النهاية في غريب الحديث و الأثر5
الجزء الخامس
الجزء الخامس
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
حرف النون
باب النون مع الهمزة
(نأج)
(ه)
فيه «ادع ربّك بِأَنْأَجِ ما تقدر عليه»
أى بأبلغ ما يكون من الدّعاء و أضرع. يقال: نَأَجَ إلى اللّه: أى تضرّع إليه. و النَّئِيجُ: الصّوت. و نَأَجَتِ الرّيح، تَنْأَجُ.
(نأد)
(س)
فى حديث عمر و المرأة العجوز «أجاءتنى النَّآئِدُ «1» إلى استيشاء «2» الأباعد»
النَّآئِدُ «1»: الدّواهى، جمع نَآدَى «3». و النَّآدُ «4» و النَّؤُودُ: الدّاهية. تريد أنّها اضطرّتها الدّواهى إلى مسألة الأباعد.
(نأنأ)
(ه)
فى حديث أبى بكر «طوبى لمن مات فى النَّأْنَأَةِ»
أى فى بدء الإسلام حين كان ضعيفا، قبل أن يكثر أنصاره و الداخلون فيه. يقال: نَأْنَأْتُ عن الأمر نَأْنَأَةً، إذا ضعفت عنه و عجزت. و يقال: نَأْنَأْتُهُ، بمعنى نَهْنَهْتُهُ، إذا أخّرته و أمهلته.
[ه] و منه
حديث عليّ «قال لسليمان بن صرد، و كان تخلّف عنه يوم الجمل ثم أتاه بعد، فقال: تَنَأْنَأْتَ و تربّصت، فكيف رأيت اللّه صنع؟»
أى ضعفت و تأخّرت.
باب النون مع الباء
(نبأ)
(س)
فيه «أنّ رجلا قال له: يا نَبِىءَ اللّه، فقال: لا تَنْبِرْ باسمى، إنّما أنا نبىّ اللّه»
النَّبِىءُ: فعيل بمعنى فاعل للمبالغة، من النَّبَإِ: الخبر، لأنه أَنْبَأَ عن اللّه، أى أخبر.
و يجوز فيه تحقيق الهمز و تخفيفه. يقال: نَبَأَ و نَبَّأَ و أَنْبَأَ.
__________________________________________________
(1) فى الأصل، و ا: «النائد» و ما أثبت من اللسان، و القاموس.
(2) فى اللسان: «استثناء» خطأ. و انظر «وشى» فيما يأتى.
(3) فى الأصل، وا: «نأدى» و هو بوزن فعالى، كما فى اللسان، و القاموس.
(4) فى الأصل، وا: «و النّأد». و هو بوزن سحاب. كما نص فى القاموس:
3
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نبأ ص 3
قال سيبويه: ليس أحد من العرب إلّا و يقول: تَنَبَّأَ مسيلمة، بالهمز، غير أنّهم تركوا الهمز فى النَّبِىِّ، كما تركوه فى الذّرّيّة و البريّة و الخابية، إلّا أهل مكة فإنهم يهمزون هذه الأحرف الثّلاثة، و لا يهمزون غيرها، و يخالفون العرب فى ذلك.
قال الجوهرى «1»: «يقال: نَبَأْتُ على القوم «2» إذا طلعت عليهم، و نَبَأْتُ من أرض إلى أرض، إذا خرجت من هذه إلى «3» هذه. قال: و هذا المعنى أراده «4» الأعرابىّ بقوله: يا نَبِىءَ اللّه، لأنه خرج من مكة إلى المدينة، فأنكر عليه الهمز لأنه ليس من لغة قريش».
و قيل: إنّ النّبىّ مشتقّ من النّباوة، و هى الشىء المرتفع.
و من المهموز شعر عبّاس بن مرداس يمدحه:
يا خاتم النُّبَآءِ إنّك مرسل بالحقّ «5» كلّ هدى السّبيل هداكا
و من الأوّل
حديث البراء «قلت: و رسولك الّذى أرسلت. فردّ علىّ و قال: و نبيّك الّذى أرسلت»
إنّما ردّ عليه ليختلف اللّفظان، و يجمع له الثّناءين، معنى النّبوّة و الرّسالة، و يكون تعديدا للنّعمة فى الحالين، و تعظيما للمنّة على الوجهين.
و الرّسول أخصّ من النبىّ، لأنّ كلّ رسول نبىّ، و ليس كلّ نبىّ رسولا.
(نبب)-
فى حديث الحدود «يعمد أحدهم إذا غزا الناس فَيَنِبُّ كنبيب التّيس»
النَّبِيبُ: صوت التّيس عند السّفاد.
(ه) و منه
حديث عمر «ليكلّمنى بعضكم، و لا تَنِبُّوا «6» نبيب التّيوس»
أى تصيحوا.
و
حديث عبد اللّه بن عمرو «أنه أتى الطّائف فإذا هو يرى التّيوس تلبّ، أو تَنِبُّ على الغنم».
__________________________________________________
(1) حكاية عن أبى زيد.
(2) أنبأ نبأ و نبوءا. كما فى الصحاح.
(3) فى الصحاح:
«إذا خرجت منها إلى أخرى».
(4) فى الأصل، وا: «أراد» و أثبت ما فى الصحاح.
(5) فى اللسان: «بالخير».
(6) فى الهروى، و اللسان: «و لا تنبّوا عندى» و يوافق روايتنا ما فى الفائق 3/ 61
4
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نبت ص 5
(نبت)-
فى حديث بنى قريظة «فكلّ من أَنْبَتَ منهم قتل»
أراد نَبَاتَ شعر العانة، فجعله علامة للبلوغ، و ليس ذلك حدّا عند أكثر أهل العلم، إلّا فى أهل الشّرك؛ لأنهم لا يوقف على بلوغهم من جهة السّنّ، و لا يمكن الرّجوع إلى قولهم، للتّهمة فى دفع القتل و أداء الجزية.
و قال أحمد: الْإِنْبَاتُ حدّ معتبر تقام به الحدود على من أَنْبَتَ من المسلمين. و يحكى مثله عن مالك.
و
فى حديث عليّ «إنّ النبى صلّى اللّه عليه و سلم قال لقوم من العرب: أنتم أهل بيت أو نَبْتٍ؟ فقالوا: نحن أهل بيت و أهل نبت»
أى نحن فى الشّرف نهاية، و فى النَّبْتِ نهاية. أى يَنْبُتُ المال على أيدينا. فأسلموا.
(س) و
فى حديث أبى ثعلبة «قال: أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فقال: نويبتة، فقلت: يا رسول اللّه، نويبتة خير أو نويبتة شرّ؟»
النُّوَيْبِتَةُ: تصغير نابتة، يقال: نبتت لهم نَابِتَة: أى نشأ فيهم صغار لحقوا الكبار، و صاروا زيادة فى العدد.
(ه) و منه
حديث الأحنف «أن معاوية قال لمن ببابه: لا تتكلّموا بحوائجكم، فقال:
لولا عزمة أمير المؤمنين لأخبرته أنّ دافّة دفّت، و أنّ نَابِتَةً لحقت».
(نبث)
(س)
فى حديث أبى رافع «أطيب طعام أكلت فى الجاهليّة نَبِيثَةُ سَبُعٍ»
أصل النَّبِيثَةِ: تراب يخرج من بئر أو نهر، فكأنّه أراد لحما دفنه السّبع لوقت حاجته فى موضع، فاستخرجه أبو رافع و أكله.
(نبح)
(س)
فى حديث عمّار «اسكت مشقوحا مقبوحا مَنْبُوحاً»
الْمَنْبُوحُ:
المشتوم. يقال: نَبَحَتْنِى كلابك: أى لحقتنى شتائمك. و أصله من نُبَاحِ الكلب، و هو صياحه.
(نبخ)
(س)
فى حديث عبد الملك بن عمير «خبزة أَنْبَخَانِيَّة»
أى ليّنة هشّة.
يقال: نَبَخَ العجين يَنْبُخُ «1»، إذا اختمر. و عجين أَنْبَخَانٌ: أى مختمر. و قيل: حامض.
و الهمزة زائدة.
__________________________________________________
(1) هكذا بالضم فى الأصل، و اللسان. و فى القاموس بالكسر.
5
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نبد ص 6
(نبد)-
فى حديث عمر «جاءته جارية بسويق، فجعل إذا حرّكته ثار له قشار، و إذا تركته نَبَدَ»
أى سكن و ركد. قاله الزمخشرى «1»
(نبذ)
(ه)
فيه «أنه نهى عن الْمُنَابَذَةِ فى البيع»
هو «2» أن يقول الرجل لصاحبه:
انْبِذْ إلىّ الثّوب، أو أَنْبِذُهُ إليك، ليجب البيع.
و قيل: هو أن يقول: إذا نَبَذْتُ إليك الحصاة فقد وجب البيع، فيكون البيع معاطاة من غير عقد، و لا يصحّ.
يقال: نَبَذْتُ الشّىء أَنْبِذُهُ نَبْذاً، فهو مَنْبُوذٌ، إذا رميته و أبعدته.
(ه) و منه
الحديث «فَنَبَذَ خاتمه فنبذ النّاس خواتيمهم»
أى ألقاه «3» من يده.
(ه) و
فى حديث عدىّ [بن حاتم] «4»
«أمر له لمّا أتاه بِمِنْبَذَة»
أى وسادة. سمّيت بها لأنّها تُنْبَذُ، أى تطرح.
(س) و منه
الحديث «فأمر بالسّتر أن يقطع، و يجعل له منه وسادتان مَنْبُوذَتَانِ».
و
فيه «أنه مرّ بقبر مُنْتَبِذٍ عن القبور»
أى منفرد بعيد عنها.
(ه) و
فى حديث آخر «انتهى إلى قبر مَنْبُوذٍ فصلّى عليه»
يروى بتنوين القبر و الإضافة، فمع التّنوين هو بمعنى الأوّل، و مع الإضافة يكون المنبوذ اللّقيط، أى بقبر إنسان منبوذ.
و سمّى اللّقيط منبوذا؛ لأنّ أمّه رمته على الطّريق.
و
فى حديث الدجّال «تلده أمّه و هى منبوذة فى قبرها»
أى ملقاة.
__________________________________________________
(1) ذكره الزمخشرى «نثد» بالنون و الثاء المثلثة. انظر الفائق 3/ 185 و سيعيد المصنف ذكره فى نثد.
(2) هذا شرح أبى عبيد، كما ذكر الهروى.
(3) فى الأصل، وا، و اللسان: «ألقاها» قال فى الصحاح: «و الخاتم و الخاتم، بكسر التاء و فتحها .... و تختّمت، إذا لبسته» فأعاد الضمير إليه مذكرا.
(4) من الهروى، و الفائق 3/ 61.
6
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نبذ ص 6
و قد تكرر فى الحديث ذكر «النَّبِيذِ» و هو ما يعمل من الأشربة من التّمر، و الزّبيب، و العسل، و الحنطة، و الشّعير و غير ذلك.
يقال: نَبَذْتُ التّمر و العنب، إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا، فصرف من مفعول إلى فعيل. و انْتَبَذْتُهُ: اتّخذته نبيذا.
و سواء كان مسكرا أو غير مسكر فإنه يقال له نَبِيذ. و يقال للخمر المعتصر من العنب نبيذ. كما يقال للنّبيذ خمر.
و
فى حديث سلمان «و إن أبيتم نَابَذْنَاكُمْ على سواء»
أى كاشفناكم و قاتلناكم على طريق مستقيم مستو فى العلم بالمنابذة منّا و منكم، بأن نظهر لهم العزم على قتالهم، و نخبرهم به إخبارا مكشوفا.
و النَّبْذ يكون بالفعل و القول، فى الأجسام و المعانى.
و منه نَبَذَ العهدَ، إذا نقضه و ألقاه إلى من كان بينه و بينه.
و
فى حديث أنس «إنّما كان البياض فى عنفقته، و فى الرّأس نَبْذٌ»
أى يسير من شيب، يعنى النّبىّ صلّى اللّه عليه و سلم.
يقال: بأرض كذا نَبْذٌ من كلإ، و أصاب الأرض نبذ من مطر، و ذهب ماله و بقى منه نبذ و نُبْذَةٌ: أى شىء يسير.
(ه) و منه
حديث أم عطيّة «نُبْذَةُ قسط و أظفار»
أى قطعة منه.
(نبر)
(ه)
فيه «قيل له: يا نبىء اللّه، فقال: إنّا معشر قريش لا نَنْبِر» و فى رواية «لا تَنْبِر باسمى»
النَّبْر: همز الحرف، و لم تكن قريش تهمز فى كلامها.
و لمّا حجّ المهدىّ قدّم الكسائىّ يصلّى بالمدينة، فهمز فأنكر عليه أهل المدينة، و قالوا: إنه يَنْبِرُ فى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بالقرآن.
و
في حديث عليّ «اطعنوا النَّبْرَ، و انظروا الشّزر»
النَّبْرُ: الخلس، أى اختلسوا الطّعن.
[ه] و
فى حديث عمر «إيّاكم و التّخلّل بالقصب، فإنّ الفم يَنْتَبِرُ منه»
أى يتنفّط.
و كلّ مرتفع: مُنْتَبِرٌ.
7
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نبر ص 7
و منه اشتقّ «الْمِنْبَر».
(ه) و منه
الحديث «إن الجرح يَنْتَبِرُ فى رأس الحول»
أى يرم.
و
حديث نصل رافع بن خديج «غير أنه بقى منتبرا»
أى مرتفعا فى جسمه.
[ه] و
حديث حذيفة «كجمر دحرجته على رجلك فنفط «1»، فتراه منتبرا».
(نبز)-
فيه «لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ»
التَّنَابُزُ: التّداعى بالألقاب. و النَّبَزُ، بالتحريك:
اللّقب، و كأنه يكثر فيما كان ذمّا.
و منه
الحديث «أن رجلا كان يُنْبَزُ قُرْقُورا»
أى يلقّب بقرقور.
(نبس)
(ه)
فى حديث ابن عمر: فى صفة أهل النار «فما يَنْبِسُونَ عند ذلك، ما هو إلّا الزّفير و الشّهيق»
أى ما ينطقون. و أصل النَّبْس: الحركة، و لم يستعمل إلّا فى النّفى.
(نبط)-
فيه «من غدا من بيته يَنْبِطُ علما فرشت له الملائكة أجنحتها»
أى يظهره و يفشيه فى الناس. و أصله من نَبَطَ الماءُ يَنْبِطُ «2»، إذا نبع. و أَنْبَطَ الحفّار: بلغ الماء فى البئر.
و الِاسْتِنْبَاطُ: الاستخراج.
(ه) و منه
الحديث «و رجل ارتبط فرسا لِيَسْتَنْبِطَهَا»
أى يطلب نسلها و نتاجها.
و
فى رواية «يستبطنها»
أى يطلب ما فى بطنها.
[ه] و
فى حديث بعضهم، و قد سئل عن رجل فقال: «ذاك قريب الثّرى، بعيد
__________________________________________________
(1) قال النووى: «نفط، بفتح النون و كسر الفاء، و يقال: تنفّط، بمعناه. و التنفط: الذى يصير فى اليد من العمل بفأس، أو نحوها، و يصير كالقبة فيه ماء قليل». شرح النووى على مسلم باب رفع الأمانة و الإيمان من بعض القلوب، من كتاب الإيمان 2/ 169.
و فى الهروى: «فنفطت» مكان: «فنفط». قال النووى: «و لم يقل: نفطت، مع أن الرجل مؤنثة، إما أن يكون ذكر نفط إتباعا للفظ الرّجل، و إما أن يكون إتباعا لمعنى الرّجل و هو العضو» و يلاحظ أن المصنف لم يذكر مادة نفط هذه.
(2) بالضم و الكسر، كما فى القاموس.
8
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نبط ص 8
النَّبَطِ»
النَّبَطُ و النَّبِيطُ: الماء الذى يخرج من قعر البئر إذا حفرت، يريد أنّه دانى الموعد، بعيد الإنجاز.
(ه) و
فى حديث عمر «تمعددوا و لا تَسْتَنْبِطُوا»
أى تشبّهوا بمعدّ، و لا تشبّهوا بِالنَّبَطِ. النَّبَطُ و النَّبِيطُ: جيل معروف، كانوا ينزلون بالبطائح بين العراقين.
(س) و منه
حديثه الآخر «لا تَنَبَّطُوا فى المدائن»
أى لا تشبّهوا بالنّبط، فى سكناها و اتّخاذ العقار و الملك.
(س) و
حديث ابن عباس «نحن معاشر قريش من النَّبَطِ، من أهل كُوثَى»
قيل: لأنّ إبراهيم الخليل عليه السلام ولد بها. و كان النّبط «1» سكّانها.
[ه] و منه
حديث عمرو بن معديكرب «سأله عمر عن سعد بن أبى وقّاص، فقال:
أعرابىّ فى حبوته، نَبَطِىٌّ فى جِبْوَتِهِ»
أراد أنّه فى جباية الخراج و عمارة الأرضين كالنّبط، حذقا بها و مهارة فيها، لأنّهم كانوا سكّان العراق و أربابها.
و منه
حديث ابن أبى أوفى «كنّا نسلف نَبِيطَ «2» أهل الشّام» و فى رواية «أَنْبَاطاً من أنباط الشام».
و
فى حديث الشّعبى «أن رجلا قال لآخر: يا نَبَطِيُّ، فقال: لا حدّ عليه، كلّنا نَبَطٌ»
يريد الجوار و الدّار، دون الولادة.
و
فى حديث عليّ «ودّ الشُّراة المحكّمة أنّ النَّبْطَ قد أتى علينا كلّنا»
قال ثعلب:
النَّبْطُ: الموت.
(نبع)
(س) فيه ذكر «النَّبْع» و هو شجر تتّخذ منه القسىّ.
قيل: كان شجرا يطول و يعلو، فدعا عليه النبى صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: «لا أطالك اللّه من عود» فلم يطل بعد «3»
__________________________________________________
(1) فى ا: «و كان النبط بها سكانها».
(2) فى الأصل: «نبط» و أثبت ما فى ا، و اللسان.
(3) فى ا: «بعده».
9
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نبغ ص 10
(نبغ)
(ه)
فى حديث عائشة تصف أباها «غاض نَبْغَ النّفاق و الرّدّة»
أى نقصه «1» و أذهبه. يقال: نَبَغَ الشيءُ، إذا ظهر، و نبغ فيهم النّفاق، إذا ظهر ما كانوا يخفونه منه.
(نبق)
(س)
فى حديث سدرة المنتهى «فإذا نَبِقُهَا أمثال القلال»
النَّبِق، بفتح النون و كسر الباء، و قد تسكّن: ثمر السّدر، واحدته: نَبِقَة و نَبْقَة، و أشبه شيء به العنّاب قبل أن تشتدّ حمرته.
(نبل)
(ه)
فيه «قال: كنت أُنَبِّلُ على عمومتى يوم الفجار»
يقال «2»: نَبَّلْتُ الرجل، بالتشديد، إذا ناولته النَّبْلَ ليرمى، و كذلك أَنْبَلْتُهُ.
[ه] و منه
الحديث «إنّ سعدا كان يرمى بين يدى النبى صلّى اللّه عليه و سلم يوم أحد، و النبى صلّى اللّه عليه و سلم يُنَبِّلُهُ».
و فى رواية «و فتى ينبّله، كلّما نفدت نبله».
و يروى «يَنْبُلُهُ»
بفتح الياء و تسكين النون و ضم الباء.
قال ابن قتيبة: و هو غلط من نقلة الحديث، لأنّ معنى نَبَلْتُهُ أَنْبُلُهُ، إذا رميته بالنّبل.
قال أبو عمر الزاهد: بل هو صحيح، يعنى يقال: نَبَلْتُهُ، و أَنْبَلْتُهُ، و نَبَّلْتُهُ.
(س) و منه
الحديث «الرامى و مُنْبِلُهُ»
و يجوز أن يريد بِالْمُنْبِلِ الذى يردّ النّبل على الرامى من الهدف.
(ه) و منه حديث عاصم:
ما علّتى و أنا جلد نَابِلٌ
أى ذو نبل. و النَّبْلُ: السّهام العربية، و لا واحد لها من لفظها، فلا يقال: نبلة، و إنما يقال:
سهم، و نشّابة.
(ه) و
فى حديث الاستنجاء «أعدّوا النُّبَلَ»
هى الحجارة الصغار التى يستنجى
__________________________________________________
(1) ضبط فى الأصل، و ا «نقّصه» بالتشديد. و أثبت ضبط اللسان. و الفصيح فى هذا الفعل أن يتعدى بنفسه، و فى لغة ضعيفة يتعدى بالهمزة و التضعيف. كما ذكر صاحب المصباح.
(2) القائل هو الأصمعى، كما ذكر الهروى.
10
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نبل ص 10
بها، واحدتها: نبلة، كغرفة و غرف. و المحدّثون يفتحون النون و الباء، كأنه جمع نَبِيلٍ، فى التقدير.
و النَّبَل، بالفتح فى غير هذا: الكبار من الإبل و الصغار. و هو من الأضداد.
(نبه)
(س)
فى حديث الغازى «فإن نومه و نُبْهَهُ خير كلّه»
النُّبْهُ: الِانْتِبَاهُ من النّوم.
(ه) و منه
الحديث «فإنه مَنْبَهَةٌ للكريم»
أى مَشْرَفَة و معلاة، من النَّبَاهَةِ. يقال:
نَبُهَ يَنْبُهُ، إذا صار نَبِيهاً شريفا.
(نبا)-
فيه «فأتى بثلاثة قرصة فوضعت على نَبِيٍّ»
أى على شيء مرتفع عن الأرض، من النَّبَاوَةِ، و النَّبْوَةُ: الشّرف المرتفع من الأرض.
(ه) و منه
الحديث «لَا تُصَلُّوا عَلَى النَّبِىِّ»
أى على الأرض المرتفعة المحدودبة.
و من الناس من يجعل النبىّ مشتقّا منه، لارتفاع قدره.
و منه
الحديث «أنه خطب يوما بِالنَّبَاوَةِ من الطائف»
هو موضع معروف به.
(ه) و
حديث قتادة «ما كان بالبصرة رجل أعلم من حميد بن هلال، غير أنّ النّباوة أضرّت به»
أى طلب الشّرف و الرياسة، و حرمة التقدّم فى العلم أضرّ به.
و يروى بالتاء و النون. و قد تقدّم فى حرف التاء «1».
(س) و
فى حديث الأحنف «قدمنا على عمر مع وفد، فَنَبَتْ عيناه عنهم، و وقعت علىّ»
يقال: نَبَا عنه بصره يَنْبُو: أى تجافى و لم ينظر إليه. و نَبَا به منزلُهُ، إذا لم يوافقه. و نَبَا حَدُّ السيف، إذا لم يقطع، كأنه حقّرهم، و لم يرفع بهم رأسا.
(ه) و منه
حديث طلحة «قال لعمر: أنت ولىّ ما وليت، لا نَنْبُو فى يديك»
أى ننقاد لك.
و منه
فى صفته صلّى اللّه عليه و سلم «يَنْبُو عنهما الماء»
أى يسيل و يمرّ سريعا، لملاستهما و اصطحابهما.
__________________________________________________
(1) انظر ص 199 من الجزء الأول. و قد ضبطت هناك النّباوة، بكسر النون، خطأ.
و الصواب الفتح.
11
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
باب النون مع التاء ص 12
باب النون مع التاء
(نتج)-
فيه «كما تُنْتَجُ البهيمة بهيمة جمعاء»
أى تلد. يقال: نُتِجَتِ الناقة، إذا ولدت، فهى مَنْتُوجَةٌ. و أَنْتَجَتْ، إذا حملت، فهي نَتُوجٌ. و لا يقال: مُنْتِج. و نَتَجْتُ الناقة أَنْتِجُهَا، إذا ولّدتها. و النَّاتِجُ للإبل كالقابلة للنساء.
و
فى حديث الأقرع و الأبرص «فَأَنْتِجْ هذان و ولّد هذا»
كذا جاء فى الرّواية «أنتج» و إنّما يقال: «نتج»، فأما أَنْتَجَتْ فمعناه إذا حملت، أو حان نِتَاجُهَا. و قيل:
هما لغتان.
(ه) و منه
حديث أبى الأحوص «هل تَنْتِجُ إبلك «1» صحاحا آذانها»
أى تولّدها و تلى نتاجها.
(نتخ)
[ه]
في حديث ابن عباس «إنّ فى الجنّة بساطا مَنْتُوخاً بالذّهب»
أى منسوجا.
و النَّتْخُ بالخاء المعجمة: النّسج.
(س) و
فى حديث الأحنف «إذا لم أصل مجتدىّ حتى يَنْتِخَ جبينه»
أى يعرق.
و النَّتْخ: مثل الرّشح. و المجتدى: الطّالب، أى إذا لم أصل طالب معروفى.
(نتر)
. (ه)
فيه «إذا بال أحدكم فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثلاث نَتَرَاتٍ»
النَّتْرُ: جذب فيه قوّة و جفوة.
(ه) و منه
الحديث «إنّ أحدكم يعذّب فى قبره، فيقال: إنه لم يكن يَسْتَنْتِرُ عند بوله»
الِاسْتِنْتَار: استفعال، من النّتر، يريد الحرص عليه و الاهتمام به. و هو بعث على التّطهّر بالاستبراء من البول.
(ه) و
فى حديث عليّ «قال لأصحابه: اطعنوا النَّتْرَ»
أى الخلس، و هو من فعل الحذّاق.
يقال: ضرب هبر، و طعن نَتْرٌ.
و يروى بالباء بدل التّاء. و قد تقدّم.
__________________________________________________
(1) رواية الهروى: «هل تنتج إبل قومك».
12
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نتش ص 13
(نتش)
(ه)
فى حديث أهل البيت «لا يحبّنا حامل القيلة، و لا النُّتَّاشُ»
قال ثعلب: هم النُّفَّاش و العيّارون، واحدهم: ناتش. و النَّتْشُ و النّتف واحد، كأنهم انتتفوا من جملة أهل الخير.
(س) و منه
الحديث «جاء فلان فأخذ خيارها، و جاء آخر فأخذ نِتَاشَهَا»
أى شِرَارَهَا.
(نتق)
(ه)
فيه «عليكم بالأبكار، فإنّهنّ أَنْتَقُ أرحاما»
أى أكثر أولادا. يقال للمرأة الكثيرة الولد: نَاتِقٌ، لأنها ترمى بالأولاد رميا.
و النَّتْقُ: الرّمى و النّفض و الحركة. و النَّتْقُ: الرّفع أيضا.
(ه) و منه
حديث عليّ «البيت المعمور نِتَاقُ الكعبة من فوقها»
أى هو مطلّ عليها فى السماء.
و منه
حديثه الآخر فى صفة مكة «و الكعبة أقلّ نَتَائِقِ الدّنيا مدرا»
النَّتَائِقُ: جمع نَتِيقَة، فعيلة بمعنى مفعولة، من النَّتْقِ، و هو أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمى به، هذا هو الأصل.
و أراد بها هاهنا البلاد؛ لرفع بنائها، و شهرتها فى موضعها.
(نتل)
(ه)
فيه «أنه رأى الحسن يلعب و معه صبية فى السّكّة، فَاسْتَنْتَلَ رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أمامَ القوم»
أى تقدّم. و النَّتْلُ: الجذب إلى قدّام «1».
(س) و منه
الحديث «يمثّل القرآن رجلا، فيؤتى بالرجل كان قد حمله مخالفا له، فَيَنْتَتِلُ خصما له»
أى يتقدّم و يستعدّ لخصامه. و خصما منصوب على الحال.
(ه) و منه
حديث أبى بكر «أن ابنه عبد الرحمن برز يوم بدر مع المشركين، فتركه الناس لكرامة أبيه، فَنَتَلَ أبو بكر و معه سيفه»
أى تقدّم إليه.
(ه) و
حديثه الآخر «شرب لبنا فارتاب به أنه لم يحلّ له، فَاسْتَنْتَلَ يتقيّا»
أى تقدّم.
(س) و
حديث سعد بن إبراهيم «ما سبقنا ابن شهاب من العلم بشيء،
__________________________________________________
(1) زاد الهروى: «قال أبو بكر: و به سمّى الرجل ناتلا، و نُتَيْلَة أم العباس بن عبد المطلب».
13
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نتل ص 13
إلّا كنّا نأتى المجلس فَيَسْتَنْتِلُ و يشدّ ثوبه على صدره»
أى يتقدّم.
(نتن)-
فيه «ما بال دعوى الجاهليّة؟ دعوها فإنّها مُنْتِنَةٌ»
أى مذمومة فى الشّرع، مجتنبة مكروهة، كما يجتنب الشيء النَّتِن. يريد قولهم: يا لفلان.
(س) و منه
حديث بدر «لو كان المطعم بن عدىّ حيّا فكلّمنى فى هؤلاء النَّتْنَى لأطلقتهم له»
يعنى أسارى بدر، واحدهم: نَتِنٌ، كزمن و زمنى، سمّاهم نَتْنَى لكفرهم. كقوله تعالى:
إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ.
باب النون مع الثاء)
(نثث)
(ه)
فى حديث أم زرع «لا تَنُثُّ حديثنا تَنْثِيثاً»
النَّثُّ كالبثّ. يقال:
نَثَّ الحديث يَنِثُّهُ يَنُثُّهُ «1»، إذا حدّث به. تقول: لا تفشى أسرارنا، و لا تطلع الناس على أحوالنا.
و التَّنْثِيثُ: مصدر تُنَثِّثْ، فأجراه على تَنُثُّ.
و يروى بالباء الموحّدة «2».
(ه) و
فى حديث عمر «أن رجلا أتاه يسأله فقال: هلكت، قال: أهلكت و أنت تَنِثُّ نَثِيثَ الحميت؟»
نَثَّ الزّقّ يَنِثُّ بالكسر، إذا رشح بما فيه من السّمن. أراد: أ تهلك و جسدك كأنه يقطر دسما؟
و النَّثِيثُ: أن يرشح و يعرق من كثرة لحمه.
و يروى «تمثّ» بالميم. و قد تقدّم.
(نثد)
(س)
فى حديث عمر «إذا تركته نَثَدَ»
قال الخطّابى: لا أدرى ما هو.
و أراه «رثد» بالراء. أى اجتمع فى قعر القدح.
و يجوز أن يكون «نثط» فأبدل الطاء دالا للمخرج.
و قال الزمخشرى: «نَثَدَ: أى سكن و ركد».
و يروى بالباء الموحدة. و قد تقدّم.
__________________________________________________
(1) بالضم، و الكسر، كما فى القاموس.
(2) أى تبثّ. و سبق فى بابه.
14
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نثر ص 15
(نثر)
(ه)
فى حديث الوضوء «إذا توضّأت فَانْثِرْ «1»».
(ه) و فى حديث آخر «فَاسْتَنْثِرْ».
و
فى آخر «من توضأ فَلْيَنْثِرْ».
و
فى آخر «كان يستنشق ثلاثا، فى كل مرّة يَسْتَنْثِرُ».
نَثَرَ يَنْثِرُ، بالكسر، إذا امتخط. و اسْتَنْثَرَ: استفعل منه. أى استنشق الماء ثم استخرج ما فى الأنف فَيَنْثِرُهُ.
و قيل: هو من تحريك النَّثْرَة،، و هى طرف الأنف.
قال الأزهرى: يروى «فَأَنْثِرْ» بألف مقطوعة. و أهل اللغة لا يجيزونه. و الصواب بألف الوصل.
و
فى حديث ابن مسعود و حذيفة فى القراءة «هذّا كهذّ الشّعر، و نَثْراً كَنَثْرِ الدَّقَل»
أى كما يتساقط الرّطب اليابس من العذق إذا هزّ.
(ه) و منه
الحديث «فلما خلا سنّى، و نثرت له ذا بطنى»
أرادت أنها كانت شابّة تلد الأولاد عنده. و امرأة نَثُورٌ: كثيرة الولد.
(ه) و
حديث أبى ذرّ «أ يواقفكم العدوّ حلب شاة نَثُورٍ؟»
هى الواسعة الإحليل، كأنها تنثر اللبن نثرا.
(ه) و
فى حديث ابن عباس «الجراد نَثْرَةُ الحوت»
أى عطسته.
و
حديث كعب «إنما هو نثرة حوت».
(ه) و
فى حديث أم زرع «و يميس فى حَلَقِ النَّثْرَةِ»
هى ما لطف من الدّروع: أى يتبختر فى حلق الدّرع.
(نثط)-
فيه «كانت الأرض هفّا على الماء فَنَثَطَهَا اللّه بالجبال»
أى أثبتها و ثقّلها.
و النَّثْطُ: غمزك الشيء حتى يثبت.
[ه] و منه
حديث كعب «كانت الأرض تميد فوق الماء، فنثطها اللّه بالجبال، فصارت لها أوتادا».
__________________________________________________
(1) قال فى المصباح: «و تكسر الثاء و تضمّ».
15
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نثل ص 16
(نثل)
(ه)
فيه «أ يحبّ أحدكم أن تؤتى مشربته فَيُنْتَثَلَ ما فيها؟»
أى يستخرج و يؤخذ.
و منه
حديث الشّعبى «أما ترى حفرتك تُنْثَلَ»
أى يستخرج ترابها، يريد القبر.
و منه
حديث صهيب «و انْتَثَلَ ما فى كنانته»
أى استخرج ما فيها من السّهام.
(س) و
حديث أبى هريرة «ذهب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و أنتم تَنْتَثِلُونَهَا «1»»
يعنى الأموال و ما فتح عليهم من زهرة الدنيا.
(س) و
فى حديث طلحة «أنه كان يَنْثُلُ «2» درعه إذ جاءه سهم فوقع فى نحره»
أى يصبّها عليه و يلبسها. و النَّثْلَةُ: الدّرع.
و
في حديث عليّ «بين نثيله و معتلفه»
النَّثِيلُ: الرّوث.
و منه
حديث ابن عبد العزيز «أنه دخل دارا فيها روث، فقال: ألا كنستم هذا النّثيل»
و كان لا يسمّى قبيحا بقبيح.
(نثا)
(ه)
فى صفة مجلسه عليه الصلاة و السلام «لا تُنْثَى فلتاته»
أى لا تشاع و لا تذاع. يقال: نَثَوْتُ الحديث أَنْثُوهُ نَثْواً. و النَّثَا فى الكلام يطلق على القبيح و الحسن.
يقال: ما أقبح نَثَاهُ و ما أحسنه.
و الفلتات: جمع فلتة، و هى الزّلّة. أراد أنه لم يكن لمجلسه فلتات فَتُنْثَى.
و منه
حديث أبى ذر «فجاء خالنا فَنَثَى علينا الذى قيل له»
أى أظهره إلينا، و حدّثنا به.
و حديث مازن:
و كلّكم حين يُنْثَى عيبنا فطن
و
حديث الدعاء «يا من تُنْثَى عنده بواطن الأخبار».
__________________________________________________
(1) فى ا: «تنثلونها».
(2) من باب قتل، كما نص فى المصباح، لكن جاء فى القاموس بالكسر، كأنه من باب ضرب.
16
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
باب النون مع الجيم ص 17
باب النون مع الجيم
(نجأ)
(ه)
فيه «ردّوا نَجْأَةَ السّائل باللّقمة»
النَّجْأَةُ: شدّة النّظر. يقال للرّجل الشّديد الإصابة بالعين: إنه لَنَجُوءٌ، و نَجِىءٌ. و قد تحذف الواو و الياء، فيصير على فَعُل و فَعِل.
المعنى: أعطه اللّقمة لتدفع بها شدّة النّظر إليك.
و له معنيان: أحدهما أن تقضى شهوته، و تردّ عينه من نظره إلى طعامك، رفقا به و رحمة.
و الثانى أن تحذر إصابته نعمتك بعينه، لفرط تحديقه و حرصه.
(نجب)-
فيه «إن كلّ نبىّ أعطى سبعة نُجَبَاء رفقاء»
النَّجِيبُ: الفاضل من كلّ حيوان. و قد نَجُبَ يَنْجُبُ نَجَابَةً، إذا كان فاضلا نفيسا فى نوعه.
(س) و منه
الحديث «إن اللّه يحب التّاجر النَّجِيبَ»
أى الفاضل الكريم السّخىّ.
(ه) و منه
حديث ابن مسعود «الأنعام من نَجَائِبِ القرآن، أو نواجب القرآن»
أى من أفاضل سوره. فَالنَّجَائِبُ: جمع نَجِيبَة، تأنيث النّجيب. و أما النواجب. فقال شمر: هى عتاقه، من قولهم: نجبته، إذا قشرت نجبه، و هو لحاؤه و قشره، و تركت لبابه و خالصه.
(س) و منه
حديث أبىّ «المؤمن لا تصيبه ذعرة، و لا عثرة، و لا نَجْبَةُ نملة، إلّا بذنب»
أى قرصة نملة. من نَجَبِ العود، إذا قشره.
و النَّجَبَةُ بالتحريك: القشرة. ذكره أبو موسى هاهنا.
و يروى بالخاء المعجمة. و سيجىء.
و قد تكرر فى الحديث ذكر «النَّجِيبِ» من الإبل، مفردا، و مجموعا. و هو القوىّ منها، الخفيف السريع.
(نجث)
(ه)
فى حديث عمر «انْجُثُوا لى ما عند المغيرة، فإنه كتّامة للحديث»
النَّجْثُ:
الاستخراج، و كأنه بالحديث أخصّ.
و منه
حديث أم زرع «و لا تُنَجِّثُ عن أخبارنا تَنْجِيثاً».
17
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجث ص 17
(ه) و
حديث هند «أنها قالت لأبى سفيان، لمّا نزلوا بالأبواء فى غزوة أحد: لو نَجَثْتُمْ قبر آمنة أمّ محمد»
أى نبشتم.
(نجج)
(س)
فى حديث الحجّاج «سأحملك على صعب حدباء حدبار، يَنِجُّ ظهرها»
أى يسيل قيحا. يقال: نَجَّتِ القرحة تَنِجُّ نَجّاً.
(نجح)
(س)
فى خطبة عائشة «و أَنْجَحَ إذ أكديتم»
يقال: نَجَحَ فلان، و أَنْجَحَ، إذا أصاب طلبته. و نَجَحَتْ طلبته و أَنْجَحَتْ، و أَنْجَحَهُ اللّه.
و منه
حديث عمر مع المتكهّن «يا جليح، أمر نَجِيحٌ، رجل فصيح، يقول لا إله إلا اللّه»
و قد تكرر فى الحديث.
(نجد)
(ه)
فى حديث الزكاة «إلّا من أعطى فى نَجْدَتِهَا و رسلها»
النَّجْدَةُ: الشّدّة.
و قيل: السّمن. و قد تقدّم مبسوطا فى حرف الراء.
و منه
الحديث «أنه ذكر قارئ القرآن و صاحب الصّدقة، فقال رجل: يا رسول اللّه، أرأيتك النّجدة «1» تكون فى الرّجل؟ فقال: ليست لهما بعدل»
النَّجْدَةُ: الشّجاعة. و رجل نَجِدٌ و نَجُدٌ «2»: أى شديد البأس.
(س) و منه
حديث عليّ «أمّا بنو هاشم فَأَنْجَادٌ أمجاد»
أى أشدّاء شجعان.
و قيل: أَنْجَاد: جمع الجمع، كأنه جمع نَجُداً على نِجَاد، أو بحود، ثم نجد. قاله أبو موسى.
و لا حاجة إلى ذلك، لأن أفعالا فى فعل و فعل مطّرد، نحو عضد و أعضاد، و كتف و أكتاف.
و منه
حديث خيفان «و أمّا هذا الحىّ من همدان فأنجاد بسل».
__________________________________________________
(1) فى الأصل، و ا: «أرأيت كالنجدة» و التصحيح من اللسان و الفائق 2/ 121، و قد جاء بهامش الأصل: «قوله: أرأيت كالنجدة. هو هكذا فى بعض النسخ، و فى بعضها:
أرأيتك النجدة».
و قال الزمخشرى: «الكاف فى أرأيتك مجردة للخطاب .... و معناه: أخبرنى عن النجدة» و انظر ما سبق فى مادة رأى.
(2) هو نجد، و نجد، و نجد، و نجيد. معجم مقاييس اللغة 5/ 391.
18
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجد ص 18
و منه
حديث عليّ «محاسن الأمور التى تفاضلت فيها المجداء و النُّجَدَاءُ»
جمع مجيد و نَجِيد.
فالمجيد: الشريف. و النَّجِيدُ: الشجاع. فعيل بمعنى فاعل.
(ه) و
فى حديث الشّورى «و كانت امرأة نَجُودا»
أى ذات رأى، كأنها التى تجهد رأيها فى الأمور. يقال: نَجِدَ نَجَداً: أى جهد جهدا.
(ه) و
فى حديث أم زرع «زوجى طويل النِّجَادِ»
النِّجَادُ: حمائل السيف. تريد طول قامته، فإنها إذا طالت طال نجاده، و هو من أحسن الكنايات.
(ه) و
فيه «جاءه رجل و بكفّه وضح، فقال له: انظر بطن واد، لا مَنْجَدَ و لا متهم، فتمعّك فيه»
أى موضعا ذا حدّ من نجد، و حدّ من تهامة، فليس كلّه من هذه، و لا من هذه.
و قد تقدم فى التاء مبسوطا.
و النَّجْد: ما ارتفع من الأرض، و هو اسم خاصّ لما دون الحجاز، ممّا يلى العراق.
(ه) و
فيه «أنه رأى امرأة شيّرة و عليها مَنَاجِدُ من ذهب»
هو حلىّ مكلّل بالفصوص.
و قيل: قلائد من لؤلؤ و ذهب، واحدها: منجد.
و هو من التّنجيد: التّزيين. يقال: بيت منجّد، و نجوده: ستوره التى تعلّق على حيطانه، يزيّن بها.
(س) و منه
حديث قسّ «زخرف و نُجِّدَ»
أى زيّن.
و
حديث عبد الملك «أنه بعث إلى أمّ الدّرداء بِأَنْجَادٍ من عنده»
الْأَنْجَادُ: جمع نَجَد، بالتحريك، و هو متاع البيت، من فرش و نمارق و ستور.
(ه) و
فى حديث أبى هريرة فى زكاة الإبل «و على أكتافها أمثال النَّوَاجِدِ شحما»
هى طرائق الشّحم، واحدتها: ناجدة، سمّيت بذلك لارتفاعها.
(ه) و
فيه «أنه أذن فى قطع الْمِنْجَدَةِ»
يعنى من شجر الحرم، و هى عصا تساق بها الدّوابّ، و ينفش بها الصوف.
(س) و فى شعر حميد بن ثور:
19
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجد ص 18
و نَجَدَ «1» الماءَ الذى تورّدا
أى سال العرق. يقال: نَجَدَ يَنْجَدُ نَجَداً «2»، إذا عرق من عمل أو كرب. و تورّده: تلوّنه.
(س) و
فى حديث الشّعبى «اجتمع شرب من أهل الأنبار، و بين أيديهم نَاجُودُ خمر»
أى راووق. و النَّاجُودُ: كل إناء يجعل فيه الشّراب، و يقال للخمر: نَاجُود.
(نجذ)
[ه]
فيه «أنه ضحك حتى بدت نواجذه»
النَّوَاجِذُ من الأسنان: الضّواحك، و هى التى تبدو عند الضّحك. و الأكثر الأشهر أنها أقصى الأسنان. و المراد الأوّل، لأنه ما كان يبلغ به الضّحك حتى تبدو أواخر أضراسه، كيف و
قد جاء فى صفة ضحكه: «جلّ ضحكه التّبسّم».
و إن أريد بها الأواخر، فالوجه فيه أن يراد مبالغة مثله فى ضحكه، من غير أن يراد ظهور نواجذه فى الضحك، و هو أقيس القولين؛ لاشتهار النّواجذ بأواخر الأسنان.
و منه
حديث العرباض «عضّوا عليها بالنّواجذ»
أى تمسّكوا بها، كما يتمسّك العاضّ بجميع أضراسه.
و منه
حديث عمر «و لن يلى الناس كقرشىّ عضّ على نَاجِذِهِ»
أى صبر و تصلّب.
فى الأمور.
(ه) و منه
حديث عليّ «إنّ الملكين قاعدان على ناجذى العبد يكتبان»
يعنى سنّيه الضاحكين، و هما اللّذان بين الناب و الأضراس.
و قيل: أراد النابين. و قد تكرر فى الحديث.
__________________________________________________
(1) هكذا ضبط بفتح الجيم فى الأصل، وا، و ديوان حميد ص 77، و الفائق 2/ 354 لكن ضبط فى اللسان بالكسر.
(2) حكى فى الصحاح عن الأصمعى: «نجد الرجل بالكسر ينجد نجدا: أى عرق من عمل أو كرب». و قال فى اللسان: «و قد نجد ينجد و ينجد نجدا، الأخيرة نادرة: إذا عرق من عمل أو كرب. و قد نجد عرقا فهو منجود، إذا سال».
20
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجر ص 21
(نجر)-
فيه «أنه كفّن فى ثلاثة أثواب نَجْرَانِيَّة»
هى منسوبة إلى نَجْرَانَ، و هو موضع معروف بين الحجاز و الشام و اليمن.
و منه
الحديث «قدم عليه نصارى نجران».
و
فى حديث عليّ «و اختلف النَّجْرُ، و تشتّت الأمر»
النَّجْرُ: الطّبع، و الأصل، و السّوق الشديد.
(س) و منه
حديث النّجاشى «لمّا دخل عليه عمرو بن العاص و الوفد، قال لهم: نَجِّرُوا»
أى سوقوا الكلام. قال أبو موسى: و المشهور بالخاء. و سيجىء.
(نجز)
(ه)
فى حديث الصّرف «إلّا نَاجِزاً بِنَاجِزٍ»
أى حاضرا بحاضر. يقال:
نَجَزَ يَنْجُزُ نَجْزاً، إذا حصل و حضر. و أَنْجَزَ وعده، إذا أحضره. و الْمُنَاجَزَةُ فى الحرب: المبارزة.
(ه) و منه
حديث عائشة «قالت لابن السائب: ثلاث تدعهنّ، أو لَأُنَاجِزَنَّكَ»
أى لأقاتلنّك و أخاصمنّك.
(نجش)
[ه]
فيه «أنه نهى عن النَّجْشُ فى البيع»
هو أن يمدح السّلعة لينفقها و يروّجها، أو «1» يزيد فى ثمنها و هو لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها. «2» و الأصل فيه: تنفير الوحش من مكان إلى مكان.
(ه) و منه
الحديث الآخر «لا تَنَاجَشُوا»
هو تفاعل، من النّجش. و قد تكرر فى الحديث.
(س) و
فى حديث ابن المسيّب «لا تطلع الشمس حتى يَنْجُشَهَا ثلاثمائة و ستّون ملكا»
أى يستثيرها.
و
فى حديث أبى هريرة «قال: إنّ النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم لقيه فى بعض طرق المدينة
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «و يزيد».
(2) قبل هذا فى الهروى: «و قال غيره [غير أبى بكر]:
النّجش: تنفير الناس عن الشيء إلى غيره».
21
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجش ص 21
و هو جنب، قال: فَانْتَجَشْتُ منه»
قد اختلف فى ضبطها، فروى بالجيم و الشين المعجمة، من النَّجْشِ:
الإسراع. و قد نَجَشَ يَنْجُشُ نَجْشاً.
و
روى «فانخنست منه و اختنست»
بالخاء المعجمة و السين المهملة من الخنوس: التّأخّر و الاختفاء. يقال: خنس، و انخنس، و اختنس.
(س) و فيه ذكر «النّجاشىّ» فى غير موضع. و هو اسم ملك الحبشة و غيره، و الياء مشدّدة. و قيل: الصواب تخفيفها.
(نجع)-
في حديث عليّ «دخل عليه المقداد بالسّقيا، و هو يَنْجَعُ بكرات له دقيقا و خبطا»
أى يعلفها. يقال: نَجَعْتُ الإبل: أى علفتها النَّجُوعُ و النَّجِيع، و هو أن يخلط العلف من الخبط و الدّقيق بالماء، ثم تسقاه الإبل.
(ه) و منه
حديث أبىّ، و سئل عن النّبيذ فقال: «عليك باللّبن الذى نُجِعْتَ به»
أى سقيته فى الصّغر، و غذيت به. و يقال: نَجَعَ فيه الدّواء و نَجَّعَ و أَنْجَعَ، إذا نفعه و عمل فيه.
و قيل: لا يقال فيه: أَنْجَعَ.
(س) و
فى حديث بديل «هذه هوازن تَنَجَّعَتْ أرضنا»
التَّنَجُعُ و الِانْتِجَاعُ و النُّجْعَةُ: طلب الكلإ و مساقط الغيث. و انْتَجَعَ فلان فلانا: طلب معروفه.
و منه
حديث عليّ «ليست بدار نُجْعَةٍ».
(نجف)
[ه]
فيه «فيقول: أى ربّ، قدّمنى إلى باب الجنة فأكون تحت نِجَافِ الجنة»
قيل: هو أسكفّة الباب. و قال الأزهرى: هو «1» درونده، يعنى أعلاه.
(ه) و
فى حديث عائشة «أنّ حسّان بن ثابت دخل عليها فأكرمته و نَجَفَتْهُ»
أى رفعت منه. و النَّجَفَة: شبه التّلّ.
(ه) و
فى حديث عمرو بن العاص «أنه جلس على مِنْجَافِ السفينة»
قيل: هو سكّانها «2» الذى تعدّل به، سمّى به لارتفاعه.
__________________________________________________
(1) مكان هذا فى الهروى: «هو أعلى الباب».
(2) انظر ص 363 من الجزء الرابع.
22
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجف ص 22
قال الخطابى: لم أسمع فيه شيئا أعتمده.
(نجل)-
فى صفة الصحابة «معه قوم صدورهم أَنَاجِيلُهُمْ»
هى جمع إِنْجِيل، و هو اسم كتاب اللّه المنزّل على عيسى عليه السلام. و هو اسم عبرانىّ، أو سريانىّ. و قيل:
هو عربىّ.
يريد أنهم يقرأون كتاب اللّه عن ظهر قلوبهم، و يجمعونه فى صدورهم حفظا. و كان أهل الكتاب إنما يقرأون كتبهم من الصّحف. و لا يكاد أحدهم يجمعها حفظا إلا القليل.
و
فى رواية «و أناجيلهم فى صدورهم»
أى أنّ كتبهم محفوظة فيها.
[ه] و
فى حديث عائشة «و كان واديها يجرى نَجْلًا»
أى نزّا، و هو الماء القليل، تعنى وادى المدينة. و يجمع على أَنْجَال.
و منه
حديث الحارث بن كلدة «قال لعمر: البلاد الوبيئة ذات الأنجال و البعوض»
أى النُّزُوز و البقّ.
(س) و
فى حديث الزبير «عينين نَجْلَاوَيْنِ»
يقال: عين نَجْلَاءُ: أى واسعة.
(ه) و
فى حديث الزّهرى «كان له كلبة صائدة «1» يطلب لها الفحولة، يطلب نجلها»
أى ولدها.
و
فيه «من نَجَلَ الناس نجلوه»
أى من عابهم و سبّهم و قطع أعراضهم بالشّتم، كما يقطع الْمِنْجَلُ الحشيش.
قال الأزهرى: قاله اللّيث بالحاء المهملة، و هو تصحيف.
(س) و منه
الحديث «و تتّخذ السيوف مَنَاجِلَ»
أراد أنّ الناس يتركون الجهاد، و يشتغلون بالحرث و الزّراعة. و الميم زائدة.
(نجم)
[ه]
فيه «هذا إبّان نُجُومِهِ»
أى وقت ظهوره، يعنى النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم.
__________________________________________________
(1) فى الأصل، وا، و اللسان: «كلب صائد يطلب لها» و فى تاج العروس: «كلب صائد تطلب له الفحولة، يطلب نجلها، أى ولدها» و ما أثبت من الهروى.
23
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجم ص 23
يقال: نَجَمَ النّبتُ يَنْجُمُ، إذا طلع. و كلّ ما طلع و ظهر فقد نجم. و قد خصّ بالنّجم منه ما لا يقوم على ساق، كما خصّ القائم على الساق منه بالشّجر.
و منه
حديث جرير «بين نخلة و ضالة و نَجْمَةٍ و أثلة»
النَّجْمَةُ: أخصّ من النّجم، و كأنها واحدته، كنبتة و نبت.
و منه
حديث حذيفة «سراج من النار يظهر فى أكتافهم حتى يَنْجُمَ فى صدورهم»
أى ينفذ و يخرج من صدورهم.
(س) و
فيه «إذا طلع النّجم ارتفعت العاهة».
و
فى رواية «ما طلع النّجم و فى الأرض من العاهة شيء».
و
فى رواية أخرى «ما طلع النّجم قطّ و فى الأرض عاهة إلا رفعت».
النَّجْمُ فى الأصل: اسم لكل واحد من كواكب السماء، و جمعه: نُجُومٌ، و هو بالثّريّا أخضّ، جعلوه علما لها، فإذا أطلق فإنما يراد به هى، و هى المرادة فى هذا الحديث.
و أراد بطلوعها طلوعها عند الصبح، و ذلك فى العشر الأوسط من أيّار، و سقوطها مع الصبح فى العشر الأوسط من تشرين الآخر.
و العرب تزعم أنّ بين طلوعها و غروبها أمراضا و وباء، و عاهات فى الناس و الإبل و الثّمار.
و مدّة مغيبها بحيث لا تبصر فى الليل نيّف و خمسون ليلة؛ لأنها تخفى بقربها من الشمس قبلها و بعدها، فإذا بعدت عنها ظهرت فى الشّرق وقت الصبح.
قال الحربى: إنما أراد بهذا الحديث أرض الحجاز، لأنّ فى أيّار يقع الحصاد بها و تدرك الثّمار، و حينئذ تباع؛ لأنها قد أمن عليها من العاهة.
قال القتيبى: و أحسب أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أراد عاهة الثمار خاصّة.
و
فى حديث سعد «و اللّه لا أزيدك على أربعة آلاف مُنَجَّمَة»
تَنْجِيمُ الدّين: هو أن يقرّر عطاؤه فى أوقات معلومة متتابعة، مشاهرة أو مساناة.
و
منه «تنجيم المكاتب، و نجوم الكتابة»
و أصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل
24
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجم ص 23
القمر و مساقطها مواقيت لحلول ديونها و غيرها، فتقول: إذا طلع النّجم حلّ عليك مالى: أى الثّريّا، و كذلك باقى المنازل.
(نجا)-
فيه «و أنا النّذير العريان فالنّجاءَ النَّجَاءَ»
أى انْجُوا بأنفسكم. و هو مصدر منصوب بفعل مضمر: أى انجوا النّجاء، و تكراره للتأكيد. و قد تكرر فى الحديث.
و النَّجَاءُ: السّرعة. يقال: نَجَا يَنْجُو نَجَاءً، إذا أسرع. و نجا من الأمر، إذا خلص، و أَنْجَاهُ غيره.
(س) و
فيه «إنما يأخذ الذئب القاصية و الشاذّة و النَّاجِيَة»
أى السّريعة. هكذا روى عن الحربى بالجيم.
[ه] و منه
الحديث «أتوك على قلص نَوَاجٍ»
أى مسرعات. الواحدة: ناجية.
[ه] و منه
الحديث «إذا سافرتم فى الجدب فَاسْتَنْجُوا»
أى أسرعوا السّير. و يقال للقوم إذا انهزموا: قد استنجوا.
(ه) و منه
حديث لقمان «و آخرنا إذا اسْتَنْجَيْنَا»
أى هو حاميتنا، يدفع عنا إذا انهزمنا.
و
فى حديث الدعاء «اللهم بمحمّد نبيّك و بموسى نَجِيِّكَ»
هو المناجى المخاطب للإنسان و المحدّث له. يقال: نَاجَاهُ يُنَاجِيهِ مُنَاجَاةً، فهو مُنَاجٍ. و النَّجِىُّ: فعيل منه. و قد تَنَاجَيَا مُنَاجَاةً و انْتِجَاءً.
و منه
الحديث «لا يَتَنَاجَى اثنان دون الثالث».
و فى رواية «لا يَنْتَجِى اثنان دون صاحبهما»
أى لا يتسارران منفردين عنه؛ لأن ذلك يسوؤه.
و منه
حديث عليّ «دعاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يوم الطائف، فَانْتَجَاهُ، فقال الناس: لقد طال نجواه، فقال: ما انْتَجَيْتُهُ، و لكنّ اللّه انتجاه»
أى إنّ اللّه أمرنى أن أُنَاجِيهِ.
و منه
حديث ابن عمر «قيل له: ما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فى النّجوى؟»
25
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نجا ص 25
يريد مناجاة اللّه تعالى للعبد يوم القيامة. و النّجوى: اسم يقام مقام المصدر.
و منه
حديث الشّعبى «إذا عظمت الحلقة فهى بذاء و نِجَاءٌ»
أى مناجاة. يعنى يكثر فيها ذلك.
(س) و
فى حديث بئر بضاعة «تلقى فيها المحائض و ما يُنْجِى الناس»
أى يلقونه من العذرة. يقال منه: أَنْجَى يُنْجِى، إذا ألقى نَجْوَهُ، و نَجَا و أَنْجَى، إذا قضى حاجته منه. و الِاسْتِنْجَاءُ:
استخراج النَّجْوِ من البطن.
و قيل: هو إزالته عن بدنه بالغسل و المسح.
و قيل: هو من نَجَوْتُ الشجرة و أَنْجَيْتُهَا، إذا قطعتها. كأنه قطع الأذى عن نفسه.
و قيل: هو من النَّجْوَةِ، و هو ما ارتفع من الأرض. كأنه يطلبها ليجلس تحتها.
(س) و منه
حديث عمرو بن العاص «قيل له فى مرضه: كيف تجدك؟ قال: أجد نَجْوِى أكثر من رزئى»
أى ما يخرج منى أكثر ممّا يدخل.
و
فى حديث ابن سلام «و إنى لفى عذق أُنْجِى منه رطبا»
أى النّقط. و
فى رواية «أَسْتَنْجِى منه»
بمعناه.
(نجه)
«1») (ه)
فى حديث عمر «بعد ما نَجَهَهَا»
أى ردّها و انتهرها. يقال: نَجَهْتُ الرجل نَجْهاً، إذا استقبلته بما يكفّه عنك.
باب النون مع الحاء
(نحب)
(ه)
فيه «طلحة ممّن قَضى نَحْبَهُ»!
النَّحْبُ: النّذر، كأنه ألزم نفسه أن يصدق أعداء اللّه فى الحرب فوفى به.
و قيل: النَّحْبُ: الموت، كأنه يلزم نفسه أن يقاتل حتى يموت.
__________________________________________________
(1) وضعت هذه المادة فى الأصل قبل مادة نجا و قد وضعتها هنا، كما وضعت فى ا، و النسخة 517، و الهروى، و الدر النثير. و هو الصحيح؛ لأن نجا أصلها نجو و الواو مقدمة على الهاء فى ترتيب المصنّف.
26
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نحب ص 26
(ه) و
فيه «لو علم الناس ما فى الصفّ الأوّل لاقتتلوا عليه، و ما تقدّموا إلا بِنُحْبَةٍ»
أى بقرعة. و الْمُنَاحَبَةُ: المخاطرة و المراهنة.
و منه
حديث أبى بكر «فى مُنَاحَبَةِ الم غُلِبَتِ الرُّومُ» أى مراهنته لقريش، بين الروم و الفرس.
(ه) و منه
حديث طلحة «قال لابن عباس: هل لك أن أُنَاحِبَكَ و ترفع النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم»
أى أفاخرك و أحاكمك، و ترفع ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من بيننا، فلا تفتخر بقرابتك منه، يعنى أنه لا يقصر عنه فيما عدا ذلك من المفاخر.
(س) و
فى حديث ابن عمر «لمّا نعى إليه حجر غلبه النَّحِيبُ»
النَّحْبُ و النَّحِيبُ و الِانْتِحَابُ: البكاء بصوت طويل و مدّ.
(س) و منه
حديث الأسود بن المطلّب «هل أحلّ النّحب؟»
أى أحلّ البكاء.
و
حديث مجاهد «فَنَحَبَ نَحْبَةً هاج ما ثمّ من البقل».
و
حديث عليّ «فهل دفعت الأقارب، أو نفعت النَّواحِبُ؟»
أى البواكى، جمع نَاحِبَة.
(نحر)-
فى حديث الهجرة «أتانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ»
هو حين تبلغ الشمس منتهاها من الارتفاع، كأنها وصلت إلى النَّحْرِ، و هو أعلى الصّدر.
و منه
حديث الإفك «حتى أتينا الجيش فى نحر الظّهيرة».
(س) و
فى حديث وابصة «أتانى ابن مسعود فى نحر الظّهيرة، فقلت: أيّة ساعة زيارة؟»
و قد تكررت فى الحديث.
(س) و
في حديث عليّ «أنه خرج و قد بكّروا بصلاة الضّحى، فقال: نَحَرُوهَا نحرهم اللّه»
أى صلّوها فى أوّل وقتها، من نَحْرِ الشهر، و هو أوّله.
و
قوله «نَحَرَهُمُ اللّه»
يحتمل أن يكون دعاء لهم: أى بكّرهم اللّه بالخير، كما بكّروا بالصلاة فى أوّل وقتها. و يحتمل أن يكون دعاء عليهم بالنّحر و الذّبح، لأنهم غيّروا وقتها.
و
فى حديثه الآخر «حتى تدعق الخيول فى نواحر أرضهم»
أى فى متقابلاتها. يقال:
منازل بنى فلان تَتَنَاحَرُ: أى تتقابل.
27
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نحر ص 27
و
فى حديث حذيفة «وكّلت الفتنة بثلاثة: بالحادّ النِّحْرِيرِ»
هو الفطن البصير بكل شيء.
(نحز)
(س)
فى حديث داود عليه السلام «لمّا رفع رأسه من السجود ما كان فى وجهه نُحَازَةٌ»
أى قطعة من اللحم، كأنه من النَّحْزِ، و هو الدّقّ و النّخس، و الْمِنْحَازُ: الهاون «1».
و منه المثل:
دقّك بالمنحاز حبّ الفلفل «2»
(نحس)
(س)
فى حديث بدر «فجعل يَتَنَحَّسُ الأخبار»
أى يتتبّع. يقال: تَنَحَّسْتُ الأخبار، إذا تتبّعتها بالاستخبار.
و
فى رواية: «يتحسّب و يتحسّس»
و الكلّ بمعنى.
(نحص)
(ه)
فيه «أنه ذكر قتلى أحد، فقال: يا ليتنى غودرت مع أصحاب نُحْصِ الجبل»
النُّحْصُ بالضم «3»: أصل الجبل و سفحه، تمنّى أن يكون استشهد معهم يوم أُحُد.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «الهاون» بواو واحدة مضمومة، و فى ا: «الهاوون» بواوين. و أثبته بواو مفتوحة من اللسان. قال صاحب المصباح: «و الهاون: الذى يدقّ فيه. قيل: بفتح الواو، و الأصل:
هاوون، على فاعول، لأنه يجمع على هواوين، لكنهم كرهوا اجتماع واوين، فحذفوا الثانية، فبقى هاون، بالضم، و ليس فى الكلام فاعل، بالضم و لامه واو، ففقد النظير مع ثقل الضمة على الواو، ففتحت طلبا للتخفيف. و قال ابن فارس: عربى، كأنه من الهون. و قيل: معرّب. و أورده الفارابى فى باب فاعول، على الأصل». و انظر معجم مقاييس اللغة 6/ 21، و المعرب ص 346. و الجمهرة 3/ 183، 502.
(2) هكذا فى الأصل، وا، و اللسان. و فى أمثال الميدانى 1/ 178: «القلقل» و كذلك جاء فى اللسان، مادة قلقل قال: «و العامة تقول: حبّ الفلفل. قال الأصمعى: و هو تصحيف، إنما هو بالقاف، و هو أصلب ما يكون من الحبوب. حكاه أبو عبيد. قال ابن برّى: الذى ذكره سيبويه و رواه:
حبّ الفلفل، بالفاء قال: و كذلك رواه على بن حمزة».
(3) هذا شرح أبى عبيد، كما ذكر الهروى.
28
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نحض ص 29
(نحض)-
فى حديث الزكاة «فأعمد إلى شاة ممتلئة شحما و نَحْضاً»
النَّحْضُ: اللحم و رجل نَحِيضٌ: كثير اللحم.
و منه قصيد كعب:
عيرانة قذفت بالنّحض «1» عن عرض
أى رميت باللحم.
(نحل)-
فيه «ما نَحَلَ والد ولدا من نُحْلٍ أفضل من أدب حسن»
النُّحْلُ: العطيّة و الهبة ابتداء من غير عوض و لا استحقاق. يقال: نَحَلَهُ يَنْحَلُهُ نُحْلًا بالضم. و النُّحْلَةُ بالكسر: العطيّة.
و منه
حديث النّعمان بن بشير «أنّ أبا، نَحَلَهُ نُحْلًا».
و
حديث أبى هريرة «إذا بلغ بنو العاص ثلاثين كان مال اللّه نحلا»
أراد يصير الفىء عطاء من غير استحقاق، على الإيثار و التخصيص. و قد تكرر فى الحديث.
(س) و
فى حديث أم معبد «لم تعبه نحلة»
أى دقّة و هزال. و قد نَحِلَ جسمه نُحُولًا.
و النُّحْلُ: الاسم.
قال القتيبى: لم أسمع بالنّحل فى غير هذا الموضع إلا فى العطيّة.
و
فى حديث قتادة بن النّعمان «كان بشير بن أبيرق يقول الشّعر، و يهجو به أصحاب النبى صلّى اللّه عليه و سلم و يَنْحَلُهُ بعض العرب»
أى ينسبه إليهم، من النِّحْلَةِ: و هى النّسبة بالباطل.
(س) و
فى حديث ابن عمر «مثل المؤمن مثل النَّحْلَةُ»
المشهور فى الرواية بالخاء المعجمة.
و هى واحدة النخيل.
و روى بالحاء المهملة، يريد نَحْلَة العسل. و وجه المشابهة بينهما حذق النّحل و فطنته، و قلّة أذاه و حقارته و منفعته، و قنوعه و سعيه فى الليل، و تنزّهه عن الأقذار، و طيب أكله، و أنه لا يأكل من كسب غيره، و نُحُولُهُ و طاعته لأميره، و أنّ للنّحل آفات تقطعه عن عمله. منها الظّلمة و الغيم،
__________________________________________________
(1) فى شرح ديوانه ص 12: «فى اللّحم» و فى الأصل: «غيرانة» بمعجمة، خطأ.
