×
☰ فهرست و مشخصات
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 39 العدالة و الخصال التی من کانت فیه ظهرت عدالته و وجبت أخوته و حرمت غیبته ص 1

الجزء السابع و الستون‏
تتمة كتاب الإيمان و الكفر
تتمة أبواب مكارم الأخلاق‏
باب 39 العدالة و الخصال التي من كانت فيه ظهرت عدالته و وجبت أخوته و حرمت غيبته‏
1- ل، الخصال أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَكْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ وَ حَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ وَ وَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَتْ مُرُوَّتُهُ وَ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ وَ وَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ وَ حَرُمَتْ غِيبَتُهُ «1».
ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بالأسانيد الثلاثة مثله «2»- صح، صحيفة الرضا عليه السلام عن الرضا عن آبائه ع مثله «3».
2- ل، الخصال أَبِي عَنِ الْكُمُنْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَوْجَبْنَ لَهُ أَرْبَعاً عَلَى النَّاسِ مَنْ إِذَا حَدَّثَهُمْ لَمْ يَكْذِبْهُمْ وَ إِذَا خَالَطَهُمْ لَمْ يَظْلِمْهُمْ وَ إِذَا وَعَدَهُمْ لَمْ يُخْلِفْهُمْ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 97.
 (2) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 30.
 (3) صحيفة الرضا عليه السلام ص 7.

001
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 39 العدالة و الخصال التی من کانت فیه ظهرت عدالته و وجبت أخوته و حرمت غیبته ص 1

وَجَبَ أَنْ يَظْهَرَ فِي النَّاسِ عَدَالَتُهُ وَ يَظْهَرَ فِيهِمْ مُرُوَّتُهُ وَ أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِمْ غِيبَتُهُ وَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِمْ أُخُوَّتُهُ «1».
3- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْأَزْدِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ الْكَرْخِيِّ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَنْ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ فِي جَمَاعَةٍ فَظُنُّوا بِهِ خَيْراً وَ أَجِيزُوا شَهَادَتَهُ «2».
4- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ نُوحِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ صَالِحٍ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع وَ قَدْ قُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَ مَنْ لَا تُقْبَلُ فَقَالَ يَا عَلْقَمَةُ كُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُقْتَرِفٍ بِالذُّنُوبِ فَقَالَ يَا عَلْقَمَةُ لَوْ لَمْ يُقْبَلْ شَهَادَةُ الْمُقْتَرِفِينَ لِلذُّنُوبِ لَمَا قُبِلَتْ إِلَّا شَهَادَاتُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمَعْصُومُونَ دُونَ سَائِرِ الْخَلْقِ فَمَنْ لَمْ تَرَهُ بِعَيْنِكَ يَرْتَكِبُ ذَنْباً أَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَ السَّتْرِ وَ شَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَ إِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ مُذْنِباً وَ مَنِ اغْتَابَهُ بِمَا فِيهِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ وَلَايَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ دَاخِلٌ فِي وَلَايَةِ الشَّيْطَانِ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ مَنِ اغْتَابَ مُؤْمِناً بِمَا فِيهِ لَمْ يَجْمَعِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ أَبَداً وَ مَنِ اغْتَابَ مُؤْمِناً بِمَا لَيْسَ فِيهِ انْقَطَعَتِ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَ كَانَ الْمُغْتَابُ فِي النَّارِ خالِداً فِيها وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ قَالَ عَلْقَمَةُ فَقُلْتُ لِلصَّادِقِ ع يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَنْسُبُونَنَا إِلَى عَظَائِمِ الْأُمُورِ وَ قَدْ ضَاقَتْ بِذَلِكَ صُدُورُنَا فَقَالَ ع يَا عَلْقَمَةُ إِنَّ رِضَا النَّاسِ لَا يُمْلَكُ وَ أَلْسِنَتَهُمْ لَا تُضْبَطُ وَ كَيْفَ تَسْلَمُونَ مِمَّا لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ وَ رُسُلُهُ وَ حُجَجُ اللَّهِ ع أَ لَمْ يَنْسُبُوا يُوسُفَ ع إِلَى أَنَّهُ هَمَّ بِالزِّنَا أَ لَمْ يَنْسُبُوا أَيُّوبَ ع إِلَى أَنَّهُ ابْتُلِيَ بِذُنُوبِهِ أَ لَمْ يَنْسُبُوا دَاوُدَ ع إِلَى أَنَّهُ تَبِعَ الطَّيْرَ حَتَّى‏
__________________________________________________
 (1) الخصال: ج 1 ص 98.
 (2) أمالي الصدوق ص 204.

002
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 39 العدالة و الخصال التی من کانت فیه ظهرت عدالته و وجبت أخوته و حرمت غیبته ص 1

نَظَرَ إِلَى امْرَأَةِ أُورِيَا فَهَوَاهَا وَ أَنَّهُ قَدَّمَ زَوْجَهَا أَمَامَ التَّابُوتِ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِهَا أَ لَمْ يَنْسُبُوا مُوسَى ع إِلَى أَنَّهُ عِنِّينٌ وَ آذَوْهُ حَتَّى بَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً أَ لَمْ يَنْسُبُوا جَمِيعَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ إِلَى أَنَّهُمْ سَحَرَةٌ طَلَبَةُ الدُّنْيَا أَ لَمْ يَنْسُبُوا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ ع إِلَى أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعِيسَى مِنْ رَجُلٍ نَجَّارٍ اسْمُهُ يُوسُفُ أَ لَمْ يَنْسُبُوا نَبِيَّنَا مُحَمَّداً ص إِلَى أَنَّهُ شَاعِرٌ مَجْنُونٌ أَ لَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَى أَنَّهُ هَوَى امْرَأَةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى اسْتَخْلَصَهَا لِنَفْسِهِ أَ لَمْ يَنْسُبُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى أَنَّهُ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنَ الْمَغْنَمِ قَطِيفَةً حَمْرَاءَ حَتَّى أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْقَطِيفَةِ وَ بَرَّأَ نَبِيَّهُ ع مِنَ الْخِيَانَةِ وَ أَنْزَلَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ «1» أَ لَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَى أَنَّهُ ع يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى فِي ابْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ ع حَتَّى كَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى«2» أَ لَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَى الْكَذِبِ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى‏ ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا «3» وَ لَقَدْ قَالَ يَوْماً عُرِجَ بِيَ الْبَارِحَةَ إِلَى السَّمَاءِ فَقِيلَ وَ اللَّهِ مَا فَارَقَ فِرَاشَهُ طُولَ لَيْلَتِهِ وَ مَا قَالُوا فِي الْأَوْصِيَاءِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ أَ لَمْ يَنْسُبُوا سَيِّدَ الْأَوْصِيَاءِ ع إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَطْلُبُ الدُّنْيَا وَ الْمُلْكَ وَ أَنَّهُ كَانَ يُؤْثِرُ الْفِتْنَةَ عَلَى السُّكُونِ وَ أَنَّهُ يَسْفِكُ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حِلِّهَا وَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ مَا أُمِرَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِضَرْبِ عُنُقِهِ أَ لَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَى أَنَّهُ ع أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ ع وَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص شَكَاهُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ إِنَّ عَلِيّاً يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ عَدُوِّ اللَّهِ عَلَى ابْنَةِ نَبِيِّ اللَّهِ أَلَا إِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ سَرَّهَا فَقَدْ سَرَّنِي وَ مَنْ غَاظَهَا فَقَدْ غَاظَنِي‏
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 161.
 (2) النجم: 3.
 (3) الأنعام: 34.

003
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 39 العدالة و الخصال التی من کانت فیه ظهرت عدالته و وجبت أخوته و حرمت غیبته ص 1

ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ ع يَا عَلْقَمَةُ مَا أَعْجَبَ أَقَاوِيلَ النَّاسِ فِي عَلِيٍّ ع كَمْ بَيْنَ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ رَبٌّ مَعْبُودٌ وَ بَيْنَ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ عَبْدٌ عَاصٍ لِلْمَعْبُودِ وَ لَقَدْ كَانَ قَوْلُ مَنْ يَنْسُبُهُ إِلَى الْعِصْيَانِ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَنْسُبُهُ إِلَى الرُّبُوبِيَّةِ يَا عَلْقَمَةُ أَ لَمْ يَقُولُوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ أَ لَمْ يُشَبِّهُوهُ بِخَلْقِهِ أَ لَمْ يَقُولُوا إِنَّهُ الدَّهْرُ أَ لَمْ يَقُولُوا إِنَّهُ الْفَلَكُ أَ لَمْ يَقُولُوا إِنَّهُ جِسْمٌ أَ لَمْ يَقُولُوا إِنَّهُ صُورَةٌ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً يَا عَلْقَمَةُ إِنَّ الْأَلْسِنَةَ الَّتِي يَتَنَاوَلُ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِمَا لَا يَلِيقُ بِذَاتِهِ كَيْفَ تُحْبَسُ عَنْ تَنَاوُلِكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَهُ فَ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا لِمُوسَى أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ لَهُمْ يَا مُوسَى عَسى‏ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ «1».
باب 40 ما به كمال الإنسان و معنى المروءة و الفتوة
1- مع، معاني الأخبار ل، الخصال أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاتِبِ رَفَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: كَمَالُ الرَّجُلِ بِسِتِّ خِصَالٍ بِأَصْغَرَيْهِ وَ أَكْبَرَيْهِ وَ هَيْئَتَيْهِ فَأَمَّا أَصْغَرَاهُ فَقَلْبُهُ وَ لِسَانُهُ إِنْ قَاتَلَ قَاتَلَ بِجَنَانٍ وَ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِلِسَانٍ وَ أَمَّا أَكْبَرَاهُ فَعَقْلُهُ وَ هِمَّتُهُ وَ أَمَّا هَيْئَتَاهُ فَمَالُهُ وَ جَمَالُهُ «2».
2- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَ صِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوَّتِهِ وَ شَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَ عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ «3».
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق: 63 و 64، و الآيات في الأعراف: 128 و 129.
 (2) معاني الأخبار ص 150، الخصال ج 1 ص 164، و فيه «هيبتيه» بدل «هيئتيه».
 (3) نهج البلاغة تحت الرقم 47 من الحكم.

004
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 40 ما به کمال الإنسان و معنى المروءة و الفتوة ص 4

3- مع، معاني الأخبار عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْقُمِّيِّ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَذَاكَرْنَا أَمْرَ الْفُتُوَّةِ عِنْدَهُ فَقَالَ أَ تَظُنُّونَ أَنَّ الْفُتُوَّةَ بِالْفِسْقِ وَ الْفُجُورِ إِنَّمَا الْفُتُوَّةُ طَعَامٌ مَوْضُوعٌ وَ نَائِلٌ مَبْذُولٌ وَ بِشْرٌ مَعْرُوفٌ وَ أَذًى مَكْفُوفٌ فَأَمَّا تِلْكَ فَشَطَارَةٌ وَ فِسْقٌ ثُمَّ قَالَ مَا الْمُرُوَّةُ قُلْنَا لَا نَعْلَمُ قَالَ الْمُرُوَّةُ وَ اللَّهِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ خِوَانَهُ فِي فِنَاءِ دَارِهِ «1».
باب 41 المنجيات و المهلكات‏
1- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ ع قَالَ: ثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ وَ ثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُوبِقَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ فَأَمَّا الدَّرَجَاتُ فَإِفْشَاءُ السَّلَامِ وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَ الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ وَ الْكَفَّارَاتُ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ وَ الْمَشْيُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ إِلَى الصَّلَوَاتِ وَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْجَمَاعَاتِ وَ أَمَّا الثَّلَاثُ الْمُوبِقَاتُ فَشُحٌّ مُطَاعٌ وَ هَوًى مُتَّبَعٌ وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَ أَمَّا الْمُنْجِيَاتُ فَخَوْفُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ وَ الْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةُ الْعَدْلِ فِي الرِّضَا وَ السَّخَطِ «2».
سن، المحاسن أبي عن هارون مثله «3»
مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ وَ الْمَشْيُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ وَ الْمُحَافَظَةُ
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 119 و فيه «بر معروف».
 (2) الخصال ج 1 ص 41.
 (3) المحاسن ص 4، و تراه في أمالي الصدوق 329.

005
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 41 المنجیات و المهلکات ص 5

عَلَى الصَّلَوَاتِ «1».
2- ل، الخصال الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى الْقَطَّانِ وَ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ مَعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ: ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ فَالْمُنْجِيَاتُ خَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ وَ الْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَ الْغِنَى وَ الْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ الثَّلَاثُ الْمُهْلِكَاتُ شُحٌّ مُطَاعٌ وَ هَوًى مُتَّبَعٌ وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَ قَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ الشُّحُّ الْمُطَاعُ سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «2».
مع، معاني الأخبار السبرات جمع سبرة و هو شدّة البرد بها سمي الرجل سبرة «3».
3- ل، الخصال مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الشَّاهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ الْخَالِدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ وَ ثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ فَأَمَّا الدَّرَجَاتُ فَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ وَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَ الْمَشْيُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ وَ أَمَّا الْكَفَّارَاتُ فَإِفْشَاءُ السَّلَامِ وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَ التَّهَجُّدُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ وَ أَمَّا الْمُهْلِكَاتُ فَشُحٌّ مُطَاعٌ وَ هَوًى مُتَّبَعٌ وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَ أَمَّا الْمُنْجِيَاتُ فَخَوْفُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ وَ الْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةُ الْعَدْلِ فِي الرِّضَا وَ السَّخَطِ «4».
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ فِي الْمِعْرَاجِ فِيمَا اخْتَصَمَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى قَالَ فِي الدَّرَجَاتِ وَ الْكَفَّارَاتِ قَالَ فَنُودِيتُ وَ مَا الدَّرَجَاتُ فَقُلْتُ‏
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 314.
 (2) الخصال ج 1 ص 42.
 (3) معاني الأخبار ص 314.
 (4) الخصال ج 1 ص 43.

006
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 41 المنجیات و المهلکات ص 5

إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ وَ الْمَشْيُ إِلَى الْجَمَاعَاتِ وَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَ وَلَايَتِي وَ وَلَايَةُ أَهْلِ بَيْتِي حَتَّى الْمَمَاتِ.
4- ل، الخصال مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: ثَلَاثٌ مُوبِقَاتٌ نَكْثُ الصَّفْقَةِ وَ تَرْكُ السُّنَّةِ وَ فِرَاقُ الْجَمَاعَةِ وَ ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ تَكُفُّ لِسَانَكَ وَ تَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِكَ وَ تَلْزَمُ بَيْتَكَ «1».
5- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بُزُرْجَ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُنْجِيَاتُ قَالَ خَوْفُ اللَّهِ فِي السِّرِّ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَ الْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ الْقَصْدُ فِي الْغَنَاءِ وَ الْفَقْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الْمُهْلِكَاتُ قَالَ هَوًى مُتَّبَعٌ وَ شُحٌّ مُطَاعٌ وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ «2».
ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابن أبي عمير بهذا الإسناد عن علي بن الحسين ع مثله ..
6- سن، المحاسن أَبِي عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ تَكُفُّ لِسَانَكَ وَ تَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِكَ وَ يَسَعُكَ بَيْتُكَ وَ قَالَ ع طُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَ أَكَلَ قُوتَهُ وَ اشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ وَ بَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ «3».
7- سن، المحاسن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ فَيْضِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُنْجِيَاتُ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَ إِفْشَاءُ السَّلَامِ وَ الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ «4».
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 42.
 (2) المحاسن ص 3.
 (3) المحاسن ص 4.
 (4) المحاسن ص 378.

007
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 42 أصناف الناس و مدح حسان الوجوه و مدح البله ص 8

باب 42 أصناف الناس و مدح حسان الوجوه و مدح البله‏
1- يد، التوحيد لي، الأمالي للصدوق ابْنُ مُوسَى وَ الْقَطَّانُ وَ السِّنَانِيُّ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا جَلَسَ عَلِيٌّ ع بِالْخِلَافَةِ وَ بَايَعَهُ النَّاسُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَسْجِدِ مُتَوَكِّئاً عَلَى عُكَّازَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى دَنَا مِنْهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ نَجَّانِيَ اللَّهُ مِنَ النَّارِ فَقَالَ لَهُ اسْمَعْ يَا هَذَا ثُمَّ افْهَمْ ثُمَّ اسْتَيْقِنْ قَامَتِ الدُّنْيَا بِثَلَاثَةٍ بِعَالِمٍ نَاطِقٍ مُسْتَعْمِلٍ لِعِلْمِهِ وَ بِغَنِيٍّ لَا يَبْخَلُ بِمَالِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِفَقِيرٍ صَابِرٍ فَإِذَا كَتَمَ الْعَالِمُ عِلْمَهُ وَ بَخِلَ الْغَنِيُّ وَ لَمْ يَصْبِرِ الْفَقِيرُ فَعِنْدَهَا الْوَيْلُ وَ الثُّبُورُ وَ عِنْدَهَا يَعْرِفُ الْعَارِفُونَ لِلَّهِ أَنَّ الدَّارَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى بَدْئِهَا أَيْ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ أَيُّهَا السَّائِلُ فَلَا تَغْتَرَّنَّ بِكَثْرَةِ الْمَسَاجِدِ وَ جَمَاعَةِ أَقْوَامٍ أَجْسَادُهُمْ مُجْتَمِعَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا النَّاسُ ثَلَاثَةٌ زَاهِدٌ وَ رَاغِبٌ وَ صَابِرٌ فَأَمَّا الزَّاهِدُ فَلَا يَفْرَحُ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الدُّنْيَا أَتَاهُ وَ لَا يَحْزَنُ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا فَاتَهُ وَ أَمَّا الصَّابِرُ فَيَتَمَنَّاهَا بِقَلْبِهِ فَإِنْ أَدْرَكَ مِنْهَا شَيْئاً صَرَفَ عَنْهَا نَفْسَهُ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهَا وَ أَمَّا الرَّاغِبُ فَلَا يُبَالِي مِنْ حِلٍّ أَصَابَهَا أَمْ مِنْ حَرَامٍ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا عَلَامَةُ الْمُؤْمِنِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ قَالَ يَنْظُرُ إِلَى مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ حَقٍّ فَيَتَوَلَّاهُ وَ يَنْظُرُ إِلَى مَا خَالَفَهُ فَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ حَبِيباً قَرِيباً قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ غَابَ الرَّجُلُ فَلَمْ نَرَهُ فَطَلَبَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَتَبَسَّمَ عَلِيٌّ ع عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ قَالَ مَا لَكُمْ هَذَا

008
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 42 أصناف الناس و مدح حسان الوجوه و مدح البله ص 8

أَخِي الْخَضِرُ ع «1».
2- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْبُلْهَ قَالَ قُلْتُ مَا الْبُلْهُ فَقَالَ الْعَاقِلُ فِي الْخَيْرِ وَ الْغَافِلُ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي يَصُومُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ «2».
3- ب، قرب الإسناد هَارُونُ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْبُلْهَ يَعْنِي بِالْبُلْهِ الْمُتَغَافِلَ عَنِ الشَّرِّ الْعَاقِلَ فِي الْخَيْرِ وَ الَّذِينَ يَصُومُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ «3».
4- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ الْمَخْلَدِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَالِدِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ جَنْدَلِ بْنِ وَالِقٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ «4».
5- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ بِمَالِهِ وَ رَجُلٌ بِجَاهِهِ وَ رَجُلٌ بِلِسَانِهِ وَ هُوَ أَفْضَلُ الثَّلَاثَةِ «5».
6- ل، الخصال وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ عَاقِلٌ وَ أَحْمَقُ وَ فَاجِرٌ فَالْعَاقِلُ الدِّينُ شَرِيعَتُهُ وَ الْحِلْمُ طَبِيعَتُهُ وَ الرَّأْيُ سَجِيَّتُهُ إِنْ سُئِلَ أَجَابَ وَ إِنْ تَكَلَّمَ أَصَابَ وَ إِنْ سَمِعَ وَعَى وَ إِنْ حَدَّثَ صَدَقَ وَ إِنِ اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَفَى وَ الْأَحْمَقُ إِنِ اسْتُنْبِهَ بِجَمِيلٍ غَفَلَ وَ إِنِ اسْتُنْزِلَ عَنْ حُسْنٍ تَرَكَ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 206 في حديث.
 (2) معاني الأخبار ص 203.
 (3) قرب الإسناد ص 50 و 51.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 8.
 (5) الخصال ج 1 ص 57.

009
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 42 أصناف الناس و مدح حسان الوجوه و مدح البله ص 8

وَ إِنْ حُمِلَ عَلَى جَهْلٍ جَهِلَ وَ إِنْ حَدَّثَ كَذَبَ لَا يَفْقَهُ وَ إِنْ فُقِّهَ لَمْ يَفْقَهْ وَ الْفَاجِرُ إِنِ ائْتَمَنْتَهُ خَانَكَ وَ إِنْ صَاحَبْتَهُ شَانَكَ وَ إِنْ وَثِقْتَ بِهِ لَمْ يَنْصَحْكَ «1».
7- ل، الخصال أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ الطَّرِيفِيِّ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: النَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ جَاهِلٌ متردي [مُتَرَدٍّ] مُعَانِقٌ لِهَوَاهُ وَ عَابِدٌ متغوي [مُتَغَوٍّ] كُلَّمَا ازْدَادَ عِبَادَةً ازْدَادَ كِبْراً وَ عَالِمٌ يُرِيدُ أَنْ يُوطَأَ عَقِبَاهُ وَ يُحِبُّ مَحْمِدَةَ النَّاسِ وَ عَارِفٌ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ يُحِبُّ الْقِيَامَ بِهِ فَهُوَ عَاجِزٌ أَوْ مَغْلُوبٌ فَهَذَا أَمْثَلُ أَهْلِ زَمَانِكَ وَ أَرْجَحُهُمْ عَقْلًا «2».
8- ل، الخصال أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِيِّ رَفَعَهُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ: النَّاسُ أَرْبَعَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ خُلُقٌ وَ لَا خَلَاقَ لَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ خَلَاقٌ وَ لَا خُلُقَ لَهُ قَدْ ذَهَبَ الرَّابِعُ وَ هُوَ الَّذِي لَا خَلَاقَ وَ لَا خُلُقَ لَهُ وَ ذَلِكَ شَرُّ النَّاسِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ خُلُقٌ وَ خَلَاقٌ فَذَلِكَ خَيْرُ النَّاسِ «3».
9- ل، الخصال ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ إِلَى زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ يَا زُرَارَةُ النَّاسُ فِي زَمَانِنَا عَلَى سِتِّ طَبَقَاتٍ أَسَدٌ وَ ذِئْبٌ وَ ثَعْلَبٌ وَ كَلْبٌ وَ خِنْزِيرٌ وَ شَاةٌ فَأَمَّا الْأَسَدُ فَمُلُوكُ الدُّنْيَا يُحِبُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَغْلِبَ وَ لَا يُغْلَبَ وَ أَمَّا الذِّئْبُ فَتُجَّارُكُمْ يَذُمُّوا إِذَا اشْتَرَوْا وَ يَمْدَحُوا إِذَا بَاعُوا وَ أَمَّا الثَّعْلَبُ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ بِأَدْيَانِهِمْ وَ لَا يَكُونُ فِي قُلُوبِهِمْ مَا يَصِفُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ أَمَّا الْكَلْبُ يَهِرُّ عَلَى النَّاسِ بِلِسَانِهِ وَ يَكْرَهُهُ النَّاسُ مِنْ شِرَّةِ لِسَانِهِ وَ أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَهَؤُلَاءِ الْمُخَنَّثُونَ وَ أَشْبَاهُهُمْ لَا يُدْعَوْنَ إِلَى فَاحِشَةٍ إِلَّا أَجَابُوا وَ أَمَّا الشَّاةُ فَالَّذِينَ تُجَزُّ شُعُورُهُمْ وَ يُؤْكَلُ لُحُومُهُمْ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 57.
 (2) الخصال ج 1 ص 125.
 (3) الخصال ج 1 ص 112، و ما بين المعقوفتين ساقط من نسخة الكمبانيّ و هكذا من النسخة المخطوطة

010
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 42 أصناف الناس و مدح حسان الوجوه و مدح البله ص 8

وَ يُكْسَرُ عَظْمُهُمْ فَكَيْفَ تَصْنَعُ الشَّاةُ بَيْنَ أَسَدٍ وَ ذِئْبٍ وَ ثَعْلَبٍ وَ كَلْبٍ وَ خِنْزِيرٍ «1».
10- ل، الخصال أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ تَرَى هَذَا الْخَلْقَ كُلَّهُ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ أَلْقِ مِنْهُمُ التَّارِكَ لِلسِّوَاكِ وَ الْمُتَرَبِّعَ فِي مَوْضِعِ الضِّيقِ وَ الدَّاخِلَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَ الْمُمَارِيَ فِيمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَ الْمُتَمَرِّضَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَ الْمُتَشَعِّثَ مِنْ غَيْرِ مُصِيبَةٍ وَ الْمُخَالِفَ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الْحَقِّ وَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَ الْمُفْتَخِرَ يَفْتَخِرُ بِآبَائِهِ وَ هُوَ خِلْوٌ مِنْ صَالِحِ أَعْمَالِهِمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَلَنْجِ «2» يُقْشَرُ لِحاً عَنْ لِحاً حَتَّى يُوصَلَ إِلَى جَوْهَرِيَّتِهِ وَ هُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «3».
11- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَيُّمَا عَبْدٍ كَانَ لَهُ صُورَةٌ حَسَنَةٌ مَعَ مَوْضِعٍ لَا يَشِينُهُ ثُمَّ تَوَاضَعَ لِلَّهِ كَانَ مِنْ خَالِصَةِ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ مَا مَوْضِعٌ لَا يَشِينُهُ قَالَ لَا يَكُونُ ضَرْبٌ فِيهِ سِفَاحٌ.
12- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع قَالَ: سَمِعْتُهُ بِسُرَّمَنْ‏رَأَى يَقُولُ الْغَوْغَاءُ قَتَلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْعَامَّةُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَمَى مَا رَضِيَ اللَّهُ أَنْ شَبَّهَهُمْ بِالْأَنْعَامِ حَتَّى قَالَ بَلْ هُمْ أَضَلُّ «4».
13- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي صِفَةِ الْغَوْغَاءِ هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا غَلَبُوا وَ إِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ يُعْرَفُوا وَ قِيلَ بَلْ قَالَ إِذَا اجْتَمَعُوا ضَرُّوا وَ إِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا فَقِيلَ قَدْ عَلِمْنَا مَضَرَّةَ اجْتِمَاعِهِمْ فَمَا مَنْفَعَةُ افْتِرَاقِهِمْ فَقَالَ يَرْجِعُ [أَصْحَابُ‏] الْمِهَنِ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 165.
 (2) الخلنج- كسمند- شجر كالطرفاء، زهره أحمر و أصفر و أبيض، و حبّه كالخردل و خشبه تصنع منها القصاع، أصله فارسى معرب.
 (3) الخصال ج 2 ص 39، و الآية في الفرقان: 44.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 226.

011
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 42 أصناف الناس و مدح حسان الوجوه و مدح البله ص 8

إِلَى مِهَنِهِمْ فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِمْ كَرُجُوعِ الْبَنَّاءِ إِلَى بِنَائِهِ وَ النَّسَّاجِ إِلَى مَنْسَجِهِ وَ الْخَبَّازِ إِلَى مَخْبَزِهِ «1».
وَ قَالَ ع وَ قَدْ أُتِيَ بِجَانٍ وَ مَعَهُ غَوْغَاءُ فَقَالَ لَا مَرْحَباً بِوُجُوهٍ لَا تُرَى إِلَّا عِنْدَ كُلِّ سَوْأَةٍ «2».
14- نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ سَرِيعٌ نَجَا وَ طَالِبٌ بَطِي‏ءٌ رَجَا وَ مُقَصِّرٌ فِي النَّارِ هَوَى الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْقَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ هَلَكَ مَنِ ادَّعَى وَ خابَ مَنِ افْتَرى‏ مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ عِنْدَ جَهَلَةِ النَّاسِ وَ كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ لَا يَعْرِفَ قَدْرَهُ لَا يَهْلِكُ عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ أَصْلٍ وَ لَا يَظْمَأُ عَلَيْهَا زَرْعُ قَوْمٍ فَاسْتَتِرُوا بِبُيُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ فَلَا يَحْمَدْ حَامِدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا يَلُمْ لَائِمٌ إِلَّا نَفْسَهُ «3».
15 كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَ طُوبَى لِمَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي وَ طُوبَى لِمَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي إِلَى السَّابِعِ ثُمَّ سَكَتَ «4».
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة الرقم 199 من الحكم.
 (2) المصدر الرقم 200 من الحكم.
 (3) نهج البلاغة الرقم 16 من الخطب.
 (4) رواه الصدوق في الأمالي 241.

012
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

باب 43 حب الله تعالى‏
الآيات البقرة وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ «1» آل عمران قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2» المائدة وَ قالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصارى‏ نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ الآية «3» و قال تعالى فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ «4» التوبة قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «5» الشعراء فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَ الَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ «6» الجمعة قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 165.
 (2) آل عمران: 31.
 (3) المائدة: 20.
 (4) المائدة: 57.
 (5) براءة: 25.
 (6) الشعراء: 77- 81.

013
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «1».
1- لي، الأمالي للصدوق الصَّائِغُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ وَ أَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي «2».
ع، علل الشرائع محمد بن الفضل عن محمد بن إسحاق المذكّر عن أحمد بن العباس عن أحمد بن يحيى الكوفي عن يحيى بن معين عن هشام بن يوسف مثله «3»- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الفحّام عن المنصوري عن عمر بن أبي موسى عن عيسى بن أحمد عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عن النبي ص مثله «4»- بشا، بشارة المصطفى أبو البركات عمر بن إبراهيم عن أحمد بن محمد بن أحمد عن علي بن عمر السكري عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار عن يحيى بن معين مثله «5».
2- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ فِيمَا نَاجَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ع أَنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ عِمْرَانَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فَإِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ نَامَ عَنِّي أَ لَيْسَ كُلُّ مُحِبٍّ يُحِبُّ خَلْوَةَ حَبِيبِهِ هَا أَنَا ذَا يَا ابْنَ عِمْرَانَ «6» مُطَّلِعٌ عَلَى أَحِبَّائِي إِذَا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ حَوَّلْتُ أَبْصَارَهُمْ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ مَثَّلْتُ عُقُوبَتِي‏
__________________________________________________
 (1) الجمعة: 6، و في النسخة المخطوطة بعد ذلك بياض نحو صفحة، و ذلك لاجل كتابة التفسير و لم يكتب.
 (2) أمالي الصدوق ص 219.
 (3) علل الشرائع ج 1 ص 113.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 285.
 (5) بشارة المصطفى ص 161.
 (6) ما بين العلامتين ساقط عن النسخة المخطوطة و نسخة الكمبانيّ أيضا، و التصحيح بالعرض على المصدر.

014
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ يُخَاطِبُونِّي عَنِ الْمُشَاهَدَةِ وَ يُكَلِّمُونِّي عَنِ الْحُضُورِ يَا ابْنَ عِمْرَانَ هَبْ لِي مِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ وَ مِنْ بَدَنِكَ الْخُضُوعَ وَ مِنْ عَيْنِكَ الدُّمُوعَ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ وَ ادْعُنِي فَإِنَّكَ تَجِدُنِي قَرِيباً مُجِيباً «1».
3- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَا أَحَبَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ عَصَاهُ ثُمَّ تَمَثَّلَ فَقَالَ‏
تَعْصِي الْإِلَهَ وَ أَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ-             هَذَا مُحَالٌ فِي الْفِعَالِ بَدِيعُ-
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقاً لَأَطَعْتَهُ-             إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ «2».


4- ثو، ثواب الأعمال ل، الخصال مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُدَ الْيَعْقُوبِيِّ عَنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ص يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئاً إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَحَبَّنِيَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَحَبَّنِيَ النَّاسُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ ارْغَبْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبَّكَ اللَّهُ وَ ازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ «3».
5- ل، الخصال أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَمْسَةٌ لَا يَنَامُونَ الْهَامُّ بِدَمٍ يَسْفِكُهُ «4» وَ ذُو مَالٍ كَثِيرٍ لَا أَمِينَ لَهُ وَ الْقَائِلُ فِي النَّاسِ الزُّورَ وَ الْبُهْتَانَ عَنْ عَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا يَنَالُهُ وَ الْمَأْخُوذُ بِالْمَالِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 215.
 (2) أمالي الصدوق ص 293.
 (3) الخصال ج 1 ص 32.
 (4) الهام جمع هامة و هي من طير الليل يألف المقابر و هو الصدى و كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة و قيل: يخلق من رأسه فتزقو عند قبره تقول:
اسقونى اسقونى فإذا ادرك بثاره طارت، و هذا المعنى أراد جرير بقوله:
         و منا الذي أبكى صدى ابن مالك             و نفر طيرا عن جعادة وقعا
 يقول قتل قاتله فنفرت الطير عن قبره.

015
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

الْكَثِيرِ وَ لَا مَالَ لَهُ وَ الْمُحِبُّ حَبِيباً يَتَوَقَّعُ فِرَاقَهُ «1».
6- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ التَّمَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّائِيِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: قَرَأْتُ فِي الزَّبُورِ يَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِي وَ هُوَ يُحِبُّنِي أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ الْخَبَرَ «2».
7- ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَنْ جَدِّهِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَ اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلنَّاسِ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَهُ أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ وَ أَحِبُّونِي لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَحِبُّوا قَرَابَتِي لِي «3».
8- ع، علل الشرائع طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْهَرَوِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ص عَنْ جَبْرَئِيلَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَ مَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ‏ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ مَا تَرَدَّدْتُ فِي قَبْضِ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ وَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَ مَا يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَ لَا يَزَالُ عَبْدِي يَبْتَهِلُ إِلَيَّ حَتَّى أُحِبَّهُ وَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ لَهُ سَمْعاً وَ بَصَراً وَ يَداً وَ مَوْئِلًا إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ وَ إِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ وَ إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ المؤمن [الْمُؤْمِنِينَ‏] لَمَنْ يُرِيدُ الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ فَأَكُفُّهُ عَنْهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ عُجْبٌ وَ يُفْسِدَهُ وَ إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يَصْلُحُ إِيمَانُهُ إِلَّا بِالْفَقْرِ وَ لَوْ أَغْنَيْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ وَ إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يَصْلُحُ إِيمَانُهُ إِلَّا بِالْغِنَى وَ لَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ وَ إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يَصْلُحُ إِيمَانُهُ إِلَّا بِالسُّقْمِ وَ لَوْ صَحَّحْتُ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 142.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 105.
 (3) علل الشرائع ج 2 ص 287 و في نسخة الأصل رمز أمالي الصدوق و هو سهو.

016
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

جِسْمَهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ وَ إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يَصْلُحُ إِيمَانُهُ إِلَّا بِالصِّحَّةِ وَ لَوْ أَسْقَمْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ إِنِّي أُدَبِّرُ عِبَادِي بِعِلْمِي بِقُلُوبِهِمْ فَإِنِّي عَلِيمٌ خَبِيرٌ «1».
بيان: قال الشهيد طاب ثراه في قواعده في حديث القدسي ما ترددت في شي‏ء أنا فاعله فإن التردد على الله محال غير أنه لمّا جرت العادة أن يتردد من يعظّم الشخص و يكرمه في مساءته نحو الوالدين و الصديق و أن لا يتردد في مساءة من لا يكرمه و لا يعظمه كالعدو و الحيّة و العقرب بل إذا خطر بالبال مساءته أوقعها من غير تردد فصار التردد لا يقع إلا في موضع التعظيم و الاهتمام و عدمه لا يقع إلا في موضع الاحتقار و عدم المبالاة فحينئذ دل الحديث على تعظيم الله للمؤمن و شرف منزلته عنده فعبر باللفظ المركب عما يلزمه و ليس مذكورا في اللفظ و إنما هو بالإرادة و القصد فكان معنى الحديث حينئذ منزلة عبدي المؤمن عظيمة و مرتبته رفيعة فدل على تصرف النية في ذلك كله.
و قد أجاب بعض من عاصرناه عن هذا الحديث بأن التردد إنما هو في الأسباب بمعنى أن الله يظهر للمؤمن أسبابا يغلب على ظنه دنو الوفاة بها ليصير على الاستعداد التام للآخرة ثم يظهر له أسبابا تبسط في أمله فيرجع إلى عمارة دنياه بما لا بد منه و لما كانت هذه بصورة التردد أطلق عليها ذلك استعارة و إذ كان العبد المتعلق بتلك الأسباب بصورة المتردد أسند التردد إليه تعالى من حيث إنه فاعل للتردد في العبد و قيل إنه تعالى لا يزال يورد على المؤمن سبب الموت حالا بعد حال ليؤثر المؤمن الموت فيقبضه مريدا له و إيراد تلك الأحوال المراد بها غاياتها من غير تعجيل بالغايات من القادر على التعجيل يكون ترددا بالنسبة إلى القادر من المخلوقين فهو بصورة المتردد و إن لم يكن ثم ترددا و يؤيده الخبر المروي عن إبراهيم ع لما أتاه ملك الموت ليقبض روحه و كره ذلك أخره الله إلى أن رأى شيخا هما يأكل و لعابه يسيل على لحيته فاستفظع ذلك و أحب الموت و كذلك موسى ع «2».
9- ع، علل الشرائع السِّنَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْحَبَّالِ عَنْ مُحَمَّدِ
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع ج 1 ص 12.
 (2) قد كانت النسخة مصحفة جدا صححناها بالعرض على المصدر ص 272.

017
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

بْنِ الْحُسَيْنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ النَّاسَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَطَبَقَةٌ يَعْبُدُونَهُ رَغْبَةً إِلَى ثَوَابِهِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْحُرَصَاءِ وَ هُوَ الطَّمَعُ وَ آخَرُونَ يَعْبُدُونَهُ خَوْفاً مِنَ النَّارِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ هِيَ الرَّهْبَةُ وَ لَكِنِّي أَعْبُدُهُ حُبّاً لَهُ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْكِرَامِ وَ هُوَ الْأَمْنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ «1» قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «2» فَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ «3».
10- مع، معاني الأخبار مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ ظَبْيَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَعْلَمْ مَا لِلَّهِ عِنْدَهُ الْخَبَرَ «4».
11- ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ مِنْهُ عِنْدَ الذُّنُوبِ كَذَلِكَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «5».
12- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَوْحَى عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَجِيِّهِ مُوسَى أَحْبِبْنِي وَ حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي قَالَ رَبِّ هَذَا أُحِبُّكَ فَكَيْفَ أُحَبِّبُكَ إِلَى خَلْقِكَ قَالَ اذْكُرْ لَهُمْ نَعْمَايَ عَلَيْهِمْ وَ بَلَائِي عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ أَوْ لَا يَعْرِفُونَ مِنِّي إِلَّا كُلَّ الْخَيْرِ «6».
__________________________________________________
 (1) النمل: 89.
 (2) آل عمران: 31.
 (3) علل الشرائع ج 1 ص 12.
 (4) معاني الأخبار ص 236.
 (5) الخصال ج 2 ص 159.
 (6) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 98.

018
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

13- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْيَقْطِينِيِّ عَنْ زَكَرِيَّا الْمُؤْمِنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ ابْنَ آدَمَ تَطَوَّلْتُ عَلَيْكَ بِثَلَاثَةٍ سَتَرْتُ عَلَيْكَ مَا لَوْ يَعْلَمُ بِهِ أَهْلُكَ مَا وَارَوْكَ وَ أَوْسَعْتُ عَلَيْكَ فَاسْتَقْرَضْتُ مِنْكَ فَلَمْ تُقَدِّمْ خَيْراً وَ جَعَلْتُ لَكَ نَظِرَةً عِنْدَ مَوْتِكَ فِي ثُلُثِكَ فَلَمْ تُقَدِّمْ خَيْراً «1».
14- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْمَدَنِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً قَالَ الظَّاهِرَةُ الْإِسْلَامُ وَ الْبَاطِنَةُ سَتْرُ الذُّنُوبِ «2».
15- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ آدَمَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ يُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُكَّاشَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ عَنْ جُوَيْبِرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَلِيٍّ ع وَ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً قَالَ أَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالْإِسْلَامُ وَ مَا أَفْضَلَ عَلَيْكُمْ فِي الرِّزْقِ وَ أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَمَا سَتَرَهُ عَلَيْكَ مِنْ مَسَاوِي عَمَلِكَ «3».
16- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْكَرْخِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَّا فِي مَطْعَمِهِ وَ مَشْرَبِهِ فَقَدْ قَصَرَ عِلْمُهُ وَ دَنَا عَذَابُهُ «4».
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 67.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 6 و الآية في لقمان: 20.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 104.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 105.

019
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

17- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيِّ عَنْ جَدِّهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخَانِ بَرَّانِ مِنْ أَهْلِنَا سَيِّدَانِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع وَ حَدَّثَنِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ ذُو الدَّمْعَةِ عَنْ عَمِّهِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الْحُسَيْنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ وَ كَانَ بَدْرِيّاً أُحُدِيّاً شَجَرِيّاً «1» وَ مِمَّنْ يَحَظُّ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي مَوَدَّةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالُوا بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي مَسْجِدِهِ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ رَجُلَانِ مِنْ قُرَّاءِ الصَّحَابَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَ مِنَ الْأَنْصَارِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَ كَانَا بَدْرِيَّيْنِ فَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا لُقْمَانُ حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً «2» الْآيَةَ وَ قَرَأَ أُبَيٌّ مِنَ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا إِبْرَاهِيمُ ع وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ «3» قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَيَّامُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَ بَلَاؤُهُ وَ مَثُلَاتُهُ سُبْحَانَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ ص عَلَى مَنْ شَهِدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنِّي لَأَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ تَخَوُّلًا مَخَافَةَ السَّأْمَةِ عَلَيْكُمْ وَ قَدْ أَوْحَى إِلَيَّ رَبِّي جَلَّ وَ تَعَالَى أَنْ أُذَكِّرَكُمْ بِأَنْعُمِهِ وَ أُنْذِرَكُمْ بِمَا أُفِيضُ «4» عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِهِ وَ تَلَا وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ قُولُوا الْآنَ قَوْلَكُمْ مَا أَوَّلُ نِعْمَةٍ رَغَّبَكُمُ اللَّهُ فِيهَا وَ بَلَاكُمْ بِهَا
__________________________________________________
 (1) نسبة الى الشجرة، شجرة السمرة التي بايعهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أن لا يفروا في غزوة الحديبية، فسميت بيعة الرضوان لقوله تعالى فيه: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً.
 (2) لقمان: 20.
 (3) إبراهيم: 5.
 (4) في المصدر: اقتص.

020
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

فَخَاضَ الْقَوْمُ جَمِيعاً فَذَكَرُوا نِعَمَ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ وَ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ بِهَا مِنَ الْمَعَاشِ وَ الرِّيَاشِ وَ الذُّرِّيَّةِ وَ الْأَزْوَاجِ إِلَى سَائِرِ مَا بَلَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مِنْ أَنْعُمِهِ الظَّاهِرَةِ فَلَمَّا أَمْسَكَ الْقَوْمُ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى عَلِيٍّ ع فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ قُلْ فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُكَ فَقَالَ وَ كَيْفَ لِي بِالْقَوْلِ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي وَ إِنَّمَا هَدَانَا اللَّهُ بِكَ قَالَ مَعَ ذَلِكَ فَهَاتِ قُلْ مَا أَوَّلُ نِعْمَةٍ بَلَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْعَمَ عَلَيْكَ بِهَا قَالَ أَنْ خَلَقَنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ لَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً قَالَ صَدَقْتَ فَمَا الثَّانِيَةُ قَالَ أَنْ أَحْسَنَ بِي إِذْ خَلَقَنِي فَجَعَلَنِي حَيّاً لَا مَوَاتاً قَالَ صَدَقْتَ فَمَا الثَّالِثَةُ قَالَ أَنْ أَنْشَأَنِي فَلَهُ الْحَمْدُ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَ أَعْدَلِ تَرْكِيبٍ قَالَ صَدَقْتَ فَمَا الرَّابِعَةُ قَالَ أَنْ جَعَلَنِي مُتَفَكِّراً وَاعِياً لَا بَلِهاً سَاهِياً قَالَ صَدَقْتَ فَمَا الْخَامِسَةُ قَالَ أَنْ جَعَلَ لِيَ شَوَاعِرَ أُدْرِكُ مَا ابْتَغَيْتُ بِهَا وَ جَعَلَ لِي سِرَاجاً مُنِيراً قَالَ صَدَقْتَ فَمَا السَّادِسَةُ قَالَ أَنْ هَدَانِي لِدِينِهِ وَ لَمْ يُضِلَّنِي عَنْ سَبِيلِهِ قَالَ صَدَقْتَ فَمَا السَّابِعَةُ قَالَ أَنْ جَعَلَ لِي مَرَدّاً فِي حَيَاةٍ لَا انْقِطَاعَ لَهَا قَالَ صَدَقْتَ فَمَا الثَّامِنَةُ قَالَ أَنْ جَعَلَنِي مَلِكاً مَالِكاً لَا مَمْلُوكاً قَالَ صَدَقْتَ فَمَا التَّاسِعَةُ قَالَ أَنْ سَخَّرَ لِي سَمَاءَهُ وَ أَرْضَهُ وَ مَا فِيهَا وَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ خَلْقِهِ قَالَ صَدَقْتَ فَمَا الْعَاشِرَةُ قَالَ أَنْ جَعَلَنَا سُبْحَانَهُ ذُكْرَاناً قُوَّاماً عَلَى حَلَائِلِنَا لَا إِنَاثاً قَالَ صَدَقْتَ فَمَا بَعْدَ هَذَا قَالَ كَثُرَتْ نِعَمُ اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَطَابَتْ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَالَ لِتَهْنِكَ الْحِكْمَةُ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَأَنْتَ وَارِثُ عِلْمِي وَ الْمُبَيِّنُ لِأُمَّتِي مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ مِنْ بَعْدِي مَنْ أَحَبَّكَ لِدِينِكَ وَ أَخَذَ بِسَبِيلِكَ فَهُوَ مِمَّنْ هُدِيَ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَ مَنْ رَغِبَ عَنْ هُدَاكَ وَ أَبْغَضَكَ وَ تَخَلَّاكَ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا خَلَاقَ لَهُ «1».
18- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 105 و 106.

021
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

عُثْمَانَ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى ع أَحْبِبْنِي وَ حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ فَكَيْفَ لِي بِقُلُوبِ الْعِبَادِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَذَكِّرْهُمْ نِعْمَتِي وَ آلَائِي فَإِنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ مِنِّي إِلَّا خَيْراً.
19- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ إِسْرَائِيلَ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ص قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ ع أَحْبِبْنِي وَ حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي قَالَ يَا رَبِّ نَعَمْ أَنَا أُحِبُّكَ فَكَيْفَ أُحَبِّبُكَ إِلَى خَلْقِكَ قَالَ اذْكُرْ أَيَادِيَّ عِنْدَهُمْ فَإِنَّكَ إِذَا ذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُمْ أَحَبُّونِي.
20- سن، المحاسن أَبِي رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ مَا لِلَّهِ عِنْدَهُ «1».
سن، المحاسن النوفلي عن السكوني عن الصادق عن آبائه عن النبي صلوات الله عليهم مثله «2».
21- سن، المحاسن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ مَا تَحَبَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَيَتَحَبَّبُ إِلَيَّ بِالنَّافِلَةِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَ بَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَ لِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ وَ يَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَ رِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا إِذَا دَعَانِي أَجَبْتُهُ وَ إِذَا سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ وَ مَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ‏ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي فِي مَوْتِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ أَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ «3».
22- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع نَجْوَى الْعَارِفِينَ تَدُورُ عَلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ وَ الْحُبِّ فَالْخَوْفُ فَرْعُ الْعِلْمِ وَ الرَّجَاءُ فَرْعُ الْيَقِينِ وَ الْحُبُّ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ فَدَلِيلُ الْخَوْفِ الْهَرَبُ وَ دَلِيلُ الرَّجَاءِ الطَّلَبُ وَ دَلِيلُ الْحُبِّ إِيْثَارُ الْمَحْبُوبِ عَلَى مَا سِوَاهُ فَإِذَا تَحَقَّقَ الْعِلْمُ فِي الصَّدْرِ خَافَ فَإِذَا كَثُرَ الْمَرْءُ فِي الْمَعْرِفَةِ خَافَ‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 252.
 (2) المحاسن ص 252.
 (3) المحاسن 291.

022
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

وَ إِذَا صَحَّ الْخَوْفُ هَرَبَ وَ إِذَا هَرَبَ نَجَا وَ إِذَا أَشْرَقَ نُورُ الْيَقِينِ فِي الْقَلْبِ شَاهَدَ الْفَضْلَ وَ إِذَا تَمَكَّنَ مِنْ رُؤْيَةِ الْفَضْلِ رَجَا وَ إِذَا وَجَدَ حَلَاوَةَ الرَّجَاءِ طَلَبَ وَ إِذَا وُفِّقَ لِلطَّلَبِ وَجَدَ وَ إِذَا تَجَلَّى ضِيَاءُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْفُؤَادِ هَاجَ رِيحُ الْمَحَبَّةِ وَ إِذَا هَاجَ رِيحُ الْمَحَبَّةِ اسْتَأْنَسَ ظِلَالَ الْمَحْبُوبِ وَ آثَرَ الْمَحْبُوبَ عَلَى مَا سِوَاهُ وَ بَاشَرَ أَوَامِرَهُ وَ اجْتَنَبَ نَوَاهِيَهُ وَ اخْتَارَهُمَا عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ غَيْرِهِمَا وَ إِذَا اسْتَقَامَ عَلَى بِسَاطِ الْأُنْسِ بِالْمَحْبُوبِ مَعَ أَدَاءِ أَوَامِرِهِ وَ اجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ «1» وَصَلَ إِلَى رَوْحِ الْمُنَاجَاةِ وَ الْقُرْبِ وَ مِثَالُ هَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ كَالْحَرَمِ وَ الْمَسْجِدِ وَ الْكَعْبَةِ فَمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ أَمِنَ مِنَ الْخَلْقِ وَ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَمِنَتْ جَوَارِحُهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي الْمَعْصِيَةِ وَ مَنْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ أَمِنَ قَلْبُهُ مِنْ أَنْ يَشْغَلَهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَانْظُرْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ فَإِنْ كَانَتْ حَالَتُكَ حَالَةً تَرْضَاهَا لِحُلُولِ الْمَوْتِ فَاشْكُرِ اللَّهَ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَ عِصْمَتِهِ وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَانْتَقِلْ عَنْهَا بِصِحَّةِ الْعَزِيمَةِ وَ انْدَمْ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ عُمُرِكَ فِي الْغَفْلَةِ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَى تَطْهِيرِ الظَّاهِرِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ تَنْظِيفِ الْبَاطِنِ مِنَ الْعُيُوبِ وَ اقْطَعْ زِيَادَةَ الْغَفْلَةِ عَنْ نَفْسِكَ وَ أَطْفِ نَارَ الشَّهْوَةِ مِنْ نَفْسِكَ «2».
23- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع حُبُّ اللَّهِ إِذَا أَضَاءَ عَلَى سِرِّ عَبْدٍ أَخْلَاهُ عَنْ كُلِّ شَاغِلٍ وَ كُلِّ ذِكْرٍ سِوَى اللَّهِ عِنْدَ ظُلْمَةٍ وَ الْمُحِبُّ أَخْلَصُ النَّاسِ سِرّاً لِلَّهِ وَ أَصْدَقُهُمْ قَوْلًا وَ أَوْفَاهُمْ عَهْداً وَ أَزْكَاهُمْ عَمَلًا وَ أَصْفَاهُمْ ذِكْراً وَ أَعْبَدُهُمْ نَفْساً تَتَبَاهَى الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ مُنَاجَاتِهِ وَ تَفْتَخِرُ بِرُؤْيَتِهِ وَ بِهِ يَعْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى بِلَادَهُ وَ بِكَرَامَتِهِ يُكْرِمُ عِبَادَهُ يُعْطِيهِمْ إِذَا سَأَلُوا بِحَقِّهِ وَ يَدْفَعُ عَنْهُمُ الْبَلَايَا بِرَحْمَتِهِ فَلَوْ عَلِمَ الْخَلْقُ مَا مَحَلُّهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ مَنْزِلَتُهُ لَدَيْهِ مَا تَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ إِلَّا بِتُرَابِ قَدَمَيْهِ.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع حُبُّ اللَّهِ نَارٌ لَا يَمُرُّ عَلَى شَيْ‏ءٍ إِلَّا احْتَرَقَ وَ نُورُ اللَّهِ لَا يَطْلُعُ عَلَى شَيْ‏ءٍ إِلَّا أَضَاءَ وَ سَحَابُ «3» اللَّهِ مَا يَظْهَرُ مِنْ تَحْتِهِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا غَطَّاهُ وَ رِيحُ اللَّهِ مَا تَهُبُّ فِي شَيْ‏ءٍ إِلَّا حَرَّكَتْهُ وَ مَاءُ اللَّهِ يَحْيَا بِهِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ أَرْضُ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1) ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانيّ.
 (2) مصباح الشريعة ص 2 و 3.
 (3) سماء اللّه خ.

023
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

يَنْبُتُ مِنْهَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ فَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ أَعْطَاهُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْمَالِ وَ الْمُلْكِ.
قَالَ النَّبِيُّ ص إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً مِنْ أُمَّتِي قَذَفَ فِي قُلُوبِ أَصْفِيَائِهِ وَ أَرْوَاحِ مَلَائِكَتِهِ وَ سُكَّانِ عَرْشِهِ مَحَبَّتَهُ لِيُحِبُّوهُ فَذَلِكَ الْمُحِبُّ حَقّاً طُوبَى لَهُ ثُمَّ طُوبَى لَهُ وَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ شَفَاعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «1».
24- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع الْمُشْتَاقُ لَا يَشْتَهِي طَعَاماً وَ لَا يَلْتَذُّ بِشَرَابٍ وَ لَا يَسْتَطِيبُ رُقَاداً وَ لَا يَأْنَسُ حَمِيماً وَ لَا يَأْوِي دَاراً وَ لَا يَسْكُنُ عُمْرَاناً وَ لَا يَلْبَسُ لَيِّناً وَ لَا يَقِرُّ قَرَاراً وَ يَعْبُدُ اللَّهَ لَيْلًا وَ نَهَاراً رَاجِياً أَنْ يَصِيرَ إِلَى مَا اشْتَاقَ إِلَيْهِ وَ يُنَاجِيَهُ بِلِسَانِ شَوْقِهِ مُعَبِّراً عَمَّا فِي سَرِيرَتِهِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ مُوسَى ع فِي مِيعَادِ رَبِّهِ بِقَوْلِهِ وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى«2» وَ فَسَّرَ النَّبِيُّ ص عَنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا أَكَلَ وَ لَا شَرِبَ وَ لَا نَامَ وَ لَا اشْتَهَى شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فِي ذَهَابِهِ وَ مَجِيئِهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً شَوْقاً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِذَا دَخَلْتَ مَيْدَانَ الشَّوْقِ فَكَبِّرْ عَلَى نَفْسِكَ وَ مُرَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ وَدِّعْ جَمِيعَ الْمَأْلُوفَاتِ وَ أَحْرِمْ «3» عَنْ سِوَى مَعْشُوقِكَ قَدْ وَلَّتْ بَيْنَ حَيَاتِكَ وَ مَوْتِكَ «4» لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَ مَثَلُ الْمُشْتَاقِ مَثَلُ الْغَرِيقِ لَيْسَ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا خَلَاصُهُ وَ قَدْ نَسِيَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ دُونَهُ «5».
25- تم، فلاح السائل رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ سَيْفٍ صَاحِبُ الصَّادِقِ ع فِي كِتَابٍ أَصْلُهُ الَّذِي‏
__________________________________________________
 (1) مصباح الشريعة ص 64.
 (2) طه: 84.
 (3) في المصدر: و اصرفه عن سوى مشوقك، و هو تصحيف.
 (4) كذا في نسخة الكمبانيّ و النسخة المخطوطة، و في المصدر «و لب بين حياتك و موتك» من التلبية، و لا وجه له، و لعلّ الصحيح «فدولب» من الدولاب، أي طوفوا بين الحياة و الموت كما تطوف بين الصفا و المروة، أو الصحيح «هرولت» من الهرولة و هى السعى بين الصفا و المروة.
 (5) المصدر ص 65.

024
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

أَسْنَدَهُ إِلَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا يُمَحِّضُ رَجُلٌ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ أَبِيهِ وَ أُمِّهِ وَ وُلْدِهِ وَ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ وَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ.
26- نص، كفاية الأثر عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبْدِيِّ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ عَنْ ابْنِ ظَبْيَانَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: إِنَّ أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ عَمِلُوا بِالْفِكْرَةِ حَتَّى وَرِثُوا مِنْهُ حُبَّ اللَّهِ فَإِنَّ حُبَّ اللَّهِ إِذَا وَرِثَهُ الْقَلْبُ وَ اسْتَضَاءَ بِهِ أَسْرَعَ إِلَيْهِ اللُّطْفُ فَإِذَا نَزَلَ اللُّطْفُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَوَائِدِ فَإِذَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَوَائِدِ تَكَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ وَ إِذَا تَكَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ صَارَ صَاحِبَ فِطْنَةٍ فَإِذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْفِطْنَةِ عَمِلَ فِي الْقُدْرَةِ فَإِذَا عَمِلَ فِي الْقُدْرَةِ عَرَفَ الْأَطْبَاقَ السَّبْعَةَ فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ صَارَ يَتَقَلَّبُ فِي فِكْرٍ بِلُطْفٍ وَ حِكْمَةٍ وَ بَيَانٍ فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ جَعَلَ شَهْوَتَهُ وَ مَحَبَّتَهُ فِي خَالِقِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ نَزَلَ الْمَنْزِلَةَ الْكُبْرَى فَعَايَنَ رَبَّهُ فِي قَلْبِهِ وَ وَرِثَ الْحِكْمَةَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الْحُكَمَاءُ وَ وَرِثَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الْعُلَمَاءُ وَ وَرِثَ الصِّدْقَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الصِّدِّيقُونَ إِنَّ الْحُكَمَاءَ وَرِثُوا الْحِكْمَةَ بِالصَّمْتِ وَ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرِثُوا الْعِلْمَ بِالطَّلَبِ وَ إِنَّ الصِّدِّيقِينَ وَرِثُوا الصِّدْقَ بِالْخُشُوعِ وَ طُولِ الْعِبَادَةِ فَمَنْ أَخَذَهُ بِهَذِهِ الْمَسِيرَةِ إِمَّا أَنْ يَسْفُلَ وَ إِمَّا أَنْ يُرْفَعَ وَ أَكْثَرُهُمُ الَّذِي يَسْفُلُ وَ لَا يُرْفَعُ إِذَا لَمْ يَرْعَ حَقَّ اللَّهِ وَ لَمْ يَعْمَلْ بِمَا أُمِرَ بِهِ فَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَ لَمْ يُحِبَّهُ حَقَّ مَحَبَّتِهِ فَلَا يَغُرَّنَّكَ صَلَاتُهُمْ وَ صِيَامُهُمْ وَ رِوَايَاتُهُمْ وَ عُلُومُهُمْ فَإِنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ.
أقول: تمامه في أبواب النصوص على الأئمة ع.
27- جع، جامع الأخبار قَالَ عَلِيٌّ ع مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ خُيِّرَ لَهُ أَمْرَانِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَ أَمْرُ الْآخِرَةِ فَاخْتَارَ أَمْرَ الْآخِرَةِ عَلَى الدُّنْيَا فَذَلِكَ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهَ وَ مَنِ اخْتَارَ أَمْرَ الدُّنْيَا فَذَلِكَ الَّذِي لَا مَنْزِلَةَ لِلَّهِ عِنْدَهُ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع الْقَلْبُ حَرَمُ اللَّهِ فَلَا تُسْكِنْ حَرَمَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ «1».
__________________________________________________
 (1) جامع الأخبار ص 28

025
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

28 مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، لِلشَّهِيدِ الثَّانِي رَفَعَ اللَّهُ مَقَامَهُ فِي أَخْبَارِ دَاوُدَ ع يَا دَاوُدُ أَبْلِغْ أَهْلَ أَرْضِي أَنِّي حَبِيبُ مَنْ أَحَبَّنِي وَ جَلِيسُ مَنْ جَالَسَنِي وَ مُونِسٌ لِمَنْ أَنِسَ بِذِكْرِي وَ صَاحِبٌ لِمَنْ صَاحَبَنِي وَ مُخْتَارٌ لِمَنِ اخْتَارَنِي وَ مُطِيعٌ لِمَنْ أَطَاعَنِي مَا أَحَبَّنِي أَحَدٌ أَعْلَمُ ذَلِكَ يَقِيناً مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا قَبِلْتُهُ لِنَفْسِي وَ أَحْبَبْتُهُ حُبّاً لَا يَتَقَدَّمُهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِي مَنْ طَلَبَنِي بِالْحَقِّ وَجَدَنِي وَ مَنْ طَلَبَ غَيْرِي لَمْ يَجِدْنِي فَارْفُضُوا يَا أَهْلَ الْأَرْضِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ غُرُورِهَا وَ هَلُمُّوا إِلَى كَرَامَتِي وَ مُصَاحَبَتِي وَ مُجَالَسَتِي وَ مُؤَانَسَتِي وَ آنِسُونِي أُؤَانِسْكُمْ وَ أُسَارِعْ إِلَى مَحَبَّتِكُمْ وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى بَعْضِ الصِّدِّيقِينَ أَنَّ لِي عِبَاداً مِنْ عَبِيدِي يُحِبُّونِّي وَ أُحِبُّهُمْ وَ يَشْتَاقُونَ إِلَيَّ وَ أَشْتَاقُ إِلَيْهِمْ وَ يَذْكُرُونِّي وَ أَذْكُرُهُمْ فَإِنْ أَخَذْتَ طَرِيقَهُمْ أَحْبَبْتُكَ وَ إِنْ عَدَلْتَ عَنْهُمْ مَقَتُّكَ قَالَ يَا رَبِّ وَ مَا عَلَامَتُهُمْ قَالَ يُرَاعُونَ الظِّلَالَ بِالنَّهَارِ كَمَا يُرَاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ وَ يَحِنُّونَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا تَحِنُّ الطَّيْرُ إِلَى أَوْكَارِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ فَإِذَا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ وَ اخْتَلَطَ الظَّلَامُ وَ فُرِشَتِ الْفُرُشُ وَ نُصِبَتِ الْأَسِرَّةُ وَ خَلَا كُلُّ حَبِيبٍ بِحَبِيبِهِ نَصَبُوا إِلَيَّ أَقْدَامَهُمْ وَ افْتَرَشُوا إِلَيَّ وُجُوهَهُمْ وَ نَاجَوْنِي بِكَلَامِي وَ تَمَلَّقُونِي بِأَنْعَامِي مَا بَيْنَ صَارِخٍ وَ بَاكٍ وَ بَيْنَ مُتَأَوِّهٍ وَ شَاكٍ وَ بَيْنَ قَائِمٍ وَ قَاعِدٍ وَ بَيْنَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ بِعَيْنِي مَا يَتَحَمَّلُونَ مِنْ أَجْلِي وَ بِسَمْعِي مَا يَشْكُونَ مِنْ حُبِّي أَوَّلُ مَا أُعْطِيهِمْ ثَلَاثاً الْأَوَّلُ أَقْذِفُ مِنْ نُورِي فِي قُلُوبِهِمْ فَيُخْبِرُونَ عَنِّي كَمَا أُخْبِرُ عَنْهُمْ وَ الثَّانِي لَوْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ وَ مَا فِيهِمَا مِنْ مَوَارِيثِهِمْ لَاسْتَقْلَلْتُهَا لَهُمْ وَ الثَّالِثُ أُقْبِلُ بِوَجْهِي عَلَيْهِمْ أَ فَتَرَى مَنْ أَقْبَلْتُ عَلَيْهِ بِوَجْهِي يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَهُ.
29 أَعْلَامُ الدِّينِ لِلدَّيْلَمِيِّ، رُوِيَ أَنَّ مُوسَى ع قَالَ: يَا رَبِّ أَخْبِرْنِي عَنْ آيَةِ رِضَاكَ عَنْ عَبْدِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ إِذَا رَأَيْتَنِي أُهَيِّئُ عَبْدِي لِطَاعَتِي وَ أَصْرِفُهُ عَنْ مَعْصِيَتِي فَذَلِكَ آيَةُ رِضَايَ.

026
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 43 حب الله تعالى ص 13

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِذَا رَأَيْتَ نَفْسَكَ تُحِبُّ الْمَسَاكِينَ وَ تُبْغِضُ الْجَبَّارِينَ فَذَلِكَ آيَةُ رِضَايَ.
باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحياة الحقيقيات‏
الآيات البقرة خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ «1» و قال الله تعالى فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ «2» و قال تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «3» و قال تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ «4» ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ «5» و قال تعالى وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ «6» و قال تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ «7» آل عمران فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ «8» و قال تعالى رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا «9» المائدة وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ «10» و قال تعالى وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً «11» و قال تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ «12»

__________________________________________________
 (1) البقرة: 6.
 (2) البقرة: 10.
 (3) البقرة: 18.
 (4) البقرة: 171.
 (5) البقرة: 73.
 (6) البقرة: 93.
 (7) البقرة: 119.
 (8) آل عمران: 7.
 (9) آل عمران: 8.
 (10) المائدة: 71.
 (11) المائدة: 13.
 (12) المائدة: 41.

027
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

الأنعام إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَ الْمَوْتى‏ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «1» و قال تعالى وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَ بُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ «2» و قال تعالى وَ جَعَلْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً «3» و قال وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ «4» و قال قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى‏ قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ «5» و قال تعالى فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ «6» الأعراف وَ نَطْبَعُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ «7» و قال كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِ الْكافِرِينَ «8» و قال تعالى لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ «9» الأنفال وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ «10» و قال إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ «11» التوبة وَ طُبِعَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ «12» و قال تعالى وَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ «13» و قال سبحانه وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ «14» و قال تعالى ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ «15» يونس وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَ لَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَ فَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ لَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ «16» و قال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ «17» و قال تعالى كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى‏ قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ «18»
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 36.
 (2) الأنعام: 38.
 (3) الأنعام: 25.
 (4) الأنعام: 43.
 (5) الأنعام: 46.
 (6) الأنعام: 125.
 (7) الأعراف: 99.
 (8) الأعراف: 100.
 (9) الأعراف: 178.
 (10) الأنفال: 24.
 (11) الأنفال: 50.
 (12) براءة: 88.
 (13) براءة: 94.
 (14) براءة: 125.
 (15) براءة: 128.
 (16) يونس: 42.
 (17) يونس: 67.
 (18) يونس: 74.

028
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

هود ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَ ما كانُوا يُبْصِرُونَ «1» و قال تعالى مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى‏ وَ الْأَصَمِّ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَ فَلا تَذَكَّرُونَ «2» الرعد قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ وَ الْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَ النُّورُ إلى قوله تعالى أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ إلى قوله سبحانه أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى‏ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ «3» و قال تعالى الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «4» النحل أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَ ما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ «5» و قال تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ « و قال تعالى مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً «7» إسراء وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى‏ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى‏ وَ أَضَلُّ سَبِيلًا «8» الكهف وَ رَبَطْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ «9» و قال تعالى وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً «10» الأنبياء لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ «11» و قال تعالى قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَ لا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ «12» الحج وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ «13» و قال‏
__________________________________________________
 (1) هود: 20.
 (2) هود: 24.
 (3) الرعد: 16.
 (4) الرعد: 28.
 (5) النحل: 21.
 (6) النحل: 65.
 (7) النحل: 97.
 (8) أسرى: 72.
 (9) الكهف: 14.
 (10) الكهف: 28.
 (11) الأنبياء: 3، 45.
 (12) الأنبياء: 3، 45.
 (13) الحجّ: 34 و 35.

029
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

تعالى أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «1» و قال تعالى لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ «2» الفرقان أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «3» و قال تعالى وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً «4» الشعراء يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «5» و قال تعالى قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَ وَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ «6» و قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ «7» و قال تعالى كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ «8» النمل إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى‏ وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ ما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ «9» الروم فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى‏ وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ ما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ «10» إلى قوله تعالى كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لقمان وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ
__________________________________________________
 (1) الحجّ: 46، 53.
 (2) الحجّ: 46، 53.
 (3) الفرقان: 44، 73.
 (4) الفرقان: 44، 73.
 (5) الشعراء: 89، 136، 193، 200.
 (6) الشعراء: 89، 136، 193، 200.
 (7) الشعراء: 89، 136، 193، 200.
 (8) الشعراء: 89، 136، 193، 200.
 (9) النمل: 80 و 81.
 (10) ما بين العلامتين موجود في نسخة الأصل مضروبا عليه بالخط الأحمر، و فيها بدل «الروم»: «الى قوله تعالى» فاستظهرنا أن مصحح النسخة قد اشتبه عليه الآيتان في سورة الروم 52 و 53 و النمل، فضرب على آيتى الروم زعما منه بأنهما مكررتان، و قوله تعالى: «كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» في سورة الروم 58، لا في النمل‏

030
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

وَقْراً «1» التنزيل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَ فَلا يَسْمَعُونَ «2» الأحزاب ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ «3» و قال تعالى وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ «4» و قال تعالى وَ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً «5» و قال تعالى وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ «6» و قال تعالى وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ «7» و قال تعالى ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ «8» و قال لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ «9» فاطر وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ وَ الْبَصِيرُ وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ «10» يس وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «11» و قال تعالى لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا «12» الصافات وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «13» الزمر أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى‏ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ «14»
__________________________________________________
 (1) لقمان: 7.
 (2) التنزيل: 26.
 (3) الأحزاب: 4، 10، 12، 26، 51، 53، 60.
 (4) الأحزاب: 4، 10، 12، 26، 51، 53، 60.
 (5) الأحزاب: 4، 10، 12، 26، 51، 53، 60.
 (6) الأحزاب: 4، 10، 12، 26، 51، 53، 60.
 (7) الأحزاب: 4، 10، 12، 26، 51، 53، 60.
 (8) الأحزاب: 4، 10، 12، 26، 51، 53، 60.
 (9) الأحزاب: 4، 10، 12، 26، 51، 53، 60.
 (10) فاطر: 19- 22.
 (11) يس: 9 و 70.
 (12) يس: 9 و 70.
 (13) الصافّات: 83 و 84.
 (14) الزمر: 21- 22.

031
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

المؤمن كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ «1» و قال تعالى وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ وَ الْبَصِيرُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ لَا الْمُسِي‏ءُ قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ «2» السجدة فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ «3» و قال وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ «4» الزخرف أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ مَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «5» الجاثية أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى‏ عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى‏ سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى‏ بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ «6» محمد وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «7» و قال تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها «8» الفتح هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ «9» الحجرات أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى«10»
__________________________________________________
 (1) المؤمن: 35، 58.
 (2) المؤمن: 35، 58.
 (3) السجدة: 4 و 5، 44.
 (4) السجدة: 4 و 5، 44.
 (5) الزخرف: 40.
 (6) الجاثية: 23.
 (7) القتال: 16، 23.
 (8) القتال: 16، 23.
 (9) الفتح: 4.
 (10) الحجرات: 3.

032
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

ق وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ «1» و قال تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ «2» الحديد أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ «3» المجادلة أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «4» الصف فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ «5» المنافقين فَطُبِعَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ إلى قوله تعالى كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ «6» التغابن وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ «7» الملك وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ «8» و قال تعالى أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «9» أ لم نشرح أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ‏
1- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ عَلَى إِحْدَاهُمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ وَ عَلَى الْأُخْرَى شَيْطَانٌ مُفْتِنٌ هَذَا يَأْمُرُهُ وَ هَذَا يَزْجُرُهُ الشَّيْطَانُ يَأْمُرُهُ بِالْمَعَاصِي وَ الْمَلَكُ يَزْجُرُهُ عَنْهَا
__________________________________________________
 (1) ق: 33، 37.
 (2) ق: 33، 37.
 (3) الحديد: 16.
 (4) المجادلة: 21.
 (5) الصف: 5.
 (6) المنافقون: 3- 4.
 (7) التغابن: 11.
 (8) الملك: 11، 22.
 (9) الملك: 11، 22.

033
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ «1».
تبيين اعلم أن معرفة القلب و حقيقته و صفاته مما خفي على أكثر الخلق و لم يبين أئمتنا ع ذلك إلا بكنايات و إشارات و الأحوط لنا أن نكتفي من ذلك بما بينوه لنا من صلاحه و فساده و آفاته و درجاته و نسعى في تكميل هذه الخلقة العجيبة و اللطيفة الربانية و تهذيبها عن الصفات الذميمة الشيطانية و تحليتها بالأخلاق الملكية الروحانية لنستعد بذلك للعروج إلى أعلى مدارج الكمال و إفاضة المعارف من حضرة ذي الجلال و لا يتوقف ذلك على معرفة حقيقة القلب ابتداء فإنه لو كان متوقفا على ذلك لأوضح موالينا و أئمتنا ع لنا ذلك بأوضح البيان و حيث لم يبينوا ذلك لنا فالأحوط بنا أن نسكت عما سكت عنه الكريم المنان لكن نذكر هنا بعض ما قيل في هذا المقام و نكتفي بذلك وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ فاعلم أن المشهور بين الحكماء و من يسلك مسلكهم أن المراد بالقلب النفس الناطقة و هي جوهر روحاني متوسط بين العالم الروحاني الصرف و العالم الجسماني يفعل فيما دونه و ينفعل عما فوقه و إثبات الأذن له على الاستعارة و التشبيه.
قال بعض المحققين القلب شرف الإنسان و فضيلته التي بها فاق جملة من أصناف الخلق باستعداده لمعرفة الله سبحانه التي في الدنيا جماله و كماله و فخره و في الآخرة عدّته و ذخره و إنما استعدّ للمعرفة بقلبه لا بجارحة من جوارحه فالقلب هو العالم بالله و هو العامل لله و هو الساعي إلى الله و هو المتقرب إليه و إنما الجوارح أتباع له و خدم و آلات يستخدمها القلب و يستعملها استعمال الملك للعبيد و استخدام الراعي للرعية و الصانع للآلة.
و القلب هو المقبول عند الله إذا سلم من غير الله و هو المحجوب عن الله إذا صار مستغرقا بغير الله و هو المطالب و المخاطب و هو المثاب و المعاقب و هو الذي‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 266، و الآية في سورة ق: 18.

034
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

يستسعد بالقرب من الله تعالى فيفلح إذا زكاه و هو الذي يخيب و يشقى إذا دنسه و دساه.
و هو المطيع لله بالحقيقة به و إنما الذي ينتشر على الجوارح من العبادات أنواره و هو العاصي المتمرد على الله و إنما الساري على الأعضاء من الفواحش آثاره و بإظلامه و استنارته تظهر محاسن الظاهر و مساويه إذ كل إناء يترشح بما فيه.
و هو الذي إذا عرفه الإنسان فقد عرف نفسه و إذا عرف نفسه فقد عرف ربه و هو الذي إذا جهله الإنسان فقد جهل نفسه و إذا جهل نفسه فقد جهل ربه و من جهل بقلبه فهو بغيره أجهل و أكثر الخلق جاهلون بقلوبهم و أنفسهم و قد حيل بينهم و بين أنفسهم ف أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ و حيلولته بأن لا يوفقه لمشاهدته و مراقبته و معرفة صفاته و كيفية تقلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن و أنه كيف يهوي مرة إلى أسفل السافلين و يتخفض إلى أفق الشياطين و كيف يرتفع أخرى إلى أعلى عليين و يرتقي إلى عالم الملائكة المقربين.
و من لم يعرف قلبه ليراقبه و يراعيه و يترصد ما يلوح من خزائن الملكوت عليه و فيه فهو ممن قال الله تعالى فيه وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «1» فمعرفة القلب و حقيقة أوصافه أصل الدين و أساس طريق السالكين.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أن النفس و الروح و القلب و العقل ألفاظ متقاربة المعاني فالقلب يطلق لمعنيين أحدهما اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر و هو لحم مخصوص و في باطنه تجويف و في ذلك التجويف دم أسود و هو منبع الروح و معدنه و هذا القلب موجود للبهائم بل هو موجود للميت.
و المعنى الثاني هو لطيفة ربانية روحانية لها بهذا القلب الجسماني تعلق و قد تحيرت عقول أكثر الخلق في إدراك وجه علاقته فإن تعلقها به يضاهي تعلق‏
__________________________________________________
 (1) الحشر: 19.

035
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

الأعراض بالأجسام و الأوصاف بالموصوفات أو تعلق المستعمل للآلة بالآلة أو تعلق المتمكن بالمكان و تحقيقه يقتضي إفشاء سر الروح و لم يتكلم فيه رسول الله ص فليس لغيره أن يتكلم فيه.
و الروح أيضا يطلق على معنيين أحدهما جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني و ينتشر بواسطة العروق الضوارب إلى سائر أجزاء البدن و جريانها في البدن و فيضان أنوار الحياة و الحس و السمع و البصر و الشم منها على أعضائها يضاهي فيضان النور من السراج الذي يدار في زوايا الدار فإنه لا ينتهي إلى جزء من البيت إلا و يستنير به.
فالحياة مثالها النور الحاصل في الحيطان و الروح مثالها السراج و سريان الروح و حركتها في الباطن مثاله مثال حركة السراج في جوانب البيت بتحريك محركه و الأطباء إذا أطلقوا اسم الروح أرادوا به هذا المعنى و هو بخار لطيف أنضجته حرارة القلب.
و المعنى الثاني هو اللطيفة الربانية العالمة المدركة من الإنسان و هو الذي شرحناه في أحد معنيي القلب و هو الذي أراده الله تعالى بقوله يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي «1» و هو أمر عجيب رباني يعجز أكثر العقول و الأفهام عن درك كنه حقيقته.
و النفس أيضا مشترك بين معاني و يتعلق بغرضنا منه معنيان أحدهما أن يراد به المعنى الجامع لقوة الغضب و الشهوة في الإنسان و هذا الاستعمال هو الغالب على الصوفية لأنهم يريدون بالنفس الأصل الجامع للصفات المذمومة من الإنسان فيقولون لا بد من مجاهدة النفس و كسرها و إليه الإشارة بقوله ص أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك.
المعنى الثاني هو اللطيفة التي ذكرناها التي هو الإنسان في الحقيقة و هي نفس الإنسان و ذاته و لكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب أحوالها فإذا سكنت‏
__________________________________________________
 (1) أسرى: 85.

036
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

تحت الأمر و زايلها الاضطراب بسبب معارضة الشهوات سميت النفس المطمئنة قال تعالى يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً «1» فالنفس بالمعنى الأول لا يتصور رجوعها إلى الله فإنها مبعدة عن الله تعالى و هو من حزب الشيطان و إذا لم يتم سكونها و لكنها صارت مدافعة للنفس الشهوانية و معترضة عليها سميت النفس اللوامة لأنها تلوم صاحبها عند تقصيره في عبادة مولاها قال الله تعالى وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ «2» و إن تركت الاعتراض و أذعنت و أطاعت لمقتضى الشهوات و دواعي الشيطان سميت النفس الأمّارة بالسوء قال الله تعالى إخبارا عن يوسف ع وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ «3» و قد يجوز أن يقال الأمّارة بالسوء هي النفس بالمعنى الأول فإذن النفس بالمعنى الأول مذمومة غاية الذم و بالمعنى الثاني محمودة لأنها نفس الإنسان أي ذاته و حقيقته العالمة بالله تعالى و بسائر المعلومات.
و العقل أيضا مشتركة لمعان مختلفة و المناسب هنا معنيان أحدهما العلم بحقائق الأمور أي صفته العلم الذي محله القلب و الثاني أنه قد يطلق و يراد به المدرك المعلوم فيكون هو القلب أعني تلك اللطيفة.
فإذن قد انكشف لك أن معاني هذه الأسامي موجودة و هو القلب الجسماني و الروح الجسماني و النفس الشهوانية و العقل العلمي و هذه أربعة معان يطلق عليها الألفاظ الأربعة و معنى خامس و هي اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان و الألفاظ الأربعة بجملتها يتوارد عليها فالمعاني خمسة و الألفاظ أربعة و كل لفظ أطلق لمعنيين.
و أكثر العلماء قد التبس عليهم اختلاف هذه الألفاظ و تواردها فتراهم يتكلمون في الخواطر و يقولون هذا خاطر العقل و هذا خاطر الروح و هذا
__________________________________________________
 (1) الفجر: 28.
 (2) القيامة: 2.
 (3) يوسف: 52.

037
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

خاطر النفس و هذا خاطر القلب و ليس يدري الناظر اختلاف معاني هذه الأسماء و حيث ورد في الكتاب و السنة لفظ القلب فالمراد به المعنى الذي يفقه من الإنسان و يعرف حقيقة الأشياء و قد يكنى عنه بالقلب الذي في الصدر لأن بين تلك اللطيفة و بين جسم القلب علاقة خاصة فإنها و إن كانت متعلقة بسائر البدن و مستعملة له و لكنها تتعلق به بواسطة القلب فتعلقها الأول بالقلب فكأنه محلها و مملكتها و عالمها و مطيتها و لذا شبه القلب بالعرش و الصدر بالكرسي.
ثم قال في بيان تسلط الشيطان على القلب اعلم أن القلب مثال قبة لها أبواب تنصب إليها الأحوال من كل باب و مثاله أيضا مثال هدف تنصب إليه السهام من الجوانب أو هو مثال مرآة منصوبة يجتاز عليها أنواع الصور المختلفة فيتراءى فيها صورة بعد صورة و لا يخلو عنها أو مثال حوض ينصب إليه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة إليه و إنما مداخل هذه الآثار المتجددة في القلب في كل حال إما من الظاهر فالحواس الخمس و إما من الباطن فالخيال و الشهوة و الغضب و الأخلاق المركبة في مزاج الإنسان فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب و إن كف عن الإحساس و الخيالات الحاصلة في النفس تبقى و ينتقل الخيال من شي‏ء إلى شي‏ء و بحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال و المقصود أن القلب في التقلب و التأثر دائما من هذه الآثار و أخص الآثار الحاصلة في القلب هي الخواطر و أعني بالخواطر ما يعرض فيه من الأفكار و الأذكار و أعني به إدراكاته علوما إما على سبيل التجدد و إما على سبيل التذكر فإنها تسمى خواطر من حيث إنها تخطر بعد أن كان القلب غافلا عنها و الخواطر هي المحركات للإرادات فإن النية و العزم و الإرادة إنما تكون بعد خطور المنوي بالبال لا محالة فمبدأ الأفعال الخواطر ثم الخاطر يحرك الرغبة و الرغبة تحرك العزم و يحرك العزم النية و النية تحرك الأعضاء.
و الخواطر المحركة للرغبة تنقسم إلى ما يدعو إلى الشر أعني ما يضر في العاقبة و إلى ما يدعو إلى الخير أعني ما ينفع في الآخرة فهما خاطران مختلفان‏

038
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

فافتقرا إلى اسمين مختلفين فالخاطر المحمود يسمى إلهاما و الخاطر المذموم أعني الداعي إلى الشر يسمى وسواسا.
ثم إنك تعلم أن هذه الخواطر حادثة و كل حادث لا بد له من سبب و مهما اختلفت الحوادث دل على اختلاف الأسباب هذا ما عرف من سنة الله عز و جل في ترتيب المسببات على الأسباب فمهما استنار حيطان البيت بنور النار و أظلم سقفه و اسود بالدخان علمت أن سبب السواد غير سبب الاستنارة كذلك لأنوار القلب و ظلماته سببان مختلفان فسبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى ملكا و سبب الخاطر الداعي إلى الشر يسمى شيطانا و اللطف الذي به يتهيأ القلب لقبول إلهام الملك يسمى توفيقا و الذي به يتهيأ لقبول وسواس الشيطان يسمى إغواء و خذلانا فإن المعاني المختلفة تفتقر إلى أسامي مختلفة.
و الملك عبارة عن خلق خلقه الله شأنه إفاضة الخير و إفادة العلم و كشف الحق و الوعد بالمعروف و قد خلقه الله و سخره لذلك و الشيطان عبارة عن خلق شأنه ضد ذلك و هو الوعد بالشر و الأمر بالفحشاء و التخويف عند الهم بالخير بالفقر و الوسوسة في مقابلة الإلهام و الشيطان في مقابلة الملك و التوفيق في مقابلة الخذلان و إليه الإشارة بقوله تعالى وَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ «1» فإن الموجودات كلها متقابلة مزدوجة إلا الله تعالى فإنه لا مقابل له بل هو الواحد الحق الخالق للأزواج كلها.
و القلب متجاذب بين الشيطان و الملك فقد
قَالَ ص لِلْقَلْبِ لَمَّتَانِ لَمَّةٌ مِنَ الْمَلَكِ إِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَ تَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَ لَمَّةٌ مِنَ الْعَدُوِّ إِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَ تَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَ نَهْيٌ عَنِ الْخَيْرِ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ ثُمَّ تَلَا الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ «2» الْآيَةَ.
و لتجاذب القلب بين هاتين اللمتين‏
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ‏
__________________________________________________
 (1) الذاريات: 49.
 (2) البقرة: 268.

039
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ.
و الله سبحانه منزه عن أن يكون له إصبع مركبة من دم و لحم و عظم ينقسم بالأنامل و لكن روح الإصبع سرعة التقليب و القدرة على التحريك و التغيير فإنك لا تريد إصبعك لشخصها بل لفعلها في التقليب و الترديد و كما أنك تتعاطى الأفعال بأصابعك فالله تعالى إنما يفعل ما يفعله باستسخار الملك و الشيطان و هما مسخران بقدرته في تقليب القلوب كما أن أصابعك مسخرة لك في تقليب الأجسام مثلا.
و القلب بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملائكة و الشياطين صلاحا متساويا ليس يترجح أحدهما على الآخر و إنما يترجح أحد الجانبين باتباع الهوى و الإكباب على الشهوات أو الإعراض عنها و مخالفتها فإن اتبع الإنسان مقتضى الشهوة و الغضب ظهر تسلط الشيطان بواسطة الهوى و صار القلب عش الشيطان و معدنه لأن الهوى هو مرعى الشيطان و مرتعه و إن جاهد الشهوات و لم يسلطها على نفسه و تشبه بأخلاق الملائكة صار قلبه مستقر الملائكة و مهبطهم.
و لما كان لا يخلو قلب عن شهوة و غضب و حرص و طمع و طول أمل إلى غير ذلك من صفات البشرية المتشعبة عن الهوى لا جرم لم يخل قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة و لذلك‏
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ لَهُ شَيْطَانٌ قَالُوا وَ لَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَ لَا أَنَا إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَمْ يَأْمُرْنِي إِلَّا بِخَيْرٍ.
و إنما كان هذا لأن الشيطان لا يتصرف إلا بواسطة الشهوة فمن أعانه الله على شهوته حتى صار لا ينبسط إلا حيث ينبغي و إلى الحد الذي ينبغي فشهوته لا تدعوه إلى الشر فالشيطان المتدرع بها لا يأمر إلا بالخير و مهما غلب على القلب ذكر الدنيا و مقتضيات الهوى وجد الشيطان مجالا فوسوس و مهما انصرف القلب إلى ذكر الله تعالى ارتحل الشيطان و ضاق مجاله و أقبل الملك و ألهم.
فالتطارد بين جندي الملائكة و الشياطين في معركة القلب دائم إلى أن ينفتح القلب لأحدهما فيسكن و يستوطن و يكون اجتياز الثاني اختلاسا و أكثر القلوب‏

040
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

قد فتحها جنود الشيطان و ملكوها فامتلأت بالوساوس الداعية إلى إيثار العاجلة و اطراح الآخرة و مبدأ استيلائها اتباع الهوى و لا يمكن فتحها بعد ذلك إلا بتخلية القلب عن قوت الشيطان و هو الهوى و الشهوات و عمارته بذكر الله إذ هو مطرح أثر الملائكة و لذلك قال الله تعالى إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ «1» و كل من اتبع الهوى فهو عبد الهوى لا عبد الله فلذلك تسلط عليه الشيطان و قال تعالى أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ «2» إشارة إلى أن الهوى إلهه و معبوده فهو عبد الهوى لا عبد الله.
و لا يمحو وسوسة الشيطان عن القلب إلا ذكر شي‏ء سوى ما يوسوس به لأنه إذا حضر في القلب ذكر شي‏ء انعدم عنه ما كان فيه من قبل و لكن كل شي‏ء سوى ذكر الله و سوى ما يتعلق به فيجوز أن يكون أيضا مجالا للشيطان فذكر الله سبحانه هو الذي يؤمن جانبه و يعلم أنه ليس للشيطان فيه مجال.
و لا يعالج الشيطان إلا بضده و ضد جميع وساوس الشيطان ذكر الله تعالى و الاستعاذة به و التبري عن الحول و القوة و هو معنى قولك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و ذلك لا يقدر عليه إلا المتقون الذين الغالب عليهم ذكر الله و إنما الشيطان يطوف بقلوبهم في أوقات الفلتات على سبيل الخلسة قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ «3».
و قال مجاهد في قوله مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ قال هو منبسط على قلب الإنسان فإذا ذكر الله سبحانه خنس و انقبض و إذا غفل انبسط على قلبه.
فالتطارد بين ذكر الله و وسوسة الشيطان كالتطارد بين النور و الظلام و بين الليل و النهار و لتطاردهما قال الله تعالى اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ‏
__________________________________________________
 (1) الحجر: 42.
 (2) الجاثية: 23.
 (3) الأعراف: 201.

041
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

ذِكْرَ اللَّهِ «1»
وَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ الشَّيْطَانَ وَاضِعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وَ إِنْ نَسِيَ اللَّهَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ.
. و كما أن الشهوات ممتزجة بلحم الآدمي و دمه فسلطنة الشيطان أيضا سارية في لحمه و دمه و محيطة بالقلب من جوانبه و لذا
قَالَ ص إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيَهُ بِالْجُوعِ.
و ذلك لأن الجوع يكسر الشهوة و مجرى الشيطان الشهوات و لأجل اكتناف الشهوات للقلب من جوانبه قال الله تعالى إخبارا عن إبليس لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ «2». و
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ فِي طُرُقِهِ فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ أَ تُسْلِمُ وَ تَتْرُكُ دِينَكَ وَ دِينَ آبَائِكَ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ أَ تُهَاجِرُ وَ تَدَعُ أَرْضَكَ وَ نِسَاءَكَ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ فَقَالَ أَ تُجَاهِدُ وَ هُوَ تَلَفُ النَّفْسِ وَ الْمَالِ فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ نِسَاؤُكَ وَ تُقْسَمُ مَالُكَ فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَمَاتَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.
فقد ذكر ص معنى الوسوسة فإذن الوسواس معلوم بالمشاهدة.
و كل خاطر فله سبب و يفتقر إلى اسم تعرفه فاسم سببه الشيطان و لا يتصور أن ينفك عنه آدمي و إنما يختلفون بعصيانه و متابعته و لذا
قَالَ ص مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ لَهُ شَيْطَانٌ.
و قد اتضح بهذا النوع من استبصار معنى الوسوسة و الإلهام و الملك و الشيطان و التوفيق و الخذلان فبعد هذا نظر من ينظر في ذات الشيطان و أنه جسم لطيف أو ليس بجسم و إن كان جسما فكيف يدخل في بدن الإنسان ما هو جسم فهذا الآن غير محتاج إليه في علم المعاملة بل مثال الباحث عن هذا كمثال‏
__________________________________________________
 (1) المجادلة: 19.
 (2) الأعراف: 16 و 17

042
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

من دخل في ثوبه حية و هو محتاج إلى دفع ضراوتها «1» فاشتغل بالبحث عن لونها و طولها و عرضها و ذلك عين الجهل لمصادفة الخواطر الباعثة على الشرور و قد علمت و دل ذلك على أنه عن سبب لا محالة و علم أن الداعي إلى الشر المحذور المستقبل عدو فقد عرف العدو فينبغي أن يشتغل بمجاهدته.
و قد عرف الله سبحانه عداوته في مواضع كثيرة من كتابه ليؤمن به و يحترز عنه فقال تعالى إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ «2» و قال تعالى أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ «3» فينبغي للعبد أن يشتغل بدفع العدو عن نفسه لا بالسؤال عن أصله و نسبه و مسكنه.
نعم ينبغي أن يسأل عن سلاحه ليدفعه عن نفسه و سلاح الشيطان الهوى و الشهوات و ذلك كاف للعالمين فأما معرفة صفة ذاته و حقيقة الملائكة فذلك ميدان العارفين المتغلغلين في علوم المكاشفات و لا يحتاج في المعاملة إلى معرفته إلى آخر ما حققه في هذا المقام.
و أقول ما ذكره أن دفع الشيطان لا يتوقف على معرفته حق لكن تأويل الملك و الشيطان بما أومأ إليه في هذا المقام و صرح به في غيره مع تصريح الكتاب بخلافه جرأة على الله تعالى و على رسوله كما حققناه في المجلد الرابع عشر و التوكل على الله العليم الخبير و إنما بسطنا الكلام في هذا المقام ليسهل عليك فهم الأخبار الماضية و الآتية.
و شيطان مفتن بكسر التاء المشددة أو المخففة أي مضل في القاموس الفتنة بالكسر الخبرة و إعجابك بالشي‏ء فتنه يفتنه فتنا و فتونا و أفتنه و الضلال و الإثم و الكفر و الفضيحة و العذاب و إذابة الذهب و الفضة و الإضلال و الجنون‏
__________________________________________________
 (1) يعني لهجها و ولعها بالنهش.
 (2) فاطر: 6.
 (3) يس: 60.

043
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

و المحنة و اختلاف الناس في الآراء و فتنه يفتنه أوقعه في الفتنة كفتنه و أفتنه «1» قال سبحانه إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ «2» قال البيضاوي مقدر باذكر أو متعلق بأقرب يعني في قوله وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أي هو أعلم بحاله من كل قريب حين يتلقى أي يتلقى الحفيظان ما يتلفظ به عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ أي عن اليمين قعيد و عن الشمال قعيد أي مقاعد كالجليس فحذف الأول لدلالة الثاني عليه كقوله‏
          فإني و قيار بها لغريب‏

 و قيل يطلق الفعيل للواحد و المتعدد وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ «3».
ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ما يرمى به من فيه إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ ملك يرقب عمله عَتِيدٌ معد حاضر و لعله يكتب عليه ما فيه ثواب أو عقاب انتهى.
و أقول ظاهر أكثر الأخبار الواردة من طريق الخاص و العام أن المتلقيين و الرقيب العتيد هما الملكان الكاتبان للأعمال فصاحب اليمين يكتب الحسنات و صاحب الشمال يكتب السيئات و ظاهر هذا الخبر أن الرقيب و العتيد الملك و الشيطان بل المتلقيين أيضا و يحتمل أن يكون هذا بطن الآية أو يكون الرقيب العتيد صاحب اليمين و يكون الزاجر و الكاتب متحدا.
2- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ فَإِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِذَنْبٍ قَالَ لَهُ رُوحُ الْإِيمَانِ لَا تَفْعَلْ وَ قَالَ لَهُ الشَّيْطَانُ افْعَلْ وَ إِذَا كَانَ عَلَى بَطْنِهَا نُزِعَ مِنْهُ رُوحُ الْإِيمَانِ «4».
بيان: فإذا همّ العبد للنفس طريق إلى الخير و طريق إلى الشر و للخير مشقة حاضرة زائلة و لذة غائبة دائمة و للشر لذة حاضرة فانية و مشقة غائبة باقية و النفس يطلب اللذة و يهرب عن المشقة فهو دائما متردد بين الخير
__________________________________________________
 (1) القاموس ج 4 ص 254.
 (2) ق: 17.
 (3) التحريم: 4.
 (4) الكافي ج 2 ص 267.

044
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

و الشر فروح الإيمان يأمره بالخير و ينهاه عن الشر و الشيطان بالعكس و هنا يحتمل وجوها.
الأول أن يكون المراد به الملك كما صرح به في بعض الأخبار و سمي بروح الإيمان لأنه مؤيد له و سبب لبقائه فكأنه روحه و به حياته.
الثاني أن يراد به العقل فإنه أيضا كذلك و متى لم يغلب الهوى و الشهوات النفسانية العقل لم يرتكب الخطيئة فكأن العقل يفارقه في تلك الحالة.
الثالث أن يراد به الروح الإنساني من حيث اتصافه بالإيمان فإنها من هذه الجهة روح الإيمان فإذا غلبها الهوى و لم يعمل بمقتضاها فكأنها فارقته.
الرابع أن يراد به قوة الإيمان و كماله و نوره فإن كمال الإيمان باليقين و اليقين بالله و اليوم الآخر لا يجتمع مع ارتكاب الكبائر و الذنوب الموبقة فمفارقته كناية عن ضعفه فإذا ندم بعد انكسار الشهوة مما فعل و تفكر في الآخرة و بقائها و شدة عقوباتها و خلوص لذاتها يقوى يقينه فكأنه يعود إليه.
الخامس أن يراد به نفس الإيمان و تكون الإضافة للبيان فإن الإيمان الحقيقي ينافي ارتكاب موبقات المعاصي كما أشير إليه بقولهم ع لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن فإن من آمن و أيقن بوجود النار و إيعاد الله تعالى على الزنا أشد العذاب فيها كيف يجترئ على الزنا و أمثالها إذ لو أوعده بعض الملوك على فعل من الأفعال ضربا شديدا أو قتلا بل ضربا خفيفا أو إهانة و علم أن الملك سيطلع عليه لا يرتكب هذا الفعل و كذا لو كان صبي من غلمانه أو ضعيف من بعض خدمه فكيف الأجانب حاضرا لا يفعل الأمور القبيحة فكيف يجتمع الإيمان بأن الملك القادر القاهر الناهي الآمر مطلع على السرائر و لا يخفى عليه الضمائر مع ارتكاب الكبائر بحضرته و هل هذا إلا من ضعف الإيمان و لذا قيل الفاسق إما كافر أو مجنون.
السادس أن يقال في الكافر ثلاثة أرواح هي موجودة في الحيوانات و هي الروح الحيوانية و القوة البدنية و القوة الشهوانية فإنهم ضيعوا الروح‏

045
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

التي بها يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان و جعلوها تابعة للشهوات النفسانية و القوى البهيمية فإما أن تفارقهم بالكلية كما قيل أو لما صارت باطلة معطلة فكأنها فارقتهم و لذا قال تعالى إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «1».
و في المؤمنين أربعة أرواح فإنه يتعلق بهم روح يصيرون به أحياء بالحياة المعنوية الأبدية فهي مع الأرواح البدنية تصير أربعا و في الأنبياء و الأوصياء ع روح خامس هو روح القدس و هذا على بعض الوجوه قريب من الوجه الثالث.
و الحاصل أن الإنسان في بدو الأمر عند كونه نطفة جماد و لها صورة جمادية ثم يترقى إلى درجة النباتات فتتعلق به نفس نباتية ثم يترقى إلى أن تتعلق به نفس حيوانية هي مبدأ للحس و الحركة ثم يترقى إلى أن تتعلق به روح آخر هو مبدأ الإيمان و منشأ سائر الكمالات ثم يترقى إلى أن يتعلق به روح القدس فيحيط بجميع العوالم و يصير محلا للإلهامات الربانية و الإفاضات السبحانية و قال بعضهم بناء على القول بالحركة في الجوهر إن الصورة النوعية الجمادية المنوية تترقى و تتحرك إلى أن تصير نفسا نباتية ثم تترقى إلى أن تصير نفسا حيوانيا و روحا حيوانيا ثم تترقى إلى أن تصير نفسا مجردا على زعمه مدركة للكليات ثم تترقى إلى أن تصير نفسا قدسيا و روح القدس و على زعمه يتحد بالعقل.
هذا ما حضرني مما يمكن أن يقال في حل هذه الأخبار باختلاف مسالك العلماء و مذاهبهم في تلك الأمور و الأول أظهر على قواعد متكلمي الإمامية و ظواهر الأخبار و الله المطّلع على غوامض الأسرار و حججه صلوات الله عليهم ما تعاقب الليل و النهار.
و أقول البارز في قوله ع على بطنها راجع إلى المرأة المزنيّ بها في الزنا ذكره على سبيل المثال.
__________________________________________________
 (1) الفرقان: 44.

046
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

3- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ أُذُنَانِ فِي جَوْفِهِ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ وَ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْمَلَكُ فَيُؤَيِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1».
بيان: في جوفه تأكيد لئلا يتوهم أن المراد بهما الأذنان اللتان في الرأس لأن لهما أيضا طريقا إلى القلب و قال البيضاوي مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ أي الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة و أما المصدر فبالكسر كالزلزال و المراد به الموسوس سمي به مبالغة الْخَنَّاسِ الذي عادته أن يخنس أي يتأخر إذا ذكر الإنسان ربه الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ إذا غفلوا عن ذكر ربهم و ذلك كالقوة الوهمية فإنها تساعد العقل في المقدمات فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست و أخذت توسوسه و تشككه مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ بيان للوسواس أو للذي أو متعلق بيوسوس أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنة و الناس و قيل بيان للناس على أن المراد به ما يعمّ القبيلين و فيه تعسف إلا أن يراد به الناسي كقوله يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ «2» فإن نسيان حق الله يعم الثقلين «3».
و قال الطبرسي قدس سره فيه أقوال أحدها أن معناه من شرّ الوسوسة الواقعة من الجنة و الوسواس حديث النفس بما هو كالصوت الخفي و أصله الصوت الخفي و الوسوسة كالهمهمة و منه قولهم فلان موسوس إذا غلب عليه ما يعتريه من المِرَّة يقال وسوس يوسوس وسواسا و وسوسة و توسوس و الخنوس الاختفاء بعد الظهور خنس يخنس.
و ثانيها أن معناه من شر ذي الوسواس و هو الشيطان كما جاء في الأثر أنه يوسوس فإذا ذكر ربه خنس ثم وصفه الله تعالى بقوله الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي‏
__________________________________________________

 (1) الكافي ج 2 ص 267، و الآية في المجادلة 22.
 (2) القمر: 6.
 (3) انتهى كلام البيضاوى.

047
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

صُدُورِ النَّاسِ أي بالكلام الخفي الذي يصل مفهومه إلى قلوبهم من غير سماع ثم ذكر أنه مِنَ الْجِنَّةِ و هو الشياطين وَ النَّاسِ عطف على الوسواس.
و ثالثها أن معناه من شر ذي الوسواس الخناس ثم فسره بقوله من الجنة و الناس فوسواس الجنة هو وسواس الشيطان و في وسواس الإنس وجهان أحدهما أنه وسوسة الإنسان من نفسه و الثاني إغواء من يغويه من الناس و يدل عليه شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ «1» فشيطان الجن يوسوس و شيطان الإنس يأتي علانية و يري أنه ينصح و قصده الشر.
قال مجاهد الخناس الشيطان إذا ذكر الله سبحانه خنس و انقبض و إذا لم يذكر الله انبسط على القلب و يؤيده‏
مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّ الشَّيْطَانَ وَاضِعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَنَسَ وَ إِنْ نَسِيَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ فَذَلِكَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ.
و قيل الخناس معناه الكثير الاختفاء بعد الظهور و هو المستتر المختفي عن أعين الناس لأنه يوسوس من حيث لا يرى بالعين و قيل إن المعنى يلقي الشغل في قلوبهم بوسواسه و المراد أن له رفقا به يوصل الوسواس إلى الصدر و هو أغرب من خلوصه بنفسه إلى الصدر.
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ فِي صَدْرِهِ أُذُنَانِ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْمَلَكُ وَ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ فَيُؤَيِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ وَ هُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «2».
و قال رحمه الله في قوله تعالى أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ أي ثبت في قلوبهم الإيمان بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب و قيل كتب في قلوبهم علامة الإيمان و معنى ذلك أنها سمة لمن شاهدهم من الملائكة على أنهم مؤمنون وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أي قواهم بنور الإيمان و يدل عليه قوله و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان «3»
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 112.
 (2) انتهى كلام الطبرسيّ.
 (3) الشورى: 52.

048
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

و قيل معناه قواهم بنور الحجج و البرهان حتى اهتدوا للحق و عملوا به و قيل قواهم بالقرآن الذي هو حياة القلوب من الجهل و قيل أيدهم بجبرئيل في كثير من المواطن ينصرهم و يدفع عنهم «1».
و قال البيضاوي بِرُوحٍ مِنْهُ أي من عند الله و هو نور القلب أو القرآن أو النصر على العدو و قيل الضمير للإيمان فإنه سبب لحياة القلب انتهى «2»
وَ رُوِيَ عَنْ طَرِيقِ الْعَامَّةِ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ «3».
قال الأزهري معناه أنه لا يفارق ابن آدم ما دام حيا كما لا يفارقه دمه و قال هذا على طريق ضرب المثل و جمهورهم حملوه على ظاهره و قالوا إن الشيطان جعل له هذا القدر من التطرق إلى باطن الآدمي بلطافة هيأته فيجري في العروق التي هي مجاري الدم إلى أن يصل إلى قلبه فيوسوسه على حسب ضعف إيمان العبد و قلة ذكره و كثرة غفلته و يبعد عنه و يقل تسلطه و سلوكه إلى باطنه بمقدار قوته و يقظته و دوام ذكره و إخلاص توحيده.
و نقل عن ابن عباس أنه تعالى جعله بحيث يجري من بني آدم مجرى الدم و صدور بني آدم مسكن له كما قال مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ إلخ و الجنة الشياطين و كما
قَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَجْثِمُ عَلَى قَلْبِ بَنِي آدَمَ لَهُ خُرْطُومٌ كَخُرْطُومِ الْكَلْبِ إِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَنَسَ أَيْ رَجَعَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَ إِذَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَسْوَسَ «4» فَاشْتُقَّ لَهُ اسْمَانِ مِنْ فِعْلَيْهِ الْوَسْوَاسُ مِنْ وَسْوَسَتِهِ عِنْدَ غَفْلَةِ الْعَبْدِ وَ الْخَنَّاسُ مِنْ خُنُوسِهِ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَبْدِ.
قيل و الناس عطف على الجنة و الإنس لا يصل في وسوسته بذاته إلى باطن‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 10 ص 255.
 (2) أنوار التنزيل ص 426.
 (3) مجمع البيان ج 4 ص 409 في قوله تعالى «إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ» الأعراف: 27.
 (4) أخرجه السيوطي في الدّر المنثور عن مجاميع حديثية

049
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

الآدمي فكذا الجنة في وسوسته و أجيب بأن الإنس ليس له ما للجن من اللطافة فعدم وصول الإنس إلى الجوف لا يستلزم عدم وصول الجن إليه.
ثم إن الله تعالى بلطفه جعل للإنسان حفظة من الملائكة و أعطاهم قوى الإلهام و الإلمام بهم في بواطن الإنسان في مقابلة لمة الشيطان كما روي أن للملك لمة بابن آدم و للشيطان لمّة لمّة الملك إيعاد بالخير و تصديق بالحق فمن وجد ذلك فليحمد الله و لمة الشيطان إيعاد بالشر و تكذيب بالحق فمن وجد من ذلك شيئا فليستعذ بالله من الشيطان.
و في النهاية في حديث ابن مسعود لابن آدم لمّتان لمّة من الملك و لمّة من الشيطان اللمة الهمة و الخطرة تقع في القلب أراد إلمام الملك أو الشيطان به و القرب منه فما كان من خطرات الخير فهو من الملك و ما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان.
14- 4- ل، الخصال الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدُّبَيْلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الْإِنْسَانِ مُضْغَةٌ إِذَا هِيَ سَلِمَتْ وَ صَحَّتْ سَلِمَ بِهَا سَائِرُ الْجَسَدِ فَإِذَا سَقِمَتْ سَقِمَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَ فَسَدَ وَ هِيَ الْقَلْبُ «1».
5- شي، تفسير العياشي فِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ «2» أَ قُوَّةٌ فِي الْأَبْدَانِ أَمْ قُوَّةٌ فِي الْقُلُوبِ قَالَ فِيهِمَا جَمِيعاً «3».
6- ل، الخصال الْخَلِيلُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ رُشَيْدِ بْنِ سَعْدٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: إِذَا طَابَ قَلْبُ الْمَرْءِ طَابَ جَسَدُهُ وَ إِذَا خَبُثَ الْقَلْبُ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 18.
 (2) الأعراف: 171.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 37

050
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

خَبُثَ الْجَسَدُ «1».
7- لي، الأمالي للصدوق عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص شَرُّ الْعَمَى عَمَى الْقَلْبِ «2».
8- ما، الأمالي للشيخ الطوسي فِيمَا أَوْصَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع ابْنَهُ يَا بُنَيَّ إِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَرَضُ الْبَدَنِ وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَرَضُ الْقَلْبِ وَ إِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةَ الْمَالِ وَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ تَقْوَى الْقُلُوبِ «3».
9- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الْقُلُوبُ ثَلَاثَةٌ قَلْبٌ مَنْكُوسٌ لَا يَعْثُرُ «4» عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَيْرِ وَ هُوَ قَلْبُ الْكَافِرِ وَ قَلْبٌ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَالْخَيْرُ وَ الشَّرُّ فِيهِ يَعْتَلِجَانِ فَمَا كَانَ مِنْهُ أَقْوَى غَلَبَ عَلَيْهِ وَ قَلْبٌ مَفْتُوحٌ فِيهِ مِصْبَاحٌ يَزْهَرُ فَلَا يُطْفَأُ نُورُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ هُوَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ «5».
10- مع، معاني الأخبار الْعَطَّارُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هَارُونَ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ قَلْبٌ فِيهِ نِفَاقٌ وَ إِيمَانٌ وَ قَلْبٌ مَنْكُوسٌ وَ قَلْبٌ مَطْبُوعٌ وَ قَلْبٌ أَزْهَرُ أَنْوَرُ قُلْتُ مَا الْأَزْهَرُ قَالَ فِيهِ كَهَيْئَةِ السِّرَاجِ فَأَمَّا الْمَطْبُوعُ فَقَلْبُ الْمُنَافِقِ وَ أَمَّا الْأَزْهَرُ فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ إِنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَكَرَ وَ إِنِ ابْتَلَاهُ صَبَرَ وَ أَمَّا الْمَنْكُوسُ فَقَلْبُ الْمُشْرِكِ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «6» وَ أَمَّا الْقَلْبُ الَّذِي فِيهِ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 18.
 (2) أمالي الصدوق ص 292.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 146.
 (4) في المصدر: لا يعى، و العثور: الاطلاع، و الوعى: الحفظ و الاحتواء.
 (5) معاني الأخبار 395.
 (6) الملك: 23.

