×
☰ فهرست و مشخصات
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

مقدمة الناشر ص 1

الْجُزْءُ الْأَوَّلُ‏
مقدّمة الناشر
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم‏
الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على سيد النبيين محمّد و آله الطاهرين نقدم اليوم إلى القراء أثرا نفيسا و كنزا ثمينا كان حتّى اليوم لم يخرج بحلته المناسبة و كما ينبغي و بالرغم من كثرة الحواشي على الطبعة القديمة لكنها لم تخل من تشويه و اغلاط مضافا إلى ذلك اللون من الطباعة و الاخراج ممّا يوجب ملل القارئ و سأم المراجع و نظرا لمكانة الكتاب بين الصحاح و مصادر التشريع الإسلامي التي يرجع إليها الشيعة و يعتمدها الاعلام فقد رغبت ان أقوم بخدمة دينية متوخيا خدمة الملأ العلمي و تقديرا لجهود شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسيّ قدس اللّه روحه و اكمالا لما سبق من خدمات- نرجو من اللّه تعالى قبولها- اسديناها و هي إعادة طبع اثنين من مصادر التشريع و هما- الاستبصار و من لا يحضره الفقيه- و اثنين من الجوامع الفقهيّة- و هما الحدائق الناظرة و جواهر الكلام- فأقدمت على إعادة طبع هذا الكتاب- تهذيب الأحكام- و اخراجه و ما يتناسب معه من حسن الاخراج و التبويب و التنسيق و التعليق كما سبق و على عادتنا في مطبوعاتنا، فتقدمت الى سماحة حجّة الإسلام سيدنا السيّد حسن الموسوي الخراسان دام ظله طالبا منه الاشراف على تحقيقه و مراجعة أصوله و تخريج أحاديثه فتلطف و أجاب كما سبق و أن تفضل بمثل ذلك في الاستبصار و من لا يحضره الفقيه، و قد اعتمد سماحته في مراجعة أصوله على النسخ التالية:
1- نسخة فريدة مخطوطة بخط جيد جدا مجدولة مذهبة كتبت على ورق جيد معلمة أبوابها بالحمرة و كذا متن المقنعة فانه معلم بخطوط افقية بالحمرة مزدانة بتعاليق و تقييدات ايضاحية و هي مقروءة على أحد الاعلام و في أكثر صفحاتها بلاغ بالسماع‏

1
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

مقدمة الناشر ص 1

و المقابلة و التصحيح بخط لطف اللّه بن محمّد مؤمن و ذلك في سنة 1078 كما انها مقابلة بنسخة العلامة الشيخ عليّ بن نصر اللّه الليثي الجزائريّ و تلك النسخة مقابلة بنسخة الشيخ البهائي ره و هي بخط والده الشيخ حسين بن عبد الصمد ره و هي منقولة عن نسخة قديمة مصحّحة عليها خطّ الشيخ جمال الدين بن مطهر ره و تلك القديمة نسخت عن نسخة المؤلّف التي هي بخطه «ره» و في آخر كتاب الطهارة من هذه النسخة صورة خطّ الشيخ حسين ابن عبد الصمد كما توجد صورة خطّ الشيخ زين الدين بن عليّ بن أحمد الشاميّ- الشهيد الثاني ره- بسماعه الكتاب و قراءة الناسخ الشيخ حسين بن عبد الصمد عليه. و هي مخطوطة سنة 1077 هج بقلم اشرف بن محمّد قاسم الشيرازي و مع تمام الاسف انها غير تامّة فانها تنتهى بكتاب الحجّ و النسخة من ممتلكات سماحة العلامة السيّد محمّد صادق الصدر سلمه اللّه طولها 27 سم عرضها 17 سم سمكها 4 سم طول الكتابة فيها 19 سم عرضها 11 سم عدد سطور كل صفحة 30 سطرا و يرمز إليها أحيانا بحرف «أ»
2- نسخة جيدة الخط جدا مجدولة مذهبة منمقة خالية عن الحواشي سوى بعض التقييدات البسيطة في أول كتاب الطهارة، و هي في مجلدين بخط شكر اللّه بن محمّد الحسيني بتاريخ سنة 1078 انهى كتابتها في أواخر شهر محرم الحرام، و الذي يظهر منها ان الناسخ أعجمي طولها 30 سم عرضها 19 سم سمك الأول 3 سم و الثاني 2 سم طول الكتابة فيها 12 سم عرضها 11 سم عدد سطور؟؟؟ صفحة 27 سم و يرمز إليها أحيانا بحرف «ب»
3- نسخة متوسطة الخط ورقها عشري عليها بلاغ بالسماع في آخر كتاب الطهارة ناقصة تنتهي بكتاب الحجّ و هو ناقص فيها طولها 39 سم عرضها 25 سم سمكها 4 سم طول الكتابة فيها 27 سم عرضها 15 سم عدد سطور كل صفحة 29 سطرا، و النسخة موقوفة وقفا عاما أوقفها آخوند حسين الحسيني حسب وصية المرحوم الحاجّ ملا حسين القراجه‏داغي و اليوم هي عند حجّة الإسلام الشيخ عبد الرسول الجواهري‏

2
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

مقدمة الناشر ص 1

سلمه اللّه و يرمز إليها أحيانا بحرف «ج»
4- نسخة جيدة الخط عليها حواشي كثيرة و عليها بلاغات بالسماع و القراءة و التحقيق من ناسخ الكتاب قاسم عليّ بن حسين علي البرارقي السبزواري على المولى أحمد بن حاج محمّد الشهير بالتوني في مجالس آخرها وسط شهر ربيع الأوّل سنة 1074 و هي مقابلة بنسخة الشيخ حسين بن عبد الصمد عارضها معها ناسخها في المشهد الرضوي على ساكنه الف سلام كما صرّح بذلك في آخر كتاب الطهارة و نقل الناسخ صورة خطّ الشيخ حسين بن عبد الصمد ره بالمقابلة و صورة خطّ الشيخ زين الدين الشهيد ره بالسماع طولها 31 سم عرضها 19 سم سمكها 5 سم طول الكتابة فيها 21 سم عرضها 11 سم عدد سطور كل صفحة 26 سطرا و النسخة من ممتلكات سيدنا آية اللّه السيّد محمّد البغداديّ دام ظله و يرمز إليها أحيانا بحرف «د»
5- نسخة مطبوعة بايران في طهران سنة 1317 في مجلدين و هي لا تخلو من تشويه و أغلاط و هي التي جرى عليها التصحيح و التعليق و قد اعتمد سماحته في تخريج أحاديث الكتاب على بقية الأصول الأربعة الكافي أصوله ط سنة 1375 بطهران و فروعه طبعة طهران 1312- 1315 و من لا يحضره الفقيه و الاستبصار من مطبوعاتنا و في الختام نسجل لسماحة سيدنا هذه العناية و نقدر له تلك الجهود التي عاناها في تحقيق الكتاب و تصحيحه فله من اللّه تعالى جزيل الأجر و جميل الذخر و له منا الدعاء و الشكر.
النجف الأشرف 8 ج 2 سنة 1378 ه الحاجّ شيخ علي الآخوندي صاحب دار الكتب الإسلامية

3
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

مقدمة الكتاب للمحقق ص 4

مقدّمة الكتاب [للمحقق‏]
بقلم سيدنا الحجة السيّد حسن الموسوي الخرسان‏
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة على سيد النبيين محمّد و آله الطيبين الطاهرين و بعد فهذه صفحات جمعت فيها ما تيسر بهذه العجالة جمعه ضمنتها حياة شيخنا أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد رحمه اللّه و أتبعتها بسطور لخصت فيها حياة شيخنا أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، كما اني قد عرّفت هذا السفر الثمين- تهذيب الأحكام- و ما يحتله بين روائع الاسفار من التراث الإسلامي الخالد من مكانة سامية و أهمية بالغة و لم أتوخ في كل ذلك تنسيق اللفظ أو زخرف القول.
و جل همي أن أقف بالقارئ الكريم على شي‏ء من حياة ذينك العلمين و مكانة الكتاب و ما امتاز به بين باقي الأصول الحديثية التي هي مدار أدلة الاستنباط للأحكام الشرعية من الآثار المروية عن أهل البيت عليهم السلام.
1- تمهيد
العلماء المؤمنون صنف من الناس يفضل الباقين مهما كانوا، و في أي زمن كانوا، و مهما عظمت أقدارهم، و تعالى شأنهم سوقة كانوا أو ملوكا، و ساسة

4
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

1 - تمهيد ص 4

كانوا أو عبيدا، بفضل العلم و الايمان.
ففي حياة أولئك الأعلام المؤمنين دروس حيّة لمن وعاها و أحسن الأخذ بها إذ هم الذين جاهدوا فأحسنوا الجهاد و جنوا ثمر جهادهم مباركا جنيا مرضيا، فحازوا الخير كله في حياتهم، و خلدوا أنفسهم بعد مماتهم، و الفوز و الرضوان من وراء ذلك يتلقاهم و ما عند اللّه خير و أبقى ..
و إنا إذ نكتب هذه السطور لنؤرخ علما فردا من اعلام القرنين الرابع و الخامس و بطلا إسلاميا ناضل دون مبدئه أحسن نضال، و كافح عن عقيدته حتّى أحرز النصر و كسب الظفر كما كتب له الخلود، فزخرت المعاجم بالتحدث عن فضله، و أثبتت آثاره له المقام السامي بين صفوف أعيان الأمة الإسلامية ..
إنّما نكتبها لنتخذ من سيرته نهجا و من جهاده محفزا و باعثا، و من علمه نبراسا، و من أيامه و خلوده عظة و عبرة. و دراستنا له إنّما هي عرض موجز لحياته بين أساتذته و أقرانه و تلامذته و بين آثاره و اعماله، ثمّ بين مؤرخيه من مواليه و خصومه، و حين نجمع آراءهم على صعيد واحد يتمخض لنا الزبد و يتمحض الحق و ندرك مدى أثر هذه الشخصية الكريمة في دعم الإسلام و خدمة التشيع خاصّة، و ما كان لها من الفضل في نشر المبدأ و تركيزه، و لنبدأ الآن حديثنا عن ...
[حول الشيخ المفيد (رحمه الله) صاحب المقنعة]
2- اسمه و نسبه‏
هو محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهب بن هلال بن اوس بن سعيد بن سنان بن عبد الدار (المدان- خ ل) ابن الديان بن قطن (فطر- خ ل) بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحرث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن ملك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب‏

5
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

2 - اسمه و نسبه ص 5

ابن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان «1»
3- كنيته و لقبه‏
يكنى بأبي عبد اللّه و بابن المعلّم نسبة الى والده محمّد بن النعمان المعروف بالمعلّم، و اشتهر بها في كتب العامّة حتّى صارت عدلا للقبه في الشهرة.
يلقب بالمفيد و اختلف فيمن لقبه بذلك فقال ابن شهرآشوب في المعالم ص 101 إنّه الامام الحجة صاحب الامر عجل اللّه فرجه، قال و قد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب، أقول و لم نجد ذلك في المناقب، و قال غيره إنّه عليّ بن عيسى الرماني لقصة جرت له معه- سنذكرها عند الحديث عن نشأته و دراساته- و قيل إنّه القاضي عبد الجبار المعتزلي لحكاية بينهما سنذكرها ايضا.
4- ولادته‏
كان والده من أهل واسط و كان بها معلما ثمّ انتقل الى عكبراء- بالمد و تقصر موضع على عشرة فراسخ من بغداد في ناحية الدجيل- و أقام بموضع يقال له سويقة ابن البصري، و هناك ولد الشيخ المفيد قدّس سرّه، و كانت ولادته في اليوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام سنة 336 أو سنة 338.
5- خلقه، خلقه‏
كان «ره» «ربعة نحيفا أسمر، خشن اللباس كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة و الصوم» «2» «دقيق الفطنة ماضي الخاطر» «3» «حسن اللسان و الجدل، صبور على الخصم ... جميل العلانية» «4» «ما كان ينام من الليل الاهجعة ثمّ‏
__________________________________________________
 (1) رجال النجاشيّ إيضاح الاشتباه تحفة العالم شعب المقال نضد الإيضاح في الجميع سهو و وهم في بعض الأسماء صححناه على جمهرة النسب لابن حزم و سبائك الذهب للسويدي.
 (2) شذرات الذهب ج 3 ص 199.
 (3) فهرست ابن النديم ص 252.
 (4) الامتاع و المؤانسة ج 1 ص 141.