29
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نحل ص 29
و الريح و الدخان، و الماء و النار. و كذلك المؤمن له آفات تفتّره عن عمله: ظلمة الغفلة، و غيم الشكّ، و ريح الفتنة، و دخان الحرام، و ماء السّعة، و نار الهوى.
(نحم)
(ه)
فيه «دخلت الجنة فسمعت نَحْمَةً من نُعَيْمٍ»
أى صوتا. و النَّحِيمُ:
صوت يخرج من الجوف. و رجل نَحِمٌ، و بها سمّى نعيم النَّحَّامِ «1».
(نحا)
(ه)
فى حديث حرام بن ملحان «فَانْتَحَى له عامر بن الطّفيل فقتله»
أى عرض له و قصده. يقال: نَحَا و أَنْحَى و انْتَحَى.
و منه
الحديث «فانتحاه ربيعة»
أى اعتمده بالكلام و قصده.
و منه
حديث الخضر عليه السلام «و تَنَحَّى له»
أى اعتمد خرق السفينة.
و
حديث عائشة «فلم أنشب حتى أَنْحَيْتُ عليها»
هكذا جاء فى رواية. و المشهور بالثاء المثلثة و الخاء المعجمة و النون.
(ه) و منه
حديث ابن عمر «أنه رأى رجلا يتنحّى فى سجوده، فقال: لا تشيننّ صورتك»
أى يعتمد على جبهته و أنفه، حتى يؤثّر فيهما.
(س) و منه
حديث الحسن «قد تنحّى فى برنسه، و قام الليل فى حندسه»
أى تعمّد للعبادة، و توجّه لها، و صار فى ناحيتها، أو تجنّب الناس و صار فى ناحية منهم.
(س) و
فيه «يأتينى أَنْحَاءٌ من الملائكة»
أى ضروب منهم، واحدهم: نحو. يعنى أن الملائكة كانوا يزورونه، سوى جبريل عليه السلام.
باب النون مع الخاء
(نخب)-
فيه «ما أصاب المؤمن من مكروه فهو كفّارة لخطاياه، حتى نُخْبَةِ النّملة»
النُّخْبَةُ «2»: العضّة و القرصة. يقال: نَخَبَتِ النملةُ تَنْخُبُ، إذا عضّت. و النَّخْبُ:
خرق الجلد.
__________________________________________________
(1) هو نعيم بن عبد اللّه بن أسيد بن عوف. الاستيعاب ص 1507.
(2) ضبطت فى الهروى بفتح النون، ضبط قلم.
30
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نخب ص 30
(ه) و منه
حديث أبىّ «لا يصيب المؤمن مصيبة «1» ذعرة و لا عثرة قدم، و لا اختلاج عرق، و لا نُخْبَةُ نملة إلّا بذنب، و ما يعفو اللّه أكثر».
ذكره الزمخشرى مرفوعا. و رواه بالخاء و الجيم. و كذلك ذكره أبو موسى فيهما.
و قد تقدّم.
(س) و
فى حديث عليّ، و قيل عمر «و خرجنا فى النّخبة»
النُّخْبَة بالضم: المنتخبون من الناس المنتقون. و الِانْتِخَابُ: الاختيار و الانتقاء.
و منه
حديث ابن الأكوع «انْتَخِبْ من القوم مائة رجل».
(س) و
فى حديث أبى الدّرداء «بئس العون على الدين قلب نَخِيبٌ، و بطن رغيب»
النَّخِيبُ: الجبان الذى لا فؤاد له. و قيل: الفاسد الفعل.
(س) و
فى حديث الزبير «أقبلت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من ليّة فاستقبل نَخْباً ببصره»
هو اسم موضع هناك.
(نخت)
(س)
فى حديث أبىّ «و لا نَخْتَة نملة إلا بذنب»
هكذا جاء فى رواية.
و النَّخْت و النّتف واحد. يريد به قرصة نملة.
و يروى بالباء الموحدة و بالجيم. و قد تقدّما.
(نخخ)
(ه)
فيه «ليس فى النُّخَّةِ صدقة»
هى الرّقيق. و قيل: الحمير. و قيل:
البقر العوامل. و تفتح نونها و تضمّ. و قيل: هى كل دابّة استعملت. و قيل: البقر العوامل بالضم، و غيرها بالفتح.
و قال الفرّاء: النُّخَّة أن يأخذ المصدّق دينارا بعد فراغه من الصدقة.
و منه
حديث عليّ «أنه بعث إلى عثمان «2» بصحيفة فيها: لا تأخذنّ من الزّخّة و لا النّخّة شيئا».
__________________________________________________
(1) هكذا ضبط بالتنوين فى ا، و الهروى، و اللسان. و ضبط فى الفائق 3/ 75 بالضم مخففا مع الإضافة.
(2) هو عثمان بن حنيف، كما سبق فى مادة زخخ
31
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نخر ص 32
(نخر)
(س)
فيه «أنه أخذ بِنُخْرَةِ الصبىّ»
أى بأنفه. و نُخْرَتَا الأنف: ثقباه و النَّخَرَةُ بالتحريك: مقدّم الأنف. و الْمَنْخِرُ و الْمَنْخِرَانِ أيضا: ثقبا الأنف.
و منه
حديث الزّبرقان «الأفيطس النَّخَرَةِ، الذى «1» كأنه يطّلع فى حجره».
(ه) و
حديث عمر، و قيل عليّ «أنه أتى بسكران فى شهر رمضان، فقال: للمنخرين»
أى كبّه اللّه لمنخريه. و مثله قولهم فى الدعاء: لليدين و للفم.
(س) و
فى حديث ابن عباس «لمّا خلق اللّه إبليس نَخَرَ»
النَّخِيرُ: صوت الأنف.
(ه) و
فى حديث عمرو بن العاص «ركب بغلة شمط وجهها هرما، فقيل له: أ تركب هذه و أنت على أكرم ناخرة بمصر؟»
النَّاخِرَةُ «2»: الخيل، واحدها: نَاخِرٌ. و قيل: الحمير؛ للصّوت الذى يخرج من أنوفها. و أهل مصر يكثرون ركوبها أكثر من ركوب البغال «3».
(ه) و
فى حديث النّجاشىّ «لمّا دخل عليه عمرو و الوفد معه، قال لهم: نَخِّرُوا»
أى تكلّموا. كذا فسّر فى الحديث. و لعله إن كان عربيا «4» مأخوذ من النَّخِيرِ: الصّوت. و يروى بالجيم، و قد تقدم.
و منه
حديثه أيضا «فَتَنَاخَرَتْ بطارقته»
أى تكلّمت، و كأنه كلام مع غضب و نفور.
(نخس)
(ه)
فيه «أنّ قادما قدم عليه فسأله عن خصب البلاد، فحدّثه أنّ سحابة وقعت فاخضرّ لها الأرض، و فيها غدر تَنَاخَسُ»
أى يصبّ بعضها فى بعض. و أصل النَّخْسِ:
الدّفع و الحركة.
__________________________________________________
(1) فى اللسان: «للذى كان يطلع فى حجره».
(2) هذا شرح المبرّد، كما ذكر الهروى.
(3) زاد الهروى: «و قال غيره [غير المبرد]: يريد بقوله: و أنت على أكرم ناخرة: أى و لك منها أكرم ناخرة. و يقولون: إن عليه عكرة من مال: أى إن له عكرة. و الأصل فيها أنها تروح عليه. و فى بعض الحديث: أفضل الأعمال الصلاة على وقتها. يريد لوقتها». و فى اللسان: «و قيل: ناجرة، بالجيم».
(4) أفاد فى الدر النثير أنه بالحبشية. قال: «و معناه: تكلّموا».
32
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نخس ص 32
(س) و
فى حديث جابر «أنه نَخَسَ بعيره بمحجن».
و منه
الحديث «ما من مولود إلّا نخسه الشيطان حين يولد إلّا مريم و ابنها».
و قد تكرر ذكر «النّخس» فى الحديث.
(نخش)
[ه] و
فى حديث عائشة «كان لنا جيران من الأنصار يمنحوننا شيئا من ألبانهم، و شيئا من شعير نَنْخُشُهُ»
أى نقشره و نعزل عنه قشره. و منه نُخِشَ الرجل، إذا هزل. كأن لحمه أخذ عنه.
(نخص)-
فى صفته صلّى اللّه عليه و سلم «كان مَنْخُوصَ الكعبين»
الرواية «منهوس» بالسين المهملة.
قال الزمخشرى: و روى «1» «منهوش و منخوص. و الثلاثة فى معنى المعروق» و انْتَخَصَ لحمه إذا ذهب. و نَخَصَ الرجلُ، إذا هزل. قاله الجوهرى. و هو بالصاد المهملة.
(نخع)
(ه)
فيه «إنّ أَنْخَعَ الأسماء عند اللّه أن يتسمّى الرجل ملك الأملاك»
أى أقتلها لصاحبها، و أهلكها له. و النَّخْعُ: أشدّ القتل، حتى يبلغ الذّبح النُّخَاعَ «2»، و هو الخيط الأبيض الذى فى فقار الظّهر. و يقال له: خيط الرّقبة.
و يروى «أخنع» و قد تقدّم.
و منه
الحديث «ألا لا تَنْخَعُوا الذبيحة حتى تجب»
أى لا تقطعوا رقبتها و تفصلوها قبل أن تسكن حركتها.
و
فيه «النُّخَاعَةُ فى المسجد خطيئة»
هى البزقة التى تخرج من أصل الفم، ممّا يلى أصل النّخاع.
(نخل)
(ه)
فيه «لا يقبل اللّه من الدّعاء إلّا النَّاخِلَة»
أى الْمَنْخُولَة الخالصة، فاعلة بمعنى مفعولة، ك ماءٍ دافِقٍ.
[ه] و منه
الحديث «لا يقبل اللّه إلّا نَخَائلَ «3» القلوب»
أى النّيّات الخالصة. يقال:
نَخَلْتُ له النصيحة، إذا أخلصتها.
__________________________________________________
(1) رواية الزمخشرى بالشين المعجمة. الفائق 3/ 137. قال «و روى: منهوس و مبخوص».
بالباء بدل النون، و هو موافق لما ذكره المصنف و شرحه فى مادة بخص
(2) النخاع، مثلث النون، كما فى اللسان. قال صاحب المصباح: «الضم لغة قوم من الحجاز، و من العرب من يفتح، و منهم من يكسر».
(3) فى الهروى «تناخيل»- النهاية- 5
33
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نخم ص 34
(نخم)
(س)
فى حديث الحديبية «ما يَتَنَخَّمُ نُخَامَةً إلا وقعت فى يد رجل»
النُّخَامَةُ:
البزقة التى تخرج من أقصى الحلق، و من مخرج الخاء المعجمة.
و منه
حديث عليّ «أقسم لَتَنْخَمَنَّهَا أميّة من بعدى كما تلفظ النّخامة»
(س) و
فى حديث الشّعبىّ: اجتمع شرب من الأنبار فغنّى نَاخِمُهُمْ:
ألا سقّيانى «1» قبل جيش أبى بكر
النَّاخِمُ: المغنّى. و النَّخْمُ: أجود الغِناء.
(نخا)
(س)
فى حديث عمر «فيه نَخْوَةٌ»
أى كبر و عجب، و أنفة و حميّة. و قد نُخِىَ و انْتُخِىَ، كزُهِىَ و ازْدُهِىَ.
باب النون مع الدال
(ندب)-
فى حديث موسى عليه السلام «و إنّ بالحجر نَدَباً: ستة أو سبعة، من ضربه إيّاه»
النَّدَبُ، بالتحريك: أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد، فشبّه به أثر الضرب فى الحجر.
(ه) و منه
حديث مجاهد «أنه قرأ «سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ» فقال: ليس بالنّدب، و لكنه صفرة الوجه و الخشوع».
(ه) و
فيه «انْتَدَبَ اللّه لمن يخرج فى سبيله»
أى أجابه إلى غفرانه. يقال: نَدَبَتْهُ فَانْتَدَبَ:
أى بعثته و دعوته فأجاب.
(س) و
فيه «كلّ نَادِبَةٍ كاذبة إلا نادبة سعد»
النَّدْبُ: أن تذكر النائحة الميّت بأحسن أوصافه و أفعاله.
(س) و
فيه «كان له فرس يقال له الْمَنْدُوبُ»
أى المطلوب، و هو من النَّدَبِ: الرّهن الذى يجعل فى السباق.
و قيل: سمّى به لِنَدَبٍ كان فى جسمه. و هو أثر الجرح.
(ندج)
(س)
فى حديث الزبير «و قطع أُنْدُوجَ سرجه»
أى لبده. قال أبو موسى:
كذا وجدته بالنون. و أحسبه بالباء، و قد تقدم.
__________________________________________________
(1) فى اللسان و الفائق 713: «ألا فاسقيانى» و فى الفائق: «قبل خيل».
34
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ندح ص 35
(ندح)
(ه)
فيه «1»
«إنّ فى المعاريض لَمَنْدُوحَةً عن الكذب»
أى سعة و فسحة. يقال:
نَدَحْتُ الشيء، إذا وسّعته. و إنك لفى نُدْحَةٍ و مَنْدُوحَةٍ من كذا: أى سعة. يعنى أنّ فى التعريض بالقول من الاتّساع ما يغنى الرجل عن تعمّد الكذب.
(ه) و
فى حديث أم سلمة «قالت لعائشة: قد جمع القرآن ذيلك فلا تَنْدَحِيهِ»
أى لا توسّعيه و تنشريه. أرادت قوله تعالى: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ.
(س) و منه
حديث الحجّاج «واد نَادِحٌ»
أى واسع.
(ندد)
(س)
فيه «فَنَدَّ بعير منها»
أى شرد و ذهب على وجهه.
و
فى كتابه لأكيدر «و خلع الأنداد و الأصنام»
الْأَنْدَادُ: جمع نِدّ، بالكسر، و هو مثل الشيء الذى يضادّه فى أموره و يُنَادُّهُ: أى يخالفه. و يريد بها ما كانوا يتّخذونه آلهة من دون اللّه.
(ندر)-
فيه «ركب فرسا له فمرّت بشجرة، فطار منها طائر فحادت «2»، فَنَدَرَ عنها على أرض غليظة»
أى سقط و وقع.
و منه
حديث زواج صفيّة «فعثرت الناقة، و نَدَرَ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و نَدَرْتَ».
(س) و
الحديث الآخر «أنّ رجلا عضّ يد آخر فَنَدَرَتْ ثنيّته» و فى رواية:
«فَأَنْدَرَ ثنيّته».
(س) و
فى حديث آخر «فضرب رأسه فَنَدَّ»
و قد تكرر فى الحديث.
(ه) و
فى حديث عمر «أن رجلا ندر فى مجلسه، فأمر القوم كلّهم بالتّطهّر؛ لئلّا يخجل الرجل»
معناه أنه ضرط، كأنها ندرت منه من غير اختيار.
(س) و
فى حديث عليّ «أنه أقبل و عليه أندر ورديّة»
قيل هى فوق التّبّان و دون السّراويل، تغطّى الرّكبة، منسوبة إلى صانع و مكان.
__________________________________________________
(1) أخرجه الهروى من حديث عمران بن حصين.
(2) فى ا: «فمادت».
35
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ندس ص 36
(ندس)
(ه)
فى حديث أبى هريرة «دخل المسجد و هو يَنْدُسُ الأرضَ برجله»
أى يضربها. و النَّدْسُ: الطّعن.
(ندغ)
(ه)
فى حديث الحجّاج «كتب إلى عامله بالطائف أن أرسل إلىّ بعسل من عسل النَّدْغِ النِّدْغِ «1» و السّحاء»
النَّدْغُ النِّدْغُ: السّعتر البرّىّ. و هو من مراعى النّحل.
و قيل: هو شجر أخضر، له ثمر أبيض، واحدته: ندغة.
(ه) و منه
حديث سليمان بن عبد الملك «دخل الطائف فوجد رائحة السّعتر، فقال:
بواديكم هذا نَدْغَةٌ».
(ندم)-
فيه «مرحبا بالقوم غير خزايا و لا نَدَامَى»
أى نادمين. فأخرجه على مذهبهم فى الإتباع لخزايا؛ لأن النَّدَامَى جمع نَدْمَانَ، و هو النَّدِيمُ الذى يرافقك و يشاربك.
و يقال فى النَّدَمِ: ندمان، أيضا، فلا يكون إتباعا لخزايا، بل جمعا برأسه.
و قد نَدِمَ يَنْدَمُ، نَدَامَةً و نَدَماً، فهو نَادِمٌ و ندمان.
و
فى حديث عمر «إياكم و رضاع السّوء؛ فإنه لابدّ من أن يَنْتَدِمَ «2» يوما»
أى يظهر أثره. و النَّدَمُ: الأثر، و هو مثل النّدب. و الباء و الميم يتبادلان.
و ذكره الزمخشرى بسكون الدال، من النَّدْمِ: و هو الغمّ اللازم، إذ يَنْدَمُ صاحبه، لما يعثر عليه من سوء آثاره.
(نده)
[ه]
فى حديث ابن عمر «لو رأيت قاتل عمر فى الحرم ما نَدَهْتُهُ»
أى ما زجرته. و النَّدْهُ: الزّجرُ بِصَهْ و مَهْ.
(ندا)
[ه]
فى حديث أم زرع «قريب البيت من النَّادِى»
النَّادِى: مجتمع القوم و أهل المجلس، فيقع على المجلس و أهله. تقول: إن بيته وسط الحلّة، أو قريبا منه؛ ليغشاه الأضياف و الطّرّاق.
(س) و منه
حديث الدعاء «فإنّ جار النَّادِى يتحوّل «3»»
أى جار المجلس.
__________________________________________________
(1) بالفتح، و يكسر، كما فى القاموس. و بالتحريك أيضا، كما فى اللسان.
(2) فى الفائق 3/ 78: «يندم».
(3) فى الأصل: «فإن جار النادى نتحوّل» و ما أثبتّ من ا، و اللسان. و هو موافق لرواية المصنف فى مادة بدو غير أن اللسان لم يضبط النون.
36
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ندا ص 36
و يروى بالباء الموحّدة، من البدو، و قد تقدم.
(س) و منه
الحديث «و اجعلنى فى النّدىّ الأعلى»
النَّدِىُّ، بالتشديد: النادى. أى اجعلنى مع الملأ الأعلى من الملائكة.
و
فى رواية «و اجعلنى فى النِّدَاءِ الأعلى».
أراد نداء أهل الجنّة أهل النار «أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا».
و منه
حديث سريّة بنى سليم «ما كانوا ليقتلوا عامرا و بنى سليم و هم النَّدِىُّ»
أى القوم المجتمعون.
و
فى حديث أبى سعيد «كنّا أَنْدَاءً فخرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم»
الْأَنْدَاءُ:
جمع النادى: و هم القوم المجتمعون.
و قيل: أراد كنّا أهل أنداء. فحذف المضاف.
(س) و
فيه «لو أن رجلا نَدَا الناسَ إلى مرماتين أو عرق أجابوه»
أى دعاهم إلى النادى. يقال: نَدَوْتُ القوم أَنْدُوهُمْ، إذا جمعتهم فى النادى. و به سمّيت دار النَّدْوَةِ بمكة؛ لأنهم كانوا يجتمعون فيها و يتشاورون.
و
فى حديث الدعاء «ثنتان «1» لا تردّان، عند النِّدَاءِ و عند البأس»
أى عند الأذان بالصلاة، و عند القتال.
و
فى حديث يأجوج و مأجوج «فبينما هم كذلك إذ نُودُوا نَادِيَةً: أَتى أَمْرُ اللَّهِ»
يريد بالنادية دعوة واحدة و نداء واحدا، فقلب نداءة إلى نادية، و جعل اسم الفاعل موضع المصدر.
و
فى حديث ابن عوف «و أودى سمعه إلّا نِدَايَا»
أراد: إلّا نداء، فأبدل الهمزة ياء، تخفيفا، و هى لغة بعض العرب.
(ه) و
فى حديث الأذان «فإنّه أَنْدَى صوتا»
أى أرفع و أعلى. و قيل: أحسن و أعذب.
و قيل: أبعد.
(ه) و
فى حديث طلحة «خرجت بفرس لى أُنَدِّيهِ «2»»
التَّنْدِيَةُ: «3» أن يورد الرجل الإبل
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «اثنتان» و ما أثبتّ من: ا، و اللسان.
(2) رواية الهروى: «لأندّيه».
(3) هذا قول أبى عبيد، عن الأصمعى، كما ذكر الهروى.
37
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ندا ص 36
و الخيل فتشرب قليلا، ثم يردّها إلى المرعى ساعة، ثم تعاد إلى الماء.
و التَّنْدِيَةُ أيضا: تضمير الفرس، و إجراؤه حتى يسيل عرقه. و يقال لذلك العرق: النَّدَى.
و يقال: نَدَّيْتُ الفرس و البعير تَنْدِيَةً. و نَدِىَ هو نَدْواً.
و قال القتيبى: الصواب: «أبدّيه «1»» بالباء، أى أخرجه إلى البدو، و لا تكون التَّنْدِيَةُ إلا للإبل.
قال الأزهرى: أخطأ القتيبى. و الصواب الأول.
و منه
حديث أحد الحيّين اللّذين تنازعا فى موضع «فقال أحدهما: مسرح بهمنا، و مخرج نسائنا، و مُنَدَّى خيلنا»
أى موضع تنديتها.
(ه) و
فيه: «من لقى اللّه و لم يَتَنَدَّ من الدم الحرام بشيء دخل الجنّة»
أى لم يصب منه شيئا، و لم ينله منه شيء. كأنه نالته نَدَاوَةُ الدّم و بلله. يقال: ما نَدِيَنِي من فلان شيء أكرهه، و لا نَدِيَتْ كفّى له بشيء.
و
فى حديث عذاب القبر و جريدتى النخل «لن يزال يخفّف عنهما ما كان فيهما نُدُوٌّ»
يريد نداوة. كذا جاء فى مسند أحمد، و هو غريب «2». إنما يقال: ندى الشيء فهو نَدٍ، و أرض ندية، و فيها نداوة.
(س) و فيه «بكر بن وائل ند» أى سخيّ. يقال: هو يتندّى على أصحابه:
أى يتسخّى.
باب النون مع الذال
(نذر)-
فيه «كان إذا خطب احمرّت عيناه، و علا صوته، و اشتدّ غضبه، كأنه منذر جيش يقول: صبّحكم و مسّاكم»
الْمُنْذِرُ: المعلم الذى يعرّف القوم بما يكون قد دهمهم، من عدوّ أو غيره. و هو المخوّف أيضا.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «لأبدّيه».
(2) انظر مسند الامام أحمد 2/ 441 من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص.
38
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نذر ص 38
و أصل الْإِنْذَارِ: الإعلام. يقال: أَنْذَرْتُهُ أُنْذِرُهُ إِنْذَاراً، إذا أعلمته، فأنا مُنْذِرٌ و نَذِيرٌ: أى معلم و مخوّف و محذّر. و نذرت به، إذا علمت.
(س) و منه
الحديث «فلمّا عرف أن قد نَذِرُوا به هرب»
أى علموا و أحسّوا بمكانه.
(س) و منه
الحديث «انْذَرِ القومَ»
أى احْذَرْ منهم، و استعدّ لهم، و كن منهم على علم و حذر.
و فيه ذكر «النّذر» مكرّرا. يقال: نَذَرْتُ أَنْذِرْ، و أَنْذُرُ نَذْراً، إذا أوجبت على نفسك شيئا تبرّعا؛ من عبادة، أو صدقة، أو غير ذلك.
و قد تكرر فى أحاديثه ذكر النّهى عنه. و هو تأكيد لأمره، و تحذير عن التهاون به بعد إيجابه، و لو كان معناه الزجر عنه حتى لا يفعل، لكان فى ذلك إبطال حكمه، و إسقاط لزوم الوفاء به، إذ كان بالنهى يصير معصية، فلا يلزم. و إنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أن ذلك أمر لا يجرّ لهم فى العاجل نفعا، و لا يصرف عنهم ضرّا، و لا يردّ قضاء، فقال: لا تَنْذِرُوا، على أنكم قد تدركون بِالنَّذْرِ شيئا لم يقدّره اللّه لكم، أو تصرفون به عنكم ما جرى به القضاء عليكم، فإذا نذرتم و لم تعتقدوا هذا، فاخرجوا عنه بالوفاء، فإن الذى نذرتموه لازم لكم.
(ه) و
فى حديث ابن المسيّب «أن عمر و عثمان قضيا فى الملطاة بنصف نذر الموضحة»
أى بنصف ما يجب فيها من الأرش و القيمة. و أهل الحجاز يسمّون الأرش نَذْراً. و أهل العراق يسمّونة أرشا.
باب النون مع الراء
(نرد)-
فيه «من لعب بِالنَّرْدَشِيرِ فكأنما غمس يده فى لحم خنزير و دمه»
النَّرْدُ:
اسم أعجمى معرّب. و شير: بمعنى حلو «1».
(نرمق)-
فى حديث خالد بن صفوان «إن الدّرهم يكسو النَّرْمَقَ»
النَّرْمَقُ: اللَّيِّنُ.
__________________________________________________
(1) فى القاموس: «النّرد، معرّب. وضعه أردشير بن بابك، و لهذا يقال النّردشير».
39
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نرمق ص 39
و هو فارسى معرّب. أصله: النَّرْمُ «1». يريد أن الدّرهم يكسو صاحبه اللَّيِّنَ من الثياب.
و
جاء فى رواية «يكسر النّرمق»
فإن صحّت فيريد أنه يبلغ به الأغراض البعيدة، حتى يكسر الشيء الليّن الذى ليس من شأنه أن ينكسر؛ لأن الكسر يخصّ الأشياء اليابسة.
باب النون مع الزاى
(نزح)
(ه)
فيه «نزل الحديبية و هى نَزَحٌ»
النَّزَحُ، بالتحريك: البئر التى أخذ ماؤها، يقال: نَزَحَتِ البئرُ، و نَزَحْتُهَا. لازم و متعدّ.
(س) و منه
حديث ابن المسيّب «قال لقتادة: ارحل عنى، فقد نَزَحْتَنِي»
أى أنفدت ما عندى.
و
فى رواية: «نزفتنى».
و منه
حديث سطيح «عبد المسيح جاء من بلد نزيح»
أى بعيد. فعيل بمعنى فاعل.
(نزر)
(ه)
فى حديث أم معبد «لا نَزْرٌ و لا هذر»
النَّزْرُ: القليل. أى ليس بقليل فيدلّ على عىّ، و لا كثير فاسد.
(س) و منه
حديث ابن جبير «إذا كانت المرأة نَزْرَةً أو مقلاة»
أى قليلة الولد. يقال:
امرأة نَزْرَةٌ و نَزُورٌ.
(ه) و
فى حديث عمر «أنه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عن شيء مرارا، فلم يجبه، فقال لنفسه: ثكلتك أمّك يا عمر، نَزَرْتَ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم مرارا لا يجيبك»
أى ألححت عليه فى المسألة إلحاحا أدّبك بسكوته عن جوابك. يقال: فلان لا يعطى حتى يُنْزَرَ:
أى يلحّ عليه.
و منه
حديث عائشة «و ما كان لكم أن تَنْزُرُوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم على الصلاة»
أى تلحّوا عليه فيها.
(نزز)
(س)
فى حديث الحارث بن كلدة «قال لعمر: البلاد الوبيئة، ذات الأنجال
__________________________________________________
(1) و هو الجيّد. كما فى المعرّب ص 333.
40
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نزز ص 40
و البعوض و النَّزِّ»
النَّزُّ: ما يتحلّب من الماء القليل فى الأرض. نَزَّ الماءُ يَنِزُّ نَزّاً، و أَنَزَّتِ الأرضُ، إذا أخرجت النَّزَّ.
(نزع)
(ه)
فيه «رأيتنى أَنْزِعُ على قليب»
أى أستقى منه الماء باليد. نَزَعْتُ الدّلو أَنْزِعُهَا نَزْعاً، إذا أخرجتها. و أصل النَّزْعِ: الجذب و القلع. و منه نَزْعُ الميّت روحه «1». و نَزَعَ القوسَ، إذا جذبها.
و منه
حديث عمر «لن تخور قوى مادام صاحبها يَنْزِعُ و ينزو»
أى يجذب قوسه، و يثب على فرسه. و الْمُنَازَعَةُ: المجاذبة فى المعانى و الأعيان.
(س) و منه
الحديث «أنا فرطكم على الحوض، فلألفينّ ما نُوزِعْتُ فى أحدكم، فأقول:
هذا منّى»
أى يجذب و يؤخذ منّى.
(ه) و منه
الحديث: «ما لى أُنَازَعُ القرآن؟»
أى أجاذب فى قراءته «2». كأنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه.
(ه) و
فيه «طوبى للغرباء. قيل: من هم يا رسول اللّه؟ قال: النُّزَّاعُ مِنَ القبائل»
هم «3» جمع نَازِعٍ و نَزِيعٍ، و هو الغريب الذى نَزَعَ عن أهله و عشيرته. أى بَعُدَ و غاب.
و قيل: لأنه يَنْزِعُ إلى وطنه: أى ينجذب و يميل. و المراد الأول. أى طوبى للمهاجرين الذين هجروا أوطانهم فى اللّه تعالى.
(ه) و منه
حديث ظبيان «أن قبائل من الأزد نتّجوا فيها النَّزَائِع»
أى الإبل الغرائبَ، انْتَزَعُوهَا من أيدى الناس.
(س) و منه
حديث عمر «قال لآل السائب: قد أضويتم فانكحوا فى النَّزَائِعِ»
أى فى النّساء الغرائب من عشيرتكم. يقال للنّساء التى تزوّجن فى غير عشائرهنّ: نَزَائِعُ.
(ه) و
فى حديث القذف «إنما هو عرق نَزَعَهُ»
يقال: نزع إليه فى الشّبه، إذا أشبهه.
(ه) و منه
الحديث «لقد نَزَعْتَ بمثل ما فى التوراة»
أى جئت بما يشبهها.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «نزع الميّت روحه» و ما أثبتّ من ا، و اللسان.
(2) فى الهروى: «أى أجاذب قراءته».
(3) فى الفائق 3/ 80: «هو». و فى اللسان: «هو الذى نزع عن أهله و عشيرته».
41
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نزع ص 41
(س) و
فى حديث القرشىّ «أسرنى رجل أنزع»
الْأَنْزَعُ: الذى ينحسر شعر مقدّم رأسه ممّا فوق الجبين. و النّزعتان عن جانبى الرأس ممّا لا شعر عليه.
و
في صفة عليّ «البطين الأنزع»
كان أنزع الشعر، له بطن.
و قيل: معناه: الأنزع من الشّرك، المملوء البطن من العلم و الإيمان.
(نزغ)-
في حديث عليّ «و لم ترم الشّكوك بنوازغها عزيمة إيمانهم»
النَّوَازِغُ:
جمع نَازِغَة، من النَّزْغِ: و هو الطّعن و الفساد. يقال: نَزَغَ الشيطانُ بينهم يَنْزِغُ نَزْغاً: أى أفسد و أغرى. و نَزَغَهُ بكلمة سُوء: أى رماه بها، و طعن فيه.
و منه
الحديث «صياح المولود حين يقع نَزْغَةٌ من الشيطان»
أى نخسة و طعنة.
(س) و منه
حديث ابن الزبير «فنزغه إنسان من أهل المسجد بِنَزِيغَةٍ»
أى رماه بكلمة سيّئة. و قد تكرر فى الحديث.
(نزف)
(ه)
فيه «زمزم لا تُنْزَفُ و لا تذمّ»
أى لا يفنى ماؤها على كثرة الاستقاء.
(نزك)
(ه)
فى حديث أبى الدّرداء «ذكر الأبدال فقال: ليسوا بِنَزَّاكِينَ و لا معجبين و لا متماوتين»
النَّزَّاكُ: الذى يعيب الناس. يقال: نَزَكْتُ الرجل، إذا عبته. كما يقال:
طعنت عليه و فيه. قيل: أصله: من النَّيْزَكِ، و هو رمح قصير.
(ه) و منه
الحديث «أن عيسى عليه السلام يقتل الدّجّال بالنّيزك».
و منه
حديث ابن عون «و ذكر عنده شهر بن حوشب، فقال: إنّ شهرا نَزَكُوهُ»
أى طعنوا عليه و عابوه.
(نزل)-
فيه «إن اللّه تعالى يَنْزِلُ كلّ ليلة إلى سماء الدنيا»
النُّزُولُ و الصّعود، و الحركة و السكون من صفات الأجسام، و اللّه يتعالى عن ذلك و يتقدّس. و المراد به نزول الرحمة و الألطاف الإلهيّة، و قربها من العباد، و تخصيصها بالليل و الثلث الأخير منه؛ لأنه وقت التّهجّد، و غفلة الناس عمّن يتعرّض لنفحات رحمة اللّه. و عند ذلك تكون النيّة خالصة، و الرغبة إلى اللّه وافرة، و ذلك مظنّة القبول و الإجابة.
42
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نزل ص 42
و
فى حديث الجهاد «لا تنزلهم على حكم اللّه، و لكن أنزلهم على حكمك»
أى إذا طلب العدوّ منك الأمان و الذّمام على حكم اللّه تعالى فلا تعطهم، و أعطهم على حكمك، فإنك ربما تخطئ فى حكم اللّه، أو لا تفى به فتأثم. يقال: نَزَلْتُ عن الأمر، إذا تركته، كأنك كنت مستعليا عليه مستوليا.
و
فى حديث ميراث الجدّ «إن أبا بكر أَنْزَلَهُ أبا»
أى جعل الجدّ فى منزلة الأب، و أعطاه نصيبه من الميراث.
(س) و
فيه «نَازَلْتُ ربّى فى كذا»
أى راجعته، و سألته مرّة بعد مرّة. و هو مفاعلة من النزول عن الأمر، أو من النِّزَالِ فى الحرب، و هو تقابل القرنين.
و
فيه «اللهم إنى أسألك نُزْلَ الشّهداءِ»
النُّزْلُ فى الأصل: قِرَى الضيف. و تُضَمُّ زايه.
يريد ما للشهداء عند اللّه من الأجر و الثواب.
و منه
حديث الدعاء للميت «و أكرم نُزُلَهُ»
و قد تكرر فى الحديث.
(نزه)
(س)
فيه «كان يصلّى من الليل، فلا يمرّ بآية فيها تَنْزِيهُ اللّه تعالى إلا نَزَّهَهُ»
أصل النَّزْهِ: البعد. و تنزيه اللّه تعالى: تبعيده عمّا لا يجوز عليه من النقائص.
(س) و منه
الحديث، فى تفسير سبحان اللّه «هو تنزيهه»
أى إبعاده عن السوء، و تقديسه.
(س) و منه
حديث أبى هريرة «الإيمان نَزِهٌ»
أى بعيد عن المعاصى.
(س) و
حديث عمر «الجابية أرض نَزِهَةٌ»
أى بعيدة من الوباء. و الجابية:
قرية بدمشق.
و
حديث عائشة «صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم شيئا فرخّص فيه فتنزّه عنه قوم»
أى تركوه و أبعدوا عنه، و لم يعملوا بالرّخصة فيه. و قد نَزُهَ نَزَاهَةً، و تَنَزَّهَ تَنَزُّهاً، إذا بعد.
و
فى حديث المعذّب فى قبره «كان لا يَسْتَنْزِهُ من البول»
أى لا يستبرئ و لا يتطهّر، و لا يستبعد منه.
(نزا)
(ه)
فيه «إن رجلا أصابته جراحة فَنُزِيَ منها حتى مات»
يقال: نزف دمه، و نُزِيَ، إذا جرى و لم ينقطع.
43
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نزا ص 43
و منه
حديث أبى عامر الأشعرى «أنه رمى بسهم فى ركبته، فَنُزِىَ منه فمات»
و قد تكرر فى الحديث.
و
فى حديث عليّ «أمرنا ألّا نُنْزِىَ الحمر على الخيل»
أى نحملها عليها للنّسل. يقال:
نَزَوْتُ على الشيء أَنْزُو نَزْواً، إذا وثبت عليه. و قد يكون فى الأجسام و المعانى.
قال الخطّابى: يشبه أن يكون المعنى فيه- و اللّه أعلم- أنّ الحمر إذا حملت على الخيل قلّ عددها، و انقطع نماؤها، و تعطّلت منافعها. و الخيل يحتاج إليها للرّكوب و الرّكض، و الطّلب، و الجهاد، و إحراز الغنائم، و لحمها مأكول، و غير ذلك من المنافع. و ليس للبغل شيء من هذه، فأحبّ أن يكثر نسلها؛ ليكثر الانتفاع بها.
(س) و
فى حديث السّقيفة «فنزونا على سعد»
أى وقعوا عليه و وطئوه.
و منه
حديث وائل بن حجر «إنّ هذا انْتَزَى على أرضى فأخذها»
هو افتعل من النَّزْوِ.
و الِانْتِزَاءُ و التَّنَزِّى أيضا: تسرّع الإنسان إلى الشرّ.
و
الحديث الآخر «انْتَزَى على القضاء فقضى بغير علم»
و قد تكرر فى الحديث.
باب النون مع السين
(نسأ)
(ه)
فيه «من أحبّ أن يُنْسَأَ فى أجله فليصل رحمه»
النَّسْءُ: التأخير.
يقال: نَسَأْتُ الشيء نَسْأً، و أَنْسَأْتُهُ إِنْسَاءً، إذا أخّرته. و النَّسَاءُ: الاسم، و يكون فى العمر و الدّين.
و منه
الحديث «صلة الرّحم مثراة فى المال، مَنْسَأَةٌ فى الأثر»
هى مفعلة منه: أى مظنّة له و موضع.
و منه
حديث ابن عوف «و كان قد أُنْسِئَ له فى العمر».
(ه) و
حديث عليّ «من سرّه النَّسَاءُ و لا نَسَاءَ»
أى تأخير العمر و البقاء.
(س) و منه
الحديث «لا تَسْتَنْسِئُوا الشيطان»
أى إذا أردتم عملا صالحا فلا تؤخّروه إلى غد، و لا تستمهلوا الشيطان. يريد أنّ ذلك مهلة مسوّلة من الشيطان.
44
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نسأ ص 44
و
فيه «إنما الرّبا فى النَّسِيئَةِ»
هى البيع إلى أجل معلوم. يريد أنّ بيع الرّبويّات بالتأخير من غير تقابض هو الرّبا، و إن كان بغير زيادة. و هذا مذهب ابن عباس رضى اللّه عنهما، كان يرى بيع الرّبويّات متفاضلة مع التّقابض جائزا، و أنّ الرّبا مخصوص بالنّسيئة.
(ه) و
فى حديث عمر «ارموا فإن الرّمى جلادة «1»، و إذا رميتم فَانْتَسُوا عن البيوت»
أى تأخّروا. هكذا يروى بلا همز. و الصواب «انْتَسِئُوا» بالهمز. و يروى «بنّسوا» أى تأخّروا.
يقال: بنّست، إذا تأخّرت.
(س) و
فى حديث ابن عباس «كانت النُّسْأَةُ فى كندة»
النُّسْأَةُ بالضم و سكون السين:
النَّسِىءُ، الذى ذكره اللّه تعالى فى كتابه، من تأخير الشهور بعضها إلى بعض. و النّسىء: فعيل بمعنى مفعول.
و
فيه «كانت زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم تحت أبى العاص بن الرّبيع، فلما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إلى المدينة أرسلها إلى أبيها و هى نَسُوءٌ»
أى مظنون بها الحمل. يقال: امرأة نَسْءٌ، و نَسُوءٌ. و نسوة نِسَاءٌ، إذا تأخّر حيضها و رجى حبلها، فهو من التأخير.
و قيل: هو بمعنى الزيادة، من نَسَأْتُ اللبن، إذا جعلت فيه الماء تكثّره به، و الحمل زيادة.
قال الزمخشرى: «النَّسُوءُ على فعول، و النَّسْءُ على فعل. و روى «نُسُوء» بضم النون، فَالنَّسُوءُ «2» كالحلوب، و النُّسُوءُ «3» تسمية بالمصدر».
و منه
الحديث «أنه دخل على أمّ عامر بن ربيعة و هى نَسُوءٌ، و فى رواية «نَسْء»، فقال لها: أبشرى بعبد اللّه خلفا من عبد «4» اللّه فولدت غلاما، فسمّته عبد اللّه».
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «عدّة».
(2) الذى فى الفائق 3/ 82: «و قد روى قطرب: النّسء- بالضم: المرأة المظنون بها الحمل، لتأخر حيضها عن وقته».
(3) الذى فى الفائق: «و النّسء- بالضم و الفتح: تسمية بالمصدر».
(4) فى الأصل: «عند» و المثبت من ا، و اللسان.
45
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نسب ص 46
(نسب)-
فى حديث أبى بكر «و كان رجلا نَسَّابَةً»
النَّسَّابَةُ: البليغ العلم «1» بِالْأَنْسَابِ. و الهاء فيه للمبالغة، مثلها فى العلّامة.
(نسج)
(س)
فيه «بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم زيد بن حارثة إلى جذام، فأوّل من لقيهم رجل على فرس أدهم، كان ذكره على مَنْسِجِ فرسه»
الْمَنْسِجُ: ما بين مغرز العنق إلى منقطع الحارك فى الصّلب.
و قيل: الْمَنْسِجُ و الحارك و الكاهل: ما شخص من فروع الكتفين إلى أصل العنق.
و قيل: هو بكسر الميم للفرس بمنزلة الكاهل من الإنسان، و الحارك من البعير.
و منه
الحديث «رجال جاعلو رماحهم على مَنَاسِجِ خيولهم»
هى جمع المنسج.
(ه) و
فى حديث عمر «من يدلّنى على نَسِيجٍ وحده؟»
يريد رجلا لا عيب فيه.
و أصله أنّ الثّوب النّفيس لا ينسج على منواله غيره، و هو فعيل بمعنى مفعول. و لا يقال إلا فى المدح.
[ه] و منه
حديث عائشة تصف عمر «كان و اللّه أحوذيّا نسيج وحده».
و
فى حديث جابر «فقام فى نِسَاجَةٍ ملتحفا بها»
هى ضرب من الملاحف مَنْسُوجَةٍ، كأنها سمّيت بالمصدر. يقال: نَسَجْتُ أَنْسِجُ «2» نَسْجاً و نِسَاجَةً.
و
فى حديث تفسير النّقير «هى النخلة تُنْسَجُ نسجا»
هكذا جاء فى مسلم و التّرمذى «3».
__________________________________________________
(1) فى الأصل، و اللسان: «العالم» و ما أثبتّ من ا، و النسخة 517، و الفائق 3/ 84.
(2) بالضم و الكسر، كما فى القاموس.
(3) هو فى الترمذى بالجيم، كما ذكر المصنف، و أخرجه فى باب ما جاء فى كراهية أن ينبذ فى الدّبّاء و الحنتم و النقير، من كتاب الأشربة 1/ 342. لكن فى مسلم بالحاء المهملة، و أخرجه فى باب النهى عن الانتباذ فى المزفّت ... من كتاب الأشربة و قال الإمام النووى 13/ 165: «... و وقع لبعض الرواة فى بعض النسخ «تنسج» بالجيم. قال القاضى و غيره: هو تصحيف. و ادعى بعض المتأخرين أنه وقع فى نسخ صحيح مسلم و فى الترمذى بالجيم، و ليس كما قال، بل معظم نسخ مسلم بالحاء».
46
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نسج ص 46
و قال بعض المتأخرين: هو وهم، و إنما هو بالحاء المهملة. قال: و معناه أن ينحّى قشرها عنها و تملس و تحفر.
و قال الأزهرى: النَّسْجُ: ما تحاتّ عن التّمر من قشره و أقماعه، ممّا يبقى فى أسفل الوعاء.
(نسخ)
(ه)
فيه «لم تكن نبوّة إلا تَنَاسَخَتْ»
أى تحوّلت من حال إلى حال.
يعنى أمر الأمّة، و تغاير أحوالها.
(نسر)-
فى شعر العباس يمدح النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم:
بل نطفة تركب السّفين و قد ألجم نسرا و أهله الغرق
يريد الصّم الذى كان يعبده قوم نوح عليه السلام. و هو المذكور فى قوله تعالى: وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً
.
و
في حديث عليّ «كلّما أظلّ عليكم مَنْسِرٌ من مَنَاسِرِ أهل الشام أغلق كلّ رجل منكم بابه»
الْمَنْسِر، بفتح الميم و كسر السين و بعكسهما: القطعة من الجيش، تمرّ قدّام الجيش الكبير، و الميم زائدة.
و الْمِنْسِرُ فى غير هذا للجوارح كالمنقار للطير.
(نسس)
(ه)
فى صفته صلّى اللّه عليه و سلم «كان يَنُسُّ «1» أصحابه»
أى يسوقهم يقدّمهم و يمشى خلفهم. و النَّسُّ: السّوق الرّفيق.
(ه) و منه
حديث عمر «كان ينسّ الناس بعد العشاء بالدّرّة، و يقول: انصرفوا إلى بيوتكم»
و يروى بالشين. و سيجيء.
و كانت العرب تسمّى مكة النَّاسَّة؛ لأن من بغى فيها، أو «2» أحدث حدثا أخرج منها، فكأنها ساقته و دفعته عنها.
(س) و
فى حديث الحجّاج «من أهل الرّسّ و النَّسِّ»
يقال: نَسَّ فلان لفلان، إذا تخيّر له. و النَّسِيسَةُ: السّعاية.
__________________________________________________
(1) بالضم و الكسر، كما فى القاموس.
(2) فى الأصل، و ا: «و أحدث» و المثبت من الهروى، و اللسان.
47
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نسس ص 47
(س) و
فى حديث عمر «قال له رجل: شنقتها بجبوبة حتى سكن نَسِيسُهَا»
أى ماتت.
و النَّسِيسُ: بقية النّفس.
(نسطاس)
(س)
فى حديث قسّ «كحذو النَّسْطَاسِ»
قيل: إنه ريش السّهم، و لا تعرف حقيقته.
و
فى رواية «كحدّ النّسطاس».
(نسع)-
فيه «يجرّ نِسْعَةً فى عنقه»
النِّسْعَةُ بالكسر: سير مضفور، يجعل زماما للبعير و غيره. و قد تنسج عريضة، تجعل على صدر البعير. و الجمع: نُسْع، و نِسَع، و أَنْسَاع «1». و قد تكررت فى الحديث.
و نِسْعٌ: موضع بالمدينة، و هو الذى حماه النبى صلّى اللّه عليه و سلم و الخلفاء، و هو صدر وادى العقيق.
(نسق)
(ه)
فى حديث عمر «نَاسِقُوا بين الحجّ و العمرة»
أى تابعوا. يقال: نَسَقْتُ بين الشيئين، و نَاسَقْتُ.
(نسك)
(ه) قد تكرر ذكر «الْمَنَاسِكِ، و النُّسُكُ، و النَّسِيكَة» فى الحديث، فالمناسك: جمع مَنْسِك، بفتح السين و كسرها، و هو المتعبّد، و يقع على المصدر و الزمان و المكان.
ثم سمّيت أمور الحجّ كلها مناسك.
و الْمَنْسِكُ الْمَنْسَكْ: المذبح. و قد نَسَكَ يَنْسُكُ نَسْكاً، إذا ذبح. و النَّسِيكَةُ: الذّبيحة، و جمعها: نُسُك.
و النُّسْكُ و النُّسُكُ أيضا: الطاعة و العبادة. و كلّ ما تقرّب به إلى اللّه تعالى.
و النُّسْكُ: ما أمرت به الشريعة، و الورع: ما نهت عنه.
و النَّاسِكُ: العابد. و سئل ثعلب عن الناسك ما هو؟ فقال: هو مأخوذ من النَّسِيكَةِ، و هى سبيكة الفضّة المصفّاة، كأنه صفّى نفسه للّه تعالى.
و
فى حديث عمر رضى اللّه عنه:
و يأسها يعدّ من أَنْسَاكِهَا
__________________________________________________
(1) و نسوع، أيضا. كما فى القاموس.
48
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نسك ص 48
هكذا جاء فى رواية. أى متعبّداتها.
(نسل)
(ه)
فيه «أنهم شكوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم الضّعف، فقال:
عليكم بِالنَّسْلِ».
و فى رواية «شكوا إليه الإعياء، فقال: عليكم بِالنَّسَلَانِ»
أى الإسراع فى المشى. و قد نَسَلَ يَنْسِلُ نَسْلًا و نَسَلَاناً.
(ه) و
فى حديث لقمان «و إذا سعى القوم نَسَلَ»
أى إذا عدوا لغارة أو مخافة أسرع هو.
و النَّسَلَانُ: دون السّعى.
(س) و
فى حديث وفد عبد القيس «إنما كانت عندنا خَصبة، نعلفها الإبل فَنَسَلْنَاهَا»
أى استثمرناها و أخذنا نسلها، و هو على حذف الجارّ. أى نسلنا بها أو منها، نحو أمرتك الخير: أى بالخير.
و إن شدّد كان مثل ولّدناها. يقال: نَسَلَ الولد يَنْسُلُ و يَنْسِلُ، و نَسَلَتِ الناقة و أَنْسَلَتْ نسلا كثيرا.
(نسم)
(ه)
فيه «من أعتق نَسَمَةً، أو فكّ رقبة»
النَّسَمَةُ: النّفس و الروح. أى من أعتق ذا روح. و كلّ دابّة فيها روح فهى نَسَمَةٌ، و إنما يريد الناس.
(ه) و منه
حديث عليّ «و الذى فلق الحبّة، و برأ النّسمة»
أى خلق ذات الرّوح، و كثيرا ما كان يقولها إذا اجتهد فى يمينه.
(ه) و
فيه «تنكّبوا الغبار، فإنّ منه تكون النّسمة»
هى هاهنا النّفس، بالتحريك، واحد الأنفاس. أراد تواتر النّفس و الرّبو و النّهيج، فسمّيت العلّة نَسَمَةً، لاستراحة صاحبها إلى تنفّسه، فإنّ صاحب الرّبو لا يزال يتنفّس كثيرا.
و منه
الحديث «لمّا تَنَسَّمُوا روح الحياة»
أى وجدوا نسيمها. و التَّنَسُّمُ: طلب النّسيم و استنشاقه. و قد نسمت الرّيحُ تَنْسِمُ نَسَماً و نَسِيماً.
(ه) و
الحديث الآخر «بعثت فى نَسَمِ الساعة»
هو من النَّسِيم، أوّل هبوب الريح الضعيفة: أى بعثت فى أوّل أشراط الساعة و ضعف مجيئها.
49
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نسم ص 49
و قيل: هو جمع نسمة. أى بعثت فى ذوى أرواح خلقهم اللّه تعالى قبل اقتراب الساعة، كأنه قال: فى آخر النّشء «1» من بنى آدم.
(ه) و
فى حديث عمرو بن العاص و خالد بن الوليد «استقام الْمَنْسِمْ، و إنّ الرجل لنبىّ»
معناه تبيّن الطريق، يقال: رأيت مَنْسِماً من الأمر أعرف به وجهه: أى أثرا منه و علامة. و الأصل فيه من الْمَنْسِمِ، و هو خفّ البعير يستبان به على الأرض أثره إذا ضلّ.
و منه
حديث عليّ «وطئتهم بِالْمَنَاسِمِ»
جمع منسم: أى بأخفافها. و قد يطلق على مفاصل الإنسان اتّساعا.
و منه
الحديث «على كلّ مَنْسِمٍ من الإنسان صدقة»
أى على كل مفصل.
(نسنس)
(ه)
فى حديث أبى هريرة «ذهب الناس و بقى النَّسْنَاسُ»
قيل: هم يأجوج و مأجوج.
و قيل: خلق على صورة الناس، أشبهوهم فى شيء، و خالفوهم فى شيء، و ليسوا من بنى آدم و قيل: هم من بنى آدم.
و منه
الحديث «إنّ حيّا من عاد عصوا رسولهم فمسخهم اللّه نَسْنَاساً، لكل رجل منهم يد و رجل من شقّ واحد، ينقزون كما ينقز الطائر، و يرعون كما ترعى البهائم».
و نونها مكسورة، و قد تفتح.
(نسا)
(س)
فيه «لا يقولنّ أحدكم: نَسِيتُ آية كيت و كيت، بل هو نُسِّىَ»
كره نسبة النسيان إلى النفس لمعنيين: أحدهما أن اللّه تعالى هو الذى أَنْسَاهُ إيّاه؛ لأنه المقدّر للأشياء كلّها، و الثانى أنّ أصل النِّسْيَانِ الترك، فكره له أن يقول: تركت القرآن، أو قصدت إلى نسيانه؛ و لأنّ ذلك لم يكن باختياره. يقال: نَسَّاهُ اللّه و أَنْسَاهُ.
و لو روى «نُسِىَ» بالتخفيف لكان معناه ترك من الخير و حرم.
و رواه أبو عبيد «بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت و كيت، ليس هو نسى و لكنه نُسِّىَ» و هذا اللفظ أبين من الأوّل، و اختار فيه أنه بمعنى الترك.
__________________________________________________
(1) فى الأصل، وا: «النّشو» و المثبت من الهروى، و اللسان.
50
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نسا ص 50
و منه
الحديث «إنما أُنَسَّى لأسنّ»
أى لأذكر لكم ما يلزم النَّاسِى، لشيء من عبادته، و أفعل ذلك فتقتدوا بى.
(ه) و
فيه «فيتركون فى الْمَنْسَى تحت قدم الرحمن»
أى يُنْسَوْنَ فى النار.
و «تحت القدم» استعارة، كأنه قال: يُنْسِيهِمُ اللّه الخلق، لئلا يشفع فيهم أحد. قال الشاعر:
أبلت مودّتها الليالى بعدنا و مشى عليها الدهر و هو مقيّد
و منه
قوله صلّى اللّه عليه و سلم يوم الفتح «كل مأثرة من مآثر الجاهلية تحت قدمىّ إلى يوم القيامة».
و
فى حديث عائشة «وددت أنّى كنت نَسْياً مَنْسِيّاً»
أى شيئا حقيرا مطّرحا لا يلتفت إليه. يقال لخرقة الحائض: نِسْىٌ، و جمعه: أَنْسَاءٌ. تقول العرب إذا ارتحلوا من المنزل:
انظروا أَنْسَاءَكُمْ. يريدون الأشياء الحقيرة التى ليست عندهم ببال. أى اعتبروها؛ لئلا تَنْسَوْهَا فى المنزل.
(س) و
فى حديث سعد «رَمَيْتُ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو يَوْمَ بَدْرٍ فَقَطَعْتُ نَسَاهُ»
النَّسَا، بوزن العصا: عرق يخرج من الورك فيستبطن الفخذ. و الأفصح أن يقال له: النَّسَا، لا عِرْق النَّسَا.
باب النون مع الشين
(نشأ)
(س)
فيه «إذا نَشَأَتْ بحريّة ثم تشاءمت فتلك عين غديقة»
يقال: نَشَأَ و أَنْشَأَ، إذا خرج و ابتدأ. و أَنْشَأَ يفعل كذا، و يقول كذا: أى ابتدأ يفعل و يقول. و أَنْشَأَ اللّهُ الخلقَ: أى ابتدأ خلقهم.
و منه
الحديث «كان إذا رأى نَاشِئاً فى أفق السماء»
أى سحابا لم يتكامل اجتماعه و اصطحابه. و منه: نَشَأَ الصّبىّ يَنْشَأُ نَشْأً فهو نَاشِئٌ، إذا كبر و شبّ و لم يتكامل.
(س) و منه
الحديث «نَشَأٌ يتّخذون القرآن مزامير»
يروى بفتح الشين، جمع نَاشِئٍ، كخادم و خدم. يريد جماعة أحداثا.
51
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشأ ص 51
قال أبو موسى: و المحفوظ بسكون الشين، كأنه تسمية بالمصدر.
(س) و منه
الحديث «ضمّوا نَوَاشِئَكُمْ فى ثورة العشاء»
أى صبيانكم و أحداثكم، كذا رواه بعضهم. و المحفوظ «فواشيكم» بالفاء. و قد تقدّم.
(ه) و
فى حديث خديجة «دخلت عليها مُسْتَنْشِئَةٌ من مولّدات قريش»
هى الكاهنة.
و تروى بالهمز، و غير الهمز. يقال: هو يَسْتَنْشِئُ الأخبار: أى يبحث «1» عنها و يتطلّبها و الِاسْتِنْشَاءُ، يهمز و لا يهمز.
و قيل: هو من الْإِنْشَاءُ: الابتداء. و الكاهنة تستحدث الأمور، و تجدّد الأخبار.
و يقال: من أين نَشِيتَ «2» هذا الخبر؟ بالكسر، من غير همز: أى من أين علمته.
و قال الأزهرى: مُسْتَنْشِئَة: اسم علم لتلك الكاهنة التى دخلت عليها، و لا ينوّن للتعريف و التأنيث.
(نشب)
(ه)
فى حديث العباس يوم حنين «حتى تَنَاشَبُوا حول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم»
أى تضامّوا و نَشِبَ بعضهم فى بعض: أى دخل و تعلّق. يقال: نَشِبَ فى الشيء، إذا وقع فيما لا مخلص له منه.
و لم يَنْشَبْ أن فعل كذا: أى لم يلبث. و حقيقته: لم يتعلّق بشيء غيره، و لا اشتغل بسواه.
و منه
حديث عائشة و زينب «لم أَنْشَبْ أن أثخنت عليها»
و قد تكرر أيضا فى الحديث.
و منه
حديث الأحنف «إن الناس نَشِبُوا فى قتل عثمان»
أى علقوا. يقال: نَشِبَتِ الحربُ بينهم نُشُوباً: اشتبكت.
(س) و
فيه «أن رجلا قال لشريح: اشتريت سمسما فَنَشِبَ فيه رجل، يعنى اشتراه، فقال شريح: هو للأوّل».
(نشج)-
فى حديث وفاة النبى صلّى اللّه عليه و سلم «فَنَشَجَ الناس يبكون»
النَّشِيجُ:
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «يتبحّث».
(2) الذى فى الهروى: «نشئت». قال: «و روى غير مهموز أيضا».
52
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشج ص 52
صوت معه توجّع و بكاء، كما يردّد الصبىّ بكاءه فى صدره. و قد نَشَجَ يَنْشِجُ.
(ه) و منه
حديث عمر «أنه قرأ سورة يوسف فى الصلاة، فبكى حتى سمع نَشِيجُهُ خلف الصّفوف».
(ه) و منه
حديثه الآخر «فَنَشَجَ حتى اختلفت أضلاعه».
(ه) و
حديث عائشة تصف أباها «شجىّ النَّشِيج»
أرادت أنه كان يحزن «1» من يسمعه يقرأ.
(نشح)
(س)
فى حديث أبى بكر «قال لعائشة رضى اللّه عنهما: انظرى ما زاد من مالى فردّيه إلى الخليفة بعدى، فإنى كنت نَشَحْتُهَا جهدى»
أى أقللت من الأخذ منها. و النَّشْحُ:
الشّرب القليل. و انْتَشَحَتِ الإبلُ، إذا شربت و لم ترو.
(نشد)
ه س
فيه «و لا تحلّ لقطّها إلا لِمُنْشِدٍ»
يقال: نَشَدْتُ الضالّة فأنا نَاشِدٌ، إذا طلبتها، و أنشدتها فأنا مُنْشِدٌ، إذا عرّفتها.
و منه
الحديث «قال لرجل يَنْشُدُ ضالّة فى المسجد: أيها النَّاشِدُ، غيرك الواجد»
قال ذلك تأديبا له، حيث طلب ضالّته فى المسجد، و هو من النَّشِيدِ: رفع الصوت. و قد تكرّر فى الحديث.
(س) و
فيه «نَشَدْتُكَ اللّه و الرّحم»
أى سألتك باللّه، و بالرّحم. يقال: نشدتك اللّه، و أَنْشُدُكَ اللّه، و باللّه، و نَاشَدْتُكَ اللّه و باللّه: أى سألتك و أقسمت عليك. و نشدته نِشْدَةً و نِشْدَاناً و مُنَاشَدَةً. و تعديته إلى مفعولين، إمّا لأنه بمنزلة: دعوت، حيث قالوا: نشدتك اللّه و باللّه، كما قالوا: دعوت زيدا و بزيد، أو لأنهم ضمّنوه معنى: ذكّرت. فأمّا أنشدتك باللّه، فخطأ.
(ه) و منه
حديث قيلة «فَنَشَدْتُ عليه فسألته «2» الصّحبة»
أى طلبت منه.
و
فى حديث أبى سعيد «إن الأعضاء كلّها تكفّر اللسان، تقول: نِشْدَكَ اللّه فينا»
النِّشْدَة:
__________________________________________________
(1) ضبط فى الأصل، وا: «يحزن» و أثبتّ ضبط الهروى، و اللسان.
(2) قال الهروى: «تعنى عمرو بن حريث».
53
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشد ص 53
مصدر كما ذكرنا، و أمّا نشدك فقيل: إنه حذف منها التاء، و أقامها مقام الفعل.
و قيل: هو بناء مرتجل، كقعدك اللّه، و عمرك اللّه.
قال سيبويه: قولهم: عمرك اللّه، و قعدك اللّه بمنزلة نشدك اللّه. و إن لم يتكلّم بنشدك اللّه، و لكن زعم الخليل أن هذا تمثيل تمثّل به، و لعل الراوى قد حرّفه عن ننشدك اللّه، أو أراد سيبويه و الخليل قلّة مجيئه فى الكلام لا عدمه، أو لم يبلغهما مجيئه فى الحديث، فحذف الفعل الذى هو أنشدك، و وضع المصدر موضعه مضافا إلى الكاف الذى كان مفعولا أوّل.
و منه
حديث عثمان «فَأَنْشَدَ له رجال»
أى أجابوه. يقال: نَشَدْتُهُ فَأَنْشَدَنِى، و أَنْشَدَ لى:
أى سألته فأجابنى.
و هذه الألف تسمّى ألف الإزالة. يقال: قسط الرجل، إذا جار. و أقسط، إذا عدل، كأنه أزال جوره، و هذا أزال نَشِيدَهُ.
و قد تكررت هذه اللفظة فى الحديث كثيرا؛ على اختلاف تصرّفها.
(نشر)
(س)
فيه «أنه سئل عن النُّشْرَةِ فقال: هو من عمل الشيطان»
النُّشْرَةُ بالضم:
ضرب من الرّقية و العلاج، يعالج به من كان يظنّ أنّ به مسّا من الجنّ، سميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء: أى يكشف و يزال.
و
قال الحسن: النّشرة من السحر.
و قد نَشَّرْتُ عنه تَنْشِيراً.
و منه
الحديث «فلعلّ طبّا أصابه، ثم نشّره ب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»
أى رقاه.
و
الحديث الآخر «هلّا تَنَشَّرْتَ».
و
فى حديث الدعاء «لك المحيا و الممات و إليك النُّشُورُ»
يقال: نَشَرَ الميّت يَنْشُرُ نُشُوراً، إذا عاش بعد الموت. و أَنْشَرَهُ اللّه: أى أحياه.
و منه
حديث ابن عمر «فهلّا إلى الشام أرض الْمَنْشَرِ»
أى موضع النّشور، و هى الأرض المقدّسة من الشام، يحشر اللّه الموتى إليها يوم القيامة، و هى أرض المحشر.
(س) و منه
الحديث «لارضاع إلا ما أَنْشَرَ اللحم، و أنبت العظم»
أى شدّه و قوّاه، من الْإِنْشَارِ: الإحياء. و يروى بالزاى.
54
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشر ص 54
و
فى حديث الوضوء «فإذا اسْتَنْشَرْتَ، و استنثرت خرجت خطايا وجهك و فيك و خياشيمك مع الماء»
قال الخطّابى: المحفوظ «استنشيت» بمعنى استنشقت، فإن كان محفوظا فهو من انْتِشَارِ الماء و تفرّقه.
(ه) و منه
حديث الحسن «أ تملك نَشَرَ الماءِ؟»
هو بالتحريك: ما انتشر منه عند الوضوء و تطاير. يقال: جاء القومُ نَشَراً: أى منتشرين متفرّقين.
(ه) و منه
حديث عائشة «فردّ نَشَرَ الإسلام على غَرِّه»
أى ردّ ما انتشر منه إلى حالته التى كانت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، أرادت أمر الردّة و كفاية أبيها إيّاه، و هو فعل بمعنى مفعول.
و
فيه «أنه لم يخرج فى سفر إلّا قال حين ينهض من جلوسه: اللهم بك انْتَشَرْتُ»
أى ابتدأت سفرى. و كلّ شيء أخذته غضّا فقد نَشَرْتَهُ و انْتَشَرْتَهُ، و مرجعه إلى النَّشْرِ، ضدّ الطىّ.
و يروى بالباء الموحدة و السين المهملة.
(ه) و
فى حديث معاذ «إن كلّ نَشْرِ أرضٍ يسلم عليها صاحبها فإنه يخرج عنها ما أعطى نَشْرُهَا»
نَشْرُ الأرض بالسكون: ما خرج من نباتها. و قيل: هو فى الأصل الكلأ إذا يبس ثم أصابه مطر فى آخر الصيف فاخضرّ، و هو ردىء للراعية، فأطلقه على كلّ نبات تجب فيه الزكاة.
(ه) و
فى حديث معاوية «أنه خرج و نَشْرُهُ أمامه»
النَّشْرُ بالسكون: الريح الطّيّبة.
أراد سطوع ريح المسك منه.
(ه) و
فيه «إذا دخل أحدكم الحمّام فعليه بِالنَّشِيرِ و لا يخصف»
هو المئزر، سمّى به؛ لأنه يُنْشَرُ لِيُؤْتَزَرَ بِهِ.
(نشز)-
فيه «لا رضاع إلا ما أنشز «1» العظم»
أى رفعه و أعلاه، و أكبر حجمه، و هو من النَّشَزِ: المرتفع من الأرض. و نَشَزَ الرجل يَنْشِزُ، إذا كان قاعدا فقام.
__________________________________________________
(1) روى بالراء، و سبق.
55
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشز ص 55
و منه
الحديث «أنه كان إذا أوفى على نَشَزٍ كبّر»
أى ارتفع على رابية فى سفره. و قد تسكّن الشين.
(س) و منه
الحديث «فى خاتم النّبوّة بضعة نَاشِزَةٌ»
أى قطعة لحم مرتفعة عن الجسم.
و منه
الحديث «أتاه رجل نَاشِزُ الجبهة»
أى مرتفعها.