051
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

إِيمَانٌ وَ نِفَاقٌ فَهُمْ قَوْمٌ كَانُوا بِالطَّائِفِ فَإِنْ أَدْرَكَ أَحَدَهُمْ أَجَلُهُ عَلَى نِفَاقِهِ هَلَكَ وَ إِنْ أَدْرَكَ عَلَى إِيمَانِهِ نَجَا «1».
11- ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ عَلَامَاتِ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَيْنِ وَ قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَ شِدَّةُ الْحِرْصِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ وَ الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ «2».
12- ل، الخصال فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ ص إِلَى عَلِيٍّ ع يَا عَلِيُّ أَرْبَعُ خِصَالٍ مِنَ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَيْنِ وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَ بُعْدُ الْأَمَلِ وَ حُبُّ الْبَقَاءِ «3».
13- ع، علل الشرائع مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْبَرْقِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَاجِيلَوَيْهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ رَفَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: أَعْجَبُ مَا فِي الْإِنْسَانِ قَلْبُهُ وَ لَهُ مَوَادُّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ أَضْدَادٌ مِنْ خِلَافِهَا فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ وَ إِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ وَ إِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الْأَسَفُ وَ إِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشْتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ وَ إِنْ سُعِدَ بِالرِّضَا نَسِيَ التَّحَفُّظَ وَ إِنْ نَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ وَ إِنِ اتَّسَعَ لَهُ الْأَمْنُ اسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ «4» وَ إِنْ جُدِّدَتْ لَهُ النِّعْمَةُ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ وَ إِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ وَ إِنِ اسْتَفَادَ مَالًا أَطْغَاهُ الْغِنَى وَ إِنْ عَضَّتْهُ فَاقَةٌ شَغَلَهُ الْبَلَاءُ وَ إِنْ جَهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ وَ إِنْ أَفْرَطَ فِي الشِّبَعِ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ وَ كُلُّ إِفْرَاطٍ بِهِ مُفْسِدٌ «5».
شا، الإرشاد مرسلا مثله «6».
14- ع، علل الشرائع بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار 395.
 (2) الخصال ج 1 ص 115.
 (3) الخصال ج 1 ص 115 و 116.
 (4) استلبه: اختلسه، و الغرة: الغفلة.
 (5) علل الشرائع ج 1 ص 103. و سيأتي مثله عن النهج.
 (6) الإرشاد ص 142 و 143.

052
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ اعْلَمْ يَا فُلَانُ إِنَّ مَنْزِلَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْجَسَدِ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ مِنَ النَّاسِ الْوَاجِبِ الطَّاعَةُ عَلَيْهِمْ أَ لَا تَرَى أَنَّ جَمِيعَ جَوَارِحِ الْجَسَدِ شُرَطٌ لِلْقَلْبِ وَ تَرَاجِمَةٌ لَهُ مُؤَدِّيَةٌ عَنْهُ الْأُذُنَانِ وَ الْعَيْنَانِ وَ الْأَنْفُ وَ الْفَمُ وَ الْيَدَانِ وَ الرِّجْلَانِ وَ الْفَرْجُ فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا هَمَّ بِالنَّظَرِ فَتَحَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ وَ إِذَا هَمَّ بِالاسْتِمَاعِ حَرَّكَ أُذُنَيْهِ وَ فَتَحَ مَسَامِعَهُ فَسَمِعَ وَ إِذَا هَمَّ الْقَلْبُ بِالشَّمِّ اسْتَنْشَقَ بِأَنْفِهِ فَأَدَّى تِلْكَ الرَّائِحَةَ إِلَى الْقَلْبِ وَ إِذَا هَمَّ بِالنُّطْقِ تَكَلَّمَ بِاللِّسَانِ وَ إِذَا هَمَّ بِالْحَرَكَةِ سَعَتِ الرِّجْلَانِ وَ إِذَا هَمَّ بِالشَّهْوَةِ تَحَرَّكَ الذَّكَرُ فَهَذِهِ كُلُّهَا مُؤَدِّيَةٌ عَنِ الْقَلْبِ بِالتَّحْرِيكِ وَ كَذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَاعَ لِلْأَمْرِ مِنْهُ «1».
أقول: قد مضى «2» في باب الإغضاء عن عيوب الناس.
عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يَقْلِبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ سَاعَةَ كَذَا وَ سَاعَةَ كَذَا.
15- ل، الخصال عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ حَكِيمٍ أَنَّهُ قَالَ: قَلْبُ الْكَافِرِ أَقْسَى مِنَ الْحَجَرِ «3».
16- ل «4»، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَقُولُ فِيهِ أَلَا إِنَّ لِلْعَبْدِ أَرْبَعَ أَعْيُنٍ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ وَ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ آخِرَتِهِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً فَتَحَ لَهُ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي قَلْبِهِ فَأَبْصَرَ بِهِمَا الْغَيْبَ وَ أَمْرَ آخِرَتِهِ وَ إِذَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ تَرَكَ الْقَلْبَ بِمَا فِيهِ.
17- ب، قرب الإسناد ابْنُ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ رُوحُ الْإِيمَانِ يُسَارُّهُ بِالْخَيْرِ وَ الشَّيْطَانُ يُسَارُّهُ بِالشَّرِّ فَأَيُّهُمَا ظَهَرَ عَلَى صَاحِبِهِ غَلَبَهُ «5».
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع ج 1 ص 103.
 (2) بل سيأتي في ج 75 ص 48 من أجزاء المجلد السادس عشر كتاب العشرة تحت الرقم 9 من باب الاغضاء عن عيوب الناس.
 (3) الخصال ج 2 ص 5، و تراه في المعاني 177، الأمالي: 146.
 (4) الخصال ج 1 ص 114 و في النسخة زيادة رمزين و هو سهو.
 (5) قرب الإسناد 24.

053
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

18- فس، تفسير القمي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ يُرِيدُ الشَّيْطَانَ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ لَهُ خُرْطُومٌ مِثْلُ خُرْطُومِ الْخِنْزِيرِ يُوَسْوِسُ ابْنَ آدَمَ إِذَا أَقْبَلَ عَلَى الدُّنْيَا وَ مَا لَا يُحِبُّ اللَّهُ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَنَسَ يُرِيدُ رَجَعَ «1».
19- فس، تفسير القمي إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قَالَ الْقَلْبُ السَّلِيمُ الَّذِي يَلْقَى اللَّهَ وَ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ سِوَاهُ «2».
20- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام لي، الأمالي للصدوق ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ ابْنِ الْجَهْمِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا ع جُعِلْتُ فِدَاكَ أَشْتَهِي أَنْ أَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا عِنْدَكَ فَقَالَ انْظُرْ كَيْفَ أَنَا عِنْدَكَ «3».
21- ب، قرب الإسناد ابْنُ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ الشَّكَّ وَ الْمَعْصِيَةَ فِي النَّارِ لَيْسَا مِنَّا وَ لَا إِلَيْنَا وَ إِنَّ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَطْوِيَّةٌ بِالْإِيمَانِ طَيّاً فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِنَارَةَ مَا فِيهَا فَتَحَهَا بِالْوَحْيِ فَزَرَعَ فِيهَا الْحِكْمَةَ زَارِعُهَا وَ حَاصِدُهَا «4».
22- لي، الأمالي للصدوق مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مُغِيرَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ مَعاً عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ كَانَ أَبِي ع يَقُولُ مَا شَيْ‏ءٌ أَفْسَدَ لِلْقَلْبِ مِنَ الْخَطِيئَةِ إِنَّ الْقَلْبَ لَيُوَاقِعُ الْخَطِيئَةَ فَمَا تَزَالُ بِهِ حَتَّى تَغْلِبَ عَلَيْهِ فَيَصِيرَ أَسْفَلُهُ أَعْلَاهُ وَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ «5».
ما، الأمالي للشيخ الطوسي الغضائري عن الصدوق مثله «6».
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ذيل سورة الناس ص 744.
 (2) تفسير القمّيّ ص 473.
 (3) عيون الأخبار ج 1 ص 145، أمالي الصدوق 145.
 (4) قرب الإسناد ص 25.
 (5) أمالي الصدوق 239.
 (6) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 53

054
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

23- ع، علل الشرائع أَبِي عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْمُقْرِئِ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مُوسَى ع يَا مُوسَى لَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَ لَا تَدَعْ ذِكْرِي عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ تُنْسِي الذُّنُوبَ وَ إِنَّ تَرْكَ ذِكْرِي يُقْسِي الْقُلُوبَ «1».
24- ع، علل الشرائع الْقَطَّانُ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنِ ابْنِ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَا جَفَّتِ الدُّمُوعُ إِلَّا لِقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَ مَا قَسَتِ الْقُلُوبُ إِلَّا لِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ «2».
25- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع إِعْرَابُ الْقُلُوبِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ رَفْعٍ وَ فَتْحٍ وَ خَفْضٍ وَ وَقْفٍ فَرَفْعُ الْقَلْبِ فِي ذِكْرِ اللَّهِ وَ فَتْحُ الْقَلْبِ فِي الرِّضَا عَنِ اللَّهِ وَ خَفْضُ الْقَلْبِ فِي الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَ وَقْفُ الْقَلْبِ فِي الْغَفْلَةِ عَنِ اللَّهِ أَ لَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ بِالتَّعْظِيمِ خَالِصاً ارْتَفَعَ كُلُّ حِجَابٍ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ وَ إِذَا انْقَادَ الْقَلْبُ لِمَوْرِدِ قَضَاءِ اللَّهِ بِشَرْطِ الرِّضَا عَنْهُ كَيْفَ يَنْفَتِحُ الْقَلْبُ بِالسُّرُورِ وَ الرُّوحِ وَ الرَّاحَةِ وَ إِذَا اشْتَغَلَ قَلْبُهُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَسْبَابِ الدُّنْيَا كَيْفَ تَجِدُهُ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ آيَاتِهِ مُنْخَفِضاً مُظْلِماً كَبَيْتٍ خَرَابٍ خاويا [خَاوٍ] وَ لَيْسَ فِيهِ الْعِمَارَةُ وَ لَا مُونِسٌ وَ إِذَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ كَيْفَ تَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَوْقُوفاً مَحْجُوباً قَدْ قَسِيَ وَ أَظْلَمَ مُنْذُ فَارَقَ نُورَ التَّعْظِيمِ فَعَلَامَةُ الرَّفْعِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ وُجُودُ الْمُوَافَقَةِ وَ فَقْدُ الْمُخَالَفَةِ وَ دَوَامُ الشَّوْقِ وَ عَلَامَةُ الْفَتْحِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ التَّوَكُّلُ وَ الصِّدْقُ وَ الْيَقِينُ وَ عَلَامَةُ الْخَفْضِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الْعُجْبُ وَ الرِّيَاءُ وَ الْحِرْصُ وَ عَلَامَةُ الْوَقْفِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ زَوَالُ حَلَاوَةِ الطَّاعَةِ وَ عَدَمُ مَرَارَةِ الْمَعْصِيَةِ وَ الْتِبَاسُ الْعِلْمِ الْحَلَالِ بِالْحَرَامِ «3».
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع ج 1 ص 77. ط النجف الحروفية ص 81.
 (2) علل الشرائع ج 1 ص 77. ط النجف الحروفية ص 81.
 (3) مصباح الشريعة ص 3.

055
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

26- ضا، فقه الرضا عليه السلام رُوِيَ أَنَّ لِلَّهِ فِي عِبَادِهِ آنِيَةً وَ هُوَ الْقَلْبُ فَأَحَبُّهَا إِلَيْهِ أَصْفَاهَا وَ أَصْلَبُهَا وَ أَرَقُّهَا أَصْلَبُهَا فِي دِينِ اللَّهِ وَ أَصْفَاهَا مِنَ الذُّنُوبِ وَ أَرَقُّهَا عَلَى الْإِخْوَانِ.
27- شي، تفسير العياشي عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنِّي أَفْرَحُ مِنْ غَيْرِ فَرَحٍ أَرَاهُ فِي نَفْسِي وَ لَا فِي مَالِي وَ لَا فِي صَدِيقِي وَ أَحْزَنُ مِنْ غَيْرِ حَزَنٍ أَرَاهُ فِي نَفْسِي وَ لَا فِي مَالِي وَ لَا فِي صَدِيقِي قَالَ نَعَمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ يُلِمُّ بِالْقَلْبِ فَيَقُولُ لَوْ كَانَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مَا أَدَالَ عَلَيْكَ عَدُوَّكَ وَ لَا جَعَلَ بِكَ إِلَيْهِ حَاجَةً هَلْ تَنْتَظِرُ إِلَّا مِثْلَ الَّذِي انْتَظَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ فَهَلْ قَالُوا شَيْئاً فَذَاكَ الَّذِي يَحْزَنُ مِنْ غَيْرِ حَزَنٍ وَ أَمَّا الْفَرَحُ فَإِنَّ الْمَلَكَ يُلِمُّ بِالْقَلْبِ فَيَقُولُ إِنْ كَانَ اللَّهُ أَدَالَ عَلَيْكَ عَدُوَّكَ وَ جَعَلَ بِكَ إِلَيْهِ حَاجَةً فَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ قَلَائِلُ أَبْشِرْ بِمَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا «1».
28- شي، تفسير العياشي عَنْ سَلَّامٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَلَمَّا هَمَّ حُمْرَانُ بِالْقِيَامِ قَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أُخْبِرُكَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاكَ وَ أَمْتَعَنَا بِكَ أَنَّا نَأْتِيكَ فَمَا نَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى يَرِقَّ قُلُوبُنَا وَ تَسْلُوَ أَنْفُسُنَا عَنِ الدُّنْيَا وَ يَهُونَ عَلَيْنَا مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ ثُمَّ نَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ فَإِذَا صِرْنَا مَعَ النَّاسِ وَ التُّجَّارِ أَحْبَبْنَا الدُّنْيَا قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّمَا هِيَ الْقُلُوبُ مَرَّةً يَصْعُبُ عَلَيْهَا الْأَمْرُ وَ مَرَّةً يَسْهُلُ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَمَا إِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَخَافُ عَلَيْنَا النِّفَاقَ قَالَ فَقَالَ لَهُمْ وَ لِمَ تَخَافُونَ ذَلِكَ قَالُوا إِنَّا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ فَذَكَّرْتَنَا رُوِّعْنَا وَ وَجِلْنَا وَ نَسِينَا الدُّنْيَا وَ زَهِدْنَا فِيهَا حَتَّى كَأَنَّا نُعَايِنُ الْآخِرَةَ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ وَ نَحْنُ عِنْدَكَ وَ إِذَا دَخَلْنَا هَذِهِ الْبُيُوتَ وَ شَمِمْنَا الْأَوْلَادَ وَ رَأَيْنَا الْعِيَالَ وَ الْأَهْلَ وَ الْمَالَ يَكَادُ أَنْ نُحَوَّلَ عَنِ الْحَالِ الَّتِي كُنَّا عَلَيْهَا عِنْدَكَ وَ حَتَّى كَأَنَّا لَمْ نَكُنْ عَلَى شَيْ‏ءٍ أَ فَتَخَافُ عَلَيْنَا أَنْ يَكُونَ هَذَا النِّفَاقَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص كَلَّا هَذَا
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 150، و الآية في البقرة 268.

056
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ لِيُرَغِّبَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّكُمْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَكُونُونَ عَلَيْهَا وَ أَنْتُمْ عِنْدِي فِي الْحَالِ الَّتِي وَصَفْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهَا لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ مَشَيْتُمْ عَلَى الْمَاءِ وَ لَوْ لَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ فَتَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً لِكَيْ يُذْنِبُوا ثُمَّ يَسْتَغْفِرُوا فَيَغْفِرَ لَهُمْ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ «1» وَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ «2».
29- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ قَالَ: إِنَّ لِلْقَلْبِ تَلَجْلُجاً فِي الْخَوْفِ يَطْلُبُ الْحَقَّ فَإِذَا أَصَابَهُ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ قَرَأَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ «3».
30- شي، تفسير العياشي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ قَدْ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً بَيْضَاءَ وَ فَتَحَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ وَ وَكَّلَ بِهِ مَلَكاً يُسَدِّدُهُ وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ سُوءاً نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ وَ شَدَّ عَلَيْهِ مَسَامِعَ قَلْبِهِ وَ وَكَّلَ بِهِ شَيْطَاناً يُضِلُّهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ الْآيَةَ.
وَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَنْهُ نُكْتَةً مِنْ نُورٍ وَ لَمْ يَقُلْ بَيْضَاءَ «4».
31- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ إِنَّ الْقَلْبَ يَنْقَلِبُ مِنْ لَدُنْ مَوْضِعِهِ إِلَى حَنْجَرَتِهِ مَا لَمْ يُصِبِ الْحَقَّ فَإِذَا أَصَابَ الْحَقَّ قَرَّ ثُمَّ ضَمَّ أَصَابِعَهُ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِمُوسَى بْنِ أَشْيَمَ أَ تَدْرِي مَا الْحَرَجُ قَالَ قُلْتُ لَا فَقَالَ بِيَدِهِ وَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ كَالشَّيْ‏ءِ
__________________________________________________
 (1) البقرة: 222.
 (2) هود: 90 تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 109. و ترى مثله في الكافي ج 2 ص 423.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 376، و الآية في الانعام: 125.
 (4) المصدر ج 1 ص 376 و 377.

057
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

الْمُصْمَتِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ شَيْ‏ءٌ وَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ «1».
32- شي، تفسير العياشي عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ قَالَ هُوَ أَنْ يَشْتَهِيَ الشَّيْ‏ءَ بِسَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ أَمَا إِنْ هُوَ غَشِيَ شَيْئاً بِمَا يَشْتَهِي فَإِنَّهُ لَا يَأْتِيهِ إِلَّا وَ قَلْبُهُ مُنْكِرٌ لَا يَقْبَلُ الَّذِي يَأْتِي يَعْرِفُ أَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ فِيهِ.
وَ فِي خَبَرِ هِشَامٍ عَنْهُ ع قَالَ: يَحُولَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْبَاطِلَ حَقٌّ «2».
33- شي، تفسير العياشي عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ قَالَ هُوَ أَنْ يَشْتَهِيَ الشَّيْ‏ءَ بِسَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ أَمَا إِنَّهُ لَا يَغْشَى شَيْئاً مِنْهَا وَ إِنْ كَانَ يَشْتَهِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِيهِ إِلَّا وَ قَلْبُهُ مُنْكِرٌ لَا يَقْبَلُ الَّذِي يَأْتِي يَعْرِفُ أَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ فِيهِ «3».
34- شي، تفسير العياشي عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: هَذَا الشَّيْ‏ءُ يَشْتَهِيهِ الرَّجُلُ بِقَلْبِهِ وَ سَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ لَا يَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ قَلْبِهِ إِلَّا ذَلِكَ الشَّيْ‏ءَ «4».
وَ فِي خَبَرِ يُونُسَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يَسْتَيْقِنُ الْقَلْبُ أَنَّ الْحَقَّ بَاطِلٌ أَبَداً وَ لَا يَسْتَيْقِنُ أَنَّ الْبَاطِلَ حَقٌّ أَبَداً «5».
35- شي، تفسير العياشي عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّمَا شِيعَتُنَا أَصْحَابُ الْأَرْبَعَةِ الْأَعْيُنِ عَيْنٍ فِي الرَّأْسِ وَ عَيْنٍ فِي الْقَلْبِ أَلَا وَ الْخَلَائِقُ كُلُّهُمْ كَذَلِكَ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَ أَبْصَارَكُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ.
36- جا، المجالس للمفيد أَبُو غَالِبٍ الزُّرَارِيُّ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْأَهْوَازِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَبَحَّرُوا قُلُوبَكُمْ فَإِنْ أَنْقَاهَا مِنْ حَرَكَةِ الْوَاحِشِ لِسَخَطِ شَيْ‏ءٍ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ فَإِذَا وَجَدْتُمُوهَا كَذَلِكَ فَاسْأَلُوهُ مَا شِئْتُمْ «6».
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 377.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 52.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 52.
 (4) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 52.
 (5) المصدر ج 2 ص 53.
 (6) أمالي المفيد: 42، و لفظ الحديث مصحف في كل النسخ لم نتمكن من إصلاحه.

058
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

37- غو، غوالي اللئالي رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص نَاجَى دَاوُدُ رَبَّهُ فَقَالَ إِلَهِي لِكُلِّ مَلَكٍ خِزَانَةٌ فَأَيْنَ خِزَانَتُكَ قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ لِي خِزَانَةٌ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ وَ أَوْسَعُ مِنَ الْكُرْسِيِّ وَ أَطْيَبُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ أَزْيَنُ مِنَ الْمَلَكُوتِ أَرْضُهَا الْمَعْرِفَةُ وَ سَمَاؤُهَا الْإِيمَانُ وَ شَمْسُهَا الشَّوْقُ وَ قَمَرُهَا الْمَحَبَّةُ وَ نُجُومُهَا الْخَوَاطِرُ وَ سَحَابُهَا الْعَقْلُ وَ مَطَرُهَا الرَّحْمَةُ وَ أَثْمَارُهَا الطَّاعَةُ وَ ثَمَرُهَا الْحِكْمَةُ وَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْعِلْمُ وَ الْحِلْمُ وَ الصَّبْرُ وَ الرِّضَا أَلَا وَ هِيَ الْقَلْبُ.
38- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: زَامَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ فَقَالَ لِيَ اقْرَأْ فَافْتَتَحْتُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَقَرَأْتُهَا فَرَقَّ وَ بَكَى ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا أُسَامَةَ ارْعَوْا قُلُوبَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ احْذَرُوا النَّكْتَ فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَى الْقَلْبِ تَارَاةٌ أَوْ سَاعَاتٌ الشَّكُّ مِنْ صَبَّاحٍ لَيْسَ فِيهِ إِيمَانٌ وَ لَا كُفْرٌ شِبْهَ الْخِرْقَةِ الْبَالِيَةِ أَوِ الْعَظْمِ النَّخِرِ يَا أَبَا أُسَامَةَ أَ لَيْسَ رُبَّمَا تَفَقَّدْتَ قَلْبَكَ فَلَا تَذْكُرُ بِهِ خَيْراً وَ لَا شَرّاً وَ لَا تَدْرِي أَيْنَ هُوَ قَالَ قُلْتُ لَهُ بَلَى إِنَّهُ لَيُصِيبُنِي وَ أَرَاهُ يُصِيبُ النَّاسَ قَالَ أَجَلْ لَيْسَ يَعْرَى مِنْهُ أَحَدٌ قَالَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ احْذَرُوا النَّكْتَ فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً نَكَتَ إِيمَاناً وَ إِذَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ نَكَتَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ مَا غَيْرُ ذَلِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَرَادَ كُفْراً نَكَتَ كُفْراً «1».
39 أَسْرَارُ الصَّلَاةِ، عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: قَلْبُ الْمُؤْمِنِ أَجْرَدُ فِيهِ سِرَاجٌ يَزْهَرُ وَ قَلْبُ الْكَافِرِ أَسْوَدُ مَنْكُوسٌ.
وَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَأَلْتُ الصَّادِقَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قَالَ السَّلِيمُ الَّذِي يَلْقَى رَبَّهُ وَ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ سِوَاهُ وَ قَالَ وَ كُلُّ قَلْبٍ فِيهِ شَكٌّ أَوْ شِرْكٌ فَهُوَ سَاقِطٌ وَ إِنَّمَا أَرَادُوا الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا لِتَفْرُغَ قُلُوبُهُمْ لِلْآخِرَةِ.
وَ قَالَ النَّبِيُّ ص لَوْ لَا أَنَّ الشَّيَاطِينَ يَحُومُونَ عَلَى قُلُوبِ بَنِي آدَمَ لَنَظَرُوا إِلَى الْمَلَكُوتِ.
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 8 ص 167.

059
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

40 نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ قَلْبٌ فِيهِ إِيمَانٌ وَ لَيْسَ فِيهِ قُرْآنٌ وَ قَلْبٌ فِيهِ إِيمَانٌ وَ قُرْآنٌ وَ قَلْبٌ فِيهِ قُرْآنٌ وَ لَيْسَ فِيهِ إِيمَانٌ وَ قَلْبٌ لَا إِيمَانَ فِيهِ وَ لَا قُرْآنَ فَأَمَّا الْأَوَّلُ كَالتَّمْرَةِ طَيِّبٌ طَعْمُهَا وَ لَا طِيبَ لَهَا وَ الثَّانِي كَجِرَابِ الْمِسْكِ طَيِّبٌ إِنْ فُتِحَ وَ طَيِّبٌ إِنْ وَعَاهُ وَ الثَّالِثُ كَالْآسِ طَيِّبٌ رِيحُهَا وَ خَبِيثٌ طَعْمُهَا وَ الرَّابِعُ كَالْحَنْظَلِ خَبِيثٌ رِيحُهَا وَ طَعْمُهَا «1».
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ لِلَّهِ آنِيَةً فِي الْأَرْضِ فَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ مَا صَفَا مِنْهَا وَ رَقَّ وَ صَلُبَ وَ هِيَ الْقُلُوبُ فَأَمَّا مَا رَقَّ مِنْهَا فَالرِّقَّةُ عَلَى الْإِخْوَانِ وَ أَمَّا مَا صَلُبَ مِنْهَا فَقَوْلُ الرَّجُلِ فِي الْحَقِّ لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ أَمَّا مَا صَفَا مَا صَفَتْ مِنَ الذُّنُوبِ «2» الْقَصْدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْقُلُوبِ أَبْلَغُ مِنْ إِتْعَابِ الْجَوَارِحِ بِالْأَعْمَالِ.
وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ ع إِذَا نَشِطَتِ الْقُلُوبُ فَأَوْدِعُوهَا وَ إِذَا نَفَرَتْ فَوَدِّعُوهَا.
41- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَقَدْ عُلِّقَ بِنِيَاطِ هَذَا الْإِنْسَانِ بَضْعَةٌ وَ هِيَ أَعْجَبُ مَا فِيهِ وَ ذَلِكَ الْقَلْبُ وَ لَهُ مَوَادُّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ أَضْدَادٌ مِنْ خِلَافِهَا فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ وَ إِنْ أَسْعَدَهُ الرِّضَا نَسِيَ التَّحَفُّظَ وَ إِنْ غَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ وَ إِنِ اتَّسَعَ لَهُ الْأَمْنُ اسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ وَ إِنْ جُدِّدَتْ لَهُ النِّعْمَةُ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ «3» وَ إِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ وَ إِنْ أَفَادَ مَالًا أَطْغَاهُ الْغِنَى وَ إِنْ‏
__________________________________________________
 (1) نوادر الراونديّ 4.
 (2) ما بين العلامتين أضفناه من المصدر ص 7، و قد مر مرسلا عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر الشلمغانى المعروف بفقه الرضا عليه السلام تحت الرقم 26 و أمّا قوله «القصد الى اللّه» الخ فقد تفحصنا نوادر الراونديّ فلم نجده، و لم نعرف أنّه من أي مصدر نقل كما لا يدرى مقدار السقط الذي وقع من البين.
 (3) ما بين العلامتين ساقط عن النسخة، صححناه بالعرض على المصدر.

060
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 44 القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحیاة الحقیقیات ص 27

عَضَّتْهُ الْفَاقَةُ شَغَلَهُ الْبَلَاءُ وَ إِنْ جَهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ وَ إِنْ أَفْرَطَ بِهِ الشِّبَعُ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ وَ كُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ «1».
وَ قَالَ ع إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَ إِقْبَالًا وَ إِدْبَاراً فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ شَهْوَتِهَا وَ إِقْبَالِهَا فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا أُكْرِهَ عَمِيَ «2».
وَ قَالَ ع إِنَّ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ «3».
وَ قَالَ ع أَلَا وَ إِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ وَ أَشَدُّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَنِ وَ أَشَدُّ مِنْ مَرَضِ الْبَدَنِ مَرَضُ الْقَلْبِ أَلَا وَ إِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةَ الْمَالِ وَ أَفْضَلُ مِنْ سَعَةِ الْمَالِ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَ أَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ الْبَدَنِ تَقْوَى الْقُلُوبِ «4».
42 عُدَّةُ الدَّاعِي، رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص عَلَى كُلِّ قَلْبٍ جَاثِمٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ خَنَسَ وَ ذَابَ وَ إِذَا تَرَكَ ذِكْرَ اللَّهِ الْتَقَمَهُ الشَّيْطَانُ فَجَذَبَهُ وَ أَغْوَاهُ وَ اسْتَزَلَّهُ وَ أَطْغَاهُ.
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة تحت الرقم 108 من الحكم.
 (2) نهج البلاغة الرقم 193 من الحكم.
 (3) المصدر الرقم 91 من الحكم.
 (4) المصدر الرقم 388 من الحكم.

061
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد عليها و ما زينتها و زين لها و معنى الجهاد الأكبر و محاسبة النفس و مجاهدتها و النهي عن ترك الملاذ و المطاعم‏
الآيات البقرة زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا «1» آل عمران زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ «2» الأنعام كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «3» التوبة زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ «4» يونس كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «5» يوسف وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ «6» الرعد بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَ صُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ «7»
__________________________________________________
 (1) البقرة: 212.
 (2) آل عمران: 14.
 (3) الأنعام: 122.
 (4) براءة: 38.
 (5) يونس: 12.
 (6) يوسف: 53.
 (7) الرعد: 35.

062
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

إبراهيم وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ «1» طه وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي «2» الحج وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ «3» العنكبوت وَ مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ و قال تعالى وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ «4» فاطر أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً «5» المؤمن وَ كَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَ صُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَ ما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ «6» محمد أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «7» الحشر يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ «8» القيامة وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ «9»
__________________________________________________
 (1) إبراهيم: 21.
 (2) طه: 96.
 (3) الحجّ: 78.
 (4) العنكبوت: 6 و 69.
 (5) فاطر: 8.
 (6) المؤمن: 37.
 (7) القتال: 14.
 (8) الحشر: 18.
 (9) القيامة: 2:

063
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

الفجر يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي «1» الشمس وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها «2»
1 عُدَّةُ الدَّاعِي، قَالَ النَّبِيُّ ص أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ.
2- مع، معاني الأخبار ل، الخصال فِي وَصِيَّةِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ النَّبِيُّ ص عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَ سَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيمَا صَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ «3».
3- لي، الأمالي للصدوق مع، معاني الأخبار قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ النَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى وَ مَنْ كَانَ فِي نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ «4».
4- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْقَاشَانِيِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَلَا فَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا فَإِنَّ فِي الْقِيَامَةِ خَمْسِينَ مَوْقِفاً كُلُّ مَوْقِفٍ مُقَامُ أَلْفِ سَنَةٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ الْخَبَرَ «5».
5- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ ابْنَ آدَمَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ لَكَ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِكَ وَ مَا كَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هَمِّكَ وَ مَا كَانَ الْخَوْفُ لَكَ شِعَاراً وَ الْحُزْنُ لَكَ دِثَاراً ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ مَبْعُوثٌ وَ مَوْقُوفٌ‏
__________________________________________________
 (1) الفجر: 27- 30.
 (2) الشمس: 7- 10.
 (3) معاني الأخبار 334، و لا يوجد في الخصال و انما تراه في أمالي الطوسيّ ج 2 ص 153.
 (4) أمالي الصدوق 237، معاني الأخبار 198.
 (5) أمالي المفيد 169، أمالي الطوسيّ ج 1 ص 34، و الآية في السجدة: 5.

064
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَسْئُولٌ فَأَعِدَّ جَوَاباً «1».
سر، السرائر ابن محبوب مثله- جا، المجالس للمفيد أحمد بن الوليد مثله «2».
6- ما، الأمالي للشيخ الطوسي فِيمَا أَوْصَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع ابْنَهُ الْحَسَنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا يَا بُنَيَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَ سَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَ لَذَّتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَ يُحْمَدُ وَ لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَاخِصاً فِي ثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ خُطْوَةٍ لِمَعَادٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ «3».
7- مع، معاني الأخبار لي، الأمالي للصدوق ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَزَّازِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بَعَثَ سَرِيَّةً فَلَمَّا رَجَعُوا قَالَ مَرْحَباً بِقَوْمٍ قَضَوُا الْجِهَادَ الْأَصْغَرَ وَ بَقِيَ عَلَيْهِمُ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ قَالَ جِهَادُ النَّفْسِ ثُمَّ قَالَ ص أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ «4».
ختص، الإختصاص عنه ع مثله «5».
8 نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع عَنِ النَّبِيِّ ص مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ جِهَادِ النَّفْسِ «6».
9- فس، تفسير القمي وَ مَنْ جاهَدَ قَالَ نَفْسُهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ اللَّذَّاتِ وَ الْمَعَاصِي فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ «7».
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 114.
 (2) مجالس المفيد 207.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 146.
 (4) معاني الأخبار 160، أمالي الصدوق 279.
 (5) الاختصاص 240.
 (6) نوادر الراونديّ ص 21.
 (7) تفسير القمّيّ 495 و الآية في سورة العنكبوت: 6.

065
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

10- فس، تفسير القمي فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى‏ وَ زِيادَةٌ «1» فَأَمَّا الْحُسْنَى فَالْجَنَّةُ وَ أَمَّا الزِّيَادَةُ فَالدُّنْيَا مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُحَاسِبْهُمْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَ يَجْمَعُ لَهُمْ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ يُثِيبُهُمْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ يَقُولُ اللَّهُ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «2».
11- ما، الأمالي للشيخ الطوسي فِيمَا كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِلَى أَهْلِ مِصْرَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ الْخَيْرَ وَ لَا خَيْرَ غَيْرُهَا وَ يُدْرَكُ بِهَا مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا يُدْرَكُ بِغَيْرِهَا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ «3» اعْلَمُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ يَعْمَلُ لِثَلَاثٍ مِنَ الثَّوَابِ إِمَّا لِخَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يُثِيبُهُ بِعَمَلِهِ فِي دُنْيَاهُ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «4» فَمَنْ عَمِلَ لِلَّهِ تَعَالَى أَعْطَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ كَفَاهُ الْمُهِمَّ فِيهِمَا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى‏ وَ زِيادَةٌ وَ الْحُسْنَى هِيَ الْجَنَّةُ وَ الزِّيَادَةُ هِيَ الدُّنْيَا وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكَفِّرُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ سَيِّئَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ «5» حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُسِبَتْ لَهُمْ حَسَنَاتُهُمْ ثُمَّ أَعْطَاهُمْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً

__________________________________________________
 (1) يونس: 26.
 (2) تفسير القمّيّ 287.
 (3) النحل: 30.
 (4) العنكبوت: 27.
 (5) هود: 114.

066
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

حِساباً «1» وَ قَالَ فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ «2» فَارْغَبُوا فِي هَذَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَ اعْمَلُوا لَهُ وَ تَحَاضُّوا عَلَيْهِ وَ اعْلَمُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُتَّقِينَ حَازُوا عَاجِلَ الْخَيْرِ وَ آجِلَهُ شَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ وَ لَمْ يُشَارِكْهُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي آخِرَتِهِمْ أَبَاحَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا مَا كَفَاهُمْ بِهِ وَ قَالَ عَزَّ اسْمُهُ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «3» سَكَنُوا الدُّنْيَا بِأَفْضَلِ مَا سُكِنَتْ وَ أَكَلُوهَا بِأَفْضَلِ مَا أُكِلَتُ شَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ فَأَكَلُوا مَعَهُمْ مِنْ طَيِّبَاتِ مَا يَأْكُلُونَ وَ شَرِبُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا يَشْرَبُونَ وَ لَبِسُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا يَلْبَسُونَ وَ سَكَنُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا يَسْكُنُونَ وَ تَزَوَّجُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا يَتَزَوَّجُونَ وَ رَكِبُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا يَرْكَبُونَ أَصَابُوا لَذَّةَ الدُّنْيَا مَعَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَ هُمْ غَداً جِيرَانُ اللَّهِ يَتَمَنَّوْنَ عَلَيْهِ فَيُعْطِيهِمْ مَا يَتَمَنَّوْنَ لَا يُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ وَ لَا يُنْقَصُ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ اللَّذَّةِ فَإِلَى هَذَا يَا عِبَادَ اللَّهِ يَشْتَاقُ إِلَيْهِ مَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ وَ يَعْمَلُ لَهُ تَقْوَى اللَّهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ «4».
12- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ صَبِيحٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَدَّ لَكُمْ حُدُوداً فَلَا تَعْتَدُوهَا وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَ سَنَّ لَكُمْ سُنَناً فَاتَّبِعُوهَا وَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ حُرُمَاتٍ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا وَ عَفَا لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً مِنْهُ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَكَلَّفُوهَا «5».
__________________________________________________
 (1) النبأ: 36.
 (2) سبأ: 37.
 (3) الأعراف: 31.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 25.
 (5) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 124.

067
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

جا، المجالس للمفيد عبد الله بن جعفر مثله «1».
13- ضا، فقه الرضا عليه السلام نَرْوِي أَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ ص رَأَى بَعْضَ أَصْحَابِهِ مُنْصَرِفاً مِنْ بَعْثٍ كَانَ بَعَثَهُ وَ قَدِ انْصَرَفَ بِشَعَثِهِ وَ غُبَارِ سَفَرِهِ وَ سِلَاحُهُ عَلَيْهِ يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَ ص انْصَرَفْتَ مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ فَقِيلَ لَهُ أَ وَ جِهَادٌ فَوْقَ الْجِهَادِ بِالسَّيْفِ قَالَ نَعَمْ جِهَادُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ.
وَ نَرْوِي فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ قَبْلَ أَنْ يُعْتَبَرَ بِكُمْ.
وَ أَرْوِي أَنَّ الْهَمَّ فِي الدِّينِ يَذْهَبُ بِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِ.
وَ نَرْوِي أَنَّ الْهُمُومَ سَاعَاتُ الْكَفَّارَاتِ وَ سَأَلَنِي رَجُلٌ عَمَّا يَجْمَعُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَقُلْتُ خَالِفْ نَفْسَكَ.
14- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ رَعَى قَلْبَهُ عَنِ الْغَفْلَةِ وَ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهْوَةِ وَ عَقْلَهُ عَنِ الْجَهْلِ فَقَدْ دَخَلَ فِي دِيوَانِ الْمُتَنَبِّهِينَ ثُمَّ مَنْ رَعَى عَمَلَهُ عَنِ الْهَوَى وَ دِينَهُ عَنِ الْبِدْعَةِ وَ مَالَهُ عَنِ الْحَرَامِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّالِحِينَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَ مُسْلِمَةٍ وَ هُوَ عِلْمُ الْأَنْفُسِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي شُكْرٍ أَوْ عُذْرٍ عَلَى مَعْنَى إِنْ قُبِلَ فَفَضْلٌ وَ إِنْ رُدَّ فَعَدْلٌ وَ يُطَالِعَ الْحَرَكَاتِ فِي الطَّاعَاتِ بِالتَّوْفِيقِ وَ يُطَالِعَ السُّكُونَ عَنِ الْمَعَاصِي بِالْعِصْمَةِ وَ قِوَامُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ وَ الِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ وَ الْخُشُوعِ وَ الْخُضُوعِ وَ مِفْتَاحُهَا الْإِنَابَةُ إِلَى اللَّهِ مَعَ قِصَرِ الْأَمَلِ بِدَوَامِ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ عِيَانِ الْمَوْقِفِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ رَاحَةً مِنَ الْحَبْسِ وَ نَجَاةً مِنَ الْعَدُوِّ وَ سَلَامَةَ النَّفْسِ وَ الْإِخْلَاصَ فِي الطَّاعَةِ بِالتَّوْفِيقِ وَ أَصْلُ ذَلِكَ أَنْ يُرَدَّ الْعُمُرُ إِلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الدُّنْيَا سَاعَةٌ فَاجْعَلْهَا طَاعَةً وَ بَابُ ذَلِكَ كُلِّهِ مُلَازَمَةُ الْخَلْوَةِ بِمُدَاوَمَةِ الْفِكْرَةِ وَ سَبَبُ الْخَلْوَةِ الْقَنَاعَةُ وَ تَرْكُ الْفُضُولِ مِنَ الْمَعَاشِ وَ سَبَبُ الْفِكْرَةِ الْفَرَاغُ وَ عِمَادُ الْفَرَاغِ الزُّهْدُ وَ تَمَامُ الزُّهْدِ التَّقْوَى وَ بَابُ التَّقْوَى الْخَشْيَةُ وَ دَلِيلُ الْخَشْيَةِ التَّعْظِيمُ لِلَّهِ وَ التَّمَسُّكُ بِتَخْلِيصِ طَاعَتِهِ وَ أَوَامِرِهِ وَ الْخَوْفُ وَ الْحَذَرُ وَ الْوُقُوفُ عَنْ مَحَارِمِهِ وَ دَلِيلُهَا الْعِلْمُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ‏

__________________________________________________
 (1) أمالي المفيد ص 102.

068
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

عِبادِهِ الْعُلَماءُ «1».
15- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع طُوبَى لِعَبْدٍ جَاهَدَ لِلَّهِ نَفْسَهُ وَ هَوَاهُ وَ مَنْ هَزَمَ جُنْدَ هَوَاهُ ظَفِرَ بِرِضَا اللَّهِ وَ مَنْ جَاوَرَ عَقْلُهُ نَفْسَهُ الْأَمَّارَةَ بِالسُّوءِ بِالْجَهْدِ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ الْخُضُوعِ عَلَى بِسَاطِ خِدْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً وَ لَا حِجَابَ أَظْلَمُ وَ أَوْحَشُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَ بَيْنَ الرَّبِّ مِنَ النَّفْسِ وَ الْهَوَى وَ لَيْسَ لِقَتْلِهِمَا فِي قَطْعِهِمَا سِلَاحٌ وَ آلَةٌ مِثْلُ الِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ وَ الْخُشُوعِ وَ الْجُوعِ وَ الظَّمَإِ بِالنَّهَارِ وَ السَّهَرِ بِاللَّيْلِ فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُهُ مَاتَ شَهِيداً وَ إِنْ عَاشَ وَ اسْتَقَامَ أَدَّاهُ عَاقِبَتُهُ إِلَى الرِّضْوَانِ الْأَكْبَرِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ «2» وَ إِذَا رَأَيْتَ مُجْتَهِداً أَبْلَغَ مِنْكَ فِي الِاجْتِهَادِ فَوَبِّخْ نَفْسَكَ وَ لُمْهَا وَ عَيِّرْهَا وَ حُثَّهَا عَلَى الِازْدِيَادِ عَلَيْهِ وَ اجْعَلْ لَهَا زِمَاماً مِنَ الْأَمْرِ وَ عِنَاناً مِنَ النَّهْيِ وَ سُقْهَا كَالرَّائِضِ لِلْفاره [الْفَارِهِ‏] الَّذِي لَا يَذْهَبُ عَلَيْهِ خُطْوَةً مِنْهَا إِلَّا وَ قَدْ صَحَّحَ أَوَّلَهَا وَ آخِرَهَا وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي حَتَّى يَتَوَرَّمَ قَدَمَاهُ وَ يَقُولُ أَ فَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً أَرَادَ أَنْ يَعْتَبِرَ بِهِ أُمَّتُهُ فَلَا تَغْفُلُوا عَنِ الِاجْتِهَادِ وَ التَّعَبُّدِ وَ الرِّيَاضَةِ بِحَالٍ أَلَا وَ إِنَّكَ لَوْ وَجَدْتَ حَلَاوَةَ عِبَادَةِ اللَّهِ وَ رَأَيْتَ بَرَكَاتِهَا وَ اسْتَضَأْتَ بِنُورِهَا لَمْ تَصْبِرْ عَنْهَا سَاعَةً وَاحِدَةً وَ لَوْ قُطِّعْتَ إِرْباً إِرْباً فَمَا أَعْرَضَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا إِلَّا بِحِرْمَانِ فَوَائِدِ السَّبْقِ مِنَ الْعِصْمَةِ وَ التَّوْفِيقِ قِيلَ لِرَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ مَا لَكَ لَا تَنَامُ بِاللَّيْلِ قَالَ لِأَنِّي أَخَافُ الْبَيَاتَ مَنْ خَافَ الْبَيَاتَ لَا يَنَامُ «3».
16- م، تفسير الإمام عليه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْيَسِ الْكَيِّسِينَ وَ أَحْمَقِ الْحُمَقَاءِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَكْيَسُ الْكَيِّسِينَ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ وَ عَمِلَ‏
__________________________________________________
 (1) مصباح الشريعة ص 4، و الآية في فاطر: 28.
 (2) العنكبوت: 69.
 (3) مصباح الشريعة 55.

069
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ أَحْمَقُ الْحُمَقَاءِ مَنِ اتَّبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهُ وَ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْأَمَانِيَّ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ كَيْفَ يُحَاسِبُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ ثُمَّ أَمْسَى رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَ قَالَ يَا نَفْسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَضَى عَلَيْكِ لَا يَعُودُ إِلَيْكِ أَبَداً وَ اللَّهِ سَائِلُكِ عَنْهُ فِيمَا أَفْنَيْتِهِ فَمَا الَّذِي عَمِلْتِ فِيهِ أَ ذَكَرْتِ اللَّهَ أَمْ حَمِدْتِيهِ أَ قَضَيْتِ حَقَّ أَخٍ مُؤْمِنٍ أَ نَفَّسْتِ عَنْهُ كُرْبَتَهُ أَ حَفِظْتِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ فِي أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ أَ حَفِظْتِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي مُخَلَّفِيهِ أَ كَفَفْتِ عَنْ غِيبَةِ أَخٍ مُؤْمِنٍ بِفَضْلِ جَاهِكِ أَ أَعَنْتِ مُسْلِماً مَا الَّذِي صَنَعْتِ فِيهِ فَيَذْكُرُ مَا كَانَ مِنْهُ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ جَرَى مِنْهُ خَيْرٌ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَبَّرَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَ إِنْ ذَكَرَ مَعْصِيَةً أَوْ تَقْصِيراً اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ مُعَاوَدَتِهِ وَ مَحَا ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِتَجْدِيدِ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ عَرْضِ بَيْعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى نَفْسِهِ وَ قَبُولِهَا وَ إِعَادَةِ لَعْنِ شَانِئِيهِ وَ أَعْدَائِهِ وَ دَافِعِيهِ عَنْ حُقُوقِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَسْتُ أُنَاقِشُكِ فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الذُّنُوبِ مَعَ مُوَالاتِكِ أَوْلِيَائِي وَ مُعَادَاتِكِ أَعْدَائِي «1».
17- جا، المجالس للمفيد الْجِعَابِيُّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْبَجَلِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظاً فَإِنَّ مَوَاعِظَ النَّاسِ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُ شَيْئاً «2».
18- جا، المجالس للمفيد عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شِمْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَكِّيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع أُتِيَ بِخَبِيصٍ «3» فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ فَقَالُوا لَهُ أَ تُحَرِّمُ قَالَ لَا وَ لَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَتُوقَ إِلَيْهِ نَفْسِي فَأَطْلُبَهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها «4».
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام 13.
 (2) مجالس المفيد ص 25.
 (3) الخبيص: الحلواء، معروف.
 (4) أمالي المفيد ص 87، و الآية في الاحقاف: 20.

070
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

19- جا، المجالس للمفيد ابْنُ قُولَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا كَانَ عَبْدٌ لِيَحْبِسَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ «1».
20- ضه، روضة الواعظين قَالَ الْعِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ قُلْتُ لِلصَّادِقِ ع حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ أَبِيكَ ع أَنَّهُ قَالَ مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ خُبْزِ بُرٍّ قَطُّ أَ هُوَ صَحِيحٌ فَقَالَ لَا مَا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص خُبْزَ بُرٍّ قَطُّ وَ لَا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ قَطُّ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ حَتَّى مَاتَ وَ قَالَ النَّبِيُّ ص اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ مُحَمَّدِ قُوتاً وَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا زَالَتِ الدُّنْيَا عَلَيْنَا عَسِيرَةً كَدِرَةً حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ ص فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صُبَّتْ عَلَيْنَا صَبّاً وَ قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمْ يَأْكُلْ عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ وَ لَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً مُرَقَّقاً حَتَّى مَاتَ.
1، 14- وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ أَنَا أَتَجَشَّأُ فَقَالَ يَا أَبَا جُحَيْفَةَ اخْفِضْ جُشَاكَ «2» فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعاً فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص نُورُ الْحِكْمَةِ الْجُوعُ وَ التَّبَاعُدُ مِنَ اللَّهِ الشِّبَعُ وَ الْقُرْبَةُ إِلَى اللَّهِ حُبُّ الْمَسَاكِينِ وَ الدُّنُوُّ مِنْهُمْ لَا تَشْبَعُوا فَيُطْفَأَ نُورُ الْمَعْرِفَةِ مِنْ قُلُوبِكُمْ وَ مَنْ بَاتَ يُصَلِّي فِي خِفَّةٍ مِنَ الطَّعَامِ بَاتَ وَ حُورُ الْعِينِ حَوْلَهُ وَ قَالَ ص لَا تُمِيتُوا الْقُلُوبَ بِكَثْرَةِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ إِنَّ الْقُلُوبَ تَمُوتُ كَالزُّرُوعِ إِذَا كَثُرَ عَلَيْهِ الْمَاءُ.
21- جع، جامع الأخبار قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ وَ قَالَ مَنْ غَلَبَ عِلْمُهُ هَوَاهُ فَهُوَ عِلْمٌ نَافِعٌ وَ مَنْ جَعَلَ شَهْوَتَهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَرَّ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ وَ قَالَ ص يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَيُّمَا عَبْدٍ أَطَاعَنِي لَمْ أَكِلْهُ إِلَى غَيْرِي وَ أَيُّمَا عَبْدٍ عَصَانِي وَكَلْتُهُ إِلَى نَفْسِهِ ثُمَّ لَمْ أُبَالِ فِي أَيِّ وَادٍ هَلَكَ «3».
__________________________________________________
 (1) أمالي المفيد ص 215.
 (2) التجشّؤ: تكلف الجشأ، و هو صوت يخرج من الفم مع ريح عند الشبع.
 (3) جامع الأخبار 118.

071
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

فلاح السائل، و محاسبة النفس، للشهيد الثاني «1» مثله.
22- تم، فلاح السائل رَوَى يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ هَارُونَ الْحَسَنِيُّ فِي كِتَابِ أَمَالِيهِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِناً حَتَّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ أَشَدَّ مِنْ مُحَاسَبَةِ الشَّرِيكِ شَرِيكَهُ وَ السَّيِّدِ عَبْدَهُ.
23- غو، غوالي اللئالي رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص رَجُلٌ اسْمُهُ مُجَاشِعٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ فَقَالَ ص مَعْرِفَةُ النَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى مُوَافَقَةِ الْحَقِّ قَالَ مُخَالَفَةُ النَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى رِضَا الْحَقِّ قَالَ سَخَطُ النَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى وَصْلِ الْحَقِّ قَالَ هَجْرُ النَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى طَاعَةِ الْحَقِّ قَالَ عِصْيَانُ النَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى ذِكْرِ الْحَقِّ قَالَ نِسْيَانُ النَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى قُرْبِ الْحَقِّ قَالَ التَّبَاعُدُ مِنَ النَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى أُنْسِ الْحَقِّ قَالَ الْوَحْشَةُ مِنَ النَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى ذَلِكَ قَالَ الِاسْتِعَانَةُ بِالْحَقِّ عَلَى النَّفْسِ.
24- ختص، الإختصاص عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ عَمِلَ خَيْراً اسْتَزَادَ اللَّهَ مِنْهُ وَ حَمِدَ اللَّهَ عَلَيْهِ وَ إِنْ عَمِلَ شَرّاً اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ وَ تَابَ إِلَيْهِ «2».
ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عنه ع مثله- كا، الكافي علي عن أبيه عن حماد بن عيسى مثله «3».
25- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر فَضَالَةُ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنِّي لَأُبْغِضُ «4» رَجُلًا يَرْضَى رَبَّهُ بِشَيْ‏ءٍ لَا يَكُونُ فِيهِ أَفْضَلُ‏
__________________________________________________
 (1) للسيّد ابن طاوس خ ل ظ.
 (2) الاختصاص: 243.
 (3) الكافي ج 2 ص 453.
 (4) لاقتص ظ.

072
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 45 مراتب النفس و عدم الاعتماد علیها و ما زینتها و زین لها و معنى الجهاد الأکبر و ... ص 62

مِنْهُ فَإِنْ رَأَيْتُهُ يُطِيلُ الرُّكُوعَ قُلْتُ يَا نَفْسُ وَ إِنْ رَأَيْتُهُ يُطِيلُ السُّجُودَ قُلْتُ يَا نَفْسُ.
26 مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ، عَنِ النَّبِيِّ ص حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَ زِنُوهَا قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا وَ تَجَهَّزُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ.
27- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ وَ مَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ وَ مَنْ خَافَ أَمِنَ وَ مَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ وَ مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ وَ مَنْ فَهِمَ عَلِمَ «1».
وَ قَالَ ع يَا أَسْرَى الرَّغْبَةِ أَقْصِرُوا فَإِنَّ الْمُعَرِّجَ عَلَى الدُّنْيَا لَا يَرُوعُهُ مِنْهَا إِلَّا صَرِيفُ أَنْيَابِ الْحِدْثَانِ أَيُّهَا النَّاسُ تَوَلَّوْا مِنْ أَنْفُسِكُمْ تَأْدِيبَهَا وَ اعْدِلُوا بِهَا عَنْ ضَرَاوَةِ عَادَاتِهَا «2».
وَ قَالَ ع كَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ اجْتِنَابُ مَا تَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِكَ «3».
باب 46 ترك الشهوات و الأهواء
الآيات النساء وَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ يُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً «4» الكهف وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً «5» مريم فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة الرقم 208 من الحكم.
 (2) نهج البلاغة الرقم 359 من الحكم.
 (3) نهج البلاغة الرقم 412 من الحكم.
 (4) النساء: 77.
 (5) الكهف: 28.

073
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

يَلْقَوْنَ غَيًّا «1» طه فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى«2» الفرقان أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا «3» القصص فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «4» الروم بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ «5» ص وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ «6» الجاثية أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ «7» محمد أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «8» القمر وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَ كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ «9» النازعات وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى«10».
1- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص طُوبَى لِمَنْ تَرَكَ شَهْوَةً حَاضِرَةً لِمَوْعُودٍ لَمْ يَرَهُ «11».
__________________________________________________
 (1) مريم: 59.
 (2) طه: 16.
 (3) الفرقان: 43.
 (4) القصص: 5.
 (5) الروم: 29.
 (6) ص: 26.
 (7) الجاثية: 23.
 (8) القتال: 16.
 (9) القمر: 3.
 (10) النازعات: 40- 41.
 (11) الخصال ج 1 ص 5.

074
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

كتاب الإمامة و التبصرة، عن القاسم بن علي العلوي عن محمد بن أبي عبد الله عن سهل بن زياد عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص مثله- ثو، ثواب الأعمال ابن المغيرة بإسناده عن السكوني مثله «1»- جا، المجالس للمفيد الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن ابن عبد الجبار عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن الصادق ع مثله.
2- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِجَلَالِي وَ جَمَالِي وَ بَهَائِي وَ ارْتِفَاعِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ إِلَّا جَعَلْتُ غِنَاهُ فِي نَفْسِهِ وَ هَمَّهُ فِي آخِرَتِهِ وَ كَفَفْتُ عَنْهُ ضَيْعَتَهُ وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ «2».
سن، المحاسن أبي عن الوشاء عن عبد الله بن سنان عن الثمالي عن أبي جعفر ع مثله «3»
ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر النَّضْرُ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْهُ ع قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي وَ قُدْرَتِي وَ بَهَائِي وَ عُلُوِّي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
3- ل، الخصال مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْهَوَى وَ طُولُ الْأَمَلِ أَمَّا الْهَوَى فَإِنَّهُ يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ «4».
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال 161.
 (2) الخصال ج 1 ص 5.
 (3) المحاسن 28.
 (4) الخصال ج 1 ص 27، و في ذيل الحديث مثل ما سيأتي عن أمالي الطوسيّ و المفيد.

075
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

ل، الخصال أبي عن محمد العطار عن ابن عيسى عن أبيه عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين ع مثله «1»- ل، الخصال ابن بندار عن أبي العباس الحمادي عن أحمد بن محمد الشافعي عن عمه إبراهيم بن محمد عن علي بن أبي علي اللهبي إلى آخر ما مضى «2» أقول و قد أثبتنا تلك الأخبار تماما في كتاب الروضة في باب مواعظ النبي ص و بعض الأخبار في باب المنجيات و المهلكات و بعضها في باب العفاف من هذا المجلد الخامس عشر ..
4- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصٍ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو النَّجَاةَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ لِمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا مِنْهُمْ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ صَاحِبِ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَ صَاحِبِ هَوًى وَ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ «3».
5- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَشْجَعُ النَّاسِ مَنْ غَلَبَ هَوَاهُ «4».
لي، الأمالي للصدوق السناني عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن محمد بن سنان عن المفضل عن ابن ظبيان عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين ع مثله «.
6- لي، الأمالي للصدوق مع، معاني الأخبار فِي خَبَرِ الشَّيْخِ الشَّامِيِّ قَالَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيُّ سُلْطَانٍ أَغْلَبُ وَ أَقْوَى قَالَ الْهَوَى «6».
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 27.
 (2) الخصال ج 1 ص 27.
 (3) الخصال ج 1 ص 59.
 (4) معاني الأخبار ص 195.
 (5) أمالي الصدوق ص 14.
 (6) أمالي الصدوق 237، معاني الأخبار ص 198.

076
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

7- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عَنْبَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ طُولُ الْأَمَلِ وَ اتِّبَاعُ الْهَوَى فَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ وَ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَوَلَّتْ مُدْبِرَةً وَ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ الْآخِرَةَ حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ «1».
جا، المجالس للمفيد الجعابي عن الفضل بن الحباب عن مسلم بن عبد الله عن أبيه عن محمد بن عبد الرحمن عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني عنه ع مثله «2».
8- ثو، ثواب الأعمال الْعَطَّارُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ وَ عِزَّتِي وَ عَظَمَتِي وَ جَلَالِي وَ بَهَائِي وَ عُلُوِّي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ إِلَّا جَعَلْتُ هَمَّهُ فِي آخِرَتِهِ وَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَ كَفَفْتُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ أَتَتْهُ الدُّنْيَا وَ هِيَ رَاغِمَةٌ «3».
مشكاة الأنوار، مثله «4».
9- سن، المحاسن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْعَطَّارُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَيْنِ اتِّبَاعَ الْهَوَى وَ طُولَ الْأَمَلِ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 117.
 (2) أمالي المفيد: 63، و فيه ألا و ان الدنيا قد ترحلت مدبرة، و الآخرة قد جاءت مقبلة.
 (3) ثواب الأعمال ص 152.
 (4) مشكاة الأنوار ص 16

077
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

فَيُنْسِي الْآخِرَةَ «1».
10- محص، التمحيص عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَكَلَ مَا يَشْتَهِي لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتْرُكَ.
11 الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ، قَالَ الْجَوَادُ ع مَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ أَعْطَى عَدُوَّهُ مُنَاهُ وَ قَالَ ع رَاكِبُ الشَّهَوَاتِ لَا تُسْتَقَالَ لَهُ عَثْرَةٌ.
12- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ «2».
وَ قَالَ ع إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يَقُولُ حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَ حُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا يَأْتِي فِي شَهْوَةٍ فَرَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا نَزَعَ عَنْ شَهْوَتِهِ وَ قَمَعَ هَوَى نَفْسِهِ فَإِنَّ هَذِهِ النَّفْسَ أَبْعَدُ شَيْ‏ءٍ مَنْزِعاً وَ إِنَّهَا لَا تَزَالُ تَنْزِعُ إِلَى مَعْصِيَةٍ فِي هَوًى وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُمْسِي وَ لَا يُصْبِحُ إِلَّا وَ نَفْسُهُ ظَنُونٌ عِنْدَهُ فَلَا يَزَالُ زَارِياً عَلَيْهَا وَ مُسْتَزِيداً لَهَا فَكُونُوا كَالسَّابِقِينَ قَبْلَكُمْ وَ الْمَاضِينَ أَمَامَكُمْ قَوَّضُوا مِنَ الدُّنْيَا تَقْوِيضَ الرَّاحِلِ وَ طَوَوْهَا طَيَّ الْمَنَازِلِ إِلَى آخِرِ الْخُطْبَةِ «3».
13 كَنْزُ الْكَرَاجُكِيِّ، قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ مَنْ يُرِدْ رِضْوَانَ اللَّهِ يَسْخَطْ نَفْسَهُ كَثِيراً وَ مَنْ لَا يَسْخَطْ نَفْسَهُ لَا يرضى [يُرْضِ‏] به [رَبَّهُ‏] وَ مَنْ لَا يَكْظِمْ غَيْظَهُ يُشْمِتْ عَدُوَّهُ.
14 عُدَّةُ الدَّاعِي، عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي وَ كِبْرِيَائِي وَ نُورِي وَ عُلُوِّي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَاهُ عَلَى هَوَايَ إِلَّا شَتَّتُّ أَمْرَهُ وَ لَبَّسْتُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَ شَغَلْتُ قَلْبَهُ بِهَا وَ لَمْ أُوتِهِ مِنْهَا إِلَّا مَا قَدَّرْتُ لَهُ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي وَ كِبْرِيَائِي وَ نُورِي وَ عُلُوِّي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ إِلَّا اسْتَحْفَظْتُهُ مَلَائِكَتِي وَ كَفَّلْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ وَ أَتَتْهُ الدُّنْيَا
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 211.
 (2) نهج البلاغة تحت الرقم 449 من الحكم.
 (3) نهج البلاغة تحت الرقم 174 من الخطب.

078
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

وَ هِيَ رَاغِمَةٌ.
مشكاة الأنوار، نقلا من المحاسن مثله «1».
15- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي وَ عُلُوِّي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَايَ عَلَى هَوَى نَفْسِهِ إِلَّا كَفَفْتُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ «2».
بيان: قوله تعالى و عزتي العزة القوة و الشدة و الغلبة و قيل عزته عبارة عن كونه منزها عن سمات الإمكان و ذل النقصان و رجوع كل شي‏ء إليه و خضوعه بين يديه و العظمة في صفة الأجسام كبر الطول و العرض و العمق و في وصفه تعالى عبارة عن تجاوز قدره عن حدود العقول و الأوهام حتى لا تتصور الإحاطة بكنه حقيقته عند ذوي الأفهام و علوه علو عقلي على الإطلاق بمعنى أنه لا رتبة أعلى من رتبته و ذلك لأن أعلى مراتب الكمال العقلي هو مرتبة العلية و لما كانت ذاته المقدسة مبدأ كل موجود حسي و عقلي لا جرم كانت مرتبته أعلى المراتب العقلية مطلقا و له العلو المطلق في الوجود العاري عن الإضافة إلى شي‏ء و عن إمكان أن يكون فوقه ما هو أعلى منه و هذا معنى‏
قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع سَبَقَ فِي الْعُلُوِّ فَلَا أَعْلَى مِنْهُ.
و ارتفاع مكانه كناية عن عدم إمكان الإشارة إليه بالقول و الحواس.
لا يؤثر عبد هواي على هوى نفسه المراد بهوى النفس ميلها إلى ما هو مقتضى طباعها من اللذات الحاضرة الدنيوية و الخروج عن الحدود الشرعية و بإيثار هواه سبحانه إعراضها عن هذه الميل و رجوعها إلى ما يوجب قرب الحق تعالى و رضاه و قد قال تعالى مخاطبا لداود ع يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً
__________________________________________________
 (1) مشكاة الأنوار ص 17.
 (2) الكافي ج 2 ص 137.

079
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ «1» فبين سبحانه أن متابعة الهوى أي ما تهوى الأنفس مخالفة لاتباع سبيل الله و سلوك طريق الحق ثم بين أن متابعة الهوى متفرع على نسيان يوم الحساب فإن من تذكر الآخرة و نعيمها و عذابها لا يتبع الأهواء النفسانية و الدواعي الشهوانية.
و قال سبحانه فَأَمَّا مَنْ طَغى‏ وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى‏ وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏ «2».
فأشار إلى أن إيثار الحياة الدنيا مقابل لنهي النفس عن الهوى و اتباع الهوى إيثار الحياة الدنيا و لذاتها على الآخرة و قال سبحانه أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا «3» و قال عز من قائل فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ «4» و مثله في الكتاب العزيز غير عزيز.
قوله ع إلا كففت عليه ضيعته قال في النهاية فيه أمرت أن لا أكف شعرا و لا ثوبا يعني في الصلاة يحتمل أن يكون بمعنى المنع أي لا أمنعهما من الاسترسال حال السجود ليقعا على الأرض و يحتمل أن يكون بمعنى الجمع أي لا يجمعهما و يضمهما و منه‏
الْحَدِيثُ الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ.
أي يجمع عليه معيشته و يضمها إليه و
قَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ إِنِّي أَخَافُ عَلَى الْأَعْقَابِ الضَّيْعَةَ.
أي أنها تضيع و تتلف و الضيعة في الأصل المرة من الضياع و ضيعة الرجل في غير هذا ما يكون منه معاشه كالصنعة و التجارة و الزراعة و غير ذلك و منه‏
الحديث أَفْشَى اللَّهُ‏
__________________________________________________
 (1) سورة ص: 26.
 (2) النازعات: 38- 41.
 (3) الجاثية: 23.
 (4) القصص: 50.

080
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ.
أي أكثر عليه معاشه «1» انتهى.
و أقول هذه الفقرة تحتمل وجوها.
الأول ما ذكره في النهاية أي جمعت عليه ضيعته و معيشته و التعدية بعلى لتضمين معنى البركة أو الشفقة و نحوهما أو على بمعنى إلى كما أومأ إليه في النهاية فيحتاج أيضا إلى تضمين.
الثاني أن يكون الكف بمعنى المنع و على بمعنى عن و الضيعة بمعنى الضياع أي أمنع عنه ضياع نفسه و ماله و ولده و سائر ما يتعلق به و يؤيده ما سيأتي في رواية الصدوق رحمه الله و كففت عنه ضيعته.
الثالث ما ذكره بعض المحققين و تبعه غيره أنه من الكفاف و هو ما يفي بمعيشته مباركا عليه كفافا له و لا يخفى بعده لفظا إذ لا تساعده اللغة.
قوله تعالى و ضمنت على صيغة المتكلم من باب التفعيل أي جعلت السماوات و الأرض ضامنتين لرزقه كناية عن تسبيب الأسباب السماوية و الأرضية له و ربما يقرأ بصيغة الغائب على بناء المجرد و رفع السماوات و الأرض و هو بعيد و كنت له من وراء تجارة كل تاجر الوراء فعال و لامه همزة عند سيبويه و أبي علي الفارسي و ياء عند العامة و هو من ظروف المكان بمعنى قدام و خلف و التجارة مصدر بمعنى البيع و الشراء للنفع و قد يراد بها ما يتجر فيه من الأمتعة و نحوها على تسمية المفعول باسم المصدر و هذه الفقرة أيضا تحتمل وجوها.
الأول أن يكون المعنى كنت له عقب تجارة كل تاجر أسوقها إليه أي ألقي محبته في قلوب التجار ليتجروا له و يكفوا مهماته الثاني أن يكون المعنى كنت له عوضا من تجارة كل تاجر فإن كل تاجر يتجر لمنفعة دنيوية أو أخروية و لما أعرض عن جميع ذلك كفلت أنا ربح تجارته و هذا معنى دقيق خطر بالبال لكن لا يناسب إلا من‏
__________________________________________________
 (1) قال في اللسان: أفشى اللّه ضيعته: أى كثر عليه معاشه ليشغله عن الآخرة، و روى أفسد بالسين و المعروف المروى أفشى، أقول و الظاهر من الاستعمال أنّه دعاء عليه، قال في الاساس: فشت عليه ضيعته: إذا انتشرت عليه أموره لا يدرى بأيها يبدأ.

081
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

بلغ في درجات المحبة أقصى مراتب الكمال.
الثالث الجمع بين المعنيين أي كنت له بعد حصول تجارة كل تاجر له.
الرابع ما قيل إن كل تاجر في الدنيا للآخرة يجد نفع تجارته فيها من الحسنة و نعيمها و الله سبحانه بذاته المقدسة و التجليات اللائقة وراء هذا لهذا العبد ففيه دلالة على أن للزاهدين في الجنة نعمة روحانية أيضا و هو قريب من الثالث.
الخامس أن يكون الوراء بمعنى القدام أي كنت له أنيسا و معينا و محبا و محبوبا قبل وصوله أي نعيم الآخرة الذي هو غاية مقصود التاجرين لها.
السادس ما قيل أي أنا أتجر له فأربح له مثل ربح جميع التجار لو اتجروا له و لا يخفى بعده.
16- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي وَ بَهَائِي وَ عُلُوِّ ارْتِفَاعِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَّا جَعَلْتُ غِنَاهُ فِي نَفْسِهِ وَ هِمَّتَهُ فِي آخِرَتِهِ وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ «1».
بيان: البهاء الحسن و المراد الحسن المعنوي و هو الاتصاف بجميع الصفات الكمالية إلا جعلت غناه في نفسه أي أجعل نفسه غنية قانعة بما رزقته لا بالمال فإن الغني بالمال الحريص في الدنيا أحوج الناس و إنما الغنى غنى النفس فكلمة في للتعليل و يحتمل الظرفية أيضا بتكلف و همته أي عزمه و قصده في آخرته ففي للتعليل أيضا أو المعنى أنها مقصورة في آخرته فلا يوجه همته إلى تحصيل الدنيا أصلا ..
17- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَابِشِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ احْذَرُوا أَهْوَاءَكُمْ كَمَا تَحْذَرُونَ أَعْدَاءَكُمْ فَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَعْدَى لِلرِّجَالِ مِنِ اتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ وَ حَصَائِدِ
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 137.

082
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

أَلْسِنَتِهِمْ «1».
بيان: احذروا أهواءكم الأهواء جمع الهوى و هو مصدر هويه كرضيه إذا أحبه و اشتهاه ثم سمي به المهوي المشتهى محمودا كان أو مذموما ثم غلب على المذموم قال الجوهري كل خال هواء و قوله تعالى وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ يقال إنه لا عقول فيها و الهوى مقصورا هوى النفس و الجمع الأهواء و هوي بالكسر يهوى هوى أي أحب الأصمعي هوى بالفتح يهوي هويا أي سقط إلى أسفل «2» و قال الراغب الهوى ميل النفس إلى الشهوة و يقال ذلك للنفس المائلة إلى الشهوة و قيل سمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية و في الآخرة إلى الهاوية و قد عظم الله ذم اتباع الهوى فقال أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ و قال وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ «3» وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً «4» و قوله وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ «5» فإنما قاله بلفظ الجمع تنبيها على أن لكل هوى غير هوى الآخر ثم هوى كل واحد لا يتناهى فإذن اتباع أهوائهم نهاية الضلال و الحيرة قال وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ «6» و قال كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ «7» وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ «8» و قال قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً «9» وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَ قُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 335.
 (2) الصحاح ج 6 ص 2537.
 (3) سورة ص: 26.
 (4) الكهف: 28.
 (5) البقرة: 120.
 (6) الجاثية: 18.
 (7) الأنعام: 71.
 (8) المائدة: 77.
 (9) الأنعام: 56.

083
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

مِنْ كِتابٍ «1» وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ «2» انتهى.
و أقول ينبغي أن يعلم أن ما تهواه النفس ليس كله مذموما و ما لا تهواه النفس ليس كله ممدوحا بل المعيار ما مر في باب ذم الدنيا «3» و هو أن كل ما يرتكبه الإنسان لمحض الشهوة النفسانية و اللذة الجسمانية و المقاصد الفانية الدنيوية و لم يكن الله مقصودا له في ذلك فهو من الهوى المذموم و يتبع فيه النفس الأمارة بالسوء و إن كان مشتملا على زجر النفس عن بعض المشتهيات أيضا كمن يترك لذيذ المآكل و المطعم و الملبس و يقاسي الجوع و الصوم و السهر للاشتهار بالعبادة و جلب قلوب الجهال و ما يرتكبه الإنسان لإطاعة أمره سبحانه و تحصيل رضاه و إن كان مما تشتهيه نفسه و تهواه فليس هو من الهوى المذموم كمن يأكل و يشرب لأمره تعالى بهما أو لتحصيل القوة على العبادة و كمن يجامع الحلال لكونه مأمورا به أو لتحصيل الأولاد الصالحين أو لعدم ابتلائه بالحرام.
فهؤلاء و إن حصل لهم الالتذاذ بهذه الأمور لكن ليس مقصودهم محض اللذة بل لهم في ذلك أغراض صحيحة إن صدقتهم أنفسهم و لم تكن تلك من التسويلات النفسانية و التخييلات الشيطانية و لو لم يكن غرضهم من ارتكاب تلك اللذات هذه الأمور فليسوا بمعاقبين في ذلك إذا كان حلالا لكن إطاعة النفس في أكثر ما تشتهيه قد ينجر إلى ارتكاب الشبهات و المكروهات ثم إلى المحرمات و من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه.
فظهر أن كل ما تهواه النفس ليس مما يلزم اجتنابه فإن كثيرا من العلماء قد يلتذون بعلمهم أكثر مما يلتذ الفساق بفسقهم كثيرا من العباد يأنسون بالعبادات بحيث يحصل لهم الهم العظيم بتركها و ليس كل ما لا تشتهيه النفس‏
__________________________________________________
 (1) الشورى: 15.
 (2) القصص: 50، راجع مفردات غريب القرآن 548.
 (3) يعني باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها من الكافي.

084
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

يحسن ارتكابه كأكل القاذورات و الزنا بالجارية القبيحة و يطلق أيضا الهوى على اختيار ملة أو طريقة أو رأي لم يستند إلى برهان قطعي أو دليل من الكتاب و السنة كمذاهب المخالفين و آرائهم و بدعهم فإنها من شهوات أنفسهم و من أوهامهم المعارضة للحق الصريح كما دلت عليه أكثر الآيات المتقدمة.
فذم الهوى مطلقا إما مبني على أن الغالب فيما تشتهيه الأنفس أنها مخالفة لما يرتضيه العقل أو على أن المراد بالنفس النفس المعتادة بالشر الداعية إلى السوء و الفساد و يعبر عنها بالنفس الأمارة كما قال تعالى إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي «1» أو صار الهوى حقيقة شرعية في المعاصي و الأمور القبيحة التي تدعو النفس إليها و الآراء و الملل و المذاهب الباطلة التي تدعو إليها الشهوات الباطلة و الأوهام الفاسدة لا البراهين الحقة.
فليس شي‏ء أعدى للرجال لأن ضرر العدو على فرض وقوعه راجع إلى الدنيا الزائلة و منافعها الفانية و ضرر الهوى راجع إلى الآخرة الباقية.
و حصائد ألسنتهم قال في النهاية فيه و هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم أي ما يقطعونه من الكلام الذي لا خير فيه واحدتها حصيدة تشبيها بما يحصد من الزرع و تشبيها للسان و ما يقتطعه من القول بحد المنجل الذي يحصد به و قال الطيبي أي كلامهم القبيح كالكفر و القذف و الغيبة و قال الجوهري حصدت الزرع و غيره أحصده و أحصده حصدا و الزرع محصود و حصيد و حصيدة و حصائد ألسنتهم الذي في الحديث هو ما قيل في الناس باللسان و قطع به عليهم.
18- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ كِبْرِيَائِي وَ نُورِي وَ عُلُوِّي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَاهُ عَلَى هَوَايَ إِلَّا شَتَّتُّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَ لَبَّسْتُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَ شَغَلْتُ قَلْبَهُ بِهَا وَ لَمْ أُوتِهِ‏
__________________________________________________
 (1) يوسف: 53.

085
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

مِنْهَا إِلَّا مَا قَدَّرْتُ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي وَ نُورِي وَ عُلُوِّي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ إِلَّا اسْتَحْفَظْتُهُ مَلَائِكَتِي وَ كَفَّلْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ رِزْقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ وَ أَتَتْهُ الدُّنْيَا وَ هِيَ رَاغِمَةٌ «1».
بيان: و عزتي أقسم سبحانه تأكيدا لتحقيق مضمون الخطاب و تثبيته في قلوب السامعين أولا بعزته و هي القوة و الغلبة و خلاف الذلة و عدم المثل و النظير و ثانيا بجلاله و هو التنزه من النقائص أو عن أن يصل إليه عقول الخلق أو القدرة التي تصغر لديها قدرة كل ذي قدرة و ثالثا بعظمته و هي تنصرف إلى عظمته الشأن و القدر الذي يذل عندها شأن كل ذي شأن أو هو أعظم من أن يصل إلى كنه صفاته أحد و رابعا بكبريائه و هو كون جميع الخلائق مقهورا له منقادا لإرادته و خامسا بنوره و هو هدايته التي بها يهتدي أهل السماوات و الأرضين إليه و إلى مصالحهم و مراشدهم كما يهتدى بالنور و سادسا بعلوه أي كونه أرفع من أن يصل إليه العقول و الأفهام أو كونه فوق الممكنات بالعلية أو تعاليه عن الاتصاف بصفات المخلوقين و سابعا بارتفاع مكانه و هو كونه أرفع من أن يصل إليه وصف الواصفين أو يبلغه نعت الناعتين و كأن بعضها تأكيد لبعض.
لا يؤثر أي لا يختار عبد هواه أي ما يحبه و يهواه على هواي أي على ما أرضاه و أمرت به إلا شتت عليه أمره على بناء المجرد أو التفعيل في القاموس شت يشت شتا و شتاتا و شتيتا فرق و افترق كانشت و تشتت و شتته الله و أشته «2» و أقول تشتت أمره إما كناية عن تحيره في أمر دينه فإن الذين يتبعون الأهواء الباطلة في سبل الضلالة يتيهون و في طرق الغواية يهيمون أو كناية عن عدم انتظام أمور دنياهم فإن من اتبع الشهوات لا ينظر في العواقب فيختل عليه أمور معاشه و يسلب الله البركة عما في يده أو الأعم منهما و على الثاني الفقرة الثانية تأكيد و على الثالث تخصيص بعد التعميم و لبست عليه‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 335.
 (2) القاموس ج 1 ص 151.

086
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

دنياه أي خلطتها أو أشكلتها و ضيقت عليه المخرج منهما قال في المصباح لبست الأمر لبسا من باب ضرب خلطته و في التنزيل وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ «1» و التشديد مبالغة و في الأمر لبس بالضم و لبسة أيضا إشكال و التبس الأمر أشكل و لابسته بمعنى خالطته.
و قال الراغب أصل اللبس ستر الشي‏ء و يقال ذلك في المعاني يقال لبست عليه أمره قال تعالى وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ «2» لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ «3» الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ «4» و يقال في الأمر لبسة أي التباس و لابست فلانا خالطته «5».
و شغلت قلبه بها أي هو دائما في ذكرها و فكرها غافلا عن الآخرة و تحصيلها و لا يصل من الدنيا غاية مناه فيخسر الدنيا و الآخرة و ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ إلا استحفظته ملائكتي أي أمرتهم بحفظه من الضياع و الهلاك في الدين و الدنيا و كفلت السماوات و الأرضين رزقه و قد مر و ضمنت أي جعلتهما ضامنين و كفيلين لرزقه كناية عن تسبيب الأسباب السماوية و الأرضية لوصول رزقه المقدر إليه.
و كنت له من وراء تجارة كل تاجر أقول قد مر أنه يحتمل وجوها الأول أن يكون المعنى كنت من وراء تجارة التاجرين أي عقبها أسوقها إليه أي أسخر له قلوبهم له و ألقي فيها أن يدفعوا قسطا من أرباح تجاراتهم إليه الثاني أني أتجر له عوضا عن تجارة كل تاجر له لو كانوا اتجروا له الثالث أن المعنى أنا أي قربي و حبي له عوضا عن المنافع الزائلة الفانية التي‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 9.
 (2) البقرة: 42.
 (3) آل عمران: 71.
 (4) الأنعام: 82.
 (5) مفردات غريب القرآن 447

087
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

تحصل للتجارة في تجارتهم و بعبارة أخرى أنا مقصوده في تجارته المعنوية بدلا عما يقصده التجار من أرباحهم الدنيوية فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ الرابع أن المعنى كنت له بعد أن أسوق إليه أرباح التاجرين فتجتمع له الدنيا و الآخرة و هي التجارة الرابحة.
و أتته الدنيا و هي راغمة أي ذليلة منقادة كناية عن تيسر حصولها بلا مشقة و لا ذلة أو مع هوانها عليه و ليست لها عنده منزلة لزهده فيها أو مع كرهها كناية عن بعد حصولها له بحسب الأسباب الظاهرة لعدم توسله بأسباب حصولها و هذا معنى لطيف و إن كان بعيدا و في القاموس الرغم الكره و يثلث كالمرغمة رغمه كعلمه و منعه كرهه و التراب كالرغام و رغم أنفي لله مثلثة ذل عن كره و أرغمه الله أسخطه و رغمته فعلت شيئا على رغمه و في النهاية أرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام و هو التراب هذا هو الأصل ثم استعمل في الذل و العجز عن الانتصاف و الانقياد على كره.
19- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ اتِّبَاعَ الْهَوَى وَ طُولَ الْأَمَلِ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَإِنَّهُ يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ «1».
بيان: أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق لأن حب الدنيا و شهواتها يعمي القلب عن رؤية الحق و تمنع النفس عن متابعته فإن الحق و الباطل متقابلان و الآخرة و الدنيا ضرتان متنافرتان و الدنيا مع أهل الباطل فاتباع الهوى إما يصير سببا لاشتباه الحق بالباطل في نظره أو يصير باعثا على إنكار الحق مع العلم به و الأول كعوام أهل الباطل و الثاني كعلمائهم.
و طول الأمل أي ظن البقاء في الدنيا و توقع حصول المشتهيات فيها بالأماني الكاذبة الشيطانية ينسي الموت و الآخرة و أهوالهما فلا يتوجه إلى تحصيل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 336

088
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

الآخرة و ما ينفعه فيها و يخلصه من شدائدها و إنما نسب الخوف منهما إلى نفسه القدسية لأنه هو مولى المؤمنين و المتولي لإصلاحهم و الراعي لهم في معاشهم و الداعي لهم إلى صلاح معادهم ..
20- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ ع اتَّقِ الْمَرْقَى السَّهْلَ إِذَا كَانَ مُنْحَدَرُهُ وَعْراً وَ قَالَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا تَدَعِ النَّفْسَ وَ هَوَاهَا فَإِنَّ هَوَاهَا فِي رَدَاهَا وَ تَرْكُ النَّفْسِ وَ مَا تَهْوَى أَذَاهَا وَ كَفُّ النَّفْسِ عَمَّا تَهْوَى دَوَاهَا «1».
بيان: اتق المرقى السهل إلخ المرقى و المرتقى و المرقاة موضع الرقي و الصعود من رقيت السلم و السطح و الجبل علوته و المنحدر الموضع الذي ينحدر منه أي ينزل من الانحدار و هو النزول الوعر ضد السهل قال الجوهري جبل وعر بالتسكين و مطلب وعر قال الأصمعي و لا تقل وعر أقول و لعل المراد به النهي عن طلب الجاه و الرئاسة و سائر شهوات الدنيا و مرتفعاتها فإنها و إن كانت مؤاتية على اليسر و الخفض إلا أن عاقبتها عاقبة سوء و التخلص من غوائلها و تبعاتها في غاية الصعوبة.
و الحاصل أن متابعة النفس في أهوائها و الترقي من بعضها إلى بعض و إن كانت كل واحدة منها في نظره حقيرة و تحصل له بسهولة لكن عند الموت يصعب عليه ترك جميعها و المحاسبة عليها فهو كمن صعد جبلا بحيل شتى فإذا انتهى إلى ذروته تحير في تدبير النزول عنها و أيضا تلك المنازل الدنية تحصل له في الدنيا بالتدريج و عند الموت لا بد من تركها دفعة و لذا تشق عليها سكرات الموت بقطع تلك العلائق فهو كمن صعد سلما درجة درجة ثم سقط في آخر درجة منه دفعة فكلما كانت الدرجات في الصعود أكثر كان السقوط منها أشد ضررا و أعظم خطرا فلا بد للعاقل أن يتفكر عند الصعود على درجات الدنيا في شدة النزول عنها فلا يرقى‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 336.

089
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 46 ترک الشهوات و الأهواء ص 73

كثيرا و يكتفي بقدر الضرورة و الحاجة فهذا التشبيه البليغ على كل من الوجهين من أبلغ الاستعارات و أحسن التشبيهات.

و في بعض النسخ اتقي بالياء و كأنه من تصحيف النساخ و لذا قرأ بعض الشارحين أتقى بصيغة التفضيل و المرقى على البناء للمفعول و قرأ السهل مرفوعا ليكون خبرا للمبتدإ و هو أتقى أو يكون أتقي بتشديد التاء بصيغة المتكلم من باب الافتعال فالسهل منصوب صفة للمرقى و كل منهما لا يخلو من بعد.

لا تدع النفس و هواها أي لا تتركها مع هواها و ما تهواه و تحبه من الشهوات المردية فإن هواها في رداها أي هلاكها في الآخرة بالهلاك المعنوي في القاموس ردي في البئر سقط كتردى و أرداه غيره و رداه و ردي كرضي ردي هلك و أرداه و رجل رد هالك قوله ع أذاها الأذى ما يؤذي الإنسان من مرض أو مكروه و الشي‏ء القذر و في بعض داؤها أي مرضها و هو أنسب بقوله دواؤها لفظا و معنى و في القاموس الدواء مثلثة ما داويت به و بالقصر المرض.

090
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسليم لهم و النهي عن معصيتهم و الإعراض عن قولهم و إيذائهم‏
الآيات البقرة قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا «1» آل عمران قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ «2» و قال تعالى وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «3» النساء وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَ لَهُ عَذابٌ مُهِينٌ «4» و قال تعالى وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ «5» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلًا «6» و قال تعالى وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 285.
 (2) آل عمران: 32.
 (3) آل عمران: 131.
 (4) النساء: 13 و 14.
 (5) النساء: 46.
 (6) النساء: 59.

091
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «1» المائدة إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا «2» و قال تعالى وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ احْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى‏ رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «3» الأنفال وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «4» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ «5» التوبة وَ يُطِيعُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ «6» النور وَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَ إِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اللَّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ إلى قوله تعالى وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «7».
__________________________________________________
 (1) النساء: 69.
 (2) المائدة: 7.
 (3) المائدة: 92.
 (4) الأنفال: 1.
 (5) الأنفال: 20 و 21.
 (6) براءة: 72.
 (7) النور: 47- 56.

092
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

لقمان وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «1» الأحزاب وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً «2» و قال تعالى وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ إلى قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً «3».
و قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى‏ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً إلى قوله سبحانه وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً «4» الزخرف وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ «5» و قال تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ «6» محمد فَأَوْلى‏ لَهُمْ طاعَةٌ وَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ إلى قوله تعالى ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ «7»
__________________________________________________
 (1) لقمان: 15.
 (2) الأحزاب: 36.
 (3) الأحزاب: 53- 57.
 (4) الأحزاب: 64- 71.
 (5) الزخرف: 61.
 (6) الزخرف: 63.
 (7) القتال: 21- 28.

093
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ «1» الفتح وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً «2» الحجرات يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «3» و قال تعالى وَ إِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «4» المجادلة إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ قَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ «5» و قال تعالى المجادلة وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ «6» الحشر ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «7» و قال تعالى وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «8»
__________________________________________________
 (1) القتال: 33.
 (2) الفتح: 17.
 (3) الحجرات: 1.
 (4) الحجرات: 14.
 (5) المجادلة: 5- 6.
 (6) المجادلة: 13- 21.
 (7) الحشر: 4.
 (8) الحشر: 7.

094
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

الصف وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «1» التغابن وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى‏ رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «2» و قال تعالى وَ اسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا «3» الطلاق وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ «4» نوح قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً «5» أقول أكثر أخبار هذا الباب مذكورة في مطاوي الأبواب السابقة و اللاحقة و لا سيما في باب الطاعة و التقوى.
1- نهج، نهج البلاغة عَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ مَنْ لَا تُعْذَرُونَ بِجَهَالَتِهِ «6».
2- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَخِي غرام [عُرَامٍ‏] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا يَذْهَبْ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ فَوَ اللَّهِ مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ «7».
بيان: لا يذهب بكم المذاهب على بناء المعلوم و الباء للتعدية و إسناد الإذهاب إلى المذاهب على المجاز فإن فاعله النفس أو الشيطان أي لا يذهبكم المذاهب الباطلة إلى الضلال و الوبال أو على بناء المجهول أي لا يذهب بكم الشيطان في المذاهب‏
__________________________________________________
 (1) الصف: 5.
 (2) التغابن: 13.
 (3) التغابن: 16.
 (4) الطلاق: 1.
 (5) نوح: 21.
 (6) نهج البلاغة ج 2 ص 183، الرقم 156 من الحكم.
 (7) الكافي ج 2 ص 73.

095
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

الباطلة من الأماني الكاذبة و العقائد الفاسدة بأن تجترءوا على المعاصي اتكالا على دعوى التشيع و المحبة و الولاية من غير حقيقة فإنه ليس شيعتهم إلا من شايعهم في الأقوال و الأفعال لا من ادعى التشيع بمحض المقال.
3- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ وَ اللَّهِ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَ يُبَاعِدُكُمْ عَنِ النَّارِ إِلَّا وَ قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ وَ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ وَ يُبَاعِدُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا وَ قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ أَلَا وَ إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَ لَا يَحْمِلْ أَحَدَكُمْ اسْتِبْطَاءُ شَيْ‏ءٍ مِنَ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِغَيْرِ حِلِّهِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ «1».
بيان الروح الأمين جبرئيل ع لأنه سبب لحياة النفوس بالعلم و أمين على وحي الله إلى الرسل و في النهاية فيه أن روح القدس نفث في روعي يعني جبرئيل أي أوحى و ألقى من النفث بالفم و هو شبيه بالنفخ و هو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا و معه شي‏ء من الريق في روعي أي في نفسي و خلدي انتهى حتى تستكمل رزقها أي تأخذ رزقها المقدر على وجه الكمال فاتقوا الله أي في خصوص طلب الرزق أو مطلقا و أجملوا في الطلب أي اطلبوا طلبا جميلا و لا يكن كدكم كدا فاحشا و في المصباح أجملت في الطلب رفقت.
قال الشيخ البهائي قدس سره يحتمل معنيين الأول أن يكون المراد اتقوا الله في هذا الكد الفاحش أي لا تقيموا عليه كما تقول اتق الله في فعل كذا أي لا تفعله و الثاني أن يكون المراد «2» أنكم إذا اتقيتموه لا تحتاجون إلى هذا الكد و التعب و يكون إشارة إلى قوله تعالى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ «3»
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 74.
 (2) ما بين العلامتين ساقط من الكمبانيّ.
 (3) الطلاق: 2 و 3.

096
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

و لا يحمل أحدكم أي لا يبعثه و يحدوه و المصدر المسبوك من أن المصدرية و معمولها منصوب بنزع الخافض أي لا يبعثكم استبطاء الرزق على طلبه من غير حله و سيأتي في خبر آخر و لا يحملنكم استبطاء شي‏ء من الرزق أن تطلبوه بشي‏ء من معصية الله فإن الله تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا و لم يقسمها حراما و من اتقى الله و صبر أتاه رزقه من حله و من هتك حجاب ستر الله عز و جل و أخذه من غير حله قص به من رزقه الحلال و حوسب عليه يوم القيامة.
و أقول هذه الجمل كالتفسير لقوله ع فإنه لا يدرك ما عند الله أي من الثواب الجزيل و الرزق الحلال إلا بطاعته في الأوامر و النواهي و الحاصل أن قوله ما عند الله يحتمل الرزق الحلال و الدرجات الأخروية و الأعم و الأول أوفق بالتعليل و كذا الثالث و إن كان الثاني أظهر في نفسه.
و اعلم أن الرزق عند المعتزلة كل ما صح الانتفاع به بالتغذي و غيره و ليس لأحد منعه منه و ليس الحرام عندهم رزقا و الحديث يدل عليه و عند الأشاعرة كل ما ينتفع به ذو حياة بالتغذي و غيره و إن كان حراما و خص بعضهم بالأغذية و الأشربة و سيأتي تمام القول في ذلك في كتاب المكاسب إن شاء الله تعالى.
4- كا، الكافي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ لِي يَا جَابِرُ أَ يَكْتَفِي مَنْ يَنْتَحِلُ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَوَ اللَّهِ مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَ أَطَاعَهُ وَ مَا كَانُوا يُعْرَفُونَ يَا جَابِرُ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ التَّخَشُّعِ وَ الْأَمَانَةِ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ وَ التَّعَهُّدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْغَارِمِينَ وَ الْأَيْتَامِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ كَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ وَ كَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا نَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَداً بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَقَالَ ع يَا جَابِرُ لَا تَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَذَاهِبُ حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِب‏

097
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

عَلِيّاً وَ أَتَوَلَّاهُ ثُمَّ لَا يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالًا فَلَوْ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ رَسُولَ اللَّهِ ص فَرَسُولُ اللَّهِ ص خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ع ثُمَّ لَا يَتَّبِعُ سِيرَتَهُ وَ لَا يَعْمَلُ بِسُنَّتِهِ مَا نَفَعَهُ حُبُّهُ إِيَّاهُ شَيْئاً فَاتَّقُوا وَ اعْمَلُوا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ قَرَابَةٌ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَيْهِ أَتْقَاهُمْ وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ يَا جَابِرُ فَوَ اللَّهِ مَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَّا بِالطَّاعَةِ وَ مَا مَعَنَا بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَ لَا عَلَى اللَّهِ لِأَحَدٍ مِنْ حُجَّةٍ مَنْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعاً فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ وَ مَنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِياً فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ وَ لَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ الْوَرَعِ «1».
لي، الأمالي للصدوق عن ابن الوليد عن البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر مثله «2»- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عن المفيد عن ابن أبي حميد عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن يونس بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن عمر اليماني عن جابر الجعفي مثله «3»- مشكاة الأنوار، مرسلا مثله «4» تبيان من ينتحل التشيع أي يدعيه من غير أن يتصف به و في غير الكافي انتحل في القاموس انتحله و تنحله ادعاه لنفسه و هو لغيره و ما كانوا يعرفون على بناء المجهول و الضمير راجع إلى الشيعة أو إلى خيار العباد أي كان في زمن النبي و أمير المؤمنين و سائر الأئمة الماضين صلوات الله عليهم يعرفون الشيعة بتلك الصفات فمن لم يكن فيه تلك الخلال لم يكونوا يعدونهم من الشيعة أو كانوا موصوفين معروفين باتصافهم بها إلا بالتواضع أي بالتذلل لله عند أوامره و نواهيه و لأئمة الدين بتعظيمهم و إطاعتهم و للمؤمنين بتكريمهم و إظهار حبهم و عدم التكبر عليهم و حسن العشرة معهم.
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 74.
 (2) أمالي الصدوق ص 371.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 365.
 (4) مشكاة الأنوار: 59

098
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

و التخشع إظهار الخشوع و هو التذلل لله مع الخوف منه و استعمال الجوارح فيما أمر الله به و ينسب إلى القلب و إلى الجوارح معا و الأمانة ضد الخيانة أي أداء حقوق الله و الخلق و عهودهم و ترك الغدر و الخيانة فيها و في ما و الإنابة أي التوبة و الرجوع إلى الله و كثرة ذكر الله باللسان و القلب و الصوم عطف على الذكر و في ما و بر الوالدين.
و التعهد للجيران أي رعاية أحوالهم و ترك إيذائهم و تحمل الأذى عنهم و عيادة مرضاهم و تشييع جنائزهم و عدم منع الماعون عنهم و سيأتي الخلاف في كون الفقير أسوأ حالا أو المسكين و التخصيص بهما لكون رعايتهما أهم و إلا يلزم رعاية الجيران مطلقا و في ما و تعاهد الجيران.
و الغارمين إما عطف على الفقراء أو على الجيران و كانوا أمناء عشائرهم أي يأتمنونهم و يعتمدون عليهم في جميع الأشياء من الأموال و الفروج و حفظ الأسرار و العشائر جمع العشيرة و هي القبيلة و في لي و غيره فقال جابر يا ابن رسول الله لست أعرف أحدا بهذه الصفة.
قوله ع لا تذهبن بك المذاهب أي إلى الباطل و الاغترار و ترك العمل حسب الرجل أن يقول التركيب مثل حسبك درهم أي كافيك و حرف الاستفهام مقدر و هو على الإنكار أي لا يكفيه ذلك فعالا أي كثير الفعل لما يقتضيه اعتقاده من متابعة الأئمة ع في جميع الأمور و ليست هذه الفقرة في لي قوله فرسول الله الظاهر أنها جملة معترضة و في لي و بعض الكتب و رسول الله و هو أظهر فتكون جملة حالية و يحتمل أن يكون على النسختين عطفا على أحب و يكون داخلا في مقول القول أي لو قال المخالف إني أحب رسول الله و هو أفضل من علي فكما أنكم تتكلون على حب علي أنا أتكل على حب رسول الله ص لم يمكنكم إلزامه بالجواب لأنكم إذا قلتم لا ينفعكم حب محمد مع مخالفته في القول بأوصيائه يمكنه أن يقول فكذا لا ينفعكم حب علي مع مخالفتكم له في الأفعال و الأقوال و في لي و غيره لا يعمل بعمله و لا يتبع سنته‏

099
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

ما نفعه. قوله ع ليس بين الله و بين أحد قرابة أي ليس بين الله و بين الشيعة قرابة حتى يسامحهم و لا يسامح مخالفيهم مع كونهم مشتركين معهم في مخالفته تعالى أو ليس بينه و بين علي قرابة حتى يسامح شيعة علي و لا يسامح شيعة الرسول و الحاصل أن جهة القرب بين العبد و بين الله إنما هي الطاعة و التقوى و لذا صار أئمتكم أحب الخلق إلى الله فلو لم تكن هذه الجهة فيكم لم ينفعكم شي‏ء و في لي إلى الله و أكرمهم عليه أتقاهم له و أعملهم بطاعته و الله ما يتقرب إلى الله جل ثناؤه إلا بالطاعة ما معنا.
و ما معنا براءة من النار ليس معنا صك «1» و حكم ببراءتنا و براءة شيعتنا من النار و إن عملوا بعمل الفجار و لا على الله لأحد من حجة أي ليس لأحد على الله حجة إذا لم يغفر له بأن يقول كنت من شيعة علي ع فلم لم تغفر لي لأن الله تعالى لم يحتم بغفران من ادعى التشيع بلا عمل أو المعنى ليس لنا على الله حجة في إنقاذ من ادعى التشيع من العذاب و يؤيده أن في ما و ما لنا على الله حجة.
من كان لله مطيعا كأنه جواب عما يتوهم في هذا المقام أنهم ع حكموا بأن شيعتهم و أولياءهم لا يدخلون النار فأجاب ع بأن العاصي لله ليس بولي لنا و لا تدرك ولايتنا إلا بالعمل بالطاعات و الورع عن المعاصي قيل للورع أربع درجات الأولى ورع التائبين و هو ما يخرج به الإنسان من الفسق و هو المصحح لقبول الشهادة الثانية ورع الصالحين و هو الاجتناب عن الشبهات خوفا منها و من الوقوع في المحرمات الثالثة ورع المتقين و هو ترك الحلال خوفا من أن ينجر إلى الحرام مثل ترك التحدث بأحوال الناس مخافة أن ينجر إلى الغيبة الرابعة ورع السالكين و هو الإعراض عما سواه تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر فيما لا يفيد زيادة القرب منه تعالى و إن علم أنه لا ينجر
__________________________________________________
 (1) الصك معرب چك، كتاب الحوالة.

100
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

إلى الحرام.
قوله ع إلا بالعمل في لي و غيره إلا بالورع و العمل.
5- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ فَيَأْتُونَ بَابَ الْجَنَّةِ فَيَضْرِبُونَهُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ فَيَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ الصَّبْرِ فَيُقَالُ لَهُمْ عَلَى مَا صَبَرْتُمْ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَصْبِرُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَ نَصْبِرُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَدَقُوا أَدْخِلُوهُمُ الْجَنَّةَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ «1».
إيضاح في النهاية عنق أي جماعة من الناس و في القاموس العنق بالضم و بضمتين الجماعة من الناس و الرؤساء أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ قيل أي أجرا لا يهتدي إليه حساب الحساب و يظهر من الخبر أن المعنى أنهم لا يوقفون في موقف الحساب بل يذهب بهم إلى الجنة بغير حساب قال الطبرسي رحمه الله لكثرته لا يمكن عده و حسابه‏
و روى العياشي بالإسناد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا نُشِرَتِ الدَّوَاوِينُ وَ نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ لَمْ يُنْصَبْ لِأَهْلِ الْبَلَاءِ مِيزَانٌ وَ لَمْ يُنْشَرْ لَهُمْ دِيوَانٌ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ «2».
6- كا، الكافي عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ كُونُوا النُّمْرُقَةَ الْوُسْطَى يَرْجِعُ إِلَيْكُمُ الْغَالِي وَ يَلْحَقُ بِكُمُ التَّالِي فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَعْدٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْغَالِي قَالَ قَوْمٌ يَقُولُونَ فِينَا مَا لَا نَقُولُهُ فِي أَنْفُسِنَا فَلَيْسَ أُولَئِكَ مِنَّا وَ لَسْنَا مِنْهُمْ قَالَ فَمَا التَّالِي قَالَ الْمُرْتَادُ يُرِيدُ الْخَيْرَ يَبْلُغُهُ الْخَيْرُ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 75، و الآية في الزمر: 10.
 (2) مجمع البيان ج 8 ص 492.

101
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا مَعَنَا مِنَ اللَّهِ بَرَاءَةٌ وَ لَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ اللَّهِ قَرَابَةٌ وَ لَا لَنَا عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ وَ لَا يُتَقَرَّبُ «1» إِلَى اللَّهِ إِلَّا بِالطَّاعَةِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُطِيعاً لِلَّهِ تَنْفَعُهُ وَلَايَتُنَا وَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَاصِياً لِلَّهِ لَمْ تَنْفَعْهُ وَلَايَتُنَا وَيْحَكُمْ لَا تَغْتَرُّوا وَيْحَكُمْ لَا تَغْتَرُّوا «2».
بيان: قال الجوهري النمرقة وسادة صغيرة و كذلك النمرقة بالكسر لغة حكاها يعقوب و ربما سموا الطنفسة التي فوق الرحل نمرقة عن أبي عبيد «3» و في القاموس النمرق و النمرقة مثلثة الوسادة الصغيرة أو الميثرة أو الطنفسة فوق الرحل و النمرقة بالكسر من السحاب ما كان بينه فتوق انتهى «4» و كأن التشبيه بالنمرقة باعتبار أنها محل الاعتماد و التقييد بالوسطى لكونهم واسطة بين الإفراط و التفريط أو التشبيه بالنمرقة الوسطى باعتبار أنها في المجالس صدر و مكان لصاحبه يلحق به و يتوجه إليه من على الجانبين.
و قيل المراد كونوا أهل النمرقة الوسطى و قيل المراد أنه كما كانت الوسادة التي يتوسد عليها الرحل إذا كانت رفيعة جدا أو خفيضة جدا لا تصلح للتوسد بل لا بد لها من حد من الارتفاع و الانخفاض حتى يصلح لذلك كذلك أنتم في دينكم و أئمتكم لا تكونوا غالين تجاوزن بهم عن مرتبتهم التي أقامهم الله عليها أو جعلهم أهلا لها و هي الإمامة و الوصاية النازلتان عن الألوهية و النبوة كالنصارى الغالين في المسيح المعتقدين فيه الألوهية أو البنوة للإله و لا تكونوا أيضا مقصرين فيهم تنزلونهم عن مرتبتهم و تجعلونهم كسائر الناس أو أنزل كالمقصرين من اليهود في المسيح المنزلين له عن مرتبته بل كونوا كالنمرقة الوسطى و هي المقتصدة للتوسد يرجع إليكم الغالي و يلحق بكم التالي.
__________________________________________________
 (1) نتقرب خ ل.
 (2) الكافي ج 2 ص 75.
 (3) الصحاح ج 4 ص 1561.
 (4) القاموس ج 3 ص 286.

102
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

قوله ع ما لا نقوله في أنفسنا كالألوهية و كونهم خالقين للأشياء و النبوة المرتاد يريد الخير يبلغه الخير كأنه من قبيل وضع الظاهر موضوع المضمر أي يريد الأعمال الصالحة التي تبلغه أن يعملها و لكن لا يعمل بها يؤجر عليه بمحض هذه النية أو المعنى أنه المرتاد الطالب لدين الحق و كماله و قوله يبلغه الخير جملة أخرى لبيان أن طالب الخير سيجده و يوفقه الله لذلك كما قال تعالى وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا «1» و قوله يؤجر عليه لبيان أنه بمحض الطلب مأجور.
و قيل المرتاد الطالب للاهتداء الذي لا يعرف الإمام و مراسم الدين بعد يريد التعلم و نيل الحق يبلغه الخير بدل من الخير يعني يريد أن يبلغه الخير ليؤجر عليه و قيل المرتاد أي الطالب من ارتاد الرجل الشي‏ء إذا طلبه و المطلوب أعم من الخير و الشر فقوله يريد الخير تخصيص و بيان للمعنى المراد هاهنا يبلغه الخير من الإبلاغ أو التبليغ و فاعله معلوم بقرينة المقام أي من يوصله إلى الخير المطلوب ثم يؤجر عليه لهدايته و إرشاده.
و أقول على هذا يمكن أن يكون فاعله الضمير الراجع إلى النمرقة لما فهم سابقا أنه يلحق التالي بنفسه و قيل جملة يريد الخير صفة المرتاد إذ اللام للعهد الذهني و هو في حكم النكرة و جملة يبلغه إما على المجرد من باب نصر أو على بناء الإفعال أو التفعيل استئناف بياني و على الأول الخير مرفوع بالفاعلية إشارة إلى أن الدين الحق لوضوح براهينه كأنه يطلبه و يصل إليه و على الثاني و الثالث الضمير راجع إلى مصدر يريد و الخير منصوب و يؤجر عليه استئناف للاستئناف الأول لدفع توهم أن لا يؤجر لشدة وضوح الأمر فكأنه اضطر إليه و أكثر الوجوه لا تخلو من تكلف و كأن فيه تصحيفا و تحريفا.
و لا لنا على الله حجة أي بمحض قرابة الرسول ص من غير عمل لأنفسنا و لا لتخليص شيعتنا و لا نتقرب بصيغة المتكلم و الغائب‏
__________________________________________________
 (1) العنكبوت: 69.

103
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

المجهول ويحكم لا تغتروا في القاموس ويح لزيد و ويحا له كلمة رحمة و رفعه على الابتداء و نصبه بإضمار فعل و ويح زيد و ويحه نصبهما به أيضا أو أصله وي فوصلت بهاء مرة و بلام مرة و بباء مرة و بسين مرة و في النهاية ويح كلمة ترحم و توجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها و قد يقال بمعنى المدح و التعجب و هي منصوبة على المصدر و قد ترفع و تضاف و لا تضاف يقال ويح زيد و ويحا له و ويح له «1».
7- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَذَكَرْنَا الْأَعْمَالَ فَقُلْتُ أَنَا مَا أَضْعَفَ عَمَلِي فَقَالَ مَهْ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ لِي إِنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ مَعَ التَّقْوَى خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ بِلَا تَقْوَى قُلْتُ كَيْفَ يَكُونُ كَثِيرٌ بِلَا تَقْوَى قَالَ نَعَمْ مِثْلُ الرَّجُلِ يُطْعِمُ طَعَامَهُ وَ يَرْفُقُ جِيرَانَهُ وَ يُوَطِّئُ رَحْلَهُ فَإِذَا ارْتَفَعَ لَهُ الْبَابُ مِنَ الْحَرَامِ دَخَلَ فِيهِ فَهَذَا الْعَمَلُ بِلَا تَقْوَى وَ يَكُونُ الْآخَرُ لَيْسَ عِنْدَهُ فَإِذَا ارْتَفَعَ لَهُ الْبَابُ مِنَ الْحَرَامِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ «2».
بيان: فذكرنا الأعمال أي قلتها و كثرتها أو مدخليتها في الإيمان ما أضعف عملي صيغة تعجب كما هو الظاهر أو ما نافية و أضعف بصيغة المتكلم أي ما أعد عملي ضعيفا و على الأول يتوهم في نهيه ع و أمره بالاستغفار منافاة لما مر في الأخبار من ترك العجب و الاعتراف بالتقصير و يمكن الجواب عنه بوجوه.
الأول ما قيل إن النهي للفتوى بغير علم لا للاعتراف بالتقصير.
الثاني أنه كان ذلك لاستشمامه منه رائحة الاتكال على العمل مع أن العمل‏
__________________________________________________
 (1) القاموس ج 1 ص 256، و قال في ص 138: ويب كويل، تقول: و يبك و ويب لك و ويب لزيد و ويبا له ... و معنى الكل ألزمه اللّه ويلا، و قال في ج 2 ص 258: و يس كلمة تستعمل في موضع رأفة و استملاح للصبى، و الويس: الفقر، و ما يريده الإنسان: ضد.
 (2) الكافي ج 2 ص 76.

104
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 47 طاعة الله و رسوله و حججه ع و التسلیم لهم و النهی عن معصیتهم و الإعراض عن قولهم و إیذائهم ص 91

هين جدا في جنب التقوى لاشتراط قبوله بها و لذا نبهه على ذلك و الحاصل أنه لما كان كلامه مبنيا على أن المدار على قلة العمل و كثرته نهاه عن ذلك.
الثالث ما قيل إن الأقوال و الأفعال يختلف حكمها باختلاف النيات و القصود و هو لم يقصد بهذا القول أن عمله ضعيف قليل بالنظر إلى عظمة الحق و ما يستحقه من العبادة و إنما قصد به ضعفه و قلته لذاته و بينهما فرق ظاهر و الأول هو الاعتراف بالتقصير دون الثاني.
الرابع أنه ع لما علم أن المفضل يعتد بعمله و يعده كثيرا و إنما يقول ذلك تواضعا و إخفاء للعمل نهاه عن ذلك.
و في القاموس رفق فلانا نفعه كأرفقه و وطء الرحل كناية عن كثرة الضيافة قال في القاموس رجل موطأ الأكناف كمعظم سهل دمث كريم مضياف أو يتمكن في ناحيته صاحبه غير مؤذى و لا ناب به موضعه «1» و في النهاية في قوله ص أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا هذا مثل و حقيقته من التوطئة و هو التمهيد و التذليل و فراش وطي‏ء لا يؤذي جنب النائم و الأكناف الجوانب أراد الذين جوانبهم وطئة يتمكن فيها من يصاحبهم و لا يتأذى انتهى و قيل توطئة الرحل كناية عن التواضع و التذلل.
فإذا ارتفع له الباب من الحرام أي ظهر له ما يدخله في الحرام من مال حرام أو فرج حرام و غير ذلك ليس عنده أي العمل الكثير الذي كان عند صاحبه.
8 كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الطَّاعَةُ قُرَّةُ الْعَيْنِ.
__________________________________________________
 (1) القاموس ج 1 ص 32.

