُودُهُ حِفْظُ شَيْ‏ءٍ، وَ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْ‏ءٌ».
12034/ «16»- قَالَ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ الْقُرَشِيُّ: قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): الصَّمَدُ: [هُوَ] الَّذِي إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ. وَ الصَّمَدُ: الَّذِي ابْتَدَعَ الْأَشْيَاءَ فَخَلَقَهَا أَضْدَاداً وَ أَشْكَالًا وَ أَزْوَاجاً، وَ تَفَرَّدَ بِالْوَحْدَةِ بِلَا ضِدٍّ وَ لَا شَكْلٍ وَ لَا مِثْلٍ وَ لَا نِدٍّ.
12035/ «17»- قَالَ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ الْقُرَشِيُّ: وَ حَدَّثَنِي الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ الْبَاقِرِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): «إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ كَتَبُوا إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَسْأَلُونَهُ عَنِ الصَّمَدِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ، فَلَا تَخُوضُوا فِي الْقُرْآنِ وَ لَا تُجَادِلُوا فِيهِ وَ لَا تَتَكَلَّمُوا فِيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَقَدْ سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. وَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى قَدْ فَسَّرَ الصَّمَدَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ لَمْ يَلِدْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ كَثِيفٌ كَالْوَلَدِ وَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْكَثِيفَةِ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَ لَا شَيْ‏ءٌ لَطِيفٌ كَالنَّفْسِ، وَ لَا يَتَشَعَّبُ مِنْهُ الْبَدَوَاتُ كَالسِّنَةِ وَ النَّوْمِ وَ الْخَطْرَةِ وَ الْهَمِّ وَ الْحَزَنِ وَ الْبَهْجَةِ وَ الضَّحِكِ وَ الْبُكَاءِ وَ الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ وَ الرَّغْبَةِ وَ السَّأْمَةِ وَ الْجُوعِ وَ الشِّبَعِ، تَعَالَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ، وَ أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ كَثِيفٌ أَوْ لَطِيفٌ، وَ لَمْ يُولَدْ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ شَيْ‏ءٍ، وَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ شَيْ‏ءٍ، كَمَا تَخْرُجُ الْأَشْيَاءُ الْكَثِيفَةُ مِنْ عَنَاصِرِهَا، كَالشَّيْ‏ءِ مِنَ الشَّيْ‏ءِ، وَ الدَّابَّةِ مِنَ الدَّابَّةِ، وَ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ، وَ الْمَاءُ مِنَ الْيَنَابِيعِ، وَ الثِّمَارِ مِنَ الْأَشْجَارِ، وَ لَا كَمَا تَخْرُجُ الْأَشْيَاءُ اللَّطِيفَةُ مِنْ مَرَاكِزِهَا، كَالْبَصَرِ مِنَ الْعَيْنِ، وَ السَّمْعِ مِنَ الْأُذُنِ، وَ الشَّمِّ مِنَ الْأَنْفِ، وَ الذَّوْقِ مِنَ الْفَمِ، وَ الْكَلَامِ مِنَ اللِّسَانِ، وَ الْمَعْرِفَةِ وَ التَّمَيُّزِ مِنَ الْقَلْبِ، وَ كَالنَّارِ مِنَ الْحَجَرِ، لَا، بَلْ هُوَ اللَّهُ الصَّمَدُ الَّذِي لَا مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ لَا فِي شَيْ‏ءٍ وَ لَا عَلَى شَيْ‏ءٍ، مُبْدِعُ الْأَشْيَاءِ وَ خَالِقُهَا، وَ مُنْشِئُ الْأَشْيَاءِ بِقُدْرَتِهِ، يَتَلَاشَى مَا خَلَقَ لِلْفَنَاءِ بِمَشِيَّتِهِ، وَ يَبْقَى مَا خَلَقَ لِلْبَقَاءِ بِعِلْمِهِ، فَذَلِكُمُ اللَّهُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ «1» وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ».
12036/ «18»- قَالَ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ الْقُرَشِيُّ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «قَدِمَ وَفْدٌ مِنْ [أَهْلِ‏] فِلَسْطِينَ عَلَى الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَسَأَلُوهُ عَنْ مَسَائِلَ، فَأَجَابَهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الصَّمَدِ، فَقَالَ: تَفْسِيرُهُ فِيهِ: الصَّمَدُ خَمْسَةُ أَحْرُفٍ،
__________________________________________________
 (14)- التوحيد: 90/ 3.
 (15)- التوحيد: 90/ 3.
 (16)- التوحيد: 90/ 4.
 (17)- التوحيد: 90/ 5.
 (18)- التوحيد: 92/ 6.
 (1) زاد في المصدر: عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال.

804
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص الآيات 1 الى 4 ص 800

فَالْأَلِفُ دَلِيلٌ عَلَى إِنِّيَّتِهِ، وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ «1»، وَ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ وَ إِشَارَةٌ إِلَى الْغَائِبِ عَنْ دَرْكِ الْحَوَاسِّ.
وَ اللَّامُ دَلِيلٌ عَلَى إِلَهِيَّتِهِ بِأَنَّهُ [هُوَ] اللَّهُ، وَ الْأَلْفُ وَ اللَّامُ مُدْغَمَانِ، لَا يَظْهَرَانِ عَلَى اللِّسَانِ وَ لَا يَقَعَانِ فِي السَّمْعِ، وَ يَظْهَرَانِ فِي الْكِتَابَةِ، دَلِيلَانِ عَلَى أَنَّ إِلَهِيَّتَهُ بِلُطْفِهِ خَافِيَةٌ لَا تُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ، وَ لَا تَقَعْ فِي لِسَانِ وَاصِفٍ وَ لَا أُذُنِ سَامِعٍ، لِأَنَّ تَفْسِيرَ الْإِلَهِ: هُوَ الَّذِي أَلِهَ الْخَلْقُ عَنْ دَرْكِ مَاهِيَّتِهِ وَ كَيْفِيَّتِهِ بِحِسٍّ أَوْ بِوَهْمٍ، لَا، بَلْ هُوَ مُبْدِعُ الْأَوْهَامِ وَ خَالِقُ الْحَوَاسِّ، وَ إِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكِتَابَةِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَظْهَرَ رُبُوبِيَّتَهُ فِي إِبْدَاعِ الْخَلْقِ وَ تَرْكِيبِ أَرْوَاحِهِمُ اللَّطِيفَةِ فِي أَجْسَادِهِمُ الْكَثِيفَةِ، فَإِذَا نَظَرَ عَبْدٌ إِلَى نَفْسِهِ لَمْ يَرَ رُوحَهُ. كَمَا أَنَّ لَامَ الصَّمَدِ لَا تَتَبَيَّنُ، وَ لَا تَدْخُلُ فِي حَاسَّةٍ مِنَ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى الْكِتَابَةِ ظَهَرَ لَهُ مَا خَفِيَ وَ لَطُفَ، فَمَتَى تَفَكَّرَ الْعَبْدُ فِي مَاهِيَّةِ الْبَارِئِ وَ كَيْفِيَّتِهِ، أَلِهَ فِيهِ وَ تَحَيَّرَ، وَ لَمْ تُحِطْ فِكْرَتُهُ بِشَيْ‏ءٍ يَتَصَوَّرُ لَهُ، لِأَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِقُ الصُّوَرِ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى خَلْقِهِ تَثَبَّتَ لَهُ أَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِقُهُمْ، وَ مُرَكِّبُ أَرْوَاحِهِمْ فِي أَجْسَادِهِمْ.
وَ أَمَّا الصَّادُ فَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَادِقٌ، وَ قَوْلُهُ صِدْقٌ وَ كَلَامُهُ صِدْقٌ، وَ دَعَا عِبَادَهُ إِلَى اتِّبَاعِ الصِّدْقِ بِالصِّدْقِ، وَ وَعَدَ بِالصِّدْقِ دَارَ الصِّدْقِ.
وَ أَمَّا الْمِيمُ فَدَلِيلٌ عَلَى مُلْكِهِ، وَ أَنَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ، لَمْ يَزَلْ وَ لَا يَزَالُ وَ لَا يَزُولُ «2».
وَ أَمَّا الدَّالُ فَدَلِيلٌ عَلَى دَوَامِ مُلْكِهِ، وَ أَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دَائِمٌ، تَعَالَى عَنِ الْكَوْنِ وَ الزَّوَالِ، بَلْ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ مُكَوِّنُ الْكَائِنَاتِ، الَّذِي كَانَ بِتَكْوِينِهِ كُلَّ كَائِنٍ.
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَوْ وَجَدْتُ لِعِلْمِي الَّذِي آتَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَمَلَةً، لَنَشَرْتُ التَّوْحِيدَ وَ الْإِسْلَامَ وَ الْإِيمَانَ وَ الدِّينَ وَ الشَّرَائِعَ مِنَ الصَّمَدِ، وَ كَيْفَ لِي بِذَلِكَ وَ لَمْ يَجِدْ جَدِّي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَمَلَةً لِعِلْمِهِ حَتَّى كَانَ يَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَإِنَّ بَيْنَ الْجَوَانِحِ مِنِّي عِلْماً جَمّاً، هَاهْ هَاهْ أَلَا لَا أَجِدُ مَنْ يَحْمِلُهُ، أَلَا وَ إِنِّي عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، فَلَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارَ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ.
ثُمَّ قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا وَ وَفَّقَنَا لِعِبَادَةِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وَ جَنَّبَنَا عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ، حَمْداً سَرْمَداً وَ شُكْراً وَاصِباً، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ يَقُولُ: لَمْ يَلِدْ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَكُونَ لَهُ وَلَدٌ يَرِثُهُ مُلْكَهُ «3»، وَ لَمْ يُولَدْ فَيَكُونَ لَهُ وَالِدٌ يَشْرَكُهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَ مُلْكِهِ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فَيُضَادَّهُ «4» فِي سُلْطَانِهِ».
__________________________________________________
 (1) آل عمران 3: 18.
 (2) في المصدر زيادة: ملكه.
 (3) «ملكه» ليس في المصدر.
 (4) في المصدر: فيعاونه.

805
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص الآيات 1 الى 4 ص 800

12037/ «19»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ سُئِلَ عَنِ الصَّمَدِ، فَقَالَ: «الصَّمَدُ: الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ».
12038/ «20»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ؛ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَلَبِثَ ثَلَاثاً لَا يُجِيبُهُمْ، ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ إِلَى آخِرِهَا». فَقُلْتُ لَهُ: مَا الصَّمَدُ؟ فَقَالَ: «الَّذِي لَيْسَ بِمُجَوَّفٍ».
12039/ «21»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ وَ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَحَدٌ صَمَدٌ لَيْسَ لَهُ جَوْفٌ، وَ إِنَّمَا الرُّوحُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ، نَصْرٌ وَ تَأْيِيدٌ وَ قُوَّةٌ يَجْعَلُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الرُّسُلِ وَ الْمُؤْمِنِينَ».
12040/ «22»- علي بن إبراهيم: في معنى السورة: قوله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قال: كان سبب نزولها أن اليهود جاءت إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فقالت: ما نسب ربك؟ فأنزل اللّه قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ و معنى قوله أحد: أحدي النعت، كما
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «نُورٌ لَا ظَلَامَ فِيهِ، وَ عِلْمٌ لَا جَهْلَ فِيهِ»
، و قوله: الصَّمَدُ أي الذي لا مدخل فيه، و قوله: لَمْ يَلِدْ أي لم يحدث وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، قال: لا له كفو و لا شبيه و لا شريك و لا ظهير و لا معين.
12041/ «23»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: حدّثنا أبو الحسن، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ، عن حماد بن مهران، قال: حدّثنا محمّد بن خالد بن إبراهيم السعدي، قال: حدّثني أبان بن عبد اللّه، قال: حدّثني يحيى بن آدم، عن الفزاريّ، عن حريز، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، قال: قالت قريش للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) بمكّة: صف لنا ربك لنعرفه فنعبده، فأنزل اللّه تبارك و تعالى على النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يعني غير مبعض، و لا متجزئ، و لا مكيف، و لا يقع عليه اسم العدد و لا الزيادة و لا النقصان، اللَّهُ الصَّمَدُ الذي قد انتهى إليه السؤدد، و الذي يصمد أهل السماوات و الأرض بحوائجهم إليه، لم يلد منه عزير، كما قالت اليهود لعنهم اللّه، و لا المسيح كما قالت النصارى عليهم سخط اللّه، و لا الشمس و لا القمر و لا النجوم، كما قالت المجوس لعنهم اللّه، و لا الملائكة، كما قالت مشركو العرب «1»، وَ لَمْ يُولَدْ لم يسكن الأصلاب، و لم تضمه الأرحام، و لا من شي‏ء كان، و لا من شي‏ء خلق ما
__________________________________________________
 (19)- التوحيد: 93/ 7.
 (20)- التوحيد: 93/ 8.
 (21)- التوحيد: 171/ 2.
 (22)- تفسير القمّيّ 2: 448.
 (23)- تفسير القمّيّ 2: 448.
 (1) في المصدر: كفّار قريش لعنهم اللّه.

806
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الإخلاص الآيات 1 الى 4 ص 800

كان وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ يقول: ليس له شبيه و لا مثل و لا عدل، و لا يكافيه أحد من خلقه بما أنعم عليه من فضله.
12042/ «24»- الطَّبْرِسِيُّ فِي (الْإِحْتِجَاجِ)، قَالَ: رَوَى أَبُو هَاشِمٍ دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، مَا مَعْنَى الْأَحَدِ؟ قَالَ: «الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، أَ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ:
وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «1» ثُمَّ يَقُولُونَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَهُ شَرِيكٌ وَ صَاحِبَةٌ!».
__________________________________________________
 (24)- الإحتجاج: 441.
 (1) العنكبوت 29: 61.

807
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفلق ص 809

سورة الفلق‏
فضلها
12043/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا مِنْ أَحَدٍ فِي حَدِّ الصِّبَا يَتَعَهَّدُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قِرَاءَةَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ) مِائَةَ مَرَّةٍ، وَ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَخَمْسِينَ؛ إِلَّا صَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ كُلَّ لَمَمٍ أَوْ عَرَضٍ مِنْ أَعْرَاضِ الصِّبْيَانِ وَ الْعُطَاشَ وَ فَسَادَ الْمَعِدَةِ، وَ يَدُورُ الدَّمُ أَبَداً مَا تَعَهَّدَ بِهَذَا حَتَّى يَبْلُغَهُ الشَّيْبُ، فَإِنْ تَعَهَّدَ بِنَفْسِهِ بِذَلِكَ أَوْ تُعُوهِدَ، كَانَ مَحْفُوظاً إِلَى يَوْمِ يَقْبِضُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَفْسَهُ».
12044/ «2»- الشَّيْخُ فِي (التَّهْذِيبِ): بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَقْطِينٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الْوَتْرِ، وَ قُلْتُ: إِنَّ بَعْضاً رَوَى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي الثَّلَاثِ، وَ بَعْضاً رَوَى: فِي الْأُولَيَيْنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَ فِي الثَّالِثَةِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)؟ فَقَالَ: «أَعْمَلُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ».
12045/ «3»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَوْتَرَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قِيلَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَبْشِرْ فَقَدْ قَبِلَ اللَّهُ وَتْرَكَ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 456/ 17.
 (2)- التهذيب 2: 127/ 483.
 (3)- ثواب الأعمال: 129.

809
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفلق الآيات 1 الى 5 ص 810

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ* وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ* وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ* وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ [1- 5]
12046/ «1»- ابْنُ بَابَوَيْهِ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ ابْنِ عِيسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَرَأَ رَجُلٌ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَقَالَ الرَّجُلُ: وَ مَا الْفَلَقُ؟ قَالَ: «صَدْعٌ فِي النَّارِ فِيهِ سَبْعُونَ أَلْفَ دَارٍ، فِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ أَلْفَ بَيْتٍ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ أَلْفَ أَسْوَدَ «1»، فِي جَوْفِ كُلِّ أَسْوَدَ سَبْعُونَ أَلْفَ جَرَّةِ سَمٍّ، لَا بُدَّ لِأَهْلِ النَّارِ أَنْ يَمُرُّوا عَلَيْهَا».
12047/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، رَفَعَهُ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ، قَالَ: «أَ مَا رَأَيْتَهُ إِذَا فَتَحَ عَيْنَيْهِ وَ هُوَ يَنْظُرُ إِلَيْكَ؟ هُوَ ذَاكَ».
12048/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْحَسَدِ؟
فَقَالَ: «لَحْمٌ وَ دَمٌ يَدُورُ فِي النَّاسِ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَيْنَا يَبِسَ «2»، وَ هُوَ الشَّيْطَانُ».
__________________________________________________
 (1)- معاني الأخبار: 227/ 1.
 (2)- معاني الأخبار: 227/ 1.
 (3)- معاني الأخبار: 244/ 1.
 (1) الأسود: العظيم من الحيّات. «الصحاح 2: 491».
 (2) في المصدر: يئس.

810
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الفلق الآيات 1 الى 5 ص 810

12049/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَسَبْعَةُ نَفَرٍ: أَوَّلُهُمُ ابْنُ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ، وَ نُمْرُودُ الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ، وَ اثْنَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ هَوَّدَا قَوْمَهُمَا وَ نَصَّرَاهُمْ، وَ فِرْعَوْنُ الَّذِي قَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى، وَ اثْنَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ:
أَحَدُهُمَا «1» فِي تَابُوتٍ مِنْ قَوَارِيرَ تَحْتَ الْفَلَقِ فِي بِحَارٍ مِنْ نَارٍ».
12050/ «5»- وَ عَنْهُ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مِسْكِينٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سِنَانٍ «2»، عَنْ جُعَيْدِ هَمْدَانَ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ فِي التَّابُوتِ الْأَسْفَلِ سِتَّةً مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ سِتَّةً مِنَ الْآخِرِينَ، فَأَمَّا السِّتَّةُ مِنَ الْأَوَّلِينَ: فَابْنُ آدَمَ قَاتِلُ أَخِيهِ، وَ فِرْعَوْنُ الْفَرَاعِنَةِ، وَ السَّامِرِيُّ، وَ الدَّجَّالُ كِتَابُهُ فِي الْأَوَّلِينَ وَ يَخْرُجُ فِي الْآخِرِينَ، وَ هَامَانُ، وَ قَارُونُ.
وَ السِّتَّةُ مِنَ الْآخِرِينَ: فَنَعْثَلُ، وَ مُعَاوِيَةُ، وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ». وَ نَسِيَ الْمُحَدِّثُ اثْنَيْنِ.
12051/ «6»- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: قوله: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، قال: الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل النار من شدة حره، سأل اللّه أن يأذن له أن يتنفس، فأذن له فتنفس فأحرق جهنم، [قال‏]: و في ذلك الجب صندوق من نار يتعوذ منه أهل ذلك «3» الجب من حر ذلك الصندوق، و هو التابوت، و في ذلك التابوت ستة من الأولين، و ستة من الآخرين، فأما الستة من الأولين: فابن آدم الذي قتل أخاه، و نمرود إبراهيم الذي ألقى إبراهيم في النار، و فرعون موسى، و السامري الذي اتخذ العجل، و الذي هود اليهود، و الذي نصر النصارى. و أمّا الستة من الآخرين: الأول، و الثاني، و الثالث، و الرابع، و صاحب الخوارج، و ابن ملجم.
قوله: وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ، قال: الذي يلقى في الجب يقب «4» فيه.
12052/ «7»- الشَّيْبَانِيُّ، فِي (نَهْجِ الْبَيَانِ): عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «الْغَاسِقِ إِذَا وَقَبَ، هُوَ اللَّيْلُ إِذَا أَدْبَرَ».
__________________________________________________
 (4)- ثواب الأعمال: 214.
 (5)- الخصال: 485/ 59.
 (6)- تفسير القمّيّ 2: 449.
 (7)- نهج البيان 3: 330 «مخطوط».
 (1) زاد في المصدر: شرهما.
 (2) في المصدر: سيابة.
 (3) في المصدر: يتعوّذ أهل.
 (4) الوقوب: الدّخول في كلّ شي‏ء. «لسان العرب 1: 801»، و في «ي»: يغيب.

811
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في الحسد و معناه ص 812

1- باب في الحسد و معناه‏
12053/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِي بِأَيِّ بَادِرَةٍ «1» [فَيَكْفُرُ]، وَ إِنَّ الْحَسَدَ لَيَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ».
12054/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ؛ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ».
12055/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا يَحْسُدْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، إِنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ كَانَ مِنْ شَرَائِعِهِ السَّيْحُ فِي الْبِلَادِ، فَخَرَجَ فِي بَعْضِ سَيْحِهِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَصِيرٌ، وَ كَانَ كَثِيرَ اللُّزُومِ لِعِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَلَمَّا انْتَهَى عِيسَى إِلَى الْبَحْرِ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، بِصِحَّةِ يَقِينٍ مِنْهُ، فَمَشَى عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ، فَقَالَ الرَّجُلُ الْقَصِيرُ حِينَ نَظَرَ إِلَى عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) جَازَهُ، قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، بِصِحَّةِ يَقِينٍ مِنْهُ، فَمَشَى عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ وَ لَحِقَ بِعِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَدَخَلَهُ الْعُجْبُ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: هَذَا عِيسَى رُوحُ اللَّهِ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، وَ أَنَا أَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، فَمَا فَضْلُهُ عَلَيَّ؟! قَالَ: فَرُمِسَ فِي الْمَاءِ، فَاسْتَغَاثَ بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَتَنَاوَلَهُ مِنَ الْمَاءِ فَأَخْرَجَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا قُلْتَ، يَا قَصِيرُ؟ قَالَ: قُلْتُ:
هَذَا رُوحُ اللَّهِ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، وَ أَنَا أَمْشِي عَلَى الْمَاءِ! فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ عُجْبٌ. فَقَالَ لَهُ عِيسَى: لَقَدْ وَضَعْتَ نَفْسَكَ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ فِيهِ، فَمَقَتَكَ اللَّهُ عَلَى مَا قُلْتَ، فَتُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا قُلْتَ. قَالَ: فَتَابَ الرَّجُلُ وَ عَادَ إِلَى مَرْتَبَتِهِ الَّتِي وَضَعَهُ اللَّهُ فِيهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَ لَا يَحْسُدْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً».
12056/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً، وَ كَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ».
12057/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 231/ 1.
 (2)- الكافي 2: 231/ 2.
 (3)- الكافي 2: 231/ 3.
 (4)- الكافي 2: 232/ 4.
 (5)- الكافي 2: 232/ 5.
 (1) في «ي»: ليأتي بالبادرة.

812
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في الحسد و معناه ص 812

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «آفَةُ الدِّينِ الْحَسَدُ، وَ الْعُجْبُ، وَ الْفَخْرُ».
12058/ «6»- وَ عَنْهُ: عَنْ يُونُسَ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ: يَا بْنَ عِمْرَانَ، لَا تَحْسُدَنَّ النَّاسَ عَلَى مَا آتَيْتَهُمْ مِنْ فَضْلِي، وَ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى ذَلِكَ، وَ لَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ، فَإِنَّ الْحَاسِدَ سَاخِطٌ لِنِعَمِي، صَادٌّ لِقَسْمِيَ الَّذِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادِي، وَ مَنْ يَكُ كَذَلِكَ فَلَسْتُ مِنْهُ وَ لَيْسَ مِنِّي».
12059/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمِنْقَرِيِّ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغْبِطُ وَ لَا يَحْسُدُ، وَ الْمُنَافِقَ يَحْسُدُ وَ لَا يَغْبِطُ».
11/ 2- باب في ما روي من السحر الذي سحر به النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) و ما يبطل به السحر، و خواص المعوذتين‏
12060/ «1»- الْحُسَيْنُ بْنُ بِسْطَامَ، فِي كِتَابِ (طِبِّ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْبُرْسِيُّ «1»، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ «2» بْنُ يَحْيَى الْأَرْمَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَتَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا أَخِي «3» جَبْرَئِيلُ. قَالَ: إِنَّ فُلَاناً الْيَهُودِيَّ قَدْ سَحَرَكَ، وَ جَعَلَ السِّحْرَ فِي بِئْرِ بَنِي فُلَانٍ، فَابْعَثْ إِلَيْهِ- يَعْنِي إِلَى الْبِئْرِ- أَوْثَقَ النَّاسِ عِنْدَكَ وَ أَعْظَمَهُمْ فِي عَيْنَيْكَ، وَ هُوَ عَدِيلُ نَفْسِكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ بِالسِّحْرِ، قَالَ: فَبَعَثَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى بِئْرِ ذَرْوَانَ فَإِنَّ فِيهَا سِحْراً سَحَرَنِي بِهِ لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ الْيَهُودِيُّ فَأْتِنِي بِهِ.
قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَانْطَلَقْتُ فِي حَاجَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَهَبَطْتُ فِي الْبِئْرِ، فَإِذَا مَاءُ الْبِئْرِ قَدْ صَارَ كَأَنَّهُ مَاءُ الْحِنَّاءِ مِنَ السِّحْرِ، فَطَلَبْتُهُ مُسْتَعْجِلًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَسْفَلِ الْقَلِيبِ فَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ، فَقَالَ الَّذِينَ مَعِي: مَا فِيهِ شَيْ‏ءٌ فَاصْعَدْ. فَقُلْتُ: لَا وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ، وَ مَا يَقِينِي بِهِ مِثْلُ يَقِينِكُمْ «4»- يَعْنِي بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)- قَالَ:
__________________________________________________
 (6)- الكافي 2: 232/ 6.
 (7)- الكافي 2: 232/ 7.
 (1)- طب الأئمة (عليهم السلام): 113.
 (1) في «ج»: النرسي.
 (2) في المصدر: أحمد.
 (3) (أخي) ليس في المصدر.
 (4) في «ج، ي» و المصدر: و ما نفسي مثل أنفسكم.

813
البرهان في تفسير القرآن5

2 باب في ما روي من السحر الذي سحر به النبي صلى الله عليه و آله و ما يبطل به السحر، و خواص المعوذتين ص 813

ثُمَّ طَلَبْتُ طَلَباً بِلُطْفٍ، فَاسْتَخْرَجْتُ حُقّاً «1»، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: افْتَحْهُ، فَفَتَحْتُهُ فَإِذَا فِي الْحُقِّ قِطْعَةُ كَرَبِ النَّخْلِ، فِي جَوْفِهِ وَتَرٌ عَلَيْهِ إِحْدَى وَ عِشْرُونَ عُقْدَةً، وَ كَانَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْزَلَ يَوْمَئِذٍ الْمُعَوِّذَتَيْنِ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، اقْرَأْهُمَا عَلَى الْوَتَرِ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، وَ كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ نَبِيِّهِ مَا سُحِرَ بِهِ، وَ عَافَاهُ».
و
يُرْوَى: أَنَّ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) أَتَيَا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ وَجِعٌ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَ الْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ لِمِيكَائِيلَ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ مِيكَائِيلُ: هُوَ مَطْبُوبٌ «2»، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: وَ مَنْ طَبَّهُ؟
قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ الْيَهُودِيُّ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ.
12061/ «2»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ «3» بْنُ الْبَيْطَارِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَ يُقَالُ لَهُ يُونُسُ الْمُصَلِّي لِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ السِّحْرَ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَى شَيْ‏ءٍ إِلَّا عَلَى الْعَيْنِ».
12062/ «3»- وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، أَ هُمَا مِنَ الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، هُمَا مِنَ الْقُرْآنِ».
فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ لَا فِي مُصْحَفِهِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَخْطَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ- أَوْ قَالَ كَذَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ- هُمَا مِنَ الْقُرْآنِ».
قَالَ الرَّجُلُ: فَأَقْرَأُ بِهِمَا- يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ- فِي الْمَكْتُوبَةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَ هَلْ تَدْرِي مَا مَعْنَى الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَ فِي أَيِّ شَيْ‏ءٍ نَزَلَتَا؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَحَرَهُ لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ الْيَهُودِيُّ». فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
وَ مَا كَانَ ذَا، وَ مَا عَسَى «4» أَيْنَ يَبْلُغُ مِنْ سِحْرِهِ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «بَلَى كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَرَى أَنَّهُ يُجَامِعُ وَ لَيْسَ يُجَامِعُ، وَ كَانَ يُرِيدُ الْبَابَ وَ لَا يُبْصِرُهُ حَتَّى يَلْمَسَهُ بِيَدِهِ، وَ السِّحْرُ حَقٌّ، وَ مَا يُسَلَّطُ السِّحْرُ إِلَّا عَلَى الْعَيْنِ وَ الْفَرْجِ، فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَدَعَا عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ بَعَثَهُ لِيَسْتَخْرِجَ ذَلِكَ مِنْ بِئْرِ ذَرْوَانَ». وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ.
12063/ «4»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْفَلَقِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ عِنْدَ مَنَامِهِ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَأَجْرِ مَنْ حَجَّ وَ اعْتَمَرَ وَ صَامَ، وَ هِيَ رُقْيَةٌ نَافِعَةٌ وَ حِرْزٌ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ نَاظِرَةٍ بِسُوءٍ».
__________________________________________________
 (2)- طب الأئمة (عليهم السلام): 114.
 (3)- طب الأئمة (عليهم السّلام): 114.
 (4)-.
 (1) الحقّ: وعاء صغير ذو غطاء يتّخذ من عاج أو زجاج أو غيرهما. «المعجم الوسيط 1: 188».
 (2) المطبوب: المسحور. «لسان العرب 1: 554».
 (3) في «ج، ي»: جعفر بن إبراهيم.
 (4) في «ج، ي»: و ما كاد أو عسى.

814
البرهان في تفسير القرآن5

2 باب في ما روي من السحر الذي سحر به النبي صلى الله عليه و آله و ما يبطل به السحر، و خواص المعوذتين ص 813

12064/ «5»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ نَوْمِهِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ، وَ هِيَ حِرْزٌ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَ هِيَ رُقْيَةٌ نَافِعَةٌ وَ حِرْزٌ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ نَاظِرَةٍ».
12065/ «6»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ، كَانَتْ فِي نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ، كَانَ كَمَنْ صَامَ فِي مَكَّةَ، وَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ حَجَّ وَ اعْتَمَرَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
12066/ «7»- الْحُسَيْنُ بْنُ بِسْطَامَ فِي (طِبِّ الْأَئِمَّةِ) (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: هَذِهِ الْعُوذَةُ الَّتِي أَمْلَاهَا عَلَيْنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَذْكُرُ أَنَّهَا وِرَاثَةٌ، وَ أَنَّهَا تُبْطِلُ السِّحْرَ، تُكْتَبُ عَلَى رَقٍّ وَ تُعَلَّقُ عَلَى الْمَسْحُورِ: قالَ مُوسى‏ ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ* وَ يُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ «1» أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها «2» الْآيَاتِ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَ انْقَلَبُوا صاغِرِينَ* وَ أُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ* قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ* رَبِّ مُوسى‏ وَ هارُونَ «3».
12067/ «8»- أبو علي الطبرسيّ في (مجمع البيان): سبب النزول، قالوا: إن لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، ثمّ دس ذلك في بئر لبني زريق، فمرض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فبينا هو نائم إذ أتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، و الآخر عند رجليه، فأخبراه بذلك، و أنّه في بئر ذروان في جف طلعة تحت راعوفة، و الجف: قشر الطلع، و الراعوفة: حجر في أسفل البئر، يقوم عليها الماتح «4».
فانتبه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و بعث عليا (عليه السلام) و الزبير و عمارا، فنزحوا ماء تلك البئر، ثمّ رفعوا الصخرة و أخرجوا الجف، فإذا فيه مشاطة رأس، و أسنان من مشطه، و إذا فيه معقد في إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر، فنزلت هاتان السورتان، فجعل كلما يقرأ آية انحلت عقدة، و وجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) خفة، فقام فكأنّما أنشط «5» من عقال، و جعل جبرئيل (عليه السلام) يقول: بسم اللّه أرقيك من كل شي‏ء يؤذيك، من حاسد و عين، و اللّه تعالى يشفيك.
ثمّ قال الطبرسيّ: و رووا ذلك عن عائشة و ابن عبّاس. ثم قال: و هذا لا يجوز لأن من وصف بأنّه مسحور، فكأنّه قد خبل عقله، و قد أبى اللّه سبحانه ذلك في قوله: وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً*
__________________________________________________
 (5)-.
 (6)- خواص القرآن: 17 «مخطوط».
 (7)- طب الأئمة (عليهم السلام): 115.
 (8)- مجمع البيان 10: 865.
 (1) يونس 10: 81، 82.
 (2) النازعات 79: 27، 28.
 (3) الأعراف 7: 118- 122.
 (4) أي المستقي. «لسان العرب 2: 588».
 (5) أي حل من عقال.
                       

815
البرهان في تفسير القرآن5

2 باب في ما روي من السحر الذي سحر به النبي صلى الله عليه و آله و ما يبطل به السحر، و خواص المعوذتين ص 813

انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا «1»، و لكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته على ما روي، اجتهدوا في ذلك فلم يقدروا عليه، و أطلع اللّه نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) على ما فعلوه من التمويه حتّى استخرج، و كان ذلك دلالة على صدقه (صلّى اللّه عليه و آله)، و كيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم! و لو قدروا على ذلك. لقتلوه و قتلوا كثيرا من المؤمنين مع شدة عداوتهم له.
__________________________________________________
 (1) الفرقان 25: 8، 9.

816
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الناس ص 817

سورة الناس‏
فضلها
تقدم في سورة الفلق «1»
12068/ «1»- وَ مِنْ (خَوَاصِّ الْقُرْآنِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ عَلَى أَلَمٍ سَكَنَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ هِيَ شِفَاءٌ لِمَنْ قَرَأَهَا».
12069/ «2»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ النَّوْمِ كَانَ فِي حِرْزِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُصْبِحَ، وَ هِيَ عُوذَةٌ مِنْ كُلِّ أَلَمٍ وَ وَجَعٍ وَ آفَةٍ، وَ هِيَ شِفَاءٌ لِمَنْ قَرَأَهَا».
12070/ «3»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ قَرَأَهَا فِي مَنْزِلِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ، أَمِنَ مِنَ الْجِنِّ وَ الْوَسْوَاسِ، وَ مَنْ كَتَبَهَا وَ عَلَّقَهَا عَلَى الْأَطْفَالِ الصِّغَارِ حَفِظُوا مِنَ الْجَانِّ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى».
__________________________________________________
 (1)- .......
 (2)- .........
 (3)- خواص القرآن: 17 «مخطوط».
 (1) تقدّم في الأحاديث (1- 3) من فضل سورة الفلق.