و قد تكرر فى الحديث ذكر «النُّشُوزُ بين الزّوجين» يقال: نَشَزَتِ المرأةُ على زوجها فهى نَاشِزٌ و نَاشِزَةٌ: إذا عصت عليه، و خرجت عن طاعته. و نشز عليها زوجها، إذا جفاها و أضرّ بها «1».
و النُّشُوزُ: كراهة كلّ واحد منهما صاحبه، و سوء عشرته له.
(نشش)
(ه)
فيه «أنه لم يصدق امرأة من نسائه أكثر من ثنتى عشرة أوقيّة و نَشٍّ»
النَّشُّ: نصف الأوقيّة، و هو عشرون درهما، و الأوقية: أربعون، فيكون الجميع خمسمائة درهم.
و قيل «2»: النَّشُّ يطلق على النّصف من كل شيء.
(ه) و
فى حديث النّبيذ «إذا نشّ «3» فلا تشرب»
أى إذا غلا. يقال: نَشَّتِ الخمر تَنِشُّ نَشِيشاً.
و منه
حديث الزّهرى «أنه كره للمتوفّى عنها زوجها الدّهن الذى يُنَشُّ بالرّيحان»
أى يطيّب، بأن يغلى فى القدر مع الرّيحان حتى يَنِشَّ.
(ه) و منه
حديث الشافعىّ فى صفة الأدهان «مثل البان الْمَنْشُوشِ بالطيب».
(ه) و منه
حديث عطاء «سئل عن الفأرة تموت فى السّمن الذائب أو الدّهن، فقال:
يُنَشُّ و يدّهن به، إن لم تقذره نفسك»
أى يخلط و يداف. و الأصل الأوّل.
__________________________________________________
(1) فى القاموس: «ضربها».
(2) القائل هو ابن الأعرابى، و ما سبق من قول مجاهد، كما ذكر الهروى.
(3) فى الأصل: «إذا نش الشراب» و قد أسقطت «الشراب» حيث سقطت من ا، و الهروى، و اللسان، و الفائق 3/ 93.
56
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشش ص 56
(ه) و
فى حديث عمر «أنه كان يَنِشُّ الناسَ بعد العشاء بالدرّة»
أى يسوقهم إلى بيوتهم. و النَّشُّ: السّوق الرفيق.
و يروى بالسين «1»، و هو السّوق الشديد. و قد تقدّم.
(س) و
فى حديث الأحنف «نزلنا سبخة نَشَّاشَةً»
يعنى البصرة: أى نزّازة تنزّ بالماء، لأن السّبخة ينزّ ماؤها، فَيَنِشُّ و يعود ملحا.
و قيل: النَّشَّاشَةُ: التى لا يجفّ ترابها، و لا ينبت مرعاها.
(نشط)
(ه)
فى حديث السحر «فكأنما أُنْشِطَ من عقال»
أى حلّ. و قد تكرر فى الحديث.
و كثيرا ما يجىء
فى الرواية «كأنما نَشِطَ من عقال»
و ليس بصحيح. يقال: نَشَطْتُ العقدة، إذا عقدتها، و أَنْشَطْتُهَا و انْتَشَطْتُهَا، إذا حللتها.
(س) و منه
حديث عوف بن مالك «رأيت كأن سببا من السماء دلّى فَانْتُشِطَ النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم، ثم أعيد فانتشط أبو بكر!»
أى جذب إلى السماء و رفع إليها. يقال: نَشَطْتُ الدّلو من البئر أَنْشُطُهَا نَشْطاً، إذا جذبتها و رفعتها إليك.
(ه) و منه
حديث أمّ سلمة «دخل عليها عمّار- و كان أخاها من الرّضاعة- فَنَشَطَ زينب من حجرها» و يروى «فَانْتَشَطَ».
(س) و
فى حديث أبى المنهال، و ذكر حيّات النار و عقاربها، فقال: «و إن لها نَشْطاً و لسبا» و فى رواية «أنشأن به نَشْطاً»
أى لسعا بسرعة و اختلاس. يقال: نَشَطَتْهُ الحيّة نشطا، و انْتَشَطَتْهُ.
و أنشأن: بمعنى طفقن و أخذن.
و
فى حديث عبادة «بايعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم على المنشط و المكره»
الْمَنْشَطُ: مفعل من النِّشَاطِ، و هو الأمر الذى تَنْشَطُ له و تخفّ إليه، و تؤثر فعله، و هو مصدر بمعنى النَّشَاطِ.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «قال أبو عبيد: هو ينسّ، بالسين، أو ينوش، أى يتناول بالدرّة».
57
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشغ ص 58
(نشغ)
(ه)
فيه «لا تعجلوا بتغطية وجه الميت حتى يَنْشَغَ أو يَتَنَشَّغَ»
النَّشْغُ فى الأصل: الشّهيق حتى يكاد يبلغ به الغشى. و إنما يفعل الإنسان ذلك تشوّقا إلى شيء فائت و أسفا عليه.
و عن الأصمعى: النَّشَغَات عند الموت: فواقات «1» خفيّات جدّا، واحدتها: نَشْغَة.
(ه) و منه
حديث أبى هريرة «أنه ذكر النبى صلّى اللّه عليه و سلم فَنَشَغَ نَشْغَةً»
أى شهق و غشى عليه.
(ه) و منه
حديث أم إسماعيل «فإذا الصبىّ يَنْشَغُ للموت»
و قيل: معناه يمتصّ بفيه، من نَشَغْتُ الصبىّ دواء فَانْتَشَغَهُ.
و منه
حديث النّجاشى «هل تَنَشَّغَ فيكم الولد؟»
أى اتّسع و كثر. هكذا جاء فى رواية.
و المشهور بالفاء. و قد تقدم.
(نشف)
(س)
فى حديث طلق «أنه عليه السلام قال لنا: اكسروا بيعتكم، و انضحوا مكانها، و اتّخذوه مسجدا، قلنا: البلد بعيد، و الماء يَنْشَفُ»
أصل النَّشْفِ: دخول الماء فى الأرض و الثّوب. يقال: نَشِفَتِ الأرض الماء تَنْشَفُهُ نَشْفاً: شربته. و نَشَفَ الثوبُ الْعَرَقَ و تَنَشَّفَهُ. و أرض نَشِفَةٌ.
(ه) و منه
الحديث «كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم نَشَّافَةٌ يُنَشِّفُ بها غسالة وجهه»
يعنى منديلا يمسح بها وضوءه.
(س) و
حديث أبى أيّوب «فقمت أنا و أمّ أيوب بقطيفة ما لنا غيرها، ننشّف بها الماء».
(س) و
فى حديث عمّار «أتى النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم فرأى به صفرة، فقال: اغسلها، فذهبت فأخذت نَشَفَةً لنا، فدلكت بها على تلك الصّفرة حتى ذهبت»
النَّشَفَةُ بالتحريك، و قد
__________________________________________________
(1) فى الأصل، و ا: «فوقات» و فى الهروى: «فوقات» و ما أثبتّ من اللسان. قال صاحب المصباح: «و الفواق بالضم: ما يأخذ الإنسان عند النّزع».
58
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشف ص 58
تسكّن: واحدة النَّشَفُ، و هى حجارة سود، كأنها أحرقت بالنار، و إذا تركت على رأس الماء طفت و لم تغص فيه، و هى التى يحكّ بها الوسخ عن اليد و الرجل.
و منه
حديث حذيفة «أظلّتكم الفتن، ترمى بالنّشف، ثم التى تليها ترمى بالرّضف»
يعنى أن الأولى من الفتن لا تؤثر فى أديان الناس لخفّتها، و التى بعدها كهيئة حجارة قد أحميت بالنار، فكانت رضفا، فهى أبلغ فى أديانهم، و أثلم لأبدانهم.
(نشق)
(س [ه])
فيه «أنه كان يَسْتَنْشِقُ فى وضوئه ثلاثا»
أى يبلغ الماء خياشيمه و هو من اسْتِنْشَاقِ الريح، إذا شممتها مع قوّة.
(س) و منه
الحديث «إن للشيطان نَشُوقاً و لعوقا و دساما»
النَّشُوقُ بالفتح: اسم لكلّ دواء يصبّ فى الأنف، و قد أَنْشَقْتُهُ الدّواء إِنْشَاقاً. يعنى أن له وساوس، مهما وجدت منفذا دخلت فيه.
(نشل)
(ه)
فيه «ذكر له رجل، فقيل: هو من أطول أهل المدينة صلاة، فأتاه فأخذ بعضده فَنَشَلَهُ نَشَلَاتٍ»
أى جذبه جذبات، كما يفعل من يَنْشِلُ اللحم من القدر.
(ه) و منه
الحديث «أنه مرّ على قدر فَانْتَشَلَ منها عظما»
أى أخذه قبل النّضج، و هو النَّشِيلُ.
(ه) و
فى حديث أبى بكر «قال لرجل فى وضوئه: عليك بِالْمَنْشَلَةِ»
يعنى موضع الخاتم من الخنصر، سميت بذلك لأنه إذا أراد غسله نَشَلَ الخاتمَ: أى اقتلعه ثم غسله.
(نشم)
(ه)
فى مقتل عثمان «لمّا نَشَّمَ الناس فى أمره»
أى «1» طعنوا فيه و نالوا منه.
يقال «2»: نَشَّمَ القومُ فى الأمر تَنْشِيماً، إذا أخذوا فى الشّرّ، و نَشَّمَ فى الشيء و تَنَشَّمَ: إذا ابتدأ فيه، و نال منه.
__________________________________________________
(1) هذا شرح أبى عبيد، كما ذكر الهروى.
(2) قبل هذا فى الهروى، حكاية عن أبى عبيد: «و هو فى ابتداء الشر».
59
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نشنش ص 60
(نشنش)
[ه]
فى حديث عمر «قال لابن عباس فى كلام: نِشْنِشَةٌ من أَخْشَنَ»
أى حجر من جبل. و معناه أنه شبّهه بأبيه العباس، فى شهامته و رأيه و جرأته على القول.
و قيل: أراد أن كلمته منه حجر من جبل: أى أن مثلها يجىء من مثله.
و قال الحربى: أراد شنشنة: أى غريزة و طبيعة.
و قال الأزهرى: يقال: شنشنة و نشنشة.
و
قد جاء فى رواية أنه قال له:
«شنشنة أعرفها من أخزم»
و قد تقدّمت.
(نشا)
(ه)
فى حديث شرب الخمر «إن انتشى لم تقبل له صلاة أربعين يوما»
الِانْتِشَاءُ: أوّل السّكر و مقدّماته. و قيل: هو السّكر نفسه. و رجل نَشْوَانُ، بيّن النَّشْوَةِ. و قد تكرر فى الحديث.
(ه) و
فيه «إذا اسْتَنْشَيْتَ و استنثرت»
أى استنشقت بالماء فى الوضوء، من قولك:
نَشِيتُ الرائحة، إذا شَمِمْتَهَا.
(ه) و
فى حديث خديجة «دخل عليها مُسْتَنْشِيَةٌ من مولّدات قريش»
أى كاهنة. و قد تقدّم فى المهموز.
باب النون مع الصاد
(نصب)
(س)
فى حديث زيد بن حارثة «قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم مردفى إلى نُصُبٍ من الْأَنْصَابِ، فذبحنا له شاة، و جعلناها فى سفرتنا، فلقينا زيد بن عمرو، فقدّمنا له السّفرة، فقال: لا آكل مما ذبح لغير اللّه».
و
فى رواية «أن زيد بن عمرو مرّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فدعاه إلى الطعام، فقال زيد:
إنا لا نأكل مما ذبح على النّصب»
النُّصُبُ، بضم الصاد و سكونها: حجر كانوا ينصبونه فى الجاهلية، و يتّخذونه صنما فيعبدونه، و الجمع: أَنْصَابٌ.
و قيل: هو حجر كانوا ينصبونه، و يذبحون عليه فيحمرّ بالدم.
قال الحربى: قوله «ذبحنا له شاة» له وجهان: أحدهما أن يكون زيد فعله من غير أمر
60
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نصب ص 60
النبى صلّى اللّه عليه و سلم و لا رضاه، إلا أنه كان معه فنسب إليه، و لأن زيدا لم يكن معه من العصمة ما كان مع النبى صلّى اللّه عليه و سلم.
و الثانى: أن يكون ذبحها لزاده فى خروجه، فاتّفق ذلك عند صنم، كانوا يذبحون عنده، لا أنه ذبحها للصّنم، هذا إذا جعل النُّصُبُ الصّنم. فأمّا إذا جعل الحجر الذى يذبح عنده فلا كلام فيه، فظنّ زيد بن عمرو أن ذلك اللحم ممّا كانت قريش تذبحه لأنصابها فامتنع لذلك. و كان زيد يخالف قريشا فى كثير من أمورها. و لم يكن الأمر كما ظنّ زيد.
(ه) و منه
حديث إسلام أبى ذر «فخررت مغشيّا علىّ ثم ارتفعت كأنى نصب أحمر»
يريد أنهم ضربوه حتى أدموه، فصار كالنّصب المحمرّ بدم الذّبائح.
و منه شعر الأعشى «1»، يمدح النبى صلّى اللّه عليه و سلم:
و ذا النّصب المنصوب لا تعبدنّه و لا تعبد الشيطان و اللّه فاعبدا
يريد الصّنم. و قد تكرر فى الحديث.
و ذات النُّصْبِ «2»: موضع على أربعة برد من المدينة.
(س) و
فى حديث الصلاة «لا يَنْصِبُ رأسه و لا يقنعه»
أى لا يرفعه. كذا فى سنن أبى داود «3». و المشهور «لا يصبّى و يصوّب». و قد تقدّما.
(س) و منه
حديث ابن عمر «من أقذر الذنوب رجل ظلم امرأة صداقها، قيل للّيث:
أَنَصَبَ «4» ابن عمر الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم؟ قال: و ما علمه لو لا أنه سمعه منه؟»
أى أسنده إليه و رفعه. و النَّصْبُ: إقامة الشيء و رفعه.
__________________________________________________
(1) ديوانه ص 137: و الرواية فيه:
و ذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه و لا تعبد الأوثان و اللّه فاعبدا
(2) ضبط فى الأصل، و ا: «النّصب» بضمتين. و ضبطته بالسكون من ياقوت 8/ 290.
(3) أخرجه أبو داود فى باب افتتاح الصلاة، من كتاب الصلاة 1/ 73 و لفظه: «فلا يصبّ رأسه و لا يقنع». و من طريق آخر: «غير مقنع رأسه».
(4) فى الأصل: «أنصب» و أثبتّ ما فى ا، و اللسان.
61
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نصب ص 60
(س) و
فيه «فاطمة بضعة منّى يُنْصِبُنِى ما أَنْصَبَهَا»
أى يتعبنى ما أتعبها. و النَّصَبُ:
التّعب. و قد نَصِبَ يَنْصَبُ، و نَصَبَهُ غيره و أَنْصَبَهُ.
و منه
حديث الدّجال «ما يُنْصِبُكَ منه» و روى «ما يضنيك منه»
من الضّنا: الهزال و الضّعف و أثر المرض. و قد تكرر فى الحديث.
و
فى حديث السائب بن يزيد «كان رباح بن المعترف «1» يحسن غناء النّصب»
النّصب بالسكون: ضرب من أغانى العرب شبه الحداء.
و قيل: هو الذى أحكم من النّشيد، و أقيم لحنه و وزنه.
(ه) و منه
حديث نائل مولى عثمان «فقلنا لرباح بن المعترف «2»: لو نصبت لنا نصب العرب»
قال الأصمعى:
و
فى الحديث «كلّهم كان ينصب»
أى يغنّى النّصب.
(نصت)
(ه)
فى حديث الجمعة «و أنصت و لم يلغ»
قد تكرر ذكر «الإنصات» فى الحديث. يقال: أنصت ينصت إنصاتا، إذا سكت سكوت مستمع. و قد نصت أيضا، و أنصتّه، إذا أسكتّه، فهو لازم و متعدّ.
(ه) و منه
حديث طلحة «قال له رجل بالبصرة: أنشدك اللّه، لا تكن أوّل من غدر، فقال طلحة: أنصتونى أنصتونى»
قال الهروى: يقال: أنصتّه و أنصتّ له، مثل نصحته و نصحت له.
قال الزمخشرى «أنصتونى من الإنصات «3» و تعدّيه بإلى فحذفه «4»»: أى استمعوا إلىّ.
(نصح)-
فيه «إنّ الدّين النَّصِيحَةُ للّه و لرسوله و لكتابه و لأئمة المسلمين و عامّتهم»
__________________________________________________
(1) فى الأصل، و اللسان: «المغترف» بالغين المعجمة. و أثبتّه بالعين المهملة من: ا، و الاستيعاب ص 486. و أسد الغابة 2/ 162، و الإصابة 2/ 193. و فى هوامش الاستيعاب:
«و المغترف، بالغين المعجمة. ذكره ابن دريد. و قال: و قد روى قوم: المعترف، بالعين غير المعجمة» ا ه، و انظر الاشتقاق ص 103.
(2) فى الأصل، و اللسان: «المغترف» بالغين المعجمة. و أثبتّه بالعين المهملة من: ا، و الاستيعاب ص 486. و أسد الغابة 2/ 162، و الإصابة 2/ 193. و فى هوامش الاستيعاب:
«و المغترف، بالغين المعجمة. ذكره ابن دريد. و قال: و قد روى قوم: المعترف، بالعين غير المعجمة» ا ه، و انظر الاشتقاق ص 103.
(3) بعده فى الفائق 3/ 91: «و هو السكوت للاستماع».
(4) فى الفائق: «و حذفه».
62
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نصح ص 62
النَّصِيحَةُ: كلمة يعبّر بها عن جملة، هى إرادة الخير لِلْمَنْصُوحِ له، و ليس يمكن أن يعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها.
و أصل النُّصْحِ فى اللغة: الخلوص. يقال: نَصَحْتُهُ، و نَصَحْتُ له. و معنى نَصِيحَةُ اللّه: صحّة الاعتقاد فى وحدانيّته، و إخلاص النيّة فى عبادته.
و النَّصِيحَةُ لكتاب اللّه: هو التصديق به و العمل بما فيه.
و نَصِيحَةُ رسوله: التصديق بنبوّته و رسالته، و الانقياد لما أمر به و نهى عنه.
و نَصِيحَةُ الأئمة: أن يطيعهم فى الحق، و لا يرى الخروج عليهم إذا جاروا.
و نَصِيحَةُ عامّة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم.
و
في حديث أبيّ «سألت النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم عن التّوبة النَّصُوحِ، قال: هى الخالصة التى لا يعاود بعدها الذّنب»
و فعول من أبنية المبالغة، يقع على الذّكر و الأنثى، فكأنّ الإنسان بالغ فى نصح نفسه بها.
و قد تكرر فى الحديث ذكر «النّصح و النصيحة» «1».
(نصر)-
فيه «كلّ مسلم على مسلم محرّم «2»: أخوان نَصِيرَانِ»
أى هما أخوان يَتَنَاصَرَانِ و يتعاضدان.
__________________________________________________
(1) زاد الهروى من أحاديث المادة، قال: «و فى حديث عبد الرحمن بن عوف فى الشّورى.
قال: «و إن جرعة شروب أنصح لكم من عذب موب» ثم حكى عن الأصمعى قال:
«إذا شرب دون الرّىّ، قال: نضحت الرّىّ، بالضاد معجمة. فإن شرب حتى يروى قال:
نصحت الرّىّ، بالصاد غير معجمة، نصحا، و نصعت، و نقعت. و قد أنصعنى، و أنقعنى» اه و انظر وبأ فيما يأتى.
(2) فى الأصل، و ا: «كلّ مسلم عن مسلم محرم» و كذلك فى الفائق 1/ 364.
و فى اللسان: «كلّ المسلم عن مسلم محرّم». و ما أثبت من مسند أحمد 5/ 4، 5 من حديث بهز بن حكيم. و سنن النّسائى باب من سأل بوجه اللّه عزّ و جل، من كتاب الزكاة 1/ 358.
63
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نصر ص 63
و النَّصِيرُ: فعيل بمعنى فاعل أو مفعول، لأن كلّ واحد من الْمُتَنَاصِرَيْنِ نَاصِرٌ و مَنْصُورٌ. و قد نَصَرَهُ يَنْصُرُهُ نَصْراً، إذا أعانه على عدوّه و شدّ منه.
و منه
حديث الضّيف المحروم «فإنّ نصره حقّ على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلته»
قيل: يشبه أن يكون هذا فى المضطرّ الذى لا يجد ما يأكل، و يخاف على نفسه التّلف، فله أن يأكل من مال أخيه المسلم بقدر حاجته الضروريّة، و عليه الضّمان.
(ه) و
فيه «إن هذه السحابة تنصر أرض بنى كعب»
أى تمطرهم. يقال: نَصَرْتُ الأرض فهى مَنْصُورَةٌ: أى ممطورة. و نَصَرَ الغيث البلد، إذا أعانه على الخصب و النّبات.
و
قيل: هذا الخبر إنما جاء فى قصّة خزاعة، و هم بنو كعب حين قتلتهم قريش فى الحرم بعد الصلح، فورد على النبى صلّى اللّه عليه و سلم وارد منهم مُسْتَنْصِراً، فقال: «إن هذه السحابة تنصر أرض بنى كعب»
يعنى بما فيها من الملائكة، فهو من النّصر و المعونة.
(ه) و
فيه «لا يؤمّنّكم أَنْصَرُ»
أى أقلف. هكذا فسّر فى الحديث.
(نصص)
(ه)
فيه «أنه لمّا دفع من عرفة سار العنق، فإذا وجد فجوة نَصَّ»
النَّصُّ «1»: التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة. و أصل النَّصِّ: أقصى الشيء و غايته. ثم سمّى به ضرب من السير سريع.
(ه) و منه
حديث أم سلمة لعائشة «ما كنت قائلة لو أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عارضك ببعض الفلوات ناصّة قلوصا من منهل إلى منهل»
أى رافعة لها فى السّير.
(ه) و منه
حديث عليّ «إذا بلغ النّساء نصّ الحقاق فالعصبة أولى»
أى إذا بلغت غاية البلوغ من سنّها الذى يصلح أن تحاقق و تخاصم عن نفسها، فعصبتها أولى بها من أمّها.
(ه) و
فى حديث كعب «يقول الجبّار: احذرونى، فإنى لا أُنَاصُّ عبدا إلا عذّبته»
أى لا أستقصى عليه فى السؤال و الحساب. و هى مفاعلة منه.
و روى الخطّابى عن [عون بن] «2» عبد اللّه مثله.
__________________________________________________
(1) هذا شرح أبى عبيد، كما ذكر الهروى.
(2) ساقط من ا، و النسخة 517.
64
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نصص ص 64
(ه) و منه
حديث عمرو بن دينار «ما رأيت رجلا أَنَصَّ للحديث من الزّهرى»
أى أرفع له و أسند.
(س) و
فى حديث عبد اللّه بن زمعة «أنه تزوّج بنت السائب، فلما نُصَّتْ لتهدى إليه طلّقها»
أى أقعدت على الْمِنَصَّةِ، و هى بالكسر: سرير العروس.
و قيل: هى بفتح الميم: الحجلة عليها، من قولهم: نَصَصْتُ المتاع، إذا جعلت بعضه على بعض.
و كلّ شيء أظهرته فقد نَصَصْتَهُ.
و منه
حديث هرقل «يَنُصُّهُمْ»
أى يستخرج رأيهم و يظهره.
و منه قول الفقهاء «نَصُّ القرآن، و نَصُّ السّنّة» أى ما دلّ ظاهر لفظهما عليه من الأحكام.
(نصع)
(س)
فيه «المدينة كالكير، تنفى خبثها و تَنْصَعُ طيبها»
أى تخلصه. و شيء نَاصِعٌ: خالص. و أَنْصَعَ: أظهر ما فى نفسه. و نَصَعَ الشيء يَنْصَعُ، إذا وضح و بان.
و
يروى «ينصع طيبها»
أى يظهر.
و يروى بالباء و الضاد المعجمة. و قد تقدّم.
(ه) و
فى حديث الإفك «و كان متبرّز النساء بالمدينة قبل أن تبنى الكنف فى الدّور الْمَنَاصِعُ»
هى المواضع التى يتخلّى فيها لقضاء الحاجة، واحدها: مَنْصَعَ؛ لأنه يبرز إليها و يظهر.
قال الأزهرى: أراها مواضع مخصوصة خارج المدينة.
(ه) و منه
الحديث «إنّ الْمَنَاصِعَ صعيد أفيح خارج المدينة».
(نصف)-
فيه «الصّبر نِصْفُ الإيمان»
أراد بالصبر الورع، لأن العبادة قسمان:
نسك و ورع، فالنّسك: ما أمرت به الشريعة. و الورع: ما نهت عنه. و إنما ينتهى عنه بالصبر، فكان الصبر نصف الإيمان.
(ه) و
فيه «لو أنّ أحدكم أنفق ما فى الأرض ما بلغ مدّ أحدهم و لا نَصِيفَهُ»
هو النّصف، كالعشير فى العشر.
65
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نصف ص 65
و منه حديث ابن الأكوع:
لم يغذها مدّ و لا نصيف
(ه) و
فى صفة الحور «و لَنَصِيفُ إحداهنّ خير من الدنيا و ما فيها»
هو الخمار.
و قيل: المعجر.
و فى حديث عمر مع زنباع بن روح:
متى ألق زنباع بن روح ببلدة لى النّصف منها يقرع السّنّ من ندم
النِّصْفُ، بالكسر: الِانْتِصَافُ. و قد أَنْصَفَهُ من خصمه، يُنْصِفُهُ إِنْصَافاً.
و منه
حديث عليّ «و لا جعلوا بينى و بينهم نِصْفاً»
أى إنصافا.
و فى حديث ابن الصّبغاء:
بين القِرانِ السَّوْءِ و النَّوَاصِفُ
جمع نَاصِفَة و هى الصّخرة. و يروى
«... التّراصف».
و قد تقدّم.
و فى قصيد كعب:
شدّ النهار ذراعا «1» عيطل نصف
النَّصَفُ بالتحريك: التى بين الشابّة و الكهلة.
(س) و منه
الحديث «حتى إذا كان بِالْمَنْصَفِ»
أى الموضع الوسط بين الموضعين.
و منه
حديث التائب «حتى إذا أَنْصَفَ الطريقَ أتاه الموت»
أى بلغ نِصْفَهُ. و يقال فيه: نَصَفَهُ، أيضا.
(ه) و
فى حديث داود عليه السلام «دخل المحراب و أقعد مِنْصَفاً على الباب»
الْمِنْصَفُ بكسر الميم: الخادم. و قد تفتح. يقال: نَصَفْتُ الرّجل، نِصَافَةً، إذا خدمته.
و منه
حديث ابن سلام «فجاءنى مِنْصَفٌ مَنْصَفٌ فرفع ثيابى من خلفى».
(نصل)
[ه]
فيه «مرّت سحابة فقال: تَنَصَّلَتْ هذه تنصر بنى كعب»
أى أقبلت، من قولهم: نَصَلَ علينا، إذا خرج من طريق، أو ظهر من حجاب.
__________________________________________________
(1) فى الأصل، و ا، و اللسان: «ذراعى» و هو خطأ. انظر ص 258 من الجزء الثالث.
66
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نصل ص 66
و
يروى «تَنْصَلِتُ «1»»
أى تقصد للمطر، و قد تقدّم.
و
فيه «أنهم كانوا يسمّون رجبا مُنْصِلَ الأسنّة»
أى مخرج الأسنّة من أماكنها. كانوا إذا دخل رجب نزعوا أسنّة الرماح و نِصَالَ السهام، إبطالا للقتال فيه، و قطعا لأسباب الفتن لحرمته، فلمّا كان سببا لذلك سمّى به.
يقال: نَصَّلْتُ السّهم تَنْصِيلًا، إذا جعلت له نَصْلًا، و إذا نزعت نصله، فهو من الأضداد.
و أَنْصَلْتُهُ فَانْتَصَلَ، إذا نزعت سهمه.
(ه) و منه
حديث أبى موسى «و إن كان لرمحك سنان فَأَنْصِلْهُ»
أى انزعه.
و منه
حديث عليّ «و من رمى بكم فقد رمى بأفوق نَاصِلٍ»
أى بسهم منكسر الفوق لا نصل فيه.
يقال: نَصَلَ السهمُ، إذا خرج منه النّصل. و نَصَلَ أيضا، إذا ثبت نصله فى الشيء و لم يخرج، فهو من الأضداد.
(ه) و
حديث أبى سفيان «فامّرط قذذ السّهم و انْتَصَلَ».
(س) و
فيه «من تَنَصَّلَ إليه أخوه فلم يقبل»
أى انتفى من ذنبه و اعتذر إليه.
[ه] و
في حديث الخدرىّ «فقام النّحّام العدوىّ يومئذ، و قد أقام على صلبه نصيلا»
النَّصِيلُ: حجر طويل مدملك، قدر شبر أو ذراع. و جمعه: نُصُلٌ «2».
(ه) و منه
حديث خوّات «فأصاب ساقه نَصِيلُ حَجَرٍ».
(نصنص)
(ه)
فى حديث أبى بكر «دخل عليه و هو يُنَصْنِصُ لسانه و يقول: إن هذا أوردنى الموارد»
أى يحرّكه. يقال بالصاد و الضاد معا.
و منه قولهم «حيّة نَصْنَاصٌ و نضناض» يكثر تحريك لسانه. و قيل: إذا كانت سريعة التّلوّى لا تثبت.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «تقصلت» بالقاف خطأ، و انظر صلت.
(2) فى الأصل: «نُصل» بالسكون. و ضبطته بالضم من: ا، و اللسان.
67
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نصنص ص 67
و
فى حديث آخر «ما يُنَصْنِصُ بها لسانه»
أى ما يحرّكه.
(نصا)
(ه س)
فى حديث عائشة «سئلت عن الميّت يسرّح رأسه، فقالت: علام تَنْصُونَ ميّتكم؟»
يقال: نَصَوْتُ الرجل أَنْصُوهُ نَصْواً، إذا مددت نَاصِيَتَهُ. و نَصَتْ الماشطةُ المرأةَ، و نَصَّتْهَا فَتَنَصَّتْ.
(ه) و منه
الحديث «أن زينب تسلّبت على حمزة ثلاثة أيام، فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن تَنَصَّى و تكتحل»
أى تسرّح شعرها. أراد تَتَنَصَّى، فحذف التاء تخفيفا.
(ه) و
فى حديث ابن عباس «قال للحسين لمّا أراد العراق: لولا أنى أكره لَنَصَوْتُكَ»
أى أخذت بناصيتك، و لم أدعك تخرج.
(ه) و منه
حديث عائشة «لم تكن واحدة من نساء النبىّ صلى اللّه عليه و سلم تُنَاصِينِى غير زينب»
أى تنازعنى و تبارينى. و هو أن يأخذ كلّ واحد من المتنازعين بِنَاصِيَةِ الآخر.
(س) و منه
حديث مقتل عمر «فثار إليه فَتَنَاصَيَا»
أى تواخذا بِالنَّوَاصِى.
(ه) و
فى حديث ذى المشعار «نَصِيَّةٌ من همدان، من كل حاضر و باد»
النَّصِيَّةُ: مَن يُنْتَصَى من القوم، أى يختار من نواصيهم، و هم الرؤوس و الأشراف. و يقال للرّؤساء: نَوَاصٍ، كما يقال للأتباع: أذناب. و قد انْتَصَيْتُ من القوم رجلا: أى اخترته.
(س) و
فى حديث «رأيت قبور الشهداء جثا قد نبت عليها النَّصِىُّ»
هو نبت سبط أبيض ناعم، من أفضل المرعى.
باب النون مع الضاد
(نضب)-
فيه «ما نَضَبَ عنه البحر و هو حىّ فمات فكلوه»
يعنى حيوان البحر: أى نزح ماؤه و نشف. و نَضَبَ الماء، إذا غار و نفد.
و منه
حديث الأزرق بن قيس «كنا على شاطىء النّهر بالأهواز و قد نَضَبَ عنه الماء»
و قد يستعار للمعانى.
68
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نضب ص 68
(ه) و منه
حديث أبى بكر «نَضَبَ عمره و ضحا ظلّه»
أى نفد عمره و انقضى.
(نضج)
(س)
فى حديث عمر «فترك صبية صغارا ما يُنْضِجُونَ كراعا»
أى ما يطبخون كراعا، لعجزهم و صغرهم. يعنى لا يكفون أنفسهم خدمة ما يأكلونه، فكيف غيره؟
و
فى رواية «ما تَسْتَنْضِجُ كراعا»
و الكراع: يد الشاة.
(ه) و منه
حديث لقمان «قريب من نَضِيجٍ، بعيد من نىء»
النَّضِيجُ: المطبوخ، فعيل بمعنى مفعول. أراد «1» أنه يأخذ ما طبخ لإلفه المنزل، و طول مكثه فى الحىّ، و أنه لا يأكل النّىء كما يأكل من أعجله الأمر عن إِنْضَاجِ ما اتّخذ، و كما يأكل من غزا و اصطاد.
(نضح)
(ه)
فيه «ما يسقى من الزّرع نَضْحاً ففيه نصف العشر»
أى ما سقى بالدّوالى و الاستقاء. و النَّوَاضِحُ: الإبل التى يستقى عليها، واحدها: نَاضِحٌ «2».
و منه
الحديث «أتاه رجل فقال: إنّ نَاضِحَ بنى فلان قد أبد عليهم»
و يجمع أيضا على نَضَّاحٍ.
و منه
الحديث «اعلفه نُضَّاحَكَ»
هكذا جاء فى رواية. و فسّره بعضهم بالرّقيق، الذين يكونون فى الإبل، فالغلمان نُضَّاحٌ، و الإبل نَوَاضِحُ.
(ه) و منه
حديث معاوية «قال للأنصار، و قد قعدوا عن تلقّيه لمّا حجّ: ما فعلت نواضحكم؟»
كأنه يقرّعهم بذلك، لأنهم كانوا أهل حرث و زرع و سقى.
و قد تكرّر ذكره فى الحديث، مفردا و مجموعا.
(ه) و
فيه «من السّنن العشر الِانْتِضَاحُ بالماء»
هو أن يأخذ قليلا من الماء فيرشّ به مذاكيره بعد الوضوء، لينفى عنه الوسواس، و قد نَضَحَ عليه الماء، و نَضَحَهُ به، إذا رشّه عليه.
(ه) و منه
حديث عطاء «و سئل عن نَضَحِ الوضوء»
هو بالتحريك: ما يترشّش منه عند التوضّؤ، كالنّشر.
__________________________________________________
(1) هذا شرح القتيبى، كما ذكر الهروى.
(2) هكذا فى الأصل، وا، و اللسان. و فى الهروى: «ناضحة» و جاء فى اللسان: «و الناضح: البعير أو الثور أو الحمار الذى يستقى عليه الماء.
و الأنثى بالهاء، ناضحة و سانية».
69
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نضح ص 69
(ه) و منه
حديث قتادة «النَّضَحُ من النَّضْحِ»
يريد من أصابه نَضْحٌ من البول- و هو الشيء اليسير منه- فعليه أن يَنْضَحَهُ بالماء، و ليس عليه غسله.
قال الزمخشرى: هو أن يصيبه من البول رشاش كرؤوس الإبر.
(س) و
فيه «أنه قال للرّماة يوم أحد: انْضَحُوا عنا الخيل لا نؤتى من خلفنا»
أى ارموهم بالنّشّاب. يقال: نَضَحُوهُمْ بِالنَّبْلِ، إذا رموهم.
و
فى حديث هجاء المشركين «كما ترمون نَضْحَ النّبل».
و
فى حديث الإحرام «ثم أصبح محرما يَنْضَحُ طِيباً»
أى يفوح. و النَّضُوحُ بالفتح:
ضرب من الطيب تفوح رائحته. و أصل النَّضْحِ: الرّشح، فشبّه كثرة ما يفوح من طيبه بالرّشح.
و روى بالخاء المعجمة.
و قيل: هو كاللّطخ يبقى له أثر. قالوا: و هو أكثر من النّضح، بالحاء المهملة.
و قيل: هو بالخاء المعجمة فيما نحن كالطّيب، و بالمهملة فيما رقّ كالماء. و قيل: هما سواء.
و قيل بالعكس.
و منه
حديث عليّ «وجد فاطمة و قد نَضَحَتِ البيتَ بِنَضُوحٍ»
أى طيّبته و هى فى الحج.
و قد تكرر ذكره فى الحديث.
و قد يرد «النَّضْحُ» بمعنى الغسل و الإزالة.
و منه
الحديث «و نضح الدّم عن جبينه».
و
حديث الحيض «ثم لْتَنْضَحْهُ»
أى تغسله.
و
فى حديث ماء الوضوء «فمن نائل و نَاضِحٍ»
أى راشّ ممّا بيده على أخيه.
(نضخ)
(ه)
فيه «يَنْضَخُ البحر ساحله»
النَّضْخُ: قريب من النّضخ. و قد اختلف فيهما أيّهما أكثر، و الأكثر أنه بالمعجمة أقلّ من المهملة.
و قيل: هو بالمعجمة: الأثر يبقى فى الثّوب و الجسد، و بالمهملة: الفعل نفسه.
و قيل: هو بالمعجمة ما فعل تعمّدا، و بالمهملة من غير تعمّد.
(ه) و منه
حديث النّخعىّ «لم يكن يرى بنضخ البول بأسا»
يعنى نشره و ما ترشّش منه.
ذكره الهروى بالخاء المعجمة.
70
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نضخ ص 70
و فى قصيد كعب:
من كلّ نَضَّاخَةٍ الذّفرى إذا عرقت
يقال: عين نَضَّاخَةٌ: أى كثيرة الماء فوّارة. أراد أنّ ذفرى الناقة كثيرة النّضخ بالعرق.
(نضد)
(ه)
فيه «أنّ جبريل عليه السلام احتبس عنه لكلب كان تحت نَضَدٍ له»
هو بالتحريك: السرير الذى تُنْضَدُ عليه الثياب: أى يجعل بعضها فوق بعض، و هو أيضا متاع البيت الْمَنْضُود.
(ه) و
فى حديث أبى بكر «لتتّخذنّ نَضَائِدَ الدّيباج»
أى الوسائد، واحدتها: نَضِيدَة.
(ه) و
حديث مسروق «شجر الجنة نَضِيدٌ من أصلها إلى فرعها»
أى ليس لها سوق بارزة، و لكنها منضودة بالورق و الثمار، من أسفلها إلى أعلاها. و هو فعيل بمعنى مفعول.
(نضر)
(ه)
فيه «نَضَرَ اللّه امرأ سمع مقالتى فوعاها»
نَضَرَهُ و نَضَّرَهُ و أَنْضَرَهُ:
أى نعّمه.
و يروى بالتخفيف و التشديد من النّضارة، و هى فى الأصل: حسن الوجه، و البريق، و إنما أراد حسّن خلقه و قدره.
و منه
الحديث «قال: يا معشر محارب، نَضَّرَكُمُ اللّه، لا تسقونى حلب امرأة»
كان حلب النّساء عندهم عيبا، يتعايرون به.
و
فى حديث عاصم الأحول «رأيت قدح رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عند أنس، و هو قدح عريض من نُضَارٍ»
أى من خشب نضار، و هو خشب معروف. و قيل: هو الأثل الورسىّ اللون. و قيل: النّبع. و قيل: الخلاف «1».
و النُّضَار: الخالص من كل شيء. و النُّضَار: الذهب أيضا.
و قيل: أقداح النُّضَارِ: حمر من خشب أحمر.
(ه) و منه
حديث النّخعىّ «لا بأس أن يشرب فى قدح النُّضَارِ».
__________________________________________________
(1) الخلاف، وزان كتاب: شجر الصّفصاف. الواحدة: خلافة. قاله فى المصباح.
71
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نضض ص 72
(نضض)
(ه)
فى حديث عمر «كان يأخذ الزكاة من نَاضِّ المال»
هو ما كان ذهبا أو فضة، عينا و ورقا. و قد نَضَّ المالُ يَنِضُّ، إذا تحوّل نقدا بعد أن كان متاعا.
(ه) و منه
الحديث «خذ صدقة ما قد نَضَّ من أموالهم»
أى ما حصل و ظهر من أثمان أمتعتهم و غيرها.
(ه) و منه
حديث عكرمة فى الشريكين إذا أرادا أن يتفرّقا «يقسمان ما نضّ بينهما من العين، و لا يقسمان الدّين»
كره أن يقسم الدّين، لأنه ربما استوفاه أحدهما، و لم يستوفه الآخر، فيكون ربا، و لكن يقتسمانه بعد القبض.
(س) و
فى حديث عمران و المرأة صاحبة المزادة «قال: و المزادة تكاد تَنِضُّ من الملء «1»»
أى تنشقّ و يخرج منها الماء. يقال: نَضَّ الماءُ من العين، إذا نبع.
(نضل)
(س)
فيه «أنه مرّ بقوم يَنْتَضِلُونَ»
أى يرتمون بالسهام. يقال: انْتَضَلَ القومُ و تَنَاضَلُوا: أى رموا للسّبق. و نَاضَلَهُ، إذا راماه. و فلان يُنَاضِلُ عن فلان، إذا رامى عنه و حاجج، و تكلّم بعذره، و دفع عنه.
و منه
الحديث «بعدا لكنّ و سحقا، فعنكنّ كنت أُنَاضِلُ»
أى أجادل و أخاصم و أدافع.
(س) و منه شعر أبى طالب يمدح النبى صلى اللّه عليه و سلم:
كذبتم و بيت اللّه يبزى محمد و لمّا نطاعن دونه و نناضل «2»
(نضنض)
(ه)
فى حديث أبى بكر «دخل عليه و هو يُنَضْنِضُ لسانه»
أى يحرّكه.
و يروى بالصاد، و قد تقدّم.
(نضا)
(س)
فيه «إن المؤمن لَيُنْضِى شيطانه كما ينضى أحدكم بعيره»
أى يهزله، و يجعله نِضْواً. و النِّضْوُ: الدابة التى أهزلتها الأسفار، و أذهبت لحمها.
__________________________________________________
(1) هكذا فى الأصل، وا. و فى اللسان: «من الماء» و هو فى بعض نسخ النهاية، كما جاء بحواشى الأصل.
(2) فى الأصل: «و نناضل» هنا و فى مادة بزى و هو خطأ، صوابه بالكسر من ا، و الديوان، نسخة الشنقيطى بدار الكتب المصرية.
72
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نضا ص 72
و منه
حديث عليّ «كلمات لو رحلتم فيهنّ المطىّ لَأَنْضَيْتُمُوهُنَّ».
و
حديث ابن عبد العزيز «أنضيتم الظّهر»
أى أهزلتموه.
(س) و منه
الحديث «إن كان أحدنا ليأخذ نِضْوَ أخيه».
(س) و
فى حديث جابر «جعلت ناقتى تَنْضُو الرقاق «1»»
أى تخرج من بينها. يقال:
نَضَتْ تَنْضُو نُضُوّاً و نُضِيّاً.
و
فى حديث عليّ، و ذكر عمر فقال: «تنكّب قوسه و انْتَضَى فى يده أسهما»
أى أخذ و استخرجها من كنانته. يقال: نَضَا السيف من غمده و انْتَضَاهُ، إذا أخرجه.
(س) و
فى حديث الخوارج «فينظر فى نَضِيِّهِ»
النَّضِىُّ: نصل السّهم. و قيل: هو السهم قبل أن ينحت إذا كان قدحا، و هو أولى، لأنه قد جاء فى الحديث ذكر النّصل بعد النّضىّ.
و قيل: هو من السهم ما بين الريش و النّصل. قالوا: سمّى نَضِيّاً؛ لكثرة البرى و النّحت، فكأنه جعل نِضْواً: أى هزيلا.
باب النون مع الطاء
(نطح)
(ه)
فيه «فارس نَطْحَةٍ أو نَطْحَتَيْنِ «2» ثم لا فارس بعدها أبدا»
معناه أنّ «3» فارس تقاتل المسلمين مرّتين، ثم يبطل ملكها و يزول، فحذف الفعل لبيان معناه.
__________________________________________________
(1) هكذا فى الأصل، وا. و فى اللسان: «الرفاق» بالفاء و القاف، و هو فى بعض نسخ النهاية، كما جاء بحواشى الأصل.
(2) هكذا بالنصب فى الأصل، وا، و الدر النثير، و الهروى. و الذى فى القاموس، و اللسان، و بعض نسخ النهاية، كما جاء بحواشى الأصل: «نطحة أو نطحتان».
(3) الذى فى الهروى: «قال أبو بكر: معناه: فارس تنطح مرّة أو مرّتين، فيبطل ملكها، و يزول أمرها. فحذف «تنطح» لبيان معناه. قال الشاعر:
رأتنى بحبليها فصدّت مخافة و فى الحبل روعاء الفؤاد فروق
أى رأتنى أقبلت بحبليها، فحذف الفعل».
73
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نطح ص 73
و منه
الحديث «لا يَنْتَطِحُ فيها عنزان»
أى لا يلتقى فيها اثنان ضعيفان، لأن النِّطَاحَ من شأن التّيوس، و الكباش لا العنوز. و هو إشارة إلى قضية مخصوصة لا يجرى فيها خلف و نزاع.
(نطس)
(ه)
فى حديث عمر «لو لا التَّنَطُّسُ ما باليت ألّا أغسل يدى»
التَّنَطُّسُ «1»:
التّقذّر. و قيل «2»: هو المبالغة فى الطّهور، و التّأنّق فيه. و كلّ من تأنّق فى الأمور و دقّق النّظر فيها فهو نَطِسٌ و مُتَنَطِّسٌ.
(نطع)
(ه)
فيه «هلك الْمُتَنَطِّعُونَ»
هم المتعمقّون المغالون فى الكلام، المتكلّمون بأقصى حلوقهم. مأخوذ من النِّطَعِ، و هو الغار الأعلى من الفم، ثم استعمل فى كل تعمّق، قولا و فعلا.
(س) و منه
حديث عمر «لن تزالوا بخير ما عجّلتم الفطر و لم تَنَطَّعُوا تَنَطُّعَ أهل العراق»
أى تتكلّفوا القول و العمل.
و قيل: أراد به هاهنا الإكثار من الأكل و الشرب و التّوسّع فيه حتى يصل إلى الغار الأعلى.
و يستحبّ للصائم أن يعجّل الفطر بتناول القليل من الفطور.
و منه
حديث ابن مسعود «إياكم و التَّنَطُّعَ و الاختلاف، فإنما هو كقول أحدكم: هلمّ و تعال»
أراد النّهى عن الملاحاة فى القراءات المختلفة، و أنّ مرجعها كلّها إلى وجه واحد من الصواب، كما أنّ هلمّ بمعنى تعال.
(نطف)
(ه)
فيه «لا يزال الإسلام يزيد و أهله، و ينقص الشرك و أهله، حتى يسير الراكب بين النُّطْفَتَيْنِ لا يخشى جورا»
أراد بالنطفتين بحر المشرق و بحر المغرب. يقال للماء الكثير و القليل: نُطْفَةٌ، و هو بالقليل أخصّ.
و قيل: أراد ماء الفرات و ماء البحر الذى بلى جدّة. هكذا جاء فى كتاب الهروى، و الزمخشرى: لا يخشى «3» جورا: أى لا يخشى فى طريقه أحدا يجور عليه و يظلمه.
__________________________________________________
(1) هذا شرح ابن عيينة، كما ذكر الهروى.
(2) القائل هو الأصمعى، كما ذكر الهروى أيضا.
(3) الذى فى الفائق 3/ 103: «لا يخشى إلّا جورا».
74
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نطف ص 74
و الذى جاء فى كتاب الأزهرى «لا يخشى إلا جورا» أى لا يخاف فى طريقه غير الضّلال، و الجور عن الطريق.
(ه) و منه
الحديث «إنّا نقطع إليكم هذه النُّطْفَةِ»
يعنى ماء البحر.
و منه
حديث عليّ «وليمهلها عند النِّطَافِ و الأعشاب»
يعنى الإبل و الماشية. النِّطَافُ:
جمع نطفة، يريد أنها إذا وردت على المياه و العشب يدعها لترد و ترعى.
و منه
الحديث «قال لأصحابه: هل من وضوء؟ فجاء رجل بِنُطْفَةٍ فى إداوة»
أراد بها ها هنا الماء القليل. و به سمّى المنىّ نُطْفَةً لقلّته، و جمعها: نُطَفٍ.
و منه
الحديث «تخيّروا لنطفكم» و فى رواية «لا تجعلوا نطفكم إلّا فى طهارة»
هو حثّ على استخارة أمّ الولد، و أن تكون صالحة، و عن نكاح صحيح أو ملك يمين. و قد نَطَفَ الماء يَنْطُفُ و يَنْطِفُ، إذا قطر قليلا قليلا.
(ه) و منه
الحديث «أنّ رجلا أتاه فقال: يا رسول اللّه رأيت ظلّة تنطف سمنا و عسلا»
أى تقطر.
و منه
صفة المسيح عليه السلام «ينطف رأسه ماء».
و منه
حديث ابن عمر «دخلت على حفصة و نوساتها تنطف».
(نطق)
(ه)
فى حديث العباس يمدح النبىّ صلى اللّه عليه و سلم.
حتى احتوى بيتك المهيمن من خندف عليا تحتها النّطق
النُّطُقُ: جمع نِطَاقٍ، و هى أعراض من جبال، بعضها فوق بعض: أى نواح و أوساط منها، شبّهت بالنّطق التى يشدّ بها أوساط الناس، ضربه مثلا له؛ فى ارتفاعه و توسّطه فى عشيرته، و جعلهم تحته بمنزلة أوساط الجبال. و أراد ببيته شرفه، و المهيمن نعته: أى حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك أعلى مكان من نسب خندف.
و
فى حديث أم إسماعيل «أوّل ما اتّخذ النساء الْمِنْطَقْ من قبل أمّ إسماعيل اتّخذت منطقا»
الْمِنْطَق: النطاق، و جمعه: مَنَاطِقْ، و هو أن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشدّ وسطها بشيء و ترفع وسط ثوبها، و ترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال؛ لئلا تعثر فى ذيلها. و به
سمّيت أسماء بنت أبى بكر ذات النِّطَاقَيْنِ؛ لأنها كانت تطارق نِطَاقاً فوق نطاق.
75
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نطق ص 75
و
قيل: كان لها نطاقان تلبس أحدهما، و تحمل فى الآخر الزاد إلى النبى صلى اللّه عليه و سلم و أبى بكر، و هما فى الغار.
و قيل: شقّت نطاقها نصفين فاستعملت أحدهما، و جعلت الآخر شدادا لزادهما.
(ه) و
فى حديث عائشة «فعمدن إلى حجز مناطقهنّ فشققنها و اختمرن بها».
(نطل)
(ه)
فى حديث ظبيان «و سقوهم بصبير النّيطل»
النَّيْطَلُ: الموت و الهلاك، و الياء زائدة. و الصّبير: السحاب.
(س) و
فى حديث ابن المسيّب «كره أن يجعل نَطْلُ النبيذ فى النّبيذ ليشتدّ بالنّطل»
هو أن يؤخذ سلاف النبيذ و ما صفا منه، فإذا لم يبق إلّا العكر و الدّردىّ صبّ عليه ماء، و خلط بالنّبيذ الطرىّ ليشتدّ. يقال: ما فى الدّنّ نَطْلَةُ نَاطِلٍ: أى جرعة، و به سمّى القدح الصغير الذى يعرض فيه الخمّار أنموذجه نَاطِلًا.
(نطنط)
(ه)
فيه «كان يسأل عمّن تخلّف من غفار، فقال: ما فعل الحمر الطّوال النَّطَانِط»
هى جمع نَطْنَاطْ، و هو الطويل المديد القامة.
و
يروى «الثّطاط»
بالثاء المثلثة. و قد تقدم.
(نطا)
(ه)
فى حديث طهفة «فى أرض غائلة النّطاء»
النِّطَاءُ: البعد. و بلد نَطِىٌّ: أى بعيد.
و يروى «الْمَنْطَى»، و هو مفعل منه.
(ه) و
فى حديث الدعاء «لا مانع لما أَنْطَيْتَ، و لا مُنْطِىَ لما منعت»
هو لغة أهل اليمن فى أعطى.
و منه
الحديث «اليد الْمُنْطِيَةُ خير من اليد السفلى».
و منه
كتابه لوائل بن حجر «و أنطوا الثّبجة».
و
قوله لرجل آخر «أَنْطِهِ كذا»
(ه) و
فى حديث زيد بن ثابت «كنت مع النبى صلّى اللّه عليه و سلم و هو يملى كتابا، فدخل رجل، فقال له: انْطُ»
أى اسكت، بلغة حمير. و هو أيضا زجر للبعير إذا نفر. يقال له: انط، فيسكن.
76
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نطا ص 76
و
فى حديث خيبر «غدا إلى النَّطَاةِ»
هى علم لخيبر أو حصن بها، و هى من النَّطْوِ: البعد.
و قد تكرّرت فى الحديث. و إدخال اللام عليها كإدخالها على حارث و عباس. كأنّ النّطاة وصف لها غلب عليها.
باب النون مع الظاء
(نظر)
(س)
فيه «إن اللّه لا يَنْظُرُ إلى صوركم و أموالكم، و لكن إلى قلوبكم و أعمالكم»
معنى النَّظَرِ هاهنا الاختيار و الرحمة و العطف؛ لأنّ النظر فى الشاهد دليل المحبّة، و ترك النظر دليل البغض و الكراهة، و ميل الناس إلى الصور المعجبة و الأموال الفائقة، و اللّه يتقدّس عن شبه المخلوقين، فجعل نظره إلى ما هو السّرّ و اللّبّ، و هو القلب و العمل. و النّظر يقع على الأجسام و المعانى، فما كان بالأبصار فهو للأجسام، و ما كان بالبصائر كان للمعانى.
و منه
الحديث «من ابتاع مصرّاة فهو بخير النّظرين»
أى خير الأمرين له، إمّا إمساك المبيع أو ردّه، أيّهما كان خيرا له و اختاره فعله.
و كذلك
حديث القصاص «من قتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ»
يعنى القصاص و الدية، أيّهما اختار كان له. و كلّ هذه معان لا صور.
(ه) و
فى حديث عمران بن حصين رضى اللّه عنه «قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم:
النظر إلى وجه عليّ عبادة»
قيل «1»: معناه أنّ عليا رضى اللّه عنه كان إذا برز قال الناس: لا إله إلا اللّه، ما أشرف هذا الفتى! لا إله إلا اللّه، ما أعلم هذا الفتى! لا إله إلا اللّه، ما أكرم هذا الفتى! أى ما أتقى، لا إله إلا اللّه، ما أشجع هذا الفتى! فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد.
[ه] و
فيه «إن عبد اللّه أبا النبى صلّى اللّه عليه و سلم مرّ بامرأة تنظر و تعتاف، فرأت فى وجهه نورا، فدعته إلى أن يستبضع منها و تعطيه مائة من الإبل، فأبى»
تنظر: أى تتكهّن، و هو نظر تعلّم و فراسة.
__________________________________________________
(1) القائل هو ابن الأعرابى، كما فى الهروى.
77
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نظر ص 77
و المرأة كاظمة بنت مرّ. و كانت متهوّدة قد قرأت الكتب.
و قيل: هى أخت ورقة بن نوفل.
(ه) و
فيه «أنه رأى جارية بها سفعة، فقال: إن بها نَظْرَةً فاسترقوا لها»
أى بها عين أصابتها من نظر الجنّ. و صبىّ مَنْظُورٌ: أصابته العين.
و
فى حديث ابن مسعود «لقد عرفت النَّظَائِرَ التى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقوم بها: عشرين سورة من المفصّل»
النَّظَائِرُ: جمع نظيرة، و هى المثل و الشّبه فى الأشكال، و الأخلاق، و الأفعال، و الأقوال، أراد اشتباه بعضها ببعض فى الطول.
و النَّظِيرُ: المثل فى كل شيء. و قد تكرّر فى الحديث.
(ه) و
فى حديث الزّهرى «لا تناظر بكتاب اللّه و لا بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم»
أى لا تجعل لهما شبها و نظيرا، فتدعهما و تأخذ به، أو لا تجعلهما مثلا، كقول القائل إذا جاء فى الوقت الذى يريد: [ «ثُمَ] «1» جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى» و ما أشبه ذلك مما يتمثّل به، و الأوّل أشبه. يقال: نَاظَرْتُ فلانا: أى صرت له نظيرا فى المخاطبة. و نَاظَرْتُ فلانا بفلان:
أى جعلته نظيرا له.
و
فيه «كنت أبايع الناس فكنت أُنْظِرُ الْمُعْسِرَ»
الْإِنْظَارُ: التأخير و الإمهال. يقال:
أَنْظَرْتُهُ أُنْظِرُهُ، و اسْتَنْظَرْتُهُ، إذا طلبت منه أن يُنْظِرَكَ.
و
فى حديث أنس «نَظَرْنَا النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم ذات ليلة حتى كان شطر الليل»
يقال:
نَظَرْتُهُ و انْتَظَرْتُهُ، إذا ارتقبت حضوره.
و منه
حديث الحج «فإنّى أَنْظُرُكُمَا».
و
حديث الأشعريّين «أن تَنْظُرُوهُمْ»
و قد تكرّر ذكر «النّظر، و الانتظار، و الإنظار» فى الحديث.
(نظف)
(س)
فيه «إن اللّه تبارك و تعالى نَظِيفٌ يحبّ النَّظَافَةَ»
نَظَافَةُ اللّه: كناية عن تنزّهه من سمات الحدث، و تعاليه فى ذاته عن كل نقص. و حبّه النّظافة من غيره كناية عن
__________________________________________________
(1) من ا، و انظر الآية 40 من سورة طه.
78
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نظف ص 78
خلوص العقيدة و نفى الشّرك و مجانبة الأهواء، ثم نظافة القلب عن الغلّ و الحقد و الحسد و أمثالها، ثم نظافة المطعم و الملبس عن الحرام و الشّبه، ثم نظافة الظاهر لملابسة العبادات.
و منه
الحديث «نَظِّفُوا أفواهكم فإنها طرق القرآن»
أى صونوها عن اللّغو، و الفحش، و الغيبة، و النّميمة، و الكذب، و أمثالها، و عن أكل الحرام و القاذورات، و الحثّ «1» على تطهيرها من النجاسات و السّواك.
(س) و
فيه «تكون فتنة تَسْتَنْظِفُ العرب»
أى تستوعبهم هلاكا. يقال: اسْتَنْظَفْتُ الشيء، إذا أخذته كلّه. و منه قولهم: استنظفت الخراج، و لا يقال: نظّفته.
و منه
حديث الزّهرى «فقدّرت أنّى استنظفت ما عنده، و استغنيت عنه».
(نظم)-
فى أشراط الساعة «و آيات تتابع كَنِظَام بَالٍ قطع سلكه»
النِّظَامُ: العقد من الجوهر و الخرز و نحوهما. و سِلْكُهُ: خَيْطُهُ.
باب النون مع العين
(نعب)
(س)
فى دعاء داود عليه السلام «يا رازق النَّعَّابِ فى عشّه»
النَّعَّابُ: الغراب.
و النَّعِيبُ: صوته. و قد نَعَبَ يَنْعِبُ و يَنْعَبُ نَعْباً. قيل: إنّ فرخ الغراب إذا خرج من بيضته يكون أبيض كالشّحمة، فإذا رآه الغراب أنكره و تركه و لم يزقّه، فيسوق اللّه إليه البقّ فيقع عليه، لزهومة ريحه، فيلقطها و يعيش بها إلى أن يطلع ريشه و يسودّ، فيعاوده أبوه و أمّه.
(نعت)
(س)
فى صفته صلّى اللّه عليه و سلم «يقول نَاعِتُهُ: لم أر قبله و لا بعده مثله»
النَّعْتُ: وصف الشيء بما فيه من حسن. و لا يقال فى القبيح، إلا أن يتكلّف متكلّف، فيقول:
نَعْتَ سوء، و الوصف يقال فى الحسن و القبيح.
(نعثل)
(ه)
فى مقتل عثمان «لا يمنعنّك مكان ابن سلام أن تسبّ نَعْثَلًا»
كان
__________________________________________________
(1) هكذا فى الأصل، وا، و اللسان. و الذى فى الدر النثير مكان هذا: «و طهّروها بالماء و السّواك».
79
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نعثل ص 79
أعداء عثمان يسمّونه نعثلا، تشبيها برجل من مصر «1»، كان طويل اللحية اسمه نَعْثَل.
و قيل: النَّعْثَلُ: الشيخ الأحمق، و ذكر الضباع.
و منه
حديث عائشة «اقتلوا نعثلا، قتل اللّه نَعْثَلًا»
تعنى عثمان. و هذا كان منها لمّا غاضبته و ذهبت إلى مكة.
(نعج)-
فى شعر خفاف بن ندبة:
و النَّاعِجَاتُ المسرعات بالنّجا «2»
يعنى الخفاف من الإبل. و قيل: الحسان الألوان.
(نعر)
(ه)
فى حديث عمر «لا أقلع عنه حتى أطيّر نُعَرَتَهُ» و روى «حتى أنزع النُّعَرَةَ «3» التى فى أنفه»
النَّعَرَةُ، بالتحريك: ذباب [كبير] «4» أزرق، له إبرة يلسع بها، و يتولّع بالبعير، و يدخل فى أنفه فيركب رأسه، سميت بذلك لِنَعِيرِهَا و هو صوتها، ثم استعيرت للنّخوة و الأنفة و الكبر: أى حتى أزيل نخوته، و أخرج جهله من رأسه.
أخرجه الهروى من حديث عمر، و جعله الزمخشرى حديثا مرفوعا «5».
[ه] و منه
حديث أبى الدّرداء «إذا رأيت نُعَرَةَ الناس، و لا تستطيع أن تغيّرها، فدعها حتى يكون اللّه يغيّرها»
أى كبرهم و جهلهم.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «مضر».
(2) هكذا فى الأصل. و فى ا: «النّجا» و فى اللسان: «للنّجا» و الذى فى الفائق 1/ 175:
«النّجاء» و قد نص الزمخشرى على أن القافية ممدودة مقيدة. و انظر الكامل، للمبرد ص 211.
(3) فى الأصل: «نعرته، و النّعرة» و الضبط المثبت من كل المراجع. و قد نص الجوهرى على أنه كهمزة. لكن قول المصنف بعد ذلك إنه بالتحريك يقتضى أنه بفتح النون فقط. و الذى يستفاد من عبارة القاموس أنه كهمزة، و بالتحريك أيضا.
(4) زيادة من الهروى. مكانها فى الصحاح، و إصلاح المنطق ص 205: «ضخم».
(5) إنما أخرجه الزمخشرى من حديث عمر، أيضا. انظر الفائق 3/ 108.
80
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نعر ص 80
[ه] و
فى حديث ابن عباس «أعوذ باللّه من شرّ عرق نَعَّارٍ»
نَعَرَ العرق بالدم، إذا ارتفع و علا. و جرح نَعَّارٌ و نَعُورٌ، إذا صوّت دمه عند خروجه.
(ه) و منه
حديث الحسن «كلّما نَعَرَ بهم نَاعِرٌ اتّبعوه»
أى ناهض يدعوهم إلى الفتنة، و يصيح بهم إليها.
(نعس)-
قد تكرر فيه ذكر «النُّعَاسِ» اسما و فعلا. يقال: نَعَسَ يَنْعَسُ نُعَاساً و نَعْسَةً فهو نَاعِسٌ. و لا يقال: نَعْسَان. و النُّعَاسُ: الوسن و أوّل النّوم.
(س) و
فيه «إنّ كلماته بلغت نَاعُوسَ البحر»
قال أبو موسى: هكذا وقع فى صحيح مسلم «1» و
فى سائر الروايات «قاموس البحر»
و هو وسطه و لجّته، و لعله لم يجوّد كتبته فصحّفه بعضهم.
و ليست هذه اللّفظة أصلا فى مسند إسحاق «2» الذى روى عنه مسلم هذا الحديث، غير أنه قرنه بأبى موسى و روايته، فلعلّها فيها.
قال: و إنما أورد نحو هذه الألفاظ، لأنّ الإنسان إذا طلبه لم يجده فى شيء من الكتب فيتحيّر، فإذا نظر فى كتابنا عرف أصله و معناه.
(نعش)
(ه)
فيه «و إذا تعس فلا انْتَعَشَ»
أى لا ارتفع، و هو دعاء عليه. يقال:
نَعَشَهُ اللّه يَنْعَشُهُ نَعْشاً إذا رفعه. و انْتَعَشَ العاثر، إذا نهض من عثرته، و به سمّى سرير الميت نعشا لارتفاعه. و إذا لم يكن عليه ميّت محمول فهو سرير.
و منه
حديث عمر «انْتَعِشْ نعشك اللّه»
أى ارتفع.
[ه] و
حديث عائشة «3»
«فانتاش الدّين بِنَعْشِهِ»
أى استدركه بإقامته من مصرعه.
__________________________________________________
(1) أخرجه مسلم فى باب تخفيف الصلاة و الخطبة، من كتاب الجمعة. و قال الإمام النووى فى شرحه 6/ 157: «قال القاضى عياض: أكثر نسخ صحيح مسلم وقع فيها «قاعوس» بالقاف و العين. قال: و وقع عند أبى محمد بن سعيد: «تاعوس» بالتاء المثناة فوق. قال: و رواه بعضهم: «ناعوس» بالنون و العين. قال: و ذكره أبو مسعود الدمشقى فى أطراف الصحيحين، و الحميدى فى الجمع بين رجال الصحيحين «قاموس» بالقاف و الميم».
(2) ابن راهويه، كما صرّح النووى.
(3) تصف أباها رضى اللّه عنهما.
81
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نعش ص 81
و
يروى «انتاش الدين فَنَعَشَهُ»
بالفاء، على أنه فِعل.
و
حديث جابر «فانطلقنا به نَنْعَشُهُ»
أى ننهضه و نقوّى جأشه.
(نعظ)
[ه]
فى حديث أبى مسلم الخولانى «النَّعْظُ أمر عارم «1»»
يقال: نَعَظَ الذّكر، إذا انتشر، و أَنْعَظَهُ صاحبه. و أَنْعَظَ الرجلُ، إذا اشتهى الجماع. و الْإِنْعَاظُ: الشّبق.
يعنى أنه أمر شديد.