105
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 48 إیثار الحق على الباطل و الأمر بقول الحق و إن کان مرا ص 106

باب 48 إيثار الحق على الباطل و الأمر بقول الحق و إن كان مرا
الآيات أسرى قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً «1» سبأ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ « حمعسق وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «3» الزخرف لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ «4»
1- لي «5»، الأمالي للصدوق مع، معاني الأخبار سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَيُّ النَّاسِ أَكْيَسُ قَالَ مَنْ أَبْصَرَ رُشْدَهُ مِنْ غَيِّهِ فَمَالَ إِلَى رُشْدِهِ «6».
2- ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ رَفَعَهُ إِلَى زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ مِنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ أَنْ تُؤْثِرَ الْحَقَّ وَ إِنْ ضَرَّكَ عَلَى الْبَاطِلِ وَ إِنْ نَفَعَكَ وَ أَنْ لَا يَجُوزَ مَنْطِقُكَ عِلْمَكَ «7».
3- ل، الخصال الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَ إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيِّ وَ حَمْدَانَ جَمِيعاً عَنِ الْمَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ‏
__________________________________________________
 (1) أسرى: 81.
 (2) سبأ: 48 و 49.
 (3) الشورى: 24.
 (4) الزخرف: 78.
 (5) أمالي الصدوق ص 237.
 (6) معاني الأخبار ص 199.
 (7) الخصال ج 1 ص 28.

106
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 48 إیثار الحق على الباطل و الأمر بقول الحق و إن کان مرا ص 106

هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ وَ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ ص بِأَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً «1» وَ تَمَامُ الْخَبَرَ فِي أَبْوَابِ الْمَوَاعِظِ «2».
وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص قُلِ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً «3».
4- نبه، تنبيه الخاطر ابْنُ أَبِي سَمَّالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ اسْتَفْتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَبَلِ فَأَفْتَاهُ بِخِلَافِ مَا يُحِبُّ فَرَأَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَرَاهَةَ فِيهِ فَقَالَ يَا هَذَا اصْبِرْ عَلَى الْحَقِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَصْبِرْ أَحَدٌ قَطُّ لِحَقٍّ إِلَّا عَوَّضَهُ اللَّهُ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ.
5- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع لَا يَتْرُكُ النَّاسُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ لِاسْتِصْلَاحِ دُنْيَاهُمْ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ «4».
وَ قَالَ ع مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ «5».
وَ قَالَ ع إِنَّ الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِي‏ءٌ وَ إِنَّ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِي‏ءٌ «6».
وَ قَالَ ع إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَ إِنْ نَقَصَهُ وَ كَرَثَهُ مِنَ الْبَاطِلِ وَ إِنْ جَرَّ فَائِدَةً وَ زَادَهُ «7».
وَ قَالَ ع أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِهِ فَإِنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَى مَائِدَةٍ شِبَعُهَا قَصِيرٌ وَ جُوعُهَا طَوِيلٌ وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى قَوْلِهِ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 2 ص 3.
 (2) راجع ج 77 ص 73.
 (3) راجع معاني الأخبار ص 332، الخصال ج 2 ص 104، أمالي الطوسيّ ج 2 ص 138.
 (4) نهج البلاغة ج 2 ص 166.
 (5) نهج البلاغة ج 2 ص 187.
 (6) نهج البلاغة ج 2 ص 235.
 (7) نهج البلاغة ج 1 ص 258

107
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 48 إیثار الحق على الباطل و الأمر بقول الحق و إن کان مرا ص 106

ع أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوَاضِحَ وَرَدَ الْمَاءَ وَ مَنْ خَالَفَ وَقَعَ فِي التِّيهِ «1».
باب 49 العزلة عن شرار الخلق و الأنس بالله‏
الآيات الكهف وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً «2» مريم وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى‏ أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ «3» العنكبوت فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى‏ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «4» الصافات قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ «5».
1- لي، الأمالي للصدوق الدَّقَّاقُ عَنِ الصُّوفِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْحَبَّالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ أَوْحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَلْقَانِي غَداً فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ فَكُنْ فِي الدُّنْيَا وَحِيداً غَرِيباً مَهْمُوماً مَحْزُوناً مُسْتَوْحِشاً مِنَ النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الطَّيْرِ الْوَاحِدِ الَّذِي يَطِيرُ فِي أَرْضِ الْقِفَارِ وَ يَأْكُلُ مِنْ رُءُوسِ الْأَشْجَارِ
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 1 ص 199.
 (2) الكهف: 16.
 (3) مريم: 48 و 49.
 (4) العنكبوت: 26.
 (5) الصافّات: 99.

108
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 49 العزلة عن شرار الخلق و الأنس بالله ص 108

وَ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الْعُيُونِ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ أَوَى وَحْدَهُ وَ لَمْ يَأْوِ مَعَ الطُّيُورِ اسْتَأْنَسَ بِرَبِّهِ وَ اسْتَوْحَشَ مِنَ الطُّيُورِ «1».
2- لي، الأمالي للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصٍ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: إِنْ قَدَرْتُمْ أَنْ لَا تُعْرَفُوا فَافْعَلُوا وَ مَا عَلَيْكَ إِنْ لَمْ يُثْنِ عَلَيْكَ النَّاسُ وَ مَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ مَحْمُوداً «2».
3- ب، قرب الإسناد ابْنُ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِيَائِي عِنْدِي عَبْداً مُؤْمِناً إذا [ذَا] حَظٍّ مِنْ صَلَاحٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَ عَبَدَ اللَّهَ فِي السَّرِيرَةِ وَ كَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ فَلَمْ يُشَرْ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ وَ كَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ عَلَيْهِ تَعَجَّلَتْ بِهِ الْمَنِيَّةُ فَقَلَّ تُرَاثُهُ وَ قَلَّتْ بَوَاكِيهِ ثَلَاثاً «3».
4- فس، تفسير القمي قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَيُّهَا النَّاسُ طُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَ أَكَلَ كِسْرَتَهُ وَ بَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ وَ كَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِي تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ.
5- ل، الخصال مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ تَكُفُّ لِسَانَكَ وَ تَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِكَ وَ تَلْزَمُ بَيْتَكَ «4».
6- ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ طُوبَى لِمَنْ كَانَ صَمْتُهُ فِكْراً وَ نَظَرُهُ عَبَراً وَ وَسِعَهُ بَيْتُهُ وَ بَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ وَ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ «5».
7- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 119.
 (2) أمالي الصدوق ص 396.
 (3) قرب الإسناد ص 28.
 (4) الخصال ج 1 ص 42.
 (5) الخصال ج 1 ص 142.A

109
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 49 العزلة عن شرار الخلق و الأنس بالله ص 108

رَفَعَهُ قَالَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الْعَافِيَةُ فِيهِ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي اعْتِزَالِ النَّاسِ وَ وَاحِدَةٌ فِي الصَّمْتِ «1».
8- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ مِثْلَهُ «2».
9- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع صَاحِبُ الْعُزْلَةِ مُتَحَصِّنٌ بِحِصْنِ اللَّهِ وَ مُحْتَرِسٌ بِحَرَاسَتِهِ فَيَا طُوبَى لِمَنْ تَفَرَّدَ بِهِ سِرّاً وَ عَلَانِيَةً وَ هُوَ يَحْتَاجُ إِلَى عَشَرَةِ خِصَالٍ عِلْمِ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ تَحَبُّبِ الْفَقْرِ وَ اخْتِيَارِ الشِّدَّةِ وَ الزُّهْدِ وَ اغْتِنَامِ الْخَلْوَةِ وَ النَّظَرِ فِي الْعَوَاقِبِ وَ رُؤْيَةِ التَّقْصِيرِ فِي الْعِبَادَةِ مَعَ بَذْلِ الْمَجْهُولِ وَ تَرْكِ الْعُجْبِ وَ كَثْرَةِ الذِّكْرِ بِلَا غَفْلَةٍ فَإِنَّ الْغَفْلَةَ مِصْطَادُ الشَّيْطَانِ وَ رَأْسُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَ سَبَبُ كُلِّ حِجَابٍ وَ خَلْوَةِ الْبَيْتِ عَمَّا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْوَقْتِ.
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع اخْزُنْ لِسَانَكَ لِعِمَارَةِ قَلْبِكَ وَ لْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَ فِرَّ مِنَ الرِّيَاءِ وَ فُضُولِ مَعَاشِكَ وَ ابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ وَ فِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ وَ الْأَفْعَى فَإِنَّهُمْ كَانُوا دَوَاءً فَصَارُوا الْيَوْمَ دَاءً ثُمَّ الْقَ اللَّهَ مَتَى شِئْتَ.
قَالَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَعْرِفُ وَ لَا تُعْرَفُ فَافْعَلْ وَ فِي الْعُزْلَةِ صِيَانَةُ الْجَوَارِحِ وَ فَرَاغُ الْقَلْبِ وَ سَلَامَةُ الْعَيْشِ وَ كَسْرُ سِلَاحِ الشَّيْطَانِ وَ الْمُجَانَبَةُ بِهِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ رَاحَةُ الْوَقْتِ وَ مَا مِنْ نَبِيٍّ وَ لَا وَصِيٍّ إِلَّا وَ اخْتَارَ الْعُزْلَةَ فِي زَمَانِهِ إِمَّا فِي ابْتِدَائِهِ وَ إِمَّا فِي انْتِهَائِهِ «3».
10- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر الْجَوْهَرِيُّ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ طُوبَى لِعَبْدٍ نوومة [نُوَمَةٍ] عَرَفَ النَّاسَ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِمْ بِهِ.
11 الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ، وَ عُدَّةُ الدَّاعِي، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ آنَسَ بِاللَّهِ اسْتَوْحَشَ مِنَ النَّاسِ.
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 2 ص 54.
 (2) ثواب الأعمال ص 162.
 (3) مصباح الشريعة 18 و 19

110
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 49 العزلة عن شرار الخلق و الأنس بالله ص 108

12 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، قَالَ الْبَاقِرُ ع وَجَدَ رَجُلٌ صَحِيفَةً فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ص فَنَادَى الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَمَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ ذَكَرٌ وَ لَا أُنْثَى فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ فَقَرَأَهَا فَإِذَا كِتَابٌ مِنْ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَصِيِّ مُوسَى وَ إِذَا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّ رَبَّكُمْ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ أَلَا إِنَّ خَيْرَ عِبَادِ اللَّهِ الْتَقِيُّ النَّقِيُّ الْخَفِيُّ وَ إِنَّ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ الْخَبَرَ.
مهج، مهج الدعوات بإسنادنا إلى سعد بن عبد الله من كتابه رفعه قال قال أبو الحسن الرضا ع و ذكر نحوه «1».
13- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع طُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَ أَكَلَ قُوتَهُ وَ اشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ وَ بَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُلٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ «2».
14 عُدَّةُ الدَّاعِي، رَوَى عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ إِيمَانِهِ أُنْساً يَسْكُنُ إِلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَمْ يَسْتَوْحِشْ.
وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَالِطِ النَّاسَ تَخْبُرْهُمْ وَ مَتَى تَخْبُرْهُمْ تَقْلِهِمْ «3».
وَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ ع قَالَ: الْوَحْشَةُ مِنَ النَّاسِ عَلَى قَدْرِ الْفِطْنَةِ بِهِمْ.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ: لَا يَكُونُ الْعَبْدُ عَابِداً لِلَّهِ حَقَّ عِبَادَتِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ إِلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَقُولُ هَذَا خَالِصٌ لِي فَيَقْبَلُهُ بِكَرَمِهِ.
وَ قَالَ الْكَاظِمُ ع لِهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ يَا هِشَامُ الصَّبْرُ عَلَى الْوَحْدَةِ عَلَامَةٌ عَلَى‏
__________________________________________________
 (1) مهج الدعوات: 385.
 (2) نهج البلاغة ج 1 ص 348.
 (3) يشبه هذا كلام أمير المؤمنين عليه السلام كما في النهج ج 2 ص 247 «اخبر تقله» و قد مر في ج 74 ص 164 و المعنى خالط الناس و عاشرهم في جلواتهم و خلواتهم فإذا فعلت ذلك تخبرهم و تعرفهم حقيقة المعرفة و متى تخبرهم و تعرفهم تقليهم و تبغضهم.

111
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 49 العزلة عن شرار الخلق و الأنس بالله ص 108

قُوَّةِ الْعَقْلِ فَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ اعْتَزَلَ أَهْلَ الدُّنْيَا وَ الرَّاغِبِينَ فِيهَا وَ رَغِبَ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وَ كَانَ اللَّهُ أَنِيسَهُ فِي الْوَحْشَةِ وَ صَاحِبَهُ فِي الْوَحْدَةِ وَ غِنَاهُ فِي الْعَيْلَةِ وَ مُعِزَّهُ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةٍ يَا هِشَامُ قَلِيلُ الْعَمَلِ مَعَ الْعِلْمِ مَقْبُولٌ مُضَاعَفٌ وَ كَثِيرُ الْعَمَلِ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ مَرْدُودٌ.
وَ عَنِ الْهَادِي ع لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِياً وَسِيعاً لَسَلَكْتُ وَادِيَ رَجُلٍ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ خَالِصاً.
باب 50 أن الغشية التي يظهرها الناس عند قراءة القرآن و الذكر من الشيطان‏
1- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْأَرْمَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ قَوْماً إِذَا ذُكِّرُوا بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ حُدِّثُوا بِهِ صَعِقَ أَحَدُهُمْ حَتَّى يُرَى أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ ذَاكَ مِنَ الشَّيْطَانِ مَا بِهَذَا أُمِرُوا إِنَّمَا هُوَ اللِّينُ وَ الرِّقَّةُ وَ الدَّمْعَةُ وَ الْوَجَلُ «1».
أقول: سيجي‏ء بعض أخبار هذا الباب في باب آداب القراءة و أوقاتها و ذم من يظهر الغشية عندها من كتاب القرآن و الذكر و الدعاء «2».
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 154.
 (2) و من ذلك ما رواه الكليني رحمه اللّه في باب من يظهر الغشية عند قراءة القرآن ج 2 ص 666، عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يعقوب بن إسحاق الضبى عن أبى عمران الارمنى مثله و فيه بدل «ما بهذا امروا: «ما بهذا نعتوا».
و المعنى أن اللّه عزّ و جلّ لم يوصف المؤمنين في كتابه العزيز بتلك الأوصاف و انما وصفهم باللين و الرقة و الوجل حيث قال: «تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ» و قال: «تَرى‏ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ» و قال: «لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ» و قال: «وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ» و قال العلامة المؤلّف رضوان اللّه عليه: المراد انهم يكذبون في ادعائهم عدم الشعور و ان مباديه بايديهم، لان الرقة و الدمعة تدفعه.

112
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

باب 51 النهي عن الرهبانية و السياحة و سائر ما يأمر به أهل البدع و الأهواء
الآيات التوبة الْعابِدُونَ ... السَّائِحُونَ «1» الأحقاف وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ «2» الحديد وَ جَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَ رَحْمَةً وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ «3»
__________________________________________________
 (1) براءة: 113.
 (2) الأحقاف: 20.
 (3) الحديد: 27، و قوله تعالى «وَ رَهْبانِيَّةً» منصوب بفعل مضمر يفسره قوله ابتدعوها، و التقدير: ابتدعوا رهبانية ابتدعوها، و قوله ما كتبناها عليهم في محل النصب لانه صفة لرهبانية، و ابتغاء رضوان اللّه نصب لانه بدل من «ها» فى «كَتَبْناها» و التقدير:
كتبنا عليهم ابتغاء رضوان اللّه أي اتباع أوامره و لم نكتب عليهم الرهبانية قاله الطبرسيّ في المجمع ج 9 ص 242.
أقول و الظاهر أن «رَهْبانِيَّةً» عطف على ما قبله: «رَأْفَةً وَ رَحْمَةً» و المعنى أنا جعلنا في قلوب الحواريين الذين اتبعوا عيسى عليه السلام رأفة و رحمة من لدنا بحيث صارتا كالطبيعة الثانية لهم ليتحنوا على ارشاد الجهال و هداية الضلال، و ألهمنا الى قلوبهم بعد ما رفعنا عيسى الينا أن يترهبوا في الصوامع و الغيران و يتعبدوا فيها فرارا من جبابرة بني إسرائيل كما في قصة أصحاب الكهف.
لكنهم ابتدعوا في كيفيتها بما لم نكتب عليهم، فانا انما نكتب على المتعبدين ابتغاء رضوان اللّه، و هو متيسر بالاعمال اليسيرة الخالصة لوجهه، و لا يستلزم الاعمال الشاقة من رفض النساء، و العزلة، و خشونة المطعم و الملبس، و هم مع ما فرضوا تلك الخصلة على أنفسهم، و نذروها للّه لم يرعوها حقّ رعايتها.
قال ابن مسعود: كنت رديف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على حمار فقال: يا ابن أم عبد! هل تدرى من اين أحدثت بنو إسرائيل الرهبانية؟ فقلت: اللّه و رسوله أعلم فقال: ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى عليه السلام يعملون بمعاصى اللّه فقاتلهم أهل الايمان ثلاث مرّات فلم يبق منهم الا القليل فقالوا ان ظهرنا لهؤلاء أفنونا و لم يبق للدين أحد يدعو اليه فتعالوا نتفرق في الأرض الى أن يبعث اللّه النبيّ الذي وعدنا به عيسى عليه السلام فتفرقوا في غير أنّ الجبال و أحدثوا رهبانية الخبر. راجع مجمع البيان ج 9 ص 243 الدّر المنثور ج 6 ص 177.

113
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

التحريم يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ «1».
1- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ ثَوَابَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ ابْنٌ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَيْهِ حَتَّى اتَّخَذَ مِنْ دَارِهِ مَسْجِداً يَتَعَبَّدُ فِيهِ فَبَلَغَ‏
__________________________________________________
 (1) التحريم: 1، روى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن ابن سيار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في هذه الآية قال: اطلعت عائشة و حفصة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو مع مارية فقال النبيّ: و اللّه لا أقربها، فأمره اللّه أن يكفر عن يمينه، راجع تفسير القمّيّ ص 686.
و قد روى في ذلك روايات اخرى راجع البحار ج 22 ص 227- 246.

114
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ يَا عُثْمَانُ إِنَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْنَا الرَّهْبَانِيَّةَ إِنَّمَا رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَا عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ وَ لِلنَّارِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ أَ فَمَا يَسُرُّكَ أَنْ لَا تَأْتِيَ بَاباً مِنْهَا إِلَّا وَجَدْتَ ابْنَكَ إِلَى جَنْبِكَ آخِذاً بِحُجْزَتِكَ يَشْفَعُ لَكَ إِلَى رَبِّكَ قَالَ بَلَى فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي فَرَطِنَا «1» مَا لِعُثْمَانَ قَالَ نَعَمْ لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمْ وَ احْتَسَبَ ثُمَّ قَالَ يَا عُثْمَانُ مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ جَلَسَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَانَ لَهُ فِي الْفِرْدَوْسِ سَبْعُونَ دَرَجَةً بُعْدُ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَحُضْرِ الْفَرَسِ الْجَوَادِ الْمُضَمَّرِ «2» سَبْعِينَ سَنَةً وَ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ خَمْسُونَ دَرَجَةً مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَحُضْرِ الْفَرَسِ الْجَوَادِ خَمْسِينَ سَنَةً وَ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ ثَمَانِيَةٍ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ كُلٌّ مِنْهُمْ رَبُّ بَيْتٍ يُعْتِقُهُمْ وَ مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ كَحَجَّةٍ مَبْرُورَةٍ وَ عُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ وَ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ «3».
2- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ فِي أُمَّتِي رَهْبَانِيَّةٌ وَ لَا سِيَاحَةٌ وَ لَا زَمٌّ يَعْنِي سُكُوتٌ «4».
__________________________________________________
 (1) الفرط- بالتحريك- المتقدم القوم الى الماء ليهيئ لهم الدلاء و الرشاء و يدير الحياض و يستقى لهم، و هو فعل بمعنى فاعل و منه الحديث أنا فرطكم على الحوض و يطلق على ما لم يدرك من الولد لانه كالفرط يقدم على باب الجنة يمهد لابويه أسباب الدخول في الجنة.
 (2) الحضر- كقفل- ارتفاع الفرس في عدوه و وثوبه، و المضمر من الفرس ما روض على العدو و الوثوب حتّى صار ضامرا قليل اللحم، فهو أقدر على الوثبة و الارتفاع.
 (3) أمالي الصدوق ص 40.
 (4) الخصال ج 1 ص 68.

115
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

مع، معاني الأخبار أبي عن سعد عن محمد بن الحسين عن أبي الجوزاء مثله «1».
3- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ يَحْيَى الْجَلَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ بِشْراً يَقُولُ لِجُلَسَائِهِ سِيحُوا فَإِنَّ الْمَاءَ إِذَا سَاحَ طَابَ وَ إِذَا وَقَفَ تَغَيَّرَ وَ اصْفَرَّ «2».
4- فس، تفسير القمي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ «3» فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ- عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ بِلَالٍ وَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَأَمَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَحَلَفَ أَنْ لَا يَنَامَ فِي اللَّيْلِ أَبَداً وَ أَمَّا بِلَالٌ فَإِنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يُفْطِرَ بِالنَّهَارِ أَبَداً وَ أَمَّا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَإِنَّهُ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ أَبَداً فَدَخَلْتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ عَلَى عَائِشَةَ وَ كَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا لِي أَرَاكِ مُتَعَطِّلَةً فَقَالَتْ وَ لِمَنْ أَتَزَيَّنُ فَوَ اللَّهِ مَا قَرَبَنِي زَوْجِي مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا فَإِنَّهُ قَدْ تَرَهَّبَ وَ لَبِسَ الْمُسُوحَ وَ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِذَلِكَ فَخَرَجَ فَنَادَى الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يُحَرِّمُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الطَّيِّبَاتِ أَلَا إِنِّي أَنَامُ بِاللَّيْلِ وَ أَنْكِحُ وَ أُفْطِرُ بِالنَّهَارِ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي فَقَامَ هَؤُلَاءِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ حَلَفْنَا عَلَى ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ‏

__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 174 و الزم- بالفتح- الخطم و الشد، يعنى خطم الشفة و شدها بالسكوت و في المصدر المطبوع «رم» بالمهملة، و هكذا في عنوان الحديث «باب معنى الرم» و أظنه تصحيفا.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 3.
 (3) المائدة: 87.

116
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

الْآيَةَ «1».
5- غط، الغيبة للشيخ الطوسي الْفَزَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: وَجَّهَ قَوْمٌ مِنَ الْمُفَوِّضَةِ وَ الْمُقَصِّرَةِ كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيَّ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع قَالَ كَامِلٌ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي أَسْأَلُهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَ مَعْرِفَتِي وَ قَالَ بِمَقَالَتِي قَالَ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ ع نَظَرْتُ إِلَى ثِيَابٍ بَيَاضٍ نَاعِمَةٍ عَلَيْهِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَلِيُّ اللَّهِ وَ حُجَّتُهُ يَلْبَسُ النَّاعِمَ مِنَ الثِّيَابِ وَ يَأْمُرُنَا نَحْنُ بِمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ وَ يَنْهَانَا عَنْ لُبْسِ مِثْلِهِ فَقَالَ مُتَبَسِّماً يَا كَامِلُ وَ حَسَرَ ذِرَاعَيْهِ فَإِذَا مِسْحٌ أَسْوَدُ خَشِنٌ عَلَى جِلْدِهِ فَقَالَ هَذَا لِلَّهِ وَ هَذَا لَكُمْ تَمَامَ الْخَبَرِ «2».
6- كش «3»، رجال الكشي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ يَذْكُرُ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: حَجَجْتُ وَ سُكَيْنٌ النَّخَعِيُّ فَتَعَبَّدَ وَ تَرَكَ النِّسَاءَ وَ الطِّيبَ وَ الثِّيَابَ وَ الطَّعَامَ الطَّيِّبَ وَ كَانَ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ إِلَى السَّمَاءِ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ دَنَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَصَلَّى إِلَى جَانِبِهِ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ مِنْ مَسَائِلَ قَالَ اذْهَبْ فَاكْتُبْهَا وَ أَرْسِلْ بِهَا إِلَيَّ فَكَتَبَ جُعِلْتُ فِدَاكَ رَجُلٌ دَخَلَهُ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى تَرَكَ النِّسَاءَ وَ الطَّعَامَ الطَّيِّبَ وَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ أَمَّا الثِّيَابُ فَشَكَّ فِيهَا فَكَتَبَ أَمَّا قَوْلُكَ فِي تَرْكِ النِّسَاءِ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص مِنَ النِّسَاءِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ فِي تَرْكِ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَأْكُلُ اللَّحْمَ وَ الْعَسَلَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ دَخَلَهُ الْخَوْفُ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأَكْثِرْ مِنْ تِلَاوَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ الصَّابِرِينَ وَ الصَّادِقِينَ وَ الْقانِتِينَ وَ الْمُنْفِقِينَ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ «4».
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 166، و الآية الأخيرة في المائدة: 89.
 (2) غيبة الشيخ الطوسيّ ص 159.
 (3) رجال الكشّيّ 316.
 (4) آل عمران: 17.

117
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

7 الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ، قَالَ لَهُ الصُّوفِيَّةُ «1» إِنَّ الْمَأْمُونَ قَدْ رَدَّ هَذَا الْأَمْرَ إِلَيْكَ وَ أَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ إِلَّا أَنَّهُ تَحْتَاجُ أَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْكَ تَقَدُّمَكَ إِلَى لُبْسِ الصُّوفِ وَ مَا يُحْسِنُ لُبْسَهُ فَقَالَ وَيْحَكُمْ إِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الْإِمَامِ قِسْطُهُ وَ عَدْلُهُ إِذَا قَالَ صَدَقَ وَ إِذَا حَكَمَ عَدَلَ وَ إِذْ وَعَدَ أَنْجَزَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ «2» إِنَّ يُوسُفَ ع لَبِسَ الدِّيبَاجَ الْمَنْسُوجَ بِالذَّهَبِ وَ جَلَسَ عَلَى مُتَّكَآتِ آلِ فِرْعَوْنَ.
8- نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع بِالْبَصْرَةِ وَ قَدْ دَخَلَ عَلَى الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ الْحَارِثِيِّ «3» يَعُودُهُ وَ هُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا رَأَى سِعَةَ دَارِهِ قَالَ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَةِ هَذِهِ الدَّارِ فِي الدُّنْيَا أَمَا أَنْتَ إِلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ كُنْتَ أَحْوَجَ وَ بَلَى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الْآخِرَةَ تَقْرِي فِيهَا الضَّيْفَ وَ تَصِلُ فِيهَا الرَّحِمَ وَ تُطْلِعُ مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا فَإِذاً أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا الْآخِرَةَ فَقَالَ لَهُ الْعَلَاءُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَشْكُو إِلَيْكَ أَخِي عَاصِمَ بْنَ زِيَادٍ قَالَ وَ مَا لَهُ قَالَ لَبِسَ الْعَبَاءَ «4» وَ تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا قَالَ عَلَيَّ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ أَ مَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَ وَلَدَكَ أَ تَرَى اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا أَنْتَ فِي خُشُونَةِ مَلْبَسِكَ وَ جُشُوبَةِ مَأْكَلِكَ قَالَ وَيْحَكَ إِنِّي لَسْتُ كَأَنْتَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلَا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ «5».
__________________________________________________
 (1) يعني الرضا عليه السلام، كما سيجي‏ء و قد أخرجه المؤلّف في كتاب الاحتجاج راجع ج 10 ص 351 من هذه الطبعة و فيه سقط، و أخرج مثله الاربلى في كشف الغمّة ج 3 ص 147.
 (2) الأعراف: 32.
 (3) كذا في جميع نسخ النهج، و قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 11 و في ط ص 17: أن الصحيح هو الربيع بن زياد الحارثى فراجع.
 (4) يعني الخشن من أثواب الصوف لا الكساء الذي يلبس اليوم فوق الثياب.
 (5) نهج البلاغة ج 1 ص 448، تحت الرقم 207 من الخطب.

118
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

9 كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ رَفَعَهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ ع بِخَبِيصٍ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ قَالُوا أَ تُحَرِّمُهُ قَالَ لَا وَ لَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَتُوقَ إِلَيْهِ نَفْسِي ثُمَّ تَلَا أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا.
وَ عَنْهُ ع قَالَ: أَعْتَقَ عَلِيٌّ ع أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِمَّا عَمِلَتْ يَدَاهُ وَ إِنْ كَانَ عِنْدَكُمْ أَنَّمَا حَلْوَاهُ التَّمْرُ وَ اللَّبَنُ وَ ثِيَابُهُ الْكَرَابِيسُ وَ تَزَوَّجَ ع لَيْلَى فَجُعِلَ لَهُ حَجَلَةٌ فَهَتَكَهَا وَ قَالَ أَحَبُّ أَهْلِي عَلَيَّ مَا هُمْ فِيهِ.
10 كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَخِي مُوسَى ع عَنِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يَسِيحَ فِي الْأَرْضِ أَوْ يَتَرَهَّبَ فِي بَيْتٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ قَالَ ع لَا «1».
قال الكراجكي قدس الله روحه في كنز الفوائد، لقد اضطررت يوما إلى الحضور مع قوم من المتصوفين فلما ضمهم المجلس أخذوا فيما جرب به عادتهم من الغناء و الرقص فاعتزلتهم إلى إحدى الجهات و انضاف إلي رجل من أهل الفضل و الديانات فتحادثنا ذم الصوفية على ما يصنعون و فساد أغراضهم فيما يتناولون و قبح ما يفعلون من الحركة و القيام و ما يدخلون على أنفسهم في الرقص من الآلام فكان الرجل لقولي مصوبا و للقوم في فعلهم مخطئا.
و لم نزل كذلك إلى أن غنى مغني القوم هذه الأبيات‏
   و ما أم مكحول المدامع ترتعي             ترى الأنس وحشا و هي تأنس بالوحش‏
   غدت فارتعت ثم انتشت لرضاعه             فلم تلف شيئا من قوائمه الخمش‏
   فطافت بذاك القاع ولها فصادمت             سباع الفلا ينهشنه أيما نهش‏
    بأوجع مني يوم ظلت أنامل             تودعني بالدر من شبك النقش‏

__________________________________________________
 (1) أخرجه في كتاب الاحتجاج، راجع ج 10 ص 255 من هذه الطبعة الحديثة.

119
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

فلما سمع صاحبي ذلك نهض مسرعا مبادرا ففعل من القفز «1» و الرقص و البكاء و اللطم ما يزيد على ما فعله من قبله ممن كان يخطئه و يستجهله و أخذ يستعيد من الشعر ما لا يحسن استعادته و لا جرت عادتهم بالطرب على مثله و هو قوله‏
فطافت بذاك القاع ولها فصادفت             سباع الفلا ينهشنه أيما نهش‏
و يفعل بنفسه ما حكيت و لا يستعيد غير هذا البيت حتى بلغ من نفسه المجهود و وقع كالمغشي عليه من الموت فحيرني ما رأيت من حاله و أخذت أفكر في أفعاله المضادة لما سمعت من أقواله فلما أفاق من غشيته لم أملك الصبر دون سؤاله عن أمره و سبب ما صنعه بنفسه مع تجهيله من قبل لفاعله و عن وجه استعادته من الشعر ما لم تجر عادتهم باستعادة مثله فقال لي لست أجهل ما ذكرت و لي عذر واضح فيما صنعت أعلمك أن أبي كان كاتبا و كان بي برا و علي شفيقا فسخط السلطان عليه فقتله فخرجت إلى الصحراء لشدة ما لحقني من الحزن عليه فوجدته ملقى و الكلاب ينهشون لحمه فلما سمعت المغني يقول‏
فطافت بذاك القاع ولها فصادفت             سباع الفلا ينهشنه أيما نهش‏
ذكرت ما لحق أبي و تصور شخصه بين عيني و تجدد حزنه علي ففعلت الذي رأيت بنفسي فندمت حينئذ على سوء ظني به و تغممت له غما لحقه و اتعظت بقصته.
11- وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ «2»، رُوِيَ أَنَّ قَوْماً مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ دَخَلُوا بِخُرَاسَانَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ع فَقَالُوا لَهُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَكَّرَ فِيمَا وَلَّاهُ اللَّهُ مِنَ الْأُمُورِ فَرَآكُمْ أَهْلَ بَيْتٍ أَوْلَى النَّاسِ أَنْ تَؤُمُّوا النَّاسَ وَ نَظَرَ فِيكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَرَآكَ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ فَرَأَى أَنْ يُرَدَّ هَذَا الْأَمْرَ إِلَيْكَ وَ الْإِمَامَةُ تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَأْكُلُ الْجَشِبَ وَ يَلْبَسُ الْخَشِنَ وَ يَرْكَبُ الْحِمَارَ وَ يَعُودُ الْمَرِيضَ‏
__________________________________________________
 (1) القفز: الوثوب و أصله للظبى.
 (2) شرح النهج ج 3 ص 12. و في ط 17.

120
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ يُوسُفَ كَانَ نَبِيّاً يَلْبَسُ أَقْبِيَةَ الدِّيبَاجِ الْمُزَرَّدَةَ بِالذَّهَبِ وَ يَجْلِسُ عَلَى مُتَّكَآتِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ يَحْكُمُ إِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الْإِمَامِ قِسْطُهُ وَ عَدْلُهُ إِذَا قَالَ صَدَقَ وَ إِذَا حَكَمَ عَدَلَ وَ إِذَا وَعَدَ أَنْجَزَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ لَبُوساً وَ لَا مَطْعَماً ثُمَّ قَرَأَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ الْآيَةَ «1».
12- ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ رُوِّيْتُ عَنِ الشُّيُوخِ وَ رَأَيْتُ بِخَطِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَشَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ الْحَارِثِيَّ أَصَابَتْهُ نُشَّابَةٌ فِي جَبِينِهِ فَكَانَتْ تَنْتَقِضُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ فَأَتَاهُ عَلِيٌّ ع عَائِداً فَقَالَ كَيْفَ تَجِدُكَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَجِدُنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ مَا بِي إِلَّا بِذَهَابِ بَصَرِي لَتَمَنَّيْتُ ذَهَابَهُ قَالَ وَ مَا قِيمَةُ بَصَرِكَ عِنْدَكَ قَالَ لَوْ كَانَتْ لِيَ الدُّنْيَا لَفَدَيْتُهُ بِهَا قَالَ لَا جَرَمَ لَيُعْطِيَنَّكَ اللَّهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي عَلَى قَدْرِ الْأَلَمِ وَ الْمُصِيبَةِ وَ عِنْدَهُ تَضْعِيفٌ كَثِيرٌ قَالَ الرَّبِيعُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَا أَشْكُو إِلَيْكَ عَاصِمَ بْنَ زِيَادٍ أَخِي قَالَ مَا لَهُ قَالَ لَبِسَ الْعَبَاءَ وَ تَرَكَ الْمُلَاءَ وَ غَمَّ أَهْلَهُ وَ حَزَّنَ وُلْدَهُ فَقَالَ ع ادْعُوا لِي عَاصِماً فَلَمَّا أَتَاهُ عَبَسَ فِي وَجْهِهِ وَ قَالَ وَيْحَكَ يَا عَاصِمُ أَ تَرَى اللَّهَ أَبَاحَ لَكَ اللَّذَّاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ مَا أَخَذْتَ مِنْهَا لَأَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَ وَ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ثُمَّ قَالَ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ «2» وَ قَالَ وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها «3» أَمَا وَ اللَّهِ لَابْتِذَالُ نِعَمِ اللَّهِ بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ وَ قَدْ سَمِعْتُمُ اللَّهَ يَقُولُ وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ «4» وَ قَوْلَهُ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ‏

__________________________________________________
 (1) الأعراف: 32.
 (2) الرحمن: 22- 19.
 (3) فاطر: 35.
 (4) الضحى: 11.

121
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

إِنَّ اللَّهَ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا خَاطَبَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ «1» وَ قَالَ يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً «2» وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِبَعْضِ نِسَائِهِ مَا لِي أَرَاكِ شَعْثَاءَ مَرْهَاءَ صَلْتَاءَ «3» قَالَ عَاصِمٌ فَلِمَ اقْتَصَرْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى لُبْسِ الْخَشِنِ وَ أَكْلِ الْجَشِبِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ يُقَدِّرُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِالْقَوْمِ كَيْلَا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ فَمَا قَامَ عَلِيٌّ ع حَتَّى نَزَعَ عَاصِمٌ الْعَبَاءَةَ وَ لَبِسَ مُلَاءَةً «4».
13- ف، تحف العقول دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَرَأَى عَلَيْهِ ثِيَابَ بَيَاضٍ كَأَنَّهَا غِرْقِئُ الْبَيْضِ «5» فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا اللِّبَاسَ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِكَ فَقَالَ لَهُ اسْمَعْ مِنِّي وَ عِ مَا أَقُولُ لَكَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ عَاجِلًا وَ آجِلًا إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مِتَّ عَلَى السُّنَّةِ وَ الْحَقِّ وَ لَمْ تَمُتْ عَلَى بِدْعَةٍ أُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ فِي زَمَانٍ مُقْفِرٍ جَشِبٍ «6» فَإِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا فَأَحَقُّ أَهْلِهَا بِهَا أَبْرَارُهَا لَا فُجَّارُهَا وَ مُؤْمِنُهَا لَا مُنَافِقُوهَا وَ مُسْلِمُوهَا لَا كُفَّارُهَا فَمَا أَنْكَرْتَ يَا ثَوْرِيُّ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَمَعَ مَا تَرَى مَا أَتَى عَلَيَّ مُذْ عَقَلْتُ صَبَاحٌ وَ لَا مَسَاءٌ وَ لِلَّهِ فِي مَالِي حَقٌّ أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَهُ مَوْضِعاً إِلَّا وَضَعْتُهُ‏
__________________________________________________
 (1) المائدة: 87.
 (2) المؤمنون: 51.
 (3) الشعثاء: التي اغبر رأسها و تلبد شعرها و انتشر لقلة تعهده بالدهن، و المرهاء:
التي تركت الاكتحال حتّى تبيض بواطن أجفانها و في بعض النسخ «المرتاء» و هي التي أزالت الشعر من حاجبيها، أو لا تختضبهما و السلتاء: هى التي لا تختضب.
 (4) يعني أنّه ترك الثوب الخشن و لبس ثوبا واسعا ناعما أبيض.
 (5) الغرقئ- كزبرج- القشرة الملتزقة ببياض البيض، شبهه بها للطافتها و شفوفها و نعومتها و بياضها.
 (6) في الكافي: مقفر جدب، يعنى عام الضيق و القحط.

122
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

فَقَالَ ثُمَّ أَتَاهُ قَوْمُهُ مِمَّنْ يُظْهِرُ التَّزَهُّدَ وَ يَدْعُونَ النَّاسَ أَنْ يَكُونُوا مَعَهُمْ مِثْلَ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّقَشُّفِ «1» فَقَالُوا إِنَّ صَاحِبَنَا حَصِرَ عَنْ كَلَامِكَ وَ لَمْ تَحْضُرْهُ حُجَّةٌ فَقَالَ لَهُمْ هَاتُوا حُجَجَكُمْ فَقَالُوا إِنَّ حُجَجَنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ لَهُمْ فَأَدْلُوا بِهَا «2» فَإِنَّهَا أَحَقُّ مَا اتُّبِعَ وَ عُمِلَ بِهِ.
فَقَالُوا يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُخْبِرُ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «3» فَمَدَحَ فِعْلَهُمْ وَ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً «4» فَنَحْنُ نَكْتَفِي بِهَذَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْجُلَسَاءِ إِنَّا مَا رَأَيْنَاكُمْ «5» تَزْهَدُونَ فِي الْأَطْعِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَ مَعَ ذَلِكَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى تَتَمَتَّعُوا أَنْتُمْ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع دَعُوا عَنْكُمْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَخْبِرُونِي أَيُّهَا النَّفَرُ أَ لَكُمْ عِلْمٌ بِنَاسِخِ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَ مُحْكَمِهِ مِنْ مُتَشَابِهِهِ الَّذِي فِي مِثْلِهِ ضَلَّ مَنْ ضَلَّ وَ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالُوا لَهُ أَوْ بَعْضِهِ فَأَمَّا كُلُّهُ فَلَا فَقَالَ لَهُمْ مِنْ هَاهُنَا أُتِيتُمْ «6» وَ كَذَلِكَ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ إِخْبَارِ اللَّهِ إِيَّانَا فِي كِتَابِهِ عَنِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِحُسْنِ‏
__________________________________________________
 (1) المتقشف: المتبلغ بقوت و مرقع، و من لا يبالى بما تلطخ جسده. يقال: قشف قشافة: قذر جلده و لم يتعهد النظافة، و ان كان مع ذلك يطهر نفسه بالماء و الاغتسال و قشف فلان: رثت هيئة و ساءت حاله و ضاق عيشه كما هو سيرة المتصوفين.
 (2) يقال أدلى بحجته: إذا أحضرها و احتج بها.
 (3) الحشر: 9.
 (4) الدهر: 8.
 (5) في الكافي: انا رأيناكم، و هو الظاهر.
 (6) اتى فلان- كعنى-: و هي و تغير عليه حسه، فتوهم ما ليس بصحيح صحيحا نقله الشرتونى عن التاج.

123
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

فِعَالِهِمْ فَقَدْ كَانَ مُبَاحاً جَائِزاً وَ لَمْ يَكُونُوا نُهُوا عَنْهُ وَ ثَوَابُهُمْ مِنْهُ عَلَى اللَّهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ تَقَدَّسَ أَمَرَ بِخِلَافِ مَا عَمِلُوا بِهِ فَصَارَ أَمْرُهُ نَاسِخاً لِفِعْلِهِمْ وَ كَانَ نَهَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَ نَظَراً لِكَيْ لَا يُضِرُّوا بِأَنْفُسِهِمْ وَ عِيَالاتِهِمْ مِنْهُمُ الضَّعَفَةُ الصِّغَارُ وَ الْوِلْدَانُ وَ الشَّيْخُ الْفَانِ وَ الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ الَّذِينَ لَا يَصْبِرُونَ عَلَى الْجُوعِ فَإِنْ تَصَدَّقْتُ بِرَغِيفِي وَ لَا رَغِيفَ لِي غَيْرُهُ ضَاعُوا وَ هَلَكُوا جُوعاً فَمِنْ ثَمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَمْسُ تَمَرَاتٍ أَوْ خَمْسُ قُرَصٍ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ يَمْلِكُهَا الْإِنْسَانُ وَ هُوَ يُرِيدُ أَنْ يُمْضِيَهَا فَأَفْضَلُهَا مَا أَنْفَقَهُ الْإِنْسَانُ عَلَى وَالِدَيْهِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ عَلَى نَفْسِهِ وَ عِيَالِهِ ثُمَّ الثَّالِثَةُ الْقَرَابَةِ وَ إِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ الرَّابِعَةُ عَلَى جِيرَانِهِ الْفُقَرَاءِ ثُمَّ الْخَامِسَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ هُوَ أَخَسُّهَا أَجْراً وَ قَالَ النَّبِيُّ ص لِلْأَنْصَارِيِّ حَيْثُ أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً مِنَ الرَّقِيقِ وَ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ وَ لَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ لَوْ أَعْلَمْتُمُونِي أَمْرَهُ مَا تَرَكْتُكُمْ تَدْفِنُونَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ تَرَكَ صِبْيَةً صِغَاراً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى ثُمَّ هَذَا مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ رَدّاً لِقَوْلِكُمْ وَ نَهْياً عَنْهُ مَفْرُوضٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ قَالَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً «1» أَ فَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَالَ غَيْرَ مَا أَرَاكُمْ تَدْعُونَ النَّاسَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَثَرَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ سَمَّى مَنْ فَعَلَ مَا تَدْعُونَ «2» إِلَيْهِ مُسْرِفاً وَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «3» فَنَهَاهُمْ عَنِ الْإِسْرَافِ وَ نَهَاهُمْ عَنِ التَّقْتِيرِ لَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا يُعْطِي جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَهُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّ أَصْنَافاً مِنْ أُمَّتِي لَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ دُعَاؤُهُمْ رَجُلٌ يَدْعُو عَلَى وَالِدَيْهِ‏
__________________________________________________
 (1) الفرقان: 67.
 (2) ما بين العلامتين ساقط من نسخة التحف و الكمبانيّ، أضفناه من نسخة الكافي.
 (3) الأنعام: 141، الأعراف: 31.

124
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

وَ رَجُلٌ يَدْعُو عَلَى غَرِيمٍ ذَهَبَ لَهُ بِمَالٍ وَ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ وَ رَجُلٌ يَدْعُو عَلَى امْرَأَتِهِ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَخْلِيَةَ سَبِيلِهَا بِيَدِهِ وَ رَجُلٌ يَقْعُدُ فِي الْبَيْتِ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْزُقْنِي وَ لَا يَخْرُجُ يَطْلُبُ الرِّزْقَ فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ عَبْدِي أَ وَ لَمْ أَجْعَلْ لَكَ السَّبِيلَ إِلَى الطَّلَبِ وَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ بِجَوَارِحَ صَحِيحَةٍ فَتَكُونَ قَدْ أُعْذِرْتَ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فِي الطَّلَبِ لِاتِّبَاعِ أَمْرِي وَ لِكَيْلَا تَكُونَ كَلًّا عَلَى أَهْلِكَ فَإِنْ شِئْتُ رَزَقْتُكَ وَ إِنْ شِئْتُ قَتَّرْتُ عَلَيْكَ وَ أَنْتَ مَعْذُورٌ عِنْدِي وَ رَجُلٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا كَثِيراً فَأَنْفَقَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ يَدْعُو يَا رَبِّ ارْزُقْنِي فَيَقُولُ اللَّهُ أَ لَمْ أَرْزُقْكَ رِزْقاً وَاسِعاً أَ فَلَا اقْتَصَدْتَ فِيهِ كَمَا أَمَرْتُكَ وَ لَمْ تُسْرِفْ كَمَا نَهَيْتُكَ وَ رَجُلٌ يَدْعُو فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ ثُمَّ عَلَّمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ كَيْفَ يُنْفِقُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ فَكَرِهَ أَنْ تَبِيتَ عِنْدَهُ فَصَدَّقَ وَ أَصْبَحَ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ وَ جَاءَهُ مَنْ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ فَلَامَهُ السَّائِلُ وَ اغْتَمَّ هُوَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ وَ كَانَ رَحِيماً رَفِيقاً فَأَدَّبَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِأَمْرِهِ إِيَّاهُ فَقَالَ وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً «1» يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ يَسْأَلُونَكَ وَ لَا يَعْذِرُونَكَ فَإِذَا أَعْطَيْتَ جَمِيعَ مَا عِنْدَكَ كُنْتَ قَدْ حَسَرْتَ مِنَ الْمَالِ فَهَذِهِ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللَّهِ ص يُصَدِّقُهَا الْكِتَابُ وَ الْكِتَابُ يُصَدِّقُهُ أَهْلُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ مَوْتِهِ أُوصِي بِالْخُمُسِ وَ الْخُمُسُ كَثِيرٌ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ بِالْخُمُسِ فَأَوْصَى بِالْخُمُسِ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ الثُّلُثَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الثُّلُثَ خيرا [خَيْرٌ] لَهُ أَوْصَى بِهِ ثُمَّ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ بَعْدَهُ فِي فَضْلِهِ وَ زُهْدِهِ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ فَأَمَّا سَلْمَانُ فَكَانَ إِذَا أَخَذَ عَطَاءَهُ رَفَعَ مِنْهُ قُوتَهُ لِسَنَتِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عَطَاؤُهُ مِنْ قَابِلٍ فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ فِي زُهْدِكَ تَصْنَعُ هَذَا وَ إِنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّكَ تَمُوتُ الْيَوْمَ أَوْ غَداً وَ كَانَ جَوَابُهُ أَنْ قَالَ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِيَ الْبَقَاءَ كَمَا خِفْتُمْ عَلَيَّ الْفَنَاءَ أَ وَ مَا عَلِمْتُمْ يَا
__________________________________________________
 (1) أسرى: 29.

125
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

جَهَلَةُ أَنَّ النَّفْسَ قَدْ تَلْتَاثُ «1» عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنَ الْعَيْشِ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فَإِذَا هِيَ أَحْرَزَتْ مَعِيشَتَهَا اطْمَأَنَّتْ فَأَمَّا أَبُو ذَرٍّ فَكَانَتْ لَهُ نُوَيْقَاتٌ وَ شُوَيْهَاتٌ «2» يَحْلُبُهَا وَ يَذْبَحُ مِنْهَا إِذَا اشْتَهَى أَهْلُهُ اللَّحْمَ أَوْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ أَوْ رَأَى بِأَهْلِ الْمَاءِ الَّذِينَ هُمْ مَعَهُ خَصَاصَةً نَحَرَ لَهُمُ الْجَزُورَ أَوْ مِنَ الشَّاةِ عَلَى قَدْرِ مَا يُذْهِبُ عَنْهُمْ قَرَمَ اللَّحْمِ فَيَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ وَ يَأْخُذُ كَنَصِيبِ أَحَدِهِمْ لَا يَفْضُلُ عَلَيْهِمْ وَ مَنْ أَزْهَدُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَ قَدْ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا قَالَ وَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ أَمْرِهِمَا أَنْ صَارَا لَا يَمْلِكَانِ شَيْئاً الْبَتَّةَ كَمَا تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِإِلْقَاءِ أَمْتِعَتِهِمْ وَ شَيْئِهِمْ وَ يُؤْثِرُونَ بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ عِيَالاتِهِمْ وَ اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّفَرُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَرْوِي عَنْ آبَائِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ يَوْماً مَا عَجِبْتُ مِنْ شَيْ‏ءٍ كَعَجَبِي مِنَ الْمُؤْمِنِ إِنَّهُ إِنْ قُرِّضَ جَسَدُهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ كَانَ خَيْراً لَهُ وَ إِنْ مَلَكَ مَا بَيْنَ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا كَانَ خَيْراً لَهُ فَكُلُّ مَا يَصْنَعُ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ فَلَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَحِيقُ «3» فِيكُمُ الْيَوْمَ مَا قَدْ شَرَحْتُ لَكُمْ أَمْ أَزِيدُكُمْ أَ وَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ فَرَضَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ يُقَاتِلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ وَجْهَهُ عَنْهُمْ وَ مَنْ وَلَّاهُمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ فَقَدْ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ثُمَّ حَوَّلَهُمْ مِنْ حَالِهِمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ فَصَارَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَيْهِ أَنْ يُقَاتِلَ الرَّجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تَخْفِيفاً مِنَ اللَّهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ فَنَسَخَ الرَّجُلَانِ الْعَشَرَةَ
__________________________________________________
 (1) يعني تلتف بصاحبها و توسوسه بسوء الظنّ باللّه.
 (2) نويقات جمع نويقة و هي مصغر ناقة، و هكذا شويهات و شويهة و شاة، و قوله «بقرم اللحم» محركة، القرم: الشهوة و الميل المفرط بأكل اللحم.
 (3) يقال حاق القول في القلب حيقا و حيقانا: أخذ، و أصله من حاق فيه السيف:
اذا أثر و عمل، و حاق الشفرة: أى قطعت، فشبه حججه التي ألقاها- في المضى و فصل الخصومة- بالسيف القاطع.

126
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

وَ أَخْبِرُونِي أَيْضاً عَنِ الْقُضَاةِ أَ جَوْرٌ مِنْهُمْ «1» حَيْثُ يَفْرُضُونَ عَلَى الرَّجُلِ مِنْكُمْ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ إِذَا قَالَ أَنَا زَاهِدٌ وَ أَنَّهُ لَا شَيْ‏ءَ لِي فَإِنْ قُلْتُمْ جَوْرٌ ظَلَمْتُمْ أَهْلَ الْإِسْلَامِ «2» وَ إِنْ قُلْتُمْ بَلْ عَدْلٌ خَصَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ حَيْثُ يَرُدُّونَ صَدَقَةَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ أَخْبِرُونِي لَوْ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ كَمَا تُرِيدُونَ زُهَّاداً لَا حَاجَةَ لَهُمْ فِي مَتَاعِ غَيْرِهِمْ فَعَلَى مَنْ كَانَ يُتَصَدَّقُ بِكَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ وَ النُّذُورِ وَ الصَّدَقَاتِ مِنْ فَرْضِ الزَّكَاةِ مِنَ الْإِبِلِ وَ الْغَنَمِ وَ الْبَقَرِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ النَّخْلِ وَ الزَّبِيبِ وَ سَائِرِ مَا قَدْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَقُولُونَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْبِسَ شَيْئاً مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا إِلَّا قَدَّمَهُ وَ إِنْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ فَبِئْسَ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ وَ حَمَلْتُمُ النَّاسَ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ وَ أَحَادِيثِهِ الَّتِي يُصَدِّقُهَا الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ وَ رَدِّكُمْ إِيَّاهَا بِجَهَالَتِكُمْ وَ تَرْكِكُمُ النَّظَرَ فِي غَرَائِبِ الْقُرْآنِ مِنَ التَّفْسِيرِ بِالنَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ وَ أَخْبِرُونِي أَنْتُمْ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ع حَيْثُ سَأَلَ اللَّهَ مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ وَ كَانَ يَقُولُ الْحَقَّ وَ يَعْمَلُ بِهِ ثُمَّ لَمْ نَجِدِ اللَّهَ عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ لَا أَحَداً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ دَاوُدَ قَبْلَهُ فِي مُلْكِهِ وَ شِدَّةِ سُلْطَانِهِ ثُمَّ يُوسُفَ النَّبِيِّ حَيْثُ قَالَ لِمَلِكِ مِصْرَ اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ «3» فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ الَّذِي كَانَ أَنِ اخْتَارَ مَمْلَكَةَ الْمَلِكِ وَ مَا حَوْلَهَا إِلَى الْيَمَنِ فَكَانُوا يَمْتَارُونَ الطَّعَامَ مِنْ عِنْدِهِ لِمَجَاعَةٍ أَصَابَتْهُمْ وَ كَانَ يَقُولُ الْحَقَ‏
__________________________________________________
 (1) في الكافي: «أ جورة هم» و هي جمع جائر نحو جهلة جمع جاهل.
 (2) في نسخة الكافي: «فان قلتم جورة ظلمكم أهل الإسلام و ان قلتم بل عدول» و المعنى ان قلتم أن القضاة جورة في ذلك ظلمكم اي نسبكم أهل الإسلام الى الظلم في هذا القول، و على نسخة التحف: نسبتم أهل الإسلام و هم القضاة الحكام الى الظلم، فظلم من باب التفعيل للنسبة، و يحتمل التخفيف.
 (3) يوسف: 56.

127
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

وَ يَعْمَلُ بِهِ فَلَمْ نَجِدْ أَحَداً عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَبْدٌ أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ طَوَى لَهُ الْأَسْبَابَ وَ مَلَّكَهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ كَانَ يَقُولُ بِالْحَقِّ وَ يَعْمَلُ بِهِ ثُمَّ لَمْ نَجِدْ أَحَداً عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَتَأَدَّبُوا أَيُّهَا النَّفَرُ بِآدَابِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ اقْتَصِرُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْيِهِ وَ دَعُوا عَنْكُمْ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْكُمْ مِمَّا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهِ وَ رُدُّوا الْعِلْمَ إِلَى أَهْلِهِ تُؤْجَرُوا وَ تُعْذَرُوا عِنْدَ اللَّهِ وَ كُونُوا فِي طَلَبِ عِلْمِ النَّاسِخِ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَ مُحْكَمِهِ مِنْ مُتَشَابِهِهِ وَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِيهِ مِمَّا حَرَّمَ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ أَبْعَدُ لَكُمْ مِنَ الْجَهْلِ وَ دَعُوا الْجَهَالَةَ لِأَهْلِهَا فَإِنَّ أَهْلَ الْجَهْلِ كَثِيرٌ وَ أَهْلَ الْعِلْمِ قَلِيلٌ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ «1».
14- نبه، تنبيه الخاطر قِيلَ إِنَّ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ زَائِراً لِأَبِي الدَّرْدَاءِ فَوَجَدَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُبْتَذِلَةً فَقَالَ مَا شَأْنُكِ قَالَتْ إِنَّ أَخَاكَ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا قَالَ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَحَّبَ لِسَلْمَانَ وَ قَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَاماً فَقَالَ لِسَلْمَانَ اطْعَمْ فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ قَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا طَعِمْتَ فَقَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ قَالَ وَ بَاتَ عِنْدَهُ فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْلُ قَامَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَحَبَسَهُ سَلْمَانُ قَالَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقّاً إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً فَصُمْ وَ أَفْطِرْ وَ صَلِّ وَ نَمْ وَ أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَأَتَى أَبُو الدَّرْدَاءِ النَّبِيَّ ص فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ سَلْمَانُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِ سَلْمَانَ «2».
15 نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَأْتِي أَهْلَ الصُّفَّةِ وَ كَانُوا ضِيفَانَ رَسُولِ اللَّهِ ص كَانُوا هَاجَرُوا مِنْ أَهَالِيهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَسْكَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص صُفَّةَ الْمَسْجِدِ وَ هُمْ‏
__________________________________________________
 (1) يوسف: 76، راجع نص الحديث في التحف ص 363- 369 الكافي ج 5 ص 65- 70، و أخرجه المؤلّف رضوان اللّه عليه في تاريخ الإمام جعفر الصادق عليه السلام ج 47 ص 232- 237 من هذه الطبعة.
 (2) تنبيه الخاطر ج 1 ص 2.

128
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ فَكَانَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ بِالْغَدَاةِ وَ الْعَشِيِّ فَأَتَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَرْقَعُ ثَوْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَتَفَلَّى «1» وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَرْزُقُهُمْ مُدّاً مُدّاً مِنْ تَمْرٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ التَّمْرُ الَّذِي تَرْزُقُنَا قَدْ أَحْرَقَ بُطُونَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَمَا إِنِّي لَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُطْعِمَكُمُ الدُّنْيَا لَأَطْعَمْتُكُمْ وَ لَكِنْ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ مِنْ بَعْدِي يُغْدَى عَلَيْهِ بِالْجِفَانِ وَ يُرَاحُ عَلَيْهِ بِالْجِفَانِ وَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ فِي قَمِيصَةٍ وَ يَرُوحُ فِي أُخْرَى وَ تُنَجِّدُونَ بُيُوتَكُمْ كَمَا تُنَجَّدُ الْكَعْبَةُ «2» فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا إِلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ بِالْأَشْوَاقِ فَمَتَى هُوَ قَالَ ص زَمَانُكُمْ هَذَا خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ إِنَّكُمْ إِنْ مَلَأْتُمْ بُطُونَكُمْ مِنَ الْحَلَالِ تُوشِكُونَ أَنْ تَمْلَئُوهَا مِنَ الْحَرَامِ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ أَشَجَّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِنَا بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ الْحِسَابُ وَ الْقَبْرُ ثُمَّ ضِيقُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ سَعَتُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ تَخَافُ أَنْتَ ذَلِكَ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ أَسْتَحْيِي مِنَ النِّعَمِ الْمُتَظَاهِرَةِ الَّتِي لَا أُجَازِيهَا وَ لَا جُزْءاً مِنْ سَبْعَةٍ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَشَجَّ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَ أُشْهِدُ رَسُولَهُ وَ مَنْ حَضَرَنِي أَنَّ نَوْمَ اللَّيْلِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَ الْأَكْلَ بِالنَّهَارِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَ لِبَاسَ اللَّيْلِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَ مُخَالَطَةَ النَّاسِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَ إِتْيَانَ النِّسَاءِ عَلَيَّ حَرَامٌ «3» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَا سَعْدُ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئاً كَيْفَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ إِذَا لَمْ تُخَالِطِ النَّاسَ وَ سُكُونُ الْبَرِّيَّةِ بَعْدَ الْحَضَرِ كُفْرٌ لِلنِّعْمَةِ نَمْ بِاللَّيْلِ وَ كُلْ بِالنَّهَارِ وَ الْبَسْ مَا لَمْ يَكُنْ ذَهَباً أَوْ حَرِيراً أَوْ مُعَصْفَراً وَ آتِ النِّسَاءَ يَا سَعْدُ اذْهَبْ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَإِنَّهُمْ قَدْ رَدُّوا رَسُولِي فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ فَجَاءَ بِصَدَقَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَيْفَ رَأَيْتَهُمْ قَالَ خَيْرَ قَوْمٍ مَا رَأَيْتُ قَوْماً قَطُّ أَحْسَنَ أَخْلَاقاً فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ قَوْمٍ بَعَثْتَنِي إِلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ دَارِ الْخُلُودِ الَّذِينَ كَانَ لَهَا سَعْيُهُمْ وَ فِيهَا رَغْبَتُهُمْ أَنْ يَكُونُوا أَوْلِيَاءَ
__________________________________________________
 (1) تفلى: أى نقى رأسه و ثيابه من القمل و نحوه.
 (2) نجد البيت- من باب التفعيل- زينه و عبارة اللسان: نجدت البيت: بسطته بثياب موشبة.
 (3) زيادة من المصدر.

129
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 51 النهی عن الرهبانیة و السیاحة و سائر ما یأمر به أهل البدع و الأهواء ص 113

الشَّيْطَانِ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْغُرُورِ الَّذِينَ كَانَ لَهَا سَعْيُهُمْ وَ فِيهَا رَغْبَتُهُمْ ثُمَّ قَالَ بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ لَا يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَا يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ يَقْذِفُونَ الْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ لَا يَقُومُونَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْقِسْطِ بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْقِسْطِ فِي النَّاسِ بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ يَكُونُ الطَّلَاقُ عِنْدَهُمْ أَوْثَقَ مِنْ عَهْدِ اللَّهِ تَعَالَى بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ جَعَلُوا طَاعَةَ إِمَامِهِمْ دُونَ طَاعَةِ اللَّهِ بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ يَخْتَارُونَ الدُّنْيَا عَلَى الدِّينِ بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ يَسْتَحِلُّونَ الْمَحَارِمَ وَ الشَّهَوَاتِ وَ الشُّبُهَاتِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً وَ أَحْسَنُهُمْ لَهُ اسْتِعْدَاداً أُولَئِكَ هُمُ الْأَكْيَاسُ «1».
باب 52 اليقين و الصبر على الشدائد في الدين‏
الآيات البقرة وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ «2» و قال تعالى قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ «3» و قال تعالى مخاطبا لإبراهيم ع أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى‏ وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي «4» الأنعام وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «5» الرعد يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ «6» طه فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَ مُوسى‏ قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ
__________________________________________________
 (1) نوادر الراونديّ ص 25 و 26.
 (2) البقرة: 4، 118، 260.
 (3) البقرة: 4، 118، 260.
 (4) البقرة: 4، 118، 260.
 (5) الأنعام: 75.
 (6) الرعد: 2.

130
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَ لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَ أَبْقى‏ قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى‏ ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَ ما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَ اللَّهُ خَيْرٌ وَ أَبْقى«1» الشعراء قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ إلى قوله تعالى قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ «2» النمل وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ «3» العنكبوت وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ «4» لقمان وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ «5» التنزيل وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ «6» الجاثية وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ ما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ «7» و قال تعالى وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ «8» الذاريات وَ فِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ «9»
__________________________________________________
 (1) طه: 70- 73.
 (2) الشعراء: 24- 51.
 (3) النمل: 3.
 (4) العنكبوت: 10.
 (5) لقمان: 4.
 (6) السجدة: 24.

(7) الجاثية: 3، 19.
 (8) الجاثية: 3، 19.
 (9) الذاريات: 20 و 21.
                       

131
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

الطور بَلْ لا يُوقِنُونَ «1» الواقعة إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ «2» الحاقة وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ «3» التكاثر كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ «4» تفسير وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أي يوقنون إيقانا زال معه الشك قال البيضاوي اليقين إتقان العلم بنفي الشك و الشبهة عنه بالاستدلال و لذلك لا يوصف به علم البارئ تعالى و لا العلوم الضرورية «5».
وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قال الطبرسي رحمه الله أي بلى أنا مؤمن و لكن سألت ذاك لأزداد يقينا إلى يقيني عن الحسن و قتادة و مجاهد و ابن جبير و قيل لأعاين ذلك و يسكن قلبي إلى علم العيان بعد علم الاستدلال و قيل ليطمئن قلبي بأنك قد أجبت مسألتي و اتخذتني خليلا كما وعدتني «6».
وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «7» قال أي من المتيقنين بأن الله سبحانه هو خالق ذلك و الملك له.
يُفَصِّلُ الْآياتِ «8» أي يأتي بآية في أثر آية فصلا فصلا مميزا بعضها عن بعض ليكون أمكن للاعتبار و التفكر و قيل معناه يبين الدلائل بما يحدثه في السماوات و الأرض لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ أي لكي توقنوا بالبعث و النشور
__________________________________________________
 (1) الطور: 36.
 (2) الواقعة: 95.
 (3) الحاقّة: 51.
 (4) التكاثر: 5- 7.
 (5) أنوار التنزيل ص 10 مع اختلاف.
 (6) مجمع البيان ج 2 ص 373.
 (7) الأنعام: 75.
 (8) الرعد: 2.

132
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

و تعلموا أن القادر على هذه الأشياء قادر على البعث بعد الموت و في هذا دلالة على وجوب النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى و على بطلان التقليد و لو لا ذلك لم يكن لتفصيل الآيات معنى.
إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ «1» أي بأن الرب بهذه الصفة أو بأن هذه الأشياء محدثة و ليست من فعلكم و المحدث لا بد له من محدث لا ضَيْرَ أي لا ضرر علينا فيما تفعله إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ أي إلى ثواب ربنا راجعون خَطايانا أي من السحر و غيره أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ أي لأن كنا أول من صدق بموسى عند تلك الآية أو مطلقا.
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ «2» بلسانه فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ أي في دين الله أو في ذات الله جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ أي إذا أوذي بسبب دين الله رجع عن الدين مخافة عذاب الناس كما ينبغي أن يترك الكافر دينه مخافة عذاب الله فيسوي بين عذاب فان منقطع و بين عذاب دائم غير منقطع أبدا لقلة تمييزه و سمى أذية الناس فتنة لما في احتمالها من المشقة و قال علي بن إبراهيم «3» قال إذا آذاه إنسان أو أصابه ضر أو فاقة أو خوف من الظالمين دخل معهم في دينهم فرأى أن ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ أي فتح و غنيمة و قال علي بن إبراهيم «4» يعني القائم ع لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ في الدين فأشركونا بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ من الإخلاص و النفاق.
وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا قال علي بن إبراهيم كان في علم الله أنهم يصبرون على ما يصيبهم فجعلهم أئمة «5» وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ أي لا يشكون فيها.
__________________________________________________
 (1) الشعراء: 24.
 (2) العنكبوت: 10.
 (3) تفسير القمّيّ ص 495.
 (4) تفسير القمّيّ ص 495.
 (5) تفسير القمّيّ 513، و الآية في سورة السجدة: 24.

133
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ ما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ «1» أي في خلقه إياكم بما فيكم من بدائع الصنعة و ما يتعاقب عليكم من غرائب الأحوال من مبتدإ خلقكم إلى انقضاء الآجال و في خلق ما تفرق على وجه الأرض من الحيوانات على اختلاف أجناسها و منافعها دلالات واضحات على ما ذكرنا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ أي يطلبون علم اليقين بالتفكر و التدبر لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ لأنهم به «2» ينتفعون.
وَ فِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ «3» أي دلائل تدل على عظمة الله و علمه و قدرته و إرادته و وحدته و فرط رحمته وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أي و في أنفسكم آيات إذ ما في العالم شي‏ء إلا و في الإنسان له نظير يدل دلالته مع ما انفرد به من الهيئات النافعة و المناظر البهية و التركيبات العجيبة و التمكن من الأفعال الغريبة و استنباط الصنائع المختلفة و استجماع الكمالات المتنوعة
وَ فِي الْمَجْمَعِ، وَ تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الصَّادِقِ ع يَعْنِي أَنَّهُ خَلَقَكَ سَمِيعاً بَصِيراً تَغْضَبُ وَ تَرْضَى وَ تَجُوعُ وَ تَشْبَعُ وَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ «4».
أَ فَلا تُبْصِرُونَ أي تنظرون نظر من يعتبر إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ قال في المجمع أضاف الحق إلى اليقين و هما واحد للتأكيد أي هذا الذي أخبرتك به من منازل هؤلاء الأصناف الثلاثة هو الحق الذي لا شك فيه اليقين الذي لا شبهة فيه و قيل تقديره حق الأمر اليقين «5».
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قال الطبرسي قدس سره أي لو تعلمون الأمر علما يقينا لشغلكم ما تعلمون من التفاخر و التباهي بالعز و الكثرة و علم اليقين هو
__________________________________________________
 (1) الجاثية: 3.
 (2) أي بالقرآن، و الآية هكذا: هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ الجاثية: 19.
 (3) الذاريات: 20 و 21.
 (4) مجمع البيان ج 9 ص 156، تفسير القمّيّ 448.
 (5) مجمع البيان ج 9 ص 228.

134
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

العلم الذي يثلج به الصدر بعد اضطراب الشك فيه و لهذا لا يوصف الله تعالى بأنه متيقن لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ يعني حين تبرز الجحيم في القيامة قبل دخولهم إليها ثُمَّ لَتَرَوُنَّها يعني بعد الدخول إليها عَيْنَ الْيَقِينِ كما يقال حق اليقين و محض اليقين و معناه ثم لترونها بالمشاهدة إذا دخلتموها و عذبتم بها انتهى «1».
أقول و جعل بعض المحققين لليقين ثلاث درجات الأولى علم اليقين و هو العلم الذي حصل بالدليل كمن علم وجود النار برؤية الدخان و الثانية عين اليقين و هو إذا وصل إلى حد المشاهدة كمن رأى النار و الثالثة حق اليقين و هو كمن دخل النار و اتصف بصفاتها و سيأتي بعض القول فيها.
1- كا، الكافي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا أَخَا جُعْفٍ إِنَّ الْإِيمَانَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ إِنَّ الْيَقِينَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ وَ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَعَزَّ مِنَ الْيَقِينِ «2».
بيان: يا أخا جعف أي يا جعفي و هم قبيلة من اليمن «3» و في المصباح هو أخو تميم أي واحد منهم و فضل الإيمان على الإسلام إما باعتبار الولاية في الأول أو الإذعان القلبي فيه مع الأعمال أو بدونها كما مر جميع ذلك و على أي معنى أخذت يعتبر في الإيمان ما لا يعتبر في الإسلام فهو أخص و أفضل و كذا اليقين يعتبر فيه أعلى مراتب الجزم بحيث يترتب عليه الآثار و يوجب فعل الطاعات و ترك المناهي و لا يعتبر ذلك في الإيمان أي في حقيقته حتى يكون جميع أفراده فهو أخص و أفضل أفراد الإيمان أو يعتبر في اليقين عدم احتمال النقيض و لا يعتبر ذلك في الإيمان مطلقا كما مر و الأظهر أن التصديق الذي لا
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 10 ص 534.
 (2) الكافي ج 2 ص 51.
 (3) جعفى بن سعد العشيرة: بطن من سعد العشيرة (من مذحج، من القحطانية) ابن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب، و النسبة إليه كذلك جعفى.

135
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

يحتمل النقيض تختلف مراتبه حتى يصل إلى مرتبة اليقين كما أومأنا إليه سابقا.
و ما من شي‏ء أعز من اليقين أي أقل وجودا في الناس منه أو أشرف منه و الأول أظهر إذ اليقين لا يجتمع مع المعصية لا سيما مع الإصرار عليها و تارك ذلك نادر قليل بل يمكن أن يدعى أن إيمان أكثر الخلق ليس إلا تقليدا و ظنا يزول بأدنى وسوسة من النفس و الشيطان أ لا ترى أن الطبيب إذا أخبر أحدهم بأن الطعام الفلاني يضره أو يوجب زيادة مرضه أو بطؤ برئه يحتمي من ذلك الطعام بمحض قول هذا الطبيب حفظا لنفسه من الضرر الضعيف المتوهم و لا يترك المعصية الكبيرة مع إخبار الله و رسوله و أئمة الهدى ع بأنها مهلكة و موجبة للعذاب الشديد و ليس ذلك إلا لضعف الإيمان و عدم اليقين ..
2- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى جَمِيعاً عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْإِيمَانُ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ الْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَ مَا قُسِمَ فِي النَّاسِ شَيْ‏ءٌ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ «1».
بيان: يدل على أن التقوى أفضل من الإيمان و التقوى من الوقاية و هي في اللغة فرط الصيانة و في العرف صيانة النفس عما يضرها في الآخرة و قصرها على ما ينفعها فيها و لها ثلاث مراتب الأولى وقاية النفس عن العذاب المخلد بتصحيح العقائد الإيمانية و الثانية التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك و هو المعروف عند أهل الشرع و الثالثة التوقي عن كل ما يشغل القلب عن الحق و هذه درجة الخواص بل خاص الخاص و المراد هنا أحد المعنيين الأخيرين و كونه فوق الإيمان بالمعنى الثالث ظاهر على أكثر معاني الإيمان التي سبق ذكرها و إن أريد المعنى الثاني فالمراد بالإيمان إما محض العقائد الحقة أو مع فعل الفرائض و ترك الكبائر بأن يعتبر ترك الصغائر أيضا في المعنى الثاني و قيل باعتبار أن الملكة معتبرة فيها لا فيه و لا يخفى ما فيه.
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 51.

136
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

و كون اليقين فوق التقوى كأنه يعين حملها على المعنى الثاني و إلا فيشكل الفرق لكن درجات المرتبة الأخيرة أيضا كثيرة فيمكن حمل اليقين على أعالي درجاتها و ما قيل في الفرق أن التقوى قد يوجد بدون اليقين كما في بعض المقلدين فهو ظاهر الفساد إذ لا توجد هذه الدرجة الكاملة من التقوى لمن كان بناء إيمانه على الظن و التخمين و قوله ع و ما قسم للناس يدل على أن للاستعدادات الذاتية و العنايات الإلهية مدخلا في مراتب الإيمان و اليقين كما مرت الإشارة إليه.
3- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا بَا مُحَمَّدٍ الْإِسْلَامُ دَرَجَةٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَ الْإِيمَانُ عَلَى الْإِسْلَامِ دَرَجَةٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَ التَّقْوَى عَلَى الْإِيمَانِ دَرَجَةٌ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَ الْيَقِينُ عَلَى التَّقْوَى دَرَجَةٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَمَا أُوتِيَ النَّاسُ أَقَلَّ مِنَ الْيَقِينِ وَ إِنَّمَا تَمَسَّكْتُمْ بِأَدْنَى الْإِسْلَامِ فَإِيَّاكُمْ أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْ أَيْدِيكُمْ «1».
بيان الإسلام درجة أي درجة من الدرجات أو أول درجة و هو استفهام أو خبر و نعم يقع في جوابهما على الإسلام أي مشرفا أو زائدا عليه ما أوتي الناس أقل من اليقين أي الإيمان أقل من سائر ما أعطي الناس من الكمالات أو عزيز نادر فيهم كما مر و قيل المعنى ما أعطي الناس شيئا قليلا من اليقين و لا يخفى بعده و كأنه حمله على ذلك ما سيأتي قوله ع بأدنى الإسلام كأن المراد بالإسلام هنا مجموع العقائد الحقة بل مع قدر من الأعمال كما مر من اختلاف معاني الإسلام و يحتمل أن يكون المراد بالخطاب غير المخاطب من ضعفاء الشيعة و قيل المراد بأدنى الإسلام أدنى الدرجات إلى الإسلام و هو الإيمان من قبيل يوسف أحسن إخوته.
أن ينفلت من أيديكم أي يخرج من قلوبكم فجاءه فيدل على أن من لم يكن في درجة كاملة من الإيمان فهو على خطر من زواله فلا يغتر من‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 52

137
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

لم يتق المعاصي بحصول العقائد له فإنه يمكن زواله عنه بحيث لم يعلم فإن الأعمال الصالحة و الأخلاق الحسنة حصون للإيمان تحفظه من سراق شياطين الإنس و الجان قال الجوهري يقال كان ذلك الأمر فلتة أي فجاءة إذا لم يكن عن تدبر و لا تردد و أفلت الشي‏ء و تفلت و انفلت بمعنى و أفلته غيره.
4- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنِ الْإِيمَانِ وَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّمَا هُوَ الْإِسْلَامُ وَ الْإِيمَانُ فَوْقَهُ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ الْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَ لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْ‏ءٌ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ قَالَ قُلْتُ فَأَيُّ شَيْ‏ءٍ الْيَقِينُ قَالَ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَ التَّسْلِيمُ لِلَّهِ وَ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ التَّفْوِيضُ إِلَى اللَّهِ قُلْتُ فَمَا تَفْسِيرُ ذَلِكَ قَالَ هَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع «1».
بيان: إنما هو الإسلام كأن الضمير راجع إلى الدين لقوله تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ «2» أو ليس أول الدخول في الدين إلا درجة الإسلام قوله ع التوكل على الله تفسير اليقين بما ذكر من باب تعريف الشي‏ء بلوازمه و آثاره فإنه إذا حصل اليقين في النفس بالله سبحانه و وحدانيته و علمه و قدرته و حكمته و تقديره للأشياء و تدبيره فيها و رأفته بالعباد و رحمته يلزمه التوكل عليه في أموره و الاعتماد عليه و الوثوق به و إن توسل بالأسباب تعبدا و التسليم له في جميع أحكامه و لخلفائه فيما يصدر عنهم و الرضا بكل ما يقضي عليه على حسب المصالح من النعمة و البلاء و الفقر و الغنى و العز و الذل و غيرها و تفويض الأمر إليه في دفع شر الأعادي الظاهرة و الباطنة أو رد الأمر بالكلية إليه في جميع الأمور بحيث يرى قدرته مضمحلة في جنب قدرته و إرادته معدومة عند إرادته كما قال تعالى وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «3» و يعبر عن هذه المرتبة بالفناء في الله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 52.
 (2) آل عمران: 19.
 (3) الإنسان: 30، التكوير: 29.

138
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

قوله ع هكذا إلخ لما كان السائل قاصرا عن فهم حقائق هذه الصفات لم يجبه ع بالتفسير بل أكد حقيته بالرواية عن والده ع و قيل استبعد الراوي كون هذه الأمور تفسيرا لليقين فأجاب ع بأن الباقر ع كذا فسره.
5- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: الْإِيمَانُ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ الْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَ لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الْعِبَادِ شَيْ‏ءٌ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ «1».
بيان: قال بعض المحققين اعلم أن العلم و العبادة جوهران لأجلهما كان كلما ترى و تسمع من تصنيف المصنفين و تعليم المعلمين و وعظ الواعظين و نظر الناظرين بل لأجلهما أنزلت الكتب و أرسلت الرسل بل لأجلهما خلقت السماوات و الأرض و ما فيهما من الخلق و ناهيك لشرف العلم قول الله عز و جل اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً «2» و لشرف العبادة قوله سبحانه وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «3» فحق للعبد أن لا يشتغل إلا بهما و لا يتعب إلا لهما و أشرف الجوهرين العلم كما ورد فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم.
و المراد بالعلم الدين أعني معرفة الله سبحانه و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر قال الله عز و جل آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ «4» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَ مَنْ يَكْفُرْ
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 52.
 (2) الطلاق: 12.
 (3) الذاريات: 56.
 (4) البقرة: 285.

139
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً «1».
و مرجع الإيمان إلى العلم و ذلك لأن الإيمان هو التصديق بالشي‏ء على ما هو عليه و لا محالة هو مستلزم لتصور ذلك الشي‏ء كذلك بحسب الطاقة و هما معنى العلم و الكفر ما يقابله و هو بمعنى الستر و الغطاء و مرجعه إلى الجهل و قد خص الإيمان في الشرع بالتصديق بهذه الخمسة و لو إجمالا فالعلم بها لا بد منه و إليه الإشارة
بِقَوْلِهِ ص طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَ مُسْلِمَةٍ.
و لكن لكل إنسان بحسب طاقته و وسعه لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها «2» فإن للعلم و الإيمان درجات مترتبة في القوة و الضعف و الزيادة و النقصان بعضها فوق بعض كما دلت عليه الأخبار الكثيرة.
و ذلك لأن الإيمان إنما يكون بقدر العلم الذي به حياة القلب و هو نور يحصل في القلب بسبب ارتفاع الحجاب بينه و بين الله جل جلاله اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ «3» أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها «4» و ليس العلم بكثرة التعلم إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد أن يهديه.
و هذا النور قابل للقوة و الضعف و الاشتداد و النقص كسائر الأنوار وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً «5» وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً «6» كلما ارتفع حجاب ازداد نور فيقوى الإيمان و يتكامل إلى أن ينبسط نور فينشرح صدره و يطلع على حقائق الأشياء و تجلى له الغيوب و يعرف كل شي‏ء في موضعه فيظهر له‏
__________________________________________________
 (1) النساء: 136.
 (2) البقرة: 286.
 (3) البقرة: 257.
 (4) الأنعام: 122.
 (5) الأنفال: 2.
 (6) طه: 114.

140
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

صدق الأنبياء ع في جميع ما أخبروا عنه إجمالا و تفصيلا على حسب نوره و بمقدار انشراح صدره و ينبعث من قلبه داعية العمل بكل مأمور و الاجتناب عن كل محظور فيضاف إلى نور معرفته أنوار الأخلاق الفاضلة و الملكات الحميدة نُورُهُمْ يَسْعى‏ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ «1» نُورٌ عَلى‏ نُورٍ «2» و كل عبادة تقع على وجهها تورث في القلب صفاء يجعله مستعدا لحصول نور فيه و انشراح و معرفة و يقين ثم ذلك النور و المعرفة و اليقين تحمله على عبادة أخرى و إخلاص آخر فيها يوجب نورا آخر و انشراحا أتم و معرفة أخرى و يقينا أقوى و هكذا إلى ما شاء الله جل جلاله و على كل من ذلك شواهد من الكتاب و السنة.
ثم اعلم أن أوائل درجات الإيمان تصديقات مشوبة بالشكوك و الشبه على اختلاف مراتبها و يمكن معها الشرك وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «3» و عنها يعبر بالإسلام في الأكثر قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ «4» و أواسطها تصديقات لا يشوبها شك و لا شبهة الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا «5» و أكثر إطلاق الإيمان عليها خاصة إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «6» و أواخرها تصديقات كذلك مع كشف و شهود و ذوق و عيان و محبة كاملة لله سبحانه و شوق تام إلى حضرته المقدسة يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ‏
__________________________________________________
 (1) التحريم: 8.
 (2) النور: 35.
 (3) يوسف: 106.
 (4) الحجرات: 14.
 (5) الحجرات: 15.
 (6) الأنفال: 2.

141
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ «1» و عنها العبارة تارة بالإحسان الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه و أخرى بالإيقان وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ «2» و إلى المراتب الثلاث الإشارة بقوله عز و جل لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ «3» و إلى مقابلاته التي هي مراتب الكفر الإشارة بقوله جل و عز إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا «4» فنسبة الإحسان و اليقين إلى الإيمان كنسبة الإيمان إلى الإسلام.
و لليقين ثلاث مراتب علم اليقين و عين اليقين و حق اليقين كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ «5» إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ «6» و الفرق بينها إنما ينكشف بمثال فعلم اليقين بالنار مثلا هو مشاهدة المرئيات بتوسط نورها و عين اليقين بها هو معاينة جرمها و حق اليقين بها الاحتراق فيها و انمحاء الهوية بها و الصيرورة نارا صرفا و ليس وراء هذا غاية و لا هو قابل للزيادة لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.
د كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلًّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَيْسَ شَيْ‏ءٌ إِلَّا وَ لَهُ حَدٌّ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا حَدُّ التَّوَكُّلِ قَالَ الْيَقِينُ قُلْتُ فَمَا حَدُّ الْيَقِينِ قَالَ أَنْ لَا
__________________________________________________
 (1) المائدة: 54.
 (2) البقرة: 4.
 (3) المائدة: 93.
 (4) النساء: 137.
 (5) التكاثر: 5- 8.
 (6) الواقعة: 95.

142
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

تَخَافَ مَعَ اللَّهِ شَيْئاً «1».
بيان: قال المحقق الطوسي رحمه الله في أوصاف الأشراف اليقين اعتقاد جازم مطابق ثابت لا يمكن زواله و هو في الحقيقة مؤلف من علمين العلم بالمعلوم و العلم بأن خلاف ذلك العلم محال و له مراتب علم اليقين و عين اليقين و حق اليقين.
و المراد بالحد هنا إما علامته أو تعريفه أو نهايته فعلى الأول المعنى أن علامة التوكل اليقين و على الثاني تعريف له بلازمه و على الثالث المعنى أن التوكل ينتهي إلى اليقين فإنه إذا تمرن على التوكل و عرف آثاره حصل له اليقين بأن الله مدبر أمره و أنه الضار النافع و كذا الفقرة الثانية تحتمل الوجوه المذكورة.
و عدم الخوف من غيره سبحانه لا ينافي التقية و عدم إلقاء النفس إلى التهلكة إطاعة لأمره تعالى فإن صاحب اليقين يفعلهما خوفا منه تعالى كما أن التوكل لا ينافي التوسل بالوسائل و الأسباب تعبدا مع كون الاعتماد على الله تعالى في جميع الأمور.
7- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ الْحَنَّاطِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مِنْ صِحَّةِ يَقِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْ لَا يُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَ لَا يَلُومَهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا يَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَ لَا يَرُدُّهُ كَرَاهِيَةُ كَارِهٍ وَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ بِعَدْلِهِ وَ قِسْطِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَ الرَّاحَةَ فِي الْيَقِينِ وَ الرِّضَا وَ جَعَلَ الْهَمَّ وَ الْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَ السَّخَطِ «2».
بيان: من صحة يقين المرء المسلم أي من علامات كون يقينه بالله و بكونه‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 57.
 (2) الكافي ج 2 ص 57.

143
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

مالكا لنفعه و ضره و قاسما لرزقه على ما علم صلاح دنياه و آخرته فيه و أن الله مقلب القلوب و هي بيده يصرفها كيف يشاء و أن الآخرة الباقية خير من الدنيا الفانية صحيحا غير معلول و لا مشوب بشك و شبهة و أنه واقع ليس محض الدعوى.
أن لا يرضي الناس بسخط الله بأن يوافقهم في معاصيه تعالى طلبا لما عندهم من الزخارف الدنيوية أو المناصب الباطلة و يفتيهم بما يوافق رضاهم من غير خوف أو تقية و لا يأمرهم بالمعروف و لا ينهاهم عن المنكر من غير خوف ضرر أو عدم تجويز تأثير بل لمحض رعاية رضاهم و طلب التقرب عندهم أو يأتي أبواب الظالمين و يتذلل عندهم لا لتقية تجوزه و لا لمصلحة جلب نفع لمؤمن أو لدفع ضرر عنه بل لطلب ما في أيديهم لسوء يقينه بالله و برازقيته مع أنه يترتب عليه خلاف ما أمله كما
رُوِيَ مَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ.
قوله ع و لا يلومهم على ما لم يؤته الله أي لا يذمهم و لا يشكوهم على ترك صلتهم إياه بالمال و غيره فإنه يعلم صاحب اليقين أن ذلك شي‏ء لم يقدره الله له و لا يرزقه إياه لعدم كون صلاحه فيه مطلقا أو في كونه بيد هذا الرجل و بتوسطه بل يوصله إليه من حيث لا يحتسب فلا يلوم أحدا بذلك لأنه ينظر إلى مسبب الأسباب و لا ينظر إليها و لا يعترض على الله فيما فعل به و هذا اللوم يتضمن نوعا من الشرك حيث جعلهم الرازق و المعطي مع الله و سخطا لقضاء الله و الموقن بري‏ء منهما فضمير يؤته راجع إلى المرء المسلم و عائد ما محذوف بتقدير إياه.
و قيل يحتمل أن يكون المراد أنه لا يلومهم على ما لم يؤته الله إياهم فإن الله خلق كل أحد على ما هو عليه و كل ميسر لما خلق له فيكون‏
كَقَوْلِهِ ع لَوْ عَلِمَ النَّاسُ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ هَذَا الْخَلْقَ لَمْ يَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً.
و لا يخفى بعده لا سيما بالنظر إلى التعليل بقوله فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص أي الرزق الذي‏

144
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

قدره الله للإنسان لا يحتاج في وصوله إلى حرص بل يأتيه بأدنى سعي أمر الله به و لا يرد هذا الرزق كراهة كاره لرزق نفسه لقلته أو للزهد أو كاره لرزق غيره حسدا و يؤكد الأول و لو أن أحدكم إلخ.
و هذا يدل على أن الرزق مقدر من الله تعالى و يصل إلى العبد البتة و فيه مقامان. الأول أن الرزق هل يشمل الحرام أم لا فالمشهور بين الإمامية و المعتزلة الثاني و بين الأشاعرة الأول.
قال الرازي في تفسير قوله تعالى وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «1» الرزق في كلام العرب الحظ و قال بعضهم كل شي‏ء يؤكل أو يستعمل و قال آخرون الرزق هو ما يملك و أما في عرف الشرع فقد اختلفوا فيه فقال أبو الحسين البصري الرزق هو تمكين الحيوان من الانتفاع بالشي‏ء و الحظر على غيره أن يمنعه من الانتفاع به فإذا قلنا رزقنا الله الأموال لمعنى ذلك أنه مكننا من الانتفاع بها و المعتزلة لما فسروا الرزق بذلك لا جرم قالوا الحرام لا يكون رزقا و قال أصحابنا قد يكون رزقا.
حجة الأصحاب من وجهين الأول أن الرزق في أصل اللغة هو الحظ و النصيب على ما بيناه فمن انتفع بالحرام فذلك الحرام صار حظا و نصيبا له فوجب أن يكون رزقا له الثاني أنه تعالى قال وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها «2» و قد يعيش الرجل طول عمره لا يأكل إلا من السرقة فوجب أن يقال أنه طول عمره لم يأكل من رزقه شيئا.
و أما المعتزلة فقد احتجوا بالكتاب و السنة و المعنى أما الكتاب فوجوه أحدها قوله تعالى وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ مدحهم على الإنفاق مما رزقهم الله تعالى فلو كان الحرام رزقا لوجب أن يستحقوا المدح إذا أنفقوا من الحرام و ذلك‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 3.
 (2) هود: 6.

145
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

باطل بالاتفاق و ثانيها لو كان الحرام رزقا لجاز أن ينفق الغاصب منه لقوله تعالى وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ «1» و أجمع المسلمون على أنه لا يجوز للغاصب أن ينفق منه بل يجب عليه ردّه فدلّ على أن الحرام لا يكون رزقا و ثالثها قوله تعالى قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ «2» فبين أن من حرم رزق الله فهو مفتر على الله فثبت أن الحرام لا يكون رزقا.
و أما السُّنَّة فما
رَوَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي كِتَابِ الْغُرَرِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِذْ جَاءَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيَّ الشِّقْوَةَ فَلَا أَرَانِي أُرْزَقُ إِلَّا مِنْ دَفِّي بِكَفِّي فَأْذَنْ لِي فِي الْغِنَاءِ مِنْ غَيْرِ فَاحِشَةٍ فَقَالَ ع لَا آذَنُ لَكَ وَ لَا كَرَامَةَ وَ لَا نِعْمَةَ كَذَبْتَ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ لَقَدْ رَزَقَكَ اللَّهُ طَيِّباً فَاخْتَرْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْ رِزْقِهِ مَكَانَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ مِنْ حَلَالِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ بَعْدَ هَذِهِ النَّوْبَةِ شَيْئاً ضَرَبْتُكَ ضَرْباً وَجِيعاً.
. و أما المعنى فهو أن الله تعالى منع المكلف من الانتفاع به و أمر غيره بمنعه من الانتفاع به و من منع من أخذ الشي‏ء و الانتفاع به لا يقال أنه رزقه إياه أ لا ترى أنه لا يقال إن السلطان رزق جنده مالا قد منعهم من أخذه.
الثاني أن الرزق هل يجب على الله إيصاله من غير سعي و كسب أم لا بد من الكسب و السعي فيه ظاهر هذا الخبر و غيره الأول و قد
رُوِيَ فِي النَّهْجِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قِيلَ لَهُ ع لَوْ سُدَّ عَلَى رَجُلٍ بَابُ بَيْتٍ وَ تُرِكَ فِيهِ مِنْ أَيْنَ كَانَ يَأْتِيهِ رِزْقُهُ فَقَالَ ع مِنْ حَيْثُ يَأْتِيهِ أَجَلُهُ.
و ظاهر كثير من الأخبار الثاني و سيأتي تمام الكلام فيه في كتاب المكاسب إن شاء الله تعالى.
قوله ع و قسطه العطف للتفسير و التأكيد و كذا الراحة أو الروح راحة القلب و سكونه عن الاضطراب و الراحة فراغ البدن و عدم المبالغة
__________________________________________________
 (1) البقرة: 254.
 (2) يونس: 59.

146
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

في الاكتساب في اليقين برازقيته سبحانه و لطفه و سعة كرمه و أنه لا يفعل بعباده إلا ما هو أصلح لهم و أنه لا يصل إلى العباد إلا ما قدر لهم و الرضا بما يصل من الله إليه و هو ثمرة اليقين و الحزن بالضم و التحريك أيضا إما عطف تفسير للهم أو الهم اضطراب النفس عند تحصيله و الحزن جزعها و اغتمامها بعد فواته في الشك أي عدم اطمئنان النفس بما ذكر في اليقين و السخط و عدم الرضا بقضاء الله المترتب على الشك و نعم ما قيل‏
ما العيش إلا في الرضا             و الصبر في حكم القضاء
 ما بات من عدم الرضا             إلا على جمر الغضا «1».
8- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِيلَ عَلَى الْيَقِينِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ «2».
توضيح يدل على أن لكمال اليقين و قوة العقائد مدخلا عظيما في قبول الأعمال و فضلها بل لا يحصل الإخلاص الذي روح العبادة و ملاكها إلا بها و كأن قيد الدوام معتبر في الثاني أيضا ليظهر مزيد فضل اليقين و يحتمل أن يكون حذف قيد الدوام في الثاني للإشعار بأن إحدى ثمرات اليقين دوام العمل فإن اليقين الذي هو سببه لا يزول بخلاف العمل الكثير على غير يقين فإنه غالبا يكون متفرعا على غرض من الأغراض تتبدل سريعا أو إيمان ناقص هو بمعرض الضعف و الزوال على نهج‏
قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٍ مِنْهُ.
9- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ
__________________________________________________
 (1) الغضا: شجر عظيم من الاثل، واحدته غضاة، و خشبه من أصلب الخشب، و لهذا يكون في فحمه صلابة، و هو حسن النار، و جمره يبقى زمانا طويلا لا ينطفئ.
 (2) الكافي ج 2 ص 57.

147
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَى الْمِنْبَرِ لَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ «1».
تبيين قوله ع طعم الإيمان قيل إن فيه مكنية و تخييلية حيث شبه الإيمان بالطعام في أنه غذاء للروح به ينمو و يبلغ حد الكمال كما أن الطعام غذاء للبدن قوله ع لم يكن ليخطئه يحتمل أن يكون من المعتل أي يتجاوزه أو من المهموز أي لا يصيبه كما يخطئ السهم الرمية قال الراغب الخطأ العدول عن الجهة و ذلك أضرب أحدها أن يريد غير ما يحسن إرادته فيفعله و الثاني أن يريد ما يحسن فعله و لكن يقع منه خلاف ما يريد و هذا قد أصاب في الإرادة و أخطأ في الفعل و الثالث أن يريد ما لا يحسن فعله و يتفق منه خلافه و هذا مخطئ في الإرادة و مصيب في الفعل فهو مذموم بقصده و غير محمود على فعله و جملة الأمر أن من أراد شيئا و اتفق منه غيره يقال أخطأ و إن وقع منه كما أراده يقال أصاب و قد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن أو أراد إرادة لا تجمل أنه أخطأ «2».
و قال الجوهري في المعتل قولهم في الدعاء إذا دعوا للإنسان خطي عنه السوء أي دفع عنه السوء و تخطيته إذا تجاوز و تخطيت رقاب الناس و تخطيت إلى كذا و لا تقل تخطأت «3».
و في المصباح الخطأ مهموزا ضد الصواب يقصر و يمد و هو اسم من أخطأ فهو مخطئ قال أبو عبيدة خطئ خطأ من باب علم و أخطأ بمعنى واحد لم يذنب على غير عمد و قال غيره خطئ في الدين و أخطأ في كل شي‏ء عامدا كان أو غير عامد و أخطأ الحق بعد عنه و أخطأه السهم تجاوزه و لم يصبه و تخفيف الرباعي جائز و قال الزمخشري في الأساس في المهموز و من المجاز لن يخطئك ما
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 57.
 (2) مفردات غريب القرآن: 151.
 (3) الصحاح ص 2329 ج 6

148
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

كتب لك و ما أخطأك لم يكن ليصيبك و ما أصابك لم يكن ليخطئك و قال في المعتل و من المجاز تخطاه المكروه انتهى.
و أقول فظهر أن الهمز أظهر و حاصل المعنى أن ما أصابه في الدنيا كان يجب أن يصيبه و لم يكن بحيث يتجاوزه إذا لم يبالغ السعي فيه و ما لم يصبه في الدنيا لم يكن يصيبه إذا بالغ في السعي أو المعنى أن ما أصابه في التقدير الأزلي لا يتجاوزه و إن قصر في السعي و كذا العكس و هذا الخبر بظاهره مما يوهم الجبر و لذا أول و خص بما لم يكلف العبد به فعلا و تركا أو بما يصل إليه بغير اختياره من النعم و البلايا و الصحة و المرض و أشباهها و قد مضى الكلام في أمثاله في كتاب العدل.
10- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع جَلَسَ إِلَى حَائِطٍ مَائِلٍ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَقْعُدْ تَحْتَ هَذَا الْحَائِطِ فَإِنَّهُ مُعْوِرٌ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع حَرَسَ امْرَأً أَجَلُهُ فَلَمَّا قَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سَقَطَ الْحَائِطُ قَالَ وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّا يَفْعَلُ هَذَا وَ أَشْبَاهَهُ وَ هَذَا الْيَقِينُ «1».
توضيح فإنه معور على بناء الفاعل من باب الإفعال أي ذو شق و خلل يخاف منه أو على بناء المفعول من التفعيل أو الإفعال أي ذو عيب قال في النهاية العوار بالفتح العيب و قد يضم و العورة كل ما يستحيى منه إذا ظهر و فيه رأيته و قد طلع في طريق معورة أي ذات عورة يخاف فيها الضلال و الانقطاع و كل عيب و خلل في شي‏ء فهو عورة و في الأساس مكان معمور ذو عورة.
قوله ع حرس امرأ أجله امرأ مفعول حرس و أجله فاعله و هذا مما استعمل فيه النكرة في سياق الإثبات للعموم أي حرس كل امرئ أجله كقوله أنجز حر ما وعد و يؤيده ما «2»
فِي النَّهْجِ أَنَّهُ قَالَ ع كَفَى‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 58.
 (2) من الامثال السائرة: يقال: نجز الوعد ينجز، و قال الازهرى: نجز الوعد و انجزته أنا و كذلك نجزت به، و انما قال حر و لم يقل الحر، لانه حذر أن يسمى نفسه حرا، فكان ذلك تمدحا، قال المفضل: أول من قال ذلك الحارث بن عمرو آكل المرار الكندي لصخر بن نهشل بن دارم، و ذلك أن الحارث قال لصخر: هل أدلك على غنيمة على أن لي خمسها؟ فقال صخر: نعم، فدله على ناس من اليمن فأغار عليهم بقومه، فظفروا و غنموا، فلما انصرفوا قال له الحارث: أنجز حرما وعد، فأرسلها مثلا راجع مجمع الامثال ج 2 ص 332 تحت الرقم 4191.

149
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

بِالْأَجَلِ حَارِساً «1».
و من العجب ما ذكره بعض الشارحين أن امرأ مرفوع على الفاعلية و أجله منصوب على المفعولية و العكس محتمل و المقصود الإنكار لأن أجل المرء ليس بيده حتى يحرسه انتهى.
و يشكل هذا بأنه يدل على جواز إلقاء النفس إلى التهلكة و عدم وجوب الفرار عما يظن عنده الهلاك و المشهور عند الأصحاب خلافه و يمكن أن يجاب عنه بوجوه.
الأول أنه يمكن أن يكون هذا الجدار مما يظن عدم انهدامه في ذلك الوقت و لكن الناس كانوا يحترزون عن ذلك بالاحتمال البعيد لشدة تعلقهم بالحياة فأجاب ع بأن الأجل حارس و لا يحسن الحذر عند الاحتمالات البعيدة لذلك و إنما نحترز عند الظن بالهلاك تعبدا و هذا ليس من ذلك لكن قوله ع فلما قام إلخ مما يبعد هذا الوجه و يقعده و إن أمكن توجيهه.
الثاني أن يقال هذا كان من خصائصه ع و أضرابه حيث كان يعلم وقت أجله بإخبار النبي ص و غيره فكان يعلم أن هذا الحائط لا يسقط في ذلك الوقت و إن كان مشرفا على الانهدام لعدم الكذب في إخباره و أما من لم يعلم ذلك فهو مكلف بالاحتراز و كون هذا من اليقين لكونه متفرعا على اليقين بخبر
__________________________________________________
 (1) راجع نهج البلاغة الرقم 306 من الحكم‏

150
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

النبي ص.
الثالث أن يقال إنه من خصائصه ع على وجه آخر و هو أنه ع كان يعلم أن هذا الحائط لا ينهدم في هذا الوقت فلما علم أنه حان وقت سقوطه قام فسقط و يؤيده‏
مَا رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي التَّوْحِيدِ «1» بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع عَدَلَ مِنْ عِنْدِ حَائِطٍ آخَرَ فَقِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ قَالَ أَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ.
و لعل المعنى أني لما علمت أنه ينهدم و أعلم أن الله قدر لي أجلا متأخرا عن هذا الوقت فأفر من هذا إلى أن يحصل لي القدر الذي قدره الله لي أو المراد بقدر الله أمره و حكمه أي إنما أفر من هذا القضاء بأمره تعالى أو المعنى أن الفرار أيضا من تقديره تعالى فلا ينافي كون الأشياء بقضاء الله تعالى الفرار من البلايا و السعي لتحصيل ما يجب السعي له فإن كل ذلك داخل في علمه و قضائه و لا ينافي شي‏ء من ذلك اختيار العبد كما حققناه في محله.
وَ يُؤَيِّدُ الْوُجُوهَ كُلَّهَا مَا رُوِيَ فِي الْخِصَالِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَمْسَةٌ لَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ أَحَدُهُمْ رَجُلٌ مَرَّ بِحَائِطٍ مَائِلٍ وَ هُوَ يُقْبِلُ إِلَيْهِ وَ لَمْ يُسْرِعِ الْمَشْيَ حَتَّى سَقَطَ عَلَيْهِ الْخَبَرَ «2».
الرابع ما قال بعضهم التكليف بالفرار مختص بغير الموقن لأن الموقن يتوكل على الله و يفوض أمره إليه فيقيه عن كل مكروه كما قال عز و جل أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ «3» و كما قال مؤمن آل فرعون وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا «4» و سر ذلك أن المؤمن الموقن المنتهي إلى حد الكمال لا ينظر إلى الأسباب و الوسائط في النفع و الضر
__________________________________________________
 (1) التوحيد ص 377.
 (2) الخصال ج 1 ص 143.
 (3) الزمر: 36.
 (4) غافر: 44.

151
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

و إنما نظره إلى مسببها و أما من لم يبلغ ذلك الحد من اليقين فإنه يخاطب بالفرار قضاء لحق الوسائط.
و هذا اليقين أي من ثمرات اليقين بقضاء الله و قدره و قدرته و حكمته و لطفه و رأفته و صدق أنبيائه و رسله.
11- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما «1» فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ مَا كَانَ ذَهَباً وَ لَا فِضَّةً وَ إِنَّمَا كَانَ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا مَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ لَمْ يَضْحَكْ سِنُّهُ وَ مَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ لَمْ يَفْرَحْ قَلْبُهُ وَ مَنْ أَيْقَنَ بِالْقُدْرَةِ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ «2».
بيان: قوله تعالى أَمَّا الْجِدارُ أقول هذا في قصة موسى و الخضر ع كما مر تفسير الآيات و شرح القصة في كتاب النبوة «3» وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما قال الطبرسي رحمه الله الكنز هو كل مال مذخور من ذهب أو فضة و غير ذلك و اختلف في هذا الكنز فقيل كانت صحف علم مدفونة تحته عن ابن عباس و ابن جبير و مجاهد قال ابن عباس ما كان ذلك الكنز إلا علما و قيل كان كنزا من الذهب و الفضة رواه أبو الدرداء عن النبي ص و قيل كان لوحا من الذهب‏
وَ فِيهِ مَكْتُوبٌ عَجَباً لِمَنْ يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَحْزَنُ عَجَباً لِمَنْ أَيْقَنَ بِالرِّزْقِ كَيْفَ يَتْعَبُ عَجَباً لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ كَيْفَ يَفْرَحُ عَجَباً لِمَنْ يُؤْمِنُ بِالْحِسَابِ كَيْفَ يَغْفُلُ عَجَباً لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَ تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا كَيْفَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ص عن ابن عباس و الحسن.
و روي عن أبي عبد الله ع.
و في بعض الروايات زيادة و نقصان و هذا القول يجمع القولين الأولين لأنه يتضمن أن الكنز كان مالا كتب فيه علم فهو مال و علم وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً
__________________________________________________
 (1) الكهف: 82.
 (2) الكافي ج 2 ص 58.
 (3) راجع ج 13 ص 285 و ما بعده من هذه الطبعة.

152
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

بين سبحانه أنه حفظ الغلامين بصلاح أبيهما و لم يذكر منهما صلاحا عن ابن عباس‏
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا وَ بَيْنَ ذَلِكَ الْأَبِ الصَّالِحِ سَبْعَةُ آبَاءٍ.
وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ لَيُصْلِحُ بِصَلَاحِ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ وُلْدِهِ وَ أَهْلَ دُوَيْرَتِهِ وَ دُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ فَلَا يَزَالُونَ فِي حِفْظِ اللَّهِ لِكَرَامَتِهِ عَلَى اللَّهِ «1».
فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما قال البيضاوي أي الحلم و كمال الرأي وَ يَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أي مرحومين من ربك و يجوز أن يكون علة أو مصدرا لأراد فإن أراد الخير رحمة و قيل يتعلق بمحذوف تقديره فعلت ما فعلت رحمة من ربك انتهى «2».
قوله ع ما كان ذهبا و لا فضة أقول يدل على أن الأخبار الواردة بأنه كان من ذهب محمولة على التقية و يمكن أن يحمل هذا الخبر على أنه لم يكن كونه كنزا و ادخاره و حفظ الخضر ع له لكونه ذهبا بل للعلم الذي كان فيه و إنما اقتصر على هذه الأربع لأن الأولى مشتملة على توحيد الله و تنزيهه عن كل ما لا يليق به سبحانه و الثانية على تذكر الموت و الاستعداد لما بعده و الثالثة على تذكر أحوال القيامة و أهوالها الموجب لعدم الفرح بلذات الدنيا و الرغبة في زخارفها و الرابعة على اليقين بالقضاء و القدر المتضمن لعدم الخشية من غير الله و هي من أعظم أركان الإيمان و من أمهات الصفات الكمالية.
لم يضحك سنه إنما نسب الضحك إلى السن لإخراج التبسم فإنه ممدوح و كان ضحك رسول الله ص تبسما و قراءته بالنصب بأن يكون المراد بالسن العمر بعيد و ظاهر أن تذكر الموت و الأهوال التي بعده يصير الإنسان مغموما مهموما متهيئا لرفع تلك الأهوال فلا يدع في قلبه فرحا من اللذات يصير سببا لضحكه و كذا اليقين بالحساب لا يدع فرحا في قلب أولي الألباب و كذا من أيقن بأن جميع الأمور بقضاء الله و قدره علم أنه الضار النافع في الدنيا و الآخرة
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 6 ص 488.
 (2) أنوار التنزيل ص 252.

153
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

فلا يخشى و لا يرجو غيره سبحانه ..
12- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ لَا يَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَ أَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ وَ أَنَّ الضَّارَّ النَّافِعَ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ «1».
بيان: و الله هو الضار النافع لأن كل نفع و ضرر بتقديره تعالى و إن كان بتوسط الغير و أن النفع و الضرر الحقيقيان منه تعالى و أما الضرر اليسير من الغير مع الجزاء الكثير في الآخرة فليس بضرر حقيقة و كذا المنافع الفانية الدنيوية إذا كانت مع العقوبات الأخروية فهو عين الضرر و بالجملة كل نفع و ضرر يعتد بهما فهو من عنده تعالى و أيضا كل نفع أو ضر من غيره فهو بتوفيقه أو خذلانه سبحانه.
13- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنَ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: نَظَرْتُ يَوْماً فِي الْحَرْبِ إِلَى رَجُلٍ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَإِذَا هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ نَعَمْ يَا سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ لَهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَافِظٌ وَ وَاقِيَةٌ مَعَهُ مَلَكَانِ يَحْفَظَانِهِ مِنْ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ أَوْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ فَإِذَا نَزَلَ الْقَضَاءُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ «2».
بيان: في مثل هذا الموضع فيه تقدير أي تكتفي بلبس القميص و الإزار من غير درع و جنة في مثل هذا الموضع حافظ أي ملك حافظ لأعماله و ملائكة واقية له من البلايا دافعة لها عنه كما قال تعالى لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ «3»
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهَا عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يَقُولُ بِأَمْرِ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِي رَكِيٍ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 58.
 (2) الكافي ج 2 ص 58.
 (3) الرعد: 11.

154
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

أَوْ يَقَعَ عَلَيْهِ حَائِطٌ أَوْ يُصِيبَهُ شَيْ‏ءٌ حَتَّى إِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ يَدْفَعُونَهُ إِلَى الْمَقَادِيرِ وَ هُمَا مَلَكَانِ يَحْفَظَانِهِ بِاللَّيْلِ وَ مَلَكَانِ يَحْفَظَانِهِ بِالنَّهَارِ يَتَعَاقَبَانِهِ.
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا نَزَلَتْ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ خَلْفِهِ وَ رَقِيبٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ «1».
و قال الطبرسي رحمه الله في سياق الوجوه المذكورة في تفسيرها و الثاني أنهم ملائكة يحفظونه من المهالك حتى ينتهوا به إلى المقادير فيحولون بينه و بين المقادير عن علي ع و قيل هم عشرة أملاك على كل آدمي يحفظونه من بين يديه و من خلفه يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي يطوفون به كما يطوف الموكل بالحفظ و قيل يحفظون ما تقدم من عمله و ما تأخر إلى أن يموت فيكتبونه و قيل يحفظونه من وجوه المهالك و المعاطب و من الجن و الإنس و الهوام و قال ابن عباس يحفظونه مما لم يقدر نزوله فإذا جاء المقدر بطل الحفظ و قيل مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي بأمر الله و قيل يحفظونه عن خلق الله فمن بمعنى عن قال كعب لو لا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم و مشربكم و عوراتكم لتخطفتكم الجن انتهى «2».
وَ رَوَى الصَّدُوقُ ره فِي التَّوْحِيدِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ ع يَوْمَ صِفِّينَ «3» وَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: بَيْنَمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُعَبِّئُ الْكَتَائِبَ يَوْمَ صِفِّينَ وَ مُعَاوِيَةُ مُسْتَقْبِلُهُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يَتَأَكَّلُ تَحْتَهُ تَأَكُّلًا «4» وَ عَلِيٌّ ع عَلَى فَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ ص الْمُرْتَجِزِ وَ بِيَدِهِ حَرْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَ هُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ احْتَرِسْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّا نَخْشَى‏
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ: 337.
 (2) مجمع البيان ج 6 ص 281.
 (3) ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانيّ و هكذا نسخة المرآة المطبوعة ج 2 ص 84، أضفناه من المصدر، و قد أخرجه المؤلّف في ج 41 ص 1 من هذه الطبعة تماما.
 (4) أي يتوهج و يحترق غضبا على راكبه كيف يمنعه عن العدو في هذا الميدان.

