أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْأَعْشَى عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فَطْرِهِ وَ فَرْحَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ «1».
12- ع، علل الشرائع أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَتَمَّ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَ أَتَمَّ صِيَامَ الْفَرِيضَةِ بِصِيَامِ النَّافِلَةِ الْخَبَرَ «2».
13- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّهَاوَنْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ يَطُولُ فِيهِ لَيْلُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِيَامِهِ وَ يَقْصُرُ فِيهِ نَهَارُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى صِيَامِهِ «3».
مع، معاني الأخبار ابن الوليد عن محمد العطار عن الأشعري مثله «4».
14- ل، الخصال عُبْدُوسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي عَامِرٍ عَنْ زَمْعَةَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ هُوَ لَهُ غَيْرَ الصِّيَامِ هُوَ لِي وَ أَنَا أَجْزِي «5» بِهِ وَ الصِّيَامُ جُنَّةُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يَقِي أَحَدَكُمْ سِلَاحُهُ
______________________________
(1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 110 و 111.
(2) علل الشرائع ج 1 ص 270.
(3) أمالي الصدوق: 143.
(4) معاني الأخبار: 228.
(5) قال الفاضل المقداد في كتابه نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الإماميّة الذي رتب فيه قواعد شيخه الشهيد على ترتيب أبواب الفقه و الأصول: قاعدة: كل الاعمال الصالحة للّه، فلم جاء في الخبر «كل عمل ابن آدم له، الا الصوم فانه لي، و انا أجزى به» مع قوله (ص) «أفضل أعمالكم الصلاة».
و أجيب بوجوه: الأول انه اختص بترك الشهوات و الملاذ في الفرج و البطن، و ذلك أمر عظيم يوجب التشريف، و أجيب بالمعارضة بالجهاد، فان فيه ترك الحياة فضلا عن الشهوات و بالحج إذ فيه الاحرام و متروكاته.
الثاني، أنه امر خفى لا يمكن الاطلاع عليه، فلذلك شرف بخلاف الصلاة و الجهاد و غيرهما و أجيب بأن الايمان و الإخلاص و افعال القلب و الخشية خفية مع تناول الحديث اياها.
الثالث، أن عدم إملاء الجوف تشبه بصفة الصمدية، أجيب بان طلب العلم فيه تشبه باجل صفات الربوبية، و هو العلم الذاتي، و كذلك الاحسان الى المؤمنين و تعظيم الأولياء و الصالحين، كل ذلك فيه التخلق تشبها بصفات اللّه تعالى.
الرابع: أن جميع العبادات وقع التقرب بها الى غير اللّه تعالى الا الصوم، فانه لم يتقرب به الا إلى اللّه وحده. أجيب بان الصوم يفعله أصحاب استخدام الكواكب.
الخامس: أن الصوم توجب صفاء العقل و الفكر بواسطة ضعف القوى الشهوية بسبب الجوع، و لذلك قال عليه السلام: «لا يدخل الحكمة جوفا ملئ طعاما» و صفاء العقل و الفكر يوجبان حصول المعارف الربانية التي هي اشرف أحوال النفس الانسانية، أجيب بان سائر العبادات اذا واظب عليها أورثت ذلك خصوصا الجهاد. قال اللّه تعالى: «وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا» و قال تعالى: «اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ» قال بعضهم: لم أر فيه فرقا تقربه العين و تسكن إليه القلب.
و لقائل ان يقول: هب ان كل واحد من هذه الأجوبة مدخول بما ذكر، فلم لا يكون مجموعها هو الفارق، فانه لا يجتمع هذه الأمور المذكورة لغير الصوم، و هذا واضح. انتهى ما في النضد.
أقول: كل عبادة يعبد بها للّه تعالى و يرجى بها رضوان اللّه و ثوابه ففيه تظاهر بالعمل العبادى و ليس يخفى أمره على الناس، فللعابد بها حسن ثناء عند الناس و شكر تقدير و حرمة فهو و ان لم يتعبد بتلك العبادة الا للّه مخلصا، فكانه وصل الى بعض أجره، الا الصوم لا تظاهر فيه، فانه الكف عن المفطرات، و الكف نفى العمل، و لا يمكن الاطلاع عليه الا من قبل نفس الصائم و اظهاره سمعة.
فالصائم يترك الملاذ و الشهوات و يقاسى عوارض الصوم من نحولة الجسم و عدم النشاط للّه عزّ و جلّ تعبدا له من دون أن يعرف الناس أنّه متعبد فيكرمونه و يفضلونه كما يعرفون ذلك من سائر العباد كالذين يصلون الصلاة و لا يفترون عنها، أو الغزاة و المجاهدين مع ما لهم من الغنيمة و الفيء و الثناء المشهور لهم بقوله «فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ» و هكذا الحجاج و المعتمرون فانهم مع تركهم ما يحرم عليهم بالاحرام متظاهرون بالاحرام في الحجّ و العمرة، يعرفون و يتعارفون.
فالصائم لا يعلم أنّه متعبد للّه الا اللّه عزّ و جلّ فاللّه مجزيه أحسن الجزاء و اكمله، ان كان «أجزى به» بفتح الهمزة و كسر الزاى- من باب المعلوم فاعله، أو يكون جزاؤه هو اللّه تعالى نفسه أعنى لقاءه و رضوانه- ان كان بضم الهمزة و فتح الزاى- من باب المجهول فاعله.
و ليس يرد عليه خفاء الايمان و الإخلاص و الخشية من اللّه تعالى فانها ليست بأعمال عبادية و هى مع ذلك شرط في كل عبادة يعبد بها اللّه تعالى حاصلة في كل حال.