(نعف)
[ه]
فى حديث عطاء «رأيت الأسود بن يزيد قد تلفّف فى قطيفة، ثم عقد هدبة القطيفة بِنَعَفَةِ الرّحل»
النَّعَفَةُ بالتحريك: جلدة أو سير يشدّ فى آخرة الرّحل، يعلّق فيه الشيء يكون مع الراكب.
و قيل: هى فضلة من غشاء الرّحل، تشقّق سيورا و تكون على آخرته.
(نعق)-
فيه «قال لنساء عثمان بن مظعون لمّا مات: ابكين و إياكنّ و نَعِيقَ الشيطان»
يعنى الصّياح و النّوح. و أضافه إلى الشيطان؛ لأنه الحامل عليه.
و منه
حديث المدينة «آخر من يحشر راعيان من مزينة، يريدان المدينة، يَنْعِقَانِ بغنمهما»
أى يصيحان. يقال: نَعَقَ الراعى بالغنم يَنْعَقُ «2» نعيقا فهو نَاعِقٌ، إذا دعاها لتعود إليه. و قد تكرر فى الحديث.
(نعل)
(ه)
فيه «إذا ابتلّت النِّعَالُ فالصلاة فى الرّحال»
النِّعَالُ: جمع نَعْل، و هو ما غلظ من الأرض فى صلابة. و إنما خصّها بالذكر، لأن أدنى بلل يندّيها، بخلاف الرّخوة فإنها تنشّف الماء.
(ه) و
فيه «كان نَعْلُ سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من فضّة»
نَعْلُ السيف:
الحديدة «3» التى تكون فى أسفل القراب.
(س) و
فيه «أن رجلا شكا إليه رجلا من الأنصار فقال:
__________________________________________________
(1) فى الأصل «غارم» بالمعجمة. و التصويب بالمهملة، من ا، و اللسان، و الهروى، و المصباح.
(2) من باب منع، و ضرب، كما فى القاموس، و زاد فى المصدر: «نعقا، و نعاقا».
(3) هذا شرح شمر، كما ذكر الهروى.
82
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نعل ص 82
يا خير من يمشى بنعل فرد
النَّعْلُ: مؤنثة، و هى التى تلبس فى المشى، تسمّى الآن: تاسومة، و وصفها بالفرد و هو مذكر؛ لأن تأنيثها غير حقيقىّ.
و الفرد: هى التى لم تخصف و لم تطارق، و إنما هى طاق واحد. و العرب تمدح برقّة النعال، و تجعلها من لباس الملوك. يقال: نَعَلْتُ، و انْتَعَلْتُ، إذا لبست النّعل، و أَنْعَلْتُ الخيل، بالهمزة.
و منه
الحديث «إنّ غسّان تُنْعِلُ خيلها».
و قد تكرر ذكر «الْإِنْعَالِ و الِانْتِعَالِ» فى الحديث.
(نعم)
(ه)
فيه «كيف أَنْعَمُ و صاحب القرن قد التقمه؟»
أى كيف أَتَنَعَّمُ، من النَّعْمَةِ، بالفتح، و هى المسرّة و الفرح و التّرفّه.
(ه) و منه
الحديث «إنها لطير نَاعِمَةٌ»
أى سمان مترفة.
و
فى حديث صلاة الظهر «فأبرد بالظهر و أنعم»
أى أطال الإبراد و أخّر الصلاة.
و منه قولهم «أَنْعَمَ النّظر فى الشيء» إذا أطال التّفكّر فيه.
[ه] و منه
الحديث «و إنّ أبا بكر و عمر منهم «1» و أَنْعَمَا»
أى زادا و فضلا. يقال:
أحسنت إلىّ و أَنْعَمْتَ: أى زدت على الإنعام.
و قيل: معناه صارا إلى النعيم و دخلا فيه، كما يقال: أشمل، إذا دخل فى الشّمال.
و معنى قولهم: أَنْعَمْتُ على فلان: أى أصرت إليه نِعْمَة.
(س) و
فيه «من توضّأ للجمعة فبها و نِعْمَتْ»
أى و نعمت الفعلة و الخصلة هى، فحذف المخصوص بالمدح.
و الباء فى قوله «فيها» متعلقة بفعل مضمر: أى فبهذه الخصلة أو الفعلة، يعنى الوضوء ينال الفضل.
و قيل: هو راجع إلى السّنّة: أى فبالسّنة أخذ، فأضمر ذلك.
(س) و منه
الحديث «نِعِمَّا بالمال»
أصله: نعم ما، فأدغم و شدّد. و ما: غير موصوفة
__________________________________________________
(1) أى من أهل علّيّين، كما صرّح الهروى.
83
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نعم ص 83
و لا موصولة، كأنه قال: نِعْمَ شيئا المالُ، و الباء زائدة، مثل زيادتها فى كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً*.
و منه
الحديث «نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالح»
و فى نعم لغات، أشهرها كسر النون و سكون العين، ثم فتح النون و كسر العين، ثم كسرهما.
(س) و
فى حديث قتادة «عن رجل من خثعم، قال: دفعت إلى النبىّ صلّى اللّه عليه و سلم و هو بمنى، فقلت له: أنت الذى تزعم أنك نبىّ؟ فقال: نَعِم»
و كسر العين. هى لغة فى نَعَم، بالفتح، التى للجواب. و قد قرئ بهما.
و
قال أبو عثمان النّهدى: «أمرنا أمير المؤمنين عمر بأمر فقلنا: نعم، فقال: لا تقولوا: نَعَم، و قولوا نَعِم»
و كسر العين.
(س) و
قال بعض ولد الزبير «ما كنت أسمع أشياخ قريش يقولون إلّا نَعِمْ»
بكسر العين.
(س) و
فى حديث أبى سفيان «حين أراد الخروج إلى أحد كتب على سهم: نَعَم، و على آخر:
لا، و أجالهما عند هبل، فخرج سهم نعم، فخرج إلى أحد، فلما قال لعمر: أعل هبل، و قال عمر: اللّه أعلى و أجلّ، قال أبو سفيان: أَنْعَمَت، فعال عنها»
أى أترك ذكرها فقد صدقت فى فتواها. و أَنْعَمَتْ: أى أجابت بِنَعَمْ.
(ه) و
فى حديث الحسن «إذا سمعت قولا حسنا فرويدا بصاحبه، فإن وافق قول عملا فَنَعْمَ و نُعْمَةَ عين، آخه و أودده»
أى إذا سمعت رجلا يتكلم فى العلم بما تستحسنه، فهو كالداعى لك إلى مودّته و إخائه، فلا تعجل حتى تختبر فعله، فإن رأيته حسن العمل فأجبه إلى إخائه و مودّته. و قل له: نعم.
و نُعْمَةُ عين: أى قرّة عين. يعنى أقرّ عينك بطاعتك و اتّباع أمرك. يقال: نعمة عين، بالضم، و نُعْمَ عين، و نُعْمَى عين.
(س) و
فى حديث أبى مريم «دخلت على معاوية فقال: ما أَنْعَمَنَا بك؟»
أى ما الذى أعملك إلينا، و أقدمك علينا، و إنما يقال ذلك لمن يفرح بلقائه، كأنه قال: ما الذى أسرّنا و أفرحنا، و أقرّ أعيننا بلقائك و رؤيتك.
84
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نعم ص 83
و
فى حديث مطرّف «لا تقل: نَعِمَ اللّه بك عينا، فإن اللّه لا يَنْعَمُ بأحد عينا، و لكن قل: أَنْعَمَ اللّه بك عينا»
قال الزمخشرى: الذى منع منه مطرّف صحيح فصيح فى كلامهم، و عينا نصب على التمييز من الكاف، و الباء للتّعدية. و المعنى: نَعَّمَكَ اللّه عينا: أى نَعَّمَ عينك و أقرّها.
و قد يحذفون الجارّ و يوصلون الفعل فيقولون: نَعِمَكَ اللّه عينا. و أمّا أنعم اللّه بك عينا، فالباء فيه زائدة، لأنّ الهمزة كافية فى التّعدية، تقول: نَعِمَ زيد عينا، و أَنْعَمَهُ اللّه عينا «1» و يجوز أن يكون من أنعم، إذا دخل فى النَّعِيمِ، فيعدّى بالباء. قال: و لعلّ مطرّفا خيّل إليه أن انتصاب المميّز «2» فى هذا الكلام عن الفاعل، فاستعظمه، تعالى اللّه «3» أن يوصف بالحواسّ علوّا كبيرا، كما يقولون: نَعِمْتُ بهذا الأمر عينا، و الباء للتّعدية، فحسب أنّ الأمر فى نعم اللّه بك عينا، كذلك.
(س) و فى حديث ابن ذى يزن:
أتى هرقلا و قد شالت نعامتهم
النَّعَامَةُ: الجماعة: أى تفرّقوا.
(نعمن)
(س)
فى حديث ابن جبير «خلق اللّه آدم من دحناء، و مسح ظهره بِنَعْمَانِ السحاب»
نَعْمَان: جبل بقرب عرفة، و أضافه إلى السّحاب، لأنه يركد فوقه؛ لعلوّه.
(نعا)
(س)
فى حديث عمر «إن اللّه نَعَى على قوم شهواتهم»
أى عاب عليهم. يقال:
نَعَيْتُ على الرجل أمرا؛ إذا عبته به و وبّخته عليه. و نَعَى عليه ذنبه: أى شهّره به.
(س) و منه
حديث أبى هريرة «يَنْعَى علىّ امرأ أكرمه اللّه على يدى»
أى يعيبنى بقتلى رجلا أكرمه اللّه بالشّهادة على يدى. يعنى أنه كان قتل رجلا من المسلمين قبل أن يسلم.
(ه) و
فى حديث شدّاد بن أوس «يا نَعَايَا العرب، إنّ أخوف ما أخاف عليكم الرياء و الشّهوة الخفيّة» و فى رواية «يا نُعْيَانَ العرب»
يقال: نَعَى الميّتَ يَنْعَاهُ نَعْياً و نَعِيّاً، إذا أذاع موته، و أخبر به، و إذا ندبه.
__________________________________________________
(1) زاد فى الفائق 3/ 111: «و نظيرها الباء فى: أقرّ اللّه بعينه».
(2) فى ا: «التمييز».
(3) فى الفائق: «عن أن».
85
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نعا ص 85
قال الزمخشرى: «1» فى نَعَايَا ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون جمع نَعِىّ، و هو المصدر، كصفىّ و صفايا، و الثانى: أن يكون اسم جمع، كما جاء فى أخيّة: أخايا، و الثالث: أن يكون جمع نَعَاءِ، التى هى اسم الفعل، و المعنى يا نعايا العرب جئن فهذا وقتكنّ و زمانكنّ، يريد أنّ العرب قد هلكت. و النُّعْيَان مصدر بمعنى النَّعْى. و قيل: إنه جمع نَاعٍ، كراع و رعيان. و المشهور فى العربية أن العرب كانوا إذا مات منهم شريف أو قتل بعثوا راكبا إلى القبائل يَنْعَاهُ إليهم، يقول:
نَعَاءِ فلانا، أو يا نَعَاء العرب: أى هلك فلان، أو هلكت العرب بموت فلان. فَنَعَاءِ من نعيت:
مثل نظار و دراك. فقوله «نَعَاءِ فلانا» معناه انْع فلانا، كما تقول: دراك فلانا: أى أدركه.
فأمّا قوله يا نَعَاءِ العرب، مع حرف النداء فالمنادى محذوف، تقديره: يا هذا انع العرب، أو يا هؤلاء انْعَوا العرب، بموت فلان، كقوله تعالى: ألا يا اسجدوا أى يا هؤلاء اسجدوا، فيمن قرأ بتخفيف ألا.
باب النون مع الغين
(نغر)
(ه)
فيه «أنه قال لأبى عمير أخى أنس: يا أبا عمير، ما فعل النُّغَيْرُ؟»
هو تصغير النُّغَرِ، و هو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، و يجمع على: نِغْرَان.
(ه) و
في حديث عليّ «جاءته امرأة فقالت: إنّ زوجها يأتى جاريتها: فقال: إن كنت صادقة رجمناه، و إن كنت كاذبة جلدناك، فقالت: ردّونى إلى أهلى غيرى نَغِرَةً»
أى مغتاظة يغلى جوفى غليان القدر. يقال: نَغِرَتْ «2» القدرُ تَنْغَرُ، إذا غلت.
(نغش)
(ه)
فيه «أنه مرّ برجل نُغَاشٍ، فخرّ ساجدا، ثم قال: أسأل اللّه العافية» و فى رواية «مرّ برجل نُغَاشِىّ»
النُّغَاشُ و النُّغَاشِىُّ: القصير، أقصر ما يكون، الضعيف الحركة، الناقص الخلق.
(ه) و
فيه «أنه قال: من يأتينى بخبر سعد بن الربيع؟ قال محمد بن مسلمة: فرأيته وسط القتلى صريعا، فناديته فلم يجب، فقلت: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلنى إليك،
__________________________________________________
(1) انظر الفائق 3/ 109.
(2) من باب فرح، و ضرب، و منع، كما فى القاموس.
86
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نغش ص 86
فَتَنَغَّشَ كما يَتَنَغَّشُ الطير»
أى تحرّك حركة ضعيفة.
(نغض)
(ه)
فى حديث سلمان فى خاتم النبوّة «و إذا الخاتم فى نَاغِضِ كتفه الأيسر» و يروى «فى نُغْضِ كتفه»
النُّغْضُ و النَّغْضُ و النَّاغِضُ: أعلى الكتف. و قيل: هو العظم الرقيق «1» الذى على طرفه.
[ه] و منه
حديث عبد اللّه بن سرجس «نظرت إلى ناغض كتف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم».
(ه) و منه
حديث أبى ذر «بشّر الكنّازين برضف «2» فى الناغض» و فى رواية «يوضع على نُغْضِ كتف أحدهم»
و أصل النَّغْض: الحركة. يقال: نَغَضَ رأسه، إذا تحرّك، و أَنْغَضَهُ، إذا حرّكه.
و منه
الحديث «و أخذ يُنْغِضُ رأسه كأنه يستفهم ما يقال له»
أى يحرّكه، و يميل إليه.
[ه] و منه
حديث عثمان «سلس بولى و نَغَضَتْ أسنانى»
أى قلقت و تحرّكت.
(س [ه]) و
فى حديث ابن الزبير «إن الكعبة لمّا احترقت نَغَضَتْ»
أى تحرّكت و وهت.
(ه) و
فى صفته صلى اللّه عليه و سلم، من حديث عليّ «كان نَغَّاضَ البطن» فقال له عمر:
ما نغّاض البطن؟ فقال: معكّن البطن، و كان عكنه «3» أحسن من سبائك الذهب و الفضة»
و النَّغْض و النّهض أخوان. و لما كان فى العكن نهوض و نتوّ عن مستوى البطن، قيل للمعكّن:
نغّاض البطن.
(نغف)
(ه)
فى حديث يأجوج و مأجوج «فيرسل اللّه عليهم النَّغَف فيصبحون فرسى»
النَّغَفُ بالتحريك: دود يكون «4» فى أنوف الإبل و الغنم، واحدتها: نَغَفَة.
و منه
حديث الحديبية «دعوا محمدا و أصحابه حتى يموتوا موت النَّغَف».
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «الدقيق».
(2) فى الهروى، و اللسان: «برضفة».
(3) قال فى المصباح: «العكنة: الطّىّ فى البطن من السّمن. و الجمع عكن، مثل غرفة، و غرف. و ربما قيل: أعكان».
(4) فى الأصل: «تكون» و المثبت من سائر المراجع.
87
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نغل ص 88
(نغل)
(س)
فيه «ربما نظر الرجل نظرة فَنَغِلَ قلبه كما يَنْغَلُ الأديم فى الدّباغ فيتفتّت»
النَّغَلْ- بالتحريك: الفساد، و رجل نَغِلٌ، و قد نَغِلَ الأديم، إذا عفن و تهرّى فى الدّباغ، فينفسد و يهلك.
(نغا)
(س)
فيه «أنه كان يُنَاغِى القمر فى صباه»
الْمُنَاغَاةُ: المحادثة، و قد نَاغَتِ الأمّ صبيّها: لاطفته و شاغلته بالمحادثة و الملاعبة.
باب النون مع الفاء
(نفث)
(ه)
فيه «إنّ روح القدس نَفَثَ فى روعى»
يعنى جبريل عليه السلام: أى أوحى و ألقى، من النَّفْثِ بالفم، و هو شبيه بالنّفخ، و هو أقلّ من التّفل؛ لأن التّفل لا يكون إلّا و معه شيء من الرّيق.
(ه) و منه
الحديث «أعوذ باللّه من نَفْثِهِ و نفخه»
جاء تفسيره فى الحديث أنه الشّعر لأنه يُنْفَثُ من الفم.
و منه
الحديث «أنه قرأ المعوّذتين على نفسه و نَفَثَ».
و منه
الحديث «أنّ زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنفر بها المشركون بعيرها حتى سقطت، فَنَفَثَتِ الدّماء مكانها، و ألقت ما فى بطنها»
أى سال دمها.
(س) و
فى حديث المغيرة «مئناث كأنها نُفَاثٌ»
أى تَنْفِثُ البنات نَفْثاً.
قال الخطّابى: لا أعلم النُّفَاثَ فى شيء غير النَّفْثِ، و لا موضع له هاهنا.
قلت: يحتمل أن يكون شبّه كثرة مجيئها بالبنات بكثرة النَّفْثِ، و تواتره و سرعته.
(ه) و
فى حديث النّجاشى «و اللّه ما يزيد عيسى على ما يقول محمد مثل هذه النُّفَاثَةِ من سواكى هذا»
يعنى ما يتشظّى من السّواك فيبقى فى الفم فَيَنْفِثُهُ صاحبه.
(نفج)
(ه)
فى حديث قيلة «فَانْتَفَجَتْ منه الأرنب»
أى وثبت.
و منه
الحديث «فَأَنْفَجْنَا أَرنبا»
أى أثرناها.
(ه) و
فى حديث آخر «أنه ذكر فتنتين فقال: ما الأولى عند الآخرة إلا كَنَفْجَةِ أرنب»
أى كوثبته من مجثمه، يريد تقليل مدّتها.
88
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفج ص 88
(ه) و
فى حديث المستضعفين بمكة «فَنَفَجَتْ «1» بهم الطريق»
أى رمت بهم فجأة، و نَفَجَتِ الرّيح، إذا جاءت بغتة.
(س) و
فى حديث أشراط الساعة «انْتِفَاج «2» الأهلّة»
روى بالجيم، من انْتَفَجَ جَنْبَا البعير، إذا ارتفعا و عظما خلقة. و نَفَجْتُ الشيء فانتفج: أى رفعته و عظّمته.
و منه
حديث عليّ «نَافِجاً «3» حِضْنَيْهِ»
كنى به عن التّعاظم و التّكبّر و الخيلاء.
و
فى حديث عثمان «إنّ هذا البجباج النَّفَّاجَ لا يدرى ما اللّه»
النَّفَّاجُ: الذى يتمدّح بما ليس فيه، من الِانْتِفَاجُ: الارتفاع.
(ه) و
فى صفة الزّبير «كان نُفُجَ الحقيبة»
أى عظيم العجز، و هو بضم النّون و الفاء.
[ه] و
فى حديث أبى بكر «أنه كان يحلب لأهله فيقول: أُنْفِجُ أم أُلْبِدُ؟»
الْإِنْفَاجُ:
إبانة الإناء عن الضّرع عند الحلب حتى تعلوه الرّغوة، و الإلباد: إلصاقه بالضّرع حتى لا تكون له رغوة.
(نفح)
(س)
فيه «المكثرون هم المقلّون إلّا من نَفَحَ فيه يمينه و شماله»
أى ضرب يديه فيه بالعطاء. النَّفْحُ: الضّرب و الرّمى.
و منه
حديث أسماء «قالت: قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أنفقى، أو انضحى، أو انْفَحِي، و لا تحصى فيحصى اللّه عليك».
(ه) و منه
حديث شريح «أنه أبطل النَّفْحَ»
أراد نَفْحَ الدّابة برجلها، و هو رفسها، كان لا يلزم صاحبها شيئا.
(س) و منه
الحديث «إنّ جبريل مع حسّان ما نَافَحَ عنّى»
أى دافع. و الْمُنَافَحَةُ و المكافحة: المدافعة و المضاربة. و نَفَحْتُ الرجل بالسيف: تناولته به، يريد بمنافحته هجاء المشركين، و مجاوبتهم على أشعارهم.
(س) و منه
حديث عليّ فى صفّين «نَافِحُوا بِالظُّبَا»
أى قاتلوا بالسّيوف. و أصله أن يقرب
__________________________________________________
(1) يروى بالخاء المعجمة، و سيجىء.
(2) يروى بالخاء المعجمة، و سيجىء.
(3) يروى بالخاء المعجمة، و سيجىء.
89
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفح ص 89
أحد المتقاتلين من الآخر بحيث يصل نَفْحُ كلّ واحد منهما إلى صاحبه، و هى ريحه و نفسه. و نَفْحُ الرّيح: هبوبها. و نَفَحَ الطّيب، إذا فاح.
و منه
الحديث «إن لربّكم فى أيّام دهركم نَفَحَاتٍ، أَلَا فتعرّضوا لها».
(س) و
فى حديث آخر «تعرّضوا لِنَفَحَاتِ رحمة اللّه تعالى».
(ه) و
فيه «أوّل نَفْحَةٍ من دم الشهيد»
أى أوّل فورة تفور منه.
(نفخ)-
فيه «أنه نهى عن النَّفْخِ فى الشّراب»
إنما نهى عنه من أجل ما يخاف أن يبدر من ريقه فيقع فيه، فربّما شرب بعده غيره فيتأذّى به.
و
فيه «أعوذ باللّه من نَفْخِهِ و نفثه»
نَفْخُهُ: كبره؛ لأنّ المتكبّر يتعاظم و يجمع نفسه و نفسه، فيحتاج أن يَنْفُخَ.
و
فيه «رأيت كأنه وضع في يدىّ سواران من ذهب، فأوحى إلىّ أن انْفُخْهُمَا»
أى ارمهما و ألقهما، كما تَنْفُخُ الشّىء إذا دفعته عنك.
و إن كانت بالحاء المهملة فهو من نفحت الشيء، إذا رميته. و نفحت الدّابة، إذا رمحت برجلها.
و
يروى حديث المستضعفين بمكة «فَنَفَخَتْ بهم الطريق»
بالخاء المعجمة: أى رمت بهم بغتة، من نَفَخَتِ الريح، إذا جاءت بغتة. و كذلك:
(س) يروى
حديث عليّ «نَافِخٌ حضنيه»
أى مُنْتَفِخٌ مستعدّ لأن يعمل عمله من الشّر.
(س) و
حديث أشراط الساعة «انْتِفَاخُ الأهلّة»
أى عِظَمُهَا. و رجل مُنْتَفِخٌ و مَنْفُوخٌ: أى سمين.
(س) و
في حديث عليّ «ودّ معاوية أنه ما بقى من بنى هاشم نَافِخُ ضَرَمَةٍ»
أى أحد؛ لأن النار ينفخها الصّغير و الكبير، و الذّكر و الأنثى.
(س) و
فى حديث عائشة «السّعوط مكان النّفخ»
كانوا إذا اشتكى أحدهم حلقه نفخوا فيه، فجعل السّعوط مكانه.
90
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفذ ص 91
(نفذ)
(ه)
فيه «أيّما رجل أشاد على مسلم بما هو برىء منه كان حقّا على اللّه أن يعذّبه، أو يأتى بنفذ ما قال»
أى بالمخرج منه. و النَّفَذُ، بالتحريك: المخرج و المخلص. و يقال لمنفذ الجراحة: نَفَذٌ. أخرجه الزمخشرى عن أبى الدرداء.
(ه) و
فى حديث ابن مسعود «إنكم مجموعون فى صعيد واحد، يَنْفُذُكُمُ البصر»
يقال: «1» نَفَذَنِى بصره، إذا بلغنى «2» و جاوزنى. و أَنْفَذْتُ «3» القوم، إذا خرقتهم، و مشيت فى وسطهم، فإن جزتهم حتى تخلّفهم قلت: نَفَذْتُهُمْ، بلا ألف. و قيل: يقال فيها بالألف.
قيل: المراد به يَنْفُذُهُمْ بصر الرّحمن حتى يأتى عليهم كلّهم.
و قيل: أراد يَنْفُذُهُمْ بصر الناظر؛ لاستواء الصّعيد.
قال أبو حاتم: أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة، و إنما هو بالمهملة: أى يبلغ أوّلهم و آخرهم. حتى يراهم كلّهم و يستوعبهم، من نفد «4» الشّىء و أنفدته «5». و حمل الحديث على بصر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن؛ لأنّ اللّه جلّ و عز يجمع الناس يوم القيامة فى أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على انفراده، و يرون ما يصير إليه.
(س) و منه
حديث أنس «جمعوا فى صردح ينفذهم البصر، و يسمعهم الصّوت».
و
فى حديث برّ الوالدين «الاستغفار لهما و إِنْفَاذُ عهدهما»
أى إمضاء وصيّتهما، و ما عهدا به قبل موتهما.
و منه
حديث المحرم «إذا أصاب أهله يَنْفُذَانِ لوجههما»
أى يمضيان على حالهما، و لا يبطلان حجّهما. يقال: رجل نَافِذٌ فى أمره: أى ماض.
[ه] و منه
حديث عمر «أنه طاف بالبيت مع فلان، فلما انتهى إلى الرّكن الغربىّ الذى يلى الأسود قال له: ألا تستلم؟ فقال له: انْفُذْ عنك، فإنّ النبى صلى اللّه عليه و سلم لم يستلمه»
أى دعه و تجاوزه. يقال: سر عنك، و انفذ عنك: أى امض عن مكانك و جزه «6».
__________________________________________________
(1) هذا شرح الكسائى، كما ذكر الهروى.
(2) فى الهروى: «تابعنى».
(3) هذا من قول ابن عون، كما جاء فى الهروى.
(4) فى الأصل، و ا، و الدر النثير:
«نفذ ... و أنفذته» بالذال المعجمة. و أثبتّه بالمهملة من اللسان.
(5) فى الأصل، و ا، و الدر النثير:
«نفذ ... و أنفذته» بالذال المعجمة. و أثبتّه بالمهملة من اللسان.
(6) زاد الهروى: «و لا معنى لعنك».
91
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفذ ص 91
و منه
الحديث «حتى يَنْفُذَ النّساء»
أى يمضين و يتخلّصن من مزاحمة الرّجال.
و
الحديث الآخر «انْفُذْ على رِسْلِكَ، و انْفُذْ بسلام»
أى انفصل و امض سالما.
(س) و
فى حديث أبى الدّرداء «إِنْ نَافَذْتَهُمْ نَافَذُوكَ»
نَافَذْتُ الرجل، إذا حاكمته:
أى إن قلت لهم قالوا لك. و يروى بالقاف و الدال المهملة.
و منه
حديث عبد الرحمن بن الأزرق «ألا رجل يَنْفُذُ بيننا»
أى يحكم و يمضى أمره فينا. يقال: أمره نَافِذٌ: أى ماض مطاع.
(نفر)
(س)
فيه «بشّروا و لا تُنَفِّرُوا»
أى لا تلقوهم بما يحملهم على النُّفُورِ. يقال:
نَفَرَ يَنْفِرُ نُفُوراً و نِفَاراً، إذا فرّ و ذهب.
و منه
الحديث «إنّ منكم مُنَفِّرِينَ»
أى من يلقى الناس بالغلظة و الشّدة، فَيَنْفِرُونَ من الإسلام و الدّين.
(ه) و منه
حديث عمر «لا تُنَفِّرِ الناسَ».
(س) و
الحديث الآخر «أنه اشترط لمن أقطعه أرضا ألّا يُنَفِّرَ ماله»
أى لا يزجر ما يرعى فيها من ماله، و لا يدفع عن الرّعى.
و منه
حديث الحج «يوم النَّفْرِ الأوّل»
هو اليوم الثانى من أيام التّشريق. و النّفر الآخر اليوم الثالث.
و
فيه «و إذا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»
الِاسْتِنْفَارُ: الاستنجاد و الاستنصار: أى إذا طلب منكم النّصرة فأجيبوا و انفروا خارجين إلى الإعانة. و نَفِيرُ القوم: جماعتهم الذين يَنْفِرُونَ فى الأمر.
(س) و منه
الحديث «أنه بعث جماعة إلى أهل مكة، فَنَفَرَتْ لهم هذيل، فلما أحسّوا بهم لجأوا إلى قردد»
أى خرجوا لقتالهم.
(س) و منه
الحديث «غلبت نُفُورَتُنَا نفورتهم»
يقال لأصحاب الرّجل و الذين ينفرون معه إذا حزبه أمر: نَفْرَتُهُ و نَفْرُهُ «1»، و نَافِرَتُهُ و نُفُورَتُهُ.
(س) و
فى حديث حمزة الأسلمى «أُنْفِرَ بنا فى سفر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم»
__________________________________________________
(1) فى الأصل، وا: «و نفرته» و المثبت من الصحاح، و الأساس، و اللسان.
92
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفر ص 92
يقال: أَنْفَرْنَا: أى تفرّقت إبلنا، و أُنْفِرَ بنا: أى جعلنا مُنْفِرِينَ ذوى إبل نَافِرَة.
و منه
حديث زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «فَأَنْفَرَ بها المشركون بعيرها حتى سقطت».
و منه
حديث عمر «ما يزيد على أن يقول: لا تُنْفِرُوا»
أى لا تنفروا إبلنا.
(س) و
فى حديث أبى ذر «لو كان هاهنا أحد من أَنْفَارِنَا»
أى من قومنا، جمع نفر، و هم رهط الإنسان و عشيرته، و هو اسم جمع، يقع على جماعة من الرّجال خاصّة ما بين الثلاثة «1» إلى العشرة، و لا واحد له من لفظه.
(س) و منه
الحديث «و نَفَرُنَا خلوف»
أى رجالنا. و قد تكرر فى الحديث.
(ه) و
فى حديث عمر «أن رجلا تخلّل بالقصب، فَنَفَرَ فوه، فنهى عن التّخلّل بالقصب»
أى ورم. و أصله من النِّفَارِ؛ لأنّ الجلد يَنْفِرُ عن اللّحم، للدّاء الحادث بينهما.
(ه) و منه
حديث غزوان «أنه لطم عينه فَنَفَرَتْ»
أى ورمت.
(س) و
فى حديث أبى ذر «نَافَرَ أخى أنيس فلانا الشّاعر»
تَنَافَرَ الرجلان، إذا تفاخرا ثم حكّما بينهما واحدا، أراد أنّهما تفاخرا أيّهما أجود شعرا.
و الْمُنَافَرَةُ: المفاخرة و المحاكمة، يقال: نَافَرَهُ فَنَفَرَهُ يَنْفُرُهُ، بالضم، إذا غلبه. و نَفَّرَهُ و أَنْفَرَهُ، إذا حكم له بالغلبة.
و
فيه «إنّ اللّه يبغض العفرية النِّفْرِيَة»
أى المنكر الخبيث. و قيل: النِّفْرِيَةُ و النِّفْرِيتُ:
إتباع للعفرية و العفريت.
(نفس)
[ه]
فيه «إنى لأجد نَفَسَ الرحمن من قبل اليمن» و فى رواية «أجد نفس ربّكم»
قيل: عنى به الأنصار؛ لأنّ اللّه نَفَّسَ بهم الكرب عن المؤمنين، و هم يمانون؛ لأنّهم من الأزد. و هو مستعار من نَفَسِ الهواء الذى يردّه التّنفّس إلى الجوف فيبرد من حرارته و يعدّلها، أو من نَفَسِ الرّيح الذى يتنسّمه فيستروح إليه، أو من نَفَسِ الرّوضة، و هو طيب روائحها، فيتفرّج به عنه. يقال: أنت فى نَفَسٍ من أمرك، و اعمل و أنت فى نَفَسٍ من عمرك: أى فى سعة و فسحة، قبل المرض و الهرم و نحوهما.
__________________________________________________
(1) فى الأصل، وا، و الدر: «الثلاث» و التصحيح من اللسان.
93
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفس ص 93
(ه) و منه
الحديث «لا تسبّوا الرّيح، فإنها من نَفَسِ الرحمن»
يريد بها أنّها تفرّج الكرب، و تنشىء السّحاب، و تنشر الغيث، و تذهب الجدب.
قال الأزهرى: النَّفَسُ فى هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقى، من نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً و نَفَساً، كما يقال: فرّج يفرّج تفريجا و فرجا، كأنه قال: أجد تنفيس ربّكم من قبل اليمن، و إنّ الرّيح من تنفيس الرحمن بها عن المكروبين.
قال العتبى: هجمت على واد خصيب و أهله مصفرّة ألوانهم، فسألتهم عن ذلك، فقال شيخ منهم: ليس لنا ريح.
(ه) و منه
الحديث «من نَفَّسَ عن مؤمن كربة»
أى فرّج.
(س) و منه
الحديث «ثم يمشى أَنْفَسَ منه»
أى أفسح و أبعد قليلا.
و
الحديث الآخر «من نَفَّسَ عن غريمه»
أى أخّر مطالبته.
و منه
حديث عمّار «لقد أبلغت و أوجزت، فلو كنت تَنَفَّسْتَ»
أى أطلت. و أصله أن المتكلم إذا تَنَفَّسَ استأنف القول، و سهلت عليه الإطالة.
(س) و
فيه «بعثت فى نَفَسِ الساعة»
أى بعثت و قد حان قيامها و قرب، إلا أنّ اللّه أخّرها قليلا، فبعثنى فى ذلك النّفس، فأطلق النّفس على القرب.
و قيل: معناه أنه جعل للساعة نفسا كنفس الإنسان، أراد إنّى بعثت فى وقت قريب منها أحسّ فيه بنفسها، كما يحسّ بنفس الإنسان إذا قرب منه. يعنى بعثت فى وقت بانت أشراطها فيه و ظهرت علاماتها.
و
يروى «فى نسم الساعة»
و قد تقدم.
(ه) و
فيه «أنه نهى عن التّنفّس فى الإناء».
(ه) و
فى حديث آخر «أنه كان يَتَنَفَّسُ فى الإناء ثلاثا»
يعنى فى الشّرب. الحديثان صحيحان، و هما باختلاف تقديرين: أحدهما أن يشرب و هو يتنفّس فى الإناء من غير أن يبينه عن فيه، و هو مكروه. و الآخر أن يشرب من الإناء بثلاثة أَنْفَاسٍ يفصل فيها فاه عن الإناء. يقال:
أكرع فى الإناء نَفَساً أو نَفَسَيْنِ، أى جرعة أو جرعتين.
94
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفس ص 93
(س) و
فى حديث عمر «كنّا عنده فَتَنَفَّسَ رجل»
أى خرج من تحته ريح. شبّه خروج الرّيح من الدّبر بخروج النّفس من الفم.
(ه) و
فيه «ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلّا قد كتب رزقها و أجلها»
أى مولودة. يقال:
نُفِسَتِ المرأةُ و نَفِسَتْ، فهى منفوسة و نُفَسَاءُ، إذا ولدت. فأما الحيض فلا يقال فيه إلّا نَفِسَتْ، بالفتح.
و منه
الحديث «أنّ أسماء بنت عميس نَفِسَتْ بمحمد بن أبى بكر»
و النِّفَاسُ: وِلَادُ المرأة إذا وضعت.
و منه
الحديث «فلمّا تعلّت من نفاسها تجمّلت للخطّاب»
أى خرجت من أيّام ولادتها.
و قد تكرر فى الحديث.
(س) و من الأوّل
حديث عمر «أنه أجبر بنى عمّ على منفوس»
أى ألزمهم إرضاعه و تربيته.
(س) و
حديث أبى هريرة «أنه [صلى اللّه عليه و سلم «1»] صلّى على مَنْفُوسٍ»
أى طفل حين ولد. و المراد أنه صلى عليه و لم يعمل ذنبا.
(ه) و
حديث ابن المسيّب «لا يرث المنفوس حتى يستهلّ صارخا»
أى حتى يسمع له صوت.
(ه) و
فى حديث أم سلمة «قالت: حضت فانسللت، فقال: مَا لَكِ، أَ نَفِسْتِ؟»
أى أ حضتِ. و قد نفست المرأة تَنْفَسُ، بالفتح، إذا حاضت. و قد تكرر ذكرها بمعنى الولادة و الحيض.
و
فيه «أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فَتَنَافَسُوهَا كما تنافسوها»
التَّنَافُسُ من الْمُنَافَسَةِ، و هى الرّغبة فى الشيء و الانفراد به، و هو من الشّيء النَّفِيسِ الجيّد فى نوعه. و نَافَسْتُ فى الشيء مُنَافَسَةً و نِفَاساً، إذا رغبت فيه. و نَفُسَ بالضم نَفَاسَةً:
أى صار مرغوبا فيه. و نَفِسْتُ به، بالكسر: أى بخلت به. و نَفِسْتُ عليه الشيء نَفَاسَةً، إذا لم تره له أهلا.
__________________________________________________
(1) ساقط من ا، و اللسان.
95
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفس ص 93
و منه
حديث عليّ «لقد نلت صهر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فما نَفِسْنَاهُ عليك».
(س) و
حديث السّقيفة «لم نَنْفَسْ عليك»
أى لم نبخل.
(س) و
حديث المغيرة «سقيم النِّفَاسِ»
أى أسقمته المنافسة و المغالبة على الشيء.
(ه) و
فى حديث إسماعيل عليه السلام «أنه تعلّم العربيّة و أَنْفَسَهُمْ»
أى أعجبهم.
و صار عندهم نَفِيساً. يقال: أَنْفَسَنِي فى كذا: أى رغّبنى فيه.
(ه) و
فيه «أنه نهى عن الرّقية إلّا فى النّملة و الحمة و النَّفْسِ»
النَّفْسُ: الْعَيْنُ. يقال:
أصابت فلانا نَفْسٌ: أى عين. جعله القتيبىّ من حديث ابن سيرين «1» و هو حديث مرفوع إلى النبىّ صلى اللّه عليه و سلم عن أنس.
(ه) و منه
الحديث «أنه مسح بطن رافع، فألقى شحمة خضراء، فقال: إنه كان فيها أنفس سبعة»
يريد عيونهم. و يقال للعائن: نَافِسٌ.
(ه) و منه
حديث ابن عباس «الكلاب من الجنّ، فإن غشيتكم عند طعامكم فألقوا لهنّ؛ فإنّ لهنّ أنفسا و أعينا».
(ه) و
فى حديث النّخعى «كلّ شيء ليست له نَفْسٌ سائلة، فإنه لا ينجّس الماء إذا سقط فيه»
أى دم سائل.
(نفش)
(س)
فيه «أنه نهى عن كسب الأمة، إلّا ما عملت بيديها، نحو الخبز و الغزل و النَّفْشِ»
هو ندف القطن و الصّوف. و إنما نهى عن كسب الإماء؛ لأنه كانت عليهنّ ضرائب، فلم يأمن أن يكون منهنّ الفجور، و لذلك جاء
فى رواية «حتى يعلم من أين هو».
(س) و منه
حديث عمر «أنه أتى على غلام يبيع الرّطبة، فقال: انْفُشْهَا، فإنه أحسن لها»
أى فرّق ما اجتمع منها، لتحسن فى عين المشترى. و النَّفِيشُ «2»: المتاع المتفرّق.
[ه] و
فى حديث ابن عباس «و إن أتاك مُنْتَفِشَ «3» المنخرين»
أى واسع منخرى الأنف، و هو من التّفريق.
__________________________________________________
(1) و كذلك صنع الهروى.
(2) فى اللسان «و النّفش» و ما عندنا يوافقه ما القاموس، و انظر شرحه.
(3) فى الهروى: «منفّش».
96
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفش ص 96
(ه) و
فى حديث عبد اللّه بن عمرو «الحبّة فى الجنة مثل كرش البعير يبيت نَافِشاً»
أى راعيا. يقال: نَفَشَتِ السّائمةُ تَنْفِشُ نُفُوشاً، إذا رعت ليلا بلا راع، و هملت، إذا رعت نهارا.
(نفص)
(س)
فيه «موت كَنُفَاصِ الغنم»
النُّفَاصُ: داء يأخذ الغنم فَتُنْفِصُ بأبوالها حتى تموت: أى تخرجه دفعة بعد دفعة. و قد أَنْفَصَتْ فهى مُنْفِصَةٌ. هكذا جاء فى رواية.
و
المشهور «كقعاص الغنم»
و قد تقدّم.
و
فى حديث السّنن العشر «و انْتِفَاصِ الماء»
المشهور فى الرواية بالقاف. و سيجىء.
و قيل: الصواب بالفاء، و المراد نضحه على الذّكر، من قولهم لنضح الدم القليل: نُفْصَة، و جمعها: نُفَصٌ.
(نفض)
(ه)
فى حديث قيلة «مُلَاءَتَانِ كانتا مصبوغتين و قد نَفَضَتَا»
أى نصل لون صبغهما، و لم يبق إلّا الأثر. و الأصل فى النَّفْضِ: الحركة «1».
(س) و
فى حديث أبى بكر رضى اللّه عنه و الغار «أنا أَنْفُضُ لك ما حولك»
أى أحرسك و أطوف هل أرى طلبا. يقال: نَفَضْتُ المكان و اسْتَنْفَضْتُهُ و تَنَفَّضْتُهُ، إذا نظرت جميع ما فيه. و النَّفْضَةُ بفتح الفاء و سكونها، و النَّفِيضَةُ: قوم يبعثون متجسّسين، هل يرون عدوّا أو خوفا.
و
فيه «ابغنى أحجارا أَسْتَنْفِضُ بها»
أى أستنجى بها، و هو من نَفْضِ الثوب؛ لأنّ المستنجى يَنْفُضُ عن نفسه الأذى بالحجر: أى يزيله و يدفعه.
و منه
حديث ابن عمر «أنه كان يمرّ بالشّعب من مزدلفة فَيَنْتَفِضُ و يتوضّأ».
و منه
الحديث «أتى بمنديل فلم ينتفض به»
أى لم يتمسّح. و قد تكرر فى الحديث.
و
فى حديث الإفك «فأخذتها حمّى بِنَافِضٍ»
أى برعدة شديدة، كأنها نفضتها:
أى حرّكتها.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «التحويل».
97
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفض ص 97
و منه
الحديث «إنّى لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأديم»
أى أجهدها و أعركها، كما يفعل بالأديم عند دباغه.
(س) و
فى حديث «كنّا فى سفر فَأَنْفَضْنَا»
أى فنى زادنا، كأنهم نَفَضُوا مزاودهم لخلوّها، و هو مثل أرمل و أقفر.
(نفع)-
فى أسماء اللّه تعالى «النَّافِعُ» هو الذى يوصّل النّفع إلى من يشاء من خلقه حيث هو خالق النّفع و الضّر، و الخير و الشّر.
و
فى حديث ابن عمر «أنه كان يشرب من الإداوة و لا يخنثها و يسمّيها نَفْعَةَ»
سمّاها بالمرّة الواحدة من النَّفْعِ، و منعها من الصّرف للعلميّة و التأنيث.
هكذا جاء فى الفائق «1» فإن صحّ النّقل، و إلّا فما أشبه الكلمة أن تكون بالقاف، من النّقع، و هو الرّىّ. و اللّه أعلم.
(نفق)-
قد تكرر فى الحديث ذكر «النِّفَاقِ» و ما تصرّف منه اسما و فعلا، و هو اسم إسلامى، لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، و هو الذى يستر كفره و يظهر إيمانه، و إن كان أصله فى اللّغة معروفا. يقال: نَافَقَ يُنَافِقُ مُنَافَقَةً و نِفَاقاً، و هو مأخوذ من النَّافِقَاءِ: أحد جحرة اليربوع، إذا طلب من واحد هرب إلى الآخر، و خرج منه. و قيل: هو من النَّفَقِ: و هو السّرب الذى يستتر فيه، لستره كفره.
و
فى حديث حنظلة «نَافَقَ حنظلة»
أراد أنه إذا كان عند النبى صلى اللّه عليه و سلم أخلص و زهد فى الدنيا، و إذا خرج عنه ترك ما كان عليه و رغب فيها، فكأنه نوع من الظاهر و الباطن، ما كان يرضى أن يسامح به نفسه.
(س) و
فيه «أكثر منافقى هذه الأمّة قرّاؤها»
أراد بِالنِّفَاقِ هاهنا الرّياء لأن كليهما إظهار غير ما فى الباطن.
(س) و
فيه «الْمُنَفِّقُ سلعته بالحلف كاذب»
الْمُنَفِّقُ بالتشديد: من النفاق، و هو ضدّ الكساد. و يقال: نَفَقَتِ السّلعة فهى نَافِقَةٌ، و أَنْفَقْتُهَا و نَفَّقْتُهَا، إذا جعلتها نَافِقَةً.
__________________________________________________
(1) انظر الفائق 1/ 373.
98
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفق ص 98
(ه) و منه
الحديث «اليمين الكاذبة مَنْفَقَةٌ للسّلعة ممحقة للبركة»
أى هى مظنّة لنفاقها و موضع له.
[ه] و منه
حديث ابن عباس «لا يُنَفِّقُ بعضكم لبعض»
أى لا يقصد أن ينفّق سلعته على جهة النّجش، فإنه بزيادته فيها يرغّب السامع، فيكون قوله سببا لابتياعها، و منفّقا لها.
و منه
حديث عمر «من حظّ المرء نفاق أيّمه»
أى من حظّه و سعادته أن تخطب إليه نساؤه، من بناته و أخواته، و لا يكسدن كساد السّلع التى لا تنفق.
(س) و
فى حديث ابن عباس «و الجزور نَافِقَةٌ»
أى ميّتة. يقال: نَفَقَتِ الدابّة، إذا ماتت.
(نفل)
(س)
فى حديث الجهاد «أنه نَفَّلَ فى البدأة الرّبع، و فى القفلة الثّلث»
النَّفَلُ بالتحريك: الغنيمة، و جمعه: أَنْفَالْ. و النَّفْلُ بالسكون و قد يحرّك: الزّيادة. و قد تقدم معنى هذا الحديث فى حرف الباء و غيره.
(س) و منه
الحديث «أنه بعث بعثا قبل نجد، فبلغت سهمانهم اثنى عشر بعيرا، و نَفَّلَهُمْ بعيرا بعيرا»
أى زادهم على سهامهم. و يكون من خمس الخمس.
و منه
حديث ابن عباس «لا نَفَلَ فى غنيمة حتى تقسم جفّة كلّها»
أى لا ينفّل منها الأمير أحدا من المقاتلة بعد إحرازها حتى تقسم كلّها، ثم ينفّله إن شاء من الخمس، فأما قبل القسمة فلا.
و قد تكرر ذكر «النَّفَلِ و الْأَنْفَالِ» فى الحديث، و به سمّيت النّوافل فى العبادات، لأنّها زائدة على الفرائض.
و منه
الحديث «لا يزال العبد يتقرّب إلىّ بالنّوافل»
الحديث.
و
فى حديث قيام رمضان «لو نَفَّلْتَنَا بقيّة ليلتنا هذه»
أى زدتنا من صلاة النّافلة.
و
الحديث الآخر «إنّ المغانم كانت محرّمة على الأمم قبلنا، فَنَفَّلَهَا اللّه تعالى هذه الأمّة»
أى زادها.
و
فى حديث القسامة «قال لأولياء المقتول: أ ترضون بنفل خمسين من اليهود ما قتلوه؟»
يقال: نَفَّلْتُهُ فَنَفَلَ: أى حلّفته فحلف. و نَفَلَ و انْتَفَلَ، إذا حلف. و أصل النَّفْلُ: النّفى. يقال:
99
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفل ص 99
نَفَلْتُ الرجل عن نسبه، و انْفُلْ عن نفسك إن كنت صادقا: أى انف عنك ما قيل فيك، و سمّيت اليمين فى القسامة نفلا، لأن القصاص ينفى بها.
(ه) و منه
حديث عليّ «لوددت أنّ بنى أميّة رضوا و نَفَّلْنَاهُمْ خمسين رجلا من بنى هاشم، يحلفون ما قتلنا عثمان، و لا نعلم له قاتلا»
يريد نَفَّلْنَا لهم.
(س [ه]) و منه
حديث ابن عمر «أنّ فلانا انتفل من ولده»
أى تبرّأ منه.
(س) و
فى حديث أبى الدّرداء «إياكم و الخيل الْمُنَفِّلَة التى إن لقيت فرّت، و إن غنمت غلّت»
كأنه من النّفل: الغنيمة: أى الذين قصدهم من الغزو الغنيمة و المال، دون غيره، أو من النّفل، و هم المطّوّعة المتبرّعون بالغزو، و الذين لا اسم لهم فى الدّيوان، فلا يقاتلون قتال من له سهم.
هكذا جاء فى كتاب أبى موسى من حديث أبى الدرداء. و الذى
جاء فى «مسند أحمد» من رواية أبى هريرة «أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إياكم و الخيل الْمُنَفِّلَةَ، فإنها إن تلق تفرّ، و إن تغنم تغلل»
و لعلّهما حديثان.
(نفه)
[ه]
فيه «هجمت له العين و نَفِهَتْ له النّفس «1»»
أى أعيت و كلّت.
(نفا)
[ه]
فيه «قال زيد بن أسلم: أرسلنى أبى إلى ابن عمر، و كان لنا غنم، فأردنا نَفِيتَيْنِ «2» نجفّف عليهما الأقط، فأمر قيّمه لنا بذلك»
قال أبو موسى: هكذا روى «نفيتين» بوزن بعيرين، و إنما هو «نَفِيَّتَيْنِ» بوزن شقيّتين، واحدتهما: نَفِيَّةٌ، كطويّة. و هى شيء يعمل من الخوص، شبه طبق عريض.
و قال الزمخشرى «3»: قال النّضر: النُّفْيَةُ، بوزن الظّلمة، و عوض الياء تاء، فوقها نقطتان.
و قال غيره: هى بالياء، و جمعها: نُفًى، كنهية و نهى. و الكلّ شيء يعمل من الخوص مدوّرا واسعا كالسّفرة.
__________________________________________________
(1) رواية الهروى و اللسان: «هجمت عيناك و نفهت نفسك» قال فى اللسان: رواه أبو عبيد «نفهت» و الكلام: «نفهت» و يجوز أن يكونا لغتين. و انظر صحيح مسلم باب النهى عن صوم الدهر، من كتاب الصيام صفحتى 815، 816.
(2) فى الهروى: «نفيتين».
(3) انظر الفائق 3/ 118.
100
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نفا ص 100
(ه) و
فى حديث محمد بن كعب «قال لعمر بن عبد العزيز، حين استخلف، فرآه شعثا، فأدام النّظر إليه، فقال له: ما لك تديم النّظر إلىّ؟ فقال: انظر إلى ما نفى من شعرك، و حال من لونك»
أى ذهب و تساقط. يقال: نَفَى شعره يَنْفِى نَفْياً، و انْتَفَى، إذا تساقط. و كان عمر قبل الخلافة منعّما مترفا، فلما استخلف شعث و تقشّف.
و
فيه «المدينة كالكير تنفى خبثها»
أى تخرجه عنها، و هو من النّفى: الإبعاد عن البلد.
يقال: نَفَيْتُهُ أَنْفِيهِ نَفْياً، إذا أخرجته من البلد و طردته.
و قد تكرر ذكر «النّفى» فى الحديث.
باب النون مع القاف
(نقب)-
فى حديث عبادة بن الصامت «و كان من النّقباء»
النُّقَبَاءُ: جمع نَقِيب، و هو كالعريف على القوم المقدّم عليهم، الذى يتعرّف أخبارهم، و يُنَقِّبُ عن أحوالهم: أى يفتّش.
و كان النبى صلى اللّه عليه و سلم قد جعل ليلة العقبة كلّ واحد من الجماعة الذين بايعوه بها نقيبا على قومه و جماعته، ليأخذوا عليهم الإسلام، و يعرّفوهم شرائطه. و كانوا اثنى عشر نقيبا كلّهم من الأنصار.
و كان عبادة بن الصّامت منهم.
و قد تكرر ذكره فى الحديث مفردا و مجموعا.
(س) و منه
الحديث «إنى لم أومر أن أُنَقِّبَ عن قلوب الناس»
أى أفتّش و أكشف.
(ه) و
الحديث الآخر «من سأل عن شيء فَنَقَّبَ عنه».
[ه] و
فيه «أنه قال: لا يعدى شيء شيئا، فقال له أعرابى: يا رسول اللّه، إنّ النُّقْبَةَ تكون بمشفر البعير أو بذنبه فى الإبل العظيمة فتجرب كلّها، فقال صلى اللّه عليه و سلم: فما أجرب الأوّل؟»
النُّقْبَةُ: أوّل شيء يظهر من الجرب، و جمعها: نُقْبٌ، بسكون القاف، لأنها تَنْقُبُ الجلد: أى تخرقه.
و منه
حديث عمر «أتاه أعرابىّ فقال: إنى على ناقة دبراء عجفاء نَقْبَاءَ، و استحمله، فظنّه كاذبا، فلم يحمله، فانطلق و هو يقول:
101
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقب ص 101
أقسم باللّه أبو حفص عمر ما مسّها من نقب و لا دبر
أراد بَالنَّقَبِ هاهنا رقّة الأخفاف. و قد نَقِبَ البعيرُ يَنْقَبُ، فهو نَقِبٌ.
(س) و منه
حديثه الآخر «أنه قال لامرأة حاجّة: أَنْقَبْتِ و أدبرت»
أى نَقِبَ بعيرك و دَبِرَ.
و منه
حديث عليّ «و ليستأن بالنّقب و الضالع»
أى يرفق بهما. و يجوز أن يكون من الجرب.
و منه
حديث أبى موسى «فَنَقِبَتْ أقدامنا»
أى رقّت جلودها، و تنفّطت من المشى.
(ه) و
فيه «لا شفعة فى فناء و لا طريق و لا مَنْقَبَةٍ»
هى الطّريق بين الدارين، كأنه نَقْبٌ من هذه إلى هذه. و قيل: هو الطريق الذى يعلو أنشاز الأرض.
(ه) و منه
الحديث «أنهم فزعوا من الطّاعون فقال: أرجو ألّا يَطْلُعَ إلينا نقابها «1»»
هى جمع نقب، و هو الطريق بين الحبلين. أراد أنه لا يطلع إلينا من طرق المدينة، فأضمر عن غير مذكور.
و منه
الحديث «على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون و لا الدّجال»
و هو جمع قلّة لِلنَّقْبِ.
(س) و
فى حديث مجدىّ بن عمرو «أنه ميمون النَّقِيبَةِ»
أى منجّح الفعال، مظفّر المطالب. و النَّقِيبَةُ: النّفس. و قيل: الطّبيعة و الخليقة.
(س) و
فى حديث أبى بكر «أنه اشتكى عينه فكره أن يَنْقُبَهَا»
نَقْبُ العين: هو الذى يسمّيه الأطبّاء القدح، و هو معالجة الماء الأسود الذى يحدث فى العين. و أصله أن ينقر البيطار حافر الدّابة ليخرج منه ما دخل فيه.
(ه) و
فى حديث عمر «ألبستنا أمّنا نُقْبَتَهَا»
هى السّراويل التى تكون لها حجزة من غير نيفق «2»، فإذا كان لها نيفق فهى سراويل.
__________________________________________________
(1) ضبط فى الأصل: «نقابها» بالضم. و ضبطته بالفتح من الهروى و اللسان.
(2) قال فى القاموس:
«و نيفق السراويل، بالفتح: الموضع المتّسع منه». و يقال فيه: نئفق. انظر الجمهرة 3/ 155، و المعرب ص 333
102
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقب ص 101
(س) و
فى حديث ابن عمر «أنّ مولاة امرأة اختلعت من كلّ شيء لها و كلّ ثوب عليها، حتى نُقْبَتِهَا، فلم ينكر ذلك».
(ه) و
فى حديث الحجّاج «و ذكر ابن عباس فقال: إن كان لَنِقَاباً» و فى رواية «إن كان لَمِنْقَباً»
النِّقَابُ و الْمِنْقَبُ، بالكسر و التخفيف: الرجل العالم بالأشياء، الكثير البحث عنها و التَّنْقِيبُ: أى ما كان إلا نقابا.
(س) و
فى حديث ابن سيرين «النِّقَابُ محدث»
أراد أن النّساء ما كنّ ينتقبن:
أى يختمرن.
قال أبو عبيد: ليس هذا وجه الحديث، و لكنّ النّقاب عند العرب هو الذى يبدو منه محجر العين. و معناه أنّ إبداءهنّ المحاجر محدث، إنما كان النّقاب لاحقا بالعين، و كانت تبدو إحدى العينين و الأخرى مستورة، و النّقاب لا يبدو منه إلا العينان. و كان اسمه عندهم: الوصوصة، و البرقع، و كانا من لباس النّساء، ثم أحدثن النّقاب بعد.
(نقث)
(ه)
فى حديث أم زرع «و لا تُنَقِّثْ ميرتنا تَنْقِيثاً»
النَّقْثُ: النّقل. أرادت أنّها أمينة على حفظ طعامنا، لا تنقله و تخرجه و تفرّقه.
(نقح)
(س)
فى حديث الأسلمى «إنه لَنَقِحٌ «1»»
أى عالم مجرّب. يقال: نَقَحَ العظم، إذا استخرج مخّه، و نَقَّحَ الكلام، إذا هذّبه و أحسن أوصافه. و منه قولهم: خير الشّعر الحولىّ الْمُنَقَّح.
(نقخ)
(ه)
فيه «أنه شرب من رومة فقال: هذا النُّقَاخ»
هو الماء العذب البارد الذى يَنْقَخُ العطش: أى يكسره ببرده.
و رومة: بئر معروفة بالمدينة.
(نقد)-
فى حديث جابر و جمله «قال: فَنَقَدَنِي ثمنه»
أى أعطانيه نقدا معجّلا.
(س) و
فى حديث أبى ذر «كان فى سفر، فقرّب أصحابه السّفرة و دعوه إليها، فقال:
إنّى صائم، فلما فرغوا جعل يَنْقُدُ شيئا من طعامهم»
أى يأكل شيئا يسيرا. و هو من نَقَدْتُ الشّيءَ
__________________________________________________
(1) فى اللسان: «لنقح».
103
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقد ص 103
بأصبعى، أَنْقُدُهُ واحدا واحدا نَقْدَ الدّراهم. و نَقَدَ الطائرُ الحبَّ يَنْقُدُهُ، إذا كان يلقطه واحدا واحدا، و هو مثل النّقر. و يروى بالراء.
و منه
حديث أبى هريرة «و قد أصبحتم تهذرون الدنيا، و نَقَدَ بأصبعه»
أى نقر.
(ه) و
فى حديث أبى الدرداء «إن نَقَدْتَ الناس نقدوك»
أى إن عبتهم و اغتبتهم قابلوك بمثله. و هو من قولهم: نَقَدْتُ الجوزة أنقدها، إذا ضربتها.
و يروى بالفاء و الذال المعجمة. و قد تقدم.
(س) و
فى حديث عليّ «إن مكاتبا لبنى أسد قال: جئت بِنَقَدٍ أجلبه إلى الكوفة»
النَّقَدُ: صغار الغنم، واحدتها: نَقَدَة، و جمعها: نِقَادٌ.
و منه
حديثه الآخر «قال يوم النّهروان: ارموهم، فإنما هم نَقَدٌ»
شبّههم بالنّقد.
(ه) و منه
حديث خزيمة «و عاد النّقاد مجرنثما»
و قد تكرر فى الحديث.
(نقر)
(س)
فيه «أنه نهى عن نَقْرَةِ الغراب»
يريد تخفيف السّجود، و أنه لا يمكث فيه إلّا قدر وضع الغراب مِنْقَارَهُ فيما يريد أكله.
و منه
حديث أبى ذرّ «فلما فرغوا جعل يَنْقُرُ «1» شيئا من طعامهم»
أى يأخذ منه بأصبعه.
(ه) و
فيه «أنه نهى عن النَّقِيرِ و المزفّت»
النَّقِيرُ: أصل النّخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التّمر، و يلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا. و النّهى واقع على ما يعمل فيه، لا على اتّخاذ النّقير، فيكون على حذف المضاف، تقديره: عن نبيذ النّقير، و هو فعيل بمعنى مفعول. و قد تكرر فى الحديث.
(س) و منه
حديث عمر «على نَقِيرٍ من خشب»
هو جذع ينقر و يجعل فيه شبه المراقى يصعد عليه إلى الغرف.
(ه) و
فى حديث ابن عباس، فى قوله تعالى: وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً
«وضع طرف إبهامه على باطن سبّابته ثم نَقَرَهَا، و قال: هذا النّقير».
__________________________________________________
(1) سبق بالدال.
104
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقر ص 104
و
فيه «أنه عطس عنده رجل فقال: حقرت و نَقِرْتَ»
يقال به نقير: أى قروح و بثر و نَقِرَ: أى صار نقيرا. كذا قاله أبو عبيدة «1».
و قال الجوهرى: نَقِير: إتباع حقير.
يقال: هو حقير نقير. و نَقِرَتِ الشاة، بالكسر، فهى نَقِرَةٌ: أصابها داء فى جنوبها.
(س) و
فى حديث عمر «متى ما يكثر حملة القرآن يُنَقِّرُوا، و متى ما ينقّروا يختلفوا»
التَّنْقِيرُ:
التّفتيش. و رجل نَقَّارٌ و مُنَقِّرٌ.
و منه
الحديث «فَنَقَّرَ عنه»
أى بحث و استقصى.
و منه
حديث الإفك «فَنَقَّرَتْ لى الحديث»
هكذا رواه بعضهم. و المروىّ بالباء الموحدة. و قد تقدّم.
(ه) و منه
حديث ابن المسيّب «بلغه قول عكرمة فى الحين أنه ستّة أشهر، فقال: انْتَقَرَهَا عكرمة»
أى استنبطها من القرآن. و النَّقْرُ: البحث.
هذا إن أراد تصديقه. و إن أراد تكذيبه، فمعناه أنه قالها «2» من قبل نفسه، و اختصّ بها، من الِانْتِقَار: الاختصاص. يقال: نَقَّرَ باسم فلان، و انْتَقَرَ، إذا سمّاه من بين الجماعة.
(س) و
فيه «فأمر بِنُقْرَةٍ من نحاس فأحميت»
النُّقْرَةُ: قدر يسخّن فيها الماء و غيره.
و قيل: هو بالباء الموحدة. و قد تقدّم.
(ه) و
فى حديث عثمان البتّى «ما بهذه النّقرة أعلم بالقضاء من ابن سيرين»
أراد البصرة.
و أصل النُّقْرَةِ: حفرة يستنقع فيها الماء.
(نقرس)
(س)
فيه «و عليه نَقَارِسُ الزّبرجد و الحلى»
النَّقَارِسُ: من زينة النّساء.
قاله أبو موسى.
(نقز)
(ه)
فى حديث ابن مسعود «كان يصلّى الظّهر و الجنادب تَنْقُزُ من الرّمضاء»
أى تقفز و تثب، من شدّة حرارة الأرض. و قد نَقَزَ و أَنْقَزَ، إذا وثب.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «أبو عبيد» و ما أثبت من او اللسان. و فى ا: «قال» و انظر الحاشية 3 ص 40 من الجزء الرابع.
(2) فى الهروى: «اقتالها».
105
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقز ص 105
(س) و منه
الحديث «يَنْقُزَانِ، القرب على متونهما»
أى يحملانها، و يقفزان بها وثبا.
و فى نصب «القرب» بعد؛ لأن يَنْقُزَ غير متعدّ. و أوّله بعضهم بعدم «1» الجارّ.
و رواه بعضهم بضم الياء، من أَنْقَزَ، فعدّاه بالهمز، يريد تحريك القرب و وثوبها بشدّة العدو و الوثب.
و روى برفع القرب على الابتداء، و الجملة فى موضع الحال.
و منه
الحديث «فرأيت عقيصتى أبى عبيدة تَنْقُزَانِ و هو خلفه».
و
فى حديث ابن عباس «ما كان اللّه لِيُنْقِزَ «2» عن قاتل المؤمن»
أى ليقلع و يكفّ عنه حتى يهلكه، و قد أَنْقَزَ عن الشيء، إذا أقلع و كفّ.
(نقس)
(س)
فى حديث بدء الأذان «حتى نَقَسُوا أو كادوا يَنْقُسُونَ»
النَّقْسُ: الضّرب بِالنَّاقُوسِ، و هى خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها. و النّصارى يعلمون بها أوقات صلاتهم.
(نقش)
(ه)
فيه «من نُوقِشَ الحساب عذّب»
أى من استقصى فى محاسبته و حوقق.
و منه
حديث عائشة «من نوقش الحساب فقد هلك».
و
حديث عليّ «يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين لِنِقَاشِ «3» الحساب»
و هو مصدر منه.
و أصل الْمُنَاقَشَةِ: من نَقَشَ الشّوكة، إذا استخرجها من جسمه، و قد نَقَشَهَا و انْتَقَشَهَا.
(ه) و منه
حديث أبى هريرة «و إذا شيك فلا انْتَقَشَ»
أى إذا دخلت فيه شوكة أخرجها من موضعها. و به سمّى الْمِنْقَاش الذى يُنْقَشُ به.
[ه] و منه
الحديث «اسْتَوْصُوا بالمعزى خيرا، فإنه مال رقيق، و انْقُشُوا له عَطَنَهُ»
أى نقّوا مرابضها مما يؤذيها من حجارة و شوك و غيره.
(نقص)
(س)
فيه «شهرا عيد لا يَنْقُصَانِ»
يعنى فى الحكم و إن نَقَصَا فى العدد:
أى أنه لا يعرض فى قلوبكم شكّ إذا صمتم تسعة و عشرين، أو إن وقع فى يوم الحج خطأ، لم يكن فى نسككم نَقْصٌ.
__________________________________________________
(1) أى أنه منصوب على نزع الخافض، كما يقول النّحاة.
(2) هكذا بالزاى فى الأصل، وا، و الفائق 3/ 125، و اللسان مادة (نقز) لكن رواية الهروى و الجوهرى بالراء. و كذلك جاءت رواية الراء فى اللسان، مادة (نقر).
(3) فى الأصل بفتح النون.
106
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقص ص 106
و
فى حديث بيع الرّطب بالتّمر «قال: أ يَنْقُصُ الرّطب إذا يبس؟ قالو ا: نعم»
لفظه استفهام، و معناه تنبيه و تقرير لكنه الحكم و علّته، ليكون معتبرا فى نظائره، و إلا فلا يجوز أن يخفى مثل هذا على النبىّ صلى اللّه عليه و سلم، كقوله تعالى: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ؟ و قول جرير: «1»
أ لستم خير من ركب المطايا
(ه) و
فى حديث السّنن العشر «انْتِقَاصُ الماء»
يريد «2» انتقاص البول بالماء إذا غسل المذاكير به.