155
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

أَنْ يَغْتَالَكَ هَذَا الْمَلْعُونُ فَقَالَ ع لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى دِينِهِ وَ إِنَّهُ لَأَشْقَى الْقَاسِطِينَ وَ أَلْعَنُ الْخَارِجِينَ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ وَ لَكِنْ كَفَى بِالْأَجَلِ حَارِساً لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَ مَعَهُ مَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَنْ يَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ يَقَعَ عَلَيْهِ حَائِطٌ أَوْ يُصِيبَهُ سُوءٌ فَإِذَا حَانَ أَجَلُهُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَا يُصِيبُهُ وَ كَذَلِكَ أَنَا إِذَا حَانَ أَجَلِي انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَخَضَّبَ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَى لِحْيَتِهِ وَ رَأْسِهِ عَهْداً مَعْهُوداً وَ وَعْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ «1».
و قيل التاء في قوله واقية للنقل إلى الاسمية إذا المراد الواقية من خصوص الموت و قيل واقية أي جنة واقية كأنها من الصفات الغالبة أو التاء فيها للمبالغة عطف تفسيري للحافظ انتهى.
14- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَقُولُ كَانَ فِي الْكَنْزِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما «2» كَانَ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ كَيْفَ يَفْرَحُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَحْزَنُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَ تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا كَيْفَ يَرْكَنُ إِلَيْهَا وَ يَنْبَغِي لِمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنْ لَا يَتَّهِمَ اللَّهَ فِي قَضَائِهِ وَ لَا يَسْتَبْطِئَهُ فِي رِزْقِهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَهُ قَالَ فَضَرَبَ وَ اللَّهِ يَدَهُ إِلَى الدَّوَاةِ لِيَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيَّ فَتَنَاوَلْتُ يَدَهُ فَقَبَّلْتُهَا وَ أَخَذْتُ الدَّوَاةَ فَكَتَبْتُهُ «3».
بيان: قوله كان فيه تأكيد لقوله كان في الكنز و اختلاف الأخبار في المكتوب في اللوح لا ضير فيه لأن الجميع كان فيه و اختلاف العبارات للنقل بالمعنى مع أن الظاهر أنها لم تكن عربية و في النقل من لغة إلى لغة كثيرا ما تقع تلك الاختلافات.
فإن قلت الحصر في بعض الأخبار «4» بإنما ينافي تجويز الزيادة على الأربع‏
__________________________________________________
 (1) التوحيد: 367.
 (2) الكهف: 82.
 (3) الكافي ج 2 ص 59.
 (4) في المرآة: فى الحديث 6، و المراد الحديث المرقم 11.

156
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

قلت الظاهر أن الحصر بالإضافة إلى الذهب و الفضة مع أن المضامين قريبة و إنما التفاوت بالإجمال و التفصيل و نسبة التعجب إلى الله تعالى مجاز و الغرض الإخبار عن ندرة الوقوع أو عدمه.
و قال بعض المحققين إنما اختلفت ألفاظ الروايتين مع أنهما إخبار عن أمر واحد لأنهما إنما تخبران عن المعنى دون اللفظ فلعل اللفظ كان غير عربي و أما ما يتراءى فيهما من الاختلاف في المعنى فيمكن إرجاع إحداهما إلى الأخرى و ذلك لأن التوحيد و التسمية مشتركان في الثناء و لعلهما كانا مجتمعين فاكتفي في كل من الروايتين بذكر أحدهما.
و من أيقن بالقدر علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه فلم يحزن على ما فاته وَ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ و من أيقن بالحساب نظر إلى الدنيا بعين العبرة و رأى تقلبها بأهلها فلم يركن إليها فلم يفرح بما آتاه فهذه خصال متلازمة اكتفي في إحدى الروايتين ببعضها و في الأخرى بآخر و أما قوله ينبغي إلى آخره فلعله من كلام الرضا ع دون أن يكون من جملة ما في الكنز و على تقدير أن يكون من جملة ذلك فذكره في إحدى الروايتين لا ينافي السكوت عنه في الأخرى انتهى.
لمن عقل عن الله أي حصل له معرفة ذاته و صفاته المقدسة من علمه و حكمته و لطفه و رحمته أو أعطاه الله عقلا كاملا أو علم الأمور بعلم ينتهي إلى الله بأن أخذه عن أنبيائه و حججه ع إما بلا واسطة أو بواسطة أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر أو تفكر فيما أجرى الله على لسان الأنبياء و الأوصياء و فيما أراه من آياته في الآفاق و الأنفس و تقلب أحوال الدنيا و أمثالها و الثاني أظهر
لِقَوْلِ الْكَاظِمِ ع لِهِشَامٍ يَا هِشَامُ مَا بَعَثَ اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ إِلَى عِبَادِهِ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ.
و
قَالَ أَيْضاً إِنَّهُ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ لَمْ يَعْقِدْ قَلْبَهُ عَلَى مَعْرِفَةٍ ثَابِتَةٍ يُبْصِرُهَا وَ يَجِدُ حَقِيقَتَهَا فِي قَلْبِهِ «1».
__________________________________________________
 (1) راجع الكافي ج 1 ص 16 و 18.

157
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

أن لا يتهم الله في قضائه بأن يظن أن ما لم يقدره الله له خير مما قدر له أو يفعل من السعي و الجزع ما يوهم ذلك و لا يستبطئه أي لا يعده بطيئا في رزقه إن تأخر بأن يعترض عليه في الإبطاء بلسان الحال أو القال و يدل على رجحان كتابة الحديث و عدم الاتكال على الحفظ.
15- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ قَنْبَرٌ غُلَامُ عَلِيٍّ يُحِبُّ عَلِيّاً ع حُبّاً شَدِيداً فَإِذَا خَرَجَ عَلِيٌّ خَرَجَ عَلَى أَثَرِهِ بِالسَّيْفِ فَرَآهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ يَا قَنْبَرُ مَا لَكَ فَقَالَ جِئْتُ لِأَمْشِيَ خَلْفَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ وَيْحَكَ أَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ تَحْرُسُنِي أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَقَالَ إِنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ لَا يَسْتَطِيعُونَ لِي شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ مِنَ السَّمَاءِ فَارْجِعْ فَرَجَعَ «1».
بيان قنبر كان من موالي أمير المؤمنين ع و من خواصه و قتله الحجاج لعنه الله على حبه ع قوله ع فإذا خرج‏
رُوِيَ أَنَّهُ ع كَانَ يَخْرُجُ فِي أَكْثَرِ اللَّيَالِي إِلَى ظَهْرِ الْكُوفَةِ فَيَعْبُدُ اللَّهَ هُنَاكَ.
إلا بإذن الله من السماء إنما نسب إلى السماء لأن التقديرات فيها و الإذن التخلية كما مر.
16- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ قَالَ: قِيلَ لِلرِّضَا ع إِنَّكَ تَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَ السَّيْفُ يَقْطُرُ دَماً فَقَالَ إِنَّ لِلَّهِ وَادِياً مِنْ ذَهَبٍ حَمَاهُ بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ النَّمْلِ فَلَوْ رَامَتِ الْبَخَاتِيُّ لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ «2».
بيان: بهذا الكلام أي بدعوى الإمامة و السيف أي سيف هارون يقطر على بناء المعلوم من باب نصر و دما تمييز و كونه من باب الإفعال و دما مفعولا بعيد و في القاموس البخت بالضم الإبل الخراسانية كالبختية و الجمع بخاتي و بخاتي و بخات انتهى و ذكر بعض المؤرخين أن عسكر بعض الخلفاء وصلوا إلى موضع فنظروا عن جانب الطريق إلى واد يلوح منها ذهب كثير فلما توجهوا
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 59.
 (2) الكافي ج 2 ص 59.

158
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

إليها خرج إليهم نمل كثير كالبغال فقتلت أكثرهم.
17- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَابِشِيِّ وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْزَمٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فَنَظَرَ إِلَى شَابٍّ فِي الْمَسْجِدِ وَ هُوَ يَخْفِقُ وَ يَهْوِي بِرَأْسِهِ مُصْفَرّاً لَوْنُهُ قَدْ نَحِفَ جِسْمُهُ وَ غَارَتْ عَيْنَاهُ فِي رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا فُلَانُ قَالَ أَصْبَحْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُوقِناً فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ قَوْلِهِ وَ قَالَ لَهُ إِنْ لِكُلِّ يَقِينٍ حَقِيقَةً فَمَا حَقِيقَةُ يَقِينِكَ فَقَالَ إِنَّ يَقِينِي يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ الَّذِي أَحْزَنَنِي وَ أَسْهَرَ لَيْلِي وَ أَظْمَأَ هَوَاجِرِي فَعَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي وَ قَدْ نُصِبَ لِلْحِسَابِ وَ حُشِرَ الْخَلَائِقُ لِذَلِكَ وَ أَنَا فِيهِمْ وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَنَعَّمُونَ فِي الْجَنَّةِ وَ يَتَعَارَفُونَ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ وَ هُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ مُصْطَرِخُونَ وَ كَأَنِّي الْآنَ أَسْمَعُ زَفِيرَ النَّارِ يَدُورُ فِي مَسَامِعِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَذَا عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْزَمْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّابُّ ادْعُ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أُرْزَقَ الشَّهَادَةَ مَعَكَ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ ص فَاسْتُشْهِدَ بَعْدَ تِسْعَةِ نَفَرٍ وَ كَانَ هُوَ الْعَاشِرَ «1».
بيان: و هو يخفق و يهوي برأسه أي ينعس فينحط رأسه للنعاس بكثرة العبادة في الليل في القاموس خفقت الراية تخفق و تخفق خفقا و خفقانا محركة اضطربت و تحركت و فلان حرك رأسه إذا نعس كأخفق و قال هوى هويا سقط من علو إلى سفل انتهى فقوله و يهوي برأسه كالتفسير لقوله يخفق أو مبالغة في الخفق إذ يكفي فيه الحركة القليلة و نحف كتعب و قرب نحافة هزل كيف أصبحت أي على أي حال دخلت في الصباح أو كيف صرت.
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 53.

159
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

فعجب رسول الله كتعب أي تعجب منه لندرة مثل ذلك أو أعجبه و سر به قال الراغب العجب و التعجب حالة تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشي‏ء و لهذا قال بعض الحكماء العجب ما لا يعرف سببه و لهذا قيل لا يصح على الله التعجب إذ هو علام الغيوب و يقال لما لا يعهد مثله عجب قال تعالى أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا «1» كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً «2» إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً «3» أي لم نعهد مثله و لم نعرف سببه و يستعار تارة للمونق فيقال أعجبني كذا أي راقني و قال تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ «4».
قوله إن لكل يقين أي فرد من أفراده أو صنف من أصنافه حقيقة فما حقيقة يقينك من أي نوع أو صنف أو لكل يقين علامة تدل عليه فما علامة يقينك كما مر هو الذي أحزنني أي في أمر الآخرة و أسهر ليلي لحزن الآخرة أو للاستعداد لها أو لحب عبادة الله و مناجاته عجبا للمحب كيف ينام و الإسناد مجازي أي أسهرني في ليلي و كذا في قوله و أظمأ هواجري مجاز عقلي أي أظمأني عند الهاجرة و شدة الحر للصوم في الصيف و إنما خصه لأنه أشق و أفضل في القاموس الهاجرة نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو من عند زوالها إلى العصر لأن الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا شدة الحر و قال عزفت نفسي عنه تعزف عزوفا زهدت فيه و انصرفت عنه أو ملته.
حتى كأني أنظر أي شدة اليقين بأحوال الآخرة صيرني إلى حالة المشاهدة و الاصطراخ الاستغاثة و زفير النار صوت توقدها في القاموس زفر يزفر زفرا و زفيرا أخرج نفسه بعد مدة إياه و النار سمع لتوقدها صوت و قال المسمع كمنبر الأذن كالسامعة و الجمع مسامع انتهى و قيل المسامع جمع جمع‏
__________________________________________________
 (1) يونس: 2.
 (2) الكهف: 9.
 (3) الجن: 1.
 (4) البقرة: 204، راجع مفردات غريب القرآن 322.

160
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

على غير قياس كمشابه و ملامح جمع شبه و لمحة.
و قال بعض المحققين هذا التنوير الذي أشير به في الحديث إنما يحصل بزيادة الإيمان و شدة اليقين فإنهما ينتهيان بصاحبهما إلى أن يطلع على حقائق الأشياء محسوساتها و معقولاتها فتنكشف له حجبها و أستارها فيعرفها بعين اليقين على ما هي عليه من غير وصمة ريب أو شائبة شك ليطمئن لها قلبه و يستريح بها روحه و هذه هي الحكمة الحقيقية التي من أوتيها فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً و إليه‏
أَشَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِقَوْلِهِ هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقَائِقِ الْأُمُورِ وَ بَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ وَ اسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى «1».
أراد ع بما استوعره المترفون يعني المتنعمون رفض الشهوات البدنية و قطع التعلقات الدنيوية و ملازمة الصمت و السهر و الجوع و المراقبة و الاحتراز عما لا يعني و نحو ذلك و إنما يتيسر ذلك بالتجافي عن دار الغرور و الترقي إلى عالم النور و الأنس بالله و الوحشة عما سواه و صيرورة الهموم جميعا هما واحدا و ذلك لأن القلب مستعد لأن يتجلى فيه حقيقة الحق في الأشياء كلها من اللوح المحفوظ الذي هو منقوش بجميع ما قضى الله تعالى به إلى يوم القيامة و إنما حيل بينه و بينها حجب كنقصان في جوهره أو كدورة تراكمت عليه من كثرة الشهوات أو عدول به عن جهة الحقيقة المطلوبة أو اعتقاد سبق إليه و رسخ فيه على سبيل التقليد و القبول بحسن الظن أو جهل بالجهة التي منها يقع العثور على المطلوب و إلى بعض هذه الحجب أشير في‏
الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ لَوْ لَا أَنَّ الشَّيَاطِينَ يَحُومُونَ عَلَى قُلُوبِ بَنِي آدَمَ لَنَظَرُوا إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاءِ.
18- م، تفسير الإمام عليه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ

__________________________________________________
 (1) راجع نهج البلاغة تحت الرقم 147 من الحكم، تحف العقول ص 164، و لا يذهب عليك أن كلامه عليه السلام هذا في صفات حجج اللّه عزّ و جلّ و صدره: اللّهمّ بلى لا يخلو الأرض من قائم للّه بحجة اما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا إلخ.

161
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ «1» قَالَ الْإِمَامُ ع قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَسَتْ «2» قُلُوبُكُمْ عَسَتْ «3» وَ جَفَّتْ وَ يَبِسَتْ مِنَ الْخَيْرِ وَ الرَّحْمَةِ قُلُوبُكُمْ مَعَاشِرَ الْيَهُودِ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنْتُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ فِي زَمَانِ مُوسَى ع وَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي شَاهَدْتُمُوهَا مِنْ مُحَمَّدٍ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ الْيَابِسَةِ لَا تَرْشَحُ بِرُطُوبَةٍ وَ لَا يَنْتَفِضُ مِنْهَا مَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَيْ إِنَّكُمْ لَا حَقَّ اللَّهِ تُؤَدُّونَ وَ لَا مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَ لَا مِنْ حَوَاشِيهَا تَتَصَدَّقُونَ وَ لَا بِالْمَعْرُوفِ تَتَكَرَّمُونَ وَ تَجُودُونَ‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 74.
 (2) ما جعلناه بين المعقوفتين، أضفناه من المصدر (تفسير الإمام) بقرينة المقام، و أما نسخة الكمبانيّ و نسخة الأصل فكما عرفت في المقدّمة متحدة الا أن نسخة الأصل تنتهى صحيفتها (اليمنى) عند قوله: «ملكوت السماء» و بعده بياض نصف صفحة، ثمّ يبتدئ صدر صحيفتها (اليسرى) بقوله: «قلوبكم عست» الخ و قد خطّ بالحمرة على لفظ «قلوبكم» دلالة على أنه لفظ القرآن الكريم، كما خطّ على سائر ألفاظ الآية، و أمّا في نسخة الكمبانيّ ص 64 من الجزء الثاني للمجلد الخامس عشر فقد كتب الجملتان متصلا من دون فصل، قائلا في هامشها: «كذا وجد في نسخة الأصل و في النسخة الأصل بعد ملكوت السماء بياض».
أقول: أما الجملة الأولى «ملكوت السماء» فهى آخر بيان الحديث كما في شرح الكافي ج 2 ص 77 من مرآة العقول، و أمّا الجملة الثانية «قلوبكم عست» مع ما سقط من صدرها و ترى بعدها من الذيل فانما يناسب باب القلب و صلاحه و فساده، لا هذا الباب و هذا الاشتباه من سوء تلفيق الجزوات بعد فوت المؤلّف رحمه اللّه، و سيمر عليكم في اواسط باب الخوف و الرجاء و حسن الظنّ باللّه شطر من الأحاديث و هي من باب جوامع المكارم.
 (3) قال الفيروزآبادي: عسى النبات عساء و عسوا غلظ و يبس، و الليل اشتدت ظلمته، و قال الطبرسيّ في المجمع عند قوله تعالى: وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا: العتى و العسى بمعنى يقال عتا يعتو عتوا و عسى يعسو عسوا و عسيا فهو عات و عاس إذا غيره طول الزمان الى حال اليبس و الجفاف، و في حرف ابى: «و قد بلغت من الكبر عسيا».

162
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

وَ لَا الضَّيْفَ تَقْرُونَ وَ لَا مَكْرُوباً تُغِيثُونَ وَ لَا بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْإِنْسَانِيَّةِ تُعَاشِرُونَ وَ تُعَامِلُونَ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً إِنَّمَا هِيَ فِي قَسَاوَةِ الْأَحْجَارِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً أَبْهَمَ عَلَى السَّامِعِينَ وَ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ أَكَلْتُ خُبْزاً أَوْ لَحْماً وَ هُوَ لَا يُرِيدُ بِهِ أَنِّي لَا أَدْرِي مَا أَكَلْتُ بَلْ يُرِيدُ أَنْ يُبْهِمَ عَلَى السَّامِعِ حَتَّى لَا يَعْلَمَ مَا ذَا أَكَلَ وَ إِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ أَكَلَ وَ لَيْسَ مَعْنَاهُ بَلْ أَشَدُّ قَسْوَةً لِأَنَّ هَذَا اسْتِدْرَاكٌ غَلَطٌ وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ يَرْتَفِعُ أَنْ يَغْلَطَ فِي خَبَرٍ ثُمَّ يَسْتَدْرِكَ عَلَى نَفْسِهِ الْغَلَطَ لِأَنَّهُ الْعَالِمُ بِمَا كَانَ وَ بِمَا يَكُونُ وَ مَا لَا يَكُونُ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ وَ إِنَّمَا يَسْتَدْرِكُ الْغَلَطَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَخْلُوقُ الْمَنْقُوصُ وَ لَا يُرِيدُ بِهِ أَيْضاً فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ أَيْ وَ أَشَدُّ قَسْوَةً لِأَنَّ هَذَا تَكْذِيبُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي لِأَنَّهُ قَالَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ فِي الشِّدَّةِ لَا أَشَدَّ مِنْهَا وَ لَا أَلْيَنَ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أَشَدُّ فَقَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا لَيْسَ بِأَشَدَّ وَ هَذَا مَثَلٌ لِمَنْ يَقُولُ لَا يَجِي‏ءُ مِنْ قُلُوبِكُمْ خَيْرٌ لَا قَلِيلٌ وَ لَا كَثِيرٌ فَأَبْهَمَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ أَوْ أَشَدُّ وَ بَيَّنَ فِي الثَّانِي أَنَّ قُلُوبَهُمْ أَشَدُّ قَسْوَةً مِنَ الْحِجَارَةِ لَا بِقَوْلِهِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ لَكِنْ بِقَوْلِهِ وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ أَيْ فَهِيَ فِي الْقَسَاوَةِ بِحَيْثُ لَا يَجِي‏ءُ مِنْهَا الْخَيْرُ وَ فِي الْحِجَارَةِ مَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ فَيَجِي‏ءُ بِالْخَيْرِ وَ الْغِيَاثِ لِبَنِي آدَمَ وَ إِنَّ مِنْها مِنَ الْحِجَارَةِ لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ هُوَ مَا يَقْطُرُ مِنْهَا الْمَاءُ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْهَا دُونَ الْأَنْهَارِ الَّتِي يَتَفَجَّرُ مِنْ بَعْضِهَا وَ قُلُوبُهُمْ لَا يَتَفَجَّرُ مِنْهَا الْخَيْرَاتُ وَ لَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهَا قَلِيلٌ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيراً ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّ مِنْها يَعْنِي مِنَ الْحِجَارَةِ لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْهَا بِاسْمِ اللَّهِ وَ بِأَسْمَاءِ أَوْلِيَائِهِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ الطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَيْسَ فِي قُلُوبِكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ هَذِهِ الْخَيْرَاتِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ بَلْ عَالِمٌ بِهِ يُجَازِيكُمْ عَنْهُ بِمَا هُوَ بِهِ عَادِلٌ عَلَيْكُمْ وَ لَيْسَ بِظَالِمٍ لَكُمْ يُشَدِّدُ حِسَابَكُمْ وَ يُؤْلِمُ عِقَابَكُم‏

163
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

وَ هَذَا الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ قُلُوبَهُمْ هَاهُنَا نَحْوُ مَا قَالَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِير«1»اً وَ مَا وَصَفَ بِهِ الْأَحْجَارَ هَاهُنَا نَحْوُ مَا وَصَفَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ «2» وَ هَذَا التَّقْرِيعُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْيَهُودِ وَ النَّاصِبِ وَ الْيَهُودُ جَمَعُوا الْأَمْرَيْنِ وَ اقْتَرَفُوا الْخَطِيئَتَيْنِ فَغَلُظَ عَلَى الْيَهُودِ مَا وَبَّخَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَ ذَوِي الْأَلْسُنِ وَ الْبَيَانِ مِنْهُمْ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَهْجُونَا وَ تَدَّعِي عَلَى قُلُوبِنَا مَا اللَّهُ يَعْلَمُ مِنْهَا خِلَافَهُ إِنَّ فِيهَا خَيْراً كَثِيراً نَصُومُ وَ نَتَصَدَّقُ وَ نُوَاسِي الْفُقَرَاءَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّمَا الْخَيْرُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَ عُمِلَ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَأَمَّا مَا أُرِيدَ بِهِ الرِّيَاءُ وَ السُّمْعَةُ وَ مُعَانَدَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِظْهَارُ الْعِنَادِ لَهُ وَ التَّمَالُكِ وَ الشَّرَفِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِخَيْرٍ بَلْ هُوَ الشَّرُّ الْخَالِصُ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُعَذِّبُهُ اللَّهُ بِهِ أَشَدَّ الْعَذَابِ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ تَقُولُ هَذَا وَ نَحْنُ نَقُولُ بَلْ مَا نُنْفِقُهُ إِلَّا لِإِبْطَالِ أَمْرِكَ وَ دَفْعِ رِئَاسَتِكَ وَ لِتَفْرِيقِ أَصْحَابِكَ عَنْكَ وَ هُوَ الْجِهَادُ الْأَعْظَمُ نَأْمُلُ بِهِ مِنَ اللَّهِ الثَّوَابَ الْأَجَلَّ الْأَجْسَمَ وَ أَقَلُّ أَحْوَالِنَا أَنَّا تَسَاوَيْنَا فِي الدَّعْوَى مَعَكَ فَأَيُّ فَضْلٍ لَكَ عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا إِخْوَةَ الْيَهُودِ إِنَّ الدَّعَاوِيَ يَتَسَاوَى فِيهَا الْمُحِقُّونَ وَ الْمُبْطِلُونَ وَ لَكِنْ حُجَجُ اللَّهِ وَ دَلَائِلُهُ تُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ فَتَكْشِفُ عَنْ تَمْوِيهِ الْمُبْطِلِينَ وَ تُبَيِّنُ عَنْ حَقَائِقِ الْمُحِقِّينَ وَ رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ لَا يَغْتَنِمُ جَهْلَكُمْ وَ لَا يُكَلِّفُكُمُ التَّسْلِيمَ لَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَ لَكِنْ يُقِيمُ عَلَيْكُمْ حُجَّةَ اللَّهِ الَّتِي لَا يُمْكِنُكُمْ دِفَاعُهَا وَ لَا تُطِيقُونَ الِامْتِنَاعَ مِنْ مُوجَبِهَا وَ لَوْ ذَهَبَ مُحَمَّدٌ يُرِيكُمْ آيَةً مِنْ عِنْدِهِ لَشَكَكْتُمْ وَ قُلْتُمْ إِنَّهُ مُتَكَلِّفٌ مَصْنُوعٌ مُحْتَالٌ فِيهِ مَعْمُولٌ أَوْ مُتَوَاطَأٌ عَلَيْهِ وَ إِذَا اقْتَرَحْتُمْ أَنْتُمْ فَأُرِيكُمْ مَا تَقْتَرِحُونَ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ أَنْ تَقُولُوا مَعْمُولٌ أَوْ مُتَوَاطَأٌ عَلَيْهِ أَوْ مُتَأَتًّى بِحِيلَةٍ
__________________________________________________
 (1) النساء: 52.
 (2) الحشر: 21.

164
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

وَ مُقَدِّمَاتٍ فَمَا الَّذِي تَقْتَرِحُونَ فَهَذَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدْ وَعَدَنِي أَنْ يُظْهِرَ لَكُمْ مَا تَقْتَرِحُونَ لِيَقْطَعَ مَعَاذِيرَ الْكَافِرِينَ مِنْكُمْ وَ يَزِيدَ فِي بَصَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ قَالُوا قَدْ أَنْصَفْتَنَا يَا مُحَمَّدُ فَإِنْ وَفَيْتَ بِمَا وَعَدْتَ مِنْ نَفْسِكَ مِنَ الْإِنْصَافِ وَ إِلَّا فَأَنْتَ أَوَّلُ رَاجِعٍ مِنْ دَعْوَاكَ النُّبُوَّةَ وَ دَاخِلٌ فِي غُمَارِ الْأُمَّةِ وَ مُسَلِّمٌ لِحُكْمِ التَّوْرَاةِ لِيُعْجِزَكَ عَمَّا نَقْتَرِحُهُ عَلَيْكَ وَ ظُهُورِ بَاطِلِ دَعْوَاكَ فِيمَا تَرُومُهُ مِنْ جِهَتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الصِّدْقُ يُنْبِئُ عَنْكُمْ لَا الْوَعِيدُ «1» اقْتَرِحُوا مَا أَنْتُمْ تَقْتَرِحُونَ لِيَقْطَعَ مَعَاذِيرَكُمْ فِيمَا تَسْأَلُونَ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ زَعَمْتَ أَنَّهُ مَا فِي قُلُوبِنَا شَيْ‏ءٌ مِنْ مُوَاسَاةِ الْفُقَرَاءِ وَ مُعَاوَنَةِ الضُّعَفَاءِ وَ النَّفَقَةِ فِي إِبْطَالِ الْبَاطِلِ وَ إِحْقَاقِ الْحَقِّ وَ أَنَّ الْأَحْجَارَ أَلْيَنُ مِنْ قُلُوبِنَا وَ أَطْوَعُ لِلَّهِ مِنَّا وَ هَذِهِ الْجِبَالُ بِحَضْرَتِنَا فَهَلُمَّ بِنَا إِلَى بَعْضِهَا فَاسْتَشْهِدْهُ عَلَى تَصْدِيقِكَ وَ تَكْذِيبِنَا فَإِنْ نَطَقَ بِتَصْدِيقِكَ فَأَنْتَ الْمُحِقُّ يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُكَ وَ إِنْ نَطَقَ بِتَكْذِيبِكَ أَوْ صَمَتَ فَلَمْ يَرُدَّ جَوَابَكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ الْمُبْطِلُ فِي دَعْوَاكَ الْمُعَانِدُ لِهَوَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص نَعَمْ هَلُمُّوا بِنَا إِلَى أَيِّهَا شِئْتُمْ فَأَسْتَشْهِدَهُ لِيَشْهَدَ لِي عَلَيْكُمْ فَخَرَجُوا إِلَى أَوْعَرِ جَبَلٍ رَأَوْهُ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ هَذَا الْجَبَلُ فَاسْتَشْهِدْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلْجَبَلِ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ خَفَّفَ اللَّهُ الْعَرْشَ عَلَى كَوَاهِلِ ثَمَانِيَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى تَحْرِيكِهِ وَ هُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يَعْرِفُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ وَ غَفَرَ خَطِيئَتَهُ وَ أَعَادَهُ إِلَى مَرْتَبَتِهِ وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ وَ سُؤَالِ اللَّهِ بِهِمْ رُفِعَ إِدْرِيسُ فِي الْجَنَّةِ مَكاناً عَلِيًّا لَمَّا شَهِدْتَ لِمُحَمَّدٍ بِمَا أَوْدَعَكَ اللَّهُ بِتَصْدِيقِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ فِي ذِكْرِ قَسَاوَة

__________________________________________________
 (1) مثل سائر، يعنى أن الصدق يدفع عنك الغائلة في الحرب دون التهديد. قال أبو عبيدة: هو ينبى غير مهموز، و يقال: أصله الهمز من الانباء، اى ان الفعل يخبر عنك لا القول، راجع الصحاح ج 6 ص 2500، و في مجمع الامثال ج 1 ص 398 يقول: انما ينبئ عدوك عنك أن تصدقه في المحاربة و غيرها، لا أن توعده و لا تنفذ لما توعد به.

165
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

قُلُوبِهِمْ وَ تَكْذِيبِهِمْ فِي جَحْدِهِمْ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ص فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ وَ تَزَلْزَلَ وَ فَاضَ عَنْهُ الْمَاءُ وَ نَادَى يَا مُحَمَّدُ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ سَيِّدُ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ قُلُوبَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ كَمَا وَصَفْتَ أَقْسَى مِنَ الْحِجَارَةِ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا خَيْرٌ كَمَا قَدْ يَخْرُجُ مِنَ الْحِجَارَةِ الْمَاءُ سَيْلًا وَ تَفَجُّراً وَ أَشْهَدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَاذِبُونَ عَلَيْكَ فِيمَا بِهِ يَقْذِفُونَكَ مِنَ الْفِرْيَةِ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ «1».
أقول: تمامه في باب معجزات النبي ص «2» قوله تعالى أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ الآية «3»
قَالَ الْإِمَامُ ع فَلَمَّا بَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ بِمُعْجِزَاتِهِ وَ قَطَعَ مَعَاذِيرَهُمْ بِوَاضِحِ دَلَالَتِهِ لَمْ يُمْكِنْهُمْ مُرَاجَعَتُهُ فِي حُجَّتِهِ وَ لَا إِدْخَالُ التَّلْبِيسِ عَلَيْهِ فِي مُعْجِزَاتِهِ قَالُوا يَا مُحَمَّدُ قَدْ آمَنَّا بِأَنَّكَ الرَّسُولُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ وَ أَنَّ عَلِيّاً أَخُوكَ هُوَ الْوَصِيُّ وَ الْوَلِيُّ وَ كَانُوا إِذَا خَلَوْا بِالْيَهُودِ الْآخَرِينَ يَقُولُونَ لَهُمْ إِنَّ إِظْهَارَنَا لَهُ الْإِيمَانَ بِهِ أَمْكَنُ لَنَا مِنْ مَكْرُوهِهِ وَ أَعْوَنُ لَنَا عَلَى اصْطِلَامِهِ وَ اصْطِلَامِ أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُمْ عِنْدَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّنَا مَعَهُمْ يَقِفُونَنَا عَلَى أَسْرَارِهِمْ وَ لَا يَكْتُمُونَنَا شَيْئاً فَنُطْلِعُ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءَهُمْ فَيَقْصِدُونَ أَذَاهُمْ بِمُعَاوَنَتِنَا وَ مُظَاهَرَتِنَا فِي أَوْقَاتِ اشْتِغَالِهِمْ وَ اضْطِرَابِهِمْ وَ فِي أَحْوَالِ تَعَذُّرِ الْمُدَافَعَةِ وَ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْأَعْدَاءِ عَلَيْهِمْ وَ كَانُوا مَعَ ذَلِكَ يُنْكِرُونَ عَلَى سَائِرِ الْيَهُودِ الْإِخْبَارَ لِلنَّاسِ عَمَّا كَانُوا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ آيَاتِهِ وَ يُعَايِنُونَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ فَأَظْهَرَ اللَّهُ مُحَمَّداً رَسُولَهُ عَلَى قُبْحِ اعْتِقَادِهِمْ وَ سُوءِ دَخِيلَاتِهِمْ وَ عَلَى إِنْكَارِهِمْ عَلَى مَنِ اعْتَرَفَ بِمَا شَاهَدَهُ مِنْ آيَاتِ مُحَمَّدٍ وَ وَاضِحِ بَيِّنَاتِهِ وَ بَاهِرَاتِ مُعْجِزَاتِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ مِنْ عَلِيٍّ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ الَّذِينَ هُمْ بِحُجَجِ اللَّهِ قَدْ بَهَرْتُمُوهُمْ وَ بِآيَاتِ‏
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 131- 132، و في طبعة اخرى ص 115 و 116.
 (2) راجع ج 17 ص 336 من هذه الطبعة الحديثة.
 (3) البقرة: 75 و 76.

166
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

اللَّهِ وَ دَلَائِلِهِ الْوَاضِحَةِ قَدْ قَهَرْتُمُوهُمْ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَ يُصَدِّقُوكُمْ بِقُلُوبِهِمْ وَ يُبْدُوا فِي الْخَلَوَاتِ لِشَيَاطِينِهِمْ شَرِيفَ أَحْوَالِكُمْ وَ قَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَعْنِي مِنْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ فِي أَصْلِ جَبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ وَ أَوَامِرِهِ وَ نَوَاهِيهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ عَمَّا سَمِعُوهُ إِذَا أَدَّوْهُ إِلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ سَائِرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ عَلِمُوا أَنَّهُمْ فِيمَا يَقُولُونَهُ كَاذِبُونَ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ فِي قِيلِهِمْ كَاذِبُونَ «1» ثُمَّ أَظْهَرَ اللَّهُ عَلَى نِفَاقِهِمُ الْآخَرِ فَقَالَ وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا إِذَا لَقُوا سَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادَ وَ أَبَا ذَرٍّ وَ عَمَّاراً قالُوا آمَنَّا كَإِيمَانِكُمْ إِيمَاناً بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ مَقْرُوناً بِالْإِيمَانِ بِإِمَامَةِ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ بِأَنَّهُ أَخُوهُ الْهَادِي وَ وَزِيرُهُ الْمُؤَاتِي وَ خَلِيفَتُهُ عَلَى أُمَّتِهِ وَ مُنْجِزُ عِدَتِهِ وَ الْوَافِي بِذِمَّتِهِ وَ النَّاهِضُ بِأَعْبَاءِ سِيَاسَتِهِ وَ قَيِّمُ الْخَلْقِ الذَّائِدُ لَهُمْ عَنْ سَخَطِ الرَّحْمَنِ الْمُوجِبِ لَهُمْ إِنْ أَطَاعُوهُ رِضَى الرَّحْمَنِ وَ أَنَّ خُلَفَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ هُمُ النُّجُومُ الزَّاهِرَةُ وَ الْأَقْمَارُ النَّيِّرَةُ وَ الشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ الْبَاهِرَةُ وَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَ أَنَّ أَعْدَاءَهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَاحِبُ الْمُعْجِزَاتِ وَ مُقِيمُ الدَّلَالاتِ الْوَاضِحَاتِ «2».
و ساق الحديث كما سيأتي في أبواب معجزات الرسول ص «3» و باب غزوة بدر إلى‏
قَوْلِهِ فَلَمَّا أَفْضَى بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَيُّ شَيْ‏ءٍ صَنَعْتُمْ أَخْبَرْتُمُوهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الدَّلَالاتِ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَ إِمَامَةِ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ بِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ هَذَا وَ شَاهَدْتُمُوهُ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ وَ لَمْ تُطِيعُوهُ وَ قَدَّرُوا بِجَهْلِهِمْ إِنْ لَمْ يُخْبِرُوهُمْ بِتِلْكَ الْآيَاتِ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ فِي غَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَلا تَعْقِلُونَ‏

__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 135.
 (2) تفسير الإمام ص 136.
 (3) راجع ج 17 ص 341- 345.

167
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

أَنَّ هَذَا الَّذِي يُخْبِرُوهُمْ بِهِ مِمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ حَجَّةٌ عَلَيْكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ وَ لا يَعْلَمُونَ يَعْنِي أَ وَ لَا يَعْلَمُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ لِإِخْوَانِهِمْ أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ مِنْ عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ ص- وَ يُضْمِرُونَ مِنْ أَنَّ إِظْهَارَهَمُ الْإِيمَانَ بِهِ أَمْكَنُ لَهُمْ مِنِ اصْطِلَامِهِ وَ إِبَادَةِ أَصْحَابِهِ وَ ما يُعْلِنُونَ مِنَ الْإِيمَانِ ظَاهِراً لِيُونِسُوهُمْ وَ يَقِفُوا بِهِ عَلَى أَسْرَارِهِمْ فَيُذِيعُونَهَا بِحَضْرَةِ مَنْ يَضُرُّهُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ دَبَّرَ لِمُحَمَّدٍ ص تَمَامَ أَمْرِهِ بِبُلُوغِ غَايَةِ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ بِبَعْثِهِ وَ أَنَّهُ قَيِّمُ أَمْرِهِ وَ أَنَّ نِفَاقَهُمْ وَ كَيْدَهُمْ لَا يَضُرُّهُ- «1».
قوله تعالى وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ «2» الآية قال الإمام ع ثم قال الله يا محمد و من هؤلاء اليهود أميون لا يقرءون و لا يكتبون كالأمي منسوب إلى الأم أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ و لا يكتب لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ المنزل من السماء و لا المتكذب به و لا يميزون بينهما إِلَّا أَمانِيَّ «3» أي إلا أن يقرأ عليهم و يقال لهم إن هذا كتاب الله و كلامه لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ أي ما يقول لهم رؤساؤهم من تكذيب محمد في نبوته و إمامة علي سيد عترته ع يقلدونهم مع أنهم محرم عليهم تقليدهم «4» ثم قال عز و جل فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ «5» الآية قال‏
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 138 و 139، و في ط اخرى ص 120.
 (2) البقرة: 76.
 (3) الامانى جمع الامنية و لها معنيان أحدهما أن معناها التلاوة، يقال تمنى كتاب اللّه أى قرأ و تلا، أي هم يتلون التوراة و لا يدرونها عن الكسائى و الفراء، و الثاني ان معناها البغية و ما يتمنى و يقدر، أي هم يتمنون على اللّه ما ليس لهم مثل قولهم لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً و قولهم نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ.
 (4) تفسير الإمام ص 139.
 (5) البقرة: 78.

168
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

الإمام قال الله عز و جل لقوم من هؤلاء اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة النبي ص و هو خلاف صفته و قالوا للمستضعفين هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان أنه طويل عظيم البدن و البطن أصهب الشعر و محمد بخلافه و هو يجي‏ء بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة و إنما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم و تدوم لم منهم إصاباتهم و يكفوا أنفسهم مئونة خدمة رسول الله ص و خدمة علي ع و أهل خاصته فقال الله عز و جل فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ من هذه الصفات المحرفات المخالفات لصفة محمد و علي ع الشدة لهم من العذاب في أسوإ بقاع جهنم وَ وَيْلٌ لَهُمْ الشدة لهم من العذاب ثابتة مضافة إلى الأولى مما يكسبونه من الأموال التي يأخذونها إذا أثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله ص و الجحد لوصية أخيه علي ولي الله وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً الآية «1» قال الإمام ع قال الله عز و جل وَ قالُوا يعني اليهود المصرين المظهرين للإيمان المسرين للنفاق المدبرين على رسول الله و ذويه بما يظنون أن فيه عطبهم لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً و ذلك أنه كان لهم أصهار و إخوة رضاع من المسلمين يسرون كفرهم عن محمد و صحبه و إن كانوا به عارفين صيانة لهم لأرحامهم و أصهارهم قال لهم هؤلاء لم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون أجابهم ذلك اليهود بأن مدة ذلك العذاب الذي نعذب به لهذه الذنوب أيام معدودة تنقضي ثم نصير بعد في النعمة في الجنان فلا نتعجل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا فإنها تفنى و تنقضي و نكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة و لذات نعمة الدنيا ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فني فقال الله عز و جل قُلْ يا محمد أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً أن عذابكم على كفركم بمحمد و دفعكم لآياته في نفسه و في علي و سائر خلفائه و أوليائه منقطع غير دائم بل ما هو إلا عذاب دائم لا نفاد له فلا تجترءوا على الآثام و القبائح من الكفر بالله و برسوله و بوليه المنصوب بعده على أمته ليسوسهم و يرعاهم سياسة الوالد
__________________________________________________
 (1) البقرة: 80.

169
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

الشفيق الرحيم الكريم لولده و رعاية الحدب المشفق على خاصته فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ فلذلك أنتم بما تدعون من فناء عذاب ذنوبكم هذه في حرز أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ أتخذتم عهدا أم تقولون بل أنتم في أيهما ادعيتم كاذبون «1» توضيح عسا الشي‏ء يبس و صلب قوله الصدق بيني و بينكم أي يجب أن نصدق فيما نقول و نأتي به و لا نكتفي بالوعد و الوعيد و في بعض النسخ ينبئ عنكم و هو أظهر.
19- م، تفسير الإمام عليه السلام وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ «2» الْآيَةَ قَالَ الْإِمَامُ ع قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ يُخَاطِبُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ الَّذِينَ أَظْهَرَ مُحَمَّدٌ ص الْمُعْجِزَاتِ لَهُمْ عِنْدَ تِلْكَ الْجِبَالِ وَ يُوَبِّخُهُمْ وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التَّوْرَاةَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى أَحْكَامِنَا وَ عَلَى ذِكْرِ فَضْلِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ إِمَامَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ خُلَفَائِهِ بَعْدَهُ وَ شَرَفِ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ وَ سُوءِ أَحْوَالِ الْمُخَالِفِينَ عَلَيْهِ وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَ جَعَلْنَا رَسُولًا فِي أَثَرِ رَسُولٍ وَ آتَيْنا أَعْطَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ الْآيَاتِ الْوَاضِحَاتِ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى وَ إِبْرَاءَ الْأَكْمَهِ وَ الْأَبْرَصِ وَ الْإِنْبَاءَ بِمَا يَأْكُلُونَ وَ بِمَا يَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِهِمْ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ هُوَ جَبْرَئِيلُ وَ ذَلِكَ حِينَ رَفَعَهُ مِنْ رَوْزَنَةِ بَيْتِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ أَلْقَى شِبْهَهُ عَلَى مَنْ رَامَ قَتْلَهُ فَقُتِلَ بَدَلًا مِنْهُ وَ قِيلَ هُوَ الْمَسِيحُ «3».
20- م، تفسير الإمام عليه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ «4» قَالَ الْإِمَامُ ع قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ قالُوا يَعْنِي الْيَهُودَ الَّذِينَ أَرَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمُعْجِزَاتِ الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ الْآيَةَ قُلُوبُنَا غُلُفٌ أَوْعِيَةٌ لِلْخَيْرِ وَ الْعُلُومِ قَدْ أَحَاطَتْ بِهَا وَ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا ثُمَّ هِيَ مَعَ‏
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 141- 142.
 (2) البقرة: 87.
 (3) تفسير الإمام 169.
 (4) البقرة: 88.

170
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

ذَلِكَ لَا تَعْرِفُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ فَضْلًا مَذْكُوراً فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَ لَا عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ رَدّاً عَلَيْهِمْ بَلْ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ أَوْعِيَةٌ لِلْعُلُومِ وَ لَكِنْ قَدْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ قَلِيلٌ إِيمَانُهُمْ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ يَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَإِذَا كَذَّبُوا مُحَمَّداً فِي سَائِرِ مَا يَقُولُ فَقَدْ صَارَ مَا كَذَّبُوا بِهِ أَكْثَرَ وَ مَا صَدَّقُوا بِهِ أَقَلَّ وَ إِذَا قُرِئَ غُلُفٌ فَإِنَّهُمْ قَالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ فِي غِطَاءٍ فَلَا نَفْهَمُ كَلَامَكَ وَ حَدِيثَكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ «1» وَ كِلَا الْقِرَاءَتَيْنِ حَقٌّ وَ قَدْ قَالُوا بِهَذَا وَ بِهَذَا جَمِيعاً ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَعَاشِرَ الْيَهُودِ أَ تُعَانِدُونَ رَسُولَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ تَأْبَوْنَ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ بِذُنُوبِكُمْ مِنَ الْجَاهِلِينَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا أَحَداً وَ لَا يُزِيلُ عَنْ فَاعِلِ هَذَا عَذَابَهُ أَبَداً إِنَّ آدَمَ ع لَمْ يَقْتَرِحْ عَلَى رَبِّهِ الْمَغْفِرَةَ لِذَنْبِهِ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ فَكَيْفَ تَقْتَرِحُونَهَا أَنْتُمْ مَعَ عِنَادِكُمْ «2».
توضيح قال الطبرسي رحمه الله القراءة المشهورة غُلْفٌ بسكون اللام و روي في الشواذ غلف بضم اللام عن أبي عمرو فمن قرأ بتسكين اللام فهو جمع الأغلف يقال للسيف إذا كان في غلاف أغلف و من قرأ بضم اللام فهو جمع غلاف فمعناه أن قلوبنا أوعية العلم فما بالها لا تفهم «3».
21- ب، قرب الإسناد ابْنُ عِيسَى عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: الْإِيمَانُ أَفْضَلُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَى أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ الْيَقِينُ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَ لَمْ يَقْسِمْ بَيْنَ بَنِي آدَمَ شَيْئاً أَقَلَّ مِنَ الْيَقِينِ «4».
22- جا «5»، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُقْرِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ‏

__________________________________________________
 (1) فصّلت: 5.
 (2) تفسير الإمام ص 177.
 (3) مجمع البيان ج 1 ص 156.
 (4) أفضل من اليقين خ ل، راجع قرب الإسناد ص 208.
 (5) مجالس المفيد ص 174.

171
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

الْأَحْوَصُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ مِنَ الْيَقِينِ أَنْ لَا تُرْضُوا النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَ لَا تَلُومُوهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا يَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَ لَا يَرُدُّهُ كُرْهُ كَارِهٍ وَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ «1».
23- يد، التوحيد الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ زَكَرِيَّا عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَ كَانَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع يَوْمَ صِفِّينَ وَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: بَيْنَمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع يُعَبِّئُ الْكَتَائِبَ يَوْمَ صِفِّينَ وَ مُعَاوِيَةُ مُسْتَقْبِلُهُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يَتَأَكَّلُ تَحْتَهُ تَأَكُّلًا وَ عَلِيٌّ ع عَلَى فَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ ص الْمُرْتَجِزِ وَ بِيَدِهِ حَرْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ احْتَرِسْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَغْتَالَكَ هَذَا الْمَلْعُونُ فَقَالَ ع لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى دِينِهِ «2» وَ إِنَّهُ لَأَشْقَى الْقَاسِطِينَ وَ أَلْعَنُ الْخَارِجِينَ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ وَ لَكِنْ كَفَى بِالْأَجَلِ حَارِساً لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَ مَعَهُ لَمَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَنْ يَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ يَقَعَ عَلَيْهِ حَائِطٌ أَوْ يُصِيبَهُ سُوءٌ فَإِذَا حَانَ أَجَلُهُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَا يُصِيبُهُ فَكَذَلِكَ أَنَا إِذَا حَانَ أَجَلِي انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَخَضَبَ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَى لِحْيَتِهِ وَ رَأْسِهِ عَهْداً مَعْهُوداً «3» وَ وَعْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ «4».
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 60.
 (2) انما يقول عليه السلام ذلك، فان الحرب في دين الإسلام انما هو تحاكم الى اللّه بانزال النصر على المحقين و اهلاك المبطلين، خصوصا إذا كان بين فئتين مؤمنتين و أمّا الاغتيال فهو خارج عن حقيقة هذا التحاكم، منهى عنه بقوله صلّى اللّه عليه و آله:
الايمان قيد الفتك. لكنه- يعنى معاوية- لا يراعى الدين و لا يحارب تحاكما إلى اللّه لانه يعلم أنّه مبطل و لما كان غير مأمون على دينه لا يستعبد منه أن يغتال عدوه.
 (3) ما بين العلامتين ساقط من الأصل و هكذا نسخة الكمبانيّ.
 (4) توحيد الصدوق 376، و قد مر الايعاز إليه في شرح الحديث الرقم 13.

172
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

24- لي، الأمالي للصدوق مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَامِرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى السَّدُوسِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهَا ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ صَلَاحَ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالزُّهْدِ وَ الْيَقِينِ وَ هَلَاكَ آخِرِهَا بِالشُّحِّ وَ الْأَمَلِ «1».
25- لي، الأمالي للصدوق قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَيْرُ مَا أُلْقِيَ فِي الْقَلْبِ الْيَقِينُ «2».
26- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الْعِبَادِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسٍ الْيَقِينِ وَ الْقُنُوعِ وَ الصَّبْرِ وَ الشُّكْرِ وَ الَّذِي يَكْمُلُ بِهِ هَذَا كُلُّهُ الْعَقْلُ «3».
27- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ص قَالَ: قُلْتُ لِ جَبْرَئِيلَ مَا تَفْسِيرُ الْيَقِينِ قَالَ الْمُؤْمِنُ يَعْمَلُ لِلَّهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَى اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ يَرَاهُ وَ أَنْ يَعْلَمَ يَقِيناً أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَ أَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ الْخَبَرَ «4».
28- ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لِحُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ يَا حُمْرَانُ انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فِي الْمَقْدُرَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ بِمَا قُسِمَ لَكَ وَ أَحْرَى أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّيَادَةَ مِنْ رَبِّكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِيلَ عَلَى الْيَقِينِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَرَعَ أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَ اغْتِيَابِهِمْ وَ لَا عَيْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقُنُوعِ بِالْيَسِيرِ الْمُجْزِي وَ لَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 137.
 (2) أمالي الصدوق ص 292.
 (3) الخصال ج 1 ص 137.
 (4) معاني الأخبار ص 261.

173
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

الْعُجْبِ «1».
29- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَارِثَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ النُّعْمَانِ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ أَنْتَ يَا حَارِثَةُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص أَصْبَحْتُ مُؤْمِناً حَقّاً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا حَارِثَةُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حَقِيقَةٌ فَمَا حَقِيقَةُ يَقِينِكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا وَ أَسْهَرَتْ لَيْلِي وَ أَظْمَأَتْ هَوَاجِرِي وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي وَ قَدْ وُضِعَ لِلْحِسَابِ وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ وَ كَأَنِّي أَسْمَعُ عُوَاءَ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ «2» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ فَاثْبُتْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يَرْزُقَنِي الشَّهَادَةَ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْ حَارِثَةَ الشَّهَادَةَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا أَيَّاماً حَتَّى بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَرِيَّةً فَبَعَثَهُ فِيهَا فَقَاتَلَ فَقَتَلَ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً ثُمَّ قُتِلَ «3».
30- سن، المحاسن ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَابِشِيِّ وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْزَمٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فَنَظَرَ إِلَى شَابٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ يَخْفِقُ وَ يَهْوِي رَأْسُهُ مُصْفَرٌّ لَوْنُهُ نَحِيفٌ جِسْمُهُ وَ غَارَتْ عَيْنَاهُ فِي رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا فُلَانُ فَقَالَ أَصْبَحْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص مُوقِناً فَقَالَ فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ قَوْلِهِ وَ قَالَ لَهُ إِنْ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حَقِيقَةً فَمَا حَقِيقَةُ يَقِينِكَ‏
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع ج 2 ص 246.
 (2) يقال: تزاوروا: أى زار بعضهم بعضا، و قال في النهاية: فى حديث حارثة كأنى أسمع عواء أهل النار اي صياحهم و العواء صوت السباع و كأنّه بالذئب و الكلب أخص، و في القاموس عوى يعوى عيا و عواء بالضم: لوى خطمه ثمّ صوت و مد صوته و لم يفصح منه رحمه اللّه.
 (3) المحاسن ص 246.

174
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

قَالَ إِنَّ يَقِينِي يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ أَحْزَنَنِي وَ أَسْهَرَ لَيْلِي وَ أَظْمَأَ هَوَاجِرِي فَعَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي وَ قَدْ نُصِبَ لِلْحِسَابِ وَ حُشِرَ الْخَلَائِقُ لِذَلِكَ وَ أَنَا فِيهِمْ وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَنَعَّمُونَ فِيهَا وَ يَتَعَارَفُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئِينَ وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ فِيهَا مُعَذَّبُونَ يَصْطَرِخُونَ وَ كَأَنِّي أَسْمَعُ الْآنَ زَفِيرَ النَّارِ يَعْزِفُونَ فِي مَسَامِعِي قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَصْحَابِهِ هَذَا عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ ثُمَّ قَالَ الْزَمْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ الشَّابُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ أُرْزَقَ الشَّهَادَةَ مَعَكَ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِذَلِكَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ ص فَاسْتُشْهِدَ بَعْدَ تِسْعَةِ نَفَرٍ وَ كَانَ هُوَ الْعَاشِرَ «1».
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 250، قال العلامة المؤلّف قدّس سرّه في المرآة ج 2 ص 77:
اعلم ان هاتين الروايتين تدلان على أن حارثة استشهد في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و قال بعضهم: و ينافيه ما ذكره الشيخ في رجاله حيث قال: حارثة بن نعمان الأنصاريّ كنيته أبو عبد اللّه شهد بدرا واحدا و ما بعدهما من المشاهد و شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام القتال؛ و توفى في زمن معاوية.
قال: و هو خطأ لان المذكور في الخبر حارثة بن مالك وجده النعمان و ما ذكره الشيخ حارثة بن النعمان و هو غيره، و العجب أن هذا الحديث مذكور في كتب العامّة أيضا كما يظهر من النهاية، و هذا الرجل غير مذكور في رجالهم، و كانه لعدم الرواية عنه، كما أن أصحابنا لم يذكروه لذلك.
أقول: عنون ابن حجر في الإصابة تحت الرقم 1532 حارثة بن مالك بن نفيع و ذكر نسبه الى مالك بن النجّار الأنصاريّ و هو الذي عنونه الشيخ في رجاله، و ذكر ما ذكره على التفصيل، و عنون تحت الرقم 1478 الحارث بن مالك الأنصاريّ و أخرج حديثه هذا عن عدة من الجوامع الحديثية بألفاظ مختلفة، و ذكر أنّه معضل و أنهم لا يعولون على حديثه هذا لانه ضعيف أو لا يثبت موصولا.
و أقول: الظاهر أن هذا الحديث من سفاسف المتصوفة المتزهدة خصوصا بملاحظة ما في بعضها انه كان في المسجد يخفق و يهوى برأسه، فانه من شعار المتصوفة.
و هكذا ما روى في الكافي انه بينا رسول اللّه في بعض اسفاره إذ لقيه ركب فقالوا: السلام عليك يا رسول اللّه: فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول اللّه. قال: فما حقيقة ايمانكم؟
قالوا: الرضا بقضاء اللّه، و التفويض إلى اللّه، و التسليم لامر اللّه، فقال رسول اللّه: علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء الحديث.
فلا ندرى أن هذه العصابة التي كادوا أن يكونوا انبياء. من كانوا و عند من تعلموا الحكمة و العلم النافع حتّى ارتقوا هذه الدرجة العليا؟ فان كانوا أصحابه فلم لم يعرفهم رسول اللّه و سأل من أنتم؟ أو ما أنتم؟ و لم لم يعرفوا في الصحابة و لم يشهروا، و ان لم يكونوا من أصحابه، فعمن أخذوا الحكمة؟ و منبعها و عاصمتها مدينة الرسول «ص».

175
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

31- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قَالَ الْمُعَايَنَةُ «1».
32- سن، المحاسن أَبِي عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَفَى بِالْيَقِينِ غِنًى وَ بِالْعِبَادَةِ شُغُلًا «2».
محص، التمحيص عن ابن سنان مثله.
33- سن، المحاسن أَبِي رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي خُطْبَةٍ لَهُ أَيُّهَا النَّاسُ سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي الْعَافِيَةِ فَإِنَّ أَجَلَّ النِّعْمَةِ الْعَافِيَةُ وَ خَيْرَ مَا دَامَ فِي الْقَلْبِ الْيَقِينُ وَ الْمَغْبُونَ مَنْ غُبِنَ دِينَهُ وَ الْمَغْبُوطَ مَنْ غُبِطَ يَقِينَهُ قَالَ وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يُطِيلُ الْقُعُودَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ يَسْأَلُ اللَّهَ الْيَقِينَ «3».
محص، التمحيص عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ وَ الْمَغْبُوطَ مَنْ حَسُنَ يَقِينُهُ.
34- سن، المحاسن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ لِإِبْرَاهِيمَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى‏ وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي «4»

__________________________________________________
 (1) المحاسن: 247، و الآية في سورة التكاثر: 4.
 (2) المحاسن: 247.
 (3) المحاسن: 247.
 (4) البقرة: 260.

176
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

أَ كَانَ فِي قَلْبِهِ شَكٌّ قَالَ لَا كَانَ عَلَى يَقِينٍ وَ لَكِنَّهُ أَرَادَ مِنَ اللَّهِ الزِّيَادَةَ فِي يَقِينِهِ «1».
35- سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى‏ رَبِّهِمْ راجِعُونَ «2» قَالَ يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يُثَابُونَ عَلَيْهِ.
وَ رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يَعْمَلُونَ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ سَيُثَابُونَ عَلَيْهِ «3».
36- سن، المحاسن أَبِي عَنْ فَضَالَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْنِي عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَ أَبَاكَ فَكَفَّ الْأَعْرَابِيُّ يَدَهُ وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى الْقَوْمِ يُحَدِّثُهُمْ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْنِي عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَ أَبَاكَ قَالَ نَعَمْ فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ الْآنَ لَمْ تَتَّخِذْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لَا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً إِنِّي لَا آمُرُكَ بِعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَ لَكِنْ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً «4».
37- سن، المحاسن ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ أُنَاساً أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ص بَعْدَ مَا أَسْلَمُوا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ مِنَّا بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَعْدَ إِسْلَامِهِ فَقَالَ مَنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَ صَحَّ يَقِينُ إِيمَانِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ اللَّهُ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ مَنْ سَخُفَ إِسْلَامُهُ وَ لَمْ يَصِحَّ يَقِينُ إِيمَانِهِ أَخَذَهُ اللَّهُ بِالْأَوَّلِ وَ الْآخِرِ «5».
__________________________________________________
 (1) المحاسن: 247.
 (2) المؤمنون: 60.
 (3) المحاسن: 247.
 (4) المحاسن: 248، و في هذا الباب من المحاسن أحاديث أخر لم يخرجه المؤلّف رحمه اللّه.
 (5) المحاسن: 250.

177
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

38- سن، المحاسن ابْنُ يَزِيدَ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ مَعاً عَنِ الْعَبْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ وَ الْيَقِينُ خَطَرَاتٌ «1».
39- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع اعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يَصْغَرُ مَا ضَرَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَا يَصْغَرُ مَا يَنْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكُونُوا فِيمَا أَخْبَرَكُمُ اللَّهُ كَمَنْ عَايَنَ «2».
40- سن، المحاسن الْوَشَّاءُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ سَلُوا رَبَّكُمُ الْعَفْوَ وَ الْعَافِيَةَ فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ رِجَالِ الْبَلَاءِ فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شُقُّوا بِالْمَنَاشِيرِ عَلَى أَنْ يُعْطُوا الْكُفْرَ فَلَمْ يُعْطُوهُ «3».
41- سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ قَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عِنْدِي تَمْرَةٌ مِنْ نَخْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ إِلَّا لِمَنْ عَرَفَهَا «4».
42- سن، المحاسن ابْنُ بَزِيعٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ عَنْ خَضِرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَشَدُّ مِنْ زُبَرِ الْحَدِيدِ إِنَّ الْحَدِيدَ إِذَا دَخَلَ النَّارَ لَانَ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَوْ قُتِلَ وَ نُشِرَ ثُمَّ قُتِلَ لَمْ يَتَغَيَّرْ قَلْبُهُ «5».
43- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ وَ يُونُسَ قَالا سَأَلْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أَ قُوَّةُ الْأَبْدَانِ أَوْ قُوَّةٌ فِي الْقَلْبِ قَالَ فِيهِمَا جَمِيعاً «6».
44- ضا، فقه الرضا عليه السلام رُوِيَ كَفَى بِالْيَقِينِ غِنًى وَ بِالْعِبَادَةِ شُغُلًا وَ إِنَّ الْإِيمَانَ بِالْقَلْبِ‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 249.
 (2) المحاسن ص 249.
 (3) المحاسن ص 250.
 (4) المحاسن ص 249.
 (5) المحاسن ص 251.
 (6) المحاسن ص 261، و الآية في البقرة: 63 و 93.

178
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

وَ الْيَقِينَ خَطَرَاتٌ.
وَ أَرْوِي مَا قُسِمَ بَيْنَ النَّاسِ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْمَائِلِينَ فَلَا تَزِلُّوا عَنِ الْحَقِّ فَمَنِ اسْتَبْدَلَ بِالْحَقِّ هَلَكَ وَ فَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَ خَرَجَ مِنْهَا سَاخِطاً.
45- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع الْيَقِينُ يُوصِلُ الْعَبْدَ إِلَى كُلِّ حَالٍ سَنِيٍّ وَ مَقَامٍ عَجِيبٍ كَذَلِكَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ عِظَمِ شَأْنِ الْيَقِينِ حِينَ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَقَالَ لَوْ زَادَ يَقِينُهُ لَمَشَى فِي الْهَوَاءِ يَدُلُّ بِهَذَا أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعَ جَلَالَةِ مَحَلِّهِمْ مِنَ اللَّهِ كَانَتْ تَتَفَاضَلُ عَلَى حَقِيقَةِ الْيَقِينِ لَا غَيْرُ وَ لَا نِهَايَةَ بِزِيَادَةِ الْيَقِينِ عَلَى الْأَبَدِ وَ الْمُؤْمِنُونَ أَيْضاً مُتَفَاوِتُونَ فِي قُوَّةِ الْيَقِينِ وَ ضَعْفِهِ فَمَنْ قَوِيَ مِنْهُمْ يَقِينُهُ فَعَلَامَتُهُ التَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَ الْقُوَّةِ إِلَّا بِاللَّهِ وَ الِاسْتِقَامَةُ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَ عِبَادَتُهُ ظَاهِراً وَ بَاطِناً قَدِ اسْتَوَتْ عِنْدَهُ حَالَةُ الْعَدَمِ وَ الْوُجُودِ وَ الزِّيَادَةِ وَ النُّقْصَانِ وَ الْمَدْحِ وَ الذَّمِّ وَ الْعِزِّ وَ الذُّلِّ لِأَنَّهُ يَرَى كُلَّهَا مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَ مَنْ ضَعُفَ يَقِينُهُ تَعَلَّقَ «1» بِالْأَسْبَابِ وَ رَخَّصَ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ وَ اتَّبَعَ الْعَادَاتِ وَ أَقَاوِيلَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقِيقَةٍ وَ سَعَى فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَ جَمْعِهَا وَ إِمْسَاكِهَا مُقِرٌّ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ لَا مَانِعَ وَ لَا مُعْطِيَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُصِيبُ إِلَّا مَا رُزِقَ وَ قُسِمَ لَهُ وَ الْجَهْدُ لَا يَزِيدُ الرِّزْقَ وَ يُنْكِرُ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ وَ قَلْبِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ «2» وَ إِنَّمَا عَطَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِبَادِهِ حَيْثُ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْكَسْبِ وَ الْحَرَكَاتِ فِي بَابِ الْعَيْشِ مَا لَمْ يَتَعَدَّوْا حُدُودَهُ وَ لَا يَتْرُكُوا فَرَائِضَهُ وَ سُنَنَ نَبِيِّهِ ع فِي جَمِيعِ حَرَكَاتِهِمْ وَ لَا يَعْدِلُوا عَنْ مَحَجَّةِ التَّوَكُّلِ وَ لَا يَقِفُوا فِي مَيْدَانِ الْحِرْصِ فَأَمَّا إِذَا نَسُوا ذَلِكَ وَ ارْتَبَطُوا بِخِلَافِ مَا حُدَّ لَهُمْ كَانُوا مِنَ الْهَالِكِينَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْحَاصِلِ إِلَّا الدَّعَاوِي الْكَاذِبَةُ وَ كُلُّ مُكْتَسِبٍ لَا يَكُونُ مُتَوَكِّلًا فَلَا يَسْتَجْلِبُ مِنْ كَسْبِهِ إِلَى نَفْسِهِ إِلَّا حَرَاماً وَ شُبْهَةً وَ عَلَامَتُهُ أَنْ يُؤْثِرَ مَا يَحْصُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَ يَجُوعَ وَ لَا يُنْفِقَ فِي‏
__________________________________________________
 (1) ما بين العلامتين ساقط عن الأصل.
 (2) آل عمران: 167.

179
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

سَبِيلِ الدِّينِ وَ يُمْسِكَ وَ الْمَأْذُونُ بِالْكَسْبِ مَنْ كَانَ بِنَفْسِهِ مُكْتَسِباً وَ بِقَلْبِهِ مُتَوَكِّلًا وَ إِنْ كَثُرَ الْمَالُ عِنْدَهُ قَامَ فِيهِ كَالْأَمِينِ عَالِماً بِأَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ الْمَالِ وَ فَوْتَهُ سَوَاءٌ وَ إِنْ أَمْسَكَ أَمْسَكَ لِلَّهِ وَ إِنْ أَنْفَقَ أَنْفَقَ فِيمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَكُونُ مَنْعُهُ وَ عَطَاؤُهُ فِي اللَّهِ «1».
46- محص، التمحيص عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَ لَهُ حَدٌّ قُلْتُ فَمَا حَدُّ الْيَقِينِ قَالَ أَنْ لَا تَخَافَ مَعَ اللَّهِ شَيْئاً.
47- محص، التمحيص عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ.
مشكاة الأنوار، عن علي ع مثله «2».
48- محص، التمحيص عَنْ يُونُسَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنِ الْإِيمَانِ وَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّمَا هُوَ الْإِسْلَامُ وَ الْإِيمَانُ فَوْقَهُ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ الْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَ لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْ‏ءٌ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ قَالَ قُلْتُ فَأَيُّ شَيْ‏ءٍ الْيَقِينُ قَالَ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَ التَّسْلِيمُ لِلَّهِ وَ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ التَّفْوِيضُ إِلَى اللَّهِ قُلْتُ مَا تَفْسِيرُ ذَلِكَ قَالَ هَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع.
49- محص، التمحيص عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ وَ الْيَقِينُ خَطَرَاتٌ.
50 كِتَابُ الصِّفِّينِ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ دَنَوْا مِنْ عَلِيٍّ ع يَوْمَ صِفِّينَ فَوَ اللَّهِ مَا يَزِيدُهُ قُرْبُهُمْ مِنْهُ إِلَّا سُرْعَةً فِي مَشْيِهِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ مَا ضَرَّكَ لَوْ سَعَيْتَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَبَرُوا بَعْدَكَ مِنْ أَصْحَابِكَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ لِأَبِيكَ يَوْماً لَنْ يَعْدُوَهُ وَ لَا يُبْطِئُ بِهِ عَنْهُ السَّعْيُ وَ لَا يُعَجِّلُ بِهِ إِلَى الْمَشْيِ إِنَّ أَبَاكَ وَ اللَّهِ لَا يُبَالِي وَقَعَ‏
__________________________________________________
 (1) مصباح الشريعة: 59.
 (2) مشكاة الأنوار ص 13.

180
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

عَلَى الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَيْهِ.
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ ع يَوْمَ صِفِّينَ وَ بِيَدِهِ عُنَيْزَةٌ فَمَرَّ عَلَى سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ أَ مَا تَخْشَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَغْتَالَكَ أَحَدٌ وَ أَنْتَ قُرْبَ عَدُوِّكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ حَفَظَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَنْ يَتَرَدَّى فِي قَلِيبٍ أَوْ يَخِرَّ عَلَيْهِ حَائِطٌ أَوْ تُصِيبَهُ آفَةٌ فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ.
51- نهج، نهج البلاغة سَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع رَجُلًا مِنَ الْحَرُورِيَّةِ يَتَهَجَّدُ وَ يَقْرَأُ فَقَالَ نَوْمٌ عَلَى يَقِينٍ خَيْرٌ مِنْ صَلَاةٍ فِي شَكٍّ «1».
وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع إِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُ شُبْهَةً لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْحَقَّ وَ أَمَّا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ فَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا الْيَقِينُ وَ دَلِيلُهُمْ سَمْتُ الْهُدَى وَ أَمَّا أَعْدَاءُ اللَّهِ فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا الضَّلَالُ وَ دَلِيلُهُمُ الْعَمَى فَمَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ وَ لَا يُعْطَى الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ «2».
وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع لَمَّا خُوِّفَ مِنَ الْغِيلَةِ وَ إِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللَّهِ جُنَّةً حَصِينَةً فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي انْفَرَجَتْ عَنِّي وَ أَسْلَمَتْنِي فَحِينَئِذٍ يَطِيشُ السَّهْمُ وَ لَا يَبْرَأُ الْكَلْمُ «3».
وَ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ الْحَسَنِ ع اطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْأُمُورِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْيَقِينِ «4».
52 مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع فِي خُطْبَةٍ لَهُ طَوِيلَةٍ الْإِيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى الصَّبْرِ وَ الْيَقِينِ وَ الْعَدْلِ وَ التَّوْحِيدِ.
وَ مِنْهُ نَقْلًا مِنَ الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْإِيمَانَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِسْلَامِ‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 2 ص 163، الرقم 97 من الحكم.
 (2) نهج البلاغة ج 1 ص 98، الرقم 38 من الخطب.
 (3) نهج البلاغة ج 1 ص 117، الرقم 60 من الخطب.
 (4) نهج البلاغة ج 2 ص 38 الرقم 31 من الحكم.

181
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

وَ إِنَّ الْيَقِينَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ وَ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَعَزَّ مِنَ الْيَقِينِ «1».
وَ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ مَا كَانَ ذَهَباً وَ لَا فِضَّةً إِنَّمَا كَانَ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا مَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ لَمْ يَضْحَكْ سِنُّهُ وَ مَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ لَمْ يَفْرَحْ قَلْبُهُ وَ مَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ «2».
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الصَّبْرُ مِنَ الْيَقِينِ.
وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ قَنْبَرٌ غُلَامُ عَلِيٍّ ع يُحِبُّ عَلِيّاً حُبّاً شَدِيداً فَإِذَا خَرَجَ عَلِيٌّ ع خَرَجَ عَلَى أَثَرِهِ بِالسَّيْفِ فَرَآهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ يَا قَنْبَرُ مَا لَكَ فَقَالَ جِئْتُ لِأَمْشِيَ خَلْفَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ وَيْحَكَ أَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ تَحْرُسُنِي أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ لَا بَلْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَقَالَ إِنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ لَا يَسْتَطِيعُونَ لَوْ شَاءُوا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ مِنَ السَّمَاءِ فَارْجِعْ قَالَ فَرَجَعَ.
وَ عَنْهُ ع لَيْسَ شَيْ‏ءٌ إِلَّا لَهُ حَدٌّ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا حَدُّ التَّوَكُّلِ قَالَ الْيَقِينُ قُلْتُ فَمَا حَدُّ الْيَقِينِ قَالَ لَا تَخَافُ مَعَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ رَجُلًا رَابِطَ الْجَأْشِ وَ كَانَ الْحَجَّاجُ يَلْقَاهُ فَيَقُولُ لَهُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ فَيَقُولُ كَلَّا إِنْ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ لَحْظَةً فَأَرْجُو أَنْ يَكْفِيَكَ بِإِحْدَاهُنَّ «3».
وَ سَأَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ع فَقَالَ لَهُمَا مَا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَ الْيَقِينِ فَسَكَتَا فَقَالَ لِلْحَسَنِ ع أَجِبْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ بَيْنَهُمَا شِبْرٌ قَالَ وَ كَيْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّ الْإِيمَانِ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا وَ صَدَّقْنَاهُ بِقُلُوبِنَا وَ الْيَقِينُ مَا أَبْصَرْنَاهُ بِأَعْيُنِنَا وَ اسْتَدْلَلْنَا بِهِ عَلَى مَا غَابَ عَنَّا «4».
__________________________________________________
 (1) مشكاة الأنوار ص 11.
 (2) مشكاة الأنوار ص 12.
 (3) مشكاة الأنوار ص 13.
 (4) مشكاة الأنوار ص 15.

182
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

وَ مِنْهُ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُنَالُ فِيهِ الْمُلْكُ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَ التَّجَبُّرِ وَ لَا الْغِنَى إِلَّا بِالْغَصْبِ وَ الْبُخْلِ وَ لَا الْمَحَبَّةُ إِلَّا بِاسْتِخْرَاجِ الدِّينِ وَ اتِّبَاعِ الْهَوَى فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَصَبَرَ عَلَى الْبِغْضَةِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَ صَبَرَ عَلَى الْفَقْرِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْغِنَى وَ صَبَرَ عَلَى الذُّلِّ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْعِزِّ آتَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ خَمْسِينَ صِدِّيقاً مِمَّنْ صَدَّقَ بِهِ «1».
وَ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى الرَّسُولِ ص بَغْلَةٌ أَهْدَاهَا كِسْرَى لَهُ أَوْ قَيْصَرُ فَرَكِبَهَا النَّبِيُّ ص فَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهَا وَ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ ثُمَّ قَالَ يَا غُلَامُ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَ إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ قَدْ مَضَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ جَهَدَ النَّاسُ أَنْ يَنْفَعُوكَ بِأَمْرٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِالصَّبْرِ مَعَ الْيَقِينِ فَافْعَلْ وَ إِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً وَ اعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ مَعَ النَّصْرِ وَ أَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَ أَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً «2».
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الصَّبْرُ رَأْسُ الْإِيمَانِ.
وَ عَنْهُ ع قَالَ: الصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ فَإِذَا ذَهَبَ الرَّأْسُ ذَهَبَ الْجَسَدُ كَذَلِكَ إِذَا ذَهَبَ الصَّبْرُ ذَهَبَ الْإِيمَانُ.
وَ مِنْهُ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا حَفْصُ إِنَّ مَنْ صَبَرَ صَبْراً [صَبَرَ] قَلِيلًا وَ إِنَّ مَنْ جَزِعَ جَزَعاً [جَزِعَ‏] قَلِيلًا ثُمَّ قَالَ عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً ص فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ وَ الرِّفْقِ فَقَالَ اصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ «3» وَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ

__________________________________________________
 (1) مشكاة الأنوار ص 19.
 (2) مشكاة الأنوار ص 20.
 (3) المزّمّل: 10.

183
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 52 الیقین و الصبر على الشدائد فی الدین ص 130

كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ «1» فَصَبَرَ حَتَّى نَالُوهُ بِالْعَظَائِمِ وَ رَمَوْهُ بِهَا تَمَامَ الْحَدِيثِ.
وَ مِنْهُ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وُكِلَ الرِّزْقُ بِالْحُمْقِ وَ وُكِلَ الْحِرْمَانُ بِالْعَقْلِ وَ وُكِلَ الْبَلَاءُ بِالْيَقِينِ وَ الصَّبْرِ.
وَ مِنْهُ عَنْ مِهْرَانَ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع أَشْكُو إِلَيْهِ الدَّيْنَ وَ تَغَيُّرَ الْحَالِ فَكَتَبَ لِي اصْبِرْ تُؤْجَرْ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَصْبِرْ لَمْ تُؤْجَرْ وَ لَمْ تُرَدَّ قَضَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «2».
وَ مِنْهُ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الصَّبْرُ صَبْرَانِ صَبْرٌ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حَسَنٌ جَمِيلٌ وَ أَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْخَبَرَ.
وَ قَالَ الْبَاقِرُ ع لَمَّا حَضَرَتْ أَبِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع الْوَفَاةُ ضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ أَيْ بُنَيَّ أُوصِيكَ بِمَا أَوْصَانِي أَبِي حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ ع أَوْصَاهُ بِهِ أَيْ بُنَيَّ اصْبِرْ عَلَى الْحَقِّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً.
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَجَباً لِلْمُؤْمِنِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَقْضِي لَهُ قَضَاءً «3» إِلَّا كَانَ لَهُ خَيْراً إِنِ ابْتُلِيَ صَبَرَ وَ إِنْ أُعْطِيَ شَكَرَ.
وَ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ قَالَ مَنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ وَ إِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ «4».
__________________________________________________
 (1) فصّلت: 34.
 (2) مشكاة الأنوار ص 21.
 (3) ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانيّ.
 (4) مشكاة الأنوار ص 22.

184
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

باب 53 النية و شرائطها و مراتبها و كمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر
1- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ «1».
تبيين لا عمل إلا بنية أي لا عمل صحيحة كما فهمه الأكثر إلا بنية و خص بالعبادات لأنه لو كان المراد مطلق تصور الفعل و تصور فائدته و التصديق بترتب الغاية عليه و انبعاث العزم من النفس إليه فهذا لازم لكل فعل اختياري و معلوم أنه ليس غرض الشارع بيان هذا المعنى بل لا بد أن يكون المراد بها نية خاصة خالصة بها يصير العمل كاملا أو صحيحا و الصحة أقرب إلى نفي الحقيقة الذي هو الحقيقة في هذا التركيب فلا بد من تخصيصها بالعبادات لعدم القول باشتراط نية القربة و أمثالها في غيرها و لذا استدلوا به و بأمثاله على وجوب النية و تفصيله في كتب الفروع.
و قال المحقق الطوسي قدس سره في بعض رسائله النية هي القصد إلى الفعل و هي واسطة بين العلم و العمل إذ ما لم يعلم الشي‏ء لم يمكن قصده و ما لم يقصده لم يصدر عنه ثم لما كان غرض السالك العامل الوصول إلى مقصد معين كامل على الإطلاق و هو الله تعالى لا بد من اشتماله على قصد التقرب به.
و قال بعض المحققين يعني لا عمل يحسب من عبادة الله تعالى و يعد من طاعته بحيث يصح أن يترتب عليه الأجر في الآخرة إلا ما يراد به التقرب إلى الله تعالى و الدار الآخرة أعني يقصد به وجه الله سبحانه أو التوصل إلى ثوابه أو الخلاص من عقابه و بالجملة امتثال أمر الله تعالى فيما ندب عباده إليه و وعدهم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 84.

185
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

الأجر عليه و إنما يأجرهم على حسب أقدارهم و منازلهم و نياتهم فمن عرف الله بجماله و جلاله و لطف فعاله فأحبه و اشتاق إليه و أخلص عبادته له لكونه أهلا للعبادة و لمحبته له أحبه الله و أخلصه و اجتباه و قربه إلى نفسه و أدناه قربا معنويا و دنوا روحانيا كما قال في حق بعض من هذه صفته وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى‏ وَ حُسْنَ مَآبٍ «1»
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدُ الْمُوَحِّدِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَ لَا طَمَعاً فِي جَنَّتِكَ لَكِنْ وَجَدْتُكَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُك وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مِنَ اللَّهِ سِوَى كَوْنِهِ إِلَهاً صَانِعاً لِلْعَالَمِ قَادِراً قَاهِراً عَالِماً وَ أَنَّ لَهُ جَنَّةً يُنْعِمُ بِهَا الْمُطِيعِينَ وَ نَاراً يُعَذِّبُ بِهَا الْعَاصِينَ فَعَبَدَهُ لِيَفُوزَ بِجَنَّتِهِ أَوْ يَكُونَ لَهُ النَّجَاةُ مِنْ نَارِهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِبَادَتِهِ وَ طَاعَتِهِ الْجَنَّةَ وَ أَنْجَاهُ مِنَ النَّارِ لَا مَحَالَةَ.
كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ فَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.
فلا تصغ إلى قول من ذهب إلى بطلان العبادة إذا قصد بفعلها تحصيل الثواب أو الخلاص من العقاب زعما منه أن هذا القصد مناف للإخلاص الذي هو إرادة وجه الله سبحانه وحده و أن من قصد ذلك فإنما قصد جلب النفع إلى نفسه و دفع الضرر عنها لا وجه الله سبحانه فإن هذا قول من لا معرفة له بحقائق التكاليف و مراتب الناس فيها فإن أكثر الناس يتعذر منهم العبادة ابتغاء وجه الله بهذا المعنى لأنهم لا يعرفون من الله إلا المرجو و المخوف فغايتهم أن يتذكروا النار و يحذروا أنفسهم عقابها و يتذكروا الجنة و يرغبوا أنفسهم ثوابها و خصوصا من كان الغالب على قلبه الميل إلى الدنيا فإنه قلما ينبعث له إلى فعل الخيرات لينال بها ثواب الآخرة فضلا عن عبادته على نية إجلال الله عز و جل لاستحقاقه الطاعة و العبودية فإنه قل من يفهمها فضلا عمن يتعاطاها.
و الناس في نياتهم في العبادات على أقسام أدناهم من يكون عمله إجابة لباعث الخوف فإنه يتقي النار و منهم من يعمل إجابة لباعث الرجاء فإنه يرغب‏
__________________________________________________
 (1) سورة ص: 4.

186
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

في الجنة و كل من القصدين و إن كان نازلا بالإضافة إلى قصد طاعة الله و تعظيمه لذاته و لجلاله لا لأمر سواه إلا أنه من جملة النيات الصحيحة لأنه ميل إلى الموعود في الآخرة و إن كان من جنس المألوف في الدنيا.
و أما قول القائل إنه ينافي الإخلاص فجوابه أنك ما تريد بالإخلاص إن أردت به أن يكون خالصا للآخرة لا يكون مشوبا بشوائب الدنيا و الحظوظ العاجلة للنفس كمدح الناس و الخلاص من النفقة بعتق العبد و نحو ذلك فظاهر أن إرادة الجنة و الخلاص من النار لا ينافيان الإخلاص بهذا المعنى و إن أردت بالإخلاص أن لا يراد بالعمل سوى جمال الله و جلاله من غير شوب من حظوظ النفس و إن كان حظا أخرويا فاشتراطه في صحة العبادة متوقف على دليل شرعي و أنى لك به بل الدلائل على خلافه أكثر من أن تذكر مع أنه تكليف بما لا يطاق بالنسبة إلى أكثر الخلائق لأنهم لا يعرفون الله بجماله و جلاله و لا تتأتى منهم العبادة إلا من خوف النار أو للطمع في الجنة.
و أيضا فإن الله سبحانه قد قال ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً «1» وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً «2» فرغب و رهب و وعد و أوعد فلو كان مثل هذه النيات مفسدا للعبادات لكان الترغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد عبثا بل مخلا بالمقصود.
و أيضا فإن أولياء الله قد يعملون بعض الأعمال للجنة و صرف النار لأن حبيبهم يحب ذلك أو لتعليم الناس إخلاص العمل للآخرة إذا كانوا أئمة يقتدى بهم هذا
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سِيِّدُ الْأَوْلِيَاءِ قَدْ كَتَبَ كِتَاباً لِبَعْضِ مَا وَقَفَهُ مِنْ أَمْوَالِهِ فَصَدَّرَ كِتَابَهُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ بِهَذَا هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ وَ قَضَى بِهِ فِي مَالِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ لِيُولِجَنِي بِهِ الْجَنَّةَ وَ يَصْرِفَنِي بِهِ عَنِ النَّارِ وَ يَصْرِفَ النَّارَ عَنِّي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ.
__________________________________________________
 (1) السجدة: 16.
 (2) الأنبياء: 90.

187
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

فإن لم تكن العبادة بهذه النية صحيحة لم يصح له أن يفعل ذلك و يلقن به غيره و يظهره في كلامه.
إن قيل إن جنة الأولياء لقاء الله و قربه و نارهم فراقه و بعده فيجوز أن يكون أمير المؤمنين ع أراد ذلك قلنا إرادة ذلك ترجع إلى طلب القرب المعنوي و الدنو الروحاني و مثل هذه النية مختص بأولياء الله كما اعترف به فغيرهم لما ذا يعبدون و ليس في الآخرة إلا الله و الجنة و النار فمن لم يكن من أهل الله و أوليائه لا يمكن له أن يطلب إلا الجنة أو يهرب إلا من النار المعهودتين إذ لا يعرف غير ذلك و كل يعمل على شاكلته و لما يحبه و يهواه غير هذا لا يكون أبدا.
و لعل هذا القائل لم يعرف معنى النية و حقيقتها و أن النية ليست مجرد قولك عند الصلاة أو الصوم أو التدريس أصلي أو أصوم أو أدرس قربة إلى الله تعالى ملاحظا معاني هذه الألفاظ بخاطرك و متصورا لها بقلبك هيهات إنما هذا تحريك لسان و حديث نفس و إنما النية المعتبرة انبعاث النفس و ميلها و توجهها إلى ما فيه غرضها و مطلبها إما عاجلا و إما آجلا.
و هذا الانبعاث و الميل إذا لم يكن حاصلا لها لا يمكنها اختراعه و اكتسابه بمجرد النطق بتلك الألفاظ و تصور تلك المعاني و ما ذلك إلا كقول الشبعان أشتهي الطعام و أميل إليه قاصدا حصول الميل و الاشتهاء و كقول الفارغ أعشق فلانا و أحبه و أنقاد إليه و أطيعه بل لا طريق إلى اكتساب صرف القلب إلى الشي‏ء و ميله إليه و إقباله عليه إلا بتحصيل الأسباب الموجبة لذلك الميل و الانبعاث و اجتناب الأمور المنافية لذلك المضادة له فإن النفس إنما تنبعث إلى الفعل و تقصده و تميل إليه تحصيلا للغرض الملائم لها بحسب ما يغلب عليها من الصفات.
فإذا غلب على قلب المدرس مثلا حب الشهرة و إظهار الفضيلة و إقبال الطلبة إليه فلا يتمكن من التدريس بنية التقرب إلى الله سبحانه بنشر العلم‏

188
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

و إرشاد الجاهلين بل لا يكون تدريسه إلا لتحصيل تلك المقاصد الواهية و الأغراض الفاسدة و إن قال بلسانه أدرس قربة إلى الله و تصور ذلك بقلبه و أثبته في ضميره و ما دام لم يقلع تلك الصفات الذميمة من قلبه لا عبرة بنيته أصلا و كذلك إذا كان قلبك عند نية الصلاة منهمكا في أمور الدنيا و التهالك عليها و الانبعاث في طلبها فلا يتيسر لك توجيهه بكليته و تحصيل الميل الصادق إليها و الإقبال الحقيقي عليها بل يكون دخولك فيها دخول متكلف لها متبرم بها و يكون قولك أصلي قربة إلى الله كقول الشبعان أشتهي الطعام و قول الفارغ أعشق فلانا مثلا.
و الحاصل أنه لا يحصل لك النية الكاملة المعتد بها في العبادات من دون ذلك الميل و الإقبال و قمع ما يضاده من الصوارف و الأشغال و هو لا يتيسر إلا إذا صرفت قلبك عن الأمور الدنيوية و طهرت نفسك عن الصفات الذميمة الدنية و قطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكلية.
و أقول أمر النية قد اشتبه على كثير من علمائنا رضوان الله عليهم لاشتباهه على المخالفين و لم يحققوا ذلك على الحق و اليقين و قد حقق شيخنا البهائي قدس الله روحه شيئا من ذلك في شرح الأربعين و حققنا كثيرا من غوامض أسرارها في كتاب عين الحياة و رسالة العقائد فمن أراد تحقيق ذلك فليرجع إليهما.
2- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَ نِيَّةُ الْكَافِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ وَ كُلُّ عَامِلٍ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ «1».
بيان: هذا الحديث من الأخبار المشهورة بين الخاصة و العامة و قد قيل فيه وجوه.
الأول أن المراد بنية المؤمن اعتقاده الحق و لا ريب أنه خير من أعماله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 84.

189
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

إذ ثمرته الخلود في الجنة و عدمه يوجب الخلود في النار بخلاف العمل.
الثاني أن المراد أن النية بدون العمل خير من العمل بدون النية و رد بأن العمل بدون نية لا خير فيه أصلا و حقيقة التفضيل تقتضي المشاركة و لو في الجملة.
الثالث ما نقل عن ابن دريد و هو أن المؤمن ينوي خيرات كثيرة لا يساعده الزمان على عملها فكان الثواب المترتب على نياته أكثر من الثواب المترتب على أعماله.
الرابع ما ذكره بعض المحققين و هو أن المؤمن ينوي أن يوقع عباداته على أحسن الوجوه لأن إيمانه يقتضي ذلك ثم إذا كان يشتغل بها لا يتيسر له ذلك و لا يتأتى كما يريد فلا يأتي بها كما ينبغي فالذي ينوي دائما خير من الذي يعمل في كل عبادة و هذا قريب من المعنى الأول و يمكن الجمع بينهما
وَ يُؤَيِّدُهُمَا الْخَبَرُ الثَّالِثُ وَ الْخَامِسُ «1» وَ مَا رَوَاهُ الصَّدُوقُ ره فِي عِلَلِ الشَّرَائِعِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْوِي مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا يُدْرِكُهُ وَ نِيَّةُ الْكَافِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَنْوِي الشَّرَّ وَ يَأْمُلُ مِنَ الشَّرِّ مَا لَا يُدْرِكُهُ.
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ لَهُ زَيْدٌ الشَّحَّامُ إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ فَكَيْفَ تَكُونُ النِّيَّةُ خَيْراً مِنَ الْعَمَلِ قَالَ لِأَنَّ الْعَمَلَ إِنَّمَا كَانَ رِئَاءَ الْمَخْلُوقِينَ وَ النِّيَّةَ خَالِصَةٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَيُعْطِي عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى النِّيَّةِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعَمَلِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْعَبْدَ لَيَنْوِي مِنْ نَهَارِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ فَتَغْلِبُهُ عَيْنُهُ فَيَنَامُ فَيُثْبِتُ اللَّهُ لَهُ صَلَاتَهُ وَ يَكْتُبُ نَفَسَهُ تَسْبِيحاً وَ يَجْعَلُ نَوْمَهُ صَدَقَةً «2».
الخامس أن طبيعة النية خير من طبيعة العمل لأنه لا يترتب عليها عقاب أصلا بل إن كانت خيرا أثيب عليها و إن كانت شرا كان وجودها كعدمها
__________________________________________________
 (1) يعني الحديث الثالث و الخامس في باب نية الكافي، و هو كذلك في ما نحن فيه.
 (2) علل الشرائع ج 2 ص 211، و سيجي‏ء تحت الرقم 18 و 19.

190
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

بخلاف العمل فإن من يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فصح أن النية بهذا الاعتبار خير من العمل.
و أقول يمكن أن يقال هذا في الشر أيضا بناء على أن الكافر يعاقب على نيات الشر و إنما العفو عن المؤمنين.
السادس أن النية من أعمال القلب و هو أفضل من الجوارح فعمله أفضل من عملها أ لا ترى إلى قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي «1» جعل سبحانه الصلاة وسيلة إلى الذكر و المقصود أشرف من الوسيلة و أيضا فأعمال القلب مستورة عن الخلق لا يتطرق إليها الرئاء و غيره بخلاف أعمال الجوارح.
السابع أن المراد أن نية بعض الأعمال الشاقة كالحجّ و الجهاد خير من بعض الأعمال الخفية «2» كتلاوة آية من القرآن و الصدقة بدرهم مثلا.
الثامن ما ذكره السيد المرتضى رضي الله عنه في الغرر أن لفظة خير ليست اسم تفضيل بل المراد أن نية المؤمن عمل خير من جملة أعماله و من تبعيضية و به دفع التنافي بين هذا الحديث و بين ما
يُرْوَى عَنْهُ ص أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَحْمَزُهَا.
و يجري هذا الوجه في قوله و نية الكافر شر من عمله فإن المعنى فيه أيضا ليس معنى التفضيل بل المعنى شر من جملة عمله.
فإن قيل كيف يصح هذا مع ما
وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ إِذَا هَمَّ بِالْحَسَنَةِ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَ إِذَا هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَعْمَلَ.
قلنا قد ذكرنا سابقا أن ظاهر بعض الأخبار أن ذلك مخصوص بالمؤمنين.
التاسع أن المراد بالنية تأثر القلب عند العمل و انقياده إلى الطاعة و إقباله على الآخرة و انصرافه عن الدنيا و ذلك يشتدّ بشغل الجوارح في الطاعات و كفها عن المعاصي فإن بين الجوارح و القلب علاقة شديدة يتأثر كل منهما بالآخر كما إذا حصل للأعضاء آفة سرى أثرها إلى القلب فاضطرب و إذا تألم القلب بخوف مثلا سرى أثره إلى الجوارح فارتعدت و القلب هو الأمير المتبوع‏
__________________________________________________
 (1) طه: 14.
 (2) الخفيفة ظ.

191
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

و الجوارح كالرعايا و الأتباع و المقصود من أعمالها حصول ثمرة للقلب.
فلا تظن أن في وضع الجبهة على الأرض غرضا من حيث إنه جمع بين الجبهة و الأرض بل من حيث إنه بحكم العادة يؤكد صفة التواضع في القلب فإن من يجد في نفسه تواضعا فإذا استعان بأعضائه و صورها بصورة التواضع تأكد بذلك تواضعه و أما من يسجد غافلا عن التواضع و هو مشغول القلب بأغراض الدنيا فلا يصل من وضع جبهته على الأرض أثر على قلبه بل سجوده كعدمه نظرا إلى الغرض المطلوب منه فكانت النيّة روح العمل و ثمرته و المقصد الأصلي من التكليف به فكانت أفضل.
و هذا الوجه قريب مما ذكره الغزالي في إحيائه و هو أن كل طاعة تنتظم بنيّة و عمل و كل منهما من جملة الخيرات إلا أن النية من الطاعتين خير من العمل لأن أثر النية في المقصود أكثر من أثر العمل لأن صلاح القلب هو المقصود من التكليف و الأعضاء آلات موصلة إلى المقصود و الغرض من حركات الجوارح أن يعتاد القلب إرادة الخير و يؤكد الميل إليه ليتفرغ عن شهوات الدنيا و يقبل على الذكر و الفكر فبالضرورة يكون خيرا بالإضافة إلى الغرض قال الله تعالى لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى‏ مِنْكُمْ «1» و التقوى صفة القلب‏
وَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ فِي الْجَسَدِ لَمُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ.
العاشر أن نيّة المؤمن هي الباعثة له على عمل الخير فهي أصل العمل و علته و العمل فرعها لأنه لا يحصل العمل و لا يوجد إلا بتصور المقصود الحقيقي و التصديق بحصوله و انبعاث النفس إليه حتى يشتدّ العزم و يوجد الفعل فبهذه الجهة هي أشرف و كذا نيّة الكافر سبب لعمله الخبيث فهي شرّ منه.
الحادي عشر أن النيّة روح العمل و العمل بمثابة البدن لها فخيريته و شرّيته تابعتان لخيرية النية و شريتها كما أن شرافة البدن و خباثته تابعتان‏
__________________________________________________
 (1) الحجّ: 37.

192
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

لشرافة الروح و خباثته فبهذا الاعتبار نية المؤمن خير من عمله و نية الكافر شر من عمله.
الثاني عشر أن نية المؤمن و قصده أولا هو الله و ثانيا العمل لأنه يوصل إليه و نيّة الكافر و قصده غيره تعالى و عمله يوصله إليه و بهذا الاعتبار صح ما ذكر.
و هذا الوجه و ما تقدمه مستفادان من كلام المحقق الطوسي قدس سره و الوجود المذكورة ربما يرجع بعضها إلى بعض و بعد ما أحطت خبرا بما ذكرناه نذكر ما هو أقوى عندنا بعد الإعراض عن الفضول و هو الحق الحقيق بالقبول.
فاعلم أن الإشكالات الناشئة من هذا الخبر إنما هو لعدم تحقيق معنى النية و توهم أنها تصور الغرض و الغاية و إخطارها بالبال و إذا حققتها كما أومأنا إليه سابقا عرفت أن تصحيح النية من أشق الأعمال و أحمزها و أنها تابعة للحالة التي النفس متصفة بها و كمال الأعمال و قبولها و فضلها منوط بها و لا يتيسر تصحيحها إلا بإخراج حب الدنيا و فخرها و عزها من القلب برياضات شاقة و تفكرات صحيحة و مجاهدات كثيرة فإن القلب سلطان البدن و كلما استولى عليه يتبعه سائر الجوارح بل هو الحصن الذي كل حب استولى عليه و تصرف فيه يستخدم سائر الجوارح و القوى و يحكم عليها و لا تستقر فيه محبتان غالبتان كما
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا عِيسَى لَا يَصْلُحُ لِسَانَانِ فِي فَمٍ وَاحِدٍ وَ لَا قَلْبَانِ فِي صَدْرٍ وَاحِدٍ وَ كَذَلِكَ الْأَذْهَانُ «1».
و قال سبحانه ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ «2».
فالدنيا و الآخرة ضرّتان لا يجتمع حبهما في قلب فمن استولى على قلبه حب المال لا يذهب فكره و خياله و قواه و جوارحه إلا إليه و لا يعمل عملا إلا و مقصوده الحقيقي فيه تحصيله و إن ادعى غيره كان كاذبا و لذا يطلب‏
__________________________________________________
 (1) راجع الكافي ج 2 ص 343، ثواب الأعمال ص 240.
 (2) الأحزاب: 4.

193
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

الأعمال التي وعد فيها كثرة المال و لا يتوجه إلى الطاعات التي وعد فيها قرب ذي الجلال و كذا من استولى عليه حب الجاه ليس مقصوده في أعماله إلا ما يوجب حصوله و كذا سائر الأغراض الباطلة الدنيوية فلا يخلص العمل لله سبحانه و للآخرة إلا بإخراج حب هذه الأمور من القلب و تصفيته عما يوجب البعد عن الحق.
فللناس في نياتهم مراتب شتى بل غير متناهية بحسب حالاتهم فمنها ما يوجب فساد العمل و بطلانه و منها ما يوجب صحته و منها ما يوجب كماله و مراتب كماله أيضا كثيرة فأما ما يوجب بطلانه فلا ريب في أنه إذا قصد الرئاء المحض أو الغالب بحيث لو لم يكن رؤية الغير له لا يعمل هذا العمل إنه باطل لا يستحق الثواب عليه بل يستحق العقاب كما دلت عليه الآيات و الأخبار الكثيرة و أما إذا ضم إلى القربة غيرها بحيث كان الغالب القربة و لو لم تكن الضميمة يأتي بها ففيه إشكال و لا تبعد الصحة و لو تعلق الرئاء ببعض صفاته المندوبة كإسباغ الوضوء و تطويل الصلاة فأشد إشكالا.
و لو ضم إليها غير الرئاء كالتبريد ففيه أقوال ثالثها التفصيل بالصحة مع كون القربة مقصودة بالذات و البطلان مع العكس قال في الذكرى لو ضم إلى النية منافيا فالأقرب البطلان كالرئاء و الندب في الواجب لأن تنافي المرادات يستلزم تنافي الإرادات و ظاهر المرتضى الصحة بمعنى عدم الإعادة لا بمعنى حصول الثواب ذكر ذلك في الصلاة المنوي بها الرئاء و هو يستلزم الصحة فيها و في غيرها مع ضم الرئاء إلى التقرب و لو ضم اللازم كالتبرد قطع الشيخ و صاحب المعتبر بالصحة لأنه فعل الواجب و زيادة غير منافية و يمكن البطلان لعدم الإخلاص الذي هو شرط الصحة و كذا التسخن و النظافة انتهى.
و أقول لو ضم إلى القربة بعض المطالب المباحة الدنيوية فهل تبطل عبادته ظاهر جماعة من الأصحاب البطلان و يشكل بأن صلوات الحاجة و الاستخارة و تلاوة القرآن و الأذكار و الدعوات المأثورة للمقاصد الدنيوية عبادات بلا ريب مع أن‏

194
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

تكليف خلو القصد عنها تكليف بالمحال و الجمع بين الضدين كأن يقول أحد ائت الموضع الفلاني لرؤية الأسد من غير أن يكون غرضك رؤيته أو اذهب إلى السوق و اشتر المتاع من غير أن تقصد شراء المتاع و قد ورد في الأخبار الكثيرة منافع دنيوية للطاعات ككون صلاة الليل سببا لوسعة الرزق و كون الحج موجبا للغناء و أمثال ذلك كثيرة فلو كانت هذه مخلة بالقربة لكان ذكرها إغراء بالقبيح إذ بعد السماع ربما يمتنع تخلية القصد عنها.
نعم يمكن أن تئول هذه القصود بالأخرة إلى القربة كأن يكون غرض طالب الرزق صرفه في وجوه البر و التقوي به على الطاعة و من يكون مقصوده من طول العمر تحصيل رضا الرب تعالى لكن هذا القصد لا يتحقق واقعا و حقيقة إلا لآحاد المقربين و لا يتيسر لأكثر الناس هذه النية و هذا الغرض إلا بالانتحال و الدعاوي الكاذبة و توهم أن الإخطار بالبال نية واقعية و بينهما بعد المشرقين.
فالظاهر أنه يكفي لكونه طاعة و قربة كونه بأمره سبحانه و موافقا لرضاه و متضمنا لذكره و التوسل إليه و إن كان المقصود تحصيل بعض الأمور المباحة لنيل اللذات المحللة و أما النيات الكاملة و الأغراض العرية عن المطالب الدنية الدنيوية فهي تختلف بحسب الأشخاص و الأحوال و لكل منهم نية تابعة لشاكلته و طريقته و حالته بل لكل شخص في كل حالة نية تتبع تلك الحالة و لنذكر بعض منازلها و درجاتها.
فالأولى نية من تنبه و تفكر في شديد عذاب الله و أليم عقابه فصار ذلك موجبا لحط الدنيا و لذاتها عن نظره فهو يعمل كل ما أراد من الأعمال الحسنة و يترك ما ينتهي عنه من الأعمال السيئة خوفا من عذابه.
الثانية نية من غلب عليه الشوق إلى ما أعد الله للمحسنين في الجنة من نعيمها و حورها و قصورها فهو يعبد الله لتحصيل تلك الأمور و هاتان نيتان صحيحتان على الأظهر و إن توهم الأكثر بطلان العبادة بهما لغفلتهم عن معنى النية كما عرفت و العجب أن العلامة رحمه الله ادعى اتفاق العدلية على أن من‏

195
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

فعل فعلا لطلب الثواب أو خوف العقاب فإنه لا يستحق بذلك ثوابا.
و أقول لهاتين النيتين أيضا مراتب شتى بحسب اختلاف أحوال الناس فإن من الناس من يطلب الجنة لحصول مشتهياته الجسمانية فيه و منهم من يطلبها لكونها دار كرامة الله و محل قرب الله و كذا منهم من يهرب من النار لألمها و منهم من يهرب منها لكونها دار البعد و الهجران و الحرمان و محل سخط الله كما
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي الدُّعَاءِ الَّذِي عَلَّمَهُ كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ النَّخَعِيَّ فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي فِي الْعُقُوبَاتِ مَعَ أَعْدَائِكَ وَ جَمَعْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَهْلِ بَلَائِكَ وَ فَرَّقْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَحِبَّائِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ فَهَبْنِي يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي صَبَرْتُ عَلَى عَذَابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَى فِرَاقِكَ وَ هَبْنِي صَبَرْتُ عَلَى حَرِّ نَارِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلَى كَرَامَتِكَ.
إلى آخر ما ذكر في هذا الدعاء المشتمل على جميع منازل المحبين و درجات العارفين فظهر أن هاتين الغايتين و طلبهما لا تنافيان درجات المقربين.
الثالثة نية من يعبد الله تعالى شكرا له فإنه يتفكر في نعم الله التي لا تحصى عليه فيحكم عقله بأن شكر المنعم واجب فيعبده لذلك كما هو طريقة المتكلمين‏
وَ قَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ «1».
الرابعة نية من يعبده حياء فإنه يحكم عقله بحسن الحسنات و قبح السيئات و يتذكر أن الرب الجليل مطلع عليه في جميع أحواله فيعبده و يترك معاصيه لذلك‏
وَ إِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ النَّبِيِّ ص الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ «2».
__________________________________________________
 (1) راجع نهج البلاغة ج 2 ص 197 تحت الرقم 237 من الحكم.
 (2) راجع الدّر المنثور ج 1 ص 93 في حديث ابن عبّاس قال جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مجلسا فأتاه جبرئيل فجلس بين يدي رسول اللّه واضعا كفيه على ركبتى رسول اللّه فقال: حدّثني عن الإسلام- الى أن قال: قال يا رسول اللّه حدّثني ما الاحسان؟ قال:
الاحسان أن تعمل للّه [أن تعبد اللّه‏] كانك تراه الحديث.

196
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

الخامسة نية من يعبده تقربا إليه تعالى تشبيها للقرب المعنوي بالقرب المكاني و هذا هو الذي ذكره أكثر الفقهاء و لم أر في كلامهم تحقيق القرب المعنوي فالمراد إما القرب بحسب الدرجة و الكمال إذ العبد لإمكانه في غاية النقص عار عن جميع الكمالات و الرب سبحانه متصف بجميع الصفات الكمالية فبينهما غاية البعد فكلما رفع عن نفسه شيئا من النقائص و اتصف بشي‏ء من الكمالات حصل له قرب ما بذلك الجناب أو القرب بحسب التذكر و المصاحبة المعنوية فإن من كان دائما في ذكر أحد و مشغولا بخدماته فكأنه معه و إن كان بينهما غاية البعد بحسب المكان و في قوة هذه النية إيقاع الفعل امتثالا لأمره تعالى أو موافقة لإرادته أو انقيادا و إجابة لدعوته أو ابتغاء لمرضاته.
فهذه النيات التي ذكرها أكثر الأصحاب و قالوا لو قصد لله مجردا عن جميع ذلك كان مجزيا فإنه تعالى غاية كل مقصد و إن كان يرجع إلى بعض الأمور السالفة.
السادسة نية من عبد الله لكونه أهلا للعبادة و هذه نية الصديقين كما
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَ لَا طَمَعاً فِي جَنَّتِكَ وَ لَكِنْ وَجَدْتُكَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ.
و لا تسمع هذه الدعوى من غيرهم و إنما يقبل ممن يعلم منه أنه لو لم يكن لله جنة و لا نار بل لو كان على الفرض المحال يدخل العاصي الجنة و المطيع النار لاختار العبادة لكونه أهلا لها كما أنهم في الدنيا اختاروا النار لذلك فجعلها الله عليهم بردا و سلاما و عقوبة الأشرار فجعلها الله عندهم لذة و راحة و نعيما.
السابعة نية من عبد الله حبا له و درجة المحبة أعلى درجات المقربين و المحب يختار رضا محبوبه و لا ينظر إلى ثواب و لا يحذر من عقاب و حبه تعالى إذا استولى على القلب يطهره عن حب ما سواه و لا يختار في شي‏ء من الأمور إلا رضا مولاه.
كَمَا رَوَى الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّاس‏

197
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَطَبَقَةٌ يَعْبُدُونَهُ رَغْبَةً فِي ثَوَابِهِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْحُرَصَاءِ وَ هُوَ الطَّمَعُ وَ آخَرُونَ يَعْبُدُونَهُ فَرَقاً مِنَ النَّارِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ هِيَ رَهْبَةٌ وَ لَكِنِّي أَعْبُدُهُ حُبّاً لَهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْكِرَامِ وَ هُوَ الْأَمْنُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ «1» وَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «2» فَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ «3».
وَ فِي تَفْسِيرِ الْإِمَامِ ع قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ لِأَغْرَاضٍ لِي وَ لِثَوَابِهِ فَأَكُونَ كَالْعَبْدِ الطَّمِعِ الْمُطِيعِ إِنْ طُمِّعَ عَمِلَ وَ إِلَّا لَمْ يَعْمَلْ وَ أَكْرَهُ أَنْ أَعْبُدَهُ لِخَوْفِ عِقَابِهِ فَأَكُونَ كَالْعَبْدِ السَّوْءِ إِنْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَعْمَلْ قِيلَ فَلِمَ تَعْبُدُهُ قَالَ لِمَا هُوَ أَهْلُهُ بِأَيَادِيهِ عَلَيَّ وَ إِنْعَامِهِ.
وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ ع لَا يَكُونُ الْعَبْدُ عَابِداً لِلَّهِ حَقَّ عِبَادَتِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنِ الْخَلْقِ كُلِّهِ إِلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَقُولُ هَذَا خَالِصٌ لِي فَيَتَقَبَّلُهُ بِكَرَمِهِ.
وَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى عَبْدِهِ أَجَلَّ مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ.
وَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع أَشْرَفُ الْأَعْمَالِ التَّقَرُّبُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
وَ قَالَ عَلِيٌّ الرِّضَا ع إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ وَ خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ حَقّاً وَ خُلَفَاؤُهُ خُلَفَاءُ اللَّهِ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ عِلْمُهُ فِي قَلْبِهِ بِأَنَّ هَذَا صَحِيحٌ كَمَا قُلْتُهُ بِلِسَانِي «4».
و أقول لكل من النيات الفاسدة و الصحيحة أفراد أخرى يعلم بالمقايسة مما ذكرنا و هي تابعة لأحواله و صفاته و ملكاته الراسخة منبعثة عنها و من هذا يظهر سر أن أهل الجنة يخلدون فيها بنياتهم لأن النية الحسنة تستلزم طينة
__________________________________________________
 (1) النمل: 89.
 (2) آل عمران: 31.
 (3) راجع علل الشرائع ج 1 ص 12.
 (4) تفسير الإمام ص 152. و سيجي‏ء مستقلا تحت الرقم: 33.