6
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

5 - خلقه، خلقه ص 6

يقوم يصلي، أو يطالع، أو يدرس، أو يتلو القرآن» «1»
و كان قدّس سرّه لا يخلو من ظرف مع اصدقائه و معاشريه بما لا يخرج عن حدود الحشمة و مقاييس الأدب فمن ذلك انه جرت بينه و بين القاضي أبي بكر ابن الباقلاني مناظرة فافحمه الشيخ فقال له أبو بكر لك أيها الشيخ في كل قدر مغرفة فقال «ره» مداعبا له «نعم ما تمثلت به من أداة أبيك» فضحك الحاضرون و خجل القاضي» «2» و له مناظرات لطيفة و حكايات ظريفة أفرد لها علم الهدى كتابا «3»
6- نشأته و دراسته‏
نشأ المترجم له قدّس سرّه في حجر أبيه و تحت رعايته، و أكبر الظنّ أن تعلمه القرآن الكريم و بعض المبادئ العلمية و الأدبية كان عند أبيه- إذ كان معلما- و لم يحدّثنا التأريخ عن أيامه الأولى في عكبراء، و كلما جاد به هو أنّه انحدر مع أبيه إلى بغداد في سن مبكرة و بدأ يقرأ العلم على أبي عبد اللّه البصري المعروف بجعل «4»- و كان شيخ المعتزلة مقدما في علمي الفقه و الكلام- بمنزله بدرب رباح، ثم قرأ من بعده على أبي بكر غلام أبي الجيش «5»- و كان من أئمة المتكلّمين من الإماميّة- و كان منزله بباب خراسان، و هو الذي أرشده إلى أخذ علم الكلام‏
__________________________________________________
 (1) لسان الميزان ج 5 ص 368.
 (2) مجالس المؤمنين ج 1 ص 467 و منتهى المقال لابي علي الحائري ره.
 (3) تنقيح المقال ج 3 ص 180.
 (4) هو الحسين بن عليّ بن إبراهيم أبو عبد اللّه البصري الملقب يجعل من شيوخ المعتزلة، قال ابن النديم: (اليه انتهت رئاسة أصحابه في عصره كان فاضلا فقيها متكلما عالي الذكر نبيه القدر عالما بمذهبهم) ا ه ولد سنة 308 و توفّي سنة 399.
 (5) اسمه طاهر قال السيّد الصدر ره في تأسيس الشيعة (انه كان من ائمة المتكلّمين و ترجمه النجاشيّ و ذكر انه غلام أبي الحبيش، و الشيخ في الفهرست و فيه انه غلام أبي الحبش و قال ابن النديم أبو الجيش ابن الخراسانيّ و اسمه المظفر.

7
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

6 - نشأته و دراسته ص 7

عن عليّ بن عيسى الرماني «1» و قال له لم لا تقرأ على عليّ بن عيسى الرماني علم الكلام و تستفيد منه؟ فقال ما اعرفه و لا لي به أنس فأرسل معي من يدلني عليه ...
قال الشيخ المترجم له: ففعل ذلك و أرسل معي من أوصلني إليه، فدخلت عليه و المجلس غاص بأهله و قعدت حيث انتهى بي المجلس و كلما خف الناس قربت منه، فدخل إليه داخل فقال له: بالباب إنسان يؤثر الحضور بمجلسك و هو من أهل البصرة فقال الرماني: أ هو من أهل العلم؟ فقال غلامه: لا أعلم إلّا انه يؤثر الحضور بمجلسك، فأذن له فدخل عليه فأكرمه و طال الحديث بينهما، فقال الرجل لعلي بن عيسى: ما تقول في يوم الغدير و الغار؟ فقال أما خبر الغار فدراية و أمّا خبر الغدير فرواية، و الرواية لا توجب ما توجب الدراية، قال: فانصرف البصري و لم يحر جوابا يورد إليه، قال الشيخ رضي اللّه عنه: إني لم أجد صبرا على السكوت عن ذلك فتقدمت فقلت أيها الشيخ مسألة فقال: هات مسألتك. فقلت ما تقول فيمن خرج على الامام العادل و حاربه؟ فقال: يكون كافرا، ثمّ استدرك فقال فاسقا، فقلت:
ما تقول في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟ قال: إمام، قلت: فما تقول في حرب طلحة و الزبير في يوم الجمل؟ فقال: إنهما تابا، فقلت أما خبر الجمل دراية و أما خبر التوبة فرواية، فقال لي و كنت حاضرا و قد سألني البصري؟! فقلت: نعم، قال رواية برواية و دراية بدراية، و سؤالك متجه وارد، فقال بمن تعرف؟ و على من تقرأ؟ قلت: أعرف بابن المعلّم و أقرأ على الشيخ أبي عبد اللّه الجعل، فقال: موضعك ..، و دخل منزله و خرج و معه رقعة قد كتبها و ألصقها و قال لي: أوصل هذه الرقعة الى‏
__________________________________________________
 (1) هو الرمانى المشهور صاحب التصانيف الممتعة في العلم و الأدب كان من أهل المعرفة مفننا في علوم كثيرة من الفقه و القرآن و النحو و اللغة و الكلام على مذهب المعتزلة ولد سنة 296 و توفّي سنة 384 خلف اثار قيمة طبع منها (النكت في مجازات القرآن) في دلهى، و (الألفاظ المترادفة) في مصر و (منازل الحروف) ضمن نفائس المخطوطات في بغداد.

8
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

6 - نشأته و دراسته ص 7

أبي عبد اللّه، فجئت بها إليه فقرأها و لم يزل يضحك بينه و بين نفسه، ثمّ قال لي: أي شي‏ء جرى لك في مجلسه؟ فقد أوصاني بك و لقّبك ب «المفيد» فذكرت له المجلس بقصته فتبسم «1»
فهذين العلمين- الجعل و غلام أبي الجيش- من مشايخه الذين أخذ عنهم و هو في سن مبكرة، كما انه لم يقتصر أخذه و هو في سنه تلك عليهما، بل انه أخذ الحديث عن آخرين و سنه لم يتجاوز العشرين فقد ذكروا أنّه روى عن الشريف أبي محمّد الحسن بن حمزة العلوي المرعشيّ الطبريّ و أنّه تحمله سنة 354 فيكون عمره الشريف حينئذ ثمانية عشر سنة تقريبا، و كذا روايته عن الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ فانه روى عنه عند مقدمه الى بغداد سنة 352 أو سنة 355 «2».
و هناك شيوخ أفذاذ كانوا أعلام عصره تشد اليهم الرحال من الأطراف، و هم مطمح الأنظار و معقد الآمال، سمع منهم و قرأ عليهم و حوى من علومهم ما كان رصيده يوم أشير إليه بالبنان، و غدا المجلي في حلبة الميدان.
و إن المستقرئ لدقائق أخباره و جليل آثاره ليدرك مدى اهتمامه بالتعلم، و يعرف شدة شغفه بالأخذ و التحمل، فقد كان بما منحه اللّه من صفاء الذهن و آتاه من حسن المعرفة مشاركا في كثير من العلوم و الفنون. جامعا لروائعها. ملما بدقائقها. مع عمق الغور و دقة التفكير و رقة التعبير و حسن الأداء و لعلّ فيما ذكرناه من حكايته مع الرماني خير دليل على ذلك. فانا نجده و هو تلميذ مؤدبا كثير التواضع للعلم و أهله، و نجده و هو
__________________________________________________
 (1) مستطرفات السرائر، تنبيه الخواطر و نزهة الناظر ص 456 سفينة البحار ج 2 ص 390.
 (2) الترديد في سنة السماع و التحمل لا في دخول الصدوق الى بغداد فقد دخلها مرتين كما ذكرناه مفصلا في مقدّمة كتاب من لا يحضره الفقيه.

9
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

6 - نشأته و دراسته ص 7

محاجج متكلما بارعا ذا فطنة و لباقة في احتجاجه و سؤاله.
و يروي له التأريخ نظير هذه القصة، طريفة أخرى مع القاضي عبد الجبار المعتزلي «1» فانه ذكر أنّه بينما القاضي ذات يوم في بغداد و مجلسه مملوء من علماء الفريقين إذ حضر الشيخ المفيد قدّس سرّه و جلس في صف النعال، ثمّ قال للقاضي:
إن لي سؤالا فان أجزت بحضور هؤلاء الأئمة؟ فقال القاضي: سل، فقال: ما تقول في هذا الخبر الذي ترويه طائفة من الشيعة (من كنت مولاه فعلي مولاه) أ هو مسلّم صحيح عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الغدير؟ فقال: نعم خبر صحيح فقال الشيخ:
ما المراد بلفظ المولى؟ قال: هو بمعنى أولى، قال فما هذا الخلاف و الخصومة بين الشيعة و السنة؟ فقال القاضي: أيها الأخ هذه رواية و خلافة أبي بكر دراية، و العادل لا يعادل الرواية بالدراية فقال الشيخ: ما تقول في قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (حربك حربي و سلمك سلمي)؟ قال القاضي: الحديث صحيح، فقال: ما تقول في أصحاب الجمل؟ فقال القاضي: أيها الأخ إنهم تابوا، فقال الشيخ: أيها القاضي الحرب دراية و التوبة رواية و أنت قررت في حديث الغدير ان الرواية لا تعارض الدراية، فبهت القاضي و لم يحر جوابا و وضع رأسه ساعة ثمّ رفعه و قال من أنت؟!. قال: خادمك محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي فقام القاضي و أجلسه في مجلسه على مسنده و قال: أنت «المفيد» حقا، فانقبض فرق المخالفين و تغيرت وجوه علماء المجلس و همهموا فلما ابصر القاضي ذلك منهم قال: أيها الفضلاء إن هذا الرجل ألزمني و أنا عجزت عن جوابه فان كان عندكم جواب عما ذكره فقولوا حتّى اجلسه في مجلسه الأول، فسكتوا و تفرقوا، فوصل خبر المناظرة إلى عضد الدولة فأرسل الى المفيد (ره) و أحضره و سأله عما جرى فأخبره فأكرمه غاية الإكرام و أمر له بجوائز عظام، و اركبه مركبا حسنا «2» و كان فرسا محلى‏
__________________________________________________
 (1) كان معتزليا في الأصول شافعيا في الفروع ولي قضاء القضاة بالرى و ورد بغداد حاجا و حدث بها مات سنة 415.
 (2) مجالس المؤمنين نقلا عن مصابيح القلوب و منتهى المقال.

10
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

6 - نشأته و دراسته ص 7

بالزينة، و أمر له بوظيفة تجري عليه.
و هكذا لم يفتأ عن الدرس و التعلم و الأخذ و التحمل و الى القارئ بعض مشاهير:-
7- شيوخه‏
لقد تخرج على عدة مشايخ من أهل الفضل يذعن لهم الخاصّة و العامّة كلهم من أفذاذ العلماء الذين كانت تشد اليهم الرحال للتحمل و الرواية من مختلف الحواضر و هم كما في معاجم التراجم و كتبه و فهارس المشايخ:
1- أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد القمّيّ.
2- أبو غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري.
3- أبو الحسين أحمد بن الحسين بن أسامة البصرى- اجازة-
4- أبو علي أحمد بن محمّد بن جعفر الصولي.
5- الشريف أبو محمّد أحمد بن محمّد بن عيسى العلوي الزاهد.
6- أبو الحسن أحمد بن محمّد الجرجانيّ.
7- أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع الصيمري.
8- أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الأنباري الكاتب.
9- أبو أحمد إسماعيل بن يحيى العبسي.
10- جعفر بن الحسين المؤمن.
11- أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه.
12- الشريف أبو محمّد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبريّ.
13- أبو علي الحسن بن عبد اللّه القطان.
14- أبو محمّد الحسن بن محمّد العطشى.

11
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

7 - شيوخه ص 11

15- أبو علي الحسن بن الفضل الرازيّ البصرى.
16- أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الشريف.
17- أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ بن إبراهيم المعروف بجعل.
18- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ بن شيبان القزوينيّ.
19- الحسين بن أحمد بن موسى بن هدية أبو عبد اللّه.
20- أبو الطيب الحسين بن عليّ بن محمّد التمار.
21- أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن المغيرة.
22- أبو الحسن زيد بن محمّد بن جعفر السلمي.
23- أبو ياسر طاهر غلام أبي الجيش.
24- أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد الأبهري.
25- عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن أعين البزاز.
26- أبو عبد اللّه بن أبي رافع الكاتب.
27- أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق. إجازة.
28- أبو الحسن عليّ بن خالد المراغي.
29- أبو الحسن عليّ بن مالك النحوي.
30- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن حبيش الكاتب.
31- أبو الحسن عليّ بن بلال المهلبي.
32- أبو الحسن عليّ بن الحسين البصرى البزاز.
33- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن زبير الكوفيّ.
34- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن خالد.
35- أبو الحسن عليّ بن أحمد بن إبراهيم الكاتب.
36- أبو القاسم عليّ بن محمّد الرفاء.