و قيل: هو الانتضاح بالماء. و يروى بالفاء. و قد تقدّم.
(نقض)-
فيه «أنه سمع نَقِيضاً من فوقه»
النَّقِيضُ: الصّوت. و نقيض المحامل:
صوتها. و نَقِيضُ السّقف: تحريك خشبه.
و
فى حديث هرقل «و لقد تَنَقَّضَتِ الغرفة»
أى تشقّقت و جاء صوتها.
(ه) و
فى حديث هوازن «فَأَنْقَضَ به دريد»
أى نقر بلسانه فى فيه، كما يزجر الحمار، فعله استجهالا «3».
و قال الخطّابى: أَنْقَضَ به: أى صفّق بإحدى يديه على الأخرى، حتى يسمع لهما نَقِيضٌ: أى صوت.
و
فى حديث صوم التّطوّع «فَنَاقَضَنِي و نَاقَضْتُهُ»
هى مفاعلة، من نَقْضِ البناء، و هو هدمه:
أى ينقض قولى، و أَنْقُضُ قوله، و أراد به المراجعة و المراددة.
و منه حديث «نَقْضِ الوتر» أى إبطاله و تشفيعه بركعة لمن يريد أن يتنفّل بعد أن أوتر.
(نقط)-
فى حديث عائشة «فما اختلفوا فى نقطة»
أى فى أمر و قضيّة. هكذا أثبته بعضهم بالنون. و ذكره الهروى فى الباء، و أخذ عليه، و قد تقدّم.
__________________________________________________
(1) ديوانه ص 98. و عجزه:
و أندى العالمين بطون راح
(2) هذا من شرح أبى عبيد، كما فى الهروى.
(3) فى الهروى: «استجهالا له».
107
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقط ص 107
قال بعض المتأخرين: المضبوط المروىّ عند علماء النّقل أنه بالنون، و هو كلام مشهور، يقال عند المبالغة فى الموافقة. و أصله فى الكتابين، يقابل أحدهما بالآخر و يعارض، فيقال: ما اختلفا فى نقطة، يعنى من نقط الحروف و الكلمات: أى أنّ بينهما من الاتّفاق مالم يختلفا معه فى هذا القدر اليسير.
(نقع)
(ه)
فيه «نهى أن يمنع نَقْعُ البئر»
أى فضل مائها، لأنه يُنْقَعُ به العطش:
أى يروى. و شرب حتى نَقَعَ: أى روى. و قيل: النَّقْعُ: الماء النَّاقِعُ، و هو المجتمع.
و منه
الحديث «لا يباع نَقْعُ البئر و لا رهو الماء».
(ه) و منه
الحديث «لا يقعد أحدكم فى طريق أو نقع ماء»
يعنى عند الحدث و قضاء الحاجة.
[ه] و
فيه «أنّ عمر حمى غرز النَّقِيعِ»
هو موضع حماه لنعم الفىء و خيل المجاهدين، فلا يرعاه غيرها، و هو موضع قريب من المدينة، كان يَسْتَنْقِعُ فيه الماء: أى يجتمع.
و منه
الحديث «أوّل جمعة جمّعت فى الإسلام بالمدينة فى نَقِيعِ الخضمات «1»»
و قد تكرر فى الحديث.
(ه س) و منه
حديث محمد بن كعب «إذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمن جاء ملك الموت»
أى إذا اجتمعت فى فيه تريد الخروج، كما يستنقع الماء فى قراره، و أراد بالنّفس الرّوح.
[ه] و منه
حديث الحجّاج «إنكم يا أهل العراق شرّابون علىّ بِأَنْقُعٍ»
هو مثل يضرب للذى جرّب الأمور و مارسها. و قيل: للذى يعاود الأمور المكروهة. أراد أنّهم يجترئون عليه و يتناكرون.
و أَنْقُعٌ: جمع قلّة لِنَقْعٍ، و هو الماء النَّاقِعُ، و الأرض التى يجتمع فيها الماء. و أصله أنّ الطائر الحذر لا يرد المشارع، و لكنّه يأتى الْمَنَاقِعَ يشرب منها، كذلك الرجل الحذر لا يتقحّم الأمور.
و قيل: هو أنّ الدّليل إذا عرف المياه فى الفلوات حذق سلوك الطريق التى تؤدّيه إليها.
(ه) و منه
حديث ابن جريح «أنه ذكر معمر بن راشد فقال: إنه لشرّاب بِأَنْقُع»
أى أنه ركب فى طلب الحديث كلّ حزن، و كتب من كلّ وجه.
__________________________________________________
(1) سبق فى مادة خضم بفتح الضاد. خطأ.
108
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقع ص 108
(س) و
فى حديث بدر «رأيت البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل السّمّ النَّاقِعَ»
أى القاتل. و قد نَقَعْتُ فلانا، إذا قتلته. و قيل: النَّاقِعُ: الثّابت المجتمع، من نَقْعِ الماء.
(س) و
فى حديث الكرم «تتّخذونه زبيبا تُنْقِعُونَهُ»
أى تخلطونه بالماء ليصير شرابا.
و كلّ ما ألقى فى ماء فقد أُنْقِعَ. يقال: أَنْقَعْتُ الدّواء و غيره فى الماء، فهو مُنْقَعٌ. و النَّقُوعُ بالفتح: ما يُنْقَعُ فى الماء من اللّيل ليشرب نهارا، و بالعكس. و النَّقِيعُ: شراب يتّخذ من زبيب أو غيره، ينقع فى الماء من غير طبخ.
و كان عطاء يَسْتَنْقِعُ فى حياض عرفة: أى يدخلها و يتبرّد بمائها.
ه س و
فى حديث عمر «ما عليهنّ أن يسفكن من دموعهنّ على أبى سليمان ما لم يكن نَقْعٌ و لا لقلقة»
يعنى خالد بن الوليد. النَّقْعُ: رفع الصّوت. و نَقَعَ الصّوتُ و اسْتَنْقَعَ، إذا ارتفع.
و قيل: أراد بِالنَّقْعِ شقّ الجيوب.
و قيل: أراد به وضع التّراب على الرءوس، من النّقع: الغبار، و هو أولى؛ لأنه قرن به اللّقلقة، و هى الصّوت، فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد.
(ه) و
فى حديث المولد «فاستقبلوه فى الطريق مُنْتَقِعاً لونه»
أى متغيّرا. يقال: انْتَقَعَ لونه و امتقع، إذا تغيّر من خوف أو ألم و نحو ذلك.
و منه
حديث ابن زمل «فانتقع لون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ساعة ثم سرّى عنه».
(س) و فيه ذكر «النَّقِيعَةُ» و هى طعام يتّخذه القادم من السّفر.
(نقف)
(ه)
فى حديث عبد اللّه بن عمر «1»
«و اعدد اثنى عشر من بنى كعب بن لؤىّ، ثم يكون النَّقْفُ و النِّقَافُ»
أى القتل و القتال. و النَّقْفُ: هشم الرأس: أى تهيج الفتن و الحروب بعدهم.
و منه
حديث مسلم بن عقبة المرّىّ «لا يكون إلّا الوقاف، ثم النّقاف، ثم الانصراف»
أى المواقفة فى الحرب، ثم المناجزة بالسيوف، ثم الانصراف عنها.
__________________________________________________
(1) هكذا فى الأصل و الفائق 3/ 125 و فيه: «اعدد» بإسقاط الواو. و فى ا: «بن عمرو اعدد».
109
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقف ص 109
(ه) و فى رجز كعب و ابن الأكوع:
لكن غذاها حنظل نقيف
أى منقوف، و هو أنّ جانى الحنظل يَنْقُفُهَا بظفره: أى يضربها، فإن صوّتت علم أنها مدركة فاجتناها.
(نقق)
(س) فى رجز مسيلمة.
يا ضفدع نِقِّي كم تَنِقِّين
النَّقِيقُ: صوت الضّفدع، فإذا رجّع صوته قيل: نَقْنَقَ.
(ه) و
فى حديث أم زرع «و دائس و مُنِقٍّ»
قال أبو عبيد: هكذا يرويه أصحاب الحديث بكسر النون «1»، و لا أعرف الْمُنِقَّ.
و قال غيره: إن صحّت الرواية فيكون من النَّقِيقِ: الصّوت. تريد أصوات المواشى و الأنعام.
تصفه بكثرة أمواله.
و مُنِقٍّ: من أَنَقَّ، إذا صار ذا نَقِيقٍ، أو دخل فى النّقيق.
(نقل)
(ه)
فيه «كان على قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم النَّقْل»
هو بفتحتين:
صغار الحجارة أشباه الاثافىّ، فعل بمعنى مفعول: أى منقول.
(ه) و
فى حديث أم زرع «لا سمين فَيُنْتَقَلُ «2»»
أى ينقله الناس إلى بيوتهم فيأكلونه.
(ه) و فى ذكر الشّجاج «الْمُنَقِّلَةِ» هى التى تخرج منها صغار العظام، و تَنْتَقِلُ عن أماكنها، و قيل: التى تَنْقُلُ العظم: أى تكسره.
(نقم)-
فى أسماء اللّه تعالى «الْمُنْتَقِمُ» هو المبالغ فى العقوبة لمن يشاء. و هو مفتعل، من نَقَمَ يَنْقِمُ، إذا بلغت به الكراهة حدّ السّخط.
(س) و منه
الحديث «أنه ما انْتَقَمَ لنفسه قطّ، إلا أن تنتهك محارم اللّه»
أى ما عاقب أحدا على مكروه أتاه من قبله. و قد تكرر فى الحديث. يقال: نَقَمَ يَنْقِمُ، و نَقِمَ يَنْقَمُ. و نَقِمَ من
__________________________________________________
(1) سيأتى فى الصفحة القادمة بالفتح.
(2) يروى «فينتقى» و سيجىء.
110
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقم ص 110
فلان الإحسان، إذا جعله مما يؤدّيه إلى كفر النّعمة.
(س) و منه
حديث الزكاة «ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه اللّه»
أى ما ينقم شيئا من منع الزكاة إلّا أن يكفر النّعمة، فكأن غناه أدّاه إلى كفر نعمة اللّه.
(س) و منه
حديث عمر «فهو كالأرقم، إن يقتل يَنْقَمْ»
أى إن قتله كان له من يَنْتَقِمُ منه. و الأرقم: الحيّة، كانوا فى الجاهليّة يزعمون أن الجنّ تطلب بثأر الجانّ، و هى الحيّة الدقيقة، فربما مات قاتله، و ربما أصابه خبل.
(نقه)
(س)
فيه «قالت أمّ المنذر: دخل علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و معه عليّ و هو نَاقِهٌ»
نَقِهَ المريض يَنْقَهُ فهو نَاقِهٌ، إذا برأ و أفاق، و كان قريب العهد بالمرض لم يرجع إليه كمال صحّته و قوّته.
و
فيه «فَانْقَهْ إذا»
أى افهم و افقه يقال: نَقَهْتُ نَقِهْتُ الحديث، مثل فهمت و فقهت.
(نقا)
(ه)
فى حديث أم زرع «لا سمين فَيُنْتَقَى»
أى ليس له نِقْىٌ فيستخرج.
و النِّقْىُ: المخّ. يقال: نَقَيْتُ العظم و نَقَوْتُهُ، و انْتَقَيْتُهُ.
و
يروى «فينتقل»
باللام. و قد تقدّم.
(س) و منه
الحديث «لا تجزئ فى الأضاحى الكسير التى لا تُنْقِي»
أى التى لا مخّ لها، لضعفها و هزالها.
و
حديث أبى وائل «فغبط منها شاة، فإذا هى لا تُنْقِي».
و منه
حديث عمرو بن العاص يصف عمر «و نَقَتْ له مخّتها»
يعنى الدنيا. يصف ما فتح عليه منها.
و
فيه «المدينة كالكير، تُنْقِي خبثها»
الرواية المشهورة بالفاء. و قد تقدّمت. و قد جاء فى رواية بالقاف، فإن كانت مخفّفة فهو من إخراج المخ: أى تستخرج خبثها، و إن كانت مشددة فهو من التَّنْقِيَةِ، و هو إفراد الجيّد من الرّدىء.
و منه
حديث أم زرع «و دائس و مُنَقٍّ»
هو بفتح النون الذى يُنَقِّي الطّعام: أى يخرجه من قشره و تبنه. و يروى بالكسر. و قد تقدم، و الفتح أشبه، لاقترانه بالدّائس، و هما مختصّان بالطعام.
111
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نقا ص 111
(ه) و
فيه «خلق اللّه جؤجؤ آدم من نقاضريّة»
أى من رملها. و ضريّة: موضع معروف، نسب إلى ضريّة بنت ربيعة بن نزار. و قيل: هى اسم بئر.
(ه) و
فيه «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النَّقِىِّ»
يعنى الخبز الحوّارى.
و منه
الحديث «ما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم النّقىّ من حين ابتعثه اللّه حتى قبضه».
و
فيه «تَنَقَّهْ و توقّه»
رواه الطبرانى بالنون، و قال: معناه تخيّر الصّديق ثم احذره.
و قال غيره: «تبقّه» بالباء: أى أبق المال و لا تسرف فى الإنفاق. و توقّ فى الاكتساب.
و يقال: تبقّ بمعنى استبق، كالتّقصّى بمعنى الاستقصاء.
باب النون مع الكاف
(نكب)-
فى حديث حجّة الوداع «فقال بأصبعه السّبّابة يرفعها إلى السماء و يَنْكُبُهَا إلى الناس»
أى يميلها إليهم، يريد بذلك أن يشهد اللّه عليهم. يقال: نَكَبْتُ الإناء نَكْباً، و نَكَّبْتُهُ تَنْكِيباً، إذا أماله و كبّه.
(ه) و منه
حديث سعد «قال يوم الشّورى: إنى نَكَبْتُ قرنى فأخذت سهمى الفالج»
أى كببت كنانتى.
(ه) و
حديث الحجّاج «إن أمير المؤمنين نَكَبَ كنانته فعجم عيدانها».
(س) و
فى حديث الزّكاة «نَكِّبُوا عن الطّعام»
يريد الأكولة و ذوات اللّبن، و نحوهما: أى أعرضوا عنها و لا تأخذوها فى الزكاة، و دعوها لأهلها. فيقال فيه: نَكَبَ و نَكَّبَ.
و منه
الحديث الآخر «نَكِّبْ عن ذات الدّرّ».
(س) و
الحديث الآخر «قال لوحشىّ: تَنَكَّبْ عن وجهى»
أى تنحّ، و أعرض عنّى.
(ه) و
حديث عمر «نَكِّبْ عنا ابن أمّ عبد»
أى نحّه عنّا. و قد نَكَّبَ عن الطريق، إذا عدل عنه، و نكّب غيره.
112
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نكب ص 112
و
فى حديث قدوم المستضعفين بمكة «فجاءوا يسوق بهم الوليد بن الوليد، و سار ثلاثا على قدميه، و قد نَكِبَ بالحرّة»
أى نالته حجارتها و أصابته.
و منه النَّكْبَةُ: و هى ما يصيب الإنسان من الحوادث.
(س) و منه
الحديث «أنه نَكِبَتْ إصبعه»
أى نالتها الحجارة.
و
فيه «كان إذا خطب بالمصلّى تَنَكَّبَ على قوس أو عصا»
أى اتّكأ عليها. و أصله من تَنَكَّبَ القوس و انْتَكَبَهَا، إذا علّقها فى منكبه.
(س) و
فى حديث ابن عمر «خياركم ألينكم مَنَاكِبَ فى الصلاة»
الْمَنَاكِبُ: جمع مَنْكِبْ، و هو ما بين الكتف و العنق. أراد لزوم السّكينة فى الصلاة.
و قيل: أراد ألّا يمتنع على من يجىء ليدخل فى الصّف لضيق المكان، بل يمكّنه من ذلك.
(س) و
فى حديث النّخعىّ «كان يتوسّط العرفاء و المناكب»
الْمَنَاكِبُ: قوم دون العرفاء، واحدهم: منكب. و قيل: الْمَنْكِبْ: رأس العرفاء. و قيل: أعوانه.
و النِّكَابَةُ: كالعرافة و النّقابة.
(نكت)
(س)
فيه «بينا هو يَنْكُتُ إذ انتبه»
أى يفكّر و يحدّث نفسه.
و أصله من النَّكْتِ بالحصى، و نَكْت الأرض بالقضيب، و هو أن يؤثّر فيها بطرفه، فعل المفكّر المهموم.
(س) و منه
الحديث «فجعل يَنْكُتُ بقضيب»
أى يضرب الأرض بطرفه.
(س) و
حديث عمر «دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى»
أى يضربون به الأرض.
(ه) و
فى حديث أبى هريرة «ثم لَأَنْكُتَنَّ بك الأرض»
أى أطرحك على رأسك.
يقال: طعنه فَنَكَتَهُ، إذا ألقاه على رأسه.
(ه) و
فى حديث ابن مسعود «أنه ذرق على رأسه عصفور، فنكته بيده»
أى رماه عن رأسه إلى الأرض.
113
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نكت ص 113
(س) و
فى حديث الجمعة «فإذا فيها نُكْتَةٌ سوداء»
أى أثر قليل كالنّقطة، شبه الوسخ فى المرآة و السّيف، و نحوهما.
(نكث)
(س)
فى حديث عليّ «أمرت بقتال النَّاكِثِينَ، و القاسطين، و المارقين»
النَّكْثُ: نقض العهد. و الاسم: النِّكْثُ، بالكسر. و قد نَكَثَ يَنْكُثُ. و أراد بهم أهل وقعة الجمل، لأنّهم كانوا بايعوه ثم نقضوا بيعته و قاتلوه، و أراد بالقاسطين أهل الشام، و بالمارقين الخوارج.
(ه) و
فى حديث عمر «أنه كان يأخذ النِّكْثَ و النّوى من الطريق، فإن مرّ بدار قوم رمى بهما فيها، و قال: انتفعوا بهذا»
النِّكْثُ، بالكسر: الخيط الخلق من صوف أو شعر أو وبر، سمّى به لأنه ينقض ثم يعاد فتله.
(نكح)-
فى حديث قيلة «انطلقت إلى أخت لى نَاكِحٍ فى بنى شيبان»
أى ذات نِكَاحٍ، يعنى متزوّجة، كما يقال: حائض و طاهر و طالق: أى ذات حيض و طهارة و طلاق.
و لا يقال: نَاكِحَةٌ، إلا إذا أرادوا بناء الاسم من الفعل، فيقال: نَكَحَتْ فهى نَاكِحَةٌ.
(س) و منه
حديث سبيعة «ما أنت «1» بناكح حتى تنقضى العدّة».
و
فى حديث معاوية «و لست بِنُكَحٍ طلقة»
أى كثير التّزويج و الطّلاق، و المعروف أن يقال: نُكَحَةٌ، و لكن هكذا روى، و فعلة: من أبنية المبالغة لمن يكثر منه الشيء.
(نكد)
(س)
فى حديث هوازن «و لا درّها بماكد، أو نَاكِدٍ»
قال القتيبى:
إن كان المحفوظ ناكدا، فإنه أراد القليل؛ لأن النَّاكِدَ الناقة الكثيرة اللّبن، فقال: ما درّها بغزير. و النَّاكِدُ أيضا: القليلة اللّبن. و قيل: هى التى مات ولدها. و الماكد قد تقدّم.
و فى قصيد كعب:
قامت فجاوبها نُكْدٌ مثاكيل
النُّكْدُ: جمع نَاكِد، و هى التى لا يعيش لها ولد.
(نكر)
(ه)
فى حديث أبى سفيان «قال: إنّ محمدا لم يُنَاكِرْ أَحَداً قطّ إلا كانت
__________________________________________________
(1) فى الأصل، و ا: «أنت» بالفتح. و ضبطته بالكسر من النسخة 517، و اللسان.
114
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نكر ص 114
معه الأهوال»
أى لم يحارب. و الْمُنَاكَرَةُ: المحاربة، لأنّ كل واحد من المتحاربين يُنَاكِرُ الآخر:
أى يداهيه و يخادعه.
و الأهوال: المخاوف و الشّدائد. و هذا
كقوله عليه الصلاة و السلام «نصرت بالرّعب».
(ه) و منه
حديث أبى وائل و ذكر أبا موسى فقال: «ما كان أنكره!»
أى أدهاه، من النُّكْرِ، بالضم: و هو الدّهاء، و الأمر الْمُنْكَر. و يقال للرجل إذا كان فطنا: ما أشدّ نَكْرَهُ، بالضم و الفتح.
و منه
حديث معاوية «إنّى لأكره النَّكَارَةَ فى الرجل»
يعنى الدّهاء.
(ه) و
فى حديث بعضهم «1»
«كنت لى أشدّ نَكَرَةً»
النَّكَرَةُ بالتحريك: الاسم من الإنكار، كالنّفقة من الإنفاق.
و قد تكرر ذكر «الْإِنْكَارُ و الْمُنْكَرُ» فى الحديث، و هو ضدّ المعروف. و كلّ ما قبّحه الشرع و حرّمه و كرهه فهو مُنْكَرٌ. يقال: أَنْكَرَ الشيءَ يُنْكِرُهُ إِنْكَاراً، فهو منكر، و نَكِرَهُ يَنْكَرُهُ نُكْراً، فهو مَنْكُورٌ، و اسْتَنْكَرَهُ فهو مُسْتَنْكِرٌ. و النَّكِيرُ: الْإِنْكَارُ.
و الْإِنْكَارُ: الجحود. و مُنْكَرٌ و نَكِيرٌ: اسما الملكين، مفعل و فعيل.
(نكس)-
فى حديث أبى هريرة «تعس عبد الدّينار و انْتَكَسَ»
أى انقلب على رأسه. و هو دعاء عليه بالخيبة؛ لأنّ من انتكس فى أمره فقد خاب و خسر.
(ه) و
فى حديث ابن مسعود «قيل له: إنّ فلانا يقرأ القرآن مَنْكُوساً، فقال: ذلك مَنْكُوسُ القلب»
قيل: هو أن يبدأ من آخر السّورة حتى يقرأها إلى أوّلها. و قيل: هو أن يبدأ من آخر القرآن، فيقرأ السّور ثم يرتفع إلى البقرة «2».
(س) و
فى حديث جعفر الصادق «لا يحبّنا ذو رحم مَنْكُوسَة»
قيل: هو المأبون؛ لانقلاب شهوته إلى دبره.
(س) و
فى حديث الشّعبىّ «قال فى السّقط: إذا نُكِسَ فى الخلق الرابع عتقت به
__________________________________________________
(1) بهامش اللسان: «عبارة النهاية: و فى حديث عمر بن عبد العزيز».
(2) و هو قول أبى عبيد، كما ذكر الهروى.
115
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نكس ص 115
الأمّة، و انقضت به عدّة الحرّة»
أى إذا قلب و ردّ فى الخلق الرابع، و هو المضغة؛ لأنه أوّلا تراب ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة.
و فى قصيد كعب:
زالوا فما زال أنكاس و لا كشف
الْأَنْكَاسُ: جمع نِكْس، بالكسر، و هو الرجل الضّعيف.
(نكش)
(ه)
فى حديث عليّ «ذكره رجل فقال: عنده شجاعة ما تُنْكَشُ»
أى ما تستخرج و لا تنزف؛ لأنها بعيدة الغاية، يقال: هذه بئر ما تنكش: أى ما تنزح.
(نكص)-
فى حديث عليّ و صفّين «قدّم للوثبة يدا، و أخّر للنّكوص رجلا»
النُّكوُصُ: الرّجوع إلى وراء، و هو القهقرى. نَكَصَ يَنْكُصُ فهو نَاكِصٌ. و قد تكرّر فى الحديث.
(نكف)
(ه)
فيه «أنه سئل عن قول: سبحان اللّه، فقال: إِنْكَافُ اللّه من كلّ سوء»
أى تنزيهه و تقديسه. يقال: نَكِفْتُ «1» من الشيء و اسْتَنْكَفْتُ منه: أى أَنِفْتُ منه.
و أَنْكَفْتُهُ: أى نزّهته عمّا يُسْتَنْكَفُ.
(ه) و
فى حديث عليّ «جعل يضرب بالمعول حتى عرق جبينه و انْتَكَفَ العرق عن جبينه»
أى مسحه و نحّاه. يقال: نَكَفْتُ الدمع و انْتَكَفْتُهُ، إذا نحيّته بإصبعك من خدّك.
(ه) و
فى حديث حنين «قد جاء جيش لا يكتّ و لا يُنْكَفُ»
أى لا يحصى و لا يبلغ آخره. و قيل: لا ينقطع آخره، كأنه من نَكْفِ الدّمع.
(نكل)
(ه)
فيه «إن اللّه يحب النَّكَلَ على النَّكَلِ، قيل: و ما ذاك؟ قال:
الرجل القوىّ المجرّب المبدىء المعيد، على الفرس القوىّ المجرّب»
النَّكَلُ بالتحريك: من التَّنْكِيلِ، و هو المنع و التَّنْحِيَةُ عمّا يريد. يقال: رجل نَكَلٌ و نِكْلٌ، كشبه و شبه: أى يُنَكَّلُ به أعداؤه. و قد نَكَلَ «2» عن الأمر يَنْكُلُ، و نَكِلَ يَنْكَلُ، إذا امتنع.
__________________________________________________
(1) من باب تعب، و من باب قتل، لغة. كما ذكر صاحب المصباح.
(2) كضرب، و نصر، و علم، كما فى القاموس.
116
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نكل ص 116
و منه النُّكُولُ فى اليمين، و هو الامتناع منها، و ترك الإقدام عليها.
[ه] و منه
الحديث «مضر صخرة اللّه التى لا تُنْكَلُ»
أى لا تدفع عما سلّطت عليه لثبوتها فى الأرض. يقال: أَنْكَلْتُ الرجل عن حاجته، إذا دفعته عنها.
(س) و
فى حديث ماعز «لَأَنْكُلَنَّهُ عنهنّ»
أى لأمنعنّه.
(ه) و
في حديث عليّ «غير «1» نَكِلٍ في قدم»
أى بغير جبن و إحجام فى الإقدام.
و
فى حديث وصال الصّوم «لو تأخّر لزدتكم، كَالتَّنْكِيلِ لهم»
أى عقوبة لهم. و قد نَكَّلَ به تنكيلا، و نَكَّلَ به، إذا جعله عبرة لغيره. و النَّكَالُ: العقوبة التى تَنْكُلُ الناسَ عن فعل ما جعلت له جزاء.
و
فيه «يؤتى بقوم فى النُّكُولِ»
يعنى القيود، الواحد: نِكْل، بالكسر، و يجمع أيضا على أَنْكَال؛ لأنها يُنْكَلُ بها: أى يمنع.
(نكه)
(س)
فى حديث شارب الخمر «اسْتَنْكِهُوهُ»
أى شمّوا نَكْهَتَهُ و رائحة فمه، هل شرب الخمر أم لا؟
و
فيه «أخاف أن تَنْكَهَ قلوبكم»
هكذا جاء فى رواية. و
المعروف «أن تنكره»
قال بعضهم: إنّ الهاء بدل من همزة: نَكَأْتُ الجرح، إذا قشرته، يريد أخاف أن تَنْكَأَ قلوبكم، و توغر صدوركم، فقلب الهمزة.
(نكا)
(س)
فيه «أو يَنْكِي لك عدوّا»
يقال: نَكَيْتُ فى العدوّ أَنْكِي نِكَايَةً فأنا نَاكٍ، إذا أكثرت فيهم الجراح و القتل، فوهنوا لذلك، و قد يهمز لغة فيه. يقال:
نَكَأْتُ القرحة أَنْكَؤُهَا، إذا قشرتها.
باب النون مع الميم
(نمر)
(س)
فيه «نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن ركوب النِّمَارِ» و فى رواية «النُّمُورُ»
أى جلود النّمور، و هى السّباع المعروفة، واحدها: نَمِر. إنما نهى عن استعمالها لما فيها
__________________________________________________
(1) فى الهروى، و الفائق 1/ 389: «بغير نكل» و فى الهروى: «قدم».
117
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نمر ص 117
من الزّينة و الخيلاء، و لأنه زىّ الأعاجم، أو لأن شعره لا يقبل الدّباغ عند أحد الأئمة إذا كان غير ذكىّ و لعلّ أكثر ما كانوا يأخذون جلود النّمور إذا ماتت، لأن اصطيادها عسير.
(س) و منه
حديث أبى أيوب «أنه أتى بدابّة سرجها نمور، فنزع الصُّفّة» يعنى [الميثرة، فقيل «1»: الجديات نمور، يعنى] «2» البداد. فقال: إنما ينهى عن الصّفّة».
و
فى حديث الحديبية «قد لبسوا لك جلود النّمور»
هو كناية عن شدّة الحقد و الغضب، تشبيها بأخلاق النّمر و شراسته.
(ه) و
فيه «فجاءه قوم مجتابى «3» النّمار»
كلّ شملة مخطّطة من مآزر الأعراب فهى نمرة، و جمعها: نمار، كأنها أخذت من لون النّمر؛ لما فيها من السّواد و البياض. و هى من الصّفات الغالبة، أراد أنه جاءه قوم لابسى أزر مخطّطة من صوف.
(ه) و منه
حديث مصعب بن عمير «أقبل إلى النبى صلى اللّه عليه و سلم و عليه نمرة».
و
حديث خبّاب «لكن حمزة لم يكن له إلّا نمرة ملحاء»
و قد تكرر ذكرها فى الحديث، مفردة و مجموعة.
و
فى حديث الحج «حتى أتى نَمِرَةَ»
هو الجبل الذى عليه أنصاب الحرم بعرفات.
و
فى حديث أبى ذر «الحمد للّه الذى أطعمنا الخمير و سقانا النَّمِيرَ»
الماء النّمير:
النّاجع فى الرّىّ.
و منه
حديث معاوية «خبز خمير و ماء نَمِيرٌ».
(نمرق)
(س)
فيه «اشتريت نُمْرُقَة»
أى وسادة، و هى بضم النون و الراء و بكسرهما، و بغير هاء، و جمعها: نَمَارِقُ.
و منه حديث هند يوم أحد:
نحن بنات طارق نمشى على النَّمَارِقِ.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «فقال» و التصحيح من النسخة 517، و اللسان، و مما سبق فى مادة (جدا).
(2) ساقط من ا.
(3) نصب على الحالية من «قوم» الموصوفة. و انظر صحيح مسلم (باب الحث على الصدقة من كتاب الزكاة ص 705). و فيه: «فجاءه قوم حفاة عراة مجتابى النّمار ...
118
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نمس ص 119
(نمس)
(ه)
فى حديث المبعث «إنه ليأتيه النَّامُوسُ الأكبرُ»
النَّامُوسُ:
صاحب سرّ الملك.
[و هو خاصّه الذى يطلعه على ما يطويه عن غيره من سرائره] «1».
و قيل: النَّامُوسُ: صاحب سرّ الخير، و الجاسوس: صاحب سرّ الشّرّ، و أراد به جبريل عليه السلام، لأنّ اللّه تعالى خصّه بالوحى و الغيب اللّذين لا يطّلع عليهما غيره.
و منه
حديث ورقة «لئن كان ما تقولين حقّا ليأتيه «2» الناموس الذى كان يأتى موسى عليه السلام».
(س) و
فى حديث سعد «أسد فى ناموسته»
النَّامُوسُ: مَكْمَنُ الصّيّاد، فشبّه به موضع الأسد. و النَّامُوسُ: المكر و الخداع. و التَّنْمِيسُ: التّلبيس.
(نمش)
(س)
فيه «فعرفنا نَمَشَ أيديهم فى العذوق»
النَّمَشُ، بفتح الميم و سكونها:
الأثر: أى أثر أيديهم فيها. و أصل النَّمَشِ: نقط بيض و سود فى اللّون. و ثور نَمِشٌ، بكسر الميم.
(نمص)
(ه)
فيه «أنه لعن النَّامِصَةَ و الْمُتَنَمِّصَةَ»
النَّامِصَةُ: التى تنتف الشّعر من وجهها.
و الْمُتَنَمِّصَةُ: التى تأمر من يفعل بها ذلك.
و
بعضهم يرويه «الْمُنْتَمِصَةُ»
بتقديم النون على التاء. و منه قيل للمنقاش: مِنْمَاص.
(نمط)
(ه)
في حديث عليّ «خير هذه الأمّة النَّمَطُ الأوسط»
النَّمَطُ: الطريقة من الطّرائق، و الضّرب من الضّروب. يقال: ليس هذا من ذلك النّمط: أى من ذلك الضّرب. و النَّمَطُ:
الجماعة من الناس أمرهم واحد. كره علىّ الغلوّ و التّقصير فى الدّين.
و
فى حديث ابن عمر «أنه كان يجلّل بُدْنَهُ الْأَنْمَاطَ»
هى ضرب من البسط له خمل رقيق، واحدها: نَمَطٌ.
__________________________________________________
(1) ساقط من او الهروى، و نسختين أخريين من النهاية، برقمى 517، 590. و هو فى الأصل، و الفائق 1/ 164 و فيه: «خاصّته».
(2) فى الأصل: «ليأتينه» و أثبت ما فى ا، و اللسان، و الصحاح، و الفائق 1/ 163.
119
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نمط ص 119
و منه
حديث جابر «و أنّى لنا أنماط؟».
(نمل)-
فيه «لا رقية إلا فى ثلاث: النَّمْلَةِ و الحمة و النّفس»
النَّمْلَةُ: قروح تخرج فى الجنب.
(س ه) و منه
الحديث «قال للشّفّاء: علّمى حفصة رقية النَّمْلَةِ»
قيل: إن هذا من لغز الكلام و مزاحه،
كقوله للعجوز: «لا تدخل العجز الجنة»
و ذلك أن رقيه النملة شيء كانت تستعمله النساء، يعلم كلّ من سمعه أنه كلام لا يضرّ و لا ينفع.
و رقية النملة التى كانت تعرف بينهنّ أن يقال: العروس تحتفل و تختضب و تكتحل، و كلّ شيء تفتعل، غير ألّا تعصى الرجل.
و يروى عوض تحتفل «تنتعل»، و عوض تختضب «تقتال»، فأراد صلى اللّه عليه و سلم بهذا المقال تأنيب حفصة؛ لأنه ألقى إليها سرّا فأفشته.
(ه) و
فيه «أنه نهى عن قتل أربع من الدّوابّ، منها النَّمْلَةُ»
قيل: إنما نهى عنها لأنها قليلة الأذى. و قيل: أراد نوعا منه خاصّا، و هو الكبار ذوات الأرجل الطّوال. قال الحربى:
النّمل «1»: ما كان له «2» قوائم، فأمّا الصّغار فهو «3» الذَّرُّ.
(س) و
فيه «نَمِلٌ بالأصابع»
أى كثير العبث بها. يقال: رجل نَمِلُ الأصابع:
أى خفيفها فى العمل.
(نمم)-
قد تكرر فيه ذكر «النَّمِيمَةِ» و هى نقل الحديث من قوم إلى قوم، على جهة الإفساد و الشّرّ. و قد نَمَّ الحديث يَنِمُّهُ و يَنُمُّهُ نَمّاً فهو نَمَّامٌ، و الاسم النَّمِيمَةُ، و نَمَّ الحديثُ، إذا ظهر، فهو متعدّ و لازم.
(نمنم)
(س)
فى حديث سويد بن غفلة «4»
«أنه أتى بناقة مُنَمْنَمَة»
أى سمينة ملتفّة.
و النّبت الْمُنَمْنَم: الملتفّ المجتمع.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «النملة»
(2) فى الهروى: «لها»
(3) فى الهروى: «فهى».
(4) فى الأصل، وا: «عفلة» بالمهملة. و هو خطأ، صوابه بالمعجمة من أسد الغابة 2/ 379 و الإصابة 3/ 152.
120
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نما ص 121
(نما)
(ه)
فيه «ليس بالكاذب من أصلح بين الناس، فقال خيرا أو نَمَى خيرا»
يقال: نَمَيْتُ الحديث أَنْمِيهِ، إذا بلّغته على وجه الإصلاح و طلب الخير، فإذا بلّغته على وجه الإفساد و النّميمة، قلت: نَمَّيْتُهُ، بالتشديد. هكذا قال أبو عبيد و ابن قتيبة و غيرهما من العلماء.
و قال الحربى: نَمَّى مشدّدة. و أكثر المحدّثين يقولونها مخففة. و هذا لا يجوز، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يكن يلحن. و من خفّف لزمه أن يقول: خير، بالرفع. و هذا ليس بشيء، فإنه ينتصب بنمى، كما انتصب بقال، و كلاهما على زعمه لازمان، و إنّما نَمَى متعدّ. يقال:
نَمَيْتُ الحديثَ: أى رفعته و أبلغته.
[ه] و
فيه «لا تمثّلوا بنامية اللّه»
النَّامِيَةُ: الخلق، من نَمَى الشيء يَنْمِي و يَنْمُو، إذا زاد و ارتفع.
(س) و منه
الحديث «يَنْمِي صعدا»
أى يرتفع و يزيد صعودا.
(ه) و منه
الحديث «أن رجلا أراد الخروج إلى تبوك، فقالت له أمّه، أو امرأته:
كيف بالودىّ؟ فقال: الغزو أَنْمَى للودىّ»
أى ينميه اللّه للغازى، و يحسن خلافته عليه.
و منه
حديث معاوية «لبعت الفانية و اشتريت النَّامِيَةَ»
أى لبعت الهرمة من الإبل، و اشتريت الفتيّة منها.
(ه) و
فيه «كُلْ ما أصميت و دع ما أَنْمَيْتَ»
الْإِنْمَاءُ: أن ترمى الصيد فيغيب عنك فيموت و لا تراه. يقال: أَنْمَيْتُ الرّميّة فَنَمَتْ تَنْمِي، إذا غابت ثم ماتت. و إنما نهى عنها، لأنك لا تدرى هل ماتت برميك أو بشيء غيره.
و
فيه «من ادّعى إلى غير أبيه أو انْتَمَى إلى غير مواليه»
أى انتسب إليهم و مال، و صار معروفا بهم. يقال: نَمَيْتُ الرجل إلى أبيه نَمْياً: نسبته إليه، و انتمى هو.
(ه) و
فى حديث ابن عبد العزيز «أنه طلب من امرأته نُمِّيَّةً أو نَمَامِىَّ، ليشترى به عنبا، فلم يجدها»
النُّمِّيَّةُ: الفلس، و جمعها: نَمَامِيُّ، كذرّيّة و ذرارىّ.
قال الجوهرى: النُّمِّيُّ «1»: الفلس، بالرّوميّة. و قيل «2»: الدرهم الذى فيه رصاص أو نحاس، الواحدة: نُمِّيَّة.
__________________________________________________
(1) الصحاح (نمم) و فيه زيادة: «بالضم».
(2) القائل هو أبو عبيد، كما صرح به فى الصحاح.
121
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
باب النون مع الواو ص 122
باب النون مع الواو
(نوأ)
(ه)
فيه «ثلاث من أمر الجاهليّة: الطّعن فى الأنساب، و النّياحة، و الْأَنْوَاءُ»
قد تكرر ذكر «النَّوْءِ و الأنواء» فى الحديث.
و منه
الحديث «مطرنا بنوء كذا».
و
حديث عمر «كم بقى من نَوْءِ الثّريّا»
و الأنواء: هى ثمان و عشرون منزلة، ينزل القمر كلّ ليلة فى منزلة منها. و منه قوله تعالى وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ و يسقط فى الغرب كلّ ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر، و تطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت فى الشرق، فتنقضى جميعها مع انقضاء السّنة. و كانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة و طلوع رقيبها يكون مطر، و ينسبونه إليها، فيقولون:
مطرنا بنوء كذا.
و إنما سمّى نوءا؛ لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب نَاءَ الطالع بالمشرق، يَنُوءُ نَوْءاً: أى نهض و طلع.
و قيل: أراد بِالنَّوْءِ الغروب، و هو من الأضداد.
قال أبو عبيد: لم نسمع فى النّوء أنه السّقوط إلا فى هذا الموضع.
و إنما غلّظ النبىّ صلى اللّه عليه و سلم فى أمر الأنواء لأنّ العرب كانت تنسب المطر إليها. فأما من جعل المطر من فعل اللّه تعالى، و أراد بقوله: «مطرنا بنوء كذا» أى فى وقت كذا، و هو هذا النّوء الفلانى، فإنّ ذلك جائز: أى أنّ اللّه قد أجرى العادة أن يأتى المطر فى هذه الأوقات.
(س) و
فى حديث عثمان «أنه قال للمرأة التى ملّكت أمرها فطلّقت زوجها، فقالت:
أنت طالق، فقال عثمان: إنّ اللّه خطّأ نوءها، ألا طلّقت نفسها؟»
قيل: هو دعاء عليها، كما يقال:
لا سقاه اللّه الغيث، و أراد بالنّوء الذى يجىء فيه المطر.
قال الحربى: و هذا لا يشبه الدعاء، إنما هو خبر. و الذى يشبه أن يكون دعاء:
حديث ابن عباس «خطّأ اللّه نوءها»
و المعنى فيهما: لو طلّقت نفسها لوقع الطّلاق.
122
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نوأ ص 122
فحيث طلّقت زوجها لم يقع، فكانت كمن يخطئه النّوء فلا يمطر.
(س) و
فى حديث الذى قتل تسعا و تسعين نفسا «فَنَاءَ بصدره»
أى نهض. و يحتمل أنه بمعنى نَأَى: أى بعد. يقال: نَاءَ و نأى بمعنى.
(س) و منه
الحديث «لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على من نَاوَأَهُمْ»
أى ناهضهم و عاداهم. يقال: نَاوَأْتُ الرجل نِوَاءً و مُنَاوَأَةً، إذا عاديته. و أصله من نَاءَ إليك و نُؤْتَ إليه، إذا نهضتما.
(ه) و منه
حديث الخيل «و رجل ربطها فخرا و رياء و نِوَاءً لأهل الإسلام»
أى معاداة لهم.
(نوب)
(س)
فى حديث خيبر «قسمها نصفين: نصفا لِنَوَائِبِهِ و حاجاته، و نصفا بين المسلمين»
النَّوَائِبُ: جمع نَائِبَة، و هى ما ينوب الإنسان: أى ينزل به من المهمّات و الحوادث. و قد نَابَهُ يَنُوبُهُ نَوْباً، و انْتَابَهُ، إذا قصده مرّة بعد مرّة.
و منه
حديث الدعاء «يا أرحم من انْتَابَهُ المسترحمون».
و
حديث صلاة الجمعة «كان الناس يَنْتَابُونَ الجمعة من منازلهم».
(س) و منه
الحديث «احتاطوا لأهل الأموال فى النَّائِبَةِ و الواطئة»
أى الأضياف الذين ينوبونهم.
و
فى حديث الدعاء «و إليك أَنَبْتُ»
الْإِنَابَةُ: الرجوع إلى اللّه بالتّوبة يقال: أَنَابَ يُنِيبُ إِنَابَةً فهو مُنِيبٌ، إذا أقبل و رجع. و قد تكرر فى الحديث.
(نوت)-
في حديث عليّ «كأنه قلع دارىّ عنجه نُوتِيَّه»
النُّوتِىُّ: الملّاح الذى يدبّر السفينة فى البحر. و قد نَاتَ يَنُوتُ نَوْتاً، إذا تمايل من النّعاس، كأنّ النُّوتِىُّ: الملّاح الذى يدبّر السفينة فى البحر. و قد نات ينوت نوتا، إذا تمايل من النّعاس، كأنّ النوتىّ يميل السفينة من جانب إلى جانب.
(س) و منه
حديث ابن عباس فى قوله تعالى: تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ أنهم كانوا نَوَّاتِينَ»
أى ملّاحين. تفسيره فى الحديث.
(نوح)
(س)
فى حديث ابن سلام «لقد قلت القول العظيم يوم القيامة، فى الخليفة
123
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نوح ص 123
من بعد نُوحٍ»
قيل: أراد بنوح عُمَرَ، و ذلك
أن النبى صلى اللّه عليه و سلم استشار أبا بكر و عمر رضى اللّه عنهما فى أسارى بدر، فأشار عليه أبو بكر بالمنّ عليهم، و أشار عليه عمر بقتلهم، فأقبل النبى صلى اللّه عليه و سلم على أبى بكر و قال: «إن إبراهيم كان ألين فى اللّه من الدّهن باللّبن «1»» و أقبل على عمر فقال: «إن نوحا كان أشدّ فى اللّه من الحجر» فشبّه أبا بكر بإبراهيم حين قال «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» و شبّه عمر بنوح، حين قال: «لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً».
و أراد ابن سلام أن عثمان خليفة عمر الذى شبّه بنوح، و أراد بيوم القيامة يوم الجمعة، لأنّ ذلك القول كان فيه.
و
عن كعب أنه رأى رجلا يظلم رجلا يوم الجمعة، فقال: ويحك، تظلم رجلا يوم القيامة!
و القيامة تقوم يوم الجمعة. و قيل: أراد أنّ هذا القول جزاؤه عظيم يوم القيامة.
(نود)
(س)
فيه «لا تكونوا مثل اليهود، إذا نشروا التّوراة نَادُوا»
يقال: نَادَ يَنُودُ، إذا حرّك رأسه و أكتافه. و نَادَ من النّعاس نَوْداً، إذا تمايل.
(نور)-
فى أسماء اللّه تعالى «النُّورُ» هو الذى يبصر بنوره ذو العماية، و يرشد بهداه ذو الغواية. و قيل: هو الظاهر الذى به كلّ ظهور. فالظاهر فى نفسه المظهر لغيره يسمّى نُوراً.
و
فى حديث أبى ذر «قال له ابن شقيق: لو رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كنت أسأله: هل رأيت ربّك؟ فقال: قد سألته، فقال: نور أنّى أراه؟»
أى هو نور كيف أراه «2».
سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: ما زلت «3» منكرا له، و ما أدرى ما وجهه.
و قال ابن خزيمة: فى القلب من صحّة هذا الخبر شيء، فإنّ ابن شقيق لم يكن يثبت أباذر.
و قال بعض أهل العلم: النّور جسم و عرض، و البارى جلّ و عزّ ليس بجسم و لا عرض، و إنما
__________________________________________________
(1) فى اللسان: «اللّيّن».
(2) انظر النووى على مسلم (باب ما جاء فى رؤية اللّه عز و جل، من كتاب الإيمان).
(3) فى اللسان: «ما رأيت».
124
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نور ص 124
المراد أن حجابه النّور. و كذا روى فى حديث أبى موسى. و المعنى: كيف أراه و حجابه النّور: أى إن النّور يمنع من رؤيته.
و
فى حديث الدعاء «اللهم اجعل فى قلبى نُوراً»
و باقى أعضائه «1». أراد ضياء الحقّ و بيانه، كأنه قال: اللهمّ استعمل هذه الأعضاء منّى فى الحقّ. و اجعل تصرّفى و تقلّبى فيها على سبيل الصواب و الخير.
(ه) و
فى صفته صلى اللّه عليه و سلم «أَنْوَرُ المتجرّد»
أى نيّر لون الجسم. يقال للحسن المشرق اللّون: أَنْوَر، و هو أفعل من النور. يقال: نَارَ فهو نَيِّرٌ، و أَنَارَ فهو مُنِيرٌ.
و
فى حديث مواقيت الصلاة «أنه نَوَّرَ بالفجر»
أى صلّاها و قد استنار الأفق كثيرا.
(ه) و
في حديث عليّ «نائرات الأحكام، و منيرات الإسلام»
النَّائِرَاتُ: الواضحات البيّنات، و الْمُنِيرَات كذلك. فالأولى من نار، و الثانية من أنار، و أنار لازم و متعدّ.
(ه) و منه
الحديث «فرض عمر للجدّ ثم أَنَارَهَا زيد بن ثابت»
أى أوضحها و بيّنها.
(ه) و
فيه «لا تستضيئوا بِنَارِ المشركين»
أراد بالنار هاهنا «2» الرأى: أى لا تشاوروهم.
فجعل الرأى مثلا للضّوء عند الحيرة.
(ه) و
فيه «أنا برىء من كل مسلم مع مشرك، قيل: لِمَ يا رسولَ اللّه؟ قال: لا تراأى ناراهما»
أى لا تجتمعان بحيث تكون نار أحدهما مقابل نار الآخر.
و قيل: هو من سمة الإبل بالنار. و قد تقدّم مشروحا فى حرف الراء.
(ه) و منه
حديث صعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق «قال: و ما ناراهما «3»؟»
أى ما سمتهما التى وسمتا بها، يعنى ناقتيه الضالّتين، فسمّيت السّمة نارا لأنها تكوى بالنار، و السّمة: العلامة.
(س) و
فيه «الناس شركاء فى ثلاثة: الماء و الكلأ و النار»
أراد: ليس لصاحب النار
__________________________________________________
(1) انظر صحيح مسلم (باب الدعاء فى صلاة الليل، من كتاب صلاة المسافرين و قصرها) ص 530.
(2) هذا شرح ابن الأعرابى، كما ذكر الهروى.
(3) فى الهروى، و الفائق 3/ 133: «و ما نارهما».
125
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نور ص 124
أن يمنع من أراد أن يستضىء منها أو يقتبس.
و قيل: أراد بالنار الحجارة التى تورى النار: أى لا يمنع أحد أن يأخذ منها.
و
فى حديث الإزار «و ما كان أسفل من ذلك فهو فى النار»
معناه أنّ ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل فى النار، عقوبة له على فعله.
و قيل: معناه أنّ صنيعه ذلك و فعله فى النار: أى أنه معدود محسوب من أفعال أهل النار.
و
فيه «أنه قال لعشرة أنفس فيهم سمرة: آخركم يموت فى النار» فكان سمرة آخر العشرة موتا. قيل: إنّ سمرة أصابه كزاز شديد، فكان لا يكاد يدفأ، فأمر بقدر عظيمة فملئت ماء، و أوقد تحتها، و اتّخذ فوقها مجلسا، و كان يصعد إليه بخارها فيدفئه، فبينا هو كذلك خسفت به فحصل فى النار، فذلك الذى قال له.
و اللّه أعلم.
(س) و
فى حديث أبى هريرة «العجماء جبار، و النار جبار»
قيل: هى النار يوقدها الرجل فى ملكه، فتطيّرها الريح إلى مال غيره فيحترق و لا يملك ردّها، فتكون هدرا.
و قيل: الحديث غلط فيه عبد الرزّاق، و قد تابعه عبد الملك الصّنعانى.
و قيل: هو تصحيف «البئر»، فإنّ أهل اليمن يميلون النار فتنكسر النون، فسمعه بعضهم على الإمالة فكتبه بالياء فقرأوه مصحّفا بالباء.
و البئر هى التى يحفرها الرجل فى ملكه أو فى موات، فيقع فيها إنسان فيهلك، فهو هدر.
قال الخطابى: لم أزل أسمع أصحاب الحديث يقولون: غلط فيه عبد الرزّاق حتى وجدته لأبى داود «1» من طريق أخرى.
و
فيه «فإنّ تحت البحر نارا و تحت النار بحرا»
هذا تفخيم لأمر البحر و تعظيم لشأنه، و أنّ الآفة تسرع إلى راكبه فى غالب الأمر، كما يسرع الهلاك من النار لمن لابسها و دنا منها.
و
فى حديث سجن جهنم «فتعلوهم نار الأنيار»
لم أجده مشروحا، و لكن هكذا يروى، فإن صحّت الرواية فيحتمل أن يكون معناه نار النّيران، فجمع النار على أَنْيَارٍ، و أصلها: أَنْوَارٌ، لأنها
__________________________________________________
(1) انظر سنن أبى داود (باب فى الدابة تنفح برجلها، من كتاب الديات) 2/ 167.
126
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نور ص 124
من الواو، كما جاء فى ريح و عيد: أرياح و أعياد، من الواو. و اللّه أعلم.
(س) و
فيه «كانت بينهم نَائِرَةٌ»
أى فتنة حادثه و عداوة. و نار الحرب و نَائِرَتُهَا:
شرّها و هيجها.
(س) و
فى صفة ناقة صالح عليه السلام «هى أَنْوَرُ من أن تحلب»
أى أنفر. و النَّوَارُ:
النّفار. و نُرْتُهُ و أَنَرْتُهُ: نفّرته. و امرأة نَوَارٌ: نافرة عن الشّرّ و القبيح.
(ه) و
فى حديث خزيمة «لمّا نزل تحت الشجرة أَنْوَرَتْ»
أى حسنت خضرتها، من الإنارة.
و قيل: إنها أطلعت نَوْرَهَا، و هو زهرها. يقال: نَوَّرْتُ الشجرة و أَنَارَتْ. فأمّا أنورت فعلى الأصل.
(ه) و
فيه «لعن اللّه من غيّر مَنَارَ الأرض»
الْمَنَارُ: جمع مَنَارَة، و هى العلامة تجعل بين الحدّين. و مَنَارُ الحرم: أعلامه التى ضربها الخليل عليه السلام على أقطاره و نواحيه.
و الميم زائدة.
و منه
حديث أبى هريرة «إنّ للإسلام صوى و مَنَاراً»
أى علامات و شرائع يعرف بها.
(نوز)
(ه)
فى حديث عمر «أتاه رجل من مُزَيْنَةَ عام الرّمادة يشكو إليه سوء الحال، فأعطاه ثلاثة أنياب و قال: سر، فإذا قدمت فانحر ناقة، و لا تكثر فى أوّل ما تطعمهم و نَوِّزْ»
قال شمر: قال القعنبى: أى قلّل. قال: و لم أسمعها إلّا له. و هو ثقة.
(نوس)
(ه)
فى حديث أم زرع «أناس من حلى أذنىّ»
كلّ شيء يتحرّك متدلّيا فقد نَاسَ يَنُوسُ نَوْساً، و أَنَاسَهُ غيره، تريد أنه حلّاها قرطة و شنوفا تَنُوسُ بأذنيها.
و
فى حديث عمر «مرّ عليه رجل و عليه إزار يجرّه، فقطع ما فوق الكعبين، فكأنّى أنظر إلى الخيوط نَائِسَةً على كعبيه»
أى متدلّية متحرّكة.
(ه) و منه
حديث العباس «و ضفيرتاه تَنُوسَانِ على رأسه».
(س) و
فى حديث ابن عمر «دخلت على حفصة و نَوْسَاتُهَا تنطف»
أى ذوائبها تقطر ماء. فسمّى الذّوائب نَوْسَاتٍ؛ لأنها تتحرّك كثيرا.
127
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نوش ص 128
(نوش)
(س)
فيه «يقول اللّه: يا محمّد نَوِّشِ العلماء اليوم فى ضيافتى»
التَّنْوِيشُ:
للدّعوة: الوعد و تقدمته. قاله أبو موسى.
و
فى حديث عليّ، و سئل عن الوصيّة فقال: «الوصيّة نَوْشٌ بالمعروف»
أى يتناول الموصى الموصى له بشيء، من غير أن يجحف بماله. و قد نَاشَهُ يَنُوشُهُ نَوْشاً، إذا تناوله و أخذه.
و منه حديث قتيلة أخت النضر بن الحارث:
ظلّت سيوف بنى أبيه تنوشه للّه أرحام هناك تشقّق
أى تتناوله و تأخذه.
(س) و منه
حديث قيس بن عاصم «كنت أُنَاوِشُهُمْ و أهاوشهم فى الجاهلية»
أى أقاتلهم.
و الْمُنَاوَشَةُ فى القتال: تدانى الفريقين، و أخذ بعضهم بعضا.
و
حديث عبد الملك «لمّا أراد الخروج إلى مصعب بن الزّبير نَاشَتْ به امرأته و بكت فبكت جواريها»
أى تعلّقت به.
و
فى حديث عائشة تصف أباها «فَانْتَاشَ الدّين بنعشه»
أى استدركه و استنقذه و تناوله، و أخذه من مهواته، و قد يهمز، من النَّئِيشِ و هو حركة فى إبطاء. يقال: نَأَشْتُ الأمر أَنْأَشُهُ نَأْشاً فَانْتَأَشَ. و الأول الوجه
(نوط)
(ه)
فيه «أهدوا له نَوْطاً من تعضوض»
النَّوْطُ: الجلّة الصغيرة التى يكون فيها التّمر.
و منه
حديث وفد عبد القيس «أطعمنا من بقيّة القوس الذى فى نوطك».
(ه) و
فيه «اجعل لنا ذات أَنْوَاطٍ»
هى اسم شجرة بعينها كانت للمشركين يَنُوطُونَ بها سلاحهم: أى يعلّقونه بها، و يعكفون حولها، فسألوه أن يجعل لهم مثلها، فنهاهم عن ذلك.
و أَنْوَاط: جمع نَوْطٍ، و هو مصدر سمّى به الْمَنُوط.
(س) و منه
حديث عمر «أنه أتى بمال كثير، فقال: إنى لأحسبكم قد أهلكتم الناس، فقالوا: و اللّه ما أخذناه إلّا عفوا، بلا سوط و لا نَوْطٍ»
أى بلا ضرب و لا تعليق.
و منه
حديث عليّ «المتعلّق بها كَالنَّوْطِ المذبذب»
أراد ما يناط برحل الراكب من
128
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نوط ص 128
قعب أو غيره، فهو أبدا يتحرّك.
(س) و
فيه «أرى اللّيلة رجل صالح أن أبا بكر نِيطَ برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم»
أى علّق، يقال: نُطْتُ هذا الأمر به أَنُوطُهُ، و قد نيط به فهو مَنُوطٌ.
و
فيه «بعير له قد نيط»
يقال: نِيطَ الجمل، فهو منوط، إذا أصابه النَّوْطُ، و هى غدّة تصيبه فى بطنه فتقتله.
(نوق)
(ه)
فيه «أنّ رجلا سار معه على جمل قد نَوَّقَهُ و خيّسه»
الْمُنَوَّقُ: المذلّل، و هو من لفظ النَّاقَةِ، كأنه أذهب شدّة ذكورته، و جعله كالناقة المروضة المنقادة.
و منه
حديث عمران بن حصين «و هى ناقة مُنَوَّقَةٌ».
(س) و
فى حديث أبى هريرة «فوجد أينقه»
الْأَيْنُقْ: جمع قلّة لناقة، و أصله: أنوق، فقلب و أبدل واوه ياء.
و قيل: هو على حذف العين و زيادة الياء عوضا عنها، فوزنه على الأوّل: أعفل؛ لأنه قدّم العين، و على الثانى: أيفل؛ لأنه حذف العين.
(نوك)
(س)
فى حديث الضّحّاك «إنّ قصّاصكم نَوْكَى»
أى حمقى، جمع أَنْوَك.
و النُّوكُ بالضم: الحمق.
(نول)
[ه]
فى حديث موسى و الخضر عليهما السلام «حملوهما فى السفينة بغير نَوْلٍ»
أى بغير أجر و لا جعل، و هو مصدر نَالَهُ يَنُولُهُ، إذا أعطاه.
و منه
الحديث «ما نَوْلُ امرىء مسلم أن يقول غير الصواب، أو أن يقول ما لا يعلم»
أى ما ينبغى له و ما حظّه أن يقول.
و منه قولهم «ما نَوْلُكَ أن تفعل كذا».
(نوم)
(س)
فيه «أنزلت عليك كتابا تقرؤه نَائِماً و يقظان»
أى تقرؤه حفظا فى كل حال عن قلبك.
و قد تقدّم مبسوطا فى حرف الغين مع السين.
(س) و
فى حديث عمران بن حصين رضى اللّه عنه «صلّ قائما، فإن لم تستطع فقاعدا،
129
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نوم ص 129
فإن لم تستطع فنائما»
أراد به الاضطجاع. و يدلّ عليه
الحديث الآخر «فإن لم تستطع فعلى جنب».
و قيل: نائما: تصحيف، و إنما أراد قائما. أى بالإشارة، كالصّلاة عند التحام القتال، و على ظهر الدّابة.
و
فى حديثه الآخر «من صلّى نَائِماً فله نصف أجر القاعد»
قال الخطّابى «1»: لا أعلم أنّى سمعت صلاة النائم إلّا فى هذا الحديث، و لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخّص فى صلاة التّطوّع نائما، كما رخّص فيها قاعدا، فإن صحّت هذه الرواية، و لم يكن أحد الرّواة أدرجه فى الحديث، و قاسه على صلاة القاعد و صلاة المريض إذا لم يقدر على القعود، فتكون صلاة المتطوّع القادر نائما جائزة، و اللّه أعلم.
هكذا قال فى «معالم السّنن». و عاد قال فى «أعلام السّنّة»: كنت تأوّلت هذا الحديث فى كتاب «المعالم» على أن المراد به صلاة التطوّع، إلّا أنّ قوله «نائما» يفسد هذا التأويل، لأن المضطجع لا يصلىّ التطوّع كما يصلى القاعد، فرأيت الآن أنّ المراد به المريض المفترض الذى يمكنه أن يتحامل فيقعد مع مشّقة، فجعل أجره ضعف أجره إذا صلّى نائما، ترغيبا له فى القعود مع جواز صلاته نائما، و كذلك جعل صلاته إذا تحامل و قام مع مشقّة ضعف صلاته إذا صلّى قاعدا مع الجواز. و اللّه أعلم.
و
فى حديث بلال و الأذان «عد و قل: ألا إنّ العبد نَامَ، ألا إنّ العبد نام»
أراد بِالنَّوْمِ الغفلة عن وقت الأذان. يقال: نَامَ فلان عن حاجتى، إذا غفل عنها و لم يقم بها.
و قيل: معناه أنه قد عاد لنومه، إذا كان عليه بعد وقت من الليل، فأراد أن يعلم الناس بذلك، لئلّا ينزعجوا من نومهم بسماع أذانه.
(س) و
فى حديث سلمة «فَنَوَّمُوا»
هو مبالغة فى ناموا.
و
فى حديث حذيفة و غزوة الخندق «فلما أصبحت قال: قم يا نَوْمَانُ»
هو الكثير النّوم و أكثر ما يستعمل فى النّداء.
و منه
حديث عبد اللّه بن جعفر «قال للحسين و رأى ناقته قائمة على زمامها بالعرج، و كان مريضا:
__________________________________________________
(1) انظر معالم السنن 1/ 225.
130
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نوم ص 129
أيّها النَّوْمُ. و ظنّ أنه نائم، و إذا هو مثبت وجعا»
أراد أيّها النائم، فوضع المصدر موضعه، كما يقال:
رجل صوم: أى صائم.
(ه) و
في حديث عليّ «أنه ذكر آخر الزّمان و الفتن، ثم قال: خير أهل ذلك الزمان كلّ مؤمن نُوَمَةٍ»
النُّوَمَةُ، بوزن الهمزة: الخامل الذّكر الذى لا يؤبه له.
و قيل: الغامض فى الناس الذى لا يعرف الشّر و أهله.
و قيل: النُّوَمَةُ بالتحريك: الكثير النّوم. و أما الخامل الذى لا يؤبه له، فهو بالتّسكين.
و من الأول:
(ه)
حديث ابن عباس «أنه قال لعليّ: ما النُّوَمَةُ؟ قال: الذى يسكت فى الفتنة، فلا يبدو منه شيء».
(ه) و
في حديث عليّ «دخل علىّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنا على المنامة»
هى هاهنا الدّكّان التى ينام عليها، و فى غير هذا هى القطيفة، و الميم الأولى زائدة.
و
فى حديث غزوة الفتح «فما أشرف لهم يومئذ أحد إلا أَنَامُوهُ»
أى قتلوه. يقال: نَامَتِ الشاة و غيرها، إذا ماتت، و النَّائِمَةُ: الميّتة.
(ه) و منه
حديث عليّ «حثّ على قتال الخوارج فقال: إذا رأيتموهم فَأَنِيمُوهُمْ».
(نون)
(ه)
فى حديث موسى و الخضر عليهما السلام «خذ نُوناً ميّتا»
أى حوتا، و جمعه: نِينَانٌ، و أصله: نونان، فقلبت الواو ياء، لكسرة النون.
و منه
حديث إدام أهل الجنة «هو بالام و النُّونُ».
و
حديث عليّ «يعلم اختلاف النِّينَانِ فى البحار الغامرات».
(ه) و
فى حديث عثمان «أنه رأى صبيّا مليحا، فقال: دسّموا نُونَتَهُ؛ كى لا تصيبه العين»
أى سوّدوها. و هى النّقرة التى تكون فى الذّقن.
(نوه)
(س)
فى حديث الزبير «أنه نوّه به عليّ»
أى شهّره و عرّفه.
(نوا)
(ه)
فى حديث عبد الرحمن بن عوف «تزوّجت امرأة من الأنصار على نَوَاةٍ من ذهب»
النَّوَاةُ: اسم لخمسة دراهم، كما قيل للأربعين: أوقيّة، و للعشرين: نشّ.
131
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نوا ص 131
و قيل: أراد قدر نَوَاةٍ من ذهب كان قيمتها خمسة دراهم، و لم يكن ثمّ ذهب. و أنكره أبو عبيد.
قال الأزهرى: لفظ الحديث يدل على أنه تزوّج المرأة على ذهب قيمته خمسة دراهم، ألا تراه:
قال «نَوَاةٌ من ذهب» و لست أدرى لم أنكره أبو عبيد.
و النَّوَاةُ فى الأصل: عجمة التمرة.
و منه
حديثه الآخر «أنه أودع المطعم بن عدىّ جبجبة فيها نَوًى من ذهب»
أى قطع من ذهب كالنّوى، وزن القطعة خمسة دراهم.
(س) و
فى حديث عمر «أنه لقط نَوَيَاتٍ من الطريق، فأمسكها بيده، حتى مرّ بدار قوم فألقاها فيها و قال: تأكله داجنتهم»
هى جمع قلة لنواة التّمرة. و النَّوَى:
جمع كثرة.
(ه) و
فى حديث عليّ و حمزة:
ألا يا حمز للشّرف النّواء
النِّوَاءُ: السّمان. و قد نَوَتِ الناقة تَنْوِي فهى نَاوِيَةٌ.
و
فى حديث الخيل «و رجل ربطها رياء و نِوَاءً»
أى معاداة لأهل الإسلام.
و أصلها الهمز «1»، و قد تقدّمت.
(ه) و
فى حديث ابن مسعود «و من يَنْوِ الدنيا تعجزه»
أى من يسع لها يخب. يقال:
نَوَيْتُ الشىء، إذا جددت فى طلبه. و النَّوَى: البُعد.