198
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

طيبة و صفات حسنة و ملكات جميلة تستحق الخلود بذلك إذ لم يكن مانع العمل من قبله فهو بتلك الحالة مهيئ للأعمال الحسنة و الأفعال الجميلة و الكافر مهيئ لضد ذلك و تلك الصفات الخبيثة المستلزمة لتلك النية الردية استحق الخلود في النار.
و بما ذكرنا ظهر معنى‏
قَوْلِهِ ع وَ كُلُّ عَامِلٍ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ.
أي عمل كل عامل يقع على وفق نيته في النقص و الكمال و الرد و القبول و المدار عليها كما عرفت و على بعض الاحتمالات المعنى أن النية سبب للفعل و باعث عليه و لا يتأتى العمل إلا بها كما مر.
3- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ حَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ حَدِّ الْعِبَادَةِ الَّتِي إِذَا فَعَلَهَا فَاعِلُهَا كَانَ مُؤَدِّياً فَقَالَ حُسْنُ النِّيَّةِ بِالطَّاعَةِ «1».
بيان: قد مضى الكلام فيه و الحاصل أنه حد العبادة الصحيحة المقبولة بالنية الحسنة غير المشوبة مع طاعة الإمام لأنهما العمدة في الصحة و القبول فالحمل على المبالغة أو المراد بالطاعة الإتيان بالوجوه التي يطاع الله منها مطلقا.
4- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَ لَيَقُولُ يَا رَبِّ ارْزُقْنِي حَتَّى أَفْعَلَ كَذَا وَ كَذَا مِنَ الْبِرِّ وَ وُجُوهِ الْخَيْرِ فَإِذَا عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ مِنْهُ بِصِدْقِ نِيَّةٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ مَا يَكْتُبُ لَهُ لَوْ عَمِلَهُ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ كَرِيمُ «2».
تبيان ليقول أي بلسانه أو بقلبه أو الأعم منهما فإذا علم الله عز و جل ذلك أي علم أنه إن رزقه يفي بما يعده من الخير فإن كثيرا من المتمنيات و المواعيد كاذبة لا يفي الإنسان به إن الله واسع أي واسع القدرة أو واسع العطاء
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 85.
 (2) الكافي ج 2 ص 85.

199
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

كريم بالذات فالإثابة على نية الخير من سعة جوده و كرمه لا من استحقاقهم ذلك.
قال الشيخ البهائي قدس سره هذا الحديث يمكن أن يجعل تفسيرا
لِقَوْلِهِ ع نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.
فإن المؤمن ينوي كثيرا من هذه النيات فيثاب عليها و لا يتيسر العمل إلا قليلا انتهى.
و أقول النية تطلق على النية المقارنة للفعل و على العزم المتقدم عليه سواء تيسر العمل أم لا و على التمني للفعل و إن علم عدم تمكنه منه و المراد هنا أحد المعنيين الآخرين و يمكن أن يقال إن النية لما كانت من الأفعال الاختيارية القلبية فلا محالة يترتب عليها ثواب و إذا فعل الفعل المنوي يترتب عليه ثواب آخر و لا ينافي اشتراط العمل بها تعدد الثواب كما أن الصلاة صحتها مشروطة بالوضوء و يترتب على كل منهما ثواب إذا اقترنا.
فإذا لم يتيسر الفعل لعدم دخوله تحت قدرته أو لمانع عرض له يثاب على العزم و ترتب الثواب عليه غير مشروطة بحصول الفعل بل بعدم تقصيره فيه فالثواب الوارد في الخبر يحتمل أن يكون هذا الثواب فله مع الفعل ثوابان و بدونه ثواب واحد فلا يلزم كون العمل لغوا و لا كون ثواب النية و العمل معا كثوابها فقط و يحتمل أن يكون ثواب النية كثوابها مع العمل بلا مضاعفة و مع العمل يضاعف عشر أمثالها أو أكثر.
و يؤيده ما سيأتي أن الله جعل لآدم أن من هم من ذريته بسيئة لم تكتب عليه و إن عملها كتبت عليه سيئة و من هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة فإن هو عملها كتبت له عشرا و إن أمكن حمله على ما إذا لم يعملها مع القدرة عليها.
و على ما حققنا أن النية تابعة للشاكلة و الحالة و أن كمالها لا يحصل إلا بكمال النفس و اتصافها بالأخلاق الرضية الواقعية فلا استبعاد في تساوي ثواب من عزم على فعل على وجه خاص من الكمال و لم يتيسر له و من فعله على هذا

200
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

الوجه.
و قيل إثابة المؤمن بنية أمر خير متفق عليه بين الأمة و رواه الخاصة و العامة
رَوَى مُسْلِمٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ: مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقاً أُعْطِيَهَا وَ لَوْ لَمْ تُصِبْهُ.
وَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنْهُ ص قَالَ: مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَ إِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ.
قال الماذري و فيهما دلالة على أن من نوى شيئا من أعمال البر و لم يفعله لعذر كان بمنزلة من عمله و على استحباب طلب الشهادة و نية الخير و قد صرح بذلك جماعة من علمائهم حتى قال الآبي لو لم ينوه كان حاله حال المنافق لا يفعل الخير و لا ينويه ..
5- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ «1» قَالَ عَلَى نِيَّتِهِ «2».
بيان: كأن الاستشهاد بالآية مبني على ما حققنا سابقا أن المدار في الأعمال على النية التابعة للحالة التي اتصفت النفس بها من العقائد و الأخلاق الحسنة و السيئة فإذا كانت النفس على العقائد الثابتة و الأخلاق الحسنة الراسخة التي لا يتخلف عنها الأعمال الصالحة الكاملة لو بقي في الدنيا أبدا فبتلك الشاكلة و الحالة استحق الخلود في الجنة و إذا كانت على العقائد الباطلة و الأخلاق الردية التي علم الله تعالى أنه لو بقي في الدنيا أبدا لعصى الله تعالى دائما فبتلك الشاكلة استحق الخلود في النار لا بالأعمال التي لم يعملها فلا يرد أنه ينافي الأخبار الواردة في أنه إذا أراد السيئة و لم يعملها لم تكتب عليه مع أنه يمكن حمله على ما إذا لم تصر
__________________________________________________
 (1) أسرى ص 84.
 (2) الكافي ج 2 ص 85.

201
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

شاكلة له و لم تكن بحيث علم الله أنه لو بقي لأتى بها أو يحمل عدم كتابة السيئة على المؤمنين و هذا إنما هو في الكفار و قد يستدل بهذا الخبر على أن كل كافر يمكن في حقه التوبة و الإيمان لا يموت على الكفر.
أقول و يمكن أن يستدل به على أن بالعزم على المعصية يستحق العقاب و إن عفا الله عن المؤمنين تفضلا و ما ذكره المحقق الطوسي قدس سره في التجريد في مسألة خلق الأعمال حيث قال و إرادة القبيح قبيحة يدل على أنه يعد إرادة العباد للحرام فعلا قبيحا محرما و هو الظاهر من كلام أكثر الأصحاب سواء كان تاما مستتبعا للقبيح أو عزما ناقصا غير مستتبع لكن قد تقرر عندهم أن إرادة القبيح إذا كانت غير مقارنة لفعل قبيح يتعلق بها العفو كما دلت عليه الروايات و سيأتي بعضها و أما إذا كانت مقارنة فلعله أيضا كذلك و ادعى بعضهم الإجماع على أن فعل المعصية لا يتعلق به إلا إثم واحد و من البعيد أن يتعلق به إثمان أحدهما بإرادته و الآخر بإيقاعه.
فيندفع حينئذ التدافع بين ما ذكره المحقق رحمه الله من قبح إرادة القبيح و بين ما هو المشهور من أن الله تعالى لا يعاقب بإرادة الحرام و إنما يعاقب بفعله و ما أوله به بعضهم من أن المراد أنه لا يعاقب العقوبة الخاصة بفعل المعصية بمجرد إرادتها و يثيب الثواب الخاص بفعل الطاعة بمجرد إرادتها ففيه أن شيئا من ذلك غير صحيح فإن الظاهر من النصوص أنه تعالى لا يعاقب و لا يؤاخذ على إرادة المعصية أصلا و أن الإجماع قائم على أن ثواب الطاعة لا يترتب على إرادتها بل المترتب عليها نوع آخر من الثواب يختلف باختلاف الأحوال المقارنة لها من خلوص النية و شدة الجد فيها و الاستمرار عليها إلى غير ذلك و لا مانع من أن تصير في بعض الأحوال أعظم من ثواب نفس الفعل الذي لم يكن لصاحبه تلك الإرادة البالغة الجامعة لهذه الخصوصيات و كأن تتبع الآثار المأثورة يغني عن الإطالة في هذا الباب.
و أقول قد عرفت بعض ما حققنا في ذلك و سيأتي إن شاء الله تمام الكلام‏

202
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

عند شرح بعض الأخبار في أواخر هذا المجلد.
6- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَجُلٍ فَيُقَالُ لَهُ احْتَجَّ فَيَقُولُ يَا رَبِّ خَلَقْتَنِي وَ هَدَيْتَنِي فَأَوْسَعْتَ عَلَيَّ فَلَمْ أَزَلْ أُوَسِّعُ عَلَى خَلْقِكَ وَ أُيَسِّرُ عَلَيْهِمْ لِكَيْ تَنْشُرَ هَذَا الْيَوْمَ رَحْمَتَكَ وَ تُيَسِّرَهُ فَيَقُولُ الرَّبُّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ تَعَالَى ذِكْرُهُ صَدَقَ عَبْدِي أَدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ «1».
7- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى قَالَ: إِنَّ مُوسَى نَاجَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَقَالَ فِي مُنَاجَاتِهِ وَ ذَكَرَ حَدِيثاً قُدْسِيّاً طَوِيلًا إِلَى أَنْ قَالَ فَاعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَى ثَوَابَ عَمَلِكَ لِكَيْ يَكُونَ أَطْمَعَ لَكَ فِي الْآخِرَةِ لَا مَحَالَةَ «2».
8- نهج، نهج البلاغة هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي مَالِهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ لِيُولِجَنِي بِهِ الْجَنَّةَ وَ يُعْطِيَنِي الْأَمَنَةَ «3».
- وَ فِيهِ وَ لَيْسَ رَجُلٌ فَاعْلَمْ أَحْرَصَ عَلَى جَمَاعَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ أُلْفَتِهَا مِنِّي أَبْتَغِي بِذَلِكَ حُسْنَ الثَّوَابِ وَ كَرِيمَ الْمَآبِ «4».
- 9- لي، الأمالي للصدوق بِإِسْنَادِهِ إِلَى النَّبِيِّ ص قَالَ: مَنْ صَامَ يَوْماً تَطَوُّعاً ابْتِغَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ وَجَبَتْ لَهُ الْمَغْفِرَةُ «5».
بيان: في هذه الأخبار كلها دلالة على أن طلب الثواب و الحذر من العقاب لا ينافي صحة العمل و كماله و القربة فيه.
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 4 ص 40.
 (2) الكافي ج 8 ص 46.
 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 22، تحت الرقم 24 من باب الكتب و الرسائل.
 (4) المصدر ج 2 ص 141، الرقم 78 من باب الكتب.
 (5) أمالي الصدوق ص 329.

203
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

- 10- فس، تفسير القمي مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ «1» قَالَ مَنْ عَمِلَ الْخَيْرَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ اللَّهُ ثَوَابَهُ فِي الدُّنْيَا أَعْطَاهُ ثَوَابَهُ فِي الدُّنْيَا وَ كَانَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ النَّارُ «2».
- 11- ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: لَا حَسَبَ لِقُرَشِيٍّ وَ لَا عَرَبِيٍّ إِلَّا بِتَوَاضُعٍ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِتَقْوَى وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَ لَا عِبَادَةَ إِلَّا بِتَفَقُّهٍ أَلَا وَ إِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ يَقْتَدِي بِسُنَّةِ إِمَامٍ وَ لَا يَقْتَدِي بِأَعْمَالِهِ «3».
12- فس، تفسير القمي قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ أَيْ عَلَى نِيَّتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى‏ سَبِيلًا «4» فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُوقِفَ الْمُؤْمِنُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَكُونُ هُوَ الَّذِي يَلِي حِسَابَهُ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ عَمَلَهُ فَيَنْظُرُ فِي صَحِيفَتِهِ فَأَوَّلُ مَا يَرَى سَيِّئَاتُهُ فَيَتَغَيَّرُ لِذَلِكَ لَوْنُهُ وَ تَرْتَعِشُ فَرَائِصُهُ وَ تَفْزَعُ نَفْسُهُ ثُمَّ يَرَى حَسَنَاتِهِ فَتَقَرُّ عَيْنُهُ وَ تُسَرُّ نَفْسُهُ وَ تَفْرَحُ رُوحُهُ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى مَا أَعْطَاهُ مِنَ الثَّوَابِ فَيَشْتَدُّ فَرَحُهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ هَلُمُّوا الصُّحُفَ الَّتِي فِيهَا الْأَعْمَالُ الَّتِي لَمْ يَعْمَلُوهَا قَالَ فَيَقْرَءُونَهَا فَيَقُولُونَ وَ عِزَّتِكَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّا لَمْ نَعْمَلْ مِنْهَا شَيْئاً فَيَقُولُ صَدَقْتُمْ نَوَيْتُمُوهَا فَكَتَبْنَاهَا لَكُمْ ثُمَّ يُثَابُونَ عَلَيْهَا «5».
13- ع، علل الشرائع ل، الخصال «6» لي، الأمالي للصدوق السِّنَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الطَّبَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ‏

__________________________________________________
 (1) هود: 15.
 (2) تفسير القمّيّ ص 300.
 (3) الخصال ج 1 ص 12.
 (4) أسرى: 84.
 (5) تفسير القمّيّ ص 387.
 (6) علل الشرائع ج 1 ص 12 الخصال ج 1 ص 88.

204
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

قَالَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع إِنَّ النَّاسَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَطَبَقَةٌ يَعْبُدُونَهُ رَغْبَةً فِي ثَوَابِهِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْحُرَصَاءِ وَ هُوَ الطَّمَعُ وَ آخَرُونَ يَعْبُدُونَهُ فَرَقاً مِنَ النَّارِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ هِيَ رَهْبَةٌ وَ لَكِنِّي أَعْبُدُهُ حُبّاً لَهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْكِرَامِ وَ هُوَ الْأَمْنُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ «1» وَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «2» فَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ «3».
14- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَا ضَعُفَ بَدَنٌ عَمَّا قَوِيَتْ عَلَيْهِ النِّيَّةُ «4».
15- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنِ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْيَقْطِينِيِّ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَى عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زِيدَ فِي رِزْقِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِ بَيْتِهِ زِيدَ فِي عُمُرِهِ «5».
16- ل، الخصال أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مِثْلَهُ وَ فِيهِ زَادَ اللَّهُ مَكَانَ زِيدَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ «6».
17- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
__________________________________________________
 (1) النمل: 89.
 (2) آل عمران: 31.
 (3) أمالي الصدوق ص 24.
 (4) أمالي الصدوق ص 198.
 (5) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 250.
 (6) الخصال ج 1 ص 44.

205
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

سِنَانٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجُلَسَاءِ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَخَافُ عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ مُنَافِقاً قَالَ فَقَالَ لَهُ إِذَا خَلَوْتَ فِي بَيْتِكَ نَهَاراً أَوْ لَيْلًا أَ لَيْسَ تُصَلِّي فَقَالَ بَلَى قَالَ فَلِمَنْ تُصَلِّي فَقَالَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَكَيْفَ تَكُونُ مُنَافِقاً وَ أَنْتَ تُصَلِّي لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا لِغَيْرِهِ «1».
18- ع، علل الشرائع أَبِي عَنْ حَبِيبِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْكُوفِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ فَكَيْفَ تَكُونُ النِّيَّةُ خَيْراً مِنَ الْعَمَلِ قَالَ لِأَنَّ الْعَمَلَ رُبَّمَا كَانَ رِيَاءَ الْمَخْلُوقِينَ وَ النِّيَّةُ خَالِصَةٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَيُعْطِي عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى النِّيَّةِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعَمَلِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْعَبْدَ لَيَنْوِي مِنْ نَهَارِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ فَتَغْلِبُهُ عَيْنُهُ فَيَنَامُ فَيُثْبِتُ اللَّهُ لَهُ صَلَاتَهُ وَ يَكْتُبُ نَفَسَهُ تَسْبِيحاً وَ يَجْعَلُ نَوْمَهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً «2».
19- ع، علل الشرائع أَبِي عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِهِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْوِي مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا يُدْرِكُهُ وَ نِيَّةُ الْكَافِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَنْوِي الشَّرَّ وَ يَأْمُلُ مِنَ الشَّرِّ مَا لَا يُدْرِكُهُ «3».
20- ب، قرب الإسناد هَارُونُ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سُئِلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع عَمَّا قَدْ يَجُوزُ وَ عَمَّا لَا يَجُوزُ مِنَ النِّيَّةِ عَلَى الْإِضْمَارِ فِي الْيَمِينِ فَقَالَ إِنَّ النِّيَّاتِ قَدْ تَجُوزُ فِي مَوْضِعٍ وَ لَا تَجُوزُ فِي آخَرَ فَأَمَّا مَا تَجُوزُ فِيهِ فَإِذَا كَانَ مَظْلُوماً فَمَا حَلَفَ بِهِ وَ نَوَى الْيَمِينَ فَعَلَى نِيَّتِهِ وَ أَمَّا إِذَا كَانَ ظَالِماً فَالْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمَظْلُومِ ثُمَّ قَالَ وَ لَوْ كَانَتِ النِّيَّاتُ مِنْ أَهْلِ الْفِسْقِ يُؤْخَذُ بِهَا أَهْلُهَا إِذاً لَأُخِذَ كُلُّ مَنْ نَوَى الزِّنَا بِالزِّنَا وَ كُلُّ مَنْ نَوَى السَّرِقَةَ بِالسَّرِقَةِ وَ كُلُّ مَنْ نَوَى الْقَتْلَ بِالْقَتْلِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَدْلٌ كَرِيمُ حَكِيمٌ‏
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 142.
 (2) علل الشرائع ج 2 ص 211.
 (3) علل الشرائع ج 2 ص 211.

206
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

لَيْسَ الْجَوْرُ مِنْ شَأْنِهِ وَ لَكِنَّهُ يُثِيبُ عَلَى نِيَّاتِ الْخَيْرِ أَهْلَهَا وَ إِضْمَارِهِمْ عَلَيْهَا وَ لَا يُؤَاخِذُ أَهْلَ الْفُسُوقِ حَتَّى يَفْعَلُوا «1».
أقول: روى هذا الخبر في موضع آخر من هذا الكتاب بهذا السند و
زَادَ فِي آخِرِهِ زِيَادَةً هِيَ هَذِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّكَ قَدْ تَرَى مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنَ الْعَجَمِ لَا يُرَادُ مِنْهُ مَا يُرَادُ مِنَ الْعَالِمِ الْفَصِيحِ وَ كَذَلِكَ الْأَخْرَسُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَ التَّشَهُّدِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعَجَمِ الْمُحَرَّمِ لَا يُرَادُ مِنْهُ مَا يُرَادُ مِنَ الْعَاقِلِ الْمُتَكَلِّمِ الْفَصِيحِ وَ لَوْ ذَهَبَ الْعَالِمُ الْمُتَكَلِّمُ الْفَصِيحُ حَتَّى يَدَعَ مَا قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالنَّبَطِيَّةِ وَ الْفَارِسِيَّةِ فَحِيلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ ذَلِكَ بِالْأَدَبِ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَا قَدْ عَلِمَهُ وَ عَقَلَهُ قَالَ وَ لَوْ ذَهَبَ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِثْلِ حَالِ الْأَعْجَمِيِّ الْمُحَرَّمِ فَفَعَلَ فَعَالَ الْأَعْجَمِيِّ وَ الْأَخْرَسِ عَلَى مَا قَدْ وَصَفْنَا إِذاً لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فَاعِلًا لِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَيْرِ وَ لَا يُعْرَفُ الْجَاهِلُ مِنَ الْعَالِمِ «2».
21- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الضَّبِّيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ عَنِ الرِّضَا ع عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا قَوْلَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ لَا قَوْلَ وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَ لَا قَوْلَ وَ لَا عَمَلَ وَ لَا نِيَّةَ إِلَّا بِإِصَابَةِ السُّنَّةِ «3».
22- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيِّ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يُقْبَلُ قَوْلٌ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ لَا يُقْبَلُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَ لَا يُقْبَلُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ وَ نِيَّةٌ إِلَّا بِإِصَابَةِ السُّنَّةِ «4».
23- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَيَابَةَ عَنْ‏
__________________________________________________
 (1) قرب الإسناد ص 8. ط النجف.
 (2) قرب الإسناد ص 33 و 34.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 347.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 396.

207
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَاشِمِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ وَ الْبَاقِرَ ع يُحَدِّثَانِ عَنْ آبَائِهِمَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ وَ كَذَلِكَ الْفَاجِرُ «1».
24- ير، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْعَبْدِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا قَوْلَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَ لَا عَمَلَ وَ لَا نِيَّةَ إِلَّا بِإِصَابَةِ السُّنَّةِ «2».
25- سن، المحاسن عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَوْ نَظَرَ النَّاسُ إِلَى مَرْدُودِ الْأَعْمَالِ مِنَ السَّمَاءِ لَقَالُوا مَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ عَمَلًا «3».
26- سن، المحاسن النَّوْفَلِيُّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَ نِيَّةُ الْفَاجِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ وَ كُلُّ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ «4».
27- سن، المحاسن الْوَشَّاءُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْمُثَنَّى الْحَنَّاطِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زَادَ اللَّهُ فِي رِزْقِهِ «5».
28- سن، المحاسن بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَلَغَ بِهِ خَيْثَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُعْفِيَّ قَالَ: سَأَلَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ مَا الْعِبَادَةُ فَقَالَ حُسْنُ النِّيَّةِ بِالطَّاعَةِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يُطَاعُ اللَّهُ مِنْهُ.
- وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: حُسْنُ النِّيَّةِ بِالطَّاعَةِ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ «6».
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 69.
 (2) بصائر الدرجات: 11.
 (3) لم نجده في مظانه.
 (4) المحاسن ص 260.
 (5) المحاسن ص 261.
 (6) المحاسن ص 261

208
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

29- سن، المحاسن عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عُرْوَةَ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَحْشُرُ النَّاسَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «1».
30- سن، المحاسن الْقَاسَانِيُّ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْخُلُودِ فِي الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فَقَالَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ «2» أَيْ عَلَى نِيَّتِهِ «3».
شي، تفسير العياشي عن أبي هاشم مثله «4».
31- ضا، فقه الرضا عليه السلام أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ قَالَ: نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ يَنْوِي خَيْراً مِنْ عَمَلِهِ وَ نِيَّةُ الْفَاجِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ وَ كُلُّ عَامِلٍ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ وَ نَرْوِي نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ يَنْوِي مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا يُطِيقُهُ وَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَ رُوِيَ مَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زَادَ اللَّهُ فِي رِزْقِهِ وَ سَأَلْتُ الْعَالِمَ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ «5» قُوَّةُ الْأَبْدَانِ أَمْ قُوَّةُ الْقُلُوبِ فَقَالَ جَمِيعاً وَ قَالَ لَا قَوْلَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَ لَا نِيَّةَ إِلَّا بِإِصَابَةِ السُّنَّةِ وَ نَرْوِي حُسْنُ الْخُلُقِ سَجِيَّةٌ وَ نِيَّةٌ وَ صَاحِبُ النِّيَّةِ أَفْضَلُ وَ نَرْوِي مَا ضَعُفَتْ نِيَّةٌ عَنْ نِيَّةٍ.
- وَ أَرْوِي عَنْهُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَعْنَى ذَلِكَ فَقَالَ الْعَمَلُ يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ وَ النِّيَّةُ لَا يَدْخُلُهَا الرِّيَاءُ
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 262.
 (2) أسرى: 84.
 (3) المحاسن ص 262.
 (4) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 316.
 (5) البقرة: 63 و 93.

209
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

وَ سَأَلْتُ الْعَالِمَ ع عَنْ تَفْسِيرِ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ قَالَ إِنَّهُ رُبَّمَا انْتَهَتْ بِالْإِنْسَانِ حَالُهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ فَتُفَارِقُهُ الْأَعْمَالُ وَ مَعَهُ نِيَّتُهُ فَلِذَلِكَ الْوَقْتِ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَ فِي وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهَا لَا يُفَارِقُهُ عَقْلُهُ أَوْ نَفْسُهُ وَ الْأَعْمَالُ قَدْ يُفَارِقُهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْعَقْلِ وَ النَّفْسِ.
32- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع صَاحِبُ النِّيَّةِ الصَّادِقَةِ صَاحِبُ الْقَلْبِ السَّلِيمِ لِأَنَّ سَلَامَةَ الْقَلْبِ مِنْ هَوَاجِسِ الْمَحْذُورَاتِ بِتَخْلِيصِ النِّيَّةِ لِلَّهِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «1».
وَ قَالَ النَّبِيُّ ص نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.
وَ قَالَ ع إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَ لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ خَالِصِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ وَ سُكُونٍ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ غَافِلًا وَ الْغَافِلُونَ قَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «2» وَ قَالَ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ «3» ثُمَّ النِّيَّةُ تَبْدُو مِنَ الْقَلْبِ عَلَى قَدْرِ صَفَاءِ الْمَعْرِفَةِ وَ يَخْتَلِفُ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ فِي مَعْنَى قُوَّتِهِ وَ ضَعْفِهِ وَ صَاحِبُ النِّيَّةِ الْخَالِصَةِ نَفْسُهُ وَ هَوَاهُ مَقْهُورَتَانِ تَحْتَ سُلْطَانِ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَ الْحَيَاءِ مِنْهُ وَ هُوَ مِنْ طَبْعِهِ وَ شَهْوَتِهِ وَ مَنِيَّتِهِ نَفْسُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ «4».
33- م، تفسير الإمام عليه السلام قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَ لَا غَرَضَ لِي إِلَّا ثَوَابُهُ فَأَكُونَ كَالْعَبْدِ الطَّمِعِ الْمُطَمَّعِ إِنْ طُمِّعَ عَمِلَ وَ إِلَّا لَمْ يَعْمَلْ وَ أَكْرَهُ أَنْ لَا أَعْبُدَهُ إِلَّا لِخَوْفِ عِقَابِهِ فَأَكُونَ كَالْعَبْدِ السَّوْءِ إِنْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَعْمَلْ قِيلَ فَلِمَ تَعْبُدُهُ قَالَ لِمَا هُوَ أَهْلُهُ بِأَيَادِيهِ عَلَيَّ وَ إِنْعَامِهِ.
__________________________________________________
 (1) الشعراء: 88 و 89.
 (2) الأعراف: 179.
 (3) الأعراف: 179.
 (4) مصباح الشريعة ص 4 و 5.

210
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

- لَا يَكُونُ الْعَبْدُ عَابِداً لِلَّهِ حَقَّ عِبَادَتِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنِ الْخَلْقِ كُلِّهِ إِلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَقُولُ هَذَا خَالِصٌ لِي فَيَتَقَبَّلُهُ بِكَرَمِهِ.
- وَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى عَبْدٍ أَجَلَّ مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ.
- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ ع أَشْرَفُ الْأَعْمَالِ التَّقَرُّبُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
- وَ قَالَ عَلِيٌّ الرِّضَا ع إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ وَ خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ حَقّاً وَ خُلَفَاؤُهُ خُلَفَاءُ اللَّهِ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ عِلْمُهُ فِي قَلْبِهِ بِأَنَّ هَذَا صَحِيحٌ كَمَا قُلْتُهُ بِلِسَانِي «1».
34- جا، المجالس للمفيد أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّمَا قَدَّرَ اللَّهُ عَوْنَ الْعِبَادِ عَلَى قَدْرِ نِيَّاتِهِمْ فَمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ تَمَّ عَوْنُ اللَّهِ لَهُ وَ مَنْ قَصُرَتْ نِيَّتُهُ قَصُرَ عَنْهُ الْعَوْنُ بِقَدْرِ الَّذِي قَصَّرَ «2».وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ ع
35- غو، غوالي اللئالي عَنِ النَّبِيِّ ص إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَ إِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ «3».
36 كِتَابُ قَضَاءِ الْحُقُوقِ، لِلصُّورِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.
37- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا حَسَبَ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِالتَّقْوَى وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِالنِّيَّةِ «4».
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 152، و قد مر في شرح الخبر الثاني من مرآة العقول ص 198.
 (2) مجالس المفيد ص 48 و 49.
 (3) حديث متفق عليه راجع صحيح البخاريّ كتاب الايمان ص 23 في ط.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 203.

211
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 53 النیة و شرائطها و مراتبها و کمالها و ثوابها و أن قبول العمل نادر ص 185

38- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُوسَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَغْزَى عَلِيّاً فِي سَرِيَّةٍ وَ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْتَدِبُوا مَعَهُ فِي سَرِيَّتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِأَخٍ لَهُ اغْزُ بِنَا فِي سَرِيَّةِ عَلِيٍّ لَعَلَّنَا نُصِيبُ خَادِماً أَوْ دَابَّةً أَوْ شَيْئاً نَتَبَلَّغُ بِهِ فَبَلَغَ النَّبِيَّ ص قَوْلُهُ فَقَالَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ غَزَا ابْتِغَاءَ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ غَزَا يُرِيدُ عَرَضَ الدُّنْيَا أَوْ نَوَى عِقَالًا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مَا نَوَى «1».
39- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ «2».
40 الْهِدَايَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَ نِيَّةَ الْكَافِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ بِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ «3» يَعْنِي عَلَى نِيَّتِهِ وَ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُجَدِّدَ لِكُلِّ عَمَلٍ نِيَّةً وَ كُلُّ عَمَلٍ مِنَ الطَّاعَاتِ إِذَا عَمِلَهُ الْعَبْدُ لَمْ يُرِدْ بِهِ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَهُوَ عَمَلٌ بِنِيَّةٍ وَ كُلُّ عَمَلٍ عَمِلَهُ الْعَبْدُ مِنَ الطَّاعَاتِ يُرِيدُ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَهُوَ عَمَلٌ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَ هُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ.
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 231.
 (2) نهج البلاغة ج 2 ص 197 تحت الرقم 237 من الحكم.
 (3) أسرى: 84.

212
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى‏
الآيات الفاتحة إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ البقرة بَلى‏ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «1» و قال تعالى وَ نَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ «2» و قال وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ «3» و قال وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «4» و قال تعالى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ «5» و قال تعالى وَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ الآية «6» آل عمران فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَ مَنِ اتَّبَعَنِ «7» و قال تعالى وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَ سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ «8» النساء وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً «9» و قال وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً «10» و قال وَ مَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً «11» و قال إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ اعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ «12»
__________________________________________________
 (1) البقرة: 112.
 (2) البقرة: 139.
 (3) البقرة: 196.
 (4) البقرة: 207.
 (5) البقرة: 238.
 (6) البقرة: 265.
 (7) آل عمران: 20.
 (8) آل عمران: 145.
 (9) النساء: 35.
 (10) النساء: 113.
 (11) النساء: 124.
 (12) النساء: 145.

213
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

الأنعام إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ «1» و قال تعالى قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ «2» و قال تعالى وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ «3» الأعراف وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «4» يوسف إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ «5» الإسراء وَ قَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ «6» الكهف وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ «7» و قال تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً «8» مريم وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى‏ إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً إلى قوله تعالى وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا «9» الحج حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «10» الروم فَآتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «11» لقمان وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ «12» الصافات إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَواكِهُ وَ هُمْ‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 79.
 (2) الأنعام: 163.
 (3) الأنعام: 52.
 (4) الأعراف: 28.
 (5) يوسف: 24.
 (6) أسرى: 23.
 (7) الكهف: 28.
 (8) الكهف: 111.
 (9) مريم: 51.
 (10) الحجّ: 31.
 (11) الروم: 38.
 (12) لقمان: 22.

214
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

مُكْرَمُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ إلى قوله تعالى لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ «1» ص وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى‏ وَ حُسْنَ مَآبٍ «2» الزمر فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ «3» و قال تعالى قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَ أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ إلى قوله تعالى قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ «4» و قال ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ «5» المؤمن فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ «6» حمعسق مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ «7» الجن وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً إلى قوله تعالى قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَ لا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً «8» الدهر إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً «9» الليل وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى‏ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى«10» البينة وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ «11»
__________________________________________________
 (1) الصافّات: 40- 61.
 (2) ص: 40.
 (3) الزمر: 2- 3.
 (4) الزمر: 12- 14.
 (5) الزمر: 29.
 (6) المؤمن: 14.
 (7) الشورى: 20.
 (8) الجن: 18- 20.
 (9) الدهر: 9.
 (10) الليل: 17.
 (11) البينة: 5.

215
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

تفسير إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أي نخصك بالعبادة و الاستعانة و المراد طلب المعونة في المهمات كلها أو في أداء العبادات و الضمير المستكن في الفعلين للقاري و من معه من الحفظة و حاضري صلاة الجماعة أو له و لسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم و خلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها و يجاب إليها و لهذا شرعت الجماعة و قدم المفعول للتعظيم و الاهتمام به و الدلالة على الحصر و قيل لما نسب العبادة إلى نفسه أوهم ذلك تبجحا و اعتدادا منه بما يصدر عنه فعقبه بقوله وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ليدل على أن العبادة أيضا مما لا تتم و لا تستتب له إلا بمعونة منه و توفيق و قيل الواو للحال و المعنى نعبدك مستعينين بك.
و في تفسير الإمام ع في تفسيرها قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قُولُوا أَيُّهَا الْخَلْقُ الْمُنَعَّمُ عَلَيْهِمْ إِيَّاكَ نَعْبُدُ أَيُّهَا الْمُنْعِمُ عَلَيْنَا نُطِيعُكَ مُخْلِصِينَ مَعَ التَّذَلُّلِ وَ الْخُضُوعِ بِلَا رِئَاءٍ وَ لَا سُمْعَةٍ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ مِنْكَ نَسْأَلُ الْمَعُونَةَ عَلَى طَاعَتِكَ لِنُؤَدِّيَهَا كَمَا أَمَرْتَ وَ نَتَّقِيَ مِنْ دُنْيَانَا مَا عَنْهُ نَهَيْتَ وَ نَعْتَصِمَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ مِنْ سَائِرِ مَرَدَةِ الْإِنْسِ مِنَ الْمُضِلِّينَ وَ مِنَ الْمُؤْذِينَ الظَّالِمِينَ بِعِصْمَتِكَ «1».
بَلى‏ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ قيل أي نفسه أو قصده فيدل على الإخلاص و قال الطبرسي «2» قيل معناه من أخلص نفسه لله بأن سلك طريق مرضاته عن ابن عباس و قيل وجه وجهه لطاعة الله و قيل فوض أمره إلى الله و قيل استسلم لأمر الله و خضع و تواضع لله وَ هُوَ مُحْسِنٌ في عمله و قيل و هو مؤمن و قيل مخلص فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ أي فله جزاء عمله عند الله تعالى و في تفسير الإمام ع بَلى‏ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ كما فعل الذين آمنوا برسول الله ص لما سمعوا براهينه و حججه وَ هُوَ مُحْسِنٌ في عمله لله فَلَهُ أَجْرُهُ أي ثوابه عِنْدَ رَبِّهِ يوم فصل القضاء وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ حين يخاف الكافرون ما يشاهدونه من العذاب وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ عند الموت لأن البشارة بالجنان تأتيهم انتهى «3».
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 18.
 (2) مجمع البيان ج 1 ص 187، في آية البقرة: 112.
 (3) تفسير الإمام ص 249.

216
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

وَ نَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ «1» أي في الإيمان و الطاعة لا نشرك به شركا جليا و لا خفيا.
لِلَّهِ «2» أي لوجه الله خالصا و يدل على وجوب نية القربة فيهما مَنْ يَشْرِي «3» أي يبيع نَفْسَهُ ببذلها ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ أي طلبا لرضاه سبحانه و يدل على أن طلب الرضا أيضا أحد وجوه القربة و روت العامة و الخاصة «4» بأسانيد جمة أنها نزلت في أمير المؤمنين ع حين بات على فراش رسول الله ص و في تفسير الإمام ع وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ يبيعها ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فيعمل بطاعته و يأمر الناس بها و يصبر على ما يلحقه من الأذى فيها يكون كمن باع نفسه و سلمها و تسلم مرضاة الله عوضا منها فلا يبالي ما حل بها بعد أن يحصل لها رضا ربها وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ كلهم أما الطالبون لرضا ربهم فيبلغهم أقصى أمانيهم و يزيدهم عليها ما لم تبلغه آمالهم و أما الفاجرون في دينه فيتأناهم و يرفق بهم يدعوهم إلى طاعته و لا يقطع ممن علم أنه سيتوب عن ذنبه التوبة الموجبة له عظيم كرامته «5».
وَ قُومُوا لِلَّهِ «6» يدل على وجوب نية القربة في القيام للصلاة بل فيها.
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ «7» أي يخرجون أَمْوالَهُمُ في وجوه البر ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ أي لطلب رضاه فيدل على اشتراط ترتب الثواب على الصدقات و سائر الخيرات بالقربة.
فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ «8» أي أخلصت نفسي و جملتي له لا أشرك فيها غيره قيل عبر عن النفس بالوجه لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة و مظهر القوى‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 139.
 (2) يعني الحجّ و العمرة في قوله تعالى: «وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ».
 (3) البقرة: 207.
 (4) راجع ج 19 ص 55 باب الهجرة و مباديها، و هكذا ج 36 ص 40- 51.
 (5) تفسير الإمام ص 284.
 (6) البقرة: 238.
 (7) البقرة: 265.
 (8) آل عمران: 20.

217
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

و الحواس وَ مَنِ اتَّبَعَنِ أي و أسلم من اتبعني.
وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها «1» قال في المجمع قيل في معناه أقوال أحدها أن المراد من عمل للدنيا لم نحرمه ما قسمنا له فيها من غير حظ في الآخرة عن أبي إسحاق أي فلا تغتر بحاله في الدنيا و ثانيها من أراد بجهاده ثواب الدنيا و هو النصيب من الغنيمة نؤته منها فبين أن حصول الدنيا للإنسان ليس بموضع غبطة لأنها مبذولة للبر و الفاجر عن أبي علي الجبائي و ثالثها من تعرض لثواب الدنيا بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر جوزي بها في الدنيا دون الآخرة لإحباط عمله بفسقه و هذا على مذهب من يقول بالإحباط.
وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها أي من يرد بالجهاد و أعماله ثواب الآخرة نؤته منها فلا ينبغي لأحد أن يطلب بطاعاته غير ثواب الله تعالى و مثله قوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ «2» الآية
وَ قَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ص مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ فَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ.
وَ سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ أي نعطيهم جزاء الشكر و قيل معناه سنجزي الشاكرين من الرزق في الدنيا لئلا يتوهم أن الشاكر يحرم ما يعطى الكافر من نعيم الدنيا انتهى «3».
و أقول الآية على أظهر الوجوه تدل على اشتراط ثواب الآخرة بقصد القربة و أما على بطلان العمل ففيه إشكال إلا أن يظهر التلازم بين الصحة و استحقاق الثواب الأخروي و يدل على أن قصد الثواب لا ينافي القربة كما زعمه جماعة و على أن الثواب الدنيوي قد يترتب على العبادات الفاسدة كعبادة إبليس و بعض الكفار.
وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً «4» أي لا تشركوا في عبادته غيره و هو يشمل الشرك‏
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 145.
 (2) الشورى: 20.
 (3) مجمع البيان ج 2 ص 515.
 (4) النساء: 35.

218
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

الجلي و الخفي.
وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ «1» أي الصدقة أو المعروف أو الإصلاح بين الناس أو الأمر بها و يدل على اشتراط القربة في ترتب الثواب عليه.
وَ مَنْ أَحْسَنُ دِيناً «2» قال الطبرسي رحمه الله هو في صورة الاستفهام و المراد به التقرير و معناه من أصوب طريقة و أهدى سبيلا أي لا أحد أصدق اعتقادا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ أي استسلم و المراد بوجهه هنا ذاته و نفسه كما قال سبحانه كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «3» و المعنى انقاد لله بالطاعة و لنبيه ص بالتصديق و قيل معنى أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ قصده سبحانه بالعبادة وحده كما أخبر عن إبراهيم ع أنه قال وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ «4» و قيل معناه أخلص أعماله لله أي أتى بها مخلصا لله وَ هُوَ مُحْسِنٌ أي فاعل للفعل الحسن الذي أمره الله سبحانه و قيل وَ هُوَ مُحْسِنٌ في جميع أقواله و أفعاله و قيل إن المحسن هو الموحد
وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْإِحْسَانِ فَقَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ.
وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ أي اقتدى بدينه و سيرته و طريقته يعني ما كان عليه إبراهيم ع و أمر به بنيه من بعده و أوصاهم به من الإقرار بتوحيده و عدله و تنزيهه عما لا يليق به و من ذلك الصلاة إلى الكعبة و الطواف حولها و سائر المناسك حَنِيفاً أي مستقيما على منهاجه و طريقه «5».
قوله تعالى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا «6» أي من النفاق وَ أَصْلَحُوا ما أفسدوا
__________________________________________________
 (1) النساء: 113.
 (2) النساء: 124.
 (3) القصص: 88.
 (4) الأنعام: 79.
 (5) مجمع البيان ج 3 ص 116.
 (6) النساء: 145.

219
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

من أسرارهم و أحوالهم في حال النفاق وَ اعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وثقوا به و تمسكوا بدينه وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ لا يريدون بطاعته إلا وجهه فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ و من عدادهم في الدارين وَجَّهْتُ وَجْهِيَ «1» أي نفسي أو وجه قلبي أو قصدي حَنِيفاً أي مخلصا مائلا عن الشرك إلى الإخلاص وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ لا بالشرك الجلي و لا بالشرك الخفي.
قُلْ إِنَّ صَلاتِي «2» الخطاب للرسول ص وَ نُسُكِي قال في المجمع قيل أي ديني و قيل عبادتي و قيل ذبيحتي للحج و العمرة وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي أي حياتي و موتي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و إنما جمع بين صلاته و حياته و أحدهما من فعله و الآخر من فعل الله فإنهما جميعا بتدبير الله تعالى و قيل معناه صلاتي و نسكي له عبادة و حياتي و مماتي له ملكا و قدرة و قيل إن عبادتي له لأنها بهدايته و لطفه و محياي و مماتي له لأنهما بتدبيره و خلقه و قيل معنى قوله مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ أن الأعمال الصالحة التي تتعلق بالحياة في فنون الطاعات و ما يتعلق بالممات من الوصية و الختم بالخيرات لله و فيه تنبيه على أنه لا ينبغي أن يكون الإنسان حياته لشهوته و مماته لورثته لا شَرِيكَ لَهُ أي لا ثاني له في الإلهية و قيل لا شريك له في العبادة و في الإحياء و الإماتة وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ أي و بهذا أمرني ربي وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ من هذه الأمة انتهى «3».
و أقول يمكن أن يكون المراد بقوله محياي و مماتي لله إني جعلت إرادتي و محبتي موافقين لإرادة الله و محبته في جميع الأمور حتى في الحياة و الممات فإن أراد الله حياتي لا أطلب الموت و إذا أراد موتي لا أكرهها و لا أشتهي الحياة.
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ «4» قال الطبرسي رحمه الله يعني يطلبون ثواب الله‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 79.
 (2) الأنعام: 163.
 (3) مجمع البيان ج 4 ص 391.
 (4) الأنعام: 52.

220
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

و يعملون ابتغاء مرضاته لا يعدلون بالله شيئا عن عطا قال الزجاج شهد الله لهم بصدق النيات و أنهم مخلصون في ذلك له أي يقصدون الطريق الذي أمرهم بقصده فكأنه ذهب في معنى الوجه إلى الجهة و الطريق «1».
و قال في قوله تعالى وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ هذا أمر بالدعاء و التضرع إليه سبحانه على وجه الإخلاص أي ارغبوا إليه في الدعاء بعد إخلاصكم له الدين و قيل معناه و اعبدوه مخلصين له الإيمان «2».
مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ «3» قرئ بفتح اللام أي المصطفين المختارين للنبوة و بكسرها أي المخلصين في العبادة و التوحيد أي من عبادنا الذين أخلصوا الطاعة لله و أخلصوا أنفسهم لله.
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ «4» كأنه شامل للشرك الخفي أيضا.
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ في المجمع أي رضوانه و قيل تعظيمه و القربة إليه دون الرئاء و السمعة «5».
فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ «6» قال رحمه الله أي فمن كان يطمع في لقاء ثواب ربه و يأمله و يقر بالبعث إليه و الوقوف بين يديه و قيل معناه فمن كان يخشى لقاء عقاب ربه و قيل إن الرجاء يشتمل على كلا المعنيين الخوف و الأمل فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً أي خالصا لله تعالى يتقرب به إليه وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً غيره من ملك أو بشر أو حجر أو شجر عن الحسن و قيل معناه لا يرائي عبادته أحدا و قال مجاهد جاء رجل إلى النبي ص فقال إني أتصدق و أصل‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 4 ص 306.
 (2) مجمع البيان ج 4 ص 411 في آية الأعراف: 28.
 (3) يوسف: 24.
 (4) أسرى: 23.
 (5) مجمع البيان ج 6 ص 465 في آية الكهف: 28.
 (6) الكهف: 111.

221
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

الرحم و لا أصنع ذلك إلا لله فيذكر ذلك مني و أحمد عليه فيسرني ذلك و أعجب به فسكت رسول الله ص و لم يقل شيئا فنزلت الآية قال عطا عن ابن عباس أن الله تعالى قال وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً و لم يقل و لا يشرك به لأنه أراد العمل الذي يعمل لله و يحب أن يحمد عليه قال و لذلك يستحب للرجل أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كيلا يعظمه من يصله بها.
وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِي‏ءٌ فَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ.
أورده مسلم في الصحيح‏
وَ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بَنِ الصَّامِتِ وَ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولٌ مَنْ صَلَّى صَلَاةً يُرَائِي بِهَا فَقَدْ أَشْرَكَ وَ مَنْ صَامَ صَوْماً يُرَائِي بِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَ رُوِيَ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع دَخَلَ يَوْماً عَلَى الْمَأْمُونِ فَرَآهُ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَ الْغُلَامُ يَصُبُّ عَلَى يَدِهِ الْمَاءَ فَقَالَ لَا تُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ أَحَداً فَصَرَفَ الْمَأْمُونُ الْغُلَامَ وَ تَوَلَّى إِتْمَامَ وُضُوئِهِ بِنَفْسِهِ.
و قيل إن هذه الآية آخر آية نزلت من القرآن انتهى «1».
و أقول الرواية الأخيرة تدل على أن المراد بالشرك هنا الاستعانة في العبادة و هو مخالف لسائر الأخبار و يمكن الجمع بحملها على الأعم منها فإن الإخلاص التام هو أن لا يشرك في القصد و لا في العمل غيره سبحانه.
إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً «2» في المجمع أخلص العبادة لله أو أخلص نفسه لأداء الرسالة وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا أي مناجيا كليما قال ابن عباس قربه الله و كلمه و معنى هذا التقريب أنه أسمعه كلامه و قيل قربه حتى سمع صرير القلم الذي كتبت به التوراة و قيل وَ قَرَّبْناهُ أي و رفعناه منزلته و إلينا محله حتى صار محله منا في الكرامة و المنزلة محل من قربه مولاه في مجلس كرامته فهو تقريب كرامة و اصطفاء لا تقريب مسافة و إدناء إذ هو سبحانه لا يوصف بالحلول في مكان فيقرب‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 6 ص 499 و ما بين العلامتين أضفناه من المصدر.
 (2) مريم: 51.

222
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

عن بعد أو يبعد عن قرب أو يكون أحد أقرب إليه من غيره «1».
حُنَفاءَ لِلَّهِ أي مستقيمي الطريقة على ما أمر الله مائلين عن سائر الأديان غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ أي حجاجا مخلصين و هم مسلمون موحدون كذا في المجمع «2» و
فِي التَّفْسِيرِ عَنِ الصَّادِقِ ع غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ فِي التَّوْحِيدِ.
عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ وَ عَنِ الْحَنِيفِيَّةِ فَقَالَ هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ قَالَ فَطَرَهُمُ اللَّهُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ «3».
لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ «4» أي الذين يقصدون بمعروفهم إياه خالصا من دون رئاء و سمعة وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أي الفائزون بثواب الله.
وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ في المجمع أي و من يخلص دينه لله و يقصد في أفعاله التقرب إلى الله وَ هُوَ مُحْسِنٌ فيها فيفعلها على موجب العلم و مقتضى الشرع و قيل إسلام الوجه إلى الله تعالى هو الانقياد إليه في أوامره و نواهيه و ذلك يتضمن العلم و العمل فَقَدِ اسْتَمْسَكَ أي فقد تعلق بِالْعُرْوَةِ الوثيقة التي لا يخشى انفصامها وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أي و عند الله ثواب ما صنع و المعنى و إلى الله يرجع أواخر الأمور على وجه لا يكون لأحد التصرف فيها بالأمر و النهي انتهى «5».
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ «6» بالكسر أي الذين تنبهوا بإنذارهم فأخلصوا دينهم لله و بالفتح الذين أخلصهم الله لدينه و على التقديرين الاستثناء منقطع‏
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع عَنِ النَّبِيِّ ص لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ قَالَ يَعْلَمُهُ الْخُدَّامُ فَيَأْتُونَ بِهِ‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 6 ص 518.
 (2) مجمع البيان ج 7 ص 82 و الآية في سورة الحجّ: 31.
 (3) راجع الكافي ج 2 ص 12 و 13.
 (4) الروم: 38.
 (5) مجمع البيان ج 8 ص 321، في آية لقمان: 22.
 (6) الصافّات: 40.

223
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

أَوْلِيَاءَ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلُوهُمْ إِيَاَّهُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ قَالَ فَإِنَّهُمْ لَا يَشْتَهُونَ شَيْئاً فِي الْجَنَّةِ إِلَّا أُكْرِمُوا بِهِ.
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «1» من الشرك الجلي بل الخفي أيضا.
فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ «2» في المجمع من شرك الأوثان و الأصنام و الإخلاص أن يقصد العبد بنيته و عمله إلى خالقه لا يجعل ذلك لغرض الدنيا أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ و الخالص هو ما لا يشوبه الرئاء و السمعة و لا وجه من وجوه الدنيا و قيل معناه ألا لله الطاعة بالعبادة التي يستحق بها الجزاء فهذا لله وحده لا يجوز أن يكون لغيره و قيل هو الاعتقاد الواجب في التوحيد و العدل و النبوة و الإقرار بها و العمل بموجبها و البراءة من كل دين سواها «3».
و قال في قوله تعالى مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أي موحدا له لا أعبد معه سواه و العبادة الخالصة هي التي لا يشوبها شي‏ء من المعاصي وَ أُمِرْتُ أيضا لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ فيكون لي فضل السبق مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ و طاعتي انتهى «4» فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ تهديد و خذلان.
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا «5» أي للمشرك و الموحد مُتَشاكِسُونَ أي متنازعون مختلفون وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ أي خالصا لواحد ليس لغيره عليه سبيل قيل مثل المشرك على ما يقتضيه مذهبه من أن يدعي كل واحد من معبوديه عبوديته و يتنازعون فيه بعبد يتشارك فيه جمع يتجاذبونه و يتعاورونه في مهامهم المختلفة في تحيره و توزع قلبه و الموحد بمن خلص لواحد ليس لغيره عليه سبيل.
و أقول قد مرت الأخبار الكثيرة في أنها نزلت في أمير المؤمنين ع و غاصبي‏
__________________________________________________
 (1) المؤمن: 14، لكنه مؤخر عن سورة الزمر.
 (2) الزمر: 2 و 3.
 (3) مجمع البيان ج 8 ص 488.
 (4) مجمع البيان ج 8 ص 493، في آية الزمر: 12- 14.
 (5) الزمر: 29.

224
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

حقه «1» و على التقادير يشعر بذم الشرك الخفي فإن من أشركه في عبادته له نصيب فيها و لذا
يَقُولُ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ خُذْ ثَوَابَ عِبَادَتِكَ مِمَّنْ أَشْرَكْتَهُ مَعِي.
مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ «2» أي ثوابها شبهه بالزرع من حيث إنه فائدة تحصل بعمل الدنيا و لذلك قيل الدنيا مزرعة الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ فنعطه بالواحد عشرا إلى سبعمائة فما فوقها وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا أي بعمله نفع الدنيا نُؤْتِهِ مِنْها أي شيئا منها على ما قسمنا له و يحتمل أن يصير سببا لزيادة المنافع الدنيوية وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ لبطلانه و إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى‏
وَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ الصَّادِقِ ع الْمَالُ وَ الْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْيَا وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الْآخِرَةِ وَ قَدْ يَجْمَعُهُمَا اللَّهُ لِأَقْوَامٍ.
وَ فِي الْكَافِي عَنْهُ ع مَنْ أَرَادَ الْحَدِيثَ لِمَنْفَعَةِ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ وَ مَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْرَ الْآخِرَةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ «3».
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ النَّبِيِّ ص مَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَ جَعَلَ الْفَقْرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ لَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ وَ مَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْآخِرَةَ جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ وَ جَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَ أَتَتْهُ الدُّنْيَا وَ هِيَ رَاغِمَةٌ «4».
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ قَالَ مَعْرِفَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ الْأَئِمَّةِ ع.
قيل نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ قال نزيده منها يستوفي نصيبه من دولتهم وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ قال ليس له في دولة الحق مع الإمام نصيب «5».
__________________________________________________
 (1) راجع ج 24 ص 160 و 161.
 (2) الشورى: 20.
 (3) الكافي ج 1 ص 46، باب المستأكل بعلمه.
 (4) مجمع البيان ج 9 ص 27.
 (5) الكافي ج 1 ص 436.
                       

225
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ «1» في الأخبار الكثيرة أنها المساجد التي يسجد عليها و قيل المساجد المعروفة و قيل كل الأرض فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً أي لا تشركوا في دعائه و عبادته غيره.
إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ «2» أي لطلب رضاه خالصا له مخلصا من الرئاء و طلب الجزاء لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً
رَوَى الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَجَالِسِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَذْكُرُ فِيهِ سَبَبَ نُزُولِ سُورَةِ هَلْ أَتَى فِي أَصْحَابِ الْكِسَاءِ ع وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ يَقُولُ عَلَى شَهْوَتِهِمْ لِلطَّعَامِ وَ إِيثَارِهِمْ لَهُ مِسْكِيناً مِنْ مَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ وَ يَتِيماً مِنْ يَتَامَى الْمُسْلِمِينَ وَ أَسِيراً مِنْ أُسَارَى الْمُشْرِكِينَ وَ يَقُولُونَ إِذَا أَطْعَمُوهُمْ إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً قَالَ وَ اللَّهِ مَا قَالُوا هَذَا لَهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ أَضْمَرُوهُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَأَخْبَرَ اللَّهُ بِإِضْمَارِهِمْ يَقُولُونَ لَا نُرِيدُ جَزَاءً تُكَافِئُونَنَا بِهِ وَ لَا شُكُوراً تُثْنُونَ عَلَيْنَا بِهِ وَ لَكِنَّا إِنَّمَا أَطْعَمْنَاكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ وَ طَلَبِ ثَوَابِهِ.
انتهى «3».
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً أي تعبس فيه الوجوه قَمْطَرِيراً أي شديد العبوس.
يُؤْتِي مالَهُ «4» في المجمع أي ينفقه في سبيل الله يَتَزَكَّى يطلب أن يكون عند الله زكيا لا يطلب بذلك رئاء و لا سمعة وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى‏ أي و لم يفعل الأتقى ما فعله من إيتاء المال و إنفاقه في سبيل الله ليد أسديت إليه يكافئ عليها و لا ليد يتخذها عند أحد من الخلق إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى‏ أي و لكنه فعل ما فعل يبتغي به وجه الله و رضاه و ثوابه وَ لَسَوْفَ يَرْضى‏ أي و لسوف يعطيه الله من الجزاء و الثواب ما يرضى به فإنه يعطيه كل ما تمنى و ما
__________________________________________________
 (1) الجن 18- 20.
 (2) الدهر: 9.
 (3) أمالي الصدوق ص 155- 157.
 (4) الليل: 17.

226
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

لم يخطر بباله فيرضى به لا محالة انتهى «1».
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «2» أي لا يشركون به شيئا حُنَفاءَ مائلين عن العقائد الزائغة.
1 سن، المحاسن عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ حَنِيفاً مُسْلِماً قَالَ خَالِصاً مُخْلِصاً لَا يَشُوبُهُ شَيْ‏ءٌ «3».
2- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ لَيْسَ فِيهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ «4».
بيان: الحنيف المائل إلى الدين الحق و هو الدين الخالص و المسلم المنقاد لله في جميع أوامره و نواهيه و لما قال سبحانه ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «5» و جعل الحنيف المسلم في مقابلة المشرك فلذا فسر ع الحنيف أو الحنيف المسلم بمن كان خالصا لله مخلصا عمله من الشرك الجلي و الخفي فالأوثان أعم من الأوثان الحقيقية و المجازية فتشمل عبادة الشياطين في إغوائها و عبادة النفس في أهوائها كما قال تعالى أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ «6» و قال سبحانه أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ «7» و قال عز و جل اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ «8»
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَلْعُونٌ مَنْ عَبَدَ الدِّينَارَ وَ الدِّرْهَمَ.
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 10 ص 502.
 (2) البينة: 5.
 (3) المحاسن ص 251.
 (4) الكافي ج 2 ص 15.
 (5) آل عمران: 67.
 (6) يس: 60.
 (7) الفرقان: 43.
 (8) براءة: 31.

227
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

3- سن، المحاسن عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هُوَ اللَّهُ وَ الشَّيْطَانُ وَ الْحَقُّ وَ الْبَاطِلُ وَ الْهُدَى وَ الضَّلَالُ وَ الرُّشْدُ وَ الْغَيُّ وَ الْعَاجِلَةُ وَ الْعَاقِبَةُ وَ الْحَسَنَاتُ وَ السَّيِّئَاتُ فَمَا كَانَ مِنْ حَسَنَاتٍ فَلِلَّهِ وَ مَا كَانَ مِنْ سَيِّئَاتٍ فَلِلشَّيْطَانِ «1».
4- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ وَ الضَّلَالَةُ وَ الْعَاجِلَةُ وَ الْآجِلَةُ وَ الْعَاقِبَةُ «2».
بيان: إنما هو الله الضمير راجع إلى المقصود في العبادة أو الأعم منه و من الباعث عليها أو الموجود في الدنيا و المقصود و الغرض أن الحق و الهدى و الرشد و رعاية الآجلة و الحسنات منسوب إلى الله و أضدادها منسوبة إلى الشيطان فما كان خالصا لله فهو من الحسنات و ما كان للشيطان فيه مدخل فهو من السيئات ففي الكلام شبه قلب أو المعنى أن الرب تعالى و الحق و الهدى و الرشد و الآجلة و الحسنات في جانب و أضدادها في جانب آخر فالحسنات ما يكون موافقا للحق و معلوما بهداية الله و يكون سببا للرشد و المنظور فيه الدرجات الأخروية دون اللذات الدنيوية و قربه تعالى فهو منسوب إلى الله و إلا فهو من خطوات الشيطان و وساوسه.
و الرشد ما يوصل إلى السعادة الأبدية و الغي ما يؤدي إلى الشقاوة السرمدية و العاقبة عطف تفسير للآجلة على رواية الكافي و كان المناسب لترتيب سائر الفقرات تقديم الآجلة على العاجلة و لعله ع إنما غير الأسلوب لأن الآجلة بعد العاجلة.
قال بعض المحققين أريد بالحسنات و السيئات الأعمال الصالحة و السيئة المترتبتان على الأمور الثمانية الناشئتان منها فما كان من حسنات يعني ما نشأ من الحق و الهدى و الرشد رعاية العاقبة من الأعمال الصالحة و ما كان من سيئات‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 251.
 (2) الكافي ج 2 ص 15.

228
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

يعني ما نشأ من الباطل و الضلالة و الغي و رعاية العاجلة من الأعمال السيئة فكل من عمل عملا من الخير طاعة لله آتيا فيه بالحق على هدى من ربه و رشده من أمره و لعاقبة أمره فهو حسنة يتقبله الله بقبول حسن و من عمل عملا من الخير و الشر طاعة للشيطان آتيا فيه بالباطل على ضلالة من نفسه و غي من أمره و لعاجلة أمره فهو سيئة مردود إلى من عمل له و من عمل عملا مركبا من أجزاء بعضها لله و بعضها للشيطان فما كان لله فهو لله و ما كان للشيطان فهو للشيطان فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فإن أشرك بالله الشيطان في عمله أو في جزء من عمله فهو مردود إليه لأن الله لا يقبل الشريك كما يأتي بيانه في باب الرئاء إن شاء الله.
و ربما يقال إن كان الباعث الإلهي مساويا للباعث الشيطاني تقاوما و تساقطا و صار العمل لا له و لا عليه و إن كان أحدهما غالبا على الآخر بأن يكون أصلا و سببا مستقلا و يكون الآخر تبعا غير مستقل فالحكم للغالب إلا أن ذلك مما يشتبه على الإنسان في غالب الأمر فربما يظن أن الباعث الأقوى قصد التقرب و يكون الأغلب على سره الحظ النفساني فلا يحصل الأمن إلا بالإخلاص و قلما يستيقن الإخلاص من النفس فينبغي أن يكون العبد دائما مترددا بين الرد و القبول خائفا من الشوائب و الله الموفق للخير و السداد.
5- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ يَقُولُ طُوبَى لِمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ الْعِبَادَةَ وَ الدُّعَاءَ وَ لَمْ يَشْغَلْ قَلْبَهُ بِمَا تَرَى عَيْنَاهُ وَ لَمْ يَنْسَ ذِكْرَ اللَّهِ بِمَا تَسْمَعُ أُذُنَاهُ وَ لَمْ يَحْزُنْ صَدْرَهُ بِمَا أُعْطِيَ غَيْرَهُ «1».
بيان: طوبى أي الجنة أو طيبها أو شجرة فيها كما ورد في الخبر أو العيش الطيب أو الخير لمن أخلص لله العبادة و الدعاء أي لم يعبد و لم يدع غيره تعالى أو كان غرضه من العبادة و الدعاء رضى الله سبحانه من غير رئاء
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 16.

229
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

بما ترى عيناه أي من زخارف الدنيا و مشتهياتها و الرفعة و الملك فيها و لم ينس ذكر الله بالقلب و اللسان و بما تسمع أذناه من الغناء و أصوات الملاهي و ذكر لذات الدنيا و الشهوات و الشبهات المضلة و الآراء المبتدعة و الغيبة و البهتان و كل ما يلهي عن الله و لم يحزن صدره بما أعطي غيره من أسباب العيش و حرمها و الاتصاف بهذه الصفات العلية إنما يتيسر لمن قطع عن نفسه العلائق الدنية و في الخبر إشعار بأن الإخلاص في العبادة لا يحصل إلا لمن قطع عروق حب الدنيا من قلبه كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله.
6- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا «1» قَالَ لَيْسَ يَعْنِي أَكْثَرَكُمْ عَمَلًا وَ لَكِنْ أَصْوَبَكُمْ عَمَلًا وَ إِنَّمَا الْإِصَابَةُ خَشْيَةُ اللَّهِ وَ النِّيَّةُ الصَّادِقَةُ وَ الْخَشْيَةُ «2» ثُمَّ قَالَ الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى يَخْلُصَ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ وَ الْعَمَلُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا تُرِيدُ أَنْ يَحْمَدَكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ النِّيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَمَلِ أَلَا وَ إِنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْعَمَلُ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ «3» يَعْنِي عَلَى نِيَّتِهِ «4».
تبيين قوله لِيَبْلُوَكُمْ إشارة إلى قوله تعالى تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا تَبارَكَ أي تكاثر خيره من البركة و هي كثرة الخير أو تزايد عن كل شي‏ء و تعالى عنه في صفاته و أفعاله فإن البركة تتضمن معنى الزيادة الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ أي بقبضة قدرته التصرف في الأمور كلها الذي خلق الموت و الحيوة أي قدرهما أو أوجدهما و فيه دلالة على أن الموت أمر وجودي و المراد بالموت‏
__________________________________________________
 (1) الملك: 2.
 (2) و الحسنة خ ل.
 (3) أسرى: 84.
 (4) الكافي ج 2 ص 16.

230
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

الموت الطارئ على الحياة أو العدم الأصلي فإنه قد يسمى موتا أيضا كما قال تعالى كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ «1» و تقديمه على الأول لأنه أدعى إلى حسن العمل و أقوى في ترك الدنيا و لذاتها و على الثاني ظاهر لتقدمه لِيَبْلُوَكُمْ أي ليعاملكم معاملة المختبر أَيُّكُمْ مفعول ثان لفعل البلوى باعتبار تضمينه معنى العلم.
و وجه التعليل أن الموت داع إلى حسن العمل لكمال الاحتياج إليه بعده و موجب لعدم الوثوق بالدنيا و لذاتها الفانية و الحياة نعمة تقتضي الشكر و يقتدر بها على الأعمال الصالحة.
و إن أريد به العدم الأصلي فالمعنى أنه نقلكم منه و ألبسكم لباس الحياة لذلك الاختبار و لما كان اتصافنا بحسن العمل يتحقق بكثرة العمل تارة و بإصابته و شدة رعاية شرائطه أخرى نفى الأول بقوله ليس يعني أكثركم عملا لأن مجرد العمل من غير خلوصه و جودته ليس أمرا يعتد به بل هو تضييع للعمر و أثبت الثاني بقوله و لكن أصوبكم عملا لأن صواب العمل و جودته و خلوصه من الشوائب يوجب القرب منه تعالى و له درجات متفاوتة يتفاوت القرب بحسبها.
و اسم ليس في قوله ليس يعني ضمير عائد إلى الله عز و جل أو ضمير شأن و جملة يعني خبرها.
ثم بين الإصابة و حصرها في أمرين بقوله إنما الإصابة خشية الله و النية الصادقة و ذكر الخشية ثانيا لعله من الرواة أو النساخ فليست في بعض النسخ و لو صحت يكون معناه خشية أن لا يقبل كما سيأتي في الخبر و هو غير خشية الله أو يقال النية الصادقة مبتدأ و الخشية معطوف عليه و الخبر محذوف أي مقرونتان أو الخشية منصوب ليكون مفعولا معه فيكون الحاصل أن مدار الإصابة على الخشية و تلزمها النية الصادقة و في بعض النسخ و الحسنة أي كونه موافقا لأمره تعالى و لا يكون فيه بدعة و في أسرار الصلاة للشهيد الثاني رحمه الله و النية الصادقة الحسنة و هو أصوب.
__________________________________________________
 (1) البقرة: 28.

231
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

و الحاصل أن العمدة في قبول العمل بعد رعاية أجزاء العبادة و شرائطها المختصة النية الخالصة و الاجتناب عن المعاصي كما قال تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً «1» و قال سبحانه إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ «2» قال الشيخ البهائي قدس سره المراد بالنية الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة غير ملحوظ فيه شي‏ء سوى وجه الله سبحانه لا كمن يعتق عبده مثلا ملاحظا مع القربة الخلاص من مئونته أو سوء خلقه أو يتصدق بحضور الناس لغرض الثواب و الثناء معا بحيث لو كان منفردا لم يبعثه مجرد الثواب على الصدقة و إن كان يعلم من نفسه أنه لو لا الرغبة في الثواب لم يبعثه مجرد الرئاء على الإعطاء.
و لا كمن له ورد في الصلاة و عادة في الصدقات و اتفق أن حضر في وقتها جماعة فصار الفعل أخف عليه و حصل له نشاط ما بسبب مشاهدتهم و إن كان يعلم من نفسه أنهم لو لم يحضروا أيضا لم يكن يترك العمل أو يفتر عنه البتة.
فأمثال هذه الأمور مما يخل بصدق النية و بالجملة فكل عمل قصدت به القربة و انضاف إليه حظ من حظوظ الدنيا بحيث تركب الباعث عليه من ديني و نفسي فنيتك فيه غير صادقة سواء كان الباعث الديني أقوى من الباعث النفسي أو أضعف أو مساويا.
قال في مجمع البيان لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا أي ليعاملكم معاملة المختبر بالأمر و النهي فيجازي كل عامل بقدر عمله و قيل ليبلوكم أيكم أكثر للموت ذكرا و أحسن له استعدادا و أحسن صبرا على موته و موت غيره و أيكم أكثر امتثالا للأوامر و اجتنابا من النواهي في حال حياته‏
قَالَ أَبُو قَتَادَةَ
__________________________________________________
 (1) الكهف: 111.
 (2) المائدة: 27

232
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا مَا عَنَى بِهِ فَقَالَ يَقُولُ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَقْلًا ثُمَّ قَالَ ص أَتَمُّكُمْ عَقْلًا وَ أَشَدُّكُمْ لِلَّهِ خَوْفاً وَ أَحْسَنُكُمْ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَ نَهَى عَنْهُ نَظَراً وَ إِنْ كَانَ أَقَلَّكُمْ تَطَوُّعاً.
وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ تَلَا قَوْلَهُ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ إِلَى قَوْلِهِ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَقْلًا وَ أَوْرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ أَسْرَعُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ.
و عن الحسن أيكم أزهد في الدنيا و أترك لها انتهى «1».
و في القاموس الصواب ضد الخطإ كالإصابة و قال الإصابة الإتيان بالصواب و إرادته و الإبقاء على العمل محافظته و الإشفاق عليه و حفظه عن الفساد قال الجوهري أبقيت على فلان إذا أرعيت عليه و رحمته يقال لا أبقى الله عليك إن أبقيت علي و الاسم منه البقيا انتهى.
و الحاصل أن رعاية العمل و حفظه عند الشروع و بعده إلى الفراغ منه و بعد الفراغ إلى الخروج من الدنيا حتى يخلص عن الشوائب الموجبة لنقصه أو فساده أشد من العمل نفسه‏
كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّئَاءِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ قَالَ وَ مَا الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ قَالَ يَصِلُ الرَّجُلُ بِصِلَةٍ وَ يُنْفِقُ نَفَقَةً لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَتُكْتَبُ لَهُ سِرّاً ثُمَّ يَذْكُرُهَا فَتُمْحَى وَ تُكْتَبُ لَهُ عَلَانِيَةً ثُمَّ يَذْكُرُهَا فَتُمْحَى فَتُكْتَبُ لَهُ رِئَاءً.
و من عرف معنى النية و خلوصها علم أن إخلاص النية أشد من جميع الأعمال كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله.
ثم بين ع معنى العمل الخالص بأنه هو العمل الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز و جل لا عند الفعل و لا بعده أي يكون خالصا عن أنواع الرئاء و السمعة و قد يقال لو كان سروره باعتبار أن الله تعالى قبل عمله حيث أظهر جميله‏
كَمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ عَمَلُكَ الصَّالِحُ عَلَيْكَ سَتْرُهُ وَ عَلَيَّ إِظْهَارُهُ.
أو باعتبار أنه استدل بإظهار جميله في الدنيا على إظهار جميله في الآخرة أو باعتبار رغبتهم إلى طاعة الله و ميل قلوبهم إليها لم يقدح ذلك في الخلوص‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 10 ص 322.

233
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

و إنما يقدح فيه إن كان لرفع منزلته عند الناس و تعظيمهم و استجلاب الفوائد منهم فإنه بذلك يصير مرائيا مشركا بالشرك الخفي و به يحبط عمله و هذا الكلام له جهة صدق لكن قلما تصدق النفس في ذلك فإن لها حيلا و تسويلات لا ينجو منها إلا المقربون.
و قال الشيخ البهائي روح الله روحه الخالص في اللغة كل ما صفا و تخلص و لم يمتزج بغيره سواء كان ذلك الغير أدون منه أو لا فمن تصدق لمحض الرياء فصدقته خالصة لغة كمن تصدق لمحض الثواب و قد خص العمل الخالص في العرف بما تجرد قصد التقرب فيه عن جميع الشوائب و هذا التجريد يسمى إخلاصا و قد عرفه أصحاب القلوب بتعريفات أخر فقيل هو تنزيه العمل عن أن يكون لغير الله فيه نصيب و قيل إخراج الخلق عن معاملة الحق و قيل هو ستر العمل عن الخلائق و تصفيته عن العلائق و قيل أن لا يريد عامله عليه عوضا في الدارين و هذه درجة عليه عزيزة المنال‏
قَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِقَوْلِهِ مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَ لَا طَمَعاً فِي جَنَّتِكَ وَ لَكِنْ وَجَدْتُكَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ.
و قال رحمه الله ذهب كثير من علماء الخاصة و العامة إلى بطلان العبادة إذا قصد بفعلها تحصيل الثواب أو الخلاص من العقاب و قالوا إن هذا القصد مناف للإخلاص الذي هو إرادة وجه الله وحده و إن من قصد ذلك فإنه قصد جلب النفع إلى نفسه و دفع الضرر عنها لا وجه الله سبحانه كما أن من عظم شخصا أو أثنى عليه طمعا في ماله أو خوفا من إهانته لا يعد مخلصا في ذلك التعظيم و الثناء.
و ممن بالغ في ذلك السيد الجليل صاحب المقامات و الكرامات رضي الدين علي بن طاوس قدس الله روحه و يستفاد من كلام شيخنا الشهيد في قواعده أنه مذهب أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم.
و نقل الفخر الرازي في التفسير الكبير اتفاق المتكلمين على أن من عبد الله لأجل الخوف من العقاب أو الطمع في الثواب لم تصح عبادته أورده عند تفسير قوله تعالى ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً «1» و جزم في أوائل تفسير الفاتحة
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 55.

234
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

بأنه لو قال أصلي لثواب الله أو الهرب من عقابه فسدت صلاته و من قال بأن ذلك القصد غير مفسد للعبادة منع خروجها به عن درجة الإخلاص و قال إن إرادة الفوز بثواب الله و السلامة من سخطه ليس أمرا مخالفا لإرادة وجه الله سبحانه و قد قال تعالى في مقام مدح أصفيائه كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً «1» أي للرغبة في الثواب و الرهبة من العقاب و قال سبحانه وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً «2» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «3» أي حال كونهم راجين للفلاح أو لكي تفلحوا و الفلاح هو الفوز بالثواب نص عليه الشيخ أبو علي الطبرسي رحمه الله.
هذا ما وصل إلينا من كلام هؤلاء و للمناقشة فيه مجال أما قولهم إن تلك الإرادة ليست مخالفة لإرادة وجه الله تعالى فكلام ظاهري قشري إذ البون البعيد بين إطاعة المحبوب و الانقياد إليه لمحض حبه و تحصيل رضاه و بين إطاعته لأغراض أخر أظهر من الشمس في رابعة النهار و الثانية ساقطة بالكلية عن درجة الاعتبار عند أولي الأبصار.
و أما الاعتضاد بالآيتين الأوليين ففيه أن كثيرا من المفسرين ذكروا أن المعنى راغبين في الإجابة راهبين من الرد و الخيبة و أما الآية الثالثة فقد ذكر الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان أن معنى لعلكم تفلحون لكي تسعدوا و لا ريب أن تحصيل رضاه سبحانه هو السعادة العظمى و فسر رحمه الله الفلاح في قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ بالنجاح و الفوز و قال شيخ الطائفة في التبيان المفلحون هم المنجحون الذين أدركوا ما طلبوا من عند الله بأعمالهم و إيمانهم و في تفسير البيضاوي المفلح الفائز بالمطلوب و مثله في الكشاف نعم فسر الطبرسي رحمه الله الفلاح في قوله قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ بالفوز بالثواب لكن مجيئه في هذه الآية بهذا المعنى لا يوجب‏
__________________________________________________
 (1) الأنبياء: 90.
 (2) الأعراف: 56.
 (3) الحجّ: 77.

235
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

حمله في غيرها أيضا عليه و على تقدير حمله على هذا المعنى إنما يتم التقريب لو جعلت جملة الترجي حالية و لو جعلت تعليلية كما جعله الطبرسي فلا دلالة فيها على ذلك المدعى أصلا كما لا يخفى.
هذا و الأولى أن يستدل‏
بِمَا رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ بِطَرِيقٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْعُبَّادُ ثَلَاثَةٌ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَوْفاً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى طَلَباً لِلثَّوَابِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأُجَرَاءِ وَ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ حُبّاً لَهُ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ وَ هِيَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ «1».
فإن قوله ع و هي أفضل العبادة يعطي أن العبادة على الوجهين السابقين لا يخلو من فضل أيضا فتكون صحيحة و هو المطلوب.
ثم قال رحمه الله المانعون في نية العبادة من قصد تحصيل الثواب أو دفع العقاب جعلوا هذا القصد مفسدا لها و إن انضم إليه قصد وجه الله تعالى على ما يفهم من كلامهم أما بقية الضمائم اللازمة الحصول مع العبادة نويت أو لم تنو كالخلاص من النفقة بعتق العبد في الكفارة و الحمية في الصوم و التبرد في الوضوء و إعلام المأموم الدخول في الصلاة بالتكبير و مماطلة الغريم بالتشاغل في الصلاة و ملازمته بالطواف و السعي و حفظه المتاع بالقيام لصلاة الليل و أمثال ذلك فالظاهر أن قصدها عندهم مفسد أيضا بالطريق الأولى.
و أما الذين لا يجعلون قصد الثواب مفسدا اختلفوا في الإفساد بأمثال هذه الضمائم فأكثرهم على عدمه و به قطع الشيخ في المبسوط و المحقق في المعتبر و العلامة في التحرير و المنتهى لأنها تحصل لا محالة فلا يضر قصدها و فيه أن لزوم حصولها لا يستلزم صحة قصد حصولها و المتأخرون من أصحابنا حكموا بفساد العبادة بقصدها و هو مذهب العلامة في النهاية و القواعد و ولده فخر المحققين في الشرح و شيخنا الشهيد في البيان لفوت الإخلاص و هو الأصح.
و احتمل شيخنا الشهيد في قواعده التفصيل بأن القربة إن كانت هي المقصود
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 84.

236
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

بالذات و الضميمة مقصودة تبعا صحت العبادة و إن انعكس الأمر أو تساويا بطلت هذا.
و اعلم أن الضميمة إن كانت راجحة و لاحظ القاصد رجحانها وجوبا أو ندبا كالحمية في الصوم لوجوب حفظ البدن و الإعلام بالدخول في الصلاة للتعاون على البر فينبغي أن لا تكون مضرة إذ هي حينئذ مؤكدة و إنما الكلام في الضمائم غير الملحوظة الرجحان فصوم من ضم قصد الحمية مطلقا صحيح مستحبا كان الصوم أو واجبا معينا كان الواجب أو غير معين و لكن في النفس من صحة غير المعين شي‏ء و عدمها محتمل و الله أعلم.
قوله ع و النية أفضل من العمل أي النية الخالصة أو إخلاص النية أفضل من العمل و النية تطلق على إرادة إيقاع الفعل و على الغرض الباعث على الفعل و على العزم على الفعل و الأولتان مقارنتان للفعل دون الثالثة و الأولى لا تنفك فعل الفاعل المختار عنها و الثانية الإخلاص فيها من أشق الأمور و أصعبها و به تتفاضل عبادات المكلفين و هي روح العبادة و بدونها لا تصح و كلما كانت أخلص عن الشوائب و الأغراض الفاسدة كان العمل أكمل و لذا
وَرَدَ أَنَّ نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.
و لا ينافي‏
قَوْلَهُ ص أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَحْمَزُهَا.
إذ تصحيح النية أصعب من تصحيح العمل بمراتب شتى إذ ليس المراد بالنية ما يتكلم به الإنسان عند الفعل أو يتصوره و يخطره بباله بل هو الباعث الأصلي و الغرض الواقعي الداعي للإنسان على الفعل و هو تابع للحالة التي عليها الإنسان و الطريقة التي يسلكها فمن غلب عليه حب الدنيا و شهواتها لا يمكنه قصد القربة و إخلاص النية عن دواعيها فإن نفسه متوجهة إلى الدنيا و همته مقصورة عليها فما لم يقلع عن قلبه عروق حب الدنيا و لم يستقر فيه طلب النشأة الأخرى و حب الرب الأعلى لم يمكنه إخلاص النية واقعا عن تلك الأغراض الدنية و ذلك متوقف على مجاهدات عظيمة و رياضات طويلة و تفكرات صحيحة و اعتزال‏

237
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

عن شرار الخلق فلذا
وَرَدَ أَنَّ نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.
و من عرف ذلك لم يحتج إلى تأويل الخبر بما ستسمع من الوجوه «1» مع ركاكة أكثرها و بعدها عن نظم الكلام فلذا قال النية أفضل من العمل و السعي في تصحيحها أهم.
فإن قيل العمل بلا نية باطل و معها النية داخلة فيه فكيف يفضل النية على العمل فإنه يوجب تفضيل الجزء على الكل قلنا المراد به أن العمل المقرون بالنية نيته خير من سائر أجزائه سواء جعلنا النية جزءا من العمل أو شرطا فيه و قوله ع ألا و إن النية هي العمل مبالغة في اشتراط العمل بها و أنه لا اعتداد بالعمل بدونها فكأنها عينه و لذا أكد بحرف التأكيد و حرف التنبيه و اسمية الجملة و تعريف الخبر باللام المفيد للحصر و ضمير الفصل المؤكد له.
و قيل إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن المفضل عليه لا بد أن يكون من جنس المفضل و النية ليست من جنس العمل فأجاب ع بأن النية أيضا عمل من أعمال القلب و لا يخفى ضعفه.
و الاستشهاد بالآية الكريمة لبيان أن مدار العمل على النية صحة و فسادا و نقصا و كمالا حيث قال قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ يعني على نيته.
و كأنه ع فسر الشاكلة التي تطلق غالبا على الحالة و الطريقة بالنية إيذانا بأن النية تابعة لحالة الإنسان و طريقته كما أومأنا إليه و إن ورد بمعنى النية أيضا قال الفيروزآبادي الشاكلة الشكل و الناحية و النية و الطريقة و قال في مجمع البيان أي كل واحد من المؤمن و الكافر يعمل على طبيعته و خليقته التي تخلق بها عن ابن عباس و قيل على طريقته و سنته التي اعتادها و قيل ما هو أشكل بالصواب و أولى بالحق عنده عن الجبائي قال و لهذا قال فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى‏ سَبِيلًا «2» أي أنه يعلم أي الفريقين على الهدى و أيهما على الضلال و قيل معناه أنه أعلم بمن هو أصوب دينا و أحسن طريقة و قال بعض أرباب اللسان إن هذه الآية أرجى آية في كتاب الله لأن الأليق بكرمه‏
__________________________________________________
 (1) بل مر في ص 189- 193.
 (2) أسرى: 84.

238
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

سبحانه و جوده العفو عن عباده فهو يعمل به انتهى.
و يمكن حمل النية هنا على المعنى الثالث كما سيأتي في الخبر لكنه بعيد عن سياق هذا الخبر و سيأتي مزيد الكلام في ذلك في باب النية و باب الرئاء «1».
7- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «2» قَالَ الْقَلْبُ السَّلِيمُ الَّذِي يَلْقَى رَبَّهُ وَ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ سِوَاهُ وَ قَالَ وَ كُلُّ قَلْبٍ فِيهِ شِرْكٌ أَوْ شَكٌّ فَهُوَ سَاقِطٌ وَ إِنَّمَا أَرَادُوا الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا لِتَفْرُغَ قُلُوبُهُمْ لِلْآخِرَةِ «3».
بيان: قوله تعالى إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ قال سبحانه في سورة الشعراء حكاية عن إبراهيم ع حيث قال وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ قال الطبرسي قدس سره أي لا تفضحني و لا تعيرني بذنب يوم يحشر الخلائق و هذا الدعاء كان منه ع على وجه الانقطاع إلى الله تعالى لما بينا أن القبيح لا يجوز وقوعه من الأنبياء ع ثم فسر ذلك اليوم بأن قال يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ أي لا ينفع المال و البنون أحدا إذ لا يتهيأ لذي مال أن يفتدي من شدائد ذلك اليوم به و لا يتحمل من صاحب البنين بنوه شيئا من معاصيه إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ من الشرك و الشك عن الحسن و مجاهد و قيل سليم من الفساد و المعاصي و إنما خص القلب بالسلامة لأنه إذا سلم القلب سلم سائر الجوارح من الفساد من حيث إن الفساد بالجارحة لا يكون إلا عن قصد بالقلب الفاسد
وَ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الْقَلْبُ الَّذِي سَلِمَ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا.
وَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ص حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ.
انتهى «4».
قوله ع و ليس فيه أحد سواه أي أخرج عن قلبه حب ما سوى‏
__________________________________________________
 (1) أراد باب النية و باب الرئاء من الكافي، أما في هذا الكتاب فباب الرئاء سيجي‏ء في أبواب الكفر، و باب النية فقد مر ص 185.
 (2) الشعراء: 89.
 (3) الكافي ج 2 ص 16.
 (4) مجمع البيان ج 7 ص 194.

239
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

الله و الاشتغال بغيره سبحانه أو لم يختر في قلبه على رضا الله رضا غيره أو كانت أعماله و نياته كلها خالصة لله لم يشرك فيها غيره.
و كل قلب فيه شرك أعم من الشرك الجلي و الخفي أو شك و هو ما يقابل اليقين الذي يظهر أثره على الجوارح فإن كل معصية أو توسل بغيره سبحانه يستلزم ضعفا في اليقين فالشك يشمله فهو ساقط أي عن درجة الاعتبار أو بعيد عن الرب تعالى.
و إنما أرادوا أي الأنبياء و الأوصياء الزهد و في بعض النسخ أراد بالزهد أي أراد الله و الباء زائدة يعني أن الزهد في الدنيا ليس مقصودا لذاته و إنما أمر الناس به لتكون قلوبهم فارغة عن محبة الدنيا صالحة لحب الله تعالى خالصة له عز و جل لا شركة فيها لما سوى الله و لا شك ناشئا من شدة محبتها لغير الله.
8- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْضاً عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ السِّنْدِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَا أَخْلَصَ عَبْدٌ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً أَوْ قَالَ مَا أَجْمَلَ
ثبت و جدید عَبْدٌ ذِكْرَ اللَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً إِلَّا زَهَّدَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَ بَصَّرَهُ دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَثْبَتَ الحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ ثُمَّ تَلَا إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ «1» فَلَا تَرَى صَاحِبَ بِدْعَةٍ إِلَّا ذَلِيلًا أَوْ مُفْتَرِياً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَلَى رَسُولِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ص إِلَّا ذَلِيلًا «2».
بيان: إخلاص الإيمان مما يشوبه من الشرك و الرئاء و المعاصي و أن يكون جميع أعماله خالصة لله تعالى و لعل خصوص الأربعين لأن الله تعالى جعل انتقال الإنسان في أصل الخلقة من حال إلى حال في أربعين يوما كالانتقال من النطفة إلى العلقة و من العلقة إلى المضغة و من المضغة إلى العظام و منها إلى اكتساء
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 151.
 (2) الكافي ج 2 ص 16.

240
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

اللحم و لذا يوقف قبول توبة شارب الخمر إلى أربعين يوما كما ورد في الخبر و الزهد في الشي‏ء تركه و عدم الرغبة فيه.
و داء الدنيا المعاصي و الصفات الذميمة و ما يوجب البعد عن الله تعالى و دواؤها ما يوجب تركها و اجتنابها من الرياضات و المجاهدات و التفكرات الصحيحة و أمثالها أو المراد بدائها الأمراض القلبية الحاصلة من محبة الدنيا و دواؤها ملازمة ما يوجب تركها و قيل أي قدر الضرورة منها و الزائد عليه أو ميل القلب إليها و صرفه عنها أو الضار و النافع منها في الآخرة أعني الطاعة و المعصية و الحكمة العلوم الحقة الواقعية و أصلها و منبعها معرفة الإمام و لذا فسرت بها كما مر.
و في مناسبة ذكر الآية لما تقدم إشكال و يمكن أن يقال في توجيهه وجوه.
الأول ما خطر بالبال و هو أنه لما ذكر فوائد إخلاص الأربعين و قد أبدع جماعة من الصوفية فيها ما ليس في الدين دفع ع توهم شموله لذلك بالاستشهاد بالآية و أنها تدل على أن كل مبتدع في الأحكام و مفتر على الله و رسوله في حكم من الأحكام ذليل في الدنيا و الآخرة لقوله تعالى وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ و قوله أو مفتريا أي لا ترى مفتريا و بعبارة أخرى لما كان صحة العبادة و كمالها مشترطة بأمرين الأول كونها على وفق السنة و الثاني كونها خالصة لوجه الله تعالى فأشار أولا إلى الثاني و ثانيا إلى الأول فتأمل.
الثاني ما قيل إن الوجه في تلاوته ع الآية التنبيه على أن من كانت عبادته لله عز و جل و اجتهاده فيها على وفق السنة بصره الله عيوب الدنيا فزهده فيها فصار بسبب زهده فيها عزيزا لأن المذلة في الدنيا إنما تكون بسبب الرغبة فيها و من كانت عبادته على وفق الهوى أعمى الله قلبه عن عيوب الدنيا فصار بسبب رغبته فيها ذليلا فأصحاب البدع لا يزالون أذلاء صغارا و من هنا قال الله في متخذي العجل ما قال.
الثالث ما قيل أيضا إن الغرض من تلاوتها هو التنبيه على أن غير المخلص‏

241
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

مندرج فيها و الوعيد متوجه إليه أيضا لأنك قد عرفت أن قلبه ساقط لكونه ذا شرك أو شك و هما بدعة و افتراء على الله و رسوله و الآية على تقدير نزولها في قوم مخصوصين لا يقتضي تخصيص الوعيد بهم.
الرابع ما خطر بالبال أيضا و هو أن الإخلاص المذكور في صدر الخبر يشمل الإخلاص عن الرئاء و البدعة و كل ما ينافي قبول العمل فاستشهد لأحد أجزائه بالآية.
8- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص النَّاسَ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ نَضَّرَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ بَلَّغَهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَ النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مَنْ وَرَاءَهُمْ الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَ هُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ «1».
9- لي، الأمالي للصدوق الْوَرَّاقُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْرَوَيْهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الدُّنْيَا كُلُّهَا جَهْلٌ إِلَّا مَوَاضِعَ الْعِلْمِ وَ الْعِلْمُ كُلُّهُ حُجَّةٌ إِلَّا مَا عُمِلَ بِهِ «2» وَ الْعَمَلُ كُلُّهُ رِيَاءٌ إِلَّا مَا كَانَ مُخْلَصاً وَ الْإِخْلَاصُ عَلَى خَطَرٍ حَتَّى يَنْظُرَ الْعَبْدُ بِمَا يُخْتَمُ لَهُ «3».
يد، التوحيد محمد بن عمرو بن علي عن علي بن الحسين المثنى عن علي بن مهرويه مثله.
10- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَى دَارِمٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا أَخْلَصَ عَبْدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً إِلَّا جَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 72.
 (2) يعني أنّه حجة عليه.
 (3) لم نجده في المصدر.

242
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ «1».
11- سن، المحاسن أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ خَضِرٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِي ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ رَجُلٌ أَعْطَى النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ مَا هُوَ سَائِلُهُمْ لَهَا وَ رَجُلٌ لَمْ يُقَدِّمْ رِجْلًا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا أَوْ يَحْبِسَ وَ رَجُلٌ لَمْ يَعِبْ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ بِعَيْبٍ حَتَّى يَنْفِيَ ذَلِكَ الْعَيْبَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ عَيْبٌ إِلَّا بَدَا لَهُ عَيْبٌ وَ كَفَى بِالْمَرْءِ شُغُلًا بِنَفْسِهِ عَنِ النَّاسِ «2».
12- سن، المحاسن ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَصْبَحَ مِنْ أُمَّتِي وَ هَمُّهُ غَيْرُ اللَّهِ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ «3».
13- سن، المحاسن أَبِي عَمَّنْ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هُوَ اللَّهُ وَ الشَّيْطَانُ وَ الْحَقُّ وَ الْبَاطِلُ وَ الْهُدَى وَ الضَّلَالُ وَ الرُّشْدُ وَ الْغَيُّ وَ الْعَاجِلَةُ وَ الْعَاقِبَةُ وَ الْحَسَنَاتُ وَ السَّيِّئَاتُ فَمَا كَانَ مِنْ حَسَنَاتٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ مَا كَانَ مِنْ سَيِّئَاتٍ فَلِلشَّيْطَانِ «4».
14- سن، المحاسن أَبِي عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ حَنِيفاً مُسْلِماً قَالَ خَالِصاً مُخْلِصاً لَا يَشُوبُهُ شَيْ‏ءٌ «5».
15- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر سن، المحاسن عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ مَنْ أَشْرَكَ مَعِي غَيْرِي فِي عَمَلِهِ لَمْ أَقْبَلْهُ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصاً «6».
__________________________________________________
 (1) عيون الأخبار ج 2 ص 69.
 (2) المحاسن ص 5.
 (3) المحاسن ص 204.
 (4) المحاسن ص 251.
 (5) المحاسن ص 251.
 (6) المحاسن ص 252.

243
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

16- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَحِيمٌ يَشْكُرُ الْقَلِيلَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ «1».
17- سن، المحاسن ابْنُ أَبِي نَجْرَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَرَجَ ثَلَاثُ نَفَرٍ يَسِيحُونَ فِي الْأَرْضِ فَبَيْنَا هُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ فِي كَهْفٍ فِي قُلَّةِ جَبَلٍ حَتَّى بَدَتْ صَخْرَةٌ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ حَتَّى الْتَقَمَتْ بَابَ الْكَهْفِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عِبَادَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا يُنْجِيكُمْ مِمَّا وَقَعْتُمْ إِلَّا أَنْ تَصْدُقُوا اللَّهَ فَهَلُمَّ مَا عَمِلْتُمْ لِلَّهِ خَالِصاً فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ بِالذُّنُوبِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي طَلَبْتُ امْرَأَةً لِحُسْنِهَا وَ جَمَالِهَا فَأَعْطَيْتُ فِيهَا مَالًا ضَخْماً حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا وَ جَلَسْتُ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ ذَكَرْتُ النَّارَ فَقُمْتُ عَنْهَا فَرَقاً مِنْكَ اللَّهُمَّ فَادْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الصَّخْرَةَ فَانْصَدَعَتْ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى الصَّدْعِ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ قَوْماً يَحْرُثُونَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا فَرَغُوا أَعْطَيْتُهُمْ أُجُورَهُمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ قَدْ عَمِلْتُ عَمَلَ اثْنَيْنِ وَ اللَّهِ لَا آخُذُ إِلَّا دِرْهَماً وَاحِداً وَ تَرَكَ مَالَهُ عِنْدِي فَبَذَرْتُ بِذَلِكَ النِّصْفِ الدِّرْهَمِ فِي الْأَرْضِ فَأَخْرَجَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ رِزْقاً وَ جَاءَ صَاحِبُ النِّصْفِ الدِّرْهَمِ فَأَرَادَهُ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ ثَمَانَ عَشْرَةَ آلَافٍ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّمَا فَعَلْتُهُ مَخَافَةً مِنْكَ فَادْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الصَّخْرَةَ قَالَ فَانْفَجَرَتْ عَنْهُمْ حَتَّى نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ إِنَّ الْآخَرَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبِي وَ أُمِّي كَانَا نَائِمَيْنِ فَأَتَيْتُهُمَا بِقَعْبٍ مِنْ لَبَنٍ فَخِفْتُ إِنْ أَضَعْهُ أَنْ تَمُجَّ فِيهِ هَامَّةٌ وَ كَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا فَيَشُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتَيْقَظَا وَ شَرِبَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَادْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الصَّخْرَةَ فَانْفَرَجَتْ لَهُمْ طَرِيقَهُمْ ثُمَّ قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 253.

244
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

النَّبِيُّ ص مَنْ صَدَقَ اللَّهَ نَجَا «1».
18- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع الْإِخْلَاصُ يَجْمَعُ حَوَاصِلَ الْأَعْمَالِ وَ هُوَ مَعْنًى مِفْتَاحُهُ الْقَبُولُ وَ تَوْقِيعُهُ الرِّضَا فَمَنْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ وَ رَضِيَ عَنْهُ فَهُوَ الْمُخْلِصُ وَ إِنْ قَلَّ عَمَلُهُ وَ مَنْ لَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْهُ فَلَيْسَ بِمُخْلِصٍ وَ إِنْ كَثُرَ عَمَلُهُ اعْتِبَاراً بِآدَمَ ع وَ إِبْلِيسَ وَ عَلَامَةُ الْقَبُولِ وُجُودُ الِاسْتِقَامَةِ بِبَذْلِ كُلِّ الْمَحَابِّ مَعَ إِصَابَةِ عِلْمِ كُلِّ حَرَكَةٍ وَ سُكُونٍ فَالْمُخْلِصُ ذَائِبٌ رُوحُهُ بازل [بَاذِلٌ‏] مُهْجَتَهُ فِي تَقْوِيمِ مَا بِهِ الْعِلْمُ وَ الْأَعْمَالُ وَ الْعَامِلُ وَ الْمَعْمُولُ بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ إِذَا أَدْرَكَ ذَلِكَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْكُلَّ وَ إِذَا فَاتَهُ ذَلِكَ فَاتَهُ الْكُلُّ وَ هُوَ تَصْفِيَةُ مَعَانِي التَّنْزِيهِ فِي التَّوْحِيدِ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ هَلَكَ الْعَامِلُونَ إِلَّا الْعَابِدُونَ وَ هَلَكَ الْعَابِدُونَ إِلَّا الْعَالِمُونَ وَ هَلَكَ الْعَالِمُونَ إِلَّا الصَّادِقُونَ وَ هَلَكَ الصَّادِقُونَ إِلَّا الْمُخْلِصُونَ وَ هَلَكَ الْمُخْلِصُونَ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَ هَلَكَ الْمُتَّقُونَ إِلَّا الْمُوقِنُونَ وَ إِنَّ الْمُوقِنِينَ لَعَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ ص وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ «2» وَ أَدْنَى حَدِّ الْإِخْلَاصِ بَذْلُ الْعَبْدِ طَاقَتَهُ ثُمَّ لَا يَجْعَلُ لِعَمَلِهِ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً فَيُوجِبَ بِهِ عَلَى رَبِّهِ مُكَافَاةً بِعَمَلِهِ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَوْ طَالَبَهُ بِوَفَاءِ حَقِّ الْعُبُودِيَّةِ لَعَجَزَ وَ أَدْنَى مَقَامِ الْمُخْلِصِ فِي الدُّنْيَا السَّلَامَةُ مِنْ جَمِيعِ الْآثَامِ وَ فِي الْآخِرَةِ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَ الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ «3».
19- م، تفسير الإمام عليه السلام وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا ع أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْإِخْلَاصُ.
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ع لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِياً شِعْباً لَسَلَكْتُ وَادِيَ رَجُلٍ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ خَالِصاً.
وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّكِيُّ ع لَوْ جَعَلْتُ الدُّنْيَا كُلَّهَا لُقْمَةً وَاحِدَةً وَ لَقَّمْتُهَا مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ خَالِصاً لَرَأَيْتُ أَنِّي مُقَصِّرٌ فِي حَقِّهِ وَ لَوْ مَنَعْتُ الْكَافِرَ مِنْهَا حَتَّى يَمُوتَ‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 253.
 (2) الحجر: 99.
 (3) مصباح الشريعة ص 52 و 53

245
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

جُوعاً وَ عَطَشاً ثُمَّ أَذَقْتُهُ شَرْبَةً مِنَ الْمَاءِ لَرَأَيْتُ أَنِّي قَدْ أَسْرَفْتُ «1».
20-
تم، فلاح السائل بِإِسْنَادِنَا إِلَى هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمِ بْنِ جَبْهَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قُلْتُ حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص حَفِظْتَهُ وَ ذَكَرْتَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ دِقَّةِ مَا حَدَّثَكَ بِهِ قَالَ نَعَمْ وَ بَكَى مُعَاذٌ فَقُلْتُ اسْكُتْ فَسَكَتَ ثُمَّ نَادَى بِأَبِي وَ أُمِّي حَدَّثَنِي وَ أَنَا رَدِيفُهُ قَالَ فَبَيْنَا نَسِيرُ إِذْ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَقْضِي فِي خَلْقِهِ مَا أَحَبَّ قَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِمَامَ الْخَيْرِ وَ نَبِيَّ الرَّحْمَةِ فَقَالَ أُحَدِّثُكَ مَا حَدَّثَ نَبِيٌّ أُمَّتَهُ إِنْ حَفِظْتَهُ نَفَعَكَ عَيْشُكَ وَ إِنْ سَمِعْتَهُ وَ لَمْ تَحْفَظْهُ انْقَطَعَتْ حُجَّتُكَ عِنْدَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ سَبْعَةَ أَمْلَاكٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ فَجَعَلَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ مَلَكاً قَدْ جَلَّلَهَا بِعَظَمَتِهِ وَ جَعَلَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْهَا مَلَكاً بَوَّاباً فَتَكْتُبُ الْحَفَظَةُ عَمَلَ الْعَبْدِ مِنْ حِينِ يُصْبِحُ إِلَى حِينِ يُمْسِي ثُمَّ يَرْتَفِعُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِهِ لَهُ نُورٌ كَنُورِ الشَّمْسِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ سَمَاءَ الدُّنْيَا فَيُزَكِّيهِ وَ يُكْثِرُهُ فَيَقُولُ لَهُ قِفْ فَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ أَنَا مَلَكُ الْغِيبَةِ فَمَنِ اغْتَابَ لَا أَدَعُ عَمَلَهُ يُجَاوِزُنِي إِلَى غَيْرِي أَمَرَنِي بِذَلِكَ رَبِّي قَالَ ثُمَّ يَجِي‏ءُ مِنَ الْغَدِ وَ مَعَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ فَيَمُرُّ بِهِ وَ يُزَكِّيهِ وَ يُكْثِرُهُ حَتَّى يَبْلُغَ السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ الْمَلَكُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ قِفْ فَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا الْعَمَلِ عَرَضَ الدُّنْيَا أَنَا صَاحِبُ الدُّنْيَا لَا أَدَعُ عَمَلَهُ يَتَجَاوَزُنِي إِلَى غَيْرِي قَالَ ثُمَّ يَصْعَدُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجاً بِصَدَقَةٍ وَ صَلَاةٍ فَتَعْجَبُ الْحَفَظَةُ وَ يُجَاوِزُهُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَيَقُولُ الْمَلَكُ قِفْ فَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ ظَهْرَهُ أَنَا مَلَكُ صَاحِبِ الْكِبْرِ فَيَقُولُ إِنَّهُ عَمِلَ وَ تَكَبَّرَ فِيهِ عَلَى النَّاسِ فِي مَجَالِسِهِمْ أَمَرَنِي‏
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 152 ط 1268، و في نسخة الكمبانيّ كما في الأصل رمز تفسير العيّاشيّ و هو سهو ظاهر.

246
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

رَبِّي أَنْ لَا أَدَعَ عَمَلَهُ يَتَجَاوَزُنِي إِلَى غَيْرِي قَالَ وَ تَصْعَدُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ يَزْهَرُ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي السَّمَاءِ لَهُ دَوِيٌّ بِالتَّسْبِيحِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ فَيَمُرُّ بِهِ إِلَى مَلَكِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَيَقُولُ لَهُ قِفْ فَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ بَطْنَهُ أَنَا مَلَكُ الْعُجْبِ فَإِنَّهُ كَانَ يُعْجَبُ بِنَفْسِهِ وَ إِنَّهُ عَمِلَ وَ أَدْخَلَ نَفْسَهُ الْعُجْبَ أَمَرَنِي رَبِّي لَا أَدَعُ عَمَلَهُ يَتَجَاوَزُنِي إِلَى غَيْرِي وَ أَضْرِبُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِهِ قَالَ وَ تَصْعَدُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ كَالْعَرُوسِ الْمَزْفُوفَةِ إِلَى أَهْلِهَا فَيَمُرُّ بِهِ إِلَى مَلَكِ السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ بِالْجِهَادِ وَ الصَّلَاةِ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَ لِذَلِكَ رَنِينٌ كَرَنِينِ الْإِبِلِ عَلَيْهِ ضَوْءٌ كَضَوْءِ الشَّمْسِ فَيَقُولُ الْمَلَكُ قِفْ أَنَا مَلَكُ الْحَسَدِ فَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ تَحَمَّلْهُ عَلَى عَاتِقِهِ إِنَّهُ كَانَ يَحْسُدُ مَنْ يَتَعَلَّمُ وَ يَعْمَلُ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ فَإِذَا رَأَى لِأَحَدٍ فَضْلًا فِي الْعَمَلِ وَ الْعِبَادَةِ حَسَدَهُ وَ وَقَعَ فِيهِ فَيَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَ يَلْعَنُهُ عَمَلُهُ قَالَ وَ تَصْعَدُ الْحَفَظَةُ فَيَمُرُّ بِهِمْ إِلَى مَلَكِ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَيَقُولُ الْمَلَكُ قِفْ أَنَا صَاحِبُ الرَّحْمَةِ اضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ اطْمِسْ عَيْنَيْهِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَرْحَمْ شَيْئاً إِذَا أَصَابَ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ذنبا [ذَنْبٌ‏] لِلْآخِرَةِ أَوْ ضرا [ضَرٌّ] فِي الدُّنْيَا يُشْمَتُ بِهِ أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ لَا أَدَعَ عَمَلَهُ يُجَاوِزُنِي إِلَى غَيْرِي وَ قَالَ وَ تَصْعَدُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ أَعْمَالًا بِفِقْهٍ وَ اجْتِهَادٍ وَ وَرَعٍ لَهُ صَوْتٌ كَالرَّعْدِ وَ ضَوْءٌ كَضَوْءِ الْبَرْقِ وَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ مَلَكٍ فَيَمُرُّ بِهِمْ إِلَى مَلَكِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ الْمَلَكُ قِفْ وَ اضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ أَنَا مَلَكُ الْحِجَابِ أَحْجُبُ كُلَّ عَمَلٍ لَيْسَ لِلَّهِ إِنَّهُ أَرَادَ رِفْعَةً عِنْدَ الْقُوَّادِ وَ ذِكْراً فِي الْمَجَالِسِ وَ صَوْتاً فِي الْمَدَائِنِ أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ لَا أَدَعَ عَمَلَهُ يُجَاوِزُنِي إِلَى غَيْرِي مَا لَمْ يَكُنْ خَالِصاً قَالَ وَ تَصْعَدُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجاً بِهِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ وَ صَمْتٍ وَ ذِكْرٍ كَثِيرٍ تُشَيِّعُهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَةُ بِجَمَاعَتِهِمْ فَيَطَئُونَ الْحُجُبَ كُلَّهَا حَتَّى يَقُومُوا بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَشْهَدُوا لَهُ بِعَمَلٍ صَالِحٍ وَ دُعَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ أَنْتُمْ حَفَظَةُ عَمَلِ عَبْدِي وَ أَنَا رَقِيبٌ عَلَى مَا نَفْسُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُرِدْنِي بِهَذَا الْعَمَلِ عَلَيْهِ لَعْنَتِي فَيَقُول‏

247
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِ لَعْنَتُكَ وَ لَعْنَتُنَا قَالَ ثُمَّ بَكَى مُعَاذٌ وَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْمَلُ قَالَ اقْتَدِ بِنَبِيِّكَ يَا مُعَاذُ فِي الْيَقِينِ قَالَ قُلْتُ إِنَّكَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ وَ إِنْ كَانَ فِي عَمَلِكَ تَقْصِيرٌ يَا مُعَاذُ فَاقْطَعْ لِسَانَكَ عَنْ إِخْوَانِكَ وَ عَنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَ لْتَكُنْ ذُنُوبُكَ عَلَيْكَ لَا تُحَمِّلْهَا عَلَى إِخْوَانِكَ وَ لَا تُزَكِّ نَفْسَكَ بِتَذْمِيمِ إِخْوَانِكَ وَ لَا تَرْفَعْ نَفْسَكَ بِوَضْعِ إِخْوَانِكَ وَ لَا تُرَاءِ بِعَمَلِكَ وَ لَا تُدْخِلْ مِنَ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ وَ لَا تَفَحَّشْ فِي مَجْلِسِكَ لِكَيْ يَحْذَرُوكَ بِسُوءِ خُلُقِكَ وَ لَا تُنَاجِ مَعَ رَجُلٍ وَ عِنْدَكَ آخَرُ وَ لَا تَتَعَظَّمْ عَلَى النَّاسِ فَيَقْطَعَ عَنْكَ خَيْرَاتِ الدُّنْيَا وَ لَا تُمَزِّقِ النَّاسَ فَتُمَزِّقَكَ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ قَالَ اللَّهُ وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً «1» أَ تَدْرِي مَا النَّاشِطَاتُ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ تَنْشِطُ اللَّحْمَ وَ الْعَظْمَ قُلْتُ مَنْ يُطِيقُ هَذِهِ الْخِصَالَ قَالَ يَا مُعَاذُ أَمَا إِنَّهُ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ وَ مَا رَأَيْتُ مُعَاذاً يُكْثِرُ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ كَمَا يُكْثِرُ تِلَاوَةَ هَذَا الْحَدِيثِ.
العدة، عدة الداعي روى أبو محمد جعفر بن أحمد القمي في كتابه المنبئ عن زهد النبي ص عن عبد الواحد عمن حدثه عن معاذ بن جبل مثله.
21- جع، جامع الأخبار عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَخْشَعُ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ يَهَابُهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ ثُمَّ قَالَ إِذَا كَانَ مُخْلِصاً لِلَّهِ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى هَوَامَّ الْأَرْضِ وَ سِبَاعَهَا وَ طَيْرَ السَّمَاءِ.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَ أَعْمَالِكُمْ وَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ «2».
22- سن، المحاسن ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَ أَبْغَضَ لِلَّهِ وَ أَعْطَى لِلَّهِ وَ مَنَعَ لِلَّهِ فَهُوَ مِمَّنْ يَكْمُلُ إِيمَانُهُ.
- وَ عَنْهُ ع قَالَ: مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ لِلَّهِ وَ تُبْغِضَ لِلَّهِ وَ تُعْطِيَ فِي اللَّهِ وَ تَمْنَعَ فِي اللَّهِ «3».
__________________________________________________
 (1) النازعات: 2.
 (2) جامع الأخبار ص 117.
 (3) المحاسن: 263.
                       

248
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

23 نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ الْآيَةَ مَا سَجَدْتَ بِهِ مِنْ جَوَارِحِكَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «1».
24 مُنْيَةُ الْمُرِيدِ، عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ أَنْ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَ لَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِيُقَالَ جَرِي‏ءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَ رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَ عَلَّمَهُ وَ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَ عَلَّمْتُهُ وَ قَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ قَالَ كَذَبْتَ وَ لَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ قَارِئُ الْقُرْآنِ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
- وَ قَالَ ص إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَ إِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى أَمْرِ دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.
- وَ قَالَ ص نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.
وَ فِي لَفْظٍ آخَرَ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ.
- وَ قَالَ ص إِنَّمَا يُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ.
- وَ قَالَ ص مُخْبِراً عَنْ جَبْرَئِيلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ قَالَ: الْإِخْلَاصُ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِي اسْتَوْدَعْتُهُ قَلْبَ مَنْ أَحْبَبْتُ مِنْ عِبَادِي.
- 25 عُدَّةُ الدَّاعِي، عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً فَجَّرَ اللَّهُ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ.
- وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْجَوَادِ ع قَالَ: أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْإِخْلَاصُ.
- وَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى عَبْدٍ أَجَلَّ مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ غَيْرُهُ.
- وَ عَنْ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا قَالَتْ مَنْ أَصْعَدَ إِلَى اللَّهِ خَالِصَ عِبَادَتِهِ‏
__________________________________________________
 (1) نوادر الراونديّ ص 30.

249
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 54 الإخلاص و معنى قربه تعالى ص 213

أَهْبَطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ أَفْضَلَ مَصْلَحَتِهِ.
- وَ عَنِ الْعَسْكَرِيِّ ع قَالَ: لَوْ جَعَلْتُ الدُّنْيَا كُلَّهَا لُقْمَةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَقَّمْتُهَا مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ خَالِصاً لَرَأَيْتُ أَنِّي مُقَصِّرٌ فِي حَقِّهِ وَ لَوْ مَنَعْتُ الْكَافِرَ مِنْهَا حَتَّى يَمُوتَ جُوعاً وَ عَطَشاً ثُمَّ أَذَقْتُهُ شَرْبَةً مِنَ الْمَاءِ لَرَأَيْتُ أَنِّي قَدْ أَسْرَفْتُ.
- وَ كَانَ عِيسَى ع يَقُولُ لِلْحَوَارِيِّينَ إِذَا كَانَ صَوْمُ أَحَدِكُمْ فَلْيُدَهِّنْ رَأْسَهُ وَ لِحْيَتَهُ وَ يَمْسَحْ شَفَتَيْهِ بِالزَّيْتِ لِئَلَّا يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ صَائِمٌ وَ إِذَا أَعْطَى بِيَمِينِهِ فَلْيُخْفِ عَنْ شِمَالِهِ وَ إِذَا صَلَّى فَلْيُرْخِ سَتْرَ بَابِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْسِمُ الثَّنَاءَ كَمَا يَقْسِمُ الرِّزْقَ «1».
26 أَسْرَارُ الصَّلَاةِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قَالَ لَيْسَ يَعْنِي أَكْثَرَكُمْ عَمَلًا وَ لَكِنْ أَصْوَبَكُمْ عَمَلًا وَ إِنَّمَا الْإِصَابَةُ خَشْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَ النِّيَّةُ الصَّادِقَةُ الْحَسَنَةُ ثُمَّ قَالَ الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى يَخْلُصَ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ وَ الْعَمَلُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا تُرِيدُ أَنْ يَحْمَدَكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ النِّيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَمَلِ أَلَا وَ إِنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْعَمَلُ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ يَعْنِي عَلَى نِيَّتِهِ.
27 مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَنِيفاً مُسْلِماً قَالَ خَالِصاً مُخْلِصاً لَا يَشُوبُهُ شَيْ‏ءٌ «2».
__________________________________________________
 (1) عدّة الداعي ص 123، ط هند.
 (2) مشكاة الأنوار ص 10.

250
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 55 العبادة و الاختفاء فیها و ذم الشهرة بها ص 251

باب 55 العبادة و الاختفاء فيها و ذم الشهرة بها
1- ب، قرب الإسناد السِّنْدِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَعْظَمُ الْعِبَادَةِ أَجْراً أَخْفَاهَا «1».
أقول: سيأتي في باب نوادر المواعظ ما أوحى الله إلى نبي من أنبيائه و أن العمل الصالح إذا كتمه العبد و أخفاه أبى الله عز و جل إلا أن يظهره ليزينه به مع ما يدخره له من ثواب الآخرة «2».
2- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا ع يَقُولُ الْمُسْتَتِرُ بِالْحَسَنَةِ تَعْدِلُ سَبْعِينَ حَسَنَةً وَ الْمُذِيعُ بِالسَّيِّئَةِ مَخْذُولٌ وَ الْمُسْتَتِرُ بِالسَّيِّئَةِ مَغْفُورٌ لَهُ «3».
3- صح، صحيفة الرضا عليه السلام عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ إِخْفَاءُ الْعَمَلِ وَ الصَّبْرُ عَلَى الرَّزَايَا وَ كِتْمَانُ الْمَصَائِبِ «4».
محص، التمحيص عن جابر عن علي ع مثله.
4- ختص، الإختصاص عَنِ الْعَالِمِ ع قَالَ: الْمُسْتَتِرُ بِالْحَسَنَةِ لَهُ سَبْعُونَ ضِعْفاً وَ الْمُذِيعُ لَهُ وَاحِدٌ وَ الْمُسْتَتِرُ بِالسَّيِّئَةِ مَغْفُورٌ لَهُ وَ الْمُذِيعُ لَهَا مَخْذُولٌ «5».
5- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُكَتِّبِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ
__________________________________________________
 (1) قرب الإسناد ص 84.
 (2) و قد مر فيما مضى أيضا، راجع عيون أخبار الرضا ص 152- 153 ط الحجرية.
 (3) ثواب الأعمال ص 162.
 (4) صحيفة الرضا عليه السلام 21، و تراه في عيون الأخبار ص 204 ط الحجرية.
 (5) الاختصاص: 142.

251
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 55 العبادة و الاختفاء فیها و ذم الشهرة بها ص 251

عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: مَنْ شَهَّرَ نَفْسَهُ بِالْعِبَادَةِ فَاتَّهِمُوهُ عَلَى دِينِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُبْغِضُ شُهْرَةَ الْعِبَادَةِ وَ شُهْرَةَ اللِّبَاسِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّمَا فَرَضَ عَلَى النَّاسِ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مَنْ أَتَى بِهَا لَمْ يَسْأَلْهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَمَّا سِوَاهَا وَ إِنَّمَا أَضَافَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَيْهَا مِثْلَيْهَا لِيَتِمَّ بِالنَّوَافِلِ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ النُّقْصَانِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُعَذِّبُ عَلَى كَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ لَكِنَّهُ يُعَذِّبُ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ «1».
عِدَّةُ الدَّاعِي، رُوِيَ عَنْهُمْ ع أَنَّ فَضْلَ عَمَلِ السِّرِّ عَلَى عَمَلِ الْجَهْرِ سَبْعُونَ ضِعْفاً.
7 إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، رُوِيَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: قَالَ لِي مَوْلَايَ الصَّادِقُ ع يَا مُفَضَّلُ إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عِبَاداً عَامَلُوهُ بِخَالِصٍ مِنْ سِرِّهِ فَقَابَلَهُمْ بِخَالِصٍ مِنْ بِرِّهِ فَهُمُ الَّذِينَ تَمُرُّ صُحُفُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَارِغاً فَإِذَا وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مَلَأَهَا لَهُمْ مِنْ سِرِّ مَا أَسَرُّوا إِلَيْهِ فَقُلْتُ وَ كَيْفَ ذَاكَ يَا مَوْلَايَ فَقَالَ أَجَلَّهُمْ أَنْ تَطَّلِعَ الْحَفَظَةُ عَلَى مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ.
8- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ قَلْبَكَ غِنًى وَ لَا أَكِلْكَ إِلَى طَلَبِكَ وَ عَلَيَّ أَنْ أَسُدَّ فَاقَتَكَ وَ أَمْلَأَ قَلْبَكَ خَوْفاً مِنِّي وَ إِنْ لَا تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ قَلْبَكَ شُغُلًا بِالدُّنْيَا ثُمَّ لَا أَسُدَّ فَاقَتَكَ وَ أَكِلْكَ إِلَى طَلَبِكَ «2».
بيان: في القاموس تفرغ تخلى من الشغل أي اجعل نفسك و قلبك فارغا عن أشغال الدنيا و شهواتها و علائقها و اللام للتعليل أو للظرفية أملأ قلبك غنى أي عن الناس و علي بتشديد الياء و الجملة حالية و ربما يقرأ بالتخفيف عطفا على أملأ بحسب المعنى لأنه في قوة على أن أملأ و الأول أظهر و إن لا تفرغ إن للشرط و لا نافية و أكلك بالجزم.
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 263.
 (2) الكافي ج 2 ص 83.

252
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 55 العبادة و الاختفاء فیها و ذم الشهرة بها ص 251

9- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَا عِبَادِيَ الصِّدِّيقِينَ تَنَعَّمُوا بِعِبَادَتِي فِي الدُّنْيَا فَإِنَّكُمْ تَتَنَعَّمُونَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ «1».
إيضاح تنعموا بعبادتي الظاهر أن الباء صلة فإن الصديقين و المقربين يلتذون بعبادة ربهم و يتقوون بها و هي عندهم أعظم اللذات الروحانية و قيل الباء سببية فإن العبادة سبب الرزق كما قال تعالى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً «2» و هو بعيد فإنكم تتنعمون بها أي بأصل العبادة فإنها أشهى عندهم من اللذات الجسمانية فهم يعبدون للذة لا للتكليف كما أن الملائكة طعامهم التسبيح و شرابهم التقديس أو بسببها أو بقدرها أو بعوضها و الأول أظهر.
10- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ عَشِقَ الْعِبَادَةَ فَعَانَقَهَا وَ أَحَبَّهَا بِقَلْبِهِ وَ بَاشَرَهَا بِجَسَدِهِ وَ تَفَرَّغَ لَهَا فَهُوَ لَا يُبَالِي عَلَى مَا أَصْبَحَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى عُسْرٍ أَمْ عَلَى يُسْرٍ «3».
بيان: عشق من باب تعب و الاسم العشق و هو الإفراط في المحبة أي أحبها حبا مفرطا من حيث كونه وسيلة إلى القرب الذي هو المطلوب الحقيقي و ربما يتوهم أن العشق مخصوص بمحبة الأمور الباطلة فلا يستعمل في حبه سبحانه و ما يتعلق به و هذا يدل على خلافه و إن كان الأحوط عدم إطلاق الأسماء المشتقة منه على الله تعالى بل الفعل المشتق منه أيضا بناء على التوقيف.
قيل ذكرت الحكماء في كتبهم الطبية أن العشق ضرب من الماليخوليا و الجنون و الأمراض السوداوية و قرروا في كتبهم الإلهية أنه من أعظم الكمالات‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 83.
 (2) الطلاق: 3.
 (3) الكافي ج 2 ص 83.

253
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 55 العبادة و الاختفاء فیها و ذم الشهرة بها ص 251

و السعادات و ربما يظن أن بين الكلامين تخالفا و هو من واهي الظنون فإن المذموم هو العشق الجسماني الحيواني الشهواني و الممدوح هو الروحاني الإنساني النفساني و الأول يزول و يفنى بمجرد الوصال و الاتصال و الثاني يبقى و يستمر أبد الآباد و على كل حال.
على ما أصبح أي على أي حال دخل في الصباح أو صار أم على يسر فيه دلالة على أن اليسر و المال لا ينافي حبه تعالى و حب عبادته و تفريغ القلب عن غيرها لأجلها و إنما المنافي له تعلق القلب به.
11- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ شَاذَانَ بْنِ الْخَلِيلِ قَالَ وَ كَتَبْتُ مِنْ كِتَابِهِ بِإِسْنَادٍ لَهُ يَرْفَعُهُ إِلَى عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْعِبَادَةُ قَالَ حُسْنُ النِّيَّةِ بِالطَّاعَةِ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يُطَاعُ اللَّهُ مِنْهَا أَمَا إِنَّكَ يَا عِيسَى لَا تَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى تَعْرِفَ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ قَالَ فَقَالَ أَ لَيْسَ تَكُونُ مَعَ الْإِمَامِ مُوَطِّناً نَفْسَكَ عَلَى حُسْنِ النِّيَّةِ فِي طَاعَتِهِ فَيَمْضِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَ يَأْتِي إِمَامٌ آخَرُ فَتُوَطِّنُ نَفْسَكَ عَلَى حُسْنِ النِّيَّةِ فِي طَاعَتِهِ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ هَذَا مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ «1».
بيان: حسن النية بالطاعة كأن المعنى أن العبادة الصحيحة المقبولة هي ما يكون مع النية الحسنة الخالصة من شوائب الرئاء و السمعة و غيرها مع طاعة أئمة الحق ع و تكون تلك العبادة مأخوذة من الوجوه التي يطاع الله منها أي لا تكون مبتدعة بل تكون مأخوذة عن الدلائل الحقة و الآثار الصحيحة أو تكون تلك الطاعة مستندة إلى البراهين الواضحة ليخرج منها طاعة أئمة الضلالة أو المعنى شدة العزم في طاعة من تجب طاعته حال كون تلك الطاعة من الوجوه التي يطاع الله منها أي لم تكن مخلوطة ببدعة و لا رئاء و لا سمعة و هذا أنسب بما بعده و قيل يعني أن يكون له في طاعة من يعبده نية حسنة فإن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 83.

254
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 55 العبادة و الاختفاء فیها و ذم الشهرة بها ص 251

تيسر له الإتيان بما وافق نيته و إلا فقد أدى ما عليه من العبادة بحسن نيته أ ليس تكون هذا المعنى للناسخ و المنسوخ موافق و مؤيد لما ورد في الأخبار في تفسير قوله تعالى ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها «1» أن المراد به ذهاب إمام و نصب إمام بعده فهو خير منه أو مثله و قيل لعل المراد بهذه الوجوه الأئمة ع واحد بعد واحد لأنهم الوجوه التي يطاع الله منها لإرشادهم و هدايتهم و بالطاعة الطاعة المعلومة بتعليمهم و إطاعتهم و الانقياد لهم و بحسن النية تعلق القلب بها من صميمه بلا منازعة و لا مخاطرة و يحتمل أن يراد بالوجوه وجوه العبادات و أنواعها و بحسن النية تخليصها عن شوائب النقص.
12- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْعُبَّادَ ثَلَاثَةٌ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَوْفاً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى طَلَبَ الثَّوَابِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأُجَرَاءِ وَ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حُبّاً لَهُ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ وَ هِيَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ «2».
إيضاح العباد ثلاثة في بعض النسخ هكذا فلا يحتاج إلى تقدير و في بعضها العبادة فيحتاج إلى تقدير إما في العبادة أي ذوو العبادة أو في الأقوام أي عبادة قوم و حاصل المعنى أن العبادة الصحيحة المرتبة عليها الثواب و الكرامة في الجملة ثلاثة أقسام و أما غيرها كعبادة المرائين و نحوها فليست بعبادة و لا داخلة في المقسم.
فتلك عبادة العبيد إذ العابد فيها شبيه بالعبيد في أنه يطيع السيد خوفا منه و تحرزا من عقوبته.
فتلك عبادة الأجراء فإنهم يعبدون للثواب كما أن الأجير يعمل للأجر
__________________________________________________
 (1) البقرة: 106.
 (2) الكافي ج 2 ص 84.

255
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 55 العبادة و الاختفاء فیها و ذم الشهرة بها ص 251

حبا له أي لكونه محبا له و المحب يطلب رضا المحبوب أو يعبده ليصل إلى درجة المحبين و يفوز بمحبة رب العالمين و الأول أظهر.
فتلك عبادة الأحرار أي الذين تحرروا من رق الشهوات و خلعوا من رقابهم طوق طاعة النفس الأمارة بالسوء الطالبة للذات و الشهوات فهم لا يقصدون في عبادتهم شيئا سوى رضا عالم الأسرار و تحصيل قرب الكريم الغفار و لا ينظرون إلى الجنة و النار و كونها أفضل العبادة لا يخفى على أولي الأبصار و في صيغة التفضيل دلالة على أن كلا من الوجهين السابقين أيضا عبادة صحيحة و لها فضل في الجملة فهو حجة على من قال ببطلان عبادة من قصد التحرز عن العقاب أو الفوز بالثواب ..
13- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى وَ أَقْبَحَ الْخَطِيئَةِ بَعْدَ الْمَسْكَنَةِ وَ أَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ الْعَابِدُ لِلَّهِ ثُمَّ يَدَعُ عِبَادَتَهُ «1».
بيان: ما أقبح الفقر بعد الغنى لعل المعنى قبحه عند الناس و إن كان ممدوحا عند الله أو يكون محمولا على من فعل ذلك باختياره بالإسراف و التبذير أو ترك الكسب و أشباهه أو يكون المراد التعيش بعيش الفقراء بعد حصول الغناء على سياق قوله ع و أقبح الخطيئة بعد المسكنة فإن الظاهر أن المراد به بيان قبح ارتكاب الخطايا بعد حصول الفقر و المسكنة لضعف الدواعي و قلة الآلات و الأدوات و إن احتمل أن يكون الغرض بيان قبح الذنوب بعد كونه مبتلى بالفقر و المسكنة فأغناه الله فارتكب بعد ذلك الخطايا لتضمنه كفران النعمة و نسيان الحالة السابقة و يحتمل أن يكون المراد بالمسكنة التذلل لله بترك المعصية فيكون أنسب بما قبله و بعده.
و أقبح مبتدأ أو خبر فالعابد أيضا يحتملهما ثم يدع عطف على العابد إذ اللام في اسم الفاعل بمعنى الذي فهو بتقدير الذي يعبد الله ثم يدع.
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 84

256
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 55 العبادة و الاختفاء فیها و ذم الشهرة بها ص 251

14- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: مَنْ عَمِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ «1».
باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقين و صفاتهم و علاماتهم و أن الكرم به و قبول العمل مشروط به‏
أقول: قد مضى ما يناسب الباب في باب طاعة الله و رسوله و حججه فلا تغفل.
الآيات البقرة الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «2» و قال تعالى وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ «3» و قال تعالى وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «4» و قال تعالى وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «5» و قال تعالى وَ لَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «6» و قال تعالى وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «7» و قال تعالى حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «8»
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 84.
 (2) البقرة: 1- 5.
 (3) البقرة: 41، 63، 66.
 (4) البقرة: 41، 63، 66.
 (5) البقرة: 41، 63، 66.
 (6) البقرة: 103.
 (7) البقرة: 177، 180.
 (8) البقرة: 177، 180.

257
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

و قال تعالى وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى‏ «1» و قال سبحانه وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «2» و قال تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ «3» و قال تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «4» و قال تعالى تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوىوَ اتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ «5» و قال سبحانه وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «6» و قال تعالى وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ «7» و قال سبحانه وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «8» و قال تعالى وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى‏ «9» و قال تعالى وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ «10» آل عمران حاكيا عن عيسى ع فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ «11» و قال تعالى بَلى‏ مَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِ وَ اتَّقى‏ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ «12» و قال سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «13»
__________________________________________________
 (1) البقرة: 189.
 (2) البقرة: 189.
 (3) البقرة: 194، 196، 197.
 (4) البقرة: 194، 196، 197.
 (5) البقرة: 194، 196، 197.
 (6) البقرة: 203.
 (7) البقرة: 206.
 (8) البقرة: 233، 237.
 (9) البقرة: 233، 237.
 (10) البقرة: 281.
 (11) آل عمران: 50.
 (12) آل عمران: 76.
 (13) آل عمران: 102.

258
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

و قال تعالى وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ «1» و قال تعالى وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً «2» و قال تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «3» و قال تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ اتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «4» و قال تعالى وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ «5» و قال تعالى وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ «6» و قال لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَ اتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ «7» و قال لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ «8» و قال وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «9» النساء يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ إلى قوله وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً «10» و قال وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً «11» المائدة وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «12» و قال جل و علا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ «13» و قال تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «14» و قال تعالى اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى‏ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ
__________________________________________________

 (1) آل عمران: 115.
 (2) آل عمران: 120.
 (3) آل عمران: 123.
 (4) آل عمران: 130.
 (5) آل عمران: 133.
 (6) آل عمران: 138.
 (7) آل عمران: 172.
 (8) آل عمران: 198.
 (9) آل عمران: 200.
 (10) النساء: 1.
 (11) النساء: 131.
 (12) المائدة: 2.
 (13) المائدة: 4.
 (14) المائدة: 7.

259
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

بِما تَعْمَلُونَ «1» و قال سبحانه وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «2» و قال تعالى حاكيا عن ابن آدم قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ «3» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «4» و قال وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ «5» و قال وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «6» و قال تعالى وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ «7» و قال وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ «8» و قال تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «9» و قال فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «10» و قال تعالى قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «11» الأنعام وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ «12» و قال سبحانه وَ ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ لكِنْ ذِكْرى‏ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «13» و قال جل و علا وَ اتَّقُوهُ وَ هُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «14» و قال تعالى ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «15» و قال تعالى وَ اتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «16» الأعراف وَ لِباسُ التَّقْوى‏ ذلِكَ خَيْرٌ «17» و قال سبحانه وَ لِتَتَّقُوا وَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «18» و قال تعالى وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‏ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «19»
__________________________________________________
 (1) المائدة: 8.
 (2) المائدة: 11.
 (3) المائدة: 27.
 (4) المائدة: 35.
 (5) المائدة: 46.
 (6) المائدة: 57.
 (7) المائدة: 65.
 (8) المائدة: 91.
 (9) المائدة: 99.
 (10) المائدة: 103.
 (11) المائدة: 112.
 (12) الأنعام: 32.
 (13) الأنعام: 69.
 (14) الأنعام: 72.
 (15) الأنعام: 153.
 (16) الأنعام: 155.
 (17) الأعراف: 26.
 (18) الأعراف: 63.
 (19) الأعراف: 95.

260
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

و قال تعالى وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «1» و قال تعالى وَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ «2» و قال تعالى خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «3» و قال إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ «4» الأنفال فَاتَّقُوا اللَّهَ «5» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ «6» و قال تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «7» التوبة إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ «8» و قال وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ «9» و قال تعالى لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى‏ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ إلى قوله سبحانه أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ تَقْوى‏ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ «10» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ «11» و قال وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ «12» يونس إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ «13» و قال تعالى فَقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ «14» و قال تعالى الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 127.
 (2) الأعراف: 168.
 (3) الأعراف: 170.
 (4) الأعراف: 200.
 (5) الأنفال: 1.
 (6) الأنفال: 29.
 (7) الأنفال: 69.
 (8) براءة: 4.
 (9) براءة: 37.
 (10) براءة: 108- 109.
 (11) براءة: 119.
 (12) براءة: 124.
 (13) يونس: 6.
 (14) يونس: 31.

261
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «1» هود فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ «2» يوسف وَ لَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ «3» و قال إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ «4» و قال تعالى وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَ فَلا تَعْقِلُونَ «5» الرعد مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ عُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ «6» الحجر إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ «7» النحل أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ «8» و قال وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ «9» و قال سبحانه إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ «10» مريم وَ كانَ تَقِيًّا «11» و قال تعالى قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا «12» و قال سبحانه تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا «13» و قال تعالى ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا «14» و قال تعالى يَوْمَ‏
__________________________________________________
 (1) يونس: 63.
 (2) هود: 57.
 (3) يوسف: 57.
 (4) يوسف: 90.
 (5) يوسف: 109.
 (6) الرعد: 37.
 (7) الحجر: 45.
 (8) النحل: 2.
 (9) النحل: 30- 31.
 (10) النحل: 128.
 (11) مريم: 12.
 (12) مريم: 17.
 (13) مريم: 63.
 (14) مريم: 72.

262
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً «1» طه وَ صَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً «2» و قال تعالى وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى‏ «3» الحج يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ‏ءٌ عَظِيمٌ «4» و قال تعالى لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى‏ مِنْكُمْ «5» المؤمنون أَ فَلا تَتَّقُونَ «6» النور وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «7» الفرقان قُلْ أَ ذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَ مَصِيراً لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى‏ رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا «8» و قال تعالى وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً «9» الشعراء أَ لا يَتَّقُونَ «10» و قال تعالى وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ «11» و قال تعالى إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَ لا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ «12» و قال تعالى وَ اتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَ بَنِينَ وَ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ «13» و قال تعالى وَ اتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ «14» النمل وَ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ «15»
__________________________________________________
 (1) مريم: 86.
 (2) طه: 113، 132.
 (3) طه: 113، 132.
 (4) الحجّ: 1، 37.
 (5) الحجّ: 1، 37.
 (6) المؤمنون: 23.
 (7) النور: 34.
 (8) الفرقان: 15 و 16.
 (9) الفرقان: 74.
 (10) الشعراء: 11.
 (11) الشعراء: 90.
 (12) الشعراء: 106.
 (13) الشعراء: 132- 135.
 (14) الشعراء: 184.
 (15) النمل: 13.

263
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

القصص وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «1» الروم وَ اتَّقُوهُ «2» الأحزاب لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ و قال تعالى وَ اتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيداً «3» يس وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَ ما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «4» ص أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ «5» و قال تعالى وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ «6» الزمر قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ «7» و قال تعالى يا عِبادِ فَاتَّقُونِ «8» و قال تعالى لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ «9» و قال تعالى وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «10» و قال تعالى وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «11» و قال تعالى وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً «12» السجدة وَ نَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ «13» الزخرف وَ الْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ و قال تعالى الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ «14» الدخان إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ «15».
__________________________________________________
 (1) القصص: 83.
 (2) الروم: 31.
 (3) الأحزاب: 32، 55.
 (4) يس: 45.
 (5) ص: 28، 49 و 50.
 (6) ص: 28، 49 و 50.
 (7) الزمر: 10، 16.
 (8) الزمر: 10، 16.
 (9) الزمر: 20.
 (10) الزمر: 33.
 (11) الزمر 61، 73.
 (12) الزمر 61، 73.
 (13) السجدة: 18.
 (14) الزخرف: 35 و 36.
 (15) الدخان: 51.

264
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

الجاثية وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ «1» محمد مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَ لَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ إلى قوله تعالى وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ «2» الحجرات وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «3» و قال وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «4» و قال تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «5» ق وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ «6» الذاريات إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ «7» الطور إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَعِيمٍ فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَ وَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ «8» القمر إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ «9» الحشر وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «10» الممتحنة وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ «11» التغابن فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «12»
__________________________________________________
 (1) الجاثية: 18.
 (2) القتال: 15- 17.
 (3) الحجرات: 1، 10، 13.
 (4) الحجرات: 1، 10، 13.
 (5) الحجرات: 1، 10، 13.
 (6) ق: 31.
 (7) الذاريات: 15- 19.
 (8) الطور: 17- 18.
 (9) القمر: 54 و 55.
 (10) الحشر: 7.
 (11) الممتحنة: 11.
 (12) التغابن: 16.

265
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

الطلاق وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ «1» و قال تعالى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ «2» و قال تعالى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً «3» و قال تعالى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَ يُعْظِمْ لَهُ أَجْراً «4» و قال سبحانه فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ «5» القلم إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ «6» النبأ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً حَدائِقَ وَ أَعْناباً وَ كَواعِبَ أَتْراباً وَ كَأْساً دِهاقاً «7» الليل وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى «8» العلق أَ رَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى‏ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى«9» تفسير الم سيأتي الكلام في الفواتح في كتاب القرآن إن شاء الله ذلِكَ الْكِتابُ في تفسير الإمام ع يعني القرآن الذي افتتح بالم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى و من بعده من الأنبياء و هم أخبروا بني إسرائيل أني سأنزله عليك يا محمد لا رَيْبَ فِيهِ لا شك فيه لظهوره عندهم هُدىً بيان من الضلالة لِلْمُتَّقِينَ الذين يتقون الموبقات و يتقون تسليط السفه على أنفسهم حتى إذا علموا ما يجب عليهم عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم «10» و قيل إنما خص المتقين بالاهتداء به لأنهم المنتفعون به و ذلك لأن التقوى شرط في تحصيل المعرفة الحقة.
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ أي بما غاب عن حواسهم من توحيد الله و نبوة
__________________________________________________
 (1) الطلاق: 1.
 (2) الطلاق: 2.
 (3) الطلاق 4.
 (4) الطلاق 5.
 (5) الطلاق: 10.
 (6) القلم: 34.
 (7) النبأ: 31- 33.
 (8) الليل: 17.
 (9) العلق: 12.
 (10) تفسير الإمام 29.

266
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

الأنبياء و قيام القائم و الرجعة و البعث و الحساب و الجنة و النار و سائر الأمور التي يلزمهم الإيمان بها مما لا يعرف بالمشاهدة و إنما يعرف بدلائل نصبها الله عز و جل عليه وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ بإتمام ركوعها و سجودها و حفظ مواقيتها و حدودها و صيانتها مما يفسدها أو ينقصها وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الأموال و القوى و الأبدان و الجاه و العلم يُنْفِقُونَ أي يتصدقون يحتملون الكل و يؤدون الحقوق لأهاليها و يقرضون و يسعفون الحاجات و يأخذون بأيدي الضعفاء يقودون الضرائر و ينجونهم من المهالك و يحملون عنهم المتاع و يحملون الراجلين على دوابهم و يؤثرون من هو أفضل منهم في الإيمان على أنفسهم بالمال و النفس و يساوون من كان في درجتهم فيه بهما و يعلمون العلم لأهله و يرون فضائل أهل البيت ع لمحبيهم و لمن يرجون هدايته‏
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ مِمَّا عَلَّمْنَاهُمْ يَبُثُّونَ.
وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ من القرآن أو الشريعة وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ من التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم و سائر كتب الله المنزلة وَ بِالْآخِرَةِ أي الدار التي بعد هذه الدنيا التي فيها جزاء الأعمال الصالحة بأفضل ما عملوه و عقاب الأعمال السيئة بمثل ما كسبوه هُمْ يُوقِنُونَ لا يشكون.
أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ على بيان و صواب و علم بما أمرهم به وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الناجون مما منه يوجلون الفائزون بما يؤملون وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ لا غيري‏
وَ قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتْمَانِ أَمْرِ مُحَمَّدٍ وَ أَمْرِ وَصِيِّهِ «1».
وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ أي ما في التوراة من جزيل ثوابنا على قيامكم به و شديد عقابنا على إبائكم له‏
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ اذْكُرُوا مَا فِي تَرْكِهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ «2» لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيْ لِتَتَّقُوا الْمُخَالَفَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْعِقَابِ فَتَسْتَحِقُّوا بِذَلِكَ الثَّوَابَ.
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 111، و الآية في سورة البقرة: 41.
 (2) مجمع البيان ج 1 ص 128، و الآية في البقرة: 63.

267
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ لَوْ أَنَّهُمْ «1» أي الذين تعلموا السحر وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «2» حكم بحصر المتقين في الموصوفين بالصفات السابقة في قوله وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ إلخ.
وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى‏ «3» أي ما حرم الله كما روي عن الصادق ع وَ اتَّقُوا اللَّهَ أي في تغيير أحكامه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي لكي تظفروا بالهدى و البر.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ «4» أي في الانتقام فلا تعتدوا إلى ما لم يرخص لكم وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ فيحرسهم و يصلح شأنهم.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ «5» أي في المحافظة على أوامره و نواهيه و خصوصا في الحج وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن لم يتقه و خالف أمره و تعدى حدوده.
وَ تَزَوَّدُوا «6» أي لمعادكم التقوى و قيل كانوا يحجون من غير زاد فيكونون كلا على الناس فأمروا أن يتزودوا و يتقوا الإبرام و التثقيل على الناس وَ اتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ فإن مقتضى اللب خشية الله عقب الحث على التقوى بأن يكون المقصود بها هو الله سبحانه و التبري عما سواه.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ «7» أي في مجامع أموركم و في تفسير الإمام ع و اتقوا الله أيها الحاج المغفور لهم سالف ذنوبهم بحجهم المقرون بتوبتهم فلا تعاودوا الموبقات فتعود إليكم أثقالها و يثقلكم احتمالها فلا تغفر لكم إلا بتوبة بعدها «8» وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فيجازيكم بما تعملون وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ «9» و دع سوء صنيعك أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ أي‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 103.
 (2) البقرة: 177.
 (3) البقرة: 189.
 (4) البقرة: 194.
 (5) البقرة: 196.
 (6) البقرة: 197.
 (7) البقرة: 203.
 (8) تفسير الإمام ص 282.
 (9) البقرة: 206.
                       

268
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

حملته الأنفة و حمية الجاهلية على الإثم الذي يؤمر باتقائه و ألزمته ارتكابه لجاجا من قولك أخذته بكذا إذا حملته عليه و ألزمته إياه فيزداد إلى شره شرا و يضيف إلى ظلمه ظلما فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ أي كفته جزاء و عذابا على سوء فعله وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ أي الفراش يمهدها و يكون دائما فيها.
وَ اتَّقُوا يَوْماً «1» أي تأهبوا لمصيركم إليه ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ من خير أو شر وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب أو تضعيف عقاب.
فَاتَّقُوا اللَّهَ «2» أي في المخالفة وَ أَطِيعُونِ أي فيما أدعوكم إليه.
مَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِ «3» أي كل من أوفى بما عاهد عليه أي عهد كان وَ اتَّقى‏ الله في ترك الخيانة و الغدر فإن الله يحبه و في وضع الظاهر موضع المضمر إشعار بأن التقوى ملاك الأمر.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «4» أي حق تقواه و ما يجب منها و هو استفراغ الوسع في القيام بالمواجب و الاجتناب عن المحارم و سيأتي الأخبار في تفسيرها و روي أنها نسخت بقوله سبحانه فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «5» وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أي و لا تكونن على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت و في المجمع عن الصادق ع وَ أَنْتُمْ مُسَلِّمُونَ بالتشديد و معناه مستسلمون لما أتى النبي ص منقادون له «6».
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الْكَاظِمِ ع أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ كَيْفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مَا ذَا قَالَ مُسْلِمُونَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يُوقِعُ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانَ فَيُسَمِّيهِمْ مُؤْمِنِينَ ثُمَّ يَسْأَلُهُمُ‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 281.
 (2) آل عمران: 50.
 (3) آل عمران: 76.
 (4) آل عمران: 102.
 (5) التغابن: 16.
 (6) مجمع البيان ج 2 ص 482.

269
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

الْإِسْلَامَ وَ الْإِيمَانُ فَوْقَ الْإِسْلَامِ قَالَ هَكَذَا يُقْرَأُ فِي قِرَاءَةِ زَيْدٍ قَالَ ع إِنَّمَا هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَلِيٍّ ع وَ هُوَ التَّنْزِيلُ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ ص إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسَلِّمُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ لِلْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ «1».
وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ «2» بشارة لفاعلي الخير و إشعار بأن التقوى مبدأ الخير و حسن العمل.
وَ إِنْ تَصْبِرُوا «3» أي على عداوتهم وَ تَتَّقُوا موالاتهم و مخالطتهم لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً لما وعد الله الصابرين و المتقين من الحفظ.
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «4» ما أنعم به عليكم.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ «5» أي فيما نهيتم عنه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي رجاء فلا حكم وَ اتَّقُوا النَّارَ إلخ أي بالتجنب عن مثل أفعالهم لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي بطاعتهما و لعل و عسى في أمثال ذلك دليل عزة التوصل إليها وَ سارِعُوا أي و بادروا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أي إلى أسباب المغفرة
وَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع إِلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ «6».
وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ‏
عَنِ الصَّادِقِ ع إِذَا وَضَعُوهُمَا كَذَا وَ بَسَطَ يَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا مَعَ الْأُخْرَى.
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ‏
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَإِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوهَا إِلَّا بِالتَّقْوَى.
نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ «7» النزل ما يعد للنازل من طعام و شراب و صلة وَ ما عِنْدَ اللَّهِ لكثرته و دوامه خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ مما يتقلب فيه الفجار لقلته و سرعة
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 193 و 194.
 (2) آل عمران: 115.
 (3) آل عمران: 120.
 (4) آل عمران: 123.
 (5) آل عمران: 130- 133.
 (6) راجع مجمع البيان ج 2 ص 502.
 (7) آل عمران: 172.

270
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

زواله و امتزاجه بالآلام.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «1»
عَنِ الصَّادِقِ ع يَعْنِي فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ.
و مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ «2» يعني آدم على نبينا و آله و عليه السلام كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً أي حفيظا.
فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ «3» أي مالك الملك كله لا يتضرر بكفرانكم و عصيانكم كما لا ينتفع بشكركم و تقواكم و إنما وصاكم لرحمته لا لحاجته وَ كانَ اللَّهُ غَنِيًّا عن الخلق و عبادتهم حَمِيداً في ذاته حمد أو لم يحمد.
شَدِيدُ الْعِقابِ «4» فانتقامه أشد وَ اتَّقُوا اللَّهَ «5» أي فيما حرم عليكم إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ فيؤاخذكم بما جل و دق عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «6» أي بخفياتها فضلا عن جليات أعمالكم.
وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ «7» أي ما تتوسلون به إلى ثوابه و الزلفى منه من فعل الطاعات و ترك المعاصي بعد معرفة الإمام و اتباعه من وسل إلى كذا إذا تقرب إليه و قال علي بن إبراهيم تقربوا إليه بالإمام «8» وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ بمحاربة أعدائه الظاهرة و الباطنة لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ بالوصول إلى الله و الفوز إلى كرامته.
وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «9» إنما خصهم بالذكر مع عموم الموعظة لأنهم اختصوا بالانتفاع به.
آمَنُوا «10» أي بمحمد ص و بما جاء به سَيِّئاتِهِمْ أي التي فعلوها
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 200.
 (2) النساء: 1.
 (3) النساء: 131.
 (4) المائدة: 2.
 (5) المائدة: 4 و 7.
 (6) المائدة: 4 و 7.
 (7) المائدة: 35.
 (8) تفسير القمّيّ ص 156.
 (9) المائدة: 46.
 (10) المائدة: 65.

271
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

قبل وَ لَأَدْخَلْناهُمْ فإن الإسلام يجب ما قبله و إن جل.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ «1» استدعاء إلى التقوى بألطف الوجوه.
خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ «2» لدوامها و خلوص لذاتها و منافعها أَ فَلا تَعْقِلُونَ أي الأمرين خير مِنْ حِسابِهِمْ «3» أي من حساب الذين يخوضون في آياتنا وَ لكِنْ ذِكْرى‏ أي عليهم أن يذكروهم لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي يجتنبون ذلك.
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «4» أي الضلال و التفرق عن الحق.
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «5» أي باتباع الكتاب و العمل بما فيه.
وَ لِباسُ التَّقْوى«6» قيل أي خشية الله.
وَ لِتَتَّقُوا «7» بسبب الإنذار وَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بالتقوى.
وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‏ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا «8» الشرك و المعاصي لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ أي لوسعنا عليهم الخيرات و يسرناها لهم من كل جانب بإنزال المطر و إخراج النبات و غير ذلك.
طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ «9» أي لمة منه كأنها طافت بهم و دارت حولهم و لم تقدر أن تؤثر فيهم تَذَكَّرُوا ما أمر به و نهى عنه فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ مواقع الخطإ و مكايد الشيطان فيتحرزون عنها
وَ فِي الْكَافِي «10» وَ الْعَيَّاشِيِّ «11» عَنِ‏

__________________________________________________
 (1) المائدة: 91.
 (2) الأنعام: 32.
 (3) الأنعام: 69.
 (4) الأنعام: 153 و 155.
 (5) الأنعام: 153 و 155.
 (6) الأعراف: 26، 63.
 (7) الأعراف: 26، 63.
 (8) الأعراف: 95.
 (9) الأعراف: 200.
 (10) الكافي ج 2 ص 434.
 (11) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 43 و 44 في أحاديث تحت الرقم 128- 130.

272
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

الصَّادِقِ ع هُوَ الْعَبْدُ يَهُمُّ بِالذَّنْبِ ثُمَّ يَتَذَكَّرُ فَيُمْسِكُ.
و في التفسير إذا ذكرهم الشيطان المعاصي و حملهم عليها يذكرون اسم الله فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً «1» أي هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق و الباطل و في التفسير يعني العلم الذي تفرقون به بين الحق و الباطل وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ قيل أي يسترها وَ يَغْفِرْ لَكُمْ بالتجاوز و العفو عنها.
وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ «2» بالهداية و النصرة و المعونة.
لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى «3» يعني مسجد قبا أسسه رسول الله ص و صلى فيه أيام مقامه بقبا أولى بأن تصلي فيه من مسجد النفاق أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ أي بنيان دينه عَلى‏ تَقْوى‏ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ قيل أي على قاعدة محكمة هي الحق الذي هو التقوى من الله و طلب مرضاته بالطاعة عَلى‏ شَفا جُرُفٍ هارٍ أي على قاعدة هي أضعف القواعد و أقلها بقاء و هو الباطل و النفاق الذي مثله مثل شفا جرف هار في قلة الثبات و الشفا الشفير و جرف الوادي جانبه الذي ينحفر أصله بالماء و تجرفته السيول و الهار الهائر الذي أشفى على السقوط و الهدم فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ لما جعل الجرف الهار مجازا عن الباطل قيل فَانْهارَ بِهِ أي فهوى به الباطل فِي نارِ جَهَنَّمَ فكان المبطل أسس بنيانا على شفير جهنم فطاح به إلى قعرها.
وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ «4» في روايات كثيرة أنهم الأئمة ع «5».
لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ «6» العواقب أَ فَلا تَتَّقُونَ «7» عقابه في عبادة غيره.
__________________________________________________
 (1) الأنفال: 29.
 (2) براءة: 37.
 (3) براءة: 108 و 109.
 (4) براءة: 119.
 (5) راجع ج 24 ص 30- 40 من هذه الطبعة الحديثة.
 (6) يونس: 6، 31.
 (7) يونس: 6، 31.

273
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ «1» بيان لأولياء الله أو استئناف خبره ما بعده لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا و هي الرؤيا الحسنة وَ فِي الْآخِرَةِ بشارة المؤمن عند الموت كما ورد في الأخبار لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ لا تغيير لأقواله و لا خلف لمواعيده و هو اعتراض ذلِكَ إشارة إلى كونهم مبشرين في الدارين.
فَاصْبِرْ «2» على مشاق الرسالة إِنَّ الْعاقِبَةَ في الدنيا بالظفر و في الآخرة بالفوز لِلْمُتَّقِينَ عن الشرك و المعاصي.
وَ كانُوا يَتَّقُونَ «3» أي الشرك و الفواحش إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ الله «4» وَ يَصْبِرْ على البليات و عن المعاصي.
مَثَلُ الْجَنَّةِ «5» أي صفتها التي هي مثل في الغرابة أُكُلُها دائِمٌ لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ وَ ظِلُّها كذلك.
أَنْ أَنْذِرُوا «6» أي بأن أعلموا من أنذرت بكذا إذا علمته قالُوا خَيْراً «7» أطبقوا الجواب على السؤال معترفين بالإنزال بخلاف الجاحدين إذ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ و ليس من الإنزال في شي‏ء حَسَنَةٌ مكافاة في الدنيا وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ أي و لثوابهم في الآخرة خير منها و هو عدة لِلَّذِينَ اتَّقَوْا و يحتمل أن يكون بما بعده من تتمة كلامهم بدلا و تفسيرا لخيرا
وَ فِي الْعَيَّاشِيِّ «8» عَنِ الْبَاقِرِ ع وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ الدُّنْيَا.
لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ من أنواع المشتهيات.
مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا «9» أي الشرك و المعاصي وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ في أعمالهم.
__________________________________________________
 (1) يونس: 63.
 (2) هود: 49.
 (3) يوسف: 57، 90.
 (4) يوسف: 57، 90.
 (5) الرعد: 37.
 (6) النحل: 2.
 (7) النحل: 30.
 (8) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 258.
 (9) النحل: 128.
                       

274
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا «1» أي تتقي الله و تحتفل بالاستعاذة و جواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أو متعلق بأعوذ فيكون مبالغة.
مَنْ كانَ تَقِيًّا «2»
فِي أَدْعِيَةِ نَوَافِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الْجَنَّةَ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ سُبْحَانَ مَنْ يُورِثُهَا مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ وَ شِيعَتَهُمْ.
ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا «3» فيساقون إلى الجنة وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا على هيئاتهم كما كانوا يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ «4» أي نجمعهم إِلَى الرَّحْمنِ إلى ربهم الذي غمرهم برحمته وَفْداً وافدين عليه كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين لكرامتهم و إنعامهم لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «5» المعاصي فيصير التقوى لهم ملكة أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً أي عظة و اعتبارا حين يسمعونها فيثبطهم عنها و لهذه النكتة أسند التقوى إليهم و الإحداث إلى القرآن وَ الْعاقِبَةُ «6» أي المحمودة لِلتَّقْوى‏ أي لذي التقوى.
اتَّقُوا رَبَّكُمْ «7»
فِي الْإِحْتِجَاجِ عَنِ النَّبِيِّ ص مَعَاشِرَ النَّاسِ التَّقْوَى التَّقْوَى احْذَرُوا السَّاعَةَ كَمَا قَالَ اللَّهُ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ‏ءٌ عَظِيمٌ.
و في التفسير قال مخاطبة للناس عامة.
لَنْ يَنالَ اللَّهَ «8» أي لن يصيب رضاه و لا يقع منه موقع القبول لُحُومُها المتصدق بها وَ لا دِماؤُها المهراقة بالنحر من حيث إنها لحوم و دماء وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى‏ مِنْكُمْ أي و لكنه يصيبه ما يصحبه من تقوى قلوبكم التي تدعوكم إلى أمر الله و تعظيمه و التقرب إليه و الإخلاص له و في الجوامع روي أن الجاهلية كانوا إذا نحروا لطخوا البيت بالدم فلما حج المسلمون أرادوا مثل‏
__________________________________________________
 (1) مريم: 17.
 (2) مريم: 63.
 (3) مريم: 72.
 (4) مريم: 86.
 (5) طه: 113.
 (6) طه: 132.
 (7) الحجّ: 1.
 (8) الحجّ: 37.

275
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

ذلك فنزلت «1»
وَ فِي الْعِلَلِ، عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ سُئِلَ مَا عِلَّةُ الْأُضْحِيَّةِ قَالَ إِنَّهُ يُغْفَرُ لِصَاحِبِهَا عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا إِلَى الْأَرْضِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَتَّقِيهِ بِالْغَيْبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ انْظُرْ كَيْفَ قَبِلَ اللَّهُ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَ رَدَّ قُرْبَانَ قَابِيلَ «2».
أَ فَلا تَتَّقُونَ «3» قيل أي أ فلا تخافون أن يزيل عنكم نعمه.
وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «4» خصهم بها لأنهم المنتفعون.
وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً «5»
فِي الْجَوَامِعِ، عَنِ الصَّادِقِ ع إِيَّانَا عَنَى.
وَ فِي رِوَايَةٍ هِيَ فِينَا.
وَ عَنْهُ ع إِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ اجْعَلْ لَنَا مِنَ الْمُتَّقِينَ إِمَاماً.
و قد مرت الأخبار الكثيرة في ذلك «6».
أَ لا يَتَّقُونَ «7» تعجيب من إفراطهم في الظلم و اجترائهم وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ «8» أي قربت بحيث يرونها من الموقف فيتبجحون بأنهم المحشورون إليها.
أَ لا تَتَّقُونَ «9» الله فتتركوا عبادة غيره وَ الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ «10» قيل أي و ذوي الجبلة الأولين يعني من تقدمهم من الخلائق و في التفسير الخلق الأولين.
وَ كانُوا يَتَّقُونَ «11» أي الكفر و المعاصي.
__________________________________________________
 (1) راجع الدّر المنثور ج 4 ص 363.
 (2) علل الشرائع ج 2 ص 122، الباب 178.
 (3) المؤمنون: 23.
 (4) النور: 36.
 (5) الفرقان: 74.
 (6) راجع ج 24 ص 132- 136 من هذه الطبعة الحديثة.
 (7) الشعراء: 11.
 (8) الشعراء: 90.
 (9) الشعراء: 106.
 (10) الشعراء: 184.
 (11) النمل: 53.

276
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «1» أي لمن اتقى ما لا يرضاه الله.
وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا «2» في المجمع عن الصادق ع معناه اتقوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ من الذنوب وَ ما خَلْفَكُمْ من العقوبة لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي لتكونوا راجين رحمة الله و جواب إذا محذوف دل عليه ما بعده كأنه قيل أعرضوا «3» لَحُسْنَ مَآبٍ «4» أي مرجع اتَّقُوا رَبَّكُمْ «5» أي بلزوم طاعته فَاتَّقُونِ «6» و لا تتعرضوا لما يوجب سخطي لَهُمْ غُرَفٌ «7» قيل أي علالي بعضها فوق بعض مَبْنِيَّةٌ بنيت بناء المنازل على الأرض وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ «8» في التفسير محمد ص وَ صَدَّقَ بِهِ أمير المؤمنين ع بِمَفازَتِهِمْ «9» بفلاحهم وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ «10» إسراعا بهم إلى دار الكرامة و يساقون راكبين زُمَراً أفواجا متفرقة على تفاوت مراتبهم في الشرف و علو الطبقة.
الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ «11» في التفسير يعني الأصدقاء يعادي بعضهم بعضا
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع أَلَا كُلُّ خُلَّةٍ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا فِي غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّهَا تَصِيرُ عَدَاوَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
إِلَّا الْمُتَّقِينَ فإن خلتهم لما كانت في الله تبقى نافعة أبد الآباد
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ.
يا عِبادِ حكاية لما ينادي به المتقون المتحابون في الله يومئذ.
فِي مَقامٍ «12» أي موضع إقامة أَمِينٍ يأمن صاحبه عن الآفة و الانتقال.
__________________________________________________
 (1) القصص: 83.
 (2) يس: 45.
 (3) مجمع البيان ج 8 ص 426.
 (4) ص: 49.
 (5) الزمر: 10.
 (6) الزمر: 16.
 (7) الزمر: 20.
 (8) الزمر: 33.
 (9) الزمر: 61.
 (10) الزمر: 73.
 (11) الزخرف: 67.
 (12) الدخان: 5.

277
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ «1» فوال الله بالتقى و اتباع الشريعة و في التفسير هذا تأديب لرسول الله ص و المعنى لأمته.
مَثَلُ الْجَنَّةِ «2» أي أ مثل الجنة غَيْرِ آسِنٍ أي غير متغير الطعم و الريح لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ أي لذيذة لا تكون فيها كراهة غائلة و ريح و لا غائلة سكر و خمار مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى أي لم يخالطه الشمع و فضلات النحل و غيرهما كَمَنْ هُوَ خالِدٌ أي كمثل من هو خالد فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ من فرط الحرارة و في التفسير قال ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار كما أن ليس عدو الله كوليه.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ «3» أي في التقديم بين يدي الله و رسوله إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لأقوالكم عَلِيمٌ بأفعالكم وَ اتَّقُوا اللَّهَ «4» أي في مخالفة حكمه و الإهمال فيه لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ على تقواكم.
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «5» فإن بالتقوى تكمل النفوس و تتفاضل الأشخاص فمن أراد شرفا فليلتمس منها و في التفسير هو رد على من يفتخر بالأحساب و الأنساب‏
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَ تَفَاخُرَهَا بِآبَائِهَا إِنَّ الْعَرَبِيَّةَ لَيْسَتْ بِأَبٍ وَالِدٍ وَ إِنَّمَا هُوَ لِسَانٌ نَاطِقٌ فَمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فَهُوَ عَرَبِيٌّ أَمَا إِنَّكُمْ مِنْ آدَمَ وَ آدَمُ مِنَ التُّرَابِ وَ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «6».
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ النَّبِيِّ ص يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَرْتُكُمْ فَضَيَّعْتُمْ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكُمْ فِيهِ وَ رَفَعْتُمْ أَنْسَابَكُمْ فَالْيَوْمَ أَرْفَعُ نَسَبِي وَ أَضَعُ أَنْسَابَكُمْ أَيْنَ‏
__________________________________________________
 (1) الجاثية: 18.
 (2) القتال: 15- 17.
 (3) الحجرات: 1.
 (4) الحجرات: 10.
 (5) الحجرات: 13.
 (6) راجع مثله في الكافي ج 8 ص 246.

278
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

الْمُتَّقُونَ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «1».
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَتْقَاكُمْ أَعْمَلُكُمْ بِالتَّقِيَّةِ «2».
وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ «3» أي قربت لهم غَيْرَ بَعِيدٍ أي مكانا غير بعيد و في التفسير أي زينت غير بعيد قال بسرعة.
آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ «4» أي قابلين لما أعطاهم راضين به و معناه أن كل ما آتاهم حسن مرضي متلقى بالقبول إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ قد أحسنوا أعمالهم و هو تعليل لاستحقاقهم ذلك كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ أي ينامون تفسير لإحسانهم‏
عَنِ الصَّادِقِ ع كَانُوا أَقَلَّ اللَّيَالِي يَفُوتُهُمْ لَا يَقُومُونَ فِيهَا «5».
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع كَانَ الْقَوْمُ يَنَامُونَ وَ لَكِنْ كُلَّمَا انْقَلَبَ أَحَدُهُمْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ.
وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ‏
فِي التَّهْذِيبِ وَ الْمَجْمَعِ عَنِ الصَّادِقِ ع كَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ فِي الْوَتْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ سَبْعِينَ مَرَّةً «6».
وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ نصيب يستوجبونه على أنفسهم تقربا إلى الله و إشفاقا على الناس لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ‏
فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِي قَدْ حُرِمَ كَدَّ يَدِهِ فِي الشِّرَاءِ وَ الْبَيْعِ «7».
فاكِهِينَ «8» ناعمين متلذذين.
وَ نَهَرٍ «9» قيل أي أنهار و اكتفى باسم الجنس أو سعة أو ضياء من النهار
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 9 ص 138.
 (2) راجع أمالي الطوسيّ ج 2 ص 274.
 (3) ق: 31.
 (4) الذاريات: 15- 19.
 (5) الكافي ج 3 ص 446.
 (6) مجمع البيان ج 9 ص 155.
 (7) الكافي ج 3 ص 500.
 (8) الطور: 18.
 (9) القمر: 54.

279
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ أي في مكان مرضي عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ أي مقربين عند من تعالى أمره في الملك و الاقتدار بحيث أبهمه ذوو الأفهام.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ «1» في مخالفة الرسول إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن خالف‏
وَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اتَّقُوا اللَّهَ فِي ظُلْمِ آلِ مُحَمَّدٍ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لِمَنْ ظَلَمَهُمْ.
وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ «2» فإن الإيمان به مما يقتضي التقوى منه.
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «3» أي فابذلوا في تقواه جهدكم و طاقتكم و في المجمع الاتقاء الامتناع من الردي باجتناب ما يدعو إليه الهوى و لا تنافي بين هذا و بين قوله اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ لأن كل واحد منهما إلزام لترك جميع المعاصي فمن فعل ذلك فقد اتقى عقاب الله لأن من لم يفعل قبيحا و لا أخل بواجب فلا عقاب عليه إلا أن في أحد الكلامين تنبيها على أن التكليف لا يلزم العبد إلا فيما يطيق و كل أمر أمر الله به فلا بد أن يكون مشروطا بالاستطاعة.
و قال قتادة قوله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ناسخ لقوله اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ و كأنه يذهب إلى أن فيه رخصة لحال التقية و ما جرى مجراها مما تعظم فيه المشقة و إن كانت القدرة حاصلة معه و قال غيره ليس هذا بناسخ و إنما هو مبين لإمكان العمل بهما جميعا و هو الصحيح «4».
وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ «5» أي في تطويل العدة و الإضرار بهن وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فيما أمره به و نهاه عنه يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً من كل كرب في الدنيا و الآخرة وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ أي من وجه لم يخطر بباله‏
وَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ الصَّادِقِ ع فِي دُنْيَاهُ «6».
__________________________________________________
 (1) الحشر: 7.
 (2) الممتحنة: 11.
 (3) التغابن: 16.
 (4) مجمع البيان ج 10 ص 301.
 (5) الطلاق: 1 و 2.
 (6) تفسير القمّيّ ص 686.

280
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَرَأَهَا فَقَالَ مَخْرَجاً مِنْ شُبُهَاتِ الدُّنْيَا وَ مِنْ غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَ شَدَائِدِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ «1».
وَ عَنْهُ ص إِنِّي لَأَعْلَمُ آيَةً لَوْ أَخَذَ بِهَا النَّاسُ لَكَفَتْهُمْ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ الْآيَةَ فَمَا زَالَ يَقُولُهَا وَ يُعِيدُهَا «2».
وَ فِي النَّهْجِ مَخْرَجاً مِنَ الْفِتَنِ وَ نُوراً مِنَ الظُّلَمِ «3».
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ أَيْ يُبَارِكُ لَهُ فِيمَا آتَاهُ «4».
وَ فِي الْفَقِيهِ عَنْهُ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع مَنْ أَتَاهُ اللَّهُ بِرِزْقٍ لَمْ يَخْطُ إِلَيْهِ بِرِجْلِهِ وَ لَمْ يَمُدَّ إِلَيْهِ يَدَهُ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ يَشُدَّ إِلَيْهِ ثِيَابَهُ وَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ كَانَ مِمَّنْ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ الْآيَةَ «5».
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَغْلَقُوا الْأَبْوَابَ وَ أَقْبَلُوا عَلَى الْعِبَادَةِ وَ قَالُوا كُفِينَا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى مَا صَنَعْتُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُكُفِّلَ لَنَا بِأَرْزَاقِنَا فَأَقْبَلْنَا عَلَى الْعِبَادَةِ فَقَالَ إِنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ عَلَيْكُمْ بِالطَّلَبِ «6».
وَ عَنْهُ ع هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ شِيعَتِنَا ضُعَفَاءُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَتَحَمَّلُونَ بِهِ إِلَيْنَا فَيَسْمَعُونَ حَدِيثَنَا وَ يَقْتَبِسُونَ مِنْ عِلْمِنَا فَيَرْحَلُ قَوْمٌ فَوْقَهُمْ وَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ يُتْعِبُونَ أَبْدَانَهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا عَلَيْنَا فَيَسْمَعُوا حَدِيثَنَا فَيَنْقُلُوهُ إِلَيْهِمْ فَيَعِيهِ هَؤُلَاءِ وَ يُضَيِّعُهُ هَؤُلَاءِ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ لَهُمْ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ «7».
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 10 ص 306.
 (2) أنوار التنزيل ص 433.
 (3) نهج البلاغة تحت الرقم 181 من الخطب.
 (4) مجمع البيان ج 10 ص 306.
 (5) الفقيه ج 3 ص 101.
 (6) الكافي ج 5 ص 84.
 (7) الكافي ج 8 ص 178.

281
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ «1» في أحكامه فيراعي حقوقها يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً أي يسهل عليه أمره و يوفقه للخير وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ «2» في أمره يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ ف إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ وَ يُعْظِمْ لَهُ أَجْراً بالمضاعفة.
جَنَّاتِ النَّعِيمِ «3» أي جنات ليس فيها إلا التنعم الخالص.
مَفازاً «4» في التفسير قال يفوزون‏
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع هِيَ الْكَرَامَاتُ.
حَدائِقَ وَ أَعْناباً أي بساتين فيها أنواع الأشجار المثمرة وَ كَواعِبَ نساء فلكت ثديهن أَتْراباً لدات عن سن واحد
وَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ الْبَاقِرِ ع وَ كَواعِبَ أَتْراباً أَيِ الْفَتَيَاتِ النَّاهِدَاتِ.
وَ كَأْساً دِهاقاً أي ممتلية
1- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْمُسْتَرِقِّ عَنْ مُحَسِّنٍ الْمِيثَمِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَا نَقَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَبْداً مِنْ ذُلِّ الْمَعَاصِي إِلَى عِزِّ التَّقْوَى إِلَّا أَغْنَاهُ مِنْ غَيْرِ مَالٍ وَ أَعَزَّهُ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةٍ وَ آنَسَهُ مِنْ غَيْرِ بَشَرٍ «5».
بيان من غير بشر أي من غير أنيس من البشر بل الله مونسه كما
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع اللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ الْآنِسِينَ بِأَوْلِيَائِكَ.
2- ضه، روضة الواعظين شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ إِنَّ لِأَهْلِ التَّقْوَى عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا صِدْقُ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ وَفَاءٌ بِالْعَهْدِ وَ قِلَّةُ الْعَجْزِ وَ الْبُخْلِ وَ صِلَةُ الْأَرْحَامِ وَ رَحْمَةُ الضُّعَفَاءِ وَ قِلَّةُ الْمُؤَاتَاةِ لِلنِّسَاءِ وَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ سَعَةُ الْحِلْمِ وَ اتِّبَاعُ الْعِلْمِ فِيمَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ طُوبى‏ لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ وَ طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِي دَارِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ فِي‏
__________________________________________________
 (1) الطلاق: 4 و 5.
 (2) الطلاق: 4 و 5.
 (3) القلم: 34.
 (4) النبأ: 31- 33.
 (5) الكافي ج 2 ص 76.

282
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

دَارِهِ غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِهَا لَا يَنْوِي فِي قَلْبِهِ شَيْئاً إِلَّا آتاه [أَتَاهُ‏] ذَلِكَ الْغُصْنُ وَ لَوْ أَنَّ رَاكِباً مُجِدّاً سَارَ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ مَا خَرَجَ مِنْهَا وَ لَوْ أَنَّ غُرَاباً طَارَ مِنْ أَصْلِهَا مَا بَلَغَ أَعْلَاهَا حَتَّى يَبْيَاضَّ هَرَماً أَلَا فَفِي هَذَا فَارْغَبُوا إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي نَفْسِهِ شُغُلًا وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ فَرَشَ وَجْهَهُ وَ سَجَدَ لِلَّهِ بِمَكَارِمِ بَدَنِهِ يُنَاجِي الَّذِي خَلَقَهُ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِهِ أَلَا فَهَكَذَا فَكُونُوا «1».
3- تَفْسِيرُ النُّعْمَانِيِّ، بِالْإِسْنَادِ الْمَسْطُورِ فِي كِتَابِ الْقُرْآنِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: نَسَخَ قَوْلُهُ تَعَالَى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «2» قَوْلَهُ تَعَالَى فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «3».
4- كِتَابُ صِفَاتِ الشِّيعَةِ لِلصَّدُوقِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَغُرَّنَّكَ بُكَاؤُهُمْ فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْقَلْبِ «4».
5 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، قَالَ النَّبِيُّ ص مَنِ اتَّقَى اللَّهَ عَاشَ قَوِيّاً وَ سَارَ فِي بِلَادِ عَدُوِّهِ آمِناً.
6- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الظَّمَأُ وَ كَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا الْعَنَاءُ حَبَّذَا نَوْمُ الْأَكْيَاسِ وَ إِفْطَارُهُمْ «5».
وَ قَالَ ع اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سَمِعَ وَ إِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ وَ بَادِرُوا الْمَوْتَ الَّذِي إِنْ هَرَبْتُمْ أَدْرَكَكُمْ وَ إِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ وَ إِنْ نَسِيتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ «6».
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 213.
 (2) آل عمران: 102.
 (3) التغابن: 16.
 (4) صفات الشيعة ص 176.
 (5) نهج البلاغة ج 2 ص 177.
 (6) نهج البلاغة ج 2 ص 190.

283
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

- وَ قَالَ ع اتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْرِيداً وَ جَدَّ تَشْمِيراً وَ انكمش [كَمَّشَ‏] فِي مَهَلٍ وَ بَادَرَ عَنْ وَجَلٍ وَ نَظَرَ فِي كَرَّةِ الْمَوْئِلِ وَ عَاقِبَةِ الْمَصْدَرِ وَ مَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ «1».
- وَ قَالَ ع اتَّقُوا اللَّهَ بَعْضَ التُّقَى وَ إِنْ قَلَّ وَ اجْعَلْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ سِتْراً وَ إِنْ رَقَّ «2».
- وَ قَالَ ع التُّقَى رَئِيسُ الْأَخْلَاقِ «3».
- وَ قَالَ ع أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي ابْتَدَأَ خَلْقَكُمْ وَ إِلَيْهِ يَكُونُ مَعَادُكُمْ وَ بِهِ نَجَاحُ طَلِبَتِكُمْ وَ إِلَيْهِ مُنْتَهَى رَغْبَتِكُمْ وَ نَحْوَهُ قَصْدُ سَبِيلِكُمْ وَ إِلَيْهِ مَرَامِي مَفْزَعِكُمْ فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ وَ بَصَرُ عَمَى أَفْئِدَتِكُمْ وَ شِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ وَ صَلَاحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ وَ طَهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ وَ جِلَاءُ غِشَاءِ أَبْصَارِكُمْ وَ أَمْنُ فَزَعِ جَأْشِكُمْ وَ ضِيَاءُ سَوَادِ ظُلْمَتِكُمْ فَاجْعَلُوا طَاعَةَ اللَّهِ شِعَاراً دُونَ دِثَارِكُمْ وَ دَخِيلًا دُونَ شِعَارِكُمْ وَ لَطِيفاً بَيْنَ أَضْلَاعِكُمْ وَ أَمِيراً فَوْقَ أُمُورِكُمْ وَ مَنْهَلًا لِحِينِ وِرْدِكُمْ وَ شَفِيعاً لِدَرَكِ طَلِبَتِكُمْ وَ جُنَّةً لِيَوْمِ فَزَعِكُمْ وَ مَصَابِيحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ وَ سَكَناً لِطُولِ وَحْشَتِكُمْ وَ نَفَساً لِكَرْبِ مَوَاطِنِكُمْ فَإِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ حِرْزٌ مِنْ مَتَالِفَ مُكْتَنِفَةٍ وَ مَخَاوِفَ مُتَوَقَّعَةٍ وَ أُوَارِ نِيرَانٍ مُوقَدَةٍ فَمَنْ أَخَذَ بِالتَّقْوَى عَزَبَتْ عَنْهُ الشَّدَائِدُ بَعْدَ دُنُوِّهَا وَ احْلَوْلَتْ لَهُ الْأُمُورُ بَعْدَ مَرَارَتِهَا وَ انْفَرَجَتْ عَنْهُ الْأَمْوَاجُ بَعْدَ تَرَاكُمِهَا وَ أَسْهَلَتْ لَهُ الصِّعَابُ بَعْدَ انْصِبَابِهَا وَ هَطَلَتْ عَلَيْهِ الْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا وَ تَحَدَّبَتْ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ بَعْدَ نُفُورِهَا وَ تَفَجَّرَتْ عَلَيْهِ النِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا وَ وَبَلَتْ عَلَيْهِ الْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي نَفَعَكُمْ بِمَوْعِظَتِهِ وَ وَعَظَكُمْ بِرِسَالَتِهِ وَ امْتَنَّ عَلَيْكُمْ بِنِعْمَتِهِ‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 2 ص 191.
 (2) نهج البلاغة ج 2 ص 198.
 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 241.

284
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

فَعَبِّدُوا أَنْفُسَكُمْ لِعِبَادَتِهِ وَ اخْرُجُوا إِلَيْهِ مِنْ حَقِّ طَاعَتِهِ إِلَى آخِرِ الْخُطْبَةِ «1».
7 كَنْزُ الْكَرَاجُكِيِّ، رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: خَصْلَةٌ مَنْ لَزِمَهَا أَطَاعَتْهُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ وَ رَبِحَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ قِيلَ وَ مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ التَّقْوَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ أَعَزَّ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ تَلَا وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ «2».
8 عُدَّةُ الدَّاعِي، رَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمِيثَمِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: قَرَأْتُ جَوَاباً مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنِ اتَّقَاهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَمَّا يَكْرَهُ إِلَى مَا يُحِبُّ وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ وَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَقْبَلَ قِبَلَ مَا يُحِبُّ اللَّهُ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ قِبَلَ كُلِّ مَا يُحِبُّ وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ بِتَقْوَاهُ عَصَمَهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَصَمَهُ لَمْ يُبَالِ لَوْ سَقَطَتِ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ وَ إِنْ نَزَلَتْ نَازِلَةٌ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَشَمِلَهُمْ بَلِيَّةٌ كَانَ فِي حِرْزِ اللَّهِ بِالتَّقْوَى مِنْ كُلِّ بَلِيَّةٍ أَ لَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ «3».
- مشكاة الأنوار، عنه ع مثله «4»
- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ اتَّقَى اللَّهَ لَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُمَا فَرَجاً وَ مَخْرَجاً.
- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ تَفْسِيرِ التَّقْوَى فَقَالَ أَنْ لَا يَفْقِدَكَ اللَّهُ حَيْثُ أَمَرَكَ وَ لَا يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ.
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 1 ص 155، تحت الرقم 81 من الخطب.
 (2) الطلاق: 3 و 4.
 (3) الدخان: 51.
 (4) مشكاة الأنوار ص 18.

285
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص أَصْلُ الدِّينِ الْوَرَعُ كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَ كُنْ بِالْعَمَلِ بِالتَّقْوَى أَشَدَّ اهْتِمَاماً مِنْكَ بِالْعَمَلِ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقِلُّ عَمَلٌ بِالتَّقْوَى وَ كَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وَ فِي الْوَحْيِ الْقَدِيمِ الْعَمَلُ مَعَ أَكْلِ الْحَرَامِ كَنَاقِلِ الْمَاءِ فِي الْمُنْخُلِ.
- وَ عَنْهُمْ ع جِدُّوا وَ اجْتَهِدُوا وَ إِنْ لَمْ تَعْمَلُوا فَلَا تَعْصُوا فَإِنَّ مَنْ يَبْنِي وَ لَا يَهْدِمُ يَرْتَفِعُ بِنَاؤُهُ وَ إِنْ كَانَ يَسِيراً وَ إِنَّ مَنْ يَبْنِي وَ يَهْدِمُ يُوشِكُ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ بِنَاؤُهُ.
وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنِّي مُبْتَلًى بِالنِّسَاءِ فَأَزْنِي يَوْماً وَ أَصُومُ يَوْماً أَ فَيَكُونُ ذَا كَفَّارَةً لِذَا فَقَالَ لَهُ ع إِنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى فَلَا تَزْنِ وَ لَا تَصُمْ فَاجْتَذَبَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِلَيْهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَ قَالَ لَهُ تَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَ تَرْجُو أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ «1».
- وَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: لَيَجِيئَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ كَجِبَالِ تِهَامَةَ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ فَقِيلَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَ مُصَلُّونَ قَالَ كَانُوا يُصَلُّونَ وَ يَصُومُونَ وَ يَأْخُذُونَ وَهْناً مِنَ اللَّيْلِ لَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا لَاحَ لَهُمْ شَيْ‏ءٌ مِنَ الدُّنْيَا وَثَبُوا عَلَيْهِ.
9 مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، نَقْلًا مِنَ الْمَحَاسِنِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع التَّقْوَى سِنْخُ الْإِيمَانِ وَ قِيلَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع صِفْ لَنَا الدُّنْيَا فَقَالَ وَ مَا أَصِفُ لَكُمْ مِنْهَا لِحَلَالِهَا حِسَابٌ وَ لِحَرَامِهَا عَذَابٌ لَوْ رَأَيْتُمُ الْأَجَلَ وَ مَسِيرَهُ لَلُهِيتُمْ عَنِ الْأَمَلِ وَ غُرُورِهِ ثُمَّ قَالَ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ أُنْساً بِلَا أَنِيسٍ وَ غَنَاءً بِلَا مَالٍ وَ عِزّاً بِلَا سُلْطَانٍ.
- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الْقِيَامَةُ عُرْسُ الْمُتَّقِينَ.
- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَا يَغُرَّنَّكَ بُكَاؤُهُمْ إِنَّمَا التَّقْوَى فِي الْقَلْبِ.
- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ «2» قَالَ أَنَا أَهْلٌ أَنْ يَتَّقِيَنِي عَبْدِي فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ‏
__________________________________________________
 (1) راجع الكافي ج 5 ص 542.
 (2) المدّثّر: 56.

286
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

أَغْفِرَ لَهُ «1».
- 10- وَ مِنْهُ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص دَخَلَ الْبَيْتَ عَامَ الْفَتْحِ وَ مَعَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ثُمَّ خَرَجَ فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ عَبْدَهُ وَ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَ غَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ إِنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ نَخْوَةَ الْعَرَبِ وَ تَكَبُّرَهَا بِآبَائِهَا وَ كُلُّكُمْ مِنْ آدَمَ وَ آدَمُ مِنْ تُرَابٍ وَ أَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «2».
- 11- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْعُلَمَاءُ أُمَنَاءُ وَ الْأَتْقِيَاءُ حُصُونٌ وَ الْعُمَّالُ سَادَةٌ.
- 12- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «3» قَالَ مَنْسُوخَةٌ قُلْتُ وَ مَا نَسَخَتْهَا قَالَ قَوْلُ اللَّهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «4».
13- شي، تفسير العياشي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ «5» قَالَ هُوَ الذَّنْبُ يَهُمُّ بِهِ الْعَبْدُ فَيَتَذَكَّرُ فَيَدَعُهُ «6».
14- شي، تفسير العياشي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا مَا ذَلِكَ الطَّائِفُ قَالَ هُوَ السَّيِّئُ يَهُمُّ الْعَبْدُ بِهِ ثُمَّ يَذْكُرُ اللَّهَ فَيُبْصِرُ وَ يُقْصِرُ.
- أَبُو بَصِيرٍ عَنْهُ ع قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالذَّنْبِ ثُمَّ يَتَذَكَّرُ فَيَدَعُهُ «7».
__________________________________________________
 (1) مشكاة الأنوار ص 44.
 (2) مشكاة الأنوار ص 59.
 (3) آل عمران: 102.
 (4) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 194، و الآية في التغابن: 16.
 (5) الأعراف: 201.
 (6) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 43.
 (7) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 44.

287
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

15- صح، صحيفة الرضا عليه السلام لي، الأمالي للصدوق عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: أَتْقَى النَّاسِ مَنْ قَالَ الْحَقَّ فِيمَا لَهُ وَ عَلَيْهِ «1».
16- لي، الأمالي للصدوق عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَى وَ سُئِلَ ع أَيُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ قَالَ التَّقْوَى «2».
أقول: قد أثبتناها و أمثالها بأسانيدها في أبواب المواعظ و باب مكارم الأخلاق.
17- فس، تفسير القمي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْعَرَبِيَّةَ لَيْسَتْ بِأَبٍ وَالِدٍ وَ إِنَّمَا هُوَ لِسَانٌ نَاطِقٌ فَمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فَهُوَ عَرَبِيٌّ أَلَا إِنَّكُمْ وُلْدُ آدَمَ وَ آدَمُ مِنْ تُرَابٍ وَ أَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «3».
18- ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ الْقَاشَانِيِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْقِيَامَةُ عُرْسُ الْمُتَّقِينَ «4».
19- ل، الخصال عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع لَا حَسَبَ لِقُرَشِيٍّ وَ لَا عَرَبِيٍّ إِلَّا بِتَوَاضُعٍ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِتَقْوَى «5».
- 20- ل، الخصال الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُعَاذٍ عَنِ الْحُسَيْنِ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: أَوَّلُ مَا يُدْخِلُ النَّارَ مِنْ أُمَّتِيَ الْأَجْوَفَانِ قَالُوا وَ مَا الْأَجْوَفَانِ قَالَ الْفَرْجُ وَ الْفَمُ وَ أَكْثَرُ مَا يُدْخَلُ بِهِ الْجَنَّةُ تَقْوَى اللَّهِ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ «6».
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 14.
 (2) أمالي الصدوق ص 193.
 (3) تفسير القمّيّ 642.
 (4) الخصال ج 1 ص 10.
 (5) الخصال ج 1 ص 12.
 (6) الخصال ج 1 ص 39.

288
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

- 21- ما، الأمالي للشيخ الطوسي فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ ص لِأَبِي ذَرٍّ عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ «1».
أقول: سيأتي فيما كتب أمير المؤمنين ع لمحمد بن أبي بكر مدح المتقين «2».
22- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْكِنْدِيِّ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ ذُلِّ الْمَعْصِيَةِ إِلَى عِزِّ التَّقْوَى أَغْنَاهُ اللَّهُ بِلَا مَالٍ وَ أَعَزَّهُ بِلَا عَشِيرَةٍ وَ آنَسَهُ بِلَا بَشَرٍ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَ مَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ «3».
ما، الأمالي للشيخ الطوسي عن المفيد عن محمد بن محمد بن طاهر عن ابن عقدة مثله «4».
23- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنِ الْكُلَيْنِيِّ «5» عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْيَقْطِينِيِّ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: جَلَسَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص يَنْتَسِبُونَ وَ يَفْتَخِرُونَ وَ فِيهِمْ سَلْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ عُمَرُ مَا نَسَبُكَ أَنْتَ يَا سَلْمَانُ وَ مَا أَصْلُكَ فَقَالَ أَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كُنْتُ ضَالًّا فَهَدَانِيَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ ع وَ كُنْتُ عَائِلًا فَأَغْنَانِيَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ ص وَ كُنْتُ مَمْلُوكاً فَأَعْتَقَنِيَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ ص فَهَذَا حَسَبِي وَ نَسَبِي يَا عُمَرُ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَذَكَرَ لَهُ سَلْمَانُ مَا قَالَ عُمَرُ وَ مَا أَجَابَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ حَسَبَ الْمَرْءِ دِينُهُ وَ مُرُوَّتَهُ خُلُقُهُ وَ أَصْلَهُ عَقْلُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا

__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 154 و في نسخة الأصل رمز الخصال.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 24.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 205.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 139.
 (5) تراه في روضة الكافي ص 181 مع اختلاف في اللفظ.

289
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «1» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى سَلْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ يَا سَلْمَانُ إِنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَيْكَ فَضْلٌ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ كُنْتَ أَتْقَى مِنْهُ فَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنْهُ «2».
24- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْكَاتِبِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَالِكِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ وَ خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ وَ إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَاعْمَلْ حَسَنَةً يَمْحُوهَا «3».
25- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمُتَّقُونَ سَادَةٌ وَ الْفُقَهَاءُ قَادَةٌ وَ الْجُلُوسُ إِلَيْهِمْ عِبَادَةٌ «4».
26- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ مَخْلَدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْمُحَبَّرِ عَنْ عَبَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: كَمْ مِنْ عَاقِلٍ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْرَهُ وَ هُوَ حَقِيرٌ عِنْدَ النَّاسِ دَمِيمُ الْمَنْظَرِ يَنْجُو غَداً وَ كَمْ مِنْ طَرِيفِ اللِّسَانِ جَمِيلِ الْمَنْظَرِ عِنْدَ النَّاسِ يَهْلِكُ غَداً فِي الْقِيَامَةِ «5».
27- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِشْكَابٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سَيَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَقْبَلَ الْعَبَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَانَ الْعَبَّاسُ‏
__________________________________________________
 (1) الحجرات: 11.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 146.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 189.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 229.
 (5) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 7.

290
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

طُوَالًا حَسَنَ الْجِسْمِ فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ ص تَبَسَّمَ إِلَيْهِ وَ قَالَ إِنَّكَ يَا عَمِّ لَجَمِيلٌ فَقَالَ الْعَبَّاسُ مَا الْجَمَالُ بِالرَّجُلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِصَوَابِ الْقَوْلِ بِالْحَقِّ قَالَ فَمَا الْكَمَالُ قَالَ تَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ «1».
28- مع، معاني الأخبار ع، علل الشرائع مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَقَعَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَ بَيْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ وَ مَا أَنْتَ فَقَالَ سَلْمَانُ أَمَّا أُولَايَ وَ أُولَاكَ فَنُطْفَةٌ قَذِرَةٌ وَ أَمَّا أُخْرَايَ وَ أُخْرَاكَ فَجِيفَةٌ مُنْتِنَةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَ نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ فَمَنْ خَفَّ مِيزَانُهُ فَهُوَ اللَّئِيمُ وَ مَنْ ثَقُلَ مِيزَانُهُ فَهُوَ الْكَرِيمُ «2».
29- ع، علل الشرائع ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ دِينَارٍ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: افْتَخَرَ رَجُلَانِ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ أَ تَفْتَخِرَانِ بِأَجْسَادٍ بَالِيَةٍ وَ أَرْوَاحٍ فِي النَّارِ إِنْ يَكُنْ لَكَ عَقْلٌ فَإِنَّ لَكَ خُلُقاً وَ إِنْ يَكُنْ لَكَ تَقْوَى فَإِنَّ لَكَ كَرَماً وَ إِلَّا فَالْحِمَارُ خَيْرٌ مِنْكَ وَ لَسْتَ بِخَيْرٍ مِنْ أَحَدٍ.
30- مع، معاني الأخبار الْوَرَّاقُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَمْدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَتْقَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ الْخَبَرَ «3».
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب أصناف الناس في الإيمان.
31- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّصْرِ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 112.
 (2) معاني الأخبار ص 207.
 (3) معاني الأخبار ص 196.

291
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

عَزَّ وَ جَلَّ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قَالَ يُطَاعُ فَلَا يُعْصَى وَ يُذْكَرُ فَلَا يُنْسَى وَ يُشْكَرُ فَلَا يُكْفَرُ «1».
ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر النضر مثله- سن، المحاسن عن أبيه عن النضر مثله «2»- شي، تفسير العياشي عن أبي بصير مثله «3».
32- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ الْحَسَبُ الْفِعَالُ وَ الشَّرَفُ الْمَالُ وَ الْكَرَمُ التَّقْوَى «4».
33- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي الْوَرْدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا يَقِلُّ مَعَ التَّقْوَى عَمَلٌ وَ كَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ «5».
جا، المجالس للمفيد الجعابي مثله «6»- جا، المجالس للمفيد أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن ابن فضال عن ابن سنان عن الفضيل بن عثمان عن الحذاء عن أبي جعفر ع مثله «7»
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 240.
 (2) المحاسن ص 204.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 194.
 (4) معاني الأخبار ص 405.
 (5) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 60.
 (6) أمالي المفيد ص 26.
 (7) أمالي المفيد ص 122.

292
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

- كا، الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان مثله «1» بيان و كيف يقل ما يتقبل لأن الله يقول إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ «2».
- 34- فس، تفسير القمي إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ «3» قَالَ مَنْ لَمْ يَنْهَهُ الصَّلَاةُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً «4».
- 35- فس، تفسير القمي أَبِي عَنِ النَّضْرِ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: يَبْعَثُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْماً بَيْنَ أَيْدِيهِمْ نُورٌ كَالْقَبَاطِيِّ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ كُنْ هَبَاءً مَنْثُوراً ثُمَّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ يَا أَبَا حَمْزَةَ إِنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ وَ يُصَلُّونَ وَ لَكِنْ كَانُوا إِذَا عَرَضَ لَهُمْ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْحَرَامِ أَخَذُوهُ وَ إِذَا ذُكِرَ لَهُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ فَضْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنْكَرُوهُ وَ قَالَ وَ الْهَبَاءُ الْمَنْثُورُ هُوَ الَّذِي تَرَاهُ يَدْخُلُ الْبَيْتَ فِي الْكُوَّةِ مِنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ «5».
36- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَغَاظَ إِبْلِيسَ ذَلِكَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ شَيْطَاناً فَقَالَ قُلِ الْعَاقِبَةُ لِلْأَغْنِيَاءِ فَجَاءَهُ فَقَالَ ذَلِكَ فَتَحَاكَمَا إِلَى أَوَّلِ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَطْعِ يَدِ الَّذِي يَحْكُمُ عَلَيْهِ فَلَقِيَا شَخْصاً فَأَخْبَرَاهُ بِحَالِهِمَا فَقَالَ الْعَاقِبَةُ لِلْأَغْنِيَاءِ فَرَجَعَ وَ هُوَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَ يَقُولُ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَقَالَ لَهُ تَعُودُ أَيْضاً فَقَالَ نَعَمْ عَلَى يَدِيَ الْأُخْرَى فَخَرَجَا فَطَلَعَ الْآخَرُ فَحَكَمَ عَلَيْهِ أَيْضاً فَقُطِعَتْ يَدُهُ الْأُخْرَى وَ عَادَ أَيْضاً يَحْمَدُ اللَّهَ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 75.
 (2) المائدة 27.
 (3) العنكبوت: 45.
 (4) تفسير القمّيّ ص 497.
 (5) تفسير القمّيّ ص 465.

293
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ يَقُولُ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَقَالَ لَهُ تُحَاكِمُنِي عَلَى ضَرْبِ الْعُنُقِ فَقَالَ نَعَمْ فَخَرَجَا فَرَأَيَا مِثَالًا فَوَقَفَا عَلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ حَاكَمْتُ هَذَا وَ قَصَّا عَلَيْهِ قِصَّتَهُمَا قَالَ فَمَسَحَ يَدَيْهِ فَعَادَتَا ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَ ذَلِكَ الْخَبِيثِ وَ قَالَ هَكَذَا الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
37- سن، المحاسن أَبِي عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَحْنَفَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ ع قَالَ: إِنَّ وَلِيّاً لِلَّهِ وَ عَدُوّاً لِلَّهِ اجْتَمَعَا فَقَالَ وَلِيُّ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وَ قَالَ الْآخَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الْعَاقِبَةُ لِلْأَغْنِيَاءِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُلُوكِ فَقَالَ وَلِيُّ اللَّهِ ارْضَ بَيْنَنَا بِأَوَّلِ طَالِعٍ يَطْلُعُ مِنَ الْوَادِي قَالَ فَاطَّلَعَ إِبْلِيسُ فِي أَحْسَنِ هَيْئَةٍ فَقَالَ وَلِيُّ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَقَالَ الْآخَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُلُوكِ فَقَالَ إِبْلِيسُ كَذَا «1».
38- سن، المحاسن عَلِيُّ بْنُ السِّنْدِيِّ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الْحَجَّالِ قَالَ قُلْتُ لِجَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَتَاكُمْ شَرِيفُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ فَمَا الْحَسَبُ فَقَالَ الَّذِي يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ الْحَسَنَةَ بِمَالِهِ وَ غَيْرِ مَالِهِ فَقُلْتُ فَمَا الْكَرَمُ فَقَالَ التُّقَى «2».
39- ضا، فقه الرضا عليه السلام أَرْوِي مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ أَعَزَّ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي سِرِّهِ وَ عَلَانِيَتِهِ.
- وَ أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ «3» وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ قَالَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً فِي دِينِهِ وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ فِي دُنْيَاهُ.
40- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع اتَّقِ اللَّهَ وَ كُنْ حَيْثُ شِئْتَ وَ مِنْ أَيِّ قَوْمٍ شِئْتَ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي التَّقْوَى وَ الْمُتَّقِي مَحْبُوبٌ عِنْدَ كُلِّ فَرِيقٍ وَ فِيهِ جِمَاعُ كُلِّ خَيْرٍ وَ رُشْدٍ وَ هُوَ مِيزَانُ كُلِّ عِلْمٍ وَ حِكْمَةٍ وَ أَسَاسُ كُلِّ طَاعَةٍ مَقْبُولَةٍ
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 247.
 (2) المحاسن ص 328.
 (3) الطلاق: 2.

294
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ التَّقْوَى مَا يَنْفَجِرُ مِنْ عَيْنِ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ فَنٍّ مِنَ الْعِلْمِ وَ هُوَ لَا يَحْتَاجُ إِلَّا إِلَى تَصْحِيحِ الْمَعْرِفَةِ بِالْخُمُودِ تَحْتَ هَيْبَةِ اللَّهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ مَزْيَدُ التَّقْوَى يَكُونُ مِنْ أَصْلِ اطِّلَاعِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى سِرِّ الْعَبْدِ بِلُطْفِهِ فَهَذَا أَصْلُ كُلِّ حَقٍّ وَ أَمَّا الْبَاطِلُ فَهُوَ مَا يَقْطَعُكَ عَنِ اللَّهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضاً عِنْدَ كُلِّ فَرِيقٍ فَاجْتَنِبْ عَنْهُ وَ أَفْرِدْ سِرَّكَ لِلَّهِ تَعَالَى بِلَا عِلَاقَةٍ قَالَ النَّبِيُّ ص أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَتْهَا الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ
   أَلَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ-             وَ كُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلٌ-
 فَالْزَمْ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الصَّفَا وَ الْتُّقَى مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَ حَقَائِقِ الْيَقِينِ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِيمِ وَ لَا تَدْخُلْ فِي اخْتِلَافِ الْخَلْقِ وَ مَقَالاتِهِمْ فَتَصْعُبَ عَلَيْكَ وَ قَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ الْمُخْتَارَةُ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَ أَنَّهُ عَدْلٌ فِي حُكْمِهِ يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ وَ لَا يُقَالُ لَهُ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ صُنْعِهِ لِمَ وَ لَا كَانَ وَ لَا يَكُونُ شَيْ‏ءٌ إِلَّا بِمَشِيَّتِهِ وَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ صَادِقٌ فِي وَعْدِهِ وَ وَعِيدِهِ وَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ وَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْكَوْنِ وَ الْمَكَانِ وَ الزَّمَانِ وَ أَنَّ إِحْدَاثَ الْكَوْنِ وَ الْفَنَاءِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ مَا ازْدَادَ بِإِحْدَاثِهِ عِلْماً وَ لَا يَنْقُصُ بِفِنَائِهِ مُلْكُهُ عَزَّ سُلْطَانُهُ وَ جَلَّ سُبْحَانُهُ فَمَنْ أَوْرَدَ عَلَيْكَ مَا يَنْقُضُ هَذَا الْأَصْلَ فَلَا تَقْبَلْهُ وَ جَرِّدْ بَاطِنَكَ لِذَلِكَ تَرَى بَرَكَاتِهِ عَنْ قَرِيبٍ وَ تَفُوزُ مَعَ الْفَائِزِينَ «1».
41- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع التَّقْوَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَقْوَى بِاللَّهِ فِي اللَّهِ وَ هُوَ تَرْكُ الْحَلَالِ فَضْلًا عَنِ الشُّبْهَةِ وَ هُوَ تَقْوَى خَاصِّ الْخَاصِّ وَ تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَ هُوَ تَرْكُ الشُّبُهَاتِ فَضْلًا عَنْ حَرَامٍ وَ هُوَ تَقْوَى الْخَاصِّ وَ تَقْوَى مِنْ خَوْفِ النَّارِ وَ الْعِقَابِ وَ هُوَ تَرْكُ الْحَرَامِ وَ هُوَ تَقْوَى الْعَامِّ وَ مَثَلُ التَّقْوَى كَمَاءٍ يَجْرِي فِي نَهَرٍ وَ مَثَلُ هَذِهِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ فِي مَعْنَى التَّقْوَى كَأَشْجَارٍ مَغْرُوسَةٍ عَلَى حَافَّةِ ذَلِكَ النَّهَرِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ وَ جِنْسٍ وَ كُلُّ شَجَرَةٍ مِنْهَا يَسْتَمِصُّ الْمَاءَ مِنْ ذَلِكَ النَّهَرِ عَلَى قَدْرِ جَوْهَرِهِ وَ طَعْمِهِ‏
__________________________________________________
 (1) مصباح الشريعة ص 44 و 45.

295
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 56 الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقین و صفاتهم و علاماتهم و أن الکرم به و قبول العمل مشروط به ص 257

وَ لَطَافَتِهِ وَ كَثَافَتِهِ ثُمَّ مَنَافِعُ الْخَلْقِ مِنْ ذَلِكَ الْأَشْجَارِ وَ الثِّمَارِ عَلَى قَدْرِهَا وَ قِيمَتِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى‏ بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى‏ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ «1» الْآيَةَ فَالتَّقْوَى لِلطَّاعَاتِ كَالْمَاءِ لِلْأَشْجَارِ وَ مَثَلُ طَبَائِعِ الْأَشْجَارِ وَ الثِّمَارِ فِي لَوْنِهَا وَ طَعْمِهَا مَثَلُ مَقَادِيرِ الْإِيمَانِ فَمَنْ كَانَ أَعْلَى دَرَجَةً فِي الْإِيمَانِ وَ أَصْفَى جَوْهَراً بِالرُّوحِ كَانَ أَتْقَى وَ مَنْ كَانَ أَتْقَى كَانَتْ عِبَادَتُهُ أَخْلَصَ وَ أَطْهَرَ وَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مِنَ اللَّهِ أَقْرَبَ وَ كُلُّ عِبَادَةٍ غَيْرِ مُؤَسَّسَةٍ عَلَى التَّقْوَى فَهُوَ هَبَاءٌ مَنْثُورٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ تَقْوى‏ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ «2» الْآيَةَ وَ تَفْسِيرُ التَّقْوَى تَرْكُ مَا لَيْسَ بِأَخْذِهِ بَأْسٌ حَذَراً عَمَّا بِهِ بَأْسٌ وَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ طَاعَةٌ وَ ذِكْرٌ بِلَا نِسْيَانٍ وَ عِلْمٌ بِلَا جَهْلٍ مَقْبُولٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ «3».
باب 57 الورع و اجتناب الشبهات‏
1- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنِّي لَا أَلْقَاكَ إِلَّا فِي السِّنِينَ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْ‏ءٍ آخُذُ بِهِ فَقَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ فِيهِ «4».
بيان: لعل المراد بالتقوى ترك المحرمات و بالورع ترك الشبهات بل‏
__________________________________________________
 (1) الرعد: 5.
 (2) براءة: 109.
 (3) مصباح الشريعة ص 56 و 57.
 (4) الكافي ج 2 ص 76.

296
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

بعض المباحات و بالاجتهاد بذل الجهد في فعل الطاعات يقال وقاه الله السوء يقيه وقاية أي حفظه و اتقيت الله اتقاء أي حفظت نفسي من عذابه أو عن مخالفته و التقوى اسم منه و التاء مبدلة من واو و الأصل وقوى من وقيت لكن أبدل و لزمت التاء في تصاريف الكلمة و في النهاية فيه ملاك الدين الورع الورع في الأصل الكف عن المحارم و التحرج منها يقال ورع الرجل يرع بالكسر فيهما ورعا و رعة فهو ورع و تورع من كذا ثم استعير للكف عن المباح و الحلال لا ينفع أي نفعا كاملا.
2- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَدِيدِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ صُونُوا دِينَكُمْ بِالْوَرَعِ «1».
بيان: يدل على أن بترك الورع عن المحرمات يصير الإيمان بمعرض الضياع و الزوال فإن فعل الطاعات و ترك المعاصي حصون للإيمان من أن يذهب به الشيطان.
3- كا، الكافي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: وَعَظَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَمَرَ وَ زَهَّدَ ثُمَّ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ فَإِنَّهُ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِالْوَرَعِ «2».
بيان: فأمر أي بالطاعات و ما يوجب الفوز بأرفع الدرجات و زهد على بناء التفعيل أي أمر بالزهد في الدنيا و ترك مشتهياتها المانعة عن قربه سبحانه قال الجوهري التزهيد في الشي‏ء و عن الشي‏ء خلاف الترغيب فيه.
4- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ فِيهِ «3».
5- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنِ الْحَسَنِ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 76.
 (2) الكافي ج 2 ص 76.
 (3) الكافي ج 2 ص 77.

297
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

بْنِ زِيَادٍ الصَّيْقَلِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّ أَشَدَّ الْعِبَادَةِ الْوَرَعُ «1».
بيان: إن أشد العبادة الورع إذ ترك المحرمات أشق على النفس من فعل الطاعات و أفضل الأعمال أحمزها.
6- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا نَلْقَى مِنَ النَّاسِ فِيكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ مَا الَّذِي تَلْقَى مِنَ النَّاسِ فِيَّ فَقَالَ لَا يَزَالُ يَكُونُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الرَّجُلِ الْكَلَامُ فَيَقُولُ جَعْفَرِيٌّ خَبِيثٌ فَقَالَ يُعَيِّرُكُمُ النَّاسُ بِي فَقَالَ لَهُ أَبُو الصَّبَّاحِ نَعَمْ قَالَ فَمَا أَقَلَّ وَ اللَّهِ مَنْ يَتَّبِعُ جَعْفَراً مِنْكُمْ إِنَّمَا أَصْحَابِي مَنِ اشْتَدَّ وَرَعُهُ وَ عَمِلَ لِخَالِقِهِ وَ رَجَا ثَوَابَهُ هَؤُلَاءِ أَصْحَابِي «2».
توضيح قال الشيخ البهائي رحمه الله يعلم منه أنه لم يرتض ع ما قاله أبو الصباح لما فيه من الخشونة و سوء الأدب و عمل لخالقه أي أخلص العمل لله و رجا ثوابه كأنه إشارة إلى أن رجاء الثواب إنما يحسن مع الورع و الطاعة و إلا فهو غرور كما مر و إلى أنه مع العمل أيضا لا ينبغي اليقين بالثواب لكثرة آفات العمل و يمكن أن يكون ما ذكره ع إيماء إلى أن ما تسمعون من المخالفين إنما هو لعدم الطاعة إما بترك الطاعات و الأعمال الرضية أو لترك ما أمرتكم به من التقية.
7- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِي سَارَةَ الْغَزَّالِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ابْنَ آدَمَ اجْتَنِبْ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ «3».
بيان: كأن الأورع بالنسبة إلى من يجتنب المكروهات و يأتي بالسنن و يجترئ على المحارم و ترك الطاعات كما هو الشائع بين الناس أو هو تعريض بأرباب البدع‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 77.
 (2) الكافي ج 2 ص 77.
 (3) الكافي ج 2 ص 77.

298
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

الذين يحرمون ما أحل الله على أنفسهم و يسمونه ورعا أو تنبيه على أن الورع إنما هو بترك المعاصي لا بالمبالغة في الطاعات و الإكثار منها.
8- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْوَرِعِ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ الَّذِي يَتَوَرَّعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «1».
9- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ حُسْنِ الْجِوَارِ وَ كُونُوا دُعَاةً إِلَى أَنْفُسِكُمْ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ وَ كُونُوا زَيْناً وَ لَا تَكُونُوا شَيْناً وَ عَلَيْكُمْ بِطُولِ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَطَالَ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ هَتَفَ إِبْلِيسُ مِنْ خَلْفِهِ فَقَالَ يَا وَيْلَهُ أَطَاعَ وَ عَصَيْتُ وَ سَجَدَ وَ أَبَيْتُ «2».
إيضاح حسن الجوار لكل من جاوره و صاحبه أو لجار بيته و كونوا دعاة أي كونوا داعين للناس إلى طريقتكم المثلى و مذهبكم الحق بمحاسن أعمالكم و مكارم أخلاقكم فإن الناس إذا رأوكم على سيرة حسنة و هدى جميل نازعتهم أنفسهم إلى الدخول فيما ذهبتم إليه من التشيع و تصويبكم فيما تقلدتم من طاعة أئمتكم عليهم السلام و كونوا زينا أي زينة لنا و لا تكونوا شينا أي عيبا و عارا علينا.
و في النهاية في حديث أبي هريرة إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله الويل الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب و كل من وقع في هلكة دعا بالويل و معنى النداء فيه يا ويلي و يا حزني و يا هلاكي و يا عذابي احضر فهذا وقتك و أوانك فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من الأمر الفظيع و هو الندم على ترك السجود لآدم ع و أضاف الويل إلى ضمير الغائب‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 77.
 (2) الكافي ج 2 ص 77

299
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

حملا على المعنى و عدل عن حكاية قول إبليس يا ويلي كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه انتهى.
و قال النووي هو من أدب الكلام أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء صرف الحاكي عن نفسه إلى الغيبة صونا عن صورة إضافة السوء إلى نفسه انتهى.
و قيل الضمير راجع إلى الساجد و دعا إبليس له بالعذاب و الويل أو هو من كلام الإمام و الضمير لإبليس و الجملة معترضة و لا يخفى بعدهما و يحتمل على الأول أن يكون المنادى محذوفا نحو ألا يا اسجدوا أي يا قوم احضروا ويلي.
كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَدَخَلَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ فَرَحَّبَ بِهِ وَ قَرَّبَ مَجْلِسَهُ ثُمَّ قَالَ يَا عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ مِنَّا وَ لَا كَرَامَةَ مَنْ كَانَ فِي مِصْرٍ فِيهِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ وَ كَانَ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ أَحَدٌ أَوْرَعَ مِنْهُ «1».
بيان: قال الجوهري الرحب بالضم السعة و قولهم مرحبا و أهلا أي أتيت سعة و أتيت أهلا فاستأنس و لا تستوحش و قد رحب به ترحيبا إذا قال له مرحبا انتهى و في النهاية و قيل معناه رحب الله بك مرحبا فجعل المرحب موضع الترحيب انتهى.
و قوله و لا كرامة جملة معترضة أي لا كرامة له عند الله أو عندنا أو أعم منهما فيه مائة ألف أي من المخالفين أو الأعم و يدل على مدح عيسى بن عبد الله‏
وَ رَوَى الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي مَجَالِسِهِ حَدِيثاً يَدُلُّ عَلَى مَدْحٍ عَظِيمٍ لَهُ وَ أَنَّهُ قَالَ ع فِيهِ هُوَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ.
و زعم الأكثر أنه الأشعري جد أحمد بن محمد و الأظهر عندي أنه غيره لبعد ملاقاة الأشعري الصادق ع بل ذكروا أن له مسائل عن الرضا ع ..
10- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 78.

300
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي كَهْمَشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَوْصِنِي قَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ فِيهِ «1».
11- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَعِينُونَا بِالْوَرَعِ فَإِنَّهُ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْكُمْ بِالْوَرَعِ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَرَجاً إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «2» فَمِنَّا النَّبِيُّ وَ مِنَّا الصِّدِّيقُ وَ الشُّهَدَاءُ وَ الصَّالِحُونَ «3».
بيان: أعينونا بالورع إشارة إلى أن الأئمة ع متكفلون لنجاة شيعتهم من العذاب فكلما كان ورعهم أشد و أكمل كانت الشفاعة عليهم أسهل فالورع إعانة لهم ع على ذلك فإن قلت مع الورع أي حاجة إلى الشفاعة فإنه يجب عليه سبحانه بمقتضى وعده أدخالهم الجنة و إبعادهم من العذاب قلت يحتمل أن يكون المراد عدم تجشم الشفاعة أو يكون الورع ترك المعاصي فقط فلا ينافي الاحتياج إلى الشفاعة للتقصير في الواجبات أو يكون المراد بالورع ترك الكبائر أو أعم من ترك كل المعاصي أو بعضها مع أنه لا استبعاد في الحاجة إلى الشفاعة مع فعل الطاعات و ترك المعاصي لسرعة دخول الجنة أو التخلص من أهوال القيامة أو عدم الحساب أو تخفيفه.
كان له عند الله فرجا اسم كان الضمير المستتر الراجع إلى الورع و قيل إلى اللقاء و فرجا بالجيم خبره و ربما يقرأ بالحاء المهملة و على التقديرين التنوين للتعظيم من يطع الله و رسوله في سورة النساء وَ الرَّسُولَ و كأنه نقل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 78.
 (2) النساء: 69.
 (3) الكافي ج 2 ص 78.

301
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

بالمعنى مع الإشارة إلى ما في سورة النور وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اللَّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ «1» و إطاعة الله و الرسول لا تكون إلا مع الورع فالاستشهاد لذلك و قيل المراد بطاعة الله و رسوله إطاعتهما في الاعتقاد بإمامة أئمة الهدى ع و إن كان مع المعاصي فالاستشهاد للشفاعة.
فمنا أي من بني هاشم و كأن المراد بالصديق أمير المؤمنين ع و بالشهداء الحسنان ع أو الحسين و بالصالحين باقي الأئمة ع أو المراد بالشهداء جميع الأئمة ع و بالصالحين شيعتهم و قد فسرت الآية بالوجهين في الأخبار.
12- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّا لَا نَعُدُّ الرَّجُلَ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ لِجَمِيعِ أَمْرِنَا مُتَّبِعاً وَ مُرِيداً أَلَا وَ إِنَّ مِنِ اتِّبَاعِ أَمْرِنَا وَ إِرَادَتِهِ الْوَرَعَ فَتَزَيَّنُوا بِهِ يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ وَ كِيدُوا أَعْدَاءَنَا بِهِ يَنْعَشْكُمُ اللَّهُ «2».
بيان: إنا لا نعد الرجل مؤمنا هذا أحد معاني الإيمان التي مضت مريدا أي لجميع أمرنا يرحمكم الله جواب الأمر أو جملة دعائية و كذا قوله ينعشكم الله يحتمل الوجهين و كيدوا به في أكثر النسخ بالياء المثناة أي حاربوهم بالورع لتغلبوا أو ادفعوا به كيدهم سمي كيدا مجازا أي الورع يصير سببا لكف ألسنتهم عنكم و ترك ذمهم لكم أو احتالوا بالورع ليرغبوا في دينكم كما مر في قوله ع كونوا دعاة إلخ و كأنه أظهر.
و في بعض النسخ بالباء الموحدة المشددة من الكبد بمعنى الشدة و المشقة أي أوقعوهم في الألم و المشقة لأنه يصعب عليهم ورعكم و الأول أكثر و أظهر ينعشكم الله أي يرفعكم الله في الدنيا و الآخرة في القاموس نعشه الله كمنعه رفعه كأنعشه و نعشه و فلانا جبره بعد فقر و الميت ذكره ذكرا حسنا.
__________________________________________________
 (1) النور: 52.
 (2) الكافي ج 2 ص 78.

302
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

13- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كُونُوا دُعَاةً لِلنَّاسِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ لِيَرَوْا مِنْكُمُ الْوَرَعَ وَ الِاجْتِهَادَ وَ الصَّلَاةَ وَ الْخَيْرَ فَإِنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ «1».
إيضاح فإن ذلك داعية أي للمخالفين إلى الدخول في دينكم كما مر و التاء للمبالغة و سيأتي هذا الخبر في باب الصدق بأدنى تفاوت في السند و المتن «2» و فيه الصدق مكان الصلاة.
14- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع قَالَ: كَثِيراً مَا كُنْتُ أَسْمَعُ أَبِي يَقُولُ لَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ لَا يَتَحَدَّثُ الْمُخَدَّرَاتُ بِوَرَعِهِ فِي خُدُورِهِنَّ وَ لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا مَنْ هُوَ فِي قَرْيَةٍ فِيهَا عَشَرَةُ آلَافِ رَجُلٍ فِيهِمْ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَوْرَعُ مِنْهُ «3».
بيان: في القاموس الخدر بالكسر ستر يمد للجارية في ناحية البيت و كل ما واراك من بيت و نحوه و الجمع خدور و أخدار و بالفتح إلزام البنت الخدر كالإخدار و التخدير و هي مخدور و مخدرة و مخدرة انتهى «4» و المعنى اشتهر ورعه بحيث تتحدث النساء المستورات غير البارزات بورعه في بيوتهن و قيل إنه يدل على أن إظهار الصلاح ليشتهر أمر مطلوب و لكن بشرط أن لا يكون لقصد الرياء و السمعة بل لغرض صحيح مثل الاقتداء به و التحفظ من نسبة الفسق إليه و نحوها و فيه نظر.
15- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قُلْتُ لَهُ مَنِ الْوَرِعُ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ الَّذِي يَتَوَرَّعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ يَتَجَنَّبُ هَؤُلَاءِ وَ إِذَا لَمْ يَتَّقِ الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ وَ هُوَ لَا يَعْرِفُهُ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 78.
 (2) الكافي ج 2 ص 105.
 (3) الكافي ج 2 ص 79.
 (4) القاموس: ج 2 ص 18.

303
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

وَ إِذَا رَأَى الْمُنْكَرَ وَ لَمْ يُنْكِرْهُ وَ هُوَ يَقْوَى عَلَيْهِ فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللَّهُ فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْعَدَاوَةِ وَ مَنْ أَحَبَّ بَقَاءَ الظَّالِمِينَ فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَمِدَ نَفْسَهُ عَلَى هَلَاكِ الظَّلَمَةِ فَقَالَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «1».
فس، تفسير القمي أبي عن الأصبهاني الحديث «2».
16- مع، معاني الأخبار فِي خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ يَا بَا ذَرٍّ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ «3».
17- لي «4»، الأمالي للصدوق مع، معاني الأخبار سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ التَّسْلِيمُ وَ الْوَرَعُ «5».
18- ل، الخصال أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَضْلُ الْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ وَ أَفْضَلُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ «6».
19- ل، الخصال أَبِي عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ رُشَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَّامٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ مَا الَّذِي يُثْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْعَبْدِ قَالَ الَّذِي يُثْبِتُهُ فِيهِ الْوَرَعُ وَ الَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْهُ الطَّمَعُ «7».
20- ل، الخصال الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي مَنِيعٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ‏
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 252، و الآية في الانعام: 44.
 (2) تفسير القمّيّ ص 188.
 (3) معاني الأخبار ص 335.
 (4) أمالي الصدوق ص 238.
 (5) معاني الأخبار ص 199.
 (6) الخصال ج 1 ص 6.
 (7) الخصال ج 1 ص 8.

304
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي خَالِدٍ الْأَزْرَقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ أَظُنُّهُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْفِقْهُ وَ أَفْضَلُ الدِّينِ الْوَرَعُ «1».
21- ل، الخصال فِيمَا أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلِيّاً ع يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَقُمْ لَهُ عَمَلٌ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خُلُقٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ وَ حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ «2».
سن، المحاسن أبي عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عن آبائه ع عنه ص مثله «3».
22- ل، الخصال قَالَ النَّبِيُّ ص كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ أَوْرَعَ النَّاسِ.
23- لي، الأمالي للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ: سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَا ثَبَاتُ الْإِيمَانِ فَقَالَ الْوَرَعُ فَقِيلَ لَهُ مَا زَوَالُهُ قَالَ الطَّمَعُ «4».
24- لي، الأمالي للصدوق فِي خُطْبَةِ الْوَسِيلَةَ لَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ «5».
25- ل، الخصال مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ الشُّبْهَةِ أَعْبَدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ الْفَرَائِضَ أَزْهَدُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْحَرَامَ أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 17.
 (2) الخصال ج 1 ص 62.
 (3) المحاسن ص 6.
 (4) أمالي الصدوق ص 174.
 (5) أمالي الصدوق ص 193.

305
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

الذُّنُوبَ «1».
26- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ الْحَمَّامِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: صَعِدَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْكُوفَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى وَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ حَلَالُهُ وَ حَرَامُهُ وَ الْمُشْتَبِهَاتُ بَيْنَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَنَّ رَاعِياً رَعَى إِلَى جَانِبِ الْحِمَى لَمْ تَلْبَثْ غَنَمُهُ أَنْ تَقَعَ فِي وَسَطِهِ فَدَعُوا الْمُشْتَبِهَاتِ «2».
27- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: أَمَ وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى دِينِ اللَّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ فَأَعِينُونَا عَلَى ذَلِكَ بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ وَ الْعِبَادَةِ عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ «3».
28- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ حَيْدَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْكَشِّيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ عِفَّةِ الْبَطْنِ وَ الْفَرْجِ تَكُونُوا مَعَنَا فِي الرَّفِيعِ الْأَعْلَى «4».
29- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْفَحَّامُ عَنِ الْمَنْصُورِيِّ عَنْ عَمِّ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ فَإِنَّهُ الدِّينُ الَّذِي نُلَازِمُهُ وَ نَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَ نُرِيدُهُ مِمَّنْ يُوَالِينَا لَا تُتْعِبُونَا بِالشَّفَاعَةِ «5».
30- ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ «6» قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ أَحَبَّنَا فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِنَا
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 11.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 390.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 31.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 226.
 (5) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 287.
 (6) الخصال ج 2 ص 155.