817
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الناس الآيات 1 الى 6 ص 818

قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلهِ النَّاسِ* مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ [1- 6] 12071/ «1»- علي بن إبراهيم: و إنّما هو: أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلهِ النَّاسِ* مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ اسم الشيطان الذي هو في صدور الناس يوسوس فيها و يؤيسهم من الخير و يعدهم الفقر، و يحملهم على المعاصي و الفواحش و هو قول اللّه عزّ و جلّ الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ «1».
12072/ «2»- وَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ، عَلَى أَحَدِهِمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ، وَ عَلَى الْآخَرِ شَيْطَانٌ مُفَتِّنٌ، هَذَا يَأْمُرُهُ وَ هَذَا يَزْجُرُهُ، وَ كَذَلِكَ مِنَ النَّاسِ شَيْطَانٌ يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى الْمَعَاصِي، كَمَا يَحْمِلُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْجِنِّ».
12073/ «3»- ثم قال عليّ بن إبراهيم: حدّثنا سعيد بن محمّد، قال: حدّثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد الثقفي، عن موسى بن عبد الرحمن، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس، في قوله: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ يريد الشيطان (لعنه اللّه) على قلب ابن آدم، له خرطوم مثل خرطوم الخنزير، يوسوس لابن آدم إذا أقبل على الدنيا و ما لا يحب اللّه، فإذا ذكر اللّه عزّ و جلّ انخنس، يريد رجع، قال اللّه عزّ و جلّ:
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 450.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 450.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 450.
 (1) البقرة 2: 268.

818
البرهان في تفسير القرآن5

سورة الناس الآيات 1 الى 6 ص 818

الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ثم أخبر أنّه من الجن و الإنس، فقال عزّ و جلّ: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ يريد من الجن و الإنس.
12074/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ أُذُنَانِ فِي جَوْفِهِ، أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهِ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ، وَ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهِ الْمَلَكُ، فَيُؤَيِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1»».
الطَّبْرِسِيُّ: رَوَى الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ «2».
باب أن المعوذتين من القرآن‏
12075/ «2»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ ابْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ صَابِرٍ مَوْلَى بَسَّامٍ، قَالَ: أَمَّنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقَرَأَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «هُمَا مِنَ الْقُرْآنِ».
12076/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، قَالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ.
12077/ «4»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «كَانَ سَبَبُ نُزُولِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ أَنَّهُ وُعِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فَعَوَّذَهُ بِهِمَا».
12078/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَمْحُو الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْمُصْحَفِ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «كَانَ أَبِي يَقُولُ: إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِرَأْيِهِ، وَ هُمَا مِنَ الْقُرْآنِ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 206/ 3.
 (2)- الكافي 3: 317/ 26.
 (3)- الكافي 3: 314/ 8.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 450.
 (5)- تفسير القمّيّ 2: 450.
 (1) المجادلة 58: 22.
 (2) مجمع البيان 10: 870.

819
البرهان في تفسير القرآن5

باب أن المعوذتين من القرآن ص 819

12079/ «5»- الطَّبْرِسِيُّ، قَالَ: فِي حَدِيثِ أَبِي: مَنْ قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ جَمِيعَ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ.
12080/ «6»- وَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُنْزَلْ مِثْلُهُنَّ:
الْمُعَوِّذَتَانِ». أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِي (الصَّحِيحِ) «1».
12081/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: «يَا عُقْبَةُ، أَ لَا أُعَلِّمُكَ سُورَتَيْنِ هُمَا أَفْضَلُ الْقُرْآنِ؟». قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَلَّمَنِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ، ثُمَّ قَرَأَ بِهِمَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَ قَالَ: «اقْرَأْهُمَا كُلَّمَا قُمْتَ وَ نِمْتَ».
12082/ «8»- وَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَنْ أَوْتَرَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «2» قِيلَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَبْشِرْ، فَقَدْ قَبِلَ اللَّهُ وَ تَرَكَ».
12083/ «9»- وَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اشْتَكَى شَكْوَةً «3» شَدِيدَةً، وَ وَجِعَ وَجَعاً شَدِيداً، فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، فَقَعَدَ جَبْرَئِيلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ مِيكَائِيلُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَعَوَّذَهُ جَبْرَئِيلُ بِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَ عَوَّذَهُ مِيكَائِيلَ بِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ».
12084/ «10»- وَ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «جَاءَ جَبْرَئِيلُ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ شَاكٍ، فَرَقَاهُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، وَ اللَّهُ يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ، خُذْهَا فَلْتَهْنِئْكَ».
12085/ «11»- وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَقُلْ فِي نَفْسِكَ: أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَ إِذَا قَرَأْتَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قُلْ فِي نَفْسِكَ: أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ».
__________________________________________________
 (5)- مجمع البيان 10: 864.
 (6)- مجمع البيان 10: 864.
 (7)- مجمع البيان 10: 864.
 (8)- مجمع البيان 10: 864.
 (9)- مجمع البيان 10: 867.
 (10)- مجمع البيان 10: 867.
 (11)- مجمع البيان 10: 870.
 (1) صحيح مسلم 1: 558/ 265.
 (2) الإخلاص 112: 1.
 (3) الشكوة، الواحدة من الشكو بمعنى المرض. «أقرب الموارد 1: 607».

820
البرهان في تفسير القرآن5

و نختم الكتاب بأبواب ص 821

و نختم الكتاب بأبواب‏
1- باب في ردّ متشابه القرآن إلى تأويله‏
12086/ «1»- الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّبْرِسِيُّ، فِي كِتَابِ (الْإِحْتِجَاجِ)، قَالَ: جَاءَ بَعْضُ الزَّنَادِقَةِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ لَهُ: لَوْ لَا مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَ التَّنَاقُضِ لَدَخَلْتُ فِي دِينِكُمْ.
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ مَا هُوَ؟».
قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «1»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «2»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «3»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «4»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «5»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «6»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ «8»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «9»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ «10»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «11»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏ «12»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
__________________________________________________
 (1)- الإحتجاج: 240.
 (1) التوبة 9: 67.
 (2) الأعراف 7: 51.
 (3) مريم 19: 64.
 (4) النبأ 78: 38.
 (5) الأنعام 6: 23.
 (6) العنكبوت 29: 25.
 (7) سورة ص 38: 64.
 (8) سورة ق 50: 28.
 (9) يس 36: 65.
 (10) القيامة 75: 22، 23.
 (11) الأنعام 6: 103.
 (12) النجم 53: 13، 14.

821
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ «1» الْآيَتَيْنِ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً «2»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «3»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ «4»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «5»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ «6»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ «7»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «8»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ «9»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ «10»، وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ «11».
قَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّمَا يَعْنِي نَسُوا اللَّهَ فِي دَارِ الدُّنْيَا، لَمْ يَعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ فَنَسِيَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، أَيْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِهِ شَيْئاً، فَصَارُوا مَنْسِيِّينَ مِنَ الْخَيْرِ، وَ كَذَلِكَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا يَعْنِي بِالنِّسْيَانِ أَنَّهُ لَمْ يُثِبْهُمْ كَمَا يُثِيبُ أَوْلِيَاءَهُ الَّذِينَ كَانُوا فِي دَارِ الدُّنْيَا مُطِيعِينَ ذَاكِرِينَ حِينَ آمَنُوا بِهِ وَ بِرَسُولِهِ، وَ خَافُوهُ بِالْغَيْبِ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا، فَإِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً، لَيْسَ بِالَّذِي يَنْسَى، وَ لَا يَغْفُلُ، بَلْ هُوَ الْحَفِيظُ الْعَلِيمُ، وَ قَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ: نَسِيَنَا فُلَانٌ فَلَا يَذْكُرُنَا، أَيْ إِنَّهُ لَا يَأْمُرُ لَهُمْ بِخَيْرٍ وَ لَا يَذْكُرُهُمْ بِهِ».
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فَإِنَّ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ مَوَاطِنِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، الْمُرَادُ يَكْفُرُ أَهْلُ الْمَعَاصِي بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَ يَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.
وَ الْكُفْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْبَرَاءَةُ، يَقُولُ: فَيَبْرَأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَ نَظِيرُهَا فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ، قَوْلُ الشَّيْطَانِ:
__________________________________________________
 (1) طه 20: 109.
 (2) الشورى 42: 51.
 (3) المطففين 83: 15.
 (4) الأنعام 6: 158.
 (5) السجدة 32: 10.
 (6) التوبة 9: 77.
 (7) الكهف 18: 110.
 (8) الكهف 18: 53.
 (9) الأنبياء 21: 47.
 (10) المؤمنون 23: 102.
 (11) المؤمنون 23: 103.

822
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ «1»، وَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ: كَفَرْنا بِكُمْ «2»، يَعْنِي تَبَرَّأْنَا مِنْكُمْ، ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوَاطِنَ أُخَرَ يَبْكُونَ فِيهَا، فَلَوْ أَنَّ تِلْكَ الْأَصْوَاتَ فِيهَا بَدَتْ لِأَهْلِ الدُّنْيَا لَأَزَالَتْ جَمِيعَ الْخَلْقِ عَنْ مَعَايِشِهِمْ وَ انْصَدَعَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَ لَا يَزَالُونَ يَبْكُونَ حَتَّى يَسْتَنْفِدُوا الدُّمُوعَ وَ يُفْضُوا إِلَى الدِّمَاءِ، ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوَاطِنَ أُخَرَ فَيَسْتَنْطِقُونَ فِيهِ، فَيَقُولُونَ: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ، وَ هَؤُلَاءِ خَاصَّةً هُمُ الْمُقِرُّونَ فِي دَارِ الدُّنْيَا بِالتَّوْحِيدِ، فَلَا يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَى مَعَ مُخَالَفَتِهِمْ رُسُلَهُ، وَ شَكِّهِمْ فِيمَا أَتَوْا بِهِ عَنْ رَبِّهِمْ، وَ نَقْضِهِمْ عُهُودَهُمْ فِي أَوْصِيَائِهِمْ، وَ اسْتِبْدَالِهِمْ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ، فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ فِيمَا انْتَحَلُوهُ مِنَ الْإِيمَانِ، بِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ «3»، فَيَخْتِمُ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَ يَسْتَنْطِقُ الْأَيْدِيَ وَ الْأَرْجُلَ وَ الْجُلُودَ، فَتَشْهَدُ بِكُلِّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ مِنْهُمْ، ثُمَّ يَرْفَعُ عَنْ أَلْسِنَتِهِمْ الْخَتْمَ، فَيَقُولُونَ لِجُلُودِهِمْ: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ «4».
ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ، فَيَفِرُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لِهَوْلِ مَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ صُعُوبَةِ الْأَمْرِ وَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ* وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ «5» الْآيَةَ، ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ يُسْتَنْطَقُ «6» فِيهِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَ أَصْفِيَاؤُهُ، فَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَ قَالَ صَوَاباً، فَيُقَامُ الرُّسُلُ فَيَسْأَلُونَ عَنْ تَأْدِيَةِ الرِّسَالاتِ الَّتِي حَمَلُوهَا إِلَى أُمَمِهِمْ، فَأَخْبَرُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَدُّوا ذَلِكَ إِلَى أُمَمِهِمْ، وَ تَسْأَلُ الْأُمَمَ فَتَجْحَدُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ «7»، فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَ لَا نَذِيرٍ، فَتُشْهِدُ الرُّسُلُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَيَشْهَدُ بِصِدْقِ الرُّسُلِ وَ تَكْذِيبِ مَنْ جَحَدَهَا مِنَ الْأُمَمِ، فَيَقُولُ لِكُلِّ امَّةِ مِنْهُمْ: بَلَى قَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ، أَيْ مُقْتَدِرٌ عَلَى شَهَادَةِ جَوَارِحِكُمْ عَلَيْكُمْ بِتَبْلِيغِ الرُّسُلِ إِلَيْكُمْ رِسَالاتِهِمْ، وَ لِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى‏ هؤُلاءِ شَهِيداً «8»، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّ شَهَادَتِهِ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَ أَنْ تَشْهَدَ عَلَيْهِمْ جَوَارِحُهُمْ «9» بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وَ يَشْهَدُ عَلَى مُنَافِقِي قَوْمِهِ وَ أُمَّتِهِ وَ كُفَّارِهِمْ بِإِلْحَادِهِمْ وَ عِنَادِهِمْ، وَ نَقْضِهِمْ عُهُودَهُ «10»، وَ تَغْيِيرِهِمْ سُنَّتَهُ، وَ اعْتِدَائِهِمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ انْقِلَابِهِمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَ ارْتِدَادِهِمْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ، وَ احْتِذَائِهِمْ فِي ذَلِكَ سُنَّةَ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ‏
__________________________________________________
 (1) إبراهيم 14: 22.
 (2) الممتحنة 60: 4.
 (3) الأنعام 6: 24.
 (4) فصّلت 41: 21.
 (5) عبس 80: 34- 36.
 (6) (فيفر بعضهم من بعض ... آخر يستنطق) ليس في «ي».
 (7) الأعراف 7: 6.
 (8) النساء 4: 41.
 (9) في «ي»: أرجلهم.
 (10) في المصدر: عهده.

823
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

الظَّالِمَةِ الْخَائِنَةِ لِأَنْبِيَائِهَا، فَيَقُولُونَ بِأَجْمَعِهِمْ: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنَّا قَوْماً ضالِّينَ «1».
ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ يَكُونُ فِيهِ مَقَامُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ، فَيُثْنِي عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا لَمْ يُثْنِ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى الْمَلَائِكَةِ كُلِّهِمْ، فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ إِلَّا أَثْنَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِمَا لَمْ يُثْنِ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ مِثْلَهُ «2»، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ، يَبْدَأُ بِالصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ ثُمَّ الصَّالِحِينَ، فَيَحْمَدَهُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلُ الْأَرَضِينَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «3»، فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ «4» حَظٌّ وَ نَصِيبٌ، وَ وَيْلٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ حَظٌّ وَ لَا نَصِيبٌ.
ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ وَ يُزَالُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَ هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْحِسَابِ، فَإِذَا أُخِذَ فِي الْحِسَابِ، شُغِلَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِمَا لَدَيْهِ، نَسْأَلُ اللَّهَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ».
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ «5» ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ يَنْتَهِي فِيهِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ مَا يَفْرُغُ مِنَ الْحِسَابِ إِلَى نَهَرٍ يُسَمَّى الْحَيَوَانَ، فَيَغْتَسِلُونَ فِيهِ، وَ يَشْرَبُونَ مِنْ آخَرَ، فَتَبْيَضُّ وُجُوهُهُمْ، فَيَذْهَبُ عَنْهُمْ كُلُّ أَذًى وَ قَذًى وَ وَعْثٍ «6»، ثُمَّ يُؤْمَرُونَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ هَذَا الْمَقَامِ يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ كَيْفَ يُثِيبُهُمْ، وَ مِنْهُ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي تَسْلِيمِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ «7»، فَعِنْدَ ذَلِكَ أُثِيبُوا بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَ النَّظَرِ إِلَى مَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ، وَ النَّاظِرَةُ فِي بَعْضِ اللُّغَةِ هِيَ الْمُنْتَظِرَةُ، أَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ «8»، أَيْ مُنْتَظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى«9»، يَعْنِي مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ كَانَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى حَيْثُ لَا يُجَاوِزُهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى‏* لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏ «10»، رَأَى جَبْرَئِيلَ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ، هَذِهِ الْمَرَّةَ، وَ مَرَّةً أُخْرَى وَ ذَلِكَ أَنَّ خَلْقَ جَبْرَئِيلَ خَلْقٌ عَظِيمٌ، فَهُوَ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ الَّذِينَ لَا يُدْرِكُ خَلْقَهُمْ وَ لَا صِفَتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ».
__________________________________________________
 (1) المؤمنون 23: 106.
 (2) في المصدر: قبله.
 (3) الإسراء 17: 79.
 (4) في المصدر: المكان.
 (5) القيامة 75: 22، 23.
 (6) الوعث: كلّ أمر شاقّ من تعب و غيره. «المعجم الوسيط 2: 1043».
 (7) الزمر 39: 73.
 (8) النمل 27: 35.
 (9) النجم 53: 13، 14.
 (10) النجم 53: 17، 18.

824
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ «1» كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، قَدْ كَانَ الرَّسُولُ يُوحِي إِلَيْهِ رُسُلُ السَّمَاءِ، فَتُبَلِّغُ رُسُلُ السَّمَاءِ إِلَى رُسُلِ «2» الْأَرْضِ، وَ قَدْ كَانَ الْكَلَامُ بَيْنَ رُسُلِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ بَيْنَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَ بِالْكَلَامِ مَعَ رُسُلِ أَهْلِ السَّمَاءِ، وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا جَبْرَئِيلُ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: إِنَّ رَبِّي لَا يُرَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مِنْ أَيْنَ تَأْخُذُ الْوَحْيَ؟ قَالَ: آخُذُهُ مِنْ إِسْرَافِيلَ. قَالَ: وَ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُهُ إِسْرَافِيلُ؟ قَالَ: يَأْخُذُهُ مِنْ مَلَكٍ فَوْقَهُ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ. قَالَ: وَ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُهُ ذَلِكَ الْمَلَكُ؟ قَالَ: يُقْذَفُ فِي قَلْبِهِ قَذْفاً. فَهَذَا وَحْيٌ، وَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «3»، وَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْسَ بِنَحْوٍ وَاحِدٍ، مِنْهُ مَا كَلَّمَ اللَّهُ بِهِ الرُّسُلَ، وَ مِنْهُ مَا قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَ مِنْهُ رُؤْيَا يُرِيهَا الرُّسُلَ، وَ مِنْهُ وَحْيٌ وَ تَنْزِيلٌ يُتْلَى وَ يُقْرَأُ، فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «4»، فَإِنَّمَا يَعْنِي [بِهِ‏] يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ ثَوَابِ رَبِّهِمْ لَمَحْجُوبُونَ، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ «5» يُخْبِرُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، فَقَالَ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ حَيْثُ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْعَذَابَ يَأْتِيهِمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا كَمَا عُذِّبَتِ الْقُرُونُ الْأُولَى، فَهَذَا خَبَرٌ يُخْبِرُ بِهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ الْآيَةَ، يَعْنِي لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَ هَذِهِ الْآيَةُ، وَ هَذِهِ الْآيَةُ هِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:
فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا «6» يَعْنِي أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ عَذَاباً، وَ كَذَلِكَ إِتْيَانُهُ بُنْيَانَهُمْ، حَيْثُ قَالَ: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ «7» يَعْنِي أَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ».
وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «8»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ «9»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ «10»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
__________________________________________________
 (1) الشورى 42: 51.
 (2) (رسل) ليس في المصدر.
 (3) (لا يرى فقال رسول اللّه ..... و هو كلام اللّه عزّ و جلّ) ليس في «ي».
 (4) المطففين 83: 15.
 (5) الأنعام 6: 158.
 (6) الحشر 59: 2.
 (7) النحل 16: 26.
 (8) السجدة 32: 10.
 (9) البقرة 2: 46.
 (10) التوبة 9: 77.

825
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً «1»، يَعْنِي الْبَعْثَ، سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى لِقَاءً، وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ «2»، يَعْنِي مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ فَإِنَّ وَعْدَ اللَّهِ لَآتٍ مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ، فَاللِّقَاءُ هَاهُنَا لَيْسَ بِالرُّؤْيَةِ، وَ اللِّقَاءُ هُوَ الْبَعْثُ، وَ كَذَلِكَ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ «3» يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَزُولُ الْإِيمَانُ عَنْ قُلُوبِهِمْ يَوْمَ يُبْعَثُونَ».
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «4» يَعْنِي تَيَقَّنُوا أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَهَا، وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ «5»، وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْمُنَافِقِينَ: وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا «6» فَهُوَ ظَنُّ شَكٍّ وَ لَيْسَ ظَنَّ يَقِينٍ، وَ الظَّنُّ ظَنَّانِ: ظَنُّ شَكٍّ وَ ظَنُّ يَقِينٍ، فَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمَعَادِ مِنَ الظَّنِّ فَهُوَ ظَنُّ يَقِينٍ، وَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا مِنَ الظَّنِّ فَهُوَ ظَنُّ شَكٍّ».
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً «7» فَهُوَ مِيزَانُ الْعَدْلِ، يُؤْخَذُ بِهِ الْخَلَائِقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُدِيلُ «8» اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْخَلَائِقَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَ يَجْزِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ، وَ يَقْتَصُّ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ.
وَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ «9» وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ «10» فَهُوَ قِلَّةُ الْحِسَابِ وَ كَثْرَتُهُ، وَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَلَى طَبَقَاتٍ وَ مَنَازِلَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً، وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَلَبَّسُوا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا بِشَيْ‏ءٍ، وَ إِنَّمَا الْحِسَابُ هُنَاكَ عَلَى مَنْ تَلَبَّسَ بِهَا هَاهُنَا، وَ مِنْهُمْ مَنْ يُحَاسَبُ عَلَى النَّقِيرِ وَ الْقِطْمِيرِ وَ يَصِيرُ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ، وَ مِنْهُمْ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ قَادَةُ الضَّلَالَةِ، فَأُولَئِكَ لَا يُقِيمُ لَهُمْ وَزْناً، وَ لَا يَعْبَأُ بِهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْبَأُوا بِأَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ النَّارُ، وَ هُمْ فِيهَا كَالِحُونَ».
وَ مِنْ سُؤَالِ هَذَا الزِّنْدِيقِ أَنْ قَالَ: أَجِدُ اللَّهَ يَقُولُ: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ «11» وَ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «12» وَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ «13» وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَمَرَّةً يَجْعَلُ الْفِعْلَ‏
__________________________________________________
 (1) الكهف 18: 110.
 (2) العنكبوت 29: 5.
 (3) الأحزاب 33: 44.
 (4) الكهف 18: 53.
 (5) الحاقّة 69: 20.
 (6) الأحزاب 33: 10.
 (7) الأنبياء 21: 47.
 (8) أدال فلانا و غيره على فلان أو منه: نصره، و غلبه عليه، و أظفره به. «المعجم الوسيط 1: 304».
 (9) الأعراف 7: 8.
 (10) الأعراف 7: 9.
 (11) السجدة 32: 11.
 (12) الزمر 39: 42.
 (13) النحل 16: 32.

826
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

لِنَفْسِهِ، وَ مَرَّةً لِمَلَكِ الْمَوْتِ، وَ مَرَّةً لِلْمَلَائِكَةِ، وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ «1»، وَ يَقُولُ: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ «2» وَ أَعْلَمَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ لَا تُكَفَّرُ، وَ أَعْلَمَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ وَ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ لَا تَنْفَعُ إِلَّا بَعْدَ الِاهْتِدَاءِ.
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا «3» فَكَيْفَ يَسْأَلُ الْحَيُّ الْأَمْوَاتَ قَبْلَ الْبَعْثِ وَ النُّشُورِ؟
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا «4» فَمَا هَذِهِ الْأَمَانَةُ، وَ مَنْ هَذَا الْإِنْسَانُ، وَ لَيْسَ مِنْ صِفَةِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ التَّلْبِيسُ عَلَى عِبَادِهِ؟
وَ أَجِدُهُ قَدْ شَهَرَ هَفَوَاتِ أَنْبِيَائِهِ بِقَوْلِهِ: وَ عَصى‏ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى‏ «5»، وَ بِتَكْذِيبِهِ نُوحاً لَمَّا قَالَ: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي «6»، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ «7»، وَ بِوَصْفِهِ إِبْرَاهِيمَ بِأَنَّهُ عَبَدَ كَوْكَباً مَرَّةً، وَ مَرَّةً قَمَراً، وَ مَرَّةً شَمْساً، وَ بِقَوْلِهِ فِي يُوسُفَ: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ «8» وَ بِتَهْجِينِهِ مُوسَى حَيْثُ قَالَ:
رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي «9» الْآيَةَ، وَ بِبَعْثِهِ عَلَى دَاوُدَ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ حَيْثُ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ، وَ بِحَبْسِهِ يُونُسَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ حَيْثُ ذَهَبَ مُغَاضِباً مُذْنِباً، وَ أَظْهَرَ خَطَأَ الْأَنْبِيَاءِ وَ زَلَلَهُمْ، وَ وَارَى اسْمَ مَنِ اغْتَرَّ وَ فَتَنَ خَلْقَهُ وَ ضَلَّ وَ أَضَلَّ، وَ كَنَّى عَنْ أَسْمَائِهِمْ فِي قَوْلِهِ: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى‏ يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يا وَيْلَتى‏ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي «10» فَمَنْ هَذَا الظَّالِمُ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ مِنْ اسْمِهِ مَا ذَكَرَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ؟
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «11» وَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ «12»، وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى«13» فَمَرَّةً يَجِيئُهُمْ، وَ مَرَّةً يَجِيئُونَهُ.
__________________________________________________
 (1) الأنبياء 21: 94.
 (2) طه 20: 82.
 (3) الزخرف 43: 45.
 (4) الأحزاب 33: 72.
 (5) طه 20: 121.
 (6) هود 11: 45.
 (7) هود 11: 46.
 (8) يوسف 12: 24.
 (9) الأعراف 7: 143.
 (10) الفرقان 25: 27- 29.
 (11) الفجر 89: 22.
 (12) الأنعام 6: 158.
 (13) الأنعام 6: 94.

827
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

وَ أَجِدُهُ يُخْبِرُ أَنَّهُ يَتْلُو نَبِيَّهُ شَاهِدٌ مِنْهُ، كَأَنَّ الَّذِي تَلَاهُ عَبَدَ الْأَصْنَامَ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ. وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ «1»، فَمَا هَذَا النَّعِيمُ الَّذِي يَسْأَلُ الْعِبَادَ عَنْهُ؟ وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ «2» مَا هَذِهِ الْبَقِيَّةُ؟
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «3» وَ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «4» وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «5» وَ وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «6» وَ وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ «7» مَا مَعْنَى الْجَنْبِ وَ الْوَجْهِ وَ الْيَمِينِ وَ الشِّمَالِ؟ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مُلْتَبَسٌ جِدّاً.
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ «8» وَ يَقُولُ: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ «9» وَ وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ «10» وَ وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «11» وَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ «12» وَ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ «13» الْآيَةَ.
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى‏ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ «14»، وَ لَيْسَ يُشْبِهُ الْقِسْطُ فِي الْيَتَامَى نِكَاحَ النِّسَاءِ، وَ لَا كُلُّ النِّسَاءِ أَيْتَامٌ، فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ؟
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «15»، فَكَيْفَ يَظْلِمُ اللَّهُ، وَ مَنْ هَؤُلَاءِ الظَّلَمَةُ؟
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ «16» فَمَا هَذِهِ الْوَاحِدَةُ؟
وَ أَجِدُهُ يَقُولُ: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ «17»، وَ قَدْ أَرَى مُخَالِفِي الْإِسْلَامِ مُعْتَكِفِينَ عَلَى بَاطِلِهِمْ‏
__________________________________________________
 (1) التكاثر 102/ 8.
 (2) هود 11: 86.
 (3) الزمر 39: 56.
 (4) البقرة 2: 115.
 (5) القصص 28: 88.
 (6) الواقعة 56: 27.
 (7) الواقعة 56: 41.
 (8) طه 20: 5.
 (9) الملك 67: 16.
 (10) الزخرف 43: 84.
 (11) الحديد 57: 4.
 (12) سورة ق 50: 16.
 (13) المجادلة 58: 7.
 (14) النساء 4: 3.
 (15) الأعراف 7: 160.
 (16) سبأ 34: 46.
 (17) الأنبياء 21: 107.

828
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

غَيْرِ مُقْلِعِينَ عَنْهُ، وَ أَرَى غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ مُخْتَلِفِينَ فِي مَذَاهِبِهِمْ يَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَأَيُّ مَوْضِعٍ لِلرَّحْمَةِ الْعَامَّةِ لَهُمْ، الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِمْ؟
وَ أَجِدُهُ قَدْ بَيَّنَ فَضْلَ نَبِيِّهِ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ خَاطَبَهُ فِي أَضْعَافِ مَا أَثْنَى عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ مِنَ الْإِزْرَاءِ عَلَيْهِ وَ انْخِفَاضِ مَحَلِّهِ، وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ تَهْجِينِهِ وَ تَأْنِيبِهِ مَا لَمْ يُخَاطِبْ بِهِ أَحَداً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، مِثْلُ قَوْلِهِ: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى‏ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ «1» وَ قَوْلُهُ: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا* إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً «2»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ «3»، وَ قَوْلُهُ: وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ «4»، وَ قَالَ: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ «5»، وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «6» فَإِذَا كَانَتِ الْأَشْيَاءُ تُحْصَى فِي الْإِمَامِ الْمُبِينِ وَ هُوَ وَصِيُّ النَّبِيِّ، فَالنَّبِيُّ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَعِيداً مِنَ الصِّفَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا: وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ وَ هَذِهِ كُلُّهَا صِفَاتُ مُخْتَلِفَةٌ، وَ أَحْوَالٌ مُتَنَاقِضَةٌ، وَ أُمُورٌ مُشْكِلَةٌ، فَإِنْ يَكُنِ الرَّسُولُ وَ الْكِتَابُ حَقّاً، فَقَدْ هَلَكْتُ لِشَكِّي «7» فِي ذَلِكَ، وَ إِنْ كَانَا بَاطِلَيْنِ فَمَا عَلَيَّ مِنْ بَأْسٍ! فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ، تَبَارَكَ وَ تَعَالَى هُوَ الْحَيُّ الدَّائِمُ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، هَاتِ أَيْضاً مَا شَكَكْتَ فِيهِ؟». قَالَ: حَسْبِي مَا ذَكَرْتَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ، وَ مَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ، وَ عَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «8»، وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ «9» وَ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا «10» وَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ «11» وَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «12» فَهُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَ فِعْلُ رُسُلِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ فِعْلُهُ، لِأَنَّهُمْ بِأَمْرِهِ‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام 6: 35.
 (2) الإسراء 17: 74، 75.
 (3) الأحزاب 33: 37.
 (4) الأحقاف 46: 9.
 (5) الأنعام 6: 38.
 (6) يس 36: 12.
 (7) في «ج، ي»: بشكي.
 (8) الزمر 39: 42.
 (9) السجدة 32: 11.
 (10) الأنعام 6: 61.
 (11) النحل 16: 32.
 (12) النحل 16: 28.

829
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

يَعْمَلُونَ، فَاصْطَفَى جَلَّ ذِكْرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَ سَفَرَةً بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ، وَ هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ «1»، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ، تَوَلَّتْ قَبْضَ رُوحِهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ تَوَلَّتْ قَبْضَ رُوحِهِ مَلَائِكَةُ النَّقِمَةِ، وَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَانٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ وَ النَّقِمَةِ، يَصْدُرُونَ عَنْ أَمْرِهِ، وَ فِعْلُهُمْ فِعْلُهُ، وَ كُلُّ مَا يَأْتُونَ بِهِ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، وَ إِذَا كَانَ فِعْلُهُمْ فِعْلَ مَلَكِ الْمَوْتِ، فَفِعْلُ مَلَكِ الْمَوْتِ فِعْلُ اللَّهِ، لِأَنَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ عَلَى يَدِ مَنْ يَشَاءُ، وَ يُعْطِي وَ يَمْنَعُ، وَ يُثِيبُ وَ يُعَاقِبُ عَلَى يَدِ مَنْ يَشَاءُ، وَ إِنَّ فِعْلَ أُمَنَائِهِ فِعْلُهُ كَمَا قَالَ: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «2».
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ «3»، وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ «4»، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يُغْنِي إِلَّا مَعَ الِاهْتِدَاءِ، وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِيمَانِ كَانَ حَقِيقاً بِالنَّجَاةِ مِمَّا هَلَكَ بِهِ الْغُوَاةُ، وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَنَجَتِ الْيَهُودُ مَعَ اعْتِرَافِهَا بِالتَّوْحِيدِ وَ إِقْرَارِهَا بِاللَّهِ، وَ نَجَا سَائِرُ الْمُقِرِّينَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، مِنْ إِبْلِيسَ فَمَنْ دُونَهُ فِي الْكُفْرِ، وَ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ «5»، وَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «6».
وَ لِلْإِيمَانِ حَالاتٌ وَ مَنَازِلُ يَطُولُ شَرْحُهَا، وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إِيمَانٍ بِالْقَلْبِ، وَ إِيمَانٍ بِاللِّسَانِ، كَمَا كَانَ إِيمَانُ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا قَهَرَهُمُ بِالسَّيْفِ وَ شَمِلَهُمُ الْخَوْفُ، فَإِنَّهُمْ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ، فَالْإِيمَانُ بِالْقَلْبِ هُوَ التَّسْلِيمُ لِلرَّبِّ، وَ مَنْ سَلَّمَ الْأُمُورَ لِمَالِكِهَا لَمْ يَسْتَكْبِرْ عَنْ أَمْرِهِ، كَمَا اسْتَكْبَرَ إِبْلِيسُ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ، وَ اسْتَكْبَرَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ عَنْ طَاعَةِ أَنْبِيَائِهِمْ، فَلَمْ يَنْفَعْهُمُ التَّوْحِيدُ كَمَا لَمْ يَنْفَعْ إِبْلِيسَ ذَلِكَ السُّجُودُ الطَّوِيلُ، فَإِنَّهُ سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً أَرْبَعَةَ آلَافِ عَامٍ، لَمْ يُرِدْ بِهَا غَيْرَ زُخْرُفِ الدُّنْيَا وَ التَّمْكِينِ مِنَ النَّظِرَةِ، فَلِذَلِكَ لَا تَنْفَعُ الصَّلَاةُ وَ الصَّدَقَةُ إِلَّا مَعَ الِاهْتِدَاءِ إِلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ وَ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَ قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عُذْرَ عِبَادِهِ بِتَبْيِينِ آيَاتِهِ وَ إِرْسَالِ رُسُلِهِ، لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ، وَ لَمْ يُخْلِ أَرْضَهُ مِنْ عَالِمٍ بِمَا يَحْتَاجُ الْخَلِيقَةُ إِلَيْهِ، وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، أُولَئِكَ هُمُ الْأَقَلُّونَ عَدَداً.
وَ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَ جَعَلَهُمْ مَثَلًا لِمَنْ تَأَخَّرَ، مِثْلَ قَوْلِهِ فِي قَوْمِ نُوحٍ:
__________________________________________________
 (1) الحجّ 22: 75.
 (2) الإنسان 76: 30.
 (3) الأنبياء 21: 94.
 (4) طه 20: 82.
 (5) الأنعام 6: 82.
 (6) المائدة 5: 41.