(ه) و
فى حديث عروة فى المرأة البدويّة يتوفّى «2» عنها زوجها «أنها تَنْتَوِي حيث انْتَوَى أهلها»
أى تنتقل و تتحوّل.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «الهمزة» و المثبت من ا، و اللسان.
(2) فى الأصل: «التى توفّى» و المثبت من ا، و اللسان، و الفائق 3/ 136.
132
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
باب النون مع الهاء ص 133
باب النون مع الهاء
(نهب)
(س)
فيه «و لا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذات شرف يرفع الناس إليها أبصارهم و هو مؤمن»
النَّهْبُ: الغارة و السّلب: أى لا يختلس شيئا له قيمة عالية.
(س) و منه
الحديث «فأتى بِنَهْبٍ»
أى غنيمة. يقال: نَهَبْتُ أَنْهَبُ نَهْباً.
(س) و منه
الحديث «أنه نثر شيء فى إملاك، فلم يأخذوه، فقال: ما لكم لا تَنْتَهِبُونَ؟
قالوا: أ و ليس قد نهيت عن النُّهْبَى؟ فقال: إنما نهيت عن نُهْبَى العساكر، فَانْتَهَبُوا»
النُّهْبَى: بمعنى النَّهْبِ، كالنّحلى و النّحل، للعطيّة. و قد يكون اسم ما يُنْهَبُ، كالعمرى و الرّقبى.
(س) و منه
حديث أبى بكر «أحرزت نَهْبِي و أبتغى النّوافل»
أى قضيت ما علىّ من الوتر قبل أن أنام، لئلّا يفوتنى، فإن انتبهت تنفّلت بالصلاة، و النَّهْبُ هاهنا بمعنى الْمَنْهُوبِ، تسمية بالمصدر.
(س) و منه شعر العباس بن مرداس:
أ تجعل نهبى و نهب العبيد بين عيينة و الأقرع
عبيد مصغّر: اسم فرسه، و جمع النّهب: نهاب و نهوب.
(س) و منه شعر العباس أيضا:
كانت نهابا تلافيتها بكرّى على المهر بالأجرع
(نهبر)
(س)
فيه «لا تتزوّجنّ نَهْبَرَةً»
أى طويلة مهزولة.
و قيل: هى التى أشرفت على الهلاك، من النَّهَابِرِ: المهالك. و أصلها: حبال من رمل صعبة المرتقى.
(ه) و منه
الحديث «من أصاب مالا من نهاوش «1» أذهبه اللّه فى نَهَابِرَ»
أى فى مهالك
__________________________________________________
(1) فى ا، و الهروى: «مهاوش» و المثبت فى الأصل، و اللسان. و هما روايتان. انظر (نهش) و (هوش).
133
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نهبر ص 133
و أمور متبدّدة. يقال: غشيت بى النَّهَابِيرُ: أى حملتنى على أمور شديدة صعبة، و واحد النّهابير:
نُهْبُورٌ. و النَّهَابِرُ مقصور منه، و كأنّ واحده نَهْبَرْ.
(ه) و منه
حديث عمرو بن العاص «أنه قال لعثمان: ركبت بهذه الأمّة نَهَابِيرَ من الأمور فركبوها منك، و ملت بهم، فمالوا بك، اعدل أو اعتزل».
(نهت)
(ه)
فيه «أريت الشّيطان، فرأيته يَنْهِتُ كما يَنْهِتُ القرد»
أى يصوّت.
و النَّهِيتُ: صوت يخرج من الصّدر شبيه بالزّحير.
(نهج)
(ه)
فى حديث قدوم المستضعفين بمكة «فَنَهِجَ بين يدى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى قضى»
النَّهْجُ بالتحريك، و النَّهِيجُ: الرّبو و تواتر النّفس من شدّة الحركة أو فعل متعب. و قد نَهِجَ بالكسر يَنْهَجُ، و أَنْهَجَهُ غيره، و أَنْهَجْتُ الدابّة، إذا سرت عليها حتى انبهرت.
و منه
الحديث «أنه رأى رجلا يَنْهَجُ»
أى يربو من السّمن و يلهث.
(ه) و منه
حديث عمر «فضربه حتى أُنْهِجَ»
أى وقع عليه الرّبو، يعنى عمر.
(ه) و منه
حديث عائشة «فقادنى و إنى لَأَنْهَجُ»
و قد تكرر فى الحديث.
(ه) و
فى حديث العباس «لم يمت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى ترككم على طريق ناهجة»
أى واضحة بيّنة. و قد نَهَجَ الأمرُ و أَنْهَجَ، إذا وضح. و النَّهْجُ:
الطريق المستقيم.
(س) و فى شعر مازن:
حتى آذن الجسم بالنّهج
أى بالبلى و قد نَهِجَ الثّوب و الجسم، و أَنْهَجَ، إذا بلى، و أَنْهَجَهُ البلى، إذا أخلقه.
(نهد)
(ه)
فيه «أنه كان يَنْهَدُ إلى عدوّه حين تزول الشمس»
أى ينهض. و نَهَدَ القوم لعدوّهم، إذا صمدوا له و شرعوا فى قتاله.
(ه) و منه
حديث ابن عمر «أنه دخل المسجد فَنَهَدَ الناس يسألونه»
أى نهضوا.
134
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نهد ص 134
(س) و منه
حديث هوازن «و لا ثديها بِنَاهِدٍ»
أى مرتفع. يقال: نَهَدَ الثّدى، إذا ارتفع عن الصدر، و صار له حجم.
(ه) و
فى حديث دار النّدوة و إبليس «نأخذ من كلّ قبيلة شابّا نَهْداً»
أى قويّا ضخما.
و منه حديث الأعرابى:
يا خير من يمشى بنعل فرد و هبة «1» لنهدة و نهد
النَّهْدُ: الفرس الضّخم القوىّ، و الأنثى: نَهْدَةً.
(ه) و
فى حديث الحسن «أخرجوا نِهْدَكُمْ، فإنه أعظم للبركة و أحسن لأخلاقكم»
النِّهْدُ، بالكسر: ما تخرجه الرّفقة عند الْمُنَاهَدَةِ إلى العدوّ، و هو أن يقسموا نفقتهم بينهم بالسّويّة حتى لا يتغابنوا، و لا يكون لأحدهم على الآخر فضل و منّة.
(نهر)-
فيه «أَنْهِرُوا الدّم بما شئتم إلا الظّفر و السنّ».
(ه) و
فى حديث آخر «ما أَنْهَرَ الدّم فكل»
الْإِنْهَارُ: الإسالة و الصّبّ بكثرة، شبّه خروج الدّم من موضع الذّبح بجرى الماء فى النَّهْرِ. و إنما نهى عن السنّ و الظّفر؛ لأنّ من تعرّض للذّبح بهما خنق المذبوح، و لم يقطع حلقه.
و
فيه «نَهْرَانِ مؤمنان و نهران كافران، فالمؤمنان: النّيل و الفرات، و الكافران: دجلة و نهر بلخ».
و قد تقدّم معنى الحديث فى الهمزة.
(ه) و
فى حديث ابن أنيس «فأتوا مَنْهَراً فاختبأوا فيه»
و قد تقدّم هو و غيره فى الميم.
(نهز)
(ه)
فيه «أنّ رجلا اشترى من مال يتامى خمرا، فلما نزل التحريم أتى النبىّ صلى اللّه عليه و سلم فعرّفه، فقال: أهرقها، و كان المال نَهْزَ عشرة آلاف»
أى قربها. و هو من نَاهَزَ الصبىُّ البلوغَ، إذا داناه. و حقيقته: كان ذا نَهْزٍ.
(س) و منه
حديث ابن عباس «و قد نَاهَزْتُ الاحتلام»
و النُّهْزَةُ: الفرصة. و انْتَهَزْتُهَا:
اغتنمتها. و فلان نُهْزَةُ المختلس.
__________________________________________________
(1) انظر مادة (فرد).
135
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نهز ص 135
(ه) و منه حديث أبى الدّحداح.
و انْتَهَزَ الحقّ «1» إذا الحقّ وضح
أى قبله و أسرع إلى تناوله.
و
حديث أبى الأسود «و إن دعى انْتَهَزَ».
(س) و
حديث عمر «أتاه الجارود و ابن سيّار يَتَنَاهَزَانِ إمارة»
أى يتبادران إلى طلبها و تناولها.
(س) و
حديث أبى هريرة «سيجد أحدكم امرأته قد ملأت عكمها من وبر الإبل، فَلْيُنَاهِزْهَا، و ليقتطع، و ليرسل إلى جاره الذى لا وبر له»
أى يبادرها و يسابقها إليه.
(س) و
فيه «من توضّأ ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلّا الصّلاة غفر له ما خلا من ذنبه»
النَّهْزُ: الدّفع. يقال: نَهَزْتُ الرجل أَنْهَزُهُ، إذا دفعته، و نَهَزَ رأسه، إذا حرّكه.
(ه) و منه
حديث عمر «من أتى هذا البيت و لا يَنْهَزُهُ إليه غيره رجع و قد غفر له»
يريد أنه من خرج إلى المسجد أو حجّ، و لم ينو بخروجه غير الصلاة و الحجّ من أمور الدّنيا.
(س) و منه
الحديث «أنه نَهَزَ راحلته»
أى دفعها فى السّير.
(ه) و منه
حديث عطاء «أو مصدور ينهز قيحا»
أى يقذفه. يقال: نَهَزَ الرجل، إذا مدّ عنقه و ناء بصدره ليتهوّع. و المصدور: الذى بصدره وجع.
(نهس)
(ه س)
فى صفته صلى اللّه عليه و سلم «كان مَنْهُوسَ الكعبين «2»»
أى لحمهما قليل. و النَّهْسُ: أخذ اللّحم بأطراف الأسنان. و النّهش: الأخذ بجميعها.
و
يروى «مَنْهُوس القدمين»
و بالشين أيضا.
(س) و منه
الحديث «أنه أخذ عظما فَنَهَسَ ما عليه من اللّحم»
أى أخذه بفيه. و قد تكرر فى الحديث.
(س) و
فى حديث زيد بن ثابت «رأى شرحبيل و قد صاد نُهَساً بالأسواف»
النُّهَسُ:
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «الحظّ» و لم ينشد المصراع كله.
(2) أخرجه الهروى فى (نهش) «منهوش القدمين» قال: «و روى «منهوس العقبين» بالسين غير معجمة، أى قليل لحمها».
136
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نهس ص 136
طائر يشبه الصّرد، يديم تحريك رأسه و ذنبه، يصطاد العصافير و يأوى إلى المقابر.
و الأسواف: موضع بالمدينة.
(نهش)
س [ه]
فيه «لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الْمُنْتَهِشَةُ و الحالقة»
هى «1» التى تخمش وجهها عند المصيبة، فتأخذ لحمه بأظفارها.
(س) و منه
الحديث «و انْتَهَشَتْ أعضادنا»
أى هزلت. و الْمَنْهُوشُ: المهزول المجهود «2».
و
فيه «من جمع مالا من نَهَاوِشَ»
هكذا جاء فى رواية بالنّون، و هى المظالم، من قولهم:
نَهَشَهُ، إذا جهده، فهو مَنْهُوشٌ. و يجوز أن يكون من الْهَوْشِ: الخلط، و يقضى بزيادة النّون، و يكون نظير قولهم: تباذير، و تخاريب، من التّبذير و الخراب.
(نهق)
(س)
فى حديث جابر «فنزعنا فيه حتى أَنْهَقْنَاهُ»
يعنى فى الحوض. هكذا جاء فى رواية بالنّون، و هو غلط، و الصواب بالفاء. و قد تقدّم.
(نهك)
(ه)
فيه «غير مضرّ بنسل، و لا نَاهِكٍ فى الحلب»
أى غير مبالغ فيه.
يقال: نَهَكْتُ النّاقة حلبا أَنْهَكُهَا، إذا لم تبق فى ضرعها لبنا.
(ه) و منه
الحديث «لِيَنْهَكِ الرجلُ ما بين أصابعه أو لتنهكنّه النار»
أى ليبالغ فى غسل ما بينها فى الوضوء، أو لتبالغنّ النّار فى إحراقه.
و
الحديث الآخر «انْهَكُوا الأعقاب أو لتنهكنّها النار».
و
حديث الخلوق «اذهب فَانْهَكْهُ»
قاله ثلاثا، أى بالغ فى غسله.
(ه) و
حديث الخافضة «قال لها: أشمّى و لا تَنْهَكِي»
أى لا تبالغى فى استقصاء الختان.
(ه) و
حديث يزيد بن شجرة «انْهَكُوا وجوه القوم»
أى ابلغوا جهدكم فى قتالهم.
و
فى حديث ابن عباس «إنّ قوما قتلوا فأكثروا، وزنوا و انْتَهَكُوا»
أى بالغوا فى خرق محارم الشّرع و إتيانها.
__________________________________________________
(1) هذا شرح القتيبى، كما ذكر الهروى.
(2) فى الأصل: «و المجهود» و المثبت من ا، و اللسان.
137
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نهك ص 137
و
حديث أبى هريرة «تُنْتَهَكُ ذمّة اللّه و ذمّة رسوله»
يريد نقض العهد، و الغدر بالمعاهد.
(ه) و
فى حديث محمد بن مسلمة «كان من أَنْهَكِ أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم»
أى من أشجعهم. و رجل نَهِيكٌ: أى شجاع.
(نهل)
(ه)
فى حديث الحوض «لا يظمأ و اللّه نَاهِلُهُ»
النَّاهِلُ: الرّيّان و العطشان، فهو من الأضداد. و قد نَهِلَ يَنْهَلُ نَهَلًا، إذا شرب. يريد من رَوِىَ منه لم يعطش بعده أبدا.
(ه) و
فى حديث الدّجال «أنه يرد كلّ مَنْهَلٍ»
الْمَنْهَلُ من المياه: كلّ ما يطؤه الطريق، و ما كان على غير الطّريق لا يدعى منهلا، و لكن يضاف إلى موضعه، أو إلى من هو مختصّ به، فيقال: منهل بنى فلان: أى مشربهم و موضع نهلهم.
و فى قصيد كعب بن زهير:
كأنّه منهل بالرّاح معلول
أى مسقىّ بالرّاح. يقال: أَنْهَلْتُهُ فهو مُنْهَلٌ، بضم الميم.
(س) و
فى حديث معاوية «النُّهُلُ الشّروع»
هو جمع نَاهِلٍ و شارع: أى الإبل العطاش الشّارعة فى الماء.
(نهم)-
فيه «إذا قضى أحدكم نَهْمَتَهُ من سفره فليعجّل إلى أهله»
النَّهْمَةُ: بلوغ الهمّة فى الشيء.
و
منه «النَّهَمُ من الجوع».
و منه
الحديث «مَنْهُومَانِ لا يشبعان: طالب علم و طالب دنيا».
(ه) و
فى حديث إسلام عمر «قال: تبعته، فلمّا سمع حسّى ظنّ أنى إنما تبعته لأوذيه فَنَهَمَنِي و قال: ما جاء بك هذه السّاعة؟»
أى زجرنى و صاح بى. يقال: نَهَمَ الإبل، إذا زجرها و صاح بها لتمضى.
[ه] و منه
حديث عمر «قيل له: إنّ خالد بن الوليد نَهَمَ ابنَك فَانْتَهَمَ»
أى زجره فانزجر.
138
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نهم ص 138
(س) و
فيه «أنه وفد عليه حىّ من العرب، فقال: بنو من أنتم؟ فقالوا: بنو نهم.
فقال: نهم شيطان، أنتم بنو عبد اللّه».
(نهنه)-
فى حديث وائل «لقد ابتدرها اثنا عشر ملكا، فما نَهْنَهَهَا شيء دون العرش»
أى ما منعها و كفّها عن الوصول إليه.
(نها)-
فيه «ليلنى «1» منكم أولو الأحلام و النُّهَى»
هى العقول و الألباب، واحدتها نُهْيَة، بالضّم؛ سمّيت بذلك لأنها تَنْهَى صاحبها عن القبيح.
و منه
حديث أبى وائل «لقد علمت أن التّقىّ ذو نُهْيَة»
أى ذو عقل.
و منه
الحديث «فَتَنَاهَى ابن صيّاد»
قيل: هو تفاعل، من النّهى: العقل: أى رجع إليه عقله، و تنبّه من غفلته.
و قيل: هو من الِانْتِهَاءِ: أى انتهى عن زمزمته.
و
فى حديث قيام الليل «هو قربة إلى اللّه، و مَنْهَاةٌ عن الآثام»
أى حالة من شأنها أن تنهى عن الإثم، أو هى مكان مختصّ بذلك. و هى مفعلة من النّهى. و الميم زائدة.
(ه) و
فيه «قلت: يا رسول اللّه، هل من ساعة أقرب إلى اللّه؟ قال: نعم، جوف الليل الآخر، فصلّ حتى تصبح ثم أنهه حتّى تطلع الشمس»
قوله «أَنْهِهِ» بمعنى انْتَهِ. و قد أَنْهَى الرجل، إذا انتهى، فإذا أمرت قلت: أَنْهِهْ، فتزيد الهاء للسّكت. كقوله تعالى فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ فأجرى الوصل مجرى الوقف.
و فى حديث ذكر «سِدْرَةِ الْمُنْتَهى»
أى ينتهى و يبلغ بالوصول إليها، و لا يتجاوزها علم الخلائق، من البشر و الملائكة، أو لا يتجاوزها أحد من الملائكة و الرسل، و هو «2» مفتعل، من النِّهَايَةُ: الغاية.
(ه) و
فيه «أنه أتى على نِهْىٍ من ماء»
النِّهْىُ، بالكسر و الفتح: الغدير، و كلّ موضع يجتمع فيه الماء. و جمعه: أَنْهَاءٌ و نِهَاءٌ «3».
__________________________________________________
(1) فى الأصل، وا، و اللسان: «ليلينى» مع تشديد النون فى اللسان فقط. و هو جائز على التوكيد. انظر النووى 4/ 154، و انظر حواشى ص 434 من الجزء الأول.
(2) فى الأصل: «هو» و ما أثبت من: ا، و اللسان.
(3) زاد فى القاموس: «أنه، و نهىّ».
139
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نها ص 139
و منه
حديث ابن مسعود «لو مررت على نهى نصفه ماء و نصفه دم لشربت منه و توضّأت»
و قد تكرر فى الحديث.
باب النون مع الياء
(نيأ)
(س)
فيه «نهى عن أكل النَّىْءِ»
هو الذى لم يطبخ، أو طبخ أدنى طبخ و لم ينضج. يقال: نَاءَ اللّحم يَنِيءُ نَيْئاً، بوزن ناع ينيع نيعا، فهو نِيءٌ، بالكسر، كنيع. هذا هو الأصل. و قد يترك الهمز و يقلب ياء فيقال: نِىٌّ، مشدّدا.
و منه
حديث الثّوم «لا أراه إلّا نِيَّهُ «1»».
(نيب)
(ه)
فيه «لهم من الصّدقة الثِّلْبُ و النَّابُ»
هى الناقة الهرمة التى طال نَابُهَا:
أى سِنّها. و ألفه منقلبة عن الياء، لقولهم فى جمعه: أَنْيَابٌ.
(س) و منه
حديث عمر «أعطاه ثلاثة أنياب جزائر».
(ه) و منه
الحديث «أنه قال لقيس بن عاصم: كيف أنت عند القرى؟ قال: ألصق بالنّاب الفانية».
(س) و
فى حديث زيد بن ثابت «أنّ ذئبا نَيَّبَ فى شاة فذبحوها بمروة»
أى أنشب أنيابه فيها. و النَّابُ: السنّ التى خلف الرّباعية.
(نيح)
(ه)
فيه «لا نَيَّحَ اللّه عظامه»
أى لا صلّبها و لا شدّ منها «2». يقال: نَاحَ العظم يَنِيحُ نَيْحاً، إذا صلب و اشتدّ.
(نير)-
فى حديث عمر «أنه كره النِّيرَ»
و هو العلم فى الثّوب. يقال: نِرْتُ الثّوب، و أَنَرْتُهُ، و نَيَّرْتُهُ، إذا جعلت له علما.
(ه) و منه
حديث ابن عمر «لو لا أنّ عمر كره النّير لم نر بالعلم بأسا».
(نيزك)-
فى حديث ابن ذى يزن:
لا يضجرون و إن كلّت نَيَازِكُهُمْ
__________________________________________________
(1) ضبط فى الأصل، و ا بضم الياء.
(2) فى الهروى: «و لا شدّدها».
140
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نيزك ص 140
هى جمع نَيْزَك، و هو الرّمح القصير. و حقيقته تصغير الرّمح، بالفارسيّة.
(نيط)
(س [ه])
في حديث عليّ «1»
«لوَدَّ معاوية أنه ما بقى من بنى هاشم نافخ ضرمة إلّا طعن فى نَيْطِهِ»
أى إلّا مات. يقال: طعن فى نيطه و فى جنازته، إذا مات. و القياس: النَّوْطُ، لأنه من نَاطَ يَنُوطُ، إذا علّق، غير أنّ الواو تعاقب الياء فى حروف كثيرة.
و قيل: النَّيْطُ: نِيَاطُ القلب، و هو العرق الذى القلب معلّق به.
و منه
حديث أبى اليسر «و أشار إلى نياط قلبه»
و قد تكرر فى الحديث.
(س) و
في حديث عمر «إذا انْتَاطَتِ المغازى»
أى بعدت، و هو من نياط المفازة، و هو بعدها، فكأنها نِيطَتْ بمفازة أخرى، لا تكاد تنقطع، و انْتَاطَ فهو نَيِّطٌ، إذا بعد.
و منه
حديث معاوية «عليك بصاحبك الأقدم، فإنك تجده على مودّة واحدة، و إن قدم العهد و انتاطت الديار»
أى بعدت.
(س) و
فى حديث الحجّاج «قال لحفّار البئر: أ خسفت أم أوشلت؟ فقال: لا واحد منهما و لكن نَيِّطاً بين الأمرين»
أى وسطا بين القليل و الكثير، كأنه معلّق بينهما، قال القتيبى:
هكذا يروى بالياء مشدّدة، و هو من نَاطَهُ يَنُوطُهُ نَوْطاً، و إن كانت الرواية بالباء الموحدة، فيقال للرّكيّة إذا استخرج ماؤها و استنبط: هى نبط، بالتحريك.
(نوف)-
فى حديث عائشة تصف أباها «ذاك طود مُنِيفٌ»
أى عال مشرف. و قد أَنَافَ على الشيء يُنِيفُ. و أصله من الواو. يقال: نَافَ الشّيء يَنُوفُ، إذا طال و ارتفع.
و نَيَّفَ على السّبعين فى العمر، إذا زاد. و كلّ ما زاد على عقد فهو نَيِّفٌ، بالتشديد. و قد يخفّف حتى يبلغ العقد الثانى.
(نيل)
[ه]
فيه «أنّ «2» رجلا كان يَنَالُ من الصّحابة رضى اللّه عنهم»
يعنى الوقيعة فيهم.
يقال منه: نَالَ يَنَالُ نَيْلًا، إذا أصاب، فهو نَائِلٌ.
و منه
حديث أبى جحيفة «فخرج بلال بفضل وضوء النبىّ صلى اللّه عليه و سلم، فبين ناضح و نَائِلٍ»
أى مصيب منه و آخذ.
__________________________________________________
(1) أخرجه الهروى فى (نوط).
(2) أخرجه الهروى فى (نول).
141
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
نيل ص 141
و منه
حديث ابن عباس «فى رجل له أربع نسوة، فطلّق إحداهنّ و لم يدر أيّتهنّ طلّق، فقال: يَنَالُهُنَّ من الطلاق ما ينالهنّ من الميراث»
أى إنّ الميراث يكون بينهنّ، لا تسقط منهنّ واحدة حتى تعرف بعينها، و كذلك إذا طلّقها و هو حىّ، فإنه يعتزلهنّ جميعا، إذا كان الطلاق ثلاثا. يقول:
كما أورّثهنّ جميعا آمر باعتزالهنّ جميعا.
[ه] و
فى حديث أبى بكر «قد نَالَ الرّحيل»
أى حان و دنا.
و منه
حديث الحسن «ما نَالَ لهم أن يفقهوا»
أى لم يقرب و لم يدن.
142
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
حرف الواو ص 143
حرف الواو
باب الواو مع الهمزة
(وأد)
(ه)
فيه «أنه نهى عن وَأْدِ البنات»
أى قتلهنّ. كان إذا ولد لأحدهم فى الجاهلية بنت دفنها فى التراب و هى حيّة. يقال: وَأَدَهَا يَئِدُهَا وَأْداً فهى مَوْءُودَةٌ. و هى التى ذكرها اللّه تعالى فى كتابه.
و منه
حديث العزل «ذلك الْوَأْدُ الخفىّ».
و
فى حديث آخر «تلك الْمَوْءُودَةُ الصّغرى»
جعل العزل عن المرأة بمنزلة الْوَأْدِ، إلّا أنه خفىّ؛ لأنّ من يعزل عن امرأته إنما يعزل هربا من الولد، و لذلك سمّاه الْمَوْءُودَةُ الصغرى؛ لأنّ وَأْدَ البنات الأحياء الموءودة الكبرى.
(س) و منه
الحديث «الْوَئِيدُ فى الجنة»
أى الْمَوْءُودُ، فعيل بمعنى مفعول.
و منهم من كان يَئِدُ البنين عند المجاعة.
(س) و
فى حديث عائشة «خرجت أقفو اثار الناس يوم الخندق فسمعت وَئِيدَ الأرض خلفى»
الْوَئِيدُ: صوت شدّة الوطء على الأرض يسمع كالدّوىّ من بعد.
(س) و منه
الحديث «و للأرض منك وَئِيدٌ»
يقال: سمعت وأد قوائم الإبل و وئيدها.
و منه
حديث سواد بن مطرّف «وأد الذّعلب الوجناء»
أى صوت وطئها على الأرض.
(وأل)
(ه)
في حديث عليّ «إنّ درعه كانت صدرا بلا ظهر، فقيل له: لو احترزت من ظهرك، فقال: إذا أمكنت من ظهرى فلا وَأَلْتُ»
أى لا نجوت. و قد وَأَلَ يَئِلُ، فهو وَائِلٌ، إذا التجأ إلى موضع و نجا.
و منه
حديث البراء بن مالك «فكأنّ نفسى جاشت فقلت: لا وَأَلْتِ، أ فرارا أوّل النهار و جبنا آخره؟».
143
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وأل ص 143
(ه) و منه
حديث قيلة «فَوَأَلْنَا إلى حِوَاءَ»
أى لجأنا إليه. و الحواء: البيوت المجتمعة.
[ه] و
في حديث عليّ «قال لرجل: أنت من بنى فلان؟ قال: نعم، قال: فأنت من وَأْلَةَ إذا، قم فلا تقربنىّ»
قيل «1»: هى قبيلة خسيسة، سمّيت بالوألة، و هى البعرة، لخسّتها.
(وأم)
(س)
فى حديث الغيبة «إنه لَيُوَائِمُ»
أى يوافق. و الْمُوَاءَمَةُ: الموافقة.
(واه)
(س)
فيه «من ابتلى فصبر فواها وَاهاً»
قيل: معنى هذه الكلمة التّلهّف.
و قد توضع موضع الإعجاب بالشيء. يقال: واها له. و قد ترد بمعنى التوجّع. و قيل: التّوجّع يقال فيه: آهاً.
(س) و منه
حديث أبى الدرداء «ما أنكرتم من زمانكم فيما غيّرتم من أعمالكم، إن يكن خيرا فواها واها، و إن يكن شرّا فآها آها»
و الألف فيها غير مهموزة. و إنما ذكرناها للفظها.
(وأى)
(س)
فى حديث عبد الرحمن بن عوف «كان لى عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وَأْىٌ»
أى وعد. و قيل: الْوَأْىُ. التّعريض بالعدة من غير تصريح. و قيل: هو العدة المضمونة.
و
حديث أبى بكر «من كان له عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وَأْىٌ فليحضر».
(س) و
حديث عمر «من وَأَى لامرىء بوأى فليف به»
و أصل الوأى: الوعد الذى يوثّقه الرجل على نفسه، و يعزم على الوفاء به.
و منه
حديث وهب «قرأت فى الحكمة أنّ اللّه تعالى يقول: إنّى وَأَيْتُ على نفسى أن أذكر من ذكرنى»
عدّاه بعلى؛ لأنه أعطاه معنى: جعلت على نفسى.
باب الواو مع الباء
(وبأ)
(س)
فيه «إنّ هذا الْوَبَاءَ رجز»
الوبا بالقصر و المدّ و الهمز: الطاعون و المرض العام. و قد أَوْبَأَتِ الأرض فهى مُوبِئَةٌ، و وَبِئَتْ فهى وَبِيئَةٌ، و وُبِئَتْ أيضا فهى مَوْبُوءَةٌ و قد تكرر فى الحديث.
__________________________________________________
(1) القائل هو ابن الأعرابى، كما ذكر الهروى.
144
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وبأ ص 144
(س) و منه
حديث عبد الرحمن بن عوف «و إنّ جرعة «1» شروب أنفع من عذب موب»
أى مورث للوبا. هكذا يروى بغير همز. و إنما ترك الهمز ليوازن به الحرف الذى قبله، و هو الشّروب. و هذا مثل ضربه لرجلين أحدهما أرفع و أضرّ، و الآخر أدون و أنفع.
و منه
حديث عليّ «أمرّ منها جانب فَأَوْبَأَ»
أى صار وبيئا. و قد تكرر ذكره فى الحديث
(وبر)-
فيه «أحبّ إلىّ من أهل الْوَبَرِ و المدر»
أى أهل البوادى و المدن و القرى.
و هو من وَبَرِ الإبل؛ لأنّ بيوتهم يتّخذونها منه.
و المدر: جمع مدرة، و هى البنية «2».
[ه] و
فى حديث عبد الرحمن يوم الشّورى «لا تغمدوا السّيوف عن أعدائكم فَتُوَبِّرُوا آثاركم»
التَّوْبِيرُ: التّعفية و محو الأثر.
قال الزمخشرى: «هو من تَوْبِيرِ الأرنب: مشيها على وبر قوائمها، لئلّا يقتصّ أثرها، كأنه نهاهم عن الأخذ فى الأمر بالهوينا. و يروى بالتاء و سيجىء.
(س) و
فى حديث أبى هريرة «وَبْرٌ تحدّر من قدوم «3» ضأن»
الوبر، بسكون الباء:
دويبّة على قدر السّنّور، غبراء أو بيضاء، حسنة العينين، شديدة الحياء، حجازيّة، و الأنثى: وَبْرَةٌ، و جمعها: وُبُورٌ، و وِبَارٌ. و إنما شبّهه بِالْوَبْرِ تحقيرا له.
و رواه بعضهم بفتح الباء، من وَبَرِ الإبل، تحقيرا له أيضا. و الصحيح الأول.
(ه) و منه
حديث مجاهد «فى الْوَبْرِ شاة»
يعنى إذا قتلها المحرم؛ لأنّ لها كرشا، و هى تجترّ.
و
فى حديث أهبان الأسلمى «بينا هو يرعى بحرّة الْوَبْرَةِ»
هى بفتح الواو و سكون الباء:
ناحية من أعراض المدينة. و قيل: هى قرية ذات نخيل.
(وبش)
(ه)
فيه «إنّ قريشا وَبَّشَتْ لحرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أَوْبَاشاً»
أى
__________________________________________________
(1) سبق فى مادة (شرب): «جرعة» متابعة للأصل، و ا، و اللسان. و انظر الحاشية (1) من صفحة 63، من هذا الجزء.
(2) ضبط فى ا: «البنيّة».
(3) فى اللسان: «قدوم» بضم القاف. و انظر معجم البلدان، لياقوت 7/ 37.
145
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وبش ص 145
جمعت له «1» جموعا من قبائل شتّى. و هم الْأَوْبَاشُ و الأوشاب.
(ه) و
فى حديث كعب «أجد فى التّوراة أنّ رجلا من قريش أَوْبَشَ الثّنايا يحجل فى الفتنة»
أى ظاهر الثّنايا. و الْوَبَشُ: البياض الذى يكون فى الأظفار.
(وبص)-
فى حديث أخذ العهد على الذرّيّة «فأعجب آدم و بيص ما بين عينى داود عليهما السلام»
الْوَبِيصُ: البريق. و قد وَبَصَ الشّيء يَبِصُ وَبِيصاً.
(ه) و منه
الحديث «رأيت وَبِيصَ الطّيب فى مفارق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو محرم».
(ه) و منه
حديث الحسن «لا تلقى المؤمن إلّا شاحبا، و لا تلقى «2» المنافق إلّا وَبَّاصاً»
أى برّاقا. و قد تكرر فى الحديث.
(وبط)
(س [ه])
فيه «اللّهمّ لا تَبْطِنِي بعد إذ رفعتنى»
أى لا تهنّى و تضعنى. يقال:
وَبَطْتُ الرجل: وضعت من قدره. و الْوَابِطُ: الخسيس و الضّعيف و الجبان.
(وبق)
(ه)
فى حديث الصّراط «و منهم الْمُوبَقُ بذنوبه»
أى المهلك. يقال: وَبَقَ يَبِقُ، و وَبِقَ يَوْبَقُ، فهو وَبِقٌ، إذا هلك. و أوبقه غيره، فهو مُوبَقٌ.
و منه
حديث عليّ «فمنهم الغرق الْوَبِقُ».
و منه
الحديث «و لو فعل الْمُوبِقَاتِ»
أى الذنوب المهلكات. و قد تكرر ذكرها فى الحديث، مفردا و مجموعا.
(وبل)-
فيه «كلّ بناء وَبَالٌ على صاحبه»
الْوَبَالُ فى الأصل: الثّقل و المكروه. و يريد به فى الحديث العذاب فى الآخرة. و قد تكرر فى الحديث.
و
فى حديث العرنيّين «فَاسْتَوْبَلُوا المدينة»
أى استوخموها و لم توافق أبدانهم. يقال:
هذه أرض وَبِلَةٌ: أى وبئة وخمة.
و منه
الحديث «إنّ بنى قريظة نزلوا أرضا غملة وبلة».
(ه) و
فى حديث يحيى بن يعمر «كلّ مال أدّيت زكاته فقد ذهبت وَبَلَتُهُ»
أى ذهبت مضرّته و إثمه. و هو من الْوَبَالِ.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «لها».
(2) فى الأصل: «و لا تلق» و التصحيح من ا، و اللسان، و الهروى.
146
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وبل ص 146
و يروى بالهمزة على القلب، و قد تقدّم.
(ه) و
في حديث عليّ «أهدى رجل للحسن و الحسين، و لم يهد لابن الحنفيّة» فأومأ علىّ إلى وَابِلَةِ محمّد، ثم تمثّل:
و ما شرّ الثّلاثة أمّ عمرو بصاحبك الّذى لا تصبحينا «1»
الْوَابِلَةُ: طرف العضد فى الكتف، و طرف الفخذ فى الورك، و جمعها: أَوَابِلْ.
(وبه)
فيه «ربّ أشعث أغبر ذى طمرين لا يُوبَهُ له لو أقسم على اللّه لأبرّه «2»»
أى لا يبالى به و لا يلتفت إليه. يقال: ما وَبِهْتُ له، بفتح الباء و كسرها، وَبْهاً و وَبَهاً، بالسكون و الفتح. و أصل الواو الهمزة. و قد تقدم.
باب الواو مع التاء
(وتر)
[ه]
فيه «إنّ اللّه وِتْرٌ وَتْرٌ يحبّ الْوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا»
الْوِتْرُ: الفرد، و تكسر واوه و تفتح. فاللّه واحد فى ذاته، لا يقبل الانقسام و التّجزئة، واحد فى صفاته، فلا شبه له و لا مثل، واحد فى أفعاله، فلا شريك له و لا معين.
و «يحبّ الوتر»: أى يثيب عليه، و يقبله من عامله.
و قوله «أَوْتِرُوا» أمر بصلاة الوتر، و هو أن يصلّى مثنى مثنى ثم يصلّى فى آخرها ركعة مفردة، أو يضيفها إلى ما قبلها من الرّكعات.
[ه] و منه
الحديث «إذا استجمرت فَأَوْتِرْ»
أى اجعل الحجارة الّتى تستنجى بها فردا، إمّا واحدة، أو ثلاثا، أو خمسا. و قد تكرر ذكره فى الحديث.
__________________________________________________
(1) فى الأصل، و ا: «تصحبينا» و أثبتّ الصواب من جمهرة أشعار العرب ص 118. و هو لعمرو بن كلثوم، من معلقته المعروفة. و يروى هذا البيت لعمرو بن عدى اللخمى ابن أخت جذيمة الأبرش. شرح القصائد العشر، للتبريزى ص 211.
(2) فى الأصل: «لأبرّه قسمه» و فى ا: «لأبرّ قسمه» و أثبتّ ما فى اللسان، و هو موافق لما تقدم فى مادة (شعث) و ما فى التّرمذى (مناقب البراء بن مالك رضى اللّه عنه، من كتاب المناقب 2/ 318.
147
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وتر ص 147
و منه
حديث الدعاء «ألّف «1» جمعهم و أَوْتِرْ بين ميرهم»
أى لا تقطع الميرة عنهم، واجعلها تصل إليهم مرّة بعد مرّة.
(ه) و منه
حديث أبى هريرة «لا بأس أن يُوَاتِرَ قضاء رمضان»
أى يفرّقه، فيصوم يوما و يفطر يوما، و لا يلزمه التّتابع فيه، فيقضيه وترا وترا.
(ه) و
فى كتاب هشام إلى عامله «أن أصب لى ناقة مُوَاتِرَة»
هى الّتى تضع قوائمها بالأرض وترا وترا عند البروك. و لا تزجّ نفسها زجّا فيشقّ على راكبها. و كان بهشام فتق.
(ه) و
فيه «من فاتته صلاة العصر فكأنّما وُتِرَ أهله و ماله»
أى نقص. يقال:
وَتَرْتُهُ، إذا نقصته. فكأنّك جعلته وترا بعد أن كان كثيرا.
و قيل: هو من الوتر: الجناية الّتى يجنيها الرجل على غيره، من قتل أو نهب أو سبى. فشبّه ما يلحق من فاتته صلاة العصر بمن قتل حميمه أو سلب أهله و ماله.
[و] «2» يروى بنصب الأهل و رفعه، فمن نصب جعله مفعولا ثانيا لوتر، و أضمر فيها مفعولا لم يسمّ فاعله عائدا إلى الّذى فاتته الصلاة، و من رفع لم يضمر، و أقام الأهل مقام مالم يسمّ فاعله، لأنّهم المصابون المأخوذون، فمن ردّ النّقص إلى الرجل نصبهما، و من ردّه إلى الأهل و المال رفعهما.
و منه
حديث محمد بن مسلمة «أنا الْمَوْتُورُ الثّائر»
أى صاحب الوتر، الطّالب بالثّأر.
و الموتور: المفعول.
(ه) و منه
الحديث «قلّدوا الخيل و لا تقلّدوها الْأَوْتَارَ»
هى جمع وِتر، بالكسر، و هى الجناية: أى لا تطلبوا عليها الأوتار التى وُتِرْتُمْ بها فى الجاهلية.
و قيل: هو جمع وتر القوس. و قد تقدّم مبسوطا فى حرف القاف.
و من الأوّل
حديث عليّ، يصف أبا بكر «فأدركت أوتار ما طلبوا».
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «اللهم ألّف» و ما أثبت من ا، و النسخة 517، و اللسان. و فيه:
«و واتر».
(2) من ا، و اللسان.
148
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وتر ص 147
(س) و
حديث عبد الرحمن فى الشّورى «لا تغمدوا السّيوف عن أعدائكم فَتُوتِرُوا ثأركم» «1»
قال الأزهرى: هو من الوتر. يقال: وترت فلانا، إذا أصبته بوتر، و أوترته:
أوجدته ذلك. و الثّار هاهنا: العدوّ؛ لأنّه موضع الثّأر. المعنى لا توجدوا عدوّكم الوتر فى أنفسكم.
و
حديث الأحنف «إنّها لخيل لو كانوا يضربونها على الأوتار».
و من الثانى
الحديث «من عقد لحيته أو تقلّد وترا»
كانوا يزعمون أنّ التّقلّد بالأوتار يردّ العين، و يدفع عنهم المكاره، فنهوا عن ذلك.
و منه
الحديث «أمر أن تقطع الأوتار من أعناق الخيل»
كانوا يقلّدونها بها لأجل ذلك.
و
فيه «اعمل من وراء البحر فإنّ اللّه لن يَتِرَكَ من عملك شيئا»
أى لا ينقصك.
يقال: وَتَرَهُ يَتِرُهُ تِرَةً، إذا نقصه.
(س) و منه
الحديث «من جلس مجلسا لم يذكر اللّه فيه كان عليه تِرَةً»
أى نقصا.
و الهاء فيه عوض من الواو المحذوفة. و قيل: أراد بِالتِّرَةِ هاهنا التَّبِعَة.
(ه) و
فى حديث العباس «كان عمر لى جارا، و كان يصوم النّهار و يقوم الليل، فلمّا ولى قلت: لأنظرنّ إلى عمله، فلم يزل على وَتِيرَةٍ واحدة»
أى طريقة واحدة مطّردة يدوم عليها.
(ه) و
فى حديث زيد «فى الْوَتَرَةِ ثلث الدّية»
هى وترة الأنف الحاجزة بين المنخرين.
(وتغ)
(ه)
فى حديث الإمارة «حتى يكون عمله هو الذى يطلقه أو يُوتِغُهُ»
أى يهلكه. يقال: وَتِغَ «2» وَتَغاً، و أَوْتَغَهُ غيره.
(ه) و منه
الحديث «فإنه لا يُوتِغُ إلّا نفسه».
(وتن)-
فى حديث غسل النبى صلى اللّه عليه و سلم «و الفضل يقول: أرحنى أرحنى،
__________________________________________________
(1) سبق فى مادة (وبر): «آثاركم».
(2) فى الأصل، وا: «وتغ وتغا» و الضبط المثبت من اللسان. و هو من باب وجل، كما فى القاموس.
149
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وتن ص 149
قطعت وتينى، أرى شيأ ينزل عليّ»
الْوَتِينُ: عرق فى القلب إذا انقطع مات صاحبه.
(س) و
فى حديث ذى الثّديّة «مُوتَنُ اليد»
هو من أَيْتَنَتِ المرأة، إذا جاءت بولدها يَتْناً، و هو الذى تخرج رجلاه قبل رأسه، فقلبت الواو ياء لضمّة الميم. و المشهور فى الرّواية «مودن» بالدال.
(ه) و
فيه «أمّا تيماء فعين جارية، و أما خيبر فماء وَاتِنٌ»
أى دائم.
باب الواو مع الثاء
(وثأ)
(س)
فيه «فَوُثِئَتْ رجلى»
أى أصابها وهن، دون الخلع و الكسر. يقال:
وَثِئَتْ رجله فهى مَوْثُوءَةٌ، و وَثَأْتُهَا أنا. و قد يترك الهمز.
(وثب)
(س [ه])
فيه «أتاه عامر بن الطّفيل فَوَثَّبَهُ وسادة» و فى رواية «فَوَثَّبَ له وسادة»
أى ألقاها له و أقعده عليا. و الْوِثَابُ: الفراش، بلغة حمير.
(س) و منه
حديث فارعة أخت أميّة بن أبى الصّلت «قالت: قدم أخى من سفر فَوَثَبَ على سريرى»
أى قعد عليه و استقرّ. و الْوُثُوبُ فى غير لغة حمير بمعنى النهوض و القيام.
(س) و
في حديث عليّ يوم صفّين «قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يدا و أخّر للنّكوص رجلا»
أى إن أصاب فرصة نهض إليها، و إلّا رجع و ترك.
(س) و
فى حديث هزيل «أ يَتَوَثَّبُ أبو بكر على وصيّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ ودّ أبو بكر أنه وجد عهدا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أنه خزم أنفه بخزامة»
أى يستولى عليه و يظلمه. معناه: لو كان عليّ معهودا إليه بالخلافة لكان فى أبى بكر من الطاعة و الانقياد إليه ما يكون فى الجمل الذّليل المنقاد بخزامته.
(وثر)
(ه)
فيه «أنه نهى عن مِيثَرَةِ الأرجوان»
الْمِيثَرَةُ بالكسر: مفعلة، من الوثارة. يقال: وَثُرَ وَثَارَةً فهو وَثِيرٌ: أى وطىء ليّن. و أصلها: موثرة، فقلبت الواو ياء لكسرة الميم. و هى من مراكب العجم، تعمل من حرير أو ديباج.
و الأرجوان: صبغ أحمر، و يتّخذ كالفراش الصّغير و يحشى بقطن أو صوف، يجعلها
150
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وثر ص 150
الرّاكب تحته على الرّحال فوق الجمال. و يدخل فيه مَيَاثِرِ السّروج، لأنّ النّهى يشمل كلّ مِيثَرَةٍ حمراء، سواء كانت على رحل أو سرج.
(س) و منه
حديث ابن عباس «قال لعمر: لو اتّخذت فراشا أَوْثَرَ منه»
أى أوطأ و ألين.
(س) و
حديث ابن عمر و عيينة بن حصن «ما أخذتها بيضاء غريرة، و لا نصفا وَثِيرَة».
(وثق)-
فى حديث كعب بن مالك «و لقد شهدت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليلة العقبة حين تَوَاثَقْنَا على الإسلام»
أى تحالفنا و تعاهدنا، و التَّوَاثُقُ: تفاعل منه. و الْمِيثَاقُ:
العهد، مفعال من الْوِثَاقُ، و هو فى الأصل حبل أو قيد يشدّ به الأسير و الدّابّة.
و منه
حديث ذى المشعار «لنا من ذلك ما سلّموا بالميثاق و الأمانة»
أى أنهم مأمونون على صدقات أموالهم بما أخذ عليهم من الميثاق، فلا يبعث إليهم مصدّق و لا عاشر. و قد تكرر فى الحديث.
و
فى حديث معاذ و أبى موسى «فرأى رجلا مُوثَقاً» أى مأسورا مشدودا فى الوثاق.
و منه
حديث الدّعاء «و اخلع وَثَائِقَ أفئدتهم»
جمع وِثَاق، أو وَثِيقَة.
(وثم)
(س)
فيه «أنه كان لا يَثِمُ التّكبير»
أى لا يكسره، بل يأتى به تامّا.
و الْوَثْمُ: الكسر و الدّقّ. أى يتمّ لفظه على جهة التعظيم، مع مطابقة اللّسان و القلب.
و
فيه «و الذى أخرج العذق من الجريمة، و النار من الوثيمة»
الْوَثِيمَةُ: الحجر المكسور.
(وثن)-
فيه «شارب الخمر كعابد وثن»
الفرق «1» بين الْوَثَنِ و الصّنم أنّ الْوَثَنَ كلّ ما له جثّة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب و الحجارة، كصورة الآدمىّ تعمل و تنصب فتعبد. و الصّنم: الصّورة بلا جثّة. و منهم من لم يفرق بينهما، و أطلقهما على المعنيين. و قد يطلق الوثن على غير الصّورة.
و منه
حديث عدىّ بن حاتم «قدمت على النّبى صلى اللّه عليه و سلم و فى عنقى صليب من ذهب، فقال لى: ألق هذا الوثن عنك».
__________________________________________________
(1) هذا من شرح الأزهرى، كما فى الهروى.
151
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
باب الواو مع الجيم ص 152
باب الواو مع الجيم
(وجأ)
(س)
فى حديث النّكاح «فمن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وِجَاءً»
الْوِجَاءُ: أن ترّض أنثيا الفحل رضّا شديدا يذهب شهوة الجماع، و يتنزّل فى قطعه منزلة الخصى. و قد وُجِئَ وِجَاءً فهو مَوْجُوءٌ.
و قيل: هو أن تُوجَأَ العروق، و الخصيتان بحالهما. أراد أنّ الصّوم يقطع النّكاح كما يقطعه الوجاء.
و
روى «وَجًى»
بوزن عصا. يريد التّعب و الحفى، و ذلك بعيد، إلّا أن يراد فيه معنى الفتور؛ لأنّ من وُجِيَ فتر عن المشى، فشبّه الصّوم فى باب النّكاح بالتّعب فى باب المشى.
(س) و منه
الحديث «أنه ضحّى بكبشين مَوْجُوءَيْنِ»
أى خصيّين. و منهم من يرويه «مَوْجَأَيْنِ» بوزن مكرمين، و هو خطأ. و
منهم من يرويه «مَوْجِيَّيْنِ»
بغير همز على التّخفيف، و يكون من وَجَيْتُهُ وَجْياً فهو مَوْجِيٌّ.
(ه) و
فيه «فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فَلْيَجَأْهُنَّ»
أى فليدقّهنّ. و به سمّيت الْوَجِيئَةُ، و هو تمر يبلّ بلبن أو سمن ثم يدقّ حتى يلتئم.
(ه) و منه
الحديث «أنه عاد سعدا فوصف له الوجيئة».
(س) و
فى حديث أبى راشد «كنت فى منائخ أهلى فنزا منها بعير، فوجأته بحديدة»
يقال: وَجَأْتُهُ بالسّكّين و غيرها وَجْأً، إذا ضربته بها.
و منه
حديث أبى هريرة «من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يتوجّأ بها فى بطنه فى نار جهنّم».
(وجب)
(س)
فيه «غسل الجمعة واجب على كلّ محتلم»
قال الخطّابى: معناه وجوب الاختيار و الاستحباب، دون وجوب الفرض و اللّزوم. و إنما شبّهه بالواجب تأكيدا، كما يقول الرّجل لصاحبه: حقّك علىّ واجب. و كان الحسن يراه لازما. و حكى ذلك عن مالك.
يقال: وَجَبَ الشّىء يَجِبُ وجوبا، إذا ثبت و لزم.
152
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وجب ص 152
و الواجب و الفرض عند الشافعى سواء، و هو كلّ ما يعاقب على تركه، و فرق بينهما أبو حنيفة، فالفرض عنده آكد من الواجب.
(ه) و
فيه «من فعل كذا و كذا فقد أوجب»
يقال: أَوْجَبَ الرجلُ، إذا فعل فعلا وجبت له به الجنّة أو النّار.
(ه) و منه
الحديث «أنّ قوما أتوه فقالوا: إنّ صاحبا لنا أوجب»
أى ركب خطيئة استوجب بها النّار.
و
الحديث الآخر «أوجب طلحة»
أى عمل عملا أوجب له الجنّة.
و
حديث معاذ «أَوْجَبَ ذو الثّلاثة و الاثنين»
أى من قدّم ثلاثة من الولد أو اثنين وجبت له الجنّة.
و منه
حديث طلحة «كلمة سمعتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم موجبة، لم أسأله عنها، فقال عمر: أنا أعلم ما هى، لا إله إلّا اللّه»
أى كلمة أوجبت لقائلها الجنّة، و جمعها: موجبات.
(ه) و منه
الحديث «اللّهمّ إنّى أسألك مُوجِبَاتِ رحمتك».
و
حديث النّخعىّ «كانوا يرون المشى إلى المسجد فى الليلة المظلمة ذات المطر و الرّيح أنّها موجبة».
و منه
الحديث «أنه مرّ برجلين يتبايعان شاة، فقال أحدهما: و اللّه لا أزيد على كذا، و قال الآخر: و اللّه لا أنقص [من كذا] «1» فقال: قد أَوْجَبَ أحدهما»
أى حنث، و أوجب الإثم و الكفّارة على نفسه.
و منه
حديث عمر «أنّه أَوْجَبَ نجيبا»
أى أهداه فى حجّ أو عمرة، كأنه ألزم نفسه به.
و النّجيب: من خيار الإبل.
(ه) و
فيه «أنه عاد عبد اللّه بن ثابت فوجده قد غلب، فصاح النّساء و بكين، فجعل ابن عتيك يسكّتهنّ، فقال: دعهنّ، فإذا وَجَبَ فلا تبكينّ باكية، قالوا: ما الْوُجُوبُ؟ قال: إذا مات».
__________________________________________________
(1) ساقط من ا، و النسخة 517.
153
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وجب ص 152
(ه) و منه
حديث أبى بكر «فإذا وَجَبَ و نضب عمره»
و أصل الْوُجُوبُ:
السّقوط و الوقوع.
(س) و منه
حديث الضّحيّة «فلمّا وَجَبَتْ جنوبها»
أى سقطت إلى الأرض، لأنّ المستحبّ أن تنحر الإبل قياما معقّلة.
(س) و منه
حديث عليّ «سمعت لها وَجْبَةَ قلبه»
أى خفقانه. يقال: وَجَبَ القلب يَجِبُ وَجِيباً، إذا خفق.
و
فى حديث أبى عبيدة و معاذ «إنّا نحذّرك يوما تَجِبُ فيه القلوب».
(س) و
فى حديث سعيد «لولا أصوات السّافرة لسمعتم وَجْبَةَ الشّمس»
أى سقوطها مع المغيب. و الْوَجْبَةُ: السّقطة مع الهدّة.
(س) و منه
حديث صلة «فإذا بِوَجْبَةٍ»
و هى صوت السّقوط.
و
فيه «كنت آكل الْوَجْبَةَ و أنجو الوقعة»
الْوَجْبَةُ: الأكلة فى اليوم و اللّيلة مرّة واحدة.
(س) و منه
حديث الحسن فى كفّارة اليمين «يطعم عشرة مساكين وجبة واحدة».
(س) و منه
حديث خالد بن معدان «من أجاب وجبة ختان غفر له».
(س) و
فيه «إذا كان البيع عن خيار فقد وَجَبَ»
أى تمّ و نفذ. يقال: وَجَبَ البيع يَجِبُ وُجُوباً، و أَوْجَبَهُ إِيجَاباً: أى لزم و ألزمه. يعنى إذا قال بعد العقد: اختر ردّ البيع أو إنفاذه، فاختار الإنفاذ لزم و إن لم يفترقا.
و
فى حديث عبد اللّه بن غالب «أنه كان إذا سجد تَوَاجَبَ الفتيان فيضعون على ظهره شيئا و يذهب أحدهم إلى الكلّاء و يجىء و هو ساجد»
تَوَاجَبُوا: أى تراهنوا، فكأنّ بعضهم أَوْجَبَ على بعض شيئا.
و الكلّاء، بالمدّ و التّشديد: مربط السّفن بالبصرة، و هو بعيد منها.
(وجج)-
فيه «صيد وَجٍّ و عضاهه حرام محرّم»
وَجٌّ: موضع بناحية الطّائف.
154
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وجج ص 154
و قيل: هو اسم جامع لحصونها. و قيل: اسم واحد منها، يحتمل أن يكون على سبيل الحمى له، و يحتمل أن يكون حرّمه فى وقت معلوم ثم نسخ. و قد تكرر ذكره فى الحديث.
(س) و منه
حديث كعب «إنّ وَجّاً مقدّس، منه عرج الرّبّ إلى السماء».
(وجح)
(ه)
فى حديث عمر «أنه صلّى صلاة الصّبح، فلمّا سلّم قال: من استطاع منكم فلا يصلّينّ و هو مُوجَحٌ» و فى رواية «1» «فلا يصلّ مُوجَحاً، قيل: و ما الْمُوجَحُ؟ قال:
المرهق من خلاء أو بول»
يقال: وَجَحَ يَوْجَحُ وَجْحاً، إذا التجأ. و قد أَوْجَحَهُ بوله فهو موجح، إذا كظّه و ضَيَّقَ عليه. و الْمُوجَحُ: الذى يمسك الشيء و يمنعه. و ثوب مُوجَحٌ: غليظ كثيف.
و الْمُوجِحُ: الذى يخفى الشّيء، من الْوِجَاحِ «2»، و هو السّتر، فشبّه به ما يجده المحتقن من الامتلاء.
قال الزمخشرى «3»: المحفوظ فى الملجأ تقديم «4» الحاء على الجيم، فإن صحّت الرواية فلعلّهما لغتان.
و يروى الحديث بفتح الجيم و كسرها، على المفعول و الفاعل.
(وجد)-
فى أسماء اللّه تعالى «الْوَاجِدُ» هو الغنىّ الذى لا يفتقر. و قد وَجَدَ يَجِدُ جِدَةً: أى استغنى غنى لا فقر بعده.
(ه) و منه
الحديث «لَىُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عقوبته و عرضه»
أى القادر على قضاء دينه.
و
فى حديث الإيمان «إنّى سائلك فلا تَجِدْ علىّ»
أى لا تغضب من سؤالى. يقال:
وَجَدَ وَجِدَ «5» عليه يَجِدُ وَجْداً و مَوْجِدَةً «6».
__________________________________________________
(1) و هى رواية الهروى، و فيه: «موجّحا».
(2) مثلّث الواو، كما فى الصحاح.
(3) انظر الفائق 3/ 147. و هذا النقل الذى عزاه المصنّف إلى الزمخشرى ليس بألفاظه فى الفائق.
و هو بهذه الألفاظ فى اللسان عزوا إلى الأزهرى.
(4) فى الأصل: «بتقديم» و المثبت من: ا، و اللسان.
(5) بالفتح، و الكسر، كما فى القاموس.
(6) فى القاموس: «يجد و يجد وجدا، وجدة، و موجدة» و زاد فى الصحاح:
«وجدانا».
155
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وجد ص 155
(س) و منه
الحديث «لم يَجِدِ الصّائم على المفطر»
و قد تكرر ذكره فى الحديث، اسما و فعلا و مصدرا.
و
فى حديث اللّقطة «أيّها النّاشد، غيرك الْوَاجِدُ»
يقال: وَجَدَ ضالّته يَجِدُهَا وِجْدَاناً «1»، إذا رآها و لقيها. و قد تكرر فى الحديث.
(ه) و
فى حديث ابن عمر و عيينة بن حصن «و اللّه ما بطنها بوالد، و لا زوجها بواجد»
أى أنّه لا يحبّها يقال: وَجَدْتُ بفلانة وَجْداً، إذا أحببتها حبّا شديدا.
و منه
الحديث «فمن وَجَدَ منكم بماله شيئا فليبعه»
أى أحبّه و اغتبط به.
(وجر)
(ه)
فى حديث عبد اللّه بن أنيس «فَوَجَرْتُهُ بالسيف وَجْراً»
أى طعنته.
و المعروف فى الطّعن: أَوْجَرْتُهُ الرّمح، و لعلّه لغة فيه.
و
في حديث عليّ «و انجحر انجحار «2» الضّبّة فى جحرها، و الضّبع فى وجارها»
هو جحرها الذى تأوى إليه.
(س) و منه
حديث الحسن «لو كنت فى وِجَارِ الضّبّ»
ذكره للمبالغة، لأنه إذا حفر أمعن.
(س) و منه
حديث الحجّاج «جئتك فى مثل وجار الضّبع»
قال الخطّابى: هو خطأ، و إنّما هو «فى مثل جارّ الضّبع» يقال: غيث جارّ الضّبع: أى يدخل عليها فى وجارها حتّى يخرجها منه، و يشهد لذلك أنّه جاء
فى رواية أخرى «و جئتك فى ماء يجرّ الضّبع، و يستخرجها من وجارها».
(وجز)
(ه)
فى حديث جرير «قال له عليه الصلاة و السلام: إذا قلت فَأَوْجِزْ»
أى أسرع و اقتصر. و كلام وَجِيزٌ: أى خفيف مقتصد. و أَوْجَزْتُهُ إِيجَازاً. و قد تكرر فى الحديث.
(وجس)-
فيه «دخلت الجنّة فسمعت فى جانبها وَجْساً، فقيل: هذا بلال»
الْوَجْسُ:
الصّوت الخفىّ، و تَوَجَّسَ بالشّىء: أحسّ به فتسمّع له.
__________________________________________________
(1) فى القاموس: «وجدا، وجدة، و وجدا، و وجودا، و وجدانا، و إجدانا، بكسرهما».
(2) فى الأصل: «و انحجر انحجار» بتقديم الحاء. و التصحيح من: ا، و اللسان.
156
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وجس ص 156
[ه] و منه
الحديث «أنّه نهى عن الْوَجْسِ»
هو أن يجامع الرجل امرأته أو جاريته و الأخرى تسمع حسّهما.
و منه
حديث الحسن، و قد سئل عن ذلك فقال: «كانوا يكرهون الوجس».
(وجع)-
فيه «لا تحلّ المسألة إلّا لذى دم مُوجِعٍ»
هو أن يتحمّل دية فيسعى فيها حتّى يؤدّيها إلى أولياء المقتول، فإن لم يؤدّها قتل المتحمّل عنه، فَيُوجِعُهُ قتله.
(س) و
فيه «مرى بنيك يقلّموا أظفارهم أن يُوجِعُوا الضّروع»
أى لئلّا يوجعوها إذا حلبوها بأظفارهم.
(وجف)-
فيه «لم يُوجِفُوا عليه ب خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ»
الْإِيجَافُ: سرعة السّير. و قد أَوْجَفَ دابّته يُوجِفُهَا إِيجَافاً، إذا حثّها.
و منه
الحديث «ليس البرّ بِالْإِيجَافِ».
و منه
حديث عليّ «و أَوْجَفَ الذّكر بلسانه»
أى حرّكه مسرعا.
و منه
حديثه الآخر «أهون سيرها «1» فيه الْوَجِيفُ»
هو ضرب من السّير سريع. و قد وَجَفَ البعير يَجِفُ وَجْفاً و وَجِيفاً. و قد تكرر فى الحديث.
(وجل)-
فيه «وعظنا موعظة وَجِلَتْ منها القلوب»
الْوَجَلُ: الفزع. و قد وَجِلَ يَوْجَلُ و يَيْجَلُ، فهو وَجِلٌ. و قد تكرر فى الحديث.
(وجم)
(ه)
فى حديث أبى بكر «أنه لقى طلحة فقال: ما لى أراك وَاجِماً»
أى مهتمّا.
و الْوَاجِمُ: الذى أسكته الهمّ و علته الكآبة. و قد وَجَمَ يَجِمُ وُجُوماً. و قيل: الْوُجُومُ: الحزن.
(وجن)
[ه] فى حديث سطيح:
ترفعنى وجنا و تهوى بى وجن
الْوَجْنُ و الْوَجَنْ و الْوَجِينُ: الأرض الغليظة الصّلبة. و يروى «وُجْناً» بالضّم، جمع وَجِينٍ.
و فى قصيد كعب بن زهير:
__________________________________________________
(1) فى ا: «سيرهما».
157
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وجن ص 157
وجناء «1» فى حرّتيها للبصير بها
و فيها أيضا:
غلباء وجناء علكوم مذكّرة
الْوَجْنَاءُ: الغليظة الصّلبة. و قيل: العظيمة الْوَجْنَتَيْنِ.
(س) و منه
حديث سواد بن مطرّف «وأد الذّعلب الوجناء».
(س) و
فى حديث الأحنف «أنه كان ناتئ الوجنة»
هى أعلى الخدّ.
(وجه)
[ه س]
فيه «أنه ذكر فتنا كوجوه البقر»
أى يشبه بعضها بعضا، لأنّ وجوه البقر تتشابه كثيرا. أراد أنها فتن مشتبهة، لا يدرى كيف يؤتى لها.
قال الزمخشرى: «و عندى أنّ المراد «2» تأتى نواطح «3» للناس. و من ثمّ قالوا: نواطح الدّهر، لنوائبه».
و
فيه «كانت وجوه بيوت أصحابه شارعة فى المسجد»
وَجْهُ البيت: الحدّ الذى يكون فيه بابه: أى كانت أبواب بيوتهم فى المسجد، و لذلك قيل لحدّ البيت الذى فيه الباب:
وجه الكعبة.
(س) و
فيه «لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفنّ اللّه بين وُجُوهِكُمْ»
أراد وجوه القلوب،
كحديثه الآخر «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم»
أى هواها و إرادتها.
و
فيه «وُجِّهَتْ لى أرض»
أى أريت وجهها، و أمرت باستقبالها.
و منه
الحديث «أين تُوَجِّهُ؟»
أى تصلّى و توجّه وجهك.
و
الحديث الآخر «وَجَّهَ هاهنا»
أى تَوَجَّهَ. و قد تكرر فى الحديث.
__________________________________________________
(1) فى شرح ديوانه ص 13: «قنواء». و سبق فى (قنا).
(2) فى الفائق 3/ 147: «المعنى».
(3) ضبط فى الأصل، وا: «نواطح» بالضم. و ضبطته بالفتح من اللسان، و الفائق.
و فيه: «الناس».
158
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وجه ص 158
(س) و
فى حديث أبى الدّرداء «ألا تفقه «1» حتى ترى للقرآن وجوها»
أى ترى له معانى يحتملها، فتهاب الإقدام عليه.
(ه) و
فى حديث أهل البيت «لا يحبّنا الأحدب الموجّه»
هو صاحب الحدبتين من خلف و من قدّام.
(ه) و
فى حديث أم سلمة «قالت لعائشة حين خرجت إلى البصرة: قد وَجَّهْتُ سدافته»
أى أخذت وجها هتكت سترك فيه.
و قيل «2»: معناه: أزلت سدافته، و هى الحجاب من الموضع الذى أمرت أن تلزميه و جعلتها أمامك. و الْوَجْهُ: مستقبل كلّ شيء.
و
فى حديث صلاة الخوف «و طائفة وُجَاهَ العدوّ»
أى مقابلهم و حذاءهم. و تكسر الواو و تضمّ.
و
فى رواية «تُجَاهَ العدوّ»
و التاء بدل من الواو، مثلها فى تقاة و تخمة. و قد تكرر فى الحديث.
(ه) و
فى حديث عائشة «و كان لِعَلِيّ وَجْهٌ من الناس حياةَ فاطمة»
أى جاه و عزّ، فقدهما بعدها.
باب الواو مع الحاء
(وحد)-
فى أسماء اللّه تعالى «الْواحِدُ»* هو الفرد الذى لم يزل وحده؛ و لم يكن معه آخر. قال الأزهرى: الفرق بين الْوَاحِدِ و الْأَحَدِ أنّ الأحد بنى لنفى ما يذكر معه من العدد، تقول: ما جاءنى أحد، و الواحد: اسم بنى لمفتتح العدد، تقول: جاءنى واحد من الناس، و لا تقول: جاءنى أحد، فالواحد منفرد بالذّات، فى عدم المثل و النّظير، و الأحد منفرد بالمعنى.
و قيل: الواحد: هو الذى لا يتجزّأ، و لا يثنّى، و لا يقبل الانقسام، و لا نظير له و لا مثل.