12
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

7 - شيوخه ص 11

37- أبو الحسن عليّ بن محمّد القرشيّ.
38- أبو بكر عمر بن محمّد بن سالم بن البراء المعروف بابن الجعابى.
39- أبو حفص عمر بن محمّد بن علي الصيرفي المعروف بابن الزيات.
40- أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه الصدوق «1».
41- أبو علي محمّد بن الجنيد الكاتب الإسكافيّ.
42- أبو الحسن محمّد بن أحمد بن داود بن علي القمّيّ.
43- أبو بكر محمّد بن سالم بن محمّد البراء المعروف بالحافظ الجعابي.
44- أبو عبد اللّه محمّد بن عمران المرزباني.
45- أبو نصر محمّد بن الحسين النصير الشهرزوري المقرى.
46- أبو الطيب محمّد بن أحمد الثقفي.
47- أبو الحسن محمّد بن مظفر الزيات.
48- أبو بكر محمّد بن أحمد الشافعي.
49- أبو الحسن محمّد بن جعفر بن محمّد الكوفيّ النحوي التميمي.
50- أبو جعفر محمّد بن الحسين البزوفري.
51- أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن الجواني.
52- أبو عبد اللّه محمّد بن عليّ بن رياح القرشيّ.
53- أبو عبد اللّه محمّد بن داود الحتمي.
54- محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه المنصورى.
55- محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن قضاعة الصفواني.
56- أبو نصر محمّد بن الحسين الخلال.
57- محمّد بن سهل بن أحمد الديباجي.
__________________________________________________
 (1) سمع منه ببغداد عند وروده إليها.

13
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

7 - شيوخه ص 11

58- أبو جعفر محمّد بن عمر الزيات.
59- الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن طاهر.
60- أبو محمّد بن عبد اللّه بن أبي شيخ.
61- المظفر بن محمّد البلخيّ.
8- تلامذته‏
لا غرابة حين نقرأ عن السيّدين الشريفين الرضي و المرتضى و شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسيّ و أبى يعلى سلار و القاضي الكراجكيّ و اضرابهم انهم خريجو مدرسة الشيخ المفيد قدّس سرّه و من أعيان تلامذته، لم يكن ذلك غريبا نظرا لما كان عليه الشيخ المفيد (ره) من تضخم الثراء العلمي و ضربه بسهم وافر من العلوم و الآداب و سائر المعارف الإسلامية المتداولة يومئذ لقد عكف العلماء على مجلسه فلازموا درسه و ارتشفوا من معينه حتّى صدروا و هم أعلام تفخر بهم الأمة الإسلامية و تزخر بمؤلّفاتهم و آثارهم المكاتب العلميه و ان لحضور الشريفين الرضي و المرتضى حكاية تدل على سمو مكانة الشيخ و عظيم قدره فقد ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه عن السيّد فخار بن معد العلوي الموسوي رضي اللّه عنه قال: (رأى المفيد أبو عبد اللّه محمّد ابن محمّد بن النعمان الفقيه الإمامي في منامه كأنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دخلت إليه و هو في مسجده بالكرخ و معها ولداها الحسن و الحسين عليهما السلام صغير بن فسلمتهما إليه و قالت له علمهما الفقه، فانتبه متعجبا من ذلك فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر و حولها جواريها و بين يديها ابناها محمّد الرضي و علي المرتضى فقام إليها و سلم فقالت أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه فبكى أبو عبد اللّه و قص عليها المنام و تولى تعليمهما و أنعم اللّه تعالى عليهما و فتح لهما من أبواب العلوم‏

14
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

8 - تلامذته ص 14

و الفضائل ما أشتهر عنهما في آفاق الدنيا و هو باق ما بقي الدهر) ا ه و قد كان يحضر مجلسه اقطاب العلماء من كافة المذاهب خصوصا في علم الكلام فن المناظرة و الفقه و أصوله، و لم يكن في وقته مبرزا في ذلك سواه، و كانت محاضراته تارة في مسجده بالكرخ بدرب رباح، و أحيانا في مجالس بعض الاعلام كما أن أول مجلس من أماليه الذي أملاه يوم السبت مستهل شهر رمضان سنة 404 كان في الزيارين بدرب رباح بمنزل ضمرة أبي الحسن عليّ بن عبد الرحمن القارئ، و ان من العسير حصر جميع من حضر عنده و تتلمذ عليه و إلى القارئ ذكر مشاهيرهم و هم:
1- الشيخ الأجل أبو العباس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العباس النجاشيّ‏
2- الفاضل الفقيه أحمد بن عليّ بن قدامة.
3- الثقة العين جعفر بن محمّد بن أحمد بن العباس الدوريستي.
4- الحسين بن علي النيشابوري.
5- الشيخ الفقيه أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلميّ.
6- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عبد الرحمن الفارسيّ.
7- الشريف السيّد المرتضى علم الهدى عليّ بن الحسين بن موسى الموسوي.
8- أبو الفوارس بن عليّ بن محمّد بن عبد الرحمن الفارسيّ المتقدم ذكره.
9- الشريف السيّد الرضي محمّد بن الحسين بن موسى الموسوي.
10- شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسيّ.
11- أبو يعلى محمّد بن الحسن بن حمزة الجعفري صهره و خليفته و الجالس في حياته في مجلسه.
12- أبو الفتح الفقيه القاضي محمّد بن علي الكراجكيّ المتوفّى سنة 449.
13- أبو محمّد أخو عليّ بن محمّد الفارسيّ المتقدم ذكره.

15
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

8 - تلامذته ص 14

14- الشيخ الثقة أبو الفرج المظفر بن عليّ بن الحسين الحمداني من سفراء الامام الحجة عجل اللّه فرجه.
15- الشريف أبو الوفاء المحمدي الموصلي.
16- أبو شجاع تاج الملّة- عضد الدولة- علي بن الحسن بن بويه الديلميّ أخذ عنه الفقه على مذهب الإماميّة «1»
9- مكانته الاجتماعية
- قيمة كل امرئ ما يحسنه- بهذه الكلمة القيمة و الحكمة الخالدة حدد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مقاييس الفضيلة في ميزان العدل و النصفة، و حد للاشخاص قيمهم الاجتماعية و ان مقياس كل فرد معه و ذلك- ما يحسنه- فبقدره يكون وزنه الاجتماعي و بمقداره تتحدد مكانته بين أوساط الناس، فالمقياس الخالد هو الفضيلة و العمل لا كثرة المال و الولد و لا سعة النفوذ و كثرة الاتباع فان هذه عوار مستردة و تلك مواهب قارة خالدة بخلود الأبد و دوام الدهر و الزمن و بوسعنا أن ندرك مكانة الشيخ الاجتماعية من مواهبه و آثاره، فقد تألق نجمه قدس اللّه سره الشريف في سماء المعارف و كانت له القدم الراسخة في ميدان العلوم و الفنون و الكفّة الراجحة في الميزان العلمي و العملي و كان رحمه اللّه ينشط في توجيه العلماء و يعني بتربيتهم إلى أن تخرج على يده زمرة خيّرة كانوا مفخرة في جيلهم و قدوة صالحة للاجيال المتعاقبة من بعد. و كانت له المرجعية في الفتيا و الاحكام في كثير من البلدان. يرجعون إليه في الفصل و اخذ الاحكام. كجرجان، و خوارزم، و الرقة، و حران، و الدينور، و سارية، و شيراز، و صاغان، و مازندران، و نيشابور و النوبندجان، و الموصل، و طبرستان، و ميافارقين، و عكبراء إلى غيرها من المدن‏
__________________________________________________
 (1) آثار الشيعة الإماميّة ص 18.

16
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

9 - مكانته الاجتماعية ص 16

و البلدان التي كان أهلها يفزعون إليه في حل الخصومات، و يرجعون إلى رأيه في الاحكام.
مضافا إلى أنّه رحمه اللّه كان يحاجج أهل كل عقيدة و يفلجهم، و يناظر في مختلف الأديان و الآراء و يجيب على أنواع الشبه و المسائل و ما ذلك إلّا من رسوخ قدمه في العلم و الفضيلة، و كفاءته في القيام باعباء المرجعية و الحكومة، و ما آثاره التي خلفها من مجالس و مناظرات و أمال في الفقه و العقائد و الكلام و الحديث و الاخبار و الشعر و التأريخ الإسلامي مع فطاحل عاصروه فبزّهم و ناظروه ففلجهم و استطال عليهم، و إلى القارئ قائمة باسماء من ناظرهم من أعلام الفرق و أساطين المذاهب في العلوم المختلفة استخرجناها من كتاب انتخب من واحد من كتبه و هو- المختار من العيون و المحاسن- لتلميذه علم الهدى الشريف السيّد المرتضى رحمه اللّه فانا نجد أنّه قدس اللّه روحه الزكية ناظر.
1- القاضي أبا بكر أحمد بن سيار، اجتمع به في بغداد بدار الشريف محمّد ابن محمّد بن طاهر الموسوي و في المجلس أكثر من مائة إنسان و فيهم أشراف من بني علي و بني العباس، و من وجوه التجار و غيرهم، حضروا في قضاء حقّ للشريف رحمه اللّه.
2- الكتيبي، و عرزالة المعتزلي، و أبا عمرو الشطوي و كلهم من المعتزلة.
3- القاضي أبا محمّد العماني، و أبا بكر بن الدقاق في مجلس النقيب أبي الحسن العمري.
4- الورثاني، و الجراحي، و الأول من متفقهة أصحابنا، في دار الشريف أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن طاهر.
5- رجلا من أصحاب الحديث ممن يذهب إلى مذهب الكرابيسي.
6- أبا العباس هبة اللّه بن المنجم في مجلس و فيه أبو عيسى الوراق.

17
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

9 - مكانته الاجتماعية ص 16

7- أبا بكر بن صرايا في مجلس أبي منصور بن المرزبان، و كان في المجلس جماعة من متكلمي المعتزلة.
8- الطبراني شيخ من الزيدية، جرى معه كلام على يد حدث من أولاد الأنصار كان يختلف الى الشيخ و يتعلم عنده.
9- ابن لؤلؤ شيخ من الاسماعيلية في دار بعض قوّاد الدولة.
10- أبا القاسم الداركي في مجلس كان صاحبه رئيس زمانه و هو الشريف ابي الحسن أحمد بن القاسم المحمدي.
11- الشيخين ابا الحسن و ابا طاهر الجوهريين في مجلس صديقه ابي الهذيل سبيع بن المنبه المختارى و قد حضره الشريف أبو محمّد بن المأمون.
12- ابا الحسن عليّ بن نصر الشاهد بعكبرا في مسجده، و الشيخ متوجه إلى سرمن‏رأى. إلى غيرهم ممن لم يصرح باسمائهم و هم:
1- جمع كثير من الفقهاء و المتكلّمين في مجلس بعض القضاة.
2- بعض المعتزلة في مجلس آخر.
3- بعض المجبرة، و بعض من المعتزلة، و رجل من الزيدية في مجلس الشريف أحمد بن القاسم العلوى المحمدى.
4- شيخ من حذاق المعتزلة و أهل التدين بمذهبهم.
5- بعض المعتزلة في مجلس قد ضم جماعة كثيرة من أهل النظر و المتفقهة.
6- شيخ من أهل الري معتزلي، في مجمع لقوم من الرؤساء و كان معظما لمحل سلفه و تعلقه بالدولة.
7- سائل في مجلس الشريف ابى الحسن عليّ بن أحمد بن إسحاق.
8- بعض المعتزلة.
9- بعض مشايخ العباسيين و غيره في مجلس بسرمن‏رأى و فيه بعض‏

18
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

9 - مكانته الاجتماعية ص 16

مشايخ العباسيين و غيرهم.
هذا كله مضافا الى كلامه مع كثير من الفرق التي كانت يومذاك كجماعة المعتزلة و أصحاب المقالات و متكلمي المجبرة و الحشوية و الناصبية و الكيسانية و الإسماعيلية و القرامطة و المباركية و الناووسية و الشمطية و الفطحية و الواقفة و البشرية.
هذا ما يقف عليه القارئ في الفصول من العيون و المحاسن- المذكور- فكيف لو استقصى سائر كتبه و ما نقل عنه. و يلاحظ أنّه قدّس سرّه حتّى في أسفاره كان لا يفتأ عن المناظرة و الدعوة الى مبدئه و الدفاع عن مذهبه و إليك للتدليل على ذلك حديثه مع رجل زيدي أراد التشنيع عليه و الوقيعة به حيث ثقل عليه و أمثاله وجوده لأنّه أينما حل يجتمع عليه الناس للاستفادة منه و الاخذ عنه و ذلك أنّه زار مرة المشهد العلوي و مرّ بمسجد الكوفة فاجتمع إليه من أهلها و غيرهم أكثر من خمسمائة إنسان و تقدم نحوه رجل زيدي أراد الفتنة و الشناعة فقال له باي شي‏ء استجزت إنكار إمامة زيد؟! فقال له الشيخ: إنك قد ظننت علي ظنا باطلا و قولي في زيد لا يخالفني عليه أحد من الزيدية. إن زيدا رحمه اللّه كان إماما في العلم و الزهد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و أنفي عنه الإمامة الموجبة لصاحبها العصمة و النصّ و المعجز. و هذا ما لا يخالفني عليه أحد من الزيدية، فلم يتمالك جميع من حضر من الزيدية دون أن شكروه و دعوا له و بطلت حيلة الرجل فيما أراد من التشنيع و الفتنة.
و أيا ما كان فمكانة هذا الحبر غنية عن البيان إذ هتفت باسمه السنة المدح و الثناء و اشتهر فضله اشتهارا اغنى عن الاشادة بذكره و الإفاضة في سيرته فله من فضله و علمه و نبله و مجده شواهد صدق على سمو مقامه و عظيم نبوغه، حتى لهجت الاعلام بذلك شاكرة له أياديه حيث كان مأوى المتعلمين و معقل العلماء و ملاذ الامراء و ملجأ العامّة و سائر الناس، قصده الفقهاء اللامعون فاستفادوا من معين علومه، و اتاه جهابذة المتكلّمين فارتشفوا من نميره، و حتّى الامراء و الوزراء كانوا يأخذون عنه فيصدرون‏