830
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «1»، وَ قَوْلُهُ فِيمَنْ آمَنَ مِنْ امَّةِ مُوسَى: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى‏ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ «2»، وَ قَوْلُهُ فِي حَوَارِيِّ عِيسَى، حَيْثُ قَالَ لِسَائِرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ «3» يَعْنِي بِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ فَضْلَهُمْ، وَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، فَمَا أَجَابَهُ مِنْهُمْ إِلَّا الْحَوَارِيُّونَ، وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِلْعِلْمِ أَهْلًا وَ فَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ طَاعَتَهُمْ بِقَوْلِهِ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «4» وَ بِقَوْلِهِ: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «5»، وَ بِقَوْلِهِ: اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ «6»، وَ بِقَوْلِهِ: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «7»، وَ بِقَوْلِهِ: وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «8»، وَ الْبُيُوتُ هِيَ بُيُوتُ الْعِلْمِ الَّذِي اسْتُودِعَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ، وَ أَبْوَابُهَا أَوْصِيَاؤُهُمْ.
فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ فَجَرَى عَلَى غَيْرِ أَيْدِي أَهْلِ الِاصْطِفَاءِ وَ عُهُودِهِمْ وَ حُدُودِهِمْ وَ شَرَائِعِهِمْ وَ سُنَنِهِمْ وَ مَعَالِمِ دِينِهِمْ، مَرْدُودٌ وَ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَ أَهْلُهُ بِمَحَلِّ كُفْرٍ وَ إِنْ شَمِلَتْهُمْ صِفَةُ الْإِيمَانِ، أَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى‏ وَ لا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ «9»؟ وَ مَاتُوا وَ هُمْ كَافِرُونَ، فَمَنْ لَمْ يَهْتَدِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ إِلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ لَمْ يُغْنِ عَنْهُ إِيمَانُهُ بِاللَّهِ مَعَ دَفْعِهِ حَقَّ أَوْلِيَائِهِ، وَ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا «10» وَ هَذَا كَثِيرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْهِدَايَةُ هِيَ الْوَلَايَةُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «11»، وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، هُمُ الْمُؤْتَمَنُونَ عَلَى الْخَلَائِقِ مِنَ الْحُجَجِ وَ الْأَوْصِيَاءِ فِي عَصْرٍ بَعْدَ عَصْرٍ، وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ أَيْضاً مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِالشَّهَادَتَيْنِ كَانَ مُؤْمِناً، إِنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ يَدْفَعُونَ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَا عَهِدَ بِهِ مِنْ دِينِ اللَّهِ وَ عَزَائِمِهِ وَ بَرَاهِينِ نُبُوَّتِهِ إِلَى وَصِيِّهِ، وَ يُضْمِرُونَ مِنَ الْكَرَاهَةِ لَهُ، وَ النَّقْضِ لِمَا أَبْرَمَهُ مِنْهُ، عِنْدَ إِمْكَانِ الْأَمْرِ لَهُمْ، فِيمَا قَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ بِقَوْلِهِ: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ
__________________________________________________
 (1) هود 11: 40.
 (2) الأعراف 7: 159.
 (3) آل عمران 3: 52.
 (4) النساء 4: 59.
 (5) النساء 4: 83.
 (6) التوبة 9: 119.
 (7) آل عمران 3: 7.
 (8) البقرة 2: 189.
 (9) التوبة 9: 54.
 (10) غافر 40: 85.
 (11) المائدة 5: 56.

831
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «1»، وَ بِقَوْلِهِ: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ «2»، وَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ «3»، أَيْ لَتَسْلُكُنَّ سَبِيلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ فِي الْغَدْرِ بِالْأَوْصِيَاءِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ هَذَا كَثِيرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قَدْ شَقَّ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ، وَ اطِّلَاعُ اللَّهِ إِيَّاهُ عَلَى بَوَارِهِمْ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ «4» وَ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «5».
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا «6» فَهَذَا مِنْ بَرَاهِينِ نَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الَّتِي آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا وَ أَوْجَبَ بِهِ الْحُجَّةَ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا خَتَمَ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَ جَعَلَهُ اللَّهُ رَسُولًا إِلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ وَ سَائِرِ الْمِلَلِ، خَصَّهُ اللَّهُ بِالارْتِقَاءِ إِلَى السَّمَاءِ عِنْدَ الْمِعْرَاجِ، وَ جَمَعَ لَهُ يَوْمَئِذٍ الْأَنْبِيَاءَ، فَعَلِمَ مِنْهُمْ مَا أُرْسِلُوا بِهِ وَ حَمَلُوهُ مِنْ عَزَائِمِ اللَّهِ وَ آيَاتِهِ وَ بَرَاهِينِهِ، وَ أَقَرُّوا أَجْمَعُونَ بِفَضْلِهِ وَ فَضْلِ الْأَوْصِيَاءِ وَ الْحُجَجِ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ فَضْلِ شِيعَةِ وَصِيِّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ الَّذِينَ سَلَّمُوا لِأَهْلِ الْفَضْلِ فَضْلَهُمْ وَ لَمْ يَسْتَكْبِرُوا عَنْ أَمْرِهِمْ، وَ عَرَّفَ مَنْ أَطَاعَهُمْ وَ عَصَاهُمْ مِنْ أُمَمِهِمْ وَ سَائِرِ مَنْ مَضَى وَ مَنْ غَبَرَ أَوْ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ.
وَ أَمَّا هَفَوَاتُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ مَا بَيَّنَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَ وُقُوعُ الْكِنَايَةُ عَنْ أَسْمَاءِ مَنْ اجْتَرَمَ أَعْظَمَ مِمَّا اجْتَرَمَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ مِمَّنْ شَهِدَ الْكِتَابُ بِظُلْمِهِمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى حِكْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَاهِرَةِ وَ قُدْرَتِهِ الْقَاهِرَةِ وَ عِزَّتِهِ الظَّاهِرَةِ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ بَرَاهِينَ الْأَنْبِيَاءِ تَكْبُرُ فِي صُدُورِ أُمَمِهِمْ، وَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَتَّخِذُ بَعْضَهُمْ إِلَهاً، كَالَّذِي كَانَ مِنَ النَّصَارَى فِي ابْنِ مَرْيَمَ، فَذَكَرَهَا دَلَالَةً عَلَى تَخَلُّفِهِمْ عَنِ الْكَمَالِ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ عَزَّ وَ جَلَّ، أَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ فِي صِفَةِ عِيسَى حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَ فِي أُمِّهِ: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ «7»؟ يَعْنِي إِنَّ مَنْ أَكَلَ الطَّعَامَ كَانَ لَهُ ثُفْلٌ، وَ مَنْ كَانَ لَهُ ثُقْلٌ فَهُوَ بَعِيدٌ مِمَّا ادَّعَتْهُ النَّصَارَى لِابْنِ مَرْيَمَ.
وَ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ تَجَبُّراً وَ تَعَزُّزاً، بَلْ تَعْرِيفاً لِأَهْلِ الِاسْتِبْصَارِ، أَنَّ الْكِنَايَةَ عَنْ أَسْمَاءِ أَصْحَابِ الْجَرَائِرِ الْعَظِيمَةِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي الْقُرْآنِ لَيْسَتْ مِنَ فِعْلِهِ تَعَالَى، وَ أَنَّهَا مِنْ فِعْلِ الْمُغَيِّرِينَ وَ الْمُبَدِّلِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ، وَ اعْتَاضُوا الدُّنْيَا مِنَ الدِّينِ.
وَ قَدْ بَيَّنَ اللَّهِ تَعَالَى قِصَصَ الْمُغَيِّرِينَ بِقَوْلِهِ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ
__________________________________________________
 (1) النساء 4: 65.
 (2) آل عمران 3: 144.
 (3) الإنشقاق 84: 19.
 (4) فاطر 35: 8.
 (5) المائدة 5: 68.
 (6) الزخرف 43: 45.
 (7) المائدة 5: 75.

832
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا «1»، وَ بِقَوْلِهِ: وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ «2»، وَ بِقَوْلِهِ: إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى‏ مِنَ الْقَوْلِ «3» بَعْدَ فَقْدِ الرَّسُولِ مَا يُقِيمُونَ بِهِ أَوَدَ بَاطِلِهِمْ حَسَبَ مَا فَعَلَتْهُ الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى بَعْدَ فَقْدِ مُوسَى وَ عِيسَى مِنْ تَعْيِيرِ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ، وَ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَ بِقَوْلِهِ: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ «4»، يَعْنِي أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا فِي الْكِتَابِ مَا لَمْ يَقُلْهُ اللَّهُ لِيَلْبِسُوا عَلَى الْخَلِيفَةِ، فَأَعْمَى اللَّهُ قُلُوبَهُمْ حَتَّى تَرَكُوا فِيهِ مَا دَلَّ عَلَى مَا أَحْدَثُوا فِيهِ وَ حَرَّفُوا مِنْهُ «5»، وَ بَيَّنَ عَنْ إِفْكِهِمْ وَ تَلْبِيسِهِمْ وَ كِتْمَانِ مَا عَلِمُوهُ مِنْهُ، وَ لِذَلِكَ قَالَ لَهُمْ: لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ «6»، وَ ضَرَبَ مَثَلَهُمْ بِقَوْلِهِ: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ «7»، فَالزَّبَدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَلَامُ الْمُلْحِدِينَ الَّذِينَ أَثْبَتُوهُ فِي الْقُرْآنِ، فَهُوَ يَضْمَحِلُّ وَ يَبْطُلُ وَ يَتَلَاشَى عِنْدَ التَّحْصِيلِ، وَ الَّذِي يَنْفَعُ النَّاسَ فَالتَّنْزِيلُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ، وَ الْقُلُوبُ تَقْبَلُهُ، وَ الْأَرْضُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هِيَ مَحَلُّ الْعِلْمِ وَ قَرَارُهُ.
وَ لَيْسَ يَسُوغُ مَعَ «8» عُمُومِ التَّقِيَّةِ التَّصْرِيحُ بِأَسْمَاءِ الْمُبَدِّلِينَ، وَ لَا الزِّيَادَةُ فِي آيَاتِهِ عَلَى مَا أَثْبَتُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِمْ فِي الْكِتَابِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَقْوِيَةِ حُجَجِ أَهْلِ التَّعْطِيلِ وَ الْكُفْرِ وَ الْمِلَلِ الْمُنْحَرِفَةِ عَنْ قِبْلَتِنَا وَ إِبْطَالِ هَذَا الْعِلْمِ الظَّاهِرِ الَّذِي قَدْ اسْتَكَانَ لَهُ الْمُوَافِقُ وَ الْمُخَالِفُ بِوُقُوعِ الِاصْطِلَاحِ عَلَى الِائْتِمَارِ لَهُمْ وَ الرِّضَا بِهِمْ، وَ لِأَنَّ أَهْلَ الْبَاطِلِ فِي الْقَدِيمِ وَ الْحَدِيثِ أَكْثَرُ عَدَداً مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ، وَ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ مَفْرُوضٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ «9»، وَ إِيجَابُهُ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ أَهْلِ طَاعَتِهِ بِقَوْلِهِ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ «10»، فَحَسْبُكَ مِنَ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا سَمِعْتَ، فَإِنَّ شَرِيعَةَ التَّقِيَّةِ تَحْظُرُ التَّصْرِيحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «11»، وَ قَوْلُهُ: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى«12»، وَ قَوْلُهُ:
__________________________________________________
 (1) البقرة 2: 79.
 (2) آل عمران 3: 78.
 (3) النساء 4: 108.
 (4) التوبة 9: 32.
 (5) في «ط»: فيه.
 (6) آل عمران 3: 71.
 (7) الرعد 13: 17.
 (8) في «ج»: من، و في «ي»: عن.
 (9) الأحقاف 46: 35.
 (10) الأحزاب 33: 21.
 (11) الفجر 89: 22.
 (12) الأنعام 6: 94.

833
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ «1» فَذَلِكَ كُلُّهُ حَقٌّ، وَ لَيْسَ مَجِيئُهُ «2» جَلَّ ذِكْرُهُ كَمَجِيْ‏ءِ «3» خَلْقِهِ، فَإِنَّهُ رَبُّ [كُلِ‏] شَيْ‏ءٍ، وَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا يَكُونُ تَأْوِيلُهُ عَلَى غَيْرِ تَنْزِيلِهِ، وَ لَا يُشْبِهُ تَأْوِيلُهُ كَلَامَ الْبَشَرِ وَ لَا فِعْلَ الْبَشَرِ، وَ سَأُنَبِّئُكَ بِمِثَالٍ لِذَلِكَ تَكْتَفِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَ هُوَ حِكَايَةٌ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَيْثُ قَالَ: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ «4»، فَذَهَابُهُ إِلَى رَبِّهِ تَوَجُّهُهُ إِلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِ وَ اجْتِهَادِهِ، أَ لَا تَرَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ غَيْرُ تَنْزِيلِهِ! وَ قَالَ: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ «5»، وَ قَالَ:
وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ «6»، فَإِنْزَالُهُ ذَلِكَ خَلْقُهُ إِيَّاهُ، وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ «7»، أَيْ الْجَاحِدِينَ. فَالتَّأْوِيلُ فِي هَذَا الْقَوْلِ بَاطِنُهُ مُضَادٌ لِظَاهِرِهِ.
وَ مَعْنَى قَوْلِهِ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ، فَإِنَّمَا خَاطَبَ نَبِيَّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): هَلْ يَنْتَظِرُ الْمُنَافِقُونَ وَ الْمُشْرِكُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلَائِكَةُ فَيُعَايِنُوهُمْ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَعْنِي بِذَلِكَ أَمْرَ رَبِّكَ، وَ الْآيَاتُ هِيَ الْعَذَابُ فِي دَارِ الدُّنْيَا كَمَا عَذَّبَ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ وَ الْقُرُونَ الْخَالِيَةَ، وَ قَالَ: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها «8»، يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يَهْلِكُ مِنَ الْقُرُونِ، فَسَمَّاهُ إِتْيَاناً، وَ قَالَ: قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ «9»، أَيْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، فَسَمَّى اللَّعْنَةَ قِتَالًا، وَ كَذَلِكَ قَالَ:
قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ «10»، أَيْ لُعِنَ الْإِنْسَانُ، وَ قَالَ: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى‏ «11»، فَسَمَّى فِعْلَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِعْلًا لَهُ، أَ لَا تَرَى تَأْوِيلَهُ عَلَى غَيْرِ تَنْزِيلِهِ! وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «12»، فَسَمَّى الْبَعْثَ لِقَاءً وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ «13»، أَيْ يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ، وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ: أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ «14»، يَعْنِي أَ لَيْسَ يُوقِنُونَ‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام 6: 158.
 (2) في المصدر: و ليست جيئته.
 (3) في المصدر: كجيئة.
 (4) الصافّات 37: 99.
 (5) الزمر 39: 6.
 (6) الحديد 57: 25.
 (7) الزخرف 43: 81.
 (8) الرعد 13: 41.
 (9) التوبة 9: 30.
 (10) عبس 80: 17.
 (11) الأنفال 8: 17.
 (12) السجدة 32: 10.
 (13) البقرة 2: 46.
 (14) المطففين 83: 4، 5.

834
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ؟ وَ اللِّقَاءُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِ الْبَعْثُ وَ عِنْدَ الْكَافِرِ الْمُعَايَنَةُ وَ النَّظَرُ، وَ قَدْ يَكُونُ بَعْضُ ظَنِّ الْكَافِرِ يَقِيناً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «1».
وَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمُنَافِقِينَ: وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا «2»، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِيَقِينٍ وَ لَكِنَّهُ شَكٌّ، فَاللَّفْظُ وَاحِدٌ فِي الظَّاهِرِ وَ مُخَالِفٌ فِي الْبَاطِنِ، وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ «3»، يَعْنِي اسْتَوَى تَدْبِيرُهُ وَ عَلَا أَمْرُهُ.
وَ قَوْلُهُ: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ «4»، وَ قَوْلُهُ: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «5»، وَ قَوْلُهُ: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ «6»، فَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ اسْتِيلَاءَ أُمَنَائِهِ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي رَكَّبَهَا فِيهِمْ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَ أَنَّ فِعْلَهُمْ فِعْلُهُ، فَافْهَمْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ، فَإِنِّي إِنَّمَا أَزِيدُكَ فِي الشَّرْحِ لِأُثْلِجَ صَدْرَكَ وَ صَدْرَ مَنْ لَعَلَّهُ بَعْدَ الْيَوْمِ يَشُكُّ فِي مِثْلِ مَا شَكَكْتَ فِيهِ، فَلَا يَجِدُ مُجِيباً عَمَّا يَسْأَلُ عَنْهُ لِعُمُومِ الطُّغْيَانِ وَ الِافْتِتَانِ وَ اضْطِرَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْكِتَابِ إِلَى الِاكْتِتَامِ وَ الِاحْتِجَابِ خِيفَةَ أَهْلِ الظُّلْمِ وَ الْبَغْيِ.
أَمَا إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ الْحَقُّ فِيهِ مَسْتُوراً، وَ الْبَاطِلُ ظَاهِراً مَشْهُوراً، وَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِمْ أَعْدَاهُمْ لَهُ، وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ، وَ عَظُمَ الْإِلْحَادُ، وَ ظَهَرَ الْفَسَادُ، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيداً، وَ نَحَلَهُمْ الْكُفَّارُ أَسْمَاءَ الْأَشْرَارِ، فَيَكُونُ جَهْدُ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْفَظَ مُهْجَتَهُ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ، ثُمَّ يُتِيحُ اللَّهُ الْفَرَجَ لِأَوْلِيَائِهِ، وَ يُظْهِرُ صَاحِبَ الْأَمْرِ عَلَى أَعْدَائِهِ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «7»، فَذَلِكَ حُجَّةٌ اللَّهِ أَقَامَهَا عَلَى خَلْقِهِ، وَ عَرَّفَهُمْ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَجْلِسَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَّا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَ [لَا] يَتْلُوهُ إِلَّا مَنْ يَكُونُ فِي الطَّهَارَةِ مِثْلَهُ مَنْزِلَةً، لِئَلَّا يَتَّسِعَ لِمَنْ مَاسَّهُ رِجْسُ الْكُفْرِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ انْتِحَالُ الِاسْتِحْقَاقِ لِمَقَامِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لِيَضِيقَ الْعُذْرُ عَلَى مَنْ يُعِينُهُ عَلَى إِثْمِهِ وَ ظُلْمِهِ، إِذْ كَانَ اللَّهُ قَدْ حَظَرَ عَلَى مَنْ مَاسَّهُ الْكُفْرُ تَقَلُّدَ مَا فَوَّضَهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ بِقَوْلِهِ لِإِبْرَاهِيمَ:
لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «8» أَيْ الْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّهُ سَمَّى الظُّلْمَ شِرْكاً بِقَوْلِهِ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ «9»، فَلِمَا عَلِمَ إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّ عَهْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اسْمُهُ بِالْإِمَامَةِ لَا يَنَالُ عَبَدَةَ الْأَصْنَامِ، قَالَ:
__________________________________________________
 (1) الكهف 18: 53.
 (2) الأحزاب 33: 10.
 (3) طه 20: 5.
 (4) الزخرف 43: 84.
 (5) الحديد 57: 4.
 (6) المجادلة 58: 7.
 (7) هود 11: 17.
 (8) البقرة 2: 124.
 (9) لقمان 31: 13.

835
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «1».
وَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ آثَرَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى الصَّادِقِينَ، وَ الْكَافِرَ عَلَى الْأَبْرَارِ، فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً، إِذْ كَانَ قَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُحِقِّ وَ الْمُبْطِلِ، وَ الطَّاهِرِ وَ النَّجِسِ، وَ الْمُؤْمِنِ وَ الْكَافِرِ، وَ أَنَّهُ لَا يَتْلُو النَّبِيَّ عِنْدَ فَقْدِهِ إِلَّا مَنْ حَلَّ مَحَلَّهُ صِدْقاً وَ عَدْلًا وَ طَهَارَةً وَ فَضْلًا.
أَمَّا الْأَمَانَةُ الَّتِي ذَكَرْتَهَا فَهِيَ الْأَمَانَةُ الَّتِي لَا تَجِبُ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إِلَّا فِي الْأَنْبِيَاءِ وَ أَوْصِيَائِهِمْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ائْتَمَنَهُمْ عَلَى خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُمْ حُجَجاً فِي أَرْضِهِ، فَبِالسَّامِرِيِّ وَ مَنِ اجْتَمَعَ مَعَهُ وَ أَعَانَهُ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ عِنْدَ غَيْبَةِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا تَمَّ انْتِحَالُ مَحَلِّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الطَّغَامِ، وَ الِاحْتِمَالِ لِتِلْكَ الْأَمَانَةِ الَّتِي لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِطَاهِرٍ مِنَ الرِّجْسِ، فَاحْتَمَلَ وِزْرَهَا وَ وِزْرَ مَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ مِنَ الظَّالِمِينَ وَ أَعْوَانِهِمْ، وَ لِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنِ اسْتَنَّ سُنَّةَ حَقٍّ كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ مَنِ اسْتَنَّ سُنَّةَ بَاطِلٍ كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ لِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) شَاهِدٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ [وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ‏] عَزَّ وَ جَلَّ فِي قِصَّةِ قَابِيلَ قَاتِلِ أَخِيهِ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً «2»، وَ الْإِحْيَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَأْوِيلٌ فِي الْبَاطِنِ لَيْسَ كَظَاهِرِهِ، وَ هُوَ مَنْ هَدَاهَا، لِأَنَّ الْهِدَايَةَ هِيَ حَيَاةُ الْأَبَدِ، وَ مَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ حَيّاً لَمْ يَمُتْ أَبَداً، إِنَّمَا يَنْقُلُهُ مِنْ دَارِ مِحْنَةٍ إِلَى دَارِ رَاحَةٍ وَ مِنْحَةٍ.
وَ أَمَّا مَا كَانَ مِنَ الْخِطَابِ بِالانْفِرَادِ مَرَّةً وَ بِالْجَمْعِ مَرَّةً مِنْ صِفَةِ الْبَارِي جَلَّ ذِكْرُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اسْمُهُ عَلَى مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ بِالانْفِرَادِ وَ الْوَحْدَانِيَّةِ، هُوَ النُّورُ الْأَزَلِيُّ الْقَدِيمُ، الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ، لَا يَتَغَيَّرُ، وَ يَحْكُمُ مَا يَشَاءُ، وَ يَخْتَارُ، وَ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَ لَا رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَ لَا مَا خَلَقَ زَادَ فِي مُلْكِهِ وَ عِزِّهِ، وَ لَا نَقَصَ مِنْهُ مَا لَمْ يَخْلُقْهُ، وَ إِنَّمَا أَرَادَ بِالْخَلْقِ إِظْهَارَ قُدْرَتِهِ، وَ إِبْدَاءَ سُلْطَانِهِ، وَ تَبْيِينَ بَرَاهِينِ حِكْمَتِهِ، فَخَلَقَ مَا شَاءَ كَمَا شَاءَ، وَ أَجْرَى فِعْلَ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَيْدِي مَنِ اصْطَفَى مِنْ أُمَنَائِهِ، فَكَانَ فِعْلُهُمْ فِعْلَهُ، وَ أَمْرُهُمْ أَمْرَهُ، كَمَا قَالَ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «3».
وَ جَعَلَ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وِعَاءً لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، لِيَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، مَعَ سَابِقِ عِلْمِهِ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنْ أَهْلِهَا، وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِأَوْلِيَائِهِ وَ أُمَنَائِهِ، وَ عَرَّفَ الْخَلِيقَةَ «4» فَضْلَ مَنْزِلَةِ أَوْلِيَائِهِ «5»، وَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَتِهِمْ مِثْلَ الَّذِي فَرَضَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ، وَ أَلْزَمَهُمْ الْحُجَّةَ بِأَنَّ خَاطَبَهُمْ خِطَاباً يَدُلُّ عَلَى انْفِرَادِهِ وَ تَوَحُّدِهِ، وَ بِأَنَّ لَهُ أَوْلِيَاءَ تَجْرِي أَفْعَالُهُمْ وَ أَحْكَامُهُمْ مَجْرَى فِعْلِهِ، فَهُمُ الْعِبَادُ الْمُكْرَمُونَ، الَّذِينَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، هُمْ الَّذِينَ‏
__________________________________________________
 (1) إبراهيم 14: 35.
 (2) المائدة 5: 32.
 (3) النساء 4: 80.
 (4) في «ج، ي»: الخلق.
 (5) زاد في «ي»: و أمنائه.

836
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَ عَرَّفَ الْخَلْقَ اقْتِدَارَهُمْ عَلَى عِلْمِ الْغَيْبِ بِقَوْلِهِ: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ «1»، وَ هُمُ النَّعِيمُ الَّذِي يُسْأَلُ الْعِبَادُ عَنْهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْعَمَ بِهِمْ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ».
قَالَ السَّائِلُ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْحُجَجُ؟ قَالَ: «هُمْ رَسُولُ اللَّهِ، وَ مَنْ أَحَلَّهُ مَحَلَّهُ مِنْ أَصْفِيَاءِ اللَّهِ الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ بِرَسُولِهِ، وَ فَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ طَاعَتِهِمْ مِثْلَ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِنَفْسِهِ، وَ هُمْ وُلَاةُ الْأَمْرِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2»، وَ قَالَ فِيهِمْ: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «3»».
قَالَ السَّائِلُ: مَا ذَاكَ الْأَمْرُ؟ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «الَّذِي بِهِ تَنْزِلُ الْمَلَائِكَةُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، مِنْ خَلْقٍ وَ رِزْقٍ، وَ أَجَلٍ وَ عَمَلٍ «4»، وَ حَيَاةٍ وَ مَوْتٍ، وَ عِلْمِ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِلَّهِ وَ أَصْفِيَائِهِ، وَ السَّفَرَةِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ، وَ هُمْ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي قَالَ: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «5»، هُمْ بَقِيَّةُ اللَّهِ، يَعْنِي الْمَهْدِيَّ يَأْتِي عِنْدَ انْقِضَاءِ هَذِهِ النَّظِرَةِ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً وَ مِنْ آيَاتِهِ: الْغَيْبَةُ وَ الِاكْتِتَامُ عِنْدَ عُمُومِ الطُّغْيَانِ، وَ حُلُولِ الِانْتِقَامِ، وَ لَوْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي عَرَّفْتُكَ نَبَّأَهُ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) دُونَ غَيْرِهِ، لَكَانَ الْخِطَابُ يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ غَيْرِ دَائِمٍ وَ لَا مُسْتَقْبِلٍ، وَ لَقَالَ: نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَ فُرِقَ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، وَ لَمْ يَقُلْ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ «6» وَ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «7»، وَ قَدْ زَادَ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي التِّبْيَانِ وَ إِثْبَاتِ الْحُجَّةِ بِقَوْلِهِ فِي أَصْفِيَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «8»، تَعْرِيفاً لِلْخَلِيقَةِ قُرْبَهُمْ، أَ لَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: فُلَانٌ إِلَى جَنْبِ فُلَانٍ، إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَصِفَ قُرْبَهُ مِنْهُ؟
وَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ هَذِهِ الرُّمُوزَ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ وَ غَيْرُ أَنْبِيَائِهِ وَ حُجَجِهِ فِي أَرْضِهِ، لِعِلْمِهِ بِمَا يُحْدِثُهُ فِي كِتَابِهِ الْمُبَدِّلُونَ مِنْ إِسْقَاطِ أَسْمَاءِ حُجَجِهِ مِنْهُ، وَ تَلْبِيسِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الْأُمَّةِ، لِيُعِينُوهُمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ، فَأَثْبَتَ فِيهِ الرُّمُوزَ، وَ أَعْمَى قُلُوبَهُمْ وَ أَبْصَارَهُمْ، لِمَا عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِهَا وَ تَرْكِ غَيْرِهَا مِنَ الْخِطَابِ الدَّالِّ عَلَى مَا أَحْدَثُوهُ فِيهِ، وَ جَعَلَ أَهْلَ الْكِتَابِ الْقَائِمِينَ «9» بِهِ وَ الْعَالِمِينَ بِظَاهِرِهِ وَ بَاطِنِهِ، مِنْ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَ فَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، أَيْ يُظْهِرُ مِثْلَ هَذَا الْعِلْمِ لِمُحْتَمِلِيهِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَ جَعَلَ أَعْدَاءَهَا أَهْلَ‏
__________________________________________________
 (1) الجن 72: 26.
 (2) النساء 4: 59.
 (3) النساء 4: 83.
 (4) زاد في المصدر: و عمر.
 (5) البقرة: 2: 115.
 (6) القدر 97: 4.
 (7) الدخان 44: 4.
 (8) الزمر 39: 56.
 (9) في المصدر، و «ط»: نسخة بدل: المقيمين.

837
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ الَّذِينَ حَاوَلُوا إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ. وَ لَوْ عَلِمَ الْمُنَافِقُونَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ تَرْكِ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي بَيَّنْتُ لَكَ تَأْوِيلَهَا، لَأَسْقَطُوهَا مَعَ مَا أَسْقَطُوا مِنْهُ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ مَاضٍ حُكْمُهُ بِإِيجَابِ الْحُجَّةِ عَلَى خَلْقِهِ كَمَا قَالَ: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ «1»، أَغْشَى أَبْصَارَهُمْ، وَ جَعَلَ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً عَنْ تَأَمُّلِ «2» ذَلِكَ، فَتَرَكُوهُ بِحَالِهِ، وَ حُجِبُوا عَنْ تَأْكِيدِهِ الْمُلْتَبَسِ «3» بِإِبْطَالِهِ، فَالسُّعَدَاءُ يَتَثَبَّتُونَ عَلَيْهِ، وَ الْأَشْقِيَاءُ يَعْمَوْنَ عَنْهُ وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ «4».
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ لِسَعَةِ رَحْمَتِهِ، وَ رَأْفَتِهِ بِخَلْقِهِ وَ عِلْمِهِ بِمَا يُحَدِّثُهُ الْمُبَدِّلُونَ مِنْ تَغْيِيرٍ كِتَابِهِ «5»، قَسَمَ كَلَامَهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: فَجَعَلَ قِسْماً يَعْرِفُهُ الْعَالِمُ وَ الْجَاهِلُ، وَ قِسْماً لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا مَنْ صَفَا ذِهْنُهُ وَ لَطُفَ حِسُّهُ، وَ صَحَّ تَمْيِيزُهُ مِمَّنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ، وَ قِسْماً لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا اللَّهُ وَ أُمَنَاؤُهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، وَ إِنَّمَا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَدَّعِيَ أَهْلُ الْبَاطِلِ مِنَ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ لَهُمْ، وَ لِيَقُودَهُمْ الِاضْطِرَارُ إِلَى الِائْتِمَارِ بِمَنْ وَلَّاهُ أَمْرَهُمْ، فَاسْتَكْبَرُوا عَنْ طَاعَتِهِ تَعَزُّزاً وَ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ اغْتِرَاراً بِكَثْرَةِ مَنْ ظَاهَرَهُمْ وَ عَاوَنَهُمْ وَ عَانَدَ اللَّهَ عَزَّ اسْمُهُ وَ رَسُولُهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَأَمَّا مَا عَلِمَهُ الْجَاهِلُ وَ الْعَالِمُ مِنْ فَضْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ، وَ قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً «6»، وَ لِهَذِهِ الْآيَةِ ظَاهِرٌ وَ بَاطِنٌ، فَالظَّاهِرُ: قَوْلُهُ: صَلُّوا عَلَيْهِ، وَ الْبَاطِنُ: قَوْلُهُ: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً أَيْ سَلِّمُوا لِمَنْ وَصَّاهُ وَ اسْتَخْلَفَهُ وَ فَضَّلَهُ عَلَيْكُمْ، وَ مَا عَهِدَ بِهِ إِلَيْهِ تَسْلِيماً، وَ هَذَا مِمَّا أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا مَنْ لَطُفَ حِسُّهُ، وَ صَفَا ذِهْنُهُ، وَ صَحَّ تَمْيِيزُهُ، وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ياسِينَ «7» لِأَنَّ اللَّهَ سَمَّى النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِهَذَا الِاسْمِ حَيْثُ قَالَ: يَس* وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «8»، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يُسْقِطُونَ قَوْلَهُ: سَلَامٌ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا أَسْقَطُوا غَيْرَهُ، وَ مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَتَأَلَّفُهُمْ وَ يُقَرِّبُهُمْ وَ يُجْلِسُهُمْ عَنْ يَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي إِبْعَادِهِمْ بِقَوْلِهِ: وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا «9»، وَ بِقَوْلِهِ:
فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ* عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ* أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ*
__________________________________________________
 (1) الأنعام 6: 149.
 (2) في «ج»: تأويل.
 (3) في «ج، ي»: تأويل الملتبس، و في «ط»: تأكيد الملبس.
 (4) النور 24: 40.
 (5) في «ي»: كلامه.
 (6) الأحزاب 33: 56.
 (7) الصافّات 37: 130.
 (8) يس 36: 1- 3.
 (9) المزّمّل 73: 10.

838
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ «1»، وَ كَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ «2»، وَ لَمْ يُسَمِّهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «3»، فَالْمُرَادُ «4» كُلُّ شَيْ‏ءٍ هَالِكٌ إِلَّا دِينَهُ، لِأَنَّ مِنَ الْمَحَالِ أَنْ يَهْلِكَ مِنْهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ يَبْقَى الْوَجْهُ، وَ هُوَ أَجَلُّ وَ أَكْرَمُ وَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَ إِنَّمَا يَهْلِكُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ، أَ لَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ:
كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ «5»؟ فَفَصَلَ بَيْنَ خَلْقِهِ وَ وَجْهِهِ.
وَ أَمَّا ظُهُورُكَ عَلَى تَنَاكُرِ «6» قَوْلِهِ: وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى‏ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ «7»، وَ لَيْسَ يُشْبِهُ الْقِسْطُ فِي الْيَتَامَى نِكَاحَ النِّسَاءِ، وَ لَا كُلُّ النِّسَاءِ أَيْتَامٌ، فَهُوَ مِمَّا قَدَّمْتُ ذِكْرَهُ مِنْ إِسْقَاطِ الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَ بَيْنَ الْقَوْلِ فِي الْيَتَامَى وَ بَيْنَ نِكَاحِ النِّسَاءِ «8» مِنَ الْخِطَابِ وَ الْقَصَصِ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْقُرْآنِ، وَ هَذَا وَ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا ظَهَرَتْ حَوَادِثُ الْمُنَافِقِينَ فِيهِ لِأَهْلِ النَّظَرِ وَ التَّأَمُّلِ، وَ وَجَدَ الْمُعَطِّلُونَ وَ أَهْلُ الْمِلَلِ الْمُخَالَفَةِ لِلْإِسْلَامِ مَسَاغاً إِلَى الْقَدْحِ فِي الْقُرْآنِ، وَ لَوْ شَرَحْتُ لَكَ كُلَّ مَا أُسْقِطَ وَ حُرِّفَ وَ بُدِّلَ مِمَّا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى لَطَالَ، فَظَهَرَ مَا تَحْظُرُ التَّقِيَّةُ إِظْهَارَهُ مِنْ مَنَاقِبِ الْأَوْلِيَاءِ وَ مَثَالِبِ الْأَعْدَاءِ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «9»، فَهُوَ تَبَارَكَ اسْمُهُ أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَظْلِمَ، وَ لَكِنَّهُ قَرَنَ أُمَنَاءَهُ عَلَى خَلْقِهِ بِنَفْسِهِ، وَ عَرَّفَ الْخَلِيقَةَ جَلَالَةَ قَدْرِهِمْ عِنْدَهُ، وَ أَنَّ ظُلْمَهُمْ ظُلْمُهُ، بِقَوْلِهِ:
وَ ما ظَلَمُونا بِبُغْضِهِمْ أَوْلِيَاءَنَا، وَ مَعُونَةِ أَعْدَائِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ إِذْ حَرَّمُوهَا الْجَنَّةَ، وَ أَوْجَبُوا عَلَيْهَا خُلُودَ النَّارِ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ «10»، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَنْزَلَ عَزَائِمَ الشَّرَائِعِ وَ آيَاتَ الْفَرَائِضِ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، كَمَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَ لَوْ شَاءَ أَنْ يَخْلُقَهَا فِي أَقَلَّ مِنْ لَمْحِ الْبَصَرِ لَخَلَقَ، وَ لَكِنَّهُ جَعَلَ الْأَنَاةَ وَ الْمُدَارَاةَ مِثَالًا «11»، لِأُمَنَائِهِ، وَ إِيجَاباً لِلْحُجَّةِ عَلَى خَلْقِهِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَيَّدَهُمْ بِهِ الْإِقْرَارَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ الرُّبُوبِيَّةِ وَ الشَّهَادَةِ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا أَقَرُّوا بِذَلِكَ تَلَاهُ بِالْإِقْرَارِ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالنُّبُوَّةِ وَ الشَّهَادَةِ لَهُ بِالرِّسَالَةِ، فَلَمَّا
__________________________________________________
 (1) المعارج 70: 36- 39.
 (2) الإسراء 17: 71.
 (3) القصص 28: 88.
 (4) في «ط» و المصدر: فانّما أنزلت.
 (5) الرحمن 55: 26، 27.
 (6) في «ج، ي»: تنافر.
 (7) النساء 4: 3.
 (8) (و لا كل النساء أيتام ... نكاح النساء) ليس في «ج، ي».
 (9) البقرة 2: 57.
 (10) سبأ 34: 46.
 (11) في «ج»: منارا، و في المصدر: أمثالا.

839
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

انْقَادُوا لِذَلِكَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةَ ثُمَّ الصَّوْمَ ثُمَّ الْحَجَّ ثُمَّ الْجِهَادَ ثُمَّ الزَّكَاةَ ثُمَّ الصَّدَقَاتِ، وَ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا مِنَ مَالِ الْفَيْ‏ءِ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: هَلْ بَقِيَ لِرَبِّكَ عَلَيْنَا بَعْدَ الَّذِي فَرَضَهُ شَيْ‏ءٌ آخَرُ يَفْتَرِضُهُ، فَتَذْكُرَهُ لِتَسْكُنَ أَنْفُسِنَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ يَعْنِي الْوَلَايَةَ، وَ أَنْزَلَ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «1»، وَ لَيْسَ بَيْنَ الْأُمَّةِ خِلَافٌ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتِ الزَّكَاةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَ هُوَ رَاكِعٌ غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَوْ ذُكِرَ اسْمُهُ فِي الْكِتَابِ لَأُسْقِطَ مَعَ مَا أُسْقِطَ مِنْ ذِكْرِهِ، وَ هَذَا وَ مَا أَشْبَهَهُ مِنَ الرُّمُوزِ الَّتِي ذَكَرْتُ لَكَ ثُبُوتَهَا فِي الْكِتَابِ لِيَجْهَلَ مَعْنَاهَا الْمُحَرِّفُونَ فَيَبْلُغَ إِلَيْكَ وَ إِلَى أَمْثَالِكَ، وَ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «2».
وَ أَمَّا قَوْلُهُ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ «3»، فَإِنَّكَ تَرَى أَهْلَ الْمِلَلِ الْمُخَالَفَةِ لِلْإِيمَانِ، وَ مَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، مُقِيمِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، وَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَحْمَةً عَلَيْهِمْ لَاهْتَدَوْا جَمِيعاً وَ نَجَوْا مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهُ سَبِيلًا «4» لِإِنْظَارِ أَهْلِ هَذِهِ الدَّارِ، لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ بُعِثُوا بِالتَّصْرِيحِ لَا بِالتَّعْرِيضِ، وَ كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْهُمْ إِذَا صَدَعَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ أَجَابَهُ قَوْمُهُ، وَ سَلَّمُوا وَ سَلَّمَ أَهْلُ دَارِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْخَلِيقَةِ، وَ إِنْ خَالَفُوهُ هَلَكُوا وَ هَلَكَ أَهْلُ دَارِهِمْ بِالْآفَةِ الَّتِي كَانَ نَبِيُّهُمْ يَتَوَعَّدُهُمْ بِهَا وَ يُخَوِّفُهُمْ حُلُولَهَا وَ نُزُولَهَا بِسَاحَتِهِمْ مِنْ خَسْفٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ رَجْفٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ زَلْزَلَةٍ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ أَصْنَافِ الْعَذَابِ الَّذِي هَلَكَتْ بِهِ الْأُمَمُ الْخَالِيَةُ، وَ إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ مِنْ نَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مِنَ الْحُجَجِ فِي الْأَرْضِ الصَّبْرَ عَلَى مَا لَمْ يُطِقْ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الصَّبْرَ عَلَى مِثْلِهِ، فَبَعَثَهُ اللَّهُ بِالتَّعْرِيضِ لَا بِالتَّصْرِيحِ، وَ أَثْبَتَ حُجَّةَ اللَّهِ تَعْرِيضاً لَا تَصْرِيحاً بِقَوْلِهِ فِي وَصِيِّهِ «5»: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ «6» مَوْلَاهُ، وَ هُوَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.
وَ لَيْسَ مِنْ خَلِيقَةِ النَّبِيِّ وَ لَا مِنْ شِيمَتِهِ «7» أَنْ يَقُولَ قَوْلًا لَا مَعْنَى لَهُ، فَلَزِمَ الْأُمَّةَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ النُّبُوَّةُ وَ الْخِلَافَةُ «8» مَوْجُودَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ هَارُونَ، وَ مَعْدُومَتَيْنِ فِيمَنْ جَعَلَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَنْزِلَتِهِ أَنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى أُمَّتِهِ كَمَا اسْتَخْلَفَ مُوسَى هَارُونَ حَيْثُ قَالَ لَهُ: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي «9»، وَ لَوْ قَالَ لَهُمْ: لَا تَقَلَّدُوا الْإِمَامَةَ إِلَّا فُلَاناً بِعَيْنِهِ وَ إِلَّا نَزَلَ بِكُمُ الْعَذَابُ، لَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ، وَ زَالَ بَابُ الْإِنْظَارِ وَ الْإِمْهَالِ.
وَ بِمَا أُمِرَ بِسَدِّ بَابِ الْجَمِيعِ وَ تَرْكِ بَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا سَدَدْتُ وَ لَا تَرَكْتُ، وَ لَكِنِّي أُمِرْتُ فَأَطَعْتُ. فَقَالُوا: سَدَدْتَ‏
__________________________________________________
 (1) المائدة 5: 55.
 (2) المائدة 5: 3.
 (3) الأنبياء 21: 107.
 (4) في المصدر: سببا.
 (5) في «ج، ي»: وصيّته.
 (6) زاد في المصدر و «ط»: فهذا.
 (7) في «ي»: من سمته، و في «ط»: من شيمة النبوّة، و في المصدر: من النبوّة.
 (8) في «ط» نسخة بدل و المصدر: و الاخوة.
 (9) الأعراف 7: 142.

840
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

بَابَنَا وَ تَرَكْتَ لِأَحْدَثِنَا سِنّاً بَابَهُ! فَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ حَدَاثَةِ سِنِّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْتَصْغِرْ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ حَيْثُ أَمَرَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ يَعْهَدَ بِالْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ وَ هُوَ فِي سِنِّ ابْنِ سَبْعِ سِنِينَ، وَ لَا اسْتَصْغَرَ يَحْيَى وَ عِيسَى لَمَّا اسْتَوْدَعَهُمَا عَزَائِمَهُ وَ بَرَاهِينَ حِكْمَتِهِ، وَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ جَلَّ ذِكْرُهُ لِعِلْمِهِ بِعَاقِبَةِ الْأُمُورِ، وَ أَنَّ وَصِيَّهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَهُ ضَالًّا وَ لَا كَافِراً.
وَ بِأَنْ عَمَدَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى سُورَةِ بَرَاءَةَ فَدَفَعَهَا إِلَى مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْأُمَّةَ تُؤْثِرُهُ عَلَى وَصِيِّهِ، وَ أَمَرَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَلَمَّا وَلَّى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَتْبَعَهُ بِوَصِيِّهِ، وَ أَمَرَهُ بِارْتِجَاعِهَا مِنْهُ وَ النُّفُوذِ إِلَى مَكَّةَ لِيَقْرَأَهَا عَلَى أَهْلِهَا، وَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنِّي، دَلَالَةً مِنْهُ عَلَى خِيَانَةِ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْأُمَّةَ اخْتَارَتْهُ عَلَى وَصِيِّهِ، ثُمَّ شَفَعَ ذَلِكَ بِضَمِّ الرَّجُلُ الَّذِي ارْتَجَعَ سُورَةَ بَرَاءَةَ مِنْهُ وَ مَنْ يُؤَازِرُهُ فِي تَقَدُّمِ الْمَحَلِّ عِنْدَ الْأُمَّةِ إِلَى عِلْمِ النِّفَاقِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي غَزَاةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ وَ وَلَّاهُمَا عَمْرٌو حَرَسَ عَسْكَرِهِ، وَ خَتَمَ أَمْرَهُمَا بِأَنْ ضَمَّهُمَا عِنْدَ وَفَاتِهِ إِلَى مَوْلَاهُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَ أَمَرَهُمَا بِطَاعَتِهِ وَ التَّصْرِيفِ بَيْنَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، وَ كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ بِهِ فِي أَمْرِ أُمَّتِهِ، قَوْلُهُ:
أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ، يُكَرِّرُ ذَلِكَ عَلَى أَسْمَاعِهِمْ إِيجَاباً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي إِيثَارِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى الصَّادِقِينَ.
وَ لَوْ عَدَدْتُ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ «1» رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي إِظْهَارِ مَعَايِبِ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى تُرَاثِهِ لَطَالَ، وَ إِنَّ السَّابِقَ مِنْهُمْ إِلَى تَقَلُّدِ مَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ قَامَ هَاتِفاً عَلَى الْمِنْبَرِ لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْأُمَّةِ وَ مُسْتَقِيلًا مِمَّا تَقَلَّدَهُ لِقُصُورِ مَعْرِفَتِهِ عَنْ تَأْوِيلِ مَا كَانَ يُسْأَلُ عَنْهُ، وَ جَهْلِهِ بِمَا يَأْتِي وَ يَذَرُ، ثُمَّ أَقَامَ عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَمْ يَرْضَ بِاحْتِقَابِ عَظِيمِ الْوِزْرِ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَقَدَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ لِغَيْرِهِ، فَأَتَى التَّالِي بِتَسْفِيهِ رَأْيِهِ، وَ الْقَدْحِ وَ الطَّعْنِ عَلَى أَحْكَامِهِ، وَ رَفْعِ السَّيْفِ عَمَّنْ كَانَ صَاحِبُهُ وَضَعَهُ عَلَيْهِ، وَ رَدِّ النِّسَاءِ اللَّاتِي كَانَ سَبَاهُنَّ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَ بَعْضُهُنَّ حَوَامِلُ، وَ قَوْلُهُ: قَدْ نَهَيْتُهُ عَنْ قِتَالِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ لِي: إِنَّكَ لَحَدِبٌ «2» عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ، وَ كَانَ هُوَ فِي ظُلْمِهِ لَهُمْ أَوْلَى بِاسْمِ الْكُفْرِ مِنْهُمْ، وَ لَمْ يَزَلْ يُخَطِّئُهُ وَ يُظْهِرُ الْإِزْرَاءَ عَلَيْهِ وَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا، فَمَنْ دَعَاكُمْ إِلَى مِثْلِهَا فَاقْتُلُوهُ، وَ كَانَ يَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ قَوْلًا ظَاهِراً: لَيْتَهُ حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَ يَوَدُّ أَنَّهُ كَانَ شَعْرَةً فِي صَدْرِهِ، وَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ الْمُتَنَاقِضِ الْمُؤَكِّدَ لِحُجَجِ الدَّافِعِينَ لِدِينِ الْإِسْلَامِ.
وَ أَتَى مِنْ أَمْرِ الشُّورَى وَ تَأْكِيدِهِ بِهَا عَقْدَ الظُّلْمِ وَ الْإِلْحَادِ وَ الْبَغْيِ وَ الْفَسَادِ حَتَّى تُقُرِّرَ عَلَى إِرَادَتِهِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَى ذِي لُبٍّ مَوْضِعُ ضَرَرِهِ، وَ لَمْ تُطِقِ الْأُمَّةُ الصَّبْرَ عَلَى مَا أَظْهَرَهُ الثَّالِثُ مِنْ سُوءِ الْفِعْلِ، فَعَاجَلَتْهُ بِالْقَتْلِ، فَاتَّسَعَ بِمَا جَنَوْهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَ كُفْرِهِمْ وَ نِفَاقِهِمْ مُحَاوَلَةُ مِثْلِ مَا أَتَوْهُ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَمْرِ الْأُمَّةِ.
كُلُّ ذَلِكَ لِتَتِمَّ النَّظِرَةُ الَّتِي أَوْجَبَهَا «3» اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِعَدُوِّهِ إِبْلِيسَ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَ يَقْتَرِبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ الَّذِي بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ «4»، وَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ‏
__________________________________________________
 (1) زاد في «ط» و المصدر: أمر.
 (2) أي عطوف، و في «ج، ي»: تحدب.
 (3) في المصدر: أوحاها.
 (4) النور 24: 55.

841
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

وَ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ، وَ غَابَ صَاحِبُ الْأَمْرِ بِإِيضَاحِ الْعُذْرِ لَهُ فِي ذَلِكَ، لِاشْتِمَالِ الْفِتْنَةِ عَلَى الْقُلُوبِ، حَتَّى يَكُونَ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَشَدَّهُمْ عَدَاوَةً لَهُ، وَ عِنْدَ ذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ اللَّهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَ يُظْهِرُ دِينَ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى يَدَيْهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَهُ مِنَ الْخِطَابِ الدَّالِّ عَلَى تَهْجِينِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْإِزْرَاءِ بِهِ، وَ التَّأْنِيبِ لَهُ، مَعَ مَا أَظْهَرَهُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ تَفْضِيلِهِ إِيَّاهُ عَلَى سَائِرِ أَنْبِيَائِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيٍّ، عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ، كَمَا قَالَ فِي كِتَابِهِ. وَ بِحَسَبِ جَلَالَةِ مَنْزِلَةِ نَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عِنْدَ رَبِّهِ كَذَلِكَ، عَظُمَ مِحْنَتُهُ لِعَدُوِّهِ الَّذِي عَادَ مِنْهُ فِي شِقَاقِهِ وَ نِفَاقِهِ كُلُّ أَذًى وَ مَشَقَّةٍ لِدَفْعِ نُبُوَّتِهِ وَ تَكْذِيبِهِ إِيَّاهُ، وَ سَعْيِهِ فِي مَكَارِهِهِ، وَ قَصْدِهِ لِنَقْضِ كُلِّ مَا أَبْرَمَهُ، وَ اجْتِهَادِهِ وَ مَنْ مَالَأَهُ عَلَى كُفْرِهِ وَ عِنَادِهِ وَ نِفَاقِهِ وَ إِلْحَادِهِ فِي إِبْطَالِ دَعْوَاهُ، وَ تَغْيِيرِ مِلَّتِهِ، وَ مُخَالَفَةِ سُنَّتِهِ، وَ لَمْ يَرَ شَيْئاً أَبْلَغَ فِي تَمَامِ كَيْدِهِ مِنْ تَنْفِيرِهِمْ عَنْ مُوَالاةِ وَصِيِّهِ، وَ إِيحَاشِهِمْ مِنْهُ، وَ صَدِّهِمْ عَنْهُ، وَ إِغْرَائِهِمْ بِعَدَاوَتِهِ، وَ الْقَصْدِ لِتَغْيِيرِ الْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَ إِسْقَاطِ مَا فِيهِ مِنْ فَضْلِ ذَوِي الْفَضْلِ، وَ كُفْرِ ذَوِي الْكُفْرِ مِنْهُ، وَ مِمَّنْ وَافَقَهُ عَلَى ظُلْمِهِ وَ بَغْيِهِ وَ شِرْكِهِ، وَ لَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا «1»، وَ قَالَ: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ «2» وَ لَقَدْ أَحْضَرُوا الْكِتَابَ كَمَلًا مُشْتَمِلًا عَلَى التَّأْوِيلِ وَ التَّنْزِيلِ، وَ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ، وَ النَّاسِخِ وَ الْمَنْسُوخِ، لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ حَرْفٌ أَلِفٌ وَ لَا لَامٌ.
فَلَمَّا وَقَفُوا عَلَى مَا بَيَّنَهُ اللَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ أَهْلِ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ أَنَّ ذَلِكَ إِنْ ظَهَرَ نَقَضَ مَا عَقَدُوهُ، قَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ، نَحْنُ مُسْتَغْنُونَ عَنْهُ بِمَا عِنْدَنَا، وَ كَذَلِكَ قَالَ: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ «3».
ثُمَّ دَفَعَهُمْ الِاضْطِرَارُ بِوُرُودِ الْمَسَائِلِ عَلَيْهِمْ عَمَّا لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ إِلَى جَمْعِهِ وَ تَأْلِيفِهِ وَ تَضْمِينِهِ مِنْ تِلْقَائِهِمْ مَا يُقِيمُونَ بِهِ دَعَائِمَ كُفْرِهِمْ، فَصَرَخَ «4» مُنَادِيهِمْ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَلْيَأْتِنَا بِهِ، وَ وَكَّلُوا تَأْلِيفَهُ وَ نَظْمَهُ إِلَى بَعْضِ مَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى مُعَادَاةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، فَأَلَّفَهُ عَلَى اخْتِيَارِهِمْ، وَ مَا «5» يَدُلُّ لِلْمُتَأَمِّلِ لَهُ عَلَى اخْتِلَالِ تَمْيِيزِهِمْ وَ افْتِرَائِهِمْ، وَ تَرَكُوا مِنْهُ مَا قَدَرُوا أَنَّهُ لَهُمْ وَ هُوَ عَلَيْهِمْ، وَ زَادُوا فِيهِ مَا ظَهَرَ تَنَاكُرُهُ وَ تَنَافُرُهُ، وَ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ ذَلِكَ يَظْهَرُ وَ يَبِينُ، فَقَالَ: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ «، وَ انْكَشَفَ لِأَهْلِ الِاسْتِبْصَارِ عَوَارُهُمْ «7» وَ افْتِرَاؤُهُمْ، وَ الَّذِي بَدَأَ فِي الْكِتَابِ‏
__________________________________________________
 (1) فصّلت 41: 40.
 (2) الفتح 48: 15.
 (3) آل عمران 3: 187.
 (4) في «ج، ي»: فصدح.
 (5) في «ج»: لا، و في «ي»: أولا.
 (6) النجم 53: 30.
 (7) في «ج»: غرارهم، و في «ي»: اغراؤهم.

842
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

مِنَ الْإِزْرَاءِ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ فِرْيَةِ الْمُلْحِدِينَ، وَ لِذَلِكَ قَالَ: لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً «1».
وَ يَذْكُرُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا يُحْدِثُهُ عَدُوُّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ بَعْدِهِ بِقَوْلِهِ: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ «2»، يَعْنِي أَنَّهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ تَمَنَّى مُفَارَقَةَ مَا يُعَايِنُهُ «3» مِنْ نِفَاقِ قَوْمِهِ وَ عُقُوقِهِمْ وَ الِانْتِقَالِ عَنْهُمْ إِلَى دَارِ الْإِقَامَةِ، إِلَّا أَلْقَى الشَّيْطَانُ الْمُعَرِّضُ لِعَدَاوَتِهِ «4» عِنْدَ فَقْدِهِ؛ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ ذَمُّهُ وَ الْقَدْحُ فِيهِ وَ الطَّعْنُ عَلَيْهِ، فَيَنْسَخُ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا تَقْبَلُهُ، وَ لَا تُصْغِي إِلَيْهِ غَيْرُ قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ وَ الْجَاهِلِينَ، وَ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ بِأَنْ يَحْمِيَ أَوْلِيَاءَهُ مِنَ الضَّلَالِ وَ الْعُدْوَانِ وَ مُشَايَعَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَ الطُّغْيَانِ الَّذِينَ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ كَالْأَنْعَامِ حَتَّى قَالَ: بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «5».
فَافْهَمْ هَذَا، وَ اعْمَلْ بِهِ، وَ اعْلَمْ أَنَّكَ مَا قَدْ تَرَكْتَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْكَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتَ، وَ أَنِّي قَدْ اقْتَصَرْتُ عَلَى تَفْسِيرِ يَسِيرٍ مِنَ كَثِيرٍ لِعَدَمِ حَمَلَةِ الْعِلْمِ، وَ قِلَّةِ الرَّاغِبِينَ فِي الْتِمَاسِهِ، وَ فِي دُونِ مَا بَيَّنْتُ لَكَ بَلَاغٌ لِذَوِي الْأَلْبَابِ».
قَالَ السَّائِلُ: حَسْبِيَ مَا سَمِعْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! شَكَرَ اللَّهُ لَكَ عَلَى اسْتِنْقَاذِي مِنْ عَمَايَةِ الشَّكِّ وَ طَخْيَةِ الْإِفْكِ، وَ أَجْزَلَ عَلَى ذَلِكَ مَثُوبَتَكَ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ. وَ صَلَّى اللَّهُ أَوَّلًا وَ آخِراً عَلَى أَنْوَارِ الْهِدَايَاتِ وَ أَعْلَامِ الْبَرِيَّاتِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَصْحَابِ الدَّلَالاتِ الْوَاضِحَاتِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
12087/ «2»- ابْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ بَكْرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَحْدَبِ الْجُنْدِيسَابُورِيُّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّهِ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ السَّعْدَانِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي قَدْ شَكَكْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ، قَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَ كَيْفَ شَكَكْتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ!». قَالَ: لِأَنِّي وَجَدْتُ الْكِتَابَ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضاً، فَكَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيهِ؟
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ لَيُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَ لَا يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَ لَكِنَّكَ لَمْ تُرْزَقْ عَقْلًا تَنْتَفِعُ بِهِ، فَهَاتِ مَا شَكَكْتَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
__________________________________________________
 (2)- التوحيد: 254/ 5.
 (1) المجادلة 58: 2.
 (2) الحجّ 22: 52.
 (3) في المصدر: بعانيه.
 (4) في «ج»: الشيطان بعداوته.
 (5) الفرقان 25: 44.

843
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي وَجَدْتُ اللَّهَ يَقُولُ: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «1»، وَ قَالَ أَيْضاً:
نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «2»، وَ قَالَ: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «3» فَمَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّهُ يَنْسَى، وَ مَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّهُ لَا يَنْسَى، فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟
قَالَ: «هَاتِ مَا شَكَكْتَ فِيهِ أَيْضاً». قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ يَقُولُ: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «4». وَ قَالَ: وَ اسْتُنْطِقُوا فَقَالُوا: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «5»، وَ قَالَ: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «6»، وَ قَالَ: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «7»، وَ قَالَ:
لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ «8»، وَ قَالَ: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «9» فَمَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ، وَ مَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّهُمْ لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَ قَالَ صَوَاباً، وَ مَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَنْطِقُونَ، وَ يَقُولُ عَنْ مَقَالَتِهِمْ: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ وَ مَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّهُمْ يَخْتَصِمُونَ، فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟
قَالَ: «هَاتِ- وَيْحَكَ- مَا شَكَكْتَ فِيهِ»، قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ «10»، وَ يَقُولُ: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ «11»، وَ يَقُولُ: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏ «12»، وَ يَقُولُ: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا* يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً «13»، وَ مَنْ أَدْرَكَتْهُ الْأَبْصَارُ فَقَدْ أَحَاطَ بِهِ الْعِلْمُ، فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟
قَالَ: «هَاتِ- وَيْحَكَ- مَا شَكَكْتَ فِيهِ». قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا
__________________________________________________
 (1) الأعراف 7: 51.
 (2) التوبة 9: 67.
 (3) مريم 19: 64.
 (4) النبأ 78: 38.
 (5) الأنعام 6: 23 قوله: و استنطقوا، إشارة إلى قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الأنعام 6: 21.
 (6) العنكبوت 29: 25.
 (7) سورة ص 38: 64.
 (8) سورة ق 50: 28.
 (9) يس 36: 65.
 (10) القيامة 75: 22، 23.
 (11) الأنعام 6: 103.
 (12) النجم 53: 13، 14.
 (13) طه 20: 109، 110.

844
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ «1»، وَ قَالَ: وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى‏ تَكْلِيماً «2»، وَ قَالَ: وَ ناداهُما رَبُّهُما «3»، وَ قَالَ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ «4»، وَ قَالَ: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «5»، فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟
قَالَ: «وَيْحَكَ، هَاتِ مَا شَكَكْتَ فِيهِ». قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَقُولُ: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا «6» وَ قَدْ يُسَمَّى الْإِنْسَانُ سَمِيعاً بَصِيراً، وَ مَلِكاً وَ رَبّاً، فَمَرَّةً يُخْبِرُ بِأَنَّ لَهُ أَسَامِيَ «7» كَثِيرَةً مُشْتَرَكَةً، وَ مَرَّةً يَقُولُ: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟
قَالَ: «هَاتِ- وَيْحَكَ- مَا شَكَكْتَ فِيهِ». قَالَ: وَجَدْتُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ «8»، وَ يَقُولُ: وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ «9»، وَ يَقُولُ: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «10» كَيْفَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مَنْ يَحْجُبُ عَنْهُمْ، وَ أَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟
قَالَ: «هَاتِ- وَيْحَكَ أَيْضاً- مَا شَكَكْتَ فِيهِ»؟ قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ يَقُولُ: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ «11»، وَ قَالَ: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ «12»، وَ قَالَ: وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ «13»، وَ قَالَ: وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ «14»، وَ قَالَ: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «15»، وَ قَالَ: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ «16» فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟
__________________________________________________
 (1) الشورى 42: 51.
 (2) النساء 4: 164.
 (3) الأعراف 7: 22.
 (4) الأحزاب 33: 59.
 (5) المائدة 5: 67.
 (6) مريم 19: 65.
 (7) في «ج، ي»: بأن الأسامي.
 (8) يونس 10: 61.
 (9) آل عمران 3: 77.
 (10) المطففين 83: 15.
 (11) الملك 67: 16.
 (12) طه 20: 5.
 (13) الأنعام 6: 3.
 (14) الحديد 57: 3.
 (15) الحديد 57: 4.
 (16) سوره ق 50: 16.

845
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

قَالَ: «هَاتِ- وَيْحَكَ- مَا شَكَكْتَ فِيهِ»؟ قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «1»، وَ قَالَ: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى‏ كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ «2»، وَ قَالَ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ «3»، وَ قَالَ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً «4» فَمَرَّةً يَقُولُ: يَأْتِيَ رَبُّكَ وَ مَرَّةً يَقُولُ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟
قَالَ: «هَاتِ- وَيْحَكَ- مَا شَكَكْتَ فِيهِ». قَالَ وَ أَجِدُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «5»، وَ ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ «6»، [وَ قَالَ:] تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ «7»، وَ قَالَ: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ «8»، وَ قَالَ: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً «9» فَمَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّهُمْ يَلْقَوْنَهُ، وَ مَرَّةً يَقُولُ إِنَّهُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ مَرَّةً يَقُولُ: وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟
قَالَ: «هَاتِ وَيْحَكَ، مَا شَكَكْتَ فِيهِ»؟ قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «10»، وَ قَالَ: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ «11»، وَ قَالَ:
تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا «12» فَمَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّهُمْ يَظُنُّونَ، وَ مَرَّةً يُخْبِرُ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ، وَ الظَّنُّ شَكٌ، فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ». [قَالَ: هَاتِ مَا شَكَكْتَ فِيهِ. قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً «13»، وَ قَالَ: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً «14»، وَ قَالَ:
__________________________________________________
 (1) الفجر 89: 22.
 (2) الأنعام 6: 94.
 (3) البقرة 2: 210.
 (4) الأنعام 6: 158.
 (5) السجدة 32: 10.
 (6) البقرة 2: 46.
 (7) الأحزاب 33: 44.
 (8) العنكبوت 29: 5.
 (9) الكهف 18: 110.
 (10) الكهف 18: 53.
 (11) النور 24: 25.
 (12) الأحزاب 33: 10.
 (13) الأنبياء 21: 47.
 (14) الكهف 18: 105.

846
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «1»، وَ قَالَ: وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ «2»، فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ‏].
قَالَ: «هَاتِ- وَيْحَكَ- مَا شَكَكْتَ فِيهِ». قَالَ: وَ أَجِدُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ «3»، وَ قَالَ: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «4»، وَ قَالَ: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ «5»، وَ قَالَ: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ «6»، وَ قَالَ: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «7»، فَأَنَّى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَيْفَ لَا أَشُكُّ فِيمَا تَسْمَعُ؟ وَ قَدْ هَلَكْتُ إِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي، وَ تَشْرَحْ لِي صَدْرِي فِيمَا عَسَى أَنْ يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى يَدَيْكَ، فَإِنْ كَانَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَقّاً، وَ الْكِتَابُ حَقّاً، وَ الرُّسُلُ حَقّاً، فَقَدْ هَلَكْتُ وَ خَسِرْتُ، وَ إِنْ تَكُنِ الرُّسُلُ بَاطِلًا فَمَا عَلَيَّ بَأْسٌ وَ قَدْ نَجَوْتُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قُدُّوسٌ رَبُّنَا، تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً، نَشْهَدُ أَنَّهُ هُوَ الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَزُولُ، وَ لَا نَشُكُّ فِيهِ، وَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ، وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وَ أَنَّ الْكِتَابَ حَقٌّ، وَ الرُّسُلَ حَقٌّ، وَ أَنَّ الثَّوَابَ وَ الْعِقَابَ حَقٌّ، فَإِنْ رُزِقْتَ زِيَادَةَ إِيمَانٍ أَوْ حُرِمْتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ اللَّهِ، إِنْ شَاءَ رَزَقَكَ، وَ إِنْ شَاءَ حَرَمَكَ ذَلِكَ. وَ لَكِنْ سَأُعَلِّمُكَ مَا شَكَكْتَ فِيهِ، وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْراً أُعَلِّمُكَ بِعِلْمِهِ وَ ثَبَّتَكَ، وَ إِنْ يَكُنْ شَرّاً ضَلَلْتَ وَ هَلَكْتَ.
أَمَّا قَوْلُهُ: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «8» إِنَّمَا يَعْنِي نَسُوا اللَّهَ فِي دَارِ الدُّنْيَا، لَمْ يَعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ فَنَسِيَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَيْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ فِي ثَوَابِهِ شَيْئاً فَصَارُوا مَنْسِيِّينَ مِنَ الْخَيْرِ «9»، وَ كَذَلِكَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «10» يَعْنِي بِالنِّسْيَانِ أَنَّهُ لَمْ يُثِبْهُمْ كَمَا يُثِيبُ أَوْلِيَاءَهُ الَّذِينَ كَانُوا فِي دَارِ الدُّنْيَا مُطِيعِينَ ذَاكِرِينَ حِينَ آمَنُوا بِهِ وَ بِرُسُلِهِ وَ خَافُوهُ بِالْغَيْبِ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «11» فَإِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً لَيْسَ بِالَّذِي يَنْسَى، وَ لَا يَغْفُلُ، بَلْ هُوَ الْحَفِيظُ الْعَلِيمُ، وَ قَدْ يَقُولُ الْعَرَبُ فِي بَابِ النِّسْيَانِ: قَدْ نَسِيَنَا فُلَانٌ فَلَا يَذْكُرُنَا، أَيْ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ لَهُمْ بِخَيْرٍ وَ لَا يَذْكُرُهُمْ‏
__________________________________________________
 (1) المؤمن 40: 40.
 (2) الأعراف 7: 8، 9.
 (3) السجدة 32: 11.
 (4) الزمر 39: 42.
 (5) الأنعام 6: 61.
 (6) النحل 16: 32.
 (7) النحل 16: 28.
 (8) التوبة 9: 67.
 (9) في «ج، ي»: الجنّة.
 (10) الأعراف 7: 51.
 (11) مريم 19: 64.

847
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

بِهِ، فَهَلْ فَهِمْتَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ؟». قَالَ: نَعَمْ، فَرَّجْتَ عَنِّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً فَعَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ.
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «1»، وَ قَوْلُهُ: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «2»، وَ قَوْلُهُ: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «3»، وَ قَوْلُهُ: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «4»، وَ قَوْلُهُ: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ «5»، وَ قَوْلُهُ: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «6»، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ مَوَاطِنِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، يَجْمَعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْخَلَائِقَ يَوْمَئِذٍ فِي مَوْطِنٍ يَتَفَرَّقُونَ، وَ يُكَلِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ يَسْتَغْفِرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانَ مِنْهُمُ الطَّاعَةُ فِي دَارِ الدُّنْيَا لِلرُّؤَسَاءِ وَ الْأَتْبَاعِ: وَ يَلْعَنُ أَهْلُ الْمَعَاصِي الَّذِينَ بَدَتْ مِنْهُمُ الْبَغْضَاءُ وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ فِي دَارِ الدُّنْيَا الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ يَكْفُرُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَ يَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ الْكُفْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْبَرَاءَةُ، يَقُولُ: فَيَبْرَأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَ نَظِيرُهَا فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ، قَوْلُ الشَّيْطَانِ: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ «7»، وَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ: كَفَرْنا بِكُمْ «8» يَعْنِي تَبَرَّأْنَا مِنْكُمْ.
ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ يَبْكُونَ فِيهِ، فَلَوْ أَنَّ تِلْكَ الْأَصْوَاتَ بَدَتْ لِأَهْلِ الدُّنْيَا لَأَذْهَلَتْ جَمِيعَ الْخَلْقِ عَنْ مَعَايِشِهِمْ، وَ لَتَصَدَّعَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَلَا يَزَالُونَ يَبْكُونَ الدَّمَ.
ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ، فَيَسْتَنْطِقُونَ فِيهِ، فَيَقُولُونَ: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ فَيَخْتِمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَ يُسْتَنْطَقُ الْأَيْدِي وَ الْأَرْجُلُ وَ الْجُلُودُ، فَتَشْهَدُ بِكُلِّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ مِنْهُمْ، ثُمَّ يُرْفَعُ عَنْ أَلْسِنَتِهِمْ الْخَتْمُ فَيَقُولُونَ لِجُلُودِهِمْ: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا؟ قَالُوا: أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ.
ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ فَيُسْتَنْطَقُونَ فَيَفِرُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ* وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ «9»، فَيُسْتَنْطَقُونَ فَلَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَ قَالَ صَوَاباً. فَيَقُومُ الرُّسُلُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ) فَيَشْهَدُونَ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى‏ هؤُلاءِ شَهِيداً «10».
__________________________________________________
 (1) النبأ 78: 38.
 (2) الأنعام 6: 23.
 (3) العنكبوت 29: 25.
 (4) سورة ص 38: 64.
 (5) سورة ق 50: 28.
 (6) يس 36: 65.
 (7) إبراهيم 14: 22.
 (8) الممتحنة 60: 4.
 (9) عبس 80: 34- 36.
 (10) النساء 4: 41.

848
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ يَكُونُ فِيهِ مَقَامُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ، فَيُثْنِي عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِمَا لَمْ يُثْنِ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى الْمَلَائِكَةِ كُلِّهِمْ، فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ إِلَّا أَثْنَى عَلَيْهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى الرُّسُلِ بِمَا لَمْ يُثْنِ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ قَبْلَهُ، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ، يَبْدَأُ بِالصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ ثُمَّ بِالصَّالِحِينَ، فَيَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «1» فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ حَظٌّ وَ نَصِيبٌ، وَ وَيْلٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ حَظٌّ وَ لَا نَصِيبٌ.
ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ، وَ يُدَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَ هَذَا كُلُّهُ قُبَيْلَ الْحِسَابِ، فَإِذَا أُخِذَ فِي الْحِسَابِ، شُغِلَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِمَا لَدَيْهِ، نَسْأَلُ اللَّهَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ».
قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً، فَعَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ.
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ «2»، وَ قَوْلُهُ: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «3»، وَ قَوْلُهُ: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى«4»، وَ قَوْلُهُ:
يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا* يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً «5»، فَأَمَّا قَوْلُهُ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ يَنْتَهِي فِيهِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ مَا يَفْرُغُ مِنَ الْحِسَابِ إِلَى نَهَرٍ يُسَمَّى الْحَيَوَانَ، فَيَغْتَسِلُونَ فِيهِ وَ يَشْرَبُونَ مِنْهُ، فَتُضِي‏ءُ وُجُوهُهُمْ إِشْرَاقاً، فَيَذْهَبُ عَنْهُمْ كُلُّ قَذًى «6» وَ وَعْثٍ، ثُمَّ يُؤْمَرُونَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ هَذَا الْمَقَامِ يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ كَيْفَ يُثِيبُهُمْ، وَ مِنْهُ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي تَسْلِيمِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ «7» فَعِنْدَ ذَلِكَ أَيْقَنُوا بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَ النَّظَرِ إِلَى مَا وَعَدَهُمُ رَبُّهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ وَ إِنَّمَا يَعْنِي بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ، النَّظَرَ إِلَى ثَوَابِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ هُوَ كَمَا قَالَ، لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ يَعْنِي لَا تُحِيطُ بِهِ الْأَوْهَامُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ يَعْنِي يُحِيطُ بِهَا وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَ ذَلِكَ مَدْحٌ امْتَدَحَ بِهِ رَبُّنَا نَفْسَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ تَقَدَّسَ عُلُوّاً كَبِيراً، وَ قَدْ سَأَلَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ حَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ «8»، فَكَانَتْ مَسْأَلَتُهُ تِلْكَ أَمْراً عَظِيماً، وَ سَأَلَ أَمْراً جَسِيماً، فَعُوقِبَ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: لَنْ تَرَانِي فِي‏
__________________________________________________
 (1) الإسراء 17: 79.
 (2) القيامة 75: 22، 23.
 (3) الأنعام 6: 103.
 (4) النجم 53: 13، 14.
 (5) طه 20: 109، 110.
 (6) في «ج، ي»: قذر.
 (7) الزمر 39: 73.
 (8) الأعراف 7: 143.

849
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

الدُّنْيَا حَتَّى تَمُوتَ فَتَرَانِي فِي الْآخِرَةِ، وَ لَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَرَانِي فِي الدُّنْيَا فَانْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ، فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي، فَأَبْدَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْضَ آيَاتِهِ، وَ تَجَلَّى رَبُّنَا [لِلْجَبَلِ‏] فَتُقْطَعُ الْجَبَلُ فَصَارَ رَمِيماً، وَ خَرَّ مُوسَى صَعِقاً، يَعْنِي مَيِّتاً، فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ الْمَوْتَ، ثُمَّ أَحْيَاهُ اللَّهُ وَ بَعَثَهُ وَ تَابَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ آمَنَ بِكَ مِنْهُمْ «1»، أَنَّهُ لَنْ يَرَاكَ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏ يَعْنِي مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [كَانَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى‏] حَيْثُ لَا يَتَجَاوَزُهَا «2» خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، وَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى‏* لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏ «3» رَأَى جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ: هَذِهِ الْمَرَّةَ، وَ مَرَّةً أُخْرَى، وَ ذَلِكَ أَنَّ خَلْقَ جَبْرَئِيلَ عَظِيمٌ، فَهُوَ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ الَّذِينَ لَا يُدْرِكُ خَلْقَهُمْ وَ صِفَتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا* يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً لَا يُحِيطُ الْخَلَائِقُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْماً، إِذْ هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ عَلَى أَبْصَارِ الْقُلُوبِ الْغِطَاءَ، فَلَا فَهْمٌ يَنَالُهُ بِالْكَيْفِ، وَ لَا قَلْبٌ يُثْبِتُهُ بِالْحُدُودِ، فَلَا يَصِفُهُ إِلَّا كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْبَاطِنُ، الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ، خَلَقَ الْأَشْيَاءَ، فَلَيْسَ مِنَ الْأَشْيَاءِ شَيْ‏ءٌ مِثْلَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى».
فَقَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً، فَأَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
 [فَقَالَ‏]: (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ «4»، وَ قَوْلُهُ: وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى‏ تَكْلِيماً «5»، وَ قَوْلُهُ: وَ ناداهُما رَبُّهُما «6»، وَ قَوْلُهُ:
يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ «7»، فَأَمَّا قَوْلُهُ: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، فَإِنَّهُ مَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً وَ لَيْسَ بِكَائِنٍ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ، كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً، قَدْ كَانَ الرَّسُولُ يُوحَى إِلَيْهِ مِنْ رُسُلِ السَّمَاءِ، فَتُبَلِّغُ رُسُلُ السَّمَاءِ رُسُلَ الْأَرْضِ، وَ قَدْ كَانَ الْكَلَامُ بَيْنَ رُسُلِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ بَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسَلَ بِالْكَلَامِ مَعَ رُسُلِ أَهْلِ السَّمَاءِ. وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا جَبْرَئِيلُ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: إِنَّ رَبِّي لَا يُرَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
فَمِنْ أَيْنَ تَأْخُذُ الْوَحْيَ؟ قَالَ: آخُذُهُ مِنْ إِسْرَافِيلَ. فَقَالَ: وَ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُهُ إِسْرَافِيلُ؟ قَالَ: يَأْخُذُهُ مِنْ مَلَكٍ فَوْقَهُ مِنَ‏
__________________________________________________
 (1) (منهم) ليس في «ج، ي».
 (2) في «ج، ي»: لا يجاوزها.
 (3) النجم 53: 17: 18.
 (4) الشورى 42: 51.
 (5) النساء 4: 164.
 (6) الأعراف 7: 22.
 (7) البقرة 2: 35.

850
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

الرُّوحَانِيِّينَ. فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُهُ ذَلِكَ الْمَلَكُ؟ قَالَ: يُقْذَفُ فِي قَلْبِهِ قَذْفاً. فَهَذَا وَحْيٌ وَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِنَحْوٍ وَاحِدٍ، مِنْهُ مَا كَلَّمَ اللَّهُ بِهِ الرُّسُلَ، وَ مِنْهُ مَا قَذَفَهُ فِي قُلُوبِهِمْ، وَ مِنْهُ رُؤْيَا يُرِيهَا الرُّسُلُ، وَ مِنْهُ وَحْيٌ وَ تَنْزِيلٌ يُتْلَى وَ يُقْرَأُ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ، فَاكْتَفِ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ، فَإِنَّ مَعْنَى كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَ بِنَحْوٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ مِنْهُ مَا يُبَلِّغُ بِهِ رُسُلُ السَّمَاءِ رُسُلَ الْأَرْضِ».
قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً فَعَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
 [فَقَالَ‏] (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا «1»، فَإِنَّ تَأْوِيلَهُ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً اسْمُهُ اللَّهُ، غَيْرُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى؟ فَإِيَّاكَ أَنْ تُفَسِّرَ الْقُرْآنَ بِرَأْيِكَ حَتَّى تَفْقَهَهُ عَنِ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُ رُبَّ تَنْزِيلٍ يُشْبِهُ كَلَامَ الْبَشَرِ، وَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَ تَأْوِيلُهُ لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْبَشَرِ، كَمَا لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنْ خَلْقِهِ يُشْبِهُهُ، كَذَلِكَ لَا يُشْبِهُ فِعْلُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى شَيْئاً مِنْ أَفْعَالِ الْبَشَرِ، وَ لَا يُشْبِهُ شَيْ‏ءٌ مِنْ كَلَامِهِ كَلَامَ الْبَشَرِ، فَكَلَامُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى صِفَتُهُ، وَ كَلَامُ الْبَشَرِ أَفْعَالُهُمْ، فَلَا تُشَبِّهْ كَلَامَ اللَّهِ بِكَلَامِ الْبَشَرِ فَتَهْلِكَ وَ تَضِلَّ».
قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً فَعَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ «2» كَذَلِكَ رَبُّنَا لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْ‏ءٌ، وَ كَيْفَ يَكُونُ مَنْ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَقَ وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ! وَ أَمَّا قَوْلُهُ: لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ «3»، يُخْبِرُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُمْ بِخَيْرٍ، وَ قَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ: وَ اللَّهِ مَا يَنْظُرُ إِلَيْنَا فُلَانٌ. وَ إِنَّمَا يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُصِيبُنَا مِنْهُ بِخَيْرٍ، فَذَلِكَ النَّظَرُ هَا هُنَا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى خَلْقِهِ، فَنَظَرُهُ إِلَيْهِمْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ».
قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً فَعَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: «وَ أَمَّا قَوْلُهُ: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «4»، فَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُمْ عَنْ ثَوَابِ رَبِّهِمْ مَحْجُوبُونَ.
 [قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً فَعَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ.
فَقَالَ: (عَلَيْهِ السَّلَامُ)] قَوْلُهُ: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ «5»، وَ قَوْلُهُ:
وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ «6»، وَ قَوْلُهُ: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ «7»، وَ قَوْلُهُ:
__________________________________________________
 (1) مريم 19: 65.
 (2) يونس 10: 61.
 (3) آل عمران 3: 77.
 (4) المطففين 83: 15.
 (5) الملك 67: 16.
 (6) الأنعام 6: 3.
 (7) طه 20: 5.

851
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «1»، وَ قَوْلُهُ: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ «2»، فَكَذَلِكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سُبُّوحاً قُدُّوساً تَعَالَى أَنْ يَجْرِيَ مِنْهُ مَا يَجْرِي مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَ أَجَلُّ وَ أَكْبَرُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ شَيْ‏ءٌ مِمَّا يَنْزِلُ بِخَلْقِهِ، وَ هُوَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، عِلْمُهُ «3» شَاهِدٌ لِكُلِّ نَجْوَى، وَ هُوَ الْوَكِيلُ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ، وَ الْمُيَسِّرُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ الْمُدَبَّرُ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى عَرْشِهِ عُلُوّاً كَبِيراً.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «4»، وَ قَوْلُهُ: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى‏ كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ «5»، وَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةِ «6»، وَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ «7» فَإِنَّ ذَلِكَ حَقٌّ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ لَيْسَ لَهُ جَيْئَةٌ كَجَيْئَةِ الْخَلْقِ، وَ قَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ رُبَّ شَيْ‏ءٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَأْوِيلُهُ عَلَى غَيْرِ تَنْزِيلِهِ، وَ لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْبَشَرِ، وَ سَأُنَبِّئُكَ بِطَرَفٍ مِنْهُ، فَتَكْتَفِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ «8» فَذَهَابُهُ إِلَى رَبِّهِ تَوَجُّهُهُ إِلَيْهِ عِبَادَةً وَ اجْتِهَاداً وَ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، أَ لَا تَرَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ غَيْرُ تَنْزِيلِهِ؟ وَ قَالَ: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ «9»، يَعْنِي السِّلَاحَ وَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ يُخْبِرُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ فَقَالَ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ حَيْثُ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَعْنِي بِذَلِكَ الْعَذَابَ «10» فِي دَارِ الدُّنْيَا كَمَا عَذَّبَ الْقُرُونَ الْأُولَى، فَهَذَا خَبَرٌ يُخْبِرُ بِهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْهُمْ.
ثُمَّ قَالَ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً يَعْنِي مِنْ قَبْلِ «11» أَنْ تَجِي‏ءَ هَذِهِ الْآيَةُ، وَ هَذِهِ الْآيَةُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَ إِنَّمَا يَكْتَفِي أُولُو الْأَلْبَابِ وَ الْحِجَا وَ أُولُو النُّهَى أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ إِذَا انْكَشَفَ الْغِطَاءُ رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ، وَ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا «12» يَعْنِي أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ عَذَاباً، وَ كَذَلِكَ إِتْيَانُهُ بُنْيَانَهُمْ، وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
__________________________________________________
 (1) الحديد 57: 4.
 (2) سورة ق 50: 16.
 (3) (و هو على العرش استوى علمه) ليس في «ج، ي».
 (4) الفجر 89: 22.
 (5) الأنعام 6: 94.
 (6) البقرة 2: 210.
 (7) الأنعام 6: 158.
 (8) الصافّات 37: 99.
 (9) الحديد 57: 25.
 (10) زاد في المصدر: يأتيهم.
 (11) (أو كسبت في ... يعني من قبل) ليس في «ج، ي».
 (12) الحشر 59: 2.

852
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ «1» فَإِتْيَانُهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ إِرْسَالُ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ، وَ كَذَلِكَ مَا وَصَفَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً، وَ تَجْرِي أُمُورُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ كَمَا تَجْرِي أُمُورُهُ فِي الدُّنْيَا، لَا يَغِيبُ «2» وَ لَا يَأْفِلُ مَعَ الْآفِلِينَ، فَاكْتَفِ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا جَالَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ، وَ لَا تَجْعَلْ كَلَامَهُ كَكَلَامِ الْبَشَرِ، هُوَ أَعْظَمُ وَ أَجَلُّ وَ أَكْرَمُ وَ أَعَزُّ، تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ أَنْ يَصِفَهُ الْوَاصِفُونَ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ «3»».
قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً.
 [فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)]: «وَ أَمَّا قَوْلُهُ: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «4»، وَ ذِكْرُهُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ، وَ قَوْلُهُ لِغَيْرِهِمْ: إِلى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ «5» بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ، وَ قَوْلُهُ: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً «6»، فَأَمَّا قَوْلُهُ: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ يَعْنِي الْبَعْثَ فَسَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِقَاءَهُ، وَ كَذَلِكَ ذِكْرُ الْمُؤْمِنِينَ: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ «7»، يَعْنِي يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ يُبْعَثُونَ وَ يُحْشَرُونَ وَ يُحَاسَبُونَ وَ يُجْزَوْنَ بِالثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ، وَ الظَّنُّ هَاهُنَا الْيَقِينُ خَاصَّةً، وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً، وَ قَوْلُهُ: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ «8» يَعْنِي مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ، فَإِنَّ وَعْدَ اللَّهِ لَآتٍ مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ، فَاللِّقَاءُ هَاهُنَا لَيْسَ بِالرُّؤْيَةِ، وَ اللِّقَاءُ هُوَ الْبَعْثُ، فَافْهَمْ جَمِيعَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ لِقَائِهِ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ الْبَعْثَ، وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ «9» يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَزُولُ الْإِيمَانُ عَنْ قُلُوبِهِمْ يَوْمَ يُبْعَثُونَ».
قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ، فَقَدْ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً.
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «10» يَعْنِي أَيْقَنُوا أَنَّهُمْ دَاخِلُوهَا.
__________________________________________________
 (1) النحل 16: 26.
 (2) في «ج، ي»: يلعب.
 (3) الشورى 42: 11.
 (4) السجدة 32: 10.
 (5) التوبة 9: 77.
 (6) الكهف 18: 110.
 (7) البقرة 2: 46.
 (8) العنكبوت 29: 5.
 (9) الأحزاب 33: 44.
 (10) الكهف 18: 53.

853
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

وَ أَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ «1»، وَ قَوْلُهُ «2»: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ «3»، وَ قَوْلُهُ لِلْمُنَافِقِينَ: وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا «4»، فَهَذَا الظَّنُّ ظَنُّ شَكٍّ وَ لَيْسَ ظَنَّ يَقِينٍ، وَ الظَّنُّ ظَنَّانِ: ظَنُّ شَكٍّ، وَ ظَنُّ يَقِينٍ، فَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ مَعَادٍ مِنَ الظَّنِّ فَهُوَ ظَنُّ يَقِينٍ، وَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَهُوَ ظَنُّ شَكٍّ، فَافْهَمْ مَا فَسَّرْتُ لَكَ».
قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ.
 [فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)]: «وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً «5»، فَهُوَ مِيزَانُ الْعَدْلِ، يُؤْخَذُ بِهِ الْخَلَائِقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُدِيلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْخَلْقَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ بِالْمَوَازِينِ».
وَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، الْمَوَازِينُ هُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَوْصِيَاءُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
 «وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً «6» فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «7» فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَقَدْ حَقَّتْ كَرَامَتِي- أَوْ قَالَ: مَوَدَّتِي- لِمَنْ يُرَاقِبُنِي وَ يَتَحَابُّ بِجَلَالِي أَنَّ وُجُوهَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نُورٍ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ خُضْرٌ، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قَوْمٌ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَ لَا شُهَدَاءَ، وَ لَكِنَّهُمْ تَحَابُّوا بِجَلَالِ اللَّهِ، وَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ «8» بِرَحْمَتِهِ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ «9»، وَ خَفَّتْ مَوازِينُهُ «10» فَإِنَّمَا يَعْنِي الْحِسَابَ، تُوزَنُ الْحَسَنَاتُ وَ السَّيِّئَاتُ، وَ الْحَسَنَاتُ ثِقْلُ الْمِيزَانِ، وَ السَّيِّئَاتُ خِفَّةُ الْمِيزَانِ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ «11»، وَ قَوْلُهُ: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «12»، وَ قَوْلُهُ: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ «13»، وَ قَوْلُهُ:
__________________________________________________
 (1) الحاقّة 69: 20.
 (2) في المصدر: يقول إنّي أيقنت أني أبعث فأحاسب، و كذلك قوله.
 (3) النور 24: 25.
 (4) الأحزاب 33: 10.
 (5) الأنبياء 21: 47.
 (6) الكهف 18: 105.
 (7) المؤمن 40: 40.
 (8) في «ج، ي»: معهم.
 (9) الأعراف 7: 8.
 (10) الأعراف 7: 9.
 (11) السجدة 32: 11.
 (12) الزمر 39: 42.
 (13) الأنعام 6: 61.

854
البرهان في تفسير القرآن5

1 باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ص 821

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «1»، وَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ «2»، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُدَبِّرُ الْأُمُورَ كَيْفَ يَشَاءُ، وَ يُوَكِّلُ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ يَشَاءُ بِمَا يَشَاءُ، أَمَّا مَلَكُ الْمَوْتِ فَإِنَّ اللَّهَ يُوَكِّلُهُ بِخَاصَّةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ يُوَكِّلُ رُسُلَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً بِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ وَكَّلَهُمْ بِخَاصَّةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ «3»، [إِنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى‏] يُدَبِّرُ الْأُمُورَ كَيْفَ يَشَاءُ، وَ لَيْسَ كُلُّ الْعِلْمِ يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الْعِلْمِ أَنْ يُفَسِّرَهُ لِكُلِّ النَّاسِ، لِأَنَّ مِنْهُمُ الْقَوِيَّ وَ الضَّعِيفَ، وَ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يُطَاقُ حَمْلُهُ، وَ مِنْهُ مَا لَا يُطَاقُ حَمْلُهُ، إِلَّا أَنْ يُسَهِّلَ اللَّهُ لَهُ حَمْلَهُ، وَ أَعَانَهُ عَلَيْهِ مِنْ خَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَ إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ وَ أَنَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ عَلَى يَدَيْ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَ غَيْرِهِمْ».
قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ نَفَعَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِكَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنْ كُنْتَ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَكَ بِمَا قَدْ بَيَّنْتُ لَكَ، فَأَنْتَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً».
فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ بِأَنِّي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ أَعْلَمَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالْجَنَّةِ وَ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ، لِيَعْلَمَ مَا فِي الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى رُسُلِهِ وَ أَنْبِيَائِهِ».
قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ مَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «مَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ وَ وَفَّقَهُ لَهُ، فَعَلَيْكَ بِالْعَمَلِ لِلَّهِ فِي سَرَائِرِكَ وَ عَلَانِيَتِكَ، فَلَا شَيْ‏ءَ يَعْدِلُ الْعَمَلَ».
__________________________________________________
 (1) النحل 16: 28.
 (2) النحل 16: 32.
 (3) (و الملائكة الذين سماهم .... من خلقه) ليس في «ج، ي».

855
البرهان في تفسير القرآن5

2 باب فضل القرآن ص 856

2- باب فضل القرآن‏
12088/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ السَّيَّارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ قَالَ: «وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالْحَقِّ، وَ أَكْرَمَ أَهْلَ بَيْتِهِ، مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ تَطْلُبُونَهُ مِنْ حَرَقٍ، أَوْ غَرَقٍ، أَوْ سَرَقٍ، أَوْ إِفْلَاتِ دَابَّةٍ مِنْ صَاحِبِهَا، أَوْ ضَالَّةٍ، أَوْ آبِقٍ، إِلَّا وَ هُوَ فِي الْقُرْآنِ، فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيَسْأَلْنِي عَنْهُ».
قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَمَّا يُؤْمِنُ مِنَ الْحَرَقِ وَ الْغَرَقِ؟ فَقَالَ: «اقْرَأْ هَذِهِ الْآيَاتِ:
اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ «1»، وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ- إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى- عَمَّا يُشْرِكُونَ «2» فَمَنْ قَرَأَهَا فَقَدْ أَمِنَ مِنَ الْحَرَقِ وَ الْغَرَقِ». قَالَ: فَقَرَأَهَا رَجُلٌ، وَ اضْطَرَمَتِ النَّارُ فِي بُيُوتِ جِيرَانِهِ، وَ بَيْتُهُ وَسَطَهَا فَلَمْ يُصِبْهُ شَيْ‏ءٌ.
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ دَابَّتِي اسْتَصْعَبَتْ عَلَيَّ، وَ أَنَا مِنْهَا عَلَى وَجَلٍ؟ فَقَالَ: «اقْرَأْ فِي أُذُنِهَا الْيُمْنَى: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «3» فَقَرَأَهَا فَذَلَّتْ لَهُ دَابَّتُهُ.
وَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَرْضِي أَرْضُ مَسْبَعَةٍ، وَ إِنَّ السِّبَاعَ تَغْشَى مَنْزِلِي وَ لَا تَجُوزُ حَتَّى تَأْخُذَ فَرِيسَتَهَا؟ فَقَالَ: «اقْرَأْ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ «4»». فَقَرَأَهُمَا الرَّجُلُ فَاجْتَنَبَتْهُ السِّبَاعُ.
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ فِي بَطْنِي مَاءً أَصْفَرَ، فَهَلْ مِنْ شِفَاءٍ؟ «5» فَقَالَ: «نَعَمْ، بِلَا دِرْهَمٍ وَ لَا دِينَارٍ، وَ لَكِنِ اكْتُبْ عَلَى بَطْنِكَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَ تَغْسِلُهَا وَ تَشْرَبُهَا وَ تَجْعَلُهَا ذَخِيرَةً فِي بَطْنِكَ، فَتَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».
__________________________________________________
 (1)- الكافي 2: 457/ 21.
 (1) الأعراف 7: 196.
 (2) الزمر 39: 67.
 (3) آل عمران 3: 83.
 (4) التوبة 9: 128، 129.
 (5) زاد في «ج، ي»: بلا درهم و لا دينار.

856
البرهان في تفسير القرآن5

2 باب فضل القرآن ص 856

فَفَعَلَ الرَّجُلُ فَبَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ.
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَنِ الضَّالَّةِ؟ قَالَ: «اقْرَأْ يَس فِي رَكْعَتَيْنِ، وَ قُلْ: يَا هَادِيَ الضَّالَّةِ، رُدَّ عَلَيَّ ضَالَّتِي». فَفَعَلَ فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ ضَالَّتَهُ.
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْآبِقِ؟ فَقَالَ: «اقْرَأْ: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ إِلَى قَوْلِهِ: وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ «1»». فَقَالَهَا الرَّجُلُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ الْآبِقُ.
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَنِ السَّرَقِ، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يُسْرَقُ لِي الشَّيْ‏ءُ بَعْدَ الشَّيْ‏ءِ لَيْلًا.
فَقَالَ لَهُ: «اقْرَأْ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ إِلَى قَوْلِهِ: وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً «2»».
ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ بَاتَ بِأَرْضِ قَفْرٍ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ إِلَى قَوْلِهِ: تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «3» حَرَسَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَ تَبَاعَدَتْ عَنْهُ الشَّيَاطِينُ».
قَالَ: فَمَضَى الرَّجُلُ فَإِذَا هُوَ بِقَرْيَةٍ خَرَابٍ، فَبَاتَ فِيهَا وَ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْآيَةَ، فَتَغَشَّاهُ الشَّيْطَانُ، وَ إِذَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ «4»، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: أَنْظِرْهُ، وَ اسْتَيْقَظَ فَقَرَأَ الْآيَةَ، فَقَالَ الشَّيْطَانُ لِصَاحِبِهِ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، احْرُسْهُ الْآنَ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الرَّجُلُ رَجَعَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخْبَرَهُ، وَ قَالَ لَهُ: رَأَيْتُ فِي كَلَامِكَ الشِّفَاءَ وَ الصِّدْقَ، وَ مَضَى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِذَا هُوَ بِأَثَرِ شَعْرِ الشَّيْطَانِ مُنْجَرّاً «5» فِي الْأَرْضِ.
__________________________________________________
 (1) النور 24: 40.
 (2) الإسراء 17: 110، 111.
 (3) الأعراف 7: 54.
 (4) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: بخطمه.
 (5) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: مجتمعا.

857
البرهان في تفسير القرآن5

3 باب أن حديث أهل البيت عليهم السلام صعب مستصعب ص 858

3- باب أن حديث أهل البيت (عليهم السلام) صعب مستصعب‏
12089/ «1»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ ابْنَ مَرْوَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ حَدِيثَ آلِ مُحَمَّدٍ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لَا يُؤْمِنُ بِهِ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أَوْ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، فَمَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَدِيثِ آلِ مُحَمَّدٍ فَلَانَتْ لَهُ قُلُوبُكُمْ وَ عَرَفْتُمُوهُ فَاقْبَلُوهُ، وَ مَا اشْمَأَزَّتْ مِنْهُ قُلُوبُكُمْ وَ أَنْكَرْتُمُوهُ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلَى الْعَالِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا الْهَالِكُ أَنْ يُحَدَّثَ أَحَدُكُمْ بِشَيْ‏ءٍ لَا يَحْتَمِلُهُ، فَيَقُولَ: وَ اللَّهِ مَا كَانَ هَذَا، وَ اللَّهِ مَا كَانَ هَذَا، وَ الْإِنْكَارُ هُوَ الْكُفْرُ».
12090/ «2»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «ذُكِرَتِ التَّقِيَّةُ يَوْماً عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَوْ عَلِمَ أَبُو ذَرٍّ مَا فِي قَلْبِ سَلْمَانَ لَقَتَلَهُ، وَ لَقَدْ آخَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَيْنَهُمَا، فَمَا ظَنُّكُمْ بِسَائِرِ الْخَلْقِ، إِنَّ عِلْمَ الْعُلَمَاءِ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أَوْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، أَوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، فَقَالَ: وَ إِنَّمَا صَارَ سَلْمَانُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّهُ امْرُؤٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَ لِذَلِكَ نَسَبْتُهُ إِلَى الْعُلَمَاءِ».
12091/ «3»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْبَرْقِيِّ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ حَدِيثَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا صُدُورٌ مُنِيرَةٌ، أَوْ قُلُوبٌ سَلِيمَةٌ، أَوْ أَخْلَاقٌ حَسَنَةٌ، إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِنْ شِيعَتِنَا الْمِيثَاقَ كَمَا أَخَذَ عَلَى بَنِي آدَمَ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ «1» فَمَنْ وَفَى لَنَا وَ فِي اللَّهِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَ مَنْ أَبْغَضَنَا وَ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْنَا حَقَّنَا فَفِي النَّارِ خَالِداً مُخَلَّداً».
12092/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَ غَيْرِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ صَاحِبِ الْعَسْكَرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا مَعْنَى قَوْلِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «حَدِيثُنَا لَا يَحْتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ»؟ فَجَاءَ الْجَوَابُ: «أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَا يَحْتَمِلُهُ‏
__________________________________________________
 (1)- الكافي 1: 330/ 1.
 (2)- الكافي 1: 331/ 2.
 (3)- الكافي 1: 331/ 3.
 (4)- الكافي 1: 331/ 4.
 (1) الأعراف 7: 172.

858
البرهان في تفسير القرآن5

3 باب أن حديث أهل البيت عليهم السلام صعب مستصعب ص 858

مَلَكٌ وَ لَا نَبِيٌّ وَ لَا مُؤْمِنٌ، أَنَّ الْمَلَكَ لَا يَحْتَمِلُهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ إِلَى مَلَكٍ غَيْرِهِ، وَ النَّبِيُّ لَا يَحْتَمِلُهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ إِلَى نَبِيٍّ غَيْرِهِ، وَ الْمُؤْمِنُ لَا يَحْتَمِلُهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ إِلَى مُؤْمِنٍ غَيْرِهِ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ جَدِّي (عَلَيْهِ السَّلَامُ)».
12093/ «5»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ وَ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ عِنْدَنَا وَ اللَّهِ سِرّاً مِنْ سِرِّ اللَّهِ، وَ عِلْماً مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، وَ اللَّهِ مَا يَحْتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَ لَا مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، وَ اللَّهِ مَا كَلَّفَ اللَّهُ ذَلِكَ أَحَداً غَيْرَنَا، وَ لَا اسْتَعْبَدَ بِذَلِكَ أَحَداً غَيْرَنَا، وَ إِنَّ عِنْدَنَا سِرّاً مِنْ سِرِّ اللَّهِ، وَ عِلْماً مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، أَمَرَنَا اللَّهُ بِتَبْلِيغِهِ فَبَلَّغْنَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا أَمَرَنَا بِتَبْلِيغِهِ، فَلَمْ نَجِدْ لَهُ مَوْضِعاً وَ لَا أَهْلًا وَ لَا حَمَّالَةً يَحْتَمِلُونَهُ، حَتَّى خَلَقَ اللَّهُ لِذَلِكَ أَقْوَاماً خُلِقُوا مِنْ طِينَةٍ خُلِقَ مِنْهَا مُحَمَّدٌ وَ آلُهُ وَ ذُرِّيَّتُهُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ مِنْ نُورٍ خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ مُحَمَّداً وَ ذُرِّيَّتَهُ، وَ صَنَعَهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ الَّتِي صَنَعَ مِنْهَا مُحَمَّداً وَ ذُرِّيَّتَهُ، فَبَلَّغْنَا عَنِ اللَّهِ مَا أَمَرَنَا بِتَبْلِيغِهِ فَقَبِلُوهُ وَ احْتَمَلُوا ذَلِكَ، فَبَلَّغَهُمْ ذَلِكَ عَنَّا فَقَبِلُوهُ وَ احْتَمَلُوهُ، وَ بَلَغَهُمْ ذِكْرُنَا، فَمَالَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى مَعْرِفَتِنَا وَ حَدِيثِنَا، فَلَوْ لَا أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ هَذَا لَمَا كَانُوا كَذَلِكَ، لَا وَ اللَّهِ مَا احْتَمَلُوهُ».
ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَقْوَاماً لِجَهَنَّمَ وَ النَّارِ، وَ أَمَرَنَا أَنْ نُبَلِّغَهُمْ كَمَا بَلَّغْنَاهُمْ، وَ اشْمَأَزُّوا مِنْ ذَلِكَ، وَ نَفَرَتْ قُلُوبُهُمْ، وَ رَدُّوهُ عَلَيْنَا، وَ لَمْ يَحْتَمِلُوهُ، وَ كَذَّبُوا بِهِ وَ قَالُوا: سَاحِرٌ كَذَّابٌ، فَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَ أَنْسَاهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَطْلَقَ اللَّهُ لِسَانَهُمْ بِبَعْضِ الْحَقِّ، فَهُمْ يَنْطِقُونَ بِهِ وَ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ، لِيَكُونَ ذَلِكَ دَفْعاً عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَ أَهْلِ طَاعَتِهِ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا عُبِدَ اللَّهُ فِي أَرْضِهِ، فَأَمَرَنَا اللَّهُ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ، وَ السَّتْرِ وَ الْكِتْمَانِ، فَاكْتُمُوا عَمَّنْ أَمَرَ اللَّهُ بِالْكَفِّ عَنْهُ، وَ اسْتُرُوا عَمَّنْ أَمَرَ اللَّهُ بِالسَّتْرِ وَ الْكِتْمَانِ عَنْهُ».
قَالَ: ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ وَ بَكَى، وَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ، فَاجْعَلْ مَحْيَانَا مَحْيَاهُمْ وَ مَمَاتَنَا مَمَاتَهُمْ، وَ لَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً لَكَ فَتُفَجِّعَنَا بِهِمْ، فَإِنَّكَ إِنْ أَفْجَعْتَنَا بِهِمْ لَمْ تَعْبُدْ أَبَداً فِي أَرْضِكَ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً».
__________________________________________________
 (5)- الكافي 1: 331/ 5.

859
البرهان في تفسير القرآن5

4 باب وجوب التسليم لأهل البيت عليهم السلام في ما جاء عنهم ص 860

4- باب وجوب التسليم لأهل البيت (عليهم السلام) في ما جاء عنهم‏
12094/ «1»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ ضُرَيْسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُسَلِّمُونَ، إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ».
12095/ «2»- قَالَ: وَ رَوَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنِّي تَرَكْتُ مَوَالِيَكَ مُخْتَلِفِينَ، يَبْرَأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ فَقَالَ: «وَ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ؟ إِنَّمَا كَلَّفَ اللَّهُ النَّاسَ ثَلَاثاً: «1» مَعْرِفَةَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَ التَّسْلِيمَ لَهُمْ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ، وَ الرَّدَّ إِلَيْهِمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ».
12096/ «3»- وَ عَنْهُ: بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ السَّمَنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ الْأَشَلِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا سَالِمُ، إِنَّ الْإِمَامَ هَادِي مَهْدِيٌّ، لَا يُدْخِلُهُ اللَّهُ فِي عَمًى، وَ لَا يُجْهِلُهُ عَنْ سُنَّةٍ، لَيْسَ لِلنَّاسِ النَّظَرُ فِي أَمْرِهِ وَ لَا الْبَحْثُ «2» عَلَيْهِ، وَ إِنَّمَا أُمِرُوا بِالتَّسْلِيمِ لَهُ».
12097/ «4»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «مَنْ سَمِعَ مِنْ رَجُلٍ أَمْراً لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْماً، فَكَذَّبَ بِهِ، وَ مِنْ أَمْرِهِ الرِّضَا بِنَا وَ التَّسْلِيمُ لَنَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُكْفِرُهُ».
12098/ «5»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السِّمْطِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَأْتِينَا الرَّجُلُ مِنْ قِبَلِكُمْ يُعْرَفُ بِالْكَذِبِ فَيُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ فَنَسْتَبْشِعُهُ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَقُولُ لَكَ: إِنِّي قُلْتُ اللَّيْلُ أَنَّهُ نَهَارٌ، وَ النَّهَارُ أَنَّهُ لَيْلٌ؟». قُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَإِنْ قَالَ لَكَ هَذَا أَنِّي قُلْتُهُ، فَلَا تُكَذِّبْ بِهِ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُكَذِّبُنِي».
12099/ «6»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي، عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السِّمْطِ،
__________________________________________________
 (1)- مختصر بصائر الدرجات: 74.
 (2)- مختصر بصائر الدرجات: 74.
 (3)- مختصر بصائر الدرجات: 74.
 (4)- مختصر بصائر الدرجات: 74.
 (5)- مختصر بصائر الدرجات: 76.
 (6)- مختصر بصائر الدرجات: 77.
 (1) (ثلاث) ليس في «ج، ي».
 (2) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: التحير.

860
البرهان في تفسير القرآن5

4 باب وجوب التسليم لأهل البيت عليهم السلام في ما جاء عنهم ص 860

قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَيُخْبِرُنَا عَنْكَ بِالْعَظِيمِ مِنَ الْأَمْرِ؛ فَتَضِيقُ لِذَلِكَ صُدُورُنَا حَتَّى نُكَذِّبَهُ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ لَيْسَ عَنِّي يُحَدِّثُكُمْ؟». قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: «فَيَقُولُ: اللَّيْلُ أَنَّهُ نَهَارٌ، وَ النَّهَارُ أَنَّهُ لَيْلٌ؟». فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَرُدَّهُ إِلَيْنَا، فَإِنَّكَ إِنْ كَذَّبْتَهُ فَإِنَّمَا تُكَذِّبُنَا».
12100/ «7»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ السَّائِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي رِسَالَتِهِ: «وَ لَا تَقُلْ لِمَا يَبْلُغُكَ عَنَّا أَوْ يُنْسَبُ إِلَيْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ خِلَافَهُ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي لِمَ قُلْنَاهُ، وَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَضَعْنَاهُ».
12101/ «8»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى وَ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ الْقَلَانِسِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «يَهْلِكُ أَصْحَابُ الْكَلَامِ وَ يَنْجُو الْمُسَلِّمُونَ، إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ».
12102/ «9»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى «1»، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «يَهْلِكُ أَصْحَابُ الْكَلَامِ وَ يَنْجُو الْمُسَلِّمُونَ، إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ، يَقُولُونَ: هَذَا يَنْقَادُ وَ هَذَا لَا يَنْقَادُ، أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ عَلِمُوا كَيْفَ كَانَ أَصْلُ الْخَلْقِ مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ».
12103/ «10»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ لِي: «أَ تَدْرِي مَا أُمِرُوا؟ أُمِرُوا بِمَعْرِفَتِنَا، وَ الرَّدِّ إِلَيْنَا، وَ التَّسْلِيمِ لَنَا».
12104/ «11»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ كَامِلٍ التَّمَّارِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «يَا كَامِلُ، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الْمُسَلِّمُونَ. يَا كَامِلُ، إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ. يَا كَامِلُ، النَّاسُ أَشْبَاهُ الْغَنَمِ إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الْمُؤْمِنُونَ قَلِيلٌ».
12105/ «12»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ الْبَجَلِيِّ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ عُثْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ كَامِلٍ التَّمَّارِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ، وَ هُوَ يُحَدِّثُنِي، إِذْ نَكَسَ رَأْسَهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُسَلِّمُونَ، إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ. يَا كَامِلُ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بَهَائِمُ إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ،
__________________________________________________
 (7)- مختصر بصائر الدرجات: 77.
 (8)- مختصر بصائر الدرجات: 72.
 (9)- مختصر بصائر الدرجات: 72.
 (10)- مختصر بصائر الدرجات: 73.
 (11)- مختصر بصائر الدرجات: 73.
 (12)- مختصر بصائر الدرجات: 73.
 (1) (عن عبد اللّه بن يحيى) ليس في «ج، ي».

861
البرهان في تفسير القرآن5

4 باب وجوب التسليم لأهل البيت عليهم السلام في ما جاء عنهم ص 860

وَ الْمُؤْمِنُ غَرِيبٌ».
12106/ «13»- وَ عَنْهُ: عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «1»، قَالَ: «التَّسْلِيمُ فِي الْأَمْرِ».
12107/ «14»- وَ عَنْهُ: عَنْ «2» مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَ غَيْرِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ عَلِمَتِ الرُّسُلُ أَنَّهَا رُسُلٌ؟ قَالَ: «قَدْ كُشِفَ لَهَا عَنِ الْغِطَاءِ».
قُلْتُ: فَبِأَيِّ شَيْ‏ءٍ عَرَفَ الْمُؤْمِنُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: «بِالتَّسْلِيمِ لِلَّهِ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ».
12108/ «15»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَ غَيْرِهِ «3»، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ ضُرَيْسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَ رَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الصَّوْتُ الَّذِي قُلْنَاهُ لَكُمْ أَنَّهُ يَكُونُ، مَا أَنْتَ صَانِعٌ؟» قُلْتُ: أَنْتَهِي فِيهِ وَ اللَّهِ «4» إِلَى أَمْرِكَ، فَقَالَ: «هُوَ وَ اللَّهِ التَّسْلِيمُ وَ إِلَّا فَالذَّبْحُ». وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ.
12109/ «16»- وَ رَوَى أَيْضاً عَمَّنْ رَوَى عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ، قَالا: كَانَ يُجَالِسُنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَلَمْ يَكُنْ يَسْمَعُ بِحَدِيثٍ إِلَّا قَالَ: سَلِّمُوا، حَتَّى لُقِّبَ: سَلِّمْ، فَكَانَ كُلَّمَا جَاءَ قَالَ أَصْحَابُنَا: قَدْ جَاءَ سَلِّمْ، فَدَخَلَ حُمْرَانُ وَ زُرَارَةُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالا: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا إِذَا سَمِعَ شَيْئاً مِنْ أَحَادِيثِكُمْ قَالَ:
سَلِّمُوا، حَتَّى لُقِّبَ بِذَلِكَ سَلِّمْ، فَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالُوا: قَدْ جَاءَ سَلِّمْ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَدْ أَفْلَحَ الْمُسَلِّمُونَ، إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ».
12110/ «17»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ الْخَيْبَرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّا نُحَدِّثُ عَنْكَ بِحَدِيثٍ، فَيَقُولُ بَعْضُنَا: قَوْلُنَا قَوْلُهُمْ؟ قَالَ: «فَمَا تُرِيدُ؟ أَ تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ إِمَاماً يُقْتَدَى بِكَ؟! مَنْ رَدَّ الْقَوْلَ إِلَيْنَا فَقَدْ سَلَّمَ».
12111/ «18»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ مِنْ قُرَّةِ الْعَيْنِ التَّسْلِيمَ إِلَيْنَا، وَ أَنْ تَقُولُوا بِكُلِّ مَا اخْتَلَفَ عَنَّا، أَوْ تَرُدُّوهُ إِلَيْنَا».
__________________________________________________
 (13)- مختصر بصائر الدرجات: 73.
 (14)- مختصر بصائر الدرجات: 73.
 (15)- مختصر بصائر الدرجات: 73.
 (16)- مختصر بصائر الدرجات: 73.
 (17)- مختصر بصائر الدرجات: 76.
 (18)- مختصر بصائر الدرجات: 76.
 (1) النساء 4: 65.
 (2) في المصدر: و.
 (3) في المصدر: و عنهما.
 (4) في «ج»: و إليه، و في «ي»: و إليه و.

862
البرهان في تفسير القرآن5

4 باب وجوب التسليم لأهل البيت عليهم السلام في ما جاء عنهم ص 860

12112/ «19»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ رِبْعِيِّ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَا وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، فَقُلْنَا:
مَا لَنَا وَ لِلنَّاسِ، بِكُمْ وَ اللَّهِ نَأْتَمُّ، وَ عَنْكُمْ نَأْخُذُ، وَ لَكُمْ وَ اللَّهِ نُسَلِّمُ، وَ مَنْ وَلَّيْتُمْ وَ اللَّهِ تَوَلَّيْنَا، وَ مَنْ بَرِئْتُمْ مِنْهُ بَرِئْنَا مِنْهُ، وَ مَنْ كَفَفْتُمْ عَنْهُ كَفَفْنَا عَنْهُ، فَرَفَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: «وَ اللَّهِ [هَذَا] هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ».
12113/ «20»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مَنْصُورٍ الصَّيْقَلِ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ: مَا نَدْرِي مَا يُقْبَلُ مِنْ حَدِيثِنَا هَذَا مِمَّا يَرِدُ؟ فَقَالَ: «وَ مَا ذَاكَ؟». قَالَ: لَيْسَ شَيْ‏ءٌ يَسْمَعُهُ مِنَّا إِلَّا قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ؟
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «هَذَا مِنَ الْمُسَلِّمِينَ، إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ، إِنَّمَا عَلَيْهِ إِذَا جَاءَهُ شَيْ‏ءٌ لَا يَدْرِي مَا هُوَ، أَنْ يَرُدَّهُ إِلَيْنَا».
12114/ «21»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَ الْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي مَسْرُوقٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِذَا بَلَغَهُ عَنَّا حَدِيثٌ لَمْ يُعْطَ مَعْرِفَتَهُ أَنْ يَقُولَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ، فَيَكُونُ قَدْ آمَنَ بِسِرِّنَا وَ عَلَانِيَتِنَا».
12115/ «22»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ الْبَجَلِيِّ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَ قَدْ «1» حَدَّثَنِي بِهِ جَعْفَرُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ حَمَّادٍ ابْنِ عُثْمَانَ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَوْ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «وَ لَا تُكَذِّبُوا الْحَدِيثَ وَ إِنْ أَتَاكُمْ بِهِ مُرْجِئِيٌّ وَ لَا قَدَرِيٌّ وَ لَا خَارِجِيٌّ نَسَبَهُ إِلَيْنَا، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّهُ شَيْ‏ءٌ مِنَ «3» الْحَقِّ فَتُكَذِّبُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوْقَ عَرْشِهِ».
12116/ «23»- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنِّي تَرَكْتُ مَوَالِيَكَ مُخْتَلِفِينَ، يَبْرَأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ؟
 [قَالَ‏]: فَقَالَ: «وَ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ؟ إِنَّمَا كُلِّفَ النَّاسُ ثَلَاثَةً: مَعْرِفَةَ الْأَئِمَّةِ، وَ التَّسْلِيمَ لَهُمْ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ، وَ الرَّدَّ إِلَيْهِمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ».
__________________________________________________
 (19)- مختصر بصائر الدرجات: 76.
 (20)- مختصر بصائر الدرجات: 76.
 (21)- مختصر بصائر الدرجات: 76.
 (22)- مختصر بصائر الدرجات: 77.
 (23)- الكافي 1: 321/ 1.
 (1) في «ج، ي»: محمّد بن الحسن، قال.
 (2) (عن أبي جعفر أو) ليس في «ج، ي».
 (3) في «ج، ي»: لعله عن.

863
البرهان في تفسير القرآن5

4 باب وجوب التسليم لأهل البيت عليهم السلام في ما جاء عنهم ص 860

12117/ «24»- وَ عَنْهُ: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْكَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَوْ أَنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ، وَ آتَوُا الزَّكَاةَ، وَ حَجُّوا الْبَيْتَ، وَ صَامُوا شَهْرَ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَالُوا لِشَيْ‏ءٍ صَنَعَهُ اللَّهُ أَوْ صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَلَا صَنَعَ خِلَافَ الَّذِي صَنَعَ؟ أَوْ وَجَدُوا ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ؛ لَكَانُوا بِذَلِكَ مُشْرِكِينَ». ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «1»، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «عَلَيْكُمْ بِالتَّسْلِيمِ».
12118/ «25»- وَ عَنْهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ عِنْدَنَا رَجُلًا يُقَالُ لَهُ كُلَيْبٌ فَلَا يَجِي‏ءُ عَنْكُمْ شَيْ‏ءٌ إِلَّا قَالَ: أَنَا أُسَلِّمُ، فَسَمَّيْنَاهُ كُلَيْبَ تَسْلِيمٍ، قَالَ: فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَ تَدْرُونَ مَا التَّسْلِيمُ؟» فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: «هُوَ وَ اللَّهِ الْإِخْبَاتُ، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى‏ رَبِّهِمْ «2»».
12119/ «26»- وَ عَنْهُ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً «3» قَالَ: «الِاقْتِرَافُ:
التَّسْلِيمُ لَنَا، وَ التَّصَدُّقُ عَلَيْنَا، وَ أَنْ لَا يُكْذَبَ عَلَيْنَا».
12120/ «27»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ بَشِيرٍ الدَّهَّانِ، عَنْ كَامِلٍ التَّمَّارِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ «4» أَ تَدْرِي مَنْ هُمْ؟» قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الْمُسَلِّمُونَ، إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ، فَالْمُؤْمِنُ غَرِيبٌ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ».
12121/ «28»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ الْخَشَّابِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ رَبِيعِ الْمُسْلِمِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْإِيمَانَ كُلَّهُ فَلْيَقُلِ: الْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا وَ مَا أَعْلَنُوا، وَ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وَ فِيمَا لَمْ‏
__________________________________________________
 (24)- الكافي 1: 321/ 2.
 (25)- الكافي 1: 321/ 3.
 (26)- الكافي 1: 321/ 4.
 (27)- الكافي 1: 322/ 5.
 (28)- الكافي 1: 322/ 6.
 (1) النساء 4: 65.
 (2) هود 11: 23.
 (3) الشورى 42: 23.
 (4) المؤمنون 23: 1.

864
البرهان في تفسير القرآن5

4 باب وجوب التسليم لأهل البيت عليهم السلام في ما جاء عنهم ص 860

يَبْلُغْنِي».
12122/ «29»- وَ عَنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ- أَوْ بُرَيْدٍ- عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ: «لَقَدْ خَاطَبَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي كِتَابِهِ». قَالَ: قُلْتُ: فِي أَيِّ مَوْضِعٍ؟ قَالَ:
 «فِي قَوْلِهِ: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً* فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ فِيمَا تَعَاقَدُوا عَلَيْهِ: لَئِنْ أَمَاتَ اللَّهُ مُحَمَّداً لَا يَرُدُّوا هَذَا الْأَمْرَ فِي بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ عَلَيْهِمْ «1» مِنَ الْقَتْلِ أَوِ الْعَفْوِ «2» وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «3»».
12123/ «30»- وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ «4» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: «هُمُ الْمُسَلِّمُونَ لِآلِ مُحَمَّدٍ، الَّذِينَ إِذَا سَمِعُوا الْحَدِيثَ لَمْ يَزِيدُوا فِيهِ وَ لَمْ يَنْقُصُوا مِنْهُ، جَاءُوا بِهِ كَمَا سَمِعُوهُ».
12124/ «31»- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ حَنَانٍ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «يَا أَبَا الصَّبَّاحِ، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ». قَالَهَا ثَلَاثاً، وَ قُلْتُهَا ثَلَاثاً، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسَلِّمِينَ هُمُ الْمُنْتَجَبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هُمْ أَصْحَابُ النَّجَائِبِ».
و الروايات في هذا الباب كثيرة، تركنا ذكر كثير منها مخافة الإطالة. و تقدم من ذلك في هذا الكتاب في مواضع عديدة.
__________________________________________________
 (29)- الكافي 1: 322/ 7.
 (30)- الكافي 1: 322/ 8.
 (31)- مختصر بصائر الدرجات: 75.
 (1) (عليهم) ليس في «ج».
 (2) (عليهم من القتل أو العفو) ليس في «ي».
 (3) النساء 4: 64، 65.
 (4) الزمر 39: 18.

865
البرهان في تفسير القرآن5

5 باب ص 866

5- باب‏
12125/ «1»- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا عَلِيُّ، الْقُرْآنُ خَلْفَ فِرَاشِي فِي الصُّحُفِ وَ الْحَرِيرِ وَ الْجَرِيدِ وَ الْقَرَاطِيسِ، فَخُذُوهُ وَ اجْمَعُوهُ وَ لَا تُضَيِّعُوهُ كَمَا ضَيَّعَ الْيَهُودُ التَّوْرَاةَ. فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَجَمَعَهُ فِي ثَوْبٍ أَصْفَرَ، ثُمَّ خَتَمَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، وَ قَالَ: لَا.
أَرْتَدِي حَتَّى أَجْمَعَهُ، وَ إِنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ لَيَأْتِيهِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ، حَتَّى جَمَعَهُ».
12126/ «2»- قَالَ: «وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَوْ أَنَّ النَّاسَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ».
12127/ «3»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «مَا أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ جَمَعَ «1» الْقُرْآنَ إِلَّا وَصِيُّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)».
12128/ «4»- وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ مُرَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: «إِنَّ فِي الْقُرْآنِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، حَتَّى وَ اللَّهِ مَا تَرَكَ شَيْئاً يَحْتَاجُ الْعِبَادُ إِلَيْهِ إِلَّا بَيَّنَهُ لِلنَّاسِ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ عَبْدٌ يَقُولُ: لَوْ كَانَ هَذَا أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ، أَلَا وَ قَدْ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ».
و قد تقدم من ذلك في أبواب أوّل الكتاب. على هذا نقطع الكلام، و لله الحمد على الإيمان و الإسلام.
ثمّ اعلم أيها الأخ في الدين، و الطالب للحق المستبين، و الراغب في علوم أهل اليقين، محمد و آله الأئمة الراشدين، و الأمناء المعصومين، حجة اللّه على الخلق أجمعين، و أفضل الأولين و الآخرين، أنه اشتمل الكتاب على كثير من الروايات عنهم عليهم السلام في تفسير كتاب اللّه العزيز، و انطوى على الجم من فضلهم و ما نزل فيهم (عليهم السلام)، و احتوى على كثير من علوم الأحكام و الآداب و قصص الأنبياء و غير ذلك ممّا لا يحتويه كتاب، إن‏
__________________________________________________
 (1)- تفسير القمّيّ 2: 451.
 (2)- تفسير القمّيّ 2: 451.
 (3)- تفسير القمّيّ 2: 451.
 (4)- تفسير القمّيّ 2: 451.
 (1) في «ط»: ما من أحد جمع من هذه الأمّة جميع.

866
البرهان في تفسير القرآن5

5 باب ص 866

في ذلك لعبرة لاولي الألباب، فليس لأحد أن يعمل بتفسير المخالفين بعد إظهار الحق و زهوق الباطل.
و الالتماس من الإخوان الناظرين في هذا الكتاب، إن صح عندهم ما هو أصح من الأصول التي أخذت منها هذا الكتاب، فليصلحوا ما تبين فيه من الخلل، لأن بعض الكتب التي أخذت منها هذا الكتاب، كتفسير علي بن إبراهيم، و كان يحضرني منه نسخ عديدة. و العيّاشيّ، و كان يحضرني منه نسختان من أول القرآن إلى آخر سورة الكهف، فأصلحت و صححت بحسب الإمكان من ذلك، و اللّه سبحانه هو الموفق.
و اعلم أني إذا ذكرت ابن بابويه، فهو أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ صاحب (الفقيه)، و إذا ذكرت الشيخ، فهو أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ صاحب (التهذيب)، و إذا ذكرته و لم أذكر الكتاب المأخوذ منه، فهو من (التهذيب)، و إذا ذكرت الطبرسيّ و لم أذكر الكتاب المأخوذ منه فهو أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسيّ من تفسيره (مجمع البيان).
و قد بني هذا الكتاب- الكثير منه- على كتب المشايخ الثلاثة: أعني الشيخ محمّد بن يعقوب، و الشيخ محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه، و الشيخ محمّد بن الحسن الطوسيّ، و أنا أذكر طريقي إليهم (رضوان اللّه عليهم).
أخبرني بالإجازة عدة من أصحابنا منهم السيّد الفاضل التقي الزكي السيّد عبد العظيم بن السيّد عبّاس بالمشهد الشريف الرضوي على ساكنه و آبائه و أولاده أفضل التحيات و أكمل التسليمات، عن الشيخ المتبحر المحقق، مفيد الخاص و العام، شيخنا الشيخ محمّد العاملي الشهير ببهاء الدين، عن أبيه الشيخ حسين بن عبد الصمد، عن خاتمة المجتهدين، زين الملّة و الدين، الشهيد الثاني، عن الشيخ الفاضل و العالم الكامل «1» الشيخ علي بن عبد العال الميسي، عن الشيخ شمس الدين محمّد بن المؤذن الجزيني، عن الشيخ ضياء الدين علي، عن والده الأجل الجامع مدرج السعادة بين رتبة العلم و الشهادة الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي، عن الشيخ المدقق فخر الدين أبي طالب محمد، عن والده العلامة آية اللّه في العالمين جمال الملّة و الحق و الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي، عن شيخه الكامل رئيس المحققين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد، عن السيّد الجليل أبي عليّ فخار بن معد الموسوي، عن الشيخ الأوحد أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمّيّ، عن الشيخ الفاضل الفقيه عماد الدين أبي جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبريّ، عن الشيخ الأجل أبي عليّ الحسن، عن والده قدوة الفرقة و شيخ الطائفة المحقة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ.
و له (قدس اللّه سره) إلى محمّد بن يعقوب طرق متعدّدة، منها: عن أسوة الفقهاء و المتكلّمين أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد، عن الشيخ الأفضل أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب.
و له- أعني الشيخ الطوسيّ- إلى رئيس المحدثين الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ طرق متعدّدة، منها: عن الشيخ أبي عبد اللّه المفيد، عن الصدوق قدس اللّه أرواحهم.
__________________________________________________
 (1) زاد في النسخ: المحقّق الثاني، و لا يصحّ، انظر: روضات الجنّات 3: 353، رياض العلماء 4: 116.

867
البرهان في تفسير القرآن5

5 باب ص 866

و كان الفراغ من تسويد هذا الكتاب المبارك المسمى ب (البرهان في تفسير القرآن) على يد مؤلّفه فقير اللّه الغني عبده هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد الحسيني البحرانيّ باليوم الثالث من شهر ذي الحجة الحرام سنة الخامسة و التسعين بعد الألف من الهجرة المحمدية على مهاجرها و آله الصلاة و السلام.
انتهى بحمد اللّه و منه الجزء الأخير من (البرهان في تفسير القرآن) للسيّد البحرانيّ (رحمه اللّه) و قد فرغ من تحقيقه قسم الدراسات الإسلامية- مؤسّسة البعثة- قم بتاريخ الأول من شوال سنة 1415 ه و الحمد لله على حسن منه و توفيقه‏

868
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

فهرس محتويات الكتاب‏
سورة الدخان 7
فضلها 7
الدخان آيه 9- 1/ 8
الدخان آيه 28- 10/ 13
الدخان آيه 29/ 14
الدخان آيه 32- 30/ 17
الدخان آيه 37/ 18
الدخان آيه 42- 40/ 18
الدخان آيه 49- 43/ 20
الدخان آيه 59- 51/ 20
سورة الجاثية 23
فضلها 23
الجاثية آيه 5- 1/ 24
الجاثية آيه 13- 7/ 26
الجاثية آيه 14/ 27
الجاثية آيه 15/ 28
الجاثية آيه 19- 18/ 28
الجاثية آيه 24- 21/ 29
الجاثية آيه 29- 25/ 30
الجاثية آيه 37- 34/ 32

869
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

مستدرك سورة الجاثية 33
الجاثية آيه 6/ 33
سورة الأحقاف 35
فضلها 35
الأحقاف آيه 4- 1/ 36
الأحقاف آيه 8- 5/ 37
الأحقاف آيه 9/ 37
الأحقاف آيه 10/ 38
الأحقاف آيه 13/ 38
الأحقاف آيه 15/ 39
الأحقاف آيه 18- 17/ 43
الأحقاف آيه 20/ 44
الأحقاف آيه 21/ 46
الأحقاف آيه 32- 22/ 47
الأحقاف آيه 33/ 49
الأحقاف آيه 35/ 49
سورة محمد (صلّى اللّه عليه و آله) 53
فضلها 53
محمّد آيه 1/ 54
محمّد آيه 6- 2/ 55
محمّد آيه 7/ 57
محمّد آيه 9- 8/ 58
محمّد آيه 14- 10/ 58
محمّد آيه 15/ 59

870
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

محمّد آيه 17- 15/ 60
محمّد آيه 18/ 61
محمّد آيه 19/ 63
محمّد آيه 21- 20/ 66
محمّد آيه 23- 22/ 66
محمّد آيه 24/ 67
محمّد آيه 28- 25/ 68
محمّد آيه 30- 29/ 70
محمّد آيه 31/ 72
محمّد آيه 32/ 72
محمّد آيه 33/ 72
محمّد آيه 38- 35/ 73
سورة الفتح 77
فضلها 77
الفتح آيه 2- 1/ 79
الفتح آيه 10- 4/ 86
الفتح آيه 25- 11/ 88
الفتح آيه 26/ 91
الفتح آيه 27/ 93
الفتح آيه 28/ 94
الفتح آيه 29/ 95
سورة الحجرات 99
فضلها 99
الحجرات آيه 1/ 100
الحجرات آيه 5- 2/ 100
الحجرات آيه 6/ 102

871
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الحجرات آيه 7/ 105
الحجرات آيه 9/ 106
الحجرات آيه 10/ 108
الحجرات آيه 11/ 109
الحجرات آيه 12/ 110
الحجرات آيه 13/ 113
الحجرات آيه 15- 14/ 117
الحجرات آيه 18- 16/ 122
سورة ق 125
فضلها 125
سورة ق آيه 9- 1/ 126
سورة ق آيه 11- 10/ 128
سورة ق آيه 14- 12/ 128
سورة ق آيه 15/ 131
سورة ق آيه 16/ 132
سورة ق آيه 18- 17/ 133
سورة ق آيه 23- 19/ 138
سورة ق آيه 24/ 139
سورة ق آيه 29- 25/ 147
سورة ق آيه 30/ 148
سورة ق آيه 31/ 148
سورة ق آيه 37- 35/ 148
سورة ق آيه 38/ 150
سورة ق آيه 40/ 151
سورة ق آيه 45- 41/ 151

872
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

مستدرك سورة ق 153
سورة ق آيه 34- 33/ 153
سورة ق آيه 39/ 153
سورة الذاريات 155
فضلها 155
الذاريات آيه 6- 1/ 156
الذاريات آيه 9- 7/ 157
الذاريات آيه 14- 10/ 158
الذاريات آيه 23- 15/ 159
الذاريات آيه 47- 24/ 161
الذاريات آيه 49/ 167
الذاريات آيه 55- 50/ 170
الذاريات آيه 60- 56/ 171
سورة الطور 175
فضلها 175
الطور آيه 4- 1/ 176
الطور آيه 16- 5/ 177
الطور آيه 40- 21/ 177
الطور آيه 47/ 180
الطور آيه 49- 48/ 181
مستدرك سورة الطور 182
الطور آيه 45- 44/ 182
سورة النجم 185
فضلها 185
النجم آيه 23- 1/ 186

873
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

النجم آيه 32/ 201
النجم آيه 37/ 205
النجم آيه 39- 38/ 205
النجم آيه 42/ 206
النجم آيه 43/ 207
النجم آيه 46/ 207
النجم آيه 48/ 208
النجم آيه 49/ 208
النجم آيه 53/ 208
النجم آيه 55/ 209
النجم آيه 61- 56/ 209
مستدرك سورة النجم) 211
النجم آيه 26/ 211
النجم آيه 31/ 212
سورة القمر 213
فضلها 213
القمر آيه 2- 1/ 214
القمر آيه 8- 3/ 218
القمر آيه 9/ 219
القمر آيه 19- 11/ 219
القمر آيه 30- 27/ 220
القمر آيه 31/ 220
القمر آيه 37/ 221
القمر آيه 47- 42/ 221
القمر آيه 55- 48/ 222
مستدرك سورة القمر 225
القمر آيه 10/ 225
القمر آيه 20/ 225

874
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

سورة الرحمن 227
فضلها 227
الرحمن آيه 13- 1/ 229
الرحمن آيه 14/ 232
الرحمن آيه 15/ 232
الرحمن آيه 17/ 232
الرحمن آيه 22- 19/ 233
الرحمن آيه 24/ 236
الرحمن آيه 27- 26/ 236
الرحمن آيه 29/ 237
الرحمن آيه 31/ 237
الرحمن آيه 33/ 238
الرحمن آيه 37/ 239
الرحمن آيه 39/ 239
الرحمن آيه 44- 41/ 240
الرحمن آيه 62 و 46/ 242
الرحمن آيه 56/ 243
الرحمن آيه 60/ 244
الرحمن آيه 64/ 246
الرحمن آيه 72- 66/ 246
الرحمن آيه 78/ 248
سورة الواقعة 249
فضلها 249
الواقعة آيه 11- 1/ 251
الواقعة آيه 17- 13/ 257
الواقعة آيه 18/ 258

875
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الواقعة آيه 19/ 259
الواقعة آيه 21/ 259
الواقعة آيه 23- 22/ 259
الواقعة آيه 29- 25/ 260
الواقعة آيه 33- 30/ 260
الواقعة آيه 34/ 262
الواقعة آيه 38- 35/ 263
الواقعة آيه 55- 39/ 267
الواقعة آيه 70- 56/ 269
الواقعة آيه 73- 71/ 270
الواقعة آيه 76- 75/ 271
الواقعة آيه 79- 77/ 272
الواقعة آيه 87- 82/ 272
الواقعة آيه 98- 88/ 274
سورة الحديد 277
فضلها 277
الحديد آيه 1/ 278
الحديد آيه 3/ 278
الحديد آيه 4/ 281
الحديد آيه 6/ 281
الحديد آيه 9/ 282
الحديد آيه 10/ 282
الحديد آيه 11/ 283
الحديد آيه 12/ 284
الحديد آيه 17- 13/ 285
الحديد آيه 18/ 289
الحديد آيه 19/ 290

876
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الحديد آيه 21/ 294
الحديد آيه 23- 22/ 297
الحديد آيه 25/ 300
الحديد آيه 26/ 304
الحديد آيه 27/ 305
الحديد آيه 28/ 306
سورة المجادلة 309
فضلها 309
المجادلة آيه 4- 1/ 310
المجادلة آيه 7/ 312
المجادلة آيه 8/ 314
المجادلة آيه 9/ 315
المجادلة آيه 10/ 315
المجادلة آيه 11/ 318
المجادلة آيه 13- 12/ 320
المجادلة آيه 21- 14/ 326
المجادلة آيه 22/ 328
سورة الحشر 331
فضلها 331
الحشر آيه 4- 1/ 332
الحشر آيه 5/ 334
الحشر آيه 7- 6/ 334
الحشر آيه 9/ 339
الحشر آيه 10/ 343

877
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الحشر آيه 17- 11/ 344
الحشر آيه 19/ 344
الحشر آيه 20/ 345
الحشر آيه 24- 22/ 347
سورة الممتحنة 351
فضلها 351
الممتحنة آيه 8- 1/ 352
الممتحنة آيه 11- 10/ 354
الممتحنة آيه 12/ 357
الممتحنة آيه 13/ 360
سورة الصف 361
فضلها 361
الصف آيه 3- 1/ 362
الصف آيه 4/ 362
الصف آيه 6- 5/ 364
الصف آيه 8/ 364
الصف آيه 9/ 366
الصف آيه 13- 10/ 367
الصف آيه 14/ 369
سورة الجمعة 371
فضلها 371
الجمعة آيه 1/ 373

878
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الجمعة آيه 2/ 373
الجمعة آيه 3/ 375
الجمعة آيه 4/ 376
الجمعة آيه 6- 5/ 376
الجمعة آيه 8/ 377
الجمعة آيه 11- 9/ 377
سورة المنافقون 383
فضلها 383
المنافقون آيه 3- 1/ 384
المنافقون آيه 5- 4/ 387
المنافقون آيه 6/ 387
المنافقون آيه 8/ 388
المنافقون آيه 11- 10/ 389
سورة التغابن 391
فضلها 391
التغابن آيه 2- 1/ 393
التغابن آيه 6/ 395
التغابن آيه 7/ 396
التغابن آيه 8/ 396
التغابن آيه 9/ 397
التغابن آيه 11/ 398
التغابن آيه 12/ 398
التغابن آيه 14/ 399
التغابن آيه 15/ 399
التغابن آيه 16/ 399
باب معنى الشح و البخل 400

879
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

سورة الطلاق 403
فضلها 403
الطلاق آيه 3- 1/ 404
الطلاق آيه 4/ 411
الطلاق آيه 7- 6/ 411
الطلاق آيه 11- 8/ 413
الطلاق آيه 12/ 414
سورة التحريم 417
فضلها 417
التحريم آيه 5- 1/ 418
التحريم آيه 6/ 423
التحريم آيه 8/ 425
التحريم آيه 9/ 429
التحريم آيه 12- 10/ 429
سورة الملك 433
فضلها 433
الملك آيه 2- 1/ 435
الملك آيه 9- 3/ 440
الملك آيه 11- 10/ 441
الملك آيه 13/ 441
الملك آيه 14/ 441
الملك آيه 15/ 443
الملك آيه 22/ 443

880
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الملك آيه 27/ 445
الملك آيه 29- 28/ 447
الملك آيه 30/ 448
سورة القلم 451
فضلها 451
القلم آيه 3- 1/ 452
القلم آيه 4/ 455
القلم آيه 13- 5/ 456
القلم آيه 16- 15/ 459
القلم آيه 33- 17/ 459
القلم آيه 43- 40/ 461
القلم آيه 48- 44/ 463
القلم آيه 52- 49/ 463
سورة الحاقة 467
فضلها 467
الحاقة آيه 6- 1/ 468
الحاقة آيه 7/ 469
الحاقة آيه 9/ 469
الحاقة آيه 10/ 470
الحاقة آيه 11/ 470
الحاقة آيه 12/ 470
الحاقة آيه 16- 14/ 473
الحاقة آيه 23- 17/ 473
الحاقة آيه 24/ 477
الحاقة آيه 32- 25/ 478
الحاقة آيه 36- 33/ 479

881
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الحاقَّة آيه 52- 40/ 480
سورة المعارج 481
فضلها 481
المعارج آيه 5- 1/ 482
المعارج آيه 21- 8/ 487
المعارج آيه 23- 22/ 488
المعارج آيه 25- 24/ 489
المعارج آيه 26/ 491
المعارج آيه 29/ 491
المعارج آيه 41- 36/ 492
المعارج آيه 44- 43/ 493
سورة نوح 495
فضلها 495
نوح آيه 1/ 496
نوح آيه 9- 7/ 496
نوح آيه 12- 10/ 497
نوح آيه 22- 13/ 498
نوح آيه 27- 23/ 498
نوح آيه 28/ 502
سورة الجن 505
فضلها 505
الجن آيه 4- 1/ 506
الجن آيه 6/ 507
الجن آيه 28- 10/ 507

882
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

سورة المزّمّل 515
فضلها 515
المزّمّل آيه 3- 1/ 516
المزّمّل آيه 6- 4/ 517
المزّمّل آيه 8- 7/ 517
المزّمّل آيه 20- 10/ 519
سبب نزول السورة 520
سورة المدّثّر 521
فضلها 521
74/ 5- 1/ 522
المدّثّر آيه 6/ 524
المدّثّر آيه 10- 8/ 524
المدّثّر آيه 56- 11/ 525
سورة القيامة 533
فضلها 533
القيامة آيه 5- 1/ 534
القيامة آيه 15- 6/ 535
القيامة آيه 23- 17/ 536
القيامة آيه 30- 24/ 540
القيامة آيه 40- 31/ 540
سورة الدهر 543
فضلها 543
الدهر آيه 3- 1/ 544
الدهر آيه 9- 5/ 546
الدهر آيه 21- 14/ 554

883
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الدهر آيه 23/ 555
الدهر آيه 31- 29/ 555
سورة المرسلات 557
فضلها 557
المُرْسَلَات آيه 27- 1/ 558
المرسلات آيه 31- 29/ 560
المرسلات آيه 36- 35/ 560
المرسلات آيه 50- 41/ 561
سورة النبأ 563
فضلها 563
النَّبَأُ آيه 5- 1/ 564
النبأ آيه 11- 6/ 566
النبأ آيه 16- 13/ 567
النبأ آيه 18/ 567
النبأ آيه 23- 19/ 568
النبأ آيه 33- 24/ 569
النبأ آيه 38- 34/ 569
النبأ آيه 40/ 571
سورة النازعات 573
فضلها 573
النازعات آيه 4- 1/ 574
النازعات آيه 7- 5/ 575
النازعات آيه 16- 8/ 576
النازعات آيه 25- 23/ 577
النازعات آيه 41- 29/ 578
النازعات آيه 46- 42/ 579

884
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

سورة عبس 581
فضلها 581
عبس آيه 10- 1/ 582
عبس آيه 16- 11/ 583
عبس آيه 23- 17/ 583
عبس آيه 33- 24/ 584
عبس آيه 37- 34/ 585
عبس آيه 42- 38/ 586
سورة التَّكوير 589
فضلها 589
التكوير آيه 7- 1/ 590
التكوير آيه 9- 8/ 591
التكوير آيه 13- 10/ 594
التكوير آيه 29- 15/ 595
باب معنى الأفق المبين 598
سورة الإنفطار 599
فضلها 599
الإنفطار آيه 8- 1/ 601
الإنفطار آيه 19- 9/ 601
سورة المطففين 603
فضلها 603
المطففين آيه 5- 1/ 604
المطففين آيه 28- 7/ 605
المطففين آيه 36- 29/ 610
المطففين آيه 14/ 612

885
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

المُطَفِّفِينَ آيه 15/ 613
سورة الإِنْشقاق 615
فضلها 615
الإنشقاق آيه 25- 1/ 616
سورة البروج 621
فضلها 621
البروج آيه 1/ 622
البروج آيه 3- 2/ 623
البروج آيه 8- 4/ 624
البروج آيه 10/ 625
البروج آيه 14- 11/ 626
البروج آيه 22- 15/ 627
سورة الطارق 629
فضلها 629
الطارق آيه 17- 1/ 630
سورة الأعلى 633
فضلها 633
الأعلى آيه 15- 1/ 635
الأعلى آيه 19- 16/ 637
سورة الغاشية 641
فضلها 641
الغاشية آيه 11- 1/ 642

886
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

الغاشية آيه 26- 13/ 644
سورة الفجر 649
فضلها 649
الفجر آيه 4- 1/ 650
الفجر آيه 10- 5/ 651
الفجر آيه 23- 14/ 652
الفجر آيه 26- 25/ 656
الفجر آيه 30- 27/ 657
سورة البلد 659
فضلها 659
البلد آيه 20- 1/ 660
سورة الشمس 669
فضلها 669
الشمس آيه 15- 1/ 670
سورة الليل 675
فضلها 675
الليل آيه 4- 1/ 676
الليل آيه 21- 5/ 677
سورة الضحى 681
فضلها 681
الضحى آيه 5- 1/ 682
الضحى آيه 11- 6/ 684
سورة الانشراح 687

887
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

فضلها 687
الإنشراح آيه 8- 1/ 688
سورة التين 691
فضلها 691
التين آيه 8- 1/ 692
سورة العلق 695
فضلها 695
العلق آيه 19- 1/ 696
سورة القدر 699
فضلها 699
القدر آيه 5- 1/ 701
سورة البينة 717
فضلها 717
البينة آيه 8- 1/ 718
سورة الزلزلة 725
فضلها 725
الزلزلة آيه 8- 1/ 727
سورة العاديات 731
فضلها 731
العاديات آيه 11- 1/ 732
سورة القارعة 739
فضلها 739

888
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

القارعة آيه 11- 1/ 740
سورة التكاثر 743
فضلها 743
التكاثر آيه 8- 1/ 745
سورة العصر 751
فضلها 751
العصر آيه 3- 1/ 752
سورة الهمزة 755
فضلها 755
الهمزة آيه 9- 1/ 756
سورة الفيل 759
فضلها 759
الفيل آيه 5- 1/ 760
سورة قريش 765
فضلها 765
قريش آيه 4- 1/ 766
سورة الماعون 767
فضلها 767
الماعون آيه 7- 1/ 768
سورة الكوثر 771
فضلها 771
الكوثر آيه 3- 1/ 772

889
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

سورة الكافرون 779
فضلها 779
الكافرون آيه 6- 1/ 781
سورة النصر 783
فضلها 783
النصر آيه 1/ 784
سورة اللهب 787
فضلها 787
اللهب آيه 5- 1/ 788
سورة الإخلاص 793
فضلها 793
الإخلاص آيه 4- 1/ 800
سورة الفلق 809
فضلها 809
الفلق آيه 5- 1/ 810
1- باب في الحسد و معناه 812
11/ 2- باب في ما روي من السحر الذي سُحِرَ به النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) و ما يبطل به السحر، و خواص المعوذتين 813
سورة الناس 817
فضلها 817
الناس آيه 6- 1/ 818
باب أن المعوذتين من القرآن 819

890
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس محتويات الكتاب ص 869

أبواب الخاتمة 821
1- باب في ردّ متشابه القرآن إلى تأويله 821
2- باب فضل القرآن 856
3- باب أن حديث أهل البيت (عليهم السلام) صعب مستصعب 858
4- باب وجوب التسليم لأهل البيت (عليهم السلام) في ما جاء عنهم 860
5- باب 866
فهرس محتويات الكتاب 968
فهرس المصادر و المراجع 398

891
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

فهرس المصادر و المراجع‏
1- آثار البلاد و أخبار العباد: لزكريا بن محمّد بن محمود القزوينيّ، المتوفّى سنة 682 ه، منشورات دار بيروت، سنة 1404 ه.
2- آلاء الرحمن في تفسير القرآن: لمحمّد جواد البلاغي، المتوفّى سنة 1352 ه، منشورات مكتبة الوجداني، قم، الطبعة الثانية.
3- الإتقان في علوم القرآن: لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، المتوفّى سنة 911 ه، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، منشورات الرضي- بيدار، مطبعة أمير، الطبعة الثانية 1367 ه. ش.
4- الإجازة الكبيرة: للسيّد عبد اللّه الموسوي الجزائريّ، من أعلام القرن الثاني عشر الهجري، تحقيق محمّد السماحي الحائري، منشورات مكتبة السيّد المرعشيّ، الطبعة الأولى، 1409 ه.
5- الاحتجاج: لأبي منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ، من أعلام القرن السادس الهجري، تحقيق محمّد باقر الموسوي الخرسان، منشورات المرتضى، مطبعة سعيد، مشهد، 1403 ه.
6- إحقاق الحقّ و إزهاق الباطل: للعلامة القاضي السيّد نور اللّه الحسيني التستريّ، الشهيد سنة 1019 ه، مكتبة السيّد المرعشيّ، قم.
7- أحكام القرآن: لأبي بكر أحمد بن علي الرازيّ الجصاص، المتوفّى سنة 370 ه، تحقيق محمّد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405 ه.
8- الاختصاص: المنسوب إلى أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي (الشيخ المفيد)، المتوفّى سنة 413 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم.
9- الأربعون حديثا عن أربعين شيخا من أربعين صحابيا: لمنتجب الدين عليّ بن عبيد اللّه بن بابويه الرازيّ، من أعلام القرن السادس الهجري، تحقيق و نشر مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)، قم، 1408 ه.
10- الأربعين: لمحمّد بن أحمد بن الحسين الخزاعيّ النيسابوريّ، من أعلام القرن الخامس الهجري، تحقيق و نشر مؤسّسة الامام المهديّ (عليه السلام)، قم، 1411 ه.
11- الأربعين: لمحمّد بن الحسين العاملي (البهائي)، المتوفّى سنة 953 ه، الطبعة الحجرية، إيران.
12- الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد: لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان (الشيخ المفيد)، المتوفّى سنة 413 ه، مكتبة بصيرتي، قم.
13- إرشاد القلوب: لأبي محمّد الحسن بن محمّد الديلميّ، من أعلام القرن الثامن الهجري، منشورات الرضي، قم.
14- أساس البلاغة: لجار اللّه أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، المتوفّى سنة 538 ه، تحقيق الأستاذ

893
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

عبد الرحيم محمود، انتشارات دفتر تبليغات إسلامي، قم.
15- أسباب النزول: لأبي الحسن عليّ بن أحمد الواحدي النيسابوريّ، المتوفّي سنة 468 ه، عالم الكتب، بيروت.
16- الاستبصار فيما اختلف من الأخبار: لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، تحقيق حسن الموسوي الخرسان، منشورات دار الكتب الإسلامية، طهران، مطبعة خورشيد، الطبعة الرابعة 1363 ه. ش.
17- الاستيعاب في معرفة الأصحاب: لابن عبد البر النمري القرطبيّ، المتوفّى سنة 463 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1328 ه.
18- أسد الغابة في معرفة الصحابة: لعز الدين أبي الحسن عليّ بن محمّد بن محمّد الشيباني، المعروف بابن الأثير، المتوفّى سنة 630 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
19- الإصابة في تمييز الصحابة: لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن عليّ بن محمّد الكتاني العسقلاني، ابن حجر، المتوفّى سنة 852 ه، منشورات شركة طبع الكتب العلمية في مصر، مطبعة السعادة، 1323 ه.
20- الاعتقادات: للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، المتوفّى سنة 381 ه، المطبوع مع شرح الباب الحادي عشر، مركز نشر كتاب، 1370 ه.
21- الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال و النساء من العرب و المستعربين و المستشرقين: لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة السابعة 1986 م.
22- أعلام الدين في صفات المؤمنين: للشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلميّ، من أعلام القرن الثامن الهجري، تحقيق و نشر مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام)، قم، 1408 ه.
23- أعلام النساء في عالمي العرب و الإسلام: لعمر رضا كحالة، نشر مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الخامسة، 1404 ه.
24- إعلام الورى بأعلام الهدى: لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسيّ، من أعلام القرن السادس، منشورات دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثالثة.
25- أعيان الشيعة: للسيّد محسن الأمين، المتوفّى سنة 1371 ه، تحقيق حسن الأمين، منشورات دار التعارف للمطبوعات، بيروت.
26- الأغاني: لأبي الفرج الأصفهانيّ، المتوفّى سنة 352 ه، مؤسّسة عزّ الدين، بيروت.
27- إقبال الأعمال: لأبي القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن طاوس، المتوفّى سنة 664 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثانية، 1390 ه.
28- أقرب الموارد في فصح العربية و الشوارد: للعلامة سعيد الخوري الشرتوني اللبناني، مكتبة السيّد المرعشيّ النجفيّ، قم، 1403 ه.
29- الأمالي: لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان (الشيخ المفيد)، المتوفّى سنة 413 ه، تحقيق الحسين‏

894
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

استاد ولي و علي أكبر الغفاري، منشورات جامعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدّسة، المطبعة الإسلامية 1403 ه.
30- أمالي الصدوق: للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، المتوفّى سنة 381 ه، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1400 ه.
31- أمالي الطوسيّ: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1384 ه.
32- أمالي المرتضى (غرر الفوائد و درر القلائد): للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي العلوي، المتوفّى سنة 436 ه، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية 1387 ه.
33- أمل الآمل: لمحمّد بن الحسن (الحرّ العامليّ) المتوفّى سنة 1104 ه تحقيق السيّد أحمد الحسيني، نشر مكتبة الاندلس، بغداد.
34- الأنساب: لأبي سعد عبد الكريم السمعاني، المتوفّى سنة 562 ه، تحقيق عبد اللّه عمر البارودي، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 ه.
35- أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف و الاحساء و البحرين: للشيخ علي البلادي البحرانيّ، المتوفّى سنة 1340 ه، تحقيق الشيخ محمّد علي الطبسي، نشر مكتبة السيّد المرعشيّ، قم، 1407 ه.
36- الأنوار النعمانية: للسيّد نعمة اللّه الجزائريّ، المتوفّى سنة 1112 ه، تبريز، إيران.
37- أوائل المقالات في المذاهب و المختارات: للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان، المتوفّى سنة 413 ه، تحقيق فضل اللّه الشهير بشيخ الإسلام الزنجانيّ، الطبعة الثانية، تبريز 1371 ه، منشورات مكتبة الداوري، قم.
38- إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون: لإسماعيل باشا بن محمّد أمين الباباني البغداديّ، منشورات مكتبة المثنى، بغداد.
39- بحار الأنوار: لمحمد باقر المجلسي، المتوفّى سنة 1111 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران، و ج 8 من الطبعة الحجرية.
40- البداية و النهاية: لأبي الفداء الحافظ، ابن كثير الدمشقي، المتوفّى سنة 774 ه، تحقيق مجموعة من الأساتذة، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الرابعة، 1408 ه.
41- البرهان في علوم القرآن: لمحمّد بن عبد اللّه الزركشي، المتوفّى سنة 794 ه، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، نشر دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 ه.
42- بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: لأبي جعفر محمّد بن أبي القاسم محمّد بن علي الطبريّ، من أعلام القرن السادس الهجري، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، الطبعة الثانية، 1383 ه.
43- بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد (عليهم السلام): لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن فروخ الصفار، المتوفّى سنة 290 ه، تحقيق ميرزا محسن، منشورات مؤسّسة الأعلمي، طهران، مطبعة الأحمدي،

895
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

1362 ه. ش.
44- تاج العروس: لمحب الدين أبي الفيض السيّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي، المتوفّى سنة 1205 ه، المطبعة الخيرية المنشأة بجمالية مصر، الطبعة الأولى.
45- تاريخ بغداد أو مدينة السلام: لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغداديّ، المتوفّى سنة 463 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
46- تاريخ الخلفاء: لجلال الدين السيوطي، المتوفّى سنة 911 ه، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 ه.
47- تاريخ دمشق، ترجمة الإمام عليّ (عليه السلام): لأبي القاسم عليّ بن الحسن (ابن عساكر) المتوفّى سنة 571 ه، تحقيق محمّد باقر المحمودي، نشر مؤسّسة المحمودي، بيروت، الطبعة الثانية، 1398 ه.
48- تاريخ كامل إيران: لعبد اللّه رازي، تصحيح كاظم كاظم‏زاده، مطبعة اقبال، الطبعة الأولى، 1367 ه. ش.
49- التاريخ الكبير: لأبي عبد اللّه إسماعيل بن إبراهيم البخاري، المتوفّى سنة 256 ه، نشر دار الكتب العلمية، بيروت.
50- تاريخ اليعقوبي: لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر المعروف بابن واضح الأخباري، المتوفّى سنة 292 ه، نشر دار العراق، بيروت، 1375 ه.
51- تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: للسيّد شرف الدين علي الحسيني النجفيّ، من أعلام القرن العاشر الهجري، تحقيق و نشر مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)، الطبعة الأولى، 1407 ه، و طبعة جماعة المدرسين، قم، الطبعة الأولى، 1409 ه.
52- التبيين في أنساب القرشيين: لأبي محمّد عبد اللّه بن أحمد بن محمّد بن قدامة المقدسي، المتوفّى سنة 620 ه، تحقيق محمّد نايف الدُّلَيْمِيِّ، نشر مكتبة النهضة العربية و عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثانية، 1408 ه.
53- تحف العقول عن آل الرسول (صلّى اللّه عليه و آله): لأبي محمّد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّانيّ، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق علي أكبر الغفاري، نشر جماعة المدرسين، قم، 1404 ه.
54- تحفة الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار: لحسين بن مساعد الحائري، مخطوط آستان قدس رضوي، مشهد، رقم 2159.
55- تحفة الأخوان: مخطوط، مكتبة السيّد المرعشيّ، قم، رقم 3977.
56- تذكرة الحفاظ: لأبي عبد اللّه شمس الدين محمّد الذهبي، المتوفّى سنة 748 ه، نشر دار إحياء التراث العربي، بيروت.
57- تذكرة الخواص: ليوسف بن قزغلي بن عبد اللّه البغداديّ، سبط الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، المتوفّى سنة 654 ه، إصدار مكتبة نينوى الحديثة، طهران.
58- تراجم أعلام النساء: للشيخ محمّد حسين الأعلمي الحائري، نشر مؤسّسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الأولى، 1407 ه.

896
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

59- تعليقة أمل الآمل: للميرزا عبد اللّه أفندي الأصبهانيّ، من أعلام القرن الثاني عشر الهجري، تحقيق السيّد أحمد الحسيني، منشورات مكتبة السيّد المرعشيّ، قم، الطبعة الأولى، 1410 ه.
60- تفسير الآلوسي (روح المعاني): لأبي الفضل شهاب الدين السيّد محمود الآلوسي البغداديّ، المتوفّى سنة 1270 ه، تحقيق السيّد محمود شكري الآلوسي البغداديّ، دار إحياء التراث العربي بيروت، الطبعة الرابعة، 1405 ه.
61- تفسير البرهان (البرهان في تفسير القرآن):
للسيّد هاشم بن سليمان الحسيني البحرانيّ، المتوفّى سنة 1107 أو 1109 ه، مؤسّسة إسماعيليان للطباعة و النشر و التوزيع، قم.
62- تفسير البيضاوي (أنوار التنزيل و أسرار التأويل):
لناصر الدين أبي سعيد عبد اللّه بن عمر بن محمّد الشيرازي البيضاوي، المتوفّى سنة 791 ه، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 ه.
63- تفسير التبيان: لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، تحقيق أحمد حبيب قصير العاملي، مكتبة الأمين، النجف الأشرف، مطبعة النعمان، 1383 ه.
64- تفسير الثعلبي (الكشف و البيان): لأحمد بن محمّد الثعلبي، المتوفّى سنة 427 ه، مخطوط، من سورة الكهف إلى سورة المؤمن.
65- تفسير جوامع الجامع: لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسيّ، من أعلام القرن السادس الهجري، مكتبة الكعبة، طهران، الطبعة الثالثة، 1362 ه. ش.
66- تفسير الحبري: لأبي عبد اللّه الحسين بن الحكم الحبري، المتوفّى سنة 286 ه، تحقيق محمّد رضا الحسيني، نشر مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام)، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 ه.
67- تفسير الصافي: لمحمد محسن الشهير بالفيض الكاشاني، المتوفّى سنة 1091 ه، تحقيق الشيخ حسين الأعلمي، منشورات دار المرتضى، مطبعة سعيد، مشهد، الطبعة الأولى.
68- تفسير الطبريّ (جامع البيان في تفسير القرآن): لأبي جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطبريّ، المتوفّى سنة 310 ه، اوفست دار المعرفة عن الطبعة المصرية الأولى، بيروت.
69- تفسير العيّاشيّ: لأبي النضر محمّد بن مسعود بن عيّاش السّلمي السمرقندي، المعروف بالعياشي، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق السيّد هاشم الرسولي المحلاتي، المكتبة العلمية الإسلامية، طهران، 1380 ه.
70- تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان: لنظام الدين الحسن بن محمّد بن حسين القمّيّ النيسابوريّ، المتوفّى سنة 850 ه، المطبوع في حاشية تفسير الطبريّ، دار المعرفة للطباعة و النشر، بيروت، 1403 ه، أوفست عن الطبعة المصرية سنة 1323 ه.
71- تفسير فرات الكوفيّ: لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفيّ، من أعلام القرن الثالث الهجري، المطبعة الحيدريّة، النجف الأشرف.

897
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

72- تفسير القرطبيّ (الجامع لأحكام القرآن): لأبي عبد اللّه محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبيّ، المتوفّى سنة 671 ه، دار إحياء التراث العربي بيروت.
73- تفسير القمّيّ: لأبي الحسن عليّ بن إبراهيم القمّيّ، من أعلام القرنين الثالث و الرابع الهجريين، تحقيق السيّد طيب الموسوي الجزائريّ، مؤسّسة دار الكتاب، قم، الطبعة الثالثة 1404 ه. و الطبعة الحجرية، و نسخة مخطوطة.
74- التفسير الكبير: لأبي عبد اللّه محمّد بن عمر بن حسين القرشيّ الطبرستاني الشافعي، المشهور ب (الفخر الرازيّ)، المتوفّى سنة 606 ه، منشورات دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثالثة.
75- تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم): للحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشيّ الدمشقي، المتوفّى سنة 774 ه، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1407 ه.
76- تفسير الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل: لجار اللّه محمّد بن عمر الزمخشري، المتوفّى سنة 528 ه، نشر أدب الحوزة.
77- تفسير كنز الدقائق: لميرزا محمّد المشهديّ، المتوفّى سنة 1125 ه، تحقيق آقا مجتبى العراقي، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، 1407 ه.
78- التفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ (عليه السلام): تحقيق و نشر مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)، قم المقدّسة، مطبعة مهر، الطبعة الأولى 1409 ه.
79- تفسير نور الثقلين: للشيخ عبد عليّ بن جمعة العروسي الحويزي، المتوفّى سنة 1112 ه، تحقيق السيّد هاشم الرسولي المحلاتي، المطبعة العلمية، قم.
80- تقريب التهذيب: لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني، المتوفّى سنة 852 ه، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، منشورات دار المعرفة للطباعة و النشر، بيروت.
81- تلخيص المستدرك على الصحيحين: للحافظ الذهبي، المتوفّى سنة 748 ه، المطبوع بهامش المستدرك على الصحيحين، دار المعرفة، بيروت.
82- التمحيص: لأبي علي محمّد بن همام الإسكافيّ، المتوفّى سنة 336 ه، تحقيق و نشر مؤسّسة الامام المهديّ (عليه السلام)، قم، الطبعة الأولى، 1404 ه.
83- تنبيه الخواطر و نزهة النواظر (مجموعة ورّام): لأبي الحسين ورّام بن أبي فراس المالكي، المتوفّي سنة 605 ه، نشر مكتبة الفقيه، قم.
84- تنزيه الأنبياء: لعليّ بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى، المتوفّى سنة 436 ه، منشورات الشريف الرضي، قم.
85- تنقيح المقال في علم الرجال: للشيخ عبد اللّه المامقاني، المتوفّى سنة 1351 ه، الطبعة الحجرية، إيران.
86- تهذيب الأحكام: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسين الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الرابعة.

898
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

87- تهذيب التهذيب: لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني، المتوفّى 852 ه، أوفست دار إحياء التراث العربي عن طبعة حيدرآباد الدكن، بيروت.
88- تهذيب الكمال في أسماء الرجال: لأبي الحجاج يوسف المزّي، المتوفّى 742 ه، تحقيق بشار عواد معروف، نشر مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الرابعة، 1406 ه.
89- التوحيد: للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، المتوفّى سنة 381 ه، تحقيق السيّد هاشم الحسيني الطهرانيّ، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم.
90- التيسير في القراءات السبع: لأبي عمر و عثمان بن سعيد الداني، المتوفّى سنة 444 ه، تحقيق ارتوپرتزل اسطنبول، مطبعة الدولة 1930 م، اوفست مكتبة الجعفري التبريزي، طهران، الطبعة الثانية 1362 ه.
91- الثاقب في المناقب: لأبي جعفر محمّد بن علي الطوسيّ، تحقيق الشيخ نبيل رضا علوان، نشر دار الزهراء (عليها السلام)، الطبعة الأولى، 1411 ه.
92- الثقات العيون في سادس القرون: للشيخ آغا بزرگ الطهرانيّ، المتوفّى سنة 1389 ه، تحقيق علي نقي منزوي، نشر دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، 1392 ه.
93- ثواب الأعمال و عقاب الأعمال: للشيخ الصدوق، أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ، المتوفّى سنة 381 ه، منشورات الرضي، مطبعة أمير، قم، الطبعة الثانية، 1364 ه.
94- جامع الأخبار: للشيخ تاج الدين محمّد بن محمّد الشعيري، من أعلام القرن السادس الهجري، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، 1385 ه.
95- جامع الأخبار و الآثار عن النبيّ و الأئمّة الأطهار (عليهم السّلام): نشر و تحقيق مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)، قم المقدّسة، المطبعة العلمية، الطبعة الأولى، 1411 ه.
96- جامع الأصول من أحاديث الرسول (صلّى اللّه عليه و آله): لأبي السعادات مبارك بن محمّد بن الأثير الجزري، المتوفّى سنة 606 ه، تحقيق محمّد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، 1404 ه.
97- جامع الرواة و إزاحة الاشتباهات عن الطرق و الاسناد: لمحمّد بن علي الأردبيلي الغروي الحائري، المتوفّى سنة 1101 ه، منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ، قم، 1403 ه.
98- الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير: لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، المتوفّى سنة 911 ه، دار الفكر، بيروت.
99- الجامع في الرجال: للشيخ موسى الزنجانيّ، مطبعة پيروز، قم، 1394 ه.
100- الجرح و التعديل: لأبي محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمّد التميمي الحنظلي الرازيّ، المتوفّى سنة 327 ه، نشر دار أحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1271 ه.
101- جمهرة أنساب العرب: لأبي محمّد عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، المتوفّى سنة 456 ه، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1403 ه.
102- جمهرة النسب: لأبي المنذر هشام بن محمّد بن السائب الكلبي، المتوفّى سنة 204 ه، تحقيق ناجي‏

899
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

حسن، نشر مكتبة النهضة و عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1407 ه.
103- حلية الأبرار في فضائل محمّد و آله الأطهار: للسيّد هاشم البحرانيّ، المتوفّى سنة 1107 ه، نشر دار الكتب العلمية، قم، الطبعة الأولى، 1397 ه.
104- حلية الأولياء و طبقات الأصفياء: لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصفهاني، المتوفّى سنة 430 ه، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1409 ه.
105- الخرائج و الجرائح: لقطب الدين الراونديّ، المتوفّى سنة 573 ه، تحقيق و نشر مؤسّسة الامام المهديّ (عليه السلام)، قم، الطبعة الأولى، 1409 ه.
106- الخصال: لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، الصدوق، المتوفّى سنة 381 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، منشورات مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1403 ه.
107- خصائص الأئمة: لأبي الحسن محمّد بن الحسين الموسوي (الشريف الرضي) المتوفّى سنة 406 ه، تحقيق محمّد هادي الأميني، نشر مجمع البحوث الإسلامية، في الاستانة الرضوية، مشهد، 1406 ه.
108- خصائص مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن سنان النسائي، المتوفّى سنة 303 ه، كانون انتشارات شريعت، اوفست عن طبعة مطبعة التقدّم بالقاهرة.
109- خصائص الوحي المبين: ليحيى بن الحسن الحلي المعروف بابن البطريق، المتوفّى سنة 600 ه، تحقيق محمّد باقر المحمودي، منشورات مطبعة وزارة الإرشاد الإسلامي، طهران، الطبعة الأولى، 1406 ه.
110- الخلاصة (رجال العلامة الحلّي): للحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهر الحلّي، المتوفّي سنة 726 ه، تحقيق محمّد صادق بحر العلوم، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف، أوفست مكتبة الرضي قم، 1402 ه.
111- خواص القرآن: مخطوط.
112- الدّر المنثور في التفسير المأثور: لعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفّى سنة 911 ه، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1403 ه.
113- الدروع الواقية من الأخطار: لعليّ بن موسى بن طاوس، المتوفّى سنة 664 ه، مخطوط، مكتبة السيّد المرعشيّ، رقم 442.
114- دعائم الإسلام و ذكر الحلال و الحرام، و القضايا و الأحكام عن أهل بيت رسول اللّه (عليه و عليهم أفضل السلام):
لأبي حنيفة النعمان بن محمّد بن منصور التميمي المغربي، المتوفّى سنة 363 ه، تحقيق آصف بن علي أصغر فيضي، دار المعارف، القاهرة 1383 ه.
115- دلائل الإمامة: لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبريّ، من أعلام القرن الرابع الهجري، منشورات الرضي، قم، الطبعة الثالثة، 1363 ه. ش.
116- ديوان الخنساء: لتماضر بنت عمرو، المتوفاة سنة 24 ه، نشر دار صادر و بيروت، بيروت، 1383 ه.
117- ذخائر العُقْبَى في مناقب ذوي القربى: لمحب الدين أحمد بن عبد اللّه الطبريّ، المتوفّى سنة 694 ه، نشر دار المعرفة، بيروت.

900
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

118- الذريعة إلى تصانيف الشيعة: للشيخ آقا بزرگ الطهرانيّ، المتوفّى سنة 1389 ه، دار الأضواء، بيروت، الطبعة الثانية، 1403 ه.
119- الذرّية الطاهرة: لأبي بشر محمّد بن أحمد الرازيّ الدولابي، المتوفّى سنة 310 ه، تحقيق محمّد جواد الجلالي، نشر جماعة المدرسين، قم، 1407 ه.
120- ربيع الأبرار و نصوص الأخبار: لمحمود بن عمر الزمخشري، المتوفّى سنة 538 ه، تحقيق سليم النعيمي، نشر رئاسة ديوان الأوقاف، بغداد، 1976 م.
121- رجال ابن داود: لتقي الدين الحسن بن عليّ بن داود الحلّي، المتوفّى سنة 707 ه، تحقيق السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم، أوفست منشورات الرضي عن المطبعة الحيدريّة في النجف، قم.
122- رجال البرقي: لأبي جعفر أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، المتوفّى سنة 274 ه، منشورات جامعة طهران، 1342 ه. ش.
123- رجال الطوسيّ: لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، تحقيق محمّد صادق بحر العلوم، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، الطبعة الأولى، 1381 ه.
124- رجال الكشّيّ (اختيار معرفة الرجال): لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، تحقيق حسن المصطفويّ، مركز تحقيقات و مطالعات كلية الالهيات جامعة مشهد، مطبعة جامعة مشهد، 1348 ه. ش.
125- رجال النجاشيّ: لأبي العبّاس أحمد بن عليّ النجاشيّ الأسدي، المتوفّى سنة 450 ه، تحقيق موسى الزنجانيّ، نشر جماعة المدرسين، قم، 1407 ه.
126- الرَّجعة: للسيّد محمّد مؤمن بن دوست الأسترآباديّ، الشهيد في سنة 1088 ه، مخطوط، مكتبة السيّد المرعشيّ، قم، رقم 1485.
127- رسائل المؤتمر الرابع للقرآن في قم، سنة 1412 ه.
128- روضات الجنّات في أحوال العلماء و السادات: للميرزا محمّد باقر الخوانساري، المتوفّى سنة 1313 ه، نشر مكتبة إسماعيليان، قم، 1390 ه.
129- الروض المعطار في خبر الأقطار: لمحمّد بن عبد المنعم الحميري، المتوفّى سنة 900 ه، تحقيق إحسان عباس، نشر مؤسّسة ناصر للثقافة، بيروت، الطبعة الثانية، 1980 م.
130- الروضة في الفضائل: لشاذان بن جبرئيل القمّيّ، المتوفّى سنة 660 ه مخطوط.
131- روضة الواعظين: لمحمّد بن الفتال النيسابوريّ، الشهيد في سنة 508 ه، منشورات الرضي، قم، 1386 ه
132- رياض العلماء و حياض الفضلاء: للميرزا عبد اللّه أفندي الأصبهاني، من أعلام القرن الثاني عشر الهجري، تحقيق السيّد أحمد الحسيني، منشورات مكتبة السيّد المرعشيّ، قم، 1401 ه.
133- الرياض النضرة في مناقب العشرة: لأبي جعفر أحمد الطبريّ، المتوفّى سنة 694 ه، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت.

901
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

134- ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنية و اللقب: لميرزا محمّد علي مدرس تبريزي، المتوفّى سنة 1373 ه. منشورات مكتبة الخيام، الطبعة الثالثة، 1369 ه. ش. مطبوع باللغة الفارسية.
135- الزهد: للحسين بن سعيد الكوفيّ الأهوازي، من أعلام القرن الثاني و الثالث، تحقيق ميرزا غلام رضا عرفانيان، المطبعة العلمية، قم، 1399 ه
136- سعد السعود: لعليّ بن موسى بن طاوس، المتوفّى سنة 664 ه، منشورات الرضي، قم، 1363 ه. ش.
137- سفينة البحار و مدينة الحِكَمِ و الآثار: للشيخ عبّاس القمّيّ، المتوفّى سنة 1359 ه، نشر مؤسسه فراهاني، الطبعة الحجرية.
138- سنن أبي داود: لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستانيّ الأزدي، المتوفّى سنة 275 ه، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، دار إحياء السنة النبويّة، بيروت.
139- سنن الترمذي (الجامع الصحيح): لأبي عيسى محمّد بن عيسى بن سورة، المتوفّى سنة 297 ه، تحقيق أحمد محمّد شاكر، منشورات دار إحياء التراث العربي.
140- سنن الدارميّ: لأبي محمّد عبد اللّه بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارميّ، المتوفّى سنة 255 ه، منشورات دار إحياء السنة النبويّة.
141- سنن النسائي: لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، المتوفّى سنة 303 ه، منشورات دار الكتاب العربي، بيروت.
142- سير أعلام النبلاء: لشمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي، المتوفّى سنة 748 ه، تحقيق شعيب الارنؤوط، منشورات مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1405 ه.
143- السيرة النبويّة: لأبي محمّد عبد الملك بن هشام الحميري، المتوفّى سنة 213 ه، تحقيق مجموعة من الأساتذة، مطبعة مصطفى البابي الحلبيّ و أولاده بمصر، 1355 ه.
144- شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام: للمحقق الحلي، أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، المتوفّى سنة 676 ه، تحقيق عبد الحسين محمّد علي بقال، مؤسّسة اسماعيليان، قم، مطبعة أمير، 1408 ه.
145- شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: لأبي حنيفة النعمان بن محمّد التميمي، المتوفّى سنة 363 ه، تحقيق محمّد الجلالي، نشر جماعة المدرسين، قم، الطبعة الأولى، 1409 ه.
146- شرح شواهد المغني: لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفّى سنة 911 ه، تحقيق أحمد ظافر كوجان، لجنة التراث العربي، منشورات أدب الحوزة، قم.
147- شرح نهج البلاغة: لابن أبي الحديد، المتوفّى سنة 656 ه، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، الطبعة الأولى، 1378 ه، أوفست مؤسّسة إسماعيليان.
148- شرف النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): لأبي سعيد الخرگوشي، المتوفّى سنة 406 ه، ترجمة نجم الدين محمود راوندي، تحقيق محمّد روشن، نشر بابك، 1361 ه. ش.
149- شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت (صلوات اللّه و سلامه عليهم): لعبيد اللّه بن عبد اللّه‏

902
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

ابن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني، من أعلام القرن الخامس الهجري، تحقيق الشيخ محمّد باقر المحمودي، منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات بيروت، الطبعة الأولى، 1393 ه.
150- الصحاح (تاج اللغة و صحاح العربية): لإسماعيل بن حمّاد الجوهريّ، المتوفّى سنة 393 ه، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، الطبعة الرابعة، بيروت، 1407 ه.
151- صحيح البخاريّ: لأبي عبد اللّه محمّد بن إسماعيل البخاري، المتوفّى سنة 256 ه، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الخامسة 1406 ه.
152- صحيح مسلم: لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوريّ، المتوفّى سنة 261 ه، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1398 ه.
153- صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): تحقيق و نشر مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)، قم، 1408 ه.
154- الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم: لأبي محمّد عليّ بن يونس النباطي البياضي، المتوفّى سنة 877 ه، تحقيق محمّد باقر البهبودي، نشر المكتبة المرتضوية، الطبعة الأولى، 1384 ه.
155- صفة الصفوة: لجمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي المتوفّى سنة 597 ه، تحقيق محمود فاخوري، منشورات دار المعرفة، بيروت، الطبعة الرابعة، 1406 ه.
156- الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع و الزندقة: لأحمد بن حجر الهيتمي المكي، المتوفّى سنة 974 ه، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، مكتبة القاهرة، مصر، الطبعة الثانية، 1385 ه.
157- طب الأئمة (عليهم السلام): لأبي عتاب عبد اللّه و الحسين ابني بسطام النيسابوريين، من أعلام القرن الرابع الهجري، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، 1385 ه.
158- الطبقات الكبرى: لأبي عبد اللّه محمّد بن سعد بن منيع البصري المتوفّى سنة 230 ه، دار صادر، بيروت، 1405 ه.
159- الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: للسيّد رضيّ الدين أبي القاسم عليّ بن موسى بن طاوس الحسني الحسيني، المتوفّى سنة 664 ه، مطبعة الخيام، قم 1401 ه.
160- عدّة الداعي و نجاح الساعي: لأحمد بن فهد الحلّي، المتوفّى سنة 841 ه، تحقيق أحمد الموحدي، نشر دار المرتضى و دار الكتاب الأسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1407 ه.
161- علل الشرائع: للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، المتوفّى سنة 381 ه، تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم، المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف 1385 ه.
162- عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار: ليحيى بن الحسن البطريق الأسدي الحلّي، المتوفّى سنة 600 ه، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1407 ه.
163- عوالم الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) لعبد اللّه بن نور اللّه البحرانيّ، تحقيق و نشر مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)، الطبعة الأولى، 1409 ه.
164- عوالي اللآلى‏ء العزيزية في الأحاديث الدينية: لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم الإحسائي المعروف بابن أبي‏

903
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

جمهور، المتوفّى سنة 940 ه، تحقيق آقا مجتبى العراقي، الطبعة الأولى 1403 ه، اوفست مطبعة سيد الشهداء، قم.
165- العين: لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، المتوفّى سنة 175 ه، تحقيق الدكتور مهدي المخزومي و الدكتور إبراهيم السامرائي، من منشورات دار الهجرة، قم، الطبعة الأولى، 1405 ه.
166- عيون أخبار الرضا (عليه السلام): للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، المتوفّى سنة 381 ه، تحقيق السيّد مهدي الحسيني اللاجوردي، ايران.
167- عيون المعجزات: لحسين بن عبد الوهاب، من أعلام القرن الخامس الهجري، منشورات مكتبة الداوري، قم.
168- الغارات أو الاستنفار و الغارات: لأبي إسحاق إبراهيم بن محمّد (ابن هلال الثقفي) المتوفّى سنة 283 ه، تحقيق عبد الزهراء الخطيب، منشورات دار الكتاب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1410 ه.
169- غاية المرام في حجة الخصام عن طريق الخاص و العام: للسيّد هاشم البحرانيّ، المتوفّى سنة 1107 ه أو 1109 ه، منشورات دار القاموس الحديث، بيروت.
170- الغدير في الكتاب و السنة و الأدب: لعبد الحسين أحمد الأميني، المتوفّى سنة 1390 ه، نشر دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثانية، 1366 ه. ش.
171- الغيبة لابن زينب محمّد بن إبراهيم النعمانيّ، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق علي أكبر الغفاري، منشورات مكتبة الصدوق، طهران.
172- الغيبة: لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، تحقيق مؤسّسة المعارف الإسلامية، قم، الطبعة الأولى، 1411 ه.
173- الفخري في أنساب الطالبيين: للسيّد إسماعيل بن الحسين المروزي الأزورقاني، المتوفّى سنة 614 ه، تحقيق مهدي الرجائي منشورات مكتبة السيّد المرعشيّ، قم، الطبعة الأولى، 1409 ه.
174- فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول و الأئمة من ذرّيّتهم: لإبراهيم بن محمّد الجويني الخراسانيّ، المتوفّى سنة 730 ه، تحقيق محمّد باقر المحمودي، مؤسّسة المحمودي، بيروت، الطبعة الأولى، 1398 ه.
175- فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرّج على كتاب الشهاب: للحافظ شيرويه بن شهردار الديلميّ، المتوفّى سنة 445 ه، تحقيق فواز أحمد الزمرلي و محمّد المعتصم باللّه البغداديّ، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1407 ه.
176- الفرق بين الفرق: لعبد القاهر بن طاهر البغداديّ التميمي، المتوفّى سنة 429 ه، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، نشر دار المعرفة، بيروت.
177- فرق الشيعة: لأبي محمّد الحسن النوبختي، من أعلام القرن الثالث الهجري، تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم، المكتبة المرتضوية، النجف الأشرف، المطبعة الحيدريّة، 1355 ه.

904
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

178- الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة (عليهم السلام): لعليّ بن محمّد بن أحمد المالكي المكي، ابن الصباغ، المتوفّى سنة 855 ه، مكتبة دار الكتب التجارية، مطبعة العدل، النجف الأشرف.
179- الفضائل: لأبي الفضل شاذان بن جبرئيل، المتوفّى سنة 660 ه، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، 1385 ه.
180- فضائل الصحابة: لأحمد بن حنبل، المتوفّى سنة 241 ه، تحقيق وصي اللّه بن محمّد عبّاس، الطبعة الأولى 1403 ه.
181- الفهرست: لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، تحقيق محمّد صادق بحر العلوم، منشورات المكتبة الرضوية و مطبعتها، النجف الأشرف، أوفست منشورات الرضي، قم.
182- فهرست آل بابويه و علماء البحرين: لسليمان الماحوزي البحرانيّ، المتوفّى سنة 1121 ه، تحقيق السيّد أحمد الحسيني، منشورات مكتبة السيّد المرعشيّ، قم، 1404 ه.
183- الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفرية: للشيخ عبّاس القمّيّ، المتوفّى سنة 1359 ه، إيران.
184- القاموس المحيط: لمجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي، المتوفّى سنة 817 ه، دار الجيل، بيروت.
185- قرب الإسناد: لأبي العبّاس عبد اللّه بن جعفر الحميري القمّيّ، من أعلام القرن الثالث الهجري، منشورات مكتبة نينوى الحديثة، طهران.
186- قصص الأنبياء: لقطب الدين الراونديّ، المتوفّى سنة 573 ه، تحقيق غلام رضا عرفانيان، نشر الآستانة الرضوية، مشهد، الطبعة الأولى، 1409 ه.
187- قصص الأنبياء (عرائس المجالس): لأحمد بن محمّد النيسابوريّ (الثعلبي) المتوفّى سنة 427 ه، منشورات المكتبة الثقافية، بيروت.
188- الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة: لشمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي، المتوفّى سنة 748 ه، تحقيق عزت علي و موسى الموشى، منشورات دار الكتب الحديثة، القاهرة، الطبعة الأولى، 1392 ه.
189- الكافي: لأبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازيّ، المتوفّى سنة 328 أو 329 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، المكتبة الإسلامية، طهران، 1388 ه.
190- كامل الزيارات: لأبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، المتوفّى سنة 367 ه، تحقيق الشيخ عبد الحسين الأميني، المطبعة المرتضوية، النجف الأشرف، 1356 ه.
191- الكامل في التاريخ: لعز الدين أبي الحسن عليّ بن محمّد الشيباني، المعروف بابن الأثير، المتوفّى سنة 630 ه، دار صادر، بيروت، 1402 ه.
192- كتاب سليم بن قيس الهلالي: المتوفّى حدود سنة 90 ه، تحقيق علاء الدين الموسوي، قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة، طهران.
193- كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون: لمصطفى بن عبد اللّه الشهير بحاجي خليفة و يكاتب چلبي،

905
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

المتوفّى سنة 1067 ه، منشورات مكتبة المثنى، بغداد، أوفست عن طبعة اسطنبول.
194- كشف الغمّة في معرفة الأئمة (عليهم السلام): لأبي الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتوح الإربلي المتوفّى سنة 692 ه، تحقيق هاشم الرسولي، طبع تبريز.
195- الكشكول فيما جرى على آل الرسول: لحيدر بن عليّ الآملي، من أعلام القرن الثامن الهجري، منشورات الرضي، قم، الطبعة الثانية.
196- كفاية الأثر في النصّ على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام): لأبي القاسم عليّ بن محمّد الخزاز القمّيّ الرازيّ، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق عبد اللطيف الكوه‏كمري الخوئي، انتشارات بيدار، مطبعة الخيام 1401 ه.
197- كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): لمحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، المتوفّى سنة 658 ه، الطبعة الثالثة، طهران، 1404 ه.
198- كمال الدين و تمام النعمة: للشيخ الصدوق، أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، المتوفّى سنة 381 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1405 ه.
199- الكنى و الألقاب: للشيخ عبّاس القمّيّ، المتوفّى سنة 1359 ه، مكتبة الصدر، طهران، الطبعة الخامسة، 1409 ه.
200- كنز العرفان في فقه القرآن: للمقداد بن عبد اللّه السيوري الفاضل المقداد، المتوفّى سنة 826 ه، تحقيق محمّد باقر البهبودي، منشورات المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، الطبعة الثالثة، طهران، 1365 ه. ش.
201- كنز العمّال في سنن الأقوال و الأفعال: لعلاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي، المتوفّى سنة 975 ه، مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الخامسة 1405 ه.
202- لُبَاب النقول في أسباب النزول: لجلال الدين السيوطي، المتوفّى سنة 911 ه، دار أحياء العلوم، بيروت، الطبعة الرابعة، 1403 ه.
203- لسان العرب: لأبي الفضل جمال الدين محمّد بن مكرّم ابن منظور الأفريقي المصري، المتوفّى سنة 711 ه، نشر أدب الحوزة، قم، 1405 ه.
204- لسان الميزان: لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني، المتوفّى سنة 852 ه، أوفست مؤسّسة الأعلمي، بيروت، عن طبعة مجلس دائرة المعارف النظامية في حيدرآباد الدكن، الطبعة الثالثة، 1406 ه.
205- اللوامع النورانية في أسماء عليّ (عليه السلام) و أهل بيته القرآنية: للسيّد هاشم البحرانيّ، المتوفّى سنة 1107 ه، نشر حسينية عمادزاده، أصفهان، الطبعة الثانية 1404 ه.
206- لؤلوة البحرين في الإجازات و تراجم رجال الحديث: للشيخ يوسف بن أحمد البحرانيّ، المتوفّى 1186 ه، تحقيق محمّد صادق بحر العلوم، نشر مؤسّسة آل بيت (عليهم السلام)، قم.
207- مائة منقبة: لأبي الحسن محمّد بن أحمد بن علي القمّيّ (ابن شاذان) من أعلام القرن الرابع و الخامس الهجري، تحقيق و نشر مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)، الطبعة الأولى، 1407 ه.

906
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

208- المُجْدِي في أنساب الطالبيين: لعليّ بن محمّد العلوي العمري، من أعلام القرن الخامس الهجري، تحقيق أحمد المهدوي، نشر مكتبة السيّد المرعشيّ، الطبعة الأولى، 1409 ه.
209- مجمع الأمثال: لأحمد بن محمّد النيسابوريّ الميداني، المتوفّى 518 ه، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، نشر دار المعرفة، بيروت.
210- مجمع البحرين و مطلع النيّرين: للشيخ فخر الدين بن محمّد علي الطريحي، المتوفّى سنة 1087 ه، تحقيق السيّد أحمد الحسيني، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، طهران، الطبعة الثانية، 1365 ه. ش.
211- مجمع البيان في تفسير القرآن: لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسيّ، المتوفّى سنة 458 ه، تحقيق السيّد هاشم الرسولي المحلاتي و السيّد فضل اللّه اليزديّ الطباطبائي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 1406 ه.
212- مجمع الرجال: للشيخ عناية اللّه بن علي القهبائي، المتوفّى سنة 1016 ه، تحقيق السيّد ضياء الدين الشهير بالعلامة الأصفهاني، مؤسّسة إسماعيليان، قم.
213- مجمع الزوائد و منبع الفوائد: لنور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثمي، المتوفّى سنة 807 ه، منشورات دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثالثة 1402 ه.
214- المحاسن: لأبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، المتوفّي سنة 274 ه، أو 280 ه، منشورات دار الكتب الإسلامية، قم، الطبعة الثانية.
215- المحبر: لأبي جعفر محمّد بن حبيب الهاشمي البغداديّ، المتوفّى سنة 245 ه، تحقيق إيلزه ليختن شتيتر، نشر دار الآفاق الجديدة، بيروت.
216- المحتضر: للحسن بن سليمان الحلي، من أعلام القرن التاسع الهجري، منشورات المطبعة الحيدريّة، النجف الأشرف، الطبعة الأولى، 1370 ه.
217- المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء: لمحمّد بن المرتضى (الفيض الكاشاني) المتوفّى سنة 1091 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، نشر جماعة المدرسين، قم، الطبعة الثانية.
218- المحكم و المتشابه (تفسير النعمانيّ): للسيّد الشريف المرتضى علم الهدى، المتوفّى سنة 436 ه، من منشورات دار الشبستري للمطبوعات، قم.
219- محيط المحيط: لبطرس البستاني، مكتبة لبنان، بيروت، 1977 م.
220- مختار الصحاح: لمحمّد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازيّ، المتوفّى سنة 666 ه، دار الكتاب العربي، بيروت، 1401 ه.
221- مختصر بصائر الدرجات: للحسن بن سليمان الحلي، من أعلام القرن التاسع الهجري، منشورات المطبعة الحيدريّة، الطبعة الأولى، النجف، 1370 ه.
222- مدينة المعاجز في دلائل الأئمة الأطهار و معاجزهم: للسيّد هاشم البحرانيّ، المتوفّى سنة 1107 ه، منشورات مكتبة المحمودي، طهران.
223- مرآة العقول في شرح أخبار الرسول: للعلامة محمّد باقر المجلسي، المتوفّى سنة 1111 ه، تحقيق هاشم‏

907
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

الرسولي، منشورات دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثانية، 1404 ه.
224- مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة و البقاع: لصفي الدين عبد المؤمن البغداديّ، المتوفّى سنة 739 ه، تحقيق علي محمّد البجاوي، نشر دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، 1373 ه.
225- مروج الذهب و معادن الجوهر: لأبي الحسن عليّ بن الحسين المسعودي، المتوفّى سنة 346 ه، تحقيق يوسف أسعد داغر، منشورات دار الهجرة، قم، الطبعة الثانية، 1404 ه.
226- مسار الشيعة: لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغداديّ، الشيخ المفيد، المتوفّى سنة 413 ه، منشورات مكتبة المرعشيّ، قم، ضمن كتاب مجموعة نفيسة.
227- مسائل عليّ بن جعفر و مستدركاتها: لعليّ بن جعفر الصادق (عليه السلام) المتوفّى سنة 220 ه، تحقيق مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام)، قم، نشر المؤتمر العالمي للإمام الرضا (عليه السلام)، مشهد، الطبعة الأولى، 1409 ه.
228- المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد اللّه الحاكم النيسابوريّ، المتوفّى سنة 405 ه، تحقيق الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت.
229- مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل: لميرزا حسين النوريّ، المتوفّى سنة 1320 ه، تحقيق مؤسّسة آل البيت (عليهم السّلام)، قم، الطبعة الأولى، 1407 ه.
230- المستقصى في أمثال العرب: لأبي القاسم جار اللّه محمود بن عمر الزمخشري، المتوفّى سنة 538 ه، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية 1408 ه.
231- مسند أبي يَعْلى الموصلي: لأحمد بن عليّ بن المثنى التميمي، المتوفّى سنة 307 ه، تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، بيروت، الطبعة الثانية 1410 ه.
232- مسند أحمد بن حنبل: لأحمد بن حنبل، المتوفّى سنة 241 ه، دار الفكر، بيروت.
233- مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين: للحافظ رجب البرسي، من أعلام القرن الثامن الهجري، انتشارات دفتر نشر فرهنگ أهل بيت (عليهم السلام)، طهران.
234- مشكاة الأنوار في غرر الأخبار: لأبي الفضل علي الطبرسيّ، المتوفّى في أوائل القرن السابع الهجري، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، الطبعة الثانية، 1385 ه.
235- مصابيح السنّة: لأبي محمّد الحسين بن مسعود بن محمّد الفرّاء البغوي، المتوفّى سنة 516 ه، تحقيق الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي و محمّد سليم سمارة، و جمال حمدي الذهبي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، 1407 ه.
236- مصباح الأنوار في فضائل إمام الأبرار: للشيخ هاشم بن محمّد، مخطوط، مكتبة مدرسة سپهسالار، رقم، 5557.
237- مصباح الشريعة: للإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، منشورات مؤسّسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الأولى، 1400 ه.
238- مصباح الكفعي (جنة الأمان الواقية و جنّة الايمان الباقية): لإبراهيم بن عليّ الكفعي العاملي، المتوفّى‏

908
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

سنة 905 ه، نشر دار الكتب العلمية، قم، الطبعة الثانية، 1349 ه. ش.
239- مصباح المتهجّد و سلاح المتعبد: لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيّ، المتوفّى سنة 460 ه، تحقيق إسماعيل الأنصاري الزنجانيّ.
240- معارف الرجال في تراجم العلماء و الأدباء: للشيخ محمّد حرز الدين، المتوفّى سنة 1365 ه، تحقيق محمّد حسين حرز الدين، منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ، قم، مطبعة الولاية، 1405 ه.
241- معالم الزلفى: للسيّد هاشم البحرانيّ، المتوفّى سنة 1107 ه، طهران، طبعة حجرية.
242- معالم العلماء: لمحمّد بن عليّ بن شهر آشوب المازندراني، المتوفّى 588 ه، منشورات مكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، 1380 ه.
243- معاني الأخبار: لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، الشيخ الصدوق، المتوفّى سنة 381 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، منشورات مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1361 ه. ش.
244- معجم الأدباء: لأبي عبد اللّه ياقوت بن عبد اللّه الحموي الرومي البغداديّ، المتوفّى سنة 626 ه، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة 1400 ه.
245- معجم البلدان: لأبي عبد اللّه ياقوت بن عبد اللّه الحموي الرومي البغداديّ، المتوفّى سنة 626 ه، دار صادر و دار بيروت، بيروت 1388 ه.
246- معجم الثقات و ترتيب الطبقات: لأبي طالب التجليل التبريزي، نشر جماعة المدرسين، قم، 1404 ه.
247- المعجم الذهبي: لمحمّد التونجي، نشر دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى، 1969 م.
248- معجم رجال الحديث و تفصيل طبقات الرواة: للسيّد أبي القاسم الخوئي، منشورات مدينة العلم، قم، الطبعة الثالثة، بيروت، 1403 ه.
249- المعجم الصغير: لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، المتوفّى سنة 360 ه، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، 1403 ه.
250- معجم الفرق الإسلامية: لشريف يحيى الأمين، دار الأضواء، بيروت الطبعة الأولى 1406 ه.
251- المعجم الكبير: لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، المتوفّى سنة 360 ه، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، نشر دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية.
252- معجم ما استعجم من أسماء البلاد و المواضع: لأبي عبيد عبد اللّه البكري الأندلسي، المتوفّى سنة 487 ه، تحقيق مصطفى السقا، نشر عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403 ه.
253- معجم المؤلّفين: لعمر رضا كحالة، نشر دار إحياء التراث العربي، بيروت.
254- المعجم الوسيط: المجمع العلمي العربي بالقاهرة، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية، بيروت.
255- معرفة علوم الحديث: لأبي عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه النيسابوريّ، المتوفّى سنة 405 ه، تحقيق معظم حسين، منشورات المكتبة العلمية، المدينة المنورة، الطبعة الثالثة، 1397 ه.
256- المغازي: لمحمّد بن عمر بن واقد، المتوفّى سنة 207 ه، تحقيق مارسدن جونس، نشر عالم الكتب،

909
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

بيروت، الطبعة الثالثة، 1404 ه.
257- مفردات ألفاظ القرآن في غريب القرآن: لأبي القاسم الحسين بن محمّد المعروف بالراغب الأصفهاني، المتوفّى سنة 502 ه، تحقيق محمّد سيد كيلاني، المكتبة المرتضوية، الطبعة الثانية 1362 ه. ش.
258- مقاتل الطَّالِبِيِّينَ: لأبي الفرج الأصفهاني، المتوفّى سنة 356 ه، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، الطبعة الثالثة، 1385 ه.
259- مقالات الاسلاميين: لأبي الحسن علي الأشعري، المتوفّى سنة 330 ه، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الثانية، 1405 ه.
260- المقالات و الفِرَق: لسعد بن عبد اللّه أبي خلف الأشعري القمّيّ، المتوفّى سنة 330 ه، تحقيق محمّد جواد مشكور، نشر وزارة الثقافة و التعليم العالي، إيران، الطبعة الثانية، 1360 ه. ش.
261- مقتضب الأثر في النصّ على الأئمة الاثني عشر: لأحمد بن محمّد الجوهريّ، المتوفّى سنة 401 ه، تحقيق هاشم الرسولي، نشر مكتبة الطباطبائي، قم، المدرسة الفيضية.
262- مقتل الحسين (عليه السلام): لأبي المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي، المتوفّى سنة 568 ه، تحقيق محمّد السماوي، منشورات مكتبة المفيد، قم.
263- مكارم الأخلاق: لأبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسيّ، من أعلام القرن السادس الهجري، منشورات الشريف الرضي، قم، الطبعة الثانية، 1408 ه.
264- ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار: للشيخ محمّد باقر المجلسي، المتوفّى سنة 1111 ه، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشيّ، قم، مطبعة الخيام، 1406 ه.
265- الملل و النحل: لأبي الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني، المتوفّى سنة 548 ه، تحقيق محمّد بن فتح اللّه بدران، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، اوفست منشورات الرضي، قم، مطبعة أمير 1364 ه. ش.
266- المناقب: لأبي المؤيد الموفق بن أحمد بن محمّد البكري المكي الحنفي المعروف (بأخطب خوارزم)، المتوفّى سنة 568 ه، إصدار مكتبة نينوى الحديثة، طهران.
267- مناقب آل أبي طالب: لأبي جعفر رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهر آشوب المازندراني، المتوفّى سنة 588 ه، منشورات مؤسّسة انتشارات العلامة، المطبعة العلمية، قم.
268- مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): لأبي الحسن عليّ بن محمّد الشافعي الشهير بابن المغازلي، المتوفّى سنة 483 ه، تحقيق محمّد باقر البهبودي، منشورات دار الأضواء، بيروت، 1403 ه.
269- منتخب كنز العمّال في سنن الأقوال و الأفعال: (مطبوع بهامش مسند أحمد) لعلاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي، المتوفّى سنة 975 ه، دار الفكر.
270- المنتخب من مسند عبد بن حميد: لأبي محمّد عبد بن حميد، المتوفّى سنة 249 ه، تحقيق صبحي البدري و محمود الصعيدي، نشر عالم الكتب و مكتبة النهضة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 ه.

910
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

271- من لا يحضره الفقيه: للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ، المتوفّى سنة 381 ه، تحقيق السيّد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الخامسة 1390 ه.
272- ميزان الاعتدال في نقد الرجال: لأبي عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي، المتوفّى سنة 748 ه، تحقيق علي محمّد البجاوي، بيروت، 1382 ه. دار المعرفة.
273- الميزان في تفسير القرآن: للسيّد محمّد حسين الطباطبائي، نشر دار الكتاب الإسلامي، قم، الطبعة الثالثة، 1393 ه.
274- النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة: ليوسف بن تغرى بردى الأتابكي، المتوفّى سنة 874 ه، نشر وزارة الثقافة و الأرشاد القومي، مصر.
275- نزهة المجالس و منتخب النفائس: لعبد الرحمن الصفوري، المتوفّى سنة 894 ه، نشر المكتبة الشعبية، بيروت.
276- نزهة الناظر و تنبيه الخاطر: للحسين بن محمّد الحلواني، من أعلام القرن الخامس، تحقيق و نشر مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)، قم، الطبعة الأولى، 1408 ه.
277- النشر في القراءات العشر: لأبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي الشهير بابن الجزري، المتوفّى سنة 833 ه، تحقيق علي محمّد الضبّاع، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، أوفست مكتبة جعفري تبريزي، مطبعة آيدا، طهران، الطبعة الأولى.
278- نظم درر السمطين: لمحمّد بن يوسف الزرندي، المتوفّى سنة 750 ه، منشورات مخزن الأميني، النجف الأشرف، الطبعة الأولى، 1377 ه.
279- النهاية في غريب الحديث: لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمّد الجزري المعروف بابن الأثير، المتوفّى سنة 606 ه، تحقيق طاهر أحمد الزاوي و محمود محمّد الطفاحي، المكتبة الإسلامية، بيروت.
280- نهج البلاغة: تحقيق صبحي الصالح، منشورات دار الهجرة، قم.
281- نهج البيان عن كشف معاني القرآن: لمحمّد بن الحسن الشيباني، من أعلام القرن السابع الهجري، مخطوط.
282- نوابغ الرواة في رابعة المئات: للشيخ آغا بزرگ الطهرانيّ، المتوفّى سنة 1389 ه، تحقيق علي نقي منزوي، منشورات دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، 1390 ه.
283- نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار: لمؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي، من علماء القرن الثالث عشر الهجري، منشورات دار الجيل، بيروت، 1409 ه.
284- النور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام): لأحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن إسحاق، المعروف بأبي نعيم الأصفهانيّ، المتوفّى سنة 430 ه، تحقيق محمّد باقر المحمودي، منشورات مطبعة وزارة الإرشاد الإسلامي، الطبعة الأولى 1406 ه.
285- الهداية الكبرى: لأبي عبد اللّه الحسين بن حمدان الخصيبي، المتوفّى سنة 334 ه، نشر مؤسّسة البلاغ،

911
البرهان في تفسير القرآن5

فهرس المصادر و المراجع ص 893

بيروت، الطبعة الأولى، 1406 ه.
286- هداية المحدثين إلى طريقة المحمدين: لمحمّد أمين الكاظمي، من أعلام القرن الحادي عشر الهجرى، تحقيق مهدي الرجائي، منشورات مكتبة السيّد المرعشيّ، قم، 1405 ه.
287- هدية العارفين: لإسماعيل باشا البغداديّ، منشورات مكتبة المثنى، بغداد، 1951 م.
288- الوافي لمحمّد محسن (الفيض الكاشاني) المتوفّى سنة 1091 ه، تحقيق ضياء الدين الحسيني الأصفهاني، منشورات مكتبة أمير المؤمنين (عليه السلام)، أصفهان، الطبعة الأولى، 1406 ه.
289- وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة: للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ، المتوفّى سنة 1104 ه تحقيق الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، منشورات المكتبة الإسلامية، طهران، الطبعة السادسة، 1403 ه.، و تحقيق و نشر مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام)، قم، الطبعة الأولى، 1409 ه.
290- وفيات الأعيان و أنباء أبناء الزمان: لأبي العبّاس شمس الدين أحمد بن محمّد بن أبي بكر بن خلّكان، المتوفّى سنة 681 ه، تحقيق الدكتور إحسان عبّاس، منشورات الشريف الرضي، قم، الطبعة الثانية، مطبعة أمير، 1364 ه. ش.
291- اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السلام): لأبي القاسم عليّ بن موسى بن طاوس، المتوفّى سنة 664 ه، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، 1369 ه.
292- ينابيع المودة: لسليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، المتوفّى سنة 1294 ه، أوفست مكتبة بصيرتي عن طبعة دار الكتب العراقية في الكاظمية، قم، 1385 ه.

912