306
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

وَ لْيَسْتَعِنْ بِالْوَرَعِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.
31- ل، الخصال عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ الْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ «1».
32- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُؤْمِنٍ الْوَرَعَ وَ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا رَجَوْتُ لَهُ الْجَنَّةَ «2».
33- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ الْوَصَّافِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ فِيمَا نَاجَى اللَّهُ بِهِ مُوسَى ع 22 أَنْ يَا مُوسَى أَبْلِغْ قَوْمَكَ أَنَّهُ مَا تَعَبَّدَ لِيَ الْمُتَعَبِّدُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِي قَالَ مُوسَى فَمَا ذَا أَثَبْتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ إِنِّي أُفَتِّشُ النَّاسَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَ لَا أُفَتِّشُهُمْ حَيَاءً مِنْهُمْ «3».
أقول: تمامه في باب الزهد.
34- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا تَفَقُّهَ فِيهِ وَ لَا خَيْرَ فِي دُنْيَا لَا تَدْبِيرَ فِيهَا وَ لَا خَيْرَ فِي نُسُكٍ لَا وَرَعَ فِيهِ «4».
35- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع أَغْلِقْ أَبْوَابَ جَوَارِحِكَ عَمَّا يَرْجِعُ ضَرَرُهُ إِلَى قَلْبِكَ وَ يَذْهَبُ بِوَجَاهَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ تُعْقِبُ الْحَسْرَةَ وَ النَّدَامَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ الْحَيَاءَ عَمَّا اجْتَرَحْتَ مِنَ السَّيِّئَاتِ وَ الْمُتَوَرِّعُ يَحْتَاجُ إِلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ الصَّفْحِ عَنْ عَثَرَاتِ الْخَلْقِ أَجْمَعَ وَ تَرْكِ خَوْضِهِ «5» فِيهِمْ وَ اسْتِوَاءِ الْمَدْحِ وَ الذَّمِّ وَ أَصْلُ الْوَرَعِ دَوَامُ الْمُحَاسَبَةِ وَ صِدْقُ الْمُقَاوَلَةِ وَ صَفَاءُ الْمُعَامَلَةِ وَ الْخُرُوجُ مِنْ كُلِّ شُبْهَةٍ وَ رَفْضُ كُلِّ عَيْبَةٍ وَ رِيبَةٍ وَ مُفَارَقَةُ جَمِيعِ مَا لَا يَعْنِيهِ وَ تَرْكُ فَتْحِ أَبْوَابٍ لَا يَدْرِي كَيْفَ يُغْلِقُهَا وَ لَا يُجَالِسُ مَنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْوَاضِحُ وَ لَا يُصَاحِبُ مُسْتَخِفِّي‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 11.
 (2) ثواب الأعمال ص 121 و يأتي تمامه في ص 314.
 (3) ثواب الأعمال ص 156.
 (4) المحاسن ص 5.
 (5) خطيئته خ ل كما في المصدر.

307
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

الدِّينِ وَ لَا يُعَارِضَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يَحْتَمِلُ قَلْبُهُ وَ لَا يَتَفَهَّمُهُ مِنْ قَائِلٍ وَ يَقْطَعَ مَنْ يَقْطَعُهُ عَنِ اللَّهِ «1».
36- سر، السرائر مِنْ كِتَابِ حَرِيزٍ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ لِي يَا فُضَيْلُ أَبْلِغْ مَنْ لَقِيتَ مِنْ مَوَالِينَا عَنَّا السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُمْ إِنِّي لَا أُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِلَّا بِالْوَرَعِ فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ.
37- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الضَّرِيرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمَكِّيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: الْوَرَعُ نِظَامُ الْعِبَادَةِ فَإِذَا انْقَطَعَ الْوَرَعُ ذَهَبَتِ الدِّيَانَةُ كَمَا أَنَّهُ إِذَا انْقَطَعَ السِّلْكُ اتَّبَعَهُ النِّظَامُ «2».
38 مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَ صُونُوا دِينَكُمْ بِالْوَرَعِ.
وَ عَنْهُ ع قَالَ: لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ فِيهِ.
- وَ عَنْهُ ع قَالَ: لَنْ أُجْدِي أَحد [أَبَداً] عَنْ أَحَدٍ شَيْئاً إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ لَنْ تَنَالُوا مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِالْوَرَعِ «3».
- وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا ابْنَ آدَمَ اجْتَنِبْ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ.
- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع مَنِ الْأَوْرَعُ مِنَ النَّاسِ قَالَ الَّذِي يَتَوَرَّعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ.
- وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الِاجْتِهَادِ فِي دِينِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْكَ اجْتِهَادٌ لَيْسَ مَعَهُ وَرَعٌ.
- وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: فِيمَا نَاجَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِهِ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1) مصباح الشريعة ص 23.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 314.
 (3) مشكاة الأنوار ص 44 و معنى لن أجدى أي ما أغنى أبدا.

308
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 57 الورع و اجتناب الشبهات ص 296

عَلَيْهِ يَا مُوسَى مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِي فَإِنِّي أَمْنَحُهُمْ جَنَّاتِ عَدْنِي لَا أُشْرِكُ مَعَهُمْ أَحَداً «1».
وَ مِنْهُ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ صِفَاتِ الشِّيعَةِ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كُونُوا دُعَاةَ النَّاسِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ لِيَرَوْا مِنْكُمُ الِاجْتِهَادَ وَ الصِّدْقَ وَ الْوَرَعَ.
- وَ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ لِأُوَدِّعَهُ فَقَالَ أَبْلِغْ مَوَالِيَنَا السَّلَامَ عَنَّا وَ أَوْصِهِمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَظِيمِ وَ أَعْلِمْهُمْ يَا خَيْثَمَةُ أَنَّا لَا نُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِلَّا بِعَمَلٍ وَ لَنْ يَنَالُوا وَلَايَتَنَا إِلَّا بِوَرَعٍ وَ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلًا ثُمَّ خَالَفَهُ إِلَى غَيْرِهِ «2».
باب 58 الزهد و درجاته‏
الآيات آل عمران لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا ما أَصابَكُمْ «3» طه وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏ «4» الحديد ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ «5».
1- مع «6»، معاني الأخبار لي، الأمالي للصدوق فِي خَبَرِ الشَّيْخِ الشَّامِيِّ سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع أَيُّ النَّاسِ‏
__________________________________________________
 (1) مشكاة الأنوار ص 45.
 (2) مشكاة الأنوار ص 46.
 (3) آل عمران: 153.
 (4) طه: 131.
 (5) الحديد: 22 و 23.
 (6) معاني الأخبار ص 199.

309
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَى وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا «1».
كتاب الغايات، مرسلا مثله.
2- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قِيلَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع مَا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قَالَ تَنَكُّبُ حَرَامِهَا «2».
3- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ الْأَحْمَسِيِّ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قَصْرُ الْأَمَلِ وَ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ الْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ «3».
4- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْجَهْمِ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ السَّكُونِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَيْسَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا بِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَ لَا بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ بَلِ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا تَكُونَ بِمَا فِي يَدِكَ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «4».
5- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنِ الزُّهْدِ فَقَالَ الزُّهْدُ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ وَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الزُّهْدِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الْوَرَعِ وَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْوَرَعِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الْيَقِينِ وَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْيَقِينِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الرِّضَا أَلَا وَ إِنَّ الزُّهْدَ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «5».
دعوات الراوندي، عن علي بن الحسين ع مثله.
6- مع «6»، معاني الأخبار ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام لي، الأمالي للصدوق الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيِّ عَنِ الْحَسَنِ

__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 237.
 (2) معاني الأخبار ص 251.
 (3) معاني الأخبار ص 251.
 (4) معاني الأخبار ص 251.
 (5) معاني الأخبار ص 252.
 (6) معاني الأخبار ص 287.

310
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

بْنِ عَلِيِّ بْنِ النَّاصِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا قَالَ الَّذِي يَتْرُكُ حَلَالَهَا مَخَافَةَ حِسَابِهِ وَ يَتْرُكُ حَرَامَهَا مَخَافَةَ عَذَابِهِ «1».
7- لي، الأمالي للصدوق قَدْ مَضَى فِي بَابِ الْيَقِينِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ صَلَاحَ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالزُّهْدِ وَ الْيَقِينِ وَ هَلَاكَ آخِرِهَا بِالشُّحِّ وَ الْأَمَلِ «2».
8- فس، تفسير القمي أَبِي عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَدُّ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا فَقَالَ فَقَدْ حَدَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ إِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِاللَّهِ أَخْوَفُهُمْ بِاللَّهِ وَ أَخْوَفَهُمْ لَهُ أَعْلَمُهُمْ بِهِ وَ أَعْلَمَهُمْ بِهِ أَزْهَدُهُمْ فِيهَا «3».
ل، الخصال لي «4»، الأمالي للصدوق أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ إِلَى قَوْلِهِ بِما آتاكُمْ «5».
9- ضه، روضة الواعظين قَالَ النَّبِيُّ ص إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ أُعْطِيَ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُلْقِي الْحِكْمَةَ.
- وَ قَالَ ص الْمُؤْمِنُ بَيْتُهُ قَصَبٌ وَ طَعَامُهُ كِسَرٌ وَ رَأْسُهُ شَعِثٌ وَ ثِيَابُهُ خَلَقٌ وَ قَلْبُهُ خَاشِعٌ وَ لَا يَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئاً.
10- فس، تفسير القمي أَبِي عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع مَا الزُّهْدُ قَالَ الزُّهْدُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ فَأَعْلَى دَرَجَاتِ الزُّهْدِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الرِّضَا أَلَا وَ إِنَّ الزُّهْدَ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «6».
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 215، عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 52.
 (2) أمالي الصدوق ص 137 راجع ص 173 فيما سبق.
 (3) تفسير القمّيّ ص 493 و تراه في الكافي ج 2 ص 128.
 (4) في الأمالي: محمّد بن موسى المتوكل عن سعد إلخ.
 (5) أمالي الصدوق ص 367.
 (6) تفسير القمّيّ 587 و الآية في الحديد: 23.

311
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

أقول: قد مضى في باب الورع‏
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَزْهَدُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْحَرَامَ «1».
11- ل، الخصال ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ النَّوْفَلِيِّينَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ رَفَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: كُونُوا عَلَى قَبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ عِنَايَةً مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قَصْرُ الْأَمَلِ وَ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ الْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ أَسْخَطَ بَدَنَهُ أَرْضَى رَبَّهُ وَ مَنْ لَمْ يُسْخِطْ بَدَنَهُ عَصَى رَبَّهُ «2».
12- ل، الخصال مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُدَ الْيَعْقُوبِيِّ عَنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ص يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئاً إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَحَبَّنِيَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَحَبَّنِيَ النَّاسُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ ارْغَبْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبَّكَ اللَّهُ وَ ازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ «3».
13- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ نَوْفٍ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: يَا نَوْفُ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ أُولَئِكَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِيباً وَ الْقُرْآنَ دِثَاراً وَ الدُّعَاءَ شِعَاراً وَ قُرِّضُوا مِنَ الدُّنْيَا تَقْرِيضاً عَلَى مِنْهَاجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع الْخَبَرَ «4».
14- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ: سَأَلَ النَّبِيُّ ص جَبْرَئِيلَ ع عَنْ تَفْسِيرِ الزُّهْدِ قَالَ الزَّاهِدُ يُحِبُّ مَنْ يُحِبُّ خَالِقُهُ وَ يُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُ خَالِقُهُ وَ يَتَحَرَّجُ مِنْ حَلَالِ الدُّنْيَا وَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى حَرَامِهَا فَإِنَّ حَلَالَهَا حِسَابٌ وَ حَرَامَهَا عِقَابٌ وَ يَرْحَمُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَرْحَمُ نَفْسَهُ وَ يَتَحَرَّجُ مِنَ‏
__________________________________________________
 (1) راجع الباب 57 تحت الرقم 25 ص 305.
 (2) الخصال ج 1 ص 11.
 (3) الخصال ج 1 ص 32.
 (4) الخصال ج 1 ص 164.

312
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

الْكَلَامِ كَمَا يَتَحَرَّجُ مِنَ الْمَيْتَةِ الَّتِي قَدِ اشْتَدَّ نَتْنُهَا وَ يَتَحَرَّجُ عَنْ حُطَامِ الدُّنْيَا وَ زِينَتِهَا كَمَا يَتَجَنَّبُ النَّارَ أَنْ يَغْشَاهَا وَ أَنْ يُقَصِّرَ أَمَلَهُ كَأَنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَجَلَهُ «1».
15- ل «2»، الخصال لي، الأمالي للصدوق مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَسَدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاهِبِيِّ وَ أَحْمَدَ بْنِ عُمَيْرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَانِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَصْبَحَ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ آمِناً فِي سَرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا خِيرَتْ لَهُ الدُّنْيَا يَا ابْنَ خَثْعَمٍ يَكْفِيكَ مِنْهَا مَا سَدَّ جُوعَكَ وَ وَارَى عَوْرَتَكَ فَإِنْ يَكُنْ بَيْتٌ يُكِنُّكَ فَذَاكَ وَ إِنْ تَكُنْ دَابَّةٌ تَرْكَبُهَا فَبَخٍ بَخٍ وَ إِلَّا فَالْخُبْزُ وَ مَاءُ الْجَرِّ وَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ حِسَابٌ عَلَيْكَ أَوْ عَذَابٌ «3».
16- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ سَيْفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ لَمْ يَسْتَحْيِ مِنْ طَلَبِ الْمَعَاشِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ رَخِيَ بَالُهُ وَ نُعِّمَ عِيَالُهُ وَ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ «4».
17- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ الْوَصَّافِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ فِيمَا نَاجَى اللَّهُ بِهِ مُوسَى ع عَلَى الطُّورِ أَنْ يَا مُوسَى أَبْلِغْ قَوْمَكَ أَنَّهُ مَا يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَتِي وَ مَا تَعَبَّدَ لِيَ الْمُتَعَبِّدُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِي وَ لَا تَزَيَّنَ لِيَ الْمُتَزَيِّنُونَ بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا عَمَّا بِهِمُ الْغِنَى عَنْهُ قَالَ فَقَالَ مُوسَى ع يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ فَمَا ذَا أَثَبْتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ‏
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 261.
 (2) الخصال ج 1 ص 77.
 (3) أمالي الصدوق ص 232.
 (4) ثواب الأعمال ص 151.

313
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

يَا مُوسَى أَمَّا الْمُتَقَرِّبُونَ إِلَيَّ بِالْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَتِي فَهُمْ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى لَا يَشْرَكُهُمْ فِيهِ أَحَدٌ وَ أَمَّا الْمُتَعَبِّدُونَ لِي بِالْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِي فَإِنِّي أُفَتِّشُ النَّاسَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَ لَا أُفَتِّشُهُمْ حَيَاءً مِنْهُمْ وَ أَمَّا الْمُتَقَرِّبُونَ إِلَيَّ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا فَإِنِّي أُبِيحُهُمُ الْجَنَّةَ بِحَذَافِيرِهَا يَتَبَوَّءُونَ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُونَ «1».
18- سن، المحاسن أَبِي رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِرَجُلٍ أَحْكَمَ أَهْلُ الْآخِرَةِ أَمْرَ آخِرَتِهِمْ كَمَا أَحْكَمَ أَهْلُ الدُّنْيَا أَمْرَ دُنْيَاهُمْ فَإِنَّمَا جُعِلَتِ الدُّنْيَا شَاهِداً يُعْرَفُ بِهَا مَا غَابَ عَنْهَا مِنَ الْآخِرَةِ فَاعْرِفِ الْآخِرَةَ بِهَا وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى الدُّنْيَا إِلَّا بِاعْتِبَارٍ «2».
19- ضا، فقه الرضا عليه السلام أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا وَ كُونُوا مِنَ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّ الزَّاهِدِينَ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ التُّرَابَ فِرَاشاً وَ الْمَاءَ طِيباً وَ قَرَّضُوا الدُّنْيَا تَقْرِيضاً أَلَا مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ مَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمَصَائِبُ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَ أَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ وَ حَوَائِجُهُمْ خَفِيفَةٌ صَبَرُوا أَيَّاماً فَصَارَتْ لَهُمُ الْعُقْبَى رَاحَةً طَوِيلَةً أَمَّا آنَاءَ اللَّيْلِ فَصَافُّوا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَ آنَاءَ النَّهَارِ فَخَلَصُوا مَخْلَصاً وَ هُمْ عَابِدُونَ يَسْعَوْنَ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَقُولُ مَرْضَى.
- وَ رُوِيَ عَنِ الْمَسِيحِ ع أَنَّهُ قَالَ لِلْحَوَارِيِّينَ أَكْلِي مَا أَنْبَتَتْهُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ وَ شُرْبِي مَاءُ الْفُرَاتِ بِكَفِّي وَ سِرَاجِيَ الْقَمَرُ وَ فِرَاشِيَ التُّرَابُ وَ وِسَادَتِيَ الْمَدَرُ وَ لُبْسِيَ الشَّعْرُ لَيْسَ لِي وَلَدٌ يَمُوتُ وَ لَا لِيَ امْرَأَةٌ تَحْزَنُ وَ لَا بَيْتٌ يَخْرَبُ وَ لَا مَالٌ يَتْلَفُ فَأَنَا أَغْنَى وُلِدِ آدَمَ.
- وَ أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ كانَ تَحْتَهُ‏

__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال ص 156.
 (2) المحاسن ص 299 و فيه أحكم أمر الآخرة كما إلخ.

314
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

كَنْزٌ لَهُما «1» فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا كَانَ ذَهَباً وَ لَا فِضَّةً وَ لَكِنَّهُ كَانَ لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا مَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ لَمْ يَضْحَكْ سِنُّهُ وَ مَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ لَمْ يَفْرَحْ قَلْبُهُ وَ مَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا قَدَرَ عَلَيْهِ.
- وَ أَرْوِي مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ إِذَا رَغِبَ وَ إِذَا رَهِبَ وَ إِذَا اشْتَهَى وَ إِذَا غَضِبَ حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ وَ سَأَلْتُ الْعَالِمَ ع عَنْ أَزْهَدِ النَّاسِ قَالَ الَّذِي لَا يَطْلُبُ الْمَعْدُومَ حَتَّى يَنْفَدَ الْمَوْجُودُ.
20- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع الزُّهْدُ مِفْتَاحُ بَابِ الْآخِرَةِ وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ النَّارِ وَ هُوَ تَرْكُكَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ يَشْغَلُكَ عَنِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ تَأَسُّفٍ عَلَى فَوْتِهَا وَ لَا إِعْجَابٍ فِي تَرْكِهَا وَ لَا انْتِظَارِ فَرَجٍ مِنْهَا وَ لَا طَلَبِ مَحْمَدَةٍ عَلَيْهَا وَ لَا عِوَضٍ مِنْهَا بَلْ تَرَى فَوْتَهَا رَاحَةً وَ كَوْنَهَا آفَةً وَ تَكُونُ أَبَداً هَارِباً مِنَ الْآفَةِ مُعْتَصِماً بِالرَّاحَةِ وَ الزَّاهِدُ الَّذِي يَخْتَارُ الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَ الذُّلَّ عَلَى الْعِزِّ وَ الْجَهْدَ عَلَى الرَّاحَةِ وَ الْجُوعَ عَلَى الشِّبَعِ وَ عَاقِبَةَ الْآجِلِ عَلَى مَحَبَّةِ الْعَاجِلِ وَ الذِّكْرَ عَلَى الْغَفْلَةِ وَ يَكُونُ نَفْسُهُ فِي الدُّنْيَا وَ قَلْبُهُ فِي الْآخِرَةِ.
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ أَ لَا تَرَى كَيْفَ أَحَبَّ مَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَ أَيُّ خَطَإٍ أَشَدُّ جُرْماً مِنْ هَذَا.
- وَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَيْتِ ع لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا لُقْمَةً فِي فَمِ طِفْلٍ لَرَجَمْنَاهُ فَكَيْفَ حَالُ مَنْ نَبَذَ حُدُودَ اللَّهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فِي طَلَبِهَا وَ الْحِرْصِ عَلَيْهَا وَ الدُّنْيَا دَارٌ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى سَاكِنِهَا لَرَحِمَتْكَ وَ أَحْسَنَتْ وَدَاعَكَ.
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الدُّنْيَا أَمَرَهَا بِطَاعَتِهِ فَأَطَاعَتْ رَبَّهَا فَقَالَ لَهَا خَالِفِي مَنْ طَلَبَكِ وَ وَافِقِي مَنْ خَالَفَكِ فَهِيَ عَلَى مَا عَهِدَ إِلَيْهَا اللَّهُ وَ طَبَعَهَا عَلَيْهِ «2».
__________________________________________________
 (1) الكهف: 82.
 (2) مصباح الشريعة ص 22 و 23.

315
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

21- شي، تفسير العياشي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع بِمِدْرَعَةِ صُوفٍ مِنْ غَزْلِ مَرْيَمَ وَ مِنْ نَسْجِ مَرْيَمَ وَ مِنْ خِيَاطَةِ مَرْيَمَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى السَّمَاءِ نُودِيَ يَا عِيسَى أَلْقِ عَنْكَ زِينَةَ الدُّنْيَا «1».
22- جا، المجالس للمفيد الْمَرَاغِيُّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ هَاشِمٍ الْغَسَّانِيِّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ قَالَ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَرَأَيْتُهُ يُكْثِرُ الِاخْتِلَافَ مِنْ مَنْزِلِهِ وَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ فَدَخَلَ كَبَعْضِ مَا كَانَ يَدْخُلُ قَالَ أَ نَائِمٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ فَقُلْتُ بَلْ رَامِقٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِلْتُ أَرْمُقُكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ بِعَيْنِي وَ أَنْظُرُ مَا تَصْنَعُ فَقَالَ يَا نَوْفُ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ قَوْمٌ يَتَّخِذُونَ أَرْضَ اللَّهِ بِسَاطاً وَ تُرَابَهُ وِسَاداً وَ كِتَابَهُ شِعَاراً وَ دُعَاءَهُ دِثَاراً وَ مَاءَهُ طِيباً يَقْرِضُونَ الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ ع إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى عِيسَى ع يَا عِيسَى عَلَيْكَ بِالْمِنْهَاجِ الْأَوَّلِ تَلْحَقْ مَلَاحِقَ الْمُرْسَلِينَ قُلْ لِقَوْمِكَ يَا أَخَا الْمُنْذِرِينَ أَنْ لَا تَدْخُلُوا بَيْتاً مِنْ بُيُوتِي إِلَّا بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ وَ أَيْدٍ نَقِيَّةٍ وَ أَبْصَارٍ خَاشِعَةٍ فَإِنِّي لَا أَسْمَعُ مِنْ دَاعٍ دُعَاءَهُ وَ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِي عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ وَ لَا أَسْتَجِيبُ لَهُ دَعْوَةً وَ لِي قِبَلَهُ حَقٌّ لَمْ يَرُدَّهُ إِلَيَّ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ يَا نَوْفُ أَلَّا تَكُونَ عَرِيفاً وَ لَا شَاعِراً وَ لَا صَاحِبَ كُوبَةٍ وَ لَا صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّ دَاوُدَ ع رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ خَرَجَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَنَظَرَ فِي نَوَاحِي السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ رَبِّ دَاوُدَ إِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ لَسَاعَةٌ مَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْراً إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَرِيفاً أَوْ شَاعِراً أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ «2».
23- ضه، روضة الواعظين قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الزُّهْدُ ثَرْوَةٌ وَ الْوَرَعُ جُنَّةٌ وَ أَفْضَلُ‏
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 175.
 (2) مجالس المفيد ص 85.

316
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ الزُّهْدُ يُخْلِقُ الْأَبْدَانَ وَ يُحَدِّدُ الْآمَالَ وَ يُقَرِّبُ الْمَنِيَّةَ وَ يُبَاعِدُ الْأُمْنِيَّةَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ نَصَبَ وَ مَنْ فَاتَهُ تَعِبَ وَ لَا كَرَمَ كَالتَّقْوَى وَ لَا تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَ لَا وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ وَ لَا زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ الزُّهْدُ كَلِمَةٌ بَيْنَ كَلِمَتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «1» فَمَنْ لَمْ يَأْسَ عَلَى الْمَاضِي وَ لَمْ يَفْرَحْ بِالْآتِي فَقَدْ أَخَذَ الزُّهْدَ بِطَرَفَيْهِ أَيُّهَا النَّاسُ الزَّهَادَةُ قَصْرُ الْأَمَلِ وَ الشُّكْرُ عِنْدَ النِّعَمِ وَ الْوَرَعُ عِنْدَ الْمَحَارِمِ فَإِنْ عَزَبَ ذَلِكَ عَنْكُمْ فَلَا يَغْلِبِ الْحَرَامُ صَبْرَكُمْ وَ لَا تَنْسَوْا عِنْدَ النِّعَمِ شُكْرَكُمْ فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ بِحُجَجٍ مُسْفِرَةٍ ظَاهِرَةٍ وَ كُتُبٍ بَارِزَةِ الْعُذْرِ وَاضِحَةٍ.
24- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر فَضَالَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي كَهْمَشٍ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ يَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَقَالَ مَنِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَكْتُبْ أَجَلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ لْيَزْهَدْ فِي الدُّنْيَا وَ زِينَتِهَا وَ يَحْفَظِ الرَّأْسَ وَ مَا حَوَى وَ الْبَطْنَ وَ مَا وَعَى وَ لَا يَنْسَى الْمَقَابِرَ وَ الْبِلَى.
25- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر النَّضْرُ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ مُيَسِّرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا «2» اسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ ص جَالِساً ثُمَّ قَالَ مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَى الدُّنْيَا وَ مَنْ أَتْبَعَ بَصَرَهُ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ طَالَ هَمُّهُ وَ لَمْ يُشْفَ غَيْظُهُ وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِي مَطْعَمٍ أَوْ مَشْرَبٍ قَصَرَ عِلْمُهُ وَ دَنَا عَذَابُهُ.
26- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنِ السَّكُونِيِّ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: قِيلَ لَهُ مَا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قَالَ حَرَامَهَا فَتَنَكَّبْهُ.
27- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ‏
__________________________________________________
 (1) الحديد: 23.
 (2) طه: 131.

317
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّا لَنُحِبُّ الدُّنْيَا وَ أَنْ لَا نُعْطَاهَا خَيْرٌ لَنَا وَ مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْهَا شَيْئاً إِلَّا نَقَصَ مِنْ حَظِّهِ مِنَ الْآخِرَةِ.
28- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر النَّضْرُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص جَاءَنِي مَلَكٌ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتُ لَكَ بَطْحَاءَ مَكَّةَ رَضْرَاضَ ذَهَبٍ قَالَ فَرَفَعَ النَّبِيُّ ص رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ يَا رَبِّ أَشْبَعُ يَوْماً فَأَحْمَدُكَ وَ أَجُوعُ يَوْماً فَأَسْأَلُكَ.
29- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ يَاسِينَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ أَصْبَحَ وَ الْآخِرَةُ هَمُّهُ اسْتَغْنَى بِغَيْرِ مَالٍ وَ اسْتَأْنَسَ بِغَيْرِ أَهْلٍ وَ عَزَّ بِغَيْرِ عَشِيرَةٍ «1».
30- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّمَا ابْنُ آدَمَ لِيَوْمِهِ فَمَنْ أَصْبَحَ آمِناً فِي سَرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا خِيرَتْ لَهُ الدُّنْيَا «2».
31- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَطُّ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا أَكَلَهُ قَطُّ قُلْتُ فَأَيُّ شَيْ‏ءٍ كَانَ يَأْكُلُ قَالَ كَانَ طَعَامُ رَسُولِ اللَّهِ ص الشَّعِيرَ إِذَا وَجَدَهُ وَ حَلْوَاهُ التَّمْرَ وَ وَقُودُهُ السَّعَفَ «3».
32- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي كَهْمَشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 192.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 201.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 276.

318
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَوْصِنِي فَقَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ فِيهِ وَ انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَكَثِيراً مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِرَسُولِهِ ص فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ «1» وَ قَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا «2» فَإِنْ نَازَعَتْكَ نَفْسُكَ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ قُوتُهُ الشَّعِيرَ وَ حَلْوَاهُ التَّمْرَ وَ وَقُودُهُ السَّعَفَ وَ إِذَا أُصِبْتَ بِمُصِيبَةٍ فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِهِ أَبَداً «3».
33 الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ، سُئِلَ الرِّضَا ع عَنْ صِفَةِ الزَّاهِدِ فَقَالَ مُتَبَلِّغٌ بِدُونِ قُوتِهِ مُسْتَعِدٌّ لِيَوْمِ مَوْتِهِ مُتَبَرِّمٌ بِحَيَاتِهِ.
34- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ.
- وَ قَالَ ع ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُبَصِّرْكَ اللَّهُ عَوْرَاتِهَا وَ لَا تَغْفُلْ فَلَسْتَ بِمَغْفُولٍ عَنْكَ.
35- نهج، نهج البلاغة عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع ذَاتَ لَيْلَةٍ وَ قَدْ خَرَجَ مِنْ فِرَاشِهِ فَنَظَرَ إِلَى النُّجُومِ فَقَالَ يَا نَوْفُ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ فَقُلْتُ بَلْ رَامِقٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ يَا نَوْفُ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِيباً وَ الْقُرْآنَ شِعَاراً وَ الدُّعَاءَ دِثَاراً ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ ع يَا نَوْفُ إِنَّ دَاوُدَ ع قَامَ فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ إِنَّهَا سَاعَةٌ لَا يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ رَبَّهُ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً أَوْ عَرِيفاً أَوْ شُرْطِيّاً أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَ هِيَ الطُّنْبُورُ أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ وَ هِيَ الطَّبْلُ وَ قَدْ قِيلَ أَيْضاً إِنَ‏
__________________________________________________
 (1) براءة: 85.
 (2) طه: 131.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 294.

319
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

الْعَرْطَبَةَ الطَّبْلُ وَ الْكُوبَةَ الطُّنْبُورُ «1».
- وَ قَالَ ع الزُّهْدُ كَلِمَةٌ بَيْنَ كَلِمَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «2» فلم [فَمَنْ‏] لَمْ يَأْسَ عَلَى الْمَاضِي وَ لَمْ يَفْرَحْ بِالْآتِي فَقَدْ أَخَذَ الزُّهْدَ بِطَرَفَيْهِ «3».
- وَ قَالَ ع أَيُّهَا النَّاسُ الزَّهَادَةُ قَصْرُ الْأَمَلِ وَ الشُّكْرُ عِنْدَ النِّعَمِ وَ الْوَرَعُ عِنْدَ الْمَحَارِمِ فَإِنْ عَزَبَ عَنْكُمْ ذَلِكَ فَلَا يَغْلِبِ الْحَرَامُ صَبْرَكُمْ وَ لَا تَنْسَوْا عِنْدَ النِّعَمِ شُكْرَكُمْ فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ بِحُجَجٍ سَافِرَةٍ ظَاهِرَةٍ وَ كُتُبٍ بَارِزَةِ الْعُذْرِ وَاضِحَةٍ «4».
- 36- مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع فِي صِفَةِ الزُّهَّادِ كَانُوا قَوْماً مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا فَكَانُوا فِيهَا كَمَنْ لَيْسَ مِنْهَا عَمِلُوا فِيهَا بِمَا يُبْصِرُونَ وَ بَادَرُوا فِيهَا مَا يَحْذَرُونَ تَقَلَّبُ أَبْدَانُهُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِ الْآخِرَةِ يَرَوْنَ أَهْلَ الدُّنْيَا يُعَظِّمُونَ مَوْتَ أَجْسَادِهِمْ وَ هُمْ أَشَدُّ إِعْظَاماً لِمَوْتِ قُلُوبِ أَحِبَّائِهِمْ.
- 37- وَ مِنْ كِتَابٍ كَتَبَهُ إِلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَا ابْنَ حُنَيْفٍ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إِلَى مَأْدُبَةٍ فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا تُسْتَطَابُ لَكَ الْأَلْوَانُ وَ تُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلَى طَعَامِ قَوْمٍ عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ وَ غَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُهُ مِنْ هَذَا الْمَقْضَمِ فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ وَ مَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً يَقْتَدِي بِهِ وَ يَسْتَضِي‏ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ أَلَا وَ إِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ وَ مِنْ طَعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ أَلَا وَ إِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَ لَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ فَوَ اللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً وَ لَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً وَ لَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً إِلَى قَوْلِهِ ع وَ لَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ وَ لُبَابِ‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 2 ص 165.
 (2) الحديد: 23.
 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 248.
 (4) نهج البلاغة ج 1 ص 141.

320
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

هَذَا الْقَمْحِ وَ نَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ وَ لَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ وَ يَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الْأَطْعِمَةِ وَ لَعَلَّ بالْحِجَازِ أَوْ بِالْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَ لَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَنْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَ حَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَ أَكْبَادٌ حَرَّى فَأَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ‏
  وَ حَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ             وَ حَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ
 إِلَى آخِرِ مَا مَرَّ مَشْرُوحاً فِي كِتَابِ الْفِتَنِ «1».
38 عُدَّةُ الدَّاعِي، رُوِيَ أَنَّ نُوحاً ع عَاشَ أَلْفَيْ عَامٍ وَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ وَ مَضَى مِنَ الدُّنْيَا وَ لَمْ يَبْنِ فِيهَا بَيْتاً وَ كَانَ إِذَا أَصْبَحَ يَقُولُ لَا أُمْسِي وَ إِذَا أَمْسَى يَقُولُ لَا أُصْبِحُ وَ كَذَلِكَ نَبِيُّنَا ص خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَ لَمْ يَضَعْ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَ أَمَّا إِبْرَاهِيمُ ع فَكَانَ لِبَاسُهُ الصُّوفَ وَ أَكْلُهُ الشَّعِيرَ وَ أَمَّا يَحْيَى ع فَكَانَ لِبَاسُهُ اللِّيفَ وَ أَكْلُهُ وَرَقَ الشَّجَرِ وَ أَمَّا سُلَيْمَانُ ع فَقَدْ كَانَ مَعَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ يَلْبَسُ الشَّعْرَ وَ إِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ شَدَّ يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ فَلَا يَزَالُ قَائِماً حَتَّى يُصْبِحَ بَاكِياً وَ كَانَ قُوتُهُ مِنْ سَفَائِفِ الْخُوصِ يَعْمَلُهَا بِيَدِهِ.
- وَ رُوِيَ أَنَّ نَبِيَّنَا ص أَصَابَهُ يَوْماً الْجُوعُ فَوَضَعَ صَخْرَةً عَلَى بَطْنِهِ ثُمَّ قَالَ أَلَا رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَ هُوَ لَهَا مُهِينٌ أَلَا رُبَّ نَفْسٍ كَاسِيَةٍ نَاعِمَةٍ فِي الدُّنْيَا جَائِعَةٌ عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا رُبَّ مُتَخَوِّضٍ مُتَنَعِّمٍ فِي ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ أَلَا إِنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَزْنَةٌ بِرَبْوَةٍ أَلَا إِنَّ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ كَلِمَةٌ سَهْلَاءُ بِشَهْوَةٍ أَلَا رُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْناً طَوِيلًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
- وَ قَالَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع بَعْدَ مَا بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ وَ هُوَ جَالِسٌ عَلَى حَصِيرٍ صَغِيرٍ وَ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِيَدِكَ بَيْتُ الْمَالِ وَ لَسْتُ أَرَى فِي بَيْتِكَ شَيْئاً مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْبَيْتُ فَقَالَ ع يَا ابْنَ‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 2 ص 72.

321
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 58 الزهد و درجاته ص 309

غَفَلَةَ إِنَّ اللَّبِيبَ لَا يَتَأَثَّثُ «1» فِي دَارِ النُّقْلَةِ وَ لَنَا دَارُ أَمْنٍ قَدْ نَقَلْنَا إِلَيْهَا خَيْرَ مَتَاعِنَا وَ إِنَّا عَنْ قَلِيلٍ إِلَيْهَا صَائِرُونَ وَ كَانَ ع إِذَا أَرَادَ أَنْ يَكْتَسِيَ دَخَلَ السُّوقَ فَيَشْتَرِي الثَّوْبَيْنِ فَيُخَيِّرُ قَنْبَراً أَجْوَدَهُمَا وَ يَلْبَسُ الْآخَرَ ثُمَّ يَأْتِي النَّجَّارَ فَيَمُدُّ لَهُ إِحْدَى كُمَّيْهِ وَ يَقُولُ خُذْهُ بِقَدُّومِكَ وَ يَقُولُ هَذِهِ تُخْرَجُ فِي مَصْلَحَةٍ أُخْرَى وَ يُبْقِي الْكُمَّ الْأُخْرَى بِحَالِهَا وَ يَقُولُ هَذِهِ تَأْخُذُ فِيهَا مِنَ السُّوقِ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع «2».
- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا تَعَبَّدُوا لِلَّهِ بِشَيْ‏ءٍ مِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا.
وَ قَالَ عِيسَى ع لِلْحَوَارِيِّينَ ارْضَوْا بِدَنِيِّ الدُّنْيَا مَعَ سَلَامَةِ دِينِكُمْ كَمَا رَضِيَ أَهْلُ الدُّنْيَا بِدَنِيِّ الدِّينِ مَعَ سَلَامَةِ دُنْيَاهُمْ وَ تَحَبَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِالْبُعْدِ مِنْهُمْ وَ أَرْضُوا اللَّهَ فِي سَخَطِهِمْ فَقَالُوا فَمَنْ نُجَالِسُ يَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ مَنْ يُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ وَ يَزِيدُ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ وَ يُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ «3».
__________________________________________________
 (1) يعني لا يتخذ أثاثا للبيت يقال: تأثث فلان، أصاب خيرا و في الصحاح: أصاب رياشا و في المفردات: أصاب أثاثا، و الأثاث متاع البيت بلا واحد و قيل هو ما يتخذ للاستعمال و المتاع لا للتجارة.
 (2) يعني أنّه عليه السلام كان يخيط من احدى كميه كيسا ليشترى فيه من السوق.
 (3) عدّة الداعي ص 87.

322
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى‏
الآيات البقرة وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ «1» و قال تعالى وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ «2» و قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ «3» آل عمران وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ «4» و قال وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «5» و قال سبحانه يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ «6» و قال سبحانه إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «7» النساء وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ «8» المائدة قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ «9» و قال تعالى حاكيا عن ابن آدم ع إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ «10»
__________________________________________________
 (1) البقرة: 40- 41.
 (2) البقرة: 40- 41.
 (3) البقرة: 218.
 (4) آل عمران: 28 و 29.
 (5) آل عمران: 28 و 29.
 (6) آل عمران: 154.
 (7) آل عمران: 175.
 (8) النساء: 104.
 (9) المائدة: 23.
 (10) المائدة: 28.

323
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

و قال تعالى أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ «1» و قال تعالى فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ «2» و قال وَ نَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ «3» و قال سبحانه اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما تَكْتُمُونَ «4» الأنعام قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَ ذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ «5» و قال وَ أَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى‏ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «6» و قال حاكيا عن إبراهيم ع وَ كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «7» الأعراف أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرى‏ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَ هُمْ يَلْعَبُونَ أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ أَ وَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ نَطْبَعُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ «8» و قال وَ فِي نُسْخَتِها هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ «9»
__________________________________________________
 (1) المائدة: 40.
 (2) المائدة: 44.
 (3) المائدة: 84.
 (4) المائدة: 99.
 (5) الأنعام: 15 و 16.
 (6) الأنعام: 51.
 (7) الأنعام: 81.
 (8) الأعراف: 97- 99.
 (9) الأعراف: 154.

324
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

و قال تعالى قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ إلى قوله أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1» الأنفال وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «2» التوبة أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «3» و قال تعالى إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى‏ أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ «4» هود وَ كَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى‏ وَ هِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ «5» يوسف أَ فَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ «6» الرعد وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى‏ ظُلْمِهِمْ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ «7» و قال تعالى وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ «8» و قال تعالى أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَ اللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ «9» إبراهيم ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَ خافَ وَعِيدِ «10»
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 156 و 157.
 (2) الأنفال: 25.
 (3) براءة: 13.
 (4) براءة: 18.
 (5) هود: 102 و 103.
 (6) يوسف: 107.
 (7) الرعد: 6.
 (8) الرعد: 21.
 (9) الرعد: 41.
 (10) إبراهيم: 14.

325
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الحجر نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ «1» و قال سبحانه وَ كانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ «2» النحل أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى‏ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «3» و قال تعالى وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ وَ قالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ «4» إسراء عَسى‏ رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَ أَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «5» و قال تعالى رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَ ما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا إلى قوله تعالى وَ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَ يَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً «6» طه إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى‏ «7»
__________________________________________________
 (1) الحجر: 49 و 50.
 (2) الحجر: 82 و 84.
 (3) النحل: 45- 47.
 (4) النحل: 49- 52.
 (5) أسرى: 8- 10.
 (6) أسرى: 54- 57.
 (7) طه: 3.

326
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

و قال تعالى أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى‏ «1» الأنبياء وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ «2» و قال تعالى قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ إلى قوله تعالى أَ فَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ «3» و قال سبحانه وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى‏ وَ هارُونَ الْفُرْقانَ وَ ضِياءً وَ ذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ هُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ «4» و قال تعالى وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ «5» الحج وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ «6» المؤمنون إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إلى قوله تعالى وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى‏ رَبِّهِمْ راجِعُونَ «7» النور يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ «8» و قال تعالى وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اللَّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ «9» الشعراء إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ «10» و قال تعالى وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ «11»
__________________________________________________
 (1) طه: 128.
 (2) الأنبياء: 28.
 (3) الأنبياء: 42- 44.
 (4) الأنبياء: 47- 48.
 (5) الأنبياء: 90، و في نسخة الأصل و هكذا نسخة الكمبانيّ هاهنا تكرار.
 (6) الحجّ: 34.
 (7) المؤمنون: 57- 60.
 (8) النور: 37.
 (9) النور: 52.
 (10) الشعراء: 51.
 (11) الشعراء: 82.

327
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

النمل يا مُوسى‏ لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ «1» القصص يا مُوسى‏ أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ «2» العنكبوت مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «3» و قال تعالى يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَ إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ لِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «4» لقمان يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ «5» الأحزاب لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً «6» و قال تعالى وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ «7» و قال سبحانه الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَ يَخْشَوْنَهُ وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ حَسِيباً «8» فاطر إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ «9» و قال تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «10» يس إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ
__________________________________________________
 (1) النمل: 11- 10.
 (2) القصص: 31.
 (3) العنكبوت: 5.
 (4) العنكبوت: 23.
 (5) لقمان: 33.
 (6) الأحزاب: 21.
 (7) الأحزاب: 37.
 (8) الأحزاب: 39.
 (9) فاطر: 18.
 (10) فاطر: 28.

328
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ «1» ص إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ «2» الزمر أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ «3» و قال تعالى قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إلى قوله تعالى ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ إلى قوله تعالى مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ «4» السجدة إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ «5» حمعسق تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ «6» و قال تعالى وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ «7» الفتح الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً «8» ق مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ و قال تعالى فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ «9» الذاريات وَ تَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ «10» الطور قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَ وَقانا
__________________________________________________
 (1) يس: 11.
 (2) ص: 46.
 (3) الزمر: 9.
 (4) الزمر: 13، 16، 23.
 (5) السجدة: 43.
 (6) الشورى: 5.
 (7) الشورى 17- و 18.
 (8) الفتح: 6.
 (9) ق: 33، 45.
 (10) الذاريات: 37.
                       

329
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

عَذابَ السَّمُومِ «1» الرحمن سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ إلى قوله تعالى وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «2» الحشر لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ «3».
الملك إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ إلى قوله تعالى أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ وَ لَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بَصِيرٌ أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَ نُفُورٍ «4» المعارج وَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ «5» نوح ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً «6» المدثر كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ إلى قوله تعالى هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ «7»
__________________________________________________
 (1) الطور: 26 و 27.
 (2) الرحمن: 31- 36.
 (3) الحشر: 21.
 (4) الملك: 12- 21.
 (5) المعارج: 27 و 28.
 (6) نوح: 13- و 14.
 (7) المدّثّر: 53- 56

330
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الدهر وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً إلى قوله تعالى إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً إلى قوله تعالى نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَ إِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا إلى قوله تعالى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ الظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «1» النازعات وَ أَهْدِيَكَ إِلى‏ رَبِّكَ فَتَخْشى‏ «2» إلى قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى‏ و قال تعالى وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏ «3» الإنفطار عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ «4» البروج إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إلى قوله تعالى وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ «5» الأعلى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‏ وَ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى‏ ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى‏ «6» البينة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ «7» تفسير وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ «8» قيل الرهبة خوف معه تحرز و يدل على أن المؤمن ينبغي أن لا يخاف أحدا إلا الله وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ «9» أي بالإيمان و اتباع‏
__________________________________________________
 (1) الدهر: 7- 10- 11- 28- 31.
 (2) النازعات: 19- 26.
 (3) النازعات: 40- 41.
 (4) الانفطار: 5- 8.
 (5) البروج: 12- 14.
 (6) الأعلى: 10- 13.
 (7) البينة: 8.
 (8) البقرة: 40 و 41.
 (9) البقرة: 40 و 41.

331
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الحق و الإعراض عن الدنيا و قيل الرهبة مقدمة التقوى.
أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ «1» أقول كأن فيه دلالة على أن الرجاء لا يكون إلا مع العمل و بدونه غرة و قيل أثبت لهم الرجاء إشعارا بأن العمل غير موجب و لا قاطع في الدلالة سيما و العبرة بالخواتيم.
وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ «2» قيل هو تهديد عظيم مشعر بتناهي المنهي في القبح و ذكر النفس ليعلم أن المحذر منه عقاب يصدر منه فلا يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة و كرره ثانيا للتوكيد و التذكير وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «3» إشارة إلى أنه تعالى إنما نهاهم و حذرهم رأفة بهم و مراعاة لصلاحهم أو أنه لَذُو مَغْفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ فترجى رحمته و يخشى عذابه.
يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ «4» هذا وصف لحال المنافقين في غزوة أحد قيل أي يظنون بالله غير الظن الحق الذي يحق أن يظن به و ظن الجاهلية بدله و هو الظن المختص بالملة الجاهلية و أهلها أقول و يدل على حرمة سوء الظن بالله و اليأس من رحمته.
إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ «5» يعني من يعوقهم عن العود إلى قتال الكفار بعد غزوة أحد و هو نعيم بن مسعود وَ خافُونِ أي في مخالفة أمري إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإن الإيمان يقتضي إيثار خوف الله على خوف الناس.
وَ تَرْجُونَ «6» أي أيها المؤمنون مِنَ اللَّهِ الرحمة و النصرة ما لا يَرْجُونَ أي الكفار فيدل على فضل الرجاء و أنه من صفات المؤمنين.
__________________________________________________
 (1) البقرة: 218.
 (2) آل عمران: 28 و 29.
 (3) آل عمران: 28 و 29.
 (4) آل عمران: 154.
 (5) آل عمران: 175.
 (6) النساء: 104.

332
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ «1» أي يخافون الله يتقونه و يدل على مدح الخوف أَ لَمْ تَعْلَمْ «2» الخطاب للنبي أو لكل أحد و فيها تخويف و تبشير فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ «3» قيل نهي للحكام أن يخشوا غير الله في حكوماتهم.
وَ أَنْذِرْ «4» أي عظ و خوف بِهِ أي بالقرآن أو بالله الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى‏ رَبِّهِمْ في المجمع يريد المؤمنين يخافون يوم القيامة و ما فيها من شدة الأهوال و قيل معناه يعلمون‏
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع أَنْذِرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَرْجُونَ الْوُصُولَ إِلَى رَبِّهِمْ بِرَغْبَتِهِمْ فِيمَا عِنْدَهُ فَإِنَّ الْقُرْآنَ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ.
لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ أي غير الله لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي كي يخافوا في الدنيا و ينتهوا عما نهيتم عنه «5».
كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ «6» و لا يتعلق به ضرر وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ و هو حقيق بأن يخاف منه كل الخوف لأنه إشراك للمصنوع بالصانع و تسوية بين المقدور العاجز و القادر الضار النافع سُلْطاناً أي حجة و الحاصل أن الكفر و الخطايا مظنة الخوف فلا ينبغي معه الأمن.
أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرى «7» أي المكذبون لنبينا أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى أي ضحوة النهار و هو في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت و ارتفعت وَ هُمْ يَلْعَبُونَ أي يشتغلون بما لا ينفعهم أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ مكر الله استعارة لاستدراجه العبد و الأخذ من حيث لا يحتسب و قال علي بن إبراهيم المكر من الله العذاب «8».
__________________________________________________
 (1) المائدة: 23.
 (2) المائدة: 40.
 (3) المائدة: 44.
 (4) الأنعام: 51.
 (5) مجمع البيان ج 3 ص 304 و 305.
 (6) الأنعام: 81.
 (7) الأعراف: 97- 99.
 (8) تفسير القمّيّ ص 219.

333
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

و قال الطبرسي رحمه الله أي أ فبعد هذا كله أمنوا عذاب الله أن يأتيهم من حيث لا يشعرون و سمي العذاب مكرا لنزوله بهم من حيث لا يعلمون كما أن المكر ينزل بالممكور به من جهة الماكر من حيث لا يعلمه و قيل إن مكر الله استدراجه إياهم بالصحة و السلامة و طول العمر و تظاهر النعمة فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ يسأل عن هذا فيقال إن الأنبياء و المعصومين أمنوا مكر الله و ليسوا بخاسرين و جوابه من وجوه أحدهما أن معناه لا يأمن مكر الله من المذنبين إلا القوم الخاسرين بدلالة قوله سبحانه إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ «1» و ثانيها أن معناه لا يأمن عذاب الله للعصاة إلا الخاسرون و المعصومون لا يؤمنون عذاب الله للعصاة و لهذا سلموا من مواقعة الذنوب و ثالثها لا يأمن عقاب الله جهلا بحكمته إلا الخاسرون و معنى الآية الإبانة عما يجب أن يكون عليه المكلف من الخوف لعقاب الله ليسارع إلى طاعته و اجتناب معاصيه و لا يستشعر الأمن من ذلك فيكون قد خسر في دنياه و آخرته بالتهالك في القبائح «2».
أَ وَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ أي يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم و إنما عدي يهد باللام لأنه بمعنى يبين أَنْ لَوْ نَشاءُ أي أنه لو نشاء أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ أي بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم وَ نَطْبَعُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ مستأنف يعني و نحن نطبع على قلوبهم فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ سماع تفهم و اعتبار.
لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ «3» أي يخشون ربهم فلا يعصونه و يعملون بما فيها «4».
عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ قال في المجمع أي ممن عصاني و استحقه بعصيانه و إنما علقه بالمشية لجواز الغفران وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ قال‏
__________________________________________________
 (1) الدخان: 51.
 (2) مجمع البيان ج 4 ص 453.
 (3) الأعراف: 154.
 (4) يعني التوراة.

334
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الحسن و قتادة إن رحمته في الدنيا وسعت البر و الفاجر و هي يوم القيامة للمتقين خاصة و قال العوفي وسعت كل شي‏ء و لكن لا تجب إلا للذين يتقون و ذلك أن الكافر يرزق و يدفع عنه بالمؤمن لسعة رحمة الله للمؤمن فيعيش فيها فإذا صار في الآخرة وجب للمؤمنين خاصة كالمستضي‏ء بنار غيره إذا ذهب صاحب السراج بسراجه و قيل معناه أنها تسع كل شي‏ء إن دخلوها فلو دخل الجميع فيها لوسعتهم إلا أن فيهم من لا يدخل فيها لضلاله فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أي فسأوجب رحمتي للذين يتقون الشرك أي يجتنبونه و قيل يجتنبون الكبائر و المعاصي «1».
لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً «2» قيل بل يعمهم و غيرهم كالمداهنة في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و افتراق الكلمة و ظهور البدع‏
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ فِتْنَةٌ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ حَتَّى تَرَكُوا عَلِيّاً وَ بَايَعُوا غَيْرَهُ وَ هِيَ الْفِتْنَةُ الَّتِي فُتِنُوا بِهَا وَ قَدْ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ بِاتِّبَاعِ عَلِيٍّ وَ الْأَوْصِيَاءِ مِنَ آلِ مُحَمَّدٍ ع «3».
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنْ عَلِيٍّ وَ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُمَا قَرَءَا لَتُصِيبَنَّ «4».
فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «5» بعقاب الله و ثوابه و يدل على أن خشية الله تعالى من لوازم الإيمان وَ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ «6» قيل يعني في أبواب الدين و أن لا يختار على رضا الله رضا غيره فإن الخشية عن المحاذير جبلية لا يكاد العاقل يتمالك عنها و في المجمع أي لم يخف سوى الله أحدا من المخلوقين و هذا راجع إلى قوله أَ تَخْشَوْنَهُمْ أي إن خشيتموهم فقد ساويتموهم في الإشراك‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 4 ص 486.
 (2) الأنفال: 25.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 53.
 (4) مجمع البيان ج 4 ص 532.
 (5) براءة: 13.
 (6) براءة: 18.

335
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

كما قال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ الآية «1».
وَ كَذلِكَ «2» أي و مثل ذلك الأخذ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى‏ أي أهلها وَ هِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ أي وجيع صعب‏
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ النَّبِيِّ ص إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ الظَّالِمَ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ «3».
إِنَّ فِي ذلِكَ أي فيما نزل بالأمم الهالكة لَآيَةً أي لعبرة لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ لعلمه بأنه أنموذج منه.
غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ «4» أي عقوبة تغشاهم و تشملهم بَغْتَةً أي فجاءه من غير سابقة علامة وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانها غير مستعدين لها.
وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ «5» خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ «6» وَ الْكُلَيْنِيُّ «7» وَ الصَّدُوقُ «8» وَ الْعَيَّاشِيُّ «9» عَنِ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ حِينَ وَافَى رَجُلًا اسْتَقْصَى حَقَّهُ مِنْ أَخِيهِ وَ قَالَ أَ تَرَاهُمْ يَخَافُونَ أَنْ يَظْلِمَهُمْ أَوْ يَجُورَ عَلَيْهِمْ وَ لَكِنَّهُمْ خَافُوا الِاسْتِقْصَاءَ وَ الْمُدَاقَّةَ فَسَمَّاهُ اللَّهُ سُوءَ الْحِسَابِ فَمَنِ اسْتَقْصَى فَقَدْ أَسَاءَ.
وَ فِي الْمَجْمَعِ «10» وَ الْعَيَّاشِيِّ «11» عَنْهُ ع أَنْ تَحْسِبَ عَلَيْهِمُ السَّيِّئَاتِ وَ تَحْسِبَ لَهُمُ الْحَسَنَاتِ وَ هُوَ الِاسْتِقْصَاءُ.
نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها «12» قيل أي بذهاب أهلها
وَ فِي الْإِحْتِجَاجِ عَنْ‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 5 ص 14.
 (2) هود: 102 و 103.
 (3) مجمع البيان ج 10 ص 191.
 (4) يوسف: 107.
 (5) الرعد: 21.
 (6) تفسير القمّيّ ص 340.
 (7) الكافي ج 5 ص 100.
 (8) معاني الأخبار ص 246.
 (9) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 210.
 (10) مجمع البيان ج 6 ص 289.
 (11) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 210.
 (12) الرعد: 41.

336
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يَهْلِكُ مِنَ الْقُرُونِ فَسَمَّاهُ إِتْيَاناً.
وَ فِي الْفَقِيهِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ فَقْدُ الْعُلَمَاءِ.
و قال علي بن إبراهيم هو موت علمائها «1»
وَ فِي الْكَافِي «2» عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَقُولُ إِنَّهُ يُسَخِّي نَفْسِي فِي سُرْعَةِ الْمَوْتِ وَ الْقَتْلِ فِينَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَ هُوَ ذَهَابُ الْعُلَمَاءِ.
لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أي لا راد له و المعقب الذي يعقب الشي‏ء فيبطله وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فيحاسبهم عما قليل.
ذلِكَ «3» أي إهلاك الظالمين و إسكان المؤمنين لِمَنْ خافَ مَقامِي أي موقفي للحساب وَ خافَ وَعِيدِ أي وعيدي بالعذاب.
نَبِّئْ عِبادِي الآية «4» فيها حث على الرجاء و الخوف معا لكن في توصيف ذاته بالغفران و الرحمة دون التعذيب ترجيح الرجاء.
آمِنِينَ «5» من الانهدام و نقب اللصوص و تخريب الأعداء لوثاقتها أو من العذاب لفرط غفلتهم ما كانُوا يَكْسِبُونَ أي من بناء البيوت الوثيقة و استكثار الأموال و العدد.
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ «6» أي المكرات السيئات قيل هم الذين احتالوا لهلاك الأنبياء و الذين مكروا رسول الله ص و راموا صد أصحابه عن الإيمان أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ كما خسف بقارون أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بغتة من جانب السماء كما فعل بقوم لوط أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ إذا جاءوا و ذهبوا في‏
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 343.
 (2) الكافي ج 1 ص 38.
 (3) إبراهيم: 14.
 (4) الحجر: 49.
 (5) الحجر: 82.
 (6) النحل: 84

337
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

متاجرهم و أعمالهم فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أي فليسوا بفائتين و ما يريده الله بهم من الهلاك لا يمتنع عليه أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى‏ تَخَوُّفٍ قيل أي على مخافة بأن يهلك قوما قبلهم فيتخوفوا فيأتيهم العذاب و هم متخوفون أو على تنقص بأن ينقصهم شيئا بعد شي‏ء في أنفسهم و أموالهم حتى يهلكوا من تخوفته إذا تنقصته و قال علي بن إبراهيم أي على تيقظ «1» و بالجملة هو خلاف قوله مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ‏
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: هُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ هُمْ يُمْسَخُونَ وَ يُقْذَفُونَ وَ يَسِيخُونَ فِي الْأَرْضِ «2».
وَ فِي الْكَافِي عَنِ السَّجَّادِ ع فِي كَلَامٍ لَهُ فِي الْوَعْظِ وَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَ لَا تَكُونُوا مِنَ الْغَافِلِينَ الْمَائِلِينَ إِلَى زَهْرَةِ الدُّنْيَا الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ الْآيَةَ فَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ بِمَا فَعَلَ بِالظَّلَمَةِ فِي كِتَابِهِ لِئَلَّا تَأْمَنُوا أَنْ يُنْزِلَ بِكُمْ بَعْضَ مَا تَوَعَّدَ بِهِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فِي الْكِتَابِ وَ اللَّهِ لَقَدْ وَعَظَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِغَيْرِكُمْ فَإِنَّ السَّعِيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ «3».
وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ «4» أي عن عبادته يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ أي يخافونه و هو فوقهم بالقهر وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ «5» وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ‏
فِي الْمَجْمَعِ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ سُجُوداً مُنْذُ خَلَقَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمْ مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ لَا تَقْطُرُ مِنْ دُمُوعِهِمْ قَطْرَةٌ إِلَّا صَارَ مَلَكاً فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَ قَالُوا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ «6».
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 361.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 261.
 (3) الكافي ج 8 ص 74.
 (4) النحل: 49.
 (5) الأنعام: 18 و 61.
 (6) مجمع البيان ج 6 ص 365.

338
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

قال بعض أهل المعرفة إن أمثال هذه الآيات تدل على أن العالم كله في مقام الشهود و العبادة إلا كل مخلوق له قوة التفكر و ليس إلا النفوس الناطقة الإنسانية و الحيوانية خاصة من حيث أعيان أنفسهم لا من حيث هياكلهم فإن هياكلهم كسائر العالم في التسبيح له و السجود فأعضاء البدن كلها مسبحة ناطقة أ لا تراها تشهد على النفوس المسخرة لها يوم القيامة من الجلود و الأيدي و الأرجل و الألسنة و السمع و البصر و جميع القوى فالحكم لله العلي الكبير.
إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ «1» أكد العدد في الموضعين دلالة على العناية به فإنك لو قلت إنما هو إله لخيل أنك أثبت الإلهية لا الوحدانية فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ كأنه قيل و أنا هو فإياي فارهبون لا غير وَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ خلقا و ملكا وَ لَهُ الدِّينُ أي الطاعة واصِباً قيل أي لازما
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: وَاجِباً «2».
أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ و لا ضار سواه كما لا نافع غيره كما قال وَ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ «3».
حَصِيراً «4» أي محبسا لا يقدرون على الخروج منها أبدا لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أي للطريقة التي هي أقوم الطرق و أشد استقامة
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع أَيْ يَدْعُو.
وَ عَنْهُ ع يَهْدِي إِلَى الْإِمَامِ «5».
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الْبَاقِرِ ع يَهْدِي إِلَى الْوَلَايَةِ «6».
وَ أَنَّ الَّذِينَ أي يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم و عقاب أعدائهم.
وَ ما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا «7» أي موكولا إليك أمرهم تجبرهم على‏
__________________________________________________
 (1) النحل: 51.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 262.
 (3) النحل: 53.
 (4) أسرى: 8- 10.
 (5) الكافي ج 1 ص 216.
 (6) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 283.
 (7) أسرى: 54- 57.

339
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الإيمان و إنما أرسلناك مبشرا و نذيرا فدارهم و مر أصحابك بالاحتمال منهم كانَ مَحْذُوراً أي حقيقا بأن يحذره كل أحد حتى الملائكة و الرسل.
لِمَنْ يَخْشى‏ «1» أي لمن في قلبه خشية و رقة يتأثر بالإنذار.
أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ «2» قال علي بن إبراهيم أي يبين لهم يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ أي يشاهدون آثار هلاكهم لِأُولِي النُّهى‏ أي لذوي العقول الناهية عن التغافل و التعامي.
وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ «3» أي من عظمته و مهابته مُشْفِقُونَ أي مرتعدون و أصل الخشية خوف مع تعظيم و لذلك خص بها العلماء و الإشفاق خوف مع اعتناء فإن عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر و إن عدي بعلى فبالعكس.
قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ «4» أي يحفظكم مِنَ الرَّحْمنِ أي من بأسه إن أراد بكم و في لفظ الرحمن تنبيه على أن لا كالئ غير رحمته العامة و أن اندفاعه بها مهلة بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ لا يخطرونه ببالهم فضلا أن يخافوا بأسه.
أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ قيل أرض الكفرة نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها قيل أي بتسلط المسلمين عليها و هو تصوير لما يجريه الله على أيدي المسلمين أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ رسول الله و المؤمنين‏
وَ فِي الْكَافِي، وَ الْمَجْمَعِ، عَنِ الصَّادِقِ ع نَنْقُصُهَا يَعْنِي بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ.
قال نقصانها ذهاب عالمها و قد مر الكلام فيه.
الْفُرْقانَ «5» أي الكتاب الجامع لكونه فارقا بين الحق و الباطل و ضياء يستضاء به في ظلمات الحيرة و الجهالة و ذكرا يتعظ به المتقون بِالْغَيْبِ حال من الفاعل أو المفعول مُشْفِقُونَ أي خائفون.
وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ «6» أي مخبتين أو دائمي الوجل‏
__________________________________________________
 (1) طه: 3.
 (2) طه: 128.
 (3) الأنبياء: 28.
 (4) الأنبياء: 42 و 44.
 (5) الأنبياء: 47 و 48.
 (6) الأنبياء: 90.

340
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ «1» قيل أي المتواضعين أو المخلصين فإن الإخبات صفتهم قال علي بن إبراهيم أي العابدين «2» وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ هيبة منه لإشراق أشعة جلاله عليها.
مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ «3» قيل أي من خوف عذابه يحذرون وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا قيل يعطون ما أعطوه من الصدقات و قال علي بن إبراهيم من العبادة و الطاعة و يؤيده قراءة يأتون ما أتوا في الشواذ «4» و ما يأتي من الروايات وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أي خائفة أن لا يقبل منهم و أن لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذ به أَنَّهُمْ إِلى‏ رَبِّهِمْ راجِعُونَ أي لأن مرجعهم إليه أو من أن مرجعهم إليه و هو يعلم ما يخفى عليهم‏
وَ قَدْ رَوَى الْكُلَيْنِيُّ فِي الرَّوْضَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَ هِيَ إِشْفَاقُهُمْ وَ رَجَاؤُهُمْ يَخَافُونَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ إِنْ لَمْ يُطِيعُوا اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ يَرْجُونَ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ «5».
وَ فِي الْأُصُولِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ أَلَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَ رَجَا الثَّوَابَ فِينَا وَ رَضِيَ بِقُوتِهِ نِصْفَ مُدٍّ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ مَا سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَ مَا أَكَنَّ رَأْسَهُ وَ هُمْ وَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ خَائِفُونَ وَجِلُونَ وَدُّوا أَنَّهُ حَظُّهُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَ كَذَلِكَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ الْآيَةَ فَقَالَ مَا الَّذِي أَتَوْا أَتَوْا وَ اللَّهِ الطَّاعَةَ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَ الْوَلَايَةِ وَ هُمْ فِي ذَلِكَ خَائِفُونَ لَيْسَ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ وَ لَكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَصِّرِينَ فِي مَحَبَّتِنَا وَ طَاعَتِنَا «6».
__________________________________________________
 (1) الحجّ: 34.
 (2) تفسير القمّيّ: 440.
 (3) المؤمنون: 57.
 (4) في الشواذ قراءة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عائشة و ابن عبّاس و قتادة و الأعمش يأتون ما أتوا مقصورا.
 (5) الكافي ج 8 ص 229.
 (6) الكافي ج 2 ص 457.

341
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

وَ فِي الْمَجْمَعِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَعْنَاهُ خَائِفَةٌ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يُؤْتِي مَا آتَى وَ هُوَ خَائِفٌ رَاجٍ «1».
يَخافُونَ يَوْماً «2» أي مع ما هم عليه من الذكر و الطاعة تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ قيل أي تضطرب و تتغير من الهول أو تتقلب أحوالها فتفقه القلوب ما لم تكن تفقه و تبصر الأبصار ما لم تكن تبصر أو تتقلب القلوب من توقع النجاة و خوف الهلاك و الأبصار من أي ناحية يؤخذ بهم و يؤتى كتابهم.
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ «3» فيما يأمرانه وَ يَخْشَ اللَّهَ على ما صدر عنه من الذنوب وَ يَتَّقْهِ فيما بقي من عمره فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم.
أَنْ كُنَّا «4» أي لأن كنا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ من أتباع فرعون أو من أهل المشهد أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي «5» قيل ذكر ذلك هضما لنفسه و تعليما للأمة أن يجتنبوا المعاصي و يكونوا على حذر و طلب لأن يغفر لهم ما يفرط منهم و استغفارا لما عسى يندر منه من ترك الأولى.
لا تَخَفْ «6» قيل أي من غير ثقة بي أو مطلقا لقوله إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ حين يوحى إليهم من فرط الاستغراق فإنهم أخوف الناس أي من الله أو لا يكون لهم عندي سوء عاقبة فيخافون منه إِلَّا مَنْ ظَلَمَ المشهور أن الاستثناء منقطع و قال علي بن إبراهيم «7» معنى إِلَّا مَنْ ظَلَمَ لا من ظلم فوضع حرف مكان حرف و قيل عاطفة قال في القاموس و تكون عاطفة بمنزلة
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 7 ص 110.
 (2) النور: 37.
 (3) النور: 52.
 (4) الشعراء: 51.
 (5) الشعراء: 82.
 (6) النمل: 10، 11.
 (7) تفسير القمّيّ ص 476.

342
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الواو لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ و قرئ في الشواذ أَلَا بالفتح و التخفيف.
إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ «1» أي من المخاوف كما مر مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ «2» قيل المراد بلقاء الله الوصول إلى ثوابه أو إلى العاقبة من الموت و البعث و الحساب و الجزاء على تمثيل حاله بحال عبد قدم على سيده بعد زمان مديد و قد اطلع السيد على أحواله فإما أن يلقاه ببشر لما رضي من أفعاله أو بسخط لما سخطه منها و قال علي بن إبراهيم قال من أحب لقاء الله جاءه الأجل «3»
وَ فِي التَّوْحِيدِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَعْنِي مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ فَإِنَّ وَعْدَ اللَّهِ لَآتٍ مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ.
قال فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية و اللقاء هو البعث وَ هُوَ السَّمِيعُ لأقوال العباد الْعَلِيمُ بعقائدهم و أعمالهم.
وَ إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ «4» أي تردون وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ربكم عن إدراككم فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ إن فررتم من قضائه بالتواري في إحداهما مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ يحرسكم عن بلائه و لقائه بالبعث أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي لإنكارهم البعث و الجزاء وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بكفرهم.
لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ «5» أي لا يقضي عنه و قرئ لَا يُجْزِئُ من أجزأ أي لا يغني إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ بالثواب و العقاب.
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ «6» قيل أي خصلة حسنة من حقها أن يؤتسى بها كالثبات في الحرب و مقاساة الشدائد لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ أي ثواب الله أو لقاءه و نعيم الآخرة أو أيام الله و اليوم الآخر خصوصا و الرجاء يحتمل الأمل‏
__________________________________________________
 (1) القصص: 31.
 (2) العنكبوت: 5.
 (3) تفسير القمّيّ ص 494.
 (4) العنكبوت: 23.
 (5) لقمان: 33.
 (6) الأحزاب: 21.

343
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

و الخوف و قرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية إلى ملازمة الطاعة فإن المؤتسي بالرسول من كان كذلك.
وَ تَخْشَى النَّاسَ «1» أي تعييرهم إياك وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ إن كان فيه ما يخشى وَ كَفى‏ بِاللَّهِ حَسِيباً «2» فينبغي أن لا يخشى إلا منه.
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ «3» قيل أي غائبين عن عذابه أو عن الناس في خلواتهم أو غائبا عنهم عذابه إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «4» إذ شرط الخشية معرفة المخشي و العلم بصفاته و أفعاله فمن كان أعلم به كان أخشى منه و لذلك‏
قَالَ النَّبِيُّ ص إِنِّي أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَ أَتْقَاكُمْ لَهُ.
إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب عن عصيانه‏
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ الصَّادِقِ ع يَعْنِي بِالْعُلَمَاءِ مَنْ صَدَّقَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ وَ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَلَيْسَ بِعَالِمٍ.
وَ فِي الْحَدِيثِ أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ أَخْوَفُكُمْ لِلَّهِ «5».
وَ فِي الْكَافِي عَنِ السَّجَّادِ ع وَ مَا الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَ الْعَمَلُ إِلَّا إِلْفَانِ مُؤْتَلِفَانِ فَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَهُ وَ حَثَّهُ الْخَوْفُ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ إِنَّ أَرْبَابَ الْعِلْمِ وَ أَتْبَاعَهُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا اللَّهَ فَعَمِلُوا لَهُ وَ رَغِبُوا إِلَيْهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «6».
وَ عَنِ الصَّادِقِ أَنَّ مِنَ الْعِبَادَةِ شِدَّةَ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ.
وَ فِي مِصْبَاحِ الشَّرِيعَةِ عَنْهُ ع دَلِيلُ الْخَشْيَةِ التَّعْظِيمُ لِلَّهِ وَ التَّمَسُّكُ بِخَالِصِ الطَّاعَةِ وَ أَوَامِرِهِ وَ الْخَوْفُ وَ الْحَذَرُ وَ دَلِيلُهُمَا الْعِلْمُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ «7».
__________________________________________________
 (1) الأحزاب: 37.
 (2) الأحزاب: 39.
 (3) فاطر: 18.
 (4) فاطر: 28.
 (5) مجمع البيان ج 8 ص 407، و تراه في الكافي ج 1 ص 36.
 (6) الكافي ج 8 ص 16.
 (7) مصباح الشريعة ص 4.

344
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

إِنَّما تُنْذِرُ «1» أي إنذارا يترتب عليه الأثر مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ قيل هو القرآن‏
وَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلِيٌّ ع.
وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ قيل أي خاف عقابه قبل حلوله و معاينة أهواله أو في سريرية و لا يغتر برحمته فإنه كما هو رحمان منتقم قهار إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ «2». أي جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة لا شوب فيها هي ذِكْرَى الدَّارِ تذكرهم للآخرة دائما فإن خلوصهم في الطاعة بسببها و ذلك لأنه كان مطمح نظرهم فيما يأتون و يذرون جوار الله و الفوز بلقائه و إطلاق الدار للإشعار بأنها الدار الحقيقية و الدنيا معبر.
أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ «3» أي قائم بوظائف الطاعات آناءَ اللَّيْلِ أي ساعاته يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ يدل على مدح الجمع بين الخوف و الرجاء.
ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ «4» أي ذلك العذاب هو الذي يخوفهم به ليجتنبوا ما يوقعهم فيه يا عِبادِ فَاتَّقُونِ و لا تتعرضوا لما يوجب سخطي.
مَثانِيَ «5» في المجمع سمي بذلك لأنه يثنى فيه القصص و الأخبار و الأحكام و المواعظ بتصريفها في ضروب البيان و يثنى أيضا في التلاوة فلا يمل لحسن مسموعه تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ أي يأخذهم قشعريرة خوفا مما في القرآن من الوعيد ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ إذا سمعوا ما فيه الوعد بالثواب و الرحمة و المعنى أن قلوبهم تطمئن و تسكن إلى ذكر الله الجنة و الثواب فحذف مفعول الذكر للعلم به‏
وَ رُوِيَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ‏
__________________________________________________
 (1) يس: 11.
 (2) ص: 46.
 (3) الزمر: 9.
 (4) الزمر: 16.
 (5) الزمر: 23.

345
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: إِذَا اقْشَعَرَّ جِلْدُ الْعَبْدِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَتَحَاتُّ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ وَرَقُهَا.
و قال قتادة هذا نعت لأولياء الله نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم و تطمئن قلوبهم إلى ذكر الله و لم ينعتهم بذهاب عقولهم و الغشيان عليهم إنما ذلك في أهل البدع و هو من الشيطان «1».
تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ «2» أي يتشققن من عظمة الله‏
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْبَاقِرِ ع أَيْ يَتَصَدَّعْنَ.
مِنْ فَوْقِهِنَّ أي من جهتهن الفوقانية أو من فوق الأرضين لِمَنْ فِي الْأَرْضِ قال للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة و لفظ الآية عام و المعنى خاص «3»
وَ فِي الْجَوَامِعِ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَرِيبٌ «4» أي إتيانها يستعجل بها أي استهزاء مُشْفِقُونَ مِنْها أي خائفون منها مع اعتناء بها لتوقع الثواب وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ الكائن لا محالة.
الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ «5» و هو أن لا ينصر رسوله و المؤمنين عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ أي دائرة ما يظنونه و يتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم.
مَنْ يَخافُ وَعِيدِ «6» فإنه لا ينتفع به غيره.
آيَةً «7» أي علامة للذين يخافون فإنهم المعتبرون بها مُشْفِقِينَ «8» قال علي بن إبراهيم أي خائفين من العذاب فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا بالرحمة عَذابَ السَّمُومِ أي عذاب النار النافذة في المسام نفوذ السموم و قال علي بن إبراهيم‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 8 ص 495.
 (2) الشورى: 5.
 (3) تفسير القمّيّ ص 595.
 (4) الشورى: 17.
 (5) الفتح: 6.
 (6) ق: 45.
 (7) الذاريات: 37.
 (8) الطور: 26.

346
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

السموم الحر الشديد «1».
سَنَفْرُغُ لَكُمْ «2» قيل أي سنتجرد لحسابكم و جزائكم و ذلك يوم القيامة فإنه ينتهي يومئذ شئون الخلق كلها فلا يبقى إلا شأن واحد و هو الجزاء فجعل ذلك فراغا على سبيل التمثيل و قيل تهديد مستعار من قولك لمن تهدده سأفرغ لك فإن المتجرد للشي‏ء كان أقوى عليه و أجد فيه و الثقلان الجن و الإنس إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا أي إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السماوات و الأرض هاربين من الله فارين من قضائه فَانْفُذُوا فاخرجوا لا تَنْفُذُونَ أي لا تقدرون على النفوذ إِلَّا بِسُلْطانٍ قيل أي إلا بقوة و قهر و أنى لكم ذلك أو إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السماوات و الأرض فانفذوا لتعلموا لكن لا تنفذون و لا تعلمون إلا ببينة نصبها الله فتعرجون عليها بأفكاركم.
و أقول قد مرت الأخبار في ذلك في كتاب المعاد.
وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ قال البيضاوي «3» أي موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب أو قيامه على أحواله من قام عليه إذا راقبه أو مقام الخائف عند ربه للحساب بأحد المعنيين فأضاف إلى الرب تفخيما و تهويلا أو ربه و مقام مقحم للمبالغة جَنَّتانِ جنة للخائف الإنسي و الأخرى للخائف الجني فإن الخطاب للفريقين و المعنى لكل خائفين منكما أو لكل واحد جنة لعقيدته و أخرى لعمله أو جنة لفعل الطاعات و أخرى لترك المعاصي أو جنة يثاب بها و أخرى يتفضل بها عليه أو روحانية و جسمانية.
لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى‏ جَبَلٍ «4» الآية في المجمع تقديره لو كان‏
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 650.
 (2) الرحمن: 31- 36.
 (3) أنوار التنزيل ص 419.
 (4) الحشر: 21.

347
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الجبل مما ينزل عليه القرآن و يشعر به مع غلظة و جفاء طبعه و كبر جسمه لخشع لمنزله و انصدع من خشيته تعظيما لشأنه فالإنسان أحق بهذا لو عقل الأحكام التي فيه و قيل معناه لو كان الكلام ببلاغته يصدع الجبل لكان هذا القرآن يصدعه و قيل إن المراد ما يقتضيه الظاهر بدلالة قوله وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ و هذا وصف للكافر بالقسوة حيث لم يلن قلبه بمواعظ القرآن الذي لو نزل على جبل لتخشع و يدل على أن هذا تمثيل قوله و تِلْكَ الْأَمْثالُ إلخ «1».
بِالْغَيْبِ «2» أي يخافون عذابه غائبا عنهم لم يعاينوه بعد أو غائبين عنه أو عن أعين الناس أو بالمخفي فيهم و هو قلوبهم لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم و أَجْرٌ كَبِيرٌ يصغر دونه لذائذ الدنيا أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ يعني الملائكة الموكلين على تدبير هذا العالم أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فيغيبكم فيها كما فعل بقارون فَإِذا هِيَ تَمُورُ أي تضطرب أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً أي يمطر عليكم حصباء فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ أي كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به و لكن لا ينفعكم العلم حينئذ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أي إنكاري عليهم بإنزال العذاب و هو تسلية للرسول ص و تهديد لقومه صافَّاتٍ أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها فإنهن إذا بسطتها صففن قوادمها وَ يَقْبِضْنَ أي و إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للاستعانة به على التحريك ما يُمْسِكُهُنَّ في الجو على خلاف الطبع إِلَّا الرَّحْمنُ الواسع رحمته كل شي‏ء إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بَصِيرٌ يعلم كيف ينبغي أن يخلقه.
أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ «3» يعني أ و لم تنظروا في أمثال هذه الصنائع فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف و إرسال حاصب أم هذا الذي تعبدونه من دون الله لكم جند ينصركم من دون الله أن يرسل عليكم عذابه فهو
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 9 ص 266.
 (2) الملك: 12.
 (3) الملك: 21.

348
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

كقوله أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا «1» و فيه إشعار بأنهم اعتقدوا القسم الثاني حيث أخرج مخرج الاستفهام عن تعيين من ينصرهم إِلَّا فِي غُرُورٍ أي لا معتمد لهم إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ أي بإمساك المطر و سائر الأسباب المحصلة و الموصلة له إليكم بَلْ لَجُّوا أي تمادوا فِي عُتُوٍّ أي عناد وَ نُفُورٍ أي شراد عن الحق لتنفر طباعهم عنه.
مُشْفِقُونَ «2» أي خائفون على أنفسهم إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ اعتراض يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يأمن من عذاب الله و إن بالغ في طاعته.
لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً «3» قال البيضاوي أي لا تأملون له توقيرا أي تعظيما لمن عبده و أطاعه فتكونون على حال تأملون فيها تعظيمه إياكم أو لا تعتقدون له عظمة فتخافوا عصيانه و إنما عبر عن الاعتقاد التابع لأدنى الظن مبالغة وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً حال مقدرة للإنكار من حيث إنها موجبة للرجاء فإن خلقهم أطوارا أي تارات إذ خلقهم أولا عناصر ثم مركبات تغذي الإنسان ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما و لحوما ثم أنشأهم خلقا آخر يدل على أنه يمكن أن يعيدهم تارة أخرى فيعظمهم بالثواب و على أنه تعالى عظيم القدرة تام الحكمة «4».
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً يَقُولُ لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً.
و قال علي بن إبراهيم في قوله وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً قال على اختلاف الأهواء و الإرادات و المشيات «5» كَلَّا «6» قيل ردع عن اقتراحهم الآيات بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ فلذلك‏
__________________________________________________
 (1) الأنبياء: 43.
 (2) المعارج: 27 و 28.
 (3) نوح: 13 و 14.
 (4) أنوار التنزيل: 443.
 (5) تفسير القمّيّ ص 697.
 (6) المدّثّر: 53- 56.

349
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

أعرضوا عن التذكرة هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ أي حقيق بأن يتقى عقابه وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ أي حقيق بأن يغفر عباده‏
وَ فِي التَّوْحِيدِ عَنِ الصَّادِقِ ع فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ قَالَ تَعَالَى أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى وَ لَا يُشْرِكَ بِي عَبْدِي شَيْئاً وَ أَنَا أَهْلٌ إِنْ لَمْ يُشْرِكْ بِي أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.
كانَ شَرُّهُ «1» قيل أي شدائده مُسْتَطِيراً أي فاشيا منتشرا غاية الانتشار و فيه إشعار بحسن عقيدتهم و اجتنابهم عن المعاصي‏
وَ فِي الْمَجَالِسِ لِلصَّدُوقِ «2» عَنِ الْبَاقِرِ ع يَقُولُ كَلُوحاً عَابِساً.
و قال علي بن إبراهيم المستطير العظيم «3» يَوْماً أي عذاب يوم عَبُوساً أي يعبس فيه الوجوه أو يشبه الأسد العبوس في ضراوته و قَمْطَرِيراً شديد العبوس كالذي يجمع ما بين عينيه و قال علي بن إبراهيم القمطرير الشديد وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً
عَنِ الْبَاقِرِ ع نَضْرَةً فِي الْوُجُوهِ وَ سُرُوراً فِي الْقُلُوبِ.
وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ أي و أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب و قال علي بن إبراهيم أي خلقهم بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا أي أهلكنا و بدلنا أمثالهم في الخلقة و شدة الأسر يعني النشأة الآخرة أو المراد تبديلهم بغيرهم ممن يطيع في الدنيا فِي رَحْمَتِهِ بالهداية و التوفيق للطاعة
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الْكَاظِمِ ع فِي وَلَايَتِنَا.
وَ أَهْدِيَكَ إِلى‏ رَبِّكَ «4» قيل أي و أرشدك إلى معرفته فَتَخْشى‏ بأداء الواجبات و ترك المحرمات إذ الخشية إنما تكون بعد المعرفة لِمَنْ يَخْشى‏ لمن كان شأنه الخشية مَقامَ رَبِّهِ أي مقامه بين يديه لعلمه بالمبدإ و المعاد وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ لعلمه بأن الهوى يرديه قال علي بن إبراهيم هو العبد إذا وقف‏
__________________________________________________
 (1) الإنسان: 7 إلى آخر السورة.
 (2) أمالي الصدوق ص 155- 157.
 (3) تفسير القمّيّ ص 707.
 (4) النازعات: 19- 26.

350
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

على معصية الله و قدر عليها ثم تركها مخافة الله و نهى النفس عنها فمكافاته الجنة «1».
عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ «2» أي من خير و شر و قيل و ما أخرت من سنة حسنة استن بها بعده أو سنة سيئة استن بها بعده ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أي أي شي‏ء خدعك و جرأك على عصيانه قيل ذكر الكريم للمبالغة في المنع عن الاغترار و الإشعار بما به يغره الشيطان فإنه يقول افعل ما شئت فإن ربك كريم لا يعذب أحدا و قيل إنما قال سبحانه الْكَرِيمِ دون سائر أسمائه و صفاته لأنه كأنه لقنه الجواب حتى يقول غرني كرم الكريم‏
وَ فِي الْمَجْمَعِ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص لَمَّا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ غَرَّهُ جَهْلُهُ «3».
فَسَوَّاكَ جعل أعضاءك سليمة مسواة معدة لمنافعها فَعَدَلَكَ جعل بنيتك معتدلة متناسبة الأعضاء فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أي ركبك في أي صورة شاء و ما مزيدة
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ لَوْ شَاءَ رَكَّبَكَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ «4».
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ «5» مضاعف عنفه فإن البطش أخذ بعنف وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ لمن تاب و أطاع.
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‏ «6» أي سيتعظ و ينتفع بها من يخشى الله وَ يَتَجَنَّبُهَا أي يتجنب الذكرى النَّارَ الْكُبْرى‏ قال نار يوم القيامة ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها فيستريح وَ لا يَحْيى‏ حياة تنفعه فيكون كما قال الله وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ «7».
وَ رَضُوا عَنْهُ «8» لأنه بلغهم أقصى أمانيهم ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ فإن‏
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 711.
 (2) الانفطار: 5- 8.
 (3) مجمع البيان ج 10 ص 34 ص 449.
 (4) مجمع البيان ج 10 ص 34 ص 449.
 (5) البروج: 12- 14.
 (6) الأعلى: 10- 17.
 (7) إبراهيم: 17.
 (8) البينة: 8.

351
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الخشية ملاك الأمر و الباعث على كل خير.
1- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَوْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا كَانَ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ قَالَ كَانَ فِيهَا الْأَعَاجِيبُ وَ كَانَ أَعْجَبَ مَا كَانَ فِيهَا أَنْ قَالَ لِابْنِهِ خَفِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خِيفَةً لَوْ جِئْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ لَعَذَّبَكَ وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ جِئْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ لَرَحِمَكَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَانَ أَبِي ع يَقُولُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا فِي قَلْبِهِ نُورَانِ نُورُ خِيفَةٍ وَ نُورُ رَجَاءٍ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا «1».
بيان: الأعاجيب جمع الأعجوبة و هي ما يعجبك حسنه أو قبحه و المراد هنا الأول و يدل على أنه ينبغي أن يكون الخوف و الرجاء كلاهما كاملين في النفس و لا تنافي بينهما فإن ملاحظة سعة رحمة الله و غنائه و جوده و لطفه على عباده سبب الرجاء و النظر إلى شدة بأس الله و بطشه و ما أوعد العاصين من عباده موجب للخوف مع أن أسباب الخوف ترجع إلى نقص العبد و تقصيره و سوء أعماله و قصوره عن الوصول إلى مراتب القرب و الوصال و انهماكه فيما يوجب الخسران و الوبال و أسباب الرجاء تئول إلى لطف الله و رحمته و عفوه و غفرانه و وفور إحسانه و كل منهما في أعلى مدارج الكمال.
قال بعضهم كلما يلاقيك من مكروه و محبوب ينقسم إلى موجود في الحال و إلى موجود فيما مضى و إلى منتظر في الاستقبال فإذا خطر ببالك موجود فيما مضى سمي فكرا و تذكرا و إن كان ما خطر بقلبك موجودا في الحال سمي إدراكا و إن كان خطر ببالك وجود شي‏ء في الاستقبال و غلب ذلك على قلبك سمي انتظارا و توقعا فإن كان المنتظر مكروها حصل منه ألم في القلب سمي خوفا و إشفاقا و إن كان محبوبا حصل من انتظاره و تعلق القلب به و إخطار وجوده بالبال لذة
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 67.

352
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

في القلب و ارتياح يسمى ذلك الارتياح رجاء.
فالرجاء هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب و لكن ذلك المحبوب المتوقع لا بد و أن يكون له سبب فإن كان انتظاره لأجل حصول أكثر أسبابه فاسم الرجاء عليه صادق و إن كان ذلك انتظارا مع عدم تهيئ أسبابه و اضطرابها فاسم الغرور و الحمق عليه أصدق من اسم الرجاء و إن لم تكن الأسباب معلومة الوجود و لا معلومة الانتفاء فاسم التمني أصدق على انتظاره لأنه انتظار من غير سبب.
و على كل حال فلا يطلق اسم الرجاء و الخوف إلا على ما يتردد فيه أما ما يقطع به فلا إذ لا يقال أرجو طلوع الشمس وقت الطلوع و أخاف غروبها وقت الغروب لأن ذلك مقطوع به نعم يقال أرجو نزول المطر و أخاف انقطاعه.
و قد علم أرباب القلوب أن الدنيا مزرعة الآخرة و القلب كالأرض و الإيمان كالبذر فيه و الطاعات جارية مجرى تقليب الأرض و تطهيرها و مجرى حفر الأنهار و سياقة الماء إليها و القلب المستغرق بالدنيا كالأرض السبخة التي لا ينمو فيها البذر و يوم القيامة الحصاد و لا يحصد أحد إلا ما زرع و لا ينمو زرع إلا من بذر الإيمان و قلما ينفع إيمان مع خبث القلب و سوء أخلاقه كما لا ينبو بذر في أرض سبخة.
فينبغي أن يقاس رجاء العبد للمغفرة برجاء صاحب الزرع فكل من طلب أرضا طيبة و ألقى فيها بذرا جيدا غير عفن و لا مسوس ثم أمده بما يحتاج إليه و هو سياق الماء إليه في أوقاته ثم نقى الأرض عن الشوك و الحشيش و كل ما يمنع نبات البذر أو يفسده ثم جلس منتظرا من فضل الله رفع الصواعق و الآيات المفسدة إلى أن يثمر الزرع و يبلغ غايته سمي انتظاره رجاء و إن بث البذر في أرض صلبة سبخة مرتفعة لا ينصب الماء إليها و لم يشغل بتعهد البذر أصلا ثم انتظر حصاد الزرع يسمى انتظاره حمقا و غرورا لا رجاء و إن بث البذر في أرض طيبة و لكن لا ماء لها و ينتظر مياه الأمطار حيث لا تغلب الأمطار و لا يمتنع سمي انتظاره تمنيا لا رجاء.

353
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

فإذا اسم الرجاء إنما يصدق على انتظار محبوب تمهدت جميع أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد و لم يبق إلا ما ليس يدخل تحت اختياره و هو فضل الله بصرف القواطع و المفسدات.
فالعبد إذا بث بذر الإيمان و سقاه بماء الطاعة و طهر القلب عن شوك الأخلاق الردية و انتظر من فضل الله تثبيته على ذلك إلى الموت و حسن الخاتمة المفضية إلى المغفرة كان انتظاره رجاء حقيقيا محمودا في نفسه باعثا له على المواظبة و القيام بمقتضى الإيمان في إتمام أسباب المغفرة إلى الموت و إن انقطع عن بذر الإيمان تعهده بماء الطاعات أو ترك القلب مشحونا برذائل الأخلاق و انهمك في طلب لذات الدنيا ثم انتظر المغفرة فانتظاره حمق و غرور كما قال تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى‏ وَ يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا «1» و إنما الرجاء بعد تأكد الأسباب و لذا قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ «2».
و أما من ينهمك فيما يكرهه الله و لا يذم نفسه عليه و لا يعزم على التوبة و الرجوع فرجاؤه المغفرة حمق كرجاء من بث البذر في أرض سبخة و عزم أن لا يتعهدها بسقي و لا تنقية.
فإذا عرفت حقيقة الرجاء و مظنته فقد عرفت أنها حالة أثمرها العلم بجريان أكثر الأسباب و هذه الحالة تثمر الجهد للقيام ببقية الأسباب على حسب الإمكان فإن من حسن بذره و طابت أرضه و غزر ماؤه صدق رجاؤه فلا يزال يحمله صدق الرجاء على تفقد الأرض و تعهده و تنقية كل حشيش ينبت فيه و لا يفتر عن تعهده أصلا إلى وقت الحصاد و هذا لأن الرجاء يضاده اليأس و اليأس يمنع من التعهد و الخوف ليس بضد للرجاء بل هو رفيق له و باعث آخر بطريق الرهبة كما أن الرجاء باعث بطريق الرغبة انتهى.
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 169.
 (2) البقرة: 218.

354
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

ثم ظاهر الخبر أنه لا بد أن يكون العبد دائما بين الخوف و الرجاء لا يغلب أحدهما على الآخر إذ لو رجح الرجاء لزم الأمن لا في موضعه و قال تعالى أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ «1» و لو رجح الخوف لزم اليأس الموجب للهلاك كما قال سبحانه لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ «2».
و قيل يستحب أن يغلب في حالة الصحة الخوف فإذا انقضى الأجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقى الله على حالة هي أحب إليه إذ هو سبحانه الرحمن الرحيم و يحب الرجاء.
و قيل ثمرة الخوف الكف عن المعاصي فعند دنو الأجل زالت تلك الثمرة فينبغي غلبة الرجاء و قال بعضهم الخوف ليس من الفضائل و الكمالات العقلية في النشأة الآخرة و إنما هو من الأمور النافعة للنفس في الهرب عن المعاصي و فعل الطاعات ما دامت في دار العمل و أما عند انقضاء الأجل و الخروج من الدنيا فلا فائدة فيه و أما الرجاء فإنه باق أبدا إلى يوم القيامة لا ينقطع لأنه كلما نال العبد من رحمة الله أكثر كان ازدياد طمعه فيما عند الله أعظم و أشد لأن خزائن جوده و خيره و رحمته غير متناهية لا تبيد و لا تنقص فثبت أن الخوف منقطع و الرجاء أبدا لا ينقطع انتهى.
و الحق أن العبد ما دام في دار التكليف لا بد له من الخوف و الرجاء و بعد مشاهدة أمور الآخرة يغلب عليه أحدهما لا محالة بحسب ما يشاهده من أحوالها.
2- كا، الكافي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا إِسْحَاقُ خَفِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَ إِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَ إِنْ كُنْتَ تَرَى أَنَّهُ لَا يَرَاكَ فَقَدْ كَفَرْتَ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَرَاكَ ثُمَّ بَرَزْتَ لَهُ بِالْمَعْصِيَةِ فَقَدْ جَعَلْتَهُ مِنْ أَهْوَنِ النَّاظِرِينَ‏
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 99.
 (2) يوسف: 87.

355
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

عَلَيْكَ «1».
توضيح اعلم أن الرؤية تطلق على الرؤية بالبصر و على الرؤية القلبية و هي كناية عن غاية الانكشاف و الظهور و المعنى الأول هنا أنسب أي خف الله خوف من يشاهده بعينه و إن كان محالا و يحتمل الثاني أيضا فإن المخاطب لما لم يكن من أهل الرؤية القلبية و لم يرتق إلى تلك الدرجة العلية فإنها مخصوصة بالأنبياء و الأوصياء ع قال كأنك تراه و هذه مرتبة عين اليقين و أعلى مراتب السالكين.
و قوله فإن لم تكن تراه أي إن لم تحصل لك هذه المرتبة من الانكشاف و العيان فكن بحيث تتذكر دائما أنه يراك و هذه مقام المراقبة كما قال تعالى أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً «2» و المراقبة مراعاة القلب للرقيب و اشتغاله به و المثمر لها هو تذكر أن الله تعالى مطلع على كل نفس بما كسبت و أنه سبحانه عالم بسرائر القلوب و خطراتها فإذا استقر هذا العلم في القلب جذبه إلى مراقبة الله سبحانه دائما و ترك معاصيه خوفا و حياء و المواظبة على طاعته و خدمته دائما.
و قوله و إن كنت ترى تعليم لطريق جعل المراقبة ملكة للنفس فتصير سببا لترك المعاصي و الحق أن هذه شبهة عظيمة للحكم بكفر أرباب المعاصي و لا يمكن التفصي عنها إلا بالاتكال على عفوه و كرمه سبحانه و من هنا يظهر أنه لا يجتمع الإيمان الحقيقي مع الإصرار على المعاصي كما مرت الإشارة إليه.
ثم برزت له بالمعصية أي أظهرت له المعصية أو من البراز للمقاتلة كأنك عاديته و حاربته و عليك متعلق بأهون.
3- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِيِ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 67.
 (2) النساء: 1

356
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَ اللَّهَ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ سَخَتْ نَفْسُهُ عَنِ الدُّنْيَا «1».
بيان: يقال سخي عن الشي‏ء يسخى من باب تعب ترك و يدل على أن الخوف من الله لازم لمعرفته كما قال تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و ذلك لأن من عرف عظمته و غلبته على جميع الأشياء و قدرته على جميع الممكنات بالإيجاد و الإفناء خاف منه و أيضا من علم احتياجه إليه في وجوده و بقائه و سائر كمالاته في جميع أحواله خاف سلب ذلك منه و معلوم أن الخوف من الله سبب لترك ملاذ الدنيا و شهواتها الموجبة لسخط الله ..
4- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ قَوْمٌ يَعْمَلُونَ بِالْمَعَاصِي وَ يَقُولُونَ نَرْجُو فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ الْمَوْتُ فَقَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَتَرَجَّحُونَ فِي الْأَمَانِيِّ كَذَبُوا لَيْسُوا بِرَاجِينَ إِنَّ مَنْ رَجَا شَيْئاً طَلَبَهُ وَ مَنْ خَافَ مِنْ شَيْ‏ءٍ هَرَبَ مِنْهُ.
وَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ قَوْماً مِنْ مَوَالِيكَ يُلِمُّونَ بِالْمَعَاصِي وَ يَقُولُونَ نَرْجُو فَقَالَ كَذَبُوا لَيْسُوا لَنَا بِمَوَالٍ أُولَئِكَ قَوْمٌ تَرَجَّحَتْ بِهِمُ الْأَمَانِيُّ مَنْ رَجَا شَيْئاً عَمِلَ لَهُ وَ مَنْ خَافَ مِنْ شَيْ‏ءٍ هَرَبَ مِنْهُ «2».
بيان: و يقولون نرجو أي رحمة الله و غفرانه حتى يأتيهم الموت أي بلا توبة و لا تدارك و الترجح تذبذب الشي‏ء المعلق في الهواء و التميل من جانب إلى جانب و ترجحت به الأرجوحة مالت و هي حبل يعلق و يركبه الصبيان فكأنه ع شبه أمانيهم بأرجوحة يركبه الصبيان يتحرك بأدنى نسيم و حركة فكذا هؤلاء يميلون بسبب الأماني من الخوف إلى الرجاء بأدنى وهم و في يحتمل الظرفية و السببية و كونه بمعنى على و لما كان الخوف و الرجاء متلازمين ذكر الخوف أيضا فإن رجاء كل شي‏ء مستلزم للخوف من فواته و في‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 68.
 (2) الكافي ج 2 ص 68.

357
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

القاموس ألم باشر اللمم و به نزل كلم و اللمم صغار الذنوب.
ليسوا لنا بموال لأن الموالاة ليست مجرد القول بل هي اعتقاد و محبة في الباطن و متابعة و موافقة في الظاهر لا ينفك أحدهما عن الآخر
وَ رُوِيَ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ لِمُدَّعٍ كَاذِبٍ أَنَّهُ يَرْجُو اللَّهَ يَدَّعِي أَنَّهُ يَرْجُو اللَّهَ كَذَبَ وَ اللَّهِ الْعَظِيمِ مَا بَالُهُ لَا يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ وَ كُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ إِلَّا رَجَاءَ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَدْخُولٌ وَ كُلُّ خَوْفٍ مُحَقَّقٌ إِلَّا خَوْفَ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ يَرْجُو اللَّهَ فِي الْكَبِيرِ وَ يَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ فَيُعْطِي الْعَبْدَ مَا لَا يُعْطِي الرَّبَّ فَمَا بَالُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يَصْنَعُ لِعِبَادِهِ أَ لَا تَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً أَوْ تَكُونَ لَا تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً وَ كَذَلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لَا يُعْطِي رَبَّهُ فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً وَ خَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِمَاراً وَ وَعْداً «1».
و قال ابن ميثم في شرح هذا الكلام المدخول الذي فيه شبهة و ريبة و المعلول الغير الخالص و الضمار الذي لا يرجى من الموعود.
قال و بيان الدليل أن كل من رجا أمرا من سلطان أو غيره فإنه يخدمه الخدمة التامة و يبالغ في طلب رضاه و يكون عمله له بقدر قوة رجائه له و خلوصه و يرى هذا المدعي للرجاء غير عامل فيستدل بتقصيره في الأعمال الدينية على عدم رجائه الخالص في الله و كذلك كل خوف محقق إلا خوف الله فإنه معلول توبيخ للسامعين في رجائه مع تقصيرهم في الأعمال الدينية انتهى «2».
و الحاصل أن الأحاديث الواردة في سعة عفو الله سبحانه و جزيل رحمته و وفور مغفرته كثيرة جدا و لكن لا بد لمن يرجوها و يتوقعها من العمل الخالص المعد لحصولها و ترك الانهماك في المعاصي المفوت لهذا الاستعداد كما عرفت‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة تحت الرقم 158 من الخطب.
 (2) شرح النهج لابن ميثم ص 329.

358
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

في التمثيل بالبارزين سابقا.
فاحذر أن يغرك الشيطان و يثبطك عن العمل و يقنعك بمحض الرجاء و الأمل و انظر إلى حال الأنبياء و الأولياء و اجتهادهم في الطاعة و صرفهم العمر في العبادات ليلا و نهارا أ ما كانوا يرجون عفو الله و رحمته بلى و الله إنهم كانوا أعلم بسعة رحمته و أرجى لها منك و من كل أحد و لكن علموا أن رجاء الرحمة من دون العمل غرور محض و سفه بحت فصرفوا في العبادات أعمارهم و قصروا على الطاعة ليلهم و نهارهم.
5- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ مِنَ الْعِبَادَةِ شِدَّةَ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «1» وَ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ «2» وَ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً «3» قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ حُبَّ الشَّرَفِ وَ الذِّكْرِ لَا يَكُونَانِ فِي قَلْبِ الْخَائِفِ الرَّاهِبِ «4».
بيان: إن من العبادة أي من أعظم أسبابها أو هي بنفسها عبادة أمر الله بها كما سيأتي و الخوف مبدؤه تصور عظمة الخالق و وعيده و أهوال الآخرة و التصديق بها و بحسب قوة ذلك التصور و هذا التصديق يكون قوة الخوف و شدته و هي مطلوبة ما لم تبلغ حد القنوط.
إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ هم الذين علموا عظمة الله و جلاله و عزه و قهره و جوده و فضله علما يقينيا يورث العمل و معاينة أحوال الآخرة و أهوالها كما مر.
__________________________________________________
 (1) فاطر: 28.
 (2) المائدة: 44.
 (3) الطلاق: 2.
 (4) الكافي ج 2 ص 69.

359
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

و قال المحقق الطوسي قدس سره في أوصاف الأشراف ما حاصله أن الخوف و الخشية و إن كانا بمعنى واحد في اللغة إلا أن بينهما فرقا بين أرباب القلوب و هو أن الخوف تألم النفس من المكروه المنتظر و العقاب المتوقع بسبب احتمال فعل المنهيات و ترك الطاعات و هو يحصل لأكثر الخلق و إن كانت مراتبه متفاوتة جدا و المرتبة العليا منه لا تحصل إلا للقليل و الخشية حالة نفسانية تنشأ عن الشعور بعظمة الرب و هيبته و خوف الحجب عنه و هذه الحالة لا تحصل إلا لمن اطلع على جلال الكبرياء و ذاق لذة القرب و لذلك قال سبحانه إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و الخشية خوف خاص و قد يطلقون عليها الخوف أيضا انتهى.
وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً التقوى على مراتب أولها التبري عن الشرك و ما يوجب الخلود في النار و ثانيها التجنب عما يؤثم و الاتقاء عن العذاب مطلقا و ثالثها التنزه عما يشغل القلب عن الحق و بناء الكل على الخوف من العقوبة و البعد عن الحق.
و لعل المراد هنا إحدى الأخيرتين أي وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ خوفا منه يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً من شدائد الدنيا و الآخرة كما روي عن ابن عباس أو من ضيق المعاش كما يشعر به قوله تعالى وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ قيل و كأن السر في الأول أن شدائد الدارين من الحرص على الدنيا و اقتراف الذنوب و الغفلة عن الحق و المتقي منزه عن جميع ذلك و في الثاني أن فيضه تعالى و جوده عام لا بخل فيه و إنما المانع من قبول فيضه هو بعد العبد عنه و عدم استعداده له بالذنوب فإذا اتقى منها قرب منه تعالى و استحق قبول فيضه بلا تعب و لا كلفة فيجمع بذلك خير الدنيا و الآخرة.
إن حب الشرف و الذكر أي حب الجاه و الرئاسة و العزة في الناس و حب الذكر و المدح و الثناء منهم و الشهرة فيهم لا يكونان في قلب الخائف الراهب لأن حبهما من آثار الميل إلى الدنيا و أهلها و الخائف الراهب منزه‏

360
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

عنه و أيضا حبهما من الأمراض النفسانية المهلكة و الخوف و الرهبة ينزهان النفس عنها و ذكر الراهب بعد الخائف من قبيل ذكر الخاص بعد العام إذ الرهبة بمعنى الخشية و هي أخص من الخوف.
6- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: إِنَّ رَجُلًا رَكِبَ الْبَحْرَ بِأَهْلِهِ فَكُسِرَ بِهِمْ فَلَمْ يَنْجُ مِمَّنْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ إِلَّا امْرَأَةُ الرَّجُلِ فَإِنَّهَا نَجَتْ عَلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ حَتَّى أُلْجِئَتْ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ وَ كَانَ فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ رَجُلٌ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَ لَمْ يَدَعْ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا فَلَمْ يَعْلَمْ إِلَّا وَ الْمَرْأَةُ قَائِمَةٌ عَلَى رَأْسِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهَا فَقَالَ إِنْسِيَّةٌ أَمْ جِنِّيَّةٌ فَقَالَتْ إِنْسِيَّةٌ فَلَمْ يُكَلِّمْهَا كَلِمَةً حَتَّى جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمَّا أَنْ هَمَّ بِهَا اضْطَرَبَتْ فَقَالَ لَهَا مَا لَكِ تَضْطَرِبِينَ فَقَالَتْ أَفْرَقُ مِنْ هَذَا وَ أَوْمَأَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ قَالَ فَصَنَعْتِ مِنْ هَذَا شَيْئاً قَالَتْ لَا وَ عِزَّتِهِ قَالَ فَأَنْتِ تَفْرَقِينَ مِنْهُ هَذَا الْفَرَقَ وَ لَمْ تَصْنَعِي مِنْ هَذَا شَيْئاً وَ إِنَّمَا اسْتَكْرَهْتُكِ اسْتِكْرَاهاً فَأَنَا وَ اللَّهِ أَوْلَى بِهَذَا الْفَرَقِ وَ الْخَوْفِ وَ أَحَقُّ مِنْكِ قَالَ فَقَامَ وَ لَمْ يُحْدِثْ شَيْئاً وَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَ لَيْسَ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا التَّوْبَةُ وَ الْمُرَاجَعَةُ فَبَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي إِذْ صَادَفَهُ رَاهِبٌ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ فَحَمِيَتْ عَلَيْهِمَا الشَّمْسُ فَقَالَ الرَّاهِبُ لِلشَّابِّ ادْعُ اللَّهَ يُظِلَّنَا بِغَمَامَةٍ فَقَدْ حَمِيَتْ عَلَيْنَا الشَّمْسُ فَقَالَ الشَّابُّ مَا أَعْلَمُ أَنَّ لِي عِنْدَ رَبِّي حَسَنَةً فَأَتَجَاسَرَ عَلَى أَنْ أَسْأَلَهُ شَيْئاً قَالَ فَأَدْعُو أَنَا وَ تُؤَمِّنُ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَأَقْبَلَ الرَّاهِبُ يَدْعُو وَ الشَّابُّ يُؤَمِّنُ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ أَظَلَّتْهُمَا غَمَامَةٌ فَمَشَيَا تَحْتَهَا مَلِيّاً مِنَ النَّهَارِ ثُمَّ انْفَرَقَتِ الْجَادَّةُ جَادَّتَيْنِ فَأَخَذَ الشَّابُّ فِي وَاحِدَةٍ وَ أَخَذَ الرَّاهِبُ فِي وَاحِدَةٍ فَإِذَا السَّحَابُ مَعَ الشَّابِّ فَقَالَ الرَّاهِبُ أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي لَكَ اسْتُجِيبَ وَ لَمْ يُسْتَجَبْ لِي فَخَبِّرْنِي مَا قِصَّتُكَ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى حَيْثُ دَخَلَكَ الْخَوْفُ فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ «1».
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 69.

361
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

توضيح ركب البحر البحر مفعول به أو مفعول فيه أي ركب السفينة في البحر و قيل أراد بالبحر السفينة من قبيل تسمية الحال باسم المحل بقرينة رجوع الضمير المستتر في قوله فكسر إليه و الباء في بأهله بمعنى مع و انتهاك الحرمة تناولها بما لا يحل و الحرمة بالضم ما لا يحل انتهاكه فلم يعلم أي تلك الواقعة إلا في حالة كانت المرأة قائمة على رأسها مجلس الرجل أي وقت الجماع و يقال فرق كتعب أي خاف و المصدر الفرق بالتحريك و صادفه وجده و لقيه و حمي الشمس كرضي اشتد حرها و تجاسر عليه اجترأ و تؤمن على بناء التفعيل أي تقول آمين.
فما كان أي شي‏ء أسرع من تظليل الغمامة و في النهاية الملي طائفة من الزمان لا حد لها يقال مضى ملي من النهار و ملي من الدهر أي طائفة منه و يدل على أن ترك كبيرة واحدة مع القدرة عليها خوفا من الله و خالصا لوجهه موجب لغفران الذنوب كلها و لو كان حق الناس لأن الرجل كان يقطع الطريق مع احتمال أن تكون المغفرة للخوف مع التوبة إلى الله و المراجعة إلى الناس في حقوقهم كما يفهم من قوله و ليس له همة إلا التوبة و المراجعة.
7- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ مِمَّا حُفِظَ مِنْ خُطَبِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لَكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إِلَى مَعَالِمِكُمْ وَ إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ أَلَا إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَعْمَلُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ بَيْنَ أَجَلٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ فِيهِ وَ بَيْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ قَاضٍ فِيهِ فَلْيَأْخُذِ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَ مِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ وَ فِي الشَّبِيبَةِ قَبْلَ الْكِبَرِ وَ فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَمَاتِ فَوَ اللَّهِ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا بَعْدَ الدُّنْيَا مِنْ مُسْتَعْتَبٍ وَ مَا بَعْدَهَا مِنْ دَارٍ إِلَّا الْجَنَّةُ وَ النَّارُ «1».
تبيين إن لكم معالم في القاموس معلم الشي‏ء كمقعد مظنته و ما يستدل به و في الصحاح المعلم الأثر يستدل به على الطريق و المراد هنا إما الآيات‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 70.

362
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

القرآنية لا سيما الآيات الدالة على إمامة أئمة الدين و وجوب متابعتهم أو كل ما يعلم منه حكم من أحكام الدين أصولا و فروعا من الكتاب و السنة بل البراهين القاطعة العقلية أيضا و يمكن شموله لكل ما يعتبر به من آيات الله في الآفاق و الأنفس أو المراد بها أئمة الدين ع فإنهم معالم الحلال و الحرام و الحكم و الأحكام كما مر في الأخبار و النهاية بالكسر الغاية التي ينتهي إليها و المراد هنا إما الإمام بقرينة الإفراد إذ ليس في كل عصر إلا إمام واحد أو المراد نهاية كل شخص في القرب و الكمال بحسب استعداده و قابليته و قيل المستقر في الجنة و القرار دار القرار و قيل المراد به الأجل الموعود و هو بعيد.
قوله بين أجل قد مضى المراد بالأجل هنا العمر و قيل دل هذا على أن الخوف يطلق بالنسبة إلى ما مضى و لا يخفى وهنه لأن الخوف ليس من الأجل بل من العقوبة المترتبة على ما عمل في ما مضى من العمر فالخوف من المستقبل بل المعنى يعمل بين سبب مخافتين و قوله لا يدري ما الله قاض فيه شامل للمصائب الدينية و الدنيوية معا فليأخذ العبد من نفسه لنفسه يعني ليجتهد في الطاعة و العبادة و يروض نفسه بالأعمال الصالحة في أيام قلائل لراحة الأبد و النعيم المخلد و من دنياه لآخرته بأن ينفق ما حصله في دنياه لتحصيل آخرته.
و في الشبيبة قبل الكبر كذا في بعض النسخ الشبيبة بالباءين كسفينة قال الجوهري الشباب الحداثة و كذلك الشبيبة و هو خلاف الشيب و في بعض النسخ و في الشيبة و هي كبر السن و ابيضاض الشعر.
و على الأول و هو الأظهر المعنى و ليعمل في سن الشباب قبل سن الشيخوخة لأنه قد لا يصل إلى الكبر و إن وصل فالعمل في الحالتين أفضل من العمل في حالة واحدة مع أن المرء في الشباب أقوى على العمل منه في المشيب و إذا صار العمل ملكة في الشباب تصير سببا لسهولة العمل عليه في المشيب و أيضا إذا أقبل‏

363
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

على الطاعات في شبابه لا يتكدر و لا يرين مرآة قلبه بالفسوق و المعاصي و إذا أقبل على المعاصي و ران قلبه بها قلما ينفك عنها و لو تركها قلما تصفو نفسه من كدوراتها.
و على الثاني المراد بالكبر سن الهرم و الزمن أي ينبغي أن يغتنم أوائل الشيخوخة للطاعة قبل تعطل القوى و ذهاب العقل فيكون قريبا من الفقرة الآتية و في الحياة قبل الممات أي ينبغي أن يغتنم كل جزء من الحياة و لا يسوف العمل لاحتمال انقطاع الحياة بعده و المستعتب إما مصدر أو اسم مكان و الاستعتاب الاسترضاء قال في النهاية أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي و استعتب طلب أن يرضى عنه كما يقول استرضيته فأرضاني و المعتب المرضي‏
وَ مِنْهُ الْحَدِيثُ لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ وَ إِمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ.
أي يرجع عن الإساءة و يطلب الرضا
وَ مِنْهُ الْحَدِيثُ وَ لَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ.
أي ليس بعد الموت من استرضاء لأن الأعمال بطلت و انقضى زمانها و ما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل و العتبى الرجوع عن الذنب و الإساءة.
8- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «1» قَالَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ وَ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَ يَفْعَلُهُ وَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فَيَحْجُزُهُ ذَلِكَ عَنِ الْقَبِيحِ مِنَ الْأَعْمَالِ فَذَلِكَ الَّذِي خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى«2».
بيان: قوله فذلك الذي إشارة إلى تفسير آية أخرى تنبيها على تقارب مضمون الآيتين و اتحاد الموصول في الموضعين و أن نهي النفس عن الهوى مراد في تلك الآية أيضا فإن الخوف بدون ترك المعاصي ليس بخوف حقيقة و وحدة الجنة فيها لا تنافي التثنية في الأخرى لأن المراد بها الجنس و أشار ع إلى أن الخوف‏
__________________________________________________
 (1) الرحمن: 46.
 (2) الكافي ج 2 ص 70 و الآية في النازعات: 40.

364
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

تابع للعلم كما قال سبحانه إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «1».
9- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي سَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً وَ لَا يَكُونُ خَائِفاً رَاجِياً حَتَّى يَكُونَ عَامِلًا لِمَا يَخَافُ وَ يَرْجُو «2».
10- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُؤْمِنُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا صَنَعَ اللَّهُ فِيهِ وَ عُمُرٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ مِنَ الْمَهَالِكِ فَهُوَ لَا يُصْبِحُ إِلَّا خَائِفاً وَ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْخَوْفُ «3».
11- سن، المحاسن عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى‏ رَبِّهِمْ راجِعُونَ «4» قَالَ يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يُثَابُونَ عَلَيْهِ «5».
12- سن، المحاسن عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يَعْمَلُونَ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ سَيُثَابُونَ عَلَيْهِ «6».
13 الْفَقِيهُ، فِي مَنَاهِي النَّبِيِّ ص مَنْ عُرِضَتْ لَهُ فَاحِشَةٌ أَوْ شَهْوَةٌ فَاجْتَنَبَهَا مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ وَ آمَنَهُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَ أَنْجَزَ لَهُ مَا وَعَدَهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «7».
14- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ وَ هُوَ عَلَى مِنْبَرِهِ وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أُعْطِيَ مُؤْمِنٌ‏
__________________________________________________
 (1) فاطر: 28.
 (2) الكافي ج 2 ص 70.
 (3) الكافي ج 2 ص 70.
 (4) المؤمنون: 60.
 (5) المحاسن ص 247.
 (6) المحاسن ص 247.
 (7) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 7 و 8.

365
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

قَطُّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ وَ رَجَائِهِ لَهُ وَ حُسْنِ خُلُقِهِ وَ الْكَفِّ عَنِ اغْتِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ مُؤْمِناً بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ إِلَّا بِسُوءِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ وَ تَقْصِيرٍ مِنْ رَجَائِهِ وَ سُوءِ خُلُقِهِ وَ اغْتِيَابِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يَحْسُنُ ظَنُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ إِلَّا كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ بِيَدِهِ الْخَيْرَاتُ يَسْتَحْيِي أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ قَدْ أَحْسَنَ بِهِ الظَّنَّ ثُمَّ يُخْلِفَ ظَنَّهُ وَ رَجَاهُ فَأَحْسِنُوا بِاللَّهِ الظَّنَّ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ «1».
بيان قوله ع إلا بحسن ظنه قيل معناه حسن ظنه بالغفران إذا ظنه حين يستغفر و بالقبول إذا ظنه حين يتوب و بالإجابة إذا ظنه حين يدعو و بالكفاية إذا ظنها حين يستكفي لأن هذه صفات لا تظهر إلا إذا حسن ظنه بالله تعالى و كذلك تحسين الظن بقبول العمل عند فعله إياه فينبغي للمستغفر و التائب و الداعي و العامل أن يأتوا بذلك موقنين بالإجابة بوعد الله الصادق فإن الله تعالى وعد بقبول التوبة الصادقة و الأعمال الصالحة و أما لو فعل هذه الأشياء و هو يظن أن لا يقبل و لا ينفعه فذلك قنوط من رحمة الله تعالى و القنوط كبيرة مهلكة و أما ظن المغفرة مع الإصرار و ظن الثواب مع ترك الأعمال فذلك جهل و غرور يجر إلى مذهب المرجئة و الظن هو ترجيح أحد الجانبين بسبب يقتضي الترجيح فإذا خلا عن سبب فإنما هو غرور و تمن للمحال.
15- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: أَحْسِنِ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ بِي إِنْ خَيْراً فَخَيْراً وَ إِنْ شَرّاً فَشَرّاً «2».
بيان: أنا عند حسن ظن عبدي أقول هذا الخبر مروي من طريق العامة أيضا و قال الخطابي معناه أنا عند ظن عبدي في حسن عمله و سوء عمله لأن من حسن عمله حسن ظنه و من ساء عمله ساء ظنه.
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 71.
 (2) الكافي ج 2 ص 72.

366
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

16- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْجَوْهَرِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ أَنْ لَا تَرْجُوَ إِلَّا اللَّهَ وَ لَا تَخَافَ إِلَّا ذَنْبَكَ «1».
بيان: فيه إشارة إلى أن حسن الظن بالله ليس معناه و مقتضاه ترك العمل و الاجتراء على المعاصي اتكالا على رحمة الله بل معناه أنه مع العمل لا يتكل على عمله و إنما يرجو قبوله من فضله و كرمه و يكون خوفه من ذنبه و قصور عمله لا من ربه فحسن الظن لا ينافي الخوف بل لا بد من الخوف و ضمه مع الرجاء و حسن الظن كما مر.
17- كا «2»، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي مَسْرُوقٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ شَعِرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمَكَارِمُ عَشْرٌ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ فِيكَ فَلْتَكُنْ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي الرَّجُلِ وَ لَا تَكُونُ فِي وَلَدِهِ وَ تَكُونُ فِي الْوَلَدِ وَ لَا تَكُونُ فِي أَبِيهِ وَ تَكُونُ فِي الْعَبْدِ وَ لَا تَكُونُ فِي الْحُرِّ قِيلَ وَ مَا هُنَّ قَالَ صِدْقُ الْبَأْسِ وَ صِدْقُ اللِّسَانِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ وَ إِقْرَاءُ الضَّيْفِ وَ إِطْعَامُ السَّائِلِ وَ الْمُكَافَاةُ عَلَى الصَّنَائِعِ وَ التَّذَمُّمُ لِلْجَارِ وَ التَّذَمُّمُ لِلصَّاحِبِ وَ رَأْسُهُنَّ الْحَيَاءُ «3».
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 72.
 (2) من هذا الحديث الى الحديث المرقم 22 خمسة أحاديث منقولة من الكافي باب المكارم، و كما ستطلع على مضامينها، انما يناسب باب جوامع المكارم- و قد كان أراد المؤلّف قدس اللّه سره ذلك و كتب كتابه على صدر الصفحات- من نسخة الأصل و هي عندنا- «جوامع المكارم» رمزا و إشارة الى أنّها من أحاديث باب جوامع المكارم ليلحق بذاك الباب لكنه اختلط نظم الكراس فجعلت هذه الكراسة عند تجليد الكتاب في هذا الموضع كما أشرنا اليه قبل ذلك، و قد اختل نظم تبييض البحار بعد وفاة مؤلّفه رحمه اللّه، و هذا من ذاك.
كما سيجي‏ء في هذا الباب غير ذلك من هذا الاختلال.
 (3) الكافي ج 2 ص 55.

367
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

تبيين في القاموس الكرم محركة ضد اللؤم كرم بضم الراء كرامة فهو كريم و مكرمة و أكرمه و كرمه عظمه و نزهه و الكريم الصفوح و المكرم و المكرمة بضم رائهما فعل الكرم و أرض مكرمة كريمة طيبة انتهى و المكارم جمع المكرمة أي الأخلاق و الأعمال الكريمة الشريفة التي توجب كرم المرء و شرافته فإن استطعت يدل على أن تحصيل تلك الصفات أو كمالها لا يتيسر لكل أحد فإنها من العنايات الربانية و المواهب السبحانية التابعة للطينات الحسنة الطيبة و بين ع بقوله فإنها تكون في الرجل و لا تكون في ولده مع شدة المناسبة و الخلطة و المعاشرة بينهما و كذا العكس و لا مدخل للشرافة النسبية في ذلك و لا الكرامة الدنيوية و بين ع ذلك بقوله و تكون في العبد إلخ.
فإن قيل إذا كانت هذه الصفات من المواهب الربانية فلا اختيار للعباد فيها فلا يتصور التكليف بها و المذمة على تركها قلت يمكن أن يجاب عنه بوجهين الأول أن يكون المراد بالاستطاعة سهولة التحصيل لا القدرة و الاختيار و تكون العناية الإلهية سببا لسهولة الأمر لا التمكن منه الثاني أن تكون الاستطاعة في المستحبات كإقراء الضيف و إطعام السائل و التذمم و الحياء لا في الواجبات كصدق اللسان و أداء الأمانة.
قوله ع صدق البأس في بعض نسخ الكتاب و مجالس الشيخ و غيره «1» بالياء المثناة التحتانية و في بعضها بالباء الموحدة فعلى الأول المراد به اليأس عما في أيدي الناس و قصر النظر على فضله تعالى و لطفه و المراد بصدقه عدم كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره إذ قد يطلق الصدق في غير الكلام من أفعال الجوارح فيقال صدق في القتال إذا وفى حقه و فعل على ما يجب و كما يجب و كذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك و قد يطلق على مطلق الحسن نحو قوله تعالى مَقْعَدِ صِدْقٍ و قَدَمَ صِدْقٍ و على الثاني المراد بالبأس إما الشجاعة و شدة في الحرب و غيره أي الشجاعة
__________________________________________________
 (1) راجع ج 69 باب جوامع المكارم ص 375.

368
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل الله و إظهار الحق و النهي عن المنكر.
أو من البؤس و الفقر كما قيل أريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره و إخباته لخشوع باطنه و إخباته لا يرى التخشع في الظاهر أكثر مما في باطنه انتهى و هو بعيد عن اللفظ إذ الظاهر حينئذ البؤس بالضم و هو خلاف المضبوط من الرسم قال في القاموس البأس العذاب و الشدة في الحرب بؤس ككرم بأسا فهو بئيس شجاع و بئس كسمع بؤسا اشتدت حاجته و التباؤس التفاقر و أن يرى تخشع الفقراء إخباتا و تضرعا انتهى و كأنه أخذه من المعنى الأخير و لا يخفى ما فيه.
و قال بعضهم صدق البأس أي الخوف أو الخضوع أو الشدة و الفقر و منه البائس الفقير أو القوة و صدق الخوف من المعصية بأن يتركها و من التقصير في العمل بأن يسعى في كماله و من عدم الوصول إلى درجة الأبرار بأن يسعى في اكتساب الخيرات و صدق الخضوع بأن يخضع لله لا لغيره و صدق الفقر بأن يترك عن نفسه هواها و متمنياتها و صدق القوة بأن يصرفها في الطاعات انتهى و في أكثرها تكلف مستغنى عنه.
و أداء الأمانة الأمانة ضد الخيانة و ما يؤتمن عليه و كأنها تعم المال و العرض و السر و غيرها من حقوق الله و حقوق النبي و الأئمة ع و سائر الخلق كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى‏ أَهْلِها «1» و قد فسرت الأمانة في هذه الآية و غيرها بالودائع و التكاليف و الإمامة و الخلافة في أخبار كثيرة مر بعضها و في النهاية قد تكرر في الحديث ذكر صلة الرحم و هي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب و الأصهار و التعطف عليهم و الرفق بهم و الرعاية لأحوالهم و كذلك إن بعدوا و أساءوا و قطع الرحم ضد ذلك كله يقال وصل رحمه يصلها وصلا و صلة و الهاء فيها عوض من الواو المحذوفة فكأنه بالإحسان إليهم وصل ما بينه و بينهم من علاقة القرابة و الصهر انتهى و شمولها للأصهار لا يخلو
__________________________________________________
 (1) النساء: 58.

369
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

من نظر و إن كان حسنا.
و إقراء الضيف كذا في نسخ الكتاب و غيره إلا في رواية أخرى رواها الشيخ في المجالس موافقة المضامين لهذه الرواية فإن فيها قرى الضيف و هو أظهر و أوفق لما في كتب اللغة في القاموس قرى الضيف قرى بالكسر و القصر و الفتح و المد إضافة و استقرى و اقترى و أقرى طلب ضيافة انتهى لكن قد نرى كثيرا من الأبنية مستعملة في الأخبار و العرف العام و الخاص لم يتعرض لها اللغويون و قد يقال الإفعال هنا للتعريض نحو أباع البعير.
و قيل إقراء الضيف طلبه للضيافة و لم أدر من أين أخذه و كأنه أخذه من آخر كلام الفيروزآبادي و لا يخفى ما فيه «1» و القرى و الإطعام إما مختصان بالمؤمن أو بالمسلم مطلقا كما يدل عليه بعض الأخبار و إن كان يأباه بعضها أو الأعم منه و من الكفار كما اشتهر على الألسن أكرم الضيف و لو كان كافرا أما الحربي فالظاهر العدم ثم هنا يتفاوتان في الفضل بحسب تفاوت نية القاري أو المطعم و احتياجهما و استحقاق الضيف أو السائل و صلاحهما و الغالب استحبابهما و قد يجبان عند خوف هلاك الضيف و السائل.
و المكافاة على الصنائع أي المجازاة على الإحسان في القاموس كافأه مكافاة و كفاء جازاه و في النهاية الاصطناع افتعال من الصنيعة و هي العطية و الكرامة و الإحسان و لعلها من المستحبات و الآداب لجواز الأخذ من غير عوض‏
لِمَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ الرُّجُلُ الْفَقِيرُ يُهْدِي إِلَيَّ الْهَدِيَّةَ يَتَعَرَّضُ لِمَا عِنْدِي فَآخُذُهَا وَ لَا أُعْطِيهِ شَيْئاً قَالَ نَعَمْ هِيَ لَكَ حَلَالٌ وَ لَكِنْ لَا تَدَعْ أَنْ تُعْطِيَهُ «2».
__________________________________________________
 (1) ذكره مرة في اليائى، و قال: «و أقرى: طلب ضيافة و مرة اخرى في الواوى و قال: «و أقرى: طلب القرى» و لو كان القرى بمعنى الإضافة كان طلب القرى طلب الإضافة و هو المعنى الذي ذكره صاحب القيل.
 (2) الكافي ج 5 ص 143.

370
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

و هذا هو الأشهر الأقوى و عن الشيخ أن مطلق الهبة يقتضي الثواب «1» و مقتضاه لزوم بذله و إن لم يطلبه الواهب و هو بعيد و عن أبي الصلاح أن هبة الأدنى للأعلى تقتضي الثواب فيعوض عنها بمثلها و لا يجوز التصرف فيها ما لم يعوض و الأظهر خلافه نعم إن اشترط الواهب على المتهب العوض و عينه لزم و إن أطلق و لم يتفقا على شي‏ء فالظاهر أنه يلزم المتهب مثل الموهوب أو قيمته إن أراد اللزوم و هل يجب على المتهب الوفاء بالشرط أو له التخيير فيه و في رد العين فيه قولان.
و في النهاية التذمم للصاحب هو أن يحفظ ذمامه و يطرح عن نفسه ذم الناس له إن لم يحفظه و في القاموس تذمم استنكف يقال لو لم أترك الكذب تأثما لتركته تذمما و الحاصل أن يدفع الضرر عمن يصاحبه سفرا أو حضرا و عمن يجاوره في البيت أو في المجلس أيضا أو من أجاره و آمنه خوفا من اللوم و الذم لكنه مقيد بما إذا لم ينته إلى الحمية و العصبية بأن يرتكب المعاصي لإعانته في القاموس الجار المجاور و الذي أجرته من أن يظلم و المجير و المستجير و الحليف و رأسهن الحياء لأن جميع ما ذكر إنما يحصل و يتم بالحياء من الله أو من الخلق فهي بالنسبة إليها كالرأس من البدن و الحياء انقباض النفس عن القبائح و تركها لذلك.
18- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَصَّ رُسُلَهُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَامْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ كَانَتْ فِيكُمْ فَاحْمَدُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ وَ إِنْ لَا تَكُنْ فِيكُمْ فَاسْأَلُوا اللَّهَ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ فِيهَا قَالَ فَذَكَرَ عَشَرَةً الْيَقِينَ وَ الْقَنَاعَةَ وَ الصَّبْرَ وَ الشُّكْرَ وَ الْحِلْمَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ السَّخَاءَ وَ الْغَيْرَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْمُرُوَّةَ قَالَ وَ رَوَى بَعْضُهُمْ بَعْدَ هَذِهِ الْخِصَالِ الْعَشَرَةِ وَ زَادَ فِيهَا الصِّدْقَ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ «2».
__________________________________________________
 (1) يعني بالثواب المكافاة و الجزاء و هو اصطلاح أيضا.
 (2) الكافي ج 2 ص 56.

371
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

بيان: الخلق بالضم ملكة للنفس يصدر عنها الفعل بسهولة و منها ما تكون خلقية و منها ما تكون كسبية بالتفكر و المجاهدة و الممارسة و تمرين النفس عليها فلا ينافي وقوع التكليف بها كما أن البخيل يعطي أولا بمشقة و مجادلة للنفس ثم يكرر ذلك حتى يصير خلقا و عادة له و المراد بتخصيص الرسل بها أن الفرد الكامل منها مقصورة عليهم أو هم مقصورون عليها دون أضدادها فإن الباء قد تدخل على المقصور كما هو المشهور و قد تدخل على المقصور عليه أو المعنى خص الرسل بإنزال المكارم عليهم و أمرهم بتبليغها كما
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ.
و اعلموا أن ذلك من خير أي من خير عظيم أراد الله بكم أو علم الله فيكم من صفاء طينتكم أو من عمل خير أو نية خير صدر عنكم فاستحققتم أن يتفضل عليكم بذلك أو اعلموا أن ذلك من توفيق الله سبحانه و لا يمكن تحصيل ذلك إلا به أو عدوه من الخيرات العظيمة أو خص رسله من بين سائر الخلق بالنبوة و الرسالة و الكرامة بسبب مكارم الأخلاق التي علمها فيهم.
و اليقين أعلى مراتب الإيمان بحيث يبعث على العمل بمقتضاه كما مر و القناعة الاجتزاء باليسير من الأعراض المحتاج إليها يقال قنع يقنع قناعة إذا رضي و الأظهر عندي أنها الاكتفاء بما أعطاه الله تعالى و عدم طلب الزيادة منه قليلا كان أم كثيرا و الصبر هو حبس النفس عن الجزع عند المصيبة و عن ترك الطاعة لمشقتها و عن ارتكاب المعصية لغلبة شهوتها و الشكر مكافاة نعم الله في جميع الأحوال باللسان و الجنان و الأركان و الحلم ضبط النفس عن المبادرة إلى الانتقام فيما يحسن لا مطلقا.
و حسن الخلق هو المعاشرة الجميلة مع الناس بالبشاشة و التودد و التلطف و الإشفاق و احتمال الأذى عنهم و السخاء بذل المال بسهولة على قدر لا يؤدي إلى الإسراف في موضعه و أفضله ما كان بغير سؤال و الغيرة الحمية في الدين و ترك المسامحة فيما يرى في نسائه و حرمه من القبائح لا تغير الطبع بالباطل و الحمية

372
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

فيه و القتل و الضرب بالظن من غير ثبوت شي‏ء عليه شرعا و أمثال ذلك و الشجاعة الجرأة في الجهاد مع أعادي الدين مع تحقق شرائطه و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و مجاهدة النفس و الشيطان.
و المروءة بالهمز و قد يشدد الواو بتخفيف الهمزة هي الإنسانية و هي صفات إذا كانت في الإنسان يحق أن يسمى إنسانا أو يحق للإنسان من حيث إنه إنسان أن يأتي بها فهو مشتق من المرء فهي من أمهات الصفات الكمالية قال في المصباح المروءة آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل العادات انتهى و قريب منه معنى الفتوة و يعبر عنها بالفارسية بمردي و جوانمردي و يرجع أكثر ما يندرج فيه إلى البذل و السخاء و حسن المعاشرة و كثرة النفع للعباد و الإتيان بما يعظم عند الناس من ذلك.
وَ رَوَى الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ بِسَنَدٍ مَرْفُوعٍ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ تَذَاكَرْنَا أَمْرَ الْفُتُوَّةِ عِنْدَهُ فَقَالَ أَ تَظُنُّونَ أَنَّ الْفُتُوَّةَ بِالْفِسْقِ وَ الْفُجُورِ إِنَّمَا الْفُتُوَّةُ طَعَامٌ مَوْضُوعٌ وَ نَائِلٌ مَبْذُولٌ وَ بِشْرٌ مَعْرُوفٌ وَ أَذًى مَكْفُوفٌ وَ أَمَّا تِلْكَ فَشَطَارَةٌ «1» وَ فِسْقٌ ثُمَّ قَالَ مَا الْمُرُوءَةُ قُلْنَا لَا نَعْلَمُ قَالَ الْمُرُوءَةُ وَ اللَّهِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ خِوَانَهُ فِي فِنَاءِ دَارِهِ «2».
قوله قال و روى بعضهم الظاهر أن فاعل قال البرقي حيث روى من كتابه و يحتمل ابن مسكان أيضا و على التقديرين قوله روى و زاد فيها تنازعا في الصدق فقوله و زاد فيها تأكيد للكلام السابق لئلا يتوهم أنه أتى بهما بدلا من خصلتين من العشر تركهما فلا بد من سقوط عشرة من الرواية الأخيرة كما في الرواية الآتية أو إبدالها باثنتي عشرة و يحتمل أن يكون المراد بقوله و زاد فيها أنه زاد في الأصل العدد أيضا بما ذكرنا من الإبدال و الله أعلم بحقيقة الحال.
__________________________________________________
 (1) الشطارة بالفتح اعياء الرجل اهله لؤما و خبثا، و ترك موافقتهم.
 (2) معاني الأخبار ص 119.

373
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

19- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ بَكْرٌ وَ أَظُنُّنِي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّا لَنُحِبُّ مَنْ كَانَ عَاقِلًا فَهِماً فَقِيهاً حَلِيماً مُدَارِياً صَبُوراً صَدُوقاً وَفِيّاً إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَصَّ الْأَنْبِيَاءَ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْيَسْأَلْهُ إِيَّاهَا قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا هُنَّ قَالَ هُنَّ الْوَرَعُ وَ الْقَنَاعَةُ وَ الصَّبْرُ وَ الشُّكْرُ وَ الْحِلْمُ وَ الْحَيَاءُ وَ السَّخَاءُ وَ الشَّجَاعَةُ وَ الْغَيْرَةُ وَ الْبِرُّ وَ صِدْقُ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ «1».
بيان: قد مر تفسير العقل في أول الكتاب و الأظهر هنا أنه ملكة للنفس تدعو إلى اختيار الخير و النافع و اجتناب الشرور و المضار و بها تقوى النفس على زجر الدواعي الشهوية و الغضبية و الوساوس الشيطانية و الفهم هو جودة تهيئ الذهن لقبول ما يرد عليه من الحق و ينتقل من المبادي إلى المطالب بسرعة و الفقه العلم بالأحكام من الحلال و الحرام و بالأخلاق و آفات النفوس و موانع القرب من الحق و قيل بصيرة قلبية في أمر الدين تابعة للعلم و العمل مستلزمة للخوف و الخشية.
و قال الراغب الفقه هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم قال تعالى فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً «2» بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ «3» إلى غير ذلك من الآيات و الفقه العلم بأحكام الشريعة يقال فقه الرجل إذا صار فقيها و تفقه إذا طلبه فتخصص به قال تعالى لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ «4» و المداراة الملاطفة و الملاينة مع الناس و ترك مجادلتهم و مناقشتهم و قد
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 56.
 (2) النساء: 78.
 (3) الأنفال: 65، براءة: 127، الحشر: 13.
 (4) براءة: 122.

374
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

يهمز قال في القاموس درأه كجعله دفعه و دارأته داريته و دافعته و لاينته ضد و في النهاية فيه كان لا يداري و لا يماري أي لا يشاغب و لا يخالف و هو مهموز فأما المداراة في حسن الخلق و الصحبة فغير مهموز و قد يهمز انتهى.
و الوفي الكثير الوفاء بعهود الله و عهود الخلق و هو قريب من الصدق ملازم له‏
كَمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الْوَفَاءُ تَوْأَمُ الصِّدْقِ «1».
و يومئ الحديث إلى التحريص على محبة الموصوف بالصفات المذكورة و اختيار مصاحبته و الورع قريب من التقوى بل أخص منها ببعض معانيها فإنه يعتبر فيه الكف عن الشبهات بل المكروهات و بعض المباحات قال في النهاية فيه ملاك الدين الورع الورع في الأصل الكف عن المحارم و التحرج منه ثم استعير للكف عن المباح و الحلال و البر هو الإحسان بالوالدين و الأقربين بل بالناس أجمعين و قد يطلق على جميع الأعمال الصالحة و الخيرات.
20- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ وَ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ رِجَالِكُمْ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ مِنْ خَيْرِ رِجَالِكُمُ التَّقِيَّ النَّقِيَّ السَّمِحَ الْكَفَّيْنِ النَّقِيَّ الطَّرَفَيْنِ الْبَرَّ بِوَالِدَيْهِ وَ لَا يُلْجِئُ عِيَالَهُ إِلَى غَيْرِهِ «2».
توضيح بخير رجالكم ربما يتوهم التنافي بين هذا و بين قوله من خير رجالكم و أجيب بأن المراد بالأول الصنف و بالثاني كل فرد من هذا الصنف أو الحصر في الأول إضافي بالنسبة إلى من لم يوجد فيه الصفات المذكورة دون الخير على الإطلاق.
و أقول يحتمل أن يكون ع أراد ذكر الكل ثم اكتفى بذكر البعض أو المراد أن المتصف بكل من الصفات المذكورة من جملة الخير أو المراد بقوله بخير رجالكم ببعضهم بقرينة الأخير و مرجعه إلى بعض الوجوه المتقدمة
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 1 ص 100.
 (2) الكافي ج 2 ص 57.
                       

375
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

التقي أي من الشرك و ما يوجب الخروج من الإيمان أو من سائر المعاصي أيضا فقوله النقي الطرفين تخصيص بعد التعميم أو المراد به الاحتراز عن الشبهات و النقي النظيف الطاهر من الأوساخ الجسمانية و الأدناس النفسانية من رذائل العقائد و الأخلاق.
السمح الكفين قال في النهاية سمح و أسمح إذا جاد و أعطى عن كرم و سخاء انتهى و الإسناد إلى الكفين لظهور العطاء منهما و التثنية للمبالغة أو إشارة إلى عطاء الواجبات و المندوبات النقي الطرفين أي الفرج عن الحرام و الشبهة و اللسان عن الكذب و الخناء و الافتراء و الفحش و الغيبة و سائر المعاصي و ما لا يفيد من الكلام أو الفرجين أو الفرج و الفم عن أكل الحرام و الشبهة أو المراد كريم الأبوين و الأول أظهر قال في النهاية طرفا الإنسان لسانه و ذكره و منه قولهم لا يدري أي طرفيه أطول و فيه و ما أدري أي طرفيه أسرع أراد حلقه و دبره أي أصابه القي‏ء و الإسهال فلم أدر أيهما أسرع خروجا من كثرته انتهى و المعنى الثالث أيضا حسن‏
لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ النَّارَ الْأَجْوَفَانِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْأَجْوَفَانِ قَالَ الْفَرْجُ وَ الْفَمُ «1».
و أيضا قرنوا في أخبار كثيرة في بيان المهلكات بين شهوة البطن و الفرج‏
وَ رَوَى فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ ضَمِنَ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ.
و حمله الأكثر على المعنى الأول قال الصدوق رحمه الله يعني من ضمن لي لسانه و فرجه و أسباب البلايا تنفتح من هذين العضوين انتهى.
البر بوالديه أي المحسن إليهما و المطيع لهما و المتحري لمحابهما و لا يلجئ عياله إلى غيره أي لم يضطرهم لعدم الإنفاق عليهم مع القدرة عليه إلى السؤال عن غيره يقال ألجأته إليه و لجأته بالهمزة و التضعيف أي اضطررته و كرهته «2».
21- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ وَ لَوْ كَانَ مِنْ قَرْنِهِ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 39.
 (2) في نسخة الأصل هناك صفحة زائدة راجع بيانها في مقدمتنا على هذا الجزء.

376
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

إِلَى قَدَمِهِ خَطَايَا لَمْ تَنْقُصْهُ الصِّدْقُ وَ الْحَيَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ الشُّكْرُ «1».
بيان: كأن المراد برجل من بني هاشم الصادق ع عبر هكذا لشدة التقية أو الرجل راو و ضمير قال له ع أربع أي أربع خصال لم تنقصه ضمير المفعول للإسلام أو الموصول أي لم ينقصه شيئا من الإسلام و قيل أي يوفقه الله للتوبة بسبب تلك الخصال فلا ينقصه شيئا من ثواب الآخرة مع أن حصول تلك الصفات يوجب ترك أكثر المعاصي و يستلزمه.
22- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنْ سَعْدٍ وَ الْحِمْيَرِيِّ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْبَطَائِنِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يَنْبُشُ الْقُبُورَ فَاعْتَلَّ جَارٌ لَهُ فَخَافَ الْمَوْتَ فَبَعَثَ إِلَى النَّبَّاشِ فَقَالَ كَيْفَ كَانَ جِوَارِي لَكَ قَالَ أَحْسَنَ جِوَارٍ قَالَ فَإِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً قَالَ قُضِيَتْ حَاجَتُكَ قَالَ فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ كَفَنَيْنِ فَقَالَ أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْكَ وَ إِذَا دُفِنْتُ فَلَا تَنْبُشْنِي فَامْتَنَعَ النَّبَّاشُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَهُ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَخَذَ أَحَبَّهُمَا وَ مَاتَ الرَّجُلُ فَلَمَّا دُفِنَ قَالَ النَّبَّاشُ هَذَا قَدْ دُفِنَ فَمَا عِلْمُهُ بِأَنِّي تَرَكْتُ كَفَنَهُ أَوْ أَخَذْتُهُ لَآخُذَنَّهُ فَأَتَى قَبْرَهُ فَنَبَشَهُ فَسَمِعَ صَائِحاً يَقُولُ وَ يَصِيحُ بِهِ لَا تَفْعَلْ فَفَزِعَ النَّبَّاشُ مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكَهُ وَ تَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَ قَالَ لِوُلْدِهِ أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا نِعْمَ الْأَبُ كُنْتَ لَنَا قَالَ فَإِنَّ لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةً قَالُوا قُلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّا سَنَصِيرُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَأُحِبُّ إِذَا أَنَا مِتُّ أَنْ تَأْخُذُونِي فَتُحْرِقُونِي بِالنَّارِ فَإِذَا صِرْتُ رَمَاداً فَدِفُّونِي «2» ثُمَّ تَعَمَّدُوا بِي رِيحاً عَاصِفاً فَذُرُّوا نِصْفِي فِي الْبَرِّ وَ نِصْفِي فِي الْبَحْرِ قَالُوا نَفْعَلُ فَلَمَّا مَاتَ فَعَلَ بَعْضُ وُلْدِهِ مَا أَوْصَاهُمْ بِهِ فَلَمَّا ذَرُّوهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْبَرِّ اجْمَعْ مَا فِيكَ وَ قَالَ لِلْبَحْرِ اجْمَعْ مَا فِيكَ فَإِذَا الرَّجُلُ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا أَوْصَيْتَ وُلْدَكَ أَنْ يَفْعَلُوهُ بِكَ قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) في نسخة الأصل و هكذا الكمبانيّ تكرر هنا الحديث 20 مع شرحها.
 (2) يقال دف الشي‏ء: استأصله و نسفه.

377
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ وَ عِزَّتِكَ خَوْفُكَ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فَإِنِّي سَأُرْضِي خُصُومَكَ وَ قَدْ آمَنْتُ خَوْفَكَ وَ غَفَرْتُ لَكَ «1».
23- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُثَنًّى عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يَقُولُ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ص مُسْتَظِلٌّ بِظِلِّ شَجَرَةٍ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَنَزَعَ ثِيَابَهُ ثُمَّ جَعَلَ يَتَمَرَّغُ فِي الرَّمْضَاءِ يَكْوِي ظَهْرَهُ مَرَّةً وَ بَطْنَهُ مَرَّةً وَ جَبْهَتَهُ مَرَّةً وَ يَقُولُ يَا نَفْسُ ذُوقِي فَمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْظَمُ مِمَّا صَنَعْتُ بِكِ وَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ إِلَى مَا يَصْنَعُ ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ لَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ص بِيَدِهِ وَ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ شَيْئاً مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ صَنَعَهُ فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ الرَّجُلُ حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ مَخَافَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُلْتُ لِنَفْسِي يَا نَفْسُ ذُوقِي فَمَا عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِمَّا صَنَعْتُ بِكِ «2» فَقَالَ النَّبِيُّ ص لَقَدْ خِفْتَ رَبَّكَ حَقَّ مَخَافَتِهِ فَإِنَّ رَبَّكَ لَيُبَاهِي بِكَ أَهْلَ السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَا مَعَاشِرَ مَنْ حَضَرَ ادْنُوا مِنْ صَاحِبِكُمْ حَتَّى يَدْعُوَ لَكُمْ فَدَنَوْا مِنْهُ فَدَعَا لَهُمْ وَ قَالَ لَهُمْ اللَّهُمَّ اجْمَعْ أَمْرَنَا عَلَى الْهُدَى وَ اجْعَلِ «3» التَّقْوَى زَادَنَا وَ الْجَنَّةَ مَآبَنَا «4».
24- لي، الأمالي للصدوق سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَى وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا «5».
25- لي، الأمالي للصدوق فِي خَبَرِ مَنَاهِي النَّبِيِّ ص قَالَ ص مَنْ عَرَضَتْ لَهُ فَاحِشَةٌ أَوْ شَهْوَةٌ فَاجْتَنَبَهَا مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ وَ آمَنَهُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَ أَنْجَزَ لَهُ مَا وَعَدَهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «6».
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 197.
 (2) ما بين العلامتين ساقط من الأصل و الكمبانيّ أضفناه من المصدر.
 (3) ما بين العلامتين ساقط من الأصل و الكمبانيّ أضفناه من المصدر.
 (4) أمالي الصدوق ص 205.
 (5) أمالي الصدوق ص 237.
 (6) أمالي الصدوق ص 257، و الآية في سورة الرحمن: 46.

378
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

26- فس، تفسير القمي قَالَ الصَّادِقُ ع كَفَى بِخَشْيَةِ اللَّهِ عِلْماً وَ كَفَى بِالاغْتِرَارِ بِاللَّهِ جَهْلًا.
- 27- فس، تفسير القمي وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏ «1» قَالَ هُوَ الْعَبْدُ إِذَا وَقَفَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ قَدَرَ عَلَيْهَا ثُمَّ يَتْرُكُهَا مَخَافَةَ اللَّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنْهَا فَمُكَافَاتُهُ الْجَنَّةُ «2».
28- ل، الخصال الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ الْمُعَاذِ عَنِ الْحُسَيْنِ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَ لَا أَجْمَعُ لَهُ أَمْنَيْنِ فَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا آمَنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «3».
أقول: قد مر كثير من الأخبار في باب جوامع المكارم و في باب صفات الشيعة و سيأتي في أبواب المواعظ.
29- ل، الخصال الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ شُجَاعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص بَيْنَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ يَا هَؤُلَاءِ وَ اللَّهِ مَا يُنْجِيكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَجِيرٌ عَمِلَ لِي عَلَى فَرَقِ «4» أَرُزٍّ فَزَرَعْتُهُ فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ إِلَى أَنِ اشْتَرَيْتُ مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ بَقَراً ثُمَّ أَتَانِي فَطَلَبَ أَجْرَهُ فَقُلْتُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَسُقْهَا فَقَالَ إِنَّمَا لِي عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ فَقُلْتُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَسُقْهَا فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ فَسَاقَهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ‏
__________________________________________________
 (1) النازعات: 41.
 (2) تفسير القمّيّ ص 711.
 (3) الخصال ج 1 ص 39.
 (4) الفرق مكيال يسع ستة عشر رطلا.

379
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَانْسَاحَتِ الصَّخْرَةُ عَنْهُمْ وَ قَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ «1» أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِي فَأَبْطَأَتُ عَلَيْهِمَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَتَيْتُهُمَا وَ قَدْ رَقَدَا وَ أَهْلِي وَ عِيَالِي يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ «2» وَ كُنْتُ لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَايَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ رَقْدَتِهِمَا وَ كَرِهْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَيَسْتَيْقِظَا «3» لِشُرْبِهِمَا فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُهُمَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ وَ أَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ عَلَيَّ إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ عَلَيْهَا فَجِئْتُ بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ عَنْهَا وَ تَرَكْتُ لَهَا الْمِائَةَ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَفَرَّجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا «4».
أقول: قد مضى بإسناد آخر في باب قصة أصحاب الكهف «5» و أوردناه بتغيير ما في باب الإخلاص «6» ..
30- ل، الخصال أَنْوَاعُ الْخَوْفِ خَمْسَةٌ خَوْفٌ وَ خَشْيَةٌ وَ وَجَلٌ وَ رَهْبَةٌ وَ هَيْبَةٌ
__________________________________________________
 (1) ما بين العلامتين ساقط من الأصل أضفناه من المصدر، و قد تنبه لذلك مصحح طبعة الكمبانيّ، لكنه استدرك السقط طبقا لرواية المحاسن المتقدمة في باب الإخلاص فراجع.
 (2) يقال: تضاغى من الطوى: تضور من الجوع و صاح، و منه قولهم «بات صبيانه يتضاغون من الجوع».
 (3) يعني يستيقظان لاثر الجوع فلا يأخذهما النوم و يبتليان بالسهر.
 (4) الخصال ج 1 ص 87.
 (5) راجع ج 14 ص 426 و 421 نقلا عن أمالي الطوسيّ ج 2 ص 10 و ص 252 ط الحجرية و قصص الأنبياء.
 (6) نقله عن المحاسن ص 253 راجع ص 244 فيما مضى.

380
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

فَالْخَوْفُ لِلْعَاصِينَ وَ الْخَشْيَةُ لِلْعَالِمِينَ وَ الْوَجَلُ لِلْمُخْبِتِينَ وَ الرَّهْبَةُ لِلْعَابِدِينَ وَ الْهَيْبَةُ لِلْعَارِفِينَ أَمَّا الْخَوْفُ فَلِأَجْلِ الذُّنُوبِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «1» وَ الْخَشْيَةُ لِأَجْلِ رُؤْيَةِ التَّقْصِيرِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «2» وَ أَمَّا الْوَجَلُ فَلِأَجْلِ تَرْكِ الْخِدْمَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ «3» وَ الرَّهْبَةُ لِرُؤْيَةِ التَّقْصِيرِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ «4» يُشِيرُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى.
وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى سُمِعَ لِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْهَيْبَةِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ رَفَعَهُ إِلَى بَعْضِ الصَّالِحِينَ ع «5».
31- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَا كَانَ عَبْدٌ لِيَحْبِسَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ «6».
32- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْكِنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ: مَنْ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَ مَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ الْخَبَرَ «7».
33- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: فِي‏
__________________________________________________
 (1) الرحمن: 46.
 (2) فاطر: 28.
 (3) الأنفال: 2.
 (4) آل عمران: 28 و 30.
 (5) الخصال ج 1 ص 135.
 (6) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 122.
 (7) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 139.

381
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ يَا ابْنَ آدَمَ كَيْفَ تَتَكَلَّمُ بِالْهُدَى وَ أَنْتَ لَا تُفِيقُ عَنِ الرَّدَى يَا ابْنَ آدَمَ أَصْبَحَ قَلْبُكَ قَاسِياً وَ أَنْتَ لِعَظَمَةِ اللَّهِ نَاسِياً فَلَوْ كُنْتَ بِاللَّهِ عَالِماً وَ بِعَظَمَتِهِ عَارِفاً لَمْ تَزَلْ مِنْهُ خَائِفاً وَ لمن وعده [لِوَعْدِهِ‏] رَاجِياً وَيْحَكَ كَيْفَ لَا تَذْكُرُ لَحْدَكَ وَ انْفِرَادَكَ فِيهِ وَحْدَكَ «1».
34- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَمِّ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُصْبِحُ إِلَّا خَائِفاً وَ إِنْ كَانَ مُحْسِناً وَ لَا يُمْسِي إِلَّا خَائِفاً وَ إِنْ كَانَ مُحْسِناً لِأَنَّهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ بَيْنَ وَقْتٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِهِ وَ بَيْنَ أَجَلٍ قَدِ اقْتَرَبَ لَا يَدْرِي مَا يُصِيبُهُ مِنَ الْهَلَكَاتِ الْخَبَرَ «2».
35- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ ابْنَ آدَمَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ لَكَ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِكَ وَ مَا كَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هَمِّكَ وَ مَا كَانَ الْخَوْفُ لَكَ شِعَاراً وَ الْحُزْنُ لَكَ دِثَاراً ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ مَبْعُوثٌ وَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَسْئُولٌ فَأَعِدَّ جَوَاباً «3».
36- ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِالْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع لِلْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ يَا مُعَلَّى اعْتَزِزْ بِاللَّهِ يُعْزِزْكَ اللَّهُ قَالَ بِمَا ذَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ يَا مُعَلَّى خَفِ اللَّهَ يُخِفْ مِنْكَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ الْخَبَرَ «4».
37- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ بُسْرَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ رَهْطٍ يَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 206.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 211.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 114.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 310.

382
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ فَبَيْنَمَا هُمْ فِيهِ انْحَطَّتْ صَخْرَةٌ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَفْضَلَ أَعْمَالٍ عَمِلْتُمُوهَا فَاسْأَلُوهُ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُ عَنْكُمْ قَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ كَبِيرَانِ وَ كَانَتْ لِيَ امْرَأَةٌ وَ أَوْلَادٌ صِغَارٌ فَكُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ فَإِذَا أَرَحْتُ عَلَيْهِمْ غَنَمِي بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ فَسَقَيْتُهُمَا فَلَمْ آتِ حَتَّى نَامَ أَبَوَايَ فَطَيَّبْتُ الْإِنَاءَ ثُمَّ حَلَبْتُ ثُمَّ قُمْتُ بِحِلَابِي عِنْدَ رَأْسِ أَبَوَيَّ وَ الصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ أَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِهِمْ قَبْلَ أَبَوَيَّ وَ أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ فَفُرِّجَ لَهُ فُرْجَةٌ فَرَأَى مِنْهَا السَّمَاءَ وَ قَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي بِنْتُ عَمٍّ فَأَحْبَبْتُهَا حُبّاً كَانَتْ أَعَزَّ النَّاسِ إِلَيَّ فَسَأَلْتُهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا حَتَّى تَأْتِيَنِي بِمِائَةِ دِينَارٍ فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَلَمَّا كُنْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ عَنْهَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فِيهَا فُرْجَةً فَفَرَّجَ اللَّهُ لَهُمْ فِيهَا فُرْجَةً وَ قَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيراً بِفَرَقِ ذُرَةٍ فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ عَرَضْتُ عَلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا وَ رَغِبَ عَنْهُ فَلَمْ أَزَلْ أَعْتَمِلُ بِهِ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَراً وَ رُعَاءَهَا فَجَاءَنِي وَ قَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَ أَعْطِنِي حَقِّي وَ لَا تَظْلِمْنِي فَقُلْتُ لَهُ اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَ رُعَاتِهَا فَخُذْهَا فَذَهَبَ وَ اسْتَاقَهَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا مَا بَقِيَ مِنْهَا فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ «1».
38- ع، علل الشرائع «2» أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ قَوْماً أَصَابُوا ذُنُوباً فَخَافُوا مِنْهَا وَ أَشْفَقُوا فَجَاءَهُمْ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَالُوا لَهُمْ مَا لَكُمْ فَقَالُوا إِنَّا أَصَبْنَا ذُنُوباً فَخِفْنَا مِنْهَا وَ أَشْفَقْنَا فَقَالُوا لَهُمْ نَحْنُ نَحْمِلُهَا عَنْكُمْ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَخَافُونَ وَ تَجْتَرِءُونَ عَلَيَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ.
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 10، و قد مر الإشارة الى الحديث قبل ذلك.
 (2) علل الشرائع ج 2 ص 209.

383
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

39- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَا يُجَرِّئُكَ عَلَى مَعَاصِيهِ وَ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَا يُؤْيِسُكَ مِنْ رَحْمَتِهِ «1».
40- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْقَاشَانِيِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: كَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ يَا بُنَيَّ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَوْ وَافَيْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ خِفْتَ أَنْ يُعَذِّبَكَ وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ وَافَيْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ رَجَوْتَ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ «2».
أقول: قد مضى بإسناد آخر في باب مواعظ لقمان «3».
41- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْقَاشَانِيِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْخَائِفُ مَنْ لَمْ يَدَعْ لَهُ الرَّهْبَةُ لِسَاناً يَنْطِقُ بِهِ «4».
42- فس، تفسير القمي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع حَدِيثٌ تَرْوِيهِ النَّاسُ فِي مَنْ يُؤْمَرُ بِهِ آخِرَ النَّاسِ إِلَى النَّارِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ آخِرَ عَبْدٍ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ فَإِذَا أُمِرَ بِهِ الْتَفَتَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ رُدُّوهُ فَيَرُدُّونَهُ فَيَقُولُ لَهُ لِمَ الْتَفَتَّ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَمْ يَكُنْ ظَنِّي بِكَ هَذَا فَيَقُولُ وَ مَا كَانَ ظَنُّكَ بِي فَيَقُولُ يَا رَبِّ كَانَ ظَنِّي بِكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي وَ تُسْكِنَنِي جَنَّتَكَ قَالَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ يَا مَلَائِكَتِي وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ آلَائِي وَ عُلُوِّي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي مَا ظَنَّ بِي عَبْدِي هَذَا سَاعَةً مِنْ خَيْرٍ قَطُّ وَ لَوْ ظَنَّ بِي سَاعَةً مِنْ خَيْرٍ مَا رَوَّعْتُهُ بِالنَّارِ أَجِيزُوا لَهُ كَذِبَهُ وَ أَدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَظُنُّ بِاللَّهِ خَيْراً إِلَّا كَانَ عِنْدَ ظَنِّهِ بِهِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق ص 10.
 (2) أمالي الصدوق ص 397.
 (3) راجع ج 13 ص 412 من هذه الطبعة الحديثة.
 (4) معاني الأخبار ص 238.

384
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ «1».
43- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ مِثْلَهُ «2» بِتَغْيِيرٍ مَا وَ قَدْ مَضَى فِي بَابِ مَا يَظْهَرُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فِي الْقِيَامَةِ.
أقول: قد مر بعض الأخبار في باب التوكل و التفويض.
44- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام جَعْفَرُ بْنُ نُعَيْمٍ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: أَحْسِنْ بِاللَّهِ الظَّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ بِي إِنْ خَيْرٌ فَخَيْرٌ وَ إِنَّ شَرٌّ فَشَرٌّ «3».
45- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنِ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَتَّكِلِ الْعَامِلُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَ بِهَا لِثَوَابِي فَإِنَّهُمْ لَوِ اجْتَهَدُوا وَ أَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ أَعْمَارَهُمْ فِي عِبَادَتِي كَانُوا مُقَصِّرِينَ غَيْرَ بَالِغِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ كُنْهَ عِبَادَتِي فِيمَا يَطْلُبُونَ مِنْ كَرَامَتِي وَ النَّعِيمِ فِي جَنَّاتِي وَ رَفِيعِ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي جِوَارِي وَ لَكِنْ بِرَحْمَتِي فَلْيَثِقُوا وَ فَضْلِي فَلْيَرْجُوا وَ إِلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِي فَلْيَطْمَئِنُّوا فَإِنَّ رَحْمَتِي عِنْدَ ذَلِكَ تُدْرِكُهُمْ وَ بِمَنِّي أُبَلِّغُهُمْ رِضْوَانِي وَ أُلْبِسُهُمْ عَفْوِي فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ بِذَلِكَ تَسَمَّيْتُ «4».
46- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحَفَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ هَانِئِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 592، و الآية في فصلت: 23.
 (2) ثواب الأعمال ص 157، و قد مضى في ج 7 ص 287.
 (3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 20 في حديث.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 215.

385
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

ثَمَنُ الْجَنَّةِ «1».
47- ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا عَلِيُّ لَا تُشَاوِرَنَّ جَبَاناً فَإِنَّهُ يُضَيِّقُ عَلَيْكَ الْمَخْرَجَ وَ لَا تُشَاوِرَنَّ الْبَخِيلَ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِكَ عَنْ غَايَتِكَ وَ لَا تُشَاوِرَنَّ حَرِيصاً فَإِنَّهُ يُزَيِّنُ لَكَ شَرَهاً وَ اعْلَمْ يَا عَلِيُّ أَنَّ الْجُبْنَ وَ الْبُخْلَ وَ الْحِرْصَ غَرِيزَةٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ «2».
48- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: يَا إِسْحَاقُ خَفِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ فَإِنْ كُنْتَ تَرَى أَنَّهُ لَا يَرَاكَ فَقَدْ كَفَرْتَ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَرَاكَ ثُمَّ اسْتَتَرْتَ عَنِ الْمَخْلُوقِينَ بِالْمَعَاصِي وَ بَرَزْتَ لَهُ بِهَا فَقَدْ جَعَلْتَهُ فِي حَدِّ أَهْوَنِ النَّاظِرِينَ إِلَيْكَ «3».
49- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ قَوْماً أَذْنَبُوا ذُنُوباً كَثِيرَةً فَأَشْفَقُوا مِنْهَا وَ خَافُوا خَوْفاً شَدِيداً وَ جَاءَ آخَرُونَ فَقَالُوا ذُنُوبُكُمْ عَلَيْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَافُونِي وَ اجْتَرَأْتُمْ «4».
سن، المحاسن أبي عن ابن أبي عمير مثله «5».
50- سن، المحاسن أَبِي رَفَعَهُ إِلَى سَلْمَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: قَالَ أَضْحَكَتْنِي ثَلَاثٌ وَ أَبْكَتْنِي ثَلَاثٌ فَأَمَّا الثَّلَاثُ الَّتِي أَبْكَتْنِي فَفِرَاقُ الْأَحِبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ حِزْبِهِ وَ الْهَوْلُ عِنْدَ غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَ الْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَ تَكُونُ السَّرِيرَةُ
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 389.
 (2) الخصال ج 1 ص 50.
 (3) ثواب الأعمال ص 133.
 (4) ثواب الأعمال ص 216.
 (5) المحاسن: ص 116.

386
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

عَلَانِيَةً لَا أَدْرِي إِلَى الْجَنَّةِ أَصِيرُ أَمْ إِلَى النَّارِ وَ أَمَّا الثَّلَاثُ الَّتِي أَضْحَكَتْنِي فَغَافِلٌ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ طَالِبُ الدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ وَ ضَاحِكٌ مِلْ‏ءَ فِيهِ لَا يَدْرِي أَ رَاضٍ عَنْهُ سَيِّدُهُ أَمْ سَاخِطٌ عَلَيْهِ «1».
51- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: يُوقَفُ عَبْدٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْمُرُ بِهِ إِلَى النَّارِ فَيَقُولُ لَا وَ عِزَّتِكَ مَا كَانَ هَذَا ظَنِّي بِكَ فَيَقُولُ مَا كَانَ ظَنُّكَ بِي فَيَقُولُ كَانَ ظَنِّي بِكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَمَا وَ اللَّهِ مَا ظَنَّ بِهِ فِي الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ وَ لَوْ كَانَ ظَنَّ بِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ مَا أَوْقَفَهُ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ لِمَا رَأَى مِنَ الْعَفْوِ «2».
أقول: أوردنا مثله في باب ما يظهر من رحمة الله تعالى في القيامة «3».
52- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: خَرَجَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ عَلَى شَبَابٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَفْتَنَتْهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ الْعَابِدُ فُلَاناً لَوْ رَآهَا أَفْتَنَتْهُ وَ سَمِعَتْ مَقَالَتَهُمْ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ لَا أَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِي حَتَّى أَفْتِنَهُ فَمَضَتْ نَحْوَهُ فِي اللَّيْلِ فَدَقَّتْ عَلَيْهِ فَدَلَكَ «4» فَقَالَتْ آوِي عِنْدَكَ فَأَبَى عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ بَعْضَ شَبَابِ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَاوَدُونِي عَنْ نَفْسِي فَإِنْ أَدْخَلْتَنِي وَ إِلَّا لَحِقُونِي وَ فَضَحُونِي فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتَهَا فَتَحَ لَهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ رَمَتْ بِثِيَابِهَا فَلَمَّا رَأَى جَمَالَهَا وَ هَيْئَتَهَا وَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَ قَدْ كَانَ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى النَّارِ فَقَالَتْ أَيَّ شَيْ‏ءٍ تَصْنَعُ فَقَالَ أُحْرِقُهَا لِأَنَّهَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ فَخَرَجَتْ حَتَّى أَتَتْ جَمَاعَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَتْ أَلْحِقُوا
__________________________________________________
 (1) المحاسن ص 4.
 (2) المحاسن ص 25.
 (3) راجع ج 7 ص 286- 290.
 (4) أي ماطله و لم يفتح لها الباب و في بعض النسخ لا توجد هذه الكلمة.

387
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

فُلَاناً فَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى النَّارِ فَأَقْبَلُوا فَلَحِقُوهُ وَ قَدِ احْتَرَقَتْ يَدُهُ.
53- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ عَابِداً كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَضَافَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَهَمَّ بِهَا فَأَقْبَلَ كُلَّمَا هَمَّ بِهَا قَرَّبَ إِصْبَعاً مِنْ أَصَابِعِهِ إِلَى النَّارِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى أَصْبَحَ فَقَالَ اخْرُجِي لَبِئْسَ الضَّيْفُ كُنْتِ لِي.
54- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ رَفَعَهُ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا يُصَلِّي وَ يَبْكِي حَتَّى ذَهَبَ لَحْمُ خَدِّهِ وَ جَعَلَ لَبَداً وَ أَلْزَقَهُ بِخَدِّهِ حَتَّى يَجْرِيَ الدُّمُوعُ عَلَيْهِ وَ كَانَ لَا يَنَامُ فَقَالَ أَبُوهُ يَا بُنَيَّ إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِيكَ لِأَفْرَحَ بِكَ وَ تَقَرَّ عَيْنِي قُمْ فَصَلِّ قَالَ فَقَالَ لَهُ يَحْيَى إِنَّ جَبْرَئِيلَ حَدَّثَنِي أَنَّ أَمَامَ النَّارِ مَفَازَةٌ لَا يَجُوزُهَا إِلَّا الْبَكَّاءُونَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ فَابْكِ وَ حَقٌّ لَكَ أَنْ تَبْكِيَ.
55- صح، صحيفة الرضا عليه السلام عَنِ الرِّضَا ع عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ لَا يَغُرَّنَّكَ ذَنْبُ النَّاسِ عَنْ ذَنْبِكَ وَ لَا نِعْمَةُ النَّاسِ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ لَا تُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَنْتَ تَرْجُوهَا لِنَفْسِكَ «1».
ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام عنه ع مثله «2».
56- ضا، فقه الرضا عليه السلام رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ ع فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانَةَ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ فِي دَرَجَتِكَ فَسَارَ إِلَيْهَا فَسَأَلَهَا عَنْ عَمَلِهَا فَخَبَّرَتْهُ فَوَجَدَهُ مِثْلَ أَعْمَالِ سَائِرِ النَّاسِ فَسَأَلَهَا عَنْ نِيَّتِهَا فَقَالَتْ مَا كُنْتُ فِي حَالَةٍ فَنَقَلَنِي مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا إِلَّا كُنْتُ بِالْحَالَةِ الَّتِي نَقَلَنِي إِلَيْهَا أَسَرَّ مِنِّي بِالْحَالَةِ الَّتِي كُنْتُ فِيهَا فَقَالَ حَسُنَ ظَنُّكِ بِاللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ.
- وَ أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا أُعْطِيَ مُؤْمِنٌ قَطُّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ رَجَائِهِ مِنْهُ وَ حُسْنِ خُلُقِهِ وَ الْكَفِّ عَنِ اغْتِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ايْمُ اللَّهِ لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ مُؤْمِناً بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ إِلَّا بِسُوءِ الظَّنِ‏
__________________________________________________
 (1) صحيفة الرضا عليه السلام ص 4.
 (2) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 29.

388
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

بِاللَّهِ وَ تَقْصِيرِهِ مِنْ رَجَائِهِ لِلَّهِ وَ سُوءِ خُلُقِهِ وَ مِنِ اغْتِيَابِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ لَا يُحْسِنُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ ظَنّاً بِاللَّهِ إِلَّا كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّهِ بِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي أَنْ يُخْلِفَ ظَنَّ عَبْدِهِ وَ رَجَاءَهُ فَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ «1».
- وَ رُوِيَ أَنَّ دَاوُدَ ع قَالَ: يَا رَبِّ مَا آمَنَ بِكَ مَنْ عَرَفَكَ فَلَمْ يُحْسِنِ الظَّنَّ بِكَ.
- وَ رُوِيَ أَنَّ آخِرَ عَبْدٍ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ فَيَلْتَفِتُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَمْ يَكُنْ هَذَا ظَنِّي بِكَ فَيَقُولُ مَا كَانَ ظَنُّكَ بِي قَالَ كَانَ ظَنِّي بِكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي وَ تُسْكِنِّي جَنَّتَكَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا مَلَائِكَتِي وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ جُودِي وَ كَرَمِي وَ ارْتِفَاعِي فِي عُلُوِّي مَا ظَنَّ بِي عَبْدِي خَيْراً سَاعَةً قَطُّ وَ لَوْ ظَنَّ بِي سَاعَةً خَيْراً مَا رَوَّعْتُهُ بِالنَّارِ أَجِيزُوا لَهُ كَذِبَهُ وَ أَدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ.
- ثُمَّ قَالَ الْعَالِمُ ع قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَلَا لَا يَتَّكِلِ الْعَامِلُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا لِثَوَابِي فَإِنَّهُمْ لَوِ اجْتَهَدُوا وَ أَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ أَعْمَارَهُمْ فِي عِبَادَتِي كَانُوا مُقَصِّرِينَ غَيْرَ بَالِغِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ كُنْهَ عِبَادَتِي فِيمَا يَظُنُّونَهُ «2» عِنْدِي مِنْ كَرَامَتِي وَ لَكِنْ بِرَحْمَتِي فَلْيَثِقُوا وَ مِنْ فَضْلِي فَلْيَرْجُوا وَ إِلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِي فَلْيَطْمَئِنُّوا فَإِنَّ رَحْمَتِي عِنْدَ ذَلِكَ تُدْرِكُهُمْ وَ مِنَّتِي تَبْلُغُهُمْ وَ رِضْوَانِي وَ مَغْفِرَتِي يَلْبَسُهُمْ فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَ بِذَلِكَ سُمِّيتُ.
- وَ أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع أَنِ اجْعَلْ فِي الْحَبْسِ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَحَبَسَهُمَا ثُمَّ أَمَرَهُ بِإِطْلَاقِهِمَا قَالَ فَنَظَرَ إِلَى أَحَدِهِمَا فَإِذَا هُوَ مِثْلُ الْهُدْبَةِ فَقَالَ لَهُ مَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى مِنْكَ قَالَ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ وَ نَظَرَ إِلَى الْآخَرِ لَمْ يَتَشَعَّبْ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ وَ صَاحِبُكَ كُنْتُمَا فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ وَ قَدْ رَأَيْتُ بَلَغَ الْأَمْرُ بِصَاحِبِكَ وَ أَنْتَ لَمْ يتغير [تَتَغَيَّرْ] فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إِنَّهُ كَانَ ظَنِّي بِاللَّهِ جَمِيلًا حَسَناً فَقَالَ يَا رَبِّ قَدْ سَمِعْتَ مَقَالَةَ عَبْدَيْكَ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) الفتح: 6.
 (2) فيما يطلبونه خ.

389
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

صَاحِبُ الظَّنِّ الْحَسَنِ أَفْضَلُ.
- وَ أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع يَا مُوسَى قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ يَجِدُنِي عِنْدَهُ.
- وَ نَرْوِي مَنْ خَافَ اللَّهَ سَخَتْ نَفْسُهُ عَنِ الدُّنْيَا.
- وَ نَرْوِي خَفِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَ إِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي أَنَّهُ يَرَاكَ فَقَدْ كَفَرْتَ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَرَاكَ ثُمَّ اسْتَتَرْتَ عَنِ الْمَخْلُوقِينَ بِالْمَعَاصِي وَ بَرَزْتَ لَهُ بِهَا فَقَدْ جَعَلْتَهُ أَهْوَنَ النَّاظِرِينَ إِلَيْكَ.
- وَ نَرْوِي مَنْ رَجَا شَيْئاً طَلَبَهُ وَ مَنْ خَافَ مِنْ شَيْ‏ءٍ هَرَبَ مِنْهُ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَجْتَمِعُ فِي قَلْبِهِ خَوْفٌ وَ رَجَاءٌ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا أَمَّلَ وَ آمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ.
وَ نَرْوِي مَنْ مَاتَ آمِناً أَنْ يُسْلَبَ سُلِبَ وَ مَنْ مَاتَ خَائِفاً أَنْ يُسْلَبَ أَمِنَ السَّلْبَ.
57- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ ع ذَكِّرْ عِبَادِي مِنْ آلَائِي وَ نَعْمَائِي فَإِنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا مِنِّي إِلَّا الْحَسَنَ الْجَمِيلَ لِئَلَّا يَظُنُّوا فِي الْبَاقِي إِلَّا مِثْلَ الَّذِي سَلَفَ مِنِّي إِلَيْهِمْ وَ حُسْنُ الظَّنِّ يَدْعُو إِلَى حُسْنِ الْعِبَادَةِ وَ الْمَغْرُورُ يَتَمَادَى فِي الْمَعْصِيَةِ وَ يَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ وَ لَا يَكُونُ مُحْسِنُ الظَّنِّ فِي خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا الْمُطِيعَ لَهُ يَرْجُو ثَوَابَهُ وَ يَخَافُ عِقَابَهُ.
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بِي يَا مُحَمَّدُ فَمَنْ زَاغَ عَنْ وَفَاءِ حَقِيقَةِ مُوجِبَاتِ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ فَقَدْ أَعْظَمَ الْحُجَّةَ عَلَى نَفْسِهِ وَ كَانَ مِنَ الْمَخْدُوعِينَ فِي أَسْرِ هَوَاهُ «1».
58- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع الْخَوْفُ رَقِيبُ الْقَلْبِ وَ الرَّجَاءُ شَفِيعُ النَّفْسِ وَ مَنْ كَانَ بِاللَّهِ عَارِفاً كَانَ مِنَ اللَّهِ خَائِفاً وَ إِلَيْهِ رَاجِياً وَ هُمَا جَنَاحَا الْإِيمَانِ يَطِيرُ الْعَبْدُ الْمُحَقِّقُ بِهِمَا إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ وَ عَيْنَا عَقْلِهِ يُبْصِرُ بِهِمَا إِلَى وَعْدِ اللَّهِ وَ وَعِيدِهِ وَ الْخَوْفُ طَالِعُ عَدْلِ اللَّهِ نَاهِي وَعِيدِهِ وَ الرَّجَاءُ دَاعِي فَضْلِ اللَّهِ وَ هُوَ يُحْيِي الْقَلْبَ وَ الْخَوْفُ يُمِيتُ النَّفْسَ.
__________________________________________________
 (1) مصباح الشريعة 58 و 59.

390
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

- قَالَ النَّبِيُّ ص الْمُؤْمِنُ بَيْنَ خَوْفَيْنِ خَوْفِ مَا مَضَى وَ خَوْفِ مَا بَقِيَ وَ بِمَوْتِ النَّفْسِ يَكُونُ حَيَاةُ الْقَلْبِ وَ بِحَيَاةِ الْقَلْبِ الْبُلُوغُ إِلَى الِاسْتِقَامَةِ وَ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ عَلَى مِيزَانِ الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ لَا يَضِلُّ وَ يَصِلُ إِلَى مَأْمُولِهِ وَ كَيْفَ لَا يَخَافُ الْعَبْدُ وَ هُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا تُخْتَمُ صَحِيفَتُهُ وَ لَا لَهُ عَمَلٌ يَتَوَسَّلُ بِهِ اسْتِحْقَاقاً وَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى شَيْ‏ءٍ وَ لَا مَفَرَّ وَ كَيْفَ لَا يَرْجُو وَ هُوَ يَعْرِفُ نَفْسَهُ بِالْعَجْزِ وَ هُوَ غَرِيقٌ فِي بَحْرِ آلَاءِ اللَّهِ وَ نَعْمَائِهِ مِنْ حَيْثُ لَا تُحْصَى وَ لَا تُعَدُّ فَالْمُحِبُّ يَعْبُدُ رَبَّهُ عَلَى الرَّجَاءِ بِمُشَاهَدَةِ أَحْوَالِهِ بِعَيْنِ سَهَرٍ وَ الزَّاهِدُ يَعْبُدُ عَلَى الْخَوْفِ.
قَالَ أُوَيْسٌ لِهَرِمِ بْنِ حَيَّانَ قَدْ عَمِلَ النَّاسُ عَلَى رَجَاءٍ فَقَالَ بَلْ نَعْمَلُ عَلَى الْخَوْفِ وَ الْخَوْفُ خَوْفَانِ ثَابِتٌ وَ عَارِضٌ فَالثَّابِتُ مِنَ الْخَوْفِ يُورِثُ الرَّجَا وَ الْعَارِضُ مِنْهُ يُورِثُ خَوْفاً ثَابِتاً وَ الرَّجَاءُ رَجَاءَانِ عَاكِفٌ وَ بَادٍ فَالْعَاكِفُ مِنْهُ يُقَوِّي نِسْبَةَ الْعَبْدِ «1» وَ الْبَادِي مِنْهُ يُصَحِّحُ أَمَلَ الْعَجْزِ وَ التَّقْصِيرِ وَ الْحَيَاءِ «2».
59- شي، تفسير العياشي عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ لَا تُؤْمِنِّي مَكْرَكَ ثُمَّ جَهَمَ «3» فَقَالَ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ «4».
60- م، تفسير الإمام عليه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ «5» وَ بِمَا فَرَضَ الْإِيمَانَ بِهِ مِنْ نُبُوَّةِ نَبِيِّ اللَّهِ وَ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِ وَ الَّذِينَ هادُوا يَعْنِي الْيَهُودَ وَ النَّصارى‏ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ مُتَنَاصِرُونَ وَ الصَّابِئِينَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ صَبَوْا إِلَى دِينِ اللَّهِ وَ هُمْ بِقَوْلِهِمْ كَاذِبُونَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ مِنْ هَؤُلَاءِ
__________________________________________________
 (1) المحبة خ ل.
 (2) مصباح الشريعة ص 60 و 61.
 (3) اختار في المصدر المطبوع نسخة «جهر» بدل «جهم» و التجهم هو التعبس يقال:
جهمه: استقبله بوجه مكفهر باسر.
 (4) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 23، و الآية في الأعراف: 99.
 (5) البقرة: 62.

391
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

الْكُفَّارِ وَ نَزَعَ عَنْ كُفْرِهِ وَ مَنْ آمَنَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي مُسْتَقْبَلِ أَعْمَارِهِمْ وَ أَخْلَصَ وَ وَفَى بِالْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ الْمَأْخُوذَيْنِ عَلَيْهِ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ خُلَفَائِهِمَا الطَّاهِرِينَ وَ عَمِلَ صالِحاً مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ثَوَابُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ هُنَاكَ حِينَ يَخَافُ الْفَاسِقُونَ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ الظَّالِمُونَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ مَا يُخَافُ مِنْ فِعْلِهِ وَ لَا يَحْزَنُ لَهُ وَ نَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع إِلَى رَجُلٍ أَثَّرَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا بَالُكَ قَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ خَفْ ذُنُوبَكَ وَ خَفْ عَدْلَ اللَّهِ عَلَيْكَ فِي مَظَالِمِ عِبَادِهِ وَ أَطِعْهُ فِيمَا كَلَّفَكَ وَ لَا تَعْصِهِ فِيمَا يُصْلِحُكَ ثُمَّ لَا تَخَفِ اللَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَظْلِمُ أَحَداً وَ لَا يُعَذِّبُهُ فَوْقَ اسْتِحْقَاقِهِ أَبَداً إِلَّا أَنْ تَخَافَ سُوءَ الْعَاقِبَةِ بِأَنْ تَغَيَّرَ أَوْ تَبَدَّلَ فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُؤْمِنَكَ اللَّهُ سُوءَ الْعَاقِبَةِ فَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَأْتِيهِ مِنْ خَيْرٍ فَبِفَضْلِ اللَّهِ وَ تَوْفِيقِهِ وَ مَا تَأْتِيهِ مِنْ سُوءٍ فَبِإِمْهَالِ اللَّهِ وَ إِنْظَارِهِ إِيَّاكَ وَ حِلْمِهِ وَ عَفْوِهِ عَنْكَ «1».
61- جا، المجالس للمفيد أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي سَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً وَ لَا يَكُونُ خَائِفاً رَاجِياً حَتَّى يَكُونَ عَامِلًا لِمَا يَخَافُ وَ يَرْجُو «2».
ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابن سنان مثله.
62- جا، المجالس للمفيد بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَ مِنْ شَفَقَتِهِمْ وَ رَجَائِهِمْ يَخَافُونَ أَنْ تُرَدَّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ إِذَا لَمْ يُطِيعُوا وَ هُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْهُمْ «3».
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 125.
 (2) مجالس المفيد ص 122.
 (3) مجالس المفيد 123 و الآية في المؤمنون 60.

392
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر القاسم بن محمد مثله.
63- قيه، الدروع الواقية ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ الْقُمِّيُّ فِي كِتَابِ زُهْدِ النَّبِيِّ ص أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَاهُ عِنْدَ الزَّوَالِ فِي سَاعَةٍ لَمْ يَأْتِهِ فِيهَا وَ هُوَ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ وَ كَانَ النَّبِيُّ ص يَسْمَعُ حِسَّهُ وَ جِرْسَهُ فَلَمْ يَسْمَعْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص يَا جَبْرَئِيلُ مَا لَكَ جِئْتَنِي فِي سَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ تَجِيئُنِي فِيهَا وَ أَرَى لَوْنَكَ مُتَغَيِّراً وَ كُنْتُ أَسْمَعُ حِسَّكَ وَ جِرْسَكَ فَلَمْ أَسْمَعْهُ فَقَالَ إِنِّي جِئْتُ حِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِمَنَافِخِ النَّارِ فَوُضِعَتْ عَلَى النَّارِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص أَخْبِرْنِي عَنِ النَّارِ يَا جَبْرَئِيلُ حِينَ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَوْقَدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ فَاحْمَرَّتْ ثُمَّ أَوْقَدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ فَابْيَضَّتْ ثُمَّ أَوْقَدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ فَاسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ لَا يُضِي‏ءُ جَمْرُهَا وَ لَا يَنْطَفِئُ لَهَبُهَا وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَوْ أَنَّ مِثْلَ خَرْقِ إِبْرَةٍ خَرَجَ مِنْهَا عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَاحْتَرَقُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ جَهَنَّمَ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا لَهَلَكَ أَهْلُ الْأَرْضِ جَمِيعاً حِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ لِمَا يَرَوْنَ بِهِ وَ لَوْ أَنَّ ذِرَاعاً مِنَ السِّلْسِلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وُضِعَ عَلَى جَمِيعِ جِبَالِ الدُّنْيَا لَذَابَتْ عَنْ آخِرِهَا وَ لَوْ أَنَّ بَعْضَ خُزَّانِ التِّسْعَةَ عَشَرَ نَظَرَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْأَرْضِ لَمَاتُوا حِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَ لَوْ أَنَّ ثِيَاباً مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ جَهَنَّمَ خَرَجَ إِلَى الْأَرْضِ لَمَاتَ أَهْلُ الْأَرْضِ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ فَأَكَبَّ النَّبِيُّ ص وَ أَطْرَقَ يَبْكِي وَ كَذَلِكَ جَبْرَئِيلُ فَلَمْ يَزَالا يَبْكِيَانِ حَتَّى نَادَاهُمَا مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يَا جَبْرَئِيلُ وَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ آمَنَكُمَا مِنْ أَنْ تَعْصِيَانِهِ فَيُعَذِّبَكُمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ رَجُلًا قَدْ هَوَتْ صَحِيفَتُهُ قِبَلَ شِمَالِهِ فَجَاءَهُ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ فَأَخَذَ صَحِيفَتَهُ فَجَعَلَهَا فِي يَمِينِهِ وَ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَدْ هَوَى فِي النَّارِ فَجَاءَتْهُ دُمُوعُهُ الَّتِي بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ.
64- ضه، روضة الواعظين قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ كَانَ بِاللَّهِ أَعْرَفَ كَانَ مِنَ اللَّهِ أَخْوَفَ وَ قَالَ ص يَا ابْنَ مَسْعُودٍ اخْشَ اللَّهَ بِالْغَيْبِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَإِنَّهُ يَرَاك‏

393
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ «1».
- وَ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يُصَلِّي وَ قَلْبُهُ كَالْمِرْجَلِ يَغْلِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَا بُنَيَّ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً أَنَّكَ لَوْ أَتَيْتَهُ بِحَسَنَاتِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْكَ وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً أَنَّكَ لَوْ أَتَيْتَهُ بِسَيِّئَاتِ أَهْلِ الْأَرْضِ غَفَرَهَا لَكَ.
- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص إِذَا اقْشَعَرَّ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَتَحَاتُّ مِنَ الشَّجَرِ وَرَقُهَا.
- وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ وَ هُوَ عَلَى مِنْبَرِهِ وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أُعْطِيَ مُؤْمِنٌ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ وَ رَجَائِهِ وَ حُسْنِ خُلُقِهِ وَ الْكَفِّ عَنِ اغْتِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ مُؤْمِناً بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ إِلَّا بِسُوءِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ وَ تَقْصِيرٍ مِنْ رَجَائِهِ بِاللَّهِ وَ سُوءِ خُلُقِهِ وَ اغْتِيَابِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يَحْسُنُ ظَنُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ إِلَّا كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ بِهِ لِأَنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ بِيَدِهِ الْخَيْرَاتُ يَسْتَحِي أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ قَدْ أَحْسَنَ بِهِ الظَّنَّ وَ الرَّجَاءَ ثُمَّ يُخْلِفَ ظَنَّهُ وَ رَجَاءَهُ لَهُ فَأَحْسِنُوا بِاللَّهِ الظَّنَّ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ.
وَ قَالَ ع لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ ظَنَّ بِهِ خَيْراً إِلَّا كَانَ عِنْدَ ظَنِّهِ بِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ «2».
عَنْهُ ع قَالَ قَالَ دَاوُدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَا رَبِّ مَا آمَنَ مَنْ عَرَفَكَ فَلَمْ يُحْسِنِ الظَّنَّ بِكَ.
65- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ع إِلَى آخِرِ الْأَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ «3».
__________________________________________________
 (1) ق: 33 و 34.
 (2) فصّلت: 23.
 (3) مشكاة الأنوار ص 35 و 36.

394
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

رَوْضَةُ الْوَاعِظِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَ هُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ ثَمَنُ الْجَنَّةِ «1».
وَ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ رَجُلَانِ فِي الْحَبْسِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَسَمِنَ وَ غَلُظَ وَ أَمَّا الْآخَرُ فَنَحِلَ فَصَارَ مِثْلَ الْهُدْبَةِ فَقَالَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ لِلْمُسْمَنِ مَا الَّذِي أَرَى بِكَ مِنْ حُسْنِ الْحَالِ فِي بَدَنِكَ قَالَ حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَ قَالَ لِلْآخَرِ مَا الَّذِي أَرَى بِكَ مِنْ سُوءِ الْحَالِ فِي بَدَنِكَ قَالَ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ فَرَفَعَ مُوسَى يَدَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ يَا رَبِّ قَدْ سَمِعْتَ مَقَالَتَهُمَا فَأَعْلِمْنِي أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ صَاحِبُ حُسْنِ الظَّنِّ بِي «2».
66- كا، الكافي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ مَلِكٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كَانَ لَهُ قَاضٍ وَ لِلْقَاضِي أَخٌ وَ كَانَ رَجُلَ صِدْقٍ وَ لَهُ امْرَأَةٌ قَدْ وَلَدَتْهَا الْأَنْبِيَاءُ فَأَرَادَ الْمَلِكُ أَنْ يَبْعَثَ رَجُلًا فِي حَاجَةٍ فَقَالَ لِلْقَاضِي ابْغِنِي رَجُلًا ثِقَةً فَقَالَ مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَوْثَقَ مِنْ أَخِي فَدَعَاهُ لِيَبْعَثَهُ فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَ قَالَ لِأَخِيهِ إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُضَيِّعَ امْرَأَتِي فَعَزَمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ بُدّاً مِنَ الْخُرُوجِ فَقَالَ لِأَخِيهِ يَا أَخِي إِنِّي لَسْتُ أُخَلِّفُ شَيْئاً أَهَمَّ عَلَيَّ مِنِ امْرَأَتِي فَاخْلُفْنِي فِيهَا وَ تَوَلَّ قَضَاءَ حَاجَتِهَا قَالَ نَعَمْ فَخَرَجَ الرَّجُلُ وَ قَدْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ كَارِهَةً لِخُرُوجِهِ فَكَانَ الْقَاضِي يَأْتِيهَا وَ يَسْأَلُهَا عَنْ حَوَائِجِهَا وَ يَقُومُ لَهَا فَأَعْجَبَتْهُ فَدَعَاهَا إِلَى نَفْسِهِ فَأَبَتْ عَلَيْهِ فَحَلَفَ عَلَيْهَا لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَنُخْبِرَنَّ الْمَلِكَ أَنَّكِ قَدْ فَجَرْتِ فَقَالَتْ اصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ لَسْتُ أُجِيبُكَ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِمَّا طَلَبْتَ فَأَتَى الْمَلِكَ فَقَالَ إِنَّ امْرَأَةَ أَخِي قَدْ فَجَرَتْ وَ قَدْ حَقَّ ذَلِكَ عِنْدِي فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ طَهِّرْهَا فَجَاءَ إِلَيْهَا فَقَالَ إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ أَمَرَنِي بِرَجْمِكِ فَمَا تَقُولِينَ تجبني [تُجِيبِينِي‏] وَ إِلَّا رَجَمْتُكِ فَقَالَتْ لَسْتُ أُجِيبُكَ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ‏
__________________________________________________
 (1) مشكاة الأنوار ص 36 و 37.
 (2) مشكاة الأنوار ص 36 و 37.

395
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

فَأَخْرَجَهَا فَحَفَرَ لَهَا فَرَجَمَهَا وَ مَعَهُ النَّاسُ فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ تَرَكَهَا وَ انْصَرَفَ وَ جَنَّ بِهَا اللَّيْلُ وَ كَانَ بِهَا رَمَقٌ فَتَحَرَّكَتْ فَخَرَجَتْ مِنَ الْحَفِيرَةِ ثُمَّ مَشَتْ عَلَى وَجْهِهَا حَتَّى خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَانْتَهَتْ إِلَى دَيْرٍ فِيهَا دَيْرَانِيٌّ فَنَامَتْ عَلَى بَابِ الدَّيْرِ فَلَمَّا أَصْبَحَ الدَّيْرَانِيُّ فَتَحَ الْبَابَ وَ رَآهَا فَسَأَلَهَا عَنْ قِصَّتِهَا فَخَبَّرَتْهُ فَرَحِمَهَا وَ أَدْخَلَهَا الدَّيْرَ وَ كَانَ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ وَ كَانَ حَسَنَ الْحَالِ فَدَاوَاهَا حَتَّى بَرِئَتْ مِنْ عِلَّتِهَا وَ انْدَمَلَتْ ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهَا ابْنَهُ فَكَانَتْ تُرَبِّيهِ وَ كَانَ لِلدَّيْرَانِيِّ قَهْرَمَانٌ «1» يَقُومُ بِأَمْرِهِ فَأَعْجَبَتْهُ فَدَعَاهَا إِلَى نَفْسِهِ فَأَبَتْ فَجَهَدَ بِهَا فَأَبَتْ فَقَالَ لَئِنْ لَمْ تَفْعَلِي لَأَجْتَهِدَنَّ فِي قَتْلِكِ فَقَالَتْ اصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ فَعَمَدَ إِلَى الصَّبِيِّ فَدَقَّ عُنُقَهُ وَ أَتَى الدَّيْرَانِيَّ فَقَالَ لَهُ عَمَدْتَ إِلَى فَاجِرَةٍ قَدْ فَجَرَتْ فَدَفَعْتَ إِلَيْهَا ابْنَكَ فَقَتَلَتْهُ فَجَاءَ الدَّيْرَانِيُّ فَلَمَّا رَآهَا قَالَ لَهَا مَا هَذَا فَقَدْ تَعْلَمِينَ صَنِيعِي بِكِ فَأَخْبَرَتْهُ بِالْقِصَّةِ فَقَالَ لَهَا لَيْسَ تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ تكون [تَكُونِي‏] عِنْدِي فَاخْرُجِي فَأَخْرَجَهَا لَيْلًا وَ دَفَعَ إِلَيْهَا عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ قَالَ لَهَا «2» تَزَوَّدِي هَذِهِ اللَّهُ حَسْبُكِ فَخَرَجَتْ لَيْلًا فَأَصْبَحَتْ فِي قَرْيَةٍ فَإِذَا فِيهَا مَصْلُوبٌ عَلَى خَشَبَةٍ وَ هُوَ حَيٌّ فَسَأَلَتْ عَنْ قِصَّتِهِ فَقَالُوا عَلَيْهِ دَيْنٌ عِشْرُونَ دِرْهَماً وَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَنَا لِصَاحِبِهِ صُلِبَ حَتَّى يُؤَدِّيَ إِلَى صَاحِبِهِ فَأَخْرَجَتْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ دَفَعَتْهَا إِلَى غَرِيمِهِ وَ قَالَتْ لَا تَقْتُلُوهُ فَأَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ فَقَالَ لَهَا مَا أَحَدٌ أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنَّةً مِنْكِ نَجَّيْتِنِي مِنَ الصَّلْبِ وَ مِنَ الْمَوْتِ فَأَنَا مَعَكِ حَيْثُ مَا ذَهَبْتِ فَمَضَى مَعَهَا وَ مَضَتْ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَرَأَى جَمَاعَةً وَ سُفُناً فَقَالَ لَهَا اجْلِسِي حَتَّى أَذْهَبَ أَنَا أَعْمَلُ لَهُمْ وَ أَسْتَطْعِمُ وَ آتِيكِ بِهِ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ مَا فِي سَفِينَتِكُمْ هَذِهِ قَالُوا فِي هَذِهِ تِجَارَاتٌ وَ جَوْهَرٌ وَ عَنْبَرٌ وَ أَشْيَاءُ مِنَ التِّجَارَةِ وَ أَمَّا هَذِهِ فَنَحْنُ فِيهَا قَالَ وَ كَمْ يَبْلُغُ مَا فِي سَفِينَتِكُمْ قَالُوا كَثِيرٌ لَا نُحْصِيهِ قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) القهرمان: الوكيل، يكون أمين الدخل و الخرج، فارسى دخيل و معناه «كارفرما» على ما في البرهان.
 (2) ما بين العلامتين ساقط من الأصل.

396
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

فَإِنَّ مَعِي شَيْئاً هُوَ خَيْرٌ مِمَّا فِي سَفِينَتِكُمْ قَالُوا وَ مَا مَعَكَ قَالَ جَارِيَةٌ لَمْ تَرَوْا مِثْلَهَا قَطُّ فَقَالُوا بِعْنَاهَا قَالَ نَعَمْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُكُمْ فَيَنْظُرَ إِلَيْهَا ثُمَّ يَجِيئَنِي فَيَشْتَرِيَهَا وَ لَا يُعْلِمَهَا وَ يَدْفَعَ إِلَيَّ الثَّمَنَ وَ لَا يُعْلِمَهَا حَتَّى أَمْضِيَ أَنَا فَقَالُوا ذَلِكَ لَكَ فَبَعَثُوا مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا قَطُّ فَاشْتَرَوْهَا مِنْهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ دَفَعُوا إِلَيْهِ الدَّرَاهِمَ فَمَضَى بِهَا فَلَمَّا أَمْعَنَ أَتَوْهَا فَقَالُوا لَهَا قُومِي وَ ادْخُلِي السَّفِينَةَ قَالَتْ وَ لِمَ قَالُوا قَدِ اشْتَرَيْنَاكِ مِنْ مَوْلَاكِ قَالَتْ مَا هُوَ بِمَوْلَايَ قَالُوا لَتَقُومِينَ أَوْ لَنَحْمِلَنَّكِ فَقَامَتْ وَ مَضَتْ مَعَهُمْ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى السَّاحِلِ لَمْ يُؤْمِنْ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَيْهَا فَجَعَلُوهَا فِي السَّفِينَةِ الَّتِي فِيهَا الْجَوْهَرُ وَ التِّجَارَةُ وَ رَكِبُوا هُمْ فِي السَّفِينَةِ الْأُخْرَى فَدَفَعُوهَا فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ رِيَاحاً فَغَرَّقَتْهُمْ وَ سَفِينَتَهُمْ وَ نَجَتِ السَّفِينَةُ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ وَ رَبَطَتِ السَّفِينَةَ ثُمَّ دَارَتْ فِي الْجَزِيرَةِ فَإِذَا فِيهِ مَاءٌ وَ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ فَقَالَتْ هَذَا مَاءٌ أَشْرَبُ مِنْهُ وَ ثَمَرٌ آكُلُ مِنْهُ أَعْبُدُ اللَّهَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَلِكَ فَيَقُولَ إِنَّ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ خَلْقاً مِنْ خَلْقِي فَاخْرُجْ أَنْتَ وَ مَنْ فِي مَمْلَكَتِكَ حَتَّى أتوا [تَأْتُوا] خَلْقِي هَذَا فَتُقِرُّوا لَهُ بِذُنُوبِكُمْ ثُمَّ تَسْأَلُوا ذَلِكَ الْخَلْقَ أَنْ يَغْفِرَ لَكُمْ فَإِنْ غَفَرَ لَكُمْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَخَرَجَ الْمَلِكُ بِأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ إِلَى تِلْكَ الْجَزِيرَةِ فَرَأَوُا امْرَأَةً فَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا الْمَلِكُ فَقَالَ لَهَا إِنَّ قَاضِيَّ هَذَا أَتَانِي فَخَبَّرَنِي أَنَّ امْرَأَةَ أَخِيهِ فَجَرَتْ فَأَمَرْتُهُ بِرَجْمِهَا وَ لَمْ يُقِمْ عِنْدِي الْبَيِّنَةَ فَأَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَقَدَّمْتُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ لِي فَأُحِبُّ أَنْ تَسْتَغْفِرِي لِي فَقَالَتْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ اجْلِسْ ثُمَّ أَتَى زَوْجُهَا وَ لَا يَعْرِفُهَا فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ لِي امْرَأَةٌ وَ كَانَ مِنْ فَضْلِهَا وَ صَلَاحِهَا وَ إِنِّي خَرَجْتُ عَنْهَا وَ هِيَ كَارِهَةٌ لِذَلِكَ فَاسْتَخْلَفْتُ أَخِي عَلَيْهَا فَلَمَّا رَجَعْتُ سَأَلْتُ عَنْهَا فَأَخْبَرَنِي أَخِي أَنَّهَا فَجَرَتْ فَرَجَمَهَا وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ ضَيَّعْتُهَا فَاسْتَغْفِرِي لِي غَفَرَ اللَّهُ لَكِ فَقَالَتْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ اجْلِسْ فَأَجْلَسَتْهُ إِلَى جَنْبِ الْمَلِكِ ثُمَّ أَتَى الْقَاضِي فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ لِأَخِي امْرَأَةٌ وَ إِنَّهَا

397
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

أَعْجَبَتْنِي فَدَعَوْتُهَا إِلَى الْفُجُورِ فَأَبَتْ فَأَعْلَمْتُ الْمَلِكَ أَنَّهَا قَدْ فَجَرَتْ وَ أَمَرَنِي بِرَجْمِهَا فَرَجَمْتُهَا وَ أَنَا كَاذِبٌ عَلَيْهَا فَاسْتَغْفِرِي لِي قَالَتْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَتْ اسْمَعْ ثُمَّ تَقَدَّمَ الدَّيْرَانِيُّ فَقَصَّ قِصَّتَهُ وَ قَالَ أَخْرَجْتُهَا بِاللَّيْلِ وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ تَكُونَ قَدْ لَقِيَهَا سَبُعٌ فَقَتَلَهَا فَقَالَتْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ اجْلِسْ ثُمَّ تَقَدَّمَ الْقَهْرَمَانُ فَقَصَّ قِصَّتَهُ فَقَالَتْ لِلدَّيْرَانِيِّ اسْمَعْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ثُمَّ تَقَدَّمَ الْمَصْلُوبُ فَقَصَّ قِصَّتَهُ فَقَالَتْ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَتْ أَنَا امْرَأَتُكَ وَ كُلُّ مَا سَمِعْتَ فَإِنَّمَا هُوَ قِصَّتِي وَ لَيْسَتْ لِي حَاجَةٌ فِي الرِّجَالِ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ السَّفِينَةَ وَ مَا فِيهَا وَ تُخَلِّيَ سَبِيلِي فَأَعْبُدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي هَذِهِ الْجَزِيرَةِ فَقَدْ تَرَى مَا لَقِيتُ مِنَ الرِّجَالِ فَفَعَلَ وَ أَخَذَ السَّفِينَةَ وَ مَا فِيهَا وَ خَلَّى سَبِيلَهَا وَ انْصَرَفَ الْمَلِكُ وَ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ «1».
67- ختص «2»، الإختصاص قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ تَرَكَ مَعْصِيَةً مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْضَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
68- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر فَضَالَةُ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ «3» قَالَ يَأْتِي مَا أَتَى وَ هُوَ خَاشٍ رَاجٍ.
69- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ النَّضْرُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَ يَعْمَلُونَ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ سَيُثَابُونَ.
70- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ قَالَ إِنِّي خَيْرُ النَّاسِ فَهُوَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ وَ مَنْ قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 5 ص 556- 559.
 (2) في نسخة الأصل و الكمبانيّ تكرّر هنا الحديث السادس من دون شرحه راجع ص 361.
 (3) المؤمنون: 60.

398
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

إِنِّي فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ فِي النَّارِ «1».
71- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع لَا تَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَذَابَ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ «2» وَ لَا تَيْأَسَنَّ لِشَرِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ «3».
72- عُدَّةُ الدَّاعِي، رُوِيَ عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا أُعْطِيَ مُؤْمِنٌ قَطُّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجَائِهِ لَهُ وَ حُسْنِ خُلُقِهِ وَ الْكَفِّ عَنِ اغْتِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ عَبْداً بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ إِلَّا بِسُوءِ ظَنِّهِ وَ تَقْصِيرِهِ فِي رَجَائِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُوءِ خُلُقِهِ وَ اغْتِيَابِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَيْسَ يَحْسُنُ ظَنُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّهِ لِأَنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي أَنْ يُخْلِفَ ظَنَّ عَبْدِهِ وَ رَجَاءَهُ فَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْآيَةَ «4».
- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ يَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِاللَّهِ وَ يَشْتَدَّ خَوْفُكُمْ مِنْهُ فَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا فَإِنَّمَا يَكُونُ حُسْنُ ظَنِّ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ عَلَى قَدْرِ خَوْفِهِ مِنْهُ وَ إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ بِاللَّهِ ظَنّاً لَأَشَدَّهُمْ مِنْهُ خَوْفاً.
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ قَوْماً مِنْ مَوَالِيكَ يُلِمُّونَ بِالْمَعَاصِي وَ يَقُولُونَ نَرْجُو فَقَالَ كَذَبُوا أُولَئِكَ لَيْسُوا لَنَا بِمَوَالٍ أُولَئِكَ قَوْمٌ رَجَحَتْ بِهِمُ الْأَمَانِيُّ وَ مَنْ رَجَا شَيْئاً عَمِلَ لَهُ وَ مَنْ خَافَ شَيْئاً هَرَبَ مِنْهُ.
- وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ع كَانَ يُسْمَعُ تَأَوُّهُهُ عَلَى حَدِّ مِيلٍ حَتَّى مَدَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ «5» وَ كَانَ فِي صَلَاتِهِ يُسْمَعُ لَهُ أَزِيزٌ
__________________________________________________
 (1) نوادر الراونديّ ص 11.
 (2) الأعراف: 99.
 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 236، و الآية في يوسف: 87.
 (4) عدّة الداعي ص 106، و الآية في سورة الفتح: 6.
 (5) هود: 75.

399
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ «1» وَ كَذَلِكَ كَانَ يُسْمَعُ مِنْ صَدْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ ص مِثْلُ ذَلِكَ.
- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذَا أَخَذَ فِي الْوُضُوءِ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ مِنْ خِيفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ ع تَنْهَجُ «2» فِي الصَّلَاةِ مِنْ خِيفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ كَانَ الْحَسَنُ إِذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ حَقٌّ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى ذِي الْعَرْشِ أَنْ يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَ يُرْوَى مِثْلُ هَذَا عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع.
- وَ رَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ع كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ وَ أَزْهَدَهُمْ وَ أَفْضَلَهُمْ وَ كَانَ إِذَا حَجَّ حَجَّ مَاشِياً وَ رَمَى مَاشِياً وَ رُبَّمَا مَشَى حَافِياً وَ كَانَ إِذَا ذَكَرَ الْمَوْتَ بَكَى وَ إِذَا ذَكَرَ الْبَعْثَ وَ النُّشُورَ بَكَى وَ إِذَا ذَكَرَ الْمَمَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ بَكَى وَ إِذَا ذَكَرَ الْعَرْضَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ شَهَقَ شَهْقَةً يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْهَا وَ كَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَانَ إِذَا ذَكَرَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ اضْطَرَبَ اضْطِرَابَ السَّلِيمِ وَ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ «3».
- وَ قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُحَدِّثُنَا وَ نُحَدِّثُهُ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْنَا وَ لَمْ نَعْرِفْهُ «4».
73- كِتَابُ زَيْدٍ النَّرْسِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَهُ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ حَثَّهُ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَ الْأَخْذِ بِتَأْدِيبِهِ فَبَشِّرِ الْمُطِيعِينَ الْمُتَأَدِّبِينَ بِأَدَبِ اللَّهِ وَ الْآخِذِينَ عَنِ اللَّهِ أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُنْجِيَهُ مِنْ مَضَلَّاتِ الْفِتَنِ وَ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً هُوَ أَضَرُّ لِدِينِ الْمُسْلِمِ مِنَ الشُّحِّ.
74- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: بَعَثَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلَيْنِ‏
__________________________________________________
 (1) المرجل: القدر، و الازيز: صوت غليانه قال الجوهريّ: و في الحديث: أنه كان يصلّي و لجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
 (2) أي تتابع نفسه و تنبهر.
 (3) عدّة الداعي ص 108.
 (4) عدّة الداعي ص 109.

400
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

باب 59 الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى ص 323

مِنْ أَصْحَابِهِ فِي حَاجَةٍ فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا مِثْلَ الشَّنِّ الْبَالِي وَ الْآخَرُ شَحِماً وَ سَمِيناً فَقَالَ لِلَّذِي مِثْلُ الشَّنِّ مَا بَلَغَ مِنْكَ مَا أَرَى قَالَ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ وَ قَالَ لِلْآخَرِ السَّمِينِ مَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى فَقَالَ حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ «1».
75- نَوَادِرُ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ عَابِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَطَرَقَتْهُ امْرَأَةٌ بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ لَهُ أَضِفْنِي فَقَالَ امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ لَا يَسْتَقِيمُ قَالَتْ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَنِي السَّبُعُ فَتَأْثَمَ فَخَرَجَ وَ أَدْخَلَهَا قَالَ وَ الْقِنْدِيلُ بِيَدِهِ فَذَهَبَ يَصْعَدُ بِهِ فَقَالَتْ لَهُ أَدْخَلْتَنِي مِنَ النُّورِ إِلَى «2» الظُّلْمَةِ قَالَ فَرَدَّ الْقِنْدِيلَ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَتْهُ الشَّهْوَةُ فَلَمَّا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ قَرَّبَ خِنْصِرَهُ إِلَى النَّارِ فَلَمْ يَزَلْ كُلَّمَا جَاءَتْهُ الشَّهْوَةُ أَدْخَلَ إِصْبَعَهُ النَّارَ حَتَّى أَحْرَقَ خَمْسَ أَصَابِعَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ اخْرُجِي فَبِئْسَتِ الضَّيْفَةُ كُنْتِ لِي.
__________________________________________________
 (1) مشكاة الأنوار ص 36.
 (2) من الظلمة الى النور ظ.

401
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

کلمة المحقق ص 402

كلمة المحقّق:
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه و الصلاة و السلام على رسول اللّه، و على آله امناء اللّه.
و بعد: فقد تفضّل اللّه علينا حيث اختارنا و قيّضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبيرة و هي الباحثة عن المعارف الإسلاميّة الدائرة بين المسلمين: أعني بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار عليهم الصلوات و السلام.
و هذا الجزء الّذي تقدّمه إلى القرّاء الكرام هو الجزء الرابع من المجلّد الخامس عشر، و قد اعتمدنا في تصحيح الأحاديث و تحقيقها على النسخة المصحّحة المشهورة بكمبانيّ، بعد تخريجها من المصادر، و تعيين موضع النصّ من المصدر و قابلناها معذلك على النسخة الوحيدة من نسخة الأصل لخزانة كتب الحبر الفاضل حجّة الاسلام الحاج الشيخ حسن المصطفويّ دام إفضاله، و لا بدّ ههنا من تعريف لهذه النسخة و مبلغ قيمتها و أرجها في مقام التصحيح فنقول:
قد جاء في ظهر هذه النسخة مرّة هكذا: «الجزء الثاني من كتاب الايمان و الكفر و مكارم الأخلاق و هو المجلّد الخامس و العشر (!) من الكتاب (!) من كتاب بحار الأنوار، و هي نسخة الأصل و يكون فيه خطوط المصنّف طاب ثراه كثيراً».
ثمّ صحّح قوله: «نسخة الأصل» بقوله: «كنسخة الأصل» و علّق عليه:
 «و هي أبسط من نسخة الأصل «1» و لعلّه طاب ثراه ألحق ثانيا و لم يلحق بالأصل».
و جاء في ظهرها مرّة اخرى بغير هذا الخطّ: «الجزء الثاني من كتاب الايمان و الكفر و مكارم الأخلاق و هو المجلّد الخامس عشر نسخة الأصل بخطّ
__________________________________________________
 (1) لم نجد بين هذه النسخة و بين مطبوعة الكمبانيّ اختلافا يصدق هذا المقال.

402
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

کلمة المحقق ص 402

المجلسيّ قدّس سرّه، و استنسخ منها البحار المطبوع، و هي من نفايس الدهر و غنائم الزمان، اشتريتها من السيّد الأصفهانيّ.-».
و الّذي حقّقته من مطالعتي و إشرافي عليها عند المقابلة أنّها مسوّدة من نسخة الكتاب من دون أن تخرج إلى البياض في حياة المؤلّف رحمه اللّه كانت جزوات و كراسات قد كتب في أعلى ذروتها تذكّرة من باب كذا و كذا من باب كذا و كذا، و معذلك عند تأليف الجزوات و تنظيم الكراسات اشتبه الأمر على ناظمها و مؤلّفها كما ترى في ص 161 و 162، ثمّ في ص 367 و 376.
و هذه النسخة هي الّتي كانت عند مصحّحي طبعة أمين الضرب المشهور بكمبانيّ و كانت هي الأصل استنسخوها للطبع حرفا بحرف بما كان فيها من تكرار أو غلط أو تصحيف أو سقط و غير ذلك، و كلّ ذلك أصلحناها و صحّحناها بعد العرض على المصدر و جعلنا السقطات بين هاتين العلامتين [....] ترى الايعاز إلى بعضها في ذيل الصفحات.
و قد تنبّه مصحّح البحار الفاضل الحجّة الحاجّ السيّد محمّد خليل الموسويّ الأصفهاني رحمه اللّه لبعض هذه السقطات فاستدرك في هامش تلك النسخة بخطّ يده و توشيحه شطرا من حديث المحاسن (تراها ص 244 تحت الرقم 17 من باب الاخلاص) و هذا ممّا يسلّم لنا أنّ هذه النسخة كانت عند مصحّحي طبعة الكمبانيّ كما جاء في خاتمة الجزء الأوّل من المجلّد الخامس عشر من طبعة الكمبانيّ و لفظه:
 «تمّ بعون اللّه و قد بذل جهده في مقابلة هذا الكتاب مع نسخة الأصل من خطّ مؤلّفه قدّس سرّه الجناب العلّام الفهّام الشيخ محمّد باقر مع أقلّ السادات و الطلّاب محمّد تقي الموسويّ».
و ممّا هو جدير باذكر أنّ كاتب النسخة كان يكتب رمز المصادر في منتهى الهامش منها و يخلّي محلّه يباضاً ليكتب الرموز بعد تمام الاستنساخ بالحمرة، ثمّ إنّه جاء بعد ليكتب الرموز فاشتبه عليه أحياناً قراءتها فكتب رمز ين بدل رمز سن لمشابهتهما في الكتابة كما في ص 243 عند الرقم 14 و رمز شى بدل رمز م كما في ص 246، و كتب رمز ل في كثير من المواضع بصورة ك فاتنقل تلك الأغلاط

403
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

کلمة المحقق ص 402

في نسخة الكمبانيّ من دون أيّ تصحيح، لكنّا صحّحنا كلّ ذلك.
و في هذه النسخة كلّما ذكر تفسير الآيات فهي بقلمه و خطّ يده الشريفة و هكذا في بعض الموارد سطر أو سطران و أكثر و أمّا عناوين الأبواب فالمعهود من النسخ المبيّضة في حياته ره كتابتها بخطّ يده و لكن لا توجد في هذه النسخة و لاعنوان واحد، بل كلّها مكتوبة بغير خطّه.
و يوجد في هذه النسخة أثناء الباب 59 باب الخوف و الرجاء بعد الحديث المتمّم للعشرين (راجع ص 376) صفحة أوّلها: «تداكّ الناس عليه ثلاثة أيّام متواليات» و آخرها و هو السطر الخامس عشر «قال فرأينا ذلك»، و كتب في أعلا ذروتها تذكرة- «لا بدّ أن يكتب صدر هذا الخبر من الكتاب الّذي نقل هذا الخبر عنه و ليسئل ملّا ذو الفقار ....» «1» و الكلمة الأخيرة غير مقروّة، لكنّا بعد ما تفحّضا وجدناها منقولة في أحوال الامام الصادق عليه الصلاة و السلام (ج 47 ص 93 و 94) من طبعتنا هذه مستخرجة من نوادر عليّ بن أسباط تحت الرقم 106 من باب معجزاته و استجابة دعواته عليه السلام، فرأينا الساقط من صدر الحديث لا يزيد عن ثلاثة أسطر و لما لم يكن لا يراده في هذا الكتاب (المجلّد الخامس عشر) وجه أضربنا عنه كما أضرب عليه في مطبوعة الكمبانيّ.
محمد الباقر البهبودى شوّال المكرّم 1386
__________________________________________________
 (1) الظاهر أنّه كان أحد تاب العلامة المؤلّف.

404
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

کلمة المحقق ص 402

(اسكن) صورة فنو غرافيّة من نسخة الاصل بخطّ مؤلّفه العلامة تراها في ج 69 ص 1/ 340

405
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

کلمة المحقق ص 402

(اسكن) صورة اخرى من نسخة الاصل و سبعة أسطر منها بخط مؤلّفه ره تراها ص 7/ 376

406
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

کلمة المصحح ص 407

 [كلمة المصحّح‏]
بسمه تعالى إلى هنا انتهى الجزء الرابع من المجلّد الخامس عشر، و هو الجزء السابع و الستّون حسب تجزئتنا يحوى على أحد و عشرين بابا.
و لقد بذلنا الجهد في تصحيحه و مقابلته فخرج بعون اللّه و مشيئته نقيّا من الأغلاط إلّا نزرا زهيدا زاغ عنه البصر، و حسر عنه النظر، و باللّه العصمة و الاعتصام.
السيّد إبراهيم الميانجيّ محمّد الباقر البهبودى‏
نرجوا الإصلاح:
وقع في ص 78 س 8 سقط و صحيحه هكذا:
و اعلموا أنّه ما من طاعة اللّه شي‏ء إلّا يأتي في كره و ما من معصية اللّه شي‏ء إلّا يأتي في شهوة فرحم اللّه الخ.

407
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب ص 408

فهرس ما في هذا الجزء من الأبواب‏
الموضوع/ الصفحه‏
39- باب العدالة و الخصال التي من كانت فيه ظهرت عدالته و وجبت أخوّته و حرمت غيبته 4- 1
40- باب ما به كمال الإنسان و معنى المروءة و الفتوّة 5- 4
41- باب المنجيات و المهلكات 7- 5
42- باب أصناف الناس و مدح حسان الوجوه و مدح البله 12- 8
43- باب حبّ اللّه تعالى 27- 13
44- باب القلب و صلاحه و فساده و معنى السمع و البصر و النطق و الحياة الحقيقيّات 61- 27
45- باب مراتب النفس و عدم الاعتماد عليها و ما زيّنتها و زيّن لها و معنى الجهاد الأكبر و محاسبة النفس و مجاهدتها و النهي عن ترك الملاذّ و المطاعم 73- 62
46- باب ترك الشهوات و الأهواء 90- 73
47- باب طاعة اللّه و رسوله و حججه عليه السلام و التسليم لهم و النهي عن معصيتهم و الإعراض عن قولهم و إيذائهم 105- 91
48- باب إيثار الحق على الباطل و الأمر بقول الحق و إن كان مرّا 108- 106

408
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب ص 408

49- باب العزلة عن شرار الخلق و الأنس باللّه 112- 108
50- باب أنّ الغشية التي يظهرها الناس عند قراءة القرآن و الذكر من الشيطان 112
51- باب النهي عن الرهبانيّة و السياحة و سائر ما يأمر به أهل البدع و الأهواء 130- 113
52- باب اليقين و الصبر على الشدائد في الدين 184- 130
53- باب النيّة و شرائطها و مراتبها و كمالها و ثوابها و أنّ قبول العمل نادر 212- 185
54- باب الإخلاص و معنى قربه تعالى 250- 213
55- باب العبادة و الاختفاء فيها و ذمّ الشهرة بها 257- 251
56- باب الطاعة و التقوى و الورع و مدح المتقين و صفاتهم و علاماتهم و أنّ الكرم به و قبول العمل مشروط به 296- 257
57- باب الورع و اجتناب الشبهات 309- 296
58- باب الزهد و درجاته 322- 309
59- باب الخوف و الرجاء و حسن الظن باللّه تعالى 400- 323

409
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار67 (ط - بيروت)

رموز الکتاب ص 410

 (رموز الكتاب)
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفى.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفيد.
جش: لفهرست النجاشيّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغريّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف اليقين.
شي: لتفسير العياشيّ‏
ص: لقصص الأنبياء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحيفة الرضا (ع).
ضا: لفقه الرضا (ع).
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظين.
ط: للصراط المستقيم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الورى.
عين: للعيون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغيبة الشيخ.
غو: لغوالي اللئالي.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسير فرات بن إبراهيم.
فس: لتفسير عليّ بن إبراهيم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتيق الغرويّ‏
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قية: للدُروع.
ك: لإكمال الدين.
كا: للكافي.
كش: لرجال الكشيّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعميّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمين.
لى: لأمالي الصدوق.
م: لتفسير الإمام العسكريّ (ع).
ما: لأمالي الطوسيّ.
محص: للتمحيص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشريعة.
مصبا: للمصباحين.
مع: لمعاني الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزيارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعيون أخبار الرضا (ع).
نبه: لتنبيه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفاية.
نهج: لنهج البلاغة.
نى: لغيبة النعمانيّ.
هد: للهداية.
يب: للتهذيب.
يج: للخرائج.
يد: للتوحيد.
ير: لبصائر الدرجات.
يف: للطرائف.
يل: للفضائل.
ين: لكتابي الحسين بن سعيد او لكتابه و النوادر.
يه: لمن لا يحضره الفقيه.

410