و لا يجمع هذين الوصفين إلا اللّه تعالى.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «لا تفقه». و فى اللسان: «لا تفقه» و ما أثبتّ من: ا، و النسخة 517 و فيها: «ألا تفقّه» بالتشديد.
(2) القائل هو القتيبى، كما ذكر الهروى.
159
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وحد ص 159
(س) و
فيه «إنّ اللّه تعالى لم يرض بِالْوَحْدَانِيَةِ لأحد غيره، شرار أمّتى الْوَحْدَانِيُّ المُعجب بدينه المرائى بعمله»
يريد بالوحدانىّ المفارق للجماعة، المنفرد بنفسه، و هو منسوب إلى الوحدة: الانفراد، بزيادة الألف و النون، للمبالغة.
و
فى حديث ابن الحنظليّة «و كان رجلا مُتَوَحِّداً»
أى منفردا، لا يخالط الناس و لا يجالسهم.
(س) و منه
حديث عائشة، تصف عمر «للّه أمّ حفلت عليه ودّرت، لقد أَوْحَدَتْ به»
أى ولدته وحيدا فريدا، لا نظير له.
و
فى حديث العيد «فصلّينا وُحْدَاناً»
أى منفردين، جمع واحد، كراكب و ركبان.
(س) و
فى حديث حذيفة «أو لتصلّنّ وحدانا».
و
فى حديث عمر «من يدلّنى على نسيج وَحْدِهِ؟».
(س) و منه
حديث عائشة تصف عمر «كان نسيج وحده»
يقال: جلس وحده، و رأيته وحده: أى منفردا، و هو منصوب عند أهل البصرة على الحال أو المصدر، و عند أهل الكوفة على الظّرف، كأنك قلت: أوحدته برؤيتى إيحادا: أى لم أر غيره، و هو أبدا منصوب و لا يضاف إلا فى ثلاثة مواضع: نسيج وحده، و هو مدح، و جحيش وحده، و عيير وحده، و هما ذمّ. و ربّما قالوا: رُجَيْلُ وَحْدِهِ، كأنك قلت: نسيج أفراد.
(وحر)-
فيه «الصّوم يُذْهِبُ وَحَرَ الصّدر»
هو بالتّحريك: غشّه و وساوسه.
و قيل: الحقد و الغيظ. و قيل: العداوة. و قيل: أشدّ الغضب.
(ه) و
فى حديث الملاعنة «إن جاءت به أحمر قصيرا مثل الْوَحَرَةِ فقد كذب عليها»
هى بالتّحريك: دويبّة كالعظاءة تلزق بالأرض.
(وحش)
(ه)
فيه «كان بين الأوس و الخزرج قتال، فجاء النبىّ صلى اللّه عليه و سلم، فلمّا رآهم نادى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ» الآيات، فَوَحَّشُوا بأسلحتهم، و اعتنق بعضهم بعضا»
أى رموها.
160
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وحش ص 160
(ه) و منه
حديث عليّ «أنه لقى الخوارج فوحّشوا برماحهم و استلّوا السّيوف».
و منه
الحديث «كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خاتم من ذهب، فَوَحَّشَ بين ظهرانى أصحابه، فَوَحَّشَ النّاسُ بخواتيمهم».
و
الحديث الآخر «أنه أتاه سائل فأعطاه تمرة فَوَحَّشَ بها».
(ه) و
فيه «لقد بتنا وَحْشَيْنِ «1» ما لنا طعام»
يقال: رجل وَحْشٌ، بالسكون، من قوم أَوْحَاشٌ، إذا كان جائعا لا طعام له، و قد أَوْحَشَ، إذا جاع، و تَوَحَّشَ للدّواء، إذا احتمى «2» له.
و
جاء فى رواية التّرمذىّ «لقد بتنا ليلتنا هذه وَحْشَى»
كأنه أراد جماعة وحشى «3».
(ه) و
فيه «لا تحقرنّ شيئا من المعروف؛ و لو أن تؤنس الْوَحْشَانَ»
الْوَحْشَانُ: المغتمّ و قوم وَحَاشَى، و هو فعلان، من الْوَحْشَةِ: ضدّ الأنس. و الْوَحْشَةُ: الخلوة و الهمّ. و أَوْحَشَ المكان، إذا صار وَحْشاً. و كذلك تَوَحَّشَ. و قد أَوْحَشْتُ الرّجل فَاسْتَوْحَشَ.
(س) و
فى حديث عبد اللّه «أنه كان يمشى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى الأرض وَحْشاً»
أى وحده ليس معه غيره.
و منه
حديث فاطمة بنت قيس «أنّها كانت فى مكان وَحْشٍ، فخيف على ناحيتها»
أى خلاء لا ساكن به.
و منه
حديث المدينة «فيجدانها «4» وحشا»
كذا جاء فى رواية مسلم.
(س) و منه
حديث ابن المسيّب «و سئل عن المرأة و هى فى وحش من الأرض».
__________________________________________________
(1) فى اللسان: «وحشين».
(2) فى اللسان: «و توحّش فلان للدواء، إذا أخلى معدته»
(3) فى اللسان: «جماعة وحشىّ».
(4) فى الأصل، وا، و اللسان: «فيجدانه» و التصويب من صحيح البخارى (باب من رغب عن المدينة، من كتاب الحج) و صحيح مسلم (باب فى المدينة حين يتركها أهلها، من كتاب الحج) قال النووى 9/ 161: «قيل: معناه يجدانها خلاء، أى خالية ليس بها أحد. قال إبراهيم الحربى: الوحش من الأرض: هو الخلاء. و الصحيح أن معناه يجدانها ذات وحوش، كما فى رواية البخارى» و انظر زيادة شرح فى النووى.
161
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وحش ص 160
(س) و
فى حديث النّجاشىّ «فنفخ فى إحليل عمارة فاستوحش»
أى سحر حتى جنّ، فصار يعدو مع الوحش فى البرّيّة حتى مات.
و
فى رواية «فطار مع الوحش».
(وحف)
(س)
فى حديث ابن أنيس «تناهى وَحْفُهَا»
يقال: شعر وَحْفٌ و وَحَفٌ:
أى كثير حسن. و قد وَحُفَ شعره، بالضم.
(وحل)
(س)
فى حديث سراقة «فَوَحِلَ بى فرسى و إنى لفى جلد من الأرض»
أى أوقعنى فى الوحل، يريد كأنه يسير بى فى طين، و أنا فى صُلْبٍ من الأرض.
و منه
حديث أسر عقبة بن أبى معيط «فوحل به فرسه فى جدد من الأرض»
قال الجوهرى: «الْوَحَلُ بالتحريك: الطين الرقيق. و الْمَوْحَلُ، بالفتح: المصدر، و بالكسر: المكان.
و الْوَحْلُ بالتسكين لغة رديئة. و وَحِلَ، بالكسر: وقع فى الوحل. و أَوْحَلَهُ غيره»، إذا أوقعه فيه.
و الجدد: ما استوى من الأرض.
(وحم)
(ه)
فى حديث المولد «فجعلت آمنة أمّ النبىّ صلى اللّه عليه و سلم تَوْحَمُ»
أى تشتهى اشتهاء الحامل. يقال: وَحِمَتْ تَوْحَمُ «1» وَحَماً فهى وَحْمَى بيّنة الْوِحَامِ.
(وحوح)-
فى شعر أبى طالب يمدح النبى صلى اللّه عليه و سلم:
حتى يجالدكم عنه وَحَاوِحَةٌ شيب صناديد لا تذعرهم الأسل
هى جمع وَحْوَح، أو وَحْوَاح، و هو السّيّد، و الهاء فيه لتأنيث الجمع.
(س) و منه
حديث الذى يعبر الصّراط حبوا «و هم أصحاب وَحْوَح»
أى أصحاب من كان فى الدنيا سيّدا. و هو
كالحديث الآخر «هلك أصحاب العقدة»
يعنى الأمراء. و يجوز أن يكون من الْوَحْوَحَةِ، و هو صوت فيه بحوحة، كأنه يعنى أصحاب الجدال و الخصام و الشّغب فى الأسواق و غيرها.
و منه
حديث عليّ «لقد شفى وَحَاوِحَ صدرى حسّكم إيّاهم بالنّصال».
__________________________________________________
(1) فى الأصل، وا «وحمت توحم» و أثبتّ ضبط اللسان. قال فى القاموس: «و قد وحمت كورثت و وجلت».
162
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وحا ص 163
(وحا)
(ه)
فى حديث أبى بكر «الوحا الْوَحَا»
أى السّرعة السّرعة، و يمدّ و يقصر.
يقال: تَوَحَّيْتُ تَوَحِّياً، إذا أسرعت، و هو منصوب على الإغراء بفعل مضمر.
و منه
الحديث «إذا أردت أمرا فتدبّر عاقبته، فإن كانت شرّا فانته، و إن كانت خيرا فَتَوَحَّهْ»
أى أسرع إليه. و الهاء للسّكت.
(س) و
فى حديث الحارث الأعور «قال علقمة: قرأت القرآن فى سنتين، فقال الحارث:
القرآن هيّن، الْوَحْيُ أشدّ منه»
أراد بالقرآن القراءة، و بالوحى الكتابة و الخطّ. يقال: وَحَيْتُ الكتاب وَحْياً فأنا وَاحٍ.
قال أبو موسى: كذا ذكره عبد الغافر. و إنما المفهوم من كلام الحارث عند الأصحاب شيء تقوله الشّيعة أنه أوحى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم شيء فخصّ به أهل البيت. و اللّه أعلم.
و قد تكرر ذكر «الْوَحْيِ فى الحديث. و يقع على الكتابة، و الإشارة، و الرّسالة، و الإلهام، و الكلام الخفىّ. يقال: وَحَيْتُ إليه الكلام و أَوْحَيْتُ.
باب الواو مع الخاء
(وخد)
(س)
فى حديث وفاة أبى ذر «رأى قوما تَخِدُ بهم رواحلهم»
الْوَخْدُ: ضرب من سير الإبل سريع. يقال: وَخَدَ يَخِدُ وَخْداً.
و فى حديث خيبر ذكر «وَخْدَةَ» هو بفتح الواو و سكون الخاء: قرية من قرى خيبر الحصينة، بها نخل.
(وخز)
(ه)
فيه «فإنه وَخْزُ إخوانكم من الجنّ»
الْوَخْزُ: طعن ليس بنافذ.
و منه
حديث عمرو بن العاص، و ذكر الطاعون، فقال «إنما هو وَخْزٌ من الشيطان» و فى رواية «رجز».
(ه) و
فى حديث سليمان بن المغيرة «قلت للحسن: أ رأيت التّمر و البسر أ يجمع بينهما؟
قال: لا. قلت: البسر الذى يكون فيه الْوَخْزُ»
أى القليل من الإرطاب. شبّهه فى قلّته بالوخز فى جنب الطّعن.
163
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وخش ص 164
(وخش)
(ه)
فى حديث ابن عباس «و إنّ قرن الكبش معلّق فى الكعبة قد وَخُشَ» و فى رواية «إن رأسه معلّق بقرنيه فى الكعبة وَخُشَ»
أى يبس و تضاءل. يقال:
وَخُشَ الشيء، بالضّم وُخُوشَةً: أى صار رديئا. و الْوَخْشُ من الناس: الرّذل، يستوى فيه المذكّر و المؤنّث، و الواحد و الجمع.
(وخط)-
فى حديث معاذ «كان فى جنازة فلما دفن الميّت قال: ما أنتم ببارحين «1» حتى يسمع وَخْطَ نعالكم»
أى خفقها و صوتها على الأرض.
(ه) و منه
حديث أبى أمامة «فلما سمع وخط نعالنا».
(وخف)
(ه)
فى حديث سلمان «لما احتضر دعا بمسك ثم قال لامرأته: أَوْخِفِيهِ فى تور و انضحيه حول فراشى»
أى اضربيه بالماء. و منه قيل للخطمىّ المضروب بالماء: وَخِيفٌ.
و منه
حديث النّخعىّ «يُوخَفُ للميّت سدر فيغسل به»
و يقال للإناء الذى يوخف فيه: مِيخَفٌ.
(ه) و منه
حديث أبى هريرة «أنه قال للحسن بن على: اكشف لى عن الموضع الذى كان يقبّله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منك، فكشف له عن سرّته كأنها مِيخَفُ لجين»
أى مدهن فضّة. و أصله: موخف. فقلبت الواو ياء لكسرة الميم.
(وخم)-
فى حديث أمّ زرع «لا مخافة و لا وَخَامَةَ»
أى لا ثقل فيها. يقال: وَخُمَ الطّعامُ، إذا ثقل فلم يستمرأ، فهو وَخِيمٌ. و قد تكون الوخامة فى المعانى. يقال: هذا الأمر وَخِيمُ العاقبة: أى ثقيل ردىء و منه
حديث العرنيّين «و اسْتَوْخَمُوا المدينة»
أى استثقلوها، و لم يوافق هواؤها أبدانهم.
(س) و
الحديث الآخر «فاستوخمنا هذه الأرض».
(وخا)
(ه)
فيه «قال لهما: اذهبا فَتَوَخَّيَا و استهما»
أى اقصدا الحقّ فيما تصنعانه من
__________________________________________________
(1) فى ا: «بنازحين».
164
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وخا ص 164
القسمة، و ليأخذ كلّ واحد منكما ما تخرجه القرعة من القسمة. يقال: تَوَخَّيْتُ الشيء أَتَوَخَّاهُ تَوَخِّياً، إذا قصدت إليه و تعمّدت فعله، و تحرّيت فيه. و قد تكرر ذكره فى الحديث.
باب الواو مع الدال
(ودج)
(س)
فى حديث الشّهداء «أَوْدَاجُهُمْ تشخب دما»
هى ما أحاط بالعنق من العروق التى يقطعها الذّابح، واحدها: وَدَجٌ، بالتحريك: و قيل الْوَدَجَان: عرقان غليظان عن جانبى ثغرة النّحر.
(س) و منه
الحديث «كلّ ما أفرى الْأَوْدَاجَ».
و
الحديث الآخر «فانتفخت أوداجه».
(ودد)-
فى أسماء اللّه تعالى «الْوَدُودُ»
هو فعول بمعنى مفعول، من الْوُدُّ: المحبّة.
يقال: وَدِدْتُ الرّجل أَوَدُّهُ وُدّاً، إذا أحببته. فاللّه تعالى مَوْدُودٌ: أى محبوب فى قلوب أوليائه، أو هو فعول بمعنى فاعل: أى أنه يحبّ عباده الصالحين، بمعنى أنه يرضى عنهم.
و
فى حديث ابن عمر «إنّ أبا هذا كان وُدّاً لعمر»
أى صديقا، هو على حذف المضاف، تقديره: كان ذا ودّ لعمر: أى صديقا، و إن كانت الواو مكسورة فلا يحتاج إلى حذف، فإنّ الْوِدَّ، بالكسر: الصّديق.
و
فى حديث الحسن «فإن وافق قول عملا فآخه و أَوْدِدْهُ»
أى أحببه و صادقه، فأظهر الإدغام للأمر، على لغة أهل الحجاز.
و
فيه «عليكم بتعلّم العربيّة فإنها تدلّ على المروءة و تزيد فى الْمَوَدَّةِ»
يريد مودّة المشاكلة.
(ودس)
[ه]
فى حديث خزيمة، و ذكر السّنة، فقال «و أيبست الْوَدِيسَ»
هو ما أخرجت الأرض من النّبات. يقال: ما أحسن وَدْسَهَا.
قال الجوهرى: الْوَدْسُ: أوّل نبات الأرض.
(ودع)
(ه)
فيه «لينتهينّ أقوام عن وَدْعِهِم الجمعات، أو ليختمنّ على قلوبهم»
165
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ودع ص 165
أى عن تركهم إيّاها و التّخلّف عنها. يقال: وَدَعَ الشيء يَدَعُهُ وَدْعاً، إذا تركه. و النّحاة يقولون: إنّ العرب أماتوا ماضى يَدَعُ، و مصدره، و استغنوا عنه بترك. و النبى صلى اللّه عليه و سلم أفصح. و إنما يحمل قولهم على قلة استعماله، فهو شاذ فى الاستعمال، صحيح فى القياس. و قد جاء فى غير حديث، حتى قرىء به قوله تعالى مَا وَدَعَكَ رَبُّكَ وَ مَا قَلَى بالتخفيف.
(س [ه]) و منه
الحديث «إذا لم ينكر الناس المنكر فقد تَوَدَّعَ منهم»
أى أسلموا إلى ما استحقّوه من النّكير عليهم، و تركوا «1» و ما استحبّوه من المعاصى، حتى يكثروا «2» منها فيستوجبوا العقوبة «3».
و هو من المجاز، لأنّ المعتنى بإصلاح شأن الرجل إذا يئس من صلاحه تركه و استراح من معاناة النّصب معه.
و يجوز أن يكون من قولهم: تَوَدَّعْتُ الشيء، إذا صنته فى ميدع، يعنى قد صاروا بحيث يتحفّظ منهم و يتصوّن، كما يتوقّى شرار الناس.
و منه
حديث عليّ «إذا مشت هذه الأمّة السّمّيهاء فقد تُوُدِّعَ منها».
(س) و منه
الحديث «اركبوا هذه الدّوابّ سالمة، و ايتَدِعُوهَا «4» سالمة»
أى اتركوها و رفّهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها، و هو افتعل، من وَدُعَ بالضم وَدَاعَةً و دَعَةً: أى سكن و ترفّه، و ايتَدَعَ فهو مُتَّدِعٌ: أى صاحب دَعَةٍ، أو من وَدَعَ، إذا ترك. يقال: اتَّدَعَ و ايتَدَعَ، على القلب و الإدغام و الإظهار.
(ه) و منه
الحديث «صلّى «5» معه عبد اللّه بن أنيس و عليه ثوب متمزّق «6» فلما انصرف دعا له بثوب، فقال: تَوَدَّعْهُ بِخَلَقِكَ هذا»
أى صنه به، يريد البس هذا الذى دفعت
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «كأنهم تركوا و ما استحقّوه».
(2) فى الهروى: «حتى يصيروا فيها».
(3) بعد هذا فى الهروى زيادة: «فيعاقبوا».
(4) فى الأصل: «و ابتدعوها» بالباء الموحدة. و التصحيح من ا، و اللسان.
(5) فى الهروى: «سعى».
(6) فى الهروى: «فتمزّق».
166
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ودع ص 165
إليك فى أوقات الاحتفال و التّزيّن. و التَّوْدِيعُ: أن تجعل ثوبا وقاية ثوب آخر، و أن تجعله أيضا فى صوان «1» يصونه.
(س) و
فى حديث الخرص «إذا خرصتم فخذوا و دَعُوا الثّلث، فإن لم تَدَعُوا الثّلث فدعوا الرّبع».
قال الخطّابى: ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يترك لهم من عرض المال، توسعة عليهم؛ لأنه إن أخذ الحقّ منهم مستوفى أضرّ بهم، فإنه يكون منه السّاقطة و الهالكة و ما يأكله الطّير و الناس. و كان عمر يأمر الخرّاص «2» بذلك. و قال بعض العلماء: لا يترك لهم شيء شائع فى جملة النّخل، بل يفرد لهم نخلات معدودة قد علم مقدار ثمرها بالخرص.
و قيل: معناه أنهم إذا لم يرضوا بخرصكم فدعوا لهم الثّلث أو الرّبع، ليتصرّفوا فيه و يضمنوا حقّه، و يتركوا الباقى إلى أن يجفّ و يؤخذ حقّه، لا أنه يترك لهم بلا عوض و لا إخراج.
(ه) و منه
الحديث «دع دَاعِىَ اللّبن»
أى اترك منه فى الضّرع شيئا يستنزل اللّبن، و لا تستقص حلبه.
(ه) و
فى حديث طهفة «لكم يا بنى نهد وَدَائِعُ الشّرك»
أى العهود و المواثيق. يقال:
تَوَادَعَ الفريقان، إذا أعطى كلّ واحد منهما الآخر عهدا ألّا يغزوه. و اسم ذلك العهد:
الْوَدِيعُ «3». يقال: أعطيته وَدِيعاً: أى عهدا.
و قيل: يحتمل أن يريد بها ما كانوا استودعوه من أموال الكفار الذين لم يدخلوا فى الإسلام: أراد إحلالها لهم؛ لأنها مال كافر قدر عليه من غير عهد و لا شرط. و يدل عليه قوله
فى الحديث: «ما لم يكن عهد و لا مَوْعِدٌ».
(س) و منه
الحديث «أنه وَادَعَ بنى فلان»
أى صالحهم و سالمهم على ترك الحرب و الأذى. و حقيقة الْمُوَادَعَةِ: المتاركة، أى يدع كلّ واحد منها ما هو فيه.
و منه
الحديث «و كان كعب القرظىّ مُوَادِعاً لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم».
__________________________________________________
(1) الصوان، مثلّث الصاد، كما فى القاموس.
(2) ضبط فى ا بفتح الخاء المعجمة.
(3) بعد ذلك فى الهروى: «قال ذلك أبو محمد القتيبى».
167
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ودع ص 165
و
فى حديث الطعام «غير مكفور و لا مُوَدَّعٍ و لا مستغنى عنه ربّنا»
أى غير متروك الطّاعة. و قيل: هو من الْوَدَاعِ، و إليه يرجع.
(ه) و
فى شعر العباس يمدح النّبىّ صلى اللّه عليه و سلم:
من قبلها طبت فى الظّلال و فى مستودع حيث يخصف الورق
الْمُسْتَوْدَعُ: المكان الذى تجعل فيه الوديعة. يقال: اسْتَوْدَعَتْهُ وَدِيعَةً، إذا استحفظته إيّاها، و أراد به الموضع الذى كان به آدم و حوّاء من الجنة. و قيل: أراد به الرّحم.
(ه) و
فيه «من تعلّق وَدَعَةً لا وَدَعَ اللّه له»
الْوَدَعُ، بالفتح و السّكون: جمع وَدَعَة، و هو شيء أبيض يجلب من البحر يعلّق فى حلوق الصّبيان و غيرهم. و إنّما نهى عنها لأنهم كانوا يعلّقونها مخافة العين.
و
قوله: «لا وَدَعَ اللّه له»:
أى لا جعله فى دعة و سكون.
و قيل: هو لفظ مبنىّ من الودعة: أى لا خفّف اللّه عنه ما يخافه.
(ودف)
(س)
فيه «فى الْوُدَافِ الغُسل»
الْوُدَافُ: الذى يقطر من الذّكر فوق المذى، و قد وَدَفَ الشّحم و غيره، إذا سال و قطر.
(ه) و منه
الحديث «فى الْأَدَافِ الدّية»
يعنى الذّكر. سمّاه بما يقطر منه مجازا، و قلب الواو همزة. و قد تقدّم.
(ودق)
(ه)
فى حديث ابن عباس «فتمثّل له جبريل على فرس وَدِيقٍ»
هى التى تشتهى الفحل. و قد وَدَقَتْ و أَوْدَقَتْ و اسْتَوْدَقَتْ، فهى وَدُوقٌ و وَدِيقٌ.
(س) و
في حديث عليّ:
فإن هلكت فرهن ذمّتى لهم بذات ودقين لا يعفو لها أثر
أى حرب شديدة. و هو من الْوَدْقِ و الْوِدَاقُ. الحرص على طلب الفحل؛ لأنّ الحرب توصف باللّقاح.
و قيل: هو من الْوَدْقِ: المطر، يقال للحرب الشّديدة: ذات وَدْقَيْنِ، تشبيها بسحاب ذات مطرتين شديدتين.
168
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ودق ص 168
(س) و
فى حديث زياد «فى يوم ذى وَدِيقَة»
أى حرّ شديد، أشدّ ما يكون من الحرّ بالظّهائر.
(ودك)-
فى حديث الأضاحى «و يحملون منها الْوَدَكَ»
هو دسم اللّحم و دهنه الذى يستخرج منه. و قد تكرر فى الحديث.
(ودن)
(ه)
فى حديث مصعب بن عمير «و عليه قطعة نمرة قد وصلها بإهاب قد وَدَنَهُ»
أى بَلَّه بماء ليخضع و يلين. يقال: وَدَنْتُ الْقِدَّ و الجلد أَدِنُهُ، إذا بللته، وَدْناً و وِدَاناً، فهو مَوْدُونٌ.
(ه) و منه
حديث ظبيان «إنّ وجّا كانت لبنى إسرائيل «1»، غرسوا وِدَانَهُ»
أراد بِالْوِدَانِ مواضع النّدى و الماء التى تصلح للغراس.
(ه) و
فى حديث ذى الثّديّة «أنه كان مَوْدُونَ اليد» و فى رواية «مُودَنَ اليد»
أى ناقص اليد صغيرها. يقال: وَدَنْتُ الشيء و أَوْدَنْتُهُ، إذا نقصته و صغّرته.
و فيه ذكر «وَدَّان» فى غير موضع، و هو بفتح الواو و تشديد الدّال: قرية جامعة قريبا من الجحفة.
(ودا)
(س)
فى حديث القسامة «فَوَدَاهُ من إبل الصّدقة»
أى أعطى ديته. يقال:
وَدَيْتُ القتيل أَدِيهِ دِيَةً، إذا أعطيت ديته، و اتَّدَيْتَهُ: أى أخذت ديته، و الهاء فيها عوض من الواو المحذوفة. و جمعها: دِيَاتٌ.
(س) و منه
الحديث «إن أحبّوا قادوا، و إن أحبّوا وَادُوا»
أى إن شاءوا اقتصّوا، و إن شاءوا أخذوا الدِّيَةَ. و هى مفاعلة من الدّية. و قد تكرر فى الحديث.
و فى حديث ما ينقض الوضوء ذكر «الْوَدْىِ» هو بسكون الدال، و بكسرها و تشديد الياء: البلل اللّزج الذى يخرج من الذّكر بعد البول. يقال: وَدَى و لا يقال: أودى «2». و قيل:
التّشديد أصحّ و أفصح من السّكون.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «لبنى فلان».
(2) فى الأصل: «... وَدِىٌّ. و لا يقال: وَدْىٌ» و المثبت من ا، و اللسان.
169
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ودا ص 169
(س) و
فى حديث طهفة «مات الْوَدِىُّ»
أى يبس من شدّة الجدب و القحط. الْوَدِىُّ بتشديد الياء: صغار النّخل، الواحدة: وَدِيَّة.
(س [ه]) و منه
حديث أبى هريرة «لم يشغلنى عن النبى صلى اللّه عليه و سلم غرس الودىّ»
و قد تكرر فى الحديث.
و فى حديث ابن عوف:
و أودى سمعه إلّا ندايا
أَوْدَى: أى هلك. و يريد به صممه و ذهاب سمعه.
باب الواو مع الذال
(وذأ)
(ه)
فيه «أنّ رجلا قام فنال من عثمان فَوَذَأَهُ عبد اللّه بن سلام فَاتَّذَأَ»
أى زجره فازدجر «1». و هو فى الأصل: العيب و الحقارة.
(وذح)-
في حديث عليّ رضى اللّه عنه «أما و اللّه ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف الذّيّال الميّال، إيه أبا وَذَحَةَ»
الْوَذَحَةُ بالتحريك: الخنفساء، من الْوَذَحِ: و هو ما يتعلّق بألية الشّاة من البعر فيجفّ، الواحدة: وَذَحَةٌ. يقال: وَذِحَتِ «2» الشّاة تَوْذَحُ و تَيْذَحُ وَذَحاً. و بعضهم يقوله بالخاء.
(س) و منه
حديث الحجاج «أنه رأى خنفساءة فقال: قاتل اللّه أقواما يزعمون أن هذه من خلق اللّه تعالى، فقيل: ممّ هى؟ قال: من وَذَحِ إبليس».
(وذر)
(ه)
فيه «فأتينا بثريدة كثيرة الْوَذْرِ»
أى كثيرة قطع اللحم. و الْوَذْرَةُ بالسّكون: القطعة من اللحم. و الْوَذْرُ بالسكون أيضا: جمعها.
(ه) و منه
حديث عثمان «رفع إليه رجل قال لآخر: يا ابن شامّة الْوَذْرِ»
هذا القول من سباب العرب و ذمّهم. و يريدون به يا ابن شامّة المذاكير، يعنون الزنا، كأنها كانت تشمّ كمرا مختلفة. و الذَّكَرُ: قطعة من بدن صاحبه.
__________________________________________________
(1) فى الهروى، و اللسان: «فانزجر».
(2) ضبط فى الأصل بفتح الذال المعجمة.
و التصحيح من ا، و اللسان. و هو من باب فرح، كما فى القاموس.
170
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وذر ص 170
و قيل: أراد بها القلف، جمع قلفة الذّكر، لأنها تقطع.
و
فيه «شرّ النساء الْوَذِرَةُ المذرة»
هى التى لا تستحيى عند الجماع.
و
فى حديث أم زرع «إنى أخاف ألّا أَذَرَه»
أى «1» أخاف ألّا أترك صفته، و لا أقطعها من طولها.
و قيل «2»: معناه أخاف ألّا أقدر على تركه و فراقه؛ لأنّ أولادى منه، و للأسباب التى بينى و بينه.
و حكم «يَذَرُ» فى التّصريف حكم «يدع» و أصله: وَذِرَهُ يَذَرُهُ، كوسعه يسعه. و قد أميت ماضيه و مصدره، فلا يقال: وذره، و لا وذرا، و لا واذرا. و لكن تركه تركا، و هو تارك.
(وذف)
(ه)
فيه «أنه نزل بأمّ معبد وَذْفَانَ «3» مخرجه إلى المدينة»
أى عند مخرجه، و هو كما تقول: حدثان مخرجه، و سرعانه. و التَّوَذُّفُ: مقاربة الخطو و التّبختر فى المشى. و قيل: الإسراع.
(ه) و منه
حديث الحجّاج «خرج يَتَوَذَّفُ حتى دخل على أسماء».
(وذل)
(ه)
فى حديث عمرو «قال لمعاوية: ما زلت أرمّ أمرك بِوَذَائِلِهِ»
هى جمع وَذِيلَةِ، و هى السّبيكة من الفضّة. يريد أنه زيّنه و حسّنه.
قال الزمخشرى: «أراد بِالْوَذَائِلِ جمع وَذِيلَةَ، و هى المرآة، بلغة هذيل، مثّل بها آراءه التى «4» كان يراها لمعاوية، و أنها أشباه المرايا، يرى فيها وجوه صلاح أمره، و استقامة ملكه: أى مازلت أرمّ أمرك بالآراء الصّائبة، و التّدابير التى يستصلح الملك بمثلها».
(وذم)
(ه)
فيه «أريت الشيطان، فوضعت يدى على وَذَمَتِهِ»
الْوَذَمَةُ بالتّحريك:
سير يقدّر طولا، و جمعه: وِذَامٌ، و يعمل منه قلادة توضع فى أعناق الكلاب لتربط بها، فشبّه الشّيطان بالكلب، و أراد تمكّنه منه، كما يتمكّن القابض على قلادة الكلب
__________________________________________________
(1) هذا شرح ابن السّكّيت، كما ذكر الهروى.
(2) القائل هو أحمد بن عبيد.
كما جاء فى الهروى.
(3) فى ا: «وذفان» بفتح الذال المعجمة.
(4) فى الفائق 2/ 159: «التى كانت لمعاوية أشباه المرائى».
171
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وذم ص 171
(ه) و منه
حديث أبي هريرة «و سئل عن كلب الصّيد فقال: إذا وَذَّمْتَهُ و أرسلته و ذكرت اسم اللّه فكل»
أى إذا شددت فى عنقه سَيْرا يعرف به أنّه معلّم مؤدّب.
و منه
حديث عمر «فربط كمّيه بِوَذَمَةٍ»
أى سير.
و
حديث عائشة، تصف أباها «و أوذم السِّقَاءَ»
أى شدّه بالوذمة.
و
في رواية أخرى: «و أَوْذَمَ العطلة» «1»
تريد الدّلو الّتى كانت معطّلة عن الاستقاء، لعدم عراها و انقطاع سيورها.
(ه) و
في حديث عليّ «لئن وليت بنى أميّة لأنفضنّهم نفض القصّاب الْوِذَام التربة» و فى رواية «التّراب الْوَذِمَة» «2»
أراد بِالْوِذَامِ الحزز من الكرش، أو الكبد السّاقطة في التّراب. فالقصّاب يبالغ فى نفضها. و قد تقدم فى حرف التاء مبسوطا.
باب الواو مع الراء
(ورب)
[ه]
فيه «و إن بايعتهم وَارَبُوكَ»
أى خادعوك، من الْوَرَبِ، و هو الفساد.
و قد وَرِبَ يَوْرَبُ. و يجوز أن يكون من الْإِرْبِ، و هو الدّهاء، و قلب الهمزة واوا.
(ورث)-
فى أسماء اللّه تعالى «الْوَارِثُ» هو الذى يَرِثُ الخلائق، و يبقى بعد فنائهم.
(ه س) و منه
الحديث «اللّهمّ متّعنى بسمعى و بصرى، و اجعلهما الوارث منّى»
أى أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت «3».
و قيل: أراد بقاءهما و قوّتهما عند الكبر و انحلال القوى النّفسانيّة، فيكون السّمع و البصر وارثى سائر القوى، و الباقيين بعدها.
و قيل: أراد بالسّمع وعى ما يسمع و العمل به، و بالبصر الاعتبار بما يرى.
و
فى رواية «و اجعله الوارث منّى»
فردّ الهاء إلى الإمتاع، فلذلك وحّده
__________________________________________________
(1) ضبط فى الأصل بفتح الطاء المهملة. و هو كفرحة، كما فى القاموس. و سبق فى (عطل).
(2) و هى رواية الهروى.
(3) هذا قول ابن شميل، كما فى الهروى.
172
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ورث ص 172
و
فيه «أنه أمر أن يُوَرِّثَ «1» دور المهاجرين النّساء»
تخصيص النساء بتوريث الدّور يشبه أن يكون على معنى القسمة بين الورثة، و خصّهنّ بها؛ لأنّهنّ بالمدينة غرائب لا عشيرة لهنّ، فاختار لهنّ المنازل للسّكنى.
و يجوز أن تكون الدّور في أيديهنّ على سبيل الرّفق بهنّ لا للتّمليك، كما كانت حجر النّبىّ صلى اللّه عليه و سلم فى أيدى نسائه بعده.
(ورد)
(ه)
فيه «اتّقوا البراز فى الْمَوَارِدِ»
أى المجارى و الطّرق إلى الماء، واحدها: مَوْرِدٌ، و هو مفعل من الْوُرُودِ. يقال: وَرَدْتُ الماء أَرِدُهُ وُرُوداً، إذا حضرته لتشرب.
و الْوِرْدُ: الماء الذى ترد عليه.
(ه) و منه
حديث أبى بكر «أنه أخذ بلسانه و قال: هذا الّذى أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ»
أراد الموارد المهلكة، واحدتها: مَوْرِدَة. قاله الهروى.
و
فيه «كان الحسن و ابن سيرين يقرآن القرآن من أوّله إلى آخره و يكرهان الأوراد»
الْأَوْرَادُ: جمع وِرْد، و هو بالكسر: الجزء. يقال: قرأت وردى. و كانوا قد جعلوا القرآن أجزاء، كلّ جزء منها فيه سور مختلفة على غير التّأليف حتى يعدّلوا بين الأجزاء و يسوّوها.
و كانوا يسمّونها الأوراد.
و
فى حديث المغيرة «منتفخة الْوَرِيدِ»
هو العرق الذى فى صفحة العنق ينتفخ عند الغضب، و هما وَرِيدَانِ، يصفها بسوء الخلق و كثرة الغضب.
(ورس)
(س)
فيه «و عليه ملحفة وَرْسِيَّة»
الْوَرْسُ: نبت أصفر يصبغ به.
و قد أَوْرَسَ المكان فهو وَارِسٌ. و القياس: مُورِسٌ. و قد تكرر ذكره في الحديث. و الْوَرْسِيَّةُ:
المصبوغة به.
(س) و
فى حديث الحسين «أنّه استسقى فأخرج إليه قدح وَرْسِىٌّ مفضّض»
هو المعمول من الخشب النّضار الأصفر، فشبّه به؛ لصفرته.
__________________________________________________
(1) فى اللسان: «تورّث».
173
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ورض ص 174
(ورض)
[ه]
فيه «لا صيام لمن لم يُوَرِّضْ من اللّيل»
أى لم ينو. يقال:
وَرَّضْتُ الصّوم و أَرَّضْتُهُ، إذا عزمت عليه. و الأصل الهمز، و قد تقدّم.
(ورط)
(ه)
فى حديث الزكاة «لا خلاط و لا وِرَاطَ»
الْوِرَاطُ «1»: أن تجعل الغنم فى وهدة «2» من الأرض لتخفى على المصدّق. مأخوذ من الْوَرْطَةِ، و هى الهوّة العميقة فى الأرض، ثم استعير للنّاس إذا وقعوا فى بليّة يعسر المخرج منها.
و قيل: «3» الْوِرَاطُ: أن يغيّب إبله أو غنمه فى إبل غيره و غنمه.
و قيل «4»: هو أن يقول أحدهم للمصدّق: عند فلان صدقة، و ليست عنده. فهو الْوِرَاطُ و الْإِيرَاطُ. يقال: وَرَطَ و أَوْرَطَ.
و
فى حديث ابن عمر «إنّ من وَرَطَاتِ الأمور الّتى لا مخرج منها سفك الدّم الحرام بغير حلّه».
(ورع)
(س)
فيه «ملاك الدّين الْوَرَعُ»
الْوَرَعُ فى الأصل: الكفّ عن المحارم و التّحرّج منه. يقال: وَرِعَ الرّجل يَرِعُ، بالكسر فيهما، وَرَعاً و رِعَةً، فهو وَرِعٌ، و تَوَرَّعَ من كذا، ثم استعير للكفّ عن المباح و الحلا. و ينقسم إلى ... «5».
(ه) و منه
حديث عمر «وَرِّعِ الّلصّ و لا تُرَاعِهِ»
أى إذا رأيته فى منزلك فاكففه و ادفعه بما استطعت. و لا تُرَاعِهِ: أى لا تنتظر فيه شيئا و لا تنظر ما يكون منه. و كلّ شيء كففته فقد ورّعته.
(ه) و منه
حديثه الآخر «أنه قال للسّائب: وَرِّعْ عنّى فى الدّرهم و الدّرهمين»
أى كفّ عنّى الخصوم، بأن تقضى بينهم و تنوب عنّى فى ذلك.
__________________________________________________
(1) هذا قول أبى بكر الأنبارى، كما ذكر الهروى.
(2) فى الهروى: «هوّة».
(3) القائل هو شمر، كما ذكر الهروى.
(4) القائل هو أبو سعيد الضرير، كما ذكر الهروى أيضا.
(5) بياض بالأصل و ا. و جاء بهامش الأصل: «هكذا بياض فى جميع النسخ» و الحديث و إن كان فى كتاب أبى موسى، كما رمز إليه المصنف، إلا أنى لم أجد هذا الشرح فى كتاب أبى موسى المسمى «المغيث فى غريب القرآن و الحديث» المحفوظ بجامعة الدول العربية برقم (500 حديث).
174
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ورع ص 174
و
حديثه الآخر «و إذا أشفى ورع»
أى إذا أشرف على معصية كفّ.
(س) و
فى حديث الحسن «ازدحموا عليه، فرأى منهم رعة سيّئة، فقال: اللّهمّ إليك»
يريد بالرّعة هاهنا الاحتشام و الكفّ عن سوء الأدب، أى لم يحسنوا ذلك. يقال: وَرِعَ يَرِعُ رِعَةً، مثل وثق يثق ثقة.
(س) و منه
حديث الدعاء «و أعذنى من سوء الرِّعَةِ»
أى سوء الكفّ عمّا لا ينبغى.
(س) و منه
حديث ابن عوف «و بنهيه يَرِعُونَ»
أى يكفّون.
(ه) و
حديث قيس بن عاصم «فلا يُوَرَّعُ رجل عن جمل يختطمه»
أى يكفّ و يمنع.
(ه) و
فيه «كان أبو بكر و عمر يُوَارِعَانِهِ»
يعنى عليّا: أى يستشيرانه. و الْمُوَارَعَةُ:
المناطقة و المكالمة.
(ورق)
(ه)
فى حديث الملاعنة «إن جاءت به أَوْرَقَ جعدا»
الْأَوْرَقُ: الأسمر. و الْوُرْقَةُ:
السّمرة. يقال: جمل أَوْرَقُ، و ناقة وَرْقَاءُ.
و منه
حديث ابن الأكوع «خرجت أنا و رجل من قومى و هو على ناقة وَرْقَاء».
و
حديث قسّ «على جمل أَوْرَقَ».
(ه) و
فيه «أنه قال لعمّار: أنت طيّب الْوَرَقِ»
أراد بِالْوَرَقِ نسله، تشبيها بورق الشّجر، لخروجها منها. و وَرَقُ القوم: أحداثهم «1».
(س) و
فى حديث عرفجة «لمّا قطع أنفه [يوم الكلاب] «2» اتّخذ أنفا من وَرِقٍ فأنتن، فاتّخذ أنفا من ذهب»
الْوَرِقُ بكسر الرّاء: الفضّة. و قد تسكّن. و حكى القتيبى عن الأصمعى أنّه إنّما اتّخذ أنفا من وَرَقٍ، بفتح الرّاء، أراد الرّقّ «3» الذى يكتب فيه، لأنّ الفضّة لا تنتن. قال: و كنت أحسب أن قول الأصمعى أنّ الفضّة لا تنتن صحيحا، حتى أخبرنى بعض أهل الخبرة أنّ الذّهب لا يبليه الثّرى، و لا يصدئه النّدى، و لا تنقصه الأرض، و لا تأكله النّار.
فأمّا الفضّة فإنّها تبلى، و تصدأ، و يعلوها السّواد، و تنتن.
__________________________________________________
(1) هذا قول ابن السّكّيت، كما فى الهروى
(2) ساقط من من ا، و اللسان. و فى اللسان:
«فأنتن عليه».
(3) بالفتح، و يكسر، كما فى القاموس.
175
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ورق ص 175
(ه) و
فيه «ضرس «1» الكافر فى النّار مثل وَرِقَانٍ»
هو بوزن قطران: جبل أسود بين العرج و الرّويثة، على يمين المارّ من المدينة إلى مكّة.
(س) و منه
الحديث «رجلان من مزينة ينزلان جبلا من جبال العرب يقال له ورقان، فيحشر النّاس و لا يعلمان».
(ورك)
(ه)
فيه «كره أن يسجد الرجل مُتَوَرِّكاً»
هو أن يرفع وَرِكَيْهِ إذا سجد حتى يفحش فى ذلك.
و قيل: هو أن يلصق أليتيه بعقبيه فى السجود.
و قال الأزهرى: التَّوَرُّكُ فى الصّلاة ضربان: سنّة و مكروه، أمّا السّنّة فأن ينخّى رجليه فى التّشهّد الأخير، و يلصق مقعده «2» بالأرض، و هو من وضع الْوَرِكِ عليها. و الْوَرِكُ: ما فوق الفخذ، و هى مؤنّثة.
و أمّا المكروه فأن يضع يديه على وركيه فى الصلاة و هو قائم. و قد نهى عنه.
(ه) و منه
حديث مجاهد «كان لا يرى بأسا أن يَتَوَرَّكَ الرجل على رجله اليمنى فى الأرض المستحيلة، فى الصلاة»
أى يضع وركه على رجله. و المستحيلة: غير المستوية.
و منه
حديث النّخعىّ «أنه كان يكره التّورّك فى الصلاة».
(ه) و منه
الحديث «لعلّك من الّذين يصلّون على أَوْرَاكِهِمْ»
فسّر بأنّه الذى يسجد و لا يرتفع عن الأرض، و يعلى وركه، لكنّه يفرّج ركبتيه، فكأنه يعتمد على وركه.
(س) و
فيه «جاءت فاطمة مُتَوَرِّكَةً الحسن»
أى حاملته على وركها.
(ه س) و
فيه «أنه ذكر فتنة تكون، فقال: ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع»
أى يصطلحون على أمر واه لا نظام له و لا استقامة؛ لأنّ الورك لا يستقيم على الضّلع و لا يتركّب عليه؛ لاختلاف ما بينهما و بعده.
و
فيه «حتى إنّ رأس ناقته ليصيب مَوْرِكَ رحله»
الْمَوْرِكْ و الْمَوْرِكَة: المرفقة التى تكون عند قادمة الرّحل، يضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله فى الرّكاب.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «سنّ».
(2) فى الهروى «و يلزق مقعدته».
176
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ورك ص 176
أراد أنّه كان قد بالغ فى جذب رأسها إليه، ليكفّها عن السّير.
(ه) و
فى حديث عمر «أنه كان ينهى أن يجعل فى وِرَاكٍ صليب»
الْوِرَاكُ: ثوب ينسج وحده، يزيّن به الرّحل.
و قيل: هى النّمرقة الّتى تلبس مقدّم الرّحل، ثمّ تثنى تحته.
(ه) و
فى حديث النّخعىّ، فى الرجل يستحلف «إن كان مظلوما فَوَرَّكَ إلى شىء جزى عنه»
التَّوْرِيكَ فى اليمين: نيّة ينويها الحالف، غير ما ينويه مستحلفه، من وَرَّكْتُ فى الوادى، إذا عدلت فيه و ذهبت.
(ورم)
(س)
فيه «أنه قام حتى وَرِمَتْ قدماه»
أى انتفخت من طول قيامه فى صلاة الليل. يقال: وَرِمَ يَرِمُ، و القياس: يَوْرَمُ، و هو أحد ما جاء على هذا البناء.
(ه) و منه
حديث أبى بكر «ولّيت أموركم خيركم، فكلّكم وَرِمَ أنفه على أن يكون له الأمر من دونه»
أى امتلأ و انتفخ من ذلك غضبا. و خصّ الأنف بالذّكر لأنّه موضع الأنفة و الكبر، كما يقال: شمخ بأنفه.
و منه قول الشاعر:
و لا يهاج إذا ما أنفه ورما
(وره)
(س)
فى حديث الأحنف «قال له الْحُتَات: و اللّه إنك لضئيل، و إنّ أمّك لَوَرْهَاءُ»
الْوَرَهُ بالتّحريك: الخرق فى كلّ عمل. و قيل: الحمق. و رجل أَوْرَهُ، إذا كان أحمق أهوج. و قد وَرِهَ يَوْرَهُ.
و منه
حديث جعفر الصادق: «قال لرجل: نعم يا أَوْرَهُ».
(ورا)
(ه)
فيه «كان إذا أراد سفرا وَرَّى بغيره»
أى ستره و كنى عنه، و أوهم أنه يريد غيره. و أصله من الْوَرَاءِ: أى ألقى البيان وراء ظهره.
و
فيه «ليس وَرَاءَ اللّه مرمى»
أى ليس بعد اللّه لطالب مطلب، فإليه انتهت العقول و وقفت، فليس وراء معرفته و الإيمان به غاية تقصد. و المرمى: الغرض الذى ينتهى إليه سهم الرّامى. قال النابغة «1»:
__________________________________________________
(1) الذّبيانى. و صدر البيت:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
مجموعة خمسة دواوين ص 12:
177
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ورا ص 177
و ليس وراء اللّه للمرء مذهب
و منه
حديث الشفاعة «يقول إبراهيم: إنّى كنت خليلا من وراء وراء»
هكذا يروى مبنيّا على الفتح: أى من خلف حجاب.
و منه
حديث معقل «أنه حدّث ابن زياد بحديث، فقال: أ شيء سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو من وَرَاءَ وراءَ؟»
أى ممّن جاء خلفه و بعده.
و
فى حديث الشّعبىّ «أنه قال لرجل رأى معه صبيّا: هذا ابنك؟ قال: ابن ابنى. قال:
هو ابنك من الوراء»
يقال لولد الولد: الْوَرَاءُ.
(ه) و
فيه «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلىء شعرا»
هو «1» من الْوَرْي: الدّاء؛ يقال: وُرِيَ يُورَى «2» فهو مَوْرِيٌّ، إذا أصاب جوفه الدّاء.
قال الأزهرى: الْوَرْيُ، مثال الرّمى: داء يداخل الجوف. يقال: رجل مَوْرِيٌّ، غير مهموز.
و قال الفرّاء: هو الْوَرَى، بفتح الراء.
و قال ثعلب: هو بالسّكون: المصدر، و بالفتح: الاسم.
و قال الجوهرى: «وَرَى القيحُ جوفه يَرِيَهُ وَرْياً: أكله».
و قال قوم: معناه: حتى يصيب رئته. و أنكره غيرهم؛ لأنّ الرّئة مهموزة، و إذا بنيت منه فعلا قلت: رآه يرآه فهو مرئىّ.
و قال الأزهرى: إنّ الرِّئَةَ أصلها من وَرَى، و هى محذوفة منه. يقال: وَرَيْتُ الرجل فهو مَوْرِيٌّ، إذا أصبت رئته. و المشهور فى الرئة الهمز.
(س) و
فى حديث تزويج خديجة «نفخت فَأَوْرَيْتَ»
يقال: وَرَى «3» الزّند يَرِي، إذا
__________________________________________________
(1) هذا قول أبى عبيد، كما ذكر الهروى.
(2) فى الأصل: «ورى يورى» و أثبتّ ضبط ا، و اللسان، و الهروى.
(3) ضبط فى الأصل: «ورى» و أثبته بالفتح من ا. و هو من باب وعد. و فى لغة: ورى يرى. بكسرهما. قاله فى المصباح.
178
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
ورا ص 177
خرجت ناره، و أَوْرَاهُ غيره، إذا استخرج ناره. و الزّند: الوارى الذى تظهر ناره سريعة.
قال الحربى: كان ينبغى أن يقول: قدحت فَأَوْرَيْتَ.
(ه) و منه
حديث عليّ «حتى أَوْرَى قبسا لقابس»
أى أظهر نورا من الحق لطالب الهدى.
(س) و
فى حديث فتح أصبهان «تبعث إلى أهل البصرة فَيُوَرُّوا»
هو من وَرَّيْتُ النار تَوْرِيَةً، إذا استخرجتها. و اسْتَوْرَيْتُ فلانا رأيا: سألته أن يستخرج لى رأيا.
و يحتمل أن يكون من التَّوْرِيَةِ عن الشّىء، و هو الكناية عنه.
(ه) و
فى حديث عمر «أنّ امرأة شكت إليه كدوحا فى ذراعيها من احتراش الضّباب، فقال: لو أخذت الضّبّ فورّيته، ثم دعوت بمكتفة «1» فأملته كان أشبع»
ورّيته: أى «2» روّغته فى الدّهن و الدّسم، من قولك: لحم وَارٍ: أى سمين.
(ه) و منه
حديث الصّدقة «و فى الشّوىّ الْوَرِيِّ مسنّة»
فعيل بمعنى فاعل.
باب الواو مع الزاى
(وزر)-
فيه «لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى»* الْوِزْرُ: الحمل و الثّقل، و أكثر ما يطلق فى الحديث على الذّنب و الإثم. يقال: وَزَرَ يَزِرُ فهو وَازِرٌ، إذا حمل ما يثقل ظهره من الأشياء المثقلة و من الذنوب. و جمعه: أَوْزَارٌ.
و منه
الحديث «قد وضعت الحرب أوزارها»
أى انقضى أمرها و خفّت أثقالها فلم يبق قتال.
و منه
الحديث «ارجعن مَأْزُورَاتٍ غير مأجورات «3»»
أى آثمات. و قياسه: موزورات.
__________________________________________________
(1) فى الأصل، وا: «بمكنفة» بالنون. و أثبتّه بالتاء من الهروى، و اللسان، و مما سبق فى مادة (ثمل).
(2) هذا شرح شمر، كما ذكر الهروى.
(3) فى الأصل، و ا: «مأجورات غير مأزورات» و التصحيح من المصباح، و اللسان، و القاموس. و الحديث أخرجه ابن ماجه فى (باب ما جاء فى اتباع النساء الجنائز، من كتاب الجنائز 1/ 503.
و جاء فى الأصل و ا: «أى غير آثمات» و أسقطت «غير» ليوافق الشرح المتن.
179
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وزر ص 179
يقال: وُزِرَ فهو مَوْزُورٌ. و إنما قال: مأزورات للازدواج بمأجورات. و قد تكرر فى الحديث مفردا و مجموعا.
(ه) و
فى حديث السّقيفة «نحن الأمراء و أنتم الْوُزَرَاءُ»
جمع وَزِير، و هو الذى يوازره، فيحمل عنه ما حمّله من الأثقال. و الذى يلتجىء الأمير إلى رأيه و تدبيره فهو ملجأ له و مفزع.
(وزع)
(ه)
فيه «من يَزَعُ السّلطان أكثر ممّن يزع القرآن».
أى من يكفّ عن ارتكاب العظائم مخافة السّلطان أكثر ممّن يكفّه مخافة القرآن و اللّه تعالى. يقال: وَزَعَهُ يَزَعُهُ وَزْعاً فهو وَازِعٌ، إذا كفّه و منعه.
(س) و منه
الحديث «إنّ إبليس رأى جبريل عليه السلام يوم بدر يَزَعُ الملائكة»
أى يرتّبهم و يسوّيهم و يصفّهم للحرب، فكأنه يكفّهم عن التّفرّق و الانتشار.
(س) و منه
حديث أبى بكر «إنّ المغيرة رجل وَازِعٌ»
يريد أنّه صالح للتّقدّم على الجيش، و تدبير أمرهم، و ترتيبهم فى قتالهم.
[ه] و منه
حديث أبى بكر «أنه شكى إليه بعض عمّاله ليقتصّ منه، فقال: أقيد من وَزَعَةِ اللّه؟»
الْوَزَعَةُ: جمع وَازِعٍ، و هو الذى يكفّ الناس و يحبس أوّلهم على آخرهم. أراد:
أقيد من الّذين يكفّون الناس عن الإقدام على الشّرّ؟.
و
فى رواية «أنّ عمر قال لأبى بكر: أقصّ هذا من هذا بأنفه، فقال: أنا لا أقصّ من وزعة اللّه فأمسك».
(ه) و منه
حديث الحسن لمّا ولى القضاء قال: لا بدّ للنّاس من وَزَعَةٍ»
أى من يكفّ بعضهم عن بعض. يعنى السّلطان و أصحابه.
(س) و
فى حديث قيس بن عاصم «لا يُوزَعُ رجل عن جمل يخطمه»
أى لا يكفّ و لا يمنع.
هكذا ذكره أبو موسى فى الواو مع الزّاى. و ذكره الهروى فى الواو مع الراء. و قد تقدم.
(ه) و
فى حديث جابر «أردت أن أكشف عن وجه أبى لمّا قتل، و النبىّ صلى اللّه عليه
180
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وزع ص 180
و سلم ينظر إلىّ فلا يزعنى»
أى لا يزجرنى و لا ينهانى.
و
فيه «أنه حلق شعره فى الحجّ و وَزَّعَهُ بين الناس»
أى فرّقه و قسّمه بينهم. و قد وزّعته أُوَزِّعُهُ تَوْزِيعاً.
و
فى حديث الضّحايا «إلى غنيمة فَتَوَزَّعُوهَا»
أى اقتسموها بينهم.
(ه) و منه
حديث عمر «أنه خرج ليلة فى شهر رمضان و النّاس أَوْزَاعٌ»
أى متفرّقون.
أراد أنّهم كانوا يتنفّلون فيه بعد صلاة العشاء متفرّقين.
و منه شعر حسّان «1»:
بضرب كإيزاع المخاض مشاشه
جعل الْإِيزَاعَ موضع التَّوْزِيعِ، و هو التّفريق. و أراد بالمشاش هاهنا البول.
و قيل: هو بالغين المعجمة، و هو بمعناه.
[ه] و
فيه «أنه كان مُوزَعاً بالسّواك»
أى مولعا به. و قد أُوزِعَ بالشيء يُوزَعُ، إذا اعتاده، و أكثر منه، و ألهم.
و منه
قولهم فى الدعاء «اللّهمّ أَوْزِعْنِي شكر نعمتك»
أى ألهمنى و أولعنى به.
(وزغ)
(س)
فيه «أنّه أمر بقتل الْوَزَغِ»
جمع وَزَغَةٍ، بالتّحريك، و هى التى يقال لها: سامّ أبرص «2». و جمعها: أَوْزَاغٌ و وُزْغَان.
و منه
حديث عائشة «لمّا أحرق بيت المقدس كانت الْأَوْزَاغُ تنفخه».
و
حديث أمّ شريك «أنّها استأمرت النبىّ صلى اللّه عليه و سلم فى قتل الْوُزْغَانِ، فأمرها بذلك».
(ه) و
فيه «أنّ الحكم بن أبى العاص أبا مروان حاكى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من خلفه، فعلم بذلك فقال: كذا فلتكن، فأصابه مكانه وَزْغٌ لم يفارقه»
أى رعشة، و هى ساكنة الزّاى.
__________________________________________________
(1) انظر الحاشية (3) فى صفحة 333 من الجزء الرابع. و قد ضبط فى الأصل: «مشاشه» بالفتح.
(2) ضبط فى الأصل: «أبرص» بالضم. و صححته بالفتح من ا، و اللسان، و القاموس.
181
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وزغ ص 181
و
فى رواية «أنّه قال لمّا رآه: اللّهمّ اجعل به وزغا» فرجف مكانه و ارتعش.
(وزن)
(ه)
فيه «نهى عن بيع الثّمار قبل أن تُوزَنَ» و فى رواية «حتى توزن»
أى تحزر «1» و تخرص. سماه وزنا؛ لأن الخارص يحزرها و يقدّرها، فيكون كَالْوَزْنِ لها.
و وجه النّهى أمران: أحدهما: تحصين الأموال، و ذلك أنها فى الغالب لا تأمن العاهة إلّا بعد الإدراك، و ذلك أوان الخرص.
و الثانى: أنه إذا باعها قبل ظهور الصّلاح بشرط القطع، و قبل الخرص سقط حقوق الفقراء منها، لأن اللّه أوجب إخراجها وقت الحصاد.
و منه
حديث ابن عباس «نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن بيع النّخل حتى يؤكل منه، و حتى يوزن» قال أبو البخترىّ: «قلت: ما يوزن؟ فقال رجل عنده:
حتى يخرص».
(وزا)-
فى حديث صلاة الخوف «فَوَازَيْنَا العدوّ و صاففناهم»
الْمُوَازَاةُ: المقابلة و المواجهة. و الأصل فيه الهمزة. يقال: آزَيْتُهُ، إذا حاذيته.
قال الجوهرى: «و لا تقل: وَازَيْتُهُ» و غيره أجازه على تخفيف الهمزة و قلبها. و هذا إنما يصحّ إذا انفتحت و انضم ما قبلها نحو: جؤن و سؤال، فيصح فى الْمُوَازَاةِ، و لا يصح فى وَازَيْنَا، إلا أن يكون قبلها ضمّة من كلمة أخرى، كقراءة أبى عمرو «السّفهاء و لا إنهم».
باب الواو مع السين
(وسد)
(س)
فيه «قال لعدىّ بن حاتم: إن وِسَادَكَ إذن «2» لعريض»
الْوِسَادُ و الْوِسَادَةُ: المخدّة. و الجمع: وَسَائِدُ، و قد وَسَّدْتُهُ الشيء فَتَوَسَّدَهُ، إذا جعلته تحت رأسه، فكنى بالوساد عن النّوم، لأنه مظنّته.
أراد إنّ نومك إذن «3» كثير. و كنى بذلك عن عرض قفاه و عظم رأسه. و ذلك دليل الغباوة. و تشهد له
الرواية الأخرى «إنك لعريض القفا».
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «تحرز» بتقديم الراء. و صححته من ا.
(2) فى ا: «إذا».
(3) فى ا: «إذا».
182
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وسد ص 182
و قيل: أراد أنّ من توسّد الخيطين المكنىّ بهما عن الليل و النهار لعريض الوساد «1».
(ه) و منه
الحديث «أنه ذكر عنده شريح الحضرمىّ، فقال: ذلك رجل لا يَتَوَسَّدُ القرآن» «2»
يحتمل أن يكون مدحا و ذمّا، فالمدح معناه أنه لا ينام اللّيل عن القرآن و لم يتهجّد به، فيكون القرآن مُتَوَسِّداً معه، بل هو يداوم قراءته و يحافظ عليها. و الذّمّ معناه: لا يحفظ من القرآن شيئا و لا يديم قراءته، فإذا نام لم يتوسّد معه القرآن. و أراد بِالتَّوَسُّدِ النّوم.
و من الأول
الحديث «لا تَوَسَّدُوا القرآن و اتلوه حقّ تلاوته».
(ه) و
الحديث الآخر «من قرأ ثلاث آيات فى ليلة لم يكن متوسّدا للقرآن».
و من الثانى
حديث أبى الدّرداء «قال له رجل: إنّى أريد أن أطلب العلم و أخشى أن أضيّعه، فقال: لأن تَتَوَسَّدَ العلم خير لك من أن تتوسّد الجهل».
(س) و
فيه «إذا وُسِّدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة»
أى أسند و جعل فى غير أهله.
يعنى إذا سوّد و شرّف غير المستحقّ للسّيادة و الشّرف.
و قيل: هو من الوسادة «3»: أى إذا وضعت وسادة الملك و الأمر و النّهى لغير مستحقّها، و تكون إلى بمعنى اللام.
(وسط)
(س)
فيه «الجالس وسط «4» الحلقة ملعون»
الْوَسْطُ بالسكون. يقال فيما كان متفرّق الأجزاء غير متّصل، كالناس و الدوابّ و غير ذلك، فإذا كان متّصل الأجزاء كالدّار و الرّأس فهو بالفتح.
و قيل: كلّ ما يصلح فيه بين فهو بالسكون، و ما لا يصلح فيه بين فهو بالفتح.
و قيل: كلّ منهما يقع موقع الآخر، و كأنّه الأشبه.
و إنما لعن الجالس وسط الحلقة؛ لأنه لابدّ و أن يستدبر بعض المحيطين به، فيؤذيهم فيلعنونه و يذمّونه.
__________________________________________________
(1) فى ا: «الوسادة».
(2) هذا قول ابن الأعرابى، كما فى الهروى.
(3) فى اللسان: «السيادة».
(4) فى ا: «فى وسط».
183
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وسط ص 183
و
فيه «خير الأمور أَوْسَاطُهَا»
كلّ خصلة محمودة فلها طرفان مذمومان، فإنّ السّخاء وَسَطٌ بين البخل و التّبذير، و الشّجاعة وسط بين الجبن و التّهوّر، و الإنسان مأمور أن يتجنّب كلّ وصف مذموم، و تجنّبه بالتّعرّى منه و البعد عنه، فكلّما ازداد منه بعدا ازداد منه تعرّيا.
و أبعد الجهات و المقادير و المعانى من كلّ طرفين وسطهما، و هو غاية البعد عنهما، فإذا كان فى الوسط فقد بعد عن الأطراف المذمومة بقدر الإمكان.
(س) و
فيه «الولدُ أَوْسَطُ أبواب الجنّة»
أى خيرها. يقال: هو من أوسط قومه: أى خيارهم.
و منه
الحديث «أنه كان من أوسط قومه»
أى من أشرفهم و أحسبهم: و قد وَسُطَ وَسَاطَةً فهو وَسِيطٌ.
(س) و منه
حديث رقيقة «انظروا رجلا وَسِيطاً»
أى حسيبا فى قومه. و منه سمّيت الصلاة الْوُسْطَى؛ لأنها أفضل الصّلاة و أعظمها أجرا، و لذلك خصّت بالمحافظة عليها.
و قيل: لأنّها وسط بين صلاتى اللّيل و صلاتى النّهار، و لذلك وقع الخلاف فيها، فقيل:
العصر، و قيل: الصّبح، و قيل غير ذلك.
(وسع)-
فى أسماء اللّه تعالى «الْوَاسِعُ» هو الذى وَسِعَ غناه كلّ فقير، و رحمته كلّ شيء. يقال: وَسِعَهُ الشّيء يَسَعُهُ سَعَةً سِعَةً «1» فهو وَاسِعٌ. و وَسُعَ بالضّم وَسَاعَةً فهو وَسِيعٌ.
و الْوُسْعُ الْوِسْعُ «2» و السَّعَةُ: الجدة و الطّافة.
(س) و منه
الحديث «إنّكم لن تَسَعُوا النّاس بأموالكم فَسَعُوهُمْ بأخلاقكم»
أى لا تَتَّسِعُ أموالكم لعطائهم فَوَسِّعُوا أخلاقكم لصحبتهم.
(ه) و منه
حديث جابر «فضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عجز جملى و كان فيه قطاف، فانطلق أَوْسَعَ جمل ركبته قطّ»
أى أعجل جمل سَيْراً. يقال: جمل وَسَاعٌ، بالفتح: أى واسع الخطو، سريع السّير.
__________________________________________________
(1) كدعة، وزنة. قاله فى القاموس.
(2) مثلثة الواو، كما فى القاموس.
184
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وسع ص 184
(س) و منه
حديث هشام يصف ناقة «إنها لَمِيسَاعٌ»
أى واسعة الخطو، و هو مفعال، بالكسر منه.
(وسق)
(ه)
فيه «ليس فيما دون خمسة أَوْسُقٍ صدقة»
الْوَسْقُ، بالفتح: ستّون صاعا، و هو ثلاثمائة و عشرون رطلا عند أهل الحجاز، و أربعمائة و ثمانون رطلا عند أهل العراق، على اختلافهم فى مقدار الصّاع و المدّ.
و الأصل فى الْوَسْقِ: الحمل. و كلّ شيء وَسَقْتَهُ فقد حملته. و الْوَسْقُ أيضا: ضمّ الشّيء إلى الشّيء.
(ه) و منه
حديث أحد «اسْتَوْسِقُوا كما يَسْتَوْسِقُ جرب الغنم»
أى استجمعوا و انضمّوا.
(ه) و
الحديث الآخر «أنّ رجلا كان يجوز المسلمين و يقول: استوسقوا».
و
حديث النّجاشىّ «و اسْتَوْسَقَ عليه أمر الحبشة»
أى اجتمعوا على طاعته، و استقرّ الملك فيه.
(وسل)-
فى حديث الأذان «اللّهمّ آت محمدا الْوَسِيلَةَ»
هى فى الأصل: ما يتوصّل به إلى الشّىء و يتقرّب به، و جمعها: وَسَائِل. يقال: وَسَلَ إليه وَسِيلَةً، و تَوَسَّلَ. و المراد به فى الحديث القرب من اللّه تعالى.
و قيل: هى الشّفاعة يوم القيامة.
و قيل: هى منزلة من منازل الجنّة كما «1» جاء فى الحديث.
(وسم)
(س)
فى صفته صلى اللّه عليه و سلم «وَسِيمٌ قسيم»
الْوَسَامَةُ: الحسن الوضىء الثّابت. و قد وَسُمَ يَوْسُمُ وَسَامَةً فهو وَسِيمٌ.
(س) و منه
حديث عمر «قال لحفصة: لا يغرّك أن كانت جارتك أَوْسَمَ منك»
أى أحسن، يعنى عائشة. و الضّرّة تسمّى جارة.
(س) و
فى حديث الحسن و الحسين «أنّهما كانا يخضبان بِالْوَسْمَةِ»
هى بكسر السين، و قد تسكّن: نبت. و قيل: شجر باليمن يخضب بورقه الشّعر، أسود.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «كذا» و أثبتّ ما فى ا، و اللسان.
185
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وسم ص 185
(س) و
فيه «أنه لبث عشر سنين يتبع الحاجّ بِالْمَوَاسِمِ»
هى جمع مَوْسِم، و هو الوقت الذى يجتمع فيه الحاجّ كلّ سنة، كأنه وُسِمَ بذلك الوسم، و هو مفعل منه، اسم للزمان، لأنه معلم لهم. يقال: وَسَمَهُ يَسِمُهُ سِمَةً و وَسْماً، إذا أثّر فيه بكىّ.
و منه
الحديث «أنه كان يَسِمُ إبل الصّدقة»
أى يعلّم عليها بالكىّ.
و منه
الحديث «و فى يده الْمِيسَمُ»،
هى الحديدة التى يكوى بها. و أصله: موسم، فقلبت الواو ياء، لكسرة الميم.
(س) و
فيه «على كل ميسم من الإنسان صدقة»
هكذا جاء فى رواية، فإن كان محفوظا فالمراد به أنّ على كلّ عضو مَوْسُومٌ بصنع اللّه صدقة. هكذا فسّر.
(ه) و
فيه «بئس لعمر اللّه عمل الشّيخ الْمُتَوَسِّمِ، و الشّابّ المتلوّم»
الْمُتَوَسِّمُ: المتحلّى بسمة الشّباب «1».
(وسن)-
فيه «و توقظ الْوَسْنَانَ»
أى النائم الذى ليس بمستغرق فى نومه. و الْوَسَنُ:
أوّل النّوم. و قد وَسِنَ يَوْسَنُ سِنَةً، فهو وَسِنٌ، و وَسْنَانُ. و الهاء فى السّنة عوض من الواو المحذوفة.
(س) و منه
حديث أبى هريرة «لا يأتى عليكم قليل حتى يقضى الثّعلب وَسْنَتَهُ بين ساريتين من سوارى المسجد»
أى يقضى نومته. يريد خلوّ المسجد من الناس بحيث ينام فيه الوحش.
(س) و منه
حديث عمر «أنّ رجلا تَوَسَّنَ جارية فجلده و همّ بجلدها، فشهدوا أنها مكرهة»
أى تغشّاها و هى وَسْنَى قهرا: أى نائمة.
(وسوس)-
فيه «الحمد للّه الذى ردّ كيده إلى الْوَسْوَسَةِ»
هى حديث النّفس و الأفكار.
و رجل مُوَسْوِسٌ، إذا غلبت عليه الوسوسة. و قد وَسْوَسَتْ إليه نفسه وَسْوَسَةً و وَسْوَاساً،
__________________________________________________
(1) فى الأصل، وا، و اللسان، و الفائق 3/ 161: «الشيوخ» و ما أثبتّ من الهروى. و فيه: «بئس لعمر اللّه الشيخ المتوسّم». و زاد الزمخشرى فى الفائق قال: «و يجوز أن يكون المتوسم:
المتفرّس. يقال: توسمت فيه الخير، إذا تفرّسته فيه، و رأيت فيه وسمه، أى أثره و علامته».
186
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وسوس ص 186
بالكسر، و هو بالفتح: الاسم، و الْوَسْوَاسُ أيضا: اسم للشيطان، و وَسْوَسَ، إذا تكلّم بكلام لم يبيّنه.
و منه
حديث عثمان «لما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وُسْوِسَ ناس، و كنت فيمن وسوس»
يريد أنه اختلط كلامه و دُهِشَ بموته.
باب الواو مع الشين
(وشب)
(ه)
فى حديث الحديبية «قال له عروة بن مسعود الثّقفى: و إنّى لأرى أَوْشَاباً من الناس لخليق أن يفرّوا و يدعوك»
الْأَشْوَابُ، و الأوباش، و الْأَوْشَابُ: الأخلاط من الناس و الرّعاع «1».
(وشج)
(ه)
فى حديث خزيمة «و أفنت أصول الْوَشِيجِ»
هو ما التفّ من الشّجر.
أراد أنّ السّنة أفنت أصولها إذ لم يبق فى الأرض ثرى.
و منه
حديث عليّ «و تمكّنت من سويداء قلوبهم وَشِيجَةُ خيفته «2»»
الْوَشِيجَةُ: عرق الشجرة، و ليف يفتل ثم يشدّ به ما يحمل. و الْوَشِيجُ: جمع وَشِيجَة. و وَشَجَتِ العروق و الأغصان، إذا اشتبكت.
و منه
حديث عليّ «و وَشَّجَ بينها و بين أزواجها»
أى خلط و ألف. يقال: وَشَّجَ اللّه بينهم تَوْشِيجاً.
(وشح)
(س)
فيه «أنه كان يَتَوَشَّحُ بثوبه»
أى يتغشّى به. و الأصل فيه من الْوِشَاحِ و هو شيء ينسج عريضا من أديم، و ربّما رصّع بالجوهر و الخرز، و تشدّه المرأة بين عاتقيها و كشحيها. و يقال فيه: وِشَاحٌ و إِشَاحٌ.
(ه) و منه
حديث عائشة «كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يَتَوَشَّحُنِي و ينال من رأسى»
أى يعانقنى و يقبّلنى.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «الرّعاع» بالكسر. و هو خطأ شائع.
(2) فى الأصل، و اللسان:
«خيفيّة» و أثبتّ ما فى ا، و النسخة 517. و شرح نهج البلاغة 6/ 424.
187
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وشح ص 187
(س) و
فى حديث آخر «لا عدمت «1» رجلا وَشَّحَكَ هذا الْوِشَاح»
أى ضربك هذه الضّربة فى موضع الوشاح.
(س) و منه حديث المرأة السّوداء:
و يوم الوشاح من تعاجيب ربّنا على أنه من دارة الكفر نجّانى «2»
كان لقوم وشاح فقدّوه، فاتّهموها به، و كانت الحدأة أخذته فألقته إليهم.
و
فيه «كانت للنبى صلى اللّه عليه و سلم درع تسمّى ذات الوشاح».
(وشر)
(ه)
فيه «أنه لعن الْوَاشِرَةَ و الْمُوتَشِرَةَ»
الْوَاشِرَةُ: المرأة «3» التى تحدّد أسنانها و ترقّق أطرافها، تفعله المرأة الكبيرة تتشبّه بالشّوابّ و الْمُوتَشِرَةُ: التى تأمر من يفعل بها ذلك، و كأنه من وَشَرْتُ الخشبة بِالْمِيشَارِ، غير مهموز، لغة فى أشرت.
(وشظ)
(ه)
فى حديث الشّعبىّ «كانت الأوائل تقول: إيّاكم و الْوَشَائِظَ»
السّفلة، واحدهم: وَشِيظٌ.
قال الجوهرى: «الْوَشِيظُ: لفيف من الناس، ليس أصلهم واحدا» و بنو «4» فلان وَشِيظَةٌ فى قومهم: أى حشو فيهم.
(وشع)
(ه)
فيه «و المسجد يومئذ وَشِيعٌ بسعف و خشب»
الْوَشِيعُ: شريجة من السّعف تلقى على خشب السّقف. و الجمع: وَشَائِعُ.
و قيل: هو عريش يبنى لرئيس العسكر يشرف منه على عسكره.
(ه) و منه
الحديث «كان أبو بكر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى الْوَشِيعِ؟؟؟
بدر»
أى فى العريش.
(وشق)
(ه)
فيه «أتى بِوَشِيقَةٍ يابسة من لحم صيد، فقال: إنى حرام»
الْوَشِيقَةُ:
أن يؤخذ اللحم فيغلى قليلا و لا ينضج، و يحمل فى الأسفار. و قيل: هى القديد. و قد وَشَقْتُ اللحم و اتَّشَقْتُهُ.
__________________________________________________
(1) ضبط فى الأصل: «عدمت» بالضم. و ضبطته بالفتح من اللسان.
(2) فى الأصل: «و يوم» بالفتح. و ضبطته بالضم من اللسان. و فيه: ألا انه من بلدة.
(3) هذا شرح أبى عبيد، كما فى الهروى.
(4) هذا قول الكسائى، كما فى الصحاح.
188
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وشق ص 188
و منه
حديث عائشة «أهديت لى وَشِيقَةُ قديد ظبى فردّها»
و تجمع على وَشِيقٍ، و وَشَائِقَ.
و منه
حديث أبى سعيد «كنا نتزوّد من وَشِيقِ الحج».
و
حديث جيش الخبط «و تزوّدنا من لحمه وَشَائِقَ».
(ه) و
فى حديث حذيفة «أن المسلمين أخطأوا بأبيه، فجعلوا يضربونه بسيوفهم و هو يقول: أبى أبى، فلم يفهموه حتى انتهى إليهم، و قد تَوَاشَقُوهُ بأسيافهم»
أى قطّعوه وشائق، كما يقطّع اللحم إذا قدّد.
(وشك)-
قد تكرر فى الحديث «يُوشِكُ أن يكون كذا و كذا» أى يقرب و يدنو و يسرع. يقال: أَوْشَكَ يُوشِكُ إِيشَاكاً، فهو مُوشِكٌ. و قد وَشُكَ وَشْكاً و وَشَاكَةً.
(س) و منه
حديث عائشة «تُوشِكُ منه الفيئة «1»»
أى تسرع الرجوع منه. و الْوَشِيكُ:
السّريع و القريب.
(وشل)-
في حديث عليّ «رمال دمثة، و عيون وَشِلَة»
الْوَشَلُ: الماء القليل. و قد وَشَلَ يَشِلُ وَشَلَاناً.
(ه) و منه
حديث الحجّاج «قال لحفّار حفر له بئرا: أخسفت أم أَوْشَلْتَ؟»
أى أنبطت ماءا كثيرا أم قليلا «2»؟
(وشم)
(ه)
فيه «لعن اللّه الْوَاشِمَةَ و الْمُسْتَوْشِمَةَ» و يروى «الْمُوتَشِمَةَ»
الْوَشْمُ:
أن يغرز الجلد بإبرة، ثم يحشى بكحل أو نيل، فيزرقّ أثره أو يخضرّ. و قد وَشَمَتْ تَشِمُ وَشْماً فهى وَاشِمَةٌ. و الْمُسْتَوْشِمَةُ و الْمُوتَشِمَةُ: التى يفعل بها ذلك.
(س) و
فى حديث أبى بكر «لما استخلف عمر أشرف من كنيف، و أسماء بنت عميس مَوْشُومَةُ اليد ممسكته»
أى منقوشة اليد بالحنّاء.
و
في حديث عليّ «و اللّه ما كتمت وَشْمَةً»
أى كلمة.
حكاها الجوهرى عن ابن السّكّيت «ما عصيته وَشْمَةً»
أى كلمة.
__________________________________________________
(1) فى الأصل: «الفئة» و فى اللسان: «يوشك منه الفيئة» و التصحيح من ا، و مما سبق فى مادة (فيأ).
(2) فى الأصل: «قليلا أم كثيرا». و التصحيح من ا، و اللسان.
189
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وشوش ص 190
(وشوش)-
فى حديث سجود السّهو «فلمّا انفتل تَوَشْوَشَ القوم»
الْوَشْوَشَةُ:
كلام مختلط خفىّ لا يكاد يفهم. و رواه بعضهم بالسّين المهملة. و يريد به الكلام الخفىّ.
و الوسوسة: الحركة الخفيّة، و كلام فى اختلاط. و قد تقدّم.
(وشا)
(س)
فى حديث عفيف «خرجنا نَشِي بسعد إلى عمر»
يقال: وَشَى به يَشِي وِشَايَةً، إذا نمّ عليه و سعى به، فهو وَاشٍ، و جمعه: وُشَاةٌ، و أصله: استخراج الحديث باللّطف و السّؤال.
و منه
حديث الإفك «كان يَسْتَوْشِيهِ و يجمعه»
أى يستخرج الحديث بالبحث عنه.
(ه) و منه
حديث الزّهرى «أنه كان يَسْتَوْشِي الحديث. «1»».
(س) و
حديث عمر و المرأة العجوز «أجاءتنى النّآئد «2» إلى اسْتِيشَاءِ الأباعد»
أى ألجأتنى الدّواهى إلى مسألة الأباعد، و استخراج ما فى أيديهم.
(ه) و
فيه «فدقّ عنقه إلى عجب ذنبه فَائْتَشَى «3» محدودبا»
يقال: ائْتَشَى «4» العظم، إذا برأ من كسر كان به. يعنى أنّه برأ مع احديداب حصل فيه.
باب الواو مع الصاد
(وصب)-
فى حديث عائشة «أنا وَصَّبْتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم»
أى مرّضته فى وَصَبِهِ. و الْوَصَبُ: دوام الوجع و لزومه، كمرّضته من المرض: أى دبّرته فى مرضه.
و قد يطلق الْوَصَبُ على التّعب، و الفتور فى البدن.
(ه) و منه
حديث فارعة، أخت أميّة «قالت له: هل تجد شيئا؟ قال: لا، إلّا تَوْصِيباً «5»»
أى فتورا.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «أى يستخرجه بالبحث و المسألة، كما يستوشى الرجل جرى الفرس، و هو ضرب جنبيه بعقبيه و تحريكه ليجرى. يقال: أوشى فرسه، و استوشاه».
(2) فى الأصل: «أجأتنى النائد» و الصواب من ا. و قد حرّرته فى مادة (نأد).
(3) فى الأصل، و ا: «فايتشى ... ايتشى» بالياء. و أثبته بالهمز من الهروى، و اللسان، و القاموس.
(4) فى الأصل، و ا: «فايتشى ... ايتشى» بالياء. و أثبته بالهمز من الهروى، و اللسان، و القاموس.
(5) يروى «توصيما» بالميم، و سيجىء. قال الهروى: «و التوصيب و التوصيم واحد، كما يقال: دائب، و دائم، و لازب و لازم».
190
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وصد ص 191
(وصد)-
فى حديث أصحاب الغار «فوقع الجبل على باب الكهف فأوصده»
أى سدّه. يقال: أَوْصَدْتُ البابَ و آصَدْتُهُ، إذا أغلقته. و يروى بالطاء.
(وصر)
(ه)
فى حديث شريح «إن هذا اشترى منّى أرضا و قبض وِصْرَهَا، فلا هو يردّ إلىّ الْوِصْرَ، و لا هو يعطينى الثّمن»
الْوِصْرُ، «1» بالكسر: كتاب الشّراء. و الأصل فيه: الإصر، و هو العهد، فقلبت الهمزة واوا، و سمّى كتاب الشّراء به؛ لما فيه من العهود. و قد روى بالهمزة على الأصل.
(وصع)
(ه)
فيه «إنّ العرش على منكب إسرافيل، و إنه ليتواضع للّه تعالى حتى يصير مثل الْوَصْعِ»
يروى بفتح الصاد و سكونها، و هو طائر أصغر من العصفور، و الجمع:
وِصْعَان «2».
(وصف)
(ه)
فيه «نهى عن بيع الْمُوَاصَفَةِ»
هو «3» أن يبيع ما ليس عنده ثمّ يبتاعه، فيدفعه إلى المشترى. قيل له ذلك؛ لأنّه باع بالصّفة من غير نظر و لا حيازة ملك.
[ه] و
فى حديث عمر «إن لا يشفّ فإنّه يَصِفُ»
يريد الثّوب الرّقيق، إن لم يَبِنْ منه الجسد، فإنه لرقّته يصف البدن، فيظهر منه حجم الأعضاء، فشبّه ذلك بالصّفة.
(ه) و
فيه «و موت يصيب الناس حتّى يكون البيت بالوصيف»
الْوَصِيفُ: العبد.
و الأمة: وَصِيفَةٌ، و جمعهما: وُصَفَاءُ و وَصَائِفُ. يريد «4» يكثر الموت حتى يصير موضع قبر يشترى بعبد، من كثرة الموتى. و قبر الميّت: بيته.
و منه
حديث أم أيمن «أنّها كانت وصيفة لعبد المطّلب»
أى أمة.
(وصل)-
فيه «من أراد أن يطول عمره فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»
قد تكرر فى الحديث ذكر صِلَةِ الرّحم. و هى كناية عن الإحسان إلى الأقربين، من ذوى النّسب و الأصهار، و التّعطّف عليهم، و الرّفق بهم، و الرّعاية لأحوالهم. و كذلك إن بعدوا أو أساءوا. و قطع الرّحم
__________________________________________________
(1) هذا شرح القتيبى، كما ذكر الهروى.
(2) ضبط فى الأصل «وصعان» بالضم، و صوابه بالكسر، كغزلان، كما ذكر صاحب القاموس.
(3) هذا شرح القتيبى، كما ذكر الهروى.
(4) هذا قول شمر، كما ذكر الهروى.
191
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وصل ص 191
ضدّ ذلك كلّه. يقال: وَصَلَ رَحِمَهُ يَصِلُهَا وَصْلًا و صِلَةً، و الهاء فيها عوض من الواو المحذوفة، فكأنه بالإحسان إليهم قد وَصَلَ ما بينه و بينهم من علاقة القرابة و الصّهر.
و فيه ذكر «الْوَصِيلَةِ» هى الشاة إذا ولدت ستّة أبطن، أنثيين أنثيين، و ولدت فى السابعة ذكرا و أنثى، قالوا: وَصَلْتَ أخاها، فأحلّوا لبنها للرّجال، و حرّموه على النّساء.
و قيل: إن كان السابع ذكرا ذبح و أكل منه الرجال و النساء. و إن كانت أنثى تركت فى الغنم، و إن كان ذكرا و أنثى قالوا: وَصَلْتَ أخاها، و لم تذبح، و كان لبنها حراما على النساء.
(ه) و
فى حديث ابن مسعود «إذا كنت فى الْوَصِيلَةِ فأعط راحلتك حظّها»
هى العمارة و الخصب.
و قيل: الأرض ذات الكلأ، تتّصل بأخرى مثلها.
(ه) و
فى حديث عمرو «قال لمعاوية: ما زلت أرمّ أمرك بوذائله، و أَصِلُهُ بِوَصَائِلِهِ»
هى ثياب حمر مخطّطة يمانية «1».
و قيل: أراد بالوصائل ما يوصل به الشيء، يقول: ما زلت أدبّر أمرك بما يجب أن يوصل به من الأمور التى لا غنى «2» به عنها، أو أراد أنه زيّن أمره و حسّنه، كأنه ألبسه الوصائل.
(ه) و منه
الحديث «إنّ أوّل من كسا الكعبة كسوة كاملة تبّع، كساها الأنطاع «3»، ثم كساها الْوَصَائِلَ»
أى حبر اليمن.
(ه س) و
فيه «أنه لعن الْوَاصِلَةَ و الْمُسْتَوْصِلَةَ»
الْوَاصِلَةُ: التى تصل شعرها بشعر آخر زور، و الْمُسْتَوْصِلَةُ: التى تأمر من يفعل بها ذلك.
و
روى عن عائشة أنها قالت: ليست الواصلة بالتى تعنون، و لا بأس أن تعرى المرأة عن الشّعر، فتصل قرنا من قرونها بصوف أسود، و إنما الْوَاصِلَةُ: التى تكون بغيّا فى شبيبتها، فإذا أسنّت وصلتها بالقيادة.
و قال أحمد بن حنبل لمّا ذكر له ذلك: ما سمعت بأعجب من ذلك.
__________________________________________________
(1) ضبط فى الأصل و ا: «يمانيّة» بالتشديد. و صححته بالتخفيف من الهروى.
(2) فى الأصل: «غنّى» بالتنوين. و أثبته بالتخفيف من ا، و اللسان.
(3) فى ا: «الأنماط».
192
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وصل ص 191
(ه) و
فيه «أنه نهى عن الوصال فى الصّوم»
هو ألّا يفطر يومين أو أيّاما.
(س) و
فيه «أنه نهى عن الْمُوَاصَلَةِ فى الصلاة، و قال: إنّ امرأ واصل فى الصلاة خرج منها صفرا»
قال عبد اللّه بن أحمد بن حنبل: ما كنّا ندرى ما المواصلة فى الصلاة، حتى قدم علينا الشافعى، فمضى إليه أبى فسأله عن أشياء، و كان فيما سأله عن الْمُوَاصَلَةِ فى الصلاة، فقال الشافعى:
هى فى مواضع، منها: أن يقول الإمام «وَ لَا الضَّالِّينَ» فيقول من خلفه «آمين» معا: أى يقولها بعد أن يسكت الإمام.
و منها: أن يصل القراءة بالتّكبير.
و منها: السلام عليكم و رحمة اللّه، فيصلها بالتّسليمة الثانية، الأولى فرض و الثانية سنّة، فلا يجمع بينهما.
و منها: إذا كبّر الإمام فلا يكبّر معه حتى يسبقه و لو بواو.
(ه) و
فى حديث جابر «أنه اشترى منّى بعيرا و أعطانى وَصْلًا من ذهب»
أى صلة و هبة، كأنه ما يتّصل به أو يتوصّل فى معاشه. و وَصَلَهُ إذا أعطاه مالا. و الصِّلَةُ:
الجائزة و العطيّة.
(ه) و
فى حديث عتبة و المقدام «أنهما كانا أسلما فتوصّلا بالمشركين حتى خرجا إلى عبيدة بن الحارث»
أى أرياهم أنهما معهم، حتى خرجا إلى المسلمين، و تَوَصَّلَا: بمعنى توسّلا و تقرّبا.
(ه) و
فى حديث النّعمان بن مقرّن «أنه لما حمل على العدوّ ما وَصَلْنَا كتفيه حتى ضرب فى القوم»
أى لم نتّصل به و لم نقرب منه حتى حمل عليهم، من السّرعة.
(ه) و
فى الحديث «رأيت سببا وَاصِلًا من السماء إلى الأرض»
أى موصولا، فاعل بمعنى مفعول، كماء دافق. كذا شرح. و لو جعل على بابه لم يبعد.
(ه) و
في حديث عليّ «صِلُوا السّيوف بالخُطا، و الرّماح بالنّبل»
أى إذا قصرت السّيوف عن الضّربية فتقدّموا تلحقوا. و إذا لم تلحقهم الرماح فارموهم بالنّبل.
193
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وصل ص 191
و من أحسن و أبلغ ما قيل فى هذا المعنى قول زهير «1»:
يطعنهم ما ارتموا حتّى إذا طعنوا ضاربهم فإذا ما ضاربوا اعتنقا
(ه) و
فى صفته صلى اللّه عليه و سلم «أنه كان فعم الْأَوْصَالِ»
أى ممتلئ الأعضاء، الواحد: وصل «2».
و
فيه «كان اسم نبله صلى اللّه عليه و سلم الْمُوتَصِلَةَ»
سمّيت بها تفاؤلا بوصولها إلى العدوّ. و الموتصلة، لغة قريش، فإنها لا تدغم هذه الواو و أشباهها فى التّاء، فتقول: موتصل، و موتفق، و موتعد، و نحو ذلك. و غيرهم يدغم فيقول: مُتَّصِلٌ، و متّفق، و متّعد.
(ه) و
فيه «من اتّصل فأعضّوه»
أى من ادّعى دعوى الجاهليّة، و هى قولهم: يا لفلان.
فأعضّوه: أى قولوا له: اعضض أير أبيك. يقال: وَصَلَ إليه و اتَّصَلَ، إذا انتمى.
(ه) و منه
حديث أبىّ «أنه أعضّ إنسانا اتّصل».
(وصم)
(ه)
فيه «و إن نام حتّى يصبح أصبح ثقيلا مُوَصَّماً»
الْوَصَمُ: الفترة و الكسل و التّوانى.
(ه) و منه
كتاب وائل بن حجر «لا تَوْصِيمَ فى الدّين»
أى لا تفتروا فى إقامة الحدود، و لا تحابوا فيها.
و منه
حديث فارعة، أخت أميّة «قالت له: هل تجد شيئا؟ قال: لا، إلا تَوْصِيماً فى جسدى»
و يروى بالباء. و قد تقدّم.
__________________________________________________
(1) ديوانه ص 54، و الرواية فيه:
يطعنهم ما ارتموا حتى إذا اطّعنوا ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا
(2) فى الأصل: «وصل» بفتحة. و فى ا: «وصل» بفتحتين. و كل ذلك خطأ. إنما هو بالكسر و الضم، كما فى القاموس، بالعبارة، و اللسان، بالقلم.
194
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
باب الواو مع الضاد ص 195
باب الواو مع الضاد
(وضأ)-
قد تكرر فى الحديث ذكر «الْوَضُوءَ و الْوُضُوءَ» فَالْوَضُوءُ، بالفتح: الماء الذى يتوضّأ به، كالفطور و السّحور، لما يفطر عليه و يتسحّر به. و الْوُضُوءُ، بالضّم: التَّوَضُّؤُ، و الفعل نفسه. يقال: تَوَضَّأْتُ أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً و وُضُوءاً، و قد أثبت سيبويه الْوَضُوءُ و الطّهور و الوقود، بالفتح فى المصادر، فهى تقع على الاسم و المصدر.
و أصل الكلمة من الْوَضَاءَةِ، و هى الحسن. و وُضُوءُ الصلاة معروف. و قد يراد به غسل بعض الأعضاء.
(ه) و منه
الحديث «توضّأوا ممّا غيّرت النار»
أراد به غسل الأيدى و الأفواه من الزّهومة.
و قيل: أراد به وضوء الصلاة. و ذهب إليه قوم من الفقهاء.
(ه) و منه
حديث الحسن «الوضوء قبل الطعام ينفى الفقر، و بعده ينفى اللّمم» «1».
(ه) و منه
حديث قتادة «من غسل يده فقد توضّأ».
و
فى حديث عائشة «لقلّما كانت امرأة وَضِيئَةٌ عند رجل يحبّها»
الْوَضَاءَةُ: الحسن و البهجة. يقال: وَضُأَتْ فهى وَضِيئَةٌ.
و منه
حديث عمر لحفصة «لا يغرّك أن كانت جارتك هى أَوْضَأَ منك»
أى أحسن.
(وضح)-
فيه «أنه كان يرفع يديه فى السّجود حتّى يبين وَضَحُ إبطيه»
أى البياض الذى تحتهما. و ذلك للمبالغة فى رفعهما و تجافيهما عن الجنبين. و الْوَضَحُ: البياض من كلّ شيء.
(ه) و منه
حديث عمر «صوموا من الْوَضَحِ إلى الوضح»
أى من الضّوء إلى الضّوء.
و قيل: من الهلال إلى الهلال، و هو الوجه؛ لأنّ سياق الحديث يدلّ عليه. و
تمامه «فإن خفى عليكم فأتمّوا العدّة ثلاثين يوما».
__________________________________________________
(1) بعده فى الهروى: «و أراد التوضؤ الذى هو غسل اليد».
195
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وضح ص 195
(ه س) و منه
الحديث «أمر بصيام الْأَوَاضِحِ»
يريد أيّام اللّيالى الأواضح: أى البيض. جمع وَاضِحَة، و هى ثالث عشر، و رابع عشر، و خامس عشر. و الأصل: وواضح، فقلبت الواو الأولى همزة.
(ه س) و منه
الحديث «غيّروا الْوَضَحَ»
أى الشّيب، يعنى اخضبوه.
(س) و منه
الحديث «جاء رجل بكفّه وَضَحٌ»
أى برص.
(ه) و فى حديث الشّجاج ذكر «الْمُوضِحَةِ» فى أحاديث كثيرة. و هى التى تبدى وَضَحَ العظم: أى بياضه. و الجمع: الْمَوَاضِحُ. و التى فرض فيها خمس من الإبل هى ما كان منها فى الرأس و الوجه. فأما الْمُوضِحَةُ فى غيرهما ففيها الحكومة.
(ه) و
فيه «أنّ يهوديّا قتل جارية على أَوْضَاحٍ لها»
هى «1» نوع من الحلىّ يعمل من الفضّة، سمّيت بها؛ لبياضها، واحدها: وَضَحٌ.
(ه) و
فيه «أنه كان يلعب مع الصّبيان بعظم وَضَّاحٍ»
هى لعبة لصبيان الأعراب. و قد تقدم فى حرف العين. و وَضَّاحٌ: فعّال، من الْوُضُوحِ: الظّهور.
(س) و
فيه «حتى ما أَوْضَحُوا بضاحكة»
أى ما طلعوا بضاحكة و لا أبدوها، و هى إحدى ضواحك الأسنان «2» التى تبدو عند الضّحك. يقال: من أين أَوْضَحْتَ؟ أى طلعت.
(وضر)
(ه)
فيه «أنه رأى بعبد الرحمن بن عوف وَضَراً من صفرة، فقال: مهيم»
أى لطخا من خلوق، أو طيب له لون، و ذلك من فعل العروس إذا دخل على زوجته. و الْوَضَرُ:
الأثر من غير الطّيب.
(ه) و منه
الحديث «فجعل يأكل و يتتبّع باللّقمة وَضَرَ الصّحفة»
أى دسمها و أثر الطّعام فيها.
و منه
حديث أمّ هانىء «فسكبت له فى صحفة إنّى لأرى فيها وضر العجين».
(وضع)
(ه)
فى حديث الحج «و أَوْضَع فى وادى محسّر»
يقال: وَضَعَ البعير يَضَعُ وَضْعاً، و أَوْضَعَهُ راكبه إِيضَاعاً، إذا حمله على سرعة السّير.
__________________________________________________
(1) هذا شرح أبى عبيد، كما فى الهروى.
(2) هكذا فى الأصل، و ا. و فى النسخة 517، و اللسان: «الإنسان».
196
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وضع ص 196
و منه
حديث عمر «إنك و اللّه سقعت الحاجب، و أَوْضَعْتَ بالراكب»
أى حملته على أن يوضع مركوبه.
و منه
حديث حذيفة بن أسيد «شرّ الناس فى الفتنة الراكب الْمُوضِعُ»
أى المسرع فيها. و قد تكرر فى الحديث.
(ه) و
فيه «من رفع السلاح ثم وَضَعَهُ فدمه هدر» و فى رواية «من شهر سيفه ثم وضعه»
أى من قاتل به، يعنى فى الفتنة. يقال: وَضَعَ الشّيء من يده يَضَعُهُ وَضْعاً، إذا ألقاه، فكأنه ألقاه فى الضَّرِيبَةِ.
و منه قول سديف للسّفّاح:
فضع السّيف و ارفع السّوط حتّى لا ترى فوق ظهرها أمويّا
أى ضَعِ السّيف فى المضروب به، و ارفع السّوط لتضرب به.
و منه
حديث فاطمة بنت قيس «لا يضع عصاه عن عاتقه»
أى أنه ضرّاب للنساء.
و قيل: هو كناية عن كثرة أسفاره؛ لأن المسافر يحمل عصاه فى سفره.
و
فيه «إنّ الملائكة تَضَعُ أجنحتها لطالب العلم»
أى تفرشها لتكون تحت أقدامه إذا مشى. و قد تقدّم معناه مستوفى فى حرف الجيم.
(س) و
فيه «إن اللّه وَاضِعٌ يده لمسىء الليل ليتوب بالنهار، و لمسىء النهار ليتوب بالليل»
أراد بالوضع هاهنا البسط. و قد صرّح به
فى الرواية الأخرى «إنّ اللّه باسط يده لمسىء الليل»
و هو مجاز فى البسط و اليد، كوضع أجنحة الملائكة.
و قيل: أراد بِالْوَضْعِ الإمهال، و ترك المعاجلة بالعقوبة. يقال: وَضَعَ يده عن فلان، إذا كفّ عنه. و تكون اللام بمعنى عن: أى يضعها عنه، أو لام أجل: أى يكفّها لأجله. و المعنى فى الحديث أنه يتقاضى المذنبين بالتّوبة ليقبلها منهم.
(س) و منه
حديث عمر «أنه وَضَعَ يده فى كشية ضبّ، و قال: إن النبىّ صلى اللّه عليه و سلم لم يحرّمه»
وَضْعُ اليد: كناية عن الأخذ فى أكله.
(س) و
فيه «ينزل عيسى بن مريم عليه السلام فَيَضَعُ الجزية»
أى يحمل الناس على دين الإسلام، فلا يبقى ذمّىّ تجرى عليه الجزية.
197
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وضع ص 196
و قيل: أراد أنه لا يبقى فقير محتاج؛ لاستغناء الناس بكثرة الأموال، فتوضع الجزية و تسقط، لأنها إنما شرعت لتزيد فى مصالح المسلمين و تقوية لهم، فإذا لم يبق محتاج لم تؤخذ «1».
و منه
الحديث «و يَضَعُ العلم»
أى يهدمه و يلصقه بالأرض.
و
الحديث الآخر «إن كنت وضعت الحرب بيننا و بينهم»
أى أسقطتها.
(ه) و
فيه «من أَنْظَرَ معسرا أو وضع له»
أى حطّ عنه من أصل الدّين شيئا «2».
و منه
الحديث «و إذا أحدهما يَسْتَوْضِعُ الآخر و يسترفقه»
أى يستحطّه من دينه.
و
فى حديث سعد «إن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة»
أراد أنّ نجوهم كان يخرج بعرا؛ ليبسه من أكلهم ورق السّمر، و عدم الغذاء المألوف.
[ه] و
فى حديث طهفة «لكم يا بنى نهد ودائع الشّرك، و وَضَائِعُ الملك»
الْوَضَائِعُ:
جمع وَضِيعَةٍ و هى الوظيفة التى تكون على الملك، و هى ما يلزم الناس فى أموالهم؛ من الصّدقة و الزكاة: أى لكم الوظائف التى تلزم المسلمين، لا نتجاوزها معكم، و لا نزيد عليكم فيها شيئا.
و قيل: معناه ما كان ملوك الجاهليّة يوظّفون على رعيّتهم، و يستأثرون به فى الحروب و غيرها من المغنم: أى لا نأخذ منكم ما كان ملوككم وظّفوه عليكم، بل هو لكم.
(ه) و
فيه «إنه نبىّ، و إنّ اسمه و صورته فى الوضائع»
هى كتب تكتب فيها الحكمة. قاله الأصمعىّ.
و
فى حديث شريح «الْوَضِيعَةُ على المال، و الرّبح على ما اصطلحا عليه»
الْوَضِيعَةُ:
الخسارة. و قد وُضِعَ فى البيع يُوضَعُ وَضِيعَةً. يعنى أن الخسارة من رأس المال.
(س) و
فيه «أن رجلا من خزاعة يقال له: هيت كان فيه تَوْضِيعٌ»
أى تخنيث.
(وضم)
(ه)
فى حديث عمر «إنما النساء لحم على وَضَمٍ، إلّا ما ذبّ عنه»
__________________________________________________
(1) قال صاحب اللسان: «هذا فيه نظر، فإن الفرائض لا تعلّل، و يطّرد على ما قاله الزكاة أيضا، و فى هذا جرأة على وضع الفرائض و التعبّدات».
(2) الذى فى الهروى: «أى حطّ له من رأس المال شيئا».
198
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وضم ص 198
الْوَضَمُ: «1» الخشبة أو البارية التى يوضع عليها اللحم، تقية من الأرض.
و قال الزمخشرى: «الوضم: [كلّ] «2» ما وقيت به اللحم من الأرض». أراد أنّهنّ فى الضّعف «3» مثل ذلك اللحم الذى لا يمتنع على أحد إلّا أن يذبّ عنه و يدفع.
قال الأزهرى: إنما خصّ اللّحم على الوضم و شبّه به النساء؛ لأنّ من عادة العرب إذا نحر بعير لجماعة يقتسمون لحمه أن يقلعوا شجرا «4» و يُوضَمُ بعضه على بعض، و يعضّى اللحم و يوضع عليه، ثم يلقى لحمه عن عراقه، و يقطّع على الوضم، هبرا للقسم، و تؤجّج النار، فإذا سقط جمرها اشتوى من حضر شيئا بعد شيء «5»، على ذلك الجمر، لا يمنع منه أحد، فإذا وقعت المقاسم حوّل كلّ واحد قسمه عن الوضم إلى بيته، و لم يعرض له أحد. فشبّه عمر النساء و قلّة امتناعهنّ على طلّابهنّ من الرجال باللحم مادام على الوضم.
(وضن)-
في حديث عليّ «إنك لقلق الوضين»
الْوَضِينُ: بطان منسوج بعضه على بعض، يشدّ به الرّحل على البعير كالحزام للسّرج. أراد أنه سريع الحركة. يصفه بالخفّة و قلّة الثّبات، كالحزام إذا كان رخوا.
(ه) و منه
حديث ابن عمر:
إليك تعدو قلقا وضينها
أراد أنها قد هزلت و دقّت للسّير عليها.
هكذا أخرجه الهروى و الزّمخشرى عن ابن عمر. و
أخرجه الطّبرانىّ فى «المعجم» عن سالم عن أبيه: أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أفاض من عرفات و هو يقول:
إليك تعدو قلقا وضينها
__________________________________________________
(1) هذا شرح الأصمعى، كما ذكر الهروى.
(2) ليس فى الفائق 2/ 411
(3) هكذا بالضم فى الأصل، و فى ا بالفتح. قال صاحب المصباح: «الضّعف، بفتح الضاد فى لغة تميم. و بضمها فى لغة قريش».
(4) فى الهروى: «شجرا كثيرا».
(5) فى الهروى: «شواية بعد شواية».
199
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
باب الواو مع الطاء ص 200
باب الواو مع الطاء
(وطأ)
(ه)
فيه «زعمت المرأة الصّالحة خولة بنت حكيم أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خرج و هو محتضن أحد ابنى ابنته و هو يقول: إنّكم لتبخّلون و تجبّنون و تجهّلون، و إنكم لمن ريحان اللّه، و إنّ آخر وَطْأَةٍ وَطِئَهَا «1» اللّه بوجّ»
أى تحملون على البخل و الجبن و الجهل.
يعنى الأولاد، فإنّ الأب يبخل بإنفاق ماله ليخلّفه لهم، و يجبن عن القتال ليعيش لهم فيربّيهم، و يجهل لأجلهم فيلاعبهم.
و ريحان اللّه: رزقه و عطاؤه.
و وجّ: من الطائف.
و الْوَطْءُ فى الأصل: الدّوس بالقدم، فسمّى به الغزو و القتل؛ لأنّ من يَطَأُ على الشّىء برجله فقد استقصى فى هلاكه و إهانته. و المعنى أنّ آخر أخذة و وقعة أوقعها اللّه بالكفّار كانت بوجّ، و كانت غزوة الطّائف آخر غزوات رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فإنّه لم يغز بعدها إلّا غزوة تبوك، و لم يكن فيها قتال.
و وجه تعلّق هذا القول بما قبله من ذكر الأولاد أنّه إشارة إلى تقليل ما بقى من عمره، فكنى عنه بذلك.
(ه) و منه
حديثه الآخر «اللّهمّ اشدد وَطْأَتَكَ على مضر»
أى خذهم أخذا شديدا.
و منه قول الشاعر:
و وطئتنا وطأ على حنق وطء المقيّد نابت الهرم
و
كان حمّاد بن سلمة يرويه «اللّهمّ اشدد وطدتك على مضر»
و الوطد: الإثبات و الغمز فى الأرض.
[ه] و
فيه «أنه قال للخرّاص: احتاطوا لأهل الأموال فى النّائبة و الواطئة»
الْوَاطِئَةُ: المارّة و السّابلة، سمّوا بذلك لوطئهم الطريق. يقول: استظهروا لهم
__________________________________________________
(1) رواية الهروى: «آخر وطأة للّه بوج».
200
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وطأ ص 200
فى الخرص، لما ينوبهم و ينزل بهم من الضّيفان.
و قيل: الْوَاطِئَةُ: سقاطة التّمر تقع فَتُوطَأُ بالأقدام، فهى فاعلة بمعنى مفعولة.
و قيل «1»: هى من الْوَطَايَا، جمع وَطِيئَة، و هى تجرى مجرى العريّة، سمّيت بذلك لأنّ صاحبها وَطَّأَهَا لأهله: أى ذلّلها و مهّدها، فهى لا تدخل فى الخرص.
و منه
حديث القدر «و آثار «2» مَوْطُوءَةٌ»
أى مسلوك عليها بما سبق به القدر، من خير أو شرّ.
(ه) و منه
الحديث «ألا أخبركم بأحبّكم إلىّ و أقربكم منّى مجالس يوم القيامة؟
أحاسنكم أخلاقا، الْمُوَطَّأُونَ أكنافا، الّذين يألفون و يؤلفون»
هذا مثل، و حقيقته من التَّوْطِئَةِ، و هى التّمهيد و التّذليل. و فراش وَطِىءٌ: لا يؤذى جنب النّائم. و الأكناف: الجوانب. أراد الذين جوانبهم وَطِيئَةٌ، يتمكّن فيها من يصاحبهم و لا يتأذّى.
(ه) و
فيه «أنّ رعاء الإبل و رعاء الغنم تفاخروا عنده، فَأَوْطَأَهُمْ رِعَاءَ الإبل غلبة»
أى غلبوهم و قهروهم بالحجّة. و أصله أنّ من صارعته أو قاتلته فصرعته أو أثبتّه فقد وَطِئْتَهُ و أَوْطَأْتَهُ غيرك. و المعنى أنه جعلهم يُوطَأُونَ قهرا و غلبة.
و
في حديث عليّ، لمّا خرج مهاجرا بعد النبيّ صلى اللّه عليه و سلم «فجعلت أتّبع مآخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فَأَطَأ ذِكْرَهُ حتّى انتهيت إلى العرج»
أراد: إنى كنت أغطّى خبره من أوّل خروجى إلى أن بلغت العرج، و هو موضع بين مكة و المدينة. فكنى عن التّغطية و الإيهام بالوطء، الذى هو أبلغ فى الإخفاء و السّتر.
(س) و
فى حديث النّساء «و لكم عليهنّ ألّا يُوطِئْنَ فرشكم أحدا تكرهونه»
أى لا يأذنّ لأحد من الرجال الأجانب أن يدخل عليهنّ، فيتحدّث إليهنّ. و كان ذلك من عادة العرب، لا يعدّونه ريبة، و لا يرون به بأسا، فلما نزلت آية الحجاب نهوا عن ذلك.
(ه) و
فى حديث عمّار «أن رجلا وشى به إلى عمر فقال: اللهم إن كان كذب فاجعله
__________________________________________________
(1) القائل هو أبو سعيد الضرير، كما ذكر الهروى.
(2) ضبط فى الأصل: «و آثار» بالرفع، و أثبتّه بالجر من ا، و اللسان.
201
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وطأ ص 200
مُوَطَّأَ العَقِب»
أى كثير الأتباع. دعا عليه بأن يكون سلطانا أو مقدّما أو ذا مال، فيتبعه الناس و يمشون وراءه.
(ه) و
فيه «إن جبريل صلّى بى العشاء حين غاب الشّفق، و اتَّطَأَ العشاء»
هو افتعل، من وَطَّأْتُهُ. يقال: وَطَّأْتُ الشّىء فَاتَّطَأَ: أى هيّأته فتهيّأ. أراد أنّ الظلام كمل و وَاطَأَ بعضه بعضا: أى وافق.
و
فى الفائق: «حين غاب الشّفق و أنطى العشاء»
قال: و هو من قول بنى قيس:
«لم يأتط «1» الجداد. و معناه: لم يأت «2» حينه. و قد ائْتَطَى يَأْتَطِي، كائتلى «3» يأتلى»، بمعنى الموافقة و المساعفة.
قال: «و فيه وجه آخر: أنه «4» افتعل من الأطيط؛ لأنّ العتمة وقت حلب الإبل، و هى حينئذ تئطّ، أى تحنّ إلى أولادها، فجعل الفعل للعشاء و هو لها اتّساعا».
و
فى حديث ليلة القدر «أرى رؤياكم قد تَوَاطَتْ فى العشر الأواخر»
هكذا روى بترك الهمز، و هو من الْمُوَاطَأَةِ: الموافقة. و حقيقته كأنّ كلّا منهما وطىء ما وطئه الآخر.
(س) و
فى حديث عبد اللّه «لا نتوضأ «5» من مَوْطَأٍ»
أى ما يوطأ من الأذى فى الطريق.
أراد لا نعيد «6» الوضوء منه، لا أنهم كانوا لا يغسلونه.
(ه) و
فيه «فأخرج إلينا ثلاث أكل من وطيئة»
الْوَطِيئَةُ: الغرارة يكون فيها الكعك و القديد و غيره.
__________________________________________________
(1) قبل هذا فى الفائق 3/ 170: «لم يأتط السّعر بعد، أى لم يطمئن و لم يبلغ نهاه و لم يستقم».
(2) الذى فى الفائق: «لم يحن».
(3) فى الأصل وا: «ايتطى ... كايتلى» بالياء. و أثبته بالهمز من الفائق، و اللسان.
(4) فى الفائق 3/ 171: «و هو أن الأصل: ائتطّ، افتعل».
(5) فى الأصل، وا: «لا تتوضأ» بتاء، و أثبته بالنون من اللسان.
(6) فى الأصل: «يعيد» بياء. و أثبته بالنون من ا، و اللسان.
202
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وطأ ص 200
و
فى حديث عبد اللّه بن بسر «أتيناه بِوَطِيئَةٍ»
هى طعام يتّخذ من التّمر كالحيس.
و يروى بالباء الموحدة، و قيل: هو تصحيف.
(وطب)-
فى حديث عبد اللّه بن بسر «نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على أبى فقرّبنا إليه طعاما، و جاءه بِوَطْبَةٍ فأكل منها» روى الحميدىّ هذا الحديث فى كتابه «فقرّبنا إليه طعاما و رطبة فأكل منها»
و قال: هكذا جاء فيما رأيناه من نسخ كتاب «1» مسلم «رطبة» بالراء، و هو تصحيف من الرّاوى. و إنما هو بالواو.
و ذكره أبو مسعود الدّمشقى و أبو بكر البرقانىّ فى كتابيهما بالواو. و فى آخره:
قال النّضر «2»: الوطبة: الحيس، يجمع بين التّمر و الأقط و السّمن. و نقله عن شعبة على الصّحة بالواو.
قلت: و الذى قرأته فى كتاب مسلم «وطبة» بالواو. و لعلّ نسخ الحميدىّ قد كانت بالراء «3» كما ذكر. و اللّه أعلم.
(س) و
فيه «أنه أتى بوطب فيه لبن»
الْوَطْبُ: الزّقّ الذى يكون فيه السّمن و اللبن و هو جلد الجذع فما فوقه، و جمعه. أَوْطَابٌ و وِطَابٌ «4».
و منه
حديث أم زرع «خرج أبو زرع و الأوطاب تمخض ليخرج زبدها».
(وطح)-
فى حديث غزوة خيبر ذكر «الْوَطِيحِ» هو بفتح الواو و كسر الطاء و بالحاء المهملة: حصن من حصون خيبر.
__________________________________________________
(1) انظر رواية مسلم فى صحيحه (باب استحباب وضع النوى خارج التمر، من كتاب الأشربة).
(2) هو النضر بن شميل، كما فى النووى 13/ 225.
(3) قال الإمام النووى: «و هذا الذى ادعاه [أى الحميدى] على نسخ مسلم هو فيما رآه هو، و إلا فأكثرها بالواو ... و نقل القاضى عياض عن رواية بعضهم فى مسلم: وطئة.
بفتح الواو و كسر الطاء، و بعدها همزة ... و الوطئة بالهمز عند أهل اللغة: طعام يتخذ من التمر كالحيس».
(4) زاد فى القاموس: «أوطب» قال: و جمع الجمع: أواطب.
203
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وطد ص 204
(وطد)
(ه)
فى حديث ابن مسعود «أتاه زياد بن عدىّ فَوَطَدَهُ «1» إلى الأرض»
أى غمزه فيها و أثبته عليها و منعه من الحركة. يقال: وَطَدْتُ الأرض أَطِدُهَا، إذا دستها لتتصلّب.
(ه) و منه
حديث البراء بن مالك «قال يوم اليمامة لخالد بن الوليد: طِدْنِي إليك»
أى ضمّنى إليك و اغمزنى.
و
فى حديث أصحاب الغار «فوقع الجبل على باب الكهف فَأَوْطَدَهُ»
أى سدّه بالهدم.
هكذا روى. و إنما يقال: وَطَدَهُ. و لعلّه لغة «2».
(وطس)
(س)
فى حديث حنين «الآن حمى الْوَطِيسُ»
الْوَطِيسُ: شبه التّنّور.
و قيل: هو الضّراب فى الحرب.
و قيل: هو الوطء الذى يَطِسُ النّاس، أى يدقّهم.
و قال الأصمعى: هو حجارة مدوّرة إذا حميت لم يقدر أحد يطؤها. و لم يسمع هذا الكلام من أحد قبل النبى صلى اللّه عليه و سلم. و هو من فصيح الكلام. عبّر به عن اشتباك الحرب و قيامها على ساق.
(وطف)
(ه)
فى حديث أم معبد «و فى أشفاره وَطَفٌ»
أى فى شفر أجفانه طول.
و قد وَطِفَ يَوْطَفُ فهو أَوْطَفُ.
(وطن)-
فيه «أنه نهى عن نقرة الغراب، و أن يُوطِنَ الرجل فى المكان بالمسجد، كما يوطن البعير»
قيل: معناه أن يألف الرّجل مكانا معلوما من المسجد مخصوصا به يصلّى فيه، كالبعير لا يأوى من عطن إلّا إلى مبرك دمث قد أَوْطَنَهُ و اتّخذه مناخا.
و قيل: معناه أن يبرك على ركبتيه قبل يديه إذا أراد السّجود مثل بروك البعير. يقال:
أَوْطَنْتُ الأرض و وَطَّنْتُهَا، و اسْتَوْطَنْتُهَا: أى اتّخذتها وطنا و محلّا.
(ه) و منه
الحديث «أنه نهى عن إِيطَانِ المساجد»
أى اتّخاذها وطنا.
و منه
الحديث فى صفته صلى اللّه عليه و سلم «كان لا يُوطِنُ الأماكن»
أى لا يتّخذ
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «فوطّده» بالتشديد.
(2) قال الهروى: «و كان حماد بن سلمة يروى: اللهم اشدد وطدتك على مضر» ا ه و انظر (وطأ).
204
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وطن ص 204
لنفسه مجلسا يعرف به. و الْمَوْطِنُ: مفعل منه. و يسمّى به المشهد من مشاهد الحرب.
و جمعه: مَوَاطِن.
و منه قوله تعالى لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ.
(وطوط)
(س)
فى حديث عائشة «لمّا أحرق بيت المقدس كانت الْوَطْوَاطُ تطفئه بأجنحتها»
الْوَطْوَاطُ: الخطّاف. و قيل: الخفّاش.
(س) و منه
حديث عطاء «سئل عن الوطواط يصيبه المحرم فقال: درهم» و فى رواية «ثلثا درهم».
باب الواو مع الظاء
(وظب)-
فى حديث أنس «كنّ أمّهاتى يُوَاظِبْنَنِي على خدمته»
أى يحملننى و يبعثننى على ملازمة خدمته و المداومة عليها. و روى بالطّاء المهملة و الهمز، من المواطأة على الشّىء. و قد تكرر ذكر «الْمُوَاظَبَةِ» فى الحديث.
(وظف)
(س)
فى حديث حدّ الزنا «فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله»
وَظِيفُ البعير: خفّه، و هو له كالحافر للفرس.
باب الواو مع العين
(وعب)
(ه)
فيه «إنّ النّعمة الواحدة لَتَسْتَوْعِبُ «1» جميع عمل العبد»
أى تأتى عليه.
و الْإِيعَابُ و الِاسْتِيعَابُ: الاستئصال و الاستقصاء فى كلّ شيء.
(ه) و منه
الحديث «فى الأنف إذا اسْتَوْعَبَ جدعه الدّية» و يروى «أَوْعَبَ كلّه»
أى قطع جميعه.
[ه] و منه
حديث حذيفة «نومة بعد الجماع أَوْعَبُ للماء»
أى أحرى أن تخرج كلّ ما بقى فى الذّكر و تستقصيه.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «تستوعب».
205
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وعب ص 205
(ه) و
فى حديث عائشة «كان المسلمون يُوعِبُونَ فى النّفير مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم»
أى يخرجون بأجمعهم فى الغزو.
و منه
الحديث «أَوْعَبَ المهاجرون و الأنصار مع النبى صلى اللّه عليه و سلم يوم الفتح».
[ه] و
الحديث الآخر «أوعب الأنصار مع عليّ إلى صفّين»
أى لم يتخلّف منهم أحد عنه.
(وعث)
(ه)
فيه «اللهمّ إنّا نعوذ بك من وَعْثَاءِ السّفر»
أى شدّته و مشقّته. و أصله من الْوَعْثِ، و هو الرّمل، و المشى فيه يشتدّ على صاحبه و يشقّ. يقال: رمل أَوْعَثُ، و رملة وَعْثَاءُ.
و منه
الحديث «مثل الرّزق كمثل حائط له باب، فما حول الباب سهولة، و ما حول الحائط وَعْثٌ و وعر».
و منه
حديث أم زرع «على رأس قور وَعْثٍ».
(وعد)-
فيه «دخل حائطا من حيطان المدينة فإذا فيه جملان يصرفان و يُوعِدَانِ»
وَعِيدُ فحل الإبل: هديره إذا أراد أن يصول. و قد أَوْعَدَ يُوعِدُ إِيعَاداً.
و قد تكرر ذكر «الْوَعْدُ و الْوَعِيدُ» فالوعد يستعمل فى الخير و الشرّ. يقال: وعدته خيرا و وعدته شرّا، فإذا أسقطوا الخير و الشّر قالوا فى الخير: الوعد و الْعِدَة، و فى الشرّ الإيعاد و الوعيد.
و قد أوعده يوعده.
(وعر)
(ه)
فى حديث أم زرع «لحم جمل غثّ، على جبل وَعْرٍ»
أى غليظ حزن، يصعب الصّعود إليه. و قد وَعُرَ بالضم وُعُورَةً. شبّهته بلحم هزيل لا ينتفع به، و هو مع هذا صعب الوصول و المنال.
(وعظ)
(س)
فيه «و على رأس الصّراط وَاعِظُ اللّه فى قلب كلّ مسلم»
يعنى حججه التى تنهاه عن الدّخول فيما منعه اللّه منه و حرّمه عليه، و البصائر التى جعلها فيه.
(ه) و
فيه «يأتى على الناس زمان يستحلّ فيه الرّبا بالبيع، و القتل بِالْمَوْعِظَةِ»
هو أن يقتل البرىء لِيَتَّعِظَ به المريب، كما
قال الحجّاج فى خطبته: «و أقتل البرىء بالسّقيم».
206
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وعق ص 207
(وعق)
(ه)
فى حديث عمر، و ذكر الزّبير فقال «وعقة لقس»
الْوَعْقَةُ، بالسكون:
الذى يضجر و يتبرّم. يقال: رجل وَعْقَةٌ و وَعِقَةٌ أيضا، و وَعِقٌ، بالكسر فيهما.
(وعك)
(س) قد تكرر فيه ذكر «الْوَعْكِ» و هو الحمّى. و قيل: ألمها. و قد وَعَكَهُ المرض وَعْكاً. و وُعِكَ فهو مَوْعُوكٌ.
(وعل)
(ه)
فى حديث أبى هريرة «لا تقوم الساعة حتى تعلو التّحوت و تهلك الْوُعُول»
أراد بالوعول الأشراف و الرّءوس. شبّههم بالوعول، و هم تيوس الجبل، واحدها:
وَعِلٌ، بكسر العين. و ضرب المثل بها لأنها تأوى شعف الجبال. و قد روى مرفوعا مثله.
(س) و منه
الحديث «فى تفسير قوله تعالى وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قيل: ثمانية أَوْعَالٍ»
أى ملائكة على صورة الأوعال.
(س) و منه
حديث ابن عباس «فى الوعل شاة»
يعنى إذا قتله المحرم.
(وعوع)-
في حديث عليّ «و أنتم تنفرون عنه نفور المعزى من وَعْوَعَةِ الأسد»
أى صوته. و وَعْوَاعُ الناس: ضجّتهم.
(وعا)
(ه)
فيه «الاستحياء من اللّه حقّ الحياء: ألّا تنسوا المقابر و البلى، و الجوف «1» و ما وَعَى»
أى ما جمع من الطعام و الشراب، حتى يكونا من حلّهما «2».
و منه
حديث الإسراء «ذكر فى كل سماء أنبياء قد سمّاهم، فَأَوْعَيْتُ منهم إدريس فى الثانية»
هكذا روى. فإن صحّ فيكون معناه: أدخلته فى وِعَاءِ قلبى. يقال: أَوْعَيْتُ الشيء فى الوعاء، إذا أدخلته فيه.
و لو روى «وَعَيْتُ» بمعنى حفظت، لكان أبين و أظهر. يقال: وَعَيْتُ الحديث أَعِيهِ وَعْياً فأنا وَاعٍ، إذا حفظته و فهمته. و فلان أَوْعَى من فلان: أى أحفظ و أفهم.
__________________________________________________
(1) فى الهروى: «و لا تنسوا الجوف».
(2) قال الهروى: «و أراد بالجوف البطن و الفرج، و هما الأجوفان. و يقال: بل أراد القلب و الدماغ؛ لأنهما مجمعا العقل» ا ه.
و أنظر (جوف).
207
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وعا ص 207
(ه) و منه
الحديث «نضّر اللّه امرأ سمع مقالتى فوعاها، فربّ مبلّغ «1» أوعى من سامع».
(ه) و منه
حديث أبى أمامة «لا يعذّب اللّه قلبا وَعَى القرآن»
أى عقله إيمانا به و عملا. فأمّا من حفظ ألفاظه و ضيّع حدوده فإنه غير واع له. و قد تكرر فى الحديث.
(س) و
فيه «فَاسْتَوْعَى له حقّه»
أى استوفاه كلّه، مأخوذ من الوعاء.
و منه
حديث أبى هريرة «حفظت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وِعَاءَيْنِ من العلم»
أراد الكناية عن محلّ العلم و جمعه، فاستعار له الوعاء.
و منه
الحديث «لا تُوعِي فَيُوعَى عليك»
أى لا تجمعى و تشحّى بالنّفقة، فيشحّ عليك، و تجازى بتضييق رزقك.
(س) و
فى مقتل كعب بن الأشرف أو أبى رافع «حتى سمعنا الْوَاعِيَةَ»
هو الصّراخ على الميّت و نعيه. و لا يبنى منه فعل.
و قيل: الْوَعْيُ كالوغى: الجلبة و الصّوت الشّديد.
باب الواو مع الغين
(وغب)
(ه)
فى حديث الأحنف «إيّاكم و حميّة الْأَوْغَابِ»
هم اللّئام و الأوغاد.
و الواحد: وَغْبٌ و وغد. و يروى بالقاف.
(وغر)-
فيه «الهديّة تذهب وَغَرَ الصّدر»
هو بالتّحريك «2»: الغلّ و الحرارة.
و أصله من الْوَغْرَةِ: شدّة الحرّ.
و منه حديث مازن:
ما فى القلوب عليكم فاعلموا وغر
(س) و منه
حديث المغيرة «وَاغِرَةُ الضّمير»
و قيل: الْوَغَرُ: تجرّع الغيظ و الحقد.
__________________________________________________
(1) ضبط فى الأصل: «مبلّغ» بالكسر. و هو خطأ. انظر مثلا سنن ابن ماجه (باب من بلغ علما. من المقدمة) 1/ 85.
(2) و بالسكون أيضا، كما فى القاموس.
208
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وغر ص 208
(س) و منه
حديث الإفك «فأتينا الجيش مُوغِرِينَ فى نحر الظهيرة»
أى فى وقت الهاجرة، وقت توسّط الشّمس السّماء. يقال: وَغِرَتِ الهاجرةُ وَغْراً، و أَوْغَرَ الرّجل: دخل فى ذلك الوقت، كما يقال: أظهر، إذا دخل فى وقت الظّهر.
و
يروى «مُغَوِّرِينَ».
و قد تقدم.
(وغل)
(ه)
فيه «إنّ هذا الدّين متين فَأَوْغِلْ فيه برفق»
الْإِيغَالُ: السّير الشّديد.
يقال: أَوْغَلَ القومُ و تَوَغَّلُوا، إذا أمعنوا فى سيرهم. و الْوُغُولُ: الدّخول فى الشّىء. و قد وَغَلَ يَغِلُ وُغُولًا. يريد سر فيه برفق، وابلغ الغاية القصوى منه بالرّفق، لا على سبيل التّهافت و الخرق، و لا تحمل على نفسك و تكلّفها ما لا تطيق فتعجز و تترك الدّين و العمل.
و
في حديث عليّ «المتعلّق بها كالواغل المدفّع»
الْوَاغِلُ: الذى يهجم على الشّرّاب ليشرب معهم و ليس منهم، فلا يزال مدفّعا بينهم.
و منه
حديث المقداد «فلمّا أن وَغَلَتْ فى بطنى»
أى دخلت.
(ه) و منه
حديث عكرمة «من لم يغتسل يوم الجمعة فَلْيَسْتَوْغِلْ»
أى فليغسل مغابنه و معاطف جسده. و هو استفعال من الوغول: الدّخول.
(وغم)
(س)
فيه «كلوا الْوَغْمَ واطرحوا الفغم»
الْوَغْمُ: ما تساقط من الطّعام.
و قيل: ما أخرجه الخلال. و الْفَغْمُ: ما أخرجته بطرف لسانك من أسنانك. و قد تقدم فى حرف الفاء.
و
في حديث عليّ «و إنّ بنى تميم لم يسبقوا بوغم فى جاهليّة و لا إسلام»
الْوَغْمُ: التّرة، و جمعها: أَوْغَامٌ. و وَغِمَ عليه بالكسر: أى حَقِدَ. و تَوَغَّمَ، إذا اغتاظ.
باب الواو مع الفاء
(وفد)-
قد تكرر ذكر «الْوَفْدِ» فى الحديث و هم القوم يجتمعون و يردون البلاد، واحدهم: وَافِدٌ. و كذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة و استرفاد و انتجاع و غير ذلك. تقول:
وَفَدَ يَفِدُ فهو وَافِدٌ. و أَوْفَدْتُهُ فَوَفَدَ، و أَوْفَدَ على الشّيء فهو مُوفِدٌ، إذا أشرف.
209
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وفد ص 209
(س)
فمن أحاديث الوفد قوله: «وفد اللّه ثلاثة».
(س) و
حديث الشّهيد «فإذا قتل فهو وافد لسبعين يشهد لهم».
و
قوله «أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم».
(س) و فى شعر حميد:
ترى العليفىّ عليها مُوفِدَا «1»
أى مُشْرِفاً.
(وفر)-
فى حديث أبى رمثة «انطلقت مع أبى نحو رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فإذا هو ذو وَفْرَةٍ، فيها ردع من حنّاء»
الْوَفْرَةُ: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن.
و
فى حديث عليّ «و لا ادّخرت من غنائمها وفرا»
الْوَفْرُ: المال الكثير. و قد تكرر فى الحديث.
و
فى حديثه أيضا «الحمد للّه الذى لا يَفِرُهُ المنع»
أى لا يكثره، من الْوَافِرِ: الكثير «2».
يقال: وَفَرَهُ يَفِرُهُ، كوعده يعده.
(وفز)-
في حديث عليّ «كونوا منها على أَوْفَازٍ»
الْوَفْزُ و الْوَفَزُ: العجلة. و الجمع:
أَوْفَازٍ. يقال: نحن على أَوْفَازٍ: أى على سفر قد أشخصنا.
(وفض)
(ه)
فيه «أنه أمر بصدقة أن توضع فى الْأَوْفَاضِ»
هم «3» الفرق و الأخلاط من الناس. من وَفَضَتِ الإبل، إذا تفرّقت.
و قيل «4»: هم الذين مع كلّ واحد منهم وَفْضَةٌ، و هى مثل الكنانة الصّغيرة، يلقى فيها طعامه.
و قيل: هم الفقراء الضّعاف، الذين لا دفاع بهم، واحدهم: وَفْضٌ «5».
و قيل: أراد بهم أهل الصّفّة.
__________________________________________________
(1) فى ديوانه ص 77: «مؤكدا» و فى حواشيه إشارة إلى روايتنا. و انظر (وكد) فيما يأتى.
(2) فى ا: «المال الكثير».
(3) هذا قول أبى عبيد، كما ذكر الهروى.
(4) القائل هو الفرّاء، كما ذكر الهروى.
(5) هكذا بالتسكين فى الأصل. و فى ا «وفض» بفتحتين. و أهمل الضبط فى اللسان.
210
النهاية في غريب الحديث و الأثر5
وفض ص 210
و منه
الحديث «أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبى صلى اللّه عليه و سلم فقال: مالى كلّه صدقة، فأقتر أبواه حتى جلسا مع الْأَوْفَاضِ»
أى افتقرا حتى جلسا مع الفقراء.
(ه) و
فى كتاب وائل بن حجر «و من زنى من بكر فاصقعوه و استوفضوه عاما»
أى اضربوه و اطردوه و انفوه، من وَفَضَتِ الإبلُ، إذا تفرّقت.
(وفق)-
فى حديث طلحة و الصّيد «أنه وَفَّقَ من أكله»
أى دعا له بالتّوفيق، و استصوب فعله.
(وفه)
(ه)
فى كتابه لأهل نجران «لا يحرّك راهب عن رهبانيّته، و لا وَافِهٌ عن وَفْهِيَّتِهِ «1»»
الْوَافِهُ «2»: القيّم على البيت الذى فيه صليب النّصارى، بلغة أهل الجزيرة.
و
يروى «واهف»
و سيجىء. و بعضهم يرويه بالقاف. و الصواب الفاء.
(وفا)
(ه)
فيه «إنكم وَفَّيْتُمْ سبعين أمّة أنتم خيرها»
أى تمّت العدّة بكم سبعين.
يقال: وَفَى الشّيء، و وَفَّى، إذا تمّ و كمل.
(ه) و منه
الحديث «فمررت بقوم تقرض شفاههم، كلّما قرضت <