19
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

9 - مكانته الاجتماعية ص 16

روايا من غديره، فذا تاج الملّة و عضد الدولة أبو شجاع عليّ بن الحسن الديلميّ أخذ عنه الفقه و كان مع جلالته و صولته يزوره بموكبه في بيته و يعوده إذا مرض، مضافا إلى وجاهته عند ملوك الاطراف، و لعلّ في تقاريض مترجميه و آيات الثناء عليه ما يغنينا عن الإطالة بشرح ذلك فقد اطبقت المعاجم على انه (امام الرافضة، شيخ الإماميّة و عالمها، و المحامي عن حوزتهم، و المصنّف لهم، رئيس الكلام و الفقه و الجدل، مقدّم في صناعة الفقه و الكلام، دقيق الفطنة حاضر الجواب، ماضي الخاطر، حسن اللسان و الجدل، صبور على الخصم، جميل العلانية، كثير الصدقات، عظيم الخشوع كثير الصلاة و الصوم، زاهد عابد و كان يناظر أهل كل عقيدة و كانت له صولة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية).
بذلك تقرظه المعاجم و يطريه أصحاب التراجم و فيهم من معاصريه من الخصوم الالداء و الحسان المعاندين الذين ضاقوا ذرعا به، و طالت حياته عليهم، فتمنوا موته لشدة حسدهم و قصورهم عن بلوغ شأوه أو مطاولته في موكب أو منكب.
         حسدوا الفتى اذ لم ينالوا سعيه             فالقوم اعداء له و خصوم‏
 و حسبك دليلا على سمو مكانته و عظيم جلالته انه كان المنظور في الإماميّة و المقصود من بينهم في كل معضلة و قضية. فكان يصيبه من فتن العامّة و جهلة السواد بعض الأذى، و إن كثيرا من خصومه ممن لم يبلغوا شأوه و يدركوا سعيه كانوا يستغلون الاحداث في الفتن التي كانت تنشب في بغداد بين الشيعة و السنة فيوغروهم عليه و يغروهم به.
فمن ذلك انه في سنة 398 قصد بعض السفلة من باب البصرة الشيخ في مسجده بالكرخ بدرب رباح فآذاه و نال منه فثار به أصحاب الشيخ و استنفر بعضهم بعضا و صاروا الى دار القاضي أبي محمّد ابن الاكفاني و أبي حامد الاسفراييني فسبوهما و طلبوا الفقهاء من اصحابهما ليوقعوا بهم فهربوا و انتقل أبو حامد الى دار القطن‏

20
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

9 - مكانته الاجتماعية ص 16

و عظمت الفتنة و بلغ الخليفة ذلك فغضب و بعث اعوانه لنصرة أهل السنة فحرقوا دور كثير من دور الشيعة و أخذ منهم جماعة فسجنهم و بعث عميد الجيوش «1» لينفي الشيخ من بغداد لانه كان فقيه الشيعة انتقاما لأبي حامد و جماعته، فاخرج الشيخ من بغداد ثمّ شفع فيه عليّ بن مزيد «2» فأعيد إليها «3».
و كان الشيخ ممن كتب بالمحضر الذي تضمن القدح في نسب العلويين بمصر، كما ذكره ابن الأثير في كامله فانه كتب سنة 403 محضر كتب فيه من العلويين المرتضى و الرضي و ابن البطحاوى العلوى و ابن الأزرق الموسوي و الزكي أبو يعلى عمر بن محمّد، و كتب من القضاة و العلماء ابن الاكفاني و ابن الخرزي و أبو العباس الأبيوردي و أبو حامد الأسفراييني و أبو عبد اللّه بن النعمان فقيه الشيعة «4» و الكشفلي و القدوري و الصيمري و ابن البيضاوي و النسوي و غيرهم.
10- آثاره العلمية
سبق أن قرأنا عن مكانة الشيخ و مرجعية الناس إليه في كثير من البلدان كما قرأنا عن مدرسته التي كان تزخر بامثال الشريفين و الطوسيّ و سلار و أضرابهم و قرأنا
__________________________________________________
 (1) عميد الجيوش هو الحسن بن أبي جعفر كان ممن ولي الوزارة لبهاء الدولة سنة 392 و استدام يعمل فيها و هو الذي منع الشيعة من النياحة يوم عاشوراء كما منعهم من اظهار الفرح و علائم الزينة في عيد الغدير يوم ثامن عشر ذى الحجة حسما للفتن و قطعا لمادة الشغب بين السنة و الشيعة مات سنة 401.
 (2) هو أبو الحسن عليّ بن مزيد الأسدى جدّ آل مزيد امراء الحلّة و هو اول من تقدم من أهل بيته و في سنة 403 خلع عليه سلطان الدولة البويهى و ولاه على واسط و البصرة و الأهواز توفّي سنة 408 و هو و آله من الشيعة.
 (3) الكامل لابن الأثير ج 9 ص 71 البداية و النهاية ج 11 ص 428 المنتظم لابن الجوزي ج 8 ص 11 قاموس الاعلام- تركي- ص 668- دائرة المعارف للبستانى.
 (4) على حدّ تعبير ابن الأثير في كامله ج 9 ص 81.

21
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

أيضا عن ابتلائه بخصوم لا يعرفون الرحمة فهم مناصبون له فلمّا يوجد مجلس يحضره الشيخ إلّا و نبغ خامل الأقلين بسؤال محرج بغية إحراج الشيخ و لكن رسوخ قدمه في العلم و اخلاصه في أداء الرسالة كل ذلك كان كافيا في دحض الشبه و محق الأباطيل و مع كل ما كان يقاوم به الشيخ من احراج و مهانة و ما يبغى له من الغوائل و المكائد لم يفتأ الشيخ قدس اللّه سره من مواصلة جهاده و لم تفتر عزيمته في القيام برسالته أحسن قيام و أتمّه. و يتجلى لنا ذلك عند ما نستعرض آثاره و مآثره فقد أحصيت مصنّفاته بعد وفاته فكانت تناهز المائتي مصنف و إلى القارئ الكريم أسماء ما وقفنا عليه.
 (1) احكام أهل الجمل ذكره النجاشيّ باسم الجمل و هو غير النصرة الآتي ذكره.
 (2) أحكام النساء مرتب على أبواب، استظهر الحجة النوريّ أنّه كتبه للسيّدة أم الشريفين الرضي و المرتضى. (3) اختيار الشعراء ذكره السروي.
 (4) الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد طبع بإيران مكرّرا سنة 1308 و قبلها و بعدها و ترجم الى الفارسية باسم التحفة السليمانية نسبة الى الشاه سليمان الصفوي و المترجم هو المولى محمّد مسيح الكاشاني طبعت الترجمة بإيران سنة 1303 و له شرح فارسي كبير مبسوط مفصل للشيخ سليمان الكاشاني طبع بطهران في مجلد كبير و له منتخب اسمه المستجاد من الإرشاد ينسب الى العلّامة الحلّيّ ره.
 (5) الاركان في دعائم الايمان. (6) الاستبصار في ما جمعه الشافعي من الاخبار. (7) الاشراف في أهل البيت عليهم السلام.
 (8) أصول الفقه أدرجه بتمامه تلميذه الكراجكي في كتابه كنز الفوائد.
 (9) الاعلام فيما اتفقت عليه الإماميّة من الاحكام ممّا اتفقت العامّة على خلافهم فيه ألفه بالتماس السيّد الشريف المرتضى في تمام أبواب الفقه.
 (10) الافتخار. (11) أقسام المولى في اللسان و بيان معانيه العشرة

22
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

و المراد منه في قوله صلّى اللّه عليه و آله (من كنت مولاه فعلي مولاه). (12) الافصاح في الإمامة و قد طبع في النجف. (13) الاقناع في وجوب الدعوة.
 (14) الآمالي المتفرقات، كذا سماه تلميذه النجاشيّ، و هو مرتب على المجالس و قد طبع أول مرة في النجف سنة 1367 و فيه 42 مجلسا.
 (15) الانتصار. (16) أوائل المقالات في المذاهب المختارات، ذكر فيه مختصات الإماميّة في الأصول الكلامية ألفه قبل كتابه (الاعلام) الآنف الذكر و الناظر فيهما يجتمع له العلم بمختصات الإماميّة في الأصول و الفروع، طبع مكرّرا في ايران منها سنة 1363. (17) الإيضاح في الإمامة بدأ فيه برد شبهات العامّة و أدلتهم على اثبات الخلافة ثمّ ذكر أدلة إمامة المعصومين عليهم السلام و أحال عليه في آخر كتابه المسائل العشرة و نسخته كما في الذريعة في الهند بمكتبة السيّد محمّد مهدي في ضلع فيض‏آباد. (18) إيمان أبي طالب عليه السلام، طبع الكتاب ضمن نفائس المخطوطات‏
 (19) البيان عن غلط قطرب في القرآن.
 (20) البيان في تأليف القرآن. (21) بيان وجوه الاحكام.
 (22) التواريخ الشرعية و هو (مسار الشيعة) في مختصر تواريخ الشريعة طبع بايران مع تقويم المحسنين سنة 1315 و طبع أيضا مع بائية الحميري سنة 1313.
 (23) تفضيل الأئمة على الملائكة.
 (24) تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الاصحاب و قد طبع في النجف. (25) التمهيد. (26) جمل الفرائض. (27) جواب ابن واقد السنى. (28) جواب أبي الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان و هو العلامة الكراجكيّ. (29) جواب أبي الفرج بن إسحاق. عما يفسد الصلاة.
 (30) جواب أبي محمّد الحسن بن الحسين النوبند جاني المقيم بمشهد عثمان.
 (31) جواب أهل جرجان في تحريم الفقاع.

23
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

 (32) جواب أهل الرقة في الاهلة و العدد.
 (33) جواب الكرماني في فضل نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله على سائر الأنبياء عليهم السلام. (34) جواب المافروخي في المسائل.
 (35) جواب مسائل اختلاف الاخبار. (36) الجوابات في خروج المهديّ عجل اللّه فرجه. (37) جوابات ابن الحمامي. (38) جوابات الخطيب ابن نباتة. (39) جوابات أبي جعفر القمّيّ. (40) جوابات أبي جعفر محمّد بن الحسين الليثى. (41) جوابات أبي الحسن الحضيني. (42) جوابات أبي الحسن سبط المعافى ابن زكريا في مسألة إعجاز القرآن. (43) جوابات أبي الحسن النيسابوريّ. (44) جوابات الأمير أبي عبد اللّه. (45) جوابات الحاجب أبي الليث الأواني و يعرف بجوابات المسائل العكبرية.
 (46) جوابات الاحدى و الخمسين مسألة أيضا سأل عنها الحاجب المذكور شيخنا المترجم، و هي غير المتقدمة. (47) جوابات البرقعي في فروع الفقه.
 (48) جوابات ابن عرقل. (49) جوابات الشرقيين في فروع الدين. (50) جوابات عليّ بن نصر العبد جاني. (51) جوابات الفارقيين في الغيبة. (52) جوابات الفيلسوف في الاتّحاد.
 (53) جوابات مقاتل بن عبد الرحمن عما استخرجه من كتب الجاحظ.
 (54) جوابات المسائل الجرجانية. (55) جوابات المسائل الحرانية.
 (56) جوابات المسائل الخوارزمية.
 (57) جوابات المسائل الدينورية المازرانية.
 (58) جوابات المسائل السروية الواردة من الشريف الفاضل بسارية، في مواضيع شتّى و قد طبع في النجف.
 (59) جوابات المسائل الشيرازية أحال إليه في جوابات المسائل السروية.

24
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

(60) جوابات المسائل الصاغانية و هي عشر مسائل وردت من صاغان- قرية بمرو- شنع فيها أبو حنيفة على الشيعة أولها متعلق بنكاح المتعة و الباقي في النكاح و الطلاق و الظهار و الميراث و الديات و قد طبع في النجف.
 (61) جوابات المسائل الطبرية و هو الذي عبر عنه النجاشيّ بجوابات أهل طبرستان.
 (62) جوابات المسائل في اللطيف من الكلام و يقال له اللطيف من الكلام فيه الكلام على الجوهر و العرض و الفلك و الخلاء و أمثال ذلك من مباحث علم الكلام و نسخته موجودة. (63) جوابات المسائل المازندرانية أحال إليه في جوابات المسائل السروية.
 (64) جوابات المسائل الموصليات في العدد و الرؤية أحال إليه في جوابات المسائل السروية و نسخته شائعة. (65) جوابات المسائل النوبندجانية الواردة من أبي عبد اللّه محمّد بن عبد الرحمن الفارسيّ المقيم بمشهد عثمان بالنوبندجان «1»
 (66) جوابات المسائل النيشابورية أحال إليها في بعض رسائله، و هي مسائل فقهية في النكاح و الميراث و غيرهما. (67) جوابات النصر بن بشير في الصيام. (68) الرجال و هو مدرج في الإرشاد الآنف الذكر.
 (69) رد العدد الشرعية. (70) الرد على ابن الاخشيد في الإمامة.
 (71) الرد على ابن رشيد في الإمامة.
 (72) الرد علي ابن عون في المخلوق و ابن عون هو أبو الحسين محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي الكوفيّ ساكن الري له كتاب الجبر و الاستطاعة.
 (73) الرد على ابن كلاب في الصفات و ابن كلاب هو عبد اللّه بن محمّد ابن كلاب القطان من رؤساء الحشوية له كتاب الصفات.
__________________________________________________
 (1) بلدة كانت فارس و هي اليوم من توابع فسا.

25
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

(74) الرد على أبي عبد اللّه البصري في تفضيل الملائكة على الأنبياء عليهم السلام. (75) الرد على الجبائي في التفسير.
 (76) الرد على أصحاب الحلاج (77) الرد على ثعلب في آيات القرآن ذكره السروي. (78) الرد على الجاحظ العثمانية كذا ذكره النجاشيّ و الظاهر أنّه أراد الرد على كتاب الجاحظ في العثمانية. (79) الرد على الخالدي في الإمامة
 (80) الرد على الزيدية ذكره في الذريعة باسم مسائل الزيدية.
 (81) الرد على الشعبي. (82) الرد على الصدوق في عدد شهر رمضان. (83) الرد على العقيقي في الشورى. (84) الرد على القتيبي في الحكاية و المحكي و القتيبي هو ابن قتيبة المشهور و ما في النجاشيّ المطبوع (العتبي) غلط يشهد له ما في فهرست الشيخ حيث سماه الرد على ابن قتيبة.
 (85) الرد على الكرابيسي في الإمامة.
 (86) الرد على المعتزلة في الوعيد و هو الذي سماه النجاشيّ مختصر على المعتزلة في الوعيد. (87) الرد على من حدّ المهر و كانت نسخته بمكتبة السماوي.
 [88] رسالته في الفقه الى ولده و لم يتمها ذكرها ابن شهرآشوب.
 [89] الرسالة الى الأمير أبي عبد اللّه و أبي طاهر بن ناصر الدولة في مجلس جرى في الإمامة. [90] الرسالة إلى أهل التقليد. [91] الرسالة العلوية.
 [92] الرسالة الغرية. [93] الرسالة الكافية في الفقه.
 [94] رسالة الجنيدي إلى أهل مصر.
 [95] الرسالة المقنعة في وفاق البغداديين من المعتزلة لما روي عن الأئمّة عليهم السلام. [96] الزاهر في المعجزات قال شيخنا الرازيّ دام ظله و الذي يظهر من آخر المسائل العشرة أنّه الباهر من المعجزات كما مرّ بهذا العنوان.
 [97] شرح كتاب الاعلام. [98] عدد الصوم و الصلاة.

26
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

 [99] العمد في الإمامة ذكر السيّد ابن طاوس في الطرائف عند نقله عنه ان اسمه العمدة.
 [100] العويص في الاحكام ابتدأ فيه بمسائل في النكاح ثمّ بمسائل في الطلاق و الميراث و الإقرار، توجد نسخ منه و يظهر من بعضها انه مختصر من العويص.
 [101] العيون و المحاسن توجد نسخة منه في المكتبة الرضوية و غيرها.
 [102] الفرائض الشرعية في مسألة المواريث.
 [103] الفصول من العيون و المحاسن و الذي يظهر من ذكر النجاشيّ له مع العيون و المحاسن انهما متعدّدان و هو غير الفصول للسيّد المرتضى الموجود الآن.
 [104] الفضائل ذكره السروى في المعالم.
 [105] قضية العقل على الافعال و سماه السروي فيضة العقل على الافعال.
 [106] الكامل في الدين أحال إليه نفسه في مسألة الفرق بين الشيعة و المعتزلة و الفصل بين العدلية منهما و القول في اللطيف من الكلام و في أواخر الفصول المختارة للمرتضى. [107] كتاب في امامة أمير المؤمنين عليه السلام من القرآن.
 [108] كتاب في قوله صلّى اللّه عليه و آله (أنت مني بمنزلة هارون من موسى).
 [109] كتاب في قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ).*
 [110] كتاب في الخبر المختلق بغير أثر [111] كتاب القول في دلائل القرآن. (112) كتاب في الغيبة. [113] كتاب في القياس.
 [114] كتاب في المتعة. [115] كشف الالتباس.
 [116] الكلام في الإنسان. [117] الكلام في حدوث القرآن.
 [118] الكلام في المعدوم و الرد على الجبائي.
 [119] الكلام في وجوه إعجاز القرآن.
 [120] الكلام في أن المكان لا يخلو من متمكن.

27
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

 [121] لمح البرهان في عدم نقصان شهر رمضان و هو ردّ على شيخه محمّد ابن أحمد بن داود بن علي القمّيّ في قوله بدخول النقص على شهر رمضان و انتصارا لشيخه الآخر ابن قولويه رحمه اللّه حيث يقول بعدم النقصان و قد كتب فيه كتابا فرد ابن داود بكتاب في النقص، و هذا الرد على كتاب ابن داود كانت نسخته عند السيّد ابن طاوس كما نقل عنه في الاقبال و فلاح السائل.
 [122] المبين في الإمامة ذكره الشيخ باسم المنير.
 [123] المجالس المحفوظة في فنون الكلام، و الظاهر أن ما في كشف الحجب اشتباه و وهم حيث اعتقد اتّحاد المجالس مع العيون و المحاسن الذي انتخب منه السيّد المرتضى الفصول المختارة فقد صرّح بأنّه الذي انتخب منه السيّد كتابه و أتى بما ذكره من المناظرات الموجودة في كتاب الفصول المختارة.
 [124] المختصر في الغيبة. [125] مختصر في الفرائض.
 [126] مختصر في القياس.
 [127] المختصر في المتعة له ثلاث كتب فيها أحدها و قد سبق و الثاني و هو هذا و الثالث الموجز الآتي.
 [128] المزار الصغير ذكره النجاشيّ و لعله المزار المعروف بمزار المفيد كما احتمله شيخنا الرازيّ في الذريعة. [129] المزورين عن معاني الأخبار.
 [130] المسألة الكافية في إبطال توبة الخاطئة و قد طبع‏
 [131] المسألة الموضحة عن أسباب نكاح أمير المؤمنين عليه السلام‏
 [132] مسألة في المهر و أنّه ما تراضى عليه الزوجان.
 [133] مسألة في تحريم ذبائح أهل الكتاب.
 [134] مسألة في الإرادة. [135] مسألة في الأصلح.
 [136] مسألة في البلوغ [137] مسألة في ميراث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله‏

28
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

و قد طبع في النجف بعنوان تحقيق نحن معاشر الأنبياء.
 [138] مسألة في الإجماع. [139] مسألة في العترة.
 [140] مسألة في رجوع الشمس.
 [141] مسألة في المعراج. [142] مسألة في انشقاق القمر و تكلم الذراع. [143] مسألة في تخصيص الايام. [144] مسألة في وجوب الجنة لمن يتنسب بولادته الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
 [145] مسألة في معرفة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالكتابة
 [146] مسألة في معنى قوله صلّى اللّه عليه و آله (إني مخلف فيكم الثقلين).
 [147] مسألة فيما روته العلمة [148] مسألة في النصّ الجلي.
 [149] مسألة محمّد بن الخضر الفارسيّ.
 [150] مسألة في معنى قوله صلّى اللّه عليه و آله (أصحابي كالنجوم).
 [151] مسألة في القياس مختصر. [152] المسألة الموضحة في تزويج عثمان. [153] المسألة المقنعة في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.
 [154] المسائل في أقضى الصحابة. [155] مسألة في الوكالة.
 [156] مسائل أهل الخلاف. [157] المسألة الحنبلية.
 [158] مسألة في نكاح الكتابية. [159] المسائل العشرة في الغيبة طبع في النجف سنة 1370. [160] مسائل النظم. [161] مسألة في المسح على الرجلين و لعله الرد على النسفيّ في مسح الرجلين. [162] مسألة في المواريث.
 [163] مصابيح النور في علامات أوائل الشهور. [164] مقابس الأنوار في الرد على أهل الأحبار. [165] المسائل المنثورة و هي نحو مائة مسألة ذكرها في الفهرست. [166] المسائل الواردة من خوزستان.
 [167] مسألة في خبر مارية القبطية. [168] مسائل في الرجعة.

29
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

 [169] مسألة في سبب استتار الحجة عجل اللّه فرجه.
 [170] مسألة في عذاب القبر. [171] مسألة في قوله (المطلقات).
 [172] مسألة فيمن مات و لم يعرف إمام زمانه هل هو صحيح ثابت أم لا.
 [173] مسألة الفرق بين الشيعة و المعتزلة و الفصل بين العدلية منهما و القول في اللطيف من الكلام. [174] مناسك الحجّ. [175] مناسك الحجّ مختصر.
 [176] الموجز في المتعة و هو الذي أشرنا إليه فيما سبق.
 [177] النصرة في فضل القرآن. [178] النصرة لسيّد العترة في حرب البصرة و قد طبع في النجف باسم الجمل. [179] نقض في الإمامة على جعفر بن حرب. [180] نقص في الخمس عشرة مسألة على البلخيّ.
 [181] النقض على ابن عباد في الإمامة. [182] النقض على أبي عبد اللّه البصري (183) النقض على الجاحظ في فضيلة المعتزلة.
 (184) النقض على الطلحي في الغيبة. (185) النقض على علي بن عيسى الرماني في الإمامة. (186) النقض على غلام البحرانيّ في الإمامة.
 (187) النقض على النصيبي في الإمامة. (188) النقض على الواسطي.
 (189) نقض فضيلة المعتزلة. (190) نقض كتاب الأصمّ في الإمامة.
 (191) نقض المروانية. (192) النكت في مقدمات الأصول و سماه شيخنا الرازيّ الكشف و هو الذي سبق أن ذكره باسم أصول الفقه و أدرجه الكراجكيّ في كنز الفوائد من ص 186 إلى ص 194 «193» المقنعة في الفقه‏
 (194) نهج البيان الى سبيل الايمان حكى عنه الشهيد في مجموعته التي كتبها بخطه و من خطه استنسخها الشيخ شمس الدين محمّد الجبعي جد الشيخ البهائي. و الذي يظهر من السيّد ابن طاوس في كتاب اليقين في الباب الرابع و السبعين حيث قال ان الشيخ المفيد نسب الصاحب بن عباد الى جانب المعتزلة في خطبة كتاب نهج الحق‏

30
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

10 - آثاره العلمية ص 21

و لعله غير نهج البيان و يحتمل اتّحادهما.
12- آيات الثناء عليه‏
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (عنوان كتاب المؤمن يوم القيامة حسن ثناء الناس) و لما كان العنوان يكشف عن المعنون غالبا فدون القارئ ثناء الاعلام قادة الأنام ليستخلص زبدة القول الفصل من منابع العلم و الفضل و يدرك عظمة هذا الشيخ الحبر و مدى اشراق كتاب أعماله يوم القيامة، فقد خطّ رحمه اللّه سطوره بمداد النور و الايمان في مدة 75 عاما قضاها في سوح الجهاد العلمي و التطاحن الفكري مشمرا ناصحا مجدا كادحا لا تأخذه في الحق لومة لائم، و إلى القارئ طائفة من أقوال علماء الإسلام و غيرهم و نكتفي بها عن سرد جميع ما وصل الينا من أقوالهم و أقوال غيرهم ممن لا يسعنا ذكرهم جميعا و سنشير اليهم عند ختام البحث.
1- قال الشيخ أبو جعفر الطوسيّ- تلميذ المترجم له- في الفهرست (... من جملة متكلمي الإماميّة، اليه انتهت رئاسة الإماميّة في وقته، و كان مقدما في العلم و صناعة الكلام، و كان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة حاضر الجواب ...) و قال في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام: جليل ثقة.
2- و قال الشريف أبو يعلى الجعفري ره- خليفة الشيخ المترجم له و تلميذه الجالس مجلسه من بعده و كان صهره- (ما كان ينام- الشيخ- من الليل الاهجعة ثمّ يقوم يصلي أو يطالع أو يدرس أو يتلو القرآن).
3- و قال النجاشيّ ره في رجاله (شيخنا و استاذنا رضي اللّه عنه فضله اشهر من أن يوصف في الفقه و الكلام و الرواية و الثقة و العلم).
4- و قال ابن النديم في الفهرست (أبو عبد اللّه في عصرنا انتهت رئاسة متكلي الشيعة إليه مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة ماضي الخاطر شاهدته فرأيته بارعا ...) و قال أيضا في مكان آخر (في زماننا إليه انتهت‏

31
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

12 - آيات الثناء عليه ص 31

رئاسة أصحابه من الشيعة الإماميّة في الفقه و الكلام و الآثار ...).
5- و قال الخطيب البغداديّ في تاريخه (شيخ الرافضة ...) إلى آخر كلامه الذي تحامل فيه على الشيخ نربأ بانفسنا عن نقله فانه ينم عن سخفه. و ما هراؤه ذلك بغريب منه بعد أن نعرف أنّه كما قال عنه ابن تغرى‏بردى في النجوم الزاهرة- و هو ممن عرف حماقة الخطيب و عناده و سوء رأيه (انه يقع في حقّ العلماء الأعلام الزهاد بكلام يخرجهم من الإسلام بذلك اللسان الخبيث) لذلك تركنا تمام كلامه فانه تناول الشيخ بالطعن بحماقة لا نظير لها و صفاقة لا مثيل لها و حسبه من ذلك سوء الأحدوثة و الذكر و حسب شيخنا المترجم له طيب الحديث عنه و صفحات اعماله الناصعة التي خلدها التاريخ مفتخرا.
6- قال الذهبي في ميزانه ج 3 ص 129 (أبو عبد اللّه بن المعلم الرافضي الملقب بالشيخ المفيد له تصانيف كثيرة مات سنة 413 و كان ذا عظمة و جلالة في الدولة البويهية) و قال أيضا ص 131 (الشيخ المفيد عالم الرافضة أبو عبد اللّه بن المعلم صاحب التصانيف ... و هي مائتا مصنف ... و له صولة عظيمة بسبب عضد الدولة شيعه ثمانون الف رافضي مات سنة 413)
7- و قال أبو حيان التوحيدي في الامتاع و المؤانسة ج 1 ص 141 (و أما ابن المعلم فحسن اللسان و الجدل صبور على الخصم كثير الحيلة، ظنين السر، جميل العلانية).
8- 9- 10- و قال ابن الأثير في كامله ج 9 ص 113 و أبو الفداء في تاريخه ج 2 ص 154 و ابن الوردي في تاريخه ج 1 ص 339 في حوادث سنة 413 (و فيها توفى أبو عبد اللّه بن المعلم فقيه الإماميّة و رثاء المرتضى).
11- و قال العماد الحنبلي في شذرات الذهب ج 3 ص 199 (المفيد أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان البغداديّ الكرخي و يعرف أيضا بابن المعلم عالم الشيعة

32
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

12 - آيات الثناء عليه ص 31

و امام الرافضة و صاحب التصانيف الكثيرة).
12- و قال ابن أبي طيّ الحلبيّ في تاريخ الإماميّة (و هو شيخ من مشايخ الصوفية و لسان الإماميّة رئيس الكلام و الفقه و الجدل و كان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية، و كان كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة و الصوم حسن اللباس) «1»
13- و قال اليافعي في مرآة الجنان ج 3 ص 28 (عالم الشيعة و امام الرافضة صاحب التصانيف الكثيرة شيخهم المعروف بالمفيد و بابن المعلم أيضا البارع في الكلام و الجدل و الفقه و كان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية ...)
14- و قال ابن كثير الشاميّ في البداية و النهاية ج 12 ص 15 (شيخ الإماميّة الروافض و المصنّف لهم و المحامي عن حوزتهم كانت له وجاهة عند ملوك الاطراف لميل كثير من أهل ذلك الزمان الى التشيع، و كان مجلسه يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف و كان من جملة تلاميذه الشريف الرضي و المرتضى و قد رثاه- يعني المرتضى- بقصيدة بعد وفاته).
15- و قال ابن حجر في لسان الميزان ج 5 ص 368 (عالم الرافضة صاحب التصانيف البدعية، و هي مائتا مصنف طعن فيها على السلف، له صولة عظيمة بسبب عضد الدولة، شيّعه ثمانون الف رافضي مات سنة 413 نم ذكر قول الخطيب (كان كثير التقشف و التخشع و الاكباب على العلم، تخرج به جماعة و برع في المقالة الإماميّة حتى يقال: له على كل إمام منّة، و كان أبوه معلما بواسط و ولد بها و قتل بعكبراء و يقال إن عضد الدولة كان يزوره في داره و يعوده إذا مرض).
16- و قال آية اللّه العلّامة الحلّي في الخلاصة (... من أجّل مشايخ الشيعة و رئيسهم و استاذهم و كل من تأخر عنه استفاد منه و فضله أشهر من أن يوصف في‏
__________________________________________________
 (1) شذرات الذهب ج 3 ص 199.

33
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

12 - آيات الثناء عليه ص 31

الفقه و الكلام و الرواية أوثق أهل زمانه و أعلمهم انتهت رئاسة الإماميّة في وقته إليه و كان حسن الخاطر دقيق الفطنة حاضر الجواب ...).
17- و قال ابن داود في رجاله- مخطوط- (شيخ متكلمي الإماميّة و فقهائها انتهت رياستهم إليه في وقته في العلم، فقيه حسن الخاطر دقيق الفطنة حاضر الجواب و حاله أعظم من الثناء عليه له قريب من مائتي مصنف).
18- و قال ابن الجوزي في المنتظم ج 8 ص 11 (شيخ الإماميّة و عالمها صنّف على مذهبهم و من أصحابه المرتضى، و كان لابن المعلم مجلس نظر بداره- بدرب رباح- يحضره كافة العلماء و كانت له منزلة عند امراء الأطراف بميلهم إلى مذهبه).
19- و قال الشهيد الثاني و قد كتب في بعض فوائده بخطه (الشيخ الإمام السعيد العالم الأفضل الأتقى الأورع أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد قدس اللّه نفسه و طهر رمسه).
20- و قال علم الهدى محمّد ابن الفيض الكاشاني في نضد الإيضاح ص 315 بعد ذكر نسبه جميعا إلى يعرب بن قحطان قال (أبو عبد اللّه و يعرف بابن المعلم شيخ متكلمي الإماميّة و فقهائها انتهت رياستهم إليه في عصره في العلم و الفقه له قريب من مائتي مصنف).
21- و قال النراقي في شعب المقال (شيخ الطائفة و رئيسهم و استاذهم له المناقب الفاخرة و المفاخر الزاخرة و الفضائل المتكاثرة ... كان أوثق أهل زمانه و أعلمهم انتهت إليه رئاسة الإماميّة في وقته).
22- و قال الزركلي في الأعلام ص 969 (... محقق كبير انتهت إليه رئاسة الإماميّة في وقته كثير التصانيف في الأصول و الكلام و الفقه ...).
23- و قال ش سامي في قاموس الأعلام- تركي- ص 668 ما ترجمته (أبو عبد اللّه‏

34
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

12 - آيات الثناء عليه ص 31

محمّد بن محمّد بن النعمان البغداديّ من مشاهير العلماء لقبه الشيخ المفيد له قدر و اعتبار عند آل بويه، كان يزوره عضد الدولة في بيته له تصانيف كثيرة، زاهد عابد رئيس الشيعة في بغداد.
24- و قال آية اللّه السيّد بحر العلوم في فوائده الرجالية (شيخ المشايخ الجلة و رئيس رؤساء الملّة فاتح أبواب التحقيق بنصب الأدلة و الكاسر بشقاشق بيانه الرشيق حجج الفرق المضلة، اجتمعت فيه خلال الفضل و انتهت إليه رئاسة الكل و اتفق الجميع على علمه و فضله و فقهه و عدالته و ثقته و جلالته و كان رضي اللّه عنه كثير المحاسن جم المناقب حديد الخاطر دقيق الفطنة حاضر الجواب واسع الرواية خبيرا بالرجال و الأخبار و الأشعار، و كان أوثق أهل زمانه في الحديث و أعرفهم بالفقه و الكلام و كل من تأخر عنه استفاد منه ...)
25- و قال خاتمة المحدثين الشيخ النوريّ في خاتمة المستدرك «شيخ المشايخ العظام و حجة الحجج الهداة الكرام، محيي الشريعة و ما حقّ البدعة الشنيعة ملهم الحق و دليله، و منار الدين و سبيله صاحب التوقيعات المعروفة المهدوية المنقول عليها إجماع الإماميّة و المخصوص بما فيها من المزايا و الفضائل السنية و غيرها من الكرامات الجلية و المقامات العلية و المناظرات الكثيرة الباهرة البهية ...».
26- و قال بطرس البستاني في دائرة معارفه ج 1 ص 696 (كان رجلا ذا جلالة عظيمة في دولة بني بويه و كان عضد الدولة ينزل إليه عاش 76 سنة و له مصنّفات كثيرة و كان خاشعا متعبدا شيعه ثمانون الفا من الرافضة).
هذه بعض جمل الثناء على الشيخ و آيات من سورة الحمد له، و هناك آخرون ترجموا له لم يسع المقام استيعابهم آثرنا ذكر اسمائهم للاشارة فقط و هم القاضي نور اللّه «ره» في مجالس المؤمنين، و السيّد ميرزا محمّد الأسترآباديّ في رجاليه الكبير و الوسيط، و الشيخ أبو علي في منتهى المقال، و الشيخ المجلسي الثاني في الوجيزة،

35
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

12 - آيات الثناء عليه ص 31

و الأردبيليّ في جامع الرواة، و السيّد المير مصطفى التفريشي في نقد الرجال، و الشيخ يوسف البحرانيّ في اللؤلؤة، و الشيخ المولى علي الكني في توضيح المقال و الشيخ أسد اللّه التستريّ في المقابس، و الشيخ الحرّ في خاتمة الوسائل، و الميرزا هاشم الخراسانيّ في منتخب التواريخ، و الشيخ المامقاني في رجاله، و صاحب نخبة المقال في نخبته، و السيّد الصدر في التأسيس و في الشيعة و فنون الإسلام، و الشيخ محمّد طه نجف في إتقان المقال، و السيّد أحمد العطّار في أرجوزته، و الشيخ عبّاس القمّيّ في الكنى و الألقاب، و السيّد الأمين في الأعيان، و الخياباني في ريحانة الأدب، و الكاتب چلبي في كشف الظنون، و إسماعيل پاشا في هدية العارفين و الشيخ السماوي في صدى الفؤاد، و يوسف اعتصامي في فهرست مكتبة المجلس بطهران، و ابن يوسف الشيرازي في فهرست مكتبة سبهسالار، و في فهرست المكتبة الرضوية و فردينان توتل اليسوعي صاحب المنجد في الأدب و العلم و قد توهم هذا فنسب الى المترجم كتاب «تهذيب الأحكام» الذي هو تأليف الشيخ الطوسيّ شرح فيه كتاب المترجم له «المقنعة في الفقه» و غيرهم ممن ترجم الشيخ في مقدمات كتبه المطبوعة.
و قد كان رحمه اللّه كما قال مهيار الديلميّ في قصيدته:
         سمح ببذل النفس فيهم قائم             للّه في نص الهدى متبتل‏
             نزّاع أرشية التنازع فيهم             حتى يسوق اليهم النصّ الجلي‏
             و يبين عندهم الإمامة نازعا             فيها الحجاج من الكتاب المنزل‏
             بطريقة وضحت كأنّ لم تشتبه             و أمانة عرفت كأنّ لم تجهل‏
 و جميع ما ذكرناه من آيات الثناء قطرة من بحر ممّا ورد في حقه و كيف لا يكون كذلك بعد أن وصفه الامام الحجة عجل اللّه فرجه في التوقيعين الصادرين عن الناحية المقدّسة بما يفوق وصف الواصفين و فوق ثناء المادحين، فقد ارتضاه لنفسه أخا و وليا و صفيا و دون القارئ التشرف برؤية ذلك.

36
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

13 - التوقيعان المباركان ص 37

13- التوقيعان المباركان‏
أخرج المحدث أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ في الاحتجاج هذين التوقيعين المباركين الصادرين من الناحية المقدّسة، و ذكرهما جمع من ثقات أعلام الأمة كالشيخ المحدث المجلسي و الشيخ أبي عليّ الحائري و المحدث البحرانيّ و السيّد بحر العلوم و السيّد الخوانساري و المحدث النوريّ و المحدث القمّيّ و غيرهم و قد حكى الشيخ البحراني في اللؤلؤة عن المحقق النقاد ابن بطريق الحلي (ره) في رسالته «نهج العلوم» انه- التوقيع المبارك- ترويه كافة الشيعة و تتلقاه بالقبول، كما حكى عنه ان مولانا صاحب الأمر عجل اللّه فرجه كتب إليه ثلاثة كتب في كل سنة كتابا، و الذي نقله في الاحتجاج اثنان فالثالث مفقود، و دونك التشرف برؤية التوقيعين المباركين، (ذكر كتاب ورد من الناحية المقدّسة حرسها اللّه و رعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشر و اربعمائة على الشيخ أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان قدس اللّه روحه و نور ضريحه ذكر موصله انه تحمله من ناحية متصلة بالحجاز نسخته:
للأخ السديد و الولي الرشيد الشيخ المفيد أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان أدام اللّه إعزازه من مستودع العهد المأخوذ على العباد بسم اللّه الرحمن الرحيم أما بعد سلام عليك أيها الولي- المولى خ ل- المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين فانا نحمد إليك اللّه الذي لا إله إلّا هو و نسأله الصلاة على سيدنا و مولانا نبيّنا محمّد و آله الطاهرين و نعلمك أدام اللّه توفيقك لنصرة الحق و أجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق إنّه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة و تكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك أعزهم اللّه تعالى بطاعته و كفاهم المهم برعايته هم و حراسته فقف أمدك- أيدك خ ل- اللّه بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما نذكره و اعمل في تأديته إلى من تسكن اليه بما نرسمه إن شاء اللّه نحن و إن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين‏

37
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

13 - التوقيعان المباركان ص 37

حسب الذي أراناه، اللّه تعالى لنا من الصلاح و لشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين فانا يحيط علمنا بأنبائكم و لا يعزب عنا شي‏ء من أخباركم و معرفتنا بالزلل- الأذى خ ل- الذي أصابكم، مذ جنح كثير منكم، إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا و نبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، إنا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم و لو لا ذلك لنزل بكم اللأواء و اصطلمكم الأعداء فاتقوا اللّه جلّ جلاله و ظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم يهلك فيها من حم أجله و يحمى عنها من أدرك أمله و هي إمارة لأزوف حركتنا و مناقشتكم- و مباثتكم خ ل- لأمرنا و نهينا و اللّه متم نوره و لو كره المشركون، فاعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية يحششها عصب أموية و يهول بها فرقة مهدية أنا زعيم بنجاة من لم يرومنكم منها المواطن الخفية و سلك في الظعن عنها السبل المرضية إذا حل جمادى الأولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه و استيقظوا من رقدتكم لما يكون في- من خ ل- الذي يليه، ستظهر لكم من السماء آية جلية و من الأرض مثلها بالسوية و يحدث في أرض المشرق ما يحزن و يقلق و يغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مراق تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق ثمّ تنفرج الغمّة من بعد ببوار طاغوت من الاشرار يسر بهلاكه المتقون و الأخيار و يتفق لمريدي الحجّ من و الآفاق ما يأملونه على توفير غلبة منهم و اتفاق، و لنا في تيسير حجهم على الاختيار منهم و الوفاق شأن يظهر على نظام و اتساق، فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبتنا و ليتجنب ما يدنيه من كراهتنا و سخطنا فان أمرنا يبعثه فجأة حين لا تنفعه توبة و لا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة و اللّه يلهمكم الرشد و يلطف لكم في التوفيق برحمته).
نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام.
 «هذا كتابنا إليك أيها الأخ الولي و المخلص في ودّنا الصفي و الناصر لنا الوفي حرسك اللّه بعينه التي لا تنام فاحتفظ به و لا تظهر على خطنا الذي سطرناه بماله‏

38
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

13 - التوقيعان المباركان ص 37

ضمناه أحدا و أدّ ما فيه إلى من تسكن إليه و أوص جماعتهم بالعمل عليه إن شاء اللّه و صلّى اللّه على محمّد و آله الطاهرين».
ورد عليه كتاب آخر من قبله صلوات اللّه عليه يوم الخميس الثالث و العشرين من ذي الحجة سنة اثنتي عشر و أربعمائة نسخته: (من عبد اللّه المرابط في سبيله إلى ملهم الحق و دليله بسم اللّه الرحمن الرحيم سلام عليك أيها العبد الصالح الناصر للحق الداعي إليه بكلمة الصدق فانا نحمد اللّه إليك الذي لا إله إلّا هو إلهنا و إله آبائنا الاولين و نسأله الصلاة على نبيّنا و سيدنا و مولانا محمّد خاتم النبيين و على أهل بيته الطيبين الطاهرين و بعد فقد كنا نظرنا مناجاتك عصمك اللّه تعالى بالسبب الذي وهبه لك من أوليائه و حرسك به من كيد أعدائه و شفعنا ذلك الآن من مستقر لنا ينصب- يتصلب خ ل- في شمراخ من بهماء صرنا إليه آنفا من غماليل- عمى ليل خ ل- ألجأنا إليه السباريت من الايمان و يوشك أن يكون هبوطنا منه إلى صحيح من غير بعد من الدهر و لا تطاول من الزمان و يأتيك نبأ منا بما يتجدد لنا من حال فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال و اللّه موفقك لذلك برحمته فلتكن حرسك اللّه بعينه التي لا تنام أن تقابل لذلك فتنة ففيه تبسل نفوس قوم حرثت باطلا لاسترهاب المبطلين يبتهج لدمارها المؤمنون و يحزن لذلك المجرمون و آية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظّم من رجس منافق مذمّم مستحل للدم المحرّم يعمد بكيده أهل الايمان و لا يبلغ بذلك غرضه من الظلم لهم و العدوان لاننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض و السماء فليطمئن بذلك من أوليائنا القلوب و ليثقوا بالكفاية منه و ان راعتهم به الخطوب و العاقبة بجميل صنع اللّه سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب و نحن نعهد إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين أيدك اللّه بنصره الذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين إنّه من اتقى ربّه من اخوانك في الدين و أخرج ممّا عليه إلى مستحقه كان آمنا من‏

39
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

13 - التوقيعان المباركان ص 37

الفتنة المبطلة و محنتها المظلمة المضلة و من بخل منهم بما أعاده اللّه من نعمته على من أمره بصلته فانه يكون خاسرا بذلك لأولاه و آخرته و لو أن أشياعنا وفقهم اللّه لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة و صدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم الا ما يتصل بنا مما نكرهه و لا نؤثره منهم و اللّه المستعان و هو حسبنا و نعم الوكيل و صلواته على سيدنا البشير النذير محمّد و آله الطاهرين و سلّم و كتب في غرة شوال من سنة اثني عشرة و اربعمائة.
نسخة التوقيع باليد العليا صلوات اللّه على صاحبها: (هذا كتابنا إليك أيها الولي الملهم للحق العلي باملائنا و خطّ ثقتنا فاخفه عن كل أحد و اطوه و اجعل له نسخة يطّلع عليهما من تسكن الى أمانته من أوليائنا شملهم اللّه ببركتنا و دعائنا ان شاء اللّه و الحمد للّه و الصلاة على سيدنا محمّد و آله الطاهرين).
و الذي يظهر من تأريخ التوقيع الثاني انه وصل الى الشيخ قبل وفاته بثمانية أشهر تقريبا.
14- وفاته و مدفنه‏
توفي رحمه اللّه ليلة الجمعة- و ما أحسن الصدف فلليلة الجمعة و يومها فضل لا يخفى كما أن فضيلة الموت إذا وقع فيهما دلت عليه الروايات عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أئمة أهل البيت عليهم السلام ففى الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة رفع اللّه عنه عذاب القبر) و الأحاديث في ذلك كثيرة- و كانت وفاته لثلاث خلون من شهر رمضان المبارك سنة 413 و عمره الشريف 75 سنة أو 77 سنة، و كان يوم وفاته مشهودا لم ير أعظم منه كما وصفه شاهد العيان شيخ الطائفة فقد قال (و كان يوم وفاته يوما لم ير أعظم منه من كثرة

40
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

14 - وفاته و مدفنه ص 40

الناس للصلاة عليه و كثرة البكاء من المخالف و الموافق) و وصفه الشاهد الآخر الشاعر الفحل مهيار الديلميّ رحمه اللّه بقوله:
         يوم أطل بغلة لا يشتفي             منها الهدى و بغمة لا تنجلي‏
             فكأنّه يوم «الوصي» مدافعا             عن حتفه بعد «النبيّ المرسل»
             ما إن رأت عيناي أكثر باكيا             منه و أوجع رنة من معول‏
             حشدوا على جنبات نعشك وقعا             حشد العطاش على شفير المنهل‏
             و تنازفوا الدمع الغريب كأنّما ال             إسلام قبلك أمه لم تثكل‏
             يمشون خلفك و الثرى بك روضة             كحل العيون بها تراب الأرجل‏
 و قد أجمع المؤرخون أن مشيعوه ثمانون الفا من الشيعة فما بالك بغيرهم من سائر الفرق، و وضعت جنازته بميدان [الأشنان‏] للصلاة عليها و تقدم السيّد الشريف المرتضى علم الهدى [ره‏] تلميذه الوفي فصلى عليه و صلى الناس خلفه و لكثرتهم ضاق الميدان على سعته بهم ثمّ حمل إلى داره و دفن بها و بقي سنين ثمّ نقل جثمانه الشريف إلى مقابر قريش فدفن الى جانب قبر شيخه أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه [ره‏] عند رجلي الامامين الكاظمين عليهما السلام و قبره اليوم في الرواق الكاظمي مزار معروف يتبرك به.
و تبارى فحولة الشعراء في رثائه و في مقدّمتهم السيّد الشريف علم الهدى المرتضى [ره‏] فقد رثاه بقصيدة أولها.
         من على هذه الديار أقاما             و ضفا ملبس عليه فداما؟
             عج بنا نندب الذين تولوا             باقتياد المنون عاما فعاما
 إلى أن يقول:
         من لفضل اخرجت منه خبيئا             و معان فضضت عنها ختاما؟
             من ينير العقول من بعد ما             كنّ همودا و يفتح الأفهاما؟

41
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

14 - وفاته و مدفنه ص 40

         من يعير الصديق رأيا إذا ما             سله في الخطوب كان حساما؟
 و القصيدة طويلة مثبتة في ديوانه، و رثاه أيضا الشاعر المبدع عبد المحسن الصوري رحمه اللّه بمقطوعة جاء فيها.
         تبارك من عم الأنام بفضله             و بالموت بين الخلق ساوى بعدله‏
             مضى مستقلا بالعلوم [محمد]             و هيهات يأتينا الزمان بمثله‏
 و رثاه الشاعر الفحل مهيار الديلميّ رحمه اللّه بقصيدة طويلة تزيد على تسعين بيتا قال في مطلعها:
         ما بعد يومك سلوة لمعلّل             مني و لا ظفرت بسمع معذل‏
             سوى المصاب بك القلوب على الجوى             فيد الجليد على حشا المتململ‏
             و تشابه الباكون فيك فلم يبن             دمع المحقّ لنا من المتعمل‏
 و القصيدة طويلة من أرادها فليراجعها في ديوانه ج 4 ص 103 الى ص 109 ط مصر سنة 1349.
و ذكر القاضي نور اللّه ره في المجالس و غيره انه وجد مكتوب على قبره الأبيات التالية و هي منسوبة الى الحجة صاحب الامر عجل اللّه فرجه.
         لا صوّت الناعي بفقدك انه             يوم على آل الرسول عظيم‏
             ان كنت قد غيبت في جدث الثرى             فالعدل و التوحيد فيه مقيم‏
             و القائم المهديّ يفرح كلما             تليت عليك من الدروس علوم‏
 و خلّف شيخنا المترجم له رحمه اللّه ولدا اسمه علي ترجمه الصلاح الصفدي في الوافي بالوفيات و الميرزا عبد اللّه افندي في الرياض و قال الأخير في ترجمته (الشيخ أبو القاسم عليّ بن الشيخ أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان [قدّس سرّه‏] كان من اجلاء أصحابنا و هو ولد شيخنا المفيد و بروي عنه الشيخ الأجل حسين بن محمّد بن‏

42
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

14 - وفاته و مدفنه ص 40

الحسن صاحب كتاب نزهة الناظر و تنبيه الخواطر في كلمات النبيّ و الأئمّة عليهم السلام كما يظهر من بعض مواضع ذلك الكتاب و لكن لم يذكره أصحابنا في كتب الرجال فلاحظ).
و ان من اعجب العجب ما نقله جمع من المؤرخين من شماتة بعض من لا حريجة له في الدين بموت الشيخ مستجيبا لهوى نفسه ممعنا في غيه كانه لم يسمع قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شي‏ء) و قول الإمام الصّادق عليه السلام [ما من أحد يموت أحبّ إلى إبليس من موت فقيه‏]
فقد ذكر ابن كثير عن بعض أئمته انه فرح بموت الشيخ و لم يسعه كتمه في قرارة نفسه حتّى أظهر علائم ذلك عيانا و هو أبو القاسم ابن النقيب فانه حين بلغه موت الشيخ سجد للّه شكرا و جلس للتهنئة و قال ما أبالي أي وقت مت بعد ان شاهدت موت ابن المعلم «1» و اعطف عليه اضرابه ممن اسفوا ان لا يكونوا نالوه بأذى في حياته فتناولوه شتما بعد وفاته كالخطيب البغداديّ و ابن حجر و اليافعي و العماد الحنبلى و اضرابهم فانهم حملوا عليه عند ذكره في كتبهم و أهون ما قالوه في موته (اراح اللّه منه) فبعين اللّه ما قاساه هذا الشيخ العظيم من عناء في جهاده و ما ناله من أذى في حياته و بعد وفاته و سلام عليه يوم ولد و يوم مات و يوم يبعث حيا.
15- شيخ الطائفة في سطور
1- هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسيّ نسبة الى طوس من مدن خراسان.
2- يكنى بابي جعفر و يلقب بشيخ الطائفة و بالشيخ على الإطلاق.
3- ولد في شهر رمضان سنة 385.
__________________________________________________
 (1) تاريخ ابن كثير ج 12 ص 18.

43
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

15 - شيخ الطائفة في سطور ص 43

4- قدم بغداد من خراسان سنة [408] و هو ابن ثلاثة و عشرين عاما.
5- حضر عند الشيخ المفيد نحوا من خمس سنين و لازمه الى ان توفي [ره‏] لثلاث ليال خلون من شهر رمضان سنة 413.
6- اختص بعد وفاة شيخه المفيد بالسيّد المرتضى طيلة ثلاثة عشر عاما الى أن توفي السيّد [ره‏] لخمس بقين من شهر ربيع الأوّل سنة 436.
7- أجرى له السيّد المرتضى في كل شهر اثني عشر دينارا منها كان تدبير معاشه.
8- بلغت عدة مشايخه أكثر من خمسين شخصا من اعلام الفريقين.
9- استقل بالظهور و لزعامة الدينية بعد وفاة استاذه المرتضى قدّس سرّه.
10- بلغت عدة تلامذته الى ثلاثمائة مجتهد من الخاصّة و من العامّة ما لا يحصى عددهم.
11- جعل له الخليفة العباسيّ [القائم بأمر اللّه عبد اللّه بن القادر باللّه أحمد] كرسي الكلام و الإفادة، و هو الذي ما كانوا يسمحون به يومئذ الا لوحيد العصر.
12- ثقل وجوده على خصومه من الناس فكانوا يحرّضون عليه حتّى وشي به الى الخليفة العباسيّ [القادر باللّه أحمد] و لما أحضره و سأله عن وشايتهم و ما رموه به أجابه الشيخ بما قبل منه فرفع مكانته و انتقم من الساعي و أهانه.
13- لم يفتأ خصوم الشيخ تماديا في طغيانهم فكانوا يستغلون السواد في التحريض عليه حتّى أحرقوا داره و كتبه و ما كان له من كرسي الكلام و التدريس.
14- بقي في بغداد بعد وفاة استاذه السيّد اثني عشر سنة مستقلا بالزعامة

44
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

15 - شيخ الطائفة في سطور ص 43

ثم غادرها بعد ذلك.
15- هبط الى النجف الأشرف سنة [448] و هو أول من أسس الحوزة العلمية بها و إليه يرجع الفضل في تأسيسها صانها اللّه من الشرور و الآفات.
16- كان قدّس سرّه [شيخ الإماميّة و وجههم و رئيس الطائفة جليل القدر عظيم المنزلة ثقة عين صدوق عارف بالاخبار و الرجال و الفقه و الأصول و الكلام و الأدب و جميع الفضائل تنسب إليه صنّف في كل فنون الإسلام و هو المهذب للعقائد في الأصول و الفروع الجامع لكمالات النفس في العلم و العمل‏] «1»
17- بلغت عدة ما وقفنا على اسمه من تآليفه أكثر من خمسين كتابا في شتّى فنون الإسلام.
18- توفي ليلة الاثنين 22 محرم الحرام سنة 460 هج عن خمسة و سبعين عاما.
19- دفن في داره التي حوّلت بعده مسجدا حسب وصيته و قبره اليوم مزار مشيد يتبرك به في النجف الأشرف.
20- خلف ولدا اسمه الحسن و يكنى بابي علي و يلقب بالمفيد الثاني من مشاهير العلماء خلف اباه في التدريس و الفتيا توفّي سنة 515 و له آثار جليلة.
16- تهذيب الأحكام‏
هو هذا الكتاب الذي نقدمه اليوم الى القراء و للتعريف به نشير الى بعض ما يتعلق به و روما للاختصار نكتفي بشذرة من يراع سيدنا بحر العلوم [قدّس سرّه‏] قال [ره‏] فى الثناء على المؤلّف و المؤلّف [و أمّا الحديث فاليه تشد الرحال و به تبلغ رجاله‏
__________________________________________________
 (1) الخلاصة لآية اللّه العلامة.

45
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

16 - تهذيب الأحكام ص 45

غاية الآمال و له فيه من الكتب الأربعة التي هي أعظم كتب الحديث منزلة و أكثرها منفعة كتاب تهذيب الأحكام و كتاب الاستبصار و لهما المزيّة الظاهرة باستقصاء ما يتعلق بالفروع من الاخبار خصوصا [التهذيب‏] فانه كاف للفقيه فيما يبتغيه من روايات الاحكام مغن عما سواه في الغالب و لا يغني عنه غيره في هذا المرام مضافا الى ما اشتمل عليه الكتابان من الفقه و الاستدلال و التنبيه على الأصول و الرجال و التوفيق بين الاخبار و الجمع بينهما بشاهد النقل و الاعتبار هذه بعض مزايا الكتاب، أما ما هو فانه الكتاب الذي شرح فيه الشيخ الطوسيّ رحمه اللّه كتاب [المقنعة] تأليف استاذه الشيخ المفيد رحمه اللّه و ابتدأ بتأليفه و هو ابن خمس و عشرين سنة، و خرج من قلمه الشريف منه تمام كتاب الطهارة الى أول الصلاة في حياة استاذه الماتن ثمّ أكمل بقيته بعد وفاته، أما طريقته في تأليفه فقد وصفها نفسه [قدّس سرّه‏] فقال: [كنا شرطنا في أول هذا الكتاب ان نقتصر على ايراد شرح ما تضمنته الرسالة المقنعة و ان نذكر مسألة مسألة و نورد فيها الاحتجاج من الظواهر و الأدلة المفضية الى العلم و نذكر مع ذلك طرفا من الاخبار التي رواها مخالفونا ثمّ نذكر بعد ذلك ما يتعلق باحاديث أصحابنا رحمهم اللّه و ورد المختلف في كل مسألة منها و المتفق عليها و وفينا بهذا الشرط في أكثر ما يحتوي عليه كتاب الطهارة. ثم انا رأينا انه يخرج بهذا البسط عن الغرض و يكون مع هذا الكتاب مبتورا غير مستوفى فعدلنا عن هذه الطريقة الى ايراد أحاديث أصحابنا رحمهم اللّه المختلف فيه و المتفق، ثمّ رأينا بعد ذلك ان استيفاء ما يتعلق بهذا المنهاج أولى من الاطناب في غيره فرجعنا و أوردنا من الزيادات ما كنا أخللنا به، و اقتصرنا من ايراد الخبر على الابتداء بذكر المصنّف الذي أخذنا الخبر من كتابه أو صاحب الأصل الذي أخذنا الحديث من أصله و استوفينا غاية جهدنا ما يتعلق باحاديث أصحابنا رحمهم اللّه المختلف فيه و المتفق و بينا عن وجه التأويل فيما اختلف فيه على ما شرطناه في أوّل الكتاب و اسندنا التأويل‏

46
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

16 - تهذيب الأحكام ص 45

إلى خبر يقضي على الخبرين و أوردنا المتفق منها ليكون ذخرا و ملجأ لمن يريد طلب الفتيا من الحديث) و لما كان تهذيب الأحكام موقع نظر العلماء فقد انبرى الى العكوف عليه جماعتهم و تناولوه بالشرح و التقييد و الترتيب فممن شرح أسانيده شرحا مفصلا العلامة السيّد هاشم التوبلي [رحمه اللّه‏] و سماه [تنبيه الاريب و تذكرة اللبيب في إيضاح رجال التهذيب‏] و هذب هذا الكتاب و نقحه الشيخ حسن الدمستاني و سماه [انتخاب الجيد من تنبيهات السيّد ره‏] و للسيّد هاشم المذكور ايضا [ترتيب التهذيب‏] حكي عن صاحب رياض العلماء انه كبير في مجلدات أورد كل حديث في الباب المناسب له و نبه على بعض الأغلاط التي وقعت في أسانيده و ممن خص أسانيد التهذيب بالدراسة و البحث المولى محمّد بن علي الأردبيليّ مؤلف جامع الرواة فانه عمد الى تصحيح أكثر أسانيد التهذيب في كتاب أورده بتمامه الحجة النوريّ في خاتمة المستدرك من ص 719 الى ص 757 مع زيادات منه [ره‏] و أورد الأردبيليّ نفسه المنتخب من كتاب تصحيح الأسانيد في الفائدة السابعة من خاتمة كتابه جامع الرواة و منهم آية اللّه المعاصر السيّد آقا حسين البروجردي دام ظله له [تجريد أسانيد التهذيب‏] أما الذين تناولوا الكتاب بالشرح فهم كثير نذكر منهم:
 [1] السيّد محمّد صاحب المدارك المتوفّى سنة 1009 و يطلق على شرحه الحاشية.
 [2] القاضي نور اللّه المستشهد في سنة 1019 له شرح اسماه [تذهيب الاكمام‏]
 [3] المولى عبد اللّه التستريّ المتوفّى سنة 1021.
 [4] الشيخ محمّد بن الحسن بن الشيخ الشهيد الثاني المتوفّى سنة 1030.
 [5] المولى محمّد أمين الأسترآباديّ المتوفى بمكّة سنة 1036.
 [6] المولى عبد اللطيف الجامعي تلميذ الشيخ البهائي المتوفّى سنة 1050.
 [7] المولى محمّد تقيّ المجلسي الأول المتوفّى سنة 1070.
 [8] المولى محمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي القمّيّ المتوفّى سنة 1098 له شرح أسماه [حجّة الإسلام‏].

47
تهذيب الأحكام1 (تحقيق خرسان)

16 - تهذيب الأحكام ص 45

 [9] المحقق الشيرواني صهر المجلسي المتوفّى سنة 1099.
 [10] الشيخ المجلسي الثاني المتوفّى سنة 1111 له شرح أسماه [ملاذ الاخبار]
 [11] السيّد نعمة اللّه الجزائريّ المتوفّى سنة 1112 له شرح أسماه [مقصود الأنام‏] في اثنى عشر مجلدا.
 [12] المولى عبد اللّه بن المجلسي الأول.
 [13] الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائريّ المتوفّى سنة 1149.
و هناك حواش و تعاليق على [التهذيب‏] نشير الى بعضها نقلا عن الذريعة لشيخنا الحجة الرازيّ دام ظله [1] حاشية القاضي نور اللّه التستريّ و هي غير شرحه المتقدم [2] حاشية المولى إسماعيل الخواجوئي [3] حاشية المجدد الوحيد البهبهاني. [4] حاشية المجلسي الثاني. [5] حاشية السيّد محمّد بشير الكيلاني معاصر الوحيد البهبهاني [6] حاشية بعض المتأخرين عن الشيخ عبد النبيّ الجزائريّ أخذها من حاشية الجزائريّ.
 [7] حاشية آقا جمال الدين الخوانساري. [8] حاشية الشيخ حسن صاحب المعالم.
 [9] حاشية الشيخ صلاح الدين بن الشيخ علي أم الحديث. [10] حاشية الشيخ سليمان الماحوزي. [11] حاشية الميرزا عبد اللّه الافندي صاحب الرياض. [12] حاشية الشيخ عبد النبيّ بن سعد الجزائريّ. [13] حاشية المولى عزيز اللّه أكبر أنجال المجلسي الثاني. [14] حاشية السيّد ماجد الجد حفصي. [15] حاشية السيّد الصدر علاء الملك المرعشيّ [16] حاشية الشيخ زين الدين علي أم الحديث. [17] حاشية الشيخ محمّد سبط الشهيد الثاني، عبّر عنه بالحاشية في. [المعاهد] و لعلها الشرح الثاني له [18] حاشية السيّد ميرزا محمّد بن علي الأسترآبادي الرجالي المعروف. [19] حاشية الشيخ محمّد علي البلاغي. [20] حاشية السيّد نجم الدين الجزائريّ. [21] حاشية مقدّم الكتاب أخيرهم لا آخرهم إن شاء اللّه تعالى.
17 ربيع الأوّل سنة 1378 هج حسن الموسوى الخرسان‏

48