×
☰ فهرست و مشخصات
لسان العرب4

بصر ص 64

وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ‏
: أَي أتوا ما أَتوه و هم قد تبين لهم أَن عاقبته عذابهم، و الدليل على ذلك قوله: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ؛ فلما تبين لهم عاقبة ما نهاهم عنه كان ما فعل بهم عدلًا وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ‏
؛ و قيل أَي كانوا في دينهم ذوي بصائر، و قيل: كانوا معجبين بضلالتهم. و بَصُرَ بَصارَةً: صار ذا بصيرة. و بَصَّرَهُ الأَمْرَ تَبْصِيراً و تَبْصِرَةً: فَهَّمَهُ إِياه. و قال الأَخفش في قوله: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ‏
؛ أَي علمت ما لم يعلموا به من البصيرة. و قال اللحياني: بَصُرْتُ‏
 أَي أَبصرت، قال: و لغة أُخرى بَصِرْتُ به أَبْصَرْته. و قال ابن بزرج: أَبْصِرْ إِليَّ أَي انْظر إِليّ، و قيل: أَبْصِرْ إِليَّ أَي التفتْ إِليَّ. و البصيرة: الشاهدُ؛ عن اللحياني. و حكي: اجْعَلْنِي بصيرةً عليهم؛ بمنزلة الشهيد. قال: و قوله تعالى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
؛ قال ابن سيدة: له معنيان: إِن شئت كان الإِنسان هو البَصيرة على نفسه أَي الشاهد، و إِن شئت جعلت البصيرة هنا غيره فعنيت به يديه و رجليه و لسانه لأَن كل ذلك شاهد عليه يوم القيامة؛ و قال الأَخفش: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
، جعله هو البصيرة كما تقول للرجل: أَنت حُجة على نفسك؛ و قال ابن عرفة: عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
، أَي عليها شاهد بعملها و لو اعتذر بكل عذر، يقول: جوارحُه بَصيرةٌ عليه أَي شُهُودٌ؛ قال الأَزهري: يقول بَلِ الْإِنْسانُ يوم القيامة عَلى‏ نَفْسِهِ جوارحُه بَصِيرَةٌ
 بما جنى عليها، و هو قوله: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ؛ قال: و معنى قوله بَصِيرَةٌ
 عليه بما جنى عليها، وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ؛ أَي و لو أَدْلى بكل حجة. و قيل: وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ، سُتُورَه. و المِعْذَارُ: السِّتْرُ. و قال الفرّاء: يقول على الإِنسان من نفسه شهود يشهدون عليه بعمله اليدان و الرجلان و العينان و الذكر؛ و أَنشد:
كأَنَّ على ذِي الظَّبْيِ عَيْناً بَصِيرَةً             بِمَقْعَدِهِ، أَو مَنظَرٍ هُوَ ناظِرُهْ‏
يُحاذِرُ حتى يَحْسَبَ النَّاسَ كُلَّهُمْ،             من الخَوْفِ، لا تَخْفَى عليهم سَرائرُهْ‏

و قوله:
قَرَنْتُ بِحِقُوَيْهِ ثلاثاً فَلَمْ تَزُغْ             عَنِ القَصْدِ، حَتَّى بُصِّرَتْ بِدِمامِ‏

قال ابن سيدة: يجوز أَن يكون معناه قُوِّيَتْ أَي لما هَمَّ هذا الريش بالزوال عن السهم لكثرة الرمي به أَلزقه بالغِراء فثبت. و الباصِرُ: المُلَفِّقُ بين شُقَّتين أَو خِرْقَتَين. و قال الجوهري في تفسير البيت: يعني طَلَى رِيشَ السهم بالبَصِيرَةِ و هي الدَّمُ. و البَصِيرَةُ: ما بين شُقَّتَي البيتِ و هي البصائر. و البَصْرُ: أَن تُضَمَّ حاشيتا أَديمين يخاطان كما تخاط حاشيتا الثوب. و يقال: رأَيت عليه بَصِيرَةً من الفقر أَي شُقَّةً مُلَفَّقَةً. الجوهري: و البَصْرُ أَن يُضَمَّ أَدِيمٌ إِلى أَديم، فيخرزان كما تخاط حاشيتا الثوب فتوضع إِحداهما فوق الأُخرى، و هو خلاف خياطة الثوب قبل أَن يُكَفَّ. و البَصِيرَةُ: الشُّقَّةُ التي تكون على الخباء. و أَبْصَر إِذا عَلَّق على باب رحله بَصِيرَةً، و هي شُقَّةٌ من قطن أَو غيره؛ و قول توبة:
و أُشْرِفُ بالقُورِ اليَفاعِ لَعَلَّنِي             أَرَى نارَ لَيْلَى، أَو يَراني بَصِيرُها

قال ابن سيدة: يعني كلبها لأَن الكلب من أَحَدّ العيونِ بَصَراً. و البُصْرُ: الناحيةُ مقلوب عن الصُّبْرِ. و بُصْرُ الكَمْأَة و بَصَرُها: حُمْرَتُها؛ قال:
و نَفَّضَ الكَمْ‏ءَ فأَبْدَى بَصَرَهْ‏
و بُصْرُ السماء و بُصْرُ الأَرض: غِلَظُها، و بُصْرُ كُلّ شي‏ء: غِلَظُهُ. و بُصْرُه و بَصْرُه: جلده؛

لسان العرب4

حنر ص 216

حنر:
الحَنِيرَةُ: عَقْدٌ مضروب ليس بذلك العريض. و الحَنِيرَةُ: الطَّاقُ المعقود؛ و في الصحاح: الحَنِيرَةُ عَقْدُ الطاق المَبْنِيِّ. و الحَنِيرَةُ: مِنْدَفَةُ القُطْنِ. و الحَنِيرَةُ: القَوْسُ، و قيل: القوس بلا وَتَرٍ؛ عن ابن الأَعرابي. الجوهري: الحَنِيرَةُ القوس، و هي مِنْدَفَةُ النساء، و جمعها حَنِيرٌ؛ و قال ابن الأَعرابي: جمعها حَنائِرُ. و
في حديث أَبي ذَرٍّ: لو صَلَّيْتُمْ حتى تكونوا كالحَنائِر ما نفعكم ذلك حتى تُحِبّوا آلَ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم.
هي جمع حَنِيرَة، و هي القوس بلا وتر، و قيل: الطاق المعقود، و كلُّ مُنْحَنٍ، فهو حَنِيرَةٌ، أَي لو تَعَبَّدْتُمْ حتى تَنْحَنِيَ ظهورُكم؛ و
ذكر الأَزهري هذا الحديث فقال: لو صليتم حتى تكونوا كالأَوْتارِ أَو صُمْتم حتى تكونوا كالحنائر ما نفعكم ذلك إِلَّا بنية صادقة و وَرَعٍ صادق.
ابن الأَعرابي: الحُنَيرَةُ تصغير حَنْرَةٍ، و هي العَطْفَةُ المُحْكَمَةُ للقوس. و حَنَرَ الحَنِيرَةَ: بناها «1». و الحِنَّوْرَةُ: دُوَيْبَّةٌ دميمة يُشَبَّهُ بها الإِنسانُ فيقال: يا حِنَّوْرَةُ و قال أَبو العباس في بابِ فِعَّوْلٍ: الحِنَّوْرُ دابة تشبه العظاءَ.
حنبتر:
الحِنْبَتْرُ: الشّدَّةُ، مثل به سيبويه و فسره السيرافي.
حنتر:
الحَنْتَرُ: الضِّيقُ. و الحِنْتَرُ: القصير. و الحِنْتارُ: الصغير. ابن دريد: الحَنْتَرَةُ الضِّيقُ، و الله أَعلم.
حنثر:
رجل حَنْثَرٌ و حَنْثَرِيُّ: مُحَمَّقٌ. و الحَنْثَرَةُ: الضِّيقُ قال الأَزهري في حنثر: هذا الحرف في كتاب الجمهرة لابن دريد مع غيره و ما وجدت لأَكثرها صحةً لأَحدٍ من الثقات، و ينبغي للناظر أَن يَفْحَصَ عنها، و ما وجده منها لثقة أَلحقه بالرباعي و ما لم يجد منها لثقة كان منها على رِيبَةٍ و حَذَرٍ.
حنجر:
الحُنْجُورُ: الحَلْقُ. و الحَنْجَرَةُ: طَبَقَانِ من أَطباق الحُلْقُوم مما يلي الغَلْصَمَةَ، و قيل: الحَنْجَرَةُ رأْس الغَلْصَمَةِ حيث يحدد، و قيل: هو جوف الحلقوم، و هو الحُنْجُورُ، و الجمع حَنْجَرٌ؛ قال:
مُنِعَتْ تَمِيمٌ و اللَّهازِمُ كُلُّها             تَمْرَ العِراقِ، و ما يَلَذُّ الحَنْجَرُ

و قوله تعالى: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ‏
؛ أَراد أَن الفَزَع يُشخِصُ قُلُوبَهُمْ أَي تَقْلِصُ إِلى حناجرهم. و
في حديث القاسم: سئل عن رجل ضرب حَنْجَرَةَ رجل فذهب صوته؛ قال: عليه الدية.
؛ الحنجرة: رأْس الغلصمة حيث تراه ناتئاً من خارج الحلق، و الجمع حناجر؛ و منه: وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ
؛ أَي صَعَدَتْ عن مواضعها من الخوف إِليها. الأَزهري قال في الحُلْقُوم و الحُنْجُور و هو مَخْرَجُ النَّفَسِ: لا يجري فيه الطعامُ و الشرابُ المَرِي‏ءُ، و تمامُ الذكاة قَطْعُ الحلقوم و المَرِي‏ءِ و الوَدَجَيْنِ؛ و قول النابغة:
مِنَ الوارِداتِ الماءِ بالقَاعِ تَسْتَقِي             بأَعْجازِها قَبْلَ اسْتِقاءِ الحَناجِرِ

إِنما جعل للنخل حناجر على التشبيه بالحيوان. و حَنْجَرَ الرجلَ: ذبحه. و المُحَنْجِرُ: داء يصيب في البطن، و قيل: المُحَنْجِرُ داء التَّشَيْدُقِ «2». يقال: حَنْجَرَ الرجلُ فهو مُحَنْجِرٌ، و يقال للتَّحَيْدُقِ العِلَّوْصُ و المُحَنْجِرُ. و حَنْجَرَتْ عينه: غارتْ، الأَزهري عن ثعلب أَن‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [بناها] كذا بالأصل بالباء الموحدة، و أفاد الشارح أنه كذلك في التكملة، و الذي في القاموس: ثناها، بالمثلثة.
 (2). قوله: [التشيدق‏] و قوله: [للتحيدق‏] كذا بالأصل.

لسان العرب4

حصر ص 193

و يقال: قوم مُحْصَرُون إِذا حُوصِرُوا في حِصْنٍ، و كذلك هم مُحْصَرُون في الحج. قال الله عز و جل: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ‏
. و الحِصارُ: الموضع الذي يُحْصَرُ فيه الإِنسان؛ تقول: حَصَرُوه حَصْراً و حاصَرُوه؛ و كذلك قول رؤبة:
مِدْحَةَ مَحْصُورٍ تَشَكَّى الحَصْرَا
قال يعني بالمحصور المحبوس. و الإِحصارُ: أَن يُحْصَر الحاج عن بلوغ المناسك بمرض أَو نحوه. و
في حديث الحج: المُحْصَرُ بمرض لا يُحِلُّ حتى يطوف بالبيت.
؛ هو من ذلك الإِحْصارُ المنع و الحبس. قال الفرّاء: العرب تقول للذي يمنعه خوف أَو مرض من الوصول إِلى تمام حجه أَو عمرته، و كل ما لم يكن مقهوراً كالحبس و السحر و أَشباه ذلك، يقال في المرض: قد أُحْصِرَ، و في الحبس إِذا حبسه سلطان أَو قاهر مانع: قد حُصِرَ، فهذا فرق بينهما؛ و لو نويت بقهر السلطان أَنها علة مانعة و لم تذهب إِلى فعل الفاعل جاز لك أَن تقول قد أُحْصِرَ الرجل، و لو قلت في أُحْصِرَ من الوجع و المرض إِن المرض حَصَره أَو الخوف جاز أَن تقول حُصِرَ. و قوله عز و جل: وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً
: يقال: إِنه المُحْصَرُ عن النساء لأَنها علة فليس بمحبوس فعلى هذا فابْنِ، و قيل: سمي حصوراً لأَنه حبس عما يكون من الرجال. و حَصَرَني الشي‏ء و أَحْصَرَني: حبسني؛ و أَنشد لابن ميادة:
و ما هجرُ لَيْلَى أَن تكونَ تَباعَدَتْ             عليكَ، و لا أَنْ أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ‏

في باب فَعَلَ و أَفْعَلَ. و روى الأَزهري عن يونس أَنه قال: إِذا رُدَّ الرجل عن وجه يريده فقد أُحْصِرَ، و إِذا حبس فقد حُصِرَ. أَبو عبيدة: حُصِرَ الرجل في الحبس و أُحْصِرَ في السفر من مرض أَو انقطاع به. قال ابن السكيت: يقال أَحصره المرض إِذا منعه من السفر أَو من حاجة يريدها و أَحصره العدوّ إِذا ضيق عليه فَحصِرَ أَي ضاق صدره. الجوهري: و حَصَرَهُ العدوّ يَحْصُرُونه [يَحْصِرُونه‏] إِذا ضيقوا عليه و أَحاطوا به و حاصَرُوه مُحاصَرَةً و حِصاراً. و قال أَبو إِسحاق: النحوي: الرواية عن أَهل اللغة أَن يقال للذي يمنعه الخوف و المرض أُحْصِرَ، قال: و يقال للمحبوس حُصِرَ؛ و إِنما كان ذلك كذلك لأَن الرجل إِذا امتنع من التصرف فقد حَصَرَ نَفْسَه فكَأَنَّ المرض أَحبسه أَي جعله يحبس نفسه، و قولك حَصَرْتُه إنما هو حبسته لا أَنه أَحبس نفسه فلا يجوز فيه أَحصر؛ قال الأَزهري: و قد صحت الرواية
عن ابن عباس أَنه قال: لا حَصْرَ إِلَّا حَصْرُ العدوّ.
فجعله بغير أَلف جائزاً بمعنى قول الله عز و جل: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏
؛ قال: و قال الله عز و جل: وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً
؛ أَي مَحْبِساً و مَحْصَراً [مَحْصِراً]. و يقال: حَصَرْتُ القومَ في مدينة، بغير أَلف، و قد أَحْصَرَهُ المرض أَي منعه من السفر. و أَصلُ الحَصْرِ و الإِحْصارِ: المنعُ؛ و أَحْصَرَهُ المرضُ. و حُصِرَ في الحبس: أَقوى من أُحْصِرَ لأَن القرآن جاء بها. و الحَصِيرُ: الطريق، و الجمع حُصُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
لما رأَيتُ فِجاجَ البِيدِ قد وَضَحَتْ،             و لاحَ من نُجُدٍ عادِيَّةٌ حُصُرُ

نُجُدٌ: جمع نَجْدٍ كَسَحْلٍ و سُحُلٍ. و عادية: قديمة. و حَصَرَ الشي‏ءَ يَحْصُرُه حَصْراً: استوعبه. و الحَصِيرُ: وجه الأَرض، و الجمع أَحْصِرَةٌ و حُصُر. و الحَصِيرُ: سَقيفَة تُصنع من بَرْديٍّ و أَسَلٍ ثم‏

لسان العرب4

الجزء الرابع

الجزء الرابع‏
ر
حرف الراء
الراء:
من الحروف المجهورة، و هي من الحروف الذُّلْق، و سميت ذُلْقاً لأَن الذّلاقَة في المنطق إِنما هي بطَرَف أَسَلَةِ اللسان، و الحروف الذلق ثلاثة: الراء و اللام و النون، و هن في حيز واحد، و قد ذكرنا في أَوّل حرف الباء دخولَ الحروف الستة الذُّلقِ و الشفويةِ كَثرةَ دخولها في أَبنية الكلام.
فصل الألف‏
أبر:
أَبَرَ النخلَ و الزرعَ يَأْبُره، و يأْبِرُه أَبْراً و إِباراً و إِبارَة و أَبّره: أَصلحه. و أْتَبَرتَ فلاناً: سأَلتَه أَن يأْبُر نخلك؛ و كذلك في الزرع إِذا سأَلته أَن يصلحه لك؛ قال طرفة:
وَ لِيَ الأَصلُ الذي، في مثلِه،             يُصلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المؤتَبِرْ

و الآبر: العامل. و المُؤْتَبرُ: ربّ الزرع. و المأْبور: الزرع و النخل المُصْلَح. و
في حديث عليّ بن أَبي طالب في دعائه على الخوارج: أَصابَكم حاصِبٌ و لا بقِيَ منكم آبرِ.
أَي رجل يقوم بتأْبير النخل و إصلاحها، فهو اسم فاعل من أَبَر المخففة، و يروى بالثاء المثلثة، و سنذكره في موضعه؛ و قوله:
 أَنْ يأْبُروا زَرعاً لغيرِهِم،             و الأَمرُ تَحقِرُهُ و قد يَنْمي‏

قال ثعلب: المعنى أَنهم قد حالفوا أَعداءَهم ليستعينوا بهم على قوم آخرين، و زمن الإِبار زَمَن تلقيح النخل و إِصلاحِه، و قال أَبو حنيفة: كل إِصلاحٍ إِبارة؛ و أَنشد قول حميد:
إِنَّ الحِبالَةَ أَلْهَتْني إِبارَتُها،             حتى أَصيدَكُما في بعضِها قَنَصا

فجعل إِصلاحَ الحِبالة إِبارَة. و
في الخبر: خَيْر المال مُهْرة مَأْمُورة و سِكّة مَأْبُورة.
؛ السِّكَّة الطريقة المُصْطَفَّة من النخل، و المأْبُورة: المُلَقَّحة؛ يقال: أَبَرْتُ النخلة و أَبّرْتها، فهي مأْبُورة و مُؤَبَّرة، و قيل: السكة سكة الحرث، و المأْبُورة المُصْلَحَة له؛ أَرادَ خَيرُ المال نتاج أَو زرع. و
في الحديث: من باع نخلًا قد أُبِّرت فَثَمَرتُها للبائع إِلَّا أَن يشترط المُبْتاع.
قال أَبو منصور: و ذلك أَنها لا تؤبر إِلا بعد

3
لسان العرب4

أبر ص 3

ظهور ثمرتها و انشقاق طلعها و كَوافِرِها من غَضِيضِها، و شبه الشافعي ذلك بالولادة في الإِماء إِذا أُبِيعَت حاملًا تَبِعها ولدها، و إِن ولدته قبل ذلك كان الولد للبائع إِلا أَن يشترطه المبتاع مع الأُم؛ و كذلك النخل إِذا أُبر أَو أُبيع «3». على التأْبير في المعنيين. و تأْبير النخل: تلقيحه؛ يقال: نخلة مُؤَبَّرة مثل مأْبُورة، و الاسم منه الإِبار على وزن الإِزار. و يقال: تأَبَّر الفَسِيلُ إذا قَبِل الإِبار؛ و قال الراجز:
تَأَبّري يا خَيْرَةَ الفَسِيلِ،             إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخْلِ بالفُحول‏

يقول: تَلَقَّحي من غير تأْبير؛ و في قول مالك بن أَنس: يَشترِطُ صاحب الأَرض على المساقي كذا و كذا، و إِبارَ النخل. و روى أَبو عمرو بن العلاء قال: يقال نخل قد أُبِّرَت، و وُبِرَتْ و أُبِرَتْ ثلاث لغات، فمن قال أُبِّرت، فهي مُؤَبَّرة، و من قال وُبِرَت، فهي مَوْبُورَة، و من قال أُبِرَت، فهي مَأْبُورة أَي مُلقّحة، و قال أَبو عبد الرحمن: يقال لكل مصلح صنعة: هو آبِرُها، و إِنما قيل للملقِّح آبر لأَنه مصلح له؛ و أَنشد:
فَإِنْ أَنْتِ لم تَرْضَيْ بِسَعْيِيَ فَاتْرُكي             لي البيتَ آبرْهُ، و كُوني مَكانِيا

أَي أُصلحه، ابن الأَعرابي: أَبَرَ إِذا آذى و أَبَرَ إِذا اغتاب و أَبَرَ إِذا لَقَّحَ النخل و أَبَرَ أَصْلَح، و قال: المَأْبَر و المِئْبَر الحشُّ «4». تُلقّح به النخلة. و إِبرة الذراع: مُسْتَدَقُّها. ابن سيدة: و الإِبْرة عُظَيْم مستوٍ مع طَرَف الزند من الذراع إِلى طرف الإِصبع؛ و قيل: الإِبرة من الإِنسان طرف الذراع الذي يَذْرَعُ منه الذراع؛ و في التهذيب: إِبرَةُ الذراع طرف العظم الذي منه يَذْرَع الذارع، و طرف عظم العضد الذي يلي المرفق يقال له القبيح، و زُجّ المِرْفق بين القَبِيح و بين إِبرة الذراع، و أَنشد:
حتى تُلاقي الإِبرةُ القبيحا


و إِبرة الفرس: شَظِيّة لاصقة بالذراع ليست منها. و الإِبرة: عظم وَتَرة العُرْقوب، و هو عُظَيْم لاصق بالكعب. و إِبرة الفرس: ما انْحَدّ من عرقوبيه، و في عرقوبي الفرس إبرتان و هما حَدّ كل عرقوب من ظاهر. و الإِبْرة: مِسَلّة الحديد، و الجمع إِبَرٌ و إِبارٌ، قال القطامي:

و قوْلُ المرء يَنْفُذُ بعد حين             أَماكِنَ، لا تُجاوِزُها الإِبارُ

و صانعها أَبّار. و الإِبْرة: واحدة الإِبَر. التهذيب: و يقال للمِخْيط إبرة، و جمعها إِبَر، و الذي يُسوّي الإِبر يقال له الأَبّار، و أَنشد شمر في صفة الرياح لابن أَحمر:
أَرَبَّتْ عليها كُلُّ هَوْجاء سَهْوةٍ،             زَفُوفِ التوالي، رَحْبَةِ المُتَنَسِّم «5». إِبارِيّةٍ هَوْجاء مَوْعِدُهَا الضُّحَى،
إِذا أَرْزَمَتْ جاءت بِورْدٍ غَشَمْشَمِ             رَفُوفِ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفيّةٍ،
تَرى البِيدَ، من إِعْصافِها الجَرْي،             ترتمي تَحِنُّ و لم تَرْأَمْ فَصِيلًا، و إِن تَجِدْ
فَيَافِيَ غِيطان تَهَدَّجْ و تَرْأَمِ             إِذا عَصَّبَتْ رَسْماً، فليْسَ بدائم‏
به وَتِدٌ، إِلَّا تَحِلَّةَ مُقْسِمِ‏


و
في الحديث: المؤمِنُ كالكلبِ المأْبور.
و
في حديث‏
__________________________________________________
 (3). قوله: [أباع‏] لغة في باع كما قال ابن القطاع.
 (4). قوله: [الحش إلخ‏] كذا بالأَصل و لعله المحش.
 (5). قوله: [هوجاء] وقع في البيتين في جميع النسخ التي بأيدينا بلفظ واحد هنا و في مادة هرع و بينهما على هذا الجناس التام.

4
لسان العرب4

أبر ص 3

مالك بن دينار: و مثَلُ المؤمن مثَلُ الشاة المأْبورة.
أَي التي أَكلت الإِبرة في عَلَفها فَنَشِبَت في جوفها، فهي لا تأْكل شيئاً، و إِن أَكلت لم يَنْجَعْ فيها. و
في حديث علي، عليه السلام: و الذي فَلَقَ الحبة و بَرَأَ النَّسمَة لَتُخْضَبَنَّ هذه من هذه، و أَشار إِلى لحيته و رأْسه، فقال الناس: لو عرفناه أَبَرْنا عِتْرته.
أَي أَهلكناهم؛ و هو من أَبَرْت الكلب إِذا أَطعمته الإِبرة في الخبز. قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه الحافظ أَبو موسى الأَصفهاني في حرف الهمزة و عاد فأَخرجه في حرف الباء و جعله من البَوار الهلاك، و الهمزة في الأَوّل أَصلية، و في الثاني زائدة، و سنذكره هناك أَيضاً. و يقال للسان: مِئْبر و مِذْرَبٌ و مِفْصَل و مِقْول. و إِبرة العقرب: التي تلدَغُ بها، و في المحكم: طرف ذنبها. و أَبَرتْه تَأْبُرُه و تَأْبِرُه أَبْراً: لسعته أَي ضربته بإِبرتها. و
في حديث أَسماء بنت عُمَيْس: قيل لعلي: أَ لا تتزوّج ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فقال: ما لي صَفْراء و لا بيضاءُ، و لست بِمأْبُور في ديني فيُوَرِّي بها رسولُ الله صلى الله عليه و سلم، عني، إني لأَوّلُ من أَسلم.
؛ المأْبور: من أَبرته العقربُ أَي لَسَعَتْه بإِبرتها، يعني لست غير الصحيح الدين و لا المُتّهَمَ في الإِسلام فيَتَأَلّفني عليه بتزويجها إياي، و يروى بالثاء المثلثة و سنذكره. قال ابن الأَثير: و لو روي: لست بمأْبون، بالنون، لكان وجهاً. و الإِبْرَة و المِئْبَرَة، الأَخيرة عن اللحياني: النميمة. و المآبِرُ: النمائم و إفساد ذاتِ البين؛ قال النابغة:
و ذلك مِنْ قَوْلٍ أَتاكَ أَقُولُه،             و مِنْ دَسِّ أَعدائي إِليك المآبرا

و الإِبْرَةُ: فَسِيلُ المُقْل يعني صغارها، و جمعها إِبَرٌ و إِبَرات؛ الأَخيرة عن كراع. قال ابن سيدة: و عندي أَنه جَمْع جَمْعٍ كحُمُرات و طُرُقات. و المِئْبَر: ما رَقّ من الرمل؛ قال كثير عزة:
إِلى المِئْبَر الرّابي من الرّملِ ذي الغَضا             تَراها؛ و قد أَقْوَتْ، حديثاً قديمُها

و أَبَّرَ الأَثَر: عَفّى عليه من التراب. و
في حديث الشُّورى: أَنَّ الستة لما اجتمعوا تكلموا فقال قائل منهم في خطبته: لا تُؤَبِّروا آثارَكم فَتُولِتُوا دينكم.
؛ قال الأَزهري: هكذا رواه الرياشي بإسناد له في حديث طويل، و قال الرياشي: التّأْبِيرُ التعْفية و مَحْو الأَثر، قال: و ليس شي‏ء من الدواب يُؤَبِّر أَثره حتى لا يُعْرف طريقه إِلا التُّفَّة، و هي عَناق الأَرض؛ حكاه الهروي في الغريبين. و في ترجمة بأَر و ابْتَأَر الحَرُّ قدميه قال أَبو عبيد: في الابتئار لغتان يقال ابتأَرْتُ و أْتَبَرْت ابتئاراً و أْتِباراً؛ قال القطامي:
فإِن لم تَأْتَبِرْ رَشَداً قريشٌ،             فليس لسائِرِ الناسِ ائتِبَارُ

يعني اصطناع الخير و المعروف و تقديمه.
أتر:
الأُتْرُور: لغة في التُّؤْرُور مقلوب عنه.
أثر:
الأَثر: بقية الشي‏ء، و الجمع آثار و أُثور. و خرجت في إِثْره و في أَثَره أَي بعده. و أْتَثَرْتُه و تَأَثَّرْته: تتبعت أَثره؛ عن الفارسي. و يقال: آثَرَ كذا و كذا بكذا و كذا أَي أَتْبَعه إِياه؛ و منه قول متمم بن نويرة يصف الغيث:
فَآثَرَ سَيْلَ الوادِيَيْنِ بِدِيمَةٍ،             تُرَشِّحُ وَسْمِيّاً، من النَّبْتِ، خِرْوعا

أَي أَتبع مطراً تقدم بديمة بعده. و الأَثر، بالتحريك: ما بقي من رسم الشي‏ء. و التأْثير: إِبْقاءُ الأَثر في الشي‏ء. و أَثَّرَ في الشي‏ء: ترك فيه أَثراً. و الآثارُ: الأَعْلام. و الأَثِيرَةُ من الدوابّ: العظيمة

5
لسان العرب4

أثر ص 5

الأَثَر في الأَرض بخفها أَو حافرها بَيّنَة الإِثارَة. و حكى اللحياني عن الكسائي: ما يُدْرى له أَيْنَ أَثرٌ و ما يدرى له ما أَثَرٌ أَي ما يدرى أَين أَصله و لا ما أَصله. و الإِثارُ: شِبْهُ الشِّمال يُشدّ على ضَرْع العنز شِبْه كِيس لئلا تُعانَ. و الأُثْرَة، بالضم: أَن يُسْحَى باطن خف البعير بحديدة ليُقْتَصّ أَثرُهُ. و أَثَرَ خفَّ البعير يأْثُرُه أَثْراً و أَثّرَه: حَزَّه. و الأَثَرُ: سِمَة في باطن خف البعير يُقْتَفَرُ بها أَثَرهُ، و الجمع أُثور. و المِئْثَرَة و الثُّؤْرُور، على تُفعول بالضم: حديدة يُؤْثَرُ بها خف البعير ليعرف أَثرهُ في الأَرض؛ و قيل: الأُثْرة و الثُّؤْثور و الثَّأْثور، كلها: علامات تجعلها الأَعراب في باطن خف البعير؛ يقال منه: أَثَرْتُ البعيرَ، فهو مأْثور، و رأَيت أُثرَتَهُ و ثُؤْثُوره أَي موضع أَثَره من الأَرض. و الأَثِيرَةُ من الدواب: العظيمة الأَثرِ في الأَرض بخفها أَو حافرها. و
في الحديث: من سَرّه أَن يَبْسُطَ اللهُ في رزقه و يَنْسَأَ في أَثَرِه فليصل رحمه.
؛ الأَثَرُ: الأَجل، و سمي به لأَنه يتبع العمر؛ قال زهير:
و المرءُ ما عاش ممدودٌ له أَمَلٌ،             لا يَنْتَهي العمْرُ حتى ينتهي الأَثَرُ

و أَصله من أَثَّرَ مَشْيُه في الأَرض، فإِنَّ من مات لا يبقى له أَثَرٌ و لا يُرى لأَقدامه في الأَرض أَثر؛ و منه قوله للذي مر بين يديه و هو يصلي: قَطَع صلاتَنا قطع الله أَثره؛ دعا عليه بالزمانة لأَنه إِذا زَمِنَ انقطع مشيه فانقطع أَثَرُه. و أَما مِيثَرَةُ السرج فغير مهموزة. و الأَثَر: الخبر، و الجمع آثار. و قوله عز و جل: وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ
؛ أَي نكتب ما أَسلفوا من أَعمالهم و نكتب آثارهم أَي مَن سنّ سُنَّة حَسَنة كُتِب له ثوابُها، و مَن سنَّ سُنَّة سيئة كتب عليه عقابها، و سنن النبي، صلى الله عليه و سلم، آثاره. و الأَثْرُ: مصدر قولك أَثَرْتُ الحديث آثُرُه إِذا ذكرته عن غيرك. ابن سيدة: و أَثَرَ الحديثَ عن القوم يأْثُرُه و يَأْثِرُه أَثْراً و أَثارَةً و أُثْرَةً؛ الأَخيرة عن اللحياني: أَنبأَهم بما سُبِقُوا فيه من الأَثَر؛ و قيل: حدّث به عنهم في آثارهم؛ قال: و الصحيح عندي أَن الأُثْرة الاسم و هي المَأْثَرَةُ و المَأْثُرَةُ. و
في حديث عليّ في دعائه على الخوارج: و لا بَقِيَ منكم آثِرٌ.
أَي مخبر يروي الحديث؛ و روي هذا الحديث أَيضاً بالباء الموحدة، و قد تقدم؛ و منه‏
قول أَبي سفيان في حديث قيصر: لو لا أَن يَأْثُرُوا عني الكذب.
أَي يَرْوُون و يحكون. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه حلف بأَبيه فنهاه النبي، صلى الله عليه و سلم، عن ذلك، قال عمر: فما حلفت به ذاكراً و لا آثراً.
؛ قال أَبو عبيد: أَما قوله ذاكراً فليس من الذكر بعد النسيان إِنما أَراد متكلماً به كقولك ذكرت لفلان حديث كذا و كذا، و قوله و لا آثِراً يريد مخبراً عن غيري أَنه حلف به؛ يقول: لا أَقول إِن فلاناً قال و أَبي لا أَفعل كذا و كذا أَي ما حلفت به مبتدئاً من نفسي، و لا رويت عن أَحد أَنه حلف به؛ و من هذا قيل: حديث مأْثور أَي يُخْبِر الناسُ به بعضُهم بعضاً أَي ينقله خلف عن سلف؛ يقال منه: أَثَرْت الحديث، فهو مَأْثور و أَنا آثر؛ قال الأَعشى:
إِن الذي فيه تَمارَيْتُما             بُيِّنَ للسَّامِعِ و الآثِرِ

و يروى بَيَّنَ. و يقال: إِن المأْثُرة مَفْعُلة من هذا يعني المكرمة، و إِنما أُخذت من هذا لأَنها يأْثُرها قَرْنٌ عن قرن أَي يتحدثون بها. و
في حديث عليّ،

6
لسان العرب4

أثر ص 5

كرّم الله وجهه: و لَسْتُ بمأْثور في ديني.
أَي لست ممن يُؤْثَرُ عني شرّ و تهمة في ديني، فيكون قد وضع المأْثور مَوْضع المأْثور عنه؛ و روي هذا الحديث بالباء الموحدة، و قد تقدم. و أُثْرَةُ العِلْمِ و أَثَرَته و أَثارَتُه: بقية منه تُؤْثَرُ أَي تروى و تذكر؛ و قرئ: «1». أَو أَثْرَةٍ من عِلْم و أَثَرَةٍ من علم و أَثارَةٍ
، و الأَخيرة أَعلى؛ و قال الزجاج: أَثارَةٌ في معنى علامة و يجوز أَن يكون على معنى بقية من علم، و يجوز أَن يكون على ما يُؤْثَرُ من العلم. و يقال: أَو شي‏ء مأْثور من كتب الأَوَّلين، فمن قرأَ: أَثارَةٍ
، فهو المصدر مثل السماحة، و من قرأَ: أَثَرةٍ فإِنه بناه على الأَثر كما قيل قَتَرَةٌ، و من قرأَ: أَثْرَةٍ فكأَنه أَراد مثل الخَطْفَة و الرَّجْفَةِ. و سَمِنَتِ الإِبل و الناقة على أَثارة أَي على عتيق شحم كان قبل ذلك؛ قال الشماخ:
و ذاتِ أَثارَةٍ أَكَلَتْ عليه             نَباتاً في أَكِمَّتِهِ فَفارا

قال أَبو منصور: و يحتمل أَن يكون قوله أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ‏
 من هذا لأَنها سمنت على بقية شَحْم كانت عليها، فكأَنها حَمَلَت شحماً على بقية شحمها. و
قال ابن عباس: أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ‏
 إِنه علم الخط الذي كان أُوتيَ بعضُ الأَنبياء.
و سئل النبي، صلى الله عليه و سلم، عن الخط فقال: قد كان نبيّ يَخُط فمن وافقه خَطّه أَي عَلِمَ مَنْ وافَقَ خَطُّه من الخَطَّاطِين خَطَّ ذلك النبيّ، عليه السلام، فقد علِمَ عِلْمَه. و غَضِبَ على أَثارَةٍ قبل ذلك.
أَي قد كان «2». قبل ذلك منه غَضَبٌ ثم ازداد بعد ذلك غضباً؛ هذه عن اللحياني. و الأُثْرَة و المأْثَرَة و المأْثُرة، بفتح الثاء و ضمها: المكرمة لأَنها تُؤْثر أَي تذكر و يأْثُرُها قرن عن قرن يتحدثون بها، و في المحكم: المَكْرُمة المتوارثة. أَبو زيد: مأْثُرةٌ و مآثر و هي القدم في الحسب. و
في الحديث: أَلا إِنَّ كل دم و مأْثُرَةٍ كانت في الجاهلية فإِنها تحت قَدَمَيّ هاتين.
؛ مآثِرُ العرب: مكارِمُها و مفاخِرُها التي تُؤْثَر عنها أَي تُذْكَر و تروى، و الميم زائدة. و آثَرَه: أَكرمه. و رجل أَثِير: مكين مُكْرَم، و الجمع أُثَرَاءُ و الأُنثى أَثِيرَة. و آثَرَه عليه: فضله. و في التنزيل: لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا
. و أَثِرَ أَن يفعل كذا أَثَراً و أَثَر و آثَرَ، كله: فَضّل و قَدّم. و آثَرْتُ فلاناً على نفسي: من الإِيثار. الأَصمعي: آثَرْتُك إِيثاراً أَي فَضَّلْتُك. و فلان أَثِيرٌ عند فلان و ذُو أُثْرَة إِذا كان خاصّاً. و يقال: قد أَخَذه بلا أَثَرَة و بِلا إِثْرَة و بلا اسْتِئثارٍ أَي لم يستأْثر على غيره و لم يأْخذ الأَجود؛ و قال الحطيئة يمدح عمر، رضي الله عنه:
ما آثَرُوكَ بها إِذ قَدَّموكَ لها،             لكِنْ لأَنْفُسِهِمْ كانَتْ بها الإِثَرُ

أَي الخِيَرَةُ و الإِيثارُ، و كأَنَّ الإِثَرَ جمع الإِثْرَة و هي الأَثَرَة؛ و قول الأَعرج الطائي:
أَراني إِذا أَمْرٌ أَتَى فَقَضَيته،             فَزِعْتُ إِلى أَمْرٍ عليَّ أَثِير

قال: يريد المأْثور الذي أَخَذَ فيه؛ قال: و هو من‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و قرئ إلخ‏] حاصل القراءات ست: أثارة بفتح أو كسر، و أثرة بفتحتين، و أثرة مثلثة الهمزة مع سكون الثاء، فالأَثارة، بالفتح، البقية أي بقية من علم بقيت لكم من علوم الأَولين، هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به، و بالكسر من أثار الغبار أريد منها المناظرة لأنها تثير المعاني. و الأثرة بفتحتين بمعنى الاستئثار و التفرد، و الأثرة بالفتح مع السكون بناء مرة من رواية الحديث، و بكسرها معه بمعنى الأثرة بفتحتين و بضمها معه اسم للمأثور المرويّ كالخطبة انتهى ملخصاً من البيضاوي و زاده.
 (2). قوله: [قد كان إلخ‏] كذا بالأصل، و الذي في مادة خ ط ط منه: قد كان نبي يخط فمن وافق خطه علم مثل علمه، فلعل ما هنا رواية، و أي مقدمة على علم من مبيض المسودة.

7
لسان العرب4

أثر ص 5

قولهم خُذْ هذا آثِراً. و شي‏ء كثير أَثِيرٌ: إِتباع له مثل بَثِيرٍ. و اسْتأْثَرَ بالشي‏ء على غيره: خصَّ به نفسه و استبدَّ به؛ قال الأَعشى:
اسْتَأْثَرَ اللهُ بالوفاءِ و             بالعدْلِ، و وَلَّى المَلامَة الرجلا                                                                                                                                                                                                                                         و
في الحديث: إِذا اسْتأْثر الله بشي‏ء فَالْهَ عنه.
و رجل أَثُرٌ، على فَعُل، و أَثِرٌ: يسْتَأْثر على أَصحابه في القَسْم. و رجل أَثْر، مثال فَعْلٍ: و هو الذي يَسْتَأْثِر على أَصحابه، مخفف؛ و في الصحاح أَي يحتاج «1». لنفسه أَفعالًا و أَخلاقاً حَسَنَةً. و
في الحديث: قال للأَنصار: إِنكم ستَلْقَوْنَ بَعْدي أَثَرَةً فاصْبروا.
؛ الأَثَرَة، بفتح الهمزة و الثاء: الاسم من آثَرَ يُؤْثِر إِيثاراً إِذا أَعْطَى، أَراد أَنه يُسْتَأْثَرُ عليكم فَيُفَضَّل غيرُكم في نصيبه من الفي‏ء. و الاستئثارُ: الانفراد بالشي‏ء؛ و منه‏
حديث عمر: فو الله ما أَسْتَأْثِرُ بها عليكم و لا آخُذُها دونكم.
و
في حديثه الآخر لما ذُكر له عثمان للخلافة فقال: أَخْشَى حَفْدَه و أَثَرَتَه.
أَي إِيثارَه و هي الإِثْرَةُ، و كذلك الأُثْرَةُ و الأَثْرَة؛ و أَنشد أَيضاً:
ما آثروك بها إِذ قدَّموك لها،             لكن بها استأْثروا، إِذ كانت الإِثَرُ

و هي الأُثْرَى؛ قال:
فَقُلْتُ له: يا ذِئْبُ هَل لكَ في أَخٍ             يُواسِي بِلا أُثْرَى عَلَيْكَ و لا بُخْلِ؟

و فلان أَثيري أَي خُلْصاني. أَبو زيد: يقال قد آثَرْت أَن أَقول ذلك أُؤَاثرُ أَثْراً. و قال ابن شميل: إِن آثَرْتَ أَنْ تأْتينا فأْتنا يوم كذا و كذا، أَي إِن كان لا بد أَن تأْتينا فأْتنا يوم كذا و كذا. و يقال: قد أَثِرَ أَنْ يَفْعلَ ذلك الأَمر أَي فَرغ له و عَزَم عليه. و قال الليث: يقال لقد أَثِرْتُ بأَن أَفعل كذا و كذا و هو هَمٌّ في عَزْمٍ. و يقال: افعل هذا يا فلان آثِراً مّا؛ إِن اخْتَرْتَ ذلك الفعل فافعل هذا إِمَّا لا. و اسْتَأْثرَ الله فلاناً و بفلان إِذا مات، و هو ممن يُرجى له الجنة و رُجِيَ له الغُفْرانُ. و الأَثْرُ و الإِثْرُ و الأُثُرُ، على فُعُلٍ، و هو واحد ليس بجمع: فِرِنْدُ السَّيفِ و رَوْنَقُه، و الجمع أُثور؛ قال عبيد بن الأَبرص:
و نَحْنُ صَبَحْنَا عامِراً يَوْمَ أَقْبَلوا             سُيوفاً، عليهن الأُثورُ، بَواتِكا

و أَنشد الأَزهري:
كأَنَّهم أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمانِيةٌ،             عَضْبٌ مَضارِبُها باقٍ بها الأُثُرُ

و أَثْرُ السيف: تَسَلْسُلُه و ديباجَتُه؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
فإِنِّي إِن أَقَعْ بِكَ لا أُهَلِّكْ،             كَوَقْع السيفِ ذي الأَثَرِ الفِرِنْدِ

فإِن ثعلباً قال: إِنما أَراد ذي الأَثْرِ فحركه للضرورة؛ قال ابن سيدة: و لا ضرورة هنا عندي لأَنه لو قال ذي الأَثْر فسكنه على أَصله لصار مفاعَلَتُن إِلى مفاعِيلن، و هذا لا يكسر البيت، لكن الشاعر إِنما أَراد توفية الجزء فحرك لذلك، و مثله كثير، و أَبدل الفرنْدَ من الأَثَر. الجوهري: قال يعقوب لا يعرف الأَصمعي الأَثْر إِلا بالفتح؛ قال: و أَنشدني عيسى بن عمر لخفاف بن ندبة و ندبة أُمّه:
جَلاهَا الصيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها خِفافاً،             كلُّها يَتْقي بأَثْر

__________________________________________________
 (1). قوله: [أي يحتاج‏] كذا بالأصل. و نص الصحاح: رجل أثر، بالضم على فعل بضم العين، إذا كان يستأثر على أصحابه أي يختار لنفسه أخلاقاً إلخ.

8
لسان العرب4

أثر ص 5

أَي كلها يستقبلك بفرنده، و يَتْقِي مخفف من يَتَّقي، أَي إِذا نظر الناظر إِليها اتصل شعاعها بعينه فلم يتمكن من النظر إِليها، و يقال تَقَيْتُه أَتْقيه و اتَّقَيْتُه أَتَّقِيه. و سيف مأْثور: في متنه أَثْر، و قيل: هو الذي يقال إِنه يعمله الجن و ليس من الأَثْرِ الذي هو الفرند؛ قال ابن مقبل:
إِني أُقَيِّدُ بالمأْثُورِ راحِلَتي،             و لا أُبالي، و لو كنَّا على سَفَر

قال ابن سيدة: و عندي أَنَّ المَأْثور مَفْعول لا فعل له كما ذهب إِليه أَبو علي في المَفْؤُود الذي هو الجبان. و أُثْر الوجه و أُثُرُه: ماؤه و رَوْنَقُه و أَثَرُ السيف: ضَرْبَته. و أُثْر الجُرْح: أَثَرهُ يبقى بعد ما يبرأُ. الصحاح: و الأُثْر، بالضم، أَثَر الجرح يبقى بعد البُرء، و قد يثقل مثل عُسْرٍ و عُسُرٍ؛ و أَنشد:
عضب مضاربها باقٍ بها الأُثر

هذا العجز أَورده الجوهري:
بيضٌ مضاربها باقٍ بها الأَثر

و الصحيح ما أَوردناه؛ قال: و في الناس من يحمل هذا على الفرند. و الإِثْر و الأُثْر: خُلاصة السمْن إِذا سُلِئَ و هو الخَلاص و الخِلاص، و قيل: هو اللبن إِذا فارقه السمن؛ قال:
و الإِثْرَ و الضَّرْبَ معاً كالآصِيَه‏

الآصِيَةُ: حُساءٌ يصنع بالتمر؛ و روى الإِيادي عن أَبي الهيثم أَنه كان يقول الإِثر، بكسرة الهمزة، لخلاصة السمن؛ و أَما فرند السيف فكلهم يقول أُثْر. ابن بُزُرج: جاء فلان على إِثْرِي و أَثَري؛ قالوا: أُثْر السيف، مضموم: جُرْحه، و أَثَرُه، مفتوح: رونقه الذي فيه. و أُثْرُ البعير في ظهره، مضموم؛ و أَفْعَل ذلك آثِراً و أَثِراً. و يقال: خرجت في أَثَرِه و إِثْرِه، و جاء في أَثَرِهِ و إثِرِه، و في وجهه أَثْرٌ و أُثْرٌ؛ و قال الأَصمعي: الأُثْر، بضم الهمزة، من الجرح و غيره في الجسد يبرأُ و يبقى أَثَرُهُ. قال شمر: يقال في هذا أَثْرٌ و أُثْرٌ، و الجمع آثار، و وجهه إِثارٌ، بكسر الأَلف. قال: و لو قلت أُثُور كنت مصيباً. و يقال: أَثَّر بوجهه و بجبينه السجود و أَثَّر فيه السيف و الضَّرْبة. الفراء: ابدَأْ بهذا آثراً مّا، و آثِرَ ذي أَثِير، و أَثيرَ ذي أَثيرٍ أَي ابدَأْ به أَوَّل كل شي‏ء. و يقال: افْعَلْه آثِراً ما و أَثِراً ما أَي إِن كنت لا تفعل غيره فافعله، و قيل: افعله مُؤثراً له على غيره، و ما زائدة و هي لازمة لا يجوز حذفها، لأَن معناه افعله آثِراً مختاراً له مَعْنيّاً به، من قولك: آثرت أَن أَفعل كذا و كذا. ابن الأَعرابي: افْعَلْ هذا آثراً مّا و آثراً، بلا ما، و لقيته آثِراً مّا، و أَثِرَ ذاتِ يَدَيْن و ذي يَدَيْن و آثِرَ ذِي أَثِير أَي أَوَّل كل شي‏ء، و لقيته أَوَّل ذِي أَثِيرٍ، و إِثْرَ ذي أَثِيرٍ؛ و قيل: الأَثير الصبح، و ذو أَثيرٍ وَقْتُه؛ قال عروة بن الورد:
فقالوا: ما تُرِيدُ؟ فَقُلْت: أَلْهُو             إِلى الإِصْباحِ آثِرَ ذِي أَثِير

و حكى اللحياني: إِثْرَ ذِي أَثِيرَيْن و أَثَرَ ذِي أَثِيرَيْن و إِثْرَةً مّا. المبرد في قولهم: خذ هذا آثِراً مّا، قال: كأَنه يريد أَن يأْخُذَ منه واحداً و هو يُسامُ على آخر فيقول: خُذْ هذا الواحد آثِراً أَي قد آثَرْتُك به و ما فيه حشو ثم سَلْ آخَرَ. و في نوادر الأَعراب: يقال أَثِرَ فُلانٌ بقَوْل كذا و كذا و طَبِنَ و طَبِقَ و دَبِقَ و لَفِقَ و فَطِنَ، و ذلك إِذا أَبصر الشي‏ء و ضَرِيَ بمعرفته و حَذِقَه. و الأُثْرَة: الجدب و الحال غير المرضية؛ قال الشاعر:

9
لسان العرب4

أثر ص 5

إِذا خافَ مِنْ أَيْدِي الحوادِثِ أُثْرَةً،             كفاهُ حمارٌ، من غَنِيٍّ، مُقَيَّدُ

و منه‏
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: إِنكم ستَلْقَوْن بَعْدي أُثْرَةً فاصبروا حتى تَلْقَوني على الحوض.
و أَثَر الفَحْلُ الناقة يَأْثُرُها أَثْراً: أَكثَرَ ضِرابها.
أجر:
الأَجْرُ: الجزاء على العمل، و الجمع أُجور. و الإِجارَة: من أَجَر يَأْجِرُ، و هو ما أَعطيت من أَجْر في عمل. و الأَجْر: الثواب؛ و قد أَجَرَه الله يأْجُرُه و يأْجِرُه أَجْراً و آجَرَه الله إِيجاراً. و أْتَجَرَ الرجلُ: تصدّق و طلب الأَجر. و
في الحديث في الأَضاحي: كُلُوا و ادَّخِرُوا و أْتَجِروا.
أَي تصدّقوا طالبين لِلأَجْرِ بذلك. قال: و لا يجوز فيه اتَّجِروا بالإِدغام لأَن الهمزة لا تدغم في التاء لأَنَّه من الأَجر لا من التجارة؛ قال ابن الأَثير: و قد أَجازه الهروي في كتابه و استشهد عليه بقوله‏
في الحديث الآخر: إنّ رجلًا دخل المسجد و قد قضى النبي، صلى الله عليه و سلم، صلاتَه فقال: من يَتّجِر يقوم فيصلي معه، قال: و الرواية إِنما هي يأْتَجِر.
فإِن صح فيها يتجر فيكون من التجارة لا من الأَجر كأَنه بصلاته معه قد حصَّل لنفسه تِجارة أَي مَكْسَباً؛ و منه‏
حديث الزكاة: و من أَعطاها مُؤْتَجِراً بها.
و
في حديث أُم سلمة: آجَرَني الله في مصيبتي و أَخْلف لي خَيْراً منها.
؛ آجَرَه يُؤْجِرُه إِذا أَثابه و أَعطاه الأَجر و الجزاء، و كذلك أَجَرَه يَأْجُرُه و يأْجِرُه، و الأَمر منهما آجِرْني و أْجُرْني. و قوله تعالى: وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا
؛ قيل: هو الذِّكْر الحسن، و قيل: معناه أَنه ليس من أُمة من المسلمين و النصارى و اليهود و المجوس إلا و هم يعظمون إِبراهيم، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، و قيل: أَجْرُه في الدنيا كونُ الأَنبياء من ولده، و قيل: أَجْرُه الولدُ الصالح. و قوله تعالى: فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ‏
؛ الأَجر الكريمُ: الجنةُ. و أَجَرَ المملوكَ يأْجُرُه أَجراً، فهو مأْجور، و آجره، يؤجره إِيجاراً و مؤاجَرَةً، و كلٌّ حسَنٌ من كلام العرب؛ و آجرت عبدي أُوجِرُه إِيجاراً، فهو مُؤْجَرٌ. و أَجْرُ المرأَة: مَهْرُها؛ و في التنزيل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ‏
. و آجرتِ الأَمَةُ البَغِيَّةُ نفسَها مؤاجَرَةً: أَباحَت نفسَها بأَجْرٍ؛ و آجر الإِنسانَ و استأْجره. و الأَجيرُ: المستأْجَرُ، و جمعه أُجَراءُ؛ و أَنشد أَبو حنيفة:
و جَوْنٍ تَزْلَقُ الحِدْثانُ فيه،             إِذا أُجَرَاؤُه نَحَطُوا أَجابا

و الاسم منه: الإِجارةُ. و الأُجْرَةُ: الكراء. تقول: استأْجرتُ الرجلَ، فهو يأْجُرُني ثمانيَ حِجَجٍ أَي يصير أَجيري. و أْتَجَرَ عليه بكذا: من الأُجرة؛ و قال أَبو دَهْبَلٍ الجُمحِي، و الصحيح أَنه لمحمد بن بشير الخارجي:
يا أَحْسنَ الناسِ، إِلّا أَنّ نائلَها،             قِدْماً لمن يَرْتَجي معروفها، عَسِرُ
و إِنما دَلُّها سِحْرٌ تَصيدُ به،             و إِنما قَلْبُها للمشتكي حَجَرُ
هل تَذْكُريني؟ و لمَّا أَنْسَ عهدكُمُ،             و قدْ يَدومُ لعهد الخُلَّةِ الذِّكَرُ
قَوْلي، و رَكْبُكِ قد مالت عمائمُهُم،             و قد سقاهم بكَأْس النَّومَةِ السهرُ:
يا لَيْت أَني بأَثوابي و راحلتي             عبدٌ لأَهلِكِ، هذا الشهرَ، مُؤْتَجَرُ
إن كان ذا قَدَراً يُعطِيكِ نافلةً             منَّا و يَحْرِمُنا، ما أَنْصَفَ القَدَر

10
لسان العرب4

أجر ص 10

جِنِّيَّةٌ، أَوْ لَها جِنٌّ يُعَلِّمُها،             ترمي القلوبَ بقوسٍ ما لها وَتَرُ
قوله:
يا ليت أَني بأَثوابي و راحلتي‏
أَي مع أَثوابي. و آجرته الدارَ: أَكريتُها، و العامة تقول و أَجرْتُه. و الأُجْرَةُ و الإِجارَةُ و الأُجارة: ما أَعْطيتَ من أَجرٍ. قال ابن سيدة: و أُرى ثعلباً حكى فيه الأَجارة، بالفتح. و في التنزيل العزيز: عَلى‏ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ‏
؛ قال الفرّاءُ: يقول أَن تَجْعَلَ ثوابي أَن ترعى عليَّ غَنمي ثماني حِجَج؛ و روى يونس: معناها على أَن تُثِيبَني على الإِجارة؛ و من ذلك قول العرب: آجركَ اللهُ أَي أَثابك الله. و قال الزجاج في قوله: قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ
؛ أَي اتخذه أَجيراً؛ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ‏
؛ أَي خيرَ من استعملت مَنْ قَوِيَ على عَمَلِكَ و أَدَّى الأَمانة. قال و قوله: عَلى‏ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ‏
 أَي تكون أَجيراً لي. ابن السكيت: يقال أُجِرَ فلانٌ خمسةً من وَلَدِه أَي ماتوا فصاروا أَجْرَهُ. و أَجِرَتْ يدُه تأْجُر و تَأْجِرُ أَجْراً و إِجاراً و أُجوراً: جُبِرَتْ على غير استواء فبقي لها عَثْمٌ، و هو مَشَشٌ كهيئة الورم فيه أَوَدٌ؛ و آجَرَها هو و آجَرْتُها أَنا إِيجاراً. الجوهري: أَجَرَ العظمُ يأْجُر و يأْجِرُ أَجْراً و أُجوراً أَي برئَ على عَثْمٍ. و قد أُجِرَتْ يدُه أَي جُبِرَتْ، و آجَرَها اللهُ أَي جبرها على عَثْمٍ. و
في حديث ديَة التَّرْقُوَةِ: إِذا كُسِرَت بَعيرانِ، فإِن كان فيها أُجورٌ فأَربعة أَبْعِرَة.
؛ الأُجُورُ مصدرُ أُجِرَتْ يدُه تُؤْجَرُ أَجْراً و أُجوراً إِذا جُبرت على عُقْدَة و غير استواء فبقي لها خروج عن هيئتها. و المِئْجارُ: المِخْراقُ كأَنه فُتِلَ فَصَلُبَ كما يَصْلُبُ العظم المجبور؛ قال الأَخطل:
و الوَرْدُ يَرْدِي بِعُصْمٍ في شَرِيدِهِم،             كأَنه لاعبٌ يسعى بِمِئْجارِ
الكسائي: الإِجارةُ في قول الخليل: أَن تكون القافيةُ طاء و الأُخرى دالًا. و هذا من أُجِرَ الكَسْرُ إِذا جُبِرَ على غير استواءٍ؛ و هو فِعَالَةٌ من أَجَرَ يأْجُر كالإِمارةِ من أَمَرَ. و الأَجُورُ و اليَأْجُورُ و الآجِرُون [الآجُرُون‏] و الأُجُرُّ و الآجُرُّ [الآجِرُّ] و الآجُرُ [الآجِرُ]: طبيخُ الطين، الواحدة، بالهاء، أُجُرَّةٌ و آجُرَّةٌ و آجِرَّة؛ أَبو عمرو: هو الآجُر، مخفف الراء، و هي الآجُرَة. و قال غيره: آجِرٌ و آجُورٌ، على فاعُول، و هو الذي يبنى به، فارسي معرّب. قال الكسائي: العرب تقول آجُرَّة و آجُرٌّ للجمع، و آجُرَةُ و جمعها آجُرٌ، و أَجُرَةٌ و جمعها أَجُرٌ، و آجُورةٌ و جمعها آجُورٌ. و الإِجَّارُ: السَّطح، بلغة الشام و الحجاز، و جمع الإِجَّار أَجاجِيرُ و أَجاجِرَةٌ. ابن سيدة: و الإِجَّار و الإِجَّارةُ سطح ليس عليه سُتْرَةٌ. و
في الحديث: من بات على إِجَّارٍ ليس حوله ما يَرُدُّ قدميه فقد بَرِئَتْ منه الذمَّة.
الإِجَّارُ، بالكسر و التشديد: السَّطحُ الذي ليس حوله ما يَرُدُّ الساقِطَ عنه. و
في حديث محمد بن مسلمة: فإِذا جارية من الأَنصار على إِجَّارٍ لهم.
؛ و الإِنْجارُ، بالنون: لغة فيه، و الجمع الأَناجِيرُ. و
في حديث الهجرة: فَتَلَقَّى الناسُ رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، في السوق و على الأَجاجيرِ و الأَناجِيرِ.
؛ يعني السطوحَ، و الصوابُ في ذلك الإِجَّار. ابن السكيت: ما زال ذلك إِجِّيراهُ أَي عادته. و يقال لأُم إِسماعيلَ: هاجَرُ و آجَرُ، عليهما السلام.
أخر:
في أَسماء الله تعالى: الْآخِرُ
و المؤخِّرُ، فالآخِرُ هو الباقي بعد فناء خلقِه كله ناطقِه و صامتِه، و المؤخِّر

11
لسان العرب4

أخر ص 11

هو الذي يؤخر الأَشياءَ فَيضعُها في مواضِعها، و هو ضدّ المُقَدِّمِ، و الأُخُرُ ضد القُدُمِ. تقول: مضى قُدُماً و تَأَخَّرَ أُخُراً، و التأَخر ضدّ التقدّم؛ و قد تَأَخَّرَ عنه تَأَخُّراً و تَأَخُّرَةً واحدةً؛ عن اللحياني؛ و هذا مطرد، و إِنما ذكرناه لأَن اطِّراد مثل هذا مما يجهله من لا دُرْبَة له بالعربية. و أَخَّرْتُه فتأَخَّرَ، و استأْخَرَ كتأَخَّر. و في التنزيل: لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ*
؛ و فيه أَيضاً: وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ‏
؛ يقول: علمنا من يَستقدِم منكم إِلى الموت و من يَستأْخرُ عنه، و قيل: عَلِمنا مُستقدمي الأُمم و مُسْتأْخِريها، و قال ثعلبٌ: عَلمنا من يأْتي منكم إِلى المسجد متقدِّماً و من يأْتي متأَخِّراً، و
قيل: إِنها كانت امرأَةٌ حَسْنَاءُ تُصلي خَلْفَ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، فيمن يصلي في النساء، فكان بعضُ من يُصلي يَتأَخَّرُ في أَواخِرِ الصفوف، فإِذا سجد اطلع إليها من تحت إِبطه، و الذين لا يقصِدون هذا المقصِدَ إِنما كانوا يطلبون التقدّم في الصفوف لما فيه من الفضل.
و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال له: أَخِّرْ عني يا عمرُ.
؛ يقال: أَخَّرَ و تأَخَّرَ و قَدَّمَ و تقَدَّمَ بمعنًى؛ كقوله تعالى: لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ؛ أَي لا تتقدموا، و قيل: معناهُ أَخِّر عني رَأْيَكَ فاختُصِر إِيجازاً و بلاغة. و التأْخيرُ: ضدُّ التقديم. و مُؤَخَّرُ كل شي‏ء، بالتشديد: خلاف مُقَدَّمِه. يقال: ضرب مُقَدَّمَ رأْسه و مؤَخَّره. و آخِرَةُ العينَ و مُؤْخِرُها و مؤْخِرَتُها: ما وَليَ اللِّحاظَ، و لا يقالُ كذلك إِلا في مؤَخَّرِ العين. و مُؤْخِرُ العين مثل مُؤمِنٍ: الذي يلي الصُّدْغَ، و مُقْدِمُها: الذي يلي الأَنفَ؛ يقال: نظر إِليه بِمُؤْخِرِ عينه و بمُقْدِمِ عينه؛ و مُؤْخِرُ العين و مقدِمُها: جاء في العين بالتخفيف خاصة. و مُؤْخِرَةُ الرَّحْل و مُؤَخَّرَتُه و آخِرَته و آخِره، كله: خلاف قادِمته، و هي التي يَسْتنِدُ إِليها الراكب. و
في الحديث: إِذا وضَعَ أَحدكُم بين يديه مِثلَ آخِرة الرحلِ فلا يبالي مَنْ مرَّ وراءَه.
؛ هي بالمدّ الخشبة التي يَسْتنِدُ إِليها الراكب من كور البعير. و
في حديث آخَرَ: مِثْلَ مؤْخرة.
؛ و هي بالهمز و السكون لغة قليلة في آخِرَتِه، و قد منع منها بعضهم و لا يشدّد. و مُؤْخِرَة السرج: خلافُ قادِمتِه. و العرب تقول: واسِطُ الرحل للذي جعله الليث قادِمَه. و يقولون: مُؤْخِرَةُ الرحل و آخِرَة الرحل؛ قال يعقوب: و لا تقل مُؤْخِرَة. و للناقة آخِرَان و قادمان: فخِلْفاها المقدَّمانِ قادماها، و خِلْفاها المؤَخَّران آخِراها، و الآخِران من الأَخْلاف: اللذان يليان الفخِذَين؛ و الآخِرُ: خلافُ الأَوَّل، و الأُنثَى آخِرَةٌ. حكى ثعلبٌ: هنَّ الأَوَّلاتُ دخولًا و الآخِراتُ خروجاً. الأَزهري: و أَمَّا الآخِرُ، بكسر الخاء، قال الله عز و جل: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ‏
.
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال و هو يُمَجِّد الله: أنت الأَوَّلُ فليس قبلك شي‏ءٌ و أَنت الآخِرُ فليس بعدَك شي‏ء.
الليث: الآخِرُ و الآخرة نقيض المتقدّم و المتقدِّمة، و المستأْخِرُ نقيض المستقدم، و الآخَر، بالفتح: أَحد الشيئين و هو اسم على أَفْعَلَ، و الأُنثى أُخْرَى، إِلَّا أَنَّ فيه معنى الصفة لأَنَّ أَفعل من كذا لا يكون إِلا في الصفة. و الآخَرُ بمعنى غَير كقولك رجلٌ آخَرُ و ثوب آخَرُ، و أَصله أَفْعَلُ من التَّأَخُّر، فلما اجتمعت همزتان في حرف واحد استُثْقِلتا فأُبدلت الثانية أَلفاً لسكونها و انفتاح الأُولى قبلها. قال الأَخفش: لو جعلْتَ في الشعر آخِر مع جابر لجاز؛ قال ابن جني: هذا هو

12
لسان العرب4

أخر ص 11

الوجه القوي لأَنه لا يحققُ أَحدٌ همزة آخِر، و لو كان تحقيقها حسناً لكان التحقيقُ حقيقاً بأَن يُسمع فيها، و إِذا كان بدلًا البتة وجب أَن يُجْرى على ما أَجرته عليه العربُ من مراعاة لفظه و تنزيل هذه الهمزة منزلةَ الأَلِفِ الزائدة التي لا حظَّ فيها للهمز نحو عالِم و صابِرٍ، أَ لا تراهم لما كسَّروا قالوا آخِرٌ و أَواخِرُ، كما قالوا جابِرٌ و جوابِرُ؛ و قد جمع إمرؤ القيس بين آخَرَ و قَيصرَ توهَّمَ الأَلِفَ همزةً قال:
إِذا نحنُ صِرْنا خَمْسَ عَشْرَةَ ليلةً،             وراءَ الحِساءِ مِنْ مَدَافِعِ قَيْصَرَا
إِذا قُلتُ: هذا صاحبٌ قد رَضِيتُه،             و قَرَّتْ به العينانِ، بُدّلْتُ آخَرا

و تصغيرُ آخَر أُوَيْخِرٌ جَرَتِ الأَلِفُ المخففةُ عن الهمزة مَجْرَى أَلِفِ ضَارِبٍ. و قوله تعالى: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما
؛ فسَّره ثعلبٌ فقال: فمسلمان يقومانِ مقامَ النصرانيينِ يحلفان أَنهما اخْتَانا ثم يُرْتجَعُ على النصرانِيَّيْن، و قال الفراء: معناه أَو آخَرانِ من غير دِينِكُمْ من النصارى و اليهودِ و هذا للسفر و الضرورة لأَنه لا تجوزُ شهادةُ كافرٍ على مسلمٍ في غير هذا، و الجمع بالواو و النون، و الأُنثى أُخرى. و قوله عز و جل: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى‏
؛ جاء على لفظ صفةِ الواحدِ لأَن مآربَ في معنى جماعةٍ أُخرى من الحاجاتِ و لأَنه رأُس آية، و الجمع أُخْرَياتٌ و أُخَرُ. و قولهم: جاء في أُخْرَيَاتِ الناسِ و أُخرى القومِ أَي في أَواخِرهِم؛ و أَنشد:
أَنا الذي وُلِدْتُ في أُخرى الإِبلْ‏
و قال الفراءُ في قوله تعالى: وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ‏
؛ مِنَ العربِ مَنْ يَقولُ في أُخراتِكُمْ و لا يجوزُ في القراءةِ. الليث: يقال هذا آخَرُ و هذه أُخْرَى في التذكير و التأْنيثِ، قال: و أُخَرُ جماعة أُخْرَى. قال الزجاج في قوله تعالى: و أُخَرُ من شكله أَزواجٌ؛ أُخَرُ لا ينصرِفُ لأَن وحدانَها لا تنصرِفُ، و هو أُخْرًى و آخَرُ، و كذلك كلُّ جمع على فُعَل لا ينصرِفُ إِذا كانت وُحدانُه لا تنصرِفُ مِثلُ كُبَرَ و صُغَرَ؛ و إذا كان فُعَلٌ جمعاً لِفُعْلةٍ فإِنه ينصرِفُ نحو سُتْرَةٍ و سُتَرٍ و حُفْرَةٍ و حُفْرٍ، و إذا كان فُعَلٌ اسماً مصروفاً عن فاعِلٍ لم ينصرِفْ في المعرفة و يَنْصَرِفُ في النَّكِرَةِ، و إذا كان اسماً لِطائِرٍ أَو غيره فإِنه ينصرفُ نحو سُبَدٍ و مُرَعٍ، و ما أَشبههما. و قرئ: وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ‏
؛ على الواحدِ. و قوله: وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى‏
؛ تأْنيث الآخَر، و معنى آخَرُ شي‏ءٌ غيرُ الأَوّلِ؛ و قولُ أَبي العِيالِ:
إِذا سَنَنُ الكَتِيبَةِ صَدَّ،             عن أُخْراتِها، العُصَبُ‏

قال السُّكَّريُّ: أَراد أُخْرَياتِها فحذف؛ و مثله ما أَنشده ابن الأَعرابي:
و يتَّقي السَّيفَ بأُخْراتِه،             مِنْ دونِ كَفِّ الجارِ و المِعْصَمِ‏

قال ابن جني: و هذا مذهبُ البَغدادِيينَ، أَ لا تَراهم يُجيزُون في تثنية قِرْقِرَّى قِرْقِرَّانِ، و في نحو صَلَخْدَى صَلَخْدانِ؟ إِلَّا أَنَّ هذا إِنَّما هو فيما طال من الكلام، و أُخْرَى ليست بطويلةٍ. قال: و قد يمكنُ أَن تكون أُخْراتُه واحدةً إِلَّا أَنَّ الأَلِفَ مع الهاءِ تكونُ لغير التأْنيثِ، فإِذا زالت الهاءُ صارتِ الأَلفُ حينئذ للتأْنيثِ، و مثلُهُ بُهْمَاةٌ، و لا يُنكرُ أَن تقدَّرَ الأَلِفُ الواحدةُ في حالَتَيْنِ ثِنْتَيْنِ تقديرينِ اثنينِ، أَ لَا ترى إِلى قولهم عَلْقَاةٌ بالتاء؟ ثم‏

13
لسان العرب4

أخر ص 11

قال العجاج:
فَحَطَّ في عَلْقَى و في مُكُور

فجعلها للتأْنيث و لم يصرِفْ. قال ابن سيدة: و حكى أَصحابُنا أَنَّ أَبا عبيدة قال في بعض كلامه: أُراهم كأَصحابِ التصريفِ يقولون إِنَّ علامة التأْنيثِ لا تدخلُ على علامة التأْنيثِ؛ و قد قال العجاج:
فحط في علقى و في مكور

فلم يصرِفْ، و هم مع هذا يقولون عَلْقَاة، فبلغ ذلك أَبا عثمانَ فقال: إنَّ أَبا عبيدة أَخفى مِن أَن يَعرِف مثل هذا؛ يريد ما تقدَّم ذكرهُ من اختلافِ التقديرين في حالَيْنِ مختلِفينِ. و قولُهُم: لا أَفْعلهُ أُخْرَى الليالي أَي أَبداً، و أُخْرَى المنونِ أَي آخِرَ الدهرِ؛ قال:
و ما القومُ إِلَّا خمسةٌ أَو ثلاثةٌ،             يَخُوتونَ أُخْرَى القومِ خَوْتَ الأَجادلِ‏

أَي مَنْ كان في آخِرهم. و الأَجادلُ: جمع أَجْدلٍ الصَّقْر. و خَوْتُ البازِي: انقضاضُهُ للصيدِ؛ قال ابنُ بَرِّي: و في الحاشية بيتٌ شاهدٌ على أُخْرَى المنونِ ليس من كلام الجوهريّ، و هو لكعب بن مالِكٍ الأَنصارِيّ، و هو:
أَن لا تزالوا، ما تَغَرَّدَ طائِرٌ             أُخْرَى المنونِ، مَوالياً إِخوانا

قال ابن بري: و قبله:
أَ نَسيِتُمُ عَهْدَ النَّبيِّ إِليكُمُ،             و لقد أَلَظَّ و أَكَّدَ الأَيْمانا؟

و أُخَرُ: جمع أُخْرَى، و أُخْرَى: تأْنيثُ آخَرَ، و هو غيرُ مصروفٍ. و قال تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ*
، لأَن أَفْعَلَ الذي معه مِنْ لا يُجْمَعُ و لا يؤنَّثُ ما دامَ نَكِرَةً، تقولُ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ منك و بامرأَةٍ أَفضل منك، فإِن أَدْخَلْتَ عليه الأَلِفَ و اللَام أَو أَضفتَه ثَنَّيْتَ و جَمَعْتَ و أَنَّثْت، تقولُ: مررتُ بالرجلِ الأَفضلِ و بالرجال الأَفضلِينَ و بالمرأَة الفُضْلى و بالنساءِ الفُضَلِ، و مررتُ بأَفضَلهِم و بأَفضَلِيهِم و بِفُضْلاهُنَّ و بفُضَلِهِنَّ؛ و قالت امرأَةٌ من العرب: صُغْراها مُرَّاها؛ و لا يجوز أَن تقول: مررتُ برجلٍ أَفضلَ و لا برجالٍ أَفضَلَ و لا بامرأَةٍ فُضْلَى حتى تصلَه بمنْ أَو تُدْخِلَ عليه الأَلفَ و اللامَ و هما يتعاقبان عليه، و ليس كذلك آخَرُ لأَنه يؤنَّثُ و يُجْمَعُ بغيرِ مِنْ، و بغير الأَلف و اللامِ، و بغير الإِضافةِ، تقولُ: مررتُ برجل آخر و برجال أُخَرَ و آخَرِين، و بامرأَة أُخْرَى و بنسوة أُخَرَ، فلما جاء معدولًا، و هو صفة، مُنِعَ الصرفَ و هو مع ذلك جمعٌ، فإِن سَمَّيْتَ به رجلًا صرفتَه في النَّكِرَة عند الأَخفشِ، و لم تَصرفْه عند سيبويه؛ و قول الأَعشى:
و عُلِّقَتْني أُخَيْرَى ما تُلائِمُني،             فاجْتَمَعَ الحُبُّ حُبٌّ كلُّه خَبَلُ‏

تصغيرُ أُخْرَى. و الأُخْرَى و الآخِرَةُ: دارُ البقاءِ، صفةٌ غالبة. و الآخِرُ بعدَ الأَوَّلِ، و هو صفة، يقال: جاء أَخَرَةً و بِأَخَرَةٍ، بفتح الخاءِ، و أُخَرَةً و بأُخَرةٍ؛ هذه عن اللحياني بحرفٍ و بغير حرفٍ أَي آخرَ كلِّ شي‏ءٍ. و
في الحديث: كان رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، يقولُ: بِأَخَرَةٍ إِذا أَراد أَن يقومَ من المجلِسِ كذا و كذا.
أَي في آخِر جلوسه. قال ابن الأَثير: و يجوز أَن يكون في آخِرِ عمرِه، و هو بفتح الهمزة و الخاءُ؛ و منه‏
حديث أَبي هريرة: لما كان بِأَخَرَةٍ.
و ما عَرَفْتُهُ إِلَّا بأَخَرَةٍ أَي أَخيراً. و يقال: لقيتُه أَخيراً و جاء أُخُراً و أَخيراً و أُخْرِيّاً و إِخرِيّاً و آخِرِيّا

14
لسان العرب4

أخر ص 11

و بآخِرَةٍ، بالمدّ، أَي آخِرَ كلِّ شي‏ء، و الأُنثى آخِرَةٌ، و الجمع أَواخِرُ. و أَتيتُكَ آخِر مرتينِ و آخِرَةَ مرتينِ؛ عن ابن الأَعرابي، و لم يفسر آخِر مرتين و لا آخرَةَ مرتين؛ قال ابن سيدة: و عندي أَنها المرَّةُ الثانيةُ من المرَّتين. و شقَّ ثوبَه أُخُراً و من أُخُرٍ أَي من خلف؛ و قال إمرؤ القيس يصفُ فرساً حِجْراً:
و عينٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ،             شُقَّتْ مآقِيهِما مِنْ أُخُرْ

و عين حَدْرَةٌ أَي مُكْتَنِزَةٌ صُلْبة. و البَدْرَةُ: التي تَبْدُر بالنظر، و يقال: هي التامة كالبَدْرِ. و معنى شُقَّتْ من أُخُرٍ: يعني أَنها مفتوحة كأَنها شُقَّتْ من مُؤْخِرِها. و بعتُه سِلْعَة بِأَخِرَةٍ أَي بنَظِرَةٍ و تأْخيرٍ و نسيئة، و لا يقالُ: بِعْتُه المتاعَ إِخْرِيّاً. و يقال في الشتم: أَبْعَدَ اللهُ الأَخِرَ، بكسر الخاء و قصر الأَلِف، و الأَخِيرَ و لا تقولُه للأُنثى. و حكى بعضهم: أَبْعَدَ اللهُ الآخِرَ، بالمد، و الآخِرُ و الأَخِيرُ الغائبُ. شمر في قولهم: إِنّ الأَخِرَ فَعَلَ كذا و كذا، قال ابن شميل: الأَخِرُ المؤَخَّرُ المطروحُ؛ و قال شمر: معنى المؤَخَّرِ الأَبْعَدُ؛ قال: أُراهم أَرادوا الأَخِيرَ فأَنْدَروا الياء. و
في حديث ماعِزٍ: إِنَّ الأَخِرَ قد زنى.
؛ الأَخِرُ، بوزن الكَبِد، هو الأَبعدُ المتأَخِّرُ عن الخير. و يقال: لا مرحباً بالأَخِر أَي بالأَبعد؛ ابن السكيت: يقال نظر إِليَّ بِمُؤْخِرِ عينِه. و ضَرَبَ مُؤَخَّرَ رأْسِه، و هي آخِرَةُ الرحلِ. و المِئخارُ: النخلةُ التي يبقى حملُها إلى آخِرِ الصِّرام: قال:
ترى الغَضِيضَ المُوقَرَ المِئخارا،             مِن وَقْعِه، يَنْتَثِرُ انتثاراً

و يروى:
ترى العَضِيدَ و العَضِيضَ.

و قال أَبو حنيفة: المئخارُ التي يبقى حَمْلُها إِلى آخِرِ الشتاء، و أَنشد البيت أَيضاً. و
في الحديث: المسأَلةُ أَخِرُ كَسْبِ المرءِ.
أَي أَرذَلُه و أَدناهُ؛ و يروى بالمدّ، أَي أَنّ السؤالَ آخِرُ ما يَكْتَسِبُ به المرءُ عند العجز عن الكسب.
أدر:
الأُدْرَةُ، بالضم: نفخةٌ في الخُصْيةِ؛ يقال: رجل آدَرُ بَيِّنُ الأَدَرِ. غيرُه: الأَدَرُ و المأْدُورُ الذي يَنْفَتِقُ صِفاقُهُ فيَقعُ قُصْبُه و لا يَنْفَتِقُ إِلَّا من جانبه الأَيسرِ، و قيل: هو الذي يُصيبهُ فَتْقٌ في إِحدى الخُصْيتينِ، و لا يقال امرأَةٌ أَدْراءُ، إِما لأَنه لم يُسْمَعْ، و إِما أَن يكون لاختلاف الخِلْقَة؛ و قد أَدِرَ يأْدَرُ أَدَراً، فهو آدَرُ، و الاسم الأُدْرَةُ؛ و قيل: الأَدَرَةُ الخُصْيَةُ، و الخُصْيَةُ الأَدْراءُ: العظيمةُ من غير فَتْقٍ. و
في الحديث: أَنَّ رجلًا أَتاه و به أُدْرَةٌ.
فقال: ائْتِ بِعُسٍّ، فحَسا منه ثم مَجَّه فيه، و قال: انْتَضِحْ به، فذهبت عنه الأُدْرَةُ. و رجل آدَرُ: بَيِّنُ الأَدَرَةِ، بفتح الهمزة و الدال، و هي التي تسميها الناسُ القَيْلَةَ. و منه‏
الحديث: إِن بني إِسرائيلَ كانوا يقولونَ إِن موسى آدَرُ، من أَجل أَنه كان لا يغتَسل إِلَّا وحدَه.
و فيه نزل قوله تعالى: لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى «2». الليث: الأَدَرَةُ و الأَدَرُ مصدران، و الأُدْرَةُ اسم تلك المنْتَفِخَة، و الآدَرُ نَعْتٌ.
أرر:
الإِرَارُ و الأَرُّ: غُصْنٌ من شوك أَو قَتادٍ تُضْرَبُ به الأَرضُ حتى تلينَ أَطرافُه ثم تَبُلُّه و تَذُرُّ عليه مِلحاً، ثم تُدخِلُه في رَحِم الناقةِ إِذا مارَنَتْ فلم تَلْقَحْ، و قد أَرَّها يَؤُرُّها أَرّاً. قال الليث: الإِرارُ شِبهُ ظُؤْرَةٍ يَؤُرُّ بها الراعي رَحِمَ الناقةِ إِذا مارَنَتْ، و ممارَنَتُها أَن يَضْرِبَها الفَحلُ فلا تَلْقَحَ.
__________________________________________________
 (2). الآية.

15
لسان العرب4

أرر ص 15

قال: و تفسيرُ قوله يَؤُرُّها الراعي هو أَن يُدْخِلَ يَدَه في رَحمِها أَو يَقْطَعَ ما هناك و يعالجه. و الأَرُّ: أَن يَأْخُذَ الرجلُ إِراراً، و هو غصنٌ من شوك القَتادِ و غيره، و يفعَلَ به ما ذكرناه. و الأَرُّ: الجماع. و
في خطبة عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: يُفْضي كإِفضْاءِ الدِّيَكةِ و يَؤُرُّ بِملاقِحِه.
؛ الأَرُّ: الجماع. و أَرَّ المرأَةَ يَؤُرُّها أَرّاً: نَكحها. غيره: و أَرَّ فلان إِذا شَفْتَنَ؛ و منه قوله:
و ما النَّاسُ إِلَّا آئِرٌ و مَئِيرُ
قال أَبُو منصور: معنى شَفْتَنَ ناكَحَ و جامَع، جعل أَرَّ و آرَ بمعنًى واحِد. أَبو عبيد: أَرَرْتُ المرأَةَ أَؤُرُّها أَرّاً إِذا نكحتها. و رجل مِئَرٌّ: كثير النكاح؛ قالت بنت الحُمارِس أَو الأَغْلب: بَلَّتْ به عُلابِطاً مِئَرّا، ضَخْمَ الكَراديس وَأًى زِبِرَّا أَبو عبيد: رجل مِئَرٌّ أَي كثير النكاح مأْخوذ من الأَيْر؛ قال الأَزهري: أَقرأَنيه الإِياديُّ عن شمر لأَبي عبيد، قال: و هو عندي تصحيف و الصواب مِيأَرٌ، بوزن مِيعَرٍ، فيكون حينئذٍ مِفْعَلًا من آرَها يَئِيرُها أَيْراً؛ و إِن جعلته من الأَرِّ قلت: رجل مِئَرُّ؛ و أَنشد أَبو بكر بن محمد بن دريد أَبيات بنت الحمارس أَو الأَغلب. و اليُؤْرُورُ: الجِلْوازُ، و هو من ذلك عند أَبي علي. و الأَريرُ: حكاية صوت الماجِن عند القِمارِ و الغَلَبة، يقال: أَرَّ يَأَرُّ أَريراً. أَبو زيد: ائْتَرَّ الرجل ائْتِراراً إِذا استَعْجل؛ قال أَبو منصور: لا أَدري هو بالزاي أَم بالراء؛ و قد أَرَّ يَؤُرُّ. الإِرَّة: النار. و أَرَّ سَلْحَه أَرّاً و أَرَّ هو نَفْسُه إِذا اسْتَطْلَقَ حتى يموتَ. و أَرْأَرْ: من دُعاءِ الغنم.
أزر:
أَزَرَ به الشي‏ءُ: أَحاطَ؛ عن ابن الأَعرابي. و الإِزارُ: معروف. و الإِزار: المِلْحَفَة، يذكر و يؤنث؛ عن اللحياني؛ قال أَبو ذؤيب:
تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتيلِ و بَزِّه،             و قَدْ عَلِقَتْ دَمَ القَتِيل إِزارُها

يقول: تَبَرَّأُ من دم القَتِيل و تَتَحَرَّجُ و دمُ القتيل في ثوبها. و كانوا إِذا قتل رجل رجلًا قيل: دم فلان في ثوب فلان أَي هو قتله، و الجمع آزِرَةٌ مثل حِمار و أَحْمِرة، و أُزُر مثل حمار و حُمُر، حجازية؛ و أُزْر: تميمية على ما يُقارب الاطِّراد في هذا النحو. و الإِزارَةُ: الإِزار، كما قالوا للوِساد وسادَة؛ قال الأَعشى:
كَتَمايُلِ، النَّشْوانِ يَرْفُلُ             في البَقيرَة و الإِزارَه‏

قال ابن سيدة: و قول أَبي ذؤيب:
و قد عَلِقَتْ دَمَ القَتِيلِ إِزارُها
يجوز أَن يكون على لغة من أَنَّث الإِزار، و يجوز أَن يكون أَراد إِزارَتَها فحذف الهاء كما قالوا ليت شِعْري، أَرادوا ليت شِعْرتي، و هو أَبو عُذْرِها و إنما المقول ذهب بعُذْرتها. و الإِزْرُ و المِئْزَرُ و المِئْزَرَةُ: الإِزارُ؛ الأَخيرة عن اللحياني. و
في حديث الاعتكاف: كان إِذا دخل العشرُ الأَواخرُ أَيقظ أَهله و شَدَّ المئْزَرَ.
؛ المئزَرُ: الإِزار، و كنى بشدّه عن اعتزال النساء، و قيل: أَراد تشميره للعبادة. يقال: شَدَدْتُ لهذا الأَمر مِئْزَري أَي تشمرت له؛ و قد ائْتَزَرَ به و تأَزَّرَ. و ائْتَزَرَ فلانٌ إزْرةً حسنةً و تأَزَّرَ: لبس المئزر، و هو مثل الجِلْسَةٍ و الرِّكْبَةِ، و يجوز أَن تقول: اتَّزَرَ بالمئزر أَيضاً فيمن يدغم الهمزة في التاء، كما تقول: اتَّمَنْتُهُ، و الأَصل ائْتَمَنْتُهُ. و يقال: أَزَّرْتهُ تأْزيرا

16
لسان العرب4

أزر ص 16

فَتَأَزَّرَ. و
في حديث المْبعثَ: قال له ورقة إِنْ يُدْرِكْني يومُك أَنْصُرْك نَصْراً مُؤَزَّراً.
أَي بالغاً شديداً يقال: أَزَرَهُ و آزَرَهُ أَعانه و أَسعده، من الأَزْر: القُوَّةِ و الشِّدّة؛ و منه‏
حديث أَبي بكر أَنه قال للأَنصار يوم السَّقِيفَةِ: لقد نَصَرْتُم و آزَرْتُمْ و آسَيْتُمْ.
الفرّاء: أَزَرْتُ فلاناً آزُرُه أَزْراً قوّيته، و آزَرْتُه عاونته، و العامة تقول: وازَرْتُه. و قرأَ ابن عامر: فَأَزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ، على فَعَلَهُ، و قرأَ سائر القرّاء: فَآزَرَهُ‏
. و قال الزجاج: آزَرْتُ الرجلَ على فلان إِذا أَعنته عليه و قوّيته. قال: و قوله فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ
؛ أَي فآزَرَ الصغارُ الكِبارَ حتى استوى بعضه مع بعض. و إِنه لحَسَنُ الإِزْرَةِ: من الإِزارِ؛ قال ابن مقبل:
مثلَ السِّنان نَكيراً عند خِلَّتِهِ             لكل إِزْرَةِ هذا الدهر ذَا إِزَرِ.

و جمعُ الإِزارِ أُزُرٌ. و أَزَرْتُ فلاناً إِذا أَلبسته إِزاراً فَتَأَزَّرَ تَأَزُّراً. و
في الحديث: قال الله تعالى: العَظَمَة إِزاري و الكِبْرياء ردائي.
؛ ضرب بهما مثلًا في انفراده بصفة العظمة و الكبرياء أَي ليسا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازاً كالرحمة و الكرم و غيرهما، و شَبَّهَهُما بالإِزار و الرداء لأَن المتصف بهما يشتملانه كما يشتمل الرداءُ الإِنسان، و أَنه لا يشاركه في إِزاره و ردائه أَحدٌ، فكذلك لا ينبغي أَن يشاركه اللهَ تعالى في هذين الوصفين أَحدٌ. و منه‏
الحديث الآخر: تَأَزَّرَ بالعَظَمَةِ و تَردّى بالكبرياء و تسربل بالعز.
؛ و
فيه: ما أَسْفَلَ من الكعبين من الإِزارِ فَفِي النار.
أَي ما دونه من قدَم صاحبه في النار عقوبةً له، أَو على أَن هذا الفعل معدود في أَفعال أَهل النار؛ و منه‏
الحديث: إِزْرَةُ المؤمن إلى نصف الساق و لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين.
؛ الإِزرة، بالكسر: الحالة و هيئة الائتزار؛ و منه‏
حديث عثمان: قال له أَبانُ بنُ سعيد: ما لي أَراك مُتَحَشِّفاً؟ أَسْبِلْ، فقال: هكذا كان إِزْرَةُ صاحبنا.
و
في الحديث: كان يباشر بعض نسائه و هي مُؤْتَزِرَةٌ في حالة الحيض.
؛ أَي مشدودة الإِزار. قال ابن الأَثير: و قد جاء
في بعض الروايات و هي مُتَّزِرَةٌ.
قال: و هو خطأٌ لأَن الهمزة لا تدغم في التاء. و الأُزْرُ: مَعْقِدُ الإِزارِ، و قيل: الإِزار كُلُّ ما واراك و سَتَرك؛ عن ثعلب. و حكي عن ابن الأَعرابي: رأَيت السَّرَوِيَّ «3» يمشي في داره عُرْياناً، فقلت له: عرياناً؟ فقال: داري إِزاري. و الإِزارُ: العَفافُ، على المثل؛ قال عديّ بن زيد:
أَجْلِ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ             فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بِإِزارِ

أَبو عبيد: فلان عفيف المِئْزَر و عفيف الإِزارِ إِذا وصف بالعفة عما يحرم عليه من النساء، و يكنى بالإِزار عن النفس و عن المرأَة؛ و منه‏
قول نُفَيْلَةَ الأَكبر الأَشْجعيّ، و كنيته أَبو المِنْهالِ، و كان كتب إِلى عمر بن الخطاب أَبياتاً من الشعر يشير فيها إلى رجل، كان والياً على مدينتهم، يخرج الجواريَ إِلى سَلْعٍ عند خروج أَزواجهن إِلى الغزو، فيَعْقِلُهُن و يقول لا يمشي في العِقال إِلا الحِصَان، فربما وقعت فتكشفت، و كان اسم هذا الرجل جعدة بن عبد الله السلمي؛ فقال:
أَلا أَبلِغْ، أَبا حَفْصٍ، رسولًا             فِدىً لك، من أَخي ثِقَةٍ، إِزاري‏
قَلائِصَنَا، هداك الله، إِنا             شُغِلْنَا عنكُمُ زَمَنَ الحِصَارِ

_________________________________________________
 (3). قوله [السروي‏] هكذا بضبط الأصل.

17
لسان العرب4

أزر ص 16

فما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ،             قَفَا سَلْعٍ، بِمُخْتَلَفِ النِّجار
قلائِصُ من بني كعب بن عمرو،             و أَسْلَمَ أَو جُهَيْنَةَ أَو غِفَارِ
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ من سُلَيمٍ،             غَوِيٌّ يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارِي‏
يُعَقّلُهُنَّ أَبيضُ شَيْظَمِيٌّ،             و بِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الخِيَارِ

و كنى بالقلائص عن النساء و نصبها على الإِغراء، فلما وقف عمر، رضي الله عنه، على الأَبيات عزله و سأَله عن ذلك الأَمر فاعترف، فجلده مائةً مَعْقُولًا و أَطْرَدَهُ إلى الشام، ثم سئل فيه فأَخرجه من الشام و لم يأْذن له في دخول المدينة، ثم سئل فيه أَن يدخل لِيُجَمِّعَ، فكان إِذا رآه عمر توعده؛ فقال:
 أَ كُلَّ الدَّهرِ جَعْدَةُ مُسْتحِقٌّ،             أَبا حَفْصٍ، لِشَتْمٍ أَو وَعِيدِ؟
فَمَا أَنا بالْبَري‏ء بَرَاه عُذْرٌ،             و لا بالخَالِعِ الرَّسَنِ الشَّرُودِ.

و قول جعدة قوله «1». بن عبد الله السلمي:
 فِدىً لك، من أَخي ثقة، إِزاري.

أَي أَهلي و نفسي؛ و قال أَبو عمرو الجَرْمي: يريد بالإِزار هاهنا المرأَة. و
في حديث بيعة العقبة: لَنَمْنَعَنَّك مما نمنع منه أُزُرَنا.
أَي نساءنا و أَهلنا، كنى عنهن بالأُزر، و قيل: أَراد أَنفسنا. ابن سيدة: و الإِزارُ المرأَة، على التشبيه؛ أَنشد، الفارسي:
كَانَ منها بحيث تُعْكَى الإِزارُ

و فرسٌ آزَرُ: أَبيض العَجُز، و هو موضع الإِزار من الإِنسان. أَبو عبيدة: فرس آزَرُ، و هو الأَبيض الفخذَين و لونُ مقاديمه أَسودُ أَو أَيُّ لون كان. و الأَزْرُ: الظهر و القوّة؛ و قال البعيث:
شَدْدَتُ له أَزْري بِمِرَّةِ حازمٍ             على مَوْقِعٍ من أَمره ما يُعاجِلُهْ‏

ابن الأَعرابي في قوله تعالى: اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‏
؛ قال الأَزر القوّة، و الأَزْرُ الظَّهْرُ، و الأَزر الضعف. و الإِزْرُ، بكسر الهمزة: الأَصل. قال: فمن جعل الأَزْرَ القوّة قال في قوله اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‏
 أَي اشدد به قوّتي، و من جعله الظهر قال شدّ به ظهري، و من جعله الضَّعْف قال شدّ به ضعفي و قوِّ به ضعفي؛ الجوهري: اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي
 أَي ظهري و موضعَ الإِزار من الحَقْوَيْن. و آزَرَهُ و وازَرَهُ: أَعانه على الأَمر؛ الأَخيرة على البدل، و هو شاذ، و الأَوّل أَفصح. و أَزَرَ الزَّرْعُ و تَأَزَّرَ: قَوَّى بعضه بعضاً فَالْتَفَّ و تلاحق و اشتد؛ قال الشاعر:
تَأَزَّرَ فيه النبتُ حتى تَخايَلَتْ             رُباه، و حتى ما تُرى الشَّاءُ نُوَّما

و آزَر الشي‏ءُ الشي‏ءَ: ساواه و حاذاه؛ قال إمرؤ القيس:
بِمَحْنِيَّةٍ قد آزَرَ الضَّالَ نَبْتُها             مَضَمِّ جُيوشٍ غانِمين، و خُيَّبِ «2».

أَي ساوى نبتُها الضال، و هو السِّدْر البريّ، أَراد: فآزره الله تعالى فساوى الفِراخُ الطِّوالَ فاستوى طولها. و أَزَّرَ النبتُ الأَرضَ: غطاها؛ قال الأَعشى:
يُضاحِكُ الشَّمْسَ منها كوكبٌ شَرِقٌ،             مُؤَزَّرٌ بعميم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ‏

و آزَرُ: اسم أَعجمي، و هو اسم أَبي إِبراهيم، على نبينا
__________________________________________________
 (1). [و قول جعدة إلخ‏] هكذا في الأصل المعتمد عليه، و لعل الأولى أن يقول و قول نفيلة الأكبر الأشجعي إلخ لأنه هو الذي يقتضيه سياق الحكاية.
 (2). قوله [مضمّ‏] في نسخة مجر كذا بهامش الأصل.

18
لسان العرب4

أزر ص 16

و عليه الصلاة و السلام؛ و أَما قوله عز و جل: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ
؛ قال أَبو إِسحق: يقرأُ بالنصب آزَرَ
، فمن نصب فموضع آزَرَ
 خفض بدل من أَبيه، و من قرأَ آزرُ، بالضم، فهو على النداء؛ قال: و ليس بين النسَّابين اختلاف أَن اسم أَبيه كان تارَخَ و الذي في القرآن يدل على أَن اسمه آزر، و قيل: آزر عندهم ذمُّ في لغتهم كأَنه قال و إِذ قال: إِبراهيم لأَبيه الخاطئ، و
روي عن مجاهد في قوله: آزَرَ أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً
، قال لم يكن بأَبيه و لكن آزر اسم صنم، و إِذا كان اسم صنم فموضعه نصب كأَنه قال إِبراهيم لأَبيه أَ تتخذ آزر إِلهاً، أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً؟.
أسر:
الأُسْرَةُ: الدِّرْعُ الحصينة؛ و أَنشد:
و الأُسْرَةُ الحَصْدَاءُ، و             الْبَيْضُ المُكَلَّلُ، و الرِّمَاح‏

و أَسَرَ قَتَبَهُ: شدَّه. ابن سيدة: أَسَرَهُ يَأْسِرُه أَسْراً و إِسارَةً شَدَّه بالإِسار. و الإِسارُ: ما شُدّ به، و الجمع أُسُرٌ. الأَصمعي: ما أَحسَنَ ما أَسَرَ قَتَبَه أَي ما أَحسَنَ ما شدّه بالقِدِّ؛ و القِدُّ الذي يُؤْسَرُ به القَتَبُ يسمى الإِسارَ، و جمعه أُسُرٌ؛ و قَتَبٌ مَأْسور و أَقْتابٌ مآسير. و الإِسارُ: الْقَيْدُ و يكون حَبْلَ الكِتافِ، و منه سمي الأَسير، و كانوا يشدّونه بالقِدِّ فسُمي كُلُّ أَخِيذٍ أَسِيراً و إن لم يشدّ به. يقال: أَسَرْت الرجلَ أَسْراً و إساراً، فهو أَسير و مأْسور، و الجمع أَسْرى و أُسارى. و تقول: اسْتَأْسِرْ أَي كن أَسيراً لي. و الأَسيرُ: الأَخِيذُ، و أَصله من ذلك. و كلُّ محبوس في قِدٍّ أَو سِجْنٍ: أَسيرٌ. و قوله تعالى: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً؛
قال مجاهد: الأَسير المسجون.
و الجمع أُسَراءِ و أُسارى و أَسارى و أَسرى. قال ثعلب: ليس الأَسْر بعاهة فيجعل أَسرى من باب جَرْحى في المعنى، و لكنه لما أُصيب بالأَسر صار كالجريح و اللديغ، فكُسِّرَ على فَعْلى، كما كسر الجريح و نحوه؛ هذا معنى قوله. و يقال للأَسير من العدوّ: أَسير لأَن آخذه يستوثق منه بالإِسار، و هو القِدُّ لئلا يُفلِتَ. قال أَبو إِسحاق: يجمع الأَسير أَسرى، قال: و فَعْلى جمع لكل ما أُصيبوا به في أَبدانهم أَو عقولهم مثل مريض و مَرْضى و أَحمق و حمَقْى و سكران و سَكْرى؛ قال: و من قرأَ أَسارى و أُسارى‏
 فهو جمع الجمع. يقال: أَسير و أَسْرَى ثم أَسارى جمع الجمع. الليث: يقالُ أُسِرَ فلانٌ إِساراً و أُسِر بالإِسار، و الإِسار الرِّباطُ، و الإِسارُ المصدر كالأَسْر. و جاءَ القوم بأَسْرِهم؛ قال أَبو بكر: معناه جاؤُوا بجميعهم و خَلْقِهم. و الأَسْرِ في كلام العرب: الخَلْقُ. قال الفراء: أُسِرَ فلانٌ أَحسن الأَسر أَي أَحسن الخلق، و أَسرَهَ الله أَي خَلَقَهُ. و هذا الشي‏ءُ لك بأَسره أَي بِقدِّه يعني جميعه كما يقال برُمَّتِه. و
في الحديث: تَجْفُو القبيلة بأَسْرِها.
أَي جميعها. و الأَسْرُ: شِدَّة الخَلْقِ. و رجل مأْسور و مأْطور: شديدُ عَقْد المفاصِل و الأَوصال، و كذلك الدابة. و في التنزيل: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ
؛ أَي شددنا خَلْقهم، و قيل: أَسْرَهُمْ‏
 مفاصلهم؛ و قال ابن الأَعرابي: مَصَرَّتَيِ البَوْل و الغائط إِذا خرج الأَذى تَقَبَّضَتا، أَو معناه أَنهما لا تسترخيان قبل الإِرادة. قال الفراء: أَسَرَه اللهُ أَحْسَنَ الأَسْر و أَطَره أَحسن الأَطْر، و يقال: فلانٌ شديدُ أَسْرِ الخَلْقِ إِذا كان معصوب الخَلْق غيرَ مُسْترْخٍ؛ و قال العجاج يذكر رجلين كانا مأْسورين فأُطلقا:

19
لسان العرب4

أسر ص 19

         فأَصْبَحا بنَجْوَةٍ بعدَ ضَرَرْ،             مُسَلَّمَيْنِ منْ إِسارٍ و أَسَرْ.

يعني شُرِّفا بعد ضيق كانا فيه. و قوله: من إِسارٍ و أَسَرٍ، أَراد: و أَسْرٍ، فحرك لاحتياجه إِليه، و هو مصدر. و
في حديث ثابت البُناني: كان داود، عليه السلام، إِذا ذكر عقابَ اللهِ تَخَلَّعَتْ أَوصالُه لا يشدّها إِلَّا الأَسْرُ.
أَي الشَّدُّ و العَصْبُ. و الأَسْرُ: القوة و الحبس؛ و منه‏
حديث الدُّعاء: فأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ من إِسارِ غَضَبك.
؛ الإِسارُ، بالكسر: مصدرُ أَسَرْتُه أَسْراً و إِساراً، و هو أَيضاً الحبل و القِدُّ الذي يُشدّ به الأَسير. و أُسْرَةُ الرجل: عشيرته و رهطُه الأَدْنَوْنَ لأَنه يتقوى بهم. و
في الحديث: زنى رجل في أُسْرَةٍ من الناس.
؛ الأُسْرَةُ: عشيرة الرجل و أَهل بيته. و أُسِرَ بَوْلُه أَسْراً: احْتَبَسَ، و الاسم الأَسْرُ و الأُسْرُ، بالضم، و عُودُ أُسْرٍ، منه. الأَحْمر: إِذا احتبس الرجل بَوْله قيل: أَخَذَه الأُسْرُ، و إِذا احتَبَس الغائط فهو الحُصْرُ. ابن الأَعرابي: هذا عُودُ يُسْرٍ و أُسْرٍ، و هو الذي يُعالَجُ به الإِنسانُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه. قال: و الأُسْرُ تَقْطِيرُ البول و حزٌّ في المثانة و إضاضٌ مِثْلُ إِضاضِ الماخِضِ. يقال: أَنالَه اللهُ أُسْراً. و قال الفراء: قيل عود الأُسْر هو الذي يُوضَعُ على بطن المأْسور الذي احْتَبَسَ بوله، و لا تقل عود اليُسْر، تقول منه أُسِرَ الرجل فهو مأْسور. و
في حديث أَبي الدرداء: أَن رجلًا قال له: إِنَّ أَبي أَخَذه.
الأُسر يعني احتباس البول. و
في حديث عُمر: لا يُؤْسَر في الإِسلام أَحد بشهادة الزور، إِنا لا نقبل إلا العُدول.
أَي لا يُحْبس؛ و أَصْلُه من الآسِرَة القِدِّ، و هي قَدْر ما يُشَدُّ به الأَسير. و تآسِيرُ السَّرْجِ: السُّيور التي يُؤْسَرُ بها. أَبو زيد: تَأَسَّرَ فلانٌ عليَّ تأَسُّراً إِذا اعتلّ و أَبطأَ؛ قال أَبو منصور: هكذا رواه ابن هانئ عنه، و أَما أَبو عبيد فإِنه رواه عنه بالنون: تأَسَّنَ، و هو وهمٌ و الصواب بالراءِ.
أشر:
الأَشَرُ: المَرَح. و الأَشَرُ: البَطَرُ. أَشِرَ الرجلُ، بالكسر، يَأْشَرُ أَشَراً، فهو أَشِرٌ و أَشُرٌ و أَشْرانُ: مَرِحَ. و
في حديث الزكاة و ذكر الخيل: و رجلٌ اتَّخَذَها أَشَراً و مَرَحاً.
؛ الأَشَرُ: البَطَرُ. و قيل: أَشَدُّ البَطَر. و
في حديث الزكاة أَيضاً: كأَغَذِّ ما كانت و أَسمنه و آشَرِهِ.
أَي أَبْطَرِه و أَنْشَطِه؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم، و
الرواية: و أَبْشَرِه.
و
في حديث الشعْبي: اجتمع جَوارٍ فأَرِنَّ و أَشِرْنَ.
و يُتْبعُ أَشِرٌ فيقال: أَشِرٌ أَفِرٌ و أَشْرَانُ أَفْرانُ، و جمع الأَشِر و الأَشُر: أَشِرون و أَشُرون، و لا يكسَّران لأَن التكسير في هذين البناءَين قليل، و جمع أَشْرانَ أَشارى و أُشارى كسكران و سُكارى؛ أَنشد ابن الأَعرابي لمية بنت ضرار الضبي ترثي أَخاها:
لِتَجْرِ الحَوادِثُ، بَعْدَ امْرِئٍ             بوادي أَشائِنَ، إِذْلالَها
كَريمٍ نثاهُ و آلاؤُه،             و كافي العشِيرَةِ ما غالَها
 تَراه على الخَيْلِ ذا قُدْمَةٍ،             إِذا سَرْبَلَ الدَّمُ أَكْفالهَا
و خَلَّتْ وُعُولًا أُشارى بها،             و قدْ أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطالَها

أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطالَها أَي صَرَعَها، و هو بالزاي‏

20
لسان العرب4

أشر ص 20

، و غَلِطَ بعضهم فرواه بالراء. و إِذْلالها: مصدرُ مقدَّرٍ كأَنه قال تُذِلُّ إِذْلالها. و رجل مِئْشِيرٌ و كذلك امرأَةٌ مِئْشيرٌ، بغير هاء. و ناقة مِئْشِير و جَواد مِئْشِير: يستوي فيه المذكر و المؤَنث؛ و قول الحرث بن حلِّزة:
إِذْ تُمَنُّوهُمُ غُروراً، فَساقَتْهُمْ             إِلَيْكُمْ أُمْنِيَّةٌ أَشْراءُ

هي فَعْلاءُ من الأَشَر و لا فعل لها. و أَشِرَ النخل أَشَراً كثُر شُرْبُه للماء فكثرت فراخه. و أَشَرَ الخَشَبة بالمِئْشار، مهموز: نَشَرها، و المئشار: ما أُشِرَ به. قال ابن السكيت: يقال للمِئشار الذي يقطع به الخشب مِيشار، و جمعه مَواشِيرُ من وَشَرْتُ أَشِر، و مِئْشارٌ جمعه مآشِيرُ من أَشَرْت آشِرُ. و
في حديث صاحب الأُخْدود: فوضع المِئْشارَ على مَفْرِقِ رأْسه.
؛ المِئْشارُ، بالهمز: هو المِنْشارُ، بالنون، قال: و قد يترك الهمز. يقال: أَشَرْتُ الخَشَبة أَشْراً، و وَشَرْتُهَا وَشْراً إِذا شَقَقْتَها مثل نَشَرْتُها نشراً، و يجمع على مآشيرَ و موَاشير؛ و منه‏
الحديث: فقطعوهم بالمآشير.
أَي بالمناشير؛ و قول الشاعر:
 لَقَدْ عَيَّلَ الأَيتامَ طَعْنَةُ ناشِرَه،             أَناشِرَ لا زالَتْ يَمِينُك آشرَه‏

أَراد: لا زالتْ يَمينُك مأْشُورة أَو ذاتَ أَشْر كما قال عز و جل: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ؛ أَي مدفوق. و مثلُ قوله عز و جل: عِيشَةٍ راضِيَةٍ*؛ أَي مَرْضِيَّة؛ و ذلك أَن الشاعر إِنما دعا على ناشرة لا له، بذلك أَتى الخبر، و إِياه حكت الرواة، و ذو الشي‏ء قد يكون مفعولًا كما يكون فاعلًا؛ قال ابن بري: هذا البيت لنائِحةِ هَمّام ابن مُرَّةَ بن ذُهْل بن شَيْبان و كان قتله ناشرة، و هو الذي رباه، قتله غدراً؛ و كان همام قد أَبْلى في بني تَغْلِبَ في حرب البسوس و قاتل قتالًا شديداً ثم إِنه عَطِشَ فجاء إِلى رحله يستسقي، و ناشرة عند رحله، فلما رأَى غفلته طعنه بحربة فقتله و هَرَب إِلى بني تغلب. و أُشُرُ الأَسنان و أُشَرُها: التحزيز الذي فيها يكون خِلْقة و مُسْتَعملًا، و الجمع أُشُور؛ قال:
لها بَشَرٌ صافٍ وَ وَجْهٌ مُقَسَّمٌ،             و غُرُّ ثَنَايا، لم تُفَلَّلْ أُشُورُها

و أُشَرُ المِنْجَل: أَسنانُه، و استعمله ثعلب في وصف المِعْضاد فقال: المِعْضاد مثل المنْجل ليست له أُشَر، و هما على التشبيه. و تأْشير الأَسنان: تَحْزيزُها و تَحْديدُ أَطرافها. و يقال: بأَسنانه أُشُر و أُشَر، مثال شُطُب السيف و شُطَبِه، و أُشُورٌ أَيضاً؛ قال جميل:
سَبَتْكَ بمَصْقُولٍ تَرِفُّ أُشُوره‏

و قد أَشَرَتِ المرأَة أَسنْانها تأْشِرُها أَشْراً و أَشَّرَتْها: حَزَّزتها. و المُؤْتَشِرَة و المُسْتأْشِرَة كلتاهما: التي تدعو إِلى أَشْر أَسنانها. و
في الحديث: لُعِنَت المأْشورةُ و المستأْشِرة.
قال أَبو عبيد: الواشِرَةُ المرأَة التي تَشِرُ أَسنانها، و ذلك أَنها تُفَلِّجها و تُحَدِّدها حتى يكون لها أُشُر، و الأُشُر: حِدَّة و رِقَّة في أَطراف الأَسنان؛ و منه قيل: ثَغْر مُؤَشَّر، و إِنما يكون ذلك في أَسنان الأَحداث، تفعله المرأَة الكبيرة تتشبه بأُولئك؛ و منه المثل السائر: أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فَكَيْفَ أَرْجُوكِ «3». بِدُرْدُرٍ؟ و ذلك أَن رجلًا كان له ابن من امرأَة كَبِرَت فأَخذ ابنه يوماً يرقصه و يقول: يا حبذا دَرَادِرُك فعَمَدت المرأَة إِلى حَجَر فهتمت أَسنانها ثم تعرضت لزوجها فقال لها: أَعْيَيْتِني بأُشُر فكيف‏
__________________________________________________
 (3). قوله: [أرجوك‏] كذا بالأصل المعوّل عليه و الذي في الصحاح و القاموس و الميداني سقوطها و هو الصواب و يشهد له سقوطها في آخر العبارة.

21
لسان العرب4

أشر ص 20

بِدُرْدُر. و الجُعَلُ: مُؤَشَّر العَضُدَيْن. و كلُّ مُرَقَّقٍ: مُؤَشَّرٌ؛ قال عنترة يصف جُعلًا:
         كأَنَّ مُؤَشَّر العَضُدَيْنِ حَجْلًا             هَدُوجاً، بَيْنَ أَقْلِبَةٍ مِلاحِ‏

و التَّأْشِيرة: ما تَعَضُّ به الجَرادةُ. و التَّأْشِير: شوك ساقَيْها. و التَّأْشِيرُ و المِئْشارُ: عُقْدة في رأْس ذنبها كالمِخْلبين و هما الأُشْرَتان.
أصر:
أَصَرَ الشي‏ءَ يَأْصِرُه أَصْراً: كسره و عَطَفه. و الأَصْرُ و الإِصْرُ: ما عَطَفك على شي‏ء. و الآصِرَةُ: ما عَطَفك على رجل من رَحِم أَو قرابة أَو صِهْر أَو معروف، و الجمع الأَواصِرُ. و الآصِرَةُ: الرحم لأَنها تَعْطِفُك. و يقال: ما تَأْصِرُني على فلان آصِرَة أَي ما يَعْطِفُني عليه مِنَّةٌ و لا قَرَابة؛ قال الحطيئة:
         عَطَفُوا عليّ بِغَير             آصِرَةٍ فقد عَظُمَ الأَواصِرْ

أَي عطفوا عليّ بغير عَهْد أَو قَرَابَةٍ. و المآصِرُ: هو مأْخوذ من آصِرَةِ العهد إِنما هو عَقْدٌ ليُحْبَس به؛ و يقال للشي‏ء الذي تعقد به الأَشياء: الإِصارُ، من هذا. و الإِصْرُ: العَهْد الثقيل. و في التنزيل: وَ أَخَذْتُمْ عَلى‏ ذلِكُمْ إِصْرِي‏
؛ و فيه: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ‏
؛ و جمعه آصْار لا يجاوز به أَدني العدد. أَبو زيد: أَخَذْت عليه إِصْراً و أَخَذْتُ منه إِصْراً أَي مَوْثِقاً من الله تعالى. قال الله عز و جل: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا
؛ الفرّاء: الإِصْرُ العهد؛ و كذلك قال في قوله عز و جل: وَ أَخَذْتُمْ عَلى‏ ذلِكُمْ إِصْرِي‏
؛ قال: الإِصر هاهنا إِثْمُ العَقْد و العَهْدِ إِذا ضَيَّعوه كما شدّد على بني إِسرائيل. و قال الزجاج: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
؛ أَي أَمْراً يَثْقُلُ علينا كما حملته على الذين من قبلنا نحو ما أُمِرَ به بنو إِسرائيل من قتل أَنفسهم أَي لا تمتحنَّا بما يَثْقُل علينا أَيضاً. و
روي عن ابن عباس: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
، قال: عهداً لا نفي به و تُعَذِّبُنا بتركه و نَقْضِه.
و قوله: وَ أَخَذْتُمْ عَلى‏ ذلِكُمْ إِصْرِي‏
، قال: مِيثاقي و عَهْدي. قال أَبو إِسحاق: كلُّ عَقْد من قَرابة أَو عَهْد، فهو إِصْر. قال أَبو منصور: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
؛ أَي عُقُوبةَ ذَنْبٍ تَشُقُّ علينا. و قوله: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ‏
؛ أَي ما عُقِدَ من عَقْد ثقيل عليهم مثل قَتْلِهم أَنفسهم و ما أَشْبه ذلك من قَرض الجلد إِذا أَصابته النجاسة. و
في حديث ابن عمر: من حَلَف على يمين فيها إِصْر فلا كفارة لها.
؛ يقال: إِن الإِصْرَ أَنْ يَحْلف بطلاق أَو عَتاق أَو نَذْر. و أَصل الإِصْر: الثِّقْل و الشَّدُّ لأَنها أَثْقَل الأَيمان و أَضْيَقُها مَخْرَجاً؛ يعني أَنه يجب الوفاء بها و لا يُتَعَوَّضُ عنها بالكفارة. و العَهْدُ يقال له: إِصْر. و
في الحديث عن أَسلم بن أَبي أُمامَة قال: قال رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم: من غَسَّلَ يوم الجمعة و اغْتَسلَ و غدا و ابْتَكر و دَنا فاستْمَع و أَنْصَت كان له كِفْلانِ من الأَجْر، و من غَسّل و اغْتسل و غدا و ابْتَكر و دنا و لَغَا كان له كِفْلانِ مِنَ الإِصْر.
؛ قال شمر: في الإِصْر إثْمُ العَقْد إذا ضَيَّعَه. و قال ابن شميل: الإِصْرُ العهد الثقيلُ؛ و ما كان عن يمين و عَهْد، فهو إِصْر؛ و قيل: الإِصْرُ الإِثْمُ و العقوبةُ لِلَغْوِه و تَضْيِيعهِ عَمَلَه، و أَصله من الضيق و الحبس. يقال: أَصَرَه يَأْصِرُه إِذا حَبَسه و ضَيَّقَ عليه. و الكِفْلُ: النصيب؛ و منه‏
الحديث: من كَسَب مالًا من حَرام فَأَعْتَقَ منه كان ذلك عليه إِصْراً.
؛ و منه‏
الحديث الآخر: أَنه سئل عن السلطان قال: هو ظلُّ الله في الأَرض فإِذا أَحسَنَ فله الأَجرُ و عليكم الشُّكْر، و إِذا أَساءَ فعليه الإِصْرُ و عليكم الصَّبْر!.
و
في حديث ابن عمر: من حلف على يمين فيها إِصْر.
؛

22
لسان العرب4

أصر ص 22

 و الإِصر: الذَّنْب و الثِّقْلُ، و جمعه آصارٌ. و الإِصارُ: الطُّنُبُ، و جمعه أُصُر، على فُعُل. و الإِصارُ: وَتِدٌ قَصِيرُ الأَطْنَابِ، و الجمع أُصُرٌ و آصِرَةٌ، و كذلك الإِصارَةُ و الآصِرَةُ. و الأَيْصَرُ: جُبَيْلٌ صغير قَصِير يُشَدُّ به أَسفَلُ الخباء إِلى وَتِدٍ، و فيه لغةٌ أَصارٌ، و جمع الأَيْصَر أَياصِرُ. و الآصِرَةُ و الإِصارُ: القِدُّ يَضُمُّ عَضُدَيِ الرجل، و السين فيه لغة؛ و قوله أَنشده ثعلب عن ابن الأَعرابي:
لَعَمْرُكَ لا أَدْنُو لِوَصْلِ دَنِيَّة،             و لا أَتَصَبَّى آصِراتِ خَلِيلِ‏

فسره فقال: لا أَرْضَى من الوُدّ بالضعيف، و لم يفسر الآصِرَةَ. قال ابن سيدة: و عندي أَنه إِنما عنى بالآصرة الحَبْلَ الصغير الذي يُشدّ به أَسفلُ الخِباء، فيقول: لا أَتعرّض لتلك المواضع أَبْتَغي زوجةَ خليل و نحو ذلك، و قد يجوز أَن يُعَرِّضَ به: لا أَتَعَرَّضُ لمن كان من قَرابة خليلي كعمته و خالته و ما أَشبه ذلك. الأَحمر: هو جاري مُكاسِري و مُؤَاصِري أَي كِسْرُ بيته إِلى جَنْب كِسْر بيتي، و إِصارُ بيتي إِلى جنب إِصار بَيْته، و هو الطُّنُبُ. و حَيٌّ مُتآصِرُون أَي متجاورون. ابن الأَعرابي: الإِصْرانِ ثَقْبَا الأُذنين؛ و أَنشد:
إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حِينَ أَرْجُو رِفْدَه             غَمْراً، لأَقْطَعُ سَيِ‏ءُ الإِصْرانِ‏

جمع على فِعْلان. قال: الأَقْطَعُ الأَصَمُّ، و الإِصرانُ جمع إِصْرٍ. و الإِصار: ما حواه المِحَشُّ من الحَشِيش؛ قال الأَعشى:
فَهذا يُعِدُّ لَهُنَّ الخَلا،             و يَجْمَعُ ذا بَيْنَهُنَّ الإِصارا

و الأَيْصَر: كالإِصار؛ قال:
  تَذَكَّرَتِ الخَيْلُ الشِّعِيرَ فَأَجْفَلَتْ،             و كُنَّا أُناساً يَعْلِفُون الأَياصِرا

و رواه بعضهم:
... الشعير عشية.
و الإِصارُ: كِساء يُحَشُّ فيه. و أَصَر الشي‏ءَ يأْصِرُه أَصْراً: حبسه؛ قال ابن الرقاع:
عَيْرانَةٌ ما تَشَكَّى الأَصْرَ و العَمَلا
و كَلأٌ آصِرٌ: حابِس لمن فيه أَو يُنْتَهَى إِليه من كثرته. الكسائي: أَصَرني الشي‏ءُ يأْصِرُني أَي حبسني. و أَصَرْتُ الرجلَ على ذلك الأَمر أَي حبسته. ابن الأَعرابي: أَصَرْتُه عن حاجته و عما أَرَدْتُه أَي حبسته، و الموضعُ مَأْصِرٌ و مأْصَر، و الجمع مآصر، و العامة تقول معاصر. و شَعَرٌ أَصِير: مُلْتَفٌّ مجتمع كثير الأَصل؛ قال الراعي:
و لأَتْرُكَنَّ بحاجِبَيْكَ عَلامةً،             ثَبَتَتْ على شَعَرٍ أَلَفَّ أَصِيرِ

و كذلك الهُدْب، و قيل: هو الطَّويلُ الكثيف؛ قال:
لِكُلِّ مَنامَةٍ هُدْبٌ أَصِيرُ
المنامة هنا: القَطِيفةُ يُنام فيها. و الإِصارُ و الأَيْصَر: الحشيش المجتمع، و جمعه أَياصِر. و الأَصِيرُ: المتقارب. و أْتَصَر النَّبْتُ ائْتِصاراً إِذا الْتَفَّ. و إِنَّهم لَمُؤْتَصِرُو العَدَدِ أَي عددهم كثير؛ قال سلمة بن الخُرْشُب يصف الخيل:
يَسُدُّونَ أَبوابَ القِبابِ بِضُمَّر             إلى عُنُنٍ، مُسْتَوثِقاتِ الأَواصِرِ

يريد: خيلًا رُبِطَتْ بأَفنيتهم. و العُنُنُ: كُنُفٌ سُتِرَتْ بها الخيلُ من الريح و البرد. و الأَواصِرُ: الأَواخي و الأَواري، واحِدَتُها آصِرَة؛ و قال آخر:

23
لسان العرب4

أصر ص 22

لَها بالصَّيْفِ آصِرَةٌ وَ جُلٌّ،             و سِتٌّ مِنْ كَرائِمِها غِرارُ

و في كتاب أَبي زيد: الأَياصِرُ الأَكْسِيَة التي مَلَؤُوها من الكَلإِ و شَدُّوها، واحِدُها أَيْصَر. و قال: مَحَشٌّ لا يُجَزُّ أَيْصَرُه أَي من كثرته. قال الأَصمعي: الأَيْصَرُ كساء فيه حشيش يقال له الأَيْصَر، و لا يسمى الكساءُ أَيْصَراً حين لا يكونُ فيه الحَشِيش، و لا يسمى ذلك الحَشِيشُ أَيْصَراً حتى يكون في ذلك الكساء. و يقال: لفلان مَحَشٌّ لا يُجَزُّ أَيصره أَي لا يُقْطَع. و المَأْصِر: محبس يُمَدُّ على طريق أَو نهر يُؤْصَرُ به السُّفُنُ و السَّابِلَةُ أَي يُحْبَس لتؤخذ منهم العُشور.
أطر:
الأَطْرُ: عَطْفُ الشي‏ءِ تَقْبِضُ على أَحَدِ طَرَفَيْهِ فَتُعَوِّجُه؛ أَطَرَه يأْطِرُهُ و يأْطُرُه أَطراً فَانْأَطَرَ انْئِطاراً و أَطَّرَه فَتَأَطَّر: عطَفه فانعطف كالعُود تراه مستديراً إِذا جمعت بين طرفيه؛ قال أَبو النجم يصف فرساً:
 كَبْداءُ قَعْسَاءُ على تَأْطِيرِها
و قال المغيرة بن حَبْنَاءَ التميمي:
و أَنْتُمْ أُناسٌ تَقْمِصُونَ من القَنا،             إِذا ما رَقَى أَكْتَافَكُمْ و تَأَطَّرا

أَي إِذا انْثنى؛ و قال:
تأَطَّرْنَ بالمِينَاءِ ثُمَّ جَزَعْنَه،             و قدْ لَحَّ مِنْ أَحْمالِهنَّ شُجُون‏
                                                                                                                                                                                      و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه ذكر المظالم التي وقعت فيها بنو إِسرائيل و المعاصي فقال: لا و الذي نفسي بيده حتى تأْخذوا على يَدَي الظالم و تَأْطِرُوهُ على الحق أَطْراً.
؛ قال أَبو عمرو و غيره: قوله تَأْطِرُوه على الحق يقول تَعْطِفُوه عليه؛ قال ابن الأَثير: من غريب ما يحكى في هذا الحديث عن نفطويه أَنه قال: بالظاء المعجمة من باب ظأَر، و منه الظِّئْرُ و هي المرضِعَة، و جَعَلَ الكلمة مقلوبةً فقدّم الهمزة على الظاء و كل شي‏ء عطفته على شي‏ء، فقد أَطَرْته تَأْطِرُهُ أَطْراً؛ قال طرفة يذكر ناقة و ضلوعها:
كأَنَّ كِناسَيْ ضالَةٍ يَكْنُفانِها،             و أَطْرَ قِسِيٍّ، تحتَ صُلْبٍ مُؤَبَّد

شبه انحناء الأَضلاع بما حُني مِن طرَفي القَوْس؛ و قال العجاج يصف الإِبل:
و باكَرَتْ ذَا جُمَّةٍ نَمِيرا،             لا آجِنَ الماءِ و لا مَأْطُورا
 و عَايَنَتْ أَعْيُنُها تامُورَا،             يُطِيرُ عَنْ أَكتافِها القَتِيرا

قال: المأْطور البئر التي قد ضَغَطَتْها بئر إِلى جنبها. قال: تَامُورٌ جُبَيْل صَغير. و القَتِيرُ: ما تطاير من أَوْبارِها، يَطِيرُ مِنْ شِدَّة المزاحَمَة. و إِذا كان حالُ البِئر سَهْلًا طُوي بالشجر لئلا ينهدم، فهو مأْطور. و تَأَطَّرَ الرُّمحُ: تَثَنَّى؛ و منه في صفة آدم، عليه السلام: أَنه كان طُوالًا فَأَطَرَ اللهُ منه أَي ثَنَاه و قَصَّره و نَقَصَ من طُوله. يقال: أَطَرْتُ الشي‏ء فَانْأَطَرَ و تَأَطَّرَ أَي انْثَنَى. و
في حديث ابن مسعود: أَتاه زياد بن عَديّ فأَطَرَه إِلى الأَرض.
أَي عَطَفَه؛ و
يروى: وَطَدَه.
و قد تقدّم. و أَطْرُ القَوْسِ و السَّحاب: مُنحناهُما، سمي بالمصدر؛ قال:
و هاتِفَةٍ، لأَطْرَيْها حَفِيفٌ،             و زُرْقٌ، في مُرَكَّبَةٍ، دِقاقُ‏

ثنَّاه و إن كان مصدراً لأَنه جعله كالاسم. أَبو زيد:

24
لسان العرب4

أطر ص 24

أَطَرْتُ القَوْسَ آطِرُها أَطْراً إِذا حَنَيْتَها. و الأَطْرُ: كالاعْوِجاج تراه في السحاب؛ و قال الهذلي:
أَطْرُ السَّحاب بها بياض المِجْدَلِ‏
قال: و هو مصدر في معنى مفعول. و تَأَطَّرَ بالمكان: تَحَبَّسَ. و تَأَطَّرَتِ المرأَةُ تَأَطُّراً: لزمت بيتها و أَقامت فيه؛ قال عمر بن أَبي ربيعة:
 تَأَطَّرْنَ حَتى قُلْنَ: لَسْنَ بَوارِحاً،             و ذُبْنَ كما ذابَ السَّدِيفُ المُسَرْهَدُ

و المأْطورة: العُلْبَة يُؤْطَرُ لرأْسها عُودٌ و يُدارُ ثم يُلْبَسُ شَفَتَها، و ربما ثُنِيَ على العود المأْطور أَطرافُ جلد العلبة فَتَجِفُّ عليه؛ قال الشاعر:
و أَوْرَثَكَ الرَّاعِي عُبَيْدٌ هِرَاوَةً،             و مَأْطُورَةً فَوْقَ السَّوِيَّةِ مِنْ جِلدِ

قال: و السوية مرْكبٌ من مراكب النساء. و قال ابن الأَعرابي: التأْطير أَن تبقى الجارية زماناً في بيت أَبويها لا تتزوَّج. و الأُطْرَةُ: ما أَحاط بالظُّفُرِ من اللحم، و الجمعُ أُطَرٌ و إِطارٌ؛ و كُلُّ ما أَحاط بشي‏ء، فَهُوَ لَهُ أُطْرَةٌ و إِطارٌ. و إِطارُ الشَّفَةِ: ما يَفْصِلُ بينها و بين شعرات الشارب، و هما إِطارانِ. و سئل عمر بن عبد العزيز عن السُّنَّة في قص الشارب، فقال: نَقُصُّهُ حتى يَبْدُوَ الإِطارُ. قال أَبو عبيد: الإِطارُ الحَيْدُ الشاخص ما بين مَقَصِّ الشارب و الشفة المختلطُ بالفم؛ قال ابن الأَثير: يعني حرف الشفة الأَعلى الذي يحول بين منابت الشعر و الشفة. و إِطارُ الذَّكَرِ و أُطْرَتُه: حَرْفُ حُوقِه. و إِطارُ السَّهْم و أُطْرتُه: عَقَبَةٌ تُلْوى عليه، و قيل: هي العَقَبَةُ التي تَجْمَعُ الفُوقَ. و أَطَرَه يَأْطِرُهُ أَطْراً: عمل له إِطاراً و لَفَّ على مَجْمَعِ الفُوقِ عَقَبَةً. و الأُطْرَةُ، بالضم: العَقَبَةُ التي تُلَفُّ على مجمع الفُوقِ. و إِطارُ البيتِ: كالمِنطَقَة حَوله. و الإِطارُ: قُضْبانُ الكرم تُلْوى للتعريش. و الإِطارُ: الحلقة من الناس لإِحاطتهم بما حَلَّقُوا به؛ قال بشر بن أَبي خازم:
و حَلَّ الحَيُّ، حَيُّ بني سُبَيْعٍ،             قُراضِبَةً، و نَحْنُ لَهم إِطارُ

أَي و نحن مُحْدِقُون بهم. و الأُطْرَةُ: طَرَفُ الأَبْهَرِ في رأْس الحَجَبَةِ إِلى منتهى الخاصرة، و قيل: هي من الفرس طَرَفُ الأَبْهَرِ. أَبو عبيدة: الأُطْرَةُ طَفْطَفَة غليظة كأَنها عَصَبَةٌ مركبة في رأْس الحَجَبَةِ و ضِلَعِ الخَلْفِ، و عند ضِلَعِ الخَلْفِ تَبِينُ الأُطْرَةُ، و يستحب للفرس تَشنُّجُ أُطْرتِهِ؛ و قوله:
 كأَنَّ عَراقِيبَ القَطا أُطُرٌ لهَا،             حَدِيثٌ نَواحِيها بِوَقْعٍ و صُلَّبِ‏

يصف النِّصَالَ. و الأُطُرُ على الفُوقِ: مثل الرِّصافِ على الأَرْعاظِ. الليث: و الإِطارُ إِطارُ الدُّفّ. و إِطارْ المُنْخُلِ: خَشَبُهُ. و إِطارُ الحافر: ما أَحاط بالأَشْعَرِ، و كلُّ شي‏ء أَحاط بشي‏ء، فهو إِطارٌ له؛ و منه صفة شعر عليّ: إِنما كان له إِطارٌ أَي شعر محيط برأْسه و وسطُه أَصلَعُ. و أُطْرَة الرَّمْلِ: كُفَّتُه. و الأَطِيرُ: الذَّنْبُ، و قيل: هو الكلام و الشرّ يجي‏ء من بعيد، و قيل: إِنما سمي بذلك لإِحاطته بالعُنُق. و يقال في المثل: أَخَذَني بأَطِيرِ غيري؛ و قال مسكين الدارمي:
 أَ بَصَّرْتَني بأَطِير الرِّجال،             و كلَّفْتَني ما يَقُولُ البَشَرْ؟

25
لسان العرب4

أطر ص 24

و قال الأَصمعي: إِن بينهم لأَواصِرَ رَحِمٍ و أَواطِرَ رَحِمٍ و عَواطِفَ رَحِمٍ بمعنى واحد؛ الواحدة آصِرةٌ و آطِرَةٌ. و
في حديث عليّ: فَأَطَرْتُها بين نسائي.
أَي شققتها و قسمتها بينهنُّ، و قيل: هو من قولهم طار له في القسمة كذا أَي وقع في حصته، فيكون من فصل الطاء لا الهمزة. و الأُطْرَة: أَن يُؤخذ رمادٌ و دَمٌ يُلْطَخ به كَسْرُ القِدْرِ و يصلح؛ قال:
 قد أَصْلَحَتْ قِدْراً لها بأُطْرَهْ،             و أَطْعَمَتْ كِرْدِيدَةً و فِدْرَهْ‏

أفر:
الأَفْرُ: العَدْوُ. أَفَرَ يَأْفِرُ أَفْراً و أُفُوراً: عَدَا وَ وَثَبَ؛ و أَفَرَ أَفْراً، و أَفِرَ أَفَراً: نَشِطَ. و رجل أَفَّارٌ و مِئفَرٌ إِذا كان وَثَّاباً جَيِّدَ العَدْوِ. و أَفَرَ الظَّبْيُ و غيره، بالفتح، يَأْفِرُ أُفُوراً أَي شَدَّ الإِحْضَارَ. و أَفَرَ الرَّجلُ أَيضاً أَي خَفَّ في الخِدْمَةِ. و أَفِرَتِ الإِبل أَفْراً و اسْتَأْفَرَت اسْتِئْفَاراً إِذا نَشِطَتْ و سَمِنَتْ. و أَفِرَ البعيرُ، بالكسر، يأْفَرُ أَفَراً أَي سَمِنَ بعد الجَهْدِ. و أَفَرَتِ القِدْرُ تَأْفِرُ أَفْراً: اشتد غليانها حتى كأَنها تنِزُّ؛ و قال الشاعر:
بَاخُوا و قِدْرُ الحَرْبِ تَغلي أَفْرا

و المِئْفَرُ من الرجال: الذي يسعى بين يدي الرجل و يَخْدمهُ، و إِنه لَيَأْفِرُ بين يديه، و قد اتخذه مِئفَراً. و المِئفَرُ: الخادم. و رجل أَشِرٌ أَفِرٌ و أَشْرانُ أَفْرانُ أَي بَطِرٌ، و هو إِتباع. و أُفُرَّة الشَّرِّ «1». و الحَرِّ و الشِّتاء، و أَفُرَّتُه: شدَّته. و قال الفراء: أُفُرَّة الصيف أَوّله. و وقع في أُفُرَّةٍ أَي بلِية و شدة. و الأُفُرّة الجماعة ذاتُ الجَلَبَةِ، و الناس في أُفُرَّة، يعني الاختلاطَ. و أَفَّارٌ: اسم.
أقر:
الجوهري: أُقُرٌ مَوْضِعٌ؛ قال ابن مقبل:
و ثَرْوَةٍ من رجالٍ لو رأَيْتَهُمُ،             لَقُلْتَ: إحدى حِراج الجَرِّ من أُقُر

أكر:
الأُكْرَة، بالضم: الحُفْرَةُ في الأَرض يجتمع فيها الماء فيُغْرَفُ صافياً. و أَكَرَ يَأْكُرُ أَكْراً، و تَأَكَّرَ أُكَراً: حَفَرَ أُكْرَةً «2»؛ قال العجاج:
 مِنْ سَهْلِه و يَتَأَكَّرْنَ الأُكَرْ
و الأُكَرُ: الحُفَرُ في الأَرض، واحِدَتُها أُكْرَةٌ. و الأَكَّارُ: الحَرَّاثُ، و هو من ذلك. الجوهري: الأَكَرَةُ جمعُ أَكَّارٍ كأَنه جمعُ آكِرٍ في التقدير. و المؤاكَرَةُ: المخابرة و
في حديث قتل أَبي جهل: فلو غَيْرُ أَكَّارٍ قتلني.
؛ الأَكَّارُ: الزَّرَّاعُ أَراد به احتقاره و انتقاصه، كيف مِثْلُه يَقْتُلُ مِثْلَه و
في الحديث: أَنه نهى عن المؤاكَرَةِ.
يعني المزارعَةَ على نصيب معلوم مما يُزْرَعُ في الأَرض و هي المخابرة. و يقال: أَكَرْتُ الأَرض أَي حفرتها؛ و من العرب من يقول لِلْكُرَةِ التي يُلْعَبُ بها: أُكْرَةٌ، و اللغةُ الجيدةُ الكُرَةُ؛ قال:
حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الكُرِينَا

أمر:
الأَمْرُ: معروف، نقيض النَّهْيِ. أَمَرَه به و أَمَرَهُ؛ الأَخيرة عن كراع؛ و أَمره إِياه، على‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و أفرّة الشر إلخ‏] بضم أوله و ثانيه و فتح ثالثه مشدداً، و بفتح الأَول و ضم الثاني و فتح الثالث مشدداً أيضاً، و زاد في القاموس أفرَّة بفتحات مشدد الثالث على وزن شربة و جربة مشدد الباء فيهما.
 (2). قوله [حفر أكرة] كذا بالأصل و المناسب حفر حفراً.

26
لسان العرب4

أمر ص 26

حذف الحرف، يَأْمُرُه أَمْراً و إِماراً فأْتَمَرَ أَي قَبِلَ أَمْرَه؛ و قوله:
و رَبْرَبٍ خِماصِ             يَأْمُرْنَ باقْتِناصِ‏

إِنما أَراد أَنهنَّ يشوّقن من رآهن إِلى تصيدها و اقتناصها، و إِلا فليس لهنَّ أَمر. و قوله عز و جل: وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ
؛ العرب تقول: أَمَرْتُك أَن تفْعَل و لِتَفْعَلَ و بأَن تفْعَل، فمن قال: أَمرتك بأَن تفعل فالباء للإِلصاق و المعنى وقع الأَمر بهذا الفعل، و من قال أَمرتُك أَن تفعل فعلى حذف الباء، و من قال أَمرتك لتفعل فقد أَخبرنا بالعلة التي لها وقع الأَمرُ، و المعنى أُمِرْنا للإِسلام. و قوله عز و جل: أَتى‏ أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ‏
؛ قال الزجاج: أَمْرُ اللَّهِ‏
 ما وعَدهم به من المجازاة على كفرهم من أَصناف العذاب، و الدليل على ذلك قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ
؛ أَي جاء ما وعدناهم به؛ و كذلك قوله تعالى: أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً
؛ و ذلك أَنهم استعجلوا العذاب و استبطؤوا أَمْرَ الساعة، فأَعلم الله أَن ذلك في قربه بمنزلة ما قد أَتى كما قال عز و جل: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ؛ و كما قال تعالى: وَ ما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ
. و أَمرتُه بكذا أَمراً، و الجمع الأَوامِرُ. و الأَمِيرُ: ذو الأَمْر. و الأَميرُ: الآمِر؛ قال:
و الناسُ يَلْحَوْنَ الأَمِيرَ، إِذا هُمُ             خَطِئُوا الصوابَ، و لا يُلامُ المُرْشِدُ

و إِذا أَمَرْتَ مِنْ أَمَر قُلْتَ: مُرْ، و أَصله أُؤْمُرْ، فلما اجتمعت همزتان و كثر استعمال الكلمة حذفت الهمزة الأَصلية فزال الساكن فاستغني عن الهمزة الزائدة، و قد جاءَ على الأَصل. و في التنزيل العزيز: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
؛ و فيه: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ‏
. و الأَمْرُ: واحدُ الأُمُور؛ يقال: أَمْرُ فلانٍ مستقيمٌ و أُمُورُهُ مستقيمةٌ. و الأَمْرُ: الحادثة، و الجمع أُمورٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك. و في التنزيل العزيز: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ
. و قوله عز و جل: وَ أَوْحى‏ فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها
؛ قيل: ما يُصلحها، و قيل: ملائكتَهَا؛ كل هذا عن الزجاج. و الآمِرَةُ: الأَمرُ، و هو أَحد المصادر التي جاءت على فاعِلَة كالعَافِيَةِ و العاقِبَةِ و الجازيَةِ و الخاتمة. و قالوا في الأَمر: أُومُرْ و مُرْ، و نظيره كُلْ و خُذْ؛ قال ابن سيدة؛ و ليس بمطرد عند سيبويه. التهذيب: قال الليث: و لا يقال أُومُرْ، و لا أُوخُذْ منه شيئاً، و لا أُوكُلْ، إِنما يقال مُرْ و كُلْ و خُذْ في الابتداء بالأَمر استثقالًا للضمتين، فإِذا تقدَّم قبل الكلام واوٌ أَو فاءٌ قلت: و أْمُرْ فأْمُرْ كما قال عز و جل: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
؛ فأَما كُلْ من أَكَلَ يَأْكُلُ فلا يكاد يُدْخِلُون فيه الهمزةَ مع الفاء و الواو، و يقولون: و كُلا و خُذَا و ارْفَعاه فَكُلاه و لا يقولون فَأْكُلاهُ؛ قال: و هذه أَحْرُفٌ جاءت عن العرب نوادِرُ، و ذلك أَن أَكثر كلامها في كل فعل أَوله همزة مثل أَبَلَ يَأْبِلُ و أَسَرَ يَأْسِرُ أَنْ يَكْسِرُوا يَفْعِلُ منه، و كذلك أَبَقَ يَأْبِقُ، فإِذا كان الفعل الذي أَوله همزة و يَفْعِلُ منه مكسوراً مردوداً إِلى الأَمْرِ قيل: إِيسِرْ يا فلانُ، إِيْبِقْ يا غلامُ، و كأَنَّ أَصله إِأْسِرْ بهمزتين فكرهوا جمعاً بين همزتين فحوّلوا إِحداهما ياء إِذ كان ما قبلها مكسوراً، قال: و كان حق الأَمر من أَمَرَ يَأْمُرُ أَن يقال أُؤْمُرْ أُؤْخُذْ أُؤْكُلْ بهمزتين، فتركت الهمزة الثانية و حوِّلت واواً للضمة فاجتمع في الحرف ضمتان بينهما واو و الضمة

27
لسان العرب4

أمر ص 26

من جنس الواو، فاستثقلت العرب جمعاً بين ضمتين و واو فطرحوا همزة الواو لأَنه بقي بعد طَرْحها حرفان فقالوا: مُرْ فلاناً بكذا و كذا، و خُذْ من فلان و كُلْ، و لم يقولوا أُكُلْ و لا أُمُرْ و لا أُخُذْ، إِلا أَنهم قالوا في أَمَرَ يَأْمُرُ إِذا تقدّم قبل أَلِفِ أَمْرِه و واو أَو فاء أَو كلام يتصل به الأَمْرُ من أَمَرَ يَأْمُرُ فقالوا: الْقَ فلاناً و أْمُرْهُ، فردوه إِلى أَصله، و إِنما فعلوا ذلك لأَن أَلف الأَمر إِذا اتصلت بكلام قبلها سقطت الأَلفُ في اللفظ، و لم يفعلوا ذلك في كُلْ و خُذْ إِذا اتصل الأَمْرُ بهما بكلام قبله فقالوا: الْقَ فلاناً و خُذْ منه كذا، و لم نسْمَعْ و أُوخُذْ كما سمعنا و أْمُرْ. قال الله تعالى: وَ كُلا مِنْها رَغَداً؛ و لم يقل: و أْكُلا؛ قال: فإِن قيل لِمَ رَدُّوا مُرْ إِلى أَصلها و لم يَرُدُّوا و كُلا و لا أُوخُذْ؟ قيل: لِسَعَة كلام العرب ربما ردُّوا الشي‏ء إلى أَصله، و ربما بنوه على ما سبق، و ربما كتبوا الحرف مهموزاً، و ربما تركوه على ترك الهمزة، و ربما كتبوه على الإِدغام، و كل ذلك جائز واسع؛ و قال الله عز و جل: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها
؛ قرأَ أَكثر القراء: أَمَرْنا
، و روى خارجة عن نافع آمَرْنا، بالمدّ، و سائر أَصحاب نافع رَوَوْهُ عنه مقصوراً، و روي عن أَبي عمرو: أَمَّرْنا، بالتشديد، و سائر أَصحابه رَوَوْهُ بتخفيف الميم و بالقصر، و روى هُدْبَةُ عن حماد بن سَلَمَةَ عن ابن كثير: أَمَّرْنا، و سائر الناس رَوَوْهُ عنه مخففاً، و روى سلمة عن الفراء مَن قَرأَ: أَمَرْنا
، خفيفةً، فسَّرها بعضهم أَمَرْنا مُتْرَفِيها
 بالطاعة فَفَسَقُوا فِيها، إِن المُتْرَفَ إِذا أُمر بالطاعة خالَفَ إِلى الفسق. قال الفراء: و قرأَ الحسن: آمَرْنا، و روي عنه أَمَرْنا
، قال: و روي عنه أَنه بمعنى أَكْثَرنا، قال: و لا نرى أَنها حُفِظَتْ عنه لأَنا لا نعرف معناها هاهنا، و معنى آمَرْنا، بالمد، أَكْثَرْنا؛ قال: و قرأَ أَبو العالية: أَمَّرْنا مترفيها، و هو موافق لتفسير ابن عباس و ذلك‏
أَنه قال: سَلَّطْنا رُؤَساءَها ففسقوا.
و قال أَبو إِسحاق نَحْواً مما قال الفراء، قال: من قرأَ أَمَرْنا
، بالتخفيف، فالمعنى أَمرناهم بالطاعة ففسقوا. فإِن قال قائل: أَ لست تقول أَمَرتُ زيداً فضرب عمراً؟ و المعنى أَنك أَمَرْتَه أَن يضرب عمراً فضربه فهذا اللفظ لا يدل على غير الضرب؛ و مثله قوله: أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها
، أَمَرْتُكَ فعصيتَني، فقد علم أَن المعصيةَ مخالَفَةُ الأَمْرِ، و ذلك الفسقُ مخالفةُ أَمْرِ الله. و قرأَ الحسن: أَمِرْنا مترفيها على مثال عَلِمْنَا؛ قال ابن سيدة: و عسى أَن تكون هذه لغةً ثالثةً؛ قال الجوهري: معناه أَمَرْناهم بالطاعة فَعَصَوْا؛ قال: و قد تكون من الإِمارَةِ؛ قال: و قد قيل إِن معنى أَمِرْنا مترفيها كَثَّرْنا مُتْرَفيها؛ قال: و الدليل على هذا
قول النبي، صلى الله عليه و سلم؛ خير المال سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ أَو مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ.
؛ أَي مُكَثِّرَةٌ. و العرب تقول: أَمِرَ بنو فلان أَي كَثُرُوا. مُهَاجِرٌ عن عليّ بن عاصم: مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَي نَتُوجٌ وَلُود؛ و قال لبيد:
إِنْ يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا، و إِنْ أَمِرُوا،             يَوْماً، يَصِيرُوا لِلْهُلْكِ و النَّكَدِ

و قال أَبو عبيد في قوله: مُهْرَةٌ مَأْمورة: إِنها الكثيرة النِّتاج و النَّسْلِ؛ قال: و فيها لغتان: قال أَمَرَها اللهُ فهي مَأْمُورَةٌ، و آمَرَها الله فهي مُؤْمَرَة؛ و قال غيره: إِنما هو مُهرة مَأْمُورة للازدواج لأَنهم أَتْبَعُوها مأْبورة، فلما ازْدَوَجَ اللفظان جاؤُوا بمأْمورة على وزن مَأْبُورَة كما قالت العرب: إِني آتيه بالغدايا و العشايا، و إِنما تُجْمَعُ الغَدَاةُ غَدَوَاتٍ فجاؤُوا بالغدايا على لفظ العشايا تزويجاً للفظين، و لها

28
لسان العرب4

أمر ص 26

نظائر. قال الجوهري: و الأَصل فيها مُؤْمَرَةٌ على مُفْعَلَةٍ، كما
قال، صلى الله عليه و سلم: ارْجِعْنَ مَأْزُورات غير مَأْجورات.
؛ و إِنما هو مَوْزُورات من الوِزْرِ فقيل مأْزورات على لفظ مأْجورات لِيَزْدَوِجا. و قال أَبو زيد: مُهْرَةٌ مأْمورة هي التي كثر نسلها؛ يقولون: أَمَرَ اللهُ المُهْرَةَ أَي كثَّرَ وَلَدَها. و أَمِرَ القومُ أَي كَثُرُوا؛ قال الأَعشى:
طَرِفُونَ ولَّادُون كلَّ مُبَارَكٍ،             أَمِرُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ

و يقال: أَمَرَهم الله فأَمِرُوا أَي كَثُرُوا، و فيه لغتان: أَمَرَها فهي مأْمُورَة، و آمَرَها فهي مُؤْمَرَةٌ؛ و منه‏
حديث أَبي سفيان: لقد أَمِرَ أَمْرُ ابنِ أَبي كَبْشَةَ و ارْتَفَعَ شَأْنُه.
؛ يعني النبيَّ، صلى الله عليه و سلم؛ و منه‏
الحديث: أن رجلًا قال له: ما لي أَرى أَمْرَكَ يأْمَرُ؟ فقال: و الله لَيَأْمَرَنَّ.
أَي يزيد على ما ترى؛ و منه‏
حديث ابن مسعود: كنا نقول في الجاهلية قد أَمِرَ بنو فلان.
أَي كثروا. و أَمِرَ الرجلُ، فهو أَمِرٌ: كثرت ماشيته. و آمَره الله: كَثَّرَ نَسْلَه و ماشيتَه، و لا يقال أَمَرَه؛ فأَما قوله: و مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ فعلى ما قد أُنِسَ به من الإِتباع، و مثله كثير، و قيل: آمَرَه و أَمَرَه لغتان. قال أَبو عبيدة: آمرته، بالمد، و أَمَرْتُه لغتان بمعنى كَثَّرْتُه. و أَمِرَ هو أَي كَثُرَ فَخُرِّجَ على تقدير قولهم علم فلان و أَعلمته أَنا ذلك؛ قال يعقوب: و لم يقله أَحد غيره. قال أَبو الحسن: أَمِرَ مالُه، بالكسر، أَي كثر. و أَمِرَ بنو فلان إِيماراً: كَثُرَتْ أَموالهم. و رجل أَمُورٌ بالمعروف، و قد ائتُمِرَ بخير: كأَنَّ نفسَه أَمَرَتْهُ به فَقَبِلَه. و تأَمَّروا على الأَمْرِ و ائْتَمَرُوا: تَمَارَوْا و أَجْمَعُوا آراءَهم. و في التنزيل: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ‏
؛ قال أَبو عبيدة: أَي يتشاورون عليك ليقتلوك؛ و احتج بقول النمر بن تولب:
أَحَارُ بنَ عَمْرٍو فؤَادِي خَمِرْ،             و يَعْدُو على المَرْءِ ما يَأْتَمِرْ

قال غيره: و هذا الشعر لإمرئ القيس. و الخَمِرُ: الذي قد خالطه داءٌ أَو حُبٌّ. و يعدو على المرء ما يأْتمر أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غَيْرَ رَشَدٍ عَدَا عليه فأَهلكه. قال القتيبي: هذا غلط، كيف يعدو على المرء ما شاور فيه و المشاورة بركة، و إِنما أَراد يعدو على المرء ما يَهُمُّ به من الشر. قال و قوله: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ‏
؛ أَي يَهُمون بك؛ و أَنشد:
اعْلمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ             مُخْطِئٌ في الرَّأْي، أَحْيَانَا

قال: يقول من ركب أَمْراً بغير مَشُورة أَخْطأَ أَحياناً. قال و قوله: وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ
؛ أَي هُمُّوا به و اعْتَزِمُوا عليه؛ قال: و لو كان كما قال أَبو عبيدة لقال: يَتَأَمَّرُونَ بك. و قال الزجاج: معنى قوله: يَأْتَمِرُونَ بِكَ‏
؛ يَأْمُرُ بعضهم بعضاً بقتلك. قال أَبو منصور: ائْتَمَرَ القومُ و تآمَرُوا إِذا أَمَرَ بعضهم بعضاً، كما يقال اقتتل القوم و تقاتلوا و اختصموا و تخاصموا، و معنى يَأْتَمِرُونَ بِكَ‏
 أَي يُؤَامِرُ بعضهم بعضاً بقتلك و في قتلك؛ قال: و جائز أَن يقال ائْتَمَرَ فلان رَأْيَهُ إِذا شاور عقله في الصواب الذي يأْتيه، و قد يصيب الذي يَأْتَمِرُ رَأْيَهُ مرَّة و يخطئُ أُخرى. قال: فمعنى قوله يَأْتَمِرُونَ بِكَ‏
 أَي يُؤَامِرُ بعضهم بعضاً فيك أَي في قتلك أَحسن من قول القتيبي إِنه بمعنى يهمون بك. قال: و أَما قوله: وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ‏
؛ فمعناه، و الله أَعلم، لِيَأْمُرْ بعضُكم بعضاً بمعروف؛ قال و قوله:
اعلمن أَنْ كل مؤتمر

29
لسان العرب4

أمر ص 26

معناه أَن من ائْتَمَرَ رَأْيَه في كل ما يَنُوبُهُ يخطئُ أَحياناً؛ و قال العجاج:
لَمّا رَأَى تَلْبِيسَ أَمْرٍ مُؤْتَمِرْ
تلبيس أَمر أَي تخليط أَمر. مؤتمر أَي اتَّخَذَ أَمراً. يقال: بئسما ائْتَمَرْتَ لنفسك. و قال شمر في تفسير
حديث عمر، رضي الله عنه: الرجالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نزل به أَمرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَهُ.
؛ قال شمر: معناه ارْتَأَى و شاور نفسه قبل أَن يواقع ما يريد؛ قال و قوله:
اعلمن أَنْ كل مؤتمر

أَي كل من عمل برأْيه فلا بد أَن يخطئ الأَحيان. قال و
قوله: و لا يأْتَمِرُ لِمُرْشِدٍ.
أَي لا يشاوره. و يقال ائْتَمَرْتُ فلاناً في ذلك الأَمر، و ائْتَمَرَ القومُ إِذا تشاوروا؛ و قال الأَعشى:
فَعادَا لَهُنَّ وَ زَادَا لَهُنَّ،             و اشْتَرَكَا عَمَلًا و أْتمارا

قال: و منه قوله:
لا يَدَّري المَكْذُوبُ كَيْفَ يَأْتَمِرْ
أَي كيف يَرْتَئِي رَأْياً و يشاور نفسه و يَعْقِدُ عليه؛ و قال أَبو عبيد في قوله:
و يَعْدُو على المَرءِ ما يَأْتَمِرْ

معناه الرجل يعمل الشي‏ء بغير روية و لا تثبُّت و لا نظر في العاقبة فيندَم عليه. الجوهري: و ائْتَمَرَ الأَمرَ أَي امتثله؛ قال إمرؤٌ القيس:
و يعدو على المرءِ ما يأْتمر

أَي ما تأْمره به نفسه فيرى أَنه رشد فربما كان هلاكه في ذلك. و يقال: ائْتَمَرُوا به إِذا هَمُّوا به و تشاوروا فيه. و الائْتِمارُ و الاسْتِئْمارُ: المشاوَرَةُ، و كذلك التَّآمُرُ، على وزن التَّفاعُل. و المُؤْتَمِرُ: المُسْتَبِدُّ برأْيه، و قيل: هو الذي يَسْبِقُ إِلى القول؛ قال إمرؤٌ القيس في رواية بعضهم؛
أَحارُ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ،             و يَعْدُو على المرْءِ ما يَأْتَمِرْ

و يقال: بل أَراد أَن المرء يَأْتَمِرُ لغيره بسوء فيرجع وبالُ ذلك عليه. و آمَرَهُ في أَمْرِهِ و وامَرَهُ و اسْتَأْمَرَهُ: شاوره. و قال غيره: آمَرْتُه في أَمْري مُؤامَرَةً إِذا شاورته، و العامة تقول: وَامَرْتُه. و
في الحديث: أَمِيري من الملائكة جبريلُ.
أَي صاحبُ أَمْرِي و وَلِيِّي. و كلُّ من فَزَعْتَ إِلى مشاورته و مُؤَامَرَته، فهو أَمِيرُكَ؛ و منه‏
حديث عمر؛ الرجال ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نزل به أَمْرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَه.
أَي شاور نفسه و ارْتأَى فيه قبل مُواقَعَة الأَمر، و قيل: المُؤْتَمِرُ الذي يَهُمُّ بأَمْرٍ يَفْعَلُه؛ و منه‏
الحديث الآخر: لا يأْتَمِرُ رَشَداً.
أَي لا يأْتي برشد من ذات نفسه. و يقال لكل من فعل فعلًا من غير مشاورة: ائْتَمَرَ، كَأَنَّ نَفْسَه أَمرته بشي‏ءِ فأْتَمَرَ أَي أَطاعها؛ و من المُؤَامَرَةِ المشاورةُ،
في الحديث: آمِرُوا النساءَ في أَنْفُسِهِنَّ.
أَي شاوروهن في تزويجهن قال: و يقال فيه وَامَرْتُه، و ليس بفصيح. قال: و هذا أَمْرُ نَدْبٍ و ليس بواجب مثل قوله: البِكر تُسْتَأْذَنُ، و يجوز أَن يكون أَراد به الثَّيِّبَ دون البكر، فإِنه لا بد من إِذنهن في النكاح، فإِن في ذلك بقاءً لصحبة الزوج إِذا كان بإِذنها. و منه‏
حديث عمر: آمِرُوا النساءَ في بناتهنَّ.
هو من جهة استطابة أَنفسهن و هو أَدعى للأُلفة، و خوفاً من وقوع الوحشة بينهما، إِذا لم يكن برضا الأُم إِذ البنات إِلى الأُمَّهات أَميل و في سماع قولهنَّ أَرغب، و لأَن المرأَة ربما علمت من حال بنتها الخافي عن أَبيها أَمرا

30
لسان العرب4

أمر ص 26

لا يصلح معه النكاح، من علة تكون بها أَو سبب يمنع من وفاء حقوق النكاح، و على نحو من هذا يتأَول‏
قوله: لا تُزَوَّجُ البكر إِلا بإِذنها، و إِذْنُها سُكوتُها.
لأَنها قد تستحي أَن تُفْصِح بالإِذن و تُظهر الرغبة في النكاح، فيستدل بسكوتها على رضاها و سلامتها من الآفة. و قوله‏
في حديث آخر: البكر تُسْتَأْذَنُ و الثيب تُسْتَأْمَرُ.
لأَن الإِذن يعرف بالسكوت و الأَمر لا يعرف إِلا بالنطق. و
في حديث المتعة: فآمَرَتْ نَفْسَها.
أَي شاورتها و استأْمرتها. و رجل إِمَّرٌ و إِمَّرَة «3». و أَمَّارة: يَسْتَأْمِرُ كلَّ أَحد في أَمره. و الأَميرُ: الملِكُ لنَفاذِ أَمْرِه بَيِّنُ الإِمارة و الأَمارة، و الجمعُ أُمَراءُ. و أَمَرَ علينا يَأْمُرُ أَمْراً و أَمُرَ و أَمِرَ: كوَليَ؛ قال: قد أَمِرَ المُهَلَّبُ، فكَرْنِبوا و دَوْلِبُوا و حيثُ شِئْتُم فاذْهَبوا. و أَمَرَ الرجلُ يأْمُرُ إِمارةً إِذا صار عليهم أَميراً. و أَمَّرَ أَمارَةً إِذا صَيَّرَ عَلَماً. و يقال: ما لك في الإِمْرَة و الإِمارَة خيرٌ، بالكسر. و أُمِّرَ فلانٌ إِذا صُيِّرَ أَميراً. و قد أَمِرَ فلان و أَمُرَ، بالضم، أَي صارَ أَميراً، و الأُنثى بالهاء؛ قال عبد الله بن همام السلولي:
و لو جاؤُوا برَمْلةَ أَو بهنْدٍ،             لبايَعْنا أَميرةَ مُؤْمنينا

و المصدر الإِمْرَةُ و الإِمارة، بالكسر. و حكى ثعلب عن الفراء: كان ذلك إِذ أَمَرَ علينا الحجاجُ، بفتح الميم، و هي الإِمْرَة. و
في حديث علي، رضي الله عنه: أَما إن له إمْرَة كلَعْقَةِ الكلب لبنه.
؛ الإِمْرَة، بالكسر: الإِمارة؛ و منه‏
حديث طلحة: لعلك ساءَتْكَ إِمْرَةُ ابن عمك.
و قالوا: عليك أَمْرَةٌ مُطاعَةٌ، ففتحوا. التهذيب: و يقال: لك عليَّ أَمْرَةٌ مطاعة، بالفتح لا غير، و معناه لك عليَّ أَمْرَةٌ أُطيعك فيها، و هي المرة الواحدة من الأُمور، و لا تقل: إِمْرَةٌ، بالكسر، إِنما الإِمرة من الولاية. و التَّأْميرُ: تَوْلية الإِمارة. و أَميرٌ مُؤَمَّرٌ: مُمَلَّكٌ. و أَمير الأَعمى: قائده لأَنه يملك أَمْرَه؛ و منه قول الأَعشى:
إِذا كان هادي الفتى في البلادِ             صدرَ القَناةِ أَطاعَ الأَميرا

و أُولوا الأَمْرِ: الرُّؤَساءُ و أَهل العلم. و أَمِرَ الشي‏ءُ أَمَراً و أَمَرَةً، فهو أَمرٌ: كَثُرَ و تَمَّ؛ قال:
أُمُّ عِيالٍ ضَنؤُها غيرُ أَمِرْ

و الاسم: الإِمْرُ. و زرعٌ أَمِرٌ: كثير؛ عن اللحياني. و رجل أَمِرٌ: مباركٌ يقبل عليه المالُ. و امرأَة أَمِرَةٌ: مباركة على بعلها، و كلُّه من الكَثرة. و قالوا: في وجه مالِكَ تعرفُ أَمَرَتَه؛ و هو الذي تعرف فيه الخير من كل شي‏ء. و أَمَرَتُه: زيادته و كثرته. و ما أَحسن أَمارَتَهم أَي ما يكثرون و يكثر أَوْلادُهم و عددهم. الفراء: تقول العرب: في وجه المال الأَمِر تعرف أَمَرَتَه أَي زيادته و نماءه و نفقته. تقول: في إِقبال الأَمْرِ تَعْرِفُ صَلاحَه. و الأَمَرَةُ: الزيادة و النماءُ و البركة. و يقال: لا جعل الله فيه أَمَرَةً أَي بركة؛ من قولك: أَمِرَ المالُ إِذا كثر. قال: و وجه الأَمر أَول ما تراه، و بعضهم يقول: تعرف أَمْرَتَهُ من أَمِرَ المالُ إِذا كَثُرَ. و قال أَبو الهيثم: تقول العرب: في وجه المال تعرف أَمَرَتَه أَي نقصانه؛ قال أَبو منصور: و الصواب ما قال الفراء في الأَمَرِ أَنه الزِّيادة. قال‏
__________________________________________________
 (3). قوله [إمر و إمرة] هما بكسر الأول و فتحه كما في القاموس.

31
لسان العرب4

أمر ص 26

ابن بزرج: قالوا في وجه مالك تعرف أَمَرَتَه أَي يُمنَه، و أَمارَتَهُ مثله و أَمْرَتَه. و رجل أَمِرٌ و امرأَة أَمِرَةٌ إِذا كانا ميمونين. و الإِمَّرُ: الصغيرُ من الحُمْلان أَوْلادِ الضأْنِ، و الأُنثى إِمَّرَةٌ، و قيل: هما الصغيران من أَولادِ المعز. و العرب تقول للرجل إِذا وصفوه بالإِعدامِ: ما له إِمَّرٌ و لا إِمَّرَةٌ أَي ما له خروف و لا رِخْلٌ، و قيل: ما له شي‏ء. و الإِمَّرُ: الخروف. و الإِمَّرَةُ: الرِّخْلُ، و الخروف ذكر، و الرِّخْلُ أُنثى. قال الساجع: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَراً فلا تَغْذُونَّ إِمَّرَةً و لا إِمَّراً. و رجلٌ إِمَّرٌ و إِمَّرَةٌ: أَحمق ضعيف لا رأْي له، و في التهذيب: لا عقل له إِلا ما أَمرتَه به لحُمْقِهِ، مثال إِمَّعٍ و إِمَّعَةٍ؛ قال إمرؤُ القيس:
و ليس بذي رَيْثَةٍ إِمَّرٍ،             إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحَبا

و يقال: رجل إِمَّرٌ لا رأْي له فهو يأْتَمِرُ لكل آمر و يطيعه. و أَنشد شمر: إِذا طلعت الشعرى سفراً فلا ترسل فيها إِمَّرَةً و لا إِمَّراً؛ قال: معناه لا تُرْسِلْ في الإِبل رجلًا لا عقل له يُدَبِّرُها. و
في حديث آدم، عليه السلام: من يُطِعْ إِمَّرَةً لا يأْكُلْ ثَمَرَةً.
الإِمَّرَةُ، بكسر الهمزة و تشديد الميم: تأْنيث الإِمَّرِ، و هو الأَحمق الضعيف الرأْي الذي يقول لغيره: مُرْني بأَمرك، أَي من يطع امرأَة حمقاء يُحْرَمِ الخير. قال: و قد تطلق الإِمَّرَة على الرجل، و الهاء للمبالغة. يقال: رجل إِمَّعَةٌ. و الإِمَّرَةُ أَيضاً: النعجة و كني بها عن المرأَة كما كني عنها بالشاة. و قال ثعلب في قوله: رجل إِمَّرٌ. قال: يُشَبَّه بالجَدْي. و الأَمَرُ: الحجارة، واحدتُها أَمَرَةٌ؛ قال أَبو زبيد من قصيدة يرثي فيها عثمان بن عفان، رضي الله عنه:
يا لَهْفَ نَفْسيَ إِن كان الذي زَعَمُوا             حقّاً و ما ذا يردُّ اليومَ تَلْهِيفي؟
 إِن كان عثمانُ أَمْسَى فوقه أَمَرٌ،             كراقِب العُونِ فوقَ القُبَّةِ المُوفي‏

و العُونُ: جمع عانة، و هي حُمُرُ الوحش، و نظيرها من الجمع قارَةٌ و قورٌ، و ساحة و سُوحٌ. و جواب إِن الشرطية أَغنى عنه ما تقدم في البيت الذي قبله؛ و شبَّه الأَمَرَ بالفحل يَرقُبُ عُونَ أُتُنِه. و الأَمَرُ، بالتحريك: جمع أَمَرَةٍ، و هي العَلَمُ الصغير من أَعلام المفاوز من حجارة، و هو بفتح الهمزة و الميم. و قال الفراء: يقال ما بها أَمَرٌ أَي عَلَمٌ. و قال أَبو عمرو: الأَمَرَاتُ الأَعلام، واحدتها أَمَرَةٌ. و قال غيره: و أَمارةٌ مثل أَمَرَةٍ؛ و قال حميد:
بسَواءٍ مَجْمَعَةٍ كأَنَّ أَمارةً             مِنْها، إِذا بَرَزَتْ فَنِيقٌ يَخْطُرُ

و كلُّ علامَةٍ تُعَدُّ، فهي أَمارةٌ. و تقول: هي أَمارةُ ما بيني و بينك أَي علامة؛ و أَنشد:
إِذا طلَعَتْ شمس النهار، فإِنها             أَمارةُ تسليمي عليكِ، فسَلِّمي‏

ابن سيدة: و الأَمَرَةُ العلامة، و الجمع كالجمع، و الأَمارُ: الوقت و العلامة؛ قال العجاجُ:
إِذ رَدَّها بكيده فارْتَدَّت             إِلى أَمارٍ، و أَمارٍ مُدَّتي‏

قال ابن بري: و صواب إِنشاده و أَمارِ مدتي بالإِضافة، و الضمير المرتفع في ردِّها يعود على الله تعالى، و الهاء في ردّها أَيضاً ضمير نفس العجاج؛ يقول: إِذ ردَّ الله نفسي بكيده و قوّته إِلى وقت انتهاء مدتي. و
في حديث ابن مسعود: ابْعَثوا بالهَدْيِ و اجْعَلوا بينكم‏

32
لسان العرب4

أمر ص 26

و بينه يَوْمَ أَمارٍ.
؛ الأَمارُ و الأَمارةُ: العلامة، و قيل: الأَمارُ جمع الأَمارَة؛ و منه‏
الحديث الآخر: فهل للسَّفَر أَمارة؟.
و الأَمَرَةُ: الرابية، و الجمع أَمَرٌ. و الأَمارة و الأَمارُ: المَوْعِدُ و الوقت المحدود؛ و هو أَمارٌ لكذا أَي عَلَمٌ. و عَمَّ ابنُ الأَعرابي بالأَمارَة الوقتَ فقال: الأَمارةُ الوقت، و لم يعين أَ محدود أَم غير محدود؟ ابن شميل: الأَمَرةُ مثل المنارة، فوق الجبل، عريض مثل البيت و أَعظم، و طوله في السماء أَربعون قامة، صنعت على عهد عاد و إِرَمَ، و ربما كان أَصل إِحداهن مثل الدار، و إِنما هي حجارة مكوَّمة بعضها فوق بعض، قد أُلزقَ ما بينها بالطين و أَنت تراها كأَنها خِلْقَةٌ. الأَخفش: يقال أَمِرَ أَمْرُه يأْمَرُ أَمْراً أَي اشتدّ، و الاسم الإِمْرُ، بكسر الهمزة؛ قال الراجز:
قد لَقيَ الأَقْرانُ مِنِّي نُكْرا،             داهِيَةً دَهْياءَ إِدّاً إِمْرا

و يقال: عَجَباً. و أَمْرٌ إِمْرٌ: عَجَبٌ مُنْكَرٌ. و في التنزيل العزيز: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً
؛ قال أَبو إِسحاق: أَي جئت شيئاً عظيماً من المنكر، و قيل: الإِمْرُ، بالكسر، و الأَمْرُ العظيم الشنيع، و قيل: العجيب، قال: و نُكْراً أَقلُّ من قوله إِمْراً
، لأَن تغريق من في السفينة أَنكرُ من قتل نفس واحدة؛ قال ابن سيدة: و ذهب الكسائي إِلى أَن معنى إِمْراً
 شيئاً داهياً مُنْكَراً عَجَباً، و اشتقه من قولهم أَمِرَ القوم إِذا كثُروا. و أَمَّرَ القناةَ: جعل فيها سِناناً. و المُؤَمَّرُ: المُحَدَّدُ، و قيل: الموسوم. و سِنانٌ مُؤَمَّرٌ أَي محدَّدٌ؛ قال ابن مقبل:
و قد كان فينا من يَحُوطُ ذِمارَنا،             و يَحْذي الكَمِيَّ الزَّاعِبيَّ المُؤَمَّرا

و المُؤَمَّرُ أَيضاً: المُسَلَّطُ. و تَأَمَّرَ عليهم أَيَّ تَسَلَّطَ. و قال خالد في تفسير الزاعبي المؤَمر، قال: هو المسلط. و العرب تقول: أمِّرْ قَنَاتَكَ أَي اجعل فيها سِناناً. و الزاعبي: الرمح الذي إِذا هُزَّ تدافع كُلُّه كأَنَّ مؤَخّره يجري في مُقدَّمه؛ و منه قيل: مَرَّ يَزْعَبُ بحِملِه إِذا كان يتدافع؛ حكاه عن الأَصمعي. و يقال: فلانٌ أُمِّرَ و أُمِّرَ عليه إِذا كان والياً و قد كان سُوقَةً أَي أَنه مجرَّب. و ما بها أَمَرٌ أَي ما بها أَحدٌ. و أَنت أَعلم بتامورك؛ تامورهُ: وعاؤُه، يريد أَنت أَعلم بما عندك و بنفسك. و قيل: التَّامورُ النَّفْس و حياتها، و قيل العقل. و التَّامورُ أَيضاً: دمُ القلب و حَبَّتُه و حياته، و قيل: هو القلب نفسه، و ربما جُعِلَ خَمْراً، و ربما جُعِلَ صِبغاً على التشبيه. و التامور: الولدُ. و التّامور: وزير الملك. و التّامور: ناموس الراهب. و التَّامورَةُ: عِرِّيسَة الأَسَدِ، و قيل: أَصل هذه الكلمة سريانية، و التَّامورة: الإِبريق؛ قال الأَعشى:
و إِذا لها تامُورَة مرفوعةٌ             لشرابها ......

و التَّامورة: الحُقَّة. و التَّاموريُّ و التأْمُرِيُّ و التُّؤْمُريُّ: الإِنسان؛ و ما رأَيتُ تامُرِيّاً أَحسن من هذه المرأَة. و ما بالدار تأْمور أَي ما بها أَحد. و ما بالركية تامورٌ، يعني الماءَ؛ قال أَبو عبيد: و هو قياس على الأَوَّل؛ قال ابن سيدة: و قضينا عليه أَن التاء زائدة في هذا كله لعدم فَعْلول في كلام العرب. و التَّامور: من دواب البحر، و قيل: هي دوَيبةٌ. و التَّامور: جنس من الأَوعال أَو شبيه بها له قرنٌ واحدٌ مُتَشَعِّبٌ في وسَطِ رأْسه. و آمِرٌ: السادس‏

33
لسان العرب4

أمر ص 26

من أَيام العجوز، و مؤُتَمِرٌ: السابع منها؛ قال أَبو شِبل الأَعرابي:
 كُسِعَ الشتاءُ بسبعةٍ غُبْرِ:             بالصِّنِّ و الصِّنَّبْرِ و الوَبْرِ
و بآمِرٍ و أَخيه مؤُتَمِرٍ،             و مُعَلِّلٍ و بمُطْفِئٍ الجَمْرِ

كأَنَّ الأَول منهما يأْمرُ الناس بالحذر، و الآخر يشاورهم في الظَّعَن أَو المقام، و أَسماء أَيام العجوز مجموعة في موضعها. قال الأَزهري: قال البُستْي: سُمي أَحد أَيام العجوز آمِراً لأَنه يأْمر الناس بالحذر منه، و سمي الآخر مؤتمراً. قال الأَزهري: و هذا خطأٌ و إِنما سمي آمراً لأَن الناس يُؤامِر فيه بعضُهم بعضاً للظعن أَو المقام فجعل المؤتمر نعتاً لليوم؛ و المعنى أَنه يؤْتَمرُ فيه كما يقال ليلٌ نائم يُنام فيه، و يوم عاصف تَعْصِف فيه الريحُ، و نهار صائم إِذا كان يصوم فيه، و مثله كثير في كلامهم و لم يقل أَحد و لا سمع من عربي ائْتَمَرْتُه أَي آذنْتهُ فهو باطل. و مُؤْتَمِرٌ و المُؤْتَمِرُ: المُحَرَّمُ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نَحْنُ أَجَرْنا كلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ،             في الحَجِّ من قَبْلِ دَآدي المُؤْتَمِرْ

أَنشده ثعلب و قال: القَتِرُ المتكبر. و الجمع مآمر و مآمير. قال ابن الكلبي: كانت عاد تسمِّي المحرَّم مُؤتَمِراً، و صَفَرَ ناجِراً، و ربيعاً الأَول خُوَّاناً، و ربيعاً الآخر بُصاناً، و جمادى الأُولى رُبَّى، و جمادى الآخرة حنيناً، و رَجَبَ الأَصمَّ، و شعبان عاذِلًا، و رمضان ناتِقاً، و شوّالًا وعِلًا، و ذا القَعْدَةِ وَرْنَةَ، و ذا الحجة بُرَكَ. و إِمَّرَةُ: بلد، قال عُرْوَةُ بْنُ الوَرْد:
و أَهْلُكَ بين إِمَّرَةٍ و كِيرِ
و وادي الأُمَيِّرِ: موضع؛ قال الراعي:
و افْزَعْنَ في وادي الأُمَيِّرِ بَعْدَ ما             كَسا البيدَ سافي القَيْظَةِ المُتَناصِرُ

و يومُ المَأْمور: يوم لبني الحرث بن كعب على بني دارم؛ و إِياه عنى الفرزدق بقوله:
هَلْ تَذْكُرُون بَلاءَكُمْ يَوْمَ الصَّفا،             أَو تَذْكُرونَ فَوارِسَ المَأْمورِ؟

و في الحديث ذكرُ أَمَرَ، و هو بفتحِ الهمزة و الميم، موضع من ديار غَطَفان خرج إِليه رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، لجمع محارب.
أهر:
الأَهَرَةُ، بالتحريك: متاع البيت. الليث: أَهَرَةُ البيت ثيابه و فرشه و متاعه؛ و قال ثعلب: بيتٌ حَسَنُ الظَّهَرة و الأَهَرَة و العَقار، و هو متاعه؛ و الظَّهَرَةُ: ما ظهر منه، و الأَهَرَة: ما بطن، و الجمع أَهَرٌ و أَهَراتٌ؛ قال الراجز:
عَهْدِي بجَنَّاحٍ إِذا ما ارْتَزَّا،             و أَذْرَتِ الرِّيحُ تُراباً نَزَّا
أَحْسَنَ بَيْتٍ أَهَراً و بَزَّا،             كأَنما لُزَّ بصَخْرٍ لَزَّا

و أَحسن في موضع نصب على الحال سادّ مسدّ خبر عهدي، كما تقول عهدي بزيد قائماً. و ارْتَزَّ بمعنى ثبت. و الترابُ النَّزُّ: هو النَّديُّ. رأَيت في حاشية كتاب ابن بري ما صورته: في المحكم جَنَّاحٌ اسم رجل و جَنَّاحٌ اسم خباءٍ من أَخبيتهم؛ و أَنشد:
عَهْدي بجَنَّاحٍ إِذا ما اهْتَزَّا،             و أَذْرَت الرِّيحُ تراباً نَزَّا،
أَن سَوْفَ تَمْضِيه و ما ارْمأَزَّا

قال: و تمضيه تمضي عليه. ابن سيدة: و الأَهَرَة الهيئة.

34
لسان العرب4

أور ص 35

أور:
الأُوارُ، بالضم: شدَّةُ حر الشمس و لفح النار و وهجها و العطشُ، و قيل: الدُّخان و اللَّهَبُ. و
من كلام علي، رضي الله عنه: فإِن طاعة الله حِرْزٌ من أُوار نيران مُوقَدةٍ.
؛ قال أَبو حنيفة: الأُوارُ أَرَقُّ من الدخان و أَلطف؛ و قول الراجز:
 و النَّارُ قد تَشْفي من الأُوارِ
النار هاهنا السِّماتُ. و قال الكسائي: الأُوار مقلوبٌ أَصله الوُآرُ ثم خففت الهمزة فأُبدلت في اللفظ واواً فصارت وُواراً، فلما التقت في أَول الكلمة واوان و أُجْريَ غيرُ اللازم مجرى اللازم أُبدلت الأُولى همزة فصارت أُواراً، و الجمع أُورٌ. و أَرض أَوِرَةٌ و وَيِرَةٌ، مقلوب: شديدة الأُوار. و يوم ذو أُوارٍ أَي ذو سَمُوم و حر شديد. و ريح إِيرٌ و أُورٌ. باردةٌ. و الأُوارُ أَيضاً: الجنوبُ. و المُسْتَأْوِرُ: الفَزِع؛ قال الشاعر:
كأَنَّه بزوانٍ نامَ عَنْ غَنَمٍ،             مُسْتَأْوِرٌ في سواد اللَّيل مَدْؤُوبُ‏

الفراءُ: يقال لريح الشَّمال الجِرْبياءُ بوزن رَجُلٌ نِفْرِجاءُ و هو الجبانُ. و يقال للسَّماء إِيرٌ و أَيْرٌ و أَيِّرٌ و أَوُورٌ؛ قال: و أَنشدني بعض بني عُقَيْل:
شَآمِيَّة جُنْحَ الظَّلام أَوُورُ
قال: و الأَوُورُ على فَعُول. قال: و اسْتَأْوَرَتِ الإِبلُ نَفَرَتْ في السَّهْل، و كذلك الوحشُ. قال الأَصمعي: اسْتَوْأَرَتِ الإِبِلُ إِذا تَرابَعتْ على نِفارٍ واحدٍ؛ و قال أَبو زيد: ذاك إِذا نفرَتْ فصَعِدَت الجَبَلَ، فإِذا كان نِفارُها في السَّهْلِ قيل: اسْتَأْوَرَتْ؛ قال: و هذا كلام بني عُقَيْلٍ. الشَّيْباني: المُسْتَأْوِرُ الفارُّ. و استَأْوَرَ البعير إِذا تَهَيَّأَ للوُثوب و هو بارك. غيره: و يقال للحُفْرَة التي يجتمع فيها الماءُ أُورة و أُوقَةٌ؛ قال الفرزدق:
تَرَبَّعَ بَيْنَ الأُورَتَيْنِ أَميرُها

و أَما قول لبيد:
يَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُورَ بها،             شُعْبَةَ السَّاقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَلْ‏

و روي:
... لم يُوأَرْ بها
؛ و من رواه كذلك فهو من أُوار الشمس، و هو شدّة حرها، فقلبه، و هو من التنفير. و يقال: أَوْأَرْتُه فاسْتَوْأَر إِذا نَفَّرْتَه. ابن السكيت: آرَ الرجلُ حليلته يَؤُورُها، و قال غيره: يَئِيرُها أَيْراً إِذا جامَعَها. و آرَةُ و أُوارَةُ: موضعان؛ قال:
عَداوِيَّةٌ هيهاتَ منك مَحَلُّها،             إِذا ما هي احْتَلَّتْ بقُدْسٍ و آرَةِ

و يروي:
... بقدس أُوارَةِ.
عداوية: منسوبة إلى عدي على غير قياس. و أُوارَةُ: اسم ماء. و أُورِياءُ: رجل من بني إِسرائيل، و هو زوج المرأَة التي فُتِنَ بها داود، على نبينا و عليه الصلاة و السلام. و
في حديث عطاء: أَبْشِري أُورى‏شَلَّمَ براكب الحمار.
؛ يريد بيت الله المقدَّس؛ قال الأَعشى:
و قَدْ طُفْتُ للمالِ آفاقَهُ:             عُمانَ فَحِمْصَ فَأُورَى‏شَلَمْ‏

و المشهور أُورى‏شَلَّم، بالتشديد، فخففه للضرورة، و هو اسم بيت المقدس؛ و رواه بعضهم بالسين المهملة و كسر اللام كأَنه عرّبه و قال: معناه بالعبرانية بيت السلام. و
روي عن كعب أَن الجنة في السماء السابعة بميزان بيت المقدس و الصخرة و لو وقع حجر منها وقع على الصخرة؛ و لذلك دعيت أُورَشلَّم و دُعيت الجنةُ دارَ السلام.

35
لسان العرب4

أير ص 36

أير:
إِيْرٌ و لغةٌ أُخرى أَيْرٌ، مفتوحة الأَلف، و أَيِّرٌ، كل ذلك: من أَسماء الصَّبا، و قيل: الشَّمال، و قيل: التي بين الصبا و الشمال، و هي أَخبث النُّكْبِ. الفراء: الأَصمعي في بابِ فِعْلٍ و فَعْلٍ: من أَسماء الصبا إِيْرٌ و أَيْرٌ و هِيرٌ و هَيْرٌ و أَيِّر و هَيِّر، على مثال فَيْعِل؛ و أَنشد يعقوب:
و إِنَّا مَسامِيحٌ إِذا هَبَّتِ الصَّبا،             و إِنَّا لأَيْسارٌ إِذا الإِيرُ هَبَّتِ‏

و يقال للسماء: إِيرٌ و أَيْرٌ و أَيِّرٌ و أَوُورٌ. و الإِيْرُ: ريحُ الجَنُوبِ، و جمعه إِيَرَةٌ. و يقال: الإِيْرُ ريح حارة من الأُوارِ، و إِنما صارت واوه ياء لكسرة ما قبلها. و ريح إِيرٌ و أُورٌ: باردة. و الأَيْرُ: معروف، و جمعه آيُرٌ على أَفْعُل و أُيُورٌ و آيارٌ و أُيُرٌ؛ و أَنشد سيبويه لجرير الضبي:
يا أَضْبُعاً أَكَلَتْ آيارَ أَحْمِرَةٍ،             ففي البطون، و قد راحَتُ، قَراقيرُ
هَلْ غَيْرُ أَنَّكُمُ جِعْلانُ مِمْدَرَةٍ             دُسْمُ المرافق، أَنْذالٌ عَواوِيرُ
و غَيْرُ هُمْزٍ و لُمْزٍ للصَّديقِ، و لا             يُنْكي عَدُوَّكُمُ مِنْكُمْ أَظافيرُ
و أَنَّكْم ما بَطُنْتُمُ، لم يَزَلْ أَبَداً،             مِنْكُمْ على الأَقْرَبِ الأَدْنى، زَنابيرُ

و رواه أَبو زيد يا ضَبُعاً على واحدة و يا ضُبُعاً؛ و أَنشد أَيضاً:
أَنْعَتُ أَعْياراً رَعَيْنَ الخَنْزَرا،             أَنْعَتُهُنَّ آيُراً و كَمَرا

و رجلٌ أُياريٌّ: عظيمُ الذَّكَرِ. و رجل أُنافيٌّ: عظيم الأَنف. و
روي عن عليّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه، أَنه قال يوماً متمثلًا: مَنْ يَطُلْ أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِقْ به.
؛ معناه أَن من كثرت ذكور ولد أَبيه شدّ بعضهم بعضاً؛ و من هذا المعنى قول الشاعر:
فلو شاء ربي كان أَيْرُ أَبِيكُمُ             طويلًا، كَأَيْرِ الحَرِث بن سَدوسِ‏

قيل: كان له أَحد و عشرون ذكراً. و صَخْرَةٌ يَرَّاءُ و صخرة أَيَرٌ و حارٌّ يارٌّ: يذكر في ترجمة يرر، إِن شاء الله. و إِيْرٌ: موضعٌ بالبادية. التهذيب: إِيْرٌ و هِيرٌ موضع بالبادية؛ قال الشماخ:
على أَصْلابِ أَحْقَبَ أَخْدَرِيٍّ             من اللَّائي تَضَمَّنَهُنَّ إِيرُ

و إِيرٌ: جَبَلٌ؛ قال عباس بن عامر الأَصم:
على ماءِ الكُلابِ و ما أَلامُوا؛             و لكن مَنْ يُزاحِمُ رُكْنَ إِيرِ؟.

و الأَيارُ: الصُّفْرُ؛ قال عدي بن الرقاع:
تلك التِّجارةُ لا تُجِيبُ لِمِثْلِها،             ذَهَبٌ يباع بآنُكٍ و أَيارِ

و آرَ الرجلُ حليلَتَهُ يَؤُورُها و آرَها يَئِيرُها أَيْراً إِذا جامعها؛ قال أَبو محمد اليزيدي و اسمه يحيى بن المبارك يهجو عِنانَ جاريَةَ الناطِفِيِّ و أَبا ثعلب الأَعرج الشاعر، و هو كليب بن أَبي الغول و كان من العرجان و الشعراء، قال ابن بري و من العرجان أَبو مالك الأَعرج؛ قال الجاحظ و في أَحدهما يقول اليزيدي:
أَبو ثَعْلَبٍ للناطِفِيِّ مُؤازِرٌ،             على خُبْثِهِ، و النَّاطِفيُّ غَيُورُ
و بالبَغْلَةِ الشَّهْباءِ رِقَّةُ حافرٍ،             و صاحِبُنَا ماضِي الجَنانِ جَسُورُ
و لا غَرْوَ أَنْ كان الأُعَيْرِجُ آرَها،             و ما النَّاسُ إِلَّا آيِرٌ و مَئِيرُ

و الآرُ: العارُ. و الإِيارُ: اللُّوحُ، و هو الهواء.

36
لسان العرب4

فصل الباء الموحدة ص 37

فصل الباء الموحدة
بأر:
البِئْرُ: القَلِيبُ، أُنثى، و الجمع أَبْآرٌ، بهمزة بعد الباء، مقلوب عن يعقوب، و من العرب من يقلب الهمزة فيقول: آبارٌ، فإِذا كُثِّرَتْ، فهي البِئارُ، و هي في القلة أَبْؤُرٌ. و
في حديث عائشة: اغْتَسِلي من ثلاث أَبْؤُرٍ يَمُدُّ بعضُها بعضاً.
؛ أَبْؤُرٌ: جمعُ قلة للبئر. و مدّ بعضها بعضاً: هو أَن مياهها تجتمع في واحدة كمياه القناة، و هي البِئْرَةُ، و حافرُها: الأَبَّارُ، مقلوب و لم يُسمع على وَجْهِهِ؛ و في التهذيب: و حافِرُها بأْآر؛ و يقال: أَبَّارٌ؛ و قد بَأَرْتُ بِئْراً و بَأَرَها يَبْأَرُها و ابْتَأَرَها: حَفَرَها. أَبو زيد: بَأَرْتُ أَبْأَرُ بَأْراً حَفْرتُ بُؤْرَةً يطبخ فيها، و هي الإِرَةُ. و
في الحديث: البِئْرُ جبارٌ.
قيل هي العادِيَّةُ القديمة لا يعلم لها حافر و لا مالك، فيقع فيها الإِنسان أَو غيره، فهو جُبار أَي هَدَرٌ، و قيل: هو الأَجير الذي ينزل البئر فينقيها أَو يخرج منها شيئاً وقع فيها فيموت. و البُؤْرَةُ: كالزُّبْيَةِ من الأَرض، و قيل: هي موقد النار، و الفعل كالفعل. و بَأَرَ الشي‏ءَ يَبْأَرُه بَأْراً و ابْتَأَرَه، كلاهما: خَبَأَهُ و ادَّخَرَهُ؛ و منه قيل للحُفرَةِ: البُؤْرَةُ. و البُؤْرَةُ و البِئْرَةُ و البَئِيرَةُ، على فَعِيلَةٍ: ما خُبِئَ و ادُّخِرَ. و
في الحديث: أَن رجلًا آتاه الله مالًا فلم يَبْتَئِرْ خيراً.
: أَي لم يُقَدِّمْ لنفسه خَبِيئَةَ خَيْرٍ و لم يَدَّخِرْ. و ابْتَأَرَ الخيرَ و بَأَرَهُ: قَدَّمَهُ، و قيل: عمله مستوراً. و قال الأُمَوِيُّ في معنى الحديث: هو من الشي‏ء يُخْبَأُ كأَنه لم يُقدِّم لنفسه خيراً خَبَأَهُ لها. و يقال للذَّخيرة يدّخرها الإِنسان: بَئِيرَةٌ. قال أَبو عبيد: في الابْتِئار لغتان: يقال ابْتَأَرْتُ و ائْتَبَرْتُ ابْتِئاراً و ائتِباراً؛ و قال القطامي:
فإِن لم تَأْتَبِرْ رَشَداً قُرَيْشٌ،             فليس لسائِر لناسِ ائْتِبارُ

يعني اصطناع الخير و المعروف و تقديمه. و يقال لإِرَةِ النارِ: بُؤْرَةٌ، و جمعه بُؤَرٌ.
ببر:
البَبْرُ: واحدُ البُبُور، و هو الفُرانِقُ الذي يعادي الأَسد. غيره: البَبْرُ ضرب من السباع، أَعجمي معرّب.
بتر:
البَتْرُ: اسْتِئْصالُ الشي‏ء قطعاً. غيره: البَتْرُ قَطْعُ الذَّنَبِ و نحوه إِذا استأْصله. بَتَرْتُ الشي‏ءَ بَتْراً: قطعته قبل الإِتمام. و الانْبتارُ: الانْقِطاعُ. و
في حديث الضحايا: أَنه نهى عن المبتورةِ.
و هي التي قطع ذنبها. قال ابن سيدة: و قيل كُلُّ قطع بَتْرٌ؛ بَتَرَهُ يَبْتُرُهُ بَتْراً فانْبَتَرَ و تَبَتَّر. و سَيْفٌ باتِرٌ و بَتُورٌ و بَتَّارٌ: قطَّاع. و الباتِرُ: السيفُ القاطعُ. و الأَبْتَرُ: المقطوعُ الذَّنَب من أَيّ موضع كان من جميع الدواب؛ و قد أَبْتَرَهُ فَبَتَر، و ذَنَبٌ أَبْتَرُ. و تقول منه: بَتِرَ، بالكسر، يَبْتَرُ بَتَراً. و
في الحديث: أَنه نهى عن البُتَيْراءِ.
؛ هو أَن يُوتِرَ بركعة واحدة، و قيل: هو الذي شرع في ركعتين فأَتم الأُولى و قطع الثانية: و
في حديث سعد: أَنه أَوْتَرَ بركعة، فَأَنْكَرَ عليه ابْنُ مسعود و قال: ما هذه البَتْراءُ؟.
و كل أَمر انقطع من الخير أَثَرُه، فهو أَبْتَرُ. و الأَبْتَرانِ: العَيْرُ و العَبْدُ، سُمِّيا أَبْتَرَيْنِ لقلة خيرهما. و قد أَبْتَرَه اللهُ أَي صيره أَبتر. و خطبةٌ بَتْراءُ إِذا لم يُذكر الله تعالى فيها و لا صُلّيَ على النبي، صلى الله عليه و سلم؛ و خطب زياد خطبته البَتْراءَ: قيل لها البَتْراءُ لأَنه لم يحمد الله تعالى فيها

37
لسان العرب4

بتر ص 37

و لم يصلِّ على النبي، صلى الله عليه و سلم. و
في الحديث: كان لرسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، دِرْعٌ يقال لهَا البَتْراءُ، سميت بذلك لقصرها.
و الأَبْتَرُ من الحيات: الذي يقال له الشيطان قصير الذنب لا يراه أَحد إِلَّا فرّ منه، و لا تبصره حامل إِلَّا أَسقطت، و إِنما سمي بذلك لِقَصرِ ذَنَبه كأَنه بُتِرَ منه. و
في الحديث: كلُّ أَمْر ذي بال لا يُبدأُ فيه بحمد الله فهو أَبْتَرُ.
؛ أَي أَقطع. و البَتْرُ: القطعُ. و الأَبْتَرُ من عَرُوض المُتَقَارَب: الرابع من المثمَّن، كقوله:
خَلِيليَّ عُوجَا على رَسْمِ دَارٍ،             خَلَتْ مِنْ سُلَيْمى و مِنْ مَيَّهْ‏

و الثاني من المُسَدَّس، كقوله:
تَعَفَّفْ و لا تَبْتَئِسْ،             فما يُقْضَ يَأْتيكَا

فقوله يَهْ من مَيَّهْ و قوله كامِنْ يَأْتِيكا كلاهما فل، و إِنما حكمهما فعولن، فحذفت لن فبقي فعو ثم حذفت الواو و أُسكنت العين فبقي فل؛ و سمى قطرب البيت الرابع من المديد، و هو قوله:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتَةٌ،             أُخْرِجَتْ مِنْ كيسِ دِهْقانِ [دُهْقانِ‏]

سماه أَبْتَرَ. قال أَبو إِسحاق: و غلط قطرب، إِنما الأَبتر في المتقارب، فأَما هذا الذي سماه قطرب الأَبْتَرَ فإِنما هو المقطوع، و هو مذكور في موضعه. و الأَبْتَرُ: الذي لا عَقِبَ له؛ و به فُسِّرَ قولهُ تعالى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
؛ نزلت في العاصي بن وائل و كان دخل على النبي، صلى الله عليه و سلم، و هو جالس فقال: هذا الأَبْتَرُ أَي هذا الذي لا عقب له، فقال الله جل ثناؤه: إِنَّ شانِئَكَ يا محمد هُوَ الْأَبْتَرُ
 أَي المنقطع العقب؛ و جائز أَن يكون هو المنقطع عنه كلُّ خير. و
في حديث ابن عباس قال: لما قَدِم ابنُ الأَشْرَفِ مكةَ قالت له قريشٌ: أَنت حَبْرُ أَهل المدينة و سَيِّدُهم؟ قال: نعم، قالوا: أَ لا تَرى هذا الصُّنَيْبِرَ الأُبَيْتِرَ من قومه؟ يزعم أَنه خير منا و نحن أَهلُ الحَجيج و أَهلُ السِّدانَةِ و أَهلُ السِّقاية؟ قال: أَنتم خير منه، فأُنزلت: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
، و أُنزلت: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى‏ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.
ابن الأَثير: الأَبْتَرُ المُنْبَتِرُ الذي لا ولد له؛ قيل: لم يكن يومئذٍ وُلِدَ لَهُ، قال: و فيه نظر لأَنه ولد له قبل البعث و الوحي إِلَّا أَن يكون أَراد لم يعش له ولد ذكر. و الأَبْتَرُ: المُعْدِمُ. و الأَبْتَرُ: الخاسرُ. و الأَبْتَرُ: الذي لا عُرْوَةَ له من المَزادِ و الدِّلاء. و تَبَتَّر لَحْمهُ: انْمارَ. و بَتَرَ رَحِمَهُ يَبْتُرُها بَتْراً: قطعها. و الأُباتِرُ، بالضم: الذي يَبْتُرُ رحمه و يقطعها؛ قال أَبو الرئيس المازني و اسمه عبادة بن طَهْفَةَ يهجو أَبا حصن السلمي:
لَئِيمٌ نَزَتْ في أَنْفِهِ خُنْزُوانَةٌ،             على قَطْعِ ذي القُرْبى أَحَذُّ أُباتِرُ

قال ابن بري: كذا أَورده الجوهري و المشهور في شعره:
شديدُ وِكاءٍ البَطْنِ ضَبُّ ضَغِينَةٍ
و سنذكره هنا. و قيل: الأُباتِرُ القصير كأَنه بُتِرَ عن التمام؛ و قيل؛ الأُباتِرُ الذي لا نَسْلَ لَه؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
شديدُ وِكاءِ البَطْنِ ضَبُّ ضَغِينَةٍ،             على قَطْعِ ذي القُرْبى أَحَذُّ أُباتِر

38
لسان العرب4

بتر ص 37

قال: أُباتِرُ يُسْرِعُ في بَتْرِ ما بينه و بين صديقه. و أَبْتَرَ الرجلُ إِذا أَعْطَى و مَنَعَ. و الحُجَّةُ البَتْراءُ: النافذة؛ عن ثعلب. و البُتَيْراءُ: الشمسُ. و
في حديث علي، كرّم الله وجهه، و سئل عن صلاة الأَضْحى أَو الضُّحى فقال: حين تَبْهَرُ البُتَيْراءُ الأَرضَ.
؛ أَراد حين تنبسط الشمس على وجه الأَرض و ترتفع. و أَبْتَرَ الرجلُ: صلى الضحى، و هو من ذلك. و في التهذيب: أَبْتَرَ الرجلُ إِذا صلى الضحى حين تُقَضِّبُ الشمسُ، و تُقَضِّبُ الشمس أَي تُخرجُ شعاعَها كالْقُضْبان. ابن الأَعرابي: البُتَيْرَةُ تصغير البَتْرَةِ، و هي الأَتانُ. و البُتْرِيَّةُ: فِرْقَةٌ من الزَّيدية نسبوا إِلى المغيرة بن سعد و لقبه الأَبْتَرُ. و البُتْرُ و البَتْراءُ و الأُباتِرُ: مواضع؛ قال القتال الكلابي:
 عَفَا النَّبْتُ بعدي فالعَرِيشَانِ فالبُتْرُ
و قال الراعي:
 تَرَكْنَ رِجالَ العُنْظُوانِ تَنُوبُهُمْ             ضِباعٌ خِفافٌ مِنْ وراءِ الأُباتِر

بثر:
البَثْرُ و البَثَرُ و البُثُورُ: خُرَّاجٌ صِغارٌ، و خص بعضهم به الوجه، واحدته بَثْرَةٌ و بَثَرَةٌ. و قد بَثَر جِلْدُه و وجهه يَبْثُرُ بَثْراً و بُثُوراً: و بَثِرَ، بالكسر، بَثَراً و بَثُرَ، بالضم، ثلاث لغات، فهو وَجْهٌ بَثِرٌ. و تَبَثَّرَ وَجْهُه: بَثِرَ. و تَبَثَّرَ جلدُه: تَنَفَّط. قال أَبو منصور: البُثُور مِثْل الجُدَرِيِّ يَقْبُحُ على الوجه و غيره من بدن الإِنسان، و جمعها بَثْرٌ. ابن الأَعرابي: البَثْرَةُ تصغيرها البُثَيْرَةُ، و هي النِّعْمَةُ التامة. و البَثْرَةُ: الحَرَّةُ. و البَثْرُ: أَرضٌ سَهْلَةٌ رِخْوَةٌ. و البَثْرُ: أَرضٌ حجارتها كحجارة الحَرَّةِ إِلَّا أَنها بِيضٌ. و البَثْرُ: الكثير. يقال: كَثيرٌ بَثِيرٌ، إِتباع له و قد يفرد. و عطاءٌ بَثْرٌ: كثير و قليل، و هو من الأَضداد. و ماء بَثْرٌ: بقي منه على وجه الأَرض شي‏ء قليل. و بَثْرٌ: ماء معروف بذاتِ عِرْقٍ؛ قال أَبو ذؤيب:
فافْتَنَّهُنَّ مِنَ السَّواءِ، و ماؤه             بَثْرٌ، و عانَدَهُ طَرِيقٌ مَهْيَعُ‏

و المعروف في البَثْرِ: الكثيرُ. و قال الكسائي: هذا شي‏ء كثيرٌ بَثيرٌ بَذيرٌ و بَجيرٌ أَيضاً. الأَصمعي: البَثْرَة الحُفْرَةُ. قال أَبو منصور: و رأَيت في البادية رَكِيَّةً غير مَطْوِيَّةٍ يقال لها بَثْرَةُ، و كانت واسعة كثيرة الماء. الليث: الماءُ البَثْرُ في الغدير إِذا ذهب و بقي على وجه الأَرض منه شي‏ء قليل، ثم نَشَّ و غَشَّى وجْهَ الأَرض منه شِبْهُ عِرْمِضٍ؛ يقال: صار ماء الغدير بَثْراً. و البَثْرُ: الحِسْيُ [الحَسْيُ‏]. و البُثُور: الأَحْساءُ، و هي الكِرارُ؛ و يقال: ماءٌ باثِرٌ إِذا كان بادياً من غير حفر، و كذلك ماءٌ نابعٌ و نَبَعٌ. و الباثِرُ: الحَسُودُ. و البَثْرُ و المَبْثُور: المَحْسُودُ. و المَبْثُور: الغنيُّ التّامُّ الغِنى.
بثعر:
ابْذَعَرَّتِ الخيلُ و ابْثَعَرَّتْ إِذا رَكَضَتْ تُبادِرُ شيئاً تَطْلُبُه.
بجر:
البَجَرُ، بالتحريك: خروجُ السُّرَّة و نُتُوُّها و غِلَظُ أَصلِها. ابن سيدة: البُجْرَةُ السُّرَّةُ من الإِنسان و البعير، عَظُمَتْ أَو لم تعظم. و بَجَرَ بَجْراً، فهو أَبْجَرُ إِذا غَلُظَ أَصلُ سُرَّتِهِ فالتَحَمَ من حيث دَقَّ و بقي في ذلك العظم رِيحٌ، و المرأَةُ بَجْراءُ، و اسم ذلك الموضع البَجَرَةُ و البُجْرَةُ. و الأَبْجَرُ: الذي خرجت سرته؛ و منه‏
حديث صِفَةِ قُرَيْش: أَشِحَّةٌ بَجَرَةٌ.
؛ هي جمع باجر، و هو العظيم البطن. يقال: بَجِرَ يَبْجَرُ بَجَراً، فهو باجِر

39
لسان العرب4

بجر ص 39

و أَبْجَرُ، وصفهم بالبَطانَةِ و نُتُوءِ السُّرَرِ و يجوز أَن يكون كناية عن كَنزهم الأَموال و اقتنائهم لها، و هو أَشبه بالحديث لأَنه قرنه بالشح و هو أَشد البخل. و الأَبْجَرُ: العظيمُ البَطْنِ، و الجمع من كل ذلك بُجْرٌ و بُجْرانٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فلا يَحْسَب البُجْرانُ أَنَّ دِماءَنا             حَقِينٌ لهمْ في غيرِ مَرْبُوبَةٍ وُقْرِ

أَي لا يَحْسَبْنَ أَن دماءَنا تذهب فِرْغاً باطلًا أَي عندنا من حِفْظِنا لها في أَسْقِيَةٍ مَرْبُوبَةٍ، و هذا مثل. ابن الأَعرابي: الباجِرُ المُنْتَفِخُ الجَوْف، و الهِرْدَبَّةُ الجَبانُ. الفراء: الباحرُ، بالحاء: الأَحمق؛ قال الأَزهري: و هذا غير الباجر، و لكلٍّ مَعْنًى. الفراء: البَجْرُ و البَجَرُ انتفاخ البطن. و
في الحديث: أَنه بَعَثَ بَعْثاً فأَصْبَحُوا بأَرْضٍ بَجْراءَ.
؛ أَي مرتفعةٍ صُلْبَةٍ. و الأَبْجَرُ: الذي ارتفعت سُرَّتُه و صَلُبَتْ؛ و منه‏
حديثه الآخر: أَصْبَحْنا في أَرضٍ عَرُونَةٍ بَجْراءَ.
و قيل: هي التي لا نباتَ بها. و الأَبْجَرُ: حَبْلُ السفينة لعظمه في نوع الحبال، و به سمي أَبْجَرُ بنُ حاجز. و البُجْرَةُ: العُقْدَةُ في البطن خاصة، و قيل: البُجْرَةُ العُقْدَةُ تكون في الوجه و العُنُقِ، و هي مثلُ العُجْرَةِ؛ عن كراع. و بَجِرَ الرجلُ بَجَراً، فهو بَجِرٌ، و مَجَرَ مَجْراً: امتلأَ بطنُه من الماء و اللبن الحامض و لسانُه عطشانُ مثل نَجَرَ؛ و قال اللحياني: هو أَن يكثر من شرب الماء أَو اللبن و لا يكاد يروى، و هو بَجِرٌ مَجِرٌ نَجِرٌ. و تَبَجَّر النبيذَ: أَلَحّ في شربه، منه. و البَجَاري و البَجارى: الدواهي و الأُمور العظام، واحدها بُجْرِيٌّ و بُجْرِيَّةٌ. و الأَباجِيرُ: كالبَجَاري و لا واحد له. و البُجْرُ، بالضم: الشر و الأَمر العظيم. أَبو زيد: لقيت منه البَجَاري أَي الدواهي، واحدها بُجْرِيٌّ مثل قُمْرِيٍّ و قَماري، و هو الشر و الأَمر العظيم. أَبو عمرو: يقال إِنه ليجي‏ءُ بالأَباجِرِ، و هي الدواهي؛ قال الأَزهري: فكأَنها جمع بُجْرٍ و أَبْجارٍ ثم أَباجِرُ جمعُ الجمع. و أَمرٌ بُجْرٌ: عظيم، و جمعه أَباجِيرُ «4»؛ عن ابن الأَعرابي، و هو نادر كأَباطيل و نحوه. و قولهم: أَفْضَيْتُ إِليك بِعُجَرِي و بُجَري أَي بعيوبي يعني أَمري كله. الأَصمعي في باب إِسرار الرجل إِلى أَخيه ما يستره عن غيره: أَخبرته بِعُجَرِي و بُجَرِي أَي أَظهرته من ثقتي به على مَعايبي. ابن الأَعرابي: إِذا كانت في السُّرَّة نَفْخَةٌ فهي بُجْرَةٌ، و إِذا كانت في الظهر فهي عُجْرَةٌ؛ قال: ثم ينقلان إِلى الهموم و الأَحزان. قال: و معنى‏
قول علي، كرم الله وجهه: أَشْكُو إِلى الله عُجَرِي و بُجَرِي.
أَي همومي و أَحزاني و غمومي. ابن الأَثير: و أَصل العُجْرَةِ نَفْخَةٌ في الظهر فإِذا كانت في السرة فهي بُجْرَةٌ؛ و قيل: العُجَرُ العروقُ المُتَعَقِّدَةُ في الظهر، و البُجَرُ العروق المتعقدة في البطن ثم نقلا إلى الهموم و الأَحزان؛ أَراد أَنه يشكو إِلى الله تعالى أُموره كلها ما ظهر منها و ما بطن. و
في حديث أُم زَرْع: إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ و بُجَرَه.
أَي أُموره كلها باديها و خافيها، و قيل: أَسراره، و قيل: عيوبه. و أَبْجَرَ الرجلُ إِذا استغنى غِنًى يكاد يطغيه بعد فقر كاد يكفره. و قال: هُجْراً و بُجْراً أَي أَمراً عجباً، و البُجْرُ: العَجَبُ؛ قال الشاعر:
__________________________________________________
 (4). قوله: [و جمعه أباجير] عبارة القاموس الجمع أَباجر و جمع الجمع أَباجير.

40
لسان العرب4

بجر ص 39

أَرْمي عليها و هي شي‏ءٌ بُجْرُ،             و القَوْسُ فيها وَتَرٌ حِبَجْرُ

و أَورد الجوهري هذا الرجز مستشهداً به على البُجْرِ الشَّرِّ و الأَمر العظيم، و فسره فقال: أَي داهية. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِنما هو الفَجْرُ أَو البَجْرُ.
؛ البَجْرُ، بالفتح و الضم: الداهية و الأَمر العظيم، أَي إِن انتظرت حتى يضي‏ء الفجرُ أَبصرتَ الطريقَ، و إِن خبطت الظلماء أَفضتْ بك إِلى المكروه، و يروى البحر، بالحاء، يريد غمرات الدنيا شبهها بالبحر لتحير أَهلها فيها. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: لمْ آتِ، لا أَبا لَكُمْ، بُجْراً.
أَبو عمرو: البَجِيرُ المالُ الكثير. و كثيرٌ بَجِيرٌ: إِتباعٌ. و مكان عَمِيرٌ بَجِيرٌ: كذلك. و أَبْجَرُ و بُجَيْرٌ: اسمان. و ابنُ بُجْرَةَ: خَمَّارٌ كان بالطائف؛ قال أَبو ذؤيب:
فلو أَنَّ ما عِنْدَ ابنِ بُجْرَةَ عِنْدَها،             من الخَمْرِ، لم تَبْلُلْ لَهاتِي بناطِلِ‏

و باجَرٌ: صنم كان للأَزد في الجاهلية و من جاورهم من طي‏ء، و قالوا باجِر، بكسر الجيم. و في نوادر. الأَعراب: ابْجارَرْتُ عن هذا الأَمر و ابْثارَرْتُ و بَجِرْتُ و مَجِرْتُ أَي استرخيت و تثاقلت. و
في حديث مازن: كان لهم صنم في الجاهلية يقال له باجر، تكسر جيمه و تفتح، و يروى بالحاء المهملة، و كان في الأَزد.
؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ذَهَبَتْ فَشيِشَةُ بالأَباعِرِ حَوْلَنا             سَرَقاً، فَصُبَّ على فَشِيشَةَ أَبْجَرُ

قال: يجوز أَن يكون رجلًا، و يجوز أَن يكون قبيلة، و يجوز أَن يكون من الأُمور البَجَارى، أَي صبت عليهم داهيةٌ، و كل ذلك يكون خبراً و يكون دعاء. و من أَمثالهم: عَيَّرَ بُجَيْرٌ بُجَرَهْ، و نَسِيَ. بُجَيْرٌ خَبَرَهْ؛ يعني عيوبه. قال الأَزهري: قال المفضل: بجير و بجرة كانا أَخوين في الدهر القديم و ذكر قصتهما، قال: و الذي رأَيت عليه أَهل اللغة أَنهم قالوا البجير تصغير الأَبجر، و هو الناتئ السرة، و المصدر البجر، فالمعنى أَن ذا بُجْرَةٍ في سُرَّتِه عَيَّرَ غَيْرَهُ بما فيه، كما قيل في امرأَة عيرت أُخرى بعيب فيها: رَمَتْني بدائها و انْسَلَّتْ.
بحر:
البَحْرُ: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كان أَو عَذْباً، و هو خلاف البَرِّ، سمي بذلك لعُمقِهِ و اتساعه، قد غلب على المِلْح حتى قَلّ في العَذْبِ، و جمعه أَبْحُرٌ و بُحُورٌ و بِحارٌ. و ماءٌ بَحْرٌ: مِلْحٌ، قَلَّ أَو كثر؛ قال نصيب:
و قد عادَ ماءُ الأَرضِ بَحْراً فَزادَني،             إِلى مَرَضي، أَنْ أَبْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ‏

قال ابن بري: هذا القولُ هو قولُ الأُمَوِيّ لأَنه كان يجعل البحر من الماء الملح فقط. قال: و سمي بَحْراً لملوحته، يقال: ماءٌ بَحْرٌ أَي مِلْحٌ، و أَما غيره فقال: إِنما سمي البَحْرُ بَحْراً لسعته و انبساطه؛ و منه قولهم إِن فلاناً لَبَحْرٌ أَي واسع المعروف؛ قال: فعلى هذا يكون البحرُ للملْح و العَذْبِ؛ و شاهدُ العذب قولُ ابن مقبل:
و نحنُ مَنَعْنا البحرَ أَنْ يَشْرَبُوا به،             و قد كانَ مِنْكُمْ ماؤه بِمَكَانِ‏

و قال جرير:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ تَحْدُوها ثمانِيَةٌ،             ما في عطائِهِمُ مَنٌّ و لا سَرَفُ‏
كُوماً مَهارِيسَ مثلَ الهَضْبِ، لو وَرَدَتْ             ماءَ الفُراتِ، لَكادَ البَحْرُ يَنْتَزِف‏

41
لسان العرب4

بحر ص 41

و قال عديّ بن زيد:
 و تَذَكَّرْ رَبَّ الخَوَرْنَقِ إِذْ أَشْرَفَ             يوماً، و للْهُدَى تَذْكِيرُ
سَرَّه مالُهُ و كَثْرَةُ ما يَمْلِكُ،             و البحرُ مُعْرِضاً و السَّدِيرُ

أَراد بالبحر هاهنا الفرات لأَن رب الخورنق كان يشرِفُ على الفرات؛ و قال الكميت:
أُناسٌ، إِذا وَرَدَتْ بَحْرَهُمْ             صَوادِي العَرائِبِ، لم تُضْرَبِ‏

و قد أَجمع أَهل اللغة أَن اليَمَّ هو البحر. و جاءَ في الكتاب العزيز: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ؛ قال أَهل التفسير: هو نيل مصر، حماها الله تعالى. ابن سيدة: و أَبْحَرَ الماءُ صار مِلْحاً؛ قال: و النسب إِلى البحر بَحْرانيٌّ على غير قياس. قال سيبويه: قال الخليل: كأَنهم بنوا الاسم على فَعْلان. قال عبد الله محمد بن المكرم: شرطي في هذا الكتاب أَن أَذكر ما قاله مصنفو الكتب الخمسة الذين عينتهم في خطبته، لكن هذه نكتة لم يسعني إِهمالها. قال السهيلي، رحمه الله تعالى: زعم ابن سيدة في كتاب المحكم أَن العرب تنسب إِلى البحر بَحْرانيّ، على غير قياس، و إِنه من شواذ النسب، و نسب هذا القول إِلى سيبويه و الخليل، رحمهما الله تعالى، و ما قاله سيبويه قط، و إِنما قال في شواذ النسب: تقول في بهراء بهراني و في صنعاء صنعاني، كما تقول بحراني في النسب إلى البحرين التي هي مدينة، قال: و على هذا تلقَّاه جميع النحاة و تأَوَّلوه من كلام سيبويه، قال: و إِنما اشتبه على ابن سيدة لقول الخليل في هذه المسأَلة أَعني مسأَلة النسب إِلى البحرين، كأَنهم بنوا البحر على بحران، و إِنما أَراد لفظ البحرين، أَ لا تراه يقول في كتاب العين: تقول بحراني في النسب إِلى البحرين، و لم يذكر النسب إِلى البحر أَصلًا، للعلم به و أَنه على قياس جار. قال: و في الغريب المصنف عن الزيدي أَنه قال: إِنما قالوا بَحْرانيٌّ في النسب إِلى البَحْرَيْنِ، و لم يقولوا بَحْرِيٌّ ليفرقوا بينه و بين النسب إلى البحر. قال: و ما زال ابن سيدة يعثر في هذا الكتاب و غيره عثرات يَدْمَى منها الأَظَلُّ، و يَدْحَضُ دَحَضَات تخرجه إِلى سبيل من ضل، أَ لا تراه قال في هذا الكتاب، و ذكر بُحَيْرَة طَبَرَيَّة فقال: هي من أَعلام خروج الدجال و أَنه يَيْبَسُ ماؤُها عند خروجه، و الحديث إِنما جاء في غَوْرِ زُغَرَ، و إِنما ذكرت طبرية في حديث يأْجوج و مأْجوج و أَنهم يشربون ماءها؛ قال: و قال في الجِمَار في غير هذا الكتاب: إِنما هي التي ترمى بعرفة و هذه هفوة لا تقال، و عثرة لا لَعاً لها؛ قال: و كم له من هذا إِذا تكلم في النسب و غيره. هذا آخر ما رأَيته منقولًا عن السهيلي. ابن سيدة: و كلُّ نهر عظيم بَحْرٌ. الزجاج: و كل نهر لا ينقطع ماؤُه، فهو بحر. قال الأَزهري: كل نهر لا ينقطع ماؤه مثل دِجْلَةَ و النِّيل و ما أَشبههما من الأَنهار العذبة الكبار، فهو بَحْرٌ. و أَما البحر الكبير الذي هو مغيض هذه الأَنهار فلا يكون ماؤُه إِلَّا ملحاً أُجاجاً، و لا يكون ماؤه إِلَّا راكداً؛ و أَما هذه الأَنهار العذبة فماؤُها جار، و سميت هذه الأَنهار بحاراً لأَنها مشقوقة في الأَرض شقّاً. و يسمى الفرس الواسع الجَرْي بَحْراً؛ و منه قول النبي، صلى الله عليه و سلم، في مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبي طلحة و قد ركبه عُرْياً: إِني وجدته بَحْراً أَي واسع الجَرْي؛ قال أَبو عبيدة: يقال للفرس الجواد إِنه لَبَحْرٌ لا يُنْكَش حُضْرُه. قال الأَصمعي: يقال فَرَسٌ بَحْرٌ و فَيضٌ و سَكْبٌ و حَتٌّ إِذا كان جواداً كثيرَ العَدْوِ و
في الحديث: أَبَى ذلك البَحرُ ابنُ عباس.
؛ سمي‏

42
لسان العرب4

بحر ص 41

بحراً لسعة علمه و كثرته. و التَّبَحُّرُ و الاستِبْحَارُ: الانبساط و السَّعة. و سمي البَحْرُ بَحْراً لاسْتبحاره، و هو انبساطه و سعته. و يقال: إِنما سمي البَحْر بَحْراً لأَنه شَقَّ في الأَرض شقّاً و جعل ذلك الشق لمائه قراراً. و البَحْرُ في كلام العرب: الشَّقُّ. و
في حديث عبد المطلب: و حفر زمزم ثم بَحَرَها بَحراً.
أَي شقَّها و وسَّعها حتى لا تُنْزَفَ؛ و منه قيل للناقة التي كانوا يشقون في أُذنها شقّاً: بَحِيرَةٌ. و بَحَرْتُ أُذنَ الناقة بحراً: شققتها و خرقتها. ابن سيدة: بَحَرَ الناقةَ و الشاةَ يَبْحَرُها بَحْراً شقَّ أُذنها بِنِصْفَين، و قيل: بنصفين طولًا، و هي البَحِيرَةُ، و كانت العرب تفعل بهما ذلك إِذا نُتِجَتا عشرةَ أَبْطن فلا يُنْتَفَع منهما بلبن و لا ظَهْرٍ، و تُترك البَحِيرَةُ ترعى و ترد الماء و يُحَرَّمُ لحمها على النساء، و يُحَلَّلُ للرجال، فنهى الله تعالى عن ذلك فقال: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ‏
؛ قال: و قيل البَحِيرَة من الإِبل التي بُحِرَتْ أُذنُها أَي شُقت طولًا، و يقال: هي التي خُلِّيَتْ بلا راع، و هي أَيضاً الغَزِيرَةُ، و جَمْعُها بُحُرٌ، كأَنه يوهم حذف الهاء. قال الأَزهري: قال أَبو إِسحاق النحوي: أَثْبَتُ ما روينا عن أَهل اللغة في البَحِيرَة أَنها الناقة كانت إِذا نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبطن فكان آخرها ذكراً، بَحَرُوا أُذنها أَي شقوها و أَعْفَوا ظهرها من الركوب و الحمل و الذبح، و لا تُحلأُ عن ماء ترده و لا تمنع من مرعى، و إِذا لقيها المُعْيي المُنْقَطَعُ به لم يركبها. و جاء
في الحديث: أَن أَوَّل من بحر البحائرَ و حَمَى الحامِيَ و غَيَّرَ دِين إِسماعيل عَمْرُو بن لُحَيِّ بن قَمَعَة بنِ جُنْدُبٍ.
؛ و قيل: البَحِيرَةُ الشاة إِذا ولدت خمسة أَبطُن فكان آخرها ذكراً بَحَرُوا أُذنها أَي شقوها و تُرِكَت فلا يَمَسُّها أَحدٌ. قال الأَزهري: و القول هو الأَوَّل لما جاء
في حديث أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عن أَبيه أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال له: أَ رَبُّ إِبلٍ أَنتَ أَم ربُّ غَنَمٍ؟ فقال: من كلٍّ قد آتاني اللهُ فأَكْثَرَ، فقال: هل تُنْتَجُ إِبلُك وافيةً آذانُها فَتَشُقُّ فيها و تقول بُحُرٌ؟.
يريد به جمع البَحِيرة. و قال الفرّاء: البَحِيرَةُ هي ابنة السائبة، و قد فسرت السائبة في مكانها؛ قال الجوهري: و حكمها حكم أُمها. و حكى الأَزهري عن ابن عرفة: البَحيرة الناقة إِذا نُتِجَتْ خمسةَ أَبطن و الخامس ذكر نحروه فأَكله الرجال و النساء، و إِن كان الخامس أُنثى بَحَروا أُذنها أَي شقوها فكانت حراماً على النساء لحمها و لبنها و ركوبها، فإِذا ماتت حلت للنساء؛ و منه‏
الحديث: فَتَقْطَعُ آذانَها فتقُولُ بُحُرٌ.
؛ و أَنشد شمر لابن مقبل:
فيه من الأَخْرَجِ المُرْتَاعِ قَرْقَرَةٌ،             هَدْرَ الدَّيامِيِّ وَسْطَ الهجْمَةِ البُحُرِ

البُحُرُ: الغِزارُ. و الأَخرج: المرتاعُ المُكَّاءٌ. و ورد ذكر البَحِيرة في غير موضع: كانوا إِذا ولدت إِبلهم سَقْباً بَحَروا أُذنه أَي شقوها، و قالوا: اللهم إِن عاش فَقَنِيٌّ، و إِن مات فَذَكيٌّ؛ فإِذا مات أَكلوه و سموه البحيرة، و كانوا إِذا تابعت الناقة بين عشر إِناث لم يُرْكب ظهرُها، و لم يُجَزّ وَبَرُها، و لم يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ضَيْفٌ، فتركوها مُسَيَّبَةً لسبيلها و سمُّوها السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أُنثى شقوا أُذنها و خلَّوا سبيلها، و حرم منها ما حرم من أُمّها، و سَمّوْها البحِيرَةَ، و جمعُ البَحِيرَةِ على بُحُرٍ جمعٌ غريبٌ في المؤنث إِلا أَن يكون قد حمله على المذكر، نحو نَذِيرٍ و نُذُرٍ، على أَن بَحِيرَةً فعيلة بمعنى مفعولة نحو قتيلة؛ قال: و لم يُسْمَعْ في جمع مثله فُعُلٌ،

43
لسان العرب4

بحر ص 41

و حكى الزمَخْشري بَحِيرَةٌ و بُحُرٌ و صَريمَةٌ و صُرُمٌ، و هي التي صُرِمَتْ أُذنها أَي قطعت. و اسْتَبْحَرَ الرجل في العلم و المال و تَبَحَّرَ: اتسع و كثر ماله. و تَبَحَّرَ في العلم: اتسع. و اسْتَبْحَرَ الشاعرُ إِذا اتَّسَعَ في القولِ؛ قال الطرماح:
بِمِثْلِ ثَنائِكَ يَحْلُو المديح،             و تَسْتَبْحِرُ الأَلسُنُ المادِحَهْ‏                                                                                                                                                                                                                                     و
في حديث مازن: كان لهم صنم يقال له باحَر.
بفتح الحاء، و يروى بالجيم. و تَبَحَّر الراعي في رعْيٍ كثير: اتسع، و كلُّه من البَحْرِ لسعته. و بَحِرَ الرجلُ إِذا رأَى البحر فَفَرِقَ حتى دَهِشَ، و كذلك بَرِقَ إِذا رأَى سَنا البَرْقِ فتحير، و بَقِرَ إِذا رأَى البَقَرَ الكثيرَ، و مثله خَرِقَ و عَقِرَ. ابن سيدة: أَبْحَرَ القومُ ركبوا البَحْرَ. و يقال للبَحْرِ الصغير: بُحَيْرَةٌ كأَنهم توهموا بَحْرَةً و إِلا فلا وجه للهاء، و أَما البُحَيْرَةُ التي في طبرية و في الأَزهري التي بالطبرية فإِنها بَحْرٌ عظيم نحو عشرة أَميال في ستة أَميال و غَوْرُ مائها، و أَنه «1». علامة لخروج الدجال تَيْبَس حتى لا يبقى فيها قطرة ماء، و قد تقدم في هذا الفصل ما قاله السهيلي في هذا المعنى. و قوله: يا هادِيَ الليلِ جُرْتَ إِنما هو البَحْرُ أَو الفَجْرُ؛ فسره ثعلب فقال: إِنما هو الهلاك أَو ترى الفجر، شبه الليل بالبحر. و قد ورد ذلك‏
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِنما هو الفَجْرُ أَو البَجْرُ.
و قد تقدم؛ و قال: معناه إِن انتظرت حتى يضي‏ء الفجر أَبصرت الطريق، و إِن خبطت الظلماء أَفضت بك إِلى المكروه. قال: و يروى البحر، بالحاء، يريد غمرات الدنيا شبهها بالبحر لتحير أَهلها فيها. و البَحْرُ: الرجلُ الكريمُ الكثيرُ المعروف. و فَرسٌ بَحْرٌ: كثير العَدوِ، على التشبيه بالبحر. و البَحْرُ: الرِّيفُ، و به فسر أَبو عليّ قوله عز و جل: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ
؛ لأَن البحر الذي هو الماء لا يظهر فيه فساد و لا صلاح؛ و قال الأَزهري: معنى هذه الآية أَجدب البر و انقطعت مادة البحر بذنوبهم، كان ذلك ليذوقوا الشدَّة بذنوبهم في العاجل؛ و قال الزجاج: معناه ظهر الجدب في البر و القحط في مدن البحر التي على الأَنهار؛ و قول بعض الأَغفال:
و أَدَمَتْ خُبْزِيَ من صُيَيْرِ،             مِنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، أَو البُحَيْرِ

قال: يجوز أَن يَعْني بالبُحَيْرِ البحر الذي هو الريف فصغره للوزن و إقامة القافية. قال: و يجوز أَن يكون قصد البُحَيْرَةَ فرخم اضطراراً. و قوله: من صُيَيْر مِن صِيرِ مِصْرَيْنِ يجوز أَن يكون صير بدلًا من صُيَيْر، بإِعادة حرف الجر، و يجوز أَن تكون من للتبعيض كأَنه أَراد من صُيَيْر كائن من صير مصرين، و العرب تقول لكل قرية: هذه بَحْرَتُنا. و البَحْرَةُ: الأَرض و البلدة؛ يقال: هذه بَحْرَتُنا أَي أَرضنا. و
في حديث القَسَامَةِ: قَتَلَ رَجُلًا بِبَحْرَةِ الرِّعاءِ على شَطِّ لِيَّةَ.
البَحْرَةُ: البَلْدَةُ. و
في حديث عبد الله بن أُبيّ: اصْطَلَحَ أَهلُ هذه البُحَيْرَةِ أَن يَعْصِبُوه بالعِصَابَةِ.
؛ البُحَيْرَةُ: مدينة سيدنا رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، و هي تصغير البَحْرَةِ، و قد جاء في رواية مكبراً. و العربُ تسمي المُدُنَ و القرى: البحارَ. و
في الحديث: و كَتَبَ لهم بِبَحْرِهِم.
؛ أَي ببلدهم و أَرضهم. و أَما حديث عبد الله بن أُبيّ‏
فرواه الأَزهري بسنده عن عُرْوَةَ أَن أُسامة بن زيد أَخبره: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، ركب حماراً على إِكافٍ و تحته قَطِيفةٌ فركبه و أَرْدَفَ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و غور مائها و أنه إلخ‏] كذا بالأصل المنسوب للمؤلف و هو غير تام.

44
لسان العرب4

بحر ص 41

أُسامةَ، و هو يعود سعد بن عُبادَةَ، و ذلك قبل وَقْعَةِ بَدْرٍ، فلما غشيت المجلسَ عَجاجَةُ الدابة خَمَّرَ عبدُ الله بنُ أُبيّ أَنْفَه ثم قال: لا تُغَبِّرُوا، ثم نزل النبي، صلى الله عليه و سلم، فوقف و دعاهم إِلى الله و قرأَ القرآنَ، فقال له عبدُ الله: أَيها المَرْءُ إِن كان ما تقول حقّاً فلا تؤذنا في مجلسنا و ارجعْ إِلى رَحْلك، فمن جاءَك منَّا فَقُصَّ عليه؛ ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له: أَي سَعْدُ أَ لم تسمعْ ما قال أَبو حُباب؟ قال كذا، فقال سعدٌ: اعْفُ و اصفَحْ فو الله لقد أَعطاك اللهُ الذي أَعطاك، و لقد اصطلح أَهلُ هذه البُحَيْرةِ على أَن يُتَوِّجُوه، يعني يُمَلِّكُوهُ فَيُعَصِّبوه بالعصابة، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أَعطاكَ شَرِقَ لذلك فذلك فَعَلَ به ما رأَيْتَ، فعفا عنه النبي، صلى الله عليه و سلم.
و البَحْرَةُ: الفَجْوَةُ من الأَرض تتسع؛ و قال أَبو حنيفة: قال أَبو نصر البِحارُ الواسعةُ من الأَرض، الواحدة بَحْرَةٌ؛ و أَنشد لكثير في وصف مطر:
يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ أَراكٍ و تَنْضُبٍ،             و زُرْقاً بأَجوارِ البحارِ تُغادَرُ

و قال مرة: البَحْرَةُ الوادي الصغير يكون في الأَرض الغليظة. و البَحْرةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ مع سَعَةٍ، و جَمْعُها بِحَرٌ و بِحارٌ؛ قال النمر بن تولب:
و كأَنها دَقَرَى تُخايِلُ، نَبْتُها             أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها «2».

الأَزهري: يقال للرَّوْضَةِ بَحْرَةٌ. و قد أَبْحَرَتِ الأَرْضُ إِذا كثرت مناقع الماء فيها. و قال شمر: البَحْرَةُ الأُوقَةُ يستنقع فيها الماء. ابن الأَعرابي: البُحَيْرَةُ المنخفض من الأَرض. و بَحِرَ الرجلُ و البعيرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ إِذا اجتهد في العدوِ طالباً أَو مطلوباً، فانقطع و ضعف و لم يزل بِشَرٍّ حتى اسودَّ وجهه و تغير. قال الفراء: البَحَرُ أَن يَلْغَى البعيرُ بالماء فيكثر منه حتى يصيبه منه داء. يقال: بَحِرَ يَبْحَرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ؛ و أَنشد:
لأَعْلِطَنَّه [لأَعْلُطَنَّه‏] وَسْماً لا يُفارِقُه،             كما يُحَزُّ بِحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ

قال: و إِذا أَصابه الداءُ كُويَ في مواضع فَيَبْرأُ. قال الأَزهري: الداء الذي يصيب البعير فلا يَرْوَى من الماء، هو النَّجَرُ، بالنون و الجيم، و البَجَرُ، بالباء و الجيم، و أَما البَحَرُ، فهو داء يورث السِّلَّ. و أَبْحَرَ الرجلُ إِذا أَخذه السِّلُّ. و رجلٌ بَحِيرٌ و بَحِرٌ: مسْلُولٌ ذاهبُ اللحم؛ عن ابن الأَعرابي و أَنشد:
و غِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ و بَحِرْ،             و آبقٌ، مِن جَذْبِ دَلْوَيْها، هَجِرْ

أَبو عمرو: البَحِيرُ و البَحِرُ الذي به السِّلُّ، و السَّحِيرُ: الذي انقطعت رِئَتُه، و يقال: سَحِرٌ. و بَحِرَ الرجلُ. بُهِتَ. و أَبْحَرَ الرجل إذا اشتدَّتْ حُمرةُ أَنفه. و أَبْحَرَ إِذا صادف إِنساناً على غير اعتمادٍ و قَصدٍ لرؤيته، و هو من قولهم: لقيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ أَي بارزاً ليس بينك و بينه شي‏ء. و الباحِر، بالحاء: الأَحمق الذي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ و بقي كالمبهوت، و قيل: هو الذي لا يَتَمالكُ حُمْقاً. الأَزهري: الباحِرُ الفُضولي، و الباحرُ الكذاب. و تَبَحَّر الخبرَ: تَطَلَّبه. و الباحرُ: الأَحمرُ الشديدُ الحُمرة. يقال: أَحمر باحرٌ و بَحْرانيٌّ. ابن الأَعرابي:
__________________________________________________
 (2). قوله [تخايل إلخ‏] سيأتي للمؤلف في مادّة دقر هذا البيت و فيه تخيل بدل تخايل و قال أي تلوّن بالنور فتريك رؤيا تخيل إليك أنها لون ثم تراها لوناً آخر، ثم قطع الكلام الأَول فقال نبتها أنف فنبتها مبتدأ إلخ ما قال.

45
لسان العرب4

بحر ص 41

يقال أَحْمَرُ قانِئٌ و أَحمرُ باحِرِيٌّ و ذَرِيحِيٌّ، بمعنى واحد. و
سئل ابن عباس عن المرأَة تستحاض و يستمرّ بها الدم، فقال: تصلي و تتوضأُ لكل صلاة، فإِذا رأَتِ الدَّمَ البَحْرانيَّ قَعَدَتْ عن الصلاة.
؛ دَمٌ بَحْرَانيٌّ: شديد الحمرة كأَنه قد نسب إِلى البَحْرِ، و هو اسم قعر الرحم، منسوب إِلى قَعْرِ الرحم و عُمْقِها، و زادوه في النسب أَلِفاً و نوناً للمبالغة يريد الدم الغليظ الواسع؛ و قيل: نسب إِلى البَحْرِ لكثرته و سعته؛ و من الأَول قول العجاج:
وَرْدٌ من الجَوْفِ و بَحْرانيُ‏
أَي عَبِيطٌ خالصٌ. و في الصحاح: البَحْرُ عُمْقُ الرَّحِمِ، و منه قيل للدم الخالص الحمرة: باحِرٌ و بَحْرانيٌّ. ابن سيدة: و دَمٌ باحِرٌ و بَحْرانيٌّ خالص الحمرة من دم الجوف، و عم بعضُهم به فقال: أَحْمَرُ باحِرِيٌّ و بَحْرَانيٌّ، و لم يخص به دم الجوف و لا غيره. و بَناتُ بَحْرٍ: سحائبُ يجئنَ قبل الصيف منتصبات رقاقاً، بالحاء و الخاء، جميعاً. قال الأَزهري: قال الليث: بَناتُ بَحْرٍ ضَرْبٌ من السحاب، قال الأَزهري: و هذا تصحيف منكر و الصواب بَناتُ بَخْرٍ. قال أَبو عبيد عن الأَصمعي: يقال لسحائب يأْتين قبل الصيف منتصبات: بَناتُ بَخْرٍ و بَناتُ مَخْرٍ، بالباء و الميم و الخاء، و نحو ذلك قال اللحياني و غيره، و سنذكر كلًّا منهما في فصله. الجوهري: بَحِرَ الرجلُ، بالكسر، يَبْحَرُ بَحَراً إِذا تحير من الفزع مثل بَطِرَ؛ و يقال أَيضاً: بَحِرَ إِذا اشتدَّ عَطَشُه فلم يَرْوَ من الماء. و البَحَرُ أَيضاً: داءٌ في الإِبل، و قد بَحِرَتْ. و الأَطباء يسمون التغير الذي يحدث للعليل دفعة في الأَمراض الحادة: بُحْراناً، يقولون: هذا يَوْمُ بُحْرَانٍ بالإِضافة، و يومٌ باحُوريٌّ على غير قياس، فكأَنه منسوب إِلى باحُورٍ و باحُوراء مثل عاشور و عاشوراء، و هو شدّة الحر في تموز، و جميع ذلك مولد؛ قال ابن بري عند قول الجوهري: إِنه مولد و إِنه على غير قياس؛ قال: و نقيض قوله إِن قياسه باحِرِيٌّ و كان حقه أَن يذكره لأَنه يقال دم باحِرِيٌّ أَي خالص الحمرة؛ و منه قول المُثَقِّب العَبْدِي:
باحِريُّ الدَّمِ مُرٌّ لَحْمُهُ،             يُبْرئُ الكَلْبَ، إِذا عَضَّ و هَرّ

و الباحُورُ: القَمَرُ؛ عن أَبي علي في البصريات له. و البَحْرانِ: موضع بين البصرة و عُمانَ، النسب إِليه بَحْريٌّ و بَحْرانيٌّ؛ قال اليزيدي: كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه النسبةَ إِلى البَحْرِ؛ الليث: رجل بَحْرانيٌّ منسوب إِلى البَحْرَينِ؛ قال: و هو موضع بين البصرة و عُمان؛ و يقال: هذه البَحْرَينُ و انتهينا إِلى البَحْرَينِ. و روي عن أَبي محمد اليزيدي قال: سأَلني المهدي و سأَل الكسائي عن النسبة إِلى البحرين و إِلى حِصْنَينِ: لِمَ قالوا حِصْنِيٌّ و بَحْرانيٌّ؟ فقال الكسائي: كرهوا أَن يقولوا حِصْنانيٌّ لاجتماع النونين، قال و قلت أَنا: كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه النسبة إِلى البحر؛ قال الأَزهري: و إِنما ثنوا البَحْرَ لأَنَّ في ناحية قراها بُحَيرَةً على باب الأَحساء و قرى هجر، بينها و بين البحر الأَخضر عشرة فراسخ، و قُدِّرَت البُحَيرَةُ ثلاثةَ أَميال في مثلها و لا يغيض ماؤُها، و ماؤُها راكد زُعاقٌ؛ و قد ذكرها الفرزدق فقال:
كأَنَّ دِياراً بين أَسْنِمَةِ النَّقا             و بينَ هَذالِيلِ البُحَيرَةِ مُصْحَفُ‏

و كانت أَسماء بنت عُمَيْسٍ يقال لها البَحْرِيَّة لأَنها كانت هاجرت إِلى بلاد النجاشي فركبت البحر، و كلُّ ما نسب إِلى البَحْرِ، فهو بَحْريٌّ.

46
لسان العرب4

بحر ص 41

و في الحديث ذِكْرُ بَحْرانَ، و هو بفتح الباء و ضمها و سكون الحاء، موضع بناحية الفُرْعِ من الحجاز، له ذِكْرٌ في سَرِيَّة عبد الله بن جَحْشٍ. و بَحْرٌ و بَحِيرٌ و بُحَيْرٌ و بَيْحَرٌ و بَيْحَرَةُ: أَسماء. و بنو بَحْريّ: بَطْنٌ. و بَحْرَةُ و يَبْحُرُ: موضعان. و بِحارٌ و ذو بِحارٍ: موضعان؛ قال الشماخ:
صَبَا صَبْوَةً مِن ذِي بِحارٍ، فَجاوَرَتْ،             إِلى آلِ لَيْلى، بَطْنَ غَوْلٍ فَمَنْعَجِ‏

بحتر:
البُحْتُر: بالضم: القصير المجتمع الخَلْقِ، و كذلك الحُبْتُرُ، و هو مقلوب منه، و الأُنثى بُحْتُرَة و الجمع البحاتِرُ. و بُحْتُرٌ: أَبو بطن من طيّ‏ء، و هو بُحتُرُ بنُ عَتُود بن عُنَين بن سَلامانَ بن ثُعَلَ بن عَمْرو بن الغَوْثِ بن جَلْهَمَةَ بن طَيّ‏ء بن أُدَدَ و هو رَهْطُ الهَيْثَمِ بن عَدِيٍّ. و البُحْتُرِيَّةُ من الإِبل: منسوبة إِليهم.
بحثر:
بَحْثَرَ الشي‏ءَ: بَحَثَه و بَدَّدَه كَبَعْثَرَهُ، و قرئ: إِذا بُحْثِرَ ما في القبور؛ أَي بعث الموتى. و بَحْثَرَ المتاع: فرَّقه. الأَزهري: بَحْثَرَ متاعه و بَعْثَرَه إِذا أَثاره و قلبه و فرَّقه و قلب بعضه على بعض. الأَصمعي: إِذا انقطع اللبن و تَحَبَّبَ، فهو مُبَحْثَرٌ، فإِذا خَثُرَ أَعلاه و أَسفَلُه رقيقٌ، فهو هادر. أَبو الجرّاح: بَحْثَرْتُ الشي‏ءَ و بَعْثَرْتُه إِذا استخرجته و كشفته؛ قال القتال العامري:
و مَنْ لا تَلِدْ أَسماءُ مِنْ آلِ عامِرٍ             و كَبْشَة، تُكْرَهُ أُمُّهُ أَنْ تُبَحْثَرَا

بحدر:
أَبو عدنان قال: البُهْدُرِيُّ و البُحْدُرِيُّ المُقَرْقَمُ الذي لا يَشِبُّ.
بخر:
البَخَرُ: الرائحة المتغيرة من الفم. قال أَبو حنيفة. البَخَرُ النَّتْنُ يكون في الفم و غيره. بَخِرَ بَخَراً، و هو أَبْخَرُ و هي بَخْرَاءُ. و أَبْخَرهُ الشي‏ءُ: صَيَّرَه أَبْخَرَ. و بَخِرَ أَي نَتُنَ من بَخَرِ الفَم الخبيث. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: إِياكم و نَوْمَةَ الغَداةِ فإِنها مَبْخَرَةٌ مَجْفَرَةٌ مَجْعَرَةٌ؛ و جعله القتيبي من حديث علي، رضي الله عنه‏
قوله مبخرة أَي مَظِنَّةٌ للبَخَرِ، و هو تغير ريح الفم. و
في حديث المغيرة: إِيَّاكَ و كلَّ مَجْفَرَةٍ مَبْخَرَةٍ.
يعني من النساء. و البَخْرَاءُ و البَخْرَةُ: عُشْبَةٌ تشبه نباتَ الكُشْنَى و لها حب مثل حبه سوداء، سميت بذلك لأَنها إِذا أُكِلت أَبْخَرَتِ الفَم؛ حكاها أَبو حنيفة قال: و هي مَرْعًى و تعلِفُها المواشي فتسمنها و منابتها القِيعانُ. و البَخْراءُ: أَرض بالشام لنَتْنِها بعُفونة تُرْبِها. و بُخارُ الفَسْوِ: رِيحُه؛ قال الفرزدق:
أَشارِبُ قَهْوَةٍ و حَلِيفُ زِيرٍ،             و صَرَّاءٌ، لِفَسْوَتِهِ بُخارُ

و كلُّ رائحة سطعت من نَتْنٍ أَو غيره: بَخَرٌ و بُخارٌ. و البَخْرُ، مجزوم: فِعْلُ البُخارِ. و بُخارُ القِدر: ما ارتفع منها؛ بَخَرَتْ تَبْخَرُ بَخْراً و بُخاراً، و كذلك بُخارُ الدُّخان، و كلُّ دخان يسطع من ماءٍ حار، فهو بُخار، و كذلك من النَّدَى. و بُخارُ الماء: ما يرتفع منه كالدخان. و
في حديث معاوية: أَنه كتب إِلى ملك الروم: لأَجْعَلنَّ القُسْطَنْطِينِيَّةَ البَخْراءَ حُمَمَةً سَوْداءَ.
؛ وصفها بذلك لبُخار البحر. و تَبَخَّر بالطيب و نحوه: تَدَخَّنَ. و البَخُورُ، بالفتح: ما يتبخر به. و يقال: بَخَّرَ علينا من بَخُور العُود أَي طَيَّبَ. و بَناتُ بَخْرٍ و بَناتُ مَخْرٍ: سحابٌ يأْتين قبل‏

47
لسان العرب4

بخر ص 47

الصيف منتصبةٌ رِقاقٌ بيضٌ حسانٌ، و قد ورد بالحاء المهملة أَيضاً فقيل: بنات بحر، و قد تقدم. و المَبْخُورُ: المَخْمُورُ. ابن الأَعرابي: الباخِرُ ساقي الزرع؛ قال أَبو منصور: المعروف الماخِر، فأَبدَل من الميم باءً، كقولك سَمَدَ رأْسَه و سَبَدَهُ، و الله أَعلم.
بختر:
البَخْتَرَةُ، و التَّبَخْتُرُ: مِشْيَةٌ حَسَنَةٌ؛ و قد بَخْتَرَ و تَبَخْتَرَ، و فلانٌ يمشي البَخْتَرِيَّةَ، و فلان يَتَبَخْتَرُ في مِشْيَتِهِ و يَتَبَخْتَى؛ و
في حديث الحجاج لما أُدخل عليه يزيد بن المُهَلَّبِ أَسيراً فقال الحجاج:
جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌّ إِذا مَشَى‏

فقال يزيد:
و في الدِّرْعِ ضَخْمُ المَنْكِبَينِ شِناقُ.

البَخْتَريُّ: المُتَبَخْتِرُ في مَشْيهِ، و هي مِشْيَةُ المتكبر المعجب بنفسه. و رجل بِخْتِيرٌ و بَخْتَرِيٌّ: صاحبُ تَبَخْتُرٍ، و قيل: حَسَنُ المشي و الجسم، و الأُنثى بَخْتَرِيَّة. و البَخْتَريُّ من الإِبل: الذي يَتَبَخْتَرُ أَي يختال. و بَخْتَريٌّ: اسمُ رجل؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
جزى اللهُ عَنّا بَخْتَرِيّاً و رَهْطَهُ             بني عَبْدِ عَمْرٍو، ما أَعَفَّ و أَمْجَدَا
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت، لا أَلْسَ فيهمُ،             و هُمْ يَمْنَعُونَ جارَهُمْ أَن يُقَرَّدَا

و أَبو البَخْتَريّ: من كُناهم؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا كنتَ تَطْلُبُ شَأْوَ المُلُوكِ،             فافْعَلْ فِعالَ أَبي البَخْتَرِي‏
تَتَبَّعَ إِخْوانَهُ في البِلاد،             فأَغْنَى المُقِلَّ عن المُكْثِرِ

و أَراد البختريَّ فحذف إِحدى ياءي النسب.
بخثر:
البَخْثَرَةُ: الكُدْرَةُ في الماء أَو الثوب.
بدر:
بَدَرْتُ إِلى الشي‏ء أَبْدُرُ بُدُوراً: أَسْرَعْتُ، و كذلك بادَرْتُ إِليه. و تَبادَرَ القومُ: أَسرعوا. و ابْتَدَروا السلاحَ: تَبادَرُوا إِلى أَخذه. و بادَرَ الشي‏ءَ مبادَرَةً و بِداراً و ابْتَدَرَهُ و بَدَرَ غيرَه إِليه يَبْدُرُه: عاجَلَهُ؛ و قول أَبي المُثَلَّمِ:
فَيَبْدُرُها شَرائِعَها فَيَرْمي             مَقاتِلَها، فَيَسْقِيها الزُّؤَامَا

أَراد إِلى شرائعها فحذف و أَوصل. و بادَرَهُ إِليه: كَبَدَرَهُ. و بَدَرَني الأَمرُ و بَدَرَ إِليَّ: عَجِلَ إِليَّ و استبق. و اسْتَبَقْنا البَدَرَى أَي مُبادِرِينَ. و أَبْدَرَ الوصيُّ في مال اليتيم: بمعنى بادَرَ و بَدَرَ. و يقال: ابْتَدَرَ القومُ أَمراً و تَبادَرُوهُ أَي بادَرَ بعضُهم بعضاً إِليه أَيُّهُمْ يَسْبِقُ إِليه فَيَغْلِبُ عليه. و بادَرَ فلانٌ فلاناً مُوَلِّياً ذاهباً في فراره. و
في حديث اعتزال النبي، صلى الله عليه و سلم، نساءَه قال عُمَرُ: فابْتَدَرَتْ عيناي.
؛ أَي سالتا بالدموع. و ناقةٌ بَدْرِيَّةٌ: بَدَرَتْ أُمُّها الإِبلَ في النِّتاج فجاءت بها في أَول الزمان، فهو أَغزر لها و أَكرم. و البادِرَةُ: الحِدَّةُ، و هو ما يَبْدُرُ من حِدَّةِ الرجل عند غضبه من قول أَو فعل. و بادِرَةُ الشَّرِّ: ما يَبْدُرُكَ منه؛ يقال: أَخشى عليك بادِرَتَهُ. و بَدَرَتْ منه بَوادِرُ غضَبٍ أَي خَطَأٌ و سَقَطاتٌ عند ما احْتَدَّ. و البادِرَةُ: البَدِيهةُ. و البادِرَةُ من الكلام: التي تَسْبِقُ من الإِنسان في الغضب؛ و منه قول النابغة:
و لا خَيْرَ في حِلْمٍ، إِذا لم تَكُنْ له             بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا

48
لسان العرب4

بدر ص 48

و بادِرَةُ السيف: شَباتُه. و بادِرَةُ النَّبات: رأْسُه أَوَّل ما يَنْفَطِرُ عنه. و بادِرَةُ الحِنَّاءِ: أَولُ ما يَبْدأُ منه. و البادِرَةُ: أَجْوَدُ الوَرْس و أَحْدَثُه نباتاً. و عَيْنٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ؛ و حَدْرَةٌ: مكْتَنِزَةٌ صُلْبَةٌ، و بَدْرَةٌ: تَبْدُرُ بالنظر، و قيل: حَدْرَةٌ واسعةٌ و بَدْرَةٌ تامةٌ كالبَدْرِ؛ قال إمرؤ القيس:
و عيْنٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ،             شُقَّتْ مَآقِيهِما مِنْ أُخُرْ

و قيل: عين بَدْرَةٌ يَبْدُر نظرها نظرَ الخيل؛ عن ابن الأَعرابي، و قيل: هي الحديدة النظر، و قيل: هي المدوّرة العظيمة، و الصحيح في ذلك ما قاله ابن الأَعرابي. و البَدْرُ: القَمَرُ إِذا امْتَلأَ، و إِنما سُمِّيَ بَدْراً لأَنه يبادر بالغروب طلوعَ الشمس، و في المحكم: لأَنه يبادر بطلوعه غروبَ الشمس لأَنهما يَتراقَبانِ في الأُفُقِ صُبْحاً؛ و قال الجوهري: سمي بَدْراً لِمُبادرته الشمس بالطُّلُوع كأَنَّه يُعَجِّلُها المَغِيبَ، و سمي بدراً لتمامه، و سميت ليلةَ البَدْرِ لتمام قمرها. و قوله‏
في الحديث عن جابر: إِن النبي، صلى الله عليه و سلم، أُتيَ ببدر فيه خَضِراتٌ من البُقول.
؛ قال ابن وهب: يعني بالبَدْرِ الطبقَ، شبه بالبَدْرِ لاستدارته؛ قال الأَزهري: و هو صحيح. قال: و أَحسبه سُمي بَدْراً لأَنه مدوَّر، و جمعُ البَدْر بُدُورٌ. و أَبْدَرَ القومُ: طلع لهم البَدْرُ؛ و نحن مُبْدِرُونَ. و أَبْدَرَ الرجلُ إِذا سرى في ليلة البَدْرِ، و سمي بَدْراً لامتلائه. و ليلةُ البَدْر: ليلةُ أَربع عشرة. و بَدْرُ القومِ: سَيِّدُهم، على التشبيه بالبَدْرِ؛ قال ابن أَحمر:
وَ قَدْ نَضْرِبُ البَدْرَ اللَّجُوجَ بِكَفِّه             عَلَيْهِ، و نُعْطِي رَغْبَةَ المُتَودِّدِ

و يروى البَدْءَ. و البادِرُ: القمر. و البادِرَةُ: الكلمةُ العَوْراءُ. و البادِرَةُ: الغَضْبَةُ السَّرِيعَةُ؛ يقال: احذروا بادِرَتَهُ. و البَدْرُ: الغلامُ المبادِر. و غلامٌ بَدْرٌ: ممتلئ. و
في حديث جابر: كنا لا نَبِيعُ الثَّمَرَ حتى يَبْدُرَ.
أَي يبلغ. يقال: بَدَرَ الغلامُ إِذا تم و استدار، تشبيهاً بالبدر في تمامه و كماله، و قيل: إِذا احمرّ البُسْرُ يقال له: قد أَبْدَرَ. و البَدْرَةُ: جِلْدُ السَّخْلَة إِذا فُطِمَ، و الجمع بُدورٌ و بِدَرٌ؛ قال الفارسي: و لا نظير لبَدْرَةٍ و بِدَر إِلا بَضْعَةٌ و بِضَعٌ و هَضْبَةٌ و هِضَبٌ. الجوهري: و البَدْرَةُ مَسْكُ السَّخْلَةِ لأَنها ما دامت تَرْضَعُ فَمَسْكُها لِلَّبَنِ شَكْوَةٌ، و للسَّمْنِ عُكَّةٌ، فإِذا فُطمت فَمَسْكُها للبن بَدْرَةٌ، و للسَّمنِ مِسْأَدٌ، فإِذا أَجذعت فَمَسْكُها للبن وَطْبٌ، و للسمن نِحْيٌ. و البَدْرَةُ: كيس فيه أَلف أَو عشرة آلاف، سميت ببَدْرَةِ السَّخْلَةِ، و الجمع البُدورُ، و ثلاثُ بَدرات. أَبو زيد: يقال لِمَسْك السخلة ما دامت تَرْضَعُ الشَّكْوَةُ، فإِذا فُطم فَمَسْكُهُ البَدْرَةُ، فإِذا أَجذع فَمَسكه السِّقاءُ. و البادِرَتانِ من الإِنسان: لَحْمتانِ فوق الرُّغَثاوَيْنِ و أَسفلَ الثُّنْدُوَةِ، و قيل: هما جانبا الكِرْكِرَةِ، و قيل: هما عِرْقان يَكْتَنِفانِها؛ قال الشاعر:
تَمْري بَوادِرَها منها فَوارِقُها
يعني فوارق الإِبل، و هي التي أَخذها المخاض ففَرِقتْ نادَّةً، فكلما أَخذها وجع في بطنها مَرَتْ أَي ضربت بخفها بادرَةَ كِركِرَتِها و قد تفعل ذلك عند العطش. و البادِرَةُ من الإِنسان و غيره: اللحمة التي بين المنكب و العُنق، و الجمعُ البَوادِرُ؛ قال خِراشَةُ بنُ عَمْرٍو العَبْسِيُّ:
هَلَّا سأَلْتِ، ابنةَ العَبْسِيِّ: ما حَسَبي             عِنْدَ الطِّعانِ، إِذا ما غُصَّ بالرِّيقِ؟

49
لسان العرب4

بدر ص 48

و جاءَت الخيلُ مُحَمَّراً بَوادِرُها،             زُوراً، وَ زَلَّتْ يَدُ الرَّامي عَنِ الفُوقِ‏

يقول: هلَّا سأَلت عني و عن شجاعتي إِذا اشتدّت الحرب و احمرّت بوادر الخيل من الدم الذي يسيل من فرسانها عليها، و لما يقع فيها من زلل الرامي عن الفوق فلا يهتدي لوضعه في الوتر دَهَشاً و حَيْرَةً؛ و قوله زوراً يعني مائلة أَي تميل لشدّة ما تلاقي. و
في الحديث: أَنه لما أُنزلت عليه سورة: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، جاء بها، صلى الله عليه و سلم، تُرْعَدُ بَوادِرُه، فقال: زَمِّلُوني زَمِّلُوني.
قال الجوهري: في هذا الموضع البَوادِرُ من الإِنسان اللحمة التي بين المنكب و العنق؛ قال ابن بري: و هذا القول ليس بصواب، و الصواب أَن يقول البوادر جمع بادرة: اللحمة التي بين المنكب و العنق. و البَيْدَرُ: الأَنْدَرُ؛ و خص كُراعٌ به أَنْدَرَ القمح يعني الكُدْسَ منه، و بذلك فسره الجوهري. البَيْدَرُ: الموضع الذي يداس فيه الطعام. و بَدْرٌ: ماءٌ بِعَيْنِهِ، قال الجوهري: يذكر و يؤنث. قال الشَّعْبي: بَدْرٌ بئر كانت لرجل يُدْعى بَدْراً؛ و منه يومُ بَدْرٍ. و بَدْرٌ: اسمُ رجل.
بذر:
البَذْرُ و البُذْرُ: أَولُ ما يخرج من الزرع و البقل و النبات لا يزال ذلك اسمَهُ ما دام على وَرَقَتَينِ، و قيل: هو ما عُزِلَ من الحبوب للزَّرْعِ و الزِّراعَةِ، و قيل: البَذْرُ جميع النبات إِذا طلع من الأَرض فَنَجَمَ، و قيل: هو أَن يَتَلَوَّنَ بلَوْنٍ أَو تعرف وجوهه، و الجمع بُذُورٌ و بِذارٌ. و البَذْرُ: مصدر بَذَرْتُ، و هو على معنى قولك نَثَرْتُ الحَبَّ. و بَذَرْتُ البَذْرَ: زَرَعْتَه. و بَذَرَتِ الأَرضُ تَبْذُرُ بَذْراً: خرج بَذْرُها؛ و قال الأَصمعي: هو أَن يظهر نبتها متفرّقاً. و بَذَرَها بَذْراً و بَذَّرَها، كلاهما، زرعها. و البَذْرُ و البُذارَةُ: النَّسْلُ. و يقال: إِن هؤلاء لَبَذْرُ سَوْءٍ. و بَذَرَ الشي‏ءَ بَذْراً: فرَّقه. و بَذَرَ الله الخلق بَذْراً: بَثَّهُمْ و فرّقهم. و تفرّق القومُ شَذَرَ بَذَرَ و شِذَرَ بِذَرَ أَي في كل وَجهٍ، و تفرّقت إِبله كذلك؛ و بَذَرَ: إِتْباعٌ. و بُذُرَّى، فُعُلَّى: من ذلك، و قيل: من البَذْرِ الذي هو الزرع، و هو راجع إِلى التفريق. و البُذُرَّى: الباطلُ؛ عن السيرافي. و بَذَّرَ مالهُ: أَفسده و أَنفقه في السَّرَفِ. و كُلُّ ما فرقته و أَفسدته، فقد بَذَّرْتَهُ. و فيه بَذارَّةٌ، مشدّدة الراء، و بَذارَةٌ، مخففة الراء، أَي تَبْذِيرٌ؛ كلاهما عن اللحياني. و تَبْذيرُ المال: تفريقه إِسرافاً. و رجلٌ تِبْذارَةٌ: للذي يُبَذِّرُ مالَه و يفسده. و التَّبْذِيرُ: إِفسادُ المال و إِنفاقه في السَّرَفِ. قال الله عز و جل: وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً
. و قيل: التبذير أَن ينفق المال في المعاصي، و قيل: هو أَن يبسط يده في إِنفاقه حتى لا يبقى منه ما يقتاته، و اعتباره بقوله تعالى: وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً. أَبو عمرو: البَيْذَرَةُ التبذير. و النَّبْذَرَةُ، بالنون و الباء: تفريقُ المال في غير حقه. و
في حديث وقف عمر، رضي الله عنه: وَ لِوَلِيِّه أَن يأْكلَ منه غَيْرَ مُباذِرٍ.
؛ المُباذِرُ و المُبَذِّرُ: المُسْرِفُ في النفقة؛ باذرَ و بَذَّرَ مُباذَرَةً و تَبْذِيراً؛ و قول المتنخل يصف سحاباً:
مُسْتَبْذِراً يَرْغَبُ قُدَّامَهُ،             يَرْمِي بِعُمِّ السُّمُرِ الأَطْولِ‏

فسره السكري فقال: مستبذر يفرِّق الماء. و البَذيرُ من الناس: الذي لا يستطيع أَن يُمْسِكَ سِرَّهُ. و رجلٌ بَيْذارَةٌ: يُبَذِّرُ ماله. و بَذُورٌ و بَذِيرٌ: يُذيعُ الأَسرارَ و لا يكتم سرّاً، و الجمع‏

50
لسان العرب4

بذر ص 50

بُذُرٌ مثل صبور و صُبُرٍ. و
في حديث فاطمة عند وفاة النبي، صلى الله عليه و سلم، قالت لعائشة: إِني إِذاً لَبَذِرَةٌ.
؛ البَذِرُ: الذي يفشي السر و يظهر ما يسمعه، و قد بَذُرَ بَذارَةً. و
في الحديث: ليسوا بالمَساييح البُذُرِ.
و
في حديث علي، كرم الله وجهه، في صفة الأَولياء: ليسوا بالمَذاييع البُذْرِ.
؛ جمع بَذُورٍ. يقال: بَذَرْتُ الكلام بين الناس كما تُبْذَرُ الحبُوبُ أَي أَفشيته و فرّقته. و بُذارَةُ الطعام: نَزَلُه و رَيْعُه؛ عن اللحياني. و يقال: طعام كثير البُذارَة أَي كثيرُ النَّزَل. و هو طعام بَذَرٌ أَي نَزَلٌ؛ قال:
و مِنَ العَطِيَّةِ ما تُرى             جَذْماءَ، لَيْس لها بُذارَهْ‏

الأَصمعي: تَبَذَّر الماءُ إِذا تغير و اصْفَرَّ؛ و أَنشد لابن مقبل:
قُلْباً مُبَلِّيَةً جَوائِزَ عَرْشِها،             تَنْفي الدِّلاءَ بآجنٍ مُتَبَذِّرِ

قال: المتبذر المتغير الأَصفر. و لو بَذَّرْتَ فلاناً لوجدته رجلًا أَي لو جربته؛ هذه عن أَبي حنيفة. و كَثِيرٌ بَثِيرٌ و بَذِيرٌ: إِتْباعٌ؛ قال الفراء: كَثيرٌ بَذِيرٌ مثلُ بَثِير لغة أَو لُغَيَّة. و رجل هُذَرَةٌ بُذَرَةٌ و هَيْذارَةٌ بَيْذارَةٌ: كثيرُ الكلام. و بَذَّرُ: موضعٌ، و قيل: ماء معروف؛ قال كثير عزة:
سَقى اللهُ أَمْواهاً عَرَفْتُ مَكانَها:             جُراباً وَ مَلْكوماً و بَذَّرَ و الْغَمْرا

و هذه كلها آبار بمكة؛ قال ابن بري: هذه كلها أَسماء مياه بدليل إِبدالها من قوله أَمواهاً، و دعا بالسقيا للأَمواه، و هو يريد أَهلها النازلين بها اتساعاً و مجازاً. و لم يجئ من الأَسماء على فَعَّلَ إِلَّا بَذَّرُ، و عَثَّرُ اسمُ موضع، و خَضَّمُ اسم العَنْبَرِ بن تَمِيم، و شَلَّمُ اسمُ بيت المقدس، و هو عبراني، و بَقَّمُ و هو اسم أَعجمي، و هي شجرة، و كَتَّمُ اسم موضع أَيضاً؛ قال الأَزهري: و مثلُ بَذَّر خَضَّمُ و عَثَّرُ و بَقَّمُ شجرة، قال: و لا مثل لها في كلامهم.
بذعر:
ابْذَعَرَّ الناسُ: تفرقوا: و
في حديث عائشة: ابْذَعَرَّ النفاق.
أَي تفرق و تبدّد. قال أَبو السميدع: ابْذَعَرَّتِ الخيلُ و ابْثَعَرَّتْ إِذا رَكَضَتْ تُبادِرُ شيئاً تطلبه؛ قال زُفَرُ بنُ الحرث:
فلا أَفْلَحَتْ قَيْسٌ، و لا عَزَّ ناصِرٌ             لَها، بَعْدَ يَوْمِ المَرْحِ حينَ ابْذَعَرَّتِ «3».

قال الأَزهري: و أَنشد أَبو عبيد:
فَطَارَتْ شلالًا و ابْذَعَرَّتْ كَأَنَّها             عِصَابَةُ سَبْيٍ، خافَ أَنْ تُتَقَسَّما

ابْذَعَرَّتْ أَي تَفَرَّقَتْ و جَفَلَتْ.
بذقر:
ابْذَقَرَّ القومُ و ابْذَعَرُّوا: تفرَّقوا، و تذكر في ترجمة مذقر. فما ابْذَقَرَّ دَمُه، و هي لغة: معناه ما تفرّق و لا تَمَذَّرَ، و هو مذكور في موضعه.
برر:
البِرُّ: الصِّدْقُ و الطاعةُ. و في التنزيل: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ‏
؛ أَراد و لكنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ آمن بالله؛ قال ابن سيدة: و هو قول سيبويه، و قال بعضهم: و لكنَّ ذا الْبِرّ من آمن بالله؛ قال ابن جني: و الأَول أَجود لأَن حذف المضاف ضَرْبٌ من الاتساع و الخبر أَولى من المبتدإ لأَن الاتساع بالأَعجاز أَولى منه بالصدور. قال: و أَما ما يروى من‏
أَن النَّمِرَ بنَ تَوْلَب قال: سمعت رسول الله، صلى‏
__________________________________________________
 (3). قوله [المرح‏] هو في الأَصل بالحاء المهملة.

51
لسان العرب4

برر ص 51

الله عليه و سلم، يقول: ليس من امْبِرِّ امْصِيامُ في امْسَفَرِ.
؛ يريد: ليس من البر الصيام في السفر، فإِنه أَبدل لام المعرفة ميماً، و هو شاذ لا يسوغ؛ حكاه عنه ابن جني؛ قال: و يقال إِن النمر بن تولب لم يرو عن النبي، صلى الله عليه و سلم، غير هذا الحديث؛ قال: و نظيره في الشذوذ ما قرأْته على أَبي عليّ بإِسناده إِلى الأَصمعي، قال: يقال بَناتُ مَخْرٍ و بَناتُ بَخْرٍ و هن سحائب يأْتين قَبْلَ الصيف بيضٌ مُنْتَصِباتٌ في السماء. و قال شمر في تفسير
قوله، صلى الله عليه و سلم: عليكم بالصِّدْق فإِنه يَهْدي إِلى البِرِّ.
؛ اختلف العلماء في تفسير البر فقال بعضهم: البر الصلاح، و قال بعضهم: البر الخير. قال: و لا أَعلم تفسيراً أَجمع منه لأَنه يحيط بجميع ما قالوا؛ قال: و جعل لبيدٌ البِرَّ التُّقى حيث يقول:
و ما البِرُّ إِلا مُضْمَراتٌ مِنَ التُّقى‏
قال: و أَما قول الشاعر:
تُحَزُّ رؤُوسهم في غيرِ بِرّ

معناه في غير طاعة و خير. و قوله عز و جل: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ‏
؛ قال الزجاج: قال بعضهم كلُّ ما تقرّب به إِلى الله عز و جل، من عمل خير، فهو إِنفاق. قال أَبو منصور: و البِرُّ خير الدنيا و الآخرة، فخير الدنيا ما ييسره الله تبارك و تعالى للعبد من الهُدى و النِّعْمَةِ و الخيراتِ، و خَيْرُ الآخِرَةِ الفَوْزُ بالنعيم الدائم في الجنة، جمع الله لنا بينهما بكرمه و رحمته. و بَرَّ يَبَرُّ إِذا صَلَحَ. و بَرَّ في يمينه يَبَرُّ إِذا صدقه و لم يَحْنَثْ. و بَرَّ رَحِمَهُ «1». يَبَرُّ إِذا وصله. و يقال: فلانٌ يَبَرُّ رَبَّهُ أَي يطيعه؛ و منه قوله:
يَبَرُّك الناسُ و يَفْجُرُونَكا

و رجلٌ بَرٌّ بذي قرابته و بارٌّ من قوم بَرَرَةٍ و أَبْرَارٍ، و المصدر البِرُّ. و قال الله عز و جل: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ‏
؛ أَراد و لكن البِرَّ بِرُّ من آمن بالله؛ قول الشاعر:
و كَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ             خِلالَتُهُ [خُلالَتُهُ‏] كأَبي مَرْحَبِ؟

أَي كخِلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ. و تَبارُّوا، تفاعلوا: من البِرّ. و
في حديث الاعتكاف: الْبِرَّ تُرِدْنَ.
؛ أَي الطاعةَ و العبادَةَ. و منه‏
الحديث: ليس من البر الصيام في السفر.
و
في كتاب قريش و الأَنصار: و إِنَّ البِرَّ دون الإِثم.
أَي إن الوفاء بما جعل على نفسه دون الغَدْر و النَّكْث. و بَرَّةُ: اسْمٌ عَلَمٌ بمعنى البِر، مَعْرِفَةٌ، فلذلك لم يصرف، لأَنه اجتمع فيه التعريف و التأْنيث، و سنذكره في فَجارِ؛ قال النابغة:
إِنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْنَنا،             فَحَمَلْتُ بَرَّةَ و احْتَمَلْتَ فَجارِ

و قد بَرَّ رَبَّه. و بَرَّتْ يمينُه تَبَرُّ و تَبِرُّ بَرّاً و بِرّاً و بُرُوراً: صَدَقَتْ. و أَبَرَّها: أَمضاها على الصِّدْقِ و البَرُّ: الصادقُ. و في التنزيل العزيز: إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ‏
. و البَرُّ، من صفات الله تعالى و تقدس: العَطُوفُ الرحيم اللطيف الكريم. قال ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى البَرُّ دون البارِّ، و هو العَطُوف على عباده بِبِرِّهِ و لطفه. و البَرُّ و البارُّ بمعنًى، و إِنما جاء في أَسماء الله تعالى البَرُّ دون البارّ. و بُرَّ عملُه و بَرَّ بَرّاً و بُرُوراً و أَبَرَّ و أَبَرَّه الله؛ قال الفراء: بُرَّ حَجُّه، فإِذا قالوا: أَبَرَّ الله حَجَّك،
__________________________________________________
 (1). قوله [و برّ رحمه إلخ‏] بابه ضرب و علم.

52
لسان العرب4

برر ص 51

قالوه بالأَلف. الجوهري: و أَبَرَّ اللهُ حَجَّك لغة في بَرَّ اللهُ حَجَّك أَي قَبِلَه؛ قال: و البِرُّ في اليمين مثلُه. و قالوا في الدعاء: مَبْرُورٌ مَأْجُورٌ و مَبرُوراً مَأْجوراً؛ تميمٌ ترفع على إِضمار أَنتَ، و أَهلُ الحجاز ينصبون على اذْهَبْ مَبْرُوراً. شمر: الحج المَبْرُورُ الذي لا يخالطه شي‏ء من المآثم، و البيعُ المبرورُ: الذي لا شُبهة فيه و لا كذب و لا خيانة. و يقال: بَرَّ فلانٌ ذا قرابته يَبَرُّ بِرّاً، و قد برَرْتُه أَبِرُّه، و بَرَّ حَجُّكَ يَبَرُّ بُرُوراً، و بَرَّ الحجُّ يَبِرُّ بِرّاً، بالكسر، و بَرَّ اللهُ حَجَّهُ و بَرَّ حَجُّه. و
في حديث أَبي هريرة قال: قال رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم: الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إِلا الجنةُ.
؛ قال سفيان: تفسير المبرور طِيبُ الكلام و إِطعام الطعام، و قيل: هو المقبولُ المقابَلُ بالبرِّ و هو الثواب؛ يقال: بَرَّ اللهُ حَجَّه و أَبَرَّهُ بِرّاً، بالكسر، و إِبْرَاراً. و قال أَبو قِلابَةَ لرجل قَدِمَ من الحج: بُرَّ العملُ؛ أَرادَ عملَ الحج، دعا له أَن يكون مَبْرُوراً لا مَأْثَمَ فيه فيستوجب ذلك الخروجَ من الذنوب التي اقْتَرَفَها. و
روي عن جابر بن عبد الله قال: قالوا: يا رسول الله، ما بِرُّ الحجِّ؟ قال: إِطعامُ الطعام و طِيبُ الكلام.
و رجل بَرٌّ من قوم أَبرارٍ، و بارٌّ من قوم بَرَرَة و
روي عن ابن عمر أَنه قال: إِنما سماهم الله أَبْراراً لأَنهم بَرُّوا الآباءَ و الأَبناءَ. و قال: كما أَن لك على ولدك حقّاً كذلك لولدك عليك حق.
و كان سفيان يقول: حقُّ الولدِ على والده أَن يحسن اسمه و أَن يزوّجه إِذا بلغ و أَن يُحِجَّه و أَن يحسن أَدبه. و يقال: قد تَبَرَّرْتَ في أَمرنا أَي تَحَرَّجْتَ؛ قال أَبو ذؤيب:
فقالتْ: تَبَرَّرْتَ في جَنْبِنا،             و ما كنتَ فينا حَدِيثاً بِبِرْ

أَي تَحَرَّجْتَ في سَبْيِنا و قُرْبِنا. الأَحمَر: بَرَرْتُ قسَمي و بَرَرْتُ والدي؛ و غيره لا يقول هذا. و روى المنذري عن أَبي العباس في كتاب الفصيح: يقال صَدَقْتُ و بَرِرْتُ، و كذلك بَرَرْتُ والدي أَبِرُّه. و قال أَبو زيد: بَرَرْتُ في قسَمِي و أَبَرَّ اللهُ قَسَمِي؛ و قال الأَعور الكلبي:
سَقَيْناهم دِماءَهُمُ فَسالَتْ،             فأَبْرَرْنَا إِلَيْه مُقْسِمِينا

و قال غيره: أَبَرَّ فلانٌ قَسَمَ فلان و أَحْنَثَهُ، فأَما أَبَرَّه فمعناه أَنه أَجابه إِلى ما أَقسم عليه، و أَحنثه إِذا لم يجبه. و
في الحديث: بَرَّ اللهُ قَسَمَه و أَبَرَّه بِرّاً.
بالكسر، و إِبراراً أَي صدقه؛ و منه‏
حديث أَبي بكر: لم يَخْرُجْ من إِلٍّ و لا بِرٍّ.
أَي صِدْقٍ؛ و منه‏
الحديث: أُمِرْنا بِسَبْعٍ منها إِبرارُ القَسَمِ.
أَبو سعيد: بَرَّتْ سِلْعَتُه إِذا نَفَقَتْ، قال و الأَصل في ذلك أَن تُكافئه السِّلْعَةُ بما حَفِظها و قام عليها، تكافئه بالغلاء في الثمن؛ و هو من قول الأَعشى يصف خمراً:
تَخَيَّرَها أَخو عانات شَهْراً،             و رَجَّى بِرَّها عاماً فعاما

و البِرُّ: ضِدُّ العُقُوقُ، و المَبَرَّةُ مثله. و بَرِرْتُ والدي، بالكسر، أَبَرُّهُ بِرّاً و قد بَرَّ والدَه يَبَرُّه و يَبِرُّه بِرّاً، فَيَبَرُّ على بَرِرْتُ و يَبِرُّ على بَرَرْتُ على حَدِّ ما تقدَّم في اليمين؛ و هو بَرٌّ به و بارٌّ؛ عن كراع، و أَنكر بعضهم بارٌّ. و
في الحديث: تَمَسَّحُوا بالأَرضِ فإِنها بَرَّةٌ بكم.
أَي تكون بيوتكم عليها و تُدْفَنُون فيها. قال ابن الأَثير: قوله فإنها بكم برة أي مشفقة عليكم كالوالدة البَرَّة بأَولادها يعني أَن منها خلقكم و فيها معاشكم و إِليها بعد الموت معادكم؛

53
لسان العرب4

برر ص 51

و

في حديث زمزم‏: أَتاه آتٍ فقال: احْفِرْ بَرَّة.

؛ سماها بَرَّةً لكثرة منافعها و سعَةِ مائها. و

في الحديث‏: أَنه غَيَّرَ اسْمَ امرأَةٍ كانت تُسَمَّى‏ بَرَّةَ فسماها زينب، و قال: تزكي نفسها.

كأَنه كره ذلك. و

في حديث حكِيم بن حِزامٍ‏: أَ رأَيتَ أُموراً كنتُ‏ أَبْرَرْتُها.

أَي أَطْلُبُ بها البِرِّ و الإِحسان إِلى الناس و التقرّب إِلى الله تعالى. و جمعُ‏ البَرّ الأَبْرارُ، و جمعُ‏ البارّ البَرَرَةُ. و فلانٌ‏ يَبَرُّ خالقَه و يَتَبَرَّرهُ‏ أَي يطيعه؛ و امرأَة بَرّةٌ بولدها و بارّةٌ. و في الحديث، في‏ بِرّ الوالدين: و هو في حقهما و حق الأَقْرَبِين من الأَهل ضِدُّ العُقوق و هو الإِساءةُ إِليهم و التضييع لحقهم. و جمع‏ البَرِّ أَبْرارٌ، و هو كثيراً ما يُخَصُّ بالأَولياء، و الزُّهَّاد و العُبَّادِ، و

في الحديث‏: الماهِرُ بالقرآن مع السَّفَرَةِ الكرامِ‏ البَرَرَةِ أَي مع الملائكة.

و

في الحديث‏: الأَئمةُ من قريش‏ أَبْرارُها أُمراءُ أَبْرارِها و فُجَّارُها أُمراءُ فُجَّارها.

؛ قال ابن الأَثير: هذا على جهة الإِخبار عنهم لا طريقِ الحُكْمِ فيهم أَي إِذا صلح الناس و بَرُّوا وَلِيَهُمُ‏ الأَبْرارُ، و إِذا فَسَدوا و فجَرُوا وَلِيَهُمُ الأَشرارُ؛ و هو

كحديثه الآخر: كما تكونون يُوَلَّى عليكم.

و الله‏ يَبَرُّ عبادَه: يَرحَمُهم، و هو البَرُّ. و بَرَرْتُه‏ بِرّاً: وَصَلْتُه. و في التنزيل العزيز: أَنْ‏ تَبَرُّوهُمْ‏ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ‏. و من كلام العرب السائر: فلانٌ ما يعرف هِرّاً من‏ بِرٍّ؛ معناه ما يعرف من يَهِرٌّه [يَهُرٌّه‏] أَي من يَكْرَهُه ممن‏ يَبِرُّه‏، و قيل: الهِرُّ السِّنَّوْرُ، و البِرُّ الفأْرةُ في بعض اللغات، أَو دُوَيْبَّةٌ تشبهها، و هو مذكور في موضعه؛ و قيل: معناه ما يعرف الهَرْهَرَة من‏ البَرْبَرَةِ، فالهَرْهَرة: صوتُ الضأْن، و البَرْبَرَةُ: صوتُ المِعْزى. و قال الفزاري: البِرُّ اللطف، و الهِرُّ العُقُوق. و قال يونس: الهِرُّ سَوْقُ الغنم، و البِرُّ دُعاءُ الغَنَمِ. و قال ابن الأَعرابي: البِرُّ فِعْلُ كل خير من أَي ضَرْبٍ كان، و البِرُّ دُعاءُ الغنم إِلى العَلَفِ، و البِرُّ الإِكرامُ، و الهِرُّ الخصومةُ، و روى الجوهري عن ابن الأَعرابي: الهِرُّ دعاء الغنم و البِرُّ سَوْقُها. التهذيب: و

من كلام سلمان‏: مَنْ أَصْلَحَ جُوَّانِيَّتَهُ‏ بَرَّ اللهُ‏ بَرَّانِيَّته‏.

؛ المعنى: من أَصلح سريرته أَصلح الله علانيته؛ أُخذ من الجَوِّ و البَرِّ، فالجَوُّ كلُّ بَطْن غامضٍ، و البَرُّ المَتْنُ الظاهر، فهاتان الكلمتان على النسبة إِليهما بالأَلف و النون. و

ورد: من أَصْلحَ جُوَّانيَّهُ أَصْلح الله بَرَّانِيَّهُ.

قالوا: البَرَّانيُ‏ العلانية و الأَلف و النون من زياداتِ النَّسبِ، كما قالوا في صنعاء صنعاني، و أَصله من قولهم: خرج فلانٌ‏ بَرًّا إِذا خرج إِلى‏ البَرِّ و الصحراء، و ليس من قديم الكلام و فصيحه. و البِرُّ: الفؤاد، يقال هو مُطْمَئِنُ‏ البِرِّ؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:

أَكُونُ مَكانَ‏ البِرِّ منه و دونَهُ،             و أَجْعَلُ مالي دُونَه و أُؤَامِرُهْ‏

و أَبَرَّ الرجُلُ: كَثُرَ ولَدهُ. و أَبَرّ القومُ: كثروا و كذلك أَعَرُّوا، فَأَبَرُّوا في الخير و أَعَرُّوا في الشرّ، و سنذكر أَعَرُّوا في موضعه. و البَرُّ، بالفتح: خلاف البَحْرِ. و البَرِّيَّة من الأَرَضِين، بفتح الباء: خلاف الرِّيفِيَّة. و البَرِّيَّةُ: الصحراءُ نسبت إِلى‏ البَرِّ، كذلك رواه ابن الأَعرابي، بالفتح، كالذي قبله. و البَرُّ: نقيض الكِنّ؛ قال الليث: و العرب تستعمِله في النكرة، تقول العرب: جلست‏ بَرًّا و خَرَجْتُ‏ بَرًّا؛ قال أَبو منصور: و هذا من كلام المولَّدين و ما سمعته من فصحاء العرب البادية. و يقال: أَفْصَحُ العرب‏ أَبَرُّهم‏. معناه أَبعدهم في‏ البَرِّ و البَدْوِ داراً. و قوله تعالى: ظَهَرَ الْفَساد

54
لسان العرب4

برر ص 51

فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ
؛ قال الزجاج: معناه ظهر الجَدْبُ في البَرِّ و القَحْطُ في البحر أَي في مُدُنِ البحر التي على الأَنهار. قال شمر: البَرِّيَّةُ الأَرض المنسوبةُ إِلى البَرِّ و هي بَرِّيَّةٌ إِذا كانت إِلى البرِّ أَقربَ منها إِلى الماء، و الجمعُ البرَارِي. و البَرِّيتُ، بوزن فَعْلِيتٍ: البَرِّيَّةُ فلما سكنت الياء صارت الهاء تاء، مِثْل عِفرِيتٍ و عِفْرِية، و الجمع البَرَارِيتُ. و في التهذيب: البَرِّيتُ؛ عن أَبي عبيد و شمر و ابن الأَعرابي. و قال مجاهد في قوله تعالى: وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ
؛ قال: البَرُّ القِفارُ و البحر كلُّ قرية فيها ماءٌ. ابن السكيت: أَبَرَّ فلانٌ إِذا ركب البَر. ابن سيدة: و إِنه لمُبِرٌّ بذلك أَي ضابطٌ له. و أَبَرَّ عليهم: غلبهم. و الإِبرارُ: الغلبةُ؛ و قال طرفة:
يَكْشِفُونَ الضُّرَّ عن ذي ضُرِّهِمْ،             و يُبِرُّونَ على الآبي المُبرّ

أي يغلبون؛ يقال أَبَرَّ عليه أَي غلبه. و المُبِرُّ: الغالب. و سئل رجل من بني أَسَد: أَ تعرف الفَرَسَ الكريمَ؟ قال: أَعرف الجوادَ المُبِرَّ من البَطِي‏ءِ المُقْرِفِ؛ قال: و الجوادُ المُبِرُّ الذي إِذا أُنِّف يَأْتَنِفُ السَّيْرَ، و لَهَزَ لَهْزَ العَيْرِ، الذي إِذا عَدَا اسْلَهَبَّ، و إِذا قِيد اجْلَعَبَّ، و إِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ. و يقال: أَبَرَّهُ يُبِرُّه إِذا قَهَره بفَعالٍ أَو غيره؛ ابن سيدة: و أَبَرَّ عليهم شَرّاً؛ حكاه ابن الأَعرابي، و أَنشد:
إِذا كُنْتُ مِنْ حِمَّانَ في قَعْرِ دارِهِمْ،             فَلَسْتُ أُبالي مَنْ أَبَرَّ و مَنْ فَجَرْ

ثم قال: أَبرَّ من قولهم أَبرَّ عليهم شَرّاً، و أَبرَّ و فَجَرَ واحدٌ فجمع بينهما. و أَبرّ فلانٌ على أَصحابه أَي علاهم. و
في الحديث: أَن رجلًا أَتى النبي، صلى الله عليه و سلم، فقال: إِنَّ ناضِح فلان قد أَبرّ عليهم.
أَي اسْتَصْعَبَ و غَلَبَهُم. و ابْتَرَّ الرجل: انتصب منفرداً من أَصحابه. ابن الأَعرابي: البَرَابِيرُ أَن يأْتي الراعي إِذا جاع إِلى السُّنْبُلِ فَيَفْرُكَ منه ما أَحبَّ وَ يَنْزِعَه من قُنْبُعِه، و هو قشره، ثم يَصُبَّ عليه اللبنَ الحليبَ و يغْليَه حتى يَنْضَجَ ثم يجعَله في إِناءِ واسع ثم يُسَمِّنَه أَي يُبَرِّدَه فيكون أَطيب من السَّمِيذِ. قال: و هي الغَديرَةُ، و قد اغْتَدَرنا. و البَريرُ: ثمر الأَراك عامَّةً، و المَرْدُ غَضُّه، و الكَباثُ نَضِيجُه؛ و قيل: البريرُ أَوَّل ما يظهر من ثمر الأَراك و هو حُلْو؛ و قال أَبو حنيفة: البَرِيرُ أَعظم حبّاً من الكَبَاث و أَصغر عُنقُوداً منه، و له عَجَمَةٌ مُدَوّرَةٌ صغيرة صُلْبَة أَكبر من الحِمَّص قليلًا، و عُنْقُوده يملأُ الكف، الواحدة من جميع ذلك بَرِيرَةٌ. و
في حديث طَهْفَةَ: و نستصعد البَريرَ.
أَي نَجْنيه للأَكل؛ البَريرُ: ثمر الأَراك إِذا اسوَدَّ و بَلَغَ، و قيل: هو اسم له في كل حال؛ و منه‏
الحديث الآخر: ما لنا طعامٌ إِلَّا البَريرُ.
و البُرُّ: الحِنْطَةُ؛ قال المتنخل الهذلي:
لا درَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَكُمْ             قِرْفَ الحَتِيِّ، و عندي البُرُّ مَكْنُوزُ

و رواه ابن دريد: رائدهم. قال ابن دريد: البُرُّ أَفصَحُ من قولهم القَمْحُ و الحنطةُ، واحدته بُرَّةٌ. قال سيبويه: و لا يقال لصاحبه بَرَّارٌ على ما يغلب في هذا النحو لأَن هذا الضرب إِنما هو سماعي لا اطراديّ؛ قال الجوهري: و منع سيبويه أَن يجمع البُرُّ على أَبْرارٍ و جوّزه المبرد قياساً. و البُرْبُورُ: الجشِيشُ من البُرِّ. و البَرْبَرَةُ: كثرة الكلام و الجَلَبةُ باللسان، و قيل:

55
لسان العرب4

برر ص 51

الصياح. و رجلٌ بَرْبارٌ إِذا كان كذلك؛ و قد بَرْبَر إِذا هَذَى. الفراء: البَرْبرِيُّ الكثير الكلام بلا منفعة. و قد بَرْبَرَ في كلامه بَرْبَرَةً إِذا أَكثر. و البَرْبَرَةُ: الصوتُ و كلامٌ من غَضَبٍ؛ و قد بَرْبَرَ مثل ثَرثَرَ، فهو ثرثارٌ. و
في حديث عليّ، كرم الله وجهه، لما طلب إِليه أَهل الطائف أَن يكتب لهم الأَمانَ على تحليل الزنا و الخمر فامتنع: قاموا و لهم تَغَذْمُرٌ و بَرْبَرةٌ.
؛ البَرْبَرَةُ التخليط في الكلام مع غضب و نفور؛ و منه‏
حديث أُحُدٍ: فأَخَذَ اللِّواءَ غلامٌ أَسودُ فَنَصَبَه و بَرْبَرَ.
و بَرْبَرٌ: جِيلٌ من الناس يقال إِنهم من ولَدِ بَرِّ بن قيس بن عيلان، قال: و لا أَدري كيف هذا، و البَرابِرَةُ: الجماعة منهم، زادوا الهاء فيه إِما للعجمة و إِما للنسب، و هو الصحيح، قال الجوهري: و إِن شئت حذفتها. و بَرْبَرَ التَّيْسُ لِلهِياجِ: نَبَّ. و دَلْوٌ بَرْبارٌ: لها في الماء بَرْبَرَةٌ أَي صوت، قال رؤْبة:
أَرْوي بِبَرْبارَيْنِ في الغِطْماطِ
و البُرَيْراءُ، على لفظ التصغير: موضع، قال:
إِنَّ بِأَجْراعِ البُرَيْراءِ فالحِسَى             فَوَكْزٍ إِلى النَّقْعَينِ مِن وَبِعانِ‏

و مَبَرَّةُ: أَكَمَةٌ دون الجارِ إِلى المدينة، قال كثير عزة:
أَقْوَى الغَياطِلُ مِن حِراجِ مَبَرَّةٍ،             فَجُنوبُ سَهْوَةَ «2». قد عَفَتْ، فَرِمالُها

و بَرِيرَةُ: اسم امرأَة. و بَرَّةُ: بنت مُرٍّ أُخت تميم بن مُرٍّ و هي أُم النضر بن كنانة.
بزر:
البَزْرُ: بَزْرُ البَقْلِ و غيره. و دُهْنُ البَزْرِ و البِزْرِ، و بالكسر أَفصح. قال ابن سيدة: البِزْرُ و البَزْرُ كل حَبٍّ يُبْزَرُ للنبات. و بَزَرَه بَزْراً: بَذَرَهُ. و يقال: بَزَرْتُه و بَذَرْتُه. و البُزُورُ: الحُبُوبُ الصغار مثل بُزُور البقول و ما أَشبهها. و قيل: البَزْرُ الحَبُّ عامَّةً. و المَبْزُورُ: الرجل الكثير الولَدِ؛ يقال: ما أَكثر بَزْرَه أَي ولده. و البَزْراءُ: المرأَة الكثيرة الوَلَدِ. و الزَّبْراءُ: الصُّلْبة على السير. و البَزْرُ: المُخاط. و البَزْرُ: الأَولاد. و البَزْرُ و البِزْرُ: التَّابَلُ، قال يعقوب: و لا يقوله الفصحاء إِلَّا بالكسر، و جمعه أَبْزارٌ، و أَبازيرُ جمعُ الجمع. و بَزَرَ القِدْرَ: رَمى فيها البَزْرَ. و البَزْرُ: الهَيْجُ بالضرب. و بَزَرَه بالعصا بَزْراً: ضربه بها. و عَصاً بَيْزارَةٌ: عظيمة. أَبو زيد: يقال للعصا البَيْزارَةُ و القَصيدَةُ؛ و البَيَازِرُ: العِصِيُّ الضِّخامُ. و
في حديث عليٍّ يَوْمَ الجَمَلِ: ما شَبَّهْتُ وَقْعَ السيوف على الهَامِ إِلَّا بِوَقْعِ البَيَازِرِ على المَوَاجِنِ.
؛ البيازر: العِصِيُّ، و المواجن: جمعُ مِيجَنةٍ و هي الخشبة التي يَدُقُّ بها القَصّارُ الثوبَ و البَيْزارُ: الذكَرُ. و عِزٌّ بَزَرى: ضَخْمٌ؛ قال:
قدْ لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذا لَهاً،             و عَدَداً فَخْماً و عِزًّا بَزَرَى،
مَنْ نَكَلَ الْيَومَ فلا رَعَى الحِمَى‏

سدرة: قبيلة و سنذكرها في موضعها. و عِزَّةٌ بَزَرَى: قَعْساء؛ قال:
أَبَتْ لي عِزَّةٌ بَزَرَى بَذُوخُ،             إِذا ما رامَها عِزٌّ يَدُوخُ‏

_________________________________________________
 (2). قوله: [فجنوب سهوة] كذا بالأَصل، و في ياقوت فخبوت، بخاء معجمة فباء موحدة مضومتين فمثناة فوقية بعد الواو جمع خبت، بفتح الخاء المعجمة و سكون الموحدة، و هو المكان المتسع كما في القاموس.

56
لسان العرب4

بزر ص 56

و قيل: بَزَرَى عَدَدٌ كثير؛ قال ابن سيدة: فإِذا كان ذلك فلا أَدري كيف يكون وصفاً للعِزَّة إِلَّا أَن يريد ذو عِزَّةٍ. و مِبْزَرُ القَصّارِ و مَبْزَرُه، كلاهما: الذي يَبْزُرُ به الثوبَ في الماء. الليث: المِبْزَرُ مثل خشبة القصَّارين تُبْزَرُ به الثيابُ في الماء. الجوهري: البَيْزَرُ خشب القصّار الذي يدق به. و البَيْزارُ: الذي يحمل البازِيّ. قال أَبو منصور: و يقال فيه البازيارُ، و كلاهما دخيل. الجوهري: البَيازِرَةُ جمع بَيْزار و هو معرّب بازْيار؛ قال الكميت:
 كأَنَّ سَوَابِقَها، في الغُبار،             صُقُورٌ تُعَارِضُ بَيْزارَها

و بَزَرَ يبْزُرُ: امتخط؛ عن ثعلب. و بنو البَزَرَى: بطن من العرب يُنسبون إِلى أُمِّهم. الأَزهري: البَزَرَى لقب لبني بكر بن كلاب؛ و تَبَزَّرَ الرجلُ: إِذا انتمى إِليهم. و قال القتال الكلابي: إِذا ما تَجَعْفَرتمْ علينا، فإِنَّنا بَنُو البَزَرَى مِن عِزَّةٍ نَتَبَزَّرُ و بَزْرَةُ: اسم موضع، قال كثير:
يُعانِدْنَ في الأَرْسانِ أَجْوازَ بَزْرَةٍ،             عتاقُ المَطايا مُسْنَفاتٌ حِبالُها

و
في حديث أَبي هريرة لا تقوم الساعةُ حتى تُقاتلوا قَوْماً يَنْتَعِلُون الشَّعَرَ و هم البازِرُ.
؛ قيل: بازِرُ ناحية قريبة من كِرْمان بها جبال، و في بعض الروايات هم الأَكراد، فإِن كان من هذا فكأَنه أَراد أَهل البازر، أَو يكون سُمُّوا باسم بلادهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه أَبو موسى بالباء و الزاي من كتابه و شرحه؛ قال ابن الأَثير: و الذي رويناه‏
في كتاب البخاري عن أَبي هريرة: سمعت رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، يقول: بين يدي الساعة تقاتلون قوماً نِعالُهم الشَّعَرُ و هم هذا البارِزُ.
؛ و قال سفيان مرة: هم أَهل البارِز؛ يعني بأَهل البارِز أَهل فارس، هكذا قال هو بلغتهم؛ قال: و هكذا جاء في لفظ الحديث كأَنه أَبدل السين زاياً فيكون من باب الزاي، و قد اختلف في فتح الراء و كسرها و كذلك اختلف مع تقديم الزاي.
بسر:
البَسْرُ: الإِعْجالُ. و بَسَرَ الفَحْلُ الناقةَ يَبْسُرُها بَسْراً و ابْتَسَرَها: ضربها قبل الضَّبَعَةِ. الأَصمعي: إِذا ضُرِبَت الناقةُ على غير ضَبَعَةٍ فذلك البَسْرُ، و قد بَسَرَها الفحلُ، فهي مَبْسُورة؛ قال شمر: و منه يقال: بَسَرْتُ غَرِيمي إِذا تقاضيته قبل محلّ المال، و بَسَرْتُ الدُّمَّلَ إِذا عصرته قبل أَن يَتَقَيَّحَ، و كأَنَّ البَسْرَ منه. و المَبْسُورُ: طالب الحاجة في غير موضعها. و
في حديث الحسن قال للوليد التَّيّاسِ: لا تُبْسِرْ.
؛ البَسْرُ ضرب الفحل الناقة قبل أَن تَطْلُب؛ يقول: لا تَحْمِلْ على الناقة و الشاة قبل أَن تطلب الفحلَ، و بَسَرَ حاجته يَبْسُرُها بَسْراً و بِساراً و ابْتَسَرَها و تَبَسَّرَها: طلبها في غير أَوانها أَو في غير موضعها؛ أَنشد ابن الأَعرابي للراعي:
إِذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأَرضِ عنه،             تَبَسَّرَ يَبْتَغِي فيها البِسارَا

بنات الأَرض: النبات. و في الصحاح: بناتُ الأَرضِ المواضع التي تخفى على الراعي. قال ابن بري: قد وهم الجوهري في تفسير بنات الأَرض بالمواضع التي تخفى على الراعي، و إِنما غلطه في ذلك أَنه ظن أَن الهاء في عنه ضمير الراعي، و أَن الهاء في قوله فيها ضمير الإِبل، فحمل البيت على أَن شاعره وصف إِبلًا و راعيها، و ليس‏

57
لسان العرب4

بسر ص 57

كما ظن و إِنما وصف الشاعر حماراً و أُتُنَه، و الهاء في عنه تعود على حمار الوحش، و الهاء في فيها تعود على أُتنه؛ قال: و الدليل على ذلك قوله قبل البيت ببيتين أَو نحوهما:
أَطَارَ نَسِيلَهُ الحَوْلِيَّ عَنْهُ،             تَتَبُّعُه المَذانِبَ و القِفَارَا

و تَبَسَّرَ: طلب النبات أَي حَفَر عنه قبل أَن يخرج؛ أَخبر أَن الحَرَّ انقطع و جاء القيظُ، و بَسَرَ النخلة و ابْتَسَرها: لَقَّحَها قبل أَوان التلقيح؛ قال ابن مقبل:
طَافَتْ به العَجْمُ، حتى نَدَّ ناهِضُها،             عَمٌّ لُقِحْنَ لِقاحاً غَيرَ مُبْتَسَرِ

أَبو عبيدة: إِذا همَّت الفرسُ بالفَحْلِ و أَرادَتْ أَن تَسْتَودِقَ فَأَولُ وِداقِها المُباسَرَةُ، و هي مُباسِرَةٌ ثم تكونَ وَديقاً. و المُباسِرَةُ: التي هَمَّتْ بالفحل قبل تمام وِداقِها، فإِذا ضربها الحِصانُ في تلك الحال، فهي مبسورة، و قد تَبسَّرَها و بَسَرَها. و البَسْرُ ظَلْمُ السّقاءِ. و بَسَرَ الحِبْنَ بَسْراً: نَكَأَه قبل وقته. و بَسَرَ و أَبْسَرَ إِذا عَصَرَ الحِبْنَ قبلَ أَوانه. الجوهري: البَسْرُ أَن يَنْكَأَ الحِبْنَ قبل أَن يَنْضَجَ أَي يَقْرِفَ عنه قِشْرَهُ. و بَسَرَ القَرْحَةَ يَبْسُرُها بَسْراً: نكأَها قبلَ النُّضْجِ. و البَسْرُ: القَهْرُ. و بَسَرَ يَبْسُرُ بَسْراً و بُسُوراً: عَبَسَ. وَ وَجْهٌ بَسْرٌ: باسِرٌ، وُصِفَ بالمصدر. و في التنزيل العزيز: وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ
؛ و فيه: ثُمَّ عَبَسَ. وَ بَسَرَ
؛ قال أَبو إِسحاق: بَسَرَ
 أَي نظر بكراهة شديدة. و قوله: وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ
 أَي مُقَطِّبَةٌ قد أَيقنت أَن العذاب نازل بها. و بَسَرَ الرجلُ وَجْهَه بُسُوراً أَي كَلَحَ. و
في حديث سعد قال: لما أَسلمتُ رَاغَمَتْني أُمِّي فكانت تلقاني مَرَّةً بالبِشْرِ و مَرَّةً بالبَسْرِ.
؛ البِشْرُ، بالمعجمة: الطلاقة؛ و البَسْرُ، بالمهملة: القُطُوبُ؛ بَسَرَ وَجْهَهُ يَبْسُرُه. و تَبَسَّرَ النهارُ: بَرَدَ. و البُسْرُ: الغَضُّ من كل شي‏ء. و البُسْرُ: التمر قبل أَن يُرْطِبَ لِغَضاضَتِه، واحدته بُسْرَةٌ؛ قال سيبويه: و لا تُكَسَّرُ البُسْرَةُ إِلَّا أَن تجمع بالأَلف و التاء لقلة هذا المثال في كلامهم، و أَجاز بُسْرانٌ و تُمْرانٌ يريد بهما نوعين من التَّمْرِ و البُسْرِ. و قد أَبْسَرَتِ النخلةُ و نخلة مُبْسِرٌ، بغير هاء، كله على النسب، و مِبْسارٌ: لا يَرْطُبُ ثمرها. و
في الحديث في شرط مشتري النخل على البائع: ليس له مِبْسارٌ.
هو الذي لا يَرْطُبُ بُسْرُه. و بَسَرَ التَّمْرَ يَبْسُرُه بَسْراً و بَسَّرَهُ إِذا نَبَذَ فَخَلَطَ البُسْرَ بالتمر. و
روي عن الأَشْجَع العَبْدِيِّ أَنه قال: لا تَبْسُرُوا و لا تَثْجُرُوا.
؛ فَأَما البَسْرُ. بفتح الباء، فهو خَلْطُ البُسْرِ بالرُّطَبِ أَو بالتمر و انتباذُهما جميعاً، و الثَّجْرُ: أَن يؤْخذ ثَجِيرُ البُسْرِ فَيُلْقَى مع التمر، و كره هذا حذار الخليطين لنهي النبي، صلى الله عليه و سلم، عنهما. و أَبْسَرَ و بَسَرَ إِذا خَلَطَ البُسْرَ بالتمر أَو الرطب فنبذهما. و في الصحاح: البَسْر أَن يُخلَط البُسْرُ مع غيره في النبيذ. و البُسْرُ: ما لَوَّنَ و لم يَنْضَجْ، و إِذا نضِجَ فقد أَرْطَبَ؛ الأَصمعي: إِذا اخْضَرَّ حَبُّه و استدار فهو خَلالٌ، فإِذا عظم فهو البُسْرُ، فإِذا احْمَرَّتْ فهي شِقْحَةٌ. الجوهري: البُسْرُ «3». أَوَّله طَلْعٌ ثم خَلالٌ ثم بَلَحٌ ثم بُسْرٌ ثم رُطَبٌ ثم تمر، الواحدة بُسْرَةٌ و بُسُرَةٌ و جمعها بُسْراتٌ و بُسُراتٌ و بُسْرٌ و بُسُرٌ. و أَبْسَرَ النخل: صار ما عليه بُسْراً. و البُسْرَةُ مِنَ النَّبْتِ: ما ارتفع عن وجه الأَرض و لم يَطُلْ لأَنه حينئذٍ غَضٌّ.
__________________________________________________
 (3). قوله: [الجوهري البسر] إلخ ترك كثيراً من المراتب التي يؤول إليها الطلع حتى يصل إلى مرتبة التمر فانظرها في القاموس و شرحه.

58
لسان العرب4

بسر ص 57

قال: و هو غَضّاً أَطيبُ ما يكون. و البُسْرَةُ: الغَضُّ من البُهْمَى؛ قال ذو الرمة:
رَعَتْ بَارِضَ البُهْمَى جَمِيعاً و بُسْرَةً،             و صَمْعاءَ، حَتَّى آنَفَتْها نِصالُها.

أَي جعلتها تشتكي أُنُوفَها. الجوهري: البُسْرَةُ من النبات أَوّلها البَارِضُ، و هي كما تبدو في الأَرض، ثم الجَمِيمُ ثم البُسْرَةُ ثم الصَّمْعَاءُ ثم الحشِيشُ و رَجُلٌ بُسْرٌ و امرأَةٌ بُسْرَةٌ: شابان طَرِيَّانِ. و البُسْرُ و البَسْرُ: الماءُ الطَّرِيُّ الحديثُ العَهْدِ بالمطر ساعةَ ينزل من المُزْنِ، و الجمع بِسارٌ، مثل رُمْحٍ و رماح. و البَسْرُ: حَفْرُ الأَنهار إِذا عَرَا الماءُ أَوطانَهُ؛ قال الأَزهري: و هو التَّبَسُّرُ؛ و أَنشد بيت الراعي:
إِذا احْتَجَبَتْ بَناتُ الأَرضِ عنهُ،             تَبَسَّرَ يَبْتَغِي فيها البِسارَا

قال ابن الأَعرابي: بنات الأَرض الأَنهار الصغار و هي الغُدْرانُ فيها بقايا الماء. و بَسَرَ النَّهْرَ إِذا حفر فيه بئراً و هو جافٌّ، و أَنشد بيت الراعي أَيضاً. و أَبْسَرَ إِذا حفر في أَرض مظلومة. و ابْتَسَرَ الشي‏ءَ: أَخَذَه غَضًّا طَرِيًّا. و
في الحديث عن أَنس قال: لم يخرج رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، في سَفَرٍ قَطُّ إِلَّا قال حين يَنْهَضُ من جلوسِه: اللهمَّ بكَ ابْتَسَرْتُ و إِليكَ تَوَجَّهْتُ و بكَ اعْتَصَمْتُ، أَنتَ رَبِّي و رَجائي، اللهمَّ اكْفِني ما أَهَمَّني و ما لم أَهْتَمَّ به، و ما أَنْتَ أَعْلَمُ به مني، و زَوِّدْني التَّقْوَى و اغْفِرْ لي ذَنْبي وَ وَجِّهْني للخَيرِ أَيْنَ تَوَجَّهْتُ، ثم يخرج.
؛ قولُه، صلى الله عليه و سلم: بك ابتسرت.
أَي ابتدأْت سفري. و كلُّ شي‏ء أَخذتَه غَضّاً، فقد بَسَرْتَه و ابتَسَرْتَه؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه الأَزهري، و المحدثون يَرْوُونَه بالنون و الشين المعجمة أَي تحركتُ و سِرْتُ. و بَسَرْتُ النباتَ أَبْسُرُه بَسْراً إِذا رعيته غَضّاً و كنتَ أَوَّلَ من رعاه؛ و قال لبيد يصف غيثاً رعاه أُنُفاً:
بَسَرْتُ نَدَاهُ، لم تُسَرَّبْ وُحُوشُه             بِعِرْبٍ، كَجِذْعِ الهاجِرِيِّ المُشَذَّبِ.

و البَيَاسِرَةُ: قَوْمٌ بالسِّنْدِ، و قيل: جِيلٌ من السند يؤاجرون أَنفسهم من أَهل السفن لحرب عدوّهم؛ و رجل بَيْسَرِيٌّ. و البسارُ: مطر يدوم على أَهل السند و في الصيف لا يُقْلِعُ عنهم ساعةً فتلك أَيام البسار، و في المحكم: البسار مطر يوم في الصيف يدوم على البَيَاسِرَةِ و لا يُقْلِعُ. و المُبْسِرَاتُ: رياح يستدل بهبوبها على المطر. و يقال للشمس: بُسْرَةٌ إِذا كانت حمراء لم تَصْفُ؛ و قال البعيث يذكرها:
فَصَبَّحَها، و الشَّمسُ حَمْرَاءُ بُسْرَةٌ             بِسائِفَةِ الأَنْقاءِ، مَوْتٌ مُغَلِّسُ‏

الجوهري: يقال للشمس في أَوَّل طلوعها بُسْرَةٌ. و البُسْرَةُ: رأْس قَضِيبِ الكَلْبِ. و أَبْسَرَ المركَبُ في البحر أَي وَقَفَ. و الباسُور، كالنَّاسُور، أَعجمي: داء معروف و يُجْمَعُ البَوَاسِيرَ؛ قال الجوهري: هي علة تحدث في المقعدة و في داخل الأَنف أَيضاً، نسأَل الله العافية منها و من كل داء. و
في حديث عمران بن حصين في صلاة القاعد: و كان مَبْسُوراً.
أَي به بواسير، و هي المرض المعروف. و بُسْرَةُ: اسْمٌ. و بُسْرٌ: اسْمٌ؛ قال:
و يُدْعَى ابنَ مَنْجُوفٍ سُلَيْمٌ و أَشْيَمٌ،             و لَوْ كانَ بُسْرٌ رَاءَ ذلِكَ أَنْكَرَا

بشر:
البَشَرُ: الخَلْقُ يقع على الأُنثى و الذكر و الواحد و الاثنين و الجمع لا يثنى و لا يجمع؛ يقال: هي بَشَر

59
لسان العرب4

بشر ص 59

و هو بَشَرٌ و هما بَشَرٌ و هم بَشَرٌ. ابن سيدة: البَشَرُ الإِنسان الواحد و الجمع و المذكر و المؤنث في ذلك سواء، و قد يثنى. و في التنزيل العزيز: أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا
؟ و الجمع أَبشارٌ. و البَشَرَةُ: أَعلى جلدة الرأْس و الوجه و الجسد من الإِنسان، و هي التي عليها الشعر، و قيل: هي التي تلي اللحم. و في المثل: إِنما يُعاتَبُ الأَديمُ ذو البَشَرَةِ؛ قال أَبو حنيفة: معناه أَن يُعادَ إِلى الدِّباغ، يقول: إِنما يعاتَبُ مَن يُرْجَى و مَنْ له مُسْكَةُ عَقْلٍ، و الجمع بَشَرٌ. ابن بزرج: و البَشَرُ جمع بَشَرَةٍ و هو ظاهر الجلد. الليث: البَشَرَةُ أَعلى جلدة الوجه و الجسد من الإِنسان، و يُعْنى به اللَّوْنُ و الرِّقَّةُ، و منه اشتقت مُباشَرَةُ الرجل المرأَةَ لِتَضامِّ أَبْشارِهِما. و البَشَرَةُ و البَشَرُ: ظاهر جلد الإِنسان؛ و
في الحديث: لَمْ أَبْعَثْ عُمَّالي لِيَضْرِبُوا أَبْشاركم.
؛ و أَما قوله:
تُدَرِّي فَوْقَ مَتْنَيْها قُرُوناً             على بَشَرٍ، و آنَسَهُ لَبابُ‏

قال ابن سيدة: قد يكون جمع بشرة كشجرة و شجر و ثمرة و ثمر، و قد يجوز أَن يكون أَراد الهاء فحذفها كقول أَبي ذؤَيب:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ             عِنادي على الهِجْرانِ، أَم هُوَ يائِسُ؟

قال: و جمعه أَيضاً أَبْشارٌ، قال: و هو جمع الجمع. و البَشَرُ: بَشَرُ الأَديمِ. و بَشَرَ الأَديمَ يَبْشُرُه بَشْراً و أَبْشَرَهُ: قَشَرَ بَشَرَتَهُ التي ينبت عليها الشعر، و قيل: هو أَن يأْخذ باطنَه بِشَفْرَةٍ. ابن بزرج: من العرب من يقول بَشَرْتُ الأَديم أَبْشِرهُ، بكسر الشين، إِذا أَخذت بَشَرَتَهُ. و البُشارَةُ: ما بُشِرَ منه. و أَبْشَرَه؛ أَظهر بَشَرَتَهُ. و أَبْشَرْتُ الأَديمَ، فهو مُبْشَرٌ إِذا ظهرتْ بَشَرَتُه التي تلي اللحم، و آدَمْتُه إِذا أَظهرت أَدَمَتَهُ التي ينبت عليها الشعر. اللحياني: البُشارَةُ ما قَشَرْتَ من بطن الأَديم، و التِّحْلئُ ما قَشرْتَ عن ظهره. و
في حديث عبد الله: مَنْ أَحَبَّ القُرْآنَ فَليَبْشَرْ.
أَي فَلْيَفْرَحْ و لَيُسَرَّ؛ أَراد أَن محبة القرآن دليل على محض الإِيمان من بَشِرَ يَبْشَرُ، بالفتح، و من رواه بالضم، فهو من بَشَرْتُ الأَديم أَبْشُرُه إِذا أَخذت باطنه بالشَّفْرَةِ، فيكون معناه فَلْيُضَمِّرْ نفسه للقرآن فإِن الاستكثار من الطعام ينسيه القرآن. و
في حديث عبد الله بن عمرو: أُمرنا أَن نَبْشُرَ الشَّوارِبَ بَشْراً.
أَي نَحُفّها حتى تَبِينَ بَشَرَتُها، و هي ظاهر الجلد، و تجمع على أَبْشارٍ. أَبو صفوان: يقال لظاهر جلدة الرأْس الذي ينبت فيه الشعر البَشَرَةُ و الأَدَمَةُ و الشَّواةُ. الأَصمعي: رجل مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، و هو الذي قد جَمَعَ لِيناً و شِدَّةً مع المعرفة بالأُمور، قال: و أَصله من أَدَمَةِ الجلد و بَشَرَتِهِ، فالبَشَرَةُ ظاهره، و هو منبت الشعر، و الأَدَمَةُ باطنه، و هو الذي يلي اللحم؛ قال و الذي يراد منه أَنه قد جَمع بَيْنَ لِينِ الأَدَمَةِ و خُشونة البَشَرَةِ و جرّب الأُمور. و في الصحاح: فلانٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ إِذا كان كاملًا من الرجال، و امرأَة مُؤْدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: تامَّةٌ في كُلّ وَجْهٍ. و
في حديث بحنة: ابنتك المُؤْدَمَةُ المُبْشَرَة.
؛ يصف حسن بَشَرَتها و شِدَّتَها. و بَشْرُ الجرادِ الأَرْضَ: أَكْلُه ما عليها. و بَشَرَ الجرادُ الأَرضَ يَبْشُرُها بَشراً: قَشَرَها و أَكل ما عليها كأَن ظاهر الأَرض بَشَرَتُها. و ما أَحْسَنَ بَشَرَتَه أَي سَحْناءَه و هَيْئَتَه. و أَبْشَرَتِ الأَرْضُ إِذا أَخرجت نباتها. و أَبْشَرَتِ الأَرض‏

60
لسان العرب4

بشر ص 59

إِبْشاراً: بُذِرتْ فَظَهَر نَباتُها حَسَناً، فيقال عند ذلك: ما أَحْسَنَ بَشَرَتَها؛ و قال أَبو زياد الأَحمر: أَمْشَرَتِ الأَرضُ و ما أَحْسَنَ مَشَرَتَها. و بَشَرَةُ الأَرضِ: ما ظهر من نباتها. و البَشَرَةُ: البَقْلُ و العُشْبُ و كُلُّه مِنَ البَشَرَةِ. و باشَرَ الرجلُ امرأَتَهُ مُباشَرَةً و بِشاراً: كان معها في ثوب واحد فَوَلِيَتْ بَشَرَتُهُ بَشَرَتَها. و قوله تعالى: وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ
؛ معنى المباشرة الجماع، و كان الرجل يخرج من المسجد، و هو معتكف، فيجامع ثم يعود إِلى المسجد. و مُباشرةُ المرأَةِ: مُلامَسَتُها. و الحِجْرُ المُباشِرُ: التي تَهُمُّ بالفَحْلِ. و البَشْرُ أَيضاً: المُباشَرَةُ؛ قال الأَفوه:
لَمَّا رَأَتْ شَيْبي تَغَيَّر، و انْثَنى             مِنْ دونِ نَهْمَةِ بَشْرِها حينَ انثنى‏

أَي مباشرتي إِياها. و
في الحديث: أَنه كان يُقَبِّلُ و يُباشِرُ و هو صائم.
؛ أَراد بالمباشَرَةِ المُلامَسَةَ و أَصله من لَمْس بَشَرَةِ الرجل بَشَرَةَ المرأَة، و قد يرد بمعنى الوطء في الفرج و خارجاً منه. و باشَرَ الأَمْرَ: وَلِيَهُ بنفسه؛ و هو مَثَلٌ بذلك لأَنه لا بَشَرَةَ للأَمر إذ ليس بِعَيْنٍ. و
في حديث علي، كرّم الله تعالى وجهه: فَباشِرُوا رُوحَ اليقين.
فاستعاره لروح اليقين لأَنّ روح اليقين عَرَضٌ، و بيِّن أَنَّ العَرَضَ ليست له بَشَرَةٌ. و مُباشَرَةُ الأَمر: أَن تَحْضُرَهُ بنفسك و تَلِيَه بنفسك. و البِشْرُ: الطَّلاقَةُ، و قد بَشَرَه بالأَمر يَبْشُرُه، بالضم، بَشْراً و بُشُوراً و بِشْراً [بُشْراً]، و بَشَرَهُ به بَشْراً؛ كله عن اللحياني. و بَشَّرَهُ و أَبْشَرَهُ فَبَشِرَ به، و بَشَرَ يَبْشُرُ بَشْراً و بُشُوراً. يقال: بَشَرْتُه فَأَبْشَرَ و اسْتَبْشَر و تَبشَّرَ و بَشِرَ: فَرِحَ. و في التنزيل العزيز: فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ‏
؛ و فيه أَيضاً: وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
. و اسْتَبْشَرَه كَبَشَّرَهُ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فَبَيْنا تَنُوحُ اسْتَبْشَرُوها بِحِبِّها،             عَلى حِينِ أَن كُلَّ المَرامِ تَرومُ‏

قال ابن سيدة: و قد يكون طلبوا منها البُشْرى على إِخبارهم إِياهم بمجي‏ء ابنها. و قوله تعالى: يا بُشْرايَ هذا غُلامٌ؛ كقولك عَصايَ. و تقول في التثنية: يا بُشْرَبيَّ. و البِشارَةُ المُطْلَقَةُ لا تكون إِلَّا بالخير، و إِنما تكون بالشر إِذا كانت مقيدة كقوله تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*
؛ قال ابن سيدة: و التَّبْشِيرُ يكون بالخير و الشر كقوله تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*
؛ و قد يكون هذا على قولهم: تحيتك الضَّرْبُ و عتابك السَّيْفُ، و الاسم البُشْرى. و قوله تعالى: لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ
؛ فيه ثلاثة أَقوال:
أَحدها أَن بُشْراهم في الدنيا ما بُشِّرُوا به من الثواب، قال الله تعالى: وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ*
؛ و بُشْراهُمْ في الآخرة الجنة، و قيل بُشْراهم في الدنيا الرؤْيا الصالحة يَراها المؤْمن في منامه أَو تُرَى له، و قيل معناه بُشْراهم في الدنيا أَن الرجل منهم لا تخرج روحه من جسده حتى يرى موضعه من الجنة.
؛ قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ‏
. الجوهري: بَشَرْتُ الرجلَ أَبْشُرُه، بالضم، بَشْراً و بُشُوراً من البُشْرَى، و كذلك الإِبشارُ و التَّبْشِيرُ ثلاثُ لغات، و الاسم البِشارَةُ و البُشارَةُ، بالكسر و الضم. يقال: بَشَرْتُه بمولود فَأَبْشَرَ إِبْشاراً أَي سُرَّ. و تقول: أَبْشِرْ بخير، بقطع الأَلف. و بَشِرْتُ بكذا، بالكسر، أَبْشَرُ أَي اسْتَبْشَرْتُ به؛ قال عطية بن زيد جاهلي، و قال ابن بري هو لعبد القيس بن خفاف البُرْجُميّ:

61
لسان العرب4

بشر ص 59

و إِذا رَأَيْتَ الباهِشِينَ إِلى العلى             غُبْراً أَكُفُّهُمُ بِقاعٍ مُمْحِلِ،
فَأَعِنْهُمُ و ابْشَرْ بما بَشِرُوا بِهِ،             و إِذا هُمُ نَزَلُوا بَضَنْكٍ فانْزِلِ‏

و يروى:
... و ايْسِرْ بما يَسِرُوا به.
و أَتاني أَمْرٌ بَشِرْتُ به أَي سُرِرْتُ به. و بَشَرَني فلانٌ بوجه حَسَنٍ أَي لقيني. و هو حَسَنُ البِشْرِ، بالكسر، أَي طَلقُ الوجه. و البِشارَةُ: ما بُشِّرْتَ به. و البِشارة: تَباشُرُ القوم بأَمر، و التَّباشِيرُ: البُشْرَى. و تَبَاشَرَ القومُ أَي بَشَّرَ بعضُهم بعضاً. و البِشارة و البُشارة أَيضاً: ما يعطاه المبَشِّرُ بالأَمر. و
في حديث توبة كعب: فأَعطيته ثوبي بُشارَةً.
؛ البشارة، بالضم: ما يعطى البشير كالعُمَالَةِ للعامل، و بالكسر: الاسم لأَنها تُظْهِرُ طَلاقَةَ الإِنسان. و البشير: المبَشِّرُ الذي يُبَشِّرُ القوم بأَمر خير أَو شرٍ. و هم يتباشرون بذلك الأَمر أَي يُبَشرُ بضعهم بعضاً. و المبَشِّراتُ: الرياح التي تَهُبُّ بالسحاب و تُبَشِّرُ بالغيث. و في التنزيل العزيز: وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ‏
؛ و فيه: وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً
؛ و بُشُراً و بُشْرَى و بَشْراً، ف بُشْراً
 جَمعُ بَشُورٍ، و بُشْراً مخفف منه، و بُشْرَى بمعنى بِشارَةٍ، و بَشْراً مصدر بَشَرَهُ بَشْراً إِذا بَشَّرَهُ. و قوله عز و جل: أَنَّ اللَّهَ: يُبَشِّرُكَ*
؛ و قرئ: يَبْشُرُك؛ قال الفرّاء: كأَن المشدّد منه على بِشاراتِ البُشَرَاء، و كأَن المخفف من وجه الإِفْراحِ و السُّرُورِ، و هذا شي‏ء كان المَشْيَخَةُ يقولونه. قال: و قال بعضهم أَبْشَرْتُ، قال: و لعلها لغة حجازية. و كان سفيان بن عيينة يذكرها فَلْيُبْشِرْ، و بَشَرْتُ لغة رواها الكسائي. يقال: بَشَرَني بوَجْهٍ حَسَنٍ يَبْشُرُني. و قال الزجاج: معنى يَبْشُرُك يَسُرُّك و يُفْرِحُك. و بَشَرْتُ الرجلَ أَبْشُرُه إِذا أَفرحته. و بَشِرَ يَبْشَرُ إِذا فرح. قال: و معنى يَبْشُرُك و يُبَشِّرُك من البِشارة [البُشارة]. قال: و أَصل هذا كله أَن بَشَرَةَ الإِنسان تنبسط عند السرور؛ و من هذا قولهم: فلان يلقاني بِبِشْرٍ أَي بوجه مُنْبَسِطٍ. ابن الأَعرابي: يقال بَشَرْتُه و بَشَّرْتُه و أَبْشَرْتُه و بَشَرْتُ بكذا و كذا و بَشِرْت و أَبْشَرْتُ إِذا فَرِحْتَ بِه. ابن سيدة: أَبْشَرَ الرجلُ فَرِحَ؛ قال الشاعر:
ثُمَّ أَبْشَرْتُ إِذْ رَأَيْتُ سَواماً،             و بُيُوتاً مَبْثُوثَةً و جِلالا

و بَشَّرَتِ الناقةُ باللِّقاحِ، و هو حين يعلم ذلك عند أَوَّل ما تَلْقَحُ. التهذيب. يقال أَبْشَرَتِ الناقَةُ إِذا لَقِحَتْ فكأَنها بَشَّرَتْ بالِّلقاحِ؛ قال و قول الطرماح يحقق ذلك:
عَنْسَلٌ تَلْوِي، إِذا أَبْشَرَتْ،             بِخَوافِي أَخْدَرِيٍّ سُخام‏

و تَباشِيرُ كُلّ شي‏ء: أَوّله كتباشير الصَّبَاح و النَّوْرِ، لا واحد له؛ قال لبيد يصف صاحباً له عرّس في السفر فأَيقظه:
فَلَمَّا عَرَّسَ، حَتَّى هِجْتُهُ             بالتَّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ‏

و التباشيرُ: طرائقُ ضَوْءِ الصُّبْحِ في الليل. قال الليث: يقال للطرائق التي تراها على وجه الأَرض من آثار الرياح إِذا هي خَوَّتْهُ: التباشيرُ. و يقال لآثار جنب الدابة من الدَّبَرِ: تَباشِيرُ؛ و أَنشد:
نِضْوَةُ أَسْفارٍ، إِذا حُطَّ رَحْلُها،             رَأَيت بِدِفْأَيْها تَباشِيرَ تَبْرُقُ.

الجوهري: تَباشِيرُ الصُّبْحِ أَوائلُه، و كذلك أَوائل‏

62
لسان العرب4

بشر ص 59

كل شي‏ء، و لا يكون منه فِعلٌ. و
في حديث الحجاج: كيف كان المطرُ و تَبْشِيرُه.
أَي مَبْدَؤُه و أَوَّلُه و تَبِاشِيرُ: ليس له نظير إِلَّا ثلاثة أَحرف: تَعاشِيبُ الأَرض، و تَعاجِيبُ الدَّهرِ، و تَفاطِيرُ النَّباتِ ما يَنْفَطر منه، و هو أَيضاً ما يخرج على وجه الغِلْمَان و الفتيات؛ قال:
تَفاطِيرُ الجُنُونِ بِوَجْهِ سَلْمَى             قَدِيماً، لا تَفاطِيرُ الشَّبابِ.

و يروى نفاطير، بالنون. و تباشير النخل: في أَوَّل ما يُرْطِبُ. و البشارة، بالفتح: الجمال و الحُسْنُ؛ قال الأَعشى في قصيدته التي أَوَّلها:
بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفارَهْ،             يا جارَتا، ما أَنْتِ جارهْ.

قال منها:
وَ رَأَتْ بِأَنَّ الشَّيْبَ             جَانَبَه البَشاشةُ و البَشارَهْ‏

و رجلٌ بَشِيرُ الوجه إِذا كان جميله؛ و امرأَةٌ بَشِيرةُ الوجه، و رجلٌ بَشِيرٌ و امرأَة بَشِيرَةٌ، و وجهٌ بَشيرٌ: حسن؛ قال دكين بن رجاء:
تَعْرِفُ، في أَوجُهِها البَشائِرِ،             آسانَ كُلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ

و الآسانُ: جمع أُسُنٍ، بضم الهمزة و السين، و قد قيل أَسن بفتحهما أَيضاً، و هو الشبه. و الآفق: الفاضل. و المُشَاجِرُ: الذي يَرْعَى الشجر. ابن الأَعرابي: المَبْشُورَةُ الجارية الحسنة الخلق و اللون، و ما أَحْسَنَ بَشَرَتَها. و البَشِيرُ: الجميل، و المرأَة بَشِيرَة. و البَشِيرُ: الحَسَنُ الوجه. و أَبْشَرَ الأَمرُ وَجْهَهُ: حَسَّنَه و نَضَّرَه؛ و عليه وَجَّهَ أَبو عمرو قراءَةَ من قرأَ: ذلك الذي يَبْشُرُ اللهُ عِبادَه؛ قال: إِنما قرئت بالتخفيف لأَنه ليس فيه بكذا إِنما تقديره ذلك الذي يُنَضِّرُ اللهُ به وُجوهَهم. اللحياني: و ناقة بَشِيرَةٌ أَي حَسَنَةٌ؛ و ناقة بَشِيرَةٌ: ليست بمهزولة و لا سمينة؛ و حكي عن أَبي هلال قال: هي التي ليست بالكريمة و لا الخسيسة. و
في الحديث: ما مِنْ رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ و بَقَرٌ لا يُؤَدِّي حَقَّها إِلَّا بُطِحَ لها يَوْمَ القيامة بِقَاع قَرْقَرٍ كأَكْثَرِ ما كانَتْ و أَبْشَرِه.
أَي أَحْسَنِه، من البِشر، و هو طلاقة الوجه و بشاشته، و
يروى: و آشَره.
من النشاط «4». و البطر. ابن الأَعرابي: هم البُشَارُ و القُشَارُ و الخُشَارُ لِسِقاطِ الناسِ. و التُّبُشِّرُ و التُّبَشِّرُ: طائر يقال هو الصُّفارِيَّة، و لا نظير له إِلَّا التُّنَوِّطُ، و هو طائر و هو مذكور في موضعه، و قولُهم: وقع في وادي تُهُلِّكَ، و وادي تُضُلِّلَ، و وادي تُخُيِّبَ. و الناقةُ البَشِيرَةُ: الصالحةُ التي على النِّصْفِ من شحمها، و قيل: هي التي بين ذلك ليست بالكريمة و لا بالخسيسة. و بِشْرٌ و بِشْرَةُ: اسمان؛ أَنشد أَبو علي:
و بِشْرَةُ يَأْبَوْنا، كَأَنَّ خِبَاءَنَا             جَنَاحُ سُمَانَى في السَّماءِ تَطِيرُ

و كذلك بُشَيْرٌ و بَشِيرٌ و بَشَّار و مُبَشِّر. و بُشْرَى: اسم رجل لا ينصرف في معرفة و لا نكرة، للتأْنيث و لزوم حرف التأْنيث له، و إِن لم يكن صفة لأَن هذه الأَلف يبنى الاسم لها فصارت كأَنها من نفس الكلمة، و ليست كالهاء التي تدخل في الاسم بعد التذكير. و البِشْرُ: اسم ماء لبني تغلب. و البِشْرُ: اسم جبل، و قيل: جبل بالجزيرة؛ قال الشاعر:
__________________________________________________
 (4). قوله [من النشاط] كذا بالأصل و الأحسن من الأشر و هو للنشاط.

63
لسان العرب4

بشر ص 59

فَلَنْ تَشْرَبي إِلَّا بِرَنْقٍ، وَ لَنْ تَرَيْ             سَواماً و حَيّاً في القُصَيْبَةِ فالبِشْرِ

بصر:
ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى الْبَصِيرُ*
، هو الذي يشاهد الأَشياء كلها ظاهرها و خافيها بغير جارحة، و البَصَرُ عبارة في حقه عن الصفة التي ينكشف بها كمالُ نعوت المُبْصَراتِ. الليث: البَصَرُ العَيْنُ إِلَّا أَنه مذكر، و قيل: البَصَرُ حاسة الرؤْية. ابن سيدة: البَصَرُ حِسُّ العَين و الجمع أَبْصارٌ. بَصُرَ به بَصَراً و بَصارَةً و بِصارَةً و أَبْصَرَهُ و تَبَصَّرَهُ: نظر إِليه هل يُبْصِرُه. قال سيبويه: بَصُرَ صار مُبْصِراً، و أَبصره إِذا أَخبر بالذي وقعت عينه عليه، و حكاه اللحياني بَصِرَ به، بكسر الصاد، أَي أَبْصَرَهُ. و أَبْصَرْتُ الشي‏ءَ: رأَيته. و باصَرَه: نظر معه إِلى شي‏ء أَيُّهما يُبْصِرُه قبل صاحبه. و باصَرَه أَيضاً: أَبْصَرَهُ؛ قال سُكَيْنُ بنُ نَصْرَةَ البَجَلي:
فَبِتُّ عَلى رَحْلِي و باتَ مَكانَه،             أُراقبُ رِدْفِي تارَةً، و أُباصِرُه‏

الجوهري: باصَرْتُه إِذا أَشْرَفتَ تنظر إِليه من بعيد. و تَباصَرَ القومُ: أَبْصَرَ بعضهم بعضاً. و رجل بَصِيرٌ مُبْصِرٌ: خلاف الضرير، فعيل بمعنى فاعل، و جَمْعُه بُصَراءُ. و حكى اللحياني: إِنه لَبَصِيرٌ بالعينين. و البَصارَةُ مَصْدَرٌ: كالبَصر، و الفعل بَصُرَ يَبْصُرُ، و يقال بَصِرْتُ و تَبَصَّرْتُ الشي‏ءَ: شِبْهُ رَمَقْتُه. و في التنزيل العزيز: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ
؛ قال أَبو إسحاق: أَعْلَمَ اللهُ أَنهُ يُدْرِك الأَبصارَ و في هذا الإِعلام دليل أَن خلقه لا يدركون الأَبصارَ أَي لا يعرفون كيف حقيقة البَصَرَ و ما الشي‏ء الذي به صار الإِنسان يُبْصِرُ من عينيه دون أَن يُبْصِرَ من غيرهما من سائر أَعضائه، فَأَعْلَم أَن خَلْقاً من خلقه لا يُدْرِك المخلوقون كُنْهَهُ و لا يُحيطون بعلمه، فكيف به تعالى و الأَبصار لا تحيط به وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ. فأَمَّا ما جاء من الأَخبار في الرؤْية، و صح عن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فغير مدفوع و ليس في هذه الآية دليل على دفعها، لأَن معنى هذه الآية إِدراك الشي‏ء و الإِحاطة بحقيقته و هذا مذهب أَهل السنَّة و العلم بالحديث. و قوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ‏
؛ أَي قد جاءَكم القرآن الذي فيه البيان و البصائرُ، فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ
 نَفْعُ ذلك، وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ضَرَرُ ذلك، لأَن الله عز و جل غني عن خلقه. ابن الأَعرابي: أَبْصَرَ الرجلُ إِذا خرج من الكفر إِلى بصيرة الإِيمان؛ و أَنشد:
قَحْطَانُ تَضْرِبُ رَأْسَ كُلِّ مُتَوَّجٍ،             و على بَصائِرِها، و إِنْ لَمْ تُبْصِر

قال: بصائرها إسلامها و إِن لم تبصر في كفرها. ابن سيدة: أَراه لَمْحاً باصِراً أَي نظراً بتحديق شديد، قال: فإِما أَن يكون على طرح الزائد، و إِما أَن يكون على النسب، و الآخر مذهب يعقوب. و لقي منه لَمْحاً باصِراً أَي أَمراً واضحاً. قال: و مَخْرَجُ باصِرٍ من مخرج قولهم رجل تامِرٌ و لابِنٌ أَي ذو لبن و تمر، فمعنى باصر ذو بَصَرَ، و هو من أَبصرت، مثل مَوْتٌ مائِتٌ من أَمَتُّ، أَي أَرَيْتُه أَمْراً شديداً يُبْصِرُه. و قال الليث: رأَى فلان لَمْحاً باصِراً أَي أَمراً مفروغاً منه. قال الأَزهري: و القول هو الأَوَّل؛ و قوله عز و جل: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً
؛ قال الزجاج: معناه واضحةً؛ قال: و يجوز مُبْصَرَةً أَي مُتَبَيِّنَةً تُبْصَرُ و تُرَى. و قوله تعالى: وَ آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً
؛ قال الفراء: جعل الفعل لها، و معنى مُبْصِرَةً
 مضيئة، كما قال عز من قائل: وَ النَّهار

64
لسان العرب4

بصر ص 64

مُبْصِراً*
؛ أَي مضيئاً. و قال أَبو إِسحاق: معنى مُبْصِرَةً
 تُبَصِّرُهم أَي تُبَيِّنُ لهم، و من قرأَ مُبْصِرَةً
 فالمعنى بَيِّنَة، و من قرأَ مُبْصَرَةً فالمعنى متبينة فَظَلَمُوا بِها أَي ظلموا بتكذيبها. و قال الأَخفش: مُبْصَرَة أَي مُبْصَراً بها؛ قال الأَزهري: و القول ما قال الفرّاء أَراد آتينا ثمود الناقة آية مُبْصِرَة أَي مضيئة. الجوهري: المُبْصِرَةُ المضيئة؛ و منه قوله تعالى: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً
؛ قال الأَخفش: إِنها تُبَصِّرهم أَي تجعلهم بُصَراء. و المَبْصَرَةُ، بالفتح: الحُجَّة. و البَصِيرَةُ: الحجةُ و الاستبصار في الشي‏ء. و بَصَّرَ الجَرْوُ تبصيراً: فتح عينيه. و لقيه بَصَراً أَي حين تباصرت الأَعْيانُ و رأَى بعضها بعضاً، و قيل: هو في أَوَّل الظلام إِذا بقي من الضوء قدر ما تتباين به الأَشباح، لا يُستعمل إِلَّا ظرفاً. و
في حديث عليّ، كرم الله وجهه: فأرسلت إِليه شاة فرأَى فيها بُصْرَةً من لَبَنٍ.
؛ يريد أَثراً قليلًا يُبْصِرُه الناظرُ إِليه، و منه‏
الحديث: كان يصلي بنا صلاةَ البَصَرِ حتى لو أَن إِنساناً رمى بنَبْلَةٍ أَبصرها.
؛ قيل: هي صلاة المغرب، و قيل: الفجر لأَنهما تؤَدَّيان و قد اختلط الظلام بالضياء. و البَصَر هاهنا: بمعنى الإِبصار، يقال بَصِرَ به بَصَراً. و
في الحديث: بصر عيني و سمع أُذني.
و قد اختلف في ضبطه فروي بَصُرَ و سَمِعَ و بَصَرُ و سَمْعُ على أَنهما اسمان. و البَصَرُ: نَفاذٌ في القلب. و بَصرُ القلب: نَظَرَهُ و خاطره. و البَصِيرَةُ: عَقِيدَةُ القلب. قال الليث: البَصيرة اسم لما اعتقد في القلب من الدين و تحقيق الأَمر؛ و قيل: البَصيرة الفطنة، تقول العرب: أَعمى الله بصائره أَي فِطَنَه؛ عن ابن الأَعرابي: و
في حديث ابن عباس: أَن معاوية لما قال لهم: يا بني هاشم تُصابون في أَبصاركم، قالوا له: و أَنتم يا بني أُمية تصابون في بصائركم.
و فَعَلَ ذلك على بَصِيرَةٍ أَي على عَمْدٍ. و على غير بَصيرة أَي على غير يقين. و
في حديث عثمان: و لتَخْتَلِفُنَّ على بَصِيرَةٍ.
أَي على معرفة من أَمركم و يقين. و
في حديث أُم سلمة: أَ ليس الطريقُ يجمع التاجِرَ و ابنَ السبيل و المُسْتَبْصِرَ و المَجْبورَ.
أَي المُسْتَبِينَ للشي‏ء؛ يعني أَنهم كانوا على بصيرة من ضلالتهم، أَرادت أَن تلك الرفقة قد جمعت الأَخيار و الأَشرار. و إِنه لذو بَصَرٍ و بصيرة في العبادة؛ عن اللحياني. و إِنه لَبَصِيرٌ بالأَشياء أَي عالم بها؛ عنه أَيضاً. و يقال للفِراسَةِ الصادقة: فِراسَةٌ ذاتُ بَصِيرة. و البصيرة: العِبْرَةُ؛ يقال: أَ مَا لك بَصِيرةٌ في هذا؟ أَي عِبْرَةٌ تعتبر بها؛ و أَنشد:
 في الذَّاهِبِين الأَوَّلِينَ             مِن القُرُونِ، لَنا بَصائرْ

أَي عِبَرٌ: و البَصَرُ: العلم. و بَصُرْتُ بالشي‏ء: علمته؛ قال عز و جل: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ‏
. و البصير: العالم، و قد بَصُرَ بَصارَةً. و التَّبَصُّر: التَّأَمُّل و التَّعَرُّفُ. و التَّبْصِيرُ: التعريف و الإِيضاح. و رجلٌ بَصِيرٌ بالعلم: عالم به. و
قوله، عليه السلام: اذهبْ بنا إِلى فلانٍ البصيرِ، و كان أَعمى.
؛ قال أَبو عبيد: يريد به المؤمن. قال ابن سيدة: و عندي أَنه، عليه السلام، إِنما ذهب إِلى التَّفؤل «1». إِلى لفظ البصر أَحسن من لفظ العمى، أَ لا ترى إِلى‏
قول معاوية: و البصير خير من الأَعمى؟.
و تَبَصَّرَ في رأْيِه و اسْتَبْصَرَ: تبين ما يأْتيه من خير و شر. و استبصر في أَمره و دينه إِذا كان ذا بَصيرة. و البَصيرة: الثبات في الدين. و في التنزيل العزيز:
__________________________________________________
 (1). قوله [إنما ذهب إلى التفؤل إلخ‏] كذا بالأصل.

65
لسان العرب4

بصر ص 64

حكاهما اللحياني عن الكسائي، و قد غلب على جلد الوجه. و يقال: إِن فلاناً لمَعْضُوب البُصْرِ إِذا أَصاب جلدَه عُضابٌ، و هو داء يخرج به. الجوهري: و البُصْرُ، بالضم، الجانبُ و الحَرْفُ من كل شي‏ء. و
في حديث ابن مسعود: بُصْرُ كل سماء مسيرة خمسمائة عام.
يريد غِلَظَها و سَمْكَها، و هو بضم الباء و
في الحديث أَيضاً: بُصْرُ جِلْد الكافر في النار أَربعون ذراعاً.
و ثوبٌ جَيّدُ البُصْرِ: قويٌّ وَثِيجٌ. و البَصْرُ و البِصْرُ و البَصْرَةُ: الحجر الأَبيض الرِّخْوُ، و قيل: هو الكَذَّانُ فإِذا جاؤُوا بالهاء قالوا بَصْرَة لا غير، و جمعها بِصار؛ التهذيب: البَصْرُ الحجارة إِلى البياض فإِذا جاؤُوا بالهاء قالوا البَصْرَةُ. الجوهري: البصرة حجارة رخوة إِلى البياض ما هي، و بها سميت البصرة؛ و قال ذو الرمة يصف إِبلًا شربت من ماء:
تَداعَيْن باسم الشِّيبِ في مُتَثَلِّمٍ،             جَوانِبُه مِنْ بَصْرَةٍ و سِلامِ‏

قال: فإِذا أَسقطت منه الهاء قلت بِصْرٌ، بالكسر. و الشِّيب: حكاية صوت مشافرها عند رشف الماء؛ و مثله قول الراعي:
إِذا ما دَعَتْ شِيباً، بِجَنْبَيْ عُنَيْزَةٍ،             مَشافِرُها في ماءِ مُزْنٍ و باقِلِ‏

و أَراد ذو الرمة بالمتثلم حوضاً قد تهدّم أَكثره لقدمه و قلة عهد الناس به؛ و قال عباس بن مرداس:
إِنْ تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لا أُوَبِّسُه،             أُوقِدْ عليه فَأَحْمِيهِ فَيَنْصَدِعُ‏

أَبو عمرو: البَصْرَةُ و الكَذَّانُ، كلاهما: الحجارة التي ليست بصُلبة. و أَرض فلان بُصُرة، بضم الصاد، إِذا كانت حمراء طيبة. و أَرض بَصِرَةٌ إِذا كانت فيها حجارة تقطع حوافر الدواب. ابن سيدة: و البُصْرُ الأَرض الطيبة الحمراءُ. و البَصْرَةُ و البَصَرَةُ و البَصِرَة: أَرض حجارتها جِصٌّ، قال: و بها سميت البَصْرَةُ، و البَصْرَةُ أَعم، و البَصِرَةُ كأَنها صفة، و النسب إِلى البَصْرَةِ بِصْرِيٌّ و بَصْرِيٌّ، الأُولى شاذة؛ قال عذافر:
بَصْرِيَّةٌ تزوَّجَتْ بَصْرِيّا،             يُطْعِمُها المالِحَ و الطَّرِيَّا

و بَصَّرَ القومُ تَبْصِيراً: أَتوا البَصْرَة؛ قال ابن أَحمر:
أُخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتُ أَنِّي مُبَصِّرٌ،             و كائِنْ تَرَى قَبْلِي مِنَ النَّاسِ بَصَّرَا

و في البَصْرَةِ ثلاثُ لغات: بَصْرَة و بِصْرَة و بُصْرَة، و اللغة العالية البَصْرَةُ. الفرّاء: البِصْرُ و البَصْرَةُ الحجارة البراقة. و قال ابن شميل: البَصْرَة أَرْض كأَنها جبل من جِصٍّ و هي التي بنيت بالمِرْبَدِ، و إِنما سميت البَصْرَةُ بَصْرَةً بها. و البَصْرَتان: الكوفةُ و البصرة. و البَصْرَةُ: الطِّين العَلِكُ. و قال اللحياني: البَصْرُ الطين العَلِكُ الجَيِّدُ الذي فيه حَصًى. و البَصِيرَةُ: التُّرْسُ، و قيل: هو ما استطال منه، و قيل: هو ما لزق بالأَرض من الجسد، و قيل: هو قَدْرُ فِرْسِنِ البعير منه، و قيل: هو ما استدل به على الرَّمِيَّةِ. و يقال: هذه بَصِيرَةٌ من دَمٍ، و هي الجَدِيَّةُ منها على الأَرض. و البَصِيرَةُ: مقدار الدِّرْهَم من الدَّمِ. و البَصِيرَةُ: الثَّأْرُ. و
في الحديث: فأُمِرَ به فَبُصِرَ رَأْسُه.
أَي قُطِعَ. يقال: بَصَرَهُ بسيفه إِذا قطعه، و قيل: البصيرة من الدم ما لم يسل، و قيل: هو الدُّفْعَةُ منه، و قيل: البَصِيرَةُ دَمُ البِكْرِ؛ قال:

67
لسان العرب4

بصر ص 64

رَاحُوا، بَصائِرُهُمْ على أَكْتَافِهِمْ،             و بَصِيرَتِي يَعْدُو بِها عَتَدٌ وَأَى‏

يعني بالبصائر دم أَبيهم؛ يقول: تركوا دم أَبيهم خلفهم و لم يَثْأَرُوا به و طَلَبْتُه أَنا؛ و في الصحاح: و أَنا طَلَبْتُ ثَأْرِي. و كان أَبو عبيدة يقول: البَصِيرَةُ في هذا البيت الترْسُ أَو الدرع، و كان يرويه:
حملوا بصائرهم ...
؛ و قال ابن الأَعرابي:
راحوا بصائرُهم ...

يعني ثِقْل دمائهم على أَكتافهم لم يَثْأَرُوا بها. و البَصِيرَة: الدِّيَةُ. و البصائر: الديات في أَوَّل البيت، قال أَخذوا الديات فصارت عاراً، و بصيرتي أَي ثَأْرِي قد حملته على فرسي لأُطالب به فبيني و بينهم فرق. أَبو زيد: البَصيرة من الدم ما كان على الأَرض. و الجَدِيَّةُ: ما لَزِقَ بالجسد. و قال الأَصمعي: البَصيرة شي‏ء من الدم يستدل به على الرَّمِيَّةِ. و
في حديث الخوارج: و يَنْظُر في النَّصْلِ فلا يرى بَصِيرَةً.
أَي شيئاً من الدم يستدل به على الرمية و يستبينها به؛ و قوله أَنشده أَبو حنيفة:
و في اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها             شَهْبَاءُ، تُرْوِي الرِّيشَ مِنْ بَصِيرِها

يجوز أَن يكون جمع البصيرة من الدم كشَعِيرة و شَعِير و نحوها، و يجوز أَن يكون أَراد من بصيرتها فحذف الهاء ضرورة، كما ذهب إِليه بعضهم في قول أَبي ذؤيب:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هل تَنَظَّرَ خالِدٌ             عِيادِي عَلى الهِجْرانِ، أَمْ هُوَ يائِسُ؟ «2».

و يجوز أَن يكون البَصِيرُ لغةً في البَصِيرَة، كقولك حُقٌّ و حُقَّةٌ و بياض و بياضة. و البَصيرَةُ: الدِّرْعُ، و كلُّ ما لُبِسَ جُنَّةً بَصِيرةٌ. و البَصِيرَةُ: التُّرس، و كل ما لُبِسَ من السلاح فهو بصائر السلاح. و الباصَرُ: قَتَبٌ صغير مستدير مثَّل به سيبويه و فسره السيرافي عن ثعلب، و هي البواصر. و أَبو بَصِير: الأَعْشَى، على التطير. و بَصير: اسم رجل. و بُصْرَى: قرية بالشام، صانها الله تعالى؛ قال الشاعر:
و لو أُعْطِيتُ مَنْ ببلادِ بُصْرَى             و قِنَّسْرِينَ مِنْ عَرَبٍ و عُجْمِ‏

و تنسب إِليها السيوف البُصْرِيَّة؛ و قال:
يَفْلُونَ بالقَلَعِ البُصْرِيّ هامَهُمُ «3».
و أَنشد الجوهري للحصين بن الحُمامِ المُرّي:
صَفائح بُصْرَى أَخْلَصَتْها قُيُونُها،             و مُطَّرِداً مِنْ نَسْج دَاودَ مُحْكَمَا

و النسَبُ إِليها بُصْرِيٌّ؛ قال ابن دريد: أَحسبه دخيلًا. و الأَباصِرُ: موضع معروف؛ و
في حديث كعب: تُمسك النار يوم القيامة حتى تَبِصَّ كأَنَّها مَتْنُ إِهالَةٍ.
أَي تَبْرُقَ و يتلأْلأَ ضوؤُها.
بضر:
الفرّاء: البَضْرُ نَوْفُ الجاريةِ قبل أَن تُخْفَضَ. و قال المفضل: من العرب من يقول البَضْرُ، و يبدل الظاء ضاداً، و يقول: قد اشتكى ضَهْرِي، و منهم من يبدل الضاد ظاء فيقول: قد عَظَّتِ الحربُ بني تميم. ابن الأَعرابي قال: البُضَيْرَةُ تصغير البَضْرَة و هي بُطلان الشي‏ء؛ و منه قولهم: ذهب دمه بِضْراً مِضْراً «4». خِضْراً أَي هَدَراً، و ذَهَبَ بِطْراً، بالطاء غير معجمة. و روى أَبو عبيد عن الكسائي: ذهب دمه مَضِراً.
بطر:
البَطَرُ: النشاط، و قيل: التبختر، و قيل: قلة احتمال النِّعمة، و قيل: الدَّهَشُ و الحَيْرَةُ. و أَبْطَرهُ أَي أَدهشه؛ و قيل: البَطَرُ الطُّغيان في النِّعْمَةِ،
__________________________________________________
 (2). ورد هذا الشعر في صفحة 60 و فيه لفظة عنادي بدلًا من عيادي و لعلَّ ما هنا أَكثر مناسبة للمعنى مما هنالك.
 (3). في أساس البلاغة: يَعلون بالقَلَع إلخ.
 (4). قوله [بضراً مضراً إلخ‏] بكسر فسكون و ككتف كما في القاموس.

68
لسان العرب4

بطر ص 68

و قيل: هو كراهة الشي‏ء من غير أَن يستحق الكراهية. بَطِرَ بَطَراً، فهو بَطِرٌ. و البَطَرُ: الأَشَر، و هو شدّة المَرَح. و
في الحديث: لا ينظر الله يوم القيامة إِلى من جرَّ إِزَارَه بَطَراً.
؛ البَطَر: الطغيان عند النعمة و طول الغنى. و
في الحديث: الكِبْرُ بَطَرُ الحَقّ.
؛ هو أَن يجعل ما جعله الله حقّاً من توحيده و عبادته باطلًا، و قيل: هو أَن يتخير عند الحق فلا يراه حقّاً، و قيل: هو أَن يتكبر من الحق و لا يقبله. و قوله عز و جل: وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
؛ أَراد بَطِرت في معيشتها فحذف و أَوصل؛ قال أَبو إِسحاق: نصب مَعِيشَتَها بإسقاط في و عمل الفعل، و تأْويله بَطِرَتْ في معيشتها. و بَطِرَ الرجلُ و بَهِتَ بمعنى واحد. و قال الليث: البَطَرُ كالحَيْرَة و الدَّهَشِ، و البَطَرُ كالأَشَرِ و غَمْطِ النعمة. و بَطِرَ، بالكسر، يَبْطَرُ و أَبْطَرَه المالُ و بَطِرَ بالأَمر: ثَقُل به و دَهِشَ فلم يَدْرِ ما يُقَدِّم و لا ما يؤخر. و أَبْطَرَه حِلْمَهُ: أَدْهَشَهُ و بَهَتَهُ عنه. و أَبْطَرَه ذَرْعَهُ: حَمَّلَهُ فوق ما يُطيق، و قيل: قطع عليه معاشه و أَبْلَى بَدَنَه؛ و هذا قول ابن الأَعرابي، و زعم أَن الذَّرْعَ البَدَنُ، و يقال للبعير القَطُوفِ إِذا جارى بعيراً وَ سَاعَ الخطْوِ فَقَصُرَتْ خُطاه عن مُباراته: قد أَبْطَرَه ذَرْعَهُ أَي حَمَّلَهُ أَكثر من طَوْقِه؛ و الهُبَعُ إِذا مَاشَى الرُّبَعَ أَبْطَرَه ذَرْعَه فَهَبَعَ أَي استعان بِعُنُقه ليَلْحَقَهُ. و يقال لكل من أَرْهَقَ إِنساناً فحمَّلَه ما لا يطيقه: قد أَبْطَرَه ذَرْعَه. و
في حديث ابن مسعود عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنَّه قال: الكِبْرُ بَطَرُ الحقِّ و غَمْصُ النَّاس.
؛ و بَطَرُ الحقِّ أَن لا يراه حقاً و يتكبر عن قبوله، و هو من قولك: بَطِرَ فلانٌ هَدْيَةَ [هِدْيَةَ] أَمْرِه إِذا لم يهتد له و جهله و لم يقبله؛ الكسائي: يقال ذهب دمه بِطْراً و بِطْلًا و فِرْغاً إِذا بَطَلَ، فكان معنى قوله بَطْرُ الحقِّ أَن يراه باطلًا، و من جعله من قولك بَطِرَ إِذا تحير و دَهِشَ، أَراد أَنه تحير في الحق فلا يراه حقّاً. و قال الزجاج: البَطَرُ الطغيان عند النعمة. و بَطَرُ الحقِّ على قوله: أَن يَطْغَى عند الحق أَي يتكبر فلا يقبله. و بَطِرَ النِّعْمَةَ بَطَراً، فهو بَطِرٌ: لم يشكرها. و في التنزيل: بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
. و قال بعضهم: بَطِرْتَ عَيْشَك ليس على التعدي و لكن على قولهم: أَلِمْتَ بَطْنَك و رَشِدْتَ أَمْرَكَ و سَفِهْتَ نَفْسَك و نحوها مما لفظه لفظ الفاعل و معناه معنى المفعول. قال الكسائي: و أَوقعت العرب هذه الأَفعال على هذه المعارف التي خرجت مفسرة لتحويل الفعل عنها و هو لها، و إِنما المعنى بطرت مَعِيشَتُها و كذلك أَخواتها، و يقال: لا يُبْطِرَنَّ جهلُ فلان حلْمَكَ أَي لا يُدْهِشْكَ عنه. و ذهب دَمُه بَطْراً [بِطْراً] أَي هَدَراً؛ و قال أَبو سعيد: أَصله أَن يكون طُلَّابُه حُرَّاصاً باقتدار و بَطَر فيحرموا إِدراك الثَّأْر. الجوهري: و ذهب دمه بِطْراً، بالكسر، أَي هَدَراً. و بَطَرَ الشي‏ءَ يَبْطُرُه و يَبْطِرُه بَطْراً، فهو مبطور و بطير: شقه. و البَطْرُ: الشَّقُّ؛ و به سمي البَيْطارُ بَيْطاراً و البَطِيرُ و البَيْطَرُ و البَيْطارُ و البِيَطْرُ، مثل هِزَبْرٍ، و المُبَيْطِرُ، مُعالجُ الدوابِّ: من ذلك؛ قال الطرمّاح:
يُساقِطُها تَتْرَى بِكُلِّ خَميلَةٍ،             كبَزْغِ الِبيَطْرِ الثِّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ‏

و يروى البَطِير؛ و قال النابغة:
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها،             طَعْنَ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِنَ العَضَد

69
لسان العرب4

بطر ص 68

المدرى هنا قرن الثور؛ يريد أَنه ضرب بقرنه فريصة الكلب و هي اللحمة التي تحت الكتف التي تُرْعَدُ منه و من غيره فأَنفذها. و العَضَدُ: داء يأْخذ في العَضُد. و هو يُبَيْطِرُ الدواب أَي يعالجها، و معالجته البَيْطَرَةُ. و البِيَطْرُ: الخَيَّاط؛ قال:
شَقَّ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ‏
و في التهذيب:
باتَتْ تَجيبُ أَدْعَجَ الظَّلَامِ،             جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ‏

قال شمر: صَيَّر البيطار خَيَّاطاً كما صُير الرجلُ الحاذقُ إِسْكافاً. و رجل بِطْرِيرٌ: متمادٍ في غَيِّه، و الأُنثى بِطْرِيرَةٌ و أَكثر ما يستعمل في النساء. قال أَبو الدُّقَيْشِ: إِذا بَطِرَت و تمادت في الغَيّ.
بظر:
البَظْرُ: ما بين الإِسْكَتَيْنِ من المرأَة، و في الصحاح: هَنَةٌ بَيْنَ الإِسْكَتَيْن لم تُخْفَضْ، و الجمع بُظور، و هو البَيْظَرُ و البُنْظُر و البُنظارة و البَظَارَةُ؛ الأَخيرة عن أَبي غسان. و
في الحديث: يا ابنَ مُقَطِّعَة البُظُور.
جمع بَظْر، و دعاه بذلك لأَن أُمه كانت تَخْتنُ النساءَ، و العرب تطلق هذا اللفظ في معرض الذَّم و إِن لم تكن أُمُّ من يقال له هذا خاتنةً، و زاد فيها اللحياني فقال: و الكَيْنُ و النَّوْفُ و الرَّفْرَف، قال: و يقال للناتئ في أَسفل حياء الناقة البُظارة أَيضاً. و بُظارة الشاة: هَنَةٌ في طرف حيائها. ابن سيدة: و البُظارة طرف حياء الشاة و جميع المواشي من أَسفله؛ و قال اللحياني: هي الناتئُ في أَسفل حياء الشاة؛ و استعاره جرير للمرأَة فقال:
تُبَرِّئُهُمْ مِنْ عَقْرِ جِعْثِنَ، بَعد ما             أَتَتْكَ بِمَسْلوخِ البُظارَةِ وارِمِ‏

و رواه أَبو غسان البَظارة، بالفتح. و أَمَةٌ بَظْرَاءُ: بينة البَظْرِ طويلة البَظْرِ، و الاسم البَظَرُ و لا فعل له، و الجمع بُظْرٌ، و البَظَرُ المصدر من غير أَن يقال بَظِرَتْ تَبْظَرُ لأَنه ليس بحادث و لكنه لازم. و يقال للتي تَخْفضُ الجواريَ: مُبَظِّرَة. و المُبَظِّرُ: الخَتَّانُ كأَنه على السلب. و رجل أَبْظَرُ: لم يُخْتَنْ. و البُظْرَةُ: نُتُوءٌ في الشفة، و تصغيرها بُظَيْرَةٌ. و الأَبْظَرُ: النَّاتئُ الشفةِ العليا مع طولها، و نُتُوء في وسطها محاذ للأَنف. أَبو الدقيش: امرأَة بِظْريرٌ، بالظاء، طويلة اللسان صَخَّابَةٌ. و قال أَبو خيرة: بِظْرِيرٌ شُبِّه لِسانُها بالبَظْرِ. قال الليث: قول أَبي الدقيش أَحب إلينا، و نظيرها معروف؛ و روى بعضهم بِطْرِيرٌ، بالطاء، أَي أَنها بَطِرَتْ و أَشِرَتْ. و البُظْرَةُ و البُظَارَةُ: الهَنَةُ الناتِئَة في وسط الشفة العليا إِذا عظمت قليلًا. و رجل أَبْظَر: في شفته العليا طول مع نُتُوء في وسطها، و هي الحِثْرِمَةُ ما لم تطل، فإِذا طالت قليلًا فالرجل حينئذ أَبْظر. و
روي عن علي أَنه أَتى في فريضة و عنده شريح فقال له عليّ: ما تقول فيها أَيها العبد الأَبْظَر؟.
و قد بَظِرَ الرجلُ بَظَراً و قيل: الأَبْظَرُ الذي في شفته العليا طول مع نُتُوء. و فلان يُمِصُّ «5». فلاناً و يُبَظِّره. و ذهب دَمُه بِظْراً أَي هَدَراً، و الطاء فيه لغة، و قد تقدم. و البَظْرُ الخاتمُ، حِمْيَرِيَّة، و جمعه بُظُور؛ قال شاعرهم:
كما سَلَّ البُظُورَ مِن الشَّناتِرْ
الشناتر: الأَصابع. التهذيب: و البَظْرةُ، بسكون الظاء، حَلْقَةُ الخاتم بلا كرسي، و تصغيرها بُظَيْرة أَيضاً، قال: و البُظَيْرَةُ تصغير البَظْرَة و هي القليل من‏
__________________________________________________
 (5). قوله [و فلان يمص إلخ‏] أي قال له امصص بظر فلانة كما في القاموس.

70
لسان العرب4

بظر ص 70

الشعر في الإِبط يتوانى الرجل عن نتفه، فيقال: تحت إِبطه بُظَيْرَة. قال: و البَضْرُ: بالضاد، نَوْفُ الجارية قبل أَن تُخْفَضَ، و من العرب من يبدل الظاء ضاداً فيقول: البَضْرُ، و قد اشتكى ضَهْرِي، و منهم من يبدل الضاد ظاء، فيقول: قد عَظَّتِ الحربُ بني تميم.
بعر:
البَعيرُ: الجَمَل البازِلُ، و قيل: الجَذَعُ، و قد يكون للأُنثى، حكي عن بعض العرب: شربت من لبن بَعيري و صَرَعَتْني بَعيري أَي ناقتي، و الجمع أَبْعِرَةٌ في الجمع الأَقل، و أَباعِرُ و أَباعيرُ و بُعْرانٌ و بِعْرانٌ. قال ابن بري: أَباعِرُ جمع أَبْعِرةٍ، و أَبْعِرَةٌ جمع بَعير، و أَباعِرُ جمع الجمع، و ليس جمعاً لبعير، و شاهد الأَباعر قول يزيد بن الصِّقّيل العُقَيْلي أَحد اللصوص المشهورة بالبادية و كان قد تاب:
أَلا قُلْ لرُعْيانِ الأَباعِرِ: أَهْمِلوا،             فَقَدْ تابَ عَمّا تَعْلَمونَ يَزيدُ
 و إِنَّ امْرَأً يَنْجو من النار، بَعْدَ ما             تَزَوَّدَ منْ أَعْمالِها، لسَعيدُ

قال: و هذا البيت كثيراً ما يتمثل به الناس و لا يعرفون قائله، و
كان سبب توبة يزيد هذا أَن عثمان بن عفان وَجَّه إِلى الشام جيشاً غازياً، و كان يزيد هذا في بعض بوادي الحجاز يسرق الشاة و البعير و إِذا طُلب لم يوجد، فلما أَبصر الجيش متوجهاً إِلى الغزو أَخلص التوبة و سار معهم.
قال الجوهري: و البعير من الإِبل بمنزلة الإِنسان من الناس، يقال للجمل بَعيرٌ و للناقة بَعيرٌ. قال: و إنما يقال له بعير إِذا أَجذع. يقال: رأَيت بعيراً من بعيد، و لا يبالي ذكراً كان أَو أُنثى. و بنو تميم يقولون بِعير، بكسر الباء، و شِعير، و سائر العرب يقولون بَعير، و هو أَفصح اللغتين؛ و قول خالد بن زهير الهذلي:
فإِن كنتَ تَبْغِي للظُّلامَةِ مَرْكَباً             ذَلُولًا، فإِني ليسَ عِنْدِي بَعِيرُها

يقول: إِن كنت تريد أَن أَكون لك راحلة تركبني بالظلم لم أُقرّ لك بذلك و لم أَحتمله لك كاحتمال البعير ما حُمّلَ. و بَعِرَ الجَمَلُ بَعَراً: صار بعيراً. قال ابن بري: و في البعير سؤال جرى في مجلس سيف الدولة بن حمدان، و كان السائل ابن خالويه و المسؤُول المتنبي، قال ابن خالويه: و البعير أَيضاً الحمار و هو حرف نادر أَلقيته على المتنبي بين يدي سيف الدولة، و كانت فيه خُنْزُوانَةٌ و عُنْجُهِيَّة، فاضطرب فقلت: المراد بالبعير في قوله تعالى: وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ
، الحمارُ فكسرت من عزته، و هو أَن البعير في القرآن الحمار، و ذلك أَن يعقوب و إخوة يوسف، عليهم الصلاة و السلام، كانوا بأرض كنعان و ليس هناك إِبل و إنما كانوا يمتارون على الحمير. قال الله تعالى: وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ
، أَي حمل حمار، و كذلك ذكره مقاتل بن سليمان في تفسيره. و
في زبور داود: أَن البعير كل ما يحمل.
و يقال لكل ما يحمل بالعبرانية بعير، و
في حديث جابر: استغفر لي رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، ليلة البعير خمساً و عشرين مرة؛ هي الليلة التي اشترى فيها رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، من جابر جمله و هو في السفر.
و حديث الجمل مشهور. و البَعْرَة: واحدة البَعْرِ. و البَعْرُ و البَعَرُ: رجيع الخُف و الظِّلف من الإِبل و الشاء و بقر الوحش و الظباء إلّا البقر الأَهلية فإنها تَخْثي و هو خَثْيُها، و الجمع أَبْعَارٌ، و الأَرنب تَبْعَرُ أَيضاً، و قد بَعَرَتِ الشاةُ و البعير يَبْعَرُ بَعْراً. و المِبْعَرُ و المَبْعَرُ: مكانُ البَعَرِ من كل ذي أَربع،

71
لسان العرب4

بعر ص 71

و الجمع مَباعِرُ. و المِبْعارُ: الشاة و الناقة تُباعِرُ حالِبَها. و باعَرَتِ الشاةُ و الناقة إِلى حالبها: أسرعت، و الاسمُ البِعارُ، و يُعَدُّ عيباً لأَنها ربما أَلقت بَعَرَها في المِحْلَب. و البَعْرُ: الفقر التام الدائم، و البَعَرَةُ: الكَمَرَةُ. و البُعَيْرَةُ: تصغير البَعْرَة، و هي الغَضْبَةُ في الله جلّ ذكره. و من أَمثالهم: أَنت كصاحب البَعْرَة؛ و كان من حديثه أَن رجلًا كانت له ظِنَّة في قومه فجمعهم يستبرئهم و أَخذ بَعْرَة فقال: إِني رام ببعرتي هذه صاحب ظِنِّتي، فَجَفَلَ لها أَحَدُهُم و قال: لا ترمني بها، فأَقرّ على نفسه. و البَعَّارُ: لقب رجل. و البَيْعَرَة: موضع. و أَبناء البعير: قوم. و بنو بُعْرَان: حَيٌّ.
بعثر:
الفرّاء في قوله تعالى: وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ‏
؛ قال: خرج ما في بطنها من الذهب و الفضة و خروج الموتى بعد ذلك؛ قال: و هو من أَشراط الساعة أَن تُخرج الأَرض أَفْلَاذَ كَبِدِها. قال: و بُعْثِرَتْ‏
 و بُحْثِرَتْ لغتان. و قال الزجاج: بُعْثِرَتْ‏
 أَي قلب ترابها و بعث الموتى الذين فيها. و قال: بَعْثَرُوا متاعهم و بَحْثَرُوه إِذا قَلَبُوه و فَرَّقُوه و بَدَّدُوه و قلبوا بعضه فوق بعض. و
في حديث أَبي هريرة: إِني إِذا لم أَرك تَبَعْثَرَتْ نَفْسي.
أَي جاشت و انقلبت و غَثَتْ. و بَعْثَرَ الشي‏ءَ: فرَّقه. و بَعْثَر الترابَ و المتاع: قلبه. قال ابن سيدة: و زعم يعقوب أَن عينها بدل من غين بغثر أَو غين بغثر بدل منها. و بَعْثَرَ الخبر بَحَثَهُ، و يقال: بَعْثَرْتُ الشي‏ءَ و بَحْثَرْتهُ إِذا استخرجته و كشفته. و قال أَبو عبيدة في قوله تعالى: إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ
؛ أُثِيرَ و أُخْرِجَ، قال: و تقول بَعْثَرْتُ حَوْضي أَي هدمته و جعلت أَسفله أَعلاه.
بعذر:
بَعْذَرَه: حَرَّكه و نفَضَه.
بعكر:
بعْكَرَ الشي‏ء. قَطَعَهُ كَكَعْبرَهُ.
بغر:
ابن الأَعرابي: البَغَرُ و البَغْرُ الشرب بلا رِيّ. البغر، بالتحريك: داء أَو عطش؛ قال الأَصمعي: هو داء يأْخذ الإِبل فتشرب فلا تَرْوَى و تَمْرضُ عنه فتموت؛ قال الفرزدق:
 فَقُلْتُ: ما هو إِلا السَّامُ تَرْكَبُه،             كَأَنَّما المَوْتُ في أَجْنَادِهِ البَغَرُ

و البَحَرُ مثله؛ و أَنشد:
و سِرْتَ بِقِيقاةٍ، فَأَنْتَ بَغِيرُ
اليزيدي: بَغِرَ بَغَراً إِذا أَكثر من الماء فلم يَرْوَ، و كذلك مَجَرَ مَجْراً. و بَغَرَ الرجلُ بَغْراً و بَغِرَ، فهو بَغِرٌ و بَغِيرٌ: لم يَرْوَ، و أَخذه من كثرة الشرب داء، و كذلك البعير، و الجمع بَغارَى و بُغارَى. و ماءٌ مَبْغَرَةٌ: يصيب عنه البَغَرُ. و البَغْرَةُ: قوة الماء. و بَغَرَ النجمُ يَبْغُرُ بُغوراً أَي سقط و هاج بالمطر، يعني بالنجم الثريا. و بَغَرَ النَّوُّ إِذا هاج بالمطر؛ و أَنشد:
بَغْرَة نَجْمٍ هاج ليلًا فَبَغَرْ

و قال أَبو زيد: يقال هذه بَغْرَةُ نَجْمِ كذا، و لا تكون البَغْرَةُ إِلا مع كثرة المطر. و البَغْرُ و البَغَرُ و البَغْرَةُ: الدُّفْعَةُ الشديدة من المطر؛ بَغِرَتِ السماء بَغَراً. و قال أَبو حنيفة: بُغِرَتِ الأَرْضُ أَصابها المطر فَلَيَّنَها قبل أَن تُحْرَثَ، و إِن سقاها أَهلها قالوا: بَغَرْناها بَغْراً. و البَغْرَةُ: الزرع يزرع بعد المطر فيبقى فيه الثَّرَى حتى يُحْقِلَ. و يقال: لفلان بَغْرَةٌ من العطاء لا تَعِيضُ إِذا دام عطاؤه؛ قال أَبو وجزة؛

72
لسان العرب4

بغر ص 72

سَحَّتْ لأَبْناءِ الزُّبَيْرِ مآثِرٌ             في المَكْرُمَاتِ، و بَغْرَةٌ لا تُنْجِمُ‏

و يقال: تفرّقت الإِبل و ذهب القوم شَغَرَ بَغَرَ، و ذهب القوم شَغَرَ مَغَرَ و شِغَرَ بِغَرَ و شِغَرَ مِغَرَ أَي متفرّقين في كل وجه. و عُيِّرَ رجلٌ من قريش فقيل له: مات أَبوكَ بَشَماً، و ماتت أُمُّكَ بَغَراً.
بغبر:
ابن الأَعرابي: البُغْبُور الحجَر الذي يذبح عليه القربان للصنم. و البُغبُورُ: مَلِكُ الصِّين.
بغثر:
بَغْثَرَ طعامَه: فَرَّقَه. و تقول: ركب القوم في بَغْثَرَةٍ أَي في هَيْجٍ و اختلاطٍ. و بَغْثَرَ متاعه و بَعْثَرَهُ إِذا قلبه. و البَغْثَرَةُ: خُبْثُ النَّفْسِ. تقول: ما لي أَراك مبغثرا و قد تَبَغْثَرَتْ نَفْسُه أَي خَبُثَتْ و غَثَتْ. و
في حديث أَبي هريرة: إِذا لم أَرك تَبَغْثَرَتْ نفسي.
أَي غَثَتْ، و يروى تبعثرت، بالعين، و قد تقدم. و أَصبح فلانٌ مُتَبَغْثِراً أَي مُتَمَقِّساً، و ربما جاء بالعين؛ قال الجوهري: و لا أَرويه عن أَحد. و البَغْثَرُ: الأَحمق الضعيف، و الأُنثى بَغْثَرَةٌ. التهذيب: و البَغْثَرُ من الرجال الثَّقِيلُ الوخِمُ؛ و أَنشد:
و لم نَجِدْ بَغْثَراً كَهَاماً
و بَغْثَرٌ: اسم شاعر؛ عن ابن الأَعرابي، و نسبه فقال: و هو بغثر بن لقيط بن خالد بن نضلة.
بقر:
البَقَرُ: اسم جنس. ابن سيدة: البَقَرَةُ من الأَهلي و الوحشي يكون للمذكر و المؤنث، و يقع على الذكر و الأُنثى؛ قال غيره: و إِنما دخلته الهاء على أَنه واحد من جنس، و الجمع البَقَراتُ. قال ابن سيدة: و الجمع بَقَرٌ و جمع البَقَرِ أَبْقُرُ كزَمَنٍ و أَزْمُنٍ؛ عن الهجري، و أَنشد لمقبل بن خويلد الهذلي:
كأَنَّ عَرُوضَيْهِ مَحَجَّةُ أَبْقُرٍ             لَهُنَّ، إِذا ما رُحْنَ فيها، مَذاعِقُ‏

فأَما بَقَرٌ و باقِرٌ و بَقِيرٌ و بَيْقُورٌ و باقُورٌ و باقُورةٌ فأَسماء للجمع؛ زاد الأَزهري: و بَواقِر؛ عن الأَصمعي، قال: و أَنشدني ابن أَبي طرفة:
و سَكَّنْتُهُمْ بالقَوْلِ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ             بَواقِرُ جُلْحٌ أَسْكَنَتْها المَراتِعُ‏

و أَنشد غير الأَصمعي في بيقور:
سَلَعٌ مَّا، و مِثلُه عُشَرٌ مَّا،             عائلٌ مَّا، و عالَتِ البَيْقُورا

و أَنشد الجوهري للورل الطائي:
لا دَرَّ دَرُّ رِجَالٍ خَابَ سَعْيُهُمُ،             يَسْتَمْطِرُونَ لَدَى الأَزمَات بالعُشَرِ
أَ جاعِلٌ أَنْتَ بَيْقُوراً مُسَلَّعَةً،             ذَرِيعَةً لك بَيْنَ اللهِ و الْمَطَرِ؟

و إِنما قال ذلك لأَن العرب كانت في الجاهلية إِذا استسقوا جعلوا السَّلَعَةَ و العُشَرَ في أَذناب البقر و أَشعلوا فيه النار فتضج البقر من ذلك و يمطرون. و أَهل اليمن يسمون البَقَرَ: باقُورَةً. و
كتب النبي، صلى الله عليه و سلم، في كتاب الصدقة لأَهل اليمن: في ثلاثين باقورةً بَقَرَةٌ.
الليث: الباقر جماعة البقر مع رعاتها، و الجامل جماعة الجمال مع راعيها. و رجلٌ بَقَّارٌ: صاحب بقر. و عُيونُ البَقَرِ: ضَرْبٌ من العنب. و بَقِرَ: رَأَى بَقَرَ الوحش فذهب عقله فرحاً بهن.

73
لسان العرب4

بقر ص 73

و بَقِرَ بَقَراً و بَقْراً، «1». فهو مَبْقُور و بَقِيرٌ: شُقه. و ناقة بَقِيرٌ: شُقَّ بطنها عن ولدها أَيَّ شَقٍّ؛ و قد تَبَقَّر و ابْتَقَر و انْبَقَر؛ قال العجاج:
تُنْتَجُ يَوْمَ تُلْقِحُ انْبِقَارا
و قال ابن الأَعرابي في حديث له: فجاءت المرأَة فإِذا البيت مَبْقُورٌ أَي منتثر عَتَبَتُهُ و عِكْمُه الذي فيه طعامه و كل ما فيه. و البِقِيرُ و البَقِيرةُ: بُرْدٌ يُشَقُّ فَيُلْبَسُ بلا كُمَّيْنِ و لا جَيْب، و قيل: هو الإِتْبُ. الأَصمعي: البَقِيرةُ أَن يؤْخذ بُرد فيشق ثم تلقيه المرأَة في عنقها من غير كمين و لا جيب، و الإِتْبُ قميص لا كمين له تلبسه النساء. التهذيب:
روى الأَعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في حديث هدهد سليمان قال: بينما سليمان في فلاة احتاج إِلى الماء فدعا الهدهد فَبَقَر الأَرضَ فأَصاب الماء، فدعا الشياطين فسلخوا مواضع الماء كما يسلخ الإِهاب فخرج الماء.
؛ قال الأَزهري: قال شمر فيما قرأْت بخطه معنى بَقَرَ نظر موضع الماء فرأَى الماء تحت الأَرض فأَعلم سليمان حتى أَمر بحفره؛ و قوله فسلخوا أَي حفروا حتى وجدوا الماء. و قال أَبو عدنان عن ابن نباتة: المُبَقِّرُ الذي يخط في الأَرض دَارَةً قدر حافر الفرس، و تدعى تلك الدارة البَقْرَةَ؛ و أَنشد غيره:
بِها مِثْلُ آثَارِ المُبَقِّر مَلْعَب‏

و قال الأَصمعي: بَقَّرَ القومُ ما حولهم أي حفروا و اتخذوا الركايا. و التبقر: التوسع في العلم و المال.
و كان يقال لمحمد بن علي بن الحسين بن علي الباقر، رضوان الله عليهم، لأَنه بقر العلم و عرف أَصله و استنبط فرعه و تَبقَّر في العلم.
و أَصل البقر: الشق و الفتح و التوسعة. بَقَرْتُ الشي‏ءَ بَقْراً: فتحته و وسعته. و
في حديث حذيفة: فما بال هؤلاء الذين يَبْقُرونَ بيوتنا.
أَي يفتحونها و يوسعونها؛ و منه‏
حديث الإِفك: فَبَقَرْتُ لها الحديث.
أي فتحته و كشفته. و
في الحديث: فأَمر ببقرة من نحاس فأُحميت.
؛ قال ابن الأَثير: قال الحافظ أَبو موسى: الذي يقع لي في معناه أَنه لا يريد شيئاً مصوغاً على صورة البقرة، و لكنه ربما كانت قِدْراً كبيرةً واسعةً فسماها بَقَرَةً مأْخوذاً من التَّبَقُّرِ التَّوَسُّع، أَو كان شيئاً يسع بقرة تامّة بِتَوابلها فسميت بذلك. و قولهم: ابْقُرْها عن جَنينها أَي شُقَّ بطنها عن ولدها، و بَقِرَ الرجل يَبْقَرُ بَقَراً و بَقْراً، و هو أَن يَحْسِرَ فلا يكاد يُبصر؛ قال الأَزهري: و قد أَنكر أَبو الهيثم فما أَخبرني عنه المنذري بَقْراً، بسكون القاف؛ و قال: القياس بَقَراً على فَعَلًا لأَنه لازم غير واقع. الأَصمعي: بَيْقَرَ الفرسُ إِذا خَامَ بيده كما يَصْفِنُ برجله. و البَقِير: المُهْرُ يولد في ماسكَةٍ أَو سَلًى لأَنه يشق عليه. و البَقَرُ: العيال. و عليه بَقَرَةٌ من عيالٍ و مالٍ أَي جماعةٌ. و يقال: جاء فلان يَجُرُّ بَقَرَةً أَي عيالًا. و تَبَقَّرَ فيها و تَبَيْقَرَ: توسع. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه نهى عن التَّبَقُّر في الأَهل و المال.
؛ قال أَبو عبيد: قال الأَصمعي يريد الكثرة و السَّعة، قال: و أَصل التَّبَقُّرِ التوسعُ و التَّفَتُّح؛ و منه قيل: بَقَرْتُ بطنه إنما هو شْققته و فتحته. و منه‏
حديث أُم سليم: إن دنا مني أَحد من المشركين بَقَرْتُ بَطْنَهُ.
قال أَبو عبيد: و من هذا
__________________________________________________
 (1). قوله؛ [و بقر بقراً و بقراً] سيأتي قريباً التنبيه على ما فيه بنقل عبارة الأزهري عن أبي الهيثم و الحاصل كما يؤخذ من القاموس و الصحاح و المصباح أنه من باب فرح فيكون لازماً و من باب قتل و منع فيكون متعدياً.

74
لسان العرب4

بقر ص 73

حديث أَبي موسى حين أَقبلت الفتنة بعد مقتل عثمان، رضي الله عنه، فقال إِن هذه الفتنة باقرة كداء البطن لا يُدْرَى أَنَّى يُؤْتى لَهُ.
؛ إِنما أَراد أَنها مفسدة للدين و مفرقة بين الناس و مُشَتِّتَةٌ أُمورهم، و شبهها بوجع البطن لأَنه لا يُدْرَى ما هاجه و كيف يُدَاوَى و يتأَتى له. و بَيْقَرَ الرجلُ: هاجر من أَرض إِلى أَرض. و بَيْقَرَ: خرج إلى حيث لا يَدْرِي. و بَيْقَرَ: نزل الحَضَرَ و أَقام هناك و ترك قومه بالبادية، و خص بعضهم به العراق، و قول إمرئ القيس:
أَلا هَلْ أَتَاهَا، و الحوادثُ جَمَّةٌ،             بأَنَّ إمْرَأَ القَيْسِ بِنَ تَمْلِكَ بَيْقَرا؟

يحتمل جميع ذلك. و بَيْقَرَ: أَعْيَا. و بَيْقَر: هلَك. و بيقر: مشَى مِشْيَةَ المُنَكِّسِ. و بَيْقَرَ: أَفسد؛ عن ابن الأَعرابي، و به فسر قوله:
و قد كانَ زَيْدٌ، و القُعُودُ بأَرْضِهِ،             كَرَاعِي أُنَاسٍ أَرْسَلُوه فَبَيْقرَا

و البيقرة: الفساد. و قوله: كراعي أُناس أَي ضيع غنمه للذئب؛ و كذلك فسر بالفساد قوله:
يا مَنْ رَأَى النُّعْمانَ كانَ حِيَرَا،             فَسُلَّ مِنْ ذلك يَوْمَ بَيْقَرَا

أَي يوم فساد. قال ابن سيدة: هذا قول ابن الأَعرابي جعله اسماً؛ قال: و لا أَدري لترك صرفه وجهاً إِلَّا أَن يضمنه الضمير و يجعله حكاية، كما قال:
نُبِّئْتُ أَخْوالي بَني يَزِيدُ             بَغيْاً علينا لَهُمُ فَدِيدُ

ضمن يزيد الضمير فصار جملة فسمي بها فحكي؛ و يروى:
... يوماً بيقرا
أَي يوماً هلك أَو فسد فيه ملكه. و بَقِرَ الرجل، بالكسر، إِذا أَعيا و حَسَرَ، و بَيْقَرَ مثله. ابن الأَعرابي: بيقر إِذا تحير. يقال: بَقِرَ الكلب و بَيْقَر إِذا رأَى البَقَرَ فتحير، كما يقال غَزِلَ إِذا رأَى الغزال فَلَهِيَ. و بَيْقَرَ: خرج من بلد إلى بلد. و بَيْقَر إِذا شك، و بَيْقَرَ إِذا حَرَصَ على جمع المال و منعه. و بَيْقَر إِذا مات، و أَصْلُ البَيْقَرَة الفساد. و بَيْقَرَ الرجل في ماله إِذا أَسرع فيه و أَفسده. و روى عمرو عن أَبيه: البَيْقَرَة كثرة المتاع و المال. أَبو عبيدة: بَيْقَرَ الرجل في العَدْو إِذا اعتمد فيه. و بَيْقَر الدار إِذا نزلها و اتخذها منزلًا. و يقال: فتنة باقرة كداء البطن، و هو الماء الأَصفر. و
في حديث أَبي موسى: سمعت رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، يقول: سيأْتي على الناس فتْنَةٌ باقِرَةٌ تَدَعُ الحليمَ حَيْرانَ.
؛ أَي واسعَةٌ عظيمةٌ. كفانا الله شرها. و البُقَّيْرَى، مثال السُّمَّيْهى: لعبة الصبيان، و هي كومة من تراب و حولها خطوط. و بَقَّرَ الصبيانُ: لعبوا البُقَّيْرَى، يأْتون إِلى موضع قد خبئ لهم فيه شي‏ء فيضربون بأَيديهم بلا حفر يطلبونه؛ قال طفيل الغَنَوِيُّ يصف فرساً:
أَبَنَّتْ فما تَنْفَكُّ حَوْلَ مُتَالِعٍ،             لها مِثلُ آثارِ المُبَقِّرِ مَلْعَبُ‏

قال ابن بري: قال الجوهري: في هذا البيت يصف فرساً، و قوله ذلك سهو و إِنما هو يصف خيلًا تلعب في هذا الموضع، و هو ما حول متالع، و متالع: اسم جبل. و البُقَّارُ: تراب يجمع بالأَيدي فيجعل قُمَزاً قُمَزاً و يلعب به، جعلوه اسماً كالقِذَافِ؛ و القُمَزُ كأَنها صوامع، و هو البُقَّيْرَى؛ و أَنشد:
نِيطَ بِحَقْوَيها خَمِيسٌ أَقْمَرُ             جَهْمٌ، كبُقَّارِ الوليدِ، أَشْعَر

75
لسان العرب4

بقر ص 73

و البَقَّار: اسم واد؛ قال لبيد:
فَبَاتَ السَّيلُ يَرْكبُ جانِبَيْهِ             من البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَال‏

 

و البَقَّار: اسم واد؛ قال لبيد:
 فَبَاتَ السَّيلُ يَرْكبُ جانِبَيْهِ             من البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَال‏

و البَقَّارُ: موضع. و البَيْقَرَةُ: إسراع يطأْطئ الرجل فيه رأْسه؛ قال المثَقِّبُ العَبْدِيّ، و يروى لِعَدِيِّ بن وَدَاع:
فَباتَ يَجْتَابُ شُقارَى، كما             بَيْقَرَ منْ يَمْشِي إِلى الجَلْسَدِ

و شُقارَى، مخفف من شُقَّارَى: نبت، خففه للضرورة، و رواه أَبو حنيفة في كتابه النبات: من يمشي إلى الخَلَصَة، قال: و الخَلَصَةُ الوَثَنُ، و قد تقدم في فصل جسد. و البَيْقَرانُ: نَبْتٌ. قال ابن دريد: و لا أَدري ما صحته. و بَيْقُور: موضع، و ذو بَقَرٍ: موضع. و جاء بالشُّقَّارَى و البُقَّارَى أَي الداهية.
بكر:
البُكْرَةُ: الغُدْوَةُ. قال سيبويه: من العرب من يقول أَتيتك بُكْرَةً؛ نَكِرَةٌ مُنَوَّنٌ، و هو يريد في يومه أَو غده. و في التنزيل العزيز: وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا
. التهذيب: و البُكْرَةُ من الغد، و يجمع بُكَراً و أَبْكاراً، و قوله تعالى: وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ
؛ بُكْرَةٌ و غُدْوَةٌ إِذا كانتا نكرتين نونتا و صرفتا، و إذا أَرادوا بهما بكرة يومك و غداة يومك لم تصرفهما، فبكرة هاهنا نكرة. و البُكُور و التَّبْكيرُ: الخروج في ذلك الوقت. و الإِبْكارُ: الدخول في ذلك الوقت. الجوهري: و سِيرَ علي فرسك بُكْرَةً و بَكَراً كما تقول سَحَراً. و البَكَرُ: البُكْرَةُ. و قال سيبويه: لا يُستعمل إلا ظرفاً. و الإِبْكارُ: اسم البُكْرَةِ كالإِصباح، هذا قول أَهل اللغة، و عندي أَنه مصدر أَبْكَرَ. و بَكَرَ على الشي‏ء و إِليه يَبْكُرُ بُكُوراً و بكَّرَ تَبْكِيراً و ابْتَكَرَ و أَبْكَرَ و باكَرَهُ: أَتاهُ بُكْرةً، كله بمعنى. و يقال: باكَرْتُ الشي‏ء إِذا بكَّرْت له؛ قال لبيد:
باكَرْتُ جاجَتَها الدجاجَ بِسُحْرَةٍ
معناه بادرت صقيع الديك سحراً إِلى حاجتي. و يقال: أَتيته باكراً، فمن جعل الباكر نَعْتاً قال للأُنثى باكِرَةٌ، و لا يقال بَكُرَ و لا بَكِرَ إِذا بَكَّرَ، و يقال: أَتيته بُكرة، بالضم، أَي باكِراً، فإِن أَردت به بُكْرَةَ يوم بعينه، قلت: أَتيته بُكْرَةَ، غير مصروف، و هي من الظروف التي لا تتمكن. و كل من بادر إلى شي‏ء، فقد أَبكر عليه و بَكَّرَ أَيَّ وَقْتٍ كانَ. يقال: بَكِّرُوا بصلاة المغرب أَي صَلُّوها عند سقوط القُرْص. و قوله تعالى: بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ*
؛ جعل الإِبكار و هو فعل يدل على الوقت و هو البُكْرَةُ، كما قال تعالى: بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ*؛ جعل الغدوّ و هو مصدر يدل على الغداة. و رجل بَكُرٌ في حاجته و بَكِرٌ، مثل حَذُرٍ و حَذِرٍ، و بَكِيرٌ؛ صاحب بُكُورٍ قَوِيٌّ على ذلك؛ و بَكِرٌ و بَكِيرٌ: كلاهما على النسب إِذ لا فعل له ثلاثياً بسيطاً. و بَكَرَ الرجلُ: بَكَّرَ. و حكى اللحياني عن الكسائي: جِيرانُك باكِرٌ؛ و أَنشد:
يا عَمْرُو جِيرانُكُمُ باكِرُ،             فالقلبُ لا لاهٍ و لا صابِرُ

قال ابن سيدة: و أُراهم يذهبون في ذلك إِلى معنى القوم و الجمع لأَن لفظ الجمع واحد، إِلَّا أَن هذا إِنما يستعمل إِذا كان الموصوف معرفة لا يقولون جِيرانٌ باكِرٌ؛ هذا قول أَهل اللغة؛ قال: و عندي أَنه لا

76
لسان العرب4

بكر ص 76

يمتنع جِيرانٌ باكِرٌ كما لا يمتنع جِيرانُكُمْ باكِرٌ. و أَبْكَرَ الوِرْدَ و الغَداءَ إِبْكاراً: عاجَلَهُما. و بَكَرْتُ على الحاجة بُكُوراً و غَدَوْتُ عليها غُدُوّاً مثل البُكُورِ، و أَبْكَرْتُ غيري و أَبْكَرْتُ الرجلَ على صاحبه إِبكاراً حتى بَكَرَ إِليه بُكُوراً. أَبو زيد: أَبْكَرْتُ على الوِرْدِ إِبْكاراً، و كذلك أَبكرت الغداء. و أَبْكَرَ الرجلُ: وردت إِبله بُكْرَةً. ابن سيدة: و بَكَّرَهُ على أَصحابه و أَبْكَرَهُ عليهم جعله يَبْكُرُ عليهم. و بَكِرَ: عَجِلَ. و بَكَّرَ و تَبَكَّرَ و أَبْكَرَ: تقدّم. و المُبْكِرُ و الباكُورُ جميعاً، من المطر: ما جاء في أَوَّل الوَسْمِيِّ. و الباكُورُ من كل شي‏ء: المعَجَّلُ المجي‏ء و الإِدراك، و الأُنثى باكورة؛ و باكورة الثمرة منه. و الباكورة: أَوَّل الفاكهة. و قد ابْتَكَرْتُ الشي‏ءَ إِذا استوليت على باكورته. و ابْتَكَرَ الرجلُ: أَكل باكُورَةَ الفاكهة. و
في حديث الجمعة: من بَكَّرَ يوم الجمعة و ابْتَكَرَ فله كذا و كذا.
؛ قالوا: بَكَّرَ أَسرع و خرج إِلى المسجد باكراً و أَتى الصلاة في أَوّل وقتها؛ و كل من أَسرع إِلى شي‏ء، فقد بَكَّرَ إِليه. و ابْتَكَرَ: أَدرك الخُطْبَةَ من أَوَّلها، و هو من الباكورة. و أَوَّلُ كُلِّ شي‏ء: باكُورَتُه. و قال أَبو سعيد في تفسير حديث الجمعة: معناه من بكر إِلى الجمعة قبل الأَذان، و إِن لم يأْتها باكراً، فقد بَكَّرَ؛ و أَما ابْتِكارُها فأَنْ يُدْرِكَ أَوَّلَ وقتها، و أَصلُه من ابْتِكارِ الجارية و هو أَخْذُ عُذْرَتها، و قيل: معنى اللفظين واحد مثل فَعَلَ و افْتَعَلَ، و إِنما كرر للمبالغة و التوكيد كما قالوا: جادٌّ مُجِدٌ. قال: و قوله غَسَلَ و اغْتَسَلَ، غَسَل أَي غسل مواضع الوضوء، كقوله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ؛ و اغتسل أَي غسل البدن. و الباكور من كل شي‏ء: هو المُبَكِّرُ السريع الإِدْراكِ، و الأُنثى باكُورَةٌ. و غيث بَكُورٌ: و هو المُبَكِّرُ في أَوَّل الوَسْمِيّ، و يقال أَيضاً: هو الساري في آخر الليل و أَول النهار؛ و أَنشد:
جَرَّرَ السَّيْلُ بها عُثْنُونَهُ،             و تَهادَتْها مَداليجٌ بُكُرْ

و سحابة مِدْلاجٌ بَكُورٌ. و أَما قول الفرزدق:
أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقْطَفُ‏

؛ قال: واحدها بِكْرٌ و هو الكَرْمُ الذي حمل أَوّل حمله. و عَسَلٌ أَبْكارٌ: تُعَسِّلُه أَبْكارُ النحل أَي أَفتاؤها و يقال: بل أَبْكارُ الجواري تلينه. و
كتب الحجاج إِلى عامل له: ابعثْ إِلَيَّ بِعَسَلِ خُلَّار، من النحل الأَبكار، من الدستفشار، الذي لم تمسه النار.
؛ يريد بالأَبكار أَفراخ النحل لأَن عسلها أَطيب و أَصفى، و خلّار: موضع بفارس، و الدستفشار: كلمة فارسية معناها ما عَصَرَتْهُ الأَيْدِي؛ و قال الأَعشى:
تَنَحَّلَها، مِنْ بَكارِ القِطاف،             أُزَيْرقُ آمِنُ إِكْسَادِهَا

بكار القطاف: جمع باكر كما يقال صاحِبٌ و صِحابٌ، و هو أَول ما يُدْرِك. الأَصمعي: نار بِكْرٌ لم تقبس من نار، و حاجة بِكْرٌ طُلبت حديثاً. و أَنا آتيك العَشِيَّةَ فأُبَكِّر أَي أُعجل ذلك؛ قال:
بَكَرَتْ تَلُومُكَ، بَعْدَ وَهْنٍ في النَّدَى؛             بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلامَتِي و عِتابي‏

فجعل البكور بعد وهن؛ و قيل: إِنما عنى أَوَّل الليل فشبهه بالبكور في أَول النهار. و قال ابن جني: أَصل [ب ك ر] إِنما هو التقدم أَيَّ وقت كان من ليل أَو نهار، فأَما قول الشاعر:
[بكرت تلومك بعد وهن‏]

77
لسان العرب4

بكر ص 76

فوجهه أَنه اضطر فاستعمل ذلك على أَصل وضعه الأَول في اللغة، و ترك ما ورد به الاستعمال الآن من الاقتصار به على أَول النهار دون آخره، و إِنما يفعل الشاعر ذلك تعمداً له أَو اتفاقاً و بديهة تهجم على طبعه. و
في الحديث لا يزال الناس بخير ما بَكَّرُوا بصلاة المغرب.
؛ معناه ما صلَّوها في أَول وقتها؛ و
في رواية: ما تزال أُمتي على سُنَّتي ما بَكَّرُوا بصلاة المغرب.
و
في حديث آخر: بَكِّرُوا بالصلاة في يوم الغيم، فإِنه مَن ترك العصر حبط عمله.
؛ أَي حافظوا عليها و قدّموها. و البِكِيرَةُ و الباكُورَةُ و البَكُورُ من النخل، مثل البَكِيرَةِ: التي تدرك في أَول النخل، و جمع البَكُورِ بُكُرٌ؛ قال المتنخل الهذلي:
ذلك ما دِينُك، إِذ جُنِّبَتْ             أَحْمالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ‏

وصف الجمع بالواحد كأَنه أَراد المُبْتِلَةَ فحذف لأَن البناء قد انتهى، و يجوز أَن يكون المُبْتِل جمع مُبْتِلَة، و إِن قلّ نظيره، و لا يجوز أَن يعني بالبُكُرِ هاهنا الواحدة لأَنه إِنما نعت حُدوجاً كثيرة فشبهها بنخيل كثيرة، و هي المِبْكارُ؛ و أَرْضٌ مِبْكار: سريعة الإِنبات؛ و سحابة مِبكار و بَكُورٌ: مِدْلاجٌ من آخر الليل؛ و قوله:
إِذا وَلَدَتْ قَرَائبُ أُمِّ نَبْلٍ،             فذاكَ اللُّؤْمُ و اللَّقَحُ البَكُورُ «2».

أَي إِنما عجلت بجمع اللؤْم كما تعجل النخلة و السحابة. و بِكرُ كُلِّ شي‏ء: أَوّله؛ و كُلُّ فَعْلَةٍ لم يتقدمها مثلها، بِكْرٌ. و البِكْرُ: أَوَّل ولد الرجل، غلاماً كان أَو جارية. و هذا بِكْرُ أَبويه أَي أَول ولد يولد لهما، و كذلك الجارية بغير هاء؛ و جمعهما جميعاً أَبكار. و كِبْرَةُ ولدِ أَبويه: أَكبرهم. و
في الحديث: لا تُعَلِّمُوا أَبْكارَ أَولادكم كُتُبَ النصارى.
؛ يعني أَحداثكم. و بِكْرُ الرجل بالكسر: أَوّل ولده، و قد يكون البِكْرُ من الأَولاد في غير الناس كقولهم بِكْرُ الحَيَّةِ. و قالوا: أَشدّ الناس بِكْرٌ ابنُ بِكْرَيْن، و في المحكم: بِكْرُ بِكْرَيْن؛ قال:
يا بِكْرَ بِكْرَيْنِ، و يا خِلْبَ الكَبِدْ،             أَصبَحتَ مِنِّي كذراع مِنْ عَضُدْ

و البِكْرُ: الجارية التي لم تُفْتَضَّ، و جمعها أَبْكارٌ. و البِكْرُ من النساء: التي لم يقربها رجل، و من الرجال: الذي لم يقرب امرأَة بعد؛ و الجمع أَبْكارٌ. و مَرَةٌ بِكْرٌ: حملت بطناً واحداً. و البِكْرُ: العَذْراءُ، و المصدر البَكارَةُ، بالفتح. و البِكْرُ: المرأَة التي ولدت بطناً واحداً، و بِكْرُها ولدها، و الذكر و الأُنثى فيه سواء؛ و كذلك البِكْرُ من الإِبل. أَبو الهيثم: و العرب تسمي التي ولدت بطناً واحداً بِكْراً بولدها الذي تَبْتَكرُ به، و يقال لها أَيضاً بِكْرٌ ما لم تلد، و نحو ذلك قال الأَصمعي: إِذا كان أَوّل ولد ولدته الناقة فهي بِكْرٌ. و بقرة بِكْرٌ: فَتِيَّةٌ لم تَحْمِلْ. و يقال: ما هذا الأَمر منك بِكْراً و لا ثِنْياً؛ على معنى ما هو بأَوّل و لا ثان؛ قال ذو الرمة:
وقُوفاً لَدَى الأَبْوابِ، طُلابَ حاجَةٍ،             عَوانٍ من الحاجاتِ، أَو حاجَةً بِكْرَا

أَبو البيداء: ابْتَكَرَتِ الحاملُ إِذا ولدت بِكْرَها، و أَثنت في الثاني، و ثَلَّثَتْ في الثالث، و ربعت و خمست و عشرت. و قال بعضهم: أَسبعت و أَعشرت و أَثمنت في الثامن و السابع و العاشر. و في نوادر
__________________________________________________
 (2). قوله: [نبل‏] بالنون و الباء الموحدة كذا في الأَصل.

78
لسان العرب4

بكر ص 76

الأَعراب: ابْتَكَرَتِ المرأَةُ ولداً إِذا كان أَول ولدها ذكراً، و اثْتَنَيَتْ جاءت بولدٍ ثِنْيٍ، و اثْتَلَثَتْ وَلَدَها الثالث، و ابْتَكَرْتُ أَنا و اثْتَنَيْتُ و اثْتَلَثْتُ. و البِكْرُ: النَّاقَةُ التي ولدت بطناً واحداً، و الجمع أَبْكارٌ؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
و إِنَّ حَدِيثاً مِنْكِ لَوْ تَبْذُلِينَهُ،             جَنَى النَّحْلِ في أَلْبانِ عُوذٍ مَطافِلِ‏
مَطافِيلِ أَبْكارٍ حَدِيثٍ نِتَاجُها،             تُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ المَفَاصِلِ‏

و بِكْرُها أَيضاً: وَلَدُها، و الجمع أَبْكارٌ و بِكارٌ. و بقرة بِكْرٌ: لم تَحْمِلْ، و قيل: هي الفَتِيَّةُ. و في التنزيل: لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ
؛ أَي ليست بكبيرة و لا صغيرة، و معنى ذلك: بَيْنَ البِكْرِ و الفارِضِ؛ و قول الفرزدق:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَدِيثَ، كَأَنَّهُ             جَنَى النَّحْل أَوْ أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ‏

عنى الكَرْمَ البِكْرَ الذي لم يحمل قبل ذلك؛ و كذلك عَمَلُ أَبْكار، و هو الذي عملته أَبْكار النحل. و سحابة بكْرٌ: غَزيرَةٌ بمنزلة البكْرِ من النساء؛ قال ثعلب: لأَن دمها أَكثر من دم الثيِّب، و ربما قيل: سَحابٌ بكْرٌ؛ أَنشد ثعلب:
و لَقَدْ نَظَرْتُ إِلى أَغَرَّ مُشَهَّرٍ،             بِكْرٍ تَوَسَّنَ في الخَمِيلَةِ عُونَا

و قول أَبي ذؤيب:
و بِكْرٍ كُلَّمَا مُسَّتْ أَصَاتَتْ،             تَرَنُّمَ نَغْمِ ذي الشُّرُعِ العَتِيقِ‏

إِنما عنى قوساً أَوَّل ما يرمي عنها، شبه ترنمها بنغم ذي الشُّرُع و هو العود الذي عليه أَوتار. و البِكْرُ: الفَتِيُّ من الإِبل، و قيل: هو الثَّنيُّ إِلى أَن يُجْذِعَ، و قيل: هو ابن المخاض إِلى أَن يُثْنِيَ، و قيل: هو ابن اللَّبُونِ، و الحِقُّ و الجَذَعُ، فإِذا أَثْنى فهو جَمَلٌ و هي ناقة، و هو بعير حتى يَبْزُلَ، و ليس بعد البازل سِنٌّ يُسَمَّى، و لا قبل الثَّنيِّ سنّ يسمى؛ قال الأَزهري: هذا قول ابن الأَعرابي و هو صحيح؛ قال: و عليه شاهدت كلام العرب، و قيل: هو ما لم يَبْزُلْ، و الأُنثى بِكْرَةٌ، فإِذا بَزَلا فجمل و ناقة، و قيل: البِكْرُ ولد الناقة فلم يُحَدَّ و لا وُقِّتَ، و قيل: البِكْرُ من الإِبل بمنزلة الفَتِيِّ من الناس، و البِكْرَةُ بمنزلة الفتاة، و القَلُوصُ بمنزلة الجارية، و البَعِيرُ بمنزلة الإِنسان، و الجملُ بمنزلةِ الرجلِ، و الناقةُ بمنزلةِ المرأَةِ، و يجمع في القلة على أَبْكُرٍ. قال الجوهري: و قد صغره الراجز و جمعه بالياء و النون فقال:
قَدْ شَرِبَتْ إِلَّا الدُّهَيْدِهِينَا             قُلَيِّصَاتٍ و أُبَيْكِرِينَا

و قيل في الأُنثى أَيضاً: بِكْرٌ، بلا هاء. و
في الحديث: اسْتَسْلَفَ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، من رجل بَكْراً.
؛ البَكر، بالفتح: الفَتِيُّ من الإِبل بمنزلة الغلام من الناس، و الأُنثى بَكْرَةٌ، و قد يستعار للناس؛ و منه‏
حديث المتعة: كأَنها بَكْرَةٌ عَيْطاء.
أَي شابة طويلة العنق في اعتدال. و
في حديث طهفة: و سقط الأُملوج من البكارة.
؛ البِكارة، بالكسر: جمع البَكْرِ، بالفتح؛ يريد أَن السِّمَنَ الذي قد علا بِكَارَةَ الإِبل بما رعت من هذا الشجر قد سقط عنها فسماه باسم المرعى إِذ كان سبباً له؛ و روى بيت عمرو بن كلثوم:
ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماءَ بَكْرٍ،             غذاها الخَفْضُ لم تَحْمِلْ جَنِينَا

79
لسان العرب4

بكر ص 76

قال ابن سيدة: و أَصح الروايتين بِكر، بالكسر، و الجمع القليل من كل ذلك أَبْكارٌ؛ قال الجوهري: و جمع البَكْرِ بِكارٌ مثل فَرْخٍ و فِرَاخٍ، و بِكارَةٌ أَيضاً مثل فَحْلٍ و فِحالَةٍ؛ و قال سيبويه في قول الراجز:
قليِّصات و أُبيكرينا
جمعُ الأَبْكُرِ كما تجمع الجُزُرَ و الطُّرُقَ، فتقول: طُرُقاتٌ و جُزُراتٌ، و لكنه أَدخل الياء و النون كما أَدخلهما في الدهيدهين، و الجمع الكثير بُكْرانٌ و بِكارٌ و بَكارَةٌ [بِكارَةٌ]، و الأُنثى بَكْرَةٌ و الجمع بِكارٌ، بغير هاء، كعَيْلَةٍ و عِيالٍ. و قال ابن الأَعرابي: البَكارَةُ للذكور خاصة، و البَكارُ، بغير هاء للإِناث. و بَكْرَةُ البئر: ما يستقى عليها، و جمعها بَكَرٌ بالتحريك، و هو من شواذ الجمع لأَن فَعْلَةً لا تجمع على فَعَلٍ إِلَّا أَحرفاً مثل حَلْقَةٍ و حَلَقٍ و حَمْأَةٍ و حَمَإٍ و بَكْرَةٍ و بَكَرٍ و بَكَرات أَيضاً؛ قال الراجز:
و البَكَرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمَهْ‏

يعني التي لا تدور. ابن سيدة: و البَكْرَةُ و البَكَرَةُ لغتان للتي يستقى عليها و هي خشبة مستديرة في وسطها مَحْزُّ للحبل و في جوفها مِحْوَرٌ تدور عليه؛ و قيل: هي المَحَالَةُ السَّريعة. و البَكَراتُ أَيضاً: الحَلَقُ التي في حِلْيَةِ السَّيْفِ شبيهة بِفَتَخِ النساء. و جاؤوا على بَكْرَةِ أَبيهم إِذا جاؤوا جميعاً على آخرهم؛ و قال الأَصمعي: جاؤوا على طريقة واحدة؛ و قال أَبو عمرو: جاؤوا بأَجمعهم؛ و
في الحديث: جاءت هوازنُ على بَكْرَةِ أَبيها.
؛ هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة و توفير العدد و أَنهم جاؤوا جميعاً لم يتخلف منهم أَحد. و قال أَبو عبيدة: معناه جاؤوا بعضهم في إِثر بعض و ليس هناك بَكْرَةٌ في الحقيقة، و هي التي يستقى عليها الماء العذب، فاستعيرت في هذا الموضع و إِنما هي مثل. قال ابن بري: قال ابن جني: عندي أَن قولهم جاؤوا على بكرة أَبيهم بمعنى جاؤوا بأَجمعهم، هو من قولهم بَكَرْتُ في كذا أَي تقدّمت فيه، و معناه جاؤوا على أَوليتهم أَي لم يبق منهم أَحد بل جاؤوا من أَولهم إِلى آخرهم. و ضربة بِكْرٌ، بالكسر، أَي قاطعة لا تُثْنَى. و
في الحديث: كانت ضربات عليّ، عليه السلام، أَبْكاراً إِذا اعْتَلَى قَدَّ و إِذا اعْتَرَضَ قَطَّ.
؛ و
في رواية: كانت ضربات عليّ، عليه السلام، مبتكرات لا عُوناً.
أَي أَن ضربته كانت بِكراً يقتل بواحدة منها لا يحتاج أَن يعيد الضربة ثانياً؛ و العُون: جمع عَوانٍ هي في الأَصل الكهلة من النساء و يريد بها هاهنا المثناة. و بَكْرٌ: اسم، و حكى سيبويه في جمعه أَبْكُرٌ و بُكُورٌ. و بُكَيْرٌ و بَكَّارٌ و مُبَكِّر: أَسماء. و بَنُو بَكْرٍ: حَيٌّ منهم؛ و قوله:
إِنَّ الذِّئَابَ قَدِ اخْضَرَّتْ بَراثِنُها،             و الناسُ كُلُّهُمُ بَكْرٌ إِذا شَبِعُوا

أَراد إِذا شبعوا تعادوا و تغاوروا لأَن بكراً كذا فعلها. التهذيب: و بنو بكر في العرب قبيلتان: إِحداهما بنو بكر بن عبد مناف بن كنانة، و الأُخرى بكر بن وائل بن قاسط، و إِذا نسب إِليهما قالوا بَكْرِيُّ. و أَما بنو بكر بن كلاب فالنسبة إِليهم بَكْراوِيُّونَ. قال الجوهري: و إِذا نسبت إِلى أَبي بكر قلت بَكْرِيٌّ، تحذف منه الاسم الأَول، و كذلك في كل كنية.
بلر:
البِلَّوْرُ على مثال عِجَّوْل: المَهَا من الحجر، واحدته بِلَّوْرَةٌ. التهذيب: البِلَّوْرُ الرجل الضخم‏

80
لسان العرب4

بلر ص 80

الشجاع، بتشديد اللام. قال: و أَما البِلَوْرُ المعروف، فهو مخفف اللام. و
في حديث جعفر الصادق، عليه السلام: لا يحبنا، أَهلَ البيت، الأَحْدَبُ المُوَجَّهُ و لا الأَعْوَرُ البِلَوْرَةُ.
؛ قال أَبو عمرو الزاهد: هو الذي عينه ناتئة؛ قال ابن الأَثير: هكذا شرحه و لم يذكر أَصله.
بلهر:
كُلُّ عظيم من ملوك الهند: بَلَهْوَرٌ؛ مثل به سيبويه و فسره السيرافي.
بندر:
البَنادِرَةُ، دخيل: و هم التجار الذين يلزمون المعادن، واحدهم بُنْدارٌ. و في النوادر: رجل بَنْدَرِيٌّ و مُبَنْدِرٌ و مُتَبَنْدِرٌ، و هو الكثير المال.
بنصر:
البِنْصِرُ: الأُصبع التي بين الوسطى و الخنصِر، مؤنثة؛ عن اللحياني؛ قال الجوهري: و الجمع البَناصِرُ.
بهر:
البُهْرُ: ما اتسع من الأَرض. و البُهْرَةُ: الأَرضُ السَّهْلَةُ، و قيل هي الأَرض الواسعة بين الأَجْبُلِ. و بُهْرَةُ الوادي: سَرارَتُه و خيره. و بُهْرَةُ كل شي‏ء: وسطُه. و بُهْرَةُ الرَّحْلِ كزُفْرَتِه أَي وسطه. و بُهْرَةُ الليل و الوادي و الفرس: وسطه. و ابْهارَّ النهارُ: و ذلك حين ترتفع الشمس. و ابْهارَّ الليلُ و ابْهِيراراً إِذا انتصف؛ و قيل: ابْهارَّ تراكبت ظلمته، و قيل: ابْهارَّ ذهبت عامّته و أَكثره و بقي نحو من ثلثه. و ابْهارَّ علينا الليل أَي طال. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه سار ليلةً حتى ابْهارَّ الليلُ.
قال الأَصمعي: ابْهارَّ الليلُ يعني انتصف، و هو مأْخوذ من بُهْرَةِ الشي‏ء و هو وسطه. قال أَبو سعيد الضرير: ابْهِيرارُ الليل طلوعُ نجومه إِذا تتامّت و استنارت، لأَن الليل إِذا أَقبل أَقبلت فَحْمَتُه، و إِذا استنارت النجوم ذهبت تلك الفحمة. و
في الحديث: فلما أَبْهَرَ القومُ احترقوا.
أَي صاروا في بُهْرَةِ النهار و هو وسطه. و تَبَهَّرَتِ السحابةُ: أَضاءت. قال رجل من الأَعراب و قد كبر و كان في داخل بينه فمرّت سحابة: كيف تراها يا بنيّ؟ فقال: أَراها قد نَكَّبتْ و تَبَهَّرَتْ؛ نَكَّبَتْ: عَدَلَتْ. و البُهْرُ: الغلبة. و بَهَرَهُ يَبْهَرُهُ بَهْراً: قَهَرَهُ و علاه و غلبه. و بَهَرَتْ فُلانةُ النساء: غلبتهن حُسْناً. و بَهَرَ القمرُ النجومَ بُهُوراً: غَمَرَها بضوئه؛ قال:
غَمَّ النجومَ ضَوؤُه حِينَ بَهَرْ،             فَغَمَرَ النَّجْمَ الذي كان ازْدَهَرْ

و هي ليلة البُهْرِ. و الثلاث البُهْرُ: التي يغلب فيها ضوءُ القمر النجومَ، و هي الليلة السابعة و الثامنة و التاسعة. يقال: قمر باهر إِذا علا الكواكبَ ضَوؤه و غلب ضوؤُه ضوأَها؛ قال ذو الرمة يمدح عمر بن هبيرة:
ما زِلْتَ في دَرَجاتِ الأَمْرِ مُرْتَقِياً،             تَنْمي و تَسْمُو بك الفُرْعانُ مِنْ مُضَرَا «3». حَتَّى بَهَرْتَ فما تَخْفَى على أَحَدٍ،
إِلَّا على أَكْمَهٍ، لا يَعْرِفُ القَمَرَا.

أَي علوت كل من يفاخرك فظهرت عليه. قال ابن بري: الذي أَورده الجوهري و قد بَهرْتَ، و صوابه حتى بَهرْتَ كما أَوردناه، و قوله: على أَحد؛ أَحد هاهنا بمعنى واحد لأَن أَحداً المستعمل بعد النفي في قولك ما أَحد في الدار لا يصح استعماله في الواجب. و
في الحديث: صلاة الضحى إِذا بَهَرَت الشَّمسُ الأَرضَ.
أَي غلبها نورها و ضوْؤُها. و
في حديث عليّ: قال له‏
__________________________________________________
 (3). قوله الفرعان هكذا في الأصل، و لعلها القُرعان: و يريد بهم الأَقرع بن حابس الصحابي و أَخاه مرثداً و كانا من سادات العرب.

81
لسان العرب4

بهر ص 81

عَبْدُ خَيْرٍ: أُصَلِّي الضحى إِذا بَزَغَتِ الشمسُ؟ قال: لا، حتى تَبْهَرَ البُتَيْراءُ.
أَي يستبين ضوؤُها. و
في حديث الفتنة: إِنْ خَشِيتَ أَن يَبْهَرَك شُعاعُ السيف.
و يقال لليالي البيض: بُهْرٌ، جمع باهر. و يقال: بُهَرٌ بوزن ظُلَمٍ بُهْرَةٍ، كل ذلك من كلام العرب. و بَهَرَ الرجلُ: بَرَعَ؛ و أَنشد البيت أَيضاً:
حتى بهرتَ فما تخفى على أَحد
و بَهْراً له أَي تَعْساً و غَلَبَةً؛ قال ابن ميادة:
تَفَاقَدَ قَوْمي إِذ يَبِيعُونَ مُهْجَتي             بجاريةٍ، بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرا

و قال عمر بن أَبي ربيعة:
ثم قالوا: تُحِبُّها؟ قُلْتُ: بَهْراً             عَدَدَ الرَّمْلِ و الحَصَى و التُّرابِ‏

و قيل: معنى بَهْراً في هذا البيت جمّاً، و قيل: عَجَباً. قال سيبويه: لا فعل لقولهم بَهْراً له في حدّ الدعاء و إنما نصب على توهم الفعل و هو مما ينتصب على إضمار الفعل غَيْرِ المُسْتَعْمَلِ إِظهارُه. و بَهَرَهُم الله بَهْراً: كَرَبَهُم؛ عن ابن الأَعرابي. و بَهْراً لَهُ أَي عَجَباً. و أَبْهَرَ إِذا جاء بالعَجَبِ. ابن الأَعرابي: البَهْرُ الغلبة. و البَهْرُ: المَلْ‏ءُ، و البَهْرُ: البُعْدُ، و البَهْرُ: المباعدة من الخير، و البَهْرُ: الخَيْبَةُ، و البَهْرُ: الفَخْرُ. و أَنشد بيت عمر بن أَبي ربيعة؛ قال أَبو العباس: يجوز أَن يكون كل ما قاله ابن الأَعرابي في وجوه البَهْرِ أَن يكون معنى لما قال عمر و أَحسنها العَجَبُ. و البِهارُ: المفاخرة. شمر: البَهْرُ التَعْسُ، قال: و هو الهلاك. و أَبْهَرَ إِذا استغنى بعد فقر. و أَبْهَرَ: تزوج سيدة، و هي البَهِيرَةُ. و يقال: فلانة بَهِيرَةٌ مَهِيرَةٌ. و أَبْهَرَ إِذا تلوّن في أَخلاقه دَماثَةً مَرّةً و خُبْثاً أُخْرى. و العرب تقول: الأَزواج ثلاثة: زوجُ مَهْرٍ، و زوجُ بَهْرٍ، و زوج دَهْرٍ؛ فأَما زوج مهرٍ فرجل لا شرف له فهو يُسنْي المهرَ ليرغب فيه، و أَما زوج بهر فالشريف و إِن قل ماله تتزوجه المرأَة لتفخر به، و زوج دهر كفؤها؛ و قيل في تفسيرهم: يَبْهَرُ العيون بحسنه أَو يُعدّ لنوائب الدهر أَو يؤخذ منه المهر. و البُهْرُ: انقطاع النَّفَسِ من الإِعياء؛ و قد انْبَهَرَ و بُهِرَ فهو مَبْهُورٌ و بَهِيرٌ؛ قال الأَعشى:
إِذا ما تَأَتَّى يُرِيدُ القيام             تَهادى، كما قَدْ رَأَيْتَ البَهِيرَا

و البُهْرُ بالضم: تتابع النَّفَسِ من الإِعياء، و بالفتح المصدر؛ بَهَرَهُ الحِمْلُ يَبْهَرُهُ بَهْراً أَي أَوقع عليه البُهْرَ فانْبَهَرَ أَي تتابع نفسه. و يقال: بُهِرَ الرجل إِذا عدا حتى غلبه البُهْرُ و هو الرَّبْوُ، فهو مبهور و بهير. شمر: بَهَرْت فلاناً إِذا غلبته ببطش أَو لسان. و بَهَرْتُ البعيرَ إِذا ما رَكَضْتَهُ حتى ينقطع؛ و أَنشد بيت ابن ميادة:
أَلا يا لقومي إِذ يبيعون مُهْجَتي             بجاريةٍ، بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرَا

ابن شميل: البَهْرُ تَكَلُّف الجُهْدِ إِذا كُلِّفَ فوق ذَرْعِهِ؛ يقال بَهَرَه إِذا قطع بُهْرَهُ إِذا قطع نَفَسَه بضرب أَو خنق أَو ما كان؛ و أَنشد:
إِنَّ البخيل إِذَا سَأَلْتَ بَهَرْتَهُ‏
و
في الحديث: وقع عليه البُهْرُ.
هو بالضم ما يعتري الإِنسان عند السعي الشديد و العدو من النهيج و تتابع النَّفَس؛ و منه‏
حديث ابن عمر: إِنه أَصابه قَطْعٌ أَو بُهْرٌ.

82
لسان العرب4

بهر ص 81

و بَهَرَه: عالجه حتى انْبَهَرَ. و يقال: انبهر فلان إِذا بالغ في الشي‏ء و لم يَدَعْ جُهْداً. و يقال: انْبَهَرَ في الدعاء إِذا تحوّب و جهد، و ابْتَهَرَ فُلانٌ في فلان و لفلان إِذا لم يدع جهداً مما لفلان أَو عليه، و كذلك يقال ابتهل في الدعاء؛ قال: و هذا مما جعلت اللام فيه راء. و قال خالد بن جنبة: ابتهل في الدعاء إِذا كان لا يفرط عن ذلك و لا يَثْجُو، قال: لا يَثْجُو لا يسكت عنه؛ قال: و أَنشد عجوز من بني دارم لشيخ من الحي في قعيدته:
و لا ينامُ الضيف من حِذَارِها،             و قَوْلِها الباطِلِ و ابْتِهارِها

و قال: الابْتِهارُ قول الكذب و الحلف عليه. و الابتهار: ادّعاء الشي‏ء كذباً؛ قال الشاعر:
و ما بي إِنْ مَدَحْتُهُمُ ابْتِهارُ
و ابْتُهر فُلانٌ بفلانَةَ: شُهِرَ بها. و الأَبْهرُ: عِرْق في الظهر، يقال هو الوَرِيدُ في العُنق، و بعضهم يجعله عرْقاً مُسْتَبْطِنَ الصُّلْب؛ و قيل: الأَبْهَرانِ الأَكْحَلانِ، و فلان شديد الأَبْهَرِ أَي الظهر. و الأَبْهَرُ: عِرْقٌ إِذا انقطع مات صاحبه؛ و هما أَبْهَرانِ يخرجان من القلب ثم يتشعب منهما سائر الشَّرايين. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: ما زالت أُكْلَةُ خيبر تعاودني فهذا أَوان قَطَعَتْ أَبْهَرِي.
؛ قال أَبو عبيد: الأَبْهَرُ عرق مستبطن في الصلب و القلب متصل به فإِذا انقطع لم تكن معه حياة؛ و أَنشد الأَصمعي لابن مقبل:
و للفؤادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبهَرِه،             لَدْمَ الغُلامِ وراءَ الغَيْبِ بالحَجَرِ

الوجيب: تحرُّك القلب تحت أَبهره. و اللَّدْمُ: الضَّرْب. و الغيب: ما كان بينك و بينه حجاب؛ يريد أَن للفؤاد صوتاً يسمعه و لا يراه كما يسمع صوت الحجر الذي يرمي به الصبي و لا يراه، و خص الوليد لأَن الصبيان كثيراً ما يلعبون برمي الحجارة، و في شعره لدم الوليد بدل لدم الغلام. ابن الأَثير: الأَبهر عرق في الظهر و هما أَبهران، و قيل: هما الأَكحلان اللذان في الذراعين، و قيل: الأَبهر عرق منشؤه من الرأْس و يمتد إِلى القدم و له شرايين تتصل بأكثر الأَطراف و البدن، فالذي في الرأْس منه يسمى النَّأْمَةَ، و منه قولهم: أَسْكَتَ اللهُ نَأْمَتَه أَي أَماته، و يمتدُ إِلى الحلق فيسمى فيه الوريد، و يمتد إِلى الصدر فيسمى الأَبهر، و يمتد إِلى الظهر فيسمى الوتين و الفؤاد معلق به، و يمتد إِلى الفخذ فيسمى النَّسَا، و يمتدّ إِلى الساق فيسمى الصَّافِنَ، و الهمزة في الأَبهر زائدة، قال: و يجوز في أَوان الضم و الفتح، فالضم لأَنه خبر المبتدإِ، و الفتح على البناء لإِضافته إِلى مبني كقوله:
على حِينَ عاتبتُ المَشيبَ عَلى الصِّبا             و قلتُ: أَ لمَّا تَصْحُ و الشَّيْبُ وازِعُ؟

و
في حديث علي، كرم الله وجهه: فيُلْقى بالفضاء منقطعاً أَبْهَراهُ.
و الأَبْهَرُ من القوس: ما بين الطائف و الكُلْية. الأَصمعي: الأَبهر من القوس كبدها و هو ما بين طرفي العِلاقَةِ ثم الكلية تلي ذلك ثم الأَبهر يلي ذلك ثم الطائف ثم السِّيَةُ و هو ما عطف من طرفيها. ابن سيدة: و الأَبهر من القوس ما دون الطائف و هما أَبهَران، و قيل: الأَبهر ظهر سية القوس، و الأَبهر الجانب الأَقصر من الريش، و الأَباهر من ريش الطائر ما يلي الكُلَى أَوّلها القَوادِمُ ثم المَنَاكِبُ ثم الخَوافي ثم الأَباهِرُ ثم الكلى؛ قال اللحياني: يقال لأَربع ريشات من مقدّم الجناح‏

83
لسان العرب4

بهر ص 81

القوادم، و لأَربع تليهن المناكب، و لأَربع بعد المناكب الخوافي، و لأَربع بعد الخوافي الأَباهر. و يقال: رأَيت فلاناً بَهْرَةً أَي جَهْرَةً علانية؛ و أَنشد:
و كَمْ مِنْ شُجاع بادَرَ المَوْتَ بَهْرَةً،             يَمُوتُ على ظَهْرِ الفِراشِ و يَهْرَمُ‏

و تَبَهَّر الإِناءُ: امْتَلأَ؛ قال أَبو كبير الهذلي:
مُتَبَهّراتٌ بالسِّجالِ مِلاؤُها،             يَخْرُجْنَ مِنْ لَجَفٍ لهَا مُتَلَقَّمِ‏

و البُهار: الحِمْلُ، و قيل: هو ثلاثمائة رطل بالقبطية، و قيل: أَربعمائة رطل، و قيل: ستمائة رطل، عن أَبي عمرو، و قيل: أَلف رطل، و قال غيره: البهار، بالضم، شي‏ء يوزن به و هو ثلاثمائة رطل. و روي عن عمرو بن العاص أَنه قال: إِنّ ابن الصَّعْبَةِ، يعني طلحة بن عبيد الله، كان يقال لأُمه الصعبة؛ قال: إِنّ ابن الصعبة ترك مائة بُهار في كل بُهار ثلاثة قناطير ذهب و فضة فجعله وعاء؛ قال أَبو عبيد: بُهار أَحسبها كلمة غير عربية و أراها قبطية. الفرّاء: البُهارُ ثلثمائة رطل، و كذلك قال ابن الأَعرابي، قال: و المُجَلَّدُ ستمائة رطل، قال الأَزهري: و هذا يدل على أَن البُهار عربي صحيح و هو ما يحمل على البعير بلغة أَهل الشأْم؛ قال بُرَيْقٌ الهُذَليّ يصف سحاباً ثقيلًا:
بِمُرْتَجِزٍ كَأَنَّ على ذُرَاهُ             رِكاب الشَّأْمِ، يَحْمِلْنَ البُهارا

قال القتيبي: كيف يُخْلفُ في كل ثلثمائة رطل ثلاثة قناطير؟ و لكن البُهار الحِمْلُ؛ و أَنشد بيت الهذلي. و قال الأَصمعي في قوله‏
... يحملن البهارا

: يحملن الأَحمال من متاع البيت؛ قال: و أَراد أَنه ترك مائة حمل. قال: مقدار الحمل منها ثلاثة قناطير، قال: و القنطار مائة رطل فكان كل حمل منها ثلثمائة رطل. و البُهارُ: إِناءٌ كالإِبْريق؛ و أَنشد:
على العَلْياءِ كُوبٌ أَو بُهارُ

قال الأَزهري: لا أَعرف البُهارَ بهذا المعنى. ابن سيدة: و البَهارُ كُلُّ شي‏ء حَسَنٍ مُنِيرٍ. و البَهارُ: نبت طيب الريح. الجوهري: البَهارُ العَرارُ الذي يقال له عين البقر و هو بَهارُ البَرِّ، و هو نبت جَعْدٌ له فُقَّاحَةٌ صفراء ينبت أَيام الربيع يقال له العرارة. الأَصمعي: العَرارُ بَهارُ البر. قال الأَزهري: العرارة الحَنْوَةُ، قال: و أُرى البَهار فارسية. و البَهارُ: البياض في لبب الفرس. و البُهارُ: الخُطَّاف الذي يطير تدعوه العامّة عصفور الجنة. و امرأَة بَهِيرَةٌ: صغيرة الخَلْقِ ضعيفة. قال الليث: و امرأَةٌ بَهِيرَةٌ و هي القصيرة الذليلة الخلقة، و يقال: هي الضعيفة المشي. قال الأَزهري: و هذا خطأٌ و الذي أَراد الليث البُهْتُرَةُ بمعنى القصيرة، و أَما البَهِيرَةُ من النساء فهي السيدة الشريفة؛ و يقال للمرأَة إِذا ثقلت أَردافها فإِذا مشت وقع عليها البَهْرُ و الرَّبْوُ: بَهِيرَةٌ؛ و منه قول الأَعشى:
تَهادَى كما قد رأَيتَ البَهِيرَا

و بَهَرَها بِبُهْتانٍ: قذفها به. و الابتهار: أَن ترمي المرأَة بنفسك و أَنت كاذب، و قيل: الابْتِهارُ أَن ترمي الرجل بما فيه، و الابْتِيارُ أَن ترميه بما ليس فيه. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه رفع إِليه غلام ابْتَهَرَ جارية في شعره فلم يُوجَدِ الثَّبَتُ فدرأَ عنه الحدّ.
؛ قال أَبو عبيد: الابتهار أَن يقذفها بنفسه فيقول فعلت بها كاذباً، فإِن كان صادقاً قد فعل فهو الابتيار على قلب الهاء ياء؛ قال الكميت:

84
لسان العرب4

بهر ص 81

قَبيحٌ بِمِثْلِيَ نَعْتُ الفَتَاة،             إِمَّا ابْتِهاراً و إِمَّا ابْتِيارَا

و منه‏
حديث العوّام: الابتهار بالذنب أَعظم من ركوبه.
و هو أَن يقول فعلت و لم يفعل لأَنه لم يدّعه لنفسه إِلَّا و هو لو قدر فعل، فهو كفاعله بالنية و زاد عليه بقبحه و هتك ستره و تبجحه بذنب لم يفعله. و بَهْراءُ: حَيٌّ من اليمن. قال كراع: بهراء، ممدودة، قبيلة، و قد تقصر؛ قال ابن سيدة: لا أَعلم أَحداً حكى فيه القصر إِلا هو و إِنما المعروف فيه المدّ؛ أَنشد ثعلب:
و قد عَلِمَتْ بَهْرَاءُ أَنَّ سُيوفَنا             سُيوفُ النَّصارَى لا يَلِيقُ بها الدَّمُ‏

و قال معناه: لا يليق بنا أَن نقتل مسلماً لأَنهم نصارى معاهدون، و النسب إِلى بَهْرَاءَ بَهْراوِيٌّ، بالواو على القياس، و بَهْرَانِيٌّ مثلُ بَحْرانِيّ على غير قياس، النون فيه بدل من الهمزة؛ قال ابن سيدة: حكاه سيبويه. قال ابن جني: من حذاق أَصحابنا من يذهب إِلى أَن النون في بهراني إِنما هي بدل من الواو التي تبدل من همزة التأْنيث في النسب، و أَن الأَصل بهراوي و أَن النون هناك بدل من هذه الواو، كما أَبدلت الواو من النون في قولك؛ من وافد، و إِن وقفت وقفت و نحو ذلك، و كيف تصرفت الحال فالنون بدل من الهمزة؛ قال: و إِنما ذهب من ذهب إِلى هذا لأَنه لم ير النون أُبدلت من الهمزة في غير هذا، و كان يحتج في قولهم إِن نون فعلان بدل من همزة فعلاء، فيقول ليس غرضهم هنا البدل الذي هو نحو قولهم في ذئب ذيب و في جؤْنة جونة، إِنما يريدون أَن النون تعاقب في هذا الموضع الهمزة كما تعاقب لام المعرفة التنوين أَي لا تجتمع معه فلما لم تجامعه قيل: إِنها بدل منه، و كذلك النون و الهمزة؛ قال: و هذا مذهب ليس بقصد.
بهتر:
البُهْتُر: القصير، و الأُنثى بُهْتُرٌ و بُهْتُرَةٌ، و زعم بعضهم أَن الهاء في بُهْتُرٍ بدل من الحاء في بُحْتُرٍ؛ و أَنشد أَبو عمرو لنجاد الخبيري:
  عِضٌّ لَئِيمٌ المُنْتَمَى و العُنْصُرِ،             ليس بِجِلْحَابٍ و لا هَقَوَّرِ،
  لكنه البُهْتُر و ابنُ البُهْتُرِ

العِضُّ: الرجل الداهي المنكر. و الجلحاب: الطويل، و كذلك الهقوّر، و خص بعضهم به القصير من الإِبل، و جمعه البَهاتِرُ و البَحاتِرُ؛ و أَنشد الفرّاء قول كثير:
و أَنتِ التي حَبَّبْتِ كُلَّ قَصِيرَةٍ             إِليَّ، و ما تَدْرِي بذاك القَصائِرُ
عَنَيْتُ قصيراتِ الحِجالِ، و لم أُردْ             قِصارَ الخُطَى، شَرُّ النساءِ البَهاتِرُ

أَنشده الفرّاء: البهاتر، بالهاء.
بهدر:
أَبو عدنان قال: البُهْدُرِيُّ و البُحْدُرِيُّ المُقَرْقَمُ الذي لا يَشِبُّ.
بهزر:
البُهْزُرَةُ: الناقة العظيمة، و في المحكم: الناقةُ الجسيمةُ الضَّخْمة الصَّفِيَّة، و كذلك هي من النخلِ، و الجمع البَهازِر، و هي من النساء الطويلة. و البُهْزُرَةُ: النخلة التي تَناوَلُها بيدِكَ؛ أَنشد ثعلب:
بَهازِراً لم تَتَّخِذْ مآزِرا،             فهي تُسامي حَوْلَ جِلْفٍ جازِرا

يعني بالجلْفِ هنا الفُحَّال من النخل. ابن الأَعرابي: البَهازِرُ الإِبل و النخيل العظام المَواقِيرُ؛ و أَنشد:
أَعْطاكَ يا بَحْرُ الذي يُعطي النِّعَمْ،             من غيرِ لا تَمَنُّنٍ و لا عَدَمْ‏،

85
لسان العرب4

بهزر ص 85

بَهازِراً لم تَنْتَجِعْ مع الغَنَمْ،             و لم تكنْ مَأْوَى القُرادِ و الْجَلَمْ،
بينَ نواصِيهنَّ و الأَرضِ قِيَمْ‏
و أَنشد الأَزهري للكميت:
إِلَّا لِهَمْهَمَةِ الصَّهيلِ،             و حَنَّةِ الْكُومِ البَهازِر

بور:
الْبَوارُ: الهلاك، بارَ بَوْراً و بَواراً و أَبارهم الله، و رجل بُورٌ؛ قال عبد الله بن الزِّبَعْرى السَّهْمي:
يا رسولَ الإِلهِ، إِنَّ لِساني             رَاتِقٌ ما فَتَقْتُ، إِذْ أَنا بُورُ

و كذلك الاثنان و الجمعُ و المؤنث. و في التنزيل: وَ كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً
؛ و قد يكون بُورٌ هنا جمع بائرٍ مثل حُولٍ و حائلٍ؛ و حكى الأَخفش عن بعضهم أَنه لغة و ليس بجمعٍ لِبائرٍ كما يقال أَنت بَشَرٌ و أَنتم بَشَرٌ؛ و قيل: رجل بائرٌ و قوم بَوْرٌ، بفتح الباء، فهو على هذا اسم للجمع كنائم و نَوْمٍ و صائم و صَوْمٍ. و قال الفرّاء في قوله: وَ كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً
، قال: البُورُ مصدَرٌ يكون واحداً و جمعاً. يقال: أَصبحت منازلهم بُوراً أَي لا شي‏ء فيها، و كذلك أَعمال الكفار تبطُلُ. أَبو عبيدة: رجل بُورٌ و رجلان بُورٌ و قوم بُورٌ، و كذلك الأُنثى، و معناه هالك. قال أَبو الهيثم: البائِرُ الهالك، و البائر المجرِّب، و البائر الكاسد، و سُوقٌ بائرة أَي كاسدة. الجوهري: البُورُ الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه. و قد بارَ فلانٌ أَي هلك. و أَباره الله: أَهلكه. و
في الحديث: فأُولئك قومٌ بُورٌ.
؛ أَي هَلْكَى، جمع بائر؛ و منه‏
حديث عليٍّ: لَوْ عَرَفْناه أَبَرْنا عِتْرَتَه.
و قد ذكرناه في فصل الهمزة في أَبر. و
في حديث أَسماء في ثقيف: كَذَّابٌ و مُبِيرٌ.
؛ أَي مُهْلِكٌ يُسْرِفُ في إِهلاك الناس؛ يقال: بارَ الرَّجُلُ يَبُور بَوْراً، و أَبارَ غَيْرَهُ، فهو مُبِير. و دارُ البَوارِ: دارُ الهَلاك. و نزلتْ بَوارِ على الناس، بكسر الراء، مثل قطام اسم الهَلَكَةِ؛ قال أَبو مُكْعِتٍ الأَسدي، و اسمه مُنْقِذ بن خُنَيْسٍ، و قد ذكر أَن ابن الصاغاني قال أَبو معكت اسمه الحرث بن عمرو، قال: و قيل هو لمنقذ بن خنيس:
قُتِلَتْ فكان تَباغِياً و تَظالُماً؛             إِنَّ التَّظالُمَ في الصَّدِيقِ بَوارُ

و الضمير في قتلت ضمير جارية اسمها أَنيسة قتلها بنو سلامة، و كانت الجارية لضرار بن فضالة، و احترب بنو الحرث و بنو سلامة من أَجلها، و اسم كان مضمر فيها تقديره: فكان قتلها تباغياً، فأَضمر القتل لتقدّم قتلت على حدّ قولهم: من كذب كان شرّاً له أَي كان الكذب شرّاً له. الأَصمعي: بارَ يَبُورُ بَوراً إِذا جَرَّبَ. و البَوارُ: الكَسَادُ. و بارَتِ السُّوقُ و بارَتِ البِياعاتُ إِذا كَسَدَتْ تَبُورُ؛ و من هذا قيل: نعوذ بالله من بَوارِ الأَيِّمِ أَي كَسَادِها، و هو أَن تبقى المرأَة في بيتها لا يخطبها خاطب، من بارت السوق إِذا كسدت، و الأَيِّم التي لا زوج لها و هي مع ذلك لا يرغب فيها أَحد. و البُورُ: الأَرض التي لم تزرع و المَعَامي المجهولة و الأَغفال و نحوها. و
في كتاب النبي، صلى الله عليه و سلم، لأُكَيْدِرِ دُومَةَ: و لكُمُ البَوْر و المعامي و أَغفال الأَرض.
؛ و هو بالفتح مصدر وصف به، و يروى بالضم، و هو جمع البَوارِ، و هي الأَرض الخراب التي لم تزرع. و بارَ المتاعُ: كَسَدَ. و بارَ عَمَلُه: بَطَلَ. و منه قوله تعالى: وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ
. و بُورُ الأَرض، بالضم: ما بار منها و لم‏

86
لسان العرب4

بور ص 86

يُعْمَرْ بالزرع و قال الزجاج: البائر في اللغة الفاسد الذي لا خير فيه؛ قال: و كذلك أَرض بائرة متروكة من أَن يزرع فيها. و قال أَبو حنيفة: البَوْرُ، بفتح الباء و سكون الواو، الأَرض كلها قبل أَن تستخرج حتى تصلح للزرع أَو الغرس. و البُورُ: الأَرض التي لم تزرع؛ عن أَبي عبيد و هو في الحديث. و رجل حائر بائر: يكون من الكسل و يكون من الهلاك. و في التهذيب: رجل حائر بائر، لا يَتَّجِهُ لِشَي‏ءٍ ضَالٌّ تائِهٌ، و هو إِتباع، و الابتيار مثله. و
في حديث عمر: الرجال ثلاثة، فرجل حائر بائر إِذا لم يتجه لشي‏ء.
و يقال للرجل إِذا قذف امرأَة بنفسه: إِنه فجر بها، فإِن كان كاذباً فقد ابْتَهَرَها، و إِن كان صادقاً فهو الابْتِيَارُ، بغير همز، افتعال من بُرْتُ الشي‏ءَ أَبُورُه إِذا خَبَرْتَه؛ و قال الكميت:
قَبِيحٌ بِمِثْليَ نَعْتُ الفَتَاةِ،             إِمَّا ابْتِهَاراً و إِمَّا ابْتِيارا

يقول: إِما بهتاناً و إِما اختباراً بالصدق لاستخراج ما عندها، و قد ذكرناه في بهر. و بارَهُ بَوْراً و ابْتَارَهُ، كلاهما: اختبره؛ قال مالك بن زُغْبَةَ:
بِضَربٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولُه،             و طَعْنٍ كَإِيزاغِ المَخاضِ تَبُورُها

قال أَبو عبيد: كإِيزاغ المخاض يعني قذفها بأَبوالها، و ذلك إِذا كانت حوامل، شبه خروج الدم برمي المخاض أَبوالها. و قوله: تبورها تختبرها أَنت حتى تعرضها على الفحل، أَ لاقح هي أَم لا؟ و بار الفحل الناقة يَبُورها بَوْراً و يَبْتَارُها و ابْتَارَها: جعل يتشممها لينظر أَ لاقح هي أَم حائل، و أَنشد بيت مالك بن زغبة أَيضاً. الجوهري: بُرْتُ الناقةَ أَبورُها بَوْراً عَرَضتَها على الفحل تنظر أَ لاقح هي أَم لا، لأَنها إِذا كانت لاقحاً بالت في وجه الفحل إِذا تشممها؛ و منه قولهم: بُرْ لي ما عند فلان أَي اعلمه و امتحن لي ما في نفسه. و
في الحديث أَن داود سأَل سليمان، عليهما السلام، و هو يَبْتَارُ عِلْمَهُ.
أَي يختبره و يمتحنه؛ و منه‏
الحديث: كُنَّا نَبُورُ أَوْلادَنا بحب عَليٍّ، عليه السلام.
و
في حديث علقمة الثقفيّ: حتى و الله ما نحسب إلّا أَن ذلك شي‏ء يُبْتارُ به إِسلامنا.
و فَحْلٌ مِبْوَرٌ: عالم بالحالين من الناقة. قال ابن سيدة: و ابنُ بُورٍ حكاه ابن جني في الإِمالة، و الذي ثبت في كتاب سيبويه ابن نُور، بالنون، و هو مذكور في موضعه. و البُورِيُّ و البُورِيَّةُ و البُورِيَاءُ و الباريُّ و البارِياءُ و البارِيَّةُ: فارسي معرب، قيل: هو الطريق، و قيل: الحصير المنسوج، و في الصحاح: التي من القصب. قال الأَصمعي: البورياء بالفارسية و هو بالعربية بارِيٌّ و بورِيٌّ؛ و أَنشد للعجاج يصف كناس الثور:
كالخُصّ إِذْ جَلَّلَهُ البَارِيُ‏

قال: و كذلك البَارِيَّةُ. و
في الحديث: كان لا يرى بأْساً بالصلاة على البُورِيّ.
؛ هي الحصير المعمول من القصب، و يقال فيها بارِيَّةٌ و بُورِياء.
فصل التاء المثناة
تأر:
أَتأَر إِليه النَّظَرَ: أَحَدَّه. و أَتْأَره بصره: أَتْبَعَه إِياه، بهمز الأَلفين غير ممدودة؛ قال بعض الأَغفال: و أَتْأَرَتْني نَظْرَة الشَّفير. و أَتْأَرتُه بصري: أَتْبَعْته إِياه. و
في الحديث: أَن رجلًا أَتاه فَأَتْأَرَ إِليه النَّظَرَ.
أَي أَحَدَّه إِليه و حَقَّقَه؛ و قال الشاعر؛

87
لسان العرب4

تأر ص 87

 أَتْأَرْتُهُمْ بَصَري، و الآلُ يَرْفَعُهُمْ،             حتى اسْمَدَرَّ بِطَرْفِ العَيْنِ إِتْآري‏

و من ترك الهمز قال: أَتَرْتُ إِليه النظر و الرَّمْيَ، و هو مذكور في تَوَرَ؛ و أَما قول الشاعر:
إِذا اجْتَمَعُوا عَلَيَّ و أَشْقَذُوني،             فَصِرْت كَأَنَّني فَرَأٌ مُتَارُ

قال ابن سيدة: فإِنه أَراد مُتْأَرٌ فنقل حركة الهمزة إِلى التاء و أَبدل منها أَلفاً لسكونها و انفتاح ما قبلها فصار مُتارٌ. و التُّؤْرُورُ: العَوْن يكون مع السلطان بلا رِزْقٍ، و قيل: هو الجِلوازُ، و ذهب الفارسي إِلى أَنه تُفْعُول من الأَرِّ و هو الدفع؛ و أَنشد ابن السكيت:
تالله لَوْ لا خَشْيَةُ الأَمِيرِ،             و خشيةُ الشُّرْطيِّ و التُّؤْرورِ

قال: التؤرور أَتْباع الشُّرَطِ. ابن الأَعرابي: التَّائرُ المداوم على العمل بعد فتور. الأَزهري في التَّأْرَةِ: الحين. عن ابن الأَعرابي قال: تأْرَةٌ، مهموز، فلما كثر استعمالهم لها تركوا همزها؛ قال الأَزهري: قال غيره و جمعها تِئَرٌ، مهموزة؛ و منه يقال: أَتأَرْتُ إِليه النظر أَي أَدمته تارَةً بعد تارَةٍ.
تبر:
التِّبْرُ: الذهبُ كُلُّه، و قيل: هو من الذهب و الفضة و جميع جواهر الأَرض من النحاس و الصُّفْرِ و الشَّبَهِ و الزُّجاج و غير ذلك مما استخرج من المعدن قبل أَن يصاغ و يستعمل؛ و قيل: هو الذهب المكسور؛ قال الشاعر:
كُلُّ قَوْمٍ صِيغةٌ من تِبْرِهِمْ،             و بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مِنْ ذَهَبْ‏

ابن الأَعرابي: التِّبْرُ الفُتاتُ من الذهب و الفضة قبل أَن يصاغا فإِذا صيغا فهما ذهب و فضة. الجوهري: التِّبْرُ ما كان من الذهب غير مضروب فإِذا ضرب دنانير فهو عين، قال: و لا يقال تِبْرٌ إِلا للذهب و بعضهم يقوله للفضة أَيضاً. و
في الحديث: الذهب بالذهب تِبْرِها و عَيْنِها، و الفضة بالفضة تبرها و عينها.
قال: و قد يطلق التبر على غير الذهب و الفضة من المعدنيات كالنحاس و الحديد و الرَّصاص، و أَكثر اختصاصه بالذهب، و منهم من يجعله في الذهب أَصلًا و في غيره فرعاً و مجازاً. قال ابن جني: لا يقال له تبر حتى يكون في تراب معدنه أَو مكسوراً؛ قال الزجاج: و منه قيل لمكسر الزجاج تبر. و التَّبَارُ: الهلاك. و تَبَّرَه تَتْبِيراً أَي كَسَّرَه و أَهلكه. و هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ‏
 أَي مُكَسَّرٌ مُهْلَكٌ. و
في حديث عليٍّ، كرّم الله وجهه: عَجْزٌ حاضر و رَأْيٌ مُتَبَّر.
أَي مهلَك. و تَبَّرَهُ هو: كسره و أَذهبه. و في التنزيل العزيز: وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً
؛ قال الزجاج: معناه إِلَّا هلاكاً، و لذلك سمي كل مُكَسَّرٍ تِبْراً. و قال في قوله عز و جل: وَ كُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً
، قال: التتبير التدمير؛ و كل شي‏ء كسرته و فتتته، فقد تَبَّرْتَهُ، و يقال: تَبِرَ «4». الشي‏ءُ يَتْبَرُ تَباراً. ابن الأَعرابي: المتبور الهالك، والمبتور الناقص. قال: و التَّبْراءُ الحَسَنَةُ اللَّوْنِ من النُّوق. و ما أَصبتُ منه تَبْرِيراً أَي شيئاً، لا يستعمل إِلا في النفي، مثل به سيبويه و فسره السيرافي. الجوهري: و يقال في رأْسه تِبْرِيَةٌ؛ قال أَبو عبيدة: لغة في الهِبْرِيَةِ و هي التي تكون في أُصول الشعر مثل النُّخَالَةِ.
__________________________________________________
 (4). قوله [تبر] من باب ضرب على ما في القاموس و من بابي تعب و قتل كما في المصباح.

88
لسان العرب4

تثر ص 89

تثر:
ابن الأَعرابي: التَّواثِيرُ الجَلَاوِزَةُ.
تجر:
تَجَرَ يَتْجُرُ تَجْراً و تِجَارَةً؛ باع و شرى، و كذلك اتَّجَرَ و هو افْتَعَل، و قد غلب على الخَمَّار قال الأَعشى:
و لَقَدْ شَهِدْتُ التَّاجِرَ             الأُمَّانَ، مَوْرُوداً شَرَابُهْ‏

و
في الحديث: مَنْ يَتَّجِرُ على هذا فيصلي معه.
قال ابن الأَثير: هكذا يرويه بعضهم و هو يفتعل من التجارة لأَنه يشتري بعمله الثواب و لا يكون من الأَجر على هذه الرواية لأَن الهمزة لا تدغم في التاء و إِنما يقال فيه يأْتَجِرُ. الجوهري: و العرب تسمي بائع الخمر تاجراً؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ:
و لَقَدْ أَروحُ على التِّجَارِ مُرَجَّلًا،             مَذِلًا بِمالي، لَيِّناً أَجْيادي‏

أَي مائلًا عُنُقي من السُّكْرِ. و رجلٌ تاجِرٌ، و الجمع تِجارٌ، بالكسر و التخفيف، و تُجَّارٌ و تَجْرٌ مثل صاحب و صَحْبٍ؛ فأَما قوله:
إِذا ذُقْتَ فاها قلتَ: طَعمُ مُدامَةٍ             مُعَتَّقَةٍ، مما يجي‏ء به التُّجُرْ

فقد يكون جمع تِجَارٍ، على أَن سيبويه لا يَطْرُدُ جمع الجمع؛ و نظيره عند بعضهم قراءة من قرأَ: فَرُهُنٌ مقبوضة؛ قال: هو جمع رهانٍ الذي هو جَمْعُ رَهْنٍ و حمله أَبو عليُّ على أَنه جمع رَهْن كَسَحْل و سُحُلٍ، و إِنما ذلك لما ذهب إِليه سيبويه من التحجير على جمع الجمع إِلا فيما لا بدّ منه، و قد يجوز أَن يكون التُّجُرُ في البيت من باب:
أَنا ابنُ ماويَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ

على نقل الحركة، و قد يجوز أَن يكون التُّجُرُ جمع تاجر كشارف و شُرُفٍ و بازل و بُزُلٍ، إِلا أَنه لم يسمع إِلا في هذا البيت. و
في الحديث: أَن التُّجَّار يُبعثون يوم القيامة فُجَّاراً إِلا من اتقى الله و بَرَّ و صَدَقَ.
؛ قال ابن الأَثير: سماهم فجاراً لما في البيع و الشراء من الأَيمان الكاذبة و الغبن و التدليس و الربا الذي لا يتحاشاه أَكثرهم أَو لا يفطنون له، و لهذا
قال في تمامه: إِلَّا من اتقى الله و برّ و صدق.
؛ و قيل: أَصل التاجر عندهم الخمَّار يخصونه به من بين التجار؛ و منه‏
حديث أَبي ذر: كنا نتحدث أَن التاجر فاجر.
؛ و التَّجْرُ: اسمٌ للجمع، و قيل: هو جمع؛ و قول الأَخطل:
 كَأَنَّ فَأْرَةَ مِسْكٍ غارَ تاجِرُها،             حَتَّى اشْتَراها بِأَغْلَى بَيْعِهِ التَّجِرُ

قال ابن سيدة: أُراه على التشبيه كَطَهِرٍ في قول الآخر:
خَرَجْت مُبَرَّأً طَهِرَ الثِّيابِ‏

و أَرضَ مَتْجَرَةٌ: يُتَّجَرُ إِليها؛ و في الصحاح: يتجر فيها. و ناقة تاجر: نافقة في التجارة و السوق؛ قال النابغة:
عِفَاءٌ قِلاصٍ طار عنها تَواجِر

و هذا كما قالوا في ضدها كاسدة. التهذيب: العرب تقول ناقة تاجرة إِذا كانت تَنْفُقُ إِذا عُرِضَتْ على البيع لنجابتها، و نوق تواجر؛ و أَنشد الأَصمعي:
مَجَالِحٌ في سِرِّها التَّواجِرُ

و يقال: ناقةٌ تاجِرَةٌ و أُخرى كاسدة. ابن الأَعرابي: تقول العرب إِنه لتاجر بذلك الأَمر أَي حاذق؛ و أَنشد:
لَيْسَتْ لِقَوْمِي بالكَتِيفِ تِجارَةٌ،             لكِنَّ قَوْمِي بالطِّعانِ تِجَارُ

و يقال: رَبِحَ فلانٌ في تِجارَتِهِ إِذا أَفْضَلَ، و أَرْبَحَ إِذا صادف سُوقاً ذاتَ رِبْحٍ.
ترر:
تَرَّ الشَّيْ‏ءُ يَتِرُّ و يَتُرُّ تَرّاً و تُروراً: بان و انقطع بضربه، و خص بعضهم به العظم؛ و تَرَّتْ يَدُه‏

89
لسان العرب4

ترر ص 89

تَتِرُّ و تَتُرُّ تُروراً و أَتَرَّها هو و تَرَّها تَرّاً؛ الأَخيرة عن ابن دريد؛ قال: و كذلك كل عضو قطع بضربه فقد تُرَّ تَرّاً؛ و أَنشد لطرفة يصف بعيراً عقره:
تَقُولُ، و قد تُرَّ الوَظِيفُ و ساقُها:             أَ لَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ؟

تُرَّ الوظيفُ أَي انقطع فبان و سقط؛ قال ابن سيدة: و الصواب أَتَرَّ الشَّيْ‏ءَ و تَرَّ هو نَفْسُه؛ قال: و كذلك رواية الأَصمعي:
 تقول، و قد تَرَّ الوَظِيفُ و ساقُها
بالرفع. و يقال: ضرب فلان يد فلان بالسيف فأَتَرَّها و أَطَرَّها و أَطَنَّها أَي قطعها و أَنْدَرَها. و تَرَّ الرجلُ عن بلاده تُروراً: بَعُدَ. و أَتَرَّه القضاءُ إِتْراراً: أَبعده. و التُّرُورُ: وَثْبَةُ النَّواة من الحَيْس. و تَرَّت النَّواةُ منْ مِرْضاخِها تَتِرُّ و تَتُرُّ تُروراً: وثَبَتْ و نَدَرَتْ. و أَتَرَّ الغلامُ القُلَةَ بِمِقْلاتِه و الغلامُ يُتِرُّ القُلَةَ بالمِقْلَى: نَزَّاها. و التَّرارَةُ: السِّمَنُ و البَضَاضَةُ؛ يقال منه: تَرِرْتَ، بالكسر، أَي صرت تارّاً و هو الممتلئ و التَّرارَةُ: امتلاء الجسم من اللحم و رَيُّ العظم؛ يقال للغلام الشاب الممتلئ: تارٌّ. و
في حديث ابن زِمْلٍ: رَبْعَةٌ من الرجال تارٌّ.
؛ التارُّ: الممتلئ البدن، و تَرَّ الرجلُ يَتِرُّ و يَتُرُّ تَرّاً و تَرارةً و تُروراً: امتلأَ جسمه و تَرَوَّى عظمه؛ قال العجاج:
بِسَلْهَبٍ لُيِّنَ في تُرُورِ
و قال:
و نُصْبِحُ بالغَدَاةِ أَتَرَّ شَيْ‏ءٍ،             و نُمْسِي بالعَشِيِّ طَلَنْفَحِينَا

و رجلٌ تارٌّ و تَرٌّ: طويل. قال ابن سيدة: و أُرَى تَرّاً فَعِلًا، و قد تَرَّ تَرارَةً، و قَصَرَةٌ تارَّةٌ. و التَّرَّةُ: الجارية الحسناء الرَّعْناءُ. ابن الأَعرابي: التَّرَاتِيرُ الجواري الرُّعْنُ. ابن شميل: الأُتْرُورُ الغلام الصغير. الليث: الأُتْرُورُ الشُّرَطِيُّ؛ و أَنشد:
أَعوذُ باللهِ و بالأَمِيرِ             مِنْ صاحِبِ الشُّرْطةِ و الأُتْرُورِ

و قيل: الأُتْرُورُ غلامُ الشُّرَطِيِّ لا يَلْبَسُ السَّوادَ؛ قالت الدهناء امرأَة العجاج:
و الله لو لا خَشْيَةُ الأَمِيرِ،             و خَشْيَةُ الشُّرْطِيِّ و الأُترورِ،
لَجُلْتُ بالشيخ من البَقِيرِ،             كَجَوَلانِ صَعْبَةٍ عَسِيرِ

و تَرَّ بسَلْحِه و هَذَّ بِهِ و هَرَّ بِهِ إذا رمى به. و تَرَّ بِسَلْحِه يَتِرُّ: قذف به. و تَرَّ النَّعامُ: أَلقى ما في بطنه. و تُرَّ في يده: دفع. و التُّرُّ: الأَصل. يقال: لأَضْطَرَّنَّكَ إِلى تُرِّكَ و قُحاحِكَ. ابن سيدة: لأَضْطَرَّنَّكَ إِلى تُرِّكَ أَي إِلى مجهودك. و التُّرُّ، بالضم: الخيط الذي يُقَدَّرُ به البِناءُ، فارسي مُعَرَّبٌ؛ قال الأَصمعي: هو الخيط الذي يمدّ على البناء فيبنى عليه و هو بالعربية الإِمام، و هو مذكور في موضعه. التهذيب: الليث: التُّرُّ كلمة يتكلم بها العرب، إِذا غضب أَحدهم على الآخر قال: و الله لأُقيمنك على التُّرِّ. قال الأَصمعي: المِطْمَرُ هو الخيط الذي يقدَّر به البناء يقال له بالفارسية التُّرُّ؛ و قال ابن الأَعرابي: التُّرُّ ليس بعربي. و في النوادر: بِرْذَوْنٌ تَرٌّ و مُنْتَرٌّ وَ عَرِبٌ و قَزَعٌ و دُفاقٌ [دِفاقٌ‏] إِذا كان سريعَ الرَّكْضِ، و قالوا: التَّرُّ من الخيل المعتدل الأَعضاء الخفيف الدَّرِيرُ؛ و أَنشد:

90
لسان العرب4

ترر ص 89

و قَدْ أَغْدُو مَعَ الفِتْيَانِ             بالمُنْجَرِدِ التَّرِّ «1».
و ذِي البِرْكَةِ كالتَّابُوتِ،             و المِحْزَمِ كالقَرِّ،
مع قاضيه في متنيه ... كالدر
و قال الأَصمعي: التَّارُّ المنفرد عن قومه، تَرَّ عنهم إِذا انفرد و قد أَتَرُّوه إِتْراراً. ابن الأَعرابي: تَرْتَرَ إِذا استرخى في بدنه و كلامه. و قال أَبو العباس: التارّ المسترخي من جوع أَو غيره؛ و أَنشد:
و نُصْبِحُ بالغَداةِ أَتَرَّ شَيْ‏ءٍ
قوله: أَترّ شي‏ء أَي أَرخى شي‏ء من امتلاء الجوف، و نمسي بالعشي جياعاً قد خلت أَجوافنا؛ قال: و يجوز أَن يكون أَتَرَّ شي‏ء أَمْلأَ شي‏ء من الغلام التَّارّ، و قد تقدم. قال أَبو العباس: أَتَرَّ شي‏ء أَرخى شي‏ء من التعب. يقال: تُرَّ يا رَجُلُ. و التَّرْتَرَةُ: تحريك الشي‏ء. الليث: التَّرْتَرَةُ أَن تقبض على يدي رجل تُتَرْتِرُه أَي تحركه. و تَرْتَرَ الرجُلَ: تَعْتَعَهُ. و
في حديث ابن مسعود في الرجل الذي ظُنَّ أَنَّهُ شرب الخمر فقال: تَرْتِرُوه و مَزْمِزُوه.
أَي حركوه ليُسْتَنْكَهَ هل يُوجَدُ منه ريح الخمر أَم لا؛ قال أَبو عمرو: هو أَن يُحَرَّكَ و يُزَعْزَعَ و يُسْتَنْكَهَ حتى يوجد منه الريح ليعلم ما شرب، و هي التَّرْتَرَةُ و المَزْمَزَةُ و التَّلْتَلَةُ؛ و
في رواية: تَلْتِلُوه.
و معنى الكل التحريك؛ و قول زيد الفوارس:
أَ لم تَعْلَمِي أَنِّي إِذا الدَّهْرُ مَسَّنِي             بنائِبَةٍ، زَلَّتْ وَ لَمْ أَتَتَرْتَرِ

أَي لم أَتزلزل و لم أَتقلقل. و تَرْتَرَ: تكلم فأَكثر؛ قال:
قُلْتُ لِزَيْدٍ: لا تُتَرْتِرْ، فإِنَّهُمْ             يَرَوْنَ المنايا دونَ قَتْلِكَ أَوْ قَتْلِي‏

و يروى: تُثَرْثِرْ و تُبَرْبِرْ. و التَّراتِرُ: الشدائد و الأُمور العظام. و التُّرَّى: اليد المقطوعة.
تشر:
التهذيب عن الليث: تِشْرينُ اسم شهر من شهور الخريف بالرومية، قال أَبو منصور: و هما تِشْرِينان تشرين الأَول و تشرين الثاني و هما قبل الكانونين.
تعر:
جُرْحٌ تَعَّارٌ و تَغَّارٌ، بالعين و الغين، إِذا كان يسيل منه الدم، و قيل: جرح نَعَّار، بالعين و الغين؛ قال الأَزهري: و سمعت غير واحد من أَهل العربية بِهَراةَ يزعم أَن تغار بالغين المعجمة تصحيف، قال: و قرأْت في كتاب أَبي عمر الزاهد عن ابن الأَعرابي أَنه قال: جُرْحٌ تعار، بالعين و التاء، و تغار بالغين و التاء، و نعار بالنون و العين، بمعنى واحد، و هو الذي لا يَرْقَأُ، فجعلها كلها لغات و صححها، و العين و الغين في تَعَّار و تَغَّار تعاقبا كما قالوا العَبِيثَةُ و الغَبِيثَةُ بمعنى واحد. ابن الأَعرابي: التَّعَرُ اشتعال الحرب. و
في حديث طهفة: ما طما البحر و قام تِعَارٌ.
؛ قال ابن الأَثير: تِعار، بكسر التاء، جبل معروف، ينصرف و لا ينصرف؛ و أَنشد الجوهري لكثير:
و ما هَبَّتِ الأَرْوَاحُ تَجْرِي، و ما ثَوَى             مقيماً بنَجْدٍ عَوْفُها و تِعارُها

و قيده الأَزهري فقال: تعار جبل ببلاد قيس؛ و قد ذكره لبيد «2»:
__________________________________________________
 (1). قوله [و قد أغدو إلخ‏] هذه ثلاثة أبيات من الهزج كما لا يخفى، لكن البيت الثالث ناقص و بمحل النقص بياض بالأصل.
 (2). قوله [و قد ذكره لبيد] أي في قصيدته التي منها:
عشت دهراً و لا يعيش مع الأَيام             إلّا يرمرم أو تعار
كما في ياقوت.

91
لسان العرب4

تعر ص 91

 إِلَّا يَرَمْرَمٌ أَو تِعَارُ
و ذكر ابن الأَثير في كتاب النهاية: منْ تَعَارَّ مِنَ الليلِ، في هذه الترجمة، و قال: أَي هَبَّ من نومِه و استيقظ، قال: و التاء زائدة و ليس بابه.
تغر:
تَغَرَتِ القِدْرُ تَتْغَرُ، بالفتح فيهما: لغة في تَغِرَتْ تَتْغَرُ تَغَراناً إِذا غلت؛ و أَنشد:
و صَهْباءَ مَيْسَانِيَّةٍ لم يَقُمْ بِها             حَنِيفٌ، و لم تَتْغَرْ بِها ساعَةً قِدْرُ

قال الأَزهري: هذا تصحيف و الصواب نغرت، بالنون، و سنذكره؛ و أَما تغر، بالتاء، فإِن أَبا عبيدة روى في باب الجراح قال: فإِن سال منه الدم قيل جُرح تَغَّارٌ و دم تَغَّارٌ، قال و قال غيره: جرح نعار، بالعين و النون، و قد روي عن ابن الأَعرابي: جرح تغار و نغار، فمن جمع بين اللغتين فصحتا معاً، و رواهما شمر عن أَبي مالك تغر و نغر و نعر.
تفر:
التِّفْرَةُ «1»: الدائرة تحت الأَنف في وسط الشفة العليا، زاد في التهذيب: من الإِنسان، قال: و قال ابن الأَعرابي: يقال لهذه الدائرة تِفْرَةٌ و تَفِرَةٌ و تُفَرَةٌ. الجوهري: التَّفِرة، بكسر الفاء، النقرة التي في وسط الشفة العليا، و التَّفِرَةُ في بعض اللغات: الوتيرة. و التَّفِيرَةُ: كل ما اكتسبته الماشية من حلاوات الخُضَرِ و أَكثر ما تَرْعاه الضأْن و صغار الماشية، و هي أَقل من حظ الإِبل. و التَّفِرَةُ: تكون من جميع الشجر و البقر، و قيل: هي من الجَنَبَةِ. و التَّفِرَةُ: ما ابْتَدَأَ من الطَّرِيفَةِ ينبت ليناً صغيراً، و هو أَحب المرعى إِلى المال إِذا عدمت البقل، و قيل: هي من القَرْنُونَةِ «2». و المَكْرِ؛ قال الطرماح يصف ناقة تأْكل المَشْرَةَ، و هي شجرة، و لا تقدر على أَكل النبات لصغره:
لَهَا تَفِراتٌ تَحْتَها، وَ قَصارُها             إِلى مَشْرَةٍ لم تُتَّلَقْ بالمَحاجِنِ‏

و في التهذيب:
... لا تَعْتلِقْ بالمحاجن.
قال أَبو عمرو: التَّفِراتُ من النبات ما لا تستمكن منه الراعية لصغرها، و أَرض مُتْفِرَةٌ. و التَّفِرُ: النبات القصير الزَّمِرُ. ابن الأَعرابي: التَّافِرُ الوَسِخُ من الناس، و رجل تَفِرٌ و تَفْران. قال: و أَتْفَرَ الرجلُ إِذا خرج شعر أَنفه إِلى تِفْرَتِهِ، و هو عيب.
تفتر:
التَّفْتَرُ: لغة في الدفتر؛ حكاه كراع عن اللحياني، قال ابن سيدة: و أُراه عجميّاً.
تفطر:
الأَزهري في آخر ترجمة تفطر: التَّفَاطِيرُ النَّباتُ، قال: و التفاطير، بالتاء، النَّوْرُ. قال: و في نوادر اللحياني عن الإِيادي في الأَرض تَفَاطِيرُ من عُشْبٍ، بالتاء، أَي نَبْذٌ متفرّق، و ليس له واحد.
تقر:
التَّقِرُ و التَّقِرَةُ: التَّابَلُ [التَّابِلُ‏]، و قيل: التَّقِر الكرويا، و التَّقِرَةُ: جماعة التوابل؛ قال ابن سيدة: و هي بالدال أَعلى.
تكر:
التَّكُّرِيُّ: القائد من قُوَّادِ السِّند، و الجمعُ تَكاتِرَةٌ، أَلحقوا الهاء للعجمة؛ قال:
لَقَدْ عَلِمَتْ تَكاتِرَةُ ابن تِيرِي،             غَداةَ البُدِّ، أَنِّي هِبْرِزِيُ‏

و في التهذيب: الجمع تكاكرة، و بذلك أَنشد البيت:
لقد علمت تكاكرة.
تمر:
التَّمْرُ: حَمْلُ النخل، اسم جنس، واحدته تمرة و جمعها تمرات، بالتحريك. و التُّمْرانُ و التُّمورُ، بالضم: جمع التَّمْرِ؛ الأَوَّل عن سيبويه، قال ابن سيدة: و ليس تكسير الأَسماء التي تدل على الجموع‏
__________________________________________________
 (1). قوله [التفرة] بكسر التاء و ضمها و ككلمة و تؤدة كما في القاموس.
 (2). قوله [من القرنونة] في القاموس القرنوة هي الهرنوة و القرانيا و ليس فيه القرنونة.

92
لسان العرب4

تمر ص 92

بمطرد، أَ لا ترى أَنهم لم يقولوا أَبرار في جمع بُرٍّ؟ الجوهري: جمع التَّمر تُمُورٌ و تُمْرانٌ، بالضم، فتراد به الأَنواع لأَن الجنس لا يجمع في الحقيقة. و تَمَّرَ الرُّطَبُ و أَتْمَرَ، كلاهما: صار في حد التَّمْرِ. و تَمَّرَتِ النخلة و أَتْمَرَت، كلاهما: حَمَلَتِ التمر. و تَمَرَ القَوْمَ يَتْمُرُهُمْ تَمْراً و تَمَّرَهُمْ و أَتْمَرَهُمْ: أَطعمهم التمر. و تَمَّرَني فلان: أَطعمني تَمْراً. و أَتْمَرُوا، و هم تامِرُونَ: كَثُرَ تَمْرُهم؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن تامِراً على النسب؛ قال اللحياني: و كذلك كل شي‏ء من هذا إِذا أَردت أَطعمتهم أَو وهبت لهم قلته بغير أَلف، و إِذا أَردت أَن ذلك قد كثر عندهم قلت أَفْعَلُوا. و رجل تامِرٌ: ذو تمر. يقال: رجل تامر و لابن أَي ذو تمر و ذو لبن، و قد يكون من قولِكَ تَمَرْتُهم فأَنا تامِرٌ أَي أَطعمتهم التمر. و التَّمَّار: الذي يبيع التمر. و التَّمْرِيُّ: الذي يحبه. و المُتْمِرُ: الكثير التَّمْرِ. و أَتْمَرَ الرجلُ إِذا كثر عنده التمر. و المَتْمُورُ: المُزَوَّدُ تَمْراً؛ و قوله أَنشده ثعلب:
لَسْنَا مِنَ القَوْمِ الذين، إِذا             جاءَ الشتاءُ، فَجارُهم تَمْرُ

يعني أَنهم يأْكلون مال جارهم و يَسْتَحلُونه كما تَسْتَحْلي الناسُ التمر في الشتاء؛ و يروى:
لَسْنَا كَأَقْوَامٍ، إِذا كَحَلَتْ             إِحدى السِّنِينَ، فجارُهُمْ تَمْرُ

و التَّتْمِيرُ: التقديد. يقال: تَمَّرْتُ القَدِيدَ، فهو مُتَمَّرٌ؛ و قال أَبو كاهل اليشكري يصف فرخة عقاب تسمى غُبَّة، و قال ابن بري يصف عُقاباً شبه راحلته بها:
كأَنَّ رَحْلي على شَغْواءَ حادِرَةٍ             ظَمْياءَ، قَدْ بُلَّ مِنْ طَلٍّ خَوافيها
لها أَشارِيرُ من لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ             من الثَّعالي، وَ وَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها

أَراد الأَرانب و الثعالب أَي تقدّده؛ يقول: إِنها تصيد الأَرانب و الثعالب فأَبدل من الباء فيهما ياء، شبه راحلته في سرعتها بالعقاب، و هي الشغواء، سميت بذلك لاعوجاجِ منقارها. و الشَّغاء: العِوَجُ. و الظمياء: العطشى إِلى الدم. و الخوافي: قصار ريش جناحها. و الوخز: شي‏ء ليس بالكثير. و الأَشارير: جمع إِشرارة: و هي القطعة من القديد. و الثعالي: يريد الثعالب، و كذلك الأَراني يريد الأَرانب فأَبدل من الباء فيهما ياء للضرورة. و التَّتْمِيرُ: التَّيْبِيسُ. و التَّتْمير: أَن يقطع اللحم صغاراً و يجفف. و تَتْمِيرُ اللحم و التمر: تَجْفِيفُهما. و
في حديث النخعي: كان لا يرى بالتتمير بأْساً.
؛ التتمير: تقطيع اللحم صغاراً كالتمر و تجفيفه و تنشيفه، أَراد لا بأْس أَن يَتَزَوَّدَهُ المُحْرِمُ، و قيل: أَراد ما قُدِّدَ من لحوم الوحوش قبل الإِحرام. و اللحمُ المُتَمَّرُ: المُقَطَّع. و التامور و التَّامُورة جميعاً: الإِبريق؛ قال الأَعشى يصف خَمَّارة:
و إِذا لَها تامُورَةٌ             مرفوعةٌ لِشَرابِها

و لم يهمزه، و قيل: حُقَّة يجعل فيها الخمر: و قيل: التامور و التامورة الخمر نفسها. الأَصمعي: التامور الدم و الخمر و الزعفران. و التامور: وزير الملك. و التامور: النَّفْسُ. أَبو زيد: يقال لقد علم تمامورُك ذلك أَي قد علمت نفسُك ذلك. و التامور: دم القلب، و عمَّ بعضهم به كل دم؛ و قول أَوْسِ بن حَجَرٍ:
أُنْبِئْتُ أَنَّ بَني سُحَيْمٍ أَوْلَجُوا             أَبْيَاتَهُمْ تامورَ نَفْسِ المُنذِر

93
لسان العرب4

تمر ص 92

قال الأَصمعي: أَي مُهْجَةَ نَفْسه، و كانوا قتلوه؛ و قال عمر بن قُنْعاسٍ المرادي، و يقال قُعاس:
و تامُورٍ هَرَقْتُ، و ليس خَمْراً،             و حَبَّةِ غَيْرِ طاحيَةٍ طَحَيْتُ‏

و أَورده الجوهري:
و حبة غير طاحنة طحنت‏
بالنون. قال ابن بري: صواب إِنشاده:
و حبة غير طاحية طحيت‏

، بالياء فيهما، لأَن القصيدة مردفة بياء و أَوّلها:
أَلا يا بَيْتُ بالعَلْيَاءِ بَيْتُ،             و لو لا حُبُّ أَهْلِكَ ما أَتَيْتُ‏

قال ابن بري: و رأَيته بخط الجوهري في نسخته‏
... طاحنة طحنت‏

، بالنون فيهما. و قد غيره من رواه طحيت، بالياء، على الصواب. و معنى قوله:
حبة غير طاحية ...

، بالياء، حبة القلب أَي رب علقة قلب مجتمعة غير طاحية هرقتها و بسطتها بعد اجتماعها. الجوهري: و التَّامُورَةُ غِلافُ القلب. ابن سيدة: و التامور غلاف القلب، و التامور حبة القلب، و تامور الرجل قلبه. يقال: حَرْفٌ في تامُورك خير من عشرة في وعائك. و عَرَّفْتُه بِتامُوري أَي عَقْلي. و التَّامُور: وعاء الولد. و التَّامُور: لَعِبُ الجواري، و قيل: لعب الصبيان؛ عن ثعلب. و التَّامُور: صَوْمَعَةُ الراهب. و في الصحاح: التامورة الصومعة؛ قال ربيعة بن مَقْرومٍ الضَّبّيُّ:
لَدَنا لبَهْجَتِها و حُسْنِ حَدِيثِها،             و لَهَمَّ مِنْ تامُورِهِ يَتَنَزَّلُ‏

و يقال: أَكل الذئبُ الشاةَ فما ترك منها تاموراً؛ و أَكلنا جَزَرَةً، و هي الشاة السمينة، فما تركنا منها تاموراً أَي شيئاً. و قالوا: ما في الرَّكِيَّةِ تامُورٌ يعني الماء أَي شي‏ء من الماء؛ حكاه الفارسي فيما يهمز و فيما لا يهمز. و التَّامُورُ: خِيسُ الأَسد، و هو التامورة أَيضاً؛ عن ثعلب. و يقال: احذر الأَسد في تاموره و مِحْرابِهِ و غِيلِهِ و عِرْزاله. و
سأَل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عمرو بن معديكرب عن سعد فقال: أَسد في تامورته.
أَي في عَرِينِهِ، و هو بيت الأَسد الذي يكون فيه، و هي في الأَصل الصومعة فاستعارها للأَسد. و التَّامُورَةُ و التامور: عَلَقَةُ القلب و دَمُه، فيجوز أَن يكون أَراد أَنه أَسَدٌ في شدّة قلبه و شجاعته. و ما في الدار تامُورٌ و تُومُور و ما بها تُومُريٌّ، بغير همز، أَي ليس بها أَحد. و قال أَبو زيد: ما بها تأْمور، مهموز، أَي ما بها أَحد. و بلادٌ خَلاءٌ ليس بها تُومُرِيٌّ أَي أَحد. و ما رأَيت تُومُرِيّاً أَحْسَنَ من هذه المرأَة أَي إِنسيّاً و خَلْقاً. و ما رأَيت تُومُرِيّاً أَحْسنَ منه. و التُّمارِيُّ: شجرة لها مُصَعٌ كَمُصَعِ العَوْسَجِ إِلَّا أَنها أَطيب منها، و هي تشبه النَّبْعَ؛ قال:
كَقِدْحِ التُّماري أَخْطَأَ النَّبْعَ قاضبُهْ‏
و التُّمَّرَةُ: طائر أَصغر من العصفور، و الجمع تُمَّرٌ، و قيل: التُّمَّرُ طائر يقال له ابن تَمْرَة و ذلك أَنك لا تراه أَبداً إِلا و في فيه تَمْرَةٌ. و تَيْمَرى: موضع؛ قال إمرؤ القيس:
لَدَى جانِب الأَفْلاج من جَنْبِ تَيْمَرى‏

و اتْمَأَرَّ الرمح اتْمِئْراراً، فهو مُتْمَئِرٌّ إِذا كان غليظاً مستقيماً. ابن سيدة: و اتْمَأَرَّ الرمح و الحبل صلب، و كذلك الذكر إِذا اشتدَّ نَعْظُه. الجوهري: اتْمَأَرَّ الشي‏ءُ طال و اشتد مثل اتْمَهَلَّ و اتْمَأَلَّ؛ قال زهير بن مسعود الضبي:

94
لسان العرب4

تمر ص 92

 ثَنَّى لها يَهْتِكُ أَسْحَارَها             بِمْتمَئِرٍّ فيه تَحْزِيبُ‏

تنر:
التَّنُّورُ: نوع من الكوانين. الجوهري: التِّنُّورُ الذي يخبز فيه. و
في الحديث: قال لرجل عليه ثوب مُعَصْفَرٌ: لو أَن ثَوْبَك في تَنُّورِ أَهْلِكَ أَو تَحْتَ قدْرِهم كان خيراً؛ فذهب فأَحرقه.
؛ قال ابن الأَثير: و إِنما أَراد أَنك لو صرفت ثمنه إِلى دقيق تخبزه أَو حطب تطبخ به كان خيراً لك، كأَنه كره الثوب المعصفر. و التَّنُّور: الذي يخبز فيه؛ يقال: هو في جميع اللغات كذلك. و قال أَحمد بن يحيى: التَّنُّور تَفْعُول من النار؛ قال ابن سيدة: و هذا من الفساد بحيث تراه و إِنما هو أَصل لم يستعمل إِلَّا في هذا الحرف و بالزيادة، و صاحبه تَنَّارٌ. و التَّنُّور: وَجْهُ الأَرض، فارسي معرَّب، و قيل: هو بكل لغة. و في التنزيل العزيز: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ
؛
قال علي، كرم الله وجهه: هو وجه الأَرض.
و كل مَفْجَرِ ماءٍ تَنُّورٌ. قال أَبو إِسحاق: أَعلم الله عزّ و جل أَن وقت هلاكهم فَوْرُ التَّنُّورِ، و
قيل في التنور أَقوال: قيل التنور وجه الأَرض، و يقال: أَراد أَن الماء إِذا فار من ناحية مسجد الكوفة، و قيل: إِن الماء فار من تنور الخابزة، و قيل أَيضاً: إِن التَّنُّور تَنْوِيرُ الصُّبْح.
و
روي عن ابن عباس: التَّنُّورُ الذي بالجزيرة و هي عَيْنُ الوَرْدِ.
و الله أَعلم بما أَراد. قال الليث: التنور عمت بكل لسان. قال أَبو منصور: و قول من قال إِن التنور عمت بكل لسان يدل على أَن الاسم في الأَصل أَعجمي فعرّبتها العرب فصار عربيّاً على بنار فَعُّول، و الدليل على ذلك أَن أَصل بنائه تنر، قال: و لا نعرفه في كلام العرب لأَنه مهمل، و هو نظير ما دخل في كلام العرب من كلام العجم مثل الديباج و الدينار و السندس و الإستبرق و ما أَشبهها و لما تكلمت بها العرب صارت عربية. و تنانير الوادي: محافله؛ قال الراعي:
فَلَمَّا عَلَا ذَاتَ التِّنَانِيرِ صَوْتُهُ،             تَكَشَّفَ عَنْ بَرْقٍ قَليلٍ صَواعِقُهْ‏

و قيل: ذات التنانير هنا موضع بعينه؛ قال الأَزهري: و ذات التنانير عَقَبَةٌ بِحْذاء زُبَالة مما يلي المغرب منها.
تهر:
التَّيْهُورُ: موج البحر إِذا ارتفع؛ قال الشاعر:
كالبَحْرِ يَقْذِفُ بالتَّيْهُورِ تَيهورا

و التيهور: ما بين قُلَّةِ الجبل و أَسفله؛ قال بعض الهذليين:
و طَلَعْتُ مِنْ شِمْراخِهِ تَيْهُورَةً،             شَمَّاءَ مُشْرِفَةً كرأْس الأَصْلَعِ‏

و التَّيْهُورُ: ما اطمأَنَّ من الأَرض، و قيل: هو ما بين أَعلى شفير الوادي و أَسفله العميق، نجدية، و قيل: هو ما بين أَعلى الجبل و أَسفله، هذلية؛ و هي التَّيْهُورةُ، وضعت هذه الكلمة على ما وضعها عليه أَهل التجنيس. التهذيب في الرباعي: التَّيْهُورُ ما اطمأَن من الرَّمْل. الجوهري: التَّيْهُورُ من الرمل ما له جُرُفٌ، و الجمع تَيَاهِيرُ و تَياهِرُ؛ قال الشاعر:
كيف اهْتَدَتْ و دُونَها الجَزائِرُ،             و عَقِصٌ مِنْ عالِجٍ تَياهِرُ؟

و قيل: التَّيْهورُ من الرمل المُشْرفُ، و أَنشد الرجز أَيضاً. و التَّوْهَرِيُّ: السِّنام الطويل؛ قال عمرو بن قَميئَة:
فَأَرْسَلْتُ الغُلامَ، و لم أُلبِّثْ،             إِلى خَيْرِ البوارِك تَوْهَرِيّا

95
لسان العرب4

تهر ص 95

قال ابن سيدة: و أثبت هذه اللفظة في هذا الباب لأَن التاء لا يحكم عليها بالزيادة أَوّلًا إِلَّا بِثَبَتٍ. قال الأَزهري: التَّيْهُورُ فَيْعُول من الوَهْرِ قلبت الواو تاء و أَصله وَيْهُورٌ مثل التَّيْقُور و أَصله وَيْقُور؛ قال العجاج:
إِلى أَرَاطَى ونَقاً تَيْهُورِ
قال: أَراد به فَيْعُول من الوهر. و يقال للرجل إِذا كان ذاهباً بنفسه: به تِيهٌ تَيْهُورٌ أَي تائه.
تور:
التَّوْرُ من الأَواني: مذكر، قيل: هو عربي، و قيل: دخيل. الأَزهري: التَّوْرُ إِناء معروف تذكره العرب تشرب فيه. و
في حديث أُم سليم: أَنها صنعت حَيْساً في تَوْرٍ.
؛ هو إِناء من صُفْرٍ أَو حجارة كالإِجَّانَةِ و قد يتوضأُ منه، و منه‏
حديث سلمان: لما احْتُضِرَ دعا بِمِسْكٍ ثم قال لامرأَته أَوْخِفِيهِ في تَوْرٍ.
أَي اضربيه بالماء. و التَّوْرُ: الرسول بين القوم، عربي صحيح؛ قال:
و التَّوْرُ فيما بَيْنَنَا مُعْمَلُ،             يَرْضَى بهِ الآتيُّ و المُرْسِلُ‏

و في الصحاح: يرضى به المأْتيُّ و المرسل. ابن الأَعرابي: التَّورَةُ الجارية التي تُرسَلُ بين العُشَّاق. و التَّارَةُ: الحين و المَرَّة، أَلفها واو، جَمْعُها تاراتٌ و تِيَرٌ؛ قال:
يَقُومُ تاراتٍ و يَمْشي تِيَرا
و قال العجاج:
ضَرْباً، إِذا ما مِرْجَلُ المَوْتِ أَفَرْ             بالْغَلْي، أَحْمَوهُ و أَحْنَوه التِّيَرْ

قال ابن الأَعرابي: تأْرة مهموز فلما كثر استعمالهم لها تركوا همزها. قال أَبو منصور و قال غيره: جمع تَأْرَةٍ تِئَرٌ، مهموزة؛ قال: و منه يقال أَتْأَرْتُ النَّظَرَ إِليه أَي أَدمته تارةً بَعْدَ تارةٍ. و أَتَرْتُ الشي‏ءَ: جئت به تارةً أُخرى أَي مَرَّةً بعد مرة؛ قال لبيد يصف عَيْراً يديم صوته و نهيقه:
يَجِدُّ سَحِيلَةً و يُتِيرُ فيها،             و يُتْبِعها خِنَاقاً في زَمالِ‏

و يروى: و يُبِيرُ، و يروى: و يُبِين؛ كل ذلك عن اللحياني. التهذيب في قوله أَتْأَرْتُ النظر إِذا حَدَدْتَهُ قال: بهمز الأَلفين غير ممدودة، ثم قال: و من ترك الهمز قال: أَتَرْتُ إِليه النظر و الرمي أُتِيرُ تارَةً. و أَتَرْتُ إِليه الرَّمْيَ إِذا رميته تارة بعد تارة، فهو مُتَارٌ؛ و منه قول الشاعر:
يَظَلُّ كأَنه فَرأٌ مُتَارُ
ابن الأَعرابي: التَّائر المداوم على العمل بعد فُتور. أَبو عمرو: فلان يُتارُ على أَن يُؤْخَذَ أَي يُدار على أَن يؤْخذ؛ و أَنشد لعامر بن كثير المحاربي:
لَقَدْ غَضِبُوا عَليَّ و أَشْقَذوني،             فَصِرْتُ كَأَنَّني فَرَأٌ يتارُ

و يروى: مُتارُ، و حكي: يا تارات فلان، و لم يفسره؛ و أَنشد قول حسان:
لتَسْمَعُنَّ وَشيكاً في دِيارِكُمُ:             اللهُ أَكْبرُ، يا تاراتِ عُثمَانَا

قال ابن سيدة: و عندي أَنه مقلوب من الوَتْرِ الذي هو الدم و إِن كان غير موازن به. و تِيرَ الرجلُ: أُصيب التَّارُ منه، هكذا جاء على صيغة ما لم يسمَّ فاعله؛ قال ابن هَرْمَةَ:
حَييٌّ تَقِيٌّ ساكنُ القَوْلِ وَادِعٌ             إِذا لم يُتَرْ، شَهْمٌ، إِذا تِيرَ، مانِعُ‏

و
تارَاءُ: من مساجد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بين المدينة و تبوك.
؛ و رأَيت في حواشي ابن‏

96
لسان العرب4

تور ص 96

بري بخط الشيخ الفاضل رضي الدين الشاطبي، و أَظنه نسبه إلى ابن سيدة، قوله:
و ما الدَّهْرُ إِلّا تارتانِ: فَمِنْهما             أَمُوتُ، و أُخرى أَبْتَغِي العَيْشَ أَكْدَحُ‏

أَراد: فمنهما تارة أَموتها أَي أَموت فيها.
تير:
التِّير: الحاجز بين الحائطين، فارسي معرب. و التَّيَّارُ: المَوْجُ، و خص بعضهم به موج البحر، و هو آذِيُّه و مَوْجُه؛ قال عدي بن زيد:
عَفُّ المكاسِبِ ما تُكْدى حُسافَتُه،             كالبَحْرِ يَقْذِفُ بالتَّيَّارِ تَيَّارا

و يروى: حَسيفَتُه أَي غيظه و عداوته. و الحُسافَةُ: الشي‏ء القليل، و أَصله ما تساقط من التمر؛ يقول: إِن كان عطاؤُه قليلًا فهو كثير بالإِضافة إِلى غيره، و صواب إِنشاده: يُلحق بالتيار تياراً. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: ثم أَقبل مُزْبِداً كالتَّيَّار.
؛ قال ابن الأَثير: هو موج البحر و لُجَّتُه. و التَّيَّار فَيْعالٌ من تار يتور مثل القيام من قام يقوم غير أَن فعله مُماتٌ. و يقال: قطع عِرْقاً تَيَّاراً أَي سريع الجَرْيَةِ. و فَعَلَ ذلك تارَةً بعد تارة أَي مرة بعد مرة، و الجمع تاراتٌ و تِيَرٌ. قال الجوهري: و هو مقصور من تِيَارٍ كما قالوا قاماتٌ و قِيَمٌ و إِنما غُيِّرَ لأَجل حرف العلة، و لو لا ذلك لما غير، أَ لا ترى أَنهم قالوا في جمع رَحَبَةٍ رحابٌ و لم يقولوا رِحَبٌ؟ و ربما قالوه بحذف الهاء؛ قال الراجز:
بالْوَيْلِ تاراً و الثُّبُورِ تارا
و أَتاره: أَعاده مرة بعد مرة.
فصل الثاء المثلثة
ثأر:
الثَّأْر و الثُّؤْرَةُ: الذَّحْلُ. ابن سيدة: الثَّأْرُ الطَّلَبُ بالدَّمِ، و قيل: الدم نفسه، و الجمع أَثْآرٌ و آثارٌ، على القلب؛ حكاه يعقوب. و قيل: الثَّأْرُ قاتلُ حَمِيمكَ، و الاسم الثُّؤْرَةُ. الأَصمعي: أَدرك فلانٌ ثُؤْرَتَهُ إِذا أَدرك من يطلب ثَأْرَهُ. و الثُّؤُورة: كالثُّؤْرة؛ هذه عن اللحياني. و يقال: ثَأَرْتُ القتيلَ و بالقتيل ثَأْراً و ثُؤْرَةً، فأَنا ثائرٌ، أَي قَتَلْتُ قاتلَه؛ قال الشاعر:
شَفَيْتُ به نفْسِي و أَدْرَكْتُ ثُؤْرَتي،             بَني مالِكٍ، هل كُنْتُ في ثُؤْرَتي نِكْسا؟

و الثَّائِرُ: الذي لا يبقي على شي‏ء حتى يُدْرِك ثَأْرَهُ. و أَثْأَرَ الرجلُ و اثَّأَرَ: أَدرك ثَأْرَهُ. و ثَأَرَ بِهِ و ثَأَرَهُ: طلب دمه. و يقال: ثَأَرْتُك بكذا أَي أَدركت به ثَأْري منك. و يقال: ثَأَرْتُ فلاناً و اثَّأَرْتُ به إِذا طلبت قاتله. و الثائر: الطالب. و الثائر: المطلوب، و يجمع الأَثْآرَ؛ و الثُّؤْرَةُ المصدر. و ثَأَرْتُ القوم ثَأْراً إذا طلبت بثَأْرِهِم. ابن السكيت: ثَأَرْتُ فلاناً و ثَأَرْتُ بفلان إِذا قَتَلْتَ قاتله. و ثَأْرُكَ: الرجل الذي أَصاب حميمك؛ و قال الشاعر:
قَتَلْتُ به ثَأْري و أَدْرَكْتُ ثُؤْرَتي «3».
و قال الشاعر:
طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثائِرٍ،             لهَا نَفَذٌ، لَوْ لا الشُّعاعُ أَضاءَها

و قال آخر:
حَلَفْتُ، فَلَمْ تَأْثَمْ يمِيني: لأَثْأَرَنْ             عَدِيّاً و نُعْمانَ بنَ قَيْلٍ و أَيْهَما

قال ابن سيدة: هؤلاء قوم من بني يربوع قتلهم بنو شيبان يوم مليحة فحلف أَن يطلب بثأْرهم. و يقال: هو ثَأْرُهُ أَي قاتل حميمه؛ قال جرير:
__________________________________________________
 (3). يظهر أن هذه رواية ثانية للبيت الذي مرّ ذكره قبل هذا الكلام.

97
لسان العرب4

ثأر ص 97

و امْدَحْ سَراةَ بَني فُقَيْمٍ، إِنَّهُمْ             قَتَلُوا أَباكَ، و ثَأْرُهُ لم يُقْتَلِ‏

قال ابن بري: هو يخاطب بهذا الشعر الفرزدق، و ذلك أَن ركباً من فقيم خرجوا يريدون البصرة و فيهم امرأَة من بني يربوع بن حنظلة معها صبي من رجل من بني فقيم، فمرّوا بخابية من ماء السماء و عليها أَمة تحفظها، فأَشرعوا فيها إِبلهم فنهتهم الأَمة فضربوها و استقوا في أَسقيتهم، فجاءت الأَمة أَهلها فأَخبرتهم، فركب الفرزدق فرساً له و أَخذ رمحاً فأَدرك القوم فشق أَسقيتهم، فلما قدمت المرأَة البصرة أَراد قومها أَن يثأَروا لها فأَمرتهم أَن لا يفعلوا، و كان لها ولد يقال له ذكوان بن عمرو بن مرة بن فقيم، فلما شبّ راضَ الإِبل بالبصرة فخرج يوم عيد فركب ناقة له فقال له ابن عم له: ما أَحسن هيئتك يا ذكوان لو كنت أَدركت ما صُنع بأُمّك. فاستنجد ذكوان ابن عم له فخرج حتى أَتيا غالباً أَبا الفرزدق بالحَزْنِ متنكرين يطلبان له غِرَّةً، فلم يقدرا على ذلك حتى تحمَّل غالب إِلى كاظمة، فعرض له ذكوان و ابن عمه فقالا: هل من بعير يباع؟ فقال: نعم، و كان معه بعير عليه معاليق كثيرة فعرضه عليهما فقالا: حط لنا حتى ننظر إِليه، ففعل غالب ذلك و تخلف معه الفرزدق و أَعوان له، فلما حط عن البعير نظرا إِليه و قالا له: لا يعجبنا، فتخلف الفرزدق و من معه على البعير يحملون عليه و لحق ذكوان و ابن عمه غالباً، و هو عديل أُم الفرزدق، على بعير في محمل فعقر البعير فخر غالب و امرأَته ثم شدّا على بعير جِعْثِنَ أُخت الفرزدق فعقراه ثم هربا، فذكروا أَن غالباً لم يزل وجِعاً من تلك السَّقْطَةِ حتى مات بكاظمة.
و المثْؤُور به: المقتولُ. و تقول: يا ثاراتِ فلان أَي يا قتلة فلان. و
في الحديث: يا ثاراتِ عثمان.
أَي يا أَهل ثاراته، و يا أَيها الطالبون بدمه، فحذف المضاف و أَقام المضاف إِليه مقامه؛ و قال حسان:
لَتَسْمَعَنَّ وَشِيكاً في دِيارِهِمُ:             اللهُ أَكْبَرُ، يا ثاراتِ عُثْمانا

الجوهري: يقال يا ثارات فلان أَي يا قتلته، فعلى الأَوّل يكون قد نادى طالبي الثأْر ليعينوه على استيفائه و أَخذه، و الثاني يكون قد نادى القتلة تعريفاً لهم و تقريعاً و تفظيعاً للأَمر عليهم حتى يجمع لهم عند أَخذ الثَّأْرِ بين القتل و بين تعريف الجُرْمِ؛ و تسميتُه و قَرْعُ أَسماعهم به ليَصْدَعَ قلوبهم فيكون أَنْكَأَ فيهم و أَشفى للناس. و يقال: اثَّأَرَ فلان من فلان إِذا أَدرك ثَأْرَه، و كذلك إِذا قتل قاتل وليِّه؛ و قال لبيد:
و النِّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنّي رِمَّةً خَلَقاً،             بَعْدَ الْمَماتِ، فإِنّي كُنْتُ أَثَّئِرُ

أَي كنت أَنحرها للضيفان، فقد أَدركت منها ثَأْري في حياتي مجازاة لتَقَضُّمِها عظامي النَّخِرَةَ بعد مماتي، و ذلك أَن الإِبل إِذا لم تجد حَمْضاً ارْتَمَّتْ عِظَامَ الموتَى و عِظامَ الإِبل تُحْمِضُ بها. و
في حديث عبد الرحمن يوم الشُّورَى: لا تغمدوا سيوفكم عن أَعدائكم فَتُوتِروا ثأْرَكُمْ.
؛ الثَّأْرُ هاهنا: العدو لأَنه موضع الثأْر، أَراد أنكم تمكنون عدوّكم من أَخذ وَتْرِهِ عندكم. يقال: وَتَرْتُه إِذا أَصبته بِوَترٍ، و أَوْتَرْتُه إِذا أَوْجَدْتَهُ وَتْرَهُ و مكنته منه. و اثَّأَر: كان الأَصل فيه اثْتَأَرَ فأُدغمت في الثاء و شدّدت، و هو افتعال «4» من ثأَرَ. و الثَّأْرُ المُنِيمُ: الذي يكون كُفُؤاً لِدَمِ وَلِيِّكَ.
__________________________________________________
 (4). قوله: [و هو افتعال إِلخ‏] أَي مصدر اثتأَر الاثتئار افتعال من ثأَر.

98
لسان العرب4

ثأر ص 97

و قال الجوهري: الثَّأْرُ المُنِيمُ الذي إِذا أَصابه الطالبُ رضي به فنام بعده؛ و قال أَبو زيد: اسْتَثْأَرَ فلان فهو مُسْتَثْئِرٌ إِذا استغاث لِيَثْأَرَ بمقتوله:
إِذا جاءهم مُسْتَثْئِرٌ كانَ نَصْره             دعاءً: أَلا طِيرُوا بِكُلِّ وأًى نَهْدِ

قال أَبو منصور: كأَنه يستغيث بمن يُنْجِدُه على ثَأْرِه. و
في حديث محمد بن سلمة يوم خيبر: أَنا له يا رسول الله المَوْتُور الثَّائرُ.
أَي طالب الثَّأْر، و هو طلب الدم. و الثُّؤْرُورُ: الجلْوازُ، و قد تقدّم في حرف التاء أَنه التؤرور بالتاء؛ عن الفارسي.
ثبر:
ثَبَرَهُ يَثْبُرُه ثَبْراً و ثَبْرَةً، كلاهما: حَبَسَهُ؛ قال:
بنَعْمانَ لم يُخْلَقْ ضعيفاً مُثَبَّراً
و ثَبَرَهُ على الأَمر يَثْبُرُه: صرفه. و المُثَابَرَةُ على الأَمر: المواظبة عليه. و
في الحديث: مَنْ ثابَرَ على ثنْتي عَشْرَةَ رَكْعَةً من السُّنَّةِ.
؛ المثابَرةُ: الحِرْصُ على الفعل و القول و ملازمتهما. و ثابَرَ على الشي‏ء: واظب. أَبو زيد: ثَبَرْتُ فلاناً عن الشي‏ء أَثْبُرُهُ رَدَدْتُه عنه. و
في حديث أَبي موسى: أَ تَدْرِي ما ثَبَرَ الناس.
؟ أَي ما الذي صدّهم و منعهم من طاعة الله، و قيل: ما أَبطأَ بهم عنها. و الثَّبْرُ: الحَبْسُ. و قوله تعالى: وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً
؛ قال الفرّاء: أَي مغلوباً ممنوعاً من الخير؛ ابن الأَعرابي: المثبور الملعون المطرود المعذب. و ثَبَرَهُ عن كذا يَثْبُرُه، بالضم، ثَبْراً أَي حبسه؛ و العرب تقول: ما ثَبَرَك عن هذا أَي ما منعك منه و ما صرفك عنه؟ و
قال مجاهد: مَثْبُوراً
 أَي هالكاً.
و
قال قتادة في قوله: هُنالِكَ ثُبُوراً
؛ قال: ويلًا و هلاكاً.
و مَثَلُ العَرَبِ: إِلى أُمِّهِ يَأْوِي مَن ثُبِرَ أَي من أُهْلِكَ. و الثُّبُورُ: الهلاك و الخسران و الويل؛ قال الكميت:
و رَأَتْ قُضاعَةُ، في الأَيامِنِ،             رَأْيَ مَثْبُورٍ و ثابِرْ

أَي مخسور و خاسر، يعني في انتسابها إِلى اليمن. و
في حديث الدعاء: أَعوذ بك من دَعْوَة الثُّبُورِ.
؛ هو الهلاك، و قد ثَبَرَ يَثْبُرُ ثُبُوراً. و ثَبَرَهُ الله: أَهلكه إِهلاكاً لا ينتعش، فمن هنالك يدعو أَهل النار: وا ثُبُوراه فيقال لهم: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً
. قال الفرّاء: الثُّبُور مصدر و لذلك قال ثُبُوراً كَثِيراً
 لأَن المصادر لا تجمع، أَ لا ترى أَنك تقول قعدت قعوداً طويلًا و ضربته ضرباً كثيراً؟ قال: و كأَنهم دعوا بما فعلوا كما يقول الرجل: وَا نَدامتَاهْ و قال الزجاج في قوله: دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً
؛ بمعنى هلاكاً، و نصبه على المصدر كأَنهم قالوا ثبرنا ثبوراً، ثم قال لهم: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً
، مصدر فهو للقليل و الكثير على لفظ واحد. و ثَبَرَ البحرُ: جَزَرَ. و تَثَابَرَتِ الرجالُ في الحرب: تواثبت. و المَثْبِرُ، مثال المجلس: الموضعُ الذي تلد فيه المرأَةُ و تضع الناقةُ، من الأَرض، و ليس له فعل، قال ابن سيدة: أُرى أَنما هو من باب المخْدَع. و
في الحديث: أَنهم وجدوا الناقة المُنْتِجَةَ تفحص في مثبرها.
؛ و قال نُصَير: مَثْبِرُ الناقة أَيضاً حيث تُعَضَّى و تُنْحَرُ؛ قال أَبو منصور: و هذا صحيح و من العرب مسموع، و ربما قيل لمجلس الرجل: مَثْبِرٌ. و
في حديث حكيم بن حزام: أَنَّ أُمه ولدته في الكعبة و أَنه حمل في نِطَعٍ و أُخذ ما تحت مَثْبِرِها فغسل عند حوض زمزم.
؛ المَثْبِرُ: مَسْقَط

99
لسان العرب4

ثبر ص 99

الولد؛ قال ابن الأَثير: و أَكثر ما يقال في الإِبل. و ثَبِرَتِ القَرْحَةُ: انفتحت. و
في حديث معاوية: أَن أَبا بُرْدَةَ قال: دخلت عليه حين أَصابته قَرْحَةٌ، فقال: هَلُمَّ يا ابن أَخي فانظر، قال: فنظرت فإِذا هي قد ثَبِرَتْ، فقلت: ليس عليك بأْس يا أَمير المؤْمنين.
؛ ثَبِرَتْ أَي انفتحت. و الثَّبْرَةُ: تراب شبيه بالنُّورة يكون بين ظهري الأَرض فإِذا بلغ عِرْقُ النخلة إِليه وقف. يقال: لقيتْ عروقُ النخلة ثَبْرَةً فَرَدَّتها؛ و قوله أَنشده ابن دريد:
أَيُّ فَتًى غادَرْتُمُ بِثَبْرَرَهْ‏
إِنما أَراد بثبرة فزاد راء ثانية للوزن. و الثَّبْرَةُ: أَرضٌ رِخْوَةٌ ذات حجارة بيض، و قال أَبو حنيفة: هي حجارة بيض تقوَّم و يبنى بها، و لم يقل إِنها أَرض ذات حجارة. و الثَّبْرَةُ: الأَرض السهلة؛ يقال: بالغت النخلة إِلى ثَبْرَةٍ من الأَرض. و الثَّبْرَةُ: الحفرة في الأَرض. و الثَّبْرَةُ: النقرة تكون في الجبل تمسك الماء يصفو فيها كالصِّهْرِيجِ، إِذا دخلها الماء خرج فيها عن غُثائه و صفا؛ قال أَبو ذؤيب:
فَثَجَّ بها ثَبَراتِ الرَّصافِ،             حَتَّى تَزَيَّلَ رَنْقُ الكَدَرْ «1».

أَراد بالثبرات نِقَاراً يجتمع فيها الماء من السماءِ فيصفو فيها. التهذيب: و الثَّبْرَةُ النُّقْرَةُ في الشي‏ء و الهَزْمَةُ؛ و منه قيل للنقرة في الجبل يكون فيها الماء: ثَبْرَةٌ. و يقال: هو على صِيرِ أَمْرٍ و ثِبَارِ أَمر بمعنى واحد «2». و ثَبْرَةُ: موضع، و قول أَبي ذؤيب:
فَأَعْشَيْتُه، من بَعْدِ ما راثَ عِشْيَهُ،             بِسَهْمٍ كَسَيْرِ الثَّابِرِيَّةِ لَهْوَقِ‏

قيل: هو منسوب إِلى أَرض أَو حيّ، و روي التابرية، بالتاء. و ثَبِيرٌ: جبل بمكة. و يقال: أَشْرِقْ ثَبير كيما نُغِير، و هي أَربعةُ أَثْبِرَةٍ: ثَبِيرُ غَيناء، و ثَبِيرُ الأَعْرَجِ، و ثَبِيرُ الأَحْدَبِ، و ثَبِيرُ حِراء. و في الحديث ذكر ثبير؛ قال ابن الأَثير: و هو الجبل المعروف عند مكة، و هو أَيضاً اسم ماء في ديار مزينة أَقطعه النبي، صلى الله عليه و سلم، شَرِيسَ بنَ ضَمْرَةَ. و يَثْبِرَةُ: اسم أَرض؛ قال الراعي:
أَوْ رَعْلَةٍ مِنْ قَطَا فَيْحانَ حَلَّأَها،             عَنْ ماء يَثْبِرَةَ، الشُّبَّاكُ و الرَّصدُ

ثبجر:
اثْبَجَرَّ الرجلُ: ارتعد عند الفزع؛ قال العجاج يصف الحمار و الأَتان:
إِذا اثْبَجَرَّا مِنْ سَوادٍ خَدَجَا
اثبجرا أَي نفرا و جفلا، و هو الاثْبِجارُ. و اثْبَجَرَّ: تحير في أَمره. و اثْبَجَرَّ الماء: سال و انصب؛ قال العجاج:
من مُرْجَحِنٍّ لَجِبٍ إِذا اثْبَجَرْ
يعني الجيش شبهه بالسيل إِذا اندفع و انبعث لقوّته. أَبو زيد: اثْبَجَرَّ في أَمره إِذا لم يصرمه و ضعف. و اثْبَجَرَّ: رجع على ظهره.
ثجر:
الليث: الثَّجِيرُ ما عصر من العنب فجرت سُلافته و بقيت عُصارته فهو الثَّجِيرُ «3». و يقال: الثجير ثُفْلُ البُسْرِ يخلط بالتمر فينتبذ. و
في حديث الأَشَجِّ: لا تَتْجُروا و لا تَبْسُروا.
أَي لا تَخلطوا ثَجِيرَ التمر مع غيره في النبيذ، فنهاهم عن انتباذه. و الثَّجِيرُ:
__________________________________________________
 (1). قوله: [حتى تزيل رنق الكدر] كذا بالأَصل و في شرح القاموس حتى تفرق رنق المدر.
 (2). قوله: [بمعنى واحد] أَي على إِشراف من قضائه كما في القاموس.
 (3). قوله: [فهو الثجير] كذا بالأَصل و لا حاجة له كما لا يخفى.

100
لسان العرب4

ثجر ص 100

ثُفْلُ كل شي‏ء يعصر، و العامَّةُ تقوله بالتاء. ابن الأَعرابي: الثُّجْرَةُ وَهْدَةٌ من الأَرض منخفضة. و قال غيره: ثُجْرَةُ الوادي أَوّلُ ما تَنْفَرِجُ عنه المضايق قبل أَن ينبسط في السَّعَةِ، و يُشَبَّه ذلك الموضعُ من الإِنسان بثُجْرَةِ النَّحْرِ، و ثُجْرَةُ النحر: وسَطُه. الأَصمعي: الثُّجَرُ الأَوساط، واحدتها ثُجْرَةٌ؛ و الثُّجْرَةُ، بالضم: وسَطُ الوادي و مُتَّسَعُه. و
في الحديث: أَنه أَخذ بثُجْرَة صبي به جُنُونٌ، و قال: اخْرُجْ أَنا محمدٌ.
؛ ثُجْرَةُ النحر: وسطه، و هو ما حول الوَهْدَةِ في اللَّبَّةِ من أَدنى الحَلْقِ. الليث: ثُجْرَةُ الحَشا مُجْتَمَعُ أَعلى السَّحْرِ بقَصَب الرئة. وَ وَرقٌ ثَجْرٌ، بالفتح، أَي عريض. و الثُّجَرُ: سهام غلاظ الأُصول عِراضٌ؛ قال الشاعر:
تَجاوَبَ منها الخَيْزُرانُ المُثَجَّرُ
أَي المعرَّض خُوطاً؛ و أَما قول تميم بن مقبل:
و العَيْرُ يَنْفُخُ في المِكْتانِ، قد كَتِنَتْ             منه جَحافِلُهُ. و العِضْرِسِ الثَّجِرِ

فمعناه المجتمع، و يروى الثُّجَر، و هو جمع الثُّجْرَةِ، و هو ما يجتمع في نباته. أَبو عمرو: ثُجْرة من نَجْمٍ أَي قطعة. الأَصمعي: الثُّجَرُ جماعات متفرقة، و الثَّجْرُ [الثَّجِرُ]: العريض. ابن الأَعرابي: انْثَجَر الجُرْحُ و انْفَجَر إِذا سال ما فيه. الجوهري: انْثَجَر الدَّمُ لغة في انفجر.
ثرر:
عَيْنٌ ثَرَّةٌ و ثَرَّارَةٌ و ثَرْثارَةٌ: غَزيرَة الماء، و قد ثَرَّتْ تَثُرُّ و تَثِرُّ ثَرارَةً، و كذلك السحابة. و سحابٌ ثَرٌّ أَي كثير الماء. و عين ثَرَّةٌ: كثيرة الدموع؛ قال ابن سيدة: و لم يسمع فيها ثَرْثارةٌ؛ أَنشد ابن دريد:
يا مَنْ لِعَيْنٍ ثَرَّةِ المَدامِعِ             يَحْفِشُها الوَجْدُ بِدَمْعٍ هامِعِ‏

يحفشها: يستخرج كل ما فيها. الجوهري: و عين ثَرَّةٌ، قال: و هي سحابة تأْتي من قِبَلِ قِبْلَةِ أَهل العراق؛ قال عنترة:
جادتْ عليها كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ،             فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرارَةٍ كالدّرْهَمِ‏

و طعنة ثَرَّةٌ أَي واسعة، و قيل: ثَرَّةٌ كثيرة الدم، على التشبيه بالعين، و كذلك عين السحاب. قال: و كل نعت في حدّ المدغم إِذا كان على تقدير فَعَلَ فأَكثره على تقدير يَفْعِل، نحو طَبَّ يَطِبُّ و ثَرَّ يَثِرُّ، و قد يختلف في نحو خَبَّ يَخِبُّ [يَخُبُ‏] «1». فهو خَبُّ [خِبُ‏]، قال: و كل شي‏ء في باب التضعيف فعله من يفَعل مفتوح فهو، في فعيل، مكسور في كل شي‏ء، نحو شَحَّ يَشِحُّ و ضَنَّ يَضِنُّ، فهو شحيح و ضنين، و من العرب من يقول: شحَّ يَشُحُّ و ضَنَّ يَضُنُّ؛ و ما كان من أَفعل و فعلاء من ذوات التضعيف، فإِنَّ فَعِلْتُ منه مكسور العين و يفعل مفتوح، نحو أَصم و صماء و أَشم و شماء؛ تقول: صَمِمْتَ يا رجل تَصَمُّ، و جَمِمتَ يا كَبْشُ تَجَمُّ، و ما كان على فَعلْت من ذوات التضعيف غير واقع، فإِن يفعل منه مكسور العين، نحو عَفَّ يَعِفُّ و خَفَّ يَخِفُّ، و ما كان منه واقعاً نحو رَدَّ يَرُدُّ و مَدَّ يَمُدُّ، فإِن يفعل منه مضموم إِلَّا أَحرفاً جاءت نادرة و هي: شَدَّه يَشُدُه و يَشِدُّه و عَلَّه يَعُلُّه و يَعِلُّه و نَمَّ الحديثَ يَنُمُّه و يَنِمهُّ و هَرَّ الشي‏ءَ إِذا كرهه يَهُرُّه و يَهِرُّه؛ قال: هذا كله قول الفرّاء و غيره من النحويين؛ ابن سيدة:
__________________________________________________
 (1). و قوله: [و قد يختلف في نحو خب يخب‏] يقتضي أَنه لم يتخلف فيما قبله و ليس كذلك.

101
لسان العرب4

ثرر ص 101

و المصدر الثَّرارَةُ و الثُّرُورَةُ. و سحابة ثَرَّةٌ: كثيرة الماء. و مطر ثَرُّ: واسعُ القَطْر مُتَدارَكُه. و مطر ثَرٌّ: بَيِّنُ الثَّرارَةِ. و شاة ثَرَّةٌ و ثَرُورٌ: واسعة الإِحليل غزيرة اللبن إِذا حلبت، و كذلك الناقة، و الجمع ثُرُرٌ و ثِرارٌ، و قد ثَرَّتْ تثُرُّ و تَثِرُّ ثَرّاً و ثُروراً و ثُرورَةً و ثَرارَةً. و إِحْليل ثَرٌّ: واسع. و
في حديث خزيمة و ذكر السنة: غاضتْ لها الدَّرَّةُ و نقصت لها الثَّرَّةُ.
؛ الثرة، بالفتح: كثرة اللبن. يقال: ناقة ثَرَّة واسعة الإِحليل، و هو مخرج اللبن من الضرع، قال: و قد تكسر الثاء. و بول ثَرُّ: غَزِيرٌ. و ثَرَّ يَثِرُّ و يَثُرُّ إِذا اتسع، و ثَرَّ يَثُرُّ إِذا بَلَّ سَويقاً أَو غيره. و رجل ثَرُّ و ثَرثارٌ: مُتَشَدِّق كثير الكلام، و الأُنثى ثَرَّةٌ و ثَرْثارَةٌ. و الثَّرْثارُ أَيضاً: الصَّيَّاحُ؛ عن اللحياني. و الثَّرْثَرَةُ في الكلام: الكَثْرةُ و الترديد، و في الأَكل: الإِكثار في تخليط. تقول: رجل ثَرْثارٌ و امرأَة ثَرثارَةٌ و قوم ثَرْثارُونَ؛ و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: أَبْغَضُكُمْ إِليَّ الثَّرْثارُون المُتَفَيْهِقُونَ.
؛ هم الذين يكثرون الكلام تَكَلُّفاً و خروجاً عن الحق. و بناحية الجزيرة عَيْنٌ غزيرة الماء يقال لها: الثَّرْثارُ. و الثَّرْثارُ: نهر بعينه؛ قال الأَخطل:
لَعَمْري لقد لاقتْ سُلَيْمٌ و عامِرٌ،             على جانب الثَّرْثارِ، رَاغِيَةَ البَكْرِ

و ثَرْثارٌ: واد معروف. و ثَراثِرُ: موضع: قال الشماخ:
و أَحْمَى عليها ابنا زُمَيْعٍ و هَيْثَمٍ             مُشَاشَ المَراضِ، اعْتادها من ثَراثِر

و الثَّرْثَرةُ: كثرة الأَكل و الكلام في تخليط و ترديد، و قد ثَرْثَر الرجُل، فهو ثَرْثارٌ مهْذارٌ. و ثَرَّ الشي‏ءَ من يده يَثُرُّه ثَرّاً و ثَرْثَرَةً: بَدَّدَهُ. و حكى ابنُ دريد: ثَرْثَرَهُ بَدَّدَه، و لم يَخُصَّ اليدَ. و الإِثْرارَةُ: نبت يسمى بالفارسية الزريك؛ عن أَبي حنيفة، و جمعها إِثْرارٌ. و ثَرَّرْت المكانَ مثل ثَرَّيْتُه أَي نَدَّيْتُه. و ثُرَيْرٌ، بضم الثاء و فتح الراء و سكون الياء: موضع من الحجاز كان به مال لابن الزبير له ذكر في حديثه.
ثعر:
الثَّعْرُ و الثُّعْرُ و الثَّعَرُ، جميعاً: لَثىً يخرج من أَصل السَّمُرِ، يقال إِنه سَمُّ قاتل، إِذا قطر في العين منه شي‏ء مات الإِنسان وجعاً. و الثَّعَر: كثرة الثآليل. و الثُّعْرُور: ثَمَرُ الذُّؤْنُونِ و هي شجرة مرة، و يقال لرأْس الطُّرْثُوثِ ثُعْرُورٌ كأَنه كَمَرَةُ ذَكَرِ الرجل في أَعلاه. و الثُّعْرُور: الطُّرْثُوثُ، و قيل: طَرَفُه، و هو نبت يؤْكل، و الثَّعارِيرُ: الثآليل و حَمْلُ الطَّراثيث أَيضاً، واحدها ثُعْرور. و
في حديث جابر عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: إِذا مُيِّزَ أَهلُ الجنة من النار أُخرجوا قد امْتُحِشُوا فَيُلْقَوْنَ في نهر الحياة فيخرجون بيضاً مثل الثَّعارير، و في رواية: يخرج قوم من النار فينبتون كما تنبت الثعارير.
قيل: الثعارير في هذا الحديث رؤوس الطراثيث تراها إِذا خرجت من الأَرض بيضاً شبهوا في البياض بها. و قال ابن الأَثير: الثعارير هي القثاء الصغار شبهوا بها لأَن القثاء ينمي سريعاً. و الثُّعْرورانِ: كالحَلَمَتَيْنِ يكتنفان غُرْمُولَ الفرس عن يمين و شمال، و في الصحاح:

102
لسان العرب4

ثعر ص 102

يكتنفان القَتَبَ من خارج، و هما أَيضاً الزائدان على ضَرْعِ الشاة. و الثُّعْرُورُ: الرجل الغليظ القصير.
ثعجر:
الثَّعْجَرَةُ: انْصباب الدمعِ. ثَعْجَرَ الشي‏ءَ و الدمَ و غيره فاثْعَنْجَرَ: صَبّه فانصبَّ؛ و قيل: المُثْعَنْجِرُ السائل من الماء و الدمع. و جَفْنَةٌ مُثْعَنْجِرَةٌ: ممتلئة ثريداً؛ و اثْعَنْجَر دمعه، و اثْعَنْجَرت العين دمعاً؛ قال إمرؤ القيس حين أَدركه الموت: رُبَّ جَفْنَة مُثْعَنْجِرَة، و طَعْنَةٍ مُسْحَنْفِرَة، تبقى غداً بِأَنْقِرَة؛ و المُثْعَنْجِرَة: المَلأَى تُفِيضُ ودَكَها. و المُثْعَنْجِرُ و المُسْحَنْفِرُ: السيل الكثير؛ و اثْعَنْجَرَتِ السحابة بِقَطْرها و اثْعَنْجَرَ المطر نفسه يَثْعَنْجِرُ اثْعِنْجاراً. ابن الأَعرابي: المُثْعَنْجَرُ و العَرانِيَةُ وسط البحر؛ قال ثعلب: ليس في البحر ما يشبهه كثرة. و تصغير المُثْعَنْجِر مُثَيْعِجٌ و مُثَيْعيجٌ؛ قال ابن بري: هذا خطأٌ و صوابه ثُعَيْجِر و ثُعَيْجِيرٌ، تسقط الميم و النون لأَنهما زائدتان، و التصغير و التكثير و الجمع يرد الأَشياء إِلى أُصولها. و
في حديث علي، رضوان الله عليه: يحملها الأَخْضَرُ المُثْعَنْجِرُ.
؛ هو أَكثر موضع في البحر ماء، و الميم و النون زائدتان. و
في حديث ابن عباس: فإِذا علمي بالقرآن في علم عليّ كالقَرارَة في المُثْعَنْجِر.
؛ و القَرارَةُ: الغَدِيرُ الصغير.
ثغر:
الثَّغْرُ و الثَّغْرَةُ: كُلُّ فُرْجَةٍ في جبل أَو بطن واد أَو طريق مسلوك؛ و قال طَلْقُ بن عدي يصف ظليماً و رِئَالَهُ:
صَعْلٌ لَجُوجٌ و لها مُلِجُّ،             بِهنَّ كُلَّ ثَغْرَةٍ يَشُجُّ،
كَأَنه قُدَّامَهُنَّ بُرْجُ،
ابن سيدة: الثَّغْرُ كل جَوْبَةٍ منفتحة أَو عَوْرة. غيره: و الثَّغْرَةُ الثُّلْمَةُ، يقال: ثَغَرْناهُم أَي سددنا عليهم ثَلْمَ الجبل؛ قال ابن مقبل:
و هُمْ ثَغَروا أَقرانَهُمْ بِمُضَرَّسٍ             و عَضْبٍ، و حارُوا القومَ حتى تَزَحْزَحوا

و هذه مدينة فيها ثَغْرٌ و ثَلْمٌ، و الثَّغْرُ: ما يلي دار الحرب. و الثَّغْرُ: موضع المَخافَة من فُروج البُلْدانِ. و
في الحديث: فلما مر الأَجَلُ قَفَلَ أَهلُ ذلك الثَّغرِ.
؛ قال: الثغر الموضع الذي يكون حدّاً فاصلًا بين بلاد المسلمين و الكفار، و هو موضع المخافة من أَطراف البلاد. و
في حديث فتح قَيْسارِيَةَ: و قد ثَغَروا منها ثَغْرَةً واحدة.
؛ الثَّغْرَةُ: الثُّلْمَةُ. و الثَّغْرُ: الفَمُ و قيل: هو اسم الأَسنان كلها ما دامت في منابتها قبل أَن تسقط، و قيل: هي الأَسنان كلها، كنّ في منابتها أَو لم يكنّ، و قيل: هو مقدّم الأَسنان؛ قال:
لها ثَنايا أَربعٌ حِسَانُ             و أَرْبَعٌ، فَثَغْرُها ثَمانُ‏

جعل الثغر ثمانياً، أَربعاً في أَعلى الفم و أَربعاً في أَسفله، و الجمع من ذلك كله ثُغُور. و ثَغَرَه: كسر أَسنانه؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد لجرير:
مَتَى أَلْقَ مَثْغُوراً على سُوءِ ثَغْرِهِ،             أَضَعْ فَوْقَ ما أَبْقَى الرِّياحِيُّ مِبْرَدَا

و قيل: ثُغِرَ و أُثغِرَ دُقَّ فَمُه. و ثُغِرَ الغلامُ ثَغْراً: سقطت أَسنانه الرواضع، فهو مثغور. و اثَّغَرَ و اتَّغَرَ و ادَّغَرَ، على البدل: نبتت أَسنانه، و الأَصل في اتَّغَرَ اثْتَغَرَ، قلبت الثاء تاء ثم أُدغمت، و إِن شئت قلت اثَّغَرَ بجعل الحرف الأَصلي هو

103
لسان العرب4

ثغر ص 103

الظاهر. أَبو زيد: إِذا سقطت رواضع الصبي قيل: ثُغِرَ، فهو مَثْغُور، فإِذا نبتت أَسنانه بعد السقوط قيل: اثَّغَر، بتشديد الثاء، و اتَّغَر، بتشديد التاء، و روي اثْتَغَر و هو افتعل من الثَّغْرِ و منهم من يقلب تاء الافتعال ثاء و يدغم فيها الثاء الأَصلية، و منهم من يقلب الثاء الأَصلية تاء و يدغمها في تاء الافتعال، و خص بعضهم بالاثِّغار و الاتِّغار البهيمة؛ أَنشد ثعلب في صفة فرس:
 قارحٌ قد فَرَّ عنه جانِبٌ،             و رَباعٌ جانبٌ لم يَتَّغِرْ

و قيل: اثَّغَرَ الغلامُ نَبَتَ ثَغْرُه، و اثَّغَرَ: أَلقى ثَغْرَه، و ثَغَرْتُه: كَسَرْتُ ثَغْرَهُ. و قال شمر: الإِثِّغارُ يكون في النبات و السقوط، و من النبات‏
حديث الضحاك: أَنه وُلِدَ و هو مُثَّغِرٌ.
و من السقوط
حديث إِبراهيم: كانوا يحبون أَن يعلِّموا الصبي الصلاةَ إِذا اثَّغَرَ.
الإِثِّغارُ: سقوط سِنِّ الصبي و نباتها، و المراد به هاهنا السقوط؛ و قال شمر: هو عندي في الحديث بمعنى السقوط، يدل على ذلك ما
رواه ابن المبارك بإِسناده عن إِبراهيم إِذا ثُغِرَ.
و ثُغِرَ لا يكون إِلَّا بمعنى السقوط. و قال: و
روي عن جابر ليس في سن الصبي شي‏ء إِذا لم يَثَّغِرْ.
؛ قال: و معناه عنده النبات بعد السقوط. و
في حديث ابن عباس: أَفتنا في دابة ترعى الشجر في كَرِشٍ لم تَثَّغِرْ.
أَي لم تسقط أَسنانها. و حكي عن الأَصمعي أَنه قال: إِذا وقع مُقَدَّم الفم من الصبي قيل: اتَّغَر، بالتاء، فإِذا قلع من الرجل بعد ما يُسِنُّ قيل: قد ثُغِر، بالثاء، فهو مثغور. الهُجَيْميُّ: ثَغَرْتُ سنَّه نَزَعْتها. و اتَّغَرَ: نبت، و اثَّغَرَ: سَقَط و نَبَتَ جميعاً؛ قال الكميت:
تَبَيَّنَ فيه الناسُ، قبل اتّغارِه،             مَكارِمَ أَرْبَى فَوْقَ مِثْلٍ مِثالُها

قال شمر: اتِّغارُه سقوط أَسنانه، قال: و من الناس من لا يَتَّغِرُ أَبداً؛
روي أَن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس لم يَتَّغِرْ قط، و أَنه دخل قبره بأَسنان الصبا و ما نغض له سِنُّ قط حتى فارق الدنيا مع ما بلغ من العمر.
؛ و قال المَرَّارُ العَدَوِيُّ:
قارِحٌ قد مرَّ منه جانِبٌ،             و رَباعٌ جانِبٌ لم يَتَّغِرْ

و قال أَبو زبيد يصف أَنياب الأَسد:
شِبالًا و أَشبْاه الزُّجاج مَغاوِلًا             مَطَلْنَ، و لم يَلْقَيْنَ في الرأْس مَثْغَرَا

قال: مثغراً منفذاً فَأَقَمْنَ مكانهن من فمه؛ يقول: إِنه لم يَتَّغِرْ فَيُخْلِفَ سِنّاً بعد سِنٍّ كسائر الحيوان. قال الأَزهري: أَصل الثَّغْرِ الكسر و الهدم. و ثَغَرْتُ الجدار إِذا هدمته، و منه قيل للموضع الذي تخاف أَن يأْتيك العدوّ منه في جبل أَو حصن: ثَغْرٌ، لانثلامه و إِمكان دخول العدوّ منه. و الثُّغْرَةُ: نُقْرَة النَّحْرِ. و الثُّغَيْرَةُ: الناحية من الأَرض. يقال: ما بتلك الثُّغْرة مثله. و ثُغَرُ المجدِ: طُرُقه، واحدتها ثُغْرَةٌ؛ قال الأَزهري: و كل طريق يَلْتَحِبُه الناسُ بسهولة، فهو ثُغْرَةٌ، و ذلك أَن سالكيه يَثْغَرُون وَجْهَهُ و يَجِدُون فيه شَرَكاً محفورَةً. و الثُّغْرَةُ، بالضم: نُقْرَةُ النحر، و في المحكم: و الثُّغْرَةُ من النحر الهَزْمَةُ التي بين التَّرْقُوَتَيْنِ، و قيل: التي في المنحر، و قيل: هي الهزمة التي ينحر منها البعير، و هي من الفرس فوق الجُؤْجُؤِ، و الجُؤْجُؤُ: ما نَتأَ من نحره بين أَعالي الفَهْدتينِ. و
في حديث عمر: تَسْتَبِقُ إِلى ثُغْرَة

104
لسان العرب4

ثغر ص 103

ثَنِيَّةٍ.
و
حديث أَبي بكر و النسابة: أَمكنتَ من سواء الثُّغْرَةِ.
أَي وسط الثُّغْرَةِ، و هي نُقْرَةُ النحر فوق الصدر. و
الحديث الآخر: بادِرُوا ثُغَرَ المسجد.
؛ أَي طرائقه، و قيل: ثُغْرَةُ المسجد أَعلاه. و الثَّغْرَةُ: من خيار العُشْبِ، و هي خضراء، و قيل: غبراء تَضْخُمُ حتى تصير كأَنها زِنْبِيلٌ مُكْفَأٌ مما يركبها من الورق و الغِصَنَةِ، و ورقها على طول الأَظافير و عَرْضِها، و فيها مُلْحَةٌ قليلة مع خُضْرَتِها، و زَهْرتَها بيضاء، ينبت لها غِصَنَةٌ في أَصل واحد، و هي تنبت في جَلَدِ الأَرض و لا تنبت في الرمل، و الإِبل تأْكلها أَكلًا شديداً و لها أَرْكٌ أَي تقيم الإِبل فيها و تعاود أَكلها، و جمعها ثَغْرٌ؛ قال كثير:
و فاضتْ دُمُوعُ العَيْن حتى كأَنَّما             بُرادُ القَذَى، من يابس الثَّغْرِ، يُكْحَلُ‏

و أَنشد في التهذيب:
و كُحْلٌ بها من يابس الثَّغْرِ مُولَعٌ،             و ما ذاك إِلَّا أَنْ نَآها خَلِيلُها

قال: و لها زَغَبٌ خَشِنٌ، و كذلك الخِمْخِمُ أَي له زَغَبٌ خَشِنٌ، و يوضع الثَّغْر و الخِمْخِمُ في العين. قال الأَزهري: و رأَيت في البادية نباتاً يقال له الثَّغَر و ربما خفف فيقال ثَغْرٌ؛ قال الراجز:
أَفانياً ثَعْداً و ثَغْراً ناعِما
ثفر:
الثَّفَرُ، بالتحريك: ثَفَرُ الدابة. ابن سيدة: الثَّفَرُ السَّيْرُ الذي في مؤَخر السَّرْج، و ثَفَر البعير و الحمار و الدابة مُثَقَّلٌ؛ قال إمرؤ القيس:
لا حِمْيَرِيٌّ وفَى و لا عَدَسٌ،             و لا اسْتُ عَيْرٍ يَحُكُّها ثَفَرُهْ‏

و أَثْفَرَ الدابة: عَمِلَ لها ثفَراً أَو شدّها به. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَمر المستحاضة أَن تَسْتَثْفِرَ و تُلْجِمَ إِذا غلبها سيلان الدم، و هو أن تَشُدَّ فرجها بخرقة عريضة أَو قطنة تحتشي بها و تُوثِقَ طرفيها في شي‏ء تَشُدُّه على وسطها فتمنع سيلان الدم.
و هو مأْخود من ثَفَرِ الدابة الذي يجعل تحت ذنبها؛ و في نسخة: و توثق طرفيها ثم تربط فوق ذلك رباطاً تشدّ طرفيه إِلى حَقَبٍ تَشُدُّه كما تشدّ الثَّفَرَ تحت ذَنَبِ الدابة؛ قال: و يحتمل أَن يكون مأْخوذاً من الثَّفْرِ، أُريد به فرجها و إِن كان أَصله للسباع، و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لا سَلَّم اللهُ على سَلَامَهْ             زِنْجِيَّةٍ، كَأَنَّها نَعامَهْ‏
مُثْفَرَةٌ بِرِيشَتَيْ حَمامَهْ‏
أَي كَأَنَّ أَسْكَتَيْها قد أُثْفِرتا بِرِيشَتَيْ حمامة. و المِثْفَارُ من الدواب: التي ترمي بسرجها إِلى مؤخرها. و الاستثفار: أَن يدخل الإِنسان إِزاره بين فخذيه ملويّاً ثم يخرجه. و الرجل يَسْتَثْفِرُ بإِزاره عند الصِّراع إِذا هو لواه على فخذيه ثم أَخرجه بين فخذيه فشد طرفيه في حُجْزَتِه. و اسْتَثْفَرَ الرجلُ بثوبه إِذا ردَّ طرفه بين رجليه إِلى حجزته. و اسْتَثْفَرَ الكلب إِذا أَدخل ذنبه بين فخذيه حتى يُلْزِقَهُ ببطنه، و هو الاستثفار؛ قال النابغة:
تَعْدُو الذِّئابُ على مَنْ لا كِلابَ له،             و تَتَّقِي مَرْبِضَ المُسْتَثْفِرِ الحامِي‏

و منه‏
حديث ابن الزبير في صفة الجن: فإِذا نَحْنُ برجالٍ طِوالٍ كأَنهم الرِّماح مُسْتَثْفِرينَ ثيابهم.
قال: هو أَن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه. و الثُّفْرُ و الثَّفْرُ، بسكون الفاء أَيضاً، لجميع ضروب السباع و لكل ذاتِ مِخْلَبٍ كالحياءِ للناقة،

105
لسان العرب4

ثفر ص 105

و في المحكم: كالحياء للشاة، و قيل: هو مسلك القضيب فيها، و استعاره الأَخطل فجعله للبقرة فقال:
 جَزَى اللهُ فيها الأَعْوَرَيْنِ مَلامَةً،             و فَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضَاجِمِ‏

المتضاجم: المائل؛ قال: إِنما هو شي‏ء استعاره فأَدخله في غير موضعه كقولهم مشافر الحَبَشِ و إِنما المِشْفَرُ للإِبل؛ و فروة: اسم رجل، و نصب الثَّفْر على البدل منه، و هو لقبه، كقولهم عبد الله قفة و إِنما خفض المتضاجم، و هو من صفة الثَّفْرِ على الجوار، كقولك جحر ضب خرب؛ و استعاره الجعدي أَيضاً للبرذونة فقال:
بُرَيْذِينَةٌ بَلَّ البَراذِينُ ثَفْرَها،             و قد شَرِبَتْ من آخرِ الصَّيْفِ إِبَّلا

و استعاره آخر فجعله للنعجة فقال:
و ما عَمْرُو إِلَّا نَعْجَةٌ ساجِسِيَّةٌ،             تُخَزَّلُ تحتَ الكبشِ، و الثَّفْرُ وارِدُ

ساجسية: منسوبة، و هي غنم شامية حمر صغار الرؤوس؛ و استعاره آخر للمرأَة فقال:
نَحْنُ بَنُو عَمْرَةَ في انْتِسابِ،             بِنْتِ سُوَيْدٍ أَكْرَمِ الضِّبابِ،
جاءتْ بِنَا من ثَفْرِها المُنْجَابِ‏

و قيل: الثُّفْر و الثَّفْر للبقرة أَصل لا مستعار. و رجل مِثْفَرٌ و مِثْفار: ثناء قبيح و نَعْتُ سَوْء، و زاد في المحكم: و هو الذي يُؤْتى.
ثقر:
التَّثَقُّر: التَّرَدُّدُ و الجزَع؛ و أَنشد:
إِذا بُلِيتَ بِقِرْنٍ،             فاصْبِرْ و لا تَتَثَقَّرْ

ثمر:
الثَّمَرُ: حَمْلُ الشَّجَرِ. و أَنواع المال و الولد: ثَمَرَةُ القلب. و
في الحديث: إِذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ثَمَرَةَ فُؤَاده، فيقولون: نعم.
؛ قيل للولد ثمرة لأَن الثمرة ما ينتجه الشجر و الولد ينتجه الأَب. و
في حديث عمرو بن مسعود قال لمعاوية: ما تسأَل عمن ذَبُلَتْ بَشَرَتُه و قُطِعَتْ ثَمَرَتُه.
يعني نسله، و قيل: انقطاع شهوته للجماع. و
في حديث المبايعة: فأَعطاه صَفْقَةَ يَدِهِ و ثَمَرَةَ قلبه.
أَي خالص عهده. و
في حديث ابن عباس: أَنه أَخذ بِثَمَرَةِ لسانه.
أَي طرفه الذي يكون في أَسفله. و الثمر: أَنواع المال، و جمعُ الثَّمَرِ ثمارٌ، و ثُمُرٌ جمع الجمع، و قد يجوز أَن يكون الثُّمُر جمع ثَمَرَةٍ كخَشَبَةٍ و خُشُب و أَن لا يكون جمعَ ثِمارٍ لأَن باب خشبةٍ و خُشُبٍ أَكثر من باب رِهان و رُهُن؛ قال ابن سيدة: أَعني أَن جمع الجمع قليل في كلامهم؛ و حكى سيبويه في الثَّمَر ثَمُرَةً، و جمعها ثَمُرٌ كَسَمُرَة و سَمُرٍ؛ قال: و لا تُكَسَّرُ لقلة فَعُلَةٍ في كلامهم، و لم يحك الثَّمُرَة أَحد غيره. و الثَّيْمارُ: كالثَّمَر؛ قال الطرماح:
حتى تركتُ جَنابَهُمْ ذَا بَهْجَةٍ،             وَرْدَ الثَّرَى مُتَلَمِّعَ الثَّيْمار

و أَثْمَر الشجر: خرج ثمَره. ابن سيدة: و ثمَرَ الشجر و أَثْمَر: صار فيه الثَّمَرُ، و قيل: الثَّامِرُ الذي بلغ أَوان أَن يُثْمِر. و المُثْمِر: الذي فيه ثَمَر، و قيل: ثَمَرٌ مُثْمِرٌ لم يَنْضَجْ، و ثامِرٌ قد نَضِج. ابن الأَعرابي: أَثْمَرَ الشجرُ إِذا طلع ثَمَرُه قبل أَن يَنْضَجَ، فهو مُثْمِر، و قد ثَمَر الثَّمَرُ يَثْمُر، فهو ثامِرٌ، و شجر ثامِر إِذا أَدْرَك ثَمَرُهُ. و شجرة ثَمْراءُ أَي ذات ثَمَر. و
في الحديث: لا قطع في ثَمَرٍ و لا كَثَرٍ.
؛ الثمر: هو الرطب في رأْس النخلة فإِذا كبر فهو التَّمْرُ، و الكَثَرُ: الجُمَّارُ؛ و يقع الثَّمَرُ على كل الثِّمارِ و يغلب على ثَمَرِ النخل.

106
لسان العرب4

ثمر ص 106

و
في حديث عليّ، عليه السلام: زاكياً نَبتُها ثامِراً فَرْعُها.
؛ يقال: شجر ثامِرٌ إِذا أَدرك ثَمَرُه؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
و الخمرُ ليست من أَخيكَ، و لكنْ             قد، تَغُرُّ بِثامِرِ الحِلْمِ‏

قال: ثامره تامُّه كثامِرِ الثَّمَرَةِ، و هو النَّضِيج منه، و يروى:
... بآمن الحِلْمِ‏

، و قيل: الثامرُ كل شي‏ء خرج ثَمَره، و المُثْمِر: الذي بلغ أَن يجنى؛ هذه عن أَبي حنيفة؛ و أَنشد:
تَجْتَنِي ثامرَ جُدَّادِهِ،             بين فُرادَى بَرَمٍ أَو تُؤَامْ‏

و قد أَخطأَ في هذه الرواية لأَنه قال بين فرادى فجعل النصف الأَوّل من المديد و النصف الثاني من السريع، و إِنما الرواية من فرادى و هي معروفة. و الثمرة: الشجرة؛ عن ثعلب. و قال أَبو حنيفة: أَرض ثَمِيرة كثيرة الثَّمَر، و شجرة ثَمِيرة و نخلة ثميرة مُثْمِرة؛ و قيل: هما الكثيرا الثَّمَر، و الجمع ثُمُرٌ. و قال أَبو حنيفة: إِذا كثر حمل الشجرة أَو ثَمَرُ الأَرض فهي ثَمْراء. و الثَّمْراء: جمع الثَّمَرة مثل الشَّجْراءِ جمعُ الشَّجَرَة؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي في صفة نحل:
تَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جوارِسٌ،             مَراضِيعُ صُهْبُ الريش، زُغْبٌ رِقابُها

الجوارس: النحل التي تَجْرِس ورق الشجر أَي تأْكله، و المراضيع هنا: الصغار من النحل. و صهب الريش يريد أَجنحتها، و قيل: الثَّمْراء في بيت أَبي ذؤيب اسم جبل، و قيل: شجرة بعينها. و ثَمَّرَ النباتُ: نَفَض نَوْرُه و عَقَدَ ثَمَرُه؛ رواه ابن سيدة عن أَبي حنيفة. و الثُّمُرُ: الذهب و الفضة؛ حكاه الفارسي يرفعه إِلى مجاهد في قوله عز و جل: وَ كانَ لَهُ ثُمُرٌ؛ فيمن قرأَ به، قال: و ليس ذلك بمعروف في اللغة. التهذيب:
قال مجاهد في قوله تعالى: وَ كانَ لَهُ ثَمَرٌ
؛ قال: ما كان في القرآن من ثُمُرٍ فهو مال و ما كان من ثَمَر فهو من الثِّمار.
و روى الأَزهري بسنده قال: قال سلام أَبو المنذر القارئ في قوله تعالى: وَ كانَ لَهُ ثَمَرٌ
؛ مفتوح جمع ثَمَرة، و من قرأَ ثُمُر قال: من كل المال، قال: فأَخبرت بذلك يونس فلم يقبله كأَنهما كانا عنده سواء. قال: و سمعت أَبا الهيثم يقول ثَمَرة ثم ثَمَر ثم ثُمُر جمع الجمع، و جمع الثُّمُر أَثمار مثل عُنُقٍ و أَعناق. الجوهري: الثَّمَرة واحدة الثَّمَر و الثَّمَرات، و الثُّمُر المال المُثَمَّر، يخفف و يثقل. و قرأَ أَبو عمرو: و كان له ثُمْرٌ، و فسره بأَنواع الأَموال. و ثَمَّرَ ماله: نمَّاه. يقال: ثَمَّر الله مالك أَي كثَّره. و أَثمَر الرجلُ: كثر ماله. و العقل المُثْمِر: عقل المسلم، و العقل العقيم: عقل الكافر. و الثَّامِرُ: نَوْرُ الحُمَّاضِ، و هو أَحمر؛ قال:
مِنْ عَلَقٍ كثامِرِ الحُمَّاض‏
و يقال: هو اسم لثَمَره و حَمْلِه. قال أَبو منصور: أَراد به حُمْرَة ثَمَره عند إِيناعه، كما قال:
كأَنَّما عُلِّقَ بالأَسْدانِ             يانِعُ حُمَّاضٍ و أُرْجُوانِ‏

و
روي عن ابن عباس أَنه أَخذ بِثَمَرَةِ لسانه و قال: قل خيراً تغنم أَو أَمسك عن سوء تسلم.
؛ قال شمر: يريد أَنه أَخذ بطرف لسانه؛ و كذلك ثَمَرَةُ السوط طرفه. و قال ابن شميل: ثَمَرة الرأْس جلدته. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه دق ثمَرة السوط حتى أُخِذَتْ له.
؛ مخففةً، يعني طرف السوط. و ثَمَر السياط: عُقَدُ أَطرافها. و
في حديث الحدّ:

107
لسان العرب4

ثمر ص 106

فأَتى بسوط لم تقطع ثَمَرته.
أَي طرفه، و إِنما دق عمر، رضي الله عنه، ثمرة السوط لتلين تخفيفاً على الذي يضرب به. و الثَّامر: اللُّوبِياءُ؛ عن أَبي حنيفة، و كلاهما اسم. و الثَّمِير من اللبن: ما لم يخرج زُبْدُه؛ و قيل: الثَّمِير و الثَّمِيرة الذي ظهر زُبْدُه؛ و قيل: الثميرة أَن يظهر الزبد قبل أَن يجتمع و يبلغ إِناهُ من الصُّلوح؛ و قد ثَمَّر السِّقاءُ تثميراً و أَثْمَر، و قيل: المُثْمِر من اللبن الذي ظهر عليه تَحَبُّبٌ و زُبْدٌ و ذلك عند الرُّؤوب. و أَثْمَر الزُّبْدُ: اجتمع؛ الأَصمعي: إِذا أَدرك ليُمْخَضَ فظهر عليه تَحَبُّبٌ و زُبْدٌ، فهو المُثْمِر. و قال ابن شميل: هو الثَّمير، و كان إِذا كان مُخِضَ فرؤي عليه أَمثال الحَصَفِ في الجلد ثم يجتمع فيصير زبداً، و ما دامت صغاراً فهو ثَمِير؛ و قد ثَمَّر السقاءُ و أَثْمَر، و إن لبنك لَحَسَنُ الثَّمَر، و قد أَثْمَر مِخاضُك؛ قال أَبو منصور: و هي ثَمِيرة اللبن أَيضاً. و
في حديث معاوية قال لجارية: هل عندك قِرًى؟ قالت: نعم، خُبزٌ خَميرٌ و لَبَن ثَمِير و حَيْسٌ جَمِير.
؛ الثَّمير: الذي قد تحبب زبده و ظهرت ثَمِيرته أَي زبده. و الجمير: المجتمع. و ابن ثَمِيرٍ: الليلُ المُقْمِرُ؛ قال:
و إِني لَمِنْ عَبْسٍ، و إِن قال قائِلٌ             على رَغْمِهمْ: ما أَثْمَرَ ابنُ ثَمِير

أَراد: و إِني لمن عبس ما أَثمر. و ثامرٌ و مُثْمرُ: اسمان.
ثنجر:
قال أَبو حنيفة: الثِّنْجارُ نُقْرَةٌ من الأَرض يدوم نَداها و تنبت، و الثِّنْجارَةُ إِلا أَنها تنبت العَضْرَس. ابن الأَعرابي: الثِّنْجارَةُ و الثِّبْجارَةُ: الحفرة التي يحفرها ماء المَرازِب.
ثور:
ثارَ الشي‏ءُ ثَوْراً و ثُؤوراً و ثَوَراناً و تَثَوَّرَ: هاج؛ قال أَبو كبير الهذلي:
يَأْوي إِلى عُظُمِ الغَرِيف، و نَبْلُه             كَسَوامِ دَبْرِ الخَشْرَمِ المُتَثَوِّرِ

و أَثَرْتُه و هَثَرْتُهُ على البدل و ثَوَّرْتهُ، و ثَورُ الغَضَب: حِدَّته. و الثَّائر: الغضبان، و يقال للغضبان أَهْيَجَ ما يكونُ: قد ثار ثائِرُه و فارَ فائِرُه إِذا غضب و هاج غضبه. و ثارَ إِليه ثَوْراً و ثُؤوراً و ثَوَراناً: وثب. و المُثاوَرَةُ: المواثَبَةُ. و ثاوَرَه مُثاوَرَة و ثِوَاراً؛ عن اللحياني: واثبَه و ساوَرَه. و يقال: انْتَظِرْ حتى تسكن هذه الثَّوْرَةُ، و هي الهَيْجُ. و ثار الدُّخَانُ و الغُبار و غيرهما يَثُور ثَوْراً و ثُؤوراً و ثَوَراناً: ظهر و سطع، و أَثارَهُ هو؛ قال:
يُثِرْنَ من أَكْدرِها بالدَّقْعَاءْ،             مُنْتَصِباً مِثْلَ حَرِيقِ القَصْبَاءِ

الأَصمعي: رأَيت فلاناً ثائِرَ الرأْس إِذا رأَيته قد اشْعانَّ شعره أَي انتشر و تفرق؛ و
في الحديث: جاءه رجلٌ من أَهل نَجْدٍ ثائرَ الرأْس يسأَله عن الإِيمان.
؛ أَي منتشر شَعر الرأْس قائمَهُ، فحذف المضاف؛ و منه‏
الحديث الآخر: يقوم إِلى أَخيه ثائراً فَرِيصَتُهُ.
؛ أَي منتفخ الفريصة قائمها غَضَباً، و الفريصة: اللحمة التي بين الجنب و الكتف لا تزال تُرْعَدُ من الدابة، و أَراد بها هاهنا عَصَبَ الرقبة و عروقها لأَنها هي التي تثور عند الغضب، و قيل: أَراد شعر الفريصة، على حذف المضاف. و يقال: ثارَتْ نفسه إِذا جَشَأَتْ و إِن شئتَ جاشَت؛ قال أَبو منصور: جَشَأَتْ أَي ارتَفعت، و جاشت أَي فارت. و يقال: مررت بِأَرانِبَ فأَثَرْتُها. و يقال: كيف الدَّبى؟ فيقال: ثائِرٌ و ناقِرٌ، فالثَّائِرُ ساعَةَ ما يخرج من التراب، و الناقر حين ينقر أَي‏

108
لسان العرب4

ثور ص 108

يثب من الأَرض. و ثارَ به الدَّمُ و ثارَ بِه الناسُ أَي وَثَبُوا عليه. و ثَوَّرَ البَرْكَ و استثارها أَي أَزعجها و أَنهضها. و
في الحديث: فرأَيت الماء يَثُور من بين أَصابعه.
أَي يَنْبُعُ بقوّة و شدّة؛ و
الحديث الآخر: بل هي حُمَّى تَثُورُ أَو تَفُور.
و ثارَ القَطَا من مَجْثَمِه و ثارَ الجَرادُ ثَوْراً و انْثار: ظَهَرَ. و الثَّوْرُ: حُمْرَةُ الشَّفَقِ الثَّائِرَةُ فيه، و
في الحديث: صلاة العشاء الآخرة إِذا سَقَط ثَوْرُ الشَّفَقِ.
و هو انتشار الشفق، و ثَوَرانهُ حُمْرَته و مُعْظَمُه. و يقال: قد ثارَ يَثُورُ ثَوْراً و ثَوَراناً إِذا انتشر في الأُفُقِ و ارتفع، فإِذا غاب حَلَّتْ صلاة العشاء الآخرة، و قال في المغرب: ما لم يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ. و الثَّوْرُ: ثَوَرَانُ الحَصْبَةِ. و ثارَتِ الحَصْبَةُ بفلان ثَوْراً و ثُؤوراً و ثُؤَاراً و ثَوَراناً: انتشرت: و كذلك كل ما ظهر، فقد ثارَ يَثُور ثَوْراً و ثَوَراناً. و حكى اللحياني: ثارَ الرجل ثورَاناً ظهرت فيه الحَصْبَةُ. و يقال: ثَوَّرَ فلانٌ عليهم شرّاً إِذا هيجه و أَظهره. و الثَّوْرُ: الطُّحْلُبُ و ما أَشبهه على رأْس الماء. ابن سيدة: و الثَّوْرُ ما علا الماء من الطحلب و العِرْمِضِ و الغَلْفَقِ و نحوه، و قد ثارَ الطُّحْلُب ثَوْراً و ثَوَراناً و ثَوَّرْتُه و أَثَرْتُه. و كل ما استخرجته أَو هِجْتَه، فقد أَثَرْتَه إِثارَةً و إِثاراً؛ كلاهما عن اللحياني. و ثَوَّرْتُه و اسْتَثَرْتُه كما تستثير الأَسَدَ و الصَّيْدَ؛ و قول الأَعشى:
لَكَالثَّوْرِ، و الجنِّيُّ يَضْرِب ظَهْرَه،             و ما ذَنْبُه أَنْ عافَتِ الماءَ مَشْربا؟

أَراد بالجِنّي اسم راع، و أَراد بالثور هاهنا ما علا الماء من القِمَاسِ يضربه الراعي ليصفو الماء للبقر؛ و قال أَبو منصور و غيره: يقول ثور البقر أَجرأُ فيقدّم للشرب لتتبعه إِناث البقر؛ و أَنشد:
أَ بَصَّرْتَني بأَطِيرِ الرِّجال،             و كَلَّفْتَني ما يَقُول البَشَرْ
كما الثورِ يَضْرِبُه الرَّاعيان،             و ما ذَنْبُه أَنْ تَعافَ البَقَرْ؟

و الثَّوْرُ: السَّيِّدُ، و به كني عمرو بن معديكرب أَبا ثَوْرٍ. و
قول علي، كرم الله وجهه: إِنما أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ.
؛ عنى به عثمان، رضي الله عنه، لأَنه كان سَيِّداً، و جعله أَبيض لأَنه كان أَشيب، و قد يجوز أَن يعني به الشهرة؛ و أَنشد لأَنس بن مدرك الخثعمي:
إِنِّي و قَتْلي سُلَيْكاً ثم أَعْقِلَهُ،             كالثورِ يُضْرَبُ لما عافَتِ البَقَرُ
 غَضِبْتُ لِلمَرْءِ إِذ يَنْكُتْ حَلِيلَتَه،             و إِذْ يُشَدُّ على وَجْعائِها الثَّفَرُ

قيل: عنى الثور الذي هو الذكر من البقر لأَن البقر تتبعه فإِذا عاف الماء عافته، فيضرب ليرد فترد معه، و قيل: عنى بالثَّوْرِ الطُّحْلُبَ لأَن البَقَّارَ إِذا أَورد القطعة من البقر فعافت الماء و صدّها عنه الطحلب ضربه ليفحص عن الماء فتشربه. و قال الجوهري في تفسير الشعر: إِن البقر إِذا امتنعت من شروعها في الماء لا تضرب لأَنها ذات لبن، و إِنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب، و يقال للطحلب: ثور الماء؛ حكاه أَبو زيد في كتاب المطر؛ قال ابن بري: و يروى هذا الشعر:
إِنِّي و عَقْلي سُلَيْكاً بعدَ مَقْتَلِه‏
قال: و سبب هذا الشعر أَن السُّلَيْكَ خرج في تَيْمِ الرِّباب يتبع الأَرياف فلقي في طريقه رجلًا من خَثْعَم‏

109
لسان العرب4

ثور ص 108

يقال له مالك بن عمير فأَخذه و معه امرأَة من خَفاجَة يقال لها نَوَارُ، فقال الخَثْعَمِيُّ: أَنا أَفدي نفسي منك، فقال له السليك: ذلك لك على أَن لا تَخِيسَ بعهدي و لا تطلع عليّ أَحداً من خثعم، فأَعطاه ذلك و خرج إِلى قومه و خلف السليك على امرأَته فنكحها، و جعلت تقول له: احذر خثعم فقال:
 و ما خَثْعَمٌ إِلَّا لِئامٌ أَذِلَّةٌ،             إِلى الذُّلِّ و الإِسْخاف تُنْمى و تَنْتَمي‏

فبلغ الخبرُ أَنسَ بن مُدْرِكَةَ الخثعمي و شبْلَ بن قِلادَةَ فحالفا الخَثْعَمِيَّ زوجَ المرأَة و لم يعلم السليك حتى طرقاه، فقال أَنس لشبل: إِن شِئت كفيتك القوم و تكفيني الرجل، فقال: لا بل اكفني الرجل و أَكفيك القوم، فشدَّ أَنس على السليك فقتله و شدَّ شبل و أَصحابه على من كان معه، فقال عوف بن يربوع الخثعمي و هو عم مالك بن عمير: و الله لأَقتلن أَنساً لإِخفاره ذمة ابن عمي و جرى بينهما أَمر و أَلزموه ديته فأَبى فقال هذا الشعر؛ و قوله:
كالثور يضرب لما عافت البقر

هو مثل يقال عند عقوبة الإِنسان بذنب غيره، و كانت العرب إِذا أَوردوا البقر فلم تشرب لكدر الماء أَو لقلة العطش ضربوا الثور ليقتحم الماء فتتبعه البقر؛ و لذلك يقول الأَعشى:
و ما ذَنْبُه إِن عافَتِ الماءَ باقِرٌ،             و ما أَن يَعَاف الماءَ إِلَّا لِيُضْرَبا

و قوله:
و إِذ يشدّ على وجعائها الثفر
الوجعاء: السافلة، و هي الدبر. و الثفر: هو الذي يشدّ على موضع الثَّفْرِ، و هو الفرج، و أَصله للسباع ثم يستعار للإِنسان. و يقال: ثَوَّرْتُ كُدُورَةَ الماء فَثارَ. و أَثَرْتُ السَّبُعَ و الصَّيْدَ إِذا هِجْتَه. و أَثَرْتُ فلاناً إِذا هَيَّجْتَهُ لأَمر. و اسْتَثَرْتُ الصَّيْدَ إِذا أَثَرْتَهُ أَيضاً. و ثَوَّرْتُ الأَمر: بَحَثْتُه و ثَوَّرَ القرآنَ: بحث عن معانيه و عن علمه. و
في حديث عبد الله: أَثِيرُوا القرآن فإِن فيه خبر الأَولين و الآخرين، و في رواية: علم الأَوَّلين و الآخرين.
؛ و
في حديث آخر: من أَراد العلم فليُثَوِّر القرآن.
؛ قال شمر: تَثْوِيرُ القرآن قراءته و مفاتشة العلماء به في تفسيره و معانيه، و قيل: لِيُنَقِّرْ عنه و يُفَكِّرْ في معانيه و تفسيره و قراءته، و قال أَبو عدنان: قال محارب صاحب الخليل لا تقطعنا فإِنك إِذا جئت أَثَرْتَ العربية؛ و منه قوله:
يُثَوِّرُها العينانِ زَيدٌ و دَغْفَلٌ‏

و أَثَرْتُ البعير أُثيرُه إِثارةً فَثارَ يَثُورُ و تَثَوَّرَ تَثَوُّراً إِذا كان باركاً و بعثه فانبعث. و أَثارَ الترابَ بقوائمهِ إِثارَةً: بَحَثه؛ قال:
يُثِيرُ و يُذْري تُرْبَها و يَهيلُه،             إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَواجِرِ مُخْمِسِ‏

قوله: نباث الهواجر يعني الرجل الذي إِذا اشتد عليه الحر هال التراب ليصل إِلى ثراه، و كذلك يفعل في شدة الحر. و قالوا: ثَورَة رجال كَثروَةِ رجال؛ قال ابن مقبل:
و ثَوْرَةٍ من رِجالِ لو رأَيْتَهُمُ،             لقُلْتَ: إِحدى حِراجِ الجَرَّ مِن أُقُرِ

و يروى و ثَرْوةٍ. و لا يقال ثَوْرَةُ مالٍ إِنما هو ثَرْوَةُ مالٍ فقط. و في التهذيب: ثَوْرَةٌ من رجال و ثَوْرَةٌ من مال للكثير. و يقال: ثَرْوَةٌ من رجال و ثَرْوَةٌ من مال بهذا المعنى. و قال ابن الأَعرابي: ثَوْرَةٌ من رجال و ثَرْوَةٌ يعني عدد كثير، و ثَرْوَةٌ من‏

110
لسان العرب4

ثور ص 108

مالٍ لا غير. و الثَّوْرُ: القِطْعَةُ العظيمة من الأَقِطِ، و الجمع أَثْوَارٌ و ثِوَرَةٌ، على القياس. و يقال: أَعطاه ثِوَرَةً عظاماً من الأَقِطِ جمع ثَوْرٍ. و
في الحديث: توضؤوا مما غَيَّرتِ النارُ و لو من ثَوْرَ أَقِطٍ.
؛ قال أَبو منصور: و ذلك في أَوّل الإِسلام ثم نسخ بترك الوضوء مما مست النار، و قيل: يريد غسل اليد و الفم منه، و مَنْ حمله على ظاهره أوجب عليه وجوب الوضوء للصلاة. و
روي عن عمرو بن معديكرب أَنه قال: أَتيت بني فلان فأَتوني بثَوْرٍ و قَوْسٍ و كَعْبٍ.
؛ فالثور القطعة من الأَقط، و القوس البقية من التمر تبقى في أَسفل الجُلَّةِ، و الكعب الكُتْلَةُ من السمن الحَامِسِ. و
في الحديث: أَنه أَكلَ أَثْوَارَ أَقِطٍ.
؛ الأثوار جمع ثَوْرٍ، و هي قطعة من الأَقط، و هو لبن جامد مستحجر. و الثَّوْرُ: الأَحمق؛ و يقال للرجل البليد الفهم: ما هو إِلا ثَوْرٌ. و الثَّوْرُ: الذكر من البقر؛ و قوله أَنشده أَبو علي عن أَبي عثمان:
أَ ثَوْرَ ما أَصِيدُكُمْ أَو ثَوْريْنْ             أَمْ تِيكُمُ الجمَّاءَ ذاتَ القَرْنَيْنْ؟

فإِن فتحة الراء منه فتحة تركيب ثور مع ما بعده كفتحة راء حضرموت، و لو كانت فتحة إِعراب لوجب التنوين لا محالة لأَنه مصروف، و بنيت ما مع الاسم و هي مبقاة على حرفيتها كما بنيت لا مع النكرة في نحو لا رجل، و لو جعلت ما مع ثور اسماً ضممت إِليه ثوراً لوجب مدّها لأَنها قد صارت اسماً فقلت أَثور ماء أَصيدكم؛ كما أَنك لو جعلت حاميم من قوله:
يُذَكِّرُني حامِيمَ و الرُّمْحُ شاجِرٌ
اسمين مضموماً أَحدهما إِلى صاحبه لمددت حا فقلت حاء ميم ليصير كحضرموت، كذا أَنشده الجماء جعلها جماء ذات قرنين على الهُزْءِ، و أَنشدها بعضهم الحَمَّاءَ؛ و القول فيه كالقول في ويحما من قوله:
أَلا هَيَّما مما لَقِيتُ و هَيَّما،             وَ وَيْحاً لمَنْ لم يَلْقَ مِنْهُنَّ ويْحَمَا

و الجمع أَثْوارٌ و ثِيارٌ و ثِيارَةٌ و ثِوَرَةٌ و ثِيَرَةٌ و ثِيرانٌ و ثِيْرَةٌ، على أَن أَبا عليّ قال في ثِيَرَةٍ إِنه محذوف من ثيارة فتركوا الإِعلال في العين أَمارة لما نووه من الأَلف، كما جعلوا الصحيح نحو اجتوروا و اعْتَوَنُوا دليلًا على أَنه في معنى ما لا بد من صحته، و هو تَجاوَروا و تَعاونُوا؛ و قال بعضهم: هو شاذ و كأَنهم فرقوا بالقلب بين جمع ثَوْرٍ من الحيوان و بين جمع ثَوْرٍ من الأَقِطِ لأَنهم يقولون في ثَوْر الأَقط ثِوَرةٌ فقط و للأُنثى ثَوْرَةٌ؛ قال الأَخطل:
و فَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضاجِمِ‏
و أَرض مَثْوَرَةٌ: كثيرة الثَّيرانِ؛ عن ثعلب. الجوهري عند قوله في جمع ثِيَرَةٍ: قال سيبويه: قلبوا الواو ياء حيث كانت بعد كسرة، قال: و ليس هذا بمطرد. و قال المبرّد: إِنما قالوا ثِيَرَةٌ ليفرقوا بينه و بين ثِوَرَة الأَقط، و بنوه على فِعْلَةٍ ثم حركوه، و يقال: مررت بِثِيَرَةٍ لجماعة الثَّوْرِ. و يقال: هذه ثِيَرَةٌ مُثِيرَة أَي تُثِيرُ الأَرضَ. و قال الله تعالى في صفة بقرة بني إِسرائيل: تُثِيرُ الْأَرْضَ وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ‏
؛ أَرض مُثارَةٌ إِذا أُثيرت بالسِّنِّ و هي الحديدة التي تحرث بها الأَرض. و أَثارَ الأَرضَ: قَلَبَها على الحب بعد ما فُتحت مرّة، و حكي أَثْوَرَها على التصحيح. و قال الله عز و جل: وَ أَثارُوا الْأَرْضَ‏
؛ أَي حرثوها و زرعوها و استخرجوا منها بركاتها و أَنْزال زَرْعِها. و
في الحديث: أَنه كتب لأَهل جُرَش بالحمَى الذي حماه لهم للفَرَس و الرَّاحِلَةِ و المُثِيرَةِ.
؛ أَراد بالمثيرة بقر الحَرْث‏

111
لسان العرب4

ثور ص 108

لأَنها تُثيرُ الأَرض. و الثّورُ: بُرْجٌ من بروج السماء، على التشبيه. و الثَّوْرُ: البياض الذي في أَسفل ظُفْرِ الإِنسان. و ثَوْرٌ: حيٌّ من تميم. و بَنُو ثَورٍ: بَطنٌ من الرَّبابِ و إِليهم نسب سفيان الثَّوري. الجوهري: ثَوْر أَبو قبيلة من مُضَر و هو ثور بن عَبْدِ منَاةَ بن أُدِّ بن طابِخَةَ بن إلياس بن مُضَر و هم رهط سفيان الثوري. و ثَوْرٌ بناحية الحجاز: جبل قريب من مكة يسمى ثَوْرَ أَطْحَل. غيره: ثَوْرٌ جبل بمكة و فيه الغار نسب إِليه ثَوْرُ بنُ عبد مناة لأَنه نزله. و
في الحديث: أنه حَرَّمَ ما بين عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ.
ابن الأَثير قال: هما جبلان، أَما عير فجبل معروف بالمدينة، و أَما ثور فالمعروف أَنه بمكة، و فيه الغار الذي بات فيه سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، لما هاجر، و هو المذكور في القرآن؛ و في رواية قليلة ما بين عَيْرٍ و أُحُد، و أُحد بالمدينة، قال: فيكون ثور غلطاً من الراوي و إِن كان هو الأَشهر في الرواية و الأَكثر، و قيل: إن عَيْراً جبل بمكة و يكون المراد أَنه حرم من المدينة قدر ما بين عير و ثور من مكة أَو حرم المدينة تحريماً مثل تحريم ما بين عير و ثور بمكة على حذف المضاف و وصف المصدر المحذوف. و قال أَبو عبيد: أَهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلًا يقال له ثور «2». و إِنما ثور بمكة. و قال غيره: إِلى بمعنى مع كأَنه جعل المدينة مضافة إِلى مكة في التحريم.
فصل الجيم‏
جأر:
جَأَرَ يَجْأَرُ جَأْراً و جُؤَاراً: رفع صوته مع تضرع و استغاثة. و في التنزيل: إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ‏
؛ و قال ثعلب: هو رفع الصوت إِليه بالدعاء. و جَأَر الرجلُ إِلى الله عز و جل إِذا تضرّع بالدعاءِ. و
في الحديث: كأَني أَنظر إِلى موسى له جُؤَارُ إِلى ربه بالتلبية.
؛ و منه‏
الحديث الآخر: لخرجتم إِلى الصُّعدَاتِ تَجْأَرُون إِلى الله.
و
قال قتادة في قوله: إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ‏
؛ قال: إِذا هم يَجْزعُون، و قال السُّدِّيُّ: يصيحون، و قال مجاهد: يضرعون دعاء.
و جأَرَ القومُ جُؤَاراً: و هو أَن يرفعوا أَصواتهم بالدعاء متضرِّعين. قال: و جأَرَ بالدعاء إِذا رفع صوته. الجوهري: الجُؤَارُ مثل الخُوَار، جأَر الثور و البقرة يَجْأَرُ جُؤَاراً: صاحا، و خَارَ يَخور بمعنى واحد: رفعا صوتهما؛ و قرأَ بعضهم: عجلًا جسداً له جُؤَارٌ، حكاه الأَخفش؛ و غيث جُؤَرٌ مثل نُغَرٍ أَي مُصَوّتٌ، من ذلك، و في الصحاح: أَي غزير كثير المطر؛ و أَنشد لجندل بن المُثَنَّى:
يا رَبَّ رَبَّ المسلمين بالسُّوَرْ،             لا تَسقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ

دعا عليه أَن لا تمطر أَرضه حتى تكون مُجْدِبةً لا نبت بها، و الصَّيّبُ: المطر الشديد، و العزَّافُ: الذي فيه رعد. و العَزْفُ: الصَّوْتُ، و قيل: غيث جُؤَرٌ طال نبته و ارتفع. و جَأَرَ النبتُ: طال و ارتفع، و جَأَرَت الأَرض بالنبات كذلك؛ و قال الشاعر:
أَبْشرْ فَهذي خُوصَةٌ و جَدْرُ             و عُشُبٌ، إِذا أَكَلْتَ، جَوأَرُ «3».

و عُشْبٌ جَأْرٌ و غَمْرٌ أَي كثير. و ذكر الجوهري: غَيْثٌ جِوَرُّ في جَوَرَ، و سيأْتي ذكره. و الجأْرُ من النبت: الغَضُّ الرَّيَّانُ؛ قال جندل:
و كُلِّلَتْ بأُقْحوانٍ جأْرِ
و هذا البيت في التهذيب معرّف:
و كللت بالأُقحوان الجأْر

_______________________________________________
 (2). قوله [و قال أَبو عبيد إلخ‏] رده في القاموس بأن حذاء أحد جانحاً إلى ورائه جبلًا صغيراً يقال له ثور.
 (3). قوله [جوأر] كذا بالأصل، و الصواب: جَأرُ.

112
لسان العرب4

جأر ص 112

قال: و هو الذي طال و اكتهل. و رجل جَأْرٌ: ضخم، و الأُنثى جَأْرةٌ. و الجائر: جَيَشانُ النَّفْس، و قد جُئِرَ. و الجائرُ أَيضاً: الغَصَصُ، و الجائرُ: حَرٌّ في الحَلْقِ.
جبر:
الجَبَّارُ: الله عز اسمه القاهر خلقه على ما أَراد من أَمر و نهي. ابن الأَنباري: الجبار في صفة الله عز و جل الذي لا يُنالُ، و منه جَبَّارُ النخل. الفرّاء: لم أَسمع فَعَّالًا من أَفعل إِلا في حرفين و هو جَبَّار من أَجْبَرْتُ، و دَرَّاك من أَدركْتُ، قال الأَزهري: جعل جَبَّاراً في صفة الله تعالى أَو في صفة العباد من الإِجْبار و هو القهر و الإِكراه لا من جَبَرَ. ابن الأَثير: و يقال جَبَرَ الخلقَ و أَجْبَرَهُمْ، و أَجْبَرَ أَكْثَرُ، و قيل: الجَبَّار العالي فوق خلقه، و فَعَّال من أَبنية المبالغة، و منه قولهم: نخلة جَبَّارة، و هي العظيمة التي تفوت يد المتناول. و
في حديث أَبي هريرة: يا أَمَةَ الجَبَّار.
إِنما أَضافها إِلى الجبار دون باقي أَسماء الله تعالى لاختصاص الحال التي كانت عليها من إِظهار العِطْرِ و البَخُورِ و التباهي و التبختر في المشي. و
في الحديث في ذكر النار: حتى يضع الجَبَّار فيها قَدَمَهُ.
؛ قال ابن الأَثير: المشهور في تأْويله أَن المراد بالجبار الله تعالى، و يشهد له قوله‏
في الحديث الآخر: حتى يضع فيها رب العزة قدمه.
؛ و المراد بالقدم أَهل النار الذين قدَّمهم الله لها من شرار خلقه كما أَن المؤمنين قَدَمُه الذين قدَّمهم إِلى الجنة، و قيل: أَراد بالجبار هاهنا المتمرد العاتي، و يشهد له قوله‏
في الحديث الآخر: إِن النار قالت: وُكّلْتُ بثلاثة: بمن جعل مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ*، و ب كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
، و بالمصوِّرين.
و الجَبَّارُ: المتكبر الذي لا يرى لأَحد عليه حقّاً. يقال: جَبَّارٌ بَيِّنُ الجَبَرِيَّة و الجِبِرِيَّة، بكسر الجيم و الباء، و الجَبْرِيَّةِ و الجَبْرُوَّةِ و الجَبَرُوَّةِ و الجُبُرُوتِ و الجَبَرُوتِ و الجُبُّورَةِ و الجَبُّورَة، مثل الفَرُّوجة، و الجِبْرِياءُ و التَّجْبَارُ: هو بمعنى الكِبْرِ؛ و أَنشد الأَحمر لمُغَلِّسِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ يعاتب رجلًا كان والياً على أُوضَاخ:
فإِنك إِنْ عادَيْتَني غَضِبِ الحصى             عَلَيْكَ، و ذُو الجَبُّورَةِ المُتَغَطْرفُ‏

يقول: إِن عاديتني غضب عليك الخليقة و ما هو في العدد كالحصى. و المتغطرف: المتكبر. و يروى المتغترف، بالتاء، و هو بمعناه. و تَجَبَّرَ الرجل: تكبر. و
في الحديث: سبحان ذي الجَبَرُوت و المَلَكُوت.
؛ هو فَعَلُوتٌ من الجَبْر و القَهْرِ. و
في الحديث الآخر: ثم يكون مُلْكٌ و جَبَرُوتٌ.
أَي عُتُوٌّ و قَهْرٌ. اللحياني: الجَبَّار المتكبر عن عبادة الله تعالى؛ و منه قوله تعالى: وَ لَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا
؛ و كذلك قول عيسى، على نبينا و عليه الصلاة و السلام: وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا
؛ أَي متكبراً عن عبادة الله تعالى. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، حضرته امرأَة فأَمرها بأَمر فَتَأَبَّتْ، فقال النبي، صلى الله عليه و سلم: دَعُوها فإِنها جَبَّارَة.
أَي عاتية متكبرة. و الجبِّيرُ، مثال الفِسِّيق: الشديد التَّجَبُّرِ. و الجَبَّارُ من الملوك: العاتي، و قيل: كُلُّ عاتٍ جَبَّارٌ و جِبِّيرٌ. و قَلْبٌ جَبَّارٌ: لا تدخله الرحمة. و قَلْبٌ جَبَّارٌ: ذو كبر لا يقبل موعظة. و رجل جَبَّار: مُسَلَّط قاهر. قال الله عز و جل: وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ
؛ أَي بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهَرَهم على الإِسلام. و الجَبَّارُ: الذي يَقْتُلُ على الغَضَبِ. و الجَبَّارُ: القَتَّال في غير حق. و في التنزيل العزيز: وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ‏
؛ و كذلك قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز: إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ‏
؛ أَي قتَّالا

113
لسان العرب4

جبر ص 113

في غير الحق، و كله راجع إِلى معنى التكبر. و الجَبَّارُ: العظيمُ القَوِيُّ الطويلُ؛ عن اللحياني: قال الله تعالى: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ‏
؛ قال اللحياني: أَراد الطُّولَ و القوّة و العِظَمَ؛ قال الأَزهري: كأَنه ذهب به إِلى الجَبَّار من النخيل و هو الطويل الذي فات يَدَ المُتَناول. و يقال: رجل جَبَّار إِذا كان طويلًا عظيماً قويّاً، تشبيهاً بالجَبَّارِ من النخل. الجوهري: الجَبَّارُ من النخل ما طال و فات اليد؛ قال الأَعشى:
طَرِيقٌ و جَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُه،             عليه أَبابِيلٌ من الطَّيْرِ تَنْعَبُ‏

و نخلة جَبَّارَة أَي عظيمة سمينة. و
في الحديث: كَثافَةُ جلد الكافر أَربعون ذراعاً بذراع الجَبَّار.
؛ أَراد به هاهنا الطويل، و قيل: الملك، كما يقال بذراع الملك، قال القتيبي: و أَحسبه مَلِكاً من ملوك الأَعاجم كان تام الذراع. ابن سيدة: و نخلة جَبَّارة فَتِيَّة قد بلغت غاية الطول و حملت، و الجمع جَبَّار؛ قال:
فاخِراتٌ ضُلُوعها في ذُراها،             و أَنَاضَ العَيْدانُ و الجَبَّارُ

و حكى السيرافي: نخلة جَبَّارٌ، بغير هاء. قال أَبو حنيفة: الجَبَّارُ الذي قد ارتقي فيه و لم يسقط كَرْمُه، قال: و هو أَفْتَى النخل و أَكْرَمُه. قال ابن سيدة: و الجَبْرُ المَلِكُ، قال: و لا أَعرف مم اشتق إِلا أَن ابن جني قال: سمي بذلك لأَنه يَجْبُر بِجُوده، و ليس بِقَوِيٍّ؛ قال ابن أَحمر:
اسْلَمْ بِراوُوقٍ حُيِيتَ به،             و انْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ

قال: و لم يسمع بالجَبْرِ المَلِكِ إِلا في شعر ابن أَحمر؛ قال: حكى ذلك ابن جني قال: و له في شعر ابن أَحمر نظائر كلها مذكور في مواضعه. التهذيب: أَبو عمرو: يقال لِلْمَلِك جَبْرٌ. قال: و الجَبْرُ الشُّجاعُ و إِن لم يكن مَلِكاً. و قال أَبو عمرو: الجَبْرُ الرجل؛ و أَنشد قول ابن أَحمر:
و انْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ

أَي أَيها الرجل. و الجَبْرُ: العَبْدُ؛ عن كراع. و
روي عن ابن عباس في جبريل و ميكائيل: كقولك عبد الله و عبد الرحمن.
؛ الأَصمعي: معنى إِيل هو الربوبية فأُضيف جبر و ميكا إِليه؛ قال أَبو عبيد: فكأَنَّ معناه عبد إِيل، رجل إِيل. و يقال: جبر عبد، و إِيل هو الله. الجوهري: جَبْرَئيل اسم، يقال هو جبر أُضيف إِلى إِيل؛ و فيه لغات: جَبْرَئِيلُ مثال جَبْرَعِيل، يهمز و لا يهمز؛ و أَنشد الأَخفش لكعب ابن مالك:
شَهِدْنا فما تَلْقى لنا من كَتِيبَةٍ،             يَدَ الدَّهرِ، إِلا جَبْرَئِيلٌ أَمامُها

قال ابن بري: و رفع أَمامها على الإِتباع بنقله من الظروف إِلى الأَسماء؛ و كذلك البيت الذي لحسان شاهداً على جبريل بالكسر و حذف الهمزة فإِنه قال: و يقال جِبريل، بالكسر؛ قال حسان:
و جِبْرِيلٌ رسولُ اللهِ فِينا،             و رُوحُ القُدْسِ ليسَ له كِفاءُ

و جَبْرَئِل، مقصور: مثال جَبْرَعِلٍ و جَبْرِين و جِبْرِين، بالنون. و الجَبْرُ: خلاف الكسر، جَبَر العظم و الفقير و اليتيم يَجْبُرُه جَبْراً و جُبُوراً و جِبَارَةٍ؛ عن اللحياني. و جَبَّرَهُ فَجَبر يَجْبُرُ جَبْراً و جُبُوراً و انْجَبَرَ و اجْتَبَر و تَجَبَّرَ. و يقال: جَبَّرْتُ الكَسِير أُجَبِّره تَجْبيراً و جَبَرْتُه جَبْراً؛ و أَنشد:

114
لسان العرب4

جبر ص 113

لها رِجْلٌ مجَبَّرَةٌ تَخُبُّ،             و أُخْرَى ما يُسَتِّرُها وجاحُ‏

و يقال: جَبَرْتُ العظم جَبْراً و جَبَرَ العظمُ بنفسه جُبُوراً أَي انجَبَر؛ و قد جمع العجاج بين المتعدي و اللازم فقال:
قد جَبَر الدِّينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
و اجْتَبَر العظم: مثل انْجَبَر؛ يقال: جَبَرَ اللهُ فلاناً فاجْتَبَر أَي سدّ مفاقره؛ قال عمرو بن كلثوم:
مَنْ عالَ مِنَّا بَعدَها فلا اجْتَبَرْ،             و لا سَقَى الماءَ، و لا راءَ الشَّجَرْ

معنى عال جار و مال؛ و منه قوله تعالى: ذلِكَ أَدْنى‏ أَلَّا تَعُولُوا؛ أَي لا تجوروا و تميلوا. و
في حديث الدعاء: و اجْبُرْني و اهدني.
أَي أَغنني؛ من جَبَرَ الله مصيبته أَي رَدَّ عليه ما ذهب منه أَو عَوَّضَه عنه، و أَصله من جَبْرِ الكسر. و قِدْرٌ إِجْبارٌ: ضدّ قولهم قِدْرٌ إِكْسارٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه جابراً في نفسه، أَو أَرادوا جمع قِدْرٍ جَبْرٍ و إِن لم يصرحوا بذلك، كما قالوا قِدْرٌ كَسْرٌ؛ حكاها اللحياني. و الجَبائر: العيدان التي تشدّها على العظم لتَجْبُرَه بها على استواء، واحدتها جِبارَة و جَبِيرةٌ. و المُجَبِّرُ: الذي يَجْبُر العظام المكسورة. و الجِبارَةُ و الجَبيرَة: اليارَقَةُ، و قال في حرف القاف: اليارَقُ الجَبِيرَةُ و الجِبارَةُ و الجبيرة أَيضاً: العيدان التي تجبر بها العظام. و
في حديث عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: و جَبَّار القلوب على فِطراتِها.
؛ هو من جبر العظم المكسور كأَنه أَقام القلوب و أَثبتها على ما فطرها عليه من معرفته و الإِقرار به شقيها و سعيدها. قال القتيبي: لم أَجعله من أَجْبَرْتُ لأَن أَفعل لا يقال فيه فَعَّال، قال: يكون من اللغة الأُخْرَى. يقال: جَبَرْت و أَجْبَرْتُ بمعنى قهرت. و
في حديث خسف جيش البَيْدَاء: فيهم المُسْتَبْصِرُ و المَجْبُور و ابن السبيل.
؛ و هذا من جَبَرْتُ لا أَجْبَرْتُ. أَبو عبيد: الجَبائر الأَسْوِرَة من الذهب و الفضة، واحدتها جِبَارة و جَبِيرَةٌ؛ و قال الأَعشى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضَابِ             و مِعصماً، مِثْلَ الجِبَارَهْ‏

و جَبَرَ الله الدين جَبْراً فَجَبَر جُبُوراً؛ حكاها اللحياني، و أَنشد قول العجاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجبَرْ

و الجَبْرُ أَن تُغْنِيَ الرجلَ من الفقر أَو تَجْبُرَ عظمَه من الكسر. أَبو الهيثم: جَبَرْتُ فاقةَ الرجل إِذا أَغنيته. ابن سيدة: و جَبَرَ الرجلَ أَحسن إِليه. قال الفارسي: جَبَرَه أَغناه بعد فقر، و هذه أَليق العبارتين. و قد استَجْبَرَ و اجْتَبَرَ و أَصابته مصيبة لا يَجْتَبِرُها أَي لا مَجْبَرَ منها. و تَجَبَّرَ النبتُ و الشجر: اخْضَرَّ و أَوْرَقَ و ظهرت فيه المَشْرَةُ و هو يابس، و أَنشد اللحياني لإمرئ القيس:
و يأْكُلْنَ من قوٍّ لَعَاعاً وَ رِبَّةً،             تَجَبَّرَ بعدَ الأَكْلِ، فَهْوَ نَمِيصُ‏

قوّ: موضع. و اللعاع: الرقيق من النبات في أَوّل ما ينبت. و الرِّبَّةُ: ضَرْبٌ من النبات. و النَّمِيصُ: النبات حين طلع ورقه؛ و قيل: معنى هذا البيت أَنه عاد نابتاً مخضرّاً بعد ما كان رعي، يعني الرَّوْضَ. و تَجَبَّرَ النبت أَي نبت بعد الأَكل. و تَجَبَّر النبت و الشجر إِذا نبت في يابسه الرَّطْبُ. و تَجَبَّرَ الكَلأُ أُكل ثم صلح قليلًا بعد الأَكل. قال: و يقال للمريض: يوما

115
لسان العرب4

جبر ص 113

تراه مُتَجَبِّراً و يوماً تَيْأَسُ منه؛ معنى قوله متجبراً أَي صالح الحال. و تَجَبَّرَ الرجُل مالًا: أَصابه، و قيل: عاد إِليه ما ذهب منه؛ و حكى اللحياني: تَجَبَّرَ الرجُل، في هذا المعنى، فلم يُعَدِّه. التهذيب: تَجَبَّر فلان إِذا عاد إِليه من ماله بعضُ ما ذهب. و العرب تسمي الخُبْزَ جابِراً، و كنيته أَيضاً أَبو جابر. ابن سيدة: و جابرُ بنُ حَبَّة اسم للخبز معرفة؛ و كل ذلك من الجَبْرِ الذي هو ضد الكسر. و جابِرَةُ: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه و سلم، كأَنها جَبَرَتِ الإِيمانَ.
و سمى النبي، صلى الله عليه و سلم، المدينة بعدة أَسماء: منها الجابِرَةُ و المَجْبُورَةُ.
و جَبَرَ الرجلَ على الأَمر يَجْبُرُه جَبْراً و جُبُوراً و أَجْبَرَه: أَكرهه، و الأَخيرة أَعلى. و قال اللحياني: جَبَرَه لغة تميم وحدها؛ قال: و عامّة العرب يقولون: أَجْبَرَهُ. و الجَبْرُ: تثبيت وقوع القضاء و القدر. و الإِجْبارُ في الحكم، يقال: أَجْبَرَ القاضي الرجلَ على الحكم إِذا أَكرهه عليه. أَبو الهيثم: و الجَبْرِيَّةُ الذين يقولون أَجْبَرَ اللهُ العبادَ على الذنوب أَي أَكرههم، و معاذ الله أَن يُكره أَحداً على معصيته و لكنه علم ما العبادُ. و أَجْبَرْتُهُ: نسبته إلى الجَبْرِ، كما يقال أَكفرته: نسبته إِلى الكُفْرِ. اللحياني: أَجْبَرْتُ فلاناً على كذا فهو مُجْبَرٌ، و هو كلام عامّة العرب، أَي أَكرهته عليه. و تميم تقول: جَبَرْتُه على الأَمر أَجْبرُهُ جَبْراً و جُبُوراً؛ قال الأَزهري: و هي لغة معروفة. و كان الشافعي يقول: جَبَرَ السلطانُ، و هو حجازي فصيح. و قيل للجَبْرِيَّةِ جَبْرِيَّةٌ لأَنهم نسبوا إِلى القول بالجَبْرِ، فهما لغتان جيدتان: جَبَرْتُه و أَجْبَرْته، غير أَن النحويين استحبوا أَن يجعلوا جَبَرْتُ لجَبْرِ العظم بعد كسره و جَبْرِ الفقير بعد فاقته، و أَن يكون الإِجْبارُ مقصوراً على الإِكْراه، و لذلك جعل الفراء الجَبَّارَ من أَجْبَرْتُ لا من جَبَرْتُ، قال: و جائز أَن يكون الجَبَّارُ في صفة الله تعالى من جَبْرِه الفَقْرَ بالغِنَى، و هو تبارك و تعالى جابر كل كسير و فقير، و هو جابِرُ دِينِه الذي ارتضاه، كما قال العجاج:
قد جَبَرَ الدينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
و الجَبْرُ: خلافُ القَدَرِ. و الجبرية، بالتحريك: خلاف القَدَرِيَّة، و هو كلام مولَّد. و حربٌ جُبَارٌ: لا قَوَدَ فيها و لا دِيَةَ. و الجُبَارُ من الدَّمِ: الهَدَرُ. و
في الحديث: المَعْدِنُ جُبَارٌ و البِئْرُ جُبَارٌ و العَجْماءُ جُبَارٌ.
؛ قال:
حَتَمَ الدَّهْرُ علينا أَنَّهُ             ظَلَفٌ، ما زال منَّا، و جُبَار

و قال تَأَبَّط شَرّاً:
بِهِ من نَجاءِ الصَّيْفِ بِيضٌ أَقَرَّها             جُبَارٌ، لِصُمِّ الصَّخْرِ فيه قَراقِرُ

جُبَارٌ يعني سيلًا. كُلُّ ما أَهْلَكَ و أَفْسَدَ: جُبَارٌ. التهذيب: و الجُبارُ الهَدَرُ. يقال: ذهب دَمُه جُبَاراً. و معنى الأَحاديث: أن تنفلت البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إِنساناً أَو شيئاً فجرحها هدَر، و كذلك البئر العادِيَّة يسقط فيها إِنسان فَيَهْلِكُ فَدَمُه هَدَرٌ، و المَعْدِن إِذا انهارَ على حافره فقتله فدمه هدر. و في الصحاح: إِذا انهار على من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مُستَأْجرُه. و
في الحديث: السائمةُ جُبَار.
؛ أَي الدابة المرسَلة في رعيها. و نارُ إِجْبِيرَ، غير مصروف: نار الحُباحِبِ؛ حكاه أَبو علي عن أَبي عمرو الشيباني. و جُبَارٌ [جِبَارٌ]: اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية من أَسمائهم القديمة؛ قال:

116
لسان العرب4

جبر ص 113

أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، و أَنَّ يَوْمِي             بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِنْ يَفُتْني،             فمُؤنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيَارِ

الفراء عن المُفَضَّل: الجُبَارُ يوم الثلاثاء. و الجَبَارُ: فِناءُ الجَبَّان. و الجِبَارُ: الملوك، واحدهم جَبْرٌ. و الجَبَابِرَةُ: الملوك، و قد تقدّمَ بذراعِ الجَبَّار. قيل: الجَبَّارُ المَلِكُ، و هذا كما يقال هو كذا و كذا ذراعاً بذراع الملك، و أَحسبه ملكاً من ملوك العجم ينسب إِليه الذراع. و جَبْرٌ و جابِرٌ و جُبَيْرٌ و جُبَيْرَةُ و جَبِيرَةُ: أَسماء، و حكى ابن الأَعرابي: جِنْبَارٌ من الجَبْرِ؛ قال ابن سيدة: هذا نص لفظه فلا أَدري من أَيِّ جَبْرٍ عَنَى، أَ من الجَبْرِ الذي هو ضدّ الكسر و ما في طريقه أَم من الجَبْرِ الذي هو خلاف القَدَرِ؟ قال: و كذلك لا أَدري ما جِنْبَارٌ، أَ وَصْفٌ أَم عَلَم أَم نوع أَم شخص؟ و لو لا أَنه قال جِنْبَارٌ، من الجَبْرِ لأَلحقته بالرباعي و لقلت: إِنها لغة في الجِنِبَّارِ الذي هو فرخ الحُبَارَى أَو مخفف عنه، و لكن قوله من الجَبْرِ تصريحٌ بأَنه ثلاثي، و الله أَعلم.
جثر:
ورَقٌ جِثْرٌ: واسع.
 [ثجر]
و ثَجَّرَ الشي‏ءَ «4». وَسَّعَه. و انثَجر الماء: صار كثيراً. و انْثَجَر الدَّمُ: خرج دُفَعاً، و قيل: انْثَجَر كانْفَجَر؛ عن ابن الأَعرابي، فإِما أَن يكون ذهب إِلى تسويتهما في المعنى فقط، و إِما أَن يكون أَراد أَنهما سواء في المعنى، و أَن الثاء مع ذلك بدل من الفاء. و ثُجْرَةُ الوادي: حيث يتفرق الماء و يتسع، و هو معظمه. و ثُجْرَةُ الإِنسان و غيره: وسَطُه، و قيل: مُجْتَمَعُ أَعلى جسده، و قيل: هي اللَّبَّةُ و هي من البعير السَّبَلَةُ. و سهم أَثْجَرُ: عريض واسع الجَرْحِ؛ حكاه أَبو حنيفة؛ و أَنشد الهذلي و ذكر رجلًا احتمى بنبله:
و أَحْصَنَه ثُجْرُ الظُّبَاتِ كأَنَّها،             إِذا لم يُغَيِّبْها الجَفِيرُ، جَحِيمُ‏

و قيل: سهامٌ ثُجْرٌ غِلاظ الأُصول قصار. و الثُّجْرَة: القِطْعَةُ المتفرِّقة من النبات. و الثَّجِيرُ: ثُفْلُ عصير العنب و التمر، و قيل: هو ثفل التمر و قشر العنب إِذا عصر. و ثَجَر التمرَ: خلطه بِثَجِير البُسْرِ. و ثَجْرٌ: موضع قريب من نجْرانَ؛ من تذكرة أَبي علي، و أَنشد:
هَيْهَاتَ، حَتَّى غَدَوْا مِنْ ثَجْرَ، مَنْهَلُهم             حِسْيٌ بِنَجْرانَ، صاحَ الدِّيكُ فاحْتَملُوا

جعله اسماً للبقعة فترك صرفه. و مكان جَثْرٌ: فيه ترابٌ يخالطه سَبَخٌ.
جحر:
الجُحْرُ: لكل شي‏ء يُحْتَفَرُ في الأَرض إِذا لم يكن من عظام الخلق. قال ابن سيدة: الجُحْرُ كل شي‏ء تَحْتَفِرُه الهَوامُّ و السباع لأَنفسها، و الجمع أَجْحارٌ و جِحَرَةٌ؛ و قوله:
مُقَبِّضاً نَفْسِيَ في طُمَيْرِي،             تَجَمُّعَ القُنْفُذِ في الجُحَيْرِ

فإِنه يجوز أَن يعني به شوكه ليقابل قوله مقبضاً نفسي في طميري، و قد يجوز أَن يعني جُحْره الذي يدخل فيه، و هو المَجْحَرُ. و مَجاحِرُ القوم: مَكامِنُهُمْ. و أَجْحَرَهُ فانْجَحرَ: أَدخله الجُحْرَ فدخَله. و أَجْحَرْتُه‏
__________________________________________________
 (4). قوله: [و ثجر الشي‏ء إلخ‏] من هنا إلى قوله و مكان جثر حقه أن يذكر في ثجر بل ذكر معظمه هناك.

117
لسان العرب4

جحر ص 117

أَي أَلجأْته إِلى أَن دخلَ جُحْرَهُ. و جَحَرَ الضَّبُّ: «1». دخل جُحْرَهُ. و أَجْحَرَهُ إِلى كذا: أَلجأَه. و المُجْحَرُ: المضطرُّ المُلْجَأُ؛ و أَنشد:
يَحمِي المُجْحَرِينا
و يقال: جَحَرَ عنَّا خَيْرُكَ أَي تَخَلَّفَ فلم يُصِبنا. و اجْتَحَرَ لنفسه جُحْراً أَي اتخذه. قال الأَزهري: و يجوز في الشعر جَحَرَتِ الهَناةُ في جِحَرَتها. و الجُحْرانُ: الجُحْرُ، و نظيره: جئت في عُقْبِ الشَّهْرِ و في عُقْبانِه. و
في الحديث: إِذا حاضت المرأَة حرم الجُحْران؛ مروي عن عائشة، رضي الله عنها
رواه بعض الناس بكسر النون على التثنية يريد الفرج و الدبر. و قال بعض أَهل العلم: إِنما هو الجُحْرانُ، بضم النون، اسم القُبُل خاصة؛ قال ابن الأَثير: هو اسم للفرج، بزيادة الأَلف و النون، تمييزاً له عن غيره من الجِحَرَةِ، و قيل: المعنى أَن أَحدهما حرام قبل الحيض، فإِذا حاضت حرما جميعاً. و الجَواحِرُ: المتخلفات من الوحش و غيرها؛ قال إمرؤ القيس:
فَأَلْحَقَنا بالْهَادِياتِ، و دُونَهُ             جَواحِرُها، في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ‏

و قيل: الجاحر من الدواب و غيرها المتخلف الذي لم يلحق. و الجَحْرَةُ، بالفتح: السنة الشديدة المجدبة القليلة المطر؛ قال زهير بن أَبي سلمى:
إِذا السَّنَةُ الشَّهْبَاءُ بالناسِ أَجْحَفَتْ،             و نالَ كِرامَ المالِ في الجَحْرَةِ الأَكْلُ‏

الجَحْرَةُ: السَّنَةُ الشديدة لأَنها تَجْحَرُ الناسَ في البيوت. و الشهباء: البيضاء لكثرة الثلج و عدم النبات. و أَجْحَفَتْ: أَضَرَّتْ بهم و أَهلكت أَموالهم. و نال كرامَ المال يعني كرائم الإِبل، يريد أَنها تنحر و تؤكل لأَنهم لا يجدون لبناً يغنيهم عن أَكلها. و الجَحَرَةُ: السَّنة «2». التي تَجْحَرُ الناسَ في البيوت، سميت جَحَرَةً لذلك. الأَزهري: و أَجْحَرَتْ نُجُومُ الشتاء إِذا لم تمطر؛ قال الراجز:
إِذا الشِّتاءُ أَجْحَرَتْ نُجُومُهُ،             و اشْتَدَّ في غيرِ ثَرًى أُرُومُهُ‏

و جَحَرَ الربيعُ إِذا لم يصبك مطره. و جَحَرَتْ عينه: غَارت. و
في الحديث في صفة الدَّجال: ليست عينه بِناتئَةٍ و لا جَحْراءَ.
؛ أَي غائرة مُنْجَحِرَة في نُقْرَتها؛ و قال الأَزهري: هي بالخاء المعجمة، و أَنكر الحاء، و سنذكرها في موضعها. و بَعِير جُحارِيَةٌ: مجتمع الخَلْقِ. و الجَحْرَمَةُ: الضِّيقُ و سُوءُ الخُلق، و الميم زائدة. و جَحَرَ فلانٌ: تأَخر. و الجَواحِرُ: الدَّواخل في الجِحَرَةِ و المَكامِنِ، و جَحَرَتِ الشمسُ لِلْغُيوب، و جَحَرَتِ الشمس إِذا ارتفعت فأَزِيَ الظلُّ.
جحدر:
الجَحْدَرُ: الرجل الجَعْدُ القَصِيرُ، و الأُنثى جَحْدَرَةٌ، و الاسم الجَحْدَرَةُ. و يقال: جَحْدَرَ صاحبَه و جَحْدَلَهُ إِذا صرعه. و جَحْدَرٌ: اسم رجل.
جحشر:
الجُحاشِرُ: الضَّخْمُ؛ و أَنشد في صفة إِبل لبعض الرُّجَّازِ:
تَسْتَلُّ ما تَحْتَ الإِزارِ الحاجِرِ،             بِمُقْنِعٍ من رأْسِها جُحاشِرِ

قال: و المُقْنِعُ من الإِبل الذي يرفع رأْسه و هو كالخِلْقَةِ و الرأْسُ مُقْنِعٌ. أَبو عبيدة: الجَحشَرُ من صفات الخيل، و الأُنثى جَحْشَرَةٌ، قال: و إِن‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و جحر الضب إلخ‏] من باب منع كما في القاموس.
 (2). قوله: [و الجحرة السنة إلخ‏] بالتحريك، و بسكون الحاء كما في القاموس.

118
لسان العرب4

جحشر ص 118

شئت قلت جُحَاشِرٌ، و الأُنثى جُحاشِرَةٌ، و هو الذي في ضلوعه قِصَرٌ، و هو في ذلك مُجْفِرٌ كإِجْفارِ الجُرْشُعِ؛ و أَنشد:
جُحاشِرَة صَتْمٌ طِمِرٌّ كأَنَّها             عُقابٌ، زَفَتْها الرِّيحُ، فَتْخاءُ كاسِرُ

قال: و الصَّتْمُ و الصَّتَمُ الذي شَخَصَتْ محاني ضلوعه حتى ساوت بمتنه و غَرِضَتْ شهوته، و هو أَصْتَمُ العظام، و الأُنثى صَتْمَةٌ. ابن سيدة: الجَحْشَرُ و الجُحاشِرُ و الجَحْرَشُ الحادِرُ الخَلْقِ العظيمُ الجِسْمِ العَبْلُ المفاصل، و كذلك الجُحَاشِرَةُ؛ قال:
جُحاشِرَةٌ هِمٌّ، كأَنَّ عِظامَهُ             عَوَاثِمُ كَسْرٍ، أَو أَسيلٌ مُطَهَّمُ‏

و جَحْشَرٌ: اسْمٌ.
جحنبر:
الفراء: الجِحِنْبارُ: الرجلُ الضَّخْمُ؛ و أَنشد:
فهو جِحِنْبارٌ مُبِينُ الدَّعْرَمَهْ‏
جخر:
جَخِرَ الفرسُ جَخَراً: امتلأَ بطنه فذهب نشاطه و انكسر. و جَخِرَ الفرسُ «1». جَخَراً: جَزِعَ من الجوع و انكسر عليه. و رجل جَخِرٌ: جبان أَكولٌ، و الأُنثى جَخِرَةٌ. و جَخِرَ جوف البئر، بالكسر: اتسع، و تَجْخِيرها: توسيعها، و أَجْخَر فلان إِذا وَسَّعَ رأْسَ بئره. و أَجْخَرَ إِذا أَنْبَعَ ماءً كثيراً في غير موضع بئر. و أَجْخَرَ إِذا تَزَوَّج جَخْراء، و هي الواسعة. و أَجْخَرَ إِذا غسل دبره و لم يُنْقِها فبقي نَتْنُه. الجوهري: الجَخَرُ، بالتحريك، الاتساع في البئر. و جَخَرَ البئرَ يَجْخَرُها جَخْراً و جَخَّرها: وسعها. و الجَخَرُ: قبح رائحة الرَّحِمِ. و امرأَة جَخْراءُ: واسعة البطن. و قال اللحياني: الجَخْراء من النساء المُنْتِنَةُ التَّفِلَةُ. و
في الحديث في صفة عين الدجال: أَعْورُ مطموسُ العين ليست بِناتِئَةٍ و لا جَخْراءَ.
؛ قال: يعني الضَّيِّقَةَ التي فيها غَمْصٌ و رَمَصٌ؛ و منه قيل للمرأَة جَخْراءُ إِذا لم تكن نظيفةَ المكانِ، و روي بالحاء المهمَلة، و هو مذكور في موضعه؛ و قال الأَزهري: هي بالخاء و أَنكر الحاء. ابن شميل: الجَخَرُ في الغنم أَن تشرب الماء و ليس في بطنها شي‏ء فيَتَخَضْخَضَ الماءُ في بطونها فتراها جَخِرَةً خاسِفَة «2»؛ و قال الأَصمعي في قوله:
بِبَطْنِهِ يَعْدُو الذَّكَرْ

قال: الذكر من الخيل لا يعدو إِلا إِذا كان بين الممتلئ و الطاوي، فهو أَقل احتمالًا للجَخَرِ من الأُنثى. و الجَخَرُ: الخلاء، و الذكر إِذا خلا بطنه انكسر و ذهب نشاطه. و الجاخِرُ: الوادي الواسع. و تَجَخَّرَ الحوض إِذا تَفَلَّقَ طينه و انفجر ماؤه. الأَزهري: و الجُخَيرة تصغير الجَخَرة، و هي نَفْحَة تبقى في القندودة إِذا لم تنق.
جخدر:
ابن دريد: الجَخْدَرُ و الجَخْدرِيُّ الضَّخْمُ.
جدر:
هو جَدِيرٌ بكذا و لكذا أَي خَلِيقٌ له، و الجمع جَدِيرُونَ و جُدَراءُ، و الأُنثى جَدِيرَةٌ. و قد جَدُرَ جَدارَة، و إِنه لمَجْدَرَةٌ أَن يفعل، و كذلك الاثنان و الجمع، و إنها لمَجْدَرَةٌ بذلك و بأَن تفعل ذلك، و كذلك الاثنتان و الجمع؛ كله عن اللحياني. و عنه أَيضاً: إنه لَجدِير أَن يفعل ذلك و إِنهما لجَدِيرانِ؛ و قال زهير:
جَدِيرُونَ يوماً أَن يَنالوا فَيَسْتَعْلُوا

و يقال للمرأَة: إِنها لجَدِيرَةٌ أَن تفعل ذلك و خليقة،
__________________________________________________
 (1). قوله: [جخر الفرس‏] هذا و الذي بعده من باب فرح، و قوله و جخر البئر إلخ من باب منع كما في القاموس.
 (2). قوله: [خاسفة] كذا بالأصل بالسين المهملة و الفاء أي مهزولة، و في القاموس خاشعة بالمعجمة و العين.

119
لسان العرب4

جدر ص 119

و إنهن جَدِيراتٌ و جَدائِرُ؛ و هذا الأَمر مَجْدَرَةٌ لذلك و مَجْدَرَةٌ منه أَي مَخْلَقَةٌ. و مَجْدَرَةٌ منه أَن يَفْعَل كذا أَي هو جَدِيرٌ بفعله؛ و أَجْدِرْ بِهِ أَن يفعل ذلك. و حكى اللحياني عن أَبي جعفر الرَّوَاسي: إِنه لمَجْدُورٌ أَن يفعل ذلك، جاء به على لفظ المفعول و لا فعل له. و حكى: ما رأَيت من جَدَارتِهِ، لم يزد على ذلك. و الجُدَرِيُّ «1». و الجَدَرِيُّ، بضم الجيم و فتح الدال و بفتحهما لغتان: قُروحٌ في البدن تَنَفَّطُ عن الجلد مُمْتَلِئَة ماءً، و تَقَيَّحُ، و قد جُدِرَ جَدْراً و جُدِّرَ و صاحبها جَدِيرٌ مُجَدَّرٌ، و حكى اللحياني: جَدِرَ يَجْدَرُ جَدَراً. و أَرضٌ مَجْدَرَة: ذات جُدَرِيّ. و الجَدَرُ و الجُدَرُ: سِلَعٌ تكون في البدن خلقة و قد تكون من الضرب و الجراحات، واحدتها جَدَرَة و جُدَرَةٌ، و هي الأَجْدارُ. و قيل: الجُدَرُ إِذا ارتفعت عن الجلد و إِذا لم ترتفع فهي نَدَبٌ، و قد يدعى النَّدَبُ جُدَراً و لا يدعى الجُدَرُ نَدَباً. و قال اللحياني: الجُدَرُ السِّلَع تكون بالإِنسان أَو البُثُورُ الناتئة، واحدتها جُدَرَةٌ. الجوهري: الجَدَرَةُ خُرَاجٌ، و هي السِّلْعَةُ، و الجمع جَدَرٌ؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
 يا قاتَلَ اللهُ ذُقَيْلًا ذا الجَدَرْ
و الجُدَرُ: آثارُ ضربٍ مرتفعةٌ على جلد الإِنسان، الواحدة جُدَرَةٌ، فمن قال الجُدَرِيُّ نَسَبَه إِلى الجُدَرِ، و من قال الجَدَريُّ نسبه إِلى الجَدَر؛ قال ابن سيدة: هذا قول اللحياني، قال: و ليس بالحسن. و جَدِرَ ظهرهُ جَدَراً: ظهرت فيه جُدَرٌ. و الجُدَرَةُ في عنق البعير: السِّلْعَةُ، و قيل: هي من البعير جُدَرَةٌ و من الإِنسان سِلْعَةٌ و ضَواةٌ. ابن الأَعرابي: الجَدَرَةُ الوَرْمَةُ في أَصل لَحْيِ البعير النضر. الجَدَرَةُ: غُدَدٌ تكون في عنق البعير يسقيها عِرْقٌ في أَصلها نحو السلعة برأْس الإِنسان. و جَمَلٌ أَجْدَرُ و ناقة جَدْراء. و الجَدَرُ: وَرَمٌ يأْخذ في الحلق. و شاة جَدْراء: تَقَوَّب جلدها عن داء يصيبها و ليسَ من جُدَرِيّ. و الجُدَرُ: انْتِبارٌ في عنق الحمار و ربما كان من آثار الكَدْمِ، و قد جَدَرَتْ عنقه جُدُوراً. و في التهذيب: جَدِرَتْ عنقه جَدَراً إِذا انْتَبَرَتْ؛ و أَنشد لرؤبة:
أَو جادِرُ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ‏

ابن بُزُرج: جَدِرَتْ يدَهُ تَجْدَرُ و نَفِطَتْ و مَجِلَتْ، كل ذلك مفتوح، و هي تَمْجَلُ و هو المَجْلُ؛ و أَنشد:
إِنِّي لَساقٍ أُمَّ عَمْرٍو سَجْلا،             و إن وجَدْتُ في يَدَيَّ مَجْلا

و
في الحديث: الكَمْأَةُ جُدَرِيُّ الأَرض.
شبهها بالجُدَرِيِّ، و هو الحب الذي يظهر في جسد الصبي لظهورها من بطن الأَرض، كما يظهر الجُدَرِيُّ من باطن الجلد، و أَراد به ذمّها. و منه‏
حديث مَسْرُوق: أَتينا عبد الله في مُجَدَّرِينَ و مُحَصَّبِينَ.
أَي جماعة أَصابهم الجُدَرِيُّ و الحَصْبَةُ. و الحَصْبَةُ: شِبْه الجُدَرِيّ يظهر في جلد الصغير. و عامِرُ الأَجْدَارِ: أَبو قبيلة من كَلْبٍ، سمي بذلك لِسِلَعٍ كانت في بدنه. و جَدَرَ النَّبْتُ و الشجر و جَدُرَ جَدارَةً و جَدَّرَ
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الجدري‏] هو داء معروف يأخذ الناس مرة في العمر غالباً. قالوا: أول من عذب به قوم فرعون ثم بقي بعدهم، و قال عكرمة: أوّل جدري ظهر ما أصيب به أبرهة، أفاده شارح القاموس.

120
لسان العرب4

جدر ص 119

و أَجْدَرَ: طلعت رؤوسه في أَوّل الربيع و ذلك يكون عَشْراً أَو نصف شهر، و أَجْدَرَتِ الأَرض كذلك. و قال ابن الأَعرابي: أَجْدَرَ الشجرُ و جَدَّرَ إِذا أَخرج ثمره كالحِمَّصِ؛ و قال الطرماح:
و أَجْدَرَ مِنْ وَادِي نَطاةَ وَلِيعُ‏
و شجر جَدَرٌ. و جَدَرَ العَرْفَجُ و الثُّمامُ يَجْدُر إِذا خرج في كُعُوبه و مُتَفَرّق عِيدانِه مثلُ أَظافير الطير. و أَجْدَرَ الوَلِيعُ و جادَرَ: اسْمَرَّ و تغير؛ عن أَبي حنيفة، يعني بالوليع طَلْعَ النخل و الجَدَرَةُ: الحَبَّةُ من الطلع. و جَدَّرَ العنَبُ: صار حبه فُوَيْقَ النَّفَض. و يقال: جَدِرَ الكَرْمُ يَجْدَرُ جَدَراً إِذا حَبَّبَ و هَمَّ بالإِيراق. و الجِدْرَ: نَبْتٌ؛ و قد أَجْدَرَ المكانُ. و الجَدَرَةُ، بفتح الدال: حَظِيرة تصنع للغنم من حجارة، و الجمع جَدَرٌ. و الجَدِيرَة: زَرْبُ الغَنم. و الجَدِيرَة: كَنِيفٌ يتخذ من حجارة يكون لِلْبَهْم و غيرها. أَبو زيد: كنيف البيت مثل الجُحْرَة يجمع من الشجر، و هي الحظيرة أَيضاً. و الحِظَارُ: ما حُظِرَ على نبات شجر، فإِن كانت الحظيرة من حجارة فهي جَدِيرَة، و إِن كان من طين فهو جِدارٌ. و الجِدارُ: الحائط، و الجمع جُدُرٌ، و جُدْرانٌ جمع الجمع مثل بَطْنٍ و بُطْنانٍ «2»؛ قال سيبويه: و هو مما استغنوا فيه ببناء أَكثر العدد عن بناء أَقله، فقالوا ثلاثة جُدُرٍ؛ و
قول عبد الله بن عمر أَو غيره: إِذا اشتريت اللحم يضحك جَدْرُ البيت.
؛ يجوز أَن يكون جَدْرٌ لغةً في جِدارٍ؛ قال ابن سيدة: و الصواب عندي تضحك جُدُرُ البيت، و هو جمع جِدارٍ، و هذا مَثَلٌ و إِنما يريد أَن أَهل الدار يفرحون. الجوهري: الجَدْرُ و الجِدَارُ الحائط. و جَدَرَه يَجْدُرُه جَدْراً: حَوَّطه. و اجْتَدَرَهُ: بناه؛ قال رؤبة:
تَشْيِيد أَعْضادِ البِناء المُجْتَدَرْ

و جَدَّرَهُ: شَيَّدَهُ؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
و آخَرُون كالحَمِيرِ الجُشَّرِ،             كأَنَّهُمْ في السَّطْحِ ذِي المُجَدَّرِ

إِنما أَراد ذي الحائط المجدّر، و قد يجوز أَن يكون أَراد ذي التجدير أَي الذي جُدّر و شُيِّدَ فأَقام المُفَعَّل مقامَ التَّفْعيل لأَنهما جميعاً مصدران لفَعَّلَ؛ أَنشد سيبويه:
إِنَّ المُوَقَّى مِثْلُ ما لَقِيتُ‏
أَي إِن التوقية. و جَدَرَ الرجلُ: توارى بالجِدارِ؛ حكاه ثعلب، و أَنشد:
إِنَّ صُبَيْحَ بن الزُّبَيْرِ فأَرَا             في الرَّضْمِ، لا يَتْرُك منه حَجَرا
إِلَّا مَلاه حِنْطَةً و جَدَرا

قال: و يروى حشاه. و فأَر: حفر. قال: هذا سرق حنطة و خبأَها. و الجَدَرَةُ: حَيٌّ من الأَزد بَنَوْا جِدارَ الكعبة فسُمُّوا الجَدَرَة لذلك. و الجَدْرُ: أَصلُ الجِدارِ. و
في الحديث: حتى يبلغ الماء جَدْرَهُ.
أَي أَصله، و الجمع جُدُورٌ، و قال اللحياني: هي الجوانب؛ و أَنشد:
تَسْقي مَذانِبَ قد طالَتْ عَصِيفتُها،             جُدُورُها من أَتِيِّ الماء مَطْمُومُ‏

قال: أَفرد مطموماً لأَنه أَراد ما حول الجُدُورِ،
__________________________________________________
 (2). قوله: [مثل بطن و بطنان‏] كذا في الصحاح. و لعل التمثيل: إنما هو بين جدران و بطنان فقط بقطع النظر عن المفرد فيهما. و في المصباح: و الجدار الحائط و الجمع جدر مثل كتاب و كتب و الجدر لغة في الجدار و جمعه جدران.

121
لسان العرب4

جدر ص 119

و لو لا ذلك لقال مطمومة. و
في حديث الزبير حين اختصم هو و الأَنصاري إِلى النبي، صلى الله عليه و سلم، في سُيول شِراجِ الحَرَّةِ: اسْقِ أَرْضَكَ حتى يَبْلُغَ الماءُ الجَدْرَ.
؛ أَراد ما رفع من أَعضاد المزرعة لتُمْسكَ الماء كالجدار، و
في رواية: قال له احبس الماء حتى يبلغَ الجُدَّ.
؛ هي المُسنَّاةُ و هو ما رفع حول المزرعة كالجِدارِ، و قيل: هو لغة في الجدار، و روي الجُدُر، بالضم، جمع جدار، و يروى بالذال؛ و منه‏
قوله لعائشة، رضي الله عنها: أَخاف أَن يَدْخُلَ قُلُوبَهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الجَذْرَ في البيت.
؛ يريد الحِجْرَ لما فيه من أُصول حائط البيت. و الجُدُرُ: الحواجز التي بين الدِّبارِ الممسكة الماء. و الجَدِيرُ: المكان يبنى حوله جِدارٌ. الليث: الجَدِيرُ مكان قد بني حواليه مَجْدورٌ؛ قال الأَعشى:
و يَبْنُونَ في كُلِّ وادٍ جَدِيرا
و يقال للحظيرة من صخر: جَدِيرَةٌ. و جُدُورُ العنب: حوائطه، واحدها جَدْرٌ. و جَدْراءُ الكَظَامَة: حافاتها، و قيل: طين حافتيها. و الجِدْرُ: نبات «1». واحدته جِدْرَةٌ. و قال أَبو حنيفة: الجَدْرُ كالحلمة غير أَنه صغير يَتَرَبَّلُ و هو من نبات الرمل ينبت مع المَكْرِ، و جمعه جُدُورٌ؛ قال العجاج و وصف ثوراً:
أَمْسَى بذاتِ الحاذِ و الجُدُورِ

التهذيب: الليث: الجَدْرُ ضرب من النبات، الواحدة جَدْرَةٌ؛ قال العجاج:
مَكْراً و جَدْراً و اكْتَسَى النَّصِيُ‏

قال: و من شجر الدِّقِّ ضروب تنبت في القِفاف و الصِّلابِ، فإِذا أَطلعت رؤوسها في أَول الربيع قيل: أَجْدَرَتِ الأَرْضُ. و أَجْدَرَ الشجر، فهو جَدْرٌ، حتى يطول، فإِذا طال تفرقت أَسماؤه. و جَدَرٌ: موضع بالشام، و في الصحاح: قرية بالشام تنسب إِليها الخمر؛ قال أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجَارُ             مِنْ أَذْرِعَاتٍ، فَوَادي جَدَرْ

و خمر جَيْدَرِيَّةٌ: منسوب إِليها، على غير قياس؛ قال معبد بن سعنة:
أَلا يا اصْبَحَاني قَبْلَ لَوْمِ العَواذِلِ،             و قَبْلَ وَدَاعٍ مِنْ رُبَيْبَةَ عاجِلِ‏
أَلا يا اصْبَحَاني فَيْهَجاً جَيْدَرِيَّةً،             بماءٍ سَحَابٍ، يَسْبِقِ الحَقَّ باطِلي‏

و هذا البيت أَورده الجوهري أَلا يا اصْبَحِينا، و الصواب ما أَوردناه لأَنه يخاطب صاحبيه. قال ابن بري: و الفيهج هنا الخمر و أَصله ما يكال به الخمر، و يعني بالحق الموت و القيامة، و قد قيل: إِن جَيْدَراً موضع هنالك أَيضاً فإِن كانت الخمر الجيدرية منسوبة إِليه فهو نسب قياسي. و في الحديث ذكر ذي الجَدْرِ، بفتح الجيم و سكون الدال، مَسْرَحٌ على ستة أَميال من المدينة كانت فيه لِقاحُ النبي، صلى الله عليه و سلم، لما أُغير عليها. و الجَيْدَرُ و الجَيْدَرِيُّ و الجَيْدَرانُ: القصِير، و قد يقال له جَيْدَرَةٌ على المبالغة، و قال الفارسي: و هذا كما قالوا له دَحْداحة و دِنَّبَةٌ و حِنْزَقْرَة. و امرأَة جَيْدَرَةٌ و جَيْدَرِيَّةٌ؛ أَنشد يعقوب:
ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِها جَيْدرِيَّةٌ             عَضَادٌ، و لا مَكْنُوزة اللحمِ ضَمْزَرُ

و التَّجْدِيرُ: القِصَرُ، و لا فعل له؛ قال:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الجدر نبات إلخ‏] هو بكسر الجيم و أما الذي من نبات الرمل فبفتحها كما في القاموس.

122
لسان العرب4

جدر ص 119

إِني لأَعْظُمُ في صَدْرِ الكَمِيِّ، على             ما كانَ فيَّ مِنَ التَّجْدِيرِ و القِصَرِ

أَعاد المعنيين لاختلاف اللفظين، كما قال:
و هِنْدٌ أَتَى من دونِها النَّأْيُ و البُعْدُ
الجوهري: و جَنْدَرْتُ الكتاب إِذا أَمررت القَلَم على ما دَرَسَ منه ليتبين؛ و كذلك الثوب إِذا أَعدت وَشْيَه بعد ما كان ذهب، قال: و أَظنه معرّباً.
جذر:
جَذَرَ الشي‏ءَ يَجْذُرُه جَذْراً: قطعه و استأْصله. و جَذْرُ كل شي‏ء: أَصلُه. و الجَذْرُ: أَصل اللسان و أَصلُ الذَّكَرِ و أَصل كل شي‏ء. و قال شمر: إِنه لَشَدِيدُ جَذْرِ [جِذْرِ] اللسان و شديد جَذْرِ الذكَر أَي أَصله؛ قال الفرزدق:
رَأَتْ كَمَراً مثل الجَلامِيد أَفْتَحَتْ             أَحالِيلَها، حتى اسْمَأَدَّتْ جُذورُها

و
في حديث حذيفة بن اليمان: نزلت الأَمانَةُ في جَذْر قلوب الرجال.
أَي في أَصلها؛ الجَذْرُ [الجِذْرُ]: الأَصلُ من كل شي‏ء؛ و قال زهير يصف بقرة وحشية:
و سامِعتَيْنِ تَعْرِفُ العِتْقَ فيهما،             إِلى جَذْرِ مَدْلُوكِ الكُعُوبِ مُحَدَّدِ

يعني قرنها. و أَصلُ كل شي‏ء: جَذْرُه، بالفتح؛ عن الأَصمعي، و جِذره، بالكسر؛ عن أَبي عمرو. أَبو عمرو: الجذر، بالكسر، و الأَصمعي بالفتح. و قال ابن جَبَلَةَ: سأَلت ابن الأَعرابي عنه فقال: هو جَذْرٌ، قال: و لا أَقول جِذْرٌ، قال: و الجَذْر أَصل حِسابٍ و نَسَبٍ. و الجَذْرُ: أَصلُ شجر و نحوه. ابن سيدة: و جَذْرُ [جِذْرُ] كل شي‏ء أَصله، و جَذْرُ العُنُقِ: مَغْرِزُها؛ عن الهجري؛ و أَنشد:
تَمُجُّ ذَفَارِيهنَّ ماءً كَأَنَّهُ             عَصِيمٌ، على جَذْرِ السَّوالِفِ، مُغْفُرُ

و الجمع جُذُورٌ. و الحسابُ الذي يقال له عَشَرَةٌ في عَشَرَة و كذا في كذا تقول: ما جَذْرُه أَي ما يبلغ تمامه؟ فتقول: عَشَرَةٌ في عشرة مائةٌ، و خمسة في خمسة خمسةٌ و عشرون، أَي فَجَذْرُ مائة عَشَرَةٌ و جَذْرُ خمسةٍ و عشرين خمسةٌ. و عشرةٌ في حساب الضَّرْبِ: جَذْرُ مائة ابنُ جَنَبَةَ. الجَذْرُ جَذْرُ الكلام و هو أَن يكون الرجل محكماً لا يستعين بأَحد و لا يردّ عليه أَحد و لا يعاب فيقال: قاتَلَهُ اللهُ كيف يَجْذِرُ في المجادلة؟ و
في حديث الزبير: احْبِس الماءَ حتى يبلغ الجَذْرَ.
؛ يريد مَبْلَغَ تمامِ الشُّرْبِ من جَذْرِ الحساب و هو، بالفتح و الكسر، أَصل كل شي‏ء؛ و قيل: أَراد أَصل الحائط، و المحفوظ بالدال المهملة، و قد تقدّم. و
في حديث عائشة: سأَلتُهُ عن الجَذْرِ، قال: هو الشَّاذَرْوانُ الفارِغُ من البناء حولَ الكعبة.
و المُجَذَّرُ: القصير الغليظُ الشَّثْنُ الأَطرافِ، و زاد التهذيب: من الرجال؛ قال:
إِنَّ الخِلافةَ لم تَزَلْ مَجْعُولَةً             أَبداً على جاذِي اليَدَيْنِ مُجَذَّرِ

و أَنشد أَبو عمرو:
البُحْتُر المُجَذَّر الزَّوَّال‏
يريد في مشيته، و الأُنثى بالهاء، و الجَيْذَرُ مثله؛ قال ابن بري: هذا العجز أَنشده الجوهري و زعم أَن أَبا عمرو أَنشده، قال: و البيت كله مغير و الذي أَنشده أَبو عمرو لأَبي السَّوداءِ العِجْلِيِّ و هو:
البُهْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّاكِ‏

و قبله:
تَعَرَّضَتْ مُرَيْئَةُ الحَيَّاكِ             لِناشِئٍ دَمَكْمَكٍ نَيَّاكِ،
البُهْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّاكِ‏
،

123
لسان العرب4

جذر ص 123

 فأَرَّها بقاسِحٍ بَكَّاكِ،             فَأَوْزَكَتْ لِطَعْنِهِ الدَّرَّاكِ،
عِنْدَ الخِلاطِ، أَيَّما إِيزاكِ             و بَرَكَتْ لِشَبِقٍ بَرَّاكِ،
مِنها على الكَعْثَبِ و المَناكِ،             فَداكَها بِمُنْعِظٍ دَوَّاكِ،
يَدْلُكُها، في ذلك العِراكِ،             بالقَنْفَرِيشِ أَيَّما تَدْلاكِ‏

الحياك: الذي يحيك في مشيته فيقاربها. و البهتر: القصير. و المجدّر: الغليظ، و كذلك الجادر. و الدمكمك: الشديد. و أَرّها: نكحها. و القاسح: الصلب. و البكاك: من البَكِّ، و هو الزَّحْمُ. و داكها: من الدَّوْك، و هو السَّحْقُ. يقال: دُكْتُ الطِّيبَ بالفِهْرِ على المَدَاكِ. و القنفريش: الأَير الغليظ، و يقال: القنفرش أَيضاً، بغير ياء؛ قال الراجز:
قد قَرَنُوني بِعَجُوزٍ جَحْمَرِشْ،             تُحِبُّ أَنْ يُغْمَزَ فيها القَنْفَرِشْ‏

و ناقة مُجَذَّرَةٌ: قصيرة شديدة. أَبو زيد: جَذَرْتُ الشي‏ء جَذْراً و أَجْذَرْتُه استأْصلته. الأَصمعي: جذرت الشي‏ء أَجْذُرُه قطعته. و قال أَبو أُسَيْدٍ: الجَذْرُ الانقطاع أَيضاً من الحَبْلِ و الصاحب و الرُّفْقَة من كل شي‏ء؛ و أَنشد:
يا طِيبَ حالٍ قضاه الله دُونَكُمُ،             و اسْتَحْصَدَ الحَبْلُ منك اليومَ فانَجذَرا

أَي انقطع. و الجُؤْذُرُ و الجُوذَرُ: ولد البقرة، و في الصحاح: البقرة الوحشية، و الجمع جآذِرُ. و بقرة مُجْذِرٌ: ذات جُؤْذَر؛ قال ابن سيدة: و لذلك حكمنا بزيادة همزة جُؤْذُر و لأَنها قد تزاد ثانية كثيراً. و حكى ابن جني جُؤْذُراً و جُؤْذَراً في هذا المعنى، و كَسَّرَه على جَواذِرَ. قال: فإِن كان ذلك فَجُؤْذُر فُؤْعُلٌ و جُؤْذَرٌ فُؤْعَلٌ. و يكون جُوذُرٌ و جوذَرٌ مخففاً من ذلك تخفيفاً بدلياً أَو لغة فيه. و حكى ابن جني أَن جَوْذَراً على مثال كَوْثَرٍ لغة في جُوذَرٍ، و هذا مما يشهد له أَيضاً بالزيادة لأَن الواو ثانِيةً لا تكون أَصلًا في بنات الأَربعة. و الجَيْذَرُ: لغة في الجَوْذَرِ. قال ابن سيدة: و عندي أَن الجَيْذَرَ و الجَوْذَر عربيان، و الجُؤْذُر و الجُؤْذَر فارسيان.
جذأر:
الليث: المُجْذَئِرُّ المنتصب للسِّبَابِ؛ قال الطرماح:
تَبِيتُ على أَطرافِها مُجْذَئِرَّةً،             تُكابِدُ هَمّاً مثل هَمِّ المُخاطِرِ

ابن بُزُرْج: المُجْذَئِرُّ المنتصب الذي لا يبرحُ. و المُجْذَئِرُّ من النبات الذي نبت و لم يطل، و من القرون حين يجاوز النجومَ و لم يَغْلُظْ.
جذمر:
الجِذْمارُ و الجُذْمُورُ: أَصل الشي‏ء، و قيل: هو إِذا قُطعت السَّعَفَةُ فبقيت منها قطعة من أَصل السعَفة في الجِذْعِ، بزيادة الميم، و كذلك إِذا قطعت النَّبْعَةُ فبقيت منها قطعة، و مثله اليد إِذا قطعت إِلَّا أَقَلَّها. التهذيب: و ما بقي من يد الأَقطع عند رأْس الزَّنْدَيْنِ جُذْمُورٌ؛ يقال: ضربه بِجُذْموره و بقطعته؛ قال عبد الله بن سَبْرَةَ يرثي يده:
فإِن يكن أَطربُونُ الرُّومِ قَطَّعَها،             فإِنَّ فيها بحمدِ الله مُنْتَفَعَا
بَنَانَتانِ و جُذْمُورٌ أُقِيمُ بها             صَدْرَ القَناةِ، إِذا ما صارِخٌ فَزِعا

و يروى إِذا ما آنَسُوا فَزَعا. ابن الأَعرابي: الجُذْمُورُ بقية كل شي‏ء مقطوع، و منه جُذْمُورُ الكِباسَةِ. و رجل جُذامِرٌ: قَطَّاعٌ للعهد و الرَّحِم؛

124
لسان العرب4

جذمر ص 124

قال تأَبَّطَ شَرّاً:
فإِن تَصْرِمِينِي أَو تُسِيئِي جَنابَتِي،             فإِنِّي لَصَرَّامُ المُهِينِ جُذامِرُ

و أَخذ الشي‏ءَ بِجُذْمُورِه و بجَذامِيرِه أَي بجميعه، و قيل: أَخذه بِجُذْمُورِه أَي بِحِدْثانِهِ. الفراء: خذه بجِذْمِيرِه و جِذْمارِه و جُذْمُورِه؛ و أَنشد:
لَعَلَّكَ إِنْ أَرْدَدْتَ منها حَلِيَّةً             بِجُذْمُورِ ما أَبَقْىَ لك السَّيْفُ، تَغْضَبُ‏

جرر:
الجَرُّ: الجَذْبُ، جَرَّهُ يَجُرُّه جَرّاً، و جَرَرْتُ الحبل و غيره أَجُرُّه جَرّاً. و انْجَرَّ الشي‏ءُ: انْجَذَب. و اجْتَرَّ و اجْدَرَّ قلبوا التاء دالًا، و ذلك في بعض اللغات؛ قال:
فقلتُ لِصاحِبي: لا تَحْبِسَنَّا             بِنَزْعِ أُصُولِه و اجْدَرَّ شِيحَا

و لا يقاس ذلك. لا يقال في اجْتَرَأَ اجْدَرَأَ و لا في اجْتَرَحَ اجْدَرَحَ؛ و اسْتَجَرَّه و جَرَّرَهُ و جَرَّرَ به؛ قال:
فَقُلْتُ لها: عِيشِي جَعَارِ، و جَرِّرِي             بِلَحْمِ امْرِئٍ لم يَشْهَدِ اليوم ناصِرُهْ‏

و تَجِرَّة: تَفْعِلَةٌ منه. و جارُّ الضَّبُعِ: المطرُ الذي يَجُرُّ الضبعَ عن وجارِها من شدته، و ربما سمي بذلك السيل العظيم لأَنه يَجُرُّ الضباعَ من وُجُرِها أَيضاً، و قيل: جارُّ الضبع أَشدّ ما يكون من المطر كأَنه لا يدع شيئاً إِلَّا جَرَّهُ. ابن الأَعرابي: يقال للمطر الذي لا يدع شيئاً إلَّا أَساله و جَرَّهُ: جاءَنا جارُّ الضبع، و لا يجرّ الضبعَ إِلَّا سَيْلٌ غالبٌ. قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول: جئتك في مثل مَجَرِّ الضبع؛ يريد السيل قد خرق الأَرض فكأَنَّ الضبع جُرَّتْ فيه؛ و أَصابتنا السماء بجارِّ الضبع. أَبو زيد: غَنَّاه فَأَجَرَّه أَغانِيَّ كثيرةً إِذا أَتبَعَه صوتاً بعد صَوْت؛ و أَنشد:
فلما قَضَى مِنِّي القَضَاءَ أَجَرَّني             أَغانِيَّ لا يَعْيَا بها المُتَرَنِّمُ‏

و الجارُورُ: نهر يشقه السيل فيجرُّه. و جَرَّت المرأَة ولدها جَرّاً و جَرَّت به: و هو أَن يجوز وِلادُها عن تسعة أَشهر فيجاوزها بأَربعة أَيام أَو ثلاثة فَيَنْضَج و يتم في الرَّحِمِ. و الجَرُّ: أَن تَجُرَّ. الناقّةُ ولدَها بعد تمام السنة شهراً أَو شهرين أَو أَربعين يوماً فقط. و الجَرُورُ: من الحوامل، و في المحكم: من الإِبل التي تَجُرُّ ولدَها إِلى أَقصى الغاية أَو تجاوزها؛ قال الشاعر:
جَرَّتْ تماماً لم تُخَنِّقْ جَهْضا

و جَرَّت الناقة تَجُرُّ جَرّاً إِذا أَتت على مَضْرَبِها ثم جاوزته بأَيام و لم تُنْتَجْ. و الجَرُّ: أَن تزيد الناقة على عدد شهورها. و قال ثعلب: الناقة تَجُرُّ ولدَها شهراً. و قال: يقال أَتم ما يكون الولد إِذا جَرَّتْ به أُمّه. و قال ابن الأَعرابي: الجَرُورُ التي تَجُرُّ ثلاثة أَشهر بعد السنة و هي أَكرم الإِبل. قال: و لا تَجُرُّ إِلَّا مَرابيعُ الإِبل فأَما المصاييفُ فلا تَجُرُّ. قال: و إِنما تَجُرُّ من الإِبل حُمْرُها و صُهْبُها و رُمْكُها و لا يَجُرُّ دُهْمُها لغلظ جلودها و ضيق أَجوافها. قال: و لا يكاد شي‏ء منها يَجُرُّ لشدّة لحومها و جُسْأَتِها، و الحُمْرُ و الصُّهْبُ ليست كذلك، و قيل: هي التي تَقَفَّصَ ولدها فَتُوثَقُ يداه إِلى عنقه عند نِتاجِه فَيُجَرُّ بين يديها و يُسْتَلُّ فصِيلُها، فيخاف عليه أَن يموت، فَيُلْبَسُ الخرقةَ حتى تعرفها أُمُّهُ عليه، فإِذا مات أَلبسوا تلك الخرقةَ فصيلًا آخر ثم ظَأَرُوها عليه و سَدّوا مناخرها فلا تُفْتَحُ حتى يَرْضَعَها ذلك الفصيلُ فتجد ريح لبنها منه فَتَرْأَمَه. و جَرَّت الفرسُ تَجُرُّ جَرّاً، و هي جَرُورٌ إِذا

125
لسان العرب4

جرر ص 125

زادت على أَحد عشر شهراً و لم تضع ما في بطنها، و كلما جَرَّتْ كان أَقوى لولدها، و أَكثرُ زَمَنِ جَرِّها بعد أَحد عشر شهراً خمس عشرة ليلة و هذا أَكثر أَوقاتها. أَبو عبيدة: وقت حمل الفرس من لدن أَن يقطعوا عنها السِّقادَ إِلى أَن تضعه أَحد عشر شهراً، فإِن زادت عليها شيئاً قالوا: جَرَّتْ. التهذيب: و أَما الإِبل الجارَّةُ فهي العوامل. قال الجوهري: الجارَّةُ الإِبل التي تُجَرُّ بالأَزِمَّةِ، و هي فاعلة بمعنى مفعولة، مثل عِيشَةٍ راضِيَةٍ* بمعنى مرضية، و ماءٍ دافِقٍ بمعنى مدفوق، و يجوز أَن تكون جارَّةً في سيرها. و جَرُّها: أَن تُبْطِئَ و تَرْتَع. و
في الحديث: ليس في الإِبل الجارَّةِ صَدَقَةٌ.
و هي العوامل، سميت جارَّةً لأَنها تُجَرُّ جَرّاً بِأَزِمَّتِها أَي تُقاد بخُطُمِها و أَزِمَّتِها كأَنها مجرورة فقال جارَّة، فاعلة بمعنى مفعولة، كأَرض عامرة أَي معمورة بالماء، أَراد ليس في الإِبل العوامل صدقة؛ قال الجوهري: و هي ركائب القوم لأَن الصدقة في السوائم دون العوامل. و فلانٌ يَجُرُّ الإِبل أَي يسوقها سَوْقاً رُوَيْداً؛ قال ابن لجَأ:
تَجُرُّ بالأَهْوَنِ من إِدْنائِها،             جَرَّ العَجُوزِ جانِبَيْ خَفَائِها

و قال:
إِن كُنْتَ يا رَبَّ الجِمالِ حُرَّا،             فارْفَعْ إِذا ما لم تَجِدْ مَجَرَّا

يقول: إِذا لم تجد الإِبل مرتعاً فارفع في سيرها، و هذا
كقوله: إِذا سافرتم في الجدْبِ فاسْتَنْجُوا.
؛ و قال الآخر:
أَطْلَقَها نِضْوَ بلى طلح،             جَرّاً على أَفْواهِهِنَّ السُّجُحِ «2».

أَراد أَنها طِوال الخراطيم. و جَرَّ النَّوْءُ المكانَ: أَدامَ المَطَرَ؛ قال حُطَامٌ المُجاشِعِيُّ:
جَرَّ بها نَوْءٌ من السِّماكَيْن‏
و الجَرُورُ من الرَّكايا و الآبار: البعيدةُ القَعْرِ. الأَصمعي: بِئْرٌ جَرُورٌ و هي التي يستقى منها على بعير، و إِنما قيل لها ذلك لأَن دَلْوها تُجَرُّ على شَفِيرها لبُعْدِ قَعْرِها. شمر: امرأَة جَرُورٌ مُقْعَدَةٌ، و رَكِيَّةٌ جَرُورٌ: بعيدة القعر؛ ابن بُزُرْجٍ: ما كانت جَرُوراً و لقد أَجَرَّتْ، و لا جُدّاً و لقد أَجَدَّتْ، و لا عِدّاً و لقد أَعَدَّتْ. و بعير جَرُورٌ: يُسْنى بِهِ، و جمعه جُرُرٌ. و جَرَّ الفصيلَ جَرّاً و أَجَرَّه: شق لسانه لئلا يَرْضَعَ؛ قال:
على دِفِقَّى المَشْيِ عَيْسَجُورِ،             لم تَلْتَفِتْ لِوَلَدٍ مَجْرُورِ

و قيل: الإِجْرارُ كالتَّفْلِيك و هو أَن يَجْعَلَ الراعي من الهُلْبِ مثل فَلْكَةِ المِغْزَل ثم يَثْقُب لسانَ البعير فيجعله فيه لئلا يَرْضَعَ؛ قال إمرؤ القيس يصف الكلاب و الثور:
فَكَرَّ إِليها بِمْبراتِهِ،             كما خَلَّ ظَهْرَ اللسانِ المُجِرّ

و اسْتَجَرَّ الفصِيلُ عن الرَّضاع: أَخذته قَرْحَةٌ في فيه أَو في سائر جسده فكفّ عنه لذلك. ابن السكيت: أَجْرَرْتُ الفصيل إِذا شَقَقْتَ لسانه لئلا يَرْضَع؛ و قال عمرو بن معديكرب:
فلو أَنَّ قَوْمِي أَنْطَقَتْنِي رِماحُهُمْ،             نَطَقْتُ، و لكِنَّ الرِّماحَ أَجَرَّتِ‏

أَي لو قاتلوا و أَبلوا لذكرت ذلك و فَخَرْتُ بهم، و لكن رماحهم أَجَرَّتْنِي أَي قطعت لساني عن الكلام بِفِرارِهم، أَراد أَنهم لم يقاتلوا. الأَصمعي: يقال‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [بلى طلح‏] كذا بالأصل.

126
لسان العرب4

جرر ص 125

جُرَّ الفَصِيلُ فهو مَجْرُورٌ، و أُجِرَّ فهو مُجَرٌّ؛ و أَنشد:
و إِنِّي غَيْرُ مَجْرُورِ اللِّسَانِ‏
الليث: الجَرِيرُ حَبْلُ الزِّمامِ، و قيل: الجَرِيرُ حَبْلٌ من أَدَمٍ يُخْطَمُ به البعيرُ. و
في حديث ابن عمر: مَنْ أَصْبَحَ على غَيْرِ وِتْرٍ أَصْبَحَ و على رأْسِهِ جَرِيرٌ سبعون ذِراعاً.
؛ و قال شمر: الجَرِيرُ الحَبْلُ و جَمْعُه أَجِرَّةٌ. و
في الحديث: أَن رجلًا كان يَجُرُّ الجَرِيرَ فأَصاب صاعين من تمر فتصدّق بأحدهما.
؛ يريد، أَنه كان يستقي الماء بالحبل. و زِمامُ النَّاقَةِ أَيضاً: جَرِيرٌ؛ و قال زهير بن جناب في الجَرِيرِ فجعله حبلًا:
فَلِكُلِّهِمْ أَعْدَدْتُ تَيْياحاً             تُغَازِلُهُ الأَجِرَّهْ‏

و قال الهوازني: الجَرِيرُ من أَدَمٍ مُلَيَّنٍ يثنى على أَنف البعير النَّجِيبةِ و الفرسِ. ابن سَمعانَ: أَوْرَطْتُ الجَرِيرَ في عنق البعير إِذا جعلت طرفه في حَلْقَتِه و هو في عنقه ثم جذبته و هو حينئذٍ يخنق البعير؛ و أَنشد:
حَتَّى تَراها في الجَرِيرِ المُورَطِ،             سَرْحِ القِيَادِ سَمْحَةَ التَّهَبُّطِ

و
في الحديث: لو لا أَن تغلبكم الناسُ عليها، يعني زمزم، لَنَزَعْتُ معكم حتى يُؤَثِّرَ الجَرِيرُ بظَهْرِي.
؛ هو حَبْلٌ من أَدَمٍ نحوُ الزِّمام و يطلق على غيره من الحبال المضفورة. و
في الحديث عن جابر قال: قال رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم: ما من مسلم و لا مسلمةٍ ذكرٍ و لا أُنثى ينام بالليل إِلَّا على رأْسه جَرِيرٌ معقودٌ، فإِن هو استيقظ فذكر الله انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإِن قام و توضأَ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كلها، و أَصْبَح نَشِيطاً قد أَصاب خيراً، و إِن هو نام لا يذكر الله أَصبح عليه عُقَدُهُ ثقيلًا و في رواية: و إِن لم يذكر الله تعالى حتى يصبح بال الشيطان في أُذنيه.
و الجَرِيرُ: حبل مفتول من أَدَمٍ يكون في أَعناق الإِبل، و الجمع أَجِرَّةٌ وَ جُرَّانٌ. و أَجَرَّهُ: ترك الجَرِيرَ على عُنُقه. و أَجَرَّهُ جَرِيرة: خَلَّاهُ و سَوْمَهُ، و هو مَثَلٌ بذلك. و يقال: قد أَجْرَرْتُه رَسَنَهُ إِذا تركته يصنع ما شاء. الجوهري: الجَرِيرُ حَبْلٌ يجعل للبعير بمنزلة العِذَارِ للدابة غَيْرُ الزِّمام، و به سمي الرجل جَرِيراً. و
في الحديث: أَن الصحابة نازعوا جَرِيرَ بن عبد الله زِمامَه فقال رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، خَلُّوا بَيْنَ جَرِيرٍ و الجَرِيرِ.
: أَي دَعُوا له زمامَه. و
في الحديث: أَنه قال له نقادة الأَسدي: إِني رجل مُغْفِلٌ فأَيْنَ أَسِمُ؟ قال: في موضع الجَرِيرَ من السالفة.
؛ أَي في مُقَدَّم صفحة العنق؛ و المُغْفِلُ: الذي لا وسم على إِبله. و قد جَرَرْتُ الشي‏ء أَجُرُّهُ جَرّاً. و أَجْرَرَتُه الدِّين إِذا أَخرته له. و أَجَرَّني أَغانيَّ إِذا تابعها. و فلان يُجَارُّ فلاناً أَي يطاوله. و التَّجْرِيرُ: الجَرُّ، شدّد للكثرة و المبالغة. و اجْتَرَّه أَي جره. و
في حديث عبد الله قال: طعنت مُسَيْلِمَة و مشى في الرُّمْحِ فناداني رجل أَنْ أَجْرِرْه الرمح فلم أَفهم، فناداني أَن أَلْقِ الرُّمْحَ من يديك.
أَي اترك الرمح فيه. يقال: أَجْرَرْتُه الرمح إِذا طعنته به فمشى و هو يَجُرُّهُ كأَنك أَنت جعلته يَجُرُّهُ. و زعموا أَن عمرو بن بشر بن مَرْثَدٍ حين قتله الأَسَدِيُّ قال له: أَجِرَّ لي سراويلي فإِني لم أَسْتَعِنْ «1». قال أَبو منصور: هو من قولهم أَجْرَرْتُه رَسَنَهُ و أَجررته الرمح إِذا طعنته و تركت الرمح فيه، أَي دَع السراويل عَلَيَّ أَجُرَّه، فَأَظهر الإِدغام على لغة أَهل الحجاز و هذا أَدغم على لغة غيرهم؛ و يجوز أَن‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [لم أستعن‏] فعل من استعان أَي حلق عانته.

127
لسان العرب4

جرر ص 125

يكون لما سلبه ثيابه و أَراد أَن يأْخذ سراويله قال: أَجِرْ لي سراويلي، من الإِجَارَةِ و هو الأَمانُ، أَي أَبقه عليَّ فيكون من غير هذا الباب. و أَجَرَّه الرُّمْحَ: طعنه به و تركه فيه: قال عنترة:
و آخَرُ مِنْهُمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي،             و في البَجْلِيِّ مِعْبَلَةٌ وقِيعُ‏

يقال: أَجَرَّه إِذا طعنه و ترك الرمح فيه يَجُرُّه. و يقال: أَجَرَّ الرمحَ إِذا طعنه و ترك الرمح فيه؛ قال الحَادِرَةُ و اسمه قُطْبَةُ بن أَوس:
و نَقِي بِصَالِحِ مَالِنَا أَحْسَابَنَا،             و نَجُرُّ في الهَيْجَا الرِّماحَ و نَدَّعِي‏

ابن السكيت: سئل ابنُ لِسَان الحُمَّرَة عن الضأْن، فقال: مَالٌ صِدْقٌ قَرْيَةٌ لا حِمَى لها إِذا أُفْلِتَتْ من جَرَّتَيْها؛ قال: يعني بِجَرَّتَيْها المَجَرَ في الدهر الشديد و النَّشَرَ و هو أَن تنتشر بالليل فتأْتي عليها السباع؛ قال الأَزهري: جعل المَجَرَ لها جَرَّتَيْنِ أَي حِبَالَتَيْنِ تقع فيهما فَتَهْلِكُ. و الجارَّةُ: الطريق إِلى الماء. و الجَرُّ: الحَبْلُ الذي في وسطه اللُّؤَمَةُ إِلى المَضْمَدَةِ؛ قال:
و كَلَّفُوني الجَرَّ، و الجَرُّ عَمَلْ‏
و الجَرَّةُ: خَشَبة «1». نحو الذراع يجعل في رأْسها كِفَّةٌ و في وسطها حَبْلٌ يَحْبِلُ الظَّبْيَ و يُصَادُ بها الظِّبَاءُ، فإِذا نَشِبَ فيها الظبي و وقع فيها نَاوَصَها ساعة و اضطرب فيها و مارسها لينفلت، فإِذا غلبته و أَعيته سكن و استقرّ فيها، فتلك المُسالَمَةُ. و في المثل: نَاوَصَ الجَرَّةَ ثم سَالَمَها؛ يُضْرَبُ ذلك للذي يخالف القوم عن رأْيهم ثم يرجع إِلى قولهم و يضطرّ إِلى الوِفَاقِ؛ و قيل: يضرب مثلًا لمن يقع في أَمر فيضطرب فيه ثم يسكن. قال: و المناوصة أَن يضطرب فإِذا أَعياه الخلاص سكن. أَبو الهيثم: من أَمثالهم: هو كالباحث عن الجَرَّةِ؛ قال: و هي عصا تربط إِلى حِبَالَةٍ تُغَيَّبُ في التراب للظبي يُصْطَاد بها فيها وَتَرٌ، فِإِذا دخلت يده في الحبالة انعقدت الأَوتار في يده، فإِذا وَثَبَ ليُفْلِتَ فمدَّ يده ضرب بتلك العصا يده الأُخْرَى و رجله فكسرها، فتلك العصا هي الجَرَّةُ. و الجَرَّةُ أَيضاً: الخُبْزْةُ التي في المَلَّةِ؛ أَنشد ثعلب:
داوَيْتُه، لما تَشَكَّى وَ وَجِعْ،             بِجَرَّةٍ مثلِ الحِصَانِ المُضْطَجِعْ‏

شبهها بالفرس لعظمها. و جَرَّ يَجُرُّ إِذا ركب ناقة و تركها ترعى. و جَرَّتِ الإِبل تَجُرُّ جَرّاً: رعت و هي تسير؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
لا تُعْجِلَاها أَنْ تَجُرَّ جَرّاً،             تَحْدُرُ صُفْراً و تُعَلِّي بُرّاً

أَي تُعَلِّي إِلى البادية البُرَّ و تَحْدُر إِلى الحاضرة الصُّفْرَ أَي الذهب، فإِما أَن يعني بالصُّفْر الدنانير الصفر، و إِما أَن يكون سماه بالصفر الذي تعمل منه الآنية لما بينهما من المشابهة حتى سُمِّيَ اللاطُونُ شَبَهاً. و الجَرُّ: أَن تسير الناقة و ترعى و راكبها عليها و هو الانجرار؛ و أَنشد:
إِنِّي، على أَوْنِيَ و انْجِرارِي،             أَؤُمُّ بالمَنْزِلِ وَ الذَّرَارِي‏

أَراد بالمنزل الثُّرَيَّا، و
في حديث ابن عمر: أَنه شهد فتح مكة و معه فرس حرون و جمل جرور.
؛ قال أَبو عبيد: الجمل الجرور الذي لا ينقاد و لا يكاد يتبع‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الجرة خشبة] بفتح الجيم و ضمها، و أما التي بمعنى الخبزة الآتية، فبالفتح لا غير كما يستفاد من القاموس.

128
لسان العرب4

جرر ص 125

صاحبه؛ و قال الأَزهري: هو فعول بمعنى مفعول و يجوز أَن يكون بمعنى فاعل. أَبو عبيد: الجَرُورُ من الخيل البطي‏ء و ربما كان من إِعياء و ربما كان من قِطَافٍ؛ و أَنشد للعقيلي:
جَرُورُ الضُّحَى مِنْ نَهْكَةٍ و سَآمِ‏
و جمعه جُرُرٌ، و أَنشد:
أَخَادِيدُ جَرَّتْها السَّنَابِكُ، غَادَرَتْ             بها كُلَّ مَشْقُوقِ القَمِيصِ مُجَدَّلِ‏

قيل للأَصمعي: جَرَّتْهَا من الجَرِيرَةِ؟ قال: لا، و لكن من الجَرِّ في الأَرض و التأْثير فيها، كقوله:
مَجَرّ جُيوشٍ غانمين و خُيَّبِ‏
و فرس جَرُورٌ: يمنع القياد. و المَجَرَّةُ: السَّمْنَةُ الجامِدَةُ، و كذلك الكَعْبُ. و المَجَرَّةُ: شَرَجُ السماء، يقال هي بابها و هي كهيئة القبة. و
في حديث ابن عباس: المَجَرَّةُ باب السماء و هي البياض المعترض في السماء و النِّسْرَان من جانبيها.
و المَجَرُّ: المَجَرَّةُ. و من أَمثالهم: سَطِي مَجَر تُرْطِبْ هَجَر؛ يريد توسطي يا مَجَرَّةُ كَبِدَ السماء فإِن ذلك وقت إِرطاب النخيل بهجر. الجوهري: المَجَرَّةُ في السماء سميت بذلك لأَنها كأَثَرِ المَجَرَّةِ. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: نَصَبْتُ على باب حُجْرَتِي عَبَاءَةً و على مَجَرّ بيتي سِتْراً.
؛ المَجَرُّ: هو الموضع المُعْتَرِضُ في البيت الذي يوضع عليه أَطراف العوارض و تسمى الجائزَة. وَ أَجْرَرْتُ لسانَ الفصيل أَي شققته لئلا يَرْتَضِعَ؛ و قال إمرؤ القيس يصف ثوراً و كلباً:
فَكَرَّ إِليه بِمِبْرَاتِهِ،             كما خَلَّ ظَهْرَ اللِّسَانِ المُجِرّ

أَي كر الثور على الكلب بمبراته أَي بقرنه فشق بطن الكلب كما شق المُجِرُّ لسان الفصيل لئلا يرتضع. و جَرَّ يَجُرُّ إِذا جنى جناية. و الجُرُّ: الجَرِيرَةُ، و الجَرِيرةُ: الذنب و الجناية يجنيها الرجل. و قد جَرَّ على نفسه و غيره جريرةً يَجُرُّها جَرّاً أَي جنى عليهم جناية: قال:
إِذا جَرَّ مَوْلانا علينا جَرِيرةً،             صَبَرْنا لها، إِنَّا كِرامٌ دعائِمُ‏

و
في الحديث: قال يا محمدُ بِمَ أَخَذْتَني؟ قال: بِجَريرَةِ حُلفَائك.
؛ الجَرِيرَةُ: الجناية و الذنب، و ذلك أَنه كان بين رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و بين ثقيف مُوَادعةٌ، فلما نقضوها و لم يُنْكِرْ عليهم بنو عقيل و كانوا معهم في العهد صاروا مِثْلَهم في نقض العهد فأَخذه بِجَريرَتهم؛ و قيل: معناه أُخِذْتَ لِتُدْفَعَ بك جَرِيرَةُ حلفائك من ثقيف، و يدل عليه أَنه فُدِيَ بعدُ بالرجلين اللذين أَسَرَتْهُما ثقيف من المسلمين؛ و منه‏
حديث لَقِيطٍ: ثم بايَعَهُ على أَن لا يَجُرَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
أَي لا يُؤْخَذَ بجَرِيرةِ غيره من ولد أَو والد أَو عشيرة؛ و
في الحديث الآخر: لا تُجارِّ أَخاك و لا تُشَارِّهِ.
؛ أَي لا تَجْنِ عليه و تُلْحِقْ به جَرِيرَةً، و قيل: معناه لا تُماطِلْه، من الجَرِّ و هو أَن تَلْوِيَهُ بحقه و تَجُرَّه من مَحَلّهِ إِلى وقت آخر؛ و يروى بتخفيف الراء، من الجَرْي و المسابقة، أَي لا تطاوله و لا تغالبه و فعلتُ ذلك مِنْ جَرِيرتَكِ و من جَرَّاك و من جَرَّائك أَي من أَجلك؛ أَنشد اللِّحْياني:
أَ مِن جَرَّا بني أَسَدٍ غَضِبْتُمْ؟             و لَوْ شِئْتُمْ لكانَ لَكُمْ جِوَارُ
و مِنْ جَرَّائِنَا صِرْتُمْ عَبِيداً             لِقَوْمٍ، بَعْدَ ما وُطِئَ الخِيَار

129
لسان العرب4

جرر ص 125

و أَنشد الأَزهري لأَبي النجم:
فَاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنْ جَرَّاها،             وَاهاً لِرَيَّا ثُمَّ وَاهاً وَاها

و
في الحديث: ن امرأَةً دَخَلَتِ النارَ مِنْ جَرَّا هرَّةٍ.
أَي من أَجلها. الجوهري: و هو فَعْلَى. و لا تقل مِجْراكَ؛ و قال:
أُحِبُّ السَّبْتَ مِنْ جَرَّاكِ لَيْلَى،             كَأَنِّي، يا سَلَامُ، مِنَ اليَهُودِ

قال: و ربما قالوا مِنْ جَرَاك، غير مشدّد، و من جَرَائِكَ، بالمدّ من المعتل. و الجِرَّةُ: جِرَّةُ البعير حين يَجْتَرُّها فَيَقْرِضُها ثم يَكْظِمُها. الجوهري: الجِرَّةُ، بالكسر، ما يخرجه البعير للاجْتِرار. و اجْتَرَّ البعير: من الجِرَّةِ، و كل ذي كَرِشٍ يَجْتَرُّ. و
في الحديث: أَنه خطب على ناقته و هي تَقْصَعُ بِجِرَّتها.
؛ الجِرَّةُ: ما يخرجه البعير من بطنه ليَمْضَغه ثم يبلعه، و القَصْعُ: شدَّةُ المضغ. و
في حديث أُمّ مَعْبَدٍ: فضرب ظهْرَ الشاة فاجْتَرَّتْ و دَرَّتْ.
؛ و منه‏
حديث عمر: لا يَصْلُح هذا الأَمرُ إِلَّا لمن لا يَحْنَقُ على جِرَّتِهِ.
أَي لا يَحْقِدُ على رعيته فَضَرَب الجِرَّةَ لذلك مثلًا. ابن سيدة: و الجِرَّةُ ما يُفِيضُ به البعيرُ من كَرِشه فيأْكله ثانيةً. و قد اجْتَرَّت الناقة و الشاة و أَجَرَّتْ؛ عن اللحياني. و فلانٌ لا يَحْنَقُ على جِرَّتِه أَي لا يَكْتُمُ سرّاً، و هو مَثَلٌ بذلك. و لا أَفْعَلُه ما اختلف الدِّرَّةُ و الجِرَّة، و ما خالفت دِرَّةٌ جِرَّةً، و اختلافهما أَن الدِّرَّة تَسْفُلُ إِلى الرِّجْلَين و الجِرَّةَ تعلو إِلى الرأْس. و
روى ابن الأَعرابي: أَن الحَجَّاجَ سأَل رجلًا قَدِمَ من الحجاز عن المطر فقال: تتابعت علينا الأَسْمِيَةُ حتى مَنَعت السِّفَارَ و تَظَالَمَتِ المِعزَى و اجْتُلِبَتِ الدِّرَّة بالجِرَّة.
اجْتِلابُ الدِّرَّة بالجرّة: أَن المواشي تَتَملَّأُ ثم تَبْرُكُ أَو تَرْبِضُ فلا تزال تَجْتَرُّ إِلى حين الحَلْبِ. و الجِرَّة: الجماعة من الناس يقيمون و يَظْعَنُون. و عَسْكَرٌ جَرّارٌ: كثير، و قيل: هو الذي لا يسير إِلَّا زَحْفاً لكثرته؛ قال العجاج:
أَرْعَنَ جَرَّاراً إِذا جَرَّ الأَثَرْ

قوله: جَرَّ الأَثَر يعني أَنه ليس بقليل تستبين فيه آثاراً و فَجْوَاتٍ. الأَصمعي: كَتِيبَةٌ جَرَّارَةٌ أَي ثقيلة السَّيرِ لا تقدر على السَّيرِ إِلَّا رُوَيْداً من كثرتها. و الجَرَّارَةُ: عقرب صَفْرَاءُ صَغِيرةٌ على شكل التِّبْنَةِ، سميت جَرَّارَةً لِجَرّها ذَنَبَها، و هي من أَخبث العقارب و أَقتلها لمن تَلْدَغُه. ابن الأَعرابي: الجُرُّ جمع الجُرَّةِ، و هو المَكُّوكُ الذي يثقب أَسفله، يكون فيه البَذْرُ و يمشي به الأَكَّارُ و الفَدَّان و هو يَنْهَالُ في الأَرض. و الجَرُّ: أَصْلُ الجبَل «2». و سَفْحُهُ، و الجمع جِرارٌ؛ قال الشاعر:
و قَدْ قَطَعْتُ وادِياً و جَرّا.
و
في حديث عبد الرحمن: رأَيته يوم أُحُد عندَ جَرِّ الجبل.
أَي أَسفله؛ قال ابن دريد: هو حيث علا من السَّهْلِ إِلى الغِلَظ؛ قال:
كَمْ تَرى بالجَرّ مِنْ جُمْجُمَةٍ،             و أَكُفٍّ قَدْ أُتِرّتْ، و جَرَلْ‏

__________________________________________________
 (2). قوله: [و الجر أصل الجبل‏] كذا بهذا الضبط بالأصل المعوّل عليه. قال في القاموس: و الجرّ أصل الجبل أَو هو تصحيف للفراء، و الصواب الجرّ أصل كعلابط الجبل؛ قال شارحه: و العجب من المصنف حيث لم يذكر الجر أصل في كتابه هذا بل و لا تعرض له أحد من أئمة الغريب، فإذاً لا تصحيف كما لا يخفى.

130
لسان العرب4

جرر ص 125

و الجَرُّ: الوَهْدَةُ من الأَرض. و الجَرُّ أَيضاً: جُحْرُ الضّبُع و الثعلب و اليَربُوع و الجُرَذِ؛ و حكى كراع فيهما جميعاً الجُرّ، بالضم، قال: و الجُرُّ أَيضاً المسيل. و الجَرَّةُ: إِناء من خَزَفٍ كالفَخَّار، و جمعها جَرٌّ و جِرَارٌ. و
في الحديث: أَنه نهى عن شرب نبيذ الجَرِّ.
قال ابن دريد: المعروف عند العرب أَنه ما اتخذ من الطين، و
في رواية: عن نبيذ الجِرَارِ.
و قيل: أَراد ما ينبذ في الجرار الضَّارِيَةِ يُدْخَلُ فيها الحَنَاتِمُ و غيرها؛ قال ابن الأَثير: أَراد النهي عن الجرار المدهونة لأَنها أَسرع في الشدّة و التخمير. التهذيب: الجَرُّ آنية من خَزَفٍ، الواحدة جَرَّةٌ، و الجمع جَرٌّ و جِرَارٌ. و الجِرَارَةُ: حرفة الجَرَّارِ. و قولهم: هَلُمَّ جَرّاً؛ معناه على هِينَتِكَ. و قال المنذري في قولهم: هَلُمَّ جَرُّوا أَي تَعَالَوْا على هينتكم كما يسهل عليكم من غير شدّة و لا صعوبة، و أَصل ذلك من الجَرِّ في السَّوْقِ، و هو أَن يترك الإِبل و الغنم ترعى في مسيرها؛ و أَنشد:
لَطَالَمَا جَرَرْتُكُنَّ جَرَّا،             حتى نَوَى الأَعْجَفُ و اسْتَمَرَّا،
فالَيْومَ لا آلُو الرِّكابَ شَرَّا
يقال: جُرَّها على أَفواهها أَي سُقْها و هي ترتع و تصيب من الكلإِ؛ و قوله:
فارْفَعْ إِذا ما لم تَجِدْ مَجَرَّا
يقول: إِذا لم تجد الإِبل مرتعاً. و يقال: كان عَاماً أَوَّلَ كذا و كذا فَهَلُمَّ جَرّاً إِلى اليوم أَي امتدّ ذلك إِلى اليوم؛ و قد جاءت في الحديث في غير موضع، و معناها استدامة الأَمر و اتصاله، و أَصله من الجَرِّ السَّحْبِ، و انتصب جَرّاً على المصدر أَو الحال. و جاء بجيش الأَجَرَّيْنِ أَي الثَّقَلَيْنِ: الجن و الإِنس؛ عن ابن الأَعرابي. و الجَرْجَرَةُ: الصوتُ. و الجَرْجَرَةُ: تَرَدُّدُ هَدِيرِ الفحل، و هو صوت يردده البعير في حَنْجَرَته، و قد جَرْجَرَ؛ قال الأَغلب العجلي يصف فحلًا:
وَ هْوَ إِذا جَرْجَرَ بعد الْهَبِّ،             جَرْجَرَ في حَنْجَرَةٍ كالحُبِّ،
و هامَةٍ كالْمِرجَلِ المُنْكَبِ‏

و قوله أَنشده ثعلب:
ثُمَّتَ خَلَّهُ المُمَرَّ الأَسْمَرا،             لَوْ مَسَّ جَنْبَيْ بازِلٍ لَجَرْجَرا

قال: جَرْجَرَ ضَجَّ و صاح. و فَحْلٌ جُراجِرٌ: كثير الجَرْجَرَة، و هو بعير جَرْجارٌ، كما تقول: ثَرْثَرَ الرجلُ، فهو ثَرْثارٌ. و
في الحديث: الذي يشرب في الإِناء الفضة و الذهب إِنما يُجَرْجِرُ في بطنه نار جهنم.
؛ أَي يَحْدُرُ فيه، فجعل الشُّرْبَ و الجَرْعَ جَرْجَرَةً، و هو صوت وقوع الماء في الجوف؛ قال ابن الأَثير: قال الزمخشري: يروى برفع النار و الأَكثر النصب. قال: و هذا الكلام مجاز لأَن نار جهنم على الحقيقة لا تُجَرْجِرُ في جوفه. و الجَرْجَرَةُ: صوت البعير عند الضَّجَرِ و لكنه جعل صوت جَرْعِ الإِنسان للماء في هذه الأَواني المخصوصة لوقوع النهي عنها و استحقاق العقاب على استعمالها، كَجَرْجَرَةِ نار جهنم في بطنه من طريق المجاز، هذا وجه رفع النار و يكون قد ذكر يجرجر بالياء للفصل بينه و بين النار، و أَما على النصب فالشارب هو الفاعل و النار مفعوله، و جَرْجَرَ فلان الماء إِذا جَرَعَهُ جَرْعاً متواتراً له صوت، فالمعنى: كأَنما يَجْرَع نار جهنم؛ و منه‏
حديث الحسن: يأْتي الحُب‏

131
لسان العرب4

جرر ص 125

فَيَكْتَازُ منه ثم يُجَرْجِرُ قائماً.
أَي يغرف بالكوز من الحُبِّ ثم يشربه و هو قائم. و
قوله في الحديث: قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز جَراجِرَهُمْ.
؛ أَي حُلُوقَهم؛ سماها جَراجِرَ لجَرْجَرَة الماء. أَبو عبيد: الجَراجِرُ و الجَراجِبُ العظام من الإِبل، الواحد جُرْجُورٌ. و يقال: بل إِبل جُرْجُورٌ عظام الأَجواف. و الجُرْجُورُ: الكرام من الإِبل، و قيل: هي جماعتها، و قيل: هي العظام منها؛ قال الكميت:
و مُقِلٍّ أَسَقْتُمُوهُ فَأَثْرَى             مائةً، من عطائكم، جُرْجُورا

و جمعها جَراجِرُ بغير ياء؛ عن كراع، و القياس يوجب ثباتها إِلى أَن يضطرّ إِلى حذفها شاعر؛ قال الأَعشى:
يَهَبُ الجِلَّةَ الجَرَاجِرَ، كالْبُستانِ             تَحْنُو لِدَرْدَقٍ أَطْفَالِ‏

و مائةٌ من الإِبل جُرْجُورٌ أَي كاملة. و التَّجَرْجُرُ: صب الماء في الحلق، و قيل: هو أَن يَجْرَعَه جَرْعاً متداركاً حتى يُسْمَعَ صوتُ جَرْعِه؛ و قد جَرْجَرَ الشرابَ في حلقه، و يقال للحلوق: الجَراجِرُ لما يسمع لها من صوت وقوع الماء فيها؛ و منه قول النابغة: لَهَامِيمُ يَسْتَلْهُونَها في الجَراجِرِ قال أَبو عمرو: أَصلُ الجَرْجَرَةِ الصوتُ. و منه قيل للعَيْرِ إِذا صَوَّتَ: هو يُجَرْجِرُ. قال الأَزهري: أَراد بقوله‏
في الحديث يجرجر في جوفه نار جهنم.
أَي يَحْدُر فيه نار جهنم إِذا شرب في آنية الذهب، فجعل شرب الماء و جَرْعَه جَرْجَرَةً لصوت وقوع الماء في الجوف عند شدة الشرب، و هذا كقول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً؛ فجعل أَكل مال اليتيم مثل أَكل النار لأَن ذلك يؤدّي إِلى النار. قال الزجاج: يُجَرْجِرُ في جوفه نار جهنم أَي يُردِّدُها في جوفه كما يردد الفحلُ هَدِيرَه في شِقْشِقَتِه، و قيل: التَّجَرْجُرُ و الجَرْجَرَةُ صَبُّ الماء في الحلق. و جَرْجَرَهُ الماء: سقاه إِياه على تلك الصورة؛ قال جرير:
و قد جَرْجَرَتْهُ الماءَ، حتى كأَنَّها             تُعالِجُ في أَقْصَى وِجارَيْنِ أَضْبُعا

يعني بالماء هنا المَنِيَّ، و الهاء في جرجرته عائدة إِلى الحياء. و إِبِلٌ جُراجِرَةٌ: كثيرة الشرب؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
أَوْدَى بماء حَوْضِكَ الرَّشِيفُ،             أَوْدَى بِهِ جُراجِراتٌ هِيفُ‏

و ماء جُراجِرٌ: مُصَوِّت، منه. و الجُراجِرُ: الجوفُ. و الجَرْجَرُ: ما يداس به الكُدْسُ، و هو من حديد. و الجِرْجِرُ، بالكسر: الفول في كلام أَهل العراق. و في كتاب النبات: الجِرْجِرُ، بالكسر، و الجَرْجَرُ و الجِرْجيرُ و الجَرْجار نبتان. قال أَبو حنيفة: الجَرْجارُ عُشْبَةٌ لها زَهْرَةٌ صفراء؛ قال النابغة و وصف خيلًا:
يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ من أَشْداقِها             صُفْراً، مَناخِرُها مِنَ الجَرْجارِ

الليث: الجَرْجارُ نبت؛ زاد الجوهري: طيب الريح. و الجِرْجِيرُ: نبت آخر معروف، و في الصحاح: الجِرْجِيرُ بقل. قال الأَزهري في هذه الترجمة: و أَصابهم غيث جِوَر

132
لسان العرب4

جرر ص 125

أَي يجر كل شي‏ء. و يقال: غيث جِوَرٌّ إِذا طال نبته و ارتفع. أَبو عبيدة غَرْبٌ جِوَرٌّ فارضٌ ثقيل. غيره: جمل جِوَرٌّ أَي ضخم، و نعجة جِوَرَّة؛ و أَنشد:
فاعْتامَ مِنّا نَعْجَةً جِوَرَّهْ،             كأَنَّ صَوْتَ شَخْبها للدِّرَّهْ‏
هَرْهَرَة الهِرِّ دَنَا لِلْهِرَّهْ

قال الفراء: جِوَرُّ إِن شئت جعلت الواو فيه زائدة من جَرَرْت، و إِن شئت جعلته فِعَلًّا من الجَوْرِ، و يصير التشديد في الراء زيادة كما يقال حَمارَّةٌ. التهذيب: أَبو عبيدة: المَجَرُّ الذي تُنْتَجُه أُمه يُنْتابُ من أَسفل فلا يَجْهَدُ الرَّضاعَ، إِنما يَرِفُّ رَفّاً حتى يُوضَعَ خِلفُها في فيه. و يقال: جوادٌ مُجَرٌّ، و قد جَرَرْتُ الشي‏ء أَجُرُّه جَرّاً؛ و يقال في قوله:
أَعْيَا فَنُطْنَاهُ مَناطَ الجَرِّ
أَراد بالجَرِّ الزَّبِيلَ يُعَلَّق من البعير، و هو النَّوْطُ كالجُلَّة الصغيرة. الصحاح: و الجِرِّيُّ ضرب من السمك. و الجِرِّيَّةُ: الحَوْصَلَةُ؛ أَبو زيد: هي القِرِّيَّةُ و الجِرِّيَّةُ للحوصلة. و
في حديث ابن عباس: أَنه سئل عن أَكل الجِرِّيِّ، فقال: إِنما هو شي‏ء حرمه اليهود.
؛ الجِرِّيُّ، بالكسر و التشديد: نوع من السمك يشبه الحية و يسمى بالفارسية مَارْماهي، و يقال: الجِرِّيُّ لغة في الجِرِّيت من السمك. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: أَنه كان ينهى عن أَكل الجِرِّيّ و الجِرِّيت.
و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، دُلَّ على أُم سلمة فرأَى عندها الشُّبْرُمَ و هي تريد أَن تشربه فقال: إِنه حارٌّ جارٌّ، و أَمرها بالسَّنَا و السَّنُّوتِ.
؛ قال أَبو عبيد: و بعضهم يرويه حارٌّ يارٌّ، بالياء، و هو إِتباع؛ قال أَبو منصور: و جارٌّ بالجيم صحيح أَيضاً. الجوهري: حارٌّ جارٌّ إِتباع له؛ قال أَبو عبيد: و أَكثر كلامهم حارٌّ يارٌّ، بالياء. و في ترجمة حفز: و كانت العرب تقول للرجل إِذا قاد أَلفاً: جَرَّاراً. ابن الأَعرابي: جُرْجُرْ إِذا أَمرته بالاستعداد للعدوّ؛ ذكره الأَزهري آخر ترجمة جور، و أَما قولهم لا جَرَّ بمعنى لا جَرَمَ فسنذكره في ترجمة جرم، إِن شاء الله تعالى.
جزر:
الجَزْرُ: ضِدُّ المَدِّ، و هو رجوع الماء إلى خلف. قال الليث: الجَزْرُ، مجزوم، انقطاعُ المَدِّ، يقال مَدَّ البحرُ و النهرُ في كثرة الماء و في الانقطاع «1». ابن سيدة: جَزَرَ البحرُ و النهر يَجْزِرُ جَزْراً و انْجَزَرَ. الصحاح: جزر الماءُ يَجْزُرُ و يَجْزِرُ جَزْراً أَي نَضَب. و
في حديث جابر: ما جَزَرَ عنه البحرُ فَكُلْ.
أَي ما انكشف عنه من حيوان البحر. يقال: جَزَرَ الماءُ يَجْزِرُ [يَجْزُرُ] جَزْراً إِذا ذهب و نقص؛ و منه الجَزْر و المَدُّ و هو رجوع الماء إِلى خَلْف. و الجزِيرةُ: أَرضٌ يَنْجَزِرُ عنها المدُّ. التهذيب: الجزِيرةُ أَرض في البحر يَنْفَرِجُ منها ماء البحر فتبدو، و كذلك الأَرض التي لا يعلوها السيل و يُحْدقُ بها، فهي جزيرة. الجوهري: الجزيرة واحدة جزائر البحر، سميت بذلك لانقطاعها عن معظم الأَرض. و الجزيرة: موضع بعينه، و هو ما بين دِجْلَة و الفُرات. و الجزيرة: موضع بالبصرة أَرض نخل بين البصرة و الأُبُلَّة خصت بهذا الاسم. و الجزيرة أَيضاً: كُورَةٌ تتاخم كُوَرَ الشام و حدودها. ابن سيدة: و الجزيرة إِلى جَنْبِ الشام. و جزيرة العرب ما بين‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و في الانقطاع‏] لعل هنا حذفاً و التقدير و جزر في الانقطاع أي انقطاع المد لأن الجزر ضد المد.

133
لسان العرب4

جزر ص 133

عَدَنِ أَبْيَنَ إِلى أَطوارِ الشام، و قيل: إِلى أَقصى اليمن في الطُّول، و أَما في العَرْضِ فمن جُدَّةَ و ما والاها من شاطئ البحر إِلى رِيف العراق، و قيل: ما بين حفر أَبي موسى إِلى أَقصى تهامة في الطول، و أَما العرض فما بين رَمْلِ يَبْرِين إِلى مُنْقَطَعِ السَّماوة، و كل هذه المواضع إِنما سميت بذلك لأَن بحر فارس و بحر الحبش و دجلة و الفرات قد أَحاط بها. التهذيب: و جزيرة العرب مَحَالُّها، سميت جزيرة لأَن البحرين بحر فارس و بحر السودان أَحاطا بناحيتيها و أَحاط بجانب الشمال دجلة و الفرات، و هي أَرض العرب و معدنها. و
في الحديث: أَن الشيطان يئس أَن يُعْبَدَ في جزيرة العرب.
؛ قال أَبو عبيد: هو اسم صُقْع من الأَرض و فسره على ما تقدم؛ و قال مالك بن أَنس: أَراد بجزيرة العرب المدينة نفسها، إِذا أَطلقت الجزيرة في الحديث و لم تضف إِلى العرب فإِنما يراد بها ما بين دِجْلَة و الفُرات. و الجزيرة: القطعة من الأَرض؛ عن كراع. و جَزَرَ الشي‏ءَ «1». يَجْزُرُه و يَجْزِرُه جَزراً: قطعه. و الجَزْرُ: نَحْرُ الجَزَّارِ الجَزُورَ. و جَزَرْتُ الجَزُورَ أَجْزُرُها، بالضم، و اجْتَزَرْتُها إِذا نحرتها و جَلَّدْتَها. و جَزَرَ الناقة يَجْزُرها، بالضم، جَزْراً: نحرها و قطعها. و الجَزُورُ: الناقة المَجْزُورَةُ، و الجمع جزائر و جُزُرٌ، و جُزُرات جمع الجمع، كطُرُق و طُرُقات. و أَجْزَرَ القومَ: أَعطاهم جَزُوراً؛ الجَزُورُ: يقع على الذكر و الأُنثى و هو يؤنث لأَن اللفظة مؤنثة، تقول: هذه الجزور، و إِن أَردت ذكراً. و
في الحديث: أَن عمر أَعطى رجلًا شكا إِليه سُوءَ الحال ثلاثة أَنْيابٍ جَزائرَ.
؛ الليث: الجَزُورُ إِذا أُفرد أُنث لأَن أَكثر ما ينحرون النُّوقُ. و قد اجْتَزَرَ القومَ جَزُوراً إِذا جَزَرَ لهم. و أَجْزَرْتُ فلاناً جَزُوراً إِذا جعلتها له. قال: و الجَزَرُ كل شي‏ء مباح للذبح، و الواحد جَزَرَةٌ، و إِذا قلت أَعطيته جَزَرَةً فهي شاة، ذكراً كان أَو أُنثى، لأَن الشاة ليست إِلَّا للذبح خاصة و لا تقع الجَزَرَةُ على الناقة و الجمل لأَنهما لسائر العمل. ابن السكيت: أَجْزَرْتُه شاةً إِذا دفعت إِليه شاة فذبحها، نعجةً أَو كبشاً أَو عنزاً، و هي الجَزَرَةُ إِذا كانت سمينة، و الجمع الجَزَرُ، و لا تكون الجَزَرَةُ إِلَّا من الغنم. و لا يقال أَجْزَرْتُه ناقة لأَنها قد تصلح لغير الذبح. و الجَزَرُ: الشياه السمينة، الواحدة جَزَرَةٌ و يقال: أَجزرت القومَ إِذا أَعطيتهم شاة يذبحونها، نعجةً أَو كبشاً أَو عنزاً. و
في الحديث: أَنه بعث بعثاً فمروا بأَعرابي له غنم فقالوا: أَجْزِرْنا.
؛ أَي أَعطنا شاة تصلح للذبح؛ و
في حديث آخر: فقال يا راعي أَجْزِرْني شاةً.
؛ و منه‏
الحديث: أَ رأَيتَ إِن لَقِيتُ غَنَمَ ابن عمي أَ أَجْتَزِرُ منها شاةً.
؟ أَي آخذ منها شاة و أَذبحها. و
في حديث خَوَّاتٍ: أَبْشِرْ بِجزَرَةٍ سمينة.
أَي شاة صالحة لأَنْ تُجْزَرَ أَي تذبح للأَكل، و
في حديث الضحية: فإِنما هي جَزَرَةٌ أَطَعَمَها أَهله.
؛ و تجمع على جَزَرٍ، بالفتح. و
في حديث موسى، على نبينا و عليه الصلاة و السلام؛ و السحَرةِ: حتى صارت حبالهم للثُّعبان جَزَراً.
و قد تكسر الجيم. و من غريب ما يروى‏
في حديث الزكاة: لا تأْخذوا من جَزَراتِ أَموال الناس.
؛ أَي ما يكون أُعدّ للأَكل، قال: و المشهور بالحاء المهملة. ابن سيدة: و الجَزَرُ ما يذبح من الشاء، ذكراً كان أَو أُنثى، جَزَرَةٌ، و خص بعضهم به الشاة التي يقوم إِليها أَهلها فيذبحونها؛ و قد أَجْزَرَه إِياها. قال بعضهم: لا يقال أَجْزَرَه‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و جزر الشي‏ء إلخ‏] من بابي ضرب و قتل كما في المصباح و غيره.

134
لسان العرب4

جزر ص 133

جَزُوراً إِنما يقال أَجْزَرَه جَزَرَةً. و الجَزَّارُ و الجِزِّيرُ: الذي يَجْزُر الجَزورَ، و حرفته الجِزارَةُ، و المَجْزِرُ، بكسر الزاي: موضع الجَزْر. و الجُزارَةُ: حَقُّ الجَزَّار. و
في حديث الضحية: لا أُعطي منها شيئاً في جُزارَتها.
؛ الجزارة، بالضم: ما يأْخذ الجَزَّارُ من الذبيحة عن أُجرته فمنع أَن يؤْخذ من الضحية جزء في مقابلة الأُجرة، و تسمى قوائم البعير و رأْسه جُزارَةً لأَنها كانت لا تقسم في الميسر و تُعْطَى الجَزَّارَ؛ قال ذو الرمّة:
سَحْبَ الجُزارَة مِثلَ البَيْتِ، سائرُهُ             مِنَ المُسُوح، خِدَبٌّ شَوْقَبٌ خَشَبُ‏

ابن سيدة: و الجُزارَةُ اليدان و الرجلان و العنق لأَنها لا تدخل في أَنصباء الميسر و إِنما يأْخذها الجَزَّارُ جُزارَتَه، فخرج على بناء العُمالة و هي أَجْرُ العامل، و إِذا قالوا في الفرس ضَخْمُ الجُزارَةِ فإِنما يريدون غلظ يديه و رجليه و كَثْرَةَ عَصَبهما، و لا يريدون رأْسه لأَن عِظَمَ الرأْس في الخيل هُجْنَةٌ؛ قال الأَعشى:
و لا نُقاتِلُ بالعِصِيِّ،             و لا نُرامِي بالحجارَه،
إِلَّا عُلالَةَ أَو بُدَاهَةَ             قارِحٍ، نَهْدِ الجُزارَه‏

و اجْتَزَر القومُ في القتال و تَجَزَّرُوا. و يقال: صار القَوم جَزَراً لعدوّهم إِذا اقتتلوا. و جَزَرُ السِّباعِ: اللحمُ الذي تأْكله. يقال: تركوهم جَزَراً، بالتحريك، إِذا قتلوهم. و تركهم جَزَراً للسباع و الطير أَي قِطَعاً؛ قال:
إِنْ يَفْعَلا، فلَقَدْ تَرَكْتُ أَباهُما             جَزَرَ السِّباعِ، و كُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ‏

و تَجَازَرُوا: تشاتموا. و تجازرا تشاتما، فكأَنما جَزَرَا بينهما ظَرِبَّاءَ أَي قطعاها فاشتدّ نَتْنُها؛ يقال ذلك للمتشاتمين المتبالغين. و الجِزارُ: صِرامُ النخل، جَزَرَهُ يَجْزُرُه و يَجْزِرُه جَزْراً و جِزاراً و جَزَاراً؛ عن اللحياني: صَرَمَه. و أَجْزَرَ النخلُ: حان جِزارُه كأَصْرَم حان صِرامُه، و جَزَرَ النخلَ يجزرها، بالكسر، جَزْراً: صَرَمها، و قيل: أَفسدها عند التلقيح. اليزيدي: أَجْزَرَ القومُ من الجِزار، و هو وقت صرام النخل مثلُ الجَزازِ. يقال: جَزُّوا نخلهم إِذا صرموه. و يقال: أَجْزَرَ الرجلُ إِذا أَسَنَّ و دنا فَنَاؤه كما يُجْزِرُ النخلُ. و كان فِتْيانٌ يقولون لشيخ: أَجْزَرْتَ يا شيخُ أَي حان لك أَن تموت فيقول: أَي بَنِيَّ، و تُحْتَضَرُونَ أَي تموتون شباباً و يروى: أَجْزَزْتَ من أَجَزَّ البُسْرُ أَي حان له أَن يُجَزَّ. الأَحمر: جَزَرَ النخلَ يَجْزِرُه إِذا صرمه و حَزَرَهُ يَحْزِرُهُ إِذا خرصه. و أَجْزَرَ القومُ من الجِزارِ و الجَزَار. و أَجَزُّوا أَي صرموا، من الجِزَازِ [الجَزَازِ] في الغنم. و أَجْزَرَ النخلُ أَي أَصْرَمَ. و أَجْزَرَ البعيرُ: حان له أَن يُجْزَرَ. و يقال: جَزَرْتُ العسل إِذا شُرتَهُ و استخرجته من خَلِيَّتِه، و إِذا كان غليظاً سَهُلَ استخراجُه. و تَوَعَّدَ الحجاجُ بن يوسف أَنَسَ بن مالك فقال: لأَجْزُرَنَّك جَزْرَ الضَّرَبِ أَي لأَسْتَأْصِلَنَّك، و العسل يسمى ضَرَباً إِذا غلظ. يقال: اسْتَضْرَبَ سَهُلَ اشْتِيارُه على العاسِل لأَنه إِذا رَقَّ سال. و
في حديث عمر: اتَّقوا هذه المجازِرَ فإِن لها ضَراوَةً كضَراوةِ الخمرِ.
؛ أَراد موضع الجَزَّارين التي تنحر فيها الإِبل و تذبح البقر و الشاء و تباع لُحْمانُها لأَجل النجاسة التي فيها من الدماء دماء الذبائح و أَرواثها، واحدها مَجْزَرَةٌ «2». و مَجْزِرَةٌ،
__________________________________________________
 (2). قوله: [واحدها مجزرة إلخ‏] أي بفتح عين مفعل و كسرها إذ الفعل من باب قتل و ضرب.

135
لسان العرب4

جزر ص 133

و إِنما نهاهم عنها لأَنه كَرِهَ لهم إِدْمانَ أَكل اللحوم و جعلَ لها ضَراوَةً كضراوة الخمر أَي عادة كعادتها، لأَن من اعتاد أَكل اللحوم أَسرف في النفقة، فجعل العادة في أَكل اللحوم كالعادة في شرب الخمر، لما في الدوام عليها من سَرَفِ النفقة و الفساد. يقال: أَضْرَى فلان في الصيد و في أَكل اللحم إِذا اعتاده ضراوة. و في الصحاح: المَجازِرُ يعني نَدِيَّ القوم و هو مُجْتَمَعُهُم لأَن الجَزُورَ إِنما تنحر عند جمع الناس. قال ابن الأَثير: نهى عن أَماكن الذبح لأَن إِلْفَها و مُداوَمَةَ النظر إِليها و مشاهدة ذبح الحيوانات مما يقسي القلب و يذهب الرحمة منه. و
في حديث آخر: أَنه نهى عن الصلاة في المَجْزَرَةِ و المَقْبُرَة.
و الجِزَرُ و الجَزَرُ: معروف، هذه الأَرُومَةُ التي تؤكل، واحدتها جِزَرَةٌ و جَزَرَةٌ؛ قال ابن دريد: لا أَحسبها عربية، و قال أَبو حنيفة: أَصله فارسي. الفرّاء: هو الجَزَرُ و الجِزَرُ للذي يؤكل، و لا يقال في الشاء إِلا الجَزَرُ، بالفتح. الليث: الجَزيرُ، بلغة أَهل السواد، رجل يختاره أَهل القرية لما ينوبهم من نفقات من ينزل بهم من قِبَل السلطان؛ و أَنشد:
 إِذا ما رأَونا قَلَّسوا من مَهابَةٍ،             و يَسْعى علينا بالطعامِ جَزِيرُها

جسر:
جَسَرَ يَجْسُرُ جُسُوراً و جَسارَةً: مضى و نفَذ. و جَسَرَ على كذا يَجْسُر جَسارَةً و تَجاسَر عليه؛ أَقدم. و الجَسُورُ: المِقْدامُ. و رجل جَسْر و جَسُورٌ: ماضٍ شجاعٌ، و الأُنثى جَسْرَةٌ و جَسُورٌ و جَسُورَةٌ. و رجل جَسْرٌ: جسيمٌ جَسُورٌ شجاع. و إِن فلاناً لَيُجَسِّرُ فلاناً أَي يُشَجِّعُه. و
في حديث الشَّعْبِيِّ: أَنه كان يقول لسيفه: اجْسُرْ جَسَّارُ.
هو فعَّال من الجَسَارة و هي الجَراءَةُ و الإِقدام على الشي‏ء. و جَمَلٌ جَسْرٌ و ناقة جَسْرَة و مُتَجاسِرَة: ماضية. قال الليث: و قَلّما يقال جمل جَسْرٌ؛ قال:
و خَرَجَت مائِلَةَ التَّجاسُرِ
و قيل: جمل جَسْرٌ طويل، و ناقة جَسْرَة طويلة ضَخْمَةٌ كذلك. و الجَسْرُ، بالفتح: العظيم من الإِبل و غيرها، و الأُنثى جَسْرَة، و كلُّ عضْوٍ ضَخْمٍ: جَسْرٌ؛ قال ابن مقبل:
هَوْجاءُ مَوْضِعُ رَحْلِها جَسْرُ
أَي ضخم؛ قال ابن سيدة: هكذا عزاه أَبو عبيد إِلى ابن مقبل، قال: و لم نجده في شعره. و تَجاسَرَ القوم في سيرهم؛ و أَنشد:
بَكَرَتْ تَجاسَرُ عن بُطونِ عُنَيْزَةٍ
أَي تسير؛ و قال جرير:
و أَجْدَرَ إِنْ تَجاسَرَ ثم نادَى             بِدَعْوَى: يَا لَ خِنْدِفَ أَن يُجَابا

قال: تَجاسَرَ تطاول ثم رفع رأْسه. و في النوادر: تَجَاسَر فلان لفلان بالعصا إِذا تحرك له. و رجل جَسْرٌ: طويل ضخم؛ و منه قيل للناقة: جَسْرٌ. ابن السكيت: جَسَرَ الفَحْلُ و فَدَرَ و جَفَرَ إِذا ترك الضِّراب؛ قال الراعي:
تَرَى الطَّرِفَاتِ الغُبْطَ من بَكَراتِها،             يَرُعْنَ إِلى أَلواحِ أَعْيَسَ جاسِرِ

و جارية جَسْرَةُ الساعدين أَي ممتلئتهما؛ و أَنشد:
دارٌ لِخَوْدٍ جَسْرَةِ المُخَدَّمِ‏
و الجَسْرُ و الجِسْرُ: لغتان، و هو القنطرة و نحوه مما يعبر عليه، و الجمع القليل أَجْسُرٌ؛ قال:
إِن فِرَاخاً كَفِراخِ الأَوْكُرِ،             بِأَرْضِ بَغْدادَ، وَراءَ الأَجْسُر

136
لسان العرب4

جسر ص 136

و الكثير جُسُورٌ. و
في حديث نَوْفِ بن مالك قال: فوقع عُوجٌ على نيل مصر فجسَرَهُمْ سَنَةً.
أَي صار لهم جِسْراً [جَسْراً] يَعْبُرونَ عليه، و تفتح جيمه و تكسر. و جَسْرٌ: حَيٌّ من قَيْسِ عَيْلان. و بنو القَيْنِ بن جُسَير: قَوْمٌ أَيضاً. و في قُضاعَة جَسْرٌ من بني عمران بن الحَافِ، و في قيس جَسْرٌ آخرُ و هو جَسْرُ بن مُحارب بن خَصَفَةَ؛ و ذكرهما الكميت فقال:
تَقَشَّفَ أَوْباشُ الزَّعانِفِ حَوْلَنا             قَصِيفاً، كأَنَّا من جُهَيْنَةَ أَوْ جَسْرِ
  و ما جَسْرَ قَيْسٍ قَيْسِ عَيْلانَ أَبْتَغِي،             و لكِنْ أَبا القَيْنِ اعْتَدَلْنا إِلى الجَسرِ

جشر:
الجَشَر: بَقْلُ الربيع. و جَشَرُوا الخَيْلَ و جَشَّروها: أَرْسَلُوها في الجَشْرِ. و الجَشْرُ: أَن يخرجوا بخيلهم فَيَرْعَوْها أَمام بيوتهم. و أَصبحوا جَشْراً و جَشَراً إِذا كانوا يَبِيتُون مكانهم لا يرجعون إِلى أَهليهم. و الجَشَّار: صاحبُ الجَشَرِ. و
في حديث عثمان، رضي الله عنه، أَنه قال: لا يغرّنكم جَشَرُكُمْ من صلاتكم فإِنما يَقْصُرُ الصلاةَ من كان شاخصاً أَو يَحْضُرُهُ عدوّ.
قال أَبو عبيد: الجَشَرُ القومُ يخرجون بدوابهم إِلى المرعى و يبيتون مكانهم و لا يأْوون إِلى البيوت، و ربما رأَوه سفراً فقصروا الصلاة فنهاهم عن ذلك لأَن المُقَامَ في المرعى و إِن طال فليس بسفر. و
في حديث ابن مسعود: يا مَعْشَرَ الجُشَّارِ لا تغتروا بصلاتكم.
؛ الجُشَّار جمع جاشِرٍ. و
في الحديث: و منا من هو في جَشْرَةٍ.
و
في حديث أَبي الدرداء: من ترك القرآن شهرين فلم يقرأْه فقد جَشَرَهُ.
أَي تباعد عنه. يقال: جَشَرَ عن أَهله أَي غاب عنهم. الأَصمعي: بنو فلان جَشَرٌ إِذا كانوا يبيتون مكانهم لا يأْوون بيوتهم، و كذلك مال جَشَرٌ لا يأْوي إِلى أَهله. و مال جَشَرٌ: يرعى في مكانه لا يؤوب إِلى أَهله. و إِبل جُشَّرٌ: تذهب حيث شاءت، و كذلك الحُمُرُ؛ قال:
و آخرونَ كالحمير الجُشَّرِ

و قوم جُشْرٌ و جُشَّرٌ: عُزَّابٌ في إِبلهم. و جَشَرْنا دوابَّنا: أَخرجناها إِلى المرعى نَجْشُرُها جَشْراً، بالإِسكان، و لا نَرُوحُ. و خيل مُجَشَّرةٌ بالحِمَى أَي مَرْعِيَّة. ابن الأَعرابي: المُجَشَّرُ الذي لا يرعى قُرْبَ الماء؛ و المنذري: الذي يرعى قرب الماء؛ أَنشد ابن الأَعرابي لابن أَحمر في الجَشْرِ:
إِنَّكَ لو رأَيتَني و القَسْرَا،             مُجَشِّرِينَ قد رَعَينا شَهْرَا
لم تَرَ في الناسِ رِعاءً جَشْرَا،             أَتَمَّ مِنَّا قَصَباً و سَيْرَا

قال الأَزهري: أَنشدنيه المنذري عن ثعلب عنه. قال الأَصمعي: يقال: أَصبح بنو فلان جَشَراً إِذا كانوا يبيتون في مكانهم في الإِبل و لا يرجعون إِلى بيوتهم؛ قال الأَخطل:
تَسْأَلُه الصُّبْرُ من غَسَّانَ، إِذْ حَضَرُوا،             و الحَزْنُ كَيْفَ قَراهُ الغِلْمَةُ الجَشَرُ

الصُّبْرُ و الحَزْنُ: قبيلتان من غسان. قال ابن بري: صواب إِنشاده:
... كيف قراك ...
، بالكاف، لأَنه يصف قتل عمير بن الحُبَابِ و كَوْنَ الصُّبْر و الحَزْنِ، و هما بطنان من غسان، يقولون له بعد موته و قد طافوا برأْسه: كيف قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟ و كان يقول لهم: إِنما أَنتم جَشَرٌ لا أُبالي بكم، و لهذا يقول فيها مخاطباً لعبد الملك بن مروان:

137
لسان العرب4

جشر ص 137

يُعَرِّفُونَكَ رَأْسَ ابنِ الحُبابِ و قد             أَضْحَى، و للسَّيْفِ في خَيْشُومِهِ أَثَرُ
لا يَسْمَعُ الصَّوْتَ مُسْتَكّاً مسامِعُه،             و ليس يَنْطِقُ حتى يَنْطِقَ الحَجَرُ

و هذه القصيدة من غُرَرِ قصائد الأَخطل يخاطب فيها عَبْدَ الملِك بْنَ مَرْوان يقول فيها:
نَفْسِي فِداءُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ إِذا             أَبْدَى النَّواجِذَ يَوْمٌ باسِلٌ ذَكَرُ
الخائِضِ الغَمْرِ و المَيْمُونِ طائِرُهُ،             خَلِيفَةِ اللهِ يُسْتَسْقَى بِهِ المَطَرُ
في نَبْعَةٍ مِن قُرَيشٍ يَعْصِبُونَ بها،             ما إِنْ يُوازى بأَعْلَى نَبتِها الشَّجَرُ
حُشْدٌ على الحق عَيَّافو الخَنَا أُنُفٌ،             إِذا أَلَمَّتْ بِهِمْ مَكْرُوهَةٌ صَبَرُوا
شُمْسُ العَداوَةِ حتى يُسْتَقَادَ لهم،             و أَعظمُ الناسِ أَحْلاماً، إِذا قَدَرُوا

منها:
إِنَّ الضَّغِينَةَ تَلْقَاها، و إِن قَدُمَتْ،             كالعُرِّ يَكْمُنُ حِيناً ثم يَنْتَشِرُ

و الجَشْرُ و الجَشَرُ: حِجَارَةٌ تنبت في البحر. قال ابن دريد: لا أَحسبها معرّبة. شمر: يقال مكان جَشِر أَي كثير الجَشَر، بتحريك الشين. و قال الرِّياشي: الجَشَرُ حجارة في البحر خشنة. أَبو نصر: جَشَرَ الساحلُ يَجْشُرُ جشراً. الليث: الجَشَرُ ما يكون في سواحل البحر و قراره من الحصى و الأَصداف، يَلْزَقُ بعضها ببعض فتصير حجراً تنحت منه الأَرْحِيَةُ بالبصرة لا تصلح للطحن، و لكنها تُسَوَّى لرؤوس البلاليع. و الجَشَرُ: وَسَخُ الوَطْبِ من اللبن؛ يقال: وَطْبٌ جَشِرٌ أَي وَسِخٌ. و الجَشَرَةُ: القِشْرَةُ السفلى التي على حَبَّةِ الحنطة. و الجَشَرُ و الجُشْرَةُ: خُشُونة في الصدر و غِلَظٌ في الصوت و سُعال؛ و في التهذيب: بَحَحٌ في الصوت. يقال: به جُشْرَةٌ و قد جَشِرَ «1». و قال اللحياني: جُشِرَ جُشْرَةً؛ قال ابن سيدة: و هذا نادر، قال: و عندي أَن مصدر هذا إِنما هو الجَشَرُ؛ و رجل مجشور. و بعير أَجْشَرُ و ناقة جَشْراءُ: بهما جُشْرَةٌ. الأَصمعي: بعير مَجْشُورٌ به سُعال جافٌّ. غيره: جُشِرَ، فهو مَجْشُورٌ، و جَشِرَ يَجْشَرُ جَشَراً، و هي الجُشْرَةُ، و قد جُشِرَ يُجْشَرُ على ما لم يسمَّ فاعله؛ و قال حجر:
رُبَّ هَمٍّ جَشَمْتُهُ في هَواكُمْ،             و بَعِيرٍ مُنَفَّهٍ مَجْشُورِ

و رجلٌ مَجْشُورٌ: به سُعال؛ و أَنشد:
و سَاعِلٍ كَسَعَلِ المَجْشُورِ
و الجُشَّةُ و الجَشَشُ: انتشار الصوت في بُحَّةٍ. ابن الأَعرابي: الجُشْرَةُ الزُّكامُ. و جَشرَ الساحلُ، بالكسر، يَجْشَرُ جَشْراً إِذا خَشُنَ طينه و يَبِسَ كالحجَر. و الجَشِيرُ: الجُوالِقُ الضخم، و الجمع أَجْشِرَةٌ و جُشُرٌ؛ قال الراجز:
يُعْجلُ إِضْجاعَ الجَشِيرِ القَاعِدِ
و الجَفِيرُ و الجَشِيرُ: الوَفْضَةُ، و هي الكِنانَةُ. ابن سيدة: و الجَشِيرُ الوفضة و هي الجَعْبَةُ من جلود تكون مشقوقة في جَنْبها، يفعل ذلك بها ليدخلها الريح فلا يأْتكل الريش. و جَنْبٌ جاشِرٌ: منتفخ. و تَجَشَّرَ بطنه: انتفخ؛ أَنشد ثعلب:
__________________________________________________
 (1). قوله [و قد جشر] كفرح و عني كما في القاموس.

138
لسان العرب4

جشر ص 137

 فقامَ وَثَّابٌ نَبِيلٌ مَحْزِمُهْ.             لم يَتَجَشَّرْ مِنْ طَعامٍ يُبْشِمُهْ‏

و جَشَرَ الصُّبْحُ يَجْشُرُ جُشُوراً: طلع و انفلق. و الجاشِرِيَّةُ: الشُّرْبُ مع الصبح، و يوصف به فيقال: شَرْبَةٌ جاشِرِيَّةٌ؛ قال:
و نَدْمانٍ يَزِيدُ الكأْسَ طِيباً،             سَقَيْتُ الجاشِرِيَّةَ أَو سَقَانِي‏

و يقال: اصْطَبَحْتُ الجاشِرِيَّةَ، و لا يَتَصَرَّفُ له فِعْلٌ؛ و قال الفرزدق:
إِذا ما شَرِبْنَا الجاشِرِيَّةَ لَمْ نُبَلْ             أَمِيراً، و إِن كانَ الأَمِيرُ مِنَ الأَزْدِ

و الجاشِرِيَّةُ: قبيلة في ربيعة. قال الجوهري: و أَما الجاشرية التي في شعر الأَعشى فهي قبيلة من قبائل العرب. و
في حديث الحجاج: أَنه كتب إِلى عامله أَن ابْعَثْ إِليَّ بالجَشِيرِ اللُّؤْلُؤِيّ.
؛ الجَشِيرُ: الجِرابُ؛ قال ابن الأَثير: قاله الزمخشري.
جظر:
المُجْظَئِرُّ كمُقْشَعِرٍّ: المُعِدُّ شَرَّه كأَنه منتصب. يقال: ما لَكَ مُجْظَئِرّاً؟
جعر:
الجِعَارُ: حبل يَشُدُّ به المُسْتَقِي وَسَطَهُ إِذا نزل في البئر لئلا يقع فيها، و طرفه في يد رجل فإِن سقط مَدَّه به؛ و قيل: هو حبل يشده الساقي إِلى وَتَدٍ ثم يشده في حِقْوِه و قد تَجَعَّرَ به؛ قال:
لَيْسَ الجِعارُ مانِعي مِنَ القَدَرْ،             وَ لَوْ تَجَعَّرْتُ بِمَحْبُوكٍ مُمَر

و الجُعْرَةُ: الأَثَرُ الذي يكون في وسط الرجل من الجِعارِ؛ حكاه ثعلب، و أَنشد:
لَوْ كُنْتَ سَيْفاً، كانَ أَثْرُكَ جُعْرَةً،             و كُنْتَ حَرًى أَنْ لا يُغَيِّرَكَ الصَّقْلُ‏

و الجُعْرَةُ: شعير غليظ القَصَبِ عريض ضَخْمُ السَّنابل كأَنَّ سنابله جِراءُ الخَشْخَاشِ، و لسنبله حروف عِدَّةٌ، و حبه طويل عظيم أَبيض، و كذلك سُنبله و سَفاه، و هو رقيق خفيف المَؤُونة في الدِّياسِ، و الآفة إِليه سريعة، و هو كثير الرَّيْعِ طيب الخُبْزِ؛ كله عن أَبي حنيفة. و الجُعْرورانِ: خَبْرَاوانِ إِحداهما لبني نَهْشَلٍ و الأُخرى لبني عبد الله بن دارم، يملؤهما جميعاً الغيث الواحد، فإِذا مُلِئَتِ الجُعْرُورانِ وَثِقُوا بِكَرْعِ شائهم؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
إِذا أَرَدْتَ الحَفْرَ بالجُعْرُورِ،             فَاعْمَلْ بِكُلِّ مارِنٍ صَبُورِ
لا غَرْفَ بالدِّرْحابَةِ القَصِير،             و لا الذي لوّحَ بالقَتِيرِ

الدِّرْحابَةُ: العَرِيضُ القصير؛ يقول: إِذا غرف الدِّرْحابة مع الطويل الضخم بالحَفْنَةِ من الغدير، غدير الخَبْراءِ، لم يلبث الدّرْحابَةُ أَن يَزْكُتَه الرَّبْوُ فيسقط. زَكَتَه الرَّبْوُ: مَلأَ جَوْفَه. و في التهذيب: و الجَعُور خَبْراءُ لبني نَهْشَلٍ، و الجَعُورُ الأُخرى خَبْراءُ لبني عبد الله بن دارِمٍ. و جَعَارِ: اسم للضَّبُعِ لكثرة جَعْرها، و إِنما بنيت على الكسر لأَنه حصل فيها العدل و التأْنيث و الصفة الغالبة، و معنى قولنا غالبة أَنها غلبت على الموصوف حتى صار يعرف بها كما يعرف باسمه، و هي معدولة عن جاعِرَة، فإِذا منع من الصرف بعلتين وجب البناء بثلاث لأَنه ليس بعد منع الصرف إِلا منع الإِعراب؛ و كذلك القول في حَلَاقِ اسْم للمَنِيَّةِ؛ و قول الشاعر الهذلي في صفة الضبع:
عَشَنْزَرَةٌ جَواعِرُها ثَمانٌ،             فُوَيْقَ زماعِهَا خَدَمٌ حُجُول‏

139
لسان العرب4

جعر ص 139

تَرَاها الضَّبْعَ أَعْظَمَهُنَّ رَأْساً،             جُراهِمَةً لها حِرَةٌ وَثِيلُ‏

قيل: ذهب إِلى تفخيمها كما سميت حضَاجِر؛ و قيل: هي أَولادها و جعلها الشاعر خنثى لها حِرَةٌ وَثِيلُ؛ قال بعضهم: جواعرها ثمان لأَن للضبع خروقاً كثيرة. و الجراهمة: المغتلمة. قال الأَزهري: الذي عندي في تفسير جواعرها ثمان كَثْرَةُ جَعْرها. و الجَواعِرُ: جمع الجاعِرَة و هو الجَعْر أَخرجه على فاعلة و فواعل و معناه المصدر، كقول العرب: سمعت رَواغِيَ الإِبل أَي رُغاءَها، و ثَواغِيَ الشاء أَي ثُغاءها؛ و كذلك العافية مصدر و جمعها عَوافٍ. قال الله تعالى: لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ؛ أَي ليس لها من دونه عز و جل كشف و ظهور. و قال الله عز و جل: لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً؛ أَي لَغْواً، و مثله كثير في كلام العرب، و لم يُرِدْ عدداً محصوراً بقوله جواعرها ثمان، و لكنه وصفها بكثرة الأَكْل و الجَعْرِ، و هي من آكل الدواب؛ و قيل: وصفها بكثرة الجعر كأَنّ لها جواعر كثيرة كما يقال فلان يأْكل في سبعة أَمعاء و إِن كان له مِعىً واحدٌ، و هو مثل لكثرة أَكله؛ قال ابن بري البيت أَعني:
عشنزرة جواعرها ثمان‏
لحبيب بن عبد الله الأَعلم. و للضبع جاعرتان، فجعل لكل جاعرة أَربعة غُضون، و سمى كل غَضَنٍ منها جاعرة باسم ما هي فيه. و جَيْعَرٌ و جَعَارِ و أُمُّ جَعارِ، كُلُّه: الضَّبُعُ لكثرة جَعْرِها. و في المثل: روعِي جَعارِ و انْظُري أَيْنَ المَفَرُّ؛ يضرب لمن يروم أَن يُفْلِتَ و لا يقدر على ذلك؛ و هذا المثل في التهذيب يضرب في فرار الجبان و خضوعه. ابن السكيت: تُشْتَمُ المرأَةُ فيقال لها: قُومي جَعارِ، تشبه بالضبع. و يقال للضبع: تِيسِي أَو عِيثي جَعَار؛ و أَنشد:
فَقُلْتُ لهَا: عِيثِي جَعَار و جَرِّرِي             بِلَحْمِ امرئٍ، لَمْ يَشْهَدِ القومَ ناصِرُهْ‏

و المَجْعَرُ: الدُّبُر. و يقال للدُّبُر: الجاعِرَةُ و الجَعْراءُ. و الجَعْرُ: نَجْوُ كل ذات مِخْلَبٍ من السباع. و الجَعْرُ: ما تَيَبَّسَ في الدبر من العذرة. و الجَعْرُ: يُبْسُ الطبيعة، و خص ابن الأَعرابي به جَعْرَ الإِنسان إِذا كان يابساً، و الجمع جُعُورٌ؛ و رجل مِجْعارٌ إِذا كان كذلك. و
في حديث عمرو ابن دينار: كانوا يقولون في الجاهلية: دَعُوا الصَّرُورَةَ بجَهْلِهِ و إِن رَمَى بِجَعْرِه في رَحْلِهِ.
؛ قال ابن الأَثير: الجَعْرُ ما يَبِسَ من الثُّفْل في الدبر أَو خرج يابساً؛ و منه‏
حديث عمر: إِنِّي مِجْعارُ البَطْن.
أَي يابس الطبيعة؛ و
في حديثه الآخر: إِياكم و نومة الغَداة فإِنها مَجْعَرَةٌ.
؛ يريد يُبْسَ الطبيعة أَي أَنها مَظِنَّة لذلك. و جَعَر الضبع و الكلب و السِّنَّوْرُ يَجْعَرُ جَعْراً: خَرِئَ. و الجَعْرَاء: الاسْتُ، و قال كراعٌ: الجِعِرَّى، قال: و لا نظير لها إِلا الجِعِبَّى، و هي الاست أَيضاً، و الزِّمِكّى و الزِّمِجَّى و كلاهما أَصل الذنب من الطائر و القِمِصَّى الوُثُوب، و العِبِدَّى العَبيد، و الجِرِشَّى النَّفْسُ؛ و الجِعِرَّى أَيضاً: كلمة يلام بها الإِنسان كأَنه يُنْسَبُ إِلى الاست. و بَنُو الجَعْراء: حيّ من العرب يُعَيَّرون بذلك؛ قال:
دَعَتْ كِنْدَةُ الجَعْراءُ بِالخَرْجِ مالِكاً،             و نَدْعُو لِعَوْفٍ تَحْتَ ظِلِّ القَواصِلِ‏

و الجَعْراءُ: دُغَةٌ بِنْتُ مَغْنَجٍ «2» ولَدَتْ في بَلْعَنْبرِ، و ذلك أَنها خرجت و قد ضربها المخاض‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [مغنج‏] كذا بالأَصل بالغين المعجمة، و عبارة القاموس و شرحه بنت مغنج، و في بعض النسخ منعج، قال المغفل بن سلمة: من أعجم العين فتح الميم، و من أهملها كسر الميم؛ قاله البكري في شرح أمالي القالي.

140
لسان العرب4

جعر ص 139

فظنته غائطاً، فلما جلست للحدث ولدت فأَتت أُمّها فقالت: يا أُمّتَ هل يَفْتَحُ الجَعْرُ فاه؟ ففهمت عنها فقالت: نعَمْ و يدعو أَباه؛ فتميم تسمي بلْعَنْبر الجعراءَ لذلك. و الجاعِرَةُ: مثل الروث من الفَرس. و الجاعِرَتانِ: حرفا الوَرِكَين المُشْرِفان على الفخذين، و هما الموضعان اللذان يَرْقُمُهما البَيْطارُ، و قيل: الجاعرتان موضع الرَّقمتين من است الحمار؛ قال كعب بن زهير يذكر الحمار و الأُتن:
إِذا ما انْتَحاهُنَّ شُؤْبُوبُهُ،             رَأَيْتَ لِجاعِرَتَيْهِ غُضُونا

و قيل: هما ما اطمأَنَّ من الورك و الفخذ في موضوع المفصل، و قيل: هما رؤوس أَعالي الفخذين، و قيل: هما مَضْرَبُ الفرس بذنبه على فخذيه، و قيل: هما حيث يكوى الحمار في مؤَخره على كاذَتَيْهِ. و
في حديث العباس: أَنه وَسَمَ الجاعرتين.
؛ هما لحمتان تكتنفان أَصل الذنب، و هما من الإِنسان في موضع رَقْمَتي الحمارِ. و
في الحديث: أَنه كوى حماراً في جاعِرَتَيْه.
و
في كتاب عبد الملك إِلى الحجاج: قاتلك الله، أَسْوَدَ الجاعرتين.
قيل: هما اللذان يَبْتَدِئانِ الذَّنَبَ. و الجِعَارُ: من سِمات الإِبل وَسْمٌ في الجاعِرَة؛ عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي. و الجِعْرانَةُ: موضع؛ و
في الحديث: أَنه نزل الجِعْرانَةَ.
و تكرر ذكرها في الحديث، و هي موضع قريب من مكة، و هي في الحل و ميقات الإِحرام، و هي بتسكين العين و التخفيف، و قد تكسر العين و تشدد الراء. و الجُعْرُورُ: ضَرْبٌ من التمر صغار لا ينتفع به. و
في الحديث: أَنه نهى عن لونين في الصدقة من التمر.
: الجُعْرُورِ و لَوْنِ الحُبَيْق؛ قال الأَصمعي: الجُعْرُورُ ضَرْبٌ من الدَّقَلِ يحمل رُطَباً صغاراً لا خير فيه، و لَوْنُ الحُبَيْقِ من أَرْدَإِ التُّمْرانِ أَيضاً. و الجُعْرُورُ: دُوَيْبَّةٌ من أَحناش الأَرض. و لصبيان الأَعراب لُعْبَةٌ يقال لها الجِعِرَّى، الراء شديدة، و ذلك أَن يحمل الصبي بين اثنين على أَيديهما؛ و لعبة أُخرى يقال لها سَفْدُ اللّقاح و ذلك انتظام الصبيان بعضهم في إِثر بعض، كلُّ واحد آخِذٌ بِحُجْزَةِ صاحبه من خَلْفِه. و أَبو جِعْرانَ: الجُعَلُ عامَّةً، و قيل: ضَرْبٌ من الجِعْلانِ. و أُم جِعْران: الرَّخَمَةُ؛ كلاهما عن كراع.
جعبر:
الجَعْبَرُ: القَعْب الغليظ الذي لم يحكم نَحْتُه. و الجَعْبَرَةُ و الجَعْبَرِيَّة: القصيرة الدميمة؛ قال رؤبة بن العجاج يصف نساء:
يُمْسِينَ عن قَسِّ الأَذَى غَوافِلا،             لا جَعْبَرِيَّاتٍ و لا طَهَامِلا «1».

القَسُّ: النَّمِيمَةُ. و الطَّهامِلُ: الضِّخامُ. و رجل جَعْبَرٌ و جَعْبَريٌّ: قصير متداخل؛ و قال يعقوب: قصير غليظ؛ و المرأَة جَعْبَرَةٌ. و ضَرَبَهُ فَجَعْبَرَهُ أَي صرعه.
جعثر:
جَعْثَرَ المتاع: جَمَعَهُ.
جعظر:
الجِعْظارُ و الجِعْظارَةُ، بكسر الجيم، و الجِعِنْظار، كله: القصير الرجلين الغليظ الجسم، فإِذا كان مع غلظ جسمه أَكولًا قويّاً سمي جَعْظَرِيّاً؛ و قيل: الجعْظارُ القليل العقل، و هو أَيضاً الذي يَنْتَفِخُ بما ليس عنده مع قِصَرٍ، و أَيضاً الذي لا يَأْلَمُ رَأْسُه،
__________________________________________________
 (1). قوله: [يمسين‏] كذا هو أَيضاً في هذه المادة من الصحاح. و في مادة قس استشهد به على أَن القس التتبع فقال: يصبحن إِلخ بدل يمسين، ثم قول المؤلف: القس النميمة، هو و إِن كان كذلك لكن الأَولى تفسير القس في البيت بالتتبع كما فعل الصحاح.

141
لسان العرب4

جعظر ص 141

و قيل: هو الأَكول السَّيِ‏ءُ الخُلُقِ الذي يتسخط عند الطعام. و الجَعْظَرِيّ: القصير الرجلين العظيم الجسم مع قوّة و شدّة أَكل. و قال ثعلب: الجَعْظَرِيُّ المتكبر الجافي عن الموعظة؛ و قال مرة: هو القصير الغليظ. و قال الجوهري: الجَعْظَرِيُّ الفَظُّ الغليظ. الفراء: الجَظُّ و الجَوَّاظ الطويل الجسم الأَكول الشَّرُوبُ البَطِرُ الكَفُورُ؛ قال: و هو الجِعْظارُ أَيضاً، و الجَعْظَرِيُّ مثله. و
في الحديث: أَ لا أُخبركم بأَهل النار؟ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مَنَّاعٍ جَمَّاعٍ.
؛ الجَعْظَرِيُّ: الفَظُّ الغليظ المتكبر، و قيل: هو الذي ينتفخ بما ليس عنده، و
في رواية أُخرى: هم الذين لا تُصَدَّعُ رؤوسهم.
الأَزهري: الجَعْظَريُّ الطويل الجسم الأَكول الشروب البَطِرُ الكافر، و هو الجِعْظارَةُ و الجِعْظارُ. قال: و قال أَبو عمرو: الجَعْظَريُّ القصير السمين الأَشِرُ الجافي عن الموعظة.
جعفر:
الجَعْفَرُ: النهر عامَّةً؛ حكاه ابن جني، و أَنشد:
إِلى بَلَدٍ لا بَقَّ فِيهِ و لا أَذًى،             و لا نَبَطِيَّات يُفَجِّرْنَ جَعْفَرَا

و قيل: الجعفر النهر الملآن، و به شبهت الناقة الغزيرة؛ قال الأَزهري: أَنشدني المفضل:
 مَنْ للجَعافِرِ يا قَوْمي؟ فَقَدْ صُرِيَتْ،             و قَدْ يُسَاقُ لِذاتِ الصَّرْيَةِ الحَلَبُ‏

ابن الأَعرابي: الجَعْفَرُ النهر الصغير فوق الجَدْوَلِ، و قيل: الجَعْفَرُ النهر الكبير الواسع؛ و أَنشد:
تَأَوَّدَ عُسْلُوجٌ عَلى شَطِّ جَعفَر
و به سمي الرجل. و جَعْفَرٌ: أَبو قبيلة من عامر، و هم الجَعَافِرَةُ.
جعمر:
الجَعْمَرَةُ: أَن يجمع الحمار نفسه و جَرامِيزَه ثم يَحْمِلَ على العَانَةِ أَو على الشي‏ء إِذا أَراد كَدْمَهُ. الأَزهري: الجَعْمَرَةُ و الجَمْعَرَة القَارَةُ المرتفعة المشرفة الغليظة.
جعنظر:
الجَعَنْظَرُ و الجِعِنْظَارُ: القصير الرجلين الغليظ الجسم؛ عن كراع. و رجل جِعِنْظَار إِذا كان أَكولًا قويّاً عظيماً جسيماً.
جفر:
الجَفْرُ: من أَولاد الشاء إِذا عَظُمَ و استكرشَ، قال أَبو عبيد: إِذا بلغ ولد المعزى أَربعة أَشهر و جَفَرَ جَنْبَاه و فُصِلَ عن أُمه و أَخَذَ في الرَّعْي، فهو جَفْرٌ، و الجمع أَجْفَار و جِفَار و جَفَرَةٌ، و الأُنثى جَفْرَةٌ؛ و قد جَفَرَ و اسْتَجفَرَ؛ قال ابن الأَعرابي: إِنما ذلك لأَربعة أَشهر أَو خمسة من يوم ولد. و
في حديث عمر: أَنه قضى في اليَرْبُوع إِذا قتله المحرم بجَفْرَةٍ؛ و في رواية: قضى في الأَرنب يصيبها المحرم جَفْرَةً.
ابن الأَعرابي: الجَفْرُ الجَمَلُ الصغير و الجَديُ بعد ما يُفْطَمُ ابن ستة أَشهر. قال: و الغلام جَفْرٌ. ابن شميل: الجَفْرَةُ العَناق التي شَبِعَتْ من البَقْلِ و الشجر و استغنت عن أُمِّها، و قد تَجَفَّرَتْ و اسْتَجْفَرَتْ. و
في حديث حليمة ظِئْرِ النبي، صلى الله عليه و سلم، قالت: كان يَشِبُّ في اليوم شَبَابَ الصبي في الشهر فبلغ ستّاً و هو جَفرٌ.
قال ابن الأَثير: اسْتَجْفَر الصَّبيُّ إِذا قوي على الأَكل. و
في حديث أَبي اليَسَرِ: فخرج «1». إِليَّ ابنٌ له جَفْرٌ.
و
في حديث أُم زرع: يكفيه ذراعُ الجَفْرَةِ.
؛ مدحته بقلة الأَكل. و الجَفْرُ: الصبي إِذا انتفخ لحمه و أَكل و صارت له كرش، و الأُنثى جَفْرَةٌ، و قد استَجْفَر و تَجَفَّرَ.
__________________________________________________
 (1). قوله [فخرج إِلخ‏] كذا بضبط القلم في نسخة من النهاية يظن بها الصحة و العهدة عليها.

142
لسان العرب4

جفر ص 142

و المُجْفَرُ: العظيم الجنبين من كل شي‏ء. و اسْتَجْفَرَ إِذا عظم؛ حكاه شمر و قال: جُفْرَةُ البطن باطِنُ المُجْرَئِشِّ. و الجُفْرَةُ: جَوْفُ الصدر، و قيل: ما يجمع البطن و الجنبين، و قيل: هو مُنحَنَى الضلوع، و كذلك هو من الفرس و غيره، و قيل: جُفْرَةُ الفرس وسَطُه، و الجمع جُفَرٌ و جِفَارٌ. و جُفْرَةُ كل شي‏ء: وسطه و معظمه. و فَرَسٌ مُجْفَرٌ و ناقة مُجْفَرَة أَي عظيمة الجُفْرةِ، و هي وسطه؛ قال الجَعْدِيُّ:
فَتَآيا بِطَرِير مُرْهَفٍ             جُفْرَةَ المَحْزِمِ مِنْهُ فَسَعَلْ‏

و الجُفْرَةُ: الحُفْرَةُ الواسعة المستديرة. و الجُفَرُ: خُروق الدعائم التي تحفر لها تحت الأَرض. و الجَفْرُ: البئر الواسعة التي لم تُطْوَ، و قيل: هي التي طوي بعضها و لم يطو بعض، و الجمع جِفَارٌ؛ و منه جَفْرُ الهَبَاءَةِ، و هو مُسْتَنْقَع ببلاد غَطَفَان. و الجُفْرَةُ، بالضم: سَعَةٌ في الأَرض مستديرة، و الجمعُ جِفَارٌ مثل بُرْمَةٍ و برام، و منه قيل للجوف: جُفْرةٌ. و
في حديث طلحة: فوجدناه في بعض تلك الجِفَارِ.
و هو جمع جُفْرة، بالضم. و في الحديث ذكر جُفرة، بضم الجيم و سكون الفاء، جفرة خالد من ناحية البصرة تنسب إِلى خالد بن عبد الله بن أَسِيدٍ، لها ذكر في حديث عبد الملك بن مروان. و الجَفِيرُ: جَعْبَة من جلود لا خشب فيها أَو من خشب لا جلد فيها. و الجَفِيرُ أَيضاً: جَعْبَةٌ من جلود مشقوقة في جنبها، يُفعل ذلك بها ليدخلها الريح فلا يأْتكل الريش. الأَحمر: الجَفِير و الجَعْبَةُ الكِنَانة. الليث: الجَفِير شبه الكنانة إِلا أَنه واسعٌ أَوسعُ منها يجعل فيه نُشَّابٌ كثير. و
في الحديث: من اتخذ قوساً عربية و جَفِيرَها نفى الله عنه الفقر.
؛ الجَفير: الكنانة و الجَعْبة التي تجعل فيها السهام، و تخصيصُ القِسِيِّ العربية كراهيةَ زِيِّ العجم. و جَفَرَ الفحلُ يَجْفُر، بالضم، جُفُوراً: انقطع عن الضِّراب و قَلَّ ماؤه، و ذلك إِذا أَكثر الضراب حتى حَسَرَ [حَسِرَ] و انقطع و عَدَلَ عنه. و يقال في الكبش: رَبَضَ و لا يقال جَفَرَ. ابن الأَعرابي: أَجْفَرَ الرجلُ و جَفَرَ و جَفَّرَ و اجْتَفَرَ إِذا انقطع عن الجماع، و إِذا ذَلَّ قيل: قد اجْتَفَرَ. و أَجْفَرَ الرجلُ عن المرأَة: انقطع. و جَفَّرَه الأَمرُ عنه: قَطَعَه؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
و تُجْفِروا عن نساء قَدْ تَحِلُّ لَكُمْ،             و في الرُّدَيْنِيِّ و الْهِنْدِيِّ تَجْفِيرُ

أَي أَن فيهما من أَلم الجراح ما يُجَفِّرُ الرجلَ عن المرأَة، و قد يجوز أَن يعني به إِماتتهما إِياهم لأَنه إِذا مات فقد جَفَرَ. و طعام مَجْفَرٌ و مَجْفَرَةٌ؛ عن اللحياني: يقطع عن الجماع. و من كلام العرب: أَكلُ البِطِّيخ مَجْفَرَةٌ. و
في الحديث أَنه قال لعثمان بن مظعون: عليك بالصوم فإِنه مَجْفَرَةٌ.
؛ أَي مَقْطَعَةٌ للنكاح. و
في الحديث أَيضاً: صُوموا وَ وَفِّرُوا أَشْعاركم.
 «1». فإِنها مَجْفَرَةٌ. قال أَبو عبيد: يعني مَقْطَعَة للنكاح و نقصاً للماء. و يقال للبعير إِذا أَكثر الضراب حتى ينقطع: قد جَفَرَ يَجْفِرُ جُفُوراً، فهو جافر؛ و قال ذو الرمة في ذلك:
و قد عَارَضَ الشِّعْرى سُهَيْلٌ، كَأَنَّهُ             قَرِيعُ هِجانٍ، عَارَضَ الشَّوْلَ جَافِرُ

و
في حديث عليّ، كرم الله وجهه: أَنه رأَى رجلًا
__________________________________________________
 (1). قوله: [و وفروا أشعاركم‏] يعني شعر العانة. و في رواية فإِنه أَي الصوم مجفر، بصيغة اسم الفاعل من أجفر، و هذا أَمر لمن لا يجد أهبة النكاح من معشر الشباب، كذا بهامش النهاية.

143
لسان العرب4

جفر ص 142

في الشمس فقال: قُمْ عنها فإِنها مَجْفَرَةٌ.
أَي تُذْهِبُ شهوة النكاح. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: إِياكم وَ نَوْمَةَ الغَدَاةِ فإِنها مَجْفَرَةٌ؛ و جعله القتيبي من حديث علي، كرم الله وجهه‏
و المُجْفِرُ: المتغير ريح الجسد. و
في حديث المُغِيرةِ: إِياكم و كلَّ مُجْفِرَةٍ.
أَي مُتَغَيِّرة رِيحِ الجسد، و الفعل منه أَجْفَر. قال: و يجوز أَن يكون من قولهم امرأَة مُجْفِرَةُ الجنبين أَي عظيمتهما. و جَفَرَ جَنْبَاهُ إِذا اتَّسَعَا، كأَنه كَرِهَ السِّمَنَ. و قال أَبو حنيفة: الكَنَهْبَلُ صِنْفٌ من الطَّلْحِ جَفْرٌ. قال ابن سيدة: أُراه عَنَى به قبيح الرائحة من النبات. الفراء: كنت آتيكم فَقَد أَجْفَرْتُكم أَي تركت زيارتكم و قطعتها. و يقالُ: أَجْفَرْتُ ما كنتُ فيه أَي تركته. و أَجْفَرْتُ فلاناً: قطعته و تركت زيارته. و أَجْفَرَ الشي‏ءُ: غاب عنك. و من كلام العرب: أَجْفَرَنا هذا الذئبُ فما حَسَسْناه منذ أَيام. و فعلتُ ذلك من جَفْرِ كذا «2». أَي من أَجله. و يقال للرجل الذي لا عقل له: إِنه لَمُنْهَدِمُ الحال و مُنْهَدِمُ الجَفْرِ. و الجُفُرَّى و الكُفُرَّى: وِعاء الطلع. و إِبِلٌ جِفَارٌ إِذا كانت غِزاراً، شبهت بِجِفَارِ الرَّكايا. و الجُفُرَّاء و الجُفُرَّاةُ: الكافور من النخل؛ حكاهما أَبو حنيفة. و جَيْفَرٌ و مُجَفَّر: اسمان: و الجَفْرُ: موضع بنجد. و الجِفَارُ: موضع، و قيل: هو ماء لبني تميم، قال: و منه يوم الجِفَارِ؛ قال الشاعر:
 وَ يَوْمُ الجِفَارِ وَ يَوْمُ النِّسارِ             كانا عَذَاباً، و كانا غَرَامَا

أَي هلاكاً. و الجَفَائِرُ: رمال معروفة؛ أَنشد الفارسي:
أَلِمَّا على وَحْشِ الجَفَائِر فانْظُرا             إِليها، و إِنْ لم تُمْكِنِ الوَحْشُ رامِيَا

و الأَجْفَرُ: موضع.
جكر:
ابن الأَعرابي: الجُكَيْرَةُ تصغير الجَكْرَةِ و هي اللَّجَاجَة، و قال في موضع آخر: أَجْكَرَ الرجلُ إِذا لَجَّ في البيع، و قد جَكِرَ يَجْكَرُ جَكَراً.
جلنر:
الجُلَّنارُ: معروف.
جمر:
الجَمْر: النار المتقدة، واحدته جَمْرَةٌ. فإِذا بَرَدَ فهو فَحْمٌ. و المِجْمَرُ و المِجْمَرَةُ: التي يوضع فيها الجَمْرُ مع الدُّخْنَةِ و قد اجْتَمَرَ بها. و في التهذيب: المِجْمَرُ قد تؤنث، و هي التي تُدَخَّنُ بها الثيابُ. قال الأَزهري: من أَنثه ذهب به إِلى النار، و من ذكَّره عنى به الموضع؛ و أَنشد ابن السكيت:
لا يَصْطَلي النَّارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجا

أَراد إِلا عُوداً أَرِجاً على النار. و منه‏
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: و مَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ و بَخُورُهُمُ العُودُ الهِنْدِيُّ غَيْرَ مُطَرًّى.
و قال أَبو حنيفة: المِجْمَرُ نفس العود. و اسْتَجْمَرَ بالمِجْمَرِ إِذا تبخر بالعود. الجوهري: المِجْمَرَةُ واحدةُ المَجَامِرِ، يقال: أَجْمَرْتُ النار مِجْمَراً إِذا هَيَّأْتَ الجَمْرَ؛ قال: و ينشد هذا البيت بالوجهين مُجْمِراً و مِجْمَراً و هو لحميد بن ثور الهلالي يصف امرأَة ملازمة للطيب:
__________________________________________________
 (2). قوله: [من جفر كذا إلخ‏] بفتح فسكون و بالتحريك و جفرة كذا بفتح فسكون كل ذلك عن ابن دريد أفاده شارح القاموس.

144
لسان العرب4

جمر ص 144

لا تَصْطَلي النَّارَ إلَّا مُجْمِراً أَرِجاً،             قدْ كَسَّرَت مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَه وَقَصَا

و اليلنجوج: العود. و الوَقَصُ: كِسَارُ العيدان. و
في الحديث: إِذا أَجْمَرْتُمْ الميت فَجَمِّرُوه ثلاثاً.
؛ أَي إِذا بخرتموه بالطيب. و يقال: ثوب مُجْمَرٌ و مُجَمَّرٌ. و أَجْمَرْتُ الثوبَ وَ جَمَّرْتُه إِذا بخرته بالطيب، و الذي يتولى ذلك مُجْمِرٌ و مُجَمِّرٌ؛ و منه نُعَيْمٌ المُجْمِرُ الذي كان يلي إِجْمَارَ مسجد رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، و المَجَامِر: جمع مِجْمَرٍ و مُجْمِرٍ، فبالكسر هو الذي يوضع فيه النار و البخور، و بالضم الذي يتبخر به و أُعِدَّ له الجَمْرُ؛ قال: و هو المراد في الحديث الذي ذكر فيه بَخُورُهم الأَلُوَّةُ، و هو العود. و ثوب مُجَمَّرٌ: مُكَبًّى إِذا دُخِّنَ عليه، و الجامِرُ الذي يلي ذلك، من غير فعل إِنما هو على النسب؛ قال:
وَ رِيحُ يَلَنْجُوجٍ يُذَكِّيهِ جَامِرُهْ‏
و
في حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّروا.
 «1» و جَمَّرَ ثَوْبَهُ إِذا بخره. و الجَمْرَةُ: القبيلة لا تنضم إِلى أَحد؛ و قيل: هي القبيلة تقاتل جماعةَ قَبائلَ، و قيل: هي القبيلة يكون فيها ثلثمائة فارس أَو نحوها. و الجَمْرَةُ: أَلف فارس، يقال: جَمْرَة كالجَمْرَةِ. و كل قبيل انضموا فصاروا يداً واحدة و لم يُحَالِفوا غيرهم، فهم جَمْرَةٌ. الليث: الجَمْرَةُ كل قوم يصبرون لقتال من قاتلهم لا يحالفون أَحداً و لا ينضمون إِلى أَحد، تكون القبيلة نفسها جَمْرَة تصبر لقراع القبائل كما صبرت عَبْسٌ لقبائل قيس. و
في الحديث عن عمر: أَنه سأَل الحُطَيْئَةَ عن عَبْسٍ و مقاومتها قبائل قيس فقال: يا أَمير المؤمنين كنا أَلف فارس كأَننا ذَهَبَةٌ حمراء لا نَسْتَجْمِرُ و لا نحالف.
أَي لا نسأَل غيرنا أَن يجتمعوا إِلينا لاستغنائنا عنهم. و الجَمْرَةُ: اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأَها من سائر القبائل؛ و من هذا قيل لمواضع الجِمَارِ التي ترمى بِمِنًى جَمَراتٌ لأَن كلَّ مَجْمَعِ حَصًى منها جَمْرَةٌ و هي ثلاث جَمَراتٍ. و قال عَمْرُو بن بَحْرٍ: يقال لعَبْسٍ و ضَبَّةَ و نُمير الجَمَرات؛ و أَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيري:
لَنَا جَمَراتٌ ليس في الأَرض مِثْلُها؛             كِرامٌ، و قد جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ:
نُمَيْرٌ و عبْسٌ يُتَّقَى نَفَيَانُها،             و ضَبَّةُ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
«2».

و جَمَرَات العرب: بنو الحرث بن كعب و بنو نُمير بن عامر و بنو عبس؛ و كان أَبو عبيدة يقول: هي أَربع جمرات، و يزيد فيها بني ضبة بن أُدٍّ، و كان يقول: ضبة أَشبه بالجمرة من بني نمير، ثم قال: فَطَفِئتْ منهم جمرتان و بقيت واحدة، طَفِئتْ بنو الحرث لمحالفتهم نَهْداً، و طفئت بنو عبس لانتقالهم إِلى بني عامر بن صَعْصَعَةَ يوم جَبَلَةَ، و قيل: جَمَراتُ مَعَدٍّ ضَبَّةُ و عبس و الحرثُ و يَرْبُوع، سموا بذلك لجمعهم. أَبو عبيدة: جمرات العرب ثلاث: بنو ضبة بن أُد و بنو الحرث بن كعب و بنو نمير بن عامر، و طفئت منهم جمرتان: طفئت ضبة لأَنها حالفت الرِّبابَ، و طفئت بنو الحرث لأَنها حالفت مَذْحِجَ، و بقيت نُمير لم تُطْفَأْ لأَنها لم‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و في حديث عمر لا تجمروا] عبارة النهاية: لا تجمروا الجيش فتفتنوهم؛ تجمير الجيش جمعهم في الثغور و حبسهم عن العود إِلى أَهليهم.
 (2). قوله: [يتقى نفيانها] النفيان ما تنفيه الريح في أصول الشجر من التراب و نحوه، و يشبه به ما يتطرف من معظم الجيش كما في الصحاح.

145
لسان العرب4

جمر ص 144

تُحالِفْ. و يقال: الجمرات عبس و الحرث و ضبة، و هم إِخوة لأُم، و ذلك أَن امرأَة من اليمن رأَت في المنام أَنه يخرج من فرجها ثلاث جمرات، فتزوجها كعب بن عبد المَدَانِ فولدت له الحرث بن كعب بن عبد المدان و هم أَشراف اليمن، ثم تزوّجها بَغِيضُ بن رَيْثٍ فولدت له عَبْساً و هم فُرْسَان العرب، ثم تزوّجها أُدّ فولدت له ضبة، فجمرتان في مضر و جمرة في اليمن. و
في حديث عمر: لأُلْحِقَنَّ كُلُّ قوم بِجَمْرَتهِم.
أَي بجماعتهم التي هم منها. و أَجْمَرُوا على الأَمر و تَجَمَّرُوا: تَجَمَّعُوا عليه و انضموا. و جَمَّرَهُمُ الأَمر: أَحوجهم إِلى ذلك. و جَمَّرَ الشَّي‏ءَ: جَمَعَهُ. و
في حديث أَبي إِدريس: دخلت المسجد و الناسُ أَجْمَرُ ما كانوا.
أَي أَجمع ما كانوا. و جَمَّرَتِ المرأَةُ شعرها و أَجْمَرَتْهُ: جمعته و عقدته في قفاها و لم ترسله. و في التهذيب: إِذا ضَفَرَتْهُ جَمائِرَ، واحدتُها جَمِيرَةٌ، و هي الضفائر و الضَّمائِرُ و الجَمَائِرُ. و تَجْمِيرُ المرأَة شعرها: ضَفْرُه. و الجَميرَةُ: الخُصْلَةُ من الشعر: و
في الحديث عن النخعي: الضَّافِرُ و المُلَبِّدُ و المُجْمِرُ عليهم الحَلْقُ.
؛ أَي الذي يَضْفِرُ رأْسه و هو محرم يجب عليه حلقه، و رواه الزمخشري بالتشديد و قال: هو الذي يجمع شَعْرَهُ و يَعْقِدُهُ في قفاه. و
في حديث عائشة: أَجْمَرْتُ رأْسي إِجْماراً.
أَي جمعته و ضفرته؛ يقال: أَجْمَرَ شعرَه إِذا جعله ذُؤابَةً، و الذؤابَةُ: الجَمِيرَةُ لأَنها جُمِّرَتْ أَي جمعت. و جَمِيرُ الشَّعَرِ: ما جُمِّرَ منه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كَأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما             حَمِسْنَا، و الوقَايَةُ بالخِناق‏

و الجَمِيرُ: مُجْتَمَعُ القوم. و جَمَّرَ الجُنْدَ: أَبقاهم في ثَغْرِ العدوّ و لم يُقْفِلْهم، و قد نهي عن ذلك. و تَجْمِيرُ الجُنْد: أَن يحبسهم في أَرض العدوّ و لا يُقْفِلَهُمْ من الثَّغْرِ. و تَجَمَّرُوا هُمْ أَي تحبسوا؛ و منه التَّجْمِيرُ في الشَعَرِ. الأَصمعي و غيره: جَمَّرَ الأَميرُ الجيشَ إِذا أَطال حبسهم بالثغر و لم يأْذن لهم في القَفْلِ إِلى أَهليهم، و هو التَّجْمِيرُ؛ و روى الربيع أَن الشافعي أَنشده:
و جَمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرى جُنُودَهُ،             و مَنَّيْتَنا حتى نَسينَا الأَمَانِيا

و
في حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّرُوا الجيش فَتَفْتِنُوهم.
؛ تَجْمِيرُ الجيش: جَمْعُهم في الثُّغور و جَبْسُهم عن العود إِلى أَهليهم؛ و منه‏
حديث الهُرْمُزانِ: أَن كِسْرى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ.
و جاء القومُ جُمارَى و جُماراً أَي بأَجمعهم؛ حكى الأَخيرة ثعلب؛ و قال: الجَمَارُ المجتمعون؛ و أَنشد بيت الأَعشى:
فَمَنْ مُبْلِغٌ وائِلًا قَوْمَنَا،             و أَعْني بذلك بَكْراً جَمارَا؟.

الأَصمعي: جَمَّرَ بنو فلان إِذا اجتمعوا و صاروا أَلْباً واحداً. و بنو فلان جَمْرَةٌ إِذا كانوا أَهل مَنَعَةٍ و شدّة. و تَجَمَّرتِ القبائلُ إِذا تَجَمَّعَتْ؛ و أَنشد:
إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ
و خُفٌّ مُجْمِرٌ [مُجْمَرٌ]: صُلْبٌ شديد مجتمع، و قيل: هو الذي نَكَبَتْهُ الحجارة و صَلُبَ. أَبو عمرو: حافِرٌ مُجْمِرٌ [مُجْمَرٌ] وقَاحٌ صُلْبٌ. و المُفِجُّ: المُقَبَّبُ من الحوافر، و هو محمود. و الجَمَراتُ و الجِمارُ: الحَصياتُ التي يرمى بها في مكة، واحدتها جَمْرَةٌ. و المُجَمَّرُ: موضع رمي الجمار هنالك؛ قال حذيفة بن أَنس الهُذَليُّ:

146
لسان العرب4

جمر ص 144

لأَدْركُهْم شُعْثَ النَّواصي، كَأَنَّهُمْ             سَوابِقُ حُجَّاجٍ تُوافي المُجَمَّرا

و سئل أَبو العباس عن الجِمارِ بِمِنًى فقال: أَصْلُها من جَمَرْتُه و دَهَرْتُه إِذا نَحَّيْتَهُ. و الجَمْرَةُ: واحدةُ جَمَراتِ المناسك و هي ثلاث جَمَرات يُرْمَيْنَ بالجِمارِ. و الجَمْرَةُ: الحصاة. و التَّجْمِيرُ: رمْيُ الجِمارِ. و أَما موضعُ الجِمارِ بِمِنًى فسمي جَمْرَةً لأَنها تُرْمي بالجِمارِ، و قيل: لأَنها مَجْمَعُ الحصى التي ترمي بها من الجَمْرَة، و هي اجتماع القبيلة على من ناوأَها، و قيل: سميت به من قولهم أَجْمَرَ إِذا أَسرع؛ و منه‏
الحديث: إِن آدم رمى بمنى فأَجْمرَ إِبليسُ بين يديه.
و الاسْتِجْمارُ: الاستنجاء بالحجارة، كأَنه منه. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: إِذا توضأْتَ فانْثُرْ، و إِذا استجمرت فأَوْتِرْ.
؛ أَبو زيد: الاستنجاء بالحجارة، و قيل: هو الاستنجاء، و استجمر و استنجى واحد إِذا تمسح بالجمار، و هي الأَحجار الصغار، و منه سميت جمار الحج للحصى التي ترمى بها. و يقال للخارص: قد أَجْمَرَ النخلَ إِذا خَرَصَها. و الجُمَّارُ: معروف، شحم النخل، واحدته جُمَّارَةٌ. و جُمَّارَةُ النخل: شحمته التي في قِمَّةِ رأْسه تُقْطَعُ قمَّتُه ثم تُكْشَطُ عن جُمَّارَةٍ في جوفها بيضاء كأَنها قطعةُ سَنَامٍ ضَخْمَةٌ، و هي رَخْصَةٌ تؤكل بالعسل، و الكافورُ يخرج من الجُمَّارَة بين مَشَقِّ السَّعَفَتَيْنِ و هي الكُفُرَّى [الكِفِرَّى‏]، و الجمعُ جمَّارٌ أَيضاً. و الجَامُورُ: كالجُمَّارِ. و جَمَرَ النخلة: قطع جُمَّارَها أَو جامُورَها. و
في الحديث: كأَني أَنظر إِلى ساقه في غَرْزه كأَنها جُمَّارَةٌ.
؛ الجُمَّارَةُ: قلب النخلة و شحمتها، شبه ساقه ببياضها،؛ و
في حديث آخر: أَتى بِجُمَّارٍ.
؛ هُوَ جمعُ جُمَّارة. و الجَمْرَةُ: الظُّلْمة الشديدة. و ابنُ جَمِير: الظُّلمة. و قيل: لظُلمة ليلة «1». في الشهر. و ابْنَا جَمِيرٍ: الليلتانِ يَسْتَسِرُّ فيهما القَمَرُ. و أَجْمَرَتِ الليلةُ: اسْتَسَرَّ فيها الهلالُ. و ابْنُ جَمِيرٍ: هلالُ تلك الليلة: قال كعب بن زهير في صفة ذئب:
و إِنْ أَطافَ، و لم يَظْفَرْ بِطائِلةٍ             في ظُلْمة ابنِ جَمِيرٍ، سَاوَرَ الفُطُمَا

يقول: إِذا لم يصب شاةً ضَخْمَةً أَخذ فَطِيمَةً. و الفُطُمُ: السِّخَالُ التي فُطِمَتْ، واحدتها فطيمة. و حكي عن ثعلب: ابنُ جُمَيْرٍ، على لفظ التصغير، في كل ذلك. قال: يقال جاءنا فَحْمَةَ بْنَ جُمَيْرٍ؛ و أَنشد:
عَنْدَ دَيْجُورِ فَحْمَةِ بْنِ جُمَيْرٍ             طَرَقَتْنا، و اللَّيْلُ دَاجٍ بَهِيمُ‏

و قيل: ظُلْمَةُ بْنُ جَميرٍ آخرُ الشهر كأَنه سَمَّوْهُ ظلمة ثم نسبوه إِلى جَمِير، و العرب تقول: لا أَفعل ذلك ما جَمَرَ ابْنُ جَمير؛ عن اللحياني. و في التهذيب: لا أَفعل ذاك ما أَجْمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ و ما أَسْمَرَ ابْنُ سَمِير؛ الجوهري: و ابنا جمير الليل و النهار، سميا بذلك للاجتماع كما سميا ابْنَيْ سَمِير لأَنه يُسْمَرُ فيهما. قال: و الجَمِيرُ الليل المظلم، و ابنُ جَمِيرٍ: الليل المظلم؛ و أَنشد لعمرو بن أَحمر الباهلي:
نَهارُهُمُ ظَمْآنُ ضَاحٍ، و لَيْلُهُمْ،             و إِن كَانَ بَدْراً، ظُلْمَةُ ابْنِ جَمِيرِ

و يروى:
نهارُهُمُ ليلٌ بَهِيمٌ و لَيْلُهُمْ‏
ابْنُ جَمِيرٍ: الليلة التي لا يطلع فيها القمر في أُولاها و لا في أُخراها؛ قال أَبو عمر الزاهد: هو آخر ليلة
__________________________________________________
 (1). قوله: [لظلمة ليلة إلخ‏] هكذا بالأصل و لعله ظلمة آخر ليلة إلخ كما يعلم مما يأتي.

147
لسان العرب4

جمر ص 144

من الشهر؛ و قال:
و كأَنّي في فَحْمَةِ ابنِ جَمِيرٍ             في نِقابِ الأُسَامَةِ السِّرْداحِ‏

قال: السرداح القوي الشديد التام. نقاب: جلد. و الأُسامة: الأَسد. و قال ثعلب: ابْنُ جَمِير الهلالُ. ابن الأَعرابي: يقال للقمر في آخر الشهر ابْنُ جَمِيرٍ لأَن الشمس تَجْمُرُه أَي تواريه. و أَجْمَرَ الرجلُ و البعيرُ: أَسرع و عدا، و لا تقل أَجمز، بالزاي؛ قال لبيد:
و إِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،             أَوْ قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ‏

و أَجْمَرْنا الخيل أَي ضَمَّرْناها و جمعناها. و بنو جَمْرَةَ: حَيٌّ من العرب. ابن الكلبي: الجِمارُ طُهَيَّةُ و بَلْعَدَوِيَّة و هو من بني يربوع بن حنظلة. و الجامُور: القَبْرُ. و جامُورُ السفينة: معروف. و الجامُور: الرأْس تشبيهاً بجامور السفينة؛ قال كراع: إِنما تسميه بذلك العامة. و فلان لا يعرف الجَمْرَةَ من التمرة. و يقال: كان ذلك عند سقوط الجَمْرَةِ. و المُجَيْمِرُ: موضع، و قيل: اسم جبل، و قول ابن الأَنباري:
و رُكوبُ الخَيْلِ تَعْدُو المَرَطَى،             قد عَلَاها نَجَدٌ فيه اجْمِرار

قال: رواه يعقوب بالحاء، أَي اختلط عرقها بالدم الذي أَصابها في الحرب، و رواه أَبو جعفر اجمرار، بالجيم، لأَنه يصف تجعد عرقها و تجمعه. الأَصمعي: عدَّ فلان إِبله جَماراً إِذا عدها ضربة واحدة؛ و منه قول ابن أَحمر:
و ظَلَّ رعاؤُها يَلْقَونَ منها،             إِذا عُدَّتْ، نَظَائِر أَو جَمَارَا

و النظائر: أَن تعد مثنى مثنى، و الجَمارُ: أَن تُعَدَّ جماعةً؛ ثعلب عن ابن الأَعرابي عن المفضل في قوله:
أَ لم تَرَ أَنَّني لاقَيْتُ، يَومْاً،             مَعاشِرَ فيهمُ رَجُلًا جَمَارا
فَقِيرَ الليْلِ تَلْقاه غنِيّاً،             إِذا ما آنَسَ الليلُ النهارَا

هذا مقدّم أُريد به «2». و فلان غني الليل إِذا كانت له إِبل سود ترعى بالليل.
جمخر:
الجُمْخُور: الواسع الجَوْفِ‏
جمزر:
يقال: جَمْزَرْتَ يا فلانُ أَي نَكَصْتَ و فَرَرْتَ.
جمعر:
الجَمْعَرَةُ: الأَرض الغليظة المرتفعة، و هي القَارَةُ المشرفة الغليظة؛ و أَنشد:
و انْجَبْنَ عن حَدَبِ الإِكامِ،             و عن جَماعِير الجَراوِلْ‏

يقال: أَشْرَفَ تلك الجَمْعَرَةَ و نحو ذلك. و الجُمْعُورُ: الجمعُ العظيم. و جَمْعَرَ الحمارُ إِذا جمعَ نَفْسه ليَكْدُمَ. قال: و الجَمْعَرَة الحَرَّةُ و الجماعة؛ قال: و لا يُعَدُّ سَنَدُ الجَبَل جَمْعَرَةً. ابن الأَعرابي: الجَمَاعِيرُ تَجَمُّعُ القبائل على حرب الملك؛ قال و منه قوله:
تَحُفُّهُمْ أَسافَةٌ و جَمْعَرُ،             إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ

أَسافَةُ و جَمْعَرُ: قبيلتان. و يقال للحجارة المجموعة: جَمْعَرٌ؛ و أَنشد أَيضاً:
تَحُفُّها أَسافَةٌ و جَمْعَرُ،             و خَلَّةٌ قِرْدانُها تَنَسَّرُ

و جَمْعَرٌ: غليظة يابسة.
__________________________________________________
 (2). هكذا في الأَصل.

148
لسان العرب4

جمهر ص 149

جمهر:
جَمْهَرَ له الخبرَ: أَخْبَرَهُ بطَرَفٍ له على غير وجهه و ترك الذي يريد. الكسائي: إِذا أَخبرت الرجل بطرف من الخبر و كتمته الذي تريد قلت: جَمْهَرْتُ عليه الخبرَ. الليث: الجُمْهُورُ الرمل الكثير المتراكم الواسع؛ و قال الأَصمعي: هي الرملة المشرفة على ما حولها المجتمعة. و الجُمْهُورُ و الجُمْهُورَةُ من الرمل: ما تعقَّد و انقاد، و قيل: هو ما أَشرف منه. و الجُمْهُور: الأَرض المشرفة على ما حولها. و الجُمْهُورَة: حَرَّةٌ لبني سعد بن بكر. ابن الأَعرابي: ناقة مُجَمْهَرَةٌ. إِذا كانت مُداخَلَة الخَلْقِ كأَنها جُمهور الرمل. و جُمهورُ كل شي‏ء: معظمُه، و قد جَمْهَرَهُ. و جُمهورُ الناس: جُلُّهُم. و جَماهير القوم: أَشرافهم. و
في حديث ابن الزبير قال لمعاوية: إِنا لا ندَعْ مَروانَ يَرمي جَماهيرَ قريش بمَشَاقِصِه.
أَي جماعاتها، واحدُها جُمْهُورٌ. و جَمْهَرْتُ القومَ إِذا جمعتهم، و جَمْهَرْتُ الشي‏ء إِذا جمعته؛ و منه‏
حديث النخعي: أَنه أُهْدِيَ له بُخْتَجٌ.
قال: هو الجُمْهُورِيُّ و هو العصير المطبوخ الحلالُ، و قيل له الجمهوري لأَن جُمْهُورَ الناس يستعملونه أَي أَكثرهم. و عددٌ مُجَمْهَرٌ: مُكَثَّرٌ. و الجَمْهَرَةُ: المجتمع. و الجُمْهُورِيُّ: شراب مُحْدَثٌ، رواه أَبو حنيفة؛ قال: و أَصله أَن يعاد على البُخْتَجِ الماءُ الذي ذهب منه ثم يطبخ و يودع في الأَوعية فيأْخذ أَخذاً شديداً. أَبو عبيد: الجُمْهُوريُّ اسم شراب يسكر. و الجُماهِرُ: الضخم. و فلان يَتَجَمْهَرُ علينا أَي يستطيل و يُحَقِّرُنا. و جَمْهَرَ القَبْرَ: جمع عليه التراب و لم يطينه. و
في حديث موسى بن طلحة: أَنه شهد دفن رجل فقال: جَمْهِروا قبره جَمْهَرَةً.
أَي اجمعوا عليه التراب جمعاً و لا تُطَيِّنوه و لا تُسوُّوهُ. و في التهذيب: جَمْهَرَ الترابَ إِذا جمع بعضه فوق بعض و لم يُخَصِّصْ به القبرَ.
جنبر:
الجَنْبَرُ: فَرْخُ الحُبارَى؛ عن السيرافي. و الجِنِبَّارُ: كالجَنْبَرِ مثَّل به سيبويه و فسره السيرافي. فأَما جِنْبارٌ، بالتخفيف، فزعم ابن الأَعرابي أَنه من الجَبْرِ لم يفسره بأَكثر من ذلك، فإِن كان كذلك فهو ثلاثي و قد ذكر في موضعه؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن الجِنْبَارَ بالتخفيف لغة في الجِنِبَّارِ الذي هو فرخ الحبارى و ليس قول ابن الأَعرابي حينئذٍ إِن جِنْباراً من الجَبْر بشي‏ء. و رجل جَنْبَرٌ: قصير. أَبو عمرو: الجَنْبَرُ الرجل الضخم. و جَنْبَرُ: فَرَسُ جَعْدَة بْنِ مِرْداسٍ.
جنثر:
الجَنْثَرُ من الإِبل: الطويل العظيم. أَبو عمرو: الجُنْثُرُ الجَمَلُ الضخم، و قال الليث: هي الجَناثِرُ؛ و أَنشد:
كُومٌ إِذا ما فُصِلَتْ جَناثِرُ
جنسر:
الجُنَاسِرِيَّةُ: أَشدُّ نخلةٍ بالبَصْرَةِ تَأَخُّراً.
جنفر:
أَبو عمرو: الجَنافِيرُ القبورُ العادِيَّةُ، واحدها جُنْفُورٌ.
جهر:
الجَهْرَةُ: ما ظَهَرَ. و رآه جَهْرَةً: لم يكن بينهما سِترٌ؛ و رأَيته جَهْرَةً و كلمتُه جَهْرَةً. و في التنزيل العزيز: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً
؛ أَي غيرَ مُسْتَتِر عَنَّا بشي‏ء. و قوله عز و جل: حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً
؛ قال ابن عرفة: أَي غير محتَجب عنا، و قيل: أَي عياناً يكشف ما بيننا و بينه. يقال: جَهَرْتُ الشي‏ء إِذا كشفته. و جَهَرْتُه و اجْتَهَرْته أَي رأَيته بلا حجاب بيني و بينه. و قوله تعالى: بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً
؛ هو أَن يأْتيهم و هم يَرَوْنَهُ. و الجَهْرُ: العلانية. و
في‏

149
لسان العرب4

جهر ص 149

150
لسان العرب4

جهر ص 149

عظيم المَرْآة. و ما أَحْسَنَ جُهْرَ فلان، بالضم، أَي ما يُجْتَهَرُ من هيئته و حسن مَنْظَره. و يقال: كيف جَهْراؤكُمْ أَي جماعتكم؛ و قول الراجز:
لا تَجْهَرِيني نَظَراً وَ رُدِّي،             فقد أَرُدُّ حِينَ لا مَرَدِّ
و قد أَرُدُّ، و الجِيادُ تُرْدِي،             نِعْمَ المِجَشُّ ساعةَ التَّنَدِّي‏

يقول: إِن استعظمتِ منظري فإِني مع ما ترين من منظري شجاع أَردّ الفرسان الذين لا يردهم إِلَّا مثلي. و رجل جَهِيرٌ: بَيِّنُ الجُهُورةِ و الجَهَارَة ذو مَنْظر. ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ الجَهارَةِ و الجُهْر إِذا كان ذا منظر؛ قال أَبو النجم:
و أَرَى البياضَ على النِّساءِ جَهارَةً             و الْعِتْقُ أَعْرِفُه على الأَدْماءِ

و الأُنثى جَهِيرَةٌ و الاسم من كل ذلك الجُهْرُ؛ قال القَطامِي:
شَنِئْتُك إِذْ أَبْصَرْتُ جُهْرَكَ سَيّئاً،             و ما غَيَّبَ الأَقْوامُ تابِعَةُ الجُهْر

قال: ما بمعنى الذي: يقول: ما غاب عنك من خُبْرِ الرجل فإِنه تابع لمنظره، و أَنث تابعة في البيت للمبالغة. و جَهَرتُ الرجل إِذا رأَيت هيئته و حسن منظره. و جُهْرُ الرجل: هيئته و حسن منظره. و جَهَرَني الشي‏ء و اجْتَهَرَني: راعني جماله. و قال اللحياني: كنتُ إِذا رأَيتُ فلاناً جَهَرْتُه و اجْتَهَرْتُه أَي راعك. ابن الأَعرابي: أَجْهَرَ الرجلُ جاء ببنين ذوي جَهارَةٍ و هم الحَسَنُو القُدُود الحَسَنُو المَنْظَرَ. و أَجْهَرَ: جاء بابن أَحْوَلَ. أَبو عمرو: الأَجْهَرُ الحسنُ المَنظَرِ الحَسنُ الجسمِ التامُّهُ. و الأَجْهَرُ: الأَحولُ المليح الحَوَلَةِ. و الأَجْهَرُ: الذي لا يبصر بالنهار، و ضده الأَعشى. و جَهْراءُ القوم: جماعتهم. و قيل لأَعرابي: أَ بَنُو جَعْفَرٍ أَشرفُ أَم بنو أَبي بكر بن كلاب؟ فقال: أَما خَواصَّ رجال فبنو أَبي بكر، و أَما جَهْرَاءَ الحيِّ فبنو جعفر؛ نصب خواص على حذف الوسيط أَي في خواص رجال و كذلك جَهْراء، و قيل: نصبهما على التفسير. و جَهَرْتُ فلاناً بما ليس عنده: و هو أَن يختلف ما ظننت به من الخُلُقِ أَو المال أَو في مَنْظَرِه. و الجَهْراء: الرابية السَّهْلَةُ العريضة. و قال أَبو حنيفة: الجَهْراء الرابية المِحْلالُ ليست بشديدة الإِشراف و ليست برملة و لا قُفٍّ. و الجَهْراء: ما استوى من ظهر الأَرض ليس بها شجر و لا آكام و لا رمال إِنما هي فضاء، و كذلك العَراءُ. يقال: وَطِئْنا أَعْرِيةً و جَهْراواتٍ؛ قال: و هذا من كلام ابن شميل. و فلان جَهِير للمعروفِ أَي خليقٌ له. و همُ جُهَراءُ للمعروف أَي خُلَقاءُ له، و قيل ذلك لأَن من اجْتَهَره طَمِعَ في معروفه؛ قال الأَخطل:
جُهَراءُ للمعروف حينَ تَراهُمُ،             خُلَقاءُ غَيْرُ تَنابِلٍ أَشْرارِ

و أَمر مُجْهَر أَي واضح بَيِّنٌ. و قد أَجْهَرته أَنا إِجْهاراً أَي شهَّرْته، فهو مَجْهور به مَشْهور. و المَجْهُورة من الآبار: المعمورة، عَذْبَةً كانت أَو مِلحة. و جَهَر البئرَ يَجْهَرُها جهراً و اجْتَهَرَها: نزحها؛ و أَنشد:
إِذا ورَدْنا آجِناً جَهَرْناهْ،             أَو خالياً من أَهْلِهِ عَمَرْناهْ‏

أَي من كثرتنا نَزَفْنا البئَار و عَمَرْنا الخرابَ. و حَفَر

151
لسان العرب4

جهر ص 149

البئرَ حتى جَهَر أَي بَلَغ الماءَ، و قيل: جَهَرها أَخرج ما فيها من الحَمْأَةِ و الماء. الجوهري: جَهَرْتُ البئر و اجْتَهَرْتُها أَي نَقَّيْتُها و أَخرجتُ ما فيها من الحمأَة، قال الأَخفش: تقول العرب جَهَرْتُ الرَّكِيَّةَ إِذا كان ماؤُها قد غُطِّيَ بالطِّين فَنُقِّي ذلك حتى يظهر الماء و يصفو. و
في حديث عائشة، وَ وَصَفَتْ أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: اجْتَهَرَ دَفْنَ الرَّواء.
؛ الاجْتِهارُ: الاستخراج، تريد أَنه كَسَحَها. يقال: جَهَرْتُ البئرَ و اجْتَهَرْتها إِذا كَسَحْتها إِذا كانت مُنْدَفِنَةً؛ يقال: ركيةٌ دَفينٌ و رَكايا دُفُنٌ، و الرَّواءُ: الماءُ الكثير، و هذا مثل ضربته عائشة، رضي الله عنها، لإِحكامه الأَمر بعد انتشاره، شبهته برجل أَتى على آبار مندفنة و قد اندفن ماؤُها، فنزحها و كسحها و أَخرج ما فيها من الدفن حتى نبع الماء. و
في حديث خيبر: وَجَدَ الناسُ بها بَصَلًا و ثُوماً فَجَهَرُوه.
؛ أَي استخرجوه و أَكلوه. و جَهَرْتُ البئر إِذا كانت مندفنة فأَخرجت ما فيها. و المَجْهُورُ: الماء الذي كان سُدْماً فاستسقى منه حتى طاب؛ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ:
قد حَلأَتْ ناقَتِي بَرْدٌ و صِيحَ بها             عن ماءِ بَصْوَةَ يوماً، و هْوَ مَجْهُورُ

و حَفَرُوا بئراً فَأَجْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً. و العينُ الجَهْراءُ: كالجاحظَة؛ رجل أَجْهَرُ و امرأَة جَهْراءُ. و الأَجْهَرُ من الرجال: الذي لا يبصر في الشمس، جَهِرَ جَهَراً، و جَهَرَتْهُ الشمسُ: أَسْدَرَتْ بَصَرَهُ. و كبشٌ أَجْهَرُ و نَعْجَةٌ جَهْراءُ: و هي التي لا تبصر في الشمس؛ قال أَبو العيال الهذلي يصف مَنيحَةً منحه إِياها بَدْرُ بنُ عَمَّارٍ الهُذَليُّ:
جَهْراءُ لا تأْلو إِذا هي أَظْهَرَتْ             بَصَراً، و لا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنيني‏

هذا نص ابن سيدة و أَورده الأَزهري عن الأَصمعي و ما عزاه لأَحد و قال: قال يصف فرساً يعني الجَهْراءَ؛ و قال أَبو منصور: أُرى هذا البيت لبعض الهُذَلِيين يصف نعجة؛ قال ابن سيدة: و عمَّ به بعضهم. و قال اللحياني: كُلُّ ضعيف البصر في الشمس أَجْهَرُ؛ و قيل: الأَجهر بالنهار و الأَعشى بالليل. و الجُهْرَةُ: الحَوَلَةُ، و الأَجْهَرُ: الأَحْوَلُ. رجلٌ أَجْهَرُ و امرأَة جَهْراءُ، و الاسم الجُهْرَةُ؛ أَنشد ثعلب للطرماح:
على جُهْرَةٍ في العينِ و هو خَدوجُ‏
و المُتَجاهر: الذي يريك أَنه أَجْهَرُ؛ و أَنشد ثعلب:
كالنَّاظِر المُتَجاهر

و فرس أَجْهَرُ: غَشَّتْ غُرَّتُه وَجْهَه. و الجَهْوَرُ: الجَري‏ءُ المُقْدِمُ الماضي. و جَهَرْنا الأَرض إِذا سلكناها من غير معرفة. و جَهَرْنا بني فلان أَي صَبَّحْناهُم على غِرَّةٍ. و حكى الفرّاء: جَهَرْتُ السِّقَاءَ إِذا مَخَضْته. و لَبَنٌ جَهِيرٌ: لم يُمْذَقْ بماء. و الجَهِيرُ: اللبن الذي أُخرج زُبْدُه، و الثَّمِيرُ: الذي لم يخرج زبده، و هو التَّثْمِير. و رجل مِجْهَرٌ، بكسر الميم، إِذا كان من عادته أَن يَجْهَر بكلامه. و المُجاهَرَةُ بالعداوة: المُبادَأَةُ بها. ابن الأَعرابي: الجَهْرُ قِطْعَةٌ من الدهرِ، و الجَهْرُ السَّنَةُ التامَّةُ؛ قال: و حاكم أَعرابي رجلًا إِلى القاضي فقال: بِعْتُ منه غُنْجُداً مُذْ جَهْرٍ فغاب عني؛ قال ابن الأَعرابي: مُذْ قِطْعَةٍ من الدهر. و الجَوْهَرُ: معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ. و الجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شي‏ء ينتفع به. و جَوْهَرُ كُلِّ شي‏ء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه؛ قال ابن سيدة: و له تحديد لا يليق بهذا الكتاب،

152
لسان العرب4

جهر ص 149

و قيل: الجوهر فارسي معرّب. و قد سمَّت أَجْهَرَ و جَهِيراً و جَهْرانَ و جَوْهَراً.
جهبر:
التهذيب: الجَيْهَبُور خُرْءُ الفأْر.
جهدر:
بُسْرُ الجُهَنْدَرِ: ضربٌ من التمر؛ عن أَبي حنيفة.
جور:
الجَوْرُ: نقيضُ العَدْلِ، جارَ يَجُورُ جَوْراً. و قوم جَوَرَةٌ و جارَةٌ أَي ظَلَمَةٌ. و الجَوْرُ: ضِدُّ القصدِ. و الجَوْرُ: تركُ القصدِ في السير، و الفعل جارَ يَجُورُ، و كل ما مال، فقد جارَ. و جارَ عن الطريق: عَدَلَ. و الجَوْرُ: المَيْلُ عن القصدِ. و جار عليه في الحكم و جَوَّرَهُ تَجْويراً: نسَبه إِلى الجَوْرِ؛ و قول أَبي ذؤيب: «3».
فإِنَّ التي فينا زَعَمْتَ و مِثْلَها             لَفِيكَ، و لكِنِّي أَراكَ تَجُورُها

إِنما أَراد: تَجُورُ عنها فحذف و عدَّى، و أَجارَ غيرَهُ؛ قال عمرو بن عَجْلان:
و قُولا لها: ليس الطَّريقُ أَجارَنا،             و لكِنَّنا جُرْنا لِنَلْقاكُمُ عَمْدا

و طَريقٌ جَوْرٌ: جائر، وصف بالمصدر. و
في حديث ميقات الحج: و هو جَوْرٌ عن طريقنا.
؛ أَي مائل عنه ليس على جادَّته، من جارَ يَجُورُ إِذا مال و ضل؛ و منه‏
الحديث: حتى يسير الراكبُ بينَ النُّطْفَتَيْنِ لا يخشى إِلّا جَوْراً.
؛ أَي ضلالًا عن الطريق؛ قال ابن الأَثير: هكذا روى الأَزهري، و شرح: و
في رواية لا يَخْشَى جَوْراً.
بحذف إِلَّا، فإِن صح فيكون الجور بمعنى الظلم. و قوله تعالى: وَ مِنْها جائِرٌ
؛ فسره ثعلب فقال: يعني اليهود و النصارى. و الجِوارُ: المُجاوَرَةُ و الجارُ الذي يُجاوِرُك و جاوَرَ الرجلَ مُجاوَرَةً و جِواراً و جُواراً، و الكسر أَفصح: ساكَنَهُ. و إِنه لحسَنُ الجِيرَةِ: لحالٍ من الجِوار و ضَرْب منه. و جاوَرَ بني فلان و فيهم مُجاوَرَةً و جِواراً: تَحَرَّمَ بِجِوارِهم، و هو من ذلك، و الاسم الجِوارُ و الجُوارُ. و
في حديث أُم زَرْع: مِلْ‏ءُ كِسائها و غَيظُ جارَتها.
؛ الجارة: الضَّرَّةُ من المُجاورة بينهما أَي أَنها تَرَى حُسْنَها فَتَغِيظُها بذلك. و منه‏
الحديث: كنتُ بينَ جارَتَيْنِ لي.
؛ أَي امرأَتين ضَرَّتَيْنِ. و
حديث عمر قال لحفصة: لا يَغُركِ أَن كانت جارَتُك هي أَوْسَم و أَحَبّ إِلى رسول الله، صلى الله عليه و سلم، منك.
؛ يعني عائشة؛ و اذهب في جُوارِ [جِوارِ] الله. و جارُكَ: الذي يُجاوِرُك، و الجَمع أَجْوارٌ و جِيرَةٌ و جِيرانٌ، و لا نظير له إِلَّا قاعٌ و أَقْواعٌ و قِيعانٌ و قِيعَةٌ؛ و أَنشد:
و رَسْمِ دَارٍ دَارِس الأَجْوارِ
و تَجاوَرُوا و اجْتَوَرُوا بمعنى واحد: جاوَرَ بعضهم بعضاً؛ أَصَحُّوا اجْتَوَرُوا إِذا كانت في معنى تَجاوَرُوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلًا على أَنه في معنى ما لا بد من صحته و هو تَجاوَرُوا. قال سيبويه: اجْتَوَرُوا تَجاوُراً و تَجاوَرُوا اجْتِواراً، وضعوا كل واحد من المصدرين موضع صاحبه، لتساوي الفعلين في المعنى و كثرة دخول كل واحد من البناءين على صاحبه؛ قال الجوهري: إِنما صحت الواو في اجْتَوَرُوا لأَنه في معنى ما لا بدّ له أَن يخرّج على الأَصل لسكون ما قبله، و هو تَجَاوَرُوا، فبني عليه، و لو لم يكن معناهما واحداً لاعتلت؛ و قد جاء: اجْتَارُوا مُعَلًّا؛ قال مُليح الهُذلي:
__________________________________________________
 (3). قوله: [و قول أَبي ذؤيب‏] نقل المؤلف في مادة س ي ر عن ابن بري أَنه لخالد ابن أُخت أَبي ذؤيب.

153
لسان العرب4

جور ص 153

كدَلَخِ الشَّرَبِ المُجْتارِ زَيَّنَهُ             حَمْلُ عَثَاكِيلَ، فَهْوَ الواثِنُ الرَّكِدُ «1».

التهذيب: عن ابن الأَعرابي: الجارُ الذي يُجاوِرُك بَيْتَ بَيْتَ. و الجارُ النِّفِّيح: هو الغريب. و الجار: الشَّرِيكُ في العَقار. و الجارُ: المُقاسِمُ. و الجار: الحليف. و الجار: الناصر. و الجار: الشريك في التجارة، فَوْضَى كانت الشركة أَو عِناناً. و الجارة: امرأَة الرجل، و هو جارُها. و الجَارُ: فَرْجُ المرأَة. و الجارَةُ: الطِّبِّيجَةُ، و هي الاست. و الجارُ: ما قَرُبَ من المنازل من الساحل. و الجارُ: الصِّنَارَةُ السَّيِ‏ءُ الجِوارِ. و الجارُ: الدَّمِثُ الحَسَنُ الجِوارِ. و الجارُ: اليَرْبُوعِيُّ. و الجار: المنافق. و الجَار: البَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ في أَفعاله. و الجارُ: الحَسْدَلِيُّ الذي عينه تراك و قلبه يرعاك. قال الأَزهري: لما كان الجار في كلام العرب محتملًا لجميع المعاني التي ذكرها ابن الأَعرابي لم يجز أَن يفسر
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: الجارُ أَحَقُّ بصَقَبِهِ.
أَنه الجار الملاصق إِلَّا بدلالة تدل عليه، فوجب طلب الدلالة على ما أُريد به، فقامت الدلالة في سُنَنٍ أُخرى مفسرة أَن المراد بالجار الشريك الذي لم يقاسم، و لا يجوز أَن يجعل المقاسم مثل الشريك. و قوله عز و جل: وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ الْجارِ الْجُنُبِ‏
؛ فالجار ذو القربى هو نسيبك النازل معك في الحِواءِ و يكون نازلًا في بلدة و أَنت في أُخْرَى فله حُرَمَةُ جِوارِ القرابة، و الجار الجنب أَن لا يكون له مناسباً فيجي‏ء إِليه و يسأَله أَن يجيره أَي يمنعه فينزل معه، فهذا الجار الجنب له حرمة نزوله في جواره و مَنَعَتِه و رُكونه إِلى أَمانه و عهده. و المرأَةُ جارَةُ زوجها لأَنه مُؤْتَمَرٌ عليها، و أُمرنا أَن نحسن إِليها و أَن لا نعتدي عليها لأَنها تمسكت بعَقْدِ حُرْمَةِ الصِّهْرِ، و صار زوجها جارها لأَنه يجيرها و يمنعها و لا يعتدي عليها؛ و قد سمي الأَعشى في الجاهلية امرأَته جارة فقال:
أَيا جارَتَا بِينِي فإِنَّكِ طالِقَهْ             و مَوْمُوقَةٌ، ما دُمْتِ فينا، و وَامِقَهْ‏

و هذا البيت ذكره الجوهري، و صدره:
أَ جارَتَنَا بيني فإِنك طالقه‏
قال ابن بري: المشهور في الرواية:
أَيا جارتا بيني فإِنك طالقه،             كذَاكِ أُمُورُ النَّاسِ: عادٍ و طارِقَهْ‏

ابن سيدة: و جارة الرجل امرأَته، و قيل: هواه؛ و قال الأَعشى:
يا جَارَتَا ما أَنْتِ جَارَهْ،             بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفَارَهْ‏

و جَاوَرْتُ في بَني هِلالٍ إِذا جاورتهم. و أَجارَ الرجلَ إِجَارَةً و جَارَةً؛ الأَخيرة عن كراع: خَفَرَهُ. و اسْتَجَارَهُ: سأَله أَن يُجِيرَهُ. و في التنزيل العزيز: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ‏
؛ قال الزجاج: المعنى إِن طلب منك أَحد من أَهل الحرب أَن تجيره من القتل إِلى أَن يسمع كلام الله فَأَجِرْهُ‏
 أَي أَمّنه، و عرّفه ما يجب عليه أَن يعرفه من أَمر الله تعالى الذي يتبين به الإِسلام، ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ لئلا يصاب بسوء قبل انتهائه إِلى مأْمنه. و يقال للذي يستجير بك: جارٌ، و للذي يُجِيرُ: جَارٌ. و الجار: الذي أَجرته من أَن يظلمه ظالم؛ قال الهذلي:
و كُنْتُ، إِذا جَارِي دَعَا لِمَضُوفَةٍ،             أُشَمِّرُ حَتَّى يُنْصِفَ السَّاقَ مِئْزَرِي‏

و جارُك: المستجيرُ بك. و هم جارَةٌ من ذلك الأَمر؛
__________________________________________________
 (1). قوله: [كدلخ إلخ‏] كذا في الأَصل.

154
لسان العرب4

جور ص 153

حكاه ثعلب، أَي مُجِيرُونَ؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف ذلك، إِلَّا أَن يكون على توهم طرح الزائد حتى يكون الواحد كأَنه جائر ثم يكسر على فَعَلةٍ، و إِلَّا فَلا وجه له. أَبو الهيثم: الجارُ و المُجِيرُ و المُعِيذُ واحدٌ. و من عاذ بالله أَي استجار به أَجاره الله، و من أَجاره الله لم يُوصَلْ إِليه، و هو سبحانه و تعالى يُجِيرُ و لا يُجَارُ عليه أَي يعيذ. و قال الله تعالى لنبيه: قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ
؛ أَي لن يمنعنى من الله أَحد. و الجارُ و المُجِيرُ: هو الذي يمنعك و يُجْيرُك. و استْجَارَهُ من فلان فَأَجَارَهُ منه. و أَجارَهُ الله من العذاب: أَنقذه. و
في الحديث: و يُجِيرُ عليهم أَدناهم.
؛ أَي إِذا أَجار واحدٌ من المسلمين حرّ أَو عبد أَو امرأَة واحداً أَو جماعة من الكفار و خَفَرَهُمْ و أَمنَّهم، جاز ذلك على جميع المسلمين لا يُنْقَضُ عليه جِوارُه و أَمانُه؛ و منه‏
حديث الدعاء: كما تُجِيرُ بين البحور.
؛ أَي تفصل بينها و تمنع أَحدها من الاختلاط بالآخر و البغي عليه. و
في حديث القسامة: أُحب أَن تُجِيرَ ابْنِي هذا برجل من الخمسين.
أَي تؤمنه منها و لا تستحلفه و تحول بينه و بينها، و بعضهم يرويه بالزاي، أَي تأْذن له في ترك اليمين و تجيزه. التهذيب: و أَما قوله عز و جل: وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ‏
؛ قال الفرّاء: هذا إِبليس تمثل في صورة رجل من بني كنانة؛ قال و قوله: إِنِّي جارٌ لَكُمْ‏
؛ يريد أَجِيركُمْ أَي إِنِّي مُجِيركم و مُعيذُكم من قومي بني كنانة فلا يَعْرِضُون لكم، و أَن يكونوا معكم على محمد، صلى الله عليه و سلم، فلما عاين إِبليس الملائكة عَرَفَهُمْ فَنَكَصَ هارباً، فقال له الحرثُ بن هشام: أَ فراراً من غير قتال؟ ف قالَ: إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى‏ ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ. قال: و كان سيد العشيرة إِذا أَجار عليها إِنساناً لم يخْفِرُوه. و جِوارُ الدارِ: طَوَارُها. و جَوَّرَ البناءَ و الخِبَاءَ و غيرهما: صَرَعَهُ و قَلَبهَ؛ قال عُرْوَةُ بْنُ الوَرْدِ:
 قَلِيلُ التِماسِ الزَّادِ إِلا لِنَفْسِهِ،             إِذا هُوَ أَضْحَى كالعَرِيشِ المُجَوَّرِ

و تَجَوَّرَ هُوَ: تَهَدَّمَ. و ضَرَبَهُ ضربةً تَجَوَّرَ منها أَي سَقَطَ. و تَجَوَّرَ على فِرَاشه: اضطجع. و ضربه فجوّره أَي صَرَعَهُ مثل كَوَّرَهُ فَتَجَوَّرَ؛ و قال رجل من رَبِيعةِ الجُوعِ:
فَقَلَّما طَارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا،             وَسْطَ الغُبارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا

و قول الأَعلم الهذلي يصف رَحِمَ امرأَةٍ هجاها:
مُتَغَضِّفٌ كالجَفْرِ باكَرَهُ             وِرْدُ الجَميعِ بِجائرٍ ضَخْمِ‏

قال السُّكَّريُّ: عنى بالجائر العظيم من الدلاء. و الجَوَارُ: الماءُ الكثير؛ قال القطامي يصف سفينة نوح، على نبينا و عليه الصلاة و السلام:
وَ لَوْ لا اللهُ جَارَ بها الجَوَارُ
أَي الماء الكثير. و غَيْثٌ جِوَرٌّ: غَزِيرٌ كثير المطر، مأْخوذ من هذا، و رواه الأَصمعي: جُؤَرٌّ له صَوْتٌ؛ قال:
لا تَسْقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرّ
و يروى غَرَّافٍ. الجوهري: و غَيْثٌ جِوَرٌّ مثال هِجَفٍّ أَي شديد صوت الرعد، و بازِلٌ جِوَرٌّ؛ قال الراجز:
زَوْجُكِ يا ذاتَ الثَّنَايا الغُرِّ،             أَعْيَا فَنُطْنَاهُ مَنَاطَ الجَر

155
لسان العرب4

جور ص 153

دُوَيْنَ عِكْمَيْ بازِلٍ جِوَرِّ،             ثم شَدَدْنا فَوْقَهُ بِمَرِّ

و الجِوَرُّ: الصُّلْبُ الشديد. و بعير جِوَرٌّ أَي ضخم؛ و أَنشد:
بَيْنَ خِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
و الجَوَّارُ: الأَكَّارُ: التهذيب: الجَوَّارُ الذي يعمل لك في كرم أَو بستان أَكَّاراً. و المُجَاوَرَةُ: الاعتكاف في المسجد. و
في الحديث: أَنه كان يُجَاوِرُ بِحِراءٍ، و كان يجاور في العشر الأَواخر من رمضان.
أَي يعتكف. و
في حديث عطاء: و سئل عن المُجَاوِرِ يذهب للخلاء.
يعني المعتكف. فأَما المُجاوَرَةُ بمكة و المدينة فيراد بها المُقَامُ مطلقاً غير ملتزم بشرائط الاعتكاف الشرعي. و الإِجارَةُ، في قول الخليل: أَن تكون القافية طاء و الأُخرى دالًا و نحو ذلك، و غيره يسميه الإِكْفاءَ. و في المصنف: الإِجازة، بالزاي، و قد ذكر في أَجز. ابن الأَعرابي: جُرْ جُرْ إِذا أَمرته بالاستعداد للعدوّ. و الجارُ: موضع بساحل عُمانَ. و في الحديث ذِكْرُ الجارِ، هو بتخفيف الراء، مدينة على ساحل البحر بينها و بين مدينة الرسول، صلى الله عليه و سلم، يوم و ليلة. و جيرانُ: موضع «1»؛ قال الراعي:
كأَنها ناشِطٌ حُمٌّ قَوائِمُهُ             مِنْ وَحْشِ جِيرانَ، بَينَ القُفِّ و الضَّفْرِ

و جُورُ: مدينة، لم تصرف لمكان العجمة. الصحاح: جُورُ اسم بلد يذكر و يؤنث.
جير:
جَيْرِ: بمعنى أَجَلْ؛ قال بعض الأَغفال:
 قَالَتْ: أَراكَ هارِباً لِلْجَوْرِ             مِنْ هَدَّةِ السُّلْطانِ؟ قُلْتُ: جَيْرِ

قال سيبويه: حركوه لالتقاء الساكنين و إِلا فحكمه السكون لأَنه كالصوت. و جَيْرِ: بمعنى اليمين، يقال: جَيْرِ لا أَفعل كذا و كذا. و بعضهم يقول: جَيْرَ، بالنصب، معناها نَعَمْ و أَجَلْ، و هي خفض بغير تنوين. قال الكسائي في الخفض بلا تنوين. شمر: لا جَيْرِ لا حَقّاً. يقال: جَيْرِ لا أَفعل ذلك و لا جَيْر لا أَفعل ذلك، و هي كسرة لا تنتقل؛ و أَنشد:
جَامِعُ قَدْ أَسْمَعْتَ مَنْ يَدْعُو جَيْرِ،             وَ لَيْسَ يَدْعُو جَامِعٌ إِلى جَيْرِ

قال ابن الأَنباري: جَيْرِ يوضع موضع اليمين. الجوهري: قولهم جَيْرِ لا آتيك، بكسر الراء، يمين للعرب و معناها حقّاً؛ قال الشاعر:
و قُلْنَ عَلى الفِرْدَوْسِ أَوَّلَ مَشْرَبٍ:             أَجَلْ جَيْرِ أَنْ كَانَتْ أُبِيحَتْ دَعاثِرُهْ‏

و الجَيَّارُ: الصَّارُوجُ. و قد جَيَّرَ الحوضَ؛ قال الشاعر:
إِذا ما شَتَتْ لَمْ تَسْتُرِيها، و إِنْ تَقِظْ             تُباشرْ بِصُبْحِ المازِنِيِّ المُجَيَّرا «2».

ابن الأَعرابي: إِذا خُلط. الرَّمادُ بالنُّورَةِ و الجِصِّ فهو الجَيَّارُ؛ و قال الأَخطل يصف بيتاً:
بحُرَّةَ كأَتانِ الضَّحْلِ أَضْمَرَهَا،             بَعْدَ الرَّبالَةِ، تَرْحالي و تَسْيَارِي‏
كأَنها بُرْجُ رُومِيٍّ يُشَيِّدُهُ،             لُزَّ بِطِينٍ و آجُرٍّ و جَيَّارِ

و الهاء في كأَنها ضمير ناقته، شبهها بالبرج في صلابتها و قُوَّتها. و الحُرَّةُ: الناقة الكريمة. و أَتانُ الضَّحْلِ:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و جيران موضع‏] في ياقوت جيران، بفتح الجيم و سكون الياء: قرية بينها و بين أَصبهان فرسخان؛ و جيران، بكسر الجيم: جزيرة في البحر بين البصرة و سيراف، و قيل صقع من أَعمال سيراف بينها و بين عمان. انتهى. باختصار.
 (2). قوله: [إِذا ما شتت إلخ‏] كذا في الأصل.

156
لسان العرب4

جير ص 156

الصخرة العظيمة المُلَمْلَمَةُ. و الضحل: الماء القليل. و الرَّبالة: السِّمَن. و
في حديث ابن عمر: أَنه مر بصاحب جِير قد سقط فأَعانه.
؛ الجِيرُ: الجِصُّ فإِذا خلط بالنورة فهو الجَيَّارُ، و قيل: الجَيَّار النورة وحدها. و الجَيَّارُ: الذي يجد في جوفه حَرّاً شديداً. و الجائِرُ و الجَيَّارُ: حَرٌّ في الحَلْقِ و الصَّدْرِ من غيظ أَو جوع؛ قال المُتَنَخِّلُ الهُذَلِيُّ، و قيل: هو لأَبي ذؤيب:
كأَنما بَيْنَ لَحْيَيْهِ و لَبَّتِهِ،             مِن جُلْبَةِ الجُوعِ، جَيَّارٌ و إِرْزِيزُ

و في الصحاح:
قَدْ حَالَ بَيْنَ تَراقِيهِ و لَبَّتِهِ‏
و قال الشاعر في الجائر:
فَلَمَّا رأَيتُ القَوْمَ نادَوْا مُقاعِساً،             تَعَرَّضَ لِي دونَ التَّرائبِ جَائرُ

قال ابن جني: الظاهر في جَيَّارٍ أَن يكون فَعَّالًا كالكَلَّاءِ و الجَبَّانِ؛ قال: و يحتمل أَن يكون فَيْعالًا كخَيْتامٍ و أَن يكون فَوْعالًا كَتَوْرابٍ. و الجَيَّارُ: الشِّدَّةُ؛ و به فسر ثعلب بيت المتنخل الهذلي جَيَّارٌ و إِرْزِيزُ.
فصل الحاء المهملة
حبر:
الحِبْرُ: الذي يكتب به و موضعه المِحْبَرَةُ، بالكسر «1». ابن سيدة: الحِبْرُ المداد. و الحِبْرُ و الحَبْرُ: العالِم، ذميّاً كان أَو مسلماً، بعد أَن يكون من أَهل الكتاب. قال الأَزهري: و كذلك الحِبْرُ و الحَبْرُ في الجَمالِ و البَهاء. و سأَل عبد الله بن سلام كعباً عن الحِبْرِ فقال: هو الرجل الصالح، و جمعه أَحْبَارٌ و حُبُورٌ؛ قال كعب بن مالك:
لَقَدْ جُزِيَتْ بِغَدْرَتِها الحُبُورُ،             كذاكَ الدَّهْرُ ذو صَرْفٍ يَدُورُ

و كل ما حَسُنَ من خَطٍّ أَو كلام أَو شعر أَو غير ذلك، فقد حُبِرَ حَبْراً و حُبِّرَ. و كان يقال لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ في الجاهلية: مُحَبِّرٌ، لتحسينه الشِّعْرَ، و هو مأْخوذ من التَّحْبِيرِ و حُسْنِ الخَطِّ و المَنْطِقِ. و تحبير الخط و الشِّعرِ و غيرهما: تحسينه. الليث: حَبَّرْتُ الشِّعْر و الكلامَ حَسَّنْتُه، و
في حديث أَبي موسى: لو علمت أَنك تسمع لقراءتي لحَبَّرْتُها لك تَحْبِيراً.
؛ يريد تحسين الصوت. و حَبَّرتُ الشي‏ء تَحْبِيراً إِذا حَسَّنْتَه. قال أَبو عبيد: و أَما الأَحْبارُ و الرُّهْبان فإِن الفقهاء قد اختلفوا فيهم، فبعضهم يقول حَبْرٌ و بعضهم يقول حِبْرٌ، و قال الفراء: إِنما هو حِبْرٌ، بالكسر، و هو أَفصح، لأَنه يجمع على أَفْعالٍ دون فَعْلٍ، و يقال ذلك للعالم، و إِنما قيل كعب الحِبْرِ لمكان هذا الحِبْرِ الذي يكتب به، و ذلك أَنه كان صاحب كتب. قال: و قال الأَصمعي لا أَدري أَ هو الحِبْرُ أَو الحَبْر للرجل العالم؛ قال أَبو عبيد: و الذي عندي أَنه الحَبر، بالفتح، و معناه العالم بتحبير الكلام و العلم و تحسينه. قال: و هكذا يرويه المحدّثون كلهم، بالفتح. و كان أَبو الهيثم يقول: واحد الأَحْبَارِ حَبْرٌ لا غير، و ينكر الحِبْرَ. و قال ابن الأَعرابي: حِبْرٌ و حَبْرٌ للعالم، و مثله بِزرٌ و بَزْرٌ و سِجْفٌ و سَجْفٌ. الجوهري: الحِبْرُ و الحَبْرُ واحد أَحبار اليهود، و بالكسر أَفصح؛ و رجل حِبْرٌ نِبْرٌ؛ و قال الشماخ:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و موضعه المحبرة بالكسر] عبارة المصباح: و فيها ثلاث لغات أجودها فتح الميم و الباء، و الثانية ضم الباء، و الثالثة كسر الميم لأَنها آلة مع فتح الباء.

157
لسان العرب4

حبر ص 157

 كما خَطَّ عِبْرانِيَّةً بيمينه             بِتَيْماءَ حَبْرٌ، ثم عَرَّضَ أَسْطُرَا

رواه الرواة بالفتح لا غير؛ قال أَبو عبيد: هو الحبر، بالفتح، و معناه العالم بتحبير الكلام. و
في الحديث: سميت سُورةَ المائدة و سُورَةَ الأَحبار لقوله تعالى فيها: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ
.
؛ و هم العلماء، جمع حِبْرٍ و حَبْر، بالكسر و الفتح، و كان يقال لابن عباس الحَبْرُ و البَحْرُ لعلمه؛ و في شعر جرير:
إِنَّ البَعِيثَ و عَبْدَ آلِ مُقَاعِسٍ             لا يَقْرآنِ بِسُورَةِ الأَحْبَارِ

أَي لا يَفِيانِ بالعهود، يعني قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. و التَّحْبِيرُ: حُسْنُ الخط؛ و أَنشد الفرّاء فيما روى سلمة عنه:
كَتَحْبِيرِ الكتابِ بِخَطِّ، يَوْماً،             يَهُودِيٍّ يقارِبُ أَوْ يَزِيلُ‏

ابن سيدة: و كعب الحِبْرِ كأَنه من تحبير العلم و تحسينه. و سَهْمٌ مُحَبَّر: حَسَنُ البَرْي. و الحَبْرُ و السَّبْرُ و الحِبْرُ و السِّبْرُ، كل ذلك: الحُسْنُ و البهاء. و
في الحديث: يخرج رجل من أَهل البهاء قد ذهب حِبْرُه و سِبْرُه.
؛ أَي لونه و هيئته، و قيل: هيئته و سَحْنَاؤُه، من قولهم جاءت الإِبل حَسَنَةَ الأَحْبَارِ و الأَسْبَارِ، و قيل: هو الجمال و البهاء و أَثَرُ النِّعْمَةِ. و يقال: فلان حَسَنُ الحِبْر و السَّبْرِ و السِّبْرِ إِذا كان جميلًا حسن الهيئة؛ قال ابن أَحمر و ذكر زماناً:
لَبِسْنا حِبْرَه، حتى اقْتُضِينَا             لأَعْمَالٍ و آجالٍ قُضِينَا

أَي لبسنا جماله و هيئته. و يقال: فلان حسن الحَبْر و السَّبْرِ، بالفتح أَيضاً؛ قال أَبو عبيد: و هو عندي بالحَبْرِ أَشْبَهُ لأَنه مصدر حَبَرْتُه حَبْراً إِذا حسنته، و الأَوّل اسم. و قال ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ الحِبْر و السِّبْر أَي حسن البشرة. أَبو عمرو: الحِبْرُ من الناس الداهية و كذلك السِّبْرُ. و الحَبْرُ و الحَبَرُ و الحَبْرَة و الحُبُور، كله: السُّرور؛ قال العجاج:
الحمدُ للهِ الذي أَعْطى الحَبَرْ
و يروى الشَّبَرْ مِن قولهم حَبَرَني هذا الأَمْرُ حَبْراً أَي سرني، و قد حرك الباء فيهما و أَصله التسكين؛ و منه الحَابُورُ: و هو مجلس الفُسَّاق. و أَحْبَرَني الأَمرُ: سَرَّني. و الحَبْرُ و الحَبْرَةُ: النَّعْمَةُ، و قد حُبِرَ حَبْراً. و رجل يَحْبُورٌ يَفْعُولٌ من الحُبُورِ. أَبو عمرو: اليَحْبُورُ الناعم من الرجال، و جمعه اليَحابِيرُ مأْخوذ من الحَبْرَةِ و هي النعمة؛ و حَبَرَه يَحْبُره، بالضم، حَبْراً و حَبْرَةً، فهو مَحْبُور. و في التنزيل العزيز: فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ‏
؛ أَي يُسَرُّونَ، و قال الليث: يُحْبَرُونَ‏
 يُنَعَّمُونَ و يكرمون؛ قال الزجاج: قيل إِن الحَبْرَةَ هاهنا السماع في الجنة. و قال: الحَبْرَةُ في اللغة كل نَغْمَةٍ حَسَنَةٍ مُحَسَّنَةٍ. و قال الأَزهري: الحَبْرَةُ في اللغة النَّعمَةُ التامة. و
في الحديث في ذكر أَهل الجنة: فرأَى ما فيها من الحَبْرَة و السرور.
؛ الحَبْرَةُ، بالفتح: النَّعْمَةُ و سعَةُ العَيْشِ، و كذلك الحُبُورُ؛ و منه‏
حديث عبد الله: آل عِمْرَانَ غِنًى و النِّساءُ مَحْبَرَة.
أَي مَظِنَّةٌ للحُبُورِ و السرور. و قال الزجاج في قوله تعالى: أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ‏
؛ معناه تكرمون إِكراماً يبالغ فيه. و الحَبْرَة: المبالغة فيما وُصِفَ بجميل، هذا نص قوله. و شَيْ‏ءٌ حِبرٌ: ناعمٌ؛ قال المَرَّارُ العَدَوِيُّ:

158
لسان العرب4

حبر ص 157

 قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ من أَفْنَانِهِ،             كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ منه حَبِرْ

و ثوب حَبِيرٌ: جديد ناعم؛ قال الشماخ يصف قوساً كريمة على أَهلها:
إِذا سَقَطَ الأَنْدَاءُ صِينَت و أُشْعِرَتْ             حَبِيراً، وَ لَمْ تُدْرَجْ عليها المَعَاوِزُ

و الجمع كالواحد. و الحَبِيرُ: السحاب، و قيل: الحَبِيرُ من السحاب الذي ترى فيه كالتَّثْمِيرِ من كثرة مائه. قال الرِّياشي: و أَما الحَبِيرُ بمعنى السحاب فلا أَعرفه؛ قال فإِن كان أَخذه من قول الهذلي:
تَغَذَّمْنَ في جَانِبَيْهِ الخَبِيرَ             لَمَّا وَهَى مُزْنُه و اسْتُبيحَا

فهو بالخاء، و سيأْتي ذكره في مكانه. و الحِبَرَةُ، و الحَبَرَةُ: ضَرْبٌ من برود اليمن مُنَمَّر، و الجمع حِبَرٌ و حِبَرات. الليث: بُرُودٌ حِبَرةٌ ضرب من البرود اليمانية. يقال: بُرْدٌ حَبِيرٌ و بُرْدُ حِبَرَة، مثل عِنَبَةٍ، على الوصف و الإِضافة؛ و بُرُود حِبَرَةٌ. قال: و ليس حِبَرَةٌ موضعاً أَو شيئاً معلوماً إِنما هو وَشْيٌ كقولك ثَوْب قِرْمِزٌ، و القِرْمِزُ صِبْغُهُ. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، لما خَطَبَ خديجة، رضي الله عنها، و أَجابته استأْذنت أَباها في أَن تتزوجه، و هو ثَمِلٌ، فأَذن لها في ذلك و قال: هو الفحْلُ لا يُقْرَعُ أَنفُهُ، فنحرت بعيراً و خَلَّقَتْ أَباها بالعَبيرِ و كَسَتْهُ بُرْداً أَحْمَرَ، فلما صحا من سكره قال: ما هذا الحَبِيرُ و هذا العَبِيرُ و هذا العَقِيرُ.
؟ أَراد بالحبير البرد الذي كسته، و بالعبير الخَلُوقَ الذي خَلَّقَتْهُ، و بالعقير البعيرَ المَنْحُورَ و كان عُقِرَ ساقُه. و الحبير من البرود: ما كان مَوْشِيّاً مُخَطَّطاً. و
في حديث أَبي ذر: الحمد لله الذي أَطعمنا الخَمِير و أَلبسنا الحبير.
و
في حديث أَبي هريرة: حين لا أَلْبَسُ الحَبيرَ.
و
قال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: مَثَلُ الحواميم في القرآن كَمَثَلِ الحِبَرَاتِ في الثياب.
و الحِبْرُ: بالكسر: الوَشْيُ؛ عن ابن الأَعرابي. و الحِبْرُ و الحَبَرُ: الأَثَرُ من الضَّرْبَة إِذا لم يدم، و الجمع أَحْبَارٌ و حُبُورٌ، و هو الحَبَارُ و الحِبار. الجوهري: و الحَبارُ الأَثَرُ؛ قال الراجز:
لا تَمْلإِ الدَّلْوَ وَ عَرِّقْ فيها،             أَ لا تَرى حِبَارَ [حَبَارَ] مَنْ يَسْقِيها؟

و قال حميد الأَرقط:
و لم يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطَارُ،             و لا لِحَبْلَيْهِ بها حَبَارُ

و الجمعُ حَبَاراتٌ و لا يُكَسَّرُ. و أَحْبَرَتِ الضَّرْبَةُ جلده و بجلده: أَثرت فيه. و حُبِرَ جِلْدُه حَبْراً إِذا بقيت للجرح آثار بعد البُرْء. و الحِبَارُ و الحِبْرُ: أَثر الشي‏ء. الأَزهري: رجل مُحَبَّرٌ إِذا أَكلت البراغيث جِلْدَه فصار له آثار في جلده؛ و يقال: به حُبُورٌ أَي آثار. و قد أَحْبَرَ به أَي ترك به أَثراً؛ و أَنشد لمُصَبِّحِ بن منظور الأَسَدِي، و كان قد حلق شعر رأْس امرأَته، فرفعته إِلى الوالي فجلده و اعتقله، و كان له حمار و جُبَّة فدفعهما للوالي فَسَرَّحَهُ:
لَقَدْ أَشْمَتَتْ بي أَهْلَ فَيْدٍ، و غادَرَتْ             بِجِسْمِيَ حِبْراً، بِنْتُ مَصَّانَ، بادِيَا
و ما فَعَلتْ بي ذاك، حَتَّى تَرَكْتُها             تُقَلِّبُ رَأْساً، مِثْلَ جُمْعِيَ، عَارِيَا
و أَفْلَتَني منها حِماري وَ جُبَّتي،             جَزَى اللهُ خَيْراً جُبَّتي و حِمارِيَا

159
لسان العرب4

حبر ص 157

و ثوبٌ حَبِيرٌ أَي جديد. و الحِبْرُ و الحَبْرُ و الحَبْرَةُ و الحُبْرَةُ و الحِبِرُ و الحِبِرَةُ، كل ذلك: صُفْرة تَشُوبُ بياضَ الأَسْنَان؛ قال الشاعر:
تَجْلُو بأَخْضَرَ مِنْ نَعْمَانَ ذا أُشُرٍ،             كَعارِضِ البَرْق لم يَسْتَشْرِبِ الحِبِرَا

قال شمر: أَوّله الحِبْرُ [الحَبْرُ] و هي صفرة، فإِذا اخْضَرَّ، فهو القَلَحُ، فإِذا أَلَحَّ على اللِّثَةِ حتى تظهر الأَسْناخ، فهو الحَفَرُ و الحَفْرُ. الجوهري: الحِبِرَة، بكسر الحاء و الباء، القَلَح في الأَسنان، و الجمع بطرح الهاء في القياس، و أَما اسم البلد فهو حِبِرٌّ، بتشديد الراء. و قد حَبِرتْ أَسنانه تَحْبَرُ حَبَراً مثال تَعِبَ تَعَباً أَي قَلِحَتْ، و قيل: الحبْرُ الوسخ على الأَسنان. و حُبِرَ الجُرْحُ حَبْراً أَي نُكسَ و غَفَرَ، و قيل: أَي برئ و بقيت له آثار. و الحَبِيرُ: اللُّغام إِذا صار على رأْس البعير، و الخاء أَعلى؛ هذا قول ابن سيدة. الجوهري: الحَبِيرُ لُغامُ البعير. و قال الأَزهري عن الليث: الحَبِيرُ من زَبَدِ اللُّغامِ إِذا صار على رأْس البعير، ثم قال الأَزهري: صحف الليث هذا الحرف، قال: و صوابه الخبير، بالخاء، لِزَبَدِ أَفواه الإِبل، و قال: هكذا قال أَبو عبيد. و روى الأَزهري بسنده عن الرِّياشِي قال: الخبير الزَّبَدُ، بالخاء. و أَرض مِحْبَارٌ: سريعة النبات حَسَنَتُهُ كثيرة الكلإِ؛ قال:
لَنَا جِبَالٌ و حِمًى مِحْبَارُ،             و طُرُقٌ يُبْنَى بِهَا المَنارُ

ابن شميل: الأَرض السريعةُ النباتِ السهلةُ الدَّفِئَةُ التي ببطون الأَرض و سَرَارتِها و أَراضَتِها، فتلك المَحابِيرُ. و قد حَبِرَت الأَرض، بكسر الباء، و أَحْبَرَتْ؛ و الحَبَارُ: هيئة الرجل؛ عن اللحياني، حكاه عن أَبي صَفْوانَ؛ و به فسر قوله:
أَ لا تَرى حَبَارَ مَنْ يَسْقيها
قال ابن سيدة: و قيل حَبَارُ هنا اسم ناقة، قال: و لا يعجبني. و الحُبْرَةُ: السِّلْعَةُ تخرج في الشجر أَي العُقْدَةُ تقطع و يُخْرَطُ منها الآنية. و الحُبَارَى: ذكر الخَرَبِ؛ و قال ابن سيدة: الحُبَارَى طائر، و الجمع حُبَارَيات «2». و أَنشد بعض البغداديين في صفة صَقْرٍ:
حَتْف الحُبَارَياتِ و الكَراوين‏

قال سيبويه: و لم يكسر على حَبَارِيَّ و لا حَبَائِرَ ليَفْرُقُوا بينها و بين فَعْلاء و فَعَالَةٍ و أَخواتها. الجوهري: الحُبَارَى طائر يقع على الذكر و الأُنثى، واحدها و جمعها سواء. و في المثل: كُلُّ شي‏ء يُحِبُّ ولَدَهُ حتى الحُبَارَى، لأَنها يضرب بها المَثلُ في المُوقِ فهي على مُوقها تحب ولدها و تعلمه الطيران، و أَلفه ليست للتأْنيث «3». و لا للإِلحاق، و إِنما بني الاسم عليها فصارت كأَنها من نفس الكلمة لا تنصرف في معرفة و لا نكرة أَي لا تنوّن. و الحبْرِيرُ و الحُبْرور و الحَبَرْبَرُ و الحُبُرْبُورُ و اليَحْبُورُ: وَلَدُ الحُبَارَى؛ و قول أَبي بردة:
__________________________________________________
 (2). عبارة المصباح: الحبارى طائر معروف، و هو على شكل الأوزة، برأسه و بطنه غبرة و لون ظهره و جناحيه كلون السماني غالباً، و الجمع حبابير و حباريات على لفظه أَيضاً.
 (3). قوله: [و ألفه ليست للتأنيث‏] قال الدميري في حياة الحيوان بعد أن ساق عبارة الجوهري هذه، قلت: و هذا سهو منه بل ألفها للتأنيث كسماني، و لو لم تكن له لانصرفت انتهى. و مثله في القاموس. قال شارحه: و دعواه أنها صارت من الكلمة من غرائب التعبير، و الجواب عنه عسير.

160
لسان العرب4

حبر ص 157

بازٌ جَرِي‏ءٌ على الخَزَّانِ مُقْتَدِرٌ،             و من حَبَابِيرِ ذي مَاوَانَ يَرْتَزِقُهْ‏

قال ابن سيدة: قيل في تفسيره: هو جمع الحُبَارَى، و القياس يردّه، إِلا أَن يكون اسماً للجمع. الأَزهري: و للعرب فيها أَمثال جمة، منها قولهم: أَذْرَقُ من حُبَارَى، و أَسْلَحُ من حُبَارَى، لأَنها ترمي الصقر بسَلْحها إِذا أَراغها ليصيدها فتلوث ريشه بِلَثَقِ سَلْحِها، و يقال: إِن ذلك يشتد على الصقر لمنعه إِياه من الطيران؛ و من أَمثالهم في الحبارى: أَمْوَقُ من الحُبَارَى؛ ذلك أنها تأْخذ فرخها قبل نبات جناحه فتطير معارضة له ليتعلم منها الطيران، و منه المثل السائر في العرب: كل شي‏ء يحب ولده حتى الحبارى و يَذِفُّ عَنَدَهُ. و ورد ذلك في حديث عثمان، رضي الله عنه، و معنى قولهم يذف عَنَدَهُ أَي تطير عَنَدَهُ أَي تعارضه بالطيران، و لا طيران له لضعف خوافيه و قوائمه. و قال ابن الأَثير: خص الحبارى بالذكر في قوله حتى الحبارى لأَنها يضرب بها المثل في الحُمْق، فهي على حمقها تحب ولدها فتطعمه و تعلمه الطيران كغيرها من الحيوان. و قال الأَصمعي: فلان يعاند فلاناً أَي يفعل فعله و يباريه؛ و من أَمثالهم في الحبارى: فلانٌ ميت كَمَدَ الحُبارَى، و ذلك أَنها تَحْسِرُ مع الطير أَيام التَّحْسير، و ذلك أَن تلقي الريش ثم يبطئ نبات ريشها، فإِذا طار سائر الطير عجزت عن الطيران فتموت كمداً؛ و منه قول أَبي الأَسود الدُّؤَلي:
يَزِيدُ مَيّتٌ كَمَدَ الحُبَارَى،             إِذا طُعِنَتْ أُمَيَّةُ أَوْ يُلِمُ‏

أَي يموت أَو يقرب من الموت. قال الأَزهري: و الحبارى لا يشرب الماء و يبيض في الرمال النائية؛ قال: و كنا إِذا ظعنا نسير في جبال الدهناء فربما التقطنا في يوم واحد من بيضها ما بين الأَربع إِلى الثماني، و هي تبيض أَربع بيضات، و يضرب لونها إِلى الزرقة، و طعمها أَلذ من طعم بيض الدجاج و بيض النعام، قال: و النعام أَيضاً لا ترد الماء و لا تشربه إِذا وجدته. و
في حديث أَنس: إِن الحبارى لتموت هُزالًا بذنب بني آدم.
؛ يعني أَن الله تعالى يحبس عنها القطر بشؤم ذنوبهم، و إِنما خصها بالذكر لأَنها أَبعد الطير نُجْعَةً، فربما تذبح بالبصرة فتوجد في حوصلتها الحبة الخضراء، و بين البصرة و بين منابتها مسيرة أَيام كثيرة. و اليَحبُورُ: طائر. و يُحابِرٌ: أَبو مُرَاد ثم سميت القبيلة يحابر؛ قال:
و قد أَمَّنَتْني، بَعْدَ ذاك، يُحابِرٌ             بما كنتُ أُغْشي المُنْدِيات يُحابِرا

و حِبِرٌّ، بتشديد الراء: اسم بلد، و كذلك حِبْرٌ. و حِبْرِيرٌ: جبل معروف. و ما أَصبت منه حَبَرْبَراً أَي شيئاً، لا يستعمل إِلا في النفي؛ التمثيل لسيبويه و التفسير للسيرافي. و ما أَغنى فلانٌ عني حَبَرْبَراً أَي شيئاً؛ و قال ابن أَحمر الباهلي:
أَمانِيُّ لا يُغْنِينَ عَنِّي حَبَرْبَرا
و ما على رأْسه حَبَرْبَرَةٌ أَي ما على رأْسه شعرة. و حكى سيبويه: ما أَصاب منه حَبَرْبَراً و لا تَبَرْبَراً و لا حَوَرْوَراً أَي ما أَصاب منه شيئاً. و يقال: ما في الذي تحدّثنا به حَبَرْبَرٌ أَي شي‏ء. أَبو سعيد: يقال ما له حَبَرْبَرٌ و لا حَوَرْوَرٌ. و قال الأَصمعي: ما أَصبت منه حَبَرْبَراً و لا حَبَنْبَراً أَي ما أَصبت منه شيئاً. و قال أَبو عمرو: ما فيه حَبَرْبَرٌ و لا حَبَنْبَرٌ، و هو أَن يخبرك بشي‏ء فتقول: ما فيه حَبَنْبَرٌ. و يقال للآنية التي يجعل فيها الحِبْرُ من خَزَفٍ كان‏

161
لسان العرب4

حبر ص 157

أَو من قَوارِير: مَحْبَرَةٌ و مَحْبُرَةٌ كما يقال مَزْرَعَة و مَزْرُعَة و مَقْبَرَة و مَقْبُرَة و مَخْبَزَة و مَخْبُزَةٌ. الجوهري: موضع الحِبْرِ الذي يكتب به المِحْبَرَة، بالكسر. و حِبِرٌّ: موضع معروف في البادية. و أَنشد شمر عجز بيت: فَقَفا حِبِرّ. الأَزهري: في الخماسي الحَبَرْبَرَةُ القَمِيئَةُ المُنافِرَةُ، و قال: هذه ثلاثية الأَصل أُلحقت بالخماسي لتكرير بعض حروفها. و المُحَبَّرُ: فرس ضرار بن الأَزوَرِ الأَسَدِيِّ. أَبو عمرو: الحَبَرْبَرُ و الحَبْحَبِيُّ الجمل الصغير.
حبتر:
الحَبْتَرُ و الحُباتِرُ: القصير كالحَتْرَبِ، و كذلك البُحْتُر، و الأُنثى حَبْتَرَة. و الحَبْتَرُ: من أَسماء الثعالب. و حَبْتَرٌ: اسم رجل؛ قال الراعي:
 فأَومأْتُ إِيماءً خَفِيّاً لحَبْتَرٍ،             و لِلَّهِ عَيْنا حَبْتَرٍ أَيَّما فَتَى‏

حبجر:
الحِبَجْرُ و الحِبْجَرُ: الوَتَرُ الغليظ؛ قال:
أَرْمِي عليها و هْيَ شي‏ءٌ بُجْرُ،             و القَوْسُ فيها وَتَرٌ حِبَجْرُ،
و هْيَ ثلاثُ أَذْرُعٍ و شِبْرُ

و الحُباجِرُ كذلك، و لم يُعَيِّن أَبو عبيد الحِبَجْرَ من أَي نوع هو إِنما قال: الحِبَجْرُ، بكسر الحاء و فتح الباء، الغليظُ؛ و قد احْبَجَرَّ؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
يُخْرِجُ منها ذَنَباً حُناجِرا

بالنون، فلم يفسره. قال ابن سيدة: و الصحيح عندي ذَنَباً حُباجراً، بالباء، كما تقدم و هو الغليظ. و الحُبْجُرُ و الحُباجِرُ: ذَكَرُ الحُبارَى. و المُحْبَنْجِرُ: المنتفخ غضباً. و احْبَنْجَرَ أَي انتفخ من الغضب.
حبقر:
الأَزهري: يقال إِنه لأَبْرَد من عَبْقُرٍّ و أَبْرَدُ من حَبْقُرٍّ و أَبرد من عَضْرَسٍ؛ قال: و العَبْقُرُّ و الحَبْقُرُّ و العَضْرَسُ البَرَدُ. و قال الجوهري في ترجمة عبقر عما جاء في المثل من قولهم: هو أَبْرَدُ من عَبْقُرٍّ، قال: و يقال حَبْقُرّ كأَنهما كلمتان جعلتا واحدة، و سنذكر ذلك في ترجمة عبقر.
حبكر:
حَبَوْكَرَى و الحَبَوْكَرَى و حَبَوْكَرٌ و أُمُّ حَبَوْكَرٍ و أُم حَبَوكَرَى، و أُم حَبَوْكَرَان: الداهية. و جاء فلانٌ بأُمِّ حَبَوْكَرَى أَي بالداهية؛ و أَنشد لعمرو بن أَحمر الباهلي:
فلما غَسَا لَيْلِي، و أَيْقَنْتُ أَنها             هي الأُرَبَى، جاءتْ بأُمِّ حَبَوْكَرَى‏

الفراء: وقع فلان في أُم حَبَوْكَرَى وَ أُمِّ حَبَوْكَرٍ و حَبَوْكَرَان، و يُلقى منها أُمّ فيقال: وقعوا في حَبَوْكَرٍ. الجوهري: أُمُّ حَبَوْكَرَى هو أَعظم الدواهي. و الحَبَوكَرُ: رملٌ يَضِلُّ فيه السالك. و الحَبَوْكَرَى: الصبي الصغير. و الحَبَوْكَرَى أَيضاً: معركة الحرب بعد انقضائها. و يقال: مررتُ على حَبَوْكَرَى من الناس أَي جماعات من أُمَم شَتَّى لا نحور فيهم شي‏ء و لا بسر «4». بهم شي‏ء. الليث: حَبَوْكَرٌ داهية و كذلك الحَبَوْكَرَى. و يقال: جمل حَبَوْكَرَى، و الأَلف زائدة، بني الاسم عليها لأَنك تقول للأُنثى حَبَوْكَراة، و كل أَلف للتأْنيث لا يصح دخول هاء التأْنيث عليها، و ليست أَيضاً للإِلحاق لأَنه ليس له مثال من الأُصول فيلحق به. و في النوادر. يقال تَحَبْكَرُوا في الأَرض إِذا تَحَيَّرُوا. و تَحبْكَرَ الرجل في طريقه: مثله، إِذا تحير. الليث في‏
__________________________________________________
 (4). قوله: [نحور إلخ و لا بسر إلخ‏] كذا بالأصل بدون نقط.

162
لسان العرب4

حبكر ص 162

النوادر: كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلَةً و حَبْكَرْتُه حَبْكَرَة و دَبْكَلْتُهُ دَبْكَلَةً و حَبْحَبْتُه حَبْحَبَةً و زَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً و صَرْصَرْتُه و كَرْكَرْتُهُ إِذا جمعته و رددت أَطراف ما انتشر منه و كذلك كَبْكَبْتُه.
حبنبر:
الأَزهري عن الأَصمعي: ما أَصبت منه حَبَرْبَراً و لا حَبَنْبَراً أَي ما أَصبت منه شيئاً. و قال أَبو عمرو: ما فيه حَبَرْبَرٌ و لا حَبَنْبَرٌ و هو أَن يخبرك بشي‏ء فتقول: ما فيه حَبَنْبَرٌ، و الله أَعلم.
حتر:
حَتارُ كُلِّ شي‏ء: كِفَافُه و حرفه و ما استدار به كَحَتَارِ الأُذن و هو كِفافُ حروف غَراضِيفِها. و حَتارُ العين: و هي حروف أَجفانها التي تلتقي عند التغميض. و قال الليث: الحَتارُ ما استدار بالعين من زِيقِ الجَفْنِ من باطن. و حَتارُ الظُّفْر: و هو ما يحيط به من اللحم، و كذلك ما يحيط بالخِباء، و كذلك حَتارُ الغِربالِ و المُنْخُلِ. و حَتارُ الاسْتِ: أَطراف جلدتها، و هو ملتقى الجلدة الظاهرة و أَطرَاف الخَوْرانِ، و قيل: هي حروف الدبر؛ و أَراد أَعرابيّ امرأَته فقالت له: إِني حائض، قال: فأَين الهَنَةُ الأُخرَى؟ قالت له: اتق الله فقال:
كلَّا وَ رَبِّ البَيْتِ ذِي الأَستارِ،             لأَهْتِكَنَّ حَلَقَ الحَتَارِ،
قَدْ يُؤْخَذُ الجَارُ بِجُرْمِ الجَارِ
و حَتَارُ الدبر: حَلْقَتُه. و الحَتارُ: مَعْقِدُ الطُّنُبِ في الطَّرِيقة، و قيل: هو خيط يشدّ به الطِّرافُ، و الجمع من ذلك كله حُتُرٌ. و الحَتارُ و الحِتْرُ: ما يوصل بأَسفل الخباء إِذا ارتفع من الأَرض و قَلَصَ ليكون سِتْراً؛ و هي الحُتْرَةُ أَيضاً. و حَتَر البيتَ حَتْراً: جعل له حَتاراً أَو حُتْرَةً. الأَزهري عن الأَصمعي قال: الحُتُرُ أَكِفَّةُ الشِّقاقِ، كلُّ واحد منها حَتارٌ، يعني شِقاقَ البيت. الجوهري: الحَتارُ الكِفافُ و كل ما أَحاط بالشي‏ء و استدار به فهو حَتارُه و كِفافُه. و حَتَرَ الشي‏ءَ و أَحْتَرَه: أَحكمه. الأَزهري: أَحْتَرْتُ العُقْدَةَ إِحْتاراً إِذا أَحكمتها فهي مُحْتَرَةٌ. و بينهم عَقْدٌ مُحْتَرٌ: قد اسْتُوثِقَ منه؛ قال لبيد:
و بالسَّفْحِ من شَرْقِيِّ سَلْمَى مُحاربٌ             شُجاعٌ، و ذُو عَقْدٍ من القومِ مُحْتَرِ

و حَتَرَ العُقْدَة أَيضاً: أَحكم عَقْدَها. و كلُّ شَدٍّ: حَتْرٌ؛ و استعاره أَبو كبير للدَّيْنِ فقال:
هَابوا لِقَوْمِهِمُ السَّلامَ كَأَنَّهُمْ،             لَمَّا أُصيِبُوا، أَهْلُ دَيْنٍ مُحْتَرِ

و حَتَره يَحْتِرُه و يَحْتُرُه حَتْراً: أَحَدَّ النظر إِليه. و الحَتْر: الأَكلُ الشديدُ. و ما حَتَرَ شيئاً أَي ما أَكل. و حَتَرَ أَهله يَحْتِرُهُم و يَحْتُرُهُم حَتْراً و حُتُوراً: قَتَّرَ عليهم النَّفقة، و قيل: كَساهم و مانَهُمْ. و الحِتْرُ: الشي‏ء القليل. و حَتَرَ الرجلَ حَتْراً: أَعطاه و أَطعمه، و قيل: قَلَّلَ عطاءَه أَو إِطعامه. و حَتَرَ له شيئاً: أَعطاه يسيراً. و ما حَتَرَهُ شيئاً أَي ما أَعطاه قليلًا و لا كثيراً. و أَحْتَرَ الرجلُ: قلَّ عطاؤه. و أَحْتَرَ: قلّ خيره؛ حكاه أَبو زيد، و أَنشد:
إِذا ما كنتَ مُلْتَمِساً أَيامَى،             فَنَكِّبْ كُلَّ مُحْتِرَةٍ صَناعِ‏

أَي تَنَكَّبْ، و الاسم الحِتْرُ. الأَصمعي عن أَبي زيد: حَتَرْتُ له شيئاً، بغير أَلف، فإِذا قال: أَقَلَّ الرجلُ و أَحْتَرَ، قاله بالأَلف؛ قال: و الاسم منه الحِتْرُ؛ و أَنشد للأَعْلَمِ الهُذَلِيِّ:

163
لسان العرب4

حتر ص 163

إِذا النُّفَساءُ لم تُخَرَّسْ بِبِكْرِها             غُلاماً، و لم يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها

قال: و أَخبرني الإِيادِيُّ عن شمر: الحَاتِرُ المُعْطي؛ و أَنشد:
إِذ لا تَبِضُّ، إِلى الترائِكِ             و الضَّرَائِكِ، كَفُّ حاتِرْ

قال: و حَتَرْتُ أَعطيت. و يقال: كان عطاؤك إِياه حَقْراً حَتْراً أَي قليلًا؛ و قال رؤبة:
إِلَّا قَليلًا من قَليلٍ حَتْرِ
و أَحْتَرَ علينا رِزْقَنا أَي أَقَلَّه و حَبَسَهُ. و قال الفرّاء: حَتَرَهُ يَحْتِرُه و يَحْتُرُه إِذا كساه و أَعطاه؛ قال الشَّنْفَرَى:
و أُمَّ عِيالٍ قَدْ شَهِدْتُ تَقُوتُهم،             إِذا حَتَرَتْهُمْ أَتْفَهَتْ و أَقَلَّتِ‏

و المُحْتِرُ من الرجال: الذي لا يُعْطِي خيراً و لا يُفْضِل على أَحد، إِنما هو كَفَافٌ بكَفافٍ لا ينفلت منه شي‏ء. و أَحْتَرَ على نفسه و أَهله أَي ضَيَّقَ عليهم و منعهم. غيره: و أَحْتَرَ القومَ فَوَّتَ عليهم طعامهم. و الحِتْرُ، بالكسر: العَطِيَّةُ اليسيرة، و بالفتح المصدر. تقول: حَتَرْتُ له شيئاً أَحْتِرُ حَتْراً، فإِذا قالوا: أَقلّ و أَحْتَرَ، قالوه بالأَلف؛ قال الشنفرى:
و أُم عيال قد شهدتُ تقوتهم،             إِذا أَطْعَمَتْهُمْ أَحْتَرَتْ و أَقَلَّتِ‏
تَخافُ علينا العَيْلَ، إِن هِيَ أَكْثَرَتْ،             و نَحْنُ جِيَاعٌ، أَيَّ أَوْلٍ تأَلَّتِ‏

قال ابن بري: المشهور في شعر الشنفرى: و أُمَّ عيال، بالنصب، و الناصب له شهدت؛ و يروى: و أُمِّ، بالخفض، على واو رب، و أَراد بأُم عيال تأَبط شرّاً، و كان طعامهم على يده، و إِنما قتر عليهم خوفاً أَن تطول بهم الغَزاة فيفنى زادهم، فصار لهم بمنزلة الأُم و صاروا له بمنزلة الأَولاد. و العيل: الفقر و كذلك العيلة. و الأَوْلُ: السياسة. و تأَلت: تَفَعَّلَتْ من الأَوْلِ إِلا أَنه قلب فصيرت الواو في موضع اللام. و الحُتْرَةُ و الحَتِيرَةُ؛ الأَخيرة عن كراع: الوكِيرَةُ، و هو طعام يصنع عند بناء البيت، و قد حَتَّرَ لَهُمْ. قال الأَزهري: و أَنا واقف في هذا الحرف، و بعضهم يقول حَثيرَةٌ، بالثاء. و يقال: حَتِّرْ لَنا أَي وَكِّرْ لنا، و ما حَتَرْتُ اليوم شيئاً أَي ما ذُقْتُ. و الحَتْرَةُ، بالفتح: الرَّضْعَةُ الواحدة. و الحَتْرُ: الذكر من الثعالب؛ قال الأَزهري: لم أَسمع الحَتْرَ بهذا المعنى لغير الليث و هو منكر.
حثر:
الأَزهري: الحَثَرَةُ انْسِلاقُ العَيْنِ، و تصغيرها حُثَيْرَةٌ. ابن سيدة: الحَثَرُ خشونة يجدها الرجل في عينه من الرَّمَصِ، و قيل: هو أَن يخرج فيها حب أَحمر، و هو بَثْرٌ يخرج في الأَجفان، و قد حَثِرَتْ عينه تَحْثَرُ. و حَثِرَ العَسَلُ حَثَراً: تحبب، و هو عسل حائِرٌ و حَثِرٌ. و حَثِرَ الدِّبْسُ حَثَراً: خَثُرَ و تَحَبَّبَ. و طعام حَثِرٌ: مُنْتَثِر لا خير فيه إِذا جمع بالماء انْتَثَرَ من نواحيه، و قد حَثِرَ حَثَراً. الأَزهري: الدواء إِذا بُلَّ و عُجِنَ فلم يجتمع و تناثر، فهو حَثِرٌ. ابن الأَعرابي: حَثَّرَ الدَّواءَ إِذا حَبَّبَهُ، و حَثِرَ إِذا تَحَبَّبَ. و فؤاد حَثِرٌ: لا يَعِي شيئاً، و الفعل كالفعل و المصدر كالمصدر. و أُذُنٌ حَثِرَةٌ إِذا لم تَسْمَعْ سمعاً جَيِّداً. و لسان حَثِرٌ: لا يجد طعم الطعام. و حَثِرَ الشي‏ءُ حَثَراً، فهو حَثِرٌ و حَثْرٌ: اتسع. و حَثَرَةُ الغَضَا: ثمرة تخرج فيه أَيامَ الصَّفَرِيَّةِ تَسْمَنُ عليها الإِبل و تُلْبِنُ. و حَثَرَةُ الكَرم:

164
لسان العرب4

حثر ص 164

زَمَعَتُه بَعْدَ الإِكْماخِ. و الحَثَرُ: حَبُّ العُنْقُود إِذا تَبَيَّنَ؛ هذه عن أَبي حنيفة. و الحَثَرُ من العنب: ما لم يُونِعْ و هو حامض صُلْبٌ لم يُشْكِلْ و لم يَتَمَوَّه. و الحَثَرُ: حب العنب و ذلك بعد البَرَمِ حين يصير كالجُلْجُلانِ. و الحَثَرُ: نَوْرُ العنب؛ عن كراع. و حُثَارَةُ التِّبْنِ: حُطامه، لغة في الحُثالَةِ؛ قال ابن سيدة: و ليس بِثَبَتٍ. و الحَوْثَرَةُ: الكَمَرَة. الجوهري: الحَوْثَرَةُ الفيْشَةُ الضخمة، و هي الكَوْشَلَةُ و الفَيْشَلَةُ؛ و الحَثَرَةُ من الجِبَأَةِ كأَنها تراب مجموع فإِذا قُلِعَتْ رأَيت الرمل حولها. و الحَثَرُ: ثمر الأَراك، و هو البَرِيرُ. و حَثِرَ الجلد: بَثِرَ؛ قال الراجز:
رَأَتْهُ شَيْخاً حَثِرَ المَلامِح

و هي ما حول الفم «1». و يقال: أَحْثَرَ النخلُ إِذا تشقق طَلْعُه و كان حبه كالحَثَراتِ الصغار قبل أَن تصير حَصَلًا. و حَوْثَرَةُ: اسم. و بنو حَوْثَرَةَ: بطن من عبد القيس، و يقال لهم الحواثر، و هم الذين ذكرهم المتلمس بقوله:
لَنْ يَرْحَضَ السَّوْآتِ عن أَحْسابِكُمْ             نَعَمُ الحَواثِر، إِذ تُساقُ لمَعْبَدِ

و هذا البيت أَنشده الجوهري: إِذ تساق بمعبد. و صواب إِنشاده: لمعبد، باللام، كما أَنشدناه، و مَعْبَدٌ: هو أَخو طَرَفَةَ و كان عمرو بن هند لما قتل طرفة ودَاهُ بِنَعَمٍ أَصابها من الحَواثِر و سيقت إِلى معبد. و حَوْثَرَةُ: هو ربيعة بن عمرو بن عوف بن أَنْمَارِ بن وَدِيعَةَ بن لُكَيْزِ بن أَفْصَى بن عبد القيس، و كان من حديثه أَن امرأَة أَتته بِعُسٍّ من لبن فاستامت فيه سِيمَةً غالية، فقال لها: لو وضعتُ فيه حَوْثَرَتي لملأته، فسمي حَوْثَرَةَ. و الحَوْثَرة: الحَشَفةُ رَأْسُ الذكر. و قال الأَزهري في ترجمة حتر: الحَتِيرَة الوكيرة، و هو طعام يصنع عند بناء البيت؛ قال الأَزهري: و أَنا واقف في هذا الحرف، و بعضهم يقول حثيرة، بالثاء.
حجر:
الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، و الجمع في القلة أَحجارٌ، و في الكثرة حِجارٌ و حجارَةٌ؛ و قال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها             مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ‏

و في التنزيل: وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ*
؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة و الفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه الحِجارَةُ و ليس بقياس لأَن الحَجَرَ و ما أَشبهه يجمع على أَحجار و لكن يجوز الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه و تَرْكُ القياس له كما قال الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ و لا             أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ‏

قال: و مثله المِهارَةُ و البِكارَةُ لجمع المُهْرِ و البَكْرِ. و روي عن أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ، و إِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، و الثاني آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ و عَظامةٌ و نِفارٌ و نِفارةٌ، و قالوا: فِحالَةٌ و حِبالَةٌ و ذِكارَةٌ و ذُكُورة و فُحولَةٌ و حُمُولَةٌ. قال الأَزهري: و هذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ و حِجارةٌ كقولك جَمَلٌ و جِمالَةٌ و ذَكَرٌ و ذِكارَةٌ؛ قال:
__________________________________________________
 (1). هي: عائدة إِلى الملامح.

165
لسان العرب4

حجر ص 165

و هو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ و أَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: و مثله هو أُكْبُرُّهم و فرس أُطْمُرٌّ و أُتْرُجٌّ، يشدّدون آخر الحرف. و يقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. و
في حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فاجعل معه ابن عباس فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلَّا حَلَّهَا.
؛ أَي بداهية عظيمة تثبت ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. و
في حديث الجَسَّاسَةِ و الدَّجالِ: تبعه أَهل الحَجَرِ و أَهل المَدَرِ.
؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار و الرمال، و أَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. و
في الحديث: الولد للفراش و للعاهِرِ الحَجَرُ.
؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد أَو الزوج، و للزاني الخيبةُ و الحرمان، كقولك ما لك عندي شي‏ء غير التراب و ما بيدك غير الحَجَرِ؛ و ذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال ابن الأَثير: و ليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. و الحَجَر الأَسود، كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، و ربما أَفردوه فقالوا الحَجَر إِعظاماً له؛ و من ذلك‏
قول عمر، رضي الله عنه: و الله إِنك حَجَرٌ، و لو لا أَني رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، يفعل كذا ما فعلت.
؛ فأَما قول الفرزدق:
و إِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،             أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ

فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَ لا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ و قوله: أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها، في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟. فسره ثعلب فقال: يعني جبلًا لا يوصل إِليه. و اسْتَحْجَرَ الطينُ: صار حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلَّا مزيدين و لهما نظائر. و أَرضٌ حَجِرَةٌ و حَجِيرَةٌ و مُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة، و ربما كني بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، و بذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ‏
قال: أَراد عشية رمل الكناس، و رمل الكناس: من بلاد عبد الله بن كلاب. و الحَجْرُ و الحِجْرُ و الحُجْرُ و المَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، و الكسر أَفصح، و قرئ بهن: وَ حَرْثٌ حِجْرٌ
؛ و قال حميد بن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،             و لَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ

يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. و روى الأَزهري عن الصَّيْداوِي أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ و أَنشد: و
هَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
و يقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه و ضَيَّقَهُ. و
في الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً.
؛ أَي ضيقت ما وسعه الله و خصصت به نفسك دون غيرك، و قد حَجَرَهُ و حَجَّرَهُ. و في التنزيل: وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً
؛ أَي حراماً مُحَرَّماً. و الحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،             و قالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُور

166
لسان العرب4

حجر ص 165

قال سيبويه: و يقول الرجل للرجل أَ تفعل كذا و كذا يا فلان؟ فيقول: حِجْراً [حُجْراً] أَي ستراً و براءة من هذا الأَمر، و هو راجع إِلى معنى التحريم و الحرمة. الليث: كان الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حِجْراً حُجْراً مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان يوم القيامة و رأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً
، و ظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ و أَنشد:
 حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،             و قال قائلهم: إِني بحاجور

يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك و يَحْجُرك عني؛ قال: و على قياسه العاثُورُ و هو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من تفسير قوله تعالى: وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً
؛ إِنه من قول المشركين للملائكة يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس و أَصحابه فسروه على غير ما فسره الليث؛
قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة، قالوا للمشركين حِجْراً مَحْجُوراً
 أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون بخير.
و روي عن أَبي حاتم في قوله: [وَ يَقُولُونَ حِجْراً]
 تمّ الكلام. قال أَبو الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله مَحْجُوراً
 عليهم أَن يعاذوا و أَن يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا و يجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم القيامة؛
قال أَبو حاتم و قال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا كله من قول الملائكة.
قال الأَزهري: و هذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان العرب، و أَحرى أَن يكون قوله حِجْراً مَحْجُوراً
 كلاماً واحداً لا كلامين مع إِضمار كلام لا دليل عليه. و قال الفرّاء: حِجْراً مَحْجُوراً
 أَي حراماً محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، و حَجَرَ الرجل على أَهله. و قرئت حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: و أَصل الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. و كل ما مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ و كذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام: مَنْعُهم؛ و كذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، و هو ما حَوَّطُوا عليه. و الحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا منعه من التصرف في ماله. و
في حديث عائشة و ابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن أَحْجُرَ عليها.
؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، و منه حَجْرُ القاضي على الصغير و السفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وَ حَرْثٌ حِجْرٌ
 حرامٌ و يَقُولُونَ حِجْراً
 حراماً، قال: و الحاء في الحرفين بالضمة و الكسرة لغتان. و حَجْرُ الإِنسان و حِجْرُه، بالفتح و الكسر: حِضْنُه. و في سورة النساء: فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ‏
؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ المرأَة و حِجْرُها حِضْنُها، و الجمع الحُجُورُ. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها.
و يجوز من حِجْرِ [حَجْرِ] الثوب و هو طرفه المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ و الوليُّ: القائم بأَمر اليتيم. و الحجر، بالفتح و الكسر: الثوب و الحِضْنُ، و المصدر بالفتح لا غير. ابن سيدة: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً و حُجْراً و حِجْراً و حُجْراناً و حِجْراناً مَنَعَ منه. و لا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ و لا مَنْعَ. و العرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، و هو استعارة من الأَمر؛ و منه قول الراجز:
قالتْ و فيها حَيْدَةٌ و ذُعْرُ:             عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ و حُجْر

167
لسان العرب4

حجر ص 165

و أَنت في حِجْرَتِي [حَجْرَتِي‏] أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ [حَجْرِ] فلانٍ أَي في كَنَفِه و مَنَعَتِه و مَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد، و أَنشد لحسان بن ثابت:
 أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا             أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ

أَي أُولي مَنَعَةٍ. و الحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال، و الحَجارُ: حائطها، و الجمع حُجْراتٌ و حُجُراتٌ و حُجَراتٌ، لغات كلها. و الحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، و منه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي اتخذتها، و الجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ و غُرَفٍ. و حُجُرات، بضم الجيم. و
في الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير.
؛ الحجيرة: تصغير الحُجْرَةِ، و هي الموضع المنفرد. و
في الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه الذمة.
؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ و هي حَظِيرَةُ الإِبل و حُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم و يمنعه من الوقوع و السقوط. و يروى حِجاب، بالباء، و هو كل مانع من السقوط، و رواه الخطابي حِجًى، بالياء، و سنذكره؛ و معنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك و لم يحترز لها. و
في حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ و عُرْمانٌ و مِحْجَرٌ.
؛ مِحجر، بكسر الميم: قرية معروفة؛ قال ابن الأَثير: و قيل هي بالنون؛ قال: و هي حظائر حول النخل، و قيل حدائق. و استَحجَرَ القومُ و احْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. و الحَجْرَةُ و الحَجْرُ، جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. و قعد حَجْرَةً و حَجْراً أَي ناحية؛ و قوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُوع نَقْرَةً             سَماراً، كإِبط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ‏

قال ابن سيدة: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: و عندي أَنه جمع الحَجْرَةِ التي هي الناحية على غير قياس، و له نظائر. و حُجْرَتا العسكر: جانباه من الميمنة و الميسرة؛ و قال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،             و نَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ

و
في الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق.
؛ أَي ناحيتاه؛ و قول الطرماح يصف الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،             و صَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي‏

استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في الحديث‏
حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
و دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ‏
. قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شي‏ء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ منه، و هو صدر بيت لإمرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،             و لكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ‏

أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك و حدثني حديث الرواحل و هي الإِبل التي ذهبتَ بها ما فعَلت. و في النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً بُطُونُهُ و نَجِرَةً؛ و مالٌ مُتَشدِّدٌ و مُتَحَجِّرٌ. و يقال: احْتَجَرَ البعيرُ احْتِجاراً. و المُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ و لم يَبْلُغْ نِصْفَ البِطْنَة و لم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ، فإِذا رجع بعد سوء حال و عَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛

168
لسان العرب4

حجر ص 165

و ناس مُجْرَوِّشُون. و الحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم. و المَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. و المَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،             تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ‏

قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، و هو موضع باليمن. و مقطورة: مطلية بالقَطِران. و عُلْكُوم: ضخمة، و الهاء في به تعود على غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: و قيل لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل: لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً و تترك وَسَطاً؛ قال و قال بعضهم: المَحْجِرُ هاهنا الناحية. و حَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ و مثل العرب: فلان يرعى وَسَطاً: و يَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. و الحَجرَةُ: الناحية، و منه قول الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلًا و ظُلْماً، كما تُعْتَرُ             عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ

و الجمع حَجْرٌ و حَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ و جَمْرٍ و جَمَراتٍ؛ قال ابن بري: هذا مثل و هو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، و إِذا صاروا إِلى شر تركهم و ربض ناحية؛ قال: و يقال إِن هذا المَثَلَ لعَيْلانَ بن مُضَرَ. و
في حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلًا من القوم يسير حَجْرَةً.
أَي ناحية منفرداً، و هو بفتح الحاء و سكون الجيم. و مَحْجِرُ العين: ما دار بها و بدا من البُرْقُعِ من جميع العين، و قيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة و عمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، و قيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم و كسرها و كسر الجيم و فتحها؛ و قول الأَخطل:
و يُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،             فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ و مِنْ حَجْرِ

فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه حيث يقع عليه النقاب، قال: و ما بدا لك من النقاب محجر و أَنشد:
و كَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
و حَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، و كذلك إِذا صارت حوله دارة في الغَيْم. و حَجَّرَ عينَ الدابة و حَوْلَها: حَلَّقَ لداء يصيبها. و التحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري: و الحاجِرُ من مسايل المياه و منابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر مرتفع، و الجمع حُجْرانٌ مثل حائر و حُوران و شابٍّ و شُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ‏

قال الأَزهري: و من هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجر. ابن سيدة: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي و يحيط به. الجوهري: الحاجر و الحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، و هو فاعول من الحَجْرِ، و هو المنع. ابن سيدة: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ و هو مُطْمئنٌّ له حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، و بذلك سمي حاجراً، و الجمع حُجْرانٌ. و الحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْثِ و مُجْتَمَعُه و مُسْتَدارُه. و الحاجِرُ أَيضاً: الجِدْرُ [الجَدْرُ] الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ و قول الشاعر:
و جارة البيت لها حُجْرِي‏

169
لسان العرب4

حجر ص 165

فمعناه لها خاصة. و
في حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ انْفَجَر.
أَي اجتمع و التأَم و قرب بعضه من بعض. و الحِجْرُ، بالكسر: العقل و اللب لإِمساكه و منعه و إِحاطته بالتمييز، و هو مشتق من القبيلين. و في التنزيل: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ
؛ فأَما قول ذي الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، و إِنَّهُ             لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ و ذو حِجْرِ

فقد قيل: الحِجْرُ هاهنا العقل، و قيل: القرابة. و الحِجْرُ: الفَرَسُ الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، و الجمع أَحْجارٌ و حُجُورَةٌ و حُجُورٌ. و أَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد بالحِجْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلَّا على حِصانٍ كريم. قال و قال أَعرابي من بني مُضَرِّسٍ و أَشار إِلى فرس له أُنثى فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. و حِجْرُ الإِنسان و حَجْرُه: ما بين يديه من ثوبه. و حِجْرُ الرجل و المرأَة و حَجْرُهما: متاعهما، و الفتح أَعلى. و نَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان و حِجْرِه أَي حفظه و سِتْرِه. و الحِجْرُ: حِجْرُ الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، و هو ما حواه الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ و كُلُّ ما حَجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو حِجْرٌ. و في الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. و الحِجْرُ: ديار ثمود ناحية الشام عند، وادي القُرَى، و هم قوم صالح النبي، صلى الله عليه و سلم، و جاء ذكره في الحديث كثيراً. و في التنزيل: وَ لَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ‏
؛ و الحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك. و حَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، و منهم من يؤنث و لا يصرف كامرأَة اسمها سهل، و قيل: هي سُوقُها؛ و في الصحاح: و الحَجْرُ قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. و
في الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية.
بفتح الحاء و سكون الجيم. قال ابن الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ القوم و هي ناحيتهم، و الجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ و جَمْرٍ. و إِن كانت بكسر الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ و قول الراعي و وصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،             بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا

إِنما عنى نصلًا منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: و حدائدُ حَجْرٍ مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ و قال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ             حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ‏

و أَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة و لا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة و لا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلَّا أَن تكون الأَلف و اللام زائدتين، كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
و لَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً و عَسَاقِلًا،             و لَقَدْ نَهَيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ

و إِنما هي بنات أَوبر؛ و كما روى أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي‏

170
لسان العرب4

حجر ص 165

و قول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،             حَجْرِيَّةً خِيضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ‏

يعني: قوساً أَو نَبْلًا منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. و الحَجَرانِ: الذهب و الفضة. و يقال للرجل إِذا كثر ماله و عدده: قد انتشرت حَجْرَتُه و قد ارْتَعَجَ مالهُ و ارْتَعَجَ عَدَدُه. و الحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية. و الحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً و يقف فيه صبي و هنالك الصبيان معه. و المَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ و منه محاجِرُ أَقيال اليمن و هي الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمًى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه و ناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره. و
في الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار و يَحْجُره بالليل، و في رواية: يَحْتَجِرُهُ.
أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال حَجَرْتُ الأَرضَ و احْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن غيرك. و مُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. و الأَصمعي يقوله بكسر الجيم و غيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: و في الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،             من الغَيْظِ في أَكْبادِنا و التَّحَوُّبِ‏

و
حكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، و هو القارئ وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ: غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر

البيت.
و حَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيدة: و قد سَمَّوْا حُجْراً و حَجْراً و حَجَّاراً و حَجَراً و حُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ اسم رجل، و منه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ و حُجْرٌ: اسم رجل و هو حُجْرٌ الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ و حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال له الأَدْبَرُ، و يجوز حُجُرٌ مثل عُسْر و عُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ             مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍو و حُجُرْ؟

يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. و الأَحجار: بطون من بني تميم؛ قال ابن سيدة: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ و جَرْوَلٌ و صَخْر؛ و إِياهم عنى الشاعر بقوله:
و كُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، و قيل: هي المنجنيق. و حَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛ قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،             فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟

و
في الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛ قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. و في حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ.
: هو موضع بالمدينة. و
في الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة و لا حَجْراءَ.
؛ قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: و قد رويت جَحْراءَ، بتقديم‏

171
لسان العرب4

حجر ص 165

الجيم،، و هو مذكور في موضعه. و الحَنْجَرَةُ و الحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
حدر:
الأَزهري: الحَدْرُ من كل شي‏ء تَحْدُرُه من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ، و المطاوعة منه الانْحدارُ. و الحَدُورُ: اسم مقدار الماء في انحدار صَببَهِ، و كذلك الحَدُورُ في سفح جبل و كلّ موضع مُنْحَدِرٍ. و يقال: وقعنا في حَدُورٍ مُنْكَرَة، و هي الهَبُوطُ. قال الأَزهري: و يقال له الحَدْراءُ بوزن الصَّفْراء؛ و الحَدُورُ و الهَبُوط، و هو المكان ينحدر منه. و الحُدُورُ، بالضم: فعلك. ابن سيدة: حَدَرَ الشي‏ءَ يَحْدِرُه و يَحْدُرُه حَدْراً و حُدُوراً فانَحَدَرَ: حَطَّهُ من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ. الأَزهري: و كل شي‏ء أَرسلته إِلى أَسفل، فقد حَدَرْتَه حَدْراً و حُدُوراً. قال: و لم أَسمعه بالأَلف أَحْدَرْتُ؛ قال: و منه سميت القراءة السريعة الحَدْرَ لأَن صاحبها يَحْدُرُها حَدْراً. و الحَدَرُ، مثل الصَّبَبِ: و هو ما انحدر من الأَرض. يقال: كأَنما يَنْحَطُّ في حَدَر. و الانْحِدارُ: الانهِباط، و الموضع مُنْحَدَرٌ. و الحَدْرُ: الإِسراع في القراءة. قال: و أَما الحَدُورُ فهو الموضع المُنْحَدِرُ. و هذا مُنْحَدَرٌ من الجبل و مُنْحَدُرٌ، أَتبعوا الضمة كما قالوا: أُنْبِيك و أُنْبُوك، و روى بعضهم مُنْحَدَرٌ. و حادُورُهُما و أُحْدُورُهُما: كَحَدُورِهِما. و حَدَرْتُ السفينة: أَرسلتها إِلى أَسفل، و لا يقال أَحْدَرْتُها؛ و حَدَرَ السفينة في الماء و المتاع يَحْدُرُهما حَدْراً، و كذلك حَدَرَ القرآن و القراءة. الجوهري: و حَدَرَ في قراءته و في أَذانه حَدْراً أَي أَسرع. و
في حديث الأَذان: إِذا أَذَّنتَ فَتَرَسَّلْ و إِذا أَقمتَ فاحْدُرْ.
أَي أَسرع. و هو من الحُدُور ضدّ الصُّعُود، يتعدى و لا يتعدى. و حَدَرَ الدمعَ يَحْدُرُه حَدْراً و حُدُوراً و حَدَّرَهُ فانْحَدَرَ و تَحَدَّرَ أَي تَنَزَّلَ. و
في حديث الاستسقاء: رأَيت المطر يَتَحادَرُ على لحيته.
أَي ينزل و يقطر، و هو يَتَفاعَلُ من الحُدُور. قال اللحياني: حَدَرَتِ العَيْنُ بالدمع تَحْدُرُ و تَحْدِرُ حَدْراً، و الاسم من كل ذلك الحُدُورَةُ و الحَدُورَةُ و الحادُورَةُ. و حَدَرَ اللِّثَامَ عن حنكه: أَماله. و حَدَرَ الدواءُ بطنه يَحْدُرُه حَدْراً: مَشَّاه، و اسم الدواء الحادُورُ. الأَزهري: الليث: الحادِرُ الممتلئ لحماً و شَحْماً مع تَرَارَةٍ، و الفعل حَدُرَ حَدارَة. و الحادِرُ و الحادِرَةُ: الغلام الممتلئ الشباب. الجوهري: و الحادِرُ من الرجال المجتمع الخَلْق؛ عن الأَصمعي. تقول منه: حَدُرَ بالضم، يَحْدُرُ حَدْراً. ابن سيدة: و غلام حادِرٌ جَمِيل صَبيحٌ. و الحادرُ: السمين الغليظ، و الجمع حَدَرَةٌ، و قد حَدَرَ يَحْدُرُ و حَدُرَ. و فَتًى حادِرٌ أَي غليظ مجتمع، و قد حَدَرَ يَحْدُرُ حَدارَةً، و الحادِرَةُ: الغليظة؛ و في ترجمة رنب قال أَبو كاهل اليشكري يصف ناقته و يشبهها بالعقاب:
كأَنَّ رِجْلِي على شَعْواءَ حادِرَةٍ             ظَمْياءَ، قد بُلَّ مِنْ طَلٍّ خَوافيها

و
في حديث أُم عطية: وُلِدَ لنا غلام أَحدَرُ شَي‏ء.
أَي أَسمن شي‏ء و أَغلظ؛ و منه‏
حديث ابن عمر: كان عبد الله بن الحرث بن نوفل غلاماً حادِراً.
و منه‏
حديث أَبْرَهَةَ صاحب الفيل: كان رجلًا قصيراً حادِراً دَحْداحاً.
و رُمْحٌ حادِرٌ: غليظ. و الحَوادِرُ من كُعُوب الرماح: الغلاظ المستديرة. و جَبَلٌ حادِرٌ: مرتفع. و حَيٌّ حادِرٌ: مجتمع. و عَدَدٌ حادِرٌ: كثير و حَبْلٌ حادِرٌ: شديد الفتل؛ قال:

172
لسان العرب4

حدر ص 172

فما رَوِيَتْ حتى اسْتبانَ سُقاتُها،             قُطُوعاً لمَحْبُوكٍ مِنَ اللِّيفِ حادِرِ

و حَدُر الوَتَرُ حُدُورَةً: غَلُظَ و اشتدّ؛ و قال أَبو حنيفة: إِذا كان الوتر قوياً ممتلئاً قيل وَتَرٌ حادِرٌ؛ و أَنشد:
أُحِبُّ الصَّبِيَّ السَّوْءَ مِنْ أَجْلِ أُمِّه،             و أُبْغِضُهُ مِنْ بُغْضِها، وَ هْوَ حادِرُ

و قد حَدُرَ حُدُورَةً. و ناقة حادِرَةُ العينين إِذا امتلأَتا نِقْياً و استوتا و حسنتا؛ قال الأَعشى:
و عَسِيرٌ أَدْماءُ حادِرَةُ العَيْنِ             خَنُوفٌ عَيْرانَةٌ شِمْلالُ‏

و كلُّ رَيَّانَ حَسَنِ الخَلْقِ: حادِرٌ. و عَيْنٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ: عظيمة؛ و قيل: حادَّةُ النظر: و قيل: حَدْرَةٌ واسعة، و بَدْرَة يُبادِرُ نظرُها نَظَرَ الخيل؛ عن ابن الأَعرابي. و عَيْن حَدْراءُ: حَسَنَةٌ، و قد حَدَرَتْ. الأَزهري: الأَصمعي: أَما قولهم عين حَدْرَة فمعناه مكتنزة صُلْبَة و بَدْرَةٌ بالنظر؛ قال إمرؤ القيس:
و عينٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ،             شُقَّتْ مَآقيهما مِنْ أُخُرْ

الأَزْهَرِيُّ: الحَدْرَةُ العين الواسعة الجاحظة، و الحَدْرَةُ: جِرْمُ قَرْحَةٍ تخرج بِجَفْنِ العين؛ و قيل: بباطن جفن العين فَتَرِمُ و تَغْلُظُ، و قد حَدَرَتْ عينه حَدْراً؛ و حَدَرَ جلده عن الضرب يَحْدِرُ و يَحْدُرُ حَدْراً و حُدوراً: غلظ و انتفخ وَ وَرِمَ؛ قال عمر بن أَبي ربيعة:
لو دَبَّ ذَرٌّ فَوْقَ ضَاحِي جِلْدِها،             لأَبانَ مِنْ آثارِهِنَّ حُدُورَا

يعني الوَرَمَ؛ و أَحْدَرَه الضربُ و حَدَرَهُ يَحْدُرُهُ. و
في حديث ابن عمر: أَنه ضرب رجلًا ثلاثين سوطاً كلها يَبْضَعُ و يَحْدُرُ.
؛ يعني السياط، المعنى أَن السياط بَضَعَتْ جلده و أَورمته؛ قال الأَصمعي: يَبْضَعُ يعني يشق الجلد، و يَحْدُرُ يعني يُوَرِّمُ و لا يَشُقُّ؛ قال: و اختلف في إِعرابه؛ فقال بعضهم: يُحْدر إِحداراً من أَحدرت؛ و قال بعضهم: يَحْدُرُ حُدُوراً من حَدَرْتُ؛ قال الأَزهري: و أَظنهما لغتين إِذا جعلت الفعل للضرب، فأَما إِذا كان الفعل للجلد أَنه الذي يَرِمُ فإِنهم يقولون: قد حَدَرَ جِلْدُه يَحْدُرُ حُدُوراً، لا اختلاف فيه أَعلمه. الجوهري: انْحَدَر جلده تورم، و حَدَرَ جِلْدَه حَدْراً و أَحْدَرَ: ضَرَبَ. و الحَدْرُ: الشَّق. و الحَدْرُ: الوَرَمُ «2». بلا شق. يقال: حَدَرَ جِلْدُه و حَدَّرَ زيد جِلْدَهُ. و الحَدْرُ: النَّشْزُ الغليظ من الأَرض. و حَدَرَ الثوبَ يَحْدُرُه حَدْراً و أَحْدَرَهُ يُحْدِرُه إِحداراً: فتل أَطراف هُدْبِه و كَفَّهُ كما يفعل بأَطراف الأَكسية. و الحَدْرَةُ: الفَتْلَةُ من فِتَل الأَكْسِيَةِ. و حَدَرَتْهُم السِّنَةُ تَحْدُرُهُمْ: جاءت بهم إِلى الحَضَرِ؛ قال الحطيئة:
جاءَتْ به من بلادِ الطُّورِ، تَحْدُرُهُ             حَصَّاءُ لم تَتَّرِكْ، دون العَصا، شَذَبا

الأَزهري: حَدَرَتْهُمُ السَّنَةُ تَحْدُرُهُمْ حَدْراً إِذا حطتهم و جاءت بهم حُدُوراً. و الحُدْرَةُ من الإِبل: ما بين العشرة إِلى الأَربعين، فإِذا بلغت الستين فهي الصِّدْعَةُ. و الحُدْرَةُ من الإِبل، بالضم، نحو الصِّرْمَة. و مالٌ حَوادِرُ: مكتنزة ضخامٌ. و عليه حُدْرَة من غَنَمٍ و حَدْرَة
__________________________________________________
 (2). قوله: [و الحدر الشق و الحدر و الورم‏] يشير بذلك إِلى أَنه يتعدى و لا يتعدى و به صرح الجوهري.

173
لسان العرب4

حدر ص 172

أَي قطعة؛ عن اللحياني. و حَيْدارُ الحصى: ما استدار منه. و حَيْدَرَةُ: الأَسَدُ؛
قال الأَزهري: قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى لم تختلف الرواة في أَن هذه الأَبيات لعلي بن أَبي طالب، رضوان الله عليه:
أَنا الذي سَمَّتْني أمِّي الحَيْدَرَهْ،             كَلَيْثِ غاباتٍ غَليظِ القَصَرَهْ،
أَكِيلُكُم بالسيفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ.

و قال: السندرة الجرأَة. و رجل سِنَدْرٌ، على فِعَنْلٍ إِذا كان جريئاً. و الحَيْدَرَةُ: الأَسد؛ قال: و السَّنْدَرَةُ مكيال كبير؛ و قال ابن الأَعرابي: الحَيْدَرَة في الأُسْدِ مثل المَلِكِ في الناس؛ قال أَبو العباس: يعني لغلظ عنقه و قوّة ساعديه؛ و منه غلام حادر إِذا كان ممتلئ البدن شديد البطش؛ قال و الياء و الهاء زائدتان،
زاد ابن بري في الرجز قبلَ:
أَكيلكم بالسيف كيل السندره.

..
أَضرب بالسيف رقاب الكفره‏

و قال: أَراد بقوله:
[أَنا الذي سمتني أُمي الحيدره‏]

أَنا الذي سمتني أُمي أَسداً، فلم يمكنه ذكر الأَسد لأَجل القافية، فعبر بحيدرة لأَن أُمه لم تسمه حيدرة، و إِنما سمته أَسداً باسم أَبيها لأَنها فاطمة بنت أَسد، و كان أَبو طالب غائباً حين ولدته و سمته أَسداً، فلما قدم كره أَسداً و سماه عليّاً، فلما رجز عليّ هذا الرجز يوم خيبر سمى نفسه بما سمته به أُمه.
؛ قلت: و هذا العذر من ابن بري لا يتم له إِلَّا أَن كان الرجز أَكثر من هذه الأَبيات و لم يكن أَيضاً ابتدأَ بقوله:
[أَنا الذي سمتني أُمي الحيدرة]
و إِلَّا فإِذا كان هذا البيت ابتداء الرجز و كان كثيراً أَو قليلًا كان، رضي الله عنه، مخيراً في إِطلاق القوافي على أَي حرف شاء مما يستقيم الوزن له به كقوله:
[أَنا الذي سمتني أُمي الأَسدا]
أَو أَسداً، و له في هذه القافية مجال واسع، فنطقه بهذا الاسم على هذه القافية من غير قافية تقدمت يجب إتباعها و لا ضرورة صرفته إِليه، مما يدل على أَنه سمي حيدرة. و قد قال ابن الأَثير: و قيل بل سمته أُمه حيدرة. و القَصَرَة: أَصل العنق. قال: و ذكر أَبو عمرو المطرز أَن السندرة اسم امرأَة؛ و قال ابن قتيبة في تفسير الحديث: السندرة شجرة يعمل منها القِسِيُّ و النَّبْلُ، فيحتمل أَن تكون السندرة مكيالًا يتخذ من هذه الشجرة كما سمي القوس نَبْعَةً باسم الشجرة، و يحتمل أَن تكون السندرة امرأَة كانت تكيل كيلًا وافياً. و حَيْدَرٌ و حَيْدَرَةُ: اسمان. و الحُوَيْدُرَة: اسم شاعر و ربما قالوا الحادرة. و الحادُورُ: القُرْطُ في الأُذن و جمعه حَوادِير؛ قال أَبو النجم العجلي يصف امرأَة:
خِدَبَّةُ الخَلْقِ على تَخْصِيرها،             بائِنَةُ المَنْكِبِ مِنْ حادُورِها

أَراد أَنها ليست بِوَقْصاء أَي بعيدة المنكب من القُرْط لطول عنقها، و لو كانت وقصاء لكانت قريبة المنكب منه. و خِدَبَّةُ الخلق على تحصيرها أَي عظيمة العجز على دقة خصرها:
يَزِينُها أَزْهَرُ في سُفُورِها،             فَضَّلَها الخالِقُ في تَصْوِيرِها

الأَزهر: الوجه. و رَغِيفٌ حادِرٌ أَي تامٌّ؛ و قيل: هو الغليظ الحروف؛ و أَنشد:
كَأَنَّكِ حادِرَةُ المَنْكِبَيْنِ             رَصْعاءُ تَسْتَنُّ في حائِرِ

يعني ضفدعة ممتلئة المنكبين. الأَزهري: و روى عبد الله بن مسعود أَنه قرأَ قول الله عز و جل: وَ إِنَّا

174
لسان العرب4

حدر ص 172

لَجَمِيعٌ حادرُونَ؛ بالدال، و قال مُؤْدُونَ في الكُراعِ و السِّلاح؛ قال الأَزهري: و القراءة بالذال لا غير، و الدال شاذة لا تجوز عندي القراءة بها، و قرأَ عاصم و سائر القراء بالذال. و رجل حَدْرَدٌ: مستعجل. و الحَيْدارُ من الحصى: ما صَلُبَ و اكتنز؛ و منه قول تميم بن أَبي مقبل:
يَرْمِي النِّجادَ بِحَيْدارِ الحَصى قُمَزاً،             في مِشْيَةٍ سُرُحٍ خَلْطٍ أَفانِينَا

و قال أَبو زيد: رماه الله بالحَيْدَرَةِ أَي بالهَلَكَةِ و حَيٌّ ذو حَدُورَةٍ أَي ذو اجتماع و كثرة. و روى الأَزهري عن المُؤَرِّج: يقال حَدَرُوا حوله و يَحْدُرُون به إِذا أَطافوا به؛ قال الأَخطل:
و نَفْسُ المَرْءِ تَرْصُدُها المَنَايا،             و تَحْدُرُ حَوْلَه حتى يُصارَا

الأَزهري: قال الليث: امرأَة حَدْراءُ و رجل أَحدر؛ قال الفرزدق:
عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ، و ما كِدْتَ تَعْزِفُ،             و أَنْكَرْتَ من حَدْراءَ ما كنتَ تَعْرِفُ‏

قال: و قال بعضهم: الحدراء في نعت الفرس في حسنها خاصة. و
في الحديث: أَن أُبيّ بن خلف كان على بعير له و هو يقول: يا حَدْرَاها.
؛ يريد: هل رأَى أَحد مثل هذا؟ قال: و يجوز أَن يريد يا حَدْراءَ الإِبل، فقصر، و هي تأْنيث الأَحدر، و هو الممتلئ الفخذ و العجز الدقيق الأَعلى، و أَراد بالبعير هاهنا الناقة و هو يقع على الذكر و الأُنثى كالإِنسان. و تَحَدُّرُ الشي‏ء: إِقبالهُ؛ و قد تَحَدَّرَ تَحَدُّراً؛ قال الجعدي:
فلما ارْعَوَتْ في السَّيْرِ قَضَّيْنَ سَيْرَها،             تَحَدُّرَ أَحْوَى، يَرْكَبُ الدّرَّ، مُظْلِم‏

الأَحوى: الليل. و تحدّره: إِقباله. و ارعوت أَي كفت. و في ترجمة قلع: الانحدار و التقلع قريب بعضه من بعض، أَراد أَنه كان يستعمل التثبيت و لا يبين منه في هذه الحال استعجال و مبادرة شديدة. و حَدْراءُ: اسم امرأَة.
حدبر:
الحِدْبارُ: العَجْفاءُ الظَّهْرِ. و دابة حِدْبِيرٌ: بَدَتْ حراقِيفُه و يَبِسَ من الهزال. و ناقة حِدْبارٌ و حِدْبيرٌ، و جمعها حَدابِيرُ، إِذا انحنى ظهرها من الهزال و دَبِرَ، الجوهري: الحِدْبار من النوق الضامرة التي قد يبس لحمها من الهزال و بدت حراقفها. و
في حديث علي، عليه السلام، في الاستسقاء: اللهم إِنا خرجنا إِليك حين اعْتَكَرَتْ علينا حَدابِيرُ السِّنِين.
؛ الحدابِيرُ: جمعُ حِدْبار و هي الناقة التي بدا عظم ظهرها و نَشَزَتْ حراقيفها من الهزال، فشبه بها السنين التي كثر فيها الجدب و القحط. و منه‏
حديث ابن الأَشعث أَنه كتب إِلى الحجاج: سأَحملك على صَعْبٍ حِدْباءَ حدبار يَنِجُّ ظهرها.
؛ ضرب ذلك مثلًا للأَمر الصعب و الخُطَّةِ الشديدة.
حذر:
الحِذْرُ و الحَذَرُ: الخيفة. حَذِرَهُ يَحْذَرُهُ حَذَراً و احْتَذَرَهُ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
قلتُ لقومٍ خَرجُوا هَذالِيلْ:             احْتَذِرُوا لا يَلْقَكُمْ طَمالِيلْ‏

و رجلُ حَذِرٌ و حَذُرٌ «1» و حاذُورَةٌ و حِذْرِيانٌ: متيقظ شديد الحَذَرِ و الفَزَعِ، متحرّز؛ و حاذِرٌ: متأَهب مُعِدٌّ كأَنه يَحْذَرُ أَن يفاجَأَ؛ و الجمع حَذِرُونَ و حَذارَى. الجوهري: الحَذَرُ و الحِذْرُ التحرّز؛ و أَنشد سيبويه في تعدِّيه:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و حذر] بفتح الحاء و ضم الذال كما هو مضبوط بالأصل، و جرى عليه شارح القاموس خلافاً لما في نسخ القاموس من ضبطه بالشكل بسكون الذال.

175
لسان العرب4

حذر ص 175

حَذِرٌ أُمُوراً لا تُخافُ، و آمِنٌ             ما ليسَ مُنْجِيهِ من الأَقْدارِ

و هذا نادر لأَن النعت إِذا جاء على فَعِلٍ لا يتعدى إِلى مفعول. و التحذير: التخويف. و الحذارُ: المُحاذَرَةُ. و قولهم: إِنه لابْنُ أَحْذارٍ أَي لابْنُ حَزْمٍ و حَذَرٍ. و المَحْذُورَةُ: الفزع بعينه. و في التنزيل العزيز: وَ إِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ
، و قرئ: حَذِرُونَ و حَذُرونَ أَيضاً، بضم الذال، حكاه الأَخفش؛ و معنى حاذِرُونَ‏
 متأَهبون، و معنى حذرون خائفون، و قيل: معنى حذرون مُعِدُّونَ. الأَزهري: الحَذَرُ مصدر قولك حَذِرْتُ أَحْذَرُ حَذَراً، فَأَنا حاذِرٌ و حَذِرٌ، قال: و من قرأَ: وَ إِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ
؛ أَي مستعدون. و من قرأَ: حذرون، فمعناه إِنا نخاف شرهم. و قال الفرّاء في قوله: حاذِرُونَ‏
،
روي عن ابن مسعود أَنه قال مُؤْدُونَ: ذَوُو أَداةٍ من السلاح. قال: و كأَنَّ الحاذِرَ الذي يَحْذَرُكَ الآن. و كَأَنَّ الحَذِرَ المَخْلُوقُ حَذِراً لا تلقاه إِلَّا حَذِراً.
و قال الزجاج: الحاذِرُ المستعدُّ، و الحَذِرُ المتيقظ؛ و قال شمر: الحاذِرُ المُؤْدِي الشَّاكُّ في السلاح؛ و أَنشد:
و بِزَّةٍ مِن فَوْقِ كُمَّيْ حاذِرِ،             و نَثْرَةٍ سَلَبْتُها عن عامِرِ،
و حَرْبَةٍ مِثْلِ قُدَامَى الطَّائِرِ
و رجل حِذْرِيانٌ إِذا كان حَذِراً، على فِعْليانٍ. و قوله تعالى: وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ*
؛ أَي يحذركم إِياه. أَبو زيد: في العين الحَذَرُ، و هو ثِقَلٌ فيها من قَذىً يصيبها؛ و الحَذَلُ باللام، طول البكاء و أَن لا تجف عين الإِنسان. و قد حَذَّرَهُ الأَمَر و أَنا حَذِيرُكَ منه مُحَذِّرك منه أُحَذِّرُكَهُ. قال الأَصمعي: لم أَسمع هذا الحرف لغير الليث، و كأَنه جاء به على لفظ نَذِيرُكَ و عَذِيرُكَ. و تقول: حَذَارِ يا فلان أَي احْذرْ؛ و أَنشد لأَبي النجم:
حَذارِ مِنْ أَرْماحِنا حَذارِ             أَوْ تَجْعَلُوا دُونَكُمُ وَبارِ

و تقول: سُمِعَتْ حَذارِ في عسكرهم و دُعِيَتْ نَزال بينهم. و المَحْذُورَةُ: كالحَذَرِ مصدر كالمَصْدُوقَةِ و المَلْزُومَة، و قيل: هي الحرب. و يقال: حَذارِ مثل قَطامِ أَي احْذرْ، و قد جاء في الشعر حَذار و أَنشد اللحياني:
حَذارِ حَذارٍ مِنْ فَوارِسِ دارِمٍ،             أَبا خالِدٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَنَدَّما

فنوّن الأَخيرة و لم يكن ينبغي له ذلك غير أَن الشاعر أَراد أَن يتم به الجزء. و قالوا. حَذارَيْكَ، جعلوه بدلًا من اللفظ بالفعل، و معنى التثنية أَنه يريد: ليكن منك حَذَرٌ بعد حَذَرٍ. و من أَسماء الفعل قولهم: حَذَرَكَ زَيْداً و حَذَارَكَ زيداً إِذا كنت تُحَذِّرُه منه. و حكى اللحياني: حَذارِك، بكسر الراء، و حُذُرَّى صيغة مبنية من الحَذَرِ؛ و هي اسم حكاها سيبويه. و أَبو حَذَرٍ: كُنْيَةُ الحِرْباء. و الحِذْرِيَةُ و الحِذْرِياءُ: الأَرضُ الخَشِنَةُ؛ و يقال لها حَذارِ اسم معرفة. النضر: الحِذْرِيَةُ الأَرض الغليظة من القُفِّ الخَشِنَةُ، و الجمع الحَذارَى. و قال أَبو الخَيْرَةِ: أَعلى الجبل إِذا كان صُلْباً غليظاً مستوياً، فهو حِذْرِيةٌ، و الحِذْرِيَةُ على فِعْليَةٍ قطعة من الأَرض غليظة، و الجمع الحَذارَى، و تسمى إِحدى حَرَّتَيْ بني سُلَيْمٍ الحِذْرِيَةَ. و احْذَأَرَّ الرجلُ: غَضِبَ فاحْرَنْفَشَ و تَقَبَّضَ. و الإِحْذارُ: الإِنذار. و الحُذارِياتُ: المنذورون.

176
لسان العرب4

حذر ص 175

و نَفَشَ الديكُ حِذْرِيَتَهُ أَي عِفْرِيَتَهُ. و قد سمَّتْ مَحْذُوراً و حُذَيْراً. و أَبو مَحْذُورَةَ: مؤذن النبي، صلى الله عليه و سلم، و هو أَوْسُ بن مِعْيَرٍ أَحد بني جُمَحٍ؛ و ابنُ حُذارٍ حِذارٍ: حَكَمُ بن أَسَدٍ، و هو أَحد بني سعد بن ثعلبة بن ذودان يقول فيه الأَعشى:
و إِذا طَلَبْتَ المَجْدَ أَيْنَ مَحَلُّهُ،             فاعْمِدْ لبيتِ رَبيعَةَ بنِ حُذارِ [حِذارِ]

قال الأَزهري: و حُذارُ [حِذارِ] اسم أَبي ربيعة بن حُذارٍ قاضي العرب في الجاهلية، و هو من بني أَسد بن خزيمة.
حذفر:
حَذافِيرُ الشي‏ء: أَعالِيهِ و نواحِيه. الفراء: حُذْفُورٌ و حِذْفارٌ؛ أَبو العباس: الحِذْفارُ جَنَبَةُ الشي‏ء. و قد بلغ الماء حِذْفارَها: جانبها. الحَذافِيرُ: الأَعالي، واحدها حُذْفُورٌ و حِذْفارٌ. و حِذْفارُ الأَرض: ناحيتها؛ عن أَبي العباس من تذكرة أَبي علي. و أَخَذَهُ بِحَذافِيرِه أَي بجميعه. و يقال: أَعطاه الدنيا بِحَذافِيرها أَي بأَسْرِها. و
في الحديث: فكأَنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها.
؛ هي الجوانب، و قيل: الأَعالي، أَي فكأَنما أُعطي الدنيا بحذافيرها أَي بأَسرها. و
في حديث المبعث: فإِذا نحن بالحَيِّ قد جاؤوا بحذافيرهم.
أَي جميعهم. و يقال: أَخَذَ الشي‏ءَ بِجُزْمُورِه و جَزامِيرِه و حُذْفُورِه و حَذافِيرهِ أَي بجميعه و جوانبه؛ و قال في موضع آخر: إِذا لم يترك منه شيئاً. و في النوادر: يقال جَزْمَرْتُ العِدْلَ و العَيْبَةَ و الثيابَ و القِرْبَةَ و حَذْفَرْتُ و حَزْفَرْتُ بمعنى واحد، كلها بمعنى ملأْت. و الحُذْفُورُ: الجمع الكثير. و الحَذافِيرُ: الأَشْرافُ، و قيل: هم المتهيئون للحرب.
حرر:
الحَرُّ: ضِدُّ البَرْدِ، و الجمع حُرُورٌ و أَحارِرُ على غير قياس من وجهين: أَحدهما بناؤه، و الآخر إِظهار تضعيفه؛ قال ابن دريد: لا أَعرف ما صحته. و الحارُّ: نقيض البارد. و الحَرارَةُ: ضِدُّ البُرُودَةِ. أَبو عبيدة: السَّمُومُ الريح الحارة بالنهار و قد تكون بالليل، و الحَرُورُ: الريح الحارَّة بالليل و قد تكون بالنهار؛ قال العجاج:
و نَسَجَتْ لَوافِحُ الحَرُورِ             سَبائِباً، كَسَرَقِ الحَريرِ

الجوهري: الحَرُورُ الريح الحارَّة، و هي بالليل كالسَّمُوم بالنهار؛ و أَنشد ابن سيدة لجرير:
ظَلِلْنا بِمُسْتَنِّ الحَرُورِ، كأَنَّنا             لَدَى فَرَسٍ مُسْتَقْبِلِ الرِّيحِ صائم‏

مستن الحرور: مشتدّ حرها أَي الموضع الذي اشتدّ فيه؛ يقول: نزلنا هنالك فبنينا خِباءً عالياً ترفعه الريح من جوانبه فكأَنه فرس صائم أَي واقف يذب عن نفسه الذباب و البعوض بسَبِيبِ ذَنَبِهِ، شبه رَفْرَفَ الفُسْطاطِ عند تحركه لهبوب الريح بسَبِيبِ هذا الفرس. و الحَرُورُ: حر الشمس، و قيل: الحَرُورُ استيقاد الحرّ و لَفْحُه، و هو يكون بالنهار و الليل، و السَّمُوم لا يكون إِلا بالنهار. و في التنزيل: وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ
؛ قال ثعلب: الظل هاهنا الجنة و الحرور النار؛ قال ابن سيدة: و الذي عندي أَن الظل هو الظل بعينه، و الحرور الحرّ بعينه؛ و قال الزجاج: معناه لا يستوي أَصحاب الحق الذين هم في ظل من الحق، و أَصحاب الباطل الذين هم في حَرُورٍ أَي حَرٍّ دائم ليلًا و نهاراً، و جمع الحَرُور حَرائِرُ؛ قال مُضَرِّسٌ:
بِلَمَّاعَةٍ قد صادَفَ الصَّيْفُ ماءَها،             و فاضَتْ عليها شَمْسُهُ و حَرائِرُه‏

177
لسان العرب4

حرر ص 177

و تقول «2»: حَرَّ النهارُ و هو يَحِرُّ حَرّاً و قد حَرَرْتَ يا يوم تَحُرُّ، و حَرِرْتَ تَحِرُّ، بالكسر، و تَحَرُّ؛ الأَخيرة عن اللحياني، حَرّاً و حَرَّةً و حَرارَةً و حُرُوراً أَي اشتدَّ حَرُّكَ؛ و قد تكون الحَرارَةُ للاسم، و جمعها حينئذ حَراراتٌ؛ قال الشاعر:
بِدَمْعٍ ذِي حَراراتٍ،             على الخَدَّيْنِ، ذي هَيْدَبْ‏

و قد تكون الحَراراتُ هنا جمع حَرَارَةٍ الذي هو المصدر إِلا أَن الأَوَّل أَقرب. قال الجوهري: و أَحَرَّ النهارُ لغة سمعها الكسائي. الكسائي: شي‏ء حارٌّ يارٌّ جارٌّ و هو حَرَّانُ يَرَّانُ جَرَّانُ. و قال اللحياني: حَرِرْت يا رجل تَحَرُّ حَرَّةً و حَرارَةً؛ قال ابن سيدة: أُراه إِنما يعني الحَرَّ لا الحُرِّيَّةَ. و قال الكسائي: حَرِرْتَ تَحَرُّ من الحُرِّيَّةِ لا غير. و قال ابن الأَعرابي: حَرَّ يَحَرُّ حَراراً إِذا عَتَقَ، و حَرَّ يَحَرُّ حُرِّيَّةً من حُرِّيَّة الأَصل، و حَرَّ الرجلُ يَحَرُّ حَرَّةً عَطِشَ؛ قال الجوهري: فهذه الثلاثة بكسر العين في الماضي و فتحها في المستقبل. و
في حديث الحجاج: أَنه باع مُعْتَقاً في حَرارِه.
؛ الحرار، بالفتح: مصدر من حَرَّ يَحَرُّ إِذا صار حُرّاً، و الاسم الحُرِّيَّةُ. و حَرَّ يَحِرُّ إِذا سَخُنَ ماء أَو غيره. ابن سيدة: و إِني لأَجد حِرَّةً و قِرَّة لله أَي حَرّاً و قُرّاً؛ و الحِرَّةُ و الحَرارَةُ: العَطَشُ، و قيل: شدته. قال الجوهري: و منه قولهم أَشَدُّ العطش حِرَّةٌ على قِرَّةٍ إِذا عطش في يوم بارد، و يقال: إِنما كسروا الحرّة لمكان القرَّة. و رجل حَرَّانُ: عَطْشَانُ من قوم حِرَارٍ و حَرارَى و حُرارَى؛ الأَخيرتان عن اللحياني؛ و امرأَة حَرَّى من نسوة حِرَارٍ و حَرارَى: عَطْشى. و
في الحديث: في كل كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ.
؛ الحَرَّى، فَعْلَى، من الحَرِّ و هي تأْنيث حَرَّان و هما للمبالغة يريد أَنها لشدة حَرِّها قد عَطِشَتْ و يَبِسَتْ من العَطَشِ، قال ابن الأَثير: و المعنى أَن في سَقْي كل ذي كبد حَرَّى أَجراً، و قيل: أَراد بالكبد الحرى حياة صاحبها لأَنه إِنما تكون كبده حرى إِذا كان فيه حياة يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان، و يشهد له ما جاء
في الحديث الآخر: في كل كبد حارّة أَجر.
و
الحديث الآخر: ما دخل جَوْفي ما يدخل جَوْفَ حَرَّانِ كَبِدٍ.
و ما جاء
في حديث ابن عباس: أَنه نهى مضارِبه أَن يشتري بماله ذا كَبِدٍ رَطْبَةٍ.
و
في حديث آخر: في كل كبد حرى رطبة أَجر.
؛ قال: و في هذه الرواية ضعف، فأَما معنى رطبة فقيل: إِن الكبد إِذا ظمئت ترطبت، و كذا إِذا أُلقيت على النار، و قيل: كنى بالرطوبة عن الحياة فإِن الميت يابس الكبد، و قيل: وصفها بما يؤول أَمرها إِليه. ابن سيدة: حَرَّتْ كبده و صدره و هي تَحَرُّ حَرَّةً و حَرارَةً و حَراراً؛ قال:
و حَرَّ صَدْرُ الشيخ حتى صَلَّا

أَي التهبتِ الحَرَارَةُ في صدره حتى سمع لها صَليلٌ، و اسْتَحَرَّتْ، كلاهما: يبست كبده من عطش أَو حزن، و مصدره الحَرَرُ. و
في حديث عيينة بن حِصْنٍ: حتى أُذِيقَ نَسَاهُ من الحَرِّ مِثْلَ ما أَذَاقَ نَسايَ.
؛ يعني حُرْقَةَ القلب من الوجع و الغيظ و المشقة؛ و منه‏
حديث أُم المهاجر: لما نُعِيَ عُمَرُ قالت: وا حَرَّاه فقال الغلام: حَرٌّ انْتَشَر فملأَ البَشَرَ، و أَحَرَّها اللهُ.
و العرب تقول في دعائها على الإِنسان: ما له أَحَرَّ اللهُ‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [و تقول إِلخ‏] حاصله أنه من باب ضرب و قعد و علم كما في القاموس و المصباح و غيرهما، و قد انفرد المؤلف بواحدة و هي كسر العين في الماضي و المضارع.

178
لسان العرب4

حرر ص 177

صَدْرَه أَي أَعطشه و قيل: معناه أَعْطَشَ الله هامَتَه. و أَحَرَّ الرجلُ، فهو مُحِرٌّ أَي صارت إِبله حِرَاراً أَي عِطاشاً. و رجل مُحِرٌّ: عطشت إِبله. و
في الدعاء: سلط الله عليه الحِرَّةَ تحت القِرَّةِ.
يريد العطش مع البرد؛ و أَورده ابن سيدة منكراً فقال: و من كلامهم حِرَّةٌ تحت قِرَّةٍ أَي عطشٌ في يوم بارد؛ و قال اللحياني: هو دعاء معناه رماه الله بالعطش و البرد. و قال ابن دريد: الحِرَّةُ حرارة العطش و التهابه. قال: و من دعائهم: رماه الله بالحِرَّةِ و القِرَّةِ أَي بالعطش و البرد. و يقال: إِني لأَجد لهذا الطعام حَرْوَةً في فمي أَي حَرارةً و لَذْعاً. و الحَرارَةُ: حُرْقَة في الفم من طعم الشي‏ء، و في القلب من التوجع، و الأَعْرَفُ الحَرْوَةُ، و سيأْتي ذكره. و قال ابن شميل: الفُلْفُلُ له حَرارَة و حَراوَةٌ، بالراء و الواو. و الحَرَّة: حرارة في الحلق، فإِن زادت فهي الحَرْوَةُ ثم الثَّحْثَحَة ثم الجَأْزُ ثم الشَّرَقُ ثم الْفُؤُقُ ثم الحَرَضُ ثم العَسْفُ، و هو عند خروج الروح. و امرأَة حَرِيرَةٌ: حزينة مُحْرَقَةُ الكبد؛ قال الفرزدق يصف نساء سُبِينَ فضربت عليهن المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ و هي القِدَاحُ:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ و أَبْدَيْنَ مِجْلَداً،             و دارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْرُ

و في التهذيب: المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ؛ و حَرِيراتٌ أَي محرورات يَجِدْنَ حَرارَة في صدورهن، و حَرِيرَة في معنى مَحْرُورَة، و إِنما دخلتها الهاء لما كانت في معنى حزينة، كما أُدخلت في حَمِيدَةٍ لأَنها في معنى رَشِيدَة. قال: و المِجْلَدُ قطعة من جلد تَلْتَدِمُ بها المرأَة عند المصيبة. و المُكَتَّبَةُ: السهام التي أُجِيلَتْ عليهن حين اقتسمن و استهم عليهن. و اسْتَحَرَّ القتلُ و حَرَّ بمعنى اشتدَّ. و
في حديث عمر و جَمْع القرآن: إِن القتل قد اسْتَحَرَّ يوم اليمامة بِقُرَّاءِ القرآن.
؛ أَي اشتدَّ و كثر، و هو استفعل من الحَرِّ: الشِّدَّةِ؛ و منه‏
حديث عليٍّ: حَمِسَ الوَغَى و اسْتَحَرَّ الموتُ.
و أَما ما ورد
في حديث علي، عليه السلام: أَنه قال لفاطمة: لو أَتَيْتِ النبيَّ، صلى الله عليه و سلم، فسأَلته خادماً يَقِيكِ حَرَّ ما أَنتِ فيه من العمل، و في رواية: حارَّ ما أَنت فيه.
يعني التعب و المشقة من خدمة البيت لأَن الحَرارَةَ مقرونة بهما، كما أَن البرد مقرون بالراحة و السكون. و الحارُّ: الشاق المُتْعِبُ: و منه‏
حديث الحسن بن علي قال لأَبيه لما أَمره بجلد الوليد بن عقبة: وَلِّ حارَّها من تَوَلَّى قارَّها.
أَي وَلِّ الجَلْدَ من يَلْزَمُ الوليدَ أَمْرُه و يعنيه شأْنُه، و القارّ: ضد الحارّ. و الحَرِيرُ: المَحْرُورُ الذي تداخلته حَرارَةُ الغيظ و غيره. و الحَرَّةُ: أَرض ذات حجارة سود نَخِراتٍ كأَنها أُحرقت بالنار. و الحَرَّةُ من الأَرضين: الصُّلبة الغليظة التي أَلبستها حجارة سود نخرة كأَنها مطرت، و الجمع حَرَّاتٌ و حِرَارٌ؛ قال سيبويه: و زعم يونس أَنهم يقولون حَرَّةٌ و حَرُّونَ، جمعوه بالواو و النون، يشبهونه بقولهم أَرض و أَرَضُونَ لأَنها مؤنثة مثلها؛ قال: و زعم يونس أَيضاً أَنهم يقولون حَرَّةٌ و إِحَرُّونَ يعني الحِرارَ كأَنه جمع إِحَرَّةٍ و لكن لا يتكلم بها؛
أَنشد ثعلب لزيد بن عَتاهِيَةَ التميمي، و كان زيد المذكور لما عظم البلاء بصِفِّين قد انهزم و لحق بالكوفة، و كان عليّ، رضي الله عنه، قد أَعطى أَصحابه يوم الجمل خمسمائة خمسمائة من بيت مال البصرة،

179
لسان العرب4

حرر ص 177

فلما قدم زيد على أَهله قالت له ابنته: أَين خمس المائة؟ فقال:
إِنَّ أَباكِ فَرَّ يَوْمَ صِفِّينْ،             لما رأَى عَكّاً و الأشعَرِيين،
و قَيْسَ عَيْلانَ الهَوازِنيين،             و ابنَ نُمَيرٍ في سراةِ الكِنْدِين،
و ذا الكَلاعِ سَيِّدَ اليمانين،             و حابساً يَسْتَنُّ في الطائيين،
قالَ لِنَفْسِ السُّوءِ: هَلْ تَفِرِّين؟             لا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحَرِّين،
و الخَمْسُ قد جَشَّمْنَكِ الأَمَرِّين،             جَمْزاً إِلى الكُوفةِ من قِنِّسْرِينْ‏

و يروى:
... قد تُجْشِمُكِ ...
                                                                                                                                                                                                                                                                                               و
... قد يُجْشِمْنَكِ.

و قال ابن سيدة: معنى لا خمس ما
ورد في حديث صفين أَن معاوية زاد أَصحابه يوم صفين خمسمائة فلما التَقَوْا بعد ذلك قال أَصحاب علي، رضوان الله عليه:
لا خمس إِلا جندل الإِحرِّين.

أَرادوا: لا خمسمائة؛ و الذي‏
ذكره الخطابي أَن حَبَّةَ العُرَنيَّ قال: شهدنا مع عليّ يوم الجَمَلِ فقسم ما في العسكر بيننا فأَصاب كل رجل منا خمسمائة خمسمائة، فقال بعضهم يوم صفين الأَبيات.
قال ابن الأَثير: و رواه بعضهم‏
لا خِمس ...
، بكسر الخاء، من وِردِ الإِبل. قال: و الفتح أَشبه بالحديث، و معناه ليس لك اليوم إِلا الحجارة و الخيبة، و الإِحَرِّينَ: جمع الحَرَّةِ. قال بعض النحويين: إِن قال قائل ما بالهم قالوا في جمع حَرَّةٍ و إِحَرَّةَ حَرُّونَ و إِحَرُّون، و إِنما يفعل ذلك في المحذوف نحو ظُبَةٍ و ثُبة، و ليست حَرَّة و لا إِحَرَّة مما حذف منه شي‏ء من أُصوله، و لا هو بمنزلة أَرض في أَنه مؤنث بغير هاء؟ فالجواب: إن الأصل في إِحَرَّة إِحْرَرَةٌ، و هي إِفْعَلَة، ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد، فأَسكنوا الأَوَّل منهما و نقلوا حركته إِلى ما قبله و أَدغموه في الذي بعده، فلما دخل على الكلمة هذا الإِعلال و التوهين، عوّضوها منه أَن جمعوها بالواو و النون فقالوا: إِحَرُّونَ، و لما فعلوا ذلك في إِحَرَّة أَجروا عليها حَرَّة، فقالوا: حَرُّونَ، و إِن لم يكن لحقها تغيير و لا حذف لأَنها أُخت إِحَرَّة من لفظها و معناها، و إِن شئت قلت: إِنهم قد أَدغموا عين حَرَّة في لامها، و ذلك ضرب من الإِعلال لحقها؛ و قال ثعلب: إِنما هو الأَحَرِّينَ، قال: جاء به على أَحَرَّ كأَنه أَراد هذا الموضع الأَحَرَّ أَي الذي هو أَحَرُّ من غيره فصيره كالأَكرمين و الأَرحمين. و الحَرَّةُ: أَرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كبيرة كانت بها وقعة. و
في حديث جابر: فكانت زيادة رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، معي لا تفارقني حتى ذهبتْ مني يوم الحَرَّةِ.
؛ قال ابن الأَثير: قد تكرر ذكر الحرّة و يومها في الحديث و هو مشهور في الإِسلام أَيام يزيد بن معاوية، لما انتهب المدينة عسكره من أَهل الشام الذين ندبهم لقتال أَهل المدينة من الصحابة و التابعين، و أَمَّر عليهم مسلم بن عقبة المرّي في ذي الحجة سنة ثلاث و ستين و عقيبها هلك يزيد.
و في التهذيب: الحَرَّة أَرض ذات حجارة سود نخرة كأَنما أُحرقت بالنار. و قال ابن شميل: الحَرَّة الأَرض مسيرة ليلتين سريعتين أَو ثلاث فيها حجارة أَمثال الإِبل البُروك كأَنما شُيِّطَتْ بالنار، و ما تحتها أَرض غليظة من قاع ليس بأَسود، و إِنما سوَّدها كثرة حجارتها و تدانيها. و قال ابن الأَعرابي: الحرّة الرجلاء الصلبة الشديدة؛ و قال غيره: هي التي أَعلاها سود و أَسفلها بيض. و قال أَبو عمرو: تكون الحرّة مستديرة فإِذا كان منها شي‏ء مستطيلًا ليس بواسع فذلك‏

180
لسان العرب4

حرر ص 177

الكُرَاعُ. و أَرض حَرِّيَّة: رملية لينة. و بعير حَرِّيٌّ: يرعى في الحَرَّةِ، و للعرب حِرارٌ معروفة ذوات عدد، حَرَّةُ النار لبني سُليم، و هي تسمى أُم صَبَّار، و حَرَّة ليلَى و حرة راجِل و حرة واقِم بالمدينة و حرة النار لبني عَبْس و حرة غَلَّاس؛ قال الشاعر:
لَدُنْ غُدْوَةٍ حتى استغاث شَريدُهُمْ،             بِحَرَّةِ غَلَّاسٍ و شِلْوٍ مُمزَّقِ‏

و الحُرُّ، بالضم: نقيض العبد، و الجمع أَحْرَارٌ و حِرارٌ؛ الأَخيرة عن ابن جني. و الحُرَّة: نقيض الأَمة، و الجمع حَرائِرُ، شاذ؛ و منه‏
حديث عمر قال للنساء اللاتي كنَّ يخرجن إِلى المسجد: لأَرُدَّنَّكُنَّ حَرائِرَ.
أَي لأُلزمنكنّ البيوت فلا تخرجن إِلى المسجد لأَن الحجاب إِنما ضرب على الحرائر دون الإِماء. و حَرَّرَهُ: أَعتقه. و
في الحديث: من فعل كذا و كذا فله عَدْل [عِدْل‏] مُحَرَّرٍ.
؛ أَي أَجر مُعْتَق؛ المحرَّر: الذي جُعل من العبيد حرّاً فأُعتق. يقال: حَرَّ العبدُ يَحَرُّ حَرارَةً، بالفتح، أَي صار حُرّاً؛ و منه‏
حديث أَبي هريرة: فأَنا أَبو هريرة المُحَرَّرُ.
أَي المُعْتَقُ، و
حديث أَبي الدرداء: شراركم الذين لا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهم.
أَي أَنهم إِذا أَعتقوه استخدموه فإِذا أَراد فراقهم ادَّعَوْا رِقَّهُ «3». و
في حديث أَبي بكر: فمنكم عَوْفٌ الذي يقال فيه لا حُرَّ بوادي عوف.
؛ قال: هو عوف بنُ مُحَلِّمِ بن ذُهْلٍ الشَّيْباني، كان يقال له ذلك لشرفه و عزه، و إِن من حل واديه من الناس كانوا له كالعبيد و الخَوَل، و سنذكر قصته في ترجمة عوف، و أَما ما
ورد في حديث ابن عمر أَنه قال لمعاوية: حاجتي عَطاءُ المُحَرَّرينَ، فإِن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، إِذا جاءه شي‏ء لم يبدأْ بأَوّل منهم.
؛ أَراد بالمحرّرين الموالي و ذلك أَنهم قوم لا ديوان لهم و إِنما يدخلون في جملة مواليهم، و الديوان إِنما كان في بني هاشم ثم الذين يلونهم في القرابة و السابقة و الإِيمان، و كان هؤلاء مؤخرين في الذكر فذكرهم ابن عمر و تشفع في تقديم إِعطائهم لما علم من ضعفهم و حاجتهم و تأَلفاً لهم على الإِسلام. و تَحْرِيرُ الولد: أَن يفرده لطاعة الله عز و جل و خدمة المسجد. و قوله تعالى: إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي‏
؛ قال الزجاج: هذا قول امرأَة عمران و معناه جعلته خادماً يخدم في مُتَعَبَّداتك، و كان ذلك جائزاً لهم، و كان على أَولادهم فرضاً أَن يطيعوهم في نذرهم، فكان الرجل ينذر في ولده أَن يكون خادماً يخدمهم في متعبدهم و لعُبَّادِهم، و لم يكن ذلك النذر في النساء إِنما كان في الذكور، فلما ولدت امرأَة عمران مريم قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى‏، و ليست الأُنثى مما تصلح للنذر، فجعل الله من الآيات في مريم لما أَراده من أَمر عيسى، عليه السلام، أَن جعلها متقبَّلة في النذر فقال تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ. و المُحَرَّرُ: النَّذِيرُ. و المُحَرَّرُ: النذيرة، و كان يفعل ذلك بنو إِسرائيل، كان أَحدهم ربما ولد له ولد فربما حَرَّرَه أَي جعله نذيرة في خدمة الكنيسة ما عاش لا يسعه تركها في دينه. و إِنه لَحُرٌّ: بَيِّنُ الحُرِّية و الحَرورَةِ و الحَرُورِيَّةِ و الحَرارَة و الحَرارِ، بفتح الحاء؛ قال:
فلو أَنْكِ في يوم الرَّخاء سأَلْتِني             فراقَكِ، لم أَبْخَلْ، و أَنتِ صَدِيقُ‏

__________________________________________________
 (3). قوله: [ادّعوا رقه‏] فهو محرر في معنى مسترق. و قيل إِن العرب كانوا إِذا أَعتقوا عبداً باعوا ولاءه و وهبوه و تناقلوه تناقل الملك، قال الشاعر:
         فباعوه عبداً ثم باعوه معتقاً،             فليس له حتى الممات خلاص‏
كذا بهامش النهاية.

181
لسان العرب4

حرر ص 177

فما رُدَّ تزوِيجٌ عليه شَهادَةٌ،             و لا رُدَّ من بَعْدِ الحَرارِ عَتِيقُ‏

و الكاف في أَنك في موضع نصب لأَنه أَراد تثقيل أَن فخففها؛ قال شمر: سمعت هذا البيت من شيخ باهلة و ما علمت أَن أَحداً جاء به؛ و قال ثعلب: قال أَعرابيّ ليس لها أَعْراقٌ في حَرارٍ و لكنْ أَعْراقُها في الإِماء. و الحُرُّ من الناس: أَخيارهم و أَفاضلهم. و حُرِّيَّةُ العرب: أَشرافهم؛ و قال ذو الرمة:
فَصَارَ حَياً، و طَبَّقَ بَعْدَ خَوْفٍ             على حُرِّيَّةِ العَرَبِ الهُزالى‏

أَي على أَشرافهم. قال: و الهزالَى مثل السُّكارى، و قيل: أَراد الهزال بغير إِمالة؛ و يقال: هو من حُرِّيَّةِ قومه أَي من خالصهم. و الحُرُّ من كل شي‏ء: أَعْتَقُه. و فرس حُرٌّ: عَتِيقٌ. و حُرُّ الفاكهةِ: خِيارُها. و الحُرُّ: رُطَبُ الأَزَاذ. و الحُرُّ: كلُّ شي‏ء فاخِرٍ من شِعْرٍ أَو غيره. و حُرُّ كل أَرض: وسَطُها و أَطيبها. و الحُرَّةُ و الحُرُّ: الطين الطَّيِّبُ؛ قال طرفة:
و تَبْسِمُ عن أَلْمَى كأَنَّ مُنَوِّراً،             تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ، دِعْصٌ له نَدُّ

و حُرُّ الرمل و حُرُّ الدار: وسطها و خيرها؛ قال طرفة أَيضاً:
تُعَيِّرُني طَوْفِي البِلادَ و رِحْلَتِي،             أَلا رُبَّ يومٍ لي سِوَى حُرّ دارِك‏

و طينٌ حُرٌّ: لا رمل فيه. و رملة حُرَّة: لا طين فيها، و الجمع حَرائِرُ. و الحُرُّ: الفعل الحسن. يقال: ما هذا منك بِحُرٍّ أَي بِحَسَنٍ و لا جميل؛ قال طرفة:
لا يَكُنْ حُبُّكِ دَاءً قاتِلًا،             ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرّ

أَي بفعل حسن. و الحُرَّةُ: الكريمة من النساء؛ قال الأَعشى:
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِلِ تَرْتَبُّ             سُخاماً، تَكُفُّه بِخِلالِ‏

قال الأَزهري: و أَما قول إمرئ القيس:
لَعَمْرُكَ ما قَلْبِي إِلى أَهله بِحُرْ،             و لا مُقْصِرٍ، يوماً، فَيَأْتِيَنِي بِقُرْ

إِلى أَهله أَي صاحبه. بحرّ: بكريم لأَنه لا يصبر و لا يكف عن هواه؛ و المعنى أَن قلبه يَنْبُو عن أَهله و يَصْبُو إِلى غير أَهله فليس هو بكريم في فعله؛ و يقال لأَوّل ليلة من الشهر: ليلةُ حُرَّةٍ، و ليلةٌ حُرَّةٌ، و لآخر ليلة: شَيْباءُ. و باتت فلانة بليلةِ حُرَّةٍ إِذا لم تُقْتَضَّ ليلة زفافها و لم يقدر بعلها على اقْتِضاضِها؛ قال النابغة يصف نساء:
شُمْسٌ مَوانِعُ كلِّ ليلةٍ حُرَّةٍ،             يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ

الأَزهري: الليث: يقال لليلة التي تزف فيها المرأَة إِلى زوجها فلا يقدر فيها على اقْتضاضها ليلةُ حُرَّةٍ؛ يقال: باتت فلانةُ بليلة حُرَّةٍ؛ و قال غير الليث: فإِن اقْتَضَّها زوجها في الليلة التي زفت إِليه فهي بِلَيْلَةٍ شَيْبَاءَ. و سحابةٌ حُرَّةٌ: بِكْرٌ يصفها بكثرة المطر. الجوهري: الحُرَّةُ الكريمة؛ يقال: ناقة حُرَّةٌ و سحابة حُرَّة أَي كثيرة المطر؛ قال عنترة:
جادَتْ عليها كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ،             فَتَرَكْنَ كلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ‏

أَراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة. و حُرُّ البَقْلِ و الفاكهة و الطين: جَيِّدُها. و
في الحديث: ما رأَيت أَشْبَهَ برسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، من الحَسن إِلا أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، كان أَحَر

182
لسان العرب4

حرر ص 177

حُسْناً منه.
؛ يعني أَرَقَّ منه رِقَّةَ حُسْنٍ. و أَحْرارُ البُقُول: ما أُكل غير مطبوخ، واحدها حُرٌّ؛ و قيل: هو ما خَشُنَ منها، و هي ثلاثة: النَّفَلُ و الحُرْبُثُ و القَفْعَاءُ؛ و قال أَبو الهيثم: أَحْرَارُ البُقُول ما رَقَّ منها و رَطُبَ، و ذُكُورُها ما غَلُظَ منها و خَشُنَ؛ و قيل: الحُرُّ نبات من نجيل السِّباخِ. و حُرُّ الوجه: ما أَقبل عليك منه؛ قال:
 جَلا الحُزْنَ عن حُرِّ الوُجُوهِ فأَسْفَرَتْ،             و كان عليها هَبْوَةٌ لا تَبَلَّجُ‏

و قيل: حُرُّ الوجه مسايل أَربعة مدامع العينين من مقدّمهما و مؤخرهما؛ و قيل: حُرُّ الوجه الخَدُّ؛ و منه يقال: لَطَمَ حُرَّ وجهه. و
في الحديث: أَن رجلًا لطم وجه جارية فقال له: أَ عَجَزَ عليك إِلَّا حُرُّ وَجْهِها؟.
و الحُرَّةُ: الوَجْنَةُ. و حُرُّ الوجه: ما بدا من الوجنة. و الحُرَّتانِ: الأُذُنانِ؛ قال كعب بن زهير:
قَنْواءُ في حُرَّتَيْها، للبَصِير بها             عِتْقٌ مُبينٌ، و في الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ‏

و حُرَّةُ الذِّفْرَى: موضعُ مَجالِ القُرْطِ منها؛ و أَنشد:
في خُشَشَاوَيْ حُرَّةِ التَّحْرِيرِ
يعني حُرَّةَ الذِّفْرَى، و قيل: حُرَّةُ الذِّفْرَى صفة أَي أَنها حسنة الذفرى أَسيلتها، يكون ذلك للمرأَة و الناقة. و الحُرُّ: سواد في ظاهر أُذن الفرس؛ قال:
بَيِّنُ الحُرِّ ذو مِراحٍ سَبُوقُ‏

و الحُرَّانِ: السَّودان في أَعلى الأُذنين. و في قصيد كعب بن زهير:
قنواء في حرتيها

البيت؛ أَراد بالحرّتين الأُذنين كأَنه نسبها إِلى الحُرِّيَّةِ و كرم الأَصل. و الحُرُّ: حَيَّة دقيقة مثل الجانِّ أَبيضُ، و الجانُّ في هذه الصفة؛ و قيل: هو ولد الحية اللطيفة؛ قال الطرماح:
مُنْطَوٍ في جَوْفِ نامُوسِهِ،             كانْطِواءِ الحُرِّ بَيْنَ السِّلامْ‏

و زعموا أَنه الأَبيض من الحيات، و أَنكر ابن الأَعرابي أن يكون الحُرُّ في هذا البيت الحية، و قال: الحرّ هاهنا الصَّقْر؛ قال الأَزهري: و سأَلت عنه أَعرابيّاً فصيحاً فقال مثل قول ابن الأَعرابي؛ و قيل: الحرّ الجانُّ من الحيات، و عم بعضهم به الحية. و الحُرُّ: طائر صغير؛ الأَزهري عن شمر: يقال لهذا الطائر الذي يقال له بالعراق باذنجان لأَصْغَرِ ما يكونُ جُمَيِّلُ حُرٍّ. و الحُرُّ: الصقر، و قيل: هو طائر نحوه، و ليس به، أَنْمَرُ أَصْقَعُ قصير الذنب عظيم المنكبين و الرأْس؛ و قيل: إِنه يضرب إِلى الخضرة و هو يصيد. و الحُرُّ: فرخ الحمام؛ و قيل: الذكر منها. و ساقُ حُرٍّ: الذَّكَرُ من القَمَارِيِّ؛ قال حميد بن ثور:
و ما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلَّا حَمامَةٌ،             دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً و تَرَنُّما

و قيل: الساق الحمام، و حُرٌّ فرخها؛ و يقال: ساقُ حُرٍّ صَوْتُ القَمارِي؛ و رواه أَبو عدنان: ساق حَرّ، بفتح الحاء، و هو طائر تسميه العرب ساق حرّ، بفتح الحاء، لأَنه إِذا هَدَرَ كأَنه يقول: ساق حرّ، و بناه صَخْرُ الغَيّ فجعل الاسمين اسماً واحداً فقال:
تُنادي سَاقَ حُرَّ، و ظَلْتُ أَبْكي،             تَلِيدٌ ما أَبِينُ لها كلاما

183
لسان العرب4

حرر ص 177

و قيل: إِنما سمي ذكر القَماري ساقَ حُرٍّ لصوته كأَنه يقول: ساق حرّ ساق حرّ، و هذا هو الذي جَرَّأَ صخر الغيّ على بنائه كما قال ابن سيدة، و علله فقال: لأَن الأَصوات مبنية إِذ بنوا من الأَسماء ما ضارعها. و قال الأَصمعي: ظن أَن ساق حر ولدها و إِنما هو صوتها؛ قال ابن جني: يشهد عندي بصحة قول الأَصمعي أَنه لم يعرب و لو أَعرب لصرف ساق حر، فقال: سَاقَ حُرٍّ إِن كان مضافاً، أَو ساقَ حُرّاً إِن كان مركباً فيصرفه لأَنه نكرة، فتركه إِعرابه يدل على أَنه حكى الصوت بعينه و هو صياحه ساق حر ساق حر؛ و أَما قول حميد بن ثور:
و ما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،             دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ تَرْحَةَ و تَرَنُّما

البيت؛ فلا يدل إِعرابه على أَنه ليس بصوت، و لكن الصوت قد يضاف أَوّله إِلى آخره، و كذلك قولهم خازِ بازِ، و ذلك أَنه في اللفظ أَشْبه بابَ دارٍ؛ قال و الرواية الصحيحة في شعر حميد:
و ما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،             دعت ساق حر في حمام تَرَنَّما

و قال أَبو عدنان: يعنون بساق حر لحن الحمامة. أَبو عمرو: الحَرَّةُ البَثْرَةُ الصغيرة؛ و الحُرُّ: ولد الظبي في بيت طرفة:
بين أَكْنافِ خُفَافٍ فاللِّوَى             مُخْرِفٌ، تَحْنُو لِرَخْص الظِّلْفِ، حُرّ

و الحَرِيرَةُ بالنصب «1»: واحدة الحرير من الثياب. و الحَرِيرُ: ثياب من إِبْرَيْسَمٍ. و الحَرِيرَةُ: الحَسَا من الدَّسَمِ و الدقيق، و قيل: هو الدقيق الذي يطبخ بلبن، و قال شمر: الحَرِيرة من الدقيق، و الخَزِيرَةُ من النُّخَال؛ و قال ابن الأَعرابي: هي العَصِيدَة ثم النَّخِيرَةُ ثم الحَرِيرَة ثم الحَسْوُ. و
في حديث عمر: ذُرِّي و أَنا أَحَرُّ لك.
؛ يقول ذرِّي الدقيق لأَتخذ لك منه حَرِيرَةً. و حَرَّ الأَرض يَحَرُّها حَرّاً: سَوَّاها. و المِحَرُّ: شَبَحَةٌ فيها أَسنان و في طرفها نَقْرانِ يكون فيهما حبلان، و في أَعلى الشبحة نقران فيهما عُود معطوف، و في وسطها عود يقبض عليه ثم يوثق بالثورين فتغرز الأَسنان في الأَرض حتى تحمل ما أُثير من التراب إِلى أَن يأْتيا به المكان المنخفض. و تحرير الكتابة: إِقامة حروفها و إِصلاح السَّقَطِ. و تَحْرِيرُ الحساب: إِثباته مستوياً لا غَلَثَ فيه و لا سَقَطَ و لا مَحْوَ. و تَحْرِيرُ الرقبة: عتقها. ابن الأَعرابي: الحَرَّةُ الظُّلمة الكثيرة، و الحَرَّةُ: العذاب الموجع. و الحُرَّانِ: نجمان عن يمين الناظر إِلى الفَرْقَدَيْنِ إِذا انتصب الفرقدان اعترضا، فإِذا اعترض الفرقدان انتصبا. و الحُرَّانِ: الحُرُّ و أَخوه أُبَيٌّ، قال: هما أَخوان و إِذا كان أَخوان أَو صاحبان و كان أَحدهما أَشهر من الآخر سميا جميعاً باسم الأَشهر؛ قال المنخّل اليشكري:
أَلا مَنْ مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَني             مُغَلْغَلَةً، و خصَّ بها أُبَيَّا
فإِن لم تَثْأَرَا لي مِنْ عِكَبٍّ،             فلا أَرْوَيْتُما أَبداً صَدَيَّا
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ،             و يَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا

قال: و سبب هذا الشعر أَن المتجرّدة امرأَة النعمان كانت تَهْوى المنخل اليشكري، و كان يأْتيها إِذا ركب النعمان، فلاعبته يوماً بقيد جعلته في رجله‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [بالنصب‏] أراد به فتح الحاء.

184
لسان العرب4

حرر ص 177

و رجلها، فدخل عليهما النعمان و هما على تلك الحال، فأَخذ المنخل و دفعه إِلى عِكَبٍّ اللَّخْميّ صاحب سجنه، فتسلمه فجعل يطعن في قفاه بالصُّمُلَّةِ، و هي حربة كانت في يده. و حَرَّانُ: بلد معروف. قال الجوهري: حرَّان بلد بالجزيرة، هذا إِذا كان فَعْلاناً فهو من هذا الباب، و إِن كان فَعَّالًا فهو من باب النون. و حَرُوراءُ: موضع بظاهر الكوفة تنسب إِليه الحَرُورِيَّةُ من الخوارج لأَنه كان أَوَّل اجتماعهم بها و تحكيمهم حين خالفوا عليّاً، و هو من نادر معدول النسب، إِنما قياسه حَرُوراوِيٌّ؛ قال الجوهري: حَرُوراءُ اسم قرية، يمد و يقصر، و يقال: حَرُورويٌّ بَيِّنُ الحَرُورِيَّةِ. و منه‏
حديث عائشة و سُئِلَتْ عن قضاء صلاة الحائض فقالت: أَ حَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟.
هم الحَرُورِيَّةُ من الخوارج الذين قاتلهم عَلِيٌّ، و كان عندهم من التشدد في الدين ما هو معروف، فلما رأَت عائشة هذه المرأَة تشدّد في أَمر الحيض شبهتها بالحرورية، و تشدّدهم في أَمرهم و كثرة مسائلهم و تعنتهم بها؛ و قيل: أَرادت أَنها خالفت السنَّة و خرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين. قال الأَزهري: و رأَيت بالدَّهْناءِ رملة وَعْثَةً يقال لها رملةُ حَرُوراءَ. و حَرِّيٌّ: اسم؛ و نَهْشَلُ بن حَرِّيٍّ. و الحُرَّانُ: موضع؛ قال:
فَسَاقانُ فالحُرَّانُ فالصِّنْعُ فالرَّجا،             فَجَنْبَا حِمًى، فالخانِقان فَحَبْحَبُ‏

و حُرَّيَات: موضع؛ قال مليح:
فَراقَبْتُه حتى تَيامَنَ، و احْتَوَتْ             مطَافِيلَ مِنْهُ حُرَّيَاتُ فأَغْرُبُ‏

و الحَرِيرُ: فحل من فحول الخيل معروف؛ قال رؤبة:
عَرَفْتُ من ضَرْب الحَرِيرِ عِتْقا             فيه، إِذا السَّهْبُ بِهِنَّ ارْمَقَّا

الحَرِيرُ: جد هذا الفرس، و ضَرْبُه: نَسْلُه. و حَرِّ: زجْرٌ للمعز؛ قال:
شَمْطاءُ جاءت من بلادِ البَرِّ،             قد تَرَكَتْ حَيَّهْ، و قالت: حَرِّ
ثم أَمالتْ جانِبَ الخِمَرِّ،             عَمْداً، على جانِبِها الأَيْسَرِّ

قال: و حَيَّهْ زجر للضأْن، و في المحكَم: و حَرِّ زجر للحمار، و أَنشد الرجز. و أَما الذي‏
في أَشراط الساعة يُسْتَحَلُّ: الحِرُ و الحَرِيرُ.
: قال ابن الأَثير: هكذا ذكره أَبو موسى في حرف الحاء و الراء و قال: الحِرُ، بتخفيف الراء، الفرج و أَصله حِرْحٌ، بكسر الحاء و سكون الراء، و منهم من يشدد الراء، و ليس بجيد، فعلى التخفيف يكون في حرح لا في حرر، قال: و المشهور في رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه يستحلُّون الخَزَّ، بالخاء و الزاي، و هو ضرب من ثياب الإِبريسم معروف، و كذا جاء في كتاب البخاري و أَبي داود، و لعله حديث آخر كما ذكره أَبو موسى، و هو حافظ عارف بما روى و شرح فلا يتهم.
حزر:
الحَزْرُ حَزْرُك عَدَدَ الشي‏ء بالحَدْس. الجوهري: الحَزْرُ التقدير و الخَرْصُ. و الحازِرُ: الخارص. ابن سيدة: حَزَرَ الشي‏ء يَحْزُرُه و يَحْزِرُهُ حَزْراً: قَدَّرَه بالحَدْسِ. تقول: أَنا أَحْزُرُ [أَحْزِرُ] هذا الطعام كذا و كذا قفيزاً. و المَحْزَرَةُ: الحَزْرُ، عن ثعلب. و الحَزْرُ من اللبن: فوق الحامض. ابن الأَعرابي: هو حازِرٌ و حامِزٌ بمعنى واحد. و قد

185
لسان العرب4

حزر ص 185

حَزَرَ اللبنُ و النبيذ أَي حمض؛ ابن سيدة: حَزَرَ اللبنُ يَحْزُرُ حَزْراً و حُزُوراً؛ قال:
و ارْضَوْا بِإِحْلَابَةِ وَطْبٍ قد حَزَرْ
و حَزُرَ كَحَزَرَ و هو «2». الحَزْرَةُ؛ و قيل: الحَزْرَةُ ما حَزَرَ بأَيدي القوم من خيار أَموالهم؛ قال ابن سيدة: و لم يفسر حَزَرَ غير أَني أَظنه زَكا أَو ثَبَتَ فَنَمَى. و حَزْرَةُ المال: خيارُه، و بها سمي الرجل، و حَزِيرتُهُ كذلك، و يقال: هذا حَزْرَةُ نَفْسي أَي خير ما عندي، و الجمع حَزَراتٌ، بالتحريك. و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه بعث مُصَدِّقاً فقال له: لا تأْخذ من حَزَرات أَنْفسِ الناس شيئاً، خذ الشَّارِفَ و البَكْرَ.
يعني في الصدقة؛ الحَزَرات، جمع حَزْرَة، بسكون الزاي: خيار مال الرجل، سميت حَزْرَةً لأَن صاحبها لم يزل يَحْزُرُها في نفسه كلما رآها، سميت بالمرّة الواحدة من الحَزْرِ. قال: و لهذا أُضيفت إِلى الأَنْفُسِ؛ و أَنشد الأَزهري:
الحَزَراتُ حَزَارتُ النَّفْسِ‏

أَي هي مما تودُّها النفس؛ و قال آخر:
و حَزْرَةُ القلبِ خِيارُ المالِ‏

قال: و أَنشد شمر:
الحَزَراتُ حَزَراتُ القلبِ،             اللُّبُنُ الغِزَارُ غيرُ اللَّحْبِ،
حِقاقُها الجِلادُ عند اللَّزْبِ‏

و
في الحديث: لا تأْخذوا حَزَراتِ أَموال الناس و نَكِّبُوا عن الطعام.
و يروى بتقديم الراء، و هو مذكور في موضعه. و قال أَبو سعيد: حَزَراتُ الأَموال هي التي يؤدّيها أَربابها، و ليس كلُّ المال الحَزْرَة، قال: و هي العلائق؛ و في مثل العرب:
وا حَزْرَتِي و أَبْتَغِي النَّوافِلا

أَبو عبيدة: الحَزَراتُ نَقَاوَةُ المال، الذكر و الأُنثى سواء؛ يقال: هي حَزْرَةُ ماله و هي حَزْرَة قلبه؛ و أَنشد شمر:
نُدافِعُ عَنْهُمْ كلَّ يومِ كريهةٍ،             و نَبْذِلُ [نَبْذُلُ‏] حَزْراتِ النُّفُوسِ و نَصْبِرُ

و من أَمثال العرب: عَدَا القَارِصُ فَحزَرْ؛ يضرب للأَمر إِذا بلغ غايته و أَفْعَم. ابن شميل عن المُنْتَجِع: الحازِرُ دقيق الشعير و له ريح ليس بطيب. و الحَزْرَةُ: موت الأَفاضل. و الحَزْوَرَةُ: الرابية الصغيرة، و الجمع الحَزاوِرُ، و هو تلٌّ صغير. الأَزهري: الحَزْوَرُ المكان الغليظ؛ و أَنشد:
في عَوْسَجِ الوادِي و رَضْمِ الحَزْوَرِ
و قال عباسُ بن مِرْداسٍ:
و ذَابَ لُعابُ الشمسِ فيه، و أُزِّرَتْ             به قامِساتٌ من رِعانٍ و حَزْوَرِ

و وجْهٌ حازِرٌ: عابس باسِرٌ. و الحَزْوَرُ و الحَزَوَّرُ، بتشديد الواو: الغلام الذي قد شَبَّ و قوي؛ قال الراجز:
لَنْ يَعْدَمَ المَطِيُّ مني مِسْفَرا،             شَيْخاً بَجَالًا و غُلاماً حَزْوَرَا

و قال:
لَنْ يَبْعَثُوا شَيْخاً و لا حَزَوَّرَا             بالفاسِ، إِلَّا الأَرْقَبَ المُصَدَّرَا

و الجمع حَزاوِرُ و حَزَاوِرَةٌ، زادوا الهاء لتأْنيث الجمع. و الحَزَوَّرُ: الذي قد انتهى إِدراكه؛ قال‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [و هو] أي اللبن الحامض.

186
لسان العرب4

حزر ص 185

بعض نساء العرب:
 إِنَّ حِرِي حَزَوَّرٌ حَزابِيَه،             كَوَطْبَةِ الظَّبْيَةِ فَوْقَ الرَّابِيَه‏
قد جاءَ منه غِلْمَةٌ ثمانيه،             و بَقِيَتْ ثَقْبَتُه كما هِيَه‏

الجوهري: الحَزَوَّرُ الغلام إِذا اشتدّ و قوي و خَدَمَ؛ و قال يعقوب: هو الذي كاد يُدْرِكُ و لم يفعل. و
في الحديث: كنا مع رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، غِلْماناً حَزاوِرَةً.
؛ هو الذي قارب البلوغ، و التاء لتأْنيث الجمع؛ و منه‏
حديث الأَرنب: كنت غلاماً حَزَوَّراً فصدت أَرنباً.
و لعله شبهه بحَزْوَرَةِ الأَرض و هي الرابية الصغيرة. ابن السكيت: يقال للغلام إِذا راهق و لم يُدْرِكْ بعدُ حَزَوَّرٌ، و إِذا أَدرك و قوي و اشتد، فهو حَزَوَّر أَيضاً؛ قال النابغة:
نَزْعَ الحَزَوَّرِ بالرِّشاءِ المُحْصَدِ

قال: أَراد البالغ القوي. قال: و قال أَبو حاتم في الأَضداد الحَزَوَّرُ الغلام إِذا اشتدّ و قوي؛ و الحَزَوَّرُ: الضعيف من الرجال؛ و أَنشد:
و ما أَنا، إِن دَافَعْتُ مِصْراعَ بابِه،             بِذِي صَوْلَةٍ فانٍ، و لا بِحَزَوَّرِ

و قال آخر:
إِنَّ أَحقَّ الناس بالمَنِيَّه             حَزَوَّرٌ ليست له ذُرِّيَّه‏

قال: أَراد بالحَزَوَّرِ هاهنا رجلًا بالغاً ضعيفاً؛ و حكى الأَزهري عن الأَصمعي و عن المفضل قال: الحَزَوَّرُ، عن العرب، الصغير غير البالغ؛ و من العرب من يجعل الحَزْوَرَ البالغ القويَّ البدن الذي قد حمل السلاح؛ قال أَبو منصور: و القول هو هذا. ابن الأَعرابي: الحَزْرَةُ النَّبِقَةُ المرّة، و تصغر حُزَيْرَةً. و
في حديث عبد الله بن الحَمْراءِ: أَنه سمع رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، و هو واقف بالحَزْوَرَةِ من مكة.
؛ قال ابن الأَثير: هو موضع عند باب الحَنَّاطِينَ و هو بوزن قَسْوَرَةٍ. قال الشافعي: الناس يشدّدون الحَزْوَرَةَ و الحُدَيْبِيَةَ، و هما مخففتان. و حَزِيرانُ بالرومية: اسم شهر قبل تموز.
حسر:
الحَسْرُ: كَشْطُكَ الشي‏ء عن الشي‏ء. حَسَرَ الشي‏ءَ عن الشي‏ء يَحْسُرُه و يَحْسِرُه حَسْراً و حُسُوراً فانْحَسَرَ: كَشَطَهُ، و قد يجي‏ء في الشعر حَسَرَ لازماً مثل انْحَسَر على المضارعة. و الحاسِرُ: خلاف الدَّارِع. و الحاسِرُ: الذي لا بيضة على رأْسه؛ قال الأَعشى:
في فَيْلَقٍ جَأْواءَ مَلْمُومَةٍ،             تَقْذِفُ بالدَّارِعِ و الحاسِرِ

و يروى:
تَعْصِفُ ...
؛ و الجمع حُسَّرٌ، و جمع بعض الشعراء حُسَّراً على حُسَّرِينَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِشَهْباءَ تَنْفِي الحُسَّرِينَ كأَنَّها             إِذا ما بَدَتْ، قَرْنٌ من الشمسِ طالِعُ‏

و يقال للرَّجَّالَةِ في الحرب: الحُسَّرُ، و ذلك أَنهم يَحْسِرُون [يَحْسُرُون‏] عن أَيديهم و أَرجلهم، و قيل: سُمُّوا حُسَّراً لأَنه لا دُرُوعَ عليهم و لا بَيْضَ. و
في حديث فتح مكة: أَن أَبا عبيدة كان يوم الفتح على الحُسَّرِ.
؛ هم الرَّجَّالَةُ، و قيل هم الذين لا دروع لهم. و رجل حاسِرٌ: لا عمامة على رأْسه. و امرأَة حاسِرٌ، بغير هاء، إِذا حَسَرَتْ عنها ثيابها. و رجل حاسر: لا درع عليه و لا بيضة على رأْسه. و
في الحديث: فَحَسَر عن ذراعيه.
أَي أَخرجهما من كُمَّيْهِ. و
في حديث‏

187
لسان العرب4

حسر ص 187

عائشة، رضي الله عنها: و سئلتْ عن امرأَة طلقها زوجها و تزّوجها رجل فَتَحَسَّرَتْ بين يديه.
أَي قعدت حاسرة مكشوفة الوجه. ابن سيدة: امرأَة حاسِرٌ حَسَرَتْ عنها درعها. و كلُّ مكشوفة الرأْس و الذراعين: حاسِرٌ، و الجمع حُسَّرٌ و حَواسِر؛ قال أَبو ذؤيب:
و قامَ بَناتي بالنّعالِ حَواسِراً،             فأَلْصَقْنَ وَقْعَ السِّبْتِ تحتَ القَلائدِ

و يقال: حَسَرَ عن ذراعيه، و حَسَرَ البَيْضَةَ عن رأْسه، و حَسَرَتِ الريحُ السحابَ حَسْراً. الجوهري: الانحسار الانكشاف. حَسَرْتُ كُمِّي عن ذراعي أَحْسِرُه حَسْراً: كشفت. و الحَسْرُ و الحَسَرُ و الحُسُورُ: الإِعْياءُ و التَّعَبُ. حَسَرَتِ الدابةُ و الناقة حَسْراً و اسْتَحْسَرَتْ: أَعْيَتْ و كَلَّتْ، يتعدّى و لا يتعدى؛ و حَسَرَها السير يَحْسِرُها و يَحْسُرها حَسْراً و حُسُوراً و أَحْسَرَها و حَسَّرَها؛ قال:
إِلَّا كَمُعْرِضِ المُحَسِّر بَكْرَهُ،             عَمْداً يُسَيِّبُنِي على الظُّلْمِ‏

أَراد إِلَّا مُعرضاً فزاد الكاف؛ و دابة حاسِرٌ حاسِرَةٌ و حَسِيرٌ، الذكر و الأُنثى سواء، و الجمع حَسْرَى مثل قتيل و قَتْلَى. و أَحْسَرَ القومُ: نزل بهم الحَسَرُ. أَبو الهيثم: حَسِرَتِ الدابة حَسَراً إِذا تعبت حتى تُنْقَى، و اسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قال الله تعالى: وَ لا يَسْتَحْسِرُونَ
. و
في الحديث: ادْعُوا الله عز و جل و لا تَسْتَخْسِرُوا.
؛ أَي لا تملوا؛ قال: و هو استفعال من حَسَرَ [حَسِرَ] إِذا أَعيا و تعب. و
في حديث جرير: و لا يَحْسِرُ [يَحْسَرُ] صائحها.
أَي لا يتعب سائقها. و
في الحديث: الحَسِيرُ لا يُعْقَرُ.
؛ أَي لا يجوز للغازي إِذا حَسِرَتْ دابته و أَعيت أَن يَعْقِرَها، مخافة أَن يأْخذها العدوّ و لكن يسيبها، قال: و يكون لازماً و متعدياً. و
في الحديث: حَسَرَ أَخي فرساً له.
؛ يعني النَّمِرَ و هو مع خالد بن الوليد. و يقال فيه: أَحْسَرَ أَيضاً. و حَسِرَتِ العين: كَلَّتْ. و حَسَرَها بُعْدُ ما حَدَّقَتْ إِليه أَو خفاؤُه يَحْسُرُها: أَكَلَّها؛ قال رؤبة:
يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضاؤُه‏
و حَسَرَ بَصَرُه يَحْسِرُ حُسُوراً أَي كَلَّ و انقطع نظره من طول مَدًى و ما أَشبه ذلك، فهو حَسِير و مَحْسُورٌ؛ قال قيس بن خويلد الهذلي يصف ناقة:
إِنَّ العَسِيرَ بها دَاءٌ مُخامِرُها،             فَشَطْرَها نَظَرُ العينينِ مَحْسُورُ

العسير: الناقة التي لم تُرَضْ، و نصب شطرها على الظرف أَي نَحْوَها. و بَصَرٌ حَسير: كليل. و في التنزيل: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ
؛ قال الفراء: يريد ينقلب صاغراً وَ هُوَ حَسِيرٌ
 أَي كليل كما تَحْسِرُ الإِبلُ إِذا قُوِّمَتْ عن هُزال و كَلالٍ؛ و كذلك قوله عز و جل: وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً
؛ قال: نهاه أَن يعطي كل ما عنده حتى يبقى محسوراً لا شي‏ء عنده؛ قال: و العرب تقول حَسَرْتُ الدابة إِذا سَيَّرتها حتى ينقطع سَيْرُها؛ و أَما البصر فإِنه يَحْسِرُ [يَحْسَرُ] عند أَقصى بلوغ النظر؛ و حَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً و حَسْرَةً و حَسَراناً، فهو حَسِيرٌ و حَسْرانُ إِذا اشتدّت ندامته على أَمرٍ فاته؛ و قال المرّار:
ما أَنا اليومَ على شي‏ء خَلا،             يا ابْنَة القَيْن، تَوَلَّى بِحَسِرْ

و التَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ. و قال أَبو إسحاق في قوله عز و جل: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ‏؛

188
لسان العرب4

حسر ص 187

قال: هذا أَصعب مسأَلة في القرآن إِذا قال القائل: ما الفائدة في مناداة الحسرة، و الحسرة مما لا يجيب؟ قال: و الفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما يعقل لأَن النداء باب تنبيه، إِذا قلت يا زيد فإِن لم تكن دعوته لتخاطبه بغير النداء فلا معنى للكلام، و إِنما تقول يا زيد لتنبهه بالنداء، ثم تقول: فعلت كذا، أَ لا ترى أَنك إِذا قلت لمن هو مقبل عليك: يا زيد، ما أَحسن ما صنعت؛ فهو أَوكد من أَن تقول له: ما أَحسن ما صنعت، بغير نداء؛ و كذلك إِذا قلت للمخاطَب: أَنا أَعجب مما فعلت، فقد أَفدته أَنك متعجب، و لو قلت: وا عجباه مما فعلت، و يا عجباه أَن تفعل كذا كان دعاؤُك العَجَبَ أَبلغ في الفائدة، و المعنى يا عجبا أَقبل فإِنه من أَوقاتك، و إِنما النداء تنبيه للمتعجَّب منه لا للعجب. و الحَسْرَةُ: أَشدَّ الندم حتى يبقى النادم كالحَسِيرِ من الدواب الذي لا منفعة فيه. و قال عز و جل: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ‏
؛ أَي حسرة و تحسراً. و حَسَرَ البحرُ عن العِراقِ و الساحلِ يَحْسُرُ [يَحْسِرُ]: نَضَبَ عنه حتى بدا ما تحت الماء من الأَرض. قال الأَزهري: و لا يقال انْحَسَرَ البحرُ. و
في الحديث: لا تقوم الساعة حتى يَحْسُرُ [يَحْسِرُ] الفرات عن جبل من ذهب.
؛ أَي يكشف. يقال: حَسَرْتُ العمامة عن رأْسي و الثوب عن بدني أَي كشفتهما؛ و أَنشد:
حتى يقالَ حاسِرٌ و ما حَسَرْ
و قال ابن السكيت: حَسَرَ الماءُ و نَضَبَ و جَزَرَ بمعنى واحد؛ و أَنشد أَبو عبيد في الحُسُورِ بمعنى الانكشاف:
إِذا ما القَلاسِي و العَمائِمُ أُخْنِسَتْ،             فَفِيهنَّ عن صُلْعِ الرجالِ حُسُورُ

قال الأَزهري: و قول العجاج:
كَجَمَلِ البحر، إِذا خاضَ جَسَرْ             غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَرْ،
حتى يقالَ: حاسِرٌ و ما حَسَرْ «1».
يعني اليم. يقال: حاسِرٌ إِذا جَزَرَ، و قوله إِذا خاض جسر، بالجيم، أَي اجترأَ و خاض معظم البحر و لم تَهُلْهُ اللُّجَجُ. و
في حديث يحيى بن عَبَّادٍ: ما من ليلة إِلَّا مَلَكٌ يَحْسِرُ عن دوابِّ الغُزاةِ الكَلالَ.
أَي يكشف، و يروى: يَحُسُّ، و سيأْتي ذكره. و
في حديث علي، رضوان الله عليه: ابنوا المساجدَ حُسَّراً فإِن ذلك سيما المسلمين.
؛ أَي مكشوفة الجُدُرِ لا شُرَفَ لها؛ و مثله‏
حديث أَنس، رضي الله عنه: ابنوا المساجد جُمّاً.
و
في حديث جابر: فأَخذتُ حَجَراً فكسرته و حَسَرْتُه.
؛ يريد غصناً من أَغصان الشجرة أَي قشرته بالحجر. و قال الأَزهري في ترجمة عرا، عند قوله جارية حَسَنَةُ المُعَرَّى و الجمع المَعارِي، قال: و المَحاسِرُ من المرأَة مثل المَعارِي. قال: و فلاة عارية المحاسر إِذا لم يكن فيها كِنٌّ من شجر، و مَحاسِرُها: مُتُونُها التي تَنْحَسِرُ عن النبات. و انْحَسَرتِ الطير: خرجت من الريش العتيق إِلى الحديث. و حَسَّرَها إِبَّانُ ذلك: ثَقَّلَها، لأَنه فُعِلَ في مُهْلَةٍ. قال الأَزهري: و البازي يَكْرِزُ للتَّحْسِيرِ، و كذلك سائر الجوارح تَتَحَسَّرُ. و تَحَسَّر الوَبَرُ عن البعير و الشعرُ عن الحمار إِذا سقط؛ و منه قوله:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فَأَنْسَلَها،             و اجْتَابَ أُخْرَى حَدِيداً بعدَ ما ابْتَقَلا

و تَحَسَّرَتِ الناقة و الجارية إِذا صار لحمها في مواضعه؛
__________________________________________________
 (1). قوله: [كجمل البحر إلخ‏] الجمل؛ بالتحريك: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً.

189
لسان العرب4

حسر ص 187

قال لبيد:
فإِذا تَغالى لَحْمُها و تَحَسَّرَتْ،             و تَقَطَّعَتْ، بعد الكَلالِ، خِدامُها

قال الأَزهري: و تَحَسُّرُ لحمِ البعير أَن يكون للبعير سِمْنَةٌ حتى كثر شحمه و تَمَكَ سَنامُه، فإِذا رُكب أَياماً فذهب رَهَلُ لحمه و اشتدّ بعد ما تَزَيَّمَ منه في مواضعه، فقد تَحَسَّرَ. و رجل مُحَسَّر: مُؤْذًى محتقر. و
في الحديث: يخرج في آخر الزمان رجلٌ يسمى أَمِيرَ العُصَبِ، و قال بعضهم: يسمى أَمير الغَضَبِ. أَصحابه مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ مُقْصَوْنَ عن أَبواب السلطان و مجالس الملوك، يأْتونه من كل أَوْبٍ كأَنهم قَزَعُ الخريف يُوَرِّثُهُم الله مشارقَ الأَرض و مغاربَها.
؛ محسرون محقرون أَي مؤْذون محمولون على الحسرة أَو مطرودون متعبون من حَسَرَ الدابة إِذا أَتعبها. أَبو زيد: فَحْلٌ حاسِرٌ و فادرٌ و جافِرٌ إِذا أَلْقَحَ شَوْلَه فَعَدَل عنها و تركها؛ قال أَبو منصور: روي هذا الحرف فحل جاسر، بالجيم، أَي فادر، قال: و أَظنه الصواب. و المِحْسَرَة: المِكْنَسَةُ. و حَسَرُوه يَحْسِرُونَه حَسْراً و حُسْراً: سأَلوه فأَعطاهم حتى لم يبق عنده شي‏ء. و الحَسارُ: نبات ينبت في القيعان و الجَلَد و له سُنْبُل و هو من دِقّ المُرَّيْقِ و قُفُّهُ خير من رَطْبِه، و هو يستقل عن الأَرض شيئاً قليلًا يشبه الزُّبَّادَ إِلَّا أَنه أَضخم منه ورقاً؛ و قال أَبو حنيفة: الحَسارُ عشبة خضراء تسطح على الأَرض و تأْكلها الماشية أَكلًا شديداً؛ قال الشاعر يصف حماراً و أُتنه:
يأْكلنَ من بُهْمَى و من حَسارِ،             و نَفَلًا ليس بذي آثارِ

يقول: هذا المكان قفر ليس به آثار من الناس و لا المواشي. قال: و أَخبرني بعض أَعراب كلب أَن الحَسَار شبيه بالحُرْفِ في نباته و طعمه ينبت حبالًا على الأَرض؛ قال: و زعم بعض الرواة أَنه شبيه بنبات الجَزَرِ. الليث: الحَسار ضرب من النبات يُسْلِحُ الإِبلَ. الأَزهري: الحَسَارُ من العشب ينبت في الرياض، الواحدة حَسَارَةٌ. قال: و رجْلُ الغراب نبت آخر، و التَّأْوِيلُ عشب آخر. و فلان كريم المَحْسَرِ أَي كريم المَخْبَرِ. و بطن مُحَسِّر، بكسر السين: موضع بمنى و قد تكرر في الحديث ذكره، و هو بضم الميم و فتح الحاء و كسر السين، و قيل: هو واد بين عرفات و منى.
حشر:
حَشَرَهُم يَحْشُرُهم و يَحْشِرُهم حَشْراً: جمعهم؛ و منه يوم المَحْشَرِ. و الحَشْرُ: جمع الناس يوم القيامة. و الحَشْرُ: حَشْرُ يوم القيامة. و المَحْشَرُ: المجمع الذي يحشر إِليه القوم، و كذلك إِذا حشروا إِلى بلد أَو مُعَسْكَر أَو نحوه؛
قال الله عز و جل: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا
؛ نزلت في بني النَّضِير، و كانوا قوماً من اليهود عاقدوا النبي، صلى الله عليه و سلم، لما نزل المدينة أَن لا يكونوا عليه و لا له، ثم نقضوا العهد و مايلوا كفار أَهل مكة، فقصدهم النبي، صلى الله عليه و سلم، ففارقوه على الجَلاءِ من منازلهم فَجَلَوْا إِلى الشام.
قال الأَزهري: و هو أَول حَشْرٍ حُشِر إِلى أَرض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة إِليها، قال: و لذلك قيل: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ
، و قيل: إِنهم أَول من أُجْلِيَ من أَهل الذمة من جزيرة العرب ثم أُجلي آخرهم أَيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، منهم نصارى نَجْرَانَ و يهودُ خيبر. و
في الحديث: انقطعت الهجرة إِلَّا من ثلاث: جهاد أَو نيَّة أَو حَشْرٍ.
أَي جهاد في سبيل الله، أَو نية

190
لسان العرب4

حشر ص 190

يفارق بها الرجل الفسق و الفجور إِذا لم يقدر على تغييره، أَو جَلاءٍ ينال الناسَ فيخرجون عن ديارهم. و الحَشْرُ: هو الجَلاءُ عن الأَوطان؛ و قيل: أَراد بالحشر الخروج من النفير إِذا عم. الجوهري: المَحْشِرُ، بكسر الشين، موضع الحَشْرِ. و الحاشر: من أَسماء سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، لأَنه‏
قال: أَحْشُر الناسَ على قَدَمِي.
؛ و
قال، صلى الله عليه و سلم: لي خمسة أَسماء: أَنا محمد و أَحمد و الماحي يمحو الله بي الكفر، و الحاشر أَحشر الناس على قدمي، و العاقب.
قال ابن الأَثير: في أَسماء النبي، صلى الله عليه و سلم، الحاشر الذي يَحْشُر الناس خلفه و على ملته دون ملة غيره. و
قوله، صلى الله عليه و سلم: إِني لي أَسماء.
؛ أَراد أَن هذه الأَسماء التي عدّها مذكورة في كتب الله تعالى المنزلة على الأُمم التي كذبت بنبوَّته حجة عليهم. و حَشَرَ الإِبلَ: جمعها؛ فأَما قوله تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ‏
؛ فقيل: إِن الحشر هاهنا الموت، و قيل: النَّشْرُ، و المعنيان متقاربان لأَنه كله كَفْتٌ و جَمْعٌ. الأَزهري: قال الله عز و جل: وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ‏
، و قال: ثُمَّ إِلى‏ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ‏
؛
قال: أَكثر المفسرين تحشر الوحوش كلها و سائر الدواب حتى الذباب للقصاص، و أَسندوا ذلك إِلى النبي، صلى الله عليه و سلم‏
و قال بعضهم: حَشْرُها موتها في الدنيا. قال الليث: إِذا أَصابت الناسَ سَنَةٌ شديدة فأَجحفت بالمال و أَهلكت ذوات الأَربع، قيل: قد حَشَرَتْهُم السنة تَحْشُرهم و تَحْشِرهم، و ذلك أَنها تضمهم من النواحي إِلى الأَمصار. و حَشَرَتِ السنةُ مال فلان: أَهلكته؛ قال رؤبة:
و ما نَجا، من حَشْرِها المَحْشُوشِ،             وَحْشٌ، و لا طَمْشٌ من الطُّموشِ‏

و الحَشَرَةُ: واحدة صغار دواب الأَرض كاليرابيع و القنافذ و الضِّبابِ و نحوها، و هو اسم جامع لا يفرد الواحد إِلَّا أَن يقولوا: هذا من الحَشَرَةِ، و يُجْمَعُ مُسَلَّماً؛ قال:
يا أُمَّ عَمْرٍو مَنْ يكن عُقْرَ حوَّاء             عَدِيٍّ يأَكُلُ الحَشَراتِ «2».

و قيل: الحَشَراتُ هَوامُّ الأَرض مما لا اسم له. الأَصمعي: الحَشَراتُ و الأَحْراشُ و الأَحْناشُ واحد، و هي هوام الأَرض. و
في حديث الهِرَّةِ: لم تَدَعْها فتأْكل من حَشَراتِ الأَرض.
؛ و هي هوام الأَرض، و منه‏
حديث التِّلِبِّ: لم أَسمع لحَشَرَةِ الأَرضِ تحريماً.
؛ و قيل: الصيد كله حَشَرَةٌ، ما تعاظم منه و تصاغر؛ و قيل: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْل الأَرضِ حَشَرَةٌ. و الحَشَرَةُ أَيضاً: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْلِ الأَرض كالدُّعاعِ و الفَثِّ. و قال أَبو حنيفة: الحَشَرَةُ القِشْرَةُ التي تلي الحَبَّة، و الجمع حَشَرٌ. و روى ابن شميل عن ابن الخطاب قال: الحَبَّة عليها قشرتان، فالتي تلي الحبة الحَشَرَةُ، و الجمع الحَشَرُ، و التي فوق الحَشَرَةِ القَصَرَةُ. قال الأَزهري: و المَحْشَرَةُ في لغة أَهل اليمن ما بقي في الأَرض و ما فيها من نبات بعد ما يحصد الزرع، فربما ظهر من تحته نبات أَخضر فتلك المَحْشَرَةُ. يقال: أَرسلوا دوابهم في المَحْشَرَةِ. و حَشَرَ السكين و السِّنانَ حَشْراً: أَحَدَّهُ فَأَرَقَّهُ و أَلْطَفَهُ؛ قال:
لَدْنُ الكُعُوبِ و مَحْشُورٌ حَدِيدَتُهُ،             و أَصْمَعٌ غَيْرُ مَجْلُوزٍ على قَضَمِ‏

المجلوز: المُشدَّدُ تركيبه من الجَلْزِ الذي هو الليُ‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [يا أم عمرو] إلخ كذا في نسخة المؤلف.

191
لسان العرب4

حشر ص 190

و الطَّيُّ. و سِنانٌ حَشْرٌ: دقيق؛ و قد حَشَرْتُه حَشْراً. و
في حديث جابر: فأَخذتُ حَجَراً من الأَرض فكسرته و حَشَرْتُه.
قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية و هو من حَشَرْتُ السِّنان إِذا دَقَّقْته، و المشهور بالسين، و قد تقدم. و حَرْبَةٌ حَشْرَةٌ: حَدِيدَةٌ. الأَزهري في النوادر: حُشِرَ فلان في ذكره و في بطنه، و أُحْثِلَ فيهما إِذا كانا ضخمين من بين يديه. و
في الحديث: نار تطرد الناسَ إِلى مَحْشَرهم.
؛ يريد به الشام لأَن بها يحشر الناس ليوم القيامة. و
في الحديث الآخر: و تَحْشُرُ بقيتهم إِلى النار.
؛ أَي تجمعهم و تسوقهم. و
في الحديث: أَن وَفْدَ ثَقِيفٍ اشترطوا أَن لا يُعْشَرُوا و لا يُحْشرُوا.
؛ أَي لا يُنْدَبُونَ إِلى المغازي و لا تضرب عليهم البُعُوث، و قيل: لا يحشرون إِلى عامل الزكاة ليأْخذ صدقة أَموالهم بل يأْخذها في أَماكنهم؛ و منه‏
حديث صُلْحِ أَهلِ نَجْرانَ: على أَن لا يُحْشَرُوا.
؛ و
حديث النساء: لا يُعْشَرْنَ و لا يُحْشَرْنَ.
؛ يعني للغَزَاةِ فإِن الغَزْوَ لا يجب عليهن. و الحَشْرُ من القُذَذِ و الآذان: المُؤَلَّلَةُ الحَدِيدَةُ، و الجمعُ حُشُورٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ:
مَطارِيحُ بالوَعْثِ مُرُّ الحُشُورِ،             هاجَرْنَ رَمَّاحَةً زَيْزَفُونا

و المَحْشُورَةُ: كالحَشْرِ. الليث: الحَشْرُ من الآذان و من قُذَدِ رِيشِ السِّهامِ ما لَطُفَ كأَنما بُرِيَ بَرْياً. و أُذُنٌ حَشْرَةٌ و حَشْرٌ: صغيرة لطيفة مستديرة؛ و قال ثعلب: دقيقة الطَّرَفِ، سميت في الأَخيرة بالمصدر لأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي صُغِّرَتْ و أُلطفت. و قال الجوهري: كأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي بُرِيَتْ و حُدِّدَتْ، و كذلك غيرها؛ فرس حَشْوَرٌ، و الأُنثى حَشْوَرَةٌ. قال ابن سيدة: من أَفرده في الجمع و لم يؤَنث فلهذه العلة؛ كما قالوا: رجل عَدْلٌ و نسوة عَدْلٌ، و من قال حَشْراتٌ فعلى حَشْرَةٍ، و قيل: كلُّ لطيف دقيق حَشْرٌ. قال ابن الأَعرابي: يستحب في البعير أَن يكون حَشْرَ الأُذن، و كذلك يستحب في الناقة؛ قال ذو الرمة:
لها أُذُنٌ حَشْرٌ و ذِفْرَى لَطيفَةٌ،             و خَدٌّ كَمِرآةِ الغَرِيبَة أَسْجَحُ «1».

الجوهري: آذان حَشْرٌ لا يثنى و لا يجمع لأَنه مصدر في الأَصل مثل قولهم ماء غَوْرٌ و ماء سَكْبٌ، و قد قيل: أُذن حَشْرَةٌ؛ قال النمر بن تولب:
لها أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ،             كإِعْلِيط مَرْخٍ إِذا ما صَفِرْ

و سهم مَحْشُورٌ و حَشْرٌ: مستوي قُذَذِ الرِّيشِ. قال سيبويه: سهم حَشْرٌ و سهام حَشْرٌ؛ و في شعر هذيل: سهم حَشِرٌ، فإِما أَن يكون على النسب كطَعِمٍ، و إِما أَن يكون على الفعل توهموه و إِن لم يقولوا حَشِرَ؛ قال أَبو عمارة الهذلي:
و كلُّ سهمٍ حَشِرٍ مَشُوفِ‏
المشوف: المَجْلُوُّ. و سهم حَشْرٌ: مُلْزَقٌ جيد القُذَذِ، و كذلك الريش. و حَشَرَ العودَ حَشْراً: براه. و الحَشْرُ: اللَّزجُ في القَدَحِ من دَسَمِ اللبنِ؛ و قيل: الحَشْرُ اللَّزِجُ من اللبن كالحَشَنِ. و حُشِرَ عن الوَطْبِ إذا كثر وسخ اللبن عليه فَقُشِرَ عنه؛ رواه ابن الأَعرابي؛ و قال ثعلب: إِنما هو حُشِنَ، و كلاهما على صيغة فعل المفعول.
__________________________________________________
 (1). قوله: [و خد كمرآة الغريبة] في الأساس: يقال وجه كمرآة الغريبة لأَنها في غير قومها، فمرآتها مجلوّة أَبداً لأَنه لا ناصح لها في وجهها.

192
لسان العرب4

حشر ص 190

و أَبو حَشْرٍ: رجل من العرب. و الحَشْوَرُ من الدواب: المُلَزَّزُ الخَلْقِ، و من الرجال: العظيم البطن؛ و أَنشد:
حَشْوَرَةُ الجَنْبَيْنِ مَعْطاءُ القَفا
و قيل: الحَشْوَرُ مثال الجَرْوَلِ المنتفخ الجنبين، و الأُنثى بالهاء، و الله أَعلم.
حصر:
الحَصَرُ: ضربٌ من العِيِّ. حَصِرَ الرجلُ حَصَراً مثل تَعِبَ تَعَباً، فهو حَصِرٌ: عَيِيَ في منطقه؛ و قيل: حَصِرَ لم يقدر على الكلام. و حَصِرَ صدرُه: ضاق. و الحَصَرُ: ضيق الصدر. و إِذا ضاق المرء عن أَمر قيل: حَصِرَ صدر المرء عن أَهله يَحْصَرُ حَصَراً؛ قال الله عز و جل: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى‏ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ‏
؛ معناه ضاقت صدورهم عن قتالكم و قتال قومهم؛ قال ابن سيدة: و قيل تقديره و قد حَصِرَتْ صدورهم؛ و قيل: تقديره أَو جاؤكم رجالًا أَو قوماً فَ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ‏
 الآن، في موضع نصب لأَنه صفة حلت محل موصوف منصوب على الحال، و فيه بعض صَنْعَةٍ لإِقامتك الصفة مقام الموصوف و هذا مما «1» .... و موضع الاضطرار أَولى به من النثر «2». و حال الاختيار. و كل من بَعِلَ بشي‏ءٍ أَو ضاق صدره بأَمر، فقد حَصِرَ؛ و منه قول لبيد يصف نخلة طالت، فحَصِرَ صدرُ صارِمِ ثمرها حين نظر إِلى أَعاليها، و ضاق صدره أَن رَقِيَ إِليها لطولها:
أَعْرَضْتُ و انْتَصَبَتْ كَجِذْع مُنِيفةٍ             جَرْداءَ يَحْصَرُ دونَها صُرَّامُها

أَي تضيق صدورهم بطول هذه النخلة؛ و قال الفراء في قوله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ‏
؛ العرب تقول: أَتاني فلان ذَهَبَ عَقْلُهُ؛ يريدون قد ذهب عقله؛ قال: و سمع الكسائي رجلًا يقول فأَصبحتُ نظرتُ إِلى ذات التنانير؛ و قال الزجاج: جعل الفراء قوله حَصِرَتْ‏
 حالًا و لا يكون حالًا إِلَّا بقد؛ قال: و قال بعضهم حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ‏
 خبر بعد خبر كأَنه قال أَوْ جاؤُكُمْ ثم أَخبر بعدُ، قال: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ‏
؛ و قال أَحمد بن يحيى: إِذا أَضمرت قد قرّبت من الحال و صارت كالاسم، و بها قرأَ من قرأَ حَصِرَةً صُدورُهُمْ؛ قال أَبو زيد: و لا يكون جاءني القوم ضاقت صدورهم إِلَّا أَن تصله بواو أَو بقد، كأَنك قلت: جاءني القوم و ضاقت صدورهم أَو قد ضاقت صدورهم؛ قال الجوهري: و أَما قوله أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ‏
، فأَجاز الأَخفش و الكوفيون أَن يكون الماضي حالًا، و لم يجزه سيبويه إِلَّا مع قد، و جعل حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ
 على جهة الدعاء عليهم. و
في حديث زواج فاطمة، رضوان الله عليها: فلما رأَت عليّاً جالساً إِلى جنب النبي، صلى الله عليه و سلم، حَصِرَتْ و بكت.
؛ أَي استحت و انقطعت كأَن الأَمر ضاق بها كما يضيق الحبس على المحبوس. و الحَصُورُ من الإِبل: الضَّيِّقَةُ الأَحاليل، و قد حَصَرَتْ، بالفتح، و أَحْصَرَتْ؛ و يقال للناقة: إِنها لحَصِرَةُ الشَّخْب نَشِبَةُ الدَّرِّ؛ و الحَصَرُ: نَشَبُ الدِّرَّةِ في العروق من خبث النفس و كراهة الدِّرَّةِ، و حَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْراً، فهو مَحْصُورٌ و حَصِيرٌ، و أَحْصَرَهُ. كلاهما: حبسه عن السفر. و أَحْصَرَهُ المرض: منعه من السفر أَو من حاجة يريدها؛ قال الله عز و جل: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ‏
. و أَحْصَرَني بَوْلي و أَحْصَرني مرضي أَي جعلني أَحْصُرُ نفسي؛ و قيل: حَصَرَني الشي‏ء و أَحْصَرَني أَي حبسني. و حَصَرَهُ‏
__________________________________________________
 (1). كذا بياض بالأصل.
 (2). قوله النثر: هكذا في الأصل.

193
لسان العرب4

حصر ص 193

يَحصُرُهُ [يَحصِرُهُ‏] حَصْراً: ضيق عليه و أَحاط به. و الحَصِيرُ: الملِكُ، سمي بذلك لأَنه مَحصُورٌ أَي محجوب؛ قال لبيد:
و قَماقِمٍ غُلْبِ الرِّقاب كأَنَّهُمْ             جِنٌّ، على باب الحَصِير، قِيامُ‏

الجوهري: و يروى‏
و مَقامَةٍ غُلْبِ الرقابِ ...
على أَن يكون غُلْبُ الرقاب بدلًا من مَقامَةٍ كأَنه قال و رُبَّ غُلْبِ الرقاب، و روي‏
... لَدى طَرَفِ الحصير قيام.
و الحَصِيرُ: المَحْبِسُ. و في التنزيل: وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً
؛ و قال القتيبي: هو من حَصَرْته أَي حبسته، فهو محصور. و هذا حَصِيرُه أَي مَحْبِسُه، و حَصَرَهُ المرض: حبسه، على المثل. و حَصِيرَةُ التمر: الموضع الذي يُحْصَرُ فيه و هو الجَرِينُ، و ذكره الأَزهري بالضاد المعجمة، و سيأْتي ذكره. و الحِصارُ: المَحْبِس كالحَصِيرِ. و الحُصْرُ و الحُصُرُ: احتباس البطن. و قد حُصِرَ غائطه، على ما لم يسمَّ فاعله، و أُحْصِرَ. الأَصمعي و اليزيدي: الحُصْرُ من الغائط، و الأُسْرُ من البول. الكسائي: حُصِرَ بغائطه و أُحْصِرَ، بضم الأَلف. ابن بُزُرج: يقال للذي به الحُصْرُ: محصور: و قد حُصِرَ عليه بولُه يُحْصَرُ حَصْراً أَشَدَّ الحصْرِ؛ و قد أَخذه الحُصْرُ و أَخذه الأُسْرُ شي‏ء واحد، و هو أَن يمسك ببوله يَحْصُرُ حَصْراً فلا يبول؛ قال: و يقولون حُصِرَ عليه بولُه و خلاؤُه. و رجل حَصِرٌ: كَتُومٌ للسر حابس له لا يبوح به؛ قال جرير:
و لقد تَسَقَّطني الوُشاةُ فَصادفوا             حَصِراً بِسرِّكِ، يا أُمَيْم، ضَنِينا

و هم ممن يفضلون الحَصُورَ الذي يكتم السر في نفسه، و هو الحَصِرُ. و الحَصِيرُ و الحَصورُ: المُمْسِكُ البخيل الضيق؛ و رجل حَصِرٌ بالعطاء؛ و روي بيت الأَخطل باللغتين جميعاً:
و شارب مُرْبِحٍ بالكاس نادَمَنيِ،             لا بالحَصُورِ و لا فيها بِسَوَّارِ

و حَصِرَ: بمعنى بخل. و الحَصُور: الذي لا ينفق على النَّدامَى. و
في حديث ابن عباس: ما رأَيت أَحداً أَخْلَقَ للمُلْكِ من معاوية، كان الناس يَرِدُونَ منه أَرْجاءَ وادٍ رَحْبٍ، ليس مثلَ الحَصِرِ العَقِصِ.
؛ يعني ابن الزبير. الحَصِرُ: البخيل، و العَقِصُ: الملتوي الصَّعْبُ الأَخلاق. و يقال: شرب القوم فَحَصِرَ عليهم فلان أَي بخل. و كل من امتنع من شي‏ء لم يقدر عليه، فقد حَصِرَ عنه؛ و لهذا قيل: حَصِرَ في القراءة و حَصِر عن أَهله. و الحَصُورُ: الهَيُوبُ المُحْجِمُ عن الشي‏ء، و على هذا فسر بعضهم بيت الأَخطل:
... و شارب مربح.
و الحَصُور أَيضاً: الذي لا إِرْبَةَ له في النساء، و كلاهما من ذلك أَي من الإِمساك و المنع. و في التنزيل: وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً
؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي لا يشتهي النساء و لا يقربهنّ. الأَزهري: رجل حَصُورٌ إِذا حُصِرَ عن النساء فلا يستطيعهنّ و الحَصُورُ: الذي لا يأْتي النساء. و امرأَة حَصْراءُ أَي رَتْقاء. و
في حديث القِبْطِيِّ الذي أَمر النبي، صلى الله عليه و سلم، عليّاً بقتله، قال: فرفعت الريحُ ثوبَهُ فإِذا هو حَصُورٌ.
؛ هو الذي لا يأْتي النساء لأَنه حبس عن النكاح و منع، و هو فَعُول بمعنى مَفْعُول، و هو في هذا الحديث المجبوب الذكر و الأنثيين، و ذلك أَبلغ في الحَصَرِ لعدم آلة النكاح، و أَما العاقر فهو الذي يأْتيهنّ و لا يولد له، و كله من الحَبْسِ و الاحتباس.

194
لسان العرب4

حصر ص 193

تفرش، سمي بذلك لأَنه يلي وجه الأَرض، و قيل: الحَصِيرُ المنسوجُ، سمي حَصِيراً لأَنه حُصِرَتْ طاقته بعضها مع بعض. و الحَصِيرُ: الباريَّةُ. و
في الحديث: أَفضلُ الجهاد و أَكملُه حجُّ مَبْرُورٌ ثم لزومُ الحَصِيرِ و في رواية أَنه قال لأَزواجه هذه ثم قال لزومُ الحُصُرِ.
أَي أَنكنَّ لا تَعُدْنَ تخرجن من بيوتكنّ و تلزمن الحُصُرَ؛ و هو جمع حَصِير الذي يبسط في البيوت، و تضم الصاد و تسكن تخفيفاً؛ و قول أَبي ذؤيب يصف ماء مزج به خمر:
تَحَدَّرَ عن شاهِقٍ كالحَصِيرِ،             مُسْتَقْبِلَ الريحِ، و الفَيْ‏ءُ قَرّ

يقول: تَنَزَّلَ الماءُ من جبل شاهق له طرائق كشُطَب الحصير. و الحَصِيرُ: البِساطُ الصغير من النبات. و الحَصِيرُ: الجَنْبُ، و الحَصِيرانِ: الجَنْبانِ. الأَزهري: الجَنْبُ يقال له الحَصِيرُ لأَن بعض الأَضلاع مَحْصُورٌ مع بعض؛ و قيل: الحَصِيرُ ما بين العِرْقِ الذي يظهر في جنب البعير و الفرس معترضاً فما فوقه إِلى مُنْقَطَعِ الجَنْبِ. و الحَصِيرُ: لحمُ ما بين الكتف إِلى الخاصرة؛ و أَما قول الهذلي:
و قالوا: تركنا القومَ قد حَصَرُوا به،             و لا غَرْوَ أَنْ قد كانَ ثَمَّ لَحيمُ‏

قالوا: معنى حصروا به أَي أَحاطوا به. و حَصِيرا السيف: جانباه. و حَصِيرُه: فِرِنْدُه الذي تراه كَأَنه مَدَبُّ النملِ؛ قال زهير:
بِرَجْمٍ كَوَقْعِ الهُنْدُوانِيِّ، أَخْلَصَ الصَّياقِلُ             منه عن حَصِيرٍ و رَوْنَقِ‏

و أَرض مَحْصُورة و منصورة و مضبوطة أَي ممطورة. و الحِصارُ و المِحْصَرَةُ: حَقيبَةٌ؛ و قال الجوهري: وسادَةٌ تلقى على البعير و يرفع مؤخرها فتجعل كآخِرَةِ الرحل و يحشى مقدّمها، فيكون كقادِمَةِ الرحل، و قيل: هو مَرْكَبٌ يَرْكَبُ به الرَّاضَةُ؛ و قيل: هو كساء يطرح على ظهره يُكْتَفَلُ به. و أَحْصَرْتُ الجملَ و حَصَرْتُه: جعلت له حِصاراً، و هو كساء يجعل حول سَنامِهِ. و حَصَرَ البعيرَ يَحْصُرُه و يحْصِرُه حَصْراً و احْتَصَرَهُ: شَدَّه بالحِصار. و المِحْصَرَةُ: قَتَبٌ صغير يُحْصَرُ به البعير و يلقى عليه أَداة الراكب. و
في حديث أَبي بكر: أَن سَعْداً الأَسْلَمِيَّ قال: رأَيته بالخَذَواتِ و قد حَلَّ سُفْرَةً مُعَلَّقَةً في مؤَخَّرَةِ الحِصَارِ [الحَصَارِ].
؛ هو من ذلك. و
في حديث حذيفةَ: تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحصير.
أَي تحيط بالقلوب؛ يقال: حَصَرَ به القومُ أَي أَطافوا؛ و قيل: هو عِرْقٌ يمتدّ معترِضاً على جنب الدابة إِلى ناحية بطنها فشبه الفتن بذلك؛ و قيل: هو ثوب مزخرف منقوش إِذا نشر أَخذ القلوب بحسن صنعته، كذلك الفتنة تزين و تزخرف للناس، و عاقبة ذلك إِلى غرور.
حضر:
الحُضورُ: نقيض المَغيب و الغَيْبةِ؛ حَضَرَ يَحْضُرُ حُضُوراً و حِضَارَةً؛ و يُعَدَّى فيقال: حَضَرَه و حَضِرَه «3». يَحْضُرُه، و هو شاذ، و المصدر كالمصدر. و أَحْضَرَ الشي‏ءَ و أَحْضَرَه إِياه، و كان ذلك بِحَضْرةِ فلان و حِضْرَتِه و حُضْرَتِه و حَضَرِه و مَحْضَرِه، و كلَّمتُه بِحَضْرَةِ فلان و بمَحْضَرٍ منه أَي بِمَشْهَدٍ منه، و كلمته أَيضاً بِحَضَرِ فلان، بالتحريك، و كلهم يقول: بِحَضَرِ فلان، بالتحريك. الجوهري: حَضْرَةُ الرجل قُرْبهُ و فِناؤه. و
في حديث عمرو
__________________________________________________
 (3). قوله: [فيقال حضره و حضره إلخ‏] أَي فهو من بابي نصر و علم كما في القاموس.

196
لسان العرب4

حضر ص 196

ابن سَلِمَة «1». الجَرْمِيِّ: كنا بِحَضْرَةِ ماءٍ.
أَي عنده؛ و رجل حاضِرٌ و قوم حُضَّرٌ و حُضُورٌ. و إِنه لحَسنُ الحُضْرَةِ و الحِضْرَةِ إذا حَضَرَ بخير. و فلان حَسَنُ المَحْضَرِ إِذا كان ممن يذكر الغائبَ بخير. أَبو زيد: هو رجل حَضِرٌ إِذا حَضَرَ بخير. و يقال: إِنه لَيَعْرِفُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ و مَنْ بِعَقْوَتِه. الأَزهري: الحَضْرَةُ قُرْبُ الشي‏ء، تقول: كنتُ بِحَضْرَةِ الدار؛ و أَنشد الليث:
فَشَلَّتْ يداه يومَ يَحْمِلُ رايَةً             إِلى نَهْشَلٍ، و القومُ حَضْرَة نَهْشَلِ‏

و يقال: ضربت فلاناً بِحَضْرَةِ فلان و بمَحْضَرِه. الليث: يقال حَضَرَتِ الصلاة، و أَهل المدينة يقولون: حَضِرَتْ، و كلهم يقول تَحْضَرُ؛ و قال شمر: يقال حَضِرَ القاضِيَ امرأَةٌ تَحْضَرُ؛ قال: و إِنما أُنْدِرَتِ التاء لوقوع القاضي بين الفعل و المرأَة؛ قال الأَزهري: و اللغة الجيدة حَضَرَتْ تَحْضُرُ، و كلهم يقول تَحْضُرُ، بالضم؛ قال الجوهري: و أَنشدنا أَبو ثَرْوانَ العُكْلِيُّ لجرير على لغة حَضِرَتْ:
ما مَنْ جَفانا إِذا حاجاتُنا حَضِرَتْ،             كَمَنْ لنا عندَه التَّكْريمُ و اللَّطَفُ‏

و الحَضَرُ: خلافُ البَدْوِ. و الحاضِرُ: خلاف البادي. و
في الحديث: لا يَبِعْ حاضِرٌ لِبادٍ.
؛ الحاضر: المقيم في المُدُنِ و القُرَى، و البادي: المقيم بالبادية، و المنهي عنه أَن يأْتي البَدَوِيُّ البلدة و معه قوت يبغي التَّسارُعَ إِلى بيعه رخيصاً، فيقول له الحَضَرِيُّ: اتركه عندي لأُغالِيَ في بيعه، فهذا الصنيع محرّم لما فيه من الإِضرار بالغير، و البيع إِذا جرى مع المغالاة منعقد، و هذا إِذا كانت السِّلْعَةُ مما تعم الحاجة إِليها كالأَقوات، فإِن كانت لا تعم أَو كَثُرَتِ الأَقواتُ و استغني عنها ففي التحريم تردُّد يعوّل في أَحدهما على عموم ظاهر النهي و حَسْمِ بابِ الضِّرارِ، و في الثاني على معنى الضرورة. و قد جاء
عن ابن عباس أَنه سئل لا يبع حاضر لباد قال: لا يكون له سِمْساراً.
؛ و يقال: فلان من أَهل الحاضرة و فلان من أَهل البادية، و فلان حَضَرِيٌّ و فلان بَدَوِيٌّ. و الحِضارَةُ: الإِقامة في الحَضَرِ؛ عن أَبي زيد. و كان الأَصمعي يقول: الحَضارَةُ، بالفتح؛ قال القطامي:
فَمَنْ تَكُنِ الحَضَارَةُ أَعْجَبَتْه،             فأَيَّ رجالِ بادِيَةٍ تَرانَا

و رجل حَضِرٌ: لا يصلح للسفر. و هم حُضُورٌ أَي حاضِرُونَ، و هو في الأَصل مصدر. و الحَضَرُ و الحَضْرَةُ و الحاضِرَةُ: خلاف البادية، و هي المُدُنُ و القُرَى و الرِّيفُ، سميت بذلك لأَن أَهلها حَضَرُوا الأَمصارَ و مَساكِنَ الديار التي لا يكون لهم بها قَرارٌ، و البادية يمكن أَن يكون اشتقاقُ اسمِها من بَدا يَبْدُو أَي بَرَزَ و ظهر و لكنه اسم لزم ذلك الموضعَ خاصةً دونَ ما سواه؛ و أَهل الحَضَرِ و أَهل البَدْوِ. و الحاضِرَةُ و الحاضِرُ: الحَيُّ العظيم أَو القومُ؛ و قال ابن سيدة: الحَيُّ إِذا حَضَرُوا الدارَ التي بها مُجْتَمَعُهُمْ؛ قال:
في حاضِرٍ لَجِبٍ بالليلِ سامِرُهُ،             فيهِ الصَّواهِلُ و الرَّاياتُ و العَكَرُ

فصار الحاضر اسماً جامعاً كالحاجِّ و السَّامِرِ و الجامِل‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [عمرو بن سلمة] كان يؤمّ قومه و هو صغير، و كان أبوه فقيراً، و كان عليه ثوب خلق حتى قالوا غطوا عنا است قارئكم، فكسوه جبة. و كان يتلقى الوفد و يتلقف منهم القرآن فكان أكثر قومه قرآناً، و أَمَّ بقومه في عهد، النبي صلى الله عليه و سلم، و لم يثبت له منه سماع، و أبو سلمة بكسر اللام، وفد على النبي، صلى الله عليه و سلم، كذا بهامش النهاية.

197
لسان العرب4

حضر ص 196

و نحو ذلك. قال الجوهري: هو كما يقال حاضِرُ طَيِ‏ءٍ، و هو جمع، كما يقال سامِرٌ للسُّمَّار و حاجٌّ للحُجَّاج؛ قال حسان:
لنا حاضِرٌ فَعْمٌ و بادٍ، كَأَنَّهُ             قطِينُ الإِلهِ عِزَّةً و تَكَرُّما

و
في حديث أُسامة: و قد، أَحاطوا بحاضر فَعْمٍ.
الأَزهري: العرب تقول حَيٌّ حاضِرٌ، بغير هاء، إِذا كانوا نازلين على ماءٍ عِدٍّ، يقال: حاضِرُ بني فلانٍ على ماءِ كذا و كذا، و يقال للمقيم على الماء: حاضرٌ، و جمعه حُضُورٌ، و هو ضدّ المسافر، و كذلك يقال للمقيم: شاهدٌ و خافِضٌ. و فلان حاضِرٌ بموضع كذا أَي مقيم به. و يقال: على الماء حاضِرٌ و هؤلاء قوم حُضَّارٌ إِذا حَضَرُوا المياه، و مَحاضِرُ؛ قال لبيد:
فالوادِيانِ و كلُّ مَغْنًى مِنْهُمُ،             و على المياهِ مَحاضِرٌ و خِيامُ‏

قال ابن بري: هو مرفوع بالعطف على بيت قبله و هو:
أَقْوَى و عُرِّيَ واسِطٌ فَبِرامُ،             من أَهلِهِ، فَصُوائِقٌ فَخُزامُ‏

و بعده:
عَهْدِي بها الحَيَّ الجميعَ، و فيهمُ،             قبلَ التَّفَرُّقِ، مَيْسِرٌ و نِدامُ‏

و هذه كلها أَسماء مواضع. و قوله: عهدي رفع بالابتداء، و الحيّ مفعول بعهدي و الجميع نعته، و فيهم قبل التفرّق ميسر: جملة ابتدائية في موضع نصب على الحال و قد سدّت مسدّ خبر المبتدإِ الذي هو عهدي على حد قولهم: عهدي بزيد قائماً؛ و ندام: يجوز أَن يكون جمع نديم كظريف و ظراف و يجوز أَن يكون جمع ندمان كغرثان و غراث. قال: و حَضَرَةٌ مثل كافر و كَفَرَةٍ. و
في حديث آكل الضب: أَنَّى تَحضُرُنِي منَ اللهِ حاضِرَةٌ.
؛ أَراد الملائكة الذين يحضرونه. و حاضِرَةٌ: صفة طائفة أَو جماعة. و
في حديث الصبح: فإِنها مَشْهُودَة مَحْضُورَةٌ.
؛ أَي يحضرها ملائكة الليل و النهار. و حاضِرُو المِياهِ و حُضَّارُها: الكائنون عليها قريباً منها لأَنهم يَحْضُرُونها أَبداً. و المَحْضَرُ: المَرْجِعُ إِلى المياه. الأَزهري: المحضَر عند العرب المرجع إِلى أَعداد المياه، و المُنْتَجَعُ: المذهبُ في طلب الكَلإِ، و كل مُنْتَجَعٍ مَبْدًى، و جمع المَبْدَى مَبادٍ، و هو البَدْوُ؛ و البادِيَةُ أَيضاً: الذين يتباعدون عن أَعداد المياه ذاهبين في النُّجَعِ إِلى مَساقِط الغيث و منابت الكلإِ. و الحاضِرُون: الذين يرجعون إِلى المَحاضِرِ في القيظ و ينزلون على الماء العِدِّ و لا يفارقونه إِلى أَن يقع ربيع بالأَرض يملأُ الغُدْرانَ فينتجعونه، و قوم ناجِعَةٌ و نواجِعُ و بادِيَةٌ و بوادٍ بمعنى واحد. و كل من نزل على ماءٍ عِدٍّ و لم يتحوّل عنه شتاء و لا صيفاً، فهو حاضر، سواء نزلوا في القُرَى و الأَرْياف و الدُّورِ المَدَرِيَّة أَو بَنَوُا الأَخْبِيَةَ على المياه فَقَرُّوا بها و رَعَوْا ما حواليها من الكلإِ. و أَما الأَعراب الذين هم بادية فإِنما يحضرون الماء العِدَّ شهور القيظ لحاجة النَّعَمِ إِلى الوِرْدِ غِبّاً و رَفْهاً و افْتَلَوُا الفَلَوَات المُكْلِئَةَ، فإِن وقع لهم ربيع بالأَرض شربوا منه في مَبْدَاهُمْ الذي انْتَوَوْهُ، فإِن استأْخر القَطْرُ ارْتَوَوْا على ظهور الإِبل بِشِفاهِهِمْ و خيلهم من أَقرب ماءٍ عِدٍّ يليهم، و رفعوا أَظْماءَهُمْ إِلى السِّبْعِ و الثِّمْنِ و العِشْرِ، فإِن كثرت فيه الأَمطار و الْتَفَّ العُشْبُ و أَخْصَبَتِ الرياضُ و أَمْرَعَتِ البلادُ جَزَأَ النَّعَمُ بالرَّطْبِ و استغنى عن الماء، و إِذا عَطِشَ المالُ في هذه الحال وَرَدَتِ الغُدْرانَ و التَّناهِيَ فشربتْ كَرْعاً و ربما سَقَوْها من الدُّحْلانِ. و
في حديث‏

198
لسان العرب4

حضر ص 196

عَمْرِو بن سَلِمَةَ الجَرْمِيّ: كنا بحاضِرٍ يَمُرُّ بنا الناسُ.
؛ الحاضِرُ: القومُ النُّزُولُ على ماء يقيمون به و لا يَرْحَلُونَ عنه. و يقال للمَناهِل: المَحاضِر للاجتماع و الحضور عليها. قال الخطابي: ربما جعلوا الحاضِرَ اسماً للمكان المحضور. يقال: نزلنا حاضِرَ بني فلان، فهو فاعل بمعنى مفعول. و
في الحديث: هِجْرَةُ الحاضِرِ.
؛ أَي المكان المحضور. و رجل حَضِرٌ و حَضُرٌ: يَتَحَيَّنُ طعام الناس حتى يَحْضُرَهُ. الأَزهري عن الأَصمعي: العرب تقول: اللَّبَنُ مُحْتَضَرٌ و مَحْضُورٌ فَغَطِّهِ أَي كثير الآفة يعني يَحْتَضِرُه الجنّ و الدواب و غيرها من أَهل الأَرض، و الكُنُفُ مَحْضُورَةٌ. و
في الحديث: إِن هذه الحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ.
؛ أَي يحضُرها الجنّ و الشياطين. و قوله تعالى: وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ‏
؛ أَي أَن تصيبني الشياطين بسوء. و حُضِرَ المريض و احْتُضِرَ إِذا نزل به الموتُ؛ و حَضَرَنِي الهَمُّ و احْتَضَرَنِي و تَحَضَّرَنِي. و
في الحديث: أَنه، عليه الصلاة و السلام، ذَكَرَ الأَيامَ و ما في كل منها من الخير و الشر ثم قال: و السَّبْتُ أَحْضَرُ إِلا أَن له أَشْطُراً.
؛ أَي هو أَكثر شرّاً، و هو أَفْعَلُ من الحُضُورِ؛ و منه قولهم: حُضِرَ فلان و احْتُضِرَ إِذا دنا موته؛ قال ابن الأَثير: و روي بالخاءِ المعجمة، و قيل: هو تصحيف، و
قوله: إِلا أَن له أَشْطُراً.
أَي خيراً مع شره؛ و منه: حَلَبَ الدهرَ أَشْطُرَهُ أَي نال خَيْرَهُ و شَرَّه. و
في الحديث: قُولُوا ما يَحْضُرُكُمْ.
 «2»؛ أَي ما هو حاضر عندكم موجود و لا تتكلفوا غيره. و الحَضِيرَةُ: موضع التمر، و أَهل الفَلْحِ «3». يُسَمُّونها الصُّوبَةَ، و تسمى أَيضاً الجُرْنَ و الجَرِينَ. و الحَضِيرَةُ: جماعة القوم، و قيل: الحَضِيرَةُ من الرجال السبعةُ أَو الثمانيةُ؛ قال أَبو ذؤيب أَو شهاب ابنه:
رِجالُ حُرُوبٍ يَسْعَرُونَ، و حَلْقَةٌ             من الدار، لا يأْتي عليها الحضائِرُ

و قيل: الحَضِيرَةُ الأَربعة و الخمسة يَغْزُونَ، و قيل: هم النَّفَرُ يُغْزَى بهم، و قيل: هم العشرة فمن دونهم؛ الأَزهري: قال أَبو عبيد في قول سَلْمَى الجُهَنِيَّةِ تمدح رجلًا و قيل ترثيه:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرَةً و نَفِيضَةً،             وِرْدَ القَطاةِ إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ‏

اختلف في اسم الجهنية هذه فقيل: هي سلمى بنت مَخْدَعَةَ الجهنية؛ قال ابن بري: و هو الصحيح، و قال الجاحظ: هي سُعْدَى بنت الشَّمَرْدَل الجهنية. قال أَبو عبيد: الحَضِيرَةُ ما بين سبعة رجال إِلى ثمانية، و النَّفِيضَةُ: الجماعة و هم الذين يَنْفُضُونَ. و روى سلمة عن الفراء قال: حَضِيرَةُ الناس و نَفِيضَتُهم الجماعَةُ. قال شمر في قوله حضيرةً و نفيضةً، قال: حضيرة يحضرها الناس يعني المياه و نفيضة ليس عليها أَحد؛ حكي ذلك عن ابن الأَعرابي و نصب حضيرة و نفيضة على الحال أَي خارجة من المياه؛ و روي عن الأَصمعي: الحضيرة الذين يحضرون المياه، و النفيضة الذين يتقدمون الخيل و هم الطلائع؛ قال الأَزهري: و قول ابن الأَعرابي أَحسن. قال ابن بري: النفيضة جماعة يبعثون ليكشفوا هل ثَمَّ عدوّ أَو خوف. و التُّبَّعُ: الظل. و اسْمَأَلَّ: قَصُرَ، و ذلك عند نصف النهار؛ و قبله:
سَبَّاقُ عادِيةٍ و رأْسُ سَرِيَّةٍ،             و مُقاتِلٌ بَطَلٌ وَ هادٍ مِسْلَعُ‏

__________________________________________________
 (2). قوله: [قولوا ما يحضركم‏] الذي في النهاية قولوا ما بحضرتكم.
 (3). قوله: [و أهل الفلح‏] بالحاء المهملة و الجيم أي شق الأرض للزراعة.

199
لسان العرب4

حضر ص 196

المِسْلَعُ: الذي يشق الفلاة شقّاً، و اسم المَرْثِيِّ أَسْعَدُ و هو أَخو سلمى؛ و لهذا تقول بعد البيت:
أَ جَعَلْتَ أَسْعَدَ لِلرِّماحِ دَرِيئَةً،             هَبَلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟

الدَّرِيئَةُ: الحَلْقَةُ التي يتعلم عليها الطعن؛ و الجمع الحضائر؛ قال أَبو شهاب الهذلي:
رِجالُ حُرُوبٍ يَسْعَرُونَ، و حَلْقَةٌ             من الدار، لا تَمْضِي عليها الحضائِرُ

و قوله رجال بدل من معقل في بيت قبله و هو:
فلو أَنهمْ لم يُنْكِرُوا الحَقَّ، لم يَزَلْ             لهم مَعْقِلٌ مِنَّا عَزيزٌ و ناصِرُ

يقول: لو أَنهم عرفوا لنا محافظتنا لهم و ذبَّنا عنهم لكان لهم منا مَعْقِلٌ يلجؤُون إِليه و عز ينتهضون به. و الحَلْقَةُ: الجماعة. و قوله: لا تمضي عليها الحضائر أَي لا تجوز الحضائر على هذه الحلقة لخوفهم منها. ابن سيدة: قال الفارسي حَضيرَة العسكر مقدّمتهم. و الحَضِيرَةُ: ما تلقيه المرأَة من وِلادِها. و حَضِيرةُ الناقة: ما أَلقته بعد الولادة. و الحَضِيرَةُ: انقطاع دمها. و الحَضِيرُ: دمٌ غليظ يجتمع في السَّلَى. و الحَضِيرُ: ما اجتمع في الجُرْحِ من جاسِئَةِ المادَّةِ، و في السَّلَى من السُّخْدِ و نحو ذلك. يقال: أَلقت الشاةُ حَضِيرتَها، و هي ما تلقيه بعد الوَلَدِ من السُّخْدِ و القَذَى. و قال أَبو عبيدة: الحَضِيرَةُ الصَّاءَةُ تَتْبَعُ السَّلَى و هي لفافة الولد. و يقال للرجل يصيبه اللَّمَمُ و الجُنُونُ: فلان مُحْتَضَرٌ؛ و منه قول الراجز:
و انْهَمْ بِدَلْوَيْكَ نَهِيمَ المُحْتَضَرْ،             فقد أَتتكَ زُمَراً بعد زُمَرْ

و المُحْتَضِرُ: الذي يأْتي الحَضَرَ. ابن الأَعرابي: يقال لأُذُنِ الفيل: الحاضِرَةُ و لعينه الحفاصة «1». و قال: الحَضْرُ التطفيل و هو الشَّوْلَقِيُّ و هو القِرْواشُ و الواغِلُ، و الحَضْرُ: الرجل الواغِلُ الرَّاشِنُ. و الحَضْرَةُ: الشِّدَّةُ. و المَحْضَرُ: السِّجِلُّ. و المُحاضَرَةُ: المجالدة، و هو أَن يغالبك على حقك فيغلبك عليه و يذهب به. قال الليث: المُحاضَرَةُ أَن يُحاضِرَك إِنسان بحقك فيذهب به مغالبةً أَو مكابرة. و حاضَرْتُه: جاثيته عند السلطان، و هو كالمغالبة و المكاثرة. و رجل حَضْرٌ: ذو بيان. و تقول: حَضَارِ بمعنى احْضُرْ، و حَضَارِ، مبنية مؤنثة مجرورة أَبداً: اسم كوكب؛ قال ابن سيدة: هو نجم يطلع قبل سُهَيْلٍ فتظن الناس به أَنه سهيل و هو أَحد المُحْلِفَيْنِ. الأَزهري: قال أَبو عمرو بن العلاء يقال طلعت حَضَارِ و الوَزْنُ، و هما كوكبان يَطْلُعانِ قبل سهيل، فإِذا طلع أَحدهما ظن أَنه سهيل للشبه، و كذلك الوزن إِذا طلع، و هما مُحْلِفانِ عند العرب، سميا مُحْلِفَيْنِ لاخْتِلافِ الناظرين لهما إِذا طلعا، فيحلف أَحدهما أَنه سهيل و يحلف الآخر أَنه ليس بسهيل؛ و قال ثعلب: حَضَارِ نجم خَفِيٌّ في بُعْدٍ؛ و أَنشد:
أَرَى نارَ لَيْلَى بالعَقِيقِ كأَنَّها             حَضَارِ، إِذا ما أَعْرَضَتْ، و فُرُودُها

الفُرُودُ: نجوم تخفى حول حَضَارِ؛ يريد أَن النار تخفى لبعدها كهذا النجم الذي يخفى في بعد. قال سيبويه: أَما ما كان آخره راء فإن أَهل الحجاز و بني تميم متفقون فيه، و يختار فيه بنو تميم لغة أَهل الحجاز، كما اتفقوا في تراك الحجازية لأَنها هي اللغة الأُولى القُدْمَى، و زعم الخليل أَن إِجْناحَ الأَلف أَخفُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [الحفاصة] كذا بالأصل بدون نقط و كتب بهامشه بدلها الفاصة.

200
لسان العرب4

حضر ص 196

عليهم يعني الإِمالةَ ليكون العمل من وجه واحد، فكرهوا تركَ الخِفَّةِ و علموا أَنهم إِن كسروا الراء وصلوا إِلى ذلك و أَنهم إِن رفعوا لم يصلوا؛ قال: و قد يجوز أَن ترفع و تنصب ما كان في آخره الراء، قال: فمن ذلك حَضَارِ لهذا الكوكب، و سَفَارِ اسم ماء، و لكنهما مؤنثان كماوِيَّةَ؛ و قال: فكأَنَّ تلك اسم الماءة و هذه اسم الكوكبة. و الحِضارُ من الإِبل: البيضاء، الواحد و الجمع في ذلك سواء. و في الصحاح: الحِضارُ من الإِبل الهِجانُ؛ قال أَبو ذؤيب يصف الخمر:
 فما تُشْتَرَى إِلَّا بِرِبْحٍ، سِباؤُها             بَناتُ المَخاضِ: شُؤمُها و حِضارُها

شومها: سودها؛ يقول: هذه الخمر لا تشترى إِلا بالإِبل السود منها و البيض؛ قال ابن بري: و الشوم بلا همز جمع أَشيم و كان قياسه أَن يقال شِيمٌ كأَبيض و بِيضٍ، و أَما أَبو عمرو الشَّيْباني فرواه شيمها على القياس و هما بمعنًى، الواحدُ أَشْيَمُ؛ و أَما الأَصمعي فقال: لا واحد له، و قال عثمان بن جني: يجوز أَن يجمع أَشْيَمُ على شُومٍ و قياسه شِيمٌ، كما قالوا ناقة عائط للتي لم تَحْمِلْ و نوق عُوط و عِيط، قال: و أَما قوله إِن الواحد من الحِضَارِ و الجمعَ سواء ففيه عند النحويين شرح، و ذلك أَنه قد يتفق الواحد و الجمع على وزن واحد إِلا أَنك تقدّر البناء الذي يكون للجمع غير البناء الذي يكون للواحد، و على ذلك قالوا ناقة هِجانٌ و نوق هِجانٌ، فهجان الذي هو جمع يقدّر على فِعَالٍ الذي هو جمعٌ مثل ظِرافٍ، و الذي يكون من صفة المفرد تقدره مفرداً مثل كتاب، و الكسرة في أَول مفرده غير الكسرة التي في أَوَّل جمعه، و كذلك ناقة حِضار و نوق حِضار، و كذلك الضمة في الفُلْكِ إِذا كان المفردَ غَيْرُ الضمة التي تكون في الفلك إِذا كان جمعاً، كقوله تعالى: فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ*؛ هذه الضمة بإِزاء ضمة القاف في قولك القُفْل لأَنه واحد، و أَما ضمة الفاء في قوله تعالى: وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ: فهي بإِزاء ضمة الهمزة في أُسْدٍ، فهذه تقدّرها بأَنها فُعْلٌ التي تكون جمعاً، و في الأَوَّل تقدرها فُعْلًا التي هي للمفرد. الأَزهري: و الحِضارُ من الإِبل البيض اسم جامع كالهِجانِ؛ و قال الأُمَوِيُّ: ناقة حِضارٌ إِذا جمعت قوّة و رِحْلَةً يعني جَوْدَةَ المشي؛ و قال شمر: لم أَسمع الحِضارَ بهذا المعنى إِنما الحِضارُ بيض الإِبل، و أَنشد بيت أَبي ذؤيب شُومُها و حِضارُها أَي سودها و بيضها. و الحَضْراءُ من النوق و غيرها: المُبادِرَةُ في الأَكل و الشرب. و حَضارٌ: اسم للثور الأَبيض. و الحَضْرُ: شَحْمَةٌ في العانة و فوقها. و الحُضْرُ و الإِحْضارُ: ارتفاع الفرس في عَدْوِه؛ عن الثعلبية، فالحُضْرُ الاسم و الإِحْضارُ المصدر. الأَزهري: الحُضْرُ و الحِضارُ من عدو الدواب و الفعل الإِحْضارُ؛ و منه‏
حديث وُرُودِ النار: ثم يَصْدُرُونَ عنها بأَعمالهم كلمح البرق ثم كالريح ثم كحُضْرِ الفرس.
؛ و منه‏
الحديث أَنه أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فرسه بأَرض المدينة.
؛ و منه‏
حديث كعبِ بن عُجْرَةَ: فانطلقتُ مُسْرِعاً أَو مُحْضِراً فأَخذتُ بِضَبُعِهِ.
و قال كراع: أَحْضَرَ الفرسُ إِحْضَاراً و حُضْراً، و كذلك الرجل، و عندي أَن الحُضْرَ الاسم و الإِحْضارَ المصدرُ. و احْتَضَرَ الفرسُ إِذا عدا، و اسْتَحْضَرْتُه: أَعْدَيْتُه؛ و فرس مِحْضِيرٌ، الذكر و الأُنثى في ذلك سواء. و فرس مِحْضِيرٌ و مِحْضارٌ، بغير هاء للأُنثى، إِذا كان شديد الحُضْرِ، و هو العَدْوُ. قال الجوهري: و لا يقال مِحْضار، و هو من النوادر، و هذا فرس مِحْضير و هذه فرس مِحْضِيرٌ. و حاضَرْتُهُ حِضاراً:

201
لسان العرب4

حضر ص 196

عَدَوْتُ معه. و حُضَيْرُ الكتائِب: رجلٌ من سادات العرب، و قد سَمَّتْ حاضِراً و مُحاضِراً و حُضَيْراً. و الحَضْرُ: موضع. الأَزهري: الحَضْرُ مدينة بنيت قديماً بين دِجْلَةَ و الفُراتِ. و الحَضْرُ: بلد بإِزاء مَسْكِنٍ. و حَضْرَمَوْتُ: اسم بلد؛ قال الجوهري: و قبيلة أَيضاً، و هما اسمان جعلا واحداً، إِن شئت بنيت الاسم الأَول على الفتح و أَعربت الثاني إِعراب ما لا ينصرف فقلت: هذا حَضْرَمَوْتُ، و إِن شئت أَضفت الأَول إِلى الثاني فقلت: هذا حَضْرُمَوْتٍ، أَعربت حضراً و خفضت موتاً، و كذلك القول في سامّ أَبْرَص و رَامَهُرْمُز، و النسبة إِليه حَضْرَمِيُّ، و التصغير حُضَيْرُمَوْتٍ، تصغر الصدر منهما؛ و كذلك الجمع تقول: فلان من الحَضارِمَةِ. و
في حديث مصعب بن عمير: أَنه كان يمشي في الحَضْرَمِيِّ.
؛ هو النعل المنسوبة إِلى حَضْرَمَوْتَ المتخذة بها. و حَضُورٌ: جبل باليمن أَو بلد باليمن، بفتح الحاء؛ و قال غامد:
تَغَمَّدْتُ شَرّاً كان بين عَشِيرَتِي،             فَأَسْمَانِيَ القَيْلُ الحَضُورِيُّ غامِدَا

و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: كُفِّنَ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، في ثوبين حَضُورِيَّيْن.
؛ هما منسوبان إِلى حَضُورٍ قرية باليمن. و في الحديث ذكر حَضِيرٍ، و هو بفتح الحاء و كسر الضاد، قاع يسيل عليه فَيْضُ النَّقِيع، بالنون.
حضجر:
الحِضَجْرُ: العظيم البطن الواسِعُهُ؛ قال:
حِضَجْرٌ كأُمِّ التَّوْأَمَيْنِ تَوَكَّأَتْ             على مِرْفَقَيْها، مُسْتَهِلَّةَ عاشِرِ

و حَضاجِرُ: اسم للذكر و الأُنثى من الضِّباعِ، سميت بذلك لسعة بطنها و عظمه؛ قال الحطيئة:
هَلَّا غَضِبْتَ لِرَحْلِ جارِكَ،             إِذْ تَنَبَّذَهُ حَضاجِرْ

و حَضاجِرُ معرفة و لا ينصرف في معرفة و لا نكرة لأَنه اسم للواحد على بنية الجمع لأَنهم يقولون وَطْبٌ حِضَجْرٌ و أَوْطُبٌ حَضاجِرُ، يعني واسعة عظيمة؛ قال السيرافي: و إِنما جعل اسماً لها على لفظ الجمع إِرادة للمبالغة، قالوا حَضاجِرُ فجعلوها جمعاً مثل قولهم مُغَيْرِبات الشمس و مُشَيْرِقات الشمس، و مثله جاء البعيرُ يَجُرُّ عَثانِينَهُ. و إِبل حَضاجِرُ: قد شربت و أَكلت الحَمْضَ فانتفخت خواصرها؛ قال الراجز:
إِنِّي سَتَرْوِي عَيْمَتِي، يا سالِما،             حَضاجِرٌ لا تَقْرَبُ المَواسِما

الأَزهري: الحِضَجْرُ الوَطْبُ ثم سمي به الضبع لسعة جوفها. الأَزهري: الحِضَجْرُ السِّقاء الضَّخْمُ، و الحِضَجْرَةُ: الإِبل المتفرّقة على رعائها من كثرتها.
حطر:
الأَزهري: أَهمل الليث حَطَرَ و في نوادر الأَعراب: يقال حُطِرَ به و كُلِتَ به و جُلِدَ به إِذا صُرِعَ؛ و فيها: سَيْفٌ حالُوقٌ و حالُوقَةٌ و حاطُورَةٌ. قال: و حَطَرْتُ فلاناً بالنَّبْلِ مِثْلُ نَضَدْتُه نَضْداً.
حظر:
الحَظْرُ: الحَجْرُ، و هو خلاف الإِباحَةِ. و المَحْظُورُ: المُحَرَّمُ. حَظَرَ الشي‏ءَ يَحْظُرُه حَظْراً و حِظاراً و حَظَرَ عليه: منعه، و كلُّ ما حال بينك و بين شي‏ء، فقد حَظَرَهُ عليك. و في التنزيل العزيز: وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً
. و قول العرب: لا حِظارَ على الأَسماء يعني أَنه لا يمنع أَحد أَن يسمي بما شاء أَو يتسمى به. و حَظَرَ عليه حَظْراً: حَجَرَ و مَنَعَ.

202
لسان العرب4

حظر ص 202

و الحَظِيرَة: جَرِينُ التمر، نَجْدِيَّة، لأَنه يَحْظُرُه و يَحْصُرُه. و الحَظِيرَةُ: ما أَحاط بالشي‏ء، و هي تكون من قَصَبٍ و خَشب؛ قال المَرَّارُ بن مُنْقِذٍ العَدَوِيُّ:
فإِنَّ لنا حَظائِرَ ناعِماتٍ،             عَطاء اللهِ رَبِّ العالمينا

فاستعاره للنخل. و الحِظَارُ الحَظَارُ: حائطها و صاحبها مُحْتَظِرٌ إِذا اتخذها لنفسه، فإِذا لم تَخُصَّهُ بها فهو مُحْظِرٌ. و كل ما حال بينك و بين شي‏ء، فهو حِظار و حَظَارٌ. و كل شي‏ء حَجَرَ بين شيئين، فهو حِظارٌ و حِجارٌ. و الحِظارُ: الحَظِيرَةُ تعمل للإِبل من شجر لتقيها البَرْد و الريحَ؛ و في التهذيب: الحَظارُ، بفتح الحاء. و قال الأَزهري: وجدته بخط شمر الحِظار، بكسر الحاء. و المُحْتَظِرُ: الذي يعمل الحَظِيرَةَ، و قرئ: كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
؛ فمن كسره جعله الفاعل، و من فتحه جعله المفعول به. و احْتَظَرَ القومُ و حَظَرُوا: اتخذوا حَظِيرَةً. و حَظَرُوا أَموالهم: حَبَسُوها في الحظائر من تضييق. و الحَظِرُ: الشي‏ءُ المُحْتَظَرُ به. و يقال للرجل القليل الخير: إِنه لَنكِدُ الحَظِيرَةِ؛ قال أَبو عبيد: أُراه سمى أَمواله حَظِيرَةً لأَنه حَظَرَها عنده و منعها، و هي فعيلة بمعنى مفعولة. و الحَظِرُ: الشجر المُحْتَظَرُ به، و قيل الشوك الرَّطْبُ؛ و وقع في الحَظِرِ الرَّطْبِ إِذا وقع فيما لا طاقة له به، و أَصله أَن العرب تجمع الشوك الرَّطْبَ فَتُحَظِّرُ به فربما وقع فيه الرجل فَنَشِب فيه فشبهوه بهذا. و جاء بالحَظِرِ الرَّطْبِ أَي بكثرة من المال و الناس، و قيل بالكذب المُسْتَشْنَعِ. و أَوْقَدَ في الحَظِرِ الرطْبِ: نَمَّ. الأَزهري: سمعت العرب تقول للجدار من الشجر يوضع بعضه على بعض ليكون ذَرًى للمال يَرُدُّ عنه بَرْدَ الشَّمالِ في الشتاء: حَظارٌ، بفتح الحاء؛ و قد حَظَرَ فلانٌ على نَعَمِهِ. قال الله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
؛ و قرئ: المحتظَر؛ أَراد كالهشيم الذي جمعه صاحب الحظيرة؛ و من قرأَ المحتظَر، بالفتح، فالمحتظَر اسم للحظيرة، المعنى كهشيم المكان الذي يحتظر فيه الهشيم، و الهشيم: ما يَبِسَ من المُحْتَظَرَاتِ فارْفَتَّ و تَكَسَّر؛ المعنى أَنهم بادوا و هلكوا فصاروا كَيَبيس الشجر إِذا تَحَطَّمَ؛ و قال الفرّاء: معنى قوله كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
 أَي كهشيم الذي يحظر على هشيمه، أَراد أَنه حَظَرَ حِظاراً رَطْباً على حِظارٍ قديم قد يَبِسَ. و يقال للحَطَبِ الرَّطْبِ الذي يُحْظَرُ به: الحَظِرُ؛ و منه قول الشاعر:
و لم يَمْشِ بين الحَيِّ بالحَظِرِ الرَّطْبِ‏
أَي لم يمش بالنميمة. و الحَظْرُ: المنعُ، و منه قوله تعالى: وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً
؛ و كثيراً ما يرد في القرآن ذكر المَحْظُور و يراد به الحرام. و قد حَظَرْتُ الشي‏ءَ إِذا حَرَّمْتَهُ، و هو راجع إِلى المنع. و
في حديث أُكَيْدِرِ دُوْمَةَ: لا يُحْظَرُ عليكم النَّباتُ.
؛ يقول: لا تُمْنَعُونَ من الزراعةِ حيث شئتم، و يجوز أَن يكون معناه لا يُحْمَى عليكم المَرْتَعُ. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: لا حِمَى في الأَراكِ، فقال له رجل: أَراكةٌ في حِظارِي، فقال: لا حِمَى في الأَراك.
؛ رواه شمر و قيده بخطه في حِظاري، بكسر الحاء، و قال: أَراد الأَرض التي فيها الزعر المُحاطُ عليها كالحَظِيرَةِ، و تفتح الحاء و تكسر، و كانت تلك الأَراكة التي ذكرها في الأَرض التي أَحياها قبل أَن يحييها فلم يملكها بالإِحياء و ملك الأَرض دونها أَو كانت مَرْعَى السَّارِحَةِ.

203
لسان العرب4

حظر ص 202

و المِحْظارُ: ذُبابٌ أَخْضَرُ يَلْسَعُ كذباب الآجام. و حَظِيرَةُ القُدْسِ: الجَنَّةُ. و
في الحديث: لا يَلِجُ حَظِيرَةَ القُدْسِ مُدْمِنُ خَمْرٍ.
؛ أَراد بحظيرة القدس الجنة، و هي في الأَصل الموضع الذي يُحاطُ عليه لتأْوي إِليه الغنم و الإِبل يقيها البرد و الريح. و
في الحديث: أَتته امرأَة فقالت: يا نَبِيَّ الله، ادْعُ اللهَ لي فلقد دَفَنْتُ ثلاثة، فقال: لقد احْتَظَرْت بِحِظارٍ شديد من النار.
؛ و الاحْتِظارُ: فِعْلُ الحِظارِ، أَراد لقد احْتَمَيْتِ بِحِمًى عظيم من النار يقيك حرها و يؤمنك دُخولَها. و
في حديث مالك بن أَنس: يَشْتَرِطُ صاحبُ الأَرض على المُساقِي سَدَّ الحِظارِ.
يريد به حائط البستان.
حفر:
حَفَرَ الشي‏ءَ يَحْفِرُه حَفْراً و احْتَفَرَهُ: نَقَّاهُ كما تُحْفَرُ الأَرض بالحديدة، و اسم المُحْتَفَرِ الحُفْرَةُ. و اسْتَحْفَرَ النَّهْرُ: حانَ له أَن يُحْفَرَ. و الحَفِيرَةُ و الحَفَرُ و الحَفِيرُ: البئر المُوَسَّعَةُ فوق قدرها، و الحَفَرُ، بالتحريك: التراب المُخْرَجُ من الشي‏ء المَحْفُور، و هو مثل الهَدَمِ، و يقال: هو المكان الذي حُفِرَ؛ و قال الشاعر:
قالوا: انْتَهَيْنا، و هذا الخَنْدَقُ الحَفَرُ
و الجمع من كل ذلك أَحْفارٌ، و أَحافِيرُ جمع الجمع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
جُوبَ لها من جَبلٍ هِرْشَمِّ،             مُسْقَى الأَحافِيرِ ثَبِيتِ الأُمِ‏

و قد تكون الأَحافير جمعَ حَفِيرٍ كقَطِيعٍ و أَقاطيعَ. و في الأَحاديث: ذِكْرُ حَفَرِ أَبي موسى، و هو بفتح الحاء و الفاء، و هي رَكايا احْتَفَرها على جادَّةِ الطريق من البَصْرَةِ إِلى مكة، و فيه ذكر الحَفِيرة، بفتح الحاء و كسر الفاء، نهر بالأُردنِّ نزل عنده النعمان بنُ بَشِير، و أَما بضم الحاء و فتح الفاء فمنزل بين ذي الحُلَيْفَةِ و مِلْكٍ يَسْلُكُه الحاجُّ. و المِحْفَرُ و المِحْفَرَةُ و المِحْفَارُ: المِسْحاةُ و نحوها مما يحتفر به، و رَكِيَّةٌ حَفِيرَةٌ، و حَفَرٌ بديعٌ، و جمع الحَفَرِ أَحفار؛ و أَتى يَرْبُوعاً مُقَصِّعاً أَو مُرَهِّطاً فَحَفَرَهُ و حَفَرَ عنه و احْتَفَرَهُ. الأَزهري: قال أَبو حاتم: يقال حافِرٌ مُحافِرَةٌ، و فلان أَرْوَغُ من يَرْبُوعٍ مُحافِرٍ، و ذلك أَن يَحْفِرَ في لُغْزٍ من أَلْغازِهِ فيذهبَ سُفْلًا و يَحْفِر الإِنسانُ حتى يعيا فلا يقدر عليه و يشتبه عليه الجُحْرُ فلا يعرفه من غيره فيدعه، فإِذا فعل اليَرْبُوعُ ذلك قيل لمن يطلبه؛ دَعْهُ فقد حافَرَ فلا يقدر عليه أَحد؛ و يقال إِنه إِذا حافَرَ و أَبى أَن يَحْفِرَ الترابَ و لا يَنْبُثَه و لا يُذَرِّي وَجْهَ جُحْرِه يقال: قد جَثا فترى الجُحْرَ مملوءاً تراباً مستوياً مع ما سواه إِذا جَثا، و يسمى ذلك الجاثِياءَ، ممدوداً؛ يقال: ما أَشدَّ اشتباهَ جَاثِيائِه. و قال ابن شميل: رجل مُحافِرٌ ليس له شي‏ء؛ و أَنشد:
مُحافِرُ العَيْشِ أَتَى جِوارِي،             ليس له، مما أَفاءَ الشَّارِي،
غَيْرُ مُدًى و بُرْمَةٍ أَعْشَارِ

و كانت سُورَةُ براءة تسمى الحافِرَةَ، و ذلك أَنها حَفَرَتْ عن قلوب المنافقين، و ذلك أَنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره و من يوالي المؤمنين ممن يوالي أَعداءَهم. و الحَفْرُ و الحَفَرُ: سُلاقٌ في أُصول الأَسْنانِ، و قيل: هي صُفْرة تعلو الأَسنان. الأَزهري: الحَفْرُ و الحَفَرُ، جَزْمٌ و فَتْحٌ لغتان، و هو ما يَلْزَقُ بالأَسنان من ظاهر و باطن، نقول: حَفَرَتْ أَسنانُه تَحْفِرُ حَفْراً. و يقال: في أَسنانه حَفْرٌ، و بنو أَسد تقول:

204
لسان العرب4

حفر ص 204

في أَسنانه حَفَرٌ، بالتحريك؛ و قد حَفَرَتْ تَحْفِرُ حَفْراً، مثال كَسَرَ يَكْسِرُ كَسْراً: فسدت أُصولها؛ و يقال أَيضاً: حَفِرَتْ مثال تَعِبَ تَعَباً، قال: و هي أَردأُ اللغتين؛ و سئل شمر عن الحَفَرِ في الأَسنان فقال: هو أَن يَحْفِرَ القَلَحُ أُصولَ الأَسنان بين اللِّثَةِ و أَصلِ السِّنِّ من ظاهر و باطن، يُلِحُّ على العظم حتى ينقشر العظم إِن لم يُدْرَكْ سَرِيعاً. و يقال: أَخذ فَمَهُ حَفَرٌ و حَفْرٌ. و يقال: أَصبح فَمُ فلان مَحْفُوراً، و قد حُفِرَ فُوه، و حَفَرَ يَحْفِرُ حَفْراً، و حَفِرَ حَفَراً فيهما. و أَحْفَرَ الصبي: سقطت له الثَّنِيَّتانِ العُلْيَيان و السُّفْلَيانِ، فإِذا سقطت رَواضِعُه قيل: حَفَرَتْ. و أَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْناء و الإِرْباعِ و القُروحِ: سقطت ثناياه لذلك. و أَفَرَّتِ الإِبل للإِثناء إِذا ذهبت رَواضِعُها و طلع غيرها. و قال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: يقال أَحْفَرَ المُهْرُ إِحْفاراً، فهو مُحْفِرٌ، قال: و إِحْفارُهُ أَن تتحرك الثَّنِيَّتانِ السُّفْلَيانِ و العُلْيَيانِ من رواضعه، فإِذا تحركن قالوا: قد أَحْفَرَتْ ثنايا رواضعه فسقطن؛ قال: و أَوَّل ما يَحْفِرُ فيما بين ثلاثين شهراً أَدنى ذلك إِلى ثلاثة أَعوام ثم يسقطن فيقع عليها اسم الإِبداء، ثم تُبْدِي فيخرج له ثنيتان سفليان و ثنيتان علييان مكان ثناياه الرواضع اللواتي سقطن بعد ثلاثة أَعوام، فهو مُبْدٍ؛ قال: ثم يُثْنِي فلا يزال ثَنِيّاً حتى يُحْفِرَ إِحْفاراً، و إِحْفارُه أَن تحرَّك له الرَّباعِيَتانِ السفليان و الرباعيتان العلييان من رواضعه، و إِذا تحركن قيل: قد أَحْفَرَتْ رَباعِياتُ رواضعه، فيسقطن أَول ما يُحْفِرْنَ في استيفائه أَربعة أَعوام ثم يقع عليها اسم الإِبداء، ثم لا يزال رَباعِياً حتى يُحْفِرَ للقروح و هو أَن يتحرَّك قارحاه و ذلك إِذا استوفى خمسة أَعوام؛ ثم يقع عليه اسم الإِبداء على ما وصفناه ثم هو قارح. ابن الأَعرابي: إِذا استتم المهر سنتين فهو جَذَغٌ ثم إِذا استتم الثالثة فهو ثنيّ، فإِذا أَثنى أَلقى رواضعه فيقال: أَثنى و أَدْرَمَ للإِثناء؛ ثم هو رَباع إِذا استتم الرابعة من السنين يقال: أَهْضَمَ للإِرباع، و إِذا دخل في الخامسة فهو قارح؛ قال الأَزهري: و صوابه إِذا استتم الخامسة فيكون موافقاً لقول أَبي عبيدة قال: و كأَنه سقط شي‏ء. و أَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْنَاءِ و الإِرْباعِ و القُروحِ إِذا ذهبت رواضعه و طلع غيرها. و الْتَقَى القومُ فاقتتلوا عند الحافِرَةِ أَي عند أَوَّل ما الْتَقَوْا. و العرب تقول: أَتيت فلاناً ثم رجعتُ على حافِرَتِي أَي طريقي الذي أَصْعَدْتُ فيه خاصةً فإِن رجع على غيره لم يقل ذلك؛ و في التهذيب: أَي رَجَعْتُ من حيثُ جئتُ. و رجع على حافرته أَي الطريق الذي جاء منه. و الحافِرَةُ: الخلقة الأُولى. و في التنزيل العزيز: أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ
؛ أَي في أَول أَمرنا؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
أَ حافِرَةً على صَلَعٍ و شَيْبٍ؟             مَعاذَ اللهِ من سَفَهٍ و عارِ

يقول: أَ أَرجع إِلى ما كنت عليه في شبابي و أَمري الأَول من الغَزَلِ و الصِّبَا بعد ما شِبْتُ و صَلِعْتُ؟ و الحافرة: العَوْدَةُ في الشي‏ء حتى يُرَدَّ آخِره على أَوّله. و
في الحديث: إِن هذا الأَمر لا يُترك على حاله حتى يُرَدَّ على حافِرَتِه.
؛ أَي على أَوّل تأْسيسه. و
في حديث سُراقَةَ قال: يا رسول الله، أَ رأَيتَ أَعمالنا التي نَعْمَلُ؟ أَ مُؤَاخَذُونَ بها عند الحافِرَةِ خَيْرٌ فَخَيْرٌ أَو شَرٌّ فَشَرٌّ أَو شي‏ء سبقت به المقادير و جَفَّت به الأَقلام؟.
و قال الفراء في قوله تعالى: فِي الْحافِرَةِ
: معناه أَ ئنا لمردودون إِلى أَمرنا الأَوّل أَي الحياة. و قال ابن الأَعرابي: فِي الْحافِرَةِ
، أَي في الدنيا كما كنا؛ و قيل معنى قوله أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ
 أَي في الخلق‏

205
لسان العرب4

حفر ص 204

الأَول بعد ما نموت. و قالوا في المثل: النَّقْدُ عند الحافِرَةِ و الحافِرِ أَي عند أَول كلمة؛ و في التهذيب: معناه إِذا قال قد بعتُك رجعتَ عليه بالثمن، و هما في المعنى واحد؛ قال: و بعضهم يقول النَّقْدُ عند الحافِرِ يريد حافر الفرس، و كأَنَّ هذا المثل جرى في الخيل، و قيل: الحافِرَةُ الأَرضُ التي تُحْفَرُ فيها قبورهم فسماها الحافرة و المعنى يريد المحفورة كما قال ماءٍ دافِقٍ يريد مدفوق؛ و روى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال: هذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند السَّبْقِ، قال: و الحافرة الأَرض المحفورة، يقال أَوَّل ما يقع حافر الفرس على الحافرة فقد وجب النَّقْدُ يعني في الرِّهانِ أَي كما يسبق فيقع حافره؛ يقول: هاتِ النَّقْدَ؛ و قال الليث: النَّقْدُ عند الحافر معناه إِذا اشتريته لن تبرح حتى تَنْقُدَ. و
في حديث أُبيّ قال: سأَلت النبي، صلى الله عليه و سلم، عن التوبة النصوح، قال: هو الندم على الذنب حين يَفْرُطُ منك و تستغفر الله بندامتك عندَ الحافِرِ لا تعود إِليه أَبداً.
؛ قيل: كانوا لنفاسة الفرس عندهم و نفاستهم بها لا يبيعونها إِلا بالنقد، فقالوا: النقد عند الحافر أَي عند بيع ذات الحافر و صيروه مثلًا، و من قال عند الحافرة فإِنه لما جعل الحافرة في معنى الدابة نفسها و كثر استعماله من غير ذكر الذات، أُلحقت به علامة التأْنيث إِشعاراً بتسمية الذات بها أَو هي فاعلة من الحَفْرِ، لأَن الفرس بشدّة دَوْسِها تَحْفِرُ الأَرض؛ قال: هذا هو الأَصل ثم كثر حتى استعمل في كل أَوَّلية فقيل: رجع إِلى حافِرِه و حافِرَته، و فعل كذا عند الحافِرَة و الحافِرِ، و المعنى يتخير الندامة و الاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأْخير لأَن التأْخير من الإِصرار، و الباء في بندامته بمعنى مع أَو للاستعانة أَي تطلب مغفرة الله بأَن تندم، و الواو في و تستغفر للحال أَو للعطف على معنى الندم. و الحافِرُ من الدواب يكون للخيل و البغال و الحمير: اسم كالكاهل و الغارب، و الجمع حَوافِرُ؛ قال:
أَوْلَى فَأَوْلَى يا إمْرَأَ القَيْسِ، بعد ما             خَصَفْنَ بآثار المَطِيِّ الحَوافِرَا

أَراد: خصفن بالحوافر آثار المطيّ، يعني آثار أَخفافه فحذف الباء الموحدة من الحوافر و زاد أُخرى عوضاً منها في آثار المطيّ، هذا على قول من لم يعتقد القلب، و هو أَمثل، فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه؛ و من هنا قال بعضهم معنى قولهم النَّقْدُ عند الحافِر أَن الخيل كانت أَعز ما يباع فكانوا لا يُبارِحُونَ مَنِ اشتراها حتى يَنْقُدَ البائِعَ، و ليس ذلك بقويّ. و يقولون للقَدَمِ حافراً إِذا أَرادوا تقبيحها؛ قال:
أَعُوذُ باللهِ من غُولٍ مُغَوِّلَةٍ             كأَنَّ حافِرَها في ... ظُنْبوُبِ «2».

الجوهري: الحافِرُ واحد حَوَافِر الدابة و قد استعاره الشاعر في القدم؛ قال جُبَيْها الأَسدي يصف ضيفاً طارقاً أَسرع إِليه:
فأَبْصَرَ نارِي، و هْيَ شَقْرَاءُ، أُوقِدَتْ             بِلَيْلٍ فَلَاحَتْ للعُيونِ النَّواظِرِ
فما رَقَدَ الوِلْدانُ، حتى رَأَيْتُه             على البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ و حافِرِ

و معنى يمريه يستخرج ما عنده من الجَرْيِ. و الحُفْرَةُ: واحدة الحُفَرِ. و الحُفْرَةُ: ما يُحْفَرُ في الأَرض. و الحَفَرُ: اسم المكان الذي حُفِر كَخَنْدَقٍ أَو بئر. و الحَفْرُ: الهُزال؛ عن كراع. و حَفَرَ الغَرَزُ
__________________________________________________
 (2). كذا بياض بالأصل.

206
لسان العرب4

حفر ص 204

العَنْزَ يَحْفِرُها حَفْراً: أَهْزَلَها. و هذا غيث لا يَحْفِرهُ أَحد أي لا يعلم أَحد أَين أَقصاه، و الحِفْرَى، مثال الشِّعْرَى: نَبْتٌ، و قيل: هو شجر يَنْبُتُ في الرمل لا يزال أَخضر، و هو من نبات الربيع، و قال أَبو حنيفة: الحِفْرَى ذاتُ ورَقٍ و شَوْكٍ صغارٍ لا تكون إِلَّا في الأَرض الغليظة و لها زهرة بيضاء، و هي تكون مثلَ جُثَّةِ الحمامة؛ قال أَبو النجم في وصفها:
يَظَلُّ حِفْراهُ، من التَّهَدُّلِ،             في رَوْضِ ذَفْراءَ و رُعْلٍ مُخْجِلِ‏

الواحدة من كل ذلك حِفْراةٌ، و ناسٌ من أَهل اليمن يسمون الخشبة ذات الأَصابع التي يُذَرَّى بها الكُدْسُ المَدُوسُ و يُنَقَّى بها البُرُّ من التِّبْنِ: الحِفراةَ ابن الأَعرابي: أَحْفَرَ الرجلُ إِذا رعَت إِبله الحِفْرَى، و هو نبت؛ قال الأَزهري: و هو من أَردإِ المراعي. قال: و أَحْفَرَ إِذا عمل بالحِفْراةِ، و هي الرَّفْشُ الذي يذرَّى به الحنطة و هي الخشبة المُصْمَتَةُ الرأْس، فأَما المُفَرَّج فهو العَضْمُ، بالضاد، و المِعْزَقَةَ؛ قال: و المِعْزَقَةُ في غير هذا: المَرُّ؛ قال: و الرَّفْشُ في غير هذا: الأَكلُ الكثيرُ. و يقال: حَفَرْتُ ثرَى فلان إِذا فتشت عن أَمره و وقفت عليه، و قال ابن الأَعرابي: حَفَرَ إِذا جامع، و حَفِرَ إِذا فَسَد. و الحَفِيرُ: القبر. و حَفَرَهُ حَفْراً: هَزَلَهُ؛ يقال: ما حامل إِلا و الحَمْلُ يَحْفِرُها إِلَّا الناقةَ فإِنها تَسْمَنُ عليه. و حُفْرَةُ و حُفَيْرَةُ، و حُفَيْرٌ، و حَفَرٌ، و يقالان بالأَلف و اللام: مواضع، و كذلك أَحْفارٌ و الأَحْفارُ؛ قال الفرزدق:
فيا ليتَ داري بالمدينةِ أَصبَحَتْ             بأَحْفارِ فَلْجٍ، أَو بِسيفِ الكَواظِمِ‏

و قال ابن جني: أَراد الحَفَرَ و كاظمة فجمعهما ضرورة. الأَزهري: حَفْرٌ و حَفِيرَةُ اسما موضعين ذكرهما الشعراء القدماء. قال الأَزهري: و الأَحْفارُ المعروفة في بلاد العرب ثلاثة: فمنها حَفَرُ أَبي موسى، و هي ركايا احتفرها أَبو موسى الأَشعري على جادَّة البصرة، قال: و قد نزلت بها و استقيت من ركاياها و هي ما بين ماوِيَّةَ و المَنْجَشانِيَّاتِ، و ركايا الحَفَرِ مستوية بعيدة الرِّشاءِ عذبة الماء؛ و منها حَفَرُ ضَبَّةَ، و هي ركايا بناحية الشَّواجِنِ بعيدة القَعْرِ عذبة الماء؛ و منها حَفَرُ سَعْدِ بن زيد مَناةَ بن تميم، و هي بحذاء العَرَمَةِ وراء الدَّهْناءِ يُسْتَقَى منها بالسَّانِيَةِ عند جبل من جبال الدهناء يقال له جبل الحاضر.
حقر:
الحَقْرُ في كل المعاني: الذِّلَّة؛ حَقَرَ يَحْقِرُ حَقْراً و حُقْرِيَّةً، و كذلك الاحْتِقارُ. و الحَقِيرُ: الصغير الذليل. و
في الحديث: عَطَسَ عنده رجل فقال له: حَقِرْتَ و نَقِرْتَ.
؛ حَقِرَ إِذا صار حقيراً أَي ذليلًا. و تَحاقَرَتْ إِليه نفسه؛ تَصاغَرَتْ. و التَّحْقِيرُ: التصغيرُ. و المُحَقَّراتُ: الصغائر. و يقال: هذا الأَمر مَحْقَرَةٌ بك أَي حَقارَةٌ. و الحَقِيرُ: ضد الخَطِير، و يؤكد فيقال: حَقِيرٌ نَقِيرٌ و حَقْرٌ نَقْرٌ. و قد حَقُرَ، بالضم، حَقْراً و حَقارةً و حَقَرَ الشي‏ءَ يَحْقِرُهُ حَقْراً و مَحْقَرَةً و حَقارَةً و حَقَّرَهُ و احْتَقَرَهُ و اسْتَحقَرهُ: اسْتَصْغَرَه و رآه حقِيراً. و حَقَّرَهُ: صيره حَقِيراً؛ قال بعض الأَغفال:
حُقِّرْتِ أَلَّا يَوْمَ قُدَّ سَيْرِي،             إِذ أَنَا مِثْلُ الفَلَتانِ العَيْرِ

حُقِّرْتِ أَي صيرك الله حقيرة هلَّا تعرَّضت إِذْ أَنَا فتى. و تحقير الكلمة: تصغيرها. و حَقَّرَ الكلامَ:

207
لسان العرب4

حقر ص 207

صَغَّرَه. و الحروف المَحْقورةُ هي: القاف و الجيم و الطاء و الدال و الباء يجمعها [جَدُّ قُطْبٍ‏] سميت بذلك لأَنها تُحَقَّرُ في الوقت و تُضْغَطُ عن مواضعها، و هي حروف القلقلة، لأَنك لا تستطيع الوقوف عليها إِلَّا بصوت و ذلك لشدَّة الحَقْر و الضَّغْطِ، و ذلك نحو الحَقْ و اذْهَبْ و اخرُج، و بعض العرب أَشدَّ تصويتاً من بعض. و في الدعاء: حَقْراً و مَحْقَرَةً و حَقارَةً، و كله راجع إِلى معنى الصِّغَرِ. و رجل حَيْقَرٌ: ضعيف؛ و قيل: لئيم الأَصل.
حكر:
الحَكْرُ: ادِّخارُ الطعام للتَّرَبُّضِ، و صاحبُه مُحْتَكِرٌ. ابن سيدة: الاحْتِكارُ جمع الطعام و نحوه مما يؤكل و احتباسُه انْتِظارَ وقت الغَلاء بِه؛ و أَنشد:
نَعَّمَتْها أُم صِدْقٍ بَرَّةٌ،             و أَبٌ يُكْرِمُها غَيْرُ حَكِرْ

و الحَكَرُ و الحُكَرُ جميعاً: ما احْتُكِرَ. ابن شميل: إِنهم ليَتَحَكَّرونَ في بيعهم ينظرون و يتربصون، و إِنه لحَكِرٌ لا يزال يَحْبِسُ سِلْعَتَهُ و السُّوقُ مادَّةٌ حتى يبيع بالكثير من شِدَّة حَكْرِه أَي من شدة احتباسه و تَرَبُّصِه؛ قال: و السوق مادَّة أَي مَلأَى رجالًا و بُيوعاً، و قد مَدَّتِ السوقُ تَمُدُّ مدّاً. و
في الحديث: من احْتَكَرَ طعاماً فهو كذا.
؛ أَي اشتراه و حبسه ليَقِلَّ فَيَغْلُوَ، و الحُكْرُ و الحُكْرَةُ الاسم منه؛ و منه‏
الحديث: أَنه نهى عن الحُكْرَةِ.
؛ و منه‏
حديث عثمان: أَنه كان يشتري حُكْرَةً.
أَي جملة؛ و قيل: جِزافاً. و أَصل الحُكْرَةِ: الجمعُ و الإِمساك. و حَكَرَه يَحْكِرُه حَكْراً: ظلمه و تَنَقَّصَه و أَساء معاشرته؛ قال الأَزهري: الحَكْرُ الظلم و التنَقُّصُ و سُوءُ العِشْرَةِ؛ و يقال: فلان يَحْكِرُ فلاناً إِذا أَدخل عليه مشقةً و مَضَرَّة في مُعاشَرَته و مُعايَشَتِه، و النَّعْتُ حَكِرٌ، و رجل حَكِرٌ على النَّسَب؛ قال الشاعر و أَورد البيت المتقدم:
و أَب يكرمها غير حكر

و الحَكْرُ: اللَّجاجَةُ. و
في حديث أَبي هريرة قال في الكلاب: إِذا وردت الحَكَرَ القليلَ فلا تَطعَمهُ.
؛ الحكر، بالتحريك: الماء القليل المجتمع، و كذلك القليل من الطعام و اللبن، و هو فَعَلٌ بمعنى مفعول أَي مجموع، و لا تطعمه أَي لا تشربه.
حمر:
الحُمْرَةُ: من الأَلوان المتوسطة معروفة. لونُ الأَحْمَرِ يكون في الحيوان و الثياب و غير ذلك مما يقبله، و حكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً. و قد احْمَرَّ الشي‏ء و احْمَارَّ بمعنًى، و كلُّ افْعَلَّ من هذا الضرب فمحذوف من افْعَالَّ، و افْعَلَّ فيه أَكثر لخفته. و يقال: احْمَرَّ الشي‏ءُ احْمِراراً إِذا لزم لَوْنَه فلم يتغير من حال إِلى حال، و احْمارَّ يَحْمارُّ احْمِيراراً إِذا كان عَرَضاً حادثاً لا يثبت كقولك: جَعَلَ يَحْمارُّ مرة و يَصْفارُّ أُخْرَى؛ قال الجوهري: إِنما جاز إِدغام احْمارَّ لأَنه ليس بملحق و لو كان له في الرباعي مثال لما جاز إِدغامه كما لا يجوز إِدغام اقْعَنْسَسَ لما كان ملحقاً باحْرَنْجَمَ. و الأَحْمَرُ من الأَبدان: ما كان لونه الحُمْرَةَ. الأَزهري في قولهم: أَهلك النساءَ الأَحْمرانِ، يعنون الذهب و الزعفران، أَي أَهلكهن حب الحلى و الطيب. الجوهري: أَهلك الرجالَ الأَحمرانِ: اللحم و الخمر. غيره: يقال للذهب و الزعفران الأَصفران، و للماء و اللبن الأَبيضان، و للتمر و الماء الأَسودان. و
في الحديث: أُعطيت الكنزين الأَحْمَرَ و الأَبْيَضَ.
؛ هي ما أَفاء الله على أُمته من كنوز الملوك. و الأَحمر: الذهب، و الأَبيض: الفضة،

208
لسان العرب4

حمر ص 208

و الذهب كنوز الروم لأَنه الغالب على نقودهم، و قيل: أَراد العرب و العجم جمعهم الله على دينه و ملته. ابن سيدة: الأَحمران الذهب و الزعفران، و قيل: الخمر و اللحم فإِذا قلت الأَحامِرَةَ ففيها الخَلُوقُ؛ و قال الليث: هو اللحم و الشراب و الخَلُوقُ؛ قال الأَعشى:
إِن الأَحامِرَةَ الثَّلاثَةَ أَهْلَكَتْ             مالي، و كنتُ بها قديماً مُولَعا

ثم أَبدل بدل البيان فقال:
الخَمْرَ و اللَّحْمَ السَّمينَ، و أَطَّلِي             بالزَّعْفَرانِ، فَلَنْ أَزَالَ مُوَلَّعَا «3».

جعل قولَه و أَطَّلي بالزعفران كقوله و الزعفران. و هذا الضرب كثير، و رواه بعضهم:
الخمر و اللحم السمين أُدِيمُهُ             و الزعفرانَ .........

و قال أَبو عبيدة: الأَصفران الذهب و الزعفران؛ و قال ابن الأَعرابي: الأَحمران النبيذ و اللحم؛ و أَنشد:
الأَحْمَرينَ الرَّاحَ و المُحَبَّرا
قال شمر: أَراد الخمر و البرود. و الأَحمرُ الأَبيض: تَطَيُّراً بالأَبرص؛ يقال: أَتاني كل أَسود منهم و أَحمر، و لا يقال أَبيض؛ معناه جميع الناس عربهم و عجمهم؛ يحكيها عن أَبي عمرو بن العلاء. و
في الحديث: بُعِثْتُ إِلى الأَحمر و الأَسود.
و
في حديث آخر عن أَبي ذر: أَنه سمع النبي، صلى الله عليه و سلم، يقول: أُوتيتُ خَمْساً لم يؤتَهُن نبيّ قبلي، أُرسلت إِلى الأَحمر و الأَسود و نصرت بالرعب مسيرة شهر.
؛ قال شمر: يعني العرب و العجم و الغالب على أَلوان العرب السُّمرة و الأُدْمَة و على أَلوان العجم البياض و الحمرة، و قيل: أَراد الإِنس و الجن، و روي عن أَبي مسحل أَنه قال في‏
قوله بعثت إِلى الأَحمر و الأَسود.
: يريد بالأَسود الجن و بالأَحمر الإِنس، سمي الإِنس الأَحمر للدم الذي فيهم، و قيل أَراد بالأَحمر الأَبيض مطلقاً؛ و العرب تقول: امرأَة حمراء أَي بيضاء. و سئل ثعلب: لم خَصَّ الأَحمرَ دون الأَبيض؟ فقال: لأَن العرب لا تقول رجل أَبيض من بياض اللون، إِنما الأَبيض عندهم الطاهر النقيُّ من العيوب، فإِذا أَرادوا الأَبيض من اللون قالوا أَحمر: قال ابن الأَثير: و في هذا القول نظر فإِنهم قد استعملوا الأَبيض في أَلوان الناس و غيرهم؛ و
قال عليّ، عليه السلام، لعائشة، رضي الله عنها: إِياك أَن تَكُونيها يا حُمَيْراءُ.
أَي يا بيضاء. و
في الحديث: خذوا شَطْرَ دينكم من الحُمَيْراءِ.
؛ يعني عائشة، كان يقول لها أَحياناً يا حميراء تصغير الحمراء يريد البيضاء؛ قال الأَزهري: و القول في الأَسود و الأَحمر إِنهما الأَسود و الأَبيض لأَن هذين النعتين يعمان الآدميين أَجمعين، و هذا
كقوله بعثت إِلى الناس كافة.
؛ و قوله:
جَمَعْتُم فأَوْعَيْتُم، و جِئْتُم بِمَعْشَرٍ             تَوافَتْ به حُمرانُ عَبْدٍ و سُودُها

يريد بِعَبْدٍ عَبْدَ بنِ بَكْرِ بْنِ كلاب؛ و قوله أَنَشده ثعلب:
نَضْخَ العُلوجِ الحُمْرِ في حَمَّامِها
إِنما عنى البيضَ، و قيل: أَراد المحَمَّرين بالطيب. و حكي عن الأَصمعي: يقال أَتاني كل أَسود منهم و أَحمر، و لا يقال أَبيض. و قوله‏
في حديث عبد الملك: أَراكَ أَحْمَرَ قَرِفاً.
؛ قال: الحُسْنُ أَحْمَرُ، يعني أَن الحُسْنَ في الحمرة؛ و منه قوله:
فإِذا ظَهَرْتِ تَقَنَّعي             بالحُمْرِ، إِن الحُسْنَ أَحْمَر

__________________________________________________
 (3). قوله: [فلن أزال مولعا] التوليع: البلق، و هو سواد و بياض؛ و في نسخة بدله مبقعاً؛ و في الأَساس مردّعاً.

209
لسان العرب4

حمر ص 208

قال ابن الأَثير: و قيل كنى بالأَحمر عن المشقة و الشدة أَي من أَراد الحسن صبر على أَشياء يكرهها. الجوهري: رجل أَحمر، و الجمع الأَحامر، فإِن أَردت المصبوغ بالحُمْرَة قلت: أَحمر، و الجمع حُمْر. و مُضَرُ الحَمْراءِ، بالإِضافة: نذكرها في مضر. و بَعير أَحمر: لونه مثل لون الزعفران إِذا أُجْسِدَ الثوبُ به، و قيل بعير أَحمر إِذا لم يخالط حمرتَه شي‏ءٌ؛ قال:
قام إِلى حَمْراءَ من كِرامِها،             بازِلَ عامٍ أَو سَدِيسَ عامِها

و هي أَصبر الإِبل على الهواجر. قال أَبو نصر النَّعامِيُّ: هَجِّرْ بحمراء، و اسْرِ بوَرْقاءَ، و صَبِّحِ القومَ على صَهْباء؛ قيل له: و لِمَ ذلك؟ قال: لأَن الحمراء أَصبر على الهواجر، و الورقاء أَصبر على طول السُّرى، و الصهباء أَشهر و أَحسن حين ينظر إِليها. و العرب تقول: خير الإِبل حُمْرها و صُهْبها؛ و منه قول بعضهم: ما أُحِبُّ أَنَّ لي بمعاريض الكلم حُمْرَ النَّعَمِ. و الحمراء من المعز: الخالصة اللون. و الحمراء: العجم لبياضهم و لأَن الشقرة أَغلب الأَلوان عليهم، و كانت العرب تقول للعجم الذين يكون البياض غالباً على أَلوانهم مثل الروم و الفرس و من صاقبهم: إنهم الحمراء؛ و منه‏
حديث علي، رضي الله عنه، حين قال له سَرَاةٌ من أَصحابه العرب: غلبتنا عليك هذه الحمراء؛ فقال: لنضربنكم على الدين عَوْداً كما ضربتموهم عليه بَدْءاً.
؛ أَراد بالحمراء الفُرْسَ و الروم. و العرب إِذا قالوا: فلان أَبيض و فلانة بيضاء فمعناه الكرم في الأَخلاق لا لون الخلقة، و إِذا قالوا: فلان أَحمر و فلانة حمراء عنوا بياض اللون؛ و العرب تسمي المَوَاليَ الحمراء. و الأَحامرة: قوم من العجم نزلوا البصرة و تَبَنَّكُوا بالكوفة. و الأَحمر: الذي لا سلاح معه. و السَّنَةُ الحمراء: الشديدة لأَنها واسطة بين السوداء و البيضاء؛ قال أَبو حنيفة: إِذا أَخْلَفَتِ الجَبْهَةُ فهي السنة الحمراءُ؛ و
في حديث طَهْفَةَ: أَصابتنا سنة حمراء.
أَي شديدة الجَدْبِ لأَن آفاق السماء تَحْمَرُّ في سِنِي الجدب و القحط؛ و
في حديث حليمة: أَنها خرجت في سنة حمراء قَدْ بَرَتِ المال.
الأَزهري: سنة حمراء شديدة؛ و أَنشد:
أَشْكُو إِليكَ سَنَواتٍ حُمْرَا
قال: أَخرج نعته على الأَعوام فذكَّر، و لو أَخرجه على السنوات لقال حَمْراواتٍ؛ و قال غيره: قيل لِسِني القحط حَمْراوات لاحمرار الآفاق فيه و منه قول أُمية:
و سُوِّدَتْ شَمْسُهُمْ إِذا طَلَعَتْ             بالجِلبِ [بالجُلبِ‏] هِفّاً، كأَنه كَتَمُ‏

و الكتم: صبغ أَحمر يختضب به. و الجلب: السحاب الرقيق الذي لا ماء فيه. و الهف: الرقيق أَيضاً، و نصبه على الحال. و
في حديث علي، كرم الله تعالى وجهه، أَنه قال: كنا إِذا احْمَرَّ البَأْس اتَّقينا برسول الله، صلى الله عليه و سلم.
أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا العدو برسول الله صلى الله عليه و سلم و جعلناه لنا وقاية. قال الأَصمعي: يقال هو الموت الأَحمر و الموت الأَسود؛ قال: و معناه الشديد؛ قال: و أُرى ذلك من أَلوان السباع كأَنه من شدته سبع؛ قال أَبو عبيد: فكأَنه أَراد بقوله احْمَرَّ البأْسُ أَي صار في الشدة و الهول مثل ذلك. و المُحَمِّرَةُ: الذين علامتهم الحمرة كالمُبَيِّضَةِ و المُسَوِّدَةِ، و هم فرقة من الخُرَّمِيَّةِ، الواحد منهم مُحَمِّرٌ، و هم يخالفون المُبَيِّضَةَ. التهذيب: و يقال للذين يُحَمِّرون راياتِهم خلاف زِيِّ المُسَوِّدَةِ من بني هاشم: المُحَمِّرَةُ، كما يقال للحَرُورِيَّة المُبَيِّضَة، لأَن راياتهم في الحروب كانت بيضاً.

210
لسان العرب4

حمر ص 208

و مَوْتٌ أَحمر: يوصف بالشدَّة؛ و منه:
لو تعلمون ما في هذه الأُمة من الموت الأَحمر.
يعني القتل لما فيه من حمرة الدم، أَو لشدّته. يقال: موت أَحمر أَي شديد. و الموت الأَحمر: موت القتل، و ذلك لما يحدث عن القتل من الدم، و ربما كَنَوْا به عن الموت الشديد كأَنه يلْقَى منه ما يلْقَى من الحرب؛ قال أَبو زبيد الطائي يصف الأَسد:
إِذا عَلَّقَتْ قِرْناً خطاطِيفُ كَفِّهِ،             رَأَى الموتَ رَأْيَ العَيْنِ أَسْوَدَ أَحْمَرا

و قال أَبو عبيد في معنى قولهم: هو الموت الأَحمر يَسْمَدِرُّ بَصَرُ الرجلِ من الهول فيرى الدنيا في عينيه حمراء و سوداء، و أَنشد بيت أَبي زبيد. قال الأَصمعي: يجوز أَن يكون من قول العرب وَطْأَةٌ حمراء إِذا كانت طرية لم تدرُس، فمعنى قولهم الموت الأَحمر الجديد الطري. الأَزهري: و
يروى عن عبد الله بن الصامت أَنه قال: أَسرع الأَرض خراباً البصرة، قيل: و ما يخربها؟ قال: القتل الأَحمر و الجوع الأَغبر.
و قالوا: الحُسْنُ أَحْمرُ أَي شاقٌّ أَي من أَحب الحُسْنَ احتمل المشقة. و قال ابن سيدة أَي أَنه يلقى منه ما يلقى صاحب الحَرْبِ من الحَرْب. قال الأَزهري: و كذلك موت أَحمر. قال: الحُمْرَةُ في الدم و القتال، يقول يلقى منه المشقة و الشدّة كما يلقى من القتال. و روى الأَزهري عن ابن الأَعرابي في قولهم الحُسْنُ أَحمر: يريدون إن تكلفتَ الحسن و الجمال فاصبر فيه على الأَذى و المشقة؛ ابن الأَعرابي: يقال ذلك للرجل يميل إِلى هواه و يختص بمن يحب، كما يقال: الهوى غالب، و كما يقال: إِن الهوى يميلُ باسْتِ الراكبِ إِذا آثر من يهواه على غيره. و الحُمْرَةُ: داءٌ يعتري الناس فيحمرّ موضعها، و تُغالَبُ بالرُّقْيَة. قال الأَزهري: الحُمْرَةُ من جنس الطواعين، نعوذ بالله منها. الأَصمعي: يقال هذه وَطْأَةٌ حَمْراءُ إِذا كانت جديدة، وَ وَطْأَةٌ دَهْماء إِذا كانت دارسة، و الوطْأَة الحَمْراءُ: الجديدة. و حَمْراءُ الظهيرة: شدّتها؛ و منه‏
حديث عليّ، كرم الله وجهه: كنا إِذا احْمَرَّ البأْسُ اتقيناه برسول الله، صلى الله عليه و سلم، فلم يكن أَحدٌ أَقربَ إِليه منه.
؛ حكى ذلك أَبو عبيد، رحمه الله، في كتابه الموسوم بالمثل؛ قال ابن الأَثير: معناه إِذا اشتدّت الحرب استقبلنا العدوّ به و جعلناه لنا وقاية، و قيل: أَراد إِذا اضطرمت نار الحرب و تسعرت، كما يقال في الشر بين القوم: اضطرمت نارهم تشبيهاً بحُمْرة النار؛ و كثيراً ما يطلقون الحُمْرَة على الشِّدّة. و قال أَبو عبيد في شرح الحديث الأَحمرُ و الأَسودُ من صفات الموت: مأْخوذ من لون السَّبُع كأَنه من شدّته سَبُعٌ، و قيل: شُبه بالوطْأَة الحمراء لجِدَّتها و كأَن الموت جديد. و حَمارَّة القيظ، بتشديد الراء، و حَمارَتُه: شدّة حره؛ التخفيف عن اللحياني، و قد حكيت في الشتاء و هي قليلة، و الجمع حَمَارٌّ. و حِمِرَّةُ الصَّيف: كَحَمَارَّتِه. و حِمِرَّةُ كل شي‏ء و حِمِرُّهُ: شدّته. و حِمِرُّ القَيْظِ و الشتاء: أَشدّه. قال: و العرب إذا ذكرت شيئاً بالمشقة و الشدّة و صفَته بالحُمْرَةِ، و منه قيل: سنة حَمْرَاء للجدبة. الأَزهري عن الليث: حَمَارَّة الصيف شدّة وقت حره؛ قال: و لم أَسمع كلمة على تقدير الفَعَالَّةِ غير الحمارَّة و الزَّعارَّة؛ قال: هكذا قال الخليل؛ قال الليث: و سمعت ذلك بخراسان سَبارَّةُ الشتاء، و سمعت: إِن وراءك لَقُرّاً حِمِرّاً؛ قال الأَزهري: و قد جاءت أَحرف أُخر على وزن فَعَالَّة؛ و روى أَبو عبيد عن الكسائي: أَتيته في حَمارَّة القَيْظِ و في صَبَارَّةِ الشتاء، بالصاد،

211
لسان العرب4

حمر ص 208

و هما شدة الحر و البرد. قال: و قال الأُمَوِيُّ أَتيته على حَبَالَّةِ ذلك أَي على حِين ذلك، و أَلقى فلانٌ عَلَيَّ عَبَالَّتَهُ أَي ثِقْلَه؛ قاله اليزيدي و الأَحمر. و قال القَنَاني «4». أَتوني بِزَرَافَّتِهِمْ أَي جماعتهم، و سمعت العرب تقول: كنا في حَمْرَاءِ القيظ على ماءِ شُفَيَّةَ «5»
. و هي رَكِيَّةٌ عَذْبَةٌ. و
في حديث عليّ: في حَمارَّةِ القيظ.
أَي في شدّة الحر. و قد تخفف الراء. و قَرَبٌ حِمِرٌّ: شديد. و حِمِرُّ الغَيْثِ: معظمه و شدّته. و غيث حِمِرٌّ، مثل فِلِزٍّ: شديد يَقْشِرُ وجه الأَرض. و أَتاهم الله بغيث حِمِرٍّ: يَحْمُرُ الأَرضَ حَمْراً أَي يقشرها. و الحَمْرُ: النَّتْقُ. و حَمَرَ الشاة يَحْمُرُها حَمْراً: نَتَقَها أَي سلخها. و حَمَرَ الخارزُ سَيْرَه يَحْمُره، بالضم، حَمْراً: سَحَا بطنه بحديدة ثم لَيَّنَه بالدهن ثم خرز به فَسَهُلَ. و الحَمِيرُ و الحَمِيرَةُ: الأُشْكُزُّ، و هو سَيْرٌ أَبيض مقشور ظاهره تؤكد به السروج؛ الأَزهري: الأُشكز معرّب و ليس بعربي، قال: و سميت حَمِيرة لأَنها تُحْمَرُ أَي تقشر؛ و كل شي‏ء قشرته، فقد حَمَرْتَه، فهو محمور و حَمِيرٌ. و الحَمْرُ بمعنى القَشْر: يكون باللسان و السوط و الحديد. و المِحْمَرُ و المِحْلأُ: هو الحديد و الحجر الذي يُحْلأُ به الإِهابُ و ينتق به. و حَمَرْتُ الجلد إذا قشرته و حلقته؛ و حَمَرَتِ المرأَةُ جلدَها تَحْمُرُه. و الحَمْرُ في الوبر و الصوف، و قد انْحَمَر ما على الجلد. و حَمَرَ رأْسه: حلقه. و الحِمارُ: النَّهَّاقُ من ذوات الأَربع، أَهليّاً كان أَو وحْشِيّاً. و قال الأَزهري: الحِمارُ العَيْرُ الأَهْلِيُّ و الوحشي، و جمعه أَحْمِرَة و حُمُرٌ و حَمِيرٌ و حُمْرٌ و حُمُورٌ، و حُمُرَاتٌ جمع الجمع، كَجُزُراتٍ و طُرُقاتٍ، و الأُنثى حِمارة. و
في حديث ابن عباس: قَدَمْنا رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، ليلةَ جَمْعٍ على حُمُرَاتٍ.
؛ هي جمع صحةٍ لحُمُرٍ، و حُمُرٌ جمعُ حِمارٍ؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
فأَدْنَى حِمارَيْكِ ازْجُرِي إِن أَرَدْتِنا،             و لا تَذْهَبِي في رَنْقِ لُبٍّ مُضَلَّلِ‏

فسره فقال: هو مثل ضربه؛ يقول: عليك بزوجكِ و لا يَطْمَحْ بَصَرُك إِلى آخر، و كان لها حماران أَحدهما قد نأَى عنها؛ يقول: ازجري هذا لئلَّا يلحق بذلك؛ و قال ثعلب: معناه أَقبلي عليَّ و اتركي غيري. و مُقَيِّدَةُ الحِمَارِ: الحَرَّةُ لأَن الحمار الوحشي يُعْتَقَلُ فيها فكأَنه مُقَيَّدٌ. و بنو مُقَيِّدَةِ الحمار: العقارب لأَن أَكثر ما تكون في الحَرَّةِ؛ أَنشد ثعلب:
لَعَمْرُكَ ما خَشِيتُ على أُبَيٍّ             رِماحَ بَنِي مُقَيِّدَةِ الحِمارِ
و لكِنِّي خَشِيتُ على أُبَيٍّ             رِماحَ الجِنِّ، أَو إِيَّاكَ حارِ

و رجل حامِرٌ و حَمَّارٌ: ذو حمار، كما يقال فارسٌ لذي الفَرَسِ. و الحَمَّارَةُ: أَصحاب الحمير في السفر. و
في حديث شريح: أَنه كان يَرُدُّ الحَمَّارَةَ من الخيل.
؛ الحَمَّارة: أَصحاب الحمير أَي لم يُلْحِقْهم بأَصحاب الخيل في السهام من الغنيمة؛ قال الزمخشري فيه أَيضاً: إِنه أَراد بالحَمَّارَةِ الخيلَ التي تَعْدُو عَدْوَ
__________________________________________________
 (4). قوله: [و قال القناني‏] نسبة إِلى بئر قنان، بفتح القاف و النون، و هو أُستاذ الفراء: انظر ياقوت.
 (5). قوله: [على ماء شفية إلخ‏] كذا بالأصل. و في ياقوت ما نصه: سقية، بالسين المهملة المضمومة و القاف المفتوحة، قال: و قد رواها قوم: شفية، بالشين المعجمة و الفاء مصغراً أَيضاً، و هي بئر كانت بمكة، قال أَبو عبيدة: و حفرت بنو أَسد شفية، قال الزبير و خالفه عمي فقال إنما هي سقية.

212
لسان العرب4

حمر ص 208

الحمير. و قوم حَمَّارَة و حامِرَةٌ: أَصحاب حمير، و الواحد حَمَّار مثل جَمَّال و بَغَّال، و مسجدُ الحامِرَةِ منه. و فرس مِحْمَرٌ: لئيم يشبه الحِمَارَ في جَرْيِه من بُطْئِه، و الجمع المَحامِرُ و المَحامِيرُ؛ و يقال للهجين: مِحْمَرٌ، بكسر الميم، و هو بالفارسية بالاني؛ و يقال لمَطِيَّةِ السَّوْءِ مِحْمَرٌ. التهذيب: الخيل الحَمَّارَةُ مثل المَحامِرِ سواء، و قد يقال لأَصحاب البغال بَغَّالَةٌ، و لأَصحاب الجمال الجَمَّالَة؛ و منه قول ابن أَحمر:
شَلًّا كما تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشَّرَدَا
و تسمى الفريضة المشتركة: الحِمَارِيَّة؛ سميت بذلك لأَنهم قالوا: هَبْ أَبانا كان حِمَاراً. و رجل مِحْمَرٌ: لئيم؛ و قوله:
نَدْبٌ إِذا نَكَّسَ الفُحْجُ المَحامِيرُ

و يجوز أَن يكون جمع مِحْمَرٍ فاضطرّ، و أَن يكون جمع مِحْمارٍ. و حَمِرَ الفرس حَمَراً، فهو حَمِرٌ: سَنِقَ من أَكل الشعير؛ و قيل: تغيرت رائحة فيه منه. الليث: الحَمَرُ، بالتحريك، داء يعتري الدابة من كثرة الشعير فَيُنْتِنُ فوه، و قد حَمِرَ البِرْذَوْنُ يَحْمَرُ حَمَراً؛ و قال إمرؤ القيس:
لعَمْرِي لَسَعْدُ بْنُ الضِّبابِ إِذا غَدا             أَحَبُّ إِلينا مِنكَ، فَا فَرَسٍ حَمِرْ

يُعَيِّره بالبَخَرِ، أَراد: يا فا فَرَسٍ حَمِرٍ، لقبه بفي فَرَسٍ حَمِرٍ لِنَتْنِ فيه. و
في حديث أُمِّ سلمة: كانت لنا داجِنٌ فَحَمِرَتْ من عجين.
: هو من حَمَرِ الدابة. و رجل مِحْمَرٌ: لا يعطِي إِلَّا على الكَدِّ و الإِلْحاحِ عليه. و قال شمر: يقال حَمِرَ فلان عليّ يَحْمَرُ حَمَراً إِذا تَحَرَّقَ عليك غضباً و غيظاً، و هو رجل حَمِرٌ من قوم حَمِرينَ. و حِمَارَّةُ القَدَمِ: المُشْرِفَةُ بين أَصابعها و مفاصلها من فوق. و
في حديث عليّ: و يُقْطَعُ السارقُ من حِمَارَّةِ القَدَمِ.
؛ هي ما أَشرف بين مَفْصِلِها و أَصابعها من فوق. و
في حديثه الآخر: أَنه كان يغسل رجله من حِمَارَّةِ القدم.
؛ قال ابن الأَثير: و هي بتشديد الراء. الأَصمعي: الحَمائِرُ حجارة تنصب حول قُتْرَةِ الصائد، واحدها حِمَارَةٌ، و الحِمَارَةُ أَيضاً: الصخرة العظيمة. الجوهري: و الحمارة حجارة تنصب حول الحوض لئلا يسيل ماؤه، و حول بيت الصائد أَيضاً؛ قال حميد الأَرقط يذكر بيت صائد:
بَيْتُ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمَائِرُهْ‏
أُردحت أَي زيدت فيها بَنِيقَةٌ و سُتِرَتْ؛ قال ابن بري: صواب إنشاد هذا البيت:
بيتَ حُتُوفٍ ...
، بالنصب، لأَن قبله:
أَعَدَّ لِلْبَيْتِ الذي يُسامِرُهْ‏
قال: و أَما قول الجوهري الحِمَارَةُ حجارة تنصب حول الحوض و تنصب أَيضاً حول بيت الصائد فصوابه أَن يقول: الحمائر حجارة، الواحد حِمَارَةٌ، و هو كل حجر عريض. و الحمائر: حجارة تجعل حول الحوض تردّ الماء إِذا طَغَى؛ و أَنشد:
كأَنَّما الشَّحْطُ، في أَعْلَى حَمائِرِهِ،             سَبائِبُ القَزِّ مِن رَيْطٍ و كَتَّانِ‏

و
في حديث جابر: فوضعته «1». على حِمارَةٍ من جريد،.
هي ثلاثة أَعواد يُشَدَّ بعض أطرافها إلى بعض و يخالَفُ بين أَرجلها تُعَلَّقُ عليها الإِداوَةُ لتُبَرِّدَ الماءَ،
__________________________________________________
 (1). قوله: [فوضعته إلخ‏] ليس هو الواضع، و إنما رجل كان يبرد الماء لرسول الله، صلى الله عليه و سلم، على حمارة، فأرسله النبي يطلب عنده ماء لما لم يجد في الركب ماء. كذا بهامش النهاية.

213
لسان العرب4

حمر ص 208

و يسمى بالفارسية سهباي، و الحمائر ثلاث خشبات يوثقن و يجعل عليهنّ الوَطْبُ لئلا يَقْرِضَه الحُرْقُوصُ، واحدتها حِمارَةٌ؛ و الحِمارَةُ: خشبة تكون في الهودج. و الحِمارُ خشبة في مُقَدَّم الرحل تَقْبِضُ عليها المرأَة و هي في مقدَّم الإِكاف؛ قال الأَعشى:
و قَيَّدَنِي الشِّعْرُ في بَيْتهِ،             كما قَيَّدَ الآسِراتُ الحِمارا

الأَزهري: و الحِمارُ ثلاث خشبات أَو أَربع تعترض عليها خشبة و تُؤْسَرُ بها. و قال أَبو سعيد: الحِمارُ العُود الذي يحمل عليه الأَقتاب، و الآسرات: النساء اللواتي يؤكدن الرحال بالقِدِّ و يُوثِقنها. و الحمار: خشبة يَعْمَلُ عليها الصَّيْقَلُ. الليث: حِمارُ الصَّيْقَلِ خشبته التي يَصْقُلُ عليها الحديد. و حِمَار الطُّنْبُورِ: معروف. و حِمارُ قَبَّانٍ: دُوَيْبَّةٌ صغيرة لازقة بالأَرض ذات قوائم كثيرة؛ قال:
يا عَجَبا لَقَدْ رَأَيْتُ العَجَبَا:             حِمَارَ قَبَّانٍ يَسُوقُ الأَرْنَبا

و الحماران: حجران ينصبان يطرح عليهما حجر رقيق يسمى العَلاةَ يجفف عليه الأَقِطُ؛ قال مُبَشِّرُ بن هُذَيْل بن فَزارَةَ الشَّمْخِيُّ يصف جَدْبَ الزمان:
لا يَنْفَعُ الشَّاوِيَّ فيها شاتُهُ،             و لا حِماراه و لا عَلَاتُه‏

يقول: إِن صاحب الشاء لا ينتفع بها لقلة لبنها، و لا ينفعه حماراه و لا عَلَاته لأَنه ليس لها لبن فيُتخذ منه أَقِط. و الحمَائر: حجارة تنصب على القبر، واحدتها حِمارَةٌ. و يقال: جاء بغنمه حُمْرَ الكُلَى، و جاء بها سُودَ البطون، معناهما المهازيل. و الحُمَرُ و الحَوْمَرُ، و الأَوَّل أَعلى: التمر الهندي، و هو بالسَّراةِ كثير، و كذلك ببلاد عُمان، و ورقه مثل ورق الخِلافِ الذي يقال له البَلْخِيّ؛ قال أَبو حنيفة: و قد رأَيته فيما بين المسجدين و يطبخ به الناس، و شجره عظام مثل شجر الجوز، و ثمره قرون مثل ثمر القَرَظِ. و الحُمَّرَةُ و الحُمَرَةُ: طائر من العصافير. و في الصحاح: الحُمَّرة ضرب من الطير كالعصافير، و جمعها الحُمَرُ و الحُمَّرُ، و التشديد أَعلى؛ قال أَبو المهوش الأَسدي يهجو تميماً:
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُكُمْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ،             فإِذا لَصَافِ تَبِيضُ فيه الحُمَّرُ

يقول: قد كنت أَحسبكم شجعاناً فإِذا أَنتم جبناء. و خفية: موضع تنسب إِليه الأُسد. و لصاف: موضع من منازل بني تميم، فجعلهم في لصاف بمنزلة الحُمَّر، متى ورد عليها أَدنى وارد طارت فتركت بيضها لجبنها و خوفها على نفسها. الأَزهري: يقال للحُمَّرِ، و هي طائر: حُمَّرٌ، بالتخفيف، الواحدةُ حُمَّرَة و حُمَرَة؛ قال الراجز:
و حُمَّرات شُرْبُهُنَّ غِبُ‏
و قال عمرو بن أَحْمَر يخاطب يحيى بن الحَكَم بن أَبي العاص و يشكو إِليه ظلم السُّعاة:
إِن نَحْنُ إِلَّا أُناسٌ أَهلُ سائِمَةٍ؛             ما إِن لنا دُونَها حَرْثٌ و لا غُرَرُ

الغُرَرُ: لجمع العبيد، واحدها غُرَّةٌ.
مَلُّوا البلادَ و مَلَّتْهُمْ، و أَحْرَقَهُمْ             ظُلْمُ السُّعاةِ، و بادَ الماءُ و الشَّجَرُ
إِنْ لا تُدارِكْهُمُ تُصْبِحْ مَنازِلُهُمْ             قَفْراً، تَبِيضُ على أَرْجائها الحُمَرُ

فخففها ضرورة؛ و في الصحاح: إِن لا تلافهم؛ و قيل:

214
لسان العرب4

حمر ص 208

الحُمَّرَةُ القُبَّرَةُ، و حُمَّراتٌ جمع؛ قال: و أَنشد الهلالي و الكِلابِيُّ بيتَ الراجز:
عَلَّقَ حَوْضِي نُغَرٌ مُكِبُّ،             إِذا غَفِلْتُ غَفْلَةً يَغُبُّ،
و حُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُ‏

قال: و هي القُبَّرُ. و
في الحديث: نزلنا مع رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، فجاءت حُمَّرَةٌ.
؛ هي بضم الحاء و تشديد الميم و قد تخفف، طائر صغير كالعصفور. و اليَحْمُورُ: طائر. و اليحمور أَيضاً: دابة تشبه العَنْزَ؛ و قيل: اليحمور حمار الوحش. و حامِرٌ و أُحامِر، بضم الهمزة: موضعان، لا نظير له من الأَسماء إِلَّا أُجارِدُ، و هو موضع. و حَمْراءُ الأسد: أَسماء مواضع. و الحِمَارَةُ: حَرَّةٌ معروفة. و حِمْيَرٌ: أَبو قبيلة، ذكر ابن الكلبي أَنه كان يلبس حُلَلًا حُمْراً، و ليس ذلك بقوي. الجوهري: حِمْيَر أَبو قبيلة من اليمن، و هو حمير بن سَبَإ بن يَشْجُب بن يَعْرُبَ بن قَحْطَانَ، و منهم كانت الملوك في الدهر الأَوَّل، و اسم حِمْيَر العَرَنْجَجُ؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَرَيْتَكَ مَوْلايَ الذي لسْتُ شاتِماً             و لا حارِماً، ما بالُه يَتَحَمَّرُ

فسره فقال: يذهب بنفسه حتى كأَنه ملك من ملوك حمير. التهذيب: حِمْيَرٌ اسم، و هو قَيْلٌ أَبو ملوك اليمن و إِليه تنتمي القبيلة، و مدينة ظَفَارِ كانت لحمير. و حَمَّرَ الرجلُ: تكلم بكلام حِمْيَر، و لهم أَلفاظ و لغات تخالف لغات سائر العرب؛ و منه قول الملك الحِمْيَرِيِّ مَلِك ظَفارِ، و قد دخل عليه رجل من العرب فقال له الملك: ثِبْ، و ثِبْ بالحميرية: اجْلِسْ، فَوَثَبَ الرجل فانْدَقَّتْ رجلاه فضحك الملك و قال: ليستْ عندنا عَرَبِيَّتْ، من دخل ظَفارِ حَمَّر أَي تَعَلَّم الحِمْيَرِيَّةَ؛ قال ابن سيدة: هذه حكاية ابن جني يرفع ذلك إِلى الأَصمعي، و أَما ابن السكيت فإِنه قال: فوثب الرجل فتكسر بدل قوله فاندقت رجلاه، و هذا أَمر أُخرج مخرج الخبر أَي فلْيُحَمِّرْ. ابن السكيت: الحُمْرة، بسكون الميم، نَبْتٌ. التهذيب: و أُذْنُ الحِمَار نبت عريض الورق كأَنه شُبِّه بأُذُنِ الحمار. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: ما تَذْكُر من عَجُوزٍ حَمْراءَ الشِّدقَيْنِ.
؛ وصفتها بالدَّرَدِ و هو سقوط الأَسنان من الكِبَرِ فلم يبق إِلَّا حُمْرَةُ اللَّثَاةِ. و
في حديث عليّ: عارَضَه رجل من الموالي فقال: اسكت يا ابْنَ حَمْراء العِجانِ!.
أَي يا ابن الأَمة، و العجان: ما بين القبل و الدبر، و هي كلمة تقولها العرب في السَّبِّ و الذمِّ. و أَحْمَرُ ثَمُودَ: لقب قُدارِ بْنِ سالِفٍ عاقِرِ ناقَةِ صالح، على نبينا و عليه الصلاة و السلام؛ و إِنما قال زهير كأَحمر عاد لإِقامة الوزن لما لم يمكنه أَن يقول كأَحمر ثمود أَو وهم فيه؛ قال أَبو عبيد: و قال بعض النُّسَّابِ إِن ثموداً من عادٍ. و تَوْبَةُ بن الحُمَيِّرِ: صاحب لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةِ، و هو في الأَصل تصغير الحمار. و قولهم: أَكْفَرُ من حِمَارٍ، هو رجل من عاد مات له أَولاد فكفر كفراً عظيماً فلا يمرّ بأَرضه أَحد إِلَّا دعاه إِلى الكفر فإِن أَجابه و إِلَّا قتله. و أَحْمَرُ و حُمَيْرٌ و حُمْرانُ و حَمْراءُ و حِمَارٌ: أَسماء. و بنو حِمِرَّى: بطن من العرب، و ربما قالوا: بني حِمْيَريّ. و ابنُ لِسانِ الحُمَّرةِ: من خطباء العرب. و حِمِرُّ: موضع.

215
لسان العرب4

حنجر ص 216

ابن الأَعرابي أَنشده:
لو كان خَزُّ واسِطٍ و سَقَطُهْ:             حُنْجُورُهُ و حُقُّهُ و سَفَطُهْ‏
تَأْوِي إِليها، أَصْبَحَتْ تُقَسِّطُهْ.

ابن الأَعرابي: الحُنْجُورَةُ شِبْهُ البُرْمَةِ من زجاج يجعل فيه الطِّيبُ؛ و قال غيره: هي قارورة طويلة يجعل فيها الذَّرِيرَةُ.
حندر:
الحِنْدِيرُ و الحِنْدِيرَةُ و الحُنْدورُ و الحِنْدَوْرُ و الحِنْدَوْرَةُ و الحِنْدُورَةُ؛ عن ثعلب، بكسر الحاء و ضم الدال، كله: الحَدَقَةُ، و الحِنْدِيرةُ أَجودُ؛ و منه قولهم: جعلني على حُنْدُرِ عينه. و إِنه لَحُنادِرُ العين أَي حديد النظر. الجوهري: الحُنْدُرُ و الحُنْدورُ و الحُنْدُورَة الحدقة؛ يقال: هو على حُنْدُرِ عينه و حُنْدُورِ عينه و حُنْدُورَة عينه إِذا كان يستثقله و لا يقدر أَن ينظر إِليه بغضاً؛ قال الفرّاء: يقال جعلته على حِنْدِيرَةِ عيني و حُنْدُورَةِ عيني إِذا جعلته نُصْبَ عينك.
حنزر:
الحُنْزُرَةُ «1»: شعبة من الجبل؛ عن كراع.
حنزقر:
الحِنْزَقْرُ: و الحِنْزَقْرَةُ: القصير الدميم من الناس؛ و أَنشد شمر:
لو كنتَ أَجْمَلَ مِنْ ملكٍ،             رَأَوْكَ أُقَيْدِرَ حِنْزَقْرَهْ‏

قال سيبويه: النون إِذا كانت ثانية ساكنة لا تجعل زائدة إِلا بِثَبَتٍ.
حور:
الحَوْرُ: الرجوع عن الشي‏ء و إِلى الشي‏ء، حارَ إِلى الشي‏ء و عنه حَوْراً و مَحاراً و مَحارَةً و حُؤُوراً: رجع عنه و إِليه؛ و قول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى و ما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى و حذفها لسكونها و سكون الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: و لا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ يَحُورُ حَوْراً و حُؤُوراً رجع. و
في الحديث: من دعا رجلًا بالكفر و ليس كذلك حارَ عليه.
؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ و منه‏
حديث عائشة: فَغَسلْتها ثم أَجْففتها ثم أَحَرْتها إِليه.
؛ و منه‏
حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ رجلًا بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه.
أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه. و كل شي‏ء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
و ما المَرْءُ إِلَّا كالشِّهابِ و ضَوْئِهِ،             يَحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ‏

و حارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها، و أَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
و نُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى             يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها

و أَنشد الأَزهري:
و تِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، و الحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعد ما كارَ. و الحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. و
في الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ.
؛ معناه من النقصان بعد الزيادة، و قيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، و أَصله من نقض العمامة بعد لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انتقض لَيُّها و بعضه يقرب من بعض، و كذلك الحُورُ، بالضم. و
في رواية: بعد
__________________________________________________
 (1). قوله: [الخنزرة] كذا بالأصل بهذا الضبط، و ضبطت في القاموس بالشكل بفتح الحاء و سكون النون و فتح الراء.

217
لسان العرب4

حور ص 217

الكَوْن.
؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم عن هذا فقال: أَ لم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعد ما كان؟ يقول إِنه كان على حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: و قيل معناه نعوذ بالله من الرُّجُوعِ و الخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، و حارَ عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. و في المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان في نقصان و رجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. و المَحارُ: المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، و النَّاسُ             كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ

و قال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، و كان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لو لا الإِلهُ و لو لا مَجْدُ طالِبِها،             لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
و اسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،             و الذَّمُّ يَبْقَى، و زادُ القَوْمِ في حُورِ

اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل أَن ينضج و ابتلعوه؛ و قوله:
و الذم يبقى و زاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب و الذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلًا للشي‏ء الذي لا يصلح أَو كان صالحاً ففسد. و المَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. و الباطل في حُورٍ أَي في نقص و رجوع. و إِنك لفي حُورٍ و بُورٍ أَي في غير صنعة و لا إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما يَحُور فلان و ما يَبُورُ، و ذهب فلان في الحَوَارِ و البَوَارِ، بفتح الأَول، و ذهب في الحُورِ و البُورِ أَي في النقصان و الفساد. و رجل حائر بائر، و قد حارَ و بارَ، و الحُورُ الهلاك و كل ذلك في النقصان و الرجوع. و الحَوْرُ: ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ و كلَّمته فما رَجَعَ إِلَيَّ حَوَاراً و حِواراً و مُحاوَرَةً و حَوِيراً و مَحُورَة، بضم الحاء، بوزن مَشُورَة أَي جواباً. و أَحارَ عليه جوابه: ردَّه. و أَحَرْتُ له جواباً و ما أَحارَ بكلمة، و الاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما و حِوَارَهما. و المُحاوَرَة: المجاوبة. و التَّحاوُرُ: التجاوب؛ و تقول: كلَّمته فما أَحار إِليَّ جواباً و ما رجع إِليَّ خَوِيراً و لا حَوِيرَةً و لا مَحُورَةً و لا حِوَاراً [حَوَاراً] أَي ما ردَّ جواباً. و استحاره أَي استنطقه. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: يرجع إِليكما ابناكما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه.
أَي بجواب ذلك؛ يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ و قيل: أَراد به الخيبة و الإِخْفَاقَ. و أَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ و منه‏
حديث عُبادة: يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان محمد، صلى الله عليه و سلم، فأَعاده و أَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما يَحُور صاحبُ الحمار الميت.
أَي لا يرجع فيكم بخير و لا ينتفع بما حفظه من القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. و
في حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ جواباً.
أَي لم يرجع و لم يَرُدَّ. و هم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام. و المُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق و الكلام في المخاطبة، و قد حاوره. و المَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛ و أَنشد:

218
لسان العرب4

حور ص 217

لِحاجَةِ ذي بَثٍّ و مَحْوَرَةٍ له،             كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ‏

و ما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر. و إِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ و قوله:
و أَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَوارَهُ [حِوارَهُ‏]             على النَّارِ، و اسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ

و يروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره و حويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي نظرت الفَلَجَ و الفَوْزَ. و اسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ [الحَوَارِ] الذي هو الرجوع؛ عن ابن الأَعرابي. أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، و ما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ و نسبه ابن سيدة لابن أَحمر:
و ما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها             لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا

أَراد: من الأَشياء. و حكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت فيه. و الحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين و سَوادُ سَوادِها و تستدير حدقتها و ترق جفونها و يبيضَّ ما حواليها؛ و قيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، و لا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ الجَسَدِ؛ قال الكميت:
و دامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْن             في المَحْلِ، غَرْغَرَةً و احْوِرارَا

أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، و بالاحورار بياضَ الإِهالة و الشحم؛ و قيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء و البقر، و ليس في بني آدم حَوَرٌ، و إِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء و البقر. و قال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله و إِنما يكون هذا في البقر و الظباء ثم يستعار للناس؛ و هذا إِنما حكاه أَبو عبيد في البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء و البقر. و قال الأَصمعي: لا أَدري ما الحَوَرُ في العين و قد حَوِرَ حَوَراً و احْوَرَّ، و هو أَحْوَرُ. و امرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. و عَيْنٌ حَوْراءٌ، و الجمع حُورٌ، و يقال: احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ و الحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها. و الأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن و تباعدهن عن قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،             إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ‏

يعني النساء؛ و قال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،             و لا تَبْكِنا إِلَّا الكِلابُ النَّوابِحُ‏
بكَيْنَ إِلينا خيفةً أَنْ تُبِيحَها             رِماحُ النَّصَارَى، و السُّيُوفُ الجوارِحُ‏

جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم و هي بلادها. و الحَوارِيَّاتُ من النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان و الجلود لبياضهن، و من هذا قيل لصاحب الحُوَّارَى: مُحَوِّرٌ؛ و قول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ. و
في حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
و التَّحْوِيرُ: التبييض. و الحَوارِيُّونَ: القَصَّارُون‏

219
لسان العرب4

حور ص 217

لتبييضهم لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر و كل حميم حَوارِيّاً. و قال بعضهم: الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ و قال الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، و صفوتهم. قال: و الدليل على ذلك‏
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي و حَوارِيَّ من أُمَّتِي.
؛ أَي خاصتي من أَصحابي و ناصري. قال: و أَصحاب النبي، صلى الله عليه و سلم، حواريون، و تأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا و نُقُّوا من كل عيب؛ و كذلك الحُوَّارَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من لُباب البُرِّ؛ قال: و تأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: و أَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ يَحُورُ، و هو الرجوع. و التَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، و الله أَعلم. ابن سيدة: و كلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، و خص بعضهم به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، و قوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،             ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ

إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني بالحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، و عنى بابنه عَبْدَ اللهِ بْنَ الزبير. و قيل لأَصحاب عيسى، عليه السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. و الحَوارِيُّ: البَيَّاضُ، و هذا أَصل‏
قوله، صلى الله عليه و سلم، في الزبير: حَوارِيَّ من أُمَّتي.
و هذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى و أَنصاره، و أَصله من التحوير التبييض، و إِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي يُحَوِّرُونَها، و هو التبييض؛ و منه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ و منه قولهم: امرأَة حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا و عليه السلام، نصره هؤلاء الحواريون و كانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. و الحَوارِيُّونَ: الأَنصار و هم خاصة أَصحابه. و روى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح و أَصله الشي‏ء الخالص، و كل شي‏ء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. و الأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم؛ و قول الكميت:
و مَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،             عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا

يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. و المرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ، و هي الحجارة المحماة بالنار. و لم تؤْن أَي لم تحبس. و الاحْوِرَارُ: الابْيِضاضُ. و قَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،             فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟

يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: و ورد ترخيم وَرْدَة، و هي امرأَته، و كانت تنهاه عن إِضاعة ماله و نحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي: الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض حروفها. و الحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ. و الحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، و هو لباب الدقيق و أَجوده و أَخلصه. الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم و تشديد الواو و الراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام أَي بُيّصَ. و هذا دقيق حُوَّارَى، و قد حُوِّرَ الدقيقُ و حَوَّرْتُه فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. و عجين مُحَوَّر، و هو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا. و الأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:

220
لسان العرب4

حور ص 217

تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْفَرٍ             خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ

و الحَوَرُ: البَقَرُ لبياضها، و جمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل و مَنازِل،             إِنَّا بُلِينَ بها و لا الأَحْوارُ

و الحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، و قيل: السُّلْفَةُ، و قيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. و قال أَبو حنيفة: هي الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، و الجمع أَحْوَارٌ؛ و قد حَوَّرَهُ. و خُفٌّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍ؛ و قال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،             كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ

الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛ قال العجاج يصف مخالب البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،             كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ

و
في كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ و النَّابُ و الفَصِيلُ و الفَارِضُ و الكَبْشُ الحَوَرِيُّ.
؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى الحَوَرِ، و هي جلود تتخذ من جلود الضأْن، و قيل: هو ما دبغ من الجلود بغير القَرَظِ، و هو أَحد ما جاء على أَصله و لم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب. و الحُوَارُ و الحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين يوضع إِلى أَن يفطم و يفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، و قيل: هو حُوَارٌ ساعةَ تضعه أُمه خاصة، و الجمع أَحْوِرَةٌ و حِيرانٌ فيهما. قال سيبويه: وَفَّقُوا بين فُعَالٍ و فِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ و فَعِيلٍ، قال: و قد قالوا حُورَانٌ، و له نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ و رِقاقٌ، و الأُنثى بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. و في التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج. و قال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛ و قوله:
أَ لا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ             فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟

فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة ثمود على ثمود. و المِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ و البَكَرَةِ، و هي أَيضاً الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، و قيل: إِنما قيل له مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. و يقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ و قوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،             و صَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟

يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. و الحديدة التي تدور عليها البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه البكرة و ربما كان من حديد. و المِحْوَرُ: الهَنَةُ و الحديدة التي يدور فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ و غيرها. و المِحْوَرُ: عُودُ الخَبَّازِ. و المِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً بمحور البكرة و استدارته. و حَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها و أَدارها ليضعها في المَلَّةِ. و حَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجَّرَ حولها

221
لسان العرب4

حور ص 217

بِكَيٍّ و ذلك من داء يصيبها، و الكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ و يقال: حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجِّرْ حولها بِكَيٍّ. و حَوَّرَ عين البعير: أَدار حولها مِيسَماً. و
في الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على عاتقه حَوْراءَ؛ و في رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، بحديدة.
؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، و هي من حارَ يَحُورُ إِذا رجع. و حَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. و
في الحديث: أَنه لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به و في ركبتيه حَوْراءُ فانظروا ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ.
؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها. و إِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة و مُضَادَّةٍ؛ عن كراع. و بعض العرب يسمي النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. و الحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، و قيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق بالنعش. و المَحارَةُ: الخُطُّ و النَّاحِيَةُ. و المَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو نحوها من العظم، و الجمع مَحاوِرُ و مَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النَّخَّامِ، لَمَّا             تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلًا، مَحارُ

أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شي‏ء؛ و ذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في باب محر، و سنذكرها أَيضاً هناك. و المَحارَةُ: مرجع الكتف. و مَحَارَةُ الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. و المَحارَةُ: باطن الحنك. و المَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي. التهذيب: المَحارَةُ النقصان، و المَحارَةُ: الرجوع، و المَحارَةُ: الصَّدَفة. و الحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. و الحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ. و الحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ و الحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
 في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى و ما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، و لا زَيادَةٌ. و فلانٌ حائِرٌ بائِرٌ: هذا قد يكون من الهلاك و من الكَسادِ. و الحائر: الراجع من حال كان عليها إِلى حال دونها، و البائر: الهالك؛ و يقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه و رَجَعَهُ إِلى النقص. و الحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع و لم يُحَلِّه. و حَوْرانُ، بالفتح: موضع بالشام. و ما أَصبت منه حَوْراً و حَوَرْوَراً أَي شيئاً. و حَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،             تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا و ثُلُوجُ‏

و حَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال: أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: و ما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، و صَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: و أَقرب ما ينسب إِليه أَن يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، و فِعْلِيتٌ موجود.
حير:
حار بَصَرُه يَحارُ حَيْرَةً و حَيْراً و حَيَراناً و تَحيَّر إِذا نظر إِلى الشي‏ء فَعَشيَ بَصَرُهُ. و تَحَيَّرَ و اسْتَحَارَ و حارَ: لم يهتد لسبيله. و حارَ يَحَارُ حَيْرَةً و حَيْراً أَي تَحَيَّرَ في أَمره؛ و حَيَّرْتُه أَنا فَتَحَيَّرَ. و رجل حائِرٌ بائِرٌ إِذا لم يتجه لشي‏ء. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: الرجال ثلاثة، فرجل حائر بائر.
أَي متحير في أَمره لا يدري كيف يهتدي‏

222
لسان العرب4

حير ص 222

فيه. و هو حائِرٌ و حَيْرانُ: تائهٌ من قوم حَيَارَى، و الأُنثى حَيْرى. و حكى اللحياني: لا تفعل ذلك أُمُّكَ حَيْرَى أَي مُتَحَيِّرة، كقولك أُمُّكَ ثَكْلَى و كذلك الجمع؛ يقال: لا تفعلوا ذلك أُمَّهاتُكُمْ حَيْرَى؛ و قول الطرماح:
يَطْوِي البَعِيدَ كَطَيِّ الثَّوْبِ هِزَّتُهُ،             كما تَرَدَّدَ بالدَّيْمُومَةِ الحَارُ

أَراد الحائر كما قال أَبو ذؤيب: و هي أَدْماءُ سارُها؛ يريد سائرها. و قد حَيَّرَهُ الأَمر. و الحَيَرُ: التَّحَيُّرُ؛ قال:
حَيْرانُ لا يُبْرِئُه من الحَيَرْ
و حارَ الماءُ، فهو حائر. و تَحَيَّرَ: تَرَدَّدَ؛ أَنشد ثعلب:
فَهُنَّ يَروَيْنَ بِظِمْ‏ءٍ قاصِرِ،             في رَبَبِ الطِّينِ، بماءٍ حائِرِ

و تَحَيَّر الماءُ: اجْتَمع و دار. و الحائِرُ: مُجْتَمَعُ الماء؛ و أَنشد:
مما تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ

قال: و الحاجر نحو منه، و جمعه حُجْرانٌ. و الحائِرُ: حَوْضٌ يُسَيَّبُ إِليه مَسِيلُ الماء من الأَمطار، يسمى هذا الاسم بالماء. و تَحَيَّر الرجلُ إِذا ضَلَّ فلم يهتد لسبيله و تَحَيَّر في أَمره. و بالبصرة حائِرُ الحَجَّاجِ معروف: يابس لا ماء فيه، و أَكثر الناس يسميه الحَيْرَ كما يقولون لعائشة عَيْشَةُ، يستحسنون التخفيف و طرح الأَلف؛ و قيل: الحائر المكان المطمئن يجتمع فيه الماء فيتحير لا يخرج منه؛ قال:
صَعْدَةٌ نابِتَةٌ في حائِر،             أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ‏

و قال أَبو حنيفة: من مطمئنات الأَرض الحائِرُ، و هو المكان المطمئن الوَسَطِ المرتفعُ الحروفِ، و جمعه حِيرانٌ و حُورانٌ، و لا يقال حَيْرٌ إِلا أَن أَبا عبيد قال في تفسير قول رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حِيرانُ الدَّرَقْ‏
الحِيران جمع حَيْرٍ، لم يقلها أَحد غيره و لا قالها هو إِلا في تفسير هذا البيت. قال ابن سيدة: و ليس كذلك أَيضاً في كل نسخة؛ و استعمل حسان بن ثابت الحائر في البحر فقال:
و لأَنتِ أَحْسَنُ إِذْ بَرَزْت لَنا،             يومَ الخُروجِ، بِسَاحَة العَقْرِ
من دُرَّةٍ أَغْلَى بها مَلِكٌ،             مما تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ

و الجمع حِيرَانٌ و حُورَانٌ. و قالوا: لهذه الدار حائِرٌ واسعٌ، و العامّة تقول: حَيْرٌ، و هو خطأٌ. و الحائِرُ: كَرْبَلاءُ، سُميت بأَحدِ هذه الأَشياء. و اسْتحارَ المكان بالماء و تَحَيَّر: تَمَلَّأَ. و تَحَيَّر فيه الماء: اجتمعَ. و تَحَيَّرَ الماءُ في الغيم: اجتمع، و إِنما سمي مُجْتَمَعُ الماء حائراً لأَنه يَتَحَيَّرُ الماء فيه يرجع أَقصاه إِلى أَدناه؛ و قال العجاج:
سَقَاهُ رِيّاً حائِرٌ رَوِيُ‏
و تَحَيَّرَتِ الأَرضُ بالماء إِذا امتلأَتْ. و تَحَيَّرَتِ الأَرضُ بالماء لكثرته؛ قال لبيد:
حتى تَحَيَّرَتِ الدِّبارُ كأَنَّها             زَلَفٌ، و أُلْقِيَ قِتْبُها المَحْزُومُ‏

يقول: امتلأَت ماء. و الدبار: المَشَارات «2». و الزَّلَفُ: المَصانِعُ. و اسْتَحار شَبَابُ المرأَة و تَحَيَّرَ: امتلأَ و بلغ الغاية؛
__________________________________________________
 (2). قوله: [المشارات‏] أي مجاري الماء في المزرعة كما في شرح القاموس.

223
لسان العرب4

حير ص 222

قال أَبو ذؤيب:
و قد طُفْتُ من أَحْوالِهَا و أَرَدْتُها             لِوَصْلٍ، فأَخْشَى بَعْلَها و أَهَابُها
ثلاثةَ أَعْوَامٍ، فلما تَجَرَّمَتْ             تَقَضَّى شَبابِي، و اسْتَحارَ شبابُها

قال ابن بري: تجرّمت تكملت السنون. و استحار شبابها: جرى فيها ماء الشباب؛ قال الأَصمعي: استحار شبابها اجتمع و تردّد فيها كما يتحير الماء؛ و قال النابغة الذبياني و ذكر فرج المرأَة:
و إِذا لَمَسْتَ، لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثِماً             مُتَحَيِّراً بِمكانِه، مِلْ‏ءَ اليَدِ «1».

و الحَيْرُ: الغيم ينشأُ مع المطر فيتحير في السماء. و تَحَيَّر السحابُ: لم يتجه جِهَةً. الأَزهري: قال شمر و العرب تقول لكل شي‏ء ثابت دائم لا يكاد ينقطع: مُسْتَحِيرٌ و مُتَحَيِّرٌ؛ و قال جرير:
يا رُبَّما قُذِفَ العَدُوُّ بِعَارِضٍ             فَخْمِ الكَتائِبِ، مُسْتَحِيرِ الكَوْكَبِ‏

قال ابن الأَعرابي: المستحير الدائم الذي لا ينقطع. قال: و كوكب الحديد بريقه. و المُتَحيِّرُ من السحاب: الدائمُ الذي لا يبرح مكانه يصب الماء صبّاً و لا تسوقه الريح؛ و أَنشد:
كَأَنَّهُمُ غَيْثٌ تَحَيَّر وَابِلُهْ‏
و قال الطرماح:
في مُسْتَحِيرِ رَدَى المَنُونِ،             و مُلْتَقَى الأَسَل النَّواهِل‏

قال أَبو عمرو: يريد يتحير الردى فلا يبرح. و الحائر: الوَدَكُ: و مَرَقَةٌ مُتَحَيِّرَةٌ: كثيرة الإِهالَةِ و الدَّسَمِ. و تَحَيَّرَتِ الجَفْنَةُ: امتلأَت طعاماً و دسماً؛ فأَما ما أَنشده الفارسي لبعض الهذليين:
إِمَّا صَرَمْتِ جَدِيدَ الحِبالِ             مِنِّي، و غَيَّرَكِ الأَشْيَبُ‏

فيا رُبَّ حَيْرَى جَمادِيَّةٍ،             تَحَدَّرَ فيها النَّدَى السَّاكِبُ‏

فإِنه عنى روضة متحيرة بالماء. و المَحارَةُ: الصَّدَفَةُ، و جمعها مَحارٌ؛ قال ذو الرمة
فَأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِغَ المَحَارَا
أَراد: ما في المحار. و
في حديث ابن سيرين في غسل الميت: يؤخذ شي‏ء من سِدْرٍ فيجعل في مَحارَةٍ أَو سُكُرُّجَةٍ.
؛ قال ابن الأَثير: المَحارَةُ و الحائر الذي يجتمع فيه الماء، و أَصل المَحْارَةِ الصدفة، و الميم زائدة. و مَحارَةُ الأُذن: صدفتها، و قيل: هي ما أَحاط بِسُمُومِ الأُذُنِ من قَعْرِ صَحْنَيْها، و قيل: مَحارَةُ الأُذن جوفها الظاهر المُتَقَعِّرُ؛ و المحارة أَيضاً: ما تحت الإِطارِ، و قيل: المحارة جوف الأُذن، و هو ما حول الصِّماخ المُتَّسِعِ. و المَحارَةُ: الحَنَكُ و ما خَلْفَ الفَراشَةِ من أَعلى الفم. و المحارة: مَنْفَذُ النَّفَسِ إِلى الخياشيم. و المَحارَةُ: النُّقْرَةُ التي في كُعْبُرَةِ الكَتِف. و المَحارَةُ: نُقْرَةُ الوَرِكِ. و المَحارَتانِ: رأْسا الورك المستديران اللذان يدور فيهما رؤوس الفخذين. و المَحارُ، بغير هاء، من الإِنسان: الحَنَكُ، و من الدابة حيث يُحَنِّكُ البَيْطارُ. ابن الأَعرابي: مَحارَةُ الفرس أَعلى فمه من باطن. و طريق مُسْتَحِيرٌ: يأْخذ في عُرْضِ مَسَافَةٍ لا يُدرى أَين مَنْفَذُه؛ قال:
ضاحِي الأَخادِيدِ و مُسْتَحِيرِهِ،             في لاحِبٍ يَرْكَبْنَ ضِيفَيْ نِيرِهِ‏

و استحار الرجل بمكان كذا و مكان كذا: نزله أَياماً.
__________________________________________________
 (1). في ديوان النابغة: متحيِّزاً.

224
لسان العرب4

حير ص 222

و الحِيَرُ و الحَيَرُ: الكثير من المال و الأَهل؛ قال:
أَعُوذُ بالرَّحْمَنِ من مالٍ حِيَرْ،             يُصْلِينِيَ اللهُ به حَرَّ سَقَرْ

و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا من رَأَى النُّعْمان كانَ حِيَرَا
قال ثعلب: أَي كان ذا مال كثير و خَوَلٍ و أَهل؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: سمعت امرأَة من حِمْيَر تُرَقِّصُ ابنها و تقول:
يا رَبَّنا مَنْ سَرَّهُ أَن يَكْبَرَا،             فَهَبْ له أَهْلًا و مالًا حِيَرَا

و في رواية:
فَسُقْ إِليه رَبِّ مالًا حِيَرَا.
و الحَيَرُ: الكثير من أَهل و مال؛ و حكى ابن خالويه عن ابن الأَعرابي وحده: مال حِيَرٌ، بكسر الحاء؛ و أَنشد أَبو عمرو عن ثعلب تصديقاً لقول ابن الأَعرابي:
حتى إِذا ما رَبا صَغِيرُهُمُ،             و أَصْبَحَ المالُ فِيهِمُ حِيَرَا
صَدَّ جُوَيْنٌ فما يُكَلِّمُنا،             كأَنَّ في خَدِّه لنا صَعَرا

و يقال: هذه أَنعام حِيراتٌ أَي مُتَحَيِّرَة كثيرة، و كذلك الناس إِذا كثروا. و الحَارَة: كل مَحَلَّةٍ دنت مَنازِلُهم فهم أَهل حارَةٍ. و الحِيرةُ، بالكسر: بلد بجنب الكوفة ينزلها نصارى العِبَاد، و النسبة إِليها حِيرِيٌّ و حاريٌّ، على غير قياس؛ قال ابن سيدة: و هو من نادر معدول النسب قلبت الياء فيه أَلفاً، و هو قلب شاذ غير مقيس عليه غيره؛ و في التهذيب: النسبة إِليها حارِيٌّ كما نسبوا إِلى التَّمْرِ تَمْرِيٌّ فأَراد أَن يقول حَيْرِيٌّ، فسكن الياء فصارت أَلفاً ساكنة، و تكرر ذكرها في الحديث؛ قال ابن الأَثير: هي البلد القديم بظهر الكوفة و مَحَلَّةٌ معروفة بنيسابور. و السيوف الحارِيَّةُ: المعمولة بالحِيرَةِ؛ قال:
فلمَّا دخلناهُ أَضَفْنا ظُهُورَنا             إِلى كُلِّ حارِيٍّ قَشِيبٍ مُشَطَّبِ‏

يقول: إِنهم احْتَبَوْا بالسيوف، و كذلك الرحال الحارِيَّاتُ؛ قال الشماخ:
يَسْرِي إِذا نام بنو السَّريَّاتِ،             يَنامُ بين شُعَبِ الحارِيَّاتِ‏

و الحارِيُّ: أَنْماطُ نُطُوعٍ تُعمل بالحِيرَةِ تُزَيَّنُ بها الرِّحالُ؛ أَنشد يعقوب:
عَقْماً و رَقْماً و حارِيّاً نُضاعِفُهُ             على قَلائِصَ أَمثالِ الهَجانِيعِ‏

و المُسْتَحِيرَة: موضع؛ قال مالك بن خالد الخُناعِيُّ:
و يمَّمْتُ قاعَ المُسْتَحِيرَةِ، إِنِّني،             بأَن يَتَلاحَوْا آخِرَ اليومِ، آرِبُ‏

و لا أَفعل ذلك حَيْرِيْ دَهْرٍ و حَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي أَمَدَ الدَّهْرِ. و حَيْرِيَ دَهْرٍ: مخففة من حَيْرِيّ، كما قال الفرزدق:
تأَمَّلْتُ نَسْراً و السِّماكَيْنِ أَيْهُمَا،             عَلَيَّ مِنَ الغَيْثِ، اسْتَهَلَّتْ مَواطِرُهْ‏

و قد يجوز أَن يكون وزنه فَعْلِيَ؛ فإِن قيل: كيف ذلك و الهاء لازمة لهذا البناء فيما زعم سيبويه؟ فإِن كان هذا فيكون نادراً من باب إِنْقَحْلٍ. و حكى ابن الأَعرابي: لا آتيك حِيْرِيَّ الدهر أَي طول الدهر، و حِيَرَ الدهر؛ قال: و هو جمع حِيْرِيّ؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف هذا؛
قال الأَزهري: و روى شمر بإِسناده عن الرَّبِيع بن قُرَيْعٍ قال: سمعت ابن عمر يقول: أَسْلِفُوا ذاكم الذي يوجبُ الله أَجْرَهُ و يرُدُّ إِليه مالَهُ، و لم يُعْط

225
لسان العرب4

حير ص 222

الرجلُ شيئاً أَفضلَ من الطَّرْق، الرجلُ يُطْرِقُ على الفحل أَو على الفرس فَيَذْهَبُ حَيْرِيَّ الدهر، فقال له رجل: ما حَيْرِيُّ الدهر؟ قال: لا يُحْسَبُ، فقال الرجلُ: ابنُ وابِصَةَ و لا في سبيل الله، فقال: أَ و ليس في سبيل الله؟.
هكذا رواه حَيْرِيَّ الدهر، بفتح الحاء و تشديد الياء الثانية و فتحها؛ قال ابن الأَثير: و يروى حَيْرِيْ دَهْرٍ، بياء ساكنة، و حَيْرِيَ دَهْرٍ، بياء مخففة، و الكل من تَحَيُّرِ الدهر و بقائه، و معناه مُدَّةَ الدهر و دوامه أَي ما أَقام الدهرُ. قال: و قد جاء
في تمام الحديث: فقال له رجل: ما حَيْرِيُّ الدهر؟ فقال: لا يُحْسَبُ.
؛ أَي لا يُعْرَفُ حسابه لكثرته؛ يريد أَن أَجر ذلك دائم أَبداً لموضع دوام النسل؛ قال: و قال سيبويه العرب تقول: لا أَفعل ذلك حَيْرِيْ دَهْرٍ أَي أَبداً. و زعموا أَن بعضهم ينصب الياء في حَيْرِيَ دَهْرٍ؛ و قال أَبو الحسن: سمعت من يقول لا أَفعل ذلك حِيْرِيَّ دَهْرٍ، مُثَقَّلَةً؛ قال: و الحِيْرِيُّ الدهر كله؛ و قال شمر: قوله حِيْرِيَّ دَهْرٍ يريد أَبداً؛ قال ابن شميل: يقال ذهب ذاك حارِيَّ الدَّهْرِ و حَيْرِيَّ الدهر أَي أَبداً. و يَبْقَى حارِيَّ دهر أَي أَبداً. و يبقى حارِيَّ الدهر و حَيْرِيَّ الدهر أَي أَبداً؛ قال: و سمعت ابن الأَعرابي يقول: حِيْرِيَّ الدهر، بكسر الحاء، مثل قول سيبويه و الأَخفش؛ قال شمر: و الذي فسره ابن عمر ليس بمخالف لهذا إِنما أَراد لا يُحْسَبُ أَي لا يمكن أَن يعرف قدره و حسابه لكثرته و دوامه على وجه الدهر؛ و روى الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: لا آتيه حَيْرِيْ دهر و حِيْرِيَّ دهر و حِيَرَ الدَّهْرِ؛ يريد: ما تحير من الدهر. و حِيَرُ الدهرِ: جماعةُ حِيْرِيَّ؛ و أَنشد ابن بري للأَغلب العجلي شاهداً على مآلِ حَيَر، بفتح الحاء، أَي كثير:
يا من رَأَى النُّعْمانَ كانَ حَيَرَا،             من كُلِّ شي‏ءٍ صالحٍ قد أَكْثَرَا

و اسْتُحِيرَ الشرابُ: أُسِيغَ؛ قال العجاج:
تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ، إِذا اسْتُحِيرَا،             للماءِ في أَجْوافِها خَرِيرَا

و المُسْتَحِيرُ: سحاب ثقيل متردّد ليس له ريح تَسُوقُهُ؛ قال الشاعر يمدح رجلًا:
كأَنَّ أَصحابَهُ بالقَفْرِ يُمْطِرُهُمْ،             من مُسْتَحِيرٍ، غَزِيرٌ صَوْبُهُ دِيَمُ‏

ابن شميل: يقول الرجل لصاحبه: و الله ما تَحُورُ و لا تَحُولُ أَي ما تزداد خيراً. ثعلب عن ابن الأَعرابي: و الله ما تَحُور و لا تَحُول أَي ما تزداد خيراً. ابن الأَعرابي: يقال لِجِلْدِ الفِيلِ الحَوْرانُ و لباطن جِلْدِهِ الحِرْصِيانُ. أَبو زيد: الحَيِّرُ الغَيْمُ يَنْشَأُ مع المطر فَيَتَحَيَّرُ في السماء. و الحَيْرُ، بالفتح: شِبْهُ الحَظِيرَة أَو الحِمَى،، و منه الحَيْرُ بِكَرْبَلاء. و الحِيَارانِ: موضع؛ قال الحرثُ بنُ حِلِّزَةَ:
 و هُوَ الرَّبُّ و الشَّهِيدُ عَلَى يوم             الحِيارَيْنِ، و البلاءُ بَلاءُ

فصل الخاء المعجمة
خبر:
الْخَبِيرُ*
: من أَسماء الله عز و جل العالم بما كان و ما يكون. و خَبُرْتُ بالأَمر «2». أَي علمته. و خَبَرْتُ الأَمرَ أَخْبُرُهُ إِذا عرفته على حقيقته. و قوله تعالى:
__________________________________________________
 (2). قوله: [و خبرت بالأَمر] ككرم. و قوله: وخبرت الأَمر من باب قتل كما في القاموس و المصباح.

226
لسان العرب4

خبر ص 226

فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً
؛ أَي اسأَل عنه خبيراً يَخْبُرُ. و الخَبَرُ، بالتحريك: واحد الأَخبْار. و الخَبَرُ: ما أَتاك من نَبإٍ عمن تَسْتَخْبِرُ. ابن سيدة: الخَبَرُ النَّبَأُ، و الجمع أَخْبَارٌ، و أَخابِير جمع الجمع. فأَما قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها
؛ فمعناه يوم تزلزل تُخْبِرُ بما عُمِلَ عليها. و خَبَّرَه بكذا و أَخْبَرَه: نَبَّأَهُ. و اسْتَخْبَرَه: سأَله عن الخَبَرِ و طلب أَن يُخْبِرَهُ؛ و يقال: تَخَبَّرْتُ الخَبَرَ و اسْتَخْبَرْتُه؛ و مثله تَضَعَّفْتُ الرجل و اسْتَضْعَفْتُه، و تَخَبَّرْتُ الجواب و اسْتَخْبَرْتُه. و الاسْتِخْبارُ و التَّخَبُّرُ: السؤال عن الخَبَر. و
في حديث الحديبية: أَنه بعث عَيْناً من خُزَاعَةَ يَتَخَبَّر له خَبَرَ قريش.
أَي يَتَعَرَّفُ؛ يقال: تَخَبَّرَ الخَبَرَ و اسْتَخْبَر إِذا سأَل عن الأَخبْارِ ليعرفها. و الخابِرُ: المُخْتَبِرُ المُجَرِّبُ و رجل خابر و خَبِير: عالم بالخَبَرِ. و الخَبِيرُ: المُخْبِرُ؛ و قال أَبو حنيفة في وصف شجر: أَخْبَرَني بذلك الخَبِرُ، فجاء به على مثال فَعِلٍ؛ قال ابن سيدة: و هذا لا يكاد يعرف إِلَّا أَن يكون على النسب. و أَخْبَرَهُ خُبُورَهُ: أَنْبأَهُ ما عنده. و حكى اللحياني عن الكسائي: ما يُدْرَى له أَيْنَ خَبَرٌ و ما يُدْرَى له ما خَبَرٌ أَي ما يدرى، و أَين صلة و ما صلة. و المَخْبَرُ: خلاف المَنْظَرِ، و كذلك المَخْبَرَةُ و المَخْبُرَةُ، بضم الباء، و هو نقيض المَرْآةِ و الخِبْرُ و الخُبْرُ و الخِبْرَةُ و الخُبْرَةُ و المَخْبَرَةُ و المَخْبُرَةُ، كله: العِلْمُ بالشي‏ء؛ تقول: لي به خِبْرٌ، و قد خَبَرَهُ يَخْبُره خُبْراً و خُبْرَةً [خِبْرَةً] و خِبْراً و اخْتَبَره و تَخَبَّرهُ؛ يقال: من أَين خَبَرْتَ هذا الأَمر أَي من أَين علمت؟ و قولهم: لأَخْبُرَنَّ خُبْرَكَ أَي لأَعْلَمَنَّ عِلْمَك؛ يقال: صَدَّقَ الخَبَرَ الخُبْرُ. و أَما قول أَبي الدرداء: وجدتُ الناسَ اخْبُرْ تَقْلَه؛ فيريد أَنك إِذا خَبَرْتَهُم قليتهم، فأَخرج الكلام على لفظ الأَمر، و معناه الخَبَرُ. و الخُبْرُ: مَخْبُرَةُ الإِنسان. و الخِبْرَةُ: الاختبارُ؛ و خَبَرْتُ الرجل أَخْبُرُه خُبْراً [خِبْراً] و خُبْرَةً [خِبْرَةً]. و الخَبِيرُ: العالم؛ قال المنذري سمعت ثعلباً يقول في قوله:
كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا
فقال: هذا مقلوب إِنما ينبغي أَن يقول كفى قوماً بصاحبهم خُبْراً؛ و قال الكسائي: يقول كفى قوم. و الخَبِيرُ: الذي يَخْبُرُ الشي‏ء بعلمه؛ و قوله أَنشده ثعلب:
و شِفَاءُ عِيِّكِ خابِراً أَنْ تَسْأَلي‏

فسره فقال: معناه ما تجدين في نفسك من العيّ أَن تستخبري. و رجل مَخْبَرانِيٌّ: ذو مَخْبَرٍ، كما قالوا مَنْظَرانِيّ أَي ذو مَنْظَرٍ. و الخَبْرُ و الخِبْرُ: المَزادَةُ العظيمة، و الجمع خُبُورٌ، و هي الخَبْرَاءُ أَيضاً؛ عن كراع؛ و يقال: الخِبْرُ، إِلَّا أَنه بالفتح أَجود؛ و قال أَبو الهيثم: الخَبْرُ، بالفتح، المزادة، و أَنكر فيه الكسر؛ و منه قيل: ناقة خَبْرٌ إِذا كانت غزيرة. و الخَبْرُ و الخِبْرُ: الناقة الغزيرة اللبن. شبهت بالمزادة في غُزْرِها، و الجمع كالجمع؛ و قد خَبَرَتْ خُبُوراً؛ عن اللحياني. و الخَبْراءُ: المجرَّبة بالغُزْرِ. و الخَبِرَةُ: القاع يُنْبِتُ السِّدْرَ، و جمعه خَبِرٌ، و هي الخَبْراءُ أَيضاً، و الجمع خَبْراوَاتٌ و خَبَارٌ؛ قال سيبويه: و خَبَارٌ كَسَّرُوها تكسير الأَسماء وَ سَلَّموها على ذلك و إِن كانت في الأَصل صفة لأَنها قد جرت مجرى الأَسماء. و الخَبْراءُ: مَنْقَعُ الماء، و خص بعضهم به منقع الماء في أُصول السِّدْرِ، و قيل: الخَبْراءُ القاع ينبت السدر، و الجمع الخَبَارَى‏

227
لسان العرب4

خبر ص 226

و الخَبارِي مثل الصحارَى و الصحارِي و الخبراوات؛ يقال: خَبِرَ الموضعُ، بالكسر، فهو خَبِرٌ؛ و أَرض خَبِرَةٌ. و الخَبْرُ: شجر السدر و الأَراك و ما حولهما من العُشْبِ؛ واحدته خَبْرَةٌ. و خَبْراءُ الخَبِرَةِ: شجرها؛ و قيل: الخَبْرُ مَنْبِتُ السِّدْرِ في القِيعانِ. و الخَبْرَاءُ: قاع مستدير يجتمع فيه الماء، و جمعه خَبَارَى و خَبَاري. و في ترجمة نقع: النَّقائعُ خَبَارَى في بلاد تميم. الليث: الخَبْراءُ شَجْراءُ في بطن روضة يبقى فيها الماء إِلى القيظ و فيها ينْبت الخَبْرُ، و هو شجر السدر و الأَراك و حواليها عُشْبٌ كثير، و تسمى الخَبِرَةَ، و الجمع الخَبِرُ. و خَبْرُ الخَبِرَةِ: شجرُها قال الشاعر:
فَجادَتْكَ أَنْواءُ الرَّبيعِ، و هَلَّلَتْ             عليكَ رِياضٌ من سَلامٍ و من خَبْرِ

و الخَبْرُ من مواقع الماء: ما خَبِرَ المَسِيلُ في الرؤوس فَتَخُوضُ فيه. و
في الحديث: فَدَفعنا في خَبَارٍ من الأَرض.
؛ أَي سهلة لينة. و الخَبارُ من الأَرض: ما لانَ و اسْتَرخَى و كانت فيه جِحَرَةٌ. و الخَبارُ: الجَراثيم و جِحَرَةُ الجُرْذانِ، واحدته خَبارَةٌ. و في المثل: من تَجَنَّبَ الخَبَارَ أَمِنَ العِثارَ. و الخَبارُ: أَرض رِخْوَةٌ تتعتع فيه الدوابُّ؛ و أَنشد:
تَتَعْتَع في الخَبارِ إِذا عَلاهُ،             و يَعْثُر في الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ‏

ابن الأَعرابي: و الخَبارُ ما اسْتَرْخَى من الأَرض و تَحَفَّرَ؛ و قال غيره: و هو ما تَهَوَّرَ و ساخَتْ فيه القوائم. و خَبِرَتِ الأَرضُ خَبَراً: كثر خَبارُها. و الخَبْرُ: أَن تزرع على النصف أَو الثلث من هذا، و هي المُخابَرَةُ، و اشتقت من خَيْبَرَ لأَنها أَول ما أُقْطِعَتْ كذلك. و المُخابَرَةُ: المزارعة ببعض ما يخرج من الأَرض، و هو الخِبْرُ أَيضاً، بالكسر. و
في الحديث: كنا نُخابر و لا نرى بذلك بأْساً حتى أَخْبَرَ رافعٌ أَن رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، نهى عنها.
و
في الحديث: أَنه نهى عن المُخابرة.
؛ قيل: هي المزارعة على نصيب معين كالثلث و الربع و غيرهما؛ و قيل: هو من الخَبارِ، الأَرض اللينة، و قيل: أَصل المُخابرة من خَيْبر،
لأَن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَقرها في أَيدي أَهلها على النصف من محصولها.
؛ فقيل: خابَرَهُمْ أَي عاملهم في خيبر؛ و قال اللحياني: هي المزارعة فعمّ بها. و المُخَابَرَةُ أَيضاً: المؤاكرة. و الخَبِيرُ: الأَكَّارُ؛ قال:
تَجُزُّ رؤُوس الأَوْسِ من كلِّ جانِبٍ،             كَجَزِّ عَقاقِيلِ الكُرومِ خَبِيرُها

رفع خبيرها على تكرير الفعل، أَراد جَزَّه خَبِيرُها أَي أَكَّارُها. و الخَبْرُ الزَّرْعُ. و الخَبِيرُ: النبات. و
في حديث طَهْفَةَ: نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ.
أَي نقطع النبات و العشب و نأْكله؛ شُبّهَ بِخَبِيرِ الإِبل، و هو وبَرُها لأَنه ينبت كما ينبت الوبر. و استخلابه: احْتِشاشُه بالمِخْلَبِ، و هو المِنْجَلُ. و الخَبِيرُ: يقع على الوبر و الزرع و الأَكَّار. و الخَبِيرُ: الوَبَرُ؛ قال أَبو النجم يصف حمير وحش:
حتى إذا ما طار من خَبِيرِها
و الخَبِيرُ: نُسَالة الشعر، و الخَبِيرَةُ: الطائفة منه؛ قال المتنخل الهذلي:
فآبوا بالرماحِ، و هُنَّ عُوجٌ،             بِهِنَّ خَبائِرُ الشَّعَرِ السِّقَاط

228
لسان العرب4

خبر ص 226

و المَخْبُورُ: الطَّيِّب الأَدام. و الخَبِيرُ: الزَّبَدُ؛ و قيل: زَبَدُ أَفواه الإِبل؛ و أَنشد الهذلي:
تَغَذّمْنَ، في جانِبيهِ، الخَبِيرَ             لَمَّا وَهَى مُزنُهُ و اسْتُبِيحَا

تغذمن يعني الفحول أَي مضغن الزَّبَدَ و عَمَيْنَهُ. و الخُبْرُ و الخُبْرَةُ: اللحم يشتريه الرجل لأَهله؛ يقال للرجل: ما اختَبَرْتَ لأَهلك؟ و الخُبْرَةُ: الشاة يشتريها القوم بأَثمان مختلفة ثم يقتسمونها فَيُسْهِمُونَ كل واحد منهم على قدر ما نَقَدَ. و تَخَبَّرُوا خُبْرَةً: اشْتَرَوْا شَاةً فذبحوها و اقتسموها. و شاة خَبِيرَةٌ: مُقْتَسَمَةٌ؛ قال ابن سيدة: أُراه على طرح الزائد. و الخُبْرَةُ، بالضم: النصيب تأْخذه من لحم أَو سمك؛ و أَنشد:
باتَ الرَّبِيعِيُّ و الخامِيز خُبْرَتُه،             و طاحَ طَيُّ بني عَمْرِو بْنِ يَرْبُوعِ‏

و
في حديث أَبي هريرة: حين لا آكلُ الخَبِيرَ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية أَي المَأْدُومَ. و الخَبير و الخُبْرَةُ: الأَدام؛ و قيل: هو الطعام من اللحم و غيره؛ و يقال: اخْبُرْ طعامك أَي دَسِّمْهُ؛ و أَتانا بِخُبْزَةٍ و لم يأْتنا بخُبْرَةٍ. و جمل مُخْتَبِرٌ: كثير اللحم. و الخُبْرَةُ: الطعام و ما قُدِّم من شي‏ء. و حكى اللحياني أَنه سمع العرب تقول: اجتمعوا على خُبْرَتِه، يعنون ذلك. و الخُبْرَةُ: الثريدة الضخمة. و خَبَرَ الطعامَ يَخْبُرُه خَبْراً: دَسَّمَهُ. و الخابُور: نبت أَو شجر؛ قال:
أَيا شَجَرَ الخابُورِ ما لَكَ مُورِقاً؟             كأَنَّكَ لم تَجْزَعْ على ابنِ طَرِيفِ‏

و الخابُور: نهر أَو واد بالجزيرة؛ و قيل: موضع بناحية الشام. و خَيْبَرُ: موضع بالحجاز قرية معروفة. و يقال: عليه الدَّبَرَى «1». و حُمَّى خَيْبَرى.
خبجر:
خَبْجَرٌ و خُباجِرٌ: مُسْتَرْخٍ غليظ عظيم البطن.
ختر:
الخَتْرُ: شبيه بالغَدْرِ و الخديعة؛ و قيل: هو الخديعة بعينها؛ و قيل: هو أَسوأُ الغدر و أَقبحه. و في التنزيل العزيز: كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ. و يقال: خَتَرَهُ فهو خَتَّارٌ. و
في الحديث: ما خَتَرَ قومٌ بالعهد إِلَّا سُلِّطَ عليهم العدوّ.
؛ الخَتْرُ: الغَدْرُ؛ خَتَرَ يَخْتِر؛ فهو خاتِرٌ، و خَتَّارٌ للمبالغة. و
في الخبر: لَنْ تَمُدَّ لنا شِبْراً من غَدْرٍ إِلَّا مَدَدْنا لك باعاً من خَتْرٍ.
؛ خَتَرَ يَخْتُر خَتْراً و خُتُوراً، فهو خاتر و خَتَّار و خِتِّيرٌ و خَتُورٌ. ابن عرفة: الخَتْرُ الفساد، يكون ذلك في الغدر و غيره؛ يقال: خَتَّرَهُ الشرابُ إِذا فسد بنفسه و تركه مسترخياً. و الخَتَرُ: كالخَدَرِ، و هو ما يأْخذ عند شرب دواء أَو سم حتى يَضْعُفَ و يَسْكَرَ. و التَّختُّر: التَّفَتُّر و الاسترخاء؛ يقال: شرب اللبن حتى تَخَتَّر. و تَخَتَّر: فَتَرَ بدنُه من مرض أَو غيره. ابن الأَعرابي: خَتَرَتْ نفسه أَي خَبُثَتْ و تَختَّرَتْ و نحو ذلك، بالتاء، أَي استرختْ.
ختعر:
الخَيْتَعُورُ: السَّرَابُ؛ و قيل: هو ما يبقى من السراب لا يلبث أَن يضمحل؛ و قال كراع: هو ما يبقى من آخر السراب حين يتفرّق فلا يلبث أَن يضمحل، و خَتْعَرَتُه: اضمِحْلالُه. و الخَيْتَعُور: الذي ينزل من الهواء في شدة الحر أَبيضَ الخُيوطِ أَو كنسج العنكبوت. و الخَيْتَعُور: الغادِرُ. و الخَيْتَعورُ: الدنيا، على المَثَلِ، و قيل: الذئب، سمي بذلك لأَنه لا عهد له و لا وفاء، و قيل: الغُولُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [عليه الدبرى إلخ‏] كذا بالأَصل و شرح القاموس. و سيأتي في خ س ر يقول: بفيه البرى.

229
لسان العرب4

ختعر ص 229

لتلّوّنها. و امرأَة خَيْتَعُورٌ: لا يدوم وُدُّها، مشبهة بذلك، و قيل: كُلُّ شي‏ء يتلوّن و لا يدوم على حال خَيْتَعُورٌ؛ قال:
كلُّ أُنْثَى، و إِن بَدا لَكَ منها             آيةُ الحُبِّ، حُبُّها خَيْتَعُورُ

كذلك رواه ابن الأَعرابي بتاء ذات نقطتين. الفراء: يقال للسلطان الخَيْتَعُورُ. و الخَيْتَعُورُ: دُوَيْبَّةٌ سوداء تكون على وجه الماء لا تلبث في موضع إِلَّا رَيْثَما تَطْرِفُ. و الخَيْتَعُور: الداهية. و نَوًى خَيْتَعُورٌ، و هي التي لا تستقيم؛ و قوله أَنشده يعقوب:
أَقولُ، و قد نَأَتْ بهم غُرْبَةُ النِّوَى:             نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشِطُّ دِيارُك‏

يجوز أَن تكون الداهية، و أَن تكون الكاذبة، و أَن تكون التي لا تبقى. ابن الأَثير: ذئب العقبة يقال له الخَيْتَعُورُ؛ يريد شيطان العَقَبَةِ فجعل الخَيْتَعُورُ اسماً له، و هو كل من يضمحل و لا يدوم على حالة واحدة أَو لا يكون له حقيقة كالسراب و نحوه، و الياء فيه زائدة.
خثر:
الخُثُورَةُ: نقيض الرِّقَّةِ. و الخُثُورَةُ: مصدر الشي‏ء الخاثر، خَثَرَ اللبن و العسل و نحوهما، بالفتح، يَخْثُر. و خَثِرَ و خَثُرَ، بالضم، خَثْراً و خُثُوراً و خَثارَةً و خُثُورَةً و خَثَراناً؛ قال الفراء: خَثُرَ بالضم لغة قليلة في كلامهم؛ قال: و سمع الكسائي خَثِرَ، بالكسر؛ و أَخْثَرَه هو و خَثَّرَهُ. الأَصمعي: أَخْثَرْتُ الزُّبْدَ تركته خاثراً و ذلك إِذا لم تُذِبْهُ. و في المثل: ما يَدْرِي «1». أَ يُخْثِرُ أَم يُذِيبُ. و خُثارَةُ الشي‏ء: بقيته. و الخُثارُ: ما يبقى على المائدة. و خَثَرَتْ نفسه، بالفتح: غَثَتْ و خَبُثَتْ و ثَقُلَتْ و اخْتَلَطَتْ. ابن الأَعرابي: خَثَرَ إِذا لَقِسَتْ نفسه، و خَثِرَ إِذا استحيا. و
في الحديث: أَصبح رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، و هو خاثر النفس.
؛ أَي ثقيلها غير طَيِّبٍ و لا نَشِيطٍ؛ و منه‏
قال: يا أُمَّ سُلَيْمٍ ما لي أَرى ابْنَكِ خاثِر النَّفْسِ؟ قالت: ماتَتْ صَعْوَتُهُ.
و
في حديث علي، كرم الله وجهه. فذكرنا له الذي رأَينا من خُثُورِه.
و قومٌ خُثَراءُ الأَنْفُسِ و خَثْرَى الأَنفس أَي مختلطون. و الخَاثِرُ و المُخْثِرُ: الذي يجد الشي‏ء القليل من الوجع و الفترة. و خَثِرَ فلان أَي أَقام في الحَيِّ و لم يخرج مع القوم إِلى المِيرةِ.
خجر:
الخَجَرُ: نَتْنُ السَّفِلَةِ؛ عن كراع، يعني بالسَّفِلَةِ الدُّبُرَ. قال الليث: رجل خِجِرٌّ، و الجمع الخِجِرُّونَ، و هو الشديد الأَكل الجبان الصَّدَّادُ عن الحرب. أَبو عمرو: الخاجِرُ صوت الماء على سَفْحِ الجبل. ابن الأَعرابي: الخُجَيْرَةُ تصغير الخَجْرَةِ، و هي الواسعة من الإِماء. و الخَجْرَةُ أَيضاً: سَعَةُ رأْسِ الحُبِّ.
خدر:
الخِدْرُ: سِتْرٌ يُمَدُّ للجارية في ناحية البيت ثم صار كلُّ ما واراك من بَيْتِ و نحوه خِدْراً.، و الجمع خُدُورٌ و أَخْدارٌ، و أَخادِيرُ جمع الجمع؛ و أَنشد:
حتى تَغَامَزَ رَبَّاتُ الأَخادِيرِ

و
في الحديث: أَنه، عليه الصلاة و السلام؛ كان إِذا خُطِبَ إِليه إِحدى بناته أَتى الخِدْرَ [فقال‏]: إِن فلاناً يَخْطُبُ، فإِن طَعَنَتْ في الخِدْرِ لم يزوّجها.
؛ معنى طعنت في الخدر دخلت و ذهبت كما يقال طعن في‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و في المثل ما يدري إلخ‏] يضرب للمتحير المتردد في الأَمر، و أَصله أَن المرأَة تسلأُ السمن أَي تذيبه فيختلط خاثره أَي غليظه برقيقه فلا يصفو فتبرم بأَمرها فلا تدري أَ توقد تحته حتى يصفو و تخشى إِن هي أوقدت أَن يحترق فتحار لذلك، كذا في القاموس و شرحه.

230
لسان العرب4

خدر ص 230

المفازة إِذا دخل فيها؛ و قيل: معناه ضربت بيدها على الخِدْرِ، و يشهد له ما جاء
في رواية أُخْرَى: نَقَرَت الخِدْرَ.
مكانَ طعنت. و جارية مُخَدَّرَةٌ إِذا أُلزمت الخِدْرَ، و مَخْدُورَة. و الخِدْرُ: خشبات تنصب فوق قَتَبِ البعير مستورة بثوب، و هو الهَوْدَجُ؛ و هودج مَخْدُورٌ و مُخَدَّر: ذو خِدْرٍ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
 صَوَّى لها ذا كَدْنَةٍ في ظَهْرِه،             كأَنه مُخَدَّرٌ في خِدْرِهِ‏

أَراد في ظهره سَنامٌ تامك. كأَنه هَوْدَجٌ مُخَدَّرٌ، فأَقام الصفة التي هي قوله كأَنه مُخَدَّر مقام الموصوف الذي هو قوله سنام، كما قال:
كأَنَّكَ من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ،             يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِ‏

أَي كأَنك جمل من جمال بني أُقيش، فحذف الموصوف و اجتزأَ منه بالصفة لعلم المخاطب بما يعني. و قد أَخْدَرَ الجاريةَ إِخْداراً و خَدَّرَها و خَدَرَتْ في خِدْرِها و تَخَدَّرَتْ هي و اخْتَدَرَتْ؛ قال ابن أَحمر؛
وضَعْنَ بِذِي الجَذاءِ فُصُولَ رَيْطٍ،             لكَيْمَا يَخْتَدِرْنَ و يَرْتَدِينا

و يروى:
... بذي الجذاةِ.
و اخْتَدَرَتِ القارَةُ بالسَّرَابِ: استترت به فصار لها كالخِدْرِ؛ قال ذو الرمة:
حتى أَتى فَلَكَ الدَّهْناءُ دُونَهُمُ،             و اعْتَمَّ قُورُ الضُّخعى بالآلِ و اخْتَدَرا

و خَدَّرَت الظبيةُ خِشْفَها في الخَمَرِ و الهَبَطِ: سَتَرَتْهُ هنالك. و خِدْرُ الأَسدِ: أَجَمَتُه. و خَدَرَ الأَسدُ خُدُوراً و أَخْدَرَ: لزم خِدْرَه و أَقام، و أَخْدَرَه عَرِينُه: واراه. و المُخْدِرُ: الذي اتخذ الأَجَمَةَ خِدْراً؛ أَنشد ثعلب:
مَحَلًّا كَوَعْثاء القَنافِذِ ضارِباً             به كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجِّمِ‏

و الخادِرُ: الذي خَدَرَ فيها. و أَسَدٌ خادِرٌ: مقيم في عَرِينهِ داخلٌ في الخِدْرِ، و مُخْدِرٌ أَيضاً. و خَدَرَ الأَسدُ في عَرِينهِ، و يعني بالخِدْرِ الأَجَمَةَ؛ و في قصيد كعب بن زهير:
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيُوثِ الأُسْدِ، مَسْكَنُهُ،             بِبَطْنِ عَثَّرَ، غِيلٌ دونه غِيلُ‏

خَدَرَ الأَسَدُ و أَخْدَرَ، فهو خادِرٌ و مُخْدِرٌ إِذا كان في خِدْرِه، و هو بيته، و خَدَرَ بالمكان و أَخْدَرَ: أَقام؛ قال:
إِنِّي لأَرْجو من شَبِيبٍ بِرّاً             و الجَزْءَ إِنْ أَخْدَرْتُ يوماً قَرَّا

و أَخْدَرَ فلان في أَهله أَي أَقام فيهم؛ و أَنشد الفراء:
كأَنَّ تَحْتِي بازِياً رَكَّاضَا،             أَخْدَرَ خَمْساً لم يَذُقْ عَضَاضَا

يعني أَقام في وَكْرِه. و الخَدَرُ: المَطَرُ لأَنه يُخَدِّرُ الناسَ في بيوتهم؛ قال الراجز:
و يَسْتُرونَ النَّارَ من غيرِ خَدَرْ
و الخَدْرَةُ: المَطْرَةُ. ابن السكيت: الخَدَرُ الغيم و المطر؛ و أَنشد الراجز أَيضاً:
لا يُوقِدُونَ النَّارَ إِلَّا لِسَحَرْ،             ثُمَّتَ لا تُوقَدُ إِلَّا بالبَعَرْ،
و يَسْتُرون النَّارَ من غيرِ خَدَرْ
يقول: يسترون النار مخافة الأَضياف من غير غيم و لا مطر. و قد أَخْدَرَ القوم: أَظلهم المطر؛ و قال:
شمسُ النَّهارِ أَلاحَهَا الإِخْدار

231
لسان العرب4

خدر ص 230

و يوم خَدِرٌ: بارِدٌ نَدٍ، و ليلة خَدِرَةٌ؛ قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على ذلك؛ قال: و في الحاشية بيت شاهد عليه و قد ذكره غيره، و هو:
و بِلاد زَعِل ظُلمْانُها [ظِلمْانُها]،             كالمَخاضِ الجُرْبِ في اليومِ الخَدِرْ

قال ابن بري: البيت لطرفة بن العبد. و الظلمان: ذكور النعام، الواحد ظليم. و الزَّعِلُ: النشيط و المَرِحُ. و المخاض: الحوامل؛ شبه النعام بالمخاض الجُرْبِ لأَن الجُرْبَ تطلى بالقَطِرانِ و يصير لونها كلون النعام، و خص اليومَ النَّدِيَّ البارد لأَن الجَرْبَى يجتمع فيه بعضُها إِلى بعض؛ و منه قيل للعُقابِ: خُدارِيَّة لشدّة سوادها؛ قال العجاج:
و خَدَرَ الليل فَيجْتابُ الخَدَر

و قال ابن الأَعرابي: أَصل الخُداري أَن الليل يخدر الناس أَي يُلْبِسهُم؛ و منه قوله: [و الدَّجْنُ مُخْدِرٌ]. أَي ملبس؛ و منه قيل للأَسد. خادر؛ قال الأَزهري: و أَنشدني عمارة لنفسه:
فِيهِنَّ جائِلَةُ الوِشَاحِ كأَنَّها             شَمسُ النَّهارِ، أَكَلَّها الإِخْدارُ

أَكلَّها: أَبرزها، و أَصله من الانكِلالِ و هو التبسم. و الخَدَرُ و الخَدِرُ: الظلمة. و الخُدْرَةُ: الظلمة الشديدة، و ليل أَخْدَرُ و خَدِرٌ و خَدُرٌ و خُدارِيٌّ: مظلم؛ و قال بعضهم: الليل خمسة أَجزاء: سُدْفَةٌ و سُتْفَةٌ و هَجْمَةٌ و يَعْفُورٌ و خُدْرَةٌ؛ فالخُدْرَةُ على هذا آخر الليل. و أَخْدَرَ القومُ: كأَلْيَلُوا. و أَخْدَرَهُ الليلُ إِذا حبسه، و الليل مُخْدِرٌ؛ قال العجاج يصف الليل:
و مُخْدِرُ الأَخْدارِ أَخْدَرِيُ‏

و الخُدارِيُّ: السحاب الأَسودُ. و بعير خُدارِيٌّ أَي شديد السواد، و ناقةٌ خُدارِيَّة و العُقابُ الخُدارِيَّةُ و الجارية الخُدارِيَّةُ الشَّعَرِ. و عُقابٌ خُدارِيَّةٌ: سوداء؛ قال ذو الرمة:
و لم يَلْفِظِ الغَرْثَى الخُدارِيَّةَ الوَكْرُ

قال شمر: يعني الوكر لم يلفظ العُقابَ، جعل خروجها من الوكر لفظاً مثل خروج الكلام من الفم، يقول: بَكَرَتْ هذه المرأَة قبل أَن تطير العُقابُ من وَكْرِها؛ و قوله:
كأَنَّ عُقاباً خُدارِيَّةً             تُنَشِّرُ في الجَوِّ منها جَناحَا

فسره ثعلب فقال: تكون العُقابُ الطائرة، و تكون الرايَةَ لأَن الراية يقال لها عُقابٌ. و تكون أَبْراداً أَي أَنهم يبسطون أَبْرادَهُمْ فوقهم. و شَعَرٌ خُدارِيٌّ: أَسود. و كل ما منع بصراً عن شي‏ء، فقد أَخْدَرَهُ. و الخَدَرُ: المكان المظلم الغامض؛ قال هدبة؛
إِنِّي إِذا اسْتَخَفَى الجَبانُ بالخَدَرْ
و الخَدَرُ: امْذِلالٌ يغشى الأَعضاء: الرِّجلَ و اليدَ و الجسدَ. و قد خَدِرَتِ الرِّجْلُ تَخْدَرُ؛ و الخَدَرُ من الشراب و الدواء: فُتُورٌ يعتري الشاربَ و ضَعْفٌ. ابن الأَعرابي: الخُدْرَةُ ثقل الرِّجل و امتناعها من المشي. خَدِرَ خَدَراً، فهو خَدِرٌ، و أَخْدَرَهُ ذلك. و الخَدَرُ في العين: فتورها، و قيل: هو ثِقَلٌ فيها من قَذًى يصيبها؛ و عين خَدْراءُ: خَدِرَةٌ. و الخَدَرُ: الكسَلُ و الفُتور؛ و خَدِرَتْ عظامه؛ قال طرفة:
جازَتِ البِيدَ إِلى أَرْحُلِنَا،             آخِرَ الليلِ، بِيَعْفُورٍ خَدِر

232
لسان العرب4

خدر ص 230

خَدِرٌ: كأَنه ناعس. و الخَدِرُ من الظباء: الفاتر العظام. و الخادِرُ: الفاتِرُ الكَسْلانُ. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه رَزَقَ الناسَ الطِّلاءَ فشربه رجل فَتَخَدَّر.
أَي ضَعُفَ و فَتَرَ كما يصيب الشاربَ قبل السكر، و منه خَدَرُ اليدِ و الرِّجْلِ. و
في حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: أَنه خَدِرَتْ رِجْلُه فقيل له: ما لرجْلكَ؟ قال: اجتمع عَصَبُها، قيل: اذْكُرْ أَحَبَّ الناسِ إِليك، قال: يا محمدُ، فَبَسَطَها.
و الخادِرُ: المُتَحَيِّرُ. و الخادِرُ و الخَدُورُ من الدواب و غيرها: المُتَخَلِّفُ الذي لم يَلْحَقْ، و قد خَدَرَ. و خَدَرَتِ الظَّبْيَةُ خَدْراً: تخلفت عن القطيع مثل خَذَلَتْ. و الخَدُورُ من الظباء و الإِبل: المتخلفة عن القَطِيع. و الخَدُورُ من الإِبل: التي تكون في آخر الإِبل؛ و قول طرفة:
و تَقْصِير يومِ الدَّجْنِ، و الدَّجْنُ مُخْدِرٌ،             بِبَهْكَنَةٍ تحتَ الخِباءِ المُمَدَّدِ «2».

أَراد: تقصير يوم الدَّجْنِ، و الدَّجْنُ مُخْدِرٌ، الواو واو الحال أَي في حال إِخْدارِ الدَّجْنِ؛ و قوله:
و مَرَّتْ على ذاتِ التَّنانِيرِ غُدْوَةً،             و قد رَفَعَتْ أَذْيالَ كُلِّ خَدُورِ

الخَدُورُ: التي تخلفت عن الإِبل فلما نظرت إِلى التي تسير سارت معها؛ قال و مثله:
و احْتَثَّ مُحْتَثَّاتُها الخَدُورَا
قال: و مثله:
إِذْ حُثَّ كُلُّ بازِلٍ دَفُونِ،             حتى رَفَعْنَ سَيْرَةَ اللَّجُونِ‏

و خَدِرَ النهارُ خَدَراً، فهو خَدِرٌ: اشتد حره و سكنت ريحه و لم تتحرك فيه ريح و لا يوجد فيه رَوْحٌ. الليث: يوم خَدِرٌ شديد الحر؛ و أَنشد:
كالمَخاضِ الجُرْبِ في اليوم الخَدِرْ
قال أَبو منصور: أَراد باليوم الخَدِرِ المَطِيرَ ذا الغيم؛ قال ابن السكيت: و إِنما خص اليوم المطير بالمخاض الجُرْبِ لأَنها إِذا جَرِبَتْ تَوَسَّفَتْ أَوبارُها فالبَرْدُ إِليها أَسرع. و الخِدارُ: عُودٌ يجمع الدُّجْرَيْن إِلى اللُّؤَمَةِ. و خُدارُ: اسم فرس؛ أَنشد ابن الأَعرابي لِلقَتَّالِ الكِلابِيِّ:
و تَحْمِلُني و بِزَّةَ مَضْرَحِيٍّ،             إِذا ما ثَوَّبَ الدَّاعِي، خُدارُ

و أَخْدَرُ: فحل من الخيل أُفْلِتَ فَتَوَحَّشَ و حَمَى عدَّةَ غاباتٍ و ضَرَبَ فيها، قيل إِنه كان لسليمان بن داود، على نبينا و عليه الصلاة و السلام؛ و الأَخْدَرِيَّةُ من الخيل: منسوبة إِليه. و الأَخْدَرِيَّةُ من الحُمُرِ: منسوبة إِلى فحل يقال له الأَخْدَرُ: قيل: هو فرس، و قيل: هو حمار، و قيل: الأَخْدَرِيَّةُ منسوبة إِلى العراق؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف ذلك. و يقال للأَخْدَرِيَّة من الحُمُرِ: بناتُ الأَخْدَرِ. و الأَخْدَرِيُّ: الحمارُ الوَحْشِيُّ؛ و في التهذيب: و الأَخْدَريُّ من نَعْتِ حمار الوحشِ كأَنه نسب إِلى فحل اسمه أَخْدَرُ؛ قال: و الخُدْرَةُ اسم أَتان كانت قديمة فيجوز أَن يكون الأَخْدَرِيُّ منسوباً إِليها. الأَصمعي: إِذا تخلف الوحشي عن القطيع قيل: خَدَرَ و خَذَلَ؛ و قال ابن الأَعرابي: الخُدَرِيُّ الحمار الأَسود. الأَصمعي: يقول عاملُ الصدقات: ليس لي حَشَفَةٌ و لا خَدِرَةٌ؛ فالحشفة: اليابسة، و الخَدِرَةُ: التي‏
__________________________________________________
 (2). رواية ديوان طرفة لهذا البيت:
 و تقصيرُ يومِ الدَّجْنِ و الدَّجنُ مُعْجِبٌ             ببَهكَنةٍ تحتَ الطَّرافِ المعَمَّدِ.

233
لسان العرب4

خدر ص 230

تقع من النخل قبل أَن تَنْضَجَ. و
في حديث الأَنصار: اشْتَرَطَ أَن لا يأْخذ تَمْرَةً خَدِرَةً.
؛ أَي عَفِنَةً، و هي التي اسودّ باطنها. و بنو خُدْرَةَ: بطن من الأَنصار منهم أَبو سعيد الخُدْرِيُّ. و خَدُورَةُ: موضع ببلاد بني الحرث بن كعب؛ قال لبيد:
دَعَتْني، و فاضَتْ عَيْنُها بِخَدُورَةٍ،             فَجِئتُ غِشاشاً، إِذْ دَعَتْ أُمُّ طارِقِ‏

خذر:
الأَزهري أَبو عمرو: الخاذِرُ المستتر من سلطان أَو غريم. ابن الأَعرابي: الخُذْرَةُ الخُذْرُوفُ، و تصغيرها خُذَيْرَةٌ.
خذفر:
الخَذَنْفَرَةُ: الخَفْخافَةُ الصَّوْتِ كأَنَّ صوتها يخرج من مَنْخَرَيْها، ذكره الأَزهري في الخماسي.
خرر:
الخَرِيرُ: صوت الماء و الريح و العُقاب إِذا حَفَّتْ، خَرَّ يَخِرُّ و يَخُرُّ خَرِيراً و خَرْخَرَ، فهو خارٌّ؛ قال الليث: خَرِيرُ العُقاب حَفِيفُه؛ قال: و قد يضاعف إِذا توهم سُرْعَة الخَرِيرِ في القَصَبِ و نحوه فيحمل على الخَرْخَرَةِ، و أَما في الماء فلا يقال إِلَّا خَرْخَرَةً. و الخَرَّارَةُ: عَيْنُ الماءِ الجارِيَةُ، سميت خَرَّارَةً لِخَرِيرِ مائها، و هو صوته. و يقال للماء الذي جَرَى جَرْياً شديداً: خَرَّ يَخِرُّ؛ و قال ابن الأَعرابي: خَرَّ الماءُ يَخِرُّ، بالكسر، خَرّاً إِذا اشتدّ جَرْيُه؛ و عينٌ خَرَّارَةٌ، و خَرَّ الماء الأَرضَ خَرّاً. و
في حديث ابن عباس مَن أَدخل أُصْبُعَيْهِ في أُذنيه سَمِعَ خَرِيرَ الكَوْثَرِ.
؛ خَرِيرُ الماء: صَوْتُه، أَراد مثل صوت خرير الكوثر. و
في حديث قُسٍّ: و إِذا أَنا بعين خَرَّارَةٍ.
أَي كثيرة الجَرَيانِ. و
في الحديث ذِكْرُ الخَرَّارِ، بفتح الخاء و تشديد الراء الأُولى، موضع قُرْبَ الجُحْفَةِ بعث إِليه رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، سَعْدَ بن أَبي وَقَّاصٍ في سَرِيَّةٍ.
و خَرَّ الرجلُ في نومه: غَطَّ، و كذلك الهِرَّةُ و النَّمِرُ، و هي الخَرْخَرَةُ. و الخَرْخَرَةُ: صوتُ النائِم و المُخْتَنِقِ؛ يقال: خَرَّ عند النوم و خَرْخَرَ بمعنى. و هِرَّةٌ خَرُورٌ: كثيرة الخَرِيرِ في نومها؛ و يقال: للهِرَّةِ خُرُورٌ في نومها. و الخَرْخَرَةُ: صوتُ النَّمِر في نومه، يُخَرْخِرُ خَرْخَرَةً و يَخِرُّ خَرِيراً؛ و يقال لصوته: الخَرِيرُ و الهَرِيرُ و الغَطِيطُ. و الخَرْخَرَةُ: سُرْعَةُ الخَرِير في القَصَب و نحوها. و الخَرَّارَةُ: عود نحو نصف النعل يُوثَقُ بخيط فَيُحَرَّكُ الخَيْطُ و تُجَرُّ الخَشَبَةُ فَتُصَوِّتُ تلك الخَرَّارَةُ؛ و يقال لخُذْرُوف الصَّبِي التي يُدِيرُها: خَرَّارَةٌ، و هو حكاية صوتها: خِرْخِرْ. و الخَرَّارَةُ: طائر أَعظم من الصُّرَدِ و أَغلظ، على التشبيه بذلك في الصوت، و الجمع خَرَّارٌ؛ و قيل: الخَرَّارُ واحِدٌ؛ و إِليه ذهب كراع. و خَرَّ الحَجَرُ يَخُرُّ خُرُوراً: صَوَّتَ في انحداره، بضم الخاء، من يَخُرُّ. و خَرَّ الرجلُ و غيره من الجبل خُرُوراً. و خَرَّ الحَجَرُ إِذا تَدَهْدَى من الجبل. و خَرَّ الرجلُ يَخُرُّ إِذا تَنَعَّمَ. و خَرَّ يَخُرُّ إِذا سقط، قاله بضم الخاء؛ قال أَبو منصور و غيره: يقول خَرَّ يَخِرُّ، بكسر الخاء. و الخُرْخُورُ: الرجل الناعم في طعامه و شرابه و لباسه و فراشه. و الخارُّ: الذي يَهْجُمُ عليك من مكان لا تعرفه؛ يقال: خَرَّ علينا ناسٌ من بني فلان. و خَرَّ الرجلُ: هجم عليك من مكان لا تعرفه. و خَرَّ القومُ: جاؤوا من بلد إِلى آخر، و هم الخَرَّارُ و الخَرَّارَةُ. و خَرُّوا

234
لسان العرب4

خرر ص 234

أَيضاً: مَرُّوا، و هم الخَرَّارَةُ لذلك. و خَرَّ الناسُ من البادية في الجَدْبِ: أَتوا. و خَرَّ البناء: سقط. و خَرَّ يَخِرُّ خَرّاً: هَوَى من عُلْوٍ إِلى أَسفل. غيره: خَرَّ يَخِرُّ و يَخُرُّ، بالكسر و الضم، إِذا سقط من علو. و
في حديث الوضوء: إِلَّا خَرَّت خطاياه.
؛ أَي سقطت و ذهبت، و
يروى جَرَتْ.
بالجيم، أَي جَرَتْ مع ماء الوضوء. و
في حديث عمر: قال الحرث بن عبد الله: خَرِرْتَ من يديك.
أَي سَقَطْتَ من أَجل مكروه يصيب يديك من قطع أَو وجع، و قيل: هو كناية عن الخجلِ؛ يقال: خَرِرْتُ عن يدِي أَي خَجِلْتُ، و سياق الحديث يدل عليه، و قيل: معناه سَقَطْتَ إِلى الأَرض من سبب يديك أَي من جنايتهما، كما يقال لمن وقع في مكروه: إِنما أَصابه ذلك من يده أَي من أَمر عمله، و حيث كان العمل باليد أُضيف إليها. و خَرَّ لوجهه يَخِرُّ خَرّاً و خُرُوراً: وقع كذلك. و في التنزيل العزيز: وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ
. و خَرَّ لله ساجداً يَخِرُّ خُرُوراً أَي سقط. و قوله عز و جل: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً
؛ قيل: خَرُّوا لله سجداً، و قيل: إِنهم إِنما خَرُّوا ليوسف لقوله في أَوّل السورة: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ؛ و قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً
؛ تأْويله: إِذا تليت عليهم خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا
 سامعين مبصرين لما أُمروا به و نهوا عنه؛ و مثله قول الشاعر:
بأَيْدِي رِجالٍ لم يَشِيمُوا سُيوفَهُمْ،             و لم تَكْثُر القَتْلَى بها حِينَ سُلَّتِ‏

أَي شَامُوا سيوفهم و قد كثرت القتلى. و خَرَّ أَيضاً: مات، و ذلك لأَن الرجل إِذا ماتَ خَرَّ. و
قوله: بايعتُ رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، أَنْ لا أَخرَّ إِلَّا قائماً.
؛ معناه أَنْ لا أَمُوتَ لأَنه إِذا مات فقد خَرَّ و سقط، و قوله إِلَّا قائماً أَي ثابتاً على الإِسلام؛
و سئل إِبراهيم الحَرْبِيُّ عن قوله: أَنْ لا أَخِرَّ إِلَّا قائماً، فقال: إِني لا أَقع في شي‏ء من تجارتي و أُموري إِلَّا قمتُ بها منتصباً لها.
الأَزهري: و
روي عن حَكِيم بنِ حِزامٍ أَنه أَتى النبي، صلى الله عليه و سلم، فقال: أُبايعك أَنْ لا أَخِرَّ إِلَّا قائماً.
قال الفراء: معناه أَن لا أُغبن و لا أَغبن،
فقال النبي، صلى الله عليه و سلم، لستَ تُغْبَنُ في دين الله و لا في شي‏ء من قِبَلِنا و لا بَيْعٍ.
؛ قال: و
قول النبي، صلى الله عليه و سلم، أَما من قِبَلِنَا فلست تخرّ إِلَّا قائماً.
أَي لسنا ندعوك و لا نبايعك إِلَّا قائماً أَي على الحق؛ و معنى الحديث: لا أَموت إِلَّا متمسكاً بالإِسلام، و قيل: معناه لا أَقع في شي‏ء من تجارتي و أُموري إِلَّا قمتُ منتصباً له؛ و قيل: معناه لا أُغبن و لا أَغبن؛ و خَرَّ الميتُ يَخِرُّ خَرِيراً، فهو خارٌّ. و قوله تعالى: وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً
؛ قال ثعلب: قال الأَخفش: خَرَّ صار في حال سجوده؛ قال: و نحن نقول، يعني الكوفيين، بضربين بمعنى سَجَدَ و بمعنى مَرَّ من القوم الخَرَّارَةِ الذين هم المارَّةُ. و قوله تعالى: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُ‏
؛ و يجوز أَن تكون خَرَّ
 هنا بمعنى وَقَعَ، و يجوز أَن تكون بمعنى مات. و خُرَّ إِذا أُجْرِيَ. و رجل خارٌّ: عاثِرٌ بعد استقامةٍ؛ و في التهذيب: و هو الذي عَسَا بعد استقامة. و الخِرِّيانُ: الجَبَانُ، فِعْلِيانٌ منه؛ عن أَبي علي. و الخَرِيرُ: المكان المطمئن بين الرَّبْوَتَيْنِ ينقاد، و الجمع أَخِرَّةٌ؛ قال لبيد:

235
لسان العرب4

خرر ص 234

بأَخِرَّةِ الثَّلَبُوتِ، يَرْبأُ فَوْقَها             قَفْرَ المراقِبِ خَوْفُها آرامُها «3».

فأَما العامة فتقول أَحزَّة، بالحاء المهملة و الزاي، و هو مذكور في موضعه، و إِنما هو بالخاء. و الخُرُّ: أَصل الأُذن في بعض اللغات. و الخُرُّ أَيضاً: حَبَّةٌ مدوّرةُ صفَيْراءُ فيها عُلَيْقِمَةٌ يسيرة؛ قال أَبو حنيفة: هي فارسية. و تَخَرْخَرَ بَطْنُه إِذا اضطرب مع العِظَمِ، و قيل: هو اضطرابه من الهزال؛ و أَنشد قول الجعدي:
فأَصْبَحَ صِفْراً بَطْنُه قد تَخَرْخَرَا
و ضرب يده بالسيف فأَخَرَّها أَي أَسقطها؛ عن يعقوب. و الخُرُّ من الرَّحَى: اللَّهْوَةُ، و هو الموضع الذي تلقي فيه الحنطة بيدك كالخُرِّيِّ؛ قال الراجز:
و خُذْ بِقَعْسَرِيِّها،             و أَلْهِ في خُرِّيّها،
 تُطْعِمْكَ من نَفِيِّها

و النَّفِيُّ، بالفاء: الطحين، و عنى بالقَعْسَرِيّ الخشبة التي تدار بها الرحى.
خزر:
الخَزَرُ، بالتحريك: كسْرُ العين بَصَرَها خِلْقَةً و قيل: هو ضيق العين و صغرها، و قيل: هو النظر الذي كأَنه في أَحد الشِّقَّينِ، و قيل: هو أَن يفتح عينه و يغمضها، و قيل: الخَزَرُ هو حَوَلُ إِحدى العينين، و الأَحْوَلُ: الذي حَوِلَتْ عيناه جَميعاً، و قيل: الأَخْزَرُ الذي أَقبلت حَدَقَتاه إِلى أَنفه، و الأَحول: الذي ارتفعت حدقتاه إِلى حاجبيه؛ و قد خَزِرَ خَزَراً، و هو أَخْزَرُ بَيِّنُ الخَزَرِ، و قوم خُزْرٌ؛ و يقال: هو أَن يكون الإِنسان كأَنه ينظر بمُؤْخُرِها؛ قال حاتم:
و دُعيتُ في أُولى النَّدِيِّ، و لم             يُنْظَرْ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ خُزْرِ

و تَخازَرَ: نظر بمُؤْخُرِ عينه. و التَّخازُرُ: استعمالُ الخَزَرِ على ما استعمله سيبويه في بعض قوانين تَفاعَلَ؛ قال:
إِذا تَخازَرْتُ و ما بي مِنْ خَزَرْ
فقوله و ما بي من خَزَرٍ يدلك على أَن التَّخازُرَ هاهنا إِظهار الخَزرِ و استعماله. و تَخازَرَ الرجلُ إِذا ضَيَّقَ جَفْنَهُ لِيُحَدِّدَ النظر، كقولك: تعامَى و تَجاهَلَ. ابن الأَعرابي: الشيخ يُخَزِّرُ عينيه ليجمع الضوء حتى كأَنهما خِيطَتَا، و الشابُّ إِذا خَزَّرَ عينيه فإِنه يَتَداهَى بذلك؛ قال الشاعر:
يا وَيْحَ هذا الرأْسِ كيف اهْتَزَّا،             و حِيصَ مُوقاهُ و قادَ العَنْزَا؟

و يقال للرجل إِذا انحنى من الكِبَرِ: قادَ العَنْزَ، لأَن قائدها ينحني. و الخَزَرُ: جِيلٌ خُزْرُ العيون. و
في حديث حذيفة: كأَني بهم خُنْسُ الأُنُوف خُزْرُ العيون.
و الخُزْرَةُ: انقلابُ الحدقة نحو اللِّحاظ، و هو أَقبح الحَوَلِ؛ و رجل خَزَرِي و قوم خُزْرٌ. و خَزَرَهَ يَخْزُرُه خَزْراً: نظره بِلِحاظِ عينه؛ و أَنشد:
لا تَخْزُرِ القومَ شَزْراً عن مُعارَضَةٍ
و عدوٌّ أَخْزَرُ العين: ينظر عن معارضة كالأَخْزَرِ العين. أَبو عمرو: الخازِرُ الداهية من الرجال. ابن الأَعرابي:
__________________________________________________
 (3). قوله: [بأَخرة الثلبوت‏] بفتح المثلثة و اللام و ضم الموحدة و سكون الواو فمثناة فوقية: واد فيه مياه كثيرة لبني نصر بن قعين كما في ياقوت.

236
لسان العرب4

خزر ص 236

خَزَر «1». إِذا تَداهَى، و خَزِرَ إِذا هَرَبَ. و الخِنْزِيرُ: من الوحش العادي معروف، مأْخوذ من الخَزَرِ لأَن ذلك لازم له؛ و قيل: هو رباعي، و سنذكره في ترجمته. و الخَزِيرَةُ و الخَزِيرُ: اللحم الغابُّ يؤْخذ فيقطع صغاراً في القِدْرِ ثم يطبخ بالماء الكثير و الملح، فإِذا أُميت طَبْخاً ذرَّ عليه الدقيق فَعُصِدَ به ثم أُدِمَ بأَيِّ أَدَامٍ شِي‏ءَ، و لا تكون الخَزِيرَةُ إِلا و فيها لحم، فإِذا لم يكن فيها لحم فهي عَصِيدَة، قال جرير:
وُضِعَ الخَزِيرُ فقيل: أَيْنَ مُجاشِعُ؟             فَشَحَا جَحافِلَهُ جُرافٌ هِبْلَعُ‏

و قيل: الخَزِيرَةُ مَرَقَة، و هي أَن تُصَفَّى بُلالَةُ النُّخالة ثم تُطْبَخَ، و قيل: الخَزِيرَةُ و الخَزِيرُ الحَسَا من الدسم و الدقيق، و قيل: الحَسَا من الدَّسَمِ؛ قال:
فَتَدْخُلُ أَيْدٍ في حَناحِرَ أُقْنِعَتْ،             لِعادَتِها، من الخَزِيرِ المُعَرَّفِ‏

أَبو الهيثم: أَنه كتب عن أَعرابي قال: السَّخِينَةُ دقيق يلقى على ماء أَو على لبن فيطبخ ثم يؤكل بتمر أَو بحَساً، و هو الحَسَاء، قال: و هي السَّخُونَةُ أَيضاً، و هي النَّفِيتَةُ و الحُدْرُقَّةُ و الخَزِيرَةُ، و الحَرِيرَةُ أَرَقُّ منها. و
في حديث عِتْبان «2»
: أَنه حَبَسَ النبي، صلى الله عليه و سلم، على خَزِيرَةٍ تُصْنَعُ له.
و هو ما فسرناه، و قيل: إِذا كانت من لحم فهي خزيرة، و قيل: إِن كانت من دقيق فهي حَرِيرَةٌ، و إِن كانت من نخالة فهي خَزِيرَةٌ. و الخُزرَةُ، مثل الهُمَزة، و ذكره ابن السكيت في باب فُعَلةٍ: داء يأْخذ في مُسْتَدَقِّ الظهر بِفَقْرَةِ القَطَنِ؛ قال يصف دلواً:
دَاوِ بها ظَهْرَكَ من تَوْجاعِه،             من خُزَراتٍ فيه و انْقِطَاعِه‏

و قال: بها يعني الدلو، أَمره أَن ينزع بها على إِبله، و هذا لعب منه و هزؤ. و الخَيْزَرَى و الخَوْزَرَى و الخَيْزَلى و الخَوْزَلى: مِشْيَةٌ فيها ظَلَعٌ أَو تَفَكُّكٌ أَو تَبَخْتُرٌ؛ قال عُرْوَةُ بنُ الوَرْدِ:
و النَّاشِئات المَاشِيات الخَوْزَرَى،             كَعُنُقِ الآرامِ أَوْفَى أَوْ صَرَى‏

معنى أَوفى: أَشرف، و صَرَى: رفع رأْسه. و الخَيْزُرانُ: عُودٌ معروف. قال ابن سيدة: الخَيْزُرَانُ نبات لَيِّنُ القُضْبَانِ أَمْلَسُ العيدان لا ينبت ببلاد العرب إِنما ينبت ببلاد الروم؛ و لذلك قال النابغة الجعدي:
أَتَاني نَصْرُهُمْ، و هُمُ بَعِيدٌ،             بِلادُهُمُ بِلادُ الخَيْزُرانِ‏

و ذلك أَنه كان بالبادية و قومه الذين نصروه بالأَرياف و الحواضر، و قيل: أَراد أَنهم بعيد منه كبعد بلاد الروم، و قيل: كلُّ عُودٍ لَدْنٍ مُتَثَنٍّ خَيْزُرانٌ، و قيل: هو شجر، و هو عروق القَنَاةِ، و الجمع الخَيازِرُ. و الخَيْزُرانُ: القصب؛ قال الكميت يصف سحاباً:
كأَنَّ المَطافِيلَ المَوالِيهَ وَسْطَهُ،             يُجاوِبُهُنَّ الخَيْزُرانُ المُثَقَّبُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله: [ابن الأَعرابي خزر إلخ‏] الأولى من باب كتب، و الثانية من باب فرح لا كما يقتضيه صنيع القاموس من أَنهما من باب كتب، فقد نقل شارحه عن الصاغاني ما ذكرنا.
 (2). قوله: [عتبان‏] هو ابن مالك، كان إمام قومه فأَنكر بصره، فسأَل النبي، صلى الله عليه و سلم، أن يصلي في مكان من بيته يتخذه مصلى، ففعل و حبسه على خزيرة صنعها له، كذا بهامش النهاية.

237
لسان العرب4

خزر ص 236

و قد جعله الراجز خَيْزُوراً فقال:
مُنْطَوِياً كالطَّبقِ الخَيْزُورِ
و الخَيْزُرانُ: الرماح لتثنِّيها و لينها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
جَهِلْتُ من سَعْدٍ و من شُبَّانِها،             تَخْطِرُ أَيْدِيها بِخَيْزُرانها

يعني رماحها. و أَراد جماعة تخطر أَو عصبة تخطر فحذف الموصوف و أَقام الصفة مقامه. و الخَيْزُرانَةُ: السُّكَّانُ؛ قال النابغة يصف الفُراتَ وَقْتَ مَدِّهِ:
يَظَلُّ من خَوْفِهِ المَلَّاحُ مُعْتَصِماً             بالخَيْزُرانَةِ، بعدَ الأَيْنِ و النَّجَدِ

أَبو عبيد: الخَيْزُرانُ السُّكَّانُ، و هو كَوْثَلُ السفينة. و
في الحديث: أَن الشيطان لما دخل سفينة نوح، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، قال: اخْرُجْ يا عَدُوَّ اللهِ من جَوْفِها فَصَعِدَ على خَيْزُرانِ السفينة.
؛ هو سُكَّانُها، و يقال له خَيْزُرانَةٌ، و كلُّ غُصْنٍ مُتَثَنٍّ: خَيْزُرانٌ؛ و منه شعر الفرزدق في علي بن الحسين زين العابدين، عليه السلام:
 في كَفِّه خَيْزُرانٌ، رِيحُهُ عَبِقٌ             من كَفِّ أَرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شَمَمُ‏

المُبَرِّدُ: الخَيْزُرانُ المُرْدِيُّ؛ و أَنشد في صفة المَلَّاحِ:
و الخَيْزُرانَةُ في يَدِ المَلَّاحِ‏
يعني المُرْدِيَّ. قال المبرد: و الخَيْزُرانُ كُلُّ غُصْنٍ لَيِّنٍ يَتَثَنَّى. قال: و يقال للمُرْدِيِّ خَيْزُران إِذا كان يتثنى؛ و قال أَبو زبيد، فجعل المِزمار خَيْزُراناً لأَنه من اليراع، يصف الأَسد:
كأَنَّ اهْتِزامَ الرَّعْدِ خالَطَ جَوْفَهُ،             إِذا جَنَّ فيه الخَيْزُرانُ المُثَجَّرُ

و المُثَجَّرُ: المُثَقَّبُ المُفَجَّرُ؛ يقول: كأَنَّ في جوفه المزامير. و قال أَبو الهيثم: كل لين من كل خشبة خَيْزُران. قال عمرو بن بَحْرٍ: الخَيْزُرانُ لجام السفينة التي بها يقوم السكان، و هو في الذنب. و خَيْزَرٌ: اسم. و خَزَارَى: اسم موضع؛ قال عمرو بن كلثوم:
و نَحْنُ غَداةَ أُوقِدَ في خَزَارَى،             رَفَدْنا فوقَ رَفْدِ الرَّافِدِينا «1».

و خازِرٌ: كانت به وقعة بين إِبراهيم بن الأَشتر و بين عبيد الله بن زياد، و يومئذ قتل ابن زياد.
خزبزر:
خَزَبْزَرٌ: سي‏ء الخُلُقِ.
خسر:
خَسِرَ خَسَرَ خَسْراً «2». و خَسَراً و خُسْراناً و خَسَارَةً و خَسَاراً، فهو خاسِر و خَسِرٌ، كله: ضَلَّ. و الخَسَار و الخَسارة و الخَيْسَرَى: الضلال و الهلاك، و الياء فيه زائدة. و في التنزيل العزيز: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
؛ الفراء: لفي عقوبة بذنبه و أَن يَخْسَر أَهله و منزله في الجنة. و قال عز و جل: خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ‏
. و
في الحديث: ليس من مؤمن و لا كافر إِلا و له منزل في الجنة و أَهل و أَزواج، فمن أَسلم سَعِدَ و صار إِلى منزله، و من كفر صار منزله و أَزواجه إِلى من أَسلم و سعد.
و ذلك قوله: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ؛ يقول: يرثون منازل الكفار، و هو قوله: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ*
؛ يقول: أَهلكوهما؛ الفراء: يقول غَبِنُوهما. ابن الأَعرابي: الخاسر الذي ذهب ماله و عقله أَي خسرهما. و خَسِرَ التاجر: وُضِعَ في تجارته أَو غَبِنَ،
__________________________________________________
 (1). و يروى: خَزازى في معلقة عمرو بن كلثوم.
 (2). قوله: [خسر خسراً إلخ‏] ترك مصدرين خسراً، بضم فسكون، و خسراً، بضمتين كما في القاموس.

238
لسان العرب4

خسر ص 238

و الأَوّل هو الأَصل. و أَخْسَرَ الرجلُ إِذا وافق خُسْراً في تجارته. و قوله عز و جل: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا
؛ قال الأَخفش: واحدهم الأَخْسَرُ مثل الأَكْبَرِ. و قوله تعالى: فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ
؛ ابن الأَعرابي: أَي غير إِبعاد من الخير أَي غير تخسير لكم لا لي. و رجل خَيْسَرَى: خاسِرٌ، و في بعض الأَسجاع: بفِيهِ البَرَى، و حُمَّى خَيْبَرَى، و شَرُّ ما يُرَى، فإِنه خَيْسَرَى؛ و قيل: أَراد خَيْسَرٌ فزاد للإِتباع؛ و قيل: لا يقال خَيْسَرَى إِلا في هذا السجع؛ و في حديث عمر ذكر الخَيْسَرَى، و هو الذي لا يجيب إِلى الطعام لئلا يحتاج إِلى المكافأَة، و هو من الخَسَارِ. و الخَسْرُ و الخُسْرانُ: النَّقْصُ، و هو مثل الفَرْقِ و الفُرْقانِ، خَسِرَ يَخْسَرُ «1». خُسْراناً و خَسَرْتُ الشي‏ءَ، بالفتح، و أَخْسَرْتُه: نَقَصْتُه. و خَسَرَ الوَزْنَ و الكيلَ خَسْراً و أَخْسَرَهُ: نقصه. و يقال: كِلْتُه و وَزَنْتُه فأَخْسَرْته أَي نقصته. قال الله تعالى: وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ‏
؛ الزجاج: أَي يَنْقُصُون في الكيل و الوزن. قال: و يجوز في اللغة يَخْسِرُون، تقول: أَخْسَرْتُ الميزانَ و خَسَرْتُه، قال: و لا أَعلم أَحداً قرأَ يَخْسِرُونَ. أَبو عمرو: الخاسر الذي ينقص المكيال و الميزان إِذا أَعطى، و يستزيد إِذا أَخذ. ابن الأَعرابي: خَسَرَ إِذا نقص ميزاناً أَو غيره، و خَسِرَ إِذا هلك. أَبو عبيد: خَسَرْتُ الميزان و أَخْسَرْتُه أَي نقصته. الليث: الخاسِرُ الذي وُضِعَ في تجارته، و مصدره الخَسَارَةُ و الخَسْرُ، و يقال: خَسِرَتْ تجارته أَي خَسِرَ فيها، و رَبِحَتْ أَي ربح فيها. و صَفْقَةٌ خاسرة: غير رابحة، و كَرَّةٌ خاسرة: غير نافعة. و في التهذيب: و صَفَقَ صَفْقَةً خاسِرَةً أَي غير مُرْبِحَةٍ، و كَرَّ كَرَّةً خاسِرَةً أَي غير نافعة. و في التنزيل: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ
. و قوله عزل و جل: وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ‏
. وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ‏
؛ المعنى: تبين لهم خُسْرانُهم لما رأَوا العذاب و إِلَّا فهم كانوا خاسرين في كل وقت. و التَّخْسِيرُ: الإِهلاك. و الخَنَاسِيرُ: الهُلَّاكُ، و لا واحد له؛ قال كعب بن زهير:
إِذا ما نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ،             بَغَاها خَنَاسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا

و في بغاها ضمير من الجَدِّ هو الفاعل، يقول: إِنه شَقِيُّ الجَدِّ إِذا نُتِجَتْ أَربعٌ من إِبله أَربعَةَ أَولادٍ هلكت من إِبله الكِبار أَربع غير هذه، فيكون ما هلك أَكثر مما أَصاب.
خشر:
الخُشَارُ و الخُشَارَةُ: الردي‏ء من كل شي‏ء، و خص اللحياني به ردي‏ء المتاع. و خَشَرَ يَخْشِرُ خَشْراً: نَقَّى الردي‏ء منه. و مَخاشِرُ المِنْجَلِ: أَسْنانُه؛ أَنشد ثعلب:
 تُرَى لها، بعْدَ إِبارَ الآبِرِ،             صُفْرٌ و حُمْرٌ كَبُرُودِ التَّاجِرِ
مآزِرٌ تُطْوَى على مآزِرِ،             و أَثَرُ المِخْلَبِ ذي المَخَاشِرِ

يعني الحَمْلَ. و خَشَرَ خَشْراً: أَبقى على المائدة الخُشَارَةَ. و الخُشَارَةُ: ما يبقى على المائدة مما لا خير فيه. و خَشَرْتُ الشي‏ء أَخْشِرُه خَشْراً إِذا نَقَّيْتَ منه خُشَارَتَهُ. و
في الحديث: إِذا ذهب الخيار و بقيت خُشارَةٌ كخُشارَةِ الشعير لا يُبالِي‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [خسر يخسر] من باب فرح، و قوله و خسرت الشي‏ء إلخ من باب ضرب، كما في القاموس.

239
لسان العرب4

خشر ص 239

بهم اللهُ بالَةً.
؛ هي الردي‏ء من كل شي‏ء. و الخُشارَةُ و الخُشارُ من الشعير: ما لا لُبَّ له. و خُشارَةُ الناس: سَفَلَتُهم، و فلان من الخُشارَةِ إِذا كان دوناً؛ قال الحطيئة:
و باعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشَارَةٍ،             و بِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بمالكا

يقول: اشتريت لقومك الشرف بأَموالك؛ قال ابن بري: صوابه بمالك، بكسر الكاف، و هو اسم ابن لعيينة بن حصن قتله بنو عامر فغزاهم عيينة فأَدرك بثأْره و غنم؛ فقال الحطيئة:
 فِدًى لابنِ حِصْنٍ ما أُرِيحَ فإِنه             ثِمالُ اليتامَى، عِصْمَةٌ لِلْمَهَالِكِ‏
 و باعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشارَةٍ،             و بِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمالِكِ‏

و خَشَرْتُ الشي‏ءَ إِذا أَرْذَلْتَهُ، فهو مَخْشُورٌ. أَبو عمرو: الخاشِرَةُ السَّفَلَةُ من الناس؛ قاله ابن الأَعرابي و زاد فقال: هم الخُشار و البُشارُ و القُشارُ و السُّقاطُ و البُقاطُ و المُقاطُ. ابن الأَعرابي: خَشِرَ إِذا شَرِهَ، و خَشِرَ إِذا هرب جُبْناً.
خصر:
الخَصْرُ: وَسَطُ الإِنسان، و جمعه خُصُورٌ. و الخَصْرانِ و الخاصِرَتانِ: ما بين الحَرْقَفَةِ و القُصَيْرَى، و هو ما قَلَصَ عنه القَصَرَتانِ و تقدم من الحَجَبَتَيْنِ، و ما فوق الخَصْرِ من الجلدة الرقيقةِ: الطِّفْطِفَةِ. و يقال: رجل ضَخْمُ الخواصر. و حكى اللحياني: إِنها لمُنْتَفِخَةُ الخَواصِر، كأَنهم جعلوا كل جزء خاصِرَةً ثم جمع على هذا؛ قال الشاعر:
فلما سَقَيْناها العَكِيسَ تَمَذَّحَتْ             خَواصِرُها، و ازْدادَ رَشْحاً وَرِيدُها

و كَشْحٌ مُخَصَّرٌ أَي دقيق. و رجل مَخْصُورُ البطن و القدم و رجل مُخَصَّرٌ: ضامر الخَصْرِ أَو الخاصِرَةِ. و مَخْصُورٌ: يشتكي خَصْرَهُ أَو خاصِرَتَه. و
في الحديث: فأَصابني خاصِرَةٌ.
؛ أَي وجع في خاصرتي، و قيل: وجع في الكُلْيَتَيْنِ. و الاخْتِصارُ و التَّخاصُرُ: أَن يضرب الرجل يده إِلى خَصْرِه في الصلاة. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه نهى أَن يصلي الرجل مُخْتَصِراً، و قيل: مُتَخَصِّراً.
؛ قيل: هو من المَخْصَرَة؛ و قيل: معناه أَن يصلي الرجل و هو واضع يده على خَصْرِه. و
جاء في الحديث: الاخْتِصارُ في الصلاة راحَةُ أَهل النار.
؛ أَي أَنه فعل اليهود في صلاتهم، و هم أَهل النار، على أَنه ليس لأَهل النار الذين هم خالدون فيها راحة؛ هذا قول ابن الأَثير. قال محمد بن المكرم: ليس الراحة المنسوبة لأَهل النار هي راحتهم في النار، و إِنما هي راحتهم في صلاتهم في الدنيا، يعني أَنه إِذا وضع يده على خَصْرِه كأَنه استراح بذلك، و سماهم أَهل النار لمصيرهم إِليها لا لأَن ذلك راحتهم في النار. و قال الأَزهري في الحديث الأَوّل: لا أَدري أَ رُوي مُخْتَصِراً أَو مُتَخَصِّراً، و رواه ابن سيرين عن أَبي هريرة مختصراً، و كذلك رواه أَبو عبيد؛ قال: هو أَن يصلي و هو واضع يده على خصره؛ قال: و يروى في كراهيته حديث مرفوع، قال: و يروى فيه الكراهة عن عائشة و أَبي هريرة، و قال الأَزهري: معناه أَن يأْخذ بيده عصا يتكئ عليها؛ و فيه وجه آخر: و هو أَن يقرأَ آية من آخر السورة أَو آيتين و لا يقرأْ سورة بكمالها في فرضه؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه ابن سيرين عن أَبي هريرة. و
في حديث آخر: المُتَخَصِّرُون يوم القيامة على وجوههم النورُ.
؛ معناه المصلون بالليل فإِذا تعبوا وضعوا أَيديهم على خواصرهم من التعب؛

240
لسان العرب4

خصر ص 240

قال: و معناه يكون أَن يأْتوا يوم القيامة و معهم أَعمال لهم صالحة يتكئون عليها، مأْخوذ من المَخْصَرَةِ. و
في الحديث: أَنه نهى عن اخْتِصارِ السَّجْدَةِ.
؛ و هو على وجهين: أَحدهما أَن يختصر الآية التي فيها السجود فيسجد بها، و الثاني أن يقرأَ السورة فإِذا انتهى إِلى السجدة جاوزها و لم يسجد لها. و المُخاصَرَةُ في البُضْعِ: أَن يضرب بيده إِلى خَصْرها. و خَصْرُ القَدَمِ: أَخْمَصُها. و قَدَمٌ مُخَصَّرَةٌ و مَخْصُورَةٌ: في رُسْغِها تَخْصِير، كأَنه مربوط أَو فيه مَحَزٌّ مستدير كالحَزِّ، و كذلك اليدُ. و رجل مُخَصَّرُ القدمين إِذا كانت قدمه تمس الأَرض من مُقَدَّمِها و عَقِبها و يَخْوَى أَخْمَصُها مع دِقَّةٍ فيه. و خَصْرُ الرمل: طريق بين أَعلاه و أَسفله في الرمال خاصة، و جمعه خُصُورٌ؛ قال ساعدة بن جؤية:
أَضَرَّ به ضاحٍ فَنَبْطا أُسَالَةٍ،             فَمَرٌّ فَأَعْلَى حَوْزِها فَخُصُورُها

و قال الشاعر:
أَخَذْنَ خُصُورَ الرَّمْلِ ثم جَزَعْنَهُ‏
و خَصْرُ النعل: ما اسْتَدَقَّ من قدّام الأُذنين منها. ابن الأَعرابي: الخَصْرانِ من النعل مُسْتَدَقُّها. و نعل مُخَصَّرَةٌ: لها خَصْرانِ. و
في الحديث: أَن نعله، عليه السلام، كانت مُخَصَّرَةً.
أَي قطع خَصْراها حتى صارا مُسْتَدِقَّيْنِ. و الخاصِرَةُ: الشَّاكِلَةُ. و الخَصْرُ من السهم: ما بين أَصل الفُوقِ و بين الريش؛ عن أَبي حنيفة. و الخَصْرُ: موضع بيوت الأَعراب، و الجمع من كل ذلك خُصُورٌ. غيره: و الخَصْرُ من بيوت الأَعراب موضع لطيف. و خاصَرَ الرجلَ: مشى إِلى جنبه. و المُخاصَرَةُ: المُخازَمَةُ، و هو أَن يأْخذ الرجلُ في طريق و يأْخذ الآخر في غيره حتى يلتقيا في مكان. و اخْتِصارُ الطريق: سلوكُ أَقْرَبِه. و مُخْتَصَراتُ الطُّرُقِ: التي تَقْرُبُ في وُعُورِها و إِذا سلك الطريق الأَبعد كان أَسهل. و خاصَرَ الرجلُ صاحبه إِذا أَخذ بيده في المشي. و المُخاصَرَةُ: أَخْذُ الرجل بيد الرجل؛ قال عبد الرحمن بن حسان:
ثم خاصَرْتُها إِلى القُبَّةِ الخَضْراءِ             تَمْشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ‏

أَي أَخذت بيدها، تمشي في مرمر أَي على مرمر مسنون أَي مُمَلَّسٍ. قال الله تعالى: وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ؛ أَي على جذوع النخل. قال ابن بري: هذا البيت يروى لعبد الرحمن بن حسان كما ذكره الجوهري و غيره، قال: و الصحيح ما ذهب إِليه ثعلب أَنه لأَبي دهْبَلٍ الجُمَحِيِّ، و روى ثعلب بسنده إِلى إِبراهيم بن أَبي عبد الله قال: خرج أَبو دهبل الجمحي يريد الغزو، و كان رجلًا صالحاً جميلًا، فلما كان بِجَيْرُونَ جاءته امرأَة فأَعطته كتاباً، فقالت: اقرأْ لي هذا الكتاب، فقرأَه لها ثم ذهبت فدخلت قَصراً، ثم خرجت إِليه فقالت: لو تبلغت معي إِلى هذا القصر فقرأْت هذا الكتاب على امرأَة فيه كان لك في ذلك حسنة، إِن شاء الله تعالى، فإِنه أَتاها من غائب يعنيها أَمره. فبلغ معها القصر فلما دخله إِذا فيه جوارٍ كثيرة، فأَغلقن عليه القصر، و إِذا امرأَة وضيئة فدعته إِلى نفسها فأَبى، فحُبس و ضيق عليه حتى كاد يموت، ثم دعته إِلى نفسها، فقال: أَما الحرام فو الله لا يكون ذلك و لكن أَتزوّجك. فتزوجته و أَقام معها زماناً طويلًا لا يخرج من القصر حتى يُئس منه، و تزوج بنوه و بناته و اقتسموا ماله و أَقامت زوجته تبكي عليه حتى عمشت، ثم إِن أَبا دهبل قال لامرأَته: إِنك قد أَثمت فيّ و في ولدي و أَهلي، فأْذني لي في المصير إِليهم‏

241
لسان العرب4

خصر ص 240

و أَعود إِليك. فأَخذت عليه العهود أَن لا يقيم إِلا سنة، فخرج من عندها و قد أَعطته مالًا كثيراً حتى قدم على أَهله، فرأَى حال زوجته و ما صارت إِليه من الضر، فقال لأَولاده: أَنتم قد ورثتموني و أَنا حيّ، و هو حظكم و الله لا يشرك زوجتي فيما قدمت به منكم أَحد، فتسلمت جميع ما أَتى به، ثم إِنه اشتاق إِلى زوجته الشامية و أَراد الخروج إِليها، فبلغه موتها فأَقام و قال:
صاحِ حَيَّا الإِلَهُ حَيّاً و دُوراً،             عند أَصْلِ القَناةِ من جَيْرُونِ،
طالَ لَيْلِي و بِتُّ كالمَجْنُونِ،             و اعْتَرَتْنِي الهُمُومُ بالماطِرُونِ‏
عن يَسارِي إِذا دَخَلْتُ من البابِ،             و إِن كنتُ خارجاً عن يَميني‏
فَلِتِلْكَ اغْتَرَبْتُ بالشَّامِ حتى             ظَنَّ أَهْلي مُرَجَّماتِ الظُّنُونِ‏
و هْيَ زَهْرَاءُ، مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ             الغَوَّاصِ، مِيْزَتْ من جوهرٍ مَكنُونِ‏
و إِذا ما نَسَبْتَها، لم تَجِدْها             في سنَاءٍ من المَكارِم دونِ‏
تَجْعَلُ المِسْكَ و اليَلَنْجُوجَ و النَّدَّ             صِلاءً لها على الكانُونِ‏
ثم خاصَرْتُها إِلى القُبَّةِ الخَضْراءِ             تَمْشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ‏
قُبَّةٌ من مَراجِلٍ ضَرَبَتْها،             عند حدِّ الشِّتاء في قَيْطُونِ‏
ثم فارَقْتُها على خَيْرِ ما كانَ             قَرِينٌ مُفارِقاً لِقَرِينِ‏
فبَكَتْ خَشْيَةَ التَّفَرُّقِ للبَيْنِ،             بُكاءَ الحَزِين إِثْرَ الحَزِينِ‏

قال: و
في رواية أُخرى ما يشهد أَيضاً بأَنه لأَبي دهبل أَن يزيد قال لأَبيه معاوية: إِن أَبا دهبل ذكر رملة ابنتك فاقتله، فقال: أَيّ شي‏ء قال؟ فقال: قال:
و هي زهراء، مثل لؤلؤة             الغَوّاص، ميزت من جوهر مكنون‏
فقال معاوية: أَحسن، قال: فقد قال:
و إِذا ما نسبتها، لم تجدها             في سناء من المكارم دون‏

فقال معاوية: صدق؛ قال: فقد قال:
ثم خاصرتها إِلى القبة الخضراء             تمشي في مرمر مسنون‏

فقال معاوية: كذب.
و
في حديث أَبي سعيد و ذكر صلاة العيد: فخرج مُخاصِراً مَرْوانَ.
؛ المخاصرة: أَن يأْخذ الرجل بيد رجل آخر يتماشيان و يد كل واحد منهما عند خَصْرِ صاحبه. و تَخَاصَرَ القومُ: أَخذ بعضهم بيد بعض. و خرج القوم متخاصرين إِذا كان بعضهم آخذاً بيد بعض. و المِخْصَرَةُ: كالسوط، و قيل: المخصرة شي‏ء يأْخذه الرجل بيده ليتوكأ عليه مثل العصا و نحوها، و هو أَيضاً مما يأْخذه الملك يشير به إِذا خطب؛ قال:
يَكادُ يُزِيلُ الأَرضَ وَقْعُ خِطابِهِمْ،             إِذا وصَلُوا أَيْمانَهُمْ بالمَخاصِرِ

و اخْتَصَرَ الرجل: أَمسك المِخْصَرَةَ. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، خرج إِلى البقيع و بيده مِخْصَرَةٌ له فجلس فَنَكَتَ بها في الأَرض.
؛ أَبو عبيد: المِخْصَرَةُ ما اخْتَصَر الإِنسانُ بيده‏

242
لسان العرب4

خصر ص 240

فأَمسكه من عصا أَو مِقْرَعَةٍ أَو عَنَزَةٍ أَو عُكَّازَةٍ أَو قضيب و ما أَشبهها، و قد يتكأُ عليه. و
في الحديث: فإِذا أَسلموا فاسْأَلْهُمْ قُضُبَهُمُ الثلاثةَ التي إِذا تَخَصَّرُوا بها سُجِدَ لهم.
؛ أَي كانوا إِذا أَمسكوها بأَيديهم سجد لهم أَصحابهم، لأَنهم إِنما يمسكونها إِذا ظهروا للناس. و المِخْصَرَةُ: كانت من شعار الملوك، و الجمع المخاصر؛ و منه‏
حديث عليّ و ذكر عمر، رضي الله عنهما، فقال: و اخْتَصَرَ عَنَزَتَهُ.
؛ العنزة شبه العكازة. و يقال: خاصَرْتُ الرجلَ و خازَمْتُه، و هو أَن تأْخذ في طريق و يأْخذ هو في غيره حتى تلتقيا في مكان واحد. ابن الأَعرابي: المُخَاصَرَةُ أَن يمشي الرجلان ثم يفترقا حتى يلتقيا على غير ميعاد. و اخْتِصارُ الكلام: إِيجازه. و الاختصار في الكلام: أَن تدع الفضول و تَسْتَوْجِزَ الذي يأْتي على المعنى، و كذلك الاختصار في الطريق. و الاختصار في الجَزِّ: أَن لا تستأْصله. و الاختصارُ: حذفُ الفضول من كل شي‏ء. و الخُصَيْرَى: كالاختصار؛ قال رؤبة:
و في الخُصَيْرَى، أَنت عند الوُدِّ             كَهْفُ تَمِيم كُلِّها و سَعْدِ

و الخَصَرُ، بالتحريك: البَرْدُ يجده الإِنسان في أَطرافه. أَبو عبيد: الخَصِرُ الذي يجد البرد، فإِذا كان معه جوع فهو خَرِصٌ. و الخَصِرُ: البارِدُ من كل شي‏ء. و ثَغْرٌ بارد المُخَصَّرِ: المُقَبَّلِ. و خَصِرَ الرجلُ إِذا آلمه البرد في أَطرافه؛ يقال: خَصِرَتْ يدي. و خَصِرَ يومنا: اشتدّ برده؛ قال الشاعر:
رُبَّ خالٍ ليَ، لو أَبْصَرْتَهُ،             سَبِط المِشْيَةِ في اليومِ الخَصِر

و ماء خَصِرٌ: بارِدٌ.
خضر:
الخُضْرَةُ من الأَلوان: لَوْنُ الأَخْضَرِ، يكون ذلك في الحيوان و النبات و غيرهما مما يقبله، و حكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، و قد اخْضَرَّ، و هو أَخْضَرُ و خَضُورٌ و خَضِرٌ و خَضِيرٌ و يَخْضِيرٌ و يَخْضُورٌ؛ و اليَخْضُورُ: الأَخْضَرُ؛ و منه قول العجاج يصف كناس الوَحْشِ:
بالخُشْبِ، دونَ الهَدَبِ اليَخْضُورِ،             مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطُورِ

و الخَضْرُ و المَخْضُورُ: اسمان للرَّخْصِ من الشجر إِذا قُطِعَ و خُضِرَ. أَبو عبيد: الأَخْضَرُ من الخيل الدَّيْزَجُ في كلام العجم؛ قال: و من الخُضْرَةِ في أَلوان الخيل أَخْضَرُ أَحَمُّ، و هو أَدنى اللخُضْرَةِ إِلى الدُّهْمَةِ و أَشَدُّ الخُضْرَةِ سَواداً غير أَنَّ أَقْرابَهُ و بطنه و أُذنيه مُخْضَرَّةٌ؛ و أَنشد:
خَضْراء حَمَّاء كَلَوْنِ العَوْهَقِ‏
قال: و ليس بين الأَخضر الأَحمّ و بين الأَحوى إِلَّا خضرة منخريه و شاكلته، لأَن الأَحوى تحمر مناخره و تصفر شاكلته صفرة مشاكلة للحمرة؛ قال: و من الخيل أَخضر أَدغم و أَخضر أَطحل و أَخضر أَورق. و الحمامُ الوُرْقُ يقال لها: الخُضْرُ. و اخْضَرَّ الشي‏ء اخْضِراراً و اخْضَوْضَرَ و خَضَّرْتُه أَنا، و كلُّ غَضٍّ خَضِرٌ؛ و في التنزيل: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً
؛ قال: خَضِراً هاهنا بمعنى أَخْضَر. يقال: اخْضَرَّ، فهو أَخْضَرُ و خَضِرٌ، مثل اعْوَرَّ فهو أَعور و عَوِرٌ؛ و قال الأَخفش: يريد الأَخضر، كقول العرب: أَرِنِيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً؛ و قال الليث: الخَضِرُ هاهنا الزرع الأَخضر. و شَجَرَةٌ خَضْراءُ: خَضِرَةٌ غضة. و أَرض خَضِرَةٌ و يَخْضُورُ: كثيرة

243
لسان العرب4

خضر ص 243

الخُضْرَةِ. ابن الأَعرابي: الخُضَيْرَةُ تصغير الخُضْرَةِ، و هي النَّعْمَةُ. و في نوادر الأَعراب: ليست لفلان بخَضِرَةٍ أَي ليست له بحشيشة رطبة يأْكلها سريعاً. و في صفته، صلى الله عليه و سلم: أَنه كان أَخْضَرَ الشَّمَط، كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب و الدُّهْن المُرَوَّح. و خَضِرَ الزرعُ خَضَراً: نَعِمَ؛ و أَخْضَرَهُ الرِّيُّ. و أَرضٌ مَخْضَرَةٌ، على مثال مَبْقَلَة: ذات خُضْرَةٍ؛ و قرئ: فتُصْبِحُ الأَرضُ مَخْضَرَةً. و
في حديث علي: أَنه خطب بالكوفة في آخر عمره فقال: اللهم سلط عليهم فَتَى ثَقِيفٍ الذّيَّالَ المَيَّالَ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا و يأْكل خَضِرَتَها.
يعني غَضَّها و ناعِمَها و هَنِيئَها. و
في حديث القبر: يُملأُ عليه خَضِراً.
؛ أَي نِعَماً غَضَّةً. و اخْتَضَرْتُ الكَلأَ إِذا جَزَزْتَهُ و هو أَخْضَرُ؛ و منه قيل للرجل إِذا مات شابّاً غَضّاً: قد اخْتُضِرَ، لأَنه يؤخذ في وقت الحُسْنِ و الإِشراق. و قوله تعالى: مُدْهامَّتانِ؛ قالوا: خَضْراوَانِ لأَنهما تضربان إِلى السواد من شدّة الرِّيِّ، و سميت قُرَى العراق سَواداً لكثرة شجرها و نخيلها و زرعها. و قولهم: أَباد اللهُ خَضْراءَهُمْ أَي سوادَهم و مُعظَمَهُمْ، و أَنكره الأَصمعي و قال: إِنما يقال: أَباد الله غَضْرَاءَهُمْ أَي خيرهم و غَضَارَتَهُمْ. و اخْتُضِرَ الشي‏ءُ: أُخذ طريّاً غضّاً. و شابٌّ مُخْتَضَرٌ: مات فتيّاً. و في بعض الأَخبار: أَن شابّاً من العرب أُولِعَ بشيخ فكان كلما رآه قال: أَجْزَرْتَ يا أَبا فلان فقال له الشيخ: أَي بُنَيَّ، و تُخْتَضَرُونَ أَي تُتَوَفَّوْنَ شباباً؛ و معنى أَجْزَزْتَ: أَنَى لك أَن تُجَزَّ فَتَمُوتَ، و أَصل ذلك في النبات الغض يُرْعى و يُخْتَضَرُ و يُجَزُّ فيؤكل قبل تناهي طوله. و يقال: اخْتَضَرْتُ الفاكهة إِذا أَكلتها قبل أَناها. و اخْتَضَرَ البعيرَ: أَخذه من الإِبل و هو صعب لم يُذَلَّل فَخَطَمَهُ و ساقه. و ماء أَخْضَرُ: يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَةِ من صَفائه. و خُضارَةُ، بالضم: البحر، سمي بذلك لخضرة مائه، و هو معرفة لا يُجْرَى، تقول: هذا خُضَارَةُ طامِياً. ابن السكيت: خُضارُ معرفة لا ينصرف، اسم البحر. و الخُضْرَةُ و الخَضِرُ و الخَضِيرُ: اسم للبقلة الخَضْراءِ؛ و على هذا قول رؤبة:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا،             نأْكُلُ بعد الخُضْرَةِ اليَبِيسَا

و قد قيل إِنه وضع الاسم هاهنا موضع الصفة لأَن الخُضْرَةَ لا تؤكل، إِنما يؤكل الجسم القابل لها. و البقول يقال لها الخُضَارَةُ و الخَضْرَاءُ، بالأَلف و اللام؛ و قد ذكر طرفة الخَضِرَ فقال:
 كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا             أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ

و في فصل الصيف تَنْبُتُ عَسالِيجُ الخَضِرِ من الجَنْبَةِ، لها خَضَرٌ في الخريف إِذا برد الليل و تروّحت الدابة، و هي الرَّيَّحَةُ و الخِلْفَةُ، و العرب تقول للخَضِرِ من البقول: الخَضْراءُ؛ و منه‏
الحديث: تَجَنَّبُوا من خَضْرائكم ذَواتِ الريح.
؛ يعني الثوم و البصل و الكراث و ما أَشبهها. و الخَضِرَةُ أَيضاً: الخَضْراءُ من النبات، و الجمع خَضِرٌ. و الأَخْضارُ: جمع الخَضِرِ؛ حكاه أَبو حنيفة. و يقال للأَسود أَخْضَرُ. و الخُضْرُ: قبيلة من العرب، سموا بذلك لخُضْرَةِ أَلوانهم؛ و إِياهم عنى الشماخ بقوله:
و حَلَّأَها عن ذي الأَراكَةِ عامِرٌ،             أَخُو الخُضْرِ يَرْمي حيثُ تُكْوَى النَّواحِز

244
لسان العرب4

خضر ص 243

و الخُضْرَةُ في أَلوان الناس: السُّمْرَةُ؛ قال اللَّهَبِيُّ:
و أَنا الأَخْضَرُ، من يَعْرِفُني؟             أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ‏

يقول: أَنا خالص لأَن أَلوان العرب السمرة؛ التهذيب: في هذا البيت قولان: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الجلدة؛ قال: قاله أَبو طالب النحوي، و قيل: أَراد أَنه من خالص العرب و صميمهم لأَن الغالب على أَلوان العرب الأُدْمَةُ؛ قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت للهبي، و هو الفضل بن العباس بن عُتْبَة بن أَبي لَهَبٍ، و أَراد بالخضرة سمرة لونه، و إِنما يريد بذلك خلوص نسبه و أَنه عربي محض، لأَن العرب تصف أَلوانها بالسواد و تصف أَلوان العجم بالحمرة. و
في الحديث: بُعثت إِلى الأَحمر و الأَسود.
؛ و هذا المعنى بعينه هو الذي أَراده مسكين الدارمي في قوله:
أَنا مِسْكِينٌ لمن يَعْرِفُني،             لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ‏

و مثله قول مَعْبَدِ بن أَخْضَرَ، و كان ينسب إِلى أَخْضَرَ، و لم يكن أَباه بل كان زوج أُمه، و إِنما هو معبد بن علقمة المازني:
سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ             أَبى الناسُ إِلا أَن يقولوا ابن أَخْضَرا
و هل لِيَ في الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ،             فآنَفَ مما يَزْعُمُونَ و أُنْكِرا؟

و قد نحا هذا النحو أَبو نواس في هجائه الرقاشي و كونه دَعِيّاً:
قلتُ يوماً للرَّقاشِيِّ،             و قد سَبَّ الموالي:
ما الذي نَحَّاكَ عن             أَصْلِكَ من عَمٍّ و خالِ؟
قال لي: قد كنتُ مَوْلًى             زَمَناً ثم بَدَا لي‏
أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى،             عَرَبِيٌّ بالجبالِ‏
أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ             بِسَوادِي و هُزالي‏

و الخَضِيرَةُ من النخل: التي ينتثر بُسْرُها و هو أَخضر؛ و منه‏
حديث اشتراط المشتري على البائع: أَنه ليس له مِخْضَارٌ.
؛ المِخضارُ: أَن ينتثر البسر أَخْضَرَ. و الخَضِيرَةُ من النساء: التي لا تكاد تُتِمُّ حَمْلًا حتى تُسْقِطَه؛ قال:
تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً،             فَخُذْها على ذا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ‏

و الأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ على قدر الذِّبَّان السُّودِ. و الخَضْراءُ من الكتائب نحو الجَأْواءِ، و يقال: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ للتي يعلوها سواد الحديد. و
في حديث الفتح: مَرَّ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، في كتيبته الخضراء.
؛ يقال: كتيبة خضراء إِذا غلب عليها لبس الحديد، شبه سواده بالخُضْرَةِ، و العرب تطلق الخضرة على السواد. و
في حديث الحرث بن الحَكَمِ: أَنه تزوج امرأَة فرآها خَضْراءَ فطلقها.
أَي سوداء. و
في حديث الفتح: أُبيدَتْ خَضْراءُ قريش.
؛ أَي دهماؤهم و سوادُهم؛ و منه‏
الحديث الآخر: فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ.
و الخَضْراءُ: السماء لخُضْرَتِها؛ صفة غلبت غَلَبَةَ الأَسماء. و
في الحديث: ما أَظَلَّتِ الخَضْراءُ و لا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً من أَبي ذَرٍّ.
؛ الخَضْراءُ: السماء، و الغبراء: الأَرض.

245
لسان العرب4

خضر ص 243

التهذيب: و العرب تجعل الحديد أَخضر و السماء خضراء؛ يقال: فلان أَخْضَرُ القفا، يعنون أَنه ولدته سوداء. و يقولون للحائك: أَخْضَرُ البطن لأَن بطنه يلزق بخشبته فَتُسَوِّدُه. و يقال للذي يأْكل البصل و الكراث: أَخْضَرُ النَّواجِذِ. و خُضْرُ غَسَّانَ و خُضْرُ مُحارِبٍ: يريدون سَوَادَ لَونهم. و
في الحديث: من خُضِّرَ له في شي‏ء فَلْيَلْزَمْه.
؛ أَي بورك له فيه و رزق منه، و حقيقته أَن تجعل حالته خَضْرَاءَ؛ و منه‏
الحديث: إِذا أَراد الله بعبد شرّاً أَخْضَرَ له في اللَّبِنِ و الطين حتى يبني.
و الخَضْرَاءُ من الحَمَامِ: الدَّواجِنُ، و إن اختلفت أَلوانها، لأَن أَكثر أَلوانها الخضرة. التهذيب: و العرب تسمي الدواجن الخُضْرَ، و إِن اختلفت أَلوانها، خصوصاً بهذا الاسم لغلبة الوُرْقَةِ عليها. التهذيب: و من الحمام ما يكون أَخضر مُصْمَتاً، و منه ما يكون أَحمر مصمتاً، و منه ما يكون أَبيض مصمتاً، و ضُروبٌ من ذلك كُلُّها مُصْمَتٌ إِلا أَن الهداية للخُضْرِ و النُّمْرِ، و سُودُها دون الخُضْرِ في الهداية و المعرفة. و أَصلُ الخُضْرَةِ للرَّيْحان و البقول ثم قالوا لليل أَخضر، و أَما بِيضُ الحمام فمثلها مثل الصِّقْلابيِّ الذي هو فَطِيرٌ خامٌ لم تُنْضِجْهُ الأَرحام، و الزَّنْجُ جازَتْ حَدَّ الإِنضاج حتى فسدت عقولهم. و خَضْرَاءُ كل شي‏ء: أَصلُه. و اخْتَضَرَ الشي‏ءَ: قطعه من أَصله. و اخْتَضَرَ أُذُنَهُ: قطعها من أَصلها. و قال ابن الأَعرابي: اخْتَضَرَ أُذنه قطعها. و لم يقل من أَصلها. الأَصمعي: أَبادَ اللهُ «2». خَضْراءَهُم أَي خيرهم و غَضَارَتَهُمْ. و قال ابن سيدة: أَباد الله خَضْرَاءَهُم، قال: و أَنكرها الأَصمعي و قال إِنما هي غَضْراؤُهم. الأَصمعي: أَباد الله خَضْراءَهم، بالخاء، أَي خِصْبَهُمْ و سَعَتَهُمْ؛ و احتج بقوله:
 بِخالِصَةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ‏
أَراد به سَعَةَ ما هم فيه من الخِصْبِ؛ و قيل: معناه أَذهب الله نعيمهم و خِصْبَهم؛ قال: و منه قول عُتبة بن أَبي لَهَبٍ:
و أَنا الأَخضر، من يعرفني؟             أَخضر الجلدة في بيت العرب‏

قال: يريد باخضرار الجلدة الخصب و السعة. و قال ابن الأَعرابي: أَباد الله خضراءهم أَي سوادهم و معظمهم. و الخُضْرَةُ عند العرب: سواد؛ قال القطامي:
يا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا،             و قَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا،
و عارِضِي الليلَ إِذا ما اخْضَرَّا
أَراد أَنه إِذا ما أَظلم. الفراء: أَباد الله خضراءهم أَي دنياهم، يريد قطع عنهم الحياة. و الخُضَّارَى: الرِّمْثُ إِذا طال نباته، و إِذا طال الثُّمامُ عن الحُجَنِ سمي خَضِرَ الثُّمامِ ثم يكون خَضِراً شهراً. و الخَضِرَةُ: بُقَيْلَةٌ، و الجمع خَضِرٌ؛ قال ابنُ مُقْبل:
يَعْتادُها فُرُجٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ،             يَنْفُخْنَ في بُرْعُمِ الحَوْذَانِ و الخَضِرِ

و الخَضِرَةُ: بقلة خضراء خشناء ورقها مثل ورق الدُّخْنِ و كذلك ثمرتها، و ترتفع ذراعاً، و هي تملأُ فم البعير. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم: إِن أَخْوَفَ ما أَخاف عليكم بَعْدِي ما يَخْرُجُ لكم من‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [الأصمعي أباد الله إلخ‏] هكذا بالأصل، و عبارة شرح القاموس: و منه قولهم أباد الله خضراءهم أَي سوادهم و معظمهم، و أنكره الأصمعي و قال: إنما يقال أباد الله غضراءهم أي خيرهم و غضارتهم. و قال الزمخشري: أباد الله خضراءهم أي شجرتهم التي منها تفرعوا، و جعله من المجاز، و قال الفراء أي دنياهم، يريد قطع عنهم الحياة؛ و قال غيره أذهب الله نعيمهم و خصبهم.

246
لسان العرب4

خضر ص 243

زَهْرَةِ الدنيا، و إِن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ خاصرتاها اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشمس فَثَلَطَتْ و بالت ثم رَتَعَتْ، و إِنما هذا المالُ خَضِرٌ حُلْوٌ، و نِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى منه المسكين و اليتيم و ابن السبيل.
؛ و تفسيره مذكور في موضعه، قال: و الخَضِرُ في هذا الموضع ضَرْبٌ من الجَنْبَةِ، واحدته خَضِرَةٌ، و الجَنْبَةُ من الكلإِ: ما له أَصل غامض في الأَرض مثل النَّصِيّ و الصِّلِّيانِ، و ليس الخَضِرُ من أَحْرَارِ البُقُول التي تَهِيج في الصيف؛ قال ابن الأَثير: هذا حديث يحتاج إِلى شرح أَلفاظه مجتمعة، فإِنه إِذا فرّق لا يكاد يفهم الغرض منه. الحبَط، بالتحريك: الهلاك، يقال: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، و قد تقدم في الحاء؛ و يُلِمُّ: يَقْرُبُ و يدنو من الهلاك، و الخَضِرُ، بكسر الضاد: نوع من البقول ليس من أَحرارها و جَيِّدها؛ و ثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رجيعه سهلًا رقيقاً؛ قال: ضرب في هذا الحديث مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط في جمع الدنيا و المنع من حقها، و الآخر للمقتصد في أَخذها و النفع بها، فقوله إِن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أَو يلمُّ فإِنه مثل للمفرط الذي يأْخذ الدنيا بغير حقها، و ذلك لأَن الربيع ينبت أَحرار البقول فتستكثر الماشية منه لاستطابتها إِياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حدّ الاحتمال، فتنشق أَمعاؤها من ذلك فتهلك أَو تقارب الهلاك، و كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها و يمنعها مستحقها، قد تعرّض للهلاك في الآخرة بدخول النار، و في الدنيا بأَذى الناس له و حسدهم إِياه و غير ذلك من أَنواع الأَذى؛ و أَما قوله إِلا آكلة الخضر فإِنه مثل للمقتصد و ذلك أَن الخَضِرَ ليس من أَحرار البقول و جيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أَمطاره فَتَحْسُنُ و تَنْعُمُ، و لكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هَيْجِ البُقُول و يُبْسِها حيث لا تجد سواها، و تسميها العربُ الجَنْبَةَ فلا ترى الماشية تكثر من أَكلها و لا تَسْتَمْرِيها، فضرب آكلةَ الخَضِرِ من المواشي مثلًا لمن يقتصر في أَخذ الدنيا و جمعها، و لا يحمله الحرص على أَخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها كما نجت آكلة الخضر، أَ لا تراه‏
قال: أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت و بالت؟.
أَراد أَنها إِذا شبعت منها بركت مستقبلة عين الشمس تستمري بذلك ما أَكلت و تَجْتَرُّ و تَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ فقد زال عنها الحَبَطُ، و إِنما تَحْبَطُ الماشية لأَنها تمتلئ بطونها و لا تَثْلِطُ و لا تبول فتنتفخ أَجوافها فَيَعْرِضُ لها المَرَضُ فَتَهْلِكُ، و أَراد بزهرة الدنيا حسنها و بهجتها، و ببركات الأَرض نماءَها و ما تخرج من نباتها. و الخُضْرَةُ في شِيات الخيل: غُبْرَةٌ تخالط دُهْمَةً، و كذلك في الإِبل؛ يقال: فرس أَخْضَرُ، و هو الدَّيْزَجُ. و الخُضَارِيُّ: طير خُضْرٌ يقال لها القارِيَّةُ، زعم أَبو عبيد أَن العرب تحبها، يشبهون الرجل السَّخِيَّ بها؛ و حكى ابن سيدة عن صاحب العين أَنهم يتشاءمون بها. و الخُضَّارُ: طائر معروف، و الخُضَارِيُّ: طائر يسمى الأَخْيَلَ يتشاءم به إِذا سقط على ظهر بعير، و هو أَخضر، في حَنَكِه حُمْرَةٌ، و هو أَعظم من القَطا. وَ وَادٍ خُضَارٌ: كثير الشجر. و
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: إِياكم و خَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قيل: و ما ذاك يا رسول الله؟ فقال: المرأَة الحسناء في مَنْبِتِ السَّوْءِ.
؛ شبهها بالشجرة الناضرة في دِمْنَةِ البَعَرِ، و أَكلُها داءٌ، و كل ما ينبت في الدِّمْنَةِ و إِن كان‏

247
لسان العرب4

خضر ص 243

ناضراً، لا يكون ثامراً؛ قال أَبو عبيد: أَراد فساد النسب إِذا خيف أَن تكون لغير رِشْدَةٍ، و أَصلُ الدِّمَنِ ما تُدَمِّنُهُ الإِبل و الغنم من أَبعارها و أَبوالها، فربما نبت فيها النبات الحَسَنُ الناضر و أَصله في دِمْنَةٍ قَذِرَةٍ؛ يقول النبي، صلى الله عليه و سلم: فَمَنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ و مَنْبِتُها فاسدٌ؛ قال زُفَرُ بنُ الحرث:
و قد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرى،             و تَبْقَى حَزَازاتُ النّفُوس كما هِيا

ضربه مثلًا للذي تظهر مودته، و قلبه نَغِلٌ بالعداوة، و ضَرَبَ الشجرةَ التي تَنْبُتُ في المزبلة فتجي‏ء خَضِرَةً ناضرةً، و مَنْبِتُها خبيث قذر، مثلَا للمرأَة الجميلة الوجه اللئيمة المَنْصِب. و الخُضَّارَى، بتشديد الضاد: نبت، كما يقولون شُقَّارَى لنَبْتٍ و خُبَّازَى و كذلك الحُوَّارَى. الأَصمعي: زُبَّادَى نَبْتٌ، فَشَدَّدَهُ الأَزهري، و يقال زُبَّادٌ أَيضاً. و بَيْعُ المُخاضَرَةِ المَنْهِيِّ عنها: بيعُ الثِّمارِ و هي خُضْرٌ لم يَبْدُ صلاحُها، سمي ذلك مُخاضَرَةً لأَن المتبايعين تبايعاً شيئاً أَخْضَرَ بينهما، مأْخوذٌ من الخُضْرَةِ. و المخاضرةُ: بيعُ الثمار قبل أَن يبدو صلاحها، و هي خُضْرٌ بَعْدُ، و نهى عنه، و يدخل فيه بيع الرِّطابِ و البُقُولِ و أَشباهها و لهذا كره بعضهم بيع الرِّطاب أَكثَرَ من جَزِّه و أَخْذِهِ. و يقال للزرع: الخُضَّارَى، بتشديد الضاد، مثل الشُّقَّارَى. و المخاضرة: أَن يبيع الثِّمَارَ خُضْراً قبل بُدُوِّ صلاحها. و الخَضَارَةُ، بالفتح: اللَّبَنُ أُكْثِرَ ماؤُه؛ أَبو زيد: الخَضَارُ من اللبن مثل السَّمَارِ الذي مُذِقَ بماء كثير حتى اخْضَرَّ، كما قال الراجز:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هل رأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟
أَراد اللبن أَنه أَورق كلون الذئب لكثرة مائه حتى غَلَبَ بياضَ لون اللبن. و يقال: رَمَى اللهُ في عين فلان بالأَخْضَرِ، و هو داء يأْخذ العين. و ذهب دَمُهُ خِضْراً مِضْراً، و ذهب دَمُهُ بِطْراً أَي ذهب دمه باطلًا هَدَراً، و هو لك خَضِراً مَضِراً أَي هنيئاً مريئاً، و خَضْراً لك و مَضْراً أَي سقياً لك و رَعْياً؛ و قيل: الخِضْرُ الغَضُّ و المِضْرُ إِتباع. و الدنيا خَضِرَةٌ مَضِرَة أَي ناعمة غَضةٌ طرية طيبة، و قيل: مُونِقَة مُعْجِبَةٌ. و
في الحديث: إِن الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَضِرَةٌ فمن أَخذها بحقها بورك له فيها.
؛ و منه‏
حديث ابن عمر: اغْزُوا و الغَزْوُ حُلْوٌ خَضِرٌ.
أَي طريُّ محبوبٌ لما ينزل الله من النصر و يسهل من الغنائم. و الخَضَارُ: اللبن الذي ثلثاه ماء و ثلثه لبن، يكون ذلك من جميع اللبن حَقِينِهِ و حليبه، و من جميع المواشي، سمي بذلك لأَنه يضرب إِلى الخضرة، و قيل: الخَضَارُ جمع، واحدته خَضَارَةٌ، و الخَضَارُ: البَقْلُ الأَول، و قد سَمَّتْ أَخْضَرَ و خُضَيْراً. و الخَضِرُ: نَبيُّ مُعَمَّرٌ محجوب عن الأَبصار.
ابن عباس: الخَضِرُ نبيّ من بني إِسرائيل، و هو صاحب موسى، صلوات الله على نبينا و عليه، الذي التقى معه بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ.
ابن الأَنباري: الخَضِرُ عبد صالح من عباد الله تعالى. أَهلُ العربية: الخَضِرُ، بفتح الخاء و كسر الضاد؛ و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: جلس على فَرْوَةٍ بيضاء فإِذا هي تهتز خضراء.
و قيل: سمي بذلك لأَنه كان إِذا جلس في موضع قام و تحته روضة تهتز؛ و
عن مجاهد: كان إِذا صلى في موضع اخضرّ ما حوله، و قيل: ما تحته، و قيل: سمي خضراً لحسنه و إِشراق وجهه‏

248
لسان العرب4

خضر ص 243

تشبيهاً بالنبات الأَخضر الغض.
؛ قال: و يجوز في العربية الخِضْر، كما يقال كَبِدٌ و كِبْدٌ، قال الجوهري: و هو أَفصح. و
قيل في الخبر: من خُضِّرَ له في شي‏ء فليلزمه.
؛ معناه من بورك له في صناعة أَو حرفة أَو تجارة فليلزمها. و يقال للدَّلْوِ إِذا اسْتُقِيَ بها زماناً طويلًا حتى اخْضَرَّتْ: خَضْراءُ؛ قال الراجز:
تمطَّى مِلَاطاه بخَضْراءَ فَرِي،             و إِن تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي‏

و العرب تقول: الأَمْرُ بيننا أَخْضَرُ أَي جديد لم تَخْلَقِ المَوَدَّةُ بيننا، و قال ذو الرمة:
قد أَعْسَفَ النَّازِحُ المَجْهُولُ مَعْسَفُهُ،             في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ‏

و الخُضْرِيَّةُ: نوع من التمر أَخضر كأَنه زجاجة يستظرف للونه؛ حكاه أَبو حنيفة. التهذيب: الخُضْرِيَّةُ نخلة طيبة التمر خضراء؛ و أَنشد:
إِذا حَمَلَتْ خُضْريَّةٌ فَوْقَ طابَةٍ،             و لِلشُّهْبِ قَصْلٌ عِنْدَها و البَهازِرِ

قال الفراء: و سمعت العرب تقول لسَعَفِ النخل و جريده الأَخْضَرِ: الخَضَرُ؛ و أَنشد: «1».
تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرَا،             و هي خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الخَضَرَا

و يقال: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النخلِ بِمِخْلَبِهِ يَخْضُرُه خَضْراً و اخْتَضَرَهُ يَخْتَضِرُه إِذا قطعه. و يقال: اخْتَضَرَ فلانٌ الجاريةَ و ابْتَسَرها و ابْتَكَرَها و ذلك إِذا اقْتَضَّها قبل بلوغها. و
قوله، صلى الله عليه و سلم: ليس في الخَضْرَاواتِ صدقة.
؛ يعني به الفاكهة الرَّطْبَةَ و البقول، و قياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أَن لا يجمع هذا الجمع، و إِنما يجمع به ما كان اسماً لا صفة، نحو صَحْراء و خُنْفُسَاءَ، و إِنما جمعه هذا الجمع لأَنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفة، تقول العرب لهذه البقول: الخَضْراء، لا تريد لونها؛ و قال ابن سيدة: جمعه جمع الأَسماء كَوَرْقَاءَ و وَرْقاواتٍ و بَطْحاءَ و بَطْحاوَاتٍ، لأَنها صفة غالبة غلبت غلبةَ الأَسماء. و
في الحديث: أُتَي بِقِدْر فيه خَضِرَاتٌ.
؛ بكسر الضاد، أَي بُقُول، واحدها خَضِر. و الإِخْضِيرُ: مسجد من مساجد رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بين المدينة و تَبُوك. و أَخْضَرُ، بفتح الهمزة و الضاد المعجمة: منزلٌ قرِيب من تَبُوكَ نزله رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، عند مسيره إِليها.
خطر:
الخاطِرُ: ما يَخْطُرُ في القلب من تدبير أَو أَمْرٍ. ابن سيدة: الخاطر الهاجس، و الجمع الخواطر، و قد خَطَرَ بباله و عليه يَخْطِرُ و يَخْطُرُ، بالضم؛ الأَخيرة عن ابن جني، خُطُوراً إِذا ذكره بعد نسيان. و أَخْطَرَ الله بباله أَمْرَ كذا، و ما وَجَدَ له ذِكْراً إِلَّا خَطْرَةً؛ و يقال: خَطَر ببالي و على بالي كذا و كذا يَخْطُر خُطُوراً إِذا وقع ذلك في بالك و وَهْمِك. و أَخْطَرَهُ اللهُ ببالي؛ و خَطَرَ الشيطانُ بين الإِنسان و قلبه: أَوصل وَسْواسَهُ إِلى قلبه. و ما أَلقاه إِلَّا خَطْرَةً بعد خَطْرَةٍ أَي في الأَحيان بعد الأَحيان، و ما ذكرته إِلَّا خَطْرَةً واحدةً. و لَعِبَ الخَطْرَةَ بالمِخْراق. و الخَطْرُ: مصدر خَطَرَ الفحلُ بذنبه يَخْطِرُ خَطْراً و خَطَراناً و خَطِيراً: رَفَعَهُ مرة بعد مرة، و ضرب به حاذيْهِ، و هما ما ظهر من فَخِذيْه حيث‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و أَنشد إلخ‏] هو لسعد بن زيد مناة، يخاطب أَخاه مالكاً كما في الصحاح.

249
لسان العرب4

خطر ص 249

يقع شَعَرُ الذَّنَبِ، و قيل: ضرب به يميناً و شمالًا. و ناقةٌ خَطَّارَةٌ: تَخْطِرُ بذنبها. و الخَطِيرُ و الخِطَارُ: وَقْعُ ذنب الجمل بين وَرِكَيْهِ إِذا خَطَرَ؛ و أَنشد:
رَدَدْنَ فَأَنْشَفْنَ الأَزِمَّةَ بعد ما             تَحَوَّبَ، عن أَوْراكِهِنَّ، خَطِيرُ

و الخاطِرُ: المُتَبَخْتِرُ؛ يقال: خَطَرَ يَخْطِرُ إِذا تَبَخْتَرَ. و الخَطِيرُ و الخَطَرَانُ عند الصَّوْلَةِ و النَّشَاطِ، و هو التَّصَاوُل و الوعيد؛ قال الطرماح:
بالُوا مَخافَتَهُمْ على نِيرانِهِمْ،             و اسْتَسْلَمُوا، بعد الخَطِيرِ، فَأُخْمِدُوا

التهذيب: و الفحل يَخْطِرُ بذنبه عند الوعيد من الخُيَلاءِ. و
في حديث مَرْحَبٍ: فخرج يَخْطِرُ بسيفه.
أَي يَهُزُّهُ مُعْجباً بنفسه مُتَعَرِّضاً للمبارزة، أَو أَنه كان يَخْطِرُ في مشيه أَي يتمايل و يمشي مِشْيَةَ المُعْجبِ و سيفه في يده، يعني كان يَخْطِرُ و سيفه معه، و الباء للملابسة. و الناقةُ الخَطَّارَةُ: تَخْطِرُ بذنبها في السير نشاطاً. و
في حديث الاستسقاء: و الله ما يَخْطِرُ لنا جمل.
؛ أَي ما يحرك ذنبه هُزَالًا لشدة القَحْطِ و الجَدْبِ؛ يقال: خَطَرَ البعيرُ بذنبه يَخْطِرُ إِذا رفعه و حَطَّهُ، و إِنما يفعل ذلك عند الشَّبَعِ و السِّمَنِ؛ و منه‏
حديث عبد الملك لما قَتَلَ عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ: و الله: لقد قَتَلْتُه، و إِنه لأَعز عليّ من جِلْدَةِ ما بَيْنَ عَيْنَيَّ، و لكن لا يَخْطِرُ فحلانِ في شَوْلٍ.
؛ و في قول الحجاج لما نَصَبَ المِنْجَنيقَ على مكة:
خَطَّارَةٌ كالجَمَلِ الفَنِيقِ‏
شبه رميها بِخَطَرَانِ الفحل. و
في حديث سجود السهو: حتى يَخْطِرَ الشيطانُ بين المرء و قلبه.
؛ يريد الوسوسة. و
في حديث ابن عباس: قام نبيّ الله يوماً يصلي فَخَطَر خَطْرَةً، فقال المنافقون: إِن له قلبين.
و الخَطِيرُ: الوعيد و النشاط؛ و قوله:
هُمُ الجَبَلُ الأَعْلَى، إِذا ما تَنَاكَرَتْ             مُلُوكُ الرِّجالِ، أَو تَخاطَرَتِ البُزْلُ‏

يجوز أَن يكون من الخطير الذي هو الوعيد، و يجوز أَن يكون من قولهم خَطَرَ البعير بذنبه إِذا ضرب به. و خَطَرَانُ الفحل من نشاطه، و أَما خطران الناقة فهو إِعلام للفحل أَنها لاقح. و خَطَرَ البعير بذنبه يَخْطِرُ، بالكسر، خَطْراً، ساكن، و خَطَرَاناً إِذا رفعه مرة بعد مرة و ضرب به فخذيه. و خَطَرَانُ الرجلِ: اهتزازُه في المشي و تَبَخْتُرُه. و خَطَر بسيفه و رمحه و قضيبه و سوطه يَخْطِرُ خَطَراناً إِذا رفعه مرة و وضعه أُخْرَى. و خَطَرَ في مِشْيَتِه يَخْطِرُ خَطِيراً و خَطَراناً: رفع يديه و وضعهما. و قيل: إِنه مشتق من خَطَرانِ البعير بذنبه، و ليس بقويّ، و قد أَبدلوا من خائه غيناً فقالوا: غَطَرَ بذنبه يَغْطِرُ، فالغين بدل من الخاء لكثرة الخاء و قلة الغين، قال ابن جني: و قد يجوز أَن يكونا أَصلين إِلَّا أَنهم لأَحدهما أَقلُّ استعمالًا منهم للآخر. و خَطَرَ الرجلُ بالرَّبِيعَةِ يَخْطُر خَطْراً: رفعها و هزها عند الإِشالَةِ؛ و الرَّبِيعَةُ: الحَجَرُ الذي يرفعه الناس يَخْتَبِرُونَ بذلك قُواهُمْ. الفراء: الخَطَّارَةُ حَظِيرَةُ الإِبل. و الخَطَّارِ: العطَّار؛ يقال: اشتريت بَنَفْسَجاً من الخَطَّارِ. و الخَطَّارُ: المِقْلاعُ؛ و أَنشد:
 جُلْمُودُ خَطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ‏
و رجل خَطَّارٌ بالرمحِ: طَعَّانٌ به؛ و قال:

250
لسان العرب4

خطر ص 249

مَصالِيتُ خَطَّارونَ بالرُّمْحِ في الوَغَى‏
و رمح خَطَّارٌ: ذو اهتزاز شديد يَخْطِرُ خَطَراناً، و كذلك الإِنسان إِذا مشى يَخْطِرُ بيديه كثيراً. و خَطَرَ الرُّمْحُ يَخْطِرُ: اهْتَزَّ، و قد خَطَرَ يَخْطِرُ خَطَراناً. و الخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ و المالُ و الشرفُ و المنزلة. و رجلٌ خَطِيرٌ أَي له قَدْرٌ و خَطَرٌ، و قد خَطُرَ، بالضم، خُطُورَةً. و يقال: خَطَرانُ الرمح ارتفاعه و انخفاضه للطعن. و يقال: إِنه لرفيع الخَطَرِ و لئيمه. و يقال: إِنه لعظيم الخَطَرِ و صغير الخَطَرِ في حسن فعاله و شرفه و سوء فعاله و لؤمه. و خَطَرُ الرجلِ: قَدْرُه و منزلته، و خص بعضهم به الرفعة، و جمعه أَخْطارٌ. و أَمْرٌ خَطِيرٌ: رفيعٌ. و خَطُرَ يَخْطُرُ خَطَراً و خُطُوراً إِذا جَلَّ بعد دِقَّةٍ. و الخَطِيرُ من كل شي‏ء: النَّبِيلُ. و هذا خَطِيرٌ لهذا و خَطَرٌ له أَي مِثْلٌ له في القَدْرِ، و لا يكون إِلَّا في الشي‏ء المَزِيزِ؛ قال: و لا يقال للدون إِلَّا للشي‏ء السَّرِيِّ. و يقال للرجل الشريف: هو عظيم الخَطَرِ. و الخَطِيرُ: النَّظِيرُ. و أَخْطَرَ به: سَوَّى. و أَخْطَرَهُ: صار مثله في الخَطَرِ. الليث: أُخْطِرْتُ لفلان أَي صُيِّرْتُ نظيره في الخَطَرِ. و أَخْطَرَني فلانٌ، فهو مُخْطِرٌ إِذا صار مثلك في الخَطَرِ. و فلانٌ ليس له خَطِيرٌ أَي ليس له نظير و لا مثل. و
في الحديث: أَلا هل مُشَمِّرٌ للجنة فإِن الجنة لا خَطَرَ لها.
؛ أَي لا عِوَضَ عنها و لا مِثْلَ لها؛ و منه:
أَ لا رَجُلٌ يُخاطِرُ بنفسه و ماله.
؛ أَي يلقيها في الهَلَكَةِ بالجهاد. و الخَطَرُ، بالتحريك: في الأَصل الرهن، و ما يُخاطَرُ عليه و مِثْلُ الشي‏ء وَ عَدْلُهُ [عِدْلُهُ‏]، و لا يقال إِلَّا في الشي‏ء الذي له قدر و مزية؛ و منه‏
حديث عمر في قسمة وادِي القُرَى: و كان لعثمان فيه خَطَرٌ و لعبد الرحمن خَطَرٌ.
أَي حظ و نصيب؛ و قول الشاعر:
في ظِلِّ عَيْشٍ هَنِيٍّ ما له خَطَرُ
أَي ليس له عَدْلٌ [عِدْلٌ‏]. و الخَطَرُ: العَدْلُ [العِدْلُ‏]؛ يقال: لا تجعل نفسك خَطَراً لفلان و أَنت أَوْزَنُ منه. و الخَطَرُ: السَّبَقُ الذي يترامى عليه في التراهن، و الجمع أَخْطارٌ. و أَخْطَرَهُمْ خَطَراً و أَخْطَرَه لهم: بذل لهم من الخَطَرِ ما أَرضاهم. و أَخْطَرَ المالَ أَي جعله خَطَراً بين المتراهنين. و تَخاطَرُوا على الأَمر: تراهنوا؛ و خاطَرَهم عليه: راهنهم. و الخَطَرُ؛ الرَّهْنُ بعينه. و الخَطَرُ: ما يُخاطَرُ عليه؛ تقول: وَضَعُوا لي خَطَراً ثوباً و نحو ذلك؛ و السابق إِذا تناول القَصَبَةَ عُلِمَ أَنه قد أَحْرَزَ الخَطَرَ. و الخَطَرُ و السَّبَقُ و النَّدَبُ واحدٌ، و هو كله الذي يوضع في النِّضالِ و الرِّهانِ، فمن سَبَقَ أَخذه، و يقال فيه كله: فَعَّلَ، مشدّداً، إِذا أَخذه؛ و أَنشد ابن السكيت:
أَ يَهْلِكُ مُعْتَمٌّ و زَيْدٌ، و لم أَقُمْ             على نَدَبٍ يوماً، و لي نَفْسُ مُخْطِرِ؟

و المُخْطِرُ: الذي يجعل نفسه خَطَراً لِقِرْنِه فيبارزه و يقاتله؛ و قال:
و قلتُ لمن قد أَخْطَرَ الموتَ نَفْسَه:             أَلا مَنْ لأَمْرٍ حازِمٍ قد بَدَا لِيَا؟

و قال أَيضاً:
أَين عَنَّا إِخْطارُنا المالَ و الأَنْفُسَ،             إِذ ناهَدُوا لِيَوْمِ المِحَالِ؟

و
في حديث النعمان بن مُقَرِّنٍ أَنه قال يوم نَهاوَنْدَ، حين التقى المسلمون مع المشركين: إِن هؤلاء قد

251
لسان العرب4

خطر ص 249

أَخْطَرُوا لكم رِثَةً و مَتاعاً، و أَخْطَرتم لهم الدِّينَ، فَنافِحُوا عن الدين.
؛ الرِّثَةُ: رَدِي‏ء المتاع، يقول: شَرَطُوها لكم و جعلوها خَطَراً أَي عِدْلًا عن دينكم، أَراد أَنهم لم يُعَرِّضُوا للهلاك إِلَّا متاعاً يَهُونُ عليهم و أَنتم قد عَرَّضْتُمْ لهم أَعظم الأَشياء قَدْراً، و هو الإِسلام. و الأَخطارُ من الجَوْزِ في لَعِب الصبيان هي الأَحْرازُ، واحدها خَطَرٌ. و الأَخْطارُ: الأَحْرازُ في لعب الجَوْز. و الخَطَرُ: الإِشْرافُ على هَلَكَة. و خاطَرَ بنفسه يُخاطِرُ: أَشْفَى بها على خَطَرِ هُلْكٍ أَو نَيْلِ مُلْكٍ. و المَخاطِرُ: المراقي. و خَطَرَ الدهرُ خَطَرانَهُ، كما يقال: ضرب الدهرُ ضَرَبانَهُ؛ و في التهذيب: يقال خَطَرَ الدهرُ من خَطَرانِهِ كما يقال ضَرَبَ من ضَرَبانِه. و الجُنْدُ يَخْطِرُونَ حَوْلَ قائدهم يُرُونَهُ منهم الجِدَّ، و كذلك إِذا احتشدوا في الحرب. و الخَطْرَةُ: من سِماتِ الإِبل؛ خَطَرَهُ بالمِيسَمِ في باطن الساق؛ عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي كذلك. قال ابن سيدة: و الخَطْرُ ما لَصِقَ «2». بالوَرِكَيْنِ من البول؛ قال ذو الرمة:
و قَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ. بعد ما             تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْرَاكِها، الخَطْرُ

قوله: تقوّب يحتمل أَن يكون بمعنى قوّب، كقوله تعالى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ؛ أَي قطعوا، و تقسمت الشي‏ء أَي قسمته. و قال بعضهم: أَراد تقوّبت غربانها عن الخطر فقلبه. و الخَطْرُ [الخِطْرُ]: الإِبل الكثيرة؛ و الجمع أَخطار، و قيل الخَطْرُ [الخِطْرُ] مائتان من الغنم و الإِبل، و قيل: هي من الإِبل أَربعون، و قيل: أَلف و زيادة؛ قال:
رَأَتْ لأَقْوامٍ سَوَاماً دَثْراً،             يُرِيحُ رَاعُوهُنَّ أَلْفاً خَطْرا [خِطْرا]،
و بَعْلُها يَسُوقُ مِعْزَى عَشْرا

و قال أَبو حاتم: إِذا بلغت الإِبل مائتين، فهي خَطْرٌ [خِطْرٌ]، فإِذا جاوزت ذلك و قاربت الأَلف، فهي عَرْجٌ [عِرْجٌ‏]. و خَطِيرُ الناقة: زمامُها؛ عن كراع. و
في حديث علي، عليه السلام، أَنه أَشار لعَمَّارٍ و قال: جُرُّوا له الخَطِيرَ ما انْجَرَّ لكم، و في رواية: ما جَرَّهُ لكم.
؛ معناه اتَّبِعُوه ما كان فيه مَوْضِعٌ مُتَّبَعٌ، و تَوَقَّوْا ما لم يكن فيه موضع؛ قال: الخطير زمام البعير، و قال شمر في الخطير: قال بعضهم الخَطِير الحَبْلُ، قال: و بعضهم يذهب به إِلى إِخْطارِ النفس و إِشْرَاطِهَا في الحرب؛ المعنى اصبروا لعمَّار ما صبر لكم. و تقول العرب: بيني و بينه خَطْرَةُ رَحِمٍ؛ عن ابن الأَعرابي، و لم يفسره، و أُراه يعني شُبْكَةَ رَحِمٍ، و يقال: لا جَعَلَها اللهُ خَطْرَتَه و لا جعلها آخر مَخْطَرٍ منه أَي آخِرَ عَهْدٍ منه، و لا جعلها الله آخر دَشْنَةٍ «3». و آخر دَسْمَةٍ و طَيَّةٍ و دَسَّةٍ، كلُّ ذلك: آخِرَ عَهْدٍ؛ و روي بيت عدي بن زيد:
و بِعَيْنَيْكَ كُلُّ ذاك تَخَطْراكَ،             و يمْضِيكَ نَبْلُهُمْ في النِّضَالِ‏

قالوا: تَخَطْراكَ و تَخَطَّاكَ بمعنى واحد، و كان أَبو سعيد يرويه تخطاك و لا يعرف تخطراك، و قال غيره: تَخَطْرَاني شَرُّ فلان و تخطاني أَي جازني.
__________________________________________________
 (2). قوله: [و الخطر ما لصق إلخ‏] بفتح الخاء و كسرها مع سكون الطاء كما في القاموس.
 (3). قوله: [آخر دشنة إلخ‏] كذا بالأصل و شرح القاموس.

252
لسان العرب4

خطر ص 249

و الخِطْرَةُ: نبت في السهل و الرمل يشبه المَكْرَ، و قيل: هي بقلة، و قال أَبو حنيفة: تَنْبُتُ الخِطْرَةُ مع طلوع سهيل، و هي غَبْراءُ حُلْوَةٌ طيبة يراها من لا يعرفها فيظن أَنها بقلة، و إِنما تنبت في أَصل قد كان لها قبل ذلك، و ليست بأَكثر مما يَنْتَهِسُ الدابةُ بفمه، و ليس لها ورق، و إِنما هي قُضْبانٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ، و قد تُحْتَبَلُ بها الظِّباءُ، و جمعها خِطَرٌ مثل سِدْرَةٍ و سِدَرٍ. غيره: الخِطْرَةُ عُشْبَةٌ معروفة لها قَضْبَةٌ يَجْهَدُها المالُ و يَغْزُرُ عليها، و العرب تقول: رَعَيْنا خَطَرات الوَسْمِيّ، و هي اللُّمَعُ من المَراتِعِ و البُقَعِ؛ و قال ذو الرمة:
لها خَطَراتُ العَهْدِ من كُلِّ بَلْدَةٍ             لِقَوْمٍ، و لو هاجَتْ لهم حَرْبُ مَنْشَمِ [مَنْشِمِ‏]

و الخِطَرَةُ: أَغصان الشجرة، واحدتها خِطْرٌ، نادر أَو على توهم طرح الهاء. و الخِطْرُ، بالكسر: نبات يجعل ورقه في الخضاب الأَسود يختضب به؛ قال أَبو حنيفة: هو شبيه بالْكَتَمِ، قال: و كثيراً ما ينبت معه يختضب به الشيوخ؛ و لحية مَخْطُورَةٌ و مُخَطَّرَةٌ: مَخْضُوبَةٌ به؛ و منه قيل للبن الكثير الماء: خِطْرٌ. و الخَطَّارُ: دهن من الزيت ذو أَفاويه، و هو أَحد ما جاء من الأَسماء على فَعَّال. و الخَطْرُ: مكيال ضخم لأَهل الشام. و الخَطَّارُ: اسم فرس حذيفة بن بدر الفَزارِيِّ.
خعر:
الخَيْعَرَةُ: خِفَّةٌ و طَيْشٌ.
خفر:
الخَفَرُ، بالتحريك: شِدَّةُ الحياء؛ تقول منه: خَفِرَ، بالكسر، و خَفِرَتِ المرأَةُ خَفَراً و خَفارَةً، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، فهي خَفِرَةٌ، على الفعل، و مُتَخَفِّرَةٌ و خَفِيرٌ من نسوة خَفائِرَ، و مِخْفارٌ على النَّسَبِ أَو الكثرة؛ قال:
دارٌ لِجَمَّاءِ العِظامِ مِخْفار
و تَخَفَّرَتْ: اشْتَدَّ حياؤها. و التَّخْفِيرُ: التَّسْوِير. و خَفَرَ الرجلَ و خَفَرَ به و عليه يَخْفِرُ خَفْراً: أَجاره و منعه و أَمَّنَهُ، و كان له خفيراً يمنعه، و كذلك تَخَفَّرَ به. و خَفَرَه: استجار به و سأَله أَن يكون له خفيراً، و خَفَّرَه تَخْفِيراً؛ قال أَبو جُنْدبٍ الهُذَلِيُّ:
و لكِنَّنِي جَمْرُ الغَضَا، من ورائِهِ             يُخَفِّرُنِي سَيْفي، إِذا لم أُخَفَّرِ

و فلانٌ خَفِيري أَي الذي أُجيره. و الخَفِيرُ: المجير، فكل واحد منهم خفير لصاحبه، و الاسم من ذلك كله الخُفْرَةُ و الخَفارَةُ و الخُفارَةُ، بالفتح و الضم، و قيل: الخُفْرَةُ و الخُفارَةُ و الخَفارَةُ و الخِفارَةُ الأَمانُ، و هو من ذلك الأَوَّل. و الخُفَرَةُ أَيضاً: «1». الخَفِيرُ الذي هو المجير. الليث: خَفِيرُ القوم مُجيرهم الذي يكونون في ضمانه ما داموا في بلاده، و هو يَخفِر القومَ خَفارَةً. و الخَفارَةُ: الذِّمَّةُ، و انتهاكها إِخْفارٌ. و الخُفارة و الخِفارة و الخَفارة أَيضاً: جُعْلُ الخَفِير؛ و خَفَرْتُه خَفْراً و خُفُوراً. و يقال: أَخْفَرْته إِذا بَعَثْتَ معه خَفِيراً؛ قاله أَبو الجرّاح العقيلي، و الاسم الخُفْرَةُ، بالضم، و هي الذمة. يقال: وَفَتْ خُفْرَتُك، و كذلك الخُفارة، بالضم، و الخِفارَة، بالكسر. و أَخْفَرَه: نقض عهده و خاسَ به و غَدَره. و أَخْفَرَ الذمة: لم يَفِ بها. و
في الحديث: من صلى الغداة فإِنه في ذمّة الله فلا تُخْفِرُنَّ الله في ذمته.
؛ أَي لا تؤذوا المؤمن؛ قال زهير:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الخفرة أَيضاً] لفظ أَيضاً زائد إذ الخفرة كهمزة غير ما قبله أَعني الخفرة بضم فسكون كما في القاموس و غيره.

253
لسان العرب4

خفر ص 253

فإِنَّكُمُ، و قَوْماً أَخْفَرُوكُمْ،             لكالدِّيباجِ مالَ به العَبَاءُ

و الخُفُورُ: هو الإِخْفارُ نفسُه من قبل المُخْفِر، من غير فعل، على خَفَر يَخْفُر. شمر: خَفَرَتْ ذِمَّةُ فلان خُفُوراً إِذا لم يُوفَ بها و لم تَتِمَّ؛ و أَخْفَرَها الرجلُ؛ و قال الشاعر:
فَواعَدنِي و أَخْلَفَ ثَمَّ ظَنِّي،             و بِئْسَ خَليقَةُ المرءِ الخُفُورُ.

و هذا من خَفَرَتْ ذِمَّتُه خُفُوراً. و خَفَرْتُ الرجلَ: أَجَرْتُه و حَفِظْتُه. و خَفَرْتُه إِذا كنت له خَفِيراً أَي حامياً و كفيلًا. و تَخَفَّرْتُ به إِذا استجرت به. و الخِفارةُ [الخُفارةُ] بالكسر و الضم: الذِّمام. و أَخْفَرْتُ الرجل إِذا نقضت عهده و ذمامه، و الهمزة فيه للإِزالة أَي أَزلت خِفارَته [خُفارَته‏]، كأَشكيته إِذا أَزلت شكواه؛ قال ابن الأَثير: و هو المراد في الحديث. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: من ظلم من المسلمين أَحداً فقد أَخْفَرَ الله، و في رواية: ذِمَّةَ الله.
و
في حديث آخر: من صلى الصبح فهو في خُفْرَةِ الله.
أَي في ذمته. و
في بعض الحديث: الدموع خُفَرُ العُيون.
؛ الخُفَرُ جمع خُفْرَةٍ، و هي الذمة أَي أَن الدموع التي تجري خوفاً من الله تعالى تُجِيرُ العيون من النار؛
كقوله، صلى الله عليه و سلم: عَيْنانِ لا تَمَسُّهُما النارُ: عين بكت من خشية الله تعالى.
و
في حديث لقمان بن عاد: حَيٌّ خَفِرٌ.
أَي كثير الحياء و الخَفَرِ. و الخَفَرُ، بالفتح: الحياء؛ و منه‏
حديث أُم سلمة لعائشة: غَضُّ الأَطْرافِ و خَفَرُ الإِعْراضِ [الأَعْراضِ‏].
أَي الحياء من كل ما يكره لهنّ أَن ينظرن إِليه، فأَضافت الخَفَر إِلى الإِعْراضِ [الأَعْراضِ‏] أَي الذي تستعمله لأَجل الإِعراض؛ و يروى: الأَعراض، بالفتح، جمع العِرْضِ أَي أَنهن يستحيين و يتسترن لأَجل أَعراضهن و صونها. و الخَافُورُ: نبت؛ قال أَبو حنيفة: هو نبات تجمعه النمل في بيوتها؛ قال أَبو النجم:
و أَتَت النملُ القُرَى بِعِيرِها،             من حَسَكِ التَّلْعِ، و من خافُورِها

خفتر:
قال أَبو نصر في قول عدي:
و غُصْنَ على الخَفْتارِ، وَسْطَ جُنُودِه،             و بَيَّتْنَ في لَذَّاتِه رَبَّ مارِدِ

قال: الخَفْتَارُ ملك الحبشة.
خلر:
الخُلَّرُ، مثال السُّكَّرِ، قيل: هو نبات أَعجمي، قيل: هو الجُلْبانُ، و قيل: هو الفُولُ. و في التهذيب: الخُلَّرُ الماشُ، و قد ذكره الشافعي في الحبوب التي تُقْتاتُ. و خُلَّار: موضع يكثر به العسل الجيد؛ و منه‏
كتاب الحجاج إِلى بعض عُمَّاله بفارس: أَن ابْعَثْ إِليّ بعسل من عسل خُلَّار، من النحل الأَبكار، من الدَّسْتِفْشارِ، الذي لم تَمَسَّهُ نار.
خمر:
خامَرَ الشي‏ءَ: قاربه و خالطه؛ قال ذو الرمة:
هامَ الفُؤادُ بِذِكْراها و خامَرَهُ             منها، على عُدَواءِ الدَّارِ. تَسْقِيمُ‏

و رجل خَمِرٌ: خالطه داء؛ قال ابن سيدة: و أُراه على النسب؛ قال إمرؤ القيس:
أَ حارِ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ،             و يَعْدُو على المَرْءِ ما يأْتَمِرْ

و يقال: هو الذي خامره الداء. ابن الأَعرابي: رجل خَمِرٌ أَي مُخامَرٌ؛ و أَنشد أَيضاً:
أَ حار بن عمرو كأَني خمر

أَي مُخامَرٌ؛ قال: هكذا قيده شمر بخطه، قال:

254
لسان العرب4

خمر ص 254

و أَما المُخامِرُ فهو المُخالِطُ، مِن خامَرَهُ الداءُ إِذا خالطه؛ و أَنشد:
و إِذا تُباشِرْكَ الهُمُومُ،             فإِنها داءٌ مُخامِرْ

قال: و نحو ذلك قال الليث في خامَرَهُ الداءُ إِذا خالط جوفه. و الخَمْرُ: ما أَسْكَرَ من عصير العنب لأَنها خامرت العقل. و التَّخْمِيرُ: التغطية، يقال: خَمَّرَ وجْهَهُ و خَمِّرْ إِناءك. و المُخامَرَةُ: المخالطة؛ و قال أَبو حنيفة: قد تكون الخَمْرُ من الحبوب فجعل الخمر من الحبوب؛ قال ابن سيدة: و أَظنه تَسَمُّحاً منه لأَن حقيقة الخمر إِنما هي العنب دون سائر الأَشياء، و الأَعْرَفُ في الخَمْرِ التأْنيث؛ يقال: خَمْرَةٌ صِرْفٌ، و قد يذكَّر، و العرب تسمي العنب خمراً؛ قال: و أَظن ذلك لكونها منه؛ حكاها أَبو حنيفة قال: و هي لغة يمانية. و قال في قوله تعالى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً
؛ إِن الخمر هنا العنب؛ قال: و أُراه سماها باسم ما في الإِمكان أَن تؤول إِليه، فكأَنه قال: إِني أَعصر عنباً؛ قال الراعي:
يُنازِعُنِي بها نُدْمانُ صِدْقٍ             شِواءَ الطَّيرِ، و العِنَبَ الحَقِينا

يريد الخمر. و قال ابن عرفة: أَعْصِرُ خَمْراً
 أَي أَستخرج الخمر، و إِذا عصر العنب فإِنما يستخرج به الخمر، فلذلك قال: أَعْصِرُ خَمْراً
. قال أَبو حنيفة: و زعم بعض الرواة أَنه رأَى يمانيّاً قد حمل عنباً فقال له: ما تحمل؟ فقال: خمراً، فسمى العنب خمراً، و الجمع خُمور، و هي الخَمْرَةُ. قال ابن الأَعرابي: و سميت الخمر خمراً لأَنها تُرِكَتْ فاخْتَمَرَتْ، و اخْتِمارُها تَغَيُّرُ ريحها؛ و يقال: سميت بذلك لمخامرتها العقل. و روى الأَصمعي عن معمر بن سليمان قال: لقيت أَعرابياً فقلت: ما معك؟ قال: خمر. و الخَمْرُ: ما خَمَر العَقْلَ، و هو المسكر من الشراب، و هي خَمْرَةٌ و خَمْرٌ و خُمُورٌ مثل تمرة و تمر و تمور. و
في حديث سَمُرَةَ: أَنه باع خمراً فقال عمر: قاتَلَ اللهُ سَمُرَةَ.
قال الخطابي: إِنما باع عصيراً ممن يتخذه خمراً فسماه باسم ما يؤول إِليه مجازاً، كما قال عز و جل: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً
، فلهذا نَقَمَ عمر، رضي الله عنه، عليه لأَنه مكروه؛ و إِما أَن يكون سمرة باع خمراً فلا لأَنه لا يجهل تحريمه مع اشتهاره. و خَمَر الرجلَ و الدابةَ يَخْمُره خَمْراً: سقاه الخمر، و المُخَمِّرُ: متخذ الخمر، و الخَمَّارُ: بائعها. و عنبٌ خَمْرِيٌّ: يصلح للخمر. و لَوْنٌ خَمْرِيٌّ: يشبه لون الخَمر. و اخْتِمارُ الخَمْرِ: إِدْراكُها و غليانها. و خُمْرَتُها و خُمارُها: ما خالط من سكرها، و قيل: خُمْرَتُها و خُمارُها ما أَصابك من أَلمها و صداعها و أَذاها؛ قال الشاعر:
لَذٌّ أَصابَتْ حُمَيَّاها مَقاتِلَهُ،             فلم تَكَدْ تَنْجَلِي عن قلبِهِ الخُمَرُ

و قيل: الخُمارُ بقية السُّكْرِ، تقول منه: رجل خَمِرٌ أَي في عَقِبِ خُمارٍ؛ و ينشد قول إمرئ القيس:
أَ حار بن عمرو فؤادي خمر

و رجل مَخْمُورٌ: به خُمارٌ، و قد خُمِرَ خَمْراً و خَمِرَ. و رجل مُخَمَّرٌ: كمَخْمُور. و تَخَمَّرَ بالخَمْرِ: تَسَكَّرَ به، و مُسْتَخْمِرٌ و خِمِّيرٌ: شِرِّيبٌ للخمر دائماً. و ما فلانٌ بِخَلٍّ و لا خَمْرٍ أَي لا خير فيه و لا شر عنده. و يقال أَيضاً: ما عند فلان خل و لا خمر أَي لا خير و لا شر. و الخُمْرَةُ و الخَمَرَةُ: ما خامَرَك من الريح،

255
لسان العرب4

خمر ص 254

و قد خَمَرَتْهُ؛ و قيل: الخُمْرَةُ و الخَمَرَةُ الرائحة الطيبة؛ يقال: وجدت خَمَرَة الطيب أَي ريحه، و امرأَة طيبة الخِمْرَةِ بالطِّيبِ؛ عن كراع. و الخَمِيرُ و الخَمِيرَةُ: التي تجعل في الطين. و خَمَرَ العجينَ و الطِّيبَ و نحوهما يَخْمُره و يَخْمِرُه خَمْراً، فهو خَمِيرٌ، و خَمَّرَه: ترك استعماله حتى يَجُودَ، و قيل: جعل فيه الخمير. و خُمْرَةُ العجين: ما يجعل فيه من الخميرة. الكسائي: يقال خَمَرْتُ العجين و فَطَرْتُه، و هي الخُمْرَةُ التي تجعل في العجين تسميها الناس الخَمِيرَ، و كذلك خُمْرَةُ النبيذ و الطيب. و خُبْزٌ خَمِيرٌ و خبزة خمير؛ عن اللحياني، كلاهما بغير هاء، و قد اخْتَمَر الطيبُ و العجين. و اسم ما خُمِرَ به: الخُمْرَةُ، يقال: عندي خُبْزٌ خَمِير و حَيسٌ فَطِير أَي خبز بائت. و خُمْرةُ اللَّبَنِ: رَوْبَتُه التي تُصَبُّ عليه لِيَرُوبَ سريعاً؛ و قال شمر: الخَمِيرُ الخُبْزُ في قوله:
و لا حِنْطَة الشَّامِ الهَرِيت خَمِيرُها
أَي خبزها الذي خُمِّرَ عجينُه فذهبت فُطُورَتُه؛ و طعام خَمِيرٌ و مَخْمورٌ في أَطعمة خَمْرَى. و الخَمِيرُ و الخَمِيرَةُ: الخُمْرَةُ. و خُمْرَةُ النبيذ و الطيب: ما يجعل فيه من الخَمْرِ و الدُّرْدِيِّ. و خُمْرَةُ النبيذ: عَكَرُه، و وجدتُ منه خُمْرَةً طيبة «2». إِذا اخْتَمَرَ الطيِّبُ أَي وجدتُ ريحه. و وصف أَبو ثَرْوَانَ مأْدُبَةً و بَخُورَ مِجْمَرها قال: فَتَخَمَّرَتْ أَطْنابُنا أَي طابت روائح أَبداننا بالبَخُور. أَبو زيد: وجدت منه خَمَرَةَ الطِّيبِ، بفتح الميم، يعني ريحه. و خامَرَ الرجلُ بيتَه و خَمَّرَهُ: لزمه فلم يَبْرَحْهُ، و كذلك خامَرَ المكانَ؛ أَنشد ثعلب:
و شاعِرٍ يُقالُ خَمِّرْ في دَعَهْ‏
و يقال للضَّبُعِ: خامِرِي أُمَّ عامِرٍ أَي اسْتَتِري. أَبو عمرو: خَمَرْتُ الرجلَ أَخْمُرُه إِذا استحيت منه. ابن الأَعرابي: الخِمْرَةُ الاستخفاء «3». قال ابن أَحمر:
مِنْ طارِقٍ أَتى على خِمْرَةِ،             أَو حِسْبَةٍ تَنْفَعُ مَنْ يَعْتَبِرْ

قال ابن الأَعرابي: على غفلة منك. و خَمَرَ الشي‏ءَ يَخْمُرُه خَمْراً و أَخْمَرَهُ: سَتَرَهُ. و
في الحديث: لا تَجِدُ المؤمنَ إِلَّا في إِحدى ثلاثٍ: في مسجد يَعْمُرُه، أَو بيت يَخْمُرُه، أَو معيشة يُدَبِّرُها.
؛ يَخْمُره أَي يستره و يصلح من شأْنه. و خَمَرَ فلانٌ شهادته و أَخْمَرَها: كتمها. و أَخْرَجَ من سِرِّ خَمِيرِهِ سِرّاً أَي باح به. و اجْعَلْهُ في سرِّ خَمِيرِك أَي اكتمه. و أَخْمَرْتُ الشي‏ء: أَضمرته؛ قال لبيد:
أَلِفْتُكِ حتى أَخْمَرَ القومُ ظِنَّةً             عَليَّ، بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَكابِرُ

الأَزهري: و أَخْمَرَ فلانٌ عَليَّ ظِنَّةً أَي أَضمرها، و أَنشد بيت لبيد. و الخَمَرُ، بالتحريك: ما واراك من الشجر و الجبال و نحوها. يقال: توارى الصيدُ عني في خَمَرِ الوادي، و خَمَرُه: ما واراه من جُرُفٍ أَو حَبْلٍ من حبال الرمل أَو غيره؛ و منه قولهم: دخل فلان في خُمارِ الناسِ أَي فيما يواريه و يستره منهم. و
في حديث سهل بن حُنَيْفٍ: انطلقت أَنا و فلان نلتمس الخَمَر.
هو بالتحريك: كل ما سترك من شجر أَو بناءِ أَو غيره؛ و منه‏
حديث أَبي قتادة: فابْغِنَا مَكاناً
__________________________________________________
 (2). قوله: [خمرة طيبة] خاؤها مثلثة كالخمرة محركة كما في القاموس.
 (3). قوله: [الخمرة الاستخفاء] و مثلها الخمر محركاً خمر خمراً كفرح توارى و استخفى كما في القاموس.

256
لسان العرب4

خمر ص 254

خَمَراً.
أَي ساتراً بتكاثف شجره؛ و منه‏
حديث الدجال: حتى تَنْتَهُوا إِلى جبل الخَمَرِ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى بالفتح، يعني الشجر الملتف، و فسر في الحديث أَنه جبل بيت المقدس لكثرة شجره؛ و منه‏
حديث سلمان: أَنه كتب إِلى أَبي الدرداء: يا أَخي، إِن بَعُدَتِ الدار من الدار فإِن الرُّوح من الرُّوح قَريبٌ، و طَيْرُ السماءٍ على أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرض يقع الأَرْفَهُ الأَخصبُ.
؛ يريد أَن وطنه أَرفق به و أَرفه له فلا يفارقه، و كان أَبو الدرداء كتب إِليه يدعوه إِلى الأَرض المقدسة. و
في حديث أَبي إِدريس الخَوْلانِيِّ قال: دخلت المسجد و الناس أَخْمَرُ ما كانوا.
أَي أَوْفَرُ. و يقال: دخل في خَمَار الناس «1». أَي في دهمائهم؛ قال ابن الأَثير: و يروى بالجيم، و منه‏
حديث أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ: أَكون في خَمَارِ الناس أَي في زحمتهم حيث أَخْفَى و لا أُعْرَفُ.
و قد خَمِرَ عني يَخْمَرُ خَمَراً أَي خفي و توارى، فهو خَمِرٌ. و أَخْمَرَتْه الأَرضُ عني و مني و عَلَيَّ: وارته. و أَخْمَرَ القومُ: تَوارَوْا بالخَمَرِ. و يقال للرجل إِذا خَتَلَ صاحبه: هو يَدِبُّ «2». له الضَّراءَ و يَمْشِي له الخَمَرَ. و مكان خَمِرٌ: كثير الخَمَرِ، على النسب؛ حكاه ابن الأَعرابي، و أَنشد لضباب بن واقد الطُّهَوِيِّ:
و جَرَّ المَخاضُ عَثَانِينَها             إِذا بَرَكَتْ بالمكانِ الخَمِرْ

و أَخْمَرَتِ الأَرضُ: كثر خَمَرُها. و مكان خَمِرٌ إِذا كان كثير الخَمَرِ. و الخَمَرُ: وَهْدَةٌ يختفي فيها الذئب؛ و أَنشد:
 فقد جاوَزْتُما خَمَرَ الطَّرِيقِ‏
و قول طرفة:
سَأَحْلُبُ عَنْساً صَحْنَ سَمٍّ فَأَبْتَغِي             به جِيرَتي، إِن لم يُجَلُّوا لِيَ الخَمَرْ

قال ابن سيدة: معناه إِن لم يُبَيِّنُوا لِيَ الخبرَ، و يروى يُخَلُّوا، فإِذا كان كذلك كان الخَمَرُ هاهنا الشجر بعينه. يقول: إِن لم يخلوا لي الشجر أَرعاها بإِبلي هجوتهم فكان هجائي لم سمّاً، و يروى: سأَحلب عَيْساً، و هو ماء الفحل، و يزعمون أَنه سم؛ و منه‏
الحديث: مَلِّكْهُ على عُرْبِهِمْ و خُمُورِهِمْ.
؛ قال ابن الأَثير: أَي أَهل القرى لأَنهم مغلوبون مغمورون بما عليهم من الخراج و الكُلَفِ و الأَثقال، و قال: كذا شرحه أَبو موسى. و خَمَرُ الناس و خَمَرَتُهُمْ و خَمَارُهم و خُمَارُهم: جماعتهم و كثرتهم، لغةٌ في غَمار الناس و غُمارهم أَي في زَحْمتهم؛ يقال: دخلت في خَمْرتهم و غَمْرتهم أَي في جماعتهم و كثرتهم. و الخِمَارُ للمرأَة، و هو النَّصِيفُ، و قيل: الخمار ما تغطي به المرأَة رأْسها، و جمعه أَخْمِرَةٌ و خُمْرٌ و خُمُرٌ. و الخِمِرُّ، بكسر الخاء و الميم و تشديد الراء: لغة في الخمار؛ عن ثعلب، و أَنشد:
ثم أَمالَتْ جانِبَ الخِمِرِّ
و الخِمْرَةُ: من الخِمار كاللِّحْفَةِ من اللِّحَافِ. يقال: إِنها لحسنة الخِمْرَةِ. و في المثل: إِنَّ الْعَوَانَ لا تُعَلَّمُ الخِمْرَةَ أَي إِن المرأَة المجرّبة لا تُعَلَّمُ كيف تفعل. و تَخَمَّرَتْ بالخِمار و اخْتَمَرَتْ: لَبِسَتْه، و خَمَّرَتْ به رأْسَها: غَطَّتْه. و
في حديث أُم سلمة: أَنه كان يمسح على الخُفِّ و الخِمار.
؛__________________________________________________
 (1). قوله: [في خمار الناس‏] بضم الخاء و فتحها كما في القاموس.
 (2). قوله: [يدب إلخ‏] ذكره الميداني في مجمع الأمثال و فسر الضراء بالشجر الملتف و بما انخفض من الأرض، عن ابن الأعرابي؛ و الخمر بما واراك من جرف أو حبل رمل؛ ثم قال: يضرب للرجل يختل صاحبه. و ذكر هذا المثل أيضاً اللسان و الصحاح و غيرهما في ض ر ي و ضبطوه بوزن سماء.

257
لسان العرب4

خمر ص 254

أَرادت بالخمار العمامة لأَن الرجل يغطي بها رأْسه كما أَن المرأَة تغطيه بخمارها، و ذلك إِذا كان قد اعْتَمَّ عِمَّةَ العرب فأَرادها تحت الحنك فلا يستطيع نزعها في كل وقت فتصير كالخفين،، غير أَنه يحتاج إِلى مسح القليل من الرأْس ثم يمسح على العمامة بدل الاستيعاب؛ و منه‏
قول عمر، رضي الله عنه، لمعاوية: ما أَشبه عَيْنَك بِخِمْرَةِ هِنْدٍ.
؛ الخمرةُ: هيئة الاختمار؛ و كل مغطًّى: مُخَمَّرٌ. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ.
؛ قال أَبو عمرو: التخمير التغطية، و
في رواية: خَمِّرُوا الإِناء و أَوْكُوا السِّقَاءَ.
؛ و منه‏
الحديث: أَنه أُتِيَ بإِناءِ من لَبَنِ فقال: هلَّا خَمَّرْتَه و لو بعود تَعْرِضُه عليه.
و المُخَمَّرَةُ من الشياه: البيضاءُ الرأْسِ، و قيل: هي النعجة السوداء و رأْسها أَبيض مثل الرَّخْماءِ، مشتق من خِمار المرأَة؛ قال أَبو زيد: إِذا ابيض رأْس النعجة من بين جسدها، فهي مُخَمَّرة و رَخْماءُ؛ و قال الليث: هي المختمرة من الضأْن و المِعْزَى. و فرس مُخَمَّرٌ: أَبيضٌ الرأْس و سائر لونه ما كان. و يقال: ما شَمَّ خِمارَكَ أَي ما أَصابَكَ، يقال ذلك للرجل إِذا تغير عما كان عليه. و خَمِرَ عليه خَمَراً و أَخْمَرَ: حَقَدَ. و خَمَرَ الرجلَ يَخْمِرُهُ: استحيا منه. و الخَمَرُ: أَن تُخْرَزَ ناحيتا أَديم المَزَادَة ثم تُعَلَّى بِخَرْزٍ آخَر. و الخُمْرَةُ: حصيرة أَو سَجَّادَةٌ صغيرة تنسج من سَعَفِ النخل و تُرَمَّلُ بالخيوط، و قيل: حصيرة أَصغر من المُصَلَّى، و قيل: الخُمْرَة الحصير الصغير الذي يسجد عليه. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، كان يسجد على الخُمْرَةِ.
؛ و هو حصير صغير قدر ما يسجد عليه ينسج من السَّعَفِ؛ قال الزجاج: سميت خُمْرة لأَنها تستر الوجه من الأَرض. و
في حديث أُم سلمة قال لها و هي حائض: ناوليني الخُمْرَةَ.
؛ و هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أَو نسيجة خوص و نحوه من النبات؛ قال: و لا تكون خمرة إِلَّا في هذا المقدار، و سميت خمرة لأَن خيوطها مستورة بسعفها؛ قال ابن الأَثير: و قد تكررت في الحديث و هكذا فسرت.
و قد جاء في سنن أَبي داود عن ابن عباس قال: جاءت فأْرة فأَخذت تَجُرُّ الفَتِيلَة فجاءتْ بها فأَلقتها بين يدي رسول الله، صلى الله عليه و سلم، على الخُمْرَةِ التي كان قاعداً عليها فأَحرقت منها مثل موضع درهم.
قال: و هذا صريح في إِطلاق الخُمْرَةِ على الكبير من نوعها. قال: و قيل العجين اختمر لأَن فطورته قد غطاها الخَمَرُ، و هو الاختمار. و يقال: قد خَمَرْتُ العجين و أَخْمَرْته و فَطَرْتُه و أَفْطَرْتُه، قال: و سمي الخَمْرُ خَمْراً لأَنه يغطي العقل، و يقال لكل ما يستر من شجر أَو غيره: خَمَرٌ، و ما ستره من شجر خاصة، فهو الضَّرَاءُ. و الخُمْرَةُ: الوَرْسُ و أَشياء من الطيب تَطْلي به المرأَة وجهها ليحسن لونها، و قد تَخَمَّرَتْ، و هي لغة في الغُمْرَةِ. و الخُمْرَةُ: بِزْرُ العَكَابِرِ «3». التي تكون في عيدان الشجر. و اسْتَخْمَر الرجلَ: استعبده؛ و منه‏
حديث معاذ: من اسْتَخْمَرَ قوماً أَوَّلُهُمْ أَحْرارٌ و جِيرانٌ مستضعفون فله ما قَصَرَ في بيته.
قال أَبو عبيد: كان ابن المبارك يقول في‏
قوله من استخمر قوماً.
أَي استعبدهم، بلغة أَهل اليمن، يقول: أَخذهم قهراً و تملك عليهم، يقول: فما وَهَبَ المَلِكُ من هؤلاء
__________________________________________________
 (3). قوله: [العكابر] كذا بالأصل و لعله الكعابر.

258
لسان العرب4

خمر ص 254

لرجل فَقَصَرَهُ الرجل في بيته أَي احتبسه و اختاره و استجراه في خدمته حتى جاء الإِسلام و هو عنده عبد فهو له. ابن الأَعرابي: المُخامَرَةُ أَن يبيع الرجل غلاماً حُرّاً على أَنه عبده؛ قال أَبو منصور: و قول معاذ من هذا أُخذ، أَراد من استعبد قوماً في الجاهلية ثم جاء الإِسلام، فله ما حازه في بيته لا يخرج من يده، و قوله: و جيران مستضعفون أَراد ربما استجار به قوم أَو جاوروه فاستضعفهم و استعبدهم، فلذلك لا يخرجون من يده، و هذا مبني على إِقرار الناس على ما في أَيديهم. و أَخْمَرَهُ الشي‏ءَ: أَعطاه إِياه أَو مَلَّكَهُ؛ قال محمد بن كثير: هذا كلام عندنا معروف باليمن لا يكاد يُتكلم بغيره؛ يقول الرجل: أَخْمِرني كذا و كذا أَي أَعطنيه هبة لي، ملكني إِياه، و نحو هذا. و أَخْمَر الشي‏ءَ: أَغفله؛ عن ابن الأَعرابي. و اليَخْمُورُ: الأَجْوَفُ المضطرب من كل شي‏ء. و اليَخْمُورُ أَيضاً: الودع، واحدته يَخْمُورَةٌ. و مِخْمَرٌ و خُمَيْرٌ: اسمان. و ذو الخِمَار: اسم فرس الزبير بن العوّام شهد عليه يوم الجمل. و باخَمْرَى: موضع بالبادية، و بها قبر إِبراهيم «1». بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أَبي طالب، عليهم السلام.
خمجر:
ماء خَمْجَرٌ و خُماجِرٌ و خَمْجَرِيرٌ: ثقيل، و قيل: هو الذي يشربه المال و لا يشربه الناس؛ و قال ابن الأَعرابي: ربما قتل الدابة و لا سيما إن اعتادت العذب، و قيل: هو الذي لا يبلغ أَن يكون ملحاً أُجاجاً، و قيل: هو الملح جدّاً؛ و أَنشد:
لو كنتَ ماءً كُنْتَ خَمْجَرِيرا
خمطر:
ماء خمطرير: كخمجرير.
خنر:
أُم خِنَّوْر و خَنُّورٍ، على وزن تنور: الضبع و البقرة؛ عن أَبي رياش؛ و قيل: الداهية. و يقال: وقع القوم في أُم خِنَّورٍ أَي في داهية. و الخِنَّوْرُ: الضَّبُعُ، و قيل: أُم خَنُّورٍ من كُنَى الضبع، و قيل: هي أُم خِنَّوْر، بكسر الخاء و فتح النون، و قيل: هي خَنُّور، بفتح الخاء و ضم النون. و أُم خَنُّور: الصَّحارى. و أُم خَنُّور و خَنَوَّرٍ و خِنَّوْرٍ: الدنيا.
قال: قال عبد الملك بن مروان، و في رواية أُخرى سليمان بن عبد الملك: وطِئْنَا أُمَّ خَنُّورٍ بقوة، فما مضت جمعة حتى مات.
و أُمُّ خَنُّورٍ: مصر، صانها الله تعالى. و
في الحديث: أُمُّ خَنُّورٍ يساق إِليها القِصَارُ الأَعمار.
؛ رواه أَبو حنيفة الدِّيْنَوَريُّ. قال أَبو منصور: و في الخنور ثلاث لغات: خِنَّورٌ مثل بِلَّوْر، و خَنُّورُ مثل سَفُّود، و خَنَوَّر مثل عَذَوَّر. و الخَنُّور: النِّعْمة الظاهرة، و قيل: إِنما سميت مصر بذلك لنعمتها، و ذلك ضعيف. و يقال: وقعوا في أُم خِنَّوْر إِذا وقعوا في خِصْب و لين من العَيْشِ، و لذلك سميت الدنيا أُم خِنَّوْرٍ. و أُمُّ خَنُّور: الاسْتُ؛ و شك أَبو حاتم في شدّ النون، و يقال لها أَيضاً: أُم خِنَّوْرٍ؛ قال أَبو سهل: و أَما أُم خِنَّوْرٍ، بكسر الخاء، فهو اسم الاست؛ و قال ابن خالويه: هي اسم لاست الكلبة. و الخَنَوَّر: قَصَبُ النُّشَّاب، و رواه أَبو حنيفة الخَنُّور، و قال مرة: خَنَوَّرٌ أَو خَنُّور، فأَفْصَحَ بالشك؛ و أَنشد:
يَرْمُونَ بالنُّشَّاب ذي الآذان             في القَصَبِ الخَنَوَّرْ

__________________________________________________
 (1). قوله: [و بها قبر إِبراهيم إلخ‏] عبارة القاموس و شرحه: بها قبر إِبراهيم بن عبد الله المحض بن الحسن المثني بن الحسن السبط الشهيد بن علي إلخ. ثم قال: خرج أي إبراهيم بالبصرة سنة 145 و بايعه وجوه الناس، و تلقب بأمير المؤمنين فقلق لذلك أَبو جعفر المنصور فأرسل إليه عيسى بن موسى لقتاله فاستشهد السيد إبراهيم و حمل رأسه إلى مصر انتهى. باختصار.

259
لسان العرب4

خنر ص 259

و قيل: كل شجرة رِخْوَةٍ خَوَّارَةٍ، و قال أَبو حنيفة: كل شجرة رِخْوَة خَوَّارَة، فهي خَنُّورة، و لذلك قيل لقصب النشاب: خَنُّور، بفتح الخاء و ضم النون. أَبو العباس: الخانِرُ الصَّديق المُصافي، و جمعه خُنُرٌ؛ يقال: فلان ليس من خُنُرِي أَي ليس من أَصفيائي.
خنتر:
الجوع الخِنْتَارُ: الشديدُ، و هو الخُنْتُور أَيضاً.
خنثر:
الخَنْثَرُ و الخَنَثِرُ؛ الأَخيرة عن كراع: الشي‏ء الخسيس يبقى من متاع القوم في الدار إِذا تحملوا. ابن الأَعرابي: الخَناشِير و الخَناثِير الدواهي، و قال في موضع آخر: الخناثير قماش البيت.
خنجر:
الخَنْجَرُ و الخَنْجَرَةُ و الخُنجُورُ، كله: الناقة الغزيرة، و الجمع الخَناجِرُ. الأَصمعي: الخُنْجُور و اللُّهْمُوم و الرُّهْشُوشُ الغزيرة اللبن من الإِبل. الليث: الخَنْجَرَةُ من الحديد، و الخَنْجَرُ و الخِنجَرُ: السِّكِّينُ. و من مسائل الكتاب: المرء مقتول بما قتل به، إِن خنجراً فخنجر، و إن سيفاً فسيف؛ قال:
يَطْعُنُها بِخَنْجَرٍ من لَحْمِ،             تحتَ الذُّنَابى، في مكانٍ سُخْنِ‏

جمع بين النون و الميم و هذا من الإِكفاء. و الخَنْجَرُ: اسم رجل، و هو الخَنْجَرُ بنُ صَخْر الأَسدي. و الخَنجَرِيرُ: الماء الثقيل، و قيل: هو الذي لا يبلغ أَن يكون ملحاً، و قيل: هو الملح جدّاً.
خنزر:
الخَنْزَرَةُ: الغِلَظُ. و الخَنْزَرَةُ: الفأْس الغليظة. و خَنْزَرَةُ و الخَنْزَرُ: موضعان؛ أَنشد سيبويه:
أَنْعَتُ عَيراً من حَمِيرِ خَنْزَرَهْ،             في كُلِّ عَيْرٍ مائتان كَمَرَهْ‏

و أَنشد أَيضاً:
أَنْعَتُ أَعْيَاراً رَعَيْنَ الخَنَزَرا،             أَنْعَتُهُنَّ آيُراً و كَمَرَا

و دارَةُ خَنْزَرٍ: موضع هناك؛ عن كراع التهذيب: و خَنْزَرٌ اسم موضع؛ قال الجعدي:
أَلَمَّ خَيَالٌ من أُمَيْمَةَ مَوْهِناً             طَرُوقاً، و أَصحابي بدارَةِ خَنْزَرِ

و قال الراعي في خنزر:
يعني لتبلغني خنزر «1».
و خنزير: موضع ذكره لبيد:
بالغُرابات فَزَرَّافاتِها،             فبخنْزِيرٍ، فأَطْرَافِ حُبَلْ‏

و قال بعضهم: خَنْزَرَ الرجلُ إِذا نظر بمؤخر عينه، جعله فَنْعَلَ من الأَخْزَرِ، و كل مُومِسةٍ: أَخْزَر. أَبو عمرو: الخَنْزُوانُ الخِنْزِير، ذكره في باب الهَيْلُمَان و النَّيْدُلان و الكَيْذُبان و الخَنْزُوان «2». ابن سيدة: خَنْزَرٌ اسم رجل، و هو الحَلالُ بن عم الراعي يتهاجيان، و زعموا أَن الراعي هو الذي سماه خَنْزَراً. و الخِنْزِيرُ من الوحش العادي: معروف من ذلك. و قال كراع: هو من الخَزَرِ في العين لأَن ذلك لازم له، قال: فهو على هذا ثلاثي؛ و قد تقدم ذكره في ترجمة خزر. و خَنْزَرَ: فَعَلَ فِعْلَ الخنزير. و خِنْزِيرٌ: اسم موضع؛ قال الأَعشى يصف الغيث:
__________________________________________________
 (1). قوله: [يعني إلخ‏] كذا بالأَصل.
 (2). قوله: [الخنزوان‏] بفتح الخاء و ضمها كما في القاموس.

260
لسان العرب4

خنزر ص 260

فالسَّفْحُ يَجْري فَخِنْزِيرٌ فَبُرْقَتُه،             حتى تَدَافَعَ منه السَّهْلُ و الجَبَلُ‏

و خِنْزِير: اسم ابن أَسْلَم بن هُنَاءَةَ الأَسَديِّ؛ حكاه ابن سيدة و قال: فيما أُرَى. و الخنازير: علة معروفة، و هي قروح صُلْبَة تحدث في الرقبة.
خنسر:
الخَناسِيرُ: الهُلَّاك؛ و أَنشد ابن السكيت:
إِذا ما نُتِجْنَا أَربعاً عامَ كَفْأَةٍ             بغاها خَناسِيراً، فَأَهْلَكَ أَرْبَعا

و قال ابن الأَعرابي: الخناسير الدواهي، و قيل: الخَناسِيرُ الغَدْرُ و اللُّؤْمُ؛ و منه قول الشاعر:
فإِنَّكَ لو أَشْبَهْتَ عَمِّي حَمَلْتَنِي،             و لكنه قد أَدْرَكَتْكَ الخَناسِرُ

أَي أَدركتك مَلائم أُمِّكَ. و خَناسِرُ الناس: صِغارهم. و الخِنْسِرُ: اللئيمُ: و الخِنْسِرُ: الداهية.
خنشفر:
الخَنْشَفِيرُ: الداهية.
خنصر:
في كتاب سيبويه: الخِنْصِرُ، بكسر الخاء و الصاد، و الخِنْصَرُ: الإِصبع الصُّغْرَى، و قيل الوسطى، أُنْثَى، و الجمع خَناصِرُ. قال سيبويه: و لا يجمع بالأَلف و التاء استغناء بالتكسير، و لها نظائر نحو فِرْسِنٍ و فَرَاسِن، و عكسها كثير؛ و حكى اللحياني: إِنه لعظيم الخَناصِر و إِنها لعظيمة الخَناصِر، كأَنه جعل كل جزء منه خِنْصَراً ثم جمع على هذا؛ و أَنشد:
فَشَلَّتْ يميني يومَ أَعْلُو ابْنَ جَعْفَرٍ،             و شَلَّ بَناناها و شَلَّ الخَناصِرُ

و يقال: بفلان تُثْنَى الخَناصِرُ أَي تُبْتَدَأُ به إِذا ذُكِرَ أَشكالهُ. و خُناصِرَةُ، بضم الخاء: بلد بالشام.
خنظر:
الخِنْظِيرُ: العَجُوزُ المُسْتَرْخِيَةُ الجُفُونِ و لحم الوجه.
خنفر:
خُنافِرٌ: اسم رجل.
خور:
الليث: الخُوَارُ صوتُ الثَّوْر و ما اشتد من صوت البقرة و العجل. ابن سيدة: الخُوار من أَصوات البقر و الغنم و الظباء و السهام. و قد خارَ يَخُور خُواراً: صاح؛ و منه قوله تعالى: فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ
؛ قال طرفة:
لَيْتَ لنا، مكانَ المَلْكِ عَمْرو،             رَغُوثاً حَوْلَ قُبَّتِنا تَخُورُ

و
في حديث الزكاة: يَحْمِلُ بَعِيراً له رُغاءٌ أَو بقرة لها خُوارٌ.
؛ هو صوت البقر. و
في حديث مقتل أُبيِّ بن خَلَفٍ: فَخَرَّ يخُورُ كما يَخُورُ الثور.
؛ و قال أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
يَخُرْنَ إِذا أُنْفِذْن في ساقِطِ النَّدى،             و إِن كانَ يوماً ذا أَهاضِيبَ مُخْضِلا
خُوَارَ المَطَافِيلِ المُلَمَّعَة الشَّوَى             و أَطْلائِها، صَادَفْنَ عِرْنَانَ مُبْقِلا

يقول: إِذا أُنْفِذَتِ السهام خارَتْ خُوارَ هذه الوحش. المطافيل: التي تَثْغُو إِلى أَطلائها و قد أَنشطها المَرْعَى المُخْصِبُ، فأَصواتُ هذه النَّبَالِ كأَصوات تلك الوحوش ذوات الأَطفال، و إِن أُنْفِذَتْ في يوم مطر مُخْضِلٍ، أَي فلهذه النَّبْلِ فَضْلٌ من أَجل إِحكام الصنعة و كرم العيدان. و الاسْتِخارَةُ: الاستعطافُ. و اسْتَخَارَ الرجلَ: استعطفه؛ يقال: هو من الخُوَار و الصوت، و أَصله أَن الصائد يأْتي ولد الظبية في كناسه فيَعْرُك أُذنه فَيَخُور أَي يصيح، يستعطف بذلك أُمه كي يصيدها؛ و قال الهذلي:

261
لسان العرب4

خور ص 261

لَعَلَّكَ، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ             سِواكَ خَلِيلًا، شاتِمِي تَسْتَخِيرُها «1».

و قال الكميت:
و لَن يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار،             لِعَوْلَتِهِ، ذو الصِّبا المُعْوِلُ‏

فعين استخرت على هذا واو، و هو مذكور في الياء، لأَنك إِذا استعطفته و دعوته فإِنك إنما تطلب خيره. و يقال: أَخَرْنَا المطايا إِلى موضع كذا نُخِيرُها إِخارَةً صرفناها و عطفناها. و الخَوَرُ، بالتحريك: الضعف. و خارَ الرجلُ و الحَرُّ يَخُور خُؤوراً و خَوِرَ خَوَراً و خَوَّرَ: ضَعُفَ و انكسر؛ و رجل خَوَّارٌ: ضعيف. وَ رُمْحٌ خَوَّارٌ و سهم خَوَّار؛ و كل ما ضعف، فقد خار. الليث: الخَوَّار الضعيف الذي لا بقاء له على الشدّة. و
في حديث عمر: لن تَخُورَ قُوًى ما دام صاحبها يَنْزِعُ و يَنْزُو.
خار يَخور إِذا ضعفت قوَّته و وَهَتْ، أَي لن يضعف صاحب قوَّة يقدر أَن ينزع في قوسه و يَثِبَ إِلى دابته؛ و منه‏
حديث أَبي بكر قال لعمر، رضي الله عنهما: أَ جَبانٌ في الجاهلية و خَوَّارٌ في الإِسلام؟.
و
في حديث عمرو بن العاص: ليس أَخو الحَرْبِ من يضع خُورَ الحَشايا عن يمينه و شماله.
أَي يضع لِيَانَ الفُرُشِ و الأَوْطِيَة و ضِعافَها عنده، و هي التي لا تُحْشَى بالأَشْياء الصُّلْبَةِ. و خَوَّرَه: نسبه إِلى الخَوَرِ؛ قال:
لقد عَلِمْت، فاعْذُليني أَوْ ذَرِي،             أَنَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ، من لا يَصْبرِ
على المُلِمَّات، بها يُخَوَّرِ

و خارَ الرجلُ يَخُور، فهو خائر. و الخُوَارُ في كل شي‏ء عيب إِلَّا في هذه الأَشياء: ناقة خَوَّارة و شاة خَوَّارة إِذا كانتا غزيرتين باللبن، و بعير خَوَّار رَقِيقٌ حَسَنٌ، و فرس خَوَّار لَيِّنُ العَطْف، و الجمع خُورٌ في جميع ذلك، و العَدَدُ خَوَّاراتٌ. و الخَوَّارَةُ: الاستُ لضعفها. و سهمٌ خَوَّار و خَؤورٌ: ضعيف. و الخُورُ من النساء: الكثيرات الرِّيَبِ لفسادهن و ضعف أَحلامهن، لا واحد له؛ قال الأَخطل:
يَبِيتُ يَسُوفُ الخُورَ، و هْيَ رَواكِد،             كما سَافَ أَبْكَارَ الهِجَانِ فَنِيقُ‏

و ناقة خَوَّارة: غزيرة اللبن، و كذلك الشاة، و الجمع خُورٌ على غير قياس؛ قال القطامي:
رَشُوفٌ وَرَاءَ الخُورِ، لو تَنْدَرِئ لها             صَباً و شَمالٌ حَرْجَفٌ، لم تقَلَّبِ‏

و أَرض خَوَّارة: لينة سهلة، و الجمع خُورٌ؛ قال عمر بن لَجَإٍ يهجو جريراً مجاوباً له على قوله فيه:
أَ حِينَ كنتُ سَمَاماً يا بَني لَجَإٍ،             و خاطَرَتْ بِيَ عن أَحْسابِها مُضَرُ،
تَعَرَّضَتْ تَيْمُ عَمْداً لي لأَهْجُوَها،             كما تَعَرَّضَ لاسْتِ الخَارِئ الحَجَرُ؟

فقال عمر بن لجإٍ يجاوبه:
لقد كَذَبْتَ، و شَرُّ القَوْلِ أَكْذَبُهُ،             ما خاطَرَتْ بك عن أَحْسابِها مُضَرُ،
بل أَنتَ نَزْوَة خَوَّارٍ على أَمَةٍ،             لا يَسْبِقُ الحَلَبَاتِ اللُّؤْمُ و الخَوَرُ

قال ابن بري: و شاهدُ الخُور جمع خَوَّارٍ قول‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [شاتمي تستخيرها] قال السكري شارح الديوان: أي تستعطفها بشتمك إياي.

262
لسان العرب4

خور ص 261

الطرماح:
 أَنا ابنُ حُماةِ المَجْدِ من آلِ مالِكٍ،             إِذا جَعَلَتْ خُورُ الرِّجالِ تَهِيعُ‏

قال: و مثله لغَسَّانَ السَّلِيطِيِّ:
قَبَحَ الإِلَهُ بَني كُلَيْبٍ إِنَّهُمْ             خُورُ القُلُوبِ، أَخِفَّةُ الأَحْلامِ‏

و نخلة خَوَّارة: غزيرة الحمل؛ قال الأَنصاري:
أَدِينُ و ما دَيني عليكم بِمَغْرَمٍ،             و لكنْ على الجُرْدِ الجِلادِ القَرَاوِحِ‏
على كُلِّ خَوَّارٍ، كأَنَّ جُذُوعَهُ             طُلِينَ بِقارٍ، أَو بِحَمْأَةِ مائِحِ‏

و بَكْرَةٌ خَوَّارَةٌ إِذا كانت سهلة جَرْيِ المِحْوَرِ في القَعْرِ؛ و أَنشد:
عَلِّقْ على بَكْرِكَ ما تُعَلِّقُ،             بَكْرُكَ خَوَّارٌ، و بَكْرِي أَوْرَقُ‏

قال: احتجاجه بهذا الرجز للبَكْرَةِ الخَوَّارَةِ غلط لأَن البَكْرَ في الرجز بكر الإِبل، و هو الذكر منها الفَتِيُّ. و فرس خَوَّارُ العِنانِ: سَهْلُ المَعْطِفِ لَيِّنُه كثير الجَرْيِ؛ و خَيْلٌ خُورٌ؛ قال ابن مقبل:
مُلِحٌّ إِذا الخُورُ اللَّهامِيمُ هَرْوَلَتْ،             تَوَثَّبَ أَوْسَاطَ الخَبَارِ على الفَتَرْ

و جمل خَوَّار: رقيق حَسَنٌ، و الجمع خَوَّاراتٌ، و نظيره ما حكاه سيبويه من قولهم جَمَلٌ سِبَحْلٌ و جِمالٌ سِبَحْلاتٌ أَي أَنه لا يجمع إلَّا بالأَلف و التاء. و ناقة خَوَّارة: سَبِطَةُ اللحم هَشَّةُ العَظْمِ. و يقال: إِن في بَعِيرِكَ هذا لَشَارِبَ خَوَرٍ، يكون مدحاً و يكون ذمّاً: فالمدح أَن يكون صبوراً على العطش و التعب، و الذم أَن يكون غير صبور عليهما. و قال ابن السكيت: الخُورُ الإِبل الحُمْرُ إِلى الغُبْرَةِ رقيقاتُ الجلود طِوالُ الأَوْبارِ، لها شعر ينفذ و وبرها أَطول من سائر الوبر. و الخُورُ: أَضعف من الجَلَدِ، و إِذا كانت كذلك فهي غِزارٌ. أَبو الهيثم: رجل خَوَّار و قوم خَوَّارون و رجل خَؤُورٌ و قوم خَوَرَةٌ و ناقة خَوَّارة رقيقة الجلد غَزِيرَة. و زَنْدٌ خَوَّار: قَدَّاحٌ. و خَوَّارُ الصَّفَا: الذي له صوت من صلابته؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
يَتْرُكُ خَوَّارَ الصَّفَا رَكُوبَا
و الخَوْرُ: مَصَبُّ الماء في البحر، و قيل: هو مصبّ المياه الجارية في البحر إِذا اتسع و عَرُضَ. و قال شمر: الخَوْرُ عُنُقٌ من البحر يدخل في الأَرض، و قيل: هو خليج من البحر، و جمعه خُؤُورٌ؛ قال العجاج يصف السفينة:
إِذا انْتَحَى بِجُؤْجُؤٍ مَسْمُورِ،             و تارَةً يَنْقَضُّ في الخُؤُورِ،
تَقَضِّيَ البازِي من الصُّقُورِ

و الخَوْرُ، مثل الغَوْرِ: المنخفضُ المُطمَئِنُّ من الأَرض بين النَّشْزَيْنِ، و لذلك قيل للدُّبُرِ: خَوْرانُ لأَنه كالهَبْطَةِ بين رَبْوَتَيْنِ، و يقال للدبر الخَوْرانُ و الخَوَّارَةُ، لضَعْفِ فَقْحَتِها سميت به، و الخَوْرانُ: مَجْرَى الرَّوْثِ، و قيل: الخَوْرانُ المَبْعَرُ الذي يشتمل عليه حَتارُ الصُّلْب من الإِنسان و غيره، و قيل: رأْس المبعرِ، و قيل: الخَوْرانُ الذي فيه الدبر، و الجمع من كل ذلك خَوْراناتٌ و خَوَارِينُ، قال في جمعه على خَوْرانات: و كذلك كل اسم كان مذكراً لغير الناس جمعه على لفظ تاءات‏

263
لسان العرب4

خور ص 261

الجمع جائز نحو حَمَّامات و سُرادِقاتٍ و ما أَشبههما. و طَعَنَه فخارَه خَوْراً: أَصاب خَوْرانَهُ، و هو الهواء الذي فيه الدبر من الرجل، و القبل من المرأَة. و خارَ البَرْدُ يَخُورُ خُؤُوراً إِذا فَتَر و سَكَنَ. و الخَوَّارُ العُذْرِيُّ: رجل كان عالماً بالنسب. و الخُوَارُ: اسم موضع؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَبٍ:
خَرَجْنَ من الخُوَارِ و عُدْنَ فيه،             و قَدْ وَازَنَّ مِنْ أَجَلَى بِرَعْنِ‏

ابن الأَعرابي: يقال نَحَرَ خِيرَةَ إِبله و خُورَةَ إِبله، و كذلك الخُورَى و الخُورَةُ. الفراء: يقال لك خَوَّارُها أَي خيارها، و في بني فلان خُورَى من الإِبل الكرام. و في الحديث ذِكْرُ خُوزِ كِرْمانَ، و الخُوزُ: جبل معروف في العجم، و يروى بالراء، و هو من أَرض فارس، و صوّبه الدارقطني و قيل: إِذا أَردت الإِضافة فبالراء، و إِذا عطفت فبالزاي‏
خير:
الخَيْرُ: ضد الشر، و جمعه خُيور؛ قال النمر بن تولب:
و لاقَيْتُ الخُيُورَ، و أَخْطَأَتْني             خُطوبٌ جَمَّةٌ، و عَلَوْتُ قِرْني‏

تقول منه: خِرْتَ يا رجل، فأَنتَ خائِرٌ، و خارَ اللهُ لك؛ قال الشاعر:
فما كِنانَةُ في خَيْرٍ بِخَائِرَةٍ،             و لا كِنانَةُ في شَرٍّ بِأَشْرارِ

و هو خَيْرٌ منك و أَخْيَرُ. و قوله عز و جل: تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً
؛ أَي تجدوه خيراً لكم من متاع الدنيا. و فلانة الخَيْرَةُ من المرأَتين، و هي الخَيْرَةُ و الخِيَرَةُ و الخُوْرَى و الخِيرى. و خارَهُ على صاحبه خَيْراً و خِيَرَةً و خَيَّرَهُ: فَضَّله؛ و رجل خَيْرٌ و خَيِّرٌ، مشدد و مخفف، و امرأَة خَيْرَةٌ و خَيِّرَةٌ، و الجمع أَخْيارٌ و خِيَارٌ. و قال تعالى: أُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ‏
؛ جمع خَيْرَةٍ، و هي الفاضلة من كل شي‏ء. و قال الله تعالى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ‏
؛ قال الأَخفش: إِنه لما وصف به؛ و قيل: فلان خَيْرٌ، أَشبه الصفات فأَدخلوا فيه الهاء للمؤنث و لم يريدوا به أَفعل؛ و أَنشد أَبو عبيدة لرجل من بني عَدِيّ تَيْمِ تَمِيمٍ جاهليّ:
و لقد طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبَلَاتِ،             رَبَلَاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلَكاتِ‏

فإِن أَردت معنى التفضيل قلت: فلانة خَيْرُ الناسِ و لم تقل خَيْرَةُ، و فلانٌ خَيْرُ الناس و لم تقل أَخْيَرُ، لا يثنى و لا يجمع لأَنه في معنى أَفعل. و قال أَبو إسحاق في قوله تعالى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ‏
؛ قال: المعنى أَنهن خيرات الأَخلاق حسان الخَلْقِ، قال: و قرئ بتشديد الياء. قال الليث: رجل خَيِّر و امرأَة خَيِّرَةٌ فاضلة في صلاحها، و امرأَة خَيْرَةٌ في جمالها و مِيسَمِها، ففرق بين الخَيِّرة و الخَيْرَةِ و احتج بالآية؛ قال أَبو منصور: و لا فرق بين الخَيِّرَة و الخَيْرَة عند أَهل اللغة، و قال: يقال هي خَيْرَة النساء و شَرَّةُ النساء؛ و استشهد بما أَنشده أَبو عبيدة:
ربلات هند خيرة الربلات‏
و قال خالد بن جَنَبَةَ: الخَيْرَةُ من النساء الكريمة النَّسَبِ الشريفة الحَسَبِ الحَسَنَةُ الوجه الحَسَنَةُ الخُلُقِ الكثيرة المال التي إِذا وَلَدَتْ أَنْجَبَتْ و قوله‏
في الحديث: خَيْرُ الناس خَيْرُهم لنفسه.
؛ معناه إِذا جامَلَ الناسَ جاملوه و إِذا أَحسن إِليهم كافأُوه بمثله. و
في حديث آخر: خَيْرُكم خَيْرُكم‏

264
لسان العرب4

خير ص 264

لأَهله.
؛ هو إِشارة إِلى صلة الرحم و الحث عليها. ابن سيدة: و قد يكون الخِيارُ للواحد و الاثنين و الجمع و المذكر و المؤنث. و الخِيارُ: خلاف الأشرار و الخِيارُ: الاسم من الاخْتِيارِ. و خايَرَهُ فَخَارَهُ خَيْراً: كان خَيْراً منه، و ما أَخْيَرَه و ما خَيْرَه؛ الأَخيرة نادرة. و يقال: ما أَخْيَرَه و خَيْرَه و أَشَرَّه و شرَّه، و هذا خَيْرٌ منه و أَخْيَرُ منه. ابن بُزُرج: قالوا هم الأَشَرُّونَ و الأَخْيَرونَ من الشَّرَارَة و الخَيَارَةِ، و هو أَخْير منك و أَشر منك في الخَيَارَة و الشَّرَارَة، بإِثبات الأَلف. و قالوا في الخَيْر و الشَّرِّ: هو خَيْرٌ منك و شَرٌّ منك، و شُرَيْرٌ منك و خُيَيْرٌ منك، و هو شُرَيْرُ أَهلهِ و خُيَيْرُ أَهله. و خارَ خَيْراً: صار ذا خَيْر؛ و إِنَّكَ ما و خَيْراً أَي إِنك مع خير؛ معناه: ستصيب خيراً، و هو مَثَلٌ. و قوله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً
؛ معناه إِن علمتم أَنهم يكسبون ما يؤدونه. و قوله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً
؛ أَي مالًا. و قالوا: لَعَمْرُ أَبيك الخيرِ أَي الأَفضل أَو ذي الخَيْرِ. و روى ابن الأَعرابي: لعمر أَبيك الخيرُ برفع الخير على الصفة للعَمْرِ، قال: و الوجه الجر، و كذلك جاء في الشَّرِّ. و خار الشي‏ءَ و اختاره: انتقاه؛ قال أَبو زبيد الطائي:
إِنَّ الكِرامَ، على ما كانَ منْ خُلُقٍ،             رَهْطُ امْرِئ، خارَه للدِّينِ مُخْتارُ

و قال: خاره مختار لأَن خار في قوّة اختار؛ و قال الفرزدق:
و مِنَّا الذي اخْتِيرَ الرِّجالَ سَماحَةً             و جُوداً، إِذا هَبَّ الرياحُ الزَّعازِعُ‏

أَراد: من الرجال لأَن اختار مما يتعدى إِلى مفعولين بحذف حرف الجر، تقول: اخترته من الرجال و اخترته الرجالَ. و في التنزيل العزيز: وَ اخْتارَ مُوسى‏ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا
؛ و ليس هذا بمطرد. قال الفراء: التفسير أَنَّه اختار منهم سبعين رجلًا، و إِنما استجازوا وقوع الفعل عليهم إِذا طرحت من لأَنه مأْخوذ من قولك هؤلاء خير القوم و خير من القوم، فلما جازت الإِضافة مكان من و لم يتغير المعنى استجازوا أَن يقولوا: اخْتَرْتُكم رَجُلًا و اخترت منكم رجلًا؛ و أَنشد:
تَحْتَ التي اختار له اللهُ الشجرْ
يريد: اختار له الله من الشجر؛ و قال أَبو العباس: إِنما جاز هذا لأَن الاختيار يدل على التبعيض و لذلك حذفت من. قال أَعرابي: قلت لِخَلَفٍ الأَحْمَرِ: ما خَيْرَ اللَّبَنَ «2». للمريض بمحضر من أَبي زيد، فقال له خلف: ما أَحسنها من كلمة لو لم تُدَنِّسْها بإِسْماعِها للناس، و كان ضَنِيناً، فرجع أَبو زيد إِلى أَصحابه فقال لهم: إِذا أَقبل خلف الأَحمر فقولوا بأَجمعكم: ما خَيْرَ اللَّبَنَ للمريض؟ ففعلوا ذلك عند إِقباله فعلم أَنه من فعل أَبي زيد. و
في الحديث: رأَيت الجنة و النار فلم أَر مثلَ الخَيْرِ و الشَّرِّ.
؛ قال شمر: معناه، و الله أَعلم، لم أَر مثل الخير و الشر، لا يميز بينهما فيبالغ في طلب الجنة و الهرب من النار. الأَصمعي: يقال في مَثَلٍ للقادم من سفر: خَيْرَ ما رُدَّ في أَهل و مال قال: أَي جعلَ الله ما جئت خَيْرَ ما رجع به الغائبُ. قال أَبو عبيد: و من دعائهم في النكاح: على يَدَي الخَيْرِ و اليُمْنِ قال: و قد روينا هذا الكلام‏
في حديث عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ الليثي في حديث أَبي ذر أَن أَخاه أُنَيْساً نافَرَ رجلًا
__________________________________________________
 (2). قوله: [ما خير اللبن إلخ‏] أي بنصب الراء و النون، فهو تعجب كما في القاموس.

265
لسان العرب4

خير ص 264

عن صِرْمَةٍ له و عن مثلها فَخُيِّرَ أُنَيْسٌ فَأَخذ الصرمة.
؛ معنى خُيِّرَ أَي نُفِّرَ؛ قال ابن الأَثير: أَي فُضِّل و غُلِّبَ. يقال: نافَرْتُه فَنَفَرْتُه أَي غلبته، و خايَرْتُه فَخِرْتُه أَي غلبته، و فاخَرْتُه فَفَخَرْتُه بمعنى واحد، و ناجَبْتُه فنجبته؛ قال الأَعشى:
و اعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنافِرِ
و قوله عز و جل: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
؛ قال الزجاج: المعنى ربك يخلق ما يشاء و ربك يختار و ليس لهم الخيرة و ما كانت لهم الخيرة أَي ليس لهم أَن يختاروا على الله؛ قال: و يجوز أَن يكون ما في معنى الذي فيكون المعنى و يختار الذي كان لهم فيه الخيرة، و هو ما تَعَبَّدَهم به، أَي و يختار فيما يدعوهم إِليه من عبادته ما لهم فيه الخِيَرَةُ. و اخْتَرْتُ فلاناً على فلان: عُدِّيَ بعلى لأَنه في معنى فَضَّلْتُ؛ و قول قَيْسِ بن ذريحٍ:
لَعَمْرِي لَمَنْ أَمْسَى و أَنتِ ضَجِيعُه،             من الناسِ، ما اخْتِيرَتْ عليه المَضاجِعُ‏

معناه: ما اختيرت على مَضْجَعِه المضاجعُ، و قيل: ما اختيرت دونه، و تصغير مختار مُخَيِّر، حذفت منه التاء لأَنها زائدة، فأُبدلت من الياء لأَنها أُبدلت منها في حال التكبير. و خَيَّرْتُه بين الشيئين أَي فَوَّضْتُ إِليه الخِيارَ. و
في الحديث: تَخَيَّرُوا لنُطَفِكُمْ.
أَي اطلبوا ما هو خير المناكح و أَزكاها و أَبعد من الخُبْثِ و الفجور. و
في حديث عامر بن الطُّفَيْلِ: أَنه خَيَّر في ثلاث.
أَي جَعَلَ له أَن يختار منها واحدة، قال: و هو بفتح الخاء. و
في حديث بَرِيرة: أَنها خُيِّرَتْ في زوجها.
بالضم. فأَما قوله: خَيَّرَ بين دور الأَنصار فيريد فَضَّلَ بعضها على بعض. و تَخَيَّر الشي‏ءَ: اختاره، و الاسم الخِيرَة و الخِيَرَة كالعنبة، و الأَخيرة أَعرف، و هي الاسم من قولك: اختاره الله تعالى. و
في الحديث: محمدٌ، صلى الله عليه و سلم، خِيرَةُ الله من خلقه و خِيَرَةُ الله من خلقه.
؛ و الخِيَرَة: الاسم من ذلك. و يقال: هذا و هذه و هؤلاء خِيرَتي، و هو ما يختاره عليه. و قال الليث: الخِيرةُ، خفيفة، مصدر اخْتارَ خِيرة مثل ارْتابَ رِيبَةً، قال: و كل مصدر يكون لأَفعل فاسم مصدره فَعَال مثل أَفاق يُفِيقُ فَوَاقاً، و أَصاب يُصيب صَوَاباً، و أَجاب يُجيب جَواباً، أُقيم الاسم مكان المصدر، و كذلك عَذَّبَ عَذاباً. قال أَبو منصور: و قرأَ القراء: أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
، بفتح الياء، و مثله سَبْيٌ طِيَبَةٌ؛ قال الزجاج: الخِيَرَة التخيير. و تقول: إِياك و الطِّيَرَةَ، و سَبْيٌ طِيَبَةٌ. و قال الفراء في قوله تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
؛ أَي ليس لهم أَن يختاروا على الله. يقال: الخِيرَةُ و الخِيَرَةُ كل ذلك لما تختاره من رجل أَو بهيمة يصلح إِحدى «1» هؤلاء الثلاثة. و الاختيار: الاصطفاء و كذلك التَّخَيُّرُ. و لك خِيرَةُ هذه الإِبل و الغنم و خِيارُها، الواحد و الجمع في ذلك سواء، و قيل: الخيار من الناس و المال و غير ذلك النُّضَارُ. و جمل خِيَار و ناقة خيار: كريمة فارهة؛ و جاء
في الحديث المرفوع: أَعطوه جملًا رَباعِياً خِيَاراً.
؛ جمل خيار و ناقة خيار أَي مختار و مختارة. ابن الأَعرابي: نحر خِيرَةَ إِبله و خُورَةَ إِبله، و أَنت بالخِيارِ و بالمُخْتارِ سواءٌ، أَي اختر ما شئت. و الاسْتِخارَةُ: طلَبُ الخِيرَة في الشي‏ء، و هو
__________________________________________________
 (1). قوله: [يصلح إحدى إلخ‏] كذا بالأَصل و إن لم يكن فيه سقط فلعل الثالث لفظ ما تختاره.

266
لسان العرب4

خير ص 264

استفعال منه. و
في الحديث: كان رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، يعلمنا الاستخارة في كل شي‏ء.
و خارَ اللهُ لك أَي أَعطاك ما هو خير لك، و الخِيْرَةُ، بسكون الياء: الاسم من ذلك؛ و منه‏
دعاء الاستخارة: اللهم خِرْ لي.
أَي اخْتَرْ لي أَصْلَحَ الأَمرين و اجعل لي الخِيْرَة فيه. و استخار اللهَ: طلب منه الخِيَرَةَ. و خار لك في ذلك: جعل لك فيه الخِيَرَة؛ و الخِيْرَةُ الاسم من قولك: خار الله لك في هذا الأَمر. و الاختيار: الاصطفاء، و كذلك التَّخَيُّرُ. و يقال: اسْتَخِرِ الله يَخِرْ لك، و الله يَخِير للعبد إِذا اسْتَخارَهُ. و الخِيرُ، بالكسر: الكَرَمُ. و الخِيرُ: الشَّرَفُ؛ عن ابن الأَعرابي. و الخِيرُ: الهيئة. و الخِيرُ: الأَصل؛ عن اللحياني. و فلان خَيْرِيَّ [خِيْرِيَ‏] من الناس أَي صَفِيِّي. و اسْتَخَارَ المنزلَ: استنظفه؛ قال الكميت:
و لَنْ يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار،             بِعَوْلَتِهِ، ذُو الصِّبَا المُعْوِلُ‏

و استخارَ الرجلَ: استعطفه و دعاه إِليه؛ قال خالد بن زهير الهذلي:
لَعَلَّك، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ             سِواكَ خَلِيلًا، شاتِمي تَسْتَخِيرُها

قال السكري: أَي تستعطفها بشتمك إِياي. الأَزهري: اسْتَخَرْتُ فلاناً أَي استعطفته فما خار لي أَي ما عطف؛ و الأَصل في هذا أَن الصائد يأْتي الموضع الذي يظن فيه ولد الظبية أَو البقرة فَيَخُورُ خُوارَ الغزال فتسمع الأُم، فإِن كان لها ولد ظنت أَن الصوت صوت ولدها فتتبع الصوت فيعلم الصائد حينئذٍ أَن لها ولداً فتطلب موضعه، فيقال: اسْتَخَارَها أَي خار لِتَخُورَ، ثم قيل لكل من استعطف: اسْتَخَارَ، و قد تقدّم في خور لأَن ابن سيدة قال: إِن عينه واو. و
في الحديث: البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لم يَتَفَرَّقَا.
؛ الخيارُ: الاسم من الاختيار، و هو طلب خَيْرِ الأَمرين: إِما إِمضاء البيع أَو فسخه، و هو على ثلاثة أَضرب: خيار المجلس و خيار الشرط و خيار النقيصة، أَما خيار المجلس فالأَصل فيه‏
قوله: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا إِلَّا بَيْعَ الخِيارِ.
أَي إِلا بيعاً شُرط فيه الخيار فلم يلزم بالتفرق، و قيل: معناه إِلا بيعاً شرط فيه نفي خيار المجلس فلزم بنفسه عند قوم، و أَما خيار الشرط فلا تزيد مدّته على ثلاثة أَيام عند الشافعي أَوَّلها من حال العقد أَو من حال التفرق، و أَما خيار النقيصة فأَن يظهر بالمبيع عيب يوجب الرد أَو يلتزم البائع فيه شرطاً لم يكن فيه و نحو ذلك. و اسْتَخار الضَّبُعَ و اليَرْبُوعَ: جعل خشبة في موضع النافقاء فخرج من القاصِعاء. قال أَبو منصور: و جعل الليث الاستخارة للضبع و اليربوع و هو باطل. و الخِيارُ: نبات يشبه القِثَّاءَ، و قيل هو القثاء، و ليس بعربي. و خِيَارُشَنْبَر: ضرب من الخَرُّوبِ شجره مثل كبار شجر الخَوْخِ. و بنو الخيار: قبيلة؛ و أَما قول الشاعر:
أَلا بَكَرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ:             بِعَمْرِو بن مَسعودٍ، و بالسَّيِّدِ الصَّمَدْ

فإِنما ثناه لأَنه أَراد خَيِّرَيْ فخففه، مثل مَيّتٍ و مَيْتٍ و هَيِّنٍ و هَيْنٍ؛ قال ابن بري: هذا الشعر لسَبْرَةَ بن عمرو الأَسدي يرثي عمرو بن مسعود و خالدَ بن نَضْلَةَ و كان النعمان قتلهما، و يروى بِخَيْرِ بَني أَسَد على الإِفراد، قال: و هو أَجود؛ قال: و مثل هذا البيت في التثنية قول الفرزدق:
و قد ماتَ خَيْرَاهُمْ فلم يُخْزَ رَهْطُهُ،             عَشِيَّةَ بانَا، رَهْطُ كَعْبٍ و حاتم‏

و الخَيْرِيُّ معرَّب.

267
لسان العرب4

فصل الدال المهملة ص 268

فصل الدال المهملة
دبر:
الدُّبُرُ و الدُّبْرُ: نقيض القُبُل. و دُبُرُ كل شي‏ء: عَقِبُه و مُؤخَّرُه؛ و جمعهما أَدْبارٌ. و دُبُرُ كلِّ شي‏ء: خلاف قُبُلِه في كل شي‏ء ما خلا قولهم «2». جعل فلان قولك دبر أُذنه أَي خلف أُذنه. الجوهري: الدُّبْرُ و الدُّبُرُ خلاف القُبُل، و دُبُرُ الشهر: آخره، على المثل؛ يقال: جئتك دُبُرَ الشهر و في دُبُرِه و على دُبُرِه، و الجمع من كل ذلك أَدبار؛ يقال: جئتك أَدْبار الشهر و في أَدْباره. و الأَدْبار لذوات الحوافر و الظِّلْفِ و المِخْلَبِ: ما يَجْمَعُ الاسْتَ و الحَياءَ، و خص بعضهم به ذوات الخُفِّ، و الحياءُ من كل ذلك وحده دُبُرٌ. و دُبُرُ البيت: مؤخره و زاويته. و إِدبارُ النجوم: تواليها، و أَدبارُها: أَخذها إِلى الغَرْبِ للغُرُوب آخر الليل؛ هذه حكاية أَهل اللغة؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف هذا لأَن الأَدْبارَ لا يكون الأَخْذَ إِذ الأَخذ مصدر، و الأَدْبارُ أَسماء. و أَدبار السجود و إِدباره. أَواخر الصلوات، و قد قرئ: وَ أَدْبارَ
 و إِدبار، فمن قرأَ وَ أَدْبارَ
 فمن باب خلف و وراء، و من قرأَ و إِدبار فمن باب خفوق النجم. قال ثعلب في قوله تعالى: وَ إِدْبارَ النُّجُومِ‏
 وَ أَدْبارَ السُّجُودِ
؛ قال الكسائي: إِدْبارَ النُّجُومِ‏
 أَن لها دُبُراً واحداً في وقت السحَر، وَ أَدْبارَ السُّجُودِ
 لأَن مع كل سجدة إدباراً؛ التهذيب: من قرأَ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ
، بفتح الأَلف، جمع على دُبُرٍ و أَدبار، و
هما الركعتان بعد المغرب، روي ذلك عن علي بن أَبي طالب، كرّم الله وجهه، قال: و أَما قوله وَ إِدْبارَ النُّجُومِ‏
 في سورة الطور فهما الركعتان قبل الفجر.
قال: و يكسران جميعاً و ينصبان؛ جائزان. و دَبَرَهُ يَدْبُرُه دُبُوراً: تبعه من ورائه. و دابِرُ الشي‏ء: آخره. الشَّيْبانِيُّ. الدَّابِرَةُ آخر الرمل. و قطع الله دابِرَهم أَي آخر من بقي منهم. و في التنزيل: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا
؛ أَي اسْتُؤْصِلَ آخرُهم؛ و دَابِرَةُ الشي‏ء: كَدَابِرِه. و قال الله تعالى في موضع آخر: و قَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ‏
. قولُهم: قطع الله دابره؛ قال الأَصمعي و غيره: الدابر الأَصل أَي أَذهب الله أَصله؛ و أَنشد لِوَعْلَةَ:
فِدًى لَكُمَا رِجْلَيَّ أُمِّي و خالَتِي،             غَداةَ الكُلابِ، إِذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ

أَي يقتل القوم فتذهب أُصولهم و لا يبقى لهم أَثر. و قال ابن بُزُرْجٍ: دَابِرُ الأَمر آخره، و هو على هذا كأَنه يدعو عليه بانقطاع العَقِبِ حتى لا يبقى أَحد يخلفه. الجوهري: و دُبُرُ الأَمر و دُبْرُه آخره؛ قال الكميت:
أَ عَهْدَكَ مِنْ أُولَى الشَّبِيبَةِ تَطْلُبُ             على دُبُرٍ؟ هَيْهَاتَ شأْوٌ مُغَرِّبُ‏

و
في حديث الدعاء: و ابْعَثْ عليهم بأْساً تَقْطَعُ به دابِرَهُمْ.
؛ أَي جميعهم حتى لا يبقى منهم أَحد. و دابِرُ القوم: آخِرُ من يبقى منهم و يجي‏ء في آخرهم. و
في الحديث: أَيُّما مُسْلِمٍ خَلَف غازياً في دابِرَتِه.
؛ أَي من يبقى بعده. و
في حديث عمر: كنت أَرجو أَن يعيش رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، حتى يَدْبُرَنا.
أَي يَخْلُفَنا بعد موتنا. يقال: دَبَرْتُ الرجلَ إِذا بقيت بعده. و عَقِبُ الرجل: دَابِرُه. و الدُّبُرُ و الدُّبْرُ: الظهر. و قوله تعالى:
__________________________________________________
 (2). قوله: [ما خلا قولهم جعل فلان إلخ‏] ظاهره أن دبر في قولهم ذلك بضم الدال و الباء، و ضبط في القاموس و نسخة من الصحاح بفتح الدال و سكون الموحدة.

268
لسان العرب4

دبر ص 268

سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ
؛ جعله للجماعة، كما قال تعالى: لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ؛ قال الفرّاء: كان هذا يومَ بدر و قال الدُّبُرَ فوَحَّدَ و لم يقل الأَدْبارَ، و كلٌّ جائز صوابٌ، تقول: ضربنا منهم الرؤوس و ضربنا منهم الرأْس، كما تقول: فلان كثير الدينار و الدرهم؛ و قال ابن مقبل:
الكاسِرِينَ القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ
و دابِرَةُ الحافر: مُؤَخَّرُه، و قيل: هي التي تلي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ، و جمعها الدوابر. الجوهري: دَابِرَة الحافر ما حاذى موضع الرسغ، و دابرة الإِنسان عُرْقُوبه؛ قال وعلة: إِذ تحز الدوابر. ابن الأَعرابي: الدَّابِرَةُ المَشْؤُومَةُ، و الدابرة الهزيمة. و الدَّبْرَةُ، بالإِسكان و التحريك: الهزيمة في القتال، و هو اسم من الإِدْبار. و يقال: جعل الله عليهم الدَّبْرَةَ، أَي الهزيمة، و جعل لهم الدَّبْرَةَ على فلان أَي الظَّفَر و النُّصْرَةَ. و
قال أَبو جهل لابن مسعود يوم بدر و هو مُثْبَتٌ جَريح صَرِيعٌ: لِمَنِ الدَّبْرَةُ؟ فقال: لله و لرسوله يا عدوّ الله.
؛ قوله لمن الدبرة أَي لمن الدولة و الظفر، و تفتح الباء و تسكن؛ و يقال: عَلَى مَنِ الدَّبْرَةُ أَيضاً أَي الهزيمة. و الدَّابِرَةُ: ضَرْبٌ من الشَّغْزَبِيَّة في الصِّرَاعِ. و الدَّابِرَةُ: صِيصِيَةُ الدِّيك. ابن سيدة: دَابِرَةُ الطائر الأُصْبُعُ التي من وراء رجله و بها يَضْرِبُ البَازِي، و هي للديك أَسفل من الصِّيصِيَةِ يطأُ بها. و جاء دَبَرِيّاً أَي أَخِيراً. و فلان لا يصلي الصلاة إِلَّا دَبَرِيّاً، بالفتح، أَي في آخر وقتها؛ و في المحكم: أَي أَخيراً؛ رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي، قال: و المُحَدِّثُون يقولون دُبُرِيّاً، بالضم، أَي في آخر وقتها؛ و قال أَبو الهيثم: دَبْرِيّاً، بفتح الدال و إِسكان الباء. و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، و رجل اعْتَبَدَ مُحرَّراً، و رجلٌ أَمَّ قوماً هم له كارهون.
؛ قال الإِفْرِيقيُّ راوي هذا الحديث: معنى قوله دباراً أَي بعد ما يفوت الوقت. و
في حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال: [إِن‏] للمنافقين علامات يُعرفون بها: تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ، و طعامهم نُهْبَةٌ، لا يَقْرَبُون المساجد إِلا هَجْراً، و لا يأْتون الصلاة إِلا دَبْراً، مستكبرين لا يأْلَفُون و لا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ بالنهار.
؛ قال ابن الأَعرابي: قوله دباراً في الحديث الأَوَّل جمع دَبْرٍ و دَبَرٍ، و هو آخر أَوقات الشي‏ء الصلاة و غيرها؛ قال: و منه‏
الحديث الآخر لا يأْتي الصلاة إِلا دبْراً.
يروى بالضم و الفتح، و هو منصوب على الظرف؛ و
في حديث آخر: لا يأْتي الصلاة إِلا دَبَرِيّاً.
بفتح الباء و سكونها، و هو منسوب إِلى الدَّبْرِ آخر الشي‏ء، و فتح الباء من تغييرات النسب، و نصبه على الحال من فاعل يأْتي، قال: و العرب تقول العِلم قَبْلِيٌّ و ليس بالدَّبَرِيِّ؛ قال أَبو العباس: معناه أَن العالم المتقن يجيبك سريعاً و المتخلف يقول لي فيها نظر. ابن سيدة: تبعت صاحبي دَبَرِيّاً إِذا كنت معه فتخلفت عنه ثم تبعته و أَنت تحذر أَن يفوتك. و دَبَرَهُ يَدْبِرُه و يَدْبُرُه: تَلا دُبُرَه. و الدَّابِرُ: التابع. و جاء يَدْبُرُهم أَي يَتْبَعُهُمْ، و هو من ذلك. و أَدْبَرَ إِدْباراً و دُبْراً: ولَّى؛ عن كراع. و الصحيح أَن الإِدْبارَ المصدر و الدُّبْر الاسم. و أَدْبَرَ أَمْرُ القوم: ولَّى لِفَسادٍ. و قول الله تعالى: ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ‏
؛ هذا حال مؤكدة لأَنه قد علم أَن مع كل تولية إِدباراً فقال مُدْبِرِينَ
 مؤكداً؛ و مثله قول ابن دارة:
أَنا ابْنُ دَارَةَ مَعروفاً لها نسَبي،             و هَلْ بدارَةَ، يا لَلنَّاسِ، من عارِ؟

269
لسان العرب4

دبر ص 268

قال ابن سيدة: كذا أَنشده ابن جني لها نسبي و قال لها يعني النسبة، قال: و روايتي له نسبي. و المَدْبَرَةُ: الإِدْبارُ؛ أَنشد ثعلب:
هذا يُصادِيكَ إِقْبالًا بِمَدْبَرَةٍ؛             و ذا يُنادِيكَ إِدْباراً بِإِدْبارِ

و دَبَرَ بالشي‏ء: ذهب به. و دَبَرَ الرجلُ: ولَّى و شَيَّخَ؛ و منه قوله تعالى: و الليل إِذا دَبَرَ؛ أَي تبع النهارَ قَبْلَه، و قرأَ ابن عباس و مجاهد: وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ
، و قرأَها كثير من الناس: و الليل إِذا دَبَرَ، و قال الفراء: هما لغتان: دَبَرَ النهار و أَدْبَرَ، و دَبَرَ الصَّيْفُ و أَدْبَرَ، و كذلك قَبَلَ و أَقْبَلَ، فإِذا قالوا أَقبل الراكب أَو أَدبر لم يقولوا إِلا بالأَلف، قال: و إِنهما عندي في المعنى لَواحدٌ لا أُبْعِدُ أن يأْتي في الرجال ما أَتى في الأَزمنة، و قيل: معنى قوله: و الليل إِذا دَبَرَ، جاء بعد النهار، كما تقول خَلَفَ. يقال: دَبَرَنِي فلان و خَلَفَنِي أَي جاء بعدي، و من قرأَ: وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ
؛ فمعناه ولَّى ليذهب. و دَابِرُ العَيْشِ: آخره؛ قال مَعْقِلُ بنُ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيُّ:
و ما عَرَّيْتُ ذا الحَيَّاتِ، إِلَّا             لأَقْطَعَ دَابِرَ العَيْشِ الحُبَابِ‏

و ذا الحيات: اسم سيفه. و دابر العيش: آخره؛ يقول: ما عريته إِلا لأَقتلك. و دَبَرَ النهار و أَدْبَرَ: ذهب. و أَمْسِ الدَّابِرُ: الذاهب؛ و قالوا: مضى أَمْسِ الدَّابِرُ و أَمْسِ الْمُدْبِرُ، و هذا من التطوّع المُشامِّ للتأْكيد لأَن اليوم إِذا قيل فيه أَمْسِ فمعلوم أَنه دَبَرَ، لكنه أَكده بقوله الدابر كما بينا؛ قال الشاعر:
و أَبِي الذي تَرَكَ الملوكَ و جَمْعَهُمْ             بِصُهَابَ هامِدَةً، كأَمْسِ الدَّابِرِ

و قال صَخْرُ بن عمرو الشَّرِيد السُّلَمِي:
و لقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ و مَوْحَداً،             و تَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدَّابِرِ

و يروى المُدْبِرِ. قال ابن بري: و الصحيح في إِنشاده مثل أَمس المدبر؛ قال: و كذلك أَنشده أَبو عبيدة في مقاتل الفرسان؛ و أَنشد قبله:
و لقد دَفَعْتُ إِلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً             نَجْلاءَ تُزْغِلُ مثل عَطِّ المَنْحَرِ

تُزْغِلُ: تُخْرِجُ الدَّمَ قِطَعاً قِطَعاً. و العَطُّ: الشَّقُّ. و النجلاء: الواسعة. و يقال: هيهات، ذهب فلان كما ذهب أَمْسِ الدابِرُ، و هو الماضي لا يرجع أَبداً. و رجل خاسِرٌ دابِرٌ إتباع، و سيأْتي خاسِرٌ دابِرٌ، و يقال خاسِرٌ دامِرٌ، على البدل، و إِن لم يلزم أَن يكون بدلًا. و اسْتَدْبَرَهُ: أَتاه من ورائه؛ و قول الأَعشى يصف الخمر أَنشده أَبو عبيدة:
تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ،             على الشُّرْبِ، أَو مُنْكِرٍ ما عُلِمْ‏

قال: قوله غير مستدبر فُسِّرَ غير مستأْثر، و إِنما قيل للمستأْثر مستدبر لأَنه إِذا استأْثر بشربها استدبر عنهم و لم يستقبلهم لأَنه يشربها دونهم و يولي عنهم. و الدَّابِرُ من القداح: خلاف القَابِلِ، و صاحبه مُدَابِرٌ؛ قال صَخْر الغَيّ الهُذَلِيُّ يصف ماء ورده:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ،             خِيَاضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا

المُدابِرُ: المقمور في الميسر، و قيل: هو الذي‏

270
لسان العرب4

دبر ص 268

قُمِرَ مرة بعد مرة فَيُعَاوِدُ لِيَقْمُرَ؛ و قال الأَصمعي: المدابر المُوَلِّي المُعْرِض عن صاحبه؛ و قال أَبو عبيد: المدابر الذي يضرب بالقداح. و دَابَرْتُ فلاناً: عاديته. و قولهم: ما يَعْرِفُ قَبيلَهُ من دَبِيرِه، و فلان ما يَدْرِي قَبِيلًا من دَبِيرٍ؛ المعنى ما يدري شيئاً. و قال الليث: القَبِيلُ فَتْلُ القُطْنِ، و الدَّبِيرُ: فَتْلُ الكَتَّانِ و الصُّوف. و يقال: القَبِيلُ ما وَلِيَكَ و الدَّبِيرُ ما خالفك. ابن الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا عَرَفَ دَبِيره من قَبيله. قال الأَصمعي: القَبيل ما أَقبل من الفاتل إِلى حِقْوِه، و الدَّبِيرُ ما أَدبر به الفاتل إِلى ركبته. و قال المفضل: القبيل فَوْزُ القِدح في القِمَارِ، و الدَّبِيرُ خَيْبَةُ القِدْحِ. و قال الشيباني: القَبيل طاعة الرب و الدَّبير معصيته. الصحاح: الدَّبير ما أَدبرتْ به المرأَة من غَزْلها حين تَفْتِلُه. قال يعقوب: القَبيلُ ما أَقْبلتَ به إِلى صدرك، و الدَّبير ما أَدبرتَ به عن صدرك. يقال: فلان ما يعرف قَبيلًا من دَبير، و سنذكر من ذلك أَشياء في ترجمةِ قَبَلَ، إِن شاء الله تعالى. و الدِّبْرَةُ: خِلافُ القِبْلَة؛ يقال: فلان ما له قِبْلَةٌ و لا دِبْرَةٌ إِذا لم يهتد لجهة أَمره، و ليس لهذا الأَمر قِبْلَةٌ و لا دِبْرَةٌ إِذا لم يعرف وجهه؛ و يقال: قبح الله ما قَبَلَ منه و ما دَبَرَ. و أَدْبَرَ الرجلَ: جعله وراءه. و دَبَرَ السَّهْمُ أَي خرج من الهَدَفِ. و في المحكم: دَبَرَ السهمُ الهَدَفَ يَدْبُرُه دَبْراً و دُبُوراً جاوزه و سقط وراءه. و الدَّابِرُ من السهام: الذي يخرج من الهَدَفِ. ابن الأَعرابي: دَبَرَ ردَّ، و دَبَرَ تأَخر، و أَدْبَرَ إِذا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذن الناقة إِذا نُحِرَتْ إِلى ناحية القَفَا، و أَقْبَلَ إِذا صارت هذه الفَتْلَةُ إِلى ناحية الوجه. و الدَّبَرَانُ: نجم بين الثُّرَيَّا و الجَوْزاءِ و يقال له التَّابِعُ و التُّوَيْبِعُ، و هو من منازل القمر، سُمِّيَ دَبَرَاناً لأَنه يَدْبُرُ الثريا أَي يَتْبَعُها. ابن سيدة: الدَّبَرانُ نجم يَدْبُرُ الثريا، لزمته الأَلف و اللام لأَنهم جعلوه الشي‏ء بعينه. قال سيبويه: فإِن قيل: أَ يقال لكل شي‏ء صار خلف شي‏ء دَبَرانٌ؟ فإِنك قائل له: لا، و لكن هذا بمنزلة العِدْل و العَدِيلِ، و هذا الضرب كثير أَو معتاد. الجوهري: الدَّبَرانُ خمسة كواكب من الثَّوْرِ يقال إِنه سَنَامُه، و هو من منازل القمر. و جعلتُ الكلامَ دَبْرَ أُذني و كلامَه دَبْرَ أُذني أَي خَلْفِي لم أَعْبَأْ به، و تَصَامَمْتُ عنه و أَغضيت عنه و لم أَلتفت إِليه، قال:
يَدَاها كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذا مَشَتْ،             و رِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْنِ طَرُوحُ‏

و قالوا: إِذا رأَيت الثريا تُدْبِرُ فَشَهْر نَتَاج و شَهْر مَطَر، أَي إِذا بدأَت للغروب مع المغرب فذلك وقت المطر و وقت نَتاج الإِبل، و إِذا رأَيت الشِّعْرَى تُقْبِلُ فمَجْدُ فَتًى و مَجْدُ حَمْلٍ، أَي إِذا رأَيت الشعرى مع المغرب فذلك صَمِيمُ القُرِّ، فلا يصبر على القِرَى و فعل الخير في ذلك الوقت غير الفتى الكريم الماجد الحرّ، و قوله: و مجد حمل أَي لا يحمل فيه الثِّقْلَ إِلا الجَمَلُ الشديد لأَن الجمال تُهْزَلُ في ذلك الوقت و تقل المراعي. و الدَّبُورُ: ريح تأْتي من دُبُرِ الكعبة مما يذهب نحو المشرق، و قيل: هي التي تأْتي من خلفك إِذا وقفت في القبلة. التهذيب: و الدَّبُور بالفتح، الريح التي تقابل الصَّبَا و القَبُولَ، و هي ريح تَهُبُّ من نحو المغرب، و الصبا تقابلها من ناحية المشرق؛ قال ابن الأَثير: و قول من قال سميت به لأَنها تأْتي من دُبُر

271
لسان العرب4

دبر ص 268

الكعبة ليس بشي‏ء. و دَبَرَتِ الريحُ أَي تحوّلت دَبُوراً؛ و قال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الدَّبُور من مَسْقَطِ النَّسْر الطائر إِلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ من التذكرة، يكون اسماً و صفة، فمن الصفة قول الأَعشى:
لها زَجَلٌ كَحَفِيفِ الحَصاد،             صادَفَ باللَّيْلِ رِيحاً دَبُورا

و من الاسم قوله أَنشده سيبويه لرجل من باهلة:
رِيحُ الدَّبُورِ مع الشَّمَالِ، و تارَةً             رِهَمُ الرَّبِيعِ و صائبُ التَّهْتانِ‏

قال: و كونها صفة أَكثر، و الجمع دُبُرٌ و دَبائِرُ، و قد دَبَرَتْ تَدْبُرُ دُبُوراً. و دُبِرَ القومُ، على ما لم يسمَّ فاعله، فهم مَدْبُورُون: أَصابتهم ريح الدَّبُور؛ و أَدْبَرُوا: دخلوا في الدَّبور، و كذلك سائر الرياح. و
في الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: نُصِرْتُ بالصَّبَا و أُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ.
و رجل أُدابِرٌ: للذي يقطع رحمه مثل أُباتِرٍ. و
في حديث أَبي هريرة: إِذا زَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ و حَلَّيْتُمْ مَصاحِفَكُمْ فالدَّبارُ عليكم.
بالفتح، أَي الهلاك. و رجل أُدابِرٌ: لا يقبل قول أَحد و لا يَلْوِي على شي‏ء. قال السيرافي: و حكى سيبويه أُدابِراً في الأَسماء و لم يفسره أَحد على أَنه اسم، لكنه قد قرنه بأُحامِرٍ و أُجارِدٍ، و هما موضعان، فعسى أَن يكون أُدابِرٌ موضعاً. قال الأَزهري: و رجل أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحِمَهُ فيقطعها، و رجل أُخايِلٌ و هو المُخْتالُ. و أُذن مُدابَرَةٌ: قطعت من خلفها و شقت. و ناقة مُدابَرَة: شُقت من قِبَلِ قَفاها، و قيل: هو أَن يَقْرِضَ منها قَرْضَةً من جانبها مما يلي قفاها، و كذلك الشاة. و ناقة ذات إِقْبالَةٍ و إِدْبارة إِذا شُقَّ مُقَدَّمُ أُذنها و مُؤَخَّرُها و فُتِلَتْ كأَنها زَنَمَةٌ؛ و ذكر الأَزهري ذلك في الشاة أَيضاً. و الإِدْبارُ: نقيضُ الإِقْبال؛ و الاسْتِدْبارُ: خلافُ الاستقبال. و رجل مُقابَلٌ و مُدابَرٌ: مَحْضٌ من أَبويه كريم الطرفين. و فلان مُسْتَدْبَرُ المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كريم أَوَّل مَجْدِهِ و آخِرِه؛ قال الأَصمعي: و ذلك من الإِقْبالة و الإِدْبارَة، و هو شق في الأُذن ثم يفتل ذلك، فإِذا أُقْبِلَ به فهو الإِقْبالَةُ، و إِذا أُدْبِرَ به فهو الإِدْبارة، و الجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ من الأُذن هي الإِقبالة و الإِدبارة كأَنها زَنَمَةٌ، و الشاة مُدابَرَةٌ و مُقابَلَةٌ، و قد أَدْبَرْتُها و قابَلْتُها. و ناقة ذات إِقبالة و إِدبارة و ناقة مُقابَلَة مُدابَرَةٌ أَي كريمة الطرفين من قِبَل أَبيها و أُمها. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه نهى أَن يُضَحَّى بمقابَلَةٍ أَو مُدابَرَةٍ.
؛ قال الأَصمعي: المقابلة أَن يقطع من طرف أُذنها شي‏ء ثم يترك معلقاً لا يَبِين كأَنه زَنَمَةٌ؛ و يقال لمثل ذلك من الإِبل: المُزَنَّمُ، و يسمى ذلك المُعَلَّقُ الرَّعْلَ. و المُدابَرَةُ: أَن يفعل ذلك بمؤخر الأُذن من الشاة؛ قال الأَصمعي: و كذلك إِن بان ذلك من الأُذن فهي مُقابَلَةٌ و مُدابَرَةٌ بعد أَن كان قطع. و المُدَابَرُ من المنازل: خلافُ المُقابَلِ. و تَدابَرَ القوم: تَعادَوْا و تَقاطَعُوا، و قيل: لا يكون ذلك إِلا في بني الأَب. و
في الحديث: قال النبي، صلى الله عليه و سلم: لا تَدَابَرُوا و لا تَقاطَعُوا.
؛ قال أَبو عبيد: التَّدَابُرُ المُصارَمَةُ و الهِجْرانُ، مأْخوذ من أَن يُوَلِّيَ الرجلُ صاحِبَه دُبُرَه و قفاه و يُعْرِضَ عنه بوجهه و يَهْجُرَه؛ و أَنشد:
أَ أَوْصَى أَبو قَيْسٍ بأَن تَتَواصَلُوا،             و أَوْصَى أَبوكُمْ، ويْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا؟

272
لسان العرب4

دبر ص 268

و دَبَرَ القومُ يَدْبُرُونَ دِباراً: هلكوا. و أَدْبَرُوا إِذا وَلَّى أَمرُهم إِلى آخره فلم يبق منهم باقية. و يقال: عليه الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذا دعوا عليه بأَن يَدْبُرَ فلا يرجع؛ و مثله: عليه العفاء أَي الدُّرُوس و الهلاك. و قال الأَصمعي: الدَّبارُ الهلاك، بالفتح، مثل الدَّمار. و الدَّبْرَة: نقيضُ الدَّوْلَة، فالدَّوْلَةُ في الخير و الدَّبْرَةُ في الشر. يقال: جعل الله عليه الدَّبْرَة، قال ابن سيدة: و هذا أَحسن ما رأَيته في شرح الدَّبْرَة؛ و قيل: الدَّبْرَةُ العاقبة. و دَبَّرَ الأَمْرَ و تَدَبَّره: نظر في عاقبته، و اسْتَدْبَرَه: رأَى في عاقبته ما لم ير في صدره؛ و عَرَفَ الأَمْرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ؛ قال جرير:
و لا تَتَّقُونَ الشَّرَّ حتى يُصِيبَكُمْ،             و لا تَعْرِفُونَ الأَمرَ إِلا تَدَبُّرَا

و التَّدْبِيرُ في الأَمر: أَن تنظر إِلى ما تَؤُول إِليه عاقبته، و التَّدَبُّر: التفكر فيه. و فلان ما يَدْرِي قِبَالَ الأَمْرِ من دِباره أَي أَوَّله من آخره. و يقال: إِن فلاناً لو استقبل من أَمره ما استدبره لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لو علم في بَدْءِ أَمره ما علمه في آخره لاسْتَرْشَدَ لأَمره. و
قال أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ لبنيه: يا بَنِيَّ لا تَتَدَبَّرُوا أَعجاز أُمور قد وَلَّتْ صُدُورُها.
و التَّدْبِيرُ: أَن يَتَدَبَّرَ الرجلُ أَمره و يُدَبِّرَه أَي ينظر في عواقبه. و التَّدْبِيرُ: أَن يُعتق الرجل عبده عن دُبُرٍ، و هو أَن يعتق بعد موته، فيقول: أَنت حر بعد موتي، و هو مُدَبَّرٌ؛ و
في الحديث: إِن فلاناً أَعتق غلاماً له عن دُبُرٍ.
؛ أَي بعد موته. و دَبَّرْتُ العبدَ إِذا عَلَّقْتَ عتقه بموتك، و هو التدبير أَي أَنه يعتق بعدما يدبره سيده و يموت. و دَبَّرَ العبد: أَعتقه بعد الموت. و دَبَّرَ الحديثَ عنه: رواه. و يقال: دَبَّرْتُ الحديث عن فلان حَدَّثْتُ به عنه بعد موته، و هو يُدَبِّرُ حديث فلان أَي يرويه. و دَبَّرْتُ الحديث أَي حدّثت به عن غيري. قال شمر: دبَّرْتُ الحديث ليس بمعروف؛ قال الأَزهري: و قد جاء
في الحديث: أَ مَا سَمِعْتَهُ من معاذ يُدَبِّرُه عن رسول الله، صلى الله عليه و سلم؟.
أَي يحدّث به عنه؛ و قال: إِنما هو يُذَبِّرُه، بالذال المعجمة و الباء، أَي يُتْقِنُه؛ و قال الزجاج: الذَّبْر القراءةُ، و أَما أَبو عبيد فإِن أَصحابه رووا عنه يُدَبِّرُه كما ترى، و
روى الأَزهري بسنده إِلى سَلَّامِ بن مِسْكِينٍ قال: سمعت قتادة يحدّث عن فلان، يرويه عن أَبي الدرداء، يُدَبِّرُه عن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، قال: ما شَرَقَتْ شمسٌ قَطُّ إِلا بِجَنْبَيْها ملكان يُنادِيانِ أَنهما يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ الجن و الإِنس، أَلا هَلُمُّوا إِلى ربكم فإِنَّ ما قَلَّ و كفَى خَيْرٌ مما كَثُرَ و أَلْهَى، اللهم عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً و عَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفاً.
ابن سيدة: و دَبَرَ الكتابَ يَدْبُرُه دَبْراً كتبه؛ عن كراع، قال: و المعروف ذَبَرَه و لم يقل دَبَره إِلا هو. و الرَّأْيُ الدَّبَرِيُّ: الذي يُمْعَنُ النَّظَرُ فيه، و كذلك الجوابُ الدَّبَرِيُّ؛ يقال: شَرُّ الرَّأْيِ الدَّبَرِيُّ و هو الذي يَسْنَحُ أَخيراً عند فوت الحاجة، أَي شره إِذا أَدْبَرَ الأَمْرُ و فات. و الدَّبَرَةُ، بالتحريك: قَرْحَةُ الدابة و البعير، و الجمع دَبَرٌ و أَدْبارٌ مثل شَجَرَةٍ و شَجَرٍ و أَشجار. و دَبِرَ البعيرُ، بالكسر، يَدْبَرُ دَبَراً، فهو دَبِرٌ و أَدْبَرُ، و الأُنثى دَبِرَةٌ و دَبْراءُ، و إِبل دَبْرَى و قد أَدْبَرَها الحِمْلُ و القَتَبُ، و أَدْبَرْتُ البعير فَدَبِرَ؛ و أَدْبَرَ الرجلُ إِذا دَبِرَ بعيره، و أَنْقَب‏

273
لسان العرب4

دبر ص 268

إِذا حَفِيَ خُفُّ بعيره. و
في حديث ابن عباس: كانوا يقولون في الجاهلية إِذا بَرَأَ الدَّبَرُ و عفا الأَثَرُ.
؛ الدبر، بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظهر الدابة، و قيل: هو أَن يَقْرَحَ خف البعير، و
في حديث عمر: قال لامرأَة أَدْبَرْتِ و أَنْقَبْتِ.
أَي دَبِرَ بعيرك و حَفِيَ. و
في حديث قيس بن عاصم: إِني لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرْعَ و النَّابَ المُدْبِرَ.
أَي التي أَدْبَرَ خَيْرُها. و الأَدْبَرُ: لقب حُجْرِ بن عَدِيٍّ نُبِزَ به لأَن السلاح أَدْبَرَ ظهره، و قيل: سمي به لأَنه طُعِنَ مُوَلِّياً؛ و دُبَيْرٌ الأَسَدِيُّ: منه كأَنه تصغير أَدْبَرَ مرخماً. و الدَّبْرَةُ: الساقية بين المزارع، و قيل: هي المَشَارَةُ في المَزْرَعَةِ، و هي بالفارسية كُرْدَه، و جمعها دَبْرٌ و دِبارٌ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
تَحَدَّرَ ماءُ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ،             على جِرْبَةٍ، يَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُها

و قيل: الدِّبارُ الكُرْدُ من المزرعة، واحدتها دِبارَةٌ. و الدَّبْرَةُ: الكُرْدَةُ من المزرعة، و الجمع الدِّبارُ. و الدِّباراتُ: الأَنهار الصغار التي تتفجر في أَرض الزرع، واحدتها دَبْرَةٌ؛ قال ابن سيدة: و لا أَعرف كيف هذا إِلا أَن يكون جمع دَبْرَة على دِبارٍ ثم أُلحقت الهاء للجمع، كما قالوا الفِحَالَةُ ثم جُمِعَ الجَمْعُ جَمْعَ السَّلامة. و قال أَبو حنيفة: الدَّبْرَة البقعة من الأَرض تزرع، و الجمع دِبارٌ. و الدَّبْرُ و الدِّبْرُ: المال الكثير الذي لا يحصى كثرة، واحده و جمعه سواء؛ يقال: مالٌ دَبْرٌ و مالان دَبْرٌ و أَموال دَبْرٌ. قال ابن سيدة: هذا الأَعرف، قال: و قد كُسِّرَ على دُبُورٍ، و مثله مال دَثْرٌ. الفرّاء: الدَّبْرُ و الدِّبْرُ الكثير من الضَّيْعَة و المال، يقال: رجل كثير الدَّبْرِ إِذا كان فاشِيَ الضيعة، و رجل ذو دَبْرٍ كثير الضيعة و المال؛ حكاه أَبو عبيد عن أَبي زيد. و المَدْبُور: المجروح. و المَدْبُور: الكثير المال. و الدَّبْرُ، بالفتح: النحل و الزنابير، و قيل: هو من النحل ما لا يَأْرِي، و لا واحد لها، و قيل: واحدته دَبْرَةٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وهَبْتُهُ من وَثَبَى قَمِطْرَهْ             مَصْرُورَةِ الحَقْوَيْنِ مِثْلِ الدَّبْرَهْ‏

و جمعُ الدَّبْرِ أَدْبُرٌ و دُبُورٌ؛ قال زيد الخيل:
بِأَبْيَضَ من أَبْكَارِ مُزْنِ سَحابَةٍ،             و أَرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ‏

أَراد: شاره من النحل؛ و في الصحاح قال لبيد:
بأَشهب من أَبكار مزن سحابة،             و أَري دبور شاره النحلَ عاسل‏

قال ابن بري يصف خمراً مزجت بماء أَبيض، و هو الأَشهب. و أَبكار: جمع بِكْرٍ. و المزن: السحاب الأَبيض، الواحدة مُزْنَةٌ. و الأَرْيُ: العسل. و شارَهُ: جناه، و النحل منصوب بإِسقاط من أَي جناه من النحل عاسل؛ و قبله:
عَتِيق سُلافاتٍ سَبَتْها سَفِينَةٌ،             يَكُرُّ عليها بالمِزاجِ النَّياطِلُ‏

و النياطل: مكاييل الخمر. قال ابن سيدة: و يجوز أَن يكون الدُّبُورُ جمع دَبْرَةٍ كصخرة و صخور، و مَأْنة و مُؤُونٍ. و الدَّبُورُ، بفتح الدال: النحل، لا واحد لها من لفظها، و يقال للزنابير أَيضاً دَبْرٌ.
و حَمِيُّ الدَّبْرِ: عاصم بن ثابت بن أَبي الأَفلح الأَنصاري من أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه‏

274
لسان العرب4

دبر ص 268

و سلم، أُصيب يوم أُحد فمنعت النحل الكفار منه، و ذلك أَن المشركين لما قتلوه أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا به فسلط الله عز و جل عليهم الزنابير الكبار تَأْبِرُ الدَّارِعَ فارتدعوا عنه حتى أَخذه المسلمون فدفنوه.
و قال أَبو حنيفة: الدِّبْرُ النحل، بالكسر، كالدَّبْرِ؛ و قول أَبي ذؤيب:
بِأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفْرِدَ خِشْفها،             و قد طُرِدَتْ يَوْمَيْنِ، فهْي خَلُوجُ‏

عنى شُعْبَةً فيها دَبْرٌ [دِبْرٌ]، و يروي: و قد وَلَهَتْ. و الدَّبْرُ و الدِّبْرُ أَيضاً: أَولاد الجراد؛ عنه. و
روى الأَزهري بسنده عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: الخَافِقَانِ ما بين مطلع الشمس إِلى مغربها.
و الدَّبْرُ: الزنابير؛ قال: و من قال النحل فقد أَخطأَ؛ و أَنشد لامرأَة قالت لزوجها:
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لم يَخْشَ لَسْعَها،             و خالَفَها في بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلُ‏

شبه خروجها و دخولها بالنوائب. قال الأَصمعي: الجماعة من النحل يقال لها الثَّوْلُ، قال: و هو الدَّبْرُ و الخَشْرَمُ، و لا واحد لشي‏ء من هذا؟ قال الأَزهري: و هذا هو الصواب لا ما قال مصعب. و
في الحديث: فأَرسل الله عليهم مثل الظُّلَّةِ من الدَّبْرِ.
؛ هو بسكون الباء النحل، و قيل: الزنابير. و الظلة: السحاب. و
في حديث بعض النساء «3»
. جاءت إِلى أُمها و هي صغيرة تبكي فقالت لها: ما لَكِ؟ فقالت: مرت بي دُبَيْرَةٌ فَلَسَعَتْنِي بأُبَيْرَةٍ.
؛ هو تصغير الدَّبْرَةِ النحلة. و الدَّبْرُ: رُقادُ كل ساعة، و هو نحو التَّسْبِيخ. و الدَّبْرُ: الموت. و دَابَرَ الرجلُ: مات؛ عن اللحياني، و أَنشد لأُمية بن أَبي الصلت:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعانَ بنِ عَمْروٍ             أَنَّنِي يَوْماً مُدابِرْ،
 و مُسافِرٌ سَفَراً بَعِيداً،             لا يَؤُوبُ له مُسافِرْ

و أَدْبَرَ الرجلُ إِذا مات، و أَدْبَرَ إِذا تغافل عن حاجة صديقه، و أَدْبَرَ: صار له دِبْرٌ [دَبْرٌ]، و هو المال الكثير. و دُبارٌ، بالضم: ليلة الأَربعاء، و قيل: يوم الأَربعاء عادِيَّةٌ من أَسمائهم القديمة، و قال كراع: جاهلية؛ و أَنشد:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، و أَنَّ يَوْمِي.             بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالِي دُبارِ، فإِن أَفُتْهُ             فَمُؤْنِس أَو عَرُوبَةَ أَوْ شِيارِ

أَول: الأَحَدُ. و شِيارٌ: السبتُ، و كل منها مذكور في موضعه. ابن الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا سافر في دُبارٍ. و سئل مجاهد عن يوم النَّحْسِ فقال: هو الأَربعاء لا يدور في شهره. و الدَّبْرُ: قطعة تغلظ في البحر كالجزيرة يعلوها الماء و يَنْضُبُ عنها. و
في حديث النجاشي أَنه قال: ما أُحِبُّ أَن تكون دَبْرَى لي ذَهَباً و أَنِّي آذيت رجلًا من المسلمين.
؛ و فُسِّرَ الدَّبْرَى بالجبل، قال ابن الأَثير: هو بالقصر اسم جبل، قال: و
في رواية ما أُحب أَن لي دَبْراً من ذَهَبٍ.
و الدَّبْرُ بلسانهم: الجبل؛ قال: هكذا فُسِّر، قال: فهو في الأُولى معرفة و في الثانية نكرة، قال: و لا أَدري أَ عربي هو أَم لا. و دَبَرٌ: موضع باليمن، و منه فلان الدَّبَرِيُّ. و ذاتُ الدَّبْرِ: اسم ثَنِيَّةٍ؛ قال ابن الأَعرابي:
__________________________________________________
 (3). قوله: [و في حديث بعض النساء] عبارة النهاية: و في حديث سكينة انتهى. قال السيد مرتضى: هي سكينة بنت الحسين، كما صرح به الصفدي و غيره انتهى. و سكينة بالتصغير كما في القاموس.

275
لسان العرب4

دبر ص 268

و قد صحفه الأَصمعي فقال: ذات الدَّيْرِ. و دُبَيْرٌ: قبيلة من بني أَسد. و الأُدَيْبِرُ: دُوَيْبَّة. و بَنُو الدُّبَيْرِ: بطن؛ قال:
و في بَنِي أُمِّ دُبَيْرٍ كَيْسُ             على الطعَّامِ ما غَبا غُبَيْسُ‏

دثر:
الدُّثُورُ: الدُّرُوسُ. و قد دَثَرَ الرَّسْمُ و تَداثَرَ و دَثَرَ الشي‏ءُ يَدْثُرُ دُثُوراً و انْدَثَر: قَدُمَ و دَرَسَ؛ و استعار بعض الشعراء ذلك للحَسَبِ اتساعاً فقال:
في فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسَامِحٍ،             عند القِتالِ قَدِيمُهُمْ لم يَدْثُرِ

أَي حَسَبُهُمْ لم يَبْلَ و لا دَرَسَ. و سيفٌ داثِرٌ: بعيد العهد، بالصِّقالِ. و رجل خاسِرٌ داثِرٌ: إِتباع، و قيل: الدَّاثِرُ هنا الهالك، و
روي عن الحسن أَنه قال: حادِثُوا هذه القلوب بذكر الله فإِنها سريعة الدُّثُورِ.
؛ قال أَبو عبيد: سريعة الدُّثُور يعني دُرُوس ذكر الله و امِّحاءَهُ منها، يقول: اجْلُوها و اغسلوا الرَّيْنَ و الطَّبَعَ الذي علاها بذكر الله. و دُثُورُ النفوس: سُرْعَةُ نِسْيانِها، تقول للمنزل و غيره إِذا عَفَا و دَرَسَ: قد دَثَرَ دُثُوراً؛ قال ذو الرمة:
أَشاقَتْكَ أَخْلاقُ الرُّسُومِ الدَّواثِرِ
و قال شمر: دُثُورُ القلوب امِّحاءُ الذكر منها و دُرُوسُها، و دُثُورُ النفوس: سُرْعَةُ نسيانها. و دَثَرَ الرجلُ إِذا علته كَبْرَةٌ و اسْتِسْنانٌ. و قال ابن شميل: الدَّثَرُ الوَسَخُ. و قد دَثَرَ دُثُوراً إِذا اتسخ. و دَثَرَ السيفُ إِذا صَدِئَ. و سيف داثِرٌ: و هو البعيد العهد بالصِّقالِ؛ قال الأَزهري: و هذا هو الثواب يدل عليه‏
قوله: حادِثُوا هذه القلوبَ.
أَي اجْلُوها و اغسلوا عنها الدَّثَرَ و الطَّبَعَ بذكر الله تعالى كما يُحادَثُ السيفُ إِذا صُقِلَ و جُلِيَ؛ و منه قول لبيد:
كَمِثْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقالِ‏

أَي جُلِيَ و صُقِلَ؛ و
في حديث أَبي الدرداء: أَن القلب يَدْثُرُ كما يَدْثُرُ السيف فجلاؤه ذكر الله.
أَي يَصْدَأُ كما يصدأُ السيف، و أَصل الدُّثُورِ الدُّرُوسُ، و هو أَن تَهُبَّ الرياحُ على المنزل فَتُغَشِّي رُسُومَهُ الرملَ و تغطيها بالتراب. و
في حديث عائشة: دَثَرَ مكانُ البيت فلم يَحُجَّهُ هود، عليه السلام.
و دَثَرَ الطائرُ تَدْثِيراً: أَصلح عُشَّهُ. و تَدَثَّرَ بالثوب: اشتمل به داخلَا فيه. و الدِّثارُ: ما يُتَدَثَّرُ به، و قيل: هو ما فوق الشِّعارِ. و في الصحاح: الدِّثار كل ما كان فوق الثياب من الشعار. و قد تَدَثَّرَ أَي تَلَفَّفَ في الدِّثار. و
في حديث الأَنصار: أَنتم الشِّعارُ و الناس الدِّثارُ.
؛ الدِّثارُ: هو الثوب الذي يكون فوق الشِّعارِ، يعني أَنتم الخاصَّةُ و الناسُ العامَّةُ. و رجل دَثُورٌ: مُتَدَثِّرٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
أَ لم تَعْلَمِي أَنَّ الصَّعالِيكَ نَوْمُهُمْ             قليلٌ، إِذا نامَ الدَّثُورُ المُسالِمُ؟

و الدِّثارُ: الثوب الذي يُسْتَدْفَأُ به من فوق الشِّعارِ. يقال: تَدَثَّرَ فلانٌ بالدِّثارِ تَدَثُّراً و ادَّثَرَ ادِّثاراً، فهو مُدَّثِّرٌ، و الأَصل مُتَدَثِّر أُدغمت التاء في الدال و شدّدت. و قال الفرّاء في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ
؛ يعني المُتَدَثِّر بثيابه إِذا نام. و
في الحديث: كان إِذا نزل عليه الوحي يقول دثِّرُوني دَثِّرُوني.
؛ أَي غَطُّوني بما أَدْفَأُ به. و الدَّثُورُ: الكَسْلان؛ عن كراع. و الدَّثُور أَيضاً:

276
لسان العرب4

دثر ص 276

الخامل النَّؤُوم. و الدَّثْرُ، بالفتح: المال الكثير، لا يثنى و لا يجمع، يقال: مال دَثْرٌ و مالانِ دَثْرٌ و أَموالٌ دَثْرٌ، و قيل: هو الكثير من كل شي‏ء؛ و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قيل له: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ.
؛ قال أَبو عبيد: واحد الدُّثُور دَثْرٌ، و هو المال الكثير؛ يقال: هم أَهلُ دَثْرٍ و دُثُورٍ، و مالٌ دَثْرٌ؛ و قال إمرؤ القيس:
لَعَمْرِي لَقَوْمٌ قد تَرَى في دِيارِهِمْ             مَرَابِطَ لِلأَمْهارِ و العَكَرِ الدَّثِرْ

يعني الإِبل الكثيرة فقال الدَّثِرْ و الأَصل الدَّثْر فحرّك الثاء ليستقيم له الشعر. الجوهري: و عَسْكَرٌ دَثْرٌ أَي كثير إِلَّا أَنه جاء بالتحريك. و
في حديث طَهْفَةَ: و ابْعَثْ راعِيَها في الدَّثْرِ.
؛ أَراد بالدَّثْرِ هاهنا الخِصْبَ و النباتَ الكثير. أَبو عمرو: المُتَدَثِّر من الرجال المَأْبُونُ، قال: و هو المُتَدَأَّمُ و المُتَدَهَّمُ و المِثْفَرُ و المِثْفَارُ. و رجل دَثْرٌ: غافل، و داثِرٌ مثله؛ و قول طفيل:
إِذا سَاقَها الرّاعِي الدَّثُورُ حَسِبْتَها             رِكابَ عِرَاقِيٍّ، مَواقِيرَ تَدْفَعُ‏

الدَّثُور: البطي‏ء الثقيل الذي لا يكاد يبرح مكانَهُ. و دَثَرَ الشجرُ: أَوْرَقَ و تَشَعَّبَتْ خِطْرَتُه. و دَاثِرٌ: اسم؛ قال السيرافي: لا أَعرفه إِلَّا دِثاراً. و تَدَثَّرَ فَرَسَه: وَثَبَ عليها فركبها، و في المحكم: ركبها و جال في مَتْنِها، و قيل: ركبها من خلفها؛ و يستعار في مثل هذا، قال ابن مقبل يصف غيثاً:
أَصَاخَتْ له فُدْرُ اليَمامَةِ، بعد ما             تَدَثَّرَها من وَبْلِهِ ما تَدَثَّرا

و تَدَثَّرَ الفحلُ الناقة أَي تَسَنَّمَها.
دجر:
الدَّجَرُ: الحَيْرَةُ، و في التهذيب: شبه الحيرة، و هو أَيضاً المَرَجُ. دَجِرَ، بالكسر، دَجَراً، فهو دَجِرٌ و دَجْرانُ فيهما أَي حَيْران في أَمره؛ قال رؤبة:
دَجْرَان لم يَشْرَبْ هُناك الخَمْرَا
و قال العجاج:
دَجْرَان لا يَشْعُرُ من حَيْثُ أَتَى‏

و جمعهما دَجَارَى. و رجل دَجِرٌ و دَجْرانُ: و هو النشيط الذي فيه مع نشاطه أَثر. أَبو زيد: دَجِرَ الرجلُ دَجَراً، و هو الأَحمق الذي يذهب لغير وجهه. و الدِّجْرُ، بكسر الدال: اللُّوبياء، هذه اللغة الفصحى، و حكى أَبو حنيفة الدِّجْرَ و الدَّجْرَ بكسر الدال و فتحها؛ قال ابن سيدة: و لم يحكها غيره إِلَّا بالكسر، و حكى هو و كراع فيه الدُّجْر، بضم الدال، قال: و كذلك قرئ بخط شمر؛ قال أَبو حنيفة: هو ضربان أَبيض و أَحمر. و الدَّجر و الدُّجْرُ و الدُّجُورُ: الخشبة التي تشد عليها حديدة الفدّان، و منهم من يجعلها دُجْرَيْنِ كأَنهما أُذنان، و الحديدة اسمها السُّنْبَة، و الفدان اسم لجميع أَدواته، و الخشبة التي على عنق الثور هي النِّيرُ، و السَّمِيقَانِ: خشبتان قد شدّتا في العنق و الخشبة التي في وسطه يشد بها عِنانُ الوَيْجِ، و هو القُنَّاحَةُ، و الوَيْجُ و المَيْسُ، باليمانية: اسم الخشبة الطويلة بين الثورين، و الخشبة التي يمسكها الحرّاث هي المِقْوَمُ، قال: و المِمْلَقَةُ و العِرْصافُ الخشبة التي في رأْس المَيْسِ يعلق بها القيد؛ قال الأَزهري: و هذه حروف صحيحة ذكرها ابن شميل و ذكر بعضها ابن الأَعرابي. و
في حديث عمر قال: اشتر لنا بالنَّوَى دَجْراً.
؛ الدجر، بالفتح و الضم: اللُّوبياء، و قيل: هو بالفتح و الكسر، و أَما

277
لسان العرب4

دجر ص 277

بالضم فهو خشبة يشد عليها حديدة الفدان. و
في حديث ابن عمر: أَنه أَكل الدُّجْرَ ثم غسل يده بالثِّفَالِ.
و حَبْلٌ مُنْدَجِرٌ: رِخْوٌ، عن أَبي حنيفة. و قال: وَتَرٌ مُنْدَجِرٌ رخو. و الدَّيْجُورُ: الظُّلْمَةُ، و وصفوا به فقالوا: ليل دَيْجُورٌ و ليلة دَيْجُورٌ و دَيْجُوجٌ مظلمة. و دِيمَةٌ دَيْجُورٌ: مظلمة بما تحمله من الماء؛ أَنشد أَبو حنيفة:
كأَنَّ هَتْفَ القِطْقِطِ المَنْثُورِ،             بعد رَذاذِ الدِّيمَةِ الدَّيْجُورِ
على قَراهُ، فِلَقُ الشُّذُورِ

و
في كلام عليّ، عليه السلام: تَغْرِيدُ ذواتِ المَنْطِقِ في ديَاجِيرِ الأَوْكارِ.
؛ الدياجيرُ: جمعُ دَيْجُور، و هو الظلام؛ قال ابن الأَثير: و الواو و الياء زائدتان، قال: و الدَّيْجُور الكثير المتراكم من اليَبِيس. شمر: الدَّيْجُورُ التراب نفسه، و الجمع الدَّياجِيرُ. و يقال: تراب دَيْجُورٌ أَغْبَرُ يَضْرِبُ إِلى السواد كلون الرماد، و إِذا كثر يبيس النبات فهو الدَّيْجُور لسواده. ابن شميل: الدَّيْجُور الكثير من الكلإِ. و الدِّجْرَانُ، بكسر الدال: الخَشَبُ المنصوب للتعريش، الواحدة دِجْرَانَةٌ.
دحر:
دَحَرَهُ يَدْحَرُهُ دَحْراً و دُحُوراً: دَفَعَهُ و أَبعده. الأَزهري: الدَّحْرُ تبعيدك الشي‏ء عن الشي‏ء. و في التنزيل العزيز: وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً
؛ قال الفراء: قرأَ الناس بالنصب و الضم، فمن ضمها جعلها مصدراً كقولك دَحْرتُه دُحُوراً، و من فتحها جعلها اسماً كأَنه قال يقذفون بِداحِرٍ و بما يَدْحَرُ؛ قال الفراء: و لست أَشتهي الفتح لأَنه لو وجه على ذلك على صحة لكان فيها الباء كما تقول يُقْذَفُونَ بالحجارة، و لا يقال يُقْذَفُونَ الحجارة، و هو جائز؛ قال: و قال الزجاج معنى قوله دُحُوراً
 أَي يُدْحَرُونَ أَي يُباعَدُونَ. و
في حديث عرفة: ما من يَوْمٍ إِبليس فيه أَدْحَرُ و لا أَدْحَقُ منه في يوم عرفة.
؛ الدَّحْرُ: الدَّفْعُ بِعُنْفٍ على سبيل الإِهانة و الإِذلال، و الدَّحْقُ: الطرد و الإِبعاد، و أَفعل التي للتفضيل من دُحِرَ و دُحِقَ كأَشْهَرَ و أَجَنَّ من شُهِرَ وَ جُنَّ، و قد نزل وصف الشيطان بأَنه أَدحر و أَدحق منزلة وصف اليوم به لوقوع ذلك فيه فلذلك قال: من يوم عرفة، كأَنّ اليوم نفسه هو الأَدْحَرُ و الأَدْحَقُ. و
في حديث ابن ذي يَزَنَ: و يُدحَرُ الشيطانُ.
؛ و
في الدعاء: اللهم ادْحَرْ عنا الشيطان.
أَي ادْفَعْهُ و اطْرُدْهُ و نَحِّهِ. و الدُّحُورُ: الطرد و الإِبعاد، قال الله عز و جل: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً
؛ أَي مُقْصًى و قيل مطروداً.
دحمر:
دَحْمَرَ القِرْبَةَ: ملأَها. و دَحْمُورٌ: دُوَيْبَّةٌ.
دخر:
دَخَرَ الرجلُ، بالفتح، يَدْخَرُ دُخُوراً، فهو دَاخِرٌ، و دَخِرَ دَخَراً: ذَلَّ و صَغُرَ يَصْغُرُ صَغَاراً، و هو الذي يفعل ما يؤمر به، شاء أَو أَبى صاغِراً قَمِيئاً. و الدَّخَرُ: التحير. و الدُّخُورُ: الصَّغَارُ و الذل، و أَدْخَرَهُ غيره. قال الله تعالى: وَ هُمْ داخِرُونَ‏
؛ قال الزجاج: أَي صاغرون، قال: و معنى الآية: أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى‏ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ‏
؛ إِن كل ما خلقه الله من جسم و عظم و لحم و شجر و نجم خاضع ساجد لله، قال: و الكافر و إِن كفر بقلبه و لسانه فنفس جسمه و عظمه و لحمه و جميع الشجر و الحيوانات‏

278
لسان العرب4

دخر ص 278

خاضعة لله ساجدة. و
روي عن ابن عباس أَنه قال: الكافر يسجد لغير الله و ظله يسجد لله.
قال الزجاج: و تأْويلُ الظل الجِسْمُ الذي عنه الظل. و في قوله تعالى: سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ‏
؛ قال‏
في الحديث: الداخر الذليل المُهان.
دخدر:
الدَّخْدَارُ: ثوب أَبيض مَصُونٌ. و هو بالفارسية تَخْتَ دَار أَي يُمْسِكُه التَّخْتُ أَي ذو تخت؛ قال الكميت يصف سحاباً:
تَجْلُو البَوارِقُ عنه صَفْحَ دَخْدَارِ
و الدَّخْدَارُ: ضرب من الثياب نفيس، و هو معرّب الأَصل فيه تختار أَي صين في التخت، و قد جاء في الشعر القديم.
ددر:
الدَّوْدَرَى: العظيم الخصيتين، لم يستعمل إِلَّا مزيداً إِذ لا يعرف في الكلام مثل دَدَرَ.
درر:
دَرَّ اللبنُ و الدمع و نحوهما يَدِرُّ و يَدُرُّ دَرّاً و دُرُوراً؛ و كذلك الناقة. إذا حُلِبَتْ فأَقبل منها على الحالب شي‏ء كثير قيل: دَرَّتْ، و إِذا اجتمع في الضرع من العروق و سائر الجسد قيل: دَرَّ اللبنُ. و الدِّرَّةُ، بالكسر: كثرة اللبن و سيلانه. و
في حديث خزيمة: غاضت لها الدِّرَةُ.
و هي اللبن إِذا كثر و سال؛ و اسْتَدَرَّ اللبنُ و الدمع و نحوهما: كثر؛ قال أَبو ذؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها،             كَقِتْر الغلاءِ، مُسْتَدِرٌّ صِيابُها

استعار الدَّرَّ لشدة دفع السهام، و الاسم الدِّرَّةُ و الدَّرَّة؛ و يقال: لا آتيك ما اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ و الجِرَّةُ، و اختلافهما أَن الدِّرَّةَ تَسْفُلُ و الجِرَّةَ تَعْلُو. و الدَّرُّ: اللبن ما كان؛ قال:
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ، حتى كأَنها             فَلافِلُ هِندِيٍّ، فَهُنَّ لُزُوقُ‏

أُمهاتُ الدَّر: الأَطْباءُ. و
في الحديث: أَنه نهى عن ذبح ذوات الدَّرِّ.
أَي ذوات اللبن، و يجوز أَن يكون مصدرَ دَرَّ اللبن إِذا جرى؛ و منه‏
الحديث: لا يُحْبَسُ دَرُّكُم.
؛ أَي ذواتُ الدَّرِّ، أَراد أَنها لا تحشر إِلى المُصَدِّقِ و لا تُحْبَسُ عن المَرْعَى إِلى أَن تجتمع الماشية ثم تعدّ لما في ذلك من الإِضرار بها. ابن الأَعرابي: الدَّرُّ العمل من خير أَو شر؛ و منه قولهم: لله دَرُّكَ، يكون مدحاً و يكون ذمّاً، كقولهم: قاتله الله ما أَكفره و ما أَشعره. و قالوا: لله دَرُّكَ أَي لله عملك يقال هذا لمن يمدح و يتعجب من عمله، فإِذا ذم عمله قيل: لا دَرَّ دَرُّهُ و قيل: لله دَرُّك من رجل معناه لله خيرك و فعالك، و إِذا شتموا قالوا: لا دَرَّ دَرُّه أَي لا كثر خيره، و قيل: لله دَرُّك أَي لله ما خرج منك من خير. قال ابن سيدة: و أَصله أَن رجلًا رأَى آخر يحلب إِبلًا فتعجب من كثرة لبنها فقال: لله دَرُّك، و قيل: أَراد لله صالح عملك لأَن الدرّ أَفضل ما يحتلب؛ قال بعضهم: و أَحسبهم خصوا اللبن لأَنهم كانوا يَفْصِدُون الناقة فيشربون دمها و يَقْتَطُّونَها فيشربون ماء كرشها فكان اللبنُ أَفضلَ ما يحتلبون، و قولهم: لا دَرَّ دَرُّه لا زكا عمله، على المثل، و قيل: لا دَرَّ دَرُّه أَي لا كثر خيره. قال أَبو بكر: و قال أَهل اللغة في قولهم لله دَرُّه؛ الأَصل فيه أَن الرجل إِذا كثر خيره و عطاؤه و إِنالته الناس قيل: لله درُّه أَي عطاؤه و ما يؤخذ منه، فشبهوا عطاءه بِدَرِّ الناقة ثم كثر استعمالهم حتى صاروا يقولونه لكل متعجب منه؛ قال الفرّاء: و ربما استعملوه من غير أَن يقولوا لله فيقولون: دَرَّ دَرُّ فلان و لا دَرَّ دَرُّه؛ و أَنشد:

279
لسان العرب4

درر ص 279

دَرَّ دَرُّ الشَّبابِ و الشَّعَرِ الأَسْود             ........

و قال آخَر:
لا دَرَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَهُمْ             قِرْفَ الحَتِيِّ، و عندي البُرُّ مَكْنُوزُ

و قال ابن أَحمر:
بانَ الشَّبابُ و أَفْنَى ضِعفَهُ العُمُرُ،             للهِ دَرِّي فَأَيَّ العَيْشِ أَنْتَظِرُ؟

تعجب من نفسه أَيّ عيش منتظر، و دَرَّت الناقة بلبنها و أَدَرَّتْهُ. و يقال: درَّت الناقة تَدِرُّ و تَدُرُّ دُرُوراً و دَرّاً و أَدَرَّها فَصِيلُها و أَدَرَّها مارِيها دون الفصيل إِذا مسح ضَرْعَها. و أَدَرَّت الناقة، فهي مُدِرٌّ إِذا دَرَّ لبنها. و ناقة دَرُورٌ: كثيرةُ الدَّرِّ، و دَارٌّ أَيضاً؛ و ضَرَّةٌ دَرُورٌ كذلك؛ قال طرفة:
من الزَّمِرَاتِ أَسبل قادِماها،             و ضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ

و كذلك ضَرْعٌ دَرُورٌ، و إِبل دُرُرٌ و دُرَرٌ و دُرَّارٌ مِثل كافر و كُفَّارٍ؛ قال:
كانَ ابْنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوها و يَصْبَحُها             من هَجْمَةٍ، كَفَسِيلِ النَّخْلِ دُرَّارِ

قال ابن سيدة: و عندي أَن دُرَّاراً جمع دَارَّةٍ على طرح الهاء. و اسْتَدَرَّ الحَلُوبَةَ: طلب دَرَّها. و الاسْتِدْرَارُ أَيضاً: أَن تمسح الضَّرْعَ بيدك ثم يَدِرَّ اللبنُ. و دَرَّ الضرع باللبن يَدُرُّ دُروراً، و دَرَّت لِقْحَةُ المسلمين و حَلُوبَتُهُمْ يعني فَيْئَهم و خَرَاجَهم، وَ أَدَرَّهُ عُمَّالُه، و الاسم من كل ذلك الدِّرَّةُ. و دَرَّ الخَرَاجُ يَدِرُّ إِذا كثر. و روي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه أَوصى إِلى عماله حين بعثهم فقال في وصيته لهم: أَدِرُّوا لِقْحَةَ المسلمين؛ قال الليث: أَراد بذلك فيئهم و خراجهم فاستعار له اللِّقْحَةَ و الدِّرَّةَ. و يقال للرجل إِذا طلب الحاجة فَأَلَحَّ فيها: أَدَرَّها و إِن أَبَتْ أَي عالجها حتى تَدِرَّ، يكنى بالدَّرِّ هنا عن التيسير. و دَرَّت العروقُ إِذا امتلأَت دماً أَو لبناً. و دَرَّ العِرْقُ: سال. قال: و يكون دُرورُ العِرْقِ تتابع ضَرَبانه كتتابع دُرُورِ العَدْوِ؛ و منه يقال: فرس دَرِيرٌ. و
في صفة سيدنا رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، في ذكر حاجبيه: بينهما عِرْقٌ يُدِرُّه الغضب.
؛ يقول: إِذا غضب دَرَّ العِرْقُ الذي بين الحاجبين، و دروره غلظه و امتلاؤه؛ و في قولهم: بين عينيه عِرْقٌ يُدِرُّه الغضب، و يقال يحرّكه، قال ابن الأَثير: معناه أَي يمتلئ دماً إِذا غضب كما يمتلئ الضرع لبناً إِذا دَرَّ. و دَرَّت السماء بالمطر دَرّاً و دُرُوراً إِذا كثر مطرها؛ و سماء مِدْرَارٌ و سحابة مِدْرَارٌ. و العرب تقول للسماء إِذا أَخالت: دُرِّي دُبَس، بضم الدال؛ قاله ابن الأَعرابي، و هو من دَرَّ يَدُرُّ. و الدِّرَّةُ في الأَمطار: أَن يتبع بعضها بعضاً، و جمعها دِرَرٌ. و للسحاب دِرَّةٌ أَي صَبٌّ، و الجمع دِرَرٌ؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَبٍ:
سَلامُ الإِلهِ و رَيْحانُه،             و رَحْمَتُهُ و سَمَاءٌ دِرَرْ
 غَمامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ،             فَأَحْيَا البِلَاد و طَابَ الشَّجَرْ

سماءٌ دِرَرٌ أَي ذاتُ دِرَرٍ. و
في حديث الاستسقاء: دِيَماً دِرَراً.
: هو جمع دِرَّةٍ. يقال للسحاب دِرَّة أَي صَبٌّ و اندفاق، و قيل: الدِّرَرُ الدارُّ، كقوله تعالى: دِيناً قِيَماً؛ أَي قائماً. و سماء مِدْرارٌ أَي‏

280
لسان العرب4

درر ص 279

تَدِرُّ بالمطر. و الريحُ تُدِرُّ السَّحابَ و تَسْتَدِرُّه أَي تَسْتَجْلبه؛ و قال الحادِرَةُ و اسمه قُطْبَةُ بن أَوس الغَطَفَانِيُّ:
فَكأَنَّ فاها بَعْدَ أَوَّلِ رَقْدَةٍ             ثَغَبٌ بِرابِيَةٍ، لَذيذُ المَكْرَعِ‏
بِغَرِيضِ سارِيَةٍ أَدَرَّتْهُ الصَّبَا،             من ماء أَسْحَرَ، طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ‏

و الثغب: الغدير في ظل جبل لا تصيبه الشمس، فهو أَبرد له. و الغريض: الماء الطري وقت نزوله من السحاب. و أَسحرُ: غديرٌ حُرُّ الطِّين؛ قال ابن بري: سمي هذا الشاعر بالحادرة لقول زَبَّانَ بنَ سَيَّارٍ فيه:
كأَنَّكَ حادِرَةُ المَنْكِبَيْنِ،             رَصْعَاءُ تُنْقِضُ في حادِرِ

قال: شبهه بِضفْدَعَةٍ تُنْقِضُ في حائر، و إِنقاضها: صوتها. و الحائر: مُجْتَمَعُ الماء في مُنْخَفِضٍ من الأَرض لا يجد مَسْرَباً. و الحادرة: الضخمة المنكبين. و الرصعاء و الرسحاء: الممسوحة العجيزة. و للسَّاقِ دِرَّةٌ: اسْتِدْرَارٌ للجري. و للسُّوقِ دِرَّة أَي نَفَاقٌ. و دَرَّت السُّوقُ: نَفَقَ متاعها، و الاسم الدِّرَّة. و دَرَّ الشي‏ء: لانَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا اسْتَدْبَرَتْنا الشمسُ دَرَّتْ مُتُونُنا،             كأَنَّ عُرُوقَ الجَوفِ يَنْضَحْنَ عَنْدَما

و ذلك لأَن العرب تقول: إِن استدبار الشمس مَصَحَّةٌ؛ و قوله أَنشده ثعلب:
تَخْبِطُ بالأَخْفَافِ و المَنَاسِمِ             عن دِرَّةٍ تَخْضِبُ كَفَّ الهاشِمِ‏

فسره فقال: هذه حرب شبهها بالناقة، و دِرَّتُها: دَمُها. و دَرَّ النباتُ: الْتَفَّ. و دَرَّ السِّراجُ إِذا أَضاء؛ و سراج دارٌّ و دَرِيرٌ. و دَرَّ الشي‏ءُ إِذا جُمِعَ، و دَرَّ إِذا عُمِلَ. و الإِدْرارُ في الخيل: أَن يُقِلَّ الفرسُ يَدَهُ حين يَعْتِقُ فيرفعها و قد يضعها. و دَرَّ الفرسُ يَدِرُّ دَرِيراً و دِرَّةً: عدا عَدْواً شديداً. و مَرَّ على دِرَّتِهِ أَي لا يثنيه شي‏ء. و فرس دَرِيرٌ: مكتنز الخَلْقِ مُقْتَدِرٌ؛ قال إمرؤ القيس:
دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَليدِ، أَمَرَّهُ             تَتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ‏

و يروى:
تَقَلُّبُ كفيه ...
، و قيل: الدَّرِير من الخيل السريع منها، و قيل: هو السريع من جميع الدواب؛ قال أَبو عبيدة: الإِدْرَارُ في الخيل أَن يَعْتِقَ فيرفع يداً و يضعها في الخبب؛ و أَنشد أَبو الهيثم:
لما رَأَتْ شيخاً لها دَرْدَرَّى             في مِثلِ خَيطِ العِهِنِ المُعَرَّى‏

قال: الدردرّى من قولهم فرس دَرِيرٌ، و الدليل عليه قوله:
في مثل خيط العهن المعرّى‏
يريد به الخذروف، و المعرّى جعلت له عروة. و
في حديث أَبي قِلابَةَ: صليت الظهر ثم ركبت حماراً دَرِيراً.
؛ الدرير: السريع العدو من الدواب المكتنز الخلق، و أَصل الدَّرِّ في كلام العرب اللبنُ. و دَرَّ وَجْهُ الرجل يَدِرُّ إِذا حسن وجهه بعد العلة. الفرّاء: و الدَّرْدَرَّى الذي يذهب و يجي‏ء في غير حاجة. و أَدَرَّت المرأَةُ المِغْزَلَ، و هي مُدِرَّةٌ و مُدِرٌّ؛ الأَخيرة على النَّسَب، إِذا فتلته فتلًا شديداً فرأَيته كأَنه واقف من شدة دورانه. قال: و في بعض نسخ الجمهرة الموثوق بها: إِذا رأَيته واقفاً لا يتحرك من‏

281
لسان العرب4

درر ص 279

شدّة دورانه. و الدَّرَّارَةُ: المِغْزَلُ الذي يَغْزِلُ به الراعي الصوفَ؛ قال:
جَحَنْفَلٌ يَغْزِلُ بالدَّرَّارَة
و
في حديث عمرو بن العاص أَنه قال لمعاوية: أَتيتك و أَمْرُك أَشدُّ انْفِضاحاً من حُقِّ الكَهُولِ فما زلتُ أَرُمُّه حتى تَرَكْتُه مِثْلَ فَلْكَةِ المُدِرِّ.
؛ قال: و ذكر القتيبي هذا الحديث فغلط في لفظه و معناه، و حُقُّ الكَهُول بيت العنكبوت، و أَما المدرّ، فهو بتشديد الراء، الغَزَّالُ؛ و يقال للمِغزَلِ نفسه الدَّرَّارَةُ و المِدَرَّةُ، و قد أَدرّت الغازلة دَرَّارَتَها إِذا أَدارتها لتستحكم قوّة ما تغزله من قطن أَو صوف، و ضرب فلكة المدرّ مثلًا لإِحكامه أَمره بعد استرخائه و اتساقه بعد اضطرابه، و ذلك لأَن الغَزَّال لا يأْلو إِحكاماً و تثبيتاً لِفَلْكَةِ مِغْزَلِه لأَنه إِذا قلق لم تَدِرَّ الدَّرَّارَةُ؛ و قال القتيبي: أَراد بالمدرّ الجارية إِذا فَلَكَ ثدياها و دَرَّ فيهما الماء، يقول: كان أَمرك مسترخياً فأَقمته حتى صار كأَنه حَلَمَةُ ثَدْيٍ قد أَدَرَّ، قال: و الأَول الوجه. و دَرَّ السهم دُرُوراً: دَارَ دَوَرَاناً جيداً، و أَدَرَّه صاحِبُه، و ذلك إِذا وضع السهم على ظفر إِبهام اليد اليسرى ثم أَداره بإِبهام اليد اليمنى و سبابتها؛ حكاه أَبو حنيفة، قال: و لا يكون دُرُورُ السهم و لا حنينه إِلا من اكتناز عُودِه و حسن استقامته و التئام صنعته. و الدِّرَّة، بالكسر: التي يضرب بها، عربية معروفة، و في التهذيب: الدِّرَّة دِرَّةُ السلطان التي يضرب بها. و الدُّرَّةُ: اللؤلؤة العظيمة؛ قال ابن دريد: هو ما عظم من اللؤلؤ، و الجمع دُرٌّ و دُرَّاتٌ و دُرَرٌ؛ و أَنشد أَبو زيد للربيع بن ضبع الفزاري:
أَقْفَرَ من مَيَّةَ الجَريبُ إِلى الزُّجَّيْنِ،             إِلَّا الظِّبَاءَ و البَقَرَا
كأَنَّها دُرَّةٌ مُنَعَّمَةٌ،             في نِسْوَةٍ كُنَّ قَبْلَها دُرَرَا

و كَوْكَبٌ دُرِّيٌ‏
 و دِرِّيٌّ: ثاقِبٌ مُضِي‏ءٌ، فأَما دُرِّيٌ‏
 فمنسوب إِلى الدُّرِّ، قال الفارسي: و يجوز أَن يكون فُعِّيْلًا على تخفيف الهمزة قلباً لأَن سيبويه حكى عن ابن الخطاب كوكب دُرِّي‏ءٌ، قال: فيجوز أَن يكون هذا مخففاً منه، و أَما دِرِّيٌّ فيكون على التضعيف أَيضاً، و أَما دَرِّيٌّ فعلى النسبة إِلى الدُّرِّ فيكون من المنسوب الذي على غير قياس، و لا يكون على التخفيف الذي تقدم لأَن فَعِّيْلًا ليس من كلامهم إِلَّا ما حكاه أَبو زيد من قولهم سَكِّينةٌ؛ في السِّكِّينَةِ؛ و في التنزيل: كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ‏
؛ قال أَبو إِسحاق: من قرأَه بغير همزة نسبه إِلى الدُّر في صفائه و حسنه و بياضه، و قرئت دِرِّيٌّ، بالكسر، قال الفراء: و من العرب من يقول دِرِّيٌّ ينسبه إِلى الدُّرِّ، كما قالوا بحر لُجِّيُّ و لِجِّيٌّ و سُخْرِيٌّ و سِخْرِيٌّ، و قرئ دُرِّي‏ء، بالهمزة، و قد تقدم ذكره، و جمع الكواكب دَرَارِيّ. و
في الحديث: كما تَرَوْنَ الكوكب الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء.
؛ أَي الشَّدِيدَ الإِنارَةِ. و قال الفراء: الكوكب الدُّرِّيُّ عند العرب هو العظيم المقدار، و قيل: هو أَحد الكواكب الخمسة السَّيَّارة. و
في حديث الدجال: إِحدى عينيه كأَنها كوكب دُرِّيٌّ.
و دُرِّيُّ السيف: تَلأْلُؤُه و إِشراقُه، إِما أَن يكون منسوباً إِلى الدُّرّ بصفائه و نقائه، و إِما أَن يكون مشبهاً بالكوكب الدريّ؛ قال عبد الله بن سبرة:
كلُّ يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذي شُطَبٍ             عَضْبٍ، جَلا القَيْنُ عن دُرِّيِّه الطَّبَعَا

282
لسان العرب4

درر ص 279

و يروى‏
... عن ذَرِّيِّه ...
يعني فِرِنْدَهُ منسوب إِلى الذَّرِّ الذي هو النمل الصغار، لأَن فرند السيف يشبه بآثار الذر؛ و بيت دُرَيْد يروى على الوجهين جميعاً:
و تُخْرِجُ منه ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،             و طُول السُّرَى دُرِّيَّ عَضْب مُهَنَّدِ

و ذَرِّيَّ عضب. و دَرَرُ الطريق: قصده و متنه، و يقال: هو على دَرَرِ الطريق أَي على مَدْرَجَتِه، و في الصحاح: أَي على قصده. و يقال: دَارِي بِدَرَر دَارِك أَي بحذائها. إِذا تقابلتا، و يقال: هما على دَرَرٍ واحد، بالفتح، أَي على قصد واحد. و دَرَرُ الريح: مَهَبُّها؛ و هو دَرَرُك أَي حِذاؤك و قُبالَتُكَ. و يقال: دَرَرَك أَي قُبالَتَكَ؛ قال ابن أَحمر:
 كانَتْ مَنَاجِعَها الدَّهْنَا و جانِبُها،             و القُفُّ مما تراه فَوْقَه دَرَرَا

و اسْتَدَرَّتِ المِعْزَى: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للمعزى إِذا أَرادت الفحل: قد اسْتَدَرَّت اسْتِدْراراً، و للضأْن: قد اسْتوْبَلَتِ اسِتيبالًا، و يقال أَيضاً: اسْتَذْرَتِ المِعْزَى اسْتِذْرَاءً من المعتل، بالذال المعجمة. و الدَّرُّ: النَّفْسُ، و دفع الله عن دَرِّه أَي عن نَفْسه؛ حكاه اللحياني. و دَرٌ: اسم موضع؛ قالت الخنساء:
أَلا يا لَهْفَ نَفْسِي بعدَ عَيْشٍ             لنا، بِجُنُوبِ دَرَّ فَذي نَهِيقِ‏

و الدَّرْدَرَةُ: حكاية صوت الماء إِذا اندفع في بطون الأَودية. و الدُّرْدُورُ: موضع في وسط البحر يجيش ماؤُه لا تكاد تَسْلَمُ منه السفينة؛ يقال: لَجَّجُوا فوقعوا في الدُّرْدُورِ. الجوهري: الدُّرْدُور الماء الذي يَدُورُ و يخاف منه الغرق. و الدُّرْدُرُ: مَنْبِتُ الأَسنان عامة، و قيل: منبتها قبل نباتها و بعد سقوطها، و قيل: هي مغارزها من الصبي، و الجمع الدَّرَادِر؛ و في المثل: أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فكيف أَرجوك بِدُرْدُرٍ؟ قال أَبو زيد: هذا رجل يخاطب امرأَته يقول: لم تَقْبَلِي الأَدَبَ و أَنت شابة ذات أُشُرٍ في ثَغْرِكِ، فكيف الآن و قد أَسْنَنْتِ حتى بَدَتْ دَرَادِرُكِ، و هي مغارز الأَسنان؟. و دَرِدَ الرجلُ إِذا سقطت أَسنانه و ظهرت دَرادِرُها، و جمعه الدُّرُدُ، و مثله: أَعْيَيْتَني من شُبَّ إِلى دُبَّ أَي من لَدُنْ شَبَبْتَ إِلى أَن دَبَبْتَ. و
في حديث ذي الثُدَيَّةِ المقتولِ بالنَّهْروان: كانت له ثُدَيَّةٌ مثل البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ.
أَي تَمَزْمَزُ و تَرَجْرَج تجي‏ء و تذهب، و الأَصل تَتَدَرْدَرُ فحذفت إِحدى التاءين تخفيفاً؛ و يقال للمرأَة إِذا كانت عظيمة الأَليتين فإِذا مشت رجفتا: هي تدردر؛ و أَنشد:
أُقْسِمُ، إِن لم تأْتِنا تَدَرْدَرُ،             لَيُقْطَعَنَّ من لِسانٍ دُرْدُرُ

قال: و الدُّرْدُرُ هاهنا طَرف اللسان، و يقال: هو أَصل اللسان، و هو مَغْرِز السِّنِّ في أَكثر الكلام. و دَرْدَرَ البُسْرَةَ: دلكها بدُرْدُرِه و لاكَها؛ و منه قول بعض العرب و قد جاءه الأَصمعي: أَتيتني و أَنا أُدَرْدِرُ بُسْرَة. و دَرَّايَةُ: من أَسماء النساء. و الدَّرْدَارُ: ضرب من الشجر «4» معروف. و قولهم: دُهْ دُرَّيْنِ و سعدُ القَيْنُ، من أَسماء الكذب و الباطل، و يقال: أَصله أَن سَعْدَ القَيْنَ‏
__________________________________________________
 (4). قوله: [ضرب من الشجر] و يطلق أَيضاً على صوت الطبل كما في القاموس.

283
لسان العرب4

درر ص 279

كان رجلًا من العجم يدور في مخاليف اليمن يعمل لهم، فإِذا كَسَدَ عَمَلُهُ قال بالفارسية: دُهْ بَدْرُودْ، كأَنه يودِّع القرية، أَي أَنا خارج غداً، و إِنما يقول ذلك ليُسْتَعْمَلَ، فعرّبته العرب و ضربوا به المثل في الكذب. و قالوا: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْن فإِنه مُصَبِّحٌ؛ قال ابن بري: و الصحيح في هذا المثل ما رواه الأَصمعي و هو: دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ، من غير واو عطف و كون دُهْدُرَّيْنِ متصلًا غير منفصل، قال أَبو عليّ: هو تثنية دُهْدُرٍّ و هو الباطل، و مثله الدُّهْدُنُّ في اسم الباطل أَيضاً فجعله عربيّاً، قال: و الحقيقة فيه أَنه اسم لِبَطَلَ كَسَرْعانَ و هَيهاتَ اسم لِسَرُعَ وَ بَعُدَ، و سَعْدُ فاعل به و القَيْنُ نَعْتُه، و حذف التنوين منه لالتقاء الساكنين، و يكون على حذف مضاف تأْويله بطل قول سَعْدِ القَيْنِ، و يكون المعنى على ما فسره أَبو عليّ: أَن سَعْدَ القَيْنَ كان من عادته أَن ينزل في الحيّ فيُشِيع أَنه غير مقيم، و أَنه في هذه الليلة يَسْرِي غَيْرَ مُصَبِّحٍ ليبادر إِليه من عنده ما يعمله و يصلحه له، فقالت العرب: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْنِ فإِنه مُصَبِّح؛ و رواه أَبو عبيدة معمر بن المثنى: دُهْدُرَّينِ سَعْدَ القَيْنَ، بنصب سعد، و ذكر أَن دُهْدُرَّيْنِ منصوب على إِضمار فعل، و ظاهر كلامه يقضي أَن دُهْدُرَّين اسم للباطل تثنية دُهْدُرٍّ و لم يجعله اسماً للفعل كما جعله أَبو علي، فكأَنه قال: اطرحوا الباطل و سَعْدَ القَيْنَ فليس قوله بصحيح، قال: و قد رواه قوم كما رواه الجوهري منفصلًا فقالوا دُهْ دُرَّيْنِ و فسر بأَن دُهْ فعل أَمر من الدَّهاءِ إِلَّا أَنه قدّمت الواو التي هي لامه إِلى موضع عينه فصار دُوهْ، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار دُهْ كما فعلت في قُلْ، و دُرَّيْنِ من دَرَّ يَدِرُّ إِذا تتابع، و يراد هاهنا بالتثنية التكرار، كما قالوا لَبَّيْك و حَنَانَيْكَ و دَوَالَيْكَ، و يكون سَعْدُ القَيْنُ منادى مفرداً و القين نعته، فيكون المعنى: بالغْ في الدَّهاء و الكذب يا سَعْدُ القَيْنُ؛ قال ابن بري: و هذا القول حسن إِلَّا أَنه كان يجب أَن تفتح الدال من دُرَّين لأَنه جعله من دَرَّ يَدِرُّ إِذا تتابع، قال: و قد يمكن أَن يقول إِن الدال ضمت للإِتباع إِتباعاً لضمة الدال من دُهْ، و الله تعالى أَعلم.
دزر:
ابن الأَعرابي: الدَّزْرُ الدفع؛ يقال: دَزَرَهُ و دَسَرَه و دفعه بمعنى واحد.
دسر:
الدَّسْرُ: الطعن و الدَّفْعُ الشديد، يقال: دَسَرَه بالرمح؛ قال الشاعر:
عن ذي قَدَامِيسَ كَهامٍ قد دَسَرْ
و
في حديث عمر، رضي الله عنه: إِن أَخوف ما أَخاف عليكم أَن يؤخذ الرجل المسلم البري‏ء عند الله فَيُدْسَرَ كما يُدْسَرُ الجَزُورُ.
؛ الدَّسْرُ: الدفع، أَي يُدْفَعَ و يُكَبَّ للقتل ما يفعل بالجزور عند النحر، و
في حديث الحجاج أَنه قال لسِنان بن يزيد النخعي: كيف قتلت الحسين؟ قال: دَسَرْتُه بالرمح دَسْراً و هَبَرْتُه بالسيف هَبْراً أَي دَفَعْتُهُ دَفْعاً عنيفاً، فقال له الحجاج: أَما و الله لا تجتمعان في الجنة أَبداً.
ابن سيدة: دَسَرَه يَدْسُرُه دَسْراً طعنه و دفعه. و الدَّسْرُ أَيضاً في البُضْعِ، يقال: دَسَرَها بأَيرِه. و دَسَرَت السفينةُ الماءَ بصدرها: عاندته، و الدِّسارُ: خيط من ليف يشدّ به أَلواحها، و قيل: هو مسمارها، و الجمع دُسُرٌ. و في التنزيل العزيز: وَ حَمَلْناهُ عَلى‏ ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ
، و دُسْرٍ أَيضاً مثل عُسُرٍ و عُسْرٍ؛ و قال بشر:

284
لسان العرب4

دسر ص 284

 مُعَبَّدَة السَّقَائفِ ذات دُسْرٍ،             مُضَبَّرَة، جَوانِبُها رَدَاحُ‏

و
في حديث ابن عباس و سئل عن زكاة العنبر فقال: إِنما هو شي‏ء دَسَرَهُ البحر.
أَي دفعه موج البحر و أَلقاه إِلى الشَّطِّ فلا زكاة فيه. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: رَفَعَها بغير عَمَدٍ يَدْعَمُها و لا دِسارٍ يَنْتَظِمُها.
؛ الدِّسارُ: المِسْمارُ، و جمعه دُسُرٌ، و قد دَسَرَ به دَسْراً، و كل ما سُمِّرَ، فقد دُسِرَ؛ قال الفراء: الدُّسُرُ مسامير السفينة و شُرُطُها التي تُشَدُّ بها. و قال الزجاج: كل شي‏ء يكون نحو السَّمْرِ و إِدخال شي‏ء في شي‏ء بقوَّة، فهو الدَّسْرُ. يقال: دَسَرْتُ المسمار أَدْسُرُه و أَدْسِرُهُ دَسْراً. و
قال مجاهد: الدَّسْرُ إِصلاح السفينة.
؛ و قيل: الدَّسْرُ خَرْزُ السفينة، و قيل: هي السفينة نفسها تَدْسُرُ الماء بصدرها أَي تدفعه؛ قال ابن أَحمر:
ضَرباً هذاذَيْكَ و طَعْناً مِدسَرَا
و يقال: الدِّسارُ الشَّريط من الليف الذي يشد بعضه ببعض. و رجل مِدْسَرٌ. و الدَّوْسَرُ: الذكر الضخم الشديد. و كَتِيبَةٌ دَوْسَرٌ و دَوْسَرَةٌ: مجتمعة. و دَوْسَرٌ: كتيبة للنعمان اشْتُقَّتْ من ذلك. و جَمَلٌ دَوْسَرٌ و دَوْسريٌّ و دَوْسَرَانِيٌّ و دُوَاسِرِيٌّ: ضخم شديد مجتمع ذو هامة و مناكب، و الأُنثى دَوْسَرٌ و دَوْسَرَةٌ؛ قال عدي:
و لقد عَدَّيْتُ دَوْسَرَةً،             كَعَلَاةِ القَيْنِ، مِذْكارا

و قيل: الدَّوْسَرُ النوق العظيمة، و قال الفراء: الدَّوْسَرِيُّ القويُّ من الإِبل. و دَوْسَرٌ: اسم فرس؛ قال:
لَيْسَتْ من الفِرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ،             قد سَبَقَتْ قَيْساً، و أَنتَ تَنْظُرُ

أَراد: قد سبقت خيل قيس؛ قال ابن سيدة: هكذا أَنشده يعقوب الفِرْقِ البِطاءِ و المعروف من الفُرْقِ. و الدُّوَاسِرُ: الماضي الشديد. و الدَّوْسَرُ: القديم. و الدَّوْسَرُ الزُّوَانُ في الحنطة، واحدته دَوْسَرَةٌ. و قال أَبو حنيفة: الدَّوْسَرُ نبات كنبات الزرع غير أَنه يجاوز الزرع في الطول و له سنبل و حب دقيق أَسمر. و دَوْسَرٌ: اسم كتيبة كانت للنعمان بن المنذر؛ و أَنشد للمثقب العبدي يمدح عمرو بن هند و كان نصرهم على كتيبة النعمان:
كُلُّ يَوْمٍ كانَ عَنَّا جَلَلًا،             غَيرَ يَومِ الحِنْوِ من جَنَبيْ قَطَرْ
ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فيه ضَرْبَةً،             أَثْبَتَتْ أَوْتادَ مُلْكٍ فاسْتَقَرْ
فَجَزَاهُ اللهُ من ذِي نِعْمَةٍ،             و جَزاهُ اللهُ، إِنْ عَبْدٌ كَفَرْ

و هذا الشعر أَورده الجوهري:
ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فيهم ضَرْبَةً

و صوابه: دوسر فيه لأَنه عائد على يوم الحِنْوِ. و الجَلَلُ: من الأَضداد يكون الحقير و العظيم، و هو في هذا البيت الحقير. و قَطَرُ: قَصَبَةُ عُمَانَ. و بنو سعد بن زيد مناة كانت تلقب في الجاهلية دَوْسَر.
دسكر:
الدَّسْكَرَةُ: بناء كالقَصْرِ حوله بيوت للأَعاجم يكون فيها الشراب و الملاهي؛ قال الأَخطل:
في قِبابٍ عند دَسْكَرَةٍ،             حولها الزَّيتونُ قد يَنَعا

285
لسان العرب4

دسكر ص 285

و الجمع الدَّساكِرُ؛ قال الليث: يكون للملوك، و هو معرّب. و
في حديث أَبي سفيان و هرقل: أَنه أَذن لعظماء الروم في دَسْكَرَةٍ له.
؛ الدسكرة: بناء على هيئة القصر فيه منازل و بيوت للخدم و الحشم، و ليست بعربية محضة. و الدَّسْكَرَةُ: الصَّوْمَعَةُ؛ عن أَبي عمرو.
دطر:
الأَزهري في الثلاثي الصحيح: أَما دَطَرَ فإِن ابن المُظَفَّرِ أَهمله؛ قال: و وجدت لأَبي عمر الشيباني فيه حرفاً رواه ابنه عمرو عنه في باب السفينة، قال: الدَّوْطِيرَةُ كَوْثَلُ السفينة.
دعر:
دَعِرَ العُودُ، بالكسر، دَعَراً، فهو دَعِرٌ: دَخَّنَ فلم يَتَّقِدْ و هو الردي‏ء الدخان، و منه اتُّخِذَتِ الدَّعارَةُ، و هي الفِسْقُ. و عُودٌ دَعِرٌ أَي كثير الدخان، و في التهذيب: عُودٌ دُعَرٌ، و قيل: الدَّعِرُ ما احترق من حطب أَو غيره فَطَفِئَ قبل أَن يَشْتَدَّ احتراقه، و الواحدة دَعِرَةٌ. و قال شمر: العود النَّخِرُ الذي إِذا وضع على النار لم يستوقد و دَخِنَ فهو دَعِرٌ؛ و أَنشد لابن مقبل:
باتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لها             جَزْلَ الجِذَى، غيرَ خَوَّارٍ و لا دَعِرِ

و قيل: الدَّعِرُ من الحطب البالي. قال الأَزهري: و سمعت العرب تقول لكل حطب يَعْثَنُ إِذا اسْتَوْقَدَ: دَعِرٌ. و دَعِرَ العُودُ دَعَراً، فهو دَعِرٌ: نَخِرَ. و حكى الغَنَوِيُّ: عُودٌ دُعَرٌ مثال صُرَدٍ؛ و أَنشد:
يَحْمِلْنَ فَحْماً جَيِّداً غَيْرَ دُعَرْ،             أَسْوَدَ صَلَّالًا كأَعيْانِ البَقَرْ

و زَنْدٌ دُعَرٌ: قُدِحَ به مراراً حتى احترق طرفه فلم يُور. و يقال: هذا زَنْدٌ دُعَرٌ إِذا لم يور؛ و أَنشد:
مُؤْتَشِبٌ يَكْبُو به زَنْدٌ دُعَرْ
و في الصحاح: زَنْدٌ أَدْعَرُ. و يقال للنخلة إِذا لم تقبل اللِّقَاحَ: نخلة داعِرَةٌ و نخيل مَدَاعِير فتزاد تلقيحاً و تنحق، قال: و تنحيقها أَن يُوطأَ عَسَقُها حتى يَسْتَرخِيَ فذلك دواؤها. و يقال لِلَوْنِ الفيل: المُدَعَّرُ؛ قال ثعلب: و المُدَعَّرُ اللَّوْنُ القبيح من جميع الحيوان. و دَعِرَ الرجل و دَعَرَ دَعَارَةً: فَجَر و مَجَرَ، و فيه دَعارَةٌ و دَعَرَةٌ و دِعارَةٌ. و رجل دُعَرٌ و دُعَرَةٌ: خائن يعيب أَصحابه؛ قال الجعدي:
فلا أَلْفَيَنْ دُعَراً دَارِيا،             قَدِيمَ العَداوَةِ و النَّيْرَبِ‏
و يُخْبِرُكُمْ أَنهُ ناصِحٌ،             و في نُصْحِهِ ذَنَبُ العَقْرَبِ‏

و قيل: الدُّعَرُ الذي لا خير فيه. قال ابن شميل: دَعِرَ الرجلُ دَعَراً إِذا كان يسرق و يزني و يؤذي الناس، و هو الدَّاعِرُ. و الدَّعَّارُ: المفسد. و الدَّعَرُ: الفسادُ. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: اللهم ارزقني الغِلْظَةَ و الشّدَّةَ على أَعدائك و أَهل الدَّعارَةِ و النفاق.
؛ الدَّعارَةُ: الفسادُ و الشر. و رجل دَاعِرٌ: خبيث مفسد. و
في الحديث: كان في بني إِسرائيل رجل دَاعِرٌ.
؛ و يجمع على دُعَّارٍ. و
في حديث عَلِيٍّ: فَأَين دُعَّارُ طَي‏ء.
و أَراد بهم قُطَّاعَ الطريق. قال أَبو المِنْهالِ: سأَلت أَبا زيد عن شي‏ء فقال: ما لك و لهذا؟ هو كلام المَداعِيرِ. و الدَّعْرَةُ: القادِحُ و العيب. و رجل دُعَرَةٌ: فيه ذلك، و حكاه كراع ذُعْرَة، بالذال المعجمة و سكون العين، و ذُعَرَةٌ؛ قال: و الجمع ذُعَرَاتٌ، قال: فأَما الداعر، بالدال المهملة، فهو

286
لسان العرب4

دعر ص 286

الخبيث. و الدَّعارَةُ: الفسق و الفجور و الخُبْثُ؛ و المرأَة دَاعِرَةٌ. و دَاعِرٌ: اسم فحل مُنْجِبٍ تنسب إِليه الدَّاعِرِيَّةُ من الإِبل.
دعثر:
الدَّعْثَرُ: الأَحمق. و دُعْثُورُ كل شي‏ء: حُفْرَتُه. و الدُّعْثُورُ: الحوض الذي لم يُتَنَوَّقْ في صَنْعَتِه و لم يُوَسَّعْ، و قيل: هو المهَدَّمُ؛ قال:
أَ كُلَّ يَوْمٍ لَكِ حَوْضٌ مَمْدُورْ؟             إِنَّ حِياضَ النَّهَلِ الدَّعاثِيرْ

يقول: أَ كلَّ يوم تكسرين حوضك حتى يُصْلَحَ؟ و الدعاثير: ما تهدّم من الحياض. و الجَوَابي و المَرَاكِي إِذا تكسر منها شي‏ء، فهو دُعْثُور. و قال أَبو عدنان: الدُّعْثُورُ يُحْفَرُ حفراً و لا يبنى إِنما يحفره صاحب الأَوّل يومَ وِرْدِه. و الدَّعْثَرَةُ: الهَدْمُ. و المُدَعْثَرُ: المهدوم. و الدُّعْثُورُ: الحوض المُثَلَّمُ؛ و قال الشاعر:
أَجَلْ جَيْرِ إِن كانت أُبيحَتْ دَعاثِرُهْ‏
و كذلك المنزل؛ قال العجاج:
مِنْ مَنْزِلاتٍ أَصْبَحَتْ دَعاثِرَا
أَراد دعاثيرا فحذف للضرورة. و قد دَعْثَرَ الحوضَ و غيره: هَدَمَهُ. و
في الحديث: لا تقتلوا أَولادكم سرّاً، إِنه لَيُدْرِكُ الفارسَ فَيُدَعْثِرُهُ.
؛ أَي يَصْرَعُهُ و يُهْلِكُه يعني إِذا صار رجلًا؛ قال: و المراد النهي عن الغِيلَةِ، و هو أَن يجامع الرجل المرأَة و هي مرضع فربما حملت، و اسم ذلك اللبن الغَيْلُ، بالفتح، فإِذا حملت فسد لبنها؛ يريد أَن من سوء أَثره في بدن الطفل و إِفساد مزاجه و إِرخاء قواه أَن ذلك لا يزال ماثلًا فيه إِلى أَن يشتد و يبلغ مبلغ الرجال، فإِذا أَراد منازلة قِرْنٍ في الحرب وهن عنه و انكسر، و سبب وَهْنِهِ و انكساره الغَيْلُ. و أَرض مُدَعْثَرَةٌ: موطوءَة. و مكان دِعْثارٌ: قد سَوَّسَهُ الضَّبُّ و حَفَرَهُ؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
إِذا مُسْلَحِبٌّ، فَوْقَ ظَهْرِ نَبِيثَةٍ،             يُجِدُّ بِدعْثارٍ حَدِيثٍ دَفِينُها

قال: الضَّب يَحْفِرُ من سَرَبه كل يوم فيغطي نبيثة الأَمس، يفعل ذلك أَبداً. و جَمَلٌ دِعَثْرٌ: شديد يُدَعْثِرُ كل شي‏ء أَي يكسره؛ قال العجاج:
قد أَقْرَضَتْ حَزْمَةُ قَرْضاً عَسْرَا،             ما أَنْسَأَتْنَا مُذْ أَعارَتْ شَهْرَا
حتى أَعَدَّتْ بازِلًا دِعَثْرَا،             أَفْضَلَ من سَبْعِينَ كانت خُضْرَا

و كان قد اقترض من ابنته حَزْمَةَ سبعين درهماً للمُصَدِّقِ فأَعطته ثم تقاضته فقضاها بكراً.
دعكر:
ادْعَنْكَرَ السَّيْلُ: أَقبل و أَسرع و ادْعَنْكَرَ عليه، بالفتح: انْدَرَأَ؛ قال:
قَد ادْعَنْكَرَتْ، بالفُحْشِ و السُّوءِ و الأَذَى،             أُمَيَّتُها ادْعِنْكارَ سَيلٍ على عَمْرِو.

و ادْعَنكَرَ عليهم بالفُحْشِ إِذا انْدَرَأَ عليهم بالسوء. و رجل دَعَنْكَرانُ: مُدْعَنْكِرٌ. و رجل دَعَنْكَرٌ: مُنْدَرِئٌ على الناس.
دعسر:
الدَّعْسَرَةُ: الخِفَّةُ و السُّرْعَةُ.
دغر:
دَغَرَ عليه يَدْغَرُ دَغَراً و دَغْرَى كَدَعْوَى: اقتحم من غير تثبت، و الاسم الدَّغَرَى. و زعموا أَن امرأَة قالت لولدها: إِذا رأَت العينُ العينَ فَدَغْرَى و لا صَفَّى، و دَغْرَ لا صَفَّ، و دَغْراً لا صَفّاً مثل عَقْرى و حَلْقَى و عَقْراً و حَلْقاً؛ تقول: إِذا

287
لسان العرب4

دغر ص 287

رأَيتم عدوّكم فادْغَرُوا عليهم أَي اقتحموا و احملوا و لا تُصَافُّوهُمْ؛ و صَفَّى من المصادر التي في آخرها أَلف التأْنيث نحو دَعْوَى من قول بُشَيْرِ بن النِّكْثِ:
وَلَّتْ و دَعْوَى ما شَدِيدٌ صَخَبُهْ‏
و دَغَرَ عليه: حمل. و الدَّغْرُ أَيضاً: الخلط؛ عن كراع. و روي هذا المثل: دَغْراً و لا صَفاً أَي خالطوهم و لا تَصافُوهم من الصَّفَاء. ابن الأَعرابي: المَدْغَرَةُ الحرب العَضُوضُ التي شِعارها دَغْرَى، و يقال: دَغْراً. و الدَّغْرُ: غَمْزُ الحَلقِ من الوجع الذي يُدْعَى العُذْرَةَ. و دَغَرَ الصَّبِيَّ يَدْغَرُه دَغْراً: و هو رَفْعُ ورم في الحلق. و
في الحديث أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال للنساء: لا تعذبن أَولادكن بالدَّغْرِ.
؛ و هو أَن تَرْفَعَ لَهَاةَ المعذور. قال أَبو عبيد: الدَّغْرُ غَمْزُ الحَلْقِ بالأُصبع، و ذلك أَن الصبي تأْخذه العُذْرَةُ، و هو وجع يهيج في الحلق من الدم، فتدخل المرأَة أُصبعها فترفع بها ذلك الموضع و تَكْبِسُه، فإِذا رفعت ذلك الموضع بأُصبعها قيل: دَغَرَتْ تَدْغَرُ دَغْراً؛ و منه‏
الحديث: قال لأُم قَيْسٍ بنتِ مِحْصَنٍ: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بهذه العُلُقِ؟.
و الدَّغْرُ: تَوَثُّبُ المُخْتَلِس و دَفْعُه نَفْسَه على المتاع ليختلسه؛ و منه‏
حديث علي، كرم الله وجهه: لا قطع في الدَّغْرَةِ.
و هي الخَلْسَةُ؛ قال أَبو عبيد: و هو عندي من الدفع أَيضاً لأَن المختلس يدفع نفسه على الشي‏ء ليختلسه، و قيل في‏
قوله لا قطع في الدغرة.
: هو أَن يملأَ يده من الشي‏ء يستلبه. و الدَّغْرَةُ: أَخذ الشي‏ء اختلاساً، و أَصل الدَّغْرِ الدفْعُ. و في خُلُقِهِ دَغَرٌ أَي تَخَلُّفٌ؛ و في التهذيب: كأَنه استسلام؛ «5». قال:
و ما تَخَلَّفَ من أَخْلاقِهِ دَغَرُ

و الدَّغْرُ: سوء غذاء الولد و أَن ترضعه أُمُّه فلا ترويه فيبقى مستجيعاً يعترض كل من لقي فيأْكل و يَمَصُّ، و يُلْقَى على الشاة فَيَرْضَعُها، و هو عذاب الصبي. و قال أَبو سعيد فيما رَدَّ على أَبي عبيد: الدَّغْرُ في الفصيل أَن لا ترويه أُمُّه فَيَدْغَرَ في ضرع غيرها،
فقال، عليه الصلاة و السلام: لا تُعَذِّبْنَ أَولادكُنَّ بالدَّغْرِ و لكن أَرْوينَهُمْ لئلا يَدْغَروا في كل ساعة و يستجيعوا.
؛ و إِنما أَمر بإِرواءِ الصبيان من اللبن. قال الأَزهري: و القول ما قال أَبو عبيد و قد جاءَ في الحديث ما دل على صحة قوله. و الدَّغْرُ: الوُجور. و دَغَرَهُ أَي ضَغَطَهُ حتى مات، و لونٌ مُدَغَّرٌ: قبيح؛ قال:
كَسا عامِراً ثَوْبَ الدَّمامَةِ رَبُّهُ،             كما كُسِيَ الخِنْزيرُ ثَوْباً مُدَغَّرا

دغمر:
الدَّغْمَرَةُ: الخَلْطُ. يقال: خُلُقٌ دُغْمُريٌّ و دَغْمَريٌّ. و الدَّغْمَرَةُ: تخليط اللَّونِ و الخُلْقِ؛ قال رؤْبة:
إِذا امْرُؤٌ دَغْمَرَ لَوْنَ الأَدْرَنِ،             سَلَّمْتُ عِرْضاً لَوْنُه لم يَدْكَنِ‏

الأَدْرَنُ: الوَسِخُ. و دَغْمَرَ: خَلَطَ. لم يدكن: لم يتسخ؛ قاله ابن الأَعرابي. و رجل دُغْمورٌ: سي‏ء الثناء. و رجل مُدَغْمَرُ الخُلُقِ أَي ليس بصافي الخُلُقِ. و خُلُقٌ دَغْمَرِيٌّ و في خُلُقه دَغْمَرَةٌ أَي شَراسَةٌ و لُؤْمٌ؛ قال العجاج:
__________________________________________________
 (5). قوله: [كأنه استسلام‏] في القاموس و شرحه: الدغر، بالتحريك، التخلف و الاستلام بالهمز، هكذا في النسخ و مثله في التكملة و في التهذيب الاستسلام و هو تحريف.

288
لسان العرب4

دغمر ص 288

لا يَزْدهيني العَمَلُ المَقْزِيُّ،             و لا مِنَ الأَخْلاقِ دَغْمَرِيُ‏

و الدَّغْمَرِيُّ: السَّيِ‏ءُ الخُلُق، و كذلك الذُّغْمُورُ، بالذال، الحَقُودُ الذي لا ينحلُّ حقده. و دَغْمَرَ عليه الخَبَرَ: خلطه. و المُدَغْمَرُ: الخَفِيُّ.
دفر:
الدَّفْرُ: الدفع. دَفَرَ في عُنُقِهِ دَفْراً: دفع في صدره و منعه؛ يمانية. ابن الأَعرابي: دفَرْتُه في قفاه دَفْراً أَي دفعته. و
روي عن مجاهد في قوله تعالى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى‏ نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا؛ قال يُدْفَرونَ في أَقفيتهم دَفْراً أَي دفعاً.
و الدَّفَرُ: وقوع الدود في الطعام و اللحم. و الدَّفَرُ: النَّتْنُ خاصة و لا يكون الطِّيبَ البتةَ. ابن الأَعرابي: أَدْفَرَ الرجلُ إِذا فاح ريح صُنَانِهِ. غيره: الذَّفَرُ، بالذال و تحريك الفاء، شدّة ذكاء الرائحة، طيبة كانت أَو خبيثة؛ و منه قيل: مِسْك أَذْفَرُ، و رجل أَدْفَرُ و دَفِرٌ، الأَخيرة على النسب لا فعل له؛ قال نافع بن لَقِيطٍ الفَقْعَسِيُّ:
و مُؤَوْلِقٍ أَنْضَجْتُ كَيَّةَ رَأْسِه،             فَتَرَكْتُهُ دَفِراً كَريحِ الجَوْرَبِ‏

و امرأَة دَفْرَاءُ و دَفِرَةٌ. و يقال للأَمة إِذا شُتِمَتْ: يا دَفَارِ، مثل قطام، أَي يا مُنْتِنَةُ. و
في حديث قَيْلَةَ: أَلْقِي إِلَيَّ ابْنَةَ أَخي يا دَفارِ.
أَي يا منتنة، و هي مبنية على الكسر و أَكثر ما ترد في النداء. و الدَّفْرُ و أُمُّ دَفْرٍ: من أَسماء الدواهي. و دَفارِ و أُمُّ دَفارِ و أُمُّ دَفْرٍ، كله: الدنيا. و دَفْراً دَافِراً لما يجي‏ء به فلان على المبالغة أَي نَتْناً. و يقال للرجل إِذا قَبَّحْتَ أَمْرَهُ: دَفْراً دَافِراً، و يقال: دَفْراً له أَي نَتْناً. و قال ابن الأَعرابي: الدَّفْرُ الذُّلُّ، و به فسر
قول عمر، رضي الله عنه، لما سأَل كعباً عن وُلاةِ الأَمْرِ فأَخبره قال: وَا دَفْرَاهُ.
قيل: أَراد وَا ذُلَّاهْ، و أَما غيره ففسره بالنَّتْنِ أَي وا نَتْنَاه؛ و منه‏
حديثه الآخر: إِنما الحاجُّ الأَشْعَثُ الأَدْفَرُ الأَشْعَرُ.
؛ و الدَّفَرُ: النتن، بفتح الفاء، قال: و لا أَعرف هذا الفرق إِلَّا عن ابن الأَعرابي، و منه قيل للدنيا أُم دَفْرٍ.
دفتر:
الدَّفْتَرُ و الدِّفْتَرُ؛ كل ذلك عن اللحياني حكاه عنه كراع: يعني جماعة الصحف المضمومة. الجوهري: الدَّفْتَرُ واحد الدَّفاتِر، و هي الكَرارِيسُ.
دقر:
الدُّقْرَانُ: خَشَبٌ ينصب في الأَرض يعرّش عليه الكرم، واحدته دُقْرانَةٌ. و الدَّوْقَرَةُ: بُقْعَةٌ تكون بين الجبال المحيطة بها لا نبات فيها، و هي من منازل الجنّ و يكره النزول بها؛ و في التهذيب: هي بقعة تكون بين الجبال في الغيطان انحسرت عنها الشجر، و هي بيضاء صُلْبة لا نبات فيها، و الجمع الدَّوَاقر. و دَقِرَ الرجلُ دَقَراً إِذا امتلأَ من الطعام. و دَقِرَ أَيضاً: قاء من المَلْ‏ءِ. و دَقِرَ هذا المكان: صارت فيه رياضٌ. و قال أَبو حنيفة: دَقِرَ المكانُ نَدِيَ. و دَقِرَ النباتُ دَقَراً، فهو دَقِرٌ: كثر و تنعم. و رَوْضَةٌ دَقَرَى: خضراء ناعمة؛ قال النمر بن تولب:
زَبَنَتْكَ أَرْكانُ العَدُوّ، فأَصْبَحَتْ             أَجَأٌ و جُبَّةُ من قَرارِ دِيارِها
و كأَنَّها دَقَرَى تَخَيَّلُ، نَبْتُها             أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها

تَخَيَّلُ أَي تَلَوَّنُ بالنَّوْر فَتُرِيك رُؤْيا تُخَيِّل‏

289
لسان العرب4

دقر ص 289

إِليك أَنها لون ثم تراها لوناً آخر، ثم قطع الكلام الأَوّل و ابتدأَ فقال: نبتها أُنف فنبتها مبتدأٌ و الأُنف خبره. و الأُنُفُ: التي لم تُرْعَ. و يغم: يعلو و يستر؛ يقول: نبتها يغم ضالها. و الضال: السِّدْرُ البَرِّيّ. و البحار: جمع بَحْرَةٍ، و هي الأَرض المستوية التي ليس بقربها جبل. ابن الأَعرابي: الدَّقْرُ الروضة الحسناء، و هي الدَّقَرَى. و أَرض دَقْرَاءُ: خضراء كثيرة الماء و النَّدَى مملوءَةٌ. و دَقَرَى: اسم روضة بعينها. أَبو عمرو: هي الدَّقَرَى و الدَّقْرَةُ و الدَّقيرَةُ. و الوَدْفَةُ و الوَدِيفَةُ: الروضة. الجوهري: و دَقَرَى اسم روضة. و الدَّقارِيرُ: الأُمورُ المخالفة، واحدتها دُقْرُورَةٌ و دِقْرارَةٌ، و الدِّقْرارَةُ: المخالفَةُ. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه أَمر رجلًا بشي‏ء فقال له: قد جئتَني بِدِقْرَارَةِ قومك.
أَي بمخالفتهم. و الدِّقْرَارَةُ: الحديث المُفْتَعَلُ. و يقال: فلان يَفْتَرِي الدَّقارِيرَ أَي الأَكاذيب و الفُحْشَ. و يقال للكذب المستشنع و الأَباطيل: ما جئتَ إِلَّا بالدَّقارِيرِ. ابن الأَثير:
في حديث عمر، رضي الله عنه، قال لأَسْلَمَ مَولاه: أَخَذَتْكَ دِقْرَارَةُ أَهلك.
؛ الدِّقْرَارَةُ واحدة الدَّقارِير، و هي الأَباطيل و عاداتُ السوء، أَراد أَن عادة السوء التي هي عادة قومك و هي العدولُ عن الحق و العملُ بالباطل قد نَزَعَتْكَ و عَرَضَت لك فعجلت بها، و كان أَسلم عبداً بِجَاوِيّاً. و رجل دِقْرَارَة: نمام كأَنه ذو دِقْرَارَةٍ أَي ذو نميمة و افتعال أَحاديث، و جمعه دَقارِيرُ؛ قال الكميت:
على دَقارِيرَ أَحْكِيها و أَفْتَعِلُ‏
و الدَّقارِيرُ: الدواهي و النمائم، الواحدة دِقْرَارَةٌ. و الدِّقْرارُ و الدِّقْرَارَةُ: التُّبَّانُ، و هي سراويل بلا ساق، و جمعه دقارِيرُ؛ قال أَوس:
يَعْلُونَ بالقَلَعِ الهِنْدِيِّ هامَهُمُ،             و يَخْرُجُ الفَسْوُ من تَحْتِ الدَّقارِيرِ

و
في حديث عَبْدِ خَيْرٍ قال: رأَيت على عَمَّارٍ دِقْرَارَةً.
و قال: إِني مَمْثُونٌ؛ الدِّقْرَارَةُ: التُّبَّانُ، و هو السراويل الصغير الذي يستر العورة وحدها. و المَمْثُونُ: الذي يشتكي مَثَانَتَهُ. و الدُّقْرُورُ: فَأْسٌ تحتفر بها الأَرض؛ قال:
حَرًى حين تأْتي أَهْلَ مَلْهَمَ أَنْ تَرَى             بِعَيْنَيْكَ دُقْرُوراً، و كَرّاً مُحَرَّمَا

و الدِّقْرَارةُ: القصير من الرجال. و الدِّقْرَارَةُ: العَوْمَرَةُ، و هي الخُصُومَةُ المُتْعِبَةُ.
دكر:
الدِّكْرُ: لُعْبَةٌ يلعب بها الزِّنْجُ و الحَبَشُ. و الدِّكْرُ أَيضاً لربيعة: في الذِّكْرِ، و هو غلط، حملهم عليه ادَّكَرَ؛ حكاه سيبويه؛ و كذلك ما حكاه ابن الأَعرابي من قولهم الدِّكْرُ في جمع دِكْرَة إِنما هو على الذِّكْر، و نفى ابن الأَعرابي الدِّكْرَ، بسكون الكاف؛ حكاه سيبويه كما بينته. قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى: الدِّكْر، بتشديد الدال، جمع ذِكْرَةٍ، أُدغمت اللام في الذال فجعلتا دالًا مشدّدة، فإِذا قلت دِكْرٌ بغير أَلف و لام التعريف قلت ذكر، بالذال، و جمعوا الذِّكْرَةَ الذِّكْراتِ، بالذال أَيضاً. و أَما قول الله تعالى: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ*
؛
فإِن الفراء قال: حدثني الكسائي عن إِسرائيل عن أَبي إِسحاق عن الأَسود قال: قلت لعبد الله فهل من مُذّكِرٍ و مُدَّكِرٍ
، فقال: أَقرأَني رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، مُدَّكِرٍ
.
بالدال، قال الفراء: و مُدَّكِرٍ
 في الأَصل مُذْتَكِر على مُفْتَعِل فصيرت الذال و تاء الافتعال دالًا مشدّدة، قال: و بعض بني أَسد يقول مُذَّكِر فيقلبون الدال فتصير ذالًا مشدّدة. و قد قال الليث:

290
لسان العرب4

دكر ص 290

الدِّكْرُ ليس من كلام العرب و ربيعة تغلط في الذِّكْر فتقول دِكْرٌ.
دمر:
الدَّمارُ: اسْتِئْصالُ الهلاك. دَمَرَ القوم يَدْمُرونَ دَماراً: هلكوا. و دَمَرَهُم: مَقَتَهُم، و دَمَرَهُمُ الله و دَمَّرَهُمْ تَدْمِيراً. و في التنزيل العزيز: فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً
؛ يعني به فرعون و قومه الذين مُسِخُوا قِرَدة و خنازير؛ و دَمَّرَ عليهم كذلك. و
في حديث ابن عمر: قد جاء السَّيْلُ بالبَطْحاء حتى دَمَّرَ المكانَ الذي كان يصلي فيه.
أَي أَهلكه. يقال: دَمَّرَه تدميراً و دَمَّرَ عليه بمعنى؛ و يروى: دَفَنَ المكانَ، و المراد منهما دُرُوسُ الموضع و ذهابُ أَثره. و رجلٌ دَامِرٌ: هالك لا خير فيه. يقال: رجلٌ خاسِرٌ دامِرٌ؛ عن يعقوب. كَدَابِرٍ، و حكى اللحياني أَنه على البدل و قال: خَسِرٌ و دَمِرٌ و دَبِرٌ فأَتبعوهما خَسِراً؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن خَسِراً على فعله و دَمِراً و دَبِراً على النسب. و ما رأَيت من خَسَارَتِهِ و دَمَارَتِهِ و دَبارَته. و قد دَمَرَ عليهم يَدْمُرُ دَمْراً و دُمُوراً: دخل بغير إِذن، و قيل: هجم، و هو نحو ذلك؛ و منه قوله‏
في الحديث: من نظر من صِيْرِ باب فقد دَمَرَ.
؛ قال أَبو عبيد و غيره: دَمَرَ أَي دخل بغير إِذن، و هو الدُّمُورُ، و قد دَمَرَ يَدْمُرُ دُمُوراً و دَمَقَ دَمْقاً و دُمُوقاً. و
في الحديث أَيضاً: من سبق طَرْفُه استئذانَه فقد دَمَر.
أَي هَجَمَ و دخل بغير إِذن، و هو من الدَّمارِ الهلاكِ لأَنه هجوم بما يكره، و
في رواية: من اطَّلَعَ في بيت قوم بغير إِذنهم فقد دَمَر.
و المعنى أَن إِساءَة المُطَّلِع مثلُ إِساءة الدامر. و المُدَمِّرُ: الصائد يُدَخِّنُ في قُتْرَتِه للصيد بأَوْبارِ الإِبل كيلا تجد الوَحْشُ رِيحَه، و في الصحاح: و تدمير الصائد أَن يُدَخِّنَ قُتْرَتَهُ؛ و قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
فَلاقَى عليها، من صَبَاحَ، مُدَمِّراً             لِنَامُوسِهِ من الصَّفيحِ سَقَائِفُ «6».

و الدُّمارِيُّ و التَّدْمُرِيُّ و التُّدْمُريُّ من اليرابيع: اللَّئِيمُ الخِلْقَةِ المكسورُ البَراثِنِ الصُّلْبُ اللَّحْمِ، و قيل: هو الماعز منها و فيه قِصَرٌ و صِغَرٌ و لا أَظفار في ساقيه و لا يدرك سريعاً، و هو أَصغر من الشُّفارِيِّ؛ قال:
و إِنِّي لأَصْطادُ اليَرابِيعَ كُلَّها:             شُفَارِيَّها و التَّدْمُرِيَّ المُقَصِّعَا

قال: و أَما ضَأْنُها فهو شُفَارِيُّها، و علامة الضأْن فيها أَن له في وسط ساقه ظفراً في موضع صِيْصِيَةِ الديك. و يوصف الرجل اللئيم بالتَّدْمُرِيّ. ابن سيدة: و التَّدْمُرِيُّ اللئيم من الرجال. و التَّدْمُرِيَّةُ من الكلاب: التي ليست بِسَلُوقِيَّةٍ و لا كدْرِيَّة. و تَدْمُرُ: مدينة بالشام؛ قال النابغة:
و خَيِّسِ الجِنَّ إِنِّي قد أَذِنْتُ لهم             يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ و العَمَدِ

الفراء عن الدُّبَيْرِيَّةِ: يقال ما في الدار عَيْنٌ و لا عَيِّنٌ و لا تَدْمُرِيٌّ و لا تُدْمُرِيٌّ و لا تامُورِيٌّ و لا دُبِّيٌّ و لا دِبِّيٌّ بمعنى واحد.
دمثر:
الدُّماثِرُ: السَّهْلُ من الأَرض. و أَرض دِمَثْرٌ: سهلة. و أَرض دُماثِرٌ إِذا كانت دَمْثاءَ؛ و أَنشد الأَصمعي في صفة إِبل:
ضَارِبَة بِعَطَنِ دُماثِرِ
أَي شَرِبَتْ فَضَرَبَتْ بِعَطَن، و دَمْثَرٌ: دَمِثٌ. و الدَّمْثَرَةُ: الدَّمَاثَةُ؛ و قول العجاج:
__________________________________________________
 (6). قوله [من الصفيح‏] كذا بالأصل، و مثله في الأساس، و الذي في الصحاح بين الصفيح.

291
لسان العرب4

دمثر ص 291

حَوْجَلَة الخَبَعْثَنِ الدِّمَثْرَا
و بعير دُمَثِرٌ دُماثِرٌ إِذا كان كثير اللحم وثِيراً.
دنر:
الدِّيْنَارُ: فارسي مُعَرَّبٌ، و أَصله دِنَّارٌ، بالتشديد، بدليل قولهم دَنانِير و دُنَيْنِير فقلبت إِحدى النونين ياء لئلَّا يلتبس بالمصادر التي تجي‏ء على فِعَّالٍ، كقوله تعالى: وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً؛ إِلَّا أَن يكون بالهاء فيخرّج على أَصله مثل الصِّنَّارَةِ و الدِّنَّامَة لأَنه أَمن الآن من الالتباس، و لذلك جمع على دنانير، و مثله قِيراط و دِيباج و أَصله دِبَّاجٌ. قال أَبو منصور: دينار و قيراط و ديباج أَصلها أَعجمية غير أَن العرب تكلمت بها قديماً فصارت عربية. و رجل مُدَنَّرٌ: كثير الدَّنانير. و دِينارٌ مُدَنَّرٌ: مضروب. و فرس مُدَنَّرٌ: فيه تَدْنِيرٌ سوادٌ يخالطه شُهْبَةٌ. و بَرْذَوْنٌ مُدَنَّرُ اللون: أَشهبُ على مَتْنَيْهِ و عَجُزهِ سوادٌ مستدير يخالطه شُهْبَةٌ؛ قال أَبو عبيدة: المُدَنَّرُ من الخيل الذي به نُكَتٌ فوق البَرَشِ. و دَنَّرَ وَجْهُه: أَشرق و تلألأَ كالدِّينار. و دِينارٌ: اسم.
دهر:
الدَّهْرُ: الأَمَدُ المَمْدُودُ، و قيل: الدهر أَلف سنة. قال ابن سيدة: و قد حكي فيه الدَّهَر، بفتح الهاء: فإِما أَن يكون الدَّهْرُ و الدَّهَرُ لغتين كما ذهب إِليه البصريون في هذا النحو فيقتصر على ما سمع منه، و إِما أَن يكون ذلك لمكان حروف الحلق فيطرد في كل شي‏ء كما ذهب إِليه الكوفيون؛ قال أَبو النجم:
و جَبَلَا طَالَ مَعَدّاً فاشْمَخَرْ،             أَشَمَّ لا يَسْطِيعُه النَّاسُ، الدَّهَرْ

قال ابن سيدة: و جمعُ الدَّهْرِ أَدْهُرٌ و دُهُورٌ، و كذلك جمع الدَّهَرِ لأَنا لم نسمع أَدْهاراً و لا سمعنا فيه جمعاً إِلَّا ما قدّمنا من جمع دَهْرٍ؛ فأَما
قوله، صلى الله عليه و سلم: لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِن الله: هو الدَّهْرُ.
؛ فمعناه أَن ما أَصابك من الدهر فالله فاعله ليس الدهر، فإِذا شتمت به الدهر فكأَنك أَردت به الله؛ الجوهري: لأَنهم كانوا يضيقون النوازل إِلى الدهر، فقيل لهم: لا تسبوا فاعل ذلك بكم فإِن ذلك هو الله تعالى؛ و
في رواية: فإِن الدهر هو الله تعالى.
؛ قال الأَزهري: قال أَبو عبيد
قوله فإِن الله هو الدهر.
مما لا ينبغي لأَحد من أَهل الإِسلام أَن يجهل وجهه و ذلك أَن المُعَطِّلَةَ يحتجون به على المسلمين، قال: و رأَيت بعض من يُتهم بالزندقة و الدَّهْرِيَّةِ يحتج بهذا الحديث و يقول: أَ لا تراه‏
يقول فإِن الله هو الدهر؟.
قال: فقلت و هل كان أَحد يسب الله في آباد الدهر؟ و قد قال الأَعشى في الجاهلية:
اسْتَأْثرَ اللهُ بالوفاءِ و             بالْحَمْدِ، وَ وَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا

قال: و تأْويله عندي أَن العرب كان شأْنها أَن تَذُمَّ الدهر و تَسُبَّه عند الحوادث و النوازل تنزل بهم من موت أَو هَرَمٍ فيقولون: أَصابتهم قوارع الدهر و حوادثه و أَبادهم الدهر، فيجعلون الدهر الذي يفعل ذلك فيذمونه، و قد ذكروا ذلك في أَشعارهم و أَخبر الله تعالى عنهم بذلك في كتابه العزيز ثم كذبهم فقال: وَ قالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
؛ قال الله عز و جل: وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ. و الدهر: الزمان الطويل و مدّة الحياة الدنيا،
فقال النبي، صلى الله عليه و سلم: لا تسبوا الدهر.
على تأْويل: لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأَشياء فإِنكم إِذا سببتم فاعلها فإِنما يقع السب على الله تعالى لأَنه الفاعل لها لا الدهر، فهذا وجه الحديث؛

292
لسان العرب4

دهر ص 292

قال الأَزهري: و قد فسر الشافعي هذا الحديث بنحو ما فسره أَبو عبيد فظننت أَن أَبا عبيد حكى كلامه، و قيل: معنى نهي النبي، صلى الله عليه و سلم، عن ذم الدهر و سبه أَي لا تسبوا فاعل هذه الأَشياء فإِنكم إِذا سببتموه وقع السب على الله عز و جل لأَنه الفعال لما يريد، فيكون تقدير الرواية الأُولى: فإِن جالب الحوادث و منزلها هو الله لا غير، فوضع الدهر موضع جالب الحوادث لاشتهار الدهر عندهم بذلك، و تقدير الرواية الثانية: فإِن الله هو الجالب للحوادث لا غير ردّاً لاعتقادهم أَن جالبها الدهر. و عامَلَهُ مُدَاهَرَةً و دِهاراً: من الدَّهْرِ؛ الأَخيرة عن اللحياني، و كذلك اسْتَأْجَرَهُ مُدَاهَرَةً و دِهاراً؛ عنه. الأَزهري: قال الشافعي الحِيْنُ يقع على مُدَّةِ الدنيا، و يوم؛ قال: و نحن لا نعلم للحين غاية، و كذلك زمان و دهر و أَحقاب، ذكر هذا في كتاب الإِيمان؛ حكاه المزني في مختصره عنه. و قال شمر: الزمان و الدهر واحد؛ و أَنشد:
إِنَّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلِي بِجُمْلٍ             لَزَمَانٌ يَهُمُّ بالإِحْسانِ‏

فعارض شمراً خالد بن يزيد و خطَّأَه في قوله الزمان و الدهر واحد و قال: الزمان زمان الرطب و الفاكهة و زمان الحرّ و زمان البرد، و يكون الزمان شهرين إِلى ستة أَشهر و الدهر لا ينقطع. قال الأَزهري: الدهر عند العرب يقع على بعض الدهر الأَطول و يقع على مدة الدنيا كلها. قال: و قد سمعت غير واحد من العرب يقول: أَقمنا على ماء كذا و كذا دهراً، و دارنا التي حللنا بها تحملنا دهراً، و إِذا كان هذا هكذا جاز أَن يقال الزمان و الدهر واحد في معنى دون معنى. قال: و السنة عند العرب أَربعة أَزمنة: ربيع و قيظ و خريف و شتاء، و لا يجوز أَن يقال: الدهر أَربعة أَزمنة، فهما يفترقان. و
روى الأَزهري بسنده عن أَبي بكر. رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: أَلا إِنَّ الزمانَ قد اسْتَدارَ كهيئته يومَ خَلَق اللهُ السماواتِ و الأَرضَ، السنةُ اثنا عشر شهراً، أَربعةٌ منها حُرُمٌ: ثلاثَةٌ منها متوالياتٌ: ذو القَعْدَةِ و ذو الحجة و المحرّم، و رجب مفرد.
؛ قال الأَزهري: أَراد بالزمان الدهر. الجوهري: الدهر الزمان. و قولهم: دَهْرٌ دَاهِرٌ كقولهم أَبَدٌ أَبِيدٌ، و يقال: لا آتيك دَهْرَ الدَّاهِرِين أَي أَبداً. و رجل دُهْرِيٌّ: قديم مُسِنٌّ نسب إِلى الدهر، و هو نادر. قال سيبويه: فإِن سميت بِدَهْرٍ لم تقل إِلَّا دَهْرِيٌّ على القياس. و رجل دَهْرِيٌّ: مُلْحِدٌ لا يؤمن بالآخرة، يقول ببقاء الدهر، و هو مولَّد. قال ابن الأَنباري: يقال في النسبة إِلى الرجل القديم دَهْرِيٌّ. قال: و إِن كان من بني دَهْرٍ من بني عامر قلت دُهْرِيٌّ لا غير، بضم الدال، قال ثعلب: و هما جميعاً منسوبان إِلى الدَّهْرِ و هم ربما غيروا في النسب، كما قالوا سُهْلِيٌّ للمنسوب إِلى الأَرض السَّهْلَةِ. و الدَّهارِيرُ: أَوّل الدَّهْرِ في الزمان الماضي، و لا واحد له؛ و أَنشد أَبو عمرو بن العلاء لرجل من أَهل نجد، و قال ابن بري: هو لِعثْيَر «1». بن لبيد العُذْرِيِّ، قال و قيل هو لِحُرَيْثِ بن جَبَلَةَ العُذْري:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْراً و ارْضَيَنَّ بهِ،             فَبَيْنَما العُسْرُ إِذ دَارَتْ مَيَاسِيرُ
و بينما المَرْءُ في الأَحياءِ مُغْتَبَطٌ،             إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعاصِيرُ
 يَبْكِي عليه غَرِيبٌ ليس يَعْرِفُهُ،             و ذُو قَرَابَتهِ في الحَيِّ مَسْرُورُ

__________________________________________________
 (1). قوله: [هو لعثير الخ‏] و قيل لابن عيينة المهلبي، قاله صاحب القاموس في البصائر كذا بخط السيد مرتضى بهامش الأصل.

293
لسان العرب4

دهر ص 292

حتى كأَنْ لم يكن إِلَّا تَذَكُّرُهُ،             و الدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهارِيرُ

قوله: استقدر الله خيراً أَي اطلب منه أَن يقدر لك خيراً. و قوله: فبينما العسر، العسر مبتدأٌ و خبره محذوف تقديره فبينما العسر كائن أَو حاضر. إِذ دارت مياسير أَي حدثت و حلت، و المياسير: جمع ميسور. و قوله: كأَن لم يكن إِلَّا تذكره، يكن تامة و إِلَّا تذكره فاعل بها، و اسم كأَن مضمر تقديره كأَنه لم يكن إِلَّا تذكره، و الهاء في تذكره عائدة على الهاء المقدّرة؛ و الدهر مبتدأٌ و دهارير خبره، و أَيتما حال ظرف من الزمان و العامل فيه ما في دهارير من معنى الشدّة. و قولهم: دَهْرٌ دَهارِيرٌ أَي شديد، كقولهم: لَيْلَةٌ لَيْلاءُ و نهارٌ أَنْهَرُ و يومٌ أَيْوَمُ و ساعَةٌ سَوْعاءُ. و واحدُ الدَّهارِيرَ دَهْرٌ، على غير قياس، كما قالوا: ذَكَرٌ و مَذاكِيرُ و شِبْهٌ و مَشَابهِ، فكأَنها جمع مِذْكارٍ و مُشْبِهٍ، و كأَنّ دَهارِير جمعُ دُهْرُورٍ أَو دَهْرار. و الرَّمْسُ: القبر. و الأَعاصير: جمع إِعصار، و هي الريح تهب بشدّة. و دُهُورٌ دَهارِير: مختلفة على المبالغة؛ الأَزهري: يقال ذلك في دَهْرِ الدَّهارِير. قال: و لا يفرد منه دِهْرِيرٌ؛ و في حديث سَطِيح:
فإِنَّ ذا الدَّهْرَ أَطْواراً دَهارِيرُ
قال الأَزهري: الدَّهارير جمع الدُّهُورِ، أَراد أَن الدهر ذو حالين من بُؤْسٍ و نُعْمٍ. و قال الزمخشري: الدهارير تصاريف الدهر و نوائبه، مشتق من لفظ الدهر، ليس له واحد من لفظه كعباديد. و الدهر: النازلة. و
في حديث موت أَبي طالب: لو لا أَن قريشاً تقول دَهَرَهُ الجَزَعُ لفعلتُ.
يقال: دَهَرَ فلاناً أَمْرٌ إِذا أَصابه مكروه، و دَهَرَهُمْ أَمر نزل بهم مكروه، و دَهَرَ بهم أَمرٌ نزل بهم. و ما دَهْري بكذا و ما دَهْري كذا أَي ما هَمِّي و غايتي. و
في حديث أُم سليم: ما ذاك دَهْرُكِ.
يقال: ما ذاكَ دَهْرِي و ما دَهْرِي بكذا أَي هَمِّي و إِرادتي؛ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرَةَ:
لَعَمْرِي و ما دَهْرِي بِتَأْبِينِ هالِكٍ،             و لا جَزَعاً مما أَصابَ فأَوْجَعَا

و ما ذاك بِدَهْري أَي عادتي. و الدَّهْوَرَةُ: جَمْعُك الشي‏ءَ و قَذْفُكَ به في مَهْوَاةٍ؛ و دَهْوَرْتُ الشي‏ء: كذلك. و
في حديث النجاشي: فلا دَهْوَرَة اليومَ على حِزْبِ إِبراهيم.
كأَنه أَراد لا ضَيْعَةَ عليهم و لا يترك حفظهم و تعهدهم، و الواو زائدة، و هو من الدَّهْوَرَة جَمْعِكَ الشي‏ء و قَذْفِكَ إِياه في مَهْوَاةٍ؛ و دَهْوَرَ اللُّقَمَ منه، و قيل: دَهْوَرَ اللُّقَمَ كبَّرها. الأَزهري: دَهْوَرَ الرجلُ لُقَمَهُ إِذا أَدارها ثم الْتَهَمَها. و
قال مجاهد في قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، قال: دُهْوِرَتْ، و قال الربيع بن خُثَيْمٍ: رُمِيَ بها.
و يقال: طَعَنَه فَكَوَّرَهُ إِذا أَلقاه. و قال الزجاج في قوله: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ؛ أَي في الجحيم. قال: و معنى كبكبوا طُرِحَ بعضهم على بعض، و قال غيره من أَهل اللغة: معناه دُهْوِرُوا. و دَهْوَرَ: سَلَحَ. و دَهْوَرَ كلامَه: قَحَّمَ بعضَه في إِثر بعض. و دَهْوَرَ الحائط: دفعه فسقط. و تَدَهْوَرَ الليلُ: أَدبر. و الدَّهْوَرِيُّ من الرجال: الصُّلْبُ الضَّرْب. الليث: رجل دَهْوَرِيُّ الصوت و هو الصُّلْبُ الصَّوْتِ؛ قال الأَزهري: أَظن هذا خطأً و الصواب جَهْوَرِيُّ الصوت أَي رفيع الصوت. و دَاهِرٌ: مَلِكُ الدَّيْبُلِ، قتله محمد بن القاسم الثقفي‏

294
لسان العرب4

دهر ص 292

ابن عمر الحجاج فذكره جرير و قال:
و أَرْضَ هِرَقْل قد ذَكَرْتُ و داهِراً،             و يَسْعَى لكم من آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ‏

و قال الفرزدق:
فإِني أَنا الموتُ الذي هو نازلٌ             بنفسك، فانْظُرْ كيف أَنْتَ تُحاوِلُهْ‏

فأَجابه جرير:
أَنا الدهرُ يُفْني الموتَ، و الدَّهْرُ خالدٌ،             فَجِئْني بمثلِ الدهرِ شيئاً تُطَاوِلُهْ‏

قال الأَزهري: جعل الدهر الدنيا و الآخرة لأَن الموت يفنى بعد انقضاء الدنيا، قال: هكذا جاء في الحديث. و في نوادر الأَعراب: ما عندي في هذا الأَمر دَهْوَرِيَّة و لا رَخْوَدِيَّةٌ أَي ليس عندي فيه رفق و لا مُهاوَدَةٌ و لا رُوَيْدِيَةٌ و لا هُوَيْدِيَةٌ و لا هَوْدَاء و لا هَيْدَاءُ بمعنى واحد. و دَهْرٌ و دُهَيْرٌ و دَاهِرٌ: أَسماء. و دَهْرٌ: اسم موضع، قال لبيد بن ربيعة:
و أَصْبَحَ رَاسِياً بِرُضَامِ دَهْرٍ،             و سَالَ به الخمائلُ في الرِّهامِ‏

و الدَّوَاهِرُ: رَكايا معروفة؛ قال الفرزدق:
إِذاً لأَتَى الدَّوَاهِرَ، عن قريبٍ،             بِخِزْيٍ غيرِ مَصْرُوفِ العِقَالِ‏

دهدر:
الدُّهْدُرُّ: الباطلُ، و منه قولهم دُهْدُرَّيْنِ و دُهْدُرَّيْهِ للرجل الكذوب. أَبو زيد: العرب تقول دُهْدُرَّانِ لا يغنيان عنك شيئاً. و دُهْدُرَّيْنِ: اسم لِبَطَلَ؛ قال ذلك أَبو علي. و من كلامهم: دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ أَي بَطَلَ سعدُ القَيْنُ بأَن لا يُسْتَعْمَلَ و ذلك لتشاغل الناس بما هم فيه من الشدّة أَو القحط. و يقال: سَاعدُ القَيْنُ، و يقال: دُهْدُرَّانِ لا يُغْني عَنْكَ شيئاً.
دهشر:
أَبو عمرو: الدَّهْشَرَةُ الناقة الكبيرة و العَجَمْجَمَةُ الشديدة.
دهكر:
الدَّهْكَرُ: القصير. و التَّدَهْكُرُ: التدحرج في المشية و تَدَهْكَرَ عليه: تَنَزَّى.
دور:
دَارَ الشي‏ءُ يَدُورُ دَوْراً و دَوَرَاناً و دُؤُوراً و اسْتَدَارَ و أَدَرْتُه أَنا و دَوَّرْتُه و أَدَارَه غيره و دَوَّرَ به و دُرْتُ به و أَدَرْت اسْتَدَرْتُ، و دَاوَرَهُ مُدَاوَرَةً و دِوَاراً: دَارَ معه؛ قال أَبو ذؤيب:
حتى أُتِيح له يوماً بِمَرْقَبَةٍ             ذُو مِرَّةٍ، بِدِوَارِ الصَّيْدِ، وَجَّاسُ‏

عدّى وجاس بالباء لأَنه في معنى قولك عالم به. و الدهر دَوَّارٌ بالإِنسان و دَوَّارِيٌّ أَي دائر به على إِضافة الشي‏ء إِلى نفسه؛ قال ابن سيدة: هذا قول اللغويين، قال الفارسي: هو على لفظ النسب و ليس بنسب، و نظيره بُخْتِيٌّ و كُرْسيٌّ و من المضاعف أَعْجَمِيٌّ في معنى أَعجم. الليث: الدَّوَّارِيُّ الدَّهْرُ الدائرُ بالإِنسان أَحوالًا؛ قال العجاج:
و الدَّهْرُ بالإِنسانِ دَوَّارِيُّ،             أَفْنَى القُرُونَ، و هو قَعْسَرِيُ‏

و يقال: دَارَ دَوْرَةً واحدةً، و هي المرة الواحدة يدُورُها. قال: و الدَّوْرُ قد يكون مصدراً في الشعر و يكون دَوْراً واحداً من دَوْرِ العمامة، و دَوْرِ الخيل و غيره عام في الأَشياء كلها. و الدُّوَارُ و الدَّوَارُ: كالدَّوَرَانِ يأْخذ في الرأْس. و دِيرَ به و عليه و أُدِيرَ به: أَخذه الدُّوَارُ من‏

295
لسان العرب4

دور ص 295

دُوَارِ الرأْس. و تَدْوِيرُ الشي‏ء: جعله مُدَوَّراً. و
في الحديث: إِن الزمان قد اسْتَدَار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأَرض.
يقال: دَارَ يَدُورُ و استدار يستدير بمعنى إِذا طاف حول الشي‏ء و إِذا عاد إِلى الموضع الذي ابتدأَ منه؛ و معنى الحديث أَن العرب كانوا يؤخرون المحرم إِلى صفر، و هو النسي‏ء، ليقاتلوا فيه و يفعلون ذلك سنة بعد سنة فينتقل المحرم من شهر إِلى شهر حتى يجعلوه في جميع شهور السنة، فلما كانت تلك السنة كان قد عاد إِلى زمنه المخصوص به قبل النقل و دارت السنة كهيئتها الأُولى. و دُوَّارَةُ الرأْس و دَوَّارَتُه: طائفة منه. و دَوَّارَةُ البطن و دُوَّارَتُه؛ عن ثعلب: ما تَحَوَّى من أَمعاء الشاة. و الدَّائرة و الدَّارَةُ، كلاهما: ما أَحاط بالشي‏ء. و الدَّارَةُ: دَارَةُ القمر التي حوله، و هي الهَالَةُ. و كل موضع يُدَارُ به شي‏ء يَحْجُرُه، فاسمه دَارَةٌ نحو الدَّاراتِ التي تتخذ في المباطخ و نحوها و يجعل فيها الخمر؛ و أَنشد:
تَرَى الإِوَزِّينَ في أَكْنافِ دَارَتها             فَوْضَى، و بين يديها التِّبْنُ مَنْثُورُ

قال: و معنى البيت أَنه رأَى حَصَّاداً أَلقى سنبله بين يدي تلك الإِوز فقلعت حبّاً من سنابله فأَكلت الحب و افتضحت التبن. و
في الحديث: أَهل النار يحترقون إِلا دارات وجوههم.
؛ هي جمع دارة، و هو ما يحيط بالوجه من جوانبه، أَراد أَنها لا تأْكلها النار لأَنها محل السجود. و دارة الرمل: ما استدار منه، و الجمع دَارَاتٌ و دُورٌ؛ قال العجاج:
 من الدَّبِيلِ ناشِطاً لِلدُّورِ
الأَزهري: ابن الأَعرابي: الدِّيَرُ الدَّارَاتُ في الرمل. ابن الأَعرابي: يقال دَوَّارَةٌ و قَوَّارَةٌ لكل ما لم يتحرك و لم يَدُرْ، فإِذا تحرك و دار، فهو دَوَّارَةٌ و قَوَّارَةٌ. و الدَّارَةُ: كل أَرض واسعة بين جبال، و جمعها دُورٌ و دَارَات؛ قال أَبو حنيفة: و هي تُعَدُّ من بطون الأَرض المنبتة؛ و قال الأَصمعي: هي الجَوْبَةُ الواسعة تَحُفُّها الجبال، و للعرب دارات؛ قال محمد بن المكرم: وجدت هنا في بعض الأُصول حاشية بخط سيدنا الشيخ الإِمام المفيد بهاء الدين محمد بن الشيخ محيي الدين إبراهيم بن النحاس النحوي، فسح الله في أَجله: قال كُرَاعٌ الدارةُ هي البُهْرَةُ إِلا أَن البُهْرَة لا تكون إِلا سهلة و الدارة تكون غليظة و سهلة. قال: و هذا قول أَبي فَقْعَسٍ. و قال غيره: الدارة كلُّ جَوْبَةٍ تنفتح في الرمل، و جمعها دُورٌ كما قيل ساحة و سُوحٌ. قال الأَصمعي: و عِدَّةٌ من العلماء، رحمهم الله تعالى دخل كلام بعضهم في كلام بعض: فمنها دارة جُلْجُل و دارةُ القَلْتَيْنِ و دارةُ خَنْزَرٍ و دارةُ صُلْصُلٍ و دارةُ مَكْمَنٍ و دارةُ مَاسِلٍ و دارة الجَأْبِ و دارة الذِّئْبِ و دارة رَهْبى و دارةُ الكَوْرِ و دارةُ موضوع و دارةُ السَّلَمِ و دارةُ الجُمُدِ و دارةُ القِدَاحِ و دارةُ رَفْرَفٍ و دارةُ قِطْقِطٍ و دارةُ مُحْصَنٍ و دارةُ الخَرْجِ و دارة وَشْحَى و دارةُ الدُّورِ، فهذه عشرون دَارَةً و على أَكثرها شواهد، هذا آخر الحاشية. و الدَّيِّرَةُ من الرمل: كالدَّارةِ، و الجمع دَيِّرٌ، و كذلك التَّدْوِرَةُ، و أَنشد سيبويه لابن مقبل:
بِتْنَا بِتَدْوِرَة يُضِي‏ءُ وُجُوهَنَا             دَسَمُ السَّلِيطِ، يُضِي‏ءُ فَوْقَ ذُبال‏

296
لسان العرب4

دور ص 295

و يروى:
بتنا بِدَيِّرَةٍ يضي‏ء وجوهنا
و الدَّارَةُ: رمل مستدير، و هي الدُّورَةُ، و قيل: هي الدُّورَةُ و الدَّوَّارَةُ و الدَّيِّرَةُ، و ربما قعدوا فيها و شربوا. و التَّدْوِرَةُ. المجلسُ؛ عن السيرافي. و مُدَاوَرَةُ الشُّؤُون: معالجتها. و المُدَاوَرَةُ: المعالجة؛ قال سحيم بن وثيل:
أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي،             و نَجَّدَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّؤُونِ‏

و الدَّوَّارَةُ: من أَدوات النَّقَّاشِ و النَّجَّارِ لها شعبتان تنضمان و تنفرجان لتقدير الدَّارات. و الدَّائِرَةُ في العَرُوض: هي التي حصر الخليل بها الشُّطُورَ لأَنها على شكل الدائرة التي هي الحلقة، و هي خمس دوائر: الأُولى فيها ثلاثة أَبواب الطويل و المديد و البسيط، و الدائرة الثانية فيها بابان الوافر و الكامل، و الدائرة الثالثة فيها ثلاثة أَبواب الهزج و الرجز و الرمل، و الدائرة الرابعة فيها ستة أَبواب السريع و المنسرح و الخفيف و المضارع و المقتضب و المجتث، و الدائرة الخامسة فيها المتقارب فقط. و الدائرة: الشَّعَرُ المستدير على قَرْنِ الإِنسان؛ قال ابن الأَعرابي: هو موضع الذؤابة. و من أَمثالهم: ما اقْشَعَرَّتْ له دائرتي؛ يضرب مثلًا لمن يَتَهَدَّدُكَ بالأَمر لا يضرك. و دائرة رأْس الإِنسان: الشعر الذي يستدير على القَرْنِ، يقال: اقشعرت دائرته. و دائرة الحافر: ما أَحاط به من التبن. و الدائرة: كالحلقة أَو الشي‏ء المستدير. و الدائرة: واحدة الدوائر؛ و في الفرس دوائر كثيرة: فدائرة القَالِع و النَّاطِحِ و غيرهما؛ و قال أَبو عبيدة: دوائر الخيل ثماني عشرة دائرة: يكره منها الهَقْعَةُ، و هي التي تكون في عُرضِ زَوْرِه، و دائرة القَالِعِ، و هي التي تكون تحت اللِّبْدِ، و دائرة النَّاخِسِ، و هي التي تكون تحت الجَاعِرَتَيْنِ إِلى الفَائِلَتَيْنِ، و دائرةُ اللَّطَاةِ في وسط الجبهة و ليست تكره إِذا كانت واحدة فإِن كان هناك دائرتان قالوا: فرس نَطِيحٌ، و هي مكروهة و ما سوى هذه الدوائر غير مكروهة. و دَارَتْ عليه الدَّوائِرُ أَي نزلت به الدواهي. و الدائرة: الهزيمة و السوء. يقال: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ
. و
في الحديث: فيجعل الدائرة عليهم.
أَي الدَّوْلَة بالغلبة و النصر. و قوله عز و جل: وَ يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ
؛ قيل: الموت أَو القتل. و الدُّوَّارُ: مستدار رمل تَدُورُ حوله الوحش؛ أَنشد ثعلب:
فما مُغْزِلٌ أَدْماءُ نام غَزَالُها،             بِدُوَّارِ نِهْيٍ ذي عَرَارٍ و حُلَّبِ‏
بأَحْسَنَ من لَيْلَى، و لا أُمُّ شَادِنٍ             غَضِيضَةُ طَرْفٍ رُعْتُها وَسْطَ رَبْرَبِ‏

و الدائرة: خشبة تركز وسط الكُدْسِ تَدُورُ بها البقر. الليث: المَدَارُ مَفْعَلٌ يكون موضعاً و يكون مصدراً كالدَّوَرَانِ، و يجعل اسماً نحو مَدَار الفَلَكِ في مَدَارِه. و دُوَّارٌ، بالضم: صنم، و قد يفتح، و في الأَزهري: الدَّوَّارُ صنم كانت العرب تنصبه يجعلون موضعاً حوله يَدُورُون به، و اسم ذلك الصنم و الموضع الدُّوَارُ؛ و منه قول إمرئ القيس:
فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كأَنَّ نِعاجَهُ             عَذَارَى دُوَارٍ، في مُلاءٍ مُذَيَّلِ‏

السرب: القطيع من البقر و الظباء و غيرها، و أَراد

297
لسان العرب4

دور ص 295

به هاهنا البقر، و نعاجه إِناثه، شبهها في مشيها و طول أَذنابها بِجَوَارٍ يَدُرْنَ حول صنم و عليهن الملاء. و المذيل: الطويل المهدّب. و الأَشهر في اسم الصنم دَوَارٌ، بالفتح، و أَما الدُّوَارُ، بالضم، فهو من دُوَارِ الرأْس، و يقال في اسم الصنم دُوارٌ، قال: و قد تشدد فيقال دُوَّارٌ. و قوله تعالى: نَخْشى‏ أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ
؛ قال أَبو عبيدة: أَي دَوْلَةٌ، و الدوائر تَدُورُ و الدَّوائل تَدولُ. ابن سيدة: و الدَّوَّار و الدُّوَّارُ؛ كلاهما عن كراع، من أَسماء البيت الحرام. و الدَّارُ: المحل يجمع البناء و العرصة، أُنثى؛ قال ابن جني: هي من دَارَ يَدُورُ لكثرة حركات الناس فيها، و الجمع أَدْوُرٌ و أَدْؤُرٌ في أَدنى العدد و الإِشمام للفرق بينه و بين أَفعل من الفعل و الهمز لكراهة الضمة على الواو؛ قال الجوهري: الهمزة في أَدؤر مبدلة من واو مضمومة، قال: و لك أَن لا تهمز، و الكثير دِيارٌ مثل جبل و أَجْبُلٍ و جِبالٍ. و
في حديث زيارة القبور: سلامٌ عليكم دَارَ قَوْمٍ مؤمنين.
؛ سمي موضع القبور داراً تشبيهاً بدار الأَحياء لاجتماع الموتى فيها. و
في حديث الشفاعة: فأَسْتَأْذِنُ على رَبِّي في دَارِه.
؛ أَي في حضرة قدسه، و قيل: في جنته، فإِن الجنة تسمى دار السلام، و الله عز و جل هو السلام، قال ابن سيدة في جمع الدار: آدُرٌ، على القلب، قال: حكاها الفارسي عن أَبي الحسن؛ و دِيارَةٌ و دِيارَاتٌ و دِيرَانٌ و دُورٌ و دُورَاتٌ؛ حكاها سيبويه في باب جمع الجمع في قسمة السلامة. و الدَّارَةُ: لغة في الدَّارِ. التهذيب: و يقال دِيَرٌ و دِيَرَةٌ و أَدْيارٌ و دِيرَانٌ و دَارَةٌ و دَارَاتٌ و دُورٌ و دُورَانٌ و أَدْوَارٌ و دِوَارٌ و أَدْوِرَةٌ؛ قال: و أَما الدَّارُ فاسم جامع للعرصة و البناء و المَحَلَّةِ. و كلُّ موضع حل به قوم، فهو دَارُهُمْ. و الدنيا دَارُ الفَناء، و الآخرة دارُ الْقَرارِ
 و دارُ السَّلامِ‏
. قال: و ثلاث أَدْؤُرٍ، همزت لأَن الأَلف التي كانت في الدار صارت في أَفْعُلٍ في موضع تحرّك فأُلقي عليها الصرف و لم تردّ إِلى أَصلها. و يقال: ما بالدار دَيَّارٌ أَي ما بها أَحد، و هو فَيْعَالٌ من دار يَدُورُ. الجوهري: و يقال ما بها دُورِيٌّ و ما بها دَيَّارٌ أَي أَحد، و هو فَيْعَالٌ من دُرْتُ و أَصله دَيْوَارٌ؛ قالوا: و إِذا وقعت واو بعد ياء ساكنة قبلها فتحة قلبت ياء و أُدغمت مثل أَيَّام و قَيَّام. و ما بالدّارِ دُورِيٌّ و لا دَيَّارٌ و لا دَيُّورٌ على إِبدال الواو من الياء، أَي ما بها أَحد، لا يستعمل إِلا في النفي، و جمع الدَّيَّارِ و الدَّيُّورِ لو كُسِّرَ دَواوِيرُ، صحت الواو لبعدها من الطرف؛ و
في الحديث: أَ لا أُنبئكم بخير دُورِ الأَنصار؟ دُورُ بني النَّجَّارِ ثم دُور بني عَبْدِ الأَشْهَلِ و في كلِّ دُورِ الأَنصارِ خَيْرٌ.
؛ الدُّورُ: جمع دار، و هي المنازل المسكونة و المَحَالُّ، و أَراد به هاهنا القبائل؛ و الدُّورُ هاهنا: قبائل اجتمعت كل قبيلة في مَحَلَّةٍ فسميت المَحَلَّةُ دَاراً و سمي ساكنوها بها مجازاً على حذف المضاف، أَي أَهل الدُّورِ. و
في حديث آخر: ما بقيتْ دَارٌ إِلَّا بُنِيَ فيها مسجد.
؛ أَي ما بقيت قبيلة. و أَما
قوله، عليه السلام: و هل ترك لنا عَقِيلٌ من دار؟.
فإِنما يريد به المنزل لا القبيلة. الجوهري: الدار مؤنثة و إِنما قال تعالى: وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ
؛ فذكَّر على معنى المَثْوَى و الموضع، كما قال عز و جل: نِعْمَ الثَّوابُ وَ حَسُنَتْ مُرْتَفَقاً، فأَنث على المعنى. و الدَّارَةُ أَخص من الدَّارِ؛ و
في حديث أَبي هريرة:
يا لَيْلَةً من طُولها و عَنَائِها،             على أَنها من دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ.

298
لسان العرب4

دور ص 295

و يقال للدَّارِ: دَارَة. و قال ابن الزِّبَعْرَى: و في الصحاح قال أُمية بن أَبي الصلت يمدح عبد الله بن جُدْعان:
لَهُ دَاعٍ بمكةَ مُشْمَعِلٌّ،             و آخَرُ فَوْقَ دَارَتِه يُنادِي‏

و المُدَارَات: أُزُرٌ فيها دَارَاتٌ شَتَّى؛ و قال الشاعر:
و ذُو مُدَارَاتٍ على حَصِير
و الدَّائِرَةُ: التي تحت الأَنف يقال لها دَوَّارَةٌ و دَائِرَةٌ و دِيرَةٌ. و الدَّارُ: البلد. حكى سيبويه: هذه الدَّارُ نعمت البلدُ فأَنث البلد على معنى الدار. و الدار: اسم لمدينة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم. و في التنزيل العزيز: وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ‏
. و الدَّارِيُّ: اللازِمُ لداره لا يبرح و لا يطلب معاشاً. و في الصحاح: الدَّارِيُّ رَبُّ النِّعَمِ، سمي بذلك لأَنه مقيم في داره فنسب إِليها؛ قال:
لَبِّثْ قليلًا يُدْرِكِ الدَّارِيُّون،             ذَوُو الجيادِ الُبدَّنِ المَكْفِيُّون،
سَوْفَ تَرَى إِن لَحِقُوا ما يُبْلُون‏

يقول: هم أَرباب الأَموال و اهتمامهم بإِبلهم أَشد من اهتمام الراعي الذي ليس بمالك لها. و بَعِيرٌ دَارِيٌّ: متخلف عن الإِبل في مَبْرَكِه، و كذلك الشاة و الدَّارِيُّ: المَلَّاحُ الذي يلي الشِّرَاعَ. و أَدَارَهُ عن الأَمر و عليه و دَاوَرَهُ: لاوَصَهُ. و يقال: أَدَرْتُ فلاناً على الأَمر إِذا حاوَلْتَ إِلزامَه إِياه، و أَدَرْتُهُ عن الأَمر إِذا طلبت منه تركه؛ و منه قوله:
يُديرُونَنِي عن سَالِمٍ و أُدِيرُهُمْ،             و جِلْدَةُ بينَ العَيْنِ و الأَنْفِ سَالِمُ‏

و
في حديث الإِسراء: قال له موسى، عليه السلام: لقد دَاوَرْتُ بني إِسرائيل على أَدْنَى من هذا فَضَعُفُوا.
؛ هو فاعَلْتُ من دَارَ بالشي‏ء يَدُورُ به إِذا طاف حوله، و يروى: رَاوَدْتُ. الجوهري: و المُدَارَةُ جِلْدٌ يُدَارُ و يُخْرَزُ على هيئة الدلو فيستقى بها؛ قال الراجز:
لا يَسْتَقِي في النَّزَحِ المَضْفُوفِ             إِلَّا مُدَارَاتُ الغُرُوبِ الجُوفِ‏

يقول: لا يمكن أَن يستقى من الماء القليل إِلا بدلاء واسعة الأَجواف قصيرة الجوانب لتنغمس في الماء و إِن كان قليلًا فتمتلئ منه؛ و يقال: هي من المُدَارَاةِ في الأُمور، فمن قال هذا فإِنه ينصب التاء في موضع الكسر، أَي بمداراة الدلاء، و يقول لا يستقى على ما لم يسمَّ فاعله. و دَارٌ: موضع؛ قال ابن مقبل:
عادَ الأَذِلَّةُ في دَارٍ، و كانَ بها             هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلَّامُونَ للجُزُرِ

و ابنُ دَارَةَ: رجل من فُرْسَانِ العرب؛ و في المثل:
محا السَّيْفُ ما قال ابنُ دَارَةَ أَجْمَعَا

و الدَّارِيُّ: العَطَّارُ، يقال: إِنه نُسِبَ إِلى دَارِينَ فُرْضَةٍ بالبَحْرَيْنِ فيها سُوق كان يحمل إِليها مِسْكٌ من ناحية الهند؛ و قال الجعدي:
أُلْقِيَ فيها فِلْجانِ من مِسْكِ دَارِينَ،             و فِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ‏

و
في الحديث: مَثَلُ الجَلِيس الصالِح مَثَلُ الدَّارِيِّ إِن لم يُحْذِكَ من عِطْرِه عَلِقَكَ من ريحه.
؛ قال الشاعر:
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بفَأْرَةٍ             من المِسْكِ، رَاحَتْ في مَفَارِقِها تَجْري‏

299
لسان العرب4

دور ص 295

و الدَّارِيُّ، بتشديد الياء: العَطَّارُ، قالوا: لأَنه نسب إِلى دَارِينَ، و هو موضع في البحر يؤتى منه بالطيب؛ و منه‏
كلام عليّ، كرّم الله وجهه: كأَنه قِلْعٌ دَارِيٌّ.
أَي شِراعٌ منسوب إِلى هذا الموضع البحري؛ الجوهري: و قول زُمَيْلٍ الفَزَارِيِّ:
فلا تُكْثِرَا فيه المَلامَةَ، إِنَّهُ             مَحا السَّيْفُ ما قالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعا

قال ابن بري: الشعر للكُمَيت بن مَعْرُوف، و قال ابن الأَعرابي: هو للكميت بن ثعلبة الأَكبر؛ قال: و صدره:
فلا تُكْثِرُوا فيه الضَّجَاجَ، فإِنه             مَحا السَّيْفُ .....

و الهاء في قوله فيه تعود على العقل في البيت الذي قبله، و هو:
خُذُوا العَقْلَ، إِنْ أَعْطاكمُ العَقْلَ قَومُكُم،             و كُونُوا كمن سَنَّ الهَوَانَ فَأَرْتَعَا

قال: و سبب هذا الشعر أَن سالم بن دارة هجا فَزَارَةَ و ذكر في هجائه زُمَيْلَ بن أُم دينار الفَزَارِيَّ فقال:
أَبْلِغْ فَزَارَةَ أَنِّي لن أُصالِحَها،             حتى يَنِيكَ زُمَيْلٌ أُمَّ دِينارِ

ثم إِن زميلًا لقي سالم بن دارة في طريق المدينة فقتله و قال:
أَنا زُمَيْلٌ قاتِلُ ابنِ دَارَهْ،             و رَاحِضُ المَخْزَاةِ عن فَزَارَهْ‏

و يروى:
و كاشِفُ السُّبَّةِ عن فَزَارَهْ.

و بعده:
ثم جَعَلْتُ أَعْقِلُ البَكَارَهْ‏

جمع بَكْرٍ. قال: يعقل المقتول بَكارَةً. و مَسَانّ و عبدُ الدَّار: بطنٌ من قريش النسب إِليهم عَبْدَرِيٌّ؛ قال سيبويه: و هو من الإِضافة التي أُخذ فيها من لفظ الأَول و الثاني كما أُدخلت في السِّبَطْر حروفُ السَّبِطِ؛ قال أَبو الحسن: كأَنهم صاغوا من عَبْدِ الدَّارِ اسماً على صيغة جَعْفَرٍ ثم وقعت الإِضافة إِليه. و دارِين: موضع تُرْفَأُ إِليه السُّفُنُ التي فيها المسك و غير ذلك فنسبوا المسك إِليه، و سأَل كسرى عن دارين: متى كانت؟ فلم يجد أَحداً يخبره عنها إِلا أَنهم قالوا: هي عَتِيقَةٌ بالفارسية فسميت بها. و دَارَانُ: موضع؛ قال سيبويه: إِنما اعتلَّت الواو فيه لأَنهم جعلوا الزيادة في آخره بمنزلة ما في آخره الهاء و جعلوه معتلًّا كاعتلاله و لا زيادة فيه و إِلا فقد كان حكمه أَن يصح كما صح الجَوَلانُ و دَارَاءُ: موضع؛ قال:
لَعَمْرُكَ ما مِيعادُ عَيْنِكَ و البُكَا             بِدَارَاءَ إِلا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ‏

و دَارَةُ: من أَسماء الداهية، معرفة لا ينصرف؛ عن كراع، قال:
يَسْأَلْنَ عن دَارَةَ أَن تَدُورَا

و دَارَةُ الدُّور: موضع، و أُراهم إِنما بالغوا بها، كما تقول: رَمْلَةُ الرِّمالِ. و دُرْنَى: اسم موضع، سمي على هذا بالجملة، و هي فُعْلى. و دَيْرُ النصارى: أَصله الواو، و الجمع أَدْيارٌ. و الدَّيْرَانِيُّ: صاحب الدَّيْرِ. و قال ابن الأَعرابي: يقال للرجل إِذا رأَس أَصحابه: هو رأْس الدَّيْرِ.
دير:
التهذيب: الدير الدارات في الرمل، و دَيْرُ النصارى، أَصله الواو، و الجمع أَدْيارٌ. و الدَّيْرَانِيُّ: صاحب‏

300
لسان العرب4

دير ص 300

الدَّيْرِ. ابن سيدة: الدَّيْرُ خان النصارى؛ و في التهذيب: دَيْرُ النصارى، و الجمع أَدْيارٌ، و صاحبه الذي يسكنه و يعمره دَيَّارٌ و دَيْرَانِيٌّ، نسب على غير قياس. قال ابن سيدة: و إِنما قلنا إِنه من الياء و إِن كان دور أَكْثَرَ و أَوسع لأَن الياء قد تصرفت في جمعه و في بناء فَعَّالٍ، و لم نقل إِنها معاقبة لأَن ذلك لو كان لكان حَرِيّاً أَن يسمع في وجه من وجوه تصاريفه. ابن الأَعرابي: يقال للرجل إِذا رأَس أَصحابه: هو رأْس الدَّيْرِ.
فصل الذال المعجمة
ذأر:
ذَئِرَ الرجلُ: فَزِعَ. و ذَئِرَ ذَأَراً، فهو ذَئِرٌ: غضب؛ قال عبيد بن الأَبرص:
لما أَتاني عن تَمِيمٍ أَنَّهُمْ             ذَئِرُوا لَقَتْلَى عامِرٍ، و تَغَضَّبُوا

يعني نَفَرُوا من ذلك و أَنكروه، و يقال: أَنِفوا من ذلك، و يقال: إِن شُؤونك لَذَئِرَةٌ. و قد ذَئِرَه أَي كرهه و انصرف عنه. ابن الأَعرابي: الذَّائِرُ الغضبان. و الذَّائِرُ: النَّفُور. و الذَّائِرُ: الأَنِفُ. الليث: ذَئِرَ إِذا اغتاظ على عدوّه و استعدَّ لمُوَاثَبَتِه. و أَذْأَرَهُ عليه: أَغْضَبَهُ و قَلَبَه؛ أَبو عبيد: و لم يكفه ذلك حتى أَبدله فقال: أَذْرَأَني، و هو خطأٌ. أَبو زيد: أَذْأَرْتُ الرجلَ بصاحبه إِذْآراً أَي حَرَّشْتُهُ و أَولعته به. و قد ذَئِرَ عليه حين أَذْأَرْتُه أَي اجْتَرَأَ عليه. و أَذْأَرَهُ الشي‏ء: أَلْجَأَهُ. و أَذْأَرَهُ بصاحبه: أَغراه. و ذَئِرَ بذلك الأَمر ذَأَراً: ضَرِيَ به و اعتاده. و ذَئِرَتِ المرأَةُ على بعلها، و هي ذَائِرٌ: نَشَزَتْ و تَغَيَّرَ خُلُقها. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، لما نهى عن ضرب النساء ذَئِرْنَ على أَزواجهنّ.
؛ قال الأَصمعي: أَي نَفَرْنَ و نَشَزْنَ و اجْتَرأْنَ؛ يقال منه: امرأَة ذَئِرٌ على مثال فَعِلٍ. و في الصحاح: امرأَة ذَائِرٌ على فاعِلٍ مِثْلُ الرجلِ. يقال: ذَئِرَتِ المرأَةُ تَذْأَرُ، فهي ذَئِرُ و ذائر أَي ناشز؛ و كذلك الرجل. و أَذْأَرَهُ: جَرَّأَهُ؛ و منه قول أَكْثَمَ بن صَيْفِيٍّ: سُوءُ حَمْلِ الفَاقَةِ يُحْرِضُ الحَسَبَ و يُذْئِرُ العَدُوَّ؛ يُحْرِضُه: يُسْقِطُه. و ذَاءَرَتِ الناقةُ، و هي مُذائِرٌ: ساء خُلُقها، و قيل: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها و لا يَصْدُقُ حُبُّها. أَبو عبيد: ذاءَرَتِ الناقةُ على فاعَلَتْ، فهي مُذائِرٌ إِذا ساء خلقها، و كذلك المرأَة إِذا نَشَزَتْ؛ قال الحطيئة: ذارَتْ بأَنفها، من هذا، فخففه، و قيل: التي تَنْفِرُ عن الولد ساعةَ تَضَعُهُ. و الذِّئارُ: سِرْقِينٌ مختلط بتراب يطلى على أَطْباءِ الناقةِ لئلا يَرْضَعَها الفصيلُ، و قد ذَأَرَها.
ذبر:
الذَّبْرُ: الكتابة مثل الزَّبْرِ. ذَبَرَ الكتابَ يَذْبُرُه و يَذْبِرُه ذَبْراً و ذَبَّرَه، كلاهما: كتبه؛ و أَنشد الأَصمعي لأَبي ذؤيب:
عَرَفْتُ الدِّيَارَ كَرَقْمِ الدَّوَاةِ،             يَذْبُرُها الكاتِبُ الحِمْيَري‏

و قيل: نَقَطَهُ، و قيل: قرأَه قِراءةً خَفِيَّةً، و قيل: الذَّبْرُ كل قراءة خفية؛ كل ذلك بلغة هذيل؛ قال صخر الغيّ:
فيها كتابٌ ذَبْرٌ لِمُقْتَرِئٍ،             يَعْرِفُه أَلْبُهُمْ و مَنْ حَشَدُوا

ذَبْرٌ: بَيِّنٌ، أَراد. كتاباً مذبوراً فوضع المصدر موضع المفعول. و أَلْبُهُمْ: من كان هواه معهم؛

301
لسان العرب4

ذبر ص 301

تقول: بنو فلان أَلْبٌ واحد. و حَشَدُوا أَي جمعوا. ابن الأَعرابي في قول‏
النبي، صلى الله عليه و سلم، أَهل الجنة خمسة أَصناف: منهم الذي لا ذَبْرَ له.
أَي لا نطق له و لا لسان له يتكلم به من ضعفه، من قولك: ذَبَرْتُ الكتابَ أَي قرأْته. قال: و زَبَرْتُه أَي كتبته، ففرق بين ذَبَرَ و زَبَرَ. و الذَّبْرُ في الأَصل: القراءة. و كتاب ذَبِرٌ: سهلُ القراءة؛ و قيل: المعنى لا فهم له من ذَبَرْتُ الكتابَ إِذا فَهِمْتَه و أَتقنته، و يروى بالزاي و سيجي‏ء. الأَصمعي: الذِّبارُ الكُتُبُ، واحدها ذَبْرٌ؛ قال ذو الرمة:
أَقولُ لِنَفْسِي، واقِفاً عند مُشْرِفٍ،             على عَرَصاتٍ كالذِّبارِ النَّوَاطِقِ‏

و بعض يقول: ذَبَرَ كَتَبَ. و يقال: ذَبَرَ يَذْبُرُ إِذا نظر فأَحسن النظر. و
في حديث ابن جُدْعانَ: أَنا مُذابِرٌ.
أَي ذاهب، و التفسير في الحديث. و ثوبٌ مُذَبَّرٌ: مُنَمْنَمٌ؛ يمانية. و الذُّبُور: العِلمُ و الفِقْهُ بالشي‏ء. و ذَبَرَ الخَبَرَ: فهِمه. ثعلب: الذَّابِرُ المُتْقِنُ للعلم. يقال: ذَبَرَه يَذْبُرُه؛ و منه‏
الخبر: كان معاذ يَذْبُرُه عن رسول الله، صلى الله عليه و سلم.
أَي يتقنه ذَبْراً و ذَبارَةً. و يقال: ما أَرْصَنَ ذَبارَتَهُ. ابن الأَعرابي: ذَبَرَ أَتقن و ذَبَرَ غَضِبَ و الذَّابِرُ المتقن، و يروى بالدال و قد تقدم. و
في حديث النجاشي: ما أُحِبُّ أَن لي ذَبْراً من ذهب.
أَي جبلًا بلغتهم، و يروى بالدال و قد تقدم.
ذحر:
قال الأَزهري: لم أَجده مستعملًا في شي‏ء من كلامهم.
ذخر:
ذَخَرَ الشي‏ءَ يَذْخُرُه ذُخْراً و اذَّخَرَهُ اذِّخاراً: اختاره، و قيل: اتخذه، و كذلك اذَّخَرْتُه، و هو افتعلت. و في حديث الضحية:
كُلُوا و ادَّخِرُوا.
؛ و أَصله اذْتَخَرَهُ فثقلت التاء التي للافتعال مع الذال فقلبت ذالًا و أُدغمت فيها الذال الأَصلية فصارت ذالًا مشدّدة، و مثله الاذِّكارُ من الذِّكْرِ. و قال الزجاج في قوله تعالى: تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ‏
؛ أَصله تَذْتَخِرُون لأَن الذال حرف مجهور لا يمكن النفَس أَن يجري معه لشدة اعتماده في مكانه و التاء مهموسة، فأُبدل من مخرج التاء حرف مجهور يشبه الذال في جهرها و هو الدال فصار تَدَّخِرُون، و أَصل الإِدغام أَن تدغم الأَول في الثاني. قال: و من العرب من يقول تَذَّخِرُون، بذال مشدّدة، و هو جائز و الأَول أَكثر. و الذَّخِيرَةُ: واحدة الذَّخائِر، و هي ما ادُّخِرَ؛ قال:
لَعَمْرُكَ ما مالُ الفَتَى بِذَخِيرَةٍ،             و لكنَّ إِخْوانَ الصَّفَاء الذَّخائِرُ

و كذلك الذُّخْرُ، و الجمع أَذْخارٌ. و ذَخَرَ لنفسه حديثاً حَسَناً: أَبقاه، و هو مَثَلٌ بذلك. و
في حديث أَصحاب المائدة: أُمِرُوا أَن لا يَدَّخِرُوا فادَّخَرُوا.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا ينطق بها، بالدال المهملة. و أَصل الادِّخارِ اذْتِخارٌ، و هو افتعال من الذَّخْرِ. و يقال: اذْتَخَرَ يَذْتَخِرُ فهو مُذْتَخِرٌ، فلما أَرادوا أَن يُدْغِمُوا لِيَخِفَّ النطق قلبوا التاء إِلى ما يقاربها من الحروف، و هو الدال المهملة، لأَنهما من مخرج واحد فصارت اللفظة مُذْدَخِرٌ بذال و دال، و لهم فيه حينئذٍ مذهبان: أَحدهما، و هو الأَكثر، أَن تقلب الذال المعجمة دالًا مشددة، و الثاني، و هو الأَقل، أَن تقلب الدال المهملة ذالًا و تدغم فيها فتصير ذالًا مشدّدة معجمة، و هذا العمل مطرد في أَمثاله نحو ادَّكَرَ و اذَّكَرَ، و اتَّغَرَ و اثَّغَرَ. و المَذْخَرُ: العَفِجُ.

302
لسان العرب4

ذخر ص 302

و الإِذْخِرُ: حشيش طيب الريح أَطول من الثِّيْلِ ينبت على نِبتة الكَوْلانِ، واحدتها إِذْخِرَةٌ، و هي شجرة صغيرة؛ قال أَبو حنيفة: الإِذْخِرُ له أَصل مُنْدَفِنٌ دِقاقٌ دَفِرُ الريح، و هو مثل أَسَلِ الكُولانِ إِلا أَنه أَعرض و أَصغر كُعُوباً، و له ثمرة كأَنها مَكَاسِحُ القَصَبِ إِلا أَنها أَرق و أَصغر، و هو يشبه في نباته الغَرَزَ، يطحن فيدخل في الطّيب، و هي تنبت في الحُزُونِ و السُّهُول و قلما تنبت الإِذْخِرَةُ منفردة؛ و لذلك قال أَبو كَبير:
و أَخُو الإِباءَةِ، إِذ رَأَى خُلَّانَهُ،             تَلَّى شِفَاعاً حَوْلَهُ كالإِذْخِرِ

قال: و إِذا جَفَّ الإِذْخِرُ ابيَضَّ؛ قال الشاعر و ذَكَرَ جَدْباً:
إِذا تَلَعَاتُ بَطْنِ الحَشْرَجِ امْسَتْ             جَدِيباتِ المَسَارِح و المَراحِ،
تَهادَى الرِّيحُ إِذْخِرَهُنَّ شُهْباً،             و نُودِيَ في المجالِس بالقِدَاحِ‏

احتاج إِلى وصل همزة أَمست فوصلها. و
في حديث الفتح و تحريم مكة: فقال العباسُ إِلَّا الإِذْخِرَ فإِنه لبيوتنا و قبورنا.
؛ الإِذخر، بكسر الهمزة: حشيشة طيبة الرائحة يسقف بها البيوت فوق الخشب، و همزتها زائدة. و
في الحديث في صفة مكة: و أَعْذَقَ إِذْخِرُها.
أَي صار له أَعْذَاقٌ. و في الحديث ذكْرُ تمر ذَخِيرَةَ؛ هو نوع من التمر معروف؛ و قول الراعي:
فلما سَقَيْناها العَكِيسَ تَمَذَّحَتْ             مَذاخِرُها، و ازْدَادَ رَشْحاً وَرِيدُها

يعني أَجوافها و أَمعاءها، و يروى‏
خواصرها.

الأَصمعي: المذاخر أَسفل البطن. يقال: فلان مَلأَ مَذاخِرَهُ إِذا ملأَ أَسافل بطنه. و يقال للدابة إِذا شبعت: قد مَلأَتْ مَذَاخِرَها؛ قال الراعي:
حتى إِذا قَتَلَتْ أَدْنَى الغَلِيلِ، و لم             تَمْلَأْ مَذَاخِرَها لِلرِّيِّ و الصَّدَرِ

أَبو عمرو: الذاخر السمين. أَبو عبيدة: فرسٌ مُذَّخَرٌ و هو المُبَقَّى لحُضْرِهِ. قال: و من المُذَّخَر المِسْوَاطُ، و هو الذي لا يُعْطِي ما عنده إِلا بالسَّوْطِ، و الأُنثى مُذَّخَرَةٌ. و
في الحديث: حتى إِذا كنا بِثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ.
؛ هي موضع بين مكة و المدينة، و كأَنها مسماة بجمع الإِذْخِرِ.
ذرر:
ذَرَّ الشي‏ءَ يَذُرُّه: أَخذه بأَطراف أَصابعه ثم نثره على الشي‏ء. و ذَرَّ الشي‏ءَ يَذُرُّهُ إِذا بَدَّدَهُ. و ذُرَّ إِذا بُدِّدَ. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: ذُرّي أَحِرَّ لَكِ.
أَي ذُرِّي الدقيق في القِدْرِ لأَعمل لك حَرِيرَةً. و الذَّرُّ: مصدر ذَرَرْتُ، و هو أَخذك الشي‏ء بأَطراف أَصابعك تَذُرُّهُ ذَرَّ الملح المسحوق على الطعام. و ذَرَرْتُ الحَبَّ و الملح و الدواء أَذُرُّه ذَرّاً: فرَّقته؛ و منه الذَّرِيرَةُ و الذَّرُورُ، بالفتح، لغة في الذَّرِيرَة، و تجمع على أَذِرَّةٍ؛ و قد استعاره بعض الشعراء للعَرَضِ تشبيهاً له بالجوهر فقال:
شَقَقْتِ القَلْبَ ثم ذَرَرْتِ             فيه هَوَاكِ، فَلِيمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ

ليم هنا إِما أَن يكون مغيراً من لُئِمَ، و إِما أَن يكون فُعِلَ من اللَّوْمِ لأَن القلب إِذا نُهِيَ كان حقيقاً أَن ينتهي. و الذَّرُورُ: ما ذَرَرْتَ. و الذُّرَارَةُ: ما تناثر من الشي‏ء المذْرُورِ. و الذَّرِيرَةُ: ما انْتُحِتَ من قصَبِ الطِّيبِ. و الذَّرِيرَةُ: فُتَاتٌ من قَصَبِ الطيب الذي يُجاءُ به من بلد الهند يشبه قصَبَ النُّشَّابِ.

303
لسان العرب4

ذرر ص 303

و
في حديث عائشة: طَيَّبْتُ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، لإِحرامه بذَرِيرَةٍ.
؛ قال: هو نوع من الطيب مجموع من أَخلاط. و
في حديث النخعي: يُنْثَرُ على قميص الميت الذَّرِيرَةُ.
؛ قيل: هي فُتاتُ قَصَب مَّا كان لنُشَّابٍ و غيره؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في كتاب أَبي موسى. و الذَّرُورُ، بالفتح: ما يُذَرُّ في العين و على القَرْحِ من دواء يابس. و
في الحديث: تَكْتَحِلُ المُحِدُّ بالذَّرُورِ.
؛ يقال: ذَرَرْتُ عينَه إِذا داويتها به. و ذَرَّ عينه بالذَّرُورِ يَذُرُّها ذَرّاً: كَحَلَها. و الذَّرُّ: صِغارُ النَّمل، واحدته ذَرَّةٌ؛ قال ثعلب: إِن مائة منها وزن حبة من شعير فكأَنها جزء من مائة، و قيل: الذَّرَّةُ ليس لها وزن، و يراد بها ما يُرَى في شعاع الشمس الداخلِ في النافذة؛ و منه سمي الرجل ذَرّاً و كني بأَبي ذَرٍّ. و
في حديث جُبير بن مُطْعِم: رأَيت يوم حنين شيئاً أَسود ينزل من السماء فوقع إِلى الأَرض فَدَبَّ مثل الذَّرِّ و هزم الله المشركين.
؛ الذَّرُّ: النمل الأَحمر الصغير، واحدتها ذَرَّةٌ. و
في حديث ابن عباس: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، نهى عن قتل النحلة و النملة و الصُّرَدِ و الهُدْهُدِ.
؛ قال إِبراهيم الحَرْبِيُّ: إِنما نهى عن قتلهن لأَنهن لا يؤذين الناس، و هي أَقل الطيور و الدواب ضرراً على الناس مما يتأَذى الناس به من الطيور كالغراب و غيره؛ قيل له: فالنملة إِذا عضت تقتل؛ قال: النملة لا تَعَضُّ إِنما يَعَضُّ الذَّرُّ؛ قيل له: إِذا عَضَّت الذَّرَّةُ تقتل؛ قال: إِذا آذتك فاقتلها. قال: و النملة هي التي لها قوائم تكون في البراري و الخَرِبات، و هذه التي يتأَذَّى الناس بها هي الذَّرُّ.
و ذَرَّ الله الخلقَ في الأَرض: نَشَرَهُم و الذُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّةٌ منه، و هي منسوبة إِلى الذَّرِّ الذي هو النمل الصغار، و كان قياسه ذَرِّيَّةٌ، بفتح الذال، لكنه نَسَبٌ شاذ لم يجئ إِلَّا مضموم الأَول. و قوله تعالى: و إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ من بني آدم من ظهورهم ذُرِّيَّاتِهم؛ و ذُرِّيَّةُ الرجل: وَلَدُهُ، و الجمع الذَّرَارِي و الذُّرِّيَّاتُ. و في التنزيل العزيز: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ‏
؛ قال: أَجمع القرّاء على ترك الهمز في الذرّية، و قال يونس: أَهل مكة يخالفون غيرهم من العرب فيهمزون النبيَّ و البَرِيَّةَ و الذُّرِّية من ذَرَأَ الله الخلقَ أَي خلقهم. و قال أَبو إِسحاق النحوي: الذُّرِّيَّةُ غير مهموز، قال: و معنى قوله: و إِذ أَخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذُرِّيَّاتهم؛ أَن الله أَخرج الخلق من صلب آدم كالذَّرِّ حين أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا: بَلى‏، شهدوا بذلك؛ و قال بعض النحويين: أَصلها ذُرُّورَةٌ، هي فُعْلُولَةٌ، و لكن التضعيف لما كثر أُبدل من الراء الأَخيرة ياء فصارت ذُرُّويَة، ثم أُدغمت الواو في الياء فصارت ذُرِّيَّة، قال: و قول من قال إِنه فُعْلِيَّة أَقيس و أَجود عند النحويين. و قال الليث: ذُرِّيَّة فُعْلِيَّة، كما قالوا سُرِّيَّةٌ، و الأَصل من السِّر و هو النكاح. و
في الحديث: أَنه رأَى امرأَة مقتولة فقال: ما كانت هذه تُقاتِلُ، الحَقْ خالداً فقل له: لا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً و لا عَسِيفاً.
؛ الذرية: اسم يجمع نسل الإِنسان من ذكر و أُنثى، و أَصلها الهمز لكنهم حذفوه فلم يستعملوها إِلا غير مهموزة، و قيل: أَصلها من الذَّرِّ بمعنى التفريق لأَن الله تعالى ذَرَّهُمْ في الأَرض، و المراد بها في هذا الحديث النساء لأَجل المرأَة المقتولة؛ و منه‏
حديث عمر: حُجُّوا بالذُّرِّية لا تأْكلوا أَرزاقها و تَذَرُوا أَرْباقَها في أَعْناقِها.
أَي حُجُّوا بالنساء؛ و ضرب الأَرْباقَ، و هي القلائد، مثلًا لما قُلِّدَتْ أَعناقُها من وجوب الحج، و قيل: كنى بها عن الأَوْزارِ.

304
لسان العرب4

ذرر ص 303

و ذَرِّيُّ السيف: فِرِنْدُه و ماؤه يُشَبَّهانِ في الصفاء بِمَدَبِّ النمل و الذَّرِّ؛ قال عبد الله بن سَبْرَةَ:
كل يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذي شُطَبٍ،             جَلَّى الصَّياقِلُ عن ذَرِّيِّه الطَّبَعَا

و يروى:
جَلا الصَّياقِلُ عن ذرّيه الطبعا
يعني عن فِرِنْده؛ و يروى:
... عن دُرِّيِّهِ الطبعا

يعني تلألؤه؛ و كذلك يروى بيت دريد على وجهين:
و تُخْرِجُ منه ضَرَّةُ اليومِ مَصْدَقاً،             و طولُ السُّرَى ذَرّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ

إِنما عنى ما ذكرناه من الفرند. و يروى:
... دُرِّيَّ عَضْبٍ ...
أَي تلأَلؤه و إِشراقه كأَنه منسوب إِلى الدُّرِّ أَو إِلى الكوكب الدُّرِّيِّ. قال الأَزهري: معنى البيت يقول إِن أَضَرَّ به شِدَّة اليوم أَخرج منه مَصْدَقاً و صبراً و تهلل وجهه كأَنه ذَرِّيُّ سيف. و يقال: ما أَبْيَنَ ذَرِّيَّ سيفه؛ نسب إِلى الذَّرِّ. و ذَرَّتِ الشمسُ تَذُرُّ ذُرُوراً، بالضم: طلعت و ظهرت، و قيل: هو أَوّل طلوعها و شروقها أَوَّلَ ما يسقط ضَوْؤُها على الأَرض و الشجر، و كذلك البقل و النبت. و ذَرَّ يَذُرُّ إِذا تَخَدَّدَ؛ و ذَرَّتِ الأَرضُ النبتَ ذَرّاً؛ و منه قول الساجع في مطر: و ثَرْد يَذُرُّ بَقْلُه، و لا يُقَرِّحُ أَصلُه؛ يعني بالثَّرْدِ المطرَ الضعيفَ. ابن الأَعرابي: يقال أَصابنا مطر ذَرَّ بَقْلُه يَذُرُّ إِذا طلع و ظهر؛ و ذلك أَنه يَذُرُّ من أَدنى مطر و إِنما يَذُرُّ البقلُ من مطر قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ و لا يُقَرِّحُ البقلُ إِلَّا من قَدْرِ الذراع. أَبو زيد: ذَرَّ البقلُ إِذا طلع من الأَرض. و يقال: ذَرَّ الرجلُ يَذُرُّ إِذا شابَ مُقَدَّمُ رَأْسه. و الذِّرَارُ: الغَضَبُ و الإِنكارُ؛ عن ثعلب، و أَنشد لكثير:
و فيها، على أَنَّ الفُؤَادَ يُحِبُّها،             صُدُودٌ، إِذا لاقَيْتُها، و ذِرَارُ

الفراء: ذَارَّت الناقةُ تَذَارُّ مُذَارَّةً و ذِرَاراً أَي ساءَ خُلُقُها، و هي مُذَارٌّ، و هي في معنى العَلُوق و المُذَائِرِ؛ قال و منه قول الحطيئة:
و كنتُ كَذاتِ البَعْلِ ذَارَت بأَنْفِها،             فمن ذاكَ تَبْغي غَيْرَه و تُهاجِرُهْ‏

إِلَّا أَنه خففه للضرورة. قال أَبو زيد: في فلان ذِرارٌ أَي إِعراضٌ غضباً كَذِرَارِ الناقة. قال ابن بري: بيت الحطيئة شاهد على ذَارَت الناقةُ بأَنفها إِذا عطفت على ولد غيرها، و أَصله ذَارَّتْ فخففه، و هو ذَارَتْ بأَنفها، و البيت:
و كنتُ كذاتِ البَوِّ ذَارَتْ بأَنفِها،             فمن ذاكَ تَبْغي بُعْدَه و تُهاجِرُهْ‏

قال ذلك يهجو به الزِّبْرِقانَ و يمدح آلَ شَمَّاسِ بن لاي؛ أَ لا تراه يقول بعد هذا:
فَدَعْ عَنْكَ شَمَّاسَ بْنَ لأَي فإِنهم             مَوالِيكَ، أَوْ كاثِرْ بهم مَنْ تُكاثِرُهْ‏

و قد قيل في ذَارَتْ غيرُ ما ذكره الجوهري، و هو أَن يكون أَصله ذَاءَرَتْ، و منه قيل لهذه المرأَة مُذَائِرٌ، و هي التي تَرْأَمُ بأَنفها و لا يَصْدُقُ حُبُّها فهي تَنِفرُ عنه. و البَوُّ: جِلْدُ الحُوَارِ يُحْشَى ثُماماً و يُقامُ حَوْلَ الناقةِ لِتَدِرَّ عليه. و ذَرٌّ: اسم. و الذَّرْذَرَةُ: تفريقك الشي‏ء و تَبْدِيدُكَ إِياه. و ذَرْذَارٌ: لقب رجل من العرب.

305
لسان العرب4

ذعر ص 306

ذعر:
الذُّعْرُ، بالضم: الخَوْفُ و الفَزَعُ، و هو الاسم. ذَعَرَهُ يَذْعَرُهُ ذَعْراً فانْذعَرَ، و هو مُنْذَعِرٌ، و أَذْعَرَه، كلاهما: أَفزعه و صيره إِلى الذُّعْرِ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
و مِثْل الذي لاقيتَ، إِن كنت صادقاً،             من الشَّرِّ يوماً من خَلِيلِكَ أَذْعَرَا

و قال الشاعر:
غَيْرَان شَمَّصَهُ الوُشاةُ فأَذْعَرُوا             وَحْشاً عليكَ، وَجَدْتَهُنَّ سُكُونَا

و
في حديث حذيفة قال له ليلة الأَحزاب: قُمْ فأْتِ القوم و لا تَذْعَرْهُم عليّ.
يعني قريشاً، أَي لا تُفْزِعْهُمْ؛ يريد لا تُعْلِمْهُمْ بنفسك و امْشِ في خُفْيَةٍ لئلَّا يَنْفِروا منك و يُقْبِلُوا عَلَيَّ. و
في حديث نابل مولى عثمان: و نحن نَتَرامَى بالحَنْظَل فما يَزِيدُنا عُمَرُ على أَن يقولَ: كذاك لا تَذْعَرُوا إِبلَنَا علينا.
أَي لا تُنَفِّرُوا إِبلنا علينا؛ و قوله: كذاك أَي حَسْبُكُمْ «2». و
في الحديث: لا يزال الشيطانُ ذَاعِراً من المؤمن.
؛ أَي ذَا ذُعْرٍ و خَوْفٍ أَو هو فاعل بمعنى مفعول أَي مَذْعُور. و رجل ذَعُور: مُنْذَعِرٌ. و امرأَة ذَعُورٌ: تُذْعَرُ من الرّيبَةِ و الكلام القبيح؛ قال:
تَنُولُ بمَعْرُوفِ الحَديثِ، و إِن تُرِدْ             سِوَى ذَاكَ، تُذْعَرْ منكَ و هْيَ ذَعُورُ

و ذُعِرَ فلانٌ ذَعْراً، فهو مَذْعُورٌ، أَي أُخِيفَ. و الذَّعَرُ: الدَّهَشُ من الحياء. و الذَّعْرَةُ: الفَزْعَةُ. و الذَّعْرَاءُ و الذُّعْرَةُ: الفِنْدَوْرَةُ، و قيل: الذُّعْرَةُ أُمُّ سُوَيْدٍ. و أَمْرٌ ذُعَرٌ: مَخُوفٌ، على النسب. و الذُّعَرَةُ: طُوَيِّرَةٌ تكون في الشجر تَهُزُّ ذَنَبَها لا تراها أَبداً إِلَّا مَذْعُورَةً. و ناقة ذَعُورٌ إِذا مُسَّ ضَرْعُها غارت. و العرب تقول للناقة المجنونة: مَذْعُورَةٌ. و نُوقٌ مُذَعَّرَةٌ: بها جنون. و الذُّعْرَةُ: الاسْتُ. و ذُو الإِذْعارِ: لَقَبُ مَلِكٍ من ملوك اليمن لأَنه زَعَمُوا حَمَلَ النَّسْناسَ إِلى بلاد اليمن فَذُعِرَ الناسُ منه، و قيل: ذُو الإِذْعارِ جَدُّ تُبَّعٍ كان سَبَى سَبْياً من التُّرْكِ فَذُعِرَ الناسُ منهم. و رجل ذَاعِرٌ و ذُعَرَةٌ و ذُعْرَةٌ: ذو عُيُوب؛ قال:
نَواجِحاً لم تَخْشَ ذُعْرَاتِ الذُّعَرْ
هكذا رواه كراع بالعين و الذال المعجمة و ذكره في باب الذعر. قال: و أَما الداعر فالخبيث، و قد تقدم ذلك في الدال المهملة، و حكيناه هنالك ما رواه كراع من الذال المعجمة.
ذغمر:
التهذيب: ابن الأَعرابي: الذَّغْمَرِيُّ السَّي‏ءُ الخُلُقِ، و كذلك الذُّغْمُورُ، بالذال، الحَقُودُ الذي لا ينحلّ حقده.
ذفر:
الذَّفَرُ، بالتحريك، و الذَّفَرَةُ جميعاً: شِدَّةُ ذَكاء الريح من طِيب أَو نَتْن، و خص اللحياني بهما رائحة الإِبطين المنتنين؛ و قد ذَفِرَ، بالكسر، يَذْفَرُ، فهو ذَفِرٌ و أَذْفَرُ، و الأُنثى ذَفِرَةٌ و ذَفْرَاءُ، و روضة ذَفِرَةٌ و مِسْكٌ أَذْفَرُ: بَيِّنُ الذَّفَرِ، و ذَفِرٌ أَي ذَكِيُّ الريح، و هو أَجوده و أَقْرَتُهُ. و
في صفة الحوض: و طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ.
أَي طيب الريح. و الذفر، بالتحريك: يقع على الطَّيِّبِ و الكَرِيه و يفرق بينهما بما يضاف إِليه و يوصف به؛ و منه‏
صفة الجنة و ترابها: مسك أَذفر.
__________________________________________________
 (2). قوله: [كذاك أَي حسبكم‏] كذا في الأصل و النهاية.

306
لسان العرب4

ذفر ص 306

و قال ابن الأَعرابي: الذَّفَرُ النَّتْنُ، و لا يقال في شي‏ء من الطِّيبِ ذَفِرٌ إِلَّا في المسك وحده. قال ابن سيدة: و قد ذكرنا أَن الدَّفَر، بالدال المهملة، في النَّتْنِ خاصة. و الذَّفَرُ: الصُّنَانُ و خُبْثُ الريح، رجل ذَفِرٌ و أَذْفَرُ و امرأَة ذَفِرَة و ذَفْراءُ أَي لهما صُنان و خُبْثُ ريح. و كَتِيبَة ذَفْرَاءُ أَي أَنها سَهِكَةٌ من الحديد و صَدَئِهِ؛ و قال لبيد يصف كتيبة ذات دُرُوع سَهِكَتْ من صَدَإِ الحديد:
فَخْمَةٌ ذَفْرَاءُ، تُرْتَى بالعُرَى             قُرْدُمانِيًّا و تَرْكاً كالبَصَلْ‏

عدى ترتى إِلى مفعولين لأَن فيه معنى تُكْسَى، و يروى‏
... دَفْرَاءُ ...
؛ و قال آخر:
و مُؤَوْلَقٍ أَنْضَجْتُ كَيَّةَ رَأْسِهِ،             فَتَرَكْتُه ذَفِراً كريح الجَوْرَبِ‏

و قال الراعي و ذكر إِبلًا رعت العُشْبَ و زَهْرَهُ، و وَرَدَتْ فَصَدَرَتْ عن الماء، فكلما صدرت عن الماء نَدِيَتْ جُلُودها و فاحت منها رائحة طيبة، فيقال لذلك فأْرَةُ الإِبِلِ، فقال الراعي:
لها فأْرَةٌ ذَفْرَاءُ كلَّ عَشِيَّةٍ،             كما فَتَقَ الكافُورَ بالمِسْكِ فاتِقُهْ‏

و قال ابن أَحمر:
بِهَجْلٍ مِنْ قَسَا ذَفِرِ الخُزَامى،             تَدَاعَى الجِرْبِيَاءُ به حَنِينَا

أَي ذكيّ ريح الخزامى: طيبها. و الذِّفْرَى من الناس و من جميع الدواب: من لَدُنِ المَقَذِّ إِلى نصف القَذَالِ، و قيل: هو العظم الشاخص خلف الأُذن، بعضهم يؤنثها و بعضهم ينوّنها إِشعاراً بالإِلحاق، قال سيبويه: و هي أَقلهما. الليث: الذِّفْرَى من القفا هو الموضع الذي يَعْرَقُ من البعير خلف الأُذن، و هما ذِفْرَيانِ من كل شي‏ء. الجوهري: يقال هذه ذِفْرَى أَسيلة؛ لا تنوّن لأَن أَلفها للتأْنيث، و هي مأْخوذة من ذَفَرِ العَرَقِ لأَنها أَوّل ما تَعْرَقُ من البعير. و
في الحديث: فمسح رأْس البعير و ذِفْرَاهُ.
؛ ذِفْرَى البعير: أَصلُ أُذنه، و الذِّفْرَى مؤنثة و أَلفها للتأْنيث أَو للإِلحاق، و من العرب من يقول هذه ذِفْرًى فيصرفها كأَنهم يجعلون الأَلف فيها أَصلية، و كذلك يجمعونها على الذَّفَارَى، و قال القتيبي: هما ذِفْرَيانِ؛ و المَقَذَّان و هما أُصول الأُذنين و أَول ما يَعْرَقُ من البعير. و قال شمر: الذِّفْرَى عظم في أَعلى العنق من الإِنسان عن يمين النقرة و شمالها، و قيل: الذِّفْرَيانِ الحَيْدَانِ اللذان عن يمين النقرة و شمالها. و الذِّفِرُّ من الإِبل: العظيم الذِّفْرَى، و الأُنثى ذِفِرَّةٌ، و قيل: الذِّفِرَّةُ النجيبة الغليظة الرقبة. أَبو عمرو: الذِّفِرُّ العظيم من الإِبل. أَبو زيد: بعير ذِفِرٌّ، بالكسر مشدد الراء، أَي عظيم الذِّفْرَى، و ناقة ذِفِرَّةٌ و حمار ذِفِرٌّ و ذِفَرٌّ: صلب شديد، و الكسر أَعلى. و الذِّفِرُّ أَيضاً: العظيم الخَلْقِ. قال الجوهري: الذِّفِرُّ الشاب الطويل التامُّ الجَلْدُ. و اسْتَذْفَرَ بالأَمر: اشتدّ عزمه عليه و صَلُبَ له؛ قال عَدِيُّ بن الرِّقَاع:
 و اسْتَذْفَرُوا بِنَوًى حَذَّاءَ تَقْذِفُهُمْ             إِلى أَقاصي نَواهُمْ، ساعَةَ انْطَلَقُوا

و ذَفِرَ النبت: كثر؛ عن أَبي حنيفة، و أَنشد:
في وارِسٍ من النَّجِيلِ قد ذَفِرْ

و قيل لأَبي عمرو بن العلاء: الذِّفْرَى من الذَّفَرِ؟ قال: نعم؛ و المِعْزَى من المَعَز؟ فقال: نعم؛ بعضهم ينوّنه في النكرة و يجعل أَلفه للإِلحاق بدرهم و هِجْرَعٍ؛ و الجمع ذِفْرَياتٌ و ذَفَارَى، بفتح الراء،

307
لسان العرب4

ذفر ص 306

و هذه الأَلف في تقدير الانقلاب عن الياء، و من ثم قال بعضهم ذَفَارٍ مثل صحارٍ. و الذَّفْرَاءُ: بقلة رِبْعِيَّةٌ دَشتِيَّةٌ تبقى خضراء حتى يصيبها البرد، واحدتها ذَفْراءَةٌ، و قيل: هي عُشْبَةٌ خبيثة الريح لا يكاد المال يأْكلها، و في المحكم: لا يرعاها المال؛ و قيل: هي شجرة يقال لها عِطْرُ الأَمة، و قال أَبو حنيفة: هي ضرب من الحَمْضِ، و قال مرة: الذَّفْرَاءُ عشبة خضراء ترتفع مقدار الشبر مدوّرة الورق ذات أَغصان و لا زهرة لها و ريحها ريح الفُساءِ؛ تُبَخِّر الإِبل و هي عليها حراصٌ، و لا تتبين تلك الذَّفَرَةُ في اللبن، و هي مُرَّةٌ، و مَنابتها الغَلْظُ؛ و قد ذكرها أَبو النجم في الرياض فقال:
تَظَلُّ حِفْرَاهُ، من التَّهَدُّلِ،             في رَوْضِ ذَفْرَاءَ و رُعْلٍ مُخْجِلِ‏

و الذَّفِرَةُ: نبْتَةٌ تنبت وَسْطَ العُشْب، و هي قليلة ليست بشي‏ء تنبت في الجَلَدِ على عِرْقٍ واحد، لها ثمرة صفراء تشاكل الجَعْدَةَ في ريحها. و الذَّفْرَاءُ: نبْتَةٌ طيبة الرائحة. و الذَّفْرَاءُ: نبتة منتنة. و
في حديث مسيره إِلى بَدْرٍ: أَنه جَزَعَ الصَّفْرَاءَ ثم صَبَّ في ذَفِرَان.
؛ هو بكسر الفاء، وادٍ هناك.
ذكر:
الذِّكْرُ: الحِفْظُ للشي‏ء تَذْكُرُه. و الذِّكْرُ أَيضاً: الشي‏ء يجري على اللسان. و الذِّكْرُ: جَرْيُ الشي‏ء على لسانك، و قد تقدم أَن الدِّكْرَ لغة في الذكر، ذَكَرَهُ يَذْكُرُه ذِكْراً و ذُكْراً؛ الأَخيرة عن سيبويه. و قوله تعالى: وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ*
؛ قال أَبو إِسحاق: معناه ادْرُسُوا ما فيه. و تَذَكَّرَهُ و اذَّكَرَهُ و ادَّكَرَهُ و اذْدَكَرَهُ، قلبوا تاء افْتَعَلَ في هذا مع الذال بغير إِدغام؛ قال:
تُنْحي على الشَّوكِ جُرَازاً مِقْضَبا،             و الهَمُّ تُذْرِيهِ اذْدِكاراً عَجَبَا «1».

قال ابن سيدة: أَما اذَّكَرَ و ادَّكَر فإِبدال إِدغام، و أَما الذِّكْرُ و الدِّكْرُ لما رأَوها قد انقلبت في اذَّكَرَ الذي هو الفعل الماضي قلبوها في الذِّكْرِ الذي هو جمع ذِكْرَةٍ. و اسْتَذْكَرَهُ: كاذَّكَرَه؛ حكى هذه الأَخيرة أَبو عبيد عن أَبي زيد فقال: أَرْتَمْتُ إِذا ربطتَ في إِصبعه خيطاً يَسْتَذْكِرُ به حاجَتَه. و أَذْكَرَه إِياه: ذَكَّرَهُ، و الاسم الذِّكْرَى. الفراء: يكون الذِّكْرَى بمعنى الذِّكْرِ، و يكون بمعنى التَّذَكُّرِ في قوله تعالى: وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ‏
. و الذِّكْرُ و الذِّكْرى، بالكسر: نقيض النسيان، و كذلك الذُّكْرَةُ؛ قال كعب بن زهير:
أَنَّى أَلَمَّ بِكَ الخَيالُ يَطِيفُ،             و مَطافُه لَكَ ذُكْرَةٌ و شُعُوفُ‏

يقال: طاف الخيالُ يَطِيفُ طَيْفاً و مَطَافاً و أَطافَ أَيضاً. و الشُّعُوفُ: الولُوعُ بالشي‏ء حتى لا يعدل عنه. و تقول: ذَكَّرْتُه ذِكْرَى؛ غير مُجْرَاةٍ. و يقال: اجْعَلْه منك على ذُكْرٍ و ذِكْرٍ بمعنى. و ما زال ذلك مني على ذِكْرٍ و ذُكْرٍ، و الضم أَعلى، أَي تَذَكُّرٍ. و قال الفراء: الذِّكْرُ ما ذكرته بلسانك و أَظهرته. و الذُّكْرُ بالقلب. يقال: ما زال مني على ذُكْرٍ أَي لم أَنْسَه. و اسْتَذْكَرَ الرجلَ: ربط في أُصبعه خيطاً ليَذْكُرَ به حاجته. و التَّذكِرَةُ:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الهم تذريه الخ‏] كذا بالأصل و الذي في شرح الأشموني:
[و الهرم و تذريه اذدراء عجبا]

أَتى به شاهداً على جواز الإِظهار بعد قلب تاء الافتعال دالًا بعد الذال. و الهرم، بفتح الهاء فسكون الراء المهملة: نبت و شجر أَو البقلة الحمقاء كما في القاموس، و الضمير في تذريه للناقة، و اذدراء مفعول مطلق لتذريه موافق له في الاشتقاق، انظر الصبان.

308
لسان العرب4

ذكر ص 308

ما تُسْتَذْكَرُ به الحاجة. و قال أَبو حنيفة في ذِكْرِ الأَنْواء: و أَما الجَبْهَةُ فَنَوْؤُها من أَذْكَرِ الأَنْواء و أَشهرها؛ فكأَن قوله من أَذْكَرِها إِنما هو على ذَكُرَ و إِن لم يلفظ به و ليس على ذُكِرَ، لأَن أَلفاظ فعل التعجب إِنما هي من فِعْلِ الفاعل لا من فِعْلِ المفعول إِلَّا في أَشياء قليلة. و اسْتَذْكَرَ الشي‏ءَ: دَرَسَهَ للذِّكْرِ. و الاسْتِذْكارُ: الدِّرَاسَةُ للحفظ. و التَّذَكُّر: تذكر ما أُنسيته. و ذَكَرْتُ الشي‏ء بعد النسيان و ذَكَرْتُه بلساني و بقلبي و تَذَكَّرْتُه و أَذْكَرْتُه غيري و ذَكَّرْتُه بمعنًى. قال الله تعالى: وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
؛ أَي ذَكَرَ بعد نِسْيان، و أَصله اذْتَكَرَ فَأُدغم. و التذكير: خلاف التأْنيث، و الذَّكَرُ خلاف الأُنثى، و الجمع ذُكُورٌ و ذُكُورَةٌ و ذِكَارٌ و ذِكَارَةٌ و ذُكْرانٌ و ذِكَرَةٌ. و قال كراع: ليس في الكلام فَعَلٌ يكسر على فُعُول و فُعْلان إِلَّا الذَّكَرُ. و امرأَة ذَكِرَةٌ و مُذَكَّرَةٌ و مُتَذَكِّرَةٌ: مُتَشَبِّهةٌ بالذُّكُورِ. قال بعضهم: إِياكم و كُلَّ ذَكِرَة مُذَكَّرَةٍ شَوْهاءَ فَوْهاءَ تُبْطِلُ الحَقَّ بالبُكاء، لا تأْكل من قِلَّةٍ و لا تَعْتَذِرُ من عِلَّة، إِن أَقبلت أَعْصَفَتْ و إِن أَدْبَرَتْ أَغْبَرَتْ. و ناقة مُذَكَّرَةٌ: مُتَشَبِّهَةٌ بالجَمَلِ في الخَلْقِ و الخُلُقِ؛ قال ذو الرمة:
مُذَكَّرَةٌ حَرْفٌ سِنَادٌ، يَشُلُّها             وَظِيفٌ أَرَحُّ الخَطْوِ، ظَمْآنُ سَهْوَقُ‏

و يوم مُذَكَّرٌ: إِذا وُصِفَ بالشِّدّةِ و الصعوبة و كثرة القتل؛ قال لبيد:
فإِن كنتِ تَبْغِينَ الكِرامَ، فأَعْوِلِي             أَبا حازِمٍ، في كُلِّ يومٍ مُذَكَّرِ

و طريق مُذَكَّرٌ: مَخُوفٌ صَعْبٌ. و أَذْكَرَتِ المرأَةُ و غَيْرُها فهي مُذْكِرٌ: ولدت ذَكَراً. و في الدعاء للحُبْلَى: أَذْكَرَتْ و أَيْسَرَتْ أَي ولدت ذَكَراً و يُسِّرَ عليها. و امرأَة مُذْكِرٌ: ولدت ذَكَراً، فإِذا كان ذلك لها عادة فهي مِذْكارٌ، و كذلك الرجل أَيضاً مِذْكارٌ؛ قال رؤْبة:
إِنَّ تَمِيماً كان قَهْباً من عادْ،             أَرْأَسَ مِذْكاراً، كثيرَ الأَوْلادْ

و يقال: كم الذِّكَرَةُ من وَلَدِك؟ أَي الذُّكُورُ و
في الحديث: إِذا غلب ماءُ الرجل ماءَ المرأَة أَذْكَرَا.
؛ أَي ولدا ذكراً، و
في رواية: إِذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأَة أَذْكَرَتْ بإِذن الله.
أَي ولدته ذكراً. و
في حديث عمر: هَبِلَتِ الوَادِعِيَّ أُمُّهُ لقد أَذْكَرَتْ به.
أَي جاءت به ذكراً جَلْداً. و
في حديث طارق مولى عثمان: قال لابن الزبير حين صُرِعَ: و الله ما ولدت النساء أَذْكَرَ منك.
؛ يعني شَهْماً ماضياً في الأُمور. و
في حديث الزكاة: ابن لبون ذكر.
؛ ذكر الذكر تأْكيداً، و قيل: تنبيهاً على نقص الذكورية في الزكاة مع ارتفاع السن، و قيل: لأَن الابن يطلق في بعض الحيوانات على الذكر و الأُنثى كابن آوى و ابن عُرْسٍ و غيرهما، لا يقال فيه بنت آوى و لا بنت عرس فرفع الإِشكال بذكر الذَّكَرِ. و
في حديث الميراث: لأَوْلَى رجل ذَكَرٍ.
؛ قيل: قاله احترازاً من الخنثى، و قيل: تنبيهاً على اختصاص الرجال بالتعصيب للذكورية. و رجل ذَكَرٌ: إِذا كان قويّاً شجاعاً أَنِفاً أَبِيّاً. و مطر ذَكَرٌ: شديدٌ وابِلٌ؛ قال الفرزدق:
فَرُبَّ ربيعٍ بالبَلالِيق قد، رَعَتْ             بِمُسْتَنِّ أَغْياثٍ بُعاق ذُكُورُها

و قَوْلٌ ذَكَرٌ: صُلْبٌ مَتِين. و شعر ذَكَرٌ:

309
لسان العرب4

ذكر ص 308

فَحْلٌ. و داهية مُذْكِرٌ: لا يقوم لها إِلَّا ذُكْرانُ الرجال، و قيل: داهية مُذْكِرٌ شديدة؛ قال الجعدي:
و داهِيَةٍ عَمْياءَ صَمَّاءَ مُذْكِرٍ،             تَدِرُّ بِسَمٍّ من دَمٍ يَتَحَلَّبُ‏

و ذُكُورُ الطِّيبِ: ما يصلح للرجال دون النساء نحو المِسْكِ و الغالية و الذَّرِيرَة. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: أَنه كان يتطيب بِذِكارَةِ الطِّيبِ.
؛ الذكارة، بالكسر: ما يصلح للرجال كالمسك و العنبر و العود، و هي جمع ذَكَرٍ، و الذُّكُورَةُ مثله؛ و منه‏
الحديث: كانوا يكرهون المُؤَنَّثَ من الطيب و لا يَرَوْنَ بِذُكْورَتِه بأْساً.
؛ قال: هو ما لا لَوْنَ له يَنْفُضُ كالعُود و الكافور و العنبر، و المؤنَّث طيب النساء كالخَلُوق و الزعفران. و ذُكورُ العُشْبِ: ما غَلُظ و خَشُنَ. و أَرض مِذْكارٌ: تُنْبِتُ ذكورَ العُشْبِ، و قيل: هي التي لا تنبت، و الأَوّل أَكثر؛ قال كعب:
و عَرَفْتُ أَنِّي مُصْبِحٌ بِمَضِيعةٍ             غَبْراءَ، يَعْزِفُ جِنُّها، مِذكارِ

الأَصمعي: فلاة مِذْكارٌ ذات أَهوال؛ و قال مرة: لا يسلكها إِلّا الذَّكَرُ من الرجال. و فَلاة مُذْكِرٌ: تنبت ذكور البقل، و ذُكُورُه: ما خَشُنَ منه و غَلُظَ، و أَحْرَارُ البقول: ما رَقَّ منه و طاب. و ذُكُورُ البقل: ما غلظ منه و إِلى المرارة هو. و الذِّكْرُ: الصيتُ و الثناء. ابن سيدة: الذِّكْرُ الصِّيتُ يكون في الخير و الشر. و حكى أَبو زيد: إِن فلاناً لَرَجُلٌ لو كان له ذُكْرَةٌ أَي ذِكْرٌ. و رجل ذَكِيرٌ و ذِكِّيرٌ: ذو ذِكْرٍ؛ عن أَبي زيد. و الذِّكْرُ: ذِكْرُ الشرف و الصِّيت. و رجل ذَكِيرٌ: جَيِّدٌ الذِّكْرِ و الحِفْظِ. و الذِّكْرُ: الشرف. و في التنزيل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ‏
؛ أَي القرآن شرف لك و لهم. و قوله تعالى: وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ
؛ أَي شَرَفَكَ؛ و قيل: معناه إِذا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ معي. و الذِّكْرُ: الكتاب الذي فيه تفصيل الدِّينِ و وَضْعُ المِلَلِ، و كُلُّ كتاب من الأَنبياء، عليهم السلام، ذِكْرٌ. و الذِّكْرُ: الصلاةُ لله و الدعاءُ إِليه و الثناء عليه. و
في الحديث: كانت الأَنبياء، عليهم السلام، إِذا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ فَزِعُوا إِلى الذكر.
أَي إِلى الصلاة يقومون فيصلون. و ذِكْرُ الحَقِّ: هو الصَّكُّ، و الجمع ذُكُورُ حُقُوقٍ، و يقال: ذُكُورُ حَقٍّ. و الذِّكْرَى: اسم للتَّذْكِرَةِ. قال أَبو العباس: الذكر الصلاة و الذكر قراءة القرآن و الذكر التسبيح و الذكر الدعاء و الذكر الشكر و الذكر الطاعة. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: ثم جلسوا عند المَذْكَر حتى بدا حاجِبُ الشمس.
؛ المَذْكَر موضع الذِّكْرِ، كأَنها أَرادت عند الركن الأَسود أَو الحِجْرِ، و قد تكرر ذِكْرُ الذّكْرِ في الحديث و يراد به تمجيد الله و تقديسه و تسبيحه و تهليله و الثناء عليه بجميع محامده. و
في الحديث: القرآنُ ذَكَرٌ فَذَكِّرُوه.
؛ أَي أَنه جليل خَطِيرٌ فأَجِلُّوه. و معنى قوله تعالى: وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ
؛ فيه وجهان: أَحدهما أَن ذكر الله تعالى إِذا ذكره العبد خير للعبد من ذكر العبد للعبد، و الوجه الآخر أَن ذكر الله ينهى عن الفحشاء و المنكر أَكثر مما تنهى الصلاة. و قول الله عز و جل: سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ‏
؛ قال الفراء فيه و في قول الله تعالى: أَ هذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ‏
، قال: يريد يَعِيبُ آلهتكم، قال: و أَنت قائل للرجل لئن ذَكَرْتَنِي لَتَنْدَمَنَّ، و أَنت تريد بسوء، فيجوز ذلك؛ قال عنترة:

310
لسان العرب4

ذمر ص 311

 لا تَذْكُرِي فَرَسي و ما أَطْعَمْتُه،             فيكونَ جِلْدُكِ مثلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ‏

أَراد لا تَعِيبي مُهْري فجعل الذِّكْرَ عيباً؛ قال أَبو منصور: و قد أَنكر أَبو الهيثم أَن يكون الذِّكْرُ عيباً؛ و قال في قول عنترة لا تذكري فرسي: معناه لا تولعي بِذِكْرِهِ و ذِكْرِ إِيثاري إِياه دون العيال. و قال الزجاج نحواً من قول الفراء، قال: و يقال فلان يَذْكُر الناسَ أَي يغتابهم و يذكر عيوبهم، و فلان يذكر الله أَي يصفه بالعظمة و يثني عليه و يوحده، و إِنما يحذف مع الذِّكْرِ ما عُقِلَ معناه. و
في حديث عليّ: أَن عليّاً يَذْكُرُ فاطمة.
أي يخطبها، و قيل: يَتَعَرَّضُ لخِطْبَتِها، و منه‏
حديث عمر: ما حلفتُ بها ذَاكِراً و لا آثراً.
أَي ما تكلمت بها حالفاً، من قولك: ذكرت لفلان حديث كذا و كذا أَي قلته له، و ليس من الذِّكْر بعد النسيان. و الذُّكَارَةُ: حمل النخل؛ قال ابن دريد: و أَحسب أَن بعض العرب يُسَمِّي السِّمَاكَ الرَّامِحَ الذَّكَرَ. و الذَّكَرُ: معروف، و الجمع ذُكُورٌ و مَذاكِيرُ، على غير قياس، كأَنهم فرقوا بين الذَّكَرِ الذي هو الفحل و بين الذَّكَرِ الذي هو العضو. و قال الأَخفش: هو من الجمع الذي ليس له واحد مثل العَبَاديد و الأَبابيل؛ و في التهذيب: و جمعه الذِّكارَةُ و من أَجله يسمى ما يليه المَذَاكِيرَ، و لا يفرد، و إِن أُفرد فَمُذَكَّرٌ مثل مُقَدَّمٍ و مَقَادِيم. و
في الحديث: أَن عبداً أَبصر جارية لسيده فغار السيدُ فَجَبَّ مَذَاكِيرَه.
؛ هي جمع الذَّكَرِ على غير قياس. ابن سيدة: و المذاكير منسوبة إِلى الذَّكَرِ، واحدها ذَكَرٌ، و هو من باب مَحاسِنَ و مَلامِحَ. و الذَّكَرُ و الذَّكِيرُ من الحديد: أَيْبَسُه و أَشَدُّه و أَجْوَدُه، و هو خلافُ الأَنِيثِ، و بذلك يسمى السيف مُذَكَّراً و يذكر به القدوم و الفأْس و نحوه، أَعني بالذَّكَرِ من الحديد. و يقال: ذهبتْ ذُكْرَةُ السيف و ذُكْرَةُ الرَّجُلِ أَي حِدَّتُهما. و
في الحديث: أَنه كان يطوف في ليلة على نسائه و يغتسل من كل واحدة منهن غُسْلًا فسئل عن ذلك فقال: إِنه أَذْكَرُ.
؛ أَي أَحَدُّ. و سيفٌ ذو ذُكْرَةٍ أَي صارِمٌ، و الذُّكْرَةُ: القطعة من الفولاذ تزاد في رأْس الفأْس و غيره، و قد ذَكَّرْتُ الفأْسَ و السيفَ؛ أَنشد ثعلب:
صَمْصَامَةٌ ذُكْرَةٌ مُذَكَّرَةٌ،             يُطَبّقُ العَظْمَ و لا يَكْسِرُهْ‏

و قالوا لخِلافهِ: الأَنِيثُ. و ذُكْرَةُ السيف و الرجل: حِدَّتُهما. و رجل ذَكِيرٌ: أَنِفٌ أَبِيُّ. و سَيْف مُذَكَّرٌ: شَفْرَتُه حديد ذَكَرٌ و مَتْنُه أَنِيثٌ، يقول الناس إِنه من عمل الجن. الأَصمعي: المُذَكَّرَةُ هي السيوف شَفَرَاتُها حديد و وصفها كذلك. و سيف مُذَكَّرٌ أَي ذو ماء. و قوله تعالى: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ
؛ أَي ذي الشَّرَفِ. و
في الحديث: إِن الرجل يُقَاتِلُ ليُذْكَر و يقاتل ليُحْمَدَ.
؛ أَي ليذكر بين الناس و يوصف بالشجاعة. و الذِّكْرُ: الشرف و الفخر. و في صفة القرآن: الذِّكْرِ الْحَكِيمِ‏
 أَي الشرف المحكم العاري من الاختلاف. و تذكر: بطن من ربيعة، و الله عز و جل أَعلم.
ذمر:
الذَّمْرُ: اللَّوْمُ و الحَضُّ معاً. و
في حديث عليّ، عليه السلام: أَلا و إِن الشيطان قد ذَمَّرَ حِزْبَه.
أَي حضهم و شجعهم؛ ذَمَرَه يَذْمُرُه ذَمْراً: لامَهُ و حَضَّهُ و حَثَّهُ. و تَذَمَّرَ هو: لام نفسه، جاء مطاوعه على غير الفعل. و
في حديث صلاة الخوف:

311
لسان العرب4

ذمر ص 311

فَتَذَامَرَ المشركون و قالوا هَلَّا كنا حملنا عليهم و هم في الصلاة.
؛ أَي تَلاوَمُوا على ترك الفُرْصَةِ، و قد تكون بمعنى تَحاضُّوا على القتال. و الذَّمْرُ: الحَثُّ مع لَوْمٍ و اسْتِبْطاءٍ. و سمعتُ له تَذَمُّراً أَي تغضباً. و
في حديث موسى، عليه السلام: أَنه كان يَتَذَمَّرُ على ربه.
أَي يَجْتَرِئُ عليه و يرفع صوته في عتابه؛ و منه‏
حديث طلحة لما أَسلم: إِذا أُمّه تُذَمِّرُه و تَسُبُّهُ.
أَي تُشَجِّعُه على ترك الإِسلام و تسبه على إِسلامه. و ذَمَرَ يَذْمُرُ إِذا غَضِبَ؛ و منه الحديث: و أُم أَيمن تَذْمُرُ و تَصْخَبُ؛ و يروى: تُذَمِّرُ، بالتشديد؛ و منه‏
الحديث: فجاء عمر ذَامِراً.
أَي مُتَهَدِّداً. و الذِّمارُ: ذِمارُ الرجل و هو كل ما يلزمك حفظه و حياطته و حمايته و الدفع عنه و إِن ضَيَّعه لزمه اللَّوْمُ. أَبو عمرو: الذِّمارُ الحَرَمُ و الأَهل، و الذِّمارُ: الحَوْزة، و الذِّمار: الحَشَمُ، و الذِّمار: الأَنساب. و موضعُ التَّذَمُّرِ: موضعُ الحفيظة إِذا اسْتُبِيحَ. و فلان حامي الذِّمار إِذا ذُمِّرَ غَضِبَ و حَمى؛ و فلانٌ أَمْنَعُ ذِماراً من فلان. و يقال: الذِّمارُ ما وراء الرجل مما يَحِقُّ عليه أَن يَحْمِيَهُ لأَنهم قالوا حامي الذِّمار كما قالوا حامي الحقيقة؛ و سمي ذماراً لأَنه يجب على أَهله التَّذَمُّرُ له، و سميت حقيقة لأَنه يَحِقُّ على أَهلها الدفع عنها. و
في حديث علي: أَلا إِن عثمان فَضَحَ الذِّمارَ فقال النبي، صلى الله عليه و سلم: مَهْ الذِّمارُ ما لزمك حِفْظُه مما وراءك و يتعلق بك.
و
في حديث أَبي سفيان: قال يوم الفتح: حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمار.
؛ يريد الحَرْبَ لأَن الإِنسان يقاتل على ما يلزمه حفظه. و تَذَامَرَ القومُ في الحرب: تَحاضُّوا. و القومُ يَتَذامَرُونَ أَي يَحُضُّ بعضهم بعضاً على الجِدِّ في القتال؛ و منه قوله:
يَتَذامَرُونَ كَرَرْتُ غيرَ مُذَمَّمِ‏
و القائد يَذْمُرُ أَصحابَه إِذا لامهم و أَسمعهم ما كرهوا ليكون أَجَدَّ لهم في القتال؛ و التَّذَمُّرُ من ذلك اشتقاقه، و هو أَن يفعل الرجل فعلًا لا يبالغ في نكاية العدوّ فهو يَتَذَمَّرُ أَي يلوم نفسه و يعاتبها كي يَجِدَّ في الأَمر. الجوهري: و أَقبل فلان يَتَذَمَّرُ كأَنه يلوم نفسه على فائت. و يقال: ظَلَّ يَتَذَمَّرُ على فلان إِذا تنكر له و أَوعده. و
في الحديث: فخرج يتذمر.
؛ أَي يعاتب نفسه و يلومها على فوات الذِّمار. و الذَّمِرُ: الشجاع. و رجل ذَمِرٌ و ذِمْرٌ و ذِمِرٌّ و ذَمِيرٌ: شجاع من قوم أَذْمارٍ، و قيل: شجاع مُنْكَرٌ، و قيل: مُنْكَرٌ شديد، و قيل: هو الظريف اللبيب المِعْوانُ، و جمعُ الذَّمِرِ و الذِّمْرِ و الذَّمِير أَذْمارٌ مثل كَبِدٍ و كِبْد و كَبِيدٍ و أَكبْادٍ، و جمع الذِّمِرِّ مثل فِلِزٍّ ذِمِرُّونَ، و الاسم الذَّمارَةُ. و المُذَمَّرُ: القَفَا، و قيل: هما عظمان في أَصل القفا، و هو الذِّفْرى، و قيل: الكاهل؛
قال ابن مسعود: انتهيتُ يوم بدر إِلى أَبي جهل و هو صريع فوضعت رجلي في مُذَمَّرِه فقال: يا رُوَيْعِيَ الغَنَمِ لقد ارْتَقَيْتَ مُرْتَقًى صَعْباً قال: فاحْتَزَزْتُ رأْسه.
؛ قال الأَصمعي: المُذَمَّرُ هو الكاهل و العُنُقُ و ما حوله إِلى الذِّفْرَى، و هو الذي يُذَمِّرُه المُذَمِّرُ. و ذَمَرَهُ يَذْمُرُهُ و ذَمَّره: لَمَس مُذَمَّرَهُ. و المُذَمِّرُ: الذي يدخل يده في حياء الناقة لينظر أَ ذكر جنينها أَم أُنثى، سمي بذلك لأَنه يضع يده في ذلك الموضع فيعرفه؛ و في المحكم: لأَنه يَلْمِسُ مُذَمَّرَهُ فيعرف ما هو، و هو التَّذْمِيرُ؛ قال‏

312
لسان العرب4

ذمر ص 311

الكميت:
و قال المُذَمِّرُ للنَّاتِجِينَ:             مَتَى ذُمِّرَتْ قَبْلِيَ الأَرْجُلُ؟

يقول: إِن التذمير إِنما هو في الأَعناق لا في الأَرجل. و ذَمَرَ الأَسدُ أَي زَأَرَ، و هذا مثل لأَن التذمير لا يكون إِلَّا في الرأْس، و ذلك أَنه يلمس لَحْيَيِ الجَنِينِ، فإِن كانا غليظين كان فحلًا، و إِن كانا رقيقين كان ناقة، فإِذا ذُمِّرَت الرِّجْلُ فالأَمر منقلب؛ و قال ذو الرمة:
حَرَاجيجُ قُودٌ ذُمِّرَتْ في نتاجِها،             بِناحيَةِ الشّحْرِ الغُرَيْرِ و شَدْقَمِ‏

يعني أَنها من إِبل هؤلاء فهم يُذَمِّرُونها.
و ذِمارٌ، بكسر الذال «2». موضع باليمن، و وُجِدَ في أَساسها لما هدمتها قريش في الجاهلية حَجَرٌ مكتوبٌ فيه بالمُسْنَدِ: لمن مُلْكُ ذِمار؟ لِحِمْيَر الأَخْيار. لمن ملك ذمار؟ للحبشة الأَشرار. لمن ملك ذمار؟ لفارس الأَحرار. لمن ملك ذمار؟ لقريش التجار.
و قد ورد في الحديث ذكر ذِمار، بكسر الذال و بعضهم يفتحها، اسم قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء، و قيل: هو اسم صنعاء. و ذَوْمَرُ: اسم.
ذمقر:
اذْمَقَرَّ اللبنُ و امْذَقَرَّ: تَقَطَّعَ، و الأَول أَعرف، و كذلك الدَّمُ.
ذهر:
ذَهِرَ فُوهُ، فهو ذَهِرٌ: اسْوَدَّتْ أَسنانُه، و كذلك نَوْرُ الحَوْذانِ؛ قال:
كأَن فَاه ذَهِرُ الحَوْذانِ‏

ذير:
الذِّيارُ، غيرُ مهموز: البَعَرُ، و قيل: البَعَرُ الرَّطْبُ يُضَمَّدُ به الإِحْلِيلُ و أَخْلافُ الناقة ذات اللبن إِذا أَرادوا صَرَّها لئلَّا يُؤَثِّر فيه الصِّرارُ و لكيلا يَرْضَعَ الفصيلُ؛ حكاه اللحياني، و هو التَّذْيِيرُ؛ و أَنشد الكسائي:
قد غاثَ رَبُّكَ هذا الخَلْقَ كُلَّهُمُ             بِعَامِ خِصْبٍ، فَعَاشَ الناسُ و النَّعَمُ‏
و أَبْهَلُوا سَرْحَهمْ من غيرِ تَوْدِيَةٍ             و لا ذِيارٍ، و ماتَ الفَقْرُ و العَدَمُ‏

و قد ذَيَّرَ الراعي أَخْلافَها إِذا لطخها بالذِّيار؛ قال أَبو صَفْوانَ الأَسَديُّ يَهْجُو ابنَ مَيَّادَةَ و ميادة كانت أُمه:
 لَهْفِي عليكَ، يا ابنَ مَيَّادَةَ التي             يكونُ ذِياراً لا يُحَتُّ خِضابُها
إِذا زَبَنَتْ عنها الفَصيلَ بِرِجْلِها،             بَدَا من فُرُوجِ الشَّمْلَتَينِ عُنابُها

أَراد بِعُنابِها بَظْرَها. الليث: السِّرْقين الذي يخلط بالتراب يسمى قبل الخَلْطِ خُثَّةً، و إِذا خلط، فهو ذِيْرَةٌ، فإِذا طلي على أَطْباءِ الناقة لكيلا يَرْضَعَها الفصيلُ، فهو ذِيارٌ؛ و أَنشد:
غَدَتْ، وَ هْيَ مَحْشُوكَةٌ حافِلٌ،             فَرَاخَ الذِّيارُ عليها صَخِيما

و يقال للرجل إِذا اسودت أَسنانه: قد ذُيِّرَ فُوهُ تَذْيِيراً.
فصل الراء المهملة
رير:
مُخٌّ رارٌ و رَيْرٌ و رِيرٌ: ذائب فاسد من الهزال. أَبو عمرو: مُخٌّ رِيرٌ و رَيْرٌ للرقيق، و أَرَار اللهُ مُخَّهُ أَي جعله رقيقاً. و
في حديث خزيمة: و ذكر السَّنَةَ
__________________________________________________
 (2). قوله: [بكسر الذال إلخ‏] هذا قول أَكثر أَهل الحديث، و ذكره ابن دريد بالفتح. و قوله: وجد في أَساسها إلخ عبارة ياقوت: وجد في أَساس الكعبة لما هدمتها قريش إلخ و نسبه لابن دريد أَيضاً.

313
لسان العرب4

رير ص 313

فقال: تَرَكَتِ المُخَّ رَاراً.
أَي ذائباً رقيقاً للهزال و شدة الجَدْبِ. و قال اللحياني: الرَّيْرُ الذي كان شحماً في العظام ثم صار ماء أَسود رقيقاً؛ قال الراجز:
أَقولُ بالسَّبْتِ فُوَيْقَ الدَّيْرِ،             إِذْ أَنَا مَغْلُوبٌ قليلُ الغَيْرِ،
و السَّاقُ مِنِّي بادِياتُ الرَّيْرِ

أَي أَنا ظاهر الهزال لأَنه دق عظمه و رق جلده فظهر مخه، و إِنما قال باديات، و الساق واحدة، لأَنه أَراد الساقين و التثنية يجوز أَن يخبر عنها بما يخبر به عن الجمع لأَنه جمع واحد إِلى آخر، و يروى:
... باردات ...
؛ و قد رَارَ و أَرَارَهُ الهُزَالُ. و الرَّيْرُ: الماء يخرج من فم الصبي.
فصل الزاي المعجمة
زأر:
زَأَرَ الأَسدُ، بالفتح، يَزْئِرُ و يَزْأَرُ زَأْراً و زَئِيراً: صاح و غضب. و زَأَرَ الفحلُ زَأْراً و زَئِيراً: ردّد صوته في جوفه ثم مَدَّه؛
قيل لابْنَةِ الخُسِّ: أَيُّ الفِحالِ أَحْمَدُ؟ قالت: حمر ضِرْغامَةٌ شديدُ الزَّئِير قليل الهَدِير.
و الزَّئيرُ: صوت الأَسد في صدره. و
في الحديث: فسمع زَئير الأَسد.
ابن الأَعرابي: الزَّئِرُ من الرجال الغضبانُ المقاطع لصاحبه. قال أَبو منصور: الزَّايِرُ الغضبان، أَصله مهموز، يقال: زَأَرَ الأَسد، فهو زَائِرٌ، و يقال للعدوّ: زَائِرٌ و هم الزَّائرون؛ و قال عنترة:
حَلَّتْ بأَرض الزائِرينَ، فأَصْبَحَتْ             عَسِراً عليَّ طِلابُكِ ابْنَةَ مَخْرَمِ‏

قال بعضهم: أَراد أَنها حلت بأَرض الأَعداء. و الفحل أَيضاً يَزْئر في هَدِيره زَأْراً إِذا أَوعد؛ قال رؤْبة:
يَجْمَعْنَ زَأْراً و هَدِيراً مَحْضاً

و قال ابن الأَعرابي: الزائر الغضبان، بالهمز، و الزَّايِرُ: الحبيب، قال؛ و بيت عنترة يروى بالوجهين، فمن همز أَراد الأَعداء، و من لم يهمز أَراد الأَحباب. الجوهري: و يقال أَيضاً زَئر الأَسد، بالكسر، يَزْأَرُ، فهو زَئِرٌ؛ قال الشاعر:
ما مُخْدِرٌ حَرِبٌ مُسْتَأْسِدٌ أَسِدٌ،             ضُبارِمٌ خادِرٌ ذو صَوْلَةٍ زَئِرُ؟

و كذلك تَزَأَّرَ الأَسدُ، على تَفَعَّل، بالتشديد. و الزَّأْرَةُ: الأَجَمَةُ، يقال: أَبو الحرثِ مَرْزُبانُ الزَّأْرَةِ. و في الحديث قِصَّةُ فتح العراق و ذكر مَرْزُبان الزَّأْرَةِ؛ هي الأَجمة سميت بها لِزَئيرِ الأَسدِ فيها. و المَرْزُبانُ: الرئيس المُقَدَّمُ، و أَهل اللغة يضمون ميمه؛ و منه‏
الحديث: إِن الجَارُودَ لما أَسلم وثب عليه الحُطَمُ فأَخذه فشدّه وثَاقاً و جعله في الزَّأْرَةِ.
زأبر:
الزِّئْبِرُ، بالكسر مهموز: ما يعلو الثوب الجديد مثل ما يعلو الخَزَّ. ابن سيدة: الزِّئْبِرُ و الزِّئْبُرُ، بضم الباء، ما يظهر من دَرْزِ الثوب؛ الأَخيرة عن ابن جني. و قد زَأْبَرَ الثوبُ و زَأْبَرَهُ: أَخرج زِئْبِرَهُ، و هو مُزَأْبِرٌ و مُزَأْبَرٌ. و أَخَذَ الشي‏ء بِزَأْبَرِه أَي بجميعه؛ أَبو زيد: زِئْبِرُ الثوب و زِغْبِرُه. التهذيب في الثلاثي ابن السكيت: هو زِئْبِرُ الثوب، و قد قيل: زِئْبُرٌ، بضم الباء، و لا يقال زِئْبَرٌ. الليث: الزِّئْبُر، بضم الباء، زِئْبُر الخَزِّ و القطيفة و الثوب و نحوه؛ و منه اشتق ازْبِئْرَارُ الهِرِّ إِذا وَفَى شَعَرُه و كثر؛ قال المرّار:
 فَهْوَ وَرْدُ اللَّوْنِ في ازْبِئْرارِهِ،             و كُمَيْتُ اللَّوْنِ ما لم يَزْبَئِر

314
لسان العرب4

زبر ص 315

زبر:
الزَّبْرُ: الحجارة. و زَبَرَهُ بالحجارة: رماه بها. و الزَّبْرُ: طَيُّ البئر بالحجارة، يقال: بئر مَزْبُورَةٌ. و زَبَرَ البئر زَبْراً: طواها بالحجارة؛ و قد ثَنَّاهُ بعضُ الأَغفال و إِن كان جنساً فقال:
حتى إِذا حَبْلُ الدّلاءِ انْحَلَّا،             و انْقاضَ زَبْرَا حالِهِ فابْتَلَّا

و ما له زَبْرٌ أَي ما له رأْي، و قيل: أَي ما له عقل و تَماسُكٌ، و هو في الأَصل مصدر، و ما له زَبْرٌ وضعوه على المَثَلِ، كما قالوا: ما له جُولٌ. أَبو الهيثم: يقال للرجل الذي له عقل و رأْي: له زَبْرٌ و جُولٌ، و لا زَبْرَ له و لا جُولَ. و
في حديث أَهل النار: و عَدَّ منهم الضعيفَ الذي لا زَبْرَ له.
أَي لا عقل له يَزْبُرُه و ينهاه عن الإِقدام على ما لا ينبغي. و أَصلُ الزَّبْرِ: طَيُّ البئر إِذا طويت تماسكت و استحكمت؛ و استعار ابن أَحمر الزَّبْرَ للريح فقال:
ولَهَتْ عليه كلُّ مُعْصِفَةٍ             هَوجاءَ، ليس لِلُبِّها زَبْرُ

و إِنما يريد انحرافها و هبوبها و أَنها لا تستقيم على مَهَبٍّ واحد فهي كالناقة الهَوْجاء، و هي التي كأَنّ بها هَوَجاً من سُرْعَتها. و
في الحديث: الفقير الذي ليس له زَبْرٌ.
؛ أَي عقل يعتمد عليه. و الزَّبْرُ: الصبر، يقال: ما له زَبْرٌ و لا صَبْرٌ. قال ابن سيدة: هذه حكاية ابن الأَعرابي، قال: و عندي أَن الزَّبْرَ هاهنا العقل. و رجل زَبِيرٌ: رَزِينُ الرأْي. و الزَّبْرُ: وَضْعُ البنيان بعضه على بعض. و زَبَرْتُ الكتابَ و ذَبَرْتُه: قرأْته. و الزَّبْرُ: الكتابة. و زَبَرَ الكتابَ يَزْبُرُه و يَزبِرُه زَبْراً: كتبه، قال: و أَعرفه النَّقْشَ في الحجارة، و قال يعقوب: قال الفرّاء: ما أَعرف تَزْبرَتِي، فإِما أَن يكون هذا مَصْدَرَ زَبَرَ أَي كتب، قال: و لا أَعرفها مشدّدة، و إِما أَن يكون اسماً كالتَّنْبِيَةِ لمنتهى الماء و التَّوْدِيَةِ للخشبة التي يُشَدُّ بها خِلْفُ الناقة؛ حكاها سيبويه. و قال أَعرابي: إِني لا أَعرف تَزْبِرَتِي أَي كتابتي و خطي. و زَبَرْتُ الكتاب إِذا أَتْقَنْتَ كتابته. و الزَّبْرُ: الكتابُ، و الجمع زُبُورٌ مثل قِدْرٍ و قُدُورٍ؛ و منه قرأَ بعضهم: و آتينا داود زُبُوراً. و الزَّبُورُ: الكتاب المَزبُورُ، و الجمع زُبُرٌ، كما قالوا رسول و رُسُل. و إِنما مثلته به لأَن زَبُوراً و رسولًا في معنى مفعول؛ قال لبيد:
و جَلا السيولُ عن الطُّلُولِ كأَنها             زُبُرٌ، تَخُدُّ مُتُونَها أَقْلامُها

و قد غلب الزَّبُورُ على صُحُفِ داود، على نبينا و عليه الصلاة و السلام. و كل كتاب: زَبُورٌ، قال الله تعالى: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ
؛
قال أَبو هريرة: الزَّبُورُ ما أُنزل على داود مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ من بعد التوراة.
و قرأَ سعيد بن جبير: في الزُّبُور، بضم الزاي، و قال: الزُّبُورُ التوراة و الإِنجيل و القرآن، قال: و الذكر الذي في السماء؛ و قيل: الزَّبُورُ فَعُول بمعنى مفعول كأَنه زُبِرَ أَي كُتِبَ. و المِزْبَرُ، بالكسر: القلم. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه دعا في مَرَضِه بدواة و مِزْبَرٍ فكتب اسم الخليفة بعده.
و المِزْبَرُ: القلم. و زَبَرَه يَزْبُرُه، بالضم، عن الأَمر زَبْراً: نهاه و انتهره. و
في الحديث: إِذا رَدَدْتَ على السائل ثلاثاً فلا عليك أن تَزْبُرَه.
أَي تَنْهَرَهُ و تُغْلِظ له في القول و الرَّدِّ و الزَّبْرُ، بالفتح: الزَّجْرُ و المنع لأَن من زَبَرْتَه عن الغيّ فقد أَحْكَمْتَهُ كَزَبْرِ البئر بالطي.

315
لسان العرب4

زبر ص 315

و الزُّبْرَةُ: هَنَةٌ ناتئة من الكاهل، و قيل: هو الكاهل نفسه فقط، و قيل: هي الصُّدْرَةُ من كل دابة، و يقال: شَدَّ للأَمر زُبْرَتَه أَي كاهله و ظهره؛ و قول العجاج:
بها و قد شَدُّوا لها الأَزْبارَا
قيل في تفسيره: جمع زُبْرَةٍ، و غير معروف جمع فُعْلَةٍ على أَفعال، و هو عندي جمع الجمع كأَنه جَمَعَ زُبْرَةً على زُبَرٍ و جَمَعَ زُبَراً على أَزْبَارٍ، و يكون جمع زُبْرَةٍ على إِرادة حذف الهاء. و الأَزْبَرُ و المَزْبَرَانِيُّ: الضخم الزُّبْرَةِ؛ قال أَوس بن حجر:
لَيْثٌ عليهِ من البَرْدِيِّ هِبْرِيَةٌ،             كالمَزْبَرَانِيِّ عَيَّالٌ بأَوْصَالِ‏

هذه رواية خالد بن كلثوم؛ قال ابن سيدة: و هي عندي خطأٌ و عند بعضهم لأَنه في صفة أَسد، و المَزْبَرَانِيُّ: الأَسد، و الشي‏ء لا يشبه بنفسه، قال: و إِنما الرواية كالمَرْزُبانِيِّ. و الزُّبْرَةُ: الشعر المجتمع للفحل و الأَسد و غيرهما؛ و قيل: زُبْرَةُ الأَسد الشعرُ على كاهله، و قيل: الزُّبْرَةُ: موضع الكاهل على الكَتِفَيْنِ. و رجل أَزْبَرُ: عظيم الزُّبْرَة زُبْرَةِ الكاهل، و الأُنثى زَبْرَاءُ؛ و منه زُبْرَةُ الأَسد. و أَسد أَزْبَرُ و مَزْبَرَانِيّ: ضخم الزُّبْرَةِ. و الزُّبْرَةُ: كوكب من المنازل على التشبيه بِزُبْرَةِ الأَسد. قال ابن كِنَاسَةَ: من كواكب الأَسد الخَرَاتَانِ، و هما كوكبان نَيِّرانِ بينهما قَدْرُ سَوْطٍ، و هما كَتفَا الأَسَدِ، و هما زُبْرَةُ الأَسد، و هما كاهلا الأَسد ينزلهما القمر، و هي كلها ثمانية. و أَصل الزُّبْرَةِ: الشعر الذي بين كتفي الأَسد. الليث: الزُّبْرَةُ شعر مجتمع على موضع الكاهل من الأَسد و في مِرْفَقَيْهِ؛ و كل شعر يكون كذلك مجتمعاً، فهو زُبْرَةٌ و كبش زَبِيرٌ: عظيم الزُّبْرَةِ، و قيل: هو مُكْتَنِزٌ. و زُبْرَةُ الحديد: القطعة الضخمة منه، و الجمع زُبَرٌ. قال الله تعالى: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ
، و زُبُرٌ، بالرفع أَيضاً قال الله تعالى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً
؛ أَي قِطَعاً. الفراء في قوله تعالى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً
؛ من قرأَ بفتح الباء أَراد قطعاً مثل قوله تعالى: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ
، قال: و المعنى في زُبَرٍ و زُبُرٍ واحد؛ و قال الزجاج: من قرأَ زُبُراً
 أَراد قطعاً جمع زُبْرَةٍ و إِنما أَراد تفرقوا في دينهم. الجوهري: الزُّبْرَةُ القطعة من الحديد، و الجمع زُبَرٌ. قال ابن بري: من قرأَ زُبُراً
 فهو جمع زَبُورٍ لا زُبْرَةٍ لأَن فُعْلَةً لا تجمع على فُعُلٍ، و المعنى جعلوا دينهم كتباً مختلفة، و من قرأَ زُبَراً، و هي قراءة الأَعمش، فهي جمع زُبْرَةٍ بمعنى القطعة أَي فتقطعوا قطعاً؛ قال: و قد يجوز أَن يكون جمع زَبُورٍ كما تقدم، و أَصله زُبُرٌ ثم أُبدل من الضمة الثانية فتحة كما حكى أَهل اللغة أَن بعض العرب يقول في جمع جَديد جُدَدٌ، و أَصله و قياسه جُدُدٌ، كما قالوا رُكَباتٌ و أَصله رُكُباتٌ مثل غُرُفاتٍ و قد أَجازوا غُرَفات أَيضاً، و يقوي هذا أَن ابن خالويه حكى عن أَبي عمرو أَنه أَجاز أَن يقرأَ زُبُراً
 و زُبْراً و زُبَراً، فَزُبْراً بالإِسكان هو مخفف من زُبُر كعُنْقٍ مخفف من عُنُقٍ، و زُبَرٌ، بفتح الباء، مخفف أَيضاً من زُبُرٍ بردّ الضمة فتحة كتخفيف جُدَد من جُدُدٍ. و زُبْرَةُ الحدّاد: سَنْدَانُه. و زَبَرَ الرجلَ يَزْبُرُه زَبْراً: انتهره. و الزِّبِيرُ: الشديد من الرجال. أَبو عمرو: الزِّبِرُّ، بالكسر و التشديد، من الرجال الشديد القوي؛ قال أَبو محمد

316
لسان العرب4

زبر ص 315

الفقعسي:
أَكون ثَمَّ أَسداً زِبِرّا
الفرّاء: الزَّبِير الداهية. و الزُّبارَةُ: الخُوصَةُ حين تخرج من النواة. و الزَّبِيرُ: الحَمْأَةُ؛ قال الشاعر:
و قد جَرَّبَ الناسُ آل الزُّبَيْر،             فَذَاقُوا من آلِ الزُّبَيْرِ الزَّبِيرَا

و أَخذ الشي‏ء بِزَبَرِه و زَوْبَرِه و زَغْبَرِه و زَابَرِه أَي بجميعه فلم يدع منه شيئاً؛ قال ابن أَحمر:
و إن قال عاوٍ من مَعَدٍّ قَصِيدَةً             بها جَرَبٌ، عُدَّتْ عَلَيَّ بِزَوْبَرَا «1».

أَي نسبت إِليَّ بكمالها؛ قال ابن جني: سأَلت أَبا علي عن ترك صرف زَوْبَر هاهنا فقال: عَلَّقَهُ علماً على القصيدة فاجتمع فيه التعريف و التأْنيث كما اجتمع في سُبْحان التعريف و زيادة الأَلف و النون؛ و قال محمد بن حبيب: الزَّوْبَرُ الداهية. قال ابن بري: الذي منع زَوْبَر من الصرف أَنه اسم علم للكلبة مؤنث، قال: و لم يسمع بِزَوْبَر هذا الاسم إِلا في شعره؛ قال: و كذلك لم يسمع بمامُوسَةَ اسماً علماً للنار إِلا في شعره في قوله يصف بقرة:
تَطَايَحَ الطَّلُّ عن أَعْطافِها صُعُداً،             كما تَطايَحَ عن مامُوسَةَ الشَّرَرُ

و كذلك سَمَّى حُوَارَ الناقة بابُوساً و لم يسمع في شعر غيره، و هو قوله:
حَنَّتْ قَلُوصِي إِلى بابُوسِها جَزَعاً،             فما حَنِينك أَم ما أَنت و الذَّكَرُ؟

و سَمَّى ما يلف على الرأْس أُرنة و لم توجد لغيره، و هو قوله:
و تَلفَّعَ الحِرْباءُ أُرْنَتَه،             مُتَشَاوِساً لِوَرِيدِه نَعْرُ

قال و في قول الشاعر:
... عُدَّت عَلَيَّ بِزَوْبَرَا

أَي قامت عليّ بداهية، و قيل: معناه نسبت إِليَّ بكمالها و لم أَقلها. و
روى شمر حديثاً لعبد الله بن بشر أَنه قال: جاء رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، إِلى داري فوضعنا له قطيفة زَبِيرَةً.
قال ابن المظفر: كبش زَبِيرٌ أَي ضخم، و قد زَبُرَ كَبْشُكَ زَبارَةً أَي ضَخُمَ، و قد أَزْبَرْتُه أَنا إِزْباراً. و جاء فلان بزَوْبَرِه إِذا جاء خائباً لم تقض حاجته. و زَبْرَاءُ: اسم امرأَة؛ و في المثل: هاجت زَبْراءُ؛ و هي هاهنا اسم خادم كانت للأَحنف بن قيس، و كانت سَليطة فكانت إِذا غضبت قال الأَحنف: هاجت زَبْراءُ، فصارت مثلًا لكل أَحد حتى يقال لكل إِنسان إِذا هاج غضبه: هاجت زَبْراؤُه، و زَبْرَاءُ تأْنيث الأَزْبَرِ من الزُّبْرَةِ، و هي ما بين كتفي الأَسد من الوَبَرِ. و زَبير و زُبَيْر و مُزَبَّرٌ. أَسماء. و ازْبَأَرَّ الرجلُ: اقْشَعَرَّ. و ازْبَأَرَّ الشعر و الوَبَرُ و النباتُ: طلع و نَبَتَ. و ازْبَأَرَّ الشَّعْرُ: انتفش؛ قال إمرؤ القيس:
لها ثُنَنٌ كَخَوافي العُقابِ             سُودٌ، يَفينَ إِذا تَزْبَئِرْ

و ازْبَأَرَّ للشر: تهيأَ. و يوم مُزْبَئِرّ: شديد مكروه. و ازْبَأَرَّ الكلبُ: تنفش؛ قال الشاعر يصف فرساً و هو المَرَّارُ بن مُنْقِذ الحنظلي:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و إِن قال عاو من معد إلخ‏] الذي في الصحاح: إِذا قال غاو من تنوخ إلخ.

317
لسان العرب4

زبر ص 315

فَهْوَ وَرْدُ اللَّوْنِ في ازْبِئْرَارِه،             و كُمَيْتُ اللَّوْنِ ما لم يَزْبَئِرْ
قد بَلَوْناهُ على عِلَّاتِهِ،             و على التَّيْسِير منه و الضُّمُر

الورد: بين الكميت، و هو الأَحمر، و بين الأَشقر؛ يقول: إِذا سكن شعره استبان أَنه كميت و إِذا ازْبَأَرَّ استبان أُصول الشعر، و أُصوله أَقل صبْغاً من أَطرافه، فيصير في ازْبِئْرارِه وَرْداً، و التيسير هو أَن يتيسر الجري و يتهيأَ له. و
في حديث شريح: إن هي هَرَّتْ و ازْبَأَرَّتْ فليس لها ..
أَي اقشعرّت و انتفشت، و يجوز أن يكون من الزُّبْرَةِ، و هي مُجْتَمَعُ الوَبَرِ في المرفقين و الصَّدر. و
في حديث صفية بنت عبد المطلب: كيف وجدتَ زَبْرا، أَ أَقِطاً و تَمْراً، أَو مُشْمَعِلًّا صَقْراً؟.
الزبر، بفتح الزاي و كسرها: هو القوي الشديد، و هو مكبر الزُّبَيْر، تعني ابنها، أَي كيف وجدته كطعام يؤكل أَو كالصقر. و الزَّبِيرُ: اسم الجبل الذي كلم الله عليه موسى، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، بفتح الزاي و كسر الباء، و ورد في الحديث. ابن الأَعرابي: أَزْبَرَ الرجلُ إِذا عَظُمَ، و أَزْبَرَ إِذا شَجُعَ. و الزَّبِير: الرجل الظريف الكَيّسُ.
زبطر:
الزِّبَطْرَةُ، مثال القِمَطْرَةِ: ثَغْرٌ من ثغور الروم.
زبعر:
رجل زِبَعْرَى: شَكِسُ الخُلُق سَيِّئُه، و الأُنثى زِبَعْراة، بالهاء؛ قال الأَزهري: و به سمي ابن الزِّبَعْرَى الشاعر. و الزِّبَعْرَى: الضخم، و حكى بعضهم الزَّبَعْرَى، بفتح الزاي، فإِذا كان ذلك فأَلفه ملحقة له بِسَفَرْجَلٍ و أُذن زَبعْرَاةٌ و زِبَعْراةٌ: غليظة كثيرة الشعر. قال الأَزهري: و من آذان الخيل زِبَعْراةٌ، و هي التي غلظت و كثر شعرها. الجوهري: الزِّبَعْرَى الكثير شعر الوجه و الحاجبين و اللِّحيَيْنِ. و جَمَلٌ زِبَعْرَى كذلك. و الزَّبْعَرُ: ضرب من المَرْوِ و ليس بعريض الورق، و ما عَرُضَ ورَقُه منه فهو ماحُوزٌ. و الزِّبَعْرِيُّ: ضرب من السهام منسوب.
زبغر:
الزَّبْغَرُ: بفتح الزاي و تقديم الباء على الغين: المَرْوُ الدِّقاقُ الوَرَقِ أَو هو الذي يقال له مَرْوُ ماحُوز أَو غيره، و من قال ذلك فقد خالف أَبا حنيفة لأَنه يقول: إِنه الزَّغْبَر، بتقديم الغين على الباء.
زبنتر:
التهذيب في الخماسي: ابن السكيت: الزَّبَنْتَرُ من الرجال المُنكَرُ الداهية إِلى القِصَرِ ما هو؛ و أَنشد:
تَمَهْجَرُوا، و أَيُّما تَمَهْجُرِ،             بَني اسْتِها، و الجُنْدُعِ الزَّبَنْتَرِ

زجر:
الزَّجْرُ: المَنْعُ و النهيُ و الانْتِهارُ. زَجَرَهُ يَزْجُرُه زَجْراً و ازْدَجَرَهُ فانْزَجَرَ و ازْدَجَرَ. قال الله تعالى: وَ ازْدُجِرَ فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ
. قال: يوضع الازْدِجارُ مَوْضِعَ الانْزِجارِ فيكون لازماً، و ازدجر كان في الأَصل ازتجر، فقلبت التاء دالًا لقرب مخرجيهما و اختيرت الدال لأَنها أَليق بالزاي من التاء. و
في حديث العَزْلِ: كأَنه زَجَرَ.
؛ أَي نَهَى عنه، و حيث وقع الزَّجْرُ في الحديث فإِنما يراد به النهي. و زَجَرَ السَّبُعَ و الكلبَ و زَجَرَ به: نَهْنَهَهُ. قال سيبويه: و قالوا هو مِنِّي مَزْجَرَ الكلب أَي بتلك المنزلة فحذف و أَوصل، و هو من الظروف المختصة التي أُجريت مجرى غير المختصة. قال: و من العرب من يرفع بجعل الآخر

318
لسان العرب4

زجر ص 318

هو الأَوّل، و قوله:
مَنْ كانَ لا يَزْعُمُ أَنِّي شاعِرُ،             فَلْيَدْنُ منِّي تَنهَهُ المَزاجِرُ

عنى الأَسباب التي من شأْنها أَن تَزْجُرَ، كقولك نَهَتْهُ النَّواهِي، و يروى:
من كان لا يزعم أَني شاعر،             فيدن مني ....

أَراد فَلْيَدْنُ فحذف اللام، و ذلك أَن الخبن في مثل هذا أَخف على أَلسنتهم و الإِتمام عربيّ. و زَجَرْتُ البعير حتى ثَارَ و مَضَى أَزْجُرُهُ زَجْراً، و زَجَرْتُ فلاناً عن السُّوءِ فانْزَجَرَ، و هو كالرَّدْع للإِنسان، و أَما للبعير فهو كالحث بلفظ يكون زَجْراً له. قال الزجاج: الزَّجْرُ النَّهْرُ، و الزَّجْرُ للطير و غيرها التَّيَمُّنُ بِسُنُوحِها و التَّشَاؤُمُ بِبُروحِها، و إِنما سمي الكاهنُ زَاجِراً لأَنه إِذا رَأَى ما يظن أَنه يتشاءم به زَجَرَ بالنهي عن المُضِيِّ في تلك الحاجة برفع صوت و شدّة، و كذلك الزَّجْرُ للدواب و الإِبل و السباع. الليث: الزَّجْرُ أَن تَزْجُرَ طائراً أَو ظَبْياً سانِحاً أَو بارِحاً فَتَطَيَّرَ منه، و قد نُهِيَ عن الطِّيَرَةِ. و الزَّجْرُ: العِيافَةُ، و هو ضرب من التَّكَهُّن؛ تقول: زَجَرْتُ أَنه يكون كذا و كذا. و
في الحديث: كان شُرَيْحٌ زَاجِراً شاعِراً.
؛ الزَّجْرُ للطير هو التَّيَمُّنُ و التَّشَاؤُمُ بها و التَّفَؤُّلُ بطيرانها كالسَّانِحِ و البارِحِ، و هو نوع من الكَهَانَة و العِيَافَةِ. و زَجَرَ البعير أَي ساقه. و
في حديث ابن مسعود: من قرأَ القرآن في أَقَلَّ من ثلاثٍ، فهو زَاجِرٌ.
؛ من زَجَرَ الإِبلَ يَزْجُرُها إِذا حَثَّها و حَمَلها على السُّرْعَةِ، و المحفوظ رَاجِزٌ، و سنذكره في موضعه؛ و منه‏
الحديث: فسمع وراءه زَجْراً.
؛ أَي صِياحاً على الإِبل و حَثّاً. قال الأَزهري: و زَجْرُ البعير أَن يقال له: حَوْبٌ، و للناقة: حَلْ. و أَما البغلُ فَزَجْرُه: عَدَسْ، مَجْزُومٌ؛ و يُزْجَرُ السبع فيقال له: هَجْ هَجْ و جَهْ جَهْ و جَاه جَاه. ابن سيدة: و زَجَرَ الطائِرَ يَزْجُرُه زَجْراً و ازْدَجَرَهُ تفاءل به و تَطَيَّر فنهاه و نَهَرَهُ؛ قال الفرزدق:
و ليس ابنُ حَمْراءِ العِجَانِ بِمُفْلِتِي،             و لم يَزْدَجِرْ طَيْرَ النُّحوسِ الأْشَائم‏

و الزَّجُورُ من الإِبل: التي تَدِرُّ على الفصيل إِذا ضُرِبَتْ، فإِذا تُرِكَتْ مَنَعَتْهُ، و قيل: هي التي لا تَدِرُّ حتى تُزْجَرَ و تُنْهَرَ. ابن الأَعرابي: يقال للناقة العَلُوقِ زَجُورٌ؛ قال الأَخطل:
و الحَرْبُ لاقِحَةٌ لهُنَّ زَجُورُ

و هي التي تَرْأَمُ بأَنفها و تَمْنَعُ دَرَّها. الجوهري: الزَّجُورُ من الإِبل التي تَعْرِفُ بعَيْنِها و تُنْكِرُ بأَنفها. و بعير أَزْجَرُ: في فَقَارِه انْخِزَالٌ من داءٍ أَو دَبَرٍ. و زَجَرَتِ الناقةُ بما في بطنها زَجْراً رمت به و دفعته. و الزَّجْرُ: ضَرْبٌ من السَّمَكِ عِظامٌ صِغارُ الحَرْشَفِ، و الجمع زُجُورٌ، يتكلم به أَهل العراق؛ قال ابن دُرَيْدٍ: و لا أَحسبه عربيّاً، و الله أَعلم.
زحر:
الزَّحِيرُ و الزُّحارُ و الزُّحارَةُ: إِخراجُ الصَّوْتِ أَو النَّفَسِ بأَنِينٍ عند عَمَلٍ أَو شدَّةٍ؛ زَحَرَ يَزْحَرُ و يَزْحِرُ زَحِيراً و زُحاراً و زَحَّرَ و تَزَحَّرَ. و يقال للمرأَة إِذا ولدت ولداً: زَحَرَتْ به و تَزَحَّرَتْ عنه؛ قال:
إِنِّي زَعِيمٌ لَكِ أَنْ تَزَحَّرِي             عن وَارِمِ الجَبْهَةِ، ضَخْمِ المَنْخَر

319
لسان العرب4

زحر ص 319

و حكى اللحياني: زُحِرَ الرجلُ على صيغة فعل ما لم يسمَّ فاعله من الزَّحِير، فهو مَزْحُورٌ، و هو يَتَزَحَّرُ بماله شُحّاً كأَنه يَئِنُّ و يَتَشَدَّدُ. و رجل زُحَرٌ و زَحْرانُ و زَحَّارٌ: بخيل يَئِنُّ عند السؤال؛ عن اللحياني، فأَما قوله:
أَراكَ جَمَعْتَ مَسْأَلَةً و حِرْصاً،             و عند الفَقْرِ زَحَّاراً أُنَانَا

فإِنه أَراد زَحِيراً فوضع الاسم موضع المصدر، كما قال: عائذاً بالله من شَرِّها؛ حكاه سيبويه و أَورد الأَزهري هذا البيت مستشهداً به على زَحَّار، و لم يعلله و لم يذكر ما أَراد به و نسبه إِلى بعض كلب و قال: أَنشده الفرّاء؛ قال ابن بري: البيت للمغيرة بن حَبْنَاءَ يخاطب أَخاه صَخْراً و كنية صخر أَبو ليلى، و قبله:
بَلَوْنا فَضْلَ مالِكَ يا ابْنَ لَيْلَى،             فلم تَكُ عند عُسْرَتِنا أَخانا

و قال: أُنَاناً مصدر أَنَّ يَئِنُّ أَنِيناً و أُناناً كَزَحَرَ يَزْحِرُ زَحِيراً و زُحاراً؛ يقول: بلونا فضل مالك عند حاجتنا إِليه فلم ننتفع به و مع هذا إِنك جمعت مسأَلة الناس و الحِرْصَ على ما في أَيديهم و عند ما ينوبك من حق تَزْحَرُ و تَئِنُّ. و الزُّحَارُ: داء يأْخذ البعير فَيَزْحَرُ منه حتى يَنْقَلِبَ سُرْمُه فلا يخرج منه شي‏ء. و الزَّحِيرُ: تقطيعٌ في البطن يُمَشِّي دَماً. الجوهري: الزَّحِير استطلاقُ البَطْنِ، و كذلك الزُّحارُ، بالضم. و زَحَرَهُ بالرمح زَحْراً: شَجَّهُ. قال ابن دريد: ليس بثَبَتٍ. و زَحْرٌ: اسم رجل.
زخر:
زَخَرَ البَحْرُ يَزْخَرُ زَخْراً و زُخُوراً و تَزَخَّرَ: طَمَا وَ تَملَّأَ. و زَخَرَ الوادِي زَخْراً: مَدَّ جِدّاً و ارتفع، فهو زاخِرٌ. و
في حديث جابر: فَزَخَرَ البَحْرُ.
أَي مَدَّ و كَثُرَ ماؤُه و ارتفعت أَمواجه. و زَخَر القومُ: جاشوا لِنَفِيرٍ أَو حَرْبٍ؛ و كذلك زَخَرَتِ الحربُ نفسُها؛ قال:
إِذا زَخَرَتْ حَرْبٌ لِيَوْمِ عَظِيمَةٍ،             رأَيتَ بُحُوراً من نُحُورِهِمُ تَطْمُو

و زَخَرَتِ القِدْرُ تَزْخَرُ زَخْراً: جاشَتْ؛ قال أُمية بن أَبي الصلت:
فَقُدُورُه بِفِنائِهِ،             للضَّيْفِ، مُتْرَعَةٌ زَواخِرْ

و عِرْقٌ زاخِرٌ: وافِرٌ؛ قال الهذلي:
صَنَاعٌ بِإِشْفَاها، حَصَانٌ بِشَكْرِها،             جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ، و العِرْقُ زَاخِرُ

قال الجوهري: معناه يقال إِنها تجود بقوتها في حال الجوع و هيجان الدم و الطبائع، و يقال: نسبها مرتفع لأَن عِرْقَ الكريم يَزْخَرُ بالكَرَمِ. و قال أَبو عبيدة: عِرق فلان زاخر إِذا كان كريماً يَنْمِي. و زَخَرَ النباتُ: طال، و إِذا التف النبات و خرج زهره قيل: قد أَخذ زُخاريَّهُ. و زَخَرَتْ رِجْلُه زَخْراً: مَدَّتْ؛ عن كراع. و كلام زَخْوَرِيٌّ: فيه تَكبر و تَوَعُّدٌ، و قد تَزَخْوَرَ. و نَبْتٌ زَخْوَرٌ و زَخْوَرِيٌّ و زُخارِيٌّ: تامٌّ رَيَّانُ. الأَصمعي: إِذا التف العشبُ و أَخرج زَهْرَهُ قيل: جَنَّ جُنُوناً و قد أَخذ زُخارِيَّهُ؛ قال ابن مقبل:
و يَرْتَعِيانِ لَيْلَهُما قَرَاراً،             سَقَتْهُ كلُّ مُدْجِنَةٍ هَمُوعِ‏
زُخارِيَّ النَّباتِ، كأَنَّ فيه             جِيادَ العَبْقَرِيَّةِ و القُطُوع‏

320
لسان العرب4

زخر ص 320

و يقال: مكان زُخارِيُّ النبات، و زُخارِيُّ النبات: زَهْرُهُ. و أَخذ النباتُ زُخارِيَّهُ أَي حَقَّه من النَّضارة و الحسن. و أَرض زَاخِرَةٌ. أَخذت زُخارِيَّها. أَبو عمرو: الزَّاخِرُ الشَّرَفُ العالي. و يقال للوادي إِذا جاش مَدُّه و طمَا سَيْلُه: زَخَرَ يَزْخَرُ زَخْراً، و قيل: إِذا كثر ماؤه و ارتفعت أَمواجه، قال: و إِذا جاش القوم للنَّفِير، قيل: زَخَروا. و قال أَبو تراب: سمعت مُبْتَكِراً يقول: زاخَرْتُه فَزَخَرْتُه و فاخَرْتُه فَفَخَرْتُه، و قال الأَصمعي: فَخَرَ بما عنده و زَخَرَ واحدٌ.
زدر:
جاء فلانٌ يضرب أَزْدَرَيْهِ و أَسْدَرَيْهِ إِذا جاء فارغاً؛ كذلك حكاه يعقوب بالزاي؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن الزاي مضارعة و إِنما أَصلها الصاد و سنذكره في الصاد لأَن الأَصْدَرَيْنِ عِرْقانِ يَضْرِبانِ تحت الصُّدْغَيْنِ، لا يفرد لهما واحد. و قرأَ بعضهم: يومئذ يَزْدُرُ الناس أَشتاتاً، و سائر القراء قرأُوا: يَصْدُرُ، و هو الحق.
زرر:
الزِّرُّ: الذي يوضع في القميص. ابن شميل: الزِّرُّ العُرْوَةُ التي تجعل الحَبَّةُ فيها. ابن الأَعرابي: يقال لِزِرِّ القميص الزِّيرُ، و من العرب من يقلب أَحد الحرفين المدغمين فيقول في مَرٍّ مَيْرٍ و في زِرٍّ زير، و هو الدُّجَةُ؛ قال: و يقال لعُرْوَتِهِ الوَعْلَةُ. و قال الليث: الزِّرُّ الجُوَيْزَةُ التي تجعل في عروة الجيب. قال الأَزهري: و القول في الزِّرِّ ما قال ابن شميل إِنه العُرْوَةُ و الحَبَّة تجعل فيها. و الزِّرُّ: واحد أَزرار القميص. و في المثل: أَلْزَمُ من زِرٍّ لعُرْوَة، و الجمع أَزْرَارٌ و زُرُورٌ؛ قال مُلْحَةُ الجَرْمِيُّ:
كأَنَّ زُرورَ القُبْطُرِيَّة عُلِّقَتْ             عَلائِقُها منه بِجِذْعٍ مُقَوَّمِ «2».

و عزاه أَبو عبيد إِلى عدي بن الرِّقَاعِ. و أَزَرَّ القميصَ: جعل له زِرّاً. و أَزَرَّهُ: لم يكن له زر فجعله له. و زَرَّ الرجلُ: شَدَّ زِرَّه؛ عن اللحياني. أَبو عبيد: أَزْرَرْتُ القميص إِذا جعلت له أَزْرَاراً. و زَرَرْتهُ إِذا شددت أَزْرارَهُ عليه؛ حكاه عن اليزيدي. ابن السكيت في باب فِعْلٍ و فُعْلٍ باتفاق المعنى: خِلْبُ الرجل و خُلْبُه، و الرِّجْز و الرُّجْز، و الزِّرُّ و الزُّرُّ. قال: حسبته أَراد زِرَّ القميص، و عِضْو و عُضو، و الشُّحُّ و الشِّحُّ البخل، و
في حديث السائب بن يزيد في وصف خاتم النبوّة: أَنه رأَى خاتم رسول الله، صلى الله عليه و سلم، في كتفه مثل زِرِّ الحَجَلَةِ.
أَراد بزرّ الحَجَلَة جَوْزَةً تَضُمُّ العُرْوَةَ. قال ابن الأَثير: الزِّر واحد الأَزْرَارِ التي تشدّ بها الكِلَلُ و الستور على ما يكون في حَجَلَةِ العروس، و قيل: إِنما هو بتقديم الراء على الزاي، و يريد بالحَجَلَةِ القَبَجَة، مأْخوذ من أَزَرَّتِ الجَرَادَةُ إِذا كَبَسَتْ ذنبها في الأَرض فباضت، و يشهد له ما
رواه الترمذي في كتابه بإِسناده عن جابر بن سمرة: كان خاتم رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بين كتفيه غُدَّةً حمراء مثل بيضة الحمامة.
و الزَّرُّ، بالفتح: مصدر زَرَرْتُ القميص أَزُرُّه، بالضم، زَرًّا إِذا شددت أَزْرَارَهُ عليك. يقال: ازْرُرْ عليك قميصك و زُرَّه و زُرُّه و زُرِّه؛ قال ابن بري: هذا عند البصريين غلط و إِنما يجوز إِذا كان بغير الهاء، نحو قولهم: زُرَّ و زُرُّ و زُرِّ، فمن كسر فعلى أَصل التقاء الساكنين، و من فتح فلطلب الخفة،
__________________________________________________
 (2). قوله: [علائقها] كذا بالأَصل. و في موضعين من الصحاح: بنادكها أَي بنادقها، و مثله في اللسان و شرح القاموس في مادة قبطر.

321
لسان العرب4

زرر ص 321

و من ضم فعلى الإِتباع لضمة الزاي، فأَما إِذا اتصل بالهاء التي هي ضمير المذكر كقولك زُرُّه فإِنه لا يجوز فيه إِلا الضم لأَن الهاء حاجز غير حصين، فكأَنه قال: زُرُّوه، و الواو الساكنة لا يكون ما قبلها إِلا مضموماً، فإِن اتصل به هاء المؤنث نحو زُرَّها لم يجز فيه إِلا الفتح لكون الهاء خفية كأَنها مُطَّرَحَةٌ فيصير زُرَّها كأَنه زُرَّا، و الأَلف لا يكون ما قبلها إِلا مفتوحاً. و أَزْرَرْتُ القميص إِذا جعلت له أَزْرَاراً فَتَزَرَّرَ؛ و أَما قول المَرَّار:
تَدِينُ لمَزْرُورٍ إِلى جَنْبِ حَلْقَةٍ             من الشَّبْهِ، سَوَّاها بِرِفْقٍ طَبِيبُها

فإِنما يعني زمام الناقة جعله مزروراً لأَنه يضفر و يشد؛ قال ابن بري: هذا البيت لمرار بن سعيد الفقعسي، و ليس هو لمرار بن منقذ الحنظلي، و لا لمرار بن سلامة العجلي، و لا لمرار بن بشير الذهلي؛ و قوله: تدين تطيع، و الدين الطاعة، أَي تطيع زمامها في السير فلا ينال راكبها مشقة. و الحلقة من الشَّبَهِ و الصفر تكون في أَنف الناقة و تسمى بُرَةً، و إِن كانت من شعر فهي خِزَامةٌ، و إِن كانت من خشب فهي خِشَاش. و
قول أَبي ذر، رضي الله عنه، في علي، عليه السلام: إِنه لَزِرُّ الأَرض الذي تسكن إِليه و يسكن إِليها و لو فُقِدَ لأَنكرتم الأَرض و أَنكرتم الناس.
؛ فسره ثعلب فقال: تثبت به الأَرض كما يثبت القميص بزره إِذا شدّ به. و
رأَى علي أَبا ذر فقال أَبو ذر له: هذا زِرُّ الدِّينِ.
؛ قال أَبو العباس: معناه أَنه قِوَامُ الدين كالزرّ، و هو العُظَيْمُ الذي تحت القلب، و هو قوامه. و يقال للحديدة التي تجعل فيها الحلقة التي تضرب على وجه الباب لإِصفاقه: الزِّرَّةُ؛ قاله عمرو بن بَحْرٍ. و الأَزْرَارُ: الخشبات التي يدخل فيها رأْس عمود الخباء، و قيل: الأَزْرَارُ خشبات يُخْرَزْنَ في أَعلى شُقَقِ الخباء و أُصولها في الأَرض، واحدها زِرٌّ، و زَرَّها: عمل بها ذلك؛ و قوله أَنشده ثعلب:
كَأَنَّ صَقْباً حَسَنَ الزَّرْزِيرِ             في رأْسِها الراجفِ و التَّدْمِيرِ «3».

فسره فقال: عنى به أَنها شديدة الخَلْقِ؛ قال ابن سيدة: و عندي أَنه عنى طول عنقها شبهه بالصقب، و هو عمود الخباء. و الزِّرَّان: الوَابِلَتَانِ، و قيل: الزِّرُّ النقرة التي تدور فيها وَابِلَةُ كَتِف الإِنسان. و الزِّرَّانِ: طرفا الوركين في النقرة. و زِرُّ السيف: خَدُّه. و قال مُجَرِّسُ «4». بن كليب في كلام له: أَمَا و سَيْفي و زِرَّيه، وَ رُمْحِي و نَصْلَيْه، لا يَدَعُ الرجلُ قاتِلَ أَبيه و هو يَنْظُرُ إِليه؛ ثم قتل جَسَّاساً، و هو الذي كان قتل أَباه، و يقال للرجل الحسن الرَّعْيَةِ للإِبل: إِنه لَزِرٌّ من أَزرارها، و إِذا كانت الإِبل سِمَاناً قيل: بها زِرَّة «5»؛ و إِنه لَزِرٌّ من أَزْرَارِ المال يُحْسِنُ القيامَ عليه، و قيل: إِنه لَزِرُّ مال إِذا كان يسوق الإِبل سوقاً شديداً، و الأَوَّل الوجه. و إِنه لَزُرْزُورُ مال أَي عالم بمصلحته. و زَرَّهُ يَزُرُّهُ زَرّاً: عضه. و الزِّرَّة: أَثر العضة. و زَارَّه: عاضَّهُ قال أَبو الأَسود «6». الدُّؤَليُّ و سأَل‏
__________________________________________________
 (3). قوله: [حسن الزرزير] كذا بالأصل و لعله التزرير أَي الشدّ.
 (4). [المشهور في التاريخ أن اسمه الهِجْرِس لا مُجَرّس.
 (5). قوله: [قيل بها زرة] كذا بالأصل على كون بها خبراً مقدماً و زرة مبتدأ مؤخراً، و تبع في هذا الجوهري. قال المجد: و قول الجوهري بها زرّة تصحيف قبيح و تحريف شنيع، و إِنما هي بها زرة على وزن فعاللة و موضعه فصل الباء انتهى.
 (6). قوله: [قال أَبو الأَسود إِلخ‏] بهامش النهاية ما نصه: لقي أبو الأَسود الدؤلي ابن صديق له، فقال: ما فعل أَبوك؟ قال: أخذته الحمى ففضخته فضخاً و طبخته طبخاً و رضخته رضخاً و تركته فرخاً. قال: فما فعلت امرأته التي كانت تزارّه و تمارّه و تشارّه و تهارّه؟ قال: طلقها فتزوّج غيرها فحظيت عنده و رضيت و بظيت. قال أَبو الأَسود: فما معنى بظيت؟ قال: حرف من اللغة لم تدر من أي بيض خرج و لا في أي عش درج. قال: يا ابن أخي لا خبر لك فيما لم أَدر انتهى.

322
لسان العرب4

زرر ص 321

رجلًا فقال: ما فعلت امرأَة فلان التي كانت تُشارُّه و تُهَارُّه و تُزَارُّه؟ المُزَارَّةُ من الزَّرِّ، و هو العَضُّ. ابن الأَعرابي: الزِّرُّ حَدُّ السيف، و الزَّرُّ العَضُّ، و الزِّرُّ قِوَامُ القلب، و المُزَارَّةُ المُعاضَّةُ، و حِمارٌ مِزَرّ، بالكسر: كثير العض. و الزَّرَّةُ: العضة، و هي الجراحة بِزِرِّ السيف أيضاً. و الزِّرَّةُ: العقل أَيضاً؛ يقال زَرَّ يَزُرُّ إِذا زاد عقله و تَجارِبُهُ، و زَرِرَ إِذا تعدى على خصمه، و زَرَّ إِذا عقل بعد حُمْقٍ. و الزَّرُّ: الشَّلُّ و الطرد؛ يقال: هو يَزُرُّ الكتائبَ بالسيف؛ و أَنشد:
يَزُرُّ الكتائبَ بالسيف زَرَّا
و الزَّرِيرُ: الخفيف الظريف. و الزَّرِيرُ: العاقلُ. و زَرَّهُ زَرّاً: طرده. و زَرَّهُ زَرّاً: طعنه. و الزَّرُّ: النتف. و زَرَّ عينه و زَرَّهما: ضَيَّقَهما. و زَرَّتْ عينه تَزِرُّ، بالكسر، زَرِيراً و عيناه تَزِرَّانِ زَرِيراً أَي تَوَقَّدانِ. و الزَّرِيرُ: نبات له نَوْرٌ أَصفر يصبغ به؛ من كلام العجم. و الزُّرْزُرُ: طائر، و في التهذيب: و الزُّرْزُورُ طائر، و قد زَرْزَرَ بصوته. و الزُّرْزُورُ، و الجمع الزَّرَازِرُ: هَنَاتٌ كالقنابر مُلْسُ الرؤوس تُزَرْزِرُ بأَصواتها زَرْزَرَةً شديدة. قال ابن الأَعرابي: زَرْزَرَ الرجل إِذا دام على أَكل الزَّرازِرِ، و زَرْزَرَ إِذا ثبت بالمكان. و الزَّرْزَارُ: الخفيف السريع. الأَصمعي: فلان كيِّس زُرَازِرٌ أَي وَقَّادٌ تبرق عيناه؛ الفراء: عيناه تَزِرَّان في رأْسه إِذا توقدتا. و رجل زَرِيرٌ أَي خفيف ذَكِيٌّ؛ و أَنشد شمر:
يَبِيتُ العَبْدُ يركَبُ أَجْنَبَيْهِ،             يَخِرّ كأَنه كَعْبٌ زَرِير

و رجل زُرازِرٌ إِذا كان خفيفاً، و رجال زَرازِرُ؛ و أَنشد:
وَ وَكَرَى تَجْري على المَحاوِرِ،             خَرْساءَ من تحتِ امْرِئٍ زُرازِرِ

و زِرُّ بنُ حُبَيْشٍ: رجل من قراء التابعين. و زُرَارَةُ: أَبو حاجب. و زِرَّةُ: فرس العباس بن مرداس.
زعر:
الزَّعَرُ في شعر الرأْس و في ريش الطائر: قِلَّةٌ و رِقَّةٌ و تفرُّق، و ذلك إِذا ذهبت أُصول الشعر و بقي شَكِيرُه؛ قال ذو الرمة:
كأَنها خاضِبٌ زُعْرٌ قَوادِمُهُ،             أَجْنَا له باللِّوَى آءٌ و تَنُّومُ‏

و منه قيل للأَحْداثِ: زُعْرانٌ. و زَعِرَ الشعر و الريش و الوَبَرُ زَعَراً، و هو زَعِرٌ و أَزْعَرُ، و الجمع زُعْرٌ، و ازْعَرَّ: قَلَّ و تَفَرَّقَ؛ وَ زَعِرَ رأْسُه يَزْعَرُ زَعَراً. و
في حديث ابن مسعود: أَن امرأَة قالت له: إِني امرأَة زَعْراءُ.
أَي قليلة الشعر. و
في حديث علي، رضي الله عنه، يصف الغيث: أَخْرَجَ به من زُعْرِ الجبال الأَعْشابَ.
؛ يريد القليلة النبات تشبيهاً بقلة الشعر. و الأَزْعَرُ: الموضع القليلة النبات. و رجل زَيْعَرٌ: قليل المال. و الزَّعْراءُ: ضَرْبٌ من الخَوْخِ. و زَعَرَها يَزْعَرُها زَعْراً: نكحها. و في خُلُقِه زَعارَّة، بتشديد الراء، مثل حَمارَّةِ الصَّيْفِ، و زَعَارَةٌ بالتخفيف؛ عن اللحياني، أَي شَرَاسَةٌ و سُوءُ خُلُقِ، لا يتصرف منه فِعْلٌ، و ربما قالوا: زَعِرَ الخُلُق. و الزُّعْرُورُ: السَّيِ‏ءُ الخُلُقِ، و العامة تقول: رجل زَعِرٌ. و الزُّعْرُورُ: ثمر شجرة، الواحدة

323
لسان العرب4

زعر ص 323

زُعْرُورَةٌ، تكون حمراء و ربما كانت صفراء، له نَوًى صُلْبٌ مستدير. و قال أَبو عمرو: النُّلْكُ الزُّعْرُورُ؛ قال ابن دريد: لا تعرفه العرب و في التهذيب: الزُّعْرُورُ شجرة الدُّبِّ. و زَعْوَرٌ: اسم. و الزَّعْرَاءُ: موضع. و زَعْرٌ، بسكون العين المهملة: موضع بالحجاز.
زعبر:
الزَّعْبَرِيُّ: ضَرْبٌ من السهام.
زعفر:
الزَّعْفَرَانُ: هذا الصِّبْغُ المعروف، و هو من الطِّيب. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه نهى أَن يَتَزَعْفَرَ الرجلُ.
و جمعه بعضهم و إِن كان جنساً فقال جمعه زَعافِيرُ. الجوهري: جمعه زَعافِرُ مثل تَرْجُمانٍ و تَراجِمَ و صَحْصَحانٍ و صَحَاصِحَ. و زَعْفَرْتُ الثوبَ: صبغته. و يقال للفَالوذِ: المُلَوَّصُ و المُزَعْزَعُ و المُزَعْفَرُ. و الزعفرانُ: فرس عُمير بن الحُبَابِ. و المُزَعْفَرُ: الأَسَدُ الوَرْدُ لأَنه وَرْدُ اللَّوْنِ، و قيل: لما عليه من أَثر الدم. و الزَّعافِرُ: حَيٌّ من سعد العشيرة.
زغر:
زَغَرَ الشي‏ءَ يَزْغَرُهُ زَغْراً: اقْتَضَبَهُ «1». و الزَّغْرُ: الكَثْرَةُ؛ قال الهذلي:
بل قد أَتانِي ناصِحٌ عن كاشِح،             بِعَدَاوَةٍ ظَهَرَتْ، و زَغْرِ أَقاولِ‏

أَراد أَقاويل، حذف الياء للضرورة. و زَغْرُ كل شي‏ء: كثرته و الإِفْراطُ فيه. و زَغَرَت دِجْلَةُ: مَدَّتْ كَزَخَرَتْ؛ عن اللحياني. و زُغَرُ: اسم رجل. و زُغَرُ: قرية بمشارف الشام. و عَيْنُ زُغَرَ: موضع بالشام؛ و أَما قول أَبي دُوادٍ:
كَكِتابَة الزُّغَرِيّ، غَشَّاها             من الذَّهَبِ الدُّلامِصْ‏

فإِن ابن دريد قال: لا أَدري إِلى أَي شي‏ء نسبه. و في التهذيب: و إِياها عنى أَبو دواد يعني القرية بمشارف الشام؛ قال: و قيل زُغَرُ اسم بنت لوط نزلت بهذه القرية فسميت باسمها. و
في حديث الدجال: أَخْبِرُوني عن عَيْنِ زُغَرَ هل فيها ماء؟ قالوا: نعم.
؛ زُغَرُ بوزن صُرَد عين بالشام من أَرض البلقاء، و قيل: هو اسم لها، و قيل: اسم امرأَة نسبت إِليها. و
في حديث عليّ، كرم الله تعالى وجهه: ثم يكون بعد هذا غَرَقٌ من زُغَرَ.
؛ و سياق الحديث يشير إِلى أَنها عين في أَرض البصرة؛ قال ابن الأَثير: و لعلها غير الأُولى، فأَما زُعْرٌ، بسكون العين المهملة، فموضع بالحجاز.
زغبر:
الزَّغْبَرُ: جميع كل شي‏ء. أَخَذَ الشي‏ءَ بِزَغْبَرِه أَي أَخذه كله و لم يدع منه شيئاً، و كذلك بِزَوْبَرِه و بِزَابَرِه. و زَغْبَرٌ: ضرب من السباع؛ حكاه ابن دريد قال: و لا أَحقه. قال أَبو حنيفة: الزَّغْبَرُ و الزِّغْبَرُ جميعاً المَرْوُ الدِّقاقُ الوَرَقِ «2» .... أَ هو الذي يقال له مَرْوُ ماحُوز أَو غيره، و منهم من يقول: هو الزَّبْغَرُ، بفتح الزاي و تقديم الباء على الغين. أَبو زيد: زِبْئِرُ الثوب و زِغْبِرُه.
زفر:
الزَّفْرُ و الزَّفِيرُ: أَن يملأَ الرجل صدره غمّاً ثم هو يَزْفِرُ به، و الشهيق «3». النفس ثم يرمي به. ابن سيدة: زَفَرَ يَزْفِرُ زَفْراً و زَفِيراً أَخرج نَفَسَه بعد مَدِّه، و إِزْفِيرٌ إِفْعِيلٌ منه. و الزَّفْرَةُ و الزُّفْرَةُ: التَّنَفُّسُ. الليث: و في التنزيل العزيز: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ‏
؛ الزفير: أَول نَهيق الحمار و شِبْهِهِ، و الشَّهِيقُ:
__________________________________________________
 (1). قوله: [اقتضبه‏] في القاموس: اغتصبه. قال شارحه: في بعض النسخ اقتضبه. و هو غلط.
 (2). كذا بياض بالأصل.
 (3). قوله: [و الشهيق إلخ‏] كذا بالأصل و لعل هنا سقطاً.

324
لسان العرب4

زفر ص 324

آخِرُه، لأَن الزفير إِدخال النفس و الشهيق إِخراجه، و الاسم الزَّفْرَةُ، و الجمع زَفَرَاتٌ، بالتحريك، لأَنه اسم و ليس بنعت؛ و ربما سكنها الشاعر للضرورة، كما قال:
فَتَسْتَرِيح النَّفْسُ من زَفْراتِها
و قال الزجاج: الزَّفْرُ من شِدّةِ الأَنِينِ و قبيحه، و الشهيق الأَنين الشديد المرتفع جدّاً، و الزَّفِير اغْتِراقُ النَّفَسِ للشِّدَّةِ. و الزُّفْرَةُ، بالضم: وَسَطُ الفرس؛ يقال: إِنه لعظيم الزُّفْرَةِ. و زُفْرَةُ كل شي‏ء و زَفْرَتُه: وَسَطُه. و الزَّوافِرُ: أَضلاعُ الجنبين. و بعير مَزْفُورٌ: شديد تلاحم المفاصل. و ما أَشَدَّ زُفْرَتَهُ أَي هو مَزْفُورُ الخَلْقِ. و يقال للفرس: إِنه لعظيم الزُّفْرَةِ أَي عظيم الجوف؛ قال الجعدي:
خِيطَ على زَفْرَةٍ فَتَمَّ، و لم             يَرْجِعْ إِلى دِقَّةٍ، و لا هَضَمِ‏

يقول: كأَنه زافر أَبداً من عظم جوفه فكأَنه زَفَرَ فَخِيطَ على ذلك؛ و قال ابن السكيت في قول الراعي:
حُوزِيَّةٌ طُوِيَتْ على زَفَراتِها،             طَيَّ القَنَاطِرِ قد نَزَلْنَ نُزُولا

قال فيه قولان: أَحدهما كأَنها زَفَرَتْ ثم خَلِفَتْ على ذلك، و القول الآخر: الزَّفْرَةُ الوَسَطُ. و القناطر: الأَزَجُ. و الزِّفْرُ، بالكسر: الحِمْل، و الجمع أَزْفارٌ؛ قال:
طِوالُ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ لم يَجِدوا             رِيحَ الإِماء، إِذا رَاحَت بأَزْفارِ

و الزَّفْرُ: الحَمْلُ. و ازْدَفَرَهُ: حمله. الجوهري: الزَّفْرُ مصدر قولك زَفَرَ الحِمْلَ يَزْفِرُهُ زَفْراً أَي حَمَلَهُ و ازْدَفَرَهُ أَيضاً. و يقال للجمل الضخم: زُفَرُ، و الأَسد زُفَرُ، و الرجل الشجاع زُفَر، و الرجل الجوادِ زُفَر. و الزِّفْرُ: القِرْبَةُ. و الزِّفْرُ: السِّقاء الذي يحمل فيه الراعي ماءه، و الجمع أَزْفارٌ، و منه الزَّوافِرُ الإِماءُ اللواتي يحملن الأَزفار، و الزَّافِرُ: المُعِينُ على حَمْلِها؛ و أَنشد:
يا ابْنَ التي كانتْ زَماناً في النَّعَمْ             تَحْمِلُ زَفْراً و تَؤُولُ بالغَنَمْ‏

و قال آخر:
إِذا عَزَبُوا في الشَّاء عَنَّا رَأَيْتَهُمْ             مَدالِيجَ بالأَزْفارِ، مثلَ العَوَاتِق‏

و زَفَرَ يَزْفِرُ إِذا اسْتَقَى فحمل. و الزُّفَرُ: السَّيِّدُ، و به سمي الرجل زُفَرَ. شمر: الزُّفَرُ من الرجال القوي على الحمالاتِ. يقال: زَفَرَ و ازْدَفَرَ إِذا حَمَلَ؛ قال الكميت:
رِئاب الصُّدْوعِ، غِيَاث المَضُوع،             لأْمَتُك الزُّفَرُ النَّوْفَلُ‏

و
في الحديث: أَن امرأَة كانت تَزْفِرُ القِرَبَ يوم خَيْبَرَ تسقي الناسَ.
؛ أَي تحمل القرب المملوءة ماء. و
في الحديث: كان النساء يَزْفِرْنَ القِرَبَ يَسْقِينَ الناسَ في الغَزْوِ.
؛ أَي يحملنها مملوءةً ماءً؛ و منه الحديث:
كانت أُمُّ سُلَيْطٍ تَزْفِرُ لنا القِرَبَ يومَ أُحُدٍ.
و الزُّفَرُ: السَّيِّدُ؛ قال أَعشى باهلة:
أَخُو رَغائِبَ يُعْطِيها و يَسْأَلُها،             يَأْبَى الظُّلامَةَ منه النَّوْفَلُ الزُّفَرُ

لأَنه يَزْدَفِرُ بالأَموال في الحَمَالات مطيقاً له، و قوله منه مؤكدة للكلام، كما قال تعالى: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ؛ و المعنى: يأْبى الظلامة لأَنه النوفل الزفر.

325
لسان العرب4

زفر ص 324

و الزَّفِيرُ: الداهية، و أَنشد أَبو زيد:
و الدَّلْوَ و الدَّيْلَمَ و الزَّفِيرَا
و في التهذيب: الزَّفِير الداهية، و قد تقدم. و الزِّفْرُ و الزَّافِرَةُ: الجماعة من الناس. و الزَّافِرَةُ: الأَنصار و العشيرة. و زَافِرَةُ القوم: أَنصارهم. الفراء: جاءنا و معه زَافِرَتُه يعني رهطه و قومه. و يقال: هم زافِرَتُهم عند السلطان أَي الذين يقومون بأَمرهم. و
في حديث عليّ، كرم الله تعالى وجهه: كان إِذا خلا مع صاغِيَتِهِ و زَافِرَتِهِ انْبَسَطَ.
؛ زافرة الرجل: أَنصاره و خاصتَّه. و زَافِرَةُ الرُّمْحِ و السهم: نحو الثُّلُثِ، و هو أَيضاً ما دون الريش من السهم. الأَصمعي: ما دون الريش من السهم فهو الزافرة، و ما دون ذلك إِلى وسطه هو المَتْنُ. ابن شميل: زَافِرَةُ السهم أَسفل من النَّصْلِ بقليل إِلى النصل. الجوهري: زافرة السهم ما دون الريش منه. و قال عيسى بن عمر: زافرة السهم ما دون ثلثيه مما يلي النصل. أَبو الهيثم: الزافرة الكاهل و ما يليه: و قال أَبو عبيدة: في جُؤْجُؤِ الفَرَسِ المُزْدَفَرُ، و هو الموضع الذي يَزْفِرُ منه؛ و أَنشد:
و لَوْحا ذِرَاعَيْنِ في بِرْكَةٍ،             إِلى جُؤْجُؤٍ حَسَنِ المُزْدَفَرْ

و زَفَرَتِ الأَرضُ: ظهر نباتها. و الزَّفَرُ: التي يدعم بها الشجر. و الزَّوافِرُ: خشبٌ تقام و تُعَرَّضُ عليها الدِّعَمُ لتجري عليها نَوامِي الكَرْمِ. و زُفَرُ و زَافِرٌ و زَوْفَرٌ: أَسماء.
زقر:
الزَّقْرُ: لغة في الصَّقْرِ مضارعة.
زكر:
زَكَرَ الإِناءَ: مَلأَهُ. و زَكَّرْتُ السِّقاء تَزْكِيراً و زَكَّتُّهُ تَزْكِيتاً إِذا ملأْته. و الزُّكْرَةُ: وعاء من أَدَمٍ، و في المحكم: زِقٌّ يجعل فيه شراب أَو خل. و قال أَبو حنيفة: الزُّكْرَةُ الزِّقُّ الصغير. الجوهري: الزُّكرة، بالضم، زُقَيْقٌ للشراب. و تَزَكَّرَ الشرابُ: اجتمع. و تَزَكَّرَ بطنُ الصبي: عَظُمَ و حَسُنَتْ حاله. و تَزَكَّرَ بطنُ الصبي: امتلأَ. و من العُنُوزِ الحُمْرِ عنز حَمْراءُ زَكَرِيَّة. و عَنْزٌ زَكْرِيَّةٌ و زَكَرِيَّةٌ: شديدة الحمرة. و زَكَرِيٌّ: اسم. و في التنزيل: وَ كَفَّلَها زَكَرِيَّا
؛ و قرئ: و كَفَلَها زَكَرِيَّاءُ، و قرئ: زَكَرِيَّا
، بالقصر؛ قرأَ ابن كثير و نافع و أَبو عمرو و ابن عامر و يعقوب: و كفلها، خفيف، زكرياء، ممدود مهموز مرفوع، و قرأَ أَبو بكر عن عاصم: وَ كَفَّلَها، مشدداً، زكرياء، ممدوداً مهموزاً أَيضاً، و قرأَ حمزة و الكسائي و حفص: وَ كَفَّلَها زَكَرِيَّا
، مقصوراً في كل القرآن؛ ابن سيدة: و في زَكَرِيا أَربع لغات: زَكَرِيٌّ مثل عَرَبِيٍّ، و زَكَرِي، بتخفيف الياء، قال: و هذا مرفوض عند سيبويه، و زكريا مقصور و زكرياء ممدود الزجاج في زكريا ثلاث لغات هي المشهورة: زكرياء الممدودة، و زكريا بالقصر غير منوّن في الجهتين، و زَكَرِي بحذف الأَلف غير منوّن، فأَما ترك صرفه فإِن في آخره أَلِف التأْنيث في المد و أَلف التأْنيث في القصر، و قال بعض النحويين: لم ينصرف لأَنه أَعجمي، و ما كانت فيه أَلف التأْنيث فهو سواء في العربية و العجمة، و يلزم صاحب هذا القول أَن يقول مررت بزكرياءَ و زكرياءٍ آخَرَ لأَن ما كان أَعجميّاً فهو ينصرف في النكرة، و لا يجوز أَن تصرف الأَسماء التي فيها أَلف التأْنيث في معرفة و لا نكرة لأَنها فيها علامة التأْنيث، و أَنها مصوغة مع الاسم صيغة واحدة فقد فارقت هاء التأْنيث، فلذلك لم تصرف في النكرة،

326
لسان العرب4

زكر ص 326

و قال الليث: في زكريا أَربع لغات: تقول هذا زكرياء قد جاء و في التثنية زَكَرِيَّاءانِ و في الجمع زَكَرِيَّاؤُونَ، و اللغة الثانية هذا زَكَرِيَّا قد جاء و في التثنية زَكَرِيَّيَانِ و في الجمع زَكَرِيُّون، و اللغة الثالثة هذا زَكَرِيٌّ و في التثنية زَكَرِيَّانِ، كما يقال مَدَنِيُّ و مَدَنِيَّانِ، و اللغة الرابعة هذا زَكَرِي بتخفيف الياء و في التثنية زَكَرِيَانِ، الياء خفيفة، و في الجمع زَكَرُونَ بطرح الياء. الجوهري: في زكريا ثلاث لغات: المد و القصر و حذف الأَلف، فإِن مددت أَو قصرت لم تصرف، و إِن حذفت الأَلف صرفت، و تثنية الممدود زَكَرِيَّاوَانِ و الجمع زَكَرِيَّاوونَ و زَكَرِيَّاوين في الخفض و النصب، و النسبة إِليه زَكَرِيَّاوِيٌّ، و إِذا أَضفته إِلى نفسك قلت زَكَرِيَّائِيَّ بلا واو، كما تقول حمرائيَّ، و في التثنية زَكَرِيّاوَايَ بالواو لأَنك تقول زَكَرِيَّاوَانِ و الجمع زَكَرِيَّاوِيَّ بكسر الواو و يستوي فيه الرفع و الخفض و النصب كما يستويفي مسلميَّ و زَيْدِيَّ، و تثنية المقصور زَكَرِيَّيان تحرك أَلف زكريا لاجتماع الساكنين فتصير ياء، و في النصب رأَيت زَكَرِيَّيَيْنِ و في الجمع هؤلاء زَكَرِيُّونَ حذفت الأَلف لاجتماع الساكنين، و لم تحركها لأَنك لو حركتها ضممتها، و لا تكون الياء مضمومة و لا مكسورة و ما قبلها متحرك و لذلك خالف التثنية.
زلنبر:
التهذيب في الخماسي:
روي عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ؛ قال: ولد إِبليس خمسة: دَاسِمٌ و أَعور و مِسْوَطٌ و ثَيْرٌ و زَلَنْبُورٌ. قال سفيان: زَلَنْبُورٌ يفرّق بين الرجل و أَهله و يُبَصِّرُ الرجل عيوب أَهله.
زمر:
الزَّمْرُ بالمِزْمارِ، زَمَرَ يَزْمِرُ و يَزْمُرُ زَمْراً و زَمِيراً و زَمَراناً: غَنَّى في القَصَبِ. و امرأَة زامِرَةٌ و لا يقال زَمَّارَةٌ، و لا يقال رجل زامِرٌ إِنما هو زَمَّارٌ. الأَصمعي: يقال للذي يُغَنِّي الزّامِرُ و الزَّمَّارُ، و يقال للقصبة التي يُزْمَرُ بها زَمَّارَةٌ، كما يقال للأَرض التي يُزْرَعُ فيها زَرّاعَةٌ. قال: و قال فلان لرجل: يا ابن الزِّمَّارَة، يعني المُغَنِّيَة. و المِزْمارُ و الزَّمَّارَةُ: ما يُزْمَرُ فيه. الجوهري: المِزْمارُ واحد المَزامِيرِ. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَ بِمَزْمُورِ الشيطان في بيت رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و في رواية: مِزْمارَةِ الشيطان عند النبي، صلى الله عليه و سلم.
المزمورُ، بفتح الميم و ضمها، و المِزْمارُ سواء، و هو الآلة التي يُزْمَرُ بها. و مَزامِيرُ داود، عليه السلام: ما كان يَتَغَنَّى به من الزَّبُورِ و ضُروب الدعاء، واحدها مِزْمارٌ و مُزْمُورٌ؛ الأَخيرة عن كراع، و نظيره مُعْلُوقٌ و مُغْرُودٌ. و
في حديث أَبي موسى: سمعه النبي، صلى الله عليه و سلم، يقرأُ فقال: لقد أُعْطِيتَ مِزْماراً من مَزامِيرِ آلِ داودَ، عليه السلام.
؛ شَبَّهَ حُسْنَ صوتِه و حلاوةَ نَغْمَتِه بصوت المِزْمارِ، و داود هو النبي، صلى الله عليه و سلم، و إِليه المُنْتَهى في حُسْنِ الصوت بالقراءة، و الآل في قوله آل داود مقحمة، قيل: معناه هاهنا الشخص. و
كتب الحجاج إِلى بعض عماله أَن ابعث إِليَّ فلاناً مُسَمَّعاً مُزَمَّراً.
؛ فالمُسَمَّعُ: المُقَيَّدُ، و المُزَمَّرُ: المُسَوْجَرُ؛ أَنشد ثعلب:
و لي مُسْمِعانِ و زَمَّارَةٌ،             و ظِلُّ مَدِيدٌ و حِصْنٌ أَمَقّ‏

فسره فقال: الزمارة الساجور، و المُسْمِعانِ القيدان، يعني قَيْدَيْنِ و غُلَّيْنِ، و الحِصْنُ السجن، و كل‏

327
لسان العرب4

زمر ص 327

ذلك على التشبيه، و هذا البيت لبعض المُحَبَّسِينَ كان مَحْبُوساً فمُسْمِعاهُ قيداه لصوتهما إِذا مشى، و زَمَّارَتُه الساجور و الظل، و الحصن السجن و ظلمته. و
في حديث ابن جبير: أَنه أَتى به الحجاج و في عنقه زَمَّارَةٌ.
؛ الزمارة الغُلُّ و الساجور الذي يجعل في عنق الكلب. ابن سيدة: و الزَّمَّارَةُ عمود بين حلقتي الغل. و الزِّمارُ بالكسر: صوت النعامة؛ و في الصحاح: صوت النعام. و زَمَرَتِ النعامةُ تَزْمِرُ زِماراً: صَوَّتَتْ. و قد زَمَرَ النعامُ يَزْمِرُ، بالكسر، زِماراً. و أَما الظليم فلا يقال فيه إِلَّا عارَّ يُعارُّ. و زَمَرَ بالحديث: أَذاعه و أَفشاه. و الزَّمَّارَةُ: الزانية؛ عن ثعلب، و قال: لأَنها تُشِيعُ أَمرها. و
في حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، نهى عن كسب الزَّمَّارَةِ.
قال أَبُو عبيد: قال الحجاج: الزَّمَّارَةُ الزانية، قال و قال غيره: إِنما هي الرَّمَّازَةُ، يتقديم الراء على الزاي، من الرَّمْزِ، و هي التي تومئ بشفتيها و بعينيها و حاجبيها، و الزواني يفعلن ذلك، و الأَول الوجه. و قال أَبو عبيد: هي الزَّمَّارَةُ كما جاء في الحديث؛ قال أَبو منصور: و اعترض القتيب على أَبي عبيد في قوله هي الزَّمَّارة كما جاء في الحديث، فقال: الصواب الرَّمَّازَة لأَن من شأْن البَغِيِّ أَن تُومِضَ بعينها و حاجبها؛ و أَنشد:
يُومِضْنَ بالأَعْيُنِ و الحواجِبِ،             إِيماضَ بَرْقٍ في عَماءٍ ناصِبِ‏

قال أَبو منصور: و قول أَبي عبيد عندي الصواب، و سئل أَبو العباس أَحمد بن يحيى عن معنى‏
الحديث أَنه نهى عن كسب الزَّمَّارَة.
فقال: الحرف الصحيح رَمَّازَةٌ، و زَمَّارَةٌ هاهنا خطأٌ. و الزَّمَّارَةُ: البَغِيُّ الحسناء، و الزَّمِيرُ: الغلام الجميل، و إِنما كان الزنا مع الملاح لا مع القباح؛ قال أَبو منصور: لِلزَّمَّارَةِ في تفسير ما جاء في الحديث وجهان: أَحدهما أَن يكون النهي عن كسب المغنية، كما روى أَبو حاتم عن الأَصمعي، أَو يكون النهي عن كسب البَغِيِّ كما قال أَبو عبيد و أَحمد بن يحيى؛ و إِذا روى الثقات للحديث تفسيراً له مخرج لم يجز أَن يُرَدَّ عليهم و لكن نطلب له المخارجَ من كلام العرب، أَ لا ترى أَن أَبا عبيد و أَبا العباس لما وجدا لما قال الحجاجُ وجهاً في اللغة لم يَعْدُواهُ؟ و عجل القتيبي و لم يثبت ففسر الحرف على الخلاف و لو فَعَل فِعل أَبي عبيد و أَبي العباس كان أَولى به، قال: فإِياك و الإِسراع إِلى تخطئة الرؤساء و نسبتهم إِلى التصحيف و تأَنَّ في مثل هذا غاية التَّأَنِّي، فإِني قد عثرت على حروف كثيرة رواها الثقات فغيَّرها من لا علم له بها و هي صحيحة. و حكى الجوهري عن أَبي عبيد قال: تفسيره في الحديث أَنها الزانية، قال: و لم أَسمع هذا الحرف إِلَّا فيه، قال: و لا أَدري من أَي شي‏ء أُخذ، قال الأَزهري: و يحتمل أَن يكون أَراد المغنية. يقال: غِنَاءٌ زَمِيرٌ أَي حَسَنٌ. و زَمَرَ إِذا غنى و القصبة التي يُزْمَرُ بها: زَمَّارَةٌ. و الزَّمِرُ: الحَسَنُ؛ عن ثعلب، و أَنشد:
دَنَّانِ حَنَّانانِ، بينهما             رَجُلٌ أَجَشُّ، غِناؤُه زَمِرُ

أَي غناؤه حسن. و الزَّمِيرُ: الحسن من الرجال. و الزَّوْمَرُ: الغلام الجميل الوجه. و زَمَرَ القربَةَ يَزْمُرُهَا زَمْراً و زَنَرَها: ملأَها؛ هذه عن كراع و اللحياني. و شاة زَمِرَةٌ: قليلة الصوف. و الزَّمِرُ: القليل الشعر و الصوف و الريش، و قد زَمِرَ زَمَراً. و رجل زَمِرٌ: قليل المُروءَةِ بَيِّنُ الزَّمَارَة و الزُّمُورَةِ أَي قليلها، و المُسْتَزْمِرُ: المُنْقَبِضُ المتصاغر؛ قال:

328
لسان العرب4

زمر ص 327

إِنَّ الكَبِيرَ إِذا يُشَافُ رَأَيْتَهُ             مُقْرَنْشِعاً، و إِذا يُهانُ اسْتَزْمَرَا

و الزُّمْرَةُ: الفَوْجُ من الناس و الجماعةُ من الناس، و قيل: الجماعة في تفرقة. و الزُّمَرُ: الجماعات، و رجل زِمِرٌّ: شديد كَزِبِرٍّ. و زَمِيرٌ: قصير، و جمعه زِمَارٌ؛ عن كراع. و بنو زُمَيْرٍ: بطن. و زُمَيْرٌ: اسم ناقة؛ عن ابن دريد. و زَوْمَرٌ: اسمٌ. و زَيْمَرانُ و زَمَّاراءُ: موضعان؛ قال حسان بن ثابت:
فَقَرَّب فالمَرُّوت فالخَبْت فالمُنَى،             إِلى بيتِ زَمَّاراءَ تَلْداً على تَلْدِ

زمجر:
الزَّمْجَرَةُ: الصوتُ و خص بعضهم به الصوت من الجَوْفِ، و يقال للرجل إِذا أَكثر الصَّخَبَ و الصياحَ و الزَّجْرَ: سمعت لفلان زَمْجَرَةً و غَذْمَرَةً، و فلان ذو زَماجِرَ و زَماجِيرَ؛ حكاه يعقوب. و زَمْجَرَ الرجل: سُمِعَ في صوته غِلَظٌ و جَفَاءٌ. و زَمْجَرَةُ الأَسد: زَئِيرٌ يُرَدِّدُه في نَحْرِه و لا يُفْصِحُ، و قيل: زَمْجَرَةُ كل شي‏ء صوته. و سمع أَعرابيٌّ هَدِيرَ طائِرٍ فقال: ما يَعْلَمُ زَمْجَرَتَهُ إِلَّا اللهُ؛ و قال أَبو حنيفة: الزَّماجِرُ من الصوت نحو الزَّمازِمِ، الواحدة زَمْجَرَةٌ؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
لها زِمَجْرٌ فوقها ذو صَدْحِ‏
فإِنه فسر الزِّمَجْرَ بأَنه الصوت؛ و قال ثعلب: إِنما أَراد زَمْجَرٌ فاحتاج فَحَوَّل البناء إِلى بناء آخر، و إِنما عنى ثعلب بالزَّمْجَرِ جمع زَمْجَرَةٍ من الصوت إِذ لا يعرف في الكلام زَمْجَرٌ إِلَّا ذلك؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن الشاعر إِنما عنى بالزِّمَجْرِ المُزَمْجِرَ كأَنه رجل زِمَجْرٌ كسِبَطْرٍ، ابن الأَعرابي: الزَّماجِيرُ زَمَّاراتُ الرُّعْيانِ.
زمخر:
الزَّمْخَرُ: المزمار الكبير الأَسودُ. و الزَّمْخَرَةُ: الزَّمَّارَةُ، و هي الزانية. زَمْخَرَ الصوتُ و ازْمَخَرَّ: اشتدَّ. و تَزَمْخَرَ النَّمرُ: غَضِبَ و صاح. و الزَّمْخَرَةُ: كل عَظْمٍ أَجْوَفَ لا مُخَّ فيه، و كذلك الزَّمْخَرِيُّ. و ظليم زَمْخَريُّ السواعد أَي طويلها؛ قال الأَعْلَمُ يصف ظَلِيماً:
على حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ             السَّواعِدِ، ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ‏

و أَراد بالسواعد هنا مجاري المخ في العظام؛ أَراد عظام سواعده أَنها جُوفٌ كالقَصَب. و زعموا أَن النعام و الكَرَى لا مخ لها. الأَصمعي: الظليم أَجوف العظام لا مخ له، قال: ليس شي‏ء من الطير إِلَّا و له مخ غير الظليم، فإِنه لا مخ له، و ذلك لأَنه لا يجد البرد. و الزَّمْخَرُ: الشجر الكثير الملتف، و زَمْخَرَتُه: التفافه و كثرته. و زَمْخَرةُ الشَّبَاب: امتلاؤه و اكتهاله. و الزَّمْخَرَةُ: النُّشَّابُ. و الزَّمْخَرُ: السِّهامُ، و قيل: هو الدقيق الطُّوالُ منها؛ قال أَبو الصلت الثقفي و في التهذيب قال أُمية ابن أَبي الصلت في الزَّمْخَرِ السَّهْم:
يَرْمُونَ عن عتلٍ، كأَنها غُبُطٌ             بِزَمْخرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا

العتل: القسي الفارسية، واحدتها عتلة. و الغبط: جمع غبِيط، و الغُبُطُ: خشبُ الرحال، و شبه القسي الفارسية بها، و هذا البيت ذكره ابن الأَثير في كتابه قال: و
في حديث ابن ذي يَزَنٍ، أَبو عمرو: الزَّمْخَرُ السهمُ الرقيق الصوت النَّاقِزُ.
؛ و قال أَبو منصور: أَراد السهام التي عيدانها من قَصَبٍ، و قَصَبُ المزامير زَمْخَرٌ؛

329
لسان العرب4

زمخر ص 329

و منه قول الجعدي:
حَناجِرُ كالأَقْماعِ جاء حَنينُها،             كما صَيَّحَ الزَّمَّارُ في الصُّبْحِ، زَمْخَرَا

و الزَّمْخَرِيُّ: النباتُ حين يطول؛ قال الجعدي:
فَتَعَالى زَمْخَرِيٌّ وارِمٌ،             مالَت الأَعْرَاقُ منه و اكْتَهَلْ‏

الوارم: الغليظ المنتفخ. و عُودٌ زَمْخَرِيُّ و زُماخِرٌ: أَجوف؛ و يقال للقصب: زَمْخَرٌ و زَمْخَرِيٌّ.
زمهر:
الزَّمْهَرِيرُ: شدة البرد؛ قال الأَعشى:
من القَاصِراتِ سُجُوفَ الحِجالِ،             لم تر شَمْساً و لا زَمْهَرِيرَا

و الزمهرير: هو الذي أَعدّه الله تعالى عذاباً للكفار في الدار الآخرة، و قد ازْمَهَرَّ اليومُ ازْمِهْرَاراً. و زَمْهَرَتْ عيناه و ازْمَهَرَّتا: احْمَرَّتا من الغضب. و المُزْمَهِرُّ: الذي احمرّت عيناه، و ازْمَهَرَّتِ الكواكب: لَمَحَتْ. و المُزْمَهِرُّ: الشديد الغضب. و
في حديث ابن عبد العزيز قال: كان عمر مُزْمَهِرّاً على الكافر.
أَي شديد الغضب عليه. و وَجْهٌ مُزْمَهِرّ: كالح. و ازْمَهَرَّتِ الكواكبُ: زَهَرَتْ و لمعت، و قيل: اشتد ضوءها. و المُزْمَهِرُّ: الضاحك السِّنِّ. و الازْمِهْرَارُ في العين عند الغضب و الشدة.
زنر:
زَنَرَ القِرْبَةَ و الإِناء: ملأه. و تَزَنَّرَ الشي‏ءُ: دَقَّ. و الزُّنَّارُ و الزُّنَّارَةُ: ما على وسط المجوسي و النصرانيّ، و في التهذيب: ما يَلْبَسُه الذَّمِّيُّ يشدّه على وسطه، و الزُّنَّيْرُ لغة فيه؛ قال بعض الأَغفال:
تَحْزِمُ فوقَ الثوبِ بالزُّنَّيْرِ،             تَقْسِمُ اسْتِيّاً لَهَا بِنَيْرِ

و امرأَة مُزَنَّرَةٌ: طويلة عظيمة الجسم. و في النوادر: زَنَّرَ فلان عينَه إِليَّ إِذا شد نظره إِليه. و الزَّنانِيرُ: ذُبابٌ صِغَار تكون في الحُشُوشِ، واحدها زُنَّارٌ و زُنَّيْرٌ. و الزَّنانِيرُ: الحَصَى الصِّغارُ؛ قال ابن الأَعرابي: الزَّنانير الحصى فعم بها الحصى كله من غير أَن يُعَيِّنَ صغيراً أَو كبيراً؛ و أَنشد:
تَحِنَّ لِلظِّمْ‏ءِ مما قد أَلَمَّ بها             بالهَجْلِ منها، كأَصواتِ الزَّنانِيرِ

قال ابن سيدة: و عندي أَنها الصغار منها لأَنه لا يصوّت منها إِلَّا الصغار، واحدتها زُنَّيْرَةٌ و زُنَّارَةٌ، و في التهذيب: واحدها زُنَّيْرٌ. و الزَّنانِيرُ: أَرض باليمن؛ عنه، و يقال لها أَيضاً زَنانِير بغير لام، قال: و هو أَقيس لأَنه اسم لها عام؛ و أَنشد: «4».
تُهْدِي زَنانِيرُ أَرْواحَ المَصِيفِ لها،             و من ثنايا فُرُوجِ الغَوْرِ تهدينا

و الزنانير: أَرض بقرب جُرَش. الأَزهري: في النوادر فلان مُزَنْهِرٌ إِليَّ بعينه و مُزَنِّرٌ و مُبَنْدِقٌ و حالِقٌ إِليَّ بعينه و مُحَلِّقٌ و جاحِظٌ و مُجَحِّظٌ و مُنْذِرٌ إِليَّ بعينه و ناذِرٌ، و هو شدة النظر و إِخراج العين.
زنبر:
أَخذ الشي‏ء بزَنَوْبَرِهِ أَي بجميعه، كما يقال بِزَوْبَرِهِ. و سفينة زَنْبَرِيَّةٌ: ضخمة: و قيل: الزَّنْبَرِيَّةُ ضرب من السفن ضخمة. و الزَّنْبَرِيُّ: الثقيل من الرجال و السفن؛ و قال:
كالزَّنْبَرِيِّ يُقادُ بالأَجْلالِ‏
__________________________________________________
 (4). قوله: [و أَنشد] عبارة ياقوت و قال ابن مقبل:
يا دار سلمى خلاء لا أُكلفها             إِلَّا المرانة كيما تعرف الدينا
تهدي زنانير أَرواح المصيف لها             و من ثنايا فروج الكور تأَتينا

قالوا: الزنانير هاهنا رملة و الكور جبل انتهى. و كذلك استشهد به ياقوت في كور.

330
لسان العرب4

زنبر ص 330

و زَنَبْرٌ: من أَسماء الرجال. و الزُّنْبُورُ و الزِّنبارُ و الزُّنْبُورَةُ: ضرب من الذباب لسَّاع. التهذيب: الزُّنْبُورُ طائر يلسع. الجوهري: الزُّنْبُورُ الدَّبْرُ، و هي تؤنث، و الزِّنْبارُ لغة فيه؛ حكاها ابن السكيت، و يجمع الزَّنابِيرَ. و أَرض مَزْبَرَةٌ: كثيرة الزَّنابِير، كأَنهم رَدُّوه إِلى ثلاثة أَحرف و حذفوا الزيادات ثم بنوا عليه، كما قالوا: أَرض مَعْقَرَةٌ و مَثْعَلَةٌ أَي ذات عقارب و ثعالب. و الزُّنْبُورُ: الخفيف. و غلام زُنْبُورٌ أَي خفيف. قال أَبو الجَرَّاحِ: غلام زُنْبُورٌ و زُنْبُرٌ إِذا كان خفيفاً سريع الجواب. قال: و سأَلت رجلًا من بني كلاب عن الزُّنْبُورِ، فقال: هو الخفيف الظريف. و تَزَنْبَرَ علينا: تكبر و قَطَّبَ. و زَنابِيرُ: أَرض بقرب جُرَش؛ و إِياها عنى ابن مقبل بقوله:
تهدي زنابير أَرواح المصيف لها،             و من ثنايا فروج الغور تهدينا

و الزُّنْبُورُ: شجرة عظيمة في طول الدُّلْبَةِ و لا عَرْضَ لها، ورقها مثل ورق الجَوْزِ في مَنْظَرهِ و ريحه، و لها نَوْرٌ مثل نور العُشَرِ أَبيض مُشْرَب، و لها حَمْلٌ مثل الزيتون سواء، فإِذا نَضِجَ اشتدّ سواده و حلا جدّاً، يأْكله الناس كالرُّطَبِ، و لها عَجَمَةٌ كعجمة الغُبَيْراءِ، و هي تَصْبُغُ الفَمَ كما يصبغه الفِرْصادُ، تُغْرَسُ غَرْساً. قال ابن الأَعرابي: من غريب شجر البر الزَّنابِيرُ، واحدتها زِنْبِيرَةٌ و زِنْبَارَةٌ و زُنْبُورَةٌ، و هو ضرب من التِّين، و أَهل الحَضَرِ يسمونه الحُلْوانيَّ. و الزُّنْبُورُ من الفأْر: العظيمُ، و جمعه زَنابِرُ؛ و قال جُبَيْهَا:
 فأَقْنَعَ كَفَّيْهِ و أَجْنَحَ صَدْرَهُ             بِجَرْعٍ، كإِنتاج الزَّبابِ الزَّنابِرِ

زنتر:
الزَّنْتَرَةُ: الضِّيقُ. وقعوا في زَنْتَرَةٍ من أَمرهم أَي ضيق و عُسْرٍ. و تَزَنْتَرَ: تَبَخْتَرَ و الزَّبَنْتَرُ: القصير فقط؛ قال:
تَمَهْجَرُوا و أَيُّما تَمَهْجُرِ،             و هم بنو العَبْدِ اللئيم العُنْصُرِ،
بنو اسْتها و الجُنْدُعِ الزَّبَنْتَرِ

و قيل: الزَّبَنْتَرُ القصير المُلَزَّزُ الخَلْقِ.
زنجر:
الليث: زَنْجَرَ فلان لك إِذا قال بظفر إِبهامه و وضعها على ظُفْر سَبَّابته ثم قرع بينهما في قوله: و لا مثل هذا، و اسم ذلك الزِّنْجِيرُ؛ و أَنشد:
فأَرسلتُ إِلى سَلْمى             بأَنَّ النَّفْسَ مَشْغُوفَهْ‏
فما جادَتْ لنا سَلْمى             بِزِنْجِيرٍ، و لا فُوفَهْ‏

و الزِّنْجِير: قَرْعُ الإِبهام على الوسطى بالسبابة. ابن الأَعرابي: الزِّنْجِيرَةُ ما يأْخذ طَرَفُ الإِبهام من رأْس السّنّ إِذا قال: ما لك عندي شي‏ء و لا ذه. أَبو زيد: يقال للبياض الذي على أَظفار الأَحداث الزِّنْجِيرُ و الزِّنجيرة و الفُوفُ و الوَبْشُ.
زنقر:
التهذيب في الرباعي: قالوا الزِّنْقِيرُ هو قُلامَةُ الظفر، و يقال له الزِّنْجِير أَيضاً، و كلاهما دخيلان.
زنهر:
التهذيب: في النوادر فلان مُزَنْهِرٌ إِلَيَّ بعينه و مُزَنِّرٌ و مُبَنْدِقٌ و حالقٌ إِلَيَّ بعينه و مُحَلِّقٌ و جاحظٌ و مُجَحِّظٌ و مُنْذِرٌ إِليَّ بعينه و ناذِرٌ، و هو شدة النظر و إِخراج العين.
زهر:
الزَّهْرَةُ: نَوْرُ كل نبات، و الجمع زَهْرٌ، و خص بعضهم به الأَبيض. و زَهْرُ النبت: نَوْرُه،

331
لسان العرب4

زهر ص 331

و كذلك الزهَرَةُ، بالتحريك. قال: و الزُّهْرَةُ البياض؛ عن يعقوب. يقال أَزْهَرُ بَيِّنُ الزُّهْرَةِ، و هو بياض عِتْق. قال شمر: الأَزْهَرُ من الرجال الأَبيض العتيقُ البياضِ النَّيِّرُ الحَسَنُ، و هو أَحسن البياض كأَنَّ له بَرِيقاً و نُوراً، يُزْهِرُ كما يُزْهِرُ النجم و السراج. ابن الأَعرابي: النَّوْرُ الأَبيض و الزَّهْرُ الأَصفر، و ذلك لأَنه يبيضُّ ثم يصفرّ، و الجمع أَزْهارٌ، و أَزاهِيرُ جمع الجمع؛ و قد أَزْهَرَ الشجر و النبات. و قال أَبو حنيفة: أَزْهَرَ النبتُ، بالأَلف، إِذا نَوَّرَ و ظهر زَهْرُه، و زَهُرَ [زَهِرَ]، بغير أَلف، إِذا حَسُنَ. و ازْهارَّ النبت: كازْهَرَّ. قال ابن سيدة: و جعله ابن جني رباعيّاً؛ و شجرة مُزْهِرَةٌ و نبات مُزْهِرٌ، و الزَّاهِرُ: الحَسَنُ من النبات: و الزَّاهِرُ: المشرق من أَلوان الرجال. أَبو عمرو: الأَزهر المشرق من الحيوان و النبات. و الأَزْهَرُ: اللَّبَنُ ساعةَ يُحْلَبُ، و هو الوَضَحُ و هو النَّاهِصُ «5». و الصَّرِيحُ. و الإِزْهارُ: إِزْهارُ النبات، و هو طلوع زَهَرِه. و الزَّهَرَةُ: النبات؛ عن ثعلب؛ قال ابن سيدة: و أُراه إِنما يريد النَّوْرَ. و زَهْرَةُ الدنيا و زَهَرَتُهَا: حُسْنُها و بَهْجَتُها و غَضَارَتُها. و في التنزيل العزيز: زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا
. قال أَبو حاتم: زَهَرَة الحياة الدنيا، بالفتح، و هي قراءة العامة بالبصرة. قال: و زَهْرَةَ
 هي قراءة أَهل الحرمين، و أَكثر الآثار على ذلك. و تصغير الزَّهْرِ زُهَيْرٌ، و به سمي الشاعر زُهَيْراً. و
في الحديث: إِنَّ أَخْوَفَ ما أَخاف عليكم من زَهْرَةِ الدنيا و زينتها.
؛ أَي حسنها و بهجتها و كثرة خيرها. و الزُّهْرَةُ: الحسن و البياض، و قد زَهِرَ زَهَراً. و الزَّاهِرُ و الأَزْهَرُ: الحسن الأَبيض من الرجال، و قيل: هو الأَبيض فيه حمرة. و رجل أَزْهَرُ أَي أَبيض مُشْرِقُ الوجه. و الأَزهر: الأَبيض المستنير. و الزُّهْرَةُ: البياض النَّيِّرُ، و هو أَحسن الأَلوان؛ و منه‏
حديث الدجال: أَعْوَرُ جَعْدٌ أَزْهَرُ.
و
في الحديث: سأَلوه عن جَدِّ بني عامر بن صعصعة فقال: جملٌ أَزْهَرُ مُتَفَاجٌّ.
و
في الحديث: سورة البقرة و آل عمران الزَّهْرَاوانِ.
؛ أَي المُنِيرتان المُضِيئَتانِ، واحدتهما زَهْرَاءُ. و
في الحديث: أَكْثِرُوا الصلاةَ عليّ في الليلة الغرّاء و اليوم الأَزْهَرِ.
؛ أَي ليلة الجمعة و يومها؛ كذا جاء مفسراً في الحديث. و
في حديث علي، عليه السلام، في صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم: كان أَزْهَرَ اللَّوْنِ ليس بالأَبيضِ الأَمْهَقِ.
و المرأَة زَهْرَاءُ؛ و كل لون أَبيض كالدُّرَّةِ الزَّهْراءِ، و الحُوَار الأَزْهَر. و الأَزْهَرُ: الأَبيضُ. و الزُّهْرُ: ثلاثُ ليال من أَوّل الشهر. و الزُّهَرَةُ، بفتح الهاء: هذا الكوكب الأَبيض؛ قال الشاعر:
قد وَكَّلَتْنِي طَلَّتِي بالسَّمْسَرَه،             و أَيْقَظَتْنِي لطُلُوعِ الزُّهَرَه‏

و الزُّهُورُ: تَلأْلؤ السراج الزاهر. و زَهَرَ السراجُ يَزْهَرُ زُهُوراً و ازْدَهَرَ: تلأْلأَ، و كذلك الوجه و القمر و النجم؛ قال:
آل الزُّبَيْر نُجومٌ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ،             إِذا دَجا اللَّيْلُ من ظَلْمائِه زَهَرَا

و قال:
عَمَّ النَّجُومَ ضَوْءُه حين بَهَرْ،             فَغَمَر النَّجْمَ الذي كان ازْدَهَرْ

و قال العجاج:
ولَّى كمِصْباحِ الدُّجَى المَزْهُورِ
__________________________________________________
 (5). قوله: [و هو الناهص‏] كذا بالأَصل.

332
لسان العرب4

زهر ص 331

قيل في تفسيره: هو من أَزْهَرَهُ اللهُ، كما يقال مجنون من أَجَنَّهُ. و الأَزْهَرُ: القمر. و الأَزْهَرَان، الشمسُ و القمرُ لنورهما؛ و قد زَهَرَ يَزْهَرُ زَهْراً و زَهُرَ فيهما، و كل ذلك من البياض. قال الأَزهري: و إِذا نعته بالفعل اللازم قلت زَهِرَ يَزْهَرُ زَهَراً. و زَهَرَت النارُ زُهُوراً: أَضاءت، و أَزْهَرْتُها أَنا. يقال: زَهَرَتْ بك ناري أَي قويت بك و كثرت مثل وَرِيَتْ بك زنادي. الأَزهري: العرب تقول: زَهَرَتْ بك زنادي؛ المعنى قُضِيَتْ بك حاجتي. و زَهَرَ الزَّنْدُ إِذا أَضاءت ناره، و هو زَنْدٌ زَاهِرٌ. و الأَزْهَرْ: النَّيِّرُ، و يسمى الثور الوحشي أَزْهَرَ و البقرة زَهْرَاء؛ قال قيس بن الخَطِيم:
تَمْشِي، كَمَشْيِ الزَّهْراءِ في دَمَثِ             الرَّوْضِ إِلى الحَزْنِ، دونها الجُرُفُ‏

و دُرَّةٌ زَهْرَاءُ: بيضاء صافية. و أَحمر زاهر: شديد الحمرة؛ عن اللحياني. و الازْدِهارُ بالشي‏ء: الاحتفاظ به. و
في الحديث: أَنه أَوصى أَبا قتادة بالإِناء الذي توضأَ منه فقال: ازْدَهِرْ بهذا فإِن له شأْناً.
أَي احتفظ به و لا تضيعه و اجعله في بالك، من قولهم: قضيت منه زِهْرَتِي أَي وَطَري، قال ابن الأَثير: و قيل هو من ازْدَهَرَ إِذا فَرِحَ أَي ليُسْفِرْ وجهُك وَ لْيُزْهِرْ، و إِذا أَمرت صاحبك أَن يَجِدَّ فيما أَمرت به قلت له: ازْدَهِرْ، و الدال فيه منقلبة عن تاء الافتعال، و أَصل ذلك كله من الزُّهْرَةِ و الحُسْنِ و البهجة؛ قال جرير:
فإِنك قَيْنٌ و ابْنُ قَيْنَيْنِ، فازْدَهِرْ             بِكِيرِكَ، إِنَّ الكِيرَ لِلْقَينِ نافِعُ‏

قال أَبو عبيد: و أَظن ازْدَهَرَ كَلمة ليست بعربية كأَنها نبطية أَو سريانية فعرّبت؛ و قال أَبو سعيد: هي كلمة عربية، و أَنشد بيت جرير و قال: معنى ازْدَهِر أَي افْرَحْ، من قولك هو أَزْهَرُ بَيِّنُ الزُّهرَةِ، و ازْدَهِرْ معناه ليُسْفِرْ وجهُك و لْيُزْهِرْ. و قال بعضهم: الازْدِهارُ بالشي‏ء أَن تجعله من بالك؛ و منه قولهم: قضيت منه زِهْرِي، بكسر الزاي، أَي وَطَري و حاجتي؛ و أَنشد الأُمويُّ:
كما ازْدَهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّرَاع             لأُسْوارِها، عَلَّ منها اصْطِباحا

أَي جَدَّتْ في عملها لتحظى عند صاحبها. يقول: احتفظت القَيْنَةُ بالشِّرَاعِ، و هي الأَوتار. و الازْدِهارُ: إِذا أَمرت صاحبك أَن يَجِدَّ فيما أَمرته قلت له: ازْدَهِرْ فيما أَمرتك به. و قال ثعلب: ازْدَهِرْ بها أَي احْتَمِلْها، قال: و هي أَيضاً كلمة سريانية. و المِزْهَرُ: العود الذي يضرب به. و الزَّاهِرِيَّةُ: التَّبَخْتُر؛ قال أَبو صخر الهذلي:
يَفُوحُ المِسْكُ منه حين يَغْدُو،             و يَمْشِي الزَّاهِرِيَّةَ غَيْرَ حال‏

و بنو زُهْرة: حيٌّ من قريش أَخوال النبي، صلى الله عليه و سلم، و هو اسم امرأَة كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، نسب ولده إِليها. و قد سمت زاهراً و أَزْهَرَ و زُهَيْراً. و زَهْرانُ أَبو قبيلة. و المَزَاهِرُ: موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي للدُّبَيْرِيِّ:
أَلا يا حَماماتِ المَزاهِرِ، طالما             بَكَيْتُنَّ، لو يَرْثِي لَكُنَّ رَحِيمُ‏

زور:
الزَّوْرُ: الصَّدْرُ، و قيل: وسط الصدر، و قيل: أَعلى الصدر، و قيل: مُلْتَقَى أَطراف عظام الصدر حيث اجتمعت، و قيل: هو جماعة الصَّدْر

333
لسان العرب4

زور ص 333

من الخُفِّ، و الجمع أَزوار. و الزَّوَرُ: عِوَجُ الزَّوْرِ و قيل: هو إِشراف أَحد جانبيه على الآخر، زَوِرَ زَوَراً، فهو أَزْوَرُ. و كلب أَزْوَرُ: قد اسْتَدَقَّ جَوْشَنُ صَدْرِه و خرج كَلْكَلُه كأَنه قد عُصِرَ جانباه، و هو في غير الكلاب مَيَلٌ مَّا لا يكون مُعْتَدِلَ التربيع نحو الكِرْكِرَةِ و اللِّبْدَةِ، و يستحب في الفرس أَن يكون في زَوْرِه ضِيقٌ و أَن يكون رَحْبَ اللَّبَانِ، كما قال عبد الله بن سليمة «1».
مُتَقَارِب الثَّفِناتِ، ضَيْق زَوْرُه،             رَحْب اللَّبَانِ، شَدِيد طَيِّ ضَريسِ‏

قال الجوهري: و قد فرق بين الزَّوْرِ و اللَّبانِ كما ترى. و الزَّوَرُ في صدر الفرس: دخولُ إِحدى الفَهْدَتَيْنِ و خروجُ الأُخرى؛ و في قصيد كعب بن زهير:
في خَلْقِها عن بناتِ الزَّوْرِ تفضيلُ‏
الزَّوْرُ: الصدر. و بناته: ما حواليه من الأَضلاع و غيرها. و الزَّوَرُ، بالتحريك: المَيَلُ و هو مثل الصَّعَر. و عُنُقٌ أَزْوَرُ: مائل. و المُزَوَّرُ من الإِبل: الذي يَسُلُّه المُزَمِّرُ من بطن أُمه فَيَعْوَجُّ صدره فيغمزه ليقيمه فيبقى فيه من غَمْزِه أَثر يعلم أَنه مُزَوَّرٌ. و ركية زَوْراءُ: غير مستقيمة الحَفْرِ. و الزَّوْراءُ: البئر البعيدة القعر؛ قال الشاعر:
إِذْ تَجْعَلُ الجارَ في زَوْراءَ مُظْلِمَةٍ             زَلْخَ المُقامِ، و تَطْوي دونه المَرَسَا

و أَرض زَوْراءُ: بعيدة؛ قال الأَعشى:
يَسْقِي دِياراً لها قد أَصْبَحَتْ غَرَضاً             زَوْراءَ، أَجْنَفَ عنها القَوْدُ و الرَّسَلُ‏

و مفازة زَوْراءُ: مائلة عن السَّمْتِ و القصدِ. و فلاة زَوْراءُ: بعيدة فيها ازْوِرَارٌ. و قَوْسٌ زَوْراءُ: معطوفة. و قال الفراء في قوله تعالى: وَ تَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ! عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ‏
؛ قرأَ بعضهم: تَزاوَرُ!
 يريد تَتَزاوَرُ، و قرأَ بعضهم: تَزْوَرُّ و تَزْوَارُّ، قال: و ازْوِرارُها في هذا الموضع أَنها كانت تَطْلع على كهفهم ذات اليمين فلا تصيبهم و تَغْرُبُ على كهفهم ذات الشمال فلا تصيبهم، و قال الأَخفش: تَزاوَرُ! عَنْ كَهْفِهِمْ‏
 أَي تميل؛ و أَنشد:
و دونَ لَيْلَى بَلَدٌ سَمَهْدَرُ،             جَدْبُ المُنَدَّى عن هَوانا أَزْوَرُ،
يُنْضِي المَطَايا خِمْسُه العَشَنْزَرُ

قال: و الزَّوَرُ مَيَلٌ في وسط الصدر، و يقال للقوس زَوْراءُ لميلهَا، و للجيش أَزْوَرُ. و الأَزْوَرُ: الذي ينظر بِمُؤْخِرِ عينه. قال الأَزهري: سمعت العرب تقول للبعير المائل السَّنَامِ: هذا البعير زَوْرٌ. و ناقة زَوْرَةٌ: قوية غليظة. و ناقة زَوْرَة: تنظر بِمُؤْخِرِ عينها لشدّتها و حدّتها؛ قال صخر الغيّ:
و ماءٍ وَرَدْتُ على زَوْرَةٍ،             كَمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا

و يروى: زُورَةٍ، و الأَوّل أَعرف. قال أَبو عمرو: على زَوْرَةٍ أَي على ناقة شديدة؛ و يقال: فيه ازْوِرارٌ و حَدْرٌ، و يقال: أَراد على فلاة غير قاصدة. و ناقة زِوَرَّةُ أَسفار أَي مُهَيَّأَة للأَسفار مُعَدَّة. و يقال فيها ازْوِرارٌ من نشاطها. أَبو زيد: زَوَّرَ الطائر تَزْوِيراً إِذا ارتفعت حَوْصَلَتُه؛
__________________________________________________
 (1). قوله: [عبد الله بن سليمة] و قيل ابن سليم، و قبله: و لقد غدوت على القنيص بشيظم كالجذع وسط الجنة المغروس كذا بخط السيد مرتضى بهامش الأصل.

334
لسان العرب4

زور ص 333

و يقال للحوصلة: الزَّارَةُ و الزَّاوُورَةُ و الزَّاوِرَةُ. و زَاوَرَةُ القَطاةِ، مفتوح الواو: ما حملت فيه الماء لفراخها. و الازْوِرارُ عن الشي‏ء: العدول عنه، و قد ازْوَرَّ عنه ازْوِراراً و ازْوارَّ عنه ازْوِيرَاراً و تَزاوَرَ عنه تَزاوُراً، كله بمعنى: عَدَلَ عنه و انحرفَ. و قرئ: تَزَّاوَرُ عن كهفهم، و هو مدغم تَتَزَاوَرُ. و الزَّوْراءُ: مِشْرَبَةٌ من فضة مستطيلة شبه التَّلْتَلَةِ. و الزَّوْرَاءُ: القَدَحُ؛ قال النابغة:
و تُسْقى، إِذا ما شئتَ، غَيْرَ مُصَرَّدٍ             بِزَوْراءَ، في حافاتها المِسْكُ كانِعُ‏

و زَوَّرَ الطائرُ: امتلأَت حوصلته. و الزِّوار: حبل يُشَدُّ من التصدير إِلى خلف الكِرْكِرَةِ حتى يثبت لئلَّا يصيب الحَقَبُ الثِّيلَ فيحتبسَ بوله، و الجمع أَزْوِرَةٌ. و زَوْرُ القوم: رئيسهم و سيدهم. و رجل زُوارٌ و زُوارَةٌ: غليظ إِلى القصر. قال الأَزهري: قرأْت في كتاب الليث في هذا الباب: يقال للرجل إِذا كان غليظاً إِلى القصر ما هو: إِنه لَزُوارٌ و زُوَارِيَةٌ؛ قال أَبو منصور: و هذا تصحيف منكر و الصواب إِنه لَزُوازٌ و زُوَازِيَةٌ، بزايين، قال: قال ذلك أَبو عمرو و ابن الأَعرابي و غيرهما. و الزَّوْرُ: العزيمة. و ما له زَوْرٌ و زُورٌ و لا صَيُّورٌ بمعنًى أَي ما له رأْي و عقل يرجع إِليه؛ الضم عن يعقوب و الفتح عن أَبي عبيد، و ذلك أَنه قال لا زَوْرَ له و لا صَيُّورَ، قال: و أُراه إِنما أَراد لا زَبْرَ له فغيره إِذ كتبه. أَبو عبيدة في قولهم ليس لهم زَوْرٌ: أَي ليس لهم قوّة و لا رأْي. و حبل له زَوْرٌ أَي قوّة؛ قال: و هذا وفاق وقع بين العربية و الفارسية و الزَّوْرُ: الزائرون. و زاره يَزُورُه زَوْراً و زِيارَةً و زُوَارَةً و ازْدَارَهُ: عاده افْتَعَلَ من الزيارة؛ قال أَبو كبير:
فدخلتُ بيتاً غيرَ بيتِ سِنَاخَةٍ،             و ازْدَرْتُ مُزْدَارَ الكَريم المِفْضَلِ‏

و الزَّوْرَةُ: المرَّة الواحدة. و رجل زائر من قوم زُوَّرٍ و زُوَّارٍ و زَوْرٍ؛ الأَخيرة اسم للجمع، و قيل: هو جمع زائر. و الزَّوْرُ: الذي يَزُورُك. و رجل زَوْرٌ و قوم زَوْرٌ و امرأَة زَوْرٌ و نساء زَوْرٌ، يكون للواحد و الجمع و المذكر و المؤنث بلفظ واحد لأَنه مصدر؛ قال:
حُبَّ بالزَّوْرِ الذي لا يُرَى             منه، إِلَّا صَفْحَةٌ عن لِمام‏

و قال في نسوة زَوْرٍ:
و مَشْيُهُنَّ بالكَثِيبِ مَوْرُ،             كما تَهادَى الفَتَياتُ الزَّوْرُ

و امرأَة زائرة من نسوة زُورٍ؛ عن سيبويه، و كذلك في المذكر كعائذ و عُوذ. الجوهري: نسوة زُوَّرٌ و زَوْرٌ مثل نُوَّحٍ و نَوْحٍ و زائرات، و رجل زَوَّارٌ و زَؤُورٌ؛ قال:
إِذا غاب عنها بعلُها لم أَكُنْ             لها زَؤُوراً، و لم تأْنَسْ إِليَّ كِلابُها

و قد تَزاوَرُوا: زارَ بعضُهم بعضاً. و التَّزْوِيرُ: كرامة الزائر و إِكرامُ المَزُورِ لِلزَّائرِ. أَبو زيد: زَوِّرُوا فلاناً أَي اذْبَحُوا له و أَكرموه. و التَّزْوِيرُ: أَن يكرم المَزُورُ زائِرَه و يَعْرِفَ له حق زيارته، و قال بعضهم: زارَ فلانٌ فلاناً أَي مال إِليه؛ و منه تَزَاوَرَ عنه أَي مال عنه. و قد زَوَّرَ القومُ صاحبهم تَزْوِيراً إِذا أَحسنوا إِليه. و أَزَارَهُ: حمله على الزيارة. و
في حديث طلحة: حتى أَزَرْتُه شَعُوبَ.

335
لسان العرب4

زور ص 333

أَي أَوردته المنيةَ فزارها؛ شعوب: من أَسماء المنية. و اسْتَزاره: سأَله أَن يَزُورَه. و المَزَارُ: الزيارة و المَزَارُ: موضع الزيارة. و
في الحديث: إِن لِزَوْركَ عليك حقّاً.
؛ الزَّوْرُ: الزائرُ، و هو في الأَصل مصدر وضع موضع الاسم كصَوْم و نَوْمٍ بمعنى صائم و نائم. و زَوِرَ يَزْوَرُ إِذا مال. و الزَّوْرَةُ: البُعْدُ، و هو من الازْوِرارِ؛ قال الشاعر:
و ماءٍ وردتُ على زَوْرَةٍ
و
في حديث أُم سلمة: أَرسلتُ إِلى عثمان، رضي الله عنه: يا بُنَيَّ ما لي أَرى رَعِيَّتَكَ عنك مُزْوَرِّينَ.
أَي معرضين منحرفين؛ يقال: ازْوَرَّ عنه و ازْوَارَّ بمعنًى؛ و منه شعر عمر:
بالخيل عابسةً زُوراً مناكِبُها

الزُّورُ: جمع أَزْوَرَ من الزَّوَرِ الميل. ابن الأَعرابي: الزَّيِّرُ من الرجال الغضبانُ المُقاطِعُ لصاحبه. قال: و الزِّيرُ الزِّرُّ. قال: و من العرب من يقلب أَحد الحرفين المدغمين ياء فيقول في مَرٍّ مَيْرٍ، و في زِرٍّ زِيرٍ، و هو الدُّجَةُ، و في رِزٍّ رِيز. قال أَبو منصور: قوله الزَّيِّرُ الغضبان أَصله مهموز من زأَر الأَسد. و يقال للعدوّ: زائِرٌ، و هم الزائرُون؛ قال عنترة:
حَلَّتْ بأَرضِ الزائِرِينَ، فأَصْبَحَتْ             عَسِراً عَلَيَّ طِلَابُكِ ابْنَةَ مَخْرَمِ‏

قال بعضهم: أَراد أَنها حلت بأَرض الأَعداء. و قال ابن الأَعرابي: الزائر الغضبان، بالهمز، و الزاير الحبيب. قال: و بيت عنترة يروى بالوجهين، فمن همز أَراد الأَعداء و من لم يهمز أَراد الأَحباب. و زأْرة الأَسد: أَجَمَتُه؛ قال ابن جني: و ذلك لاعتياده إِياها و زَوْرِه لها. و الزَّأْرَةُ: الأَجَمَةُ ذات الماء و الحلفاء و القَصَبِ. و الزَّأْرَة: الأَجَمَة. و الزِّيرُ: الذي يخالط النساء و يريد حديثهنّ لغير شَرٍّ، و الجمع أَزْوارٌ و أَزْيارٌ؛ الأَخيرة من باب عِيدٍ و أَعياد، و زِيَرَةٌ، و الأُنثى زِيرٌ، و قال بعضهم: لا يوصف به المؤنث، و قيل: الزِّيرُ المُخالِطُ لهنّ في الباطل، و يقال: فلان زِيرُ نساءٍ إِذا كان يحب زيارتهن و محادثتهن و مجالستهن، سمي بذلك لكثرة زيارته لهن، و الجمع الزِّيَرَةُ؛ قال رؤبة:
قُلْتُ لزِيرٍ لم تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ‏
و
في الحديث: لا يزال أَحدكم كاسِراً وِسادَهُ يَتَّكِئُ عليه و يأْخُذُ في الحديث فِعْلَ الزِّيرِ.
؛ الزِّيرُ من الرجال: الذي يحب محادثة النساء و مجالستهن، سمي بذلك لكثرة زيارته لهن، و أَصله من الواو؛ و قول الأَعشى:
تَرَى الزِّيرَ يَبْكِي بها شَجْوَهُ،             مَخَافَةَ أَنْ سَوْفَ يُدْعَى لها

لها: للخمر؛ يقول: زِيرُ العُودِ يبكي مخافة أَن يَطْرَبَ القوْمُ إِذا شربوا فيعملوا الزِّيرَ لها للخمر، و بها بالخمر؛ و أَنشد يونس:
تَقُولُ الحارِثِيَّةُ أُمُّ عَمْرٍو:             أَ هذا زِيرُهُ أَبَداً و زِيرِي؟

قال معناه: أَ هذا دأْبه أَبداً و دأْبي. و الزُّور: الكذب و الباطل، و قيل: شهادة الباطل. رجل زُورٌ و قوم زُورٌ و كلام مُزَوَّرٌ و مُتَزَوَّرٌ: مُمَوَّهٌ بكذب، و قيل: مُحَسَّنٌ، و قيل: هو المُثَقَّفُ قبل أَن يتكلم به؛ و منه حديث‏
قول عمر، رضي الله عنه: ما زَوَّرْتُ كلاماً لأَقوله إِلا سبقني‏

336
لسان العرب4

زور ص 333

به أَبو بكر، و في رواية: كنت زَوَّرْتُ في نفسي كلاماً يومَ سَقِيفَةِ بني ساعدة.
أَي هَيَّأْتُ و أَصلحت. و التَّزْوِيرُ: إِصلاح الشي‏ء. و كلامٌ مُزَوَّرٌ أَي مُحَسَّنٌ؛ قال نصرُ بن سَيَّارٍ:
أَبْلِغْ أَميرَ المؤمنين رِسالةً،             تَزَوَّرْتُها من مُحْكَمَاتِ الرَّسائِل‏

و التَّزْوِيرُ: تَزْيين الكذب و التَّزْوِيرُ: إِصلاح الشي‏ء، و سمع ابن الأَعرابي يقول: كل إِصلاح من خير أَو شر فهو تَزْوِيرٌ، و منه شاهد الزُّورِ يُزَوِّرُ كلاماً و التَّزْوِيرُ: إِصلاح الكلام و تَهْيِئَتُه. و في صدره تَزْوِيرٌ أَي إِصلاح يحتاج أَن يُزَوَّرَ. قال: و
قال الحجاج رحم الله امرأً زَوَّرَ نفسَه على نفسه.
أَي قوّمها و حسَّنها، و قيل: اتَّهَمَ نفسه على نفسه، و حقيقته نسبتها إِلى الزور كَفَسَّقَهُ و جَهَّلَهُ، و تقول: أَنا أُزَوِّرُكَ على نفسك أَي أَتَّهِمُك عليها؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
به زَوَرٌ لم يَسْتَطِعْهُ المُزَوِّرُ
و قولهم: زَوَّرْتُ شهادة فلان راجع إِلى تفسير قول القَتَّالِ:
و نحن أُناسٌ عُودُنا عُودُ نَبْعَةٍ             صَلِيبٌ، و فينا قَسْوَةٌ لا تُزَوَّرُ

قال أَبو عدنان: أَي لا نُغْمَزُ لقسوتنا و لا نُسْتَضْعَفُ فقولهم: زَوَّرْتُ شهادة فلان، معناه أَنه استضعف فغمز و غمزت شهادته فأُسقطت. و قولهم: قد زَوَّرَ عليه كذا و كذا؛ قال أَبو بكر: فيه أَربعة أَقوال: يكون التَّزْوِيرُ فعل الكذب و الباطل. و الزُّور: الكذب. و قال خالد بن كُلْثُومٍ: التَّزْوِيرُ التشبيه. و قال أَبو زيد: التزوير التزويق و التحسين. و زَوَّرْتُ الشي‏ءَ: حَسَّنْتُه و قوَّمتُه. و قال الأَصمعي: التزويرُ تهيئة الكلام و تقديره، و الإِنسان يُزَوِّرُ كلاماً، و هو أَن يُقَوِّمَه و يُتْقِنَهُ قبل أَن يتكلم به. و الزُّورُ: شهادة الباطل و قول الكذب، و لم يشتق من تزوير الكلام و لكنه اشتق من تَزْوِيرِ الصَّدْرِ. و
في الحديث: المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ.
؛ الزُّور: الكذب و الباطل و التُّهمة، و قد تكرر ذكر شهادة الزور في الحديث، و هي من الكبائر، فمنها
قوله: عَدَلَتْ شهادَةُ الزور الشِّرْكَ بالله.
و إِنما عادلته لقوله تعالى: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، ثم قال بعدها: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ
. و زَوَّرَ نَفْسَه: وسمَهَا بالزُّورِ. و
في الخبر عن الحجاج: زَوَّرَ رجلٌ نَفْسَه.
و زَوَّرَ الشهادة. أَبطلها؛ و من ذلك قوله تعالى: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ
؛ قال ثعلب: الزُّورُ هاهنا مجالس اللهو. قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف هذا إِلا أَن يريد بمجالس اللهو هنا الشرك بالله، و قيل: أَعياد النصارى؛ كلاهما عن الزجاج، قال: و الذي جاء في الرواية الشرك، و هو جامع لأَعياد النصارى و غيرها؛ قال: و قيل الزّورُ هنا مجالس الغِنَاء. و زَوْرُ القوم و زَوِيرُهم و زُوَيْرُهم: سَيِّدُهم و رأْسهم. و الزُّورُ و الزُّونُ جميعاً: كل شي‏ء يتخذ رَبّاً و يعبد من دون الله تعالى؛ قال الأَغلب العجلي:
جاؤُوا بِزُورَيْهِم و جِئْنا بالأَصَمْ‏
قال ابن بري: قال أَبو عبيدة مَعْمَرُ بن المُثَنَّى إِن البيت ليحيى بن منصور؛ و أَنشد قبله:
كانَت تَمِيمٌ مَعْشَراً ذَوِي كَرَمْ،             غَلْصَمَةً من الغَلاصِيم العُظَمْ‏
ما جَبُنُوا، و لا تَوَلَّوْا من أَمَمْ،             قد قابَلوا لو يَنْفُخْون في فَحَم‏

337
لسان العرب4

زور ص 333

جاؤوا بِزُورَيْهِم، و جئنا بالأَصَمّ             شَيْخٍ لنا، كالليثِ من باقي إِرَمْ‏
شَيْخٍ لنا مُعاوِدٍ ضَرْبَ البُهَمْ‏

قال: الأَصَمُّ هو عمرو بن قيس بن مسعود بن عامر و هو رئيس بَكْرِ بن وائل في ذلك اليوم، و هو يوم الزُّورَيْنِ؛ قال أَبو عبيدة: و هما بَكْرانِ مُجلَّلانِ قد قَيَّدوهما و قالوا: هذان زُورَانا أَي إِلهانا، فلا نَفِرُّ حتى يَفِرَّا، فعابهم بذلك و بجعل البعيرين ربَّيْنِ لهم، و هُزِمَتْ تميم ذلك اليوم و أُخذ البكران فنحر أَحدهما و ترك الآخر يضرب في شَوْلِهِمْ. قال ابن بري: و قد وجدت هذا الشعر للأَغْلَبِ العِجْلِيِّ في ديوانه كما ذكره الجوهري. و قال شمر: الزُّورانِ رئيسانِ؛ و أَنشد:
إِذ أُقْرِنَ الزُّورانِ: زُورٌ رازِحُ             رَارٌ، و زُورٌ نِقْيُه طُلافِحُ‏

قال: الطُّلافِحُ المهزول. و قال بعضهم: الزُّورُ صَخْرَةٌ. و يقال: هذا زُوَيْرُ القوم أَي رئيسهم. و الزُّوَيْرُ: زعيم القوم؛ قال ابن الأَعرابي: الزُّوَيْرُ صاحب أَمر القوم؛ قال:
بأَيْدِي رِجالٍ، لا هَوادَة بينهُمْ،             يَسوقونَ لِلمَوْتِ الزُّوَيْرَ اليَلَنْدَدا

و أَنشد الجوهري:
قَدْ نَضْرِبُ الجَيْشَ الخَميسَ الأَزْوَرا،             حتى تَرى زُوَيْرَهُ مُجَوَّرا

و قال أَبو سعيد: الزُّونُ الصنم، و هو بالفارسية زون بشم الزاي السين؛ و قال حميد:
ذات المجوسِ عَكَفَتْ للزُّونِ‏

أَبو عبيدة: كل ما عبد من دون الله فهو زُورٌ. و الزِّيرُ: الكَتَّانُ؛ قال الحطيئة:
و إِنْ غَضِبَتْ، خِلْتَ بالمِشْفَرَيْن             سَبايِخَ قُطْنٍ، و زيراً نُسالا

و الجمع أَزْوارٌ. و الزِّيرُ من الأَوْتار: الدَّقيقُ. و الزِّيرُ: ما استحكم فتله من الأَوتار؛ و زيرُ المِزْهَرِ: مشتق منه. و يوم الزُّورَيْنِ: معروف. و الزَّوْرُ: عَسيبُ النَّخْلِ. و الزَّارَةُ: الجماعة الضخمة من الناس و الإِبل و الغنم. و الزِّوَرُّ، مثال الهِجَفِّ: السير الشديد؛ قال القطامي:
يا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرّا،             و قَلِّمي مَنْسِمَكِ المُغْبَرّا

و قيل: الزِّوَرُّ الشديد، فلم يخص به شي‏ء دون شي‏ء. و زارَةُ: حَيٌّ من أَزْدِ السَّراة. و زارَةُ: موضع؛ قال:
و كأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ مُدْبِرَةً             نَخْلٌ بِزارَةَ، حَمْلُه السُّعْدُ

قال أَبو منصور: و عَيْنُ الزَّارَةِ بالبحرين معروفة. و الزَّارَةُ: قرية كبيرة؛ و كان مَرْزُبانُ الزَّارَةِ منها، و له حديث معروف. و مدينة الزَّوْراء: بِبغداد في الجانب الشرقي، سميت زَوْراءَ لازْوِرار قبلتها. الجوهري: و دِجْلَةُ بَغْدادَ تسمى الزَّوْراءَ. و الزَّوْرَاءُ: دار بالحِيرَةِ بناها النعمان بن المنذر، ذكرها النابغة فقال:
بِزَوْراءَ في أَكْنافِها المِسْكُ كارِعُ‏

و قال أَبو عمرو: زَوْراءُ هاهنا مَكُّوكٌ من فضة مثل التَّلْتَلَة. و يقال: إِن أَبا جعفر هدم الزَّوْراء بالحِيرَةِ في أَيامه. الجوهري: و الزَّوْراءُ اسم مال‏

338
لسان العرب4

زور ص 333

كان لأُحَيْحَةَ بن الجُلاح الأَنصاري؛ و قال:
إِني أُقيمُ على الزَّوْراءِ أَعْمُرُها،             إِنَّ الكَريمَ على الإِخوانِ ذو المالِ‏

زير:
الزِّيرُ: الدَّنُّ، و الجمع أَزْيارٌ. و
في حديث الشافعي: كنت أَكتب العلم و أُلقيه في زيرٍ لنا.
؛ الزِّيرُ: الحُبُّ الذي يعمل فيه الماء و الزِّيارُ: ما يُزَيِّرُ به البَيْطارُ الدابة، و هو شِناقٌ يَشُدُّ به البيطارُ جَحْفَلَةَ الدابة أَي يلوي جَحْفَلَتَهُ، و هو أَيضاً شِناقٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ إِلى صُدْرَةِ البعير كاللَّبَب للدابة. و زَيَّرَ الدابةَ: جعل الزِّيارَ في حَنكِها. و
في الحديث: أَن الله تعالى قال لأَيوب، عليه السلام: لا ينبغي أَن يخاصمني إِلا من يجعل الزِّيارَ في فم الأَسد.
الزِّيارُ: شي‏ء يجعل في فم الدابة إِذا استصعبت لَتَنْقادَ و تَذِلَّ. و كلُّ شي‏ء كان صلاحاً لشي‏ء و عِصْمَةً، فهو زِوارٌ و زِيارٌ؛ قال ابن الرِّقاع:
كانوا زِواراً لأَهل الشَّامِ، قد علِموا،             لما رأَوْا فيهِمُ جَوْراً و طُغيانا

قال ابن الأَعرابي: زِوارٌ و زِيارٌ أَي عصمة كَزِيار الدابة؛ و قال أَبو عمرو: هو الحبل الذي يَحْصُلُ به الحَقَبُ و التَّصْدِيرُ كيلا يَدْنو الحَقَب من الثِّيل، و الجمع أَزْوِرَةٌ؛ و قال الفرزدق:
بأَرْحُلِنا يَحِدْنَ، و قد جَعَلنا،             لكلِّ نَجِيبَةٍ منها، زِيارا

و
في حديث الدجال: رآه مُكَبَّلًا بالحديدِ بأَزْوِرَةٍ.
؛ قال ابن الأَثير: هي جمع زِوارٍ و زِيارٍ؛ المعنى أَنه جمعت يداه إِلى صَدْرِهِ و شُدَّتْ، و موضعُ بأَزْوِرَةٍ: النصبُ، كأَنه قال مُكَبَّلًا مُزَوَّراً. و
في صفة أَهل النار: الضعيف الذي لا زِيرَ له.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم و فسره أَنه الذي لا رأْي له، قال: و المحفوظ بالباء الموحدة و فتح الزاي.
فصل السين المهملة
سأر:
السُّؤْرُ بَقِيَّة الشي‏ء، و جمعه أَسآرٌ، و سُؤْرُ الفأْرَةِ و غيرها؛ و قوله أَنشده يعقوب في المقلوب:
إِنَّا لَنَضْرِبُ جَعْفَراً بِسُيوفِنا،             ضَرْبَ الغَريبَةِ تَرْكَبُ الآسارا

أَراد الأَسآر فقلب، و نظيره الآبارُ و الآرامُ في جمع بِئْر و رِئْم. وَ أَسْأَرَ منه شيئاً: أَبْقَى. و
في الحديث: إِذا شَرِبْتُم فَأَسْئِرُوا.
؛ أَي أَبْقَوا شيئاً من الشراب في قَعْرِ الإِناء، و النَّعْت منه سَأْآرٌ على غير قياس لأَن قياسه مُسْئِرٌ؛ الجوهري: و نظيره أَجْبَرَه فهو جَبَّارٌ. و
في حديث الفَضْلِ بن عباس: لا أُوثِرُ بِسُؤْرِكَ أَحَداً.
أَي لا أَتْرُكُه لأَحَدٍ غَيْري؛ و منه‏
الحديث: فما أَسأَروا منه شيئاً.
و يستعمل في الطعام و الشراب و غيرهما. و رجل سَأْآر: يُسْئِرُ في الإِناء من الشراب، و هو أَحَدُ ما جاء من أَفْعَل على فَعَّال؛ و روى بعضهم بيت الأَخطل:
و شارِبٍ مُرْبِحٍ بالكأْسِ نادَمَني             لا بالحَصورِ و لا فيها بِسأْآرِ

بوَزْن سَعّار، بالهمز. معناه أَنه لا يُسْئِرُ في الإِناء سُؤْراً بل يَشْتَفُّه كله، و الرواية المشهورة: بِسوَّار أَي بِمُعَرْبِدٍ وَثَّابٍ، من سار إِذا وَثَبَ وَثْبَ المُعَرْبِدِ على من يُشارِبه؛ الجوهري: و إِنما أَدخل الباء في الخبر لأَنه ذَهَبَ بلا مَذْهَبَ ليس لِمُضَارَعَتِه له في النفي. قال الأَزهري: و يجوز أَن يكون سَأْآر من سَأَرْتُ و مِنْ أَسْأَرْتُ كأَنه رُدَّ في الأَصل، كما

339
لسان العرب4

سأر ص 339

قالوا دَرَّاك مِنْ أَدْرَكْتُ و جَبَّار من أَجْبَرْتُ؛ قال ذو الرمة:
صَدَرْنَ بما أَسْأَرْتُ مِنْ ماءِ مُقْفِرٍ             صَرًى لَيْس مِنْ أَعْطانِه، غَيْرَ حائِل‏

يعني قَطاً وردت بقية ما أَسأَره في الحوض فشربت منه. الليث: يقال أَسأَر فلان من طعامه و شرابه سُؤْراً و ذلك إِذا أَبقى بقيَّة؛ قال: و بَقِيَّة كل شي‏ء سُؤْرُه. و يقال للمرأَة التي قد جاوزت عُنْفُوان شبابها و فيها بقية: إِنَّ فيها لَسُؤْرةً؛ و منه قول حميد بن ثور:
إِزاءَ مَعاشٍ ما يُحَلُّ إِزارُها             من الكَيْسِ، فيها سُؤْرَةٌ، و هي قاعدُ

أَراد بقوله و هي قاعد قُعودها عن الحيض لأَنها أَسَنَّتْ. و تَسَأَّر النبيذَ: شَرِبَ سُؤْرَه و بقاياه؛ عن اللحياني: و أَسْأَر مِنْ حِسابِه: أَفْضَلَ. و فيه سُؤْرَة أَي بقية شباب؛ و قد روي بيت الهلالي:
إِزاءَ مَعاشٍ لا يَزَالُ نِطاقُها             شَديداً، و فيها سُؤْرَةٌ، و هي قاعِد «2».

التهذيب: و أَما
قوله: [و سائِرُ الناسِ هَمَج‏].
فإِن أَهل اللغة اتفقوا على أَن معنى سائر في أَمْثال هذا الموضع بمعنى الباقي، من قولك: أَسْأَرْتُ سُؤْراً و سُؤْرَة إِذا أَفْضَلْتَها و أَبقيتها. و السَّائِرُ: الباقي، و كأَنه من سَأَرَ يَسْأَرُ فَهُوَ سائِر. قال ابن الأَعرابي فيما رَوَى عنه أَبو العباس: يقال سَأَر و أَسْأَرَ إِذا أَفْضَلَ، فهو سائِر؛ جعل سَأَرَ و أَسْأَرَ واقعين ثم قال و هو سائر. قال: قال فلا أَدري أَراد بالسَّائِرِ المُسْئِر. و
في الحديث: فَضْلُ عائشة على النساء كفَضْلِ الثَّريد على سائر الطعام!.
؛ أَي باقيه؛ و السائر، مهموز: الباقي؛ قال ابن الأَثير: و الناس يستعملونه في معنى الجميع و ليس بصحيح؛ و تكررت هذه اللفظة في الحديث و كله بمعنى باقي الشي‏ء، و الباقي: الفاضِلُ. و من همز السُّؤْرَة من سُوَرِ القرآن جعلها بمعنى بقيَّة من القرآن و قطْعَة. و السُّؤْرَةُ من المال: جَيِّدُهُ، و جمعه سُؤَر. و السورةُ من القرآن: يجوز أَن تكون من سُؤْرة المال، تُرِكَ هَمْزُه لما كثر في الكلام.
سبر:
السَّبْرُ: التَّجْرِبَةُ. و سَبَر الشي‏ءَ سَبْراً: حَزَره و خَبَرهُ. و اسْبُرْ لي ما عنده أَي اعْلَمْه. و السَّبْر: اسْتِخْراجُ كُنْهِ الأَمر. و السَّبْر: مَصْدَرُ سَبَرَ الجُرْحَ يَسْبُرُه و يَسْبِرُه سَبْراً نَظَر مِقْدارَه و قاسَه لِيَعْرِفَ غَوْرَه، و مَسْبُرَتُهُ: نِهايَتُه. و
في حديث الغار: قال له أَبو بكر: لا تَدْخُلْه حتى أَسْبِرَه [أَسْبُرَه‏] قَبْلَك.
أَي أَخْتَبِرَه و أَعْتَبِرَه و أَنظرَ هل فيه أَحد أَو شي‏ء يؤذي. و المِسْبارُ و السِّبارُ: ما سُبِرَ به و قُدِّرَ به غَوْرُ الجراحات؛ قال يَصِفُ جُرْحَها:
تَرُدُّ السِّبارَ على السَّابِرِ

التهذيب: و السِّبارُ فَتِيلة تُجْعَلُ في الجُرْح؛ و أَنشد:
تَرُدُّ على السَابرِيِّ السِّبارا

و كل أَمرٍ رُزْتَه، فَقَدْ سَبَرْتَه و أَسْبَرْتَه. يقال: حَمِدْتُ مَسْبَرَه و مَخْبَره. و السِّبْرُ و السَّبْرُ: الأَصلُ و اللَّوْنُ و الهَيْئَةُ و المَنْظَرُ. قال أَبو زياد الكلابي: وقفت على رجل من أَهل البادية بعد مُنْصَرَفِي من العراق فقال: أَمَّا اللسانُ فَبَدَوِيُّ، و أَما السِّبْرُ فَحَضَرِيُّ؛ قال: السِّبْر، بالكسر، الزِّيُّ و الهيئةُ. قال: و قالت بَدَوِيَّةٌ أَعْجَبَنا سِبْر فلان أَي حُسْنُ حاله و خِصْبُه في بَدَنه، و قالت: رأَيته سَيِ‏ءَ السِّبْر إِذا كان‏
__________________________________________________
 (2). هذه رواية أخرى للبيت الذي قبله لأَن الشاعر واحد و هو حميد بن ثور الهلالي.

340
لسان العرب4

سبر ص 340

شاحِباً مَضْرُوراً في بدنه، فَجَعَلَتِ السِّبْرَ بمعنيين. و يقال: إِنه لَحَسَنُ السِّبْرِ إِذا كان حَسَنَ السَّحْناءِ و الهيئةِ؛ و السَّحْناءُ: اللَّوْنُ. و
في الحديث: يَخْرج رجل من النار و قد ذَهَبَ حِبْرُه و سِبْرُه.
؛ أَي هَيْئَتُه. و السِّبْرُ: حُسْنُ الهيئةِ و الجمَالُ و فلانٌ حَسَنُ الحِبْرِ و السِّبْر إِذا كان جَمِيلًا حَسَنَ الهيئة؛ قال الشاعر:
أَنَا ابنُ أَبِي البَراءِ، و كُلُّ قَوْمٍ             لَهُمْ مِنْ سِبْر والِدِهِمْ رِداء
و سِبْرِي أَنَّنِي حُرٌّ نَقِيٌّ             و أَنِّي لا يُزايِلُنِي الحَياءُ

و المَسْبُورُ: الحَسَنُ السِّبْر. و
في حديث الزبير أَنه قيل له: مُرْ بَنِيكَ حتى يَتَزَوَّجُوا في الغرائب فقد غَلَبَ عليهم سِبْرُ أَبي بكرٍ و نُحُولُهُ.
؛ قال ابن الأَعرابي: السِّبْرُ هاهنا الشَّبَهُ. قال: و كان أَبو بكر دَقِيقِ المَحاسِنِ نَحِيفَ البدنِ فأَمَرَهُم الرَّجُلُ أَن يُزَوِّجَهم الغرائبَ ليجتمعَ لهم حُسْنُ أَبي بكر و شِدَّةُ غيره. و يقال: عرفته بِسِبْر أَبيه أَي بِهَيئته و شَبَهِهِ؛ و قال الشاعر:
أَنَا ابنُ المَضْرَحِيِّ أَبي شُلَيْل،             و هَلْ يَخْفَى على الناسِ النَّهارُ؟
عَلَيْنا سِبْرُه، و لِكُلِّ فَحْلٍ             على أَولادِهِ منه نِجَارُ

و السِّبْر أَيضاً: ماء الوجه، و جمعها أَسْبَارٌ. و السِّبْرُ و السَّبْرُ: حُسْنُ الوجه. و السِّبْرُ: ما اسْتُدِلَّ به على عِتْقِ الدابَّةِ أَو هُجْنتها. أَبو زيد: السِّبْرُ ما عَرَفْتَ به لُؤْمَ الدابة أَو كَرَمَها أَو لَوْنَها من قبل أَبيها. و السِّبْر أَيضاً: مَعْرِفَتُك الدابة بِخصْبٍ أَو بِجَدْبٍ. و السَّبَراتُ: جمع سَبْرَة، و هي الغَداةُ البارِدَة، بسكون الباء، و قيل: هي ما بين السحَرِ إِلى الصباح، و قيل: ما بين غُدْوَة إِلى طلوع الشمس. و
في الحديث: فِيمَ يَخْتَصِمُ الملأُ الأَعْلَى يا محمد؟ فَسَكَتَ ثم وضع الربُّ تعالى يده بين كَتِفَيْهِ فأَلْهَمَه إِلى أن قال: في المُضِيِّ إِلى الجُمعات و إِسْباغِ الوُضُوءِ في السَّبَرات.
؛ و قال الحطيئة:
عِظامُ مَقِيلِ الهَامِ غُلْبٌ رِقابُها،             يُباكِرْنَ حَدَّ الماءِ في السَّبَراتِ‏

يعني شِدَّةَ بَرْدِ الشتاء و السَّنَة. و
في حديث زواج فاطمة، عليها السلام: فدخل عليها رسول الله، صلى الله عليه و سلم، في غَداةٍ سَبْرَة.
؛ و سَبْرَةُ بنُ العَوَّالِ مُشْتَقّ منه. و السَّبْرُ: من أَسماء الأَسَد؛ و قال المُؤَرِّجُ في قول الفرزدق:
بِجَنْبَيْ خِلالٍ يَدْفَعُ الضَّيْمَ مِنْهُمُ             خَوادِرُ في الأَخْياسِ، ما بَيْنَها سِبْرُ

قال: معناه ما بينها عَداوة. قال: و السِّبْر العَدَاوَة، قال: و هذا غريب. و
في الحديث: لا بأْس أَن يُصَلِّيَ الرجلُ و في كُمِّه سَبُّورَةٌ.
؛ قيل: هي الأَلواح من السَّاجِ يُكْتَبُ فيها التذاكِيرُ، و جماعة من أَصحاب الحديث يَرْوُونَها سَتُّورة، قال: و هو خطأٌ. و السُّبْرَة: طائر تصغيره سُبَيْرَةٌ، و في المحكم: السُّبَرُ طائر دون الصَّقْرِ؛ و أَنشد الليث:
حتى تَعاوَرَهُ العِقْبانُ و السُّبَرُ
و السَّابِرِيُّ من الثيابِ: الرِّقاقُ؛ قال ذو الرمة:
فَجَاءَتْ بِنَسْجِ العَنْكَبُوتِ كأَنَّه،             على عَصَوَيْها، سابِرِيٌّ مُشَبْرَقُ‏

و كُلُّ رَقيقٍ: سابِرِيٌّ. و عَرْضٌ سابِرِيٌّ:

341
لسان العرب4

سبر ص 340

342
لسان العرب4

سبطر ص 342

بدليل قولك: الرجال خرجت و سارت، و أَما حمَّامات فهي جمع حمَّام، و الحمَّام مذكر و كان قياسه أَن لا يجمع بالأَلف و التاء قال: قال سيبويه و إِنما قالوا حمَّامات و إِصطبلات و سُرادِقات و سِجِلَّات فجمعوها بالأَلف و التاء، و هي مذكرة، لأَنهم لم يكسروها؛ يريد أَن الأَلف و التاء في هذه الأَسماء المذَكَّرة جعلوهما عِوَضاً من جمع التكسير، و لو كانت مما يكسر لم تجمع بالأَلف و التاء و شَعَرٌ سِبَطْرٌ: سَبْطٌ. و السَّبَيْطَرُ و السُّباطِرُ: الطويل. و السَّبَيْطَرُ، مثل العَمَيْثَلِ: طائر طويل العنق جدّاً تراه أَبداً في الماء الضَّحْضاحِ، يُكنى أَبا العَيْزارِ. الفراء: اسْبَطَرَّتْ له البلاد استقامت، قال: اسْبَطَرَّت لَيْلَتُها مستقيمة.
سبعر:
ناقة ذاتُ سِبْعارَة، و سَبْعَرَتُها: حِدَّتُها و نشاطها إِذا رَفَعَتْ رأْسها و خطرت بذنبها و تَدَافَعَتْ في سيرها؛ عن كراع. و السَّبْعَرة: النشاط.
سبكر:
المُسْبَكِرُّ: المُسْتَرْسِلُ، و قيل: المُعْتَدِلُ، و قيل: المُنْتَصِب أَي التامُّ البارز. أَبو زياد الكلابي: المُسْبَكِرُّ الشابُّ المُعْتَدِلُ التامُّ؛ و أَنشد لإمرئ القيس:
إِلَى مِثْلِها يَرْنُو الحَلِيمُ صَبابَةً             إِذا ما اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ و مِجْوَبِ «1».

الجوهري: اسْبَكَرَّتِ الجاريةُ اسْتَقَامَتْ و اعْتَدَلَتْ. و شبابٌ مُسْبَكِرٌّ: معتدل تامّ رَخْصٌ. و اسْبَكَرَّ الشباب: طال و مضى على وجهه؛ عن اللحياني. و اسْبَكَرَّ النبت: طال و تَمَّ؛ قال:
تُرْسِلُ وَحْفاً فاحِماً ذا اسْبِكْرارْ
و شَعَرٌ مُسْبَكِرٌّ أَي مسترسل؛ قال ذو الرمة:
و أَسْوَدَ كالأَساوِدِ مُسْبَكِرّاً،             على المَتْنَيْنِ، مُنْسَدِلًا جُفالا

و كلُّ شي‏ء امتدّ و طالَ، فهو مُسْبَكِرٌّ، مثل الشعَر و غيره. و اسْبَكَرَّ الرجل: اضْطَجَعَ و امتدّ مثْل اسْبَطَرّ؛ و أَنشد:
إِذا الهِدانُ حارَ و اسْبَكَرَّا،             و كان كالْعِدْل يُجَرُّ جَرَّا «2».

و اسْبَكَرَّ النهَرُ: جَرَى. و قال اللحياني: اسْبَكَرَّتْ عينه دَمَعَتْ؛ قال ابن سيدة: و هذا غير معروف في اللغة.
ستر:
سَتَرَ الشي‏ءَ يَسْتُرُه و يَسْتِرُه سَتْراً و سَتَراً: أَخفاه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
و يَسْتُرُونَ الناسَ مِن غيرِ سَتَرْ
و الستَر، بالفتح: مصدر سَتَرْت الشي‏ء أَسْتُرُه إِذا غَطَّيْته فاسْتَتَر هو. و تَسَتَّرَ أَي تَغَطَّى. و جاريةٌ مُسَتَّرَةٌ أَي مُخَدَّرَةٌ. و
في الحديث: إِن اللهَ حَيِيٌّ سَتِيرٌ يُحِبُّ «3». السَّتْرَ.
؛ سَتِيرٌ فَعِيلٌ بمعنى فاعل أَي من شأْنه و إِرادته حب الستر و الصَّوْن. و قوله تعالى: جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً
؛ قال ابن سيدة: يجوز أَن يكون مفعولًا في معنى فاعل، كقوله تعالى: إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا؛ أَي آتِياً؛ قال أَهل اللغة: مَسْتُوراً
 هاهنا بمعنى ساتر، و تأْويلُ الحِجاب المُطيعُ؛ و مَسْتُوراً
 و مَأْتِيًّا حَسَّن ذلك فيهما أَنهما رَأْسا آيَتَيْن لأَن بعض آي‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و مجوب‏] كذا بالأصل المعوّل عليه. و الذي في الصحاح في مادة س ب ك ر و مادة ج و ل: مجول. و قوله شباب مسبكر كذا به أَيضاً و لعله شاب بدليل ما بعده.
 (2). و قوله: [إِذا الهدان‏] في الصحاح إِذ.
 (3). قوله: [ستير يحب‏] كذا بالأصل مضبوطاً. و في شروح الجامع الصغير ستير، بالكسر و التشديد.

343
لسان العرب4

ستر ص 343

سُورَةِ سبحان إِنما [وُرا و ايرا] و كذلك أَكثر آيات [كهيعص‏] إِنما هي ياء مشدّدة. و قال ثعلب: معنى مَسْتُوراً
 مانِعاً، و جاء على لفظ مفعول لأَنه سُتِرَ عن العَبْد، و قيل: حِجاباً مَسْتُوراً
 أَي حجاباً على حجاب، و الأَوَّل مَسْتور بالثاني، يراد بذلك كثافة الحجاب لأَنه جَعَلَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً* ... وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً. و رجل مَسْتُور و سَتِير أَي عَفِيفٌ و الجارية سَتِيرَة؛ قال الكميت:
و لَقَدْ أَزُورُ بها السَّتِيرَةَ             في المُرَعَّثَةِ السَّتائِر

و سَتَّرَه كسَتَرَه؛ و أَنشد اللحياني:
لَها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ بِخُبٍّ،             و أُخْرَى ما يُسَتِّرُها أُجاحُ «1».

و قد انْسَتَر و استَتَر و تَسَتَّر؛ الأَوَّل عن ابن الأَعرابي. و السِّتْرُ معروف: ما سُتِرَ به، و الجمع أَسْتار و سُتُور و سُتُر. و امرأَةٌ سَتِيرَة: ذاتُ سِتارَة. و السُّتْرَة: ما اسْتَتَرْتَ به من شي‏ء كائناً ما كان، و هو أَيضاً السِّتارُ و السِّتارَة، و الجمع السَّتائرُ. و السَّتَرَةُ و المِسْتَرُ و السِّتارَةُ و الإِسْتارُ: كالسِّتر، و قالوا أُسْوارٌ لِلسِّوار، و قالوا إِشْرارَةٌ لِما يُشْرَرُ عليه الأَقِطُ، و جَمْعُها الأَشارير. و
في الحديث: أَيُّما رَجُلٍ أَغْلَقَ بابه على امرأَةٍ و أَرْخَى دُونَها إِستارَةً فَقَدْ تم صَداقُها.
؛ الإِسْتارَةُ: من السِّتْر، و هي كالإِعْظامَة في العِظامَة؛ قيل: لم تستعمل إِلَّا في هذا الحديث، و قيل: لم تسمع إِلَّا فيه. قال: و لو روي أَسْتَارَه جمع سِتْر لكان حَسَناً. ابن الأَعرابي: يقال فلان بيني و بينه سُتْرَةٌ و وَدَجٌ و صاحِنٌ إِذا كان سفيراً بينك و بينه. و السِّتْرُ: العَقْل، و هو من السِّتارَة و السّتْرِ. و قد سُتِرَ سَتْراً، فهو سَتِيرٌ و سَتِيرَة، فأَما سَتِيرَةٌ فلا تجمع إِلَّا جمع سلامة على ما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو، و يقال: ما لفلان سِتْر و لا حِجْر، فالسِّتْر الحياء و الحِجْرُ العَقْل. و قال الفراء في قوله عز و جل: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ؛ لِذِي عَقْل؛ قال: و كله يرجع إِلى أَمر واحد من العقل. قال: و العرب تقول إِنه لَذُو حِجْر إِذا كان قاهراً لنفسه ضابطاً لها كأَنه أُخذَ من قولك حَجَرْتُ على الرجل. و السَّتَرُ: التُّرْس، قال كثير بن مزرد:
بين يديهِ سَتَرٌ كالغِرْبالْ‏
و الإِسْتارُ، بكسر الهمزة، من العدد: الأَربعة؛ قال جرير:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ و البَعِيثَ و أُمَّه             و أَبا البَعِيثِ لشَرُّ ما إِسْتار

أَي شر أَربعة، و ما صلة؛ و يروى:
و أَبا الفرزْدَق شَرُّ ما إِسْتار

و قال الأَخطل:
لَعَمْرُكَ إِنِّنِي و ابْنَيْ جُعَيْلٍ             و أُمَّهُما لإِسْتارٌ لئِيمُ‏

و قال الكميت:
أَبلِغْ يَزِيدَ و إِسماعيلَ مأْلُكَةً،             و مُنْذِراً و أَباهُ شَرَّ إِسْتارِ

و قال الأَعشى:
تُوُفِّي لِيَوْمٍ و في لَيْلَةٍ             ثَمانِينَ يُحْسَبُ إِستارُها

قال: الإِستار رابِعُ أَربعة. و رابع القومِ:
__________________________________________________
 (1). قوله: [أجاح‏] مثلثة الهمزة أَي ستر. انظر و ج ح من اللسان.

344
لسان العرب4

ستر ص 343

إِسْتَارُهُم. قال أَبو سعيد: سمعت العرب تقول للأَربعة إِسْتار لأَنه بالفارسية جهار فأَعْربوه و قالوا إِستار؛ قال الأَزهري: و هذا الوزن الذي يقال له الإِستارُ معرّب أَيضاً أَصله جهار فأُعرب فقيل إِسْتار، و يُجْمع أَساتير. و قال أَبو حاتم: يقال ثلاثة أَساتر، و الواحد إِسْتار. و يقال لكل أَربعة إِستارٌ. يقال: أَكلت إِستاراً من خبز أَي أَربعة أَرغفة. الجوهري: و الإِسْتَارُ أَيضاً وزن أَربعة مثاقيل و نصف، و الجمع الأَساتير. و أَسْتارُ الكعبة، مفتوحة الهمزة. و السِّتارُ: موضع. و هما ستاران، و يقال لهما أَيضاً السِّتاران. قال الأَزهري: السِّتاران في ديار بني سَعْد واديان يقال لهما السَّوْدة يقال لأَحدهما: السِّتارُ الأَغْبَرُ، و للآخر: السِّتارُ الجابِرِيّ، و فيهما عيون فَوَّارَة تسقي نخيلًا كثيرة زينة، منها عَيْنُ حَنيذٍ و عينُ فِرْياض و عين بَثاءٍ و عين حُلوة و عين ثَرْمداءَ، و هي من الأَحْساء على ثلاث ليال؛ و السّتار الذي في شعر إمرئ القيس:
على السِّتارِ فَيَذْبُل‏
هما جبلان. و سِتارَةُ: أَرض؛ قال:
سَلاني عن سِتارَةَ، إِنَّ عِنْدِي             بِها عِلْماً، فَمَنْ يَبْغِي القِراضَا
يَجِدْ قَوْماً ذَوِي حَسَبٍ و حال             كِراماً، حَيْثُما حَبَسُوا مخاضَا

سجر:
سَجَرَه يَسْجُرُه سَجْراً و سُجوراً و سَجَّرَه: ملأَه. و سَجَرْتُ النهَرَ: ملأْتُه. و قوله تعالى: وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ
؛ فسره ثعلب فقال: مُلِئَتْ، قال ابن سيدة: و لا وجه له إِلا أَن تكون مُلِئَت ناراً. و قوله تعالى: وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
؛
جاء في التفسير: أَن البحر يُسْجَر فيكون نارَ جهنم.
و سَجَرَ يَسْجُر و انْسَجَرَ: امتلأَ. و
كان علي بن أَبي طالب، عليه السلام، يقول: المسجورُ بالنار.
أَي مملوء. قال: و المسجور في كلام العرب المملوء. و قد سَكَرْتُ الإِناء و سَجَرْته إِذا ملأْته؛ قال لبيد:
مَسْجُورةً مُتَجاوراً قُلَّامُها
و قال في قوله: وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ‏
؛ أَفضى بعضها إِلى بعض فصارت بحراً واحداً. و
قال الربيع: سُجِّرَتْ‏
 أَي فاضت، و قال قتادة: ذَهَب ماؤها، و قال كعب: البحر جَهنم يُسْجَر.
و قال الزجاج: قرئ سُجِّرَتْ و سُجِرَت، و معنى سُجِّرَتْ
 فُجِّرَت، و سُجِرَت مُلِئَتْ؛ و قيل: جُعِلَت مَبانِيها نِيرانَها بها أَهْلُ النار. أَبو سعيد: بحر مسجورٌ و مفجورٌ. و يقال: سَجَّرْ هذا الماءَ أَي فَجّرْه حيث تُرِيدُ. و سُجِرَت الثِّماد «1». سَجْراً: مُلِئت من المطر و كذلك الماءُ سُجْرَة، و الجمع سُجَر، و منه البحر المسجور. و الساجر: الموضع الذي يمرّ به السيل فيملؤه، على النسب، أَو يكون فاعلًا في معنى مفعول، و الساجر: السيل الذي يملأَ كل شي‏ء. و سَجَرْت الماء في حلقه: صببته؛ قال مزاحم:
 كما سَجَرَتْ ذا المَهْدِ أُمٌّ حَفِيَّةٌ،             بِيُمْنَى يَدَيْها، مِنْ قَدِيٍّ مُعَسَّلِ‏

القَدِيُّ: الطَّيِّبُ الطَّعْمِ من الشراب و الطعام. و يقال: «2». وَرَدْنا ماءً ساجِراً إذا ملأَ السيْلُ. و الساجر: الموضع الذي يأْتي عليه السيل فيملؤه؛
__________________________________________________
 (1). قوله: [و سجرت الثماد] كذا بالأصل المعوّل عليه و نسخة خط من الصحاح أَيضاً، و في المطبوع منه الثمار بالراء و حرر، و قوله و كذلك الماء إلخ كذا بالأصل المعوّل عليه و الذي في الصحاح و ذلك و هو الأولى.
 (2). قوله: [و يقال إلخ‏] عبارة الأساس و مررنا بكل حاجر و ساجر و هو كل مكان مر به السيل فملأَه.

345
لسان العرب4

سجر ص 345

قال الشماخ:
و أَحْمَى عليها ابْنَا يَزِيدَ بنِ مُسْهِرٍ،             بِبَطْنِ المَراضِ، كلَّ حِسْيٍ و ساجِرِ

و بئر سَجْرٌ: ممتلئة و المَسْجُورُ: الفارغ من كل ما تقدم، ضِدٌّ؛ عن أَبي علي. أَبو زيد: المسجور يكون المَمْلُوءَ و يكون الذي ليس فيه شي‏ء. الفراء: المَسْجُورُ اللبنُ الذي ماؤه أَكثر من لبنه. و المُسَجَّرُ: الذي غاض ماؤه. و السَّجْرُ: إيقادك في التَّنُّور تَسْجُرُه بالوَقُود سَجْراً. و السَّجُورُ: اسم الحَطَب. و سَجَرَ التَّنُّورَ يَسْجُرُه سَجْراً: أَوقده و أَحماه، و قيل: أَشبع وَقُودَه. و السَّجُورُ: ما أُوقِدَ به. و المِسْجَرَةُ: الخَشَبة التي تَسُوطُ بها فيه السَّجُورَ. و
في حديث عمرو بن العاص: فَصَلِّ حتى يَعْدِلَ الرُّمْحَ ظِلُّه ثم اقْصُرْ فإِن جهنم تُسْجَرُ و تُفتح أَبوابُها.
أَي توقد؛ كأَنه أَراد الإِبْرادَ بالظُّهر
لقوله، صلى الله عليه و سلم: أَبْرِدُوا بالظهر فإِن شِدَّةَ الحرّ من فَيْحِ جهنم.
و قيل: أَراد به ما جاء
في الحديث الآخر: إِنّ الشمس إِذا استوتْ قارَنَها الشيطانُ فإِذا زالت فارَقَها.
؛ فلعل سَجْرَ جهنم حينئذٍ لمقارنة الشيطانِ الشمسَ و تَهْيِئَتِه لأَن يَسْجد له عُبَّادُ الشمس، فلذلك نهى عن ذلك في ذلك الوقت؛ قال الخطابي، رحمه الله تعالى: قوله تُسْجَرُ جهنم و بين قرني الشيطان و أَمثالها من الأَلفاظ الشرعية التي ينفرد الشارع بمعانيها و يجب علينا التصديقُ بها و الوُقوفُ عند الإِقرار بصحتها و العملُ بِمُوجَبِها. و شَعْرٌ مُنْسَجِرٌ وَ مَسْجُورٌ «1»: مسترسل؛ قال الشاعر:
إِذا ما انْثَنَى شَعْرُه المُنْسَجِرْ

و كذلك اللؤلؤُ لؤلؤٌ مسجورٌ إِذا انتثر من نظامه. الجوهري: اللؤلؤُ المَسْجُورُ المنظومُ المسترسل؛ قال المخبل السعدي و اسمه ربيعة بن مالك:
و إِذا أَلَمَّ خَيَالُها طَرَفَتْ             عَيْني، فماءُ شُؤُونها سَجْمُ‏
كاللُّؤْلُؤِ المَسْجُورِ أُغفِلَ في             سِلْكِ النِّظامِ، فخانه النَّظْمُ‏

أَي كأَنَّ عيني أَصابتها طَرْفَةٌ فسالت دموعها منحدرة، كَدُرٍّ في سِلْكٍ انقطع فَتَحَدَّرَ دُرُّه؛ و الشُّؤُونُ: جمعُ شَأْنٍ، و هو مَجْرَى الدمع إِلى العين. و شعر مُسَجَّرٌ: مُرَجَّلٌ. و سَجَرَ الشي‏ءَ سَجْراً: أَرسله، و المُسَجَّرُ: الشعَر المُرْسَل؛ و أَنشد:
إِذا ثُني فَرْعُها المُسَجَّر

و لؤلؤة مَسْجُورَةٌ: كثيرة الماء. الأَصمعي: إِذا حنَّت الناقة فَطَرِبَتْ في إِثر ولدها قيل: سَجَرَت الناقةُ تَسْجُرُ سُجوراً و سَجْراً و مَدَّتْ حنينها؛ قال أَبو زُبَيْد الطائي في الوليد بن عثمان بن عفان، و يروى أَيضاً للحزين الكناني:
 فإِلى الوليدِ اليومَ حَنَّتْ ناقتي،             تَهْوِي لِمُغْبَرِّ المُتُونِ سَمَالِقِ‏
حَنَّتْ إِلى بَرْقٍ فَقُلْتُ لها: قُرِي [قِرِي‏]             بَعْضَ الحَنِينِ، فإِنَّ مسَجْرَكِ شائقي
«2». كَمْ عِنْدَه من نائِلٍ و سَماحَةٍ،
و شَمائِلٍ مَيْمُونةٍ و خَلائق‏

_____________________________________________
 (1). قوله: [و مسجور] في القاموس مسوجر، و زاد شارحه ما في الأَصل.
 (2). قوله: [إلى برق‏] كذا في الأَصل بالقاف، و في الصحاح أَيضاً. و الذي في الأَساس إلى برك، و استصوبه السيد مرتضى بهامش الأَصل.

346
لسان العرب4

سجر ص 345

قُرِي: هو من الوَقارِ و السكون، و نصب به بعض الحنين على معنى كُفِّي عن بعض الحنين فإِنَّ حنينك إِلى وطنك شائقي لأَنه مُذَكِّر لي أَهلي و وطني. و السَّمالِقُ: جمعُ سَمْلَق، و هي الأَرض التي لا نبات بها. و يروى: قِرِي، من وَقَرَ. و قد يستعمل السَّجْرُ في صَوْتِ الرَّعْدِ. و الساجِرُ و المَسْجُورُ: الساكن. أَبو عبيد: المَسْجُورُ الساكن و المُمْتَلِئُ معاً. و الساجُورُ: القِلادةُ أَو الخشبة التي توضع في عنق الكلب. و سَجَرَ الكلبَ و الرجلَ يَسْجُرُه سَجْراً: وضع الساجُورَ في عنقه؛ و حكى ابن جني: كلبٌ مُسَوْجَرٌ، فإِن صح ذلك فشاذٌّ نادر.
أَبو زيد: كتب الحجاج إِلى عامل له أَنِ ابْعَثْ إِليَّ فلاناً مُسَمَّعاً مُسَوْجَراً.
أَي مُقَيَّداً مغلولًا. و كلب مَسْجُورٌ: في عنقه ساجورٌ. و عين سَجْراءُ: بَيِّنَةُ السَّجَرِ إِذا خالط بياضها حمرة. التهذيب: السَّجَرُ و السُّجْرَةُ حُمْرَةٌ في العين في بياضها، و بعضهم يقول: إِذا خالطت الحمرة الزرقة فهي أَيضاً سَجْراءُ؛ قال أَبو العباس: اختلفوا في السَّجَرِ في العين فقال بعضهم: هي الحمرة في سواد العين، و قيل: البياض الخفيف في سواد العين، و قيل: هي كُدْرَة في باطن العين من ترك الكحل. و
في صفة علي، عليه السلام: كان أَسْجَرَ العين.
؛ و أَصل السَّجَرِ و السُّجْرَةِ الكُدْرَةُ. ابن سيدة: السَّجَرُ و السُّجْرَةُ أَن يُشْرَبَ سوادُ العين حُمْرَةً، و قيل: أَن يضرب سوادها إِلى الحمرة، و قيل: هي حمرة في بياض، و قيل: حمرة في زرقة، و قيل: حمرةٌ يسيرة تُمازج السوادَ؛ رجل أَسْجَرُ و امرأَة سَجْراءُ و كذلك العين. و الأَسْجَرُ: الغَدِيرُ الحُرُّ الطِّينِ؛ قال الشاعر:
بِغَرِيضِ ساريةٍ أَدَرَّتْه الصَّبَا،             من ماء أَسْجَرَ، طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ‏

و غَدِيرٌ أَسْجَرُ: يضرب ماؤه إِلى الحمرة، و ذلك إِذا كان حديث عهد بالسماء قبل أَن يصفو؛ و نُطْفَةٌ سَجْراءُ، و كذلك القَطْرَةُ؛ و قيل: سُجْرَةُ الماء كُدْرَتُه، و هو من ذلك. و أَسَدٌ أَسْجَرُ: إِمَّا للونه، و إِما لحمرة عينيه. و سَجِيرُ الرجل: خَلِيلُه و صَفِيُّه، و الجمع سُجَرَاءٌ. و سَاجَرَه: صاحَبَهُ و صافاه؛ قال أَبو خراش:
و كُنْتُ إِذا سَاجَرْتُ منهم مُساجِراً،             صَبَحْتُ بِفَضْلٍ في المُروءَةِ و العِلْم‏

و السَّجِيرُ: الصَّدِيقُ، و جمعُه سُجَراء. و انْسَجَرَتِ الإِبلُ في السير: تتابعت. و السَّجْرُ: ضَرْبٌ من سير الإِبل بين الخَبَب و الهَمْلَجَةِ. و الانْسِجارُ: التقدّمُ في السير و النَّجاءُ، و هو بالشين معجمة، و سيأْتي ذكره. و السَّجْوَرِيُّ: الأَحْمَقُ. و السَّجْوَرِيُّ: الخفيف من الرجال؛ حكاه يعقوب، و أَنشد:
جاء يَسُوقُ الْعَكَرَ الهُمْهُومَا             السَّجْوَرِيُّ لا رَعَى مُسِيمَا
و صادَفَ الغَضَنْفَرَ الشَّتِيمَا

و السَّوْجَرُ: ضرب من الشجر، قيل: هو الخِلافُ؛ يمانية. و المُسْجَئِرُّ: الصُّلْبُ. و ساجِرٌ: اسم موضع؛ قال الراعي:
ظَعَنَّ و وَدَّعْنَ الجَمَادَ مَلامَةً،             جَمَادَ قَسَا لَمَّا دعاهُنَّ سَاجِرُ

و السَّاجُورُ: اسم موضع. و سِنْجارٌ: موضع؛ و قول السفاح بن خالد التغلبي:

347
لسان العرب4

سجر ص 345

إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوهْ،             و ساجِراً و اللهِ لَنْ تَحُلّوهْ‏

قال ابن بري: ساجراً اسم ماء يجتمع من السيل.
سجهر:
المُسْجَهِرُّ: الأَبيض؛ قال لبيد:
و ناجِيَةٍ أَعْمَلْتُها و ابتَذَلْتُها،             إِذا ما اسْجَهَرَّ الآلُ في كلِّ سَبْسَبِ‏

و اسْجَهَرَّتِ النارُ: اتقدت و التهبت؛ قال عديّ:
و مَجُودٍ قَدِ اسْجَهَرَّ تَناوِيرَ،             كَلَوْنِ العُهُونِ في الأَعْلاقِ‏

قال أَبو حنيفة: اسْجَهَرَّ هنا تَوَقَّدَ حُسْناً بأَلْوانِ الزَّهْرِ. و قال ابن الأَعرابي: اسْجَهَرَّ ظهر و انْبَسَطَ. و اسْجَهَرَّ السرابُ إِذا تَريَّهَ و جَرَى، و أَنشد بيت لبيد. و سحابَةٌ مُسْجَهِرَّةٌ: يَتَرَقْرَقُ فيها الماءُ. و اسْجَهَرَّتِ الرِّماحُ إِذا أَقْبَلَتْ إِليك. و اسْجَهَرَّ الليلُ: طال. و اسْجَهَرَّ البِناءُ إِذا طال.
سحر:
الأَزهري: السِّحْرُ عَمَلٌ تُقُرِّبَ فيه إِلى الشيطان و بمعونة منه، كل ذلك الأَمر كينونة للسحر، و من السحر الأُخْذَةُ التي تأْخُذُ العينَ حتى يُظَنَّ أَن الأَمْرَ كما يُرَى و ليس الأَصل على ما يُرى؛ و السِّحْرُ: الأُخْذَةُ. و كلُّ ما لَطُفَ مَأْخَذُه و دَقَّ، فهو سِحْرٌ، و الجمع أَسحارٌ و سُحُورٌ، و سَحَرَه يَسْحَرُه سَحْراً و سِحْراً و سَحَّرَه، و رجلٌ ساحِرٌ من قوم سَحَرَةٍ و سُحَّارٍ، و سَحَّارٌ من قوم سَحَّارِينَ، و لا يُكَسَّرُ؛ و السِّحْرُ: البيانُ في فِطْنَةٍ، كما جاء
في الحديث: إِن قيس بن عاصم المِنْقَرِيَّ و الزِّبْرِقانَ بنَ بَدْرٍ و عَمْرَو بنَ الأَهْتَمِ قدموا على النبي، صلى الله عليه و سلم، فسأَل النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، عَمْراً عن الزِّبْرِقانِ فأَثنى عليه خيراً فلم يرض الزبرقانُ بذلك، و قال: و الله يا رسول الله، إِنه ليعلم أَنني أَفضل مما قال و لكنه حَسَدَ مكاني منك؛ فَأَثْنَى عليه عَمْرٌو شرّاً ثم قال: و الله ما كذبت عليه في الأُولى و لا في الآخرة و لكنه أَرضاني فقلتُ بالرِّضا ثم أَسْخَطَنِي فقلتُ بالسَّخَطِ، فقال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: إِن من البيان لَسِحْراً.
؛ قال أَبو عبيد: كأَنَّ المعنى، و الله أَعلم، أَنه يَبْلُغُ من ثنائه أَنه يَمْدَحُ الإِنسانَ فَيَصْدُقُ فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إِلى قوله ثم يَذُمُّهُ فَيَصْدُق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قوله الآخر، فكأَنه قد سَحَرَ السامعين بذلك؛ و قال ابن الأَثير: يعني‏
إِن من البيان لسحراً.
أَي منه ما يصرف قلوب السامعين و إِن كان غير حق، و قيل: معناه إِن من البيان ما يَكْسِبُ من الإِثم ما يكتسبه الساحر بسحره فيكون في معرض الذمّ، و يجوز أن يكون في معرض المدح لأَنه تُسْتَمالُ به القلوبُ و يَرْضَى به الساخطُ و يُسْتَنْزَلُ به الصَّعْبُ. قال الأَزهري: و أَصل السِّحْرِ صَرْفُ الشي‏ء عن حقيقته إِلى غيره فكأَنَّ الساحر لما أَرَى الباطلَ في صورة الحق و خَيَّلَ الشي‏ءَ على غير حقيقته، قد سحر الشي‏ء عن وجهه أَي صرفه. و قال الفراء في قوله تعالى: فَأَنَّى تُسْحَرُونَ
؛ معناه فَأَنَّى تُصْرَفون؛ و مثله: فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ*؛ أُفِكَ و سُحِرَ سواء. و قال يونس: تقول العرب للرجل ما سَحَرَك عن وجه كذا و كذا أَي ما صرفك عنه؟ و ما سَحَرَك عنا سَحْراً أَي ما صرفك؟ عن كراع، و المعروف: ما شَجَرَك شَجْراً. و روى شمر عن ابن عائشة «1». قال: العرب إِنما سمت السِّحْرَ سِحْراً لأَنه يزيل الصحة إِلى المرض، و إِنما يقال سَحَرَه أَي أَزاله عن البغض إِلى الحب؛ و قال الكميت:
__________________________________________________
 (1). قوله: [ابن عائشة] كذا بالأَصل و في شرح القاموس: ابن أبي عائشة.

348
لسان العرب4

سحر ص 348

و قادَ إِليها الحُبَّ، فانْقادَ صَعْبُه             بِحُبٍّ من السِّحْرِ الحَلالِ التَّحَبُّبِ‏

يريد أَن غلبة حبها كالسحر و ليس به لأَنه حب حلال، و الحلال لا يكون سحراً لأَن السحر كالخداع؛ قال شمر: و أَقرأَني ابن الأَعرابي للنابغة:
فَقالَتْ: يَمِينُ اللهِ أَفْعَلُ إِنَّنِي             رأَيتُك مَسْحُوراً، يَمِينُك فاجِرَه‏

قال: مسحوراً ذاهِبَ العقل مُفْسَداً. قال ابن سيدة: و أَما
قوله، صلى الله عليه و سلم: من تَعَلَّمَ باباً من النجوم فقد تعلم باباً من السحر.
؛ فقد يكون على المعنى الأَوَّل أَي أَن علم النجوم محرّم التعلم، و هو كفر، كما أَن علم السحر كذلك، و قد يكون على المعنى الثاني أَي أَنه فطنة و حكمة، و ذلك ما أُدرك منه بطريق الحساب كالكسوف و نحوه، و بهذا علل الدينوري هذا الحديث. و السَّحْرُ و السحّارة: شي‏ء يلعب به الصبيان إِذا مُدّ من جانب خرج على لون، و إِذا مُدَّ من جانب آخر خرج على لون آخر مخالف، و كل ما أَشبه ذلك: سَحَّارةٌ. و سَحَرَه بالطعامِ و الشراب يَسْحَرُه سَحْراً و سَحَّرَه: غذَّاه و عَلَّلَه، و قيل: خَدَعَه. و السِّحْرُ: الغِذاءُ؛ قال إمرؤ القيس:
أُرانا مُوضِعِينَ لأَمْرِ غَيْبٍ،             و نُسْحَرُ بالطَّعامِ و بالشَّرابِ‏
عَصافِيرٌ و ذِبَّانٌ ودُودٌ،             و أَجْرَأُ مِنْ مُجَلِّحَةِ الذِّئَابِ‏

أَي نُغَذَّى أَو نُخْدَعُ. قال ابن بري: و قوله مُوضِعين أَي مسرعين، و قوله: لأَمْرِ غَيْبٍ يريد الموت و أَنه قد غُيِّبَ عنا وَقْتُه و نحن نُلْهَى عنه بالطعام و الشراب. و السِّحْرُ: الخديعة؛ و قول لبيد:
فَإِنْ تَسْأَلِينَا: فِيمَ نحْنُ؟ فإِنَّنا             عَصافيرُ من هذا الأَنَامِ المُسَحَّرِ

يكون على الوجهين. و قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ*
؛ يكون من التغذية و الخديعة. و قال الفراء: إِنما أَنت من المسحرين، قالوا لنبي الله: لست بِمَلَكٍ إِنما أَنت بشر مثلنا. قال: و المُسَحَّرُ المُجَوَّفُ كأَنه، و الله أَعلم، أُخذ من قولك انتفخ سَحْرُكَ أَي أَنك تأْكل الطعام و الشراب فَتُعَلَّلُ به، و قيل: مِنَ الْمُسَحَّرِينَ
 أَي ممن سُحِرَ مرة بعد مرة. و حكى الأَزهري عن بعض أَهل اللغة في قوله تعالى: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً*
، قولين: أَحدهما إِنه ذو سَحَرٍ مثلنا، و الثاني إِنه سُحِرَ و أُزيل عن حد الاستواء. و قوله تعالى: يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ‏
؛ يقول القائل: كيف قالوا لموسى يا أَيُّهَا السَّاحِرُ
 و هم يزعمون أَنهم مهتدون؟ و الجواب في ذلك أَن الساحر عندهم كان نعتاً محموداً، و السِّحْرُ كان علماً مرغوباً فيه، فقالوا له يا أَيُّهَا السَّاحِرُ
 على جهة التعظيم له، و خاطبوه بما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر، إِذ جاء بالمعجزات التي لم يعهدوا مثلها، و لم يكن السحر عندهم كفراً و لا كان مما يتعايرون به، و لذلك قالوا له يا أَيُّهَا السَّاحِرُ
. و الساحرُ: العالِمُ. و السِّحْرُ: الفسادُ. و طعامٌ مسحورٌ إِذا أُفْسِدَ عَمَلُه، و قيل: طعام مسحور مفسود؛ عن ثعلب. قال ابن سيدة: هكذا حكاه مفسود لا أَدري أَ هو على طرح الزائد أَم فَسَدْتُه لغة أَم هو خطأٌ. و نَبْتٌ مَسْحور: مفسود؛ هكذا حكاه أَيضاً الأَزهري. أَرض مسحورة: أَصابها من المطر أَكثرُ مما ينبغي فأَفسدها. و غَيْثٌ ذو سِحْرٍ إِذا كان ماؤه أَكثر مما ينبغي. و سَحَر

349
لسان العرب4

سحر ص 348

المطرُ الطينَ و الترابَ سَحْراً: أَفسده فلم يصلح للعمل؛ ابن شميل: يقال للأَرض التي ليس بها نبت إِنما هي قاعٌ قَرَقُوسٌ. أَرض مسحورة «1»: قليلةُ اللَّبَنِ. و قال: إِن اللَّسَقَ يَسْحَرُ أَلبانَ الغنم، و هو أَن ينزل اللبن قبل الولاد. و السَّحْر و السحَر: آخر الليل قُبَيْل الصبح، و الجمع أَسحارٌ. و السُّحْرَةُ: السَّحَرُ، و قيل: أَعلى السَّحَرِ، و قيل: هو من ثلث الليل الآخِر إِلى طلوع الفجر. يقال: لقيته بسُحْرة، و لقيته سُحرةً و سُحْرَةَ يا هذا، و لقيته سَحَراً و سَحَرَ، بلا تنوين، و لقيته بالسَّحَر الأَعْلى، و لقيته بأَعْلى سَحَرَيْن و أَعلى السَّحَرَين، فأَما قول العجاج:
 غَدَا بأَعلى سَحَرٍ و أَحْرَسَا
فهو خطأٌ، كان ينبغي له أَن يقول: بأَعلى سَحَرَيْنِ، لأَنه أَوَّل تنفُّس الصبح، كما قال الراجز:
مَرَّتْ بأَعلى سَحَرَيْنِ تَدْأَلُ‏

و لقيتُه سَحَرِيَّ هذه الليلة و سَحَرِيَّتَها؛ قال:
 في ليلةٍ لا نَحْسَ في             سَحَرِيِّها و عِشائِها

أَراد: و لا عشائها. الأَزهري: السَّحَرُ قطعة من الليل. و أَسحَرَ القومُ: صاروا في السَّحَر، كقولك: أَصبحوا. و أَسحَرُوا و استَحَرُوا: خرجوا في السَّحَر. و اسْتَحَرْنا أَي صرنا في ذلك الوقتِ، و نَهَضْنا لِنَسير في ذلك الوقت؛ و منه قول زهير:
بَكَرْنَ بُكُوراً و استَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ

و تقول: لَقِيتُه سَحَرَ يا هذا إِذا أَردتَ به سَحَر ليلَتِك، لم تصرفه لأَنه معدول عن الأَلف و اللام و هو معرفة، و قد غلب عليه التعريفُ بغير إِضافة و لا أَلف و لا لام كما غلب ابن الزبير على واحد من بنيه، و إِذا نكَّرْتَ سَحَر صرفتَه، كما قال تعالى: إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ
؛ أَجراهُ لأَنه نكرةٌ، كقولك نجيناهم بليل؛ قال: فإِذا أَلقَتِ العربُ منه الباءَ لم يجروه فقالوا: فعلت هذا سَحَرَ يا فتى، و كأَنهم في تركهم إِجراءه أَن كلامهم كان فيه بالأَلف و اللام فجرى على ذلك، فلما حذفت منه الأَلف و اللام و فيه نيتهما لم يصرف، و كلامُ العرب أَن يقولوا: ما زال عندنا مُنْذُ السَّحَرِ، لا يكادون يقولون غيره. و قال الزجاج، و هو قول سيبويه: سَحَرٌ إِذا كان نكرة يراد سَحَرٌ من الأَسحار انصرف، تقول: أَتيت زيداً سَحَراً من الأَسحار، فإِذا أَردت سَحَرَ يومك قلت: أَتيته سَحَرَ يا هذا، و أَتيته بِسَحَرَ يا هذا؛ قال الأَزهري: و القياس ما قاله سيبويه. و تقول: سِرْ على فرسك سَحَرَ يا فتى فلا ترفعه لأَنه ظرف غير متمكن، و إِن سميت بسَحَر رجلًا أَو صغرته انصرف لأَنه ليس على وزن المعدول كَأُخَرَ، تقول: سِرْ على فرسك سُحَيْراً و إِنما لم ترفعه لأَن التصغير لم يُدْخِله في الظروف المتمكنة كما أَدخله في الأَسماء المنصرفة؛ قال الأَزهري: و قول ذي الرمة يصف فلاة:
مُغَمِّض أَسحارِ الخُبُوتِ إِذا اكْتَسَى،             مِن الآلِ، جُلأً نازحَ الماءِ مُقْفِر

قيل: أَسحار الفلاة أَطرافها. و سَحَرُ كل شي‏ء: طَرَفُه. شبه بأَسحار الليالي و هي أَطراف مآخرها؛ أَراد مغمض أَطراف خبوته فأَدخل الأَلف و اللام فقاما مقام الإِضافة. و سَحَرُ الوادي: أَعلاه. الأَزهري: سَحَرَ إِذا
__________________________________________________
 (1). قوله: [أرض مسحورة إلخ‏] كذا بالأَصل. و عبارة الأَساس: و عنز مسحورة قليلة اللبن و أرض مسحورة لا تنبت.

350
لسان العرب4

سحر ص 348

تباعد، و سَحَرَ خَدَعَ، و سَحِرَ بَكَّرَ. و استَحَرَ الطائرُ: غَرَّد بسَحَرٍ؛ قال إمرؤ القيس:
كَأَنَّ المُدَامَ و صَوْبَ الغَمامِ،             و ريحَ الخُزامَى و نَشْرَ القُطُرْ،
يُعَلُّ به بَرْدُ أَنيابِها،             إِذا طَرَّبَ الطائِرُ المُسْتَحِرْ

و السَّحُور: طعامُ السَّحَرِ و شرابُه. قال الأَزهري: السَّحور ما يُتَسَحَّرُ به وقت السَّحَرِ من طعام أَو لبن أَو سويق وضع اسماً لما يؤكل ذلك الوقت؛ و قد تسحر الرجل ذلك الطعام أَي أَكله، و قد تكرر ذكر السَّحور في الحديث في غير موضع؛ قال ابن الأَثير: هو بالفتح اسم ما يتسحر به من الطعام و الشراب، و بالضم المصدر و الفعل نفسه، و أَكثر ما روي بالفتح؛ و قيل: الصواب بالضم لأَنه بالفتح الطعام و البركة، و الأَجر و الثواب في الفعل لا في الطعام؛ وَ تَسَحَّرَ: أَكل السَّحورَ. و السَّحْرُ و السَّحَرُ و السُّحْرُ: ما التزق بالحلقوم و المَرِي‏ء من أَعلى البطن. و يقال للجبان: قد انتفخ سَحْرُه، و يقال ذلك أَيضاً لمن تعدّى طَوْرَه. قال الليث: إِذا نَزَتْ بالرجل البِطْنَةُ يقال: انتفخ سَحْرُه، معناه عَدَا طَوْرَهُ و جاوز قدرَه؛ قال الأَزهري: هذا خطأٌ إِنما يقال انتفخ سَحْرُه للجبان الذي مَلأَ الخوف جوفه، فانتفخ السَّحْرُ و هو الرئة حتى رفع القلبَ إلى الحُلْقوم، و منه قوله تعالى: وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، و كذلك قوله: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ؛ كلُّ هذا يدل على أَن انتفاخ السَّحْر مَثَلٌ لشدّة الخوف و تمكن الفزع و أَنه لا يكون من البطنة؛ و منه قولهم للأَرنب: المُقَطَّعَةُ الأَسحارِ، و المقطعة السُّحُورِ، و المقطعةُ النِّياط، و هو على التفاؤل، أَي سَحْرُه يُقَطَّعُ على هذا الاسم. و في المتأَخرين من يقول: المُقَطِّعَة، بكسر الطاء، أَي من سرعتها و شدة عدوها كأَنها تُقَطَّعُ سَحْرَها و نِياطَها. و
في حديث أَبي جهل يوم بدر: قال لِعُتْبَةَ بن ربيعة انتَفَخَ سَحْرُك.
أَي رِئَتُك؛ يقال ذلك للجبان و كلِّ ذي سَحْرٍ مُسَحَّرٍ. و السَّحْرُ أَيضاً: الرئة، و الجمع أَسحارٌ و سُحُرٌ و سُحُورٌ؛ قال الكميت:
 و أَربط ذي مسامع، أَنتَ، جأْشا،             إِذا انتفخت من الوَهَلِ السُّحورُ

و قد يحرك فيقال سَحَرٌ مثال نَهْرٍ و نَهَرٍ لمكان حروف الحلق. و السَّحْرُ أَيضاً: الكبد. و السَّحْرُ: سوادُ القلب و نواحيه، و قيل: هو القلب، و هو السُّحْرَةُ أَيضاً؛ قال:
و إِني امْرُؤٌ لم تَشْعُرِ الجُبْنَ سُحْرَتي،             إِذا ما انطَوَى مِنِّي الفُؤادُ على حِقْدِ

و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: مات رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بين سَحْرِي و نَحْرِي.
؛ السَّحْرُ الرئة، أَي مات رسول الله، [صلى الله عليه و سلم‏]، و هو مستند إِلى صدرها و ما يحاذي سَحْرَها منه؛ و حكى القتيبي عن بعضهم أَنه بالشين المعجمة و الجيم، و أَنه سئل عن ذلك فشبك بين أَصابعه و قدّمها عن صدره، و كأَنه يضم شيئاً إِليه، أَي أَنه مات و قد ضمته بيديها إِلى نحرها و صدرها، رضي الله عنها و الشَّجْرُ: التشبيك، و هو الذَّقَنُ أَيضاً، و المحفوظ الأَوَّل، و سنذكره في موضعه. و سَحَرَه، فهو مسحور و سَحِيرٌ: أَصاب سَحْرَه أَو سُحْرَه أَو سُحْرَتَه «2».
__________________________________________________
 (2). قوله: [أو سحرته‏] كذا ضبط الأصل. و في القاموس و شرحه السحر، بفتح فسكون و قد يحرك و يضم فهي ثلاث لغات و زاد الخفاجي بكسر فسكون انتهى بتصرف.

351
لسان العرب4

سحر ص 348

و رجلٌ سَحِرٌ و سَحِيرٌ: انقطع سَحْرُه، و هو رئته، فإِذا أَصابه منه السِّلُّ و ذهب لحمه، فهو سَحِيرٌ و سَحِرٌ؛ قال العجاج:
و غِلْمَتِي منهم سَحِيرٌ و سَحِرْ،             و قائمٌ من جَذْبِ دَلْوَيْها هَجِرْ

سَحِرَ: انقطع سَحْرُه من جذبه بالدلو؛ و في المحكم؛
و آبق من جذب دلويها
و هَجِرٌ و هَجِيرٌ: يمشي مُثْقَلًا متقارب الخَطْوِ كأَن به هِجَاراً لا ينبسط مما به من الشر و البلاء. و السُّحَارَةُ: السَّحْرُ و ما تعلق به مما ينتزعه القَصَّابُ؛ و قوله:
أَ يَذْهَبُ ما جَمَعْتَ صَرِيمَ سَحْرِ؟             ظَلِيفاً؟ إِنَّ ذا لَهْوَ العَجِيبُ‏

معناه: مصروم الرئة مقطوعها؛ و كل ما يَبِسَ منه، فهو صَرِيمُ سَحْرٍ؛ أَنشد ثعلب:
تقولُ ظَعِينَتِي لَمَّا استَقَلَّتْ:             أَ تَتْرُكُ ما جَمَعْتَ صَرِيمَ سَحْرِ؟

و صُرِمَ سَحْرُه: انقطع رجاؤه، و قد فسر صَريم سَحْرٍ بأَنه المقطوع الرجاء. و فرس سَحِيرٌ: عظيم الجَوْفِ. و السَّحْرُ و السُّحْرةُ: بياض يعلو السوادَ، يقال بالسين و الصاد، إِلَّا أَن السين أَكثر ما يستعمل في سَحَر الصبح، و الصاد في الأَلوان، يقال: حمار أَصْحَرُ و أَتان صَحراءُ. و الإِسحارُّ و الأَسْحارُّ: بَقْلٌ يَسْمَنُ عليه المال، واحدته إِسْحارَّةٌ و أَسْحارَّةٌ. قال أَبو حنيفة: سمعت أَعرابيّاً يقول السِّحارُ فطرح الأَلف و خفف الراء و زعم أَن نباته يشبه الفُجْلَ غير أَن لا فُجْلَةَ له، و هو خَشِنٌ يرتفع في وسطه قَصَبَةٌ في رأْسها كُعْبُرَةٌ ككُعْبُرَةِ الفُجْلَةِ، فيها حَبٌّ له دُهْنٌ يؤكل و يتداوى به، و في ورقه حُروفَةٌ؛ قال: و هذا قول ابن الأَعرابي، قال: و لا أَدري أَ هو الإِسْحارّ أَم غيره. الأَزهري عن النضر: الإِسحارَّةُ و الأَسحارَّةُ بقلة حارَّة تنبت على ساق، لها ورق صغار، لها حبة سوداء كأَنها الشِّهْنِيزَةُ.
سحطر:
اسحَنْطَرَ: وقع على وجهه. الأَزهري: اسحَنْطَرَ امتدّ.
سحفر:
المُسْحَنْفِرُ: الماضي السريع، و هو أَيضاً الممتدّ. و اسحَنْفَرَ الرجل في منطقه: مضى فيه و لم يَتَمَكَّثْ. و اسحَنْفَرَت الخيل في جريها: أَسرعت. و اسحَنْفَرَ المطر: كثر. و قال أَبو حنيفة: المُسْحَنْفِرُ الكثيرُ الصَّبِّ الواسعُ؛ قال:
 أَغَرُّ هَزِيمٌ مُسْتَهِلٌّ رَبابُه،             له فُرُقٌ مُسْحَنْفِراتٌ صَوادِرُ

الجوهري: بَلَدٌ مُسْحَنْفِرٌ واسع. قال الأَزهري: اسحَنْفَرَ و اجْرَنْفَزَ رُباعيان، و النون زائدة كما لحقت بالخماسي، و جملة قول النحويين أَن الخماسي الصحيح الحروف لا يكون إِلَّا في الأَسماء مثل الجَحْمَرِش و الجِرْدَحْلِ، و أَما الأَفعال فليس فيها خماسي إِلَّا بزيادة حرف أَو حرفين. اسْحَنْفَرَ الرجل إِذا مضى مسرعاً. و يقال: اسحَنْفَرَ في خطبته إِذا مضى و اتسع في كلامه.
سخر:
سَخِرَ منه و به سَخْراً و سَخَراً و مَسْخَراً و سُخْراً، بالضم، و سُخْرَةً و سِخْرِيّاً و سُخْرِيّاً و سُخْرِيَّة: هزئ به؛ و يروى بيت أَعشى باهلة على وجهين:
إِني أَتَتْنِي لِسانٌ، لا أُسَرُّ بها،             مِنْ عَلْوَ، لا عَجَبٌ منها و لا سُخْرُ

و يروى:
... و لا سَخَرُ

، قال ذلك لما بلغه خبر مقتل أَخيه‏

352
لسان العرب4

سخر ص 352

المنتشر، و التأْنيث للكلمة. قال الأَزهري: و قد يكون نعتاً كقولهم: هُم لك سُخْرِيٌّ [سِخْرِيٌ‏] و سُخْرِيَّةٌ [سِخْرِيَّةٌ]، من ذكَّر قال سُخْرِيّاً [سِخْرِيّاً]، و من أَنث قال سُخْرِيَّةً [سِخْرِيَّةً]. الفراء: يقال سَخِرْتُ منه، و لا يقال سَخِرْتُ به. قال الله تعالى: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ‏
. و سَخِرْتُ من فلان هي اللغة الفصيحةُ. و قال تعالى: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ‏
، و قال: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ‏
؛ و قال الراعي:
تَغَيَّرَ قَوْمِي و لا أَسْخَرُ،             و ما حُمَّ مِنْ قَدَرٍ يُقْدَرُ

قوله أَسخَرُ أَي لا أَسخَرُ منهم. و قال بعضهم: لو سَخِرْتُ من راضع لخشيت أَن يجوز بي فعله. الجوهري: حكى أَبو زيد سَخِرْتُ به، و هو أَرْدَأُ اللغتين. و قال الأَخفش: سَخِرْتُ منه و سَخِرْتُ به، و ضَحِكْتُ منه و ضحكت به، و هَزِئْتُ منه و هَزِئْتُ به؛ كلٌّ يقال، و الاسم السُّخْرِيَّةُ و السُّخْرِيُّ و السِّخْرِيُّ، و قرئ بهما قوله تعالى: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا
. و
في الحديث: أَ تسخَرُ مني و أَنا الملِك.
 «1».؟ أَي أَ تَسْتَهْزِئُ بي، و إِطلاق ظاهره على الله لا يجوز، و إِنما هو مجاز بمعنى: أَ تَضَعُني فيما لا أَراه من حقي؟ فكأَنها صورة السخْريَّة. و قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ‏
؛ قال ابن الرُّمَّانِي: معناه يدعو بعضُهم بعضاً إِلى أَن يَسْخَرَ، كَيَسْخَرُون، كعلا قِرْنَه و استعلاه. و قوله تعالى: يَسْتَسْخِرُونَ‏
؛ أَي يَسْخَرون و يستهزئون، كما تقول: عَجِبَ و تَعَجَّبَ و اسْتَعْجَبَ بمعنى واحد. و السُّخْرَةُ: الضُّحْكَةُ. و رجل سُخَرَةٌ: يَسْخَرُ بالناس، و في التهذيب: يسخَرُ من الناس. و سُخْرَةٌ: يُسْخَرُ منه، و كذلك سُخْرِيّ و سُخْرِيَّة؛ من ذكَّره كسر السين، و من أَنثه ضمها، و قرئ بهما قوله تعالى: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا
. و السُّخْرَةُ: ما تسَخَّرْتَ من دابَّة أَو خادم بلا أَجر و لا ثمن. و يقال: سَخَرْتُه بمعنى سَخَّرْتُه أَي قَهَرْتُه و ذللته. قال الله تعالى: وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ
؛ أَي ذللهما، و الشمسُ و القمرُ مُسَخَّران يجريان مجاريهما أَي سُخِّرا جاريين عليهما. وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ*
، قال الأَزهري: جارياتٌ مجاريَهُنَّ. و سَخَّرَهُ تسخيراً: كلفه عملًا بلا أُجرة، و كذلك تَسَخَّرَه. و سخَّره يُسَخِّرُه سِخْرِيّاً و سُخْرِيّاً و سَخَرَه: كلفه ما لا يريد و قهره. و كل مقهور مُدَبَّرٍ لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر، فذلك مسخَّر. و قوله عز و جل: أَ لَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏
؛ قال الزجاج: تسخير ما في السموات تسخير الشمس و القمر و النجوم للآدميين، و هو الانتفاعُ بها في بلوغِ مَنابِتِهم و الاقتداءُ بها في مسالكهم، و تسخيرُ ما في الأَرض تسخيرُ بِحارِها و أَنهارها و دوابِّها و جميعِ منافِعِها؛ و هو سُخْرَةٌ لي و سُخْرِيٌّ و سِخْرِيٌّ، و قيل: السُّخريُّ، بالضم، من التسخير و السِّخريّ، بالكسر، من الهُزْء. و قد يقال في الهزء: سُخري و سِخري، و أَما من السُّخْرَة فواحده مضموم. و قوله تعالى: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي‏
، فهو سُخريّاً و سِخْرِيًّا
، و الضم أَجود. أَبو زيد: سِخْرِيًّا
 من سَخِر إِذا استهزأَ، و الذي في الزخرف: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا
، عبيداً و إِماء و أُجراء. و قال: خادمٌ سُخْرة، و رجلٌ سُخْرة أَيضاً: يُسْخَر منه، و سُخَرَةٌ، بفتح الخاء، يسخر من الناس. و تسخَّرت دابة لفلان أَي ركبتها بغير أَجر؛ و أَنشد:
__________________________________________________
 (1). قوله: [مني و أنا الملك‏] كذا بالأصل. و في النهاية: بي و أنت.

353
لسان العرب4

سخر ص 352

سَواخِرٌ في سَواءٍ اليَمِّ تَحْتَفِزُ
و يقال: سَخَرْتُه بمعنى سَخَّرْتُه أَي قهرته. و رجل سُخْرَة: يُسَخَّرُ في الأَعمال و يَتَسَخَّرُه من قَهَره. و سَخَرَتِ السفينةُ: أَطاعت و جرت و طاب لها السيرُ، و الله سخَّرَها تسخِيراً. و التسخيرُ: التذليلُ. و سفُنٌ سواخِرُ إِذا أَطاعت و طاب لها الريح. و كل ما ذل و انقاد أَو تهيأَ لك على ما تريد، فقد سُخِّرَ لك. و السُّخَّرُ: السَيْكَرانُ؛ عن أَبي حنيفة.
سخبر:
السَّخْبَرُ: شجر إِذا طال تدلت رؤُوسه و انحنت، واحدته سَخْبَرَة، و قيل: السخبر شجر من شجر الثُّمام له قُضُب مجتمعة و جُرْثُومة؛ قال الشاعر:
و اللؤمُ ينبُت في أُصُولِ السَّخْبَر
و قال أَبو حنيفة: السخبر يشبه الثُّمام له جُرْثُومة و عيدانه كالكرّات في الكثرة كأَنَّ ثمره مكاسح القَصب أَو أَرق منها، و إِذا طال تدلت رؤوسه و انحنت. و بنو جعفر بن كلاب يُلقَّبون فروعَ السخْبَرِ؛ قال دريد بن الصمة:
مما يجي‏ءُ به فروعُ السَّخْبَرِ

و يقال: ركب فلان السخْبَرَ إِذا غَدَرَ؛ قال حسان بن ثابت:
إِنْ تَغْدِرُوا فالغَدْرُ منكم شِيمةٌ،             و الغَدْرُ يَنْبُتُ في أُصُولِ السَّخْبَرِ

أَراد قوماً منازلهم و محالُّهم في منابت السخبر؛ قال: و أَظنهم من هذيل؛ قال ابن بري: إِنما شبه الغادر بالسخبر لأَنه شجر إِذا انتهى استرخى رأْسه و لم يبق على انتصابه، يقول: أَنتم لا تثبتون على وفاء كهذا السخبر الذي لا يثبت على حال، بينا يُرى معتدلًا منتصباً عاد مسترخياً غير منتصب. و
في حديث ابن الزبير: قال لمعاوية لا تُطْرِقْ إِطْراقَ الأُقْعُوانِ في أُصول السخبر.
؛ هو شجر تأْلَفُه الحَيَّاتُ فتسكن في أُصوله، الواحدة سخبرة؛ يقول: لا تتغافَلْ عما نحن فيه.
سدر:
السِّدْرُ: شجر النبق، واحدتها سِدْرَة و جمعها سِدْراتٌ و سِدِراتٌ و سِدَرٌ و سُدورٌ «1»؛ الأَخيرة نادرة. قال أَبو حنيفة: قال ابن زياد: السِّدْرُ من العِضاهِ، و هو لَوْنانِ: فمنه عُبْرِيٌّ، و منه ضالٌ؛ فأَما العُبْرِيُّ فما لا شوك فيه إِلا ما لا يَضِيرُ، و أَما الضالُ فهو ذو شوك، و للسدر ورقة عريضة مُدَوَّرة، و ربما كانت السدرة محْلالًا؛ قال ذو الرمة:
قَطَعْتُ، إِذا تَجَوَّفَتِ العَواطي،             ضُرُوبَ السِّدْرِ عُبْرِيّاً و ضالا

قال: و نبق الضَّالِ صِغارٌ. قال: و أَجْوَدُ نبقٍ يُعْلَمُ بأَرضِ العرَبِ نَبِقُ هَجَرَ في بقعة واحدة يُسْمَى للسلطانِ، هو أَشد نبق يعلم حلاوة و أَطْيَبُه رائحةً، يفوحُ فَمْ آكلِهِ و ثيابُ مُلابِسِه كما يفوحُ العِطْر. التهذيب: السدر اسم للجنس، و الواحدة سدرة. و السدر من الشجر سِدْرانِ: أَحدهما بَرِّيّ لا ينتفع بثمره و لا يصلح ورقه للغَسُولِ و ربما خَبَط ورَقَها الراعيةُ، و ثمره عَفِصٌ لا يسوغ في الحلق، و العرب تسميه الضالَ، و السدر الثاني ينبت على الماء و ثمره النبق و ورقه غسول يشبه شجر العُنَّاب له سُلَّاءٌ كَسُلَّائه و ورقه كورقه غير أَن ثمر العناب أَحمر حلو و ثمر السدر أَصفر مُزٌّ يُتَفَكَّه به. و
في الحديث: من قطَع سِدْرَةً صَوَّبَ اللهُ رأْسَه في النار.
؛ قال ابن الأَثير: قيل أَراد به سدرَ مكة لأَنها حَرَم، و قيل‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [سدور] كذا بالأَصل بواو بعد الدال، و في القاموس سقوطها، و قال شارحه ناقلًا عن المحكم هو بالضم.

354
لسان العرب4

سدر ص 354

 سدرَ المدينة، نهى عن قطعه ليكون أُنْساً و ظلًّا لمنْ يُهاجِرُ إِليها، و قيل: أَراد السدر الذي يكون في الفلاة يستظل به أَبناء السبيل و الحيوان أَو في ملك إِنسان فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق، و مع هذا فالحديث مضطرب الرواية فإِن أَكثر ما يروى عن عروة بن الزبير، و كان هو يقطع السدر و يتخذ منه أَبواباً. قال هشام: و هذه أَبواب من سِدْرٍ قَطَعَه أَي و أَهل العلم مجمعون على إِباحة قطعه. و سَدِرَ بَصَرُه سَدَراً فهو سَدِرٌ: لم يكد يبصر. و يقال: سَدِرَ البعيرُ، بالكسر، يَسْدَرُ سَدَراً تَحيَّرَ من شدة الحرّ، فهو سَدِرٌ. و رجل سادر: غير متشتت «2». و السادِرُ: المتحير. و
في الحديث: الذي يَسْدَرُ في البحر كالمتشحط في دمه.
؛ السَّدَرُ، بالتحريك: كالدُّوارِ، و هو كثيراً ما يَعْرِض لراكب البحر. و
في حديث عليّ: نَفَرَ مُسْتَكْبِراً و خَبَطَ سادِراً.
أَي لاهياً. و السادِرُ: الذي لا يَهْتَمُّ لشي‏ء و لا يُبالي ما صَنَع؛ قال:
سادِراً أَحْسَبُ غَيِّي رَشَداً،             فَتَنَاهَيْتُ و قد صابَتْ بِقُرْ «3».

و السَّدَرُ: اسْمِدْرَارُ البَصَرِ. ابن الأَعرابي: سَدِرَ قَمِرَ، و سَدِرَ من شدّة الحرّ. و السَّدَرُ: تحيُّر البصر. و قوله تعالى: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏
؛
قال الليث: زعم أَنها سدرة في السماء السابعة لا يجاوزها مَلَك و لا نبي و قد أَظلت الماءَ و الجنةَ.
قال: و يجمع على ما تقدم. و
في حديث الإِسْراءِ: ثم رُفِعْتُ إِلى سِدرَةِ المُنْتَهَى.
؛ قال ابن الأَثير: سدرةُ المنتهى في أَقصى الجنة إِليها يَنْتَهِي عِلْمُ الأَوّلين و الآخرين و لا يتعدّاها.
و سَدَرَ ثَوْبَه يَسْدِرُه سَدْراً و سُدُوراً: شَقَّه؛ عن يعقوب. و السَّدْرُ و السَّدْلُ: إِرسال الشعر. يقال: شَعَرٌ مَسدولٌ و مسدورٌ و شَعَرٌ مُنسَدِرٌ و مُنْسَدِلٌ إِذا كان مُسْتَرْسِلٍا. و سَدَرَتِ المرأَةُ شَعرَها فانسَدَر: لغة في سَدَلَتْه فانسدل. ابن سيدة: سدَرَ الشعرَ و السِّتْرَ يَسْدُرُه سَدْراً أَرسله، و انسَدَرَ هو. و انسَدَرَ أَيضاً: أَسرع بعض الإِسراع. أَبو عبيد: يقال انسَدَرَ فلان يَعْدُو و انْصَلَتَ يعدو إِذا أَسرع في عَدْوِه. اللحياني: سدَر ثوبَه سَدْراً إِذا أَرسله طولًا. و قال أَبو عمرو: تَسَدَّرَ بثوبه إِذا تجلَّل به. و السِّدارُ: شِبْهُ الكِلَّةِ تُعَرَّضُ في الخباء. و السَّيدارَةُ: القَلَنْسُوَةُ بِلا أَصْداغٍ؛ عن الهَجَرِيّ. و السَّديرُ: بِناءٌ، و هو بالفارسية سِهْدِلَّى أَي ثلاث شهب أَو ثلاث مداخلات. و قال الأَصمعي: السدير فارسية كأَنَّ أَصله سادِلٌ أَي قُبة في ثلاث قِباب متداخلة، و هي التي تسميها الناس اليوم سِدِلَّى، فأَعربته العرب فقالوا سَدِيرٌ و السَّدِيرُ: النَّهر، و قد غلب على بعض الأَنهار؛ قال:
أَ لابْنِ أُمِّكَ ما بَدَا،             و لَكَ الخَوَرْنَقُ و السَّدِير؟

التهذيب: السدِيرُ نَهَر بالحِيرة؛ قال عدي:
سَرَّه حالُه و كَثْرَةُ ما يَمْلِكُ،             و البحرُ مُعْرِضاً، و السَّدِيرُ

و السدِيرُ: نهر، و يقال: قصر، و هو مُعَرَّبٌ و أَصله بالفارسية سِهْ دِلَّه أَي فيه قِبابٌ مُداخَلَةٌ.
__________________________________________________
 (2). قوله: [غير متشتت‏] كذا بالأصل بشين معجمة بين تاءين، و الذي في شرح القاموس نقلًا عن الأساس: و تكلم سادراً غير متثبت، بمثلثة بين تاء فوقية و موحدة.
 (3). و قوله: [صابت بقر] في الصحاح و قولهم للشدة إِذا نزلت صابت بقر أَي صارت الشدة في قرارها.

355
لسان العرب4

سدر ص 354

ابن سيدة: و السدِيرُ مَنْبَعُ الماءِ. و سدِيرُ النخل: سوادُه و مُجْتَمَعُه. و في نوادر الأَصمعي التي رواها عنه أَبو يعلى قال: قال أَبو عمرو بن العلاء السَّدِيرُ العُشْبُ. و الأَسْدَرانِ: المنكِبان، و قيل: عِرقان في العين أَو تحت الصدغين. و جاء يَضْرِبُ أَسْدَرَيْه؛ يُضْرَبُ مثلًا للفارغ الذي لا شغل له، و
في حديث الحسن: يضرب أَسدريه.
أَي عِطْفيه و منكبيه يضرب بيديه عليهما، و هو بمعنى الفارغ. قال أَبو زيد: يقال للرجل إِذا جاء فارغاً: جاء يَنفُضُ أَسْدَرَيْه، و قال بعضهم: جاء ينفض أَصْدَرَيْه أَي عطفيه. قال: و أَسدراه مَنْكِباه. و قال ابن السكيت: جاء ينفض أَزْدَرَيْه، بالزاي و ذلك إِذا جاء فارغاً ليس بيده شي‏ء و لم يَقْضِ طَلِبَتَه. أَبو عمرو: سمعت بعض قيس يقول سَدَلَ الرجُل في البلاد و سدَر إِذا ذهب فيها فلم يَثْنِه شي‏ء. و لُعْبَة للعرب يقال لها: السُّدَّرُ و الطُّبَن. ابن سيدة: و السُّدَّرُ اللعبةُ التي تسمى الطُّبَنَ، و هو خطٌّ مستدير تلعب بها الصبيان؛ و
في حديث بعضهم: رأَيت أَبا هريرة: يلعب السُّدَّر.
؛ قال ابن الأَثير: هو لعبة يُلْعَبُ بها يُقامَرُ بها، و تكسر سينها و تضم، و هي فارسية معربة عن ثلاثة أَبواب؛ و منه‏
حديث يحيى بن أَبي كثير: السُّدّر هي الشيطانة الصغرى.
يعني أَنها من أَمر الشيطان؛ و قول أُمية بن أَبي الصلت:
و كأَنَّ بِرْقِعَ، و الملائكَ حَوْلَها،             سَدِرٌ، تَواكَلَه القوائِمُ، أَجْرَدُ «1».

سَدِرٌ؛ للبحر، لم يُسْمع به إِلَّا في شعره. قال أَبو علي: و قال أَجرد لأَنه قد لا يكون كذلك إِذا تَموَّجَ. الجوهري: سَدِرٌ اسم من أَسماء البحر، و أَنشد بيت أُمية إِلَّا أَنه قال عِوَضَ حولها حَوْلَه، و قال عوض أَجرد أَجْرَبُ، بالباء، قال ابن بري: صوابه أَجرد، بالدال، كما أَوردناه، و القصيدة كلها دالية؛ و قبله:
فأَتَمَّ سِتّاً فاسْتَوَتْ أَطباقُها،             و أَتى بِسابِعَةٍ فَأَنَّى تُورَدُ

قال: و صواب قوله حوله أَن يقول حولها لأَن بِرْقِعَ اسم من أَسماء السماء مؤنثة لا تنصرف للتأْنيث و التعريف، و أَراد بالقوائم هاهنا الرياح، و تواكلته: تركته. يقال: تواكله القوم إِذا تركوه؛ شبه السماء بالبحر عند سكونه و عدم تموجه؛ قال ابن سيدة و أَنشد ثعلب:
و كأَنَّ بِرقع، و الملائك تحتها،             سدر، تواكله قوائم أَربع‏

قال: سدر يَدُورُ. و قوائم أَربع: قال هم الملائكة لا يدرى كيف خلقهم. قال: شبه الملائكة في خوفها من الله تعالى بهذا الرجل السَّدِرِ. و بنو سادِرَة: حَيٌّ من العرب. و سِدْرَةُ: قبيلة؛ قال:
قَدْ لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذا لُها،             و عَدَداً فَخْماً و عِزّاً بَزَرَى‏

فأَما قوله:
عَزَّ عَلى لَيْلى بِذِي سُدَيْرِ             سُوءُ مَبِيتي بَلَدَ الغُمَيْرِ

فقد يجوز أَن يريد بذي سِدْرٍ فصغر، و قيل: ذو سُدَيْرٍ موضع بعينه. و رجل سَنْدَرَى: شديد، مقلوب عن سَرَنْدَى.
سرر:
السِّرُّ: من الأَسْرار التي تكتم. و السر: ما أَخْفَيْتَ، و الجمع أَسرار. و رجل سِرِّيٌّ: يصنع‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [برقع‏] هو كزبرج و قنفذ السماء السابعة انتهى قاموس.

356
لسان العرب4

سرر ص 356

الأَشياءَ سِرّاً من قوم سِرِّيِّين. و السرِيرةُ: كالسِّرِّ، و الجمع السرائرُ. الليث: السرُّ ما أَسْرَرْتَ به. و السريرةُ: عمل السر من خير أَو شر. و أَسَرَّ الشي‏ء: كتمه و أَظهره، و هو من الأَضداد، سرَرْتُه: كتمته، و سررته: أَعْلَنْته، و الوجهان جميعاً يفسران في قوله تعالى: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ*
؛ قيل: أَظهروها، و قال ثعلب: معناه أَسروها من رؤسائهم؛ قال ابن سيدة: و الأَوّل أَصح. قال الجوهري: و كذلك في قول إمرئ القيس:
... لو يُسِرُّون مَقْتَلِي‏
؛ قال: و كان الأَصمعي يرويه:
... لو يُشِرُّون ...

، بالشين معجمة، أَي يُظهرون. و أَسَرَّ إِليه حديثاً أَي أَفْضَى؛ و أَسررْتُ إِليه المودَّةَ و بالمودّةِ و سارَّهُ في أُذُنه مُسارَّةً و سِراراً و تَسارُّوا أَي تَناجَوْا. أَبو عبيدة: أَسررت الشي‏ء أَخفيته، و أَسررته أَعلنته؛ و من الإِظهار قوله تعالى: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ*
؛ أَي أَظهروها؛ و أَنشد للفرزدق:
فَلَمَّا رَأَى الحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَه،             أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الذي كان أَضْمَرا

قال شمر: لم أَجد هذا البيت للفرزدق، و ما قال غير أَبي عبيدة في قوله: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ*
، أَي أَظهروها، قال: و لم أَسمع ذلك لغيره. قال الأَزهري: و أَهل اللغة أَنكروا قول أَبي عبيدة أَشدّ الإِنكار، و قيل: أَسَرُّوا النَّدامَةَ*
؛ يعني الرؤساء من المشركين أَسروا الندامة في سَفَلَتِهم الذين أَضلوهم. و أَسروها: أَخْفَوْها، و كذلك قال الزجاج و هو قول المفسرين. و سارَّهُ مُسارَّةً و سِراراً: أَعلمه بسره، و الاسم السَّرَرُ، و السِّرارُ مصدر سارَرْتُ الرجلَ سِراراً. و استَسَرَّ الهلالُ في آخر الشهر: خَفِيَ؛ قال ابن سيدة: لا يلفظ به إِلَّا مزيداً، و نظيره قولهم: استحجر الطين. و السَّرَرُ و السِّرَرُ و السَّرارُ و السِّرارُ، كله: الليلة التي يَستَسِرُّ فيها القمرُ؛ قال:
نَحْنُ صَبَحْنا عامِراً في دارِها،             جُرْداً تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها،
عَشِيَّةَ الهِلالِ أَو سِرَارِها

غيره: سَرَرُ الشهر، بالتحريك، آخِرُ ليلة منه، و هو مشتق من قولهم: استَسَرَّ القمرُ أَي خفي ليلة السرار فربما كان ليلة و ربما كان ليلتين. و
في الحديث: صوموا الشهر و سِرَّه.
؛ أَي أَوَّلَه، و قيل مُسْتَهَلَّه، و قيل وَسَطَه، و سِرُّ كُلِّ شي‏ء: جَوْفُه، فكأَنه أَراد الأَيام البيض؛ قال ابن الأَثير: قال الأَزهري لا أَعرف السر بهذا المعنى إِنما يقال سِرار الشهر و سَراره و سَرَرهُ، و هو آخر ليلة يستسر الهلال بنور الشمس. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، سأَل رجلًا فقال: هل صمت من سرار هذا الشهر شيئاً؟ قال: لا. قال: فإِذا أَفطرت من رمضان فصم يومين.
قال الكسائي و غيره: السرار آخر الشهر ليلة يَسْتَسِرُّ الهلال. قال أَبو عبيدة: و ربما استَسَرَّ ليلة و ربما استسرّ ليلتين إِذا تمّ الشهر. قال الأَزهري: و سِرار الشهر، بالكسر، لغة ليست بجيدة عند اللغويين. الفراء: السرار آخر ليلة إِذا كان الشهر تسعاً و عشرين، و سراره ليلة ثمان و عشرين، و إِذا كان الشهر ثلاثين فسراره ليلة تسع و عشرين؛ و قال ابن الأَثير: قال الخطابي كان بعض أَهل العلم يقول في هذا الحديث: إِنّ سؤالَه هل صام من سرار الشهر شيئاً سؤالُ زجر و إِنكار،
لأَنه قد نهى أَن يُسْتَقْبَلَ الشهرُ بصوم يوم أَو يومين.
قال: و يشبه أَن يكون هذا الرجل قد أَوجبه على نفسه بنذر فلذلك قال له:
إِذا أَفطرت.
يعني من رمضان،
فصم يومين.
فاستحب له‏

357
لسان العرب4

سرر ص 356

الوفاءِ بهما. و السّرُّ: النكاح لأَنه يُكْتم؛ قال الله تعالى: وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
؛ قال رؤبة:
فَعَفَّ عن إِسْرارِها بعد الغَسَقْ،             و لم يُضِعْها بَيْنَ فِرْكٍ و عَشَقْ‏

و السُّرِّيَّةُ: الجارية المتخذة للملك و الجماع، فُعْلِيَّةٌ منه على تغيير النسب، و قيل: هي فُعُّولَة من السَّرْوِ و قلبت الواو الأَخيرة ياء طَلبَ الخِفَّةِ، ثم أُدغمت الواو فيها فصارت ياء مثلها، ثم حُوِّلت الضمة كسرة لمجاورة الياء؛ و قد تَسَرَّرْت و تَسَرَّيْت: على تحويل التضعيف. أَبو الهيثم: السِّرُّ الزِّنا، و السِّرُّ الجماع. و
قال الحسن: لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
، قال: هو الزنا.
قال: هو قول أَبي مجلز، و
قال مجاهد: لا تُواعِدُوهُنَّ هو أَن يَخْطُبَها في العدّة.
؛ و قال الفراء: معناه لا يصف أَحدكم نفسه للمرأَة في عدتها في النكاح و الإِكثارِ منه. و اختلف أَهل اللغة في الجارية التي يَتَسَرَّاها مالكها لم سميت سُرِّيَّةً فقال بعضهم: نسبت إِلى السر، و هو الجماع، و ضمت السين للفرق بين الحرة و الأَمة توطأُ، فيقال للحُرَّةِ إِذا نُكِحَت سِرّاً أَو كانت فاجرة: سِرِّيَّةً، و للمملوكة يتسراها صاحبها: سُرِّيَّةً، مخافة اللبس. و قال أَبو الهيثم: السِّرُّ السُّرورُ، فسميت الجارية سُرِّيَّةً لأَنها موضع سُرورِ الرجل. قال: و هذا أَحسن ما قيل فيها؛ و قال الليث: السُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّة من قولك تَسَرَّرْت، و من قال تَسَرَّيْت فإِنه غلط؛ قال الأَزهري: هو الصواب و الأَصل تَسَرَّرْتُ و لكن لما توالت ثلاثُ راءات أَبدلوا إِحداهن ياء، كما قالوا تَظَنَّيْتُ من الظنّ و قَصَّيْتُ أَظفاري و الأَصل قَصَّصْتُ؛ و منه قول العجاج:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
إِنما أَصله: تَقَضُّض. و قال بعضهم: استسرَّ الرجلُ جارِيَتَه بمعنى تسرَّاها أَي تَخِذها سُرية. و السرية: الأَمة التي بَوَّأْتَها بيتاً، و هي فُعْلِيَّة منسوبة إِلى السر، و هو الجماع و الإِخفاءُ، لأَن الإِنسان كثيراً ما يَسُرُّها و يَسْتُرُها عن حرته، و إِنما ضمت سينه لأَن الأَبنية قد تُغَيَّرُ في النسبة خاصة، كما قالوا في النسبة إِلى الدَّهْرِ دُهْرِيُّ، و إِلى الأَرض السَّهْلَة سُهْلِيٌّ، و الجمع السَّرارِي. و
في حديث عائشة و ذُكِرَ لها المتعةُ فقالت: و الله ما نجد في كلام الله إِلَّا النكاح و الاسْتِسْرَارَ.
؛ تريد اتخاذ السراري، و كان القياس الاستسراء من تَسَرَّيْت إِذا اتَّخَذْت سرية، لكنها ردت الحرف إِلى الأَصل، و هو تَسَرَّرْتُ من السر النكاح أَو من السرور فأَبدلت إِحدى الراءات ياء، و قيل: أَصلها الياء من الشي‏ء السَّريِّ النفيس. و
في حديث سلامة: فاسْتَسَرَّني.
أَي اتخذني سرية، و القياس أَن تقول تَسَرَّرَني أَو تسرّاني فأَما استسرني فمعناه أَلقي إِليَّ سِرّه. قال ابن الأَثير: قال أَبو موسى لا فرق بينه و بين حديث عائشة في الجواز. و السرُّ: الذَّكَرُ؛ قال الأَفوه الأَودي:
لَمَّا رَأَتْ سِرِّي تَغَيَّرَ، و انْثَنَى             مِنْ دونِ نَهْمَةِ شَبْرِها حِينَ انْثَنَى‏

و في التهذيب: السر ذكر الرجل فخصصه. و السِّرُّ: الأَصلُ. و سِرُّ الوادي: أَكرم موضع فيه، و هي السَّرارةُ أَيضاً. و السِّرُّ: وسَطُ الوادي، و جمعه سُرور: قال الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وسْطَ الغَرِيف،             إِذا خالَطَ الماءُ منها السُّرورا

و كذلك سَرارُه و سَرارَتُه و سُرّتُه. و أَرض سِرٌّ: كريمةٌ طيبة، و قيل: هي أَطيب موضع فيه، و جمع‏

358
لسان العرب4

سرر ص 356

السِّرِّ سِرَرٌ نادر، و جمع السَّرارِ أَسِرَّةٌ كَقَذالٍ و أَقْذِلَة، و جمع السَّرارِة سَرائرُ. الأَصمعي: سَرارُ الأَرض أَوسَطُه و أَكرمُه. و يقال: أَرض سَرَّاءُ أَي طيبة. و قال الفراء: سِرٌّ بَيِّنُ السِّرارةِ، و هو الخالص من كل شي‏ء. و قال الأَصمعي: السِّرُّ من الأَرض مثل السَّرارةِ أَكرمها؛ و قول الشاعر:
و أَغْفِ تحتَ الأَنْجُمِ العَواتم،             و اهْبِطْ بها مِنْكَ بِسِرٍّ كاتم‏

قال: السر أَخْصَبُ الوادي. و كاتم أَي كامن تراه فيه قد كتم و لم ييبس؛ و قال لبيد يرثي قوماً:
فَساعَهُمُ حَمْدٌ، و زانَتْ قُبورَهمْ             أَسِرَّةُ رَيحانٍ، بِقاعٍ مُنَوَّر

قال: الأَسرَّةُ أَوْساطُ الرِّياضِ، و قال أَبو عمرو: واحد الأَسِرَّةِ سِرَارٌ؛ و أَنشد:
كأَنه عن سِرارِ الأَرضِ مَحْجُومُ‏
و سِرُّ الحَسَبِ و سَرارُه و سَرارَتُه: أَوسطُه. و يقال: فلان في سِرِّ قومه أَي في أَفضلهم، و في الصحاح: في أَوسطهم. و
في حديث ظبيان: نحن قوم من سَرارةِ مَذْحِجٍ.
أَي من خيارهم. و سِرُّ النسَبِ: مَحْضُه و أَفضلُه، و مصدره السَّرارَةُ، بالفتح. و السِّرُّ من كل شي‏ء: الخالِصُ بَيِّنُ السَّرارةِ، و لا فعل له؛ و أَما قول إمرئ القيس في صفة امرأَة:
فَلَها مُقَلَّدُها و مُقْلَتُها،             و لَها عليهِ سَرارةُ الفضلِ‏

فإِنه وصف جاريةً شبهها بظبيةٍ جيداً و مُقْلَةً ثم جعل لها الفضل على الظبية في سائر مَحاسِنها، أَراد بالسَّرارةِ كُنْه الفضل. و سَرارةُ كلِّ شي‏ء: محضُه و وسَطُه، و الأَصل فيهما سَرَارةُ الروضة، و هي خير منابتها، و كذلك سُرَّةُ الروضة. و قال الفراء: لها عليها سَرارةُ الفضل و سَراوةُ الفضل أَي زيادة الفضل. و سَرارة العيش: خيره و أَفضله. و فلان سِرُّ هذا الأَمر إِذا كان عالماً به. و سِرُّ الوادي: أَفضل موضع فيه، و الجمع أَسِرَّةٌ مثل قِنٍّ و أَقِنَّةٍ؛ قال طرفة:
تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَّوْلِ تَرْتَعِي             حَدائِقَ مَوْليِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ

و كذلك سَرارةُ الوادي، و الجمع سرارٌ؛ قال الشاعر:
فإِن أَفْخُرْ بِمَجْدِ بَني سُلَيْمٍ،             أَكُنْ منها التَّخُومَةَ و السَّرَارا

و السُّرُّ و السِّرُّ و السِّرَرُ و السِّرارُ، كله: خط بطن الكف و الوجه و الجبهة؛ قال الأَعشى:
فانْظُرْ إِلى كفٍّ و أَسْرارها،             هَلْ أَنتَ إِنْ أَوعَدْتَني ضائري؟

يعني خطوط باطن الكف، و الجمع أَسِرَّةٌ و أَسْرارٌ، و أَسارِيرُ جمع الجمع؛ و كذلك الخطوط في كل شي‏ء؛ قال عنترة:
بِزُجاجَةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ،             قُرِنَتْ بِأَزْهَرَ في الشِّمالِ مُفَدَّم‏

و
في حديث عائشة في صفته، صلى الله عليه و سلم: تَبْرُقُ أَسارِيرُ وجهه.
قال أَبو عمرو: الأَسارير هي الخطوط التي في الجبهة من التكسر فيها، واحدها سِرَرٌ. قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول في‏
قوله تبرق أَسارِيرُ وجهه.
قال: خطوط وجهه سِرٌّ و أَسرارٌ، و أَسارِيرُ جمع الجمع. قال: و قال بعضهم الأَساريرُ الخدّان و الوجنتان و محاسن الوجه، و هي شآبيبُ الوجه أَيضاً و سُبُحاتُ الوجه. و
في حديث علي، عليه السلام: كأَنَّ ماءَ الذهبِ يجري في‏

359
لسان العرب4

سرر ص 356

صفحة خده، و روْنَقَ الجلالِ يَطَّردُ في أَسِرَّةِ جبينه.
و تَسَرَّرَ الثوبُ: تَشَقَّقَ. و سُرَّةُ الحوض: مستقر الماء في أَقصاه. و السُّرَّةُ: الوَقْبَةُ التي في وسط البطن. و السُّرُّ و السَّرَرُ: ما يتعلق من سُرَّةِ المولود فيقطع، و الجمع أَسِرَّةٌ نادر. و سَرَّه سَرّاً: قطع سَرَرَه، و قيل: السرَر ما قطع منه فذهب. و السُّرَّةُ: ما بقي، و قيل: السُّر، بالضم، ما تقطعه القابلة من سُرَّة الصبي. يقال: عرفْتُ ذلك قبل أَن يُقْطَعَ سُرُّك، و لا تقل سرتك لأَن السرة لا تقطع و إِنما هي الموضع الذي قطع منه السُّرُّ. و السَّرَرُ و السِّرَرُ، بفتح السين و كسرها: لغة في السُّرِّ. يقال: قُطِعَ سَرَرُ الصبي و سِرَرُه، و جمعه أَسرة؛ عن يعقوب، و جمع السُّرة سُرَرٌ و سُرَّات لا يحركون العين لأَنها كانت مدغمة. و سَرَّه: طعنه في سُرَّته؛ قال الشاعر:
نَسُرُّهُمُ، إِن هُمُ أَقْبَلُوا،             و إِن أَدْبَرُوا، فَهُمُ مَنْ نَسُبْ‏

أَي نَطْعُنُه في سُبَّتِه. قال أَبو عبيد: سمعت الكسائي يقول: قُطِع سَرَرُ الصبيّ، و هو واحد. ابن السكيت: يقال قطع سرر الصبي، و لا يقال قطعت سرته، إِنما السرة التي تبقى و السرر ما قطع. و قال غيره: يقال، لما قطع، السُّرُّ أَيضاً، يقال: قطع سُرُّه و سَرَرُه. و
في الحديث: أَنه، عليه الصلاة و السلام، وُلِدَ مَعْذُوراً مسروراً.
؛ أَي مقطوع السُّرَّة «2». و هو ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة. و السَّرَرُ: داءٌ يأْخذ في السُّرَّة، و في المحكم: يأْخذ الفَرَس. و بعير أَسَرُّ و ناقة سرَّاء بيِّنة السَّرَر يأْخذها الداء في سرتها فإِذا بركت تجافت؛ قال الأَزهري: هذا التفسير غلط من الليث إِنما السَّرَرُ وجع يأْخذ البعير في الكِرْكِرَةِ لا في السرة. قال أَبو عمرو: ناقة سَرَّاء و بعير أَسَرُّ بيِّنُ السَّرَرِ، و هو وجع يأْخذ في الكركرة؛ قال الأَزهري: هذا سماعي من العرب، و يقال: في سُرَّته سَرَرٌ أَي ورم يؤلمه، و قيل: السَّرَر قرح في مؤخر كركرة البعير يكاد ينقب إِلى جوفه و لا يقتل، سَرَّ البعيرُ يَسَرُّ سَرَراً؛ عن ابن الأَعرابي؛ و قيل: الأَسَرُّ الذي به الضَّبُّ، و هو ورَمٌ يكون في جوف البعير، و الفعل كالفعل و المصدر كالمصدر؛ قال معديكرب المعروف بِغَلْفاءَ يرثي أَخاه شُرَحْبِيلَ و كان رئيس بكر بن وائل قتل يوم الكُلابِ الأَوَّل:
إِنَّ جَنْبي عن الفِراشِ لَنابي،             كَتَجافِي الأَسَرِّ فوقَ الظِّراب‏
مِنْ حَدِيث نَما إِلَيَّ فَما تَرْقَأُ             عَيْنِي، و لا أُسِيغ شَرابي‏
مُرَّةٌ كالذُّعافِ، أَكْتُمُها النَّاسَ،             على حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ‏
مِنْ شُرَحْبِيلَ إِذْ تَعَاوَرَهُ الأَرْماحُ،             في حالِ صَبْوَةٍ و شَبابِ‏

و قال:
و أَبِيتُ كالسَّرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها،             فإِذا تَحَزْحَزَ عن عِدَاءٍ ضَجَّتِ‏

و سَرَّ الزَّنْدَ يَسُرُّه سَرّاً إِذا كان أَجوف فجعل في جوفه عوداً ليقدح به. قال أَبو حنيفة: يقال سُرَّ زَنْدَكَ فإِنه أَسَرُّ أَي أَجوف أَي احْشُه لِيَرِيَ. و السَّرُّ: مصدر سَرِّ الزَّنْدَ. و قَنَاةٌ سَرَّاءُ: جوفاء بَيِّنَةُ السَّرَرِ.
__________________________________________________
 (2). قوله: [أَي مقطوع السرة] كذا بالأَصل و مثله في النهاية و الإِضافة على معنى من الابتدائية و المفعول محذوف و الأَصل مقطوع السر من السرة و إِلَّا فقد ذكر أَنه لا يقال قطعت سرته.

360
لسان العرب4

سرر ص 356

و السَّرِيرُ: المُضطَجَعُ، و الجمع أَسِرَّةٌ و سُرُرٌ؛ سيبويه: و من قال صِيدٌ قال في سُرُرٍ سُرٌّ. و السرير: الذي يجلس عليه معروف. و في التنزيل العزيز: عَلى‏ سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ*
؛ و بعضهم يستثقل اجتماع الضمتين مع التضعيف فيردّ الأَول منهما إِلى الفتح لخفته فيقول سُرَرٌ، و كذلك ما أَشبهه من الجمع مثل ذليل و ذُلُلٍ و نحوه. و سرير الرأْس: مستقره في مُرَكَّبِ العُنُقِ؛ و أَنشد:
ضَرْباً يُزِيلُ الهامَ عن سَرِيرِهِ،             إِزَالَةَ السُّنْبُلِ عن شَعِيرِهِ‏

و السَّرِيرُ: مُسْتَقَرُّ الرأْس و العنق. و سَرِيرُ العيشِ: خَفْضُهُ و دَعَتُه و ما استقرّ و اطمأَن عليه. و سَرِيرُ الكَمْأَةِ و سِرَرُها، بالكسر: ما عليها من التراب و القشور و الطين، و الجمع أَسْرارٌ. قال ابن شميل: الفَقْعُ [الفِقْعُ‏] أَرْدَأُ الكَمْ‏ءِ طَعْماً و أَسرعها ظهوراً و أَقصرها في الأَرض سِرَراً، قال: و ليس لِلْكَمْأَةِ عروق و لكن لها أَسْرارٌ. و السَّرَرُ: دُمْلُوكَة من تراب تَنبت فيها. و السَّرِيرُ: شحمة البَرْدِيِّ. و السُّرُورُ: ما اسْتَسَرَّ من البَرْدِيَّة فَرَطُبَتْ و حَسُنَتْ و نَعُمَتْ. و السُّرُورُ من النبات: أَنْصافُ سُوقه العُلا؛ و قول الأَعشى:
كَبَرْدِيَّة الغِيلِ وَسْطَ الغَرِيفِ،             قد خالَطَ الماءُ منها السَّرِيرا

يعني شَحْمَةَ البَرْدِيِّ، و يروى:
... السُّرُورَا
، و هي ما قدمناه، يريد جميع أَصلها الذي استقرت عليه أَو غاية نعمتها، و قد يعبر بالسرير عن المُلْكِ و النّعمَةِ؛ و أَنشد:
و فارَقَ مِنها عِيشَةً غَيْدَقِيَّةً؛             و لم يَخْشَ يوماً أَنْ يَزُولَ سَرِيرُها

ابن الأَعرابي: سَرَّ يَسَرُّ إِذا اشتكى سُرَّتَهُ. و سَرَّه يَسُرُّه: حَيَّاه بالمَسَرَّة و هي أَطراف الرياحين. ابن الأَعرابي: السَّرَّةُ، الطاقة من الريحان، و المَسَرَّةُ أَطراف الرياحين. قال أَبو حنيفة: و قوم يجعلون الأَسِرَّةَ طريق النبات يذهبون به إِلى التشبيه بأَسِرَّةِ الكف و أَسرة الوجه، و هي الخطوط التي فيهما، و ليس هذا بقويّ. و أَسِرَّةُ النبت: طرائقه. و السَّرَّاءُ: النعمة، و الضرَّاء: الشدة. و السَّرَّاءُ: الرَّخاء، و هو نقيض الضراء. و السُّرُّ و السَّرَّاءُ و السُّرُورُ و المَسَرَّةُ، كُلُّه: الفَرَحُ؛ الأَخيرة عن السيرافي. يقال: سُرِرْتُ برؤية فلان و سَرَّني لقاؤه و قد سَرَرْتُه أَسُرُّه أَي فَرَّحْتُه. و قال الجوهري: السُّرور خلاف الحُزن؛ تقول: سَرَّني فلانٌ مَسَرَّةً و سُرَّ هو على ما لم يسمَّ فاعله. و يقال: فلانٌ سِرِّيرٌ إِذا كان يَسُرُّ إِخوانَه و يَبَرُّهم. و امرأَة سَرَّةٌ «1». و قومٌ بَرُّونَ سَرُّونَ. و امرأَة سَرَّةٌ و سارَّةٌ: تَسُرُّك؛ كلاهما عن اللحياني. و المثل الذي جاء: كُلَّ مُجْرٍ بالخَلاء مُسَرٌّ؛ قال ابن سيدة: هكذا حكاه أَفَّارُ بنُ لَقِيطٍ إِنما جاء على توهم أَسَرَّ، كما أَنشد الآخر في عكسه:
و بَلَدٍ يُغْضِي على النُّعوتِ،             يُغْضِي كإِغْضَاءِ الرُّوَى المَثْبُوتِ «2».

أَراد: المُثْبَتَ فتوهم ثَبَتَهُ، كما أَراد الآخر المَسْرُورَ فتوهم أَسَرَّه. وَ وَلَدَتْ ثلاثاً في سَرَرٍ واحد أَي بعضهم في إِثر بعض. و يقال: ولد له ثلاثة على سِرٍّ و على سِرَرٍ واحد، و هو أَن تقطع سُرَرُهم أَشباهاً لا تَخْلِطُهُم‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و امرأَة سرة] كذا بالأَصل بفتح السين، و ضبطت في القاموس بالشكل بضمها.
 (2). قوله: [يغضي إلخ‏] البيت هكذا بالأصل.

361
لسان العرب4

سرر ص 356

أُنثى. و يقولون: ولدت المرأَة ثلاثة في صِرَرٍ، جمع الصِّرَّةِ، و هي الصيحة، و يقال: الشدة. و تَسَرَّرَ فلانٌ بنتَ فلان إِذا كان لئيماً و كانت كريمة فتزوّجها لكثرة ماله و قلة مالها. و السُّرَرُ: موضع على أَربعة أَميال من مكة؛ قال أَبو ذؤيب:
بِآيةِ ما وقَفَتْ و الرِّكابَ،             و بَيْنَ الحَجُونِ و بَيْنَ السُّرَرْ

التهذيب: و قيل في هذا البيت هو الموضع الذي جاء
في الحديث: كانت به شجرة سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً، فسمي سُرَراً لذلك.
؛ و
في بعض الحديث: أَنها بالمأْزِمَيْنِ مِن مِنًى كانت فيه دَوْحَةٌ.
قال ابن عُمران: بها سَرْحَة سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً أَي قطعت سُرَرُهُمْ يعني أَنهم ولدوا تحتها، فهو يصف بركتها و الموضع الذي هي فيه يسمى وادي السرر، بضم السين و فتح الراء؛ و قيل: هو بفتح السين و الراء، و قيل: بكسر السين. و
في حديث السِّقْطِ: إِنه يَجْتَرُّ والديه بِسَرَرِهِ حتى يدخلهما الجنة.
و
في حديث حذيفة: لا ينزل سُرَّة البصرة.
أَي وسطها و جوفها، من سُرَّةِ الإِنسان فإِنها في وسطه. و
في حديث طاوس: من كانت له إِبل لم يؤدِّ حَقَّها أَتت يوم القيامة كَأَسَرِّ ما كانت تَطؤه بأَخفافها.
أَي كَأَسْمَنِ ما كانت و أَوفره، من سُرِّ كلِّ شي‏ء و هو لُبُّه و مُخُّه، و قيل: هو من السُّرُور لأَنها إِذا سمنت سَرَّت الناظر إِليها. و
في حديث عمر: أَنه كان يحدّثه، عليه السلامُ، كَأَخِي السِّرَارِ.
؛ السِّرَارُ: المُسَارَّةُ، أَي كصاحب السِّرَارِ أَو كمثل المُسَارَّةِ لخفض صوته، و الكاف صفة لمصدر محذوف؛ و فيه:
لا تقتلوا أَولادكم سِرّاً فإِن الغَيْلَ يدرك الفارسَ فَيُدَعْثِرُه من فرسه.
؛ الغَيْلُ: لبن المرأَة إِذا حملت و هي تُرْضِعُ، و سمي هذا الفعل قتلًا لأَنه يفضي إِلى القتل، و ذلك أَنه يضعفه و يرخي قواه و يفسد مزاجه، و إِذا كبر و احتاج إِلى نفسه في الحرب و منازلة الأَقران عجز عنهم و ضعف فربما قُتل، إِلَّا أَنه لما كان خفيّاً لا يدرك جعله سرّاً. و
في حديث حذيفة: ثم فتنة السَّرَّاءِ.
؛ السَّرَّاءُ: البَطْحاءُ؛ قال ابن الأَثير: قال بعضهم هي التي تدخل الباطن و تزلزله، قال: و لا أَدري ما وجهه. و المِسَرَّةُ: الآلة التي يُسَارُّ فيها كالطُّومار. و الأَسَرُّ: الدَّخِيلُ؛ قال لبيد:
و جَدِّي فارسُ الرَّعْشَاءِ مِنْهُمْ             رَئِيسٌ، لا أَسَرُّ و لا سَنِيدُ

و يروى: أَلَفُّ. و في المثل: ما يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ؛ قال: يضرب لكل أَمر متعالم مشهور، و هي حليمة بنت الحرث بن أَبي شمر الغساني لأَن أَباها لما وجه جيشاً إِلى المنذر بن ماء السماء أَخرجت لهم طيباً في مِرْكَنٍ، فطيبتهم به فنسب اليوم إِليها. و سَرَارٌ: وادٍ. و السَّرِيرُ: موضع في بلاد بني كنانة؛ قال عروة بن الورد:
سَقَى سَلْمى، و أَيْنَ مَحَلُّ سَلْمى؟             إِذا حَلَّتْ مُجاوِرَةَ السَّرِيرِ

و التَّسْرِيرُ: موضع في بلاد غاضرة؛ حكاه أَبو حنيفة، و أَنشد:
إِذا يقولون: ما أَشْفَى؟ أَقُولُ لَهُمْ:             دُخَانُ رِمْثٍ من التَّسْرِيرِ يَشْفِينِي‏
مما يَضُمُّ إِلى عُمْرانَ حاطِبُهُ،             من الجُنَيْبَةِ، جَزْلًا غَيْرَ مَوْزُونِ‏

الجنيبة: ثِنْيٌ من التسرير، و أَعلى التسرير لغاضرة.

362
لسان العرب4

سرر ص 356

و في ديار تميم موضع يقال له: السِّرُّ. و أَبو سَرَّارٍ و أَبو السَّرّارِ جميعاً: من كُناهم. و السُّرْسُورُ: الفَطِنُ العالم. و إِنه لَسُرْسُورُ مالٍ أَي حافظ له. أَبو عمرو: فلان سُرْسُورُ مالٍ و سُوبانُ مالٍ إِذا كان حسن القيام عليه عالماً بمصلحته. أَبو حاتم: يقال فلان سُرْسُورِي و سُرْسُورَتِي أَي حبيبي و خاصَّتِي. و يقال: فلان سُرْسُورُ هذا الأَمر إِذا كان قائماً به. و يقال للرجل سُرْسُرْ «1». إِذا أَمرته بمعالي الأُمور. و يقال: سَرْسَرْتُ شَفْرَتِي إِذا أَحْدَدْتَها.
سطر:
السَّطْرُ و السَّطَرُ: الصَّفُّ من الكتاب و الشجر و النخل و نحوها؛ قال جرير:
مَنْ شاءَ بايَعْتُه مالي و خُلْعَتَه،             ما يَكْمُلُ التِّيمُ في ديوانِهمْ سَطَرا

و الجمعُ من كل ذلك أَسْطُرٌ و أَسْطارٌ و أَساطِيرُ؛ عن اللحياني، و سُطورٌ. و يقال: بَنى سَطْراً و غَرَسَ سَطْراً. و السَّطْرُ: الخَطُّ و الكتابة، و هو في الأَصل مصدر. الليث: يقال سَطْرٌ من كُتُبٍ و سَطْرٌ من شجر معزولين و نحو ذلك؛ و أَنشد:
إِني و أَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا             لقائلٌ: يا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا

و قال الزجاج في قوله تعالى: وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ
؛ خَبَرٌ لابتداء محذوف، المعنى و قالوا الذي جاء به أَساطير الأَولين، معناه سَطَّرَهُ الأَوَّلون، و واحدُ الأَساطير أُسْطُورَةٌ، كما قالوا أُحْدُوثَةٌ و أَحاديث. و سَطَرَ يَسْطُرُ إِذا كتب؛ قال الله تعالى: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ‏
؛ أَي و ما تكتب الملائكة؛ و قد سَطَرَ الكتابَ يَسْطُرُه سَطْراً و سَطَّرَه و اسْتَطَرَه. و في التنزيل: وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ
. و سَطَرَ يَسْطُرُ سَطْراً: كتب، و اسْتَطَرَ مِثْلُهُ. قال أَبو سعيد الضرير: سمعت أَعرابيّاً فصيحاً يقول: أَسْطَرَ فلانٌ اسمي أَي تجاوز السَّطْرَ الذي فيه اسمي، فإِذا كتبه قيل: سَطَرَهُ. و يقال: سَطَرَ فلانٌ فلاناً بالسيف سَطْراً إِذا قطعه به كَأَنَّهُ سَطْرٌ مَسْطُورٌ؛ و منه قيل لسيف القَصَّابِ: ساطُورٌ. الفراء: يقال للقصاب ساطِرٌ و سَطَّارٌ و شَطَّابٌ و مُشَقِّصٌ و لَحَّامٌ و قُدَارٌ و جَزَّارٌ. و قال ابن بُزُرج: يقولون للرجل إِذا أَخطأَ فَكَنَوْا عن خَطَئِهِ: أَسْطَرَ فلانٌ اليومَ، و هو الإِسْطارُ بمعنى الإِخْطاءِ. قال الأَزهري: هو ما حكاه الضرير عن الأَعرابي أَسْطَرَ اسمي أَي جاوز السَّطْرَ الذي هو فيه. و الأَساطِيرُ: الأَباطِيلُ. و الأَساطِيرُ: أَحاديثُ لا نظام لها، واحدتها إِسْطارٌ و إِسْطارَةٌ، بالكسر، و أُسْطِيرٌ و أُسْطِيرَةٌ و أُسْطُورٌ و أُسْطُورَةٌ، بالضم. و قال قوم: أَساطِيرُ جمعُ أَسْطارٍ و أَسْطارٌ جمعُ سَطْرٍ. و قال أَبو عبيدة: جُمِعَ سَطْرٌ على أَسْطُرٍ ثم جُمِعَ أَسْطُرٌ على أَساطير، و قال أَبو الحسن: لا واحد له، و قال اللحياني: واحد الأساطير أُسطورة و أُسطير و أُسطيرة إِلى العشرة. قال: و يقال سَطْرٌ و يجمع إِلى العشرة أَسْطاراً، ثم أَساطيرُ جمعُ الجمعِ. و سَطَّرَها: أَلَّفَها. و سَطَّرَ علينا: أَتانا بالأَساطِيرِ. الليث: يقال سَطَّرَ فلانٌ علينا يُسَطِّرُ إِذا جاء بأَحاديث تشبه الباطل. يقال: هو يُسَطِّرُ ما لا أَصل له أَي يؤلف. و
في حديث الحسن: سأَله الأَشعث عن شي‏ء من القرآن فقال له: و الله إِنك ما
__________________________________________________
 (1). قوله: [سرسر] هكذا في الأَصل بضم السينين.

363
لسان العرب4

سطر ص 363

تُسَيْطِرُ عَلَيَّ بشي‏ء.
أَي ما تُرَوِّجُ. يقال: سَطَّرَ فلانٌ على فلان إِذا زخرف له الأَقاويلَ و نَمَّقَها، و تلك الأَقاويلُ الأَساطِيرُ و السُّطُرُ. و المُسَيْطِرُ و المُصَيْطِرُ: المُسَلَّطُ على الشي‏ء لِيُشْرِف عليه و يَتَعَهَّدَ أَحوالَه و يكتبَ عَمَلَهُ، و أَصله من السَّطْر لأَن الكتاب مُسَطَّرٌ، و الذي يفعله مُسَطِّرٌ و مُسَيْطِرٌ. يقال: سَيْطَرْتَ علينا. و في القرآن: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ
؛ أَي مُسَلَّطٍ. يقال: سَيْطَرَ يُسَيطِرُ و تَسَيطَرَ يتَسَيْطَرُ، فهو مُسَيْطِرٌ و مُتَسَيْطِرٌ، و قد تقلب السين صاداً لأَجل الطاء، و قال الفراء في قوله تعالى: أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ‏
؛ قال: الْمُصَيْطِرُونَ كتابتها بالصاد و قراءتها بالسين، و قال الزجاج: المسيطرون الأَرباب المسلطون. يقال: قد تسيطر علينا و تصيطر، بالسين و الصاد، و الأَصل السين، و كل سين بعدها طاء يجوز أَن تقلب صاداً. يقال: سطر و صطر و سطا عليه و صطا. و سَطَرَه أَي صرعه. و السَّطْرُ: السِّكَّةُ من النخل. و السَّطْرُ: العَتُودُ من المَعزِ، و في التهذيب: من الغنم، و الصاد لغة. و المُسَيْطِرُ: الرقيب الحفيظ، و قيل: المتسلط، و به فسر قوله عز و جل: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ
، و قد سَيْطَرَ علينا و سَوْطَرَ. الليث: السَّيْطَرَةُ مصدر المسيطر، و هو الرقيب الحافظ المتعهد للشي‏ء. يقال: قد سَيْطَرَ يُسَيْطِرُ، و في مجهول فعله إِنما صار سُوطِر، و لم يقل سُيْطِرَ لأَن الياء ساكنة لا تثبت بعد ضمة، كما أَنك تقول من آيَسْتُ أُويِسَ يوأَسُ و من اليقين أُوقِنَ يُوقَنُ، فإِذا جاءت ياء ساكنة بعد ضمة لم تثبت، و لكنها يجترها ما قبلها فيصيرها واواً في حال «2». مثل قولك أَعْيَسُ بَيِّنُ العِيسةِ و أَبيض و جمعه بِيضٌ، و هو فُعْلَةٌ و فُعْلٌ، فاجترت الياء ما قبلها فكسرته، و قالوا أَكْيَسُ كُوسَى و أَطْيَبُ طُوبَى، و إِنما تَوَخَّوْا في ذلك أَوضحه و أَحسنه، و أَيما فعلوا فهو القياس؛ و كذلك يقول بعضهم في قِسْمَةٌ ضِيزى‏ إِنما هو فُعْلَى، و لو قيل بنيت على فِعْلَى لم يكن خطأ، أَ لا ترى أَن بعضهم يهمزها على كسرتها، فاستقبحوا أَن يقولوا سِيطِرَ لكثرة الكسرات، فلما تراوحت الضمة و الكسرة كان الواو أَحسن، و أَما يُسَيْطَرُ فلما ذهبت منه مَدة السين رجعت الياء. قال أَبو منصور: سَيْطَرَ جاء على فَيْعَلَ، فهو مُسَيْطِرٌ، و لم يستعمل مجهول فعله، و ينتهي في كلام العرب إِلى ما انتهوا إِليه. قال: و قول الليث لو قيل بنيتْ ضِيزَى على فِعْلَى لم يكن خطأ، هذا عند النحويين خطأ لأَن فِعْلَى جاءت اسماً و لم تجئ صفة، و ضِيزَى عندهم فُعْلَى و كسرت الضاد من أَجل الياء الساكنة، و هي من ضِزْتُه حَقَّهُ أَضِيزُهُ إِذا نقصته، و هو مذكور في موضعه؛ و أَما قول أَبي دواد الإِيادي:
و أَرى الموتَ قد تَدَلَّى، مِنَ الحَصْرِ،             عَلَى رَبِّ أَهلِهِ السَّاطِرونِ‏

فإِن الساطرون اسم ملك من العجم كان يسكن الحضر، و هو مدينة بين دِجْلَةَ و الفرات، غزاه سابور ذو الأَكتاف فأَخذه و قتله. التهذيب: المُسْطَارُ الخمر الحامض، بتخفيف الراء، لغة رومية، و قيل: هي الحديثة المتغيرة الطعم و الريح، و قال: المُسْطَارُ من أَسماء الخمر التي اعتصرت من أَبكار العنب حديثاً بلغة أَهل الشام، قال: و أُراه روميّاً لأَنه لا يشبه أَبنية كلام العرب؛ قال: و يقال المُسْطار بالسين، قال: و هكذا رواه أَبو عبيد في باب الخمر و قال: هو الحامض منه. قال الأَزهري:
__________________________________________________
 (2). قوله: [في حال‏] لعل بعد ذلك حذفاً و التقدير في حال تقلب الضمة كسرة للياء مثل و قولك أَعيس إلخ.

364
لسان العرب4

سطر ص 363

المسطار أَظنه مفتعلًا من صار قلبت التاء طاء. الجوهري: المسطار، «1». بكسر الميم، ضرب من الشراب فيه حموضة.
سعر:
السِّعْرُ: الذي يَقُومُ عليه الثَّمَنُ، و جمعه أَسْعَارٌ و قد أَسْعَرُوا و سَعَّرُوا بمعنى واحد: اتفقوا على سِعْرٍ. و
في الحديث: أَنه قيل للنبي، صلى الله عليه و سلم: سَعِّرْ لنا، فقال: إِن الله هو المُسَعِّرُ.
؛ أَي أَنه هو الذي يُرْخِصُ الأَشياءَ و يُغْلِيها فلا اعتراض لأَحد عليه، و لذلك لا يجوز التسعير. و التَّسْعِيرُ: تقدير السِّعْرِ. و سَعَرَ النار و الحرب يَسْعَرُهما سَعْراً و أَسْعَرَهُما و سَعَّرَهُما: أَوقدهما و هَيَّجَهُما. و اسْتَعَرَتْ و تَسَعَّرَتْ: استوقدت. و نار سَعِيرٌ: مَسْعُورَةٌ، بغير هاء؛ عن اللحياني. و قرئ: وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ
، و سُعِرَتْ أَيضاً، و التشديد للمبالغة. و قوله تعالى: وَ كَفى‏ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
؛ قال الأَخفش: هو مثل دَهِينٍ و صَريعٍ لأَنك تقول سُعِرَتْ فهي مَسْعُورَةٌ؛ و منه قوله تعالى: فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ
؛ أَي بُعْداً لأَصحاب النار. و يقال للرجل إِذا ضربته السَّمُوم فاسْتَعَرَ جَوْفُه: به سُعارٌ. و سُعارُ العَطَشِ: التهابُه. و السَّعِيرُ و السَّاعُورَةُ: النار، و قيل: لهبها. و السُّعارُ و السُّعْرُ: حرها. و المِسْعَرُ و المِسْعارُ: ما سُعِرَتْ به. و يقال لما تحرك به النار من حديد أَو خشب: مِسْعَرٌ و مِسْعَارٌ، و يجمعان على مَسَاعِيرَ و مساعر. و مِسْعَرُ الحرب: مُوقِدُها. يقال: رجل مِسْعَرُ حَرْبٍ إِذا كان يُؤَرِّثُها أَي تحمى به الحرب. و
في حديث أَبي بَصِير: وَيْلُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ لو كان له أَصحاب.
؛ يصفه بالمبالغة في الحرب و النَّجْدَةِ. و منه‏
حديث خَيْفان: و أَما هذا الحَيُّ مِن هَمْدَانَ فَأَنْجَادٌ بُسْلٌ مَسَاعِيرُ غَيْرُ عُزْلٍ.
و السَّاعُور: كهيئة التَّنُّور يحفر في الأَرض و يختبز فيه. و رَمْيٌ سَعْرٌ: يُلْهِبُ المَوْتَ، و قيل: يُلْقِي قطعة من اللحم إِذا ضربه. و سَعَرْناهُمْ بالنَّبْلِ: أَحرقناهم و أَمضضناهم. و يقال: ضَرْبٌ هَبْرٌ و طَعْنٌ نَثْرٌ و رَمْيٌ سَعْرٌ مأْخوذ من سَعَرْتُ النارَ و الحربَ إِذا هَيَّجْتَهُما. و
في حديث علي، رضي الله عنه، يحث أَصحابه: اضْرِبُوا هَبْراً و ارْموا سَعْراً.
أَي رَمْياً سريعاً، شبهه باستعار النار. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: كان لرسول الله، صلى الله عليه و سلم، وَحْشٌ فإِذا خرج من البيت أَسْعَرَنا قَفْزاً.
أَي أَلْهَبَنَا و آذانا. و السُّعارُ: حر النار. و سَعَرَ اللَّيْلَ بالمَطِيِّ سَعْراً: قطعه. و سَعَرْتُ اليومَ في حاجتي سَعْرَةً أَي طُفْتُ. ابن السكيت: و سَعَرَتِ الناقةُ إِذا أَسرعت في سيرها، فهي سَعُورٌ. و قال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: فرس مِسْعَرٌ و مُساعِرٌ، و هو الذي يُطيح قوائمه متفرقةً و لا صَبْرَ لَهُ، و قيل: وَثَبَ مُجْتَمِعَ القوائم. و السَّعَرَانُ: شدة العَدْو، و الجَمَزَانُ: من الجَمْزِ، و الفَلَتانُ: النَّشِيطُ. و سَعَرَ القوم شَرّاً و أَسْعَرَهم و سَعَّرَهم: عَمَّهُمْ به، على المثل، و قال الجوهري: لا يقال أَسعرهم. و
في حديث السقيفة: و لا ينام الناسُ من سُعَارِه.
أَي من شره. و
في حديث عمر: أَنه أَراد أَن يدخل الشام و هو يَسْتَعِرُ طاعوناً.
؛ اسْتَعارَ اسْتِعارَ النار لشدة الطاعون يريد كثرته و شدَّة تأْثيره، و كذلك يقال في‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [الجوهري المسطار بالكسر إلخ‏] في شرح القاموس قال الصاغاني: و الصواب الضم، قال: و كان الكسائي يشدد الراء فهذا دليل على ضم الميم لأَنه يكون حينئذٍ من اسطارّ يسطارّ مثل ادهامّ يدهامّ.

365
لسان العرب4

سعر ص 365

كل أَمر شديد، و طاعوناً منصوب على التمييز، كقوله تعالى: وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً. و اسْتَعَرَ اللصوصُ: اشْتَعَلُوا. و السُّعْرَةُ و السَّعَرُ: لون يضرب إِلى السواد فُوَيْقَ الأُدْمَةِ؛ و رجل أَسْعَرُ و امرأَة سَعْرَاءُ؛ قال العجاج:
أَسْعَرَ ضَرْباً أَو طُوالًا هِجْرَعا [هَجْرَعا]
يقال: سَعِرَ فلانٌ يَسْعَرُ سَعَراً، فهو أَسْعَرُ، و سُعِرَ الرجلُ سُعَاراً، فهو مَسْعُورٌ: ضربته السَّمُوم. و السُّعَارُ: شدّة الجوع. و سُعار الجوع: لهيبه؛ أَنشد ابن الأَعرابي لشاعر يهجو رجلًا:
تُسَمِّنُها بِأَخْثَرِ حَلْبَتَيْها،             وَ مَوْلاكَ الأَحَمُّ لَهُ سُعَارُ

وصفه بتغزير حلائبه و كَسْعِهِ ضُرُوعَها بالماء البارد ليرتدّ لبنها ليبقى لها طِرْقُها في حال جوع ابن عمه الأَقرب منه؛ و الأَحم: الأَدنى الأَقرب، و الحميم: القريب القرابة. و يقال: سُعِرَ الرجلُ، فهو مسعور إِذا اشْتَدَّ جوعه و عطشه. و السعْرُ: شهوة مع جوع. و السُّعْرُ و السُّعُرُ: الجنون، و به فسر الفارسي قوله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ
، قال: لأَنهم إِذا كانوا في النار لم يكونوا في ضلال لأَنه قد كشف لهم، و إِنما وصف حالهم في الدنيا؛ يذهب إِلى أَن السُّعُرَ هنا ليس جمع سعير الذي هو النار. و ناقة مسعورة: كأَن بها جنوناً من سرعتها، كما قيل لها هَوْجَاءُ. و في التنزيل حكايةً عن قوم صالح: أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ
؛ معناه إِنا إِذاً لفي ضلال و جنون، و قال الفراء: هو العَنَاءُ و العذاب، و قال ابن عرفة: أَي في أَمر يُسْعِرُنا أَي يُلْهِبُنَا؛ قال الأَزهري: و يجوز أَن يكون معناه إِنا إِن اتبعناه و أَطعناه فنحن في ضلال و في عذاب مما يلزمنا؛ قال: و إِلى هذا مال الفراء؛ و قول الشاعر:
و سَامَى بها عُنُقٌ مِسْعَرُ

قال الأَصمعي: المِسْعَرُ الشديد. أَبو عمرو: المِسْعَرُ الطويل. و مَسَاعِرُ البعير: آباطه و أَرفاغه حيث يَسْتَعِرُ فيه الجَرَبُ؛ و منه قول ذي الرمة:
قَرِيعُ هِجَانٍ دُسَّ منه المَساعِرُ

و الواحدُ مَسْعَرٌ. و اسْتَعَرَ فيه الجَرَبُ: ظهر منه بمساعره. و مَسْعَرُ البعير: مُسْتَدَقُّ ذَنَبِه. و السِّعْرَارَةُ و السُّعْرُورَةُ: شعاع الشمس الداخلُ من كَوَّةِ البيت، و هو أَيضاً الصُّبْحُ، قال الأَزهري: هو ما تردّد في الضوء الساقط في البيت من الشمس، و هو الهباء المنبث. ابن الأَعرابي: السُّعَيْرَةُ تصغير السِّعْرَةِ، و هي السعالُ الحادُّ. و يقال هذا سَعْرَةُ الأَمر و سَرْحَتُه و فَوْعَتُه: لأَوَّلِهِ و حِدَّتِهِ. أَبو يوسف: اسْتَعَرَ الناسُ في كل وجه و اسْتَنْجَوا إِذا أَكلوا الرُّطب و أَصابوه؛ و السَّعِيرُ في قول رُشَيْدِ بن رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ:
حلفتُ بمائراتٍ حَوْلَ عَوْضٍ،             و أَنصابٍ تُرِكْنَ لَدَى السَّعِيرِ

قال ابن الكلبي: هو اسم صنم كان لعنزة خاصة، و قيل: عَوض صنم لبكر بن وائل و المائرات: هي دماء الذبائح حول الأَصنام. و سِعْرٌ و سُعَيْرٌ و مِسْعَرٌ و سَعْرَانُ: أَسماء، و مِسْعَرُ بن كِدَامٍ المحدّث: جعله أَصحاب الحديث مَسعر، بالفتح، للتفاؤل؛ و الأَسْعَرُ الجُعْفِيُّ:

366
لسان العرب4

سعر ص 365

سمي بذلك لقوله:
فلا تَدْعُني الأَقْوَامُ من آلِ مالِكٍ،             إِذا أَنا أَسْعَرْ عليهم و أُثْقِب‏

و اليَسْتَعُورُ الذي في شِعْرِ عُرْوَةَ: موضع، و يقال شَجَرٌ.
سعبر:
السَّعْبَرُ و السَّعْبَرَةُ: البئر الكثيرة الماء؛ قال:
أَعْدَدْتُ لِلْوِرْدِ، إِذا ما هَجَّرا،             غَرْباً ثَجُوجاً، و قَلِيباً سَعْبَرَا

و بئر سَعْبَرٌ و ماء سَعْبَرٌ: كثير. و سِعْرٌ سَعْبَرٌ: رخِيصٌ. و خرج العجاج يريد اليمامة فاستقبله جرير ابن الخَطَفَى فقال له: أَين تريد؟ قال: أُريد اليمامة، قال: تجد بها نبيذاً خِضْرِماً و سِعْراً سَعْبَراً. و أَخرج من الطعام سَعَابِرَهُ و كَعَابِرَهُ، و هو كل ما يخرج منه من زُوَان و نحوه فَيُرمى به.
و مر الفرزدق بصديق له فقال: ما تشتهي يا أَبا فِرَاس؟ قال: شِوَاءً رَشْرَاشاً و نبيذاً سَعْبَراً و غِناءً يَفْتِقُ السَّمْعَ.
؛ الرشراش: الذي يَقْطُرُ. و السَّعْبَرُ: الكثير
سعتر:
الجوهري: السَّعْتَرُ نبت، و بعضهم يكتبه بالصاد و في كتب الطب لئلا يلتبس بالشعير، و الله تعالى أَعلم.
سغر:
ابن الأَعرابي: السَّغْرُ النَّفْيُ، و قد سَغَرَهُ «1». إِذا نفاه.
سفر:
سَفَرَ البيتَ و غيره يَسْفِرُه سَفْراً: كنسه. و المِسْفَرَةُ: المِكْنَسَةُ، و أَصله الكشف. و السُّفَارَةُ، بالضم: الكُنَاسَةُ. و قد سَفَرَه: كَشَطَه. و سَفَرَت الريحُ الغَيْمَ عن وجه السماء سَفراً فانْسَفَرَ: فَرَّقَتْه فتفرق و كشطته عن وجه السماء؛ و أَنشد:
سَفَرَ الشَّمَالُ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجا

الجوهري: و الرياح يُسافِرُ بعضها بعضاً لأَن الصَّبَا تَسْفِرُ ما أَسْدَتْهُ الدَّبُورُ و الجَنُوبُ تُلْحِمُه. و السَّفير: ما سقط من ورق الشجر و تَحَاتَّ. و سَفَرَتِ الريحُ الترابَ و الوَرَقَ تَسْفِرُه سَفْراً: كنسته، و قيل: ذهبت به كُلَّ مَذْهَبٍ. و السَّفِيرُ: ما تَسْفِرُه الريح من الورق، و يقال لما سقط من ورق العُشْبِ: سَفِيرٌ، لأَن الريح تَسْفِرُه أَي تكنُسه؛ قال ذو الرمة:
و حائل من سَفِيرِ الحَوْلِ جائله،             حَوْلَ الجَرَائم، في أَلْوَانِه شُهَبُ‏

يعني الورق تغير لونه فحال و ابيض بعد ما كان أَخضر، و يقال: انْسَفَرَ مُقَدَّمُ رأْسه من الشعر إِذا صار أَجْلَحَ. و الانْسِفارُ: الانْحسارُ. يقال: انْسَفَرَ مُقَدَّمُ رأْسه من الشعر. و
في حديث النخعي: أَنه سَفَرَ شعره.
أَي استأْصله و كشفه عن رأْسه. و انْسَفَرَت الإِبل إِذا ذهبت في الأَرض. و السَّفَرُ: خلاف الحَضَرِ، و هو مشتق من ذلك لما فيه من الذهاب و المجي‏ء كما تذهب الريح بالسفير من الورق و تجي‏ء، و الجمع أَسفار. و رجل سافرٌ: ذو سَفَرٍ، و ليس على الفِعْل لأَنه لم يُرَ له فِعْلٌ؛ و قومٌ سافِرَةٌ و سَفْرٌ و أَسْفَارٌ و سُفَّارٌ، و قد يكون السَّفْرُ للواحد؛ قال:
عُوجي عَلَيَّ فإِنَّني سَفْرُ
و المُسافِرُ: كالسَّافِر. و
في حديث حذيفة و ذكر قوم لوط فقال: و تُتُبّعَتْ أَسْفَارُهم بالحجارة.
؛ يعني المُسافِرَ منهم، يقول: رُمُوا بالحجارة حيث كانوا فَأُلْحِقُوا بأَهل المدينة. يقال: رجل سَفْرٌ و قوم سَفْرٌ، ثم أَسافر جمع الجمع. و قال الأَصمعي:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و قد سغره‏] من باب منع كما في القاموس.

367
لسان العرب4

سفر ص 367

كثرت السَّافِرَةُ بموضع كذا أَي المسافرون قال: و السَّفْر جمع سافر، كما يقال: شارب و شَرْبٌ، و يقال: رجل سافِرٌ و سَفْرٌ أَيضاً. الجوهري: السَّفَرُ قطع المسافة، و الجمع الأَسفار. و المِسْفَرُ: الكثير الأَسفار القويُّ عليها؛ قال:
لَنْ يَعْدَمَ المَطِيُّ مِنِّي مِسْفَرا،             شَيْخاً بَجَالًا، و غلاماً حَزْوَرا

و الأُنثى مِسْفَرَةٌ. قال الأَزهري: و سمي المُسافر مُسافراً لكشفه قِناع الكِنِّ عن وجهه، و منازلَ الحَضَر عن مكانه، و منزلَ الخَفْضِ عن نفسه، و بُرُوزِهِ إِلى الأَرض الفَضاء، و سمي السَّفَرُ سَفَراً لأَنه يُسْفِرُ عن وجوه المسافرين و أَخلاقهم فيظهر ما كان خافياً منها. و يقال: سَفَرْتُ أَسْفُرُ «1». سُفُوراً خرجت إِلى السَّفَر فأَنا سافر و قوم سَفْرٌ، مثل صاحب و صحب، و سُفَّار مثل راكب و ركَّاب، و سافرت إِلى بلد كذا مُسافَرَة و سِفاراً؛ قال حسان:
لَوْ لا السِّفارُ و بُعْدُ خَرْقٍ مَهْمَهٍ،             لَتَرَكْتُها تَحْبُو على العُرْقُوبِ‏

و
في حديث المسح على الخفين: أَمرنا إِذا كنا سَفْراً أو مسافرين.
؛ الشك من الراوي في السَّفْر و المسافرين. و السَّفْر: جمع سافر، و المسافرون: جمع مسافر، و السَّفْر و المسافرون بمعنى. و
في الحديث: أَنه قال لأَهل مكة عام الفتح: يا أَهل البلد صلوا أَربعاً فأَنا سَفْرٌ.
؛ و يجمع السَّفْر على أَسْفارٍ. و بعير مِسْفَرٌ: قويّ على السفَر؛ و أَنشد ابن الأَعرابي للنمر بن تولب:
أَجَزْتُ إِلَيْكَ سُهُوبَ الفلاةِ،             وَ رَحْلي على جَمَلٍ مِسْفَرِ

و ناقةٌ مِسْفَرة و مِسْفار كذلك؛ قال الأَخطل:
و مَهْمَهٍ طَامِسٍ تُخْشَى غَوائلُه،             قَطَعْتُه بِكَلُوءِ العَيْنِ مِسْفارِ

و سمى زهير البقرةَ مُسافِرةً فقال:
كَخَنْسَاءَ سَفْعاءِ المِلاطَيْنِ حُرَّةٍ،             مُسافِرَةٍ مَزْؤُودَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ

و يقال للثور الوحشي: مسافر و أَماني و ناشط؛ و قال:
كأَنها، بَعْدَ ما خَفَّتْ ثَمِيلَتُها،             مُسافِرٌ أَشْعَثُ الرَّوْقَيْنِ مَكْحُولُ‏

و السَّفْرُ: الأَثر يبقى على جلد الإِنسان و غيره، و جمعه سُفُورٌ؛ و قال أَبو وَجْزَة:
لقد ماحتْ عليكَ مُؤَبَّدَاتٌ،             يَلُوح لهنَّ أَنْدَابٌ سُفُورُ

و فرس سافِرُ اللحم أَي قليله؛ قال ابن مقبل:
لا سافِرُ اللَّحْمِ مَدْخُولٌ، و لا هَبِجٌ             كَاسِي العظامِ، لطيفُ الكَشْحِ مَهْضُومُ‏

التهذيب: و يقال سافرَ الرجلُ إِذا مات؛ و أَنشد:
زعمَ ابنُ جدعانَ بنِ عَمْرٍو             أَنَّه يوماً مُسافِرْ

و المُسَفَّرَة: كُبَّةُ الغَزْلِ. و السُّفرة، بالضم: طعام يتخذ للمسافر، و به سميت سُفرة الجلد. و
في حديث زيد بن حارثة قال: ذبحنا شاة فجعلناها سُفْرَتَنا أَو في سُفْرتنا.
؛ السُّفْرَة: طعام يتخذه المسافر و أَكثر ما يحمل في جلد مستدير فنقل اسم الطعام إِليه، و سمي به كما سميت المزادة راوية و غير ذلك من الأَسماء المنقولة، فالسُّفْرَة في طعام السَّفَر كاللُّهْنَةِ للطعام الذي يؤكل بُكرة. و
في حديث عائشة: صنعنا لرسول الله، صلى الله عليه و سلم،
__________________________________________________
 (1). قوله: [سفرت أسفر] من باب طلب كما في شرح القاموس و من باب ضرب كما في المصباح و القاموس.

368
لسان العرب4

سفر ص 367

و لأَبي بكر سُفْرَةً في جراب.
أَي طعاماً لما هاجر هو و أَبو بكر، رضي الله عنه. غيره: السُّفرة التي يؤكل عليها سُميت سُفْرَةً لأَنها تبسط إِذا أُكل عليها. و السَّفَار: سفار البعير، و هي حديدة توضع على أَنف البعير فيخطم بها مكانَ الحَكَمَة من أَنف الفرس. و قال اللحياني: السِّفار و السِّفارة التي تكون على أَنف البعير بمنزلة الحَكَمَة، و الجمع أَسْفِرَة و سُفْرٌ و سَفائر؛ و قد سَفَرَه، بغير أَلفٍ، يَسْفِره سَفْراً و أَسْفَره عنه إِسْفَاراً و سَفَّره؛ التشديد عن كراع، الليث: السِّفار حبل يشد طرفه على خِطام البعير فَيُدَارُ عليه و يجعل بقيته زِماماً، قال: و ربما كان السِّفار من حديد؛ قال الأَخطل:
و مُوَقَّع، أَثَرُ السِّفار بِخَطْمِهِ،             منْ سُودِ عَقَّةَ أَوْ بَنِي الجَوَّالِ‏

قال ابن بري: صوابه و موقعٍ مخفوض على إِضمار رب؛ و بعده:
بَكَرَتْ عَليَّ به التِّجَارُ، و فَوْقَه             أَحْمَالُ طَيِّبَة الرِّياح حَلالُ‏

أَي رب جمل موقع أَي بظهره الدبَرُ. و الدَّبَرُ: من طول ملازمة القتَب ظهرَه أُسْنِيَ عليه أَحمال الطيب و غيرها. و بنو عقة: من النمر بن قاسط. و بنو الجوَّال: من بني تغلب. و
في الحديث: فوضع يده على رأْس البعير ثم قال: هاتِ السِّفارَ فأَخذه فوضعه في رأْسه.
؛ قال: السِّفار الزمام و الحديدة التي يخطم بها البعير ليذل و ينقاد؛ و منه‏
الحديث: ابْغِني ثلاث رواحل مُسْفَرَات.
أَي عليهن السِّفار، و إِن روي بكسر الفاء فمعناه القوية على السَّفر. يقال منه: أَسْفَر البعيرُ و اسْتَسْفَرَ. و منه‏
حديث الباقر: تَصَدَّقْ بِحَلال يدك و سَفْرِها.
؛ هو جمع السِّفار. و
حديث ابن مسعود: قال له ابن السَّعْدِيِّ: خرجتُ في السحر أَسْفِرُ فرساً لي فمررت بمسجد بني حنيفة.
؛ أَراد أَنه خرج يُدَمِّنُه على السَّيْرِ و يروضه ليقوى على السَّفَر، و قيل: هو من سفرت البعير إِذا رعيته السَّفِيرَ، و هو أَسافل الزرع، و يروى بالقاف و الدال. و أَسْفَرَتِ الإِبلُ في الأَرض: ذهبت. و
في حديث معاذ: قال قرأْت على النبي، صلى الله عليه و سلم، سَفْراً سَفْراً، فقال: هكذا فَاقْرَأْ.
جاء في الحديث: تفسيره هَذّاً هَذّاً. قال الحربي: إِن صح فهو من السُّرعة و الذهاب من أَسفرت الإِبل إِذا ذهبت في الأَرض، قال: و إِلَّا فلا أَعلم وجهه. و السَّفَرُ: بياض النهار؛ قال ذو الرمة:
 و مَرْبُوعَةٍ رِبْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُها،             بِكَفَّيَّ مِنْ دَوِّيَّةٍ، سَفَراً سَفْرا

يصف كَمْأَةً مَرْبُوعَةً أَصابها الربيع. ربعية: منسوبة إِلى الربيع. لبأْتها: أَطعمتهم إِياها طرية الاجتناء كاللِّبَا من اللبن، و هو أَبكره و أَوّله. و سَفَراً: صباحاً. و سَفْراً: يعني مسافرين. و سَفَرَ الصبحُ و أَسْفَرَ: أَضاء. و أَسْفَرَ القومُ أَصبحوا. و أَسفر. أَضاء قبل الطلوع. و سَفَرَ وجهُه حُسْناً و أَسْفَرَ: أَشْرَقَ. و في التنزيل العزيز: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ
؛ قال الفراء: أَي مشرقة مضيئة. و قد أَسْفَرَ الوَجْهُ و أَسْفَرَ الصبح. قال: و إِذا أَلقت المرأَةُ نِقَابها قيل: سَفَرَتْ فهي سافِرٌ، بغير هاء. و مَسَافِرُ الوجه: ما يظهر منه؛ قال إمرؤ القيس:
و أَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسَافِرِ غُرَّانُ‏

و لقيته سَفَراً و في سَفَرٍ أَي عند اسفرار الشمس للغروب؛ قال ابن سيدة: كذلك حكي بالسين. ابن‏

369
لسان العرب4

سفر ص 367

الأَعرابي: السَّفَرُ الفجر؛ قال الأَخطل:
إِنِّي أَبِيتُ، وَ هَمُّ المَرءِ يَبْعَثُه،             مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ حتى يُفْرِجَ السَّفَرُ

يريد الصبح؛ يقول: أَبيت أَسري إِلى انفجار الصبح. و سئل أَحمد بن حنبل عن الإِسْفارِ بالفجر فقال: هو أَن يُصْبِحَ الفَجْرُ لا يُشَكُّ فيه، و نحو ذلك قال إِسحاق و هو قول الشافعي و ذويه. و
روي عن عمر أَنه قال: صلاة المغرب و الفجَاجُ مُسْفِرَةٌ.
قال أَبو منصور: معناه أَي بَيِّنَةٌ مُبْصَرَةٌ لا تخفى. و
في الحديث: صلاة المغرب يقال لها صلاة البَصَر لأَنها تؤدّى قبل ظلمة الليل الحائلة بين الأَبصار و الشخوص.
و السَّفَرُ سَفَرانِ: سَفَرُ الصبح و سَفَرُ المَسَاء، و يقال لبقية بياض النهار بعد مغيب الشمس: سَفَرٌ لوضوحه؛ و منه قول الساجع إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرى سَفَرا، لم تَرَ فيها مَطَرا؛ أَراد طلوعها عِشاء. وَ سَفَرَتِ المرأَة وجهها إِذا كشفت النِّقابَ عن وجهها تَسْفِرُ سُفُوراً؛ و منه سَفَرْتُ بين القوم أَسْفِرُ سِفَارَةً [سَفَارَةً] أَي كشفت ما في قلب هذا و قلب هذا لأُصلح بينهم. و سَفَرَتِ المرأَةُ نِقابَها تَسْفِرُهُ سُفُوراً، فهي سافِرَةٌ: جَلَتْه. و السَّفِيرُ: الرَّسول و المصلح بين القوم، و الجمع سُفَراءُ؛ و قد سَفَرَ بينهم يَسْفِرُ سَفْراً و سِفارة و سَفارة: أَصلح. و
في حديث عليّ أَنه قال لعثمان: إِن الناس قد اسْتَسْفَرُوني بينك و بينهم.
أَي جعلوني سفيراً، و هو الرسول المصلح بين القوم. يقال: سَفَرْتُ بين القوم إِذا سَعَيْتَ بينهم في الإِصلاح. و السِّفْرُ، بالكسر: الكتاب، و قيل: هو الكتاب الكبير، و قيل: هو جزء من التوراة، و الجمع أَسْفارٌ. و السَّفَرَةُ: الكَتَبَةُ، واحدهم سافِرٌ، و هو بالنَّبَطِيَّةِ سافرا. قال الله تعالى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ
؛ و سَفَرْتُ الكتابَ أَسْفِرُهُ سَفْراً. و قوله عز و جل: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً
؛ قال الزجاج في الأَسفار: الكتب الكبار واحدها سِفْرٌ، أَعْلَمَ اللهُ تعالى أَن اليهود مَثَلُهم في تركهم استعمالَ التوراة و ما فيها كَمَثَلِ الحمارُ يُحْمَل عليه الكتب، و هو لا يعرف ما فيها و لا يعيها. و السَّفَرَةُ: كَتَبَة الملائكة الذين يحصون الأَعمال؛ قال ابن عرفة: سميت الملائكة سَفَرَةً لأَنهم يَسْفِرُونَ بين الله و بين أَنبيائه؛ قال أَبو بكر: سموا سَفَرَةً لأَنهم ينزلون بوحي الله و بإِذنه و ما يقع به الصلاح بين الناس، فشبهوا بالسُّفَرَاءِ الذين يصلحون بين الرجلين فيصلح شأْنهما. و
في الحديث: مَثَلُ الماهِرِ بالقرآن مَثَلُ السَّفَرَةِ.
؛ هم الملائكة جمع سافر، و السافِرُ في الأَصل الكاتب، سمي به لأَنه يبين الشي‏ء و يوضحه. قال الزجاج: قيل للكاتب سافر، و للكتاب سِفْرٌ لأَن معناه أَنه يبين الشي‏ء و يوضحه. و يقال: أَسْفَرَ الصبح إِذا انكشف و أَضاء إِضاءة لا يشك فيه؛ و منه‏
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: أَسْفِرُوا بالفجر فإِنه أَعظم للأَجْرِ.
؛ يقول: صلوا صلاة الفجر بعد ما يتبين الفجر و يظهر ظهوراً لا ارتياب فيه، و كل من نظر إِليه عرف أَنه الفجر الصادق. و
في الحديث: أَسْفِرُوا بالفجر.
؛ أَي صلوا صلاة الفجر مُسْفِرين؛ و يقال: طَوِّلُوها إِلى الإِسْفارِ؛ قال ابن الأَثير: قالوا يحتمل أَنهم حين أَمرهم بتغليس صلاة الفجر في أَول وقتها كانوا يصلونها عند الفجر الأَوَّل حرصاً و رغبة، فقال: أَسْفِرُوا بها أَي أَخروها إِلى أَن يطلع الفجر الثاني و تتحققوه، و يقوّي ذلك‏
أَنه قال لبلال: نَوِّرْ بالفجْرِ قَدْرَ ما يبصر القوم مواقع نَبْلِهِم.
و قيل: الأَمر بالإِسْفارِ خاص في الليالي المُقْمِرَة لأَن أَوَّل الصبح‏

370
لسان العرب4

سفر ص 367

 يتبين فيها فأُمروا بالإِسفار احتياطاً؛ و منه‏
حديث عمر: صلوا المغرب و الفِجاجُ مُسْفِرَةٌ.
أَي بينة مضيئة لا تخفى. و
في حديث عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ: كان يأْتينا بلال يُفْطِرُنا و نحن مُسْفِرُون جِدّاً.
؛ و منه قولهم: سفرت المرأَة. و في التنزيل العزيز: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ
؛ قال المفسرون. السَّفَرَةُ يعني الملائكة الذين يكتبون أَعمال بني آدم، واحدهم سافِرٌ مثل كاتِبٍ و كَتَبَةٍ؛ قال أَبو إِسحاق: و اعتباره بقوله: كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ؛ و قول أَبي صخر الهذلي:
لِلَيْلَى بذاتِ البَيْنِ دارٌ عَرَفْتُها،             و أُخْرَى بذاتِ الجَيْشِ، آياتُها سَفْرُ

قال السكري: دُرِسَتْ فصارت رسومها أَغفالًا. قال ابن جني: ينبغي أَن يكون السَّفْرُ من قولهم سَفَرْتُ البيت أَي كنسته فكأَنه من كنست الكتابة من الطِّرْس. و
في الحديث: أَن عمر، رضي الله عنه، دخل على النبي، صلى الله عليه و سلم، فقال: لو أَمرت بهذا البيت فَسُفِرَ.
؛ قال الأَصمعي: أَي كُنِسَ. و السَّافِرَة: أُمَّةٌ من الروم. و
في حديث سعيد بن المسيب: لو لا أَصواتُ السَّافِرَةِ لسمعتم وَجْبَةَ الشمس.
؛ قال: و السافرة أُمة من الروم «2». كذا جاء متصلًا بالحديث، و وجبة الشمس وقوعها إِذا غربت. و سَفَارِ: اسم ماء مؤنثة معرفة مبنية على الكسر. الجوهري: و سَفَارِ مثل قَطامِ اسم بئر؛ قال الفرزدق:
متى ما تَرِدْ يوماً سَفَارِ، تَجِدْ بهَا             أُدَيْهِمَ يَرْمِي المُسْتَحِيزَ المُعَوَّرَا

و سُفَيْرَةُ: هَضْبَةٌ معروفة؛ قال زهير:
بكتنا أَرضنا لما ظعنَّا             .... سفيرة و الغيام «3».

سفسر:
السِّفْسِيرُ: الفَيْجُ و التابِعُ و نحوه. ابن سيدة: السِّفْسِيرُ الذي يقوم على الناقة؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
و فَارَقَتْ، وَ هْي لَمْ تَجْرَبْ و باعَ لَها             مِنَ الفَصَافِصِ بالنمِّيِّ سِفْسِيرُ

و قيل: هو الذي يقوم على الإِبل و يصلح شأْنها، و قيل: هو السمسار؛ قال الأَزهري: و هو معرّب، و قيل: هو القيم بالأَمر المصلح له، و أَنكر أَن يكون بَيَّاعَ القَتِّ. و في التهذيب: قال الأَصمعي في قول النابغة:
و فارقت و هي لم تجرب‏
البيت قال: باع لها اشترى لها. سفسير يعني السمسار. و قال المؤرِّج: السفسير العَبْقَرِيُّ، و هو الحاذق بِصِناعَتِه من قوم سَفاسِرة و عَباقِرَة. و يقال للحاذق بأَمر الحَديد: سِفْسِيرٌ؛ قال حميد بن ثور:
بَرَتْهُ سَفَاسِيرُ الحَدِيدِ فَجَرَّدَتْ             وَقِيعَ الأَعالي، كانَ في الصَّوْتِ مُكْرِمَا

قال ابن الأَعرابي: السِّفْسِيرُ القَهْرَمانُ في قول أَوس. و السفسير: الحُزْمَةُ من حُزَمِ الرَّطْبَة التي تعلفها الإِبل، و أَصل ذلك فارسي. و في حديث أَبي طالب يمدح النبي، صلى الله عليه و سلم:
فَإِنِّي و السَّوابِحَ كُلَّ يَوْمٍ،             و ما تَتْلو السَّفاسِرَةُ الشُّهُودُ

السفاسرة: أَصحاب الأَسفار و هي الكتب.
__________________________________________________
 (2). قوله: [أمة من الروم‏] قال في النهاية كأَنهم سموا بذلك لبعدهم و توغلهم في المغرب. و الوجبة الغروب يعني صوته فحذف المضاف.
 (3). كذا بياض بالأَصل، و لم نجد هذا البيت في ديوان زهير.

371
لسان العرب4

سقر ص 372

سقر:
السَّقْرُ: من جوارح الطير معروف لغة في الصَّقْرِ. و الزَّقْرُ: الصَّقْرُ مضارعة، و ذلك لأَن كلباً تقلب السين مع القاف خاصة زاياً. و يقولون في مَسَّ سَقَرَ
: مس زقر، و شاة زَقْعَاء في سَقْعَاء. و السَّقْرُ: البُعْدُ. و سَقَرَته الشمسُ تَسْقُرُهُ سَقْراً: لوَّحَتْه و آلمت دماغه بحرّها. و سَقَرَاتُ الشمس: شدّة وَقْعِها. و يوم مُسْمَقِرٌّ و مُصْمَقِرٌّ: شديد الحر. و سَقَرُ: اسم من أَسماء جهنم، مشتق من ذلك، و قيل: هي من البعد، و عامة ذلك مذكور في صَقَر، بالصاد. و في الحديث في ذكر النار: سماها سَقَرَ؛ هو اسم أَعجمي علم لنار الآخرة. قال الليث: سقر اسم معرفة للنار، نعوذ بالله من سقر. و هكذا قرئ: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ
؛ غير منصرف لأَنه معرفة، و كذلك لَظَى و جهنم. أَبو بكر: في السقر قولان: أَحدهما أَن نار الآخرة سميت سقر لا يعرف له اشتقاق و منع الإِجراء التعريف و العجمة، و قيل: سميت النار سقر لأَنها تذيب الأَجسام و الأَرواح، و الاسم عربي من قولهم سقرته الشمس أَي أَذابته. و أَصابه منها ساقُور، و السَّاقور أَيضاً: حديدة تحمى و يكوى بها الحمار، و من قال سقر اسم عربي قال: منعه الإِجراء لأَنه معرفة مؤنث. قال الله تعالى: لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ. و السَّقَّارُ: اللَّعَّانُ الكافر، بالسين و الصاد، و هو مذكور في موضعه. الأَزهري في ترجمة صقر: الصَّقَّارُ النَّمَّامُ. و
روى بسنده عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: لا يسكن مكة سَاقُور و لا مَشَّاءٌ بنميم.
و روي أَيضاً في السَّقَّار و الصَّقَّار: اللَّعَّان، و قيل: اللَّعَّان لمن لا يستحق اللعن، سمي بذلك لأَنه يضرب الناس بلسانه من الصَّقْرِ، و هو ضربك الصخرة بالصَّاقُور، و هو المِعْوَلُ. و جاء ذكر السَّقَّارِينَ في حديث آخر و
جاء تفسيره في الحديث أَنهم الكذابون.
قيل: سموا به لخبث ما يتكلمون. و
روى سهل بن معاذ عن أَبيه: أَن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، قال: لا تزال الأُمة على شريعة ما لم يظهر فيهم ثلاث: ما لم يقبض منهم العلم، و يكثر فيهم الخُبْثُ، و تظهر فيهم السَّقَّارَةُ، قالوا: و ما السَّقَّارَةُ يا رسول الله؟ قال: بَشَرٌ يكونون في آخر الزمان يكون تَحِيَّتُهم بينهم إِذا تَلاقَوا التَّلاعُنَ، و في رواية: يظهر فيهم السَّقَّارُونَ.
سقطر:
سُقُطْرَى: موضع، يمدّ و يقصر، فإِذا نسبت إِليه بالقصر قلت: سُقُطْرِيٌّ، و إِذا نسبت بالمد قلت: سُقُطْراوِيٌّ؛ حكاه ابن سيدة عن أَبي حنيفة.
سقعطر:
السَّقَعْطَرَى: النِّهَايَةُ في الطول. و قال ابن سيدة: من الناس و الإِبل لا يكون أَطول منه. و السَّقَعْطَرِيُّ: الضَّخْمُ الشديد البطش الطويل من الرجال.
سكر:
السَّكْرَانُ: خلاف الصاحي. و السُّكْرُ: نقيض الصَّحْوِ. و السُّكْرُ ثلاثة: سُكْرُ الشَّبابِ و سُكْرُ المالِ و سُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ يَسْكَرُ سُكْراً و سُكُراً و سَكْراً و سَكَراً و سَكَرَاناً، فهو سَكِرٌ؛ عن سيبويه، و سَكْرانُ، و الأُنثى سَكِرَةٌ و سَكْرَى و سَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة عن أَبي علي في التذكرة. قال: و من قال هذا وجب عليه أَن يصرف سَكْرَانَ في النكرة. الجوهري: لغةُ بني أَسد سَكْرَانَةٌ، و الاسم السُّكْرُ، بالضم، و أَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، و الجمع سُكَارَى و سَكَارَى و سَكْرَى، و قوله تعالى: وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى‏ وَ ما هُمْ بِسُكارى‏
؛ و قرئ: سَكْرَى و ما هم‏

372
لسان العرب4

سكر ص 372

بِسَكْرَى؛ التفسير أَنك تراهم سُكَارَى من العذاب و الخوف وَ ما هُمْ بِسُكارى‏
 من الشراب، يدل عليه قوله تعالى: وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ، و لم يقرأْ أَحد من القراء سَكَارَى، بفتح السين، و هي لغة و لا تجوز القراءة بها لأَن القراءة سنَّة. قال أَبو الهيثم: النعت الذي على فَعْلَانَ يجمع على فُعَالى و فَعَالى مثل أَشْرَان و أُشَارى و أَشَارى، و غَيْرَانَ و قوم غُيَارَى و غَيَارَى، و إِنما قالوا سَكْرَى و فَعْلى أَكثر ما تجي‏ء جمعاً لفَعِيل بمعنى مفعول مثل قتيل و قَتْلى و جريح و جَرْحَى و صريع و صَرْعَى، لأَنه شبه بالنَّوْكَى و الحَمْقَى و الهَلْكَى لزوال عقل السَّكْرَانِ، و أَما النَّشْوَانُ فلا يقال في جمعه غير النَّشَاوَى، و قال الفرّاء: لو قيل سَكْرَى على أَن الجمع يقع عليه التأْنيث فيكون كالواحدة كان وجهاً؛ و أَنشد بعضهم:
أَضْحَتْ بنو عامرٍ غَضْبَى أُنُوفُهُمُ،             إِنِّي عَفَوْتُ، فَلا عارٌ و لا باسُ‏

و قوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى‏
؛ قال ثعلب: إِنما قيل هذا قبل أَن ينزل تحريم الخمر، و قال غيره: إِنما عنى هنا سُكْرَ النَّوْمِ، يقول: لا تقربوا الصلاة رَوْبَى. و رَجُلٌ سِكِّيرٌ: دائم السُّكر. و مِسْكِيرٌ و سَكِرٌ و سَكُورٌ: كثير السُّكْرِ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، و أَنشد لعمرو ابن قميئة:
يا رُبَّ مَنْ أَسْفاهُ أَحلامُه             أَن قِيلَ يوماً: إِنَّ عَمْراً سَكُورْ

و جمع السَّكِر سُكَارَى كجمع سَكرْان لاعتقاب فَعِلٍ و فَعْلان كثيراً على الكلمة الواحدة. و رجل سِكِّيرٌ: لا يزال سكرانَ، و قد أَسكره الشراب. و تساكَرَ الرجلُ: أَظهر السُّكْرَ و استعمله؛ قال الفرزدق:
أَ سَكْرَان كانَ ابن المَرَاغَةِ إِذ هجا             تَمِيماً، بِجَوْفِ الشَّامِ، أَم مُتَساكِرُ؟

تقديره: أَ كان سكران ابن المراغة فحذف الفعل الرافع و فسره بالثاني فقال: كان ابن المراغة؛ قال سيبويه: فهذا إِنشاد بعضهم و أَكثرهم ينصب السكران و يرفع الآخر على قطع و ابتداء، يريد أَن بعض العرب يجعل اسم كان سكران و متساكر و خبرها ابن المراغة؛ و قوله: و أَكثرهم ينصب السكران و يرفع الآخر على قطع و ابتداء يريد أَن سكران خبر كان مضمرة تفسيرها هذه المظهرة، كأَنه قال: أَ كان سكران ابن المراغة، كان سكران و يرفع متساكر على أَنه خبر ابتداء مضمر، كأَنه قال: أَم هو متساكر. و قولهم: ذهب بين الصَّحْوَة و السَّكْرَةِ إِنما هو بين أَن يعقل و لا يعقل. و المُسَكَّرُ: المخمور؛ قال الفرزدق:
أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُهُ،             و مَنْ يَشرَبِ الخُرْطُومَ، يُصْبِحْ مُسَكَّرا

و سَكْرَةُ الموت: شِدَّتُهُ. و قوله تعالى: وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ‏
؛ سكرة الميت غَشْيَتُه التي تدل الإِنسان على أَنه ميت. و قوله بِالْحَقِّ أَي بالموت الحق. قال ابن الأَعرابي: السَّكْرَةُ الغَضْبَةُ. و السَّكْرَةُ: غلبة اللذة على الشباب. و السَّكَرُ: الخمر نفسها. و السَّكَرُ: شراب يتخذ من التمر و الكَشُوثِ و الآسِ، و هو محرّم كتحريم الخمر. و قال أَبو حنيفة: السَّكَرُ يتخذ من التمر و الكُشُوث يطرحان سافاً سافاً و يصب عليه الماء. قال: و زعم زاعم أَنه ربما خلط به الآس فزاده شدّة.

373
لسان العرب4

سكر ص 372

و قال المفسرون في السَّكَرِ الذي في التنزيل: إِنه الخَلُّ و هذا شي‏ء لا يعرفه أَهل اللغة. الفراء في قوله: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَ رِزْقاً حَسَناً
، قال: هو الخمر قبل أَن يحرم و الرزق الحسن الزبيب و التمر و ما أَشبهها. و قال أَبو عبيد: السَّكَرُ نقيع التمر الذي لم تمسه النار، و كان إِبراهيم و الشعبي و أَبو رزين يقولون: السَّكَرُ خَمْرٌ. و
روي عن ابن عمر أَنه قال: السَّكَرُ من التمر.
و قال أَبو عبيدة وحده: السَّكَرُ الطعام؛ يقول الشاعر:
جَعَلْتَ أَعْرَاضَ الكِرامِ سَكَرا
أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لك. و قال الزجاج: هذا بالخمر أَشبه منه بالطعام؛ المعنى: جعلت تتخمر بأَعراض الكرام، و هو أَبين مما يقال للذي يَبْتَرِكُ في أَعراض الناس. و
روى الأَزهري عن ابن عباس في هذه الآية قال: السَّكَرُ ما حُرِّمَ من ثَمَرَتها، و الرزق ما أُحِلَّ من ثمرتها.
ابن الأَعرابي: السَّكَرُ الغَضَبُ؛ و السَّكَرُ الامتلاء، و السَّكَرُ الخمر، و السَّكَرُ النبيذ؛ و قال جرير:
إِذا رَوِينَ على الخِنْزِيرِ مِن سَكَرٍ             نادَيْنَ: يا أَعْظَمَ القِسِّينَ جُرْدَانَا

و
في الحديث: حرمت الخمرُ بعينها و السَّكَرُ من كل شراب.
؛ السَّكَر، بفتح السين و الكاف: الخمر المُعْتَصَرُ من العنب؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه الأَثبات، و منهم من يرويه بضم السين و سكون الكاف، يريد حالة السَّكْرَانِ فيجعلون التحريم للسُّكْرِ لا لنفس المُسْكِرِ فيبيحون قليله الذي لا يسكر، و المشهور الأَول، و قيل: السكر، بالتحريك، الطعام؛ و أَنكر أَهل اللغة هذا و العرب لا تعرفه. و
في حديث أَبي وائل: أَن رجلًا أَصابه الصَّقَرُ فَبُعِثَ له السَّكَرُ فقال: إِن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
و السَّكَّار: النَّبَّاذُ. و سَكْرَةُ الموت: غَشْيَتُه، و كذلك سَكْرَةُ الهَمِّ و النوم و نحوهما؛ و قوله:
فجاؤونا بِهِمْ، سُكُرٌ علينا،             فَأَجْلَى اليومُ، و السَّكْرَانُ صاحي‏

أَراد سُكْرٌ فأَتبع الضم الضم ليسلم الجزء من العصب، و رواه يعقوب سَكَرٌ. و قال اللحياني: و من قال سَكَرٌ علينا فمعناه غيظ و غضب. ابن الأَعرابي: سَكِرَ من الشراب يَسْكَرُ سُكْراً، و سَكِرَ من الغضب يَسْكَرُ سَكَراً إِذا غضب، و أَنشد البيت. و سُكِّرَ بَصَرُه: غُشِيَ عليه. و في التنزيل العزيز: لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا
؛ أَي حُبِسَتْ عن النظر و حُيِّرَتْ. و قال أَبو عمرو بن العلاء: معناها غُطِّيَتْ و غُشِّيَتْ، و قرأَها الحسن مخففة و فسرها: سُحِرَتْ. التهذيب: قرئ سُكِرت و سُكِّرَتْ‏
، بالتخفيف و التشديد، و معناهما أُغشيت و سُدّت بالسِّحْرِ فيتخايل بأَبصارنا غير ما نرى. و
قال مجاهد: سُكِّرَتْ أَبْصارُنا
 أَي سُدَّت.
؛ قال أَبو عبيد: يذهب مجاهد إِلى أَن الأَبصار غشيها ما منعها من النظر كما يمنع السَّكْرُ الماء من الجري، فقال أَبو عبيدة: سُكِّرَتْ أَبصار القوم إِذا دِيرَ بِهِم و غَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ فلم يُبْصِرُوا؛ و قال أَبو عمرو بن العلاء: سُكِّرَتْ أَبْصارُنا
 مأْخوذ من سُكْرِ الشراب كأَن العين لحقها ما يلحق شارب المُسكِرِ إِذا سكِرَ؛ و قال الفراء: معناه حبست و منعت من النظر. الزجاج: يقال سَكَرَتْ عَيْنُه تَسْكُرُ إِذا تحيرت و سَكنت عن النظر، و سكَرَ الحَرُّ يَسْكُرُ؛ و أَنشد:
جاء الشِّتاءُ و اجْثَأَلَّ القُبَّرُ،             و جَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُر

374
لسان العرب4

سكر ص 372

قال أَبو بكر: اجْثَأَلَّ معناه اجتمع و تقبَّض. و التَّسْكِيرُ للحاجة: اختلاط الرأْي فيها قبل أَن يعزم عليها فإِذا عزم عليها ذهب اسم التكسير، و قد سُكِرَ. و سَكِرَ النَّهْرَ يَسْكُرُه سَكْراً: سَدَّ فاه. و كُلُّ شَقٍّ سُدَّ، فقد سُكِرَ، و السِّكْرُ ما سُدَّ بِهِ. و السَّكْرُ: سَدُّ الشق و مُنْفَجَرِ الماء، و السِّكْرُ: اسم ذلك السِّدادِ الذي يجعل سَدّاً للشق و نحوه. و
في الحديث أَنه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم: اسْكُرِيه.
أَي سُدِّيه بخرقة و شُدِّيه بعصابة، تشبيهاً بِسَكْر الماء، و السَّكْرُ المصدر. ابن الأَعرابي: سَكَرْتُه ملأَته. و السِّكْرُ، بالكسر: العَرِمُ. و السِّكْرُ أَيضاً: المُسَنَّاةُ، و الجمع سُكُورٌ. و سَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ سُكُوراً و سَكَراناً: سكنت بعد الهُبوب. و ليلةٌ ساكِرَةٌ: ساكنة لا ريح فيها؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
تُزَادْ لَياليَّ في طُولِها،             فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ و لا ساكِرَهْ‏

و في التهذيب قال أَوس:
جَذَلْتُ على ليلة ساهِرَهْ،             فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ و لا ساكرهْ‏

أَبو زيد: الماء السَّاكِرُ السَّاكِنُ الذي لا يجري؛ و قد سَكَر سُكُوراً. و سُكِرَ البَحْرُ: رَكَدَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة بحر:
يَقِي‏ءُ زَعْبَ الحَرِّ حِينَ يُسْكَرُ

كذا أَنشده يسكر على صيغة فعل المفعول، و فسره بيركد على صيغة فعل الفاعل. و السُّكَّرُ من الحَلْوَاءِ: فارسي معرَّب؛ قال:
يكونُ بَعْدَ الحَسْوِ و التَّمَزُّرِ             في فَمِهِ، مِثْلَ عصير السُّكَّرِ

و السُّكَّرَةُ: الواحدة من السُّكَّرِ. و قول أَبي زياد الكلابي في صفة العُشَرِ: و هو مُرٌّ لا يأْكله شي‏ء و مَغافِيرهِ سُكَّرٌ؛ إِنما أَراد مثل السُّكَّرِ في الحلاوةِ. و قال أَبو حنيفة: و السُّكَّرُ عِنَبٌ يصيبه المَرَقُ فينتثر فلا يبقى في العُنْقُودِ إِلَّا أَقله، و عناقِيدُه أَوْساطٌ، هو أَبيض رَطْبٌ صادق الحلاوة عَذْبٌ من طرائف العنب، و يُزَبَّبُ أَيضاً. و السَّكْرُ: بَقْلَةٌ من الأَحرار؛ عن أَبي حنيفة. قال: و لم يَبْلُغْنِي لها حِلْيَةٌ. و السَّكَرَةُ: المُرَيْرَاءُ التي تكون في الحنطة. و السَّكْرَانُ: موضع؛ قال كُثيِّر يصف سحاباً:
و عَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ، و ارْتَكَى             يجرُّ كما جَرَّ المَكِيثَ المُسافِرُ

و السَّيْكَرَانُ: نَبْتٌ؛ قال:
و شَفْشَفَ حَرُّ الشَّمْسِ كُلَّ بَقِيَّةٍ             من النَّبْتِ، إِلَّا سَيْكَراناً و حُلَّبَا

قال أَبو حنيفة: السَّيْكَرانُ مما تدوم خُضْرَتُه القَيْظَ كُلَّهُ قال: و سأَلت شيخاً من الأَعراب عن السَّيْكَرانِ فقال: هو السُّخَّرُ و نحن نأْكله رَطْباً أَيَّ أَكْلٍ، قال: و له حَبٌّ أَخْضَرُ كحب الرازيانج. و يقال للشي‏ء الحارّ إِذا خَبَا حَرُّه و سَكَنَ فَوْرُه: قد سَكَرَ يَسْكُرُ. و سَكَّرَهُ تَسْكِيراً: خَنَقَه؛ و البعيرُ يُسَكِّرُ آخر بذراعه حتى يكاد يقتله. التهذيب:
روي عن أَبي موسى الأَشعري أَنه قال: السُّكُرْكَةُ خمر الحبشة.
؛ قال أَبو عبيد: و هي من الذرة؛ قال الأَزهري: و ليست بعربية، و قيده شمر بخطه: السُّكْرُكَةُ، الجزم على الكاف و الراء

375
لسان العرب4

سكر ص 372

مضمومة. و
في الحديث: أَنه سئل عن الغُبَيْراء فقال: لا خير فيها، و نهى عنها؛ قال مالك: فسأَلت زيد بن أَسلم: ما الغبيراء؟ فقال: هي السكركة.
بضم السين و الكاف و سكون الراء، نوع من الخمور تتخذ من الذرة، و هي لفظة حبشية قد عرّبت، و قيل: السُّقُرْقَع. و
في الحديث: لا آكل في سُكُرُّجَة.
؛ هي، بضم السين و الكاف و الراء و التشديد، إِناء صغير يؤكل فيه الشي‏ء القليل من الأُدْمِ، و هي فارسية، و أَكثر ما يوضع فيها الكوامخ و نحوها.
سكندر:
رأَيت في مسودّات كتابي هذا هذه الترجمة و لم أَدر من أَي جهة نقلتها: كان الإِسْكَنْدَرُ و الفَرَما أَخوين و هما ولدا فيلبس اليوناني، فقال: الإِسكندر: أَبني مدينة فقيرة إِلى الله عز و جل غنية عن الناس، و قال الفرما: أَبني مدينة فقيرة إِلى الناس غنية عن الله تعالى، فسلط الله على مدينة الفرما الخراب سريعاً فذهب رسمها و عفا أَثرها، و بقيت مدينة الإِسكندر إِلى الآن.
سمر:
السُّمْرَةُ: منزلة بين البياض و السواد، يكون ذلك في أَلوان الناس و الإِبل و غير ذلك مما يقبلها إِلَّا أَن الأُدْمَةَ في الإِبل أَكثر، و حكى ابن الأَعرابي السُّمْرَةَ في الماء. و قد سَمُرَ بالضم، و سَمِرَ أَيضاً، بالكسر، و اسْمَارَّ يَسْمَارُّ اسْمِيرَاراً، فهو أَسْمَرُ. و بعير أَسْمَرُ: أَبيضُ إِلى الشُّهْبَة. التهذيب: السُّمْرَةُ لَوْنُ الأَسْمَرِ، و هو لون يضرب إِلى سَوَادٍ خَفِيٍّ. و
في صفته، صلى الله عليه و سلم: كان أَسْمَرَ اللَّوْنِ؛ و في رواية: أَبيضَ مُشْرَباً بِحُمْرَةٍ.
قال ابن الأَثير: و وجه الجمع بينهما أَن ما يبرز إِلى الشمس كان أَسْمَرَ و ما تواريه الثياب و تستره فهو أَبيض. أَبو عبيدة: الأَسْمَرانِ الماءُ و الحِنْطَةُ، و قيل: الماء و الريح. و
في حديث المُصَرَّاةِ: يَرُدُّها و يردّ معها صاعاً من تمر لا سَمْراءَ.
؛ و السمراء: الحنطة، و معنى نفيها أَن لا يُلْزَمَ بعطية الحنطة لأَنها أَعلى من التمر بالحجاز، و معنى إِثباتها إِذا رضي بدفعها من ذات نفسه، و يشهد لها
رواية ابن عمر: رُدَّ مِثْلَيْ لَبَنِها قَمْحاً.
و
في حديث عليّ، عليه السلام: فإِذا عنده فَاتُورٌ عليه خُبْزُ السَّمْراءِ.
؛ و قَناةٌ سَمْراءُ و حنطة سمراء؛ قال ابن ميادة:
يَكْفِيكَ، مِنْ بَعْضِ ازْديارِ الآفاق،             سَمْرَاءُ مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْراق‏

قيل: السمراء هنا ناقة أَدماء. و دَرَس على هذا: راضَ، و قيل: السمراء الحنطة، و دَرَسَ على هذا: دَاسَ؛ و قول أَبي صخر الهذلي:
و قد عَلِمَتْ أَبْنَاءُ خِنْدِفَ أَنَّهُ             فَتَاها، إِذا ما اغْبَرَّ أَسْمَرُ عاصِبُ‏

إِنما عنى عاماً جدباً شديداً لا مَطَر فيه كما قالوا فيه أَسود. و السَّمَرُ: ظلُّ القمر، و السُّمْرَةُ: مأُخوذة من هذا. ابن الأَعرابي: السُّمْرَةُ في الناس هي الوُرْقَةُ؛ و قول حميد بن ثور:
إِلى مِثْلِ دُرْجِ العاجِ، جادَتْ شِعابُه             بِأَسْمَرَ يَحْلَوْلي بها و يَطِيبُ‏

قيل في تفسيره: عنى بالأَسمر اللبن؛ و قال ابن الأَعرابي: هو لبن الظبية خاصة؛ و قال ابن سيدة: و أَظنه في لونه أَسمر. و سَمَرَ يَسْمُرُ سَمْراً و سُمُوراً: لم يَنَمْ، و هو سامِرٌ و هم السُّمَّارُ و السَّامِرَةُ. و السَّامِرُ: اسم للجمع كالجامِلِ. و في التنزيل العزيز: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ‏
؛ قال أَبو إِسحاق: سامِراً
 يعني‏

376
لسان العرب4

سمر ص 376

سُمَّاراً. و السَّمَرُ: المُسامَرَةُ، و هو الحديث بالليل. قال اللحياني: و سمعت العامرية تقول تركتهم سامراً بموضع كذا، وجَّهَه على أَنه جمع الموصوف فقال تركتهم، ثم أَفرد الوصف فقال: سامِراً
؛ قال: و العرب تفتعل هذا كثيراً إِلَّا أَن هذا إِنما هو إِذا كان الموصوف معرفة؛ تفتعل بمعنى تفعل؛ و قيل: السَّامِرُ و السُّمَّارُ الجماعة الذين يتحدثون بالليل. و السَّمَرُ: حديث الليل خاصة. و السَّمَرُ و السَّامِرُ: مجلس السُّمَّار. الليث: السَّامِرُ الموضع الذي يجتمعون للسَّمَرِ فيه؛ و أَنشد:
و سَامِرٍ طال فيه اللَّهْوُ و السَّمَرُ
قال الأَزهري: و قد جاءت حروف على لفظ فاعِلٍ و هي جمع عن العرب: فمنها الجامل و السامر و الباقر و الحاضر، و الجامل للإِبل و يكون فيها الذكور و الإِناث و السَّامِرُ الجماعة من الحيّ يَسْمُرُونَ ليلًا، و الحاضِر الحيّ النزول على الماء، و الباقر البقر فيها الفُحُولُ و الإِناث. و رجل سِمِّيرٌ: صاحبُ سَمَرٍ، و قد سَامَرَهُ. و السَّمِيرُ: المُسَامِرُ. و السَّامِرُ: السُّمَّارُ و هم القوم يَسْمُرُون، كما يقال للحُجَّاج: حَاجٌّ. و روي عن أَبي حاتم في قوله: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ
؛ أَي في السَّمَرِ، و هو حديث الليل. يقال: قومٌ سامِرٌ و سَمْرٌ و سُمَّارٌ و سُمَّرٌ. و السَّمَرةُ: الأُحْدُوثة بالليل؛ قال الشاعر:
مِنْ دُونِهِمْ، إِنْ جِئْتَهُمْ سَمَراً،             عَزْفُ القِيانِ و مَجْلِسٌ غَمْرُ

و قيل في قوله سامِراً
: تهجرون القرآن في حال سَمَرِكُمْ. و قرئ سُمَّراً، و هو جَمْعُ السَّامر؛ و قول عبيد بن الأَبرص:
فَهُنْ كَنِبْرَاسِ النَّبِيطِ، أَو             الفَرْضِ بِكَفِّ اللَّاعِبِ المُسْمِرِ

يحتمل وجهين: أَحدهما أَن يكون أَسْمَرَ لغة في سَمَرَ، و الآخر أَن يكون أَسْمَرَ صار له سَمَرٌ كأَهْزَلَ و أَسْمَنَ في بابه؛ و قيل: السَّمَرُ هنا ظل القمر. و قال اللحياني: معناه ما سَمَرَ الناسُ بالليل و ما طلع القمر، و قيل: السَّمَرُ الظُّلْمَةُ. و يقال: لا آتيك السَّمَرَ و القَمَرَ أَي ما دام الناس يَسْمُرونَ في ليلة قَمْراءَ، و قيل: أَي لا آتيك دَوامَهُما، و المعنى لا آتيك أَبداً. و قال أَبو بكر: قولهم حَلَفَ بالسَّمَرِ و القَمَرِ، قال الأَصمعي: السَّمَرُ عندهم الظلمة و الأَصل اجتماعهم يَسْمُرُونَ في الظلمة، ثم كثر الاستعمال حتى سموا الظلمة سَمَراً. و في حديث قَيْلَة: إِذا جاء زوجها من السَّامِرِ؛ هم القوم الذين يَسْمُرون بالليل أَي يتحدثون. و في حديث السَّمَرِ بعد العشاء، الرواية بفتح الميم، من المُسامَرة، و هي الحديث في الليل. و رواه بعضهم بسكون الميم و جعلَه المصدر. و أَصل السَّمَرِ: لون ضوء القمر لأَنهم كانوا يتحدثون فيه. و السَّمَرُ: الدَّهْرُ. و فلانٌ عند فلان السَّمَرَ أَي الدَّهْرَ. و السَّمِيرُ: الدَّهْرُ أَيضاً. و ابْنَا سَمِيرٍ: الليلُ و النهارُ لأَنه يُسْمَرُ فيهما. و لا أَفعله سَمِيرَ الليالي أَي آخرها؛ و قال الشَّنْفَرَى:
هُنالِكَ لا أَرْجُو حَياةً تَسُرُّنِي،             سَمِيرَ اللَّيالي مُبْسَلَا بالجَرائرِ

و لا آتيك ما سَمَرَ ابْنَا سَمِيرٍ أَي الدهرَ كُلَّه؛ و ما سَمَرَ ابنُ سَمِيرٍ و ما سَمَرَ السَّمِيرُ، قيل: هم الناس يَسْمُرُونَ بالليل، و قيل: هو الدهر و ابناه الليل و النهار. و حكي: ما أَسْمَرَ ابْنُ سَمِير و ما

377
لسان العرب4

سمر ص 376

أَسْمَرَ ابنا سَمِيرٍ، و لم يفسر أَسْمَرَ؛ قال ابن سيدة: و لعلها لغة في سمر. و يقال: لا آتيك ما اخْتَلَفَ ابْنَا سَمِير أَي ما سُمِرَ فيهما. و
في حديث عليٍّ: لا أَطُورُ به ما سَمَرَ سَمِيرٌ.
و روى سَلَمة عن الفراء قال: بعثت من يَسْمُر الخبر. قال: و يسمى السَّمَر به. و ابنُ سَمِيرٍ: الليلة التي لا قمر فيها؛ قال:
و إِنِّي لَمِنْ عَبْسٍ و إِن قال قائلٌ             على رغمِهِ: ما أَسْمَرَ ابنُ سَمِيرِ

أَي ما أَمكن فيه السَّمَرُ. و قال أَبو حنيفة: طُرقِ القوم سَمَراً إِذا طُرقوا عند الصبح. قال: و السَّمَرُ اسم لتلك الساعة من الليل و إِن لم يُطْرَقُوا فيها. الفراء في قول العرب: لا أَفعلُ ذلك السَّمَرَ و القَمَرَ، قال: كل ليلة ليس فيها قمر تسمى السمر؛ المعنى ما طلع القمر و ما لم يطلع، و قيل: السَّمَرُ الليلُ؛ قال الشاعر:
لا تَسْقِنِي إِنْ لم أُزِرْ، سَمَراً،             غَطْفَانَ مَوْكِبَ جَحْفَلٍ فَخِمِ‏

و سامِرُ الإِبل: ما رَعَى منها بالليل. يقال: إِن إِبلنا تَسْمُر أَي ترعى ليلًا. و سَمَر القومُ الخمرَ: شربوها ليلًا؛ قال القطامي:
و مُصَرَّعِينَ من الكَلالِ، كَأَنَّما             سَمَرُوا الغَبُوقَ من الطِّلاءِ المُعْرَقِ‏

و قال ابن أَحمر و جعل السَّمَرَ ليلًا:
مِنْ دُونِهِمْ، إِنْ جِئْتَهُمْ سَمَراً،             حيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَكِرُ

أَراد: إِن جئتهم ليلًا. و السَّمْرُ: شَدُّكَ شيئاً بالمِسْمَارِ. و سَمَرَهُ يَسْمُرُهُ و يَسْمِرُهُ سَمْراً و سَمَّرَهُ، جميعاً: شدّه. و المِسْمارُ: ما شُدَّ به. و سَمَرَ عينَه: كَسَمَلَها. و
في حديث الرَّهْطِ العُرَنِيِّينَ الذين قدموا المدينة فأَسلموا ثم ارْتَدُّوا فَسَمَر النبي، صلى الله عليه و سلم، أَعْيُنَهُمْ؛ و يروى: سَمَلَ.
فمن رواه باللام فمعناه فقأَها بشوك أَو غيره، و قوله سَمَرَ أَعينهم أَي أَحمى لها مسامير الحديد ثم كَحَلَهُم بها. و امرأَة مَسْمُورة: معصوبة الجسد ليست بِرِخْوةِ اللحمِ، مأْخوذٌ منه. و في النوادر: رجل مَسْمُور قليل اللحم شديد أَسْرِ العظام و العصَبِ. و ناقة سَمُورٌ: نجيب سريعة؛ و أَنشد:
 فَمَا كان إِلَّا عَنْ قَلِيلٍ، فَأَلْحَقَتْ             بنا الحَيَّ شَوْشَاءُ النَّجاءِ سَمُورُ

و السَّمَارُ: اللَّبَنُ المَمْذُوقُ بالماء، و قيل: هو اللبن الرقيق، و قيل: هو اللبن الذي ثلثاه ماء؛ و أَنشد الأَصمعي:
و لَيَأْزِلَنَّ و تَبْكُوَنَّ لِقاحُه،             و يُعَلِّلَنَّ صَبِيَّهُ بِسَمَارِ

و تسمير اللبن: ترقيقه بالماء، و قال ثعلب: هو الذي أُكثر ماؤه و لم يعين قدراً؛ و أَنشد:
سَقَانا فَلَمْ يَهْجَأْ مِنَ الجوعِ نَقْرُهُ             سَمَاراً، كَإِبْطِ الذّئْبِ سُودٌ حَوَاجِرُهُ‏

واحدته سَمَارَةٌ، يذهب بذلك إِلى الطائفة. و سَمَّرَ اللبنَ: جعله سَمَاراً. و عيش مَسْمُورٌ: مخلوط غير صاف، مشتق من ذلك. و سَمَّرَ سَهْمَه: أَرسله، و سنذكره في فصل الشين أَيضاً. و روى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي أَنه قال: التسْمِيرُ. إرسال السهم بالعجلة، و الخَرْقَلَةُ إِرساله بالتأَني؛

378
لسان العرب4

سمر ص 376

يقال للأَول: سَمِّرْ فقد أَخْطَبَكَ الصيدُ، و للآخر: خَرْقِلْ حتى يُخْطِبَكَ. و السُّمَيْريَّةُ: ضَرْبٌ من السُّفُن. و سَمَّرَ السفينة أَيضاً: أَرسلها؛ و منه‏
قول عمر، رضي الله عنه، في حديثه في الأَمة يطؤُها مالكها: إِن عليه أَن يُحَصِّنَها فإِنه يُلْحِقُ به وَلَدها. و في رواية أَنه قال: ما يُقِرُّ رجل أَنه كان يطأُ جاريته إِلَّا أَلحقت به ولدها فمن شاءَ فَلُيْمسِكْها و من شاءَ فليُسَمِّرْها.
؛ أَورده الجوهري مستشهداً به على قوله: و التَّسْمِيرُ كالتَّشْمِير؛ قال الأَصمعي: أَراد
بقوله و من شاءَ فليسمرها.
أَراد التشمير بالشين فحوَّله إِلى السين، و هو الإِرسال و التخلية. و قال شمر: هما لغتان، بالسين و الشين، و معناهما الإِرسال؛ قال أَبو عبيد: لم نسمع السين المهملة إِلَّا في هذا الحديث و ما يكون إِلَّا تحويلًا كما قال سَمَّتَ و شَمَّتَ. و سَمَرَتِ الماشيةُ تَسْمُرُ سُمُوراً: نَفَشَتْ. و سَمَرَتِ النباتَ تَسْمُرُه: رَعَتْه؛ قال الشاعر:
يَسْمُرْنَ وحْفاً فَوْقَهُ ماءُ النَّدى،             يَرْفَضُّ فاضِلُه عن الأَشْدَاقِ‏

و سَمَرَ إِبلَه: أَهملها. و سَمَرَ شَوْلَهُ «4». خَلَّاها. و سَمَّرَ إِبلَهُ و أَسْمَرَها إِذا كَمَشَها، و الأَصل الشين فأَبدلوا منها السين، قال الشاعر:
أَرى الأَسْمَرَ الحُلْبوبَ سَمَّرَ شَوْلَنا،             لِشَوْلٍ رآها قَدْ شَتَتْ كالمَجادِلِ‏

قال: رأَى إِبلًا سِماناً فترك إِبله و سَمَّرَها أَي خلاها و سَيَّبَها. و السَّمُرَةُ، بضم الميم: من شجر الطَّلْحِ، و الجمع سَمُرٌ و سَمُراتٌ، و أَسْمُرٌ في أَدنى العدد، و تصغيره أُسَيمِرٌ. و في المثل: أَشْبَهَ سَرْحٌ سَرْحاً لَوْ أَنَّ أُسَيْمِراً. و السَّمُرُ: ضَرْبٌ من العِضَاهِ، و قيل: من الشَّجَرِ صغار الورق قِصار الشوك و له بَرَمَةٌ صَفْرَاءُ يأْكلها الناس، و ليس في العضاه شي‏ء أَجود خشباً من السَّمُرِ، ينقل إِلى القُرَى فَتُغَمَّى به البيوت، واحدتها سَمُرَةٌ، و بها سمي الرجل. و إِبل سَمُرِيَّةٌ، بضم الميم؛ تأْكل السَّمُرَ؛ عن أَبي حنيفة. و المِسْمارُ: واحد مسامير الحديد، تقول منه: سَمَّرْتُ الشي‏ءَ تَسْمِيراً، و سَمَرْتُه أَيضاً؛ قال الزَّفَيان:
لَمَّا رَأَوْا مِنْ جَمْعِنا النَّفِيرا،             و الحَلَقَ المُضاعَفَ المَسْمُورا،
جَوَارِناً تَرَى لهَا قَتِيرا

و
في حديث سعد: ما لنا طعام إِلَّا هذا السَّمُر.
هو ضرب من سَمُرِ الطَّلْحِ. و في حديث أَصحاب السَّمُرة هي الشجرة التي كانت عندها بيعة الرضوان عام الحديبية. و سُمَير على لفظ التصغير: اسم رجل؛ قال:
إِن سُمَيْراً أَرَى عَشِيرَتَهُ،             قد حَدَبُوا دُونَهُ، و قد أَبَقُوا

و السَّمَارُ: موضع؛ و كذلك سُمَيراءُ، و هو يمدّ و يقصر؛ أَنشد ثعلب لأَبي محمد الحذلمي:
تَرْعَى سُمَيرَاءَ إِلى أَرْمامِها،             إِلى الطُّرَيْفاتِ، إِلى أَهْضامِها

قال الأَزهري: رأَيت لأَبي الهيثم بخطه:
فإِنْ تَكُ أَشْطانُ النَّوَى اخْتَلَفَتْ بِنا،             كما اخْتَلَفَ ابْنَا جالِسٍ و سَمِيرِ

قال: ابنا جالس و سمير طريقان يخالف كل واحد منهما
__________________________________________________
 (4). قوله: [و سمر إِبله أهملها و سمر شوله إلخ‏] بفتح الميم مخففة و مثقلة كما في القاموس.

379
لسان العرب4

سمر ص 376

صاحبه؛ و أَما قول الشاعر:
لَئِنْ وَرَدَ السَّمَارَ لَنَقْتُلَنْهُ،             فَلا و أَبِيكِ، ما وَرَدَ السَّمَارَا
أَخافُ بَوائقاً تَسْري إِلَيْنَا،             من الأَشيْاعِ، سِرّاً أَوْ جِهَارَا

قوله السَّمار: موضع، و الشعر لعمرو بن أَحمر الباهلي، يصف أَن قومه توعدوه و قالوا: إِن رأَيناه بالسَّمَار لنقتلنه، فأَقسم ابن أَحمر بأَنه لا يَرِدُ السَّمَار لخوفه بَوَائقَ منهم، و هي الدواهي تأْتيهم سرّاً أَو جهراً. و حكى ابن الأَعرابي: أَعطيته سُمَيْرِيَّةً من دراهم كأَنَّ الدُّخَانَ يخرج منها، و لم يفسرها؛ قال ابن سيدة: أُراه عنى دراهم سُمْراً، و قوله: كأَن الدخان يخرج منها يعني كُدْرَةَ لونها أَو طَراءَ بياضِها. و ابنُ سَمُرَة: من شعرائهم، و هو عطية بن سَمُرَةَ الليثي. و السَّامِرَةُ: قبيلة من قبائل بني إِسرائيل قوم من اليهود يخالفونهم في بعض دينهم، إِليهم نسب السَّامِرِيُّ الذي عبد العجل الذي سُمِعَ له خُوَارٌ؛ قال الزجاج: و هم إِلى هذه الغاية بالشام يعرفون بالسامريين، و قال بعض أَهل التفسير: السامري عِلْجٌ من أَهل كِرْمان. و السَّمُّورُ: دابة «1». معروفة تسوَّى من جلودها فِرَاءٌ غالية الأَثمان؛ و قد ذكره أَبو زبيد الطائي فقال يذكر الأَسد:
حتى إِذا ما رَأَى الأَبْصارَ قد غَفَلَتْ،             و اجْتابَ من ظُلْمَةٍ جُودِيَّ سَمُّورِ

جُودِيَّ بالنبطية جوذيّا، أَراد جُبَّة سَمّور لسواد وبَرِه. و اجتابَ: دخل فيه و لبسه.
سمدر:
السَّمَادِيرُ: ضَعْف البصر، و قد اسْمَدَرَّ بَصَرُه، و قيل: هو الشي‏ءُ الذي يتَراءَى للإِنسان من ضعف بصره عند السكر من الشراب و غَشْي النُّعاسِ و الدُّوَارِ؛ قال الكميت:
و لما رأَيتُ المُقْرَبَاتِ مُذَالةً،             و أَنْكَرْتُ إِلَّا بالسَّمادِير آلَها

و الميم زائدة، و قد اسْمَدَرَّ اسمِدْرَاراً. و قال اللحياني: اسْمَدَرَّتْ عَيْنُه دَمَعَتْ؛ قال ابن سيدة: و هذا غير معروف في اللغة. و طريق مُسْمَدِرٌّ: طويلٌ مستقيم. و طَرْف مُسْمَدِرٌّ: متحير. و سَمَيْدَر: دابة، و الله أَعلم.
سمسر:
السِّمْسارُ: الذي يبيع البُرَّ للناس. الليث: السِّمْسَار فارسية معرَّبة، و الجمع السَّمَاسِرَةُ. و
في الحديث أَنَّ النبي، صلى الله عليه و سلم، سماهم التُّجَّار بعد ما كانوا يعرفون بالسماسرة.
و المصدر السَّمْسَرَةُ، و هو أَن يتوكل الرجل من الحاضرة للبادية فيبيع لهم ما يَجْلبونه، و قيل في تفسير
قوله: و لا يبيع حاضِرٌ لِبادٍ.
أَراد أَنه لا يكون له سِمسَاراً، و الاسم السَّمْسَرَةُ؛ و قال:
قد وكَّلَتْني طَلَّتي بالسَّمْسَرَهْ‏
و
في حديث قيس بن أَبي عُرْوَةَ: كنا قوماً نسمى السَّمَاسِرَةَ بالمدينة في عهد رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فسمانا النبي، صلى الله عليه و سلم، التُّجَّارَ.
؛ هو جمعُ سِمْسارٍ، و قيل: السِّمْسَارُ القَيِّمُ بالأَمر
__________________________________________________
 (1). قوله: [و السمور دابة إلخ‏] قال في المصباح و السمور حيوان من بلاد الروس وراء بلاد الترك يشبه النمس، و منه أَسود لامع و أَشقر. و حكى لي بعض الناس أَن أَهل تلك الناحية يصيدون الصغار منها فيخصون الذكور منها و يرسلونها ترعى فإِذا كان أَيام الثلج خرجوا للصيد فما كان فحلًا فاتهم و ما كان مخصياً استلقى على قفاه فأَدركوه و قد سمن و حسن شعره. و الجمع سمامير مثل تنور و تنانير.

380
لسان العرب4

سمسر ص 380

الحافظ له؛ قال الأَعشى:
فَأَصْبَحْتُ لا أَسْتَطِيعُ الكَلامَ،             سِوَى أَنْ أُراجِعَ سِمْسَارَها

و هو في البيع اسم للذي يدخل بين البائع و المشتري متوسطاً لإِمضاء البيع. قال: و السَّمْسَرَةُ البيع و الشراء.
سمهر:
السَّمْهَرِيُّ: الرُّمْحُ الصَّلِيبُ العُودِ. يقال: وتَرٌ سَمْهَرِيُّ شديد كالسَّمْهَرِيِّ من الرماح. و اسْمَهَرَّ الشَّوْكُ: يَبِسَ و صَلُبَ. و شوك مُسْمَهِرٌّ: يابس. و اسْمَهَرَّ الظلام: تَنَكَّرَ. و المُسْمَهِرُّ: الذَّكَرُ العَرْدُ. و المُسْمَهِرُّ أَيضاً: المعتدل. و عَرْدٌ مُسْمَهِرٌّ إِذا اتْمَهَلَّ؛ قال الشاعر:
إِذا اسْمَهَرَّ الحَلِسُ المُغالِثُ‏
أَي تَنَكَّرَ و تَكَرَّهَ. و اسْمَهَرَّ الحَبْلُ و الأَمْرُ: اشْتَدَّ. و الاسْمِهْرَارُ: الصَّلابَةُ و الشِّدَّةُ. و اسْمَهَرَّ الظلامُ: اشْتَدَّ؛ و اسْمَهَرَّ الرجلُ في القتال؛ قال رؤبة:
ذُو صَوْلَةٍ تُرْمَى به المَدَالِثُ،             إِذا اسْمَهَرَّ الحَلِسُ المُغالِثُ‏

و السَّمْهَرِيَّةُ: القَنَاةُ الصُّلْبَةُ، و يقال هي منسوبة إِلى سَمْهَرٍ اسم رجل كان يُقَوِّمُ الرماحَ؛ يقال: رمح سَمْهَرِيُّ، و رماح سَمْهَرِيَّةٌ. التهذيب: الرماح السمهرية تنسب إِلى رجل اسمه سَمْهَرٌ كان يبيع الرماح بالخَطِّ، قال: و امرأَته رُدَيْنَةُ. و سَمْهَرَ الزَّرعُ إِذا لم يَتَوالَدْ كأَنه كُلُّ حَبَّةٍ بِرَأْسِها.
سمهدر:
السَّمَهْدَرُ: الذَّكَرُ: و غلامٌ سَمَهْدَرٌ: سمين كثير اللحم. الفراء: غلام سَمَهْدَرٌ يمدحه بكثرة لحمه. و بَلَدٌ سَمَهْدَرٌ: بعيدٌ مَضَلَّةٌ واسع؛ قال أَبو الزحف الكَلِينِي: «1».
و دُونَ لَيْلى بَلَدٌ سَمَهْدَرُ،             جَدْبُ المُنَدَّى عن هَوَانا أَزْوَرُ،
يُنْضِي المَطَايا خِمْسُهُ العَشَنْزَرُ

المُنَدَّى: حيث يُرْبَعُ ساعةً من النهار. و الأَزْوَرُ: الطريق المُعْوَجُّ. و بَلَدٌ سَمَهْدَرٌ: بعيد الأَطراف، و قيل: يَسْمَدِرُّ فيه البصر من استوائه؛ و قال الزَّفَيان:
سَمَهْدَرٌ يَكْسُوهُ آلٌ أَبْهَقُ،             عليه منه مِئْزَرٌ و بُخْنُقُ «2».

سنر:
السَّنَرُ: ضِيقُ الخُلُقِ. و السُّنَّارُ و السِّنَّوْرُ: الهِرُّ، مشتق منه، و جمعه السَّنَانِيرُ. و السِّنَّوْرُ: أَصل الذَّنَبِ؛ عن الرِّياشِي. و السِّنَّوْرُ: فَقَارَةُ عُنُقِ البعير؛ قال:
بَيْنَ مَقَذَّيْهِ إِلى سِنَّوْرِهِ‏

ابن الأَعرابي: السنانير عظام حلوق الإِبل، واحدها سِنَّورٌ. و السنانير: رؤساء كل قبيلة، الواحد سِنَّوْرٌ. و السِّنَّوْرُ: السَّيِّدُ. و السَّنَوَّرُ: جُمْلَةُ السلاح؛ و خص بعضهم به الدروع. أَبو عبيدة: السَّنَوَّرُ الحديد كله، و قال الأَصمعي: السَّنَوَّرُ ما كان من حَلَقٍ، يريد الدروع؛ و أَنشد:
سَهِكِينَ من صَدَإِ الحديدِ كَأَنَهَّمُ،             تَحْتَ السَّنَوَّرِ، جُبَّةُ البَقَّارِ

و السَّنَوَّرُ: لَبُوسٌ من قِدٍّ يلبس في الحرب كالدرع؛ قال لبيد يرثي قتلى هوازن:
__________________________________________________
 (1). قوله: [الكليني‏] نسبة لكلين كأَمير بلدة بالري كما في القاموس.
 (2). قوله: [و بخنق‏] بضم النون و كجعفر خرقة تتقنع بها المرأَة كما في القاموس.

381
لسان العرب4

سنر ص 381

و جاؤوا به في هَوْدَجٍ، وَ وَرَاءَهُ             كَتَائِبُ خُضْرٌ في نَسِيجِ السَّنَوَّرِ

قوله: جاؤوا به يعني قتادة بن مَسْلَمَةَ الحَنَفِيّ، و هو ابن الجَعْد، و جعد اسم مسلمة لأَنه غزا هوازن و قتل فيها و سبى.
سنبر:
سَنْبَرٌ: اسم. أَبو عمرو: السَّنْبَرُ الرجل العالم بالشي‏ء المتقن له.
سندر:
السَّنْدَرَةُ: السُّرْعةُ. و السَّنْدَرَةُ: الجُرْأَةُ. و رجلٌ سِنَدْرٌ، على فِنَعْلٍ، إِذا كان جَرِيئاً. و السَّنْدَرُ: الجري‏ء المُتَشَبِّعُ. و السَّنْدَرَةُ: ضَرْبٌ من الكيل غُرَاف [غِرَاف‏] جِرَافٌ [جُرَافٌ‏] واسع. و السَّنْدَرُ: مكيالٌ معروف؛ و
في حديث علي، عليه السلام:
أَكِيلُكُمْ بالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ‏

قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى: لم تختلف الرواة أَن هذه الأَبيات لعلي، عليه السلام:
أَنا الذي سَمَّتْنِي أَمِّي حَيْدَرَهْ،             كَلَيْثِ غاباتٍ غَليظِ القَصَرَهْ،
أَكِيلكم بالسيف كيل السَّندَره.

قال: و اختلفوا في السندرة: فقال ابن الأَعرابي و غيره: هو مكيال كبير ضخم مثلُ القَنْقَلِ و الجُرَافِ، أَي أَقتلكم قتلًا واسعاً كبيراً ذريعاً، و قيل: السَّنْدَرَةُ امرأَة كانت تبيع القمح و توفي الكيل، أَي أَكيلكم كيلًا وافياً، و قال آخر: السَّنْدَرَةُ العَجَلةُ، و النون زائدة، يقال: رجل سَنْدَرِيُّ إِذا كان عَجِلًا في أُموره حادّاً، أَي أُقاتلكم بالعَجَلَةِ و أُبادركم قبل الفِرار، قال القتيبي: و يحتمل أَن يكون مكيالًا اتخذ من السَّنْدَرَة، و هي شجرة يُعْمَلُ منها النَّبْلُ و القِسِيُّ، و منه قيل: سهم سَنْدَريٌّ، و قيل: السَّنْدَرِيٌّ ضرب من السهام و النِّصال منسوب إِلى السَّنْدَرَةِ، و هي شجرة، و قيل: هو الأَبيض منها، و يقال: قَوْسٌ سَنْدَرِيَّةٌ؛ قال الشاعر، و قال ابن بري هو لأَبي الجُنْدَبِ الهُذَلي:
إِذا أَدْرَكَتْ أُولاتُهُمْ أُخْرَياهُمُ،             حَنَوْتُ لَهُمْ بالسَّنْدَرِيِّ المُوَتَّرِ

و السَّنْدَرِيُّ: اسم للقوس، أَ لا تراه يقول الموتر؟ و هو منسوب إِلى السَّنْدَرَةِ أَعني الشجرة التي عمل منها هذه القوس، و كذلك السهام المتخذة منها يقال لها سَنْدَرِيَّةٌ. و سِنانٌ سَنْدَرِيٌّ إِذا كان أَزرق حديداً؛ قال رؤبة:
و أَوْتارُ غَيْري سَنْدَرِيٌّ مُخَلَّقُ‏

أَي غير نصل أَزرق حديد. و قال أَعرابي: تَعَالَوْا نصيدها زُرَيْقاء سندرية؛ يريد طائراً خالص الزرقة. و السَّنْدَرِيُّ: الردي‏ء و الجَيِّدُ، ضِدٌّ. و السَّنْدَرِي: من شعرائهم؛ قيل: هو شاعر كان مع عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ و كان لبيد مع عامر بن الطُّفَيْلِ، فَدُعِيَ لَبِيدٌ إِلى مهاجاته فَأَبى؛ و قال:
لِكَيْلا يكونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتي،             و أَجْعَلَ أَقْواماً عُموماً عَماعِمَا «3».

و في نوادر الأَعراب: السَّنَادِرَةُ الفُرَّاغُ و أَصحاب اللهو و التَّبَطُّلِ؛ و أَنشد:
إِذا دَعَوْتَنِي فَقُلْ: يا سَنْدَرِي،             لِلْقَوْمِ أَسْماءٌ و مَا لي مِنْ سمي‏

سنقطر:
السَّنِقْطَارُ: الجِهْبِذُ، بالرومية.
سنمر:
أَبو عمرو: يقال للقمر السِّنِمَّارُ و الطَّوْسُ.
__________________________________________________
 (3). قوله: [نديدتي‏] أَي ندي، و قوله عماعما أَي متفرقين.

382
لسان العرب4

سنمر ص 382

ابن سيدة: قَمَرٌ سِنِمَّارٌ مُضي‏ءٌ؛ حكي عن ثعلب. و سِنِمَّار: اسم رجل أَعجمي؛ قال الشاعر:
جَزَتْنَا بَنُو سَعْدٍ بِحُسْنِ فعالِنا،             جَزَاءَ سِنِمَّارٍ و ما كانَ ذا ذَنْبِ‏

و حكي فيه السنمار بالأَلف و اللَّام. قال أَبو عبيد: سِنِمَّار اسم إِسْكافٍ بَنَى لبعض الملوك قَصْراً، فلما أَتمه أَشرف به على أَعلاه فرماه منه غَيْرَةً منه أَن يبني لغيره مثله، فضرب ذلك مثلًا لكل من فعل خيراً فجوزي بضدّه. و في التهذيب: من أَمثال العرب في الذي يجازي المحسن بالسُّوأَى قولهم: جَزَاهُ جَزَاءَ سِنِمَّارٍ؛ قال أَبو عبيد: سِنِمَّار بَنَّاءٌ مُجِيدٌ روميّ فَبَنَى الخَوَرْنَق الذي بظهر الكوفة للنُّعمان بن المُنْذِرِ، و في الصحاح: للنعمان بن إمرئ القيس، فلما نظر إِليه النعمان كره أَن يعمل مثله لغيره، فلما فرغ منه أَلقاه من أَعلى الخورنق فخرّ ميتاً؛ و قال يونس: السِّنِمَّارُ من الرجال الذي لا ينام بالليل، و هو اللص في كلام هذيل، و سمي اللِّصُّ سِنِمَّاراً لقلة نومه، و قد جعله كراع فِنِعْلالًا، و هو اسم رومي و ليس بعربي لأَن سيبويه نفى أَن يكون في الكلام سِفِرْجالٌ، فأَما سِرِطْراطٌ عنده فَفِعِلْعَالٌ من السَّرْطِ الذي هو البَلْعُ، و نظيره من الرومية سِجِلَّاطٌ، و هو ضرب من الثياب.
سهر:
السَّهَرُ: الأَرَقُ. و قد سَهِرَ، بالكسر، يَسْهَرُ سَهَراً، فهو ساهِرٌ: لم ينم ليلًا؛ و هو سَهْرَانُ و أَسْهَرَهُ غَيْرُه. و رجل سُهَرَةٌ مثال هُمَزَةٍ أَي كثيرُ السَّهَرِ؛ عن يعقوب. و من دعاء العرب على الإِنسان: ما له سَهِرَ و عَبِرَ. و قد أَسْهَرَني الهَمُّ أَو الوَجَعُ؛ قال ذو الرمة و وصف حميراً وردت مصايد:
 و قد أَسْهَرَتْ ذا أَسْهُمٍ باتَ جاذِلًا،             له فَوْقَ زُجَّيْ مِرْفَقَيْهِ وَحاوِحُ‏

الليث: السَّهَرُ امتناع النوم بالليل. و رجل سُهَارُ العين: لا يغلبه النوم؛ عن اللحياني. و قالوا: ليل ساهر أَي ذو سَهَرٍ، كما قالوا ليل نائم؛ و قول النابغة:
كَتَمْتُكَ لَيْلًا بالجَمُومَيْنِ ساهرا،             و هَمَّيْنِ: هَمّاً مُسْتَكِنّاً و ظاهرا

يجوز أَن يكون ساهراً نعتاً لليل جعله ساهراً على الاتساع، و أَن يكون حالًا من التاء في كتمتك؛ و قول أَبي كبير:
فَسَهِرْتُ عنها الكالِئَيْنِ، فَلَمْ أَنَمْ             حتى التفَتُّ إِلى السِّمَاكِ الأَعْزَلِ‏

أَراد سهرت معهما حتى ناما. و في التهذيب: السُّهارُ و السُّهادُ، بالراء و الدال. و السَّاهرَةُ: الأَرضُ، و قيل: وَجْهُها. و في التنزيل: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ
؛ و قيل: السَّاهِرَةُ الفلاة؛ قال أَبو كبير الهذلي:
يَرْتَدْن ساهِرَةً، كَأَنَّ جَمِيمَها             و عَمِيمَها أَسْدافُ لَيْلٍ مُظْلِمِ‏

و قيل: هي الأَرض التي لم توطأْ، و قيل: هي أَرض يجددها الله يوم القيامة. الليث: الساهرة وجه الأَرض العريضة البسيطة. و قال الفراء: الساهرة وجه الأَرض، كأَنها سميت بهذا الاسم لأَن فيها الحيوان نومهم و سهرهم، و
قال ابن عباس: الساهرة الأَرض؛ و أَنشد:
و فيها لَحْمُ ساهِرَةٍ و بَحْرٍ،             و ما فاهوا به لَهُمُ مُقِيمُ.

و ساهُورُ العين: أَصلها و مَنْبَعُ مائها، يعني عين الماء؛

383
لسان العرب4

سهر ص 383

قال أَبو النجم:
لاقَتْ تَمِيمُ المَوْتَ في ساهُورِها،             بين الصَّفَا و العَيْسِ من سَدِيرها

و يقال لعين الماء ساهرة إِذا كانت جارية. و
في الحديث: خير المال عَيْنٌ ساهِرَةٌ لِعَيْنٍ نائمةٍ.
؛ أَي عين ماء تجري ليلًا و نهاراً و صاحبها نائم، فجعل دوام جريها سَهَراً لها. و يقال للناقة: إِنها لَساهِرَةُ العِرْقِ، و هو طُولُ حَفْلِها و كثرةُ لبنها. و الأَسْهَرَانِ: عِرْقان يصعدان من الأُنثيين حتى يجتمعا عند باطن الفَيْشَلَةِ، و هما عِرْقا المَنِيِّ، و قيل: هما العرقان اللذان يَنْدُرانِ من الذكر عند الإِنعاظ، و قيل: عرقان في المَتْنِ يجري فيهما الماء ثم يقع في الذكر؛ قال الشماخ:
تُوائِلُ مِنْ مِصَكٍّ أَنْصَبَتْه             حَوَالِبُ أَسْهَرَيْهِ بِالذَّنِينِ‏

و أَنكر الأَصمعي الأَسهرين، قال: و إِنما الرواية أَسهرته أَي لم تدعه ينام، و ذكر أَن أَبا عبيدة غلط. قال أَبو حاتم: و هو في كتاب عبد الغفار الخزاعي و إِنما أَخذ كتابه فزاد فيه أَعني كتاب صفة الخيل، و لم يكن لأَبي عبيدة علم بصفة الخيل. و قال الأَصمعي: لو أَحضرته فرساً و قيل ضع يدك على شي‏ء منه ما درى أَين يضعها. و قال أَبو عمرو الشيباني في قول الشماخ: حوالب أَسهريه، قال: أَسهراه ذكره و أَنفه. قال و رواه شمر له يصف حماراً و أُتنه: و الأَسهران عرقان في الأَنف، و قيل: عرقان في العين، و قيل: هما عرقان في المنخرين من باطن، إِذا اغتلم الحمار سالا دماً أَو ماء. و السَّاهِرَةُ و السَّاهُورُ: كالغِلافِ للقمر يدخل فيه إِذا كَسَفَ فيما تزعمه العرب؛ قال أُمية بن أَبي الصَّلْت:
لا نَقْصَ فيه، غَيْرَ أَنَّ خَبِيئَهُ             قَمَرٌ و ساهُورٌ يُسَلُّ و يُغْمَدُ

و قيل: الساهور للقمر كالغلاف للشي‏ء؛ و قال آخر يصف امرأَة:
كَأَنَّها عِرْقُ سامٍ عِنْدَ ضارِبِهِ،             أَو فَلْقَةٌ خَرَجَتْ من جَوفِ ساهورِ

يعني شُقَّةَ القمر؛ قال القتيبي: و قال الشاعر:
كَأَنَّها بُهْثَةٌ تَرْعَى بِأَقْرِبَةٍ،             أَو شُقَّةٌ خَرَجَتْ مِن جَنْبِ ساهُورِ

البُهْثَة: البقرة. و الشُّقَّةُ: شُقَّةُ القمر؛ و يروى: من جنب ناهُور. و النَّاهُورُ: السَّحاب. قال القتيبي: يقال للقمر إِذا كَسَفَ: دَخَلَ في ساهُوره، و هو الغاسقُ إِذا وَقَبَ.
و قال النبي، صلى الله عليه و سلم، لعائشة، رضي الله عنها، و أَشار إِلى القمر فقال: تَعَوَّذِي بالله من هذا فإِنه الغاسِق إِذا وَقَبَ.
؛ يريد: يَسْوَدُّ إِذا كَسَفَ. و كلُّ شي‏ء اسْوَدَّ، فقد غَسَقَ. و السَّاهُورُ و السَّهَرُ: نفس القمر. و السَّاهُور: دَارَةُ القمر، كلاهما سرياني. و يقال: السَّاهُورُ ظِلُّ السَّاهِرَةِ، و هي وجْهُ الأَرض.
سهبر:
السَّهْبَرَةُ: من أَسماء الرَّكايا.
سور:
سَوْرَةُ الخمرِ و غيرها و سُوَارُها: حِدَّتُها؛ قال أَبو ذؤيب:
تَرى شَرْبَها حُمْرَ الحِدَاقِ كأَنَّهُمْ             أُسارَى، إِذا ما مَارَ فِيهمْ سُؤَارها

و
في حديث صفة الجنة: أَخَذَهُ سُوَارُ فَرَحٍ.
؛ و هو دَبِيبُ الشَّرَابِ في الرأس أَي دَبَّ فيه الفرح دبيب الشراب. و السَّوْرَةُ في الشراب: تناول الشراب‏

384
لسان العرب4

سور ص 384

للرأْس، و قيل: سَوْرَةُ الخمر حُمَيّاً دبيبها في شاربها، و سَوْرَةُ الشَّرَابِ وُثُوبُه في الرأْس، و كذلك سَوْرَةُ الحُمَةِ وُثُوبُها. و سَوْرَةُ السُّلْطان: سطوته و اعتداؤه. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها ذكرت زينب فقالت: كُلُّ خِلَالِها محمودٌ ما خلا سَوْرَةً من غَرْبٍ.
أَي سَوْرَةً منْ حِدَّةٍ؛ و منه يقال لِلْمُعَرْبِدِ: سَوَّارٌ. و
في حديث الحسن: ما من أَحد عَمِلَ عَمَلًا إِلَّا سَارَ في قلبه سَوْرَتانِ.
و سارَ الشَّرَابُ في رأْسه سَوْراً و سُؤُوراً و سُؤْراً على الأَصل: دار و ارتفع. و السَّوَّارُ: الذي تَسُورُ الخمر في رأْسه سريعاً كأَنه هو الذي يسور؛ قال الأَخطل:
و شارِبٍ مُرْبِحٍ بالكَاسِ نادَمَني             لا بالحَصُورِ، و لا فيها بِسَوَّارِ

أَي بمُعَرْبِدٍ من سار إِذا وَثَبَ وَثْبَ المُعَرْبِدِ. و روي:
 ... و لا فيها بِسَأْآرِ
، بوزن سَعَّارِ بالهمز، أَي لا يُسْئِرُ في الإِناء سُؤْراً بل يَشْتَفُّه كُلَّه، و هو مذكور في موضعه؛ و قوله أَنشده ثعلب:
أُحِبُّهُ حُبّاً له سُوَّارى،             كَمَا تُحِبُّ فَرْخَهَا الحُبَارَى‏

فسره فقال: له سُوَّارَى أَي له ارتفاعٌ؛ و معنى‏
كما تحب فرخها الحبارى‏

: أَنها فيها رُعُونَةٌ فمتى أَحبت ولدها أَفرطت في الرعونة. و السَّوْرَةُ: البَرْدُ الشديد. و سَوْرَةُ المَجْد: أَثَرُه و علامته ارتفاعه؛ و قال النابغة:
و لآلِ حَرَّابٍ و قَدٍّ سَوْرَةٌ،             في المَجْدِ، لَيْسَ غُرَابُهَا بِمُطَارِ

و سارَ يَسُورُ سَوْراً و سُؤُوراً: وَثَبَ و ثارَ؛ قال الأَخطل يصف خمراً:
لَمَّا أَتَوْهَا بِمِصْبَاحٍ و مِبْزَلِهمْ،             سَارَتْ إِليهم سُؤُورَ الأَبْجَلِ الضَّاري‏

و ساوَرَهُ مُساوَرَة و سِوَاراً: واثبه؛ قال أَبو كبير:
... ذو عيث يسر             إِذ كان شَعْشَعَهُ سِوَارُ المُلْجمِ‏

و الإِنسانُ يُساوِرُ إِنساناً إِذا تناول رأْسه. و فلانٌ ذو سَوْرَةٍ في الحرب أَي ذو نظر سديد. و السَّوَّارُ من الكلاب: الذي يأْخذ بالرأْس. و السَّوَّارُ: الذي يواثب نديمه إِذا شرب. و السَّوْرَةُ: الوَثْبَةُ. و قد سُرْتُ إِليه أَي وثَبْتُ إِليه. و يقال: إِن لغضبه لسَوْرَةً. و هو سَوَّارٌ أَي وثَّابٌ مُعَرْبِدٌ. و
في حديث عمر: فكِدْتُ أُساوِرُه في الصلاة.
أَي أُواثبه و أُقاتله؛ و في قصيدة كعب بن زهير:
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ له             أَنْ يَتْرُكَ القِرْنَ، إِلا و هْو مَجْدُولُ‏

و السُّورُ: حائط المدينة، مُذَكَّرٌ؛ و قول جرير يهجو ابن جُرْمُوز:
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ             سُورُ المَدِينَةِ، و الجِبالُ الخُشَّعُ‏

فإِنه أَنث السُّورَ لأَنه بعض المدينة فكأَنه قال: تواضعت المدينة، و الأَلف و اللام في الخشع زائدة إِذا كان خبراً كقوله:
و لَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَات الأَوْبَرِ

و إِنما هو بنات أَوبر لأَن أَوبر معرفة؛ و كما أَنشد الفارسي عن أَبي زيد:

385
لسان العرب4

سور ص 384

يَا لَيْتَ أُمَّ العَمْرِ كانت صَاحِبي‏
أَراد أُم عمرو، و من رواه أُم الغمر فلا كلام فيه لأَن الغمر صفة في الأَصل فهو يجري مجرى الحرث و العباس، و من جعل الخشع صفة فإِنه سماها بما آلت إِليه. و الجمع أَسْوارٌ و سِيرَانٌ. و سُرْتُ الحائطَ سَوْراً و تَسَوَّرْتُه إِذا عَلَوْتَهُ. و تَسَوَّرَ الحائطَ: تَسَلَّقَه. و تَسَوَّرَ الحائط: هجم مثل اللص؛ عن ابن الأَعرابي: و
في حديث كعب بن مالك: مَشَيْتُ حتى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ أَبي قتادة.
أَي عَلَوْتُه؛ و منه‏
حديث شيبة: لم يَبْقَ إِلا أَنْ أُسَوِّرَهُ.
أَي أَرتفع إِليه و آخذه. و
في الحديث: فَتَساوَرْتُ لها.
؛ أَي رَفَعْتُ لها شخصي. يقال: تَسَوَّرْتُ الحائط و سَوَّرْتُه. و في التنزيل العزيز: إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ‏
؛ و أَنشد:
تَسَوَّرَ الشَّيْبُ و خَفَّ النَّحْضُ‏
و تَسَوَّرَ عليه: كَسَوَّرَهُ و السُّورَةُ: المنزلة، و الجمع سُوَرٌ و سُوْرٌ، الأَخيرة عن كراع، و السُّورَةُ من البناء: ما حَسُنَ و طال. الجوهري: و السُّوْرُ جمع سُورَة مثل بُسْرَة و بُسْرٍ، و هي كل منزلة من البناء؛ و منه سُورَةُ القرآن لأَنها منزلةٌ بعد منزلة مقطوعةٌ عن الأُخرى و الجمع سُوَرٌ بفتح الواو؛ قال الراعي:
هُنَّ الحرائِرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ،             سُودُ المحَاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ

قال: و يجوز أَن يجمع على سُوْرَاتٍ و سُوَرَاتٍ. ابن سيدة: سميت السُّورَةُ من القرآن سُورَةً لأَنها دَرَجَةٌ إِلى غيرها، و من همزها جعلها بمعنى بقية من القرآن و قِطْعَة، و أَكثر القراء على ترك الهمزة فيها؛ و قيل: السُّورَةُ من القرآن يجوز أَن تكون من سُؤْرَةِ المال، ترك همزه لما كثر في الكلام؛ التهذيب: و أَما أَبو عبيدة فإِنه زعم أَنه مشتق من سُورة البناء، و أَن السُّورَةَ عِرْقٌ من أَعراق الحائط، و يجمع سُوْراً، و كذلك الصُّورَةُ تُجْمَعُ صُوْراً؛ و احتج أَبو عبيدة بقوله:
 سِرْتُ إِليه في أَعالي السُّوْرِ

و روى الأَزهري بسنده عن أَبي الهيثم أَنه ردّ على أَبي عبيدة قوله و قال: إِنما تجمع فُعْلَةٌ على فُعْلٍ بسكون العين إِذا سبق الجمعَ الواحِدُ مثل صُوفَةٍ و صُوفٍ، و سُوْرَةُ البناء و سُوْرُهُ، فالسُّوْرُ جمع سبق وُحْدَانَه في هذا الموضع؛ قال الله عز و جل: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ
؛ قال: و السُّور عند العرب حائط المدينة، و هو أَشرف الحيطان، و شبه الله تعالى الحائط الذي حجز بين أَهل النار و أَهل الجنة بأَشرف حائط عرفناه في الدنيا، و هو اسم واحد لشي‏ء واحد، إِلا أَنا إِذا أَردنا أَن نعرِّف العِرْقَ منه قلنا سُورَةٌ كما نقول التمر، و هو اسم جامع للجنس، فإِذا أَردنا معرفة الواحدة من التمر قلنا تمرة، و كلُّ منزلة رفيعة فهي سُورَةٌ مأْخوذة من سُورَةِ البناء؛ و أَنشد للنابغة:
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الله أَعطاكَ سُورَةً،             تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ؟

معناه: أَعطاك رفعة و شرفاً و منزلة، و جمعها سُوْرٌ أَي رِفَعٌ. قال: و أَما سُورَةُ القرآن فإِنَّ الله، جل ثناؤه، جعلها سُوَراً مثل غُرْفَةٍ و غُرَفٍ و رُتْبَةٍ و رُتَبٍ و زُلْفَةٍ و زُلَفٍ، فدل على أَنه لم يجعلها من سُور البناء لأَنها لو كانت من سُور البناء لقال: فأْتُوا بِعَشْرِ سُوْرٍ مثله، و لم يقل: بِعَشْر

386
لسان العرب4

سور ص 384

سُوَرٍ
، و القراء مجتمعون على سُوَرٍ، و كذلك اجتمعوا على قراءة سُوْرٍ في قوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ
، و لم يقرأْ أَحد: بِسُوَرٍ، فدل ذلك على تميز سُورَةٍ من سُوَرِ القرآن عن سُورَةٍ من سُوْرِ البناء. قال: و كأَن أَبا عبيدة أَراد أَن يؤيد قوله في الصُّورِ أَنه جمع صُورَةٍ فأَخطأَ في الصُّورِ و السُّورِ، و حرَّفَ كلام العرب عن صيغته فأَدخل فيه ما ليس منه، خذلاناً من الله لتكذيبه بأَن الصُّورَ قَرْنٌ خلقه الله تعالى للنفخ فيه حتى يميت الخلق أَجمعين بالنفخة الأُولى، ثم يحييهم بالنفخة الثانية و الله حسيبه. قال أَبو الهيثم: و السُّورَةُ من سُوَرِ القرآن عندنا قطعة من القرآن سبق وُحْدانُها جَمْعَها كما أَن الغُرْفَة سابقة للغُرَفِ، و أَنزل الله عز و جل القرآن على نبيه، صلى الله عليه و سلم، شيئاً بعد شي‏ء و جعله مفصلًا، و بيَّن كل سورة بخاتمتها و بادئتها و ميزها من التي تليها؛ قال: و كأَن أَبا الهيثم جعل السُّورَةَ من سُوَرِ القرآن من أَسْأَرْتُ سُؤْراً أَي أَفضلت فضلًا إِلا أَنها لما كثرت في الكلام و في القرآن ترك فيها الهمز كما ترك في المَلَكِ و ردّ على أَبي عبيدة، قال الأَزهري: فاختصرت مجامع مقاصده، قال: و ربما غيرت بعض أَلفاظه و المعنى معناه. ابن الأَعرابي: سُورَةُ كل شي‏ء حَدُّهُ. ابن الأَعرابي: السُّورَةُ الرِّفْعَةُ، و بها سميت السورة من القرآن، أَي رفعة و خير، قال: فوافق قوله قول أَبي عبيدة. قال أَبو منصور: و البصريون جمعوا الصُّورَةَ و السُّورَةَ و ما أَشبهها صُوَراً و صُوْراً و سُوَراً و سُوْراً و لم يميزوا بين ما سبق جَمْعُهُ وُحْدَانَه و بين ما سبق وُحْدانُهُ جَمْعَه، قال: و الذي حكاه أَبو الهيثم هو قول الكوفيين «4» ... به، إِن شاء الله تعالى. ابن الأَعرابي: السُّورَةُ من القرآن معناها الرفعة لإِجلال القرآن، قال ذلك جماعة من أَهل اللغة. قال: و يقال للرجل سُرْسُرْ إِذا أَمرته بمعالي الأُمور. و سُوْرُ الإِبل: كرامها؛ حكاه ابن دريد؛ قال ابن سيدة: و أَنشدوا فيه رجزاً لم أَسمعه، قال أَصحابنا؛ الواحدة سُورَةٌ، و قيل: هي الصلبة الشديدة منها. و بينهما سُورَةٌ أَي علامة؛ عن ابن الأَعرابي. و السِّوارُ و السُّوَارُ القُلْبُ: سِوَارُ المرأَة، و الجمع أَسْوِرَةٌ و أَساوِرُ، الأَخيرة جمع الجمع، و الكثير سُوْرٌ و سُؤُورٌ؛ الأَخيرة عن ابن جني، و وجهها سيبويه على الضرورة، و الإِسْوَار «5». كالسِّوَارِ، و الجمع أَساوِرَةٌ. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على الإِسْوَارِ لغة في السِّوَارِ و نسب هذا القول إِلى أَبي عمرو بن العلاء؛ قال: و لم ينفرد أَبو عمرو بهذا القول، و شاهده قول الأَحوص:
 غادَةٌ تَغْرِثُ الوِشاحَ، و لا يَغْرَثُ             منها الخَلْخَالُ و الإِسْوَارُ

و قال حميد بن ثور الهلالي:
 يَطُفْنَ بِه رَأْدَ الضُّحَى و يَنُشْنَهُ             بِأَيْدٍ، تَرَى الإِسْوَارَ فِيهِنَّ أَعْجَمَا

و قال العَرَنْدَسُ الكلابي:
 بَلْ أَيُّها الرَّاكِبُ المُفْنِي شَبِيبَتَهُ،             يَبْكِي على ذَاتِ خَلْخَالٍ و إِسْوَارِ

و قال المَرَّارُ بنُ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيُّ:
كما لاحَ تِبْرٌ في يَدٍ لمَعَتْ بِه             كَعَابٌ، بَدا إِسْوَارُهَا و خَضِيبُها

__________________________________________________
 (4). كذا بياض بالأصل و لعل محله: و سنذكره في بابه.
 (5). قوله: [و الإسوار] كذا هو مضبوط في الأَصل بالكسر في جميع الشواهد الآتي ذكرها، و في القاموس الأسوار بالضم. قال شارحه و نقل عن بعضهم الكسر أَيضاً كما حققه شيخنا و الكل معرب دستوار بالفارسية.

387
لسان العرب4

سور ص 384

و قرئ: فلو لا أُلْقِيَ عليه أَساوِرَةٌ من ذهب. قال: و قد يكون جَمْعَ أَساوِرَ. و قال عز و جل: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ*
؛ و قال أَبو عَمْرِو بنُ العلاء: واحدها إِسْوارٌ. و سوَّرْتُه أَي أَلْبَسْتُه السِّوَارَ فَتَسَوَّرَ. و
في الحديث: أَ تُحِبِّينَ أَن يُسَوِّرَكِ اللهُ بِسوَارَيْنِ من نار؟.
السِّوَارُ من الحُلِيِّ: معروف. و المُسَوَّرُ: موضع السِّوَارِ كالمُخَدَّمِ لموضع الخَدَمَةِ. التهذيب: و أَما قول الله تعالى: أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ*
، فإِن أَبا إِسحاق الزجاج قال: الأَساور من فضة، و قال أَيضاً: فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ‏
؛ قال: الأَسَاوِرُ جمع أَسْوِرَةٍ و أَسْوِرَةٌ جمعُ سِوَارٍ، و هو سِوَارُ المرأَة و سُوَارُها. قال: و القُلْبُ من الفضة يسمى سِوَاراً [سُوَاراً] و إِن كان من الذهب فهو أَيضاً سِوارٌ [سُوَارٌ]، و كلاهما لباس أَهل الجنة، أَحلَّنا الله فيها برحمته. و الأُسْوَارُ و الإِسْوارُ: قائد الفُرْسِ، و قيل: هو الجَيِّدُ الرَّمْي بالسهام، و قيل: هو الجيد الثبات على ظهر الفرس، و الجمع أَسَاوِرَةٌ و أَسَاوِرُ؛ قال:
وَ وَتَّرَ الأَسَاوِرُ القِياسَا،             صُغْدِيَّةً تَنْتَزِعُ الأَنْفاسَا

و الإِسْوَارُ و الأُسْوَارُ: الواحد من أَسَاوِرَة فارس، و هو الفارس من فُرْسَانِهم المقاتل، و الهاء عوض من الياء، و كأَنَّ أَصله أَسَاوِيرُ، و كذلك الزَّنادِقَةُ أَصله زَنَادِيقُ؛ عن الأَخفش. و الأَسَاوِرَةُ: قوم من العجم بالبصرة نزلوها قديماً كالأَحامِرَة بالكُوفَةِ. و المِسْوَرُ و المِسْوَرَةُ: مُتَّكَأٌ من أَدَمٍ، و جمعها المَسَاوِرُ. و سارَ الرجلُ يَسُورُ سَوْراً ارتفع؛ و أَنشد ثعلب:
 تَسُورُ بَيْنَ السَّرْجِ و الحِزَامِ،             سَوْرَ السَّلُوقِيِّ إِلى الأَحْذَامِ‏

و قد جلس على المِسْوَرَةِ. قال أَبو العباس: إِنما سميت المِسْوَرَةُ مِسْوَرَةً لعلوها و ارتفاعها، من قول العرب سار إِذا ارتفع؛ و أَنشد:
سُرْتُ إِليه في أَعالي السُّورِ

أَراد: ارتفعت إِليه. و
في الحديث: لا يَضُرُّ المرأَة أَن لا تَنْقُضَ شعرها إِذا أَصاب الماء سُورَ رأْسها.
؛ أَي أَعلاه. و كلُّ مرتفع: سُورٌ. و
في رواية: سُورَةَ الرأْس.
و منه سُورُ المدينة؛ و
يروى: شَوَى رأْسِها.
جمع شَوَاةٍ، و هي جلدة الرأْس؛ قال ابن الأَثير: هكذا قال الهَرَوِيُّ، و قال الخَطَّابيُّ: و
يروى شَوْرَ الرَّأْسِ.
قال: و لا أَعرفه، قال: و أُراه شَوَى جمع شواة. قال بعض المتأَخرين: الروايتان غير معروفتين، و
المعروف: شُؤُونَ رأْسها.
و هي أُصول الشعر و طرائق الرَّأْس. و سَوَّارٌ و مُساوِرٌ و مِسْوَرٌ: أَسماء؛ أَنشد سيبويه:
دَعَوْتُ لِمَا نابني مِسْوَراً،             فَلَبَّى فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ

و ربما قالوا: المِسوَر لأَنه في الأَصل صفةٌ مِفْعَلٌ من سار يسور، و ما كان كذلك فلك أَن تدخل فيه الأَلف و اللام و أَن لا تدخلها على ما ذهب إِليه الخليل في هذا النحو. و
في حديث جابر بن عبد الله الأَنصاري: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال لأَصحابه: قوموا فقد صَنَعَ جابرٌ سُوراً.
؛ قال أَبو العباس: و إِنما يراد من هذا أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، تكلم بالفارسية. صَنَعَ سُوراً أَي طعاماً دعا الناس إِليه. و سُوْرَى، مثال بُشْرَى، موضع بالعراق من أَرض‏

388
لسان العرب4

سور ص 384

بابل، و هو بلد السريانيين.
سير:
السَّيْرُ: الذهاب؛ سارَ يَسِيرُ سَيْراً و مَسِيراً و تَسْياراً و مَسِيرةً و سَيْرورَةً؛ الأَخيرة عن اللحياني، و تَسْياراً يذهب بهذه الأَخيرة إِلى الكثرة؛ قال:
فَأَلْقَتْ عَصا التَّسْيارِ منها، و خَيَّمَتْ             بأَرْجاءِ عَذْبِ الماءِ، بِيضٌ مَحَافِرُهْ‏

و
في حديث حذيفة: تَسايَرَ عنه الغَضَبُ.
أَي سارَ و زال. و يقال: سارَ القومُ يَسِيرُون سَيْراً و مَسِيراً إِذا امتدّ بهم السَّيْرُ في جهة توجهوا لها. و يقال: بارك الله في مَسِيرِكَ أَي سَيْرِك؛ قال الجوهري: و هو شاذ لأَن قياس المصدر من فَعَلَ يَفْعِلُ مَفْعَلٌ، بالفتح، و الاسم من كل ذلك السِّيرَةُ. حكى اللحياني: إِنه لَحَسَنُ السِّيرَةِ؛ و حكى ابن جني: طريق مَسُورٌ فيه و رجل مَسُورٌ به، و قياس هذا و نحوه عند الخليل أَن يكون مما تحذف فيه الياء، و الأَخفش يعتقد أَن المحذوف من هذا و نحوه إِنما هو واو مفعول لا عينه، و آنسَهُ بذلك: قدْ هُوبَ و سُورَ به و كُولَ. و التَّسْيارُ: تَفْعَالٌ من السَّيْرِ. و سايَرَهُ أَي جاراه فتسايرا. و بينهما مَسِيرَةُ يوم. و سَيَّرَهُ من بلده: أَخرجه و أَجلاه. و سَيَّرْتُ الجُلَّ عن ظهر الدابة: نزعته عنه. و قوله‏
في الحديث: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهرٍ.
؛ أَي المسافة التي يسار فيها من الأَرض كالمَنْزِلَةِ و المَتْهَمَةِ، أَو هو مصدر بمعنى السَّيْرِ كالمَعِيشَةِ و المَعْجِزَةِ من العَيْشِ و العَجْزِ. و السَّيَّارَةُ: القافلة. و السَّيَّارَةُ: القوم يسيرون أُنث على معنى الرُّفْقَةِ أَو الجماعة، فأَما قراءَة من قَرأَ: تلتقطه بعض السَّيَّارةِ؛ فإِنه أَنث لأَن بعضها سَيَّارَةٌ. و قولهم: أَصَحُّ من عَيْر أَبي سَيَّارَةَ؛ هو أَبو سَيَّارَةَ العَدَواني كان يدفع بالناس من جَمْعٍ أَربعين سنة على حماره؛ قال الراجز:
خَلُّوا الطريقَ عن أَبي سَيَّارَهْ،             و عنْ مَوَالِيهِ بَني فَزارَهْ،
حَتَّى يُجِيزَ سالماً حِمارَهْ‏

و سارَ البعِيرُ و سِرْتُه و سارَتِ الدَّابة و سارَها صاحِبُها، يتعدّى و لا يتعدَّى. ابن بُزُرج: سِرْتُ الدابة إِذا ركبتها، و إِذا أَردت بها المَرْعَى قلت: أَسَرْتُها إِلى الكلإِ، و هو أَن يُرْسِلُوا فيها الرُّعْيانَ و يُقيمُوا هُمْ. و الدابة مُسَيَّرَةٌ إِذا كان الرجل راكبها و الرجل سائرٌ لها، و الماشية مُسَارَةٌ، و القوم مُسَيَّرُونَ، و السَّيْرُ عندهم بالنهار و الليل، و أَما السُّرَى فلا يكون إِلا ليلًا؛ و سارَ دابَّتَه سَيْراً و سَيْرَةً و مَسَاراً و مَسيراً؛ قال:
فاذْكُرَنْ مَوْضِعاً إِذا الْتَقَتِ الخَيْلُ،             و قدْ سارتِ الرِّجالَ الرِّجالا

أَي سارَت الخيلُ الرِّجالَ إِلى الرجال، و قد يجوز أَن يكون أَراد: و سارت إِلى الرجال بالرجال فحذف حرف الجر و نصب، و الأَول أَقوى. و أَسَارها و سَيَّرَها: كذلك. و سايَرَهُ: سار معه. و فلان لا تُسَايَرُ خَيْلاهُ إِذا كان كذاباً. و السَّيْرَةُ: الضَّرْبُ من السَّيْرِ. و السُّيَرَةُ: الكثير السَّيْرِ؛ هذه عن ابن جني. و السِّيْرَةُ: السُّنَّةُ، و قد سَارتْ و سِرْتُها؛ قال خالد بن زهير؛ و قال ابن بري: هو لخالد ابن أُخت أَبي ذؤيب، و كان أَبو

389
لسان العرب4

سير ص 389

ذؤيب يرسله إِلى محبوبته فأَفسدها عليه فعاتبه أَبو ذؤيب في أَبيات كثيرة فقال له خالد:
فإِنَّ التي فينا زَعَمْتَ و مِثْلَهَا             لَفِيكَ، و لكِنِّي أَرَاكَ تَجُورُها
تَنَقَّذْتَها من عِنْدِ وهبِ بن جابر،             و أَنتَ صفِيُّ النَّفْسِ منه و خِيرُها
 فلا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَها،             فَأَوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُها

يقول: أَنت جعلتها سائرة في الناس. و قال أَبو عبيد: سارَ الشي‏ءُ و سِرْتُه، فَعَمَّ؛ و أَنشد بيت خالد بن زهير. و السِّيرَةُ: الطريقة. يقال: سارَ بهم سِيْرَةً حَسَنَةً. و السَّيرَةُ: الهَيْئَةُ. و في التنزيل العزيز: سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى‏
. و سَيَّرَ سِيرَةً: حَدَّثَ أَحاديث الأَوائل. و سارَ الكلامُ و المَثَلُ في الناس: شاع. و يقال: هذا مَثَلٌ سائرٌ؛ و قد سَيَّرَ فلانٌ أَمثالًا سائرة في الناس. و سائِرُ الناس: جَمِيعُهم. و سارُ الشي‏ء: لغة في سَائِرِه. و سارُه: جميعه، يجوز أَن يكون من الباب لسعة باب [س ي ر] و أَن يكون من الواو لأَنها عين، و كلاهما قد قيل؛ قال أَبو ذؤيب يصف ظبية:
و سَوَّدَ ماءُ المَرْدِ فاهَا، فَلَوْنُهُ             كَلَوْنِ النَّؤُورِ، و هي أَدْماءُ سارُها

أَي سائرُها؛ التهذيب: و أَما قوله:
و سائرُ الناس هَمَجْ‏

فإِن أَهل اللغة اتفقوا على أَن معنى سائر في أَمثال هذا الموضع بمعنى الباقي، من قولك أَسْأَرْتُ سُؤْراً و سُؤْرَةً إِذا أَفضلتَها. و قولهم: سِرْ عَنْكَ أَي تغافلْ و احتَمِلْ، و فيه إِضمار كأَنه قال: سِرْ و دَعْ عنك المِراء و الشك. و السِّيرَةُ: المِيرَةُ. و الاسْتِيارُ: الامْتِيار؛ قال الراجز:
أَشْكُو إِلى اللهِ العزيزِ الغَفَّارْ،             ثُمَّ إِلَيْكَ اليومَ، بُعْدَ المُسْتَارْ

و يقال: المُسْتَارُ في هذا البيت مُفْتَعَلٌ من السَّيْرِ، و السَّيْرُ: ما يُقَدُّ من الجلد، و الجمع السُّيُورُ. و السَّيْرُ: ما قُدَّ من الأَدِيمِ طُولًا. و السِّيْرُ: الشِّرَاكُ، و جمعه أَسْيَارٌ و سُيُورٌ و سُيُورَةٌ. و ثوب مُسَيَّرٌ وَشْيُهُ: مثل السُّيُورِ؛ و في التهذيب: إِذا كان مُخَطَّطاً. و سَيَّرَ الثوب و السَّهْم: جَعَلَ فيه خُطوطاً. و عُقابٌ مُسَيَّرَةٌ: مُخَطَّطَةٌ. و السِّيْرَاءُ و السِّيَرَاءُ: ضَرْبٌ من البُرُودِ، و قيل: هو ثوب مُسَيَّرٌ فيه خُطوط تُعْمَلُ من القَزِّ كالسُّيورِ، و قيل: بُرُودٌ يُخالِطها حرير؛ قال الشماخ:
فقالَ إِزَارٌ شَرْعَبِيٌّ و أَرْبَعٌ             مِنَ السِّيَرَاءِ، أَو أَوَاقٍ نَواجِزْ

و قيل: هي ثياب من ثياب اليمن. و السِّيَرَاءُ: الذهب، و قيل: الذهب الصافي. الجوهري: و السِّيَرَاءُ، بكسر السين و فتح الياء و المدِّ: بُردٌ فيه خطوط صُفْرٌ؛ قال النابغة:
صَفْرَاءُ كالسِّيَرَاءِ أُكْمِلَ خَلْقُهَا،             كالغُصْنِ، في غُلَوَائِهِ، المُتَأَوِّدِ

و
في الحديث: أَهْدَى إِليه أُكَيْدِرُ دُومَةَ حُلَّةً سِيَرَاءَ.
؛ قال ابن الأَثير: هو نوع من البرود يخالطه حرير كالسُّيُورِ، و هو فِعَلاءُ من السَّيْرِ القِدِّ؛ قال: هكذا روي على هذه الصفة؛ قال: و قال بعض‏

390
لسان العرب4

سير ص 389

المتأَخرين إِنما هو على الإِضافة، و احتج بأَن سيبويه قال: لم تأْتِ فِعَلاءُ صفة لكن اسماً، و شَرَحَ السِّيَرَاءَ بالحرير الصافي و معناه حُلَّةَ حرير. و
في الحديث: أَعطى عليّاً بُرْداً سِيَرَاءَ قال: اجعله خُمُراً.
و
في حديث عمر: رأَى حلةً سِيَرَاء تُباعُ.
؛ و
حديثه الآخر: إِنَّ أَحَدَ عُمَّاله وفَدَ إِليه و عليه حُلَّة مُسَيَّرةٌ.
أَي فيها خطوط من إِبْرَيْسَمٍ كالسُّيُورِ. و السِّيَرَاءُ: ضَرْبٌ من النَّبْتِ، و هي أَيضاً القِرْفَةُ اللازِقَةُ بالنَّوَاةِ؛ و استعاره الشاعرِ لِخَلْبِ القَلْبِ و هو حجابه فقال:
نَجَّى امْرَأً مِنْ مَحلِّ السَّوْء أَن له،             في القَلْبِ منْ سِيَرَاءِ القَلْبِ، نِبْرَاسا

و السِّيَرَاءُ: الجريدة من جرائد النَّخْلِ. و من أَمثالهم في اليأْسِ من الحاجة قولهم: أَ سائِرَ اليومِ و قد زال الظُّهر؟ أَي أَ تطمع فيها بعد و قد تبين لك اليأْس، لأَنَّ من كَلَّ عن حاجتِه اليومَ بأَسْرِهِ و قد زال الظهر وجب أَن يَيْأَسَ كما يَيْأَسُ منه بغروب الشمس. و في حديث بَدْرٍ ذِكْرُ سَيِّرٍ، هو بفتح السين «1» و تشديد الياء المكسورة كَثَيِّبٍ،
بين بدر و المدينة، قَسَمَ عنده النبي، صلى الله عليه و سلم، غنائم بَدْرٍ.
و سَيَّارٌ: اسم رجل؛ و قول الشاعر:
و سَائِلَةٍ بِثَعْلَبَةَ بنِ سَيْرٍ،             و قد عَلِقَتْ بِثَعْلَبَةَ العَلُوقُ‏

أَراد: بثعلبة بن سَيَّارٍ فجعله سَيْراً للضرورة لأَنه لم يُمْكنه سيار لأَجل الوزن فقال سَيْرٍ؛ قال ابن بري: البيت للمُفَضَّل النُّكْرِي يذكر أَنَّ ثعلبة بن سَيَّار كان في أَسرِه؛ و بعده:
يَظَلُّ يُساوِرُ المَذْقاتِ فِينا،             يُقَادُ كأَنه جَمَلٌ زَنِيقُ‏

المَذْقاتُ: جمع مَذْقَة، اللبن المخلوط بالماء. و الزنيق: المزنوق بالحَبْلِ، أَي هو أَسِيرٌ عندنا في شدة من الجَهْدِ.
سيسنبر:
السِّيسَنْبَرُ: الرَّيْحَانَةُ التي يقال لها النَّمَّامُ، و قد جرى في كلامهم، و ليس بعربي صحيح؛ قال الأَعشى:
 لنا جُلَّسانٌ عِندَها و بَنَفْسَجٌ،             و سِيسَنْبَرٌ و المَرْزَجُوشُ مُنَمْنَمَا

فصل الشين المعجمة
شبر:
الشِّبْرُ: ما بين أَعلى الإِبهام و أَعلى الخِنْصر مذكر، و الجمع أَشْبارٌ؛ قال سيبويه: لم يُجاوزُوا به هذا البناء. و الشَّبْرُ، بالفتح: المصدر، مصدر شَبَرَ الثوبَ و غيرَهُ يَشْبُرُه و يَشْبِرُه شَبْراً كَالَهُ بِشِبْرِه، و هو من الشِّبْرِ كما يقال بُعْتُه من الباع. و هذا أَشْبَرُ من ذاك أَي أَوسَعُ شِبْراً. الليث: الشِّبْرُ الاسم و الشَّبْرُ الفِعْل. و أَشْبَرَ الرجلَ: أَعطاه و فضَّله، و شَبَرَه سيفاً و مالًا يَشْبُرُه شَبْراً و أَشْبَرَه: أَعطاه إِياه؛ قال أَوس بن حَجَرٍ يصف سيفاً:
و أَشْبَرَنِيهِ الهالِكيُّ، كأَنَّه             غَدِيرٌ جَرَتْ في مَتْنِهِ الرِّيحُ سَلْسَلُ‏

و يروى:
و أَشْبَرَنِيها ...

فتكون الهاء للدرع؛ قال ابن بري: و هو الصواب لأَنه يصف دِرْعاً لا سيفاً؛ و قبله:
__________________________________________________
 (1). قوله: [بفتح السين إلخ‏] تبع في هذا الضبط النهاية، و ضبطه في القاموس تبعاً للصاغاني و غيره كجبل، بالتحريك.

391
لسان العرب4

شبر ص 391

و بَيْضاءَ زَغْفٍ نَثْلَةٍ سُلَمِيَّةٍ،             لها رَفْرَفٌ فَوْقَ الأَنامِلِ مُرْسَلُ‏

الزَّغْفُ: الدِّرْعُ اللَّيِّنَةُ. و سُلَمِيَّة: من صنعة سليمان بن داود، عليهما السلام و الهالِكيُّ: الحداد، و أَراد به هاهنا الصَّيْقَلَ، و مصدره الشَّبْرُ إِلا أَن العجاج حركه للضرورة فقال:
الحمد لله الذي أَعطى الشَّبَرْ
كأَنه قال: أَعطى العَطِيَّة، و يروى:
... الحَبَرْ

؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده:
 فالحمد لله الذي أَعطى الحَبَرْ

قال: و كذا رَوَتْه الرُّواة في شعره. و الحَبَرُ: السرور؛ و قوله: إِن الأَصل فيه الشَّبْرُ و إِنما حركه للضرورة وهَمٌ لأَن الشَّبْرَ، بسكون الباء، مصدر شَبَرْتُه شَبْراً إِذا أَعطيتَه، و الشَّبَرُ، بفتح الباء، اسمُ العطية؛ و مثله الخَبْطُ و الخَبَطُ، و المصدر خَبَطَتْ الشجرة خَبْطاً، و الخَبَطُ: اسمُ ما سقَط من الورَق من الخَبْطِ؛ و مثله النَّفْضُ و النَّفَضُ، النَّفْضُ هو المصدر، و النَّفَضُ اسمُ ما نفضته؛ و كذلك جاء الشَّبَرُ في شعر عديّ في قوله:
 لم أَخُنْه و الذي أَعطى الشَّبَرْ

قال: و لم يقل أَحد من أَهل اللغة إِنه حرك الباء للضرورة لأَنه ليس يريد به الفعل و إِنما يريد به اسمَ الشي‏ء المُعطَى؛ و بعد بيت العجاج:
مَوَاليَ الحَقِّ أَنِ المَوْلى شَكَرْ             عَهْدَ نَبِيٍّ، ما عَفَا و ما دَثَرْ
و عهدَ صِدِّيقٍ رأَى برّاً فَبَرْ،             و عهدَ عُثْمَانَ و عهداً منْ عُمَرْ
و عهدَ إِخْوَانٍ هُمُ كانُوا الوَزَرْ،             و عُصبَةَ النبِيِّ إِذ خافوا الحَصَرْ
شَدّوا له سُلْطانَه حتى اقْتَسَرْ،             بالقَتْلِ، أَقْوَاماً، و أَقواماً أَسَرْ
 تَحْتَ التي اخْتَار له اللهُ الشَّجَرْ             محمداً، و اختارَهُ اللهُ الخِيَرْ
 فَمَا وَنى محمدٌ، مُذْ أَنْ غَفَرْ             له الإِلهُ ما مَضَى و ما غَبَرْ
 أَنْ أَظْهَرَ النُّورَ به حتى ظَهَرْ

و الشَّبَرُ: العطية و الخير؛ قال عدي بن زيد:
إِذ أَتاني نَبأٌ مِن مُنْعَمِرْ             لم أَخُنْه، و الذي أَعْطَى الشَّبَرْ «2».

و قيل: الشَّبْرُ و الشَّبَرُ لغتان كالقَدْرِ و القَدَرِ ابن الأَعرابي: الشِّبْرَة العطية. شَبَرْتُه و أَشْبَرْتُه و شَبَّرْتُه: أَعطيته، و هو الشَّبْرُ، و قد حُرِّك في الشعر. ابن الأَعرابي: شَبَرَ و شَبَّرَ إِذا قَدَّرَ. و شَبَّرَ أَيضاً إِذا بَطِرَ. و يقال: قصر الله شَبْرَك و شِبْرَك أَي قصر الله عُمْرَك و طُولَك. الفراء: الشَّبْرُ القَدّ، يقال: ما أَطول شَبْرَه أَي قَدَّه. و فلانٌ قصيرُ الشَّبْرِ. و الشَّبْرَة: القامة تكون قصيرة و طويلة. أَبو الهيثم: يقال شُبِّرَ فلان فَتَشَبَّرَ أَي عُظِّمَ فتعظَّمَ و قُرِّب فتقرّب. ابن الأَعرابي: أَشْبَرَ الرجلُ جاء ببنين طوال، و أَشْبَرَ: جاء ببنين قِصارِ الأَشبارِ. و تَشَابَرَ الفريقان إِذا تقاربا في الحرب كأَنه صار بينهما شِبْرٌ و مَدَّ كل واحد منهما إِلى صاحبه الشِّبْرَ. و الشَّبَرُ: شي‏ء يتعاطاه النصارى بعضهم لبعض كالقُرْبانِ يتقرّبون به، و قيل: هو القُرْبانُ بعينِهِ. و أَعطاها شَبْرَها أَي حق النكاح. و
في دعائه لعلي و فاطمة، رضوان الله عليهما: جمع‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [من منعمر] كذا بالنون، و هذا الضبط بالأصل.

392
لسان العرب4

شبر ص 391

الله شَمْلَكُما و بارك في شَبْرِكُما.
؛ قال ابن الأَثير: الشَّبْرُ في الأَصل العطاء ثم كُني به عن النكاح لأَن فيه عطاء. و شَبْرُ الجمل: طَرْقُه، و هو ضِرَابه. و
في الحديث: أَنه نهى عن شَبْرِ الجَمَلِ.
أَي أُجرة الضِّرَابِ. قال: و يجوز أَن يسمى به الضراب نفسه على حذف المضاف أَي عن كراء شَبْرِ الجَمَلِ؛ قال الأَزهري: معناه النهي عن أَخذ الكراء عن ضراب الفحل، و هو مثلُ النهي عن عَسْبِ الفحل، و أَصل العَسْب و الشَّبْرِ الضِّرابُ؛ و منه‏
قول يحيى بن يَعْمَرَ لرجل خاصمته امرأَته إِليه تطلب مهرها: أَ إِن سأَلتك ثَمَنَ شَكْرِها و شَبْرِك أَنشأْتَ تَطُلُّها و تَضْهَلُها؟.
أَراد بالشَّبْرِ النكاحَ، فشَكْرُها: بضْعُها؛ و شَبْرُه: وَطْؤه إِياها؛ و قال شمر: الشَّبْرُ ثواب البضع من مهر و عُقْرٍ. و شَبْرُ الجمل: ثواب ضِرَابه. و روي عن ابن المبارك أَنه قال: الشَّكْرُ القُوتُ، و الشَّبْرُ الجماع. قال شمر: القُبُل يقال له الشَّكْرُ؛ و أَنشد يصف امرأَة بالشرَف و بالعِفَّة و الحِرْفة:
صَنَاعٌ بإِشْفاها، حَصَانٌ بِشَكْرِها،             جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ، و العِرْقُ زَاخِرُ

ابن الأَعرابي: المَشْبُورَة المرأَة السَّخِيَّة الكريمة. قال ابن سيدة: فسر ابن الأَعرابي شَبْرَ الجمل بأَنه مثل عَسْب الفحل فكأَنه فسر الشي‏ء بنفسه؛ قال: و ذلك ليس بتفسير، و في طريق آخر نهى عن شَبْرِ الفحل. و رجل قصير الشِّبْرِ مُتَقاربُ الخَطْوِ؛ قالت الخنساء:
معاذَ الله يَرْضَعُنِي حَبَرْكَى،             قصِيرُ الشِّبْرِ من جُشَمِ بنِ بَكْرِ

و المَشْبَرُ و المَشْبَرَةُ: نَهْرٌ ينخفض فيتأَدى إِليه ما يفيض عن الأَرضِين. ابن الأَعرابي: قِبالُ الشِّبْرِ الحَيَّةُ و قِبَالُ الشَّسْعِ الحيَّة. و قال أَبو سعيدْ: المَشَابِرُ حُزُوزٌ في الذِّراعِ التي يُتَبايَعُ بها، منها حز الشِّبْر و حز نصف الشِّبْرِ و رُبْعِه، كلُّ جُزْءٍ منها صَغُر أَو كبر مَشْبَرٌ. و الشَّبَّورُ: شي‏ء ينفخ فيه، و ليس بعربي صحيح. و الشَّبُّور، على وزن التَّنُّور: البُوقُ، و يقال هو معرّب. و
في حديث الأَذان ذُكِرَ له الشَّبُّور.
؛ قال ابن الأَثير: جاء في تفسيره أَنه البُوقُ و فسروه أَيضاً بالقُبْعِ، و اللفظة عِبرانية. قال ابن بري: و لم يذكر الجوهري شَبَّر و شَبيراً في اسم الحسن و الحُسين، عليهما السلام؛ قال: و وجدت ابن خالويه قد ذكر شرحهما فقال:
شَبَّرُ و شَبِيرٌ و مُشَبِّرٌ هم أَولاد هارون، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، و معناها بالعربية حسن و حسين و مُحَسِّن، قال: و بها سَمَّى علي، عليه السلام، أَولاده شَبَّرَ و شَبِيراً و مُشَبِّراً يعني حسناً و حسيناً و مُحَسِّناً، رضوان الله عليهم أَجمعين.
شتر:
التهذيب: الشَّتَرُ انقلابٌ في جفن العين قلما يكون خلقة. و الشَّتْرُ، مخففةً: فِعْلك بها. ابن سيدة: الشَّتَرُ انقلاب جَفْنِ العين من أَعلى و أَسفل و تَشَنُّجُه، و قيل: هو أَن ينشَقَّ الجفن حتى ينفصل الحَتَارُ، و قيل: هو استرخاء الجفن الأَسفل؛ شَتِرَتْ عينُه شَتَراً و شَتَرَها يَشْتُرُها شَتْراً و أَشْتَرَها و شَتَّرَها. قال سيبويه: إِذا قلت شَتَرْتُهُ فإِنك لم تَعْرِضْ لِشتر و لو عَرَضْتَ لِشترَ لقلتَ أَشْتَرْتُه. الجوهري: شَتَرْتُه أَنا مثل ثَرِم و ثَرَمْتُه أَنا و أَشْتَرْتُه أَيضاً، و انشَتَرتْ عينُه. و رجل أَشْتَرُ: بَيِّنُ الشَّتَرِ، و الأُنثى شَتْراء. و قد شَتِر

393
لسان العرب4

شتر ص 393

يَشْتَرُ شَتَراً و شُتِرَ أَيضاً مثل أَفِنَ و أُفِنَ. و
في حديث قتادة: في الشَّتَرِ ربع الدية.
و هو قطع الجفن الأَسفل و الأصل انقلابُه إِلى أَسفل. و الشَّتْرُ: من عَروض الهَزَجِ أَن يدخله الخَرْمُ و القَبْضُ فيصير فيه مفاعيلن فاعل كقوله:
قلتُ: لا تَخَفْ شيّا،             فما يكونُ يأْتيكا

و كذلك هو في جزء المضارع الذي هو مفاعيلن، و هو مشتق من شَتَرِ العين، فكأَن البيت قد وقع فيه من ذهاب الميم و الياء ما صار به كالأَشْتَرِ العيْن. و الشَّتَرُ: انشقاق الشفة السفلى، شَفَة شَتْراء. و شَتَّرَ بالرجل تَشْتِيراً: تَنَقَّصَه و عابه و سبَّه بنظم أَو نثر. و
في حديث عمر: لو قَدَرْتُ عليهما لشَتَّرْتُ بهما.
أَي أَسمعتهما القبيح، و يروى بالنون، من الشَّنَارِ، و هو العار و العيب. و شَتَرَه: جَرَحَهُ؛ و يروى بيت الأَخطل:
رَكُوبٌ على السَّوْآتِ قد شَتَرَ اسْتَهُ             مُزَاحَمَةُ الأَعداءِ، و النَّخْسُ في الدُّبُرْ

و شَتَّرْت به تَشْتِيراً و سَمَّعْتُ به تسميعاً و نَدَّدْتُ به تنديداً، كل هذا إِذا أَسمعتَه القبيح و شتمتَه. قال أَبو منصور: و كذلك قال ابن الأَعرابي و أَبو عمرو: شَتَّرْت، بالتاء؛ و كان شمر أَنكر هذا الحرف و قال: إِنما هو شَنَّرْتُ، بالنون؛ و أَنشد:
و باتَتْ تُوَقِّي الرُّوحَ، و هي حَرِيصَةٌ             عليه، و لكنْ تَتَّقِي أَنْ تُشَنَّرَا

قال الأَزهري: جعله من الشَّنَارِ و هو العيب، و التاء صحيح عندنا. و قال ابن الأَعرابي: شَتِرَ انقطع، و شُتِرَ انقطع. و شَتَرَ ثوبه: مَزَّقَهُ. و الأَشْتَرَانِ: مالك و ابنه. و شُتَيْرُ بن خالد: رجل من أَعْلام العرب كان شريفاً؛ قال:
أَ وَالِبَ لا فانْهَ شُتَيْرَ بنَ خالِدٍ             عن الجَهْلِ لا يَغْرُرْكُمُ بِأَثَامِ‏

و
في حديث علي، عليه السلام، يوم بدر: فقلتُ قريبٌ مَفَرُّ ابن الشَّتْرَاءِ.
؛ قال ابن الأَثير: هو رجل كان يقطع الطريق يأْتي الرُّفقة فيدنو منهم حتى إِذا هَمُّوا به نأَى قليلًا ثم عاوَدَهم حتى يصيب منهم غِرَّة، المعنى: أَن مَفَرَّه قريب و سيعود، فصار مثلًا. و شُتَيْرٌ: موضع؛ أَنشد ثعلب:
و على شُتَيْر راحَ مِنَّا رائحٌ،             يأْتي قَبِيصَةَ كالفَنِيق المُقْرَمِ‏

شتعر:
الشَّيْتَعُور: الشَّعِيرُ؛ عن ابن دريد: و قال ابن جني: إِنما هو الشَّيْتَغُور، بالغين المعجمة.
شتغر:
الشَّيْتَغُور: الشعير، و قد تقدم قبل ذلك بالعين المهملة.
شجر:
الشَّجَرَة الواحدة تجمع على الشَّجَر و الشَّجَرَات و الأَشْجارِ، و المُجْتَمِعُ الكثيرُ منه في مَنْبِتِه: شَجْرَاءُ. الشَّجَر و الشِّجَر من النبات: ما قام على ساق؛ و قيل: الشِّجَر كل ما سما بنفسه، دَقَّ أَو جلَّ، قاوَمَ الشِّتاءَ أَو عَجَزَ عنه، و الواحدة من كل ذلك شَجَرَة و شِجَرَة، و قالوا شِيَرَةٌ فأَبدلوا، فإِمَّا أَن يكون على لغة من قال شِجَرَة، و إِمَّا أَن تكون الكسرة لمجاورتها الياء؛ قال:
تَحْسَبُه بين الأَكامِ شِيَرَهْ‏

و قالوا في تصغيرها: شِيَيْرَة و شُيَيْرَة. قال و قال مرة: قلبت الجيم ياء في شِيَيْرَة كما قلبوا الياء جيماً في قولهم أَنا تَمِيمِجٌّ أَي تميميّ، و كما
روي عن ابن مسعود: على كل غَنِجٍّ.
يريد غَنِيٍّ؛ هكذا حكاه‏

394
لسان العرب4

شجر ص 394

أَبو حنيفة، بتحريك الجيم، و الذي حكاه سيبويه أَن ناساً من بني سعد يبدلون الجيم مكان الياء في الوقف خاصة، و ذلك لأَن الياء خفيفة فأَبدلوا من موضعها أَبْين الحروف، و ذلك قولهم تَمِيمِجْ في تَمِيميْ، فإِذا وصلوا لم يبدلوا؛ فأَما ما أَنشده سيبويه من قولهم:
خالي عُوَيْفٌ و أَبو عَلِجِّ،             المُطْعِمانِ اللحمَ بالعَشِجِّ،
و في الغَداةِ فِلَقَ البَرْنِجِ‏

فإِنه اضطر إِلى القافية فأَبدل الجيم من الياء في الوصل كما يبدلها منها في الوقف. قال ابن جني: أَما قولهم في شَجَرَة شِيَرَة فينبغي أَن تكون الياء فيها أَصلًا و لا تكون مبدلة من الجيم لأَمرين: أَحدهما ثبات الياء في تصغيرها في قولهم شُيَيْرَة و لو كانت بدلًا من الجيم لكانوا خُلَقَاء إِذا حَقَّروا الاسم أَن يردّوها إِلى الجيم ليدلوا على الأَصل، و الآخر أَن شين شَجَرة مفتوحة و شين شِيرَةَ مكسورة، و البدل لا تغير فيه الحركات إِنما يوقع حرف موضع حرف. و لا يقال للنخلة شجرة؛ قال ابن سيدة: هذا قول أَبي حنيفة في كتابه الموسوم بالنبات. و أَرض شَجِرَة و شَجِيرة و شَجْرَاء: كثيرة الشَّجَرِ. و الشَّجْراءُ: الشَّجَرُ، و قيل: اسم لجماعة الشَّجَر، و واحد الشَّجْراء شَجَرَة، و لم يأْت من الجمع على هذا المثال إِلَّا أَحرف يسيرة: شَجَرَة و شَجراء، و قَصَبَة و قَصْباء، و طَرَفة و طَرْفاء، و حَلَفَة و حَلْفاء؛ و كان الأَصمعي يقول في واحد الحلفاء حَلِفة، بكسر اللام، مُخالفة لأَخَواتها. و قال سيبويه: الشَّجْراء واحد و جمع، و كذلك القَصْباء و الطَّرْفاء و الحَلْفاء. و
في حديث ابن الأَكوع: حتى كنت «1». في الشَّجْراء.
أَي بين الأَشجار المُتَكاثِفَة، قال ابن الأَثير: هو الشَّجَرة كالقَصْباء للقَصَبة، فهو اسم مفرد يراد به الجمع، و قيل: هو جمع، و الأَول أَوجه. و المَشْجَرُ: مَنْبِت الشَجر. و المَشْجَرَة: أَرض تُنبِت الشجر الكثير. و المَشْجَر: موضع الأَشجار و أَرض مَشْجَرَة: كثيرة الشجر؛ عن أَبي حنيفة. و هذا المكان الأَشْجَرُ من هذا أَي أَكثر شَجَراً؛ قال: و لا أَعرف له فِعْلًا. و هذه الأَرض أَشجر من هذه أَي أَكثر شَجَراً. و وادٍ أَشْجَرُ و شَجِيرٌ و مُشْجرٌ: كثير الشجر. الجوهري: وادٍ شَجِيرٌ و لا يقال وادٍ أَشْجَرُ. و
في الحديث: و نأَى بي الشَّجَرُ.
؛ أَي بَعُدَ بيَ المرعَى في الشَّجَر. و أَرض عَشِبَة: كثيرة العُشْب، و بَقِيلة و عاشِبَة و بَقِلة و ثَمِيرة إِذا كان ثَمَرَتها «2». و أَرض مُبْقِلَة و مُعْشِبَة. التهذيب: الشجر أَصناف، فأَما جِلُّ الشجر فَعِظامُه التي تبقى على الشِّتاء، و أَما دِقُّ الشجر فصنفان: أَحدهما يبقى له أَرُومة في الأرض في الشِّتاء، و يَنْبُت في الربيع، و منه ما يَنْبُت من الحَبَّة كما تَنْبُتُ البقُول، و فرق ما بين دِقِّ الشجر و البقل أَن الشجر له أَرُومة تبقى على الشتاء و لا يبقى للبقْل شي‏ء، و أَهل الحجاز يقولون هذه الشجر، بغير هاء، و هم يقولون هي البُرُّ و هي الشَّعير. و هي التمر، و يقولون هي الذهب لأَن القطعة منه ذهَبَة؛ و بِلُغَتهم نزل قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها؛ فأَنَّثَ. ابن السكيت: شاجَرَ المالُ إِذا رَعَى العُشْبَ و البَقْلَ فلم يُبْق منها شيئاً فصار إِلى الشجر يرعاه؛ قال الراجز يصف إِبلًا:
__________________________________________________
 (1). قوله: [حتى كنت‏] الذي في النهاية فإِذا كنت.
 (2). قوله: [إِذا كان ثمرتها] كذا بالأَصل و لعل فيها تحريفاً أَو سقطاً، و الأَصل إِذا كثرت ثمرتها أَو إذا كانت ثمرتها كثيرة أَو نحو ذلك.

395
لسان العرب4

شجر ص 394

تَعْرِفُ في أَوْجُهِها البشائِرِ             آسانَ كلِّ آفقٍ مُشاجِرِ

و كل ما سُمِك و رُفِعَ، فقد شُجِرَ. و شَجَرَ الشجَرة و النبات شَجْراً: رَفَع ما تَدَلَّى من أَغصانها. التهذيب قال: و إِذا نزلتْ أَغصانُ شَجَرٍ أَو ثوب فرفعته و أَجفيتَه قلت شَجَرْته، فهو مَشْجُور؛ قال العجاج:
رَقَّعَ من جِلالِه المَشْجُور
و المُشَجَّرُ من التَّصَاوير: ما كان على صفة الشجر. و ديباج مُشَجَّرٌ: نَقْشُه على هيئة الشجر. و الشجرة التي بويع تحتها سيدُنا رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، قيل كانت سَمُرَة. و
في الحديث: الصَّخْرةُ و الشجَرة من الجنة.
قيل: أَراد بالشجرة الكَرْمَة، و قيل: يحتمل أَن يكون أَراد بالشجرة شَجَرَة بَيْعَة الرِّضوان لأَن أَصحابها اسْتَوجَبوا الجنة. و اشْتَجَرَ القومُ: تخالفوا: و رماح شواجِرُ و مُشْتَجِرة و مُتَشاجِرَة: مُخْتلفةٌ مُتَداخلة. و شَجَر بينهم الأَمْرُ يَشْجُرُ شَجْراً «1». تنازعوا فيه. و شَجَر بين القوم إِذا اختلف الأَمر بينهم. و اشْتَجَرَ القوم و تَشاجَرُوا أَي تنازعوا. و المُشاجَرة: المنازعة. و في التنزيل العزيز: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏
؛ قال الزجاج: أَي فيما وقع من الاختلاف في الخصومات حتى اشْتَجَرُوا و تشاجَرُوا أَي تشابَكُوا مختلفين. و
في الحديث: إِياكم و ما شَجَرَ بين أَصحابي.
؛ أَي ما وقع بينهم من الاختلاف. و
في حديث أَبي عمرو النخعي: و ذكَرَ فتنة يَشْتَجِرون فيها اشْتِجارَ أَطْباق الرَّأْس.
؛ أَراد أَنهم يشتبكون في الفتنة و الحرب اشْتباك أَطْباق الرَّأْس، و هي عظامه التي يدخل بعضُها في بعض؛ و قيل: أَراد يختلفون كما تَشْتَجِرُ الأَصابع إِذا دخل بعضها في بعض. و كلُّ ما تداخل، فقد تشاجَر و اشْتَجَرَ. و يقال: التَقَى فئتان فتشاجَرُوا برماحهم أَي تشابكوا. و اشْتَجَرُوا بِرِماحِهِم و تشاجَرُوا بالرِّماح: تطاعنوا. و شجَرَ: طَعن بالرُّمح. و شَجَره بالرمح: طعنه. و
في حديث الشُّرَاة: فَشَجَرْناهم بالرماح.
: أَي طعنَّاهم بها حتى اشتبكتْ فيهم، و كذلك كل شي‏ء يأْلَفُ بعضُه بعضاً، فقد اشْتَبك و اشْتَجَر. و سمي الشجَرُ شَجَراً لدخول بعض أَغصانه في بعض؛ و من هذا قيل لِمَراكبِ النِّساء: مَشاجِرُ، لِتشابُك عِيدان الهَوْدَج بعضِها في بعض. و شَجَرَهُ شَجْراً: رَبَطَه. و شَجَرَه عن الأَمر يَشْجُرهُ شَجْراً: صرفه. و الشَّجْرُ: الصَّرْف. يقال: ما شَجَرَك عنه؟ أَي ما صَرَفك؛ و قد شَجَرَتْني عنه الشَّواجر. أَبو عبيد: كلُّ شي‏ء اجتمع ثم فَرَّق بينه شي‏ء فانفرق يقال له: شُجِرَ؛ و قول أَبي وَجْزَة:
طَافَ الخَيالُ بنا وَهْناً، فأَرَّقَنَا،             من آلِ سُعْدَى، فباتَ النومُ مُشْتَجِرَا

معنى اشْتِجار النوم تَجافيه عنه، و كأَنه من الشَّجِير و هو الغَرِيبُ؛ و منه شَجَرَ الشي‏ءَ عن الشي‏ء إِذا نَحَّاه؛ و قال العجاج:
شَجَرَ الهُدَّابَ عنه فَجفَا
أَي جافاه عنه فَتَجَافى، و إِذا تَجافى قيل: اشْتَجَر و انْشَجَر. و الشَّجْرُ: مَفْرَجُ الفَم، و قيل: مُؤَخَّرُه، و قيل: هو الصَّامِغ، و قيل: هو ما انفتح من مُنْطَبِقِ الفَم، و قيل: هو مُلْتَقَى اللِّهْزِمَتَيْن، و قيل: هو ما بين اللَّحْيَيْن. و شَجْرُ الفرس: ما بين أَعالي‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و شجر بينهم الأَمر شجراً] في القاموس و شجر بينهم الأَمر شجوراً.

396
لسان العرب4

شجر ص 394

لَحْيَيْه من مُعْظَمها، و الجمع أَشْجَار و شُجُور. و اشْتَجَر الرجل: وضع يده تحت شَجْرِهِ على حَنَكه؛ قال أَبو ذؤيب:
نامَ الخَلِيُّ و بِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً،             كأَن عَيْنَيَّ فيها الصَّابُ مَذْبُوحُ‏

مذبوح: مَشْقُوق. أَبو عمرو: الشَّجْرُ ما بين اللَّحْيَيْنِ. غيره: بات فلان مُشْتَجِراً إِذا اعتمد بشَجْرِهِ على كفه. و
في حديث العباس قال: كنت آخذاً بِحَكَمَةِ بغلة رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يوم حُنَين و قد شَجَرْتُها بها.
أَي ضَربْتُها بلجامها أَكُفُّها حتى فتحتْ فاها؛ و
في رواية: و العباس يَشْجُرها أَو يَشْتَجِرُها بلجامها.
؛ قال ابن الأَثير: الشَّجْر مَفْتَح الفم، و قيل: هو الذَّقَن. و
في حديث سعد «2»
. أَنَّ أُمَّه قالت له: لا أَطْعَمُ طَعاماً و لا أَشرب شراباً أَو تكفُرَ بمحمد قال: فكانوا إذا أَرادوا أَن يطعموها أَو يَسْقُوهَا شَجَرُوا فاها.
أَي أَدْخَلوا في شَجْرِه عُوداً ففتحوه. و كل شي‏ء عَمَدته بِعماد، فقد شَجَرْتَه. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها، في إِحدى الروايات: قُبض رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، بين شَجْرِي و نَحْرِي.
؛ قيل: هو التشبيك، أَي أَنها ضَمَّته إِلى نحرها مُشبِّكَة أَصابعها. و
في حديث بعض التابعين: تَفَقَّدْ في طهارَتِكَ كذا و كذا و الشِّاكِلَ و الشَّجْرَ.
أَي مُجْتَمَعَ اللَّحْيَيْن تحت العَنْفَقَة. و الشِّجارُ: عود يُجعل في فم الجَدْي لئلا يَرْضَع أُمَّه. و الشَّجْرُ من الرَّحْل: ما بين الكَرَّيْنِ، و هو الذي يَلْتَهِم ظهر البعير. و المِشْجَرُ، بكسر الميم: المِشْجَب، و في المحكم: المَشْجَر أَعواد تربط كالمِشْجَب يوضع عليها المتاع. و شَجَرْت الشي‏ء: طرحتُه على المِشْجَر، و هو المِشْجَب. و المِشْجَر و المَشْجَر و الشِّجار و الشَّجار: عود الهودج، واحدتها مِشْجَرة [مَشْجَرة] و شِجَارة، و قيل: هو مَرْكَب أَصغر من الهودج مكشوفُ الرأْس. التهذيب: و المِشْجَر مركب من مراكب النساء؛ و منه قول لبيد:
 و أَرْثَدَ فارسُ الهَيْجا، إِذا ما             تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بالقيام‏

الليث: الشِّجار خشب الهودج، فإِذا غُشِّيَ غِشَاءَه صار هَوْدَجاً. الجوهري: و المَشَاجر عيدان الهودج، و قال أَبو عمرو: مراكب دون الهوادج مكشوفةُ الرأْس، قال: و يقال لها الشُّجُرُ أَيضاً، الواحد شِجار «3». و
في حديث حُنَين: و دُرَيْدُ بن الصِّمَّة يومئذٍ في شِجار له.
؛ هو مركب مكشوف دون الهودج، و يقال له مِشْجَر [مَشْجَر] أَيضاً. و الشِّجارُ: خشب البئر؛ قال الراجز:
لَتَرْوَيَنْ أَو لَتَبِيدَنَّ الشُّجُرْ

و الشِّجارُ: سِمَةٌ من سمات الإِبل. و الشِّجارُ: الخشبة التي يُضَبَّب بها السرير من تحت، يقال لها بالفارسية المَتَرْس. التهذيب: و الشِّجار الخشبة التي توضع خَلْف الباب، يقال لها بالفارسية المَتَرْس، و بخط الأَزهري مَتَّرس، بفتح الميم و تشديد التاء؛ و أَنشد الأَصمعي:
لو لا طُفَيْلٌ ضاعتِ الغَرائرُ،             و فاءَ، و المُعْتَقُ شي‏ء بائرُ،
غُلَيِّمٌ رَطْلٌ و شَيْخٌ دامِرُ،             كأَنما عِظامُنا المَشَاجِرُ

و الشِّجارُ: الهَوْدَجُ الصغير الذي يكفي واحداً حَسْب.
__________________________________________________
 (2). قوله: [و في حديث سعد] الذي في النهاية حديث أَم سعد.
 (3). قوله: [الواحد شجار] بفتح أَوله و كسره و كذلك المشجر كما في القاموس.

397
لسان العرب4

شجر ص 394

و الشَّجيرُ: الغريبُ من الناس و الإِبل. ابن سيدة: و الشَّجِيرُ الغريبُ و الصاحبُ، و الجمع شُجَراء. و الشَّجِيرُ: قِدْح يكون مع القِدَاح غريباً من غير شَجَرَتِها؛ قال المتنخل:
و إِذا الرِّياحُ تَكَمَّشَتْ             بِجَوانِبِ البَيْتِ القَصِيرِ،
أَلْفَيْتَني هَشَّ اليَدَينِ             بِمَرْي قِدْحي، أَو شَجِيرِي‏

و القِدْحُ الشَّجِيرُ: هو المستعار الذي يُتَيَمَّنُ بِفَوْزِهِ و الشَّرِيجُ: قِدْحُهُ الذي هو له. يقال: هو شَرِيجُ هذا و شِرْجُهُ أَي مثله. و الشَّجِيرُ: الردِي‏ءُ؛ عن كراع. و الانْشِجارُ و الاشْتِجارُ: التقدّم و النَّجاء؛ قال عُوَيْفٌ الهُذَليُّ:
عَمْداً تَعَدَّيْنَاكَ، و انْشَجَرَتْ بِنَا             طِوالُ الهَوادِيُ مُطْبَعَاتٌ مِنَ الوِقْرِ

و يروى: و اشْتَجَرَتْ. و الاشتجارُ أَن تَتَّكِئَ على مَرْفِقِكَ و لا تَضَعَ جَنْبَكَ على الفراش. و التَّشْجيرُ في النخلِ: أَن تُوضَعَ العُذُوقُ على الجريد، و ذلك إِذا كثر حمل النخلة و عَظُمَتِ الكَبائِسُ فَخِيفَ على الجُمَّارَةِ أَو على العُرْجُونِ. و الشَّجِيرُ: السَّيفُ. و شَجَرَ بيته أَي عَمَدَه بِعَمُودٍ. و يقال: فلان من شَجَرَةٍ مباركة أَي من أَصل مبارك. ابن الأَعرابي: الشَّجْرَةُ النُّقْطَةُ الصغيرة في ذَقَنِ الغُلامِ.
شحر:
شَحَرَ فاه شَحْراً: فتحه؛ قال ابن دريد: أَحسبها يمانية. و الشِّحْرُ: ساحل اليمن، قال الأَزهري: في أَقصاها، و قال ابن سيدة: بينها و بين عُمانَ. و يقال: شِحْرُ عُمانَ و شَحْرُ عُمان، و هو ساحل البحر بين عُمان و عَدَنٍ؛ قال العجاج:
رَحَلْتُ مِنْ أَقْصَى بِلادِ الرُّحَّلِ،             من قُلَلِ الشِّحْرِ فَجَنْبَيْ مَوْكَلِ‏

ابن الأَعرابي: الشِّحْرَةُ الشَّطُّ الضَّيِّقُ، و الشِّحْرُ الشط. ابن سيدة: الشَّحِيرُ ضَرْبٌ من الشجر؛ حكاه ابن دريد، قال: و ليس بثَبَتٍ. و الشُّحْرُورُ: طائر أَسودُ فُوَيْقَ العُصفور يصوّت أَصواتاً.
شحشر:
الشَّحْشَار: الطويل.
شخر:
الشَّخِيرُ: صَوْتٌ من الحَلْقِ، و قيل: من الأَنف، و قيل: من الفم دون الأَنف. و شَخِيرُ الفرس: صَوْتُه من فمه، و قيل: هو من الفرس بَعْدَ الصَّهِيل، شَخَرَ يَشْخِرُ شَخْراً و شَخِيراً، و قيل: الشَّخْرُ كالنَّخْرِ. الصحاح: شَخَرَ الحمارُ يَشْخِرُ، بالكسر، شَخِيراً. الأَصمعي: من أَصوات الخيل الشَّخِيرُ و النَّخِيرُ و الكَرِيرُ، فالشخير من الفم، و النخير من المنخرين، و الكرير من الصدر؛ و رجل شِخِّيرٌ نِخِّيرٌ. و الشَّخِيرُ أَيضاً: رَفْعُ الصَّوْتِ بالنَّخْرِ. و حمار شِخِّيرٌ: مُصَوِّتٌ. و الشَّخِيرُ: ما تَحَاتَّ من الجبل بالأَقدام و الحوافر؛ قال الشاعر:
بِنُطْفَةِ بَارِقٍ في رأْسِ نِيقٍ             مُنِيفٍ، دُونَها مِنْهُ شَخِيرُ

قال أَبو منصور: لا أَعرف الشَّخِيرَ بهذا المعنى إِلَّا أَن يكون الأَصل فيه خَشِيراً فقلب. أَبو زيد: يقال لما بين الكَرَّيْنِ من الرَّحْلِ شَرْخٌ و شَخْرٌ، و الكَرُّ: ما ضَمَّ الظَّلِفَتَيْنِ؛ أَنشد الباهلي قول العجاج:

398
لسان العرب4

شخر ص 398

إِذا اثْبَجَرّا من سَوادٍ حَدَجَا،             و شَخَرَا اسْتِنفاضَةً و نَشَجَا

قال: الاثبجرار أَن يقوم و ينقبض، يعني الحمار و الأَتان. قال: و شخرا نفضا بجحافلهما. و استنفاضة أَي ينفضان ذلك الشخص ينظران ما هو. و النَّشِيجُ: صَوتٌ من الصدر. و شَخْرُ الشَّباب: أَوَّله و جِدَّتُه كَشَرْخِهِ و الأَشْخَرُ: ضَرْبٌ من الشَّجَرِ. و الشِّخِّير، بكسر الشين: اسم. و مطرّف بن عبد الله بن الشِّخِّيرِ، مثال الفِسِّيق، لأَنه ليس في كلام العرب فَعِّيلٌ و لا فُعِّيلٌ.
شخدر:
شَخْدَرٌ: اسم.
شذر:
الشَّذْر: قِطَعٌ من الذهب يُلْقَطُ من المعْدِن من غير إِذابة الحجارة، و مما يصاغ من الذهب فرائد يفصل بها اللؤلؤ و الجوهر. و الشَّذْرُ أَيضاً: صغار اللؤلؤ، شبهها بالشذر لبياضها. و قال شمر: الشَّذْرُ هَنَاتٌ صِغار كأَنها رؤوس النمل من الذهب تجعل في الخَوْقِ و قيل: هو خَرَزٌ يفصل به النَّظْمُ، و قيل: هو اللؤلؤ الصغير، واحدته شَذْرَةٌ؛ قال الشاعر:
ذَهَبَ لَمَّا أَنْ رآها ثُرْمُلَهْ،             و قالَ: يا قَوْم رَأَيْتُ مُنْكَرَه،
شَذْرةَ وَادٍ، وَ رَأَيْتُ الزُّهَرَهْ‏

و أَنشد شَمِرٌ للمَرَّارِ الأَسَدِيّ يصف ظَبْياً:
أَتَيْنَ على اليَمِينِ، كَأَنَّ شَذْراً             تَتابَعَ في النِّظامِ لَه زَلِيلُ‏

و شَذَّرَ النَّظْمَ: فَصَّلَهُ. فأَما قولهم: شَذَّر كلامَه بِشِعْرٍ، فمولَّد و هو على المَثَلِ. و التَّشَذُّرُ: النَّشاطُ و السُّرْعة في الأَمر. و تَشَذَّرَتِ الناقةُ إِذا رأَت رِعْياً يَسُرُّها فحرّكت برأْسها مَرَحاً و فَرَحاً. و التَّشَذُّر: التَّهَدُّدُ؛ و منه‏
قول سليمان بن صُرَد: بلغني عن أَمير المؤمنين ذَرْءٌ من قول تَشَذَّرَ لي فيه بشَتْمٍ و إِيعاد فَسِرْتُ إِليه جَوَاداً.
أَي مسرعاً؛ قال أَبو عبيد: لست أَشك فيها بالذال، قال: و قال بعضهم تَشَزَّرَ، بالزاي، كأَنه من النظر الشَّزْر، و هو نَظَرُ المُغْضَبِ، و قيل: التَّشَذُّر التَّهيُّؤُ للشَّرِّ، و قيل: التَّشَذُّرُ التوعد و التَّهَدُّدُ؛ و قال لبيد:
غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولٍ، كأَنها             جِنُّ البَدِيِّ، رَوَاسِياً أَقْدَامُها

ابن الأَعرابي: تَشَذَّرَ فلان و تَقَتَّرَ إِذا تَشَمَّرَ و تَهَيَّأَ للحَمْلَة. و
في حديث حُنَينٍ: أَرى كتيبة حَرْشَفٍ كأَنهم قد تَشَذَّرُوا.
أَي تهيَّأُوا لها و تأَهَّبُوا. و يقال: شَذَّرَ به و شَتَّرَ به إِذا سَمَّعَ به. و يقال للقوم في الحرب إِذا تطاولوا: تَشَذَّرُوا. و تَشَذَّرَ فُلانٌ إِذا تهيأَ للقتال. و تَشَذَّرَ فَرَسَهُ أَي ركبه من ورائه. و تَشَذَّرَتِ الناقةُ: جَمَعَتْ قُطْرَيْها و شالت بذنبها. و تَشَذَّرَ السَّوْطُ: مال و تحرَّك؛ قال:
و كانَ ابنُ أَجْمالٍ، إِذا ما تَشَذَّرَتْ             صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوَّفُ‏

و تَشَذَّرَ القومُ: تفرقوا. و ذهبوا في كل وجه شَذَرَ مَذَرَ و شِذَرَ مِذَرَ و بِذَرَ أَي ذهبوا في كل وجه، و لا يقال ذلك في الإِقْبال؛ و ذهبت غنمك شَذَرَ مَذَرَ و شِذَرَ مِذَرَ: كذلك. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: أَن عمر، رضي الله عنه، شَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ.
أَي فرّقه و بَدَّده في كل وجه، و يروى بكسر الشين و الميم و فتحهما. و التَّشَذُّرُ بالثوب و بالذَّنَبِ: هو الاستثفار به.

399
لسان العرب4

شذر ص 399

و الشَّوْذَرُ: الإِتْبُ، و هو بُرْدٌ يُشَقُّ ثم تلقيه المرأَة في عنقها من غير كُمَّيْنِ و لا جَيْب؛ قال:
مُنْضَرِجٌ عَنْ جانِبَيْهِ الشَّوْذَرُ
و قيل: هو الإِزار، و قيل: هو المِلْحَفَةُ، فارسي معرب، أَصله شاذَر و قيل: جاذَر. و قال الفراء: الشَّوْذَرُ هو الذي تلبسه المرأَة تحت ثوبها، و قال الليث: الشَّوْذَرُ ثوب تَجْتابُه المرأَة و الجارية إِلى طَرَفِ عَضُدها، و الله أَعلم.
شرر:
الشَّرُّ: السُّوءُ و الفعل للرجل الشِّرِّيرِ، و المصدر الشَّرَارَةُ، و الفعل شَرَّ يَشُرُّ [يَشِرُّ]. و قوم أَشْرَارٌ: ضد الأَخيار. ابن سيدة: الشَّرُّ ضدّ الخير، و جمعه شُرُورٌ، و الشُّرُّ لغة فيه؛ عن كراع. و
في حديث الدعاء: و الخيرُ كُلُّه بيديك و الشَّرُّ ليس إِليك.
؛ أَي أَن الشر لا يُتقرّب به إِليك و لا يُبْتَغَى به وَجْهُكَ، أَو أَن الشر لا يصعد إِليك و إِنما يصعد إِليك الطيب من القول و العمل، و هذا الكلام إِرشاد إِلى استعمال الأَدب في الثناء على الله، تعالى و تقدس، و أَن تضاف إِليه، عز و علا، محاسن الأَشياء دون مساوئها، و ليس المقصود نفي شي‏ء عن قدرته و إِثباته لها، فإِن هذا في الدعاء مندوب إِليه، يقال: يا رب السماء و الأَرض، و لا يقال: يا رب الكلاب و الخنازير و إِن كان هو ربها؛ و منه قوله تعالى: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فَادْعُوهُ بِها. و قد شَرَّ يَشِرُّ و يَشُرُّ شَرّاً و شَرَارَةً، و حكى بعضهم: شَرُرْتُ بضم العين. و رجل شَرِيرٌ و شِرِّيرٌ من أَشْرَارٍ و شِرِّيرِينَ، و هو شَرٌّ منك، و لا يقال أَشَرُّ، حذفوه لكثرة استعمالهم إِياه، و قد حكاه بعضهم. و يقال: هو شَرُّهُم و هي شَرُّهُنَّ و لا يقال هو أَشرهم. و شَرَّ إِنساناً يَشُرُّه إِذا عابه. اليزيدي: شَرَّرَنِي في الناس و شَهَّرني فيهم بمعنى واحد، و هو شَرُّ الناس؛ و فلان شَرُّ الثلاثة و شَرُّ الاثنين. و
في الحديث: وَلَدُ الزنا شَرُّ الثلاثة.
؛ قيل: هذا جاء في رجل بعينه كان موسوماً بالشَّرّ، و قيل: هو عامٌّ و إِنما صار ولد الزنا شَرّاً من والديه لأَنه شَرُّهم أَصلًا و نسباً و ولادة، لأَنه خلق من ماء الزاني و الزانية، و هو ماء خبيث، و قيل: لأَن الحدّ يقام عليهما فيكون تمحيصاً لهما و هذا لا يدري ما يفعل به في ذنوبه. قال الجوهري: و لا يقال أَشَرُّ الناس إِلا في لغة رديئة؛ و منه قول امرأَة من العرب: أُعيذك بالله من نَفْسٍ حَرَّى و عَيْنٍ شُرَّى أَي خبيثة من الشر، أَخرجته على فُعْلَى مثل أَصغر و صُغْرَى؛ و قوم أَشْرَارٌ و أَشِرَّاءُ. و قال يونس: واحدُ الأَشْرَارِ رَجُلٌ شَرٌّ مثل زَنْدٍ و أَزْنَادٍ، قال الأَخفش: واحدها شَرِيرٌ، و هو الرجل ذو الشَّرِّ مثل يتيم و أَيتام. و رجل شِرِّيرٌ، مثال فِسِّيقٍ، أَي كثير الشَّرِّ. و شَرَّ يَشِرُّ [يَشُرُّ] إِذا زاد شَرُّهُ. يقال: شَرُرْتَ يا رجل و شَرِرْتَ، لغتان، شَرّاً و شَرَراً و شَرارَةً. و أَشررتُ الرجلَ: نسبته إِلى الشَّر، و بعضهم ينكره؛ قال طرفة:
 فما زال شُرْبِي الرَّاحَ حتى أَشَرَّنِي             صَدِيقِي، و حتى سَاءَنِي بَعْضُ ذلِكا

فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
إِذا أَحْسَنَ ابنُ العَمّ بَعْدَ إِساءَةٍ،             فَلَسْتُ لِشَرّي فِعْلَه بحَمُول.

إِنما أَراد لِشَرّ فِعْلِهِ فقلب. و هي شَرَّة و شُرَّى: يذهب بهما إِلى المفاضلة؛ و قال كراع: الشُّرَّى أُنثى الشَّر الذي هو الأَشَرُّ في التقدير كالفُضْلَى الذي هو تأْنيث الأَفضل، و قد شَارَّهُ. و يقال: شَارَّاهُ و شَارَّهُ، و فلان يُشَار

400
لسان العرب4

شرر ص 400

فلاناً و يُمَارُّهُ و يُزَارُّهُ أَي يُعاديه. و المُشَارَّةُ: المخاصمة. و
في الحديث: لا تُشَارِّ أَخاك.
؛ هو تُفَاعِل من الشر، أَي لا تفعل به شرّاً فتحوجه إِلى أَن يفعل بك مثله، و يروى بالتخفيف؛ و منه‏
حديث أَبي الأَسود: ما فَعَلَ الذي كانت امرأَته تُشَارُه و تُمارُه.
أَبو زيد: يقال في مثل: كلَّمَا تَكْبَرُ تَشِرّ. ابن شميل: من أَمثالهم: شُرَّاهُنَّ مُرَّاهُنَّ. و قد أَشَرَّ بنو فلان فلاناً أَي طردوه و أَوحدوه. و الشِّرَّةُ: النَّشاط. و
في الحديث: إِن لهذا القرآن شِرَّةً ثم إِن للناس عنه فَتْرَةً.
؛ الشِّرَّةُ: النشاط و الرغبة؛ و منه‏
الحديث الآخر: لكل عابد شِرَّةٌ.
و شِرَّةُ الشباب: حِرْصُه و نَشاطه. و الشِّرَّةُ؛ مصدر لِشَرَّ. و الشُّرُّ، بالضم: العيب. حكى ابن الأَعرابي: قد قبلتُ عطيتك ثم رددتها عليك من غير شُرِّكَ و لا ضُرِّكَ، ثم فسره فقال: أَي من غير ردّ عليك و لا عيب لك و لا نَقْصٍ و لا إِزْرَاءٍ. و حكى يعقوب: ما قلت ذلك لشُرِّكَ و إِنما قلته لغير شُرِّكَ أَي ما قلته لشي‏ء تكرهه و إِنما قلته لغير شي‏ء تكرهه، و في الصحاح: إِنما قلته لغير عيبك. و يقال: ما رددت هذا عليك من شُرٍّ به أَي من عيب و لكني آثرتك به؛ و أَنشد:
عَيْنُ الدَّلِيلِ البُرْتِ من ذي شُرِّهِ‏
أَي من ذي عيبه أَي من عيب الدليل لأَنه ليس يحسن أَن يسير فيه حَيْرَةً. و عينٌ شُرَّى إِذا نظرت إِليك بالبَغْضَاء. و حكي عن امرأَة من بني عامر في رُقْيَةٍ: أَرْقيك بالله من نفس حَرَّى و عَين شُرَّى؛ أَبو عمرو: الشُّرَّى: العَيَّانَةُ من النساء. و الشَّرَرُ: ما تطاير من النار. و في التنزيل العزيز: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ
؛ واحدته شَرَرَةٌ و هو الشَّرَارُ واحدته شَرَارَةٌ؛ و قال الشاعر:
أَوْ كَشَرَارِ الْعَلَاةِ يَضْرِبُها             القَيْنُ، عَلَى كُلِّ وَجْهِهِ تَثِبُ‏

و شَرَّ اللحْمَ و الأَقِطَ و الثوبَ و نحوَها يَشُرُّه شَرّاً و أَشَرَّه و شَرَّرَهُ و شَرَّاهُ على تحويل التضعيف: وضعه على خَصفَةٍ أَو غيرها ليَجِفَّ؛ قال ثعلب و أَنشد بعض الرواة للراعي:
فأَصْبَحَ يَسْتافُ البِلادَ، كَأَنَّهُ             مُشَرَّى بأَطرافِ البُيوتِ قَديدُها

قال ابن سيدة: و ليس هذا البيت للراعي إِنما هو للحَلال ابن عمه. و الإِشْرَارةُ: ما يبسط عليه الأَقط و غيره، و الجمع الأَشارِيرُ. و الشَّرُّ: بَسْطُك الشي‏ء في الشمس من الثياب و غيره؛ قال الراجز:
ثَوْبٌ على قامَةٍ سَحْلٌ، تَعَاوَرَهُ             أَيْدِي الغَوَاسِلِ، للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ

و شَرَّرْتُ الثوبَ و اللحم و أَشْرَرْتُ؛ و شَرَّ شيئاً يَشُرُّه إِذا بسطه ليجف. أَبو عمرو: الشِّرَارُ صفائح بيض يجفف عليها الكَرِيصُ و شَرَّرْتُ الثوب: بسطته في الشمس، و كذلك التَّشْرِيرُ. و شَرَّرْتُ الأَقِطَ أَشُرُّهُ شَرّاً إِذا جعلته على خَصفَةٍ ليجف، و كذلك اللحم و الملح و نحوه. و الأَشَارِيرُ: قِطَع قَدِيد. و الإِشْرَارَةُ: القَدِيدُ المَشْرُورُ و الإِشْرَارَةُ: الخَصَفَةُ التي يُشَرُّ عليها الأَقِطُ، و قيل: هي شُقَّة من شُقَقِ البيت يُشَرَّرُ عليها؛ و قول أَبي كاهل اليَشْكُرِيِّ:
لها أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ،             من الثَّعالِي، وَ وَخْزٌ منْ أَرَانِيها

401
لسان العرب4

شرر ص 400

قال: يجوز أَن يعني به الإِشْرَارَة من القَديد، و أَن يعني به الخَصَفَة أَو الشُّقَّة. و أَرانيها أَي الأَرانب. و الوَخْزُ: الخَطِيئَةُ بعد الخَطيئَة و الشي‏ءُ بعد الشي‏ء أَي معدودة؛ و قال الكميت:
كأَنَّ الرَّذاذَ الضَّحْكَ، حَوْلَ كِناسِهِ،             أَشارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوامِسا

ابن الأَعرابي: الإِشْرَارَةُ صَفِيحَةٌ يُجَفَّفُ عليها القديد، و جمعها الأَشارِيرُ و كذلك قال الليث: قال الأَزهري: الإِشْرَارُ ما يُبْسَطُ عليه الشي‏ء ليجف فصح به أَنه يكون ما يُشَرَّرُ من أَقِطٍ و غيره و يكون ما يُشَرَّرُ عليه. و الأَشارِيرُ: جمع إِشْرارَةٍ، و هي اللحم المجفف. و الإِشْرارة: القِطْعة العظيمة من الإِبل لانتشارها و انبثاثها. و قد اسْتَشَرَّ إِذا صار ذا إِشرارة من إِبل، قال:
الجَدْبُ يَقْطَعُ عَنْكَ غَرْبَ لِسانِهِ،             فإِذا اسْتَشَرَّ رَأَيتَهُ بَرْبَارا

قال ابن بري: قال ثعلب اجتمعت مع ابن سَعْدانَ الراوية فقال لي: أَسأَلك؟ فقلت: نعم، فقال: ما معنى قول الشاعر؟ و ذكر هذا البيت، فقلت له: المعنى أَن الجدب يفقره و يميت إِبله فيقل كلامه و يذل؛ و الغرب: حِدَّة اللسان. و غَرْبُ كل شي‏ء: حدّته. و قوله: و إِذا استشر أَي صارت له إِشْرَارَةٌ من الإِبل، و هي القطعة العظيمة منها، صار بَرْباراً و كثر كلامه. و أَشَرَّ الشي‏ءَ: أَظهره؛ قال كَعْبُ بن جُعَيْلٍ، و قيل: إِنه للحُصَيْنِ بن الحمام المُرِّيِّ يَذكُرُ يوم صِفِّين:
فما بَرِحُوا حَتَّى رأَى اللهُ صَبْرَهُمْ،             و حَتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المصاحِفُ‏

أَي نُشِرَتْ و أُظهرت؛ قال الجوهري و الأَصمعي: يروى قول إمرئ القيس:
تَجَاوَزْتُ أَحْراساً إِليها و مَعْشَراً             عَلَيَّ حِراصاً، لو يُشِرُّونَ مَقْتَلِي «4».

على هذا قال، و هو بالسين أَجود. و شَرِيرُ البحر: ساحله، مخفف؛ عن كراع. و قال أَبو حنيفة: الشَّرِيرُ مثل العَيْقَةِ، يعني بالعيقة ساحلَ البحر و ناحيته؛ و أَنشد للجَعْدِي:
فَلا زَالَ يَسْقِيها، و يَسْقِي بلادَها             من المُزْنِ رَجَّافٌ، يَسُوقُ القَوارِيَا
يُسَقِّي شَرِيرَ البحرِ حَوْلًا، تَرُدُّهُ             حَلائبُ قُرْحٌ، ثم أَصْبَحَ غَادِيَا

و الشَّرَّانُ على تقدير فَعْلانَ: دَوابُّ مثل البعوض، واحدتها شَرَّانَةٌ، لغة لأَهل السواد؛ و في التهذيب: هو من كلام أَهل السواد، و هو شي‏ء تسميه العرب الأَذى شبه البعوض، يغشى وجه الإِنسان و لا يَعَضُّ. و الشَّرَاشِرُ: النَّفْسُ و المَحَبَّةُ جميعاً. و قال كراع: هي محبة النفس، و قيل: هو جميع الجسد، و أَلقى عليه شَرَاشِرَهُ، و هو أَن يحبه حتى يستهلك في حبه؛ و قال اللحياني: هو هواه الذي لا يريد أَن يدعه من حاجته؛ قال ذو الرمة:
و كائِنْ تَرى مِنْ رَشْدةٍ في كَرِيهَةٍ،             و مِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عليها الشَّراشِرُ

قال ابن بري: يريد كم ترى من مصيب في اعتقاده و رأْيه، و كم ترى من مخطئ في أَفعاله و هو جادّ مجتهد في فعل ما لا ينبغي أَن يفعل، يُلْقِي شَرَاشِرَهُ على مقابح الأُمور و ينهَمِك في الاستكثار منها؛
__________________________________________________
 (4). في معلقة إمرئ القيس: لو يُسِرّون.

402
لسان العرب4

شرر ص 400

و قال الآخر:
و تُلْقَى عَلَيْهِ، كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ،             شَرَاشِرُ مِنْ حَيَّيْ نِزَارٍ و أَلْبُبُ‏

الأَلْبُبُ: عروق متصلة بالقلب. يقال: أَلقى عليه بنات أَلْبُبه إِذا أَحبه؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
و ما يَدْرِي الحَرِيصُ عَلامَ يُلْقي             شَرَاشِرَهُ، أَ يُخْطِئُ أَم يُصِيبُ؟

و الشَّرَاشِرُ: الأَثقال، الواحدةُ شُرْشُرَةٌ «1». يقال: أَلقى عليه شراشره أَي نفسه حرصاً و محبة، و قيل: أَلقى عليه شَراشره أَي أَثقاله. و شَرْشَرَ الشي‏ءَ: قَطَّعَهُ، و كل قطعة منه شِرْشِرَةٌ. و
في حديث الرؤيا: فَيُشَرْشِرُ بِشِدْقِهِ إِلى قَفاه.
؛ قال أَبو عبيد: يعني يُقَطِّعُهُ و يُشَقِّقُهُ؛ قال أَبو زبيد يصف الأَسد:
يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِسٍ،             رُفَاتُ عِظَامٍ، أَو عَرِيضٌ مُشَرشَرُ

و شَرْشَرَةُ الشي‏ء: تَشْقِيقُهُ و تقطيعه. و شَرَاشِرُ الذنَب: ذَباذِبُهُ. و شَرْشَرَتْهُ الحية: عَضَّتْهُ، و قيل: الشَّرْشَرَةُ أَن تَعَضَّ الشي‏ء ثم تنفضه. و شَرْشَرَتِ الماشِيَةُ النباتَ: أَكلته؛ أَنشد ابن دريد لجُبَيْها الأَشْجَعِيِّ:
فَلَوْ أَنَّهَا طافَتْ بِنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ،             نَفَى الدِّقَّ عنه جَدْبُه، فَهْوَ كَالحُ‏

و شَرْشَرَ السِّكِّين و اللحم: أَحَدَّهما على حجر. و الشُّرْشُور: طائر صغير مثل العصفور؛ قال الأَصمعي: تسميه أَهل الحجاز الشُّرْشُورَ، و تسميه الأَعراب البِرْقِشَ، و قيل: هو أَغبر على لطافة الحُمَّرَةِ، و قيل: هو أَكبر من العصفور قليلًا. و الشَّرْشَرُ: نبت. و يقال: الشِّرْشِرُ، بالكسر. و الشِّرْشِرَةُ: عُشْبَة أَصغر من العَرْفَج، و لها زهرة صفراء و قُضُبٌ و ورق ضخام غُبْرٌ، مَنْبِتُها السَّهْلُ تنبت متفسحة كأَن أَقناءها الحِبالُ طولًا، كَقَيْسِ الإِنسان قائماً، و لها حب كحب الهَرَاسِ، و جمعها شِرْشِرٌ؛ قال:
تَرَوَّى مِنَ الأَحْدَاثِ حَتَّى تَلاحَقَتْ             طَرَائِقُه، و اهْتَزَّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ

قال أَبو حنيفة عن أَبي زياد: الشِّرْشِرُ يذهب حِبالًا على الأَرض طولًا كما يذهب القُطَبُ إِلا أَنه ليس له شوك يؤذي أَحداً؛ الليث في ترجمة قسر:
و شَرْشَرٌ [شِرْشِرٌ] و قَسْوَةٌ نَصْرِيُ‏

قال الأَزهري: فسره الليث فقال: و الشرشر الكلب، و القسور الصياد؛ قال الأَزهري: أَخطأَ الليث في تفسيره في أَشياء فمنها قوله الشرشر الكلب و إِنما الشرشر نبت معروف، قال: و قد رأَيته بالبادية تسمن الإِبل عليه و تَغْزُرُ، و قد ذكره ابن الأَعرابي: و غيره في أسماء نبوت البادية. ابن الأعرابي: من البقول الشَّرْشَرُ. قال: و قيل للأَسدية أَو لبعض العرب: ما شجرة أَبيك؟ قال: قُطَبٌ و شَرْشَرٌ [شِرْشِرٌ] و وَطْبٌ جَشِرٌ؛ قال: الشِّرْشِرُ خير من الإِسْلِيح و العَرْفَج. أَبو عمرو: الأَشِرَّةُ واحدها شَرِيرٌ: ما قرب من البحر، و قيل: الشَّرِيرُ شجر ينبت في البحر، و قيل: الأَشِرَّةُ البحور؛ و قال الكميت:
إِذا هو أَمْسَى في عُبابِ أَشِرَّةٍ،             مُنِيفاً على العَبْرَيْنِ بالماء، أَكْبَدا

__________________________________________________
 (1). قوله: [الواحدة شرشرة] بضم المعجمتين كما في القاموس، و ضبطه الشهاب في العناية بفتحهما.

403
لسان العرب4

شرر ص 400

و قال الجعدي:
سَقَى بِشَرِيرِ البَحْر حَوْلًا، يَمُدُّهُ             حَلائِبُ قُرْحٌ ثم أَصْبَحَ غادِيا «1».

و شِوَاءٌ شَرْشَرٌ: يتقاطر دَسَمُه، مثل سَلْسَلٍ. و
في الحديث: لا يأْتي عليكم عام إِلَّا و الذي بعده شَرٌّ منه. قال ابن الأَثير: سئل الحسن عنه فقيل: ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحجاج؟ فقال: لا بد للناس من تنفيس، يعني أَن الله تعالى ينفس عن عباده وقتاً ما و يكشف البلاء عنهم حيناً.
و
في حديث الحجاج: لها كِظَّةٌ تَشْتَرُّ.
؛ قال ابن الأَثير: يقال اشْتَرَّ البعير كاجْتَرَّ، و هي الجِرَّةُ لما يخرجه البعير من جوفه إِلى فمه يمضغه ثم يبتلعه، و الجيم و الشين من مخرج واحد. و شُرَاشِرٌ و شُرَيْشِرٌ و شَرْشَرَةُ: أَسماء. و الشُّرَيْرُ: موضع، هو من الجار على سبعة أَميال؛ قال كثير عزة:
دِيارٌ بِأَعْنَاءٍ الشُّرَيْرِ، كَأَنَّمَا             عَلَيْهِنَّ في أَكْنافِ عَيْقَةَ شِيدُ

شزر:
نَظَرٌ شَزْرٌ: فيه إِعراض كنظر المعادي المبغض، و قيل: هو نظر على غير استواء بِمؤْخِرِ العين، و قيل: هو النظر عن يمين و شمال. و
في حديث عليّ: الْحَظُوا الشَّزْرَ و اطْعُنُوا اليَسْرَ.
؛ الشَّزْرُ: النظر عن اليمين و الشمال و ليس بمستقيم الطريقة، و قيل: هو النظر بمؤخر العين، و أَكثر ما يكون النظرُ الشَّزْرُ في حال الغضب، و قد شَزَرَهُ يَشْزِرُهُ شَزْراً. و شَزَّرَ إِليه: نظر منه في أَحد شِقَّيْهِ و لم يستقبله بوجهه. ابن الأَنباري: إِذا نظر بجانب العين فقد شَزَرَ يَشْزِرُ، و ذلك من البَغْضَةِ و الهَيْبَةِ؛ و نَظَرَ إِليه شَزْراً، و هو نظر الغضبان بِمُؤَخَّرِ العين؛ و في لحظه شَزَرٌ، بالتحريك. و تَشازَرَ القومُ أَي نظر بعضهم إِلى بعض شَزْراً. الفراء: يقال شَزَرْته أَشْزِرُه شَزْراً، و نَزَرْته أَنْزِرُه نَزْراً أَي أَصبته بالعين، و إِنه لحَمِئُ العَيْنِ، و لا فعل له، و إِنه لأَشْوَهُ العَيْنِ إِذا كان خبيث العين، و إِنه لشَقِذُ العَيْنِ إِذا كان لا يَقْهَرهُ النُّعاسُ، و قد شَقِذَ يَشْقَذُ شَقَذاً. أَبو عمرو: و الشَّزْرُ من المُشازَرَةِ، و هي المعاداة؛ قال رؤبة:
يَلْقَى مُعَادِيهِمْ عذابَ الشَّزْرِ

و يقال: أَتاه الدهرُ بشَزْرَةٍ لا ينحلُّ منها أَي أَهلكه. و قد أَشْزَرَهُ الله أَي أَلقاه في مكروه لا يخرج منه. و الطَّعْنُ الشَّزْرُ: ما طعنت بيمينك و شمالك، و في المحكم: الطِّعْنُ الشَّزْرُ ما كان عن يمين و شمال. و شَزَرَهُ بالسِّنان: طعنه. الليث: الحبل المَشْزُورُ المفتول و هو الذي يفتل مما يلي اليسار، و هو أَشد لفتله؛ و قال غيره: الشَّزْرُ إِلى فوق. قال الأَصمعي: المشزور المفتول إِلى فوق، و هو الفتل الشَّزْرُ؛ قال أَبو منصور: و هذا هو الصحيح. ابن سيدة: و الشَّزْرُ من الفَتْلِ ما كان عن اليسار، و قيل: هو أَن يبدأَ الفاتل من خارج و يَرُدَّه إِلى بطنه و قد شَزَرَهُ؛ قال:
لِمُصْعَبِ الأَمْر، إِذا الأَمْرُ انْقَشَرْ             أَمَرَّهُ يَسْراً، فإِنْ أَعْيا اليَسَرْ
و الْتاثَ إِلا مِرَّةَ الشَّزْرِ، شَزَرْ

أَمرَّه أَي فتله فتلًا شديداً. يسراً أَي فتله على الجهة اليَسْراءِ. فإِن أَعْيا اليَسَرُ و التاث أَي أَبطأَ.
__________________________________________________
 (1). قوله: [سقى بشرير إلخ‏] الذي تقدم: [تسقي شرير البحر حولًا تردّه‏] و هما روايتان كما في شرح القاموس.

404
لسان العرب4

شزر ص 404

أَمَرَّهُ شَزْراً أَي على العَسْراءِ و أَغارَهُ عليها؛ قال: و مثله قوله:
بالفَتْلِ شَزْراً غَلَبَتْ يَسَارا،             تَمْطُو العِدَى و المِجْذَبَ البَتَّارَا

يصف حبال المَنْجَنِيقِ يقول: إِذا ذهبوا بها عن وجوهها أَقبلت على القَصْدِ. و اسْتَشْزَرَ الحَبْلُ و اسْتَشْزَرَه فَاتِلُه؛ و روي بيت إمرئ القيس بالوجهين جميعاً:
غَدَائِرُه مُسْتَشْزِرَاتٌ إِلى العُلى،             تَظَلُّ المَدَارِي في مُثَنًّى و مُرْسَلِ «1».

و يروى‏
... مُسْتَشْزَرَات.

و غَزْلٌ شَزْرٌ: على غير استواء و في الصحاح: و الشَّزْرُ من الفتل ما كان إِلى فوق خلافَ دَوْرِ المِغْزَل. يقال: حبل مَشْزُورٌ و غدائر مُسْتَشْزَرات. و طَحْنٌ شَزْرٌ: ذهب به عن اليمين. يقال: طَحَنَ بالرحى شَزْراً، و هو أَن يذهب بالرحى عن يمينه، و بَتّاً أَي عن يساره؛ و أَنشد:
و نَطْحَنُ بالرَّحَى بَتّاً و شَزْراً،             و لَوْ نُعْطَى المَغَازِلَ ما عَيِينَا

و الشَّزْرُ: الشدّة و الصعوبة في الأَمر. و تَشَزَّرَ الرجل: تهيأَ للقتال. و تَشَزَّرَ: غَضِبَ؛ و منه‏
قول سليمان بن صُرَد: بلغني عن أَمير المؤمنين ذَرْءٌ من خَبَرٍ تَشَزَّرَ لي فيه بِشَتْمٍ و إِبْعَاد فَسِرْتُ إِليه جَوَاداً، و يروى تَشَذَّر.
و قد تقدم؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
 ما زَالَ في الحُوَلاءِ [الحِوَلاءِ] شَزْراً رائِغاً،             عِنْدَ الصَّرِيمِ، كَرَوْغَةٍ مِنْ ثَعْلَبِ‏

فسره فقال: شَزْراً آخذاً في غير الطريق. يقول: لم يزل في رحم أُمه رَجُلَ سَوْءٍ كأَنه يقول لم يزل في أُمه على الحالة التي هو عليها في الكبر. و الصريم هنا: الأَمر المصروم. و شَيْزَرٌ: بلد، و في المحكم: أَرض؛ قال إمرؤ القيس:
تَقَطَّعَ أَسْبَابُ اللُّبَانَةِ و الهَوَى،             عَشِيَّةَ جَاوَزْنا حَمَاةَ و شَيْزَرَا

شصر:
الشَّصْرُ من الخياطة: كالبَشْكِ، و قد شَصَرَه شَصْراً. أَبو عبيد: شَصَرْتُ الثوب شَصْراً إِذا خِطْتَه مثل البَشْكِ؛ قال أَبو منصور: و تَشْصِيرُ الناقة من هذا. الصحاح: الشَّصْرُ الخياطة المتباعدة و التزنيد. و شَصَرْتُ عينَ البازي أَشْصُرُه شَصْراً إِذا خِطْتَهُ. و الشِّصَار: أَخِلَّةُ التَّزْنِيد؛ حكاه الجوهري عن ابن دريد. و الشِّصَارُ: خشبة تدخل بين منخري الناقة، و قد شَصَرَها و شَصَّرَها. و شَصَرَ الناقة يَشْصِرُها و يَشْصُرُها شَصْراً إِذا دَحَقَتْ رَحِمُها فَخَلَّلَ حَياءَها بِأَخِلَّةٍ ثم أَدار خلف الأَخِلَّةِ بعَقَبٍ أَو خيط من هُلْبِ ذَنبها. و الشِّصارُ: ما شُصِرَ به. التهذيب: و الشِّصارُ خشبة تشدّ بين شُفْرَي الناقة. ابن شميل: الشَّصْرانِ خشبتان ينفذ بهما في شُفْرِ خُورانِ الناقة ثم يعصب من ورائها بِخُلْبَةٍ شديدة، و ذلك إِذا أَرادوا أَن يظأَروها على ولد غيرها فيأْخذون دُرْجَةً مَحْشُوَّةً و يَدُسُّونها في خُورانِها، و يَخِلُّون الخُورانَ بخلالين هما الشِّصارَانِ يُوثَقانِ بِخُلْبَةٍ يُعْصَبانِ بها، فذلك الشَّصْرُ و التَّزْنِيدُ. و شَصَرَ بَصَرُه يَشْصِرُ شُصُوراً: شَخَصَ عند الموت. و يقال: تركت فلاناً و قد شَصَرَ بَصَرهُ، و هو أَن تنقلب العين عند نزول الموت؛ قال الأَزهري: و هذا عندي وَهَمٌ و المعروف شَطَرَ بَصَرُه و هو الذي كأَنه ينظر إِليك و إِلى آخر؛ رواه أَبو عبيد عن الفراء. قال: و الشُّصُور بمعنى الشُّطُور
__________________________________________________
 (1). في معلقة إمرئ القيس:
تَضِلُّ العِقاصُ.

405
لسان العرب4

شصر ص 405

من مناكير الليث، قال: و قد نظرت في باب ما يعاقب من حرفي الصاد و الطاء لابن الفرج فلم أَجده، قال: و هو عندي من وهَم الليث. و الشَّصْرَةُ: نَطْحَةُ الثَّوْرِ الرجلَ بِقَرْنهِ. و شَصَرَهُ الثَّوْرُ بقرنه يَشْصُرُهُ شَصْراً: نطحه، و كذلك الظبي. و الشَّصَرُ من الظباء: الذي بلغ أَن يَنْطَحَ، و قيل: الذي بلغ شهراً، و قيل: هو الذي لم يحتنك، و قيل: هو الذي قد قوي و تحرّك، و الجمع أَشْصارٌ و شَصَرَةٌ. و الشَّوْصَرُ: كالشَّصَرِ. الليث: يقال له شاصِرٌ إِذا نَجَمَ قَرْنُه. و الشَّصَرَةُ: الظبية الصغيرة. و الشَّصَرُ، بالتحريك: ولد الظبية، و كذلك الشاصر. قال أَبو عبيد: و قال غير واحد من الأَعراب: هو طَلًا ثم خِشْفٌ، فإِذا طلع قرناه فهو شادِنٌ، فإِذا قوي و تحرك فهو شَصَرٌ، و الأُنثى شَصَرَةٌ، ثم جَذَعٌ ثم ثَنِيٌّ، و لا يزال ثَنِيّاً حتى يموت لا يزيد عليه. و شِصارٌ: اسم رجل و اسم جِنِّيٍّ؛ و قول خُنافِر في رَئيِّهِ من الجن:
نَجَوْتُ بِحَمْدِ اللهِ من كُلِّ فَحْمَةٍ             تُؤَرِّثُ هُلْكاً، يَوْمَ شايَعْتُ شاصِرَا

إِنما أَراد شِصاراً فغير الاسم لضرورة الشعر، و مثله كثير.
شطر:
الشَّطْرُ: نِصْفُ الشي‏ء، و الجمع أَشْطُرٌ و شُطُورٌ. و شَطَرْتُه: جعلته نصفين. و في المثل: أَحْلُبُ حَلَباً لكَ شَطْرُه. و شاطَرَه مالَهُ: ناصَفَهُ، و في المحكم: أَمْسَكَ شَطْرَهُ و أَعطاه شَطْره الآخر. و
سئل مالك بن أَنس: من أَين شاطَرَ عمر بن الخطاب عُمَّالَهُ؟ فقال: أَموال كثيرة ظهرت لهم. و إِن أَبا المختار الكلابي كتب إِليه:
نَحُجُّ إِذا حَجُّوا، و نَغْزُو إِذا غَزَوْا،             فَإِنِّي لَهُمْ وفْرٌ، و لَسْتُ بِذِي وَفْرِ
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بِفَأْرَةٍ             مِنَ المِسْكِ، راحَتْ في مَفارِقِهِمْ تَجْرِي‏
فَدُونَكَ مالَ اللهِ حَيْثُ وجَدْتَهُ             سَيَرْضَوْنَ، إِنْ شاطَرْتَهُمْ، مِنْكَ بِالشَّطْرِ

قال: فَشاطَرَهُمْ عمر، رضي الله عنه، أَموالهم.
و
في الحديث: أَن سَعْداً استأْذن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَن يتصدَّق بماله، قال: لا، قال: فالشَّطْرَ، قال: لا، قال الثُّلُثَ، فقال: الثُّلُثُ و الثُّلُثُ كَثِيرٌ.
؛ الشَّطْرُ: النصف، و نصبه بفعل مضمر أَي أَهَبُ الشَّطْرَ و كذلك الثلث، و
في حديث عائشة: كان عندنا شَطْرٌ من شَعير.
و
في الحديث: أَنه رهن درعه بشَطْر من شعير.
؛ قيل: أَراد نِصْفَ مَكُّوكٍ، و قيل: نصفَ وسْقٍ. و يقال: شِطْرٌ و شَطِيرٌ مثل نِصْفٍ و نَصِيفٍ. و
في الحديث: الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان لأَن الإِيمان يَظْهَرُ بحاشية الباطن، و الطُّهُور يظهر بحاشية الظاهر.
و
في حديث مانع الزكاةِ: إِنَّا آخِذُوها و شَطْرَ مالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَماتِ رَبِّنا.
قال ابن الأَثير: قال الحَرْبِيُّ غَلِطَ بَهْزٌ الرَّاوِي في لفظ الرواية إِنما هو: و شُطِّرَ مالُهُ أَي يُجْعَل مالُهُ شَطْرَيْنِ و يَتَخَيَّر عليه المُصَدّقُ فيأْخذ الصدقة من خير النصفين، عقوبة لمنعه الزكاة، فأَما ما لا يلزمه فلا. قال: و قال الخطابي في قول الحربي: لا أَعرف هذا الوجه، و قيل: معناه أَن الحقَّ مُسْتَوْفًى منه غَيْرُ متروك عليه، و إِن تَلِفَ شَطرُ ماله، كرجل كان له أَلف شاة فتلفت حتى لم يبق له‏

406
لسان العرب4

شطر ص 406

إِلا عشرون، فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الأَلف، و هو شطر ماله الباقي، قال: و هذا أَيضاً بعيد لأَنه قال له: إِنَّا آخذوها و شطر ماله، و لم يقل: إِنَّا آخذو شطر ماله، و قيل: إِنه كان في صدر الإِسلام يقع بعض العقوبات في الأَموال ثم نسخ،
كقوله في الثمر المُعَلَّقِ: من خرج بشي‏ء منه فعليه غرامةُ مثليه و العقوبةُ.
و
كقوله في ضالة الإِبل المكتومة: غَرامَتُها و مثْلُها معها، و كان عمر يحكم به فَغَرَّمَ حاطباً ضِعْفَ ثمن ناقةِ المُزَنِيِّ لما سرقها رقيقه و نحروها.
؛ قال: و له في الحديث نظائر؛ قال: و قد أَخذ أَحمد بن حنبل بشي‏ء من هذا و عمل به. و قال الشافعي في القديم: من منع زكاة ماله أُخذت منه و أُخذ شطر ماله عقوبة على منعه، و استدل بهذا الحديث، و قال في الجديد: لا يؤخذ منه إِلا الزكاة لا غير، و جعل هذا الحديث منسوخاً، و قال: كان ذلك حيث كانت العقوبات في الأَموال، ثم نسخت، و مذهب عامة الفقهاء أَن لا واجبَ على مُتْلِفِ الشي‏ء أَكْثَرُ من مثله أَو قيمته. و للناقة شَطْرَانِ قادِمان و آخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، و الجمع أَشْطُرٌ. و شَطَّرَ بناقته تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها و ترك خِلْفَيْنِ، فإِن صَرَّ خِلْفاً واحداً قيل: خَلَّفَ بها، فإِن صَرَّ ثلاثةَ أَخْلَافٍ قيل: ثَلَثَ بها، فإِذا صَرَّها كلها قيل: أَجْمَعَ بها و أَكْمَشَ بها. و شَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خِلْفَيها؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
فَتَنَازَعَا شَطْراً لِقَدْعَةَ واحِداً،             فَتَدَارَآ فيهِ فكانَ لِطامُ‏

و شَطَرَ ناقَتَهُ و شاته يَشْطُرُها شَطْراً: حَلَبَ شَطْراً و ترك شَطْراً. و كل ما نُصِّفَ، فقد شُطِّرَ. و قد شَطَرْتُ طَلِيِّي أَي حلبت شطراً أَو صررته و تَرَكْتُهُ و الشَّطْرُ الآخر. و شاطَرَ طَلِيَّهُ: احتلب شَطْراً أَو صَرَّهُ و ترك له الشَّطْرَ الآخر. و ثوب شَطُور: أَحدُ طَرَفَيْ عَرْضِهِ أَطولُ من الآخر، يعني أَن يكون كُوساً بالفارسية. و شَاطَرَنِي فلانٌ المالَ أَي قاسَمني بالنِّصْفِ. و المَشْطُورُ من الرَّجَزِ و السَّرِيعِ: ما ذهب شَطْرُه، و هو على السَّلْبِ. و الشَّطُورُ من الغَنَمِ: التي يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْها، و من الإِبل: التي يَبِسَ خِلْفانِ من أَخلافها لأَن لها أَربعة أَخلاف، فإِن يبس ثلاثة فهي ثَلُوثٌ. و شاة شَطُورٌ و قد شَطَرَتْ و شَطُرَتْ شِطاراً، و هو أَن يكون أَحد طُبْيَيْها أَطولَ من الآخر، فإِن حُلِبَا جميعاً و الخِلْفَةُ كذلك، سميت حَضُوناً، و حَلَبَ فلانٌ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ أَي خَبَرَ ضُرُوبَهُ، يعني أَنه مرَّ به خيرُه و شره و شدّته و رخاؤُه، تشبيهاً بِحَلْبِ جميع أَخلاف الناقة، ما كان منها حَفِلًا و غير حَفِلٍ، و دَارّاً و غير دارّ، و أَصله من أَشْطُرِ الناقةِ و لها خِلْفان قادمان و آخِرانِ، كأَنه حلب القادمَين و هما الخير، و الآخِرَيْنِ و هما الشَّرُّ، و كلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ؛ و قيل: أَشْطُرُه دِرَرُهُ. و
في حديث الأَحنف قال لعلي، عليه السلام، وقت التحكيم: يا أَمير المؤمنين إِني قد حَجَمْتُ الرجلَ و حَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فوجدته قريبَ القَعْرِ كَلِيلَ المُدْيَةِ، و إِنك قد رُميت بِحَجَر الأَرْضِ.
؛ الأَشْطُرُ: جمع شَطْرٍ، و هو خِلْفُ الناقة، و جعل الأَشْطُرَ موضع الشَّطْرَيْنِ كما تجعل الحواجب موضع الحاجبين، و أَراد بالرجلين الحَكَمَيْنِ الأَوَّل أَبو موسى و الثاني عمرو بن العاص. و إِذا كان نصف ولد الرجل ذكوراً و نصفهم إِناثاً قيل: هم شِطْرَةٌ. يقال: وَلَدُ فُلانٍ شِطْرَةٌ، بالكسر، أَي نصف‏

407
لسان العرب4

شطر ص 406

ذكورٌ و نصفٌ إِناثٌ. و قَدَحٌ شَطْرانُ أَي نَصْفانُ. و إِناءٌ شَطْرانُ: بلغ الكيلُ شَطْرَهُ، و كذلك جُمْجُمَةٌ شَطْرَى و قَصْعَةٌ شَطْرَى. و شَطَرَ بَصَرُه يَشْطِرُ شُطُوراً و شَطْراً: صار كأَنه ينظر إِليك و إِلى آخر. و
قوله، صلى الله عليه و سلم: من أَعان على دم امرئ مسلم بِشَطْرِ كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله.
؛ قيل: تفسيره هو أَن يقول: أُقْ، يريد: أُقتل كما
قال، عليه السلام: كفى بالسيف شا.
يريد: شاهداً؛ و قيل: هو أَن يشهد اثنان عليه زوراً بأَنه قتل فكأَنهما قد اقتسما الكلمة، فقال هذا شطرها و هذا شطرها إِذا كان لا يقتل بشهادة أَحدهما. و شَطْرُ الشي‏ء: ناحِيَتُه. و شَطْرُ كل شي‏ء: نَحْوُهُ و قَصْدُه. و قصدتُ شَطْرَه أَي نحوه؛ قال أَبو زِنْباعٍ الجُذامِيُّ:
 أَقُولُ لأُمِّ زِنْباعٍ: أَقِيمِي             صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَني تَمِيمِ‏

و في التنزيل العزيز: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*
؛ و لا فعل له. قال الفرّاء: يريد نحوه و تلقاءه، و مثله في الكلام: ولِّ وجهك شَطْرَه و تُجاهَهُ؛ و قال الشاعر:
إِنَّ العَسِيرَ بها داءٌ مُخامِرُها،             فَشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ

و قال أَبو إِسحاق: الشطر النحو، لا اختلاف بين أَهل اللغة فيه. قال: و نصب قوله عز و جل: شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*
، على الظرف. و
قال أَبو إِسحاق: أُمر النبي، صلى الله عليه و سلم، أَن يستقبل و هو بالمدينة مكة و البيت الحرام، و أُمر أَن يستقبل البيت حيث كان.
و شَطَرَ عن أَهله شُطُوراً و شُطُورَةً و شَطارَةً إِذا نَزَحَ عنهم و تركهم مراغماً أَو مخالفاً و أَعياهم خُبْثاً؛ و الشَّاطِرُ مأْخوذ منه و أُراه مولَّداً، و قد شَطَرَ شُطُوراً و شَطارَةً، و هو الذي أَعيا أَهله و مُؤَدِّبَه خُبْثاً. الجوهري: شَطَرَ و شَطُرَ أَيضاً، بالضم، شَطارة فيهما، قال أَبو إِسحاق: قول الناس فلان شاطِرٌ معناه أَنه أَخَذَ في نَحْوٍ غير الاستواء، و لذلك قيل له شاطر لأَنه تباعد عن الاستواء. و يقال: هؤلاء القوم مُشاطرُونا أَي دُورهم تتصل بدورنا، كما يقال: هؤلاء يُناحُونَنا أَي نحنُ نَحْوَهُم و هم نَحْوَنا فكذلك هم مُشاطِرُونا. و نِيَّةٌ شَطُورٌ أَي بعيدة. و منزل شَطِيرٌ و بلد شَطِيرٌ و حَيٌّ شَطِيرٌ: بعيد، و الجمع شُطُرٌ. و نَوًى شُطْرٌ، بالضم، أَي بعيدة؛ قال إمرؤ القيس:
أَشاقَك بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ،             و فِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ

قال: و الشُّطُرُ هاهنا ليس بمفرد و إِنما هو جمع شَطِير، و الشُّطُرُ في البيت بمعنى المُتَغَرِّبِينَ أَو المُتَعَزِّبِينَ، و هو نعت الخليط، و الخليط: المخالط، و هو يوصف بالجمع و بالواحد أَيضاً؛ قال نَهْشَلُ بنُ حَريٍّ:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فابْتَكَرُوا،             و اهْتَاجَ شَوْقَك أَحْدَاجٌ لَها زَمْرُ

و الشَّطِيرُ أَيضاً: الغريب؛ قال:
لا تَدَعَنِّي فِيهمُ شَطِيرا،             إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرَا

و قال غَسَّانُ بنُ وَعْلَةَ:
إِذا كُنْتَ في سَعْدٍ، و أُمُّكَ مِنْهُمُ،             شَطِيراً فَلا يَغْرُرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ
و إِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُهُ،             إِذا لم يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْد

408
لسان العرب4

شطر ص 406

يقول: لا تَغْتَرَّ بخُؤُولَتِكَ فإِنك منقوص الحظ ما لم تزاحم أَخوالك بآباء أَشرافٍ و أَعمام أَعزة. و المصغَى: المُمالُ: و إِذا أُميل الإِناء انصبَّ ما فيه، فضربه مثلًا لنقص الحظ، و الجمع الجمع. التهذيب: و الشَّطِيرُ البعيد. و يقال للغريب: شَطِيرٌ لتباعده عن قومه. و الشَّطْرُ: البُعْدُ. و
في حديث القاسم بن محمد: لو أَن رجلين شهدا على رجل بحقٍّ أَحدُهما شطير فإِنه يحمل شهادة الآخر.
؛ الشطير: الغريب، و جمعه شُطُرٌ، يعني لو شهد له قريب من أَب أَو ابن أَو أَخ و معه أَجنبي صَحَّحَتْ شهادةُ الأَجنبي شهادَةَ القريب، فجعل ذلك حَمْلًا له؛ قال: و لعل هذا مذهب القاسم و إِلا فشهادة الأَب و الابن لا تقبل؛ و منه‏
حديث قتادة: شهادة الأَخ إِذا كان معه شطير جازت شهادته.
و كذا هذا فإِنه لا فرق بين شهادة الغريب مع الأَخ أَو القريب فإِنها مقبولة.
شظر:
التهذيب في نوادر الأَعراب: يقال شِظْرَةٌ من الجبل و شَظِيَّةٌ. قال: و شِنْظِيَةٌ و شِنْظِيرةٌ، قال الأَصمعي: الشِّنْظِيرةُ الفَحَّاشُ السَّيِّئ الخُلُق، و النون زائدة.
شعر:
شَعَرَ به و شَعُرَ يَشْعُر شِعْراً و شَعْراً و شِعْرَةً و مَشْعُورَةً و شُعُوراً و شُعُورَةً و شِعْرَى و مَشْعُوراءَ و مَشْعُوراً؛ الأَخيرة عن اللحياني، كله: عَلِمَ. و حكى اللحياني عن الكسائي: ما شَعَرْتُ بِمَشْعُورِه حتى جاءه فلان، و حكي عن الكسائي أَيضاً: أَشْعُرُ فلاناً ما عَمِلَهُ، و أَشْعُرُ لفلانٍ ما عمله، و ما شَعَرْتُ فلاناً ما عمله، قال: و هو كلام العرب. و لَيْتَ شِعْرِي أَي ليت علمي أَو ليتني علمت، و ليتَ شِعري من ذلك أَي ليتني شَعَرْتُ، قال سيبويه: قالوا ليت شِعْرَتي فحذفوا التاء مع الإِضافة للكثرة، كما قالوا: ذَهَبَ بِعُذْرَتِها و هو أَبو عُذْرِها فحذفوا التاء مع الأَب خاصة. و حكى اللحياني عن الكسائي: ليتَ شِعْرِي لفلان ما صَنَعَ، و ليت شِعْرِي عن فلان ما صنع، و ليتَ شِعْرِي فلاناً ما صنع؛ و أَنشد:
يا ليتَ شِعْرِي عن حِمَارِي ما صَنَعْ،             و عنْ أَبي زَيْدٍ و كَمْ كانَ اضْطَجَعْ‏

و أَنشد:
يا ليتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا،             و قد جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا

و أَنشد:
ليتَ شِعْرِي مُسافِرَ بنَ أبي عَمْرٍو،             و لَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ‏

و
في الحديث: ليتَ شِعْرِي ما صَنَعَ فلانٌ.
أَي ليت علمي حاضر أَو محيط بما صنع، فحذف الخبر، و هو كثير في كلامهم. و أَشْعَرَهُ الأَمْرَ و أَشْعَرَه به: أَعلمه إِياه. و في التنزيل: وَ ما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ‏
؛ أَي و ما يدريكم. و أَشْعَرْتُه فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى. و شَعَرَ به: عَقَلَه. و حكى اللحياني: أَشْعَرْتُ بفلان اطَّلَعْتُ عليه، و أَشْعَرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، و شَعَرَ لكذا إِذا فَطِنَ له، و شَعِرَ إِذا ملك «2». عبيداً. و تقول للرجل: اسْتَشْعِرْ خشية الله أَي اجعله شِعارَ قلبك. و اسْتَشْعَرَ فلانٌ الخوف إِذا أَضمره. و أَشْعَرَه فلانٌ شَرّاً: غَشِيَهُ به. و يقال: أَشْعَرَه‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [و شعر إِذا ملك إِلخ‏] بابه فرح بخلاف ما قبله فبابه نصر و كرم كما في القاموس.

409
لسان العرب4

شعر ص 409

الحُبُّ مرضاً. و الشِّعْرُ: منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن و القافية، و إِن كان كل عِلْمٍ شِعْراً من حيث غلب الفقه على علم الشرع، و العُودُ على المَندَلِ، و النجم على الثُّرَيَّا، و مثل ذلك كثير، و ربما سموا البيت الواحد شِعْراً؛ حكاه الأَخفش؛ قال ابن سيدة: و هذا ليس بقويّ إِلَّا أَن يكون على تسمية الجزء باسم الكل، كقولك الماء للجزء من الماء، و الهواء للطائفة من الهواء، و الأَرض للقطعة من الأَرض. و قال الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ المحدود بعلامات لا يجاوزها، و الجمع أَشعارٌ، و قائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ ما لا يَشْعُرُ غيره أَي يعلم. و شَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْراً و شَعْراً و شَعُرَ، و قيل: شَعَرَ قال الشعر، و شَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ و رجل شاعر، و الجمع شُعَراءُ. قال سيبويه: شبهوا فاعِلًا بِفَعِيلٍ كما شبهوه بفَعُولٍ، كما قالوا: صَبُور و صُبُرٌ، و استغنوا بفاعل عن فَعِيلٍ، و هو في أَنفسهم و على بال من تصوّرهم لما كان واقعاً موقعه، و كُسِّرَ تكسيره ليكون أَمارة و دليلًا على إِرادته و أَنه مغن عنه و بدل منه. و يقال: شَعَرْتُ لفلان أَي قلت له شِعْراً؛ و أَنشد:
شَعَرْتُ لكم لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ             على غَيْرِكُمْ، ما سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ

و يقال: شَعَرَ فلان و شَعُرَ يَشْعُر شَعْراً و شِعْراً، و هو الاسم، و سمي شاعِراً لفِطْنَتِه. و ما كان شاعراً، و لقد شَعُر، بالضم، و هو يَشْعُر. و المُتَشاعِرُ: الذي يتعاطى قولَ الشِّعْر. و شاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه، بالفتح، أَي كان أَشْعر منه و غلبه. و شِعْرٌ شاعِرٌ: جيد؛ قال سيبويه: أَرادوا به المبالغة و الإِشادَة، و قيل: هو بمعنى مشعور به، و الصحيح قول سيبويه، و قد قالوا: كلمة شاعرة أَي قصيدة، و الأَكثر في هذا الضرب من المبالغة أَن يكون لفظ الثاني من لفظ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ و لَيْلٌ لائلٌ. و أَما قولهم: شاعِرُ هذا الشعر فليس على حد قولك ضاربُ زيدٍ تريد المنقولةَ من ضَرَبَ، و لا على حدها و أَنت تريد ضاربٌ زيداً المنقولةَ من قولك يضرب أَو سيضرب، لأَن ذلك منقول من فعل متعدّ، فأَما شاعرُ هذا الشعرِ فليس قولنا هذا الشعر في موضع نصب البتة لأَن فعل الفاعل غير متعدّ إِلَّا بحرف الجر، و إِنما قولك شاعر هذا الشعر بمنزلة قولك صاحب هذا الشعر لأَن صاحباً غير متعدّ عند سيبويه، و إِنما هو عنده بمنزلة غلام و إِن كان مشتقّاً من الفعل، أَ لا تراه جعله في اسم الفاعل بمنزلة دَرّ في المصادر من قولهم لله دَرُّكَ؟ و قال الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ و تامِرٍ أَي صاحب شِعْر، و قال: هذا البيتُ أَشْعَرُ من هذا أَي أَحسن منه، و ليس هذا على حد قولهم شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صيغة التعجب إِنما تكون من الفعل، و ليس في شاعر من قولهم شعر شاعر معنى الفعل، إِنما هو على النسبة و الإِجادة كما قلنا، اللهم إِلَّا أَن يكون الأَخفش قد علم أَن هناك فعلًا فحمل قوله أَشْعَرُ منه عليه، و قد يجوز أَن يكون الأَخفش توهم الفعل هنا كأَنه سمع شَعُرَ البيتُ أَي جاد في نوع الشِّعْر فحمل أَشْعَرُ منه عليه. و
في الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ عليكم شَيْ‏ءٌ من القرآن فالْتَمِسُوهُ في الشعر فإِنه عَرَبِيٌّ.
و الشَّعْرُ و الشَّعَرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الجسم مما ليس بصوف و لا وَبَرٍ للإِنسان و غيره، و جمعه أَشْعار و شُعُور، و الشَّعْرَةُ الواحدة من الشَّعْرِ، و قد يكنى بالشَّعْرَة عن الجمع كما يكنى بالشَّيبة عن الجنس؛

410
لسان العرب4

شعر ص 409

يقال رأَى «3». فلان الشَّعْرَة إِذا رأَى الشيب في رأْسه. و رجل أَشْعَرُ و شَعِرٌ و شَعْرانيّ: كثير شعر الرأْس و الجسد طويلُه، و قوم شُعْرٌ. و رجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار، و أَعْنَقُ: طويل العُنق. و سأَلت أَبا زيد عن تصغير الشُّعُور فقال: أُشَيْعار، رجع إِلى أَشْعارٍ، و هكذا جاء
في الحديث: على أَشْعارِهم و أَبْشارِهم.
و يقال للرجل الشديد: فلان أَشْعَرُ الرَّقَبَةِ، شبه بالأَسد و إِن لم يكن ثمّ شَعَرٌ؛ و كان زياد بن أَبيه يقال له أَشْعَرُ بَرْكاً أَي أَنه كثير شعر الصدر؛ و في الصحاح: كان يقال لعبيد الله بن زياد أَشْعَرُ بَرْكاً. و
في حديث عمر: إِن أَخا الحاجِّ الأَشعث الأَشْعَر.
أَي الذي لم يحلق شعره و لم يُرَجّلْهُ. و
في الحديث أَيضاً: فدخل رجل أَشْعَرُ.
: أَي كثير الشعر طويله. و شَعِرَ التيس و غيره من ذي الشعر شَعَراً: كَثُرَ شَعَرُه؛ و تيس شَعِرٌ و أَشْعَرُ و عنز شَعْراءُ، و قد شَعِرَ يَشْعَرُ شَعَراً، و ذلك كلما كثر شعره. و الشِّعْراءُ و الشِّعْرَةُ، بالكسر: الشَّعَرُ النابت على عانة الرجل و رَكَبِ المرأَة و على ما وراءها؛ و في الصحاح: و الشِّعْرَةُ، بالكسر، شَعَرُ الرَّكَبِ للنساء خاصة. و الشِّعْرَةُ: منبت الشَّعرِ تحت السُّرَّة، و قيل: الشِّعْرَةُ العانة نفسها. و
في حديث المبعث: أَتاني آتٍ فَشَقَّ من هذه إِلى هذه.
أَي من ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه؛ قال: الشِّعْرَةُ، بالكسر، العانة؛ و أَما قول الشاعر:
فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلًا كَرِيتاً،             على شِعْراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ‏

فإِنه أَراد بالشعراء خُصْيَةً [خِصْيَةً] كثيرة الشعر النابت عليها؛ و قوله تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فيها إِذا فَشَّتْ خرج لها صوت كتصويت النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دعاها. و أَشْعَرَ الجنينُ في بطن أُمه و شَعَّرَ و اسْتَشْعَرَ: نَبَتَ عليه الشعر؛ قال الفارسي: لم يستعمل إِلا مزيداً؛ و أَنشد ابن السكيت في ذلك:
كلُّ جَنِينٍ مُشْعِرٌ في الغِرْسِ‏

و كذلك تَشَعَّرَ. و
في الحديث: زكاةُ الجنين زكاةُ أُمّه إِذا أَشْعَرَ.
و هذا كقولهم أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عانته. و أَشْعَرَتِ الناقةُ: أَلقت جنينها و عليه شَعَرٌ؛ حكاه قُطْرُبٌ؛ و قال ابن هانئ في قوله:
و كُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيطَ             في حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الشِّعارَا

أَراد: كأَن السليط، و هو الزيت، في شعر هذا الفرس لصفائه. و الشِّعارُ: جمع شَعَرٍ، كما يقال جَبَل و جبال؛ أَراد أَن يخبر بصفاء شعر الفرس و هو كأَنه مدهون بالسليط. و المُوَارِي في الحقيقة: الشِّعارُ. و المُوارَى: هو الأَديم لأَن الشعر يواريه فقلب، و فيه قول آخر: يجوز أَن يكون هذا البيت من المستقيم غير المقلوب فيكون معناه: كأَن السليط في حيث وارى الأَديم الشعر لأَن الشعر ينبت من اللحم، و هو تحت الأَديم، لأَن الأَديم الجلد؛ يقول: فكأَن الزيت في الموضع الذي يواريه الأَديم و ينبت منه الشعر، و إِذا كان الزيت في منبته نبت صافياً فصار شعره كأَنه مدهون لأَن منابته في الدهن كما يكون الغصن ناضراً ريان إِذا كان الماء في أُصوله. و داهية شَعْراءُ و داهية وَبْراءُ؛ و يقال للرجل إِذا تكلم بما ينكر عليه: جئتَ بها شَعْراءَ ذاتَ وبَرٍ. و أَشْعَرَ الخُفَّ و القَلَنْسُوَةَ و ما أَشبههما و شَعَّرَه و شَعَرَهُ خفيفة؛ عن اللحياني، كل ذلك: بَطَّنَهُ بشعر؛ و خُفٌ‏
__________________________________________________
 (3). قوله: [يقال رأى إلخ‏] هذا كلام مستأنف و ليس متعلقاً بما قبله و معناه أَنه يكنى بالشعرة عن الشيب: انظر الصحاح و الأساس.

411
لسان العرب4

شعر ص 409

مُشْعَرٌ و مُشَعَّرٌ و مَشْعُورٌ. و أَشْعَرَ فلان جُبَّتَه إِذا بطنها بالشَّعر، و كذلك إِذا أَشْعَرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه. و الشَّعِرَةُ من الغنم: التي ينبت بين ظِلْفَيْها الشعر فَيَدْمَيانِ، و قيل: هي التي تجد أُكالًا في رَكَبِها. و داهيةٌ شَعْراء، كَزَبَّاءَ: يذهبون بها إِلى خُبْثِها. و الشَّعْرَاءُ: الفَرْوَة، سميت بذلك لكون الشعر عليها؛ حكي ذلك عن ثعلب. و الشَّعارُ: الشجر الملتف؛ قال يصف حماراً وحشيّاً:
و قَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو             مَدَبَّ السَّيْلِ، و اجْتَنَبَ الشَّعارَا

يقول: اجتنب الشجر مخافة أَن يرمى فيها و لزم مَدْرَجَ السيل؛ و قيل: الشَّعار ما كان من شجر في لين و وَطاءٍ من الأَرض يحله الناس نحو الدَّهْناءِ و ما أَشبهها، يستدفئُون به في الشتاء و يستظلون به في القيظ. يقال: أَرض ذات شَعارٍ أَي ذات شجر. قال الأَزهري: قيده شمر بخطه شِعار، بكسر الشين، قال: و كذا روي عن الأَصمعي مثل شِعار المرأَة؛ و أَما ابن السكيت فرواه شَعار، بفتح الشين، في الشجر. و قال الرِّياشِيُّ: الشعار كله مكسور إِلا شَعار الشجر. و الشَّعارُ: مكان ذو شجر. و الشَّعارُ: كثرة الشجر؛ و قال الأَزهري: فيه لغتان شِعار و شَعار في كثرة الشجر. و رَوْضَة شَعْراء: كثيرة الشجر. و رملة شَعْراء: تنبت النَّصِيَّ. و المَشْعَرُ أَيضاً: الشَّعارُ، و قيل: هو مثل المَشْجَرِ. و المَشاعر: كُل موضع فيه حُمُرٌ و أَشْجار؛ قال ذو الرمة يصف ثور وحش:
يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، و يَخْفَى بَرِيقُه،             إِذا ما أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر

يعني ما يُغَيِّبُه من الشجر. قال أَبو حنيفة: و إِن جعلت المَشْعَر الموضع الذي به كثرة الشجر لم يمتنع كالمَبْقَلِ و المَحَشِّ. و الشَّعْراء: الشجر الكثير. و الشَّعْراءُ: الأَرض ذات الشجر، و قيل: هي الكثيرة الشجر. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراء الروضة يغم رأْسها الشجر و جمعها شُعُرٌ، يحافظون على الصفة إِذ لو حافظوا على الاسم لقالوا شَعْراواتٌ و شِعارٌ. و الشَّعْراء أَيضاً: الأَجَمَةُ. و الشَّعَرُ: النبات و الشجر، على التشبيه بالشَّعَر. و شَعْرانُ: اسم جبل بالموصل، سمي بذلك لكثرة شجره؛ قال الطرماح:
شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها             شَعْرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها

أَراد: شم أَعاليها فحذف الهاء و أَدخل الأَلف و اللام، كما قال زهير:
حُجْنُ المَخالِبِ لا يَغْتَالُه السَّبُعُ‏

أَي حُجْنٌ مخالبُه. و
في حديث عَمْرِو بن مُرَّةَ: حتى أَضاء لي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ.
؛ هو اسم جبل لهم. و شَعْرٌ: جبل لبني سليم؛ قال البُرَيْقُ:
فَحَطَّ الشَّعْرَ من أَكْنافِ شَعْرٍ،             و لم يَتْرُكْ بذي سَلْعٍ حِمارا

و قيل: هو شِعِرٌ. و الأَشْعَرُ: جبل بالحجاز. و الشِّعارُ: ما ولي شَعَرَ جسد الإِنسان دون ما سواه من الثياب، و الجمع أَشْعِرَةٌ و شُعُرٌ. و في المثل: هم الشِّعارُ دون الدِّثارِ؛ يصفهم بالمودّة و القرب. و
في حديث الأَنصار: أَنتم الشِّعارُ و الناس الدِّثارُ.
أَي أَنتم الخاصَّة و البِطانَةُ كما سماهم عَيْبَتَه و كَرِشَهُ. و الدثار: الثوب الذي فوق الشعار. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: إِنه كان لا ينام في شُعُرِنا.
؛ هي جمع الشِّعار مثل كتاب و كُتُب، و إِنما خصتها

412
لسان العرب4

شعر ص 409

بالذكر لأَنها أَقرب إِلى ما تنالها النجاسة من الدثار حيث تباشر الجسد؛ و منه‏
الحديث الآخر: إِنه كان لا يصلي في شُعُرِنا و لا في لُحُفِنا.
؛ إِنما امتنع من الصلاة فيها مخافة أَن يكون أَصابها شي‏ء من دم الحيض، و طهارةُ الثوب شرطٌ في صحة الصلاة بخلاف النوم فيها. و أَما
قول النبي، صلى الله عليه و سلم، لغَسَلَةِ ابنته حين طرح إِليهن حَقْوَهُ قال: أَشْعِرْنَها إِياه.
؛ فإِن أَبا عبيدة قال: معناه اجْعَلْنَه شِعارها الذي يلي جسدها لأَنه يلي شعرها، و جمع الشِّعارِ شُعُرٌ و الدِّثارِ دُثُرٌ. و الشِّعارُ: ما استشعرتْ به من الثياب تحتها. و الحِقْوَة: الإِزار. و الحِقْوَةُ أَيضاً: مَعْقِدُ الإِزار من الإِنسان. و أَشْعَرْتُه: أَلبسته الشّعارَ. و اسْتَشْعَرَ الثوبَ: لبسه؛ قال طفيل:
و كُمْتاً مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها             جَرَى فَوْقَها، و اسْتَشْعَرَتْ لون مُذْهَبِ‏

و قال بعض الفصحاء: أَشْعَرْتُ نفسي تَقَبُّلَ أَمْرِه و تَقَبُّلَ طاعَتِه؛ استعمله في العَرَضِ. و المَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قال بَلْعاء بن قيس:
و الرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ،             يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ و عَيْنانِ‏

و الشِّعارُ: جُلُّ الفرس. و أَشْعَرَ الهَمُّ قلبي: لزِقَ به كلزوق الشِّعارِ من الثياب بالجسد؛ و أَشْعَرَ الرجلُ هَمّاً: كذلك. و كل ما أَلزقه بشي‏ء، فقد أَشْعَرَه به. و أَشْعَرَه سِناناً: خالطه به، و هو منه؛ أَنشد ابن الأَعرابي لأَبي عازب الكلابي:
فأَشْعَرْتُه تحتَ الظلامِ، و بَيْنَنا             من الخَطَرِ المَنْضُودِ في العينِ ناقِع‏

يريد أَشعرت الذئب بالسهم؛ و سمى الأَخطل ما وقيت به الخمر شِعاراً فقال:
فكفَّ الريحَ و الأَنْداءَ عنها،             مِنَ الزَّرَجُونِ، دونهما شِعارُ

و يقال: شاعَرْتُ فلانة إِذا ضاجعتها في ثوب واحد و شِعارٍ واحد، فكنت لها شعاراً و كانت لك شعاراً. و يقول الرجل لامرأَته: شاعِرِينِي. و شاعَرَتْه: ناوَمَتْهُ في شِعارٍ واحد. و الشِّعارُ: العلامة في الحرب و غيرها. و شِعارُ العساكر: أَن يَسِموا لها علامة ينصبونها ليعرف الرجل بها رُفْقَتَه. و
في الحديث: إِن شِعارَ أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه و سلم، كان في الغَزْوِ: يا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ.
و هو تفاؤل بالنصر بعد الأَمر بالإِماتة. و اسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار في الحرب؛ و قال النابغة:
مُسْتَشْعِرِينَ قَد أَلْفَوْا، في دِيارهِمُ،             دُعاءَ سُوعٍ و دُعْمِيٍّ و أَيُّوبِ‏

يقول: غزاهم هؤلاء فتداعوا بينهم في بيوتهم بشعارهم. و شِعارُ القوم: علامتهم في السفر. و أَشْعَرَ القومُ في سفرهم: جعلوا لأَنفسهم شِعاراً. و أَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بشعارهم؛ كلاهما عن اللحياني. و الإِشْعارُ: الإِعلام. و الشّعارُ: العلامة. قال الأَزهري: و لا أَدري مَشاعِرَ الحجّ إِلَّا من هذا لأَنها علامات له. و أَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، و هو أَن يشق جلدها أَو يطعنها في أَسْنِمَتِها في أَحد الجانبين بِمِبْضَعٍ أَو نحوه، و قيل: طعن في سَنامها الأَيمن حتى يظهر الدم و يعرف أَنها هَدْيٌ، و هو الذي كان أَبو حنيفة يكرهه و زعم أَنه مُثْلَةٌ، و سنَّة النبي، صلى الله عليه و سلم، أَحق بالاتباع. و
في حديث مقتل عمر، رضي الله عنه: أَن رجلًا رمى الجمرة فأَصاب صَلَعَتَهُ بحجر فسال الدم، فقال رجل: أُشْعِرَ أَميرُ المؤمنين، و نادى‏

413
لسان العرب4

شعر ص 409

رجلٌ آخر: يا خليفة، و هو اسم رجل، فقال رجل من بني لِهْبٍ: ليقتلن أَمير المؤمنين، فرجع فقتل في تلك السنة.
و لهب: قبيلة من اليمن فيهم عِيافَةٌ و زَجْرٌ، و تشاءم هذا اللِّهْبِيُّ بقول الرجل أُشْعر أَمير المؤمنين فقال: ليقتلن، و كان مراد الرجل أَنه أُعلم بسيلان الدم عليه من الشجة كما يشعر الهدي إِذا سيق للنحر، و ذهب به اللهبي إِلى القتل لأَن العرب كانت تقول للملوك إِذا قُتلوا: أُشْعِرُوا، و تقول لِسُوقَةِ الناسِ: قُتِلُوا، و كانوا يقولون في الجاهلية: دية المُشْعَرَةِ أَلف بعير؛ يريدون دية الملوك؛ فلما قال الرجل: أُشْعِرَ أَمير المؤمنين جعله اللهبي قتلًا فيما توجه له من علم العيافة، و إِن كان مراد الرجل أَنه دُمِّيَ كما يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُشْعِرَ، و حَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عمر، رضي الله عنه، لما صَدَرَ من الحج قُتل. و
في حديث مكحول: لا سَلَبَ إِلا لمن أَشْعَرَ عِلْجاً أَو قتله، فأَما من لم يُشعر فلا سلب له.
أَي طعنه حتى يدخل السِّنانُ جوفه؛ و الإِشْعارُ: الإِدماء بطعن أَو رَمْيٍ أَو وَجْ‏ءٍ بحديدة؛ و أَنشد لكثيِّر:
عَلَيْها و لَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها،             و قد أَشْعَرَاها في أَظَلَّ و مَدْمَعِ‏

أَشعراها: أَدمياها و طعناها؛ و قال الآخر:
يَقُولُ لِلْمُهْرِ، و النُّشَّابُ يُشْعِرُهُ:             لا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ‏

و
في حديث مقتل عثمان، رضي الله عنه: أَن التُّجِيبِيَّ دخل عليه فأَشْعَرَهُ مِشْقَصاً.
أَي دَمَّاهُ به؛ و أَنشد أَبو عبيدة:
نُقَتِّلُهُمْ جِيلًا فَجِيلًا، تَراهُمُ             شَعائرَ قُرْبانٍ، بها يُتَقَرَّبُ‏

و
في حديث الزبير: أَنه قاتل غلاماً فأَشعره.
و
في حديث مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ: لما رماه الحسن بالبدعة قالت له أُمه: إِنك قد أَشْعَرْتَ ابني في الناس.
أَي جعلته علامة فيهم و شَهَّرْتَهُ بقولك، فصار له كالطعنة في البدنة لأَنه كان عابه بالقَدَرِ. و الشَّعِيرة: البدنة المُهْداةُ، سميت بذلك لأَنه يؤثر فيها بالعلامات، و الجمع شعائر. و شِعارُ الحج: مناسكه و علاماته و آثاره و أَعماله، جمع شَعيرَة، و كل ما جعل عَلَماً لطاعة الله عز و جل كالوقوف و الطواف و السعي و الرمي و الذبح و غير ذلك؛ و منه‏
الحديث: أَن جبريل أَتى النبي، صلى الله عليه و سلم، فقال: مر أُمتك أَن يرفعوا أَصواتهم بالتلبية فإِنها من شعائر الحج.
و الشَّعِيرَةُ و الشِّعارَةُ «1». و المَشْعَرُ: كالشِّعارِ. و قال اللحياني: شعائر الحج مناسكه، واحدتها شعيرة. و قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ‏
؛ هو مُزْدَلِفَةُ، و هي جمعٌ تسمى بهما جميعاً. و المَشْعَرُ: المَعْلَمُ و المُتَعَبَّدُ من مُتَعَبَّداتِهِ. و المَشاعِرُ: المعالم التي ندب الله إِليها و أَمر بالقيام عليها؛ و منه سمي المَشْعَرُ الحرام لأَنه مَعْلَمٌ للعبادة و موضع؛ قال: و يقولون هو المَشْعَرُ الحرام و المِشْعَرُ، و لا يكادون يقولونه بغير الأَلف و اللام. و في التنزيل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ‏
؛ قال الفرّاء: كانت العرب عامة لا يرون الصفا و المروة من الشعائر و لا يطوفون بينهما فأَنزل الله تعالى: لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ‏
؛ أَي لا تستحلوا ترك ذلك؛ و قيل: شعائر الله مناسك الحج. و قال الزجاج في شعائر الله: يعني بها جميع متعبدات الله التي أَشْعرها الله أَي جعلها أَعلاماً لنا، و هي كل ما كان من موقف أَو مسعى أَو ذبح،
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الشعارة] كذا بالأَصل مضبوطاً بكسر الشين و به صرح في المصباح، و ضبط في القاموس بفتحها.

414
لسان العرب4

شعر ص 409

و إِنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به لأَن قولهم شَعَرْتُ به علمته، فلهذا سميت الأَعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر. و المشاعر: مواضع المناسك. و الشِّعارُ: الرَّعْدُ؛ قال:
و قِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعارِ
الغادية: السحابة التي تجي‏ء غُدْوَةً، أَي مطر بغير رعد. و الأَشْعَرُ: ما استدار بالحافر من منتهى الجلد حيث تنبت الشُّعَيْرات حَوالَي الحافر. و أَشاعرُ الفرس: ما بين حافره إِلى منتهى شعر أَرساغه، و الجمع أَشاعِرُ لأَنه اسم. و أَشْعَرُ خُفِّ البعير: حيث ينقطع الشَّعَرُ، و أَشْعَرُ الحافرِ مِثْلُه. و أَشْعَرُ الحَياءِ: حيث ينقطع الشعر. و أَشاعِرُ الناقة: جوانب حيائها. و الأَشْعَرانِ: الإِسْكَتانِ، و قيل: هما ما يلي الشُّفْرَيْنِ. يقال لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، و لطرفيهما: الشُّفْرانِ، و للذي بينهما: الأَشْعَرانِ. و الأَشْعَرُ: شي‏ء يخرج بين ظِلْفَي الشاةِ كأَنه ثُؤْلُولُ الحافر تكوى منه؛ هذه عن اللحياني. و الأَشْعَرُ: اللحم تحت الظفر. و الشَّعِيرُ: جنس من الحبوب معروف، واحدته شَعِيرَةٌ، و بائعه شَعِيرِيٌّ. قال سيبويه: و ليس مما بني على فاعِل و لا فَعَّال كما يغلب في هذا النحو. و أَما قول بعضهم شِعِير و بِعِير و رِغيف و ما أَشبه ذلك لتقريب الصوت من الصوت فلا يكون هذا إِلا مع حروف الحلق. و الشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تصاغ من فضة أَو حديد على شكل الشَّعيرة تُدْخَلُ في السِّيلانِ فتكون مِساكاً لِنِصابِ السكين و النصل، و قد أَشْعَرَ السكين: جعل لها شَعِيرة. و الشَّعِيرَةُ: حَلْيٌ يتخذ من فضة مثل الشعير على هيئة الشعيرة. و
في حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: أَنها جعلت شَعارِيرَ الذهب في رقبتها.
؛ هو ضرب من الحُلِيِّ أَمثال الشعير. و الشَّعْراء: ذُبابَةٌ يقال هي التي لها إِبرة، و قيل: الشَّعْراء ذباب يلسع الحمار فيدور، و قيل: الشَّعْراءُ و الشُّعَيْرَاءُ ذباب أَزرق يصيب الدوابَّ. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراءُ نوعان: للكلب شعراء معروفة، و للإِبل شعراء؛ فأَما شعراء الكلب فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ و الحُمْرَةِ و لا تمس شيئاً غير الكلب، و أَما شَعْراءُ الإِبل فتضرب إِلى الصُّفْرة، و هي أَضخم من شعراء الكلب، و لها أَجنحة، و هي زَغْباءُ تحت الأَجنحة؛ قال: و ربما كثرت في النعم حتى لا يقدر أَهل الإِبل على أَن يحتلبوا بالنهار و لا أَن يركبوا منها شيئاً معها فيتركون ذلك إِلى الليل، و هي تلسع الإِبل في مَراقِّ الضلوع و ما حولها و ما تحت الذنب و البطن و الإِبطين، و ليس يتقونها بشي‏ء إِذا كان ذلك إِلا بالقَطِرانِ، و هي تطير على الإِبل حتى تسمع لصوتها دَوِيّاً، قال الشماخ:
تَذُبُّ صِنْفاً مِنَ الشَّعْراءِ، مَنْزِلُهُ             مِنْها لَبانٌ و أَقْرَابٌ زَهالِيلُ‏

و الجمع من كل ذلك شَعارٍ. و
في الحديث: أَنه لما أَراد قتل أُبَيّ بن خَلَفٍ تطاير الناسُ عنه تَطايُرَ الشُّعْرِ عن البعير ثم طعنه في حلقه.
؛ الشُّعْر، بضم الشين و سكن العين: جمع شَعْراءَ، و هي ذِبَّانٌ أَحمر، و قيل أَزرق، يقع على الإِبل و يؤذيها أَذى شديداً، و قيل: هو ذباب كثير الشعر. و
في الحديث: أَن كعب بن مالك ناوله الحَرْبَةَ فلما أَخذها انتفض بها انتفاضةً تطايرنا عنه تطاير الشَّعارِيرِ.
؛ هي بمعنى الشُّعْرِ، و قياس واحدها شُعْرورٌ، و قيل: هي ما يجتمع على دَبَرَةِ البعير من الذبان فإِذا هيجتْ تطايرتْ عنها. و الشَّعْراءُ: الخَوْخُ أَو ضرب من الخوخ، و جمعه‏

415
لسان العرب4

شعر ص 409

كواحده. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراء شجرة من الحَمْضِ ليس لها ورق و لها هَدَبٌ تَحْرِصُ عليها الإِبل حِرْصاً شديداً تخرج عيداناً شِداداً. و الشَّعْراءُ: فاكهة، جمعه و واحده سواء. و الشَّعْرانُ: ضَرْبٌ من الرِّمْثِ أَخْضَر، و قيل: ضرب من الحَمْضِ أَخضر أَغبر. و الشُّعْرُورَةُ: القِثَّاءَة الصغيرة، و قيل: هو نبت. و الشَّعارِيرُ: صغار القثاء، واحدها شُعْرُور. و
في الحديث: أَنه أُهْدِيَ لرسول الله، صلى الله عليه و سلم، شعاريرُ.
؛ هي صغار القثاء. و ذهبوا شَعالِيلَ و شَعارِيرَ بِقُذَّانَ و قِذَّانَ أَي متفرّقين، واحدهم شُعْرُور، و كذلك ذهبوا شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ. قال اللحياني: أَصبحتْ شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ و قَرْدَحْمَةَ و قِنْدَحْرَةَ و قَنْدَحْرَةَ و قِدْحَرَّةَ [قَدْحَرَّةَ] و قَذْحَرَّةَ [قِذْحَرَّةَ]؛ معنى كل ذلك بحيث لا يقدر عليها، يعني اللحياني أَصبحت القبيلة. قال الفراء: الشَّماطِيطُ و العَبادِيدُ و الشَّعارِيرُ و الأَبابِيلُ، كل هذا لا يفرد له واحد. و الشَّعارِيرُ: لُعْبة للصبيان، لا يفرد؛ يقال: لَعِبنَا الشَّعاريرَ و هذا لَعِبُ الشَّعاريرِ. و قوله تعالى: وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى‏
؛ الشعرى: كوكب نَيِّرٌ يقال له المِرْزَمُ يَطْلعُ بعد الجَوْزاءِ، و طلوعه في شدّة الحرّ؛ تقول العرب: إِذا طلعت الشعرى جعل صاحب النحل يرى. و هما الشِّعْرَيانِ: العَبُورُ التي في الجوزاء، و الغُمَيْصاءُ التي في الذِّراع؛ تزعم العرب أَنهما أُختا سُهَيْلٍ، و طلوع الشعرى على إِثْرِ طلوع الهَقْعَةِ. و عبد الشِّعْرَى العَبُور طائفةٌ من العرب في الجاهلية؛ و يقال: إِنها عَبَرَت السماء عَرْضاً و لم يَعْبُرْها عَرْضاً غيرها، فأَنزل الله تعالى: وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى‏
؛ أَي رب الشعرى التي تعبدونها، و سميت الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن العرب قالت في أَحاديثها: إِنها بكت على إِثر العبور حتى غَمِصَتْ. و الذي ورد
في حديث سعد: شَهِدْتُ بَدْراً و ما لي غير شَعْرَةٍ واحدة ثم أَكثر الله لي من اللِّحَى بعدُ.
؛ قيل: أَراد ما لي إِلا بِنْتٌ واحدة ثم أَكثر الله لي من الوَلَدِ بعدُ. و أَشْعَرُ: قبيلة من العرب، منهم أَبو موسى الأَشْعَرِيُّ، و يجمعون الأَشعري، بتخفيف ياء النسبة، كما يقال قوم يَمانُونَ. قال الجوهري: و الأَشْعَرُ أَبو قبيلة من اليمن، و هو أَشْعَرُ بن سَبَإ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ. و تقول العرب: جاء بك الأَشْعَرُونَ، بحذف ياءي النسب. و بنو الشُّعَيْراءِ: قبيلة معروفة. و الشُّوَيْعِرُ: لقب محمد بن حُمْرانَ بن أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ، و هو أَحد من سمي في الجاهلية بمحمد، و المُسَمَّوْنَ بمحمد في الجاهلية سبعة مذكورون في موضعهم، لقبه بذلك إمرؤ القيس، و كان قد طلب منه أَن يبيعه فرساً فأَبى فقال فيه:
أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي             عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا

حريم: هو جد الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هو الحرث بن معاوية بن الحرث بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن حريم بن جُعْفِيٍّ؛ و قال الشويعر مخاطباً لإمرئ القيس:
أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها،             و قد نُمِيَتْ لِيَ عاماً فَعاما
بأَنَّ إمْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَئيباً،             على آلِهِ، ما يَذُوقُ الطَّعامَا

416
لسان العرب4

شعر ص 409

لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لا يُهانُ             لقد كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما
و قالوا: هَجَوْتَ، و لم أَهْجُهُ،             و هَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟

و الشويعر الحنفيّ: هو هانئ بن تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو العباس ثعلب له:
و إِنَّ الذي يُمْسِي، و دُنْياه هَمُّهُ،             لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ

فسمي الشويعر بهذا البيت.
شعفر:
شَعْفَرٌ: من أَسماء النساء؛ أَنشد الأَزهري:
يا لَيْتَ أَني لم أَكُنْ كَرِيّاً،             و لم أَسُقْ بِشَعْفَر المَطِيَّا

و قال ابن سيدة: شَعْفَرٌ بطن من ثعلبة يقال لهم بَنُو السَّعْلاةِ، و قيل: هو اسم امرأَة؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
صادَتْكَ يَوْمَ الرَّمْلَتَيْنِ شَعْفَرُ

و قال ثعلب: هي شغفر، بالغين المعجمة.
شغر:
الشَّغْرُ: الرفع. شَغَرَ الكلبُ يَشْغَرُ شَغْراً: رفع إِحدى رجليه ليبول، و قيل: رفع إِحدى رجليه، بال أَو لم يبل، و قيل: شَغَرَ الكلبُ برجله شَغْراً رفعها فبال؛ قال الشاعر:
شَغَّارَةٌ تَقِذُ الفَصِيلَ بِرِجْلِها،             فَطَّارَةٌ لِقَوادِمِ الأَبْكارِ

و
في الحديث: فإِذا نام شَغَرَ الشيطانُ برجله فبال في أُذنه.
و
في حديث عَلِيٍّ: قَبْلَ أَن تَشْغَرَ برجلها فِتْنَةٌ تَطَأُ في خِطامِها.
و شَغَرَ المرأَةَ و بها يَشْغُرُ شُغُوراً و أَشْغَرَها: رفع رِجْلَيْها للنكاح. و بلْدَةٌ شاغِرَةٌ: لم تمتنع من غارة أَحد. و شَغَرَتِ الأَرضُ و البلد أَي خلت من الناس و لم يبق بها أَحد يحميها و يضبطها. يقال: بلدة شاغِرةٌ برجلها إِذا لم تمتنع من غارة أَحد. و الشِّغار: الطَّرْدُ، يقال: شَغَرُوا فلاناً عن بلده شَغْراً و شِغاراً إِذا طَرَدُوه و نَفَوْهُ. و الشِّغار، بكسر الشين: نكاح كان في الجاهلية، و هو أَن تُزوِّج الرجلَ امرأَةً ما كانت، على أَن يزوّجك أُخرى بغير مهر، و خص بعضهم به القرائب فقال: لا يكون الشِّغارُ إِلا أَن تنكحه وليَّتك، على أَن ينكحك وليَّته؛ و قد شاغَرَهُ؛ الفراء: الشِّغارُ شِغارُ المتناكحين، و
نهى رسول الله، صلى الله عليه و سلم، عن الشِّغارِ.
؛ قال الشافعي و أَبو عبيد و غيرهما من العلماء: الشِّغارُ المنهي عنه أَن يزوّج الرجلُ الرجلَ حريمتَه على أَن يزوّجه المزوَّج حريمة له أُخرى، و يكون مهر كل واحدة منهما بُضْعَ الأُخرى، كأَنهما رفعا المهر و أَخليا البضع عنه. و
في الحديث: لا شِغارَ في الإِسلام.
و
في رواية: نهى عن نكاح الشَّغْرِ.
و الشِّغارُ: أَن يَبْرُزَ الرجلان من العَسْكَرَيْنِ، فإِذا كاد أَحدهما أَن يغلب صاحبه جاء اثنان ليغيثا أَحدهما، فيصيح الآخر: لا شِغارَ لا شِغارَ. قال ابن سيدة: و الشِّغارُ أَن يَعْدُو الرجلان على الرجل. و الشَّغْرُ: أَن يضرب الفحل برأْسه تحت النُّوقِ من قبَلِ ضروعها فيرفعها فيصرعها. و أَبو شاغِر: فحل من الإِبل معروف كان لمالك بن المُنْتَفِقِ الصُّبَحيِّ. و أَشْغَرَ المَنْهَلُ: صار في ناحية من المَحَجَّة؛ و في التهذيب: و اشْتَغَرَ المَنْهَلُ إِذا صار في ناحية من‏

417
لسان العرب4

شغر ص 417

المَحَجَّة؛ و أَنشد:
شافي الأُجاج بَعِيد المُشْتَغَرْ
و رُفْقَةٌ مُشْتَغِرَةٌ: بعيدة عن السَّابِلَةِ. و أَشْغَرَتِ الرُّفْقَةُ: انفردت عن السابلة. و اشْتَغَرَ في الفلاة: أَبْعَدَ فيها. و اشْتَغَر عليه حِسابُه: انْتَشَرَ و كَثُرَ فلم يَهْتَدِ لَهُ. و ذهب فلان يَعُدُّ بني فلان فاشْتَغَرُوا عليه أَي كثروا. و اشْتَغَرَ العَدَدُ: كثر و اتسع؛ قال أَبو النجم:
و عَدَد بَخّ إِذا عُدَّ اشْتَغَرْ،             كَعَدد التُّرْبِ تَدانَى و انْتَشَرْ

أَبو زيد: اشْتَغَرَ الأَمر بفلان أَي اتسع و عَظُمَ. و اشْتَغَرَتِ الحرب بين الفريقين إِذا اتسعت و عظمت. و اشْتَغَرَتِ الإِبلُ: كثرت و اختلفت. و الشَّغْرُ: التفرقة. و تفرّقت الغنم شَغَرَ بَغَرَ و شِغَرَ بِغَرَ أَي في كل وجه؛ و يقال: هما اسمان جعلا واحداً و بنيا على الفتح، و كذلك تفرّق القوم شَغَرَ بَغَر و شَذَرَ مَذَرَ أَي في كل وجه، و لا يقال ذلك في الإِقبال. و الشَّاغِرانِ: مُنْقَطَعُ عِرْقِ السُّرَّةِ. و رجلِ شِغِّير: سَيِ‏ءُ الخُلُقِ. و شاغِرَةُ و الشَّاغِرَةُ، كلتاهما: موضع. و تَشَغَّرَ البعيرُ إِذا لم يَدَعْ جُهْداً في سيره؛ عن أَبي عبيد. و يقال للبعير إِذا اشْتَدَّ عَدْوُه: هو يَتَشَغَّرُ تَشَغُّراً. و يقال: مَرَّ يَرْتَبِعُ إِذا ضرب بقوائمه، و اللَّبْطَةُ نحوه، ثم التَّشَغُّرُ فوق ذلك. و
في حديث ابن عمر: فَحَجَن ناقَتَهُ حتى أَشْغَرَتْ.
أَي اتَّسَعَتْ في السير و أَسرعتْ. و شَغَرْتُ بني فلان من موضع كذا أَي أَخرجتهم؛ و أَنشد الشيباني:
و نحنُ شَغَرْنا ابْنَيْ نِزارٍ كِلَيْهِما،             و كَلْباً بوقْعٍ مُرْهِبِ مُتَقارِبِ‏

و في التهذيب:
بحيث شَغَرْنا ابْنَي نِزار.

و الشَّغْرُ: البُعْدُ؛ و منه قولهم: بلد شاغِرٌ إِذا كان بعيداً من الناصر و السلطان؛ قاله الفراء. و
في الحديث: و الأَرض لكم شاغِرَةٌ.
؛ أَي واسعة. أَبو عمرو: شَغَرْتُه عن الأَرض أَي أَخرجته. أَبو عمرو: الشِّغارُ العَداوَةُ. و اشْتَغَرَ فلان علينا إِذا تطاول و افتخر. و تَشَغَّرَ فلان في أَمر قبيح إِذا تَمادَى فيه و تَعَمَّقَ. و الشَّغُورُ: موضع في البادية. و في النوادر: بئرٌ شِغارٌ و بئار شِغارٌ كثيرة الماء واسعة الأَعْطانِ. و المِشْغَرُ من الرماح: كالمِطْرَدِ؛ و قال:
سِناناً مِنَ الخَطِّيِّ أَسْمَرَ مِشْغَرَا

شغبر:
روى ثعلب عن عمرو عن أَبيه قال: الشَّغْبَرُ ابن آوى، قال: و من قاله بالزاي فقد صحف. الليث: تَشَغْبَرَت الريح إِذا الْتَوَتْ في هُبوبها.
شغفر:
شَغْفَرٌ: اسم امرأَة؛ عن ثعلب. و قال ابن الأَعرابي: إِنما هي شَعْفَر، و قد تقدم ذكره في حرف العين المهملة. أَبو عمرو: الشَّغْفَرُ المرأَة الحسناء؛ أَنشد عمرو بن بَحْر لأَبي الطوف الأَعرابي في امرأَته و كان اسمها شَغْفَر و كانت وُصِفَتْ بالقُبْحِ و الشَّناعَةِ:
جامُوسَةٌ و فِيلَةٌ و خَنْزَرُ،             و كُلُّهُنَّ في الجَمالِ شَغْفَرُ

قال: و أَنشدني المنذري:
و لم أَسُقْ بِشَغْفَرَ المَطِيَّا

و قال:
صادَتْكَ يَوْمَ القَرَّتَيْنِ «2» شَغْفَرُ.

شفر:
الشُّفْرُ، بالضم: شُفْرُ العين، و هو ما نبت عليه الشعر و أَصلُ مَنْبِتِ الشعر في الجَفْنِ و ليس‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [يوم القرتين‏] الذي تقدم في [شعفر] يوم الرملتين.

418
لسان العرب4

شفر ص 418

الشُّفْرُ من الشَّعَرِ في شي‏ء، و هو مذكر؛ صرح بذلك اللحياني، و الجمع أَشْفارٌ؛ سيبويه: لا يُكسَّرُ على غير ذلك، و الشَّفْرُ: لغة فيه؛ عن كراع. شمر: أَشْفارُ العين مَغْرِزُ الشَّعَرِ. و الشَّعَرُ: الهُدْبُ. قال أَبو منصور: شُفْرُ العين منابت الأَهداب من الجفون. الجوهري: الأَشْفارُ حروف الأَجفان التي ينبت عليها الشعر، و هو الهدب. و
في حديث سعد بن الربيع: لا عُذْرَ لَكُمْ إِن وُصِلَ إِلى رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و فيكم شُفْرٌ يَطْرِفُ.
و
في حديث الشَّعْبيّ: كانوا لا يُؤَقِّتون في الشُّفْرِ شيئاً.
أَي لا يوجبون فيه شيئاً مقَدَّراً. قال ابن الأَثير: و هذا بخلاف الإجماع لأَن الدية واجبة في الأَجفان، فإِن أَراد بالشُّفْرِ هاهنا الشَّعَرَ ففيه خلاف أَو يكون الأَوَّل مذهباً للشعبي. و شُفْرُ كل شي‏ء: ناحيته. و شُفْرُ الرحم و شافِرُها: حروفها. و شُفْرَا المرأَةِ و شافِراها: حَرْفا رَحِمِها. و الشَّفِرَةُ و الشَّفِيرَةُ من النساء: التي تجد شهوتها في شُفْرِها فيجي‏ءَ ماؤها سريعاً، و قيل: هي التي تقنع من النكاح بأَيسره، و هي نَقيضُ القَعِيرَةِ. و الشُّفْرُ: حرفُ هَنِ المرأَة و حَدُّ المِشْفَرِ. و يقال لناحيتي فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ؛ و لطرفيهما: الشُّفْرانِ، الليث: الشَّافِرَانِ من هَنِ المرأَة أَيضاً، و لا يقال المِشْفَرُ إِلَّا للبعير. قال أَبو عبيد: إِنما قيل مَشافِرُ الحبش تشبيهاً بِمَشافِرِ الإِبل. ابن سيدة: و ما بالدار شُفْرٌ و شَفْرٌ أَي أَحد؛ و قال الأَزهري: بفتح الشين. قال شمر: و لا يجوز شُفْر، بضمها؛ و قال ذو الرمة فيه بلا حرف النفي:
تَمُرُّ بنا الأَيامُ ما لَمَحَتْ بِنا             بَصِيرَةُ عَيْنٍ، مِنْ سِوانا، على شَفْرِ

أَي ما نظرت عين منا إِلى إِنسان سوانا؛ و أَنشد شمر:
رَأَتْ إِخْوَتي بعدَ الجميعِ تَفَرَّقُوا،             فلم يبقَ إِلَّا واحِداً مِنْهُمُ شَفْرُ

و المِشْفَرُ و المَشْفَرُ للبعير: كالشفة للإِنسان، و قد يقال للإِنسان مشافر على الاستعارة. و قال اللحياني: إِنه لعظيم المشافر، يقال ذلك في الناس و الإِبل، قال: و هو من الواحد الذي فرّق فجعل كل واحد منه مِشْفَراً ثم جمع؛ قال الفرزدق:
فلو كنتَ ضَبِّيّاً عَرَفْتَ قَرابَتي،             و لَكِنَّ زِنْجِيّاً عَظِيمَ المَشافِرِ

الجوهري: و المِشْفَرُ من البعير كالجَحْفَلةِ من الفرس، و مَشافِرُ الفرس مستعارة منه. و في المثل: أَراك بَشَرٌ ما أَحارَ مِشْفَرٌ أَي أَغناك الظاهر عن سؤال الباطن، و أَصله في البعير. و الشَّفِير: حَدُّ مِشْفَر [مَشْفَر] البعير. و
في الحديث: أَن أَعرابيّاً قال: يا رسول الله، إِن النُّقْبَةَ قد تكون بِمِشْفَرِ البعير في الإِبل العظيمة فَتَجْرَبُ كُلُّها، قال: فما أَجْرَبَ الأَوَّلَ؟.
المِشْفَر للبعير: كالشفة للإِنسان و الجَحْفَلَةِ للفرس، و الميم زائدة. و شَفِيرُ الوادي: حَدُّ حَرْفِه، و كذلك شَفِيرُ جهنم، نعوذ بالله منها. و
في حديث ابن عمر: حتى وقفوا على شفير جهنم.
أَي جانبها و حرفها؛ و شفير كل شي‏ء حرفه، و حرفُ كل شي‏ء شُفْره و شَفِيره كالوادي و نحوه. و شَفير الوادي و شُفْرُه: ناحيته من أَعلاه؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
بِزَرْقاوَيْنِ لم تُحْرَفْ، و لَمَّا             يُصِبْها غائِرٌ بِشَفِيرِ مأْقِ‏

قال ابن سيدة: قد يكون الشَّفِير هاهنا ناحية المَأْق‏

419
لسان العرب4

شفر ص 418

من أَعلاه، و قد يكون الشَّفِير لغةً في شُفْرِ العين. ابن الأَعرابي: شَفَرَ إِذا آذى إِنساناً، و شَفَرَ إِذا نَقَّصَ. و الشَّافِرُ: المُهْلِكُ ماله، و الزَّافِرُ: الشجاع. و شَفَّرَ المالُ: قَلَّ و ذهب؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد لشاعر يذكر نسوة:
مُولَعاتٌ بِهاتِ هاتِ، فإِنْ             شَفَّرَ مالٌ، أَرَدْنَ مِنْكَ انْخِلاعَا

و التَّشْفِير: قلة النفقة. و عَيْشٌ مُشَفِّرٌ: قليلٌ ضَيِّقٌ؛ و قال الشاعر:
قد شَفَّرَتْ نَفَقاتُ القَوْمِ بَعْدَكُمُ،             فأَصْبَحُوا لَيسَ فِيهمْ غَيْرُ مَلْهُوفِ‏

و الشَّفْرَةُ من الحديد: ما عُرِّضَ و حُدِّدَ، و الجمع شِفارٌ. و في المثل: أَصْغَرُ القَوْمِ شَفْرَتُهُمْ أَي خادمهم. و
في الحديث: إِن أَنساً كان شَفْرَةَ القوم في السَّفَرِ.
؛ معناه أَنه كان خادمهم الذي يكفيهم مَهْنَتَهُمْ، شُبِّهَ بالشَّفْرَةِ التي تمتهن في قطع اللحم و غيره. و الشَّفْرَةُ، بالفتح: السِّكِّينُ العريضة العظيمة، و جمعها شَفْرٌ و شِفارٌ. و
في الحديث: إِن لَقِيتَها نعجةً تَحْمِلُ شَفْرَةً و زِناداً فلا تهِجْها.
؛ الشَّفْرَةُ: السكين العريضة. و شَفَراتُ السيوف: حروفُ حَدّها؛ قال الكميت يصف السيوف:
يَرَى الرَّاؤُونَ بالشَّفَراتِ مِنْها             وُقُودَ أَبي حُباحِب و الظُّبِينا

و شَفْرَةُ السيف: حدُّه. و شَفْرَةُ الإِسْكافِ: إِزْمِيلُه الذي يَقْطَعُ به. أَبو حنيفة: شَفْرتا النَّصْلِ جانباه. و أُذُنٌ شُفارِيَّة و شُرافِيَّة: ضخمة، و قيل: طويلة عريضة لَيِّنَةُ الفَرْعِ. و الشُّفارِيُّ: ضَرْبٌ من اليَرابِيعِ، و يقال لها ضأْنُ اليَرابِيعِ، و هي أَسمنها و أَفضلها، يكون في آذانها طُولٌ، و لليَرْبُوعِ الشُّفارِيّ ظُفُرٌ في وسط ساقه. و يَرْبُوع شُفارِيّ: على أُذنه شَعَرٌ. و يَرْبُوعٌ شُفارِيٌّ: ضَخْمُ الأُذنين، و قيل: هو الطويل الأُذنين العاري البَراثِنِ و لا يُلْحَقُ سَرِيعاً، و قيل: هو الطويل القوائم الرِّخْوُ اللحمِ الكثير الدَّسَمِ؛ قال:
و إِنِّي لأَصْطادُ اليرابيع كُلَّها:             شُفارِيَّها و التَّدْمُرِيَّ المُقَصِّعَا

التَّدْمُرِيُّ: المكسو البراثن الذي لا يكاد يُلْحَقُ. و المِشْفَرُ: أَرض من بلاد عَدِيٍّ و تَيْمٍ؛ قال الراعي:
فَلَمَّا هَبَطْنَ المِشْفَرَ العَوْدَ عَرَّسَتْ،             بِحَيْثُ الْتَقَتْ أَجْراعُهُ و مَشارِفُهْ‏

و يروى:
... مِشْفَر العَوْدِ ...

، و هو أَيضاً اسم أَرض. و
في حديث كُرْزٍ الفِهْرِيّ: لما أَغار على سَرْح المدينة كان يَرْعَى بِشُفَرٍ.
؛ هو بضم الشين و فتح الفاء، جبل بالمدينة يهبط إِلى العَقِيقِ. و الشَّنْفَرى: اسم شاعر من الأَزْدِ و هو فَنْعَلَى؛ و في المثل: أَعْدَى من الشَّنْفَرَى، و كان من العَدَّائِين.
شفتر:
الشَّفْتَرَةُ: التَّفَرُّقُ. و اشْفَتَرَّ الشي‏ء: تَفَرَّقَ. و اشْفَتَرَّ العُودُ: تَكَسَّرَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تُبادِرُ الضَّيْفَ بِعُودٍ مُشْفَتِرْ

أَي منكسر من كثرة ما تضرب به. و رجل شَفَنْتَرٌ: ذاهب الشعر. التهذيب في‏

420
لسان العرب4

شفتر ص 420

الخماسي: الشَّفَنْتَرُ القليل شعر الرأْس، قال: و هو في شعر أَبي النجم. و الشَّفَنْتَرِيُّ: اسم. ابن الأَعرابي: اشْفَتَرَّ السِّراجُ إِذا اتسعت النار فاحتجت أَن تقطع من رأْس الذُّبالِ؛ و قال أَبو الهيثم في قول طرفة:
فَتَرَى المَرْوَ، إِذا ما هَجَّرَتْ             عَنْ يَدَيْها، كالجرادِ المُشْفَتِرْ

قال: المُشْفَتِرُّ المتفرق. قال: و سمعت أَعرابيّاً يقول: المشفتر المُنْتَصِبُ؛ و أَنشد:
تَغْدُو على الشَّرِّ بِوَجْهٍ مُشْفَتِرْ
و قيل: المُشْفَتِرُّ المقشعرّ. قال الليث: اشْفَتَرَّ الشي‏ء اشْفِتْراراً، و الاسم الشَّفْتَرَةُ، و هو تفرّق كتفرّق الجراد. الجوهري: الاشْفِتْرارُ التفرّق؛ قال ابن أَحمر يصف قطاة و فرخها:
فأَزْغَلَتْ في حَلْقِهِ زُغْلَةً،             لم تُخْطِئ الجِيدَ و لم تَشْفَتِرْ

و يروى:
لم تَظْلمِ الجِيدَ.

شقر:
الأَشْقَرُ من الدواب: الأَحْمَرُ في مُغْرَةِ حُمْرَةٍ صافيةٍ يَحْمَرُّ منها السَّبِيبُ و المَعْرَفَةُ و الناصية، فإِن اسودَّا فهو الكُمَيْتُ. و العرب تقول: أَكرمُ الخيل و ذوات الخير منها شُقْرُها؛ حكاه ابن الأَعرابي. الليث: الشَّقْرُ و الشُّقْرَةُ مصدر الأَشْقَرِ، و الفعل شَقُرَ يَشْقُرُ شُقْرَةً، و هو الأَحمر من الدواب. الصحاح: و الشُّقْرَةُ لونُ الأَشْقَرِ، و هي في الإِنسان حُمْرَةٌ صافية و بَشَرَتُه مائلة إِلى البياض؛ ابن سيدة: و شَقِرَ شَقَراً و شَقُرَ، و هو أَشْقَرُ، و اشْقَرَّ كَشَقِرَ؛ قال العجاج:
و قد رأَى في الأُفُقِ اشْقِرارَا

و الاسم الشُّقْرَةُ. و الأَشْقَرُ من الإِبل: الذي يشبه لَوْنُه لَوْنَ الأَشْقَرِ من الخيل. و بعير أَشْقَرُ أَي شديد الحمرة. و الأَشْقَرُ من الرجال: الذي يعلو بياضَه حمرةٌ صافيةٌ. و الأَشْقَرُ من الدم: الذي قد صار عَلَقاً. يقال: دم أَشْقَرُ، و هو الذي صار عَلَقاً و لم يَعْلُهُ غُبارٌ. ابن الأَعرابي قال: لا تكون حَوْرَاءُ شَقْراءَ، و لا أَدْماءُ حَوْراءَ و لا مَرْهاءَ، لا تكون إِلا ناصِعَةَ بياضِ العَيْنَيْنِ في نُصوعِ بَياضِ الجلد في غير مُرْهَةٍ و لا شُقْرَةٍ و لا أُدْمَةٍ و لا سُمْرَةٍ و لا كَمَدِ لَوْنٍ حتى يكون لونها مُشْرِقاً و دَمُها ظاهراً. و المَهْقاءُ و المَقْهاءُ: التي يَنْفي بياضَ عينها الكُحْلُ و لا يَنْفي بياضَ جلدها. و الشَّقْراءُ: اسم فرس ربيعة بن أُبَيٍّ، صفة غالبة. و الشَّقِرُ، بكسر القاف: شَقائِقُ النُّعمانِ، و يقال: نبت أَحمر، واحدتها شَقرَةٌ، و بها سُمِّيَ الرجلُ شَقِرَة، قال طرفة.
و تَساقَى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً،             و على الخَيْلِ دِماءٌ كالشَّقِرْ

و يروى:
و عَلا الخيلَ.
و جاء بالشُّقَّارَى و البُقَّارَى و الشُقارَى و البُقارَى، مثقلًا و مخففاً، أَي بالكذب. ابن دريد: يقال جاء فلان بالشُّقَرِ و البُقَرِ إِذا جاء بالكذب. و الشُّقَّارُ و الشُّقَّارَى: نِبْتَةٌ ذات زُهَيْرَةٍ، و هي أَشبه ظهوراً على الأَرض من الذنيان «3». و زَهْرَتُها شُكَيْلاءُ و ورقها لطيف أَغبر، تُشْبِهُ نِبْتَتُها نِبْتَةَ القَضْب، و هي تحمد في المرعى، و لا تنبت إِلا في عام خصيب؛ قال ابن مقبل:
__________________________________________________
 (3). قوله: [من الذنيان‏] كذا بالأَصل.

421
لسان العرب4

شقر ص 421

حَشا ضِغْثُ شُقَّارَى شَراسِيفَ ضُمَّرٍ،             تَخَذَّمَ منْ أَطْرافِها ما تَخَذَّما

و قال أَبو حنيفة: الشُّقَّارَى، بالضم و تشديد القاف، نبت، و قيل: نبت في الرمل، و لها ريح ذَفِرَةٌ، و توجد في طعم اللبن، قال: و قد قيل إِن الشُّقَّارَى هو الشَّقِرُ نفسه، و ليس ذلك بقويّ، و قيل: الشُّقَّارَى نبت له نَوْرٌ فيه حمرة ليست بناصعة و حبه يقال له الخِمْخِمُ. و الشِّقرانُ: داء يأَخذ الزرع، و هو مثل الوَرْسِ يعلو الأَذَنَةَ ثم يُصَعِّدُ في الحب و الثمر. و الشَّقِرانُ: نبت «1». أَو موضع. و المَشاقِرُ: منابت العَرْفَجِ، واحدتها مَشْقَرَةٌ. قال بعض العرب لراكب ورد عليه: من أَين وَضَحَ الراكبُ؟ قال: من الحِمَى، قال: و أَين كان مَبيتُكَ؟ قال: بإِحدى هذه المَشاقِرِ؛ و منه قول ذي الرمة «2»:
... من ظِباء المَشاقِر
و قيل: المشاقر مواضع. و المَشاقِرُ من الرمال: ما انقاد و تَصَوَّب في الأَرض، و هي أَجلد الرمال، الواحد مَشْقَرٌ. و الأَشاقرُ: جبال بين مكة و المدينة. و الشُّقَيْرُ: ضرب من الحِرْباءِ أَو الجنَادِب. و شَقِرَةُ: اسم رجل، و هو أَبو قبيلة من العرب يقال لها شَقِرَة. و شَقِيرَة: قبيلة في بني ضَبَّةَ، فإِذا نسبت إِليهم فتحت القاف قلت شَقَرِيٌّ. و الشُّقُور: الحاجة. يقال: أَخبرته بشُقُورِي، كما يقال: أَفْضَيْتُ إِليه بِعُجَري و بُجَرِي، و كان الأَصمعي يقوله بفتح الشين؛ و قال أَبو عبيد: الضم أَصح لأَن الشُّقُور بالضم بمعنى الأُمورِ اللاصقة بالقلب المُهِمَّةِ له، الواحد شَقْرٌ. و من أَمثال العرب في سِرارِ الرجل إِلى أَخيه ما يَسْتُره عن غيره: أَفْضَيْتُ إِليه بشُقُورِي أَي أَخبرته بأَمري و أَطلعته على ما أُسِرُّه من غيره. و بَثَّهُ شُقُورَهُ و شَقُورَهُ أَي شكا إِليه حاله؛ قال العجاج:
جارِيَ، لا تَسْتَنْكِرِي عَذِيرِي،             سَيْرِي، و إِشْفاقِي على بَعيرِي‏
و كَثْرَةَ الحديثِ عن شَقُورِي،             مَعَ الجَلا و لائِحِ القَتِيرِ

و قد استشهد بالشَّقورِ في هذه الأَبيات لغير ذلك فقيل: الشَّقُور، بالفتح، بمعنى النعت، و هو بَثُّ الرجل و هَمُّهُ. و روى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه أَنشده بيت العجاج فقال: روي شُقُورِي و شَقُورِي؛ و الشُّقُور: الأُمور المهمة، الواحد شَقْرٌ. و الشَّقُورُ: هو الهم المُسْهِرُ، و قيل: أَخبرني بشَقُوره أَي بِسِرِّه. و المُشَقَّرُ، بفتح القاف مشدودة: حصن بالبحرين قديم؛ قال لبيد يصف بنات الدهر:
و أَنْزَلْنَ بالدُّومِيّ من رأْسِ حِصْنِهِ،             و أَنْزَلْنَ بالأَسْبَابِ رَبَّ المُشَقَّرِ «3».

و المُشَقَّرُ: موضع؛ قال إمرؤ القيس:
دُوَيْنَ الصَّفا اللَّائِي يَلِينَ المُشَقَّرَا

و المُشَقَّرُ أَيضاً: حصن، قال المخبل:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الشقران نبت إلخ‏] قال ياقوت: لم أسمع في هذا الوزن إلا شقران، بفتح فكسر و تخفيف الراء، و ظربان و قطران.
 (2). قوله: [و منه قول ذي الرمة إلخ‏] هو كما في شرح القاموس:
كأن عرى المرجان منها تعلقت             على أُم خشف من ظباء المشاقر.

 (3). قوله: [
و أنزلن بالدومي ...

إلخ‏] أَراد به أكيدراً صاحب دومة الجندل، و قبله:
و أفنى بنات الدهر أبناء ناعط             بمستمع دون السماع و منظر.

422
لسان العرب4

شقر ص 421

فَلَئِنْ بَنَيْت لِيَ المُشَقَّرَ في             صَعْبٍ تُقَصِّرُ دُونَهُ العُصْمُ،
لَتُنَقِّبَنْ عَنِّي المَنِيَّةُ، إن             اللهَ لَيْسَ كَعِلْمِهِ عِلْمُ‏

أَراد: فلئن بنيت لي حصناً مثل المُشَقَّرِ. و الشَّقْراءُ: قرية لِعُكْلٍ بها نخل؛ حكاه أَبو رِياشٍ في تفسير أَشعار الحماسَة، و أَنشد لزياد بن جَمِيلٍ:
مَتَى أَمُرُّ على الشَّقْراءِ مُعْتَسِفاً             خَلَّ النَّقَى بِمَرُوحٍ، لَحْمُها زِيَمُ‏

و الشَّقْراءُ: ماء لبني قَتادة بن سَكَنٍ. و
في الحديث: أَن عمرو بن سَلَمَةَ لما وَفَدَ على رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فأَسلم اسْتَقْطَعَهُ ما بين السَّعْدِيَّةِ و الشَّقْراءِ.
؛ و هما ماءان، و قد تقدم ذكر السعدية في موضعه. و الشَّقِيرُ: أَرض؛ قال الأَخطل:
و أَقْفَرَتِ الفَراشَةُ و الحُبَيَّا،             و أَقْفَرَ، بَعْدَ فاطِمَةَ، الشَّقِيرُ

و الأَشاقِرُ: حَيٌّ من اليمن من الأَزد، و النسبة إِليهم أَشْقَريٌّ. و بنو الأَشْقَرِ: حَيّ أَيضاً، يقال لأُمِّهم الشُّقَيراءُ، و قيل: أَبوهم الأَشْقَرُ سَعْدُ بن مالك بن عمرو بن مالك بن فَهْمٍ؛ و ينسب إِلى بَني شَقِرَةَ شَقَرِيٌّ، بالفتح، كما ينسب إِلى النَّمِرِ بن قاسط نَمَرِيٌّ. و أَشْقَرُ و شُقَيْرٌ و شُقْرانُ: أَسماء. قال ابن الأَعرابي: شُقْرانُ السُّلامِيُّ رجل من قُضاعَةَ. و الشَّقْراءُ: اسم فرس رَمَحَتِ ابنَها «1». فَقَتَلَتْهُ؛ قال بشر بن أَبي خازم الأَسَدِيُّ يهجو عُتْبَةَ بن جعفر بن كلاب، و كان عتبة قد أَجار رجلًا من بني أَسد فقتله رجلا من بني كلاب فلم يمنعه:
فأَصْبَحَ كالشَّقْراءِ، لم يَعْدُ شَرُّها             سَنابِكَ رِجْليها، و عِرْضُكَ أَوْفَرُ

التهذيب: و الشَّقِرَةُ هو السَّنْجُرْفُ و هو السَّخْرُنج؛ و أَنشد:
عليه دِماءُ البُدْنِ كالشَّقِرات‏

ابن الأَعرابي: الشُّقَرُ الدِّيكُ.
شكر:
الشُّكْرُ: عِرْفانُ الإِحسان و نَشْرُه، و هو الشُّكُورُ أَيضاً. قال ثعلب: الشُّكْرُ لا يكون إِلَّا عن يَدٍ، و الحَمْدُ يكون عن يد و عن غير يد، فهذا الفرق بينهما. و الشُّكْرُ من الله: المجازاة و الثناء الجميل، شَكَرَهُ و شَكَرَ له يَشْكُرُ شُكْراً و شُكُوراً و شُكْراناً؛ قال أَبو نخيلة:
شَكَرْتُكَ، إِنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ منَ التُّقَى،             و ما كُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ نِعْمَةً يَقْضِي‏

قال ابن سيدة: و هذا يدل على أَن الشكر لا يكون إِلا عن يد، أَ لا ترى أَنه قال: و ما كل من أَوليته نعمة يقضي؟ أَي ليس كل من أَوليته نعمة يشكرك عليها. و حكى اللحياني: شكرت اللَّه و شكرت لله و شَكَرْتُ بالله، و كذلك شكرت نعمة الله، و تَشَكَّرَ له بلاءَه: كشَكَرَهُ. و تَشَكَّرْتُ له: مثل شَكَرْتُ له. و
في حديث يعقوب: إِنه كان لا يأْكل شُحُومَ الإِبل تَشَكُّراً لله عز و جل.
؛ أَنشد أَبو علي:
و إِنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ ما مَضَى             من الأَمْرِ، و اسْتيجابَ ما كان في الغَدِ

__________________________________________________
 (1). قوله: [رمحت ابنها إلخ‏] أي لا عن قصد منها بل رمحت غلاماً فأصابت ابنها فقتلته. و قيل إِنها جمحت بصاحبها يوماً فأتت على واد فأرادت أَن تثبه فقصرت فاندقت عنقها و سلم صاحبها فسئل عنها فقال: إن الشقراء لم يعدُ شرها رجليها.

423
لسان العرب4

شكر ص 423

أَي لِتَشَكُّرِ ما مضى، و أَراد ما يكون فوضع الماضي موضع الآتي. و رجل شَكورٌ: كثير الشُّكْرِ. و في التنزيل العزيز: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً
. و
في الحديث: حين رُؤيَ، صلى الله عليه و سلم، و قد جَهَدَ نَفْسَهُ بالعبادة فقيل له: يا رسول الله، أَ تفعل هذا و قد غفر الله لك ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ؟ أَنه قال، عليه السلام: أَ فَلا أَكونُ عَبْداً شَكُوراً؟.
و كذلك الأُنثى بغير هاء. و الشَّكُور: من صفات الله جل اسمه، معناه: أَنه يزكو عنده القليلُ من أَعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء، و شُكْرُه لعباده: مغفرته لهم. و الشَّكُورُ: من أَبنية المبالغة. و أَما الشَّكُورُ من عباد الله فهو الذي يجتهد في شكر ربه بطاعته و أَدائه ما وَظَّفَ عليه من عبادته. و قال الله تعالى: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ
؛ نصب شُكْراً
 لأَنه مفعول له، كأَنه قال: اعملوا لله شُكْراً، و إِن شئت كان انتصابه على أَنه مصدر مؤكد. و الشُّكْرُ: مثل الحمد إِلا أَن الحمد أَعم منه، فإِنك تَحْمَدُ الإِنسانَ على صفاته الجميلة و على معروفه، و لا تشكره إِلا على معروفه دون صفاته. و الشُّكْرُ: مقابلة النعمة بالقول و الفعل و النية، فيثني على المنعم بلسانه و يذيب نفسه في طاعته و يعتقد أَنه مُولِيها؛ و هو من شَكَرَتِ الإِبل تَشْكُر إِذا أَصابت مَرْعًى فَسَمِنَتْ عليه. و
في الحديث: لا يَشْكُرُ الله من لا يَشْكُرُ الناسَ.
؛ معناه أَن الله لا يقبل شكر العبد على إِحسانه إِليه، إِذا كان العبد لا يَشكُرُ إِحسانَ الناس و يَكْفُر معروفَهم لاتصال أَحد الأَمرين بالآخر؛ و قيل: معناه أَن من كان من طبعه و عادته كُفْرانُ نعمة الناس و تركُ الشُّكْرِ لهم، كان من عادته كُفْرُ نعمة الله و تركُ الشكر له، و قيل: معناه أَن من لا يشكُر الناس كان كمن لا يشكُر الله و إِن شَكَرَهُ، كما تقول: لا يُحِبُّني من لا يُحِبُّك أَي أَن محبتك مقرونة بمحبتي فمن أَحبني يحبك و من لم يحبك لم يحبني؛ و هذه الأَقوال مبنية على رفع اسم الله تعالى و نصبه. و الشُّكْرُ: الثناءُ على المُحْسِنِ بما أَوْلاكَهُ من المعروف. يقال: شَكَرْتُه و شَكَرْتُ له، و باللام أَفصح. و قوله تعالى: لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً
؛ يحتمل أَن يكون مصدراً مثل قَعَدَ قُعُوداً، و يحتمل أَن يكون جمعاً مثل بُرْدٍ و بُرُود و كُفْرٍ و كُفُورٍ. و الشُّكْرانُ: خلاف الكُفْرانِ. و الشَّكُور من الدواب: ما يكفيه العَلَفُ القليلُ، و قيل: الشكور من الدواب الذي يسمن على قلة العلف كأَنه يَشْكُرُ و إِن كان ذلك الإِحسان قليلًا، و شُكْرُه ظهورُ نمائه و ظُهُورُ العَلَفِ فيه؛ قال الأَعشى:
و لا بُدَّ مِنْ غَزْوَةٍ في الرَّبيعِ             حَجُونٍ، تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورَا

و الشَّكِرَةُ و المِشْكارُ من الحَلُوباتِ: التي تَغْزُرُ على قلة الحظ من المرعى. و نَعَتَ أَعرابيٌّ ناقةً فقال: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ مِغْبارٌ، فأَما المشكار فما ذكرنا، و أَما المعشار و المغبار فكل منهما مشروح في بابه؛ و جَمْعُ الشَّكِرَةِ شَكارَى و شَكْرَى. التهذيب: و الشَّكِرَةُ من الحلائب التي تصيب حظّاً من بَقْل أَو مَرْعًى فَتَغْزُرُ عليه بعد قلة لبن، و إِذا نزل القوم منزلًا فأَصابتْ نَعَمُهم شيئاً من بَقْلٍ قَدْ رَبَّ قيل: أَشْكَرَ القومُ، و إِنهم لَيَحْتَلِبُونَ شَكِرَةَ حَيْرَمٍ، و قد شَكِرَتِ الحَلُوبَةُ شَكَراً؛ و أَنشد:
نَضْرِبُ دِرَّاتِها، إِذا شَكِرَتْ،             بِأَقْطِها، و الرِّخافَ نَسْلَؤُها

424
لسان العرب4

شكر ص 423

و الرَّخْفَةُ: الزُّبْدَةُ. و ضَرَّةٌ شَكْرَى إِذا كانت مَلأَى من اللبن، و قد شَكِرَتْ شَكَراً. و أَشْكَرَ الضَّرْعُ و اشْتَكَرَ: امتلأَ لبناً. و أَشْكَرَ القومُ: شَكِرتْ إِبِلُهُمْ، و الاسم الشَّكْرَةُ. الأَصمعي: الشَّكِرَةُ الممتلئة الضرع من النوق؛ قال الحطيئة يصف إِبلًا غزاراً:
إِذا لم يَكُنْ إِلَّا الأَمَالِيسُ أَصْبَحَتْ             لَها حُلَّقٌ ضَرَّاتُها، شَكِرات‏

قال ابن بري: و يروى‏
بها حُلَّقاً ضَرَّاتُها ...
، و إِعرابه على هذا أَن يكون في أَصبحت ضمير الإِبل و هو اسمها، و حُلَّقاً خبرها، و ضراتها فاعل بِحُلَّق، و شكرات خبر بعد خبر، و الهاء في بها تعود على الأَمالِيسِ؛ و هي جمع إمْلِيسٍ، و هي الأَرض التي لا نبات لها؛ قال: و يجوز أَن يكون ضراتها اسم أَصبحت، و حلقاً خبرها، و شكرات خبر بعد خبر؛ قال: و أَما من روى لها حلق، فالهاء في لها تعود على الإِبل، و حلق اسم أَصبحت، و هي نعت لمحذوف تقديره أَصبحت لها ضروع حلق، و الحلق جمع حالق، و هو الممتلئ، و ضراتها رفع بحلق و شكرات خبر أَصبحت؛ و يجوز أَن يكون في أَصبحت ضمير الأَبل، و حلق رفع بالابتداء و خبره في قوله لها، و شكرات منصوب على الحال، و أَما قوله: إِذا لم يكن إِلَّا الأَماليس، فإِنَّ يكن يجوز أَن تكون تامة، و يجوز أَن تكون ناقصة، فإِن جعلتها ناقصة احتجت إِلى خبر محذوف تقديره إِذا لم يكن ثَمَّ إِلَّا الأَماليس أَو في الأَرض إِلَّا الأَماليس، و إِن جعلتها تامة لم تحتج إِلى خبر؛ و معنى البيت أَنه يصف هذه الإِبل بالكرم و جودة الأَصل، و أَنه إِذا لم يكن لها ما ترعاه و كانت الأَرضُ جَدْبَةً فإِنك تجد فيها لبناً غزيراً. و
في حديث يأْجوج و مأْجوج: دَوابُّ الأَرض تَشْكَرُ شَكَراً.
بالتحريك، إِذا سَمِنَت و امتلأَ ضَرْعُها لبناً. و عُشْبٌ مَشْكَرَة: مَغْزَرَةٌ للبن، تقول منه: شَكِرَتِ الناقة، بالكسر، تَشْكَرُ شَكَراً، و هي شَكِرَةٌ. و أَشْكَرَ القومُ أَي يَحْلُبُون شَكِرَةً. و هذا زمان الشَّكْرَةِ إِذا حَفَلتْ من الربيع، و هي إِبل شَكَارَى و غَنَمٌ شَكَارَى. و اشْتَكَرَتِ السماءُ و حَفَلَتْ و اغْبَرَّتْ: جَدَّ مطرها و اشْتَدَّ وقْعُها؛ قال إمرؤ القيس يصف مطراً:
تُخْرِجُ الوَدَّ إِذا ما أَشْجَذَتْ،             و تُوالِيهِ إِذا ما تَشْتَكِرْ

و يروى:
... تَعْتَكِرْ.

و اشْتَكَرَت الرياحُ: أَتت بالمطر. و اشْتَكَرَتِ الريحُ: اشتدّ هُبوبُها؛ قال ابن أَحمر:
المُطْعِمُونَ إِذا رِيحُ الشِّتَا اشْتَكَرَتْ،             و الطَّاعِنُونَ إِذا ما اسْتَلْحَمَ البَطَلُ‏

و اشْتَكَرَتِ الرياحُ: اختلفت؛ عن أَبي عبيد؛ قال ابن سيدة: و هو خطأٌ. و اشْتَكَرَ الحرُّ و البرد: اشتدّ؛ قال الشاعر:
غَداةَ الخِمْسِ و اشْتَكَرَتْ حَرُورٌ،             كأَنَّ أَجِيجَها وَهَجُ الصِّلاءِ

و شَكِيرُ الإِبل: صغارها. و الشَّكِيرُ من الشَّعَرِ و النبات: ما ينبت من الشعر بين الضفائر، و الجمع الشُّكْرُ؛ و أَنشد:
فَبَيْنا الفَتى لِلْعَيْنِ ناضِراً،             كعُسْلُوجَةٍ يَهْتَزُّ منها شَكِيرُها

ابن الأَعرابي: الشَّكِيرُ ما ينبت في أَصل الشجرة من الورق و ليس بالكبار. و الشَّكيرُ من الفَرْخِ:

425
لسان العرب4

شكر ص 423

الزَّغَبُ. الفراء: يقال شَكِرَتِ الشَّجَرَةُ و أَشْكَرَتْ إِذا خرج فيها الشي‏ء. ابن الأَعرابي: المِشْكارُ من النُّوقِ التي تَغْزُرُ في الصيف و تنقطع في الشتاء، و التي يدوم لبنها سنتها كلها يقال لها: رَكُودٌ و مَكُودٌ وَ وَشُولٌ و صَفِيٌّ. ابن سيدة: و الشَّكِيرُ الشَّعَرُ الذي في أَصل عُرْفِ الفَرَسِ كأَنه زَغَبٌ، و كذلك في الناصية. و الشَّكِيرُ من الشعر و الريش و العَفا و النَّبْتِ: ما نَبَتَ من صغاره بين كباره، و قيل: هو أَول النبت على أَثر النبت الهائج المُغْبَرِّ، و قد أَشْكَرَتِ الأَرضُ، و قيل: هو الشجر ينبت حول الشجر، و قيل: هو الورق الصغار ينبت بعد الكبار. و شَكِرَتِ الشجرة أَيضاً تَشْكَرُ شَكَراً أَي خرج منها الشَّكِيرُ، و هو ما ينبت حول الشجرة من أَصلها؛ قال الشاعر:
و مِنْ عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها
قال: و ربما قالوا للشَّعَرِ الضعيف شَكِيرٌ؛ قال ابن مقبل يصف فرساً:
ذَعَرْتُ بِهِ العَيرَ مُسْتَوْزِياً،             شَكِيرُ جَحَافِلِهِ قَدْ كَتِنْ‏

و مُسْتَوْزِياً: مُشْرِفاً منتصباً. و كَتِنَ: بمعنى تَلَزَّجَ و تَوَسَّخَ. و الشَّكِيرُ أَيضاً: ما ينبت من القُضْبانِ الرَّخْصَةِ بين القُضْبانِ العاسِيَةِ. و الشَّكِيرُ: ما ينبت في أُصول الشجر الكبار. و شَكِيرُ النخلِ: فِراخُه. و شَكِرَ النخلُ شَكَراً: كثرت فراخه؛ عن أَبي حَنيفة؛ و قال يعقوب: هو من النخل الخُوصُ الذي حول السَّعَفِ؛ و أَنشد لكثيِّر:
بُرُوكٌ بأَعْلى ذِي البُلَيْدِ، كأَنَّها             صَرِيمَةُ نَخْلٍ مُغْطَئِلٍّ شَكِيرُها

مغطئل: كثير متراكب. و قال أَبو حنيفة: الشكير الغصون؛ و
روى الأَزهري بسنده: أَن مَجَّاعَةَ أَتى رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فقال قائلهم:
و مَجَّاعُ اليَمامَةِ قد أَتانا،             يُخَبِّرُنا بِمَا قال الرَّسُولُ‏
فأَعْطَيْنا المَقادَةَ و اسْتَقَمْنا،             و كانَ المَرْءُ يَسْمَعُ ما يَقُولُ‏

فأَقْطَعَه رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، و كتب له بذلك كتاباً: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*، هذا كتابٌ كَتَبَهُ محمدٌ رسولُ الله، لِمَجَّاعَةَ بنِ مُرارَةَ بن سَلْمَى، إِني أَقطعتك الفُورَةَ و عَوانَةَ من العَرَمَةِ و الجَبَل فمن حاجَّكَ فإِليَّ. فلما قبض رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، وَفَدَ إِلى أَبي بكر، رضي الله عنه، فأَقطعه الخِضْرِمَةَ، ثم وَفَدَ إِلى عمر، رضي الله عنه، فأَقطعه أَكثر ما بالحِجْرِ، ثم إِن هِلالَ بنَ سِراجِ بنِ مَجَّاعَةَ وَفَد إِلى عمر بن عبد العزيز بكتاب رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بعد ما استخلف فأَخذه عمر و وضعه على عينيه و مسح به وجهه رجاء أَن يصيب وجهه موضع يد رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فَسَمَرَ عنده هلالٌ ليلةً، فقال له: يا هلال أَ بَقِيَ من كُهُولِ بني مَجَّاعَةَ أَحدٌ؟ قال: نَعَمْ و شَكِيرٌ كثير؛ قال: فضحك عمر و قال: كَلِمَةٌ عربيةٌ، قال: فقال جلساؤه: و ما الشَّكير يا أَمير المؤمنين؟ قال: أَ لم تَرَ إِلى الزرع إِذا زكا فأَفْرَخَ فنبت في أُصوله فذلكم الشَّكيرُ. ثم أَجازه و أَعطاه و أَكرمه و أَعطاه في فرائض العيال و المُقاتِلَةِ.
؛ قال أَبو منصور: أَراد بقوله و شَكِير كثير أَي ذُرِّيَّةٌ صِغارٌ،. شبههم بشَكِيرِ الزرع، و هو ما نبت منه صغاراً في أُصول الكبار؛ و قال العجاج يصف رِكاباً أَجْهَضَتْ أَولادَها:
و الشَّدَنِيَّاتُ يُسَاقِطْنَ النَّغَرْ
،

426
لسان العرب4

شكر ص 423

خُوصُ العُيونِ مُجْهِضَاتٌ ما اسْتَطَرْ،             مِنْهُنَّ إِتْمامُ شَكِيرٍ فاشْتَكَرْ

ما اسْتَطَرَّ: من الطَّرِّ. يقال: طَرَّ شَعَرُه أَي نبت، و طَرَّ شاربه مثله. يقول: ما اسْتَطَرَّ منهنَّ. إِتمام يعني بلوغ التمام. و الشَّكِيرُ: ما نبت صغيراً فاشْتَكَر: صار شَكِيراً.
بِحاجِبٍ و لا قَفاً و لا ازْبأَرْ             مِنْهُنَّ سِيساءٌ، و لا اسْتَغْشَى الوَبَرْ

و الشَّكِيرُ: لِحاءُ الشجر؛ قال هَوْذَةُ بنُ عَوْفٍ العامِريّ:
على كلِّ خَوَّارِ العِنانِ كأَنها             عَصَا أَرْزَنٍ، قد طارَ عَنْهَا شَكِيرُها

و الجمع شُكُرٌ. و شُكُرُ الكَرْمِ: قُضْبانه الطِّوالُ، و قيل: قُضبانه الأَعالي. و قال أَبو حنيفة: الشَّكِير الكَرْم يُغرَسُ من قضيبه، و الفعل كل ذلك أَشْكَرَتْ و اشْتَكَرَت و شَكِرَتْ. و الشَّكْرُ: فَرْجُ المرأَة و قيل لحم فرجها؛ قال الشاعر يصف امرأَة، أَنشده ابن السكيت:
صَناعٌ بإِشْفاها، حَصانٌ بِشَكْرِها،             جَوادٌ بِقُوتِ البَطْنِ، و العِرْضُ وافِرُ

و في رواية:
جَوادٌ بزادِ الرَّكْبِ و العِرْق زاخِرُ

و قيل: الشَّكْرُ بُضْعُها و الشِّكْرُ لغة فيه؛ و روي بالوجهين بيت الأَعشى:
خَلَوْتُ بِشِكْرِها و شَكرها «2».

و
في الحديث: نَهَى عن شَكْرِ البَغِيِّ.
هو بالفتح، الفرج، أَراد عن وطئها أَي عن ثمن شَكْرِها فحذف المضاف،
كقوله: نهى عن عَسِيبِ الفَحْلِ.
أَي عن ثمن عَسْبِهِ. و
في الحديث: فَشَكَرْتُ الشاةَ.
أَي أَبدلت شَكْرَها أَي فرجها؛ و منه‏
قول يحيى بن يَعْمُر لرجل خاصمته إِليه امرأَته في مَهْرِها: أَ إِنْ سأَلَتْكَ ثمن شَكْرِها و شَبْرِك أَنْشأْتَ تَطُلُّها و تَضْهَلُها؟.
و الشِّكارُ: فروج النساء، واحدها شَكْرٌ. و يقال للفِدرَة من اللحم إِذا كانت سمينة: شَكْرَى؛ قال الراعي:
 تَبِيتُ المَخالي الغُرُّ في حَجَراتِها             شَكارَى، مَراها ماؤُها و حَدِيدُها

أَراد بحديدها مِغْرَفَةً من حديد تُساطُ القِدْرُ بها و تغترف بها إِهالتها. و قال أَبو سعيد: يقال فاتحْتُ فلاناً الحديث و كاشَرْتُه و شاكَرْتُه؛ أَرَيْتُه أَني شاكِرٌ. و الشَّيْكَرانُ: ضرب من النبت. و بَنُو شَكِرٍ: قبيلة في الأَزْدِ. و شاكر: قبيلة في اليمن؛ قال:
مُعاوِيَ، لم تَرْعَ الأَمانَةَ، فارْعَها             و كُنْ شاكِراً للهِ و الدِّينِ، شاكِرُ

أَراد: لم تَرْعَ الأَمانةَ شاكرٌ فارعها و كن شاكراً لله، فاعترض بين الفعل و الفاعل جملةٌ أُخرى، و الاعتراض للتشديد قد جاء بين الفعل و الفاعل و المبتدإِ و الخبر و الصلة و الموصول و غير ذلك مجيئاً كثيراً في القرآن و فصيح الكلام. و بَنُو شاكرٍ: في هَمْدان. و شاكر: قبيلة من هَمْدان باليمن. و شَوْكَرٌ: اسم. و يَشْكُرُ: قبيلة في ربيعة. و بنو يَشْكُرَ قبيلة في بكر بن وائل.
شمر:
شَمَرَ يَشْمُرُ شَمْراً و انْشَمَرَ و شَمَّرَ و تَشَمَّرَ: مَرَّ جادّاً. و تَشَمَّرَ للأَمر: تهيَّأَ.
__________________________________________________
 (2). قوله: [خلوت إلخ‏] كذا بالأَصل.

427
لسان العرب4

شمر ص 427

و انْشَمَرَ للأَمر: تهيأَ له، و في حديث سطيح:
شَمِّرْ فإِنَّكَ ماضِي العَزمِ شِمِّيرُ
هو بالكسر و التشديد من التَّشَمُّر في الأَمر و التَّشْمِيرِ، و هو الجدُّ فيه و الاجتهاد، و فِعِّيلٌ من أَبنية المبالغة. و يقال: شَمَّرَ الرجل و تَشَمَّرَ و شَمَّرَ غَيْرَه إِذا كَمَّشَهُ في السير و الإِرسال، و أَنشد:
فَشَمَّرَتْ و انْصاعَ شِمِّرِيُ‏
شَمَّرَتْ: انكمشت يعني الكلاب. و الشِّمِّرِيُّ: المُشَمِّرُ. الفراء: الشَّمَّرِيُّ الكَيِّسُ في الأُمور المُنْكَمِشُ، بفتح الشين و الميم. و رجل شِمْرٌ و شِمِّيرٌ و شَمَّرِيٌّ و شِمِّرِيٌّ، بالكسر: ماض في الأُمور و الحوائج مجرّب، و أَكثر ذلك في الشعر، و أَنشد:
قد شَمَّرَتْ عن ساقِ شِمِّرِيِ‏

و أَنشد أَيضا لآخر:
لَيْسَ أَخُو الحَاجاتِ إِلا الشَّمَّرِي،             و الجَمَلَ البَازِلَ و الطِّرْفَ القَوِي‏

قال أَبو بكر: في الشَّمَّرِيِّ ثلاثة أَقوال: قال قوم: الشَّمَّرِيُّ الحادُّ النِّحْرِيرُ، و أَنشد:
و لَيِّن الشّيمَةِ شَمَّرِيِّ،             لَيْسَ بِفَحَّاشٍ و لا بَذِيِ‏

و قال أَبو عمرو: الشَّمَّرِيُّ المُنْكَمشُ في الشر و الباطل المُتَجَرِّد لذلك، و هو مأْخوذ من التشمير، و هو الجِدُّ و الانكماش، و قيل: الشَّمَّرِيُّ الذي يمضي لوجهه و يَرْكَبُ رأْسهُ لا يَرْتَدِعُ. و قد انْشَمَرَ لهذا الأَمر و شَمَّرَ: أَراده. و قال المُؤَرِّجُ: رجل شِمْرٌ أَي زَوْلٌ بَصِيرٌ نافذ في كل شي‏ء، و أَنشد:
قد كُنْت سِفْسِيراً قَذُوماً شِمْرَا
قذوم، بالذال و الدال معاً، قال: و الشِّمْرُ السَّخِيُّ الشجاعُ. و الشَّمْرُ: تقليص الشي‏ء. و شَمَّرَ الشَّيْ‏ءَ فَتَشَمَّرَ: قَلَّصَه فَتَقَلَّصَ. و شَمَّرَ الإِزارَ و الثَّوْبَ تَشْمِيراً: رفعه، و هو نحو ذلك. و يقال: شَمَّرَ عن ساقه و شَمَّرَ في أَمره أَي خَفَّ، و رجل شَمَّرِيٌّ كأَنه منسوب إِليه. و الشَّمْرُ: تَشْمِيرُكَ الثوب إِذا رفعته. و كلُّ قالص، فإِنه مُتَشَمِّرٌ، حتى يقال لِثَةٌ مُتَشَمِّرَةٌ لازقة بأَسْناخِ الأَسْنان. و يقال أَيضا: لِثَةٌ شامِرَةٌ و شفة شامِرةٌ. و الشَّمْرُ: الاختيالُ في المَشْي. يقال: مر فلان يَشْمُرُ شَمْراً. و شَفَةٌ شامِرَةٌ و مُشَمِّرَةٌ: قالصة. و شاة شامِرَةٌ: انضم ضَرْعها إِلى بطنها من غير فعل. الأَصمعي: التَّشْمِيرُ الإِرْسالُ، من قولهم: شَمَّرْتُ السفينة أَرسلتها. و شَمَّرْتُ السَّهْمَ: أَرسلته. ابن سيدة: شَمَّرَ الشي‏ءَ أَرسله، و خص ابن الأَعرابي به السفينة و السهم، قال الشماخ يذكر أَمراً نزل به:
أَرِقْتُ له في القَوْمِ، و الصُّبْحُ ساطِعٌ،             كما سَطَعَ المِرِّيخُ شَمَّرَهُ الغالي‏

و يقال: شَمَّر إِبِله و أَشْمَرَها إِذا أَكْمَشَها و أَعجلها، و أَنشد:
لَمَّا ارْتَحَلْنا و أَشْمَرْنا رَكائِبَنا،             و دُونَ دارِك لِلْجَوِّيِّ تَلْغاطُ

و من أَمثالهم: شَمَّرَ ذَيْلًا و ادَّرَعَ لَيْلًا أَي قَلَّصَ ذَيله. و
في حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَنه قال: لا يُقِرّ أَحَدٌ أَنه كان يَطَأُ ولِيدَتَهُ إِلا أَلحقتُ به وَلَدَها فمن شاء فَلْيُمْسِكْها و من شاء فَلْيُسَمِّرْها.
قال أَبو عبيدة: هكذا الحديث بالسين، قال: و سمعت الأَصمعي يقول أَعرفه التشمير، بالشين، و هو

428
لسان العرب4

شمر ص 427

الإِرسال، قال: و أُراه من قول الناس شَمَّرْتُ السفينة أَرسلتها، فحوّلت الشين إِلى السين، و قال أَبو عبيد: الشين كثير في الشعر و غيره، و أَنشد بيت الشماخ: شَمَّرَه الغَالي. قال شَمِرٌ: تَشْمِيرُ السهم حَفْزُه و إِكماشه و إِرساله. قال أَبو عبيد: و أَما السين فلم أَسمعه في شي‏ء من الكلام إِلا في هذا الحديث، قال: و لا أُراها إِلا تحويلًا، كما قالوا: الرَّوْسَمُ، و هو في الأَصل بالشين، و كما قالوا: شَمَّت العاطسَ و سَمّتهُ. و
في حديث ابن عباس: فلم يَقْرَبِ الكعبةَ و لكن شَمَّرَ إِلى ذِي المَجازِ.
أَي قَصَدَ و صَمَّمَ و أَرسل إِبله نحوها. و شَرٌّ شِمِرٌّ، بكسر الشين و تشديد الراء، بوزن رجل عِفِرّ: و هو المُوَثَّقُ الخَلْقِ المُصَحَّحُ الشديدُ، و معنى شَرٌّ شِمِرٌّ إِذا كان شديداً يُتَشَمَّرُ فيه عن الساعدين. و قالوا: شَرًّا شِمِراً و شِمِرًّا إِتباعٌ لقولك شَرًّا. ابن سيدة: و الشَّمِرُ ملِكٌ من ملوك اليمن، يقال إِنه غزا مدينة الصُّغْد فهدمها فسميت شَمِرْكَنْد و عُرّبَتْ بسَمَرْقَنْدَ، و قال بعضهم: بل هو بناها فسميت شَمِرْكَنْت و عُرّبَت سَمَرْقَنْد. و شَمَّرُ: اسم ناقة من الاستعداد و السير، قال ابن سيدة: و شَمَّرُ اسم ناقة الشماخ، قال:
و لَمَّا رَأَيْتُ الأَمْرَ عَرْشَ هَوِيَّةٍ،             تَسَلَّيْتُ حاجاتِ الفُؤادِ بِشَمَّرَا

و قال كراع: شِمَّر اسم ناقة عَدَلها بِجِلَّقَ و حِمَّصٍ [حِمِّصٍ‏]. و الشِّمَّرِيَّةُ [الشِّمِّرِيَّةُ]: الناقة السريعة «3». و انْشَمَرَ الفرسُ: أَسْرَعَ. و ناقة شِمِّير، مثال فِسِّيق، أَي سريعة. و
في حديث عُوجٍ مع موسى، على نبينا و عليه الصلاة و السلام: أَن الهدهد جاء بالشَّمُّورِ فجاءت الصخرة على قدر رأْس إِبرة، «4».
قال ابن الأَثير: قال الخطابي: لم أَسمع فيه شيئاً أَعتمده و أُراه الأَلماس «5» يعني الذي يثقب به الجوهر، و هو فَعُّول من الانْشِمار و الاشْتِمار: المُضِيِّ و النُّفوذ. و شَمَّرَ: اسم فرس، قال:
أَبُوكَ حُبابٌ سارِقُ الضَّيفِ بُرْدَهُ،             و جَدِّيَ، يا عَبَّاسُ فَارِسُ شَمَّرَا

شمخر:
الشُّمَّخْرُ و الشِّمَّخْرُ من الرجال: الجسيم، و قيل: الجَسيم من الفُحُول، و كذلك الضُّمَّخْرُ و الضِّمَّخْر؛ و أَنشد لرؤبة:
أَبناءُ كُلِّ مُصْعَبٍ شِمَّخْرِ [شُمَّخْرِ]،             سامٍ على رَغْمِ العِدَى [العُدَى‏]، ضِمَّخْرِ [ضُمَّخْرِ]

و قيل: هو الطَّامحُ النَّطَر المتكبِّرُ. و يقال: رجل شِمَّخْر ضِمَّخْر إِذا كان متكبراً. و امرأَة شِمَّخْرة [شُمَّخْرة]: طامحة الطَّرْف. و فيه شَمْخَرَة و شَمْخرِيرة أَي كبر. و في طعامه شُمَخْرِيرَة «6». و هي الرِّيح قال أَبو الهيثم: أُخذ من الرجل الشُّمَّخْرِ [الشِّمَّخْرِ]، و هو المتكبر المتغضِّب و ذلك من خُبْثِ النفس، كما يقال: أَصَنَّتِ الرَّيْحانة إِذا خَبُثَتْ رِيحُها. يقال: رأَيته مُصِنّاً أَي غضبانَ خَبِيثَ النفس. ابن الأَعرابي: المُشْمَخِرُّ الطويل من الجبال. و المُشْمَخِرُّ: الجبَل العالي؛ قال الهذلي:
تالله يَبْقَى على الأَيام ذُو حِيَدٍ،             بِمُشْمَخِرٍّ به الظَّيَّانُ و الآسُ‏

__________________________________________________
 (3). قوله [و الشمرية الناقة السريعة] بكسر الميم المشددة و فتحها مع كسر الشين و بضمهما و فتحهما كما في القاموس.
 (4). قوله [فجاءت الصخرة على قدر رأْس إِبرة] هكذا في الأصل و عبارة شرح القاموس فجاب الصخرة على قدر رأْسه.
 (5). قوله [و أراه الألماس‏] هكذا في الأصل و عبارة القاموس في مادة (موس) و الماس حجر إلى أن قال و يثقب به الدرّ و غيره و لا تقل ألماس انتهى أي بقطع الهمزة كما نبه عليه شارحه.
 (6). قوله: [شمخريرة] هي بهذا الضبط في أصلنا المعوّل عليه.

429
لسان العرب4

شمخر ص 429

أَي لا يَبْقَى. و قيل: المُشْمَخِرُّ العالي من الجبال و غيرها.
شمختر:
الشَّمَخْتَرُ: اللئيم.
شمذر:
الشَّمَيْذَرُ من الإِبل: السريع، و الأُنثى شَمَيْذَرَة و شَمْذَرَة و شَمْذَر. و رجل شِمْذار: يَعْنُف في السير، و سير شَمَيْذَر؛ و أَنشد:
و هُنَّ يُبارِينَ النَّجاء الشَّمَيْذَرا
و أَنشد الأَصمعي لحميد:
كَبْداءُ لاحِقة الرَّحَى و شَمَيْذَرُ

ابن الأَعرابي: غلام شِمذارَة و شَمَيْذَرٌ إِذا كان نَشِيطاً خفيفاً.
شمصر:
الشَّمْصرَة: الضِّيق. يقال: شَمْصَرْتُ عليه أَي ضيَّقت عليه. و شَمَنْصِيرُ: موضع؛ قال ساعدة بن جؤيّة:
مُسْتَأْرِضاً بين بَطْنِ اللَّيْثِ أَيْسَرُهُ             إِلى شَمَنْصِيرَ غَيْثاً مُرْسلًا مَعَجا

فلم يصرفه، عَنى به الأَرض أَو البُقعة. قال ابن جِنِّي: يجوز أَن يكون محرَّفاً من شَمَنْصِيرٍ «1». لضرورة الشعر لأَن شَمَنْصِيراً بناء لم يحكه سيبويه، و قيل: شَمَنْصِير جبل من جبال هذيل معروف، و قيل: شَمَنْصِير جبَل بِسايَةَ، و سايَةُ: وادٍ عظيم، بها أَكثر من سبعين عَيْناً، و قالوا شَماصِير أَيضاً.
شنر:
الشَّنار: العيب و العارُ؛ قال القَطامي يمدح الأُمراء:
و نحنُ رَعِيَّةٌ و هُمُ رُعاةٌ،             و لو لا رَعْيُهُمْ شَنُعَ الشَّنارُ

و
في حديث النخعي: كان ذلك شَنْاراً فيه نارٌ.
؛ الشَّنار: العيب و العار، و قيل: هو العيب الذي فيه عار، و الشَّنار: أَقبح العيب و العار. يقال: عار و شنار، و قَلَّما يُفْردونه من عار؛ قال أَبو ذؤيب:
فإِنِّي خَلِيقٌ أَن أُودِّع عَهْدَها             بخيرٍ، و لم يُرْفَعْ لدينا شَنارُها

و قد جمعوه فقالوا شَنائر؛ قال جرير:
تأْتي أَموراً شُنُعاً شَنائرا
و شَنَّرَ عليه: عابَهُ، و رجل شِنِّيرٌ: شرِّير كثير الشر و العيوب. و رجل شِنِّيرٌ: سي‏ء الخلق. و شَنَّرْتُ الرجل تَشْنِيراً إِذا سمَّعت به و فضحته. التهذيب في ترجمة شتر: و شَتَّرْتُ به تَشْتِيراً إِذا أَسمعته القبيح، قال: و أَنكر شَمِرٌ هذا الحرف و قال إِنما هو شَنَّرْت، بالنون، و أَنشد:
و باتَتْ تُوَقِّي الرُّوحَ، و هْيَ حَرِيصَةٌ             عليه، و لكن تَتَّقِي أَن تُشَنَّرَا

قال الأَزهري: جعله من الشَّنار و هو العيب، قال: و التاء صحيح عندنا. و الشَّنار: الأَمر المشهور بالقبح و الشنعة. التهذيب في ترجمة نشر: ابن الأَعرابي: امرأَة مَنْشُورة و مَشْنُورة إِذا كانت سَخيَّة كريمة. ابن الأَعرابي: الشِّمْرَة مِشْيَة العَيَّار، و الشِّنْرَة مِشْية الرجل الصالح المشمِّر. و بَنُو شِنِّيرٍ: بَطْن.
شنبر:
خِيَارُشَنْبَر: ضَرْب من الخروب، و قد ذكرناه في ترجمة خير.
شنتر:
الشُّنْتُرَة: الإِصبع بالحميريَّة؛ قال حميريٌّ منهم يَرْثي امرأَة أَكلها الذئب:
 أَيا جَحْمَتا بَكِّي على أُمِّ واهِبِ             أَكِيلَة قِلَّوْبٍ ببعض المَذانِبِ‏

_________________________________________________
 (1). قوله: [يجوز أَن يكون محرفاً من شمنصير إلخ‏] كذا بالأَصل. و في معجم ياقوت: قال ابن جني يجوز أَن يكون مأَخوذاً من شمصر لضرورة الوزن إِن كان عربياً.

430
لسان العرب4

شنتر ص 430

فلم يبق منها غير شَطْرِ عِجانها،             و شُنْتُرَةٍ مِنها، و إِحْدَى الذَّوائِبِ‏

التهذيب: الشَّنْتَرَةُ و الشِّنْتِيرَةُ الإِصبع بلغة أَهل اليَمَن؛ و أَنشد أَبو زيد:
و لم يبق منها غير نصف عِجانِها،             و شِنْتِيرَةٍ مِنها، و إِحْدَى الذَّوائِبِ‏

و قولهم: لأَضُمَّنَّك ضَمَّ الشَّناتِر، و هي الأَصابع، و يقال القِرَطَة لغة يَمانِيَة؛ الواحدة شنْتُرَة. و ذو شَناتِرَ: من مُلوك اليَمَن، يقال: معناه ذُو القِرَطة.
شنذر:
الشّنْذَرَة: شَبِيه بالرَّطْبَة إِلَّا أَنه أَجَلُّ منها و أَعظم وَرَقاً؛ قال أَبو حنيفة: هو فارسيّ. أَبو زيد: رَجُل شِنْذارَة أَي غَيُور؛ و أَنشد:
أَجَدَّ بهم شِنْذارَةٌ مُتَعَبِّسٌ،             عَدُوُّ صَدِيقِ الصَّالِحين لَعِينُ‏

الليث: رجل شِنْذِيرةٌ و شِنْظِيرَة و شِنْفيرَة إِذا كان سَيّ‏ءَ الخُلُق.
شنزر:
الشَّنْزَرَةُ: الغِلَظ و الخُشُونَةُ.
شنظر:
شَنْظَر الرجلُ بالقوم شَنْظَرَة: شتم أَعراضهم؛ و أَنشد:
يُشَنْظِرُ بالقوم الكرام، و يَعْتَزي             إِلى شَرِّ حافٍ في البِلادِ و ناعِلِ‏

أَبو سعيد: الشِّنْظِير السَّخِيف العقل، و هو الشِّنْظِيرة أَيضاً. و الشِّنظِير: الفاحشُ الغَلْقُ من الرجال و الإِبلِ السَّيِ‏ءُ الخُلُقِ. و رجل شِنْغِير و شِنْظِير و شِنْظِيرة: بَذِيٌّ فاحش؛ أَنشد ابن الأَعرابي لامرأَة من العرب:
شِنظيرة زَوَّجَنِيهِ أَهْلِي،             من حُمْقِه يَحْسَبُ رأْسِي رِجْلي،
كأَنه لم يَرَ أُنثى قَبْلِي‏

و ربما قالوا شِنْذِيرَة، بالذال المعجمة، لقربها من الظاء لغة أَو لُثْغَة، و الأُنثى شِنْظيرَة؛ قال:
قامَتْ تُعَنْظِي بِكَ بين الحَيَّيْنْ             شِنْظِيرَةُ الأَخلاقِ، جَهْراءُ العَيْنْ‏

شمر: الشِّنْظِير مثل الشُّنْظُرَة و هي الصخرة تنفلِق من رُكْن من أَركان الجبل فتسقط. أَبو الخطَّاب: شَناظِير الجبل أَطرافه و حروفه، الواحدُ شِنْظِيرٌ.
شنغر:
رجل شِنْغِير و شِنْظِير بيِّنُ الشَّنْغَرَة و الشِّنْغِرة و الشَّنْظَرَة و الشِّنْغِيرَة و الشِّنْظِيرَة: فاحش بَذيٌّ.
شنفر:
رجل شِنْذيَرة و شِنْظيرة و شِنْفِيرَة إِذا كان سَيِ‏ءَ الخُلُق؛ و أَنشد:
شِنْفِيرَةٍ ذي خُلُق زَبَعْبَقِ‏
و قال الطِّرِمَّاح يصف ناقة:
ذات شِنْفارَة، إِذا هَمَتِ الذِّفْرَى             بماءِ عَصائم جَسدُه «1».

أَراد أَنها ذات حِدَّة في السَّير، و قيل: ذات شِنْفارة أَي ذات نَشاط. و الشِّنْفار: الخفيف؛ مثَّل به سيبويه و فسّره السِّيرافي. و ناقة ذات شِنْفارة أَي حِدَّة. و الشَّنْفَرَى: اسم رجل.
شنهبر:
الشَّنَهْبَرة و الشَّنَهْبَرُ: العجوز الكبيرة؛ عن كراع.
شهر:
الشُّهْرَةُ: ظهور الشي‏ء في شُنْعَة حتى يَشْهَره الناس. و
في الحديث: من لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَة أَلبسه الله ثوبَ مَذَلَّة.
الجوهري: الشُّهْرَة وُضُوح‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [عصائم جسده‏] هكذا في الأَصل.

431
لسان العرب4

شهر ص 431

الأَمر، و قد شَهَرَه يَشْهَرُه شَهْراً و شُهْرَة فاشْتَهَرَ و شَهَّرَهُ تَشْهِيراً و اشْتَهَرَه فاشْتَهَر؛ قال:
أُحِبُّ هُبوطَ الوادِيَيْنِ، و إِنَّنِي             لمُشْتَهَرٌ بِالوادِيَيْنِ غَرِيبُ‏

و يروى لَمُشْتَهِر، بكسر الهاء. ابن الأَعرابي: و الشُّهْرَةُ الفضيحة؛ أَنشد الباهلي:
 أَ فِينا تَسُومُ الشَّاهِرِيَّةَ بَعْدَ ما             بَدا لك من شَهْرِ المُلَيْساء، كوكب؟

شهر المُلَيْساء: شَهْرٌ بين الصَّفَرِيَّة و الشِّتاء، و هو وقت تنقطع فيه المِيرَة؛ يقول: تَعْرِض علينا الشَّاهِرِيَّةَ في وقت ليس فيه مِيرة. و تَسُومُ: تَعْرِض. و الشَّاهِرِيَّة: ضَرْب من العِطْر، معروفة. و رجل شَهِير و مشهور: معروف المكان مذكور؛ و رجل مَشْهور و مُشَهَّر؛ قال ثعلب: و منه‏
قول عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: إِذا قَدمْتُمْ علينا شَهَرْنا أَحْسَنَكم اسماً، فإِذا رأَيناكم شَهَرْنا أَحسنكم وَجْهاً، فإِذا بَلَوْناكم كان الاخْتِيارُ.
و الشَّهْرُ: القَمَر، سمي بذلك لشُهرته و ظُهوره، و قيل: إِذا ظهر و قارَب الكمال. الليث: الشَّهْرُ و الأَشْهُر عدد و الشهور جماعة. ابن سيدة: و الشهر العدد المعروف من الأَيام، سمي بذلك لأَنه يُشْهَر بالقمر و فيه علامة ابتدائه و انتهائه؛ و قال الزجاج: سمي الشهر شهراً لشهرته و بيانه؛ و قال أَبو العباس: إِنما سُمي شهراً لشهرته و ذلك أَن الناس يَشْهَرُون دخوله و خروجه. و
في الحديث: صوموا الشَّهْرَ و سِرَّه.
؛ قال ابن الأَثير: الشهر الهلال، سُمِّي به لشهرته و ظهوره، أَراد صوموا أَوّل الشهر و آخره، و قيل: سِرُّه وسَطه؛ و منه‏
الحديث: الشهر تسع و عشرون، و في رواية: إِنما الشهْر.
أَي أَن فائدة ارْتِقاب الهلال ليلة تسع و عشرين لِيُعَرف نقص الشهر قبله، و إِن أُريد به الشهرُ نفسُه فتكون اللام فيه للعهد. و
في الحديث: سُئِل أَيُّ الصوم أَفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: شهر الله المحرمُ.
؛ أَضافه إِلى الله تعظيماً و تفخيماً، كقولهم: بيت الله و آل الله لِقُرَيْشٍ. و
في الحديث: شَهْرَا عِيدٍ لا يَنْقُصان.
؛ يريد شهر رمضان و ذا الحجة أَي إِنْ نَقَصَ عددهما في الحساب فحكمهما على التمام لئلا تَحْرَجَ أُمَّتُه إِذا صاموا تسعة و عشرين، أَو وقع حَجُّهم خطأً عن التاسع أَو العاشر لم يكن عليهم قضاء و لم يقع في نُسُكهم نَقْص. قال ابن الأَثير: و قيل فيه غير ذلك، قال: و هذا أَشبه، و قال غيره: سُمي شهراً باسم الهلال إِذا أَهَلَّ سمي شهراً. و العرب تقول: رأَيت الشهر أَي رأَيت هلاله؛ و قال ذو الرُّمة:
يَرَى الشَّهْرَ قبْلَ الناسِ و هو نَحِيلُ‏
ابن الأَعرابي: يُسَمَّى القمر شَهْراً لأَنه يُشْهَرُ به، و الجمع أَشْهُرٌ و شُهور. و شاهَرَ الأَجيرَ مُشاهَرَةً و شِهاراً: استأْجره للشَّهْر؛ عن اللحياني. و المُشاهَرَة: المعاملة شهراً بشهر. و المُشاهَرة من الشهر: كالمُعاوَمَة من العام، و قال الله عز و جل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ‏
؛ قال الزجاج: معناه وقتُ الحجّ أَشهر معلومات. و قال الفراء: الأَشهر المعلومات من الحجّ شوّال و ذو القَعْدَة و عشر من ذي الحِجَّة، و إِنما جاز أَن يقال أَشهر و إِنما هما شهران و عشرٌ من ثالث و ذلك جائز في الأَوقات. قال الله تعالى: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ؛ و إِنما يتعجل في يوم و نصف. و تقول العرب: له اليومَ يومان مُذْ لم أَرَهُ، و إِنما هو يوم و بعض آخر؛ قال: و ليس هذا بجائز في غير المواقيت لأَن العرَب قد تفعَل الفِعْل في أَقلَّ من‏

432
لسان العرب4

شهر ص 431

الساعة ثم يوقعونه على اليوم و يقولون: زُرْته العامَ، و إِنما زاره في يوم منه. و أَشْهَرَ القومُ: أَتى عليهم شهرٌ، و أَشهرتِ المرأَة: دخلتْ في شهرِ وِلادِها، و العرب تقول: أَشْهَرْنا مُذْ لم نلتق أَي أَتى علينا شهر: قال الشاعر:
ما زِلتُ، مُذْ أَشْهَرَ السُّفَّارُ أَنظرُهم،             مِثلَ انْتِظارِ المُضَحِّي راعِيَ الغَنَمِ‏

و أَشْهَرْنَا مذ نزلنا على هذا الماء أَي أَتى علينا شهر. و أَشهرنا في هذا المكان: أَقمنا فيه شهراً. و أَشْهَرْنا: دخلنا في الشهر. و قوله عز و جل: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ‏
؛ يقال: الأَربعةُ أَشهر كانت عشرين من ذي الحجة و المحرمَ و صفرَ و شهرَ ربيع الأَول و عشراً من ربيع الآخر، لأَن البراءة وقعت في يوم عرفة فكان هذا الوقت ابتداءَ الأَجَل، و يقال لأَيام الخريف في آخر الصيف: الصَّفَرِيَّةُ؛ و في شعر أَبي طالب يمدح سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم:
فَإِنِّي و الضَّوابِحَ كلَّ يوم،             و ما تَتْلُو السَّفاسِرَةُ الشُّهورُ

الشُّهور: العلماء، الواحد شَهْر. و يقال: لفلان فضيلة اشْتَهَرها الناسُ. و شَهَر فلان سيفَه يَشْهَرُهُ شَهْراً أَي سَلَّه؛ و شَهَّرَهُ: انْتَضاه فرفعه على الناس؛ قال:
يا ليتَ شِعْرِي عنكُم حَنِيفا،             أَ شاهِرُونَ بَعْدنا السُّيُوفا

و
في حديث عائشة: خرج شاهِراً سيفه راكباً راحِلَته.
؛ يعني يوم الرِّدَّة، أَي مُبْرِزاً له من غمده. و
في حديث ابن الزبير: من شَهَر سيفه ثم وضعه فَدَمُه هَدَرٌ.
أَي من أَخرجه من غمده للقتال، و أَراد بوضَعَه ضرب به؛ و قول ذي الرمة:
و قد لاحَ لِلسَّارِي الذي كَمَّلَ السُّرَى،             على أُخْرَياتِ الليل، فَتْقٌ مُشَهَّرُ

أَي صبح مشهور. و
في الحديث: ليس مِنّا من شَهَر علينا السلاح.
و امرأَة شَهِيرة: و هي العَرِيضة الضخمة، و أَتانٌ شَهِيرة مثلُها. و الأَشاهِرُ: بَياض النَّرْجِس. و امرأَة شَهِيرة و أَتان شَهِيرة: عريضة واسعة. و الشِّهْرِيَّة: ضرْب من البَراذِين، و هو بين البِرذَون و المُقْرِف من الخيل؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لها سَلَفٌ يَعُود بكلِّ رِيعٍ،             حَمَى الحَوْزات و اشْتَهَر الإِفَالا

فسَّره فقال: و اشتهر الإِفالا معناه جاء تشبهه، و يعني بالسَّلَفِ الفحل. و الإِفالُ: صغار الإِبل. و قد سَمَّوْا شَهْراً و شُهَيْراً و مَشْهُوراً. و شَهْرانُ: أَبو قبيلة من خَثْعَم. و شُهارٌ: مَوضع؛ قال أَبو صخر:
و يومَ شُهارٍ قد ذَكَرْتُك ذِكْرَةً             على دُبُرٍ مُجْلٍ، من العَيْشِ، نافِدِ

شهبر:
الشَّهْبَرَة و الشَّهْرَبة: العجوز الكبيرة. و
في الحديث: لا تَتَزَوّجَنَّ شَهْبَرة و لا نَهْبَرة.
؛ الشَّهْبَرَة: الكبيرة الفانية. و الشَّيْهَبُور: كالشَّهْبَرة؛ و شيخ شَهْرَب و شَهْبَر؛ عن يعقوب. قال الأَزهري: و لا يقال للرجل شَهْبَرٌ؛ قال شِظاظ الضبَّي، و هو أَحد اللصوص الفُتَّاك، و كان رأَى عجوزاً معها جمل حسن، و كان راكباً على بكر له فنزل عنه و قال: أَمسكي لي هذا البكر لأَقضي حاجة و أَعود، فلم تستطع العجوز حفظ الجملين فانفلت منها جملها و نَدَّ، فقال:

433
لسان العرب4

شهبر ص 433

أَنا آتيك به؛ فمضى و ركبه، و قال:
رُبَّ عجوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ،             عَلَّمْتُها الإِنقَاضَ بعد القَرقَرَهْ‏

أَراد أَنها كانت ذات إِبل، فأَغَرْتُ عليها و لم أَترك لها غير شُوَيْهات تُنْقِضُ بها، و الإِنْقاض: صوت الصغير من الإِبل، و القَرْقَرَةُ: صوت الكبير، و الجمع الشَّهابِر؛ و قال:
جمعتُ منهمْ عَشَباً شَهابِرَا
شهدر:
الشِّهْدارة، بدال غير معجمة: الرجل القصير؛ و أَنشد الفراء فيه:
و لم تَكُ شِهْدارَةَ الأَبْعَدِينَ،             و لا زُمَّحَ الأَقْرَبِينَ الشَّرِيرَا

و رجل شِهْدارة أَي فاحش، بالدال و الذال جميعاً.
شهذر:
الشِّهذارة، بذال معجمة: الكثير الكلام، و قيل: العَنِيف في السير. و رجل شِهْذارة أَي فاحش، بالدال و الذال جميعاً.
شور:
شارَ العسلَ يشُوره شَوْراً و شِياراً و شِيَارَة و مَشَاراً و مَشَارة: استخرجه من الوَقْبَة و اجتَناه؛ قال ساعدة بن جؤية:
فَقَضَى مَشارتَهُ، و حَطَّ كأَنه             حَلَقٌ، و لم يَنْشَبْ بما يَتَسَبْسَبُ‏

و أَشَاره و اشْتاره: كَشَارَه. أَبو عبيد: شُرْت العسل و اشْتَرْته اجْتَنَيْته و أَخذته من موضعه؛ قال الأَعشى:
 كأَن جَنِيّاً، من الزَّنْجبِيل،             باتَ بِفِيها، و أَرْياً مَشُورَا

شمر: شُرْت العسل و اشْتَرْتُه و أَشَرْتُه لغة. يقال: أَشِرْني على العسل أَي أَعِنِّي، كما يقال أَعْكِمْني؛ و أَنشد أَبو عمرو لعدي بن زيد:
و مَلاهٍ قد تَلَهَّيْتُ بها،             و قَصَرْتُ اليومَ في بيت عِذارِي‏
في سَمَاعٍ يأْذَنُ الشَّيْخُ له،             و حَدِيثٍ مثْلِ ماذِيٍّ مُشارِ

و معنى يأْذَن: يستمع؛ كما قال قعنب بن أُمّ صاحب:
صُمٌّ إِذا سَمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به،             وِ إِنْ ذُكِرْتُ بسُوء عندهم أَذِنُوا
أَوْ يَسْمَعُوا رِيبَةً طارُوا بها فَرَحاً             مِنِّي، و ما سَمِعوا من صالح دَفَنُوا

و المَاذِيّ: العسل الأَبيض. و المُشَار: المُجْتَنَى، و قيل: مُشار قد أُعين على أَخذه، قال: و أَنكرها الأَصمعي و كان يروي هذا البيت:
[مِثْلِ ماذِيِّ مَشَار]

بالإِضافة و فتح الميم. قال: و المَشَار الخَلِيَّة يُشْتار منها. و المَشَاوِر: المَحابِض، و الواحد مِشْوَرٌ، و هو عُود يكون مع مُشْتار العسل. و
في حديث عمر: في الذي يُدْلي بحبْل ليَشْتَارَ عسلًا.
؛ شَار العسل يَشُوره و اشْتَاره يَشْتارُه: اجتناه من خلاياه و مواضعه. و الشَّوْرُ: العسل المَشُور، سُمّي بالمصدر؛ قال ساعدة بن جؤية:
فلّما دنا الإِفراد حَطَّ بِشَوْرِه،             إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحِيرٍ جُمومُها

و المِشْوَار: ما شار به. و المِشْوَارة و الشُّورة: الموضع الذي تُعَسِّل فيه النحل إِذا دَجَنَها. و الشَّارَة و الشُّوْرَة: الحُسْن و الهيئة و اللِّباس، و قيل: الشُّوْرَة الهيئة. و الشَّوْرَة، بفتح الشين: اللِّباس؛ حكاه ثعلب، و
في الحديث: أَنه أَقبل رجل‏

434
لسان العرب4

شور ص 434

و عليه شُوْرَة حَسَنة.
؛ قال ابن الأَثير: هي بالضم، الجَمال و الحُسْن كأَنه من الشَّوْر عَرْض الشي‏ء و إِظهاره؛ و يقال لها أَيضاً: الشَّارَة، و هي الهيئة؛ و منه‏
الحديث: أَن رجلًا أَتاه و عليه شَارَة حسَنة.
و أَلِفُها مقلوبة عن الواو؛ و منه‏
حديث عاشوراء: كانوا يتخذونه عِيداً و يُلبسون نساءَهم فيه حُلِيَّهُم و شَارَتهم.
أَي لباسهم الحسَن الجميل. و
في حديث إِسلام عمرو بن العاص. فدخل أَبو هريرة فَتَشايَرَه الناس.
أَي اشْتَهَرُوه بأَبصارهم كأَنه من الشَّارَة، و هي الشَّارة الحسَنة. و المِشْوَار: المَنْظَر. و رجل شَارٌ صارٌ، و شَيِّرٌ صَيِّرٌ: حسَن الصورة و الشَّوْرة، و قيل: حسَن المَخْبَر عند التجربة، و إِنما ذلك على التشبيه بالمنظَر، أَي أَنه في مخبره مثله في منظره. و يقال: ما أَحسن شَوَارَ الرجل و شَارَته و شِيَارَه؛ يعني لباسه و هيئته و حسنه. و يقال: فلان حسن الشَّارَة و الشَّوْرَة إِذا كان حسن الهيئة. و يقال: فلان حسن الشَّوْرَة أَي حسن اللِّباس. و يقال: فلان حسن المِشْوَار، و ليس لفلان مِشْوَار أَي مَنْظَر. و قال الأَصمعي: حسن المِشْوَار أَي مُجَرَّبه و حَسَنٌ حين تجرّبه. و قصيدة شَيِّرة أَي حسناء. و شي‏ء مَشُورٌ أَي مُزَيَّنٌ؛ و أَنشد:
كأَن الجَراد يُغَنِّينَه،             يُباغِمْنَ ظَبْيَ الأَنيس المَشُورَا.

الفراء: إِنه لحسن الصُّورة و الشُّوْرَة، و إِنه لحسَن الشَّوْر و الشَّوَار، واحده شَوْرَة و شَوارة، أَي زِينته. و شُرْتُه: زَيَّنْتُه، فهو مَشُور. و الشَّارَة و الشَّوْرَة: السِّمَن. الفراء: شَار الرجلُ إِذا حسُن وجهه، و رَاشَ إِذا استغنى. أَبو زيد: اسْتَشَار أَمرُه إِذا تبيَّن و اسْتَنار. و الشَّارَة و الشَّوْرة: السِّمَن. و اسْتَشَارَتِ الإِبل: لبست سِمَناً و حُسْناً و يقال: اشتارت الإِبل إِذا لَبِسها شي‏ء من السِّمَن و سَمِنَتْ بعض السِّمَن و فرس شَيِّر و خيل شِيارٌ: مثل جَيّد و جِياد. و يقال: جاءت الإِبل شِياراً أَي سِماناً حِساناً؛ و قال عمرو ابن معدي كرب:
أَ عَبَّاسُ، لو كانت شِياراً جِيادُنا،             بِتَثْلِيثَ، ما ناصَبْتَ بعدي الأَحامِسَا

و الشِّوَار و الشَّارَة: اللباس و الهيئة؛ قال زهير:
مُقْوَرَّة تَتَبارَى لا شَوارَ لها             إِلا القُطُوعُ على الأَجْوازِ و الوُرُك «2».

و رجل حسن الصُّورة و الشُّوْرَة و إِنه لَصَيِّر شَيِّر أَي حسن الصورة و الشَّارة، و هي الهيئة؛ عن الفراء. و
في الحديث: أَنه رأَى امرأَة شَيِّرَة و عليها مَناجِد.
؛ أَي حسنة الشَّارة، و قيل: جميلة. و خيلٌ شِيار: سِمان حِسان. و أَخذت الدابة مِشْوَارها و مَشَارَتَها: سَمِنت و حسُنت هيئتها؛ قال:
و لا هِيَ إِلا أَن تُقَرِّبَ وَصْلَها             عَلاةٌ كِنازُ اللّحم، ذاتُ مَشَارَةِ

أَبو عمرو: المُسْتَشِير السَّمِين. و اسْتَشار البعيرُ مثل اشْتار أَي سَمِن، و كذلك المُسْتَشيط. و قد شَار الفرسُ أَي سَمِن و حسُن. الأَصمَعي: شارَ الدَّابَّة و هو يَشُورها شَوْراً إِذا عَرَضَها. و المِشْوار: ما أَبقت الدابَّة من علَفها، و قد نَشْوَرَتْ نِشْواراً، لأَن نفعلت «3». بناء لا يعرف إِلا أَن يكون فَعْوَلَتْ،
__________________________________________________
 (2). في ديوان زهير:
إِلا القطوع على الأَنساع.

 (3). قوله: [لأَن نفعلت إلخ‏] هكذا بالأَصل و لعله إِلا أَن نفعلت.

435
لسان العرب4

شور ص 434

فيكون من غير هذا الباب. قال الخليل: سأَلت أَبا الدُّقَيْش عنه قلت: نِشْوار أَو مِشْوار؟ فقال: نِشْوار، و زعم أَنه فارسي. و شَارها يَشُورها شَوْراً و شِواراً و شَوَّرَها و أَشارَها؛ عن ثعلب، قال: و هي قليلة، كلُّ ذلك: رَاضَها أَو رَكِبها عند العَرْض على مُشْترِيها، و قيل: عَرَضها للبيع، و قيل: بَلاها ينظُر ما عندها، و قيل: قلَّبها؛ و كذلك الأَمَة، يقال: شُرْت الدَّابة و الأَمة أَشُورُهما شَوْراً إِذا قلَّبتهما، و كذلك شَوَّرْتُهُما و أَشَرْتهما، و هي قليلة. و التَّشْوِير: أَن تُشَوِّرَ الدابة تنظرُ كيف مِشْوارها أَي كيف سَيْرَتُها. و يقال للمكان الذي تُشَوَّرُ فيه الدَّوابّ و تعرَض: المِشْوَار. يقال: إِياك و الخُطَب فإِنها مِشْوارٌ كثير العِثَارِ. و شُرْت الدَّابة شَوْراً: عَرَضْتها على البيع أَقبلت بها و أَدبرت. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه ركب فَرساً يَشُوره.
أَي يَعْرِضُه. يقال: شَارَ الدَّابة يشُورها إِذا عَرَضها لِتُباع؛ و منه‏
حديث أَبي طَلْحَةَ: أَنه كان يَشُور نفسه بين يَدَيْ رسول الله، صلى الله عليه و سلم.
أَي يعرِضُها على القَتْل، و القَتْل في سبيل الله بَيْع النفس؛ و قيل: يَشُور نفسه أَي يَسْعى و يَخِفُّ يُظهر بذلك قوَّته. و يقال: شُرْت الدابة إِذا أَجْرَيْتها لتعرف قُوَّتها؛ و
في رواية: أَنه كان يَشُور نفسه على غُرْلَتِه.
أَي و هو صبيٌّ، و الغُرْلَة: القُلْفَةُ. و اشْتار الفحل الناقة: كَرَفَها فنظر إِليها لاقِح هي أَم لا. أَبو عبيد: كَرَف الفحل الناقة و شافَها و اسْتَشارها بمعنى واحد؛ قال الراجز:
إِذا اسْتَشارَ العَائطَ الأَبِيَّا
و المُسْتَشِير: الذي يَعرِف الحائِلَ من غيرها، و في التهذيب: الفَحْل الذي يعرِف الحائِل من غيرها؛ عن الأُموي، قال:
أَفزَّ عنها كلّ مُسْتَشِيرِ،             و كلّ بَكْرٍ دَاعِرٍ مِئْشيرِ

مِئْشير: مِفْعِيل من الأَشَر. و الشَّوَارُ و الشَوَرُ و الشُّوَار؛ الضم عن ثعلب. مَتاع البيت، و كذلك الشَّوَار و الشِّوَار لِمتَاع الرَّحْل، بالحاء. و
في حديث ابن اللُّتْبِيَّة: أَنه جاء بشَوَار كَثِيرٍ.
هو بالفتح، مَتاع البَيْت. و شَوار الرجُل: ذكَره و خُصْياه و اسْتُه. و في الدعاء: أَبْدَى الله شُواره؛ الضم لغة عن ثعلب، أَي عَوْرَته، و قيل: يعني مَذاكِيره. و الشَّوار: فرج المرأَة و الرجُل؛ و منه قيل: شَوَّر به كأَنه أَبْدَى عَوْرَته. و يقال في مَثَلٍ: أَشْوَارَ عَروسٍ تَرَى؟ و شَوَّرَ به: فعَل به فِعْلًا يُسْتَحْيا منه، و هو من ذلك. و تَشَوَّرَ هو: خَجِل؛ حكاها يعقوب و ثعلب. قال يعقوب: ضَرَطَ أَعرابيّ فَتَشَوَّر، فأَشار بإِبْهامه نحوَ اسْتِه و قال: إِنها خَلْفٌ نطقَتْ خَلْفاً، و كرهها بعضهم فقال: ليست بعربِيَّة. اللحياني: شَوَّرْت الرجلَ و بالرجل فَتَشَوَّر إِذا خَجَّلْته فَخَجِل، و قد تشوَّر الرجل. و الشَّوْرَة: الجَمال الرائِع. و الشَّوْرَة: الخَجْلَة. و الشَّيِّرُ: الجَمِيل. و المَشارة: الدَّبْرَة التي في المَزْرَعة. ابن سيدة: المَشارة الدَّبْرَة المقطعة لِلزِّراعة و الغِراسَة؛ قال: يجوز أَن تكون من هذا الباب و أَن تكون من المَشْرَة. و أَشار إِليه و شَوَّر: أَومَأَ، يكون ذلك بالكفِّ و العين و الحاجب؛ أَنشد ثعلب:
نُسِرُّ الهَوَى إِلَّا إِشارَة حاجِبٍ             هُناك، و إِلَّا أَن تُشِير الأَصابِع‏

436
لسان العرب4

شور ص 434

و شَوَّر إِليه بيده أَي أَشارَ؛ عن ابن السكيت، و
في الحديث: كان يُشِير في الصلاة.
؛ أَي يُومِئ باليد و الرأْس أَي يأْمُرُ و يَنْهَى بالإِشارة؛ و منه‏
قوله لِلَّذى كان يُشير بأُصبعه في الدُّعاء: أَحِّدْ أَحِّدْ.
؛ و منه‏
الحديث: كان إِذا أَشار بكفِّه أَشارَ بها كلِّها.
؛ أَراد أَنَّ إِشارَاتِه كلَّها مختلِفة، فما كان منها في ذِكْر التوحيد و التشهُّد فإِنه كان يُشِير بالمُسبِّحَة وحْدها، و ما كان في غير ذلك كان يُشِير بكفِّه كلها ليكون بين الإِشارَتَيْن فرْق، و منه: و إِذا تحَدَّث اتَّصل بها أَي وصَلَ حَدِيثَه بإِشارة تؤكِّده. و
في حديث عائشة: مَنْ أَشار إِلى مؤمن بحدِيدة يريد قتلَه فقد وَجَب دَمُه.
أَي حلَّ للمقصود بها أَن يدفعَه عن نفسه و لو قَتَلَه. قال ابن الأَثير: وَجَب هنا بمعنى حلَّ. و المُشِيرَةُ: هي الإِصْبَع التي يقال لها السَّبَّابَة، و هو منه. و يقال للسَّبَّابَتين: المُشِيرَتان. و أَشار عليه بأَمْرِ كذا: أَمَرَه به. و هيَ الشُّورَى و المَشُورَة، بضم الشين، مَفْعُلَة و لا تكون مَفْعُولَة لأَنها مصدر، و المَصادِر لا تَجِي‏ء على مثال مَفْعُولة، و إِن جاءت على مِثال مَفْعُول، و كذلك المَشْوَرَة؛ و تقول منه: شَاوَرْتُه في الأَمر و اسْتشرته بمعنى. و فلان خَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي يصلُح لِلْمُشاورَة. و شاوَرَه مُشاوَرَة و شِوَاراً و اسْتَشاره: طَلَب منه المَشُورَة. و أَشار الرجل يُشِيرُ إِشارَةً إِذا أَوْمَأَ بيديْه. و يقال: شَوَّرْت إِليه بِيَدِي و أَشرت إِليه أَي لَوَّحْت إِليه و أَلَحْتُ أَيضاً. و أَشارَ إِليه باليَدِ: أَوْمأَ، و أَشارَ عليه بالرَّأْيِ. و أَشار يُشِير إِذا ما وَجَّه الرَّأْي. و يقال: فلان جيِّد المَشُورة و المَشْوَرَة، لغتان. قال الفراء: المَشُورة أَصلها مَشْوَرَة ثم نقلت إِلى مَشُورة لخفَّتها. اللَّيث: المَشْوَرَة مفْعَلَة اشتُقَّ من الإِشارة، و يقال: مَشُورة. أَبو سعيد: يقال فلان وَزِيرُ فلان و شيِّرُه أَي مُشاورُه، و جمعه شُوَرَاءُ. و أَشَارَ النَّار و أَشارَ بِها و أَشْوَرَ بها و شَوَّرَ بها: رفعَها. و حَرَّة شَوْرَان: إِحْدَى الحِرَارِ في بلاد العرَب، و هي معروفة. و القَعْقاعُ بن شَوْر: رجُلٌ من بَنِي عَمْرو بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة؛ و
في حديث ظبيان: و همُ الَّذِينَ خَطُّوا مَشائِرَها.
أَي ديارَها، الواحدة مَشارَة، و هي من الشَّارة، مَفْعَلَة، و الميم زائدة.
شير:
شِيارٌ: السَّبْتُ في الجاهِلِيَّة كانت العرب تسمي يوم السَّبْت شِيارا قال‏
أُؤَمِّل أَنْ أَعِيشَ و أَنَّ يَوْمِي             بِأَوَّلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
أَو التَّالي دُبارِ فَإِن يَفُتْنِي             فَمُؤْنِس أَو عَروبَةَ أَو شِيَارِ

و في التهذيب و الشِّيار يوم السبت‏
فصل الصاد المهملة
صأر:
صَوْأَرٌ: مَوْضِع عاقَر فيه سُحَيم بن وَثِيلٍ الرّياحي غَالِبَ بن صَعْصَعَة أَبا الفَرَزْدَق فعقر سُحَيم خَمْساً ثم بَدَا لَهُ و عَقَرَ غالِب مائة؛ قال جرير:
لَقَدْ سَرَّني أَنْ لا تَعُدَّ مُجاشِعٌ،             من الفَخْرِ، إِلَّا عَقْرَنِيبٍ بِصَوْأَرِ

صبر:
في أَسماء الله تعالى: الصَّبُور تعالى و تقدَّس، هو الذي لا يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ، و هو من أَبنية المُبالَغة، و معناه قَرِيب من مَعْنَى الحَلِيم، و الفرْق بينهما أَن المُذنِب لا يأْمَنُ العُقوبة في صِفَة الصَّبُور كما يأْمَنُها في صِفَة الحَلِيم. ابن سيدة:

437
لسان العرب4

صبر ص 437

صَبَرَه عن الشي‏ء يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه؛ قال الحطيئة:
قُلْتُ لها أَصْبِرُها جاهِداً:             وَيْحَك، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ‏

و الصَّبْرُ: نَصْب الإِنسان للقَتْل، فهو مَصْبُور. و صَبْرُ الإِنسان على القَتْل: نَصْبُه عليه. يقال: قَتَلَه صَبْراً، و قد صَبَره عليه و
قد نَهَى رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح.
و رجل صَبُورَة، بالهاء: مَصْبُور للقتل؛ حكاه ثعلب. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه نَهَى عن قَتْل شي‏ء من الدَّوابّ صَبْراً.
؛ قيل: هو أَن يُمْسك الطائرُ أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثم يُرْمَى بشي‏ء حتى يُقْتَل؛ قال: و أَصل الصَّبْر الحَبْس، و كل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه؛ و منه‏
الحديث: نهى عن المَصْبُورة و نَهَى عن صَبْرِ ذِي الرُّوح.
؛ و المَصبُورة التي نهى عنها؛ هي المَحْبُوسَة على المَوْت. و كل ذي روح يصبر حيّاً ثم يرمى حتى يقتل، فقد، قتل صبراً. و
في الحديث الآخر في رَجُل أَمسَك رجُلًا و قَتَلَه آخر فقال: اقْتُلُوا القاتل و اصْبُروا الصَّابرَ.
؛ يعني احْبِسُوا الذي حَبَسَه للموْت حتى يَمُوت كفِعْلِهِ به؛ و منه قيل للرجُل يقدَّم فيضربَ عنقه: قُتِل صَبْراً؛ يعني أَنه أُمسِك على المَوْت، و كذلك لو حَبَس رجُل نفسَه على شي‏ء يُرِيدُه قال: صَبَرْتُ نفسِي؛ قال عنترة يذكُر حرْباً كان فيها:
فَصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً             تَرْسُو، إِذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ‏

يقول: حَبَست نفساً صابِرة. قال أَبو عبيد: يقول إِنه حَبَس نفسَه، و كلُّ من قُتِل في غير مَعْرَكة و لا حَرْب و لا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول صَبْراً. و
في حديث ابن مسعود: أَن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، نَهَى عن صَبْرِ الرُّوح، و هو الخِصاءُ.
و الخِصاءُ صَبْرٌ شديد؛ و من هذا يَمِينُ الصَّبْرِ، و هو أَن يحبِسَه السلطان على اليمين حتى يحلِف بها، فلو حلَف إِنسان من غيرِ إِحلاف ما قيل: حلَف صَبْراً. و
في الحديث: مَنْ حَلَف على يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً، و في آخر: على يَمِينِ صَبْرٍ.
أَي أُلْزِم بها و حُبِس عليها و كانت لازِمَة لصاحِبها من جِهَة الحَكَم، و قيل لها مَصْبُورة و إِن كان صاحِبُها في الحقيقة هو المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ من أَجْلِها أَي حُبس، فوُصِفت بالصَّبْر و أُضيفت إِليه مجازاً؛ و المَصْبورة: هي اليَمِين، و الصَّبْر: أَن تأْخذ يَمِين إِنسان. تقول: صَبَرْتُ يَمِينه أَي حلَّفته. و كلُّ من حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين، فهو قتلُ صَبْرٍ. و الصَّبْرُ: الإِكراه. يقال: صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي أَكرهه. و صَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً. يقال: قُتِل فلانٌ صَبْراً و حُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس. و صَبَرَه: أَحْلَفه يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه. ابن سيدة: و يَمِين الصَّبْرِ التي يُمْسِكُكَ الحَكَم عليها حتى تَحْلِف؛ و قد حَلَف صَبْراً؛ أَنشد ثعلب:
فَأَوْجِعِ الجَنْبَ و أَعْرِ الظَّهْرَا،             أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا

و صَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه: لَزِمَه. و الصَّبْرُ: نقِيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فهو صابِرٌ و صَبَّار و صَبِيرٌ و صَبُور، و الأُنثى صَبُور أَيضاً، بغير هاء، و جمعه صُبُرٌ. الجوهري: الصَّبر حَبْس النفس عند الجزَع، و قد صَبَرَ فلان عند المُصِيبة يَصْبِرُ صَبْراً، و صَبَرْتُه أَنا:

438
لسان العرب4

صبر ص 437

حَبَسْته. قال الله تعالى: وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ‏
. و التَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها             تُبَكِّي على زَيْدٍ، و لَيْسَتْ بِأَصْبَرَا

أَراد: و ليست بأَصْبَرَ من ابنها، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ و العاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْهِ. و تَصَبَّر و اصْطَبَرَ: جعل له صَبْراً. و تقول: اصْطَبَرْتُ و لا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء، فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً و قلت اصَّبَرْتُ. و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَن الله تعالى قال: إِنِّي أَنا الصَّبُور.
؛ قال أَبو إِسحاق: الصَّبُور في صفة الله عز و جلّ الحَلِيم. و
في الحديث: لا أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله عزَّ و جلَّ.
؛ أَي أَشدّ حِلْماً على فاعِل ذلك و ترك المُعاقبة عليه. و قوله تعالى: وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ*
؛ معناه: و تَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله و الصَّبْرِ على الدخول في مَعاصِيه. و الصَّبْرُ: الجَراءة؛ و منه قوله عز و جلّ: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار. قال أَبو عمرو: سأَلت الحليحي عن الصبر فقال: ثلاثة أَنواع: الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار، و الصَّبْرُ على معاصِي «4». الجَبَّار، و الصَّبر على الصَّبر على طاعته و تَرْك معصيته. و قال ابن الأَعرابي:
قال عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر.
و قوله: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ*
؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل. و قوله عز و جل: اصْبِرُوا وَ صابِرُوا
؛ أَي اصْبِرُوا
 و اثْبُتُوا على دِينِكم، وَ صابِرُوا
 أَي صابروا أَعداءَكُم في الجِهاد. و قوله عز و جل: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ*
؛ أَي بالثبات على ما أَنتم عليه من الإِيمان. و شَهْرُ الصَّبْرِ: شهر الصَّوْم. و
في حديث الصَّوْم: صُمْ شَهْرَ الصَّبْر.
؛ هُوَ شهرُ رمضان و أَصل الصَّبْرِ الحَبْس، و سُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام و الشَّرَاب و النِّكاح. و صَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، و هو بِهِ صَبِيرٌ و الصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تقول منه: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً و صَبَارة أَي كَفَلْت به، تقول منه: اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلًا. و
في حديث الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً و لا صَبِيراً.
؛ هو الكفِيل. و صَبِير القوم: زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم، و الجمع صُبَراء. و الصَّبِيرُ: السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض درجاً؛ قال يصِف جَيْشاً:
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير

قال ابن بري: هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي من أَبيات:
و جارِيَةٍ من بَنَات المُلُوك،             قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها
 كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ،             تأْتِي السَّحابَ و تَأْتالَها

قال: أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ و عَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، و لم تكن قبل ذلك تَعْدُو. و قوله: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة السَّحاب. و تأْتالُه أَي تُصْلِحُه، و أَصله تأْتَوِلُهُ من الأَوْل و هو الإِصْلاح، و نصب‏
__________________________________________________
 (4). قوله: [الحليحي‏] و قوله: [و الصبر على معاصي إلخ‏] كذا بالأَصل.

439
لسان العرب4

صبر ص 437

تأْتالَها على الجواب؛ قال و مثله قول لبيد:
بِصَبُوحِ صَافِيَة و جَذْب كَرِينَةٍ،             بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها

أَي تُصْلِح هذه الكَرِينَة، و هي المُغَنِّية، أَوْتار عُودِها بِإِبْهامِها؛ و أَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فقلبت الواو أَلفاً لتحركها و انفتاح ما قبلها؛ قال: و قد يحتمل أَن يكون‏
كَكِرْفِئَة الغيْث ذات الصبير
للْخَنْسَاء، و عجزه:
تَرْمِي السَّحابَ و يَرْمِي لَها

و قبله:
و رَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا،             عليها المُضَاعَفُ، زُفْنا لَها

و الصَّبِير: السحاب الأَبيض لا يكاد يُمطِر؛ قال رُشَيْد بن رُمَيْض العَنَزيّ:
تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى،             كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير

الفراء: الأَصْبار السحائب البيض، الواحد صِبْر و صُبْر، بالكسر و الضم. و الصَّبِير: السحابة البيضاء، و قيل: هي القطعة من السحابة تراها كأَنها مَصْبُورة أَي محبُوسة، و هذا ضعيف. قال أَبو حنيفة: الصَّبير السحاب يثبت يوماً و ليلة و لا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يحبس، و قيل: الصَّبِير السحاب الأَبيض، و الجمع كالواحد، و قيل: جمعه صُبُرٌ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فارْمِ بِهم لِيَّةَ و الأَخْلافا،             جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا

و الصُّبَارة من السحاب: كالصَّبِير. و صَبَرَه: أَوْثقه. و
في حديث عَمَّار حين ضرَبه عُثمان: فلمَّا عُوتِب في ضَرْبه إِياه قال: هذه يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر.
؛ معناه فليقتصّ. يقال: صَبَرَ فلان فلاناً لوليّ فلان أَي حبسه، و أَصْبَرَه أَقَصَّه منه فاصْطَبر أَي اقتصَّ. الأَحمر: أَقادَ السلطان فلاناً و أَقَصَّه و أَصْبَرَه بمعنى واحد إِذا قَتَلَه بِقَوَد، و أَباءَهُ مثلهُ. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فقال له: أَصْبِرْني، قال: اصْطَبر.
أَي أَقِدْني من نفسك، قال: اسْتَقِدْ. يقال: صَبَر فلان من خصْمه و اصْطَبَر أَي اقتصَّ منه. و أَصْبَرَه الحاكم أَي أَقصَّه من خصْمه. و صَبِيرُ الخُوانِ: رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تحت ما يؤكل من الطعام. ابن الأَعرابي: أَصْبَرَ الرجل إِذا أَكل الصَّبِيرَة، و هي الرُّقاقة التي يَغْرِفُ [يَغْرُفُ‏] عليها الخَبَاز طَعام العُرْس. و الأَصْبَرةُ من الغَنَم و الإِبل؛ قال ابن سيدة و لم أَسمع لها بواحد: التي تَرُوح و تَغْدُو على أَهلها لا تَعْزُب عنهم؛ و روي بيت عنترة:
لها بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ و جُلّ،             و سِتُّ من كَرائِمِها غِزَارُ

الصِّبرُ و الصُّبْرُ: جانب الشي‏ء، و بُصْره مثلُه، و هو حَرْف الشي‏ء و غِلَظه. و الصِّبْرُ و الصُّبْرُ: ناحية الشي‏ء و حَرْفُه، و جمعه أَصْبار. و صُبْرُ الشي‏ء: أَعلاه. و
في حديث ابن مسعود: سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الجنة.
؛ قال: صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نواحيها؛ قال النمر بن تَوْلَب يصف روضة:
عَزَبَتْ، و باكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة             وَطْفاء، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها

و أَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها و مَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى أَعالِيها و رأْسها. و أَخذه بأَصْباره أَي تامّاً بجميعه.

440
لسان العرب4

صبر ص 437

و أَصْبار القبر: نواحيه و أَصْبار الإِناء: جوانِبه. الأَصمعي: إِذا لَقِيَ الرجل الشِّدة بكمالها قيل: لَقِيها بأَصْبارها. و الصُّبْرَة: ما جُمِع من الطعام بلا كَيْل و لا وَزْن بعضه فوق بعض. الجوهري: الصُّبرة واحدة صُبَرِ الطعام. يقال: اشتريت الشي‏ء صُبْرَةً أَي بلا وزن و لا كيل. و
في الحديث: مَرَّ على صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فيها.
؛ الصُّبْرة: الطعام المجتمِع كالكُومَة. و
في حديث عُمَر: دخل على النبي، صلى الله عليه و سلم، و إِنَّ عند رجليه قَرَظاً مَصْبُوراً.
أَي مجموعاً، قد جُعل صُبْرة كصُبْرة الطعام. و الصُّبْرَة: الكُدْس، و قد صَبَّرُوا طعامهم. و
في حديث ابن عباس في قوله عز و جل: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ، قال: كان يَصْعَد إِلى السماء بُخَارٌ من الماء، فاسْتَصْبَر فعاد صَبِيراً.
؛ اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف، و تراكَم، فذلك قوله: ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ؛ الصَّبِير: سَحاب أَبيض متكاثِف يعني تَكَاثَفَ البُخار و تَراكَم فصار سَحاباً. و
في حديث طَهْفة: و يسْتَحْلب الصَّبِير.
؛ و
حديث ظبيان: و سَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل.
أَي سَحاب الموْت و الهَلاك. و الصُّبْرة: الطعام المَنْخُول بشي‏ء شبِيه بالسَّرَنْد «1». و الصُّبْرَة: الحجارة الغليظة المجتمعة، و جمعها صِبَار. و الصُّبَارة، بضم الصاد: الحجارة، و قيل: الحجارة المُلْس؛ قال الأَعشى:
مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أَنَّ             المَرْءَ لم يُخلَق صُبارَهْ؟

قال ابن سيدة: و يروى صِيَارَهْ؛ قال: و هو نحوها في المعنى، و أَورد الجوهري في هذا المكان:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنَّ             المَرْءَ لم يُخْلَق صُبارَهْ؟

و استشهد به الأَزهري أَيضاً، و يروى صَبَارهْ، بفتح الصاد، و هو جمع صَبَار و الهاء داخلة لجمع الجمع، لأَن الصَّبَارَ جمع صَبْرة، و هي حجارة شديدة؛ قال ابن بري: و صوابه لم يخلق صِبارهْ، بكسر الصاد، قال: و أَما صُبارة و صَبارة فليس بجمع لصَبْرة لأَن فَعالًا ليس من أَبنية الجموع، و إِنما ذلك فِعال، بالكسر، نحو حِجارٍ و جِبالٍ؛ قال ابن بري: البيت لَعَمْرو بن مِلْقَط الطائي يخاطب بهذا الشعر عمرو بن هند، و كان عمرو بن هند قتل له أَخ عند زُرارَةَ بن عُدُس الدَّارِمِي، و كان بين عمرو بن مِلْقَط و بين زُرارَة شَرٌّ، فحرّض عَمرو بن هند على بني دارِم؛ يقول: ليس الإِنسان بحجر فيصبر على مثل هذا؛ و بعد البيت:
و حَوادِث الأَيام لا             يَبْقَى لها إِلَّا الحجاره‏
ها إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه             بالسَّفْحِ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ‏

تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْحَيْه،             و قد سَلَبوا إِزَارَهْ‏
فاقتلْ زُرَارَةَ، لا أَرَى             في القوم أَوفى من زُرَارَهْ‏

و قيل: الصُّبارة قطعة من حجارة أَو حديد. و الصُّبُرُ: الأَرض ذات الحَصْباء و ليست بغليظة، و الصُّبْرُ فيه لغة؛ عن كراع. و منه قيل للحَرَّة: أُم صَبَّار ابن سيدة: و أُمُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [بالسرند] هكذا في الأَصل و شرح القاموس.

441
لسان العرب4

صبر ص 437

صَبَّار، بتشديد الباء، الحرَّة، مشتق من الصُّبُرِ التي هي الأَرض ذات الحَصْباء، أَو من الصُّبَارة، و خَصَّ بعضهم به الرَّجْلاء منها. و الصَّبْرة من الحجارة: ما اشتد و غَلُظ، و جمعها الصَّبار؛ و أَنشد للأَعشى:
كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فيها،             قُبَيْلَ الصُّبح، أَصْوَات الصَّبَارِ

الهَاجَات: الضَّفادِع؛ شبَّه نَقِيق الضفادع في هذه العين بوقع الحجارة. و الصَّبِير: الجَبَل. قال ابن بري: ذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم صَبَّار الحرّة، و قال الفزاري: هي حرة ليلى و حرَّة النار؛ قال: و الشاهد لذلك قول النابغة:
تُدافِع الناسَ عنّا حِين نَرْكَبُها،             من المظالم تُدْعَى أُمَّ صَبَّار

أَي تَدْفَعُ الناس عنّا فلا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تمنعهم من ذلك لكونها غَلِيظة لا تَطَؤُها الخيل و لا يُغار علينا فيها؛ و قوله: من المظالم هي جمع مُظْلِمة أَي هي حَرَّة سوداء مُظْلِمة. و قال ابن السكِّيت في كتاب الأَلفاظ في باب الاختلاط و الشرِّ يقع بين القوم: و تدعى الحرَّة و الهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار. و روي عن ابن شميل: أَن أُم صَبَّار هي الصَّفَاة التي لا يَحِيك فيها شي‏ء. قال: و الصَّبَّارة هي الأَرض الغَلِيظة المُشْرفة لا نبت فيها و لا تُنبِت شيئاً، و قيل: هي أُم صَبَّار، و لا تُسمَّى صَبَّارة، و إِنما هي قُفٌّ غليظة. قال: و أَما أُمّ صَبُّور فقال أَبو عمرو الشيباني: هي الهَضْبة التي ليس لها منفَذ. يقال: وقع القوم في أُمّ صَبُّور أَي في أَمرٍ ملتبِس شديد ليس له منفَذ كهذه الهَضْبة التي لا منفَذ لها؛ و أَنشد لأَبي الغريب النصري:
أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ             في أُمِّ صَبُّور، فأَودَى و نَشِبْ‏

و أُمّ صَبَّار و أُمُّ صَبُّور، كلتاهما: الداهية و الحرب الشديدة. و أَصبر الرجلُ: وقع في أُم صَبُّور، و هي الداهية، و كذلك إِذا وقع في أُم صَبَّار، و هي الحرَّة. يقال: وقع القوم في أُم صَبُّور أَي في أَمر شديد. ابن سيدة: يقال وقعوا في أُم صَبَّار و أُم صَبُّور، قال: هكذا قرأْته في الأَلفاظ صَبُّور، بالباء، قال: و في بعض النسخ: أُم صيُّور، كأَنها مشتقَّة من الصِّيارة، و هي الحجارة. و أَصْبَرَ الرجلُ إِذا جلس على الصَّبِير، و هو الجبل. و الصِّبَارة: صِمَام القارُورَة و أَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة بالصِّبَار، و هو السِّداد، و يقال للسِّداد القعولة و البُلْبُلَة «1». و العُرْعُرة. و الصَّبِرُ: عُصَارة شجر مُرٍّ، واحدته صَبِرَة و جمعه صُبُور؛ قال الفرزدق:
يا ابن الخَلِيَّةِ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة،             فيها مَذاقَة حَنْظَل و صُبُور

قال أَبو حنيفة: نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غير أَن ورقَ الصَّبرِ أَطول و أَعرض و أَثْخَن كثيراً، و هو كثير الماء جدّاً. الليث: الصَّبِر، بكسر الباء، عُصارة شجر ورقها كقُرُب السَّكاكِين طِوَال غِلاظ، في خُضْرتها غُبْرة و كُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر، يخرج من وسطها ساقٌ عليه نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح. الجوهري: الصَّبِر هذا الدَّواء المرُّ، و لا يسكَّن إِلَّا في ضرورة الشعر؛ قال الراجز:
أَمَرُّ من صَبْرٍ و مَقْرٍ و حُضَضْ‏

و في حاشية الصحاح: الحُضَضُ الخُولان، و قيل هو بظاءين، و قيل بضاد و ظاء؛ قال ابن بري: صواب‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [القعولة و البلبلة] هكذا في الأَصل و شرح القاموس.

442
لسان العرب4

صبر ص 437

إِنشاده أَمَرَّ، بالنصب، و أَورده بظاءين لأَنه يصف حَيَّة؛ و قبله:
أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ
و الصُّبَارُ، بضم الصاد: حمل شجرة شديدة الحموضة أَشد حُموضَة من المَصْل له عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب من الهِنْد، و قيل: هو التمر الهندي الحامض الذي يُتَداوَى به. و صَبَارَّة الشتاء، بتشديد الراء: شدة البَرْد؛ و التخفيف لغة عن اللحياني. و يقال: أَتيته في صَبَارَّة الشتاء أَي في شدَّة البَرْد. و
في حديث علي، رضي الله عنه: قُلْتم هذه صَبَارَّة القُرّ.
؛ هي شدة البرد كَحَمَارَّة القَيْظ. أَبو عبيد في كتاب اللَّبَن: المُمَقَّر و المُصَبَّرُ الشديد الحموضة إِلى المَرارة؛ قال أَبو حاتم: اشتُقَّا من الصَّبِر و المَقِر، و هما مُرَّان. و الصُّبْرُ: قبيلة من غَسَّان؛ قال الأَخطل:
تَسْأَله الصُّبْرُ من غَسَّان، إِذ حَضَرُوا،             و الحَزْنُ: كيف قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟

الصُّبْر و الحَزْن: قبيلتان، و يروى: فسائل الصُّبْر من غَسَّان إِذْ حضروا، و الحَزْنَ، بالفتح، لأَنه قال بعده:
يُعَرِّفونك رأْس ابن الحُبَاب، و قد             أَمسى، و للسَّيْف في خَيْشُومه أَثَرُ

يعني عُمير بن الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل و حُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل غَسَّان، و كان لا يبالي بِهِم و يقول: ليسوا بشي‏ء إِنما هم جَشَرٌ. و أَبو صَبْرَة «1»: طائر أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس و الجناحَيْن و الذَّنَب و سائره أَحمر. و
في الحديث: مَنْ فَعَل كذا و كذا كان له خيراً من صَبِير ذَهَباً.
؛ قيل: هو اسم جبل باليمن، و قيل: إِنما هو مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ، بإِسقاط الباء الموحدة، و هو جبلَ لطيّ‏ء؛ قال ابن الأَثير: و هذه الكلمة جاءت في حديثين لعليّ و معاذ: أَما حديث علي فهو صِيرٌ، و أَما رواية معاذ فصَبِير، قال: كذا فَرق بينهما بعضهم.
صحر:
الصَّحْراء من الأَرض: المُستوِيةُ في لِينٍ و غِلَظ دون القُفِّ، و قيل: هي الفَضاء الواسع؛ زاد ابن سيدة: لا نَبات فيه. الجوهري: الصَّحراء البَرِّيَّة؛ غير مصروفة و إِن لم تكن صفة، و إِنما لم تصرف للتأْنيث و لزوم حرف التأْنيث لها، قال: و كذلك القول في بُشرى. تقول: صَحْراءُ واسعة و لا تقل صَحْراءَة فتدخل تأْنيثاً على تأْنيث. قال ابن شميل: الصَّحْراء من الأَرض مثل ظهر الدابة الأَجْرَد ليس بها شجر و لا إِكام و لا جِبال مَلْساء. يقال: صحراء بَيِّنة الصَّحَر و الصُّحْرَة. و أَصْحَر المكانُ أَي اتَّسع. و أَصْحَرَ. الرجل: نزل الصحراء. و أَصْحَرَ القوم: برزوا في الصَّحْراء، و قيل: أَصْحَرَ الرجل إِذا «2» .... كأَنه أَفضى إِلى الصَّحْراء التي لا خَمَرَ بها فانكشف. و أَصْحَرَ القوم إِذا برزوا إِلى فضاء لا يُوارِيهم شي‏ء. و
في حديث أُم سلمة لعائشة: سَكَّن الله عُقَيراكِ فلا تُصْحِرِيها.
؛ معناه لا تُبْرِزِيها إِلى الصَّحْراء؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في هذا الحديث متعدِّياً على حذف الجار و إِيصال الفعل فإِنه غير متعدّ، و الجمع الصَّحارى و الصَّحارِي، و لا يجمع على صُحْر لأَنه ليس بنعت. قال ابن سيدة: الجمع صَحْرَاوَات و صَحارٍ، و لا يكسَّر على فُعْل لأَنه و إِن كان صفة فقد غلب عليه‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [أَبو صبرة أَلخ‏] عبارة القاموس و أَبو صبيرة كجهينة طائر أحمر البطن أسود الظهر و الرأس و الذنب.
 (2). هكذا بياض بالأَصل.

443
لسان العرب4

صحر ص 443

الاسم. قال الجوهري: الجمع الصَّحارِي و الصَّحْراوات، قال: و كذلك جمع كل فعلاء إِذا لم يكن مؤنث أَفْعَلَ مثل عَذْراء و خَبْراء و وَرْقاء اسم رجل، و أَصل الصَّحارِي صَحارِيّ، بالتشديد، و قد جاء ذلك في الشعر لأَنك إِذا جمعت صَحْراء أَدخلت بين الحاء و الراء أَلفاً و كسرت الراء، كما يُكسر ما بعد أَلِف الجمع في كل موضع نحو مساجد و جَعافِر، فتنقلب الأَلف الأُولى التي بعد الراء ياءً للكسرة التي قبلها، و تنقلب الأَلف الثانية التي للتأْنيث أَيضاً ياء فتدغَم، ثم حذفوا الياء الأُولى و أَبدلوا من الثانية أَلفاً فقالوا صَحارى، بفتح الراء، لتسلم الأَلف من الحذف عند التنوين، و إِنما فعلوا ذلك ليفرقوا بين الياء المنقلبة من الأَلف للتأْنيث و بين الياء المنقلبة من الأَلف التي ليست للتأْنيث نحو أَلِفِ مَرْمًى و مغزًى، إِذ قالوا مَرَامِي و مَغازِي، و بعض العرب لا يحذف الياءَ الأُولى و لكن يحذف الثانية فيقول الصَّحارِي بكسر الراء، و هذه صَحارٍ، كما يقول جَوارٍ. و
في حديث علي: فأَصْحِرْ لعدُوّك و امْض على بَصِيرَتِك.
أَي كُنْ من أَمره على أَمرٍ واضح منكَشِف، من أَصْحَر الرجل إِذا خرج إِلى الصَّحراء. قال ابن الأَثير: و منه‏
حديث الدعاء: فأَصْحِرْ بِي لغَضَبك فَريداً.
و المُصاحِرُ: الذي يقاتل قِرْنه في الصَّحراء و لا يُخاتِلُه. و الصُّحْرة: جَوْبة تَنْجاب في الحرَّة و تكون أَرضاً ليِّنة تُطِيف بها حجارة، و الجمع صُحَرٌ لا غير؛ قال أَبو ذؤيب يصف يرَاعاً:
سَبِيٌّ من يَراعَتِه نَفاهُ             أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ وَ لُوبُ‏

قوله سَبِيّ أَي غريب. و اليَراعَة هاهنا: الأَجَمَة. و لَقِيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ إِذا لم يكن بينك و بينه شي‏ء، و هي غير مُجْراةٍ، و قيل لم يُجْرَيَا لأَنهما اسمان جعلا اسماً واحداً. و أَخبره بالأَمر صَحْرَةَ بَحْرَةَ، و صَحْرَةً بَحْرَةً أَي قَبَلا لم يكن بينه و بينه أَحد. و أَبرز له ما في نفسه صَحَاراً: كأَنه جاهره به جِهاراً. و الأَصْحَرُ: قريب من الأَصهَب، و اسم اللَّوْن الصَّحَرُ و الصُّحْرَةُ، و قيل: الصَّحَرُ غُبرة في حُمْرة خفيفة إِلى بياض قليل؛ قال ذو الرمة:
يَحْدُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجةً،             صُحْرَ السَّرابِيل في أَحْشائها قَبَبُ‏

و قيل: الصُّحْرة حمرة تضرِب إِلى غُبرة؛ و رجل أَصْحَر و امرأَة صَحْراء في لونها. الأَصمعي: الأَصْحَرُ نحو الأَصْبَح، و الصُّحْرة لَوْن الأَصْحَر، و هو الذي في رأْسه شُقرة. و اصْحارَّ النبْت اصْحِيراراً: أَخذت فيه حمرة ليست بخالصة ثم هاج فاصفرَّ فيقال له: اصْحارَّ. و اصحارَّ السُّنْبُل: احمرَّ، و قيل: ابيضَّت أَوائله. و حِمار أَصْحَرُ اللون، و أَتان صَحُورٌ: فيها بياض و حمرة، و جمعه صُحُر، و الصُّحْرة اسم اللَّوْن، و الصَّحَر المصدر. و الصَّحُور أَيضاً: الرَّمُوح يعني النَّفُوحَ برجلها. و الصَّحِيرة: اللَّبَن الحلِيب يغلى ثم يصب عليه السمن فيشرب شرباً، و قيل: هي مَحْض الإِبل و الغنم و من المِعْزَى إِذا احتيج إِلى الحَسْوِ و أَعْوَزَهُمُ الدقيق و لم يكن بأَرضهم طَبَخُوه ثم سَقَوْه العَليل حارّاً؛ و صَحَره يَصْحَره صَحْراً: طبخه، و قيل: إِذا سُخِّن الحليب خاصة حتى يحترق، فهو صَحِيرة، و الفِعْل كالفعل، و قيل: الصَّحِيرة اللبن الحليب يسخن ثم يذرُّ عليه الدقيق، و قيل: هو اللبن الحليب يُصْحَر و هو أَن يلقى فيه الرَّضْفُ أَو يجعل في القِدْر فيغلى فيه فَوْرٌ واحد حتى يحترق، و الاحتراق قبل الغَلْي،

444
لسان العرب4

صحر ص 443

و ربما جعل فيه دقيق و ربما جعل فيه سمن، و الفعل كالفعل، و قيل: هي الصَّحِيرة من الصَّحْرِ كالفَهِيرة من الفِهْر. و الصُّحَيْراء، ممدود على مثال الكُدَيْراء: صِنْف من اللبن؛ عن كراع، و لم يُعيِّنه. و الصَّحِير: من صوْت الحمير، صَحَر الحمار يَصْحَر صَحِيراً و صُحَاراً، و هو أَشد من الصَّهِيل في الخيل. و صُحار الخيل: عرَقها، و قيل: حُمَّاها. و صَحَرته الشمس: آلَمَتْ دِماغه. و صُحْرُ: اسم أُخت لُقْمان بن عاد. و قولهم في المثل: ما لي ذَنْب إِلَّا ذنب صُحْرَ؛ هو اسم امرأَة عُوقبت على الإِحسان؛ قال ابن بري: صُحْرُ هي بنت لقمان العادي و ابنه لُقَيم، بالميم، خرجا في إِغارة فأَصابا إِبلًا، فسبق لُقَيم فأَتى منزله فنحرت أُخته صُحْرُ جَزُوراً من غَنيمته و صنعت منها طعاماً تتحِف به أَباها إِذا قدِم، فلما قدِم لُقْمان قدَّمت له الطعام، و كان يحسُد لقيماً، فَلَطَمَهَا و لم يكن لها ذنب. قال: و قال ابن خالَوْيهِ هي أُخت لقمان بن عاد، و قال: إِنَّ ذنبها هو أَن لقمان رأَى في بيتها نُخامة في السَّقْف فقتلها، و المشهور من القولين هو الأَول. و صُحَارٌ: اسم رجل من عبد القَيْس؛ قال جرير:
لقيت صُحارَ بني سِنان فيهم             حَدَباً كأَعصلِ ما يكون صُحار

و يروي: كأَقْطَمِ ما يكون صُحار. و صُحار: قبيلة. و صُحار: مدينة عُمَان. قال الجوهري: صُحار، بالضم، قَصَبَة عُمان مما يلي الجبل، و تُؤَام قَصَبتها مما يلي السَّاحل. و
في الحديث: كُفِّن رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، في ثَوْبَيْن صُحَارِيَّيْنِ.
؛ صحار: قرية باليمن نُسِب الثوبُ إِليها، و قيل: هو من الصُّحْرة من اللَّوْن، و ثَوْب أَصْحَر و صُحارِيّ. و
في حديث عثمان: أَنه رأَى رجلًا يقطَع سَمُرة بِصُحَيرات اليَمام.
؛ قال ابن الأَثير: هو اسم موضع، قال: و اليَمام شَجَر أَو طير. و الصُّحَيرات: جمعٌ مصغر واحده صُحْرة،. و هي أَرض لَيِّنة تكون في وسط الحرَّة. قال: هكذا قال أَبو موسى و فَسَّر اليَمام بشجر أَو طير، قال: فأَما الطير فصحيح، و أَما الشجر فلا يُعرف فيه يمام، بالياء، و إِنما هو ثُمام، بالثاء المثلثة، قال: و كذلك ضبطه الحازِمي قال: هو صُحَيْرات الثُّمَامة، و يقال فيه الثّمام، بلا هاء قال: و هي إِحدى مراحل النبي، صلى الله عليه و سلم، إِلى بَدْر.
صخر:
الصَّخرة: الحجر العظيم الصُّلْب، و قوله عز و جل: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ‏
؛ قال الزجاج: قيل في صَخْرة أَي في الصَّخْرة التي تحت الأَرض، فالله عز و جل لطيف باستخراجها، خَبِيرٌ بمكانها. و
في الحديث: الصَّخْرة من الجنة.
؛ يريد صَخْرة بيت المَقْدِس. و الصَّخَرَة: كالصَّخْرة، و الجمع صَخْرٌ و صَخَر و صُخُور و صُخورة و صِخَرة و صَخَرات. و مكان صَخِر و مُصْخِر: كثير الصَّخْر. و الصَّاخِرَة: إِناءٌ من خَزَف. و الصَّخِير: نبْت. و صَخْر بن عمرو بن الشَّرِيد: أَخو الخَنْساء. و الصَّاخِر: صوْت الحديد بعضه على بعض.
صدر:
الصَّدْر: أَعلى مقدَّم كل شي‏ء و أَوَّله، حتى إِنهم ليقولون: صَدْر النهار و الليل، و صَدْر الشتاء و الصيف و ما أَشبه ذلك مذكّراً؛ فأَما قول الأَعشى:

445
لسان العرب4

صدر ص 445

و تَشْرَقُ بالقَوْل الذي قد أَذَعْتَه،             كما شَرِقَتْ صَدْر القَناة من الدَّمِ‏

قال ابن سيدة: فإِن شئت قلت أَنث لأَنه أَراد القناة، و إِن شئت قلت إِن صَدْر القَناة قَناة؛ و عليه قوله:
مَشَيْنَ كما اهْتَزَّت رِماح، تَسَفَّهَتْ             أَعالِيها مَرُّ الرِّياح النَّواسِم‏

و الصَّدْر: واحد الصُّدُور، و هو مذكر، و إِنما أَنثه الأَعشى في قوله كما شَرِقَتْ صَدْر القَناة على المعنى، لأَن صَدْر القَناة من القَناة، و هو كقولهم: ذهبت بعض أَصابعه لأَنهم يؤنِّثُون الاسم المضاف إِلى المؤنث، و صَدْر القناة: أَعلاها. و صَدْر الأَمر: أَوّله. و صَدْر كل شي‏ء: أَوّله. و كلُّ ما واجهك: صَدْرٌ، و صدر الإِنسان منه مذكَّر؛ عن اللحياني، و جمعه صُدُور و لا يكسَّر على غير ذلك. و قوله عز و جل: وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
؛ و القلب لا يكون إِلَّا في الصَّدْر إِنما جرى هذا على التوكيد، كما قال عز و جل: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ؛ و القول لا يكون إِلَّا بالفَمِ لكنه أَكَّد بذلك، و على هذا قراءة من قرأَ: إِن هذا أَخي له تِسْعٌ و تسعون نَعْجَةً أُنثى. و الصُّدُرة: الصَّدْر، و قيل: ما أَشرف من أَعلاه. و الصَّدْر: الطائفة من الشي‏ء. التهذيب: و الصُّدْرة من الإِنسان ما أَشرف من أَعلى صدْره؛ و منه الصُّدْرة التي تُلبَس؛ قال الأَزهري: و من هذا قول امرأَة طائيَّة كانت تحت إمرئ القيس، فَفَرِكَتْهُ و قالت: إِني ما عَلِمْتُكَ إِلَّا ثَقِيل الصُّدْرة سريع الهِدافَةَ بَطِي‏ء الإِفاقة. و الأَصْدَر: الذي أَشرفت صُدْرته. و المَصْدُور: الذي يشتكي صدره؛ و
في حديث ابن عبد العزيز: قال لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة: حتى متَى تقولُ هذا الشعر؟ فقال:
لا بُدَّ للمَصْدُور من أَن يَسْعُلا.

المَصْدُور: الذي يشتكي صَدْره، صُدِرَ فهو مصدور؛ يريد: أَن من أُصيب صَدْره لا بدّ له أَن يَسْعُل، يعني أَنه يَحْدُث للإِنسان حال يتمثَّل فيه بالشعر و يطيِّب به نفسه و لا يكاد يمتنع منه. و
في حديث الزهري: قيل له إِن عبيد الله يقول الشِّعْر، قال: و يَسْتَطَيعُ المَصْدُور أَن لا يَنْفُثَ [يَنْفِثَ‏].
أَي لا يَبْزُق؛ شَبَّه الشِّعْر بالنَّفْث لأَنهما يخرجان من الفَمِ. و
في حديث عطاء: قيل له رجل مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً أَ حَدَثٌ هُوَ؟ قال: لا.
يعني يَبزُق قَيْحاً. و بَنَات الصدر: خَلَل عِظامه. و صُدِرَ يَصْدَرُ صَدْراً: شكا صَدْرَه؛ و أَنشد:
كأَنما هُوَ في أَحشاء مَصْدُورِ

و صَدَرَ فلان فلاناً يَصْدُرُه صَدْراً: أَصاب صَدْرَه. و رجل أَصْدَرُ: عظيم الصَّدْرِ، و مُصَدَّر: قويّ الصَّدْر شديده؛ و كذلك الأَسَد و الذئب. و
في حديث عبد الملك: أُتِيَ بأَسِير مُصَدَّر.
؛ هو العظيم الصَّدْر. و فَرس مُصَدَّرٌ: بَلَغ العَرَق صَدْرَه. و المُصَدَّرُ من الخيل و الغنم: الأَبيض لَبَّةِ الصَّدْرِ، و قيل: هو من النِّعاج السَّوداء الصدر و سائرُها أَبيضُ؛ و نعجة مُصَدَّرَة. و رجل بعيد الصَّدْر: لا يُعطَف، و هو على المثَل. و التَّصَدُّر: نصْب الصَّدْر في الجُلوس. و صَدَّر كتابه: جعل له صَدْراً؛ و صَدَّره في المجلس فتصدَّر. و تصدَّر الفرسُ و صَدَّر، كلاهما: تقدَّم الخيلَ بِصَدره. و قال ابن الأَعرابي: المُصَدَّرُ من الخيل السابق، و لم يذكر الصَّدْرَ؛ و يقال: صَدَّرَ الفرسُ إِذا جاء قد سبق و برز بِصَدْرِه و جاء مُصَدَّراً؛ و قال طفيل الغَنَوِيّ يصف فرساً:

446
لسان العرب4

صدر ص 445

كأَنه بَعْدَ ما صَدّرْنَ مِنْ عَرَقٍ             سِيدٌ، تَمَطَّرَ جُنْحَ الليل، مَبْلُولُ‏

كأَنه: الهاءُ لَفَرسِهِ. بعد ما صَدَّرْنَ: يعني خَيْلَا سَبَقْنَ بصُدُورِهِنَّ. و العَرَق: الصفُّ من الخيل؛ و قال دكين:
مُصَدَّرٌ لا وَسَطٌ و لا بَالي «1».
و قال أَبو سعيد في قوله: بعد ما صَدَّرْنَ من عرق أَي هَرَقْنَ صَدْراً من العَرَق و لن يَسْتَفْرِغْنَه كلَّه؛ و روي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: رواه بعد ما صُدِّرْنَ، على ما لم يسمَّ فاعله، أَي أَصاب العَرَقُ صُدُورهُنَّ بعد ما عَرِقَ؛ قال: و الأَول أَجود؛ و قول الفرزدق يخاطب جريراً:
و حَسِبتَ خيْلَ بني كليب مَصْدَراً،             فَغَرِقْتَ حين وَقَعْتَ في القَمْقَامِ‏

يقول: اغْتَرَرْتَ بخيْل قومك و ظننت أَنهم يخلِّصونك من بحر فلم يفعلوا. و من كلامِ كُتَّاب الدَّواوِين أَن يقال: صُودِرَ فلانٌ العامل على مالٍ يؤدِّيه أَي فُورِقَ على مالٍ ضَمِنَه. و الصِّدَارُ: ثَوْبٌ رأْسه كالمِقْنَعَةِ و أَسفلُه يُغَشِّى الصَّدْرَ و المَنْكِبَيْنِ تلبَسُه المرأَة؛ قال الأَزهري: و كانت المرأَة الثَّكْلَى إِذا فقدت حميمها فأَحَدّتْ عليه لبست صِدَاراً من صُوف؛ و قال الراعي يصف فلاة:
كَأَنَّ العِرْمِسَ الوَجْناءَ فيها             عَجُولٌ، خَرَّقَتْ عنها الصَّدارَا

ابن الأَعرابي: المِجْوَلُ الصُّدْرَة، و هي الصِّدار و الأُصْدَة. و العرَب تقول للقميص الصغير و الدِّرْع القصيرة: الصُّدْرَةُ، و قال الأَصمعي: يقال لِمَا يَلي الصَّدْر من الدِّرْعِ صِدارٌ. الجوهري: الصِّدارُ. بكسر الصاد، قميص صغير يَلي الجسد. و في المثل: كلُّ ذات صِدارٍ خالَةٌ أَي من حَقِّ الرجل أَن يَغارَ على كل امرأَة كما يَغارُ على حُرَمِهِ. و
في حديث الخَنْساء: دخلتْ على عائشة و عليها خِمارٌ مُمَزَّق و صِدار شعَر.
؛ الصِّدار: القميص القصير كما وَصَفناه أَوَّلًا. و صَدْرُ القَدَمِ: مُقَدَّمُها ما بين أَصابعها إِلي الحِمارَة. و صَدْرُ النعل: ما قُدَّام الخُرْت منها. و صَدْرُ السَّهْم: ما جاوز وسَطَه إِلى مُسْتَدَقِّهِ، و هو الذي يَلي النَّصْلَ إِذا رُمِيَ به، و سُمي بذلك لأَنه المتقدِّم إِذا رُمِي، و قيل: صَدْرُ السهم ما فوق نصفه إِلى المَرَاش. و سهم مُصَدَّر: غليظ الصَّدْر، و صَدْرُ الرمح: مثله. و يومٌ كصَدْرِ الرمح: ضيِّق شديد. قال ثعلب: هذا يوم تُخَصُّ به الحرْب؛ قال و أَنشدني ابن الأَعرابي:
و يوم كصَدْرِ الرُّمْحِ قَصَّرْت طُولَه             بِلَيْلي فَلَهَّانِي، و ما كُنْتُ لاهِيَا

و صُدُورُ الوادي: أَعاليه و مَقادمُه، و كذلك صَدَائرُهُ؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد.
أَ أَنْ غَرَّدَتْ في بَطْنِ وادٍ حَمامَةٌ             بَكَيْتَ، و لم يَعْذِرْكَ في الجهلِ عاذِرُ؟
تَعَالَيْنَ في عُبْرِيَّةٍ تَلَعَ الضُّحى             على فَنَنٍ، قد نَعَّمَتْهُ الصَّدائِرُ

واحدها صَادِرَة و صَدِيرَة «2». و الصَّدْرُ في العَروضِ: حَذْف أَلِفِ فاعِلُنْ لِمُعاقَبَتِها نون فاعِلاتُنْ؛
__________________________________________________
 (1). قوله: [مصدر إِلخ‏] كذا بالأَصل.
 (2). قوله: [واحدها صادرة و صديرة] هكذا في الأَصل و عبارة القاموس جمع صدارة و صديرة.

447
لسان العرب4

صدر ص 445

قال ابن سيدة: هذا قول الخليل، و إِنما حكمه أَن يقول الصَدْر الأَلف المحذوفة لِمُعاقَبَتها نون فاعِلاتُنْ. و التَّصْدِيرُ؛ حزام الرَّحْل و الهَوْدَجِ. قال سيبويه: فأَما قولهم التَّزْدِيرُ فعلى المُضارعة و ليست بلُغَة؛ و قد صَدَّرَ عن البعير. و التَّصْدِيرُ: الحِزام، و هو في صَدْرِ البعير، و الحَقَبُ عند الثِّيل. الليث: التَّصْدِيرُ حبل يُصَدَّرُ به البعير إِذا جرَّ حِمْله إِلى خلْف، و الحبلُ اسمه التَّصْدِيرُ، و الفعل التَّصْدِيرُ. قال الأَصمعي: و في الرحل حِزامَةٌ يقال له التَّصْدِيرُ، قال: و الوَضِينُ و البِطان لِلْقَتَبِ، و أَكثر ما يقال الحِزام للسَّرج. و قال الليث: يقال صَدِّرْ عن بَعِيرك، و ذلك إِذا خَمُصَ بطنُه و اضطرب تَصْدِيرُهُ فيُشدُّ حبل من التَّصْدِيرِ إِلى ما وراء الكِرْكِرَة، فيثبت التَّصْدِير في موضعه، و ذلك الحبل يقال له السِّنافُ. قال الأَزهري: الذي قاله الليث أَنَّ التَّصدْيِر حبل يُصَدَّر به البعير إِذا جرَّ حِمْله خَطَأٌ، و الذي أَراده يسمَّى السِّناف، و التَّصْديرُ: الحزام نفسُه. و الصِّدارُ: سِمَةٌ على صدر البعير. و المُصَدَّرُ: أَول القداح الغُفْل التي ليست لها فُروضٌ و لا أَنْصباء، إِنما تثقَّل بها القداح كراهِيَة التُّهَمَة؛ هذا قول اللحياني. و الصَّدَرُ، بالتحريك: الاسم، من قولك صَدَرْت عن الماء و عن البِلاد. و في المثل: تَرَكْته على مِثْل ليلَة الصَّدَرِ؛ يعني حين صَدَرَ الناس من حَجِّهِم. و أَصْدَرْته فصدَرَ أَي رَجَعْتُهُ فرَجَع، و الموضع مَصْدَر و منه مَصادِر الأَفعال. و صادَرَه على كذا. و الصَّدَرُ: نقِيض الوِرْد. صَدَرَ عنه يَصْدُرُ [يَصْدِرُ] صَدْراً و مَصْدراً و مَزْدَراً؛ الأَخيرة مضارِعة؛ قال:
و دَعْ ذا الهَوَى قبل القِلى؛ تَرْكُ ذي الهَوَى،             مَتِينِ القُوَى، خَيْرٌ من الصَّرْمِ مَزْدَرَا

و قد أَصْدَرَ غيرَه و صَدَرَهُ، و الأَوَّل أَعلى. و في التنزيل العزيز: حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ
؛ قال ابن سيدة: فإِمَّا أَن يكون هذا على نِيَّةِ التعدَّي كأَنه قال حتى يَصْدُر الرِّعاء إِبِلَهم ثم حذف المفعول، و إِمَّا أَن يكون يَصدرُ هاهنا غير متعدٍّ لفظاً و لا معنى لأَنهم قالوا صَدَرْتُ عن الماء فلم يُعَدُّوه. و
في الحديث: يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً واحداً و يَصْدُرُون مَصادِر شَتَّى.
؛ الصَّدَرُ، بالتحريك: رُجوع المسافر من مَقصِده و الشَّارِبةِ من الوِرْدِ. يقال: صَدَرَ يَصْدُرُ صُدُوراً و صَدَراً؛ يعني أَنه يُخْسَفُ بهم جميعهم فَيَهْلكون بأَسْرِهم خِيارهم و شِرارهم، ثم يَصْدُرون بعد الهَلَكَة مَصادِرَ متفرِّقة على قدْر أَعمالهم و نِيَّاتِهم، ف فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. و
في الحديث: لِلْمُهاجِرِ إِقامَةُ ثلاثٍ بعد الصَّدَر.
؛ يعني بمكة بعد أَن يقضي نُسُكَه. و
في الحديث: كانت له رَكْوة تسمَّى الصادِرَ.
؛ سمِّيت به لأَنه يُصْدَرُ عنها بالرِّيّ؛ و منه: فأَصْدَرْنا رِكابَنَا أَي صُرِفْنا رِواءً فلم نحتج إِلى المُقام بها للماء. و ما له صادِرٌ و لا وارِدٌ أَي ما له شي‏ء. و قال اللحياني: ما لَهُ شي‏ء و لا قوْم. و طريق صادِرٌ: معناه أَنه يَصْدُر بِأَهْله عن الماء. و وارِدٌ: يَرِدُهُ بِهم؛ قال لبيد يذكر ناقَتَيْن:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ             صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاهُ قد مَثَلْ‏

أَراد في طريق يُورد فيه و يُصْدَر عن الماء فيه. و الوَهْمُ: الضَّخْمُ، و قيل: الصَّدَرُ عن كل شي‏ء الرُّجُوع. الليث: الصَّدَرُ الانصراف عن الوِرْد و عن كل أَمر. يقال: صَدَرُوا و أَصْدَرْناهم. و يقال للذي يَبْتَدِئُ أَمْراً ثم لا يُتِمُّه: فُلان يُورِد و لا يُصْدِر، فإِذا أَتَمَّهُ قيل: أَوْرَدَ و أَصْدَرَ. قال‏

448
لسان العرب4

صدر ص 445

أَبو عبيد: صَدَرْتُ عن البِلاد و عن الماء صَدَراً، هو الاسم، فإِذا أَردت المصدر جزمت الدال؛ و أَنشد لابن مقبل:
و ليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها             صَدْرَ المطِيَّة حتى تعرف السَّدَفا

قال ابن سيدة: و هذا منه عِيٌّ و اختلاط، و قد وَضَعَ منه بهذه المقالة في خطبة كتابِه المحكَم فقال: و هل أَوحَشُ من هذه العبارة أَو أَفحشُ من هذه الإِشارة؟ الجوهري: الصَّدْرُ، بالتسكين، المصدر، و قوله صَدْرَ المطِيَّة مصدر من قولك صَدَرَ يَصْدُرُ صَدْراً. قال ابن بري: الذي رواه أَبو عمرو الشيباني السَّدَف، قال: و هو الصحيح، و غيره يرويه السُّدَف جمع سُدْفَة، قال: و المشهور في شعر ابن مقبل ما رواه أَبو عمرو، و الله أَعلم. و الصَّدَر: اليوم الرابع من أَيام النحر لأَن الناس يَصْدُرون فيه عن مكة إِلى أَماكنهم. و تركته على مِثْل ليلة الصَّدَر أَي لا شي‏ء له. و الصَّدَر: اسم لجمع صادر؛ قال أَبو ذؤيب:
بِأَطْيَبَ منها، إِذا ما النُّجُومُ             أَعْتَقْنَ مثلَ هَوَادِي الصَّدَرْ

و الأَصْدَرَانِ: عِرْقان يضربان تحت الصُّدْغَيْنِ، لا يفرد لهما واحد. و جاء يضرِب أَصْدَرَيْه إِذا جاء فارِغاً، يعنى عِطْفَيْهِ، و يُرْوَى أَسْدَرَيْهِ، بالسين، و روى أَبو حاتم: جاء فلان يضرب أَصْدَرَيْهِ و أَزْدَرَيهِ أَي جاء فارغاً، قال: و لم يدر ما أَصله؛ قال أَبو حاتم: قال بعضهم أَصْدَراهُ و أَزْدَراهُ و أَصْدغاهُ و لم يعرِف شيئاً منهنَّ. و
في حديث الحسَن: يضرب أَصْدَرَيْه.
أَي منكِبيه، و يروى بالزاي و السين. و قوله تعالى: حَتَّى يَصْدُرَ الرِّعاءُ؛ أَي يرجعوا من سَقْيِهم، و من قرأَ يُصْدِرَ
 أَراد يردّون. مواشِيَهُمْ. و قوله عز و جل: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً
؛ أَي يرجعون. يقال: صَدَرَ القوم عن المكان أَي رَجَعُوا عنه، و صَدَرُوا إِلى المكان صاروا إِليه؛ قال: قال ذلك ابن عرفة. و الوارِدُ: الجائِي، و الصَّادِرُ: المنصرف. التهذيب: قال الليث: المَصْدَرُ أَصل الكلمة التي تَصْدُرُ عنها صَوادِرُ الأَفعال، و تفسيره أَن المصادر كانت أَول الكلام، كقولك الذّهاب و السَّمْع و الحِفْظ، و إِنما صَدَرَتِ الأَفعال عنها، فيقال: ذهب ذهاباً و سمِع سَمْعاً و سَمَاعاً و حَفِظ حِفْظاً؛ قال ابن كيسان: اعلم أَن المصدر المنصوب بالفعل الذي اشتُقَّ منه مفعولٌ و هو توكيد للفعل، و ذلك نحو قمت قِياماً و ضربته ضَرْباً إِنما كررته «3». و في قمتُ دليلٌ لتوكيد خبرك على أَحد وجهين: أَحدهما أَنك خِفْت أَن يكون من تُخاطِبه لم يَفهم عنك أَوَّلَ كلامك، غير أَنه علم أَنك قلت فعلت فعلًا، فقلتَ فعلتُ فِعلًا لتردِّد اللفظ الذي بدأْت به مكرَّراً عليه ليكون أَثبت عنده من سماعه مرَّة واحدة، و الوجه الآخر أَن تكون أَردت أَن تؤكد خَبَرَكَ عند مَنْ تخاطبه بأَنك لم تقل قمتُ و أَنت تريد غير ذلك، فردَّدته لتوكيد أَنك قلتَه على حقيقته، قال: فإِذا وصفته بصفة لو عرَّفته دنا من المفعول به لأَن فعلته نوعاً من أَنواع مختلفة خصصته بالتعريف، كقولك قلت قولًا حسناً و قمت القيام الذي وَعَدْتك. و صادِرٌ: موضع؛ و كذلك بُرْقَةُ صادر؛ قال النابغة:
لقدْ قلتُ للنُّعمان، حِينَ لَقِيتُه             يُريدُ بَنِي حُنٍّ بِبُرْقَةِ صادِرِ

__________________________________________________
 (3). قوله: [إِنما كررته إِلى قوله و صادر موضع‏] هكذا في الأَصل.

449
لسان العرب4

صدر ص 445

و صادِرَة: اسم سِدْرَة معروفة: و مُصْدِرٌ: من أَسماء جُمادَى الأُولى؛ قال ابن سيدة: أُراها عادِيَّة.
صرر:
الصِّرُّ، بالكسر، و الصِّرَّةُ: شدَّة البَرْدِ، و قيل: هو البَرْد عامَّة؛ حكِيَتِ الأَخيرة عن ثعلب. و قال الليث: الصِّرُّ البرد الذي يضرب النَّبات و يحسِّنه. و
في الحديث: أَنه نهى عما قتله الصِّرُّ من الجراد.
أَي البَرْد. و رِيحٌ صِرُّ و صَرْصَرٌ: شديدة البَرْدِ، و قيل: شديدة الصَّوْت. الزجاج في قوله تعالى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
؛ قال: الصِّرُّ و الصِّرَّة شدة البرد، قال: و صَرْصَرٌ متكرر فيها الراء، كما يقال: قَلْقَلْتُ الشي‏ء و أَقْلَلْتُه إِذا رفعته من مكانه، و ليس فيه دليل تكرير، و كذلك صَرْصَرَ و صَرَّ و صَلْصَلَ و صَلَّ، إِذا سمعت صوْت الصَّرِيرِ غير مُكَرَّرٍ قلت: صَرَّ و صَلَّ، فإِذا أَردت أَن الصوت تَكَرَّر قلت: قد صَلْصَلَ و صَرْصَرَ. قال الأَزهري: و قوله: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
؛ أَي شديد البَرْد جدّاً. و قال ابن السكيت: ريح صَرْصَرٌ فيه قولان: يقال أَصلها صَرَّرٌ من الصِّرّ، و هو البَرْد، فأَبدلوا مكان الراءِ الوسطى فاء الفعل، كما قالوا تَجَفْجَفَ الثوبُ و كَبْكَبُوا، و أَصله تجفَّف و كَبَّبُوا؛ و يقال هو من صَرير الباب و من الصَّرَّة، و هي الضَّجَّة، قال عز و جل: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ
؛ قال المفسرون: في ضَجَّة و صَيْحَة؛ و قال إمرؤ القيس:
جَوَاحِرُها في صَرَّة لم تَزَيَّلِ‏
فقيل: في صَرَّة في جماعة لم تتفرَّق، يعني في تفسير البيت. و قال ابن الأَنباري في قوله تعالى: كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ
، قال: فيها ثلاثة أَقوال: أَحدها فِيها صِرٌّ
 أَي بَرْد، و الثاني فيها تَصْوِيت و حَرَكة، و
روي عن ابن عباس قول آخر فِيها صِرٌّ
، قال: فيها نار.
و صُرَّ النباتُ: أَصابه الصِّرُّ. و صَرَّ يَصِرُّ صَرّاً و صَرِيراً و صَرْصَرَ: صوَّت و صاح اشدَّ الصياح. و قوله تعالى: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها
؛ قال الزجاج: الصَّرَّة أَشدُّ الصياح تكون في الطائر و الإِنسان و غيرهما؛ قال جرير يَرْثِي ابنه سَوادَة:
قَالُوا: نَصِيبكَ من أَجْرٍ، فقلت لهم:             من لِلْعَرِينِ إِذا فارَقْتُ أَشْبالي؟
فارَقْتَني حِينَ كَفَّ الدهرُ من بَصَرِي،             و حين صِرْتُ كعَظْم الرِّمَّة البالي‏
ذاكُمْ سَوادَةُ يَجْلُو مُقْلَتَيْ لَحِمٍ،             بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ العالي‏

و جاء في صَرَّةٍ، و جاء يَصْطَرُّ. قال ثعلب: قيل لامرأَة: أَيُّ النساء أَبغض إِليك؟ فقالت: التي إِنْ صَخِبَتْ صَرْصَرَتْ. و صَرَّ صِمَاخُهُ صَرِيراً: صَوَّت من العَطَش. و صَرصَرَ الطائرُ: صَوَّت؛ و خصَّ بعضهم به البازِيَ و الصَّقْر. و
في حديث جعفر ابن محمد: اطَّلَعَ عليَّ ابن الحسين و أَنا أَنْتِفُ صَرّاً.
؛ هو عُصْفُور أَو طائر في قدِّه أَصْفَرُ اللَّوْن، سمِّي بصوْته. يقال: صَرَّ العُصْفُور يَصِرُّ إِذا صاح. و صَرَّ الجُنْدُب يَصِرُّ صَرِيراً و صَرَّ الباب يَصِرُّ. و كل صوت شِبْهُ ذلك، فهو صَرِيرٌ إِذا امتدَّ، فإِذا كان فيه تخفيف و ترجِيع في إِعادَة ضُوعِف، كقولك صَرْصَرَ الأَخَطَبُ صَرْصَرَةً، كأَنهم قَدَّرُوا في صوْت الجُنْدُب المَدّ، و في صَوْت الأَخْطَب التَّرْجِيع فَحكَوْه على ذلك، و كذلك الصَّقْر و البازي؛ و أَنشد الأَصمعي بَيْتَ جرير يَرْثِي ابنه‏

450
لسان العرب4

صرر ص 450

سَوادَة:
بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ العالي‏
ابن السكِّيت: صَرَّ المَحْمِلُ يَصِرُّ صَرِيراً، و الصَّقرُ يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً؛ و صرَّت أُذُنِي صَريراً إذا سمعت لها دَوِيّاً. و صَرَّ القلمُ و الباب يَصِرُّ صَرِيراً أَي صوَّت. و
في الحديث: أَنه كان يخطُب إِلى حِذْعٍ ثم اتَّخَذ المِنْبَرَ فاصْطَرَّت السَّارِية.
؛ أَي صوَّتت و حنَّت، و هو افْتَعَلَتْ من الصَّرِير، فقُلِبت التَّاء طاءً لأَجل الصاد. و دِرْهَمٌ صَرِّيٌّ و صِرِّيٌّ: له صوْت و صَرِيرٌ إِذا نُقِرَ، و كذلك الدِّينار، و خصَّ بعضهم به الجَحْدَ و لم يستعمله فيما سواه. ابن الأَعرابي: ما لفلان صِرٌّ أَي ما عنده درْهم و لا دينار، يقال ذلك في النَّفْي خاصة. و قال خالد بن جَنبَة: يقال للدِّرْهم صَرِّيٌّ، و ما ترك صَرِّياً إِلَّا قَبَضه، و لم يثنِّه و لم يجمعه. و الصَّرَّةُ: الضَّجَّة و الصَّيْحَةُ. و الصَّرُّ: الصِّياح و الجَلَبة. و الصَّرَّة: الجماعة. و الصَّرَّة: الشِّدة من الكْرب و الحرْب و غيرهما؛ و قد فسر قول إمرئ القيس:
فأَلْحَقَنَا بالهَادِياتِ، و دُونَهُ             جَواحِرُها، في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ‏

فُسِّرَ بالجماعة و بالشدَّة من الكرْب، و قيل في تفسيره: يحتمل الوجوه الثلاثة المتقدِّمة قبله. و صَرَّة القَيْظِ: شدَّته و شدَّةُ حَرِّه. و الصَّرَّة: العَطْفة. و الصَّارَّة: العَطَشُ، و جمعه صَرَائِرُ نادر؛ قال ذو الرمة:
فانْصاعَت الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها،             و قد نَشَحْنَ، فلا ريٌّ و لا هِيمُ‏

ابن الأَعرابي: صَرَّ يَصِرُّ إِذا عَطِشَ و صَرَّ يَصُرُّ إِذا جَمَعَ. و يقال: قَصَعَ الحِمار صارَّته إِذا شرب الماء فذهَب عَطَشه، و جمعُها صَرائِر، «1». و أَنشد بيت ذي الرمة أَيضاً: [لم تَقْصَعْ صَرائِرَها] قال: و عِيب ذلك على أَبي عمرو، و قيل: إِنما الصَّرائرُ جمع صَرِيرة، قال: و أَما الصَّارَّةُ فجمعها صَوارّ. و الصِّرار: الخيط الذي تُشَدُّ به التَّوادِي على أَطراف الناقة و تُذَيَّرُ الأَطباءُ بالبَعَر الرَّطْب لئلَّا يُؤَثِّرَ الصِّرارُ فيها. الجوهري: و صَرَرْتُ الناقة شددت عليها الصِّرار، و هو خيط يُشَدُّ فوق الخِلْف لِئلَّا يرضعَها ولدها. و
في الحديث: لا يَحِلُّ لرجل يُؤمن بالله و اليوم الآخر أَن يَحُلَّ صِرَارَ ناقةٍ بغير إِذْنِ صاحبها فإِنه خاتَمُ أَهْلِها.
قال ابن الأَثير: من عادة العرب أَن تَصُرَّ ضُرُوعَ الحَلُوبات إِذا أَرسلوها إِلى المَرْعَى سارِحَة، و يسمُّون ذلك الرِّباطَ صِراراً، فإِذا راحَتْ عَشِيّاً حُلَّت تلك الأَصِرَّة و حُلِبَتْ، فهي مَصْرُورة و مُصَرَّرة؛ و منه‏
حديث مالك بن نُوَيْرَةَ حين جَمَعَ بَنُو يَرْبُوَع صَدَقاتهم ليُوَجِّهوا بها إِلى أَبي بكر، رضي الله عنه، فمنعَهم من ذلك و قال:
و قُلْتُ: خُذُوها هذِه صَدَقاتكُمْ             مُصَرَّرَة أَخلافها لم تُحَرَّدِ
سأَجْعَلُ نفسي دُونَ ما تَحْذَرُونه،             و أَرْهَنُكُمْ يَوْماً بما قُلْتُهُ يَدِي.

قال: و على هذا المعنى تأَوَّلُوا قولَ الشافعي فيما ذَهب إِليه من أَمْرِ المُصَرَّاة. و صَرَّ الناقة يَصُرُّها صَرّاً و صَرَّ بها: شدَّ ضَرْعَها. و الصِّرارُ: ما يُشدُّ به، و الجمع أَصِرَّة؛ قال:
__________________________________________________
 (1). قوله: [و جمعها صرائر] عبارة الصحاح: قال أَبو عمرو و جمعها صرائر إلخ و به يتضح قوله بعد: و عيب ذلك على أَبي عمرو.

451
لسان العرب4

صرر ص 450

إِذا اللَّقاح غَدَتْ مُلْقًى أَصِرَّتُها،             و لا كَريمَ من الوِلْدانِ مَصْبُوحُ‏
و رَدَّ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمَةً،             في الرأْس منها و في الأَصْلاد تَمْلِيحُ‏

و رواية سيبويه في ذلك:
و رَدَّ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمة،             و لا كريمَ من الوِلْدَان مَصْبُوح‏

و الصَّرَّةُ: الشاة المُصَرَّاة. و المُصَرَّاة: المُحَفَّلَة على تحويل التضعيف. و ناقةٌ مُصِرَّةٌ: لا تَدِرُّ؛ قال أُسامة الهذلي:
أَقرَّتْ على حُولٍ عَسُوس مُصِرَّة،             و رَاهَقَ أَخْلافَ السَّدِيسِ بُزُولُها

و الصُّرَّة: شَرَجْ الدَّراهم و الدنانير، و قد صَرَّها صَرّاً. غيره: الصُّرَّة صُرَّة الدراهم و غيرها معروفة. و صَرَرْت الصُّرَّة: شددتها. و
في الحديث: أَنه قال لجبريل، عليه السلام: تأْتِيني و أَنت صارٌّ بين عَيْنَيْك.
؛ أَي مُقَبِّض جامعٌ بينهما كما يفعل الحَزِين. و أَصل الصَّرِّ: الجمع و الشدُّ. و
في حديث عمران بن حصين: تَكاد تَنْصَرُّ من المِلْ‏ءِ.
كأَنه من صَرَرْته إِذا شَدَدْته؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في بعض الطرق، و المعروف تنضرج أَي تنشقُّ. و
في الحديث: أَنه قال لِخَصْمَيْنِ تقدَّما إِليه: أَخرِجا ما تُصَرّرانه من الكلام.
أَي ما تُجَمِّعانِه في صُدُوركما. و كلُّ شي‏ء جمعته، فقد، صَرَرْته؛ و منه قيل للأَسير: مَصْرُور لأَن يَدَيْه جُمِعتَا إِلى عُنقه؛
و لمَّا بعث عبد الله بن عامر إِلى ابن عمر بأَسيرِ قد جُمعت يداه إِلى عُنقه لِيَقْتُلَه قال: أَمَّا و هو مَصْرُورٌ فَلا.
و صَرَّ الفرسُ و الحمار بأُذُنِه يَصُرُّ صَرّاً و صَرَّها و أَصَرَّ بها: سَوَّاها و نَصَبها لِلاستماع. ابن السكيت: يقال صَرَّ الفرس أُذنيه ضَمَّها إِلى رأْسه، فإِذا لم يُوقِعوا قالوا: أَصَرَّ الفرس، بالأَلف، و ذلك إِذا جمع أُذنيه و عزم على الشَّدِّ؛ و في حديث سَطِيح:
أَزْرَقُ مُهْمَى النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ‏
صَرَّ أُذُنه و صَرَّرها أَي نَصَبها و سوَّاها؛ و جاءت الخيلُ مُصِرَّة آذانَها أَي محدِّدة آذانَها رافعةً لها و إِنما تَصُرُّ آذانها إِذا جَدَّت في السير. ابن شميل: أَصَرَّ الزرعُ إِصراراً إِذا خَرَج أَطراف السَّفاءِ قبل أَن يخلُص سنبله، فإِذا خَلُص سُنْبُلُه قيل: قد أَسْبَل؛ و قال في موضع آخر: يكون الزرع صَرَراً حين يَلْتَوي الورَق و يَيْبَس طرَف السُّنْبُل، و إِن لم يخرُج فيه القَمْح. و الصَّرَر: السُّنْبُل بعد ما يُقَصِّب و قبل أَن يظهر؛ و قال أَبو حنيفة: هو السُّنْبُل ما لم يخرج فيه القمح، واحدته صَرَرَة، و قد أَصَرَّ. و أَصَرَّ يعْدُو إِذا أَسرع بعض الإِسراع، و رواه أَبو عبيد أَضَرَّ، بالضاد، و زعم الطوسي أَنه تصحيف. و أَصَرَّ على الأَمر: عَزَم. و هو مني صِرِّي و أَصِرِّي و صِرَّي و أَصِرَّي و صُرَّي و صُرَّى أَي عَزِيمة و جِدٌّ. و قال أَبو زيد: إِنها مِنِّي لأَصِرِّي أَي لحَقِيقَة؛ و أَنشد أَبو مالك:
قد عَلِمَتْ ذاتُ الثَّنايا الغُرِّ،             أَن النَّدَى مِنْ شِيمَتي أَصِرِّي‏

أَي حَقِيقة. و قال أَبو السَّمَّال الأَسَدِي حين ضلَّت ناقته: اللهم إِن لم تردَّها عَلَيَّ فلم أُصَلِّ لك صلاةً، فوجَدَها عن قريب فقال: عَلِمَ الله أَنها مِنِّي صِرَّى أَي عَزْم عليه. و قال ابن السكيت: إِنها عَزِيمة مَحْتُومة، قال: و هي مشتقة من أَصْرَرْت على الشي‏ء إِذا أَقمتَ و دُمْت عليه؛ و منه قوله تعالى: وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‏
. و قال‏

452
لسان العرب4

صرر ص 450

أَبو الهيثم: أَصِرِّي أَي اعْزِمِي، كأَنه يُخاطِب نفسَه، من قولك: أَصَرَّ على فعله يُصِرُّ إِصْراراً إِذا عَزَم على أَن يمضي فيه و لا يرجِع. و في الصحاح: قال أَبو سَمَّال الأَسَدِي و قد ضَلَّت ناقتُه: أَيْمُنُكَ لَئِنْ لم تَرُدَّها عَلَيَّ لا عَبَدْتُك فأَصاب ناقتَه و قد تعلَّق زِمامُها بِعَوْسَجَةٍ فأَخذها و قال: عَلِمَ رَبِّي أَنَّها مِنِّي صِرَّى. و قد يقال: كانت هذه الفَعْلَة مِنِّي أَصِرِّي أَي عَزِيمة، ثم جعلت الياء أَلفاً، كما قالوا: بأَبي أَنت، و بأَبا أَنت؛ و كذلك صِرِّي و صِرَّى على أَن يُحذف الأَلفُ من إِصِرَّى لا على أَنها لغة صَرَرْتُ على الشي‏ء و أَصْرَرْتُ. و قال الفراء: الأَصل في قولهم كانت مِنِّي صِرِّي و أَصِرِّي أَي أَمر، فلما أَرادوا أَن يُغَيِّرُوه عن مذهب الفعل حَوَّلُوا ياءه أَلفاً فقالوا: صِرَّى و أَصِرَّى، كما قالوا: نُهِيَ عن قِيلَ [قِيلٍ‏] و قَالَ [قَالٍ‏]، و قال: أُخْرِجَتا من نِيَّةِ الفعل إِلى الأَسماء. قال: و سمعت العرب تقول أَعْيَيْتَني من شُبَّ إِلى دُبَّ، و يخفض فيقال: من شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ و معناه فَعَل ذلك مُذْ كان صغيراً إِلى أَنْ دَبَّ كبيراً و أَصَرَّ على الذنب لم يُقْلِعْ عنه. و
في الحديث: ما أَصَرَّ من استغفر.
أَصرَّ على الشي‏ء يُصِرُّ إِصْراراً إِذا لزمه و دَاوَمه و ثبت عليه، و أَكثر ما يستعمل في الشرِّ و الذنوب، يعني من أَتبع الذنب الاستغفار فليس بِمُصِرٍّ عليه و إِن تكرَّر منه. و
في الحديث: ويلٌ لِلْمُصِرِّين الذين يُصِرُّون على ما فعلوه و هم يعلمون.
و صخرة صَرَّاء: مَلْساء. و رجلٌ صَرُورٌ و صَرُورَة: لم يَحُجَّ قَطُّ، و هو المعروف في الكلام، و أَصله من الصَّرِّ الحبسِ و المنعِ، و قد قالوا في هذا المعنى: صَرُوريٌّ و صَارُورِيُّ، فإِذا قلت ذلك ثَنَّيت و جمعت و أَنَّثْت؛ و قال ابن الأَعرابي: كل ذلك من أَوله إِلى آخره مثنًّى مجموع، كانت فيه ياء النسب أَو لم تكن، و قيل: رجل صَارُورَة و صارُورٌ لم يَحُجَّ، و قيل: لم يتزوَّج، الواحد و الجمع في ذلك سواء، و كذلك المؤنث. و الصَّرُورة في شعر النَّابِغة: الذي لم يأْت النساء كأَنه أَصَرَّ على تركهنَّ. و
في الحديث: لا صَرُورَة في الإِسلام.
و قال اللحياني: رجل صَرُورَة لا يقال إِلا بالهاء؛ قال ابن جني: رجل صَرُورَة و امرأَة صرورة، ليست الهاء لتأْنيث الموصوف بما هي فيه و إنما لحقت لإِعْلام السامع أَن هذا الموصوف بما هي فيه و قد بلغ الغاية و النهاية، فجعل تأْنيث الصفة أَمارَةً لما أُريد من تأْنيث الغاية و المبالغة. و قال الفراء عن بعض العرب: قال رأَيت أَقواماً صَرَاراً، بالفتح، واحدُهم صَرَارَة، و قال بعضهم: قوم صَوَارِيرُ جمع صَارُورَة، قال و من قال صَرُورِيُّ و صَارُورِيٌّ ثنَّى و جمع و أَنَّث، و فسَّر أَبو عبيد
قوله، صلى الله عليه و سلم: لا صَرُوْرَة في الإِسلام.
؛ بأَنه التَّبَتُّل و تَرْكَ النكاح، فجعله اسماً للحَدَثِ؛ يقول: ليس ينبغي لأَحد أَن يقول لا أَتزوج، يقول: هذا ليس من أَخلاق المسلمين و هذا فعل الرُّهْبان؛ و هو معروف في كلام العرب؛ و منه قول النابغة:
لَوْ أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمَطَ راهِبٍ،             عَبَدَ الإِلهَ، صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ

يعني الراهب الذي قد ترك النساء. و قال ابن الأَثير في تفسير هذا الحديث: و قيل أَراد من قَتَل في الحرم قُتِلَ، و لا يقبَل منه أَن يقول: إِني صَرُورَة ما حَجَجْت و لا عرفت حُرْمة الحَرَم. قال: و كان الرجل في الجاهلية إِذا أَحدث حَدَثاً و لَجَأَ إِلى الكعبة لم يُهَجْ، فكان إِذا لِقيَه وليُّ الدَّمِ في الحَرَمِ قيل له: هو صَرُورةٌ و لا تَهِجْه. و حافرٌ مَصْرُورٌ و مُصْطَرٌّ: ضَيِّق مُتَقَبِّض.

453
لسان العرب4

صرر ص 450

و الأَرَحُّ: العَرِيضُ، و كلاهما عيب؛ و أَنشد:
لا رَحَحٌ فيه و لا اصْطِرارُ
و قال أَبو عبيد: اصْطَرَّ الحافِرُ اصْطِراراً إِذا كان فاحِشَ الضِّيقِ؛ و أَنشد لأَبي النجم العجلي:
بِكلِّ وَأْبِ للحَصَى رَضَّاحِ،             لَيْسَ بِمُصْطَرٍّ و لا فِرْشاحِ‏

أَي بكل حافِرٍ وأْبٍ مُقَعَّبٍ يَحْفِرُ الحَصَى لقوَّته ليس بضَيِّق و هو المُصْطَرُّ، و لا بِفِرْشاحٍ و هو الواسع الزائد على المعروف. و الصَّارَّةُ: الحاجةُ. قال أَبو عبيد: لَنا قِبَلَه صارَّةٌ، و جمعها صَوارُّ، و هي الحاجة. و شرب حتى ملأَ مصارَّه أَي أَمْعاءَه؛ حكاه أَبو حنيفة عن ابن الأَعرابي و لم يفسره بأَكثر من ذلك. و الصَّرارةُ: نهر يأْخذ من الفُراتِ. و الصَّرارِيُّ: المَلَّاحُ؛ قال القطامي:
في ذي جُلُولٍ يِقَضِّي المَوْتَ صاحِبُه،             إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهْوالِه ارْتَسَما

أَي كَبَّرَ، و الجمع صرارِيُّونَ و لا يُكَسَّرُ؛ قال العجاج:
جَذْبَ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ
و يقال للمَلَّاح: الصَّارِي مثل القاضِي، و سنذكره في المعتلّ. قال ابن بري: كان حَقُّ صرارِيّ أَن يذكر في فصل صَري المعتلّ اللام لأَن الواحد عندهم صارٍ، و جمعه صُرّاء و جمع صُرّاءٍ صَرارِيُّ؛ قال: و قد ذكر الجوهري في فصل صري أَنّ الصارِيّ المَلَّاحُ، و جمعه صُرّاءٌ. قال ابن دريد: و يقال للملاح صارٍ، و الجمع صُرّاء، و كان أَبو علي يقول: صُرّاءٌ واحد مثل حُسَّانٍ للحَسَنِ، و جمعه صَرارِيُّ؛ و احتج بقول الفرزدق:
أَ شارِبُ خَمْرةٍ، و خَدينُ زِيرٍ،             و صُرّاءٌ، لفَسْوَتِه بُخَار؟

قال: و لا حجة لأَبي عليّ في هذا البيت لأَن الصَّرَارِيّ الذي هو عنده جمع بدليل قول المسيب بن عَلَس يصف غائصاً أَصاب درة، و هو:
و تَرَى الصَّرارِي يَسْجُدُونَ لها،             و يَضُمُّها بَيَدَيْهِ للنَّحْرِ

و قد استعمله الفرزدق للواحد فقال:
تَرَى الصَّرارِيَّ و الأَمْواجُ تَضْرِبُه،             لَوْ يَسْتَطِيعُ إِلى بَرِّيّةٍ عَبَرا

و كذلك قول خلف بن جميل الطهوي:
تَرَى الصَّرارِيَّ في غَبْرَاءَ مُظْلِمةٍ             تَعْلُوه طَوْراً، و يَعْلُو فَوْقَها تِيَرَا

قال: و لهذا السبب جعل الجوهري الصَّرارِيَّ واحداً لما رآه في أَشعار العرب يخبر عنه كما يخبر عن الواحد الذي هو الصَّارِي، فظن أَن الياء فيه للنسبة كأَنه منسوب إِلى صَرارٍ مثل حَواريّ منسوب إِلى حوارٍ، و حَوارِيُّ الرجل: خاصَّتُه، و هو واحد لا جَمْعٌ، و يدلك على أَنَّ الجوهري لَحَظَ هذا المعنى كونُه جعله في فصل صرر، فلو لم تكن الياء للنسب عنده لم يدخله في هذا الفصل، قال: و صواب إِنشاد بيت العجاج: جَذْبُ برفع الباء لأَنه فاعل لفعل في بيت قبله، و هو
لَأْياً يُثانِيهِ، عَنِ الحُؤُورِ،             جَذْبُ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ

اللأْيُ: البُطْءُ، أَي بَعْدَ بُطْءٍ أَي يَثْني هذا القُرْقورَ عن الحُؤُور جَذْبُ المَلَّاحينَ بالكُرُورِ، و الكُرورُ جمع كَرٍّ، و هو حبْلُ السَّفِينة الذي يكون في‏

454
لسان العرب4

صرر ص 450

الشِّراعِ قال: و قال ابن حمزة: واحدها كُرّ بضم الكاف لا غير. و الصَّرُّ: الدَّلْوُ تَسْتَرْخِي فَتُصَرُّ أَي تُشَدّ و تُسْمَع بالمِسْمَعِ، و هي عروة في داخل الدلو بإِزائها عروة أُخرى؛ و أَنشد في ذلك:
إِنْ كانتِ امَّا امَّصَرَتْ فَصُرَّها،             إِنَّ امِّصارَ الدَّلْوِ لا يَضُرُّها

و الصَّرَّةُ: تَقْطِيبُ الوَجْهِ من الكَراهة. و الصِّرارُ: الأَماكِنُ المرْتَفِعَةُ لا يعلوها الماء. و صِرارٌ: اسم جبل؛ و قال جرير:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ لا يُزايِلُ لُؤْمَه،             حتى يَزُولَ عَنِ الطَّرِيقِ صِرارُ

و
في الحديث: حتى أَتينا صِراراً.
؛ قال ابن الأَثير: هي بئر قديمة على ثلاثة أَميال من المدينة من طريق العِراقِ، و قيل: موضع. و يقال: صارَّه على الشي‏ء أَكرهه. و الصَّرَّةُ، بفتح الصاد: خرزة تُؤَخِّذُ بها النساءُ الرجالَ؛ هذه عن اللحياني. و صَرَّرَتِ الناقةُ: تقدَّمتْ؛ عن أَبي ليلى؛ قال ذو الرمة:
إِذا ما تأَرَّتنا المَراسِيلُ، صَرَّرَتْ             أَبُوض النَّسَا قَوَّادة أَيْنُقَ الرَّكْبِ «2».

و صِرِّينُ: موضع؛ قال الأَخطل:
إِلى هاجِسٍ مِنْ آل ظَمْياءَ، و التي             أَتى دُونها بابٌ بِصِرِّين مُقْفَلُ‏

و الصَّرْصَرُ و الصُّرْصُرُ و الصُّرْصُور مثل الجُرْجور: و هي العِظام من الإِبل. و الصُّرْصُورُ: البُخْتِيُّ من الإِبل أَو ولده، و السين لغة. ابن الأَعرابي: الصُّرْصُور الفَحْل النَّجِيب من الإِبل. و يقال للسَّفِينة: القُرْقور و الصُّرْصور. و الصَّرْصَرانِيَّة من الإِبل: التي بين البَخاتيِّ و العِراب، و قيل: هي الفَوالِجُ. و الصَّرْصَرانُ: إِبِل نَبَطِيَّة يقال لها الصَّرْصَرانيَّات. الجوهري: الصَّرْصَرانِيُّ واحدُ الصَّرْصَرانِيَّات، و هي الإِبِل بين البَخاتيّ و العِراب. و الصَّرْصَرانُ و الصَّرْصَرانيُّ: ضرب من سَمَك البحر أَمْلَس الجِلْد ضَخْم؛ و أَنشد:
مَرَّتْ كظَهْرِ الصَّرْصَرانِ الأَدْخَنِ‏

و الصَّرْصَرُ: دُوَيْبَّة تحت الأَرض تَصِرُّ أَيام الربيع. و صَرَّار الليل: الجُدْجُدُ، و هو أَكبرُ من الجنْدُب، و بعض العرب يُسَمِّيه الصَّدَى. و صَرْصَر: اسم نهر بالعراق. و الصَّراصِرَةُ: نَبَطُ الشام. التهذيب في النوادر: كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلَة و حَبْكَرتُه حَبْكَرَة و دَبْكَلْتُه دَبْكَلَةً و حَبْحَبْتُه و زَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً و صَرْصرتُه و كَرْكَرْتُه إِذا جمعتَه و رَدَدْت أَطراف ما انتَشَرَ منه، و كذلك كَبْكَبْتُه.
صطر:
التهذيب: الكسائي المُصْطارُ الخَمْر الحامِض؛ قال الأَزهري: ليس المُصْطار من المُضاعَف، و قال في موضع آخر: هو بتخفيف الراء، و هي لغة رومِيَّة؛ قال الأَخطل يصف الخمر:
تَدْمَى، إِذا طَعَنُوا فيها بِجَائفَة             فَوْقَ الزُّجاج، عَتِيقٌ غير مُصْطارِ

و قال: المُصْطار الحدِيثة المُتَغَيِّرَةُ الطعم و الريح. قال الأَزهري: و المُصْطار من أَسماء الخمر التي اعْتُصِرَت من أَبكار العِنَب حَدِيثاً، بِلُغة أَهل الشام؛ قال: و أُراه رُومِيّاً لأَنه لا يُشْبه أَبنية كلام العرب. قال: و يقال المُسْطارُ، بالسين، و هكذا
__________________________________________________
 (2). قوله: [تأرتنا المراسيلُ‏] هكذا في الأَصل.

455
لسان العرب4

صطر ص 455

رواه أَبو عبيد في باب الخمر و قال: هو الحامِض منه. قال الأَزهري: المُصْطار أَظنه مُفْتَعلًا من صار، قلبت التاء طاء. قال و جاء المُصْطارُ في شعر عَدِيّ ابن الرقاع في نعت الخمر في موضعين، بتخفيف الراء، قال: و كذلك وجدته مقيَّداً في كتاب الإِيادِي المَقْرُوِّ على شمر. ابن سيدة في ترجمة سطر: السَّطْر العَتود من المَعَزِ، و الصاد لغة، و قرئ: و زاده بصْطَةً و مُصَيْطِر، بالصاد و السين، و أَصل صاده سين قلبت مع الطاء صاداً لقرب مَخارجها.
صعر:
الصَّعَر: مَيَلٌ في الوَجْهِ، و قيل: الصَّعَرُ المَيَل في الخدِّ خاصة، و ربما كان خِلْقة في الإِنسان و الظَّليم، و قيل: هو مَيَلٌ في العُنُق و انْقِلاب في الوجه إِلى أَحد الشقَّين. و قد صَعَّرَ خَدَّه و صاعَرَه: أَمالهُ من الكِبْرِ؛ قال المُتَلَمِّس و اسمه جَرير بن عبد المسيح:
و كُنَّا إِذا الجبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ،             أَقَمْنا لَهُ من مَيلِهِ فَتَقَوَّما

يقول: إِذا أَمال متكبِّرٌ خدَّه أَذْلَلْناهُ حتى يتقوَّم مَيْلُه، و قيل: الصَّعَرُ داءٌ يأْخذ البعير فيَلْوِي منه عُنُقَه و يُميلُه، صَعِرَ صَعَراً، و هو أَصْعَر؛ قال أَبو دَهْبَل: أَنشده أَبو عمرو بن العلاء:
و تَرَى لهَا دَلًّا إِذا نَطَقَتْ،             تَرَكَتْ بَناتِ فؤادِه صُعْرا

و قول أَبي ذؤيب:
فَهُنَّ صُعْرٌ إِلى هَدْرِ الفَنِيقِ و لم             يُجْرَ، و لم يُسْلِهِ عَنْهُنَّ إِلقاحُ‏

عدَّاه بإِلى لأَنه في معنى مَوائِلَ، كأَنه قال: فَهُنَّ مَوائِلُ إِلى هَدْر الفَنيق. و يقال: أَصاب البعيرَ صَعَرٌ و صَيَدٌ أَي أَصابه دَاءٌ يَلْوي منه عُنُقه. و يقال للمتكبِّر: فيه صَعَرٌ وَ صَيَدٌ. ابن الأَعرابي: الصَّعَر و الصَّعَلُ صِغَرُ الرأْس. و الصَّعَرُ: التَّكَبُّرُ. و
في الحديث: كلُّ صَعَّارٍ مَلْعون.
؛ أَي كل ذي كِبْرٍ و أُبَّهَةٍ، و قيل: الصَّعَّارُ المتكبر لأَنه يَمِيل بِخَدِّه و يُعْرِض عن الناس بوجهه، و يروى بالقاف بدل العين، و بالضاد المعجمة و الفاء و الزاي، و سيذكر في موضعه. و في التنزيل: وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ‏
، و قرئ: و لا تُصاعِرْ؛ قال الفراء: معناهما الإِعراض من الكِبْرِ؛ و قال أَبو إِسحاق: معناه لا تُعْرِض عن الناس تكبُّراً، و مجازُه لا تلزم خدَّك الصَّعَر. و أَصْعَره: كصَعَّرَه. و التَّصْعِيرُ: إِمالَةُ الخدِّ عن النظر إِلى الناس تَهاوُناً من كِبْرٍ كأَنه مُعرِضٌ. و
في الحديث: يأْتي على الناس زَمان ليس فيهم إِلَّا أَصْعَرُ أَو أَبْتَر.
؛ يعني رُذالة الناس الذين لا دين لهم، و قيل: ليس فيهم إِلا ذاهب بنفسه أَو ذَلِيل. و قال ابن الأَثير: الأَصْعَرُ المُعْرِض بوجهه كِبراً. و
في حديث عمَّار: لا يَلي الأَمْرَ بعدَ فلانٍ إِلا كلُّ أَصْعَر أَبْتَر.
أَي كلُّ مُعْرِض عن الحق ناقِص. و لأُقِيمَنَّ صَعَرك أَي مَيْلك، على المثَل. و
في حديث تَوْبَةِ كَعْب: فأَنا إِليه أَصْعَر.
أَي أَمِيل. و
في حديث الحجاج: أَنه كان أَصْعَرَ كُهاكِهاً.
؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
و مَحْشَك أَمْلِحِيه، و لا تُدَافي             على زَغَبٍ مُصَعَّرَةٍ صِغَارِ

قال: فيها صَعَرٌ من صِغَرها يعني مَيَلًا. و قَرَبٌ مُصْعَرٌّ: شديدٌ؛ قال:
و قَدْ قَرَبْنَ قَرَباً مُصْعَرًّا،             إِذا الهِدَانُ حارَ و اسْبَكَرَّا

456
لسان العرب4

صعر ص 456

و الصَّيْعَرِيَّةُ: اعْتِراضٌ في السَّير، و هو من الصَّعَرِ. و الصَّيْعَرِيَّةُ: سِمَة في عنق الناقة خاصَّة. و قال أَبو علي في التذكرة: الصَّيْعَرِيَّة وَسْم لأَهل اليَمن، لم يكن يُوسم إِلا النُّوق؛ قال و قول المُسَيَّب بن عَلَس:
و قد أَتَناسَى الهَمَّ عند احْتِضَارِه             بِناجٍ، عليه الصَّيْعَرِيَّة، مُكْدَم «1».

يدلُّ على أَنه قد يُوسَم بها الذُّكُور. و قال أَبو عبيد: الصَّيْعَريَّة سِمَة في عُنُق البعير، و لما سَمعَ طَرَفَةُ هذا البيت من المسيَّب قال له: اسْتَنْوَقَ الجمَلُ أَي أَنك كنتَ في صفة جَمل، فلما قلت الصَّيْعَرِيَّة عُدْت إِلى ما تُوصَف به النُّوق، يعني أَن الصَّيْعَرِيَّة سِمَة لا تكون إِلا للإِناث، و هي النُّوق. و أَحْمَرُ صَيْعَرِيٌّ: قانئٌ. و صَعْرَرَ الشي‏ءَ فَتَصَعْرَرَ: دَحْرَجَه فتَدَحْرَجَ و اسْتَدَارَ؛ قال الشاعر:
يَبْعَرْن مِثْل الفُلْفُلِ المُصَعْرَرِ
و قد صَعْرَرْت صُعْرُورَة، و الصُّعْرُورَةُ: دُحْرُوجَة الجُعَلِ يَجمَعُها فَيُدِيرُها و يدفعها، و قد صَعْرَرَها، و الجمع صَعارِير. و كلُّ حمل شجرة تكون مثلَ الأَبْهَلِ و الفُلْفُلِ و شِبْهِه مما فيه صَلابَةٌ، فهو صُعْرُورٌ، و هو الصَّعارِيرُ. و الصُّعْرُور: الصَّمْغُ الدَّقِيق الطويل الملْتَوِي، و قيل: هو الصَّمْغ عامَّة، و قيل: الصَّعارِير صمغ جامد يشبِه الأَصابِع، و قيل: الصُّعْرُور القِطعة من الصَّمْغ؛ قال أَبو حنيفة: الصُّعْرُورَة، بالهاء، الصَّمْغَة الصَّغيرة المُسْتَدِيرة؛ و أَنشد:
إِذا أَوْرَقَ العَبْسِيُّ جاعَ عِيالُه،             و لم يَجِدُوا إِلا الصَّعارِيرَ مَطْعَما

ذهَب بالعَبْسِيِّ مَجْرَى الجِنْس كأَنه قال: أَوْرَقَ العَبْسِيُّون، و لو لا ذلك لقال: و لم يَجِدْ، و لم يَقُلْ: و لم يَجِدُوا، و عَنى أَن مُعَوَّله في قوتِه و قوتِ بَنَاته على الصَّيْدِ، فإِذا أَوْرَقَ لم يجدْ طَعاماً إِلا الصَّمْغ، قال: و هم يَقْتاتون الصَّمْغ. و الصَّعَرُ: أَكلُ الصَّعارِير، و هو الصَّمْغ قال أَبو زيد: الصُّعْرُور، بغير هاء، صَمْغَة تطول و تَلتَوِي، و لا تكون صُعْرُورَةً إِلا مُلْتَوِيَة، و هي نحو الشّبر. و قال مرَّة عن أَبي نصْر: الصُّعْرُورُ يكون مثلَ القَلَم و ينعطِف بمنزلة القَرْن. و الصَّعَارِيرُ: الأَباخِس الطِّوال، و هي الأَصابع، واحدها أَبْخَس. و الصَّعارِير: اللبَنُ المصمَّغ في اللبَإ قبل الإِفْصاح. و الاصْعِرارُ: السَّيرُ الشديد؛ يقال: اصْعَرَّت الإِبل اصْعِراراً، و يقال: اصْعَرَّت الإِبل و اصْعَنْفَرَت و تَمَشْمَشَتْ و امْذَقَرَّت إِذا تفرَّقت. و ضرَبه فاصْعَنْرَرَ و اصْعَرَّر، بإِدغام النون في الراء، أَي استدار من الوجع مكانه و تقبَّض. و الصَّمْعَرُ: الشديد، و الميم زائدة؛ يقال: رجل صَمْعَرِيٌّ. و الصَّمْعَرَةُ: الأَرض الغلِيظة. و قال أَبو عمرو: الصَّعارِيرُ ما جَمَدَ من اللَّثَا. و قد سَمَّوْا أَصْعَرَ و صُعَيراً و صَعْرانَ، و ثَعْلَبَةُ بن صُعَيرٍ المازِني.
صعبر:
الصَّعْبَرُ و الصَّنَعْبرُ: شجَر كالسِّدْر. و الصُّعْبُورُ: الصغير الرأْس كالصُّعْرُوبِ.
صعتر:
الصَّعْتَرُ من البُقول، بالصاد، قال ابن سيدة: هو ضرب من النَّبات، واحدته صَعْتَرَة، و بها كُنِي البَوْلانيُّ أَبا صَعْتَرَة. قال أَبو حنيفة: الصَّعْتَرُ مما ينبت بأَرض العرَب، منه سُهْلِيٌّ و منه جَبَلِيٌّ. و ترجمة الجوهري عليه سعتر، بالسين، قال: و بعضهم‏
__________________________________________________
 (1). و ينسب هذا البيت إِلى المتلمّس.

457
لسان العرب4

صعتر ص 457

يكتبه بالصاد في كُتُب الطِّبِّ لئلا يَلْتَبس بالشَّعير. و صَعْتر: اسم موضع. و الصَّعْتَرِيُّ: الشاطِرُ؛ عراقيَّة. الأَزهري: رجل صَعْتَرِيٌّ لا غير إِذا كان فَتًى كَريماً شُجاعاً.
صعفر:
اصْعَنْفَرَت الإِبل: أَجَدَّت في سَيرِها. و اصْعَنْفَرَ إِذا نَفَرَ. و اصْعَنْفَرَت الحُمُر إِذا ابْذَعَرَّتْ فَنَفَرَت و تفرَّقت و أَسْرَعَتْ فِراراً، و إِنما صَعْفَرَها الخَوف و الفَرَق؛ قال الراجز يصف الرامي و الحمر:
فلم يُصِبْ و اصْعَنْفَرَت جَوافِلا
و روي:
... و اسحنفرت.

قال ابن سيدة: و كذلك المَعَز اصْعَنْفَرَتْ نفرت و تفرَّقت؛ و أَنشد:
و لا غَرْوَ إِنْ نُرْوِهِمْ مِنْ نِبالِنا،             كما اصْعَنْفَرَت مِعزَى الحِجازِ من السَّعْف‏

و المُصْعَنْفِرُ: الماضي كالمُسْحَنْفِرِ.
صعمر:
الصُّعْمُور: الدُّولاب كالعُصْمُور.
صغر:
الصِّغَرُ: ضد الكبر. ابن سيدة: الصِّغَر و الصَّغارةُ خِلاف العِظَم، و قيل: الصِّغَر في الجِرْم، و الصَّغارة في القَدْر؛ صَغُرَ صَغارةً و صِغَراً و صَغِرَ يَصْغَرُ صَغَراً؛ بفتح الصاد و الغين، و صُغْراناً؛ كلاهما عن ابن الأَعرابي: فهو صَغِير و صُغار، بالضم، و الجمع صِغَار. قال سيبويه: وافق الذِين يقولون فَعِيلًا الذين يقولون فُعالًا لاعتِقابِهما كثيراً، و لم يقولوا صُغَراء، اسْتَغْنوا عنه بِفِعال، و قد جُمع الصَّغِير في الشعر على صُغَراء؛ أَنشد أَبو عمرو:
و للكُبَراءِ أَكْلٌ حيث شاؤوا،             و للصُّغَراء أَكْلٌ و اقْتِثامُ‏

و المَصْغُوراءُ: اسم للجمع. و الأَصاغِرَة: جمع الأَصْغَر. قال ابن سيدة: إِنما ذكرت هذا لأَنه مِمَّا تلحقه الهاء في حدِّ الجمع إذ ليس منسوباً و لا أَعجميّاً و لا أَهل أَرض و نحوَ ذلك من الأَسباب التي تدخلها الهاء في حدّ الجمع، لكن الأَصْغَر لما خرج على بناء القَشْعَم و كانوا يقولون القَشاعِمَة أَلحقُوه الهاء، و قد قالوا الأَصاغِر، بغير هاء، إِذ قد يفعلون ذلك في الأَعجمي نحو الجَوارِب و الكَرابِج، و إِنما حملهم على تكسيره أَنه لم يتمكَّن في باب الصفة. و الصُّغْرَى: تأْنيث الأَصْغَر، و الجمع الصُّغَرُ؛ قال سيبويه: يقال نِسْوَة صُغَرُ و لا يقال قوم أَصاغِر إِلا بالأَلف و اللام: قال: و سمعنا العرب تقول الأَصاغِر، و إِن شئت قلت الأَصْغَرُون. ابن السكيت: و من أَمثال العرب: المرْء بِأَصْغَرَيْهِ؛ و أَصْغَراه قلْبُه و لسانه، و معناه أَن المَرْءَ يعلو الأُمور و يَضْبِطها بِجَنانه و لسانه. و أَصْغَرَه غيره و صَغَّره تَصْغِيراً، و تَصْغِيرُ الصَّغِير صُغَيِّر و صُغَيِّير؛ الأُولى على القياس و الأُخرى على غير قياس؛ حكاها سيبويه. و اسْتَصْغَره: عَدَّه صَغِيراً. و صَغَّرَه و أَصْغَرَه: جعلَه صَغِيراً. و أَصْغَرْت القِرْبَة: خَرزَتُها صَغِيرة؛ قال بعض الأَغفال:
شُلَّتْ يَدا فارِيَةٍ فَرَتْها،             لَوْ خافَتِ النَّزْع لأَصْغَرَتْها

و يروى:
لو خافَتِ السَّاقي لأَصْغَرَتْها

و التصغير للاسم و النعت يكون تحقيراً و يكون شفقة و يكون تخصيصاً،
كقول الحُباب بن المنذِر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك و عُذَيْقُها المُرَجَّب.
؛ و هو مفسر في موضعه. و التصغير يجي‏ء بمعانٍ شتَّى: منها ما يجي‏ء على التعظيم لها، و هو معنى‏
قوله: فأَصابتها سُنَيَّة

458
لسان العرب4

صغر ص 458

حمراء.
و كذلك‏
قول الأَنصاري: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك و عُذَيْقُها المُرَجَّب.
و منه‏
الحديث: أَتتكم الدُّهَيْماءُ.
؛ يعني الفتنة المظلمة فصغَّرها تهويلًا لها، و منها أَن يصغُر الشي‏ء في ذاته كقولهم: دُوَيْرَة و جُحَيْرَة، و منها ما يجي‏ء للتحقير في غير المخاطب، و ليس له نقص في ذاته، كقولهم: هلك القوم إِلا أَهلَ بُيَيْتٍ، و ذهبت الدراهم إِلا دُرَيْهِماً، و منها ما يجي‏ء للذم كقولهم: يا فُوَيْسِقُ، و منها ما يجي‏ء للعَطْف و الشفقة نحو: يا بُنَيَّ و يا أُخَيَّ؛ و منه‏
قول عمر: أَخاف على هذا السبب «2». و هو صُدَيِّقِي.
أَي أَخصُّ أَصدقائي، و منها ما يجي‏ء بمعنى التقريب كقولهم: دُوَيْنَ الحائط و قُبَيْلَ الصبح، و منها ما يجي‏ء للمدح، من ذلك‏
قول عمر لعبد الله: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.
و
في حديث عمرو بن دينار قال: قلت لِعُرْوَةَ: كَمْ لَبِثَ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بمكة؟ قال: عشراً، قلت: فابن عباس يقول بِضْعَ عشرةَ سنةً، قال عروة: فصغَّره.
أَي استصغر سنَّه عن ضبط ذلك، و
في رواية: فَغَفَّرَهُ.
أَي قال غفر الله له، و سنذكره في غفر أَيضاً. و الإِصغار من الحنين: خلاف الإِكبار؛ قالت الخنساء:
فما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطِيفُ بِهِ،             لها حَنينانِ: إِصْغارٌ و إِكْبارُ

فَإِصْغارُها: حَنِينها إِذا خَفَضته، و إِكْبارُها: حَنِينها إِذا رَفَعته، و المعنى لها حَنِينٌ ذو صغار و حَنِينٌ ذُو كبار. و أَرضٌ مُصْغِرَة: نَبْتها صغير لم يَطُل. و فلان صِغْرَة أَبَوَيْهِ و صِغْرَةُ ولَد أَبويه أَي أَصْغَرهُمْ، و هو كِبْرَة وَلَدِ أَبيه أَي أَكبرهم؛ و كذلك فلان صِغْرَةُ القوم و كِبْرَتُهم أَي أَصغرُهم و أَكبرهم. و يقول صبيٌّ من صبيان العرَب إِذ نُهِيَ عن اللَّعِب: أَنا من الصِّغْرَة أَي من الصِّغار. و حكى ابن الأَعرابي: ما صَغَرَني إِلا بسنة أَي ما صَغُرَ عَنِّي إِلا بسنة. و الصَّغار، بالفتح: الذل و الضَّيْمُ، و كذلك الصُّغْرُ، بالضم، و المصدر الصَّغَرُ، بالتحريك. يقال: قُمْ على صُغْرِك و صَغَرِك. الليث: يقال صَغِرَ فلان يَصْغَرُ صَغَراً و صَغاراً، فهو صاغِر إِذا رَضِيَ بالضَّيْم و أَقَرَّ بِهِ. قال الله تعالى: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ‏
؛ أَي أَذِلَّاءُ. و المَصْغُوراء: الصَّغار. و قوله عز و جل: سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ‏
؛ أَي هُمْ، و إِن كانوا أَكابر في الدنيا، فسيصيبهم صَغار عند الله أَي مَذَلَّة. و قال الشافعي، رحمه الله، في قوله عز و جل: عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ‏
؛ أَي يجري عليهم حُكْمُ المسلمين. و الصَّغار: مصدر الصَّغِير في القَدْر. و الصَّاغِرُ: الراضي بالذُّلِّ و الضيْمِ، و الجمع صَغَرة. و قد صَغُرَ «3». صَغَراً و صُغْراً و صَغاراً و صَغارَة و أَصْغَرَه: جعله صاغِراً. و تَصاغَرَتْ إِليه نفسُه: صَغُرت و تَحاقَرَتْ ذُلًّا و مَهانَة. و
في الحديث: إِذا قلتَ ذلك تَصاغَرَ حتى يكون مثلَ الذُّباب.
؛ يعني الشيطان، أَي ذَلَّ وَ امَّحَقَ؛ قال ابن الأَثير: و يجوز أَن يكون من الصِّغَر و الصَّغارِ، و هو الذل و الهوان. و
في حديث عليّ يصف أَبا بكر، رضي الله عنهما: بِرَغْمِ المُنافِقين و صَغَر الحاسِدين.
أَي ذُلِّهِم و هَوانِهم. و
في حديثِ المُحْرِم: يقتل الحيَّة بصَغَرٍ لَها.
و صَغُرَتِ الشمسُ: مالَتْ للغروب؛ عن ثعلب. و صَغْران: موضع.
__________________________________________________
 (2). قوله: هذا السبب هكذا في الأَصل من غير نقط.
 (3). قوله: [و قد صغر إلخ‏] من باب كرم كما في القاموس و من باب فرح أَيضاً كما في المصباح كما أَنه منهما بمعنى ضد العظم.

459
لسان العرب4

صفر ص 460

صفر:
الصُّفْرة من الأَلوان: معروفة تكون في الحيوان و النبات و غير ذلك ممَّا يقبَلُها، و حكاها ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً. و الصُّفْرة أَيضاً: السَّواد، و قد اصْفَرَّ و اصفارّ و هو أَصْفَر و صَفَّرَه غيرُه. و قال الفراء في قوله تعالى: كأَنه جِمَالاتٌ صُفْرٌ، قال: الصُّفر سُود الإِبل لا يُرَى أَسود من الإِبل إِلا و هو مُشْرَب صُفْرة، و لذلك سمَّت العرب سُود الإِبل صُفراً، كما سَمَّوا الظِّباءَ أُدْماً لِما يَعْلُوها من الظلمة في بَياضِها. أَبو عبيد: الأَصفر الأَسود؛ و قال الأَعشى:
تلك خَيْلي منه، و تلك رِكابي،             هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبِيب‏

و فرس أَصْفَر: و هو الذي يسمى بالفارسية زَرْدَهْ. قال الأَصمعي: لا يسمَّى أَصفر حتى يصفرَّ ذَنَبُه و عُرْفُهُ. ابن سيدة: و الأَصْفَرُ من الإِبل الذي تَصْفَرُّ أَرْضُهُ و تَنْفُذُه شَعْرة صَفْراء. و الأَصْفَران: الذهب و الزَّعْفَران، و قيل الوَرْسُ و الذهب. و أَهْلَكَ النِّساءَ الأَصْفَران: الذهب و الزَّعْفَران، و يقال: الوَرْس و الزعفران. و الصَّفْراء: الذهب لِلَوْنها؛ و منه‏
قول عليّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه: يا دنيا احْمَرِّي و اصْفَرِّي و غُرِّي غيري.
و
في حديث آخر عن عليّ، رضي الله عنه: يا صَفْراءُ اصْفَرِّي و يا بَيْضاء ابْيَضِّي.
؛ يريد الذهب و الفضة، و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، صالَحَ أَهلَ خَيْبَر على الصَّفْراء و البَيْضاء و الحَلْقَة.
؛ الصَّفْراء: الذهب، و البيضاء: الفِضة، و الحَلْقة: الدُّرُوع. يقال: ما لفلان صفراء و لا بَيْضاء. و الصَّفْراءُ من المِرَرِ: سمَّيت بذلك للونها. و صَفَّرَ الثوبَ: صَبغَهُ بِصُفْرَة؛ و منه‏
قول عُتْبة ابن رَبِيعة لأَبي جهل: سيعلم المُصَفِّر اسْتَه مَن المَقْتُولُ غَداً.
و
في حديث بَدْر: قال عتبة بن ربيعة لأَبي جهل: يا مُصَفِّر اسْتِهِ.
؛ رَماه بالأُبْنَةِ و أَنه يُزَعْفِر اسْتَهُ؛ و يقال: هي كلمة تقال للمُتَنَعِّمِ المُتْرَفِ الذي لم تُحَنِّكْهُ التَّجارِب و الشدائد، و قيل: أَراد يا مُضَرِّط نفسه من الصَّفِير، و هو الصَّوْتُ بالفم و الشفتين، كأَنه قال: يا ضَرَّاط، نَسَبه إِلى الجُبْن و الخَوَر؛ و منه‏
الحديث: أَنه سَمِعَ صَفِيرَه.
الجوهري: و قولهم في الشتم: فلان مُصَفَّر اسْتِه؛ هو من الصفير لا من الصُّفرة، أَي ضَرَّاط. و الصَّفْراء: القَوْس. و المُصَفِّرة: الَّذِين عَلامَتُهم الصُّفْرَة، كقولك المُحَمِّرة و المُبَيِّضَةُ. و الصُّفْرِيَّة: تمرة يماميَّة تُجَفَّف بُسْراً و هي صَفْراء، فإِذا جَفَّت فَفُركَتْ انْفَرَكَتْ، و يُحَلَّى بها السَّوِيق فَتَفوق مَوْقِع السُّكَّر؛ قال ابن سيدة: حكاه أَبو حنيفة، قال: و هكذا قال: تمرة يَمامِيَّة فأَوقع لفظ الإِفراد على الجنس، و هو يستعمل مثل هذا كثيراً. و الصُّفَارَة من النَّبات: ما ذَوِيَ فتغيَّر إِلى الصُّفْرَة. و الصُّفارُ: يَبِيسُ البُهْمَى؛ قال ابن سيدة: أُراه لِصُفْرَته؛ و لذلك قال ذو الرمة:
و حَتَّى اعْتَلى البُهْمَى من الصَّيْفِ نافِضٌ،             كما نَفَضَتْ خَيْلٌ نواصِيَها شُقْرُ

و الصَّفَرُ: داءٌ في البطن يصفرُّ منه الوجه. و الصَّفَرُ: حَيَّة تلزَق بالضلوع فَتَعَضُّها، الواحد و الجميع في ذلك سواء، و قيل: واحدته صَفَرَة، و قيل: الصَّفَرُ دابَّة تَعَضُّ الضُّلوع و الشَّرَاسِيف؛ قال أَعشى باهِلة يَرْثِي أَخاه:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُهُ،             و لا يَعَضُّ على شُرْسُوفِه الصَّفَر

460
لسان العرب4

صفر ص 460

و قيل: الصَّفَر هاهنا الجُوع. و
في الحديث: صَفْرَة في سبيل الله خير من حُمْر النَّعَمِ.
؛ أَي جَوْعَة. يقال: صَفِر الوَطْب إِذا خلا من اللَّبَن، و قيل: الصَّفَر حَنَش البَطْن، و الصَّفَر فيما تزعم العرب: حيَّة في البطن تَعَضُّ الإِنسان إِذا جاع، و اللَّذْع الذي يجده عند الجوع من عَضِّه. و الصَّفَر و الصُّفار: دُودٌ يكون في البطن و شَراسيف الأَضلاع فيصفرُّ عنه الإِنسان جِدّاً و ربَّما قتله. و قولهم: لا يَلْتاطُ هذا بِصَفَري أَي لا يَلْزَق بي و لا تقبَله نفسي. و الصُّفار: الماء الأَصْفَرُ الذي يُصيب البطن، و هو السِّقْيُ، و قد صُفِرَ، بتخفيف الفاء. الجوهري: و الصُّفار، بالضم، اجتماع الماء الأَصفر في البطن، يُعالَجُ بقطع النَّائط، و هو عِرْق في الصُّلْب؛ قال العجاج يصِف ثور وحش ضرب الكلب بقرنه فخرج منه دم كدم المفصود أَو المَصْفُور الذي يخرج من بطنه الماء الأَصفر:
و بَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،             قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ

و بَجَّ: شق، أَي شق الثورُ بقرنه كل عِرْق عانِدٍ نَعُور. و العانِد: الذي لا يَرْقأُ له دمٌ. و نَعُور: يَنْعَرُ بالدم أَي يَفُور؛ و منه عِرْق نَعَّار. و
في حديث أَبي وائل: أَن رجلًا أَصابه الصَّفَر فنُعِت له السُّكَّر.
؛ قال القتيبي: هو الحَبَنُ، و هو اجتماع الماء في البطن. يقال: صُفِر، فهو مَصْفُور، و صَفِرَ يَصْفَرُ صَفَراً؛ و روى أَبو العباس أَن ابن الأَعرابي أَنشده في قوله:
يا رِيحَ بَيْنُونَةَ لا تَذْمِينا،             جِئْتِ بأَلْوان المُصَفَّرِينا

قال قوم: هو مأْخوذ من الماء الأَصفر و صاحبه يَرْشَحُ رَشْحاً مُنْتِناً، و قال قوم: هو مأْخوذ من الصَّفَر، و هو الجوعُ، الواحدة صَفْرَة. و رجل مَصْفُور و مُصَفَّر إِذا كان جائعاً، و قيل: هو مأْخوذ من الصَّفَر، و هي حيَّات البطن. و يقال: إِنه لفي صُفْرة للذي يعتريه الجنون إِذا كان في أَيام يزول فيها عقله، لأَنهم كانوا يمسحونه بشي‏ء من الزعفران. و الصُّفْر: النُّحاس الجيد، و قيل: الصُّفْر ضرْب من النُّحاس، و قيل: هو ما صفر منه، واحدته صُفْرة، و الصِّفْر: لغة في الصُّفْر؛ عن أَبي عبيدة وحده؛ قال ابن سيدة: لم يَكُ يُجيزه غيره، و الضم أَجود، و نفى بعضهم الكسر. الجوهري: و الصُّفْر، بالضم، الذي تُعمل منه الأَواني. و الصَّفَّار: صانع الصُّفْر؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لا تُعْجِلاها أَنْ تَجُرَّ جَرّا،             تَحْدُرُ صُفْراً و تُعَلِّي بُرّا

قال ابن سيدة: الصُّفْر هنا الذهب، فإِمَّا أَن يكون عنى به الدنانير لأَنها صُفْر، و إِمَّا أَن يكون سماه بالصُّفْر الذي تُعْمل منه الآنية لما بينهما من المشابهة حتى سمي اللَّاطُون شَبَهاً. و الصِّفْر و الصَّفْر و الصُّفْر: الشي‏ء الخالي، و كذلك الجمع و الواحد و المذكر و المؤنث سواء؛ قال حاتم:
تَرَى أَنَّ ما أَنفقتُ لم يَكُ ضَرَّني،             و أَنَّ يَدِي، مِمَّا بخلتُ به، صفْرُ

و الجمع من كل ذلك أَصفار؛ قال:
لَيْسَتْ بأَصْفار لِمَنْ             يَعْفُو، و لا رُحٍّ رَحَارحْ‏

و قالوا: إِناءٌ أَصْفارٌ لا شي‏ء فيه، كما قالوا: بُرْمَة أَعْشار. و آنية صُفْر: كقولك نسْوَة عَدْل. و قد صَفِرَ الإِناء من الطعام و الشراب، و الرَطْب من‏

461
لسان العرب4

صفر ص 460

اللَّبَن بالكسر، يَصْفَرُ صَفَراً و صُفُوراً أَي خلا، فهو صَفِر. و في التهذيب: صَفُر يَصْفُر صُفُورة. و العرب تقول: نعوذ بالله من قَرَعِ الفِناء و صَفَرِ الإِناء؛ يَعْنُون به هَلاك المَواشي؛ ابن السكيت: صَفِرَ الرجل يَصْفَر صَفِيراً و صَفِر الإِناء. و يقال: بيت صَفِر من المتاع، و رجل صِفْرُ اليدين. و
في الحديث: إِنَّ أَصْفَرَ البيوت «4». من الخير البَيْتُ الصَّفِرُ من كِتاب الله.
و أَصْفَر الرجل، فهو مُصْفِر، أَي افتقر. و الصَّفَر: مصدر قولك صَفِر الشي‏ء، بالكسر، أَي خلا. و الصِّفْر في حِساب الهند: هو الدائرة في البيت يُفْني حِسابه. و
في الحديث: نهى في الأَضاحي عن المَصْفُورة و المُصْفَرة.
؛ قيل: المَصْفورة المستأْصَلة الأُذُن، سميت بذلك لأَن صِماخيها صَفِرا من الأُذُن أَي خَلَوَا، و إِن رُوِيَت المُصَفَّرة بالتشديد فَللتَّكسِير، و قيل: هي المهزولة لخلوِّها من السِّمَن؛ و قال القتيبي في المَصْفُورة: هي المَهْزُولة، و قيل لها مُصَفَّرة لأَنها كأَنها خَلَت من الشحم و اللحم، من قولك: هو صِفْر [صُفْر] من الخير أَي خالٍ. و هو
كالحديث الآخر: إِنَّه نَهَى عن العَجْفاء التي لا تُنْقِي.
قال: و رواه شمر بالغين معجمة، و فسره على ما جاء في الحديث، قال ابن الأَثير: و لا أَعرفه؛ قال الزمخشري: هو من الصِّغار. أَ لا ترى إِلى قولهم للذليل مُجَدَّع و مُصلَّم؟ و
في حديث أُمِّ زَرْعٍ: صِفْرُ رِدائها و مِل‏ءُ كِسائها و غَيْظُ جارَتِها.
؛ المعنى أَنها ضامِرَة البطن فكأَن رِداءها صِفْر أَي خالٍ لشدَّة ضُمور بطنها، و الرِّداء ينتهي إِلى البطن فيقع عليه. و أَصفَرَ البيتَ: أَخلاه. تقول العرب: ما أَصْغَيْت لك إِناء و لا أَصْفَرْت لك فِناءً، و هذا في المَعْذِرة، يقول: لم آخُذْ إِبِلَك و مالَك فيبقى إِناؤُك مَكْبوباً لا تجد له لَبَناً تَحْلُبه فيه، و يبقى فِناؤك خالِياً مَسْلُوباً لا تجد بعيراً يَبْرُك فيه و لا شاة تَرْبِضُ هناك. و الصَّفارِيت: الفقراء، الواحد صِفْرِيت؛ قال ذو الرمة:
و لا خُورٌ صَفارِيتُ‏
و الياء زائدة؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده و لا خُورٍ، و البيت بكماله:
بِفِتْيَةٍ كسُيُوف الهِنْدِ لا وَرَعٍ             من الشَّباب، و لا خُورٍ صَفارِيتِ‏

و القصيدة كلها مخفوضة و أَولها:
يا دَارَ مَيَّةَ بالخَلْصاء حُيِّيتِ‏
و صَفِرَت وِطابُه: مات، قال إمرؤُ القيس:
و أَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً،             و لو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب‏

و هو مثَل معناه أَن جسمه خلا من رُوحه أَي لو أَدركته الخيل لقتلته ففزِعت، و قيل: معناه أَن الخيل لو أَدركته قُتل فصَفِرَت وِطابُه التي كان يَقْرِي منها وِطابُ لَبَنِه، و هي جسمه من دَمِه إِذا سُفِك. و الصَّفْراء: الجرادة إِذا خَلَت من البَيْضِ؛ قال:
فما صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ،             كأَنَّ رُجَيْلَتَيْها مِنْجَلانِ؟

و صَفَر: الشهر الذي بعد المحرَّم، و قال بعضهم: إِنما سمي صَفَراً لأَنهم كانوا يَمْتارُون الطعام فيه من المواضع؛ و قال بعضهم: سمي بذلك لإِصْفار مكة
__________________________________________________
 (4). قوله: [إن أصفر البيوت‏] كذا بالأَصل، و في النهاية أصفر البيوت بإسقاط لفظ إِن.

462
لسان العرب4

صفر ص 460

من أَهلها إِذا سافروا؛ و روي عن رؤبة أَنه قال: سَمَّوا الشهر صَفَراً لأَنهم كانوا يَغْزون فيه القَبائل فيتركون من لَقُوا صِفْراً من المَتاع، و ذلك أَن صَفَراً بعد المحرم فقالوا: صَفِر الناس مِنَّا صَفَراً. قال ثعلب: الناس كلهم يَصرِفون صَفَراً إِلَّا أَبا عبيدة فإِنه قال لا ينصرف؛ فقيل له: لِمَ لا تصرفه؟ «1» ... لأَن النحويين قد أَجمعوا على صرفه، و قالوا: لا يَمنع الحرف من الصَّرْف إِلَّا علَّتان، فأَخبرنا بالعلتين فيه حتى نتبعك، فقال: نعم، العلَّتان المعرفة و السَّاعةُ، قال أَبو عمر: أَراد أَن الأَزمنة كلها ساعات و الساعات مؤنثة؛ و قول أَبي ذؤيب:
أَقامَتْ به كمُقام الحَنِيفِ             شَهْرَيْ جُمادى، و شَهْرَيْ صَفَر

أَراد المحرَّم و صفراً، و رواه بعضهم: و شهرَ صفر على احتمال القبض في الجزء، فإِذا جمعوه مع المحرَّم قالوا: صَفران، و الجمع أَصفار؛ قال النابغة:
لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيانَ عن أُقُرٍ،             و عن تَرَبُّعِهِم في كلِّ أَصْفارِ

و حكى الجوهري عن ابن دريد: الصَّفَرانِ شهران من السنة سمي أَحدُهما في الإِسلام المحرَّم. و قوله‏
في الحديث: لا عَدْوَى و لا هامَةَ و لا صَفَر.
؛ قال أَبو عبيد: فسر الذي روى الحديث أَن صفر دَوَابُّ البَطْن. و قال أَبو عبيد: سمعت يونس سأَل رؤبة عن الصَّفَر، فقال: هي حَيَّة تكون في البطن تصيب الماشية و الناس، قال: و هي أَعدى من الجَرَب عند العرب؛ قال أَبو عبيد: فأَبطل النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنها تعدي. قال: و يقال إِنها تشتد على الإِنسان و تؤذيه إِذا جاع. و قال أَبو عبيدة في‏
قوله لا صَفَر.
: يقال في الصَّفَر أَيضاً إِنه أَراد به النَّسي‏ءَ الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، و هو تأْخيرهم المحرَّم إِلى صفر في تحريمه و يجعلون صَفَراً هو الشهر الحرام فأَبطله؛ قال الأَزهري: و الوجه فيه التفسير الأَول، و قيل للحية التي تَعَضُّ البطن: صَفَر لأَنها تفعل ذلك إِذا جاع الإِنسان. و الصَّفَرِيَّةُ: نبات ينبت في أَوَّل الخريف يخضِّر الأَرض و يورق الشجر. و قال أَبو حنيفة: سميت صفرية لأَن الماشية تَصْفَرُّ إِذا رعت ما يخضر من الشجر و ترى مَغابِنَها و مَشَافِرَها و أَوْبارَها صُفْراً؛ قال ابن سيدة: و لم أَجد هذا معروفاً. و الصُّفَارُ: صُفْرَة تعلو اللون و البشرة، قال: و صاحبه مَصْفُورٌ؛ و أَنشد:
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ

و الصُّفْرَةُ: لون الأَصْفَر، و فعله اللازم الاصْفِرَارُ. قال: و أَما الاصْفِيرارُ فَعَرض يعرض الإِنسان؛ يقال: يصفارُّ مرة و يحمارُّ أُخرى، قال: و يقال في الأَوَّل اصْفَرَّ يَصْفَرُّ. و الصَّفَريُّ: نَتَاج الغنم مع طلوع سهيل، و هو أَوَّل الشتاء، و قيل: الصَّفَرِيَّةُ «2». من لدن طلوع سُهَيْلٍ إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد و حينئذ يُنْتَجُ الناس، و نِتاجه محمود، و تسمى أَمطار هذا الوقت صَفَرِيَّةً. و قال أَبو سعيد: الصَّفَرِيَّةُ ما بين تولي القيظ إِلى إِقبال الشتاء، و قال أَبو زيد: أَول الصفرية طلوع سُهَيْلٍ و آخرها طلوع السِّماك. قال: و في أَوَّل الصَّفَرِيَّةِ أَربعون ليلة يختلف حرها و بردها
__________________________________________________
 (1). هكذا بياض بالأَصل.
 (2). قوله: و قيل الصفرية [إلخ‏] عبارة القاموس و شرحه: و الصفرية نتاج الغنم مع طلوع سهيل، و هو أوّل الشتاء. و قيل الصفرية من لدن طلوع سهيل إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد، و حينئذ يكون النتاج محموداً كالصفري محركة فيهما.

463
لسان العرب4

صفر ص 460

تسمى المعتدلات، و الصَّفَرِيُّ في النّتاج بعد القَيْظِيِّ. و قال أَبو حنيفة: الصَّفَرِيَّةُ تولِّي الحر و إِقبال البرد. و قال أَبو نصر: الصَّقَعِيُّ أَول النتاج، و ذلك حين تَصْقَعُ الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً، و بعض العرب يقول له الشَّمْسِي و القَيْظي ثم الصَّفَري بعد الصَّقَعِي، و ذلك عند صرام النخيل، ثم الشَّتْوِيُّ و ذلك في الربيع، ثم الدَّفَئِيُّ و ذلك حين تدفأُ الشمس، ثم الصَّيْفي ثم القَيْظي ثم الخَرْفِيُّ في آخر القيظ. و الصَّفَرِية: نبات يكون في الخريف؛ و الصَّفَري: المطر يأْتي في ذلك الوقت. و تَصَفَّرَ المال: حسنت حاله و ذهبت عنه وَغْرَة القيظ. و قال مرة: الصَّفَرِية أَول الأَزمنة يكون شهراً، و قيل: الصَّفَري أَول السنة. و الصَّفِير: من الصوت بالدواب إِذا سقيت، صَفَرَ يَصْفِرُ صَفِيراً، و صَفَرَ بالحمار و صَفَّرَ: دعاه إِلى الماء. و الصَّافِرُ: كل ما لا يصيد من الطير. ابن الأَعرابي: الصَّفارِيَّة الصَّعْوَةُ و الصَّافِر الجَبان؛ و صَفَرَ الطائر يَصْفِرُ صَفِيراً أَي مَكَا؛ و منه قولهم في المثل: أَجْبَنُ من صَافِرٍ و أَصفَرُ من بُلْبُلٍ، و النَّسْر يَصْفِر. و قولهم: ما في الدار صافر أَي أَحد يصفر. و في التهذيب: ما في الدار «1». أَحد يَصْفِرُ به، قال: و هذا مما جاء على لفظ فاعل و معناه مفعول به؛ و أَنشد:
خَلَتِ المَنازل ما بِها،             مِمَّن عَهِدْت بِهِنَّ، صَافِر

و ما بها صَافِر أَي ما بها أَحد، كما يقال ما بها دَيَّارٌ، و قيل: أَي ما بها أَحد ذو صَفير. و حكى الفراء عن بعضهم قال: كان في كلامه صُفار، بالضم، يريد صفيراً. و الصَّفَّارَةُ: الاست. و الصَّفَّارَةُ: هَنَةٌ جَوْفاء من نحاس يَصْفِر فيها الغلام للحَمَام، و يَصْفِر فيها بالحمار ليشرب. و الصَّفَرُ: العَقل و العقد. و الصَّفَرُ: الرُّوعُ و لُبُّ القَلْبِ، يقال: ما يلزق ذلك بصَفَري. و الصُّفَار و الصِّفَارُ: ما بقي في أَسنان الدابة من التبن و العلف للدواب كلها. و الصُّفَار: القراد، و يقال: دُوَيْبَّةٌ تكون في مآخير الحوافر و المناسم؛ قال الأَفوه:
و لقد كُنْتُمْ حَدِيثاً زَمَعاً             و ذُنَابَى، حَيْثُ يَحْتَلُّ الصُّفَار

ابن السكيت: الشَّحْمُ و الصَّفَار، بفتح الصاد، نَبْتَانِ؛ و أَنشد:
إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْوَاحنا،             ما كانَ مِنْ شَحْم بِهَا وَ صَفَار «2».

و الصَّفَار، بالفتح: يَبِيس «3» البُهْمى. و صُفْرَةُ و صَفَّارٌ: اسمان. و أَبو صُفْرَةَ: كُنْيَة. و الصُّفْرِيَّةُ، بالضم: جنس من الخوارج، و قيل: قوم من الحَرُورِيَّة سموا صُفْرِيَّةً لأَنهم نسبوا إِلى صُفْرَةِ أَلوانهم، و قيل: إِلى عبد الله بن صَفَّارٍ؛ فهو على هذا القول الأَخير من النسب النادر، و في الصحاح: صِنْفٌ من الخوارج نسبوا إِلى زياد بن الأَصْفَرِ رئيسهم، و زعم قوم أَن الذي نسبوا إِليه هو عبد الله ابن الصَّفَّار و أَنهم الصِّفْرِيَّة، بكسر الصاد؛ و قال‏
__________________________________________________
 (1). قوله: و في التهذيب ما في الدار [إلخ‏] كذا بالأَصل.
 (2). قوله: [أرواحنا] كذا بالأَصل و شرح القاموس، و الذي في الصحاح و ياقوت:
إن العريمة مانع أرماحنا             ما كان من سحم بها و صفار
و السحم، بالتحريك: شجر.
 (3). قوله [و الصفار بالفتح يبيس إلخ‏] كذا في الصحاح و ضبطه في القاموس كغراب.

464
لسان العرب4

صفر ص 460

الأَصمعي: الصواب الصِّفْرِيَّة، بالكسر، قال: و خاصم رجُل منهم صاحبَه في السجن فقال له: أَنت و الله صِفْرٌ من الدِّينِ، فسموا الصِّفْرِيَّة، فهم المَهَالِبَةُ «1». نسبوا إِلى أَبي صُفْرَةَ، و هو أَبو المُهَلَّبِ و أَبو صُفْرَةَ كُنْيَتُهُ. و الصَّفْراءُ: من نبات السَّهْلِ و الرَّمْل، و قد تنبُت بالجَلَد، و قال أَبو حنيفة: الصَّفْراءُ نبت من العُشب، و هي تُسَطَّح على الأَرض، و كأَنَّ ورقَها ورقُ الخَسِّ، و هي تأْكلها الإِبل أَكلا شديداً، و قال أَبو نصر: هي من الذكور. و الصَّفْراءُ: شِعْب بناحية بدر، و يقال لها الأَصَافِرُ. و الصُّفَارِيَّةُ: طائر. و الصَّفْراء: فرس الحرث بن الأَصم، صفة غالبة. و بنو الأَصْفَرِ: الرّوم، و قيل: ملوك الرّوم؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري لم سموا بذلك؛ قال عدي ابن زيد:
وِ بَنُو الأَصْفَرِ الكِرامُ، مُلُوكُ الرومِ،             لم يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ

و
في حديث ابن عباس: اغْزُوا تَغْنَمُوا بَناتِ الأَصْفَرِ.
؛ قال ابن الأَثير: يعني الرومَ لأَن أَباهم الأَول كان أَصْفَرَ اللون، و هو رُوم بن عِيْصُو بن إِسحق بن إِبراهيم. و في الحديث ذكر مَرْجِ الصُّفَّرِ، و هو بضم الصاد و تشديد الفاء، موضع بغُوطَة دمشق و كان به وقعة للمسلمين مع الروم. و
في حديث مسيره إِلى بدر: ثُمَّ جَزَع الصُّفَيْراءَ.
؛ هي تصغير الصَّفْرَاء، و هي موضع مجاور بدر. و الأَصَافِرُ: موضع؛ قال كُثَيِّر:
عَفَا رابِغٌ مِنْ أَهْلِهِ فَالظَّوَاهِرُ،             فأَكْنَافُ تُبْنَى قد عَفَتْ فَالأَصافِرُ «2».

و
في حديث عائشة: كانت إذا سُئِلَتْ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ من السِّبَاعِ قَرَأَتْ: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى‏ طاعِمٍ يَطْعَمُهُ «3» و تقول: إِن البُرْمَةَ لَيُرَى في مائِهَا صُفْرَةٌ.
تعني أَن الله حرَّم الدَّم في كتابه، و قد تَرَخّص الناس في ماء اللَّحْم في القدر و هو دم، فكيف يُقْضَى على ما لم يحرمه الله بالتحريم؟ قال: كأَنها أَرادت أَن لا تجعل لحوم السِّبَاع حراماً كالدم و تكون عندها مكروهة، فإِنها لا تخلو أَن تكون قد سمعت نهي النبي، صلى الله عليه و سلم، عنها.
صقر:
الصَقْرُ: الطائر الذي يُصاد به، من الجوارح. ابن سيدة: و الصَّقْرُ كل شي‏ء يَصيد من البُزَاةِ و الشَّواهينِ و قد تكرر ذكره في الحديث، و الجمع أَصْقُرٌ و صُقُورٌ و صُقُورَةٌ و صِقَارٌ و صِقَارَةٌ. و الصُّقْرُ: جَمْعُ الصُّقُور الذي هو جمع صَقْرٍ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كَأَنَّ عَيْنَيْهِ، إِذا تَوَقَّدَا،             عَيْنَا قَطَامِيٍّ منَ الصُّقْرِ بَدَا

قال ابن سيدة: فسره ثعلب بما ذكرنا؛ قال: و عندي أَن الصُّقْرَ جمع صَقْرٍ كما ذهب إِليه أَبو حنيفة من أَن زُهْواً جمع زَهْو، قال: و إِنما وجهناه على ذلك فراراً من جمع الجمع، كما ذهب الأَخفش في قوله تعالى: فرُهُنٌ مَقْبُوضَة، إِلى أَنه جمع رَهْنٍ لا
__________________________________________________
 (1). قوله: [فهم المهالبة إلخ‏] عبارة القاموس و شرحه: و الصفرية، بالضم أَيضاً، المهالبة المشهورون بالجود و الكرم، نسبوا إِلى أَبي صفرة جدهم.
 (2). قوله: [تبنى‏] في ياقوت: تبنى، بالضم ثم السكون و فتح النون و القصر، بلدة بحوران من أَعمال دمشق، و استشهد عليه بأَبيات أُخر. و في باب الهمزة مع الصاد ذكر الأَصافر و أَنشد هذا البيت و فيه هرشى بدل تبنى، قال هرشى بالفتح ثم السكون و شين معجمة و القصر ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة انتهى. و هو المناسب.
 (3). الآية.

465
لسان العرب4

صقر ص 465

جمع رِهَان الذي هو جمع رَهْنٍ هَرَباً من جمع الجمع، و إِن كان تكسير فَعْلٍ على فُعْلٍ و فُعُلٍ قليلًا، و الأُنثى صَقْرَةٌ. و الصَّقْرُ: اللبن الشديد الحُمُوضَة. يقال: حَبَانا بِصَقْرَةٍ تَزْوِي الوجه، كما يقال بِصَرْبَةٍ؛ حكاهما الكسائي. و ما مَصَلَ من اللَّبن فامَّازَتْ خُثَارَته و صَفَتْ صَفْوَتُه فإِذا حَمِضَتْ كانت صِبَاغاً طيِّباً، فهو صَقْرَة. قال الأَصمعي: إِذا بلغ اللبن من الحَمَضِ ما ليس فوقه شي‏ء، فهو الصَّقْرُ. و قال شمر: الصَّقْر الحامض الذي ضربته الشمس فَحَمِضَ. يقال: أَتانا بِصَقْرَةٍ حامضة. قال: مِكْوَزَةُ: كأَن الصَّقْرَ منه. قال ابن بُزُرج: المُصْقَئِرُّ من اللبن الذي قد حَمِضَ و امتنع. و الصَّقْرُ و الصَّقْرَةُ: شدة وقعِ الشمس و حِدَّةُ حرّها، و قيل: شدة وقْعِها على رأْسه؛ صَقَرَتْهُ تَصْقُرُهُ صَقْراً: آذاه حَرُّها، و قيل: هو إِذا حَمِيَتْ عليه؛ قال ذو الرمة:
إِذا ذَابَت الشمْسُ، اتَّقَى صَقَرَاتِها             بِأَفْنَانِ مَرْبُوعِ الصَّرِيمَةِ مُعْبِلِ‏

و صَقَرَ النَّارَ صَقْراً و صَقَّرَهَا: أَوْقَدَها؛ و قد اصْتَقَرَتْ و اصْطَقَرَتْ: جاؤوا بها مَرَّةً على الأَصل و مَرَّةً على المضارَعة. و أَصْقَرَت الشمس: اتَّقَدَتْ، و هو مشتق من ذلك. و صَقَرَهُ بالعصا صَقْراً: ضربه بها على رأْسه. و الصَّوْقَرُ و الصَّاقُورُ: الفأْس العظيمة التي لها رأْس واحد دقيق تكسر به الحجارة، و هو المِعْوَل أَيضاً. و الصَّقْر: ضرب الحجارة بالمِعْوَل. و صَقَرَ الحَجَرَ يَصْقُرُهُ صَقْراً: ضربه بالصَّاقُور و كسره به. و الصَّاقُورُ: اللِّسان. و الصَّاقِرَةُ: الداهية النازلة الشديدة كالدَّامِغَةِ. و الصَّقْرُ و الصَّقَرُ: ما تَحَلَّب من العِنَب و الزبيب و التمر من غير أَن يُعْصَر، و خص بعضهم من أَهل المدينة به دِبْسَ التمر، و قيل: هو ما يسيل من الرُّطَب إِذا يبسَ. و الصَّقْرُ: الدِّبس عند أَهل المدينة. و صَقَّرَ التمر: صبَّ عليه الصَّقْرَ. و رطب صَقِرٌ مَقِرٌ: صَقِرٌ ذو صَقْرٍ و مَقِرٌ إِتباع، و ذلك التمر الذي يصلح للدِّبس. و هذا التمر أَصْقَرُ مَنْ هذا أَي أَكْثَرُ صَقْراً؛ حكاه أَبو حنيفة و إِن لم يك له فِعْل. و هو كقولهم للسانين «4». و قد تقدم مراراً. و المُصَقَّرُ من الرطب: المُصَلِّبُ يُصَبُّ عليه الدّبس ليَلينَ، و ربما جاء بالسين، لأَنهم كثيراً ما يقلبون الصاد سيناً إِذا كان في الكلمة قاف أَو طاء أَو عين أَو خاء مثل الصَّدْع و الصِّماخ و الصِّراط و البُصاق. قال أَبو منصور: و الصَّقْر، عند البَحْرَانِيِّينَ، ما سال من جِلالِ التمر التي كُنِزَتْ و سُدِّك بعضُها فوق بعض في بيت مُصَرَّج تحتها خَوابٍ خُضْر، فينعصر منها دِبْس خامٌ كأَنه العسل، و ربما أَخذوا الرُّطَب الجَيِّد ملقوطاً من العِذْقِ فجعلوه في بَساتِيقَ و صَبّوا عليه من ذلك الصَّقْر، فيقال له رُطَب مُصَقَّر، و يبقى رُطباً طيباً طول السنة و قال الأَصمعي: التَّصْقِيرُ أَن يُصَب على الرُّطَب الدِّبْسُ فيقال رُطَب مُصَقَّر، مأْخوذ من الصَّقْرِ، و هو الدِّبْس. و
في حديث أَبي حَثْمَةَ: ليس الصَّقْر في رؤوس النَّخل.
قال ابن الأَثير: هو عسل الرُّطَب هاهنا، و هو الدِّبْس، و هو في غير هذا اللَّبَنُ الحامض. و ماء مُصْقَرٌّ: متغير. و الصَّقَر: ما انْحَتَّ من ورق العِضاهِ و العُرْفُطِ و السَّلَمِ و الطَّلْح و السَّمُر، و لا يقال له صَقَرٌ حتى يَسْقط.
__________________________________________________
 (4). قوله: [للسانين‏] هكذا بالأَصل.

466
لسان العرب4

صقر ص 465

و الصَّقْرُ: المَاءُ الآجِنُ. و الصَّاقُورَةُ: باطن القِحْف المُشْرِفُ على الدِّماغ، و في التهذيب: و الصَّاقُور باطن القِحْفِ المُشْرِف فوق الدِّماغ كأَنه قَعْرُ قَصْعة. و صَاقُورَةُ و الصَّاقُورَةُ: اسم السماء الثَّالثة. و الصَّقَّارُ: النَّمَّامُ. و الصَّقَّار: اللَّعَّانُ لغير المُسْتَحِقين. و
في حديث أَنس: مَلْعُون كلّ صَقَّارٍ قيل: يا رسول الله، و ما الصَّقَّار؟ قال: نَشْ‏ءٌ يكونون في آخر الزمن تَحِيَّتُهم بينهم إِذا تلاقوا التَّلاعُن.
التهذيب عن سهل بن معاذ عن أَبيه: أَن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، قال: لا تزال الأُمة على شَريعَةٍ ما لم يظهر فيهم ثلاث: ما لم يُقْبَضْ منهم العِلْمُ، و يَكْثُرْ فيهم الخُبْثُ، و يَظْهَرْ فيهم السَّقَّارُونَ، قالوا: و ما السَّقَّارُون يا رسول الله؟ قال: نَشَأٌ يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إِذا تلاقوا التلاعنَ.
و روي بالسين و بالصاد، و فسره بالنَّمَّامِ. قال ابن الأَثير: و يجوز أَن يكون أَراد به ذا الكبْرِ و الأُبَّهَةِ بأَنه يميل بخدّه. أَبو عبيدة: الصَّقْرَانِ دَائِرتانِ من الشَّعر عند مؤخر اللِّبْدِ من ظهر الفرس، قال: و حدُّ الظهر إِلى الصَّقْرين. الفراء: جاء فلان بالصُّقَرِ و البُقَرِ و الصُّقارَى و البُقارَى إِذا جاءَ بالكَذِب الفاحش. و في النوادر: تَصَقَّرْت بموضع كذا و تشكلت و تنكفت «1». بمعنى تَلَبَّثْت. و الصَّقَّار: الكافر. و الصَّقَّار: الدَّبَّاس، و قيل: السَّقَّار الكافر، بالسين. و الصَّقْرُ: القِيَادَةُ على الحُرَم؛ عن ابن الأَعرابي؛ و منه الصَّقَّار الذي جاء في الحديث. و الصَّقُّور: الدَّيُّوث، و
في الحديث: لا يَقْبَلُ اللهُ من الصَّقُّور يوم القيامة صَرْفاً و لا عَدْلًا.
؛ قال ابن الأَثير: هو بمعنى الصَّقَّار، و قيل: هو الدَّيُّوث القَوَّاد على حُرَمه. و صَقَرُ: من أَسماء جهنم، نعوذ بالله منها، لغة في سَقَر. و الصَّوْقَرِيرُ: صَوْت طائر يُرَجِّع فتسمع فيه نحو هذه النَّغْمَة. و في التهذيب: الصَّوْقَرِيرُ حكاية صوت طائر يُصَوْقِرُ في صياحه يسمع في صوته نحو هذه النغمة. و صُقارَى: موضع.
صقعر:
الصُّقْعُرُ: الماء المُرُّ الغليظ. و الصَّقْعَرَةُ: هو أَن يَصيحَ الإِنسانُ في أُذن آخر. يقال: فلان يُصَقْعِرُ في أُذن فلان.
صمر:
التَّصْمِير: الجَمْع و المَنْع. يقال: صَمَرَ متاعَه و صَمَّره و أَصْمَرَهُ. و التَّصْمِيرُ أَيضاً: أَن يدخل في الصُّمَيْرِ، و هو مَغِيب الشمس. و يقال: أَصْمَرْنا و صَمَّرْنا و أَقْصَرْنا و قَصَّرْنا و أَعْرَجْنَا و عَرَّجْنَا بمعنى واحد. ابن سيدة: صَمَر يَصْمُر صَمْراً و صُمُوراً بَخِلَ و مَنَع؛ قال:
فَإِنِّي رَأَيْتُ الصَّامِرِينَ مَتاعَهم             يَمُوتُ و يَفْنى، فَارْضَخِي مِنْ وعائِيَا

أَراد يموتون و يفنى مالهم، و أَراد الصامرين بمتاعهم. و رَجُل صَمِيرٌ: يابسُ اللَّحْمِ على العظام. و الصَّمَرُ، بالتحريك: النَّتْنُ «2» يقال: يدي من اللحم صَمِرَةٌ. و
في حديث علي: أَنه أَعطى أَبا رافع حَتيًّا و عُكَّةَ سَمْنٍ، و قال: ادفع هذا إِلى أَسْماءَ بنت عُمَيْسٍ، و كانت تحت أَخيه جعفر، لتَدْهُن به بني أَخيه من صَمرَ البَحْر.
يعني من نَتْنِ ريحه‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و تشكلت و تنكفت‏] كذا بالأَصل و شرح القاموس.
 (2). قوله: [بالتحريك النتن‏] في القاموس و شرحه بالفتح: النتن، و مثله في التكملة.

467
لسان العرب4

صمر ص 467

و تَطْعَمهن من الحَقِّ؛ أَما صَمَرُ البحر فهو نَتْن ريحه و غَمَقُه و وَمَدُه. و الحَتِيُّ: سَوِيقُ المُقْل. ابن الأَعرابي: الصَّمْرُ رائحة المِسْك الطري. و الصَّمْرُ: غَتْمُ البحر إِذا خَبَّ أَي هاج موجه، و خَبيبُه تَناطُحُ أَمواجه. ابن دريد: رجل صَمِيرٌ يابسُ اللحم على العظْم تفوح منه رائحة العَرَق. و صَمَرَ الماءُ يَصْمر صُمُوراً: جرى من حُدُور في مُسْتَوًى فَسَكن، و هو جَارٍ، و ذلك المكان يسمى صِمْر الوادي، و صِمْرُه: مُسْتَقَرُّهُ. و الصُّمَارى، مقصوراً: الاست لنَتْنِها. الصحاح: الصُّمَارَى، بالضم، الدُّبُر؛ و في التهذيب: الصِّمَارَى، بكسر الصاد. و الصُّمْرُ: الصُّبْر؛ أَخَذَ الشي‏ءَ بأَصْمَارِه أَي بأَصْبَارِه، و قيل: هو على البدل. و ملأَ الكأْس إِلى أَصْمَارها أَي إلى أَعاليها كأَصْبَارها، واحدها صُمْر و صُبْر. و صَيْمَر: أَرض من مِهْرِجَان؛ إِليه نسب الجُبْنُ الصَّيْمَري. و الصَّوْمَرُ: البَاذِرُوجُ، و قال أَبو حنيفة: الصَّوْمَر شجر لا ينبت وحده و لكن يَتَلَوَّى على الغافِ، و هو قُضْبَانٌ لها ورق كورق الأَرَاك، و له ثمر يشبه البَلُّوط يؤكل، و هو ليِّن شديد الحلاوة.
صمعر:
الصَّمْعَرُ و الصَمْعَرِيُّ: الشديد من كل شي‏ء. و الصَّمْعَرِيُّ: اللئيم، و هو أَيضاً الذي لا تعمل فيه رُقْيَةٌ و لا سحر، و قيل: هو الخالص الحمرة. و الصَّمْعَرِية من الحيات: الحية الخبيثة؛ قال الشاعر:
أَ حَيَّةُ وَادٍ بَغْرَةٌ، صَمْعَريَّةٌ،             أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ ثَلاثٌ لَوَاقِحُ؟

أَراد باللَّوَاقحِ: العقارب. و الصُّمْعُور: القصير الشجاع. و صَمْعَر: اسم موضع؛ قال القتال الكلابي:
عَفَا بَطْنُ «1». سِهْيٍ مِنْ سُلَيْمى فَصَمْعَرُ
صمقر:
صَمْقَرَ اللبنُ و اصْمَقَرَّ، فهو مُصْمَقِرٌّ: اشتدت حموضته. و اصْمَقَرَّت الشمس: اتَّقَدَتْ، و قيل: إِنها من قولك صَقَّرْتُ النار إِذا أَوقدتها، و الميم زائدة، و أَصلها الصقرة. أَبو زيد: سمعت بعض العرب يقول: يوم مُصْمَقِرٌّ إِذا كان شديد الحر، و الميم زائدة.
صنر:
الصِّنَارَةُ، بكسر الصاد: الحديدة الدقيقة المُعَقَّفَةُ التي في رأْس المِغْزل، و قيل: الصِّنَارَةُ رأْس المِغْزل، و قيل: صِنَارَةُ المغزل الحديدة التي في رأْسه، و لا تقل صِنَّارَةً. و قال الليث: الصِّنَارَةُ مِغْزل المرأَة، و هو دخيل. و الصِّنَارَة: الأُذن، يمانية. و الصِّنَارِيَّةُ: قوم بِإِرْمِينِيَةَ نسبوا إِلى ذلك. و رجل صِنَارَةٌ و صَنَارة: سيّ‏ءُ الخلق، الكسر عن ابن الأَعرابي و الفتح عن كراع. التهذيب: الصِّنَّوْرُ البخيل السيّ‏ء الخلق، و الصَّنانِيرُ السيِّئُو الأَدب، و إِن كانوا ذوي نباهة. و قال أَبو علي: صِنارةٌ، بالكسر، سيّ‏ء الخلق، ليس من أَبنية الكتاب لأَن هذا البناء لم يجئ صفة. و الصِّنَّارُ: شجر الدُّلْبِ، واحدته صِنَّارة؛ عن أَبي حنيفة، قال: و هي فارسية و قد جرت في كلام العرب؛ و أَنشد بيت العجاج:
يَشُقُّ دَوْحَ الجَوْزِ و الصِّنَّارِ

و قال بعضهم: هو الصِّنَار، بتخفيف النون، و أَنشد بيت العجاج بالتخفيف. و صِنارة الحَجَفَةِ: مَقْبِضُها،
__________________________________________________
 (1). قوله: [عفا بطن إِلخ‏] تمامه:
[خلاء فبطن الحارثية أَعسر].

468
لسان العرب4

صنر ص 468

و أَهل اليمن يسمون الأُذن صِنارة.
صنبر:
الصُّنْبُورَةُ و الصُّنْبُورُ جميعاً: النخلة التي دقت من أَسفلها و انْجَرَد كَرَبُها و قلّ حَمْلها، و قد صَنْبَرَتْ. و الصُّنْبُور: سَعَفات يخرجن في أَصل النخلة. و الصُّنْبُور أَيضاً: النخلة تخرج من أَصل النخلة الأُخرى من غير أَن تغرس. و الصُّنْبُور أَيضاً: النخلة المنفردة من جماعة النخل، و قد صَنْبَرَت. و قال أَبو حنيفة: الصُّنْبُور، بغير هاء، أَصل النخلة الذي تَشَعَّبت منه العُرُوق. و رجل صُنْبُورٌ: فَرْد ضعيف ذليل لا أَهل له و لا عَقِب و لا ناصر. و
في الحديث: أَن كفار قريش كانوا يقولون في النبي، صلى الله عليه و سلم، محمد صُنْبُور، و قالوا: صُنَيْبِيرٌ أَي أَبْتَر لا عقب له و لا أَخ فإِذا مات انقطع ذِكْرُهُ، فأَنزل الله تعالى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.
التهذيب: في الحديث عن ابن عباس قال: لما قدم ابنُ الأَشرف مكةَ قالت له قريش: أَنت خَيْرُ أَهل المدينة و سيِّدُهم؟ قال: نعم، قالوا: أَ لا ترى هذا الصُّنَيْبِيرَ الأُبَيْتِرَ من قومه يزعم أَنه خير منا و نحن أَهل الحَجِيج و أَهل السَّدانَةِ و أَهل السِّقاية؟ قال: أَنتم خير منه، فأُنْزِلَتْ: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ؛ و أُنزلت: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى‏ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.
و أَصل الصُّنْبُورِ: سَعَفَةٌ تنبُت في جِذْع النخلة لا في الأَرض. قال أَبو عبيدة: الصُّنْبُورُ النخلة تبقى منفردة و يَدِقُّ أَسفلها و يَنْقَشِرُ. يقال: صَنْبَرَ أَسفلُ النخلة؛ مُراد كفار قريش بقولهم صُنْبُور أَي أَنه إِذا قُلِعَ انقطع ذِكْرُه كما يذهب أَصل الصُّنْبُور لأَنه لا عَقِب له. و لقي رجلٌ رجُلًا من العَرَب فسأَله عن نخله فقال: صَنْبَرَ أَسفَلُه و عَشَّشَ أَعلاه، يعني دَقَّ أَسفلُه و قلَّ سَعَفه و يَبِس؛ قال أَبو عبيدة: فشبَّهوا النبي، صلى الله عليه و سلم، بها، يقولون: إِنه فَرْدٌ ليس له ولد فإِذا مات انقطع ذِكْرُه؛ قال أَوس يعيب قوماً:
مُخَلَّفُونَ و يَقْضِي النَّاسُ أَمْرَهُمُ،             غُشُّ الأَمانَةِ صُنْبُورٌ فَصُنْبُورُ

ابن الأَعرابي: الصُّنْبُور من النخلة سَعفَات تنبتُ في جذع النخلة غير مُسْتَأْرِضَةٍ في الأَرض، و هو المُصَنْبِرُ من النخل، و إِذا نبتت الصنَّابير في جذع النخلة أَضْوَتْها لأَنها تأْخذ غذاء الأُمهات؛ قال: و عِلاجها أَن تُقْلَع تلك الصَّنابير منها، فأَراد كفار قريش أَن محمداً، صلى الله عليه و سلم، صُنْبُورٌ نبت في جذع نخلة فإِذا قُلِعَ انقطع، و كذلك محمد إِذا مات فلا عَقِبَ له. و قال ابن سمعان: الصَّنابير يقال لها العِقَّانُ و الرَّوَاكِيبُ، و قد أَعَقَّت النخلةُ إِذا أَنبتت العِقَّانَ؛ قال: و يقال لِلْفَسِيلَةِ التي تنبت في أُمها الصُّنْبُورُ، و أَصل النخلة أَيضاً: صُنْبُورُها. و قال أَبو سعيد: المُصَنْبِرَةُ أَيضاً من النخيل التي تنبت الصَّنابِيرُ في جذوعها فتفسدها لأَنها تأْخذ غذاء الأُمهات فَتُضْوِيَها؛ قال الأَزهري: و هذا كله قول أَبي عبيدة. و قال ابن الأَعرابي: الصُّنْبُور الوَحيدُ، و الصُّنْبُور الضعيف، و الصُّنْبُور الذي لا ولد له و لا عشيرة و لا ناصر من قريب و لا غريب، و الصُّنْبُور الداهية. و الصَّنْبَرُ: الرقيق الضعيف من كل شي‏ء من الحيوان و الشجر، و الصُّنبُور اللئيم، و الصُّنْبور فم القَناة، و الصُّنْبور القَصَبة التي تكون في الإِداوَةِ يُشْرَبُ منها، و قد تكون من حديد و رَصاص، و صُنْبُورُ الحوض مَثْعَبُهُ، و الصُّنْبُورُ مَثْعَبُ الحوض خاصَّة؛ حكاه‏

469
لسان العرب4

صنبر ص 469

أَبو عبيد، و أَنشد:
ما بَيْنَ صُنْبُورٍ إِلى الإِزَاءِ
و قيل: هو ثَقْبه الذي يخرج منه الماء إِذا غُسل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ليَهْنِئْ تُراثي لامْرِئٍ غَيْرِ ذِلَّةٍ،             صنَابِرُ أُحْدانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ‏
سَرِيعَاتُ مَوْتٍ، رَيِّثَاتُ إِفاقَةٍ،             إِذا ما حُمِلْنَ حَمْلُهُنَّ خَفِيفُ‏

و فسره فقال: الصَّنابر هنا السِّهام الدِّقاق، قال ابن سيدة: و لم أَجده إِلَّا عن ابن الأَعرابي و لم يأْت لها بواحد؛ و أُحْدانٌ: أَفْرادٌ، لا نظير لها، كقول الآخر:
يَحْمِي الصُّرَيِّمَ أُحْدانُ الرِّجالِ لَهُ             صَيْدٌ و مُجْتَرِئٌ باللَّيْلِ هَمَّاسُ‏

و في التهذيب في شرح البيتين: أَراد بالصنابر سِهاماً دِقاقاً شُبِّهت بِصَنابير النخلة التي تخرج في أَصلها دِقاقاً. و قوله: أُحدان أَي أَفراد. سريعاتُ موت أَي يُمِتْنَ مَنْ رُمِي بهن. و الصَّنَوْبَرُ: شجر مخضر شتاء و صيفاً. و يقال: ثَمَرُه، و قيل: الأَرْزُ الشجر و ثَمَرُه الصَّنَوْبَرُ، و هو مذكور في موضعه. أَبو عبيد: الصَّنَوْبَرُ ثمر الأَرزة، و هي شجرة، قال و تسمى الشجرة صَنَوْبَرَةً من أَجل ثمرها؛ أَنشد الفراء:
نُطْعِمُ الشَّحْمَ و السَّدِيفَ، و نَسقي المَحْضَ             في الصِّنَّبِرِّ و الصُّرَّادِ

قال: الأَصل صِنَبْر مثل هِزَبْرٍ ثم شدد النون، قال: و احتاج الشاعر مع ذلك إِلى تشديد الراء فلم يمكنه إِلَّا بتحريك الباء لاجتماع الساكنين فحركها إِلى الكسر، قال: و كذلك الزمرذ و الزمرذي. و غَداةٌ صِنَّبْرٌ و صِنِّبْرٌ: بارِدَةٌ. و قال ثعلب: الصِّنِّبْرُ من الأَضداد يكون الحَارَّ و يكون البارِدَ؛ حكاه ابن الأَعرابي. و صَنابِرُ الشتاء: شدة برده، و كذلك الصِّنَّبِر، بتشديد النون و كسر الباء. و
في الحديث: أَن رجلًا وقف على ابن الزبير حين صُلِبَ، فقال: قد كنتَ تجْمع بين قُطْرَي الليلة الصِّنَّبْرَةِ قائماً.
؛ هي الشديدة البرد. و الصِّنَّبر و الصِّنَّبِرُ: البرد، و قيل: الريح الباردة في غيم؛ قال طرفة:
بِجِفانٍ نَعْتَري نادِيَنَا،             و سَدِيفٍ حينَ هاجِ الصِّنَّبر

و قال غيره: يقال صِنِّبْر، بكسر النون. قال ابن سيدة: و أَما ابن جني فقال: أَراد الصِّنَّبر فاحتاج إِلى تحريك الباء، فتطرق إِلى ذلك فنقل حركة الإِعراب إِليها تشبيهاً بقولهم: هذا بَكُر و مررت بِبَكِر فكان يجب على هذا أَن يقول الصِّنَّبُرُ، فيضم الباء لأَن الراء مضمومة، إِلَّا أَنه تصور معنى إِضافة الظرف إِلى الفعل فصار إِلى أَنه كأَنه قال حين هَيْجِ الصِّنَّبْرِ، فلما احتاج إِلى حركة الباء تصور معنى الجر فكسر الباء، و كأَنه قد نقل الكسرة عن الراء إِليها كما أَن القصيدة «1». المنشدة للأَصمعي التي فيها:
كأَنَّها و قد رَآها الرَّائي‏
إِنما سوغه ذلك مع أَن الأَبيات كلها متوالية على الجر أَنه توهم فيه معنى الجر، أَ لا ترى أَن معناه كأَنها وقت رؤية الرائي؟ فساغ له أَن يخلط هذا البيت بسائر الأَبيات و كأَنه لذلك لم يخالف؛ قال: و هذا أَقرب مأْخذاً من أَن يقول إِنه حرَّف القافية للضرورة كما
__________________________________________________
 (1). قوله: [كما أَن القصيدة إلخ‏] كذا بالأَصل.

470
لسان العرب4

صنبر ص 469

حرَّفها الآخر «2». في قوله:
هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ، أَوْ أَنْكَرْتَها             بَيْنَ تِبْرَاكٍ و شَسَّيْ عَبَقُر؟

في قول من قال عَبْقَر فحرّف الكلمة. و الصِّنَّبْرُ، بتسكين الباء: اليوم الثاني من أَيام العجوز؛ و أَنشد:
فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُ شَهْلَتِنا:             صِنٌّ و صِنَّبْرٌ مَعَ الوَبِر

قال الجوهري: و يحتمل أَن يكونا بمعنى و إِنما حركت الباء للضرورة.
صنخر:
التهذيب في الرباعي: أَبو عمرو: الصِّنَّخْرُ و الصِّنْخِرُ الجَمَلُ الضخم. قال أَبو عمرو: الصِّنَّخْرُ، بوزن قِنْذَعْلٍ، و هو الأَحمق، و الصِّنْخِرُ، بوزن القِمْقِمِ، و هو البُرّ اليابس. و في النوادر: جمل صُنَخِرٌ و صُناخِرٌ عظيم طويل من الرجال و الإِبل.
صنعبر:
الصَّنَعْبَرُ: شجرة، و يقال لها الصَّعْبَرُ.
صهر:
الصَّهْرُ: القرابة. و الصِّهْرُ: حُرْمة الخُتُونة، و خَتَنُ الرجل صِهْرُه، و المتزوَّجُ فيهم أَصْهارُ الخَتَنِ، و الأَصْهارُ أَهلُ بيت المرأَة و لا يقال لأَهل بيت الرجل إِلَّا أَخْتان، و أَهل بيت المرأَة أَصْهار، و من العرب من يجعل الصَّهْرَ من الأَحماءِ و الأَخْتان جميعاً. يقال: صاهَرْتُ القوم إِذا تزوجت فيهم، و أَصْهَرْتُ بهم إِذا اتَّصلت بهم و تحرَّمت بجِوار أَو نسب أَو تزوُّجٍ. و صِهْرُ القوم: خَتَنَهُم، و الجمع أَصْهارٌ و صُهَراءُ؛ الأَخيرة نادرة، و قيل: أَهلُ بيتِ المرأَة أَصْهارٌ و أَهل بيت الرجل أَخْتانٌ. و قال ابن الأَعرابي: الصِّهْرُ زوجُ بنتِ الرجل و زوج أُخته. و الخَتَنُ أَبو امرأَة الرجل و أَخو امرأَته، و من العرب من يجعلهم أَصْهاراً كلهم و صِهْراً، و الفعل المُصاهَرَةُ، و قد صاهَرَهُمْ و صاهَرَ فيهم؛ و أَنشد ثعلب:
حَرَائِرُ صاهَرْنَ المُلُوكَ، و لم يَزَلْ             على النَّاسِ، مِنْ أَبْنائِهِنَّ، أَميرُ

و أَصْهَرَ بِهِمْ و إِليهم: صار فيهم صِهْراً؛ و في التهذيب: أَصْهَرَ بهم الخَتَن. و أَصْهَرَ: مَتَّ بالصِّهْر. الأَصمعي: الأَحْماءُ من قِبَل الزّوج و الأَخْتانُ من قِبَل المرأَة و الصِّهْرُ يجمعهما، قال: لا يقال غيره. قال ابن سيدة: و ربما كَنَوْا بالصِّهرِ عن القَبْر لأَنهم كانوا يَئِدُونَ البنات فيدفنونهن، فيقولون: زوّجناهن من القَبْر، ثم استعمل هذا اللفظ في الإِسلام فقيل: نِعْمَ الصِّهْرُ القَبْرُ، و قيل: إِنما هذا على المثل أَي الذي يقوم مَقام الصِّهْرِ، قال: و هو الصحيح. أَبو عبيد: يقال فلان مُصْهِرٌ بنا، و هو من القرابة؛ قال زهير:
قَوْد الجِيادِ، و إِصْهار المُلُوك، و صَبْر             في مَوَاطِنَ، لو كانوا بها سَئِمُوا

و قال الفراء في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً
؛ فأَما النَّسَبُ فهو النَّسَبُ الذي يَحِلُّ نكاحه كبنات العم و الخال و أَشباههن من القرابة التي يحل تزويجها، و قال الزجاج: الأَصْهارُ من النسب لا يجوز لهم التزويج، و النَّسَبُ الذي ليس بِصِهْرٍ من قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... إِلى قوله: وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ؛ قال أَبو منصور: و قد رويْنا عن ابن عباس في تفسير النَّسَبِ و الصِّهْرِ خلافَ ما قال الفراءُ جُمْلَةً و خلافَ بعضِ ما قال‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [كما حرفها الآخر إلخ‏] في ياقوت ما نصه: كأَنه توهم تثقيل الراء، و ذلك أَنه احتاج إِلى تحريك الباء لإِقامة الوزن، فلو ترك القاف على حالها لم يجئ مثله و هو عبقر لم يجئ على مثال ممدود و لا مثقل فلما ضم القاف توهم به بناء قربوس و نحوه و الشاعر له أن يقصر قربوس في اضطرار الشعر فيقول قربس.

471
لسان العرب4

صهر ص 471

الزجاج.
قال ابن عباس: حرَّم الله من النسب سبعاً و من الصِّهْرِ سبعاً: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ من النسب، و من الصهر: وَ أُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ... وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ... وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ.
؛ قال أَبو منصور: و نَحْوَ ما رويْنا عن ابن عباس قال الشافعي: حرم الله تعالى سبعاً نَسَباً و سبعاً سَبَباً فجعل السببَ القرابةَ الحادثةَ بسبب المُصاهَرَة و الرَّضاع، و هذا هو الصحيح لا ارْتِيابَ فيه. و صَهَرَتهُ الشمسُ تَصْهَرُه صَهْراً و صَهَدَتْهُ: اشتدَّ وقْعُها عليه و حَرُّها حتى أَلِمَ دِماغهُ و انْصَهَرَ هو؛ قال ابن أَحمر يصف فرخ قطاة:
 تَرْوِي لَقًى أُلْقِيَ في صَفْصَفٍ،             تَصْهَرُهُ الشَّمْسُ فَما يَنْصَهِرْ

أَي تُذيبه الشمس فيَصْبر على ذلك. تَرْوي: تسوق إِليه الماء أَي تصير له كالراوِيَةِ. يقال: رَوَيْتُ أَهلي و عليهم رَيّاً أَتيتهم بالماء. و الصَّهْرُ: الحارُّ؛ حكاه كراع، و أَنشد:
إِذ لا تَزالُ لَكُمْ مُغَرْغِرَة             تَغْلي، و أَعْلى لَوْنِها صَهْرُ

فعلى هذا يقال: شي‏ء صَهْرٌ حارٌّ. و الصَّهْرُ: إِذابَةُ الشَّحْم. و صَهَرَ الشحمَ و نَحْوه يَصْهَرُه صَهْراً: أَذابه فانْصَهَرَ. و في التنزيل: يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ
؛ أَي يُذَاب. و اصْطَهَرَه: أَذابه و أَكَلَهُ، و الصُّهارَةُ: ما أَذبت منه، و قيل: كلُّ قطعة من اللحم، صَغُرَت أَو كَبُرت، صُهارَةٌ. و ما بالبعير صُهارَةٌ، بالضم، أَي نِقْيٌ، و هو المُخّ. الأَزهري: الصَّهْر إِذابة الشحْم، و الصُّهارَةُ ما ذاب منه، و كذلك الاصْطِهارُ في إِذابته أَو أَكْلِ صُهارَتِهِ؛ و قال العجاج:
شَكّ السَفافِيدِ الشَّواءَ المُصْطَهَرْ

و الصَّهْرُ: المَشْوِي. الأَصمعي: يقال لما أُذيب من الشحم الصُّهارة و الجَمِيلُ. و ما أُذيب من الأَلْيَة، فهو حَمٌّ، إِذا لم يبق فيه الوَدَكُ. أَبو زيد: صَهَرَ خبزَه إِذا أَدَمَه بالصُّهارَة، فهو خبز مَصْهُورٌ و صَهِيرٌ. و
في الحديث: أَن الأَسْوَد كان يَصْهَر رِجليه بالشحم و هو محرم.
؛ أَي كان يُذِيبه و يَدْهُنُهما به. و يقال: صَهَرَ بدنه إِذا دهنه بالصَّهِيرِ. و صَهَرَ فلانٌ رأْسَه صَهْراً إِذا دهنه بالصُّهارَة، و هو ما أُذيب من الشحم. و اصْطَهَر الحِرْباءُ و اصْهارَّ: تَلأْلأَ ظهره من شدة حر الشمس، و قد، صَهَرَه الحرُّ. و قال الله تعالى: يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ‏
 حتى يخرج من أَدبارهم؛ أَبو زيد في قوله: يُصْهَرُ بِهِ
 قال: هو الإِحْراق، صَهَرْته بالنار أَنضَجْته، أَصْهَرُه. و قولهم: لأَصْهَرَنَّكَ بِيَمِينٍ مُرَّةٍ، كأَنه يريد الإِذابة. أَبو عبيدة: صَهَرْتُ فلاناً بيمينٍ كاذبةٍ توجب له النار. و
في حديث أَهل النار: فَيُسْلَتُ ما في جوفه حتى يَمْرُقَ من قدميه.
و هو الصَّهْرُ. يقال: صَهَرْت الشحم إِذا أَذبته. و
في الحديث: أَنه كان يؤسِّسُ مسجدَ قُباءٍ فَيَصْهَرُ الحجرَ العظيمَ إِلى بطنه.
؛ أَي يُدْنيه إِليه. يقال: صَهَرَه و أَصْهَرَه إِذا قرَّبه و أَدناه. و
في حديث علي، رضي الله عنه: قال له ربيعة بن الحرث: نِلْتَ صِهْرَ محمد فلم نَحْسُدْك عليه.
؛ الصِّهْرُ حرمة التزويج، و الفرق بينه و بين النَّسَب: أَن النسب ما يرجع إِلى ولادة قريبةٍ من جهة الآباء،

472
لسان العرب4

صهر ص 471

و الصِّهْر ما كان من خُلْطَةٍ تُشبِه القرابةَ يحدثها التزويج. و الصَّيْهُورُ: شِبْهُ مِنْبر يُعمل من طين أَو خشب يوضع عليه متاع البيت من صُفْرٍ أَو نحوه؛ قال ابن سيدة: و ليس بثبت. و الصَّاهُورُ: غِلاف القمر، أَعجمي معرب. و الصِّهْرِيُّ: لغة في الصِّهْرِيج، و هو كالحوض؛ قال الأَزهري: و ذلك أَنهم يأْتون أَسفل الشِّعْبَة من الوادي الذي له مَأْزِمانِ فيبنون بينهما بالطين و الحجارة فيترادُّ الماءُ فيشربون به زماناً، قال: و يقال تَصَهْرَجُوا صِهْرِيّاً.
صور:
في أَسماء اللّه تعالى: الْمُصَوِّرُ
 و هو الذي صَوَّر جميعَ الموجودات و رتبها فأَعطى كل شي‏ء منها صورة خاصة و هيئة مفردة يتميز بها على اختلافها و كثرتها. ابن سيدة: الصورة في الشكل، قال: فأَما ما جاء في الحديث من‏
قوله خلق اللَّه آدم على صورته.
فيحتمل أَن تكون الهاء راجعة على اسم اللَّه تعالى، و أَن تكون راجعة على آدم، فإذا كانت عائدة على اسم اللَّه تعالى فمعناه على الصورة التي أَنشأَها اللَّه و قدَّرها، فيكون المصدر حينئذ مضافاً إِلى الفاعل لأَنه سبحانه هو المصَوِّر لا أَن له، عز اسمه و جل، صُورَةً و لا تمْثالا، كما أَن قولهم لَعَمْرُ اللَّه إِنما هو و الحياةِ التي كانت باللَّه و التي آتانِيها اللَّهُ، لا أَن له تعالى حياة تَحُلُّهُ و لا هو، علا وجهُه، محلٌّ للأعراضِ، و إِن جعلتها عائدة على آدم كان معناه على صُورَة آدم أَي على صورة أَمثاله ممن هو مخلوق مُدَبَّر، فيكون هذا حينئذ كقولك للسيد و الرئيس: قد خَدَمْتُه خِدْمَتَه أَي الخِدْمَةَ التي تحِقُّ لأَمثاله، و في العبد و المُبتَذل: قد اسْتَخْدَمْتُه اسْتِخْدامَهُ أَي اسْتِخْدامَ أَمثاله ممن هو مأْمور بالخفوف و التَّصَرُّف، فيكون حينئذ كقوله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ‏
، و الجمع صُوَرٌ و صِوَرٌ و صُوْرٌ، و قد صَوَّرَهُ فَتَصَوَّرَ. الجوهري: و الصِّوَرُ، بكسر الصاد، لغة في الصُّوَر جمع صُورَةٍ، و ينشد هذا البيت على هذه اللغة يصف الجواري:
أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَرِ الخلْصاءِ أَعْيُنَها،             و هُنَّ أَحْسَنُ مِنْ صِيرَانِها صِوَرا

و صَوَّرَهُ اللَّهُ صُورَةً حَسَنَةً فَتَصَوَّر. و
في حديث ابن مقرن: أَ ما علمتَ أَن الصُّورَة محرَّمةٌ؟.
أَراد بالصُّورَةِ الوجهَ و تحريمِها المَنْع من الضرب و اللطم على الوجه، و منه‏
الحديث: كره أَن تُعلم الصورةُ.
أَي يجعلَ في الوجه كَيٌّ أَو سِمَةٌ. و تَصَوَّرْتُ الشي‏ءَ: توهمت صورتَه فتصوَّر لي. و التَّصاوِيرُ: التَّماثِيلُ. و
في الحديث: أَتاني الليلةَ ربي في أَحسنِ صُورَةٍ!.
قال ابن الأَثير: الصورة تَرِدُ في كلام العرب على ظاهرها و على معنى حقيقةِ الشي‏ء و هيئته و على معنى صِفَتِه. يقال: صورةُ الفعلِ كذا و كذا أَي هيئته، و صورةُ الأَمرِ كذا و كذا أَي صِفَتُه، فيكون المراد بما جاء في الحديث أَنه أَتاه في أَحسنِ صِفَةٍ، و يجوز أَن يعود المعنى إِلى النبي، صلى اللَّه عليه و سلم: أَتاني ربي و أَنا في أَحْسَنِ صُورةٍ، و تجري معاني الصُّورَةِ كلها عليه، إِن شئت ظاهرها أَو هيئتها أو صفتها، فأَما إِطلاق ظاهر الصورة على اللَّه عز و جل فلا، تعالى اللَّه عز و جل عن ذلك علوّاً كبيراً. و رجل صَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي حَسَنُ الصُّورَةِ و الشَّارَةِ، عن الفراء، و قوله:
و ما أَيْبُلِيٌّ على هَيْكَلٍ             بَناهُ، و صَلّب فِيهِ و صَارا

473
لسان العرب4

صور ص 473

ذهب أَبو علي إِلى أَن معنى صارَ صَوَّرَ، قال ابن سيدة: و لم أَرها لغيره. و صارَ الرجلُ: صَوَّتَ. و عصفور صَوَّارٌ: يجيب الداعيَ إِذا دعا. و الصَّوَرُ، بالتحريك: المَيَل. و رجل أَصْوَرُ بيّن الصَّوَرِ أَي مائل مشتاق. الأَحمر: صُرْتُ إِليَّ الشي‏ءَ و أَصَرْتُه إِذا أَملتَه إِليك، و أَنشد:
أَصارَ سَدِيسَها مَسَدٌ مَرِيجُ‏
ابن الأَعرابي: في رأْسه صَوَرٌ «1» إِذا وجد فيه أُكالًا و هميماً. و في رأْسه صَوَرٌ أَي مَيَل. و
في صفة مشيه، عليه السلام: كان فيه شي‏ء من صَوَرٍ.
أَي مَيَل، قال الخطابي: يشبه أَن يكون هذا الحال إِذا جدَّ بِهِ السير لا خلقة. و
في حديث عمر و ذكر العلماء فقال: تَنْعَطِف عليهم بالعلم قلوبٌ لا تَصُورُها الأَرحام.
أَي لا تُمِيلُها، هكذا أَخرجه الهروي عن عمر، و جعله الزمخشري من كلام الحسَن. و
في حديث ابن عمر: إِني لأُدْني الحائِضَ منِّي و ما بي إِليها صَوَرَةٌ.
أَي مَيْل و شهوة تَصُورُني إِليها. و صارَ الشي‏ءَ صَوْراً و أَصارَه فانْصار: أَماله فمال، قالت الخنساءُ.
لَظَلَّت الشُّهْبُ مِنْها و هْيَ تَنصارُ

أَي تصدّعُ و تفلّقُ، و خص بعضه به إِمالة العنق. و صَوِرَ يَصْوَرُ صوراً، و هو أَصْوَرُ: مال، قال:
اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّا، في تَلَفُّتِنا             يَوْمَ الفِراقِ إِلى أَحْبابِنَا، صُورُ

و
في حديث عكرمة: حَمَلَةُ العَرْشِ كلُّهم صُورٌ.
هو جمع أَصْوَر، و هو المائل العنق لثقل حِمْلِهِ. و قال الليث: الصَّوَرُ المَيل. و الرجلُ يَصُور عُنُقَهُ إِلى الشي‏ء إِذا مال نحوه بعنقه، و النعت أَصْوَر، و قد صَوِرَ. و صارَه يَصُورُه و يَصِيرُه أَي أَماله، و صارَ وجهَهُ يَصُورُ: أَقْبَل به. و في التنزيل العزيز: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ‏
، و هي قراءة عليٍّ و ابن عباس و أَكثر الناس، أَي وَجِّهْهن، و ذكره ابن سيدة في الياء أَيضاً لأَن صُرْت و صِرْت لغتان، قال اللحياني: قال بعضهم معنى صُرْهُنَّ وجِّهْهُنَّ، و معنى صِرْهن قَطِّعْهن و شَقِّقهن، و المعروف أَنهما لغتان بمعنى واحد، و كلهم فسروا فَصُرْهُنَ‏
 أَمِلْهن، و الكسر فُسر بمعنى قَطِّعْهن، قال الزجاج: قال أَهل اللغة معنى صُرْهُنَّ إِليك أَمِلْهن و اجمعهن إِليك، و أَنشد:
و جاءَتْ خِلْعَةٌ [خُلْعَةٌ] دُهْسٌ صَفايا،             يَصُورُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمُ‏

أَي يَعطِف عنوقَها تَيْسٌ أَحْوى، و من قرأَ: فَصِرهن إِليك، بالكسر، ففيه قولان: أَحدهما أَنه بمعنى صُرْهن، يقال: صارَهُ يَصُورُهُ و يَصِيرُه إِذا أَماله، لغتان، الجوهري: قرى‏ء فَصُرْهُنَ
، بضم الصاد و كسرها، قال الأَخفش: يعني وَجِّهْهن، يقال: صُرْ إِليَّ و صر وجهك إِليَّ أَي أَقبل عليَّ. الجوهري: و صُرْتُ الشي‏ءَ أَيضاً قطعتُه و فَصَلتُه، قال العجاج:
صُرْنا بِهِ الحُكْمَ و أَعْيا الحَكَما
قال: فَمَن قال هذا جعل في الآية تقديماً و تأْخيراً، كأَنه قال: خُذْ إِليك أَربعةً فَصُرْهن، قال ابن بري: هذا الرجز الذي نسبه الجوهري للعجاج ليس هو للعجاج، و إِنما هو لرؤبة يخاطب الحَكَم بن صخر و أَباه صخر بن عثمان، و قبله:
__________________________________________________
 (1). 1 قوله" في رأسه صور" ضبطه في شرح القاموس بالتحريك، و في متنه: و الصورة بالفتح شبه الحكة في الرأس.

474
لسان العرب4

صور ص 473

أَبْلِغْ أَبا صَخْرٍ بَياناً مُعْلما،             صَخْر بن عُثمان بن عَمْرٍو و ابن ما

و
في حديث مجاهد: كره أَن يَصُورَ شجرةً مثمرةً.
يحتمل أَن يكون أَراد يُمِيلها فإِن إِمالتها ربما تؤدِّيها إِلى الجُفُوف، و يجوز أَن يكون أَراد به قطعها. و صَوْرَا النَّهْرِ: شَطَّاه. و الصَّوْرُ، بالتسكين: النخل الصغار، و قيل: هو المجتمع، و ليس له واحد من لفظه، و جمع الصِّير صِيرانٌ، قال كثيِّر عزة:
أَ الحَيُّ أَمْ صِيرانُ دَوْمٍ تَناوَحَتْ             بِتِرْيَمَ قَصْراً، و اسْتَحَنَّتْ شَمالُها؟ «1»

و الصَّوْرُ: أَصل النخل، قال:
كأَن جِذعاً خارِجاً من صَوْرِهِ،             ما بين أُذْنَيْهِ إِلى سِنَّوْرِهِ‏

و
في حديث ابن عمر: أَنه دخل صَوْر نخل.
قال أَبو عبيدة: الصَّوْر جِمَاعُ النخل و لا واحد له من لفظه، و هذا كما يقال لجماعة البقر صُوار. و
في حديث ابن عمر: أَنه خرج إِلى صَوْر بالمدينة.
قال الأَصمعي: الصَّوْر جماعة النخل الصغار، و هذا جمع على غير لفظ الواحد، و كذلك الحابِسُ، و قال شمر: يُجْمَعُ الصَّوْر صِيراناً، قال: و يقال لغير النخل من الشجر صَوْر و صِيران، و ذكره كُثَيِّر و فيه أَنه قال: يطلع من هذا الصَّوْر رجلٌ من أَهل الجنة، فطلع أبو بكر، الصَّوْر: الجماعة من النخل، و منه: أَنه خرج إِلى صَوْر بالمدينة. و
الحديث الآخر: أَنه أَتى امرأَة من الأَنصار فَفَرَشَتْ له صَوْراً و ذبحت له شاة.
و
حديث بدر: أَن أَبا سفيان بعث رجلين من أَصحابه فأَحْرَقا صَوْراً من صِيران العُرَيْضِ.
الليث: الصِّوَارُ و الصُّوَارُ القَطيع من البَقَر، و العدد أَصْوِرَة و الجمع صِيران. و الصُّوار [الصِّوار]: وعاء المِسْك، و قد جمعهما الشاعر بقوله:
إِذا لاحَ الصوارُ ذَكَرْتُ لَيْلَى،             و أَذْكُرُها إِذا نَفَح الصوَارُ

و الصِّيَار لغة فيه. ابن الأَعرابي: الصَّوْرة النخْلة، و الصَّوْرة الحِكَّة من انْتِغاش الحَظَى في الرأْس. و قالت امرأَةٌ من العرب لابنةٍ لهم: هي تشفيني من الصَّوْرة و تسترني من الغَوْرة، بالغين، و هي الشمس. و الصُّورُ: القَرْن، قال الراجز:
لقد نَطَحْناهُمْ غَداةَ الجَمْعَيْن             نَطْحاً شديداً، لا كَنطحِ الصُّورَين‏

و به فسر المفسرون قوله تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ*
، و نحوه، و أَما أَبو علي فالصُّورُ هنا عنده جمع صُورَةٍ، و سيأْتي ذكره. قال أَبو الهيثم: اعترض قوم فأَنكروا أَن يكون الصُّورُ قَرْناً كما أَنكروا العَرْش و الميزانَ و الصراط و ادَّعَوْا أَن الصُّورَ جمع الصُّورَةِ، كما أَن الصُّوفَ جمع الصُّوفَةِ و الثُّومَ جمع الثُّومَةِ، و رووا ذلك عن أَبي عبيدة، قال أَبو الهيثم: و هذا خطأٌ فاحش و تحريف لكلمات اللَّه عز و جل عن مواضعها لأَن اللَّه عز و جل قال: وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ*
، ففتح الواو، قال: و لا نعلم أَحدا من القراء قرأَها فَأَحْسَنَ صُورَكُمْ، و كذلك قال: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ*
، فمن قرأَ: و نفخ في الصُّوَر، أَو قرأَ: فَأَحْسَنَ صُورَكم، فقد افترى الكذب و بَدَّل كتاب اللَّه، و كان أَبو عبيدة صاحب أَخبارٍ و غَريبٍ و لم يكن له معرفةٌ بالنحو. قال الفراء: كلُّ جمعٍ على لفظ الواحد الذَّكَرِ سبق جمعُه واحدتَه فواحدته‏
__________________________________________________
 (1). 1 قوله" و استحنت" كذا بالأصل بالنون و في ياقوت و الأساس بالثاء المثلثة.

475
لسان العرب4

صور ص 473

بزيادة هاء فيه، و ذلك مثل الصُّوف و الوَبَر و الشعر و القُطْن و العُشْب، فكل واحد من هذه الأَسماء اسم لجميع جنسه، فإِذا أَفردت واحدته زيدت فيها هاء لأَن جميع هذا الباب سبق واحدَتَه، و لو أَن الصوفَةَ كانت سابقة الصُّوفِ لقالوا: صُوفة و صُوَف و بُسْرة و بُسَر، كما قالوا: غُرْفة و غُرَف و زُلْفة و زُلَف، و أَما الصُّورُ القَرْنُ، فهو واحد لا يجوز أن يقال واحدته صُورَة، و إِنما تُجمع صُورة الإِنسان صُوَراً لأَن واحدته سبقت جمعَه. و
في حديث أَبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم: كيف أَنْعَمُ و صاحبُ القَرْن قَدْ التَقَمَهُ و حَنى جَبْهَتَه و أَصْغَى سمعه يَنْتظر متى يُؤْمَرُ؟ قالوا: فما تأْمرنا يا رسول اللَّه؟ قال: قولوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ.
قال الأَزهري: و قد احْتَجَّ أَبو الهيثم فأَحسن الاحْتِجاج، قال: و لا يجوز عندي غيرُ ما ذهب إِليه و هو قول أَهل السنَّة و الجماعة، قال: و الدليل على صحة ما قالوا أَن اللَّه تعالى ذكر تَصْويره الخلق في الأَرْحام قبل نفخ الرُّوح، و كانوا قبل أَن صَوَّرهم نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم صَوَّرهم تَصْويراً، فَأَما البعث فإِن اللَّه تعالى يُنْشِئُهُم كيف شاء، و من ادَّعى أَنه يُصَوِّرهم ثم ينفخ فيهم فعليه البيان، و نعوذ باللَّه من الخِذلان. و حكى الجوهري عن الكلبي في قوله تعالى: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ*
، و يقال: هو جمعُ صُورة مثل بُسْر و بُسْرة، أَي ينفخ في صُوَر الموتى الأَرواح، قال: و قرأَ الحسن: يوم ينفخ في الصُّوَر. و الصِّواران: صِماغا الفَمِ، و العامة تسميهما الصِّوارَين، و هما الصَّامِغان أَيضاً. و فيه: تَعَهَّدُوا الصِّوَارَيْنِ فإِنهما مقعد المَلَك، هما ملتقى الشِّدْقَيْنِ، أَي تعهدوهما بالنظافة، و قول الشاعر:
كأَنَّ عُرْفاً مائِلًا مِن صَوْرِهِ‏
يريد شعر الناصية. و يقال: إِني لأَجد في رأْسي صَوْرَةً و هي شبه الحِكَّة، قال ابن سيدة: الصَّوْرة شبه الحِكَّة يجدها الإِنسان في رأْسه حتى يشتهي أن يُفَلَّى. و الصُّوَّار، مشدد: كالصُّوَار، قال جرير:
فلم يَبْقَ في الدَّارِ إِلَّا الثُّمام،             و خِيطُ النَّعَامِ و صُوَّارُها

و الصِّوَار و الصُّوَار: الرائحة الطيبة. و الصِّوار و الصُّوَار: القليل من المِسْك، و قيل: القطعة منه، و الجمع أَصْوِرَة، فارسي. و أَصْوِرَةُ المسكِ: نافِقاتُه، و روى بعضهم بيت الأَعشى:
إِذا تقومُ يَضُوعُ المِسْكُ أَصْوِرَةً،             و الزَّنْبَقُ الوَرْدُ مِن أَرْدَانِها شملُ‏

و في صفة الجنة: و ترابُها الصوارُ، يعني المِسْك. و صوار المسك: نافجته، و الجمع أَصْوِرَة. و ضربه فَتَصَوَّرَ أَي سقط. و
في الحديث: يَتَصَوَّرُ المَلَكُ على الرَّحِم.
أَي يسقط، من قولهم: صَرَّيْتُه تَصْريةً تَصوَّرَ منها أَي سقط. و بنو صَوْرٍ: بطن من بني هَزَّانَ بن يَقْدُم بن عَنَزَةَ. الجوهري: و صارَة اسم جبل و يقال أَرض ذات شجر. و صارَةُ الجبلِ: أَعلاه، و تحقيرها صُؤَيْرَة سماعا من العرب. و الصُّوَر و الصِّوَر: موضع «2» بالشام، قال الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جانِبِ الحَشَّاكِ جِيفَتُه،             و رأْسُهُ دونَهُ اليَحْمُومُ و الصُّوَرُ [الصِّوَرُ]

__________________________________________________
 (2). 1 قوله" و الصور و الصور موضع إلخ" في ياقوت صُوّر، بالضم ثم التشديد و الفتح، قرية على شاطئ الخابور، و قد خفف الأخطل الواو من هذا المكان و أَنشد البيت، غير أَنه ذكر أضحت بدل أمست و الخابور بدل اليحموم و أَفاد أَن البيت روي بضم الصاد و كسرها.

476
لسان العرب4

صور ص 473

و صارَة: موضع، قال ابن سيدة: و إِذ قد تكافأَ في ذلك الياء و الواو و التبس الاشتقاقان فحمله على الواو أَولى، و اللَّه أَعلم.
صير:
صارَ الأَمرُ إِلى كذا يَصِيرُ صَيْراً و مَصِيراً و صَيْرُورَةً و صَيَّرَه إِليه و أَصارَه، و الصَّيْرُورَةُ مصدر صارَ يَصِيرُ. و في كلام عُمَيْلَةَ الفَزارِي لعمه و هو ابن عَنْقاءَ الفَزارِي: ما الذي أَصارَك إِلى ما أَرى يا عَمْ؟ قال: بُخْلك بمالِك، و بُخْل غيرِك من أَمثالك، و صَوْني أَنا وجهي عن مثلهم و تَسْآلك ثم كان من إِفْضال عُمَيْلة على عمه ما قد ذكره أَبو تمام في كتابه الموسوم بالحماسة. و صِرْت إِلى فلان مَصِيراً؛ كقوله تعالى: وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ*
؛ قال الجوهري: و هو شاذ و القياس مَصَار مثل مَعاش. و صَيَّرته أَنا كذا أَي جعلته. و المَصِير: الموضع الذي تَصِير إِليه المياه. و الصَّيِّر: الجماعة. و الصِّيرُ: الماء يحضره الناس. و صارَهُ الناس: حضروه؛ و منه قول الأَعشى:
بِمَا قَدْ تَرَبَّع رَوْضَ القَطا             و رَوْضَ التَّنَاضُبِ حتى تَصِيرَا

أَي حتى تحضر المياه. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم، و أَبي بكر، رضي الله عنه، حين عَرَضَ أَمرَه على قبائل العرب: فلما حضر بني شَيْبان و كلم سَراتهم قال المُثَنى بن حارثة: إِنا نزلنا بين صِيرَينِ اليمامة و الشمامة، فقال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: و ما هذان الصِّيرانِ؟ قال: مياه العرب و أَنهار كِسْرى.
؛ الصِّيرُ: الماء الذي يحضره الناس. و قد صارَ القوم يَصِيرون إِذا حضروا الماء؛ و يروى: بين صِيرَتَيْن، و هي فِعْلة منه، و يروى: بين صَرَيَيْنِ، تثنية صَرًى. قال أَبو العميثل: صارَ الرجلُ يَصِير إِذا حضر الماءَ، فهو صائِرٌ. و الصَّائِرَةُ: الحاضرة. و يقال: جَمَعَتْهم صائرَةُ القيظِ. و قال أَبو الهيثم: الصَّيْر رجوع المُنْتَجِعين إِلى محاضرهم. يقال: أَين الصَّائرَة أَي أَين الحاضرة و يقال: أَيَّ ماء صارَ القومُ أَي حضروا. و يقال: صرْتُ إِلى مَصِيرَتي و إِلى صِيرِي و صَيُّوري. و يقال للمنزل الطيِّب: مَصِيرٌ و مِرَبٌّ و مَعْمَرٌ و مَحْضَرٌ. و يقال: أَين مَصِيرُكم أَي أَين منزلكم. و صِيرُ [صَيرُ] الأَمر: مُنْتهاه و مَصِيره و عاقِبَته و ما يَصير إِليه. و أَنا على صِيرٍ من أَمر كذا أَي على ناحية منه. و تقول للرجل: ما صنعتَ في حاجتك؟ فيقول: أَنا على صِيرِ قضائها و صماتِ قضائها أَي على شَرَفِ قضائها؛ قال زهير:
و قد كنتُ من سَلْمَى سِنِينَ ثمانِياً،             على صِيرِ أَمْرٍ ما يَمَرُّ و ما يَحْلُو

و صَيُّور الشي‏ء: آخره و منتهاه و ما يؤول إِليه كصِيرِه و منتهاه «1». و هو فيعول؛ و قول طفيل الغنوي:
أَمْسى مُقِيماً بِذِي العَوْصاءِ صَيِّرُه             بالبئر، غادَرَهُ الأَحْياءُ و ابْتَكَرُوا

قال أَبو عمرو: صَيِّره قَبْره. يقال: هذا صَيِّر فلان أَي قبره؛ و قال عروة بن الورد:
أَحادِيثُ تَبْقَى و الفَتى غيرُ خالِدِ،             إِذا هو أَمْسى هامَةً فَوْقَ صَيِّر

قال أَبو عمرو: بالهُزَرِ أَلْفُ صَيِّر، يعني قبوراً من قبور أَهل الجاهلية؛ ذكره أَبو ذؤيب فقال:
كانت كَلَيْلَةِ أَهْلِ الهُزَر «2».

__________________________________________________
 (1). قوله: [كصيره و منتهاه‏] كذا بالأَصل.
 (2). قوله: [كانت كليلة إلخ‏] أنشد البيت بتمامه في هزر:
لقال الأباعد و الشامتون             كانوا كليلة أهل الهزر.

477
لسان العرب4

صير ص 477

و هُزَر: موضع. و ما له صَيُّور، مثال فَيْعُول، أَي عَقْل و رَأْيٌ. و صَيُّور الأَمر: ما صارَ إِليه. و وقع في أُمِّ صَيُّور أَي في أَمر ملتبس ليس له مَنْفَذ، و أَصله الهَضْبة التي لا مَنْفَذ لها؛ كذا حكاه يعقوب في الأَلفاظ، و الأَسْبَقُ صَبُّور. و صارَةُ الجبل: رأْسه. و الصَّيُّور و الصَّائرَةُ: ما يَصِير إِليه النباتُ من اليُبْس. و الصَّائرَةُ: المطرُ و الكَلأُ. و الصَّائرُ: المُلَوِّي أَعناقَ الرجال. و صارَه يَصِيره: لغة في صارَهُ يَصُوره أَي قطعه، و كذلك أَماله. و الصِّير: شَقُّ الباب؛
يروى أَن رجلًا اطَّلع من صِير باب النبي، صلى الله عليه و سلم.
و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: من اطَّلع من صِير باب فقد دَمَر و في رواية: من نَظَرَ.
؛ و دمر: دخل، و
في رواية: من نظر في صير باب ففُقِئَتْ عينه فهي هَدَر.
؛ الصِّير الشَّقّ؛ قال أَبو عبيد: لم يُسمع هذا الحرف إِلا في هذا الحديث. و صِير الباب: خَرْقه. ابن شميل: الصِّيرَةُ على رأْس القَارَةِ مثل الأَمَرَة غير أَنها طُوِيَتْ طَيّاً، و الأَمَرَةُ أَطول منها و أَعظم مطويتان جميعاً، فالأَمَرَةُ مُصَعْلَكة طويلة، و الصِّيرَةُ مستديرة عريضة ذات أَركان، و ربما حفرت فوجد فيها الذهب و الفضة، و هي من صنعة عادٍ و إِرَم، و الصِّيرُ شبه الصَّحْناة، و قيل هو الصحناة نفسه؛
يروى أَن رجلًا مَرَّ بعبد الله بن سالم و معه صِيرٌ فلَعِق منه «1». ثم سأَل: كيف يُباع؟.
و تفسيره في الحديث أَنه الصَّحْناة. قال ابن دريد: أَحسبه سريانيّاً؛ قال جرير يهجو قوماً:
كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بَصَلًا،             ثم اشْتَوَوْا كَنْعَداً من مالحٍ، جَدَفُوا

و الصِّيرُ: السمكات المملوحة التي تعمل منها الصَّحْناة؛ عن كراع. و
في حديث المعافري: لعل الصِّيرَ أَحَبُّ إِليك من هذا.
و صِرْتُ الشي‏ء: قطعته. و صارَ وجهَه يَصِيره: أَقبل به. و في قراءة عبد الله بن مسعود و أَبي جعفر المدني: فصِرهن إِليك، بالكسر، أَي قطِّعهن و شققهن، و قيل: وجِّهْهن. الفراء: ضَمَّت العامة الصاد و كان أَصحاب عبد الله يكسرونها، و هما لغتان، فأَما الضم فكثير، و أَما الكسر ففي هذيل و سليم؛ قال و أَنشد الكسائي:
و فَرْع يَصِير الجِيدَ وحْف كَأَنّه،             على اللِّيت، قِنْوانُ الكُرُومِ الدَّوَالِحُ‏

يَصِير: يميل، و يروى:
... يَزِينُ الجيد ...
، و كلهم فسروا فَصُرْهُنَّ أَمِلْهن، و أَما فصِرْهن، بالكسر، فإِنه فسر بمعنى قَطِّعهن؛ قال: و لم نجد قطّعهن معروفة؛ قال الأَزهري: و أُراها إِن كانت كذلك من صَرَيتُ أَصْرِي أَي قَطَعت فقدمت ياؤها. و صِرْت عنقه: لويتها. و في حديث الدعاء: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ
 أَي المرجع. يقال: صِرْت إِلى فلان أَصِير مَصِيراً، قال: و هو شاذ و القياس مَصار مثل مَعاش. قال الأَزهري: و أَما صارَ فإِنها على ضربين: بلوغ في الحال و بلوغ في المكان، كقولك صارَ زيد إِلى عمرو و صار زيد رجلًا، فإِذا كانت في الحال فهي مثل كانَ في بابه. و رجل صَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي حسن الصُّورَة و الشَّارَة؛ عن الفراء. و تَصَيَّر فلانٌ أَباه: نزع إِليه في الشَّبَه. و الصِّيارَةُ و الصِّيرَةُ: حظيرة من خشب و حجارة تبنى للغَنَم و البقر، و الجمع صِيرٌ و صِيَرٌ، و قيل: الصِّيرَة حظيرة الغنم؛ قال الأَخطل:
و اذْكُرْ غُدَانَةَ عِدَّاناً مُزَنَّمَةً             من الحَبَلَّقِ، تُبْنى فَوْقَها الصِّيَرُ

__________________________________________________
 (1). قوله: [فلعق منه‏] كذا بالأَصل. و في النهاية و الصحاح فذاق منه.

478
لسان العرب4

صير ص 477

و
في الحديث: ما من أُمَّتي أَحد إِلا و أَنا أَعرفه يوم القيامة، قالوا: و كيف تعرفهم مع كثرة الخلائق؟ قال: أَ رَأَيْتَ لو دخلت صِيرَةً فيها خيل دُهْمٌ و فيها فَرَسٌ أَغَرُّ مُحَجَّل أَ ما كنتَ تعرفه منها؟.
الصِّيرَة: حَظِيرة تُتخذ للدواب من الحجارة و أَغصان الشجر، و جمعها صِيَر. قال أَبو عبيد: صَيْرَة، بالفتح، قال: و هو غلط. و الصِّيَار: صوت الصَّنْج؛ قال الشاعر:
كَأَنَّ تَرَاطُنَ الهَاجَاتِ فِيها،             قُبَيْلَ الصُّبْحِ، رَنَّاتُ الصِّيَارِ

يريد رنين الصَّنْج بأَوْتاره. و
في الحديث: أَنه قال لعلي، عليه السلام: أَ لا أُعلمك كلماتٍ إِذا قلتَهن و عليك مثل صِير غُفِر لك؟.
قال ابن الأَثير: و هو اسم جبل، و يروى: صُور، بالواو، و
في رواية أَبي وائل: أَن عليّاً، رضي الله عنه، قال: لو كان عليك مثل صِيرٍ دَيْناً لأَداه الله عنك.
فصل الضاد المعجمة
ضبر:
ضَبَرَ الفَرَسُ يَضْبُر ضَبْراً و ضَبَراناً إِذا عَدَا، و في المحكم: جَمَع قوائمه و وَثَبَ، و كذلك المقيَّد في عَدْوه. الأَصمعي: إِذا وثَب الفرسُ فوقع مجوعةً يداه فذلك الضَّبْر؛ قال العجاج يمدح عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي:
لَقَدْ سَمَا ابن مَعْمَرٍ حين اعْتَمَرْ             مَغْزًى بَعيداً مِنْ بَعيد و ضَبَرْ،
 تَقَضِّيَ البَازِي إِذا البَازِي كَسَرْ

يقول: ارتفع قَدْرُه حين غَزَا موضعاً بعيداً من الشام و جمع لذلك جيشاً. و
في حديث سعد بن أَبي وقَّاصٍ: الضَّبْر ضَبر البَلْقاء و الطعن طعن أَبي مِحْجَنٍ. البَلْقاء: فرس سعد، و كان أَبو مِحْجن قد حبسه سعدٌ في شرب الخمر و هم في قتال الفُرْس، فلما كان يوم القَادِسِيَّة رأَى أَبو محْجن الثقفي من الفُرْس قوّة، فقال لامرأَة سعد: أَطلقيني و لكِ اللهَ عليَّ أَن أَرجع حتى أَضع رِجْلي في القيد؛ فحلته، فركب فَرَساً لسعد يقال لها البَلْقاء، فَجَعَل لا يَحْمِل على ناحية من نواحي العدوّ إِلا هزمهم، ثم رجع حتى وضع رِجْله في القيد و وَفى لها بذمَّته، فلما رجع سعد أَخبرته بما كان من أَمره فخلى سبيله.
و فرس ضِبِرٌّ، مثال طِمِرٍّ، فِعِلٌّ منه، أَي وثَّاب، و كذلك الرجل. و ضَبَّر الشي‏ءَ: جمعه. و الضَّبْر و التَّضْبِير: شدة تَلْزِيز العظام و اكتناز اللحم؛ جَمَلٌ مَضْبُور و مُضَبَّر، و فرس مُضَبَّر الخلق أَي مُوَثَّقُ الخلق، و ناقة مُضَبَّرة الخَلْق. و رجل ضِبِرٌّ: شديد. و رجل ذو ضَبَارَةٍ في خلقه: مجتمع الخلق، و قيل: وَثِيقُ الخلق؛ و به سمي ضَبَارَةُ، و ابن ضَبَارة كان رجلًا من رؤساء أَجناد بني أُمية. و المَضْبُور: المجتمع الخلق الأَملس؛ و يقال للمِنْجل: مَضْبُور. الليث: الضَّبْر شدة تَلْزِيز العظام و اكتناز اللحم، و جمل مُضَبَّر الظهر؛ و أَنشد:
مُضَبَّر اللَّحْيَيْن نَسْراً مِنْهَسا

و أَسد ضُبَارِم و ضُبَارِمَة منه فُعالم عند الخليل. و الإِضْبَارَةُ: الحُزْمة من الصُّحُف، و هي الإِضْمَامَة. ابن السكيت: يقال جاء فلان بإِضْبَارَةٍ من كُتب و إِضْمامةٍ من كُتب، و هي الأَضَابِير و الأَضَامِيم. الليث: إِضْبارَةٌ من صُحُف أَو سهام أَي حُزْمة، و ضُبَارَةُ [ضِبَارَةُ] لغة، و غير الليث لا يجيز ضُبَارة من كُتُب، و يقول: أَضْبَارة و إِضْبارة. و ضَبَّرت الكُتب و غيرها تضبِيراً: جمعتها. الجوهري: ضَبَرت‏

479
لسان العرب4

ضبر ص 479

الكُتب أَضْبُرُها ضَبْراً إِذا جعلتها إِضْبارَة. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه ذكر قوماً يخرجون من النار ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ.
كأَنها جمع ضِبَارَةٍ مثل عِمَارَةٍ و عَمائِر. و كل مجتمع: ضِبَارَة. و الضَّبَائِر: جماعات الناس. يقال: رأَيتهم ضَبائرَ أَي جماعات في تَفْرقة. و
في حديث آخر: أَتَتْه الملائكةُ بحريرة فيها مِسْك و من ضَبائِر الريحان.
و الضُّبَار [الضِّبَار]: الكُتُب، لا واحد لها؛ قال ذو الرمة:
أَقولُ لِنَفْسي واقِفاً عند مُشْرِفٍ،             على عَرَصَاتٍ، كالضبَارِ النَّوَاطق‏

و الضَّبْر: الجماعة يغزون على أَرجلهم؛ و قال في موضع آخر: الجماعة يغزون. يقال: خرج ضَبْرٌ من بني فلان؛ و منه قول ساعدة بن جؤية الهذلي:
بَيْنا هُمُ يَوْماً كذلك رَاعَهُمْ             ضَبْرٌ، لباسُهُمُ القَتيرُ مُؤَلَّبُ‏

القَتِير: مسامير الدروع و أَراد به هاهنا الدروع. و مؤلب: مُجمَّع، و منه تَأَلَّبُوا أَي تجمَّعوا. و الضَّبْر: الرَّجَّالة. و الضَّبْر: جلد يُغَشَّى خَشَباً فيها رجال تُقَرَّبُ إِلى الحُصون لقتال أَهلها، و الجمع ضُبُورٌ، و منه قولهم: إِنا لا نأْمَنُ أَن يأْتوا بضُبُور؛ هي الدَّبَّابات التي تُقَرَّب للحصون لتنقب من تحتها، الواحدة ضَبْرة. و ضَبَرَ عليه الصَّخْر يَضْبُره أَي نَضَّدَه؛ قال الراجز يصف ناقة «2»:
ترى شُؤُون رأْسِها العَوارِدا             مَضْبُورَةً إِلى شَباً حَدائِدا،
ضَبْرَ بَراطِيلَ إِلى جَلامِدا
و الضَّبْرُ و الضَّبِر: شجر جَوْز البرّ ينوّر و لا يعقد؛ و هو من نبات جبال السَّرَاةِ، واحدته ضَبِرَة؛ قال ابن سيدة: و لا يمتنع ضَبْرَة غير أَني لم أَسمعه. و
في حديث الزهري: أَنه ذكر بني إِسرائيل فقال: جعل الله عِنَبَهُمُ الأَرَاكَ و جَوْزَهم الضَّبْرَ و رُمَّانهم المَظَّ.
؛ الأَصمعي: الضَّبْر جَوْز البر، الجوهري: و هو جوز صلب، قال: و ليس هو الرُّمان البري، لأَن ذلك يسمى المَظّ. و الضُّبَّار: شجر طيّب الحَطَب؛ عن أَبي حنيفة. و قال مرة: الضُّبَّار شجر قريب الشبه من شجر البَلُّوط و حَطَبه جيد مثل حطب المَظّ، و إِذا جمع حطبه رطباً ثم أُشعلت فيه النار فَرْقَعَ فَرْقَعَة المَخَاريق، و يفعل ذلك بقرب الغيَاض التي تكون فيها الأُسْد فتهرب، واحدته ضُبَّارة. ابن الأَعرابي: الضَّبْر الفقر، و الضَّبْر الشد، و الضَّبْر جمع الأَجزاء؛ و أَنشد:
مضبورةً إِلى شباً حدائدا،             ضبر براطيلَ إِلى جلامدا

و قول العجاج يصف المنجنيق:
و كل أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا،             تُنْتَجُ حين تَلْقَح ابْتِقارا
قد ضُبِرَ القومُ لها اضْطبارا،             كأَنما تجمَّعوا قُبّارا

أَي يخرج حجرها من وسطها كما تُبْقر الدابة. و القُبّار من كلام أَهل عمان: قومٌ يجتمعون فيحوزون ما يقع في الشِّباك من صَيْد، البحر، فشبه جَذْب أُولئك حِبالَ المنْجَنِيق بجذب هؤُلاء الشباك بما فيها. ابن الفرج: الضِّبْر و الضِّبْن الإِبْط؛ و أَنشد لجندل:
__________________________________________________
 (2). قوله: [يصف ناقة] في شرح القاموس قال الصاغاني: و الصواب يصف جملًا، و هذا موضع المثل: استنوق الجمل. و الرجز لأَبي محمد الفقعسي و الرواية شؤون رأسه.

480
لسان العرب4

ضبر ص 479

و لا يَؤُوبُ مُضْمَراً في ضِبْرِي             زادِي، و قد شَوَّلَ زَادُ السَّفْرِ

أَي لا أَخْبَأُ الطعام في السفر فَأَؤُوب به إِلى بيتي و قد نفد زاد أَصحابي و لكني أُطعمهم إِياه. و معنى شَوَّلَ أَي خف، و قلَّما تُشَوِّلُ القِرْبةُ إِذا قلّ ماؤها. و عامر بن ضَبارة، بالفتح «1». و ضُبَيْرَة: اسم امرأَة؛ قال الأَخطل:
بَكْرِيَّةٌ لم تكُنْ دَارِي لها أَمَماً،             و لا ضُبَيْرَةُ مِمَّن تَيَّمَت صَدَدُ

و يروى‏
... صُبَيْرَةُ.
و ضَبَّار: اسم كلب؛ قال:
سَفَرَتْ فَقُلْت لَها: هَجٍ، فَتَبَرْقَعَتْ،             فَذَكَرْتُ حين تَبَرْقَعَتْ ضَبَّارا

ضبطر:
الضِّبَطْر، مثال الهِزَبْر: الضخم المكتَنِزُ الشديد الضابط؛ أَسد ضِبَطْرٌ و جمل ضِبَطْرٌ؛ و أَنشد:
أَشبه أَركانه ضِبَطْرَا
الضِّبَطْرُ و السِّبَطْرُ: من نعت الأَسد بالمَضَاء و الشدة.
ضبغطر:
الضَّبَغْطَرَى: كلمة يُفَزَّع بها الصبيانُ. و الضَّبَغْطَرى: الشديد و الأَحمق؛ مثَّل به سيبويه و فسره السيرافي. و رجل ضَبَغْطَرَى إِذا حَمَّقْتَه و لم يُعْجبك، و تَثْنية الضَّبَغْطَرَى ضَبَغْطَرَانِ، و رأَيت ضَبَغْطَرَين. ابن الأَعرابي: الضَّبَغْطَرَى ما حملته على رأْسك و جعلت يديك فوقه على رأْسك لئلَّا يقع. و الضَّبَغْطَرَى أَيضاً: اللعين الذي يُنصب في الزرع يُفَزَّع به الطيرُ.
ضجر:
الضَّجَر: القلق من الغم، ضَجِرَ منه و به ضَجَراً. و تَضَجَّر: تَبَرَّم؛ و رجل ضَجِرٌ و فيه ضُجْرَةٌ. قال أَبو بكر: فلان ضَجِرٌ معناه ضيّق النفس، من قول العرب مكان ضَجِر أَي ضيّق؛ و قال دريد:
فإِمَّا تُمْسِ في جَدَثٍ مُقيماً             بِمَسْهَكَةٍ، من الأَرْواحِ، ضَجْر «2».

أَبو عمرو: مكان ضَجْر و ضَجِر أَي ضيِّق، و الضَّجْر الاسم و الضِّجَر المصدر. الجوهري: ضَجِر، فهو ضَجِرٌ، و رجل ضَجُور، و أَضْجَرني فلان، فهو مُضْجِرٌ، و قوم مَضاجِرُ و مَضاجِيرُ؛ قال أَوس:
تَناهَقُونَ إِذا اخْضَرَّتْ نعالُكُمُ،             و في الحَفِيظَةِ أَبْرامٌ مَضاجِيرُ

وَ ضَجِرَ البعير: كثر رُغاؤه؛ قال الأَخطل يهجو كعب بن جُعَيْل:
فَإِنْ أَهْجُه يَضْجَرْ، كَمَا ضَجْرَ بازِلٌ             مِنَ الأُدْمِ دَبْرَتْ صَفْحَتاهُ و غارِبُه‏

و قد خَفَّف ضَجِرَ و دَبِرَت في الأَفعال؛ كما يخفف فَخِذ في الأَسماء. و البَازِلُ من الإِبل: الذي يَبْزُل نابُه أَي يَشُقّ في السنة التاسعة و ربما بَزَل في الثامنة. و الأُدْم: جمع آدَمَ، و يقال: الأُدْمة من الإِبل البياض. و صَفْحتاه: جانبا عُنُقه. و الغَارِب: ما بين السنام و العنق؛ يقول: إِن أَهْجُه يَضْجَر و يلحقه من الأَذى ما يلحق البعير الدَّبِر من الأَذى. ابن سيدة: و ناقة ضَجُور تَرْغُو عند الحلْب. و في المثل: قد تَحْلُب الضَّجُور العُلْبة أَي قد تصيب اللِّينَ من السيِ‏ء الخُلُق. قال أَبو عبيد: من أَمثالهم في البخيل يستخرج منه المال على بخله: إِن الضَّجُور قد تحلب أَي إِن هذا و إِن كان مَنوعاً فقد يُنال منه الشي‏ءُ بعد الشي‏ء كما أَن الناقة الضَّجُورَ قد يُنال من لبنها.
__________________________________________________
 (1). قوله: [و عامر بن ضبارة بالفتح‏] كذا بالأَصل. و في القاموس و شرحه: و عمرو بن ضبارة، بالضم، و ضبطه بعضهم بالفتح.
 (2). قوله: [فإما تمس‏] كذا بالأَصل و في شرح القاموس متى ما تمس.

481
لسان العرب4

ضجحر ص 482

ضجحر:
الأَصمعي: ضَجْحَرْت القِرْبة ضَجْحَرَةً إِذا ملأَتها، و قد اضْجَحَرَّ السِّقاءُ اضْجِحْراراً إِذا امتلأَ؛ و أَنشد في صفة إِبل غِزارٍ:
تَتْرُكُ الوَطْبَ شاصِياً مُضْجَحِرّاً،             بَعْدَ ما أَدَّتِ الحُقُوقَ الحُضُورا

و ضَجْحَرَ الإِناءَ: ملأَه.
ضرر:
في أَسماء الله تعالى: النَّافِعُ الضَّارُّ، و هو الذي ينفع من يشاء من خلقه و يضرّه حيث هو خالق الأَشياء كلِّها: خيرِها و شرّها و نفعها و ضرّها. الضَّرُّ و الضُّرُّ لغتان: ضد النفع. و الضَّرُّ المصدر، و الضُّرّ الاسم، و قيل: هما لغتان كالشَّهْد و الشُّهْد، فإِذا جمعت بين الضَّرّ و النفع فتحت الضاد، و إِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضاد إِذا لم تجعله مصدراً، كقولك: ضَرَرْتُ ضَرّاً؛ هكذا تستعمله العرب. أَبو الدُّقَيْش: الضَّرّ ضد النفع، و الضُّر، بالضم، الهزالُ و سوء الحال. و قوله عز و جل: وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ‏
؛ و قال: كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى‏ ضُرٍّ مَسَّهُ‏
؛ فكل ما كان من سوء حال و فقر أَو شدّة في بدن فهو ضُرّ، و ما كان ضدّاً للنفع فهو ضَرّ؛ و قوله: لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ‏
؛ من الضَّرَر، و هو ضد النفع. و المَضَرّة: خلاف المَنْفعة. و ضَرَّهُ يَضُرّه ضَرّاً و ضَرّ بِه و أَضَرّ بِه و ضَارَّهُ مُضَارَّ ةً و ضِراراً بمعنى؛ و الاسم الضَّرَر. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: لا ضَرَرَ و لا ضِرارَ في الإِسلام.
؛ قال: و لكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر: فمعنى‏
قوله لا ضَرَرَ.
أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه، و هو ضد النفع، و
قوله: و لا ضِرار.
أَي لا يُضَارّ كل واحد منهما صاحبه، فالضِّرَارُ منهما معاً و الضَّرَر فعل واحد، و معنى‏
قوله: و لا ضِرَار.
أَي لا يُدْخِلُ الضرر على الذي ضَرَّهُ و لكن يعفو عنه، كقوله عز و جل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ؛ قال ابن الأَثير:
قوله لا ضَرَرَ.
أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه فَيَنْقُصه شيئاً من حقه، و الضِّرارُ فِعَالٌ من الضرّ، أَي لا يجازيه على إِضراره بإِدخال الضَّرَر عليه؛ و الضَّرَر فعل الواحد، و الضِّرَارُ فعل الاثنين، و الضَّرَر ابتداء الفعل، و الضِّرَار الجزاء عليه؛ و قيل: الضَّرَر ما تَضُرّ بِه صاحبك و تنتفع أَنت به، و الضِّرار أَن تَضُره من غير أَن تنتفع، و قيل: هما بمعنى و تكرارهما للتأْكيد. و قوله تعالى: غَيْرَ مُضَارٍّ
؛ مَنع من الضِّرَار في الوصية؛ و
روي عن أَبي هريرة: من ضَارَّ في وَصِيَّةٍ أَلقاه الله تعالى في وَادٍ من جهنم أَو نار.
؛ و الضِّرار في الوصية راجع إِلى الميراث؛ و منه‏
الحديث: إِنّ الرجلَ يعمَلُ و المرأَة بطاعة الله ستين سنةً ثم يَحْضُرُهما الموتُ فَيُضَارِران في الوصية فتجبُ لهما النار.
؛ المُضارَّةُ في الوصية: أَن لا تُمْضى أَو يُنْقَصَ بعضُها أَو يُوصى لغير أَهلها و نحو ذلك مما يخالف السُّنّة. الأَزهري: و قوله عز و جل: وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ
، له وجهان: أَحدهما لا يُضَارَّ
 فَيُدْعى إِلى أَن يكتب و هو مشغول، و الآخر أَن معناه لا يُضَارِرِ الكاتبُ أَي لا يَكْتُبْ إِلا بالحق و لا يشهدِ الشّاهد إِلا بالحق، و يستوي اللفظان في الإِدغام؛ و كذلك قوله: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها
؛ يجوز أَن يكون لا تُضَارَرْ على تُفاعَل، و هو أَن يَنْزِع الزوجُ ولدها منها فيدفعه إِلى مُرْضعة أُخرى، و يجوز أَن يكون قوله لا تُضَارَّ
 معناه لا تُضَارِرِ الأُمُّ الأَبَ فلا ترضِعه.

482
لسان العرب4

ضرر ص 482

و الضَّرَّاءُ: السَّنَة. و الضَّارُوراءُ: القحط و الشدة. و الضَّرُّ: سوء الحال، و جمعه أَضُرٌّ؛ قال عديّ بن زيد العبّادي:
و خِلالَ الأَضُرّ جَمٌّ من العَيْشِ             يُعَفِّي كُلُومَهُنَّ البَواقي‏

و كذلك الضَّرَرُ و التَّضِرَّة و التَّضُرَّة؛ الأَخيرة مثل بها سيبويه و فسرها السيرافي؛ و قوله أَنشده ثعلب:
مُحَلًّى بأَطْوَاقٍ عِتاقٍ يُبِينُها،             على الضَّرّ، رَاعي الضأْنِ لو يَتَقَوَّفُ‏

إِنما كنى به عن سوء حاله في الجهل و قلة التمييز؛ يقول: كرمُه و جوده يَبِينُ لمن لا يفهم الخير فكيف بمن يفهم؟ و الضَّرَّاءُ: نقيض السَّرَّاء. و
في الحديث: ابْتُلِينَا بالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنا، و ابتلينا بالسَّرَّاء فلم نَصْبِرْ.
؛ قال ابن الأَثير: الضَّرَّاءُ الحالة التي تَضُرُّ، و هي نقيض السَّرَّاء، و هما بناءان للمؤنث و لا مذكر لهما، يريد أَنا اخْتُبِرْنا بالفقر و الشدة و العذاب فصبرنا عليه، فلما جاءتنا السَّرَّاءُ و هي الدنيا و السَّعَة و الراحة بَطِرْنا و لم نصبر. و قوله تعالى: فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ
؛ قيل: الضَّرَّاءُ النقص في الأَموال و الأَنفس، و كذلك الضَّرَّة و الضَّرَارَة، و الضَّرَرُ: النقصان يدخل في الشي‏ء، يقال: دخل عليه ضَرَرٌ في ماله. و سئل أَبو الهيثم عن قول الأَعشى:
ثُمَّ وَصّلْت ضَرَّةً بربيع‏

فقال: الضَّرَّةُ شدة الحال، فَعْلَة من الضَّرّ، قال: و الضُّرّ أَيضاً هو حال الضَّرِيرِ، و هو الزَّمِنُ. و الضَّرَّاءُ: الزَّمانة. ابن الأَعرابي: الضَّرَّة الأَذاة، و قوله عز و جل: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
؛ أَي غير أُولي الزَّمانة. و قال ابن عرفة: أَي غير من به عِلَّة تَضُرّه و تقطعه عن الجهاد، و هي الضَّرَارَة أَيضاً، يقال ذلك في البصر و غيره، يقول: لا يَسْتَوي القاعدون و المجاهدون إِلا أُولو الضَّرَرِ فإِنهم يساوون المجاهدين؛ الجوهري: و البَأْساءُ و الضَّرَّاء الشدة، و هما اسمان مؤنثان من غير تذكير، قال الفراء: لو جُمِعَا على أَبْؤُسٍ و أَضُرٍّ كما تجمع النَّعْماء بمعنى النِّعْمة على أَنْعُم لجاز. و رجل ضَرِيرٌ بَيِّن الضَّرَارَة: ذاهب البصر، و الجمع أَضِرَّاءُ. يقال: رجل ضَرِيرُ البصرِ؛ و إِذا أَضَرَّ به المرضُ يقال: رجل ضَرِير و امرأَة ضَرِيرَة. و
في حديث البراء: فجاء ابن أُمّ مكتوم يشكو ضَرَارَتَه.
؛ الضَّرَارَة هاهنا العَمَى، و الرجل ضَرِيرٌ، و هي من الضَّرّ سوء الحال. و الضَّرِيرُ: المريض المهزول، و الجمع كالجمع، و الأُنثى ضَرِيرَة. و كل شي‏ء خالطه ضُرٌّ، ضَرِيرٌ و مَضْرُورٌ. و الضَّرائِرُ: المَحاويج. و الاضطِرَارُ: الاحتياج إِلى الشي‏ء، و قد اضْطَرَّه إِليه أَمْرٌ، و الاسم الضَّرَّة؛ قال دريد بن الصمة:
و تُخْرِجُ منهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،             وَ طُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ

أَي تَلأْلُؤَ عَضْب، و يروى:
... ذَرِّيَّ عضب ...

يعني فِرِنْدَ السيف لأَنه يُشَبَّه بمَدَبِّ النمْلِ. و الضَّرُورةُ: كالضَّرَّةِ. و الضِّرارُ: المُضَارَّةُ؛ و ليس عليك ضَرَرٌ و لا ضَرُورةٌ و لا ضَرَّة و لا ضارُورةٌ و لا تَضُرّةٌ [تَضِرّةٌ]. و رجل ذو ضارُورةٍ و ضَرُورةٍ أَي ذُو حاجةٍ، و قد اضْطُرَّ إِلى الشَّي‏ءِ أَي أُلْجئَ إِليه؛ قال الشاعر:
أَثِيبي أَخا ضارُورةٍ أَصْفَقَ العِدى             عليه، و قَلَّتْ في الصَّدِيق أَواصِرُهْ‏

الليث: الضّرُورةُ اسمٌ لمصْدرِ الاضْطِرارِ، تقول: حَمَلَتْني الضّرُورَةُ على كذا و كذا. و قد اضْطُر

483
لسان العرب4

ضرر ص 482

فلان إِلى كذا و كذا، بِناؤُه افْتَعَلَ، فَجُعِلَت التاءُ طاءً لأَنَّ التاءَ لم يَحْسُنْ لفْظُه مع الضَّادِ. و قوله عز و جل: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ*
؛ أَي فمن أُلْجِئَ إِلى أَكْل الميْتةِ و ما حُرِّم و ضُيِّقَ عليه الأَمْرُ بالجوع، و أَصله من الضّرَرِ، و هو الضِّيقُ. و قال ابن بزرج: هي الضارُورةُ و الضارُوراءُ ممدود. و
في حديث عليّ، عليه السلام، عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنَّه نهى عن بيع المُضْطَرّ.
؛ قال ابن الأَثير: هذا يكون من وجهين: أَحدُهما أَنْ يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ من طَرِيقِ الإِكْراهِ عليه، قال: و هذا بيعٌ فاسدٌ لا يَنْعَقِدُ، و الثاني أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البيعِ لِدَيْن رَكِبَه أَو مَؤونةٍ ترْهَقُه فيَبيعَ ما في يَدِه بالوَكْسِ للضَّرُورةِ، و هذا سبيلُه في حَقِّ الدِّينِ و المُروءةِ أَن لا يُبايَعَ على هذا الوجْهِ، و لكن يُعَان و يُقْرَض إِلى المَيْسَرَةِ أَو تُشْتَرى سِلْعَتُه بقِيمتها، فإِنْ عُقِدَ البَيْع مع الضرورةِ على هذا الوجْه صحَّ و لم يُفْسَخْ مع كراهةِ أَهلِ العلْم له، و معنى البَيْعِ هاهنا الشِّراءُ أَو المُبايَعةُ أَو قَبُولُ البَيْعِ. و المُضْطَرُّ: مُفْتَعَلٌ من الضّرِّ، و أَصْلُه مضْتَرَرٌ، فأُدْغِمَت الراءُ و قُلِبَت التاءُ طاءً لأَجْلِ الضادِ؛ و منه‏
حديث ابن عمر: لا تَبْتَعْ من مُضْطَرٍّ شَيْئاً.
؛ حملَه أَبو عُبَيْدٍ على المُكْرَهِ على البَيْعِ و أَنْكَرَ حَمْلَه على المُحْتاج. و
في حديث سَمُرَةَ: يَجْزِي من الضَّارُورة صَبُوحٌ أَو غَبُوق.
؛ الضارورةُ لغةٌ في الضّرُورةِ، أَي إِنَّما يَحِلّ للمُضْطَرّ من المَيْتة أَنْ يأْكُلَ منها ما يسُدُّ الرَّمَقَ غَداءً أَو عَشاءً، و ليس له أن يَجْمعَ بينهما. و الضَّرَرُ: الضِّيقُ. و مكانٌ ذو ضَرَرٍ أَي ضِيقٍ. و مكانٌ ضَرَرٌ: ضَيِّقٌ؛ و منه قول ابن مُقْبِل:
ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرَر
و قول الأَخطل:
لكلّ قَرارةٍ منها و فَجٍ             أَضاةٌ، ماؤها ضَرَرٌ يَمُور

قال ابن الأَعرابي: ماؤها ضرَرٌ أَي ماءٌ نَمِيرٌ في ضِيقٍ، و أَرادَ أَنَّه غَزِيرٌ كثيرٌ فَمجارِيه تَضِيقُ به، و إِن اتَّسَعَتْ. و المُضِرُّ: الدَّاني من الشيْ‏ءِ؛ قال الأَخْطل:
ظَلَّتْ ظِباءُ بَني البَكَّاءِ راتِعَةً،             حتى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ و إِضْرار

و
في حديث معاذ: أَنَّه كان يُصَلِّي فأَضَرَّ به غُصْنٌ فمَدَّ يَده فكَسَرَهُ.
؛ قوله: أَضَرَّ به أَي دنا منه دُنُوّاً شديداً فآذاه. و أَضَرَّ بي فلانٌ أَي دَنا منّي دُنُوّاً شديداً و أَضَرَّ بالطريقِ: دنَا منه و لم يُخالِطْه؛ قال عبد الله بن عَنْمة «3». الضَّبِّي يَرْثي بِسْطَامَ ابْنَ قَيْسٍ:
لأُمِّ الأَرْضِ ويْلٌ ما أَجَنَّتْ             غداةَ أَضَرَّ بالحسَنِ السَّبيلُ؟ «4». يُقَسِّمُ مالَه فِينا فَنَدْعُو
أَبا الصَّهْبا، إِذا جَنَحَ الأَصِيلُ‏

الحَسَنُ: اسمُ رَمْلٍ؛ يَقُولُ هذا على جهة التعجُّبِ، أَي وَيْلٌ لأُمِّ الأَرْضِ ما ذا أَجَنَّت من بِسْطام أَي بحيث دَنَا جَبَلُ الحَسَنِ من السَّبِيلِ. و أَبو الصهباء: كُنْيَةُ بسْطام. و أَضَرَّ السيْلُ من الحائط: دَنَا منه. و سَحابٌ مُضِرٌّ أَي مُسِفٌّ. و أَضَرَّ السَّحابُ إِلى الأَرْضِ: دَنَا، و كلُّ ما دَنا دُنُوّاً مُضَيَّقاً، فقد أَضَرَّ. و
في الحديث: لا يَضُرُّه أَنْ‏
__________________________________________________
 (3). قوله: [ابن عنمة] ضبط في الأصل بسكون النون و ضبط في ياقوت بالتحريك.
 (4). قوله: [غداة] في ياقوت بحيث.

484
لسان العرب4

ضرر ص 482

يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كانَ له.
؛ هذه الكلمةُ يَسْتَعْمِلُها العرَبُ ظاهرُها الإِباحَةُ و معناها الحَضُّ و التَّرْغِيبُ. و الضَّرِيرُ: حَرْفُ الوادِي. يقال: نَزَلَ فلانٌ على أَحدِ ضَرِيرَي الوادِي أَي على أَحَدِ جانِبَيْهِ، و قال غيرُه: بإِحْدَى ضَفَّتَيْه. و الضَّرِيرانِ: جانِبا الوادِي؛ قال أَوس بن حَجَر:
و ما خَلِيجٌ من المَرُّوتِ ذُو شُعَبٍ،             يَرْمِي الضَّرِيرَ بِخُشْبِ الطَّلْحِ و الضَّالِ‏

واحِدُهما ضَرِيرٌ و جمعُه أَضِرَّةٌ. و إِنه لَذُو ضَرِيرٍ أَي صَبْرٍ على الشرِّ و مُقَاساةٍ له. و الضَّرِيرُ من النَّاسِ و الدوابِّ: الصبُورُ على كلّ شي‏ء؛ قال:
باتَ يُقاسي كُلَّ نابٍ ضِرِزَّةٍ،             شَدِيدة جَفْنِ العَيْنِ ذاتِ ضَريرِ

و قال:
أَما الصُّدُور لا صُدُورَ لِجَعْفَرٍ،             و لكنَّ أَعْجازاً شديداً ضَرِيرُها

الأَصمعي: إِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشي‏ءِ و الشِّدَةِ إِذا كان ذا صبرٍ عليه و مُقَاساةٍ؛ و أَنشد:
و همَّامُ بْنُ مُرَّةَ ذو ضَرِيرِ

يقال ذلك في الناس و الدوابِّ إِذا كان لها صبرٌ على مقاساةِ الشرِّ؛ قال الأَصمعي في قول الشاعر:
بمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها             بأَطْرافِها، و العِيسُ باقٍ ضَرِيرُها

قال: ضريرُها شدَّتُها؛ حكاه الباهِليُّ عنه؛ و قول مليح الهذلي:
و إِنِّي لأَقْرِي الهَمَّ، حين يَنوبني،             بُعَيدَ الكَرَى منه، ضَرِيرٌ مُحافِلُ‏

أَراد مُلازِم شَدِيد. و إِنَّه لَضِرُّ أَضْرارٍ أَي شَدِيدُ أَشِدَّاءَ، و ضِلُّ أَضْلالٍ و صِلُّ أَصْلالٍ إِذا كان داهِيَةً في رأْيه؛ قال أَبو خراش:
و القوم أَعْلَم لو قُرْطٌ أُرِيدَ بها،             لكِنَّ عُرْوةَ فيها ضِرُّ أَضْرارِ

أَي لا يستنقذه ببَأْسه و حِيلَهِ. و عُرْوةُ: أَخُو أَبي خِراشٍ، و كان لأَبي خراشٍ عند قُرْطٍ مِنَّةٌ، و أَسَرَتْ أَزد السَّراةِ عُرْوةَ فلم يحمَد نيابَة قُرْطٍ عنْه في أَخيه:
إِذاً لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيْفِ من رَجُلٍ             من سادةِ القَومِ، أَوْ لالْتَفَّ بالدَّار

الفراء: سمعت أَبَا ثَروانَ يقول: ما يَضُرُّكَ عليها جارِيَةً أَي ما يَزِيدُكَ؛ قال: و قال الكسائي سمعتهم يقولون ما يَضُرُّكَ على الضبِّ صَبْراً، و ما يَضِيرُكَ على الضبِّ صَبْراً أَي ما يَزِيدُكَ. ابن الأَعرابي: ما يَزِيدُك عليه شيئاً و ما يَضُرُّكَ عليه شيئاً، واحِدٌ. و قال ابن السكيت في أَبواب النفي: يقال لا يَضُرُّك عليه رجلٌ أَي لا تَجِدُ رجلًا يَزِيدُكَ على ما عند هذا الرجل من الكفاية، و لا يَضُرُّكَ عليه حَمْلٌ أَي لا يَزِيدُك. و الضَّرِيرُ: اسمٌ للْمُضَارَّةِ، و أَكْثُر ما يُسْتَعْمَل في الغَيْرةِ. يقال: ما أَشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيها. و إِنه لذُو ضَرِيرٍ على امرأَته أَي غَيْرة؛ قال الراجز يصف حماراً:
حتى إِذا ما لانَ مِنْ ضَرِيرِه‏
و ضارّه مُضارَّةً و ضِراراً: خالَفَه؛ قال نابغةُ بنِي جَعْدة:
و خَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَيْ تُدْرَإِ،             متى باتَ سِلْمُها يَشْغَبا

485
لسان العرب4

ضرر ص 482

و
روُي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قيل له: أَ نَرَى رَبَّنا يومَ القيامةِ؟ فقال: أَ تُضارُّونَ في رُؤْيَةِ الشمْسِ في غيرِ سَحابٍ؟ قالوا: لا، قال: فإِنَّكم لا تُضارُّون في رُؤْيتِه تباركَ و تعالى.
؛ قال أَبو منصور: رُوِي هذا الحرفُ بالتشديد من الضُّرّ، أَي لا يَضُرُّ بعضُكم بَعْضاً، و روي تُضارُونَ، بالتخفيف، من الضَّيْرِ. و معناهما واحدٌ؛ ضارَهُ ضَيْراً فضَرَّه ضَرّاً، و المعنى لا يُضارُّ بعْضُكم بعْضاً في رُؤْيَتِهِ أَي لا يُضايِقُه ليَنْفَرِدَ برُؤْيتِه. و الضرَرُ: الضِّيقُ، و قيل:
لا تُضارُّون في رُؤْيته.
أَي لا يُخالِفُ بعضُكم بعضاً فيُكَذِّبُه. يقال: ضارَرْت الرجُلَ ضِراراً و مُضارَّةً إِذا خالَفْته، قال الجوهري: و بعضُهم يقول‏
لا تَضارّون.
بفتح التاء، أَي لا تَضامُّون، و
يروى لا تَضامُّون في رُؤْيته.
أَي لا يَنْضمُّ بعضُكم إِلى بعْضٍ فيُزاحِمُه و يقولُ له: أَرِنِيهِ، كما يَفْعَلُون عند، النَّظَرِ إِلى الهِلالِ، و لكن يَنْفَردُ كلٌّ منهم برُؤْيته؛ و
يروى: لا تُضامُون.
بالتخفيف، و معناه لا يَنالُكْم ضَيْمٌ في رؤيته أَي تَرَوْنَه حتى تَسْتَوُوا في الرُّؤْيَةِ فلا يَضِيم بعضُكم بعْضاً. قال الأَزهري: و معاني هذه الأَلفاظِ، و إِن اخْتلفت، مُتَقارِبةٌ، و كلُّ ما رُوِي فيه فهو صحيحٌ و لا يَدْفَعُ لَفْظٌ منها لفظاً، و هو من صحاح أَخْبارِ سيّدِنا رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، و غُرَرِها و لا يُنْكِرُها إِلَّا مُبْتَدِعٌ صاحبُ هَوًى؛ و قال أَبو بكر: مَنْ‏
رواه: هل تَضارُّون في رؤيته.
مَعْناه هل تَتَنازَعون و تَخْتَلِفون، و هو تَتَفاعلُونَ من الضِّرارِ، قال: و تفْسيرُ لا تُضارُّون لا يقعُ بِكُم في رؤيته ضُرٌّ، و تُضارُون، بالتخفيف، من الضَّيْرِ، و هو الضُّرُّ، و تُضامُون لا يَلْحَقُكم في رؤيته ضَيْمٌ؛ و قال ابنُ الأَثير: رُوِيَ الحديثُ بالتخفيف و التَّشْديد، فالتشْديدُ بمعنى لا تَتَخالَفُون و لا تَتَجادلُون في صِحّةِ النَّظر إِليه لِوُضُوحِه و ظُهُوره، يقال: ضارَّهُ يُضارُّه مِثْل ضَرَّه يَضُرُّه، و قيل: أَرادَ بالمُضارّةِ الاجْتِمَاعَ و الازْدحامَ عند النَّظرِ إِليه، و أَما التخْفيفُ فهو من الضَّيرِ لُغَة في الضرِّ، و المَعْنَى فيه كالأَوّل، قال ابن سيدة: و أَما مَنْ رواه‏
لا تُضارُون في رؤيته.
على صيغةِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه فهو من المُضايقَةِ، أَي لا تَضامُّون تَضامّاً يَدْنُو به بعضُكم من بعضٍ فتُضايَقُون. و ضَرَّةُ المَرْأَةِ: امرأَةُ زَوْجِها. و الضَّرَّتان: امرأَتا الرجُلِ، كلُّ واحدَةٍ منهما ضَرَّةٌ لصاحِبَتِها، و هو من ذلك، و هُنَّ الضرائِرُ، نادِرٌ؛ قال أَبو ذُؤَيب يصِفُ قُدُوراً:
لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّضِيل كأَنَّها             ضَرائِرُ جِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها

و هي الضِّرُّ. و تزوَّجَ على ضِرٍّ و ضُرٍّ أَي مُضارَّة بينَ امْرَأَتينِ، و يكون الضِّرُّ للثَّلاثِ. و حَكى كُراعٌ: تَزوَّجْتُ المرأَةَ على ضِرٍّ كُنَّ لَها، فإِذا كان كذلك فهو مَصْدَرٌ على طَرْح الزائدِ أَو جَمْعٌ لا واحدَ له. و الإِضْرارُ: التزْويجُ على ضَرَّةٍ؛ و في الصحاح: أَنْ يتزوّجَ الرجلُ على ضَرَّةِ؛ و منه قيل: رجلٌ مُضِرٌّ و امرأَةٌ مُضِرٌّ. و الضِّرُّ، بالكَسْرِ: تزوُّجُ المرأَةِ على ضَرَّةٍ. يقال: نكَحْتُ فُلانة على ضُرٍّ أَي على امرأَةٍ كانت قبْلَها. و حكى أَبو عبد الله الطُّوَالُ: تَزَوَّجْتُ المرأَةَ على ضِرٍّ و ضُرٍّ، بالكسر و الضمِّ. و امرأَةٌ مُضِرٌّ أَيضاً: لها ضرائر، يقالُ فلانٌ صاحبُ ضِرٍّ، و يقال: امرأَةٌ مُضِرٌّ إِذا كان لها ضَرَّةٌ، و رجلٌ مُضِرٌّ إِذا كان له ضَرائرُ، و جمعُ الضَّرَّةِ ضرائرُ. و الضَّرَّتانِ: امرأَتانِ للرجل، سُمِّيتا ضَرَّتَينِ لأَنَّ كلَّ واحدةٍ منهما تُضار

486
لسان العرب4

ضرر ص 482

صاحِبتَها، و كُرِهَ في الإِسْلامِ أَن يقالَ لها ضَرَّة، و قيل: جارةٌ؛ كذلك جاء في الحديث. الأَصمعي: الإِضْرارُ التزْوِيجُ على ضَرَّةٍ؛ يقال منه: رجلٌ مُضِرٌّ و امرأَةٌ مُضرٌّ، بغير هاء. ابن بُزُرج: تزوج فلانٌ امرأَةً، إِنَّها إِلى ضَرَّةِ غِنًى و خَيرٍ. و يقال: هو في ضَرَرِ خَيرٍ و إِنه لفي طَلَفَةِ خيرٍ و ضفَّة خير و في طَثْرَةِ خيرٍ و صَفْوَةٍ من العَيْشِ. و قوله‏
في حديث عَمْرو بن مُرَّةَ: عند اعْتِكارِ الضرائرِ.
؛ هي الأُمُور المُخْتَلِفَةُ كضرائرِ النساءِ لا يَتَّفِقْنِ، واحِدتُها ضَرَّةٌ. و الضَّرَّتانِ: الأَلْيةُ من جانِبَيْ عَظْمِها، و هُما الشَّحْمتان، و في المحكم: اللَّحْمتانِ اللَّتانِ تَنْهَدلانِ من جانِبَيْها. و ضَرَّةُ الإِبْهام: لَحْمَةٌ تحتَها، و قيل: أَصْلُها، و قيل: هي باطنُ الكَفِّ حِيالَ الخِنْصَرِ تُقابِلُ الأَلْيةَ في الكَفِّ. و الضَّرَّةُ: ما وَقَع عليه الوطْءُ من لَحْمِ باطنِ القَدَمِ مما يَلي الإِبْهامَ. و ضَرَّةُ الضَّرْعِ: لَحْمُها، و الضَّرْعُ يذكّر و يؤنث. يقال: ضَرَّةٌ شَكْرَى أَي مَلأَى من اللَّبَنِ. و الضَّرَّةُ: أَصلُ الضرْعِ الذي لا يَخْلُو من اللَّبَن أَو لا يكادُ يَخْلُو منه، و قيل: هو الضرْعُ كلُّه ما خَلا الأَطباءَ، و لا يسمى بذلك إِلَّا أَن يكونَ فيه لَبنٌ، فإِذا قَلَصَ الضرْعُ و ذهَبَ اللَبنُ قيل له: خَيْفٌ، و قيل: الضَّرَّةُ الخِلْفُ؛ قال طرفة يصف نعجة:
من الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها،             و ضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ

و
في حديث أُمّ مَعْبَدٍ: له بصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشاةِ مُزبِد.
؛ الضَّرَّةُ: أَصْلُ الضرْعِ. و الضرَّةُ: أَصْلُ الثَّدْيِ، و الجمعُ من ذلك كُلِّه ضرائرُ، و هو جَمْعٌ نادِرٌ؛ أَنشد ثعلب:
و صار أَمْثَالَ الفَغَا ضَرائِرِي‏

إِنما عَنَى بالضرائرِ أَحدَ هذه الأَشياءِ المُتَقَدّمَةِ. و الضرَّةُ: المالُ يَعْتَمِدُ عليه الرجلُ و هو لغيره من أقارِبه، و عليه ضَرَّتانِ من ضأْنٍ و معَزٍ. و الضرَّةُ: القِطْعَةُ من المال و الإِبلِ و الغنمِ، و قيل: هو الكثيرُ من الماشيةِ خاصَّةً دُون العَيْرِ. و رجلٌ مُضِرٌّ: له ضَرَّةٌ من مالٍ. الجوهري: المُضِرّ الذي يَروحُ عليه ضَرَّةٌ من المال؛ قال الأَشْعَرُ الرَّقَبانُ الأَسَدِيّ جاهِليّ يَهْجُو ابن عمِّه رضوان:
تَجانَفَ رِضْوانُ عن ضَيْفِه،             أَ لَمْ يَأْتِ رِضْوانَ عَنِّي النُّدُرْ؟
بِحَسْبك في القَوم أَنْ يَعْلَمُوا             بأَنَّك فيهمْ غَنيٌّ مُضِرْ
و قد علم المَعْشَرُ الطَّارِحون             بأَنَّكَ، للضَّيْفِ، جُوعٌ و قُرْ
و أَنتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوار،             فلا أَنَتَ حُلْوٌ، و لا أَنت مُرْ

و المَسِيخ: الذي لا طَعْمَ له. و الضَّرّة: المالُ الكثيرُ. و الضَّرّتانِ: حَجَر الرّحى، و في المحكم: الرحَيانِ. و الضَّرِير: النفْسُ و بَقِيَّةُ الجِسْمِ؛ قال العجاج:
حامِي الحُمَيَّا مَرِس الضَّرِيرِ
و يقال: ناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ إِذا كانت شَدِيدةَ النفْسِ بَطِيئةَ اللُّغُوبِ، و قيل: الضَّرِير بقيةُ النفْسِ و ناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ: مُضِرَّةٌ بالإِبل في شِدَّةِ سَيْرِها؛ و به فُسِّرَ قولُ أُمَيَّة بن عائذٍ الهذلي:

487
لسان العرب4

ضرر ص 482

تُبارِي ضَرِيسٌ أُولاتِ الضَّرِير،             و تَقْدُمُهُنّ عَتُوداً عَنُونا

و أَضَرَّ يَعْدُو: أَسْرَعَ، و قيل: أَسْرعَ بَعْضَ الإِسْراعِ؛ هذه حكاية أَبي عبيد؛ قال الطوسي: و قد غَلِظَ، إِنما هو أَصَرَّ. و المِضْرارُ من النِّساءِ و الإِبِلِ و الخَيْلِ: التي تَنِدُّ و تَرْكَبُ شِدْقَها من النَّشاطِ؛ عن ابن الأَعرابي: و أَنشد:
إِذْ أَنت مِضْرارٌ جَوادُ الحُضْرِ،             أَغْلَظُ شي‏ءٍ جانباً بِقُطْرِ

و ضُرٌّ: ماءٌ معروف؛ قال أَبو خراش:
نُسابِقُهم على رَصَفٍ و ضُرٍّ،             كدَابِغةٍ، و قد نَغِلَ الأَدِيمُ‏

و ضِرارٌ: اسمُ رجلٍ. و يقال: أَضَرَّ الفرسُ على فأْسِ اللِّجامِ إِذا أَزَمَ عليه مثل أَضَزَّ، بالزاي. و أَضَرَّ فلانٌ على السَّيرِ الشديدِ أَي صَبَرَ. و إِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشي‏ء إِذا كان ذا صبْر عليه و مُقاساة له؛ قال جرير:
طَرَقَتْ سَوَاهِمَ قد أَضَرَّ بها السُّرَى،             نَزَحَتْ بأَذْرُعِها تَنائِفَ زُورَا
من كلِّ جُرْشُعَةِ الهَواجِرِ، زادَها             بُعْدُ المفاوِزِ جُرْأَةً و ضَرِيرَا

من كلِّ جُرْشُعَة أَي من كل ناقةٍ ضَخْمَةٍ واسعةِ الجوفِ قَوِيَّةٍ في الهواجر لها عليها جُرْأَةٌ و صبرٌ، و الضمير في طَرَقَتْ يعُودُ على امرأَة تقدّم ذكرُها، أَي طَرقَتْهُم و هُمْ مسافرون، أَراد طرقت أَصْحابَ إِبِلٍ سَوَاهِمَ و يُريدُ بذلك خيالَها في النَّومِ، و السَّواهِمُ: المَهْزُولةُ، و قوله: نَزَحَتْ بأَذْرُعِها أَي أَنْفَدَت طُولَ التنائف بأَذْرُعِها في السير كما يُنْفَذُ ماءُ البِئْرِ بالنَّزْحِ. و الزُّورُ: جمع زَوْراءَ. و التَّنائِفُ: جمع تَنُوفَةٍ، و هي الأَرْضُ القَفْرُ، و هي التي لا يُسارُ فيها على قَصْدٍ بل يأْخذون فيها يَمْنَةً و يَسْرَةً.
ضغدر:
حَكَى الأَزهريُّ في ترجمة خرط، قال: قرأْت في نسخة من كتاب الليث:
عَجِبْتُ لِخُرْطِيطٍ و رَقْم جَناحِه،             و رُمَّةِ طِخْمِيلٍ و رَعْثِ الضَّغادِر

قال: الضَّغادِرُ الدّجاجُ، الواحدُ ضُغْدُورةٌ.
ضطر:
الضَّوْطَرُ: العظِيمُ، و كذلك الضَّيْطَرُ و الضَّيْطارُ، و قيل: هو الضَّخْمُ اللئيمُ، و قيل: الضَّيْطَرُ و الضَّيْطَرَى الضخمُ الجَنْبينِ العظيمُ الاسْت، و قيل: الضَّيْطَرُ العظيمُ من الرجالِ، و الجمعُ ضَياطِرُ و ضَياطِرةٌ و ضَيْطارُونَ؛ و أَنشد أَبو عمرو لعَوْفِ بن مالك:
تَعَرَّضَ ضَيْطارُو فُعالَةَ دُونَنا،             و ما خَيْرُ ضَيْطارٍ يُقَلِّبُ مِسْطَحَا؟

يقول: تَعَرَّضَ لنا هَؤُلاءِ القَوْمُ ليُقاتِلُونا و لَيْسوا بشي‏ءٍ لأَنَّه لا سِلَاحَ معهم سوى المِسْطَح؛ و قال ابن بزي: البيت لمالك بن عوف النَّضْرِيّ. و فُعالةُ: كنايةٌ عن خُزاعةَ، و إِنما كَنَى هو و غيرُه عنهم بفُعالَة لكَونِهم حُلَفاءَ لِلنَّبيّ، صلى الله عليه و سلم، يقول: ليس فيهم شي‏ءٌ مما يَنْبَغِي أَن يكونَ في الرجالِ إِلَّا عِظَمَ أَجْسامِهم، و ليس لهم مع ذلك صَبْرٌ و لا جَلَدٌ، و أَيُّ خَيْرٍ عند ضَيْطارٍ سِلاحُه مِسْطَحٌ يُقَلِّبُه في يده؟ و قيل: الضَّيْطَرُ اللئيمُ؛ قال الراجز:
صَاحِ أَ لَمْ تَعْجَبْ لِذاكَ الضَّيْطَرِ؟

488
لسان العرب4

ضطر ص 488

الجوهري: الضَّيْطَرُ الرجلُ الضخمُ الذي لا غَناءَ عِنْدَه، و كذلك الضَّوْطَرُ و الضَّوْطَرَى. و
في حديث عليّ، عليه السلام: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ هؤلاءِ الضَّياطِرةِ؟.
هم الضَّخامُ الذين لا غَناءَ عندهم، الواحدُ ضَيْطارٌ، و الياء زائدة، و قالوا ضَيَاطِرُون كأَنَّهم جَمَعُوا ضَيْطَراً على ضَياطِرَ جَمْعَ السلامةِ؛ و قول خِداش بنِ زُهَير:
و نَرْكَبُ خَيْلًا لا هَوَادَةَ بَيْنَها،             و تَشْقَى الرِّماحُ بالضَّياطِرة الحُمْرِ

قال ابن سيدة يجوز أَن يكونَ عَنَى أَن الرماحَ تَشْقَى بهم أَي أَنهم لا يُحْسِنون حَمْلَها و لا الطَّعْنَ بها، و يجوز أَن يكونَ على القَلْبِ أَي تَشقى الضياطرَةُ الحُمْرُ بالرماح يعني أَنَّهم يُقْتَلُون بها. و الهَوادةُ: المُصالحَةُ و المُوادعةُ. و الضَّيْطارُ: التاجرُ لا يَبْرحُ مكانَه. و بَنُو ضَوْطَرى: حَيٌّ معروف، و قيل: الضَّوْطَرَى الحَمْقى، قال ابن سيدة: و هو الصحيح. و يقال للقوم إِذا كانوا لا يَغْنون غَناءً: بَنُو ضَوطَرَى؛ و منه قول جرير يُخاطبُ الفرزدقَ حين افتخر بعَقْرِ أَبيه غالب في معاقرة سُحَيم بن وُثَيلٍ الرِّياحِي مائةَ ناقة بموضع يقال له صَوْأَرٌ على مسيرة يوم من الكوفة، و لذلك يقول جرير أَيضاً:
و قد سرّني أَنْ لا تَعُدَّ مُجَاشِعٌ             من المَجْد إِلَّا عَقْرَ نِيبٍ بصَوأَرِ

قال ابن الأَثير: و سببُ ذلك أَن غالباً نحرَ بذلك الموضعِ ناقةً و أَمَر أَنْ يُصْنعَ منها طعامٌ، و جعَلَ يُهْدِي إِلى قومٍ من بني تميمٍ جِفاناً، و أَهْدَى إِلى سُحَيم جَفنةً فكفأَها، و قال: أَ مُفتَقِرٌ أَنا إِلى طعامِ غالبٍ إِذا نَحرَ ناقَةً؟ فَنَحَرَ غالبٌ ناقتين فَنَحَرَ سُحيمٌ مثْلَهما، فنحر غالبٌ ثلاثاً فنَحر سُحَيمٌ مثلَهن، فعَمَدَ غالبٌ فَنَحَرَ مائة ناقةٍ و نَكَلَ سُحَيْمٌ، فافتخر الفرزدقُ في شِعْره بكَرم أَبيه غالب فقال: «5».
تَعُدُّون عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكم،             بَني ضَوْطَرَى، لو لا الكَمِيَّ المُقَنَّعا

يُريدُ: هَلَّا الكَمِيَّ، و يروى: المُدَجَّجا، و مَعْنى تَعُدُّون تَجْعَلُون و تَحْسَبون، و لهذا عدَّاه إِلى مفعولين؛ و مثله قول ذي الرُّمَّة:
أَشَمّ أَغَرّ أَزْهَر هِبْرِزِيّ،             يَعُدُّ القاصِدِينَ له عِيالا

قال: و مثله للكميت:
فأَنتَ النّدَى فيما يَنُوبُك و السَّدَى،             إِذا الخَوْدُ عَدّتْ عُقْبةَ القِدْر مالَها

قال: و عليه قول أَبي الطيب:
و لَو انَّ الحياةَ تَبْقَى لِحَيٍّ،             لَعَدَدْنا أَضَلَّنا الشُّجْعانا

قال: و قد يجوز أَن يكون تَعُدّون في بيت جرير من العدّ، و يكون على إِسقاط من الجار، تقديرُه تَعُدّون عقر النيب من أَفْضلِ مجدِكم، فلما أَسقط الخافض تَعَدّى الفعلُ فنَصب. و أَبو ضَوْطَرَى: كُنْيَة الجُوع.
ضفر:
الضَّفْرُ: نَسْجُ الشعر و غيرِه عَرِيضاً، و التضْفِيرُ مثلُه. و الضَّفيرةُ: العَقِيصَة؛ و قد ضَفَر الشعر و نحوَه يَضْفِرُه ضَفْراً: نسجَ بعضَه على بعض. و الضَّفْرُ: الفَتْل. و انْضَفَرَ الحَبْلانِ إِذا الْتَويا معاً. و
في الحديث: إِذا زَنَتِ الأَمةُ فبِعْها و لو
__________________________________________________
 (5). قوله: [فقال‏] يعني جريراً كما يفيده كلام المؤلف بعد.

489
لسان العرب4

ضفر ص 489

 بضَفِيرٍ.
؛ أَي بحَبْل مفتول من شعر، فَعِيل بمعنى مفعول. و الضَّفْر: ما شَدَدْت به البعيرَ من الشعر المضْفُور، و الجمعُ ضُفُورٌ. و الضَّفَارُ: كالضَّفْرِ و الجمع ضُفُر؛ قال ذو الرمة:
أَوْرَدْته قَلِقاتِ الضُّفْر قد جَعَلت             تَشْكو الأَخِشَّةَ في أَعناقها صَعَرا

و يقال للذُّؤابة: ضَفِيرةٌ. و كلُّ خُصْلة من خُصَل شعر المرأَة تُضْفَر على حِدَة: ضَفِيرةٌ، و جمعُها ضَفائِرُ؛ قال ابن سيدة: و الضَّفر كل خُصْلة من الشعر على حِدَتِها؛ قال بعض الأَغْفال:
 و دَهَنَتْ وَ سَرَّحَتْ ضُفَيْري‏
و الضَّفِيرةُ: كالضَّفْر. و ضَفَرَت المرأَة شعرها تَضْفِره ضَفْراً: جَمعته. و
في حديث عليٍّ: أَنَّ طَلْحة بن عُبَيد الله نازَعَه في ضَفِيرةٍ كان عليٌّ ضَفَرَها في وادٍ كانت إِحدى عِدْوَتَي [عُدْوَتَي‏] الوادي له، و الأُخرى لِطَلْحةَ، فقال طلحةُ: حَمَل عليّ السُّيولَ و أَضَرّ بي.
؛ قال ابن الأَعرابي: الضَّفِيرةُ مثل المُسَنَّاة المستطيلة في الأَرض فيها خشبٌ و حجارة، و ضَفْرها عَملُها من الضَّفْر، و هو النَّسْج، و منه ضَفْرُ الشَّعَر و إِدْخالُ بعضِه في بعض؛ و منه‏
الحديث الآخر: فقام على ضَفِيرة السُّدَّة.
و
الحديث الآخر: و أَشارَ بيده وراءَ الضَّفِيرة.
؛ قال منصور: أُخذَت الضَّفِيرةُ من الضَّفْر و إِدْخالِ بعضِه في بعض مُعْترِضاً؛ و منه قيل للبِطَانِ المُعَرَّض: ضَفْرٌ و ضَفِيرة. و كِنانةٌ ضفِيرةٌ أَي ممتلئة. و
في حديث أُم سلمة أَنها قالت للنبي، صلى الله عليه و سلم: إِني امرأَةٌ أَشُدّ ضَفْرَ رَأْسِي أَ فأَنْقُضُه للغُسْل؟.
أَي تَعْمل شعرها ضَفائرَ، و هي الذَّوائِب المَضْفُورة،
فقال: إِنما يَكفيك ثَلاثُ حَثَياتٍ من الماء.
و قال الأَصمعي: هي الضفائرُ و الجَمائرُ، و هي غدائِرُ المرأَة، واحدتها ضَفِيرة و جَمِيرةٌ، و لها ضَفِيرتان و ضَفْرانِ أَيضاً أَي عَقِيصتَان؛ عن يعقوب. أَبو زيد: الضَّفِيرتان للرجال دون النساء، و الغدائرُ للنساء، و هي المَضْفُورة و
في حديث عمر: مَنْ عَقَصَ أَو ضَفَرَ فعليه الحَلْقُ.
يعني في الحجّ. و
في حديث النخعي: الضافِر و المُلَبِّدُ و المُجَمِّرُ عليهم الحَلْقُ.
و
في حديث الحسن بن علي: أَنه غَرَز ضَفْرَه في قفاه.
أَي طرَفَ ضفيرته في أَصلها. ابن بُزُرج: يقال تَضَافَرَ القومُ على فلان و تَظافَرُوا عليه و تظاهَروا بمعنى واحد كلُّه إِذا تعَاونوا و تَجَمَّعُوا عليه، و تأَلّبُوا و تصابَرُوا مثلُه. ابن سيدة: تَضَافَرَ القومُ على الأَمر تَظاهَرُوا و تَعاوَنوا عليه. الليث: الضَّفْرُ حِقْفٌ من الرَّمْل عَريض طويل، و منهم من يُثَقِّل؛ و أَنشد:
عَوانِكٌ مِنْ ضَفَرٍ مَأْطُورِ

الجوهري: يقال للحِقْف من الرمل ضَفِيرةٌ، و كذلك المُسَنّاة، و الضَّفْر من الرمل: ما عظُم و تجمّع، و قيل: هو ما تَعَقّد بعضُه على بعض، و الجمع ضُفُورٌ. و الضَّفِرةُ، بكسر الفاء: كالضَّفْرِ، و الجمع ضَفِرٌ. و الضَّفِرةُ: أَرضٌ سَهلة مستطيلة مُنْبِتة تقُودُ يوماً أَو يومين. و ضَفِيرُ البحر: شَطُّه. و
في حديث جابر: ما جَزَرَ عنه الماءُ في ضَفِيرِ البحْر فَكُلْهُ.
أَي شَطِّه و جانبه، و هو الضَّفِيرةُ أَيضاً. و الضَّفْرُ: البِناءُ بحجارة بغير كِلْسٍ و لا طِينٍ؛ و ضَفَرَ الحجارةَ حولَ بيتِه ضَفْراً. و الضَّفْرُ: السَّعْيُ. و ضَفَرَ في عَدْوهِ يَضْفِر ضَفْراً أَي عدَا، و قيل: أَسرع. الأَصمعي: أَفَرَ و ضَفَر، بالراء

490
لسان العرب4

ضفر ص 489

جميعاً، إِذا وَثَبَ في عَدْوهِ. و
في الحديث: ما على الأَرض من نَفْسٍ تَموت لها عند الله خيرٌ تُحِبّ أَن تَرْجِعَ إِليكم و لا تُضافِرَ الدُّنيا إِلَّا القَتِيل في سبيل الله، فإِنه يُحِبُّ أَن يرجعَ فيُقْتَلَ مرَّة أُخْرَى.
؛ المُضافَرَةُ: المُعاوَدة و المُلابسةُ، أَي لا يُحبُّ مُعاوَدةَ الدنيا و ملابَستها إِلَّا الشَّهِيدُ؛ قال الزمخشري: هو عندي مُفاعلة من الضَّفْر و هو الطَّفْر و الوُثوب في العَدْوِ، أَي لا يَطْمَحُ إِلى الدنيا و لا يَنْزُو إِلى العَوْد إِليها إِلَّا هو، و ذكره الهروي بالراء و قال: المُضافرة، بالضاد و الراء، التأَلُّبُ؛ و ذكره الزمخشري و لم يقيده لكنه جعَل اشتقاقَه من الضَّفْز و هو الظَّفْرُ و القَفْزُ، و ذلك بالزاي؛ قال ابن الأَثير: و لعله يقال بالراء و الزاي، فإِنَّ الجوهري قال: الضَّفْرُ السَّعْيُ، و قد ضَفَر يضْفِر ضَفْراً، و الأَشْبَهُ بما ذهب إِليه الزمخشري أَنه بالزاي. و
في حديث عليٍّ: مُضافَرة القومِ.
أَي مُعاونَتهم، و هذا بالراء لا شك فيه. و الضَّفْرُ: حزامُ الرَّحْل، و ضَفَرَ الدابَّةَ يَضْفِرُها ضَفْراً: أَلْقَى اللجامَ في فيها.
ضفطر:
الضَّفْطارُ: الضبُّ الهَرِمُ القَديمُ القبيحُ الخِلْقة.
ضمر:
الضُّمْرُ و الضُّمُر، مثلُ العُسْر و العُسُر: الهُزالُ و لَحاقُ البطنِ، و قال المرّار الحَنْظليّ:
قد بَلَوْناه على عِلَّاتِه،             و على التَّيْسُورِ منه و الضُّمُرْ
ذُو مِراحٍ، فإِذا وقَّرْتَه،             فذَلُولُ حَسنٌ الخُلْق يَسَرْ

التَّيْسورُ: السِّمَنُ و ذو مِراح أَي ذو نَشاطٍ. و ذَلولٌ: ليس بصَعْب. و يَسَر: سَهْلٌ؛ و قد ضَمَرَ الفرسُ و ضَمُرَ؛ قال ابن سيدة: ضَمَرَ، بالفتح، يَضْمُر ضُموراً و ضَمُر، بالضم، و اضْطَمَر؛ قال أَبو ذؤيب:
 بَعِيد الغَزَاة، فما إِن يَزالُ             مُضْطَمِراً طُرّتاه طَلِيحا

و
في الحديث: إِذا أَبْصَرَ أَحدُكم امرأَةً فَلْيأْت أَهْلَه فإِن ذلك يُضْمِرُ ما في نفسه.
؛ أَي يُضْعِفه و يُقَلّلُه، من الضُّمور، و هو الهُزال و الضعف. و جمل ضامِرٌ و ناقة ضامِرٌ، بغير هاء أَيضاً، ذَهبوا إِلى النَّسَب، و ضامِرةٌ. و الضَّمْرُ من الرجال: الضامرُ البَطْنِ، و في التهذيب: المُهَضَّمُ البطن اللطيفُ الجِسْم، و الأُنثى ضَمْرَةٌ. و فرس ضَمْرٌ: دقيق الحِجاجَينِ؛ عن كراع. قال ابن سيدة: و هو عندي على التشبيه بما تقدم. و قَضِيب ضامرٌ و مُنْضَمِرٌ و قد انْضَمَرَ إِذا ذهب ماؤُه. و الضَّمِيرُ: العِنبُ الذابلُ. و ضَمَّرْتُ الخيلَ: عَلفْتها القُوتَ بعد السِّمَنِ. و المِضْمارُ: الموضع الذي تُضَمَّرُ فيه الخيلُ، و تَضْميرُها: أَن تُعْلَف قُوتاً بعد سِمَنها. قال أَبو منصور: و يكون المِضْمارُ وقتاً للأَيام التي تُضَمَّر فيها الخيلُ للسِّباقِ أَو للرَّكضِ إِلى العَدُوِّ، و تَضْميرُها أَن تُشَدّ عليها سُروجُها و تُجَلَّل بالأَجِلَّة حتَّى تَعْرق تحتها، فيذهب رَهَلُها و يشتدّ لحمها و يُحْمل عليها غِلمانٌ خِفافٌ يُجْرُونها و لا يَعْنُفونَ بها، فإِذا فُعل ذلك بها أُمِنَ عليها البُهْرُ الشديد عند حُضْرها و لم يقطعها الشَّدُّ؛ قال: فذلك التَّضْميرُ الذي شاهدتُ العرب تَفْعله، يُسمّون ذلك مِضْماراً و تَضْمِيراً. الجوهري: و قد أَضْمَرْتُه أَنا و ضَمَّرْتُه تَضْمِيراً فاضْطَمَرَ هو، قال: و تَضْمِيرُ الفرس أَيضاً أَن تَعْلِفَه حتى يَسْمَن ثم تردّه إِلى القُوت، و ذلك في أَربعين يوماً، و هذه المدّة تسمى المِضْمَارَ، و
في الحديث: من صامَ يوماً في سبيل الله باعَدَه اللهُ من النار سَبْعين‏

491
لسان العرب4

ضمر ص 491

خَريفاً للمُضَمِّرِ المُجِيدِ.
؛ المُضَمِّرُ: الذي يُضَمِّرُ خيلَه لغَزْوٍ أَو سِباقٍ. و تَضْمِيرُ الخيلِ: هو أَن يُظاهِرَ عليها بالعَلفِ حتى تَسْمَنَ ثم لا تُعْلف إِلَّا قُوتاً. و المُجيدُ: صاحبُ الجِيادِ؛ و المعنى أَن الله يُباعِدُه من النار مسافةَ سبعين سنة تَقْطعُها الخيل المُضَمَّرةُ الجِيادُ رَكْضاً. و مِضْمارُ الفرس: غايتُه في السِّباق. و
في حديث حذيفة: أَنه خطب فقال: اليَومَ المِضْمارُ و غداً السِّباقُ.
و السابقُ من سَبَقَ إِلى الجنّة؛ قال شمر: أَراد أَن اليوم العملُ في الدنيا للاسْتِباق إِلى الجنة كالفرس يُضَمَّرُ قبل أَن يُسابَقَ عليه؛ و يروي هذا الكلام لعليّ، كرم الله وجهه. و لُؤْلُؤٌ مُضْطَمِرٌ: مُنْضَمّ؛ و أَنشد الأَزهري بيت الراعي:
تَلأْلأَتِ الثُّرَيَّا، فاسْتنارَتْ،             تَلأْلُؤَ لُؤْلُؤٍ فيه اضْطِمارُ

و اللؤلؤ المُضْطَمِرُ: الذي في وسطه بعضُ الانضمام. و تَضَمّرَ وجهُه: انضمت جِلْدتُه من الهزال. و الضَّمِيرُ: السِّرُّ و داخِلُ الخاطرِ، و الجمع الضَّمائرُ. الليث: الضمير الشي‏ء الذي تُضْمِره في قلبك، تقول: أَضْمَرْت صَرْفَ الحرف إِذا كان متحركاً فأَسْكَنْته، و أَضْمَرْتُ في نفسي شيئاً، و الاسم الضَّمِيرُ، و الجمع الضمائر. و المُضْمَرُ: الموضعُ و المَفْعولُ؛ و قال الأَحْوص بن محمد الأَنصاري:
سيَبْقَى لها، في مُضْمَرِ القَلْب و الحَشا،             سَرِيرَةُ وُدٍ، يوم تُبْلى السَّرائِرُ
و كلُّ خَلِيطٍ لا مَحالَةَ أَنه،             إِلى فُرقةٍ، يوماً من الدَّهْرِ، صائرُ
 و مَنْ يَحْذَرِ الأَمرَ الذي هو واقعٌ،             يُصِبْهُ، و إِن لم يَهْوَه ما يُحاذِرُ

و أَضْمَرْتُ الشي‏ء: أَخْفَيته. و هَوًى مُضْمَرٌ و ضَمْرٌ كأَنه اعْتُقد مَصدراً على حذف الزيادة: مَخْفِيٌّ؛ قال طُريحٌ:
به دَخِيلُ هَوًى ضَمْرٍ، إِذا ذُكِرَتْ             سَلْمَى له جاشَ في الأَحشاءِ و التَهبا

و أَضْمَرَتْه الأَرضُ: غَيَّبَتْه إِما بموت و إِما بسَفَرٍ؛ قال الأَعشى:
أُرانا، إِذا أَضْمَرَتْك البِلادُ،             نُجْفى، و تُقْطَعُ مِنا الرَّحِم‏

أَراد إِذا غَيَّبَتْكَ البلادُ. و الإِضْمارُ: سُكونُ التاء من مُتَفاعِلن في الكامل حتى يصير مُتْفاعلن، و هذا بناءٌ غير مَعْقولٍ فنُقِل إِلى بناءٍ مَقُولٍ، مَعْقولٍ، و هو مُسْتَفْعِلن، كقول عنترة:
إِني امْرُؤٌ من خيرِ عبْسٍ مَنْصِباً             شَطْرِي، و أَحْمِي سائري بالمُنْصُلِ‏

فكلُّ جزء من هذا البيت مُسْتَفْعلن و أَصْلُه في الدائرة مُتَفاعلن، و كذلك تسكينُ العين من فَعِلاتُنْ فيه أَيضاً فَيْبقى فَعْلاتن فيُنْقَل في التقطيع إِلى مفعولن؛ و بيته قول الأَخطل:
و لقد أَبِيتُ من الفَتاة بمَنْزِلِ،             فأَبِيتُ لا حَرِجٌ و لا مَحْرُوم‏

و إِنما قيل له مُضْمَرٌ لأَن حركته كالمُضْمَر، إِن شئت جئت بها، و إِن شئت سَكَّنْته، كما أَن أَكثر المُضْمَر في العربية إِن شئت جئت به، و إِن شئت لم تأْتِ به. و الضِّمارُ من المال: الذي لا يُرْجَى رُجوعُه و الضِّمَارُ من العِدَات: ما كان عن تسْوِيف. الجوهري: الضِّمَارُ ما لا يُرْجى من الدَّين و الوَعْد و كلِّ ما لا تَكون منه على ثِقةٍ؛ قال الراعي:

492
لسان العرب4

ضمر ص 491

و أَنْضاء أُنِخْنَ إِلى سَعِيدٍ             طُرُوقاً، ثم عَجَّلْن ابْتِكارا
حَمِدْنَ مَزارَه، فأَصَبْنَ منه             عَطاءً لم يكن عِدَةً ضِمارا

و الضِّمَارُ من الدَّينِ: ما كان بلا أَجَل معلوم. الفراء: ذَهَبُوا بمالي ضِماراً مثل قِمَاراً، قال: و هو النَّسِيئةُ أَيضاً. و الضِّمارُ: خِلافُ العِيَانِ؛ قال الشاعر يذمّ رجلًا:
و عَيْنُه كالكَالِئ الضِّمَارِ
يقول: الحاضرُ من عَطِيّتِه كالغائب الذي لا يُرْتجى؛ و منه‏
قول عمر بن عبد العزيز، رحمه الله، في كتابه إِلى ميمون بن مِهْرانَ في أَموال المظالم التي كانت في بيت المال أَن يَرُدّها و لا يَأْخذَ زكاتَها: فإِنه كان مالًا ضِماراً لا يُرجى.
؛ و في التهذيب و النهاية: أَن يَرُدَّها على أَرْبابها و يأْخُذَ منها زكاةَ عامِها فإِنه كان مالًا ضِماراً؛ قال أَبو عبيد: المالُ الضِّمارُ هو الغائب الذي لا يُرْجَى فإِذا رُجِيَ فليس بِضمارٍ من أَضْمَرْت الشي‏ء إِذا غَيَّبْتَه، فِعَالٌ بمعنى فاعِلٍ أَو مُفْعَلٍ، قال: و مثلُه من الصفات ناقةٌ كِنازٌ، و إِنما أَخذَ منه زكاة عامٍ واحد لأَن أَربابَه ما كانوا يَرْجون رَدَّه عليهم، فلم يُوجِبْ عليهم زكاةَ السِّنِينَ الماضية و هو في بيت المال. الأَصمعي: الضَّمِيرةُ و الضَّفِيرة الغَدِيرةُ من ذوائب الرأْس، و جمعها ضَمائرُ. و التَّضْمِيرُ؛ حُسْنُ ضَفْرِ الضَّميرة و حُسْنُ دَهْنِها. و ضُمَيرٌ، مُصَغّرٌ: جَبَلٌ بالشام. و ضَمْرٌ: رمْلة بعَيْنِها؛ أَنشد ابن دريد:
 من حَبْلِ ضَمْرٍ حينَ هابا و دَجا

و الضُّمْرانُ و الضَّمْرانُ: من دِقِّ الشجر، و قيل: هو من الحَمْض؛ قال أَبو منصور: ليس الضُّمْران من دِقِّ الشجر له هَدَبٌ كَهَدبِ الأَرْطى؛ و منه قول عُمر بن لَجَإٍ:
بِحَسْبِ مُجْتَلِّ الإِماءِ الخُرَّمِ،             من هَدَبِ الضَّمْرانِ لم يُحَزَّمِ‏

و قال أَبو حنيفة: الضَّمْرانُ مثل الرِّمْثِ إِلَّا أَنه أَصغر و له خَشَب قليل يُحْتَطَبُ؛ قال الشاعر:
نحنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ الحَلِيِّ،             و مَنْبِتَ الضَّمْرانِ و النَّصِيِ‏

و الضَّيْمُرانُ و الضَّوْمَرانُ «1». ضرب من الشجر؛ قال أَبو حنيفة: الضَّوْمَرُ و الضَّوْمَرانُ و الضَّيْمُرانُ من رَيحانِ البر، و قال بعضُ الرُّواة: هو الشَّاهِسْفَرَمْ، و قيل: هو مثلُ الحَوْكِ سواء، و قيل: هو طيِّب الريح؛ قال الشاعر:
أُحِبُّ الكَرائنَ و الضَّوْمَرانَ،             و شُرْبَ العَتِيقَةِ بالسِّنْجِلاطْ

و ضُمْرانُ و ضَمْرانُ: من أَسماء الكلاب؛ و قال الأَصمعي فيما روى ابن السكيت أَنه قال في قول النابغة:
فهابَ ضَمْرانُ منهُ حيث يُوزِعُهُ «2».

قال: و رواه أَبو عبيد ضُمْرانُ، و هو اسم كلب في الروايتين معاً. و قال الجوهري: و ضُمْرانُ، بالضم، الذي في شعر النابغة اسم كلبة. و بنو ضَمْرَةَ: من كنانة رَهْطُ عمرو بن أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ.
ضمخر:
الضمَّخْرُ: العظيم من الناس المتكبر و في الإِبل؛ مثل به سيبويه و فسره السيرافي. و فحل‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الضيمران و الضومران‏] ميمهما تضم و تفتح كما في المصباح.
 (2). قوله [فهاب ضمران إلخ‏] عجزه:
[طعن المعارك عند المجحر النجد]

طعن فاعل يوزعه. و المجحر، بميم مضمومة فجيم ساكنة فحاء مهملة مفتوحة و تقديم الحاء غلط كما نبه عليه شارح القاموس. و النجد، بضم الجيم و كسرها كما نبه عليه أيضاً.

493
لسان العرب4

ضمخر ص 493

ضُمَّخْرٌ: جَسيم. و امرأَة ضُمَّخْرَةٌ؛ عن كراع. و يقال: رجل شُمَّخْرٌ ضُمَّخْرٌ إِذا كان متكبراً؛ قال الشاعر:
مِثْل الصَّفَايا ذُمِّمَتْ بهابرِ،             تَأْوِي إِلى عَجَنَّسٍ ضُماخِرِ

ضمزر:
ناقة ضِمْزِرٌ: مُسِنَّة و هي فوق العَوْزَمِ، و قيل: كبيرة قليلة اللبن. و الضَّمْزَرُ من النساء: الغليظة؛ قال:
ثنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِها حَيْدَرِيَّةٌ             عَضادٌ، و لا مَكْنوزَةُ اللَّحْم ضَمْزَرُ

و ضَمْزَر: اسم ناقة الشَّمَّاخ؛ قال:
و كلُّ بَعِيرٍ أَحْسَنَ الناسُ نَعْتَهُ،             و آخَرُ لم يُنْعَتْ فِداءٌ لضَمْزَرا

و بعير ضُمارِزٌ و ضُمازِرٌ: صُلْبٌ شديد؛ قال:
و شِعْب كلِّ بازِلٍ ضُمارِزِ

الأَصمعي: أَراد ضُمازِراً فقلب. و يقال: في خُلُقِهِ ضَمْزَرَةٌ و ضُمازِرٌ أَي سُوء و غِلَظ؛ قال جندلٌ:
إِني امْرُؤٌ في خُلُقِي ضُمازِرُ             و عَجْرَفِيَّاتٌ، لها بَوادِرُ

و الضَّمْزَرُ: الغليظ من الأَرض؛ قال رؤبة:
كأَن حَيْدَيْ رَأْسِهِ المُذَكَّرِ             صَمْدانِ في ضَمْزَين فَوْقَ الضَّمْزَرِ

ضمطر:
الضَّماطيرُ: أَذنابُ الأَودِيَةِ.
ضنبر:
ضَنْبَرٌ: اسم.
ضهر:
الضَّهْرُ: السُّلَحْفاةُ؛ رواه علي بن حمزة عن عبد السلام بن عبد الله الحَرْبي. و الضَّهْرُ: مُدْهُنٌ في الصَّفا يكون فيه الماء؛ و قيل: الضَّهْرُ خِلْقَةٌ في الجبل من صَخْرَة تُخالف جِبِلَّتهُ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
رُبَّ عُصْمٍ رَأَيْتُ في وَسْطِ ضَهْرٍ

و الضَّهْر: البُقْعَة من الجبل يخالف لونُها سائِرَ لونه، قال: و مثل الضَّهْرِ الوَعْثَةُ، و قيل: الضَّهْرُ أَعلى الجبل، و هو الضَّاهِرُ؛ قال:
حَنْظَلَةٌ فَوقَ صَفاً ضاهِرِ،             ما أَشْبَهَ الضَّاهِرَ بالنَّاضِرِ

النَّاضِر: الطُّحْلُبُ. و الحَنْظَلَةُ: الماء في الصخرة. و الضَّاهِرُ أَيضاً: الوادي.
ضور:
ضارَهُ الأَمْرُ يَضُورُه كيَضِيرُه ضَيْراً و ضَوراً أَي ضَرَّه، و زعم الكسائي أَنه سمع بعض أَهل العالية يقول: ما ينفعني ذلك و لا يَضُورُني. و الضَّيْرُ و الضَّرُّ واحد. و يقال: لا ضَيْرَ و لا ضَوْر بمعنى واحد. و الضَّوْرَةُ: الجَوْعَةُ، و الضَّوْرُ: شدة الجُوعِ. و التَّضَوُّرُ: التَّلَوِّي و الصِّياحُ من وَجَعِ الضَّرْب أَو الجُوعِ، و هو يَتَلَعْلَعُ من الجوع أَي يَتَضَوَّرُ. و تَضَوَّرَ الذئبُ و الكلبُ و الأَسد و الثعلب: صاح عند الجوع. الليث: التَّضَوُّرُ صِياحٌ و تَلَوٍّ عند الضرب من الوجع، قال: و الثعلب يَتَضَوَّرُ في صياحه. و قال ابن الأَنباري: تركته يَتَضَوَّرُ أَي يظهر الضُّرَّ الذي به و يَضْطَرِبُ. و
في الحديث: دخل رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، على امرأَة يقال لها أُمُّ العَلاءِ و هي تَضَوَّرُ من شدّة الحُمَّى.
أَي تَتَلَوَّى و تَضِجُّ و تَتَقَلَّبُ ظَهْراً لبَطْنٍ، و قيل: تَتَضَوَّرُ تظهر الضَّوْرَ بمعنى الضُّرِّ. يقال: ضارَهُ يَضُورُهُ و يَضِيرُه، و هو مأْخوذ من الضَّوْرِ، و هو بمعنى الضُّرّ. يقال: ضَرَّني و ضارَني يَضُورُني ضَوْراً و قال أَبو العباس: التَّضَوُّرُ التَّضَعُّفُ، من قولهم رجل ضُورَةٌ و امرأَة ضُورَةٌ. و الضُّورَةُ، بالضم،

494
لسان العرب4

ضور ص 494

من الرجال الصغير الحقير الشأْن، و قيل: هو الذليل الفقير الذي لا يدفع عن نفسه. قال أَبو منصور: أَقْرَأَنِيه الإِيادِيُّ عن شَمِرٍ بالراء، و أَقرأَنيه المنذري عن أَبي الهيثم الضُّؤْزَةُ بالزاي مهموزاً، فقال: كذلك ضبطته عنه، قال أَبو منصور: و كلاهما صحيح. ابن الأَعرابي: الضُّورَةُ الضعيف من الرجال. قال الفراء: سمعت أَعرابيّاً من بني عامر يقول لآخر أَ حَسِبْتَني ضُورَةً لا أَرُدُّ عن نفسي؟ و بنو ضَوْرٍ: حَيٌّ من هِزَّانَ بن يَقْدُمَ؛ قال الشاعر:
ضَوْرِيَّة أُولِعْتُ باشْتِهارِها،             ناصلَة الحَقْوَيْنِ من إِزارها
يُطرِقُ كَلْبُ الحيِّ من حِذارِها،             أَعْطَيْتُ فيها طائعاً أَو كارِها
حَدِيقَةً غَلْباءَ في جِدارِها،             و فَرَساً أُنْثَى و عَبْداً فارِهَا

ضير:
ضارَهُ ضَيْراً: ضَرَّه؛ قال أَبو ذؤيب:
 فَقِيلَ: تَحَمَّلْ فَوْقَ طَوْقِكَ إِنَّها             مُطَبَّعَةٌ، من يَأْتِها لا يَضِيرُها

أَي لا يَضير أَهْلَها لكثرة ما فيها، و يروى: نابَها؛ يقال: ضارَني يَضِيرُني و يَضُورُني ضَوْراً. و
قوله، عليه السلام: أَ تُضارُونَ في رؤية الشمس؟ فإِنكم لا تُضارُونَ في رؤيته، هو من هذا.
؛ أَي لا يَضِيرُ بعضُكم بعضاً. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها، و قد حاضت في الحج: لا يَضِيرُكِ.
أَي لا يَضُرُّكِ. الفراء: قرأَ بعضهم لا يَضِرْكم كَيْدهم شيئاً، يجعله من الضَّيْرِ. قال: و زعم الكسائي أَنه سمع بعض أَهل العالية يقول: ما ينفعني ذلك و لا يَضُورُني، و الضَّيْرُ و الضَّوْرُ واحد. و في التنزيل العزيز: لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ‏
؛ معناه لا ضَرَّ. يقال: لا ضَيْرَ و لا ضَوْرَ و لا ضَرَّ و لا ضَرَرَ و لا ضَارُورَةَ بمعنى واحد. ابن الأَعرابي: هذا رجل ما يَضِيرُك عليه «3». بحثاً مثله للشعر أَي ما يزيدك على قوله الشعر.
فصل الطاء المهملة
طأر:
ما بها طُؤْرِيٌّ أَي أَحَدٌ.
طبر:
ابن الأَعرابي: طَبَرَ الرجلُ إِذا قَفَزَ، و طَبَرَ إِذا اختبأَ. و وَقَعُوا في طَبَارِ أَي داهية؛ عن يعقوب و اللِّحياني. و وقع فلان في بَنَاتِ طَبَارِ و طَمَارِ إِذا وقع في داهية. و الطُّبَّار: ضَرْبٌ من التين؛ حكاه أَبو حنيفة و حَلَّاهُ فقال: هو أَكبر تين رآه الناسُ أَحمر كُمَيْتٌ أَنَّى تَشَقَّقَ؛ و إِذا أُكل قُشِرَ لِغلَظِ لِحائه فيخرج أَبيضَ فيكفي الرجلَ منه الثلاثُ و الأَربع، تملأُ التينةُ منه كَفَّ الرجل، و يُزَبَّبُ أَيضاً، واحدته طُبَّارَةٌ. ابن الأَعرابي: من غريب شجر الضَّرِف الطُّبَّارُ، و هو على صورة التين إِلا أَنه أَرق. و طَبَرِيَّةُ: اسم مدينة.
طثر:
الطَّثْرَةُ: خُثُورَةُ اللبن التي تعلو رأْسه مثل الرَّغْوَةِ إِذا مُحِضَ فلا تَخْلُصُ زُبْدَتُه، و المُثَجَّجُ مثلُ المُطَثَّرِ، و الكَثْأَةُ نحو من الطَّثْرَةِ، و كذلك الكَثْعَة، و قيل: الطَّثْرَةُ اللبن الحليب القليل الرغوة، فتلك الرغوة الطَّثْرَة تكون للبن الحليب أَو الحامض أَيهما كان. يقال: سقاني طَثْرَةَ لبنه، و هي شبه الزبد الرقيق و اللبن أَكثف من الزبد،
__________________________________________________
 (3). قوله: [رجل ما يضيرك عليه إلخ‏] كذا بالأَصل.

495
لسان العرب4

طثر ص 495

و إِذا لم يكن له زبد لم نُسَمِّه طَثْرَةً إِلا بِزُبدة. الأَصمعي: إِذا عَلا اللبنَ دَسَمُه و خُثُورَتُه رأْسَه، فهو مُطَثَّر. يقال: خُذْ طَثْرَةَ سِفَائِك. ابن سيدة: الطَّثْرَةُ خُثُورَةُ اللبن و ما علاه من الدَّسَمِ و الجُلْبَةِ؛ طَثَر اللبنُ يَطْثُر طَثْراً و طُثُوراً و طَثَّرَ تَطْثِيراً. و الطَّاثِرُ: اللبن الخاثر؛ و لبن خاثِرٌ طاثِرٌ. أَبو زيد: يقال إِنهم لفي طَثْرَةِ عَيْشٍ إِذا كان خَيْرُهم كثيراً. و قال مرة: إِنهم لفي طَثْرَةٍ أَي في كثرة من اللبن و السَّمْن و الأَقِطِ؛ و أَنشد:
إِنَّ السَّلاءَ الذي تَرْجِينَ طَثْرَتَهُ،             قد بِعْتُه بأُمُورٍ ذاتِ تَبْغِيلِ‏

و الطَّثْرُ: الخيرُ الكثير، و به سمي ابنُ الطَّثَرِيَّة. و الطَّثْرَةُ: ما علا الماءَ من الطُّحْلب. و الطَّثْرَةُ: الحَمْأَةُ تبقى أَسفلَ الحوض و الماءُ الغليظُ؛ قال الراجز:
أَتَتْكَ عِيسٌ تَحْمِلُ المَشِيَّا،             ماءً من الطَّثْرَة أَحْوَذِيَّا

فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
أَصْدَرَها، عن طَثْرَةِ الدَّآثي،             صاحبُ لَيْلٍ خَرِشُ التَّبْعَاثِ‏

فقيل: الطَثْرَة ما علا الأَلبان من الدسم، فاستعاره لما علا الماءَ من الطحلب، و قيل: هو الطحلب نفسه، و قيل: الحَمْأَةُ. و رجل طَيْثَارَةٌ: لا يبالي على من أَقدم، و كذلك الأَسد. و أَسد طَيْثَارٌ: لا يبالي على ما أَغار. و الطِّثَارُ: البَقُّ، واحدتها طَثْرَةٌ. و الطَّيْثَارُ: البعوض و الأَسد. و طَثْرَةُ: بطن من الأَزد. و الطَّثْرَةُ: سَعَةُ العيش؛ يقال: إِنهم لَذَوو طَثْرَة. و بنو طَثْرَةَ: حَيٌّ منهم يزيد بن الطَّثَرِيَّةِ الجوهري: يزيد بن الطَّثَرِيَّةِ الشاعر قُشَيْرِيٌّ و أُمه طَثَرِيَّة. و طَيْثَرَةُ: اسم.
طحر:
الأَزهري: الطَّحْرُ قَذْفُ العين بقَذاها. ابن سيدة: طَحَرَت العَيْنُ قذاها تَطْحَرُه طَحْراً رمت به؛ قال زهير:
بِمُقْلَةٍ لا تَغَرُّ صادِقَةٍ،             يَطْحَرُ عنها القَذَاةَ حاجِبُها

قال الشيخ ابن بري: الباء في قوله بمقلة تتعلق بتراقب في بيت قبله هو:
تُرَاقِبُ المُحْصَدَ المُمَرَّ، إِذا             هاجِرَةٌ لم تَقِلْ جَنادِبُها

المُحْصَدُ: السوط. و المُمَرُّ: الذي أُجيد فتله، أَي تراقب السوط خوفاً أَن تضرب به في وقت الهاجرة التي لم تَقِلْ فيه جَنادِبُها، من القائلة، لأَن الجندب يصوت في شدة الحر. و قوله لا تَغَرُّ أَي لا تلحقها غِرَّةٌ في نظرها أَي هي صادقة النظر. و قوله يطحر عنها القذاةَ حاجِبُها أَي حاجِبُها مُشْرِفٌ على عينها فلا تصل إِليها قَذاةٌ. و طَحَرَتِ العينُ الغَمَصَ و نحوَه إِذا رمتْ به؛ و عين طَحُورٌ؛ قال طَرَفَةُ:
طَحُورانِ عُوَّارَ القَذَى فَتَراهما،             كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمّ فَرْقَدِ

و طَحَرَتِ العينُ العَرْمَضَ: قَذَفَتْهُ؛ و أَنشد الأَزهري يصف عين ماء تفور بالماء:
تَرَى الشُّرَيْرِيغَ يَطْفُو فَوْقَ طاحِرَةٍ،             مُسْحَنْطِراً ناظِراً نحوَ الشَّناغِيب‏

496
لسان العرب4

طحر ص 496

الشُّرَيرِيغ: الضِّفْدَعُ الصغير. و الطاحرة: العين التي ترمي ما يُطرح فيها لشدة جَمْزَةِ مائها من مَنْبَعِها و قوّة فورانه. و الشناغيب و الشغانيب: الأَغصان الرطبة، واحدها شُنْغُوب و شُغْنُوب. قال: و المُسْحَنْطِرُ المُشْرِفُ المنتصب. قال ابن سيدة: و قوس طَحُورٌ و مِطْحَرٌ، و في التهذيب: مِطْحَرَةٌ، إِذا رمت بسهمها صُعُداً فلم تَقْصِد الرَّمِيَّةَ، و قيل: هي التي تُبْعِدُ السهمَ؛ قال كعب بن زهير:
شَرِقَاتٍ بالسَّمِّ من صُلَّبِيٍّ،             و رَكُوضاً من السَّرَاءِ طَحُورَا

الجوهري: الطَّحُورُ القوس البعيدة الرمي. ابن سيدة: المِطْحَرُ، بكسر الميم، السهم البعيد الذهاب. و سهم مِطْحَرٌ. يبعد إِذا رَمى؛ قال أَبو ذؤيب:
فَرَمَى فَأَنْفَذَ صاعِدِيّاً مِطْحَراً             بالكَشْحِ، فاشْتَمَلَت عليه الأَضْلُعُ‏

و قال أَبو حنيفة: أَطْحَرَ سَهْمَهُ فَصَّهُ جِدّاً، و أَنشد بيت أَبي ذؤيب: صاعديّاً مُطْحَراً، بالضم. الأَزهري: و قيل المِطْحَرُ من السهام الذي قد أُلْزِقَ قُذَذُهُ. و
في حديث يحيى بن يَعْمُرَ: فإِنك تَطْحَرُها.
أَي تُبْعِدُها و تُقْصِيها، و قيل: أَراد تَدْحَرُها، فقلب الدال طاء، و هو بمعناه. قال ابن الأَثير: و الدَّحْرُ الإِبعاد، و الطَّحْرُ الجماع و التَّمَدُّدُ. و قِدْحٌ مِطْحَرٌ إِذا كان يُسْرِعُ خروجُه فائزاً؛ قال ابن مقبل يصف قِدْحاً:
فَشَذَّبَ عنه النِّسْعَ ثم غَدَا بِهِ             مُحَلًّى من اللَّائي يُفَدِّينَ مِطْحَرَا

و قَنَاةٌ مِطْحَرَةٌ: ملتوية في الثِّقافِ وَثَّابَةٌ. الأَزهري: القَنَاةُ إِذا الْتَوَتْ في الثِّقافِ فَوَثَبَتْ، فهي مِطْحَرَةٌ. الأَصمعي: خَتَنَ الخاتنُ الصبي فأَطْحَرَ قُلْفَته إِذا استأَصلها. قال: و قال أَبو زيد، اخْتِنْ هذا الغلامَ و لا تَطْحَرْ أَي لا تَسْتأْصلْ. و قال أَبو زيد: يقال طَحَرَه طَحْراً، و هو أَن يَبْلُغ بالشي‏ء أَقْصاه. ابن سيدة: طَحَرَ الحَجَّامُ الخِتانَ و أَطْحَرَه استأْصله. و طَحَرَت الرِّيحُ السحاب تَطْحَرُه طحْراً، و هي طَحُورٌ: فرّقَتْه في أَقطار السماء. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: يقال ما في السماء طَحْرَةٌ و لا غَيَايَةٌ، قال: و روي عن الباهليّ: ما في السماء طَحَرَةٌ و طَخَرَةٌ، بالحاء و الخاء، أَي شي‏ءٌ من غَيْم. الجوهري: الطُّحْرورُ، بالحاء و الخاء، اللَّطْخُ من السحاب القليلُ؛ و قال الأَصمعي: هي قِطَعٌ مستدقَّة رِقَاقٌ. يقال: ما في السماء طَحْرةٌ و طَخْرَةٌ، و قد يُحَرَّكُ لمكان حرف الحلق؛ و طُحْرُورةٌ و طُخْرورةٌ، بالحاء و الخاء. ابن سيدة: الطَّحْرُ و الطُّحَارُ النَّفَسُ العالي، و في الصحاح: و الطَّحِيرُ النفَس العالي. ابن سيدة: و الطَّحِيرُ من الصوت مثلُ الزَّحِير أَو فوقَه؛ طَحَرَ يَطْحَرُ طَحِيراً، و قيّده الجوهري يَطْحِرُ، بالكسر، و قيل: هو الزَّحْرُ عند المَسَلَّة. و
في حديث الناقة القَصْواء: فَسمِعنا لها طَحِيراً.
؛ هو النفس العالي. و ما في النِّحْيِ طَحْرَةٌ أَي شي‏ء. و ما على العُرْيانِ طَحْرَةٌ أَي ثَوْبٌ. الأَزهري: قال الباهليّ ما عليه طَحُورٌ أَي ما عليه ثَوْبٌ «1». و كذلك ما عليه طُحْرُورٌ. الجوهري: و ما على فلان طَحْرةٌ إِذا كان عارياً. و طِحْرِبةٌ مثل طِحْرِيةٍ، بالباء و الياء جميعاً. و ما على الإِبلِ طَحْرَةٌ أَي شي‏ءٌ من وَبَرٍ
__________________________________________________
 (1). قوله: [طحور أَي ما عليه ثوب‏] هكذا بالأَصل مضبوطاً.

497
لسان العرب4

طحر ص 496

إِذا نَسَلَت أَوْبَارُها. و الطُّحْرُورُ: السحابةُ. و الطَّحَارِيرُ: قِطَعُ السحابِ المتفرقة، واحدتها طُحْرُورَةٌ؛ قال الأَزهري: و هي الطَّحَارِيرُ و الطَّخارِيرُ لِقَزَعِ السحاب. الجوهري: الطَّحُورُ السريعُ. و حَرْبٌ مِطْحَرَةٌ: زَبُونٌ.
طحمر:
طَحْمَرَ. وَثَبَ و ارتفع. و طَحْمَرَ القَوْسَ: شَدَّ وَتَرَهَا. و رجل طُحَامِرٌ و طَحْمَرِيرٌ: عظيمُ الجوف. و ما في السماء طَحْمَرِيرةٌ أَي شي‏ءٌ من سحاب؛ حكاه يعقوب في باب ما لا يُتَكَلَّم به إِلا في الجَحْد. الجوهري: ما على السماء طَحْمَريرةٌ و طَخْمَرِيرةٌ، بالحاء و الخاء، أَي شي‏ء من غيم. و طَحْمَرَ السِّقاءَ: مَلأَه كطَحْرَمَه.
طخر:
الطَّخْرُ: الغيمُ الرقيق. و الطُّخْرور و الطُّخْرورةُ: السحابةُ، و قيل: الطَّخَارِيرُ من السحاب قِطَعٌ مُسْتَدِقّة رِقَاق، واحدُها طُخْرُورٌ و طُخْرُورَةٌ. و الطَّخَارِيرُ: سحاباتٌ متفرقة، و يقال مثل ذلك في المطر. و الناسُ طَخارِيرُ إِذا تفرَّقوا. و قولهم: جاءني طَخَارِيرُ أَي أُشَابَةٌ من الناس متفرقون. الجوهري: الطُّخْرُورُ مثلُ الطُّحْرُورِ؛ قال الراجز:
لا كاذب النّوْءِ و لا طُخْرُورِه،             جُونٌ تَعِجُّ المِيثُ من هَدِيرِه‏

و الجمع الطَّخارِيرُ؛ و أَنشد الأَصمعي:
إِنَّا إِذا قَلّت طَخَارِيرُ القَزَعْ،             و صَدَرَ الشارِبُ مِنها عن جُرَعْ،
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ‏

و ما على السماء طَخَرٌ و طَخَرَةٌ و طُخْرُورٌ و طُخْرُورةٌ أَي شي‏ءٌ من غيم. و ما عليه طُخْرُورٌ و لا طُحْرورٌ أَي قطْعَةٌ من خرْقة، و أَكثر ذلك مذكور في طحر، بالحاء المهملة. و يقال للرجل إِذا لم يكن جَلْداً و لا كَثِيفاً: إِنه لَطُخْرُورٌ و تُخْرُور بمعنى واحد. و الناسُ طَخَارِيرُ أَي مفْترقون. و أَتانٌ طُخارِيَّةٌ: فارِهةٌ عَتِيقةٌ. و الطاخرُ: الغيمُ الأَسْود.
طخمر:
ما على السماء طَحْمَرِيرةٌ و طَخْمَرِيرةٌ، بالحاء و الخاء، أَي شي‏ء من غيم.
طرر:
طَرَّهم بالسيف يطُرُّهم طرّاً، و الطَّرُّ كالشَّلّ، و طَرّ الإِبلَ يطُرُّها طَرّاً: ساقها سوقاً شديداً و طردَها. و طَرَرْت الإِبلَ: مثل طَرَدْتها إِذا ضمَمْتها من نواحيها. قال الأَصمعي: أَطَرَّه يُطِرُّه إِطْرَاراً إِذا طرَدَه؛ قال أَوس:
حتى أُتِيحَ له أَخُو قَنَص             شَهْمٌ، يُطِرُّ ضَوارِياً كثبا

و يقال: طَرَّ الإِبلَ يَطُرّها طَرّاً إِذا مَشَى من أَحد جانبيها ثم مِنَ الجانبِ الآخر ليُقوِّمَها. و طُرَّ الرجلُ إِذا طُرِدَ. و قولُهم جاؤوا طُرّاً أَي جميعاً؛ و في حديث قُسّ:
و مَزاداً لمَحْشَر الخلقِ طُرّا

أَي جميعاً، و هو منصوب على المصدر أَو الحال. قال سيبويه: و قالوا مررت بهم طُرّاً أَي جميعاً؛ قال: و لا تستعمل إِلا حالًا و استعملها خَصِيبٌ النصرانيّ المُتَطبِّب في غير الحال، و قيل له: كيف أَنت؟ فقال: أَحْمَدُ الله إِلى طُرِّ خَلْقِه؛ قال ابن سيدة: أَنْبأَني بذلك أَبو العلاء. و في نوادر الأَعراب: رأَيت بني فلان بِطُرٍّ إِذا رأَيتهم بأَجْمَعِهم. قال يونس:

498
لسان العرب4

طرر ص 498

الطُّرُّ الجماعُة. و قولُهم: جاءني القومُ طُرّاً منصوب على الحال. يقال: طَرَرْتُ القومَ أَي مررت بهم جميعاً. و قال غيره: طُرّاً أُقيم مُقامَ الفاعل و هو مصدر، كقولك: جاءني القوم جميعاً. و طَرَّ الحديدةَ طَرّاً و طُرُوراً: أَحَدَّها. و سِنانٌ طَرِيرٌ و مَطْرُورٌ: مُحَدَّد. و طَرَرْت السِّنانَ: حَدَّدْته. و سَهْمٌ طَرِيرٌ: مَطْرُورٌ. و رجلٌ طَرِيرٌ: ذو طُرّةٍ و هيئةٍ حسنَةٍ و جَمال. و قيل: هو المُستقبل الشباب؛ ابن شميل: رجل جَمِيلٌ طَرِيرٌ. و ما أَطَرَّه أَي ما أَجْمَلَه و ما كان طَرِيراً و لقد طَرَّ. و يقال: رأَيت شيخاً جميلًا طَرِيراً. و قوم طِرارٌ بَيِّنُو الطَّرَارةِ، و الطَّرِيرُ: ذو الرُّواء و المَنْظَرِ؛ قال العباس بن مرداس، و قيل المتلمس:
و يُعْجِبُك الطَّرِيرُ فَتَبْتَلِيه،             فيُخْلِفُ ظَنَّكَ الرجلُ الطَّرِيرُ

و قال الشماخ:
يا رُبَّ ثَوْرٍ برِمالِ عالِجِ،             كأَنه طُرَّةُ نجمٍ خارِجِ،
في رَبْرَبٍ مِثْلَ مُلاءِ الناسجِ‏

و منه يقال: رجل طرير. و يقال: اسْتَطَرَّ إِتْمام الشكير «2» .... الشعر أَي أَنبته حتى بلغ تمامَه؛ و منه قول العجاج يصف إِبلًا أَجْهَضَتْ أَولادَها قبل طُرُور وبَرها:
و الشَّدَنِيَّات يُساقِطْنَ النُّعَرْ،             خُوصَ العُيونِ مُجْهَضات ما اسْتَطَرْ،
منهن إِتمامُ شَكِيرٍ فاشْتَكَرْ،             بِحاجبٍ و لا قَفاً و لا ازْبأَرْ،
مِنْهُنَّ سِيسَاءُ و لا اسْتَغْشَى الوَبَرْ

اسْتَغْشَى: لَبِسَ الوَبَرَ، أَي و لا لَبِسَ الوبَرَ. و طَرَّ حَوْضَه أَي طَيّنَه. و
في حديث عطاء: إِذا طَرَرْتَ مَسْجِدَكَ بِمَدَرٍ فيه رَوْثٌ فلا تُصَلِّ فيه حتى تَغْسِلَه السماءُ.
أَي إِذا طَيَّنْته و زَيَّنْته، من قولهم: رجل طَرِيرٌ أَي جميل الوجه. و يكون الطَّرُّ الشَّقَّ و القَطْعَ؛ و منه الطَّرَّارُ. و الطَّرُّ: القطع، و منه قيل للذي يقطع الهَمَايِينَ: طَرَّارٌ، و
في الحديث: أَنه كان يَطُرُّ شارِبَه.
؛ أَي يَقُصُّهُ. و
حديث الشعبي: يُقْطَعُ الطَّرَّار.
و هو الذي يَشُقُّ كُمَّ الرجلِ و يَسُلّ ما فيه، من الطَّرّ و هو القطع و الشَّقُّ. يقال: أَطَرَّ اللهُ يَدَ فلانٍ و أَطَنَّهَا فَطَرَّتْ و طَنَّتْ أَي سقطت. و ضربه فأَطَرَّ يدَه أَي قطعها و أَنْدَرَهَا. و طَرَّ البُنيانَ: جَدَّده. و طَرَّ النبتُ و الشاربُ و الوَبَرُ يَطُرُّ، بالضم، طَرّاً و طُرُوراً: طلَع و نبَت؛ و كذلك شعرُ الوحشيّ إِذا نَسَلَه ثم نبت؛ و منه طَرَّ شاربُ الغلامِ فهو طارٌّ. و الطُّرَّى: الأَتانُ. و الطُّرَّى: الحِمارُ النشيط. الليث: الطُّرَّةُ طُرّةُ الثوبِ، و هي شِبْهُ عَلَمين يُخاطانِ بجانبي البُرْدِ على حاشيتِه. الجوهري: الطُّرَّةُ كُفّةُ الثوبِ، و هي جانِبُه الذي لا هُدْبَ له. و غلام طارٌّ و طَرِيرٌ: كما طَرَّ شاربُه. التهذيب: يقال طَرَّ شاربُه، و بعضهم يقول طُرَّ شاربُه، و الأَول أَفصح. الليث: فتًى طارٌّ إِذا طَرَّ شاربُه. و الطَّرُّ: ما طلَع من الوَبَر و شعَرِ الحِمار بعد النُّسول. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: أَنه قام من جَوْزِ الليل و قد طُرَّت النجومُ.
أَي أَضاءت؛ و منه سيف مَطْرُور أَي صَقِيل، و من رواه بفتح‏
__________________________________________________
 (2). هنا بياض بالأَصل، و بهامشه مكتوباً بخط الناسخ: كذا وجدت و بإزائه مكتوباً ما نصه: العبارة صحيحة كتبه محمد مرتضى انتهى.

499
لسان العرب4

طرر ص 498

الطاء أَراد: طلَعت، من طَرَّ النباتُ يَطِرّ [يَطُرّ] إِذا نبت؛ و كذلك الشاربُ. و طُرَّةُ المَزادةِ و الثوبِ: عَلَمُهما، و قيل: طُرَّةُ الثوب موضعُ هُدْبه، و هي حاشيته التي لا هدب لها. و طُرَّةُ الأَرض: حاشيتُها. و طُرَّةُ كل شي‏ء: حرفُه. و طُرّةُ الجارية: أَن يُقْطَع لها في مُقَدِّم ناصيتها كالعَلَم أَو كالطُّرّة تحت التاج، و قد تُتّخذ الطُّرَّة من رامِكٍ [رامَكٍ‏]، و الجمع طُرَرٌ و طِرَارٌ، و هي الطُّرُورُ. و يقال: طَرَّرَتِ الجاريةُ تَطْرِيراً إِذا اتخَذَت لنفسها طُرَّةً. و
في الحديث عن ابن عمر قال: أَهْدى أُكَيْدِرُ دُومةَ إِلى رسول الله، صلى الله عليه و سلم، حُلَّةً سِيَراءَ فأَعطاها عُمَرَ، رضي الله عنه، فقال له عمرُ: أَ تُعْطِينِيها و قد قلتَ أَمْسِ في حُلَّةِ عُطارِدٍ ما قلتَ؟ فقال له رسول الله، صلى الله عليه و سلم: لم أُعْطِكَها لتَلْبَسَها و إِنما أَعْطَيتُكَها لِتُعْطِيَها بعض نسائِكَ يَتّخِذْنها طُرَّاتٍ بينهن.
؛ أَراد يقطعنها و يتخذنها سُيوراً؛ و في النهاية أَي يُقَطّعنها و يتخذنها مَقانِع، و طُرّات جمعُ طُرّة؛ و قال الزمخشري؛ يتخذْنها طُرّات أَي قِطَعاً، من الطَّرّ، و هو القطع. و الطُّرَّةُ من الشعر: سميت طُرّةً لأَنها مقطوعة من جملته. و الطَّرَّةُ، بفتح الطاء: المرّةُ، و بضم الطاء: اسمُ الشي‏ء المقطوع بمنزلة الغَرْفةِ و الغُرْفة؛ قال ذلك ابن الأَنباري. و الطُّرّتَانِ من الحمار و غيره: مَخَطُّ الجَنْبين؛ قال أَبو ذؤيب يصف رامياً رمَى عَيْراً و أُتُناً:
فَرَمَى فأَنْفَذَ من نَحُوصٍ عائطٍ             سَهْماً، فأَنْفَذَ طُرّتيهِ المَنْزَعُ‏

و الطُّرّة: الناصية. الجوهري: الطُّرّتَانِ من الحمار خطَّان أَسْوَدانِ على كتفيه، و قد جعلهما أَبو ذؤيب للثور الوحشي أَيضاً؛ و قال يصف الثور و الكلاب:
يَنْهَشْنه و يَذُودُهُنَّ و يَحْتَمِي،             عَبْل الشَّوَى بالطُّرّتَيْنِ مُولّع‏

و طُرّةُ مَتْنِه: طريقتُه؛ و كذلك الطُّرّةُ من السحاب؛ و قول أَبي ذؤيب:
بَعِيد الغَزاةِ، فما إِنْ يَزالُ             مُضْطَمِراً طُرّتاه طَلِيحَا

قال ابن جني: ذهب بالطُّرّتين إِلى الشَّعَر؛ قال ابن سيدة: و هذا خطأٌ لأَن الشَّعَر لا يكون مُضْطَمِراً و إِنما عَنَى ضُمْرَ كَشْحَيه، يمدح بذلك عبد الله بن الزبير. قال ابن جني: و يجوز أَيضاً أَن تكون طُرَّتاه بدلًا من الضمير في مُضْطَمِراً، كقوله عز و جل: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ؛ إِذا جعلتَ في مُفَتّحةً ضميراً و جعلت الأَبواب بدلًا من ذلك الضمير، و لم تكن مُفَتّحةً الأَبوابُ منها على أَن تُخْلِيَ مفتحة من ضمير. و طُرَرُ الوادِي و أَطْرارُه: نواحِيه، و كذلك أَطْرارُ البلادِ و الطريق، واحدها طُرٌّ؛ و في التهذيب: الواحدةُ طُرّةٌ. و طُرّةُ كل شي‏ء: ناحيتُه. و طُرّةُ النهرِ و الوادي: شفيرُه. و أَطْرارُ البلادِ: أَطرافُها. و أَطَرّ أَي أَدَلّ. و في المثل: أَطِرِّي إِنك ناعِلةٌ، و قيل: أَطِرِّي اجْمَعي الإِبل، و قيل: معناه أَدِلِّي: فإِن عليك نَعْلين، يضرب للمذكر و المؤنث و الاثنين و الجمع على لفظ التأْنيث لأَن أَصل المثل خُوطِبَت به امرأَة فيجري على ذلك. التهذيب: هذا المثل يقال في جَلادةِ الرجلِ، قال: و معناه أَي ارْكَب الأَمرَ الشديد فإِنك قَوِيٌّ عليه. قال: و أَصل هذا أَن رجلًا قاله لِرَاعيةٍ له، و كانت ترعى في السُّهولة و تترك‏

500
لسان العرب4

طرر ص 498

الحُزُونة، فقال لها: أَطِرِّي أَي خُذي في أَطْرارِ الوادي، و هي نواحيه، فإِنَّكِ ناعِلةٌ: فإِن عليك نعلين، و قال أَبو سعيد: أَطِرِّي أَي خُذي أَطْرارَ الإِبل أَي نواحيها، يقول: حُوطِيها من أَقاصيها و احفظيها، يقال طِرِّي و أَطِرِّي؛ قال الجوهري: و أَحسبه عَنى بالنَّعْلَين غِلَظَ جِلْدِ قَدَمَيْها. و جَلَبٌ مُطِرٌّ: جاء من أَطْرار البلاد. و غَضَبٌ مُطِرٌّ: فيه بعضُ الإِدْلالِ، و قيل: هو الشديد. و قولهم: غَضَبٌ مُطِرٌّ إِذا كان في غير موضعه و فيما لا يُوجِبُ غَضَباً؛ قال الحُطيئة:
غَضِبْتُمْ عَلَينا أَن قَتَلْنا بِخَالِدٍ،             بَني مالِكٍ، ها إِنَّ ذا غَضَبٌ مُطِرْ

ابن السكيت: يقال أَطَرَّ يُطِرُّ إِذا أَدَلَّ. و يقال: جاء فلان مُطِرّاً أَي مُسْتَطِيلًا مُدِلًّا. و الإِطْرارُ: الإِغْراءُ. و الطَّرَّةُ: الإِلْقاحُ من ضَرْبة واحدة. و طَرَّتْ يداه تَطِرّ و تَطُرُّ: سقطَتْ، و تَرَّت تَتِرّ [تَتُرّ] و أَطَرَّها هو و أَتَرَّها. و
في حديث الاستسقاء: فنشَأَت طُرَيْرةٌ من السحاب.
و هي تصغير طُرَّةٍ، و هي قِطْعة منها تَبْدُو من الأُفُق مستطيلة. و الطُّرَّةُ: السحابةُ تَبْدُو من الأُفُق مستطيلة؛ و منه طُرَّةُ الشعَرِ و الثوبِ أَي طَرَفُه. و الطَّرُّ: الخَلْسُ، و الطَّرُّ: اللَّطْمُ؛ كلتاهما عن كراع. و تكلم بالشي‏ء من طِرَارِه إِذا اسْتَنْبَطَه من نفسه. و
في الحديث: قالت صَفِيّةُ لعائشة، رضي الله عنهما: مَنْ فِيكُنَّ مِثْلي؟ أَبي نَبِيٌّ و عَمِّي نَبِيٌّ و زَوْجِي نَبِيٌّ؛ و كان علّمها رسول الله، صلى الله عليه و سلم، ذلك، فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس هذا الكلامُ من طِرارِكِ.
و الطَّرْطَرةُ: كالطَّرْمذة مع كثرة كلام. و رجل مُطَرْطِرٌ: من ذلك. و طَرْطَر: موضع؛ قال إمرؤ القيس:
أَلا رُبَّ يوم صالحٍ قد شَهِدْته،             بِتاذِفَ ذاتِ التلّ من فَوقِ طَرْطَرَا

و يقال: رأَيت طُرّة بني فلان إِذا نظرت إلى حِلَّتِهم من بعيد فآنَسْتَ بيوتَهم. أَبو زيد: و المُطَرَّةُ العادةُ، بتشديد الراء، و قال الفراء: مخففة الراء. أَبو الهيثم: الأَيْطَلُ و الطَّرّةُ و القُرُبُ الخاصرة، قيّده في كتابه بفتح الطاء. الفراء و غيره: يقال للطَّبقِ الذي يؤكل عليه الطعام الطِّرِّيانُ بوزن الصِّلِّيان، و هي فِعْليان من الطَّرّ. ابن الأَعرابي: يقال للرجل طُرْطُرْ إِذا أَمَرْتَه بالمجاورة لبيت الله الحرام و الدوامِ على ذلك. و الطُّرْطُورُ: الوَغْدُ الضعيفُ من الرجال، و الجمع الطَّراطِيرُ؛ و أَنشد:
قد عَلِمتْ يَشْكُرُ مَنْ غُلامُها،             إِذا الطَّراطِيرُ اقْشَعَرَّ هامُها

و رجل طُرْطُورٌ أَي دقيق طويل. و الطُّرْطورُ. قَلَنْسوة للأَعراب طويلة الرأْس.
طزر:
الطَّزَرُ: النَّبْت الصَّيْفيّ، بلغة بعضهم.
طعر:
طَعَرَ المرأَة طَعْراً: نكحها، و قيل: هو بالزاي و الراءُ تصحيف. ابن الأَعرابي: الطَّعْرُ إِجْبارُ القاضي الرجلَ على الحُكْم.
طغر:
الطَّغْرُ: لغة في الدَّغْر، طَغَرَه و دَغَرَه: دَفَعَه. و طَغَرَ عليهم و دَغَرَ بمعنى واحد، و قال غيره: هو الطُّغَرُ، و جمعُه طِغْرانٌ، لطائر معروف.
طفر:
الطَّفْرُ: وَثْبةٌ في ارتفاع كما يَطْفِرُ الإِنسانُ حائطاً أَي يَثبُه. و الطَّفْرَةُ: الوَثْبَةُ؛ و قد طَفَر

501
لسان العرب4

طفر ص 501

يَطْفِرُ طَفْراً و طُفوراً: وَثَبَ في ارتفاع. و طَفَرَ الحائطَ: وَثَبَه إِلى ما وراءه. و
في الحديث: فَطَفَرَ عن راحلتِه.
؛ الطَّفْرُ: الوُثوبُ. و الطَّفْرةُ من اللّبن: كالطَّثْرة، و هو أَن يكثُف أَعلاه و يَرِقَّ أَسفلُه، و قد طَفَرَ. و طَيْفُورٌ: طُوَيْئرٌ صَغِير. و طَيْفُورٌ: اسم. و أَطْفَرَ الراكبُ بعيرَه إِطْفَاراً إِذا أَدخل قدميه في رُفْغَيه إِذا رَكِبَه، و هو عَيْبٌ للراكب، و ذلك إِذا عَدَا البعيرُ.
طمر:
طَمَرَ البئرَ طَمْراً: دفَنها. و طَمرَ نَفْسه و طَمَرَ الشي‏ء: خَبَأَه حيث لا يُدْرى. و أَطْمَرَ الفرسُ غُرْمولَه في الحِجْر: أَوْعَبَه. قال الأَزهري: سمعت عُقَيلِيّاً يقول لَفَحل ضرب ناقة: قد طَمَرَها، و إِنه لكثيرُ الطُّمُور، و كذلك الرجل إِذا وُصِفَ بكثرة الجماع يقال إِنه لكثيرُ الطُّمُور. و المَطْمُورةُ: حفيرةٌ تحت الأَرض أَو مكانٌ تحت الأَرض قد هُيِّئَ خَفيّاً يُطْمَرُ فيها الطعامُ و المالُ أَي يُخْبأُ، و قد طَمَرْتها أَي مَلأْتها. غيره: و المطَامِيرُ حُفَرٌ تُحْفر في الأَرض تُوسّع أَسافِلُها تُخْبأُ فيها الحبوبُ. و طَمَرَ يَطْمِر طَمْراً و طُمُوراً و طَمَرَاناً: وَثَبَ؛ قال بعضهم: هو الوُثُوب إِلى أَسفل، و قيل: الطُّمورُ شبْهُ الوثوب في السماء؛ قال أَبو كبير يمدح تأَبط شرّاً:
و إِذا قَذَفْتَ له الحصاة رأَيتَه،             يَنْزُو، لِوَقْعَتِها، طُمُورَ الأَخْيَلِ‏

و طَمَرَ في الأَرض طُمُوراً: ذَهَبَ. و طَمَرَ إِذا تَغيّبَ و استخفى؛ و طَمَرَ الفرسُ و الأَخْيَل يَطْمِرُ في طيرَانه. و قالوا: هو طامِرُ بنُ طامر للبعيد، و قيل: هو الذي لا يُعْرفُ و لا يُعْرف أَبوه و لم يُدْرَ مَن هو. و يقال للبرغوث: طَامِر بن طامِر؛ معرفة عند أَبي الحسن الأَخفش. الطامِرُ: البرغوث، و الطوامرُ: البراغيث. و طمَرَ إِذا عَلا، و طَمَر إِذا سَفَل. و المَطْمُور: العالي و المَطْمُورُ: الأَسْفَلُ. و طَمَارِ و طَمَارُ: اسمٌ للمكان المرتفع؛ يقال: انْصَبَّ عليهم فلانٌ من طَمَارِ مثال قَطَامِ، و هو المكانُ العالي؛ قال سليم بن سلام الحنفي:
فإِن كُنْتِ لا تَدْرِينَ ما الموتُ، فانْظُرِي             إِلى هانئٍ في السُّوق و ابنِ عقيلِ‏
إِلى بَطَلٍ قد عَقَّر السيفُ وجْهَه،             و آخَرَ، يَهْوِي مِنْ طَمَارِ، قَتِيلِ‏

قال: و يُنْشدُ
... من طَمَارَ ...

و
... من طَمَارِ ...

، بفتح الراء و كسرها، مُجرًى و غير مُجْرًى. و يُروى:
... قد كَدَّحَ السيفُ وجهَه.

و كان عُبَيد الله بن زياد قد قَتَل مُسْلَم بنَ عقيل بن أَبي طالب و هانئ بن عروة المُرَاديّ و رمَى به من أَعلى القصر فوقَع في السُّوق، و كان مسلم بن عقيل قد نَزل عند هانئ بن عروة، و أَخْفَى أَمْرَه عن عبيد الله بن زياد، ثم وقف عبيد الله على ما أَخفاه هانئ، فأَرْسل إِلى هانئ فأَحْضره و أَرسل إِلى داره من يأْتيه بمسلم بن عقيل، فلما أَتَوْه قَاتَلَهم حتى قُتِل ثم قَتَل عبيدُ الله هانئاً لإِجارتِه له.
و
في حديث مُطَرّف: من نامَ تحتَ صَدَفٍ مائلٍ و هو يَنْوِي التوكُّل فَلْيَرْمِ نفْسه من طَمَارِ.
؛ هو الموضع العالي، و قيل: هو اسم جبل، أَي لا ينبغي أَن يُعَرِّضَ نفسَه للمهالك و يقول قد تَوَكّلْت. و الطُّمَّرُ و الطِّمَّوْرُ: الأَصل. يقال: لأَرُدّنّه إِلى طُمَّرِه أَي إِلى أَصله. و جاء فلان على مِطْمار أَبيه أَي جاء يُشْبهه في خَلْقِه و خُلُقِه؛ قال أَبو وَجْزة

502
لسان العرب4

طمر ص 502

يمدح رجلًا:
يَسْعَى مَساعِيَ آباءٍ له سَلَفَتْ،             مِنْ آلِ قير على مِطْمارِهمْ طَمَرُوا «1».

و قال نافع بن أَبي نعيم: كنت أَقول لابن دَأْب إِذا حدَّث: أَقِم المِطْمَرَ أَي قَوِّم الحديثَ و نَقِّح أَلفاظَه و اصْدُقْ فيه، و هو بكسر الميم الأُولى و فتح الثانية، الخَيْطُ الذي يُقَوَّم عليه البناءُ. و قال اللحياني: وقع فلان في بنات طَمَارِ مَبنية أَي في داهية، و قيل: إِذا وقع في بَليَّة و شِدَّة. و
في حديث الحساب يوم القيامة: فيقول العبد عندي العَظائمُ المُطَمَّراتُ.
؛ أَي المخبّآتُ من الذنوب و الأُمورُ المُطَمِّراتُ، بالكسر: المُهْلِكاتُ، و هو من طَمَرت الشي‏ءَ إِذا أَخْفَيْتَه، و منه المَطْمورةُ الحَبْسُ. و طَمِرَت يَدُه: وَرِمَت. و الطِّمِرُّ، بتشديد الراء، و الطِّمْرِيرُ و الطُّمْرورُ: الفرسُ الجَوادُ، و قيل: المُشَمَّر الخَلْق، و قيل: هو المستفزُّ للوَثْبِ و العَدْوِ، و قيل: هو الطويل القوائم الخفيف، و قيل: المستعدُّ للعَدْوِ، و الأُنثى طِمِرَّةٌ؛ و قد يستعار للأَتان؛ قال:
كأَنّ الطِّمِرّةَ ذاتَ الطِّمَاح             منها، لِضَبْرتِه، في عِقَال‏

يقول: كأَنَّ الأَتانَ الطِّمِرّة الشديدةَ العَدْوِ إِذا ضَبَرَ هذا الفرسُ و رآها معقولةٌ حتى يُدْرِكها. قال السيرافي: الطِّمِرُّ مشتقّ من الطُّمُور، و هو الوَثْب، و إِنما يعني بذلك سرعته. و الطِّمِرَّة منَ الخيل: المُشْرفةُ؛ و قول كعب بن زهير:
سَمْحَج سَمْحة القوائم حَقْباء             من الجُونِ، طُمِّرَتْ تَطْمِيرا

قال: أَي وُثِّقَ خَلْقُها و أُدْمِج كأَنها طُوِيَتْ طَيَّ الطَّوامِير. و الطُّمْرور: الذي لا يملك شيئاً، لغة في الطُّمُلولِ. و الطِّمْرُ: الثوب الخلَقُ، و خص ابن الأَعرابي به الكِساءَ الباليَ من غير الصُّوف، و الجمع أَطْمارٌ؛ قال سيبويه: لم يجاوِزُوا به هذا البناء؛ أَنشد ثعلب:
تحسَبُ أَطْمارِي عليَّ جُلَبا

و الطُّمْرورُ: كالطِّمْر. و
في الحديث: رُبَّ ذِي طِمْرَين لا يُؤْبَهُ له، لو أَقْسَمَ على الله لأَبَرّه.
؛ يقول: رُبَّ ذِي خَلَقَين أَطاعَ الله حتى لو سأَل الله تعالى أَجابه. و المِطْمَرُ: الزِّيجُ الذي يكون مع البَنَّائين. و المِطْمَرُ و المِطْمارُ: الخيط الذي يُقدِّر به البَنّاء البِناءَ، يقال له التَّرْقال بالفارسية. و الطُّومارُ: واحدُ المَطامِير «2». ابن سيدة: الطامُورُ و الطُّومارُ الصحيفةُ، قيل: هو دَخِيل، قال: و أُراه عربيّاً محضاً لأَن سيبويه قد اعتدّ به في الأَبنية فقال: هو ملحق بفُسْطاط، و إِن كانت الواو بعد الضمة، فإِنما كان ذلك لأَن موضع المدّ إِنما هو قُبَيل الطرَف مُجاوِراً له، كأَلِفِ عِمادٍ و ياء عَمِيد و واو عَمُود، فأَما واوُ طُومار فليست للمدّ لأَنها لم تُجاوِر الطرَف، فلما تقدمت الواو فيه و لم تجاور طرفه قال: إِنه مُلْحق، فلو بَنَيْتَ على هذا من سأَلت مثلَ طُومار و دِيماسٍ لَقُلْت سُوآل و سِيآل، فإِن خَفَّفْتَ الهمزة أَلقيت حركتها على‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [من آل قير] كذا في الأَصل.
 (2). قوله: [و الطومار واحد المطامير] هكذا في الأَصل و المناسب أَن يقول و المطمار واحد المطامير أو يقول و الطومار واحد الطوامير.

503
لسان العرب4

طمر ص 502

الحرف الذي قبلها، و لم تخش ذلك فقلت سُوَال و سِيَال، و لم تُجْرِهما مُجْرى واو مَقْرُوءة و ياء خَطِيئة في إِبدالك الهمزة بعدهما إِلى لفظهما و إِدغامك إِيَّاهما فيهما، في نحو مَقْرُوّة و خَطِيّة، فلذلك لم يُقَلْ سُوّال و لا سِيّال أَعْنِي لتقدُّمِها و بُعْدها على الطَّرفِ و مشابهةِ حرف المد. و الطُّمْرُورُ: الشِّقْراق. و مَطامِيرُ: فرسُ القَعْقاع ابن شَوْرٍ.
طمحر:
ابن السكيت: ما في السماء طَمْحَرِيرةٌ و ما عليها طِهْلِئَة و ما عليها طَحْرةٌ أَي ما عليها غَيم. و طَمْحَر السِّقاءَ: مَلأَه كطَحْرَمه. و المُطْمَحِرُّ: المُمْتلئ. و شَرِبَ حتى اطْمَحَرَّ أَي امْتَلأَ و لم يَضْرُرْه، و الخاء لغة؛ عن يعقوب. و المُطْمَحِرُّ: الإِناء الممتلئ. و رجل طُماحِرٌ: عظيم الجوفِ كطُحامِر. و ما على رأْسه طَمْحَرَةٌ و طِحْطِحةٌ أَي ما عليه شعرة.
طمخر:
رجل طَمَخْرِيرٌ: عظيم الجوف. و الطُّماخِرُ: البعيرُ. و شَرِبَ حتى اطْمَخَرَّ أَي امتلأَ، و قيل: هو أَن يَمْتلئ من الشراب و لا يَضُرّه، و الحاء المهملة لغة.
طنبر:
الطُّنْبُور: الطِّنْبَارَ معروف، فارسي معرب دخيل، أَصله دُنْبَهِ بَرَهْ أَي يُشْبِه أَلْيةَ الحَمَل، فقيل: طُنْبور. الليث: الطُّنْبُورُ الذي يُلْعب به، معرب و قد استعمل في لفظ العربية.
طنثر:
الطَّنْثرةُ: أَكْلُ الدسم حتى يَثْقُلَ عنه جسمُه، و قد تطَنْثَر.
طهر:
الطُّهْرُ: نقيض الحَيْض. و الطُّهْر: نقيض النجاسة، و الجمع أَطْهار. و قد طَهَر يَطْهُر و طَهُرَ طُهْراً و طَهارةً؛ المصدرانِ عن سيبويه، و في الصحاح: طَهَر و طَهُر، بالضم، طَهارةً فيهما، و طَهَّرْته أَنا تطهيراً و تطَهَّرْت بالماء، و رجل طاهِر و طَهِرٌ؛ عن ابن الأَعرابي: و أَنشد:
أَضَعْتُ المالَ للأَحْساب، حتى             خَرجْت مُبَرّأً طَهِر الثِّيَابِ‏

قال ابن جني: جاء طاهِرٌ على طَهُر كما جاء شاعرٌ على شَعُر، ثم استغنَوْا بفاعل عن فَعِيل، و هو في أَنفسهم و على بال من تصورهم، يَدُلُّك على ذلك تسكيرُهم شاعراً على شُعَراء، لَمّا كان فاعلٌ هنا واقعاً موقع فَعِيل كُسِّر تكسِيرَه ليكون ذلك أَمارةً و دليلًا على إِرادته و أَنه مُغْنٍ عنه و بَدَلٌ منه؛ قال ابن سيدة: قال أَبو الحسن: ليس كما ذكر لأَن طَهِيراً قد جاء في شعر أَبي ذؤيب؛ قال:
فإِن بني، لِحْيان إِمَّا ذكرتهم،             نَثاهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، طَهِيرُ

قال: كذا رواه الأَصمعي بالطاء و يروى ظهير بالظاء المعجمة، و سيُذكر في موضعه، و جمع الطاهرِ أَطْهار و طَهَارَى؛ الأَخيرة نادرة، و ثيابٌ طَهارَى على غير قياس، كأَنهم جمعوا طَهْرانَ؛ قال إمرؤ القيس:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيَّةٌ،             و أَوْجهُهم، عند المَشَاهِد، غُرّانُ‏

و جمع الطَّهِر طهِرُونَ و لا يُكسّر. و الطُّهْر: نقيض الحيض، و المرأَة طاهِرٌ من الحيض و طاهِرةٌ من النجاسة و من العُيوبِ، و رجلٌ طاهِرٌ و رجال طاهِرُون و نساءٌ طاهِراتٌ. ابن سيدة: طَهَرت المرأَة و طهُرت و طَهِرت اغتسلت من الحيض و غيرِه، و الفتح أَكثر عند ثعلب، و اسمُ أَيام طُهْرها «1» ... و طَهُرت المرأَة، و هي طاهرٌ: انقطع عنها الدمُ و رأَت‏
__________________________________________________
 (1). هنا بياض في الأَصل و بإزائه بالهامش لعله الأَطهار.

504
لسان العرب4

طهر ص 504

الطُّهْر، فإِذا اغتسلت قيل: تَطَهَّرَت و اطَّهَّرت؛ قال الله عز و جل: وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا
. و روى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال في قوله عز و جل: وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ‏
؛ و قرئ: حتى يَطَّهَّرْن؛ قال أَبو العباس: و القراءة يطَّهَّرن لأَن من قرأَ يَطْهُرْنَ‏
 أَراد انقطاع الدم، فَإِذا تَطَهَّرْنَ‏
 اغتسلن، فصَيَّر معناهما مختلفاً، و الوجه أَن تكون الكلمتان بمعنى واحد، يُريد بهما جميعاً الغسل و لا يَحِلُّ المَسِيسُ إِلا بالاغتسال، و يُصَدِّق ذلك قراءةُ ابن مسعود: حتى يَتَطَهَّرْن؛ و قال ابن الأَعرابي: طَهَرت المرأَةُ، هو الكلام، قال: و يجوز طَهُرت، فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلْنَ، و قد تَطَهَّرت المرأَةُ و اطّهّرت، فإِذا انقطع عنها الدم قيل: طَهُرت تَطْهُر، فهي طاهرٌ، بلا هاء، و ذلك إِذا طَهُرَت من المَحِيض. و أَما قوله تعالى: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا
؛ فإِن معناه الاستنجاء بالماء، نزلت في الأَنصار و كانوا إِذا أَحْدَثوا أَتْبَعُوا الحجارة بالماء فأَثْنَى الله تعالى عليهم بذلك، و قوله عز و جل: هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ‏
؛ أَي أَحَلُّ لكم. و قوله تعالى: وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ
؛ يعني من الحيض و البول و الغائط؛ قال أَبو إِسحق: معناه أَنهنّ لا يَحْتَجْنَ إِلى ما يَحْتاجُ إِليه نِساءُ أَهل الدنيا بعد الأَكل و الشرب، و لا يَحِضْن و لا يَحْتَجْنَ إِلى ما يُتَطَهَّرُ به، و هُنَّ مع ذلك طاهراتٌ طَهارَةَ الأَخْلاقِ و العِفَّة، فمُطَهَّرة تَجْمع الطهارةَ كلها لأَن مُطَهَّرة أَبلغ في الكلام من طاهرة. و قوله عز و جل: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ‏
؛ قال أَبو إِسحق: معناه طَهِّراهُ من تعليق الأَصْنام عليه؛ الأَزهري في قوله تعالى: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ‏
، يعني من المعاصي و الأَفعال المُحَرَّمة. و قوله تعالى: يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً
؛ من الأَدْناس و الباطل. و استعمل اللحياني الطُّهْرَ في الشاة فقال: إِن الشاة تَقْذَى عَشْراً ثم تَطْهُر؛ قال ابن سيدة: و هذا طَريفٌ جِدّاً، لا أَدْرِي عن العرب حكاه أَمْ هو أَقْدَمَ عليه. و تَطَهَّرت المرأَة: اغتسلت. و طَهَّره بالماء: غَسَلَه، و اسمُ الماء الطَّهُور. و كلُّ ماء نظيف: طَهُورٌ، و ماء طَهُور أَي يُتَطَهَّرُ به، و كلُّ طَهورٍ طاهرٌ، و ليس كلُّ طاهرٍ طَهوراً. قال الأَزهري: و كل ما قيل في قوله عز و جل: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً
؛ فإِن الطَّهُورَ في اللغة هو الطاهرُ المُطَهِّرُ، لأَنه لا يكون طَهوراً إِلا و هو يُتَطهّر به، كالوَضُوء هو الماء الذي يُتَوضَّأُ به، و النَّشُوق ما يُسْتَنْشق به، و الفَطُور ما يُفْطَر عليه منْ شراب أَو طعام. و
سُئِل رسول الله، صلى الله عليه و سلم، عن ماء البحر فقال: هو الطَّهُور ماؤه الحِلُّ مَيْتَتُه.
؛ أَي المُطَهِّر، أَراد أَنه طاهر يُطَهِّر. و قال الشافعي، رضي الله عنه: كلُّ ماء خَلَقَه الله نازلًا من السماء أَو نابعاً من عين في الأَرض أَو بحْرٍ لا صَنْعة فيه لآدَميٍّ غير الاسْتِقاء، و لم يُغَيِّر لَوْنَه شي‏ءٌ يخالِطُه و لم يتغيّر طعمُه منه، فهو طَهُور، كما قال الله عز و جل و ما عدا ذلك من ماء وَرْدٍ أَو وَرَقٍ شجرٍ أَو ماءٍ يَسيل من كَرْم فإِنه، و إِن كان طاهراً، فليس بطَهُور. و
في الحديث: لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةً بغير طُهُورٍ.
قال ابن الأَثير: الطُّهور، بالضم، التطهُّرُ، و بالفتح: الماءُ الذي يُتَطَهَّرُ به كالوَضُوء. و الوُضوء و السَّحُور و السُّحُور؛ و قال سيبويه: الطَّهور، بالفتح، يقع على الماء و المَصْدر معاً، قال: فعلى هذا يجوز أَن يكون الحديث بفتح الطاء و ضمها، و المراد بهما التطهر. و الماء الطَّهُور، بالفتح: هو الذي يَرْفَعُ الحدَث و يُزِيل النجَسَ لأَن فَعُولا

505
لسان العرب4

طهر ص 504

من أَبنية المُبالَغة فكأَنه تَنَاهى في الطهارة. و الماءُ الطاهر غير الطَّهُور، و هو الذي لا يرفع الحدث و لا يزيل النجس كالمُسْتَعْمَل في الوُضوء و الغُسْل. و المِطْهَرةُ: الإِناءُ الذي يُتَوَضَّأُ به و يُتَطَهَّر به. و المِطْهَرةُ: الإِداوةُ، على التشبيه بذلك، و الجمع المَطَاهِرُ؛ قال الكميت يصف القطا:
يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآجِي             في أَساقٍ كالمَطاهِرْ

و كلُّ إِناء يُتَطَهَّر منه مثل سَطْل أَو رَكْوة، فهو مِطْهَرةٌ. الجوهري: و المَطْهَرَةُ و المِطْهَرة الإِداوةُ، و الفتح أَعلى. و المِطْهَرَةُ: البيت الذي يُتَطَهّر فيه. و الطَّهارةُ، اسمٌ يقوم مقام التطهّر بالماء: الاستنجاءُ و الوُضوءُ. و الطُّهارةُ: فَضْلُ ما تَطَهَّرت به. و التَّطَهُّرُ: التنزُّه و الكَفُّ عن الإِثم و ما لا يَجْمُل. و رجل طاهرُ الثياب أَي مُنَزَّه؛ و منه قول الله عز و جل في ذكر قوم لوط و قَوْلِهم في مُؤمِني قومِ لُوطٍ: إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ*
؛ أَي يتنزَّهُون عن إِتْيان الذكور، و قيل: يتنزّهون عن أَدْبار الرجال و النساء؛ قالهُ قوم لوط تهكُّماً. و التطَهُّر: التنزُّه عما لا يَحِلُّ؛ و هم قوم يَتَطَهَّرون أَي يتنزَّهُون من الأَدناسِ. و
في الحديث: السِّواكُ مَطْهرةٌ للفم.
و رجل طَهِرُ الخُلُقِ و طاهرُه، و الأُنثى طاهرة، و إِنه لَطاهرُ الثيابِ أَي ليس بذي دَنَسٍ في الأَخْلاق. و يقال: فلان طاهر الثِّياب إِذا لم يكن دَنِسَ الأَخْلاق؛ قال إمرؤ القيس:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّةٌ
و قوله تعالى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ
؛ معناه و قَلْبَك فَطهِّر؛ و عليه قول عنترة:
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه،             ليس الكَريمُ على القَنا بِمُحَرَّمِ‏

أَي قَلْبَه، و قيل: معنى وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ
، أَي نَفْسَك؛ و قيل: معناه لا تَكُنْ غادِراً فتُدَنِّسَ ثيابَك فإِن الغادر دَنِسُ الثِّياب. قال ابن سيدة: و يقال للغادر دَنِسُ الثياب، و قيل: معناه و ثيابك فقَصِّر فإِن تقصير الثياب طُهْرٌ لأَن الثوب إِذا انْجرَّ على الأَرض لم يُؤْمَنْ أَن تصيبَه نجاسةٌ، و قِصَرُه يُبْعِدُه من النجاسة؛ و التَّوْبةُ التي تكون بإِقامة الحدّ كالرَّجْمِ و غيره: طَهُورٌ للمُذْنِب؛ و قيل معنى قوله: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ
، يقول: عَملَك فأَصْلِح؛ و
روى عكرمة عن ابن عباس في قوله: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ
، يقول: لا تَلْبَسْ ثِيابَك على معصية و لا على فجُورٍ و كُفْرٍ و أَنشد قول غيلان:
إِني بِحَمْد الله، لا ثوبَ غادِرٍ             لَبِستُ، و لا مِنْ خِزْيةٍ أَتَقَنَّع.
الليث: و التوبةُ التي تكون بإِقامة الحُدُود نحو الرَّجْم و غيره طَهُورٌ للمُذنب تُطَهِّرُه تَطْهيراً، و قد طَهّرَه الحدُّ و قوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ‏
؛ يعني به الكِتَابَ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ‏
 عنى به الملائكة، و كلُّه على المَثَل، و قيل: لا يمسُّه في اللوح المحفوظ إِلا الملائكة. و قوله عز و جل: أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ‏
؛ أَي أَن يَهدِيَهم. و أَما قوله: طَهَرَه إِذا أَبْعَدَه، فالهاء فيه بدل من الحاء في طَحَره؛ كما قالوا مدَهَه في معنى مَدَحَه. و طهَّر فلانٌ ولَدَه إِذا أَقام سُنَّةَ خِتانه، و إِنما سمّاه المسلمون تطهيراً لأَن النصارى لما تركوا سُنَّةَ الخِتان‏

506
لسان العرب4

طهر ص 504

غَمَسُوا أَوْلادَهم في ماء صُبِغَ بِصُفْرةٍ يُصَفّرُ لونَ المولود و قالوا: هذه طُهْرَةُ أَوْلادِنا التي أُمِرْنا بها، فأَنْزل الله تعالى: صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً؛ أَي اتَّبِعُوا دِينَ اللهِ و فِطْرَتَه و أَمْرَه لا صِبْغَةَ النصارى، فالخِتانُ هو التطهِيرُ لا ما أَحْدَثَه النصارى من صِبْغَةِ الأَوْلادِ. و
في حديث أُم سلمة: إِني أُطِيلُ ذَيْلي و أَمْشِي في المكان القَذِر، فقال لها رسول الله، صلى الله عليه و سلم: يُطَهِّرُه ما بعده.
؛ قال ابن الأَثير: هو خاص فيما كان يابساً لا يَعْلَقُ بالثوب منه شي‏ء، فأَما إِذا كان رَطْباً فلا يَطْهُر إِلا بالغَسْل؛ و قال مالك: هو أَن يَطَأَ الأَرضَ القَذِرَة ثم يَطأَ الأَرضَ اليابسةَ النَّظِيفةَ فإِنَّ بعضها يُطَهِّرُ بَعْضاً، فأَما النجاسةُ مثل البول و نحوه تُصِيب الثوب أَو بعضَ الجسد، فإِن ذلك لا يُطَهَّرُه إِلا الماءُ إِجماعاً؛ قال ابن الأَثير: و في إِسناد هذا الحديث مَقالٌ.
طور:
الطَّوْرُ: التارَةُ، تقول: طَوْراً بَعْدَ طَوْرٍ أَي تارةً بعد تارة؛ و قال الشاعر في وصف السَّلِيم:
تُراجِعُه طَوْراً و طَوْراً تُطَلِّقُ‏
قال ابن بري: صوابه:
تُطَلِّقُه طَوْراً و طَوْراً تُراجِعُ‏

و البيت للنابغة الذبياني، و هو بكماله:
تَناذَرها الراقُونَ من سُوءِ سَمِّها،             تُطَلِّقُه طَوْراً و طَوْراً تُراجِعُ‏

و قبله:
فبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ             من الرُّقْشِ، في أَنيابِها السُّمُّ ناقعُ‏

يريد: أَنه بات من تَوَعُّدِ النعمان على مثل هذه الحالة و كان حَلَف للنُّعْمان أَنه لم يتعرض له بهِجاءٍ؛ و لهذا قال بعد هذا:
فإِن كنتُ، لا ذو الضِّغْنِ عَنِّي مُكَذَّبٌ،             و لا حَلِفي على البراءةِ نافعُ‏
و لا أَنا مأْمونٌ بشي‏ء أَقُولُه،             و أَنْتَ بأَمْرٍ لا محالَة واقعُ‏
فإِنكَ كالليلِ الذي هو مُدْرِكي،             و إِن خِلْتُ أَن المُنْتأَى عنكَ واسِعُ‏

و جمع الطَّوْرِ أَطْوارٌ. و الناسُ أَطْوَارٌ أَي أَخْيافٌ على حالات شتَّى. و الطَّوْر: الحالُ، و جمعه أَطْوارٌ. قال الله تعالى: وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً
؛ معناه ضُرُوباً و أَحوالًا مختلفةً؛ و قال ثعلب: أَطْواراً
 أَي خِلَقاً مختلفة كلُّ واحد على حدة؛ و قال الفراء: خَلَقَكُمْ أَطْواراً
، قال: نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظْماً؛ و قال الأَخفش: طَوْراً علقة و طَوْراً مضغة، و قال غيره: أَراد اختلافَ المَناظِر و الأَخْلاقِ؛ قال الشاعر:
و المرْءُ يَخْلَقُ طَوْراً بعْدَ أَطْوارِ
و في حديث سطيح:
فإِنّ ذا الدَّهْرَ أَطْوارٌ دَهاريرُ

الأَطْوارُ: الحالاتُ المختلفةُ و التاراتُ و الحدودُ، واحدُها طَوْرٌ، أَي مَرّةً مُلْكٌ و مَرَّةً هُلْكٌ و مَرّةً بُؤْسٌ و مَرّةً نُعْم. و الطَّوْرُ و الطَّوارُ «1»: ما كان على حَذْوِ الشي‏ء أَو بِحِذائِه. و رأَيت حَبْلًا بطَوارِ هذا الحائط أَي بِطُوله. و يقال: هذه الدار على طَوَارِ هذه الدار أَي حائطُها متصلٌ بحائطها على نَسق واحدٍ. قال أَبو بكر: و كل شي‏ء ساوَى شيئاً، فهو طَوْرُه‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و الطور و الطوار] بالفتح و الضم.

507
لسان العرب4

طور ص 507

و طُوَارُه؛ و أَنشد ابن الأَعرابي في الطَّوَارِ بمعنى الحَدِّ أَو الطُّولِ:
و طَعْنَة خَلْسٍ، قد طَعَنْتُ، مُرِشّة             كعطِّ الرداءِ، ما يُشَكُّ طَوَارُها

قال: طَوارُها طُولُها. و يقال: جانبا فَمِها. و طَوَارُ الدارِ و طِوَارُها: ما كان مُمْتدّاً معَها من الفِنَاء. و الطَّوْرةُ: فِنَاءُ الدار. و الطَّوْرةُ: الأَبْنِيةُ. و فلان لا يَطُورُني أَي لا يَقْرَبُ طَوَارِي. و يقال: لا تَطُر حَرَانا أَي لا تَقْرَبْ ما حَوْلَنا. و فلان يَطُورُ بفلان أَي كأَنه يَحُوم حَوالَيْه و يَدْنُو منه. و يقال: لا أَطُورُ به أَي لا أَقْرَبُه. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: و الله لا أَطُورُ به ما سَمَر سَمِيرٌ.
أَي لا أَقْرَبُه أَبداً. و الطَّوْرُ: الحدُّ بين الشيئين. و عدا طَوْرَه أَي جاوَزَ حَدَّه و قَدْرَه. و بلغ أَطْوَرَيْهِ أَي غايةَ ما يُحاوِلُه. أَبو زيد: من أَمثالهم في بلوغ الرجل النهايةَ في العِلْم: بَلَغَ فلانٌ أَطْوَرِيه، بكسر الراء، أَي أَقْصاه. و بلغ فلان في العلم أَطْوَرَيْهِ أَي حدَّيْه: أَولَه و آخرَه. و قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول: بلغ فلان أَطورِيه، بخفض الراء، غايتَه و هِمَّتَه. ابن السكيت: بلغت من فلان أَطْوَرَيْه أَي الجَهْدَ و الغَايةَ في أَمْرِه. و قال الأَصمعي: لقيت منه الأَمَرِّينَ و الأَطْوَرِينَ و الأَقْوَرِينَ بمعنى واحد. و يقال: ركب فلان الدهر و أَطْوَرَيه أَي طَرَفَيْه. و
في حديث النَّبِيذ: تعَدَّى طَوْرَه.
أَي حَدَّه و حالَه الذي يَخُصُّه و يَحِلُّ فيه شُرْبُه. و طارَ حَوْلَ الشي‏ء طَوْراً و طَوَرَاناً: حام، و الطّوَارُ مَصْدَرُ طارَ يَطُورُ. و العرب تقول: ما بالدارِ طُورِيٌّ و لا دُورِيٌّ أَي أَحدٌ، و لا طُورَانِيٌّ مِثلُه؛ قال العجاج:
و بَلْدة ليس بها طُورِيُ‏

و الطُّورُ: الجبَلُ. و طُورُ سِينَاءَ [سَينَاءَ]: جَبل بالشام، و هو بالسُّرْيانية طُورَى، و النسبُ إِليه طُورِيٌّ و طُورانِيٌّ. و في التنزيل العزيز: وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ
؛ الطُّورُ في كلام العرب الجَبلُ، و قيل: إِن سَيناء حجارة، و قيل: إِنه اسم المكان، و حَمَامٌ طُورانِيٌّ و طُورِيٌّ منسوب إِليه، و قيل: هو منسوب إِلى جبل يقال له طُرْآن نسب شاذ، و يقال: جاء من بلد بعيد. و قال الفراء في قوله تعالى: وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ
؛ أَقْسَم الله تعالى به، قال: و هو الجبل الذي بِمَدْيَنَ الذي كَلّم اللهُ تعالى موسى، عليه السلام، عليه تكليماً. و الطُّورِيُّ: الوَحْشِيُّ: من الطَّيرِ و الناسِ؛ و قال بعض أَهل اللغة في قول ذي الرمة:
أَعارِيبُ طُورِيّون، عن كلّ قَريةٍ،             حِذارَ المنايا أَو حِذَارَ المقَادِرِ

قال: طُورِيّون أَي وَحْشِيّون يَحِيدُون عن القُرَى حِذارَ الوباء و التَّلَفِ كأَنهم نُسِبُوا إِلى الطُّورِ، و هو جبل بالشام. و رجل طُورِي أَي غَرِيبٌ.
طير:
الطَّيَرانُ: حركةُ ذي الجَناح في الهواء بِجَنَاحِهِ، طارَ الطائرُ يَطِيرُ طَيْراً و طَيراناً و طَيْرورة؛ عن اللحياني و كراع و ابن قتيبة، و أَطارَه و طيَّره و طارَ بِه، يُعَدى بالهمزة و بالتضعيف و بحرف الجر. الصحاح: و أَطارَه غيرُه و طيَّره و طايَرَه بمعنى. و الطَّيرُ: معروف اسم لِجَماعةِ ما يَطِيرُ، مؤنث، و الواحد طائِرٌ و الأُنثى طائرةٌ، و هي قليلة؛ التهذيب: و قَلَّما يقولون طائرة للأُنثى؛ فاَّما قوله أَنشده‏

508
لسان العرب4

طير ص 508

الفارسي:
هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا في نُحورِهمْ،             و بِيضاً تقِيضُ البَيْضَ من حيثُ طائرُ

فإِنه عَنى بالطائرِ الدِّماغَ و ذلك من حيثُ قيل له فرخٌ؛ قال:
و نحنُ كَشَفْنا، عن مُعاوِيةَ، التي             هي الأُمُّ تَغْشَى كُلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِق‏

عَنى بالفرْخ الدماغَ كما قلنا. و قوله مُنَقْنِق إِفراطاً من القول: و مثله قولُ ابن مقبل:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهَامِ، بَيْنهُمُ،             نَزْوُ القُلاتِ، زَهاها قالُ قالِينا

و أَرضٌ مَطَارةٌ: كَثيرةُ الطَّيْرِ. فأَما قوله تعالى: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ‏
 فيكون طائراً بإِذن الله؛ فإِن معناه أَخلُق خَلْقاً أَو جِرْماً؛ و قوله: فَأَنْفُخُ فِيهِ، الهاء عائدة إِلى الطَّيْرِ، و لا يكون منصرفاً إِلى الهيئة لوجهين: أَحدهما أَن الهَيْئَةَ أُنثى و الضمير مذكر، و الآخر أَنَّ النَّفْخَ لا يقع في الهيئة لأَنها نوْعٌ من أَنواع العَرَضِ، و العَرَضُ لا يُنْفَخُ فيه، و إِنما يقع النَّفْخُ في الجَوْهَر؛ قال: و جميع هذا قول الفارسي، قال: و قد يجوز أَن يكون الطائرُ اسماً للجَمْع كالجامل و الباقر، و جمعُ الطائر أَطْيارٌ، و هو أَحدُ ما كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه مثلُه؛ فأَما الطُّيُورُ فقد تكون جمعَ طائر كساجِدٍ و سُجُودٍ، و قد تكون جَمْعَ طَيْرٍ الذي هو اسمٌ للجَمع، و زعم قطرب أَن الطَّيْرَ يقَعُ للواحد؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف ذلك إِلا أَن يَعْني به المصدرَ، و قرئ: فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ‏
، و قال ثعلب: الناسُ كلُّهم يقولون للواحد طائرٌ و أَبو عبيدة معَهم، ثم انْفَرد فأَجازَ أَن يقال طَيْر للواحد و جمعه على طُيُور، قال الأَزهري: و هو ثِقَةٌ. الجوهري: الطائرُ جمعُه طَيرٌ مثل صاحبٍ و صَحْبٍ و جمع الطَّيْر طُيُورٌ و أَطْيارٌ مثل فَرْخ و أَفْراخ. و
في الحديث: الرُّؤْيا لأَوَّلِ عابِرٍ و هي على رِجْلِ طائرٍ.
؛ قال: كلُّ حَرَكَةٍ من كلمة أَو جارٍ يَجْرِي، فهو طائرٌ مَجازاً، أَرادَ: على رِجْل قَدَرٍ جار، و قضاءٍ ماضٍ، من خيرٍ أَو شرٍّ، و هي لأَوَّلِ عابِرٍ يُعَبّرُها، أَي أَنها إِذا احْتَمَلَتْ تأْوِيلَين أَو أَكثر فعبّرها مَنْ يَعْرِفُ عَباراتها، وقَعَتْ على ما أَوّلَها و انْتَفَى عنها غيرُه من التأْويل؛ و
في رواية أُخرى: الرُّؤْيا على رِجْل طائرٍ ما لم تُعَبَّرْ.
أَي لا يستقِرُّ تأْوِيلُها حتى تُعَبَّر؛ يُرِيد أَنها سَرِيعةُ السقُوط إِذا عُبِّرت كما أَن الطيرَ لا يستَقِرُّ في أَكثر أَحوالِه، فكيف ما يكون على رِجْلِه؟ و
في حديث أَبي بكر و النسّابة: فمنكم شَيْبةُ الحمدِ مُطْعِم طَيْر السماءِ لأَنه لَمَّا نَحَرَ فِدَاءَ ابنهِ عبدِ اللهِ أَبي سيِّدِنا رسول الله، [صلى الله عليه و سلم‏] مائةَ بعير فَرّقَها على رُؤُوس الجِبالِ فأَكَلَتْها الطيرُ.
و
في حديث أَبي ذَرٍّ: تَرَكَنَا رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، و ما طائر يَطِيرُ بِجَناحَيْه إِلَّا عِنْدَنا منه عِلْمٌ.
يعني أَنه استوفى بَيانَ الشَّرِيعةِ و ما يُحتاج إِليه في الدِّين حتى لم يَبْقَ مُشْكِلٌ، فضَرَبَ ذلك مَثَلًا، و قيل: أَراد أَنه لم يَتْرك شيئاً إِلا بَيَّنه حتى بَيَّن لهم أَحكامَ الطَّيْرِ و ما يَحِلّ منه و ما يَحْرُم و كيف يُذْبَحُ، و ما الذي يفْدِي منه المُحْرِمُ إِذا أَصابه، و أَشْباه ذلك، و لم يُرِدْ أَن في الطيرِ عِلْماً سِوى ذلك عَلَّمهم إِيّاه و رَخّصَ لهم أَن يَتَعاطَوا زَجْرَ الطَّيْرِ كما كان يفعله أَهلُ الجاهلية. و قوله عز و جل: وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ‏
؛ قال ابن جني:

509
لسان العرب4

طير ص 508

هو من التطوع المُشَامِ للتوكيد لأَنه قد عُلِم أَن الطَّيَرانَ لا يكون إِلا بالجَناحَيْنِ، و قد يجوز أَن يكون قوله بِجَناحَيْهِ مُفِيداً، و ذلك أَنه قد قالوا:
طارُوا عَلاهُنَّ فَشُكْ عَلاها
و قال العنبري:
طارُوا إِليه زَرَافاتٍ و وُحْدانا

و من أَبيات الكتاب:
 و طِرْتُ بمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ‏

فاستعملوا الطَّيَرانَ في غير ذي الجناح. فقوله تعالى: وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ
؛ على هذا مُفِيدٌ، أَي ليس الغرَضُ تَشْبِيهَه بالطائر ذي الجناحَيْنِ بل هو الطائرُ بِجَناحَيْه البَتَّةَ. و التَّطايُرُ: التَّفَرُّقُ و الذهابُ، و منه‏
حديث عائشة، رضي الله عنها: سَمِعَتْ مَنْ يَقُول إِن الشؤْم في الدار و المرأَةِ فطارَتْ شِقَّةٌ منها في السماء و شِقَّةٌ في الأَرض.
أَي كأَنها تفَرَّقَتْ و تقَطَّعَتْ قِطَعاً من شِدّة الغَضَبِ. و
في حديث عُرْوة: حتى تَطَايرتْ شُؤُون رَأْسه.
أَي تَفَرَّقَتْ فصارت قِطَعاً. و
في حديث ابن مسعود: فَقَدْنا رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، فقُلْنا اغْتِيلَ أَو اسْتُطِيرَ.
أَي ذُهِبَ به بسُرْعَةٍ كأَنَّ الطيرَ حَمَلَتْه أَو اغْتالَهُ أَحَدٌ. و الاسْتِطارَةُ و التَّطايُرُ: التفرُّقُ و الذهابُ. و
في حديث علي، كرّم الله تعالى وجهه: فأَطَرْتُ الحُلَّةَ بَيْنَ نِسَائي.
أَي فَرَّقْتُها بَيْنهن و قَسّمتها فيهن. قال ابن الأَثير: و قيل الهمزة أَصلية، و قد تقدم. و تطايَرَ الشي‏ءُ: طارَ و تفرَّقَ. و يقال للقوم إِذا كانوا هادئينَ ساكِنينَ: كأَنما على رؤوسهم الطَّيْرُ؛ و أَصله أَن الطَّيرَ لا يَقَع إِلا على شي‏ء ساكن من المَوَاتِ فضُرِبَ مثَلًا للإِنسان و وَقارِه و سكُونِه. و قال الجوهري: كأَنَّ على رؤوسِهم الطَّيرَ، إِذا سَكَنُوا من هَيْبةٍ، و أَصله أَن الغُراب يقَعُ على رأْسِ البَعيرِ فيلتقط منه الحَلَمَةَ و الحَمْنانة، فلا يُحَرِّكُ البعيرُ رأْسَه لئلَّا يَنْفِر عنه الغُرابُ. و من أَمثالهم في الخصْب و كثرةِ الخير قولهم: هو في شي‏ء لا يَطِيرُ غُرَابُه. و يقال: أُطِيرَ الغُرابُ، فهو مُطارٌ؛ قال النابغة:
و لِرَهْطِ حَرَّابٍ و قِدٍّ سَوْرةٌ             في المَجْدِ، ليس غرابُها بمُطارِ

و فلان ساكنُ الطائِر أَي أَنه وَقُورٌ لا حركة له من وَقارِه، حتى كأَنه لو وَقَعَ عليه طائرٌ لَسَكَنَ ذلك الطائرُ، و ذلك أَن الإِنسان لو وقع عليه طائرٌ فتحرك أَدْنى حركةٍ لفَرَّ ذلك الطائرُ و لم يسْكُن؛ و منه‏
قول بعض أَصحاب النبي، صلى الله عليه و سلم: إِنّا كنا مع النبي، صلى الله عليه و سلم، و كأَنَّ الطير فوقَ رؤوسِنا.
أَي كأَنَّ الطيرَ وقَعَتْ فوق رؤوسِنا فنحْن نَسْكُن و لا نتحرّك خَشْيةً من نِفارِ ذلك الطَّيْرِ. و الطَّيْرُ: الاسمُ من التَّطَيّر، و منه قولهم: لا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُ اللهِ، كما يقال: لا أَمْرَ إِلَّا أَمْرُ الله؛ و أَنشد الأَصمعي، قال: أَنشدناه الأَحْمر:
تَعَلَّمْ أَنه لا طَيرَ إِلَّا             على مُتَطيِّرٍ، و هو الثُّبورُ
بلى شَي‏ءٌ يُوافِقُ بَعْضَ شي‏ءٍ،             أَحايِيناً، و باطلُه كَثِيرُ

و
في صفة الصحابة، رضوان الله عليهم: كأَن على رؤوسهم الطَّيْرَ.
؛ وصَفَهم بالسُّكون و الوقار و أَنهم لم يكن فيهم طَيْشٌ و لا خِفَّةٌ. و في فلان طَيْرةٌ و طَيْرُورةٌ أَي خِفَّةٌ و طَيْشٌ؛ قال الكميت:

510
لسان العرب4

طير ص 508

و حِلْمُك عِزٌّ، إِذا ما حَلُمْت،             و طَيْرتُك الصابُ و الحَنْظَلُ‏

و منه قولهم: ازجُرْ أَحْناءَ طَيْرِك أَي جوانبَ خِفّتِك و طَيْشِك. و الطائرُ: ما تيمَّنْتَ به أَو تَشاءَمْت، و أَصله في ذي الجناح. و قالوا للشي‏ء يُتَطَيَّرُ به من الإِنسان و غيرِه. طائرُ اللهِ لا طائرُك، فرَفَعُوه على إِرادة: هذا طائرُ الله، و فيه معنى الدعاء، و إِن شئت نَصَبْتَ أَيضاً؛ و قال ابن الأَنباري: معناه فِعْلُ اللهِ و حُكْمُه لا فِعْلُك و ما تَتخوّفُه؛ و قال اللحياني: يقال طَيْرُ اللهِ لا طَيْرُك و طَيْرَ الله لا طَيرَك و طائرَ الله لا طائرَك و صباحَ اللهِ لا صَباحَك، قال: يقولون هذا كلَّه إِذا تَطَيَّرُوا من الإِنسانِ، النصبُ على معنى نُحِبّ طائرَ الله، و قيل بنصبهما على معنى أَسْأَلُ اللهَ طائرَ اللهِ لا طائِرَك؛ قال: و المصدرُ منه الطِّيَرَة؛ و جَرَى له الطائرُ بأَمرِ كذا؛ و جاء في الشر؛ قال الله عز و جل: أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ‏
؛ المعنى أَلا إِنَّما الشُّؤْم الذي يَلْحَقُهم هو الذي وُعِدُوا به في الآخرة لا ما يَنالُهم في الدُّنْيا، و قال بعضهم: طائِرُهُمْ‏
 حَظُّهم قال الأَعشى:
جَرَتْ لَهُمْ طَيرُ النُّحوسِ بأَشْأَم‏
و قال أَبو ذؤيب:
زَجَرْت لهم طَيْرَ الشمالِ، فإِن تَكُن             هَواكَ الذي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها

و قد تَطَيَّر به، و الاسم الطيَرَةُ و الطِّيْرَةُ و الطُّورةُ. و قال أَبو عبيد: الطائرُ عند العرب الحَظُّ، و هو الذي تسميه العرب البَخْتَ. و قال الفراء: الطائرُ معناه عندهم العمَلُ، و طائرُ الإِنسانِ عَمَلُه الذي قُلِّدَه، و قيل رِزْقُه، و الطائرُ الحَظُّ من الخير و الشر. و
في حديث أُمّ العَلاء الأَنصارية: اقْتَسَمْنا المهاجرين فطارَ لنا عثمانُ بن مَظْعُون.
أَي حَصَل نَصِيبنا منهم عثمانُ؛ و منه‏
حديث رُوَيْفِعٍ: إِنْ كان أَحَدُنا في زمان رسول الله، صلى الله عليه و سلم، لَيَطِير له النَّصْلُ و للآخَر القِدْح.
؛ معناه أَن الرجُلين كانا يَقْتَسِمانِ السَّهْمَ فيقع لأَحدهما نَصْلُه و للآخر قِدْحُه. و طائرُ الإِنسانِ: ما حصَلَ له في علْمِ الله مما قُدّرَ له. و منه‏
الحديث: بالمَيْمونِ طائِرُه.
؛ أَي بالمُبارَكِ حَظُّه؛ و يجوز أَن يكون أَصله من الطَّيْرِ السانحِ و البارِحِ. و قوله عز و جل: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ‏
؛ قيل حَظُّه، و قيل عَمَلُه، و قال المفسرون: ما عَمِل من خير أَو شرّ أَلْزَمْناه عُنُقَه إِنْ خيراً فخيراً و إِن شرّاً فشرّاً، و المعنى فيما يَرَى أَهلُ النّظر: أَن لكل امرئ الخيرَ و الشرَّ قد قَضاه الله فهو لازمٌ عُنُقَه، و إِنما قيل للحظِّ من الخير و الشرّ طائرٌ لقول العرب: جَرَى له الطائرُ بكذا من الشر، على طريق الفَأْلِ و الطِّيَرَةِ على مذهبهم في تسمية الشي‏ء بما كان له سبباً، فخاطَبَهُم اللهُ بما يستعملون و أَعْلَمَهم أَن ذلك الأَمرَ الذي يُسَمّونه بالطائر يَلْزَمُه؛ و قرئ طائِرَهُ‏
 و طَيْرَه، و المعنى فيهما قيل: عملُه خيرُه و شرُّه، و قيل: شَقاؤه و سَعادتُه؛ قال أَبو منصور: و الأَصل في هذا كله أَن الله تبارك و تعالى لما خَلَقَ آدمَ عَلِم قبْل خَلْقِه ذُرِّيَّتَه أَنه يأْمرهم بتوحيده و طاعتِه و ينهاهم عن معْصيته، و عَلِم المُطِيعَ منهم و العاصيَ الظالمَ لِنفْسه، فكتَبَ ما علِمَه منهم أَجمعين و قضى بسعادة من عَلِمَه مُطِيعاً، و شَقاوةِ من عَلِمَه عاصياً، فصار لكلِّ مَنْ عَلِمه ما هو صائرٌ إِليه عند حِسَابِه، فذلك قولُه عز و جل: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ‏
؛ أَي ما طار له بَدْأً في عِلْم الله من الخير و الشر

511
لسان العرب4

طير ص 508

و عِلْمُ الشَّهادةِ عند كَوْنِهم يُوافقُ علْمَ الغيب، و الحجةُ تَلْزَمهُم بالذي يعملون، و هو غيرُ مُخالف لما عَلِمَه اللهُ منهم قبل كَوْنِهم. و العرب تقول: أَطَرْتُ المال و طَيَّرْتُه بينَ القومِ فطارَ لكلٍّ منهم سَهْمُه أَي صارَ له و خرج لَدَيْه سَهْمُه؛ و منه قول لبيد يذكرُ ميراثَ أَخيه بين ورَثَتِه و حِيازةَ كل ذي سهمٍ منه سَهْمَه:
تَطيرُ عَدائِد الأَشْراكِ شَفْعاً             و وَتْراً، و الزَّعامةُ لِلْغُلام‏

و الأَشْرَاكُ: الأَنْصباءُ، واحدُها شِرْكٌ. و قوله شفعاً و وتراً أَي قُسِم لهم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، و خَلَصَت الرِّياسةُ و السِّلاحُ للذكور من أَولاده. و قوله عز و جل في قصة ثمود و تَشاؤُمهم بِنَبِيّهم المبعوث إِليهم صالحٍ، عليه السلام: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ، قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ‏
؛ معناه ما أَصابَكم من خير و شر فمن الله، و قيل: معنى قولهم اطَّيَّرْنا
 تَشَاءَمْنا، و هو في الأَصل تَطَيَّرنا، فأَجابَهم الله تعالى فقال: طائِرُكُمْ مَعَكُمْ‏
؛ أَي شُؤْمُكم معَكم، و هو كُفْرُهم، و قيل للشُؤْم طائرٌ و طَيْرٌ و طِيَرَة لأَن العرب كان من شأْنها عِيافةُ الطَّيْرِ و زَجْرُها، و التَّطَيُّرُ بِبَارِحها و نَعِيقِ غُرابِها و أَخْذِها ذَاتَ اليَسارِ إِذا أَثارُوها، فسمّوا الشُّؤْمَ طَيْراً و طائراً و طِيرَةً لتشَاؤُمهم بها، ثم أَعْلَم الله جل ثناؤه على لسان رسوله، صلى الله عليه و سلم أَن طِيَرَتَهم بها باطِلَةٌ. و
قال: لا عَدْوَى و لا طِيَرَةَ و لا هامةَ.
؛ و
كان النبي، صلى الله عليه و سلم، يَتفاءَلُ و لا يَتَطَيَّرُ.
و أَصْلُ الفَأْلِ الكلمةُ الحسَنةُ يَسْمعُها عَلِيلٌ فَيَتأَوَّلُ منها ما يَدُلّ على بُرْئِه كأَن سَمِع منادياً نادى رجلًا اسمه سالم، و هو عَليل، فأَوْهَمَه سلامَتَه من عِلّته، و كذلك المُضِلّ يَسْمع رجلًا يقول يا واجدُ فيَجِدُ ضالّته؛ و الطِّيَرَةُ مُضادّةٌ للفَأْلِ، و كانت العربُ مَذهبُها في الفَأْلِ و الطِّيَرَةِ واحدٌ فأَثبت النبي، صلى الله عليه و سلم، الفَأْلَ و اسْتَحْسَنه و أَبْطَلَ الطِّيَرَةَ و نَهَى عنها. و الطِّيَرَةُ من اطَّيَّرْت و تطَيَّرت، و مثل الطِّيَرة الخِيَرَةُ. الجوهري تطَيَّرْت من الشي‏ء و بالشي‏ء، و الاسم منه الطِّيَرَةُ، بكسر الطاء و فتح الياء، مثال العِنَبةِ، و قد تُسَكَّنُ الياءُ، و هو ما يُتَشاءمُ به من الفَأْل الردِي‏ء. و
في الحديث: أَنه كان يُحِبُّ الفأْلَ و يَكْرَهُ الطِّيَرَةَ.
؛ قال ابن الأَثير: و هو مصدرُ تطَيَّر طِيَرَةً و تخَيَّر خِيَرَةً، قال: و لم يجئ من المصادر هكذا غيرهما، قال: و أَصله فيما يقال التطَيُّرُ بالسوانح و البوارِح من الظبَاءِ و الطَّيْرِ و غيرهما، و كان ذلك يَصُدُّهم عن مقاصِدِهم فنَفاه الشرْعُ و أَبْطَلَه و نهى عنه و أَخْبَر أَنه ليس له تأْثيرٌ في جَلْب نَفْع و لا دَفْع ضَرَرٍ؛ و منه‏
الحديث: ثلاثة لا يَسْلَم منها أَحَدٌ: الطِّيَرَةُ و الحَسَدُ: و الظنُّ، قيل: فما نصْنعُ؟ قال: إِذا تَطَيَّرْتَ فامْضِ، و إِذا حَسَدْتَ فلا تَبْغِ، و إِذا ظَنَنْتَ فلا تُصَحِّحْ.
و قوله تعالى: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ‏
؛ أَصله تَطَيّرنا فأُدْغمَتِ التاء في الطاء و اجْتُلِبَت الأَلفُ لِيصحَّ الابتداءُ بها. و
في الحديث: الطِّيَرَةُ شِرْكٌ و ما مِنّا إِلَّا ... و لكن اللهَ يُذْهِبُه بالتَّوَكُّل.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء الحديث مقطوعاً و لم يذكر المستثنى أَي إِلا قد يَعْتَرِيه التَّطيُّرُ و يَسْبِقُ إِلى قَلْبه الكراهةُ، فحذف اختصاراً و اعتماداً على فهم السامع؛ و هذا
كحديثه الآخر: ما فينا إِلا مَنْ هَمَّ أَوْ لَمَّ إِلا يحيى بن زكَرِيّا.
فأَظْهَر المستثنى، و قيل: إِن‏
قولَه و ما منّا إِلا.
من قول ابن مسعود أَدْرَجَه في الحديث،

512
لسان العرب4

طير ص 508

و إِنما جَعَل الطِّيَرَة من الشِّرك لأَنهم كانوا يعتقدون أَن الطَّيْرَ تجْلُب لهم نفعاً أَو تدفع عنهم ضرَراً إِذا عَمِلُوا بِمُوجَبه، فكأَنهم أَشركوه مع الله في ذلك، و قولُه: و لكن الله يُذْهبُه بالتوكل معناه أَنه إِذا خَطَرَ له عارضُ التَّطيُّرِ فتوكل على الله و سلم إِليه و لم يعمل بذلك الخاطرِ غفَره الله له و لم يُؤاخِذْه به. و
في الحديث: إياكَ و طِيراتِ الشَّباب.
؛ أَي زلَّاتهم و عَثَراتهِم؛ جمع طِيرَة. و يقال للرجل الحَدِيد السريع الفَيْئَةِ: إِنه لَطَيُّورٌ فَيُّورٌ. و فرس مُطارٌ: حديدُ الفُؤاد ماضٍ. و التَّطايُر و الاسْتِطارةُ: التفرُّق. و اسْتَطارَ الغُبارُ إِذا انْتَشر في الهواء. و غُبار طيّار و مُسْتَطِير: مُنْتَشر. و صُبْحٌ مُسْتَطِير. ساطِعٌ منتشر، و كذلك البَرْق و الشَّيْب و الشرُّ. و في التنزيل العزيز: وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً
. و اسْتَطارَ الفجرُ و غيره إِذا انتشر في الأُفُق ضَوءُهُ، فهو مُسْتَطِير، و هو الصُّبْح الصادق البيّنُ الذي يُحَرِّم على الصائم الأَكلَ و الشربَ و الجماعَ، و به تحلّ صلاة الفجر، و هو الخيط الأَبيض الذي ذكره الله عز و جل في كتابه العزيز، و أَما الفجر المستطيل، باللام، فهو المُسْتَدقّ الذي يُشَبَّه بذَنب السِّرْحان، و هو الخيط الأَسود و لا يُحَرِّم على الصائم شيئاً، و هو الصبح الكاذب عند العرب. و في حديث السجود و الصلاة ذكرُ الفجر المُسْتَطِير، هو الذي انتشر ضوءه و اعْتَرض في الأُفُقِ خلاف المستطيل؛ و في حديث بني قريظة:
و هانَ على سَراةِ بني لُؤَيٍّ             حَرِيقٌ، بالبُوَيْرةِ، مُسْتَطِيرُ

أَي منتشر متفرّق كأَنه طارَ في نواحيها. و يقال للرجل إِذا ثارَ غضبُه: ثارَ ثائِرُه و طارَ طائِرُه و فارَ فائِرُه. و قد اسْتطارَ البِلى في الثوب و الصَّدْعُ في الزُّجاجة: تَبَيّن في أَجزائهما. و اسْتَطارَت الزُّجاجةُ: تبيّن فيها الانصداعُ من أَوّلها إِلى آخرها. و اسْتطارَ الحائطُ: انْصدَع من أَوله إِلى آخره؛ و اسْتطارَ فيه الشَّقّ: ارتفع. و يقال: اسْتطارَ فلانٌ سَيْفَه إذا انْتَزَعه من غِمْدِه مُسْرعاً؛ و أَنشد:
إِذا اسْتُطِيرَتْ من جُفون الأَغْمادْ،             فَقَأْنَ بالصَّقْع يَرابِيعَ الصادْ

و اسْتطارَ الصَّدْعُ في الحائط إِذا انتشر فيه. و اسْتطارَ البَرْقُ إِذا انتشر في أُفُقِ السماء. يقال: اسْتُطِيرَ فلانٌ يُسْتَطارُ اسْتِطارةً، فهو مُسْتَطار إِذا ذُغِرَ؛ و قال عنترة:
متى ما تَلْقَني، فَرْدَينِ، تَرْجُفْ             رَوانِفُ أَلْيَتَيكَ و تُسْتطارا

و اسْتُطِير الفرسُ، فهو مُسْتَطارٌ إِذا أَسْرَع الجَرْيَ؛ و قول عدي:
كأَنَّ رَيِّقَه شُؤْبُوبُ غادِيةٍ،             لما تَقَفَّى رَقِيبَ النَّقْعِ مُسْطارا

قيل: أَراد مُسْتَطاراً فحذف التاء، كما قالوا اسْطَعْت و اسْتَطَعْت. و تَطايَرَ الشي‏ءُ: طال. و
في الحديث: خُذْ ما تَطايَرَ من شَعرِك و في رواية: من شَعرِ رأْسِك.
أَي طال و تفرق. و اسْتُطِير الشي‏ءُ أَي طُيِّر؛ قال الراجز:
إِذا الغُبارُ المُسْتطارُ انْعَقّا

و كلبٌ مُسْتَطِير كما يقال فَحْلٌ هائِجٌ. و يقال أَجْعَلَت الكلبةُ و اسْتطارت إِذا أَرادت الفحلَ. و بئر مَطارةٌ: واسعةُ الفَمِ؛ قال الشاعر:

513
لسان العرب4

طير ص 508

كأَنّ حَفِيفَها، إِذ بَرّكوها،             هُوِيّ الرِّيحِ في جَفْرٍ مَطارِ

و طَيّر الفحلُ الإِبلَ: أَلْقَحها كلَّها، و قيل: إِنما ذلك إِذا أَعْجَلت اللَّقَحَ؛ و قد طَيَّرَت هي لَقَحاً و لَقاحاً كذلك أَي عَجِلت باللِّقاح، و قد طارَتْ بآذانها إِذا لَقِحَتْ، و إِذا كان في بطن الناقة حَمْل، فهي ضامِنٌ و مِضْمان و ضَوامِنُ و مَضامِينُ، و الذي في بطنها ملقوحةٌ و ملقوح؛ و أَنشد:
طَيّرها تعَلُّقُ الإِلْقاح،             في الهَيْجِ، قبل كلَبِ الرِّياحِ‏

و طارُوا سِراعاً أَي ذهبوا. و مَطارِ و مُطارٌ، كلاهما: موضع؛ و اختار ابن حمزة مُطاراً، بضم الميم، و هكذا أَنشد، هذا البيت:
حتى إِذا كان على مُطار

و الروايتان جائزتان مَطارِ و مُطار، و سنذكر ذلك في مطر. و قال أَبو حنيفة: مُطار واد فيما بين السَّراة و بين الطائف. و المُسْطارُ من الخمر: أَصله مُسْتَطار في قول بعضهم. و تَطايَرَ السحابُ في السماء إِذا عَمّها. و المُطَيَّرُ: ضَرْبٌ من البُرود؛ و قول العُجَير السلولي:
إِذا ما مَشَتْ، نادى بما في ثِيابها،             ذَكِيٌّ الشَّذا، و المَنْدَليُّ المُطيَّرُ

قال أَبو حنيفة: المُطَيَّر هنا ضربٌ من صنعته، و ذهب ابن جني إِلى أَن المُطَيَّر العود، فإِذا كان كذلك كان بدلًا من المَنْدليِّ لأَن المندلي العُود الهندي أَيضاً، و قيل: هو مقلوب عن المُطَرَّى؛ قال ابن سيدة: و لا يُعْجِبني؛ و قيل: المُطَيَّر المشقَّق المكسَّر، قال ابن بري: المَنْدَليّ منسوب إِلى مَنْدَل بلد بالهند يجلب منه العود؛ قال ابن هَرْمَة:
أُحِبُّ الليلَ أَنّ خَيالَ سَلْمى،             إِذا نِمْنا، أَلمَّ بنا فَزارا
 كأَنّ الرَّكْبَ، إِذ طَرَقَتْكَ، باتوا             بمَنْدَلَ أَو بِقارِعَتَيْ قِمَارا

و قِمار أَيضاً: موضع بالهند يجلب منه العُود. و طارَ الشعر: طالَ؛ و قول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:
طِيرِي بِمِخْراقٍ أَشَمَّ كأَنه             سَلِيمُ رِماحٍ، لم تَنَلْه الزَّعانِفُ‏

طِيرِي أَي اعْلَقي به. و مِخْراق: كريم لم تنله الزعانف أَي النساء الزعانف، أَي لم يَتزوّج لئيمةً قط. سَلِيم رِماح أَي قد أَصابته رماحٌ مثل سَلِيم الحيّة. و الطائرُ: فرس قتادة بن جرير. و ذو المَطارة: جبل. و قوله‏
في الحديث: رجل مُمْسِكٌ بعِنانِ فَرسه في سبيل الله يَطِير على مَتْنِه.
؛ أَي يُجْرِيه في الجهاد فاستعار له الطَيرانَ. و
في حديث وابِصَة: فلما قُتل عثمان طارَ قَلْبي مَطارَه.
أَي مال إِلى جهة يَهواها و تعلّق بها. و المَطارُ: موضع الطيَرانِ.
فصل الظاء المعجمة
ظأر:
الظِّئْرُ، مهموز: العاطفةُ على غير ولدها المرْضِعةُ له من الناس و الإِبل، الذكرُ و الأُنثى في ذلك سواء، و الجمع أَظْؤُرٌ و أَظْآرٌ و ظُؤُورٌ و ظُؤَار، على فُعال بالضم؛ الأَخيرة من الجمع العزيز، و ظُؤْرةٌ و هو عند سيبويه اسم للجمع كفُرْهةٍ لأَن فِعْلًا ليس مما يُكَسَّر على فُعْلةٍ عنده؛ و قيل: جمع الظِّئْر من الإِبل ظُؤارٌ، و من النساء ظُؤُورة. و ناقةٌ ظَؤُور: لازمة للفَصِيل أَو البَوِّ؛ و قيل:

514
لسان العرب4

ظأر ص 514

معطوفة على غير ولدها، و الجمع ظُؤَارٌ، و قد ظَأَرها عليه يَظْأَرُها ظَأْراً و ظِئاراً فاظّأَرَت، و قد تكون الظُّؤُورةُ التي هي المصدر في المرأَة؛ و تفسير يعقوب لقول رؤبة:
إِن تَمِيماً لم يُراضَع مُسْبَعا
بأَنه لم يُدْفَع إِلى الظُّؤُورة، يجوز أَن تكون الظؤورة هنا مصدراً و أَن تكون جمع ظِئْرٍ، كما قالوا الفُحُولة و البُعُولة. و تقول: هذه ظِئْرِي، قال: و الظِّئْرُ سواءٌ في الذكر و الأُنثى من الناس. و
في الحديث: ذَكَر ابنَه إِبراهيم، عليه السلام، فقال: إِن له ظِئْراً في الجنّة.
؛ الظِّئْرُ: المُرْضِعة غير وَلدها؛ و منه‏
حديث سَيْفٍ القَيْنِ: ظِئْر إِبراهيم ابن النبي، عليهما السلام و الصلاة.
و هو زوج مُرْضِعته؛ و منه‏
الحديث: الشَّهيدُ تَبْتَدِرهُ زَوْجَتاه كظِئْرَيْنِ أَضَلَّتا فَصِيلَيهما.
و
في حديث عمرو: سأَله رجل فأَعطاه رُبَعَةً من الصدقة يَتْبَعُها ظِئْراها.
أَي أُمُّها و أَبوها. و قال أَبو حنيفة: الظأْرُ أَن تُعْطَفَ الناقةُ و الناقتان و أَكثرُ من ذلك على فَصِيل واحد حتى تَرْأَمَه و لا أَوْلادَ لها و إِنما يفعلون ذلك ليَستَدرُّوها به و إِلا لم تَدِرّ؛ و بينهما مُظاءَرةٌ أَي أَن كلَّ واحد منهما ظِئْرٌ لصاحبه. و قال أَبو الهيثم: ظَأَرْتُ الناقةَ على ولدها ظَأْراً، و هي ناقة مَظْؤُورة إِذا عطفتها على ولد غيرها؛ و قال الكميت:
ظَأَرَتْهمُ بِعَصاً، و يا             عَجَباً لِمَظْؤُورٍ و ظائرْ

قال: و الظِّئْرُ فِعْل بمعنى مفعول، و الظَّأْر مصدر كالثِّنْيِ و الثَّنْي، فالثِّنْيُ اسم للمَثْنِيّ، و الثَّنْيُ فِعْل الثاني، و كذلك القِطْفُ، و القَطْفُ و الحِمْلُ و الحَمْل. الجوهري: و ظأَرَت الناقةُ أَيضاً إِذا عَطفَت على البَوِّ، يتعدى و لا يتعدى، فهي ظَؤُورٌ. و ظاءَرَت المرأَةُ، بوزن فاعَلَت: اتخذت ولداً تُرْضِعه؛ و اظّأَرَ لولده ظِئْراً: اتخذها. و يقال لأَبي الولد لِصُلْبه: هو مُظائرٌ لتلك المرأَة. و يقال: اظّأَرْتُ لِولدي ظئْراً أَي اتخذت، و هو افتعلت، فأُدْغِمت الطاء في باب الافتعال فحُوِّلَت ظاءً لأَن الظاء من فِخام حروف الشجْر التي قلبت مخارجها من التاء، فضَمُّوا إِليها حرفاً فَخْماً مثلها ليكون أَيسر على اللسان لتَبايُنِ مَدْرجة الحروف الفِخام من مدارج الحروف الفُخْتِ، و كذلك تحويل تلك التاء مع الضاد و الصاد طاء لأَنهما من الحروف الفِخَام، و القول فيه كالقول في اظّلَم. و يقال: ظَأَرَني فلان على أَمر كذا و أَظْأَرَني و ظاءَرَني على فاعَلني أَي عطفَني. قال أَبو عبيد: من أَمثالهم في الإِعطاء من الخوف قولهم: الطَّعْنُ يَظْأَرُ أَي يَعْطِف على الصُّلْح. يقول: إِذا خافَك أَن تَطْعَنَه فَتَقْتُلَه، عطفَه ذلك عليكَ فجادَ بمالِه للخوف حينئذ. أَبو زيد: ظأَرْت مُظاءرةً إِذا اتخذْت ظِئْراً. قال ابن سيدة: و قالوا الطَّعْنُ ظِئارُ قومٍ، مُشْتَقّ من الناقة يؤخذ عنها ولدُها فتُظْأَرُ عليه إِذا عَطفوها عليه فتُحِبّه و تَرْأَمُه؛ يقول: فأَخِفْهُمْ حتى يُحِبّوك. الجوهري: و في المثل: الطعن يُظْئِرُه أَي يَعْطِفه على الصُّلْح. قال الأَصمعي: عَدْوٌ ظَأْرٌ إِذا كان معه مثلُه، قال: و كل شي‏ء مع شي‏ء مثله، فهو ظَأْرٌ؛ و قول الأَرقط يصف حُمُراً:
تَأْنيفُهُنَّ نَقَلٌ و أَفْرُ،             و الشَّدُّ تاراتٍ و عَدْوٌ ظَأْرُ

التأْنيف: طلبُ أُنُفِ الكَلإِ؛ أَراد: عندها صَوْنٌ من العَدْوِ لم تَبْذِله كلَّه، و يقال للرُّكْن من أَركان‏

515
لسان العرب4

ظأر ص 514

القَصْر: ظِئْرٌ، و الدِّعامةُ تُبنى إِلى جَنْب حائطٍ ليُدْعَم عليها: ظِئرةٌ. و يقال للظئْرِ: ظَؤُورٌ، فَعُول بمعنى مفعول، و قد يوصف بالظُّؤَارِ الأَثافيّ؛ قال ابن سيدة: و الظُّؤَار الأَثافيُّ شُبِّهَت بالإِبِل لتعطُّفِها حول الرماد؛ قال:
سُفْعاً ظُؤَاراً حَوْلَ أَوْرَقَ جاثمٍ،             لَعِلَ الرِّياحُ بتُرْبِه أَحْوالا

و ظأَرَني على الأَمر راوَدَني. الليث: الظَّؤُورُ من النُّوقِ التي تَعْطِف على ولد غيرها أَو على بَوٍّ؛ تقول: ظُئِرت فاظَّأَرتْ، بالظاء، فهي ظَؤُورٌ و مَظْؤُورةٌ، و جمع الظَّؤُور أَظْآرٌ و ظُؤَارٌ؛ قال متمم:
فما وَجْدُ أَظْآرٍ ثلاثٍ رَوائمٍ،             رَأَينَ مَخَرّاً من حُوَارٍ و مَصْرَعا

و قال آخر في الظُّؤَار:
يُعَقِّلُهنّ جَعْدةُ من سُلَيمٍ،             و بِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الظؤارِ

و الظِّئَارُ: أَن تعالِجَ الناقةَ بالغِمامةِ في أَنفِها لِكيْ تَظْأَر. و
رُوي عن ابن عمر أَنه اشترى ناقةً فرأَى فيها تَشْريمَ الظِّئارِ فرَدَّها.
؛ و التشريم: التشقيق. و الظِّئارُ: أَن تُعْطَفَ الناقةُ على ولد غيرها، و ذلك أَن يُشَدَّ أَنْفُ الناقة و عَيْناها و تُدَسَّ دُرْجةٌ من الخِرَق مجموعة في رَحِمِها، و يَخُلُّوه بِخلالَين، و تُجَلّل بغِمامة تَسْتُر رأْسها، و تُتْرَك كذلك حتى تَغُمَّها، و تَظُنَّ أَنها قد مُخِضَت للولادة ثم تُنْزع الدُّرْجة من حيائها، و يُدْنى حُوارُ ناقةٍ أُخرى منها قد لُوِّثَ رأْسُه و جلدُه بما خرج مع الدُّرْجة من أَذى الرحِم؛ ثم يفتحون أَنفَها و عينَها، فإِذا رأَت الحُوارَ و شَمَّته ظنَّت أَنها ولدَتْه إِذا شافَتْه فَتَدِرّ عليه و تَرْأَمُه، و إِذا دُسَّت الدُّرجةُ في رحمها ضُمَّ ما بين شُفْرَي حيائها بسَيْرٍ، فأَراد بالتشريم ما تخرَّق من شُفْريها؛ قال الشاعر:
و لم تَجْعَلْ لها دُرَج الظِّئَارِ

و
في الحديث: و من ظَأَرَه الإِسلامُ.
؛ أَي عطفَه عليه. و
في حديث علي: أَظأَرُكم إِلى الحَقّ و أَنتم تفِرّون منه.
و
في حديث صعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق: قد أَصَبْنا ناقَتيْك و نَتَجْناهما و ظَأَرْناهما على أَولادهما.
و
في حديث عمر: أَنه كتب إِلى هُنَيّ و هو في نَعَمِ الصدقة: أَن ظاوِر؛ قال: فكنا نَجْمَعُ الناقتين و الثلاثَ على الرُّبَعِ الواحد ثم نَحْدُرها إِليه.
قال شمر: المعروف في كلام العرب ظائِرْ، بالهمز، و هي المُظاءَرةُ. و الظِّئارُ: أَن تُعْطَفَ الناقةُ إِذا مات ولدُها أَو ذُبِح على ولد الأُخرى. قال الأَصمعي: كانت العرب إِذا أَرادت أَن تُغِيرَ ظاءَرَت، بتقدير فاعَلَت، و ذلك أَنهم يُبْقُون اللبنَ ليَسْقوه الخيلَ. قال الأَزهري: قرأْت بخط أَبي الهيثم لأَبي حاتم في باب البقر: قال الطائِفِيّون إِذا أَرادت البقرةُ الفحلَ، فهي ضَبِعَة كالناقة، و هي ظُؤْرَى، قال: و لا فعل للظُّؤْرَى. ابن الأَعرابي: الظُّؤْرةُ الدايةُ، و الظُّؤْرةُ المُرْضِعة. قال أَبو منصور: قرأْت في بعض الكتب اسْتَظْأَرَت الكلبة، بالظاء، أَي أَجْعَلَت و اسْتَحْرَمت؛ و في كتاب أَبي الهيثم في البقر: الظُّؤْرى من البقر و هي الضَّبِعةُ. قال الأَزهري: و روى لنا المنذري في كتاب الفروق: اسْتَظْأَرت الكلبةُ إِذا هاجت، فهي مُسْتَظْئرة، قال: و أَنا واقف في هذا.

516
لسان العرب4

ظرر ص 517

ظرر:
الظِّرُّ و الظُّرَرَةُ و الظُّرَرُ: الحَجَرُ عامة، و قيل: هو الحجر المُدَوّر، و قيل: قطعة حجر له حَدّ كحدِّ السكين، و الجمع ظِرَّان و ظُرَّان. قال ثعلب: ظُرَر و ظِرَّان كجُرَذٍ و جِرْذانٍ، و قد يكون ظِرّان و ظُرّان جمع ظِرٍّ كَصِنْوٍ و صِنْوان و ذِئْب و ذؤبان. و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَن عدِيّ بن حاتم سأَله فقال: إِنَّا نَصيدُ الصَّيْدَ و لا نَجِدُ ما نُذَكِّي به إِلَّا الظِّرَارَ و شِقّةَ العَصا، قال: امْرِ الدمَ بما شئْت.
قال الأَصمعي: الظِّرَارُ واحدها ظُرَرٌ، و هو حجر مُحَدَّدٌ صُلْب، و جمعُه ظِرَارٌ، مثل رُطَب و رِطَابٍ، و ظِرَّانٌ مثل صُرَدٍ و صِرْدان؛ قال لبيد:
بجَسْرةٍ تَنْجُل الظِّرَّانَ ناجِيةً،             إِذا تَوقَّدَ في الدَّيْموسةِ الظُّرَرُ

و
في حديث عدي أَيضاً: لا سكِّينَ إِلَّا الظِّرَّانُ.
و يجمع أَيضاً على أَظِرَّة؛ و
منه: فأَخذت ظُرَراً من الأَظِرَّة فذَبَحْتُها به.
شمر: المَظَرّة فلْقة من الظِّرَّان يقطع بها، و قال: ظَرِير و أَظِرَّة، و يقال ظُرَرَةٌ واحدةٌ؛ و قال ابن شميل: الظِّرُّ حَجَر أَمْلَس عريض يَكسره الرجل فيَجْزِر الجَزورَ و على كل لون يكون الظُّرَر، و هو قبل أَن يُكسر ظُرَرٌ أَيضاً، و هي في الأَرض سَلِيل و صَفائحُ مثل السيوف. و السَّلِيل الحجر العريض؛ و أَنشد:
تَقِيه مَظارِيرَ الصُّوى من نعاله؛             بسورٍ تُلحِّيه الحصى، كنَوى القَسْبِ‏

و أَرض مَظِرَّة، بكسر الظاء: ذاتُ حجارة؛ عن ثعلب. و في التهذيب: ذات ظِرَّان. و حكى الفارسي: أَرى أَرضاً مَظَرَّةً، بفتح الميم و الظاء، ذات ظِرَّان. و الظَّرِيرُ: نَعْتُ المكان الحَزْن. و الظَّرِيرُ: المكان الكثير الحجارة، و الجمع كالجمع. و الظَّرِيرُ: العلَمُ الذي يُهْتدَى به، و الجمع أَظِرَّةٌ و ظُرَّانٌ، مثل أَرْغْفِة و رُغْفانٍ. التهذيب: و الأَظِرَّةُ من الأَعلام التي يهتدى بها مثل الأَمِرَّة، و منها ما يكون مَمْطوراً «2». صُلْباً يُتَّخذُ منه الرَّحى. و الظُّرَرُ و المَظَرَّةُ: الحجر يقطع به. الليث: يقال ظَرَرْتُ مَظَرَّةً، و ذلك أَن الناقة إِذا أَبْلَمت، و هو داء يأْخذها في حَلْقة الرحم، فيَضِيق فيأْخذ الراعي مَظَرَّةً و يُدْخل يدَه في بطنها من ظَبْيَتها ثم يقطع من ذلك الموضع كالثُّؤْلولِ، و هو ما أَبْلم في بطن الناقة، و ظَرَّ مَظَرَّةً: قطعها. و قال بعضهم في المثل: أَظِرِّي فإِنك ناعلة أَي اركبي الظُّرَرَ، و المعروف بالطاء، و قد تقدم.
ظفر:
الظُّفْرُ و الظُّفُرُ: معروف، و جمعه أَظْفارٌ و أُظْفورٌ و أَظافيرُ، يكون للإِنسان و غيره، و أَما قراءة من قرأَ: كل ذي ظِفْر، بالكسر، فشاذ غير مأْنوسٍ به إِذ لا يُعْرف ظِفْر، بالكسر، و قالوا: الظُّفْر لما لا يَصِيد، و المِخْلَبُ لما يَصِيد؛ كله مذكر صرح به اللحياني، و الجمع أَظفار، و هو الأُظْفُورُ، و على هذا قولهم أَظافيرُ، لا على أَنه جمع أَظفار الذي هو جمع ظُفْر لأَنه ليس كل جمع يجمع، و لهذا حمل الأَخفش قراءة من قرأَ: فَرُهُنٌ مقبوضة، على أَنه جمع رَهْن و يُجَوّز قِلَّته لئلا يضْطَرَّه إِلى ذلك أَن يكون جمعَ رِهانٍ الذي هو جمعُ رَهْنٍ، و أَما من لم يقل إِلَّا ظُفْر فإِن أَظافِيرَ عنده مُلْحَقةٌ بباب دُمْلوج، بدليل ما انضاف إِليها من زيادة الواو معها؛ قال ابن سيدة: هذا مذهب بعضهم. الليث: الظُّفْر ظُفْر الأُصبع و ظُفْر الطائر، و الجمع الأَظفار، و جماعة
__________________________________________________
 (2). قوله: [ممطوراً] بهامش الأَصل ما نصه: صوابه ممطولًا.

517
لسان العرب4

ظفر ص 517

الأَظْفار أَظافِيرُ، لأَن أَظفاراً بوزن إِعْصارٍ، تقول أَظافِيرُ و أَعاصيرُ، و إِنْ جاء ذلك في الأَشعار جاز و لا يُتَكلّم به بالقياس في كل ذلك سواء غير أَن السمع آنَسُ، فإِذا ورد على الإِنسان شي‏ء لم يسمعه مستعملًا في الكلام اسْتوحَشَ منه فَنَفَر، و هو في الأَشعار جيّدٌ جائز. و قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ
؛ دخل في ذي الظُّفْرِ ذواتُ المناسم من الإِبل و النعامِ لأَنها كالأَظْفار لها. و رجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار عريضُها، و لا فَعْلاء لها من جهة السماع، و مَنْسِم أَظْفَرُ كذلك؛ قال ذو الرمة:
بأَظْفَرَ كالعَمُودِ إِذا اصْمَعَدّتْ             على وَهَلٍ، و أَصفَرَ كالعَمُودِ

و التَّظْفيرُ: غَمْزُ الظُّفْرِ في التُّفَّاحة و غيرها. و ظَفَرَه يَظْفِرُه و ظَفَّرَه و اظَّفَرَه: غرزَ في وَجْهه ظُفْرَه. و يقال: ظَفَّرَ فلانٌ في وَجْهِ فلانٍ إِذا غَرَزَ ظُفْرَه في لحمه فعَقَره، و كذلك التَّظْفِيرُ في القِثَّاء و البطِّيخ. و كلُّ ما غَرَزْت فيه ظُفْرَك فشَدَخْتَه أَو أَثّرْتَ فيه، فقد ظَفَرْته؛ أَنشد ثعلب لخَنْدَق بن إِياد:
و لا تُوَقّ الحَلْقَ أَن تَظَفّرَا

و اظّفَرَ الرجلُ و اطَّفَر أَي أَعْلَقَ ظُفْرَه، و هو افتعل فأَدغم؛ و قال العجاج يصف بازياً:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ             أَبْصَرَ خِرْبانَ فَضاءٍ فَانْكَدَرْ
شاكِي الكَلالِيبِ إِذا أَهْوَى اظَّفَرْ

الكَلالِيبُ: مَخالِيبُ البازي، الواحد كَلّوب. و الشاكي: مأْخوذ من الشَّوْكةِ، و هو مقلوب، أَي حادُّ المَخالِيبِ. و اظّفَرَ أَيضاً: بمعنى ظَفِرَ بهم. و رجل مُقلَّم الظُّفْرِ عن الأَذَى و كَلِيل الظُّفْرِ عن العِدَى، و كذلك على المثل. و يقال للرجل: إِنه لمَقْلُومُ الظُّفُرِ أَي لا يُنْكي عَدُوّاً؛ و قال طرفة:
لَسْتُ بالفَانِي و لا كَلِّ الظُّفُرْ

و يقال للمَهين: هو كَليلُ الظُّفُرِ. و رجل أَظْفَرُ بَيِّن الظُّفُرِ إِذا كان طويلَ الأَظْفارِ، كما تقول رجل أَشْعَرُ طويل الشعر. ابن سيدة: و الظُّفْرُ ضَرْبٌ من العِطْر أَسْوَدُ مُقْتَلَفٌ من أَصله على شكل ظُفْر الإِنسان، يوضع في الدخنة، و الجمع أَظْفارٌ و أَظافِيرُ، و قال صاحب العين: لا واحد له، و قال الأَزهري: لا يُفْرَدُ منه الواحد، قال: و ربما قال بعضهم أَظْفارةٌ واحدة و ليس بجائز في القياس، و يجمعونها على أَظافِيرَ، و هذا في الطِّيب، و إِذا أُفرد شي‏ء من نحوها ينبغي أَن يكون ظُفْراً و فُوهاً، و هم يقولون أَظفارٌ و أَظافِيرُ و أَفْواهٌ و أَفاوِيهُ لهذين العِطْرَينِ. و ظَفَّرَ ثَوبه: طيَّبَه بالظُّفْر. و
في حديث أُمّ عطيّة: لا تَمَسّ المُحِدّ إِلَّا نُبْذَةً من قُسْطِ أَظفارٍ، و في رواية: من قُسْطٍ و أَظفار.
؛ قال: الأَظْفارُ جنس من الطِّيب، لا واحد له من لفظه، و قيل: واحده ظُفْر، و هو شي‏ء من العِطْر أَسود و القطعةُ منه شبيهةٌ بالظُّفْرِ. و ظَفَّرَت الأَرض: أَخْرجت من النبات ما يمكن احتفاره بالظُّفْرِ. و ظَفَّرَ العَرْفَجُ و الأَرْطى: خرج منه شِبهُ الأَظفار و ذلك حين يُخَوِّصُ. و ظَفَّرَ البَقْلُ: خرج كأَنه أَظفارُ الطائر. و ظَفَّرَ النَّصِيُّ و الوَشِيجُ و البَرْدِيُّ و الثُّمامُ و الصِّلِّيَانُ و العَرَزُ و الهَدَبُ إِذا خرج له عُنْقُرٌ أَصفر كالظُّفْرِ، و هي خُوصَةٌ تَنْدُرُ منه فيها نَوْرٌ أَغبر. الكسائي: إِذا طلع النبت قيل: قد ظَفَّرَ تَظْفِيراً؛ قال أَبو منصور: هو مأْخوذ من الأَظْفارِ.

518
لسان العرب4

ظفر ص 517

الجوهري: و الظَّفَرُ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض و أَنبت. و يقال: ظَفَّرَ النبتُ إِذا طلع مقدار الظُّفْرِ. و الظُّفْرُ و الظَّفَرَةُ، بالتحريك: داء يكون في العين يَتَجَلَّلُها منه غاشِيةٌ كالظُّفْرِ، و قيل: هي لحمة تنبت عند المَآقي حتى تبلغ السواد و ربما أَخَذَت فيه، و قيل: الظَّفَرَةُ، بالتحريك، جُلَيْدَة تُغَشِّي العينَ تنبت تِلْقَاءَ المَآقي و ربما قُطعت، و إِن تُركت غَشِيَتْ بَصر العين حتى تَكِلَّ، و في الصحاح: جُلَيْدة تُغَشِّي العين نَابتة من الجانب الذي يلي الأَنف على بياض العين إِلى سوادهَا، قال: و هي التي يقال لها ظُفْرٌ؛ عن أَبي عبيد. و
في صفة الدجال: و على عينه ظَفَرَةٌ غليظة.
بفتح الظاء و الفاء، و هي لحمة تنبت عند المَآقي و قد تمتد إِلى السواد فتُغَشِّيه؛ و قد ظَفِرَتْ عينُه، بالكسر، تَظْفَرُ ظَفَراً، فهي ظَفِرَةٌ. و يقال ظُفِرَ فلانٌ، فهو مَظْفُورٌ؛ و عين ظَفِرَةٌ؛ و قال أَبو الهيثم:
ما القولُ في عُجَيِّزٍ كالحُمّره،             بِعَيْنها من البُكاء ظَفَرَه،
 حَلَّ ابنُها في السِّجْن وَسْطَ الكَفَرَه؟

الفراء: الظَّفَرَةُ لحمة تنبت في الحَدَقَةِ، و قال غيره: الظُّفْر لحم ينبت في بياض العين و ربما جلل الحَدَقَةَ. و أَظْفَارُ الجلد: ما تكسر منه فصارت له غُضُونٌ. و ظَفَّرَ الجلدَ: دَلَكَهُ لِتَمْلاسَّ أَظْفارُه. الأَصمعي: في السِّيَةِ الظُّفْرُ و هو ما وراء معْقِدِ الوتَرِ إِلى طرَف القَوْس، و الجمع ظِفَرَةٌ؛ قال الأَزهري: هنا يقال للظُّفْرِ أُظْفُورٌ، و جمعه أَظافير؛ و أَنشد:
ما بَيْنَ لُقْمَتِها الأُولى، إِذا ازْدَرَدتْ،             و بَيْنَ أُخْرَى تَلِيها، قِيسُ أُظْفُورِ

و الظَّفَرُ، بالفتح: الفوز بالمطلوب. الليث: الظَّفَرُ الفوز بما طلبتَ و الفَلْجُ على من خاصمت؛ و قد ظَفِرَ به و عليه و ظَفِرَهُ ظَفَراً، مثل لَحِقَ به و لَحِقَهُ فهو ظَفِرٌ، و أَظْفَرَهُ الله به و عليه و ظَفَّرَهُ به تَظْفِيراً. و يقال: ظَفِرَ اللهُ فُلاناً على فلان، و كذلك أَظْفَرَهُ اللهُ. و رجل مُظَفَّرٌ و ظَفِرٌ و ظِفِّيرٌ: لا يحاول أَمراً إِلَّا ظَفِرَ به؛ قال العجير السلولي يمدح رجلًا:
هو الظَّفِرُ المَيْمُونُ، إِنْ رَاحَ أَو غَدَا             به الركْبُ، و التِّلْعابةُ المُتَحَبِّبُ‏

و رجل مُظَفَّرٌ: صاحب دَوْلَةٍ في الحرب. و فلان مُظَفَّرٌ: لا يَؤُوب إِلَّا بالظَّفَر فثُقِّلَ نعتُه للكثرة و المبالغة. و إِن قيل: ظَفَّرَ الله فلاناً أَي جعله مُظَفَّراً جاز و حسُن أَيضاً. و تقول: ظَفَّره اللّه عليه أَي غَلّبه عليه؛ و كذلك إِذا سئل: أَيهما أَظْفَرُ، فأَخْبِرْ عن واحد غلَب الآخر؛ و قد ظَفّره. قال الأَخفش: و تقول العرب: ظَفِرْت عليه في معنى ظَفِرْت به. و ما ظَفَرتْكَ عَيْني مُنْذ زمانٍ أَي ما رَأَتْك، و كذلك ما أَخَذَتْكَ عيني مند حين. و ظَفَّرَه: دَعا لَه بالظَّفَر؛ و ظَفِرْت به، فأَنا ظافرٌ و هو مَظْفُورٌ به. و يقال: أَظْفَرَنيَ الله به. و تَظَافَرَ القومُ عليه و تظاهَرُوا بمعنى واحد. و ظَفارِ مثل قَطَامِ مبنية: موضع، و قيل: هي قَرْية من قُرَى حِمْير إِليها ينسب الجَزْع الظَّفارِيّ، و قد جاءت مرفوعة أُجْرِيَت مُجْرَى رَبابِ إِذا سَمّيْتَ بها. ابن السكيت: يقال جَزْعٌ ظَفارِيّ منسوب إِلى ظَفارِ أَسد مدينة باليمن، و كذلك عُودٌ ظَفارِيّ منسوب، و هو العود الذي يُتَبَخّر به؛ و منه قولهم: مَنْ دَخل ظَفارِ حَمّرَ أَي تعلم الحِمْيَريّة؛ و قيل: كل أَرض ذات مَغَرّةٍ ظَفارِ.

519
لسان العرب4

ظفر ص 517

و
في الحديث: كان لباسُ آدَم، عليه السلام، الظُّفُرَ.
؛ أَي شي‏ء يُشْبِه الظُّفُرَ في بياضه و صفائه و كثافِته. و
في حديث الإِفْكِ: عِقد من جَزْع أَظفار.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي و أُريد بها العطْرُ المذكور أَوَّلًا كأَنه يؤخذ فيُثْقَبُ و يُجْعل في العِقْد و القلادة؛ قال: و الصحيح‏
في الرواية أَنه من جَزْعِ ظَفارِ.
مدينة لحِمْير باليمن. و الأَظْفارُ: كِبارُ القِرْدانِ و كواكبُ صِغارٌ. و ظَفْرٌ و مُظَفَّرٌ و مِظْفارٌ: أَسماء. و بنو ظَفَر: بَطْنانِ بطن في الأَنصار.، و بطن في بني سليم.
ظهر:
الظَّهْر من كل شي‏ء: خِلافُ البَطْن. و الظَّهْر من الإِنسان: من لَدُن مُؤخَّرِ الكاهل إِلى أَدنى العجز عند آخره، مذكر لا غير، صرح بذلك اللحياني، و هو من الأَسماء التي وُضِعَت مَوْضِعَ الظروف، و الجمع أَظْهُرٌ و ظُهور و ظُهْرانٌ. أَبو الهيثم: الظَّهْرُ سِتُّ فقارات، و الكاهلُ و الكَتِدُ [الكَتَدُ] ستُّ فقارات، و هما بين الكتفين، و في الرَّقبَة ست فقارات؛ قال أَبو الهيثم: الظَّهْر الذي هو ست فِقَرٍ يكْتَنِفُها المَتْنانِ، قال الأَزهري: هذا في البعير؛ و
في حديث الخيل: و لم يَنْسَ حقَّ الله في رِقابِها و لا ظُهورها.
؛ قال ابن الأَثير: حَقُّ الظهورِ أَن يَحْمِلَ عليها مُنْقَطِعاً أَو يُجاهدَ عليها؛ و منه‏
الحديث الآخر: و مِنْ حَقِّها إِفْقارُ ظَهْرِها.
و قَلَّبَ الأَمرَ ظَهْراً لِبَطْنٍ: أَنْعَمَ تَدْبِيرَه، و كذلك يقول المُدَبِّرُ للأَمر. و قَلَّبَ فلان أَمْره ظهراً لِبَطْنٍ و ظهرَه لِبَطْنه و ظهرَه لِلْبَطْنِ؛ قال الفرزدق:
كيف تراني قالباً مِجَنّي،             أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه لِلْبَطْنِ‏

و إِنما اختار الفرزدق هاهنا لِلْبَطْنِ على قوله لِبَطْنٍ لأَن قوله ظَهْرَه معرفة، فأَراد أَن يعطف عليه معرفة مثله، و إِن اختلف وجه التعريف؛ قال سيبويه: هذا باب من الفعل يُبْدَل فيه الآخر من الأَول يَجْرِي على الاسم كما يَجْرِي أَجْمعون على الاسم، و يُنْصَبُ بالفعل لأَنه مفعول، فالبدل أَن يقول: ضُرب عبدُ الله ظَهرُه و بَطنُه، و ضُرِبَ زَيدٌ الظهرُ و البطنُ، و قُلِبَ عمرو ظَهْرُه و بطنُه، فهذا كله على البدل؛ قال: و إِن شئت كان على الاسم بمنزلة أَجمعين، يقول: يصير الظهر و البطن توكيداً لعبد الله كما يصير أَجمعون توكيداً للقوم، كأَنك قلت: ضُرِبَ كُلّه؛ قال: و إِن شئت نصبت فقلت ضُرِب زيدٌ الظَّهرَ و البطنَ، قال: و لكنهم أَجازوا هذا كما أَجازوا دخلت البيتَ، و إِنما معناه دخلت في البيت و العامل فيه الفعل، قال: و ليس المنتصبُ هاهنا بمنزلة الظروف لأَنك لو قلت: هو ظَهْرَه و بَطْنَه و أَنت تعني شيئاً على ظهره لم يجز، و لم يجيزوه في غير الظَّهْر و البَطْن و السَّهْل و الجَبَلِ، كما لم يجز دخلتُ عبدَ الله، و كما لم يجز حذف حرف الجر إِلَّا في أَماكن مثل دخلت البيتَ، و اختص قولهم الظهرَ و البطنَ و السهلَ و الجبلَ بهذا، كما أَن لَدُنْ مع غُدْوَةٍ لها حال ليست في غيرها من الأَسماء. و
قوله، صلى الله عليه و سلم: ما نزل من القرآن آية إِلَّا لها ظَهْرٌ و بَطْنٌ و لكل حَرْفٍ حَدٌّ و لكل حَدّ مُطَّلَعٌ.
؛ قال أَبو عبيد: قال بعضهم الظهر لفظ القرآن و البطن تأْويله، و قيل: الظهر الحديث و الخبر، و البطن ما فيه من الوعظ و التحذير و التنبيه، و المُطَّلَعُ مَأْتى الحد و مَصْعَدُه، أَي قد عمل بها قوم أَو سيعملون؛ و قيل في تفسير
قوله لها ظَهْرٌ و بَطْن.
قيل: ظهرها لفظها و بطنها معناها و قيل: أَراد بالظهر ما ظهر تأْويله و عرف معناه، و بالبطن ما بَطَنَ تفسيره، و قيل: قِصَصُه‏

520
لسان العرب4

ظهر ص 520

في الظاهر أَخبار و في الباطن عَبْرَةٌ و تنبيه و تحذير، و قيل: أَراد بالظهر التلاوة و بالبطن التفهم و التعلم. و المُظَهَّرُ، بفتح الهاء مشددة: الرجل الشديد الظهر. و ظَهَره يَظْهَرُه ظَهْراً: ضرب ظَهْره. و ظَهِرَ ظَهَراً: اشتكى ظَهْره. و رجل ظَهِيرٌ: يشتكي ظَهْرَه. و الظَّهَرُ: مصدر قولك ظَهِرَ الرجل، بالكسر، إِذا اشتكى ظَهْره. الأَزهري: الظُّهارُ وجع الظَّهْرِ، و رجل مَظْهُورٌ. و ظَهَرْتُ فلاناً: أَصبت ظَهْره. و بعير ظَهِير: لا يُنْتَفَع بظَهْره من الدَّبَرِ، و قيل: هو الفاسد الظَّهْر من دَبَرٍ أَو غيره؛ قال ابن سيدة: رواه ثعلب. و رجل ظَهيرٌ و مُظَهَّرٌ: قويُّ الظَّهْرِ و رجل مُصَدَّر: شديد الصَّدْر، و مَصْدُور: يشتكي صَدْرَه؛ و قيل: هو الصُّلْبُ الشديد من غير أَن يُعَيَّن منه ظَهْرٌ و لا غيره، و قد ظَهَرَ ظَهَارَةً. و رجل خفيف الظَّهْر: قليل العيال، و ثقيل الظهر كثير العيال، و كلاهما على المَثَل. و أَكَل الرجُل أَكْلَةً ظَهَرَ منها ظَهْرَةً أَي سَمِنَ منها. قال: و أَكل أَكْلَةً إِن أَصبح منها لناتياً، و لقد نَتَوْتُ من أَكلة أَكلتها؛ يقول: سَمِنْتُ منها. و
في الحديث: خَيْرُ الصدقة ما كان عن ظَهْرِ غِنى.
أَي ما كان عَفْواً قد فَضَلَ عن غنًى، و قيل: أَراد ما فَضَلَ عن العِيَال؛ و الظَّهْرُ قد يزاد في مثل هذا إِشباعاً للكلام و تمكيناً كأَنَّ صدقته إِلى ظَهْرٍ قَويٍّ من المال. قال مَعْمَرٌ: قلتُ لأَيُّوبَ ما كان عن ظَهْرِ غِنًى، ما ظَهْرُ غِنًى؟ قال أَيوب: ما كان عن فَضْلِ عيال. و
في حديث طلحة: ما رأَيتُ أَحداً أَعطى لجَزِيلٍ عن ظَهْرِ يَدٍ من طَلْحَةَ.
قيل: عن ظهر يَدٍ ابْتدَاءً من غير مكافأَة. و فلانٌ يأْكل عن ظَهْرِ يد فُلانٍ إِذا كان هو يُنْفِقُ عليه. و الفُقَراء يأْكلون عن ظَهْرِ أَيدي الناس. قال الفراء: العرب تقول: هذا ظَهْرُ السماء و هذا بَطْنُ السَّمَاءِ لظاهرها الذي تراه. قال الأَزهري: و هذا جاء في الشي‏ء ذي الوجهين الذي ظَهْرُه كَبَطْنه، كالحائط القائم لما وَلِيَك يقال بطنُه، و لما وَلِيَ غَيْرَك ظَهْرُه. فأَما ظِهارَة الثوب و بِطانَتُه، فالبطانَةُ ما وَلِيَ منه الجسدَ و كان داخلًا، و الظِّهارَةُ ما علا و ظَهَرَ و لم يَل الجسدَ؛ و كذلك ظِهارَة البِسَاطِ؛ و بطانته مما يلي الأَرضَ. و يقال: ظَهَرْتُ الثوبَ إِذا جعلتَ له ظِهَارَة و بَطَنْتُه إذا جعلتَ له بِطانَةً، و جمع الظِّهارَة ظَهَائِر، و جمع البِطَانَة بَطَائِنُ و الظِّهَارَةُ، بالكسر: نقيض البِطانة. وَ ظَهَرْتُ البيت: عَلَوْتُه. و أَظْهَرْتُ بفلان: أَعليت به. و تظاهر القومُ: تَدابَرُوا كأَنه ولَّى كُلُّ واحد منهم ظَهْرَه إِلى صاحبه. و أَقْرانُ الظَّهْرِ: الذين يجيئونك من ورائك أَو من وراء ظَهْرِك في الحرب، مأْخوذ من الظَّهْرِ؛ قال أَبو خِراشٍ:
لكانَ جَمِيلٌ أَسْوَأَ الناسِ تِلَّةً،             و لكنّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مقَاتِلُ‏

الأَصمعي: فلان قِرْنُ الظَّهْر، و هو الذي يأْتيه من ورائه و لا يعلم؛ قال ذلك ابن الأَعرابي، و أَنشد:
فلو كان قِرْني واحداً لكُفِيتُه،             و لكنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مقَاتِلُ‏

و روى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده:
فلو أَنَّهُمْ كانوا لقُونا بِمثْلِنَا،             و لَكنَّ أَقْرانَ الظُّهورِ مُغالِبُ‏

قال: أَقران الظهور أَن يتظاهروا عليه، إِذا جاء اثنان و أَنت واحد غلباك.

521
لسان العرب4

ظهر ص 520

و شَدَّه الظُّهاريَّةَ إِذا شَدَّه إِلى خَلْف، و هو من الظَّهْر. ابن بُزُرج. أَوْثَقَهُ الظُّهارِيَّة أَي كَتَّفَه. و الظَّهْرُ: الرِّكابُ التي تحمل الأَثقال في السفر لحملها إِياها على ظُهُورها. و بنو فلان مُظْهِرون إِذا كان لهم ظَهْر يَنْقُلُون عليه، كما يقال مُنْجِبُون إِذا كانوا أَصحاب نَجائِبَ. و
في حديث عَرْفَجَة: فتناول السيف من الظَّهْر فَحذَفَهُ به.
؛ الظَّهْر: الإِبل التي يحمل عليها و يركب. يقال: عند فلان ظَهْر أَي إِبل؛ و منه‏
الحديث: أَ تأْذن لنا في نَحْر ظَهْرنا؟.
أَي إبلنا التي نركبها؛ و تُجْمَعُ على ظُهْران، بالضم؛ و منه‏
الحديث: فجعل رجالٌ يستأْذنونه في ظُهْرانهم في عُلْوِ المدينة.
و فلانٌ على ظَهْرٍ أَي مُزْمِعٌ للسفر غير مطمئن كأَنه قد رَكِبَ ظَهْراً لذلك؛ قال يصف أَمواتاً:
و لو يَسْتَطِيعُون الرَّواحَ، تَرَوَّحُوا             معي، أَو غَدَوْا في المُصْبِحِين على ظَهْرِ

و البعير الظِّهْرِيُّ، بالكسر: هو العُدَّة للحاجة إِن احتيج إِليه، نسب إِلى الظَّهْر نَسَباً على غير قياس. يقال: اتَّخِذْ معك بعيراً أَو بعيرين ظِهْرِيَّيْنِ أَي عُدَّةً، و الجمع ظَهارِيٌّ و ظَهَارِيُّ، و في الصحاح: ظَهَارِيُّ غير مصروف لأَن ياء النسبة ثابتة في الواحد. و بَعير ظَهِيرٌ بَيِّنُ الظَّهارَة إِذا كان شديداً قويّاً، و ناقة ظهيرة. و قال الليث: الظَّهِيرُ من الإِبل القوي الظَّهْر صحيحه، و الفعل ظَهَرَ ظَهارَةً. و
في الحديث: فَعَمَدَ إِلى بعير ظَهِير فأَمَرَ به فَرُحِلَ.
يعني شديد الظهر قويّاً على الرِّحْلَةِ، و هو منسوب إِلى الظَّهْرِ؛ و قد ظَهَّر به و اسْتَظَهْرَهُ. و ظَهَرَ بحاجةِ الرجل و ظَهَّرها و أَظْهَرها: جعلها بظَهْرٍ و استخف بها و لم يَخِفَّ لها، و معنى هذا الكلام أَنه جعل حاجته وراء ظَهْرِه تهاوناً بها كأَنه أَزالها و لم يلتفت إِليها. و جعلها ظِهْرِيَّةً أَي خَلْفَ ظَهْر، كقوله تعالى: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ‏
، بخلاف قولهم وَاجَهَ إِرادَتَهُ إِذا أَقْبَلَ عليها بقضائها، و جَعَلَ حاجَتَه بظَهْرٍ كذلك؛ قال الفرزدق:
تَمِيمُ بنَ قَيْسٍ لا تَمُونَنَّ حاجَتِي             بظَهْرٍ، فلا يَعْيا عَليَّ جَوابُها

و الظِّهْرِيُّ: الذي تَجْعَلُه بظَهْر أَي تنساه. و الظِّهْرِيُّ: الذي تَنْساه و تَغْفُلُ عنه؛ و منه قوله: وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
؛ أَي لم تَلْتَفِتوا إِليه. ابن سيدة: و اتخذ حاجته ظِهْرِيّاً اسْتَهان بها كأَنه نَسَبها إِلى الظَّهْر، على غير قياس، كما قالوا في النسب إِلى البَصْرَة بِصْريُّ. و
في حديث علي، عليه السلام: اتَّخَذْتُموه وَرَاءَكم ظِهْرِيّاً حتى شُنَّتْ عليكم الغاراتُ.
أَي جعلتموه وراء ظهوركم، قال: و كسر الظاء من تغييرات النَّسَب؛ و قال ثعلب في قوله تعالى: وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
: نَبَذْتُمْ ذكر الله وراء ظهوركم؛ و قال الفراء: يقول تركتم أَمر الله وراء ظهوركم، يقول شعيب، عليه السلام: عَظَّمْتُمْ أَمْرَ رَهْطي و تركتم تعظيم الله و خوفه. و قال في أَثناء الترجمة: أَي و اتخذتم الرهط وراءكم ظِهْرِيّاً تَسْتَظْهِرُون به عليَّ، و ذلك لا ينجيكم من الله تعالى. يقال: اتخذ بعيراً ظِهْرِيّاً أَي عُدَّةً. و يقال للشي‏ء الذي لا يُعْنَى به: قد جعلت هذا الأَمر بظَهْرٍ و رَميته بظَهْرٍ. و قولهم. و لا تجعل حاجتي بظَهْر أَي لا تَنْسَها. و حاجتُه عندك ظاهرةٌ أَي مُطَّرَحَة وراء الظَّهْرِ. و أَظْهَرَ بحاجته و اظَّهَرَ: جعلها وراء ظَهْرِه، أَصله اظْتَهر. أَبو عبيدة: جعلت حاجته بظَهْرٍ أَي بظَهْرِي خَلْفِي؛ و منه قوله: وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
، و هو استهانتك بحاجة الرجل. و جعلني بظَهْرٍ أَي طرحني.

522
لسان العرب4

ظهر ص 520

و ظَهَرَ به و عليه يَظْهَرُ: قَوِيَ. و في التنزيل العزيز: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى‏ عَوْراتِ النِّساءِ
؛ أَي لم يبلغوا أَن يطيقوا إِتيانَ النساء؛ و قوله:
خَلَّفْتَنا بين قَوْم يَظْهَرُون بنا،             أَموالُهُمْ عازِبٌ عنا و مَشْغُولُ‏

هو من ذلك؛ قال ابن سيدة: و قد يكون من قولك ظَهَرَ به إِذا جعله وراءه، قال: و ليس بقوي، و أَراد منها عازب و منها مشغول، و كل ذلك راجع إِلى معنى الظَّهْر. و أَما قوله عز و جل: وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها
؛
روى الأَزهري عن ابن عباس قال: الكَفُّ و الخاتَمُ و الوَجْهُ.
و
قالت عائشة: الزينة الظاهرة القُلْبُ و الفَتَخة.
و
قال ابن مسعود: الزينة الظاهرة الثياب.
و الظَّهْرُ: طريق البَرِّ. ابن سيدة: و طريق الظَّهْر طريق البَرِّ، و ذلك حين يكون فيه مَسْلَك في البر و مسلك في البحر. و الظَّهْرُ من الأَرض: ما غلظ و ارتفع، و البطن ما لانَ منها و سَهُلَ و رَقَّ و اطْمأَنَّ. و سال الوادي ظَهْراً إذا سال بمَطَرِ نفسه، فإن سال بمطر غيره قيل: سال دُرْأً؛ و قال مرة: سال الوادي ظُهْراً كقولك ظَهْراً؛ قال الأَزهري: و أَحْسِبُ الظُّهْر، بالضم، أَجْودَ لأَنه أَنشد:
و لو دَرَى أَنَّ ما جاهَرتَني ظُهُراً،             ما عُدْتُ ما لأْلأَتْ أَذنابَها الفُؤَرُ

و ظَهَرت الطيرُ من بلد كذا إِلى بلد كذا: انحدرت منه إِليه، و خص أَبو حنيفة به النَّسْرَ فقال يَذْكُر النُّسُورَ: إِذا كان آخر الشتاء ظَهَرَتْ إِلى نَجْدٍ تَتَحيَّنُ نِتاجَ الغنم فتأْكل أَشْلاءَها. و
في كتاب عمر، رضي الله عنه، إِلى أَبي عُبيدة: فاظْهَرْ بمن معك من المسلمين إِليها.
يعني إِلى أَرض ذكرها، أَي اخْرُجْ بهم إِلى ظاهرها و أَبْرِزْهم. و
في حديث عائشة: كان يصلي العَصْر في حُجْرتي قبل أَن تظهر.
تعني الشمس، أَي تعلو السَّطْحَ، و
في رواية: و لم تَظْهَر الشمسُ بَعْدُ من حُجْرتها.
أَي لم ترتفع و لم تخرج إِلى ظَهْرها؛ و منه قوله:
و إِنا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلك مَظْهَرا
يعني مَصْعَداً. و الظاهِرُ: خلاف الباطن؛ ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهُوراً، فهو ظاهر و ظهِير؛ قال أَبو ذؤيب:
فإِنَّ بَنِي لِحْيَانَ، إِمَّا ذَكَرْتُهُم،             ثَناهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، ظَهِيرُ

و يروى‏
... طهير
، بالطاء المهملة. و قوله تعالى: وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ‏
؛ قيل: ظاهره المُخالَّةُ على جهة الرِّيبَةِ، و باطنه الزنا؛ قال الزجاج: و الذي يدل عليه الكلام، و الله أَعلم، أَن المعنى اتركوا الإِثم ظَهْراً و بَطْناً أَي لا تَقْرَبُوا ما حرم الله جَهْراً و لا سرّاً. و الظاهرُ: من أَسماء الله عز و جل؛ و في التنزيل العزيز: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ‏
؛ قال ابن الأَثير: هو الذي ظهر فوق كل شي‏ء و علا عليه؛ و قيل: عُرِفَ بطريق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أَفعاله و أَوصافه. و هو نازل بين ظَهْرَيْهم و ظَهْرانَيْهِم، بفتح النون و لا يكسر: بين أَظْهُرِهم. و
في الحديث: فأَقاموا بين ظَهْرانيهم و بين أَظْهرهم.
؛ قال ابن الأَثير: تكررت هذه اللفظة في الحديث و المراد بها أَنهم أَقاموا بينهم على سبيل الاستظهار و الاستناد لهم، و زيدت فيه أَلف و نون مفتوحة تأْكيداً، و معناه أَن ظَهْراً منهم قدامه و ظهراً وراءه فهو مَكْنُوف من جانبيه، و من جوانبه إِذا قيل بين أَظْهُرِهم، ثم كثر حتى استعمل في الإِقامة بين القوم مطلقاً.

523
لسان العرب4

ظهر ص 520

و لقيته بين الظَّهْرَيْنِ و الظَّهْرانَيْنِ أَي في اليومين أَو الثلاثة أَو في الأَيام، و هو من ذلك. و كل ما كان في وسط شي‏ء و مُعْظَمِه، فهو بين ظَهْرَيْه و ظَهْرانَيْه. و هو على ظَهْرِ الإِناء أَي ممكن لك لا يحال بينكما؛ عن ابن الأَعرابي. الأَزهري عن الفراء: فلانٌ بين ظَهْرَيْنا و ظَهْرانَيْنا و أَظهُرِنا بمعنى واحد، قال: و لا يجوز بين ظَهْرانِينا، بكسر النون. و يقال: رأَيته بين ظَهْرانَي الليل أَي بين العشاء إِلى الفجر. قال الفراء: أَتيته مرة بين الظَّهْرَيْنِ يوماً في الأَيام. قال: و قال أَبو فَقْعَسٍ إِنما هو يوم بين عامين. و يقال للشي‏ء إِذا كان في وسط شي‏ء: هو بين ظَهْرَيْه و ظَهْرانَيْه؛ و أَنشد:
أَ لَيْسَ دِعْصاً بَيْنَ ظَهْرَيْ أَوْعَسا
و الظَّواهِرُ: أَشراف الأَرض. الأَصمعي: يقال هاجَتْ ظُهُورُ الأَرض و ذلك ما ارتفع منها، و معنى هاجَتْ يَبِسَ بَقْلُها. و يقال: هاجَتْ ظَواهِرُ الأَرض. ابن شميل: ظاهر الجبل أَعلاه، و ظاهِرَةُ كل شي‏ء أَعلاه، استوى أَو لم يستو ظاهره، و إِذا علوت ظَهْره فأَنت فَوْقَ ظاهِرَته؛ قال مُهَلْهِلٌ:
و خَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارِعِين،             كَمْشيِ الوُعُولِ على الظَّاهِره‏

و قال الكميت:
فَحَلَلْتَ مُعْتَلِجَ البِطاحِ،             و حَلَّ غَيْرُك بالظَّوَاهِرْ

قال خالد بن كُلْثُوم: مُعْتَلِجُ البطاح بَطْنُ مكة و البطحاء الرمل، و ذلك أَن بني هاشم و بني أُمية و سادة قريش نُزول ببطن مكة و من كان دونهم فهم نزول بظواهر جبالها؛ و يقال: أَراد بالظواهر أَعلى مكة. و
في الحديث ذِكر قريشِ الظَّواهِرِ.
و قال ابن الأَعرابي: قُرَيْشُ الظواهرِ الذين نزلوا بظُهور جبال مكة، قال: و قُرَيْشُ البِطاحِ أَكرمُ و أَشرف من قريش الظواهر، و قريش البطاح هم الذين نزلوا بطاح مكة. و الظُّهارُ: الرّيشُ. قال ابن سيدة: الظُّهْرانُ الريش الذي يلي الشمس و المَطَرَ من الجَناح، و قيل: الظُّهار، بالضم، و الظُّهْران من ريش السهم ما جعل من ظَهْر عَسِيبِ الريشة، و هو الشَّقُّ الأَقْصَرُ، و هو أَجود الريش، الواحد ظَهْرٌ، فأَما ظُهْرانٌ فعلى القياس، و أَما ظُهار فنادر؛ قال: و نظيره عَرْقٌ و عُراقٌ و يوصف به فيقال رِيشٌ ظُهارٌ و ظُهْرانٌ، و البُطْنانُ ما كان من تحت العَسِيب، و اللُّؤَامُ أَن يلتقي بَطْنُ قُذَّةٍ و ظَهرُ أُخْرَى، و هو أَجود ما يكون، فإِذا التقى بَطْنانِ أَو ظَهْرانِ، فهو لُغابٌ و لَغْبٌ. و قال الليث: الظُّهارُ من الريش هو الذي يظهر من ريش الطائر و هو في الجناح، قال: و يقال: الظُّهارُ جماعة واحدها ظَهْرٌ، و يجمع على الظُّهْرانِ، و هو أَفضل ما يُراشُ به السهم فإِذا ريشَ بالبُطْنانِ فهو عَيْبٌ، و الظَّهْرُ الجانب القصير من الريش، و الجمع الظُّهْرانُ، و البُطْنان الجانب الطويل، الواحد بَطْنٌ؛ يقال: رِشْ سَهْمَك بظُهْرانٍ و لا تَرِشْهُ ببُطْنانٍ، واحدهما ظَهْر و بَطْنٌ، مثل عَبْد و عُبْدانٍ؛ و قد ظَهَّرت الريش السهمَ. و الظَّهْرانِ: جناحا الجرادة الأَعْلَيانِ الغليظان؛ عن أَبي حنيفة. و قال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد: للقَوْسِ ظَهْرٌ و بَطْنٌ، فالبطن ما يلي منها الوَتَر، و ظَهْرُها الآخرُ الذي ليس فيه وتَرٌ. و ظاهَرَ بين نَعْلين و ثوبين: لبس أَحدهما على الآخر و ذلك إِذا طارق بينهما و طابقَ، و كذلك ظاهَرَ بينَ دِرْعَيْن، و قيل: ظاهَرَ الدرعَ لأَمَ بعضها على بعض.

524
لسان العرب4

ظهر ص 520

و
في الحديث: أَنه ظاهرَ بين دِرْعَيْن يوم أُحُد.
أَي جمع و لبس إِحداهما فوق الأُخرى، و كأَنه من التظاهر التعاون و التساعد؛ و قول وَرْقاء بن زُهَير:
رَأَيَتُ زُهَيْراً تحت كَلْكَلِ خالِدٍ،             فَجِئْتُ إِليه كالعَجُولِ أُبادِرُ
فَشُلَّتْ يميني يَوْمَ أَضْرِبُ خالداً،             و يَمْنَعهُ مِنِّي الحديدُ المُظاهرُ

إِنما عنى بالحديد هنا الدرع، فسمى النوع الذي هو الدرع باسم الجنس الذي هو الحديد؛ و قال أَبو النجم:
سُبِّي الحَماةَ و ادْرَهِي عليها،             ثم اقْرَعِي بالوَدّ مَنْكِبَيْها،
و ظاهِري بِجَلِفٍ عليها

قال ابن سيدة: هو من هذا، و قد قيل: معناه اسْتَظْهِري، قال: و ليس بقوي. و اسْتَظَهْرَ به أَي استعان. و ظَهَرْتُ عليه: أَعنته. و ظَهَرَ عَليَّ: أَعانني؛ كلاهما عن ثعلب. و تَظاهرُوا عليه: تعاونوا، و أَظهره الله على عَدُوِّه. و في التنزيل العزيز: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ‏
. و ظاهَرَ بعضهم بعضاً: أَعانه، و التَّظاهُرُ: التعاوُن. و ظاهَرَ فلان فلاناً: عاونه. و المُظاهَرَة: المعاونة، و
في حديث علي، عليه السلام: أَنه بارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ.
و ظاهَرَ أَي نَصَر و أَعان. و الظَّهِيرُ: العَوْنُ، الواحد و الجمع في ذلك سواء، و إِنما لم يجمع ظَهِير لأَن فَعيلًا و فَعُولًا قد يستوي فيهما المذكر و المؤُنث و الجمع، كما قال الله عز و جل: إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ. و في التنزيل العزيز: وَ كانَ الْكافِرُ عَلى‏ رَبِّهِ ظَهِيراً
؛ يعني بالكافر الجِنْسَ، و لذلك أَفرد؛ و فيه أَيضاً: وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ
؛ قال ابن سيدة: و هذا كما حكاه سيبويه من قولهم للجماعة: هم صَدِيقٌ و هم فَرِيقٌ؛ و الظَّهِيرُ: المُعِين. و قال الفراء في قوله عز و جل: وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ
، قال: يريد أَعواناً فقال ظَهِير و لم يقل ظُهَراء. قال ابن سيدة: و لو قال قائل إِن الظَّهير لجبريل و صالح المؤمنين و الملائكة كان صواباً، و لكن حَسُنَ أَن يُجعَلَ الظهير للملائكة خاصة لقوله: وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ، أَي مع نصرة هؤلاء، ظَهِيرٌ. و قال الزجاج: وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ
، في معنى ظُهَراء، أَراد: و الملائكة أَيضاً نُصَّارٌ للنبي، صلى الله عليه و سلم، أَي أَعوان النبي، صلى الله عليه و سلم، كما قال: وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً؛ أَي رُفَقاء، فهو مثل ظَهِير في معنى ظُهَراء، أَفرد في موضع الجمع كما أَفرده الشاعر في قوله:
يا عاذِلاتي لا تَزِدْنَ مَلامَتِي،             إِن العَواذِلَ لَسْنَ لي بأَمِيرِ

يعني لَسْنَ لي بأُمَراء. و أَما قوله عز و جل: وَ كانَ الْكافِرُ عَلى‏ رَبِّهِ ظَهِيراً
؛ قال ابن عَرفة: أَي مُظاهِراً لأَعداء الله تعالى. و قوله عز و جل: وَ ظاهَرُوا عَلى‏ إِخْراجِكُمْ‏
؛ أَي عاوَنُوا. و قوله: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ‏
؛ أَي تَتَعاونُونَ. و الظِّهْرَةُ: الأَعْوانُ؛ قال تميم:
أَ لَهْفِي على عِزٍّ عَزِيزٍ و ظِهْرَةٍ،             و ظِلِّ شَبابٍ كنتُ فيه فأَدْبرا

و الظُّهْرَةُ و الظِّهْرَةُ: الكسر عن كراع: كالظَّهْرِ. و هم ظِهْرَةٌ واحدة أَي يَتَظَاهرون على الأَعداء و جاءنا في ظُهْرَته و ظَهَرَتِه و ظاهِرَتِهِ أَي في عشيرته و قومه و ناهِضَتِهِ الذين يعينونه. و ظَاهرَ عليه: أَعان. و اسْتَظْهَره عليه: استعانه. و اسْتَظْهَرَ عليه بالأَمر: استعان. و
في حديث علي، كرّم الله وجهه: يُسْتَظْهَرُ بحُجَج الله و بنعمته على كتابه.
و فلان ظِهْرَتي على فلان و أَنا ظِهْرَتُكَ على هذا أَي عَوْنُكَ الأَصمعي: هو ابن عمه دِنْياً فإِذا تباعد فهو ابن عمه‏

525
لسان العرب4

ظهر ص 520

ظَهْراً، بجزم الهاء، و أَما الظِّهْرَةُ فهم ظَهْرُ الرجل و أَنْصاره، بكسر الظاء. الليث: رجل ظِهْرِيٌّ من أَهل الظَّهْرِ، و لو نسبت رجلًا إِلى ظَهْرِ الكوفة لقلت ظِهْريٌّ، و كذلك لو نسبت جِلْداً إِلى الظَّهْر لقلت جِلْدٌ ظِهْرِيٌّ. و الظُّهُور: الظَّفَرُ بالشي‏ء و الاطلاع عليه. ابن سيدة: الظُّهور الظفر؛ ظَهَر عليه يَظْهَر ظُهُوراً و أَظْهَره الله عليه. و له ظَهْرٌ أَي مال من إِبل و غنم. و ظَهَر بالشي‏ء ظَهْراً: فَخَرَ؛ و قوله:
و اظْهَرْ بِبِزَّتِه و عَقْدِ لوائِهِ‏
أَي افْخَرْ به على غيره. و ظَهَرْتُ به: افتخرت به و ظَهَرْتُ عليه: قَوِيتُ عليه يقال: ظَهَر فلانٌ على فلان أَي قَوِيَ عليه. و فلان ظاهِرٌ على فلان أَي غالب عليه. و ظَهَرْتُ على الرجل: غلبته. و
في الحديث: فظَهَر الذين كان بينهم و بين رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، عَهْدٌ فَقَنَتَ شهراً بعد الركوع يدعو عليهم.
؛ أَي غَلَبُوهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، قالوا: و الأَشبه أَن يكون مُغَيَّراً كما جاء
في الرواية الأُخرى: فَغَدَرُوا بهم.
و فلان من وَلَدِ الظَّهْر أَي ليس منا، و قيل: معناه أَنه لا يلتفت إِليهم؛ قال أَرْطاةُ بنُ سُهَيَّة:
فَمَنْ مُبْلِغٌ أَبْناءَ مُرَّةَ أَنَّنا             وَجْدْنَا بَني البَرْصاءِ من وَلَدِ الظَّهْرِ؟

أَي من الذين يَظْهَرُون بهم و لا يلتفتون إِلى أَرحامهم. و فلان لا يَظْهَرُ عليه أَحد أَي لا يُسَلِّم. و الظَّهَرَةُ، بالتحريك: ما في البيت من المتاع و الثياب. و قال ثعلب: بيت حَسَنُ الظَّهَرَةِ و الأَهَرَة، فالظَّهَرَةُ ما ظَهَر منه، و الأَهَرَةُ ما بَطَنَ منه. ابن الأَعرابي: بيت حَسَنُ الأَهَرة و الظَّهَرَةِ و العَقارِ بمعنى واحد. و ظَهَرَةُ المال: كَثْرَتُه. و أَظْهَرَنَا الله على الأَمر: أَطْلَعَ. و قوله في التنزيل العزيز: فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ‏
؛ أَي ما قَدَرُوا أَن يَعْلُوا عليه لارتفاعه. يقال: ظَهَرَ على الحائط و على السَّطْح صار فوقه. و ظَهَرَ على الشي‏ء إِذا غلبه و علاه. و يقال: ظَهَرَ فلانٌ الجَبَلَ إِذا علاه. و ظَهَر السَّطْحَ ظُهُوراً: علاه. و قوله تعالى: وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ‏
 أَي يَعْلُون، و المعارج الدَّرَجُ. و قوله عز و جل: فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ‏
؛ أَي غالبين عالين، من قولك: ظَهَرْتُ على فلان أَي عَلَوْتُه و غلبته. يقال: أَظْهَر الله المسلمين على الكافرين أَي أَعلاهم عليهم. و الظَّهْرُ: ما غاب عنك. يقال: تكلمت بذلك عن ظَهْرِ غَيْبِ، و الظَّهْر فيما غاب عنك؛ و قال لبيد:
عن ظَهْرِ غَيْبٍ و الأَنِيسُ سَقَامُها

و يقال: حَمَلَ فلانٌ القرآنَ على ظَهْرِ لسانه، كما يقال: حَفِظَه عن ظَهْر قلبه. و
في الحديث: من قرأَ القرآن فاسْتَظْهره.
؛ أَي حفظه؛ تقول: قرأْت القرآن عن ظَهْرِ قلبي أَي قرأْته من حفظي. و ظَهْرُ القَلْب: حِفْظُه عن غير كتاب. و قد قرأَه ظاهِراً و اسْتَظْهره أَي حفظه و قرأَه ظاهِراً. و الظاهرةُ: العَين الجاحِظَةُ. النضر: العين الظَّاهرَةُ التي ملأَت نُقْرَة العَيْن، و هي خلاف الغائرة؛ و قال غيره: العين الظاهرة هي الجاحظة الوَخْشَةُ. و قِدْرٌ ظَهْرٌ: قديمة كأَنها تُلقى و راءَ الظَّهْرِ لِقِدَمِها؛ قال حُمَيْدُ بن ثور:
فَتَغَيَّرَتْ إِلَّا دَعائِمَها،             و مُعَرَّساً من جَوفه ظَهْرُ

و تَظَاهر القومُ؛ تَدابَرُوا، و قد تقدم أَنه التعاوُنُ،

526
لسان العرب4

ظهر ص 520

فهو ضدّ. و قتله ظَهْراً أَي غِيْلَةً؛ عن ابن الأَعرابي. و ظَهَر الشي‏ءُ بالفتح، ظُهُوراً: تَبَيَّن. و أَظْهَرْتُ الشي‏ء: بَيَّنْته. و الظُّهور: بُدُوّ الشي‏ء الخفيّ. يقال: أَظْهَرني الله على ما سُرِقَ مني أَي أَطلعني عليه. و يقال: فلان لا يَظْهَرُ عليه أَحد أَي لا يُسَلِّمُ عليه أَحد. و قوله: إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ*
؛ أَي يَطَّلِعوا و يَعْثرُوا. يقال: ظَهَرْت على الأَمر. و قوله تعالى: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا
؛ أَي ما يتصرفون من معاشهم. الأَزهري: و الظَّهَارُ ظاهرُ الحَرَّة. ابن شميل: الظُّهَارِيَّة أَن يَعْتَقِلَه الشَّغْزَبِيَّةَ فَيَصْرَعَه. يقال: أَخذه الظُّهارِيَّةَ و الشَّغْزَبِيَّةَ بمعنًى. و الظُّهْرُ: ساعة الزوال، و لذلك قيل: صلاة الظهر، و قد يحذفون على السَّعَة فيقولون: هذه الظُّهْر، يريدون صلاة الظهر. الجوهري: الظهر، بالضم، بعد الزوال، و منه صلاة الظهر. و الظَّهِيرةُ: الهاجرة. يقال: أَتيته حَدَّ الظَّهِيرة و حين قامَ قائم الظَّهِيرة. و في الحديث ذكر صلاة الظُّهْر؛ قال ابن الأَثير: هو اسم لنصف النهار، سمي به من ظَهِيرة الشمس، و هو شدّة حرها، و قيل: أُضيفت إِليه لأَنه أَظْهَرُ أَوقات الصلوات للأَبْصارِ، و قيل: أَظْهَرُها حَرّاً، و قيل: لأَنها أَوَّل صلاة أُظهرت و صليت. و قد تكرر ذكر الظَّهِيرة في الحديث، و هو شدّة الحرّ نصف النهار، قال: و لا يقال في الشتاء ظهيرة. ابن سيدة: الظهيرة حدّ انتصاف النهار، و قال الأَزهري: هما واحد، و قيل: إِنما ذلك في القَيْظِ مشتق. و أَتاني مُظَهِّراً و مُظْهِراً أَي في الظهيرة، قال: و مُظْهِراً، بالتخفيف، هو الوجه، و به سمي الرجل مُظْهِراً. قال الأَصمعي: يقال أَتانا بالظَّهِيرة و أَتانا ظُهْراً بمعنى. و يقال: أَظْهَرْتَ يا رَجُلُ إِذا دخلت في حدّ الظُّهْر. و أَظْهَرْنا أَي سِرْنا في وقت الظُّهْر. و أَظْهر القومُ: دخلوا في الظَّهِيرة. و أَظْهَرْنا. دخلنا في وقت الظُّهْر كأَصْبَحْنا و أَمْسَيْنا في الصَّباح و المَساء، و تجمع الظَّهيرة على ظَهائِرَ. و
في حديث عمر: أَتاه رجل يَشْكُو النِّقْرِسَ فقال: كَذَبَتْكَ الظَّهائِرُ.
أَي عليك بالمشي في الظَّهائِر في حَرِّ الهواجر. و في التنزيل العزيز: وَ حِينَ تُظْهِرُونَ‏
؛ قال ابن مقبل:
و أَظْهَرَ في عِلانِ رَقْدٍ، و سَيْلُه             عَلاجِيمُ، لا ضَحْلٌ و لا مُتَضَحْضِحُ‏

يعني أَن السحاب أَتى هذا الموضع ظُهْراً؛ أَ لا ترى أَن قبل هذا:
فأَضْحَى له جِلْبٌ، بأَكنافِ شُرْمَةٍ،             أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ من الوَبْلِ أَفْصَحُ‏

و يقال: هذا أَمرٌ ظاهرٌ عنك عارُه أَي زائل، و قيل: ظاهرٌ عنك أَي ليس بلازم لك عَيْبُه؛ قال أَبو ذؤيب:
أَبى القَلْبُ إِلا أُمَّ عَمْرٍو، فأَصْبَحتْ             تحرَّقُ نارِي بالشَّكاةِ و نارُها
و عَيَّرَها الواشُونَ أَنِّي أُحِبُّها،             و تلكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها

و معنى تحرَّق ناري بالشكاة أَي قد شاعَ خبرِي و خبرُها و انتشر بالشَّكاة و الذكرِ القبيح. و يقال: ظهرَ عني هذا العيبُ إِذا لم يَعْلَق بي و نبا عَنِّي، و في النهاية: إِذا ارتفع عنك و لم يَنَلْك منه شي‏ء؛ و
قيل لابن الزبير: يا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين تَعْييراً له بها؛ فقال متمثلًا:
و تلك شَكاة ظاهرٌ عنك عارُها.

أَراد أَن نِطاقَها لا يَغُضُّ منها و لا منه فيُعَيَّرا به‏

527
لسان العرب4

ظهر ص 520

و لكنه يرفعه فيَزيدُه نُبْلًا. و هذا أَمْرٌ أَنت به ظاهِرٌ أَي أَنت قويٌّ عليه. و هذا أَمر ظاهرٌ بك أَي غالب عليك. و الظِّهارُ من النساء، و ظاهَرَ الرجلُ امرأَته، و منها، مُظاهَرَةً و ظِهاراً إِذا قال: هي عليّ كظَهْرِ ذاتِ رَحِمٍ، و قد تَظَهَّر منها و تَظاهَر، و ظَهَّرَ من امرأَته تَظْهِيراً كله بمعنى. و قوله عز و جل: و الذين يَظَّهَّرُون من نِسائهم؛ قُرئ: يُظاهِرُونَ‏
، و قرئ: يَظَّهَّرُون، و الأَصل يَتَظَهَّرُون، و المعنى واحد، و هو أَن يقول الرجل لامرأَته: أَنتِ عليّ كظَهْر أُمِّي. و كانت العرب تُطلِّق نساءها في الجاهلية بهذه الكلمة، و كان الظِّهارُ في الجاهلية طلاقاً فلما جاء الإِسلام نُهوا عنه و أُوجبَت الكفَّارةُ على من ظاهَرَ من امرأَته، و هو الظِّهارُ، و أَصله مأْخوذ من الظَّهْر، و إِنما خَصُّوا الظَّهْرَ دون البطن و الفَخذِ و الفرج، و هذه أَولى بالتحريم، لأَن الظَّهْرَ موضعُ الركوب، و المرأَةُ مركوبةٌ إِذا غُشُيَت، فكأَنه إِذا قال: أَنت عليّ كظَهْر أُمِّي، أَراد: رُكوبُكِ للنكاح عليّ حرام كركُوب أُمي للنكاح، فأَقام الظهر مُقامَ الركوب لأَنه مركوب، و أَقام الركوبَ مُقام النكاح لأَن الناكح راكب، و هذا من لَطِيف الاستعارات للكناية؛ قال ابن الأَثير: قيل أَرادوا أَنتِ عليّ كبطن أُمي أَي كجماعها، فكَنَوْا بالظهر عن البطن للمُجاورة، قال: و قيل إِن إِتْيانَ المرأَة و ظهرُها إِلى السماء كان حراماً عندهم، و كان أَهلُ المدينة يقولون: إِذا أُتِيت المرأَةُ و وجهُها إِلى الأَرض جاء الولدُ أَحْولَ، فلِقَصْدِ الرجل المُطَلِّق منهم إِلى التغليظ في تحريم امرأَته عليه شبَّهها بالظهر، ثم لم يَقْنَعْ بذلك حتى جعلها كظَهْر أُمه؛ قال: و إِنما عُدِّي الظهارُ بمن لأَنهم كانوا إِذا ظاهروا المرأَةَ تجَنّبُوها كما يتجنّبُونَ المُطَلَّقةَ و يحترزون منها، فكان قوله ظاهَرَ من امرأَته أَي بعُد و احترز منها، كما قيل: آلى من امرأَته، لمَّا ضُمِّنَ معنى التباعد عدي بمن. و في كلام بعض فقهاء أَهل المدينة: إِذا استُحيضت المرأَةُ و استمرّ بها الدم فإِنها تقعد أَيامها للحيض، فإِذا انقضت أَيَّامُها اسْتَظْهَرت بثلاثة أَيام تقعد فيها للحيض و لا تُصلي ثم تغتسل و تصلي؛ قال الأَزهري: و معنى الاستظهار في قولهم هذا الاحتياطُ و الاستيثاق، و هو مأْخوذ من الظِّهْرِيّ، و هو ما جَعَلْتَه عُدَّةً لحاجتك، قال الأَزهري: و اتخاذُ الظِّهْرِيّ من الدواب عُدَّةً للحاجة إِليه احتياطٌ لأَنه زيادة على قدر حاجة صاحبِه إِليه، و إِنما الظِّهْرِيّ الرجلُ يكون معه حاجتُه من الرِّكاب لحمولته، فيَحْتاطُ لسفره و يُعِدُّ بَعيراً أَو بعيرين أَو أَكثر فُرَّغاً تكون مُعدَّةً لاحتمال ما انقَطَع من ركابه أَو ظَلَع أَو أَصابته آفة، ثم يقال: استَظْهَر ببعيرين ظِهْرِيّيْنِ محتاطاً بهما ثم أُقيم الاستظهارُ مُقامَ الاحتياط في كل شي‏ء، و قيل: سمي ذلك البعيرُ ظِهْرِيّاً لأَن صاحبَه جعلَه وراء ظَهْرِه فلم يركبه و لم يحمل عليه و تركه عُدّةً لحاجته إِن مَسَّت إِليه؛ و منه قوله عز و جل حكاية عن شعيب: وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
. و
في الحديث: أَنه أَمَرَ خُرّاصَ النخل أَن يَسْتَظْهِرُوا.
؛ أَي يحتاطوا لأَرْبابها و يدَعُوا لهم قدرَ ما ينُوبُهم و يَنْزِل بهم من الأَضْياف و أَبناءِ السبيل. و الظاهِرةُ من الوِرْدِ: أَن تَرِدَ الإِبلُ كلّ يوم نِصف النهار. و يقال: إِبِلُ فلان تَرِدُ الظاهرةَ إِذا ورَدَت كلَّ يوم نصف النهار. و قال شمر: الظاهرة التي تَرِدُ كلَّ يوم نصف النهار و تَصْدُرُ عند العصر؛ يقال: شاؤُهم ظَواهِرُ، و الظاهرةُ: أَن تَردَ كل يوم‏

528
لسان العرب4

ظهر ص 520

ظُهْراً. و ظاهرةُ الغِبِّ: هي للغنم لا تكاد تكون للإِبل، و ظاهرة الغِبِّ أَقْصَرُ من الغِبِّ قليلًا. و ظُهَيْرٌ: اسم. و المُظْهِرُ، بكسر الهاء: اسمُ رجل. ابن سيدة: و مُظْهِرُ بنُ رَباح أَحدُ فُرْسان العرب و شُعرائهم. و الظَّهْرانُ و مَرُّ الظَّهْرانِ: موضع من منازل مكة؛ قال كثير:

و لقد حَلَفْتُ لها يَمِيناً صادقاً             بالله، عند مَحارِم الرحمنِ‏
بالراقِصات على الكلال عشيّة،             تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْران‏

العَرْمَضُ هاهنا: صغارُ الأَراك؛ حكاه ابن سيدة عن أَبي حنيفة: و
روى ابن سيرين: أَن أَبا موسى كَسَا في كفّارة اليمين ثوبَينِ ظَهْرانِيّاً و مُعَقَّداً.
؛ قال النضر: الظَّهْرانيّ ثوبٌ يُجاءُ به مِن مَرِّ الظَّهْرانِ، و قيل: هو منسوب إِلى ظَهْران قرية من قُرَى البحرين. و المُعَقَّدُ: بُرْدٌ من بُرود هَجَر، و قد تكرر ذكر مَرّ الظَّهْران، و هو واد بين مكة و عُسْفان، و اسم القرية المضافة إِليه مَرٌّ، بفتح الميم و تشديد الراء؛ و
في حديث النابغة الجعدي أَنه أَنشده، صلى الله عليه و سلم:
بَلَغْنا السماءَ مَجْدُنا و سَناؤنا،             و إِنّا لَنَرْجُو فوق ذلك مَظْهَرا
فغَضِبَ و قال: إِلى أَين المَظْهرُ يا أَبا لَيْلى؟ قال: إِلى الجنة يا رسول الله، قال: أَجَلْ إِن شاء الله.
المَظْهَرُ: المَصْعَدُ. و الظواهر: موضع؛ قال كثير عزة:
عفَا رابِغٌ من أَهلِه فالظَّواهرُ،             فأَكْنافُ تُبْنى قد عَفَت، فالأَصافِرُ

ظور:
التهذيب في أَثناء ترجمة قضب: و يقال للبقرة إِذا أَرادت الفحلَ فهي ظُؤْرَى، قال: و لم يسمع الظُّورَى فُعْلَى، و يقال لها إِذا ضربها الفحل: قد عَلِقَت، فإِذا استوى لَقاحُها قيل: مُخضت، فإِذا كان قبل نتاجها بيوم أَو يومين، فهي حائشٌ، لأَنها تَنْحاشُ من البقر فَتَعْتَزِلُهُنّ.
فصل العين المهملة
عبر:
عَبَرَ الرُؤيا يَعْبُرُها عَبْراً و عِبارةً و عبَّرها: فسَّرها و أَخبر بما يؤول إِليه أَمرُها. و في التنزيل العزيز: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ‏
؛ أَي إِن كنتم تعْبُرون الرؤيا فعدّاها باللام، كما قال: قُلْ عَسى‏ أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ؛ أَي رَدِفَكم؛ قال الزجاج: هذه اللام أُدْخِلت على المفعول للتَّبْيين، و المعنى إِن كنتم تَعْبُرون و عابرين، ثم بَيَّنَ باللام فقال: للرؤيا، قال: و تسمى هذه اللام لامَ التعقيب لأَنها عَقَّبَت الإِضافةَ، قال الجوهري: أَوصَل الفعل باللام، كما يقال إِن كنت للمال جامعاً. و اسْتعْبَرَه إِياها: سأَله تَعْبِيرَها. و العابر: الذي ينظر في الكتاب فيَعْبُره أَي يَعْتَبِرُ بعضه ببعض حتى يقع فهمُه عليه، و لذلك قيل: عبَر الرؤْيا و اعتَبَر فلان كذا، و قيل: أُخذ هذا كله من العِبْرِ، و هو جانبُ النهر، و عِبْرُ الوادي و عَبْرُه؛ الأَخيرة عن كراع: شاطئه و ناحيته؛ قال النابغة الذبياني يمدح النعمان:
و ما الفُراتُ إِذا جاشَت غَوارِبهُ،             ترْمي أَواذِيُّه العِبْرَينِ بالزَّبَدِ

قال ابن بري: و خبر ما النافية في بيت بعده، و هو:
يوماً، بأَطيبَ منه سَيْبَ نافلةٍ،             و لا يَحُول عطاءُ اليوم دُون غد

و السَّيْب: العطاءُ. و النافلة: الزيادة، كما قال سبحانه و تعالى: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً. و قوله:

529
لسان العرب4

عبر ص 529

و لا يَحُول عطاءُ اليوم دون غد إِذا أَعْطى اليوم لم يمنعه ذلك من أَن يُعْطِي في غدٍ. و غواربُه: ما علا منه. و الأَوَاذيُّ: الأَمواج، واحدُها آذيّ. و يقال: فلان في ذلك العِبر أَي في ذلك الجانب. و عَبَرْت النهرَ و الطريق أَعْبُره عَبْراً و عُبوراً إِذا قطعته من هذا العِبْر إِلى ذلك العِبر، فقيل لعابر الرؤيا: عابر لأَنه يتأَمل ناحيَتي الرؤيا فيتفكر في أَطرافها، و يتدبَّر كل شي‏ء منها و يمضي بفكره فيها من أَول ما رأَى النائم إِلى آخر ما رأَى. و
روي عن أَبي رَزِين العقيلي: أَنه سمع النبي، صلى الله عليه و سلم، يقول: الرُّؤْيا على رِجْل طائر، فإِذا عُبِّرت وقَعَت فلا تَقُصَّها إِلا على وادٍّ أَو ذي رَأْيٍ.
لأَن الوادَّ لا يُحبّ أَن يستقبلك في تفسيرها إِلا بما تُحِبّ، و إِن لم يكن عالماً بالعبارة لم يَعْجَل لك بما يَغُمُّك لا أَن تَعْبِيرَه يُزِيلُها عما جعلها الله عليه، و أَما ذُو الرأْي فمعناه ذو العلم بعبارتها، فهو يُخْبِرُك بحقيقة تفسيرها أَو بأَقْرَب ما يعلمه منها، و لعله أَن يكون في تفسيرها موعظةٌ تَرْدَعُك عن قبيح أَنت عليه أَو يكون فيها بُشْرَى فَتَحْمَد الله على النعمة فيها. و
في الحديث: الرؤيا لأَول عابر.
؛ العابر: الناظر في الشي‏ء، و المُعْتَبِرُ: المستدلّ بالشي‏ء على الشي‏ء. و
في الحَديث: للرؤيا كُنًى و أَسماءٌ فكنُّوها بكُناها و اعتَبروها بأَسمائها.
و
في حديث ابن سيرين: كان يقول إِني أَعْتَبرُ الحديث.
؛ المعنى فيه أَنه يُعَبِّر الرؤيا على الحديث و يَعْتَبِرُ به كما يَعْتبرها بالقرآن في تأْويلها، مثل أَن يُعَبِّر الغُرابَ بالرجل الفاسق، و الضِّلَعَ بالمرأَة،
لأَن النبي، صلى الله عليه و سلم، سمى الغُرابَ فاسقاً و جعل المرأَة كالضِّلَع.
و نحو ذلك من الكنى و الأَسماء. و يقال: عَبَرْت الطير أَعْبُرها إِذا زجَرْتها. و عَبَّر عمَّا في نفسه: أَعْرَبَ و بيّن. و عَبّر عنه غيرُه: عيِيَ فأَعْرَب عنه، و الاسم العِبْرةُ «3». و العِبارة و العَبارة. و عَبّر عن فلان: تكلَّم عنه؛ و اللسان يُعَبّر عما في الضمير. و عَبَرَ بفلان الماءَ و عَبَّرَهُ به؛ عن اللحياني. و المِعْبَرُ: ما عُبِرَ به النهر من فُلْكٍ أَو قَنْطَرة أَو غيره. و المَعْبَرُ: الشطُّ المُهَيّأُ للعُبور. قال الأَزهري: و المِعْبَرَةُ سفينة يُعْبَرُ عليها النهر. و قال ابن شميل: عَبَرْت مَتاعي أَي باعَدْته. و الوادي يَعْبرُ السيلَ عَنّا أَي يُباعِدُه. و العُبْرِيّ من السِّدْر: ما نبت على عِبْر النهر و عَظُم، منسوب إِليه نادر، و قيل: هو ما لا ساقَ له منه، و إِنما يكون ذلك فيما قارَب العِبْرَ. و قال يعقوب: العُبْرِيّ و العُمْرِيُّ منه ما شرب الماء؛ و أَنشد:
لاث به الأَشاءُ و العُبْرِيُ‏
قال: و الذي لا يشرب يكون بَرِّيّاً و هو الضالُ. قال و إن كان عِذْياً فهو الضال. أَبو زيد: يقال للسدْر و ما عظُم من العوسج العُبْريّ. و العُمْرِيُّ: القديمُ من السدر؛ و أَنشد قول ذي الرمة:
قَطَعْت، إِذا تخوّفت العَواطِي،             ضُروبَ السدْرِ عُبْرِيّاً و ضالا

و رجل عابرُ سبيلٍ أَي مارّ الطريق. و عَبرَ السبيلَ يَعْبُرُها عُبوراً: شَقَّها؛ و هم عابرُو سبيلٍ و عُبّارُ سبيل، و قوله تعالى: وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ‏
؛ فسّره فقال: معناه أَن تكون له حاجة في المسجد و بيتُه بالبُعد فيدخل المسجد و يخرج مُسْرِعاً. و قال الأَزهري: إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ‏
، معناه إِلا مسافرين، لأَن‏
__________________________________________________
 (3). قوله: [و الاسم العبرة] هكذا ضبط في الأَصل و عبارة القاموس و شرحه: و الاسم العبرة، بالفتح كما هو مضبوط في بعض النسخ و في بعضها بالكسر.

530
لسان العرب4

عبر ص 529

المسافر يُعْوِزُه الماء، و قيل: إِلا مارّين في المسجد غَير مُرِيدين الصلاة. و عبر السَّفَر يعبُره عَبراً: شَقّة؛ عن اللحياني. و الشِّعْرَى العَبور، و هما شِعْريانِ: أَحدُهما الغُمَيصاء، و هو أَحدُ كوكَبَي الذراعين، و أَما العَبور فهي مع الجوْزاء تكونُ نيِّرةً، سُمّيت عَبوراً لأَنها عَبَرت المَجَرَّةَ، و هي شامية، و تزعم العرب أَن الأُخرى بكت على إِثْرِها حتى غَمِصَت فسُمّيت الغُمَيْصاءَ. و جمل عُبْرُ أَسفارٍ و جمال عُبْرُ أَسفارٍ، يستوي فيه الواحد و الجمع و المؤنث مثل الفُلك الذي لا يزال يُسافَر عليها، و كذلك عِبْر أَسفار، بالكسر. و ناقة عُبْر أَسْفارٍ و سفَرٍ و عَبْرٌ و عِبْرٌ: قويَّةٌ على السفر تشُقُّ ما مرّت به و تُقْطعُ الأَسفارُ عليها، و كذلك الرجل الجري‏ء على الأَسفَارِ الماضي فيها القوي عليها. و العِبَارُ: الإِبل القوية على السير. و العَبَّار: الجمل القوي على السير. و عَبَر الكتابَ يعبُره عَبْراً: تدبَّره في نفسه و لم يرفع صوته بقراءته. قال الأَصمعي: يقال في الكلام لقد أَسرعت اسْتِعبارَك للدراهم أَي استخراجك إِياها. و عَبَرَ المتاعَ و الدراهم يعبرها: نَظر كَمْ وزْنُها و ما هي، و عبَّرها: وزنَها ديناراً ديناراً، و قيل عبّر الشي‏ءَ إِذا لم يبالغ في وزنه أَو كيله، و تعبير الدراهم وزنُها جملة بعد التفاريق. و العِبْرة: العجب. و اعْتَبَر منه: تعجّب. و في التنزيل: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ
؛ أَي تدبّروا و انظُروا فيما نزل بقُرَيْظةَ و النضير، فقايِسوا فِعالَهم و اتّعِظُوا بالعذاب الذي نزل بهم. و
في حديث أَبي ذرّ: فما كانت صُحُفُ موسى؟ قال: كانت عِبَراً كلُّها.
؛ العِبَرُ: جمعُ عِبْرة، و هي كالمَوْعِظة مما يَتّعِظُ به الإِنسان و يَعمَلُ به و يَعتبِر ليستدل به على غيره. و العِبْرة: الاعتبارُ بما مضى، و قيل: العِبْرة الاسم من الاعتبار. الفراء: العَبَرُ الاعتبار، قال: و العرب تقول اللهم اجْعَلْنا ممن يَعبَرُ الدنيا و لا يَعْبُرها أَي ممن يعتبر بها و لا يموت سريعاً حتى يُرْضيَك بالطاعة. و العَبورُ: الجذعة من الغنم أَو أَصغر؛ و عيَّنَ اللحياني ذلك الصِّغَرَ فقال: العبور من الغنم فوق الفَطيم من إناث الغنم، و قيل: هي أَيضاً التي لم تَجُز عامَها، و الجمع عبائر. و حكي عن اللحياني: لي نعجتان و ثلاث عبائرَ. و العَبِير: أَخْلاطٌ من الطيب تُجْمَع بالزعفران، و قيل: هو الزعفران وحده، و قيل: هو الزعفران عند أَهل الجاهلية؛ قال الأَعشى:
و تَبْرُدُ بَرْدَ رِداءِ العَروس،             في الصَّيْفِ، رَقْرَقْت فيه العَبيرا

و قال أَبو ذؤيب:
و سِرْب تَطَلَّى بالعَبير، كأَنه             دِماءُ ظباء بالنحور ذبيح‏

ابن الأَعرابي: العبيرُ الزعفرانة، و قيل: العبيرُ ضرْبٌ من الطيب. و
في الحديث: أَ تَعْجَزُ إِحْداكُنّ أَن تتخذ تُومَتينِ ثم تَلْطَخَهما بِعَبِيرٍ أَو زعفران؟.
و في هذا الحديث بيان أَن العبير غيرُ الزعفران؛ قال ابن الأَثير: العَبيرُ نوعٌ من الطيب ذو لَوْنٍ يُجْمع من أَخْلاطٍ. و العَبْرة: الدَّمْعة، و قيل: هو أَن يَنْهَمِل الدمع و لا يسمع البكاء، و قيل: هي الدمعة قبل أَن تَفيض، و قيل: هي تردُّد البكاء في الصدر، و قيل: هي الحزن بغير بكاء، و الصحيح الأَول؛ و منه قوله:

531
لسان العرب4

عبر ص 529

و إِنّ شِفائي عَبْرةٌ لو سَفَحْتُها
الأَصمعي: و من أَمثالهم في عناية الرجل بأَخيه و إِيثارِه إِياه على نفسه قولهم: لك ما أَبْكِي و لا عَبْرَةَ بي؛ يُضْرَب مثلًا للرجل يشتد اهتمامه بشأْن أَخيه، و يُرْوَى: و لا عَبْرَة لي، أَي أَبكي من أَجْلِك و لا حُزْن لي في خاصّة نفسي، و الجمع عَبَرات و عِبَر؛ الأَخيرة عن ابن جني. و عَبْرةُ الدمعِ: جرْيُه. و عَبَرَتْ عينُه و اسْتَعْبَرت: دمَعَتْ. و عَبَر عَبْراً و اسْتَعْبَر: جرَتْ عَبْرتُه و حزن. و حكى الأَزهري عن أَبي زيد: عَبِر الرجلُ يعبَرُ عَبَراً إِذا حزن. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه ذكَرَ النبي، صلى الله عليه و سلم، ثم اسْتَعْبَر فبكى.
؛ هو استفْعل من العَبْرة، و هي تحلُّب الدمع. و من دُعاء العرب على الإِنسان: ما له سَهِر و عَبِر. و امرأَة عابرٌ و عَبْرى و عَبِرةٌ: حزينة، و الجمع عَبارى؛ قال الحرث بن وعْلةَ الجَرْمي، و يقال هو لابن عابس الجرمي:
يقول لِيَ النَّهْديُّ: هل أَنتَ مُرْدِفي؟             و كيف ردافُ الفَرِّ؟ أُمُّك عابرُ

أَي ثاكل‏
يُذَكّرُني بالرُّحْمِ بيني و بينه،             و قد كان في نَهْدٍ و جَرْمٍ تدارُ

أَي تقاطع‏
نجوْت نجاءً لم يَرَ الناسُ مثلَه،             كأَني عُقابٌ عند تَيْمَنَ كاسِرُ

و النَّهْديّ: رجل من بني نَهْد يقال له سَلِيط، سأَل الحرث أَن يُرْدِفَه خَلْفه لينجُوَ به فأَبى أَن يُرْدِفَه، و أَدركت بنو سعد النَّهْدِيّ فقتلوه. و عينٌ عَبْرى أَي باكية. و رجل عَبرانُ و عَبِرٌ: حزِينٌ. و العُبْرُ: الثَّكْلى. و العُبْرُ: البكاء بالحُزْن؛ يقال: لأُمِّه العُبْرُ و العَبَرُ. و العَبِرُ و العَبْرانُ: الباكي. و العُبْر و العَبَر: سُخْنةُ العين من ذلك كأَنه يَبْكي لما به. و العَبَر، بالتحريك: سُخنة في العين تُبكيها. و رأَى فلان عُبْرَ عينه في ذلك الأَمر و أَراه عُبْرَ عينه أَي ما يبكيها أَو يُسْخِنها. و عَبَّر به: أَراه عُبْرَ عينه؛ قال ذو الرمة:
و مِنْ أَزْمَة حَصَّاءَ تَطْرَحُ أَهلَها             على مَلَقِيَّات يُعَبِّرْنَ بالغُفْر

و
في حديث أُمْ زرع: و عُبْر جارتِها.
أَي أَن ضَرَّتَها ترى من عِفَّتِها ما تَعْتَبِرُ به، و قيل: إِنها ترى من جَمالِها ما يُعَبِّرُ عينها أَي يُبكيها. و امرأَة مُسْتَعْبِرة و مُسْتَعْبَرَة: غير حظية؛ قال القُطامي:
لها روْضة في القلب لم تَرْعَ مِثْلَها             فَرُوكٌ، و لا المُسْتَعْبِرات الصَّلائف‏

و العُبْر، بالضم: الكثير من كل شي‏ء، و قد غلب على الجماعة من الناس. و العُبْر: جماعة القوم؛ هذلية عن كراع. و مجلس عِبْر و عَبْر: كثير الأَهل. و قوم عَبِير: كثير. و العُبْر: السحائب التي تسير سيراً شديداً. يقال: عَبَّرَ بفلان هذا الأَمرُ أَي اشتد عليه؛ و منه قول الهذلي:
ما أَنا و السَّيْرَ في مَتْلَفٍ،             يُعَبِّرُ بالذَّكَر الضَّابِط

و يقال: عَبَرَ فلان إِذا مات، فهو عابر، كأَنه عَبَرَ سبيلَ الحياة. و عبَرَ القومُ أَي ماتوا؛ قال الشاعر:
فإِنْ نَعْبُرْ فإِنَّ لنا لُمَاتٍ،             و إِنْ نَعْبُرْ فنحن على نُذُور

532
لسان العرب4

عبر ص 529

يقول: إِن متنا قلنا أَقرانٌ، و إِن بَقينا فنحن ننتظر ما لا بد منه كأَن لنا في إِتيانه نذراً. و قولهم: لغة عابِرَة أَي جائزة. و جارية مُعْبَرَة: لم تُخْفَض. و أَعبَر الشاة: وفَّر صوفها. و جمل مُعْبَر: كثير الوبَر كأَن وبره وُفِّر عليه و إِن لم يقولوا أَعْبَرْته؛ قال:
أَو مُعْبَرُ الظَّهْر يُنْبى عن وَلِيَّتِهِ،             ما حَجَّ رَبُّه في الدنيا و لا اعْتَمَرَا

و قال اللحياني: عَبَرَ الكَبشَ ترك صوفه عليه سنة. و أَكْبُشٌ عُبرٌ إِذا ترك صوفها عليها، و لا أَدري كيف هذا الجمع. الكسائي: أَعْبَرْت الغنم إِذا تركتها عاماً لا تُجزّها إِعْباراً. و قد أَعْبَرْت الشاة، فهي مُعْبَرَة. و المُعْبَر: التيس الذي ترك عليه شعره سنوات فلم يُجَزَّ؛ قال بشر بن أَبي خازم يصف كبشاً:
جَزيزُ القَفا شَبْعانُ يَرْبِضُ حَجْرة،             حديثُ الخِصَاء وارمُ العَفْل مُعْبَرُ

أَي غير مجزوز. و سهم مُعْبَرٌ و عَبِرٌ: مَوْفُور الريش كالمُعْبَر من الشاء و الإِبل. ابن الأَعرابي: العُبْرُ من الناس القُلْف، واحدهم عَبُورٌ. و غلام مُعْبَرٌ: كادَ يَحْتلم و لم يُخْتَن بَعْدُ؛ قال:
فَهْوَ يُلَوِّي باللِّحاءِ الأَقْشَرِ،             تَلْويَةَ الخاتِن زُبَّ المُعْبَرِ

و قيل: هو الذي لم يُخْتَن، قارَب الاحتلام أَو لم يُقارِب. قال الأَزهري: غلام مُعْبَرٌ إِذا كادَ يحتلم و لم يُخْتَن. و قالوا في الشتم: يا ابن المُعْبَرَة أَي العَفْلاء، و أَصله من ذلك. و العُبْرُ: العُقاب، و قد قيل: إِنه العُثْرُ، بالثاء، و سيذكر في موضعه. و بنات عِبْرٍ: الباطل؛ قال:
إِذا ما جِئْتَ جاء بناتُ عِبْرٍ،             و إِن ولَّيْتَ أَسْرَعْنَ الذَّهابا

و أَبو بناتِ عِبْرٍ: الكَذَّاب. و العُبَيْراءُ، ممدود: نبت؛ عن كراع حكاه مع الغُبَيْراء. و العَوْبَرُ: جِرْوُ الفَهْد؛ عن كراع أَيضاً. و العَبْرُ و بنو عَبْرَة، كلاهما: قبيلتان. و العُبْرُ: قبيلة. و عابَرُ بنُ أَرْفَخْشَذ بن سام بن نوح، عليه السلام. و العِبْرانية: لغة اليهود. و العِبْري، بالكسر: العِبْراني، لغة اليهود.
عبثر:
العَبَوْثَرانُ و العَبَيْثَرانُ: نبات كالقَيْصوم في الغُبْرة إِلا أَنه طَيِّب للأَكل، له قُضْبان دِقاق طيب الريح، و تفتح الثاء فيهما و تضم أَربع لغات. و قال الأَزهري: هو نبات ذَفِرُ الريح؛ و أَنشد:
يا رِيَّها إِذا بدا صُناني،             كأَنني جَاني عَبَيْثَرَانِ‏

قال الأَزهري: شبه ذَفَرَ صُنانه بذَفَر هذه الشجرة. و الذَّفَر: شدة ذكاء الرائحة، طيبة كانت أَو خبيثة، و أَما الدَّفَر، بالدال المهملة، فلا يكون إِلا للمنتن. و الواحدة عَبَوْثَرانة و عَبَيْثَرانة، فإِذا يبست ثمرتها عادت صفراء كَدْراء. و
في حديث قُسٍّ: ذاتُ حَوْذَان وَ عَبَيْثَران.
و هو نبت طيب الرائحة من نبات البادية. و يقال: عَبَوْثَران، بالواو و تفتح العين و تضم. و عَباثِرُ: موضع، و هو في أَنه جمع اسم للواحد كحَضَاجر؛ قال كُثَيِّر:
و مَرّ فأَرْوى يَنْبُعاً فَجُنُوبَه،             و قد جِيدَ منه حَيْدَةٌ فَعَباثِرُ

و عَبْثَرٌ: اسم. و وقع فلان في عَبَيْثَرانِ شَر

533
لسان العرب4

عبثر ص 533

و عَبَوْثَران شَرٍّ و عُبَيْثَرة شر إِذا وقع في أَمر شديد. قال: و العَبَيثرانُ شجرة طيبة الريح كثيرة الشوك لا يَكادُ يَتَخلص منها مَنْ شاكها، يضرب مثلًا لكل أَمر شديد.
عبجر:
العَبَنْجَر: الغليظ.
عبسر:
العُبْسور من النُّوق: السريعة. الأَزهري: العُبْسور الصلْبة.
عبقر:
عَبْقَر: موضع بالبادية كثير الجن. يقال في المثل: كأَنهم جِنُّ عَبْقَر؛ فأَما قول مَرَّار بن مُنْقِذٍ العَدَوي:
هل عَرَفْتَ الدارَ أَم أَنكرتَهَا             بَيْنَ تِبْراكٍ فَشَمَّيْ عَبَقُرْ؟

و في الصحاح:
... فَشَسَّيْ عَبَقُرْ
، فإِن أَبا عثمان ذهب إِلى أَنه أَراد عَبْقَر فغير الصيغة؛ و يقال: أَراد عبَيْقُر فحذف الياء، و هو واسع جدّاً؛ قال الأَزهري: كأَنه توهم تثقيل الراء و ذلك أَنه احتاج إِلى تحريك الباء لإِقامة الوزن، فلو ترك القاف على حالها مفتوحة لتحول البناء إِلى لفظ لم يجئ مثله، و هو عَبَقَر، لم يجئ على بنائه ممدود و لا مُثَقَّل، فلما ضم القاف توهم به بناء قَرَبوسٍ و نحوه و الشاعر يجوز له أَن يَقْصِر [يَقْصُر] قربوس في اضطرار الشعر فيقول قَرَبُس، و أَحسن ما يكون هذا البناء إِذا ذهب حرف المدّ منه أَن يثقل آخره لأَن التثقيل كالمد؛ قال الجوهري: إِنه لما احتاج إِلى تحريك الباء لإِقامة الوزن و تَوَهَّمَ تشديد الراء ضم القاف لئلا يخرج إِلى بناء لم يجئ مثله فأَلحقه ببناءٍ جاء في المَثَل، و هو قولهم هو أَبْردُ من عَبَقُرٍّ، و يقال: حَبَقُرٍّ كأَنهما كلمتان جُعِلَتا واحدة لأَن أَبا عمرو بن العلاء يرويه أَبرد من عَبِّ قُرٍ؛ قال: و العَبُّ اسم للبَرَد الذي ينزل من المُزْن، و هو حَبُّ الغَمام، فالعين مبدلة من الحاء. و القُرُّ: البَردُ؛ و أَنشد:
كأَنَّ فاها عَبُّ قُرٍ باردٌ،             أَو ريحُ مسك مَسَّه تَنْضاحُ رِكْ‏

و يروى:
كأَنَّ فاها عَبْقَرِيٌّ بارد
و الرِّكُّ: المطر الضعيف، و تَنْضاحُهُ: ترشُّشه. الأَزهري: يقال إِنه لأَبْرَدُ من عَبَقُرٍّ و أَبرد من حَبَقُرٍّ و أَبرد من عَضْرَسٍ؛ قال: و الحَبَقُرُّ و العَبَقُرُّ و العَضْرَسُ البَرَدُ. الأَزهري: قال المبرد عَبَقُرٌّ و العَبَقُرُّ البَرَد. الجوهري: العَبْقَرُ موضع تزعم العرب أَنه من أَرض الجن؛ قال لبيد:
و مَنْ فادَ من إِخوانِهِم و بَنِيهِمُ،             كُهُول و شُبَّان كجنَّةِ عَبْقَرِ
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السبيلِ عليهمُ             بَهيّاً من السُّلَّافِ، ليس بِجَيْدَر

أَي قصير؛ و منها:
أَقي العِرضَ بالمال التِّلادِ، و أَشْتَري             به الحمدَ، إِن الطالبَ الحمد مُشْتَري‏
و كم مُشْتَرٍ من ماله حُسْنَ صِيته             لِآبائِهِ في كلّ مَبْدًى و مَحْضَرِ

ثم نسبوا إِليه كل شي‏ء تعجبوا من حِذْقِهِ أَو جَوْدة صنعته و قوته فقالوا: عَبْقَرِيٌّ، و هو واحد و جمع، و الأُنثى عَبْقَرِيَّةٌ؛ يقال: ثياب عبقرية. قال ابن بري: قول الجوهري العَبْقرُ موضع صوابه أَن يقول عَبْقَرٌ بغير أَلف و لام لأَنه اسم علم لموضع؛ كما قال إمرؤ القيس:
كأَنّ صَليلَ المَرْوِ، حين تشدُّهُ،             صَليلُ زُيُوفٍ يُنْتَقَدْنَ بعَبْقَرا

534
لسان العرب4

عبقر ص 534

و كذلك قول ذي الرمة:
حتى كأَنَّ رِياض القُفِّ أَلْبَسَها،             من وشْيِ عَبْقَر، تَجْليلٌ و تَنْجِيدُ

قال ابن الأَثير: عَبْقَر قرية تسكنها الجن فيما زعموا، فكلَّما رأَوا شَيئاً فائقاً غريباً مما يصعب عملُه و يَدِقُّ أَو شيئاً عظيماً في نفسه نسبوه إِليها فقالوا: عَبْقَرِيٌّ، اتُّسِعَ فيه حتى سمي به السيّد و الكبير. و
في الحديث: أَنه كان يسجد على عَبْقَرِيٍّ.
؛ و هي هذه البُسُط التي فيها الأَصْباغ و النُّقوش، حتى قالوا ظُلْمٌ عبقريّ، و هذا عبقريُّ قوم للرجل القوي، ثم خاطبهم الله تعالى بما تعارَفوه: فقال عَبْقَرِيٍّ حِسانٍ‏
؛ و قرأَه بعضهم: عَباقِريّ، و قال: أَراد جمع عبقريّ، و هذا خطأٌ لأَن المنسوب لا يجمع على نسبته و لا سيما الرباعي، لا يُجْمَع الخَثْعَمِيُّ بالخَثاعِمِيّ و لا المُهَلَّبِيُّ بالمَهالِبِيّ، و لا يجوز ذلك إِلَّا أَن يكون نُسِب إِلى اسم على بناء الجماعة بعد تمام الاسم نحو شي‏ء تنسبه إِلى حَضاجِر فتقول حضاجِرِيّ، فينسب كذلك إِلى عباقِر فيقال عباقِرِيّ، و السراويلُ و نحو ذلك كذلك؛ قال الأَزهري: و هذا قول حُذَّاق النحويين الخليل و سيبويه و الكسائي؛ قال الأَزهري: و قال شمر قرئ عباقَريّ، بنصب القاف، و كأَنه منسوب إِلى عباقِر. قال الفراء: العَبْقَرِيّ الطنافِس الثخانُ، واحدتها عَبقريّة، و العَبْقَرِيّ الديباج؛ و منه‏
حديث عمر: أَنه كان يسجد على عَبْقَرِيّ. قيل: هو الديباج، و قيل: البسُط المَوْشِيّة، و قيل: الطنافس الثخان، و قال قتادة: هي الزَّرابيّ، و قال سعيد بن جبير: هي عِتاقُ الزرابي.
و قد قالوا عَباقِر ماء لبني فزارة؛ و أَنشد لابن عَنمة:
أَهْلي بِنَجْدٍ و رحْلي في بيوتكمُ،             على عباقِرَ من غَوْريّة العلَم‏

قال ابن سيدة: و العَبْقَرِيّ و العَباقري ضرب من البسط، الواحدة عَبْقَرِيّة. قال: و عَبْقَر قرية باليمن تُوَشَّى فيها الثياب و البسط، فثيابها أَجود الثياب فصارت مثلًا لكل منسوب إِلى شي‏ء رفيع، فكلما بالغوا في نعت شي‏ء مُتَناهٍ نسبوه إِليه، و قيل: إِنما يُنْسَب إِلى عَبْقَر الذي هو موضع الجن، و قال أَبو عبيد: ما وجدنا أَحداً يدري أَين هذه البلاد و لا متى كانت. و يقال: ظُلْمٌ عَبْقَرِيّ و مالٌ عَبْقَرِيّ و رجل عَبْقَرِيّ كامل. و
في الحديث: أَنه قصَّ رُؤيا رآها و ذكر عمرَ فيها فقال: فلم أَرَ عَبْقَرِيّاً يَفْرِي فَرِيَّه.
؛ قال الأَصمعي: سأَلت أَبا عمرو بن العلاء عن العَبْقَرِيّ، فقال: يقال هذا عَبْقَرِيُّ قومٍ، كقولك هذا سيدُ قوم و كبيرهم و شديدهم و قويُّهم و نحو ذلك. قال أَبو عبيد: و إِنما أَصل هذا فيما يقال أَنه نسب إِلى عَبْقَر، و هي أَرض يسكنها الجنُّ، فصارت مثلًا لكل منسوب إِلى شي‏ء رفيع؛ و قال زهير:
بِخَيْلٍ عليها جِنَّةٌ عَبْقَريةٌ،             جَديرون يوماً أَن يَنالوا فيَسْتَعْلُوا

و قال: أَصل العَبْقَرِيّ صفةٌ لكل ما بولغ في وصفه، و أَصله أَن عَبْقَرَ بلد يُوشَّى فيه البسُط و غيرُها، فنُسب كل شي‏ء جيّد إِلى عَبْقَر. و عَبْقَريُّ القومِ: سيدُهم، و قيل: العَبْقَريّ الذي ليس فوقه شي‏ء، و العَبْقَريّ: الشديد، و العَبْقَرِيُّ: السيد من الرجال، و هو الفاخر من الحيوان و الجوهر. قال ابن سيدة: و أَما عَبَقُرٌ فقيل أَصله عَبَيْقُرٌ، و قيل: عَبَقُور فحذفت الواو، و قال: و هو ذلك الموضع نفسه.

535
لسان العرب4

عبقر ص 534

و العَبْقَرُ و العَبْقَرةُ من النساء: المرأَة التارّة الجميلة؛ قال:
تَبَدَّلَ حِصْنٌ بأَزواجه             عِشاراً، و عَبقرةً عَبْقَرا

أَراد عَبْقَرَةً عَبْقَرَةً فأَبدل من الهاء أَلفاً للوصل، و عَبْقَر: من أَسماء النساء. و
في حديث عصام: عينُ الظَّبْية العَبْقَرةِ.
؛ يقال: جارية عَبْقَرةٌ أَي ناصِعَةُ اللون، و يجوز أَن تكون واحدةَ العَبْقَرِ، و هو النرْجِسُ تشبّه به العين. و العَبْقَرِيّ: البساطُ المُنَقّش. و العَبْقَرةُ: تَلأْلُؤُ السراب. و عَبْقَرَ السرابُ: تَلأْلأَ. و العَبَوْقَرة: اسم موضع؛ قال الهجري: هو جبل في طريق المدينة من السَّيالة قبل مَللٍ بميلين؛ قال كثير عزة:
أَ هاجَك بالعَبَوْقَرةِ الدِّيارُ؟             نَعَمْ منّا مَنازِلُها قِفارُ

و العَبْقَرِيّ: الكذب البحت. كَذِبٌ عَبْقَرِيٌّ و سُمَاقٌ أَي خالص لا يَشوبُه صِدْق. قال الليث: و العَبْقَرُ أَول ما ينبت من أُصول القصب و نحوه، و هو غضٌّ رَخْصٌ قبل أَن يظهر من الأَرض، الواحدة عَبْقَرة؛ قال العجاج:
كَعَبْقَراتِ الحائرِ المَسْحور

قال: و أَولادُ الدهاقِين يقال لهم عَبْقر، شبَّههمِ لتَرارتِهم و نَعْمتِهم بالعَبْقَر؛ هكذا رأَيت في نسخ التهذيب، و في الصحاح: عُنْقُرُ القَصَب أَصْلُه، بزيادة النون، و هذا يحتاج إِلى نظر، و الله أَعلم بالصواب.
عبهر:
العَبْهَرُ: الممتلئ شدّةً و غِلَظاً. و رجل عَبْهَرٌ: ممتلئ الجسم. و امرأَة عَبْهَرٌ و عَبْهَرة. و قَوْس عَبْهَر: ممتلئة العَجْس؛ قال أَبو كبير يصف قوساً:
و عُراضةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها،             تأْوِي طوائفُها بعَجْسٍ عَبْهَر

و العَبْهَرَةُ: الرقيقةُ البشرة الناصعةُ البياض، و قيل: هي التي جمعت الحُسْنَ و الجسم و الخُلُق، و قيل: هي الممتلئة، جارية عَبْهَرة؛ و أَنشد الأَزهري:
قامت تُرائِيكَ قَواماً عَبْهَرَا             منها، و وَجْهاً واضحاً و بَشَرَا،
لو يَدْرُج الذَّرُّ عليه أَثّرا

و العَبْهرة: الحسنة الخَلْق؛ قال الشاعر:
عَبْهَرَةُ الخَلْقِ لُبَاخِيَّةٌ،             تَزِينُهُ بالخُلُقِ الظَّاهِرِ

و قال:
من نِسْوةٍ بِيضِ الوُجوهِ،             نَواعِمٍ غِيدٍ عَباهِرْ

و العَبْهر و العُباهِر: العظيم، و قيلَ: هما الناعم الطويل من كل شي‏ء، و قال الأَزهري: من الرجال. و العَبْهر: الياسمينُ، سمي به لنَعْمتِه. و العَبْهَر: النَّرْجِسُ، و قيل: هو نبت، و لم يُحَلِّ. الجوهري: العَبْهَر بالفارسية بُسْتان أَفْرُوز.
عتر:
عتَرَ الرُّمْحُ و غيره يَعْتِر عَتْراً و عتَراناً: اشتدّ و اضطرب و اهتز؛ قال:
و كلّ خَطِّيٍّ إِذا هُزَّ عَتَرْ
و الرُّمْحُ العاترُ: المضطرب مثل العاسِل، و قد عَتَرَ و عَسَلَ و عَرَتَ و عَرَصَ. قال الأَزهري: قد صح عَتَر و عرتَ و دلَّ اختلافُ بنائها على أَن كل واحد منها غير الآخر. و عَتَر الذكَرُ يَعْتِر عَتْراً و عُتُوراً: اشتدّ إِنعاظُه و اهتز؛ قال:
تقول إِذْ أَعْجَبَها عُتُورُه‏
،

536
لسان العرب4

عتر ص 536

و غابَ في فقْرتِها جُذْمورُه:             أَسْتَقْدِرُ اللهَ و أَسْتَخِيرُه‏

و العُتُر: الفروجُ المُنْعِظة، واحدها عاتِرٌ و عَتُور. و العَتْر و العِتْر: الذَّكَر. و رجل مُعَتَّر: غليظٌ كثير اللحم. و العَتَّار: الرجل الشجاع، و الفرس القوي على السير، و من المواضع الوَحْش الخشن؛ قال المبرد: جاء فِعْوَل من الأَسماء خِرْوَع و عِتْوَر، و هو الوادي الخشن التربة. و العِتْر: العَتِيرة، و هي شاة كانوا يذبحونها في رجب لآلهتهم مثل ذِبح و ذَبِيحة. و عَتَرَ الشاةَ و الظبية و نحوهما يَعْتِرُها عَتْراً، و هي عَتِيرة: ذَبَحها. و العَتِيرةُ: أَول ما يُنْتَج كانوا يذبحونها لآلهتهم؛ فأَما قَوله:
فخرّ صَرِيعاً مثلَ عاتِرَة النُّسُكْ‏

فإِنه وضع فاعلًا موضع مفعول، و له نظائر، و قد يكون على النسب؛ قال الليث: و إنما هي مَعْتُورةٌ، و هي مثل عِيشَةٍ راضِيَةٍ* و إِنما هي مَرْضِيّة. و العِتْر: المذبوح. و العِتْر: ما عُتِرَ كالذِّبْح. و العِتْرُ: الصَنم يُعْتَرُ له؛ قال زهير:
فَزَلّ عنها و أَوْفى رأْس مَرْقَبَةٍ،             كناصِبِ العِتْر دَمَّى رأْسَه النُّسُكُ‏

و يروى: كمَنْصِب العِتْر؛ يريد كمنصب ذلك الصنم أَو الحجر الذي يُدَمَّى رأْسُه بدم العَتِيرة، و هذا الصنم كان يُقَرَّب له عِتْرٌ أَي ذِبْح فيذبح له و يُصيب رأْسه من دم العِتْر؛ و قول الحرث بن حِلِّزة يذكر قوماً أَخذوهم بذنب غيرهم:
عَنَناً باطلًا و ظُلْماً، كما تُعْتَرُ             عن حَجْرة الرَّبِيضِ الظِّبَاءُ

معناه أَن الرجل كان يقول في الجاهلية: إِن بَلَغَتْ إِبلي مائة عَتَرْت عنها عَتِيرةً، فإِذا بلغت مائةً ضَنَّ بالغنم فصاد ظبياً فذبحه؛ يقول فهذا الذي تَسَلُوننا اعتراضٌ و باطل و ظلم كما يُعْتَر الظبيُ عن رَبِيض الغنم. و قال الأَزهري في تفسير الليث: قوله كما تُعْتَر يعني العَتِيرة في رجب، و ذلك أَن العرب في الجاهلية كانت إِذا طلب أَحدُهم أَمراً نَذَرَ لئن ظَفِرَ به ليذبَحَنَّ من غنمه في رجب كذا و كذا، و هي العَتائر أَيضاً فإذا ظَفر به فربما ضاقت نفسُه عن ذلك و ضَنّ بغنمه، و هي الرَّبِيض، فيأْخذ عددَها ظباءً، فيذبحها في رجب مكان تلك الغنم، فكأَن تلك عتائرُه، فضرب هذا مثلًا، يقول: أَخَذْتمونا بذنبِ غيرِنا كما أُخِذَت الظباءُ مكانَ الغنم. و
في الحديث أَنه قال: لا فَرَعةَ و لا عَتِيرَة.
؛ قال أَبو عبيد: العَتِيرة هي الرَّجَبِيَّة، و هي ذبيحة كانت تُذْبَح في رجب يتَقَرَّب بها أَهلُ الجاهلية ثم جاء الإِسلام فكان على ذلك حتى نُسخَ بعد؛ قال: و الدليل على ذلك‏
حديث مخنف بن سُلَيم قال: سمعت رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، يقول إِنّ على كل مسلم في كل عام أَضْحاةً و عَتِيرَةً.
؛ قال أَبو عبيد: الحديث الأَول أَصح، يقال منه: عَتَرْت أَعْتِرُ عَتْراً، بالفتح، إِذا ذَبح العَتِيرة؛ يقال: هذه أَيام تَرْجِيبٍ و تَعْتارٍ. قال الخطابي: العَتيرةُ في الحديث شاة تُذْبَح في رجب، و هذا هو الذي يُشْبِه معنى الحديث و يَلِيق بحكم الدِّين، و أَما العَتِيرة التي كانت تَعْتِرُها الجاهلية فهي الذبيحة التي كانت تُذْبَح للأَصنام و يُصَبُّ دَمُها على رأْسها. و عِتْرُ الشي‏ء: نصابُه، و عِتْرةُ المِسْحاة: نِصابُها، و قيل: هي الخشبة المعترضة فيه يعتمد عليها الحافِرُ برجله، و قيل: عِتْرتُها خشبتُها التي تسمى يَدَ المِسْحاة.

537
لسان العرب4

عتر ص 536

و عِتْرةُ الرجل: أَقْرِباؤه من ولدٍ و غيرهِ، و قيل: هم قومُهُ دِنْياً، و قيل: هم رهطه و عشيرته الأَدْنَون مَنْ مَضى منهم و مَن غَبَر؛ و منه‏
قول أَبي بكر، رضي الله عنه: نحن عِتْرةُ رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، التي خرج منها و بَيْضَتُه التي تَفَقَّأَتْ عنه، و إِنما جِيبَت العرَبُ عنّا كما جِيَبت الرحى عن قُطْبها.
؛ قال ابن الأَثير: لأَنهم من قريش؛ و العامة تَظُنُّ أَنها ولدُ الرجل خاصة و أَن عترة رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، ولدُ فاطمة، رضي الله عنها؛ هذا قول ابن سيدة، و قال الأَزهري، رحمه الله، و
في حديث زيد بن ثابت قال: قال رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، إِني تارك فيكم الثَّقَلَينِ خَلْفي: كتابَ الله و عتْرتي فإِنهما لن يتفرّقا حتى يَرِدا عليّ الحوض.
؛ و قال: قال محمد بن إِسحق و هذا حديث صحيح و رفعَه نحوَه زيدُ بن أَرقم و أَبو سعيد الخدري، و
في بعضها: إِنِّي تاركٌ فيكم الثَّقَليْن: كتابَ الله و عِتْرَتي أَهلَ بيتي.
فجعل العترة أَهلَ البيت. و قال أَبو عبيد و غيره: عِتْرةُ الرجل و أُسْرَتُه و فَصِيلتُه رهطه الأَدْنَون. ابن الأَثير: عِتْرةُ الرجل أَخَصُّ أَقارِبه. و قال ابن الأَعرابي: العِتْرة ولدُ الرجل و ذريته و عَقِبُه من صُلْبه، قال: فعِتْرةُ النبي، صلى الله عليه و سلم، ولدُ فاطمة البَتُول، عليها السلام. و روي عن أَبي سعيد قال: العِتْرةُ ساقُ الشجرة، قال: و عِتْرةُ النبي، صلى الله عليه و سلم، عبدُ المطلب و ولده، و قيل: عِتْرتُه أَهل بيته الأَقربون و هم أَولاده و عليٌّ و أَولاده، و قيل: عِتْرتُه الأَقربون و الأَبعدون منهم، و قيل: عِتْرةُ الرجل أَقرباؤُه من ولد عمه دِنْياً؛ و منه‏
حديث أَبي بكر، رضي الله عنه، قال للنبي، صلى الله عليه و سلم، حين شاوَرَ أَصحابَه في أَسَارَى بدر: عتْرتُك و قَوْمُك.
؛ أَراد بِعِتْرتِه العباسَ و من كان فيهم من بني هاشم، و بقومه قُرَيشاً. و المشهور المعروف أَن عتْرتَه أَهلُ بيته، و هم الذين حُرّمَت عليهم الزكاة و الصدقة المفروضة، و هم ذوو القربى الذين لهم خُمُسُ الخُمُسِ المذكور في سورة الأَنفال. و العِتْرُ، بالكسر: الأَصل، و في المثل: عادَتْ إِلى عِتْرِها لَمِيس أَي رجعت إِلى أَصلها؛ يُضْرَب لمن رجع إِلى خُلُق كان قد تركه. و عِتْرة الثغر: دِقَّةٌ في غُروبِه و نقاءٌ و ماءٌ يجري عليه. يقال: إِن ثغرها لذو أُشْرة و عِتْرةٍ. و العِتْرةُ: الرِّيقةُ العذبة. و عِتْرةُ الأَسنان: أُشَرُها. و العِتْرُ: بَقْلَةٌ إِذا طالت قطع أَصلها فخرج منه اللَّبن؛ قال البُرَيْق الهذلي:
فما كنتُ أَخْشَى أَن أُقِيمَ خِلافَهم،             لِستّة أَبياتٍ، كما نَبَتَ العِتْرُ

يقول: هذه الأَبيات متفرقة مع قلتها كتفرق العِتْر في مَنْبِته، و قال: لستة أَبيات كما نبت، لأَنه إِذا قُطع نبتَ من حواليه شُعَبٌ ست أَو ثلاث؛ و قال ابن الأَعرابي: هو نبات متفرق، قال: و إِنما بَكَى قومَه فقال: ما كنت أَخشى أَن يموتوا و أَبقى بين ستة أَبيات مثل نبت العِتْر؛ قال غيره: هذا الشاعرُ لم يَبْكِ قوماً ماتُوا كما قال ابن الأَعرابي، و إِنما هاجروا إِلى الشام في أَيام معاوية فاستأْجرهم لقتال الروم، فإِنما بَكَى قوماً غُيَّباً متباعدين؛ أَ لا ترى أَن قبل هذا:
فإِن أَكُ شيخاً بالرَّجِيع و صِبْية،             و يُصْبِحُ قومِي دُونَ دارِهمُ مِصْر
 فما كنت أَخشى ......

و العِتْر إِنما ينبت منه ست من هنا و ست من هنالك لا

538
لسان العرب4

عتر ص 536

يجتمع منه أَكثر من ست فشبّه نفسَه في بقائه مع ستة أَبيات مع أَهله بنبات العِتْر و قيل: العِتْر الغَضّ، واحدته عِتْرة، و قيل: العِتْرُ بقلةٌ، و هي شجرة صغيرة في جِرْم العرفج شاكةٌ كثيرة اللبَن، و منَبْتُها نجدٌ و تهامة، و هي غُبَيراء فَطحاء الورق كأَن ورقها الدراهمُ، تنبت فيها جِراءٌ صغارٌ أَصغر من جِراء القطن، تؤكل جراؤها ما دامت غَضَّةً؛ و قيل: العِتْر ضرب من النبت، و قيل: العِتْر شجر صِغَار، واحدتها عِتْرةٌ، و قيل: العِتْر نبت ينبت مثل المَرْزَنْجوش متفرقاً، فإِذا طال و قُطِعَ أَصله خرج منه شَبِيهُ اللبن، و قيل: هو المَرْزَنْجوش، قيل: إِنه يُتَداوَى به؛ و
في حديث عطاء: لا بأْس للمُحْرِم أَن يَتَداوى بالسَّنا و العِتْر.
؛ و
في الحديث: أَنه أُهْدِي إِليه عتْرٌ فَسُرَّ بهذا النبت.
؛ و
في الحديث: يُفْلغُ رأْسي كما تُفْلغُ العِتْرةُ.
؛ هي واحدة العِتْرُ؛ و قيل: هو شجرة العرفج؛ قال أَبو حنيفة: العِتْرُ شجر صغار له جِرَاء نحو جِراء الخَشْخَاش، و هو المَرزَنجوش. قال: و قال أَعرابي من ربيعة: العِتْرةُ شُجَيرة تَرْتفعُ ذراعاً ذات أَغصان كثيرة و ورق أَخضر مُدَوّر كورق التَّنُّوم، و العِتْرة: قثَّاء اللَّصَف، و هو الكَبَر، و العِتْرة: شجرة تنبت عند وِجَارِ الضّب فهو يُمَرّسُها فلا تَنْمِي، و يقال: هو أَذلُّ من عِتْرة الضّب. و العِتْر المُمَسَّكُ: قلائدُ يُعْجَنَّ بالمسك و الأَفاويهِ، على التشبيه بذلك. و العِتْرةُ و العِتْوارةُ: القطعة من المسك. و عِتْوَارة و عُتْوارة؛ الضمُّ عن سيبويه: حَيٌّ من كنانة؛ و أَنشد:
مِن حَيّ عِتْوارٍ و مَنْ تَعَتْوَرا
قال المبرد: العَتْوَرةُ الشدة في الحرب، و بنو عِتْوارة سميت بهذا لقوتها في جميع الحيوان، و كانوا أُولِي صبر و خُشونةٍ في الحرب. و عِتْر: قبيلة. و عاتِرُ: اسم امرأَة. و مِعْتَر و عُتَير: اسمان. و في الحديث ذكرُ العِتْر، و هو جبل بالمدينة من جهة القِبْلة.
عثر:
عَثَر يعثِرُ و يَعْثُرُ عَثْراً و عِثَاراً و تَعَثَّرَ: كَبا؛ و أَرى اللحياني حكى عَثِرَ في ثوبه يعْثَرُ عِثَاراً و عَثُر و أَعْثَره و عَثَّره؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
فخرجْتُ أُعْثَرُ في مَقادِم جَبَّتِي،             لو لا الحَياءُ أَطَرْتُها إِحْضارا

هكذا أَنشده أُعْثَر على صيغة ما لم يسم فاعله. قال: و يروى أَعْثُر، و العَثْرةُ: الزلَّةُ، و يقال: عَثَرَ به فرسُهُ فسقط، و تَعَثّر لِسانُه: تَلَعْثَم. و
في الحديث: لا حَلِيم إِلَّا ذُو عَثْرةٍ.
؛ أَي لا يحصل له الحِلم و يوصف به حتى يركب الأُمور و تَنْخَرِقَ عليه و يَعْثُر فيها فيعتبر بها و يَسْتَبين مواضع الخطإِ فيجتنبها، و يدل عليه‏
قوله بعده: و لا حليمَ إِلَّا ذو تَجْرِبة.
و العَثْرة: المرة من العِثار في المشي. و
في الحديث: لا تَبْدَأْهم بالعَثْرة.
؛ أَي بالجهاد و الحرب لأَن الحرب كثيرةُ العِثَار، فسماها بالعَثْرة نفسِها أَو على حذف المضاف، أَي بذي العَثْرة، يعني: ادْعُهم إِلى الإِسلام أَوّلًا أَو الجزْيةِ، فإِن لم يُجيبُوا فبالجهاد. و عَثَرَ جَدُّه يَعْثُر و يَعْثِر: تَعِسَ، على المثل. و أَعْثَره الله: أَتْعَسَه، قال الأَزهري: عَثرَ الرجل يَعْثُرُ عَثْرَةً و عَثَر الفرس عِثَاراً، قال: و عُيوب الدواب تجي‏ء على فِعَال مثل العِضَاضِ و العِثَار و الخِرَاط و الضِّرَاح و الرِّمَاح و ما شاكلها. و يقال: لقيت منه عاثوراً أَي شدة. و العِثَارُ و العاثورُ: ما عُثِر به. و وقعوا في عاثورِ شرٍّ أَي في اختلاط من شرٍّ و شدة، على المثل أَيضاً. و العاثورُ:

539
لسان العرب4

عثر ص 539

ما أَعدّه ليُوقع فيه آخرَ. و العاثُور من الأَرضين: المَهْلَكة؛ قال ذو الرمة:
 و مَرْهوبةِ العاثورِ تَرْمي بِرَكْبِها             إِلى مِثْله، حَرْف بَعِيد مَناهِلُه‏

و قال العجاج:
و بَلْدَةَ كَثيرَة العَاثُورِ
يعني المَتَالفَ، و يروى:
... مَرْهُوبة العاثُور

، و هذا البيت نسبه الجوهري لرؤبة؛ قال ابن بري: هو للعجاج، و أَول القصيدة:
جَاريَ لا تَسْتَنكِرِي عَذِيرِي‏

و بعده:
زَوْرَاء تَمْطُو في بلادٍ زُورِ

و الزَّوْرَاءُ: الطريق المُعْوَجّة، و ذهب يعقوب إِلى أَن الفاء في عَافُور بدل من الثاء في عَاثُور، و للذي ذهب إِليه وجه، قال: إِلَّا أَنَّا إِذا وجدنا للفاء وجهاً نحملها فيه على أَنه أَصل لم يجز الحكم بكونها بدلًا فيه إِلَّا على قُبْحٍ و ضَعْفِ تجويزٍ و ذلك أَنه يجوز أَن يكون قولهم وقعوا في عَافُور. فَاعُولًا من العَفْر، لأَن العفر من الشدة أَيضاً، و لذلك قالوا عِفْرِيتٌ لشدته. و العَاثُورُ: حفرة تحفر للأَسد ليقع فيها للصيد أَو غيره. و العَاثُورُ: البئر، و ربما وصف به؛ قال بعض الحجازيين:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي، هل أَبِيتَنَّ ليلةً،             و ذكْرُكِ لا يَسْرِي إِليَّ كَما يَسْرِي؟
و هل يَدَعُ الوَاشونَ إِفْسَادَ بَيْنِنَا،             و حَفْرَ الثَّأَى العَاثُورِ من حَيْثُ لا نَدْرِي؟

و في الصحاح: و حَفْراً لَنَا العَاثُورَ؛ قال ابن سيدة: يكون صفة و يكون بدلًا. الأَزهري: يقول هل أَسْلُو عنك حتى لا أَذكرك لَيْلًا إِذا خَلَوْتُ و أَسْلَمْتُ لما بي؟ و العَاثُورُ ضربه مَثَلًا لما يوقعه فيه الواشِي من الشر؛ و أَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
فَهَلْ تَفْعَلُ الأَعداءُ إِلَّا كَفِعْلِهِمْ،             هَوَان السَّرَاة و ابتغَاء العَواثِرِ؟

فقد يكون جمع عَاثُورٍ و حذف الياء للضرورة، و يكون جمع خَدٍّ عَاثر. و العَثْرُ: الإِطلاع على سِرّ الرجل. و عَثَر على الأَمر يَعْثُرُ عَثْراً و عُثُوراً: اطّلع. و أَعْثَرْتُه عليه: أَطلعته. و في التنزيل العزيز: وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ‏
؛ أَي أَعْثَرْنَا عليهم غيرَهم، فحذف المفعول؛ و قال تعالى: فَإِنْ عُثِرَ عَلى‏ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
؛ معناه فإِن اطّلعَ على أَنهما قد خانا. و قال الليث: عَثَرَ الرجلُ يَعْثُرُ عُثُوراً إِذا هجم على أَمر لم يَهْجِمْ عليه غيره. و عَثَرَ العِرْقُ، بتخفيف الثاء: ضَرَب؛ عن اللحياني. و العِثْيَرُ، بتسكين الثاء، و العِثْيَرَةُ: العَجَاجُ الساطع؛ قال:
تَرَى لهم حَوْلَ الصِّقَعْلِ عِثْيرَه‏

يعني الغبار، و العِثْيَرَاتُ: التراب؛ حكاه سيبويه. و لا تقل في العِثْيَر التراب عَثْيَراً لأَنه ليس في الكلام فَعْيَل، بفتح الفاء، إِلَّا ضَهْيَد، و هو مصنوع، معناه الصُّلْب الشديد. و العَيْثَر: كالعِثْيَر، و قيل: هو كلُّ ما قَلَبْتَ من تراب أَو مَدَرٍ أَو طين بأَطراف أَصابع رجليك، إِذا مشيت لا يُرَى من القدم أَثر غيره، فيقال: ما رأَيت له أَثَراً و لا عَيْثَراً. و العَيْثَرُ و العَثْيَرُ: الأَثر الخفي، مثال الغَيْهَب. و في المثل: ما له أَثَرٌ و لا عَثْيَرٌ، و يقال: ... و لا عَيْثَرٌ، مثال فَيْعَلٍ، أَي لا يعرف رَاجِلًا فيتبين أَثره و لا فارساً فيُثِيرُ الغبارَ فَرَسُهُ، و قيل: العَيْثَر أَخفى‏

540
لسان العرب4

عثر ص 539

من الأَثر. و عَيْثَرَ الطيرَ: رآها جارية فزجرها؛ قال المغيرة بن حَبْنَاء التميمي:
لَعَمْرُ أَبيك يا صَخْرُ بنَ لَيْلى،             لقد عَيْثَرْتَ طَيركَ لو تَعِيفُ‏

يريد: لقد أَبصرتَ و عاينتَ. و روى الأَصمعي عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه قال: بُنِيَتْ سَلْحُون مدينة باليمن في ثمانين أَو سبعين سنة، و بُنِيَتْ بَرَاقش و مَعِين بغسالة أَيديهم، فلا يرى لسَلْحِين أَثر و لا عَيْثَرٌ، و هاتان قائمتان؛ و أَنشد قول عمرو بن معديكرب:
دَعانا مِنْ بَراقِشَ أَو مَعينٍ،             فَأَسْمَعَ و اتْلأَبَّ بِنَا مَلِيعُ‏

و مَليعٌ: اسم طريق. و قال الأَصمعي: العَيْثَرُ تبع لأَثَرٍ. و يقال: العَيْثَرُ عين الشي‏ء و شخصه في قوله: ما له أَثَرٌ و لا عَيْثر. و يقال: كانت بين القوم عَيْثَرَةٌ و غَيْثَرَةٌ و كأَن العَيْثَرة دون الغَيْثرةِ. و تركت القوم في عَيْثرَةٍ و غَيْثرةٍ أَي في قتال دون قتال. و العُثْر: العُقَاب؛ و قد ورد
في حديث الزكاة: ما كان بَعْلًا أَو عَثَريّاً ففيه العُشْر.
؛ قال ابن الأَثير: هو من النخل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة، و قيل: هو العِذْي [العَذْي‏]، و قيل: ما يُسْقَى سَيْحاً، و الأَول أَشهر، قال الأَزهري: و العَثْرُ و العَثَرِيّ العِذْيُ، و هو ما سقته السماء من النخل، و قيل: هو من الزرع ما سقي بماء السيل و المطر و أُجري إِليه الماء من المَسَايل و حُفر له عاثور أي أَتِيٌّ يجري فيه الماء إِليه، و جمع العاثور عَواثير؛ و قال ابن الأَعرابي: هو العَثَّرِي، بتشديد الثاء، و ردَّ ذلك ثعلب فقال: إِنما هو بتخفيفها، و هو الصواب؛ قال الأَزهري: و من هذا يقال فلان وقع في عَاثورِ شرٍّ و عَافور شر إِذا وقع في وَرْطة لم يحتسبها و لا شعرَ بها، و أَصله الرجل يمشي في ظلمة الليل فيَتَعَثَّر بِعاثور المَسِيل أَو في خَدٍّ خَدَّه سيلُ المطر فربما أَصابه منه وَث‏ءٌ أَو عَنَتٌ أَو كَسْر. و
في الحديث: إِن قريشاً أَهل أَمانة مَنْ بَغاها العَوَاثيرَ كبَّه الله لمُنْخُرَيْه، و يروى: العَواثر.
أَي بغى لها المكايد التي يُعْثَر بها كالعاثور الذي يَخُدُّ في الأَرض فَيَتَعَثَّر به الإِنسان إِذا مَرَّ ليلًا و هو لا يشعر به فربما أَعْنَتَهُ. و العَواثِر: جمع عاثور، و هو المكان الوعْث الخَشِن لأَنه يُعْثَر فيه، و قيل: هو الحفرة التي تُحْفَر للأَسد، و استعير هنا للوَرْطة و الخُطَّة المُهْلِكة. قال ابن الأَثير: و أَما عَواثِر فهي جمع عاثِرٍ، و هي حِبالَة الصائد، أَو جمع عاثرة، و هي الحادثة التي تَعْثُر بصاحبها، من قولهم: عَثَر بهم الزمانُ إِذا أَخْنَى عليهم. و العُثْر و العَثَر: الكذب؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي: وَ عثَرَ عَثْراً: كَذَب؛ عن كراع. يقال: فلان في العَثْر و البائن؛ يريد في الحق و الباطل. و العَاثِر: الكَذّاب. و العَثَرِيّ: الذي لا يَجِدّ في طلب دنيا و لا آخرة، و قال ابن الأَعرابي: هو العَثَّرِيُّ على لفظ ما تقدم عنه. و
في الحديث: أَبغض الناس إِلى الله تعالى العَثَرِيّ.
؛ قيل: هو الذي ليس في أَمر الدنيا و لا في أَمر الآخرة. يقال: جاء فلان عَثَرِيًّا إِذا جاء فارغاً، و جاء عَثَّريًّا أَيضاً، بشد الثاء، و قيل: هو من عَثَرِيّ النخل، سمي به لأَنه لا يحتاج في سقيه إِلى تعب بدالِيَة و غيرها، كأَنه عَثَر على الماء عَثْراً بلا عمل من صاحبه، فكأَنه نسب إِلى العَثْر، و حركةُ الثاء من تغييرات النسب. و قال مرة: جاء رائِقاً عَثَّرِيًّا أَي فارغاً دون شي‏ء. قال أَبو العباس:

541
لسان العرب4

عثر ص 539

و هو غير العَثَرِي الذي جاء في الحديث مخففَ الثاء، و هذا مشدد الثاء. و
في الحديث: أَنه مَرَّ بأَرض تسمى عَثِرةً فسماها خَضِرةً.
؛ العَثِرةُ من العِثْيَرِ، و هو الغُبار، و الياء زائدة، و المراد بها الصعيد الذي لا نبات فيه. و ورد
في الحديث: هي أَرض عِثْيَرةٌ.
و عَثَّر: موضع باليمن، و قيل: هي أَرض مَأْسَدَةٌ بناحية تَبَالَةَ على فَعَّل، و لا نظير لها إِلَّا خَضَّمٌ و بَقَّمٌ و بَذَّرٌ؛ و في قصيد كعب بن زهير:
من خادِرٍ من لُيُوثِ الأُسْدِ، مَسْكَنُهُ             بِبَطْنِ عَثَّرَ، غِيلٌ دونَه غِيلُ‏

و قال زهير بن أَبي سُلْمى:
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصطادُ الرجالَ، إِذا             ما الليثُ كَذّبَ عن أَقرانه صَدَقا

و عَثْر، مخففة: بلد باليمن؛ و أَنشد الأَزهري في آخر هذه الترجمة للأَعشى:
فبَاتَتْ، و قد أَوْرَثَتْ في الفُؤاد             صَدْعاً يُخَالِط عَثَّارَها «4».

عجر:
العَجَر، بالتحريك: الحَجْم و النُّتُوُّ. يقال: رجل أَعْجَرُ بَيِّن العَجَر أَي عظيم البطن. و عَجِر الرجلُ، بالكسر، يعْجَر عَجَراً أَي غلُظ و سَمِن. و تَعَجَّر بطنُه: تَعَكَّنَ. و عَجِر عَجَراً: ضَخُم بطنُه. و العُجْرةُ: موضع العَجَر.
و روي عن عليّ، كرَّم الله وجهه، أَنه طاف ليلةَ وقعةِ الجمل على القَتْلى مع مَوْلاه قَنْبَرٍ فوقف على طلحةَ بن عبيد الله، و هو صَريع، فبكى ثم قال: عز عليّ أَبا محمد أَن أَراك مُعَفَّراً تحت نجوم السماء؛ إِلى الله أَشكو عُجَرِي و بُجَرِي.
قال محمد بن يزيد: معناه همومي و أَحزاني، و قيل: ما أُبْدِي و أُخْفِي، و كله على المَثَل. قال أَبو عبيد: و يقال أَفضيت إِليه بعُجَرِي و بُجَرِي أَي أَطلعتُه من ثِقتي به على مَعَايِبي. و العرب تقول: إِن من الناس من أُحَدِّثه بعُجَرِي و بُجَري أَي أُحدثه بمَساوِيَّ، يقال هذا في إِفشاء السر. قال: و أَصل العُجَر العُرُوق المتعقدة في الجسد، و البُجَر العروق المتعقدة في البطن خاصة. و قال الأَصمعي: العُجْرَة الشي‏ء يجتمع في الجسد كالسِّلعة، و البُجْرة نحوها، فيراد: أَخْبرته بكل شي‏ء عندي لم أَستر عنه شيئاً من أَمري. و
في حديث أُم زرع: إِن أَذكُرْه أَذكُرْ عُجَرَهُ و بُجَرَه.
؛ المعنى إِنْ أَذكُرْه أَذكر مَعايِبَه التي لا يعرفها إِلَّا مَن خَبَرَه؛ قال ابن الأَثير: العُجَر جمع عُجْرة، هو الشي‏ء يجتمع في الجسد كالسِّلعة و العُقْدة، و قيل: هو خَرَز الظهر، قال: أَرادت ظاهرَ أَمره و باطنَه و ما يُظْهِرُه و يُخفيه. و العُجْرَة: نَفْخَة في الظهر، فإِذا كانت في السرة فهي بُجْرة، ثم يُنْقَلانِ إِلى الهموم و الأَحزان. قال أَبو العباس: العُجَر في الظهر و البُجر في البطن. و عَجَرَ الفرسُ يَعْجِرُ إِذا مدَّ ذنبه نحو عَجُزِه في العَدْو؛ و قال أَبو زيد:
و هَبَّتْ مَطاياهُمْ، فَمِنْ بَيْنِ عاتبٍ،             و مِنْ بَيْنِ مُودٍ بالبَسِيطَةِ يَعْجِرُ

أَي هالك قد مَدَّ ذنبه. و عَجَر الفرسُ يَعْجِرُ عَجْراً و عَجَرَاناً و عاجَرَ إِذا مَرَّ مَرّاً سريعاً من خوف و نحوه. و يقال: فرس عاجِر، و هو الذي يَعْجِر برجليه كقِماص الحِمار، و المصدر العَجَران؛ و عَجَرَ الحمارُ يَعْجِر عَجْراً: قَمصَ؛ و أَما قول‏
__________________________________________________
 (4). قوله: [يخالط عثارها] العثار ككتان: قرحة لا تجف، و قيل: عثارها هو الأَعشى عثر بها فابتلى و تزود منها صدعاً في الفؤاد، أَفاده شارح القاموس.

542
لسان العرب4

عجر ص 542

تميم بن مقبل:
أَما الأَداةُ ففِينا ضُمَّرٌ صُنُعٌ،             جُرْدٌ عَواجِرُ بالأَلْبادِ و اللُّجُمِ‏

فإِنها رويت بالحاء و الجيم في اللجم، و معناه عليها أَلبادها و لحمُها، يصفها بالسِّمَن و هي رافعةٌ أَذنابها من نشاطها. و يقال: عَجَرَ الرِّيقُ على أَنيابه إِذا عَصَبَ به و لزِقَ كما يَعْجِرُ الرجل بثوبه على رأْسه؛ قال مُزَرِّد بن ضرار أَخو الشماخ:
إِذ لا يزال يابِساً لُعابُه             بالطَّلَوَان، عاجراً أَنْيابُه‏

و العَجَرُ: القوة مع عِظَم الجسد. و الفحل الأَعْجَرُ: الضَّخْم. و عَجِرَ الفرسُ: صلُب لحمُه. و وظيف عَجِرٌ و عَجُرٌ، بكسر الجيم و ضمها: صلب شديد، و كذلك الحافر؛ قال المرار:
سَلِط السُّنْبُكِ ذي رُسْغٍ عَجِرْ
و الأَعْجَر: كل شي‏ء ترى فيه عُقَداً. و كِيسٌ أَعْجَر و هِمْيان أَعْجَر: و هو الممتلئ. و بَطْنٌ أَعْجرُ: مَلآن، و جمعه عُجْر؛ قال عنترة:
أَ بَنِي زَبِيبةَ، ما لِمُهْرِكُمُ             مُتَخَدِّداً، و بُطونكُمْ عُجْر؟

و العُجْرة، بالضم: كل عقدة في الخشبة، و قيل: العُجْرة العقدة في الخشبة و نحوها أَو في عروق الجسد. و الخَلَنْج في وشْبِه عُجَر، و السيف في فِرِنْدِه عُجَر؛ و قال أَبو زبيد:
فأَوَّلُ مَنْ لاقَى يجُول بسَيْفهِ             عَظِيم الحواشي قد شَتا، و هو أَعْجَرُ

الأَعْجَر: الكثير العُجَر. و سيف ذو مَعْجَرٍ: في مَتْنِه كالتعقيد. و العَجِير: الذي لا يأْتي النساء، يقال له عَجِير و عِجِّير، و قد رويت بالزاي أَيضاً. ابن الأَعرابي: العَجِير، بالراء غير معجمة، و القَحُول و الحَرِيك و الضعيف و الحَصُور العِنِّين، و العَجِير العِنِّين من الرجال و الخيل. الفراء: الأَعْجَر الأَحْدَب، و هو الأَفْزَرُ و الأَفْرَصُ و الأَفْرَسُ و الأَدَنّ و الأَثْبَج. و العَجّارُ: الذي يأْكل العَجاجِير، و هي كُتَلُ العجين تُلقى على النار ثم تؤكل. ابن الأَعرابي: إِذا قُطِّع العَجين كُتَلًا على الخِوَان قبل أَن يبسط فهو المُشَنَّق. و العَجاجِيرُ و العَجّارُ: الصِّرِّيعُ الذي لا يُطاق جنبُه في الصِّراع المُشَغْزب لِصَريعه. و العَجْرُ: لَيُّك عنق الرجل. و في نوادر الأَعراب: عَجَر عنقه إِلى كذا و كذا يَعْجِره إِذا كان على وجه فأَراد أَن يرجع عنه إِلى شي‏ء خلفه، و هو منهيّ عنه، أَو أَمَرْته بالشي‏ء فَعَجَر عنقه و لم يرد أَن يذهب إِليه لأَمرك. و عَجَر عنقَه يَعْجِرها عَجْراً: ثناها. وَ عَجَر به بَعِيرُه عَجَراناً: كأَنه أَراد أَن يركب به وجهاً فرجع به قِبَل أُلَّافِه و أَهِله مثل عكَر به؛ و قال أَبو سعيد في قول الشاعر:
فلو كُنتَ سيفاً كان أَثْرُكَ عُجْرَةً،             و كنت دَداناً لا يُؤَيِّسُه الصَّقْل‏

يقول: لو كنتَ سيفاً كنت كَهاماً بمنزلة عُجْرَةِ التِّكَّة. كَهاماً: لا يقطع شيئاً. قال شمر: يقال عَجَرْت عليه و حَظَرْت عليه و حَجَرْت عليه بمعنى واحد. و عَجَر عليه بالسيف أَي شدّ عليه. و عُجِرَ على الرجل: أُلِحَّ عليه في أَخذ ماله. و رجل مَعْجورٌ عليه: كَثُر سؤاله حتى قلَّ، كمَثْمودٍ. الفراء: جاء فلان بالعُجرِ و البُجَرِ أَي جاء بالكذب، و قيل: هو الأَمر العظيم. و جاء بالعَجارِيّ و البَجاريّ، و هي‏

543
لسان العرب4

عجر ص 542

الدواهي. و عَجَرَه بالعصا و بَجَرَه إِذا ضَرَبه بها فانتفخ موضع الضرب منه. و العَجارِيُّ: رؤوس العظام؛ و قال رؤبة:
و مِنْ عَجارِيهنَّ كلَّ جِنْجِن‏
فخفف ياءَ العَجارِي، و هي مشددة. و المِعْجَر و العِجارُ: ثوب تَلُفُّه المرأَة على استدارة رأْسها ثم تَجَلْبَبُ فوقه بجلِبابِها، و الجمع المَعاجرُ؛ و منه أُخذ الاعْتِجارُ، و هو لَيُّ الثوب على الرأْس من غير إِدارة تحت الحنَك. و في بعض العبارات: الاعْتِجارُ لَفُّ العمامة دون التَّلَحِّي. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه دخل مكة يوم الفتح مُعْتَجِراً بعمامةٍ سَوْداءَ.
؛ المعنى أَنه لَفَّها على رأْسه و لم يَتَلَحَّ بها؛ و قال دكين يمدح عمرو بن هبيرة الفزاري أمير العراق و كان راكباً على بغلة حسناء فقال يمدحه بديهاً:
جاءت به، مُعْتَجِراً بِبُرْدِه،             سَفْواءُ تَرْدِي بنَسِيج وَحْدِه‏
مُسْتَقْبِلًا خَدَّ الصَّبَّا بخدِّه،             كالسَّيفِ سُلَّ نَصْلُه من غِمْدِه‏
خَيرُ أَميرٍ جاء من مَعَدِّه،             من قبله، أَو رَافِداً مِن بَعْدِه‏
فكل قلس قادِحٌ بِزَنْدِه،             يَرْجُون رَفْعَ جَدِّهم بِجَدِّه
«5». فإن ثَوَى ثَوى الندى في لَحْدِه،
و اخْتَشَعَتْ أُمَّتُه لِفَقْدِه‏

فدفع إِليه البغلةَ و ثيابَه و البُرْدة التي عليه. و السَّفْواء: الخَفِيفةُ الناصِيةِ، و هو يستحب في البِغال و يكره في الخيل. و السَّفْواء أَيضاً: السريعة. و الرافد: هو الذي يَلي المَلِك و يقوم مقامه إِذا غاب. و العِجْرة، بالكسر: نوع من العِمَّة. يقال: فلان حسَنُ العِجْرة. و
في حديث عبيد الله بن عديّ بن الخيار: و جاء و هو مُعْتَجِرٌ بعمامته ما يرى وَحْشِيٌّ منه إِلَّا عَيْنَيْهِ و رِجْلَيْه.
؛ الاعْتِجارُ بالعمامة: هو أَن يَلُفَّها على رأْسِه و يردَّ طرفها على وجهه و لا يعمل منها شيئاً تحت ذَفَنِه. و الاعْتِجارُ: لِبسة كالالْتِحافِ؛ قال الشاعر:
فما لَيْلى بِتَاشِزَة القُصَيْرَى،             و لا وَقْصاءَ لِبْستُها اعْتجِارُ

و المِعْجَر: ثوبٌ تَعْتَجِر به المرأَة أَصغَر من الرداء و أَكبر من المِقْنَعة. و المِعْجر و المَعاجِرُ: ضرب من ثياب اليمن. و المِعْجَر: ما ينْسَج من اللِّيف كالجُوالقِ. و العَجْراء: العصا التي فيها أُبَنٌ؛ يقال: ضربه بعَجْراءَ من سَلَمٍ. و
في حديث عياش بن أَبي ربيعة لما بَعَثَه إِلى اليمن: و قَضيب ذو عُجَرٍ كأَنه من خَيزُرانٍ.
أَي ذو عُقَدٍ. و كعب بن عُجْرة: من الصحابة رضي الله عنهم. و عاجِرٌ و عُجَيرٌ و العُجَير و عُجْرة، كلها: أَسماء. و بنو عُجْرة: بطن منهم. و العُجَير: موضع؛ قال أَوس بن حجر:
تَلَقَّيْنَني يوم العُجَيرِ بمنْطِقٍ،             ترَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ منه و ضالُها

عجهر:
عَنْجَهورُ: اسم امرأَة، و اشتقاقه من العَجْهرةِ، و هي الجفاء.
عدر:
العَدْرُ و العُدْرُ: المطر الكثير. و أَرض مَعْدُورةٌ: ممطورة و نحو ذلك. قال شمر: و اعْتَدَرَ المطرُ، فهو مُعْتَدِرٌ؛ و أَنشد:
مُهْدَوْدِراً مُعْتَدِراً جُفالا

__________________________________________________
 (5). قوله [قلس‏] هكذا هو في الأَصل و لعله ناس أو نحوه.

544
لسان العرب4

عدر ص 544

و العادِرُ: الكذابُ، قال: و هو العاثِرُ أَيضاً. و عَدِرَ المكان عَدَراً و اعْتَدَرَ: كثر ماؤه. و العُدْرةُ: الجُرْأَة و الإِقدام. و عُدّار: اسم. و العَدَّار: الملَّاح. و العَدَرُ: القَيْلَةُ الكَبِيرةُ؛ قال الأَزهري: أَراد بالقيلة الأَدَرَ، و كأَن الهمزة قلبت عيناً فقيل: عَدِرَ عَدَراً: و الأَصل أَدِرَ أَدَراً.
عذر:
العُذْر: الحجة التي يُعْتَذر بها؛ و الجمع أَعذارٌ. يقال: اعْتَذَر فلان اعْتِذاراً و عِذْرةً و مَعْذُرة [مَعْذِرة] من دَيْنهِ فعَذَرْته، و عذَرَه يَعْذُرُهُ [يَعْذِرُهُ‏] فيما صنع عُذْراً و عِذْرةً و عُذْرَى و مَعْذُرة [مَعْذِرة]، و الاسم المعذَرة [المعذِرة] «1». و لي في هذا الأَمر عُذْرٌ و عُذْرَى و مَعْذرةٌ أَي خروجٌ من الذنب؛ قال الجَمُوح الظفري:
قالت أُمامةُ لما جِئْتُ زائَرها:             هلَّا رَمَيْتَ بَبَعْض الأَسْهُم السُّودِ؟
لله دَرُّكِ إِني قد رَمَيْتُهُمُ،             لو لا حُدِدْتُ، و لا عُذْرَى لِمَحْدودِ

قال ابن بري: أَورد الجوهري نصف هذا البيت: إِني حُدِدْتُ، قال و صواب إِنشاده: لو لا؛ قال: و الأَسْهُم السُّود قيل كناية عن الأَسْطر المكتوبة، أَي هلَّا كتبْتَ لي كتاباً، و قيل: أَرادت بالأَسْهُم السودِ نَظَرَ مُقْلَتيه، فقال: قد رَمَيتُهم لو لا حُدِدْتُ أَي مُنِعت. و يقال: هذا الشعر لراشد بن عبد ربه‏
و كان اسمه غاوِياً، فسماه النبي، صلى الله عليه و سلم، راشداً.
؛ و قوله:
لو لا حددت ...

هو على إِرادة أَن تقديره لو لا أَن حُدِدْتُ لأَنَّ لو لا التي معناها امتناعُ الشي‏ء لوجود غيره هي مخصوصة بالأَسماء، و قد تقع بعدها الأَفعال على تقدير أَن، كقول الآخر:
أَلا زَعَمَتْ أَسْماءُ أَن لا أُحِبّها،             فقلتُ: بَلى، لو لا يُنازِعُني شَغْلي‏

و مثله كثير؛ و شاهدُ العِذْرةِ مثل الرِّكبةِ و الجِلْسةِ قولُ النابغة:
ها إِنّ تا عِذْرة إِلَّا تَكُنْ نَفَعَتْ،             فإِن صاحِبَها قد تاهَ في البَلَدِ «2».

و أَعْذَرَه كعذَرَه؛ قال الأَخطل:
فإن تكُ حَرْبُ ابْنَيْ نِزارٍ تَوَاضَعَتْ،             فقد أَعْذَرَتْنا في طِلابكمُ العُذْر

و أَعْذَرَ إِعْذاراً و عُذْراً: أَبْدَى عُذْراً؛ عن اللحياني. و العرب تقول: أَعْذَرَ فلانٌ أَي كان منه ما يُعْذَرُ به، و الصحيح أَن العُذْرَ الاسم، و الإِعْذار المصدر، و في المثل: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ؛ و يكون أَعْذَرَ بمعنى اعْتَذَر اعتذاراً يُعْذَرُ به و صار ذا عُذْرٍ منه؛ و منه قول لبيد يخاطب بنتيه و يقول: إِذا متُّ فنُوحا و ابْكِيا عليّ حَوْلًا:
فقُوما فقُولا بالذي قد عَلِمْتُما،             و لا تَخْمِشَا وَجْهاً و لا تَحْلِقا الشَّعَرْ
و قولا: هو المَرْءُ الذي لا خَلِيلَه             أَضاعَ، و لا خان الصديقَ، و لا غَدَرْ
إِلى الحولِ، ثم اسمُ السلامِ عليكما،             و مَنْ يَبْكِ حَوْلًا كامِلًا فقد اعْتَذَرْ

أَي أَتى بعُذْر، فجعل الاعْتِذارَ بمعنى الإِعْذارِ، و المُعْتَذِرُ يكون مُحِقّاً و يكون غير مُحِقٍّ؛ قال الفراء: اعْتَذَرَ الرجل إِذا أَتى بعُذْرٍ، و اعْتَذَرَ إِذا لم يأْت بعُذْرٍ؛ و أَنشد:
و من يبك حولًا كاملًا فقد اعتذر

__________________________________________________
 (1). قوله: [و الاسم المعذرة] مثلث الذال كما في القاموس.
 (2). في ديوان النابغة:
ها إِنّ ذي عِذْرةٌ إِلَّا تكن تفعت             فإِنّ صاحبها مشاركُ النَّكَد

545
لسان العرب4

عذر ص 545

أَي أَتى بعُذْرٍ. و قال الله تعالى: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ‏
؛ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا
 يعني أَنه لا عُذْرَ لهم، و المعَاذِيرُ يَشُوبُها الكذبُ.
و اعتذرَ رجلٌ إِلى عمر بن عبد العزيز فقال له: عَذَرْتُكَ غيرَ مُعْتَذِرٍ.
؛ يقول: عَذَرْتُك دون أَن تَعْتَذِرَ لأَنّ المُعْتَذِرَ يكون مُحِقّاً و غير محق؛ و المُعَذِّر أَيضاً: كذلك. و اعْتَذَرَ منْ ذنبه و تَعَذّر: تَنَصَّلَ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإِنك منها و التعَذّر بعد ما             لَجَجتَ، و شطَّتْ مِن فُطَيمةَ دارُها

و تعذّر: اعْتَذَرَ و احتجَّ لنفسه؛ قال الشاعر:
كأَنّ يَدَيْها، حين يُفْلَقُ ضَفْرُها،             يدا نَصَفٍ غَيْرَى تَعَذّرُ مِنْ جُرْمِ‏

و عَذَّرَ في الأَمر: قَصَّر بعد جُهْد. و التَّعْذِيرُ في الأَمر: التقصيرُ فيه. و أَعْذَرَ: قَصَّر و لم يُبالِغ و هو يُرِي أَنه مُبالِغٌ. و أَعْذَرَ فيه: بالَغَ. و
في الحديث: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِلى مَنْ بَلَغ مِنَ العُمْرِ ستّين سنة.
؛ أَي لم يُبْقِ فيه موضعاً للاعْتِذارِ، حيث أَمْهَلَه طُولَ هذه المدة و لم يَعْتَذِر. يقال: أَعْذَرَ الرجل إِذا بَلَغ أَقْصى الغايةِ في العُذْر. و
في حديث المِقْداد: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِليك.
أَي عَذَرَكَ و جَعَلَك موضعَ العُذْر، فأَسْقَط عنك الجهاد و رَخّصَ لك في تركه لأَنه كان قد تَناهَى في السِّمَنِ و عَجَزَ عن القتال. و
في حديث ابن عمر: إِذا وُضِعَت المائدةُ فلْيأْكلِ الرجلُ مما عنده و لا يَرْفَعْ يده و إِن شَبِعَ و لْيُعذِرْ فإِن ذلك يُخَجِّلُ جَلِيسَه.
؛ الإِعْذارُ: المبالغة في الأَمر، أَي ليُبالِغْ في الأَكل؛ مثل‏
الحديث الآخر: إِنه كان إِذا أَكَلَ مع قوم كانَ آخرَهم أَكْلًا.
؛ و قيل: إِنما هو و ليُعَذِّرْ من التعذير التَّقْصِير أَي ليُقَصِّرْ في الأَكل لِيَتَوفَّرَ على الباقين و لْيُرِ أَنه بالغَ. و
في الحديث: جاءَنا بطعامٍ جَشْبٍ فكنا نُعَذِّرُ.
؛ أَي نُقَصِّر و نُرِي أَننا مجتهدون. و عَذّرَ الرجل، فهو مُعَذّرُ إِذا اعْتَذَرَ و لم يأْت بِعُذرٍ. و عَذَّرَ: لم يثبت له عُذْرٌ. و أَعْذَرَ: ثبت له عُذْرٌ. و قوله عز و جل: وَ جاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ‏
، بالتثقيل؛ هم الذين لا عُذْرَ لهم و لكن يتكلَّفُون عُذْراً. و قرئ: المُعْذِرون بالتخفيف، و هم الذين لهم عُذْرٌ،
قرأَها ابن عباس ساكنةَ العين و كان يقول: و الله لكذا أُنْزِلَت. و قال: لَعَنَ الله المُعَذِّرِينَ.
قال الأَزهري: ذهب ابن عباس إِلى أَن المُعْذِرينَ الذين لهم العُذْر؛ و المُعَذِّرِينَ، بالتشديد: الذين يَعْتذِرون بلا عُذْرٍ كأَنهم المُقَصِّرون الذين لا عذر لهم، فكأَنَّ الأَمرَ عنده أَن المُعَذِّرَ، بالتشديد، هو المُظْهِرُ للعُذْرِ اعتلالًا من غير حقيقة له في العُذْر و هو لا عُذْرَ له، و المُعْذِر الذي له عُذْرٌ، و المُعَذِّرُ الذي ليس بمُحقٍّ على جهة المُفَعِّل لأَنه المُمَرِّض و المُقَصِّر يَعْتَذِرُ بغير عُذْرٍ. قال الأَزهري: و قرأَ يعقوب الحضرمي وحده: و جاء المُعْذِرُون، ساكنة العين، و قرأَ سائرُ قُرّاء الأَمْصارِ: الْمُعَذِّرُونَ‏
، بفتح العين و تشديد الذال، قال: فمن قرأَ الْمُعَذِّرُونَ‏
 فهو في الأَصل المُعْتَذِرُون فأُدْغِمَت التاء في الذال لِقُرْب المَخْرَجين، و معنى المُعْتَذِرُون الذين يَعْتَذِرُون، كان لهم عُذْرٌ أَو لم يكن، و هو هاهنا شبيه بأَنْ يكون لَهم عُذْرٌ، و يجوز في كلام العرب المُعِذِّرُون، بكسر العين، لأَن الأَصل المُعْتَذِرُون فأُسكنت التاء و أُبدل منها ذال و أُدغمت في الذال و نُقِلَت حركتها إِلى العين فصار الفتح في العين أَوْلى الأَشياء، و مَنْ كَسَرَ العين‏

546
لسان العرب4

عذر ص 545

جَرّه لِالتقاء الساكنين، قال: و لم يُقْرَأْ بهذا، قال و يجوز أَن يكون الْمُعَذِّرُونَ‏
 الذين يُعَذِّرُون يُوهِمُون أَنَّ لهم عُذْراً و لا عُذْرَ لهم. قال أَبو بكر: ففي المُعَذِّرِينَ وجْهان: إِذا كان الْمُعَذِّرُونَ‏
 مِنْ عَذّرَ الرجل، فهو مُعَذِّر، فهم لا عذر لهم، و إِذا كان الْمُعَذِّرُونَ‏
 أَصلهم المُعْتَذِرُون فأُلْقِيَت فتحةُ التاء على العين و أُبْدِلَ منها دالٌ و أُدغمت في الذال التي بعدها فلهم عذر؛ قال محمد بن سلام الجُمَحِي: سأَلت يونس عن قوله: وَ جاءَ الْمُعَذِّرُونَ‏
، فقلت له: المُعْذِرُون، مخففة، كأَنها أَقْيَسُ لأَن المُعْذِرَ الذي له عُذْرٌ، و المُعَذِّر الذي يَعْتَذِر و لا عُذْر له، فقال يونس: قال أَبو عمرو بن العلاء كلا الفريقين كان مُسيِئاً جاء قوم فَعذَّرُوا و جَلَّحَ آخرون فقعدوا. و قال أَبو الهيثم في قوله: وَ جاءَ الْمُعَذِّرُونَ‏
، قال: معناه المُعْتَذِرُون. يقال: عَذَّر يَعَذِّر عِذّاراً في معنى اعتذر، و يجوز عِذَّرَ الرجل يَعِذِّر، فهو مُعِذِّر، و اللغة الأُولى أَجودهما. قال: و مثله هَدّى يَهَدِّي هِدّاءً إِذا اهْتَدَى و هِدَّى يَهِدِّي؛ قال الله عز و جل: أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‏؛ و مثله قراءة من قرأَ يَخَصِّمُون، بفتح الخاء، قال الأَزهري: و يكون الْمُعَذِّرُونَ‏
 بمعنى المُقَصِّرِينَ على مُفَعِّليِن من التَّعْذير و هو التقصير. يقال: قام فلان قيام تَعْذِيرٍ فيما اسْتَكْفَيْتُه إِذا لم يُبالغْ و قَصَّرَ فيما اعْتُمِدَ عليه. و
في الحديث: أَن بني إِسرائيل كانوا إِذا عُمِلَ فيهم بالمعاصي نَهاهُم أَحْبارُهم تَعْذِيراً فعمَّهم الله بالعِقاب، و ذلك إِذا لم يُبالِغُوا في نَهْيِهم عن المعاصي، و داهَنُوهم و لم يُنْكِرُوا أَعْمالَهم بالمعاصي حَقَّ الإِنْكارِ.
أَي نَهَوْهم نَهْياً قَصَّروا فيه و لم يُبالغُوا؛ وضَعَ المصدرَ موضع اسم الفاعل حالًا، كقولهم: جاء مَشْياً. و منه‏
حديث الدعاء: و تَعاطى ما نَهَيْتُ عنه تَعْذِيراً.
و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: لن يَهْلِكَ الناسُ حتى يُعذِرُوا من أَنفسهم.
؛ يقال: أَعْذَرَ من نفسه إِذا أَمْكَن منها، يعني أَنهم لا يَهْلِكون حتى تكثر ذنوبهم و عيوبهم، فيُعْذِرُوا من أَنْفُسِهم و يستوجبوا العقوبة و يكون لمن يُعَذِّبُهم عُذْرٌ، كأَنهم قاموا بعُذْرِه في ذلك، و يروى بفتح الياء، من عَذَرْته، و هو بمعناه، و حقيقة عَذَرْت مَحَوْتُ الإِساءَةَ و طَمَسْتها، و فيه لغتان؛ يقال أَعْذَرَ إِعذَاراً إِذا كثرت عيوبُه و ذنوبه و صار ذا عيب و فساد. قال الأَزهري: و كان بعضهم يقول: عَذَر يَعْذِرُ بمعناه، و لم يَعْرفه الأَصمعي؛ و منه قول الأَخطل:
فإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزارٍ تواضَعَتْ،             فقد عَذَرَتْنا في كِلاب و في كَعَبِ «1».

و يروى:
... أَعْذَرَتْنا ...

أَي جعلت لنا عُذْراً فيما صنعناه؛ و هذا
كالحديث الآخر: لن يَهْلِك على الله إِلا هَالِكٌ.
؛ و منه قول الناس: مَن يَعْذِرُني من فلان؛ قال ذو الإِصْبَع العَدْوانيّ:
عَذِيرَ الحَيِّ مِن عَدْوَانَ،             كانُوا حَيَّةَ الأَرضِ‏
بَغَى بَعْضٌ على بَعْضِ،             فلم يَرْعَوْا على بَعْضِ‏
فقد أَضْحَوْا أَحادِيثَ،             بِرَفْعِ القَولِ و الخَفْضِ‏

يقول: هاتِ عُذْراً فيما فَعَل بعضُهم ببعض من التباعُد و التباغُض و القتل و لم يَرْعَ بعضُهم على بعض، بعد ما كانوا حيَّةَ الأَرض التي يَحْذَرُها كلُّ أَحد، فقد صاروا أَحاديثَ للناس يرفعونها و يخفضونها، و معنى‏
__________________________________________________
 (1). هذا البيت في صفحة 545 مرويّ في صورة تختلف عما هو عليه في هذه الصفحة، و ما في هذه الصفحة يتفق و ما في ديوان الأَخطل.

547
لسان العرب4

عذر ص 545

يخفضونها يُسِرّونها، و قيل: معناه هاتِ مَن يَعْذِرُني؛ و منه‏
قول علي بن أَبي طالب، رضي الله عنه، و هو ينظر إِلى ابن مُلْجَم:
عَذِيرَك مِن خَلِيلك مِن مُرادِ.

يقال: عَذِيرَك مِن فلان، بالنصب، أَي هاتِ مَن يَعْذِرُك، فَعِيل بمعنى فاعل، يقال: عَذِيري مِن فُلان أَي مَن يَعْذِرني، و نصبُه على إِضمار هَلُمَّ مَعْذِرَتَك إِيَّاي؛ و يقال: ما عندهم عَذِيرةٌ أَي لا يَعْذِرون، و ما عندهم غفيرةٌ أَي لا يَغْفِرُون. و العَذِيرُ: النَّصِيرُ؛ يقال: مَن عَذِيرِي مِن فلان أَي مَن نَصِيرِي. و عَذِيرُ الرجل: ما يَرُومُ و ما يُحاوِلُ مما يُعْذَرُ عليه إِذا فَعَلَه؛ قال العجاج يخاطب امرأَته:
جارِيَ لا تَسْتَنْكِري عَذِيرِي،             سَيْرِي، و إِشْفاقي على بَعِيرِي‏

يريد يا جارية فرخم، و يروى:
سَعْيِي ...

، و ذلك أَنه عزم على السفر فكانَ يرُمُّ رَحْل ناقته لسفره فقالت له امرأَته: ما هذا الذي ترُمُّ؟ فخاطبها بهذا الشعر، أَي لا تُنْكِري ما أُحاوِلُ. و العَذِيرُ: الحال؛ و أَنشد:
لا تستنكري عذيري‏

و جمعه عُذُرٌ مثل سَرِيرٍ و سُرُرٍ، و إِنما خفف فقيل عُذْر؛ و قال حاتم:
أَماوِيَّ قد طال التجنُّبُ و الهجْرُ،             و قد عَذَرَتْنِي في طِلابِكُمُ العُذْرُ
أَماوِيَّ إِن المال غادٍ و رائحٌ،             و يَبْقَى من المال الأَحاديثُ و الذِّكْرُ
و قد عَلِمَ الأَقوامُ لو أَن حاتماً             أَرادَ ثَراءَ المالِ، كان له وَفْرُ

و في الصحاح:
و قد عذرتني في طلابكم عذر

قال أَبو زيد: سمعت أَعرابيين تميميّاً و قيسيّاً يقولان: تَعَذَّرْت إِلى الرجل تَعَذُّراً، في معنى اعْتَذَرْت اعْتِذاراً؛ قال الأَحْوَص بن محمد الأَنصاري:
طