الجزء السادس
س
حرف السين المهملة
س:
الصاد و السين و الزاي أَسَلِيَّةٌ لأَن مبدأَها من أَسَلَةِ اللسان، و هي مُسْتَدَقُّ طرف اللسان، و هذه الثلاثة في حيز واحد، و السين من الحروف المهموسة، و مخرج السين بين مخرجي الصاد و الزاي؛ قال الأَزهري: لا تأْتلف الصاد مع السين و لا مع الزاي في شيء من كلام العرب.
فصل الألف
أبس:
أَبَسَهُ يأْبِسهُ أَبْساً و أَبَّسَه: صغَّر به و حَقَّره؛ قال العجاج:
و ليْث غابٍ لم يُرَمْ بأَبْسِ
أَي بزجر و إذلال، و يروى:
لُيُوثُ هَيْجا.
الأَصمعي: أَبَّسْتُ به تأْبيساً و أَبَسْتُ به أَبْساً إذا صغَّرته و حقرته و ذَلَّلْتَه و كَسَّرْته؛ قال عبّاس بن مِرْداس يخاطب خُفاف بن نُدْبَة:
إن تكُ جُلْمودَ صَخْرٍ لا أُؤَبِّسهُ، أُوقِدْ عليه فأَحْمِيه، فيَنْصَدِعُ
السِّلْمُ تأْخذ منها ما رضيتَ به، و الحَرْبُ يكفيكَ من أَنفاسِها جُرَعُ
و هذا الشعر أَنشده ابن بري:
إِن تك جلمود بِصْرٍ ...
، و قال: البصْرُ حجارة بيض، و الجُلمود: القطعة الغليظة منها؛ يقول: أَنا قادر عليك لا يمنعني منك مانع و لو كنت جلمود بصر لا تقبل التأْبيس و التذليل لأَوْقَدْتُ عليه النار حتى ينصدع و يتفتت. و السِلم: المُسالمة و الصلح ضد الحرب و المحاربة. يقول: إن السِّلم، و إن طالت، لا تضرك و لا يلحقك منها أذًى و الحرب أقل شيء منها يكفيك. و رأَيت في نسخة من أَمالي ابن بري بخط الشيخ رضيّ الدين الشاطبي، رحمه اللَّه، قال: أَنشده المُفَجِّع في التَّرجُمان:
إِن تك جُلْمودَ صَخْدٍ ...
و قال بعد إِنشاده: صَخْدٌ وادٍ، ثم قال: جعل أُوقِدْ جواب المجازاة و أَحْمِيه عطفاً عليه و جعل أُؤَبِّسُه نعتاً للجلمود و عطف عليه فينصدع.
3
و التَّأَبُّس: التَّغَيُّر «5»؛ و منه قول المتلمس:
تَطيفُ به الأَيام ما يَتأَبَّسُ
و الإِبْس و الأَبْسُ: المكان الغليظ الخشن مثل الشَّأْز. و مُناخ أَبْس: غير مطمئن؛ قال منظور بن مَرثَدٍ الأَسَدي يصف نوقاً قد أَسقطت أَولادها لشدة السير و الإِعياء:
يَتْرُكْنَ، في كل مُناخٍ أَبْسِ، كلَّ جَنين مُشْعَرٍ في الغِرْسِ
و يروى:
... مُناخِ إِنسِ
، بالنون و الإِضافة، أَراد مُناخ ناس أَي الموضع الذي ينزله الناس أَو كل منزل ينزله الإِنس: و الجَنِين المُشْعَرُ: الذي قد نبت عليه الشعر. و الغِرْسُ: جلدة رقيقة تخرج على رأْس المولود، و الجمع أَغراس. و أَبَسَه أَبْساً: قَهَرَه؛ عن ابن الأَعرابي. و أَبَسَه و أَبَّسَه: غاظه و رَوَّعه. و الأَبْسُ: بَكْع الرجل بما يسوءُه. يقال: أَبَسْتُه آبِسُه أَبْساً. و يقال: أَبَّسْتُه تأْبيساً إِذا قابلته بالمكروه. و
في حديث جُبَيْر بن مُطْعِم: جاء رجل إِلى قريش من فتح خَيْبَر فقال: إِن أَهل خيبر أَسَروا رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، و يريدون أَن يرسلوا به إِلى قومه ليقتلوه، فجعل المشركون يؤَبِّسون به العباس.
أَي يُعَيِّرونه، و قيل: يخوِّفونه، و قيل: يُرْغِمونه، و قيل: يُغضبونه و يحْمِلونه على إِغلاظ القول له. ابن السكيت: امرأَة أُباس إِذا كانت سيِّئة الخلق؛ و أَنشد:
ليسَتْ بسَوْداءَ أُباسٍ شَهْبَرَه
ابن الأَعرابي: الإِبْسُ الأَصل السُّوء، بكسر الهمزة. ابن الأَعرابي: الأَبْس ذَكر السَّلاحف، قال: و هو الرَّقُّ و الغَيْلَمُ. و إِباءٌ أَبْسٌ: مُخْزٍ كاسِرٌ؛ عن ابن الأَعرابيّ. و حكي عن المُفَضَّل أَن السؤال المُلِحَّ يكْفيكَه الإِباءُ الأَبْسُ، فكأَنَّ هذا وَصْف بالمصدر، و قال ثعلب: إِنما هو الإِباءُ الأَبْأَسُ أَي الأَشدُّ. قال أَعرابي لرجل: إِنك لتَرُدُّ السُّؤال المُلْحِف بالإِباءِ الأَبأَس.
أرس:
الإِرْس: الأَصل، و الأَريس: الأَكَّارُ؛ عن ثعلب. و
في حديث معاوية: بلغه أَن صاحب الروم يريد قصد بلاد الشام أَيام صفين، فكتب إِليه: تاللَّه لئن تممْتَ على ما بَلَغَني لأُصالحنَّ صاحبي، و لأَكونن مقدمته إِليك، و لأَجعلن القُسطنطينية الحمراء حُمَمَةً سوداء، و لأَنْزِعَنَّك من المُلْكِ نَزْعَ الإِصْطَفْلينة، و لأَرُدَّنَّك إِرِّيساً من الأَرارِسَةِ تَرْعى الدَّوابِل، و في رواية: كما كنت ترعى الخَنانيص.
؛ و الإِرِّيس: الأَمير؛ عن كراع، حكاه في باب فِعِّيل، و عَدَلَه بإِبِّيلٍ، و الأَصل عنده فيه رِئّيسٌ، على فِعِّيل، من الرِّياسةِ. و المُؤرَّس: المُؤمَّرُ فقُلِبَ. و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، كتب إِلى هِرَقْلَ عظيم الروم يدعوه إِلى الإِسلام و قال في آخره: إِن أَبَيْتَ فعليك إِثم الإِرِّيسين.
ابن الأَعرابي: أَرَس يأْرِسُ أَرْساً إِذا صار أَريساً، و أَرَّسَ يُؤَرِّسُ تأْريساً إِذا صار أَكَّاراً، و جمع الأَرِيس أَرِيسون، و جمع الإِرِّيسِ إِرِّيسُونَ و أَرارِسَة و أَرارِسُ، و أَرارِسةٌ ينصرف، و أَرارِسُ لا ينصرف، و قيل: إِنما قال
__________________________________________________
(5). قوله [و التأبس التغير إلخ] تبع فيه الجوهري. و قال في القاموس: و تأبس تغير، هو تصحيف من ابن فارس و الجوهري و الصواب تأيس، بالمثناة التحتية، أي بمعنى تغير و تبع المجد في هذا الصاغاني حيث قال في مادة أ ي س و الصواب إيرادهما، أعني بيتي المتلمس و ابن مرداس، هاهنا لغة و استشهاداً: ملخصاً من شارح القاموس.
4
ذلك لأَن الأَكَّارينَ كانوا عندهم من الفُرْسِ، و هم عَبَدَة النار، فجعل عليه إِثمهم. قال الأَزهري: أَحسِب الأَريس و الإِرِّيس بمعنى الأَكَّار من كلام أَهل الشام، قال: و كان أَهل السَّواد و من هو على دين كِسْرى أَهلَ فلاحة و إِثارة للأَرض، و كان أَهل الروم أَهلَ أَثاثٍ و صنعة، فكانوا يقولون للمجوسي: أَريسيٌّ، نسبوهم إِلى الأَريس و هو الأَكَّارُ، و كانت العرب تسميهم الفلاحين، فأَعلمهم النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، أَنهم، و إِن كانوا أَهل كتاب، فإِن عليهم من الإِثم إِن لم يؤْمنوا بنبوته مثل إِثم المجوس و فَلَّاحي السَّواد الذين لا كتاب لهم، قال: و من المجوس قوم لا يعبدون النار و يزعمون أَنهم على دين إِبراهيم، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، و أَنهم يعبدون اللَّه تعالى و يحرّمون الزنا و صناعتهم الحراثة و يُخْرِجون العُشر مما يزرعون غير أَنهم يأْكلون المَوْقوذة، قال: و أَحسبهم يسجدون للشمس، و كانوا يُدعَوْن الأَريسين؛ قال ابن بري: ذكر أَبو عبيدة و غيره أَن الإِرِّيسَ الأَكَّارُ فيكون المعنى أَنه عبر بالأَكَّارين عن الأَتباع، قال: و الأَجود عندي أَن يقال: إِن الإِرِّيس كبيرهم الذي يُمْتَثَلُ أَمره و يطيعونه إِذا طلب منهم الطاعة: و يدل على أَن الإِرِّيس ما ذكرت لك قول أَبي حِزام العُكْليّ:
لا تُبِئْني، و أَنتَ لي، بك، وَغْدٌ، لا تُبِئْ بالمُؤَرَّسِ الإِرِّيسا
يقال: أَبَأْتُه به أَي سَوَّيته به، يريد: لا تُسَوِّني بك. و الوَغْدُ: الخسيس اللئيم، و فصل بقوله: لي بك، بين المبتدإِ و الخبر، و بك متعلق بتبئني، أَي لا تبئني بك و أَنت لي وغد أَي عَدوٌّ لأن اللئيم عدوٌّ لي و مخالف لي، و قوله:
لا تبئْ بالمؤَرَّس الإِرِّيسا
أَي لا تُسَوِّ الإِرِّيسَ، و هو الأَمير، بالمُؤَرَّس؛ و هو المأْمور و تابعه، أَي لا تُسَوِّ المولى بخادمه، فيكون المعنى في
قول النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، لهِرَقل: فعليك إِثم الإِرِّيسين.
يريد الذين هم قادرون على هداية قومهم ثم لم يهدوهم، و أَنت إِرِّيسُهم الذي يجيبون دعوتك و يمتثلون أَمرك، و إِذا دعوتهم إِلى أَمر أَطاعوك، فلو دعوتهم إِلى الإِسلام لأَجابوك، فعليك إِثم الإِرِّيسين الذين هم قادرون على هداية قومهم ثم لم يهدوهم، و ذلك يُسْخِط اللَّهَ و يُعظم إِثمهم؛ قال: و فيه وجه آخر و هو أَن تجعل الإِرِّيسين، و هم المنسوبون إِلى الإِرِّيس، مثل المُهَلَّبين و الأَشْعَرين المنسوبين إِلى المُهَلَّب و إِلى الأَشْعَر، و كان القياس فيه أَن يكون بياءَي النسبة فيقال: الأَشْعَرِيُّون و المُهَلَّبيُّون، و كذلك قياس الإِرِّيسين الإِرِّيسيُّون في الرفع و الإِرِّيسيِّين في النصب و الجر، قال: و يقوي هذا رواية من روى الإِرِّيسيِّين، و هذا منسوب قولًا واحداً لوجود ياءَي النسبة فيه فيكون المعنى: فعليك إِثم الإِرِّيسيين الذين هم داخلون في طاعتك و يجيبونك إِذا دعوتهم ثم لم تَدْعُهُم إِلى الإِسلام، و لو دعوتهم لأَجابوك، فعليك إِثمهم لأَنك سبب منعهم الإِسلام و لو أَمرتهم بالإِسلام لأَسلموا؛ و حكي عن أَبي عبيد: هم الخَدَمُ و الخَوَلُ، يعني بصَدِّه لهم عن الدين، كما قال تعالى: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا؛ أَي عليك مثل إِثمهم. قال ابن الأَثير: قال أَبو عبيد في كتاب الأَموال: أَصحاب الحديث يقولون الإِريسيين مجموعاً منسوباً و الصحيح بغير نسب، قال: و رده عليه الطحاوي، و قال بعضهم: في رَهط هِرَقل فرقةٌ تعرف بالأَروسِيَّة فجاءَ على النسب إِليهم، و قيل: إِنهم أَتباع عبد اللَّه بن أَريس، رجل كان في الزمن الأَول، قتلوا نبيّاً بعثه اللَّه إِليهم، و قيل: الإِرِّيسون الملوك،
5
واحدهم إِرِّيس، و قيل: هم العَشَّارون. و أَرْأَسَة بن مُرِّ بن أُدّ: معروف. و
في حديث خاتم النبي، صلى اللَّه عليه و سلم: فسقط من يد عثمان، رضي اللَّه عنه، في بئر أَريسَ.
بفتح الهمزة و تخفيف الراء، هي بئر معروفة قريباً من مسجد قُباء عند المدينة.
أسس:
الأُسُّ و الأَسَس و الأَساس: كل مُبْتَدَإِ شيءٍ. و الأُسُّ و الأَساس: أَصل البناء، و الأَسَسُ مقصور منه، و جمع الأُسِّ إِساس مثل عُسّ و عِساس، و جمع الأَساس أُسس مثل قَذال و قُذُل، و جمع الأَسَس آساس مثل سببٍ و أَسباب. و الأَسيس: أَصل كل شيء. و أُسّ الإِنسان: قلبه لأَنه أَول مُتَكَوّن في الرحم، و هو من الأَسماء المشتركة. و أُسُّ البناء: مُبْتَدَؤُه؛ أَنشد ابن دريد، قال: و أَحْسِبُه لكذاب بني الحِرْماز:
و أُسُّ مَجْدٍ ثابتٌ وَطيدُ، نالَ السماءَ، فَرْعُه مَدِيدُ
و قد أَسَّ البناءَ يَؤُسُّه أَسّاً و أَسَّسَه تأْسيساً، الليث: أَسَّسْت داراً إِذا بنيت حدودها و رفعت من قواعدها، و هذا تأْسيس حسن. و أُسُّ الإِنسان و أَسُّه أَصله، و قيل: هو أَصل كل شيء. و في المثل: أَلْصِقُوا الحَسَّ بالأَسِّ؛ الحَسُّ في هذا الموضع: الشر، و الأَسُّ: الأَصل؛ يقول: أَلْصِقوا الشَّر بأُصول من عاديتم أَو عاداكم. و كان ذلك على أُسِّ الدهر و أَسِّ الدهر و إِسِّ الدهر، ثلاث لغات، أَي على قِدَم الدهر و وجهه، و يقال: على است الدهر. و الأَسيسُ: العِوَضُ. التهذيب: و التَّأسيس في الشِّعْر أَلِفٌ تلزم القافية و بينها و بين حرف الروي حرف يجوز كسره و رفعه و نصبه نحو مفاعلن، و يجوز إِبدال هذا الحرف بغيره، و أَما مثل محمد لو جاء في قافية لم يكن فيه حرف تأْسيس حتى يكون نحو مجاهد فالأَلف تأْسيس، و قال أَبو عبيد: الروي حرف القافية نفسها، و منها التأْسيس؛ و أَنشد:
أَلا طال هذا الليلُ و اخْضَلَّ جانِبُه
فالقافية هي الباء و الأَلف فيها هي التأْسيس و الهاء هي الصلة، و يروى:
... و اخْضَرَّ جانبه
؛ قال الليث: و إِن جاء شيء من غير تأْسيس فهو المُؤَسَّس، و هو عيب في الشعر غير أَنه ربما اضطر بعضهم، قال: و أَحسن ما يكون ذلك إِذا كان الحرف الذي بعده مفتوحاً لأَن فتحه يغلب على فتحة الأَلف كأَنها تزال من الوَهم؛ قال العجّاج:
مُبارَكٌ للأَنبياء خاتَمُ، مُعَلِّمٌ آيَ الهُدى مُعَلَّمُ
و لو قال خاتِم، بكسر التاء، لم يحسن، و قيل: إن لغة العجاج خأْتم، بالهمزة، و لذلك أَجازه، و هو مثل السَّأْسَم، و هي شجرة جاء في قصيدة المِيسَم و السَّأْسَم؛ و في المحكم: التأْسيس في القافية الحرف الذي قبل الدخيل، و هو أَول جزء في القافية كأَلف ناصب؛ و قيل: التأْسيس في القافية هو الأَلف التي ليس بينها و بين حرف الروي إِلا حرف واحد، كقوله:
كِليني لِهَمٍّ، يا أُمَيْمَة، ناصِبِ
فلا بد من هذه الأَلف إِلى آخر القصيدة. قال ابن سيدة: هكذا سماء الخليل تأْسيساً جعل المصدر اسماً له، و بعضهم يقول أَلف التأْسيس، فإِذا كان ذلك احتمل أَن يريد الاسم و المصدر. و قالوا في الجمع: تأْسيسات فهذا يؤْذن بأَن التأْسيس عندهم قد أَجروه مجرى الأَسماء، لأَن الجمع في المصادر ليس بكثير و لا أَصل فيكون هذا محمولًا عليه. قال: و رأى أَهل العروض
6
إِنما تسمحوا بجمعه، و إِلا فإِن الأَصل إِنما هو المصدر، و المصدر قلما يجمع إِلا ما قد حدّ النحويون من المحفوظ كالأَمراض و الأَشغال و العقول. و أَسَّسَ بالحرف: جعله تأْسيساً، و إِنما سمي تأْسيساً لأَنه اشتق من أُسِّ الشيء؛ قال ابن جني: أَلف التأْسيس كأَنها أَلف القافية و أَصلها أُخذ من أُسِّ الحائط و أَساسه، و ذلك أَن أَلف التأْسيس لتقدّمها و العناية بها و المحافظة عليها كأَنها أُسُّ القافية اشتق «1» من أَلف التأْسيس، فأَما الفتحة قبلها فجزء منها. و الأَسُّ و الإِسُّ و الأُسُّ: الإِفساد بين الناس، أَسَّ بينهم يَؤُس أَسّاً. و رجل أَسَّاسٌ: نَمّام مفسد. الأُمَويُّ: إِذا كانت البقية من لحم قيل أَسَيْتُ له من اللحم أَسْياً أَي أَبْقَيْتُ له، و هذا في اللحم خاصة. و الأُسُّ: بقية الرَّماد بين الأَثافيّ. و الأُسُّ: المُزَيِّن للكذب. و إِسْ إِسْ: من زجر الشاة، أَسَّها يَؤُسُّها أَسّاً، و قال بعضهم: نَسّاً. و أَسَّ بها: زجرها و قال: إِسْ إِسْ، و إِسْ إِسْ: زجر للغنم كإِسَّ إِسَّ. و أُسْ أُسْ: من رُقى الحَيَّاتِ. قال الليث: الرَّاقون إِذا رقَوا الحية ليأْخذوها ففَرَغَ أَحدُهم من رُقْيَتِه قال لها: أُسْ، فإِنها تخضَع له و تَلين. و
في الحديث: كتب عمر إِلى أَبي موسى: أَسِّسْ بين الناس في وَجْهِك و عَدْلِك.
أَي سَوِّ بينهم. قال ابن الأَثير: و هو من ساس الناسَ يَسوسُهم، و الهمزة فيه زائدة، و
يروى: آسِ بين الناس.
من المُواساة.
ألس:
الأَلْسُ و المُؤَالَسَة: الخِداع و الخيانة و الغشُّ و السَّرَقُ، و قد أَلَس يأْلِس، بالكسر، أَلْساً. و منه قولهم: فلان لا يُدالِسُ و لا يُؤَالِسُ، فالمُدالَسَةُ من الدَّلْس، و هو الظُّلْمَةُ، يراد به لا يُغَمِّي عليك الشيء فيُخْفيه و يستر ما فيه من عيب. و المُؤَالَسَةُ: الخِيانة؛ و أَنشد:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لا أَلْسَ فيهمُ، و همُ يَمْنَعُونَ جارَهمْ أَن يُقَرَّدا
و الأَلْسُ: أَصله الوَلْسُ، و هو الخيانة. و الأَلْسُ: الأَصلُ السُّوء. و الأَلْس: الغدر. و الأَلْسُ: الكذب. و الأَلْسُ و الأُلْسُ: ذهاب العقل و تَذْهيله؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
فقلتُ: إِن أَسْتَفِدْ عِلْماً و تَجْرِبَةً، فقد تردَّدَ فيكَ الخَبْلُ و الأَلْسُ
و
في حديث النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، أَنه دعا فقال: اللهم إِني أَعوذ بك من الأَلْسِ و الكِبْرِ.
؛ قال أَبو عبيد: الأَلْسُ هو اختلاط العقل، و خطَّأَ ابن الأَنباري من قال هو الخيانة. و المأْلُوس: الضعيف العقل. و أُلِسَ الرجلُ أَلْساً، فهو مأْلوس أَي مجنون ذهب عقله؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال الراجز:
يَتْبَعْنَ مِثْلَ العُجِّ المَنْسوسِ، أَهْوَجَ يَمْشِي مِشْيَةَ المَأْلوسِ
و قال مرة: الأَلْسُ الجُنون. يقال: إِن به لأَلْساً أَي جُنوناً؛ و أَنشد:
يا جِرَّتَيْنا بالحَبابِ حَلْسا، إِنْ بنا أَو بكمُ لأَلْسا
و قيل: الأَلْسُ الرِّيبةُ و تَغَيُّر الخُلُق من ريبة، أَو تغير الخُلُقِ من مرض. يقال: ما أَلَسَكَ. و رجل مَأْلوس: ذاهب العقل و البدن. و ما ذُقْتُ عنده أَلوساً أَي شيئاً من الطعام. و ضربه مائة فما تأَلَّسَ أَي ما تَوَجَّع، و قيل: فما تَحَلَّس بمعناه. أَبو عمرو: يقال للغريم إِنه ليَتَأَلَّس
__________________________________________________
(1). قوله [كأنها أس القافية اشتق إلخ] هكذا في الأَصل.
7
فما يُعْطِي و ما يمنع. و التَّأَلُّس: أَن يكون يريد أَن يُعطِيَ و هو يمنع. و يقال: إِنه لَمَأْلوس العطية، و قد أُلِسَتْ عطيته إِذا مُنِعَتْ من غير إياس منها؛ و أَنشد:
و صَرَمَت حَبْلَك بالتَّأَلُّس
و إِلْياسُ: اسم أَعجمي، و قد سمت به العرب، و هو إلياسُ بنُ مُضَرَ بنِ نِزار بن معدّ بن عَدْنان.
أمس:
أَمْسِ: من ظروف الزمان مبني على الكسر إِلا أَن ينكر أَو يعرَّف، و ربما بني على الفتح، و النسبة إِليه إِمسيٌّ، على غير قياس. قال ابن جني: امتنعوا من إِظهار الحرف الذي يعرَّف به أَمْسِ حتى اضطروا بذلك إِلى بنائه لتضمنه معناه، و لو أَظهروا ذلك الحرف فقالوا مَضَى الأَمسُ بما فيه لما كان خُلْفاً و لا خطأً؛ فأَما قول نُصيب:
و إِني وَقَفْتُ اليومَ و الأَمْسِ قَبْلَه ببابِكَ، حتى كادَتِ الشمسُ تَغْرُبُ
فإِن ابن الأَعرابي قال: روي الأَمْسِ و الأَمْسَ جرّاً و نصباً، فمن جره فعلى الباب فيه و جعل اللام مع الجر زائدة، و اللام المُعَرَّفة له مرادة فيه و هو نائب عنها و مُضَمن لها، فكذلك قوله و الأَمس هذه اللام زائدة فيه، و المعرفة له مرادة فيه محذوفة منه، يدل على ذلك بناؤه على الكسر و هو في موضع نصب، كما يكون مبنيّاً إِذا لم تظهر اللام في لفظه، و أَما من قال و الأَمْسَ فإِنه لم يضمنه معنى اللام فيبنيه، لكنه عرَّفه كما عرَّف اليوم بها، و ليست هذه اللام في قول من قال و الأَمسَ فنصب هي تلك اللام التي في قول من قال و الأَمْسِ فجرّ، تلك لا تظهر أَبداً لأَنها في تلك اللغة لم تستعمل مُظْهَرَة، أَ لا ترى أَن من ينصب غير من يجرّ؟ فكل منهما لغة و قياسهما على ما نطق به منهما لا تُداخِلُ أُخْتَها و لا نسبة في ذلك بينها و بينها. الكسائي: العرب تقول: كَلَّمتك أَمْسِ و أَعجبني أَمْسِ يا هذا، و تقول في النكرة: أَعجبني أَمْسِ و أَمْسٌ آخر، فإِذا أَضفته أَو نكرته أَو أَدخلت عليه الأَلف و اللام للتعريف أَجريته بالإِعراب، تقول: كان أَمْسُنا طيباً و رأَيت أَمسَنا المبارك و مررت بأَمسِنا المبارك، و يقال: مضى الأَمسُ بما فيه؛ قال الفراء: و من العرب من يخفض الأَمْس و إِن أَدخل عليه الأَلف و اللام، كقوله:
و إِني قَعَدْتُ اليومَ و الأَمْسِ قبله
و قال أَبو سعيد: تقول جاءَني أَمْسِ فإِذا نسبت شيئاً إِليه كسرت الهمزة، قلت إِمْسِيٌّ على غير قياس؛ قال العجاج:
و جَفَّ عنه العَرَقُ الإِمْسيُ
و قال العجاج:
كأَنَّ إِمْسِيّاً به من أَمْسِ، يَصْفَرُّ لليُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ
الجوهري: أَمْسِ اسم حُرِّك آخره لالتقاء الساكنين، و اختلفت العرب فيه فأَكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، و منهم من يعربه معرفة، و كلهم يعربه إِذا أَدخل عليه الأَلف و اللام أَو صيره نكرة أَو أَضافه. غيره: ابن السكيت: تقول ما رأَيته مُذْ أَمسِ، فإِن لم تره يوماً قبل ذلك قلت: ما رأَيته مذ أَوَّلَ من أَمْسِ، فإِن لم تره يومين قبل ذلك قلت: ما رأَيته مُذ أَوَّلَ من أَوَّلَ من أَمْسِ. قال ابن الأَنباري: أَدخل اللام و الأَلف على أَمس و تركه على كسره لأَن أَصل أَمس عندنا من الإِمساء فسمي الوقت بالأَمر و لم يغير لفظه؛ من ذلك قول الفرزدق:
8
ما أَنْتَ بالحَكَمِ التُرْضى حُكومَتُهُ، و لا الأَصيلِ و لا ذي الرأْي و الجَدَلِ
فأَدخل الأَلف و اللام على تُرْضى، و هو فعل مستقبل على جهة الاختصاص بالحكاية؛ و أَنشد الفراء:
أَخفن أَطناني إِن شكين، و إِنني لفي شُغْلٍ عن دَحْليَ اليَتَتَبَّعُ «1»
فأَدخل الأَلف و اللام على يتتبع، و هو فعل مستقبل لما وصفنا. و قال ابن كيسان في أَمْس: يقولون إِذا نكروه كل يوم يصير أَمْساً، و كل أَمسٍ مضى فلن يعود، و مضى أَمْسٌ من الأُموس. و قال البصريون: إِنما لم يتمكن أَمْسِ في الإِعراب لأَنه ضارع الفعل الماضي و ليس بمعرب؛ و قال الفراء: إِنما كُسِرَتْ لأَن السين طبعها الكسر، و قال الكسائي: أَصلها الفعل أُخذ من قولك أَمْسِ بخير ثم سمي به، و قال أَبو الهيثم: السين لا يلفظ بها إِلا من كسر الفم ما بين الثنية إِلى الضرس و كسرت لأَن مخرجها مكسور في قول الفراء؛ و أَنشد:
و قافيةٍ بين الثَّنِيَّة و الضِّرْسِ
و قال ابن بزرج: قال عُرامٌ ما رأَيته مُذ أَمسِ الأَحْدَثِ، و أَتاني أَمْسِ الأَحْدَثَ، و قال بِجادٌ: عهدي به أَمْسَ الأَحْدَثَ، و أَتاني أَمْسِ الأَحْدَثَ، قال: و يقال ما رأَيته قبل أَمْسِ بيوم؛ يريد من أَولَ من أَمْسِ، و ما رأَيته قبل البارحة بليلة. قال الجوهري: قال سيبويه و قد جاء في ضرورة الشعر مذ أَمْسَ بالفتح؛ و أَنشد:
لقد رأَيتُ عَجَباً، مُذْ أَمْسا، عَجائزاً مِثْلَ السَّعالي خَمْسا
يأْكُلْنَ ما في رَحْلِهنَّ هَمْسا، لا تَرك اللَّهُ لهنَّ ضِرْسا
قال ابن بري: اعلم أَن أَمْسِ مبنية على الكسر عند أَهل الحجاز و بنو تميم يوافقونهم في بنائها على الكسر في حال النصب و الجرّ، فإِذا جاءَت أَمس في موضع رفع أَعربوها فقالوا: ذهب أَمسُ بما فيه، و أَهل الحجاز يقولون: ذهب أَمسِ بما فيه لأَنها مبنية لتضمنها لام التعريف و الكسرة فيها لالتقاء الساكنين، و أَما بنو تميم فيجعلونها في الرفع معدولة عن الأَلف و اللام فلا تصرف للتعريف و العدل، كما لا يصرف سَحَر إِذا أَردت به وقتاً بعينه للتعريف و العدل؛ و شاهد قول أَهل الحجاز في بنائها على الكسر و هي في موضع رفع قول أُسْقُف نَجْران:
مَنَعَ البَقاءَ تَقَلُّبُ الشَّمْسِ، و طُلوعُها من حيثُ لا تُمْسِي
اليَوْمَ أَجْهَلُ ما يَجيءُ به، و مَضى بِفَصْلِ قَضائه أَمْسِ
فعلى هذا تقول: ما رأَيته مُذْ أَمْسِ في لغة الحجاز، جَعَلْتَ مذ اسماً أَو حرفاً، فإِن جعلت مذ اسماً رفعت في قول بني تميم فقلت: ما رأَيته مُذ أَمْسُ، و إِن جعلت مذ حرفاً وافق بنو تميم أَهل الحجاز في بنائها على الكسر فقالوا: ما رأَيته مُذ أَمسِ؛ و على ذلك قول الراجز يصف إِبلًا:
ما زالَ ذا هزيزَها مُذْ أَمْسِ، صافِحةً خُدُودَها للشَّمْسِ
فمذ هاهنا حرف خفض على مذهب بني تميم، و أَما على مذهب أَهل الحجاز فيجوز أَن يكون مذ اسماً و يجوز أَن يكون حرفاً. و ذكر سيبويه أَن من العرب من يجعل أَمس معدولة في موضع الجر بعد مذ خاصة،
__________________________________________________
(1). قوله [أخفن أطناني إلخ] كذا بالأَصل هنا و في مادة تبع.
9
يشبهونها بمذ إِذا رفعت في قولك ما رأَيته مذ أَمْسُ، و لما كانت أَمس معربة بعد مذ التي هي اسم، كانت أَيضاً معربة مع مذ التي هي حرف لأَنها بمعناها، قال: فبان لك بهذا غلط من يقول إن أَمس في قوله:
لقد رأَيت عجبا مذ أَمسا
مبنية على الفتح بل هي معربة، و الفتحة فيها كالفتحة في قولك مررت بأَحمد؛ و شاهد بناء أَمس إِذا كانت في موضع نصب قول زياد الأَعجم:
رأَيتُكَ أَمْسَ خَيْرَ بني مَعَدٍّ، و أَنت اليومَ خَيْرٌ منك أَمْسِ
و شاهد بنائها و هي في موضع الجر قول عمرو بن الشَّريد:
و لقدْ قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ و مَوْحَداً، و تَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ المُدْبِرِ
و كذا قول الآخر:
و أَبي الذي تَرَكَ المُلوك و جَمْعَهُمْ، بِصُهابَ، هامِدَةً كأَمْسِ الدَّابِرِ
قال: و اعلم أَنك إِذا نكرت أَمس أَو عرَّفتها بالأَلف و اللام أَو أَضفتها أَعربتها فتقول في التنكير: كلُّ غَدٍ صائرٌ أَمْساً، و تقول في الإِضافة و مع لام التعريف: كان أَمْسُنا طَيِّباً و كان الأَمْسُ طيباً؛ و شاهده قول نُصَيْب:
و إِني حُبِسْتُ اليومَ و الأَمْسِ قَبْلَه ببابِك، حتى كادَتِ الشمسُ تَغْرُب «1»
قال: و كذلك لو جمعته لأَعربته كقول الآخر:
مَرَّتْ بنا أَوَّلَ من أُمُوسِ، تَمِيسُ فينا مِشْيَةَ العَرُوسِ
قال الجوهري: و لا يصغر أَمس كما لا يصغر غَدٌ و البارحة و كيف و أَين و متى و أَيّ و ما و عند و أَسماء الشهور و الأُسبوع غير الجمعة. قال ابن بري: الذي حكاه الجوهري في هذا صحيح إِلا قوله غير الجمعة لأَن الجمعة عند سيبويه مثل سائر أَيام الأُسبوع لا يجوز أَن يصغر، و إِنما امتنع تصغير أَيام الأُسبوع عند النحويين لأَن المصغر إنما يكون صغيراً بالإِضافة إِلى ما له مثل اسمه كبيراً، و أيام الأُسبوع متساوية لا معنى فيها للتصغير، و كذلك غد و البارحة و أَسماء الشهور مثل المحرّم و صفر.
أنس:
الإِنسان: معروف؛ و قوله:
أَقَلَّ بَنو الإِنسانِ، حين عَمَدْتُمُ إِلى من يُثير الجنَّ، و هي هُجُودُ
يعني بالإِنسان آدم، على نبينا و عليه الصلاة و السلام. و قوله عز و جل: وَ كانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا
؛ عنى بالإِنسان هنا الكافر، و يدل على ذلك قوله عز و جل: وَ يُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ؛ هذا قول الزجّاج، فإِن قيل: و هل يُجادل غير الإِنسان؟ قيل: قد جادل إِبليس و كل من يعقل من الملائكة، و الجنُّ تُجادل، لكن الإِنسان أَكثر جدلًا، و الجمع الناس، مذكر. و في التنزيل: يا أَيُّهَا النَّاسُ*
؛ و قد يؤنث على معنى القبيلة أَو الطائفة، حكى ثعلب: جاءَتك الناسُ، معناه: جاءَتك القبيلة أَو القطعة؛ كما جعل بعض الشعراء آدم اسماً للقبيلة و أَنث فقال أَنشده سيبويه:
شادوا البلادَ و أَصْبَحوا في آدمٍ، بَلَغوا بها بِيضَ الوُجوه فُحُولا
و الإِنسانُ أَصله إِنْسِيانٌ لأَن العرب قاطبة قالوا في تصغيره: أُنَيْسِيانٌ، فدلت الياء الأَخيرة على الياء في تكبيره، إِلا أَنهم حذفوها لما كثر الناسُ في كلامهم.
__________________________________________________
(1). ذكر هذا البيت في صفحة 8 و فيه:
و إِني وقفت ...
بدلًا من:
و إني حبست.
و هو في الأَغاني:
و إني نَوَيْتُ.
10
و
في حديث ابن صَيَّاد: قال النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، ذاتَ يوم: انْطَلِقوا بنا إِلى أُنَيسيانٍ قد رأَينا شأْنه.
؛ و هو تصغير إِنسان، جاء شاذّاً على غير قياس، و قياسه أُنَيْسانٌ، قال: و إِذا قالوا أَناسينُ فهو جمع بَيِّنٌ مثل بُسْتانٍ و بَساتينَ، و إِذا قالوا أَناسي كثيراً فخففوا الياء أَسقطوا الياء التي تكون فيما بين عين الفعل و لامه مثل قَراقيرَ و قراقِرَ، و يُبَيِّنُ جواز أَناسي، بالتخفيف، قول العرب أَناسيَة كثيرة، و الواحدُ إِنْسِيٌّ و أُناسٌ إِن شئت. و
روي عن ابن عباس، رضي اللَّه عنهما، أَنه قال: إِنما سمي الإِنسان إِنساناً لأَنه عهد إِليه فَنَسيَ.
قال أَبو منصور: إِذا كان الإِنسان في الأَصل إِنسيانٌ، فهو إِفْعِلانٌ من النِّسْيان، و قول ابن عباس حجة قوية له، و هو مثل لَيْل إِضْحِيان من ضَحِيَ يَضْحَى، و قد حذفت الياء فقيل إِنْسانٌ. و روى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه سأَله عن الناس ما أَصله؟ فقال: الأُناس لأَن أَصله أُناسٌ فالأَلف فيه أَصلية ثم زيدت عليه اللام التي تزاد مع الأَلف للتعريف، و أَصل تلك اللام «2» إِبدالًا من أَحرف قليلة مثل الاسم و الابن و ما أَشْبهها من الأَلفات الوصلية فلما زادوهما على أُناس صار الاسم الأُناس، ثم كثرت في الكلام فكانت الهمزة واسطة فاستثقلوها فتركوها و صار الباقي: أَلُناسُ، بتحريك اللام بالضمة، فلما تحركت اللام و النون أَدغَموا اللام في النون فقالوا: النَّاسُ، فلما طرحوا الأَلف و اللام ابتَدأُوا الاسم فقالوا: قال ناسٌ من الناس. قال الأَزهري: و هذا الذي قاله أَبو الهيثم تعليل النحويين، و إِنْسانٌ في الأَصل إِنْسِيانٌ، و هو فِعْليانٌ من الإِنس و الأَلف فيه فاء الفعل، و على مثاله حِرْصِيانٌ، و هو الجِلْدُ الذي يلي الجلد الأَعلى من الحيوان، سمي حِرْصِياناً لأَنه يُحْرَصُ أَي يُقْشَرُ؛ و منه أُخذت الحارِصَة من الشِّجاج، يقال رجل حِذْريانٌ إِذا كان حَذِراً. قال الجوهري: و تقدير إِنْسانٍ فِعْلانٌ و إِنما زيد في تصغيره ياء كما زيد في تصغير رجل فقيل رُوَيْجِل، و قال قوم: أَصله إِنْسِيان على إِفْعِلان، فحذفت الياء استخفافاً لكثرة ما يجري على أَلسنتهم، فإِذا صغّروه ردوهما لأَن التصغير لا يكثر. و قوله عز و جل: أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ
؛ النَّاسُ هاهنا أَهل مكة و الأُناسُ لغة في الناس، قال سيبويه: و الأَصل في الناس الأُناسُ مخففاً فجعلوا الأَلف و اللام عوضاً من الهمزة و قد قالوا الأُناس؛ قال الشاعر:
إِنَّ المَنايا يَطَّلِعْنَ على الأُناس الآمِنينا
و حكى سيبويه: الناسُ الناسُ أَي الناسُ بكل مكان و على كل حال كما تعرف؛ و قوله:
بلادٌ بها كُنَّا، و كُنَّا نُحِبُّها، إِذ الناسُ ناسٌ، و البلادُ بلادُ
فهذا على المعنى دون اللفظ أَي إِذ الناس أَحرار و البلاد مُخْصِبَة، و لو لا هذا الغَرَض و أَنه مراد مُعْتَزَم لم يجز شيء من ذلك لِتَعَرِّي الجزء الأَخير من زيادة الفائدة عن الجزءِ الأَول، و كأَنه أُعيد لفظ الأَول لضرب من الإِدْلالِ و الثقة بمحصول الحال، و كذلك كل ما كان مثل هذا. و النَّاتُ: لغة في الناس على البدل الشاذ؛ و أَنشد:
يا قَبَّحَ اللَّهُ بني السِّعْلاةِ عَمرو بنَ يَرْبوعٍ شِرارَ الناتِ،
غيرَ أَعِفَّاءٍ و لا أَكْياتِ
أَراد و لا أَكياس فأَبدل التاء من سين الناس و الأَكياس
__________________________________________________
(2). قوله [و أصل تلك اللام إلى قوله فلما زادوهما] كذا بالأَصل.
11
لموافقتها إِياها في الهمس و الزيادة و تجاور المخارج. و الإِنْسُ: جماعة الناس، و الجمع أُناسٌ، و هم الأَنَسُ. تقول: رأَيت بمكان كذا و كذا أَنَساً كثيراً أَي ناساً كثيراً؛ و أَنشد:
و قد تَرى بالدّار يوماً أَنَسا
و الأَنَسُ، بالتحريك: الحيُّ المقيمون، و الأَنَسُ أَيضاً: لغة في الإِنْس؛ و أَنشد الأَخفش على هذه اللغة:
أَتَوْا ناري فقلتُ: مَنُونَ أَنتم؟ فقالوا: الجِنُّ قلتُ: عِمُوا ظَلاما
فقلتُ: إِلى الطَّعامِ، فقال منهمْ زَعِيمٌ: نَحْسُد الأَنَسَ الطَّعاما
قال ابن بري: الشعر لشمر بن الحرث الضَّبِّي، و ذكر سيبويه البيت الأَول جاء فيه منون مجموعاً للضرورة و قياسه: من أَنتم؟ لأَن من إِنما تلحقه الزوائد في الوقف، يقول القائل: جاءَني رجل، فتقول: مَنُو؟ و رأَيت رجلًا فيقال: مَنا؟ و مررت برجل فيقال: مَني؟ و جاءني رجلان فتقول: مَنانْ؟ و جاءَني رجال فتقول: مَنُونْ؟ فإِن وصلت قلت: مَنْ يا هذا؟ أَسقطت الزوائد كلها، و من روى عموا صباحاً فالبيت على هذه الرواية لجِذْع بن سنان الغساني في جملة أَبيات حائية؛ و منها:
أَتاني قاشِرٌ و بَنُو أَبيه، و قد جَنَّ الدُّجى و النجمُ لاحا
فنازَعني الزُّجاجَةَ بَعدَ وَهْنٍ، مَزَجْتُ لهم بها عَسلًا و راحا
و حَذَّرَني أُمُوراً سَوْف تأْتي، أَهُزُّ لها الصَّوارِمَ و الرِّماحا
و الأَنَسُ: خلاف الوَحْشَةِ، و هو مصدر قولك أَنِسْتُ به، بالكسر، أَنَساً و أَنَسَةً؛ قال: و فيه لغة أُخرى: أَنَسْتُ به أُنْساً مثل كفرت به كُفْراً. قال: و الأُنْسُ و الاستئناس هو التَّأَنُّسُ، و قد أَنِسْتُ بفلان. و الإِنْسِيُّ: منسوب إِلى الإِنْس، كقولك جِنِّيٌّ و جِنٌّ و سِنْدِيٌّ و سِنْدٌ، و الجمع أَناسِيُّ كَكُرْسِيّ و كَراسِيّ، و قيل: أَناسِيُّ جمع إِنسان كسِرْحانٍ و سَراحينَ، لكنهم أَبدلوا الياء من النون؛ فأَما قولهم: أَناسِيَةٌ جعلوا الهاء عوضاً من إِحدى ياءَي أَناسِيّ جمع إِنسان، كما قال عز من قائل: وَ أَناسِيَّ كَثِيراً
. و تكون الياءُ الأُولى من الياءَين عوضاً منقلبة من النون كما تنقلب النون من الواو إِذا نسبت إِلى صَنْعاءَ و بَهْراءَ فقلت: صَنْعانيٌّ و بَهْرانيٌّ، و يجوز أَن تحذف الأَلف و النون في إِنسان تقديراً و تأْتي بالياءِ التي تكون في تصغيره إِذا قالوا أُنَيْسِيان، فكأَنهم زادوا في الجمع الياء التي يردّونها في التصغير فيصير أَناسِيَ، فيدخلون الهاء لتحقيق التأْنيث؛ و قال المبرد: أَناسِيَةٌ جمع إِنْسِيَّةٍ، و الهاء عوض من الياء المحذوفة، لأَنه كان يجب أَناسِيّ بوزن زَناديقَ و فَرازِينَ، و أَن الهاء في زَنادِقَة و فَرازِنَة إِنما هي بدل من الياء، و أَنها لما حذفت للتخفيف عوّضت منها الهاءُ، فالياءُ الأُولى من أَناسِيّ بمنزلة الياءِ من فرازين و زناديق، و الياء الأَخيرة منه بمنزلة القاف و النون منهما، و مثل ذلك جَحْجاحٌ و جَحاجِحَةٌ إِنما أَصله جَحاجيحُ. و قال اللحياني: يُجْمَع إِنسانٌ أَناسِيَّ و آناساً على مثال آباضٍ، و أَناسِيَةً بالتخفيف و التأْنيث. و الإِنْسُ: البشر، الواحد إِنْسِيٌّ و أَنَسيٌّ أَيضاً، بالتحريك. و يقال: أَنَسٌ و آناسٌ كثير. و قال الفراء في قوله عز و جل: وَ أَناسِيَّ كَثِيراً؛ الأَناسِيُّ جِماعٌ، الواحد إِنْسِيٌّ، و إِن شئت جعلته إِنساناً ثم جمعته
12
أَناسِيّ فتكون الياءُ عوضاً من النون، كما قالوا للأَرانب أَراني، و للسَّراحين سَراحِيّ. و يقال للمرأَة أَيضاً إِنسانٌ و لا يقال إِنسانة، و العامة تقوله. و
في الحديث: أَنه نهى عن الحُمُر الإِنسيَّة يوم خَيْبَر.
؛ يعني التي تأْلف البيوت، و المشهور فيها كسر الهمزة، منسوبة إِلى الإِنس، و هم بنو آدم، الواحد إِنْسِيٌّ؛ قال: و في كتاب أَبي موسى ما يدل على أَن الهمزة مضمومة فإِنه قال هي التي تأْلف البيوت. و الأُنْسُ، و هو ضد الوحشة، الأُنْسُ، بالضم، و قد جاءَ فيه الكسر قليلًا، و رواه بعضهم بفتح الهمزة و النون، قال: و ليس بشيءٍ؛ قال ابن الأَثير: إِن أَراد أَن الفتح غير معروف في الرواية فيجوز، و إِن أَراد أَنه ليس بمعروف في اللغة فلا، فإِنه مصدر أَنِسْت به آنَس أَنَساً و أَنَسَةً، و قد حكي أَن الإِيْسان لغة في الإِنسان، طائية؛ قال عامر بن جرير الطائي:
فيا ليتني من بَعْدِ ما طافَ أَهلُها هَلَكْتُ، و لم أَسْمَعْ بها صَوْتَ إِيسانِ
قال ابن سيدة: كذا أَنشده ابن جني، و قال: إِلا أَنهم قد قالوا في جمعه أَياسِيَّ، بياء قبل الأَلف، فعلى هذا لا يجوز أَن تكون الياء غير مبدلة، و جائز أَيضاً أَن يكون من البدل اللازم نحو عيدٍ و أَعْياد و عُيَيْدٍ؛ قال اللحياني: في لغة طيء ما رأَيتُ ثَمَّ إِيساناً أَي إِنساناً؛ و قال اللحياني: يجمعونه أَياسين، قال في كتاب اللَّه عز و جل: ياسين وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ؛ بلغة طيء، قال أَبو منصور: و قول العلماء أنه من الحروف المقطعة. و قال الفراءُ: العرب جميعاً يقولون الإِنسان إِلا طيئاً فإِنهم يجعلون مكان النون ياء. و
روى قَيْسُ بن سعد أَن ابن عباس، رضي اللَّه عنهما، قرأَ: يا سين وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، يريد يا إِنسان.
قال ابن جني: و يحكى أَن طائفة من الجن وافَوْا قوماً فاستأْذنوا عليهم فقال لهم الناس: من أَنتم؟ فقالوا: ناسٌ من الجنِّ، و ذلك أَن المعهود في الكلام إِذا قيل للناس من أَنتم قالوا: ناس من بني فلان، فلما كثر ذلك استعملوه في الجن على المعهود من كلامهم مع الإِنس، و الشيء يحمل على الشيء من وجه يجتمعان فيه و إِن تباينا من وجه آخر. و الإِنسانُ أَيضاً: إِنسان العين، و جمعه أَناسِيُّ. و إِنسانُ العين: المِثال الذي يرى في السَّواد؛ قال ذو الرمة يصف إِبلًا غارت عيونها من التعب و السير:
إِذا اسْتَحْرَسَتْ آذانُها، اسْتَأْنَسَتْ لها أَناسِيُّ مَلْحودٌ لها في الحَواجِبِ
و هذا البيت أَورده ابنُ بري:
إِذا اسْتَوْجَسَتْ ...
، قال: و استوجست بمعنى تَسَمَّعَتْ، و اسْتَأْنَسَتْ و آنَسَتْ بمعنى أَبصرت، و قوله:
... ملحود لها في الحواجب
، يقول: كأَن مَحارَ أَعيُنها جُعِلْنَ لها لُحوداً وصَفَها بالغُؤُور؛ قال الجوهري و لا يجمع على أُناسٍ. و إِنسان العين: ناظرها. و الإِنسانُ: الأُنْمُلَة؛ و قوله:
تَمْري بإِنْسانِها إِنْسانَ مُقْلَتها، إِنْسانةٌ، في سَوادِ الليلِ، عُطبُولُ
فسره أَبو العَمَيْثَلِ الأَعرابيُّ فقال: إِنسانها أُنملتها. قال ابن سيدة: و لم أَره لغيره؛ و قال:
أَشارَتْ لإِنسان بإِنسان كَفِّها، لتَقْتُلَ إِنْساناً بإِنْسانِ عَيْنِها
و إِنْسانُ السيف و السهم: حَدُّهما. و إِنْسِيُّ القَدَم: ما أَقبل عليها و وَحْشِيُّها ما أَدبر منها. و إِنْسِيُّ الإِنسان و الدابة: جانبهما الأَيسر، و قيل الأَيمن.
13
و إِنْسِيُّ القَوس: ما أَقبل عليك منها، و قيل: إِنْسِيُّ القوس ما وَليَ الرامِيَ، و وَحْشِيُّها ما ولي الصيد، و سنذكر اختلاف ذلك في حرف الشين. التهذيب: الإِنْسِيُّ من الدواب هو الجانب الأَيسر الذي منه يُرْكَبُ و يُحْتَلَبُ، و هو من الآدمي الجانبُ الذي يلي الرجْلَ الأُخرى، و الوَحْشِيُّ من الإِنسانِ الجانب الذي يلي الأَرض. أَبو زيد: الإِنْسِيُّ الأَيْسَرُ من كل شيء. و قال الأَصمعي: هو الأَيْمَنُ، و قال: كلُّ اثنين من الإِنسان مثل الساعِدَيْن و الزَّنْدَيْن و القَدَمين فما أَقبل منهما على الإِنسان فهو إِنْسِيٌّ، و ما أَدبر عنه فهو وَحْشِيٌّ. و الأَنَسُ: أَهل المَحَلِّ، و الجمع آناسٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها جَهاراً، و يَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ
و قال عمرو ذو الكَلْب:
بفِتْيانٍ عَمارِطَ من هُذَيْلٍ، هُمُ يَنْفُونَ آناسَ الحِلالِ
و قالوا: كيف ابنُ إِنْسِك و إِنْسُك أَي كيف نَفْسُك. أَبو زيد: تقول العرب للرجل كيف ترى ابن إِنْسِك إِذا خاطبت الرجل عن نفْسك. الأَحمر: فلان ابن إِنْسِ فلان أَي صَفِيُّه و أَنيسُه و خاصته. قال الفراء: قلت للدُّبَيْريّ إِيش، كيف ترى ابنُ إِنْسِك، بكسر الأَلف؟ فقال: عزاه إِلى الإِنْسِ، فأَما الأُنْس عندهم فهو الغَزَلُ. الجوهري: يقال كيف ابنُ إِنْسِك و إِنْسُك يعني نفسه، أَي كيف تراني في مصاحبتي إِياك؟ و يقال: هذا حِدْثي و إِنسي و خِلْصي و جِلْسِي، كله بالكسر. أَبو حاتم: أَنِسْت به إِنساً، بكسر الأَلف، و لا يقال أُنْساً إِنما الأُنْسُ حديثُ النساء و مُؤَانستهن. رواه أَبو حاتم عن أَبي زيد. و أَنِسْتُ به آنَسُ و أَنُسْتُ آنُسُ أَيضاً بمعنى واحد. و الإِيناسُ: خلاف الإِيحاش، و كذلك التَّأْنيس. و الأَنَسُ و الأُنْسُ و الإِنْسُ الطمأْنينة، و قد أَنِسَ به و أَنَسَ يأْنَسُ و يأْنِسُ و أَنُسَ أُنْساً و أَنَسَةً و تَأَنَّسَ و اسْتَأْنَسَ؛ قال الراعي:
أَلا اسْلَمي اليومَ ذاتَ الطَّوْقِ و العاجِ. و الدَّلِّ و النَّظَرِ المُسْتَأْنِسِ الساجي
و العرب تقول: آنَسُ من حُمَّى؛ يريدون أَنها لا تكاد تفارق العليل فكأَنها آنِسَةٌ به، و قد آنَسَني و أَنَّسَني. و
في بعض الكلام: إِذا جاءَ الليل استأْنَس كلُّ وَحْشِيٍّ و استوحش كلُّ إِنْسِيٍّ.
؛ قال العجاج:
و بَلْدَةٍ ليس بها طُوريُّ، و لا خَلا الجِنَّ بها إِنْسِيُ
تَلْقى، و بئس الأَنَسُ الجِنِّيُّ دَوِّيَّة لهَولِها دَويُ
للرِّيح في أَقْرابها هُوِيُ
هُويُّ: صَوْتٌ. أَبو عمرو: الأَنَسُ سُكان الدار. و استأْنس الوَحْشِيُّ إِذا أَحَسَّ إِنْسِيّاً. و استأْنستُ بفلان و تأَنَّسْتُ به بمعنى؛ و قول الشاعر:
و لكنني أَجمع المُؤْنِساتِ، إِذا ما اسْتَخَفَّ الرجالُ الحَديدا
يعني أَنه يقاتل بجميع السلاح، و إِنما سماها بالمؤْنسات لأَنهن يُؤْنِسْنَه فَيُؤَمِّنَّه أَو يُحَسِّنَّ ظَنَّهُ. قال الفراء: يقال للسلاح كله من الرُّمح و المِغْفَر و التِّجْفاف و التَّسْبِغَةِ و التُّرْسِ و غيره: المُؤْنِساتُ. و كانت العرب القدماءُ تسمي يوم الخميس مُؤْنِسا
14
لأَنَّهم كانوا يميلون فيه إلى الملاذِّ؛ قال الشاعر:
أُؤَمِّلُ أَن أَعيشَ، و أَنَّ يومي بأَوَّل أَو بأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِن يَفُتْني، فَمُؤْنِس أَو عَروبَةَ أَو شِيارِ
و
قال مُطَرِّز: أَخبرني الكريمي إِمْلاءً عن رجاله عن ابن عباس، رضي اللَّه عنهما، قال: قال لي عليّ، عليه السلام: إِن اللَّه تبارك و تعالى خلق الفِرْدَوْسَ يوم الخميس و سماها مُؤْنِسَ.
و كلب أَنُوس: و هو ضد العَقُور، و الجمع أُنُسٌ. و مكان مَأْنُوس إِنما هو على النسب لأَنهم لم يقولوا آنَسْتُ المكان و لا أَنِسْتُه، فلما لم نجد له فعلًا و كان النسبُ يَسوغُ في هذا حملناه عليه؛ قال جرير:
حَيِّ الهِدَمْلَةَ من ذاتِ المَواعِيسِ، فالحِنْوُ أَصْبَحَ قَفْراً غيرَ مَأْنُوسِ
و جارية آنِسَةٌ: طيبة الحديث؛ قال النابغة الجَعْدي:
بآنِسةٍ غَيْرِ أُنْسِ القِرافِ، تُخَلِّطُ باللِّينِ منها شِماسا
و كذلك أَنُوسٌ، و الجمع أُنُسٌ؛ قال الشاعر يصف بيض نعام:
أُنُسٌ إِذا ما جِئْتَها بِبُيُوتِها، شُمُسٌ إِذا داعي السِّبابِ دَعاها
جُعلَتْ لَهُنَّ مَلاحِفُ قَصَبيَّةٌ، يُعْجِلْنَها بالعَطِّ قَبْلَ بِلاها
و المَلاحِف القصبية يعني بها ما على الأَفْرُخِ من غِرْقيءِ البيض. الليث: جارية آنِسَةٌ إِذا كانت طيبة النَّفْسِ تُحِبُّ قُرْبَكَ و حديثك، و جمعها آنِسات و أَوانِسُ. و ما بها أَنِيسٌ أَي أَحد، و الأُنُسُ الجمع. و آنَسَ الشيءَ: أَحَسَّه. و آنَسَ الشَّخْصَ و اسْتَأْنَسَه: رآه و أَبصره و نظر إِليه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بعَيْنَيَّ لم تَسْتَأْنِسا يومَ غُبْرَةٍ، و لم تَرِدا جَوَّ العِراقِ فَثَرْدَما
ابن الأَعرابي: أَنِسْتُ بفلان أَي فَرِحْتُ به، و آنَسْتُ فَزَعاً و أَنَّسْتُهُ إِذا أَحْسَسْتَه و وجدتَهُ في نفسك. و في التنزيل العزيز: آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً؛ يعني موسى أَبصر ناراً، و هو الإِيناسُ. و آنَس الشيءَ: علمه. يقال: آنَسْتُ منه رُشْداً أَي علمته. و آنَسْتُ الصوتَ: سمعته. و
في حديث هاجَرَ و إِسماعيلَ: فلما جاءَ إِسماعيل، عليه السلام، كأَنه آنَسَ شيئاً.
أَي أَبصر و رأَى لم يَعْهَدْه. يقال: آنَسْتُ منه كذا أَي علمت. و اسْتَأْنَسْتُ: اسْتَعْلَمْتُ؛ و منه
حديث نَجْدَةَ الحَرُورِيِّ و ابن عباس: حتى تُؤْنِسَ منه الرُّشْدَ.
أَي تعلم منه كمال العقل و سداد الفعل و حُسْنَ التصرف. و قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا
؛ قال الزجاج: معنى تَسْتَأْنِسُوا
في اللغة تستأْذنوا، و لذلك جاءَ في التفسير تَسْتَأْنِسُوا
فَتَعْلَموا أَ يريد أَهلُها أَن تدخلوا أَم لا؟ قال الفراءُ: هذا مقدم و مؤَخَّر إِنما هو حتى تسلِّموا و تستأْنسوا: السلام عليكم أَ أَدخل؟ قال: و الاستئناس في كلام العرب النظر. يقال: اذهبْ فاسْتَأْنِسْ هل ترى أَحداً؟ فيكون معناه انظرْ من ترى في الدار؛ و قال النابغة:
بذي الجَليل على مُسْتَأْنِسٍ وَحِد
15
أَي على ثور وحشيٍّ أَحس بما رابه فهو يَسْتَأْنِسُ أَي يَتَبَصَّرُ و يتلفت هل يرى أَحداً، أَراد أَنه مَذْعُور فهو أَجَدُّ لعَدْوِه و فراره و سرعته.
و كان ابن عباس، رضي اللَه عنهما، يقرأُ هذه الآية: حتى تستأْذنوا، قال: تَسْتَأْنِسُوا
خطأ من الكاتب. قال الأَزهري: قرأ أُبيّ و ابن مسعود: تستأْذنوا، كما قرأَ ابن عباس.
و المعنى فيهما واحد. و
قال قتادة و مجاهد: تَسْتَأْنِسُوا
هو الاستئذان، و قيل: تَسْتَأْنِسُوا
تَنَحْنَحُوا.
قال الأَزهري: و أَصل الإِنْسِ و الأَنَسِ و الإِنسانِ من الإِيناسِ، و هو الإِبْصار. و يقال: آنَسْتُه و أَنَّسْتُه أَي أَبصرته؛ و قال الأَعشى:
لا يَسْمَعُ المَرْءُ فيها ما يؤَنِّسُه، بالليلِ، إِلَّا نَئِيمَ البُومِ و الضُّوَعا
و قيل معنى قوله: ما يُؤَنِّسُه أَي ما يجعله ذا أُنْسٍ، و قيل للإِنْسِ إِنْسٌ لأَنهم يُؤنَسُونَ أَي يُبْصَرون، كما قيل للجنِّ جِنٌّ لأَنهم لا يؤنسون أَي لا يُبصَرون. و قال محمد بن عرفة الواسطي: سمي الإِنْسِيُّون إِنْسِيِّين لأَنهم يُؤنَسُون أَي يُرَوْنَ، و سمي الجِنُّ جِنّاً لأَنهم مُجْتَنُّون عن رؤية الناس أَي مُتَوارُون. و
في حديث ابن مسعود: كان إِذا دخل داره اسْتَأْنس و تَكَلَّمَ.
أَي اسْتَعْلَم و تَبَصَّرَ قبل الدخول؛ و منه الحديث:
أَ لم تَرَ الجِنَّ و إِبلاسها، و يَأْسَها من بعد إِيناسها؟
أَي أَنها يئست مما كانت تعرفه و تدركه من استراق السمع ببعثة النبي، صلى اللَه عليه و سلم. و الإِيناسُ: اليقين؛ قال:
فإِن أَتاكَ امْرؤٌ يَسْعَى بِكذْبَتِه، فانْظُرْ، فإِنَّ اطِّلاعاً غَيْرُ إِيناسِ
الاطِّلاعُ: النظر، و الإِيناس: اليقين؛ قال الشاعر:
ليَس بما ليس به باسٌ باسْ، و لا يَضُرُّ البَرَّ ما قال الناسْ،
و إِنَّ بَعْدَ اطِّلاعٍ إِيناسْ
و بعضهم يقول:
... بعد طُلوعٍ إِيناسٌ.
الفراء: من أَمثالهم: بعد اطِّلاعٍ إِيناسٌ؛ يقول: بعد طُلوعٍ إِيناس. و تَأَنَّسَ البازي: جَلَّى بطَرْفِه. و البازي يَتَأَنَّسُ، و ذلك إِذا ما جَلَّى و نظر رافعاً رأْسه و طَرْفه. و
في الحديث: لو أَطاع اللَّهُ الناسَ في الناسِ لم يكن ناسٌ.
؛ قيل: معناه أَن الناس يحبون أَن لا يولد لهم إِلا الذُّكْرانُ دون الإِناث، و لو لم يكن الإِناث ذهب الناسُ، و معنى أَطاع استجاب دعاءه. و مَأْنُوسَةُ و المَأْنُوسَةُ جميعاً: النار. قال ابن سيدة: و لا أَعرف لها فِعْلًا، فأَما آنَسْتُ فإِنما حَظُّ المفعول منها مُؤْنَسَةٌ؛ و قال ابن أَحمر:
كما تَطايَرَ عن مَأْنُوسَةَ الشَّرَرُ
قال الأَصمعي: و لم نسمع به إِلا في شعر ابن أَحمر. ابن الأَعرابي: الأَنِيسَةُ و المَأْنُوسَةُ النار، و يقال لها السَّكَنُ لأَن الإِنسان إِذا آنَسَها ليلًا أَنِسَ بها و سَكَنَ إِليها و زالت عنه الوَحْشَة، و إِن كان بالأَرض القَفْرِ. أَبو عمرو: يقال للدِّيكِ الشُّقَرُ و الأَنيسُ و النَّزِيُّ. و الأَنِيسُ: المُؤَانِسُ و كل ما يُؤْنَسُ به. و ما بالدار أَنِيسٌ أَي أَحد؛ و قول الكميت:
فِيهنَّ آنِسَةُ الحدِيثِ حَيِيَّةٌ، ليسَتْ بفاحشَةٍ و لا مِتْفالِ
أَي تَأْنَسُ حديثَك و لم يرد أَنها تُؤْنِسُك لأَنه لو
16
أَراد ذلك لقال مُؤْنِسَة. و أَنَسٌ و أُنَيسٌ: اسمان. و أُنُسٌ: اسم ماء لبني العَجْلانِ؛ قال ابن مُقْبِل:
قالتْ سُلَيْمَى ببطنِ القاعِ من أُنُسٍ: لا خَيْرَ في العَيْشِ بعد الشَّيْبِ و الكِبَرِ
و يُونُسُ و يُونَسُ و يُونِسُ، ثلاث لغات: اسم رجل، و حكي فيه الهمز أَيضاً، و اللَّه أَعلم.
أنقلس:
الأَنْقَيْلَسُ و الأَنْقَلَيْسُ: سمكة على خِلقَة حية، و هي عجمية. ابن الأَعرابي: الشَّلِقُ الأَنْكَلَيْسُ، و مرة قال: الأَنْقَلَيْسُ، و هو السمك الجِرِّيُّ و الجِرِّيتُ؛ و قال الليث: هو بفتح اللام و الأَلف، و منهم من يكسر الأَلف و اللام؛ قال الأَزهري: أُراها معرَّبة.
أنكلس:
ابن الأَعرابي: الشَّلِقُ الأَنْكَلَيْسُ، و مرة قال: الأَنْقَلَيْسُ، و هو السمك الجِرِّيُّ و الجِرِّيتُ؛ و قال الليث: هو بفتح اللام و الأَلف و منهم من يكسرهما. قال الأَزهري: أُراها معرّبة. و
في حديث علي، رضي اللَّه عنه: أَنه بَعَثَ إِلى السُّوق فقال لا تَأْكلوا الأَنْكَلَيْسَ.
؛ هو بفتح الهمزة و كسرها، سمك شبيه بالحيات رديء الغذاء، و هو الذي يسمى [المارْماهي] و إِنما كرهه لهذا لا لأَنه حرام، و رواه الأَزهري عن عَمّار و قال: الأَنْقَلَيْسُ، بالقاف لغة فيه.
أوس:
الأَوْسُ: العطيَّةُ «3». أُسْتُ القومَ أَؤُوسُهم أَوْساً إِذا أَعطيتهم، و كذلك إِذا عوَّضتهم من شيء. و الأَوْس: العِوَضُ. أُسْتُه أَؤُوسُه أَوْساً: عُضتُه أَعُوضُه عَوضاً؛ و قال الجَعْدِيُّ:
لَبِسْتُ أُناساً فأَفْنَيْتُهم، و أَفْنَيْتُ بعدَ أُناسٍ أُناسَا
ثلاثةُ أَهْلِينَ أَفْنَيْتُهم، و كان الإِلهُ هو المُسْتَآسَا
أَي المُسْتَعاضَ. و
في حديث قَيْلَةَ: ربِّ أُسْني لما أَمْضَيْت.
أَي عَوّضْني. و الأَوْسُ: العِوَضُ و العطية، و
يروى: رب أَثِبْني.
من الثواب. و اسْتَآسَني فأُسْتُه: طلب إِليَّ العِوَضَ. و اسْتَآسَهُ أَي اسْتَعَاضَه. و الإِياسُ: العِوَضُ. و إِياسٌ: اسم رجل، منه. و أَساهُ أَوْساً: كَآساه؛ قال المؤَرِّجُ: ما يُواسِيهِ ما يصيبه بخير، من قول العرب: أُسْ فلاناً بخير أَي أَصبه، و قيل: ما يُواسِيه من مودّته و لا قرابته شيئاً، مأْخوذ من الأَوْس و هو العِوَضُ. قال: و كان في الأَصل ما يُواوِسُه فقدَّموا السين، و هي لام الفعل، و أَخَّروا الواو، و هي عين الفعل، فصار يُواسِوُه، فصارت الواو ياء لتحريكها و لانكسار ما قبلها، و هذا من المقلوب، و يجوز أَن يكون من أَسَوْتُ الجُرْحَ، و هو مذكور في موضعه. و الأَوْسُ: الذئب، و به سمي الرجل. ابن سيدة: و أَوْسٌ الذئب معرفة؛ قال:
لما لَقِينا بالفَلاةِ أَوْسا لم أَدْعُ إِلا أَسْهُماً و قَوْسا
و ما عَدِمْتُ جُرْأَةً و كَيْسا و لو دَعَوْتُ عامراً و عبْسا،
أَصَبْتُ فيهمْ نَجْدَةً و أُنْسا
أَبو عبيد: يقال للذئب: هذا أَوسٌ عادياً؛ و أَنشد:
كما خامَرَتْ في حَضْنِها أُمُّ عامِرٍ، لَدى الحَبْل، حتى غالَ أَوْسٌ عِيالَها
__________________________________________________
(3). قوله [الأَوس العطية إلخ] عبارة القاموس الأَوس الإعطاء و التعويض.
17
يعني أَكلَ جِراءَها. و أُوَيْسٌ: اسم الذئب، جاءَ مُصَّغَّراً مثل الكُمَيْت و اللُّجَيْن؛ قال الهذلي:
يا ليتَ شِعْري عنكَ، و الأَمْرُ أَمَمْ ما فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنَمْ؟
قال ابن سيدة: و أُويس حقروه مُتَفَئِّلِين أَنهم يقدرون عليه؛ و قول أَسماء بن خارجة:
في كلِّ يومٍ من ذُؤَالَهْ ضِغْثٌ يَزيدُ على إِبالَهْ
فَلأَحْشَأَنَّكَ مِشْقَصاً أَوْساً، أُوَيْسُ، من الهَبالَهْ
الهبالة: اسم ناقته. و أُويس: تصغير أَوس، و هو الذئب. و أَوساً: هو موضع الشاهد خاطب بهذا الذئب، و قيل: افترس له شاة فقال: لأَضعنَّ في حَشاك مِشْقَصاً عوضاً يا أُويس من غنيمتك التي غنمتها من غنمي. و قال ابن سيدة: أَوساً أَي عوضاً، قال: و لا يجوز أَن يعني الذئب و هو يخاطبه لأَن المضمر المخاطب لا يجوز أَن يبدل منه شيء، لأَنه لا يلبس مع أَنه لو كان بدلًا لم يكن من متعلق، و إِنما ينتصب أَوساً على المصدر بفعل دل عليه أَو بلأَحشأَنك كأَنه قال أَوساً «1». و أَما قوله أُويس فنداء، أَراد يا أُويس يخاطب الذئب، و هو اسم له مصغراً كما أَنه اسم له مكبراً، فأَما ما يتعلق به من الهبالة فإِن شئت علقته بنفس أَوساً، و لم تعتدّ بالنداء فاصلًا لكثرته في الكلام و كونه معترضاً به للتأْكيد، كقوله:
يا عُمَرَ الخَيْرِ، رُزِقْتَ الجَنَّهْ اكْسُ بُنَيَّاتي و أُمَّهُنَّهْ،
أَو، يا أَبا حَفْصٍ، لأَمْضِيَنَّهْ
فاعترض بالنداء بين أَو و الفعل، و إِن شئت علقته بمحذوف يدل عليه أَوساً، فكأَنه قال: أَؤوسك من الهبالة أَي أُعطيك من الهبالة، و إِن شئت جعلت حرف الجر هذا وصفاً لأَوساً فعلقته بمحذوف و ضمنته ضمير الموصوف. و أَوْسٌ: قبيلة من اليمن، و اشتقاقه من آسَ يَؤُوسُ أَوْساً، و الاسم: الإِياسُ، و هو من العوض، و هو أَوْسُ بن قَيْلَة أَخو الخَزْرَج، منهما الأَنصار، و قَيْلَة أُمهما. ابن سيدة: و الأَوْسُ من أَنصار النبي، صّلى اللَّه عليه و سلم، كان يقال لأَبيهم الأَوْسُ، فكأَنك إِذا قلت الأَوس و أَنت تعني تلك القبيلة إِنما تريد الأَوْسِيِّين. و أَوْسُ اللات: رجل منهم أَعقب فله عِدادٌ يقال لهم أَوْس اللَّه، محوّل عن اللات. قال ثعلب: إِنما قَلَّ عدد الأَوس في بدر و أُحُدٍ و كَثَرَتْهُم الخَزْرَجُ فيهما لتخلف أَوس اللَّه عن الإِسلام. قال: و
حدث سليمان بن سالم الأَنصاري، قال: تخلف عن الإِسلام أَوْس اللَّه فجاءت الخزرج إِلى رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، فقالوا: يا رسول اللَّه ائذن لنا في أَصحابنا هؤلاء الذين تخلفوا عن الإِسلام، فقالت الأَوْس لأَوْسِ اللَّه: إِن الخَزْرَج تريد أَن تأْثِرَ منكم يوم بُغاث، و قد استأْذنوا فيكم رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، فأَسْلِمُوا قبل أَن يأْذن لهم فيكم؛ فأَسْلَموا، و هم أُمَيَّة و خَطْمَةُ و وائل.
أَما تسميتهم الرجل أَوْساً فإِنه يحتمل أَمرين: أَحدهما أَن يكون مصدر أُسْتُه أَي أَعطيته كما سموه عطاء و عطية، و الآخر أَن يكون سمي به كما سَمَّوْهُ ذئباً و كَنَّوْه بأَبي ذؤَيب. و الآسُ: العَسَلُ، و قيل: هو منه كالكَعْب من السَّمْن، و قيل: الآس أَثَرُ البعر و نحوه. أَبو عمرو: الآس أَن تَمُرَّ النحلُ فيَسْقُطَ منها نُقَطٌ
__________________________________________________
(1). قوله [كأنه قال أوساً] كذا بالأَصل و لعل هنا سقطاً كأنه قال أؤوسك أوساً أو لأَحشأنك أوساً.
18
من العسل على الحجارة فيستدل بذلك عليها. و الآس: البَلَحُ. و الآسُ: ضرب من الرياحين. قال ابن دريد: الآسُ هذا المشمومُ أَحسبه دخيلًا غير أَن العرب قد تكلمت به و جاءَ في الشعر الفصيح؛ قال الهذلي:
بِمُشْمَخِرٍّ به الظَّيَّانُ و الآسُ
قال أَبو حنيفة: الآس بأَرض العرب كثير ينبت في السهل و الجبل و خضرته دائمة أَبداً و يَسْمو حتى يكون شجراً عظاماً، واحدته آسَةٌ؛ قال: و في دوام خضرته يقول رؤبة:
يَخْضَرُّ ما اخْضَرَّ الأَلى و الآسُ
التهذيب: الليث: الآس شجرة ورقها عَطِرٌ. و الآسُ: القَبْرُ. و الآسُ: الصاحب. و الآس: العسل. قال الأَزهري: لا أَعرف الآس بالوجوه الثلاثة من جهة تصح أَو رواية عن ثقة؛ و قد احتج الليث لها بشعر أَحسبه مصنوعاً:
بانَتْ سُلَيْمَى فالفُؤادُ آسِي، أَشْكو كُلُوماً، ما لَهُنَّ آسِي
من أَجْلِ حَوْراءَ كغُصْنِ الآسِ، رِيقَتُها كمثل طَعْمِ الآسِ
يعني العسل.
و ما اسْتَأَسْتُ بعدَها من آسِي، وَيْلي، فإِني لاحِقٌ بالآسِ
يعني القبر. التهذيب: و الآسُ بقية الرماد بين الأَثافي في المَوْقِدِ؛ قال:
فلم يَبْقَ إِلا آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ، و سُفْعٌ على آسٍ، و نُؤْيٌ مُعَثلَبُ
و قال الأَصمعي: الآسُ آثارُ النار و ما يعرف من علاماتها. و أَوْسْ: زجر العرب للمَعَزِ و البقر، تقول: أَوْسْ أَوْسْ.
أيس:
الجوهري: أَيِسْتُ منه آيَسُ يَأْساً لغة في يَئِسْتُ منه أَيْأَسُ يَأْساً، و مصدرهما واحد. و آيَسَني منه فلانٌ مثل أَيْأَسَني، و كذلك التأْيِيسُ. ابن سيدة: أَيِسْتُ من الشيء مقلوب عن يئِسْتُ، و ليس بلغة فيه، و لو لا ذلك لأَعَلُّوه فقالوا إِسْتُ أَآسُ كهِبْتُ أَهابُ. فظهوره صحيحاً يدل على أَنه إِنما صح لأَنه مقلوب عما تصح عينه، و هو يَئِسْتُ لتكون الصحة دليلًا على ذلك المعنى كما كانت صحة عَوِرَ دليلًا على ما لا بد من صحته، و هو اعْوَرَّ، و كان له مصدر؛ فأَما إِياسٌ اسم رجل فليس من ذلك إِنما هو من الأَوْسِ الذي هو العِوَضُ، على نحو تسميتهم للرجل عطية، تَفَؤُّلًا بالعطية، و مثله تسميتهم عياضاً، و هو مذكور في موضعه. الكسائي: سمعت غير قبيلة يقولون أَيِسَ يايسُ بغير همز. و الإِياسُ: السِّلُّ. و آس أَيْساً: لان و ذَلَّ. و أَيَّسَه: لَيَّنَه. و أَيَّسَ الرجلَ و أَيْسَ به: قَصَّرَ به و احتقره. و تَأَيَّسَ الشيءُ: تَصاغَرَ: قال المُتَلَمِّسُ:
أَ لم تَرَ أَنْ الجَوْنَ أَصْبَحَ راكِداً، تَطِيفُ به الأَيامُ ما يَتَأَيَّسُ؟
أَي يتصاغَر. و ما أَيَّسَ منه شيئاً أَي ما استخرج. قال: و التَّأْيِيسُ الاستقلال. يقال: ما أَيَّسْنا فلاناً خيراً أَي ما استقللنا منه خيراً أَي أَردته لأَستخرج منه شيئاً فما قدرت عليه، و قد أَيَّسَ يُؤَيِّسُ تَأْيِيساً، و قيل: التَّأْيِيسُ التأْثير في الشيء؛ قال الشمَّاخ:
19
و جِلْدُها من أَطْومٍ ما يُؤَيِّسُه طِلْحٌ، بِضاحِيَةِ الصَّيْداءِ، مَهْزولُ
و في قصيد كعب بن زهير:
و جِلْدُها من أَطُومٍ لا يُؤَيِّسُه
التأْييس: التذليل و التأْثير في الشيء، أَي لا يؤثر في جلدها شيء، و جيء به من أَيْسَ و ليْسَ أَي من حيث هو و ليس هو. قال الليث: أَيْسَ كلمةٌ قد أُميتت إِلا أَن الخليل ذكر أَن العرب تقول جيءَ به من حيث أَيْسَ و ليسَ، لم تستعمل أَيس إِلا في هذه الكلمة، و إِنَّما معناها كمعنى حيث هو في حال الكينونة و الوُجْدِ، و قال: إِن معنى لا أَيْسَ أَي لا وُجْدَ.
فصل الباء الموحدة
بأس:
الليث: و البَأْساءُ اسم الحرب و المشقة و الضرب. و البَأْسُ: العذاب. و البأْسُ: الشدة في الحرب. و
في حديث علي، رضوان اللَّه عليه: كنا إِذا اشتدَّ البأْسُ اتَّقَيْنا برسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم.
؛ يريد الخوف و لا يكون إِلا مع الشدَّة. ابن الأَعرابي: البأْسُ و البَئِسُ، على مثال فَعِلٍ، العذاب الشديد. ابن سيدة: البأْس الحرب ثم كثر حتى قيل لا بَأْسَ عليك، و لا بَأْسَ أَي لا خوف؛ قال قَيْسُ بنُ الخطِيمِ:
يقولُ ليَ الحَدَّادُ، و هو يَقُودُني إِلى السِّجْنِ: لا تَجْزَعْ فما بكَ من باسِ
أَراد فما بك من بأْس، فخفف تخفيفاً قياسياً لا بدلياً، أَ لا ترى أَن فيها:
و تَتْرُكُ عُذْري و هو أَضْحَى من الشَّمْسِ
فلو لا أَن قوله من باس في حكم قوله من بأْس، مهموزاً، لما جاز أَن يجمع بين بأْس، هاهنا مخففاً، و بين قوله من الشمس لأَنه كان يكون أَحد الضربين مردفاً و الثاني غير مردف. و البَئِسُ: كالبَأْسِ. و إِذا قال الرجل لعدوّه: لا بأْس عليك فقد أَمَّنه لأَنه نفى البأْس عنه، و هو في لغة حِمير لَبَاتِ أَي لا بأْس عليك، قال شاعرهم:
شَرَيْنَا النَّوْمَ، إِذ غَضِبَتْ غَلاب، بتَسْهيدٍ و عَقْدٍ غير مَيْنِ
تَنَادَوْا عند غَدْرِهِمُ: لَبَاتِ و قد بَرَدَتْ مَعَاذِرُ ذي رُعَيْنِ
و لَبَاتِ بلغتهم: لا بأْس؛ قال الأَزهري: كذا وجدته في كتاب شمر. و
في الحديث: نهى عن كسر السِّكَةِ الجائزة بين المسلمين إِلا من بأْس.
يعني الدنانير و الدراهم المضروبة، أَي لا تكسر إِلا من أَمر يقتضي كسرها، إِما لرداءتها أَو شكٍّ في صحة نقدها، و كره ذلك لما فيها من اسم اللَّه تعالى، و قيل: لأَن فيه إِضاعة المال، و قيل: إِنما نهى عن كسرها على أَن تعاد تبراً، فأَما للنفقة فلا، و قيل: كانت المعاملة بها في صدر الإِسلام عدداً لا وزناً، و كان بعضهم يقص أَطرافها فنُهوا عنه. و رجلٌ بَئِسٌ: شجاع، بَئِسَ بَأْساً و بَؤُسَ بَأْسَةً. أَبو زيد: بَؤُسَ الرجل يَبْؤُسُ بَأْساً إِذا كان شديد البَأْسِ شجاعاً؛ حكاه أَبو زيد في كتاب الهمز، فهو بَئِيسٌ، على فَعِيل، أَي شجاع. و قوله عز و جل: سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ؛
قيل: هم بنو حنيفة قاتلهم أَبو بكر، رضي اللَّه عنه، في أَيام مُسَيْلمة، و قيل: هم هَوازِنُ، و قيل: هم فارس و الروم.
و البُؤْسُ: الشدة و الفقر. و بَئِسَ الرجل يَبْأَسُ بُؤْساً و بَأْساً و بَئِيساً إِذا افتقر و اشتدت حاجته، فهو بائِسٌ أَي فقير؛ و أَنشد أَبو عمرو:
20
و بيضاء من أَهلِ المَدينةِ لم تَذُقْ بَئِيساً، و لم تَتْبَعْ حَمُولَةَ مُجْحِدِ
قال: و هو اسم وضع موضع المصدر؛ قال ابن بري: البيت للفرزدق، و صواب إِنشاده لبيضاء من أَهل المدينة؛ و قبله:
إِذا شِئتُ غَنَّاني من العاجِ قاصِفٌ، على مِعْصَمٍ رَيَّانَ لم يَتَخَدَّدِ
و
في حديث الصلاة: تُقْنِعُ يَدَيكَ و تَبْأَسُ.
؛ هو من البُؤْسِ الخضوع و الفقر، و يجوز أَن يكون أَمراً و خبراً؛ و منه
حديث عَمَّار: بُؤْسَ ابنِ سُمَيَّةَ.
كأَنه ترحم له من الشدة التي يقع فيها؛ و منه
الحديث: كان يكره البُؤْسَ و التَّباؤُسَ.
؛ يعني عند الناس، و يجوز التَبَؤُسُ بالقصر و التشديد. قال سيبويه: و قالوا بُؤساً له في حد الدعاء، و هو مما انتصب على إِضمار الفعل غير المستعمل إِظهاره. و البَأْسَاءُ و المَبْأَسَة: كالبُؤس؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازِم:
فأَصْبَحُوا بعد نُعْماهُمْ بِمَبْأَسَةٍ، و الدَّهْرُ يَخْدَعُ أَحْياناً فَيَنْصَرِفُ
و قوله تعالى: فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ
؛ قال الزجاج: البأْساء الجوع و الضراء في الأَموال و الأَنفس. و بَئِسَ يَبْأَسُ و يَبْئِسُ؛ الأَخيرة نادرة، قال ابن جني: هو «2» ... كرم يكرم على ما قلناه في نعم ينعم. و أَبْأَسَ الرجلُ: حلت به البَأْساءُ؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
تَبُزُّ عَضارِيطُ الخَمِيسِ ثِيابَها فأَبْأَسْت «3» ... يومَ ذلك و ابْنَما
و البائِسُ: المُبْتَلى؛ قال سيبويه: البائس من الأَلفاظ المترحم بها كالمِسْكين، قال: و ليس كل صفة يترحم بها و إِن كان فيها معنى البائس و المسكين، و قد بَؤُسَ بَأْسَةً و بئِيساً، و الاسم البُؤْسى؛ و قول تأَبط شرّاً:
قد ضِقْتُ من حُبِّها ما لا يُضَيِّقُني، حتى عُدِدْتُ من البُوسِ المساكينِ
قال ابن سيدة: يجوز أَن يكون عنى به جمع البائس، و يجوز أَن يكون من ذوي البُؤْسِ، فحذف المضاف و أَقام المضاف إِليه مقامه. و البائس: الرجل النازل به بلية أَو عُدْمٌ يرحم لما به. ابن الأَعرابي: يقال بُوْساً و تُوساً و جُوْساً له بمعنى واحد. و البأْساء: الشدة؛ قال الأَخفش: بني على فَعْلاءَ و ليس له أَفْعَلُ لأَنه اسم كما قد يجيء أَفْعَلُ في الأَسماء ليس معه فَعْلاء نحو أَحمد. و البُؤْسَى: خلاف النُّعْمَى؛ الزجاج: البأْساءُ و البُؤْسى من البُؤْس، قال ذلك ابن دريد، و قال غيره: هي البُؤْسى و البأْساءُ ضد النُّعْمى و النَّعْماء، و أَما في الشجاعة و الشدة فيقال البَأْسُ. و ابْتَأَسَ الرجل، فهو مُبْتَئِس. و لا تَبْتَئِسْ أَي لا تحزن و لا تَشْتَكِ. و المُبْتَئِسُ: الكاره و الحزين؛ قال حسان بن ثابت:
ما يَقْسِمُ اللَّهُ أَقْبَلْ غَيْرَ مُبتَئِسٍ منه، و أَقْعُدْ كريماً ناعِمَ البالِ
أَي غير حزين و لا كاره. قال ابن بري: الأَحسن فيه عندي قول من قال: إن مُبتَئِساً مُفْتَعِلٌ من البأْسِ الذي هو الشدة، و منه قوله سبحانه: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ؛ أَي فلا يشتدّ عليك أَمْرُهم، فهذا أَصله لأَنه لا يقال ابْتَأَسَ بمعنى كره، و إِنما الكراهة تفسير معنوي لأَن الإِنسان إِذا اشتد به أَمرٌ كرهه، و ليس اشتدّ بمعنى كره. و معنى بيت حسان أَنه يقول: ما يرزق اللَّه تعالى من فضله أَقبله راضياً به
__________________________________________________
(2). كذا بياض بالأَصل.
(3). كذا بياض بالأَصل و لعل موضعه بنتاً.
21
و شاكراً له عليه غير مُتَسَخِّطٍ منه، و يجوز في منه أَن تكون متعلقة بأَقبل أَي أَقبله منه غير متسخط و لا مُشتَدٍّ أَمره عليّ؛ و بعده:
لقد عَلِمْتُ بأَني غالبي خُلُقي على السَّماحَةِ، صُعْلوكاً و ذا مالِ
و المالُ يَغْشَى أُناساً لا طَباخَ بِهِمْ، كالسِّلِّ يَغْشى أُصُولَ الدِّنْدِنِ البالي
و الطَّباخُ: القوّة و السِّمَنُ. و الدِّنْدنُ: ما بَليَ و عَفِنَ من أُصول الشجر. و قال الزجاج: المُبْتَئِسُ المسكين الحزين، و به فسر قوله تعالى: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ
؛ أَي لا تَحْزَن و لا تَسْتَكِنْ. أَبو زيد: و ابْتَأَسَ الرجل إِذا بلغه شيء يكرهه؛ قال لبيد:
في رَبْرَبٍ كَنِعاج صارَةَ يَبْتَئِسْنَ بما لَقِينا
و
في الحديث في صفة أَهل الجنة: إِنَّ لكم أَن تَنْعَموا فلا تَبْؤُسوا.
؛ بَؤُس يَبْؤُس، بالضم فيهما، بأْساً إِذا اشتد. و المُبْتَئِسُ: الكاره و الحزين. و البَؤُوس: الظاهر البُؤْسِ. و بِئْسَ: نَقيضُ نِعْمَ؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا فَرَغَتْ من ظَهْرِه بَطَّنَتْ له أَنامِلُ لم يُبْأَسْ عليها دُؤُوبُها
فسره فقال: يصف زِماماً، و بئسما دأَبت «1» أَي لم يُقَلْ لها بِئْسَما عَمِلْتِ لأَنها عملت فأَحسنت، قال لم يسمع إِلا في هذا البيت. و بئس: كلمة ذم، و نِعْمَ: كلمة مدح. تقول: بئس الرجلُ زَيدٌ و بئست المرأَة هِنْدٌ، و هما فعلان ماضيان لا يتصرفان لأَنهما أُزيلا عن موضعهما، فنِعْمَ منقول من قولك نَعِمَ فلان إِذا أَصاب نِعْمَةً، و بِئْسَ منقول من بَئِسَ فلان إِذا أَصاب بؤْساً، فنقلا إِلى المدح و الذم فشابها الحروف فلم يتصرفا، و فيهما لغات تذكر في ترجمة نعم، إِن شاء اللَّه تعالى. و
في حديث عائشة، رضي اللَّه عنها: بِئْسَ أَخو العَشِيرةِ.
؛ بئس مهموز فعل جامع لأَنواع الذم، و هو ضد نعم في المدح، قال الزجاج: بئس و نعم هما حرفان لا يعملان في اسم علم، إِنما يعملان في اسم منكور دالٍّ على جنس، و إِنما كانتا كذلك لأن نعم مستوفية لجميع المدح، و بئس مستوفية لجميع الذم، فإِذا قلت بئس الرجل دللت على أَنه قد استوفى الذم الذي يكون في سائر جنسه، و إِذا كان معهما اسم جنس بغير أَلف و لام فهو نصب أَبداً، فإِذا كانت فيه الأَلف و اللام فهو رفع أَبداً، و ذلك قولك نعم رجلًا زيد و نعم الرجل زيد و بئس رجلًا زيد و بئس الرجل زيد، و القصد في بئس و نعم أَن يليهما اسم منكور أَو اسم جنس، و هذا قول الخليل، و من العرب من يصل بئس بما قال اللَّه عز و جل: وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ
. و
روي عن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، أَنه قال: بئسما لأَحدكم أَن يقول نَسِيتُ أَنه كَيْتَ و كَيْتَ، أَمَا إِنه ما نَسِيَ و لكنه أُنْسِيَ.
و العرب تقول: بئسما لك أَن تفعل كذا و كذا، إِذا أَدخلت ما في بئس أَدخلت بعد ما أَن مع الفعل: بئسما لك أَن تَهْجُرَ أَخاك و بئسما لك أَن تشتم الناس؛ و روى جميع النحويين: بئسما تزويجٌ و لا مَهْر، و المعنى فيه: بئس تزويج و لا مهر؛ قال الزجاج: بئس إِذا وقعت على ما جعلت ما معها بمنزلة اسم منكور لأَن بئس و نعم لا يعملان في اسم علم إِنما يعملان في اسم منكور دالٍ
__________________________________________________
(1). قوله [و بئسما دأبت] كذا بالأَصل و لعله مرتبط بكلام سقط من الناسخ.
22
على جنس. و في التنزيل العزيز: بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ
؛ قرأَ أَبو عمرو و عاصم و الكسائي و حمزة: بِعَذابٍ بَئِيسٍ، على فَعِيلٍ، و قرأَ ابن كثير: بِئِيس، على فِعِيلٍ، و كذلك قرأَها شِبْل و أَهلُ مكة و قرأَ ابن عامر: بِئْسٍ، على فِعْلٍ، بهمزة و قرأَها نافع و أَهل مكة: بِيْسٍ، بغير همز. قال ابن سيدة: عذاب بِئْسٌ و بِيسٌ و بَئِيسٌ أَي شديد، و أَما قراءَة من قرأَ بعذاب بَيْئِسٍ فبنى الكلمة مع الهمزة على مثال فَيْعِلٍ، و إِن لم يكن ذلك إِلا في المعتل نحو سَيِّدٍ و مَيِّتٍ، و بابهما يوجهان العلة «1» و إِن لم تكن حرف علة فإِنها معرضة للعلة و كثيرة الانقلاب عن حرف العلة، فأُجريت مجرى التعرية في باب الحذف و العوض. و بيس كخِيس: يجعلها بين بين من بِئْسَ ثم يحولها بعد ذلك، و ليس بشيء. و بَيِّسٍ على مثال سَيِّدٍ و هذا بعد بدل الهمزة في بَيْئِسٍ. و الأَبْؤُسُ: جمع بَؤُسٍ، من قولهم يومُ بُؤْس و يومُ نُعْمٍ. و الأَبْؤُسُ أَيضاً: الداهية. و في المثل: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً. و قد أَبْأَسَ إبْآساً؛ قال الكميت:
قالوا: أَساءَ بنو كُرْزٍ، فقلتُ لهم: عسى الغُوَيْرُ بإِبْآسٍ و إِغْوارِ
قال ابن بري: الصحيح أَن الأَبْؤُسَ جمع بَأْس، و هو بمعنى الأَبْؤُس «2» لأَن باب فَعْلٍ أَن يُجْمَعَ في القلة على أَفْعُلٍ نحو كَعْبٍ و أَكْعُبٍ و فَلْسٍ و أَفْلُسٍ و نَسْرٍ و أَنْسُرٍ، و باب فُعْلٍ أَن يُجْمَع في القلة على أَفْعال نحو قُفْلٍ و أقفال و بُرْدٍ و أَبْرادٍ و جُنْدٍ و أَجنادٍ. يقال: بَئِسَ الشيءُ يَبْأَسُ بُؤْساً و بَأْساً إِذا اشتدّ، قال: و أَما قوله و الأَبْؤُسُ الداهية، قال: صوابه أَن يقول الدواهي لأَن الأَبْؤُس جمع لا مفرد، و كذلك هو في قول الزَّبَّاءِ: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً، هو جمع بأْسٍ على ما تقدم ذكره، و هو مَثَلٌ أَوَّل من تكلم به الزَّبَّاء. قال ابن الكلبي: التقدير فيه: عسى الغُوَيْرُ أَن يُحْدِثَ أَبْؤُساً، قال: و هو جمع بَأْسٍ و لم يقل جمعُ بُؤْسٍ، و ذلك أَن الزَّبَّاء لما خافت من قَصِيرٍ قيل لها: ادخلي الغارَ الذي تحت قصرك، فقالت: عسى الغوير أَبؤُساً أَي إِن فررت من بأْس واحد فعسى أَن أَقع في أَبْؤُسٍ، و عسى هاهنا إِشفاق؛ قال سيبويه: عسى طمع و إِشفاق، يعني أَنها طمع في مثل قولك: عسى زيد أَن يسلم، و إِشفاق مثل هذا المثل: عسى الغوير أَبؤُساً، و في مثل
قول بعض أَصحاب النبي؛ صلى اللَّه عليه و سلم: عسى أَن يَضُرَّني شَبَهُه يا رسول اللَّه.
فهذا إِشفاق لا طمع، و لم يفسر معنى هذا المثل و لم يذكر في أَي معنى يتمثل به؛ قال ابن الأَعرابي: هذا المثل يضرب للمتهم بالأَمر، و يشهد بصحة قوله
قول عمر، رضي اللَّه عنه، لرجل أَتاه بمَنْبُوذٍ: عسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً.
و ذلك أَنه اتهمه أَن يكون صاحب المَنْبوذَ؛ و قال الأَصمعي: هو مثل لكل شيء يخاف أَن يَأْتي منه شر؛ قال: و أَصل هذا المثل أَنه كان غارٌ فيه ناس فانْهارَ عليهم أَو أَتاهم فيه فقتلهم. و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه: عسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً.
؛ هو جمع بأْس، و انتصب على أَنه خبر عسى. و الغُوَيْرُ: ماء لكَلْبٍ، و معنى ذلك عسى أَن تكون جئت بأَمر عليك فيه تُهَمَةٌ و شِدَّةٌ.
ببس:
البابُوسُ: ولد الناقة، و في المحكم: الحُوارُ، قال ابن أَحمر:
__________________________________________________
(1). قوله [يوجهان العلة إلخ] كذا بالأَصل.
(2). قوله [و هو بمعنى الأَبؤس] كذا بالأَصل و لعل الأولى بمعنى البؤس.
23
حَنَّتْ قَلُوصي إِلى بابوسِها طَرَباً، فما حَنِينُكِ أَم ما أَنتِ و الذِّكَرُ؟ «1»
و قد يستعمل في الإِنسان. التهذيب: البابُوسُ الصبي الرضيع في مَهْدِه. و
في حديث جُرَيْجٍ الراهب حين استنطق الرضيعَ في مَهْدِه: مسح رأْس الصبي و قال له: يا بابُوسُ، مَنْ أَبوك؟ فقال: فلان الراعي.
قال: فلا أَدري أَ هو في الإِنسان أَصل أَم استعارة. قال الأَصمعي: لم نسمع به لغير الإِنسان إِلا في شعر ابن أَحمر، و الكلمة غير مهموزة و قد جاءت في غير موضع، و قيل: هو اسم للرضيع من أَي نوع كان، و اختلف في عربيته.
بجس:
البَجْسُ: انشقاق في قِرْبة أَو حجر أَو أَرض يَنْبُعُ منه الماءُ، فإِن لم يَنْبُعْ فليس بانْبِجاسٍ؛ و أَنشد:
وَ كِيفَ غَرْبَيْ دالِجٍ تَبَجَّسا
و بَجَسْتُه أَبْجِسُه و أَبْجُسُه بَجْساً فانْبَجَسَ و بَجَّسْتُه فَتَبَجَّسَ، و ماء بَجِيسٌ: سائل؛ عن كراع. قال اللَّه تعالى: فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً
. و السحابُ يَتَبَجَّسُ بالمطر، و الانْبِجاسُ عامٌّ، و النُّبُوع للعين خاصة. و بَجَسْتُ الماءَ فانْبَجَسَ أَي فَجَرْتُه فانفجر. و بَجَس الماءُ بنفسه يَبْجُسُ، يتعدّى و لا يتعدّى، و سحاب بُجْسٌ. و انْبَجَسَ الماءُ و تَبَجَّسَ أَي تفجر. و
في حديث حذيفة: ما منا رجل إِلا به آمَّةٌ يَبْجُسُها الظُّفُرُ إِلا الرَّجُلَيْن.
يعني عليّاً و عمر، رضي اللَّه عنهما. الآمّة: الشجة التي تبلغ أُمَّ الرأْس، و يَبجُسُها: يَفْجُرُها، و هو مَثَلٌ، أَرادَ أَنها نَغِلَة كثيرة الصديد، فإِن أَراد أَحد أَن يفجرها بظفره قدر على ذلك لامتلائها و لم يحتج إِلى حديدة يشقها بها، أَراد ليس منا أَحد إِلا و فيه شيء غير هذين الرجلين. و منه
حديث ابن عباس: أَنه دخل على معاوية و كأَنه قَزَعَةٌ يَتَبَجَّسُ.
أَي يتفجر. و جاءَنا بثريد يَتَبَجَّسُ أُدْماً. و بَجَّسَ المُخُّ: دخل في السُّلامى و العين فذهب، و هو آخر ما يبقى، و المعروف عند أَبي عبيد: بَخَّسَ. و بَجْسَةُ: اسم عين.
بحلس:
الأَزهري: يقال جاءَ رائقاً عَثَريّاً، و جاء يَنْفُضُ أَصْدَرَيْه، و جاءَ يَتَبَحْلَسُ، و جاءَ مُنْكَراً إِذا جاءَ فارغاً لا شيء معه.
بخس:
البَخْسُ: النَّقْصُ. بَخَسَه حَقَّه يَبْخَسُه بَخْساً إِذا نقصه؛ و امرأَة باخِسٌ و باخِسَةٌ. و في المثل في الرجل تَحْسَبُه مغفلًا و هو ذو نَكْراءَ: تَحسَبُها حمقاءَ و هي باخِسٌ أَو باخِسَةٌ؛ أَبو العباس: باخِسٌ بمعنى ظالم، وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ*
. لا تظلموهم. و البَخْسُ من الظلم أَنْ تَبْخَسَ أَخاك حَقَّه فتنقصه كا يَبْخَسُ الكيالُ مكياله فينقصه. و قوله عز و جل: فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً
؛ أَي لا ينقص من ثواب عمله، وَ لا رَهَقاً أَي ظلماً. و ثَمَنٌ بَخْسٌ: دونَ ما يُحَبُّ. و قوله عز و جل: وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
؛ أَي ناقص دون ثمنه. و البَخْسُ: الخَسِيسُ الذي بَخَس به البائعُ. قال الزجاج: بَخْس أَي ظُلْم لأَن الإِنسان الموجود لا يحل بيعه. قال: و قيل بَخْسٌ ناقص، و أَكثر التفسير على أَن بَخْساً ظلم، و
جاءَ في التفسير أَنه بيع بعشرين درهماً، و قيل باثنين و عشرين، أَخذ كل واحد من إِخوته درهمين، و قيل بأَربعين درهماً.
و يقال للبيع إِذا
__________________________________________________
(1). قوله [طرباً] الذي في النهاية: جزعاً. و الذكر: جمع ذكرة بكسر فسكون، و هي الذكرى بمعنى التذكر.
24
كان قَصْداً: لا بَخْسَ فيه و لا شطط. و في التهذيب: لا بَخْس و لا شُطُوط. و بَخَسَ الميزانَ: نَقَصَه. و تَباخَسَ القومُ، تغابنوا. و
روي عن الأَوزاعي في حديث: أَنه يأْتي على الناس زمانٌ يُستحلُّ فيه الربا بالبيع، و الخمرُ بالنبيذ، و البَخْسُ بالزكاة.
؛ أَراد بالبَخْس ما يأْخذه الولاة باسم العُشْر، يتأَوّلون فيه أَنه الزكاة و الصدقات. و البَخْسُ: فَقْءُ العين بالإِصبع و غيرها، و بَخَسَ عينه يَبْخَسُها بخساً: فقأَها، لغة في بَخَصَها، و الصاد أَعلى. قال ابن السكيت: يقال بَخَصْتُ عينَه، بالصاد، و لا تقل بَخَسْتُها إِنما البَخْسُ نقصانُ الحق. و البَخْسُ: أَرض تُنْبِتُ بغير سَقْي، و الجمع بُخُوسٌ. و البَخْسُ من الزرع: ما لم يُسْقَ بماءٍ عِدٍّ إِنما سقاه ماء السماء؛ قال أَبو مالك: قال رجل من كندة يقال له العُذافَة و قد رأَيته:
قالتْ لُبَيْنَى: اشْتَرْ لنا سَويقَا، و هاتِ بُرَّ البَخْسِ أَو دَقِيقا،
و اعْجَلْ بِشَحْمٍ نَتَّخِذْ حُرْذِيقا و اشْتَرْ فَعَجِّلْ خادِماً لَبِيقا،
و اصْبُغْ ثيابي صِبَغاً تَحْقِيقا، من جَيِّدِ العُصْفُرِ لا تَشْرِيقا
بِزَعْفَرَانٍ، صِبَغاً رَقيقا
قال: البَخْسُ الذي يزرع بماء السماء، تشريقاً أَي صُفِّرَ شيئاً يسيراً. و الأَباخِسُ: الأَصابعُ. قال الكُمَيْتُ:
جَمَعْتَ نِزَاراً، و هي شَتَّى شُعُوبُها، كما جَمَعَتْ كَفٌّ إليها الأَباخِسا
و إِنه لشديد الأَباخِسِ، و هي لحم العَصَب، و قيل: الأَباخِسُ ما بين الأَصابع و أُصولها. و البَخِيسُ من ذي الخُفِّ: اللحم الداخل في خُفِّه. و البَخِيسُ: نِياطُ القلب. و يقال: بَخَّسَ المُخُّ تَبْخِيساً أَي نقص و لم يبق إِلا في السُّلامَى و العين، و هو آخر ما يبقى. و قال الأُموي: إِذا دخل في السُّلامَى و العين فذهب و هو آخر ما يبقى.
بدس:
بَدَسَه بِكَلِمَةٍ بَدْساً: رماه بها؛ عن كراع.
برس:
البِرْسُ و البُرْسُ: القُطْنُ؛ قال الشاعر:
تَرْمِي اللُّغامَ على هاماتها قَزَعاً، كالبُرْسِ [كالبِرْسِ] طَيَّرَه ضَرْبُ الكَرابِيلِ
الكرابيل: جمع كِرْبالٍ، و هو مِنْدَفُ القطن. و القَزَعُ: المتفرِّق قِطَعاً، و قيل: البُرْسُ شبيه بالقطن، و قيل: البرس قُطْنُ البَرْدِيِّ؛ و أَنشد:
كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ
و النِّبْرَاسُ: المصباح؛ قال ابن سيدة، رحمه اللَّه تعالى: و إِنما قَضَينا بزيادة النون لأَن بعضهم ذهب إِلى أَن اشتقاقه من البُرْسِ الذي هو القطن، إذ الفتيلة في الأَغلب إِنما تكون من قطن، و ذكره الأَزهري في الرباعي قال: و يقال للسِّنانِ نِبْرَاسٌ، و جمعه النَّبَارِسُ؛ قال ابن مقبل:
إِذ رَدَّها الخَيْلُ تَعْدُو و هي خافِضَةٌ، حَدَّ النَّبَارِسِ مَطْرُوراً نَواحِيها
أَي خافضة الرماح. و البِرْسُ [البَرْسُ]: حَذَاقَة الدليل. و بَرَسَ إِذا اشتد على غريمه. و بُرْسَانُ: قبيلة من العرب. و البَرْنَساءُ: الناسُ، و فيه لغات: بَرْنَسَاءُ ممدود غير مصروف مثل عَقْرباءَ، و بَرْناساءُ و بَراساءُ. و
في حديث الشعبي: هو أَحل من ماءِ بُرْسٍ.
؛ بُرْس: أَجَمَةٌ معروفة بالعراق، و هي الآن قرية، و اللَّه أَعلم.
بربس:
أَبو عمرو: البِرْباسُ البئر العَمِيقَةُ.
25
برجس:
البِرْجِسُ و البِرْجِيسُ: نجم قيل هو المُشتري. و هو قيل: المِرِّيخُ، و الأَعرف البِرْجِيسُ. و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، سئل عن الكواكب الخُنَّسِ، فقال: هي البِرْجِيسُ و زُحَلُ و بَهْرَامُ و عُطارِدُ و الزُّهَرَةُ.
؛ البِرْجيسُ: المُشْتَرِي، و بَهْرام: المِرِّيخ. و البُرْجاسُ: غَرَض في الهواء يرمى به؛ قال الجوهري: و أَظنه مولَّداً. شمر: البُرْجاسُ شبه الأَمارَةِ تنصب من الحجارة. غيره: المِرْجاسُ حجر يرمى به في البئر ليطيب ماؤُها و تفتح عيونها؛ و أَنشد:
إِذا رَأَوْا كَريهَةً يَرْمُونَ بي، رَمْيَكَ بالمِرْجاسِ في قَعْرِ الطَّوِي
قال: و وجدت هذا في أَشعار الأَزْد بالبُرْجاس في قعر الطَّوي، و الشعر لسعد بن المنتحر «2» البارقي، رواه المُؤَرِّجُ، و ناقة بِرْجِيسٌ أَي غزيرة.
بردس:
رجل بِرْدِيسٌ: خبيث منكر، و هي البَرْدَسة.
برطس:
المُبَرْطِسُ: الذي يكتري للناس الإِبل و الحمير و يَأْخذ جُعْلًا، و الاسم البَرْطَسَةُ.
برعس:
ناقة بِرْعِسٌ و بِرْعِيسٌ: غزيرة؛ و أَنشد:
إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدائمُ، فاعْمِدْ بَراعِيسَ أَبوها الرَّاهِمُ
و راهم: اسم فحل، و قيل: ناقة بِرْعِسٌ و بِرْعِيسٌ جميلة تامة.
برنس:
البُرْنُس: كل ثوب رأْسه منه مُلْتَزِقٌ به، دُرَّاعَةً كان أَو مِمْطَراً أَو جُبَّة. و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه: سقط البُرْنُسُ عن رأْسي.
هو من ذلك. الجوهري: البُرْنُسُ قَلَنْسُوَة طويلة، و كان النُّسَّاكُ يلبسونها في صدر الإِسلام، و قد تَبَرْنَسَ الرجل إِذا لبسه، قال: و هو من البِرْس، بكسر الباء، القطن، و النون زائدة، و قيل: إِنه غير عربي. و التَّبَرْنُسُ: مشي الكلب، و إذا مشى الإِنسان كذلك قيل: هو يَتَبَرْنَسُ. و تَبَرْنَس الرجل: مشى ذلك المشي. و هو يمشي البَرْنَسَاءَ أَي في غير صَنْعَةٍ. أَبو عمرو: يقال للرجل إِذا مرَّ مرّاً سريعاً: هو يَتَبَرْنَسُ؛ و أَنشد:
فَصَبَّحَتْه سِلَقٌ تَبَرْنَسُ
و البَرْنَسا و البَرْنَساءُ: ابن آدم. يقال: ما أَدري أَيُّ البَرْنَساء هو. و يقال: ما أَدري أَيُّ بَرَنْساءَ هو و أَيُّ بَرْناساء هو و أَي البَرَنْساءِ هو؛ معناه ما أَدري أَيُّ الناس هو. و البَرْنَساء: الناس، و فيه لغات: بَرْنَساء مثل عَقْرَباء، ممدود غير مصروف، و بَرْناساء و بَراساء. و الولد بالنَّبَطِيَّة: بَرَقْ نَسا.
بسس:
بَسَّ السَّويقَ و الدقيقَ و غيرهما يَبُسُّه بَسّاً: خلطه بسمن أَو زيت، و هي البَسِيسَةُ. قال اللحياني: هي التي تُلتُّ بسمن أَو زيت و لا تُبَلُّ. و البَسُّ: اتخاذ البَسيسَة، و هو أَن يُلتَّ السَّويقُ أَو الدقيق أَو الأَقِطُ المطحون بالسمن أَو بالزيت ثم يؤكل و لا يطبخ. و قال يعقوب: هو أَشد من اللَّتِّ بللًا؛ قال الراجز:
لا تَخْبِزَا خَبْزاً و بُسَّا بَسَّا، و لا تُطِيلا بمُناخٍ حَبْسَا
و ذكر أَبو عبيدة أَنه لص من غَطَفان أَراد أَن يخبز فخاف أَن يعجل عن ذلك فأَكله عجيناً، و لم يجعل
__________________________________________________
(2). قوله [لسعد بن المنتحر] كذا بالأَصل بالحاء المهملة و في شرح القاموس بالخاء المعجمة.
26
البَسَّ من السَّوقِ اللَّين. ابن سيدة: و البَسِيسَةُ الشعير يخلط بالنوى للإِبل. و البسيسة: خبز يجفف و يدق و يشرب كما يشرب السويق. قال ابن دريد: و أَحسبه الذي يسمى الفَتُوتَ. و في التنزيل العزيز: وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا
؛ قال الفراء: صارت كالدقيق، و كذلك قوله عز و جل «1»: وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً. و بست: فتت فصارت أَرضاً، و قيل نسفت، كما قال تعالى: يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً؛ و قيل: سيقت، كما قال تعالى: وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً. و قال الزجاج: بُسَّتِ
لُتَّتْ و خلطت. و بَسَّ الشيءَ إِذا فَتَّتَه. و
في حديث المتعة: و معي بُرْدَةٌ قد بُسَّ منها.
أَي نيلَ منها و بَلِيَتْ. و
في حديث مجاهد: من أَسماء مكة البَاسَّةُ.
سميت بها لأَنها تَحْطِمُ من أَخطأَ فيها. و البَسُّ: الحَطْمُ، و يروى بالنون من النَّسِّ الطرد. الأَصمعي: البَسيسَة كل شيء خلطته بغيره مثل السويق بالأَقط ثم تَبُلُّه بالرُّبِّ أَو مثل الشعير بالنوى للإِبل. يقال: بَسَسْتُهُ أَبُسُّه بَسّاً. و قال ثعلب: معنى و بُسَّت الجبال بسّاً، خلطت بالتراب. و قال اللحياني: قال بعضهم: فُتَّتْ، و قال بعضهم: سُوِّيتْ، و قال أَبو عبيدة: صارت تراباً تَرِباً. و جاء بالأَمر من حَسِّه و بَسِّه و من حِسِّه و بِسِّه أَي من حيث كان و لم يكن. و يقال: جئْ به من حِسِّك و بِسِّك أَي ائتِ به على كل حال من حيث شئت. قال أَبو عمرو: يقال جاء به من حَسِّه و بَسِّه أَي من جهده. و لأَطلُبَنَّه من حَسِّي و بَسِّي أَي من جُهْدي؛ و ينشد:
ترَكَتْ بَيْتي، من الأَشْياءِ، قَفْراً، مثلَ أَمْسِ
كلُّ شيءٍ كنتُ قد جَمَّعْتُ من حَسِّي و بَسِّي
و بَسَّ في ماله بَسَّةً و وَزَمَ وَزْمَةً: أَذهب منه شيئاً؛ عن اللحياني. و بِسْ بِسْ: ضرب من زجر الإِبل، و قد أَبَّسَ بها. و بَس بَسْ و بِسْ بِسْ: من زجر الدابة، بَسَّ بها يَبُسُّ و أَبَسَّ، و قال اللحياني: أَبَسَّ بالناقة دعاها للحلب، و قيل: معناه دعا ولدها لِتَدِرَّ على حالبها. و قال ابن دريد: بَسَّ بالناقة و أَبَسَّ بها دعاها للحلب. و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، قال: يخرج قوم من المدينة إِلى الشام و اليمن و العراق يُبِسُّون، و المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
؛ قال أَبو عبيد: قوله يُبِسُّون هو أَن يقال في زجر الدابة إِذا سُقْتَ حماراً أَو غيره: بَسْ بَسْ و بِسْ بِسْ، بفتح الباء و كسرها، و أَكثر ما يقال بالفتح، و هو صوت الزجر للسَّوْق، و هو من كلام أَهل اليمن، و فيه لغتان: بَسَسْتُها و أَبْسَسْتُها إِذا سُقْتَها و زجَرْتها و قلت لها: بِسْ بِسْ، فيقال على هذا يَبُسُّون و يُبِسِّون. و أَبَسَّ بالغنم إِذا أَشْلاها إِلى الماء. و أَبْسَسْتُ بالغنم إِبْسَاساً. و قال أَبو زيد: أَبْسَسْتُ بالمَعَز إِذا أَشلَيْتَها إِلى الماء. و أَبَسَّ بالإِبل عند الحلب إِذا دعا الفصيل إِلى أُمه، و أَبَسَّ بأُمه له. التهذيب: و أَبْسَسْتُ بالإِبل عند الحلب، و هو صُويْتُ الراعي تسكن به الناقة عند الحلب. و ناقة بَسُوسٌ: تَدِرُّ عند الإِبْساس، و بَسْبَسَ بالناقة كذلك؛ و قال الراعي:
لعَاشِرَةٍ و هو قد خافَها، فَظَلَّ يُبَسْبِسُ أَو يَنْقُر
__________________________________________________
(1). قوله [و كذلك قوله عز و جل إلخ] كذا بالأَصل و عبارة متن القاموس و شرحه: وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا أي فتت، نقله اللحياني فصارت أرضاً قاله الفراء و قال أبو عبيدة فصارت تراباً و قيل نسفت كما قال تعالى يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً و قيل سيقت كما قال تعالى وَ سُيِّرَتِ إلخ.
27
لعاشرة: بعد ما سارت عشر ليال. يُبَسْبِسُ أَي يَبُسُّ بها يسكنها لتَدِرَّ. و الإِبْساسُ بالشفتين دون اللسان، و النقر باللسان دون الشفتين، و الجمل لا يُبَسُّ إِذا استصعب و لكن يُشْلَى باسمه و اسم أُمه فيسكن، و قيل، الإِبْساسُ أَن يمسح ضرع الناقة يُسَكِّنُها لتَدِرَّ، و كذلك تَبُسُّ الريح بالسحابة. و البُسُسُ: الرُّعاة. و البُسُسُ: النُّوق الإِنْسِيَّة. و البُسُسُ: الأَسْوِقَةُ الملتوتة. و الإِبْساسُ عند الحلب: أَن يقال للناقة بِسْ بِسْ. أَبو عبيد: بَسَسْتُ الإِبل و أَبْسَسْت لغتان إِذا زجرتها و قلت بِسْ بِسْ، و العرب تقول في أَمثالهم: لا أَفعله ما أَبَسَّ عبدٌ بناقته، قال اللحياني: و هو طوافه حولها ليحلبها. أَبو سعيد: يُبِسُّون أَي يسيحون في الأَرض، و انْبَسَّ الرجلُ إِذا ذهب. و بُسَّهُمْ عنك أَي اطردهم. و بَسَسْتُ المالَ في البلاد فانْبَسَّ إِذا أَرسلته فتفرق فيها، مثل بَثَثْتُه فانْبَثَّ. و قال الكسائي: أَبْسَسْتُ بالنعجة إِذا دعوتها للحلب؛ و قال الأَصمعي: لم أَسمع الإِبْساسَ إِلا في الإِبل؛ و قال ابن دريد: بَسَسْتُ الغنم قلت لها بَسْ بَسْ. و البَسُوسُ: الناقة التي لا تَدِرُّ إِلا بالإِبْساسِ، و هو أشن يقال لها بُسُّ بُسُّ، بالضم و التشديد، و هو الصُّوَيْتُ الذي تُسَكَّنُ به الناقةُ عند الحلب، و قد يقال ذلك لغير الإِبل. و البَسُوسُ: اسم امرأَة، و هي خالة جَسَّاس بن مُرَّة الشَّيْباني: كانت لها ناقة يقال لها سَرَابِ، فرآها كُلَيْبُ وائلٍ في حِماه و قد كَسَرَتْ بَيْض طير كان قد أَجاره، فَرَمى ضَرْعها بسهم، فَوَثَبَ جَسَّاس على كليب فقتله، فهاجت حَربُ بكرٍ و تَغْلِبَ ابني وائل بسببها أَربعين سنة حتى ضربت بها العرب المثل في الشؤم، و بها سميت حرب البَسُوس، و قيل: إِن الناقة عقرها جَسَّاسُ بن مرة. و من أَمثال العرب السائرة [غيره: و في الحديث]: هو اشْأَمُ من البَسُوسِ، و هي ناقة كانت تَدِرُّ [تَدُرُّ] على المُبِسِّ بها، و لذلك سميت بَسُوساً، أَصابها رجل من العرب بسهم في ضرعها فقتلها. و في البَسُوسِ قول آخر روي عن ابن عباس، قال الأَزهري: و هذه أَشْبه بالحق، و
روى بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها؛ قال: هو رجل أُعْطِيَ ثلاث دعوات يستجاب له فيها، و كان له امرأَة يقال لها البَسُوسُ، و كان له منها ولد، و كانت له مُحبَّة، فقالت: اجعل لي منها دعوة واحدة، قال: فلك واحدة فما ذا تأْمرين؟ قالت: ادعُ اللَّه أَن يجعلني أَجمل امرأَة في بني إِسرائيل، فلما علمت أَن ليس فيهم مثلها رغبت عنه و أَرادت شيئاً آخر، فدعا اللَّه عليها أَن يجعلها كلبة نَبَّاحَةً فذهبت فيها دعوتان، و جاء بنوها فقالوا: ليس لنا على هذا قرار، قد صارت أُمنا كلبة تُعَيِّرُنا بها الناسُ، فادع اللَّه أَن يعيدها إِلى الحال التي كانت عليها، فدعا اللَّه فعادت كما كانت فذهبت الدعوات الثلاث في البَسُوس.
و بها يضرب المثل في الشُّؤْمِ. و بُسْ: زجر للحافر، و بَسْ: بمعنى حَسْبُ، فارسية. و قد بَسْبَسَ به و أَبَسَّ به و أَسَّ به إِلى الطعام: دعاه. و بَسَّ الإِبل بَسّاً: ساقها؛ قال:
لا تَخْبِزَا خَبْزاً و بُسَّا بَسَّا
و قال ابن دريد: معناه لا تُبْطِئا في الخَبْزِ و بُسَّا الدقيق بالماءِ فكلاه. و في ترجمة خبز: الخَبْزُ السَّوْقُ الشديد بالضرب. و البَسُّ: السير الرقيق. بَسَسْتُ أَبُسُّ بَسّاً و بَسَسْتُ الإِبل أَبُسُّها، بالضم، بَسّاً إِذا سُقْتَها سوقاً لطيفاً. و البَسُّ: السَّوْق
28
اللَّيِّنُ، و قيل: البَسُّ أَن تَبُلَّ الدَّقيق ثم تأْكله، و الخَبْزُ أَن تَخبِزَ المَلِيلَ. و البَسيسَة عندهم: الدقيق و السويق يلت و يتخذ زاداً. ابن السكيت: بَسَسْتُ السويقَ و الدقيق أَبُسُّه بَسّاً إِذا بللته بشيءٍ من الماء، و هو أَشد من اللَّتِّ. و بَسَّ الرجلَ يَبُسُّه: طرده و نحاه. و انْبَسَّ: تَنَحَّى. و بَسَّ عَقاربه: أَرسل نمائمه و أَذاه. و انْبَسَّتِ الحيةُ: انْسابَتْ على وجه الأَرض؛ قال:
و انْبَسَّ حَيَّاتُ الكَثِيبِ الأَهْيَلِ
و انْبَسَّ في الأَرض: ذهب؛ عن اللحياني وحده حكاه في باب انْبَسَّت الحيات انْبِساساً، قال: و المعروف عند أَبي عبيد و غيره ارْبَسَّ. و
في حديث الحجاج: قال للنعمان بن زُرْعَةَ: أَ مِن أَهلِ الرَّسِّ و البَسِّ أَنت؟.
البَسُّ: الدَّسُّ. يقال: بَسَّ فلان لفلان من يتخبر له خبره و يأَتيه به أَي دَسَّه إِليه. و البَسْبَسَة: السِّعايَةُ بين الناس. و البَسْبَسُ: شجرٌ. و البَسْبَسُ: لغة في السَّبْسَبِ، و زعم يعقوب أَنه من المقلوب. و البَسابِسُ: الكذب. و البَسْبَس: القَفْرُ. و التُّرَّهات البَسابِسُ هي الباطلُ، و ربما قالوا تُرَّهاتُ البَسابِسِ، بالإِضافة. و
في حديث قُسٍّ: فبينا أَنا أَجول بَسْبَسَها.
؛ البَسْبَسُ: البَرُّ المُقْفِرُ الواسع، و يروى سَبْسَبَها، و هو بمعناه. و بَسْبَس بَوْلَه: كَسَبْسَبَه. و البَسْباسُ: بَقْلَة: قال أَبو حنيفة: البَسْباسُ من النبات الطيب الريح، و زعم بعض الرواة أَنه النانخاه، و أَما أَبو زياد فقال: البَسْباسُ طَيِّبُ الريح يُشْبِه طَعْمُه طعم الجزر، واحدته بَسْباسَةٌ. الليث: البَسباسَة بقلة؛ قال الأَزهري: هي معروفة عند العرب؛ قال: و البَسْبَسُ شجر تتخذ منه الرحال. قال الأَزهري: الذي قالَه الليث في البسبس أَنه شجر لا أَعرفه، قال: و أُراه أَراد السَّبْسَبَ. و بَسْباسَةُ: اسم امرأَة، و البَسُوس كذلك. و بُسٌّ: موضع عند حنين؛ قال عباس بن مِرْداس السُّلَمِيُّ:
رَكَضْتُ الخَيْلَ فيها بين بُسٍّ إِلى الأَوْراد، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
قال: و أُرى عاهانَ بن كعب إياه عنى بقوله:
بَنِيكَ و هَجْمَةٌ كأَشاءِ بُسٍّ، غِلاظُ منابِتِ القَصَراتِ كُومُ
يقول: عليك بنيك أَو انظر بنيك، و رفع هجمة على تقدير و هذه هَجْمَةٌ كالأَشاء ففيها ما يَشْغَلُك عن النعيم.
بطس:
التهذيب: بِطياسُ اسم موضع على بناء الجِرْيال، قال: و كأَنه أَعجمي.
بغس:
البَغْسُ: السَّوادُ؛ يَمانِيَةٌ.
بكس:
التهذيب: ابن الأَعرابي بَكَسَ خَصْمَه إِذا قهره. قال: و البُكْسَةُ خرقة يدوّرها الصبيان ثم يأْخذون حجراً فيدوّرونه كأَنه كُرَةٌ، ثم يتقامرون بهما، و تسمى هذه اللُّعْبَةُ الكُجَّةَ، و يقال لهذه الخرقة أَيضاً: التُّونُ و الآجُرَّةُ.
بلس:
أَبْلَسَ الرجلُ: قُطِعَ به؛ عن ثعلب. و أَبْلَس: سكت. و أَبْلَسَ من رحمة اللَّه أَي يَئِسَ و نَدِمَ، و منه سمي إبليس و كان اسمه عزازيلَ. و في التنزيل العزيز: يومئذ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ
. و إِبليس، لعنه اللَّه: مشتق منه لأَنه أُبْلِسَ من رحمة اللَّه أَي أُويِسَ. و قال أَبو إِسحاق: لم يصرف لأَنه أَعجمي معرفة. و البَلاسُ: المِسْحُ، و الجمع بُلُسٌ. قال أَبو عبيدَة: و مما دخل في كلام العرب من كلام فارس المِسْح
29
تسميه العرب البَلاسَ، بالباء المشبع، و أَهل المدينة يسمون المِسْحَ بَلاساً، و هو فارسي معرب، و من دعائهم: أَرانِيك اللَّهُ على البَلَسِ، و هي غَرائِرُ كِبارٌ من مُسُوح يجعل فيها التَّين و يُشَهَّرُ عليها من يُنَكِّلُ به و ينادى عليه، و يقال لبائعه: البَلَّاسُ. و المُبْلِسُ: اليائسُ، و لذلك قيل للذي يسكت عند انقطاع حجته و لا يكون عنده جواب: قد أَبْلَسَ؛ و قال العجاج:
قال: نَعَمْ أَعْرِفُه، و أَبْلَسا
أَي لم يُحِرْ إِليَّ جواباً. و نحو ذلك قيل في المُبلِس، و قيل: إِن إِبليس سمي بهذا الاسم لأَنه لما أُويِسَ من رحمة اللَّه أَبْلَسَ يأَساً. و
في الحديث فتأَشَّبَ أَصحابُه حوله و أَبْلَسُوا حتى ما أَوضحوا بضاحِكة.
؛ أَبلسو ا أَي سكتوا. و المُبْلِسُ: الساكت من الحزن أَو الخوف. و الإِبْلاسُ: الحَيْرة؛ و منه
الحديث: أَ لم تر الجِنَّ و إِبلاسَها.
أَي تَحَيُّرَها و دَهَشَها. و قال أَبو بكر: الإِبْلاسُ معناه في اللغة القُنُوط و قَطْعُ الرجاء من رحمة اللَّه تعالى؛ و أَنشد:
و حَضَرَتْ يومَ خَمِيسٍ الأَخْماسْ، و في الوجوهِ صُفْرَةٌ و إِبْلاسْ
و يقال: أَبْلَسَ الرجلُ إِذا انقطع فلم تكن له حجة؛ و قال:
به هَدَى اللَّهُ قوماً من ضلالَتِهِمْ، و قد أُعِدَّتْ لهم إِذ أَبْلَسُوا سَقَرُ
و الإِبْلاسُ: الانكسار و الحزن. يقال: أَبْلَسَ فلان إِذا سكت غمّاً؛ قال العجاج:
يا صاحِ هل تَعْرِفُ رَسْماً مُكْرَسا؟ قال: نعم أَعْرِفُه، و أَبْلَسا
و المُكْرَسُ: الذي صار فيه الكِرْسُ، و هو الأَبوال و الأَبعار. و أَبْلَسَتِ الناقة إِذا لم تَرْغُ من شدة الضَّبَعَة، فهي مِبْلاس. و البَلَسُ: التِّينُ، و قيل: البَلَسُ ثمر التين إذا أَدرك، الواحدة بَلَسَةٌ. و
في الحديث: من أَحب أَن يَرِقَّ قلبه فلْيُدْمِنْ أَكل البَلَس.
و هو التين، إِن كانت الرواية بفتح الباء و اللام، و إِن كانت البُلُسَ فهو العَدَسُ، و
في حديث عطاء: البُلُس هو العدس.
و
في حديث ابن جُرَيْج قال: سأَلت عطاء عن صدقة الحَبِّ، فقال: فيه كُلِّه الصدقةُ، فذكر الذُّرَةَ و الدُّخْنَ و البُلُس و الجُلْجُلانَ.
؛ قال: و قد يقال فيه البُلْسُنُ، بزيادة النون. الجوهري: و البَلَس، بالتحريك، شيء يشبه التين يكثر باليمن. و البُلُس، بضم الباء و اللام: العدس، و هو البُلْسُن. و البَلَسانُ: شجر لحبه دُهْن. التهذيب في الثلاثي: بَلَسانٌ شجر يجعل حبه في الدواء، قال: و لحبه دهن حار يتنافس فيه. قال الأَزهري: بَلَسان أُراه روميّاً. و
في حديث ابن عباس، رضي اللَّه عنهما: بعث اللَّه الطير على أَصحاب الفيل كالبَلَسان.
؛ قال عَبَّاد بن موسى: أَظنها الزَّرازيرَ. و البَلَسانُ: شجر كثير الورق ينبت بمصر، و له دهن معروف. اللحياني: ما ذُقْتُ عَلوساً و لا بَلُوساً أَي ما أَكلت شيئاً.
بلعس:
البَلْعَسُ و الدَّلْعَسُ و الدَّلْعَكُ، كل هذا: الضَّخْمَةُ من النوق مع استرخاء فيها. ابن سيدة: و البَلَعُوسُ الحَمْقاءُ.
بلعبس:
البُلَعْبيسُ: العَجَبُ.
بلهس:
بَلْهَسَ: أَسرع في مشيه.
30
بنس:
بَنَّسَ عنه تَبْنِيساً: تأَخر؛ قال ابن أَحمر:
كأَنها من نَقا العَزَّافِ طاوِيَةٌ، لَمَّا انْطَوى بطنُها و اخْرَوَّطَ السَفَرُ
ماوِيَّةٌ لُؤْلُؤانُ اللَّوْنِ، اوَّدَها طَلٌّ، و بَنَّسَ عنها فَرْقَدٌ خَصِرُ
قال ابن سيدة: قال ابن جني قوله بَنَّسَ عنها إِنما هو من النوم غير أَنه إنما يقال للبقرة، قال: و لا أَعلم هذا القول عن غير ابن جني، قال: و قال الأَصمعي هي أَحد الأَلفاظ التي انفرد بها بن أَحمر، قال: و لم يسند أَبو زيد هذين البيتين إِلى ابن أَحمر و لا هما أَيضاً في ديوانه و لا أَنشدهما الأَصمعي فيما أَنشده له من الأَبيات التي أَورد فيها كلماته، قال: و ينبغي أَن يكون ذلك شيء جاء به غير ابن أَحمر تابعاً له فيه و مُتَقَبِّلًا أَثره، هذا أَوفق من قول الأَصمعي إِنه لم يأْتِ به غيره. و قال شمر: و لم أَسمع بَنَّسَ إِذا تأَخر إِلا لابن أَحمر. و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه: بَنِّسوا عن البيوت لا تَطُمُّ [تَطِمُ] امرأَة و لا صبي يسمع كلامكم.
؛ أَي تأَخروا لئلا يسمعوا ما يَسْتَضِرُّون به من الرَّفَثِ الجاري بينكم. و بَنِّسْ: اقْعُدْ؛ عن كراع كذلك حكاها بالأَمر، و الشين لغة، و سيأْتي ذكرها. اللحياني: بَنَّسَ و بَنَّشَ إِذا قعد؛ و أَنشد:
إِن كنتَ غيرَ صائدٍ فَبَنِّسِ
ابن الأَعرابي: أَبْنَسَ الرجلُ إِذا هرب من سلطان، قال: و البَنَسُ الفرار من الشر.
بهس:
البَهْسُ: المُقْلُ ما دام رطباً، و الشين لغة فيه. و البَهْسُ: الجُرْأَة. و بَيْهَسٌ: من أَسماء الأَسد؛ قال ابن سيدة: و بَيْهَسٌ: من صفات الأَسد، مشتق منه. و بُهَيْسَةُ: اسم امرأَة؛ قال نَفْرٌ جَدُّ الطِّرِمَّاح:
أَ لا قالتْ بُهَيْسَةُ: ما لِنَفْرٍ، أَراهُ غَيَّرَتْ منه الدُّهُورُ؟
و يروى
... بُهَيْشَة ...
، بالشين المعجمة. و فلان يَتَبَيْهَسُ و يَتَبَهْنَس و يَتَبَرْنَسُ و يَتَفَيْجَسُ و يَتَفَيْسَجُ إذا يتبختر في مشيه. و بَيْهَسٌ: من أَسماء العرب. و البَيْهَسِيَّةُ: صنف من الخوارج نسبوا إلى بَيْهَسٍ هَيْصَمِ بن جابر أَحد بني سعد بن ضُبَيْعَةَ بن قيس.
بهنس:
البَهْنَسى: التبختر، و هو البَهْنَسَةُ. و الأَسد يُبَهْنِسُ في مشيه و يَتَبَهْنَسُ أَي يتبختر؛ خص بعضهم به الأَسد و عم بعضهم به. و جَمَل بَهْنَسٌ و بُهانِسٌ: ذَلُولٌ.
بوس:
البَوْسُ: التقبيل، فارسي معرب، و قد باسَه يَبُوسه. و جاء بالبَوْسِ البائِسِ أَي الكثير، و الشين المعجمة أَعلى.
بولس:
في الحديث: يحشر المتكبرون يوم القيامة أَمثال الذَّرِّ حتى يدخلوا سجناً في جهنم يقال له بُولَسُ.
؛ هكذا جاء في الحديث مُسَمًّى.
بيس:
الفراء: باسَ إِذا تبختر. قال أَبو منصور: ماس يميس بهذا المعنى أَكثر، و الباء و الميم يتعاقبان، و قال: باسَ الرجلُ يَبِيسُ إِذا تكبر على الناس و آذاهم. و بَيْسانُ: موضع بالأُرْدُنِّ فيه نخل لا يثمر إِلى خروج الدجال. التهذيب: بَيْسانُ موضع فيه كُروم من بلاد الشام؛ و قول الشاعر:
شُرْباً بِبَيسانَ من الأُردُنِ
هو موضع. قال الجوهري: بَيْسانُ موضع تنسب إِليه الخمر؛ قال حسان بن ثابت:
31
نَشْرَبُها صِرْفاً و مَمْزُوجَةً، ثم نُغَنِّي في بُيوتِ الرُّخامْ
من خَمْرِ بَيْسانَ تَخَيَّرْتُها، تُرْياقَةً تُوشِكُ فَتْرَ العِظامْ
قال ابن بري: الذي في شعره تُسْرعُ فتر العظام، قال: و هو الصحيح لأَن أَوشك بابه أَن يكون بعده أَن و الفعل، كقول جرير:
إِذا جَهِلَ الشَّقِيُّ و لم يُقَدِّرْ لبعضِ الأَمْرِ، أَوْشَكَ أَن يُصابا
و قد تحذف أَن بعده كما تحذف بعد عسى، كقول أُمية:
يُوشِكُ مَنْ فَرَّ من مَنِيَّتِه، في بعضِ غِرَّاتِه، يُوافِقُها
فهذا هو الأَكثر في أَوشك يوشك، و حكى الفارسي بِيْسَ لغة في بِئْسَ، و اللَّه أَعلم.
فصل التاء المثناة
تختنس:
دَخْتَنُوسُ: اسم امرأَة، و قيل: دَخْدَنوس و تَخْتَنُوسُ.
ترس:
التُّرْس من السلاح: المُتَوَقَّى بها، معروف، و جمعه أَتْراسٌ و تِراسٌ و تِرَسَةٌ و تُروسٌ؛ قال:
كأَنَّ شَمْساً نازَعَتْ شُموسا دُروعَنا، و البَيْضَ و التُّروسا
قال يعقوب: و لا تقل أَتْرِسَة. و كل شيء تَتَرَّسْتَ به، فهو مِتْرَسَةٌ لك. و رجل تارِسٌ: ذو تُرْسٍ. و رجل تَرَّاسٌ: صاحب تُرْسٍ. و التَّتَرُّسُ: التَّسَتُّرُ بالتُّرْسِ، و كذلك التَتْريس. و تَتَرَّس بالتُّرْسِ: تَوَقَّى، و حكى سيبويه اتَّرَسَ. و المَتْروسَةُ: ما تُتُرِّسَ به. و التُّرْسُ: خشبة توضع خلف الباب يُضَبَّبُ بها السرير، و هي المَتَرْسُ بالفارسية. الجوهري: المَتْرَسُ خشبة توضع خلف الباب. التهذيب: المَتَّرَسُ الشِّجار الذي يوضع قِبَلَ البابِ دِعامَةً، و ليس بعربي، معناه مَتَرْس أَي لا تَخَفْ.
ترمس:
التُّرْمُسُ: شجرة لها حَبٌّ مُضَلَّع مُحَزَّزٌ، و به سمي الجُمانُ تَرامِسَ. و تَرْمَسَ الرجلُ إِذا تغيب عن حرب أَو شَغْبٍ. الليث: حَفَر فلانٌ تُرْمُسَةً تحت الأَرض.
ترنس:
التُّرْنُسَةُ الحُفْرَةُ تحت الأَرض.
تعس:
التَعْسُ: العَثْرُ: و التَّعْسُ: أَن لا يَنْتَعِشُ العاثِرُ من عَثْرَتِه و أَن يُنَكَّسَ في سِفال [سَفال]، و قيل: التَّعْسُ الانحطاط و العُثُورُ. قال أَبو إِسحاق في قوله تعالى: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ
؛ يجوز أَن يكون نصباً على معنى أَتْعَسَهُم اللَّهُ. قال: و التَّعْسُ في اللغة الانحطاط و العُثُور؛ قال الأَعشى:
بِذاتِ لَوْثٍ عِفِرْناةٍ إِذا عَثَرَتْ، فالتَّعْسُ أَدْنى لها من أَنْ أَقولَ: لَعا
و يدعو الرجل على بعيره الجواد إِذا عَثُرَ [عَثِرَ] فيقول: تَعْساً فإِذا كان غير جواد و لا نَجِيب فَعَثِرَ [فَعَثُرَ] قال له: لَعاً و منه قول الأَعشى:
بذات لوث عفرناة ...
قال أَبو الهيثم: يقال تَعِسَ فلان يَتْعَسُ إِذا أَتْعَسه اللَّه، و معناه انْكَبَّ فَعَثَرَ [فَعَثِرَ] فسقط على يديه و فمه، و معناه أَنه ينكر من مثلها في سمنها و قوَّتها العِثارُ فإِذا عَثِرَت قيل لها: تَعْساً، و لم يقل لها تَعِسَكِ اللَّه، و لكن يدعو عليها بأَن يَكُبَّها اللَّه لمَنْخَرَيْها. و التَّعْسُ أَيضاً: الهلاك؛ تَعِسَ تَعْساً و تَعَس
32
يَتْعَسُ تَعْساً: هلك؛ قال الشاعر:
و أَرْماحُهُم يَنْهَزْنَهُم نَهْزَ جُمَّةٍ، يَقُلْنَ لمن أَدْرَكْنَ: تَعْساً و لا لَعا
و معنى التَّعْسِ في كلامهم الشَّرُّ، و قيل: التَعْسُ البُعْدُ، و قال الرُّسْتُمي: التَعْسُ أَن يَخِرَّ على وجهه، و النَكْسُ أَن يَخِرَّ على رأْسه؛ و قال أَبو عمرو بن العلاءِ: تقول العرب:
الوَقْسُ يُعْدِي فَتَعَدَّ الوَقْسا، مَنْ يَدْنُ للوَقْسِ يُلاقِ تَعْسا
و قال: الوَقْسُ الجرب، و التَّعْسُ الهلاك. و تعدَّ أَي تجنب و تَنَكَّبْ كله سواء، و إِذا خاطب بالدعاء قال: تَعَسْتَ، بفتح العين، و إِن دعا على غائب كسرها فقال: تَعِسَ؛ قال ابن سيدة: و هذا من الغرابة بحيث تراه. و قال شمر:
سمعته في حديث عائشة، رضي اللَّه عنها، في الإِفْكِ حين عَثَرَتْ صاحِبَتُها فقالت: تَعِسَ مِسْطَحٌ.
قال ابن الأَثير: يقال تَعِسَ يَتْعَسُ إِذا عَثَر و انْكَبَّ لوجهه، و قد تفتح العين، و قال ابن شميل: تَعَسْتَ، كأَنه يدعو عليه بالهلاك، و هو تَعِسٌ، و تاعِسٌ و جَدٌّ تَعِسٌ منه. و في الدعاء: تَعْساً له أَي أَلزمه اللَّه هلاكاً. و تَعِسَه اللَّه و أَتْعَسَه، فَعَلْتُ و أَفْعَلْتُ بمعنى واحد؛ قال مُجَمِّعُ بن هلال:
تقولُ و قد أَفْرَدْتُها من خَلِيلِها: تَعِسْتَ كما أَتْعَسْتَني يا مُجَمِّعُ
قال الأَزهري: قال شمر لا أَعرف تَعِسَه اللَّه و لكن يقال: تَعِس بنفسه و أَتْعَسَه اللَّه. و التَّعْسُ: السقوط على أَي وجه كان. و قال بعض الكلابيين: تَعِسَ يَتْعَسُ تَعْساً و هو أَن يُخطئ حجته إِن خاصم، و بُغْيَتَه إِن طَلَبَ. يقال: تَعِسَ فما انْتَعَشَ و شِيكَ فلا انْتَقشَ. و
في الحديث: تَعِسَ عبد الدينار و عبد الدرهم.
؛ و هو من ذلك.
تغلس:
أَبو عبيد: وَقَع فلان في تُغُلِّسَ، و هي الداهية.
تلس:
التِّلِّيسَة: وعاء يُسَوَّى من الخوص شبه قَفْعَة، و هي شبه العيبة التي تكون عند العَصَّارينَ.
تنس:
تُناسُ الناس: رَعاعُهم، عن كراع. قال الأَزهري: أَما تَنَسَ فما وجدت للعرب فيها شيئاً، قال: و أَعرف مدينة بنيت في جزيرة من جزائر بحر الروم يقال لها: تِنِّيسُ، و بها تعمل الشروب الثمينة.
توس:
التُّوسُ: الطبيعة و الخُلُق. يقال: الكرَم من تُوسِه و سُوسِه أَي من خليقته و طبع عليه، و جعل يعقوب تاء هذا بدلًا من سين سوسه. و
في حديث جابر: كان من توسي الحياءُ.
؛ التُّوس: الطبيعة و الخِلْقَةُ. يقال: فلان من تُوسِ صِدْقٍ أَي من أَصلِ صِدْقٍ. و تُوساً له: كقوله بُوساً له؛ رواه ابن الأَعرابي قال: و هو الأَصل أَيضاً؛ قال الشاعر:
إِذا المُلِمَّاتُ اعْتَصَرْنَ التُّوسا
أَي خَرَّجْنَ طبائعَ الناس. و تاساه إِذا آذاه و استخف به.
تيس:
التَّيْسُ: الذكر من المَعَزِ، و الجمع أَتْياسٌ و أَتْيُسٌ؛ قال طَرَفَةُ:
ملك النهار و لِعْبُه بفُحُولَةٍ، يَعْلُونَه بالليل عَلْوَ الأَتْيُسِ
و قال الهُذَليّ:
من فَوْقِه أَنْسُرٌ سُودٌ و أَغْرِبَةٌ، و دونه أَعْنُزٌ كُلْفٌ و أَتْياسُ
و الجمع الكثير تُيُوسٌ. و التَّيَّاسُ: الذي يمسكه.
33
و المَتْيُوساءُ: جماعة التُّيُوس. و تاسَ الجَدْيُ: صار تَيْساً؛ عن الهَجَري. أَبو زيد: إِذا أَتى على ولد المِعْزى سنة فالذكر تَيْسٌ، و الأُنثى عنز. و اسْتَتْيَسَتِ الشاة: صارت كالتَّيْس. قال ثعلب: و لا يقال اسْتاسَتْ. و عَنْزٌ تَيْساءُ إِذا كان قرناها طويلين كَقَرْن التَّيْس، و هي بَيِّنَةُ التَّيَسِ. و قال ابن شميل: التَّيْساءُ من المِعْزى التي يُشْبه قرناها قَرْنَي الأَوعالِ الجبلية في طولها، و العرب تُجْري الظِّباءَ مُجْرى العَنْزِ فيقولون في إناثها المَعَز، و في ذكورها التُّيُوس؛ قال الهُذَليُّ:
و عادِيَةٍ تُلْقي الثِّيابَ، كأَنَّها تُيُوسُ ظِباءٍ مَحْصُها و انْبِتارُها
و لو أَجرَوها مُجْرى الضأْن لقال: كباش ظباء؛ و رجل تَيَّاسٌ. و تِيسي: كلمة تقال عند إِرادة إِبطال الشيء و تكذيبه و التكذيب به؛ و منه
حديث أَبي أَيوب: أَنه ذَكرَ الغُولَ فقال قل لها: تِيسِي جَعارِ.
فكأَنه قال لها كذبت يا خارية. قال: و العامة تغير هذا اللفظ و تقول: طِيْزي، تبدل من التاء طاء و من السين زاياً لتقارب ما بين هذه الحروف من المخارج. أَبو زيد: يقال احْمَقِي و تِيسي للرجل إِذا تكلم بحُمْق، و ربما لا يَسُبُّه سَبّاً. و من أَمثالهم في الرجل الذليل يَتَعَزَّزُ: كانت عَنْزاً فاستَتْيَستْ. و يقال: استَتْيَسَت العَنْزُ كما يقال استَنْوَقَ الجَمَلُ. الجوهري: و في فلان تَيْسِيَّةٌ، و ناس يقولون: تَيْسُوسِيَّة و كَيْفُوفِيَّةٌ؛ قال: و لا أَدري ما صحتهما. و يقال: تُوساً له و بُوساً و جُوساً. و يقال للذكر من الظباء: تَيْسٌ و للأُنثى عَنْزٌ، و جَعارِ معدولة عن جاعِرَة كقولك قَطامِ و رَقاشِ، على فَعالِ، مأْخوذ عن الجَعْر، و هو الحَدَث. قال: و هو من أَسماء الضَّبُع. قال ابن السكيت: تُشْتَم المرأَةُ فيقال قُومي جَعارِ، و تشبه بالضبع. و يقال للضبع: تِيْسي جَعار، و يقال: اذهبي لَكاعِ و ذَفارِ و بَظارِ. و
في حديث علي، رضي اللَّه عنه: و اللَّه لأُتِيسَنَّهم عن ذلك.
أَي لأُبْطِلَنَّ قولهم و لأَرُدَّنَّهُمْ عن ذلك. و تِيَاسٌ: موضع بالبادية كان به حرب حين قُطِعت رِجل الحرث بن كعب فسمي الأَعرج؛ و في بعض الشعر:
و قتْلَى تِياسٍ عن صَلاحٍ تُعَرِّبُ
فصل الجيم
جاس:
مكان جَأْسٌ: وَعْرٌ كَشأْسٍ، و قيل: لا يتكلم به إِلا بعد شَأْس كأنه إِتباع.
جبس:
الجِبْسُ: الجَبانُ الفَدْمُ، و قيل: الضعيف اللئيم، و قيل: الثقيل الذي لا يجيب إِلى خير، و الجمع أَجْباسٌ و جُبُوسٌ. و الأَجْبَسُ: الجبان الضعيف كالجِبْسِ؛ قال بشر بن أبي خازم:
على مِثلِها آتي المَهالِكَ واحِداً، إِذا خامَ عن طُولِ السُّرَى كلُّ أَجْبَسِ
و الجِبْسُ: الرَّديءُ الدَّنِيءُ الجَبانُ؛ قال الراجز:
خِمْسٌ إِذا سار به الجِبْسُ بكى
و يقال: هو ولد زِنْيَة. و الجِبْسُ: هو الجامد من كل شيء الثقيل الروح و الفاسق. و يقال: إِنه لجِبْسٌ من الرجال إِذا كان عَيِيّاً. و الجِبْسُ: من أَولاد الدِّبَبَة. و الجِبسُ: الذي يبنى به؛ عن كراع. و التَّجَبُّسُ: التبختر؛ قال عمر بن لجَإٍ:
تَمْشِي إِلى رِواءِ عاطِناتها تَجَبُّسَ العانِسِ في رَيْطاتِها
34
أَبو عبيد: تَجَبَّسَ في مشيه تَجَبُّساً إِذا تبختر. و المَجْبُوسُ: الذي يؤتى طائعاً. ابن الأَعرابي: المَجْبُوسُ و الجَبِيسُ نعت الرجل المأْبون.
جحس:
جَحَسَ جِلْدَه يَجْحَسُه: قَشَرَه، و الشين أَعرف. و جاحَسَه جِحاساً: زاحَمَه و قاتله و زاوله على الأَمر كَجَاحَشَه، حكاه يعقوب في البدل؛ قال: و الجِحاسُ القتال، و أَنشد:
إِذا كَعْكَعَ القِرْنُ عن قِرْنِه، أَبى لك عِزُّكَ إِلَّا شِماسا،
و إلَّا جِلاداً بِذي رَوْنَقٍ، و إِلَّا نِزَالًا و إِلَّا جِحاسا
و أَنشد لرجل من بني فَزارة:
إِن عاشَ قاسَى لَكَ ما أُقاسِي، من ضَرْبِيَ الهاماتِ و احْتِباسِي،
و الصَّقْعِ في يوم الوَغَى الجِحاسِ
الأَزهري في ترجمة جحش: الجَحْشُ الجِهاد، و تُحوّل الشين سيناً؛ و أَنشد:
يوماً تَرانا في عِراكِ الجَحْسِ، نَنْبُو بأَجْلالِ الأُمورِ الرُّبْسِ
جدس:
الجادِسُ من كل شيء: ما اشتدَّ و يَبِسَ كالجاسد. و أَرضٌ جادِسَةٌ: لم تُعْمَرْ و لم تُعْمَلْ و لم تُحْرَثْ، من ذلك. و
روي عن معاذ بن جبل، رضي اللَّه عنه: من كانت له أَرض جادِسَةٌ قد عرفت له في الجاهلية حتى أَسلم فهي لربها.
قال أَبو عبيدة: هي التي لم تعمر و لم تحرث، و الجمع الجَوادِسُ. ابن الأَعرابي: الجَوادِسُ الأَراضي التي لم تزرع قط. أَبو عمرو: جَدَس الأَثَرُ و طَلَقَ و دَمَسَ و دَسَمَ إِذا دَرَسَ. و جَدِيسٌ: حَيٌّ من عادٍ و هم إِخوة طَسْمٍ. و في التهذيب: جَديسٌ حَيٌّ من العرب كانوا يناسبون عاداً الأُولى و كانت منازلهم اليمامَة؛ و فيهم يقول رؤبة:
بَوارُ طَسْمٍ بِيَدَيْ جَدِيسِ
قال الجوهري: جَدِيسٌ قبيلة كانت في الدهر الأَوّل فانقرضت.
جرس:
الجَرْسُ: مصدرٌ، الصوتُ المَجْرُوسُ. و الجَرْسُ: الصوتُ نفسه. و الجَرْسُ: الأَصلُ، و قيل: الجَرْسُ و الجِرْسُ الصوت الخَفِيُّ. قال ابن سيدة: الجَرْسُ و الجِرْسُ و الجَرَسُ؛ الأَخيرة عن كراع: الحركةُ و الصوتُ من كل ذي صوت، و قيل: الجَرْس، بالفتح، إِذا أُفرد، فإِذا قالوا: ما سمعت له حِسّاً و لا جِرْساً، كسروا فأَتبعوا اللفظ اللفظ. و أَجْرَسَ: علا صوته، و أَجْرَسَ الطائرُ إِذا سمعتَ صوتَ مَرِّه؛ قال جَنْدَلُ بنُ المُثَّنَّى الحارثي الطُّهَوِيُّ يخاطب امرأَته:
لقد خَشِيتُ أَن يَكُبَّ قابِرِي و لم تُمارِسْكِ من الضَّرائرِ
شِنْظِيرَةٌ شائِلَةُ الجَمائِرِ، حتى إِذا أَجْرَسَ كلُّ طائِرِ،
قامتْ تُعَنْظِي بكِ سِمْعَ الحاضِرِ
يقول: لقد خشيت أَن أَموت و لا أَرى لك ضَرَّةً سَلِطَةً تُعَنظِي بكِ و تُسْمِعُكِ المكروه عند إِجْراس الطائر، و ذلك عند الصَّباح. و الجمائر: جمع جَمِيرة، و هي ضفيرة الشعر، و قيل: جَرَسَ الطائرُ و أَجْرَس صَوَّتَ. و يقال: سمعت جَرْسَ الطير إِذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأْكله. و
في الحديث: فتسمعون صوتَ جَرْسِ طَيْرِ الجنة.
؛ أَي صوتَ أَكلها.
35
قال الأَصْمَعِيُّ: كنتُ في مجلس شُعْبَةَ قال: فتسمعون جَرْشَ طير الجنة، بالشين، فقلت: جَرْسَ، فنظر إِليَّ و قال: خذوها عنه فإِنه أَعلم بهذا منا؛ و منه
الحديث: فأَقبل القوم يَدِبُّونَ و يُخْفُونَ الجَرْسَ.
؛ أَي الصوت. و
في حديث سعيد بن جبير، رضي اللَّه عنه، في صفة الصَّلْصالِ قال: أَرض خِصْبَةٌ جَرِسَةٌ.
؛ الجَرْسة: التي تصوِّت إِذا حركت و قلبت و أَجْرَسَ الحادي إِذا حدا للإِبل؛ قال الراجز:
أَجْرِسْ لها يا ابنَ أَبي كِباشِ، فما لَها الليلةَ من إِنْفاشِ،
غيرَ السُّرَى و سائِقٍ نَجَّاشِ
أَي احْدُ لها لتَسْمَعَ الحُداءَ فتَسِيرَ. قال الجوهري: و رواه ابن السكيت بالشين و أَلف الوصل، و الرواة على خلافه. و جَرَسْتُ و تَجَرَّسْتُ أَي تكلمت بشيء و تنغمت به. و أَجْرَسَ الحَيُّ: سمعتُ جَرْسه. و في التهذيب: أَجْرَسَ الحيُّ إِذا سَمعت صوتَ جَرْسِ شيء. و أَجرَسني السَّبُعُ: سمع جَرْسِي. و جَرَسَ الكلامَ: تكلم به. و فلانٌ مَجْرَسٌ لفلان: يأْنس بكلامه و ينشرح بالكلام عنده؛ قال:
أَنْتَ لي مَجْرَسٌ، إِذا ما نَبا كلُّ مَجْرَسِ
و قال أَبو حنيفة: فلان مَجْرَسٌ لفلان أَي مأْكلٌ و مُنتَفَعٌ. و قال مرة: فلان مَجْرَسٌ لفلان أَي يأْخذ منه و يأْكل من عنده. و الجَرَسُ: الذي يُضْرَبُ به. و أَجْرَسه: ضربه. و
روي عن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، أَنه قال: لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فيها جَرَسٌ.
؛ هو الجُلْجُلُ الذي يعلق على الدواب؛ قيل: إِنما كرهه لأَنه يدل على أَصحابه بصوته؛ و كان، عليه السلام، يحب أَن لا يعلم العدوّ به حتى يأْتيهم فجأَةً، و قيل الجَرَسُ الذي يُعلق في عنق البعير. و أَجْرَسَ الحَلْيُ: سُمِع له صوتٌ مثل صوت الجَرَسِ، و هو صوتُ جَرْسِه؛ قال العجاج:
تَسْمَعُ للحَلْيِ إِذا ما وَسْوَسا، و ارْتَجَّ في أَجيادِها و أَجْرَسا،
زَفْزَفَةَ الرِّيحِ الحَصادَ اليَبَسا
و جَرْس الحَرْفِ: نَغْمَتُه. و الحروفُ الثلاثة الجُوفُ: و هي الياء و الأَلف و الواو، و سائرُ الحروفِ مَجْرُوسَةٌ. أَبو عبيد: و الجَرْسُ الأَكل، و قد جَرَسَ يَجْرُسُ. و الجاروسُ: الكثير الأَكل. و جَرَسَت الماشيةُ الشجرَ و العُشْبَ تَجْرِسُه و تَجْرُسُه جَرْساً: لَحَسَتْه. و جَرَسَت البقرة ولدها جَرْساً: لحسته، و كذلك النحلُ إِذا أَكلت الشجر للتَّعْسِيل؛ قال أَبو ذؤيب يصف نحلًا:
جَوارِسُها تَأْوي الشُّعُوفَ دَوائِباً، و تَنصَبُّ أَلْهاباً مَصِيفاً كِرابُها
و جَرَسَتِ النحلُ العُرْفُطَ تَجْرُسُ [تَجْرِسُ] إِذا أَكلته، و منه قيل للنحل: جَوارِسُ. و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، دخل بيت بعض نسائه فسقته عَسَلًا، فَتَواطَأَتْ ثنتان من نسائه أَن تقول أَيَّتُهما دخل عليها: أَكَلْتَ مَغافِيرَ، فإِن قال: لا، قالت: فَشَرِبْتَ إِذاً عسلًا جَرَسَتْ نَحْلُه العُرْفُطَ.
؛ أَي أَكلتْ و رَعَتْ. و العُرْفُطُ: شجر. و نَحْلٌ جَوارِسُ: تَأْكل ثمر الشجر؛ و قال أَبو ذؤيب الهذلي يصف النحل:
36
يَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ، مَراضيعُ صُهْبُ الرّيشِ زُغْبٌ رِقابُها
و الثمراء: جبل؛ و قال بعضهم: هو اسم للشجر المُثْمِر. و مراضيع: صغارٌ، يعني أَن عسل الصِّغار منها أَفضل من عسل الكبار. و الصُّهْبَةُ: الشُّقْرَةُ، يريد أَجنحتها. الليث: النحلُ تَجْرُسُ العسلَ جَرْساً و تجرُسُ النَّوْرَ، و هو لَحْسُها إِياه، ثم تُعَسِّله. و مرَّ جَرْسٌ من الليل أَي وقتٌ و طائفة منه. و حكي عن ثعلب فيه: جَرَسٌ، بفتح الراء، قال ابن سيدة: و لست منه على ثقة، و قد يقال بالشين معجمة، و الجمع أَجْراسٌ و جُرُوسٌ. و رجل مُجَرَّسٌ و مُجَرِّسٌ: مُجَرِّبٌ للأُمور؛ و قال اللحياني: هو الذي أَصابته البلايا، و قيل: رجل مُجَرَّسٌ إِذا جَرَّس الأُمور و عرفها، و قد جَرَّسَتْه الأُمورُ أَي جَرَّبَتْه و أَحكمته؛ و أَنشد:
مُجَرِّساتٍ غِرَّة الغَرِيرِ بالزَّجْرِ، و الرَّيْمُ على المَزْجُورِ
و أَوَّل هذه القصيدة:
جارِيَ لا تَسْتَنْكِري غَدِيري، سَيْرِي و إِشفاقي على بعيرِي،
و حَذَرِي ما ليس بالمَحْذُورِ، و كَثْرَةَ التَحْدِيثِ عن شُقُوري،
و حِفْظَةً أَكَنَّها ضَمِيرِي
أَي لا تنكري حِفظَة أَي غضباً أَغضبه مما لم أَكن أَغضب منه؛ ثم قال:
و العَصْرَ قَبلَ هذه العُصُورِ، مُجَرِّساتٍ غِرَّةَ الغَرِيرِ
بالزَّجْرِ، و الرَّيْمُ على المَزْجُورِ
العصر: الزمن، و الدهر. و التجريس: التحكيم و التجربة، فيقول: هذه العصور قد جَرَّسَت الغِرَّ منا أَي حكمت بالزجر عما لا ينبغي إِتيانه. و الرِّيْمُ: الفضل، فيقول: من زُجِرَ فالفضل عليه لأَنه لا يُزْجَرُ إِلا عن أَمر قَصَّرَ فيه. و
في حديث ناقة النبي، صلى اللَّه عليه و سلم: و كانت ناقةً مُجَرَّسَةً.
أَي مُجَرَّبة مُدَرَّبة في الركوب و السير. و المُجَرَّسُ من الناس: الذي قد جرَّبَ الأُمور و خَبَرَها؛ و منه
حديث عمر، رضي اللَّه عنه، قال له طَلحَة: قد جَرّسَتْك الدُّهورُ.
أَي حَنَّكَتك و أَحكمتك و جعلتك خبيراً بالأُمور مجرَّباً، و يروى بالشين المعجمة بمعناه. أَبو سعيد: اجْتَرَسْتُ و اجْتَرَشْتُ أَي كَسَبْتُ.
جرجس:
الجِرْجِسُ: البَقُّ، و قيل: البَعُوض، و كره بعضهم الجِرْجِسَ و قال: إِنما هو القِرْقِسُ، و سيذكر في فصل القاف. الجوهري: الجِرْجِسُ لغة في الفِرْقِسِ، و هو البعوض الصِّغار؛ قال شُريح بنُ جَوَّاس الكلبي:
لَبِيضٌ بِنَجْدٍ لم يَبِتْنَ نَواطِراً بِزَرْعٍ، و لم يَدْرُجْ عليهن جِرْجِسُ
أَحَبُّ إِلينا من سَواكِن قَرْيَةٍ مُثَجَّلَةٍ، داياتُها تَتَكَدَّسُ
و جِرْجِيسُ: اسم نَبيٍّ. و الجِرْجِسُ: الصَّحِيفَةُ؛ قال:
تَرى أَثَرَ القَرْحِ في نَفْسِه كَنَقْشِ الخَواتِيمِ في الجِرْجِسِ
جرفس:
الجِرْفاسُ و الجُرافِسُ من الإِبل: الغليظ العظيم، و قيل: العظيم الرأْس. و الجُرافِسُ و الجِرْفاسُ: الضَّخْمُ الشديد من الرجال، و كذلك الجَرَنْفَسُ. و الجَرْفَسَة: شِدَّةُ الوَثاق. و جَرْفَسَه جَرْفَسَةً: صَرَعَه؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
37
كأَنَّ كَبْشاً ساجِسِيّاً أَرْبَسا، بين صَبِيَّيْ لَحْيِهِ مُجَرْفَسا
يقول: كأَن لحيته بين فَكَّيْه كَبْشٌ ساجِسِيٌّ، يصف لحية عظيمة؛ قال أَبو العباس: جعل خبر كأَنَّ في الظرف يعني بين: الأَزهري: كل شيء أَوثقته، فقد قَعْطَرْته، قال: و هي الجَرْفَسَةُ؛ و منه قوله:
بين صَبِيَّيْ لَحْيِهِ مُجَرْفَسا
و جِرْفاسٌ: من أَسماءِ الأَسد.
جرهس:
الجِرْهاسُ: الجسيم؛ و أَنشد:
يُكْنى، و ما حُوِّل عن جِرْهاسِ، من فَرْسَةِ الأُسْدِ، أَبا فِراسِ
جسس:
الجَسُّ: اللَّمْسُ باليد. و المَجَسَّةُ: مَمَسَّةُ ما تَمَسُّ. ابن سيدة: جَسَّه بيده يَجُسُّه جَسّاً و اجْتَسَّه أَي مَسَّه و لَمَسَه. و المَجَسَّةُ: الموضع الذي تقع عليه يده إِذا جَسَّه. و جَسَّ الشخصَ بعينه: أَحَدَّ النظر إِليه ليَسْتَبِينَه و يَسْتَثْبِتَه؛ قال:
و فِتْيَةٍ كالذُّبابِ الطُّلْسِ قلت لهم: إِني أَرى شَبَحاً قد زالَ أَوْ حالا
فاعْصَوْصَبْوا ثم جَسُّوه بأَعْيُنِهم، ثم اخْتَفَوْه و قَرنُ الشمس قد زالا
اختفوه: أَظهروه. و الجَسُّ: جَسُّ الخَبَرِ، و منه التَجَسُّسُ. و جَسَّ الخَبَرَ و تَجَسَّسه: بحث عنه و فحَصَ. قال اللحياني: تَجَسَّسْتُ فلاناً و من فلان بحثت عنه كتَحَسَّسْتُ، و من الشاذ قراءة من قرأَ: فَتَجَسَّسُوا من يوسف و أَخيه. و المَجَسُّ و المَجَسَّة: مَمَسَّةُ ما جَسَسْتَه بيدك. و تَجَسَّسْتُ الخبر و تَحَسَّسْته بمعنى واحد. و في الحديث: لا تَجَسَّسُوا
؛ التَّجَسُّسُ، بالجيم: التفتيش عن بواطن الأُمور، و أَكثر ما يقال في الشر. و الجاسُوسُ: صاحب سِرِّ الشَّر، و الناموسُ: صاحب سرِّ الخير، و قيل: التَّجَسُّسُ، بالجيم، أَن يطلبه لغيره، و بالحاء، أَن يطلبه لنفسه، و قيل بالجيم: البحث عن العورات، و بالحاء الاستماع، و قيل: معناهما واحد في تطلب معرفة الأَخبار. و العرب تقول: فلان ضَيِّقُ المَجَسِّ إِذا لم يكن واسع السِّرْبِ و لم يكن رَحيب الصدر. و يقال: في مَجَسِّكَ ضِيقٌ. و جَسَّ إِذا اختبر. و المَجَسَّةُ: الموضع الذي يَجُسُّه الطبيب. و الجاسُوسُ: العَيْنُ يَتَجَسَّسُ الأَخبار ثم يأْتي بها، و قيل: الجاسُوسُ الذي يَتَجَسَّس الأَخبار. و الجَسَّاسَةُ: دابة في جزائر البحر تَجُسُّ الأَخبار و تأْتي بها الدجالَ، زعموا. و
في حديث تميم الداري: أَنا الجَسَّاسَة.
يعني الدابة التي رآها في جزيرة البحر، و إِنما سميت بذلك لأَنها تجُسُّ الأَخبار للدجال. و جَواسُّ الإِنسان: معروفة، و هي خمس: اليدان و العينان و الفم و الشم و السمع، و الواحدة جاسَّة، و يقال بالحاء؛ قال الخليل: الجَواسُّ الحَواسُّ. و في المثل: أَفواهُها مَجاسُّها، لأَن الإِبل إِذا أَحسنت الأَكل اكتفى الناظر بذلك في معرفة سمنها من أَن يَجُسَّها. قال ابن سيدة: و الجَواسُّ عند الأَوائل الحَواسُّ. و جَسَّاس: اسم رجل؛ قال مُهَلْهِلٌ:
قَتِيلٌ، ما قَتِيلُ المَرْءِ عَمْرٍو؟ و جَسَّاسُ بنُ مُرَّةَ ذو ضَريرِ
و كذلك جِسَاسٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَحْيا جِساساً، فلما حانَ مَصْرَعُه، خَلّى جِساساً لأَقْوام سَيَحْمُونَه
38
و جَسَّاسُ بنُ مُرَّة الشَّيْباني: قاتلُ كُلَيبِ وائلٍ: و جِسْ: زَجْرٌ للإِبل.
جعس:
الجَعْسُ: العَذِرَة؛ جَعَسَ يَجْعَسُ جَعْساً، و الجَعْسُ مَوْقِعُها، و أُرى الجِعْسَ، بكسر الجيم، لغة فيه. و الجُعْسُوسُ: اللئيم الخِلْقَة و الخُلُق، و يقال: اللئيم القبيح، و كأَنه اشْتُقَّ من الجَعْس، صفة على فُعْلُول فشبه الساقط المَهين من الرجال بالخُرْءِ و نَتْنِه، و الأُنثى جُعْسُوسٌ أَيضاً؛ حكاه يعقوب، و هم الجَعاسِيسُ. و رجل دُعْبُوب و جُعْبُوبٌ و جُعْسُوسٌ إِذا كان قصيراً دميماً. و
في حديث عثمان، رضي اللَّه عنه، لما أَنْفَذَه النبيُّ، صلى اللَّه عليه و سلم، إِلى مكة نزل على أَبي سفيان فقال له أَهل مكة: ما أَتاك به ابن عَمِّك؟ قال: سأَلني أَن أُخَلِّيَ مكة لجَعاسِيس يَثْرِبَ.
؛ الجَعاسيسُ: اللئام في الخَلْقِ و الخُلُقِ، الواحد جُعْسُوسٌ، بالضم. و منه
الحديث الآخر: أَ تُخَوِّفُنا بجعاسيس يَثْرِبَ؟.
قال: و قال أَعرابي لامرأَته: إِنكِ لجُعْسُوسٌ صَهْصَلِقٌ فقالت: و اللَّه إِنك لهِلْباجَة نَؤُوم، خِرَقٌ سَؤُوم، شُرْبُك اشْتِفافٌ، و أَكْلُك اقْتِحافٌ، و نَوْمُك الْتِحافٌ، عليك العَفا، و قُبِّح منك القَفا قال ابن السكيت في كتاب القلب و الإِبدال: جُعْسُوس و جُعْشُوش، بالسين و الشين، و ذلك إِلى قَمْأَةٍ و صِغَرٍ و قِلَّةٍ. يقال: هو من جَعاسِيس الناس، قال: و لا يقال بالشين؛ قال عمرو بن معديكرب:
تَداعَتْ حَوْلَه جُشَمُ بنُ بَكْرٍ، و أَسْلَمَه جَعاسِيسُ الرَّبابِ
و الجَعْسُ: الرَّجِيع، و هو مولَّد، و العرب تقول: الجُعْمُوس، بزيادة الميم. يقال: رَمى بجَعامِيس بطنه.
جعبس:
الجُعْبُس و الجُعْبُوس: المائق الأَحْمَق.
جعمس:
الجُعْمُوس: العَذِرَةُ. و رجل مُجَعْمِسٌ و جُعامِسٌ: و هو أَن يَضَعَه بمَرَّةٍ، و قيل: هو الذي يضعه يابساً. أَبو زيد: الجُعْمُوس ما يطرحه الإِنسان من ذي بطنه، و جمعه جَعامِيسُ؛ و أَنشد:
ما لَكَ من إِبْلٍ تُرى و لا نَعَمْ، إِلا جَعامِيسك وَسْطَ المُسْتَحَمْ
و الجَعْسُ: الرَّجيع، و هو مولَّد، و العرب تقول: الجُعْمُوس، بزيادة الميم. يقال: رَمى بجعاميس بطنه.
جفس:
جَفِسَ من الطعام يَجْفَسُ جَفَساً: اتَّخَمَ، و هو جَفِسٌ؛ و جَفِسَتْ نَفْسُه: خَبُثَتْ منه. و الجِفْسُ و الجَفِيسُ: اللئيم من الناس مع ضَعْفٍ و فَدامَةٍ، و حكى الفارسي جَيْفَسٌ و جِيَفْسٌ مثل بَيْطر وَ بِيَطْر، و الأَعرف بالحاء. و في النوادر: فلان جِفْسٌ و جَفِسٌ أَي ضخم جافٍ. و الجَفاسَةُ: الاتِّخامُ.
جلس:
الجُلُوسُ: القُعود. جَلَسَ يَجْلِسُ جُلوساً، فهو جالس من قوم جُلُوسٍ و جُلَّاس، و أَجْلَسَه غيره. و الجِلْسَةُ: الهيئة التي تَجْلِسُ عليها، بالكسر، على ما يطرد عليه هذا النحو، و في الصحاح: الجِلْسَةُ الحال التي يكون عليها الجالس، و هو حَسَنُ الجِلْسَة. و المَجْلَسُ، بفتح اللام، المصدر، و المَجلِس: موضع الجُلُوس، و هو من الظروف غير المُتَعَدِّي إِليها الفعلُ بغير في، قال سيبويه: لا تقول هو مَجْلِسُ زيد. و قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا في المَجْلِس؛ قيل: يعني به مَجْلِسَ النبي،
39
صلى اللَّه عليه و سلم، و قرئَ: فِي الْمَجالِسِ
، و قيل: يعني بالمجالس مجالس الحرب، كما قال تعالى: مَقاعِدَ لِلْقِتالِ. و رجل جُلَسَة مثال هُمَزَة أَي كثير الجُلوس. و قال اللحياني: هو المَجْلِسُ و المَجْلِسَةُ؛ يقال: ارْزُنْ في مَجْلِسِك و مَجْلِسَتِك. و المَجْلِسُ: جماعة الجُلُوس؛ أَنشد ثعلب:
لهم مَجْلِسٌ صُهْبُ السِّبال أَذلَّةٌ، سَواسِيَةٌ أَحْرارُها و عَبِيدُها
و
في الحديث: و إِن مَجْلِس بني عوف ينظرون إِليه.
؛ أَي أَهل المجْلِس على حذف المضاف. يقال: داري تنظر إِلى داره إذا كانت تقابلها، و قد جالَسَه مُجالَسَةً و جِلاساً. و ذكر بعض الأَعراب رجلًا فقال: كريمُ النِّحاسِ طَيِّبُ الجِلاسِ. و الجِلْسُ و الجَلِيسُ و الجِلِّيسُ: المُجالِسُ، و هم الجُلَساءُ و الجُلَّاسُ، و قيل: الجِلْسُ يقع على الواحد و الجمع و المذكر و المؤَنث. ابن سيدة: و حكى اللحياني أَن المَجْلِسَ و الجَلْسَ ليشهدون بكذا و كذا، يريد أَهلَ المَجْلس، قال: و هذا ليس بشيء إِنما هو على ما حكاه ثعلب من أَن المَجْلِس الجماعة من الجُلُوس، و هذا أَشبه بالكلام لقوله الجَلْس الذي هو لا محالة اسم لجمع فاعل في قياس قول سيبويه أَو جمع له في قياس قول الأَخفش. و يقال: فلان جَلِيسِي و أَنا جَلِيسُه و فلانة جَلِيسَتي، و جالَسْتُه فهو جِلْسي و جَلِيسي، كما تقول خِدْني و خَديني، و تَجالَسُوا في المَجالِسِ. و جَلَسَ الشيءُ: أَقام؛ قال أَبو حنيفة: الوَرْسُ يزرع سَنة فَيَجْلِسُ عَشْرَ سنين أَي يقيم في الأَرض و لا يتعطل، و لم يفسر يتعطل. و الجُلَّسانُ: نِثار الوَردِ في المَجْلِس. و الجُلَّسانُ: الورد الأَبيض. و الجُلَّسانُ: ضرب من الرَّيْحان؛ و به فسر قول الأَعشى:
لها جُلَّسانٌ عندها و بَنَفْسَجٌ، و سِيْسَنْبَرٌ و المَرْزَجُوشُ مُنَمْنَما
و آسٌ و خِيْرِيٌّ و مَروٌ و سَوْسَنٌ يُصَبِّحُنا في كلِّ دَجْنٍ تَغَيَّما
و قال الليث: الجُلَّسانُ دَخِيلٌ، و هو بالفارسية كُلَّشان. غيره: و الجُلَّسانُ ورد ينتف ورقه و ينثر عليهم. قال: و اسم الورد بالفارسية جُلْ، و قول الجوهري: هو معرب كُلْشان هو نثار الورد. و قال الأَخفش: الجُلَّسانُ قبة ينثر عليها الورد و الريحان. و المَرْزَجُوش: هو المَردَقوش و هو بالفارسية أُذن الفأْرة، فَمَرْزُ فأْرة و جوش أُذنها، فيصير في اللفظ فأْرة أُذن بتقديم المضاف إِليه على المضاف، و ذلك مطرد في اللغة الفارسية، و كذلك دُوغْ باجْ للمَضِيرَة، فدوغ لبن حامض و باج لون، أَي لون اللبن، و مثله سِكْباج، فسك خلّ و باج لون، يريد لون الخل. و المنمنم: المصفرّ الورق، و الهاء في عندها يعود على خمر ذكرها قبل البيت؛ و قول الشاعر:
فإِن تَكُ أَشْطانُ النَّوى اخْتَلَفَتْ بنا، كما اختَلَفَ ابْنا جالِسٍ و سَمِيرِ
قال: ابنا جالس و سمير طريقان يخالف كل واحد منهما صاحبه. و جَلَسَتِ الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ. و الجَلْسُ: الجبل. و جَبَل جَلْسٌ إِذا كان طويلًا؛ قال الهذلي:
أَوْفى يَظَلُّ على أَقْذافِ شاهِقَةٍ، جَلْسٍ يَزِلُّ بها الخُطَّافُ و الحَجَلُ
و الجَلْسُ: الغليظ من الأَرض، و منه جمل جَلْسٌ و ناقة جَلْسٌ أَي وثيقٌ جسيم. و شجرة جَلْس
40
و شُهْدٌ جَلْسٌ أَي غليظ. و
في حديث النساءِ: بِزَوْلَةٍ و جَلْسِ.
و يقال: امرأَة جَلْسٌ للتي تجلس في الفِناء و لا تبرح؛ قالت الخَنْساء:
أَمّا لَياليَ كنتُ جارِيةً، فَحُفِفْتُ بالرُّقَباء و الجَلْسِ
حتى إِذا ما الخِدْرُ أَبْرَزَني، نُبِذَ الرِّجالُ بِزَوْلَةٍ جَلْسِ
و بِجارَةٍ شَوْهاءَ تَرْقُبُني، و حمٍ يَخِرُّ كمَنْبَذِ الحِلْسِ
قال ابن بري: الشعر لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ، قال: و ليس للخنساء كما ذكر الجوهري، و كان حُمَيْدٌ خاطب امرأَة فقالت له: ما طَمِعَ أَحدٌ فيّ قط، و ذكرت أَسبابَ اليَأْسِ منها فقالت: أَما حين كنتُ بِكْراً فكنت محفوفة بمن يَرْقُبُني و يحفظني محبوسةً في منزلي لا أُتْرَكُ أَخْرُجُ منه، و أَما حين تزوَّجت و برز وجهي فإِنه نُبِذَ الرجالُ الذين يريدون أَن يروني بامرأَة زَوْلَةٍ فَطِنَةٍ، تعني نفسها، ثم قالت: و رُمِيَ الرجالُ أَيضاً بامرأَة شوهاء أَي حديدة البصر ترقبني و تحفظني و لي حَمٌ في البيت لا يبرح كالحِلْسِ الذي يكون للبعير تحت البرذعة أَي هو ملازم للبيت كما يلزم الحِلْسُ برذعة البعير، يقال: هو حِلْسُ بيته إِذا كان لا يبرح منه. و الجَلْسُ: الصخرة العظيمة الشديدة. و الجَلْسُ: ما ارتفع عن الغَوْرِ، و زاد الأَزهري فخصص: في بلاد نَجْدٍ. ابن سيدة: الجَلْسُ نَجْدٌ سميت بذلك. و جَلَسَ القومُ يَجْلِسونَ جَلْساً: أَتوا الجَلْسَ، و في التهذيب: أَتوا نَجْداً؛ قال الشاعر:
شِمالَ مَنْ غارَ بهِ مُفْرِعاً، و عن يَمينِ الجالِسِ المُنْجدِ
و قال عبد اللَّه بن الزبير:
قُلْ للفَرَزْدَقِ و السَّفاهَةُ كاسْمِها: إِن كنتَ تارِكَ ما أَمَرْتُكَ فاجْلِسِ
أَي ائْتِ نَجْداً؛ قال ابن بري: البيت لمَرْوان بن الحَكَمِ و كان مروان وقت ولايته المدينة دفع إِلى الفرزدق صحيفة يوصلها إِلى بعض عماله و أَوهمه أَن فيها عطية، و كان فيها مثل ما في صحيفة المتلمس، فلما خرج عن المدينة كتب إِليه مروان هذا البيت:
و دَعِ المدينةَ إِنَّها مَحْرُوسَةٌ، و اقْصِدْ لأَيْلَةَ أَو لبيتِ المَقْدِسِ
أَلْقِ الصحيفةَ يا فَرَزْدَقُ، إِنها نَكْراءُ، مِثلُ صَحِيفَةِ المُتَلَمِّسِ
و إِنما فعل ذلك خوفاً من الفرزدق أَن يفتح الصحيفة فيدري ما فيها فيتسلط عليه بالهجاء. و جَلَسَ السحابُ: أَتى نَجْداً أَيضاً؛ قال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة:
ثم انتهى بَصَري، و أَصْبَحَ جالِساً منه لنَجْدٍ طائِفٌ مُتَغَرِّبُ
و عداه باللام لأَنه في معنى عامداً له. و ناقة جَلْسٌ: شديدة مُشْرِفَة شبهت بالصخرة، و الجمع أَجْلاسٌ؛ قال ابن مقبل:
فأَجْمَعُ أَجْلاساً شِداداً يَسُوقُها إِليَّ، إِذا راحَ الرِّعاءُ، رِعائِيا
و الكثير جِلاسٌ، و جَمَلٌ جَلْسٌ كذلك، و الجمع جِلاسٌ. و قال اللحياني: كل عظيم من الإِبل و الرجال جَلْسٌ. و ناقة جَلْسٌ و جَمَلٌ جَلْسٌ: وثيق جسيم، قيل: أَصله جَلْزٌ فقلبت الزاي سيناً كأَنه جُلِزَ جَلْزاً أَي فتل حتى اكْتَنَزَ و اشتد أَسْرُه؛ و قالت طائفة: يُسَمَّى جَلْساً لطوله و ارتفاعه. و
في
41
الحديث: أَنه أَقطع بلال بن الحرث مَعادِنَ الجَبَلِيَّة غَوريَّها و جَلْسِيَّها.
؛ الجَلْسُ: كل مرتفع من الأَرض؛ و المشهور
في الحديث: معادِنَ القَبَلِيَّة.
بالقاف، و هي ناحية قرب المدينة، و قيل: هي من ناحية الفُرْعِ. و قِدْحٌ جَلْسٌ: طويلٌ، خلاف نِكْس؛ قال الهذلي:
كَمَتْنِ الذئبِ لا نِكْسٌ قَصِيرٌ فأُغْرِقَه، و لا جَلْسٌ عَمُوجُ
و يروى
... غَمُوجٌ
، و كل ذلك مذكور في موضعه. و الجِلْسِيُّ: ما حول الحَدَقَة، و قيل: ظاهر العين؛ قال الشماخ.
فأَضْحَتْ على ماءِ العُذَيْبِ، و عَيْنُها كَوَقْبِ الصَّفا، جِلْسِيُّها قد تَغَوَّرا
ابن الأَعرابي: الجِلْسُ الفَدْمُ، و الجَلْسُ البقية من العسل تبقى في الإِناء. ابن سيدة: و الجَلْسُ العسل، و قيل: هو الشديد منه؛ قال الطِّرماح:
و ما جَلْسُ أَبكارٍ أَطاعَ لسَرْحِها جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وَشُوعُ
قال أَبو حنيفة: و يروى وُشُوعُ، و هي الضُّرُوبُ. و قد سمت جُلاساً و جَلَّاساً؛ قال سيبويه عن الخليل: هو مشتق، و اللَّه أَعلم.
جلدس:
جِلْداسٌ: اسم رجل؛ قال:
عَجِّلْ لنا طعامَنا يا جِلْداسْ، على الطعام يَقْتُلُ الناسُ الناسْ
و قال أَبو حنيفة: الجِلْداسِيُّ من التين أَجوده يغرسونه غرساً، و هو تين أَسود ليس بالحالك فيه طول، و إِذا بلغ انقلع بأَذنابه و بطونه بيض و هو أَحلى تين الدنيا، و إِذا تمَّلأَ منه الآكل أَسكره، و ما أَقل من يُقْدِمُ على أَكله على الرِّيق لشدَّة حلاوته.
جمس:
الجامِسُ من النبات: ما ذهبت غُضُوضَتُه و رُطوبته فَوَلَّى وَجَسا. و جَمَسَ الوَدَكُ يَجْمُسُ جَمْساً و جُمُوساً و جَمُس: جَمَدَ، و كذا الماءُ، و الماءُ جامِسٌ أَي جامد، و قيل: الجُمُوسُ للودك و السمن و الجُمُودُ للماء؛ و كان الأَصمعي يعيب قول ذي الرمة:
و نَقْري عَبِيطَ اللَّحْمِ و الماءُ جامِسُ
و يقول: إِنما الجُموس للودك.
و سئل عمر، رضي اللَّه عنه، عن فأْرَة وقعت في سمن، فقال: إِن كان جامِساً أُلْقيَ ما حوله و أُكلَ، و إِن كان مائعاً أُريقَ كله.
؛ أَراد أَن السمن إِن كان جامداً أُخِذَ منه ما لَصِقَ الفأْرُ به فَرُمِيَ و كان باقيه طاهراً، و إِن كان ذائباً حين مات فيه نَجُسَ كله. و جَمَس و جَمَدَ بمعنى واحد. و دَمٌ جَمِيسٌ: يابس. و صخرة جامسة: يابسة لازمة لمكانها مقشعرّة. و الجُمْسَةُ: القطعة اليابسة من التمر. و الجُمْسَةُ: الرُّطَبَة التي رَطُبَتْ كلها و فيها يُبْسٌ. الأَصمعي: يقال للرُّطَبة و البُسْرَة إِذا دخلها كلها الإِرْطابُ و هي صُلْبَة لم تنهضم بَعْدُ فهي جُمْسَة، و جمعها جُمْسٌ. و
في حديث ابن عمير: لَفُطْسٌ خُنْسٌ بزُبْدٍ جُمْسٍ.
؛ إِن جعلتَ الجُمْسَ من نعت الفُطْسِ و تريد بها التمر كان معناه الصُّلْبَ العَلِكَ، و إِن جعلته من نعت الزُّبْد كان معناه الجامد؛ قال ابن الأَثير: قاله الخطابي، قال: و قال الزمخشري الجَمْسُ، بالفتح، الجامد، و بالضم: جمع جُمْسَة، و هي البُسْرَة التي أَرْطَبت كلُّها و هي صُلْبَةٌ لم تنهضم بَعْدُ. و الجاموس: الكَمْأَةُ. ابن سيدة: و الجَمامِيسُ الكمأَة، قال: و لم أَسمع لها بواحد؛ أَنشد أَبو حنيفة عن الفراء:
ما أَنا بالغادي، و أَكْبَرُ هَمِّه جَمامِيسُ أَرْضٍ، فَوْقَهُنَّ طُسُوم
42
و الجامُوسُ: نوع من البَقر، دَخيلٌ، و جمعه جَوامِيسُ، فارسي معرّب، و هو بالعجمية كَوامِيشُ.
جنس:
الجِنْسُ: الضَّربُ من كل شيء، و هو من الناس و من الطير و من حدود النَحْوِ و العَرُوضِ و الأَشياء جملةٌ. قال ابن سيدة: و هذا على موضوع عبارات أَهل اللغة و له تحديد، و الجمع أَجناس و جُنُوسٌ؛ قال الأَنصاري يصف النخل:
تَخَيَّرْتُها صالحاتِ الجُنُوسِ، لا أَسْتَمِيلُ و لا أَسْتَقِيلُ
و الجِنْسُ أَعم من النوع، و منه المُجانَسَةُ و التَجْنِيسُ. و يقال: هذا يُجانِسُ هذا أَي يشاكله، و فلان يُجانس البهائم و لا يُجانس الناسَ إِذا لم يكن له تمييز و لا عقل. و الإِبل جِنْسٌ من البهائم العُجْمِ، فإِذا واليت سنّاً من أَسنان الإِبل على حِدَة فقد صنفتها تصنيفاً كأَنك جعلت بنات المخاض منها صنفاً و بنات اللبون صِنفاً و الحِقاق صِنْفاً، و كذلك الجَذَعُ و الثَّنيُّ و الرُّبَعُ. و الحيوان أَجناسٌ: فالناس جنس و الإِبل جنس و البقر جنس و الشَّاء جنس، و كان الأَصمعي يدفع قول العامة هذا مُجانِسٌ لهذا إِذا كان من شكله، و يقول: ليس بعربي صحيح، و يقول: إِنه مولَّد. و قول المتكلمين: الأَنواع مَجْنُوسَةٌ للأَجْناسِ كلام مولَّد لأَن مثل هذا ليس من كلام العرب. و قول المتكلمين: تَجانَس الشيئان ليس بعربي أَيضاً إِنما هو توسع. و جئْ به من جِنْسِك أَي من حيث كان، و الأَعرف من حِسِّك [حَسِّك]. التهذيب: ابن الأَعرابي: الجَنَسُ جُمُودٌ «2». و قال: الجَنَسُ المياه الجامدة.
جنعس:
ناقة جَنْعَسٌ: قد أَسَنَّتْ و فيها شدّة؛ عن كراع.
جنفس:
التهذيب: جَنْفسَ إِذا اتَّخَمَ.
جوس:
الجَوْسُ: مصدر جاسَ جَوْساً و جَوَساناً، تردّد. و في التنزيل العزيز: فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
؛ أَي تردّدوا بينها للغارة، و هو الجَوَسانُ، و قال الفراء: قتلوكم بين بيوتكم، قال: و جاسُوا و حاسُوا بمعنى واحد يذهبون و يجيثون؛ و قال الزجاج: فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
أَي فطافوا في خلال الديار ينظرون هل بقي أَحد لم يقتلوه؛ و في الصحاح: فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
أَي تخللوها فطلبوا ما فيها، كما يَجُوس الرجلُ الأَخبار أَي يطلبها، و كذلك الاجْتِياسُ. و الجَوَسان، بالتحريك: الطوفان بالليل؛ و
في حديث قُسِّ بن ساعدة: جَوْسَة الناظر لا يَحارُ.
أَي شدة نظره و تتابعه فيه، و
يروى: حَثَّةُ الناظر ..
من الحَثِّ. و كلُّ ما وُطِئَ، فقد جِيسَ. و الجَوْسُ: كالدَّوس. و رجل جَوَّاسٌ: يَجُوسُ كلَّ شيء يَدُوسُه. و جاء يَجُوسُ الناسَ أَي يتخطاهم. و الجَوْسُ: طلب الشيء باستقصاء. الأَصمعي: تركت فلاناً يَجُوسُ بني فلان و يَحُوسُهم أَي يدوسهم و يطلب فيهم؛ و أَنشد أَبو عبيد:
يَجُوسُ عَمارَةً و يَكُفُّ أُخرى لنا، حتى يُجاوِزَها دَليلُ
يَجُوسُ: يتخلل. أَبو عبيد: كل موضع خالطته و وَطِئْتَه، فقد جُسْته و حُسته. و الجُوسُ: الجُوع. يقال: جُوساً له و بُوساً، كما يقال: جُوعاً له و نُوعاً. و حكى ابن الأَعرابي: جُوساً له كقوله بُوساً له.
__________________________________________________
(2). قوله [الجنس جمود] عبارة القاموس: و الجنس، بالتحريك، جمود الماء و غيره.
43
و جُوسُ: اسم أَرض «1»؛ قال الراعي:
فلما حَبا من دُونِها رَمْلُ عالِجٍ و جُوسٌ، بَدَتْ أَثْباجُهُ و دَجُوجُ
ابن الأَعرابي: جاساه عاداه و جاساه رفوته «2». و جَوَّاسٌ: اسم.
جيس:
جَيْسانُ: موضع معروف، و رواه ابن دُرَيْد بالشين المعجمة، و سيأْتي ذكره. و جَيْسانُ: اسم، و اللَّه أَعلم.
فصل الحاء المهملة
حبس:
حَبَسَه يَحْبِسُه حَبْساً، فهو مَحْبُوس و حَبِيسٌ، و احْتَبَسَه و حَبَّسَه: أَمسكه عن وجهه. و الحَبْسُ: ضدّ التخلية. و احْتَبَسَه و احْتَبَسَ بنفسه، يتعدّى و لا يتعدّى. و تَحَبَّسَ على كذا أَي حَبَس نفسه على ذلك. و الحُبْسة، بالضم: الاسم من الاحْتِباس. يقال: الصَّمْتُ حُبْسَة. سيبويه: حَبَسَه ضبطه و احْتَبَسَه اتخذه حَبيساً، و قيل: احْتِباسك إِياه اختصاصُك نَفْسَكَ به؛ تقول: احْتَبَسْتُ الشيء إِذا اختصصته لنفسك خاصة. و الحَبْسُ و المَحْبَسَةُ و المَحْبِسُ: اسم الموضع. و قال بعضهم: المَحْبِسُ يكون مصدراً كالحَبْس، و نظيره قوله تعالى: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ*؛ أَي رُجُوعكم؛ وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ؛ أَي الحَيْضِ؛ و مثله ما أَنشده سيبويه للراعي:
بُنِيَتْ مَرافِقُهُنَّ فوقَ مَزَلَّةٍ، لا يَسْتَطِيعُ بها القُرادُ مَقِيلا
أَي قَيْلُولة. قال ابن سيدة: و ليس هذا بمطرد إنما يقتصر منه على ما سمع. قال سيبويه: المَحْبِسُ على قياسهم الموضع الذي يُحْبَس فيه، و المَحْبَس المصدر. الليث: المَحْبِسُ يكون سجناً و يكون فِعْلًا كالحبس. و إِبل مُحْبَسَة: داجِنَة كأَنها قد حُبِسَتْ عن الرَّعْي. و
في حديث طَهْفَةَ: لا يُحْبَسُ دَرُّكُم.
أَي لا تُحْبَسُ ذواتُ الدَّرِّ، و هو اللبن، عن المَرْعَى بحَشْرِها و سَوْقِها إِلى المُصَدِّقِ ليأْخذ ما عليها من الزكاة لما في ذلك من الإِضرار بها. و
في حديث الحُدَيبِية: حَبَسها حابِسُ الفيل.
؛ هو فيل أَبْرَهَةَ الحَبَشِيِّ الذي جاء يقصد خراب الكعبة فَحَبَس اللَّه الفيلَ فلم يدخل الحرم و رَدَّ رأْسَه راجعاً من حيث جاء، يعني أَن اللَّه حبس ناقة رسوله لما وصل إِلى الحديبية فلم تتقدم و لم تدخل الحرم لأَنه أَراد أَن يدخل مكة بالمسلمين. و
في حديث الحجاج: إِن الإِبل ضُمُر حُبْسٌ ما جُشِّمَتْ جَشِمَتْ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه الزمخشري و قال: الحُبُسُ جمع حابس من حَبَسَه إِذا أَخره، أَي أَنها صوابر على العطش تؤخر الشُّرْبَ، و الرواية بالخاء و النون. و [المَحْبِسُ] المَحْبَسُ: مَعْلَفُ الدابة. و المِحْبَسُ: المِقْرَمَةُ يعني السِّتْرَ، و قد حَبَسَ الفِراشَ بالمِحْبَس، و هي المِقْرَمَةُ التي تبسط على وجه الفِراشِ للنوم. و في النوادر: جعلني اللَّه رَبيطَةً لكذا و حَبِيسَة أَي تذهب فتفعل الشيء و أُوخَذُ به. و زِقٌّ حابِسٌ: مُمْسِك للماء، و تسمى مَصْنَعَة الماءِ حابِساً، و الحُبُسُ، بالضم: ما وُقِفَ. و حَبَّسَ الفَرَسَ في سبيل اللَّه و أَحْبَسَه، فهو مُحَبَّسٌ و حَبيسٌ، و الأُنثى حَبِيسَة، و الجمع حَبائس؛ قال ذو الرمة:
سِبَحْلًا أَبا شِرْخَيْنِ أَحْيا بَناتِه مَقالِيتُها، فهي اللُّبابُ الحَبائِسُ
__________________________________________________
(1). قوله [و جوس اسم أرض] الذي في ياقوت: و جوش، بفتح الجيم و سكون الواو و شين معجمة، و استشهد بالبيت على ذلك.
(2). كذا بالأَصل.
44
و
في الحديث: ذلك حَبيسٌ في سبيل اللَّه.
؛ أَي موقوف على الغزاة يركبونه في الجهاد، و الحَبِيسُ فعيل بمعنى مفعول. و كل ما حُبِسَ بوجه من الوجوه حَبيسٌ. الليث: الحَبيسُ الفرس يجعل حَبِيساً في سبيل اللَّه يُغْزى عليه. الأَزهري: و الحُبُسُ جمع الحَبِيس يقع على كل شيء، وقفه صاحبه وقفاً محرّماً لا يورث و لا يباع من أَرض و نخل و كرم و مُسْتَغَلٍّ، يُحَبَّسُ أَصله وقفاً مؤبداً و تُسَبَّلُ ثمرته تقرباً إِلى اللَّه عز و جل، كما
قال النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، لعمر في نخل له أَراد أَن يتقرب بصدقته إِلى اللَّه عز و جل فقال له: حَبِّسِ الأَصلَ و سَبِّل الثمرة.
؛ أَي اجعله وقفاً حُبُساً، و معنى تحبيسه أَن لا يورث و لا يباع و لا يوهب و لكن يترك أَصله و يجعل ثمره في سُبُلِ الخير، و أَما ما
روي عن شُرَيْح أَنه قال: جاءَ محمد، صلى اللَّه عليه و سلم، بإِطلاق الحُبْس.
فإِنما أَراد بها الحُبُسَ، هو جمع حَبِيسٍ، و هو بضم الباء، و أَراد بها ما كان أَهل الجاهلية يَحْبِسُونه من السوائب و البحائر و الحوامي و ما أَشبهها، فنزل القرآن بإِحلال ما كانوا يحرّمون منها و إِطلاق ما حَبَّسوا بغير أَمر اللَّه منها. قال ابن الأَثير: و هو في كتاب الهروي بإسكان الباء لأَنه عطف عليه الحبس الذي هو الوقف، فإِن صح فيكون قد خفف الضمة، كما قالوا في جمع رغيف رُغْفٌ، بالسكون، و الأَصل الضم، أَو أَنه أَراد به الواحد. قال الأَزهري: و أَما الحُبُسُ التي وردت السنَّة بتحبيس أَصلها و تسبيل ثمرها فهي جارية على ما سَنَّها المصطفى، صلى اللَّه عليه و سلم، و على ما أَمر به عمر، رضي اللَّه عنه، فيها. و
في حديث الزكاة: أَن خالداً جَعَلَ رَقِيقَه و أَعْتُدَه حُبُساً في سبيل اللَّه.
؛ أَي وقفاً على المجاهدين و غيرهم. يقال: حَبَسْتُ أَحْبِسُ حَبْساً و أَحْبَسْتُ أُحْبِسُ إِحْباساً أَي وقفت، و الاسم الحُبس، بالضم؛ و الأَعْتُدُ: جمع العَتادِ، و هو ما أَعَدَّه الإِنسان من آلة الحرب، و قد تقدم. و
في حديث ابن عباس: لما نزلت آية الفرائض قال النبي، صلى اللَّه عليه و سلم: لا حُبْسَ بعد سورة النساء.
أَي لا يُوقَف مال و لا يُزْوَى عن وارثه، إِشارة إِلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حَبْس مال الميت و نسائه، كانوا إِذا كرهوا النساء لقبح أَو قلة مال حبسوهن عن الأَزواج لأَن أَولياء الميت كانوا أَولى بهن عندهم. قال ابن الأَثير: و قوله لا حبس، يجوز بفتح الحاء على المصدر و بضمها على الاسم. و الحِبْسُ: كلُّ ما سدَّ به مَجْرى الوادي في أَيّ موضع حُبِسَ؛ و قيل: الحِبْس حجارة أَو خشب تبنى في مجرى الماء لتحبسه كي يشرب القومُ و يَسقوا أَموالَهُم، و الجمع أَحْباس، سمي الماء به حِبْساً كما يقال له نِهْيٌ؛ قال أَبو زرعة التيمي:
من كَعْثَبٍ مُسْتَوْفِز المَجَسِّ، رَابٍ مُنِيفٍ مثلِ عَرْضِ التُّرْسِ
فَشِمْتُ فيها كعَمُود الحِبْسِ، أَمْعَسُها يا صاحٍ، أَيَّ مَعْسِ
حتى شَفَيْتُ نَفْسَها من نَفْسي، تلك سُلَيْمَى، فاعْلَمَنَّ، عِرْسِي
الكَعْثَبُ: الرَّكَبُ. و المَعْسُ: النكاح مثل مَعْسِ الأَديم إِذا دبغ و دُلِكَ دَلْكاً شديداً فذلك مَعْسُه. و
في الحديث: أَنه سأَل أَين حِبْسُ سَيَل فإِنه يوشك أَن يخرج منه نار تضيء منها أَعناق الإِبل ببصري.
؛ هو من ذلك. و قيل: هو فلُوقٌ في الحَرَّة يجتمع فيها ماء لو وردت عليه أُمَّة لوسعهم. و حِبْسُ سَيَل: اسم موضع بِحَرَّةِ بني سليم، بينها و بين
45
السَّوارِقيَّة مسيرة يوم، و قيل: حُبْسُ سَيَل، بضم الحاء، الموضع المذكور. و الحُباسَة و الحِباسَة كالحِبْس؛ أَبو عمرو: الحَبْس مثل المَصْنَعة يجعل للماء، و جمعه أَحْباسٌ. و الحِبْس: الماء المستنقع، قال الليث: شيء يحبس به الماء نحو الحُباسِ [الحِباسِ] في المَزْرَفَة يُحْبَس به فُضول الماء، و الحُباسة في كلام العرب: المَزْرَفَة، و هي الحُباسات [الحِباسات] في الأَرض قد أَحاطت بالدَّبْرَةِ، و هي المَشارَةُ يحبس فيها الماء حتى تمتلئَ ثم يُساق الماء إِلى غيرها. ابن الأَعرابي: الحَبْسُ الشجاعة، و الحِبْسُ، بالكسر «1»، حجارة تكون في فُوْهَة النهر تمنع طُغْيانَ الماءِ. و الحِبْسُ: نِطاق الهَوْدَج. و الحِبْسُ: المِقْرَمَة. و الحِبْسُ: سوار من فضة يجعل في وسط القِرامِ، و هو سِتْرٌ يُجْمَعُ به ليُضِيء البيت. و كَلأٌ حابسٌ: كثير يَحْبِسُ المالَ. و الحُبْسَة و الاحْتِباس في الكلام: التوقف. و تحَبَّسَ في الكلام: توقَّفَ. قال المبرد في باب علل اللسان: الحُبْسَةُ تعذر الكلام عند إِرادته، و العُقْلَة التواء اللسان عند إِرادة الكلام. ابن الأَعرابي: يكون الجبل خَوْعاً أَي أَبيض و يكون فيه بُقْعَة سوداء، و يكون الجبلُ حَبْساً أَي أَسودَ و يكون فيه بقعة بيضاء. و
في حديث الفتح: أَنه بعث أَبا عبيدة على الحُبْسِ.
؛ قال القُتَيبي: هم الرَّجَّالة، سموا بذلك لتحبسهم عن الركبان و تأَخرهم؛ قال: و أَحْسِبُ الواحد حَبيساً، فعيل بمعنى مفعول، و يجوز أَن يكون حابساً كأَنه يَحْبِسُ من يسير من الرُّكبان بمسيره. قال ابن الأَثير: و أَكثر ما يروى الحُبَّس، بتشديد الباء و فتحها، فإِن صحت الرواية فلا يكون واحدها إِلا حابساً كشاهد و شُهَّد، قال: و أَما حَبيس فلا يعرف في جمع فَعِيل فُعَّلٌ، و إِنما يعرف فيه فُعُل كنَذِير و نُذُر، و قال الزمخشري: الحُبُسُ، بضم الباء و التخفيف، الرَّجَّالة، سموا بذلك لحبسهم الخيالة ببُطْءِ مشيهم، كأَنه جمع حَبُوس، أَو لأَنهم يتخلفون عنهم و يحتبسون عن بلوغهم كأَنه جمع حَبِيسٍ؛ الأَزهري: و قول العجاج:
حَتْف الحِمام و النُّحُوسَ النُّحَّسا
التي لا يدري كيف يتجه لها.
و حابَسَ الناسُ الأُمُورَ الحُبَّسا
أَراد: و حابَسَ الناسَ الحُبَّسُ الأُمورُ، فقلبه و نصبه، و مثله كثير. و قد سمت حابِساً و حَبِيساً، و الحَبْسُ: موضع. و في الحديث ذكر ذات حَبِيس، بفتح الحاء و كسر الباء، و هو موضع بمكة. و حَبِيس أَيضاً: موضع بالرَّقَّة به قبور شهداء صِفِّينَ. و حابِسٌ: اسم أَبي الأَقرع التميمي.
حبرقس:
الحَبَرْقَسُ: الضَّئِيلُ من البِكارَةِ و الحُملان، و قيل: هو الصغير الخَلْقِ من جميع الحيوان. و الحَبَرْقَسُ: صغار الإِبل، و هو بالصاد، و قد ذكر في ترجمة حَبَرْقَصَ.
حبلبس:
الحَبَلْبَسُ: الحريص اللازم للشيء و لا يفارقه كالحَلْبَسِ.
حدس:
الأَزهري: الحَدْسُ التوهم في معاني الكلام و الأُمور؛ بلغني عن فلان أَمر و أَنا أَحْدُسُ فيه أَي أَقول بالظن و التوهم. و حَدَسَ عليه ظنه يَحْدِسه و يَحْدُسُه حَدْساً: لم يحققه. و تَحَدَّسَ أَخبارَ الناس و عن أَخبار الناس: تَخَيَّر عنها و أَراغها ليعلمها من حيث لا يعرفون به. و بَلَغَ به الحِدَاسَ أَي الأَمرَ الذي ظن أَنه الغاية التي يجري إِليها و أَبعد، و لا
__________________________________________________
(1). قوله [و الحبس بالكسر] حكى المجد فتح الحاء أَيضاً.
46
تقل الإِدَاسَ: و أَصلُ الحَدْسِ الرمي، و منه حَدْسُ الظن إِنما هو رَجْمٌ بالغيب. و الحَدْسُ: الظنّ و التخمين. يقال: هو يَحْدِس، بالكسر، أَي يقول شيئاً برأَيه. أَبو زيد: تَحَدَّسْتُ عن الأَخبار تَحَدُّساً و تَنَدَّسْتُ عنها تَنَدُّساً و تَوَجَّسْت إِذا كنت تُرِيغُ أَخبار الناس لتعلمها من حيث لا يعلمون. و يقال: حَدَسْتُ عليه ظني و نَدَسْتُه إِذا ظننت الظن و لا تَحُقُّه. و حَدَسَ الكلامَ على عواهِنِه: تَعَسَّفه و لم يَتَوَقَّه. و حَدَسَ الناقة يَحْدِسُها حَدْساً: أَناخها، و قيل: أَناخها ثم وَجَأَ بشَفْرَتِه في منحرها. و حَدَس بالناقة: أَناخها، و في التهذيب؛ إِذا وَجَأَ في سَبَلتها، و السَّبَلَةُ هاهنا: نَحْرُها. يقال: ملأَ الوادي إِلى أَسبالِه أَي إِلى شفاهِه. و حَدَسْتُ في لَبَّةِ البعير أَي وَجَأْتها. و حَدَس الشاةَ يَحْدِسها حَدْساً: أَضجعها ليذبحها. و حَدَسَ بالشاة: ذبحها. و منه المثل السائر: حَدَسَ لهم بمُطْفِئَةِ الرَّضْفِ؛ يعني الشاة المهزولة، و قال الأَزهري: معناه أَنه ذبح لأَضيافه شاة سمينة أَطفأَت من شحمها تلك الرَّضْف. و قال ابن كناسَةَ: تقول العرب: إِذا أَمسى النَّجْمُ قِمَّ الرأْس فَعُظْماها فاحْدِسْ؛ معناه انْحَرْ أَعظم الإِبل. و حَدَس بالرجل يَحْدِسُ حَدْساً، فهو حَدِيسٌ: صَرَعَه؛ قال معديكرب:
لمن طَلَلٌ بالعَمْقِ أَصْبَحَ دارِسا؟ تَبَدَّلَ آراماً و عِيناً كَوانِسا
تَبَدَّلَ أُدْمانَ الظِّباءِ و حَيْرَماً، و أَصْبَحْتُ في أَطلالِها اليومَ جالِسا
بمُعْتَرَكٍ شَطَّ الحُبَيَّا تَرَى به، من القوم، مَحْدُوساً و آخر حادِسا
العَمْقُ: ما بَعُدَ من طرف المفازة. و الآرام: الظباء البيض البطون. و العِينُ: بقر الوحش. و الكَوانِسُ: المقيمة في أَكنستها. و كناس الظبي و البقرة: بيتهما. و الحُبَيَّا: موضع. و شَطُّه: ناحيته. و الحَيْرَمُ: بقر الوحش، الواحدة حَيرمة. و حَدَسَ به الأَرض حَدْساً: ضربها به. و حَدَسَ الرجلَ: وَطِئَه. و الحَدْسُ: السرعة و المُضِيُّ على استقامة، و يوصف به فيقال: سَيْرٌ حَدْسٌ؛ قال:
كأَنها من بَعْدِ سَيْرٍ حَدْسِ
فهو على ما ذكرنا صفة و قد يكون بدلًا. و حَدَسَ في الأَرض يَحْدِسُ حَدْساً: ذهب. و الحَدْسُ: الذهاب في الأَرض على غير هداية. قال الأَزهري: الحَدْسُ في السير سرعة و مضيٌّ على غير طريقة مستمرة. الأُمَوِيُّ: حَدَس في الأَرض و عَدَسَ يَحْدِسُ و يَعْدِسُ إِذا ذهب فيها. و بنو حَدَسٍ: حَيٌّ من اليمن؛ قال:
لا تَخْبِزا خَبْزاً و بُسّا بَسَّا، مَلْساً بذَوْدِ الحَدَسِيِّ مَلْسا
و حَدَسٌ: اسم أَبي حيٍّ من العرب و حَدَسْتُ بسهم: رميت. و حَدَسْتُ برجلي الشيء أَي وَطِئْتُه. و حَدَسْ: زجر للبغال كعَدَسْ، و
قيل: حَدَسْ و عَدَسْ اسما بَغَّالَيْن على عهد سليمان بن داود، عليهما السلام، كانا يَعْنُفانِ على البِغالِ، فإِذا ذُكِرَا نَفَرَتْ خوفاً مما كانت تلقى منهما.
؛ قال:
إِذا حَمَلْتُ بِزَّتي على حَدَسْ
و العرب تختلف في زجر البغال فبعض يقول: عَدَسْ، و بعض يقول: حَدَسْ؛ قال الأَزهري: و عَدَسْ أَكثر من حَدَسْ؛ و منه قول ابن مُفَرِّع:
عَدَسْ ما لعَبَّادٍ عليكِ إِمارَةٌ نَجَوْت، و هذا تَحْمِلينَ طَلِيق
47
جعل عَدَسْ اسماً للبغلة، سماها بالزَّجْرِ: عَدَسْ.
حرس:
حَرَسَ الشيء يَحْرُسُه و يَحْرِسُه حَرْساً: حفظه؛ و هم الحُرَّاسُ و الحَرَسُ و الأَحْراسُ. و احْتَرس منه: تَحَرَّزَ. و تَحَرَّسْتُ من فلان و احْتَرَسْتُ منه بمعنى أَي تحفظت منه. و في المثل: مُحْتَرِسٌ من مثله و هو حارِسٌ؛ يقال ذلك للرجل الذي يُؤْتَمَنُ على حفظ شيء لا يؤمن أَن يخون فيه. قال الأَزهري: الفعل اللازم يَحْتَرِسُ كأَنه يحترز، قال: و يقال حارسٌ و حَرَسٌ للجميع كما يقال خادِمٌ و خَدَمٌ و عاسٌّ و عَسَسٌ. و الحَرَسُ: حَرَسُ السلطان، و هم الحُرَّاسُ، الواحد حَرَسِيٌّ، لأَنه قد صار اسم جنس فنسب إِليه، و لا تقل حارِسٌ إِلا أَن تذهب به إِلى معنى الحِراسَة دون الجنس. و
في معاوية، رضي اللَّه عنه: أَنه تناول قُصَّة شعر كانت في يد حَرَسِيٍّ.
؛ الحرسي، بفتح الراءِ: واحد الحُرَّاس. و الحَرَس و هم خَدَمُ السلطان المرتبون لحفظه و حِراسَتِه. و البناء الأَحْرَسُ: هو القديم العادِيُّ الذي أَتى عليه الحَرْس، و هو الدهر. قال ابن سيدة: و بناء أَحْرَسُ أَصم. و حَرَسَ الإِبل و الغنم يَحْرُسها [يَحْرِسها] و احْتَرَسَها: سرقها ليلًا فأَكلها، و هي الحَرائِس. و
في الحديث: أَن غِلْمَةً لحاطب بن أَبي بَلْتَعَةَ احْتَرَسُوا ناقة لرجل فانتحروها.
و قال شمر: الاحْتِراسُ أَن يؤْخذ الشيء من المرعى، و يقال للذي يسرق الغنم: مُحْتَرِس، و يقال للشاة التي تُسْرَق: حَرِيسَة. الجوهري: الحَريسَة الشاة تسرق ليلًا. و الحَريسة: السرقة. و الحَريسَة أَيضاً: ما احْتُرِس منها. و
في الحديث: حَريسَة الجبل ليس فيها قَطْع.
؛ أَي ليس فيما يُحْرَس بالجبل إِذا سُرِق قطع لأَنه ليس بحرز. و الحَريسَة، فعيلة بمعنى مفعولة أَي أَن لها من يَحْرُسها و يحفظها، و منهم من يجعل الحَريسَة السرقة نفسها. يقال: حَرَس يَحْرِس حَرْساً إِذا سرق، فهو حارس و مُحْتَرِس، أَي ليس فيما يُسْرَق من الجبل قطع. و
في الحديث الآخر: أَنه سئل عن حريسة الجبل فقال: فيها غُرْم مثلها و جَلَداتٌ نكالًا فإِذا آواها المُراح ففيها القطع.
و يقال للشاة التي يدركها الليل قبل أَن تصل إِلى مُراحِها: حَرِيسة. و
في حديث أَبي هريرة: ثمن الحَريسَة حرام لعينها.
أَي أَكل المسروقة و بيعها و أَخذ ثمنها حرام كله. و فلان يأْكل الحِراساتِ إِذا تَسَرَّق غَنَمَ الناس فأَكلها. و الاحتراس أَن يُسْرَق الشيء من المرعى. و الحَرْسُ: وقت من الدهر دون الحُقْب. و الحَرْسُ: الدهر؛ قال الراجز:
في نِعْمَةٍ عِشْنا بذاك حَرْسا
و الجمع أَحْرُس؛ قال:
وقَفْتُ بعَرَّافٍ على غيرِ مَوْقِف، على رَسْمِ دارٍ قد عَفَتْ مُنذُ أَحْرُسِ
و قال إمرؤ القيس:
لِمَنْ طَلَلٌ داثِرٌ آيُهُ، تَقادَمَ في سالِف الأَحْرُسِ؟
و المُسْنَدُ: الدهر. و أَحْرَسَ بالمكان: أَقام به حَرْساً؛ قال رؤبة:
و إِرَمٌ أَحْرَسُ فوقَ عَنْزِ
العَنْز: الأَكَمَة الصغيرة. و الإِرَمُ: شبه عَلَمٍ يُبْنى فوق القارَة يستدل به على الطريق. قال الأَزهري: و العَنْزُ قارة سوداء، و يروى:
و إِرَمٌ أَعْيَسُ فوق عنز
و المِحْراسُ: سهم عظيم القدر. و الحَرُوسُ: موضع.
48
و الحَرْسانِ: الجَبَلانِ يقال لأَحدهما حَرْسُ قَسا؛ و قال:
هُمُ ضَرَبُوا عن قَرْحِها بِكَتِيبَةٍ، كبَيْضاءِ حَرْسٍ في طَرائِقِها الرَّجْلُ «2»
البيضاء: هَضْبَةٌ في الجَبَلِ.
حربس:
أَرض حَرْبَسِيسٌ: صُلْبَة كعَرْبَسيس.
حرقس:
الحُرْقُوسُ: لغة في الحُرْقُوص و هو مذكور في باب الصاد.
حرمس:
الحِرْمِسُ: الأَمْلَسُ. و الحِرْماسُ: الأَمْلَسُ. و أَرض حِرْماس: صُلبة شديدة. أَبو عمرو: بلد حِرْماس أَي أَملس؛ و أَنشد:
جاوَزْنَ رَمْلَ أَيْلَةَ الدَّهَاسا، و بَطْنَ لُبْنَى بَلَداً حِرْماسا
و سِنونَ حَرامِسُ أَي شِدادٌ مُجْدِبَةٌ، واحدها حِرْمِسٌ.
حسس:
الحِسُّ و الحَسِيسُ: الصوتُ الخَفِيُّ؛ قال اللَّه تعالى: لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها
. و الحِسُّ، بكسر الحاء: من أَحْسَسْتُ بالشيء. حسَّ بالشيء يَحُسُّ حَسّاً و حِسّاً و حَسِيساً و أَحَسَّ به و أَحَسَّه: شعر به؛ و أَما قولهم أَحَسْتُ بالشيء فعلى الحَذْفِ كراهية التقاء المثلين؛ قال سيبويه: و كذلك يفعل في كل بناء يُبْنى اللام من الفعل منه على السكون و لا تصل إِليه الحركة شبهوها بأَقَمْتُ. الأَزهري: و يقال هل أَحَسْتَ بمعنى أَحْسَسْتَ، و يقال: حَسْتُ بالشيء إِذا علمته و عرفته، قال: و يقال أَحْسَسْتُ الخبَرَ و أَحَسْتُه و حَسَيتُ و حَسْتُ إِذا عرفت منه طَرَفاً. و تقول: ما أَحْسَسْتُ بالخبر و ما أَحَسْت و ما حَسِيتُ ما حِسْتُ أَي لم أَعرف منه شيئا «3». قال ابن سيدة: و قالوا حَسِسْتُ به و حَسَيْتُه و حَسِيت به و أَحْسَيْتُ، و هذا كله من محوَّل التضعيف، و الاسم من كل ذلك الحِسُّ. قال الفراء: تقول من أَين حَسَيْتَ هذا الخبر؛ يريدون من أَين تَخَبَّرْته. و حَسِسْتُ بالخبر و أَحْسَسْتُ به أَي أَيقنت به. قال: و ربما قالوا حَسِيتُ بالخبر و أَحْسَيْتُ به، يبدلون من السين ياء؛ قال أَبو زُبَيْدٍ:
خَلا أَنَّ العِتاقَ من المَطايا حَسِينَ به، فهنّ إِليه شُوسُ
قال الجوهري: و أَبو عبيدة يروي بيت أَبي زبيد:
أَحَسْنَ به فهن إليه شُوسُ
و أَصله أَحْسَسْنَ، و قيل أَحْسَسْتُ؛ معناه ظننت و وجدت. و حِسُّ الحمَّى و حِساسُها: رَسُّها و أَولها عند ما تُحَسُّ؛ الأَخيرة عن اللحياني. الأَزهري: الحِسُّ مس الحُمَّى أَوّلَ ما تَبْدأُ، و قال الأَصمعي: أَول ما يجد الإِنسان مَسَّ الحمى قبل أَن تأْخذه و تظهر، فذلك الرَّسُّ، قال: و يقال وَجَدَ حِسّاً من الحمى. و
في الحديث: أَنه قال لرجل متى أَحْسَسْتَ أُمَّ مِلْدَمٍ؟.
أَي متى وجدت مَسَّ الحمى. و قال ابن الأَثير: الإِحْساسُ العلم بالحواسِّ، و هي مَشاعِرُ الإِنسان كالعين و الأُذن و الأَنف و اللسان و اليد، و حَواسُّ الإِنسان: المشاعر الخمس و هي
__________________________________________________
(2). قوله [عن قرحها] الذي في ياقوت: عن وجهها.
(3). عبارة المصباح: و أحس الرجل الشيء إحساساً علم به، و ربما زيدت الباء فقيل: أحسّ به على معنى شعر به. و حسست به من باب قتل لغة فيه، و المصدر الحس، بالكسر، و منهم من يخفف الفعلين بالحذف يقول: أحسته و حست به، و منهم من يخفف فيهما بإبدال السين ياء فيقول: حسيت و أَحسيت و حسست بالخبر من باب تعب و يتعدى بنفسه فيقال: حسست الخبر، من باب قتل. انتهى. باختصار.
49
الطعم و الشم و البصر و السمع و اللمس. و حَواسُّ الأَرض خمس: البَرْدُ و البَرَدُ و الريح و الجراد و المواشي. و الحِسُّ: وجع يصيب المرأَة بعد الولادة، و قيل: وجع الولادة عند ما تُحِسُّها، و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه مَرَّ بامرأَة قد ولدت فدعا لها بشربة من سَوِيقٍ و قال: اشربي هذا فإِنه يقطع الحِسَّ.
و تَحَسَّسَ الخبر: تطلَّبه و تبحَّثه. و في التنزيل: يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ
. و قال اللحياني: تَحَسَّسْ فلاناً و من فلان أَي تَبَحَّثْ، و الجيم لغيره. قال أَبو عبيد: تَحَسَّسْت الخبر و تَحَسَّيته، و قال شمر: تَنَدَّسْتُه مثله. و قال أَبو معاذ: التَحَسُّسُ شبه التسمع و التبصر؛ قال: و التَجَسُّسُ، بالجيم، البحث عن العورة، قاله في تفسير قوله تعالى: وَ لا تَجَسَّسُوا و لا تَحَسَّسُوا. ابن الأَعرابي: تَجَسَّسْتُ الخبر و تَحَسَّسْتُه بمعنى واحد. و تَحَسَّسْتُ من الشيء أَي تَخَبَّرت خبره. و حَسَّ منه خبراً و أَحَسَّ، كلاهما: رأَى. و على هذا فسر قوله تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ
. و حكى اللحياني: ما أَحسَّ منهم أَحداً أَي ما رأَى. و في التنزيل العزيز: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ
، و قيل في قوله تعالى: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ
، معناه هل تُبْصِرُ هل تَرى؟ قال الأَزهري: و سمعت العرب يقول ناشِدُهم لِضَوالِّ الإِبل إِذا وقف على «1» ... أَحوالًا و أَحِسُّوا ناقةً صفتها كذا و كذا؛ و معناه هل أَحْسَستُم ناقة، فجاؤوا به على لفظ الأَمر؛ و قال الفراء في قوله تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ
، و في قوله: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ
، معناه: فلما وَجَد عيسى، قال: و الإِحْساسُ الوجود، تقول في الكلام: هل أَحْسَسْتَ منهم من أَحد؟ و قال الزجاج: معنى أَحَسَ
علم و وجد في اللغة. و يقال: هل أَحسَست صاحبك أَي هل رأَيته؟ و هل أَحْسَسْت الخبر أَي هل عرفته و علمته. و قال الليث في قوله تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ
؛ أَي رأَى. يقال: أَحْسَسْتُ من فلان ما ساءني أَي رأَيت. قال: و تقول العرب ما أَحَسْتُ منهم أَحداً، فيحذفون السين الأُولى، و كذلك في قوله تعالى: وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً، و قال: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، و قرئ: فَظِلْتُم، أُلقيت اللام المتحركة و كانت فَظَلِلْتُم. و قال ابن الأَعرابي: سمعت أَبا الحسن يقول: حَسْتُ و حَسِسْتُ و وَدْتُ و وَدِدْتُ و هَمْتُ و هَمَمْتُ. و
في حديث عوف بن مالك: فهجمت على رجلين فلقت هل حَسْتُما من شيء؟ قالا: لا.
و
في خبر أَبي العارِم: فنظرت هل أُحِسُّ سهمي فلم أَرَ شيئاً.
أَي نظرت فلم أَجده. و قال: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار؛ زعموا أَن رجلين كانا يوقدان بالطريق ناراً فإِذا مرَّ بهما قوم أَضافاهم، فمرَّ بهما قوم و قد ذهبا، فقال رجل: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار، و قيل: لا حَسَاسَ من ابني موقد النار، لا وجود، و هو أَحسن. و قالوا: ذهب فلان فلا حَساسَ به أَي لا يُحَسُّ به أَو لا يُحَسُّ مكانه. و الحِسُّ و الحَسِيسُ: الذي تسمعه مما يمرّ قريباً منك و لا تراه، و هو عامٌّ في الأَشياء كلها؛ و أَنشد في صفة بازٍ:
تَرَى الطَّيْرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منه جُنُوحاً، إِن سَمِعْنَ له حَسِيسا
و قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها
أَي لا يسمعون حِسَّها و حركة تَلَهُّبِها. و الحَسيسُ و الحِسُّ: الحركة. و
في الحديث: أَنه كان في مسجد الخَيْفِ فسمع حِسَّ حَيَّةٍ.
؛ أَي حركتها و صوت مشيها؛ و منه
__________________________________________________
(1). كذا بياض بالأَصل.
50
الحديث: إِن الشيطان حَسَّاس لَحَّاسٌ.
؛ أَي شديد الحسِّ و الإِدراك. و ما سمع له حِسّاً و لا جِرْساً؛ الحِسُّ من الحركة و الجِرْس من الصوت، و هو يصلح للإِنسان و غيره؛ قال عَبْدُ مَناف بن رِبْعٍ الهُذَليّ:
و للقِسِيِّ أَزامِيلٌ و غَمْغَمَةٌ، حِسَّ الجَنُوبِ تَسُوقُ الماءَ و البَرَدا
و الحِسُّ: الرَّنَّةُ. و جاءَ بالمال من حِسِّه و بِسِّه و حَسِّه و بَسِّه، و في التهذيب: من حَسِّه و عَسِّه أَي من حيث شاءَ. و جئني من حَسِّك و بَسِّك؛ معنى هذا كله من حيث كان و لم يكن. و قال الزجاج: تأْويله جئ به من حيث تُدركه حاسَّةٌ من حواسك أَو يُدركه تَصَرُّفٌ من تَصَرُّفِك. و
في الحديث أَن رجلًا قال: كانت لي ابنة عم فطلبتُ نَفْسَها، فقالت: أَو تُعْطيني مائة دينار؟ فطلبتها من حِسِّي [حَسِّي] و بِسِّي [بَسِّي].
؛ أَي من كل جهة. و حَسِّ، بفتح الحاء و كسر السين و ترك التنوين: كلمة تقال عند الأَلم. و يقال: إِني لأَجد حِسّاً من وَجَعٍ؛ قال العَجَّاجُ:
فما أَراهم جَزَعاً بِحِسِّ، عَطْفَ البَلايا المَسَّ بعد المَسِ
و حَرَكاتِ البَأْسِ بعد البَأْسِ، أَن يَسْمَهِرُّوا لضِراسِ الضَّرْسِ
يسمهرّوا: يشتدوا. و الضِّراس: المُعاضَّة. و الضَّرْسُ: العَضُّ. و يقال: لآخُذَنَّ منك الشيء بِحَسٍّ أَو بِبَسٍّ أَي بمُشادَّة أَو رفق، و مثله: لآخذنه هَوْناً أَو عَتْرَسَةً. و العرب تقول عند لَذْعة النار و الوجع الحادِّ: حَسِّ بَسِّ، و ضُرِبَ فما قال حَسٍّ و لا بَسٍّ، بالجر و التنوين، و منهم من يجر و لا ينوِّن، و منهم من يكسر الحاء و الباء فيقول: حِسٍّ و لا بِسٍّ، و منهم من يقول حَسّاً و لا بَسّاً، يعني التوجع. و يقال: اقْتُصَّ من فلان فما تَحَسَّسَ أَي ما تَحَرَّك و ما تَضَوَّر. الأَزهري: و بلغنا أَن بعض الصالحين كان يَمُدُّ إِصْبعه إِلى شُعْلَة نار فإِذا لذعته قال: حَسِّ حَسِّ كيف صَبْرُكَ على نار جهنم و أَنت تَجْزَعُ من هذا؟ قال الأَصمعي: ضربه فما قال حَسِّ، قال: و هذه كلمة كانت تكره في الجاهلية، و حَسِّ مثل أَوَّهْ، قال الأَزهري: و هذا صحيح. و
في الحديث: أَنه وضع يده في البُرْمَة ليأْكل فاحترقت أَصابعه فقال: حَسِّ.
؛ هي بكسر السين و التشديد، كلمة يقولها الإِنسان إِذا أَصابه ما مَضَّه و أَحرقه غفلةً كالجَمْرة و الضَّرْبة و نحوها. و
في حديث طلحة، رضي اللَّه عنه: حين قطعت أَصابعه يوم أُحُدٍ قال: حَسِّ، فقال رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم: لو قلت بسم اللَّه لرفعتك الملائكة و الناس ينظرون.
و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، كان ليلة يَسْري في مَسِيره إِلى تَبُوك فسار بجنبه رجل من أَصحابه و نَعَسا فأَصاب قَدَمُه قَدَمَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، فقال: حَسِّ.
؛ و منه قول العجاج، و قد تقدم. و بات فلانٌ بِحَسَّةٍ سَيِّئة و حَسَّةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوْءٍ و شدّة، و الكسر أَقيس لأَن الأَحوال تأْتي كثيراً على فِعْلَة كالجِيْئَةِ و التِّلَّةِ و البِيْئَةِ. قال الأَزهري: و الذي حفظناه من العرب و أَهل اللغة: بات فلان بجيئة سوء و تلة سوء و بيئة سوء، قال: و لم أَسمع بحسة سوء لغير الليث. و قال اللحياني: مَرَّتْ بالقوم حَواسُّ أَي سِنُونَ شِدادٌ. و الحَسُّ: القتل الذريع. و حَسَسْناهم أَي استَأْصلناهم قَتْلًا. و حَسَّهم يَحُسُّهم حَسّاً: قتلهم
51
قتلًا ذريعاً مستأْصلًا. و في التنزيل العزيز: إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ
؛ أَي تقتلونهم قتلًا شديداً، و الاسم الحُساسُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ و قال أَبو إِسحاق: معناه تستأْصلونهم قتلًا. يقال: حَسَّهم القائد يَحُسُّهم حَسّاً إِذا قتلهم. و قال الفراء: الحَسُّ القتل و الإِفناء هاهنا. و الحَسِيسُ؛ القتيل؛ قال صَلاءَةُ بن عمرو الأَفْوَهُ:
إِنَّ بَني أَوْدٍ هُمُ ما هُمُ، للحَرْبِ أَو للجَدْبِ، عامَ الشُّمُوسْ
يَقُونَ في الجَحْرَةِ جِيرانَهُمْ، بالمالِ و الأَنْفُس من كل بُوسْ
نَفْسِي لهم عند انْكسار القَنا، و قد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسِيسْ
الجَحْرَة: السنة الشديدة. و قوله: نفْسي لهم أَي نفسي فداء لهم فحذف الخبر. و
في الحديث: حُسُّوهم بالسيف حَسّاً.
؛ أَي استأْصلوهم قتلًا. و
في حديث علي: لقد شَفى وحاوِح صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال.
و
الحديث الآخر: كما أَزالوكم حَسّاً بالنصال.
و يروى بالشين المعجمة. و جراد محسوسٌ: قتلته النار. و
في الحديث: أَنه أُتِيَ بجراد مَحْسوس.
و حَسَّهم يَحُسُّهم: وَطِئَهم و أَهانهم. و حَسَّان: اسم مشتق من أَحد هذه الأَشياءِ؛ قال الجوهري: إِن جعلته فَعْلانَ من الحَسِّ لم تُجْره، و إِن جعلته فَعَّالًا من الحُسْنِ أَجريته لأَن النون حينئذ أَصلية. و الحَسُّ: الجَلَبَةُ. و الحَسُّ: إِضْرار البرد بالأَشياء. و يقال: أَصابتهم حاسَّة من البرد. و الحِسُّ: برد يُحْرِق الكلأَ، و هو اسم، و حَسَّ البَرْدُ. و الكلأَ يَحُسُّه حَسّاً، و قد ذكر أَن الصاد لغة؛ عن أَبي حنيفة. و يقال: إِن البرد مَحَسَّة للنبات و الكلإِ، بفتح الميم، أَي يَحُسُّه و يحرقه. و أَصابت الأَرضَ حاسَّةٌ أَي بَرْدٌ؛ عن اللحياني، أَنَّته على معنى المبالغة أَو الجائحة. و أَصابتهم حاسَّةٌ: و ذلك إِذا أَضرَّ البردُ أَو غيره بالكلإِ؛ و قال أَوْسٌ:
فما جَبُنُوا أَنَّا نَشُدُّ عليهمُ، و لكن لَقُوا ناراً تَحُسُّ و تَسْفَعُ
قال الأَزهري: هكذا رواه شمر عن ابن الأَعرابي و قال: تَحُسُّ أَي تُحْرِقُ و تُفْني، من الحاسَّة، و هي الآفة التي تصيب الزرع و الكلأَ فتحرقه. و أَرض مَحْسوسة: أَصابها الجراد و البرد. و حَسَّ البردُ الجرادَ: قتله. و جراد مَحْسُوس إِذا مسته النار أَو قتلته. و
في الحديث في الجراد: إِذا حَسَّه البرد فقتله.
و
في حديث عائشة: فبعثت إِليه بجراد مَحْسُوس.
أَي قتله البرد، و قيل: هو الذي مسته النار. و الحاسَّة: الجراد يَحُسُّ الأَرض أَي يأْكل نباتها. و قال أَبو حنيفة: الحاسَّة الريح تَحْثِي التراب في الغُدُرِ فتملؤها فيَيْبَسُ الثَّرَى. و سَنَة حَسُوس إِذا كانت شديدة المَحْل قليلة الخير. و سنة حَسُوس: تأْكل كل شيء؛ قال:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسا، تأْكلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسا
أَراد تأْكل بعد الأَخضر اليابس إِذ الخُضرة و اليُبْسُ لا يؤكلان لأَنهما عَرَضانِ. و حَسَّ الرأْسَ يَحُسُّه حَسّاً إِذا جعله في النار فكلما شِيطَ أَخذه بشَفْرَةٍ. و تَحَسَّسَتْ أَوبارُ الإِبل: تَطَايَرَتْ و تفرّقت. و انْحَسَّت أَسنانُه: تساقطت و تَحاتَّتْ و تكسرت؛ و أَنشد للعجاج:
في مَعْدِنِ المُلْك الكَريمِ الكِرْسِ، ليس بمَقْلوع و لا مُنْحَس
52
قال ابن بري: و صواب إِنشاد هذا الرجز
بمعدن الملك ...
؛ و قبله:
إِن أَبا العباس أَولَى نَفْسِ
و أَبو العباس هو الوليد بن عبد الملك، أَي هو أَولى الناس بالخلافة و أَولى نفس بها، و قوله:
ليس بمقلوع و لا منحس
أَي ليس بمحوّل عنه و لا مُنْقَطِع. الأَزهري: و الحُساسُ مثل الجُذاذ من الشيء، و كُسارَةُ الحجارة الصغار حُساسٌ؛ قال الراجز يذكر حجارة المنجنيق:
شَظِيَّة من رَفْضَةِ الحُساسِ، تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئِم التَّرَّاسِ
و الحَسُّ و الاحْتِساسُ في كل شيء: أَن لا يترك في المكان شيء. و الحُساس: سمك صِغار بالبحرين يجفف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه، الواحدة حُساسَة. قال الجوهري: و الحُساس، بالضم، الهِفُّ، و هو سمك صغار يجفف. و الحُساسُ: الشُّؤْمُ و النَّكَدُ. و المَحْسوس: المشؤوم؛ عن اللحياني. ابن الأَعرابي: الحاسُوس المشؤوم من الرجال. و رجل ذو حُساسٍ: ردِيء الخُلُقِ؛ قال:
رُبَّ شَريبٍ لك ذي حُساسِ، شَرابُه كالحَزِّ بالمَواسِي
فالحُساسُ هنا يكون الشُّؤْمَ و يكون رَداءة الخُلُق. و قال ابن الأَعرابي وحده: الحُساسُ هنا القتل، و الشريب هنا الذي يُوارِدُك على الحوض؛ يقول: انتظارك إِياه قتل لك و لإِبلك. و الحِسُّ: الشر؛ تقول العرب: أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ؛ الإِسُّ هنا الأَصل، تقول: أَلحق الشر بأَهله؛ و قال ابن دريد: إِنما هو أَلصِقوا الحِسَّ بالإِسِّ أَي أَلصقوا الشر بأُصول من عاديتم. قال الجوهري: يقال أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ، معناه أَلحق الشيء بالشيء أَي إِذا جاءَك شيء من ناحية فافعل مثله. و الحِسُّ: الجَلْدُ. و حَسَّ الدابة يَحُسُّها حَسّاً: نفض عنها التراب، و ذلك إِذا فَرْجَنها بالمِحَسَّة أَي حَسَّها. و المِحَسَّة، بكسر الميم: الفِرْجَوْنُ؛ و منه
قول زيد بن صُوحانَ حين ارْتُثَّ يوم الجمل: ادفنوني في ثيابي و لا تَحُسُّوا عني تراباً.
أَي لا تَنْفُضوه، من حَسَّ الدابة، و هو نَفْضُكَ التراب عنها. و
في حديث يحيى بن عَبَّاد: ما من ليلة أَو قرية إِلا و فيها مَلَكٌ يَحُسُّ عن ظهور دواب الغزاة الكَلالَ.
أَي يُذْهب عنها التَّعَب بِحسِّها و إِسقاط التراب عنها. قال ابن سيدة: و المِحَسَّة، مكسورة، ما يُحَسُّ به لأَنه مما يعتمل به. و حَسَسْتُ له أَحِسُّ، بالكسر، و حَسِسْتُ حِسّاً [حَسّاً] فيهما: رَقَقْتُ له. تقول العرب: إِن العامِرِيَّ ليَحِسَّ للسَّعْدِي، بالكسر، أَي يَرِقُّ له، و ذلك لما بينهما من الرَّحِم. قال يعقوب: قال أَبو الجَرَّاحِ العُقَيْلِيُّ ما رأَيت عُقيليّاً إِلا حَسَسْتُ له؛ و حَسِسْتُ أَيضاً، بالكسر: لغة فيه؛ حكاها يعقوب، و الاسم الحِسُّ [الحَسُ]؛ قال القُطامِيُّ:
أَخُوكَ الذي لا تَملِكُ الحِسَّ نَفْسُه، و تَرْفَضُّ، عند المُحْفِظاتِ، الكتائِفُ
و يروى:
... عند المخطفات.
قال الأَزهري: هكذا روى أَبو عبيد بكسر الحاء، و معنى هذا البيت معنى المثل السائر: الحَفائِظُ تُحَلِّلُ الأَحْقادَ، يقول: إِذا رأَيتُ قريبي يُضام و أَنا عليه واجدٌ أَخرجت ما في قلبي من السَّخِيمة له و لم أَدَعْ نُصْرَته و معونته، قال: و الكتائف الأَحقاد، واحدتها كَتِيفَة. و قال أَبو زيد:
53
حَسَسْتُ له و ذلك أَن يكون بينهما رَحِمٌ فَيَرِقَّ له، و قال أَبو مالك: هو أَن يتشكى له و يتوجع، و قال: أَطَّتْ له مني حاسَّةُ رَحِم. و حَسِسْتُ [حَسَسْتُ] له حِسّاً [حَسّاً]: رَفَقْتُ؛ قال ابن سيدة: هكذا وجدته في كتاب كراع، و الصحيح رَقَقْتُ، على ما تقدم. الأَزهري: الحَسُّ العَطْفُ و الرِّقَّة، بالفتح؛ و أَنشد للكُمَيْت:
هل مَنْ بكى الدَّارَ راجٍ أَن تَحِسَّ له، أَو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ؟
و
في حديث قتادة، رضي اللَّه عنه: إِن المؤمن ليَحِسُّ للمنافق.
أَي يأْوي له و يتوجع. و حَسِسْتُ له، بالفتح و الكسر، أَحِسُّ أَي رَقَقْتُ له. و مَحَسَّةُ المرأَة: دُبُرُها، و قيل: هي لغة في المَحَشَّة. و الحُساسُ: أَن يضع اللحم على الجَمْرِ، و قيل: هو أَن يُنْضِجَ أَعلاه و يَتْرُكَ داخِله، و قيل: هو أَن يَقْشِرَ عنه الرماد بعد أَن يخرج من الجمر. و قد حَسَّه و حَسْحَسَه إِذا جعله على الجمر، و حَسْحَسَتُه صوتُ نَشِيشِه، و قد حَسْحَسَتْه النار، ابن الأَعرابي: يقال حَسْحَسَتْه النارُ و حَشْحَشَتْه بمعنى. و حَسَسْتُ النار إِذا رددتها بالعصا على خُبْزَة المَلَّةِ أَو الشِّواءِ من نواحيه ليَنْضَجَ؛ و من كلامهم: قالت الخُبْزَةُ لو لا الحَسُّ ما باليت بالدَّسِّ. ابن سيدة: و رجل حَسْحاسٌ خفيف الحركة، و به سمي الرجل. قال الجوهري: و ربما سَمَّوا الرجلَ الجواد حَسْحاساً؛ قال الراجز:
مُحِبَّة الإِبْرام للحَسْحاسِ
و بنو الحَسْحَاسِ: قوم من العرب.
حفس:
رجل حِيَفْسٌ مثال هِزَبْرٍ و حَيْفَسٌ و حَفَيْسَأٌ، مهموز غير ممدود مثل حَفَيْتَإٍ على فَعَيلَلٍ، و حَفَيْسِيٌّ: قصير سمين، و قيل: لئيم الخلقة قصير ضخم لا خير عنده؛ الأَصمعي: إِذا كان مع القصر سمن قيل رجل حَيْفَسٌ و حَفَيْتَأٌ، بالتاء؛ الأَزهري: أَرى التاء مبدلة من السين، كما قالوا انْحتَّتْ أَسنانُه و انْحَسَّتْ. و قال ابن السكيت: رجل حَفَيْسَأٌ و حَفَيْتَأٌ بمعنى واحد.
حفنس:
الحِنْفِسُ و الحِفْنِس: الصغير الخَلْقِ، و هو مذكور في الصاد. الليث: يقال للجارية البذية القليلة الحياءِ حِنْفِسٌ و حِنْفِسٌ؛ قال الأَزهري: و المعروف عندنا بهذا المعنى عِنْفِصٌ.
حلس:
الحِلْسُ و الحَلَسُ مثل شِبْهٍ و شَبَهٍ و مِثْلٍ و مَثَلٍ: كلُّ شيء وَليَ ظَهْرَ البعير و الدابة تحت الرحل و القَتَبِ و السَّرْج، و هي بمنزلة المِرشَحة تكون تحت اللِّبْدِ، و قيل: هو كساء رقيق يكون تحت البرذعة، و الجمع أَحْلاس و حُلُوسٌ. و حَلَس الناقة و الدابة يَحْلِسُها و يَحْلُسُها حَلْساً: غَشَّاهما بحلس. و قال شمر: أَحْلَسْتُ بعيري إِذا جعلت عليه الحِلْسَ. و حِلْسُ البيت: ما يُبْسَطُ تحت حُرِّ المتاع من مِسْحٍ و نحوه، و الجمع أَحْلاسٌ. ابن الأَعرابي: يقال لِبِساطِ البيت الحِلْسُ و لحُصُرِه الفُحولُ. و فلانٌ حِلْسُ بيته إِذا لم يَبْرَحْه، على المَثَل. الأَزهري عن الغِتْريفيِّ: يقال فلانٌ حِلْسٌ من أَحْلاسِ البيت الذي لا يَبْرَحُ البيت، قال: و هو عندهم ذم أَي أَنه لا يصلح إِلا للزوم البيت، قال: و يقال فلان من أَحْلاس البلاد للذي لا يُزايلها من حُبِّه إِياها، و هذا مدح، أَي أَنه ذو عِزَّة و شدَّة و أَنه لا يبرحها لا يبالي دَيْناً و لا سَنَةً حتى تُخْصِب
54
البلادُ. و يقال: هو مُتَحَلِّسٌ بها أَي مقيم. و قال غيره: هو حِلْسٌ بها. و
في الحديث في الفتنة: كنْ حِلْساً من أَحْلاسِ بيتك حتى تأْتِيَك يَدٌ خاطِئَة أَو مَنِيَّة قاضِية.
أَي لا تَبْرَحْ أَمره بلزوم بيته و ترك القتال في الفتنة. و
في حديث أَبي موسى: قالوا يا رسول اللَّه فما تأْمرنا؟ قال: كونوا أَحْلاسَ بُيُوتِكم.
أَي الزموها. و
في حديث الفتن: عدَّ منها فتنة الأَحْلاس.
هو الكساء الذي على ظهر البعير تحت القَتب، شبهها بها للزومها و دوامها. و
في حديث عثمان: في تجهيز جيش العُسْرة على مائة بعير بأَحْلاسِها و أَقتابها.
أَي بأَكسيتها. و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه، في أَعلام النبوَّة: أَ لم تَرَ الجِنَّ و إِبلاسَها، و لُحوقَها بالقِلاصِ و أَحْلاسَها؟.
و
في حديث أَبي هريرة في مانعي الزكاة: مُحْلَسٌ أَخفافُها شوكاً من حديد.
أَي أَن أَخفافها قد طُورِقَتْ بشَوْكٍ من حديد و أُلْزِمَتْه و عُولِيَتْ به كما أُلْزِمَتْ ظهورَ الإِبل أَحْلاسُها. و رجل حِلْسٌ و حَلِسٌ و مُسْتَحْلِس: ملازم لا يبرح القتال، و قيل. لا يبرح مكانه، شُبِّه بِحِلْسِ البعير أَو البيت. و فلان من أَحْلاسِ الخيلِ أَي هو في الفُروسية و لزوم ظهر الخيل كالحِلْسِ اللازم لظهر الفرس. و
في حديث أَبي بكر: قام إِليه بنو فزارة فقالوا: يا خليفة رسول اللَّه، نحن أَحلاس الخيل.
؛ يريدون لزومهم ظهورها، فقال: نعم أَنتم أَحْلاسُها و نحن فُرْسانُها أَي أَنتم راضَتُها و ساسَتُها و تلزمون ظُهورها، و نحن أَهل الفُروسية؛ و قولهم نحن أَحْلاسُ الخيل أَي نَقْتَنيها و نَلْزَم ظُهورها. و رجل حَلُوسٌ: حريص ملازم. و يقال: رجل حَلِسٌ للحريص، و كذلك حِلْسَمٌّ، بزيادة الميم، مثل سِلْغَدٍّ؛ و أَنشد أَبو عمرو:
ليس بقِصْلٍ حَلِسٍ حِلْسَمِّ، عند البُيوتِ، راشِنٍ مِقَمِ
و أَحْلَسَتِ الأَرضُ و اسْتَحْلَسَت: كثر بذرها فأَلبسها، و قيل: اخضرت و استوى نَباتها. و أَرضٌ مُحْلِسَة: قد اخضرت كلها. و قال الليث: عُشْبٌ مُسْتَحْلِسٌ تَرى له طرائقَ بعضها تحت بعض من تراكبه و سواده. الأَصمعي: إِذا غطى النبات الأَرض بكثرته قيل قد اسْتَحْلَسَ، فإذا بلغ و التف قيل قد استأْسد؛ و اسْتَحْلَسَ النبتُ إِذا غطى الأَرضَ بكثرته، و استَحْلَسَ الليل بالظلام: تراكم، و اسْتَحْلَسَ السَّنامُ: ركبته رَوادِفُ الشَّحْم و رواكِبُه. و بعير أَحْلَسُ: كتفاه سوْداوانِ و أَرضه و ذِرْوته أَقل سَواداً من كَتِفَيْه. و الحَلْساءُ من المَعَزِ: التي بين السواد و الخُضْرَة لون بطنها كلون ظهرها. و الأَحْلَسُ الذي لونه بين السواد و الحمرة، تقول منه: احْلَسَّ احْلِساساً؛ قال المُعَطَّلُ الهذلي يصف سيفاً:
لَيْنٌ حُسامٌ لا يَلِيقُ ضَريبَةً، في مَتْنِه دَخَنٌ و أَثْرٌ أَحْلَسُ «2»
و قول رؤبة:
كأَنه في لَبَدٍ و لُبَّدِ، من حَلِسٍ أَنْمَرَ في تَرَبُّدِ،
مُدَّرِعٌ في قِطَعٍ من بُرْجُدِ
و قال: الحَلِسُ و الأَحْلَسُ في لونه و هو بين السواد و الحُمْرة. و الحَلِسُ، بكسر اللام: الشجاع الذي
__________________________________________________
(2). قوله [قال المعطل إلخ] كذا بالأَصل و مثله في الصحاك، لكن كتب السيد مرتضى ما نصه: الصواب أَنه قول أَبي قلابة الطابخي من هذيل انتهى. و قوله [لين] كذا بالأَصل و الصحاح، و كتب بالهامش الصواب: عضب.
55
يلازم قِرْنَه؛ و أَنشد:
إِذا اسْمَهَرَّ الحَلِسُ المُغالِبُ
و قد حَلِسَ حَلَساً. و الحَلِسُ و الحُلابِسُ: الذي لا يبرح و يلازم قِرْنه؛ و أَنشد قول الشاعر:
فقلتُ لها: كأَيٍّ من جَبانٍ يُصابُ، و يُخْطَأُ الحَلِسُ المُحامي
كأَيٍّ بمعنى كم. و أَحْلَسَتِ السماءُ: مَطَرَتْ مطراً رقيقاً دائماً. و في التهذيب: و تقول حَلَسَتِ السماءُ إِذا دام مطرها و هو غير وابل. و الحَلْسُ: أَن يأْخذ المُصَدِّقُ النَّقْدَ مكان الإِبل، و في التهذيب: مكان الفريضة. و أَحْلَسْتُ فلاناً يميناً إِذا أَمررتها عليه. و الإِحْلاسُ: الحَمْلُ على الشيء؛ قال:
و ما كنتُ أَخْشى، الدَّهرَ، إِحْلاسَ مُسْلِمٍ من الناسِ ذَنْباً جاءَه و هو مُسْلِما
المعنى ما كنت أَخشى إِحلاس مسلم مسلماً ذَنْباً جاءه، و هو يرد هو على ما في جاءه من ذكر مسلم؛ قال ثعلب: يقول ما كنت أَظن أَن إِنساناً ركب ذنباً هو و آخر ينسبه إِليه دونه. و ما تَحَلَّسَ منه بشيء و ما تَحَلَّسَ شيئاً أَي أَصاب منه. الأَزهري: و العرب تقول للرجل يُكْرَه على عمل أَو أَمر: هو مَحْلوسٌ على الدَّبَرِ أَي مُلْزَمٌ هذا الأَمرَ إِلزام الحِلْسِ الدَّبَرَ. و سَيْرٌ مُحْلَسٌ: لا يُفْتَر عنه. و في النوادر: تَحَلَّسَ فلان لكذا و كذا أَي طاف له و حام به. و تَحَلَّسَ بالمكان و تَحَلَّز به إِذا أَقام به. و قال أَبو سعيد: حَلَسَ الرجل بالشيء و حَمِسَ به إِذا تَوَلَّعَ. و الحِلْسُ و الحَلْسُ، بفتح الحاء و كسرها: هو العهد الوثيق. و تقول: أَحْلَسْتُ فلاناً إِذا أَعطيته حَلْساً أَي عهداً يأْمن به قومك، و ذلك مثل سَهْم يأْمن به الرجلُ ما دام في يده. و اسْتَحْلَس فلانٌ الخوفَ إِذا لم يفارقه الخوفُ و لم يأْمن. و
روي عن الشعبي أَنه دخل على الحجاج فعاتبه في خروجه مع أَبي الأَشعث فاعتذر إِليه و قال: إِنا قد اسْتَحْلَسْنا الخوفَ و اكتَحَلْنا السَّهَرَ و أَصابتنا خِزْيةٌ لم يكن فيها بَرَرَرةٌ أَتْقِياء و لا فَجَرة أَقوياء، قال: للَّه أَبوك يا شَعْبيُّ ثم عفا عنه.
الفراء قال: أَنت ابنُ بُعثُطِها و سُرْسُورِها و حِلْسِها و ابن بَجْدَتها و ابن سِمسارِها و سِفْسِيرِها بمعنى واحد. و الحِلْسُ: الرابع من قداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: فيه أَربعة فروض، و له غُنْم أَربعة أَنصباء إِن فاز، و عليه غرم أَربعة أَنصباء إِن لم يفز. و أُم حُلَيْسٍ: كنية الأَتان. و بنو حِلْس: بُطَيْنٌ من الأَزْدِ ينزلون نَهْر المَلِك. و أَبو الحُلَيْس: رجل. و الأَحْلَسُ العَبْدِي: من رجالهم؛ ذكره ابن الأَعرابي.
حلبس:
الحَلْبَسُ و الحَبَلْبَسُ و الحُلابِسُ: الشجاع. و الحَلْبَسُ: الحريص الملازم للشيء لا يفارقه؛ قال الكميت:
فلما دَنَتْ للكاذبين، و أَخْرَجَتْ به حَلْبَساً عند اللِّقاءِ حُلابِسا
و حَلْبَسُ: من أَسماء الأَسد. و حَلْبَسَ فلا حَساسَ له أَي ذهب؛ عن ابن الأَعرابي. و جاء في الشعر الحَبَلْبَسُ، قال الجوهري: و أَظنه أَراد الحَلْبَسَ و زاد فيه باء؛ أَنشد أَبو عمرو لنَبْهان:
سَيَعْلَمُ من يَنْوي جَلائيَ أَنَّني أَرِيبٌ، بأَكنافِ النَضِيضِ، حَبَلْبَسْ
حمس:
حَمِسَ الشَّرُّ: اشتدَّ، و كذلك حَمِشَ. و احْتَمَسَ الدِّيكانِ و احْتَمَشا و احْتَمَسَ القِرْنانِ و اقتتلا؛ كلاهما عن يعقوب. و حَمِسَ بالشيء: عَلِق به. و الحَماسَة: المَنْعُ و المُحارَبَةُ. و التَّحمُّسُ: التشدد. تَحَمَّسَ الرجلُ إِذا تَعاصَى. و
في حديث علي، كرم اللَّه وجهه: حَمِسَ الوَغى و اسْتَحَرَّ الموتُ.
أَي اشتدَّ الحرُّ. و الحَمِيسُ: التَّنُّورُ. قال أَبو الدُّقَيْشِ: التنور يقال له الوَطِيسُ و الحمِيسُ. و نَجْدَةٌ حَمْساء: شديدة، يريد بها الشجاعةَ؛ قال:
بِنَجْدَةٍ حَمْساءَ تُعْدِي الذِّمْرا
و رجل حَمِسٌ و حَمِيسٌ و أَحْمَسُ: شجاع؛ الأَخيرة عن سيبويه، و قد حَمِسَ حَمَساً؛ عنه أَيضاً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما حَمِسْنا، و الوِقايَةُ بالخِناقِ
و حَمِسَ الأَمرُ حَمَساً: اشتد. و تحَامَسَ القومُ تَحامُساً و حِماساً: تشادّوا و اقتتلوا. و الأَحْمَسُ و الحَمِسُ و المُتَحَمِّسُ: الشديد. و الأَحْمَسُ أَيضاً: المتشدِّد على نفسه في الدين. و عام أَحْمَسُ و سَنَة حَمْساء: شديدة، و أَصابتهم سِنُون أَحامِسُ. قال الأَزهري: لو أَرادوا مَحْضَ النعت لقالوا سِنونَ حُمْسٌ، إِنما أرادوا بالسنين الأَحامس تذكير الأَعوام؛ و قال ابن سيدة: ذَكَّروا على إِرادة الأَعوام و أَجْرَوا أَفعل هاهنا صفةً مُجراه اسماً؛ و أَنشد:
لنا إِبِلٌ لم نَكْتَسِبْها بغَدْرةٍ، و لم يُفْنِ مولاها السُنونَ الأَحامِسُ
و قال آخر:
سَيَذْهَبُ بابن العَبْدِ عَوْنُ بنُ جَحْوشٍ، ضَلالًا، و تُفْنِيها السِّنونَ الأَحامِسُ
و لَقِيَ هِنْدَ الأَحامِسِ أَي الشدَّة، و قيل: هو إِذا وقع في الداهية، و قيل: معناه مات و لا أَشدَ من الموت. ابن الأَعرابي: الحَمْسُ الضَّلالُ و الهَلَكة و الشَّرُّ؛ و أَنشدنا:
فإِنكمُ لَسْتُمْ بدارٍ تَكِنَّةٍ، و لكِنَّما أَنتم بِهِنْدِ الأَحامِسِ
قال الأَزهري: و أَما قول رؤبة:
لاقَيْنَ منه حَمَساً حَميسا
معناه شدة و شجاعة. و الأَحامِسُ: الأَرضون التي ليس بها كَلأٌ و لا مرْتَعٌ و لا مَطَرٌ و لا شيء، و أَراضٍ أَحامِسُ. و الأَحْمَس: المكان الصُّلْبُ؛ قال العجاج:
و كم قَطَعْنا من قِفافٍ حُمْسِ
و أَرَضُون أَحامسُ: جَدْبة؛ و قول ابن أَحمر:
لَوْ بي تَحَمَّسَتِ الرِّكابُ، إِذاً ما خانَني حَسَبي و لا وَفْرِي
قال شمر: تحمست تحرّمت و استغاثت من الحُمْسَة؛ قال العجاج:
و لم يَهَبْنَ حُمْسَةً لِأَحْمَسا، و لا أَخَا عَقْدٍ و لا مُنَجَّسا
يقول: لم يهبن لذي حُرْمة حُرمة أَي ركبت رؤوسهن. و الحُمْسُ: قريش لأَنهم كانوا يتشددون في دينهم و شجاعتهم فلا يطاقون، و قيل: كانوا لا يستظلون أَيام منى و لا يدخلون البيوت من أَبوابها و هم محرمون و لا يَسْلأُون السمن و لا يَلْقُطُون الجُلَّة. و
في حديث خَيْفان: أَما بنو فلان فَمُسَك أَحْماس.
أَي شجعان. و
في حديث عرفة: هذا من الحُمْسِ.
؛ هم جمع الأَحْمس. و في حديث عمر، رضي اللَّه عنه،
56
ذكر الأَحامِس؛ هو جمع الأَحْمس الشجاع. أَبو الهيثم: الحُمْسُ قريش و مَنْ وَلدَتْ قريش و كنانة و جَديلَةُ قَيْسٍ و هم فَهْمٌ و عَدْوانُ ابنا عمرو بن قيس عَيْلان و بنو عامر بن صَعْصَعَة، هؤلاء الحُمْسُ، سُمُّوا حُمْساً لأَنهم تَحَمَّسُوا في دينهم أَي تشدَّدوا. قال: و كانت الحُمْسُ سكان الحرم و كانوا لا يخرجون أَيام الموسم إِلى عرفات إِنما يقفون بالمزدلفة و يقولون: نحن أَهل اللَّه و لا نخرج من الحرم، و صارت بنو عامر من الحُمْسِ و ليسوا من ساكني الحرم لأَن أُمهم قرشية، و هي مَجْدُ بنت تيم بن مرَّة، و خُزاعَةُ سميت خزاعة لأَنهم كانوا من سكان الحرم فَخُزِعُوا عنه أَي أُخْرجوا، و يقال: إِنهم من قريش انتقلوا بنسبهم إِلى اليمن و هم من الحُمْسِ؛ و قال ابن الأَعرابي في قول عمرو:
بتَثْلِيثَ ما ناصَيت بَعْدي الأَحامِسا
أَراد قريشاً؛ و قال غيره: أَراد بالأَحامس بني عامر لأَن قريشاً ولدتهم، و قيل: أَراد الشجعان من جميع الناس. و أَحْماسُ العرب أُمهاتهم من قريش، و كانوا يتشدّدون في دينهم، و كانوا شجعان العرب لا يطاقون. و الأَحْمَسُ: الوَرِعُ من الرجال الذي يتشدد في دينه. و الأَحْمَسُ: الشديد الصُّلْب في الدين و القتال، و قد حَمِسَ، بالكسر، فهو حَمِسٌ و أَحْمَسُ بَيِّنُ الحَمَسِ. ابن سيدة: و الحُمْسُ في قَيْسٍ أَيضاً و كله من الشدَّة. و الحَمْسُ: جَرْسُ الرجال؛ و أَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ وَهْسِها تحت الدُّجى حَمْسُ رجالٍ، سَمِعُوا صوتَ وَحى
و الحَماسَةُ: الشجاعة. و الحَمَسَةُ: دابة من دواب البحر، و قيل: هي السُّلَحْفاة، و الحَمَسُ اسم للجمع. و في النوادر: الحَمِيسَةُ القَلِيَّةُ. و حَمَسَ اللحم إِذا قَلاه. و حِماسٌ: اسم رجل. و بنو حَمْسٍ و بنو حُمَيْسٍ و بنو حِماسٍ: قبائل. و ذو حِماسٍ: موضع. و حَماساءُ، ممدود: موضع.
حمرس:
الحُمارِسُ: الشديد. و الحُمارِسُ: اسم للأَسد أَو صفة غالبة، و هو منه. و الحُمارِسُ و الرُّماحِسُ و القُداحِسُ، كل ذلك: الجريء الشجاع؛ قال الأَزهري: هي كلها صحيحة؛ قال:
ذو نَخْوَةٍ حُمارِسٌ عُرْضِيُ
الجوهري: أُمُّ الحُمارِسِ امرأَة.
حنس:
الأَزهري خاصة: قال شمر الحَوَنَّسُ من الرجال الذي لا يَضِيمه أَحدٌ إِذا أَقام في مكان لا يَخْلِجُه أَحد؛ و أَنشد:
يَجْري النَفِيُّ فوقَ أَنْفٍ أَفْطَسِ منه، و عَيْنَيْ مُقْرِفٍ حَوَنَّسِ
ابن الأَعرابي: الحَنَسُ لزومُ وسَطِ المعركة شجاعة، قال: و الحُنْسُ الوَرِعُون.
حندس:
الحِنْدِسُ: الظُّلْمَة، و في الصحاح: الليل الشديد الظلمة؛ و
في حديث أَبي هريرة. كنا عند النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، في ليلة ظَلْماء حِنْدِسٍ.
أَي شديدة الظلمة؛ و منه
حديث الحسن: و قام الليلَ في حِنْدِسِه.
و ليلة حِنْدِسَة، و ليل حِنْدِسٌ: مُظْلِمٌ. و الحَنادِسُ: ثلاث ليالٍ من الشهرْ لظلمتهنّ، و يقال دَحامِسُ. و أَسْوَدُ حِنْدِسٌ: شديد السواد، كقولك أَسْوَدُ حالِكٌ.
حندلس:
ناقة حَنْدَلِسٌ: ثقيلة المشي، و هي أَيضاً النجيبة الكريمة؛ قال ابن الأَعرابي: هي الضخمة
58
العظيمة. و الحَنْدَلِسُ أَيضاً: أَضْخَمُ القَمْل؛ قال كراع: هي فَنْعَلِلٌ.
حنفس:
الحِنْفِسُ و الحِفْنِسُ: الصغير الخَلْقِ، و هو مذكور في الصاد. الليث: يقال للجارية البَذِيَّة القليلة الحياء حِنْفِسٌ و حِفْنِسٌ؛ قال الأَزهري: و المعروف عندنا بهذا المعنى عِنْفِصٌ.
حوس:
حاسَه حَوْساً: كحَساه. و الحَوْسُ: انتشار الغارةِ و القتلُ و التحرّك في ذلك، و قيل: هو الضربُ في الحرب، و المعاني مُقْتَرِبَةٌ. و حاسَ حَوْساً: طَلَبَ. و حاسَ القومَ حَوْساً: طلبهم و داسَهُم. و قرئ: فحاسُوا خلالَ الديار، و قد قدّمنا ذكر تفسيرها في جوس. و رجل حَوَّاسٌ غَوَّاسٌ: طَلَّاب بالليل. و حاسَ القومَ حَوْساً: خالطهم و وَطِئَهم و أَهانهم؛ قال:
يَحُوسُ قبيلةً و يُبِيرُ أُخْرى
و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَنه قال لأَبي العَدَبَّس: بل تَحُوسُك فِتنةٌ.
أَي تخالط قلبك و تَحُثُّك و تُحَرِّكك على ركوبها. و كل موضع خالطته و وطئته، فقد حُسْتَه و جُسْتَه. و
في الحديث: أَنه رأَى فلاناً و هو يخاطب امرأَة تَحُوس الرجالَ.
؛ أَي تخالطهم؛ و
الحديث الآخر: قال لحَفْصَةَ أَ لم أَرَ جاريَةَ أَخيك تَحُوسُ الناسَ؟.
و
في حديث آخر: فحاسُوا العَدُوَّ ضَرْباً حتى أَجْهَضُوهم عن أَثقالهم.
؛ أَي بالغوا في النكاية فيهم. و أَصل الحَوْس شدة الاختلاط و مداركة الضَّرْب. و رجل أَحْوَسٌ: جريء لا يردّه شيء. الجوهري: الأَحْوَسُ الجريء الذي لا يهوله شيء؛ و أَنشد:
أَحُوسُ في الظَّلْماءِ بالرُّمْحِ الخَطِلْ
و تركت فلانا يَحُوسُ بني فلان و يَجُوسُهم أَي يتخللهم و يطلب فيهم و يدوسُهم. و الذئب يَحُوسُ الغنم: يتخللها و يفرِّقها و حمل فلان على القوم فحاسَهم؛ قال الحطيئة يذم رجلًا:
رَهْطُ ابنِ أَفْعَلَ في الخُطُوبِ أَذِلَّةٌ، دُنُسُ الثيابِ قَناتُهم لم تُضْرَسِ
بالهَمْزِ من طُولِ الثِّقافِ، و جارُهم يُعْطِي الظُّلامَةَ في الخُطُوبِ الحُوَّسِ
و هي الأُمور التي تنزل بالقوم و تغشاهم و تَخَلَّلُ ديارهم. و التَحَوُّس: التشجع. و التَحَوُّسُ: الإِقامة مع إِرادة السفر كأَنه يريد سفراً و لا يتهيأُ له لاشتغاله بشيء بعد شيء؛ و أَنْشَدَ المتلمس يخاطب أَخاه طَرَفة:
سرْ، قد أَنَى لك أَيُّهما المُتَحَوِّسُ، فالدار قد كادَت لعَهْدِكَ تَدْرُسُ
و إِنه لذو حَوْسٍ و حَويس أَي عَداوة؛ عن كراع. و يقال: حاسُوهم و جاسُوهم و دَرْبَخُوهم و فَنَّخُوهم أَي ذللوهم. الفراء: حاسُوهم و جاسُوهم إِذا ذهبوا و جاؤوا يقتلونهم. و الأَحْوَسُ: الشديد الأَكل، و قيل: هو الذي لا يَشْبَعُ من الشيء و لا يَمَلُّه. و الأَحْوَسُ و الحَؤُوس، كلاهما: الشجاع الحَمِسُ عند القتال الكثيرُ القتل للرجال، و قيل: هو الذي إِذا لَقِيَ لم يَبْرَحْ، و لا يقال ذلك للمرأَة؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
و البَطَلُ المُسْتَلْئِم الحَؤُوسُ
و قد حَوِسَ حَوَساً. و الأَحْوَسُ أَيضاً: الذي لا يَبْرَحُ مكانه أَو يَنالَ حاجته، و الفعل كالفعل و المصدر كالمصدر. ابن الأَعرابي: الحَوْسُ الأَكل الشديد، و الحُوسُ: الشجعان.
59
و يقال للرجل إِذا ما تَحَيَّس و أَبطأَ: ما زال يَتَحَوَّسُ. و
في حديث عمر بن عبد العزيز: دخل عليه قومٌ فجعل فَتًى منهم يَتَحَوَّسُ في كلامه، فقال: كَبِّروا «3». كَبِّروا.
التَّحَوُّس: تَفَعُّلٌ من الأَحْوَس، و هو الشجاع، أَي يَتَشَجَّعُ في كلامه و يَتَجَرَّأُ و لا يبالي، و قيل: هو يتأَهب له؛ و منه حديث عَلْقَمة: عَرَفْتُ فيه تَحَوُّسَ القوم و هَيْئَتَهم أَي تأَهُّبَهم و تَشَجُّعَهم، و يروى بالشين. ابن الأَعرابي: الإِبل الكثيرة يقال لها حُوسى؛ و أَنشد:
تَبَدَّلَتْ بعد أَنِيسٍ رُعُب، و بعد حُوسى جامِلٍ و سُرُب
و إِبل حُوسٌ: بطيئات التحرّك من مَرْعاهُنَّ؛ جملٌ أَحْوَسُ و ناقة حَوْساء. و الحَوْساء من الإِبل: الشديدة النَفَسِ. و الحَوْساء: الناقة الكثيرة الأَكل؛ و قول الفرزدق يصف الإِبل:
حُواساتُ العِشاءِ خُبَعْثِناتٌ، إِذا النَّكْباء راوَحَتِ الشَّمالا
قال ابن سيدة: لا أَدري ما معنى حُواسات إِلا أَن كانت الملازمةَ للعَشاءِ أَو الشديدة الأَكل، و هذا البيت أَورده الأَزهري على الذي لا يبرح مكانه حتى ينال حاجته، و أَورده الجوهري في ترجمة حيس، و سيأْتي ذكره؛ قال ابن سيدة: و لا أَعرف أَيضاً معنى قوله:
أَنْعَتُ غَيثاً رائحاً عُلْوِيًّا، صَعَّدَ في نَخْلَةَ أَحْوَسِيَّا
يَجُرُّ من عَفائِهِ حَيِيَّا، جَرَّ الأَسِيفِ الرَّمَكَ المَرْعِيَّا
إِلا أَن يريد اللزوم و المواظبة، و أَورد الأَزهري هذا الرجز شاهداً على قوله غيث أَحوسي دائم لا يُقْلِعُ. و إِبل حُوسٌ: كثيرات الأَكل. و حاسَتِ المرأَة ذَيْلَها إِذا سحبته. و امرأَة حَوساء الذيل: طويلة الذيل؛ و أَنشد شمر قوله:
تَعِيبِينَ أَمراً ثم تأْتِينَ دونه، لقد حاسَ هذا الأَمرَ عندكِ حائسُ
و ذلك أَن امرأَة وجدت رجلًا على فُجور و عَيَّرَتْه فُجورَه فلم تلبث أَن وجدها الرجل على مثل ذلك. الفراء: قد حاسَ حَيْسُهم إِذا دنا هلاكهم. و مثل العرب: عاد الحَيْسُ يُحاسُ أَي عاد الفاسِدُ يُفْسَدُ؛ و معناه أَن تقول لصاحبك إِن هذا الأَمر حَيْسٌ أَي ليس بمحكم و لا جَيِّد و هو رديء؛ و منه البيت:
تعيبين أَمراً ....
و امرأَة حَوْساء الذيل أَي طويلة الذيل؛ و قال:
قد عَلِمَتْ صَفْراءُ حَوْساءُ الذَّيْل
أَي طويلة الذيل. و قد حاسَتْ ذيلها تَحُوسُه إِذا وَطِئَتْهُ تَسْحَبه، كما يقال حاسَهم و داسَهم أَي وطئهم؛ و قول رؤبة:
و زَوَّلَ الدَّعْوى الخِلاط الحَوَّاسْ
قيل في تفسيره: الحَوَّاسُ الذي ينادي في الحرب يا فلان يا فلان؛ قال ابن سيدة: و أُراه من هذا كأَنه يلازم النداء و يواظبه. و حَوْسٌ: اسم. و حَوْساء و أَحْوسُ: موضعان؛ قال مَعْنُ بن أَوْس:
و قد عَلِمَتْ نَخْلِي بأَحْوَس أَنني أَقَلُّ، و إِن كانت بلادِي، اطِّلاعَها.
__________________________________________________
(3). قوله [فقال كبروا] تمامه كما بهامش النهاية: فقال الفتى: يا أَمير المؤمنين لو كان بالكبر لكان في المسلمين أسن منك حين ولوك الخلافة.
60
حيس:
الحَيْس: الخلط، و منه سمي الحَيْسُ. و الحَيسُ: الأَقِطُ يخلط بالتمر و السمن، و حاسَه يَحِيسُه حَيساً؛ قال الراجز:
التَّمْرُ و السَّمْنُ مَعاً ثم الأَقِطْ الحَيْسُ، إِلا أَنه لم يَخْتَلِطْ
و
في الحديث: أَنه أَوْلَم على بعض نسائه بحَيْسٍ.
؛ قال: هو الطعام المتخذ من التمر و الأَقط و السمن، و قد يجعل عوض الأَقط الدقيق و الفَتِيتُ. و حَيَّسَه: خَلَطَه و اتخذه؛ قال هُنَيُّ بن أَحمر الكناني، و قيل هو لزُرافَةَ الباهلي:
هل في القضِيَّةِ أَنْ إِذا اسْتَغْنَيتُمُ و أَمِنْتُمُ، فأَنا البَعِيدُ الأَجْنَبُ؟
و إِذا الكتائِبُ بالشدائِدِ مَرَّةً جَحَرَتْكُمُ، فأَنا الحبيبُ الأَقربُ؟
و لِجُنْدَبٍ سَهْلُ البلادِ و عَذْبُها، وَ ليَ المِلاحُ و حَزْنُهُنَّ المُجْدِبُ
و إِذا تكونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لها، و إِذا يُحاسُ الحَيْسُ يُدْعَى جُنْدَبُ
عَجَباً لِتِلْكَ قَضِيَّةً، و إِقامَتِي فيكمْ على تلك القَضِيَّةِ أَعْجَبُ
هذا لعَمْرُكُمُ الصَّغارُ بعينهِ، لا أُمَّ لي، إِن كان ذاكَ، و لا أَبُ
و الحَيْسُ: التمر البَرْنِيُّ و الأَقِطُ يُدَقَّان و يعجنان بالسمن عجناً شديداً حتى يَنْدُرَ النوى منه نَواةً نواة ثم يُسَوَّى كالثريد، و هي الوَطْبَة أَيضاً، إِلا أَن الحَيْسَ ربما جعل فيه السويق، و أَما الوطبة فلا. و من أَمثالهم: عاد الحَيْسُ يُحاسُ؛ و معناه أَن رجلًا أُمِرَ بأَمر فلم يُحْكِمْه، فذمه آخر و قام ليحكمه فجاء بِشَرٍّ منه، فقال الآمر: عاد الحَيْسُ يُحاسُ أَي عاد الفاسدُ يُفْسَدُ؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عَصَتْ سَجاحِ شَبَثاً و قَيْسَا، و لَقِيَتْ من النكاحِ وَيْسَا،
قد حِيسَ هذا الدينُ عندي حَيْسا
معنى حِيسَ هذا الدين: خُلِطَ كما يُخْلَطُ الحَيْسُ، و قال مرة: فُرِغَ منه كما يُفْرَغُ من الحَيْسِ. و قد شَبَّهَتِ العربُ بالحَيْس؛ ابن سيدة: المَحْيُوسُ الذي أَحدقت به الإِماء من كل وجه، يُشَبَّه بالحَيسِ و هو يُخْلَطُ خَلْطاً شديداً، و قيل: إِذا كانت أُمه و جدّته أَمتين، فهو محيوس؛ قال أَبو الهيثم: إِذا كانت «4» ... أَو جدتاه من قِبل أَبيه و أُمه أَمة، فهو المَحْيُوسُ. و
في حديث أَهل البيت: لا يُحِبُّنا اللُّكَعُ و لا المَحْيُوسُ.
؛ ابن الأَثير: المَحْيُوس الذي أَبوه عبد و أُمه أَمة، كأَنه مأْخوذ من الحَيْسِ. الجوهري: الحُواسَةُ الجماعة من الناس المختلطةُ، و الحُواساتُ الإِبل المجتمعة؛ قال الفرزدق:
حُواساتُ العِشاءِ خُبَعْثِناتٌ، إِذا النَّكْباءُ عارَضَتِ الشَّمالا «5»
و يروى
... العَشاء ...
، بفتح العين، و يجعل الحُواسَة من الحَوْسِ، و هو الأَكل و الدَّوْسُ. و حُواسات: أَكُولات، و هذا البيت أَورده ابن سيدة في ترجمة حوس و قال: لا أَدري معناه، و أَورده الأَزهري بمعنى الذي لا يَبْرَحُ مكانه حتى يَنالَ حاجَتَه. و يقال: حِسْتُ أَحِيسُ حَيْساً؛ و أَنشد:
عن أَكْلِيَ العِلْهِزَ أَكلَ الحَيْسِ
و رجل حَيُوسٌ: قَتَّالٌ، لغة في حَؤُوس؛ عن ابن الأَعرابي، و اللَّه أَعلم.
__________________________________________________
(4). كذا بياض بالأَصل.
(5). روي هذا البيت في صفحة 60 و فيه راوحت الشمال مكان عارضت.
61
لسان العرب6
فصل الخاء المعجمة ص 62
فصل الخاء المعجمة
خبس:
خَبَسَ الشيءَ يَخْبُسُه خَبْساً و تَخَبَّسَه و اخْتَبَسَه: أَخذه و غَنِمَه. و الخُباسَةُ: الغنيمة؛ قال عمرو بن جُوَيْنٍ أَو إمرؤ القيس:
فلم أَرَ مثلَها خُباسَةَ واجدٍ، و نَهْنَهْتُ نَفْسي بعد ما كِدتُ أَفْعَلَهْ
نصب على إِرادة أَن، لأَن الشعراء يستعملون أَن هاهنا مضطرين كثيراً. و الخُباساء: كالخُباسَة، و الخُباسَة، بالضم، المَغْنَمُ. الأَصمعي: الخُباسَةُ ما تَخَبَّسْتَ من شيء أَي أَخذته و غنمته، و منه يقال: رجل خَبَّاسٌ أَي غَنَّام. و الاخْتِباسُ: أَخذ الشيءِ مُغالَبَةً. و أَسَدٌ خَبُوس و خَبَّاسٌ و خابِسٌ و خُنابِسٌ: يَخْتَبِسُ الفَريسَة. و خَبَسه: أَخذه، و أَسَدٌ خُوابِسٌ؛ و أَنشد أَبو مَهْدِي لأَبي زُبَيْدٍ الطائي و اسمه حَرْمَلة بن المنذر:
فما أَنا بالضَّعِيفِ فَتَزْدَرُوني، و لا حَقِّي اللَّفاءُ و لا الخَسِيسُ
و لكني ضُبارِمَةٌ جَمُوحٌ، على الأَقْران، مُجْتَرئٌ خَبُوسُ
اللَّفاءُ: الشيء اليسير الحقير. يقال: رضيت من الوفاء باللَّفاء. و يقال: اللَّفاءُ ما دون الحَقِّ. و الضُّبارِمَة: المُوَثَّقُ الخَلْقِ من الأُسْدِ و غيرها. و جَمُوحٌ: ماض راكبٌ رأْسَه. و الخَبْسُ و الاخْتباسُ: الظلم؛ خَبَسه مالَه و اخْتَبَسَه إِياه. و الخُباسَة: الظُّلامَةُ.
خرس:
الخَرَسُ: ذهاب الكلام عِيّاً أَو خِلْقَةً، خَرِسَ خَرَساً و هو أَخْرَسُ. و الخَرَسُ، بالتحريك: المصدر، و أَخْرَسَه اللَّه. و جمل أَخْرَسُ: لا ثَقب لشِقْشِقَتِه يَخْرُج منه هَدِيرُه فهو يُردِّدُه فيها، و هو يُستحب إِرسالُه في الشَّوْلِ لأَنه أَكثر ما يكون مِئْناثاً. و عَلَم أَخْرَسُ: لا يسمع في الجبل له صَدًى، يعني العَلَم الذي يهتدى به؛ قال الأَزهري و سمعت العرب تنشد:
و أَيْرَمٌ أَخْرَسُ فوق عَنْزِ
و الأَيْرَمُ: العَلَم فوق القارَةِ يُهْتَدى به. و الأَحْرَس: القديم «1» العادي مأْخوذ من الحَرْس، و هو الدهْرُ. و العنز: القارة السوداء؛ قال و أَنشدنيه أَعرابي آخر:
و أَرَمٌ أَعْيَسُ فَوق عَنْزِ
قال: و الأَعْيَسُ الأَبيض. و العَنْزُ: الأَسْوَدُ من القُور، قارة عَنْزٌ: سوداء. و ناقة خَرْساء: لا يسمع لها رُغاء. و كتيبة خَرْساء إِذا صَمَتَتْ من كثرة الدُّرُوعِ أَي لم يكن لها قَعاقِعُ، و قيل: هي التي لا تسمع لها صوتاً من وَقارِهِمْ في الحرب. قال الأَزهري: و سمعت العرب تقول للبن الخاثر: هذه لَبَنَة خَرْساء لا يسمع لها صوت إِذا أُريقت. المحكم: و شربة خَرْساء و هي الشربة الغليظة من اللبن. و لبن أَخْرَسُ أَي خاثر لا يسمع له في الإِناء صوت لغلظه. و قال أَبو حنيفة: عين خَرْساء و سحابة «2» خَرْساء لا رعد فيها و لا برق و لا يسمع لها صوت رعد. قال: و أَكثر ما يكون ذلك في الشتاء لأَن شدة البرد تُخْرِسُ البَرَدَ و تُطفئ البَرْقَ. الفراء: يقال
__________________________________________________
(1). قوله [و الأَحرس القديم إلخ] كذا بالأَصل و لعل هنا سقطاً و كأَنه قال و يروى الأَحرس بالحاء المهملة و هو إلخ و قد تقدم الاستشهاد بالبيت على ذلك في ح ر س و ليس الخرس بالمعجمة من معاني الدهر أَصلًا.
(2). قوله [عين خرساء و سحابة إلخ] كذا بالأَصل. و لو قال كما قال شارح القاموس: و عين خرساء لا يسمع لجريها صوت، و سحابة إلخ لكان أحسن.
62
وَلَّاني عُرْضاً أَخْرَسَ أَمْرَسَ؛ يريد أَعْرَضَ عني و لا يكلمني. و الخَرْساء: الداهية. و العِظامُ الخُرْسُ: الصُّمُّ، قال: حكاه ثعلب. و الخَرْساءُ من الصخور: الصَّمَّاء؛ أَنشد الأَخفش قول النابغة:
أَواضِعَ البيتِ في خَرْساءَ مُظْلِمَةٍ تُقَيِّدُ العَيْرَ، لا يَسْري بها السَّاري
و يروى:
تقيد العين ...
، و هو مذكور في موضعه. و الخُرْسُ و الخِراسُ: طعام الولادة؛ الأَخيرة عن اللحياني، هذا الأَصل ثم صارت الدعوة للولادة خُرْساً و خِراساً؛ قال الشاعر:
كلُّ طعامٍ تَشْتَهي رَبيعَهْ: الخُرْسُ و الإِعْذارُ و النَّقِيعَهْ
و خَرَّسْتُ على المرأَة تَخْريساً إِذا أَطعمت في ولادتها. و الخُرْسَةُ: التي تُطْعِمُها النُّفَساءُ نَفْسَها أَو ما يُصْنع لها من فَريقَةٍ و نحوها. و خَرَسَها يَخْرُسُها؛ عن اللحياني، و خَرَّسَها خُرْسَتَها و خَرَّسَ عنها، كلاهما: عملها لها؛ قال:
و للَّه عَيْنا مَنْ رَأَى مثلَ مِقْيَسِ، إِذا النُّفَساء أَصْبَحَتْ لم تُخَرَّسِ
و قد خُرِّسَتْ هي أَي يجعلُ لها الخُرْسُ؛ قال الأَعْلم الهُذَليُّ يصف جَدْبَ الزمان و عَدَمَ الكسب حتى إِن المرأَة النفساء لا تُخَرَّسُ و الفَطِيم لا يُسْكَتُ بِحِتْرٍ، و هو الشيء اليسير من الطعام و غيره:
إِذا النُّفَساءُ لم تُخَرَّسْ بِبِكْرِها غُلاماً، و لم يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها
الحِتْرُ: الشيء القليل الحقير، أَي ليس لهم شيء يُطْعِمُون الصبي من شدّة الأَزْمَةِ. و قوله غلاماً منتصب على التمييز فيكون بياناً للبِكْر، لأَن البِكْر يكون غلاماً و جارية، و أَراد أَن المرأَة إِذا أَذْكَرَتْ كانت في النفوس آثَر و العنايَةُ بها آكَدَ، فإِذا اطُّرِحَتْ دل ذلك على شدّة الجَدْب و عموم الجَهْدِ. و
في الحديث في صفة التمر: هي صُمْتَةُ الصبي و خُرْسَةُ مَرْيَمَ.
؛ الخُرْسَة: ما تَطْعَمُه المرأَةُ عند وِلادِها. و خَرَّسْتُ النفساء: أَطعمتها الخُرْسَة. و أَراد قول اللَّه عز و جل وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. و الخُرْسُ، بلا هاء: الطعام الذي يدعى إِليه عند الولادة. و
في حديث حَسَّان: كان إِذا دُعِيَ إِلى طعام قال: إِلى عُرْس أَم خُرْس أَم إِعْذارٍ؟ فإِن كان في واحد من ذلك أَجاب، و إِلا لم يُجِبْ.
؛ و أَما قول الشاعر يصف قوماً بقلة الخير:
شَرُّكُمْ حاضِرٌ و خَيْرُكُمُ دَرُّ خَرُوسٍ، من الأَرانِبِ، بِكْرِ
فيقال: هي البِكْرُ في أَوّل حملها، و يقال: هي التي يعمل لها الخُرْسَةُ. و من أمثالهم: تَخَرّسي لا مُخَرِّسَةَ لَكِ. و
قال خالد بن صفوان في صفة التمر: تُحْفَةُ الكبير، و صُمْتَةُ الصغير، و تَخْرِسَةُ مَرْيم.
كأَنه سماه بالمصدر و قد تكون اسماً كالتَّنْهِيَةِ و التَّوْديَةِ. و تَخَرَّسَت المرأَةُ: عَمِلَتْ لنفسها خُرْسَة. و الخَرُوسُ من النساء: التي يعمل لها شيء عند الولادة. و الخَرُوس أَيضاً: البِكْر في أَول بطن تحمله. و يقال للأَفاعي: خُرْسٌ؛ قال عنترة:
عليهم كلُّ مُحْكَمَةٍ دِلاصٍ، كأَن قَتِيرَها أَعْيانُ خُرْسِ
و الخَرْسُ و الخِرْسُ: الدَّنُّ؛ الأَخيرة عن كراع، و الصاد في هذه الأَخيرة لغة. و الخَرَّاسُ: الذي يعمل
63
الدِّنانَ؛ قال الجعدي:
جَوْنٌ كَجَوْنِ الخَمَّارِ حَرَّدَه الْخَرَّاسُ، لا ناقِسٌ و لا هَزِمُ
الناقس: الحامض؛ قال العجاج:
و خَرْسه المُحْمَرُّ فيه ما اعْتُصِرْ
قال الأَزهري: و قرأْت في شعر العجاج المقروء على شمر:
مُعَلِّقِينَ في الكلالِيبِ السُّفَرْ، و خَرْسه المُحْمَرُّ فيه ما اعْتُصِرْ
قال: الخَرْسُ الدنّ، قيده بالخاء. و الخَرَّاس أَيضاً: الخَمَّار. و خُراسانُ: كُورَةٌ، النسب إِليها خُراسانيٌّ، قال سيبويه: و هو أَجود، و خُراسِيٌّ و خُرْسِيٌّ، و يقال: هم خُرْسانٌ كما يقال هم سُودانٌ و بِيضانٌ؛ و منه قول بَشَّار:
في البيت من خُرْسان لا تُعابُ
يعني بناته، و يجمع على الخُرَسِينَ، بتخفيف ياء النسبة كقولك الأَشْعَرين؛ و أَنشد:
لا تُكْرِيَنَّ بعدها خُرَسِيَا.
خربس:
الخَرْبَسِيسُ: الشيء اليسير، و هي في النفي بالصاد.
خرمس:
ليل خِرْمِسٌ: مظلم. و اخْرَنْمَسَ الرجل: ذَلَّ و خضع، و قيل: سكت؛ و قد وردت بالصاد عن كراع و ثعلب. و الاخْرِنْماسُ: السكوت. و المُخَرْمِسُ: الساكت. الفراء: اخْرَمَّسَ و اخْرَمَّصَ: سكت. و اخْرَمَّسَ الرجل إِذا ذَلَّ و خَضَع.
خسس:
الخَساسَةُ: مصدرُ الرجل الخَسِيس البَيِّن الخَساسَة. و الخَسِيسُ: الدنيء. و خَسَّ الشيءُ يَخَسُّ و يَخِسُّ خِسَّةً و خَساسَةً، فهو خسِيسٌ: رَذُلَ. و شيء خَسِيسٌ و خُساسٌ و مَخْسُوسٌ: تافه. و رجل مَخْسُوسٌ: مَرْذُول. و قوم خِساسٌ: أَرذال. و خَسِسْتَ و خَسَسْتَ تَخِسُّ خَساسة و خُسُوسَةً و خِسَّة: صِرْتَ خَسِيساً. و أَخْسَسْتَ: أَتيت بخَسِيس. و خَسِسْتَ بعدي، بالكسر، خِسَّةً و خَساسةً إِذا كان في نفسه خَسِيساً. و خَسَّ نصيبَه يَخُسُّه، بالضم، أَي جعله خَسِيساً، و أَخْسَسْتُه: وجدته خَسِيساً. و اسْتَخسَّه أَي عدَّه خَسِيساً. و خَسَّ الحظُّ خَسّاً، فهو خَسِيسٌ، و أَخَسَّه، كلاهما: قَلَّله و لم يُوَفِّرْه. قال أَبو منصور: العرب تقول أَخَسَّ اللَّهُ حَظَّه و أَخَتَّه، بالأَلف، إِذا لم يكن ذا جَدٍّ و لا حَظٍّ في الدنيا و لا شيءٍ من الخير. و أَخسَّ فلان إِذا جاء بخَسِيس من الأَفعال. و قد أَخْسَسْتَ في فعلك و أَخْسَسْتَ إِخْساساً إِذا فعلتَ فعلًا خسيساً. و امرأَة مُسْتَخِسَّة [مُسْتَخَسَّة] و خَسَّاءُ: قبيحة الوجه، اشتقت من الخَسِيس؛ و في التهذيب: امرأَة مُسْتَخِسَّة إِذا كانت دميمة الوجه ذَرِبَةً، مشتق من الخِسَّة، و العرب تسمي النجوم التي لا تَعْزُبُ نحو بنات نَعْش و الفَرْقَدَيْن و الجَدْيِ و القُطْب و ما أَشْبه ذلك: الخُسَّان. و الخَسُّ، بالفتح: بقلة معروفة من أَحرار البقول عريضة الورق حُرَّة لَيِّنة تزيد في الدم. و الخُسُّ: رجل من إِياد معروف. و ابنةُ الخُسّ الإِيادِيَة: التي جاءت عنها الأَمثال، و اسمها هِنْد، و كانت معروفة بالفصاحة. و يقال: رَفَعْتُ من خَسِيسَتِه إِذا فعلت به فعلًا يكون فيه رِفْعَتُه. قال الأَزهري: يقال رفع اللَّه خَسِيسَةَ فلان إِذا رفع حاله بعد انحطاطها. و
في
64
حديث عائشة: أَن فتاةً دخلت عليها فقالت: إِن أَبي زوَّجني من ابن أَخيهِ و أَراد أَن يَرْفَعَ بي خَسِيسَته.
؛ الخَسِيسُ: الدنيء. و الخَساسَةُ: الحالة التي يكون عليها الخَسِيسُ؛ و منه حديث الأَحنف: إِن لم يَرْفَع خَسِيسَتنا. التهذيب: الخَسِيسُ الكافر. و يقال: هو خَسِيسٌ خَتِيتٌ. و خَسِيسةُ الناقة: أَسنانها دون الإِثْناءِ. يقال: جاوزت الناقةُ خَسِيسَتَها و ذلك في السنة السادسة إِذا أَلقت ثَنِيَّتَها، و هي التي تجوز في الضحايا و الهَدْي.
خفس:
خَفَسَ يَخْفِسُ خَفْساً و أَخْفَسَ الرجلُ: قال لصاحبه أَقْبَحَ ما يكون من القول و أَقبَح ما قدَرَ عليه. يقال للرجل: خَفَسْتَ يا هذا و أَخْفَسْتَ و هو من سوء القول. و شَرابٌ مُخْفِسٌ: سريع الإِسكار، و اشتقاقه من القُبْح لأَنه يخرج به من سُكْرِه إِلى القبيح من القول و الفعل. و خَفَسَ له يَخْفِس: قَلّل له من الماء في شرابه، يقال: اخْفِسْ له من الماء أَي قَلِّل الماءَ و أَكثر النبيذ؛ قال ثعلب: هذا من كلام المُجَّانِ، و الصواب: أَعْرِقْ له، يريد أَقْلِلْ له من الماء في الكأْس حتى يَسْكَرَ. و أَخْفَسَ الشرابَ و أَخْفَسَ له منه: أَكثر مَزْجَه. و قال أَبو حنيفة: أَخفس له إِذا أَقَلَّ الماء و أَكثر الشرابَ أَو اللبن أَو السويق؛ و كان أَبو الهيثم ينكر قول الفراء في الشراب الخَفِيس إِنه الذي أُكثر نبيذه و أُقلَّ ماؤه. أَبو عمرو: الخَفْسُ الاستهزاء. و الخَفْسُ: الأَكل القليل.
خلس:
الخَلْسُ: الأَخذ في نُهْزَةٍ و مُخاتلة؛ خَلَسَه يَخلِسُه خَلْساً و خَلَسَه إِياه، فهو خالِسٌ و خَلَّاس؛ قال الهذلي:
يا مَيُّ، إِن تَفْقِدي قوماً وَلدْتِهم أَو تَخْلِسِيهم، فإِن الدَّهْرَ خَلَّاس
الجوهري: خَلَسْتُ الشيء و اخْتَلَسْته و تَخَلَّسْته إِذا اسْتَلبته. و التَّخالُسُ: التَّسالُبُ. و الاخْتلاسُ كالخَلْسِ، و قيل: الاخْتلاسُ أَوْحى من الخَلْسِ و أَخص. و الخُلْسَة، بالضم: النُّهْزةُ. يقال: الفُرْصَةُ خُلْسَةٌ. و القرْنانِ إِذا تبارزا يَتَخالسان أَنفسَهما: يُناهِزُ كلُّ واحد منهما قَتْل صاحبه. الأَزهري: الخَلْسُ في القتال و الصِّراع. و هو رجل مُخالِسٌ أَي شجاع حَذِرٌ. و تَخالسَ القِرْنانِ و تخالَسا نَفْسَيْهما: رام كلُّ واحد منهما اخْتِلاسَ صاحبه؛ قال أَبو ذؤيب:
فَتَخَالَسا نَفْسَيْهما بنَوافِذٍ، كنَوافِذِ العُبْطِ التي لا تُرْقَعُ
و خالَسَه مُخالَسَةً و خِلاساً؛ أَنشد ثعلب:
نَظَرْتُ إِلى مَيٍّ خِلاساً عَشِيَّةً، على عَجَلٍ، و الكاشِحُونَ حُضُورُ
كذا مثلَ طَرْفِ العينِ، ثم أَجَنَّها رِواقٌ أَتى من دونِها و سُتُورُ
و طَعْنة خَليسٌ إِذا اخْتَلَسَها الطاعنُ بِحِذْقِه. و أَخذه خِلِّيسَى أَي اختلاساً. و رجل خَلِيسٌ و خَلَّاسٌ: شجاعٌ حَذِرٌ. و رَكَبٌ مَخْلوس: لا يرى من قلة لحمه. و أَخْلَسَ الشَّعْرُ، فهو مُخْلِسٌ و خَلِيسٌ: استوى سواده و بياضه، و قيل: هو إِذا كان سواده أَكثر من بياضه؛ قال سُوَيدٌ الحارثي:
فَتًى قَبَلٌ لم تُعْنِسِ السِّنُّ وَجْهَه، سِوَى خُلْسَةٍ في الرَّأْسِ كالبَرْقِ في الدُّجَى
أَبو زيد: أَخْلَسَ رأْسُه، فهو مُخلِسٌ و خَلِيس إِذا
65
ابيض بعضه، فإِذا غلب بياضه سواده، فهو أَغْثَم. و الخَلِيسُ: الأَشْمط. و أَخْلَسَتْ لحيته إِذا شَمَطَتْ. الجوهري: أَخْلَسَ رأْسُه إِذا خالط سوادُه البياضَ، و كذلك النبت إِذا كان بعضه أَخْضَر و بعضه أَبيض، و ذلك في الهَيْج، و خَص بعضهم به الطريقة و الصِّلِّيانَ و الهَلْتَى و السَحَمَ. و أَخْلَسَ الحَلِيُّ: خرجت فيه خُضْرَةٌ طَرِيَّة؛ عن ابن الأَعرابي. و أَخْلَسَت الأَرضُ و النباتُ: خالط يبيسُهما رَطْبَهما، و الخُلْسَةُ الاسم من ذلك. و أَخْلَست الأَرضُ أَيضاً: أَطْلَعَتْ شيئاً من النبات. و الخَليسُ: النبات الهائج بعضُه أَصفر و بعضُه أَخضر، و كذلك الخَلِيطُ يسمى خليساً. و الخِلاسِيُّ: الولد بين أَبيض و سوداء أَو بين أَسود و بيضاء. قال الأَزهري: سمعت العرب تقول للغلام إِذا كانت أُمّه سوداء و أَبوه عربيّاً آدَمَ فجاءت بولد بين لونيهما: غلام خِلاسِيٌّ، و الأُنثى خِلاسِيَّة؛ و منه
الحديث: سِرْ حتى تأْتي فَتَياتٍ قُعْساً، و رجالًا طُلْساً، و نساءً خُلْساً.
؛ الخُلْسُ: السُّمْرُ. و
في الحديث: نهى عن الخلِيسَة.
و هي ما تُسْتَخلَصُ من السبع فتموت قبل أَن تُذَكَّى، من خَلَسْتُ الشيء و اخْتَلَسْته إِذا سلبته، و هي فَعِيلة بمعنى مفعولة؛ و منه
الحديث: ليس في النُّهْبَة و لا الخَلِيسة قطع، و في رواية: و لا في الخُلْسَة.
أَي ما يؤخذ سَلْباً و مُكابَرَةً؛ و منه
الحديث: بادِرُوا بالأَعمال مَرَضاً حابساً أَو موتاً خالِساً.
أَي يَخْتَلِسُكم على غفلة. و الخِلاسِيُّ من الدِّيَكَةِ: بين الدَّجاج الهِنْدِية و الفارسية. الخليل: من المصادر المُخْتَلَس و المُعْتَمَدُ: فالمُخْتَلَسُ ما كان على حَذْوِ الفعل نحو انصرَف انصرافاً و رجع رجوعاً، و المعتمد ما اعتمدت عليه فجعلته اسماً للمصدر نحو المذهب و المَرْجِعِ، و قولك أَجَبْتُه إِجابةً، و هو المعتمد عليه و لا يعرف المعتمد إِلا بالسَّماع. و مُخالِسٌ: اسم حصان من خيل العرب معروف؛ قال مزاحِمٌ:
يَقُودانِ جُرْداً من بناتِ مُخالِسٍ، و أَعْوَجَ يُقْفَى بالأَجِلَّةِ و الرُّسْلِ
و قد سمت خَلَّاساً و مُخالِساً.
خلبس:
خَلْبَسَه و خَلْبَسَ قلبه أَي فتنه و ذهب به، كما يقال خَلَبه، و ليس يبعد أَن يكون هو الأَصل لأَن السين من حروف الزيادات، و الخُلابِسُ، بضم الخاء: الحديث الرقيق، و قيل: الكذب؛ قال الكُمَيْت:
بما قد أَرَى فيها أَوانِسَ كالدُّمَى و أَشْهَدُ منهنَّ الحديثَ الخُلابِسا
و الخَلابيسُ: الكَذِبُ. و أَمرٌ خَلابِيسُ: على غير استقامة، و كذلك خَلْقٌ خَلابِيسُ، و الواحد خِلْبيسٌ و خِلْباسٌ، و قيل: لا واحد له. و الخَلابِيسُ: أَن تَرْوَى الإِبلُ فتذهب ذهاباً شديداً فَتُعَنِّي راعيها. يقال: أَكفِيكَ الإِبلَ و خَلابِيسَها، و الخَلابِيسُ: المتفرّقون.
خمس:
الخمسةُ: من عدد المذكر، و الخَمْسُ: من عدد المؤَنث معروفان؛ يقال: خمسة رجال و خمس نسوة، التذكير بالهاء. ابن السكيت: يقال صُمْنا خَمْساً من الشهر فَيُغَلِّبُون الليالي على الأَيام إِذا لم يذكروا الأَيام، و إِنما يقع الصيام على الأَيام لأَن ليلة كل يوم قبله، فإِذا أَظهروا الأَيام قالوا صمنا خمسة أَيام، و كذلك أَقمنا عنده عشراً بين يوم و ليلة؛ غلبوا التأْنيث، كما قال الجعدي:
66
أَقامتْ ثلاثاً بينَ يومٍ و ليلةٍ، و كان النَّكِيرُ أَن تُضِيفَ و تَجْأَرا
و يقال: له خَمْسٌ من الإِبل، و إن عَنَيْتَ جِمالا، لأَن الإِبل مؤنثة؛ و كذلك له خَمْس من الغنم، و إِن عنيت أَكْبُشاً، لأَن الغنم مؤنثة. و تقول: عندي خمسةُ دراهم، الهاءُ مرفوعة، و إِن شئت أَدغمت لأَن الهاء من خمسة تصير تاء في الوصل فتدغم في الدال، و إِن أَدخلت الأَلف و اللام في الدراهم قلت: عندي خمسة الدراهم، بضم الهاء، و لا يجوز الإِدغام لأَنك قد أَدغمت اللام في الدال، و لا يجوز أَن تدغم الهاء من خمسة و قد أَدغمت ما بعدها؛ قال الشاعر:
ما زالَ مُذْ عَقدَتْ يداه إِزارَهُ، فسَمَا و أَدْرَكَ خمسَةَ الأَشْبارِ
و تقول في المؤنث: عندي خَمْسُ القُدُور، كما قال ذو الرمة:
و هل يَرْجِعُ التسليمَ أَو يَكْشِفُ العَمَى ثلاثُ الأَثافي، و الرُّسُومُ البَلاقِعُ؟
و تقول: هذه الخمسة دراهم، و إِن شئت رفعت الدراهم و تجريها مجرى النعت، و كذلك إِلى العشرة. و المُخَمَّسُ من الشِّعْرِ: ما كان على خمسة أَجزاء، و ليس ذلك في وضع العَرُوض. و قال أَبو إِسحاق: إِذا اختلطت القوافي، فهو المُخَمَّسُ. و شيء مُخَمَّسٌ أَي له خمسة أَركان. و خَمَسَهم يَخْمِسُهم خَمْساً: كان لهم خامساً. و يقال: جاء فلان خامساً و خامياً؛ و أَنشد ابن السكيت للحادِرَة و اسمه قُطْبةُ بن أَوس:
كم للمَنازِلِ من شَهْرٍ و أَعْوامِ بالمُنْحَنَى بين أَنْهارٍ و آجامِ
مَضَى ثلاثُ سِنينَ مُنْذُ حُلَّ بها، و عامُ حُلَّتْ و هذا التابع الخامِي
و الذي في شعره:
هذي ثلاث سنين قد خَلَوْنَ لها.
و أَخْمَسَ القومُ: صاروا خمسة. و رُمْح مَخْمُوسٌ: طوله خمس أَذرع. و الخمسون من العدد: معروف. و كل ما قيل في الخمسة و ما صُرِّفَ منها مَقُولٌ في الخمسين و ما صُرِّفَ منها؛ و قول الشاعر:
عَلامَ قَتْلُ مُسْلِمٍ تَعَمُّدا؟ مذ سَنَةٌ و خَمِسونَ عَدَدا
بكسر الميم في خمسون، احتاج إِلى حركة الميم لإِقامة الوزن، و لم يفتحها لئلا يوهم أَن الفتح أَصلها لأَن الفتح لا يسكن، و لا يجوز أَن يكون حركها عن سكون لأَن مثل هذا الساكن لا يحرك بالفتح إِلا في ضرورة لا بد منه فيها، و لكنه قدّر أَنها في الأَصل خَمَسُون كعشرة ثم أَسكن، فلما احتاج رَدَّه إِلى الأَصل و آنَسَ به ما ذكرناه من عَشَرة؛ و في التهذيب: كسر الميم من خَمِسُون و الكلام خَمْسُون كما قالوا خَمْسَ عَشِرَةَ، بكسر الشين؛ و قال الفراء: رواه غيره خَمَسون عدداً، بفتح الميم، بناه على خَمَسَة و خَمَساتٍ. و حكى ابن الأَعرابي عن أَبي مَرْجَحٍ: شَرِبْتُ هذا الكوزَ أَي خَمَسَة بمثله. و الخِمْسُ، بالكسر: من أَظْماء الإِبل، و هو أَن تَرِدَ الإِبلُ الماءَ اليومَ الخامسَ، و الجمع أَخْماس. سيبويه: لم يجاوز به هذا البناءَ. و قالوا ضَرَبَ أَخْماساً لأَسْداسِ إِذا أَظهر أَمراً يُكْنى عنه بغيره. قال ابن الأَعرابي: العرب تقول لمن خاتَلَ: ضَرَبَ أَخْماساً لأَسْداسٍ؛ و أَصل ذلك أَن شيخاً كان في إِبله و معه أَولاده، رجالًا يَرْعَوْنها قد طالت غربتهم عن أَهلهم، فقال لهم ذات يوم: ارْعَوْا إِبلكم رِبْعاً، فَرَعَوْا
67
رِبْعاً نحوَ طريق أَهلهم، فقالوا له: لو رعيناها خِمْساً، فزادوا يوماً قِبَلَ أَهلهم، فقالوا: لو رعيناها سِدْساً، ففَطَنَ الشيخُ لما يريدون، فقال: ما أَنتم إِلَّا ضَرْبُ أَخماسٍ لأَسْداسٍ، ما هِمَّتُكم رَعْيُها إِنما هِمَّتُكم أَهلُكم؛ و أَنشأَ يقول:
و ذلك ضَرْبُ أَخْماسٍ، أُراهُ، لأَسْداسٍ، عَسى أَن لا تكونا
و أَخذ الكمَيْتُ هذا البيتَ لأَنه مَثَل فقال:
و ذلك ضرب أَخماس، أُريدَتْ، لأَسْداسٍ، عسى أَن لا تكونا
قال ابن السكيت في هذا البيت: قال أَبو عمرو هذا كقولك ششْ بَنْجْ، و هو أَن تُظْهر خمسة تريد ستة. أَبو عبيدة: قالوا ضَرْبُ أَخماسٍ لأَسْداسٍ، يقال للذي يُقَدِّمُ الأَمرَ يريد به غيره فيأْتيه من أَوّله فيعمل رُوَيْداً رُوَيْداً. الجوهري: قولهم فلان يَضْرِبُ أَخماساً لأَسداس أَي يسعى في المكر و الخديعة، و أَصله من أَظماء الإِبل، ثم ضُرِبَ مثلًا للذي يُراوِغُ صاحبه و يريه أَنه يطيعه؛ و أَنشد ابن الأَعرابي لرجل من طيء:
اللَّهُ يَعْلَمُ لو لا أَنني فَرِقٌ من الأَميرِ، لعاتَبْتُ ابنَ نِبْراسِ
في مَوْعِدٍ قاله لي ثم أَخْلَفَه، غَداً غَداً ضَرْبُ أَخماسٍ لأَسْداسِ
حتى إِذا نحن أَلْجَأْنا مَواعِدَه إِلى الطَّبِيعَةِ، في رِفْقٍ و إِيناسِ
أَجْلَتْ مَخِيلَتُه عن لا، فقلتُ له: لو ما بَدَأْتَ بها ما كان من باسِ
و ليس يَرْجِعُ في لا، بَعْدَ ما سَلَفَتْ منه نَعَمْ طائعاً، حُرٌّ من الناسِ
و قال خُرَيْمُ بن فاتِكٍ الأَسَدِيُّ:
لو كان للقوم رأْيٌ يُرْشَدُونَ به، أَهلَ العِراق رَمَوْكُم بابن عَبَّاسِ
للَّه دَرُّ أَبيهِ أَيُّما رجلٍ، ما مثلهُ في فِصالِ القولِ في الناسِ
لكن رَمَوْكم بشيخٍ من ذَوي يَمَنٍ، لم يَدْرِ ما ضَرْبُ أَخْماسٍ لأَسْداسِ
يعني أَنهم أَخطأُوا الرأْي في تحكيم أَبي موسى دون ابن عباس. و ما أَحسن ما
قاله ابن عباس، و قد سأَله عتبة بن أَبي سفيان بن حرب فقال: ما منع عليّاً أَن يبعثك مكان أَبي موسى؟ فقال: منعه و اللَّه من ذلك حاجزُ القَدَرِ و مِحْنَةُ الابتلاء و قِصَرُ المدّة، و اللَّه لو بعثني مكانه لاعْتَرَضْتُ في مَدارِج أَنفاس معاوية ناقِضاً لما أَبْرَمَ، و مُبْرِماً لما نقض، و لكن مضى قَدَرٌ و بقي أَسَفٌ و الآخرةُ خير لأَمير المؤمنين؛ فاستحسن عتبة بن أَبي سفيان كلامه.
و كان عتبة هذا من أَفصح الناس، و له خطبة بليغة في ندب الناس إِلى الطاعة خطبها بمصر
فقال: يا أَهل مصر، قد كنتم تُعْذَرُون ببعض المنع منكم لبعضِ الجَوْرِ عليكم، و قد وَلِيَكم من يقول بفِعْلٍ و يفعل بقَوْلٍ، فإِن دَرَرْتُم له مَراكم بيده، و إِن استعصيتم عليه مراكم بسيفه، و رَجا في الآخر من الأَجْر ما أَمَّلَ في الأَوَّل من الزَّجْر؛ إِن البَيْعَة متابَعَةٌ، فلنا عليكم الطاعة فيما أَحببنا، و لكم علينا العَدلُ فيما ولينا، فأَينا غَدَرَ فلا ذمة له عند صاحبه، و اللَّه ما نطقتْ به أَلسنتُنا حتى عَقَدَتْ عليه قلوبنا، و لا طلبناها منكم حتى بذلناها لكم ناجزاً بناجز فقالوا: سَمْعاً سَمْعاً فأَجابهم: عَدْلًا عدلًا.
و قد خَمَسَت الإِبلُ و أَخْمَسَ صاحبها: وردت إِبله خِمْساً، و يقال
68
لصاحب الإِبل التي تَرِدُ خِمْساً: مُخْمِسٌ؛ و أَنشد أَبو عمرو بن العلاء لإمرئ القيس:
يُثِيرُ و يُبْدِي تُرْبَها و يُهِيلُه، إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَواجِرِ مُخْمِسِ
غيره: الخِمْسُ، بالكسر، من أَظماء الإِبل أَن ترعى ثلاثة أَيام و تَرِدَ اليوم الرابع، و الإِبل خامسَة و خَوامِسُ. قال الليث: و الخِمْسُ شُرْبُ الإِبل يوم الرابع من يوم صَدَرَتْ لأَنهم يَحْسُبون يوم الصَّدَر فيه؛ قال الأَزهري: هذا غلط لا يُحْسَبُ يومُ الصَّدَرِ في وِرْدِ النَّعم، و الخِمْسُ: أَن تشرب يوم وِرْدِها و تَصْدُرَ يومها ذلك و تَظَلّ بعد ذلك اليوم في المَرْعى ثلاثة أَيام سوى يوم الصَّدَرِ، و تَرد اليوم الرابع، و ذلك الخِمْس. قال: و يقال فلاة خِمْسٌ إِذا انتاط وِرْدُها حتى يكون وِرْدُ النَّعَمِ اليومَ الرابع سوى اليوم الذي شربت و صدرت فيه. و يقال: خِمْسٌ بَصْباصٌ و قَعْقاع و حَثْحاتٌ إِذا لم يكن في سيرها إِلى الماء وَتِيرَة و لا فُتُور لبُعده. غيره: الخِمْسُ اليوم الخامس من صَدَرها يعني صَدَر الواردة. و السِّدْسُ: الوِرْدُ يوم السادس. و قال راويةُ الكميت: إِذا أَراد الرجلُ سفراً بعيداً عَوّد إِبله أَن تشرب خِمْساً ثم سِدْساً حتى إِذا دَفَعَتْ في السير صَبَرَتْ؛ و قول العجاج:
و إِن طُوي من قَلِقاتِ الخُرْتِ خِمْسٌ كحَبلِ الشَّعَر المُنْحَتِّ،
ما في انْطِلاقِ رَكْبه من أَمْتِ
أَراد: و إِن طُوي من إِبل قَلِقاتِ الخُرْتِ خِمْسٌ. قال: و الخمس ثلاثة أَيام في المرعى و يوم في الماء، و يحسب يوم الصَّدَر. فإِذا صَدَرَت الإِبل حسب ذلك اليوم فيُحْسَب يومُ تَرِدُ و يومُ تَصْدُرُ. و قوله كحبل الشعر المنحت، يقال: هذا خِمْسٌ أَجْرَدُ كالحبل المُنْجَرِدِ. من أَمت: من اعوجاج. و التَخْمِيسُ في سقي الأَرض: السَّقْيَةُ التي بعد التربيع. و خَمَسَ الحَبْلَ يَخْمِسُه خَمْساً: فتله على خَمْسِ قُوًى. و حَبْلٌ مَخْموسٌ أَي من خَمْس قُوًى. ابن شميل: غلام خُماسِيٌّ و رُباعِيٌّ: طال خمسَة أَشبار و أَربعة أَشبار، و إِنما يقال خُماسِيٌّ و رباعي فيمن يزداد طولًا، و يقال في الثوب سُباعيٌّ. قال الليث: الخُماسيُّ و الخُماسِيَّةُ من الوصائف ما كان طوله خمسة أَشبار؛ قال: و لا يقال سُداسِيٌّ و لا سُباعي إِذا بلغ ستة أَشبار و سبعة، قال: و في غير ذلك الخُماسيُّ ما بلغ خمسة، و كذلك السُّداسِيُّ و العُشارِيُّ. قال ابن سيدة: و غلام خُماسيٌّ طوله خمسة أَشبار؛ قال:
فوقَ الخُماسِيِّ قليلًا يَفْضُلُهُ، أَدْرَكَ عَقْلًا، و الرِّهانُ عَمَلُهْ
و الأُنثى خُماسِيَّةٌ. و
في حديث خالد: أَنه سأَل عمن يشتري غلاماً تامّاً سَلَفاً فإِذا حَلَّ الأَجلُ قال خذ مني غلامين خُماسِيَّين أَو عِلْجاً أَمْرَدَ، قال: لا بأْس.
؛ الخُماسِيَّان طولُ كل واحد منهما خمسة أَشبار و لا يقال سداسي و لا سباعي و لا في غير الخمسة لأَنه إِذا بلغ سبعة أَشبار صار رجلًا. و ثَوب خُماسِيٌّ و خَمِيسٌ و مَخْموسٌ: طوله خمسة؛ قال عبيد يذكر ناقته:
هاتِيكَ تَحْمِلُني و أَبْيَضَ صارِماً، و مُذَرِّباً في مارِنٍ مَخْموسِ
يعني رُمْحاً طولُ مارِنه خَمْسُ أَذرع. و منه
حديث معاذ: ائتوني بخَمِيسٍ أَو لَبِيسٍ آخذه منكم في الصدقة.
؛ الخَمِيسُ: الثوب الذي طوله خمس أَذرع،
69
كأَنه يعني الصغير من الثياب مثل جريح و مجروح و قتيل و مقتول، و قيل: الخَمِيسُ ثوب منسوب إِلى مَلِكٍ كان باليمن أَمر أَن تعمل هذه الأَردية فنسبت إِليه. و الخِمْسُ: ضرب من برود اليمن؛ قال الأَعشى يصف الأَرض:
يوماً تَراها كشِبْهِ أَرْدِيَةِ الْخِمْسِ، و يوماً أَدِيمَها نَغِلا
و كان أَبو عمرو يقول: إِنما قيل للثوب خَمِيسٌ لأَن أَول من عمله ملك باليمن يقال له الخِمْسُ، بالكسر، أَمر بعمل هذه الثياب فنسبت إِليه. قال ابن الأَثير: و جاء في البخاري خَمِيصٌ، بالصاد، قال: فإِن صحت الرواية فيكون مُذَكَّرَ الخَمِيصَةٍ، و هي كساء صغير فاستعارها للثوب. و يقال: هما في بُرْدَةٍ أَخْماسٍ إِذا تقارنا و اجتمعا و اصطلحا؛ و قوله أَنشده ثعلب:
صَيَّرَني جُودُ يديه، و مَنْ أَهْواه، في بُرْدَةِ أَخْماسِ
فسره فقال: قَرَّبَ بيننا حتى كأَني و هو في خمس أَذرع. و قال في التهذيب: كأَنه اشترى له جارية أَو ساق مهر امرأَته عنه. قال ابن السكيت: يقال في مَثَلٍ: لَيْتَنا في بُرْدَةٍ أَخْماسٍ أَي ليتنا تَقارَبْنا، و يراد بأَخماس أَي طولُها خمسة أَشبار، و البُرْدَة: شَمْلَة من صوف مُخَطَّطَة، و جمعها البُرَدُ. ابن الأَعرابي: هما في بُرْدَةٍ أَخماس، يفعلان فعلًا واحداً يشتبهان فيه كأَنهما في ثوب واحد لاشتباههما. و الخَمِيسُ: من أَيام الأُسبوع معروف، و إِنما أَرادوا الخامِسَ و لكنهم خَصوه بهذا البناء كما خصوا النجم بالدَّبَرانِ. قال اللحياني: كان أَبو زيد يقول مَضى الخميسُ بما فيه فيفرد و يذكر، و كان أَبو الجرَّاح يقول: مضى الخميس بما فيهن فيجمع و يؤَنث يخرجه مخرج العدد، و الجمع أَخْمِسة و أَخْمِساء و أَخامِسُ؛ حكيت الأَخيرة عن الفراء، و في التهذيب: و خُماسَ و مَخْمَس كما يقال تُناءَ و مَثْنى و رُباعَ و مَرْبَع. و حكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: لا تك خَمِيساً أَي ممن يصوم الخميس وحده. و الخُمْسُ و الخُمُسُ و الخِمْسُ: جزء من خمسة يَطَّرِدُ ذلك في جميع هذه الكسور عند بعضهم، و الجمع أَخْماس. و الخَمْسُ: أَخذك واحداً من خمسة، تقول: خَمَسْتُ مال فلان. و خَمَسَهم يَخْمُسُهم بالضم خَمْساً: أَخذ خُمْسَ أَموالهم، و خَمَسْتُهم أَخْمِسُهم، بالكسر، إِذا كنتَ خامِسَهم أَو كملتهم خمسة بنفسك. و في
حديث عَدِيّ بن حاتم: رَبَعْتُ في الجاهلية و خَمَسْتُ في الإِسلام.
يعني قُدْتُ الجيشَ في الحالين لأَن الأَمير في الجاهلية كان يأْخذ الرُّبُع من الغنيمة، و جاءَ الإِسلامُ فجعله الخُمْسَ و جعل له مصارف، فيكون حينئد من قولهم رَبَعْتُ القوم و خَمَسْتُهم مخففاً إِذا أَخذت رُبْع أَموالهم و خُمْسَها، و كذلك إِلى العشرة. و الخَمِيسُ: الجَيْشُ، و قيل: الجيش الجَرَّارُ، و قيل: الجَيْشُ الخَشِنُ، و في المحكم: الجَيْشُ يَخْمِسُ ما وَجَدَه، و سمي بذلك لأَنه خَمْسُ فِرَقٍ: المقدمة و القلب و الميمنة و الميسرة و الساقةُ؛ أَ لا ترى إِلى قول الشاعر:
قد يَضْرِبُ الجيشَ الخَمِيسَ الأَزْوَرا
فجعله صفة. و
في حديث خيبر: محمدٌ و الخَمِيس.
أَي و الجيش، و قيل: سمي خَمِيساً لأَنه تُخَمَّس فيه الغنائم، و محمد خبر مبتدإٍ أَي هذا محمد. و منه
حديث عمرو بن معديكرب: هم أَعْظَمُنا خَمِيساً.
أَي جيشاً. و أَخْماسُ البَصْرة خمسة: فالخُمْس
70
الأَول العالية، و الخُمْسُ الثاني بَكْر بن وائل، و الخُمْسُ الثالث تميم، و الخُمْسُ الرابع عبد القيس، و الخُمْسُ الخامس الأَزْدُ. و الخِمْسُ: قبيلة؛ أَنشد ثعلب:
عادَتْ تميمُ بأَحْفى الخِمْسِ، إِذ لَقِيَتْ إِحْدى القَناطِرِ لا يُمْشى لها الخَمَرُ
و القناطر: الدواهي. و قوله: لا يمشى لها الخمر يعني أَنهم أَظهروا لهم القتال. و ابنُ الخِمْسِ: رجل؛ و أَما قول شَبِيبِ بن عَوانَة:
عَقِيلَةُ دَلَّاهُ لِلَحْدِ ضَريحِه، و أَثوابُه يَبْرُقْنَ و الخِمْسُ مائجُ
فعقيلةُ و الخِمسُ: رجلان، و
في حديث الحجاج: أَنه سأَل الشَعْبيَّ عن المُخَّمَسَة، قال: هي مسأَلة من الفرائض اختلفت فيها خمسة من الصحابة: علي و عثمان و ابن مسعود و زيد و ابن عباس، رضي اللَّه عنهم، و هي أُم و أُخت و جد.
خنس:
الخُنُوس: الانقباضُ و الاستخفاء. خَنَسَ من بين أَصحابه يَخْنِسُ و يَخْنُسُ، بالضم، خُنُوساً و خِناساً و انْخَنَس: انقبض و تأَخر، و قيل: رجع. و أَخْنَسَه غيره: خَلَّفَه و مَضَى عنه. و
في الحديث: الشيطان يُوَسْوِسُ إِلى العبد فإِذا ذكَرَ اللَّه خَنَسَ.
أَي انقبض منه و تأَخر. قال الأَزهري: و كذا
قال الفراء في قوله تعالى: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ
؛ قال: إِبليس يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، فإِذا ذكر اللَّه خَنَسَ.
و
قيل: إِن له رأْساً كرأْس الحية يَجْثُمُ على القلب، فإِذا ذكر اللَّه العبد تنحى و خنَسَ، و إِذا ترك ذكر اللَّه رجع إِلى القلب يوسوس.
نعوذ باللَّه منه. و
في حديث جابر: أَنه كان له نخل فَخَنَسَت النخلُ.
أَي تأَخرت عن قبول التلقيح فلم يؤثر فيها و لم تحمل تلك السنة. و
في حديث الحجاج: إن الإِبل ضُمَّزٌ خُنَّسٌ ما جُشِّمَتْ جَشِمَتْ.
؛ الخُنَّسُ جمع خانس أَي متأَخر، و الضُمَّزٌ جمع ضامز، و هو الممسك عن الجِرَّة، أَي أَنها صوابر على العطش و ما حَمَّلْتَها حَمَلَتْه؛ و في كتاب الزمخشري: حُبُسٌ، بالحاء و الباء الموحدة بغير تشديد. الأَزهري: خَنَسَ في كلام العرب يكون لازماً و يكون متعدياً. يقال: خَنَسْتُ فلاناً فَخَنَسَ أَي أَخرته فتأَخر و قبضته فانقبض و خَنَسْته أَكثر. و روى أَبو عبيد عن الفراء و الأُمَوِيِّ: خَنَسَ الرجل يَخْنِسُ و أَخْنَسْتُه، بالأَلف، و هكذا
قال ابن شميل في حديث رواه: يخرج عُنُقٌ من النار فَتَخْنِسُ بالجبارين في النار.
؛ يريد تدخل بهم في النار و تغيبهم فيها. يقال: خَنَسَ به أَي واراه. و يقال: يَخْنِسُ بهم أَي يغيب بهم. و خَنَسَ الرجل إِذا توارى و غاب. و أَخنسته أَنا أَي خَلَّفْتُه؛ قال الراعي:
إِذا سِرْتُمُ بين الجُبَيْلَيْنِ ليلةً، و أَخْنَسْتُمُ من عالِجٍ كَدَّ أَجْوَعا
الأَصمعي: أَخنستم خَلَّفْتُم، و قال أَبو عمرو: جُزْتم، و قال: أَخَّرْتُمْ. و
في حديث كعب: فتَخْنِسُ بهم النارُ.
و
حديث ابن عباس: أَتيتُ النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، و هو يصلي فأَقامني حذاءه فلما أَقبل على صلاته انْخَنَسْتُ.
و
في حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، لقيه في بعض طُرُق المدينة قال: فانْخَنَسْتُ منه، و في رواية: اخْتَنَسْتُ.
على المطاوعة بالنون و التاء، و
يروى: فانْتَجَشْتُ.
بالجيم و الشين. و
في حديث الطُّفَيْل: فَخَنَسَ عني أَو حَبَسَ.
قال: هكذا جاء بالشك. و قال الفراء: أَخْنَسْتُ عنه بعضَ حقه، فهو مُخنَسٌ، أَي أَخَّرْته؛ و قال البعِيثُ:
71
و صَهْباء من طُولِ الكَلالِ زَجَرْتُها، و قد جَعَلَتْ عنها الأَخرَّةُ تَخْنِسُ
قال الأَزهري: و أَنشدني أَبو بكر الإِيادي لشاعر قدم على النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، فأَنشده من أَبيات:
و إِن دَحَسُوا بالشَّرِّ فاعفُ تَكَرُّماً، و إِن خَنَسُوا عنك الحديثَ فلا تَسَلْ
و هذا حجَّة لمن جعل خَنَس واقعاً. قال: و مما يدل على صحة هذه اللغة ما
رويناه عن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، أَنه قال: الشهر هكذا و هكذا، و خَنَسَ إِصْبَعَه في الثالثة.
أَي قَبَضَها يعلمهم أَن الشهر يكون تسعاً و عشرين؛ و أَنشد أَبو عبيد في أَخْنَسَ و هي اللغة المعروفة:
إِذا ما القَلاسي و العَمائِمُ أُخْنِسَتْ، ففيهن عن صَلْعِ الرجالِ حُسُورُ
الأَصمعي: سمعت أَعرابيّاً من بني عُقَيْلٍ يقول لخادم له كان معه في السفر فغاب عنهم: لِمَ خَنَسْتَ عنا؟ أَراد: لم تأَخرت عنا و غبت و لِمَ تواريْت؟ و الكواكبُ الخُنَّسُ: الدَّراري الخمسةُ تَخْنُسُ في مَجْراها و ترجع و تَكْنِسُ كما تَكْنِسُ الظباء و هي: زُحَلٌ و المُشْتَرِي و المِرِّيخ و الزُّهَرَة و عُطارِدُ لأَنها تَخْنِس أَحياناً في مَجْراها حتى تخفى تحت ضوء الشمس و تَكْنِسُ أَي تستتر كما تَكْنِسُ الظِّباء في المَغارِ، و هي الكِناسُ، و خُنُوسها استخفاؤها بالنهار، بينا نراها في آخر البرج كَرَّتْ راجعةً إِلى أَوّله؛ و يقال: سميت خُنَّساً لتأَخرها لأَنها الكواكب المتحيرة التي ترجع و تستقيم؛ و يقال: هي الكواكب كلها لأَنها تَخْنِسُ في المَغِيب أَو لأَنها تخفى نهاراً؛ و يقال: هي الكواكب السَّيَّارة منها دون الثابتة. الزجاج في قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ
؛ قال: أَكثر أَهل التفسير في الخُنَّسِ أَنها النجوم و خُنُوسُها أَنها تغيب و تَكْنِسُ تغيب أَيضاً كما يدخل الظبي في كناسِهِ. قال: و الخُنَّسُ جمع خانس. و فرس خَنُوسٌ: و هو الذي يعدل، و هو مستقيم في حُضْرِه، ذات اليمين و ذات الشمال، و كذلك الأُنثى بغير هاء، و الجمع خُنُسٌ و المصدر الخَنْسُ، بسكون النون. ابن سيدة: فرس خَنُوس يستقيم في حُضْره ثم يَخْنِسُ كأَنه يرجع الَقهْقَرى. و الخَنَسُ في الأَنف: تأَخره إِلى الرأْس و ارتفاعه عن الشفة و ليس بطويل و لا مُشْرِف، و قيل: الخَنَسُ قريب من الفَطَسِ، و هو لُصُوق القَصَبة بالوَجْنَةِ و ضِخَمُ الأَرْنَبَةِ، و قيل: انقباضُ قَصَبَة الأَنف و عِرَض الأَرنبة، و قيل: الخَنَسُ في الأَنف تأَخر الأَرنبة في الوجه و قِصَرُ الأَنف، و قيل: هو تأَخر الأَنف عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأَرنبة؛ و الرجل أَخْنَسُ و المرأَة خَنْساءُ، و الجمع خُنْسٌ، و قيل: هو قِصَرُ الأَنف و لزوقه بالوجه، و أَصله في الظباء و البقر، خَنِسَ خَنَساً و هو أَخْنَسُ، و قيل: الأَخْنس الذي قَصُرَتْ قَصَبته و ارتدَّت أَرنبته إِلى قصبته، و البقر كلها خُنْسٌ، و أَنف البقر أَخْنَسُ لا يكون إِلا هكذا، و البقرة خَنْساءُ، و التُّرك خُنْسٌ؛ و
في الحديث: تقاتلون قوماً خُنْسَ الآنُفِ.
و المراد بهم الترك لأَنه الغالب على آنافهم و هو شِبْهُ الفَطَسِ؛ و منه
حديث أَبي المِنْهال في صفة النار: و عقارب أَمثال البغال الخُنُسِ.
و
في حديث عبد الملك بن عمير: و اللَّه لفُطْسٌ خُنْسٌ، بزُبْدٍ جَمْسٍ، يغيب فيها الضَّرْسُ.
؛ أَراد بالفُطْسِ نوعاً من التمر تمر المدينة و شبهه في اكتنازه و انحنائه بالأُنوف الخُنْس
72
لأَنها صغار الحب لاطِئَة الأَقْماعِ؛ و استعاره بعضهم للنَّبْل فقال يصف درعاً:
لها عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً، و تهْزَأُ بالمَعابِلِ و القِطاعِ
ابن الأَعرابي: الخُنُسُ مأْوى الظباء، و الخُنُسُ: الظباء أَنفُسُها. و خَنَسَ من ماله: أَخذَ. الفراء: الخِنَّوسُ، بالسين، من صفات الأَسد في وجهه و أَنفه، و بالصاد ولد الخنزير. و قال الأَصمعي: ولد الخنزير يقال له الخِنَّوْسُ؛ رواه أَبو يعلى عنه. و الخَنَسُ في القدم: انبساط الأَخْمَصِ و كثرة اللحم، قَدَمٌ خَنْساء. و الخُناسُ: داء يصيب الزرع فَيَتَجَعثَنُ منه الحَرْثُ فلا يطول. و خَنْساءُ و خُناسُ و خُناسى، كله: اسم امرأَة. و خُنَيْس: اسم. و بنو أَخْنَس: حَيّ. و الثلاث الخُنَّس: من ليالي الشهر، قيل لها ذلك لأَن القمر يَخْنِسُ فيها أَي يتأَخر؛ و أَما قول دُرَيْد بن الصِّمَّة:
أَ خُناسُ، قَدْ هامَ الفؤادُ بكُمْ، و أَصابه تَبْلٌ من الحُبِ
يعني به خَنْساء بنت عمرو بن الشَّرِيد فغيَّره ليستقيم له وزْنُ الشعر.
خنبس:
الخُنابِسُ: القديم الشديد الثابت؛ قال القطامي:
و قالوا: عليكَ ابنَ الزُّبَيْرِ فَلُذْ به، أَبَى اللَّهُ أَن أُخْزَى و عِزٌّ خُنابِسُ
كان القطامي هجا قوماً من الأَزْدِ فخاف منهم فقال له من يشير عليه: اسْتَجِرْ بابن الزبير و خذ منه ذمة تأْمن بها ما تخافه منهم، فقال مجيباً لمن أَشار عليه بهذا: أَبَى اللَّه أَن أُذلّ نفسي و أُهينها و عِزُّ قومي قديم ثابت.
و أَسد خُنابِسٌ: جريء شديد، و الأُنثى خُنابِسَةٌ. و يقال: خُنابِسٌ غليظ و خَنْبَسَتُه ترارَتُه، و يقال: مِشْيَتُه، و الخُنابِسَة الأُنثى، و هي التي استبان حملها. و الخُنابِسُ من الرجال: الضَّخْمُ الذي تعلوه كراهة من رجال خُنابِسِين؛ و أَنشد الإِياديّ:
ليثٌ يَخافُكَ خَوْفَه، جَهْمٌ ضُبارِمَةٌ خُنابِسْ
و الخُنابِسُ: الكريه المَنْظَرِ. و ليل خُنابِسٌ: شديد الظلمة. و الخَنَّبُوسُ: الحجر القَدَّاح.
خنبلس:
الأَزهري في الخماسي: الخَنْبَلُوسُ حَجَرُ القَدَّاحِ.
خندرس:
تمر خَنْدَرِيسٌ: قديم، و كذلك حِنْطَة خَنْدَرِيس. و الخَنْدَرِيسُ: الخمر القديمة؛ قال ابن دريد: أَحسبه معرباً سميت بذلك لقدمها؛ و منه حِنْطَة خَنْدَريسٌ للقديمة.
خندلس:
ناقة خَنْدَلِسٌ: كثيرة اللحم.
خنعس:
الخَنْعَسُ: الضَّبُعُ؛ قال:
و لو لا أَمِيري عاصِم لتَثَوَّرَتْ، مع الصُّبحِ عن قُورِ ابن عَيْساءَ، خَنْعَسُ
خنفس:
خَنْفَس عن الأَمر: عَدَلَ. أَبو زيد: خَنْفَسَ الرجل خَنْفَسَةً عن القوم إِذا كرههم و عدل عنهم. و الخُنْفَسُ، بالفتح، و الخُنْفَساء، بفتح الفاء ممدود: دُوَيْبَة سوداء أَصغر من الجُعَل منتنة الريح، و الأُنثى خُنْفَسَة و خُنْفَساء و خُنْفَساءة، و ضم الفاءِ في كل ذلك
73
لغة. و الخُنْفَسُ: الكبير من الخَنافِس. و حكى ثعلب: هؤلاء ذوات خُنْفَسٍ قد جاءني، إِذا جعلت خُنْفَساً اسماً للجنس، و لم يفسره، قال: و أُراه لقباً لرجل. غيره: الخُنْفَساءُ دُوَيبَّة سوداء تكون في أُصول الحيطان. و يقال: هو أَلَحُّ من الخُنْفُساء لرجوعها إِليك كلما رميت بها، و ثلاث خُنْفُسَاواتٍ. أَبو عمرو: هو الخُنْفَس للذكر من الخَنافِس، و هو العُنْظُبُ و الحُنْظُبُ. الأَصمعي: لا يقال خُنْفُساءة بالهاء: و قال ابن كيسان: إِذا كانت أَلف التأْنيث خامسة حذفت إِذا لم تكن ممدودة في التصغير كقولك خُنْفُساء و خُنَيْفِساء، قال: و الذي أُسقط من ذلك حُبارى تقول حُبَيْر كأَنك صغرت حُبار، قال: و ربما عوَّضوا منها الهاء فقالوا حُبَيْرَة، ذكره في باب التصغير، و يقال: خِنْفِسٌ للخُنْفُساء لغة أَهل البصرة؛ قال الشاعر:
و الخِنْفِسُ الأَسْوَدُ من تَجُرُّه مَوَدَّةُ العَقْرَبِ في السِّرِّ
و قال ابن دارَةَ:
و في البَرِّ من ذئبٍ و سِمْعٍ و عَقْرَبٍ، و ثُرْمُلَةٍ تَسْعَى و خِنْفِسَةٍ تَسْري
خوس:
التَخْوِيسُ: التنقيص. و هو أَيضاً ضُمُر البطن. و المُتَخَوِّسُ من الإِبل: الذي ظهر شَحْمُه من السِّمَنِ. ابن الأَعرابي: الخَوْسُ طعن الرماح وِلاءً وِلاء، يقال: خاسَه يَخُوسُه خَوْساً.
خيس:
الخَيْسُ، بالفتح: مصدر خاسَ الشيءُ يَخِيسُ خَيْساً تَغَيَّرَ و فَسَد و أَنْتَن. و خاسَتِ الجيفة أَي أَرْوَحَتْ. و خاسَ الطعامُ و البيع خَيْساً: كَسَدَ حتى فسد، و هو من ذلك كأَنه كَسَدَ حتى فسد. قال الليث: يقال للشيء يبقى في موضع فيَفْسُد و يتغير كالجوز و التمر: خائسٌ، و قد خاسَ يَخِيسُ، فإِذا أَنتن، فهو مَغِلٌ، قال: و الزاي في الجوز و اللحم أَحسن من السين. و خَيَّسَ الشيءَ: لَيَّنَه. و خيَّسَ الرجلَ و الدابة تَخْيِيساً و خاسَهما: ذللهما. و خاسَ هو: ذَلَّ و يقال: إِنْ فعل فلان كذا فإِنه يُخاسُ أَنْفُه أَي يُذَلُّ أَنفه. و التَّخْيِيس: التذليل. الليث: خُوسَ المُتَخَيِّسُ و هو الذي قد ظهر لحمه و شحمه من السمن. و قال الليث: الإِنسان يُخَيَّسُ في المُخَيَّسِ حتى يبلغ شدّة الغمّ و الأَذَى و يذلّ و يهان، يقال: قد خاسَ فيه. و
في الحديث: أَن رجلًا سار معه على جمل قد نَوَّقَه و خَيَّسه.
؛ أَي راضه و ذلله بالركوب. و
في حديث معاوية: أَنه كتب إِلى الحسين بن علي، رضوان اللَّه عليه: إِني لم أَكِسْك و لم أَخِسْك.
أَي لم أُذِلَّكَ و لم أُهِنْكَ و لم أُخْلِفْكَ وَعْداً. و منه المُخَيَّسُ و هو سِجْنٌ كان بالعراق؛ قال ابن سيدة: و المُخَيِّسُ السجن لأَنه يُخَيِّسُ المحبوسين و هو موضع التذليل، و به سمي سجن الحجاج مُخَيَّساً [مُخَيِّساً]، و قيل: هو سجن بالكوفة بناه أَمير المؤمنين علي بن أَبي طالب، رضوان اللَّه عليه. و
في حديث علي: أَنه بنى حَبْساً و سماه المُخَيَّسَ؛ و قال:
أَ ما تَراني كَيِّساً مُكَيّسا، بَنَيْتُ بعد نافِعٍ مُخَيَّسا
باباً كبيراً و أَمِيناً كَيِّسا
نافع: سجن بالكوفة كان غير مستوثق البناء، و كان من قَصَب فكان المحبوسون يَهْرُبُون منه، و قيل: إِنه نقب و أُفْلِتَ منه المُحَبَّسون فهدمه علي، رضي اللَّه عنه، و بنى المُخَيَّسَ لهم من مَدَرٍ.
و كل سجن مُخَيَّسٌ و مُخَيِّسٌ أَيضاً؛ قال الفرزدق:
74
فلم يَبْقَ إِلا داخِرٌ في مُخَيَّسٍ، و مُنْجَحِرٌ في غيرِ أَرْضِكَ في جُحْرِ
و الإِبل المُخَيَّسَةُ: التي لم تُسَرَّحْ، و لكنها خُيِّسَتْ للنحر أَو القَسْم؛ و أَنشد للنابغة:
و الأُدْمُ قد خُيِّسَتْ فُتْلًا مَرافِقُها، مَشدودةً برحالِ الحِيرَةِ الجُدُدِ
و قال أَبو بكر في قولهم: دَعْ فلاناً يَخِيسُ، معناه دعه يلزم موضعه الذي يلازمه، و السجن يسمى مُخَيَّساً لأَنه يُخَيَّسُ فيه الناس و يُلْزَمُون نزوله. و المُخَيَّسُ، بالفتح: موضع التخييس، و بالكسر: فاعله. و خاس الرجلَ خَيْساً: أَعطاه بسِلْعَتِه ثمناً مّا ثم أَعطاه أَنقص منه، و كذلك إِذا وعده بشيء ثم أَعطاه أَنقص مما وعده به. و خاسَ عَهْدَه و بعهده: نقضه و خانه. و خاسَ فلانٌ ما كان عليه أَي غَدَرَ به. و قال الليث: خاسَ فلانٌ بوعده يَخِيسُ إِذا أَخلف، و خاسَ بعهده إِذا غَدَر و نَكَثَ. الجوهري: خاسَ به يَخِيسُ و يَخُوس أَي غدر به، و
في الحديث: لا أَخِيسُ بالعهد.
؛ أَي لا أَنقضه. و الخَيْسُ: الخير. يقال: ما لَه قَلَّ خَيْسُه. و الخَيْسُ: الغم، يقال للصبي: ما أَظرفه قَلَّ خَيْسُه أَي قل غمه؛ و قال ثعلب: معنى قَلَّ خَيْسُه قلت حركته، قال: و ليست بالعالية. و الخِيْسُ: الدَّرُّ، قال أَبو منصور: و روى عمرو عن أَبيه في قول العرب أَقَلَّ اللَّهُ خِيسَه أَي دَرَّه، و عُرِضَ على الرياشي يدعو العربُ بعضُهم لبعض فيقول: أَقَلَّ اللَّه خِيسَكَ أَي لَبَنَكَ، فقال: نعم العرب تقول هذا إِلا أَن الأَصمعي لم يعرفه. و روي عن أَبي سعيد أَنه قال: قَلَّ خَيسُ فلان أَي قَلَّ خَطَؤُه. و يقال: أَقْلِلْ من خَيسِك أَي من كذبك. و الخِيسُ،. بالكسر، و الخِيسَةُ: الشجر الكثير الملتف. و قال أَبو حنيفة: الخِيسُ و الخِيسَةُ المجتمع من كل الشجر. و قال مرة: هو الملتف من القَصَبِ و الأَشاء و النَخْلِ؛ هذا تعبير أَبي حنيفة، و قيل: لا يكون خيْساً حتى تكون فيه حَلْفاء. و الخِيسُ: مَنْبِتُ الطَّرْفاء و أَنواع الشجر. و خِيسٌ أَخْيَسُ: مستحكِم؛ قال:
أَلْجأَهُ لَفْحُ الصِّبا و أَدْمَسا، و الطَّلُّ في خِيسِ أَراطى أَخْيَسا
و جَمْعُ الخِيسِ أَخْياسٌ. و موضع الأَسد أَيضاً: خِيسٌ، قال الصَّيْداويُّ: سأَلت الرِّياشي عن الخِيسة فقال: الأَجَمَة؛ و أَنشد:
لِحاهُمُ كأَنها أَخْياسُ
و يقال: فلان في عِيصٍ أَخْيَسَ أو عددٍ أَخْيَسَ أَي كثير العدد؛ و قال جَنْدَل:
و إِنَّ عِيصي عِيصُ عِزٍّ أَخْيَسُ، أَلَفُّ تَحْمِيهِ صَفاةٌ عِرْمِسُ
أَبو عبيد: الخِيسُ الأَجَمَة، و الخِيسُ: ما تَجَمَّع في أُصول النخلة مع الأَرض، و ما فوق ذلك الركائب. و مُخَيَّس: اسم صنم لبني القَيْنِ.
فصل الدال المهملة
دبس:
الدَّبْسُ و الدِّبْسُ: الكثير. ابن الأَعرابي: الدَّبْسُ [الدِّبْسُ] الجمع الكثير من الناس. و يقال: مال دِبْسٌ [دَبْسٌ] و رَبْسٌ أَي كثير، بالراء. و الدِّبْسُ و الدِّبِسُ: عَسَلُ التمر و عُصارته، و قال أَبو حنيفة: هو عُصارة الرُّطَب من غير طبخ، و قيل: هو ما يسيل من الرطب.
75
و الدَّبُوسُ: خُلاصة التمر تلقى في السمن مطيبة للسمن. و الدُّبْسَةُ: لونٌ في ذوات الشعر أَحمرُ مُشْرَبٌ. و الأَدْبَسُ من الطير و الخيل: الذي لونه بين السواد و الحمرة، و قد ادْبَسَّ ادْبِساساً. و الدُّبْسَةُ: حُمْرَةٌ مُشْرَبَةٌ سواداً، و قد ادْباسَّ و هو أَدْبَسُ، يكون في الشاء و الخيل. و الدَّبْسُ: الأَسْوَدُ من كل شيء و ادْباسَّتِ الأَرضُ: اختلط سوادُها بخُضْرَتها. و قال أَبو حنيفة: أَدْبَسَت الأَرض رؤي أَول سواد نبتها، فهي مُدْبِسَةٌ. و الدُّبْسِيُّ: ضرب من الحمام جاء على لفظ المنسوب و ليس بمنسوب، قال: و هو منسوب إِلى طير دُبْسٍ، و يقال إِلى دِبْسِ الرُّطَبِ لأَنهم يغيرون في النسب و يضمون الدال كالدُّهْريِّ و السُهْليِّ. و
في الحديث: أَن أَبا طلحة كان يصلي في حائط له فطار دُبْسِيٌّ فأَعجبه.
؛ قال: هو طائر صغير قيل هو ذكر اليمام. و جاءَ بأُمور دُبْسٍ أَي دَواهٍ مُنْكَرَة، و أَنكر ذلك على أَبي عبيد فقال: إِنما هو رُبْس، و يقال للسماء إِذا مَطَرَتْ، و في التهذيب إِذا خالت للمطر: دُرِّي دُبَسُ؛ عن ابن الأَعرابي، و لم يفسره بأَكثر من هذا؛ قال ابن سيدة: و عندي أَنه إِنما سميت بذلك لاسودادها بالغيم. و دَبَّسَ الشيءَ واراه؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
إِذا رآه فَحْلُ قومٍ دَبَّسا
و أَنشد أَيضاً لِرَكَّاضٍ الدُّبَيْريّ:
لا ذَنْبَ لي إِذ بِنْتُ زُهْرَةَ دَبَّسَتْ بغيرِك أَلْوَى، يُشْبِهُ الحقَّ باطِلُهْ
و دَبَّسْتُه: وارَيْتُه. و الدَّبُّوس: معروف. و الدِّبَاساتُ، بتخفيف الباء: الخلايا الأَهليةُ؛ عن أَبي حنيفة. و الدَّبَاساءُ و الدِّبَاساءُ، ممدود: إِناث الجراد، واحدتها دِباساءَةٌ [دَباساءَةٌ]؛ و قول لَقِيط بن زُرارَةَ:
لو سَمِعُوا وَقْعَ الدَّبابيسِ
واحدها دَبُّوسٌ، قال: و أُراه معرَّباً.
دبخس:
الدُّبَّخْسُ: الضخم: مثل به سيبويه و فسره السيرافي.
دحس:
دَحَسَ بين القوم دَحْساً: أَفسد بينهم، و كذلك مَأَسَ و أَرَّشَ. قال الأَزهري: و أَنشد أَبو بكر الإِيادي لأَبي العلاء الحَضْرَميّ أَنشده للنبي، صلى اللَّه عليه و سلم:
و إِن دَحَسُوا بالشَّرِّ فاعْفُ تَكَرُّماً، و إِن خَنَسُوا عنك الحديثَ فلا تَسَلْ
قال ابن الأَثير: يروى بالحاء و الخاء، يريد: إِن فعلوا الشر من حيث لا تعلمه. و دَحَسَ ما في الإِناء دَحْساً: حَساه. و الدَّحْسُ: التَدْسِيسُ للأُمور تَسْتَبْطِنُها و تطلبها أَخفى ما تقدر عليه، و لذلك سميت دُودَةٌ تحت التراب: دَحَّاسَةً. قال ابن سيدة: الدَّحَّاسَة دودة تحت التراب صفراء صافية لها رأْس مُشَعَّب دقيقة تشدّها الصبيان في الفخاخ لصيد العصافير لا تؤْذي، و هي في الصحاح الدَّحَّاسُ، و الجمع الدَّحاحِيسُ؛ و أَنشد في الدَحْسِ بمعنى الاستبطان للعجاج يصف الحُلَفاءَ:
و يَعْتِلُونَ مَن مَأَى في الدَّحْسِ
و قال بعض بني سُلَيم: وِعاء مَدْحُوس و مَدْكُوسٌ و مَكْبُوسٌ بمعنى واحد. قال الأَزهري: و هذا يدل على أَن الدَّيْحَسَ مثلُ الدَّيْكَسِ، و هو الشي الكثير. و الدَّحْسُ: أَن تدخل يدك بين جلد الشاة و صِفاقها فتَسْلَخَها. و
في حديث سَلْخِ الشاة: فَدَحَسَ بيده حتى توارت إِلى الإِبط ثم مضى و صلى
76
و لم يتوضأْ.
؛ أَي دَسَّها بين الجلد و اللحم كما يفعل السَّلَّاخُ. و دَحَسَ الثوبَ في الوعاء يَدْحَسُه دَحْساً: أَدخله؛ قال:
يَؤُرُّها بِمُسْمَعِدِّ الجَنْبَيْنْ، كما دَحَسْتَ الثوبَ في الوِعاءَيْنْ
و الدَّحْسُ: امتِلاء أَكِمَّةِ السُّنْبُل من الحَبِّ، و قد أَدْحَسَ. و بيتٌ دِحاسٌ: ممتلئ. و
في حديث جرير: أَنه جاء إِلى النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، و هو في بيت مَدْحُوسٍ من الناس فقام بالباب.
أَي مملوء. و كل شيء ملأْته، فقد دَحَسْتَه. قال ابن الأَثير: و الدَّحْسُ و الدَّسُّ متقاربان. و
في حديث طلحة: أَنه دخل عليه داره و هي دِحاسٌ.
أَي ذاتِ دِحاسٍ، و هو الامتلاء و الزحام. و
في حديث عطاء: حَقٌّ على الناس أَن يَدْحَسُوا الصفوف حتى لا يكون بينهم فُرَجٌ.
أَي يَزْدَحِمُوا و يَدُسُّوا أَنفسهم بين فُرَجِها، و يروى بالخاء، و هو بمعناه. و الدَّاحِسُ: من الوَرَم و لم يُحَدِّدُوه؛ و أَنشد أَبو عليّ و بعض أَهل اللغة:
تَشاخَصَ إِبْهاماكَ، إِن كنتَ كاذِباً، و لا بَرِئا من داحِسٍ و كُناعِ
و سئل الأَزهري عن الدَّاحِسِ فقال: قَرْحَةٌ تخرج باليد تسمى بالفارسية بَرْوَرَهْ. و داحِسٌ: موضع. و داحِسٌ: اسم فرس معروف مشهور، قال الجوهري: هو لقَيْسِ بن زُهَير بن جَذِيمة العَبْسي و منه حرب داحِسٍ، و ذلك أَنَّ قَيْساً هذا و حُذَيْفَةَ بنَ بدرٍ الذُّبْياني ثم الفَزاري تراهَنا على خَطَرٍ عشرين بعيراً، و جعلا الغاية مائة غَلْوَةٍ، و المِضْمارَ أَربعين ليلة، و المَجْرى من ذات الإِصادِ، فأَجرى قَيْسٌ داحِساً و الغَبْراءَ «3»، و أَجرى حذيفة الخَطَّارَ و الحَنْفاء فوضعت بنو فزارَة رَهْطُ حذيفة. كَمِيناً على الطريق فردوا الغبراء و لَطَمُوها، و كانت سابقة، فهاجت الحرب بين عَبْس و ذُبْيان أَربعين سنة.
دحمس:
الدَّحْسَمُ و الدَّحْمَسُ: العظيم مع سواد. و دَحْمَسَ الليلُ: أَظلم. و ليلٌ دَحْمَسٌ: مظلم؛ قال:
و ادَّرِعِي جِلبابَ ليلٍ دَحْمَسِ، أَسْوَدَ داجٍ مثلَ لَونِ السُّنْدُسِ
الأَزهري: ليال دَحامِسُ مظلمة. و
في حديث حمزة بن عمرو: في ليلة ظلماء دَحْمَسَةٍ.
أَي مظلمة شديدة الظلمة. أَبو الهيثم: يقال لليالي الثلاث التي بعد الطُّلَم حَنادِسُ، و يقال: دَحامِسُ. و الدُحْمُسان: الآدَمُ السمين، و قد يقلب فيقال دُحْسُمانٌ. و
في الحديث: كان يبايع الناسَ و فيهم رجل دُحْسُمانٌ.
أَي أَسود سمين.
دخس:
الدَّخَسُ: داءٌ يأْخذ في قوائم الدابة، و هو وَرَمٌ يكون في أُطْرَةِ حافر الدابة، و قد دَخِسَ، فهو دَخِسٌ. و فرس دَخِسٌ: به عيبٌ. و الدَّخِيسُ: اللحم الصُّلْبُ المُكْتَنِزُ. و الدَّخِيسُ: باطن الكف. و الدَّخِيسُ من الحافر: ما بين اللحم و العَصَب، و قيل: هو عظم الحَوْشَبِ، و هو مَوْصِل الوَظِيفِ في رُسْغِ الدابة. ابن شميل: الدَّخِيسُ عظم في جوف الحافر كأَنه ظِهارَة له، و الحَوْشَبُ عُظَيْم الرسغ. و الدَّخْسُ و الدَّخِيس: الإِنسان التارُّ المكتنز غيرَ جدّ جسيمٍ. و امرأَة مُدْخِسَةٌ: سمينة كأَنها دَخْسٌ. و كل ذي سِمَنٍ دَخِيسٌ. قال: و دَخِيسُ اللحم مُكْتَنِزه؛ و أَنشد:
مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بازِلُها، له صَريفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
__________________________________________________
(3). و في رواية أخرى: أَنَّ داحساً لقيس، و الغبراء لحمل بن بدر.
77
و الدَّخِيسُ: اللحم المكتنز. و دَخَسُ اللحم: اكتنازه. و الدَّخَسُ: امتلاء العظم من السمن. و دَخَسُ العظمِ: امتلاؤه. و الدَّخْسُ: الكثير اللحم الممتلئ العظم، و الجمع أَدْخاسٌ؛ و جمل مُداخِسٌ كذلك. و في التهذيب: جمل مُدْخِسٌ، و الجمع مُدْخِسات. و الدَّخِيسُ من الناس: العَدَدُ الكثير المجتمع؛ قال العجاجُ:
و قد تَرَى بالدار يوماً أَنَسا، جَمَّ الدَّخِيسِ بالثُّغُور أَحْوَسا
و الدَّخِيسُ: العدد الجَمُّ. و عددٌ دَخِيسٌ و دِخاسٌ: كثير، و كذلك نَعَم دِخاسٌ. و دِرْعٌ دِخاسٌ: متقاربة الحَلَقِ. و بيتٌ دِخاسٌ: ملآنُ، و قد قيل بالحاء. و الدَّخْسُ: انْدِساسُ الشيء تحت الأَرض، و الدَّواخِسُ و الدُّخَّسُ: الأَثافي، من ذلك. و يقال: دَخَسَ فيه أَي دخل فيه؛ و قال الطِّرِمَّاحُ:
فكُنْ دُخَساً في البحرِ أَو جُزْ وَراءَهُ إِلى الهِنْدِ، إِن لم تَلْقَ قَحْطانَ بالهِنْدِ «1»
الليث: الدَّخْسُ انْدساسُ شيء تحت التراب كما تُدْخَسُ الأُثْفِيَّة في الرماد، و كذلك يقال للأَثافيّ دَواخِسُ؛ قال العجاج:
دَواخِساً في الأَرضِ إِلا شَعَفا
و الدَّخْسُ: الفَتِيُّ من الدِّبَبَةِ. و الدَّخْسُ: ضرب من السمك. و كَلأٌ دَيْخَسٌ: كَثُرَ و التفَّ؛ قال:
يَرْعى حَلِيّاً و نَصِيّاً دَيْخَسا
قال أَبو حنيفة: و قد يكون الدَّيْخَس في اليبيس. و الدَّخِيسُ من أَنْقاء الرمل: الكثير. و الدُّخَسُ، مثال الصُّرَدِ: دابة في البحر تنجي الغريق تمكنه من ظهرها ليستعين على السباحة و تسمى الدُّلْفِينَ. و
في حديث سلخ الشاة: فَدَخَسَ بيده حتى توارت إِلى الإِبط.
و يروى بالحاء، و هو مذكور في موضعه.
دختنس:
دَخْتَنُوسُ: اسم امرأَة، و قيل: اسم لبنت حاجب بن زُرَارَة، و يقال: دَخْتَنُوس و دَخْدَنوس.
دخدنس:
دَخْتَنُوس: اسم امرأَة، و يقال: دَخْدَنوسُ، و دَخْدَنوس اسم بنتِ كِسْرى، و أَصل هذا الاسم فارسي عرّب، معناه بنت الهَنِيء، قلبت الشين سيناً لما عُرِّبَ.
دخمس:
الدَّخْمَسَةُ و الدَّخْمَسُ: الخَبُّ الذي لا يبين لك معنى ما يريد، و قد دَخْمَسَ عليه. و أَمر مُدَخْمَسٌ و مُدَهْمَسٌ إِذا كان مستوراً. و ثناء مُدَخْمَسٌ و دِخْماسٌ: ليست له حقيقة، و هو الذي لا يُبَيَّنُ و لا يُجَدُّ فيه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يَقْبَلُون اليَسِيرَ منكَ، و يُثْنُونَ ثَناءً مُدَخْمَساً دِخْماسا
و لم يفسره ابن الأَعرابي. و الدُّخامِسُ من الشيء: الرديءُ منه؛ قال حاتم الطائي:
شَآمِيَةٌ لم تُتَّخَذْ لِدُخامِسِ الطَّبِيخِ، و لا ذَمَّ الخَلِيطِ المُجاوِرِ
و الدُّخامِسُ: الأَسْود الضخم كالدُّحامِسِ، و هي قبيلة.
دخنس:
الدَّخْنَسُ: الشديد من الناس و الإِبل؛ و أَنشد:
و قَرَّبوا كلَّ جُلالٍ دَخْنَسِ، عند القِرَى، جُنادِفٍ عَجَنَّسِ،
تَرى على هامَتِه كالبُرْنُسِ
__________________________________________________
(1). قوله [
فكن دخساً ...
إلخ] أَي مثل هذه الدابة في الدخول في البحر. و لو أَخر هذا البيت بعد قوله: و الدخس مثال الصرد إلخ كما فعل شارح القاموس حيث استشهد به على هذه الدابة لكان أَولى.
78
درس:
دَرَسَ الشيءُ و الرَّسْمُ يَدْرُسُ دُرُوساً: عفا. و دَرَسَته الريح، يتعدَّى و لا يتعدَّى، و دَرَسه القوم: عَفَّوْا أَثره. و الدِّرْسُ: أَثر الدِّراسِ. و قال أَبو الهيثم: دَرَسَ الأَثَرُ يَدْرُسُ دُروساً و دَرَسَته الريحُ تَدْرُسُه دَرْساً أَي محَتْه؛ و من ذلك دَرَسْتُ الثوبَ أَدْرُسُه دَرْساً، فهو مَدْرُوسٌ و دَرِيسٌ، أَي أَخْلَقْته. و منه قيل للثوب الخَلَقِ: دَرِيس، و كذلك قالوا: دَرَسَ البعيرُ إِذا جَرِبَ جَرَباً شديداً فَقُطِرَ؛ قال جرير:
رَكِبَتْ نَوارُكُمُ بعيراً دارساً، في السَّوقِ، أَفْصَح راكبٍ و بَعِيرِ
و الدَّرْسُ: الطريق الخفيُّ. و دَرَسَ الثوبُ دَرْساً أَي أَخْلَقَ؛ و في قصيد كعب بن زهير:
مُطَّرَحُ البَزِّ و الدِّرْسانِ مَأْكُولُ
الدِّرْسانُ: الخُلْقانْ من الثياب، واحدها دِرْسٌ. و قد يقع على السيف و الدرع و المِغْفَرِ. و الدِّرْسُ و الدَّرْسُ و الدَّريسُ، كله: الثوب الخَلَقُ، و الجمع أَدْراسٌ و دِرْسانٌ؛ قال المُتَنَخِّلُ:
قد حال بين دَرِيسَيْهِ مُؤَوِّبَةٌ، نِسْعٌ لها بِعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
و دِرعٌ دَرِيسٌ كذلك؛ قال:
مَضَى وَ ورِثْناهُ دَرِيسَ مُفاضَةٍ، و أَبْيَضَ هِنْدِيّاً طويلًا حَمائِلُهْ
و دَرَسَ الطعامَ يَدْرُسُه: داسَه؛ يَمانِيَةٌ. و دُرِسَ الطعامُ يُدْرسُ دِراساً إِذا دِيسَ. و الدِّراسُ: الدِّياسُ، بلغة أَهل الشام، و دَرَسُوا الحِنْطَة دِراساً أَي داسُوها؛ قال ابنُ مَيَّادَة:
هلَّا اشْتَرَيْتَ حِنْطَةً بالرُّسْتاقْ، سَمْراء مما دَرَسَ ابنُ مِخْراقْ
و دَرَسَ الناقة يَدْرُسُها دَرْساً: راضها؛ قال:
يَكفيكَ من بعضِ ازْدِيارِ الآفاقْ حَمْراءُ، مما دَرَسَ ابنُ مِخْراقْ
قيل: يعني البُرَّة، و قيل: يعني الناقة، و فسر الأَزهري هذا الشعر فقال: مما دَرَسَ أَي داسَ، قال: و أَراد بالحمراء بُرَّةً حمراء في لونها. و دَرَسَ الكتابَ يَدْرُسُه دَرْساً و دِراسَةً و دارَسَه، من ذلك، كأَنه عانده حتى انقاد لحفظه. و قد قرئ بهما: وَ لِيَقُولُوا دَرَسْتَ
، و ليقولوا دارَسْتَ، و قيل: دَرَسْتَ
قرأَتَ كتبَ أَهل الكتاب، و دارَسْتَ: ذاكَرْتَهُم، و قرئ: دَرَسَتْ و دَرُسَتْ أَي هذه أَخبار قد عَفَتْ و امَّحَتْ، و دَرُسَتْ أَشدّ مبالغة. و
روي عن ابن العباس في قوله عز و جل: وَ كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَ لِيَقُولُوا دَرَسْتَ
؛ قال: معناه و كذلك نبين لهم الآيات من هنا و من هنا لكي يقولوا إِنك دَرَسْتَ أَي تعلمت أَي هذا الذي جئت به عُلِّمْتَ.
و
قرأَ ابن عباس و مجاهد: دارَسْتَ، و فسرها قرأْتَ على اليهود و قرأُوا عليك.
و قرئ: و ليقولوا دُرِسَتْ؛ أَي قُرِئَتْ و تُلِيَتْ، و قرئَ دَرَسَتْ أَي تقادمت أَي هذا الذي تتلوه علينا شيء قد تطاول و مرَّ بنا. و دَرَسْتُ الكتاب أَدْرُسُه دَرْساً أَي ذللته بكثرة القراءة جتى خَفَّ حفظه عليَّ، من ذلك؛ قال كعب بن زهير:
و في الحِلم إِدْهانٌ و في العَفْوِ دُرْسَةٌ، و في الصِّدْقِ مَنْجاةٌ من الشَّرِّ فاصْدُقِ
قال: الدُّرْسَةُ الرِّياضَةُ، و منه دَرَسْتُ السورةَ أَي حَفظتها. و يقال: سمي إِدْرِيس، عليه السلام، لكثرة دِراسَتِه كتابَ اللَّه تعالى، و اسمه أَخْنُوخُ. و دَرَسْتُ الصَّعْبَ حتى رُضْتُه. و الإِدهانُ: المذَلَّة
79
و اللِّين. و الدِّراسُ: المُدارَسَةُ. ابن جني: و دَرَّسْتُه إِياه و أَدْرَسْتُه؛ و من الشاذ قراءة ابن حَيْوَةَ: و بما كنتم تُدْرِسُونَ. و المِدْراسُ و المِدْرَسُ: الموضع الذي يُدْرَسُ فيه. و المِدْرَسُ: الكتابُ؛ و قول لبيد:
قَوْمِ لا يَدْخُلُ المُدارِسُ في الرَّحْمَةِ، إِلَّا بَراءَةً و اعْتِذارا
و المُدارِسُ: الذي قرأَ الكتب و دَرَسَها، و قيل: المُدارِسُ الذي قارَفَ الذنوب و تلطخ بها، من الدَّرْسِ، و هو الجَرَبُ. و المِدْراسُ: البيت الذي يُدْرَسُ فيه القرآن، و كذلك مَدارِسُ اليهود. و
في حديث اليهودي الزاني: فوضع مِدْراسُها كَفَّه على آيةِ الرَّجمِ؛.
المِدْراسُ صاحب دِراسَةِ كتبهم، و مِفْعَل و مِفْعالٌ من أَبنية المبالغة؛ و منه
الحديث الآخر: حتى أَتى المِدْراسَ؛.
هو البيت الذي يَدْرسون فيه؛ قال: و مِفْعالٌ غريب في المكان. و دارَسْت الكتبَ و تَدارَسْتُها و ادَّارَسْتُها أَي دَرَسْتُها. و
في الحديث: تَدارَسُوا القرآن؛.
أَي اقرأُوه و تعهدوه لئلا تَنْسَوْهُ. و أَصل الدِّراسَةِ: الرياضة و التَّعَهُّدُ للشيء. و
في حديث عكرمة في صفة أَهل الجنة: يركبون نُجُباً أَلينَ مَشْياً من الفِراشِ المَدْرُوس.
أَي المُوَطَّإِ المُمَهَّد. و دَرَسَ البعيرُ يَدْرُسُ دَرْساً: جَرِبَ جَرَباً قليلًا، و اسم ذلك الجرب الدَّرْسُ. الأَصمعي: إِذا كان بالبعير شيء خفيف من الجرب قيل: به شيء من دَرْسٍ، و الدَّرْسُ: الجَرَبُ أَوَّلُ ما يظهر منه، و اسم ذلك الجرب الدَّرْسُ أَيضاً؛ قال العجاج:
يَصْفَرُّ لليُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ، من عَرَقِ النَّضْحِ عَصِيم الدَّرْسِ
من الأَذى و من قِرافِ الوَقْسِ
و قيل: هو الشيء الخفيف من الجرب، و قيل: من الجرب يبقى في البعير. و الدَّرْسُ: الأَكل الشديد. و دَرَسَتِ المرأَةُ تَدْرُسُ دَرْساً و دُرُوساً، و هي دارِسٌ من نسوة دُرَّسٍ و دَوارِسَ: حاضت؛ و خص اللحياني به حيض الجارية. التهذيب: و الدُّرُوس دُروسُ الجارية إِذا طَمِثَتْ؛ و قال الأَسودُ بن يَعْفُر يصف جَواريَ حين أَدْرَكْنَ:
الَّلاتِ كالبَيْضِ لما تَعْدُ أَن دَرَسَتْ، صُفْرُ الأَنامِلِ من نَقْفِ القَوارِيرِ
و دَرَسَتِ الجارية تَدْرُسُ دُرُوساً. و أَبو دِراسٍ: فرج المرأَة. و بعير لم يُدَرَّسْ أَي لم يركب. و الدِّرْواسُ: الغليظ العُنُقِ من الناس و الكلاب. و الدِّرْواسُ: الأَسد الغليظ، و هو العظيم أَيضاً. و الدِّرْواس: العظيم الرأْس، و قيل: الشديد؛ عن السيرافي، و أَنشد له:
بِتْنا و باتَ سَقِيطُ الطَّلِّ يَضْرِبُنا، عند النَّدُولِ، قِرانا نَبْحُ دِرْواسِ
يجوز أَن يكون واحداً من هذه الأَشياء و أَولاها بذلك الكلب لقوله قرانا نبح درواس لأَن النبح إِنما هو في الأَصل للكلاب. التهذيب: الدِّرْواسُ الكبير الرأْس من الكلاب. و الدِّرْباسُ، بالباء، الكلب العَقُور؛ قال:
أَعْدَدْتُ دِرْواساً لِدْرباسِ الحُمُتْ
قال: هذا كلب قد ضَرِيَ في زِقاقِ السَّمْن يأْكلها فأَعَدَّ له كلباً يقال له دِرْواسٌ. و قال غيره: الدَّراوِسُ من الإِبل الذلُلُ الغِلاظُ الأَعناق، واحِدها دِرْواسٌ. قال الفراء: الدَّراوسُ العِظام
80
من الإِبل؛ قال ابن أَحمر:
لم تَدْرِ ما نَسْجُ اليَرَنْدَجِ قَبْلَها، و دِراسُ أَعْوَصَ دَارِسٍ مُتَخَّدِّدِ
قال ابن السكيت: ظن أَن اليَرَنْدَجَ عَمَلٌ و إِنما اليَرَنْدَج جلود سود. و قوله و دِراسُ أَعوصَ أَي لم تُدارِس الناسَ عَويص الكلام. و قوله دارس متخدد أَي يَغْمُضُ أَحياناً فلا يرى، و يروى متجدد، بالجيم، و معناه أَي ما ظهر منه جديد و ما لم يظهر دارس.
دربس:
الدِّرْباسُ: الكلب العقور؛ قال الشاعر:
أَعْدَدْتُ دِرْواساً لدِرْباسِ الحُمُتْ
و قالوا: الدُّرابِسُ الضخم الشديد من الإِبل و من الرجال؛ و أَنشد:
لو كنتَ أَمسيتَ طَليحاً ناعِسا، لم تُلْفِ ذا راوِيَةٍ دُرابِسا
و تَدَرْبَسَ أَي تقدَّم؛ قال الشاعر:
إِذا القومُ قالوا: مَنْ فَتًى لمُهِمَّةٍ؟ تَدَرْبَسَ باقي الرَّيْقِ فَخْمُ المَناكِبِ
دردبس:
الدَرْدَبِيسُ: خَرَزَةٌ سوداءُ كأَن سوادَها لونُ الكبد، إِذا رفعتها و استَشْفَفْتَها رأَيتها تَشِفُّ مثل لون العنبة الحمراء، تَتَحَبَّبُ بها المرأَة إِلى زوجها، توجد في قُبور عادٍ؛ قال الشاعر:
قَطَعْتُ القَيْدَ و الخَرَزاتِ عَنِّي، فَمَنْ لي من عِلاجٍ الدَّرْدَبيسِ؟
قال اللحياني: هي من الخرز التي يُؤَخِّذ بها النساءُ الرجالَ؛ و أَنشد:
جَمَعْنَ من قَبَلٍ لَهُنَّ و فَطْسَةٍ و الدَّرْدَبِيسِ، مُقابلًا في المِنْظَم
قال: و هن يقلن في تأْخيذهن إِياه، أَخَّذْتُه بالدَّرْدَبيسِ تُدِرُّ العِرْقَ اليَبِيس، قال: تعني بالعرق اليبيس الذَّكَرَ، التفسير له. و الدَّرْدَبيسُ: الفَيْشَلة. الليث: الدَّرْدَبيسُ الشيخ الكبير الهِمُّ، و العجوز أَيضاً يقال لها: دَرْدَبيسٌ؛ و أَنشد:
أُمُّ عِيالٍ فَخْمَةٌ تَعُوسُ، قد دَرْدَبَتْ، و الشيخُ دَرْدبيسُ
العَوْسُ: هو الطَّوَفانُ بالليل. و دَرْدَبَت: خَضَعَتْ و ذلت؛ و شاهد العجوز قول الآخر:
جاءَتْكَ في شَوْذَرِها تَمِيسُ عُجَيِّزٌ لَطْعاءُ دَرْدَبيسُ،
أَحْسَنُ منها مَنْظَراً إِبليسُ
لطعاء: تَحاتَّتْ أَسنانها من الكبر. و الدَّرْدَبيسُ: الداهية. و الدِّرْدِبيس: الشيخ، بكسر الدال، قال: و هكذا. كتبه أَبو عمرو الإِياديُّ؛ قال ابن بري: شاهد الداهية قول جُرَيّ الكاهلي:
و لو جَرَّبْتَني في ذاكَ يوماً رَضِيتَ، و قلتَ: أَنتَ الدَّرْدَبيسُ
دردقس:
الدُّرْداقِسُ: عظم القَفا، قيل فيه إِنه أَعجمي، قال الأَصمعي: أَحسبه رُوميّاً، قال: و هو طرف العظم الناتئ فوق القفا؛ أَنشد أَبو زيد:
مَنْ زال عن قَصْدِ السبيل، تَزايَلَتْ بالسيفِ هامَتُه عن الدُّرْقاسِ
قال أَبو عبيدة: الدُّرْداقِسُ عظم يفصل بين الرأْس و العنق كأَنه رومي، قال محمد بن المكرم: أَظن قافية البيت الدُّرْداقِسُ، و اللَّه أَعلم.
درطس:
إِدْرِيطُوسُ: دواء، رومي فأُعْرب.
81
درعس:
بعير دِرْعَوْسٌ: غليظ شديد؛ عن ابن الأَعرابي، و سيأْتي ذكرها في الشين.
درفس:
بعير دِرَفْسٌ: عظيم. و الدِّرَفْسُ: الضخم و الضخمة من الإِبل. و الدِّرَفْسةُ: الكثيرة لحم الجنبين و البَضِيع، و الدِّرَفْسُ: الناقة السهلةُ السير، و جملٌ دِرَفْسٌ. الأُمَوِيُّ: الدِّرَفْسُ البعير الضخم العظيم، و ناقة دِرَفْسَة. و الدِّرَفْسُ: الحرير. و قال شمر: الدِّرَفْسُ أَيضاً العَلَمُ الكبير؛ و أَنشد قول ابن الرُّقَيَّاتِ:
تُكِنُّه خِرْقَةُ الدِّرَفْس من الشمسِ، كَلَيْثٍ يُفَرِّجُ الأَجَما
الصحاح: الدِّرَفْسُ من الإِبل العظيم،. و ناقةٌ دِرَفْسَةٌ؛ قال العجاج:
دِرَفْسَةٌ أَو بازِلٌ دِرَفْسُ
و الدِّرْفاسُ مثله؛ قال ابن برِّي: صواب إِنشاده: دِرَفْسَةٍ أَو بازِلٍ، بالخفض؛ و قبله:
كم قد حَسَرْنا من عَلاةٍ عَنْسِ، كَبْداء كالقَوْسِ و أُخْرى جَلْسِ،
دِرَفْسَةٍ أَو بازِلٍ دِرَفْسِ
حسرنا: أَتعبنا. و العَنْسُ: الناقة الصُّلْبَةُ القوية. و العَلاةُ: سَندانُ الحَدَّادِ. و كَبْداء: ضَخْمَةُ الوسط خِلقة، و جعلها كالقوس. لأَنها قد ضَمُرَتْ و اعْوَجَّتْ من السير. و الجَلْس: الشديدة، و يقال الجسيمةُ. و الدِّرَفْسَةُ: الغليظة. و البازل من الإِبل: الذي له تسع سنين و دخل في العاشرة.
درمس:
دَرْمَسَ الشيءَ: ستره.
درهس:
الدُّراهِسُ: الشديد من الرجال.
دريس:
الدِّرْيَوْسُ: الغَبيُّ من الرجال، قال: و لا أَحسبها عربية محضة.
دسس:
الدَّسُّ: إِدخال الشيء من تحته، دَسَّه يَدُسُّه دَسّاً فانْدَسَّ و دَسَّسَه و دَسَّاه؛ الأَخيرة على البدل كراهية التضعيف. و
في الحديث: اسْتَجِيدوا الخالَ فإِن العِرْقَ دَسَّاسٌ.
أَي دَخَّال لأَنه يَنْزِعُ في خَفاءٍ و لُطْفٍ. و دسَّه يَدُسُّه دَسّاً إِذا أَدخله في الشيءِ بقهر و قوَّة. و في التنزيل العزيز: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها
؛ يقول: أَفلح من جعل نفسه زكية مؤمنة و خابَ من دَسَّسَها في أَهل الخير و ليس منهم، و قيل: دَسَّاها
جعلها خسيسة قليلة بالعمل الخبيث. قال ثعلب: سأَلت ابن الأَعرابي عن تفسير قوله تعالى: وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها
، فقال: معناه من دسَّ نَفْسَه مع الصالحين و ليس هو منهم. قال: و قال الفراء خابت نفس دَسَّاها اللَّه عز و جل، و يقال: قد خاب من دَسَّى نَفْسَه فأَخْمَلَها بترك الصدقة و الطاعة، قال: و دَسَّاها
من دَسَّسْتُ بُدِّلَتْ بعض سيناتها ياء كما يقال تَظَنَّيْتُ من الظَنِّ، قال: و يُرَى أَن دَسَّاها
دَسَّسَها لأَن البخيل يُخْفي مَنْزِله و ماله، و السَّخِيَّ يُبْرِزُ منزله فينزل على الشَرَفِ من الأَرض لئلا يستتر عن الضيفان و من أَراده و لكلٍّ وَجْهٌ. الليث: الدَّسُّ دَسُّك شيئاً تحت شيء و هو الإِخْفاءُ. و دَسَسْتُ الشيء في التراب: أَخفيته فيه؛ و منه قوله تعالى: أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ
؛ أَي يدفنه. قال الأَزهري: أَراد اللَّه عز و جل بهذا الموءُودة التي كانوا يدفنونها و هي حية. و ذَكَّرَ فقال: يَدُسُّه، و هي أُنثى، لأَنه رَدَّه على لفظة ما في قوله تعالى: يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ، فردَّه على اللفظ لا على المعنى، و لو قال بها كان جائزاً. و الدَّسِيسُ: إِخفاء المكرِ. و الدَّسيسُ: من تَدُسُّه
82
ليأْتيك بالأَخبار، و قيل الدَّسِيسُ: شبيه بالمُتَجَسِّس، و يقال: انْدَسَّ فلان إِلى فلان يأْتيه بالنمائم. ابن الأَعرابي: الدَّسِيسُ الصُّنانُ الذي لا يَقْلَعُه الدواء. و الدَّسِيسُ: المَشْوِيُّ. و الدُّسُسُ: الأَصِنَّةُ الدَّفِرَةُ الفائحة. و الدُّسُسُ: المُراؤُون بأَعمالهم يدخلون مع القُرَّاء و ليسوا قُرَّاءً. و دَسَّ البعيرَ يَدُسُّه دَسّاً: لم يبالغ في هَنْئه. و دُسَّ البعيرُ: وَرِمَتْ مَساعِرُه، و هي أَرْفاغُه و آباطه. الأَصمعي: إِذا كان بالبعِير شيء خفيف من الجرب قيل به شيء من جَرَب في مَساعِرِه، فإِذا طلي ذلك الموضع بالهِناءِ قيل: دُسَّ، فهو مَدْسُوس؛ قال ذو الرمة:
تَبَيَّنَ بَرَّاقَ السَّراةِ كأَنه قَرِيعُ هِجانٍ، دُسَّ منه المَساعِرُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده
فَنِيقُ هِجانٍ ...
، قال: و أَما
قريع هجان ...
فقد جاء قبل هذا البيت بأَبيات و هو:
و قد لاحَ للسَّاري سُهَيْلٌ كأَنه قَرِيعُ هِجانٍ، عارَضَ الشَّوْلَ، جافرُ
و قوله تَبَيَّنَ: فيه ضمير يعود على ركب تقدم ذكرهم. و بَرَّاق السَّراةِ: أَراد به الثور الوَحْشِيَّ. و السَّراةُ: الظهر. و الفَنِيقُ: الفحلُ المُكْرَمُ. و الهِجانُ: الإِبل الكرامُ. و دُسَّ البَعِيرُ إِذا طُليَ بالهِناء طَلْياً خفيفاً. و المساعِرُ: أُصول الآباط و الأَفخاذ، و إِنما شبه الثور بالفنيق المَهْنُوءِ في أُصول أَفخاذه لأَجل السواد الذي في قوائمه. و الجافر: المنقطع عن الضِّرابِ، و الشَّوْل: جمع شائلَةٍ التي شالَتْ بأَذنابها و أَتى عليها من نتَاجها سبعة أَشهر أَو ثمانية فَجَفَّ لَبَنُها و ارتفع ضَرْعُها. و عارَضَ الشَّوْلَ: لم يَتْبَعْها. و يقال للهِناء الذي يُطْلَى به أَرْفاغُ الإِبل الدَّسُّ أَيضاً؛ و منه المثل: ليس الهِناءُ بالدَّسِّ؛ المعنى أَن البعير إِذا جَرِبَ في مَساعِرِه لم يُقْتَصَرْ من هِنائِه على موضع الجَرَبِ و لكن يُعَمُّ بالهِناءِ جميعُ جلده لئلا يتعدّى الجَرَبُ موضِعَه فَيَجْرَبَ موضعٌ آخرُ؛ يضرب مثلًا للرجل يَقْتصِرُ من قضاء حاجة صاحبه على ما يَتَبَلَّغ به و لا يبالغ فيها. و الدَّسَّاسَةُ: حَيَّة صَمَّاء تَنْدَسُّ تحت التراب انْدِساساً أَي تَنْدَفِنُ، و قيل: هي شحمة الأَرض، و هي الغَثِمَةُ أَيضاً. قال الأَزهري: و العرب تسميها الحُلُكَّى و بناتِ النَّقا تَغُوصُ في الرمل كما يغوص الحوت في الماء، و بها يُشَبَّه بَنانُ العَذارَى و يقال بنات النَّقا؛ و إِياها أَراد ذو الرمة بقوله:
بَناتُ النَّقَا تَخْفى مِراراً و تَظْهَرُ
و الدَّسَّاسُ: حَيَّة أَحمر كأَنه الدم مُحَدَّدُ الطرفين لا يُدْرَى أَيهما رأْسه، غليظُ الجِلْدة يأْخذ فيه الضَّرْبُ و ليس بالضخم الغليظ، قال: و هو النَّكَّازُ، قرأَه الأَزهري بخط شَمِر؛ و قال ابن دريد: هو ضَرْبٌ من الحيات فلم يُحَلِّه. أَبو عمرو: الدَّسَّاسُ من الحيات الذي لا يدرى أَيُّ طرفيه رأْسه، و هو أَخبث الحيات يَنْدَسُّ في التراب فلا يظهر للشمس، و هو على لون القُلْبِ من الذهب المُحَلَّى. و الدُّسَّة: لعبة لصبيان الأَعراب.
دعس:
دَعَسَه بالرمح يَدْعَسُه دَعْساً: طعنه. و المِدْعَسُ: الرمح يُدْعَسُ به، و قيل: المِدْعَسُ من الرماح الغليظُ الشديدُ الذي لا ينثني، و رمح مِدْعَسٌ. و المَداعِسُ: الصُّمُّ من الرماح؛ حكاه أَبو عبيد، و الدَعْسُ: الطعن. و المُداعَسَةُ: المُطاعَنَةُ. و
في الحديث: فإِذا دَنا العدوُّ كانت
83
المُداعَسَةُ بالرماح حتى تُقْصَدَ.
أَي تُكْسَر. و رجل مِدْعَسٌ: طَعَّانٌ؛ قال:
لَتَجِدَنِّي بالأَميرِ بَرَّا، و بالقَناةِ مِدْعَساً مِكَرّا،
إِذا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرَّا
و سنذكره في الصاد، و هو الأَعرف. قال سيبويه: و كذلك الأُنثى بغير هاء و لا يجمع بالواو و النون لأَن الهاء لا تدخل مؤَنثه. و رجل دِعِّيسٌ: كمِدْعَسٍ. و رجل مُداعِسٌ: مُطاعِنٌ؛ قال:
إِذا هابَ أَقوامٌ، تَجَشَّمْتُ هَوْلَ ما يَهابُ حُمَيَّاهُ الأَلَدُّ المُداعِسُ
و يروى:
... تَقَحَّمْتُ غَمْرَةً يَهابُ.
و قد يكنى بالدَّعْسِ عن الجماع. و دَعَسَ فلان جاريته دَعْساً إِذا نكحها. و الدَّعْسُ: شدة الوطء. و دَعَسَت الإِبل الطريقَ تَدْعَسُه دَعْساً: وَطِئَتْه وَطْأً شديداً. و الدَّعْسُ: الأَثَرُ، و قيل: هو الأَثر الحديثُ البَيِّنُ؛ قال ابنُ مُقْبِلٍ:
و مَنْهَلٍ دَعْسُ آثارِ المَطِيِّ به، تَلْقى المَحارِمَ عِرْنِيناً فَعِرْنِينا
و طريق دَعْسٌ و مِدْعاسٌ و مَدْعُوسٌ: دَعَسَتْه القوائمُ و وَطِئَتْه و كثرت فيه الآثارُ. يقال: رأَيت طريقاً دَعْساً أَي كثير الآثار. و المَدْعُوسُ من الأَرضين: الذي قد كثر به الناسُ و رعاه المالُ حتى أَفسده و كثرت فيه آثاره و أَبواله، و هم يكرهونه إِلا أَن يجمعهم أَثَرُ سَحابة لا يجدون منها بُدّاً. و المِدْعاسُ: الطريق الذي لَيَّنَتْه المارَّةُ؛ قال رؤْبة بن العجاج يصف حميراً وردت الماء:
في رَسْم آثارٍ و مِدْعاسٍ دَعَقْ، يَرِدْنَ تحتَ الأَثْلِ سَيَّاحَ الدَّسَقْ
أَي مَمَرُّ هذه الحمير في رَسْم قد أَثرت فيه حوافرها. و الطريق الدُّعاقُ: الذي كثر عليه المشي. و السَّيَّاح: الماء الذي يَسِيحُ على وجه الأَرض. و الدَّسَقُ. البياض؛ يريد به أَن الماء أَبيض. و مُدَّعَسُ القوم: مُخْتَبَزُهم و مُشْتَواهم في البادية و حيث توضَعُ المَلَّة، و هو مُفْتَعَلٌ من الدَّعْس، و هو الحَشْوُ. و دَعَسْتُ الوِعاء: حَشَوْتُه؛ قال أَبو ذؤَيب:
و مُدَّعَسٍ فيه الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه، بِجَرْداءَ، يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها
يقول: رُبَّ مُخْتَبَزٍ جعلتُ فيه اللحم ثم استخرجته قبل أَن يَنْضَجَ للعَجَلَةِ و الخوف لأَنه في سفر. و في التهذيب: و المُدَّعَسُ مُخْتَبَزُ المَلِيلِ؛ و منه قول الهُذَلي:
و مدَّعس فيه الأَنيض اختفيته، بجرداء مثل الوَكْفِ، يَكْبُو غُرابُها
أَي لا يثبت الغراب عليها لملاستها؛ أَراد الصحراء. و أَرض دَعْسَةٌ و مَدْعُوسَةٌ: سهلة. و أَدْعَسَه الحَرُّ: قتله. و المِدْعاسُ: اسم فرس الأَقْرَعِ بن سُفْيان؛ قال الفرزدق:
يُعَدِّي عُلالاتِ العَبايَةِ إِذْ دَنا له فارِسُ المِدْعاسِ، غيرِ المُعَمَّرِ
و في النوادر: رجل دَعُوسٌ و غَطُوسٌ و قَدُوسٌ و دَقُوسٌ؛ كل ذلك في الاستقدام في الغَمَراتِ و الحروب.
دعكس:
الدَّعْكَسَةُ: لعب المَجُوسِ يَدُورُون قد أَخذ بعضهم بيد بعض كالرقصِ يسمونه الدَّسْتَبَنْدَ،
84
و قد دَعْكَسُوا و تَدَعْكَسَ بعضُهم على بعض، و هم يُدَعْكِسُونَ؛ قال الراجز:
طافوا به مُعْتَكِسِينَ نُكَّسا، عَكْفَ المَجُوسِ يَلعَبُون الدَّعْكَسا
دغس:
حَسَبٌ مُدَغْمَسٌ: فاسد مَدخُول: عن الهَجَري. قال أَبو تراب: سمعت شَبانَةَ يقول: هذا الأَمر مُدَغْمَسٌ و مُدَهْمَسٌ إِذا كان مستوراً.
دفس:
ابن الأَعرابي: أَدْفَسَ الرجلُ إِذا اسودَّ وجهه من غير علة؛ قال الأَزهري: لا أَحفظ هذا الحرف لغيره.
دفنس:
الدِّفْنِسُ، بالكسر: المرأة الحمقاء؛ و أَنشد أَبو عمرو بنُ العَلاء للفِنْدِ الزِّمَّانيِّ، و يروى لإمرئ القيس بن عابس الكِنْديِّ:
أَيا تَمْلِكُ، يا تَمْلِ، ذَريني و ذَري عَذْلي
ذَرِيني و سِلاحي، ثُمَّ شُدِّي الكفَّ بالعُزْلِ
و نَبْلي و فُقاها كعَراقِيب قَطاً طُحْلِ
و قد أَخْتَلِسُ الضَّرْبَةَ، لا يَدْمى لها نَصْلي
كجَيْبِ الدِّفْنِس الوَرْهاءِ ريعَتْ، و هي تَسْتَفْلي
و قد أَخْتَلِسُ الطَّعْنَةَ تَنْفي سَنَنَ الرِّجْلِ
تَمْلِكُ: اسم امرأَة، و تمل مرخم مثل يا حار، يقول: دعيني و دعي عَذْلَكِ لي على إِدامتي لُبْس السلاح للحرب و مقاومة الأَعداء. و العُزْلُ: جمع أَعْزَل و هو الذي لا سلاح معه؛ يقول: اصرفي همك إِلى من هو قاعد عن الحرب و الرَّمِيَّةِ و لا تفارقيه و شُدِّي كَفَّك به. و فُقاً: جمع فُوقِ السهم، و هو مقلوب من فُوَقٍ كما قال رؤبة:
كَسَّرَ من عَيْنَيْه تَقْويم الفُوَقْ
الهاء في عينيه ضمير الصائد لأَنه إِذا نظر إِلى السهم أَ بِهِ عِوَجٌ أَم لا كَسَرَ بَصَرَه عند نظره. و قوله: كعراقيب قَطاً طُحْلِ؛ شبه أَفواقَ النَّبْلِ أَي الحُمْرَة التي تكون في الفُوقِ، بعراقيب القطا؛ و الطُّحْلُ: جمع أَطْحَل و طَحْلاء. و الطَّحَلُ: لون يشبه الطِّحال شَبَّه بها رِيشَ السهم. و قوله: تَنْفي سَنَنَ الرجل أَي يخرج منها من الدم ما يمنع سَنَن الطريق. و قيل: الدِّفْنِسُ الرَّعْناءُ البَلْهاء، و قال ابن دريد: هي البلهاء فلم يزد على ذلك؛ و أَنشد:
عَمِيمَةُ ضاحي الجِسمِ ليسَتْ بِغَثَّةٍ، و لا دِفْنِسٍ، يَطْبي الكِلابَ حِمارُها
و الدِّفْنِسُ و الدِّفْناسُ: الأَحمق، و قيل: الأَحمق البَذِيُّ. و الدِّفْناس: البخيلُ، و قيل: المُنْدَفِقُ النَّوَّامُ؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا الدِّعْرِمُ الدِّفْناسُ صَوَّى لِقاحَه، فإِنَّ لنا ذَوداً ضِخامَ المَحالِبِ
صَوَّى: سَمَّنَ. و الدِّفْناسُ: الراعي الكَسْلان الذي ينام و يترك الإِبل ترعى وحدها.
دفطس:
دَفْطَسَ: ضَيَّعَ مالَه؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
قد نامَ عنها جابرٌ و دَفْطَسا، يَشْكو عُرُوقَ خُصْيَتَيْهِ و النَّسا
قال أَبو العباس: أُراه ذَفْطَسا، قال: و كذا أَحفظه، بالذال، قال: و لكن لا نغيره و أُعَلِّمُ عليه.
85
دقس:
دَقَسَ في الأَرض دَقْساً و دُقُوساً: ذهب فتَغَيَّب. و الدُّقْسَةُ: دُوَيْبَّة صغيرة. و دَقْيُوسُ: اسم مَلِكٍ، أَعجمية. الليث: الدقس ليس بعربي، و لكن الملك الذي بنى المسجد على أَصحاب الكهف اسمه دَقْيُوسُ. قال الأَزهري: و رأَيت في نوادر الأَعراب: ما أَدري أَين دَقَسَ و لا أَين دُقِسَ به و لا أَين طَهَسَ و طُهِسَ به أَي أَين ذهب و ذُهب به.
دمقس:
التهذيب: قالوا للإِبْرَيْسَمِ دِمَقْسٌ و دِقَمْسٌ.
دكس:
الدُّكاسُ: ما يَغْشَى الإِنسانَ من النعاسِ و يتراكب عليه؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنه من الكَرَى الدُّكاسِ باتَ بِكأْسَيْ قَهْوَةٍ يُحاسِي
و الدَّاكِسُ: لغة في الكادِسِ، و هو ما يُتَطَيَّرُ به من العُطاسِ و القَعِيدِ و نحوهما. دَكَسَ الشيءَ: حَشَاه. و الدَّاكِسُ من الظِّباء: القَعِيدُ. و الدَوْكَسُ: العدد الكثير. و مالٌ دَوْكَس: كثير؛ عن كراع. وَ نَعَمٌ دَوْكسٌ و دَيْكَسٌ أَي كثير. و الدَّوْكَسُ: من أسماء الأَسد، و هو الدَّوْسَكُ لغة. و قال أَبو منصور: لم أَسمع الدَّوْكسَ و لا الدَّوسَكَ في أَسماء الأَسد، و العرب تقول: نَعَمٌ دَوْكَسٌ و شاء دَوْكَسٌ إِذا كثرت؛ و أَنشد بعضهم:
مَن اتَّقَى اللَّهَ، فلمَّا يَيْئَسِ من عَكَرٍ دَثْرٍ و شاءٍ دَوْكَسِ
و الدِّيَكْسا و الدِّيَكْساءُ: القِطعة العظيمة من الغنم و النَّعام. يقال: غنمٌ دِيَكْساء و غَبَرَةٌ دِيَكْساءُ عظيمة. و دَيْكَسَ الرجلُ في بيته إِذا كان لا يَبْرُزُ لحاجة القوم يَكْمُنُ فيه. و دَوْكَسٌ: اسمٌ.
دلس:
الدَّلَسُ، بالتحريك: الظُّلْمَة. و فلان لا يُدالِسُ و لا يُوالِسُ أَي لا يُخادِعُ و لا يَغْدُرُ [يَغْدِرُ]. و المُدالَسَة: المُخادَعَة. و فلان لا يُدالِسُك و لا يخادِعُك و لا يُخْفِي عليك الشيء فكأَنه يأْتيك به في الظلام. و قد دَالَسَ مُدالَسَةً و دِلاساً و دَلَّسَ في البيع و في كل شيء إِذا لم يبين عيبه، و هو من الظُّلمة. و التَّدْلِيسُ في البيع: كِتْمانُ عيب السِّلْعَة عن المشتري؛ قال الأَزهري: و من هذا أُخذ التدليس في الإِسناد و هو أَن يحدِّث المحدِّثُ عن الشيخ الأَكبر و قد كان رآه إِلا أَنه سَمِعَ ما أَسنده إِليه من غيره من دونه، و قد فعل ذلك جماعة من الثقات. و الدُّلْسَةُ: الظُّلْمة. و سمعت أَعرابيّاً يقول لامرئٍ قُرِفَ بسوء فيه: ما لي فيه وَلْسٌ و لا دَلْسٌ أَي ما لي فيه خيانة و لا خديعة. و يقال: دَلَّسَ لي سِلْعَةَ سَوْءٍ. و انْدَلَسَ الشيُ إِذا خَفِيَ. و دَلَّسْتُه فَتَدَلَّسَ و تَدَلَّسْتُه أَي لا تشعر به. و الدَّوْلَسِيُّ: الذَّرِيعِةُ المُدَلَّسَةُ؛ و منه
حديث ابن المسيَّب: رحم اللَّه عُمَرَ لو لم يَنْهَ عن المتعة لاتخذها الناسُ دَوْلَسِيّاً.
أَي ذريعةً إِلى الزنا مُدَلّسةً؛ و الواو فيه زائدة. و التَدْليسُ: إِخفاء العيب. و الأَدْلاسُ: بقايا النَّبْتِ و البقلِ، واحدها دَلَسٌ، و قد أَدْلَسَتِ الأَرضُ؛ و أَنشد:
بَدَّلْتَنا من قَهْوَسٍ قِنْعاسا ذا صَهَواتٍ يَرْتَعُ الأَدْلاسا
86
و يقال: إِن الأَدْلاسَ من الرِّبَبِ، و هو ضرب من النبت، و قد تَدلّسَ إِذا وقع بالأَدلاسِ. ابن سيدة: و أَدْلاسُ الأَرضِ بقايا عُشْبِها. و دَلَّسَتِ الإِبلُ: اتَّبَعَت الأَدْلاسَ. و أَدْلَسَ النَّصِيُّ: ظهر و اخضرّ. و أَدْلَسَتِ الأَرضُ: أَصاب المالُ منها شيئاً. و الدَّلَسُ: أَرض أَنبتت بعد ما أُكِلَتْ؛ و قال:
لو كان بالوادي يُصِبْنَ دَلَسا، من الأَفاني و النَّصِيِّ أَمْلَسا،
و باقِلًا يَخْرُطْنَه قد أَوْرَسا
و الدَّلَسُ: النبات الذي يُورِقُ في آخر الصيف. و أَنْدُلُسُ: جزيرة «2» معروفة، وزنها أَنْفُعُلُ، و إِن كان هذا مما لا نذير له، و ذلك أَن النون لا محالة زائدة لأَنه ليس في ذوات الخمسة شيء على فَعْلُلُلٍ فتكون النون فيه أَصلًا لوقوعها مع العين، و إِذا ثبت أَن النون زائدة فقد بَرَدَ في أَنْدلس ثلاثة أَحرف أُصول، و هي الدال و اللام و السين، و في أَوّل الكلام همزة، و متى وقع ذلك حكمت بكون الهمزة زائدة، و لا تكون النون أَصلًا و الهمزة زائدة لأَن ذوات الأَربعة لا تلحقها الزوائد من أَوائلها إِلا في الأَسماء الجارية على أَفعالها نحو مدحرج و بابه، فقد وجب إِذاً أَن الهمزة و النون زائدتان و أَن الكلمة بها على وزن أَنفعل، و إِن كان هذا مثالًا لا نظير له.
دلعس:
البَلْعَسُ و الدَّلْعَسُ و الدَّلْعَكُ، كل هذا: الضخمة من النُّوق مع استرخاء فيها. ابن سيدة: الدِّلْعَوْسُ المرأَةُ الجَرِيئة بالليل الدائبة الدُّلْجَةِ، و كذلك الناقة. و جمَل دِلْعَوْسٌ و دُلاعِسٌ إِذا كان ذَلُولًا. الأَزهري: الدِّلْعَوْسُ المرأَة الجريئة على أَمرها العَصِيَّةُ لأَهلها؛ قال: و الدِّلْعَوْسُ الناقة النَّشِزَةُ الجريئة بالليل.
دلمس:
دَلْمَسٌ: اسم. و ليل دُلامِسٌ: مظلم، و قد ادْلَمَّسَ الليلُ إِذا اشتدّت ظلمته، و هو ليل مُدْلَمِّسٌ.
دلهمس:
الدَّلَهْمَسُ: الجريء الماضي على الليل، و هو من أَسماء الأَسد و الشجاع؛ قال أَبو عبيد: سمي الأَسد بذلك لقوّته و جراءته، و لم يُفْصِح عن صحيح اشتقاقه؛ قال الشاعر:
و أَسدٌ في غِيلِه دَلَهْمَسُ
أَبو عبيد: الدَّلَهْمَسُ الأَسد الذي لا يهوله شيء ليلًا و لا نهاراً. و ليل دَلَهْمَسٌ: شديد الظلمة؛ قال الكميت:
إِليكَ، في الحِنْدِسِ الدَّلَهْمَسَةِ الطَّامِسِ، مثلَ الكواكبِ الثُقُبِ
دمس:
دَمَس الظلامُ و أَدْمَسَ و ليلٌ دامسٌ إِذا اشتدّ و أَظلم. و قد دَمَسَ الليل يَدْمِسُ و يَدْمُسُ دَمْساً و دُمُوساً و أَدْمَسَ: أَظلم، و قيل: اختلط ظلامه. و في كلام مسيلمة: و الليل الدَّامِس هو الشديد الظلمة. و دَمَسَه يَدْمُسُه و يَدْمِسُه دَمْساً: دفنه. و دَمَّسَ الخَمْرَ: أَغلق عليها دَنَّها؛ قال:
إِذا ذُقْتَ فاها قلتَ: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ، أُريدَ به قَيْلٌ فَغُودِرَ في سأْبِ
و التدميس: إِخفاء الشيء تحت الشيء، و يقال بالتخفيف. أَبو زيد: المُدَمَّسُ المَخْبوء. و دَمَسْتُ الشيء: دفنته و خَبَأْته، و كذلك التَّدْمِيسُ. و دَمَّسَ الشيءَ: أَخفاه. و دَمَسَ عليه الخبرَ دَمْساً: كَتَمَه
__________________________________________________
(2). قوله [و أندلس جزيرة إلخ] ضبطها شارح القاموس بضم الهمزة و الدال و اللام و ياقوت بفتح الهمزة و ضم الدال و فتحها و ضم اللام ليس إلا.
87
البتة. و الدِّماسُ: كل ما غَطَّاك. أَبو عمرو: دَمَسْت الشيء غطيته. و الدَّمَسُ: ما غُطِّي؛ و أَنشد للكميت:
بلا دَمَسٍ أَمرَ القَريبِ و لا غَمْلِ
أَبو زيد: يقال أَتاني حيث وَارى دَمَسٌ دَمْساً و حيث وارى رُؤْيٌ رُؤْياً، و المعنى واحد، و ذلك حين يُظْلِمُ أَوَّلُ الليل شيئاً؛ و مثله: أَتاني حين تقول أَخوك أَم الذئب. و روى أَبو تراب لأَبي مالك: المُدَّمَّسُ و المُدَنَّسُ بمعنى واحد. و قد دَنَّسَ و دَمَّسَ. و الدِّماسُ: كساء يطرح على الزِّقِّ. و دَمَسَ المرأَة دَمْساً: نكحها كَدَسَمها؛ عن كراع. و الدِّيماس و الدَّيْماسُ: الحَمَّامُ. و
في الحديث في صفة الدجال: كأَنما خَرَجَ من ديماس.
؛ قال بعضهم: الدِّيماسُ الكِنُّ؛ أَراد أَنه كان مُخَدَّراً لم يَرَ شمساً و لا ريحاً، و قيل: هو السَّرَبُ المظلم، و قد جاءَ في الحديث مفسراً أَنه الحَمَّام. و الدِّيْماسُ: السَّرَب؛ و منه يقال دَمَسْتُه أَي قَبَرْتُه. أَبو زيد: دَمَسْته في الأَرض دَمْساً إِذا دفنته، حيّاً كان أَو مَيِّتاً؛ و كان لبعض الملوك حبس سماه دَيْماساً لظلمته. و الدِّيماسُ: سجن الحجاج بن يوسف، سمي به على التشبيه، فإِن فتحتَ الدال جمع على دَياميسَ مثل شيطان و شياطين، و إِن كسرتها جمعت على دَماميس مثل قِيْراطٍ و قَراريطَ، و سمي بذلك لظلمته. و
في حديث المسيح: أَنه سَبْطُ الشَّعرِ كثيرُ خِيلان الوجه كأَنه خَرَجَ من دِيماس.
؛ يعني في نَضْرَتِه و كثرة ماء وجهه كأَنه خرج من كِنٍّ لأَنه قال في وصفه: كأَنَّ رأْسَه يَقْطُرُ ماءً. و المُدَمِّسُ و المُدَمَّسُ: السجن. و يقال: جاء فلان بأُمور دُمْسٍ أَي عِظام كأَنه جمعُ دامِسٍ مثل بازِلٍ و بُزْلٍ. و الدُّودَمِسُ: الحيةُ، و قيل: ضرب من الحيات مُحْرَنْفِشُ الغَلاصِمِ، يقال ينفخ نَفخاً فيُحْرِقُ ما أَصابه، و الجمع دَوْدَمِساتٌ و دَوامِيسُ. و قال أَبو مالك: المُدَمَّسُ الذي عليه وَضَرُ العَسَل. و قال أَبو عمرو: دَمَسَ الموضعُ و دَسَمَ و سَمَدَ إِذا دَرَسَ.
دمحس:
الدُّماحِسُ: السيءُ الخُلُق. و الدُّماحِسُ: مثل الدُّحْمُس، و قد تقدم ذكره. و الدُّحْسُمُ و الدُّماحِس: الغليظان.
دمقس
الدِمَقْسُ و الدِمْقاسُ و المِدَقْسُ: الإِبْرَيْسَم و قيل القَزُّ، و ثوب مُدَمْقَسٌ، و قالوا للإِبْرَيْسَمِ: دِمَقْسٌ و دِقَمْسٌ؛ و قال إمرؤ القيس:
و شَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ
قال أَبو عبيدة: الدِمَقْسُ من الكَتَّانِ، و قال دِمَقْسٌ و مِدَقْسٌ، مقلوب. غيره: الدِمَقْسُ الدِّيباج، و يقال: هو الحرير، و يقال الإِبْرَيْسَمُ
دنس:
الدَّنَسُ في الثياب: لَطْخُ الوسخ و نحوه حتى في الأَخلاق، و الجمع أَدْناسٌ. و قد دَنِسَ يَدْنَسُ دَنَساً، فهو دَنِسٌ: تَوَسَّخَ. و تَدَنَّسَ: اتَّسَخ، و دَنَّسَه غيره تَدْنِيساً. و
في حديث الإِيمان: كأَن ثيابه لم يَمَسَّها دَنَسٌ.
؛ الدَّنَسُ: الوَسَخُ؛ و رجل دَنِسُ المروءَةِ، و الاسم الدَّنَسُ. و دَنَّسَ الرجلُ عِرْضَه إِذا فعل ما يَشِينُه.
دنخس:
الدَّنْخَسُ: الجسيم الشديد اللحم.
دنفس:
الدُّنافِسُ: السيء الخُلُقِ.
88
دنقس:
الدَّنْقَسَةُ: تَطَأْطؤُ الرأْس؛ و أَنشد:
إِذا رآني من بَعِيدٍ دَنْقسا
و الدَّنْقَسَةُ: خَفْضُ البَصَر ذُلًّا. و دَنْقَسَ: نظر و كَسَرَ عينيه؛ و أَنشد:
يُدَنْقِسُ العينَ إِذا ما نَظَرا
أَبو عبيد في باب العين: دَنْقَسَ الرجلُ دَنْقَسَةً، و طَرْفَشَ طَرْفَشَةً إِذا نظر فكسر عينيه. قال شمر: إِنما هو دَنْفَشَ، بالفاء و الشين. و روى سَلَمة عن الفراء: الدَّنْقَشَةُ الفساد، رواه في حروف شينية مثل الدَّهْفَشَة و العَكْبَشَة و الكَيْبَشَة و الحَنبَشة، و رواه بالقاف، و رواه غير الفراء دَنْقَسَةً، بالسين المهملة. و دَنْقَسَ بين القوم: أَفسد، بالسين و الشين جميعاً. الأُمَوِيُّ: المُدَنْقِس المفسدُ. قال أَبو بكر: و رأَيته في نسخة دَنْفَشْتُ بينهم أَفسدت، و المُدَنْفِشُ المفسد؛ قال الأَزهري: و الصواب عندي بالقاف و الشين.
دهس:
الليث: الدُّهْسَةُ لون كلون الرمال و أَلوان المعْزى؛ قال العجاج:
مُواصِلًا قُفّاً بلَوْنٍ أَدْهَسا «3»
ابن سيدة: الدُّهْسَةُ لون يعلوه أَدنى سواد يكون في الرمال و المَعَزِ. و رَمْل أَدْهَسُ بَيِّنُ الدَّهَسِ، و الدَّهَاسُ من الرمل: ما كان كذلك لا يُنبت شجراً و تغيب فيه القوائم؛ و أَنشد:
و في الدَّهَاسِ مِضْبَرٌ مُواثمُ
و قيل: هو كل لَيِّنٍ سَهْلٍ لا يبلغ أَن يكون رملًا و ليس بتراب و لا طين؛ قال ذو الرمة:
جاءت من البِيضِ زُعْراً، لا لِباسَ لها إِلا الدَّهاسُ، و أُمُّ بَرَّةٌ و أَبُ
و هي الدَّهْسُ. الأَصمعي: الدَّهاسُ كل لَيِّنٍ جدّاً، و قيل: الدَّهْسُ الأَرض السَّهْلة يثقل فيها المشي، و قيل: هي الأَرض التي لا يغلب عليها لونُ الأَرض و لا لونُ النبات و ذلك في أَول نباتها، و الجمع أَدْهاسٌ؛ و قد ادْهاسَّتِ الأَرضُ. و أَدْهَسَ القومُ: ساروا في الدَّهْسِ كما يقال أَوْعَثُوا ساروا في الوَعْث. أَبو زيد: من المِعْزَى الصَّدْآء، و هي السَّوْداء المُشْرَبَة حُمْرَةً، و الدَّهْساء أَقل منها حُمْرَةً، و الدَّهْساء من الضأْن التي على لون الدَّهْسِ، و الدَّهْساءُ من المَعَزِ كالصَّدْآء إِلا أَنها أَقل منها حُمْرة؛ و قال المُعَلَّى بن جَمال العَبْدي:
و جاءتْ خُلْعَةٌ دُهْسٌ صَفايا، يَصُورُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ
و الخِلْعَةُ [الخُلْعَةُ]: خيار المال. و يَصُورُ: يُمِيلُ، و يروى:
يَصُوعُ ...
أَي يُفَرِّقُ. و عُنُوق: جمع عَناقٍ. و الدَّهْسُ و الدَّهاسُ مثل اللَّبْثِ و اللَّباثِ: المكانُ السهل اللين لا يبلغ أَن يكون رملًا، و ليس هو بتراب و لا طين، و رمالٌ دُهْسٌ. و
في الحديث: أَقْبَلَ من الحُدَيْبية فنزل دَهاساً من الأَرض.
؛ و منه
حديث دُرَيْد بنِ الصِّمَّة: لا حَزْنٌ ضَرِسٌ و لا سَهْلٌ دَهِسٌ.
و رجل دَهاسُ الخُلُقِ أَي سهل الخلُق دَمِسُه، و ما في خُلُقِه دَهاسَةٌ.
دهرس:
الدّهارِيسُ: الدواهي؛ قال المُخَبَّلُ:
فإِن أَبْل لاقَيْت الدَّهارِيس منهما، فقد أَفْنَيا النُّعْمانَ، قَبْلُ، و تُبَّعا
واحدها دِهْرِسٌ و دُهْرُسٌ؛ قال ابن سيدة: فلا أَدري لم ثبتت الياء في الدَّهاريس. ابن الأَعرابي:
__________________________________________________
(3). قوله [بلون] في الصحاح: و رملًا.
89
الدَّراهِيسُ أَيضاً و الدَّهْرَسُ الخِفَّةُ. و ناقة ذات دَهْرَسٍ أَي ذات خفة و نشاط؛ و أَنشد:
ذات أَزابِيٍّ و ذات دَهْرَسِ
و أَنشد الليث:
حَجَّتْ إِلى النَخْلَةِ القُصْوى فقلتُ لها: حَجْرٌ حَرامٌ أَلا تِلْكَ الدَّهارِيسُ «1»
و الدِّهْرِسُ و الدُّهْرُسُ جميعاً: الداهية كالدَّهْرَس، و هي الدهارس؛ أَنشد يعقوب:
مَعِي ابْنا صَرِيمٍ جازِعانِ كلاهُما، و عَرْزَةُ لولاه لَقِينا الدَّهارِسا
دهمس:
التهذيب: قال أَبو تراب سمعت شَبانَةَ يقول: هذا الأَمر مُدَغْمَسٌ و مُدَهْمَسٌ إِذا كان مستوراً.
دوس:
داسَ السيفَ: صَقَلَه. و المِدْوَسَةُ: خَشَبة عليها سِنٌّ يُداسُ بها السيف. و المِدْوَسُ: المِصقَلَةُ؛ قال الشاعر:
و أَبْيَضَ، كالغَدِيرِ، ثَوَى عليه قُيُونٌ بالمَدَاوِسِ نِصْفَ شَهْرِ
و المِدْوَسُ: خشبة يُشَدُّ عليها مِسَنٌّ يَدُوسُ بها الصَّيْقَلُ السيفَ حتى يَجْلُوه، و جمعه مَداوِسُ؛ و منه قوله:
و كأَنما هو مِدْوَسٌ مُتَقَلِّبٌ في الكفِّ، إِلا أَنه هو أَضْلَعُ
و داسَ الرجلُ جاريته إِذا علاها و بالغ في جماعها. و داسَ الشيء برجله يَدُوسُه دَوْساً و دِياساً: وَطِئَه. و الدَّوْسُ: الدِّياسُ، و البقر التي تَدُوسُ الكُدْسَ هي الدَّوائِس. و داسَ الطعامَ يَدُوسُه دِياساً فانْداسَ هو، و الموضع مَداسَةٌ. و داسَ الناسُ الحَبَّ و أَداسُوه: دَرَسُوه؛ عن أَبي حنيفة. و
في حديث أُمِّ زَرْع: و دائس و منَقٍّ.
: الدائس الذي يَدُوسُ الطعامَ و يَدُقُّه ليُخْرجَ الحَبَّ منه، و هو الدِّياسُ، و قلبت الواو ياء لكسرة الدال. و الدَّوائِس: البقر العوامل في الدَوْس؛ يقال: قد أَلْقَوا الدَّوائِسَ في بَيْدَرهم. و الدَّوْسُ: شدة وَطْءِ الشيء بالأَقدام. و قولهم الدّوابّ حتى يَتَفَتَّت كما يتفتت قَصَبُ السَّنابل فيصير تبناً، و من هذا يقال: طريق مَدُوسٌ. و قولهم: أَتتهم الخيلُ دَوائِسَ أَي يَتْبَعُ بعضهم بعضاً. و المِدْوَسُ: الذي يُداسُ به الكُدْسُ يُجرُّ عليه جَرًّا، و الخيل تَدُوسُ القَتْلَى بحوافرها إِذا وطئتهم؛ و أَنشد:
فداسُوهُمُ دَوْسَ الحَصِيدِ فأَهْمَدُوا
أَبو زيد: يقال: فلانٌ دِيسٌ من الدِّيَسَةِ أَي شجاع شديد يَدُوسُ كلَّ من نازله، و أَصله دِوْسٌ على فِعْلٍ، فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها كما قالوا رِيحٌ، و أَصله رِوْحٌ. و يقال: نزل العدوُّ ببني فلان في الخيل فجاسَهُم و حاسَهُم و داسَهم إِذا قتلهم و تخلل ديارهم و عاث فيهم. و دياسُ الكُدْسِ و دِراسُه واحد. و قال أَبو بكر في قولهم: قد أَخذنا في الدّوْسِ؛ قال الأَصمعي: الدّوْسُ تسوية الحديقة و ترتيبها، مأْخوذ من دِيَاسِ السيف و هو صَقْلُه و جِلاؤُه؛ قال الشاعر:
صافي الحَدِيدَةِ قد أَضرَّ بصَقْلِه طُولُ الدِّياسِ، و بَطْنُ طَيْرٍ جائِعِ
و يقال للحَجَر الذي يُجْلَى به السيفُ: مِدْوَسٌ. ابن الأَعرابي: الدَّوْسُ الذُّلُّ. و الدُّوْسُ: الصَّقْلة. و دَوْسٌ: قبيلة من الأَزْدِ، منها أَبو هريرة الدَّوْسِي، رحمة اللَّه عليه.
دودمس:
الدُّودَمِسُ: حَيَّة تنفخ فتُحْرِق.
__________________________________________________
(1). قوله [و أَنشد الليث أَي لجرير]، و قوله حجت يروى حنت و قوله: حجر يروى بسل، و كل صحيح، و الحجر و البسل كالمنع وزناً و معنى.
90
لسان العرب6
فصل الراء ص 91
فصل الراء
رأس:
رَأْسُ كلّ شيء: أَعلاه، و الجمع في القلة أَرْؤُسٌ و آراسٌ على القلب، و رُؤوس في الكثير، و لم يقلبوا هذه، و رؤْسٌ: الأَخيرة على الحذف؛ قال إمرؤ القيس:
فيوماً إِلى أَهلي، و يوماً إِليكمُ، و يوماً أَحُطُّ الخَيْلَ من رُؤْسِ أَجْبالِ
و قال ابن جني: قال بعض عُقَيْل: القافية رأْس البيت؛ و قوله:
رؤسُ كَبِيرَيْهِنَّ يَنْتَطِحان
أَراد بالرؤس الرأْسين، فجعل كل جزء منها رأْساً ثم قال ينتطحان، فراجع المعنى. و رأَسَه يَرْأَسُه رَأْساً: أَصاب رَأْسَه. و رُئِسَ رَأْساً: شكا رأْسه. و رَأَسْتُه، فهو مرؤوسٌ و رئيس إِذا أَصبت رأْسه؛ و قول لبيد:
كأَنَّ سَحِيلَه شَكْوَى رَئيسٍ، يُحاذِرُ من سَرايا و اغْتِيالِ
يقال: الرئيس هاهنا الذي شُدَّ رأْسه. و رجل مرؤوس: أَصابه البِرْسامُ. التهذيب: و رجل رئيسٌ و مَرْؤُوسٌ، و هو الذي رَأَسَه السِّرْسامُ فأَصاب رأْسه. و قوله
في الحديث: إِنه، صلى اللَّه عليه و سلم، كان يصيب من الرأْس و هو صائم.
؛ قال: هذا كناية عن القُبْلة. و ارْتَأَسَ الشيءَ: رَكب رأْسه؛ و قوله أَنشده ثعلب:
و يُعْطِي الفَتَى في العَقْلِ أَشْطارَ مالِه، و في الحَرْب يَرْتاسُ السِّنانَ فَيَقْتُل
أَراد: يرتئس، فحذف الهمزة تخفيفاً بدليّاً. الفراء: المُرائِسُ و الرَّؤوسُ من الإِبل الذي لم يَبْقَ له طِرْقٌ إِلا في رأْسه. و في نوادر الأَعراب: ارْتَأَسَني فلان و اكْتَسَأَني أَي شَغَلَني، و أَصله أَخذ بالرَّقَبة و خفضها إِلى الأَرض، و مثله ارْتَكَسَني و اعْتَكَسني. و فحل أَرْأَسُ: و هو الضَّخْمُ الرأْس. و الرُّؤاسُ و الرُّؤاسِيُّ و الأَرْأَسُ: العظيم الرأْس، و الأُنثى رَأْساءُ؛ و شاة رأْساءُ: مُسْوَدَّة الرأْس. قال أَبو عبيد: إِذا اسْوَدَّ رأْس الشاة، فهي رأْساء، فإِن ابيض رأْسها من بين جسدها، فهي رَخْماء و مُخَمَّرَةٌ. الجوهري: نعجة رأْساء أَي سوداء الرأْس و الوجه و سائرها أَبيض. غيره: شاة أَرْأَسُ و لا تقل رؤاسِيٌّ؛ عن ابن السكيت. و شاة رَئِيسٌ: مُصابة الرأْس، و الجمع رَآسَى بوزن رَعاسَى مثل حَباجَى و رَماثَى. و رجل رَأْآسٌ بوزن رَعَّاسٍ: يبيع الرؤوس، و العامة تقول: رَوَّاسٌ. و الرَّائِسُ: رأْسُ الوادي. و كل مُشْرِفٍ رائِسٌ. و رَأَسَ السَّيْلُ الغُثَاءَ: جَمَعَه؛ قال ذو الرمة:
خَناطيلُ، يَسْتَقرِبْنَ كلَّ قَرارَةٍ و مَرْتٍ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائِسُ
و بعض العرب يقول: إِن السيل يَرْأَسُ الغثاء، و هو جمعه إِياه ثم يحتمله. و الرَّأْسُ: القوم إِذا كثروا و عَزُّوا؛ قال عمرو بن كلثوم:
بِرَأْسٍ من بني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، نَدُقُّ به السُّهُولَةَ و الخُزونا
قال الجوهري: و أَنا أُرى أَنه أَراد الرَّئيسَ لأَنه قال ندق به و لم يقل ندق بهم. و يقال للقوم إِذا كثروا و عَزُّوا: هم رَأْسٌ. و رَأَسَ القومَ يَرْأَسُهم، بالفتح، رَآسَةً و هو رئيسهم: رَأَسَ عليهم فَرَأَسَهم و فَضَلهم، و رَأَسَ عليهم كأَمَر عليهم، و تَرَأَّسَ عليهم
91
كَتَأَمَّرَ، و رَأَّسُوه على أَنفسهم كأَمَّروه، و رَأَّسْتُه أَنا عليهم تَرْئِيساً فَتَرَأَّسَ هو و ارْتَأَسَ عليهم. قال الأَزهري: و رَوَّسُوه على أَنفسهم، قال: و هكذا رأَيته في كتاب الليث، قال: و القياس رَأَّسوه لا رَوَّسُوه. ابن السكيت: يقال قد تَرَأَّسْتُ على القوم و قد رَأَّسْتُك عليهم و هو رَئيسُهم و هم الرُّؤَساء، و العامَّة تقول رُيَساء. و الرَّئِيس: سَيِّدُ القوم، و الجمع رُؤَساء، و هو الرَّأْسُ أَيضاً، و يقال رَيِّسٌ مثل قَيِّم بمعنى رَئيس؛ قال الشاعر:
تَلْقَ الأَمانَ على حِياضِ محمدٍ ثوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، و ذِئْبٌ أَطْلَسُ
لا ذي تَخافُ و لا لِهذا جُرْأَة، تُهْدى الرَّعِيَّةُ ما اسْتَقامَ الرَّيِّسُ
قال ابن بري: الشعر للكميت يمدح محمد بن سليمان الهاشمي. و الثَّوْلاء: النعجة التي بها ثَوَلٌ. و المُخْرِفَةُ: التي لها خروف يتبعها. و قوله لا ذي: إِشارة إِلى الثولاء، و لا لهذا: إِشارة إِلى الذئب أَي ليس له جُرأَة على أَكلها مع شدة جوعه؛ ضرب ذلك مثلًا لعدله و إِنصافه و إِخافته الظالم و نصرته المظلوم حتى إِنه ليشرب الذئب و الشاة من ماء واحد. و قوله تهدى الرعية ما استقام الريس أَي إِذا استقام رئيسهم المدبر لأُمورهم صلحت أَحوالهم باقتدائهم به. قال ابن الأَعرابي: رَأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَآسَة إِذا زاحم عليها و أَراجها، قال: و كان يقال إِن الرِّياسَة تنزل من السماء فيُعَصَّبُ بها رأْسُ من لا يطلبها؛ و فلان رأَسُ القوم و رَئيس القوم. و
في حديث القيامة: أَ لم أَذَرْكَ تَرْأَسُ و تَرْبَعُ؟.
رَأَسَ القومَ: صار رئيسَهم و مُقَدَّمَهم؛ و منه
الحديث: رَأْس الكفر من قِبَلِ المشرق.
و يكون إِشارة إِلى الدجال أَو غيره من رؤَساء الضلال الخارجين بالمشرق. و رَئيسُ الكلاب و رائِسها: كبيرها الذي لا تَتَقَدَّمُه في القَنَص، تقول: رائس الكلاب مثلُ راعِسٍ أَي هو في الكلاب بمنزلة الرئيس في القوم. و كلبة رائِسَة: تأْخذ الصيد برأْسه. و كلبة رَؤوس: و هي التي تُساوِرُ رأْسَ الصيد. و رائس النهر و الوادي: أَعلاه مثل رائس الكلاب. و رَوائس الوادي: أَعاليه. و سحابة مُرائس و رائِس: مُتَقَدِّمَة السحاب. التهذيب: سحابة رائِسَةٌ و هي التي تَقَدَّمُ السحابَ، و هي الرَّوائِس. و يقال: أَعطني رَأْساً من ثُومٍ. و الضَّبُّ ربما رَأَسَ الأَفْعَى و ربما ذَنَبها، و ذلك أَن الأَفعى تأْتي جُحْرَ الضب فتَحْرِشُه فيخرج أَحياناً برأْسه مُسْتَقْبِلها فيقال: خَرَجَ مُرَئِّساً، و ربما احْتَرَشَه الرجل فيجعل عُوداً في فم جُحْره فيَحْسَبُه أَفْعَى فيخرج مُرَئِّساً أَو مُذَنِّباً. قال ابن سيدة: خرج الضَّبُّ مُرائِساً اسْتَبَقَ برأْسه من جحره و ربما ذَنَّبَ. و وَلَدَتْ وَلَدها على رَأْسٍ واحدٍ، عن ابن الأَعرابي، أَي بعضُهم في إِثر بعض، و كذلك ولدت ثلاثة أَولاد رأْساً على رأْس أَي واحداً في إِثر آخر. و رَأْسُ عَينٍ و رأْسُ العين، كلاهما: موضع؛ قال المُخَبَّلُ يهجو الزِّبْرِقان حين زَوّجَ هَزَّالًا أُخته خُلَيْدَةَ:
و أَنكحتَ هَزَّالا خُلَيْدَةَ، بعد ما زَعَمْتَ برأْسِ العين أَنك قاتِلُهْ
و أَنكَحْتَه رَهْواً كأَنَّ عِجانَها مَشَقُّ إِهابٍ، أَوسَعَ الشَّقَّ ناجِلُهْ
و كان هَزَّال قتل ابن مَيَّة في جوار الزبرقان و ارتحل إِلى رأْس العين، فحلف الزبرقان ليقتلنه ثم إِنه بعد
92
ذلك زوّجه أُخته، فقالت امرأَة المقتول تهجو الزبرقان:
تَحَلَّلَ خِزْيَها عَوْفُ بن كعبٍ، فليس لخُلْفِها منه اعْتِذارُ
برأْسِ العينِ قاتِلُ من أَجَرْتُمْ من الخابُورِ، مَرْتَعُه السِّرارُ
و أَنشد أَبو عبيدة في يوم رأْس العين لسُحَيْم بن وُثَيْلٍ الرِّياحِيِّ:
و هم قَتَلوا عَمِيدَ بني فِراسٍ، برأْسِ العينِ في الحُجُج الخَوالي
و يروى أَن المخبل خرج في بعض أَسفاره فنزل على بيت خليدة امرأَة هزال فأَضافته و أَكرمته و زَوَّدَتْه، فلما عزم على الرحيل قال: أَخبريني باسمك. فقالت: اسمي رَهْوٌ، فقال: بئس الاسم الذي سميت به فمن سماك به؟ قالت له: أَنت، فقال: وا أَسفاه وا ندماه ثم قال:
لقد ضَلَّ حِلْمِي في خُلَيْدَةَ ضَلَّةً، سَأُعْتِبُ قَوْمي بعدها و أَتُوبُ
و أَشْهَدُ، و المُسْتَغْفَرُ اللَّهُ، أَنَّني كَذَبْتُ عليها، و الهِجاءُ كَذُوبُ
الجوهري: قَدِمَ فلان من رأْس عين و هو موضع، و العامَّة تقول من رأْس العين. قال ابن بري: قال علي بن حمزة إِنما يقال جاء فلان من رأْس عين إِذا كانت عيناً من العيون نكرة، فأَما رأْس عين هذه التي في الجزيرة فلا يقال فيها إِلا رأْس العين. و رائِسٌ: جبل في البحر؛ و قول أُمية بن أَبي عائذ الهُذَلّي:
و في غَمْرَةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوى عُرُوكاً على رائِسٍ يَقْسِمونا
قيل: عنى هذا الجبل. و رائِسٌ و رَئيسٌ منهم، و أَنت على رأْسِ أَمْرِكَ و رئاسهِ أَي على شَرَفٍ منه؛ قال الجوهري: قولهم أَنت على رِئاسِ أَمرك أَي أَوله، و العامة تقول على رَأْسِ أَمرك. و رِئاسُ السيف: مَقْبِضُه و قيل قائمه كأَنه أُخِذَ من الرأْسِ رِئاسٌ؛ قال ابن مقبل:
و ليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَها بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفا
ثم اضْطَغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضِها، و مِرْفَقٍ كَرِئاسِ السيف إِذ سَشَفَا
و هذا البيت الثاني أَنشده الجوهري:
إِذا اضطغنت سلاحي ...
، قال ابن بري و الصواب:
ثم اضطغنت سلاحي.
و العنْسُ: الناقة القوية، و صُدْرَتُها: ما أَشرف من أَعلى صدرها. و السِّدَفُ هاهنا: الضوء. و اضْطَغَنْتُ سلاحي: جعلته تحت حِضْني. و الحِضنُ: ما دون الإِبطِ إِلى الكَشْحِ، و يروى:
ثم احْتَضَنْتُ.
و المَغْرِضُ للبعير كالمَحْزِم من الفرس، و هو جانب البطن من أَسفل الأَضلاع التي هي موضع الغُرْضَة. و الغُرْضَة للرحْل: بمنزلة الحزام للسرج. و شَسَفَ أَي ضَمَرَ يعني المِرْفَق. و قال شمر: لم أَسمع رِئاساً إِلا هاهنا؛ قال ابن سيدة: و وجدناه في المُصَنَّف كرياس السيف، غير مهموز، قال: فلا أَدري هل هو تخفيف أَم الكلمة من الياء. و قولهم: رُمِيَ فلان منه في الرأْس أَي أَعرض عنه و لم يرفع به رأْساً و استثقله؛ تقول: رُمِيتُ منك في الرَّأْسِ على ما لم يسمَّ فاعله أَي ساء رأْيُك فيَّ حتى لا تقدر أَن تنظر إِليَّ. و أَعِدْ عليّ كلامَك من رَأْسٍ و من الرَّأْسِ، و هي أَقل اللغتين و أَباها بعضهم و قال: لا تقل من الرَّأْسِ، قال: و العامة تقوله.
93
و بيتُ رَأْسٍ: اسم قرية بالشام كانت تباع فيها الخمور؛ قال حسان:
كأَنَّ سَبِيئةً من بيتِ رَأْسٍ، يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ و ماءُ
قال: نصب مزاجها على أَنه خبر كان فجعل الاسم نكرة و الخبر معرفة، و إِنما جاز ذلك من حيث كان اسْمَ جنس، و لو كان الخبر معرفة محضة لَقَبُحَ. و بنو رؤاسٍ: قبيلة، و في التهذيب: حَيٌّ من عامر بن صعصعة، منهم أَبو جعفر الرُّؤاسِي و أَبو دُؤادٍ الرُّؤاسِي اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن قيس بن عبيد بن رُؤاسِ بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، و كان أَبو عمر الزاهد يقول في الرُّؤاسِي أَحد القراء و المحدّثين: إِنه الرَّواسِي، بفتح الراء و بالواو من غير همز، منسوب إِلى رَوَاسٍ قبيلة من سُلَيْم و كان ينكر أَن يقال الرُّؤاسِي، بالهمز، كما يقوله المحدّثون و غيرهم.
ربس:
الرَّبْسُ: الضرب باليدين. يقال: رَبَسَه رَبْساً ضربه بيديه. و الرَّبِيسُ: المضروب أَو المُصابُ بمال أَو غيره. و الرَّبْسُ منه الارْتِباسُ. و ارْتَبَسَ العُنْقُودُ: اكْتَنَزَ. و عنقود مُرْتَبِس: معناه انهضامُ حبه و تداخُلُ بعضه في بعض. و كَبْش رَبِيسٌ و رَبيز أَي مكتنز أَعْجَر. و الارْتِباسُ: الاكتناز في اللحم و غيره. و مال رِبْسٌ [رَبْسٌ]: كثير. و أَمر رَبْسٌ: منكر. و جاء بأُمُور رُبْسٍ: يعني الدواهي كَدُبْس، بالراء و الدال. و
في الحديث: أَن رجلًا جاء إِلى قريش فقال: إِن أَهل خيبر أَسروا محمداً و يريدون أَن يرسلوا به إِلى قومه ليقتلوه فجعل المشركون يُرْبِسُون به العباسَ.
؛ قال ابن الأَثير: يحتمل أَن يكون من الإِرْباس و هو المُراغَمَة، أَي يُسْمِعُونه ما يُسْخطه و يَغِيظُه، قال: و يحتمل أَن يكون من قولهم جاء بأُمور رُبْسٍ أَي سُود، يعني يأْتونه بداهية، و يحتمل أَن يكون من الرَّبِيس و هو المصاب بمال أَو غيره أَي يصيبون العباس بما يَسُوءُه. و جاء بمال رَبْسٍ [رِبْسٍ] أَي كثير. و رجل رَبِيسٌ: جَلْدٌ مُنْكرٌ دَاهٍ. و الرَّبيسُ من الرجال: الشجاع و الداهية. يقال: داهية رَبْساء أَي شديدة؛ قال:
و مِثلِي لنُزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ
و تَرَبَّسَ: طَلَبَ طَلَباً حَثيثاً. و تَرَبَّسْت فلاناً أَي طلبته؛ و أَنشد:
تَرَبَّسْتُ في تَطْلابِ أَرض ابنِ مالكٍ فأَعْجَزَني، و المَرْءُ غيرُ أَصِيلِ
ابن السكيت: يقال جاء فلان يَتَرَبَّسُ أَي يمشي مشياً خفيّاً؛ و قال دُكَيْن:
فَصَبَحَتْه سَلِقٌ تَبَرْبَسُ
أَي تمشي مشياً خفيّاً. و قال أَبو عمرو: جاء فلان يَتَبَرْبَسُ إِذا جاء مُتَبَخْتِراً. و ارْبَسَّ الرجلُ ارْبِساساً أَي ذهب في الأَرض. و قيل: ارْبَسَّ إِذا غذا في الأَرض. و ارْبَسَّ أَمرُهم اربِساساً: لغة في ارْبَثَّ أَي ضَعُفَ حتى تفرقوا. ابن الأَعرابي: البِرْباسُ البئر العَمِيقة. و رَبَسَ قِرْبته أَي ملأَها. و أَصل الرَّبْس: الضرب باليدين. و أُمُّ الرُّبَيْسِ: من أَسماء الداهية و أَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبِيُّ: من شعراء تَغْلِبَ.
رجس:
الرِّجْسُ: القَذَرُ، و قيل: الشيء القَذِرُ. و رَجُسَ الشيءُ يَرْجُسُ رَجاسَةً، و إِنه لَرِجْسٌ مَرْجُوس، و كلُّ قَذَر رِجْسٌ. و رجل مَرْجوس
94
و رِجْسٌ: نِجْسٌ، و رَجِسٌ: نَجِسٌ؛ قال ابن دريد: و أَحسبهم قد نالوا رَجَسٌ نَجَسٌ، و هي الرَّجاسَةُ و النَّجاسَة. و
في الحديث: أَعوذ بك من الرِّجْسِ النِّجْسِ.
؛ الرِّجْسُ: القذر، و قد يعبر به عن الحرام و الفعل القبيح و العذاب و اللعنة و الكفر، و المراد في هذا الحديث الأَول. قال الفراء: إِذا بدأُوا بالرِّجْسِ ثم أَتبعوه النِّجْسَ، كسروا الجيم، و إِذا بدأُوا بالنجس و لم يذكروا معه الرِّجْس فتحوا الجيم و النون؛ و منه
الحديث: نهى أَن يُسْتَنْجَى بِرَوْثَةٍ، و قال: إِنها رِجْسٌ.
أَي مُسْتَقْذَرَة. و الرِّجْس: العذاب كالرِّجز. التهذيب: و أَما الرِّجْزُ فالعذاب و العمل الذي يؤدي إِلى العذاب. و الرِّجْسُ في القرآن: العذاب كالرِّجْز. و
جاء في دعاء الوتر: و أَنْزِلْ عليهم رِجْسَك و عذابك.
؛ قال أَبو منصور: الرجس هاهنا بمعنى الرجز، و هو العذاب، قلبت الزاي سيناً، كما قيل الأَسد و الأَزد. و قال الفراء في قوله تعالى: وَ يَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ
؛ إِنه العقاب و الغضب، و هو مضارع لقوله الرجز، قال: و لعلها لغتان. و قال ابن الكلبي في قوله تعالى: فَإِنَّهُ رِجْسٌ
؛ الرجس: المَأْثَمُ، و قال مجاهد كذلك يجعل اللَّه الرجس، قال: ما لا خير فيه، قال أَبو جعفر: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ
، قال: الرِّجْسُ الشك. ابن الأَعرابي: مرَّ بنا جماعة رَجِسُونَ نَجِسُونَ أَي كُفَّار. و في التنزيل العزيز: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ
؛ قال الزجاج: الرِّجْسُ في اللغة اسم لكل ما استقذر من عمل فبالغ اللَّه تعالى في ذم هذه الأَشياء و سماها رِجْساً. و يقال: رَجُسَ الرجل رَجَساً و رَجِسَ يَرْجَسُ إِذا عَمِلَ عملًا قبيحاً. و الرَّجْسُ، بالفتح: شدة الصوت، فكأَنَّ الرِّجْسَ العمل الذي يقبح ذكره و يرتفع في القبح. و قال ابن الكلبي: رِجْسٌ من عمل الشيطان أَي مَأْثَمٌ؛ قال ابن السكيت: الرَّجْسُ، مصدر، صوتُ الرَّعد و تَمَخُّضُه. غيره: الرَّجْسُ، بالفتح، الصوت الشديد من الرعد و من هدير البعير. و رجَسَت السماء تَرْجُسُ إِذا رَعَدَتْ و تَمَخَّضَتْ، و ارتجَسَتْ مثله. و
في حديث سَطِيح: لما وُلِدَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، ارْتَجَسَ إِيوان كِسْرَى.
أَي اضطرب و تحرك حركة سمع لها صوت. و
في الحديث: إِذا كان أَحدكم في الصلاة فوجد رِجْساً أَو رِجْزاً فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أَو يَجِدَ ريحاً.
و رِجْسُ الشيطان: وَسْوَسَتُه. و الرَّجْسُ و الرَّجْسَةُ و الرَّجَسانُ و الارْتِجاسُ: صوت الشيء المختلط العظيم كالجيش و السيل و الرعد. رَجَسَ يَرْجُسُ رَجْساً، فهو راجِسٌ و رَجَّاسٌ. و يقال: سحاب و رعد رَجَّاسٌ شديد الصوت، و هذا راجِسٌ حَسَن أَي راعِدٌ حسن؛ قال:
و كلُّ رَجَّاسٍ يَسُوقُ الرُجَّسا، من السُيولِ و السَّحاب المُرَّسا
يعني التي تَمْتَرِسُ الأَرض فَتَجْرُف ما عليها. و بعير رَجَّاس و مِرْجسٌ أَي شديد الهَدير. و ناقة رَجْساء الحَنِين: متتابعته؛ حكاه ابن الأَعرابي، و أَنشد:
يَتْبَعْنَ رَجْساءَ الحَنِين بَيْهَسا، تَرى بأَعْلى فَخِذَيْها عَبَسا،
مثلَ خَلُوقِ الفارِسِيِّ أَعْرَسا
و رَجْسُ البعير: هَديرُه؛ عن اللحياني؛ قال رؤبة:
بِرَجْسِ بَخْباخِ الهَديرِ البَهْبَهِ
و هم في مَرْجُوسَة من أَمرهم و في مَرْجُوساء أَي
95
في التباس و اختلاط و دَوَرانٍ؛ و أَنشد:
نحن صَبَحْنا عَسْكَرَ المَرْجُوسِ، بذاتِ خالٍ، ليلةً الخَمِيسِ
و المِرْجاسُ: حجر يطرح في جوف البئر يُقَدَّر به ماؤها و يعلم به قَدْرُ قعر الماء و عُمْقه؛ قاله ابن سيدة، و المعروف المِرْداسُ. و أَرْجَسَ الرجلُ: إِذا قدَّر الماء بالمِرْجاس. الجوهري: المِرْجاسُ حجر يُشَدُّ في طرف الحبل ثم يُدْلى في البئر فتُمْخَض الحَمْأَة حتى تَثُور ثم يُسْتقى ذلك الماء فتنقى البئر؛ قال الشاعر:
إِذا رَأَوْا كَريهةً يَرْمُونَ بي، رَمْيَكَ بالمِرْجاسِ في قَعْرِ الطَّوي
و النَّرْجِسُ: من الرياحين، معرّب، و النون زائدة لأَنه ليس في كلامهم فَعْلِلٌ و في الكلام نَفْعِل، قاله أَبو علي. و يقال: النِّرْجِسُ، فإِن سميت رجلًا بنَرْجِس لم تصرفه لأَنه نَفْعِلُ كنَجْلِسُ و نَجْرِس، و ليس برباعي، لأَنه ليس في الكلام مثل جَعْفر فإِن سميته بِنِرْجِسٍ صرفته لأَنه على زنة فِعْلِلٍ، فهو رباعي كهِجْرِس؛ قال الجوهري: و لو كان في الأَسماء شيء على مثال فَعلِل لصرفناه كما صرفنا نَهْشَلًا لأَن في الأَسماء فَعْللًا مثل جَعْفَرٍ.
ردس:
رَدَسَ الشيءَ يَرْدُسُه و يَردِسُه رَدْساً: دَكَّه بشيء صُلْبٍ. و المِرْداس: ما رُدِسَ به. و رَدَسَ يَرْدِسُ رَدْساً و هو بأَي شيء كان. و المِرْدَسُ و المِرْداسُ: الصخرة التي يرمى بها، و خص بعضهم به الحجر الذي يرمى به في البئر ليعلم أَ فيها ماء أَم لا؛ و قال الراجز:
قَذفَكَ بالمِرْداسِ في قَعْرِ الطَّوي
و منه سمي الرجل. و قال شمر: يقال رَدَسَه بالحجر أَي ضربه و رماه به؛ قال رؤبة:
هناك مِرْدانَا مِدَّقٌّ مِرْداسْ
أَي داقٌّ. يقال: رَدَسَه بحجر و ندَسَه و رَداه إِذا رماه. و الرَّدْسُ: دَكُّكَ أَرضاً أَو حائطاً أَو مَدَراً بشيء صُلْب عريض يسمى مِرْدَساً؛ و أَنشد:
تعمد الأَعداء حَوْزاً مِرْدَسا
و رَدَسْتُ القومَ أَرْدُسُهم [أَرْدِسُهم] رَدْساً إِذا رميتهم بحجر؛ قال الشاعر:
إِذا أَخوك لَواكَ الحَقَّ مُعْتَرِضاً، فارْدُسْ أَخاكَ بعَبْءٍ مثلِ عَتَّابِ
يعني مثل بني عَتَّاب، و كذلك رادَسْتُ القومَ مُرادسَة. و رجل رِدِّيسٌ، بالتشديد، و قولٌ رَدْسٌ: كأَنه يرمي به خصمه؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد للعُجَيْرِ السَّلوليّ:
بِقَوْلٍ وَراءَ البابِ رَدْسٍ كأَنه رَدى الصَّخْرِ، فالمَقْلُوبةُ الصَّيدُ تَسْمَعُ
ابن الأَعرابي: الرَّدُوسُ السَّطوحُ المُرَخَّمُ «2»؛ و قال الطرماح.
تَشُقُّ مقمصار الليلِ عنها، إِذا طَرَقَتْ بِمِرْداسٍ رَعُونِ
قال أَبو عمرو: المِرْداسُ الرأْس لأَنه يُرْدَسُ به أَي يُرَدُّ به و يدفع. و الرَّعُونُ: المتحرك. يقال: رَدَسَ برأْسه أَي دفع به. و مِرْداسٌ: اسم؛ و أَما قول عباس بن مِرْداسٍ السُّلَمِي:
__________________________________________________
(2). قوله [السطوح المرخم] كذا بالأَصل. و كتب السيد مرتضى بالهامش صوابه: النطوح المرجم، و كتب على قوله:
تشق مقمصار ...
، صوابه:
تشق مغمضات.
96
و ما كان حِصْنٌ و لا حابِسٌ يَفُوقانِ مِرْداسَ في المَجْمَعِ
فكان الأَخفش يجعله من ضرورة الشعر، و أَنكره المبرِّدُ و لم يجوّز في ضرورة الشعر ترك صرف ما ينصرف؛ و قال الرواية الصحيحة:
يَفوقانِ شَيْخَيَّ في مَجْمَعِ
و يقال: ما أَدري أَين رَدَسَ أَي أَين ذهب. و رَدَسَه رَدْساً كدَرَسَه دَرْساً: ذَلَّلَه. و الرَّدْسُ أَيضاً: الضرب.
رسس:
رَسَّ بينهم يَرُسُّ رَسّاً: أَصلح، و رَسَسْتُ كذلك. و
في حديث ابن الأَكوع: إِن المشركين راسُّونا للصلح و ابتدأُونا في ذلك.
؛ هو من رَسَسْتُ بينهم أَرُسُّ رَسّاً أَي أَصلحت، و قيل: معناه فاتَحُونا، من قولهم: بلغني رَسٌّ من خَبَر أَي أَوَّله، و يروى: واسَونا، بالواو، أَي اتفقوا معنا عليه. و الواو فيه بدل من همزة الأُسْوةِ. الصحاح: الرَّسُّ الإِصلاح بين الناس و الإِفسادُ أَيضاً، و قد رَسَسْتُ بينهم، و هو من الأَضداد. و الرَّسُّ: ابتداء الشيء. و رَسُّ الحُمَّى و رَسِيسُها واحدٌ: بَدْؤُها و أَوّل مَسّها، و ذلك إِذا تَمَطَّى المحمومُ من أَجلها و فَتَرَ جسمهُ و تَخَتَّرَ. الأَصمعي: أَوّل ما يجد الإِنسانُ مَسَّ الحمى قبل أَن تأْخذه و تظهر فذاك الرَّسُّ و الرَّسِيسُ أَيضاً. قال الفراء: أَخذته الحمى بِرَسٍّ إِذا ثبت في عظامه. التهذيب: و الرَّسُّ في قوافي الشعر صرف الحرف الذي بعد أَلف التأْسيس نحو حركة عين فاعل في القافية كيفما تحرّكت حركتها جازت و كانت رَسّاً للأَلف؛ قال ابن سيدة: الرَّسُّ فتحة الحرف الذي قبل حرف التأْسيس، نحو قول إمرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراته، و لكن حديثاً، ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
ففتحة الواو هي الرَّسِّ و لا يكون إِلا فتحة و هي لازمة، قال: هذا كله قول الأَخفش، و قد دفع أَبو عمرو الجرمي اعتبار حال الرَّسِّ و قال: لم يكن ينبغي أَن يذكر لأَنه لا يمكن أَن يكون قبل الأَلف إِلا فتحة فمتى جاءت الأَلف لم يكن من الفتحة بدّ؛ قال ابن جني: و القول على صحة اعتبار هذه الفتحة و تسميتها إِن أَلف التأْسيس لما كانت معتبرة مسماة، و كانت الفتحة داعية إِليها و مقتضية لها و مفارقة لسائر الفتحات التي لا أَلف بعدها نحو قول و بيع و كعب و ذرب و جمل و حبل و نحو ذلك، خصت باسم لما ذكرنا و لأَنها على كل حال لازمة في جميع القصيدة، قال: و لا نعرف لازماً في القافية إِلا و هو مذكور مسمى، بل إِذا جاز أَن نسمي في القافية ما ليس لازماً أَعني الدخيل فما هو لازم لا محالة أَجْدَر و أَحْجى بوجوب التسمية له؛ قال ابن جني: و قد نبه أَبو الحسن على هذا المعنى الذي ذكرته من أَنها لما كانت متقدمة للأَلف بعدها و أَول لوازم للقافية و مبتدأها سماها الرَّسَّ، و ذلك لأَن الرسَّ و الرَّسِيسَ أَوّلُ الحُمَّى الذي يؤذن بها و يدل على ورودها. ابن الأَعرابي: الرَّسَّة الساريةُ المُحكمَة. قال أَبو مالك: رَسِيسُ الحمى أَصلها؛ قال ذو الرمة:
إِذا غَيَّرَ النّأْيُ المُحِبِّينَ، لم أَجِدْ رَسِيسَ الهَوَى من ذكرِ مَيَّةَ يَبْرَحُ
أَي أَثبتَه. و الرَّسِيسُ: الشيء الثابت الذي قد لزم مكانه؛ و أَنشد:
رَسِيس الهَوَى من طُول ما يَتَذَكَّرُ
و رسَّ الهوى في قلبه و السَّقَمُ في جسمه رَسّاً و رَسيساً و أَرَسَّ: دخل و ثبت. و رسُّ الحُبِّ و رَسِيسُه:
97
بقيته و أَثره. و رَسَّ الحديثَ في نفسه يَرُسُّه رَسّاً: حَدَّثها به. و بلغني رَسٌّ من خبر و ذَرْءٌ من خَبَر أَي طرف منه أَو شيء منه. أَبو زيد. أَتانا رَسٌّ من خبر و رَسِيسٌ من خبر و هو الخبر الذي لم يصح. و هم يَتَراسُّون الخبر و يَتَرَهْمَسُونه أَي يُسِرُّونه؛ و منه
قول الحجاج للنعمان بن زُرْعة: أَ من أَهل الرَّسِّ و الرِهْمَسَةِ أَنت؟.
قال: أَهلُ الرَّسِّ هم الذين يبتدئون الكذب و يوقعونه في أَفواه الناس. و قال الزمخشري: هو من رَسَّ بين القوم أَي أَفسد؛ و أَنشد أَبو عمرو لابن مُقْبل يذكر الريح و لِينَ هُبوبها:
كأَنَّ خُزامَى عالِجٍ طَرَقَتْ بها شَمالٌ رَسِيسُ المَسِّ، بل هي أَطيَبُ
قال: أَراد أَنها لينة الهُبوب رُخاء. و رَسَّ له الخَبَر: ذكره له؛ قال أَبو طالب:
هما أَشْركا في المَجْدِ مَن لا أَبا لَهُ من الناسِ، إِلا أَن يُرَسَّ له ذِكْرُ
أَي إِلا أَن يُذْكَر ذِكْراً خفيّاً. المازني: الرَّسُّ العلامة، أَرْسَسْتُ الشيء: جعلت له علامة. و قال أَبو عمرو: الرَسِيسُ العاقل الفَطِنُ. و رسّ الشيءَ: نَسِيَه لتَقادُم عهده؛ قال:
يا خَيْرَ من زانَ سُروجَ المَيْسِ، قد رُسَّتِ الحاجاتُ عند قَيْسِ،
إِذ لا يَزالُ مُولَعاً بلَيْسِ
و الرّسُّ: البئر القديمة أَو المَعْدِنُ، و الجمع رِسَاسٌ؛ قال النابغة الجَعْدِي:
تَنابِلَةٌ يَحْفِرُونَ الرِّسَاسا
و رَسَسْتُ رَسّاً أَي حفرت بئراً. و الرَّسُّ: بئر لثمود، و في الصحاح: بئر كانت لبَقِيَّة من ثمود. و قوله عز و جل: وَ أَصْحابَ الرَّسِّ*
؛
قال الزجاج: يروى أَن الرَّسَّ ديار لطائفة من ثمود، قال: و يروى أَن الرَّسَّ قرية باليمامة يقال لها فَلْج، و يروى أَنهم كذبوا نبيهم و رَسُّوه في بئر أَي دَسُّوه فيها حتى مات، و يروى أَن الرَّسَّ بئر.
و كلُّ بئر عند العرب رَسٌّ؛ و منه قول النابغة:
تنابلة يحفرون الرَّسَاسَا
و رُسَّ الميتُ أَي قُبِرَ. و الرسُّ و الرّسِيسُ: واديان بنَجْدٍ أَو موضعان، و قيل: هما ماءَان في بلاد العرب معروفان؛ الصحاح: و الرّسُّ اسم وادٍ في قول زهير:
بَكَرْن بُكُوراً و اسْتَحَرْنَ بسُحْرَةٍ، فهُنَّ و وَادي الرَّسِّ كاليَدِ في الفَمِ
قال ابن بري: و يروى لوادي الرس، باللام، و المعنى فيه أَنهن لا يُجاوزن هذا الوادي و لا يُخْطِئنه كما لا تجاوز اليدُ الفَمَ و لا تُخْطِئُه؛ و أَما قول زهير:
لمن طَللٌ كالوَحْيِ عَفٌّ مَنازِلُه، عَفا الرَّسُّ منها فالرَّسِيسُ فَعاقِلُه؟
فهو اسم ماء. و عاقل: اسم جبل. و الرَّسْرَسَة: الرَّصْرصَة، و هي تثبيت البعير ركبتيه في الأَرض ليَنْهَضَ. و رَسَّسَ البعيرُ: تمكن للنُّهوض و يقال: رُسِّسَتْ و رُصِّصَتْ أَي أُثبتت. و
يروى عن النخعي أَنه قال: إِني لأَسمع الحديث فأُحدِّث به الخادِمَ أَرُسُّه في نفسي.
قال الأَصمعي: الرَّسُّ ابتداء الشيء؛ و منه رَسُّ الحُمَّى و رَسِيسُها حين تبدأُ، فأَراد إِبراهيم بقوله أَرُسُّه في نفسي أَي أُثبِته، و قيل أَي أَبتدئ بذكر الحديث و دَرْسِه في نفسي و أُحَدِّث به خادمي أَسْتَذكِرُ بذلك الحديثَ. و فلان يَرُسُّ الحديثَ في نفسه أَي يُحَدِّث به نفسه. و رَسَّ فلانٌ خبر القوم
98
إِذا لقيهم و تعرّف أُمورهم. قال أَبو عبيدة: إِنك لَتَرُسُّ أَمراً ما يلتئم أَي تثبت أَمراً ما يلتئم، و قيل: كنت أَرُسُّه في نفسي أَي أُعاود ذكره و أُرَدِّدُه، و لم يرد ابتداءه. و الرَّسُّ: البئر المطوية بالحجارة.
رطس:
الأَزهري: قال ابن دُرَيْد الرَّطْسُ الضربُ ببطن الكف، قال الأَزهري: لا أَحفظ الرَّطْسَ لغيره. و قد رَطسَه يَرْطُسُه و يَرْطِسُه رَطْساً: ضربه بباطن كفه.
رعس:
الرَّعْسُ و الارْتِعاس: الانْتِفاض، و قد رَعَسَ، فهو راعِسٌ؛ قال الراجز:
و المَشْرَفيُّ في الأَكُفِّ الرُّعَّسِ، بمَوْطِنٍ يُنْبِطُ فيه المُحْتَسِي،
بالقَلَعِيَّاتِ نِطافَ الأَنْفُسِ
و رمح رَعَّاسٌ: شديد الاضطراب. و تَرَعَّس: رَجَفَ و اضطرب. و رمح مَرْعُوس و رَعَّاس إِذا كان لَدْنَ المَهَزَّة عَرَّاصاً شديد الاضطراب. و الرَّعْسُ: هَزُّ الرأْس في السير. و ناقة راعِسَة: تَهُزُّ رأْسها في سيرها، و بعير راعِسٌ و رَعِيسٌ كذلك؛ قال الأَفوَه الأَوْديّ:
يَمْشي خِلالَ الإَبْلِ مُسْتَسْلِماً في قِدِّهِ، مَشْيَ البَعيرِ الرَّعِيسْ
و الرَّعَسانُ: تحريك الرأْس و رَجَفانهُ من الكِبَر؛ و أَنشد لنَبْهانَ:
سَيَعْلَمُ مَنْ يَنْوي جَلائي أَنني أَريبٌ، بأَكْنافِ النَّضِيضِ، حَبَلْبَسُ
أَرادوا جلائي يومَ فَيْدَ، و قَرَّبوا لِحًى و رُؤُوساً للشهادةِ تَرْعَسُ
و في التهذيب: حَبَلَّسُ، و قال: الحَبَلَّسُ و الحَلْبَسُ و الحُلابسُ الشجاع الذي لا يبرح مكانه. و ناقة رَعُوسٌ: و هي التي قد رَجَف رأَسُها من الكِبَر، و قيل: تحرَّك رأْسها إِذا عَدَتْ من نَشاطها. الفراء: رَعَسْتُ في المشي أَرْعَسُ إِذا مشيت مشياً ضعيفاً من إِعْياء أَو غيره. و الارْتِعاسُ: مثلُ الارتِعاش و الارْتِعادِ، يقال: ارْتَعَسَ رأْسه و ارْتَعَشَ إِذا اضْطرب و ارْتَعَدَ، و أَرْعَسَه مثل أَرْعَشَه؛ قال العجاج يصف سيفاً يَهُذُّ ضَريبَتَه هَذّاً:
يُذْري بإِرْعاسِ يَمينِ المُؤْتَلي، خُضُمَّةَ الدَّارِع هَذَّ المُخْتَلي
و يروى بالشين؛ يقول: يقطع و إِن كان الضارب مُقَصِّراً مُرْتَعِشَ اليدِ. يُذْري أَي يُطِير. و الإِرْعاسُ: الارْتِجافُ. و المُؤْتَلي: الذي لا يبلغ جُهْدَه. و خُضُمَّةُ كل شيء: معظمُه. و الدَّارِعُ: الذي عليه الدِّرْعُ، يقول: يقطع هذا السيفُ مُعْظَمَ هذا الدارع على أَن يمين الضارب به تَرْجُف، و على أَنه غير مجتهد في ضربته، و إِنما نعت السيف بسرعة القطع. و المُخْتَلي: الذي يَحْتَشُّ بمِخْلاه، و هو مِحَشُّه. و رَعَسَ يَرْعَسُ رَعْساً، فهو راعِسٌ و رَعُوسٌ: هَزَّ رأْسه في نومه؛ قال:
عَلَوْت حين يَخْضَعُ الرَّعُوسا
و المَرْعُوسُ و الرَّعِيسُ: الذي يُشدّ من رجله إِلى رأْسه بحبل حتى لا يرفع رأْسه، و قد فسر بيت الأَفوه به. و المِرْعَسُ: الرجل الخسيس القَشَّاشُ، و القشَّاشُ: الذي يلتقط الطعام الذي لا خير فيه من المزابل.
99
رغس:
الرَّغْسُ: النَّماء و الكثرة و الخير و البركة، و قد رَغَسَه اللَّه رَغْساً. و وجهٌ مَرْغُوسٌ: طَلْق مبارك ميمون؛ قال رؤبة يمدح إِيادَ بنَ الوليد البَجَليّ:
دَعَوتُ رَبَّ العِزَّةِ القُدُّوسا، دُعاءَ من لا يَقْرَعُ النَّاقُوسا،
حتى أَراني وَجْهك المَرْغُوسا
و أَنشد ثعلب:
ليس بمَحْمُودٍ و لا مَرْغُوسِ
و رجل مرغوس: مبارك كثير الخير مرزوق. و رَغَسَه اللَّهُ مالًا و ولداً: أَعطاه مالًا و ولداً كثيراً. و
في الحديث: أَن رجلًا رَغَسَه اللَّه مالًا و ولداً.
؛ قال الأُمَويُّ: أَكثر له منهما و بارك له فيهما. و يقال: رَغَسَهُ اللَّهُ يَرغَسُه رَغْساً إِذا كان ماله نامياً كثيراً، و كذلك في الحَسَب و غيره. و الرَّغْسُ: السَّعَةُ في النعمة. و تقول: كانوا قليلًا فرَغَسَهم اللَّه أَي كَثَّرهم و أَنْماهم، و كذلك هو في الحسب و غيره؛ قال العجاج يمدح بعض الخلفاء:
أَمامَ رَغْسٍ في نِصابٍ رَغْسِ، خَلِيفةً ساسَ بغير تَعْسِ
وصفه بالمصدر فلذلك نوَّنه. و النصاب: الأَصل. و صواب إِنشاد هذا الرجز أَمامَ، بالفتح، لأَن قبله:
حتى احْتَضَرنا بعد سَيْرٍ حَدْسِ، أَمام رَغْسٍ في نِصابٍ رَغْسِ،
خليفةً ساسَ بغيرِ فَجْسِ
يمدح بهذا الرجز الوليد بن عبد الملك بن مروان. و الفَجْسُ: الافتخار. و امرأَة مَرْغُوسَة: ولود. و شاة مَرْغُوسَة: كثيرة الولد؛ قال:
لَهْفي على شاةِ أَبي السِّباقِ، عَتِيقَةٍ من غَنَمٍ عِتاقِ،
مَرْغُوسَةٍ مأْمورةٍ مِعْناقِ
معناق: تلد العُنُوقَ، و هي الإِناث من أَولاد المعز. و الرَّغْسُ: النكاح؛ هذه عن كراع. و رَغَسَ الشيءَ: مقلوبٌ عن غَرَسَه؛ عن يعقوب. و الأَرْغاسُ: الأَغْراسُ التي تخرج على الولد، مقلوب عنه أَيضاً.
رفس:
الرَّفْسَة: الصَّدْمَة بالرِّجْلِ في الصدر. و رَفَسَه يَرْفُسُه و يَرْفِسُه رَفْساً: ضربه في صدره برجله، و قيل: رَفَسَه برجله من غير أَن يخص به الصدر. و دابة رَفُوسٌ إِذا كان من شأْنها ذلك، و الاسم الرِّفاسُ و الرَّفِيسُ و الرُّفُوسُ، و رَفَسَ اللحمَ و غيره من الطعام رَفْساً: دَقَّه، و قيل: كل دَقٍّ رَفْسٌ، و أَصله في الطعام. و المِرْفَسُ: الذي يُدَقُّ به اللحمُ.
ركس:
الرِّكْسُ: الجماعة من الناس، و قيل: الكثير من الناس، و الرِّكْسُ شبيه بالرَّجِيع. و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، أُتيَ برَوْثٍ في الاستنجاء فقال: إِنه رِكْسٌ.
؛ قال أَبو عبيد: الرِّكْسُ شبيه المعنى بالرجيع. يقال: رَكَسْتُ الشيء و أَرْكَسْتُه إِذا رَدَدْتَه و رَجَعْتَه، و
في رواية: إِنه رَكِيس.
فعيل بمعنى مفعول؛ و منه
الحديث: اللهم أَركِسْهما في الفتنة رَكْساً.
؛ و الرَّكْسُ: قلبُ الشيء على رأْسه أَو ردُّ أَوله على آخره؛ رَكَسَه يَرْكُسُه رَكْساً، فهو مَرْكوس و رَكِيسٌ، و أَرْكَسَه فارْتَكَس فيهما. و في التنزيل: وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا
؛ قال الفراء: يقول رَدَّهم إِلى الكفر، قال: و رَكَسهم لغة. و يقال: رَكَسْتُ الشيء و أَرْكَسْتُه لغتان إِذا رَدَدْتَه. و الْارتِكاسُ: الارتداد. و قال شمر: بلغني عن ابن
100
الأَعرابي أَنه قال المَنْكُوس و المَرْكُوس المُدْبر عن حاله. و الرَّكْسُ: ردُّ الشيء مقلوباً. و
في الحديث: الفِتَنُ تَرْتَكِسُ بين جراثيم العرب.
أَي تَزْدَحِمُ و تتردد. و الرَّكِيسُ أَيضاً: الضعيف المُرْتَكِسُ؛ عن ابن الأَعرابي. و ارْتَكَسَتِ الجارية إِذا طلع ثَدْيُها، فإِذا اجتمع و ضَخُمَ فقد نَهَدَ. و الرَّاكِسُ: الهادي، و هو الثور الذي يكون في وَسَطِ البَيْدَرِ عند الدِّياسِ و البقر حوله تدور و يَرْتَكِسُ هو مكانه، و الأُنثى راكسة. و إِذا وقع الإِنسان في أَمر ما نجا منه قيل: ارْتَكَسَ فيه. الصحاح: ارْتَكَسَ فلانٌ في أَمر كان قد نجا منه. و الرَّكُوسِيَّةُ: قوم لهم دين بين النصارى و الصابئين. و
في حديث عديّ بن حاتم: أَنه أَتى النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، فقال له النبي، صلى اللَّه عليه و سلم: إِنك من أَهل دين يقال لهم الرَّكُوسِيَّة.
؛ و روي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: هذا من نعت النصارى و لا يعرّب. و الرِّكْسُ، بالكسر: الجِسْرُ؛ و راكِسٌ في شعر النابغة:
وعِيدُ أَبي قابُوسَ في غيرِ كُنْهه أَتاني، و دوني راكِسٌ فالضَّواجِعُ
اسم واد. و قوله في غير كنهه أَي لم أَكن فعلت ما يوجب غضبه عليَّ فجاء وعيده في غير حقيقة أَي على غير ذنب أَذنبته. و الضواجع: جمع ضاجعة، و هو مُنْحَنَى الوادي و مُنْعَطَفُه.
رمس:
الرَّمْسُ: الصوت الخَفِيُّ. و رَمَسَ الشيءَ يَرْمُسُه رَمْساً: طَمَسَ أَثَرَه. و رَمَسه يَرْمُسُه و يَرْمِسُه رَمْساً، فهو مَرْموس و رَمِيسٌ: دفنه و سَوَّى عليه الأَرضَ. و كلُّ ما هِيلَ عليه التراب، فقد رُمِسَ؛ و كلُّ شيءٍ نُثِرَ عليه الترابُ، فهو مَرْمُوس؛ قال لقِيطُ بنُ زُرارَةَ:
يا ليتَ شِعْري اليومَ دَخْتَنُوسُ، إِذا أَتاها الخَبَرُ المَرْمُوسُ،
أَ تَحْلِقُ القُرُونَ أَم تَمِيسُ؟ لا بَلْ تَمِيسُ، إِنها عَرُوسُ
و أَما قول البُرَيْقِ:
ذَهَبْتُ أَعُورُه فَوَجدْتُ فيه أَوَارِيّاً رَوامِسَ و الغُبارا
قد يكون على النسب و قد يكون على وضع فاعل مكان مفعول إِذ لا يُعرف رَمَسَ الشيءُ نَفْسُه. ابن شُمَيْل: الرَّوامِسُ الطير الذي يطير بالليل، قال: و كل دابة تخرج بالليل، فهي رَامِسٌ تَرْمُس: تَدْفِنُ الآثارَ كما يُرْمَسُ الميت، قال؛ إِذا كان القبر مُدَرَّماً مع الأَرض، فهو رَمْس، أَي مستوياً مع وجه الأَرض، و إِذا رفع القبر في السماء عن وجه الأَرض لا يقال له رَمْسٌ. و
في حديث ابن مغَفَّل: ارْمُسُوا قبري رَمْساً.
أَي سَوُّوه بالأَرض و لا تجعلوه مُسَنَّماً مرتفعاً. و أَصلُ الرَّمْسِ: الستر و التغطية. و يقال لما يُحْثَى من التراب على القبر: رَمْسٌ. و القبر نفسُه: رَمْسٌ؛ قال:
و بينما المرءُ في الأَحياءِ مُغْتَبِطٌ، إِذا هو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَراد: إِذا هو تراب قد دُفِنَ فيه و الرياح تُطَيِّره. و
روى عن الشعبي في حديث أَنه قال: إِذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماء أَجزأَه ذلك من غسل الجنابة.
؛ قال شمر: ارْتَمس في الماء إِذا انغمس فيه حتى يغيب رأْسه و جميعُ جسده فيه. و
في حديث ابن عباس: أَنه رامَسَ عُمَرَ بالجُحْفَة و هما مُحْرِمان.
أَي أَدخلا
101
رؤوسهما في الماء حتى يغطيهما، و هو كالغَمْس، بالغين، و قيل: هو بالراء أَن لا يطيل اللبث في الماء، و بالغين أَن يطيله. و منه
الحديث: الصائم يَرْتَمِس و لا يَغْتَمِسُ.
ابن سيدة: الرَّمْسُ القبر، و الجمع أَرْماسٌ و رُمُوس؛ قال الحُطَيْئَةُ:
جارٌ لقَوْمٍ أَطالوا هُونَ مَنْزِله، و غادَرُوه مُقِيماً بين أَرْماسِ
و أَنشد ابن الأَعرابي لعُقَيْل بن عُلَّفَةَ:
و أَعِيشُ بالبَلَلِ القَلِيلِ، و قد أَرى أَنَّ الرُّمُوسَ مَصارِعُ الفِتْيانِ
ابن الأَعرابي: الرَّامُوسُ القبر، و المَرْمَسُ: موضع القبر؛ قال الشاعر:
بِخَفْضٍ مَرْمَسي، أَو في يَفاعٍ، تُصَوِّتُ هامَتي في رَأْسِ قَبْري
و رَمَسْناه بالتُّرْب: كَبَسْناه. و الرَّمْسُ: التُّرْبُ تَرْمُس به الريحُ الأَثَر. و رَمْسُ القبر: ما حُثِيَ عليه. و قد رَمَسْناه بالتراب. و الرَّمْسُ تحمله الريح فَتَرْمُس به الآثار أَي تُعَفِّيها. و رمَسْتُ الميت و أَرْمَسْته: دفنته. و رَمَسُوا قبر فلان إِذا كتموه و سَوَّوْه مع الأَرض. و الرَّمْسُ: تراب القبر، و هو في الأَصل مصدر. و قال أَبو حنيفة: الرَّوامِسُ و الرَّامِساتُ الرياح الزَّافِياتُ التي تنقل التراب من بلد إِلى آخر و بينها الأَيام، و ربما غَشَّتْ وجْه الأَرض كُلَّه بتراب أَرض أُخرى. و الرَّوامِسُ الرياح التي تثير التراب و تدفن الآثار. و رَمَسَ عليه الخبرَ رَمْساً: لواه و كتمه. الأَصمعي: إِذا كتم الرجلُ الخَبَرَ القومَ قال: دَمَسْتُ عليهم الأَمرَ و رَمَسْته. و رَمَسْتُ الحديثَ: أَخفيته و كتمته. و وقعوا في مَرْمُوسة من أَمرهم أَي اختلاط؛ عن ابن الأَعرابي. و في الحديث ذكر رامِس، بكسر الميم، موضع في ديار محارب كتب به رسولُ اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، لعُظَيْمِ بنِ الحَرث المُحاربيّ.
رمحس:
الأَزهري: أَبو عمرو الحُمارِسُ و الرُّماحِسُ و الفُداحِسُ، كلُّ ذلك: من نعت الجريء الشجاع، قال: و هي كلها صحيحة.
رهس:
رَهَسَه يَرْهَسُه رَهْساً: وَطِئَه وَطْأً شديداً. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: تركت القوم قد ارْتَهَسُوا و ارْتَهَشُوا. و
في حديث عُبَادةَ: و جَراثِيمُ العربِ تَرْتَهِسُ.
أَي تضطرب في الفتنة، و يروى بالشين المعجمة، أَي تَصْطَكُّ قبائلهم في الفتن. يقال: ارتهس الناس إِذا وقعت فيهم الحرب، و هما متقاربان في المعنى، و
يروى: تَرْتَكِسُ.
و قد تقدم. و
في حديث العُرَنِيِّينَ: عظُمَتْ بطوننا و ارْتَهَسَتْ أَعْضادُنا.
أَي اضطربت، و يجوز أَن يكون بالسين و الشين، و ارْتَهَسَتْ رِجلا الدابة و ارْتَهَشَتْ إِذا اصْطَكَّتا و ضرب بعضهما بعضاً. قال: و قال شُجاع ارْتَكَسَ القومُ و ارْتَهَسوا إِذا ازدحموا؛ قال العجاج:
و عُنُقاً عَرْداً و رأْساً مِرْأَسا، مُضَبَّرَ اللَّحْيَيْنِ نَسْراً مِنْهَسا
عَضْباً إِذا دِماغُه تَرَهَّسا، و حَكَّ أَنْياباً و خُضْراً فُؤُسا
تَرَهَّسَ أَي تَمَخَّضَ و تحركَ. فُؤُسٌ: قِطَعٌ من الفَأْسِ، فُعُلٌ منه. حك أَنياباً أَي صَرَّفَها. و خُضْراً يعني أَضراساً قد قَدُمَتْ فاخضرت.
102
رهمس:
رَهْسَمَ الخَبَرَ: أَتى منه بطَرَفٍ و لم يُفْصِح بجميعه. و رَهْمَسَه: مثلُ رَهْسَمَه. و الرَّهْمَسَة أَيضاً: السِّرارُ؛ و أُتيَ الحجاجُ برجل فقال: أَ مِن أَهل الرَّسِّ و الرَّهْمَسَة أَنت؟ كأَنه أَراد المُسارَّةَ في إِثارة الفتنة و شق العصا بين المسلمين. تَرَهْسَمَ و تَرَهْمَسَ إِذا سارَّ و ساوَرَ. قال شَبانَةُ: أَمرٌ مُرَهْمَسٌ و مُنَهْمَسٌ أَي مستور.
روس:
رَاسَ رَوْساً: تَبَخْتَر، و الياء أَعلى. و راسَ السَّيْلُ الغُثاءَ: جمعه و حَمَلَه. و رَوائِس الأَودية: أَعاليها، من ذلك. و الرَّوائِسُ: المتقدِّمة من السحاب. و الرَّوْسُ: العيب؛ عن كراع. و الرَّوْسُ: كَثْرَةُ الأَكل. و راسَ يَرُوسُ رَوْساً إِذا أَكل و جَوَّد. التهذيب: الرَّوْسُ الأَكل الكثير. و رَواسُ: قبيلة سميت بذلك؛ و رَوْسُ بن عادِيَة بنت قَزَعَةَ الزُّبَيْرية تقول فيه عادِيَةُ أُمُّه:
أَشْبَهَ رَوْسٌ نَفَراً كِراما، كانوا الذُّرَى و الأَنْفَ و السَّناما،
كانوا لمن خالَطَهُمْ إِداما
و بنو رُواسٍ: بَطْنٌ. و أَبو دؤَادٍ الرُواسِيُّ اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن قيس بن عبيد بن رُواس بنِ كلابِ بن ربيعة بن عامر بن صَعْصَعَةَ، و كان أَبو عمر الزاهد يقول في الرّواسِي أَحد القراء و المحدثين: إِنه الرَّواسِي، بفتح الراء و بالواو من غير همز، منسوب إِلى رَواس قبيلة من سليم، و كان ينكر أَن يقال الرُّؤَاسي، بالهمز، كما يقوله المحدِّثون و غيرهم.
روذس:
لها في الحديث ذكر، و هي اسم جزيرة بأَرض الروم، و قد اختلف في ضبطها فقيل: بضم الراء و كسر الذال المعجمة، و قيل: بفتحها، و قيل: بشين معجمة.
ريس:
راسَ يَريسُ رَيْساً و رَيَساناً: تَبَخْتر، يكون للإِنسان و الأَسد. و الرِيْسُ: التبختر؛ و منه قول أَبي زُبَيْد الطائي و اسمه حَرْمَلَةُ بن المنذر:
فباتوا يُدْلِجون، و باتَ يَسري بَصيرٌ بالدُّجى، هادٍ هَمُوسُ
إِلى أَن عَرَّسوا و أَغَبَّ عنهم قريباً، ما يُحَسُّ له حَسِيسُ
فلما أَن رآهمْ قد تَدانَوْا، أَتاهُمْ بين أَرْحلِهِم يَريسُ
الإِدْلاجُ: سير الليل كله. و الادِّلاجُ: السير من آخره؛ وَصَفَ رَكْباً يسيرون و الأَسَدُ يتبعهم لينتهز فيهم فُرْصَة. و قوله بصير بالدجى أَي يدري كيف يمشي بالليل. و الهادي: الدليل. و الهموس: الذي لا يسمع مشيه. و عرّسوا: نزلوا عن رواحلهم و ناموا. و أَغَبَّ عنهم: قَصَّر في سيره. و لا يُحَسُّ له حَسِيسٌ: لا يسمع له صوت. و رِياسٌ: فحل؛ أَنشد ثعلب للطِّرِمَّاحِ:
كَغَرِيٍّ أَجْسَدَتْ رأْسَه فُرُعٌ بين رِياسٍ و حام
و ذكر الأَزهري هذا البيت في أَثناء كلامه على رأْس و فسره فقال: الغَرِيُّ النُّصُبُ الذي دُمِّيَ من النُّسُك، و الحامي الذي حَمى ظهره؛ قال: و الرِّياسُ تُشَقُّ أُنوفُها عند الغَرِيِّ فيكون لبنها للرجال دون النساء. و يقال رَيِّسٌ مثلُ قَيِّم بمعنى رئيسٍ، و قد تقدم شاهده في رأَس. و رَيْسانُ: اسمٌ.
ريباس:
التهذيب في الرباعي: قال شمر لا أَعرف للرِّيباسِ و الكمأَى اسماً عربيّاً؛ قال أَبو منصور: و الطُّرْثُوثُ ليس بالرِّيباس الذي عندنا.
103
لسان العرب6
فصل السين المهملة ص 104
فصل السين المهملة
سجس:
السَّجَسُ، بالتحريك: الماء المتغير. قال ابن سيدة: ماء سَجَسٌ و سَجِسٌ و سَجِيسٌ كَدِرٌ متغير، و قد سَجِسَ الماء، بالكسر؛ و قيل: سُجِّسَ الماء فهو مُسَجَّسٌ و سَجِيسٌ أُفسد و ثُوِّرَ. و سَجَّسَ المَنْهَلُ: أَنْتَنَ ماؤُه و أَجَنَ، و سَجَّسَ الإِبطُ و العِطْفُ كذلك؛ قال:
كأَنهم، إِذْ سَجَّسَ العَطُوفُ، مِيسَنَةٌ أَبَنَّها خَرِيفُ
و يقال: لا آتيك سَجِيسَ الليالي أَي آخِرَها، و كذلك لا آتيك سَجِيسَ الأَوْجَسِ. و يقال: لا آتيك سَجِيسَ عُجَيْسٍ أَي الدهر كله؛ و أَنشد:
فأَقْسَمْتُ لا آتي ابنَ ضَمْرَةَ طائعاً، سَجيسَ عُجَيْسٍ ما أَبانَ لساني
و
في حديث المولد: و لا تَضُرُّوه في يَقَظَةٍ و لا مَنام.
سَجِيسَ الليالي و الأَيام، أَي أَبداً؛ و قال الشَّنْفَرى:
هُنالِكَ لا أَرْجُو حَياةً تَسُرُّني، سَجِيسَ الليالي مُبْسَلًا بالحَرائِر
و منه قيل للماء الراكد سَجِيسٌ لأَنه آخر ما يبقى. و السَّاجِسِيَّة: ضأْنٌ حُمْرٌ؛ قال أَبو عارم الكِلابي:
فالعِذقُ مثل السَّاجِسِيِّ الحِفْضاج
الحفضاج: العظيم البطن و الخاصرتين. و كبش ساجِسيٌّ إِذا كان أَبيض الصوف فَحِيلًا كريماً؛ و أَنشد:
كأَنَّ كَبْشاً ساجِسِيّاً أَرْبَسا، بين صَبِيَّيْ لَحْيه، مُجَرْفَسا
و السَّاجِسِيَّةُ: غنم بالجزيرة لربيعةِ الفَرَسِ. و القِهاد: الغَنَم الحجازية.
سدس:
سِتَّةٌ و سِتٌّ: أَصلهما سِدْسَة و سِدسٌ، قلبوا السين الأَخيرة تاء لتقرب من الدال التي قبلها، و هي مع ذلك حرف مهموس كما أَن السين مهموسة فصار التقدير سِدْتٌ، فلما اجتمعت الدال و التاء و تقاربتا في المخرج أَبدلوا الدال تاء لتوافقها في الهمس، ثم أُدغمت التاء في التاء فصارت سِتّ كما ترَى، فالتغيير الأَول للتقريب من غير إِدغام، و الثاني للإِدغام. و سِتُّونَ: من العَشَرات مشتق منه، حكاه سيبويه. وُلِدَ له سِتُّون «3» عاماً أَي وُلِدَ له الأَولاد. و السُّدْسُ و السُّدُسُ: جزءٌ من ستة، و الجمع أَسْداسٌ. و سَدَسَ القومَ يَسْدُسُهم، بالضم، سَدْساً: أَخذ سُدُسَ أَموالهم. و سَدَسَهُم يَسدِسُهم، بالكسر: صار لهم سادساً. و أَسْدَسُوا: صاروا ستة. و بعضهم يقول للسُّدُسِ: سَدِيس، كما يقال للعُشْرِ عَشِيرٌ. و المُسَدَّسُ من العَروض: الذي يُبْنى على ستة أَجزاء. و السِّدْسُ، بالكسر: من الوِرْدِ بعد الخِمْس، و قيل: هو بعد ستة أَيام و خمس ليال، و الجمع أَسداس. الجوهري: و السِّدْسُ من الوِرْدِ في أَظماء الإِبل أَن تنقطع خَمْسَةً و تَرِدَ السادسَ. و قد أَسْدَسَ الرجلُ أَي ورَدتْ إِبله سِدْساً. و شاة سَدِيس أَي أَتت عليها السنة السادسة. و السَّدِيس: السِّنُّ التي بعد الرَّباعِيَة. و السَّدِيسُ: و السَدَسُ من الإِبل و الغنم: المُلْقِي سَدِيسَه، و كذلك الأُنثى، و جمع السَدِيس سُدُسٌ مثل رغيف و رُغُف، قال سيبويه: كَسَّروه تكسير الأَسماء لأَنه مناسب للاسم لأَن الهاء تدخل في مؤنثه. قال غيره: و جمع السَّدَسِ سُدْسٌ مثل أَسَد و أُسْدٍ؛ قال منصور ابن مِسْجاح يذكر دية أُخذت من الإِبل متخَيَّرة كما
__________________________________________________
(3). قوله [ولد له ستون إلخ] كذا بالأَصل.
104
يَتخيرها المُصَدِّقُ:
فطافَ كما طافَ المُصَدِّقُ وَسْطَها يُخَيَّرُ منها في البوازِل و السُّدْسِ
و قد أَسْدَسَ البعيرُ إِذا أَلقى السِّنَّ بعد الرَّباعِيَةِ، و ذلك في السنة الثامنة. و
في حديث العَلاء بن الحَضْرَمِي عن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم: إِن الإِسلام بَدأَ جَذَعاً ثم ثَنِيّاً ثم رَباعِياً ثم سَدِيساً ثم بازلًا؛ قال عمر: فما بعد البُزُول إِلا النقصان.
السديس من الإِبل: ما دخل في السنة الثامنة و ذلك إِذا أَلقى السن التي بعد الرَّباعِيَة. و السَّدَسُ، بالتحريك: السن قبل البازل، يستوي فيه المذكر و المؤنث لأَن الإِناث في الأَسنان كلها بالهاء، إِلا السَّدَس و السَّدِيس و البازِلَ. و يقال: لا آتيك سَدِيسَ عُجَيْسٍ، لغة في سجِيس. و إِزارٌ سَدِيس و سُداسِيٌّ. و السدُوسُ: الطَّيْلَسانُ، و في الصحاح: سُدُوسٌ، بغير تعريف، و قيل: هو الأَخْضَرُ منها؛ قال الأَفْوَه الأَوْدِي:
و الليلُ كالدَّأْماءِ مُسْتَشْعِرٌ، من دونهِ، لوناً كَلَوْنِ السُّدُوس
الجوهري: و كان الأَصمعي يقول السَّدُوسُ، بالفتح، الطَّيْلَسانُ. شمر: يقال لكل ثوب أَخضر: سَدُوسٌ و سُدُوسٌ. و سُدُوسٌ، بالضم: اسم رجل؛ قال ابن بَرِّي: الذي حكاه الجوهري عن الأَصمعي هو المشهور من قوله؛ و قال ابن حمزة: هذا من أَغلاط الأَصمعي المشهورة، و زعم أَن الأَمر بالعكس مما قال و هو أَن سَدُوس، بالفتح، اسم الرجل، و بالضم، اسم الطيلسان، و ذكر أَن سدوس، بالفتح، يقع في موضعين: أَحدها سدوس الذي في تميم و ربيعة و غيرهما، و الثاني في سعد بن نَبْهانَ لا غير. و قال أَبو جعفر محمد بن حبيب: و في تميم سَدُوسُ بن دارم بن مالك بن حنظلة، و في ربيعة سَدُوسُ بن ثعلبةَ بن عُكابَةَ بن صَعْبٍ؛ فكل سَدُوسٍ في العرب، فهو مفتوح السين إِلا سُدُوسَ بنَ أَصْمَعَ بن أَبي عبيد بن ربيعة بن نَضْر بن سعد بن نَبْهان في طيء فإِنه بضمها. قال أَبو أُسامة: السَّدُوسُ، بالفتح، الطيلسان الأَخضر. و السُّدُوسُ، بالضم، النِّيلَجُ. و قال ابن الكلبي: سَدُوس الذي في شيبان، بالفتح، و شاهده قول الأَخطل:
و إِن تَبْخَلْ سَدُوسُ بِدِرْهَمَيْها، فإِن الريحَ طَيِّبَةٌ قَبُولُ
و أَما سُدُوسُ، بالضم، فهو في طيء لا غير. و السُّدُوس: النِّيلَنْجُ، و يقال: النِّيلَج و هو النِّيل؛ قال إمرؤ القيس:
مَنابته مثلُ السُّدوسِ، و لونُه كَلَوْنِ السَّيالِ، و هو عذبٌ يَفِيص «1»
قال شمر: سمعته عن ابن الأَعرابي بضم السين، و روي عن أَبي عمرو بفتح السين، و روى بيت إمرئ القيس:
إِذا ما كنتَ مُفْتَخِراً، ففاخِرْ ببيْتٍ مثلِ بيتِ بني سَدُوسِ
بفتح السين، أَراد خالد بن سدوس النبهاني. ابن سيدة: و سَدُوسُ و سُدُوس قبيلتان، سَدُوسُ في بني ذُهْل بن شيبان، بالفتح، و سُدُوس، بالضم، في طيِء؛ قال سيبويه: يكون للقبيلة و الحي، فإِن قلت وَلَدُ سَدوسٍ كذا أَو من بني سَدُوس، فهو للأَب خاصة؛ و أَنشد ثعلب:
بني سَدوسٍ زَتِّتوا بَناتِكُمْ، إِنَّ فتاة الحَيِّ بالتَّزَتُّتِ
__________________________________________________
(1). قوله [كلون السيال] أَنشده في ف ي ص: كشوك السيال.
105
و الرواية:
بني تميم زَهْنِعوا فتاتكم
، و هو أَوفق لقوله
... فتاة الحي.
الجوهري: سَدُوس، بالفتح، أَبو قبيلة؛ و قول يزيد بن حَذَّاقٍ العَبْدي:
و داوَيْتُها حتى شَتَتْ حَبَشِيَّةً، كأَنَّ عليها سُنْدُساً و سُدُوسا
السُّدُوس: هو الطَّيْلَسانُ الأَخْضَرُ انتهى. و قد ذكرنا في ترجمة شتت من هذه الترجمة أَشياء.
سرس:
السَّريس: الكَيِّسُ الحافظ لما في يده، و ما أَسْرَسَه، و لا فِعْلَ له و إِنما هو من باب أَحْنَكُ الشاتَيْن. و السَّريسُ: الذي لا يأْتي النساء؛ قال أَبو عبيدة: هو العِنِّينُ من الرجال؛ و أَنشد أَبو عبيد لأَبي زُبيد الطائي:
أَ في حَقٍّ مُواساتي أَخاكُمْ بمالي، ثم يَظلِمُني السَّرِيسُ؟
قال: هو العِنِّين. و قد سَرِسَ إِذا عُنَّ، و قيل: السَّرِيسُ هو الذي لا يولد له، و الجمع سُرَساءُ، و في لغة طيِءٍ: السَّرِيس الضعيف. و قد سَرِسَ إِذا ساء خُلُقُه و سَرِسَ إِذا عَقَل و حَزَمَ بعد جَهْلٍ. و فَحْلٌ سَرِسٌ و سَريسٌ بَيِّنُ السَّرَس إِذا كان لا يُلقِحُ.
سرجس:
مارُسَرْجِس: موضعٌ؛ قال جرير:
لَقِيتُمْ بالجَزيرَة خَيْلَ قَيْسٍ، فقلتُمْ: مارَسَرْجِسَ لا قِتالا
تقول: هذه مارُسَرْجِسَ و دخلْت مارَسَرْجِسَ و مررت بمارِسَرْجِسَ، و سَرْجِسُ في كلّ ذلك غير منصرف.
سلس:
شيء سَلِسٌ: لَيّنٌ سهل. و رجلٌ سَلِسٌ أَي لَيِّنٌ منقاد بين السَّلَسِ و السَّلاسَةِ. ابن سيدة: سَلِسَ سَلَساً و سَلاسَة و سُلُوساً فهو سَلِسٌ؛ قال الراجز:
ممكورَةٌ غَرْثى الوِشاحِ السَّالِسِ، تَضْحَكُ عن ذي أُشُرٍ عُضارِسِ
و سَلِسَ المُهْرُ إِذا انقاد. و السَّلْسُ، بالتسكين: الخيط ينظم فيه الخَرَزُ، زاد الجوهري فقال: الخَرَزُ الأَبيضُ الذي تلبَسُه الإِماء، و جمعه سُلُوسٌ؛ قال عبد اللَّه بن مسلم من بني ثعلبة بن الدُّول:
و لقد لَهَوتُ، و كلُّ شيء هالِكٌ، بنَقاةِ جَيْبِ الدِّرْعِ غيرِ عَبُوسِ
و يَزينُها في النَّحْرِ حَلْيٌ واضِحٌ، و قَلائدٌ من حُبْلَةٍ و سُلُوسِ
ابن بري: النقاة النقية، يريد أَن الموضع الذي يقع عليه الجيب منها نقيّ، قال: و يجوز أَن يريد أَن ثوبها نقي و أَنها ليست بصاحبة مَهْنَةٍ و لا خِدْمَة، و قد يعبرون بالجيب عن القلب لأَنه يكون عليه كما يعبرون بمعْقِد الإِزار عن الفرج، فيقال: هو طيب معقد الإِزار، يريد الفرج، و هو نَقيُّ الجَيْب أَي القلب أَي هو نَقِيٌّ من غِشٍّ و حِقْد. و الواضح: الذي يَبْرُق. و الدرع: قميص المرأَة؛ و قال المُعَطِّلُ الهذلي:
لم يُنْسِني حُبَّ القَبُولِ مَطارِدٌ، و أَفَلُّ يَخْتَضِمُ الفَقارَ مُسَلَّسُ
أَراد بالمَطارد سهاماً يشبه بعضها بعضاً. و أَراد بقوله مُسَلَّسٌ مُسَلْسَلٌ أَي فيه مثل السِّلْسِلة من الفِرِنْدِ. و السُّلُوس: الخُمُر؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
قد مَلأَتْ مَرْكُوَّها رُؤُوسا، كأَنَّ فيه عُجُزاً جُلُوسا،
106
شُمْطَ الرُّؤُوسِ أَلْقَتِ السُّلُوسا
شبهها و قد أَكلت الحَمْض فابيضت وجوهها و رؤوسها بعُجُزٍ قد أَلقين الخُمُر. و شراب سَلِسٌ: لَيِّنُ الانحدار. و سَلِسَ بولُ الرجل إِذا لم يتهيأْ له أَن يمسكه. و فلان سَلِسُ البول إِذا كان لا يستمسكه. و كل شيء قَلِق، فهو سَلِسٌ. و أَسْلَسَت النخلةُ فهي مُسْلِسٌ إِذا تناثر بُسْرُها. و أَسْلَسَتِ الناقةُ إِذا أَخرجت الولد قبل تمام أَيامه، فهي مُسْلِسٌ. و السَّلِسَةُ: عُشْبَة قريبة الشبه بالنَّصِيِّ و إِذا جَفَّتْ كان لها سَفاً يتطاير إِذا حُرِّكَت كالسهام يَرْتَدُّ في العيون و المناخر، و كثيراً ما يُعْمِي السائمة. و السُّلاسُ: ذهاب العقل، و قد سُلِسَ سَلَساً و سَلْساً؛ المصدران عن ابن الأَعرابي. و رجل مَسْلُوس: ذاهب العقل و البدن. الجوهري: المَسْلُوسُ الذاهب العقل غيره: المَسْلُوسُ المجنون؛ قال الشاعر:
كأَنه إِذ راحَ مَسْلُوسُ الشَمَقْ
و في التهذيب: رجل مَسْلُوسٌ في عقله فإِذا أَصابه ذلك في بدنه فهو مَهْلُوسٌ.
سلعس:
سَلَعُوسُ، بفتح اللام: بلدة.
سنبس:
الجوهري: سِنْبِسُ أَبو حَيّ من طَيِء؛ و منه قول الأَعشى يصف صائداً أَرسل كلابه على الصيد:
فصَبَّحَها القانِصُ السِّنْبِسِي، يُشَلِّي ضِراءً بإِيسادِها
قال ابن بري: القانص الصائد. يُشَلِّي: يدعو. و الضَّراء: جمع ضِرْوٍ، و هو الكلب الضاري بالصيد. و الإِيسادُ: الإِغْراءُ.
سندس:
الجوهري في الثلاثيّ: السُّنْدُسُ البُزْيُون؛ و أَنشد أَبو عبيدة ليزيد بن حَذَّاق العَبْدِيّ:
أَلا هل أَتاها أَنَّ شِكَّةَ حازم لَدَيَّ، و أَني قد صَنَعْتُ الشَّمُوسا؟
و داويْتُها حتى شَتَتْ حَبَشِيَّةً، كأَن عليها سُنْدُساً و سُدُوسا
الشَّمُوس: فرسه و صُنْعُه لها: تَضْمِيرُه إِياها، و كذلك قوله داويتها بمعنى ضمَّرتها. و قوله حَبَشِيَّة يريد حبشية اللون في سوادها، و لهذا جعلها كأَنها جُلِّلَتْ سُدُوساً، و هو الطَّيْلَسان الأَخضر. و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، بعث إِلى عمر، رضي اللَّه عنه، بجُبَّةِ سُنْدُسٍ.
؛ قال المفسرون في السندس: إِنه رَقيق الدِّيباج و رَفيعُه، و في تفسير الإِسْتَبْرَقِ: إِنه غليظ الديباج و لم يختلفوا فيه الليث: السُّنْدُسُ ضَرْبٌ من البُزْيون يتخذ من المِرْعِزَّى و لم يختلف أَهل اللغة فيهما أَنهما معرّبان، و قيل: السُّنْدُس ضرب من البُرود.
سوس:
السُّوسُ و السَّاسُ: لغتان، و هما العُثَّة التي تقع في الصوف و الثياب و الطعام. الكسائي: ساس الطعامُ يَساسُ و أَساسَ يُسِيسُ و سَوَّسَ يُسَوِّسُ إِذا وقع فيه السُّوسُ؛ و أَنشد لزُرارة بن صَعْب بن دَهْرٍ، و دَهْرٌ: بطنٌ من كلاب، و كان زُرارةُ خرج مع العامرية في سفر يَمْتارون من اليَمامة، فلما امتاروا و صَدَروا جعل زُرارةُ بن صَعْب يأْخذه بطنُه فكان يتخلف خلف القوم فقالت العامرية:
لقد رأَيتُ رجلًا دُهْرِيَّا، يَمْشِي وَراء القوم سَيْتَهِيَّا،
كأَنه مُضْطَغِنٌ صَبِيَّا
تريد أَنه قد امتلأَ بطنه و صار كأَنه مُضْطَغِن
107
صبيّاً من ضِخَمِه، و قيل: هو الجاعل الشيء على بطنه يَضُمُّ عليه يَدَه اليسرى؛ فأَجابها زُرارة:
قد أَطْعَمَتْني دَقَلًا حَوْلِيَّا، مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيَّا
الدقَلُ: ضَرْبٌ رَديءٌ من التمر. و حَجْرِيَّا: يريد أَنه منسوب إِلى حَجْر اليمامة، و هو قصبتها. ابن سيدة: السُّوس العُثُّ، و هو الدود الذي يأْكل الحبَّ، واحدته سُوسة، حكاه سيبويه. و كل آكلِ شيء، فهو سُوسُه، دوداً كان أَو غيره و السَّوْس، بالفتح: مصدر ساسَ الطعامُ يَساسُ و يَسُوسُ؛ عن كراع، سَوْساً إِذا وقع فيه السُّوسُ، و سِيسَ و أَساسَ و سَوَّسَ و اسْتاسَ و تَسَوَّسَ؛ و قول العجاج:
يَجْلُو، بِعُودِ الإِسْحِل المُفَصَّمِ، غُروبَ لا ساسٍ و لا مُثَلَّمِ
و المُفَصَّم: المُكَسَّر. و الساسُ: الذي قد ائتكَل، و أَصله سائسٌ، و هو مثل هائر و هارٍ و صائفٍ و صافٍ؛ قال العجاج:
صافي النُّحاسِ لم يُوَشَّغْ بالكَدَرْ، و لم يُخالِطْ عُودَه ساسُ النَّخَرْ
ساسُ النخر أَي أَكل النخر. يقال: نَخِرَ يَنْخَر نَخَراً. و طعامٌ و أَرْضٌ ساسَةٌ و مَسُوسَة. و ساسَت الشاة تَساسُ سَوساً و إِساسَةً، و هي مُسِيسٌ: كَثُرَ قملُها. و أَساسَتْ مثله؛ و قال أَبو حنيفة: ساسَت الشجرةُ تَساسُ سِياساً و أَساسَتْ أَيضاً، فهيَ مُسِيسٌ. أَبو زيد: الساسُ، غير مهموز و لا ثقيل، القادحُ في السنّ. و السَّوَسُ: مصدر الأَسْوَس، و هو داءٌ يكون في عَجُزِ الدابة بين الورك و الفخذُ يورِثُه ضَعْفَ الرِّجْل. ابن شميل: السُّواسُ داء يأْخذ الخيل في أَعناقها فيُيَبِّسُها حتى تموت. ابن سيدة: و السَّوَسُ داء في عَجُز الدابة، و قيل: هو داء يأْخذ الدابة في قوائمها. و السَّوْسُ: الرِّياسَةُ، يقال ساسوهم سَوْساً، و إِذا رَأَّسُوه قيل: سَوَّسُوه و أَساسوه. و سَاس الأَمرَ سِياسةً: قام به، و رجل ساسٌ من قوم ساسة و سُوَّاس؛ أَنشد ثعلب:
سادَة قادة لكل جَمِيعٍ، ساسَة للرجال يومَ القِتالِ
و سَوَّسَه القومُ: جَعَلوه يَسُوسُهم. و يقال: سُوِّسَ فلانٌ أَمرَ بني فلان أَي كُلِّف سِياستهم. الجوهري: سُسْتُ الرعية سِياسَة. و سُوِّسَ الرجلُ أُمور الناس، على ما لم يُسَمَّ فاعله، إِذا مُلِّكَ أَمرَهم؛ و يروى قول الحطيئة:
لقد سُوِّسْت أَمرَ بَنِيك، حتى تركتهُم أَدقَّ من الطَّحِين
و قال الفراء: سُوِّسْت خطأٌ. و فلان مُجَرَّبٌ قد ساسَ و سِيسَ عليه أَي أَمَرَ و أُمِرَ عليه. و
في الحديث: كان بنو إِسرائيل يَسُوسُهم أَنبياؤهم.
أَي تتولى أُمورَهم كما يفعل الأُمَراء و الوُلاة بالرَّعِيَّة. و السِّياسةُ: القيامُ على الشيء بما يُصْلِحه. و السياسةُ: فعل السائس. يقال: هو يَسُوسُ الدوابَّ إِذا قام عليها و راضَها، و الوالي يَسُوسُ رَعِيَّتَه. أَبو زيد: سَوَّسَ فلانٌ لفلان أَمراً فركبه كما يقول سَوَّلَ له و زَيَّنَ له. و قال غيره: سَوَّسَ له أَمراً أَي رَوَّضَه و ذلَّلَه. و السُّوسُ: الأَصل. و السُّوسُ: الطبْع و الخُلُق و السَجِيَّة. يقال: الفصاحة من سُوسِه. قال اللحياني: الكرم من سُوسِه أَي من طبعه. و فلان من سُوس
108
صِدْقٍ و تُوسِ صِدْقٍ أَي من أَصل صدْق. و سَوْ يكون و سَوْ يفعل: يريدون سوف؛ حكاه ثعلب، و قد يجوز أَن تكون الفاء مزيدة فيها ثم تحذف لكثرة الاستعمال، و قد زعموا أَن قولهم سأَفعل مما يريدون به سوف نفعل فحذفوا لكثرة استعمالهم إِياه، فهذا أَشذ من قولهم سَوْ نفعل. و السُّوسُ: حَشيشة تشبه القَتَّ؛ ابن سيدة: السُّوسُ شجر ينبت ورقاً في غير أَفنان؛ و قال أَبو حنيفة؛ هو شجر يغمى به البيوت و يدخل عصيره في «2» ...، و في عروقه حلاوة شديدة، و في فروعه مرارة، و هو ببلاد العرب كثير. و السَّوَاسُ: شجر، واحدته سَواسَة؛ قال أَبو حنيفة: السَّواسُ من العضاه و هو شبيه بالمَرْخ له سَنِفَةٌ مثل سَنِفَة المَرْخ و ليس له شوك و لا ورق، يطول في السماء و يُستظل تحته. و قال بعض العرب: هي السَّواسِي، قال أَبو حنيفة: فسأَلته عنها، فقال: السَّواسِي و المَرْخُ و المَنْجُ هؤلاء الثلاثة متشابهة، و هي أَفضل ما اتخذ منه زَنْدٌ يقتدح به و لا يَصْلِدُ؛ و قال الطِّرِمَّاح:
و أَخْرَجَ أُمُّه لسَواسِ سَلْمَى، لِمَعْفُورِ الضَّبا ضَرِمِ الجَنِينِ
و الواحدة: سَواسَة. و قال غيره: أَراد بالأَخْرَج الرَّمادَ، و أَراد بأُمه الزنْدَةَ أَنه قطع من سَواسِ سَلْمَى، و هي شجرة تنبت في جبل سلمى. و قوله لمعفور الضبا أَراد أَن الزندة شجرة إِذا قِيلَ الزَّنْدُ فيها أَخرجت شيئاً أَسود فينعفر في التراب و لا يَرِي، لأَنه لا نار فيه، فهو الولد المعفور النار فذلك الجنين الضَّرِمُ، و ذكر معفور الضبا لأَنه نسبه إِلى أَبيه، و هو الزند الأَعلى. و سَوَاسُ: موضع؛ أَنشد ثعلب:
و إِنَّ امْرأً أَمسى، و دُونَ حَبيبهِ سَواسٌ، فَوادي الرَّسِّ و الهَمَيانِ،
لَمُعْتَرفٌ بالنأْي بعد اقْتِرابِه، و مَعْذُورَةٌ عيناه بالهَمَلانِ
سيس:
ابن الأَعرابي: ساساه إِذا عَيَّرَه. و السِّيساءُ من الحِمارِ أَو البَغْل: الظهر، و من الفرس: الحارك؛ قال اللحياني: و هو مذكر لا غير، و جمعها سيَاسِي. الجوهري: السِّيساء مُنْتَظَمُ فَقار الظهر، و السِّيساء، فِعْلاء مُلحق بسِرْداحٍ؛ قال الأَخطل و اسمه غِياثُ بن عَوْف:
لقد حَمَلَتْ قَيْسَ بنَ عَيْلانَ حَرْبُنا على يابِسِ السِّيساءِ، مُحْدَوْدِبِ الظَّهْرِ
يقول: حَمَلْناهم على مَرْكَبٍ صَعْبٍ كسيساء الحمار أَي حَمَلناهم على ما لا يثبت على مثله و
في الحديث: حَمَلَتْنا العربُ على سِيسائها.
؛ قال ابن الأَثير: سيساء الظهر من الدواب مُجْتَمَعُ وَسَطِه، و هو موضع الركوب، أَي حملتنا على ظهر الحرب و حاربتنا. الأَصمعي: السِّيساءُ من الظَّهْر و السِّبساءَةُ المُنْقادة من الأَرض المُسْتَدِقَّةُ. و قال: السِّيساءُ قُرْدُودَةُ الظَّهْر، و قال الليث: هو من الحِمار و البغل المِنْسَجُ. ابن شُميل: يقال هؤلاء بنو ساسَا للسُّؤَّال. و ساسانُ: اسم كِسْرَى، و أَبو ساسانَ: من كُناهُمْ، و قال بعضهم: إِنما هو أَنُو ساسان. و قال الليث: أَبو ساسانَ كنية كسرى، و هو أَعجمي، و كان الحُصين بن المنذر يكنى بهذه الكنية أَيضاً.
__________________________________________________
(2). كذا بياض بالأَصل، و لعل محله في الأَدوية، كما يؤخذ من ابن البيطار.
109
لسان العرب6
فصل الشين المعجمة ص 110
فصل الشين المعجمة
شأس:
مكان شَئِسٌ، و في المحكم: مكان شَأْسٌ مثل شأْزٍ: خَشِن من الحجارة و قيل غليظ؛ قال:
على طريقٍ ذي كُؤُودٍ شاسِ، يَضُرُّ بالمُوَقَّحِ المِرْداسِ
خفف الهمز كقولهم كاس في كأْس، و الجمع شُؤُوسٌ. و قد شَئِسَ شَأْساً، فهو شَئِسٌ. و شأْسٌ جَأْسٌ: على الإِتباع. و قال أَبو زيد: شَئِسَ مكانُنا شَأْساً و شَئِزَ شَأَزاً إِذا غَلُظَ و اشتدَّ و صَلُبَ؛ قال أَبو منصور: و قد يخفف فيقال للمكان الغليظ شاسٌ و شازٌ، و يقال مقلوباً مكانٌ شاسِئٌ و جاسئٌ غليظ، و أَمْكِنَة شُوسٌ مثل جَوْنٍ و جُونٍ و وَرْدٍ و وُرْد. و شَئِسَ الرجلُ شَأَساً: قَلِقَ من مَرَض أَو غَمٍّ؛ و شَأْسٌ: أَخو علقمة الشاعر، قال فيه يخاطب الملك:
و في كلِّ حَيٍّ قد خَبَطْتَ بِنْعمَةٍ، فَحُقَّ لِشأْسٍ من نَداكَ ذَنُوبُ
فقال: نعم و أَذْنِبَةٌ، فأَطلقه و كان قد حبسه.
شبرس:
شِبْرِسُ و شَبارِسُ: دُوَيْبَّة زعموا؛ و قد نفى سيبويه أَن يكون هذا البناء للواحد.
شحس:
قال أَبو حنيفة: أَخبرني بعض أَعراب عُمانَ قال: الشَحْسُ من شجر جبالنا و هو مثل العُتمِ و لكنه أَطول منه و لا تتخذ منه القِسِيُّ لصلابته، فإِن الحديد يَكِلُّ عنه، و لو صنعت منه القسِيُّ لم تُؤَاتِ النَّزْعَ.
شخس:
الشَخْسُ: الاضطراب و الاختلاف. و الشَّخيس: المخالف لما يؤْمر به؛ قال رؤْبة:
يَعْدِلُ عني الجَدِلَ الشَّخِيسا
و أَمر شَخيسٌ: متفرّق. و شاخَسَ أَمْرُ القوم: اختلف. و تَشاخَسَ ما بينهم: تباعد و فسد. و ضربه فتَشاخَسَ قِحْفا رأْسه: تباينا و اختلفا، و قد استعمل في الإِبهام؛ قال:
تَشاخَسَ إِبهاماكَ إِن كنت كاذِباً، و لا بَرِثا من دَاحِسٍ و كُناعِ
و قد يستعمل في الإِناء؛ أَنشد ابن الأَعرابي لأَرْطاةَ بن سُهَيَّة:
و نحن كَصَدْعِ العُسِّ إِن يُعْطَ شاعِباً يَدَعْهُ، و فيه عَيْبُه مُتَشاخِسُ
أَي متباعد فاسد، و إِن أُصلح فهو متمايل لا يستوي. و كلام مُتَشاخِسٌ أَي متفاوت. و تَشاخَسَتْ أَسنانه: اختلفت إِما فِطْرَةً و إِما عَرَضاً. و شاخَسَ الدهرُ فاه؛ قال الطِّرِمَّاح يصف وَعِلًا، و في التهذيب يصف العَيْرَ:
و شاخَسَ فاه الدَّهْرُ حتى كأَنه مُنَمِّسُ ثيرانِ الكَريصِ الضَّوائن
ابن السكيت: يقول خالف بين أَسنانه من الكِبَر فبعضها طويل و بعضها مُعْوَج و بعضها متكسر. و الضوائن: البيض. قال: و الشُّخاسُ و الشاخِسَة في الأَسنان، و قيل: الشُّخاسُ في الفم أَن يميل بعض الأَسنان و يسقط بعض من الهَرَم. و المُتَشاخِسُ: المتمايل. و ضربه فتَشاخَسَ رأَسُه أَي مال. و الشَّخْسُ: فتح الحمار فمه عند التشاؤب أَو الكَرْفِ. و شاخَسَ الكلبُ فاه: فتحه؛ قال:
مُشاخِساً طَوْراً، و طَوراً خائفا، و تارَةً يَلْتَهِسُ الطَّفاطِفا
و تَشاخَسَ صَدْعُ القَدَح إِذا تَبايَنَ فبقي غير ملتئم.
110
و يقال للشَّعَّاب: قد شاخَسْتَ. أَبو سعيد: أَشْخَصْتُ له في المنطق و أَشْخَسْتُ و ذلك إِذا تَجَهَّمْتَه.
شرس:
أَبو زيد: الشَّرِسُ السَّيءُ الخُلُق. و رجل شَرِسٌ و شَريسٌ و أَشْرَسُ: عَسِرُ الخُلُق شديد الخلاف، و قد شَرِسَ شَرَساً. و فيه شِراسٌ، و رجل شَرِسُ الخُلق بَيِّنُ الشَّرَسِ و الشَّراسَةِ، و شَرِسَتْ نفْسُه شَرَساً و شَرُسَتْ شَراسةً، فهي شَرِيسَة؛ قال:
فَرُحْتُ، و لي نَفْسانِ: نَفْسٌ شَرِيسَةٌ، و نَفْسٌ تَعَنَّاها الفِراقُ جَزوعُ
و الشِّراسُ: شدَّة المُشارَسَةِ في معاملة الناس. و تقول: رجل أَشْرَسُ ذو شِراسٍ و ناقة شريسَة ذات شِراسٍ و ذات شَريس. و
في حديث عمرو بن مَعْديكرب: هم أَعظمنا خَمِيساً و أَشدّنا شَريساً.
أَي شَراسةً؛ و قد شَرِسَ يَشْرَسُ، فهو شَرِسٌ، و قوم فيهم شَرَسٌ و شَريسٌ و شَراسَة أَي نُفُور و سُوء خُلق. و شارَسه مُشارَسَة و شِراساً: عاسَره و شاكَسَه. و ناقة شَريسَة: بَيِّنة الشِّراس سيئة الخلق. و إِنه لذو شَريس أَي عُسْرٍ؛ قال:
قد علمَتْ عَمْرَةُ بالغَمِيسِ أَنَّ أَبا المِسْوارِ ذو شَريسِ
و تَشارَسَ القومُ: تَعادَوْا. ابن الأَعرابي: شَرِسَ الإِنسانُ إِذا تحبَّبَ إِلى الناس. و الشَّرْسُ: شدّة وَعْكِ الشيء، شَرَسَه يَشْرُسُه شَرْساً و شَرَسَ الحمارُ آتُنَه يَشْرُسُها شَرْساً: أَمَرَّ لَحْيَيه و نحو ذلك على ظهورها. الليث: الشَّرْسُ شِبه الدَّعْكِ للشيءِ كما يَشْرُسُ الحمارُ ظهورَ العانة بلَحْيَيْه؛ و أَنشد:
قَدّاً بأَنْيابٍ و شَرْساً أَشْرَسا
و مكان شَراسٌ: صُلْبٌ خَشِنُ المَسِّ. الجوهري: مكان شَرْسٌ أَي غليظ؛ قال العجاج:
إِذا أُنِيخَتْ بمكانٍ شَرْسِ، خَوَّتْ على مُسْتَوِياتٍ خَمْسِ،
كِرْكِرَةٍ و ثَفِناتٍ مُلْسِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده على التذكير لأَنه يصف جملًا:
إِذا أُنيخ بمكان شَرْسِ، خَوَّى على مُسْتَوَياتٍ خَمْسِ
و قبله بأَبيات:
كأَنه من طُولِ جَذْعِ العَفْسِ، و رَمَلانِ الخِمْسِ بعد الخِمْسِ،
يُنْحَتُ من أَقْطارِه بفَأْسِ
قوله خَوَّى: يريد بَرَكَ متجافياً على الأَرض في بُروكه لضُمْرِه و عِظَمِ ثَفِناتِه، و هي ما ولي الأَرضَ من قوائمه إِذا برك. و الكِرْكِرَةُ: ما وَليَ الأَرضَ من صدره. و الجَذْعُ: الحبس على غير عَلَفٍ. و العَفْسُ: الإِذالةُ. و الرَّمَلانُ: ضرب من السير. و أَرض شَرْساء و شَراسِ، على فَعالِ مثال قَطامِ: خَشِنَة غليظة، نعت الأَرض واجب كالاسم. أَبو زيد: الشَّراسَة شدة أَكل الماشية؛ قال أَبو حنيفة: شَرَسَتِ الماشيةُ تَشْرُسُ شَراسَةً اشتدّ أَكلُها. و إِنه لَشَرِيسُ الأَكل أَي شديده. و الشَّريسُ: نبت بَشِع الطعم، و قيل: كلُّ بشع الطعم شَريسٌ. و الشِّرْسُ، بالكسر: عِضاهُ الجبَل و له شوك أَصفر، و قيل: هو ما صَغُرَ من شجر الشوك كالشُّبْرُمِ و الحاجِ، و قيل: الشِّرْسُ ما رَقَّ شوكه، و نباتُه الهُجُول و الصَّحارَى و لا ينبت في الجَرَعِ و لا قيعان الأَوْدية، و قيل: الشِّرْسُ شجر
111
صغار له شوك، و قيل: الشِّرْسُ حَمْلُ نَبْت مَّا. و أَشْرَسَ القومُ: رَعَتْ إِبلهم الشِّرْسَ. و بنو فلان مُشْرِسُون أَي ترعى إِبلهم الشِّرْسَ. و أَرض مُشْرِسَة و شَريسَة: كثيرة الشِّرس، و هو ضرب من النبات. و الشَّرَسُ، بفتح الشين و الراء: ما صَغُر من شَجر الشوك؛ حكاه أَبو حنيفة. ابن الأَعرابي: الشِّرْسُ الشُّكاعى و القَتادُ و السَّحا و كل ذي شوك مما يَصْغُرُ؛ و أَنشد:
واضعة تأْكُلُ كلَّ شَرْس
و أَشْرَسُ و شَريسٌ: اسمان.
شسس:
الشَّسُّ و الشُّسوسُ: الأَرض الصلبة الغليظة اليابسة التي كأَنها حجر واحد، و في المحكم: حجارة واحدة، و الجمع شِساسٌ و شُسُوسٌ، الأَخيرة شاذة، و قد شَسَّ المكانُ، و أَنشد للمَرَّار بن مُنْقِذٍ:
أَ عَرَفْتَ الدَّار أَم أَنْكَرْتَها، بين تِبْراكٍ فَشِسَّيْ عَبَقُرّ؟
شطس:
الشَّطْسُ: الدَّهاءُ و العلم و الفِطْنَةُ، و الجمع أَشْطاسٌ؛ قال رؤبة:
يا أَيها السائلُ عن نُحاسِي عَنِّي، و لمَّا يَبْلُغُوا أَشْطاسي
و رجل شُطَسِيٌّ: داهٍ مُنْكَرٌ ذو أَشْطاسٍ. أَبو تراب عن عَرَّامٍ: شَطَفَ فلان في الأَرض و شَطَسَ إِذا دخل فيها إِما راسخاً و إِما واغلًا؛ و أَنشد:
تَشِبُّ لعَيْنَيْ رامِقٍ شَطَسَتْ به نَوًى غُرْبَةٌ، وَصْلَ الأَحبَّة تَقْطَعُ
شكس:
الشَّكُسُ و الشَّكِسُ و الشَّرِسُ، جميعاً: السَّيِءُ الخلق، و قيل: هو السيِءُ الخلق في المبايعة و غيرها. و قال الفراء: رجل شَكِسٌ عَكِصٌ؛ قال الراجز:
شَكْسٌ عَبُوسٌ عَنْبَسٌ عَذَوَّرُ
و قوم شُكْسٌ مثال رجل صَدْق و قوم صُدْق؛ و قد شَكِسَ، بالكسر، يَشْكَسُ شَكَساً و شَكاسَةً. الفراء: رجل شَكِسٌ، و هو القياس، و إِنه لَشكِسٌ لَكِسٌ أَي عَسِرٌ. و المِشْكَسُ: كالشَّكُسِ؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
خُلِقْتَ شَكسْاً للأَعادي مِشْكَسا
و تَشاكَسَ الرجلان: تَضادَّا. و في التنزيل العزيز: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا
؛ أَي متضايقون مُتَضادُّون، و تفسير هذا المثل أَنه ضرب لمن وَحَّد اللَّه تعالى و لمن جعل معه شركاء، فالذي وَحَّدَ اللَّه تعالى مَثَلُه مَثَلُ السالم لرجل لا يَشْرَكُه فيه غيره؛ يقال: سَلِمَ فلانٌ لفلان أَي خَلَصَ له، و مَثَلُ الذي عَبَدَ مع اللَّه سبحانه غيره مَثَلُ صاحب الشركاء المتشاكسين، و الشركاء المُتَشاكِسُون: العَسِرُونَ المختلفون الذين لا يتفقون، و أَراد بالشركاء الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون اللَّه تعالى. و
في حديث عليّ، كرم اللَّه وجهه، فقال: أَنتم شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ.
؛ أَي مختلفون متنازعون. و مَحَلَّةٌ شَكِسٌ: ضَيِّقَة؛ قال عبد مناف الهُذلي:
و أَنا الذي بَيَّتُّكم في فِتْيَةٍ، بمَحَلَّةٍ شَكِسٍ و ليلٍ مُظْلِم
و الليل و النهارُ يَتَشاكَسان أَي يتضادَّان. و بنو شَكْسٍ، بفتح الشين: تَجْرٌ بالمدينة؛ عن ابن الأَعرابي.
112
شمس:
الشمس: معروفة. و لأَبْكِيَنَّك الشمسَ و القَمَر أَي ما كان ذلك. نصبوه على الظرف أَي طلوعَ الشمس و القمر كقوله:
الشمسُ طالعةٌ، ليسَتْ بكاسِفَةٍ، تَبْكِي عليكَ، نُجومَ الليلِ و القَمَرا
و الجمع شُموسٌ، كأَنهم جعلوا كل ناحية منها شمساً كما قالوا للمَفْرِق مَفارِق؛
قال الأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ:
إِنْ لم أَشِنَّ على ابنِ هِنْدٍ غارَةً، لم تَخْلُ يوماً من نِهابِ نُفُوسِ
خَيْلًا كأَمْثالِ السَّعالي شُزَّباً، تَعْدُو ببيضٍ في الكريهةِ شُوسِ
حَمِيَ الحديدُ عليهمُ فكأَنه وَ مَضانُ بَرْقٍ أَو شُعاعُ شُمُوسِ.
شَنَّ الغارة: فرَّقها. و ابن هند: هو معاوية. و السَّعالي: جمع سِعْلاةٍ، و هي ساحرة الجنّ، و يقال: هي الغُول التي تذكرها العرب في أَشعارها. و الشُّزَّبُ: الضامرة، واحدها شازِبٌ. و قوله تَعْدُو ببيض أَي تعدو برجال بيض. و الكريهة: الأَمر المكروه. و الشُّوسُ: جمع أَشْوَسَ، و هو أَن ينظر الرجل في شِقٍّ لعِظَم كِبْرِه. و تصغير الشمس: شُمَيْسَة. و قد أَشْمَسَ يومُنا، بالأَلف، و شَمَسَ يَشْمُسُ [يَشْمِسُ] شُموساً و شَمِسَ يَشْمَسُ، هذا القياس؛ و قد قيل يَشْمُسُ في آتي شَمِس، و مثله فَضِلَ يَفْضُل؛ قال ابن سيدة: هذا قول أَهل اللغة و الصحيح عندي أَن يَشْمُسُ آتي شَمَسَ؛ و يوم شامسٌ و قد شَمَسَ يَشْمُسُ [يَشْمِسُ] شُموساً أَي ذُو ضِحٍّ نهارُه كله، و شَمَس يومُنا يَشْمِسُ إِذا كان ذا شمس. و يوم شامِسٌ: واضحٌ، و قيل: يوم شَمْس و شَمِسٌ صَحْوٌ لا غيم فيه، و شامِسٌ: شديدُ الحَرِّ، و حكي عن ثعلب: يوم مَشْمُوس كَشامِسٍ. و شيء مُشَمَّس أَي عُمِلَ في الشمس. و تَشَمَّسَ الرجلُ: قَعَدَ في الشمس و انتصب لها؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّ يَدَيْ حِرْبائِها، مُتَشَمِّساً، يَدا مُذْنِبٍ، يَسْتَغْفِرُ اللَّه، تائِبِ
الليث: الشمس عَيْنُ الضِّحِّ؛ قال: أَراد أَن الشمس هو العين التي في السماء تجري في الفَلَكِ و أَن الضِّح ضَوْءُه الذي يَشْرِقُ على وجه الأَرض. ابن الأَعرابي و الفراء: الشُّمَيْسَتان جنتان بإِزاء الفِرْدَوْس. و الشَّمِسُ و الشَّمُوسُ من الدواب: الذي إِذا نُخِسَ لم يستقرّ. و شَمَسَت الدابة و الفرسُ تَشْمُسُ شِماساً و شُمُوساً و هي شَمُوسٌ: شَرَدتْ و جَمَحَتْ و مَنَعَتْ ظهرها، و به شِماسٌ. و
في الحديث: ما لي أَراكم رافعي أَيديكم في الصلاة كأَنها أَذْنابُ خيل شُمْسٍ؟.
هي جمعُ شَمُوسٍ، و هو النَّفُورُ من الدواب الذي لا يستقرّ لشَغَبه و حِدَّتِه، و قد توصف به الناقة؛ قال أَعرابي يصف ناقة: إِنها لعَسُوسٌ شَمُوسٌ ضَرُوسٌ نَهُوسٌ، و كل صفة من هذه مذكورة في فصلها. و الشَّمُوسُ من النساء: التي لا تُطالِعُ الرجال و لا تُطْمِعُهم، و الجمع شُمُسٌ؛ قال النابغة:
شُمُسٌ، مَوانِعُ كلِّ ليلةِ حُرَّةٍ، يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
و قد شَمَسَتْ؛ و قولُ أَبي صخر الهذلي:
قِصارُ الخُطَى شُمٌّ، شُمُوسٌ عن الخَنا، خِدالُ الشَّوَى، فُتْخُ الأَكُفِّ، خَراعِبُ
جَمَعَ شامِسَةً على شُمُوسٍ كقاعدة و قُعُود، كَسَّره على حذف الزائد، و قد يجوز أَن يكون
113
جَمْعَ شَمُوس فقد كَسَّروا فَعِيلة على فُعُول؛ أَنشد الفرّاء:
و ذُبْيانيَّة أَوْصَتْ بَنيها بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ و القُطوفُ
و قال: هو جَمع قَطِيفَة. و فَعُول أُخْت فَعِيل، فكما كَسَّروا فَعِيلًا على فُعُول كذلك كَسَّروا أَيضاً فَعُولًا على فُعُول، و الاسم الشِّماسُ كالنِّوارِ؛ قال الجَعْدي:
بآنِسَةٍ، غيرَ أُنْسِ القِراف، تُخَلِّطُ باللِّينِ منها شِماسا
و رجل شَمُوس: صَعْب الخُلُق، و لا تقل شَمُوص. و الشَّمُوسُ: من أَسماء الخمر لأَنها تَشْمِسُ بصاحبها تَجْمَحُ به؛ و قال أَبو حنيفة: سميت بذلك لأَنها تَجْمَحُ بصاحبها جِماحَ الشَّمُوسِ، فهي مثل الدابة الشَّمُوس، و سميت رَاحاً لأَنها تُكْسِبُ شارِبها أَرْيَحِيَّة، و هو أَن يَهَشَّ للعَطاء و يَخِفَّ له؛ يقال: رِحْتُ لكذا أَراح؛ و أَنشد:
و فَقَدْتُ راحِي في الشَّبابِ و حالي
و رجل شَمُوسٌ؛: عَسِرٌ في عداوته شديد الخلاف على من عانده، و الجمع شُمْسٌ و شُمُسٌ؛ قال الأَخطل:
شُمْسُ العَداوةِ حتى يُسْتَقادَ لهم، و أَعْظَمُ الناسِ أَحلاماً إِذا قَدَرُوا
و شامَسَه مُشامَسَةً و شِماساً: عاداه و عانده؛ أَنشد ثعلب:
قومٌ، إِذا شُومِسوا لَجَّ الشِّماسُ بهم ذاتَ العِنادِ، و إِن ياسَرْتَهُمْ يَسَرُوا
و شَمِسَ لي فلانٌ إِذا بَدَتْ عداوته فلم يقدر على كتمها، و في التهذيب: كأَنه هَمَّ أَن يفعل، و إِنه لذو شِماسٍ شديدٌ. النَّضْرُ: المُتَشَمِّسُ من الرجال الذي يمنع ما وراء ظهره، قال: و هو الشديد القومية، و البخيل أَيضاً: مُتَشَمِّس، و هو الذي لا تنال منه خيراً؛ يقال: أَتينا فلاناً نتعرَّض لمعروفه فتَشَمَّسَ علينا أَي بخل. و الشَّمْسُ: ضَرْبٌ من القلائد. و الشَّمْسُ: مِعْلاقُ القِلادةِ في العُنُق، و الجمع شُمُوسٌ؛ قال الشاعر:
و الدُّرُّ، و اللؤْلؤُ في شَمْسِه، مُقَلِّدٌ ظَبْيَ التَّصاوِيرِ
و جِيدٌ شامِس: ذو شُمُوسٍ، على النَّسَب؛ قال:
بعَيْنَيْنِ نَجْلاوَيْنِ لم يَجْرِ فيهما ضَمانٌ، و جِيدٍ حُلِّيَ الشَّذْرَ شامسِ
قال اللحياني: الشَّمْسُ ضرب من الحَلْيِ مذكر. و الشَّمْسُ: قِلادة الكلب. و الشَّمَّاسُ من رؤوس النصارى: الذي يحلق وسط رأْسه و يَلْزَمُ البِيعَة؛ قال ابن سيدة: و ليس بعربي صحيح، و الجمع شَمامِسَةٌ، أَلحقوا الهاء للعجمة أَو للعِوَض. و الشَّمْسَة: مَشْطَةٌ للنساء. أَبو سعيد: الشَّمُوسُ هَضْبَة معروفة، سميت به لأَنها صعبة المُرْتَقَى. و بنو الشَّمُوسِ: بطنٌ. و عَيْنُ شَمْس: موضع. و شَمْسُ عَيْنِ: ماءٌ. و شَمْسٌ: صَنَم قديم. و عبدُ شَمْسٍ: بطنٌ من قريش، قيل: سُمُّوا بذلك الصنم، و أَوّل من تَسَمَّى به سَبَأُ بن يَشْجُبَ؛ و قال ابن الأَعرابي في قوله:
كَلَّا و شَمْسَ لنَخْضِبَنَّهُمُ دَما
لم يصرف شمس لأَنه ذهب به إِلى المعرفة ينوي به الأَلف و اللام، فلما كانت نيته الأَلف و اللام لم يُجْرِه و جعله معرفة، و قال غيره: إِنما عنى الصنم المسمى
114
شَمْساً و لكنه تَرك الصَرْفَ لأَنه جعله اسماً للصورة، و قال سيبويه: ليس أَحد من العرب يقول هذه شمسُ فيجعلها معرفة بغير أَلف و لام، فإِذا قالوا عبد شمس فكلهم يجعله معرفة، و قالوا عَبُّشَمْسٍ و هو من نادر المدغم؛ حكاه الفارسي، و قد قيل: عَبُ الشَّمْسِ فَحَذفوا لكثرة الاستعمال، و قيل: عَبُ الشَّمْسِ لُعابُها. قال الجوهري: أَما عَبْشَمْسُ بنُ زيد مَناةَ بن تميم فإِن أَبا عمرو بنَ العَلاء يقول: أَصله عَبُّ شَمْسٍ كما تقول حَبُّ شَمْسٍ و هو ضَوءُها، و العين مُبْدَلة من الحاء، كما قالوا في عَبُّ قُرٍّ و هو البَرَدُ. قال ابن الأَعرابي: اسمه عَبءُ شَمْسٍ، بالهمز، و العَبْءُ العِدْلُ، أَي هو عِدْلها و نظيرها، يُفْتَحُ و يكسر. و عَبْدُ شَمْس: من قريش، يقال: هم عَبُ الشَّمْسِ، و رأَيتُ عَبَ الشَّمْسِ، و مررت بعَبِ الشَّمْسِ؛ يريدون عبدَ شَمْسٍ، و أَكثر كلامهم رأَيت عبدَ شَمْس؛ قال:
إِذا ما رَأَتْ شَمساً عَبُ الشَّمْسِ، شَمَّرَتْ إِلى زِمْلها، و الجُرْهُمِيُّ عَمِيدُها
و قد تقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في ترجمة عبأَ من باب الهمز. قال: و منهم من يقول عَبُّ شَمْسٍ، بتشديد الباء، يريد عبدَ شمس. ابن سيدة: عَبُ شَمْسٍ قبيلة من تميم و النسب إِلى جميع ذلك عَبْشَمِيّ لأَن في كل اسم مضاف ثلاثةَ مذاهب: إِن شئت نسبت إِلى الأَوّل منهما كقولك عَبْدِيٌّ إِذا نسبت إِلى عبد القَيْس؛ قال سُوَيْد بن أَبي كاهل:
و هم صَلَبُوا العَبْدِيَّ في جِذْعِ نَخْلَةٍ، فلا عَطَسَتْ شَيْبانُ إِلا بأَجْدَعا
و إِن شئت نسبت إِلى الثاني إِذا خفت اللبس فقلت مُطَّلِبِيٌّ إِذا نسبت إِلى عبد المُطَّلِب، و إِن شئت أَخذت من الأَوّل حرفين و من الثاني حرفين فَرَدَدْتَ الاسم إِلى الرباعيِّ ثم نسبت إِليه فقلت عَبْدَرِيٌّ إِذا نسبت إِلى عبد الدار، و عَبْشَمِيٌّ إِذا نسبت إِلى عبد شَمْسٍ؛ قال عبدُ يَغُوثَ بنُ وَقَّاصٍ الحارِثيُّ:
و تَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ، كأَنْ لم تَرَ قَبْلِي أَسِيراً يَمانِيا
و قد عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّني أَنا الليثُ، مَعْدُوّاً عليَّ و عادِيا
و قد كنتُ نحَّارَ الجَزُورِ و مُعْمِلَ الْمَطِيِّ، و أَمْضِي حيثُ لا حَيَّ ماضِيا
و قد تَعَبْشَمَ الرجلُ كما تقول تَعَبْقَسَ إِذا تعلق بسبب من أَسباب عبدِ القَيْسِ إِما بِحلْفٍ أَو جِوارٍ أَو وَلاءِ. و شَمْسٌ و شُمْسٌ و شُمَيْسٌ و شَمِيسٌ و شَمَّاسٌ: أَسماء. و الشَّمُوسُ: فَرَس شَبِيبِ بن جَرَادٍ. و الشَّمُوس أَيضا: فرس سُوَيْد بن خَذَّاقٍ. و الشَّمِيسُ و الشَّمُوسُ: بلد باليمن؛ قال الراعي:
و أَنا الذي سَمِعَتْ مَصانِعُ مَأْربٍ و قُرَى الشَّمُوسِ و أَهْلُهُنَّ هَدِيرِي
و يروى: الشَّمِيس.
شنس:
أَشْناسُ: اسم عَجَمِيٌّ.
شوس:
الشَّوَسُ، بالتحريك: النظر بمُؤْخِرِ العين تَكَبُّراً أَو تَغَيُّظاً. ابن سيدة: الشَّوَسُ في النظر أَن ينظر بإِحدى عينيه و يُمِيلَ وجهه في شَقِّ العين التي ينظر بها، يكون ذلك خلقة و يكون من الكِبْر و التِّيهِ و الغضب، و قيل: الشَّوَسُ رفع الرأْس تكبراً، شَوِسَ يَشْوَسُ شَوَساً و شاسَ يَشاسُ شَوْساً، و رجل أَشْوَسُ و امرأَة شَوْساءُ، و الشُّوسُ جمع
115
الأَشْوَسِ، و قوم شُوسٌ؛ قال ذو الإِصْبع العَدْوانيُّ:
أَ إِن رَأَيتَ بني أَبِيكَ مُحَمِّجِين إِليك شُوسا؟
التَّحْمِيجُ: التَّحْدِيقُ في النظر بملء الحَدَقَةِ، و التَّشاوُسُ إِظهار ذلك مع ما يجيء عليه عامَّةُ هذا الباب نحو قوله:
إِذا تَخازَرْتُ و ما بي من خَزَرْ
و يقال: فلان يَتَشاوَسُ في نظره إِذا نَظَرَ نَظَر ذي نَخْوَةٍ و كِبْرٍ. قال أَبو عمرو: يقال تَشاوَسَ إِليه و هو أَن ينظر إِليه بُمؤْخِرِ عينه و يُمِيلَ وجهه في شِقِّ العين التي ينظر بها. و
في حديث التَّيميِّ: ربما رأَيت أَبا عثمانَ النَهْدِيَّ يَتَشاوَسُ ينظر أَ زالت الشمسُ أَم لا.
؛ التَشاوُسُ: أَن يقلب رأْسه ينظر إِلى السماء بإِحدى عينيه. و الشَّوَسُ: النظر بإِحدى شِقَّيِ العينين. و قيل: هو الذي يُصَغِّرُ عينه و يضم أَجفانه لينظر. التهذيب في شوص: الشَّوَسُ في العين بالسين أَكثر من الشَّوَصِ، يقال: رجل أَشْوسُ و ذلك إِذا عُرِفَ في نظره الغضبُ أَو الحِقْدُ و يكون ذلك من الكِبْرِ، و جمعه الشُّوسُ. أَبو عمرو: الأَشْوَسُ و الأَشْوَزُ المُذِيخُ المتكبر. و يقال: ماء مُشاوِسٌ إِذا قل فلم تَكَدْ تراه في الرَّكِيَّة من قلته أَو كان بعيد الغَوْر؛ قال الراجز:
أَدْلَيْتُ دَلْوِي في صَرًى مُشاوِسِ، فبَلَّغَتْني، بعد رَجْسِ الراجِسِ،
سَجْلًا عليه جِيَفُ الخَنافِسِ
و الرَّجْسُ: تحريك الدلو لِتَمْتَلِئَ. ابن الأَعرابي: الشَّوْسُ و الشَّوْصُ في السواك. و الأَشْوَسُ: الجَرِيء على القتال الشديدُ، و الفعل كالفعل، و قد يكون الشَّوَس في الخُلُق. و الأَشْوَسُ: الرافع رأْسه تكبراً. و
في حديث الذي «3» بعثه إِلى الجن قال: يا نبي اللَّه أَ سُفْعٌ شُوسٌ؟.
الشُّوسُ: الطِّوال، جمع أَشْوَسَ، رواه ابن الأَثير عن الخطابي. و مكان شئِسٌ: و هو الخَشِنُ من الحجارة، قال أَبو منصور: و قد يخفف فيقال للمكان الغليظ شَأْسٌ و شَأْزٌ، و اللَّه أَعلم.
فصل الضاد المعجمة
ضبس:
الضَّبْسُ: البخيلُ. و الضَّبِسُ و الضَّبِيسُ: الحريصُ الشَّرِسُ الخُلُق. و رجل ضَبِسٌ و ضَبِيسٌ أَي شَرِسٌ عَسِرٌ شَكِسٌ. و
في حديث طَهْفَة: و الفَلُوّ الضَّبِيس.
؛ الفَلُوُّ: المُهْرُ و الضَّبِيسُ: الصَّعْبُ العَسِرُ. و الضَّبيسُ: القليل الفِطْنة الذي لا يهتدي للحيلة. و الضَّبِيسُ: الجَبانُ. و ذكر شمر
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَنه قال في الزبير: هو ضَبِسٌ ضَرِسٌ.
و قال عدنانُ: الضَّبِسُ في لغة تميم الخَبُّ، و في لغة قَيْس الداهية، قال: و يقال ضِبْسٌ و ضَبِيسٌ؛ و قال الأَصمعي في أُرجوزة له:
بالجارِ يَعْلُو حَيْلَه ضِبسٌ شَبِث
أَبو عمرو: الضَّبْسُ و الضِّبْسُ الثقيل البدن و الروح. و قال ابن الأَعرابي: الضَّبْسُ إِلحاحُ الغريم على غريمه. يقال: ضَبَسَ عليه و الضِّبْسُ: الأَحْمَقُ الضعيف البدن. و ضَبِسَتْ نَفْسُه، بالكسر، أَي لَقِسَت و خَبُثَتْ.
ضرس:
الضِّرْسُ: السِّنُّ، و هو مذكر ما دام له هذا الاسم لأَن الأَسنان كلها إِناث إِلا الأَضْراسَ و الأَنيابَ.
__________________________________________________
(3). قوله [و في حديث الذي إلخ] من هنا إلى آخر الجزء قوبل على غير النسخة المنسوبة للمؤلف لضياع ذلك منها.
116
و قال ابن سيدة: الضِّرْسُ السن، يذكر و يؤَنث، و أَنكر الأَصمعي تأْنيثه؛ و أَنشد قولَ دُكَيْنٍ:
فَفُقِئَتْ عينٌ و طَنَّتْ ضِرسُ
فقال: إِنما هو و طَنَّ الضِّرْسُ فلم يفهمه الذي سمعه؛ و أَنشد أَبو زيد في أُحْجِيَّةٍ:
و سِرْبِ سِلاحٍ قد رأَينا وُجُوهَهُ إِناثاً أَدانيه، ذُكُوراً أَواخِرُه
السرب: الجماعة، فأَراد الأَسنان لأَن أَدانيها الثَّنيَّة و الرباعيَة، و هما مؤنثان، و باقي الأَسنان مذكر مثل الناجِذِ و الضِّرْسِ و النَّابِ؛ و قال الشاعر:
و قافية بَيْنَ الثَّنِيَّةِ و الضِّرْسِ
زعموا أَنه يعني الشين لأَن مخرجها إِنما هو من ذلك؛ قال أَبو الحسن الأَخفش: و لا أُراه عناها و لكنه أَراد شدّة البيت، و أَكثر الحروف يكون من بين الثنية و الضرس، و إِنما يجاوز الثنية من الحروف أَقلها، و قيل: إِنما يعني بها السين، و قيل: إِنما يعني بها الضاد. و الجمع أَضْراسٌ و أَضْرُسٌ و ضُرُوسٌ و ضَرِيسٌ؛ الأَخيرة اسم للجمع؛ قال الشاعر يصف قُراداً:
و ما ذَكَرٌ فإِن يَكْبُرْ فأُنْثَى، شَدِيدُ الْأَزْم، ليس له ضُرُوسُ؟
لأَنه إِذا كان صغيراً كان قُراداً، فإِذا كَبُرَ سُمِّي حَلَمَةً. قال ابن بري: صواب إِنشاده:
... ليس بذي ضُرُوسِ
، قال: و كذا أَنشده أَبو علي الفارسي، و هو لغة في القُراد، و هو مذكر، فإِذا كَبُرَ سمي حَلَمة و الحلمة مؤنثة لوجود تاء التأْنيث فيها؛ و بعده أَبيات لغز في الشطرنج و هي:
و خَيْلٍ في الوَغَى بإِزاءِ خَيْلٍ، لُهامٍ جَحْفَلٍ لَجِبِ الخَمِيسِ
و ليسُوا باليهود و لا النَّصارَى، و لا العَرَبِ الصُّراحِ و لا المَجُوسِ
إِذا اقْتَتَلوا رأَيتَ هناكَ قَتْلى، بلا ضَرْبِ الرِّقابِ و لا الرُّؤوس
و أَضْراس العَقْلِ و أَضْراسُ الحُلُم أَربعة أَضراس يَخْرُجْنَ بعد ما يستحكم الإِنسان. و الضَّرْسُ: العَضُّ الشديد بالضِّرْسِ. و قد ضَرَسْتُ الرجلَ إِذا عَضَضْتَه بأَضْراسِك. و الضَّرْسُ: أَن يَضْرَسَ الإِنسان من شيء حامض. ابن سيدة: و الضَّرَسُ، بالتحريك، خَوَرٌ و كلالٌ يصيب الضِّرْسَ أَو السِّنَّ عند أَكل الشيء الحامض، ضَرِسَ ضَرَساً، فهو ضَرِسٌ، و أَضْرَسَه ما أَكله و ضَرِسَتْ أَسنانُه، بالكسر. و
في حديث وَهْبٍ: أَن وَلَدَ زِناً في بني إِسرائيل قَرَّبَ قُرْباناً فلم يُقْبَلْ فقال: يا رب يأْكل أَبوايَ الحَمْضَ و أَضْرَسُ أَنا؟ أَنت أَكرم من ذلك. فقبل قُرْبانه.
؛ الحَمْضُ: من مراعي الإِبل إِذا رعته ضَرِسَتْ أَسنانها؛ و الضَّرَسُ، بالتحريك: ما يعرض للإِنسان من أَكل الشيء الحامض؛ المعنى يُذْنِبُ أَبواي و أُؤاخذ أَنا بذنبهما. و ضَرَسَه يَضْرِسُه ضَرْساً: عَضَّه. و الضَّرْسُ: تعليم القِدْح، و هو أَن تُعَلِّمَ قِدْحَك بأَن تَعَضَّه بأَضراسك فيؤثر فيه. و يقال: ضَرَسْتُ السَّهْمَ إِذا عَجَمْتَه؛ قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:
و أَصْفَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ، به عَلَمانِ من عَقَبٍ و ضَرْسِ
و هذا البيت أَورده الجوهري:
و أَسْمَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْع
117
و أَورده غيره كما أَوردناه؛ قال ابن بري و صواب إِنشاده:
و أَصْفَرَ من قِداحِ النَّبْعِ صُلْب
قال: و كذا في شعره لأَن سهام الميسر توصف بالصفرة و الصلابة؛ و قال طرفة يصف سهماً من سهام الميسر:
و أَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوارَه على النار، و اسْتَوْدَعْتُه كَفَّ مُجْمِدِ
فوصفه بالصفرة. و المَضْبُوحُ: المُقَوَّمُ على النار، و حِوارُه: رُجُوعُه. و المُجْمِدُ: المُفيضُ، و يقال للداخل في جُمادى و كان جُمادى في ذلك الوقت من شهور البرد. و العَقْبُ: مصدر عَقَبْتُ السَّهم إِذا لَوَيتَ عليه شيئاً، وصف نفسه بضرب قِداحِ المَيْسِر في زمن البرد و ذلك يدل على كرمه. و أَما الضَّرْسُ فالصحيح فيه أَنه الحز الذي في وسط السهم. و قِدْحٌ مُضَرَّسٌ: غير أَملس لأَن فيه كالأَضراس. الليث: التَّضْريسُ تحزيز و نَبْرٌ يكون في ياقوتة أَو لؤْلؤَة أَو خشبة يكون كالضِّرس؛ و قول أَبي الأَسود الدُّؤلي أَنشده الأَصمعي:
أَتانيَ في الضَّبْعاء أَوْسُ بنُ عامِرٍ، يُخادِعُني فيها بِجِنِّ ضِراسِها
فقال الباهلي: الضِّراسُ مِيسِمٌ لهم و الجِنُّ حِدْثان ذلك، و قيل: أَراد بِحِدثانِ نتاجها، و من هذا قيل: ناقة ضَرُوسٌ و هي التي تَعَضُّ حالِبَها. و رجل أَخْرَسُ أَضْرَسُ: إِتباعٌ له. و الضَّرْسُ: صَمْتُ يوم إِلى الليل. و
في حديث ابن عباس، رضي اللَّه عنهما: أَنه كره الضَّرْسَ.
و أَصله من العَضِّ، كأَنه عَضَّ على لسانه فصَمَتَ. و ثوبٌ مُضَرَّسٌ: مُوَشًّى به أَثَرُ الطَّيِّ؛ قال أَبو قِلابَةَ الهُذَليّ:
رَدْعُ الخَلُوقِ بِجِلْدِها فكأَنَّه رَيْطٌ عِتاقٌ، في الصِّوانِ، مُضَرَّسُ
أَي مُوَشًّى، حمله مَرَّةً على اللفظ فقال مُضَرَّسٌ، و مَرّةً على المعنى فقال عتاق. و يقال: رَيْطٌ مُضَرَّسٌ لضرب من الوَشْيِ. و تَضارَسَ البِناءُ إِذا لم يِسْتَوِ، و في المحكم: تَضَرَّسَ البناءُ إِذا لم يستو فصار كالأَضْراسِ. و ضَرَسَهم الزمانُ: اشتدّ عليهم. و أَضْرَسَه أَمر كذا: أَقلقه. و ضَرَّسَتْه الحُروبُ تَضْريساً أَي جَرَّبَتْه و أَحكمته. و الرجلُ مُضَرَّس أَي قد جَرَّبَ الأُمورَ. شمر: رجل مُضَرَّسٌ [مُضَرِّسٌ] إِذا كان قد سافر و جَرَّب و قاتَلَ. و ضارَسْتُ الأُمورَ: جَرَّبْتُها و عَرَفْتُها. و ضَرِسَ بنو فلان بالحرب إِذا لم ينتهوا حتى يقاتلوا. و يقال: أَصبح القومُ ضَراسى إِذا أَصبحوا جياعاً لا يأْتيهم شيء إِلا أَكلوه من الجوع، و مثلُ ضَراسى قوم حَزانى لجماعة الحَزين، و واحدُ الضَّراسى ضَريس و ضَرَسَتْه الحُروبُ تَضْرِسُه ضَرْساً: عَضَّتْه. و حَرْبٌ ضَرُوسٌ: أَكول، عَضُوضٌ. و ناقة ضَرُوسٌ: عَضُوضٌ سيئة الخُلُق، و قيل: هي العَضُوض لتَذُبَّ عن ولدها، و منه قولهم في الحَرْب: قد ضَرِسَ نابُها أَي ساء خُلُقها، و قيل: هي التي تَعَضُّ حالبها؛ و منه قولهم: هي بِجِنِّ ضِراسِها أَي بِحِدْثانِ نَتاجِها و إِذا كان كذلك حامَتْ عن ولدها؛ قال بِشْرٌ:
عَطَفْنا لهم عَطْفَ الضَّروسِ من المَلا بشَهْباءَ، لا يَمْشي الضَّراءَ رَقِيبُها
118
و ضَرَسَ السَّبُعُ فَريسَته: مَضَغَها و لم يبتلعها. و ضَرَسَتْه الخُطُوب ضَرْساً: عَجَمَتْه، على المَثَل؛ قال الأَخطل:
كَلَمْحِ أَيْدي مَثاكِيلٍ مُسَلِّبَةٍ، يَنْدُبْنَ ضَرْسَ بَناتِ الدهرِ و الخُطُبِ
أَراد الخُطُوبَ فحذف الواو، و قد يكون من باب رَهْن و رُهُنٍ. و المُضَرَّس من الرجال: الذي قد أَصابته البلايا؛ عن اللحياني، كأَنها أَصابته بأَضراسِها، و قيل: المُضَرَّسُ المُجَرَّبُ كما قالوا المُنَجَّذُ، و كذلك الضِّرسُ و الضَّرِسُ، و الجمع أَضْراسٌ، و كلُّه من الضَّرْسِ. و الضِّرسُ: الرجل الخَشِنُ. و الضَّرْسُ، كفُّ عينِ البُرْقُع. و الضَّرْسُ: طول القيام في الصلاة. و الضَّرْسُ: عَضُّ العِدْلِ، و الضِّرْسُ: الفِنْدُ في الجَبَلِ. و الضَّرْسُ: سُوء الخُلُق. و الضَّرْسُ [الضِّرْسُ]: الأَرض الخَشِنَة. و الضَّرْسُ: امتحان الرجل فيما يدّعيه من علم أَو شجاعة. و الضِّرْسُ: الشِّيحُ و الرِّمْث و نحوه إِذا أُكلت جُذُولُهُ؛ و أَنشد:
رَعَتْ ضِرساً بصحراءِ التَّناهِي، فأَضْحَتْ لا تُقِيمُ على الجُدُوبِ
أَبو زيد: الضَّرِسُ و الضَّرِمُ الذي يغضب من الجوع. و الضَّرَسُ: غَضَبُ الجُوعِ. و رجل ضَرِسٌ: غضبان لأَن ذلك يُحَدِّدُ الأَضراس. و فلان ضَرِسٌ شَرِسٌ أَي صَعْب الخُلُق. و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، اشترى من رجل فرساً كان اسمه الضَّرِسَ فسماه السَكْبَ، و أَوّل ما غزا عليه أُحُداً.
؛ الضَّرِس: الصَّعْبُ السيء الخُلُق. و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه، في الزبير: هو ضَبِسٌ ضَرِسٌ.
و رجل ضَرِسٌ و ضَرِيسٌ. و منه
الحديث في صفة عَليٍّ، رضي اللَّه عنه: فإِذا فُزِعَ فُزِعَ إِلى ضَرِسٍ حديد.
أَي صَعْب العَريكة قَوِيٍّ، و من رواه بكسر الضاد و سكون الراء، فهو أَحد الضروس، و هي الآكام الخشنة، أَي إِلى جبل من حديد، و معنى قوله إِذا فُزع أَي فزع إِليه و التُجئَ فحذف الجار و استتر الضمير، و منه
حديثه الآخر: كان ما نشاء من ضِرْس قاطع.
أَي ماضٍ في الأُمور نافذ العَزِيمة. يقال: فلان ضِرْسٌ من الأَضْراس أَي داهية، و هو في الأَصل أَحد الأَسنان فاستعاره لذلك؛ و منه
حديثه الآخر: لا يَعَضُّ في العِلم بِضِرْسٍ قاطع.
أَي لم يُتْقِنه و لم يُحْكِم الأُمور. و تَضارَسَ القومُ: تَعادَوْا و تَحارَبوا، و هو من ذلك. و الضِّرْسُ: الأَكمَةُ الخشنة الغليظة التي كأَنها مُضَرَّسَةٌ، و قيل: الضِّرْسُ قطعة من القُفِّ مُشْرِفَةٌ شيئاً غليظةٌ جدّاً خشنة الوَطء، إِنما هي حَجَر واحد لا يخالطه طين و لا ينبت، و هي الضُّروس، و إِنما ضَرَسُه غِلْظَةٌ و خُشُونة. و حَرَّةٌ مُضَرَّسَة و مَضْروسَة: فيها كأَضْراسِ الكلاب من الحجارة. و الضَّرِيسُ: الحجارة التي هي كالأَضراس. التهذيب: الضِّرْسُ ما خَشُنَ من الآكام و الأَخاشب، و الضَّرْس طَيُّ البئر بالحجارة. الجوهري: و الضُّرُوس، بضم الضاد، الحجارة التي طُوِيَتْ بها البئر؛ قال ابن مَيَّادَةَ:
إِما يَزالُ قائلٌ أَبِنْ، أَبِنْ دَلْوَكَ عن حدِّ الضُّرُوسِ و اللَّبِنْ
و بئر مَضْروسَةٌ و ضَرِيسٌ إِذا طُوِيَتْ بالضَّرُيس، و هي الحجارة، و قد ضَرَسْتُها أَضْرُسُها و أَضْرِسُها ضَرْساً، و قيل: أَن تسدَّ ما بين خَصاصِ طَيِّها بحَجَر و كذا جميع البناء. و الضَّرْسُ: أَن يُلْوَى على الجَرِير قِدٌّ أَو وَتَرٌ. و رَيْط مُضَرَّس: فيه ضَرْبٌ من الوَشْي، و في
119
المحكم: فيه كَصُورِ الأَضراس. قال أَبو رِياش: إِذا أَرادوا أَن يُذَلِّلُوا الجمل الصعب لاثُوا على ما يقع على خَطْمِه قِدًّا فإِذا يَبِسَ حَزُّوا على خَطْمِ الجمل حَزًّا ليقع ذلك القِدُّ عليه إِذا يَبِسَ فيُؤْلِمَه فَيَذِلَّ، فذلك القِدُّ هو الضِّرْسُ، و قد ضَرَسْتُه و ضَرَّسْتُه. و جَرِيرٌ ضَرِسٌ: ذو ضِرْسٍ. و الضَّرْسُ: أَن يُفْقَرَ أَنفُ البعير بِمَرْوَةٍ ثم يُوضَع عليه وَتَرٌ أَو قِدٌّ لُوِيَ على الجرير ليُذَلَّل به. فيقال: جمل مَضْرُوسُ الجَرير. و الضِّرْسُ: المطرة القليلة. و الضِّرْسُ: المطر الخفيف. و وقعت في الأَرض ضُرُوسٌ من مطر إِذا وقع فيها قِطَعٌ متفرِّقة، و قيل: هي الأَمطار المتفرّقة، و قيل: هي الجَوْدُ؛ عن ابن الأَعرابي، واحدها ضِرْسٌ. و الضِّرسُ: السحابةُ تُمْطِرُ لا عَرضَ لها. و الضِّرْسُ: المَطَرُ هاهنا و هاهنا. قال الفراء: مررنا بضِرْسٍ من الأَرض، و هو الموضع يصيبه المطر يوماً أَو قَدْرَ يوم. و ناقةٌ ضَرُوسٌ: لا يُسْمَعُ لدِرَّتِها صَوْت، و اللَّه أَعلم.
ضعرس:
الضَّعْرَسُ: النَّهِمُ الحَرِيصُ.
ضغس:
الضغس: الكَرَوْيا؛ يمانية، حكاه ابن دريد قال: ليس بِثَبَت لأَن أَهل اليمن يسمونها التِّقْدَة.
ضغبس:
الضُّغْبُوسُ: الضعيف. و الضُّغْبُوسُ: وَلَدُ الثُّرْمُلَةِ. و الضُّغْبُوسُ. الرجل المَهِينُ. و الضُّغْبُوسُ و الضَّغابِيسُ: القِثَّاء الصغار، و قيل: شبيه به يؤكل، و قيل: الضُّغْبُوسُ أَغْصانٌ شِبْهُ العُرْجُون تنبت بالغَوْرِ في أُصول الثُّمامِ و الشَّوْكِ طِوالٌ حُمْرٌ رَخْصَة تؤكل. و
في الحديث: أَن صَفْوانَ بن أُمَيَّة أَهدى إِلى رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، ضغابيسَ و جِدايَةً.
؛ هي صغار القثاء، واحدها ضُغْبُوسٌ: و قيل: هو نبت في أُصُول الثُّمامِ يشبه الهِلْيَوْنَ يُسْلَقُ بالخَلِّ و الزيت و يؤكل. و
في حديث آخر: لا بَأْسَ باجتِناء الضَّغابيس في الحَرَم.
و به يَشَبَّه الرجل الضعيف، يقال: رجل ضُغْبُوسٌ؛ قال جَرِير يهجو عمر بن لجَإٍ التَّيْمي:
قد جَرَّبَتْ عَرَكِي في كلِّ مُعْتَركٍ غُلْبُ الرِّجالِ، فما بالُ الضَّغابِيسِ؟
تَدْعُوكَ تَيْمٌ، و تَيْمٌ في قُرى سَبَإٍ، قد عَضَّ أَعْناقَهُمْ جِلْدُ الجَوامِيسِ
و التَّيْمُ أَلأَمُ مَن يَمْشي، و أَلأَمُهُمْ ذُهْلُ بنُ تَيْمٍ بنو السُّودِ المَدَانِيسِ
تُدْعَى لِشَرِّ أَبٍ يا مِرفَقَيْ جُعَلٍ، في الصَّيْفِ تَدخُلُ بَيْتاً غير مَكْنُوسِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده
... غُلْبُ الأُسُود ...
، قال: و كذلك هو في شعره. و الأَغْلَبُ الغليظ الرقبة. و العَرَكُ: المُعَارَكَةُ في الحرب. و قال أَبو حنيفة: الضُّغْبُوسُ نباتُ الهِلْيَوْنِ سواء، و هو ضعيف، فإِذا جَفَّ خَمَّتْه الريح فطيرته. و امرأَة ضَغِبَةٌ «4»: مُولَعَةٌ بِحبِّ الضَّغابِيسِ، و قد تقدم في حرف الباء. و الضُّغْبُوسُ: الخبيث من الشياطين.
ضفس:
ضَفَسْتُ البعير: جَمَعْت له ضِغْثاً من خَلًى فأَلْقَمْته إِياه كَضفَزْته.
ضمس:
ضَمَسَه يَضْمِسُه ضَمْساً: مَضَغَه مَضْغاً خَفِيّاً. و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه، عن
__________________________________________________
(4). قوله [و امرأة ضغبة] ليس هذا مشتقّاً من الضغابيس لأَن السين فيه غير مزيدة، و إنما هو منه كسبط من سبطر و دمث من دمثر، و لا فصل بين حرف لا يزاد أَصلًا و بين حرف وقع في موضع غير الزيادة و إن عدّ في جملة الزوائد؛ كذا بهامش النهاية.
120
الزبير: ضَرِسٌ ضَمِسٌ.
؛ قال ابن الأَثير و الرواية ضَبِسٌ، قال: و الميم قد تبدل من الباء، و هما بمعنى الصَّعْب العَسِر.
ضنبس:
الضِّنْبِسُ: الرِّخْوُ اللئيم. و رجل ضِنْبِسٌ: ضعيف البَطْشِ سريع الانكسار، و اللَّه أَعلم.
ضنفس:
الضِّنْفِسُ: الرِّخْوُ اللئيم.
ضهس:
ضَهَسَه يَضْهَسُه ضَهْساً: عَضَّه بمُقَدَّم فيه و في كلام بعضهم إِذا دَعَوْا على الرجل: لا يأْكل إِلا ضاهِساً، و لا يَشْربُ إِلا قارِساً، و لا يَحْلُب إِلا جالِساً؛ يريدون لا يأْكل ما يتكلف مَضْغه إِنما يأْكل النَّزْرَ القليل من نبات الأَرض و يأْكله بمُقَدَّم فيه؛ و القارِسُ: البارد، أَي لا يشرب إِلا الماء دون اللبن؛ و لا يَحْلُبُ إِلا جالساً، يدعو بحلب الغنم و عدم الإِبل.
ضيس:
ضاسَ النبتُ يَضِيسُ. هاج؛ حكاه أَبو حنيفة؛ و قال مرة؛ هو أَول الهَيْج، نَجْدِيَّة. و ضاسٌ: اسم جبل، قال ابن سيدة: و إِنما قضينا بأَن أَلفه ياء و إِن كانت عيناً، و العين واواً أَكثر منها ياء لوجودنا يَضِيسُ و عدمنا هذه المادة من الواو جملة؛ قال:
تَهَبَّطْنَ من أَكناف ضاسَ و أَيْلَةٍ إِليها، و لو أَغْرى بهنَّ المُكَلِّبُ
فصل الطاء المهملة
طبس:
التَّطْبِيسُ: التَّطْبيقُ. و الطَّبَسان: كُورَتانِ بِخُراسانَ؛ قال مالك بن الرَّيب المازني:
دعاني الهوى من أَهْلِ أَوْدَ، و صُحْبَتي بذي الطَّبَسَيْنِ، فالْتَفَتُّ ورائيا «1»
و في التهذيب: و الطَّبَسَينِ كُورَتان من خُراسان. ابن الأَعرابي: الطَّبْسُ الأَسْوَدُ من كل شيء. و الطِّبْسُ: الذئب. و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه: كيف لي بالزُّبَيْر و هو رجل طِبْسٌ.
؛ أَراد أَنه يشبه الذئب في حَرْصِه و شَرَهِهِ، قال الحَرْبي: أَظنه أَراد لَقِسٌ أَي شَرِه حريص.
طحس:
ابن دُرَيْدٍ: و الطَّحْسُ يكنى به عن الجماع، يقال: طَحَسَها و طَحَزَها؛ قال الأَزهري: و هذا من مناكير ابن دريد.
طخس:
الطِّخْسُ: الأَصل. الجوهري: الطِّخْسُ، بالكسر، الأَصلُ و النِّجارُ. ابن السكيت: إِنه لَلَئيم الطِّخْسِ أَي لئيم الأَصل؛ و أَنشد:
إِنَّ امْرَأً أُخِّرَ من أَصْلنا أَلأَمُنا طِخْساً، إِذا يُنْسَبُ
و كذلك لئيم الكِرْسِ و الإِرْسِ. ابن الأَعرابي: يقال فلان طِخْسُ شَرٍّ و سبيل شَرّ و سِنُّ شر و صِنْوُ شرّ و رِكْبَةُ شر و بِلْوُ شر و كُمَّر شر و فِرْقُ شرّ إِذا كان نهايةً في الشر.
طرس:
الطِّرْسُ: الصحيفة، و يقال هي التي مُحِيت ثم كتبت، و كذلك الطِّلْسُ. ابن سيدة: الطِّرْسُ الكتاب الذي محي ثم كتب، و الجمع أَطْراس و طُروس، و الصاد لغة. الليث: الطِّرْس الكتاب المَمْحُوُّ الذي يستطاع أَن تعاد عليه الكتابة، و فِعْلُك به التَّطْريسُ. و طَرَّسَه: أَفسده. و
في الحديث: كان النَخَعِيُّ يأْتي عبيدة في المسائل فيقول عبيدةُ: طَرِّسْها يا أَبا إِبراهيم.
أَي امْحُها، يعني الصحيفة. يُقال: طَرَّسْتُ الصحيفة إِذا أَنعمت محوها. و طَرَسَ الكتابَ: سَوَّده. ابن الأَعرابي: المُتَطَرِّسُ و المُتَنَطِّسُ المُتَنَوِّقُ المختار؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسي
__________________________________________________
(1). و في رواية أخرى:
... مِن أَهلِ وُدّي.
121
يصف جارية:
بيضاءُ مُطْعَمَةُ المَلاحةِ، مِثْلُها لَهْوُ الجَليسِ و نِيقةُ المُتَطَرِّسِ
و طَرَسُوسُ «1»: بلد بالشام، و لا يخفف إِلا في الشعر لأَن فَعْلُولًا ليس من أَبنيتهم، و اللَّه أَعلم.
طرطس:
الطَّرْطَبِيسُ: الناقة الخَوَّارةُ. و يقال: ناقة طَرْطَبِيسٌ إِذا كانت خَوَّارةً في الحَلْبِ. و الطَّرْطَبِيس و الدَّرْدَبيسُ واحد، و هي العجوز المسترخِيَة. و الطَّيْسُ و الطَّيْسَلُ و الطَّرْطَبيسُ بمعنى واحد في الكثرة، و الطَّرْطَبيسُ: الماء الكثير.
طرفس:
الطِّرْفِسانُ: القطعة من الأَرض، و قيل: من الرمل؛ قال ابن مقبل:
فَمَرَّتْ على أَطْرافِ هِرّ عَشِيَّةً، لها التَّوأَبانِيَّانِ لم يَتفَلْفَلا
أُنِيخَت فَخرَّتْ فوق عُوجٍ ذَوابلٍ، و وَسَّدْتُ رأْسي طِرْفِساناً مُنَخَّلا
قوله فوق عُوج يريد قوائمها. و الذوابل: القليلة اللحم الصُّلْبة. و المُنَخَّل: الرمل الذي نخلته الرياح؛ و روي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: عنى بالطِّرْفِسان الطِّنْفِسَة و بالمُنَخَّلِ المُتَخَيَّر. ابن شميل: الطِّرْفِساء الظَّلْماءُ ليست من الغيم في شيء و لا تكون ظلماء إِلا بغيم. و يقال: السماء مُطَرْفِسةٌ و مُطَنْفِسة إِذا اسْتَغْمَدَتْ في السحاب الكثير، و كذلك الإِنسان إِذا لبس الثياب الكثيرة مُطَرْفِسٌ و مُطَنْفِسٌ. و طَرْفَسَ الرجلُ إِذا حَدَّدَ النظر، هكذا رواه الليث بالسين، و روى أَبو عمرو و طرفش، بالشين المعجمة، إِذا نظر و كَسَر عينيه.
طرمس:
الطِّرْمِسُ و الطِّرْمِساءُ، ممدوداً: الظلمةُ، و قد يوصف بها فيقال ليلة طِرْمِساءُ. و ليالٍ طِرْمِساء: شديدة الظلمة؛ أَنشد ثعلب:
و بَلَدٍ كَخَلَقِ العَبايَهْ، قَطَعْتُه بِعِرْمِسٍ مَشَّايَهْ،
في ليلةٍ طَخْياءَ طِرْمِسايَهْ
و قد اطْرَمَّسَ الليلُ. قال أَبو حنيفة: الطِّرْمِساء السحاب الرقيق الذي لا يُواري السماءَ، و قيل: هو الطِّلْمِساءُ، باللام. و الطِّرْمِساء و الطِّلْمِساءُ: الظلمة الشديدة. و طَرْمَسَ الليل و طَرْسَمَ: أَظلم، و يقال بالشين المعجمة. و الطِّرْمِسُ: اللئيم الدنيء. و الطُّرْمُوسُ: الخَرُوفُ. و الطَّرْمَسةُ: الانقباض و النُّكُوصُ. و طَرْمَسَ الرجلُ: كَرِه الشيءَ. و طَرْمَسَ الرجلُ إِذا قَطَّبَ وجهَه، و كذلك طَلْمَسَ و طَلْسَم و طرْسَمَ. و يقال للرجلْ إِذا نَكَصَ هارباً: قد طَرْسَمَ و طَرْمَسَ و سَرْطَمَ. و طَرْمَسَ الكتابَ: محاه. و الطُّرْمُوسة و الطُّرْمُوسُ: خُبْزُ المَلَّة، و اللَّه أَعلم.
طسس:
الطَّسُّ و الطَّسَّةُ و الطِّسَّة: لغة في الطَّسْتِ؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْر:
كأَنَّ طَسّاً بين قُنْزُعاتِه
قال ابن بري: البيت لحميد الأَرْقَط و ليس لحميد بن ثور كما زعم الجوهري، و قبله:
بَينا الفَتى يَخبِطُ في غَيْساتِه، إِذ صَعَدَ الدَّهْرُ إِلى عِفْراتِه،
فاجْتاحَها بِمِشْفَرَيْ مِبْراته، كأَنّ طَسّاً بين قُنْزُعاتِه
موتاً تَزِلُّ الكَفُّ عن صَفاتِه
__________________________________________________
(1). قوله [و طرسوس] كحلزون، و اختار الأَصمعي فيه ضم الطاء كعصفور انتهى. شارح القاموس.
122
الغَيسَةُ: النَّعْمَةُ و النَّضارة. و عِفْراتِه: شعر رأْسه. و القُنْزُعَةُ: واحدة القنازع، و هو الشعر حوالي الرأْس؛ قال رؤبة:
حتى رَأَتْنِي، هامتي كالطَّسِّ، تُوقِدُها الشمسُ ائْتِلاقَ التُّرْسِ
و جمع الطَّسِّ [الطِّسِ] أَطْساسٌ و طُسُوسٌ و طَسِيسٌ؛ قال رؤبة:
قَرْع يَدِ اللَّعَّابَة الطَّسِيسا
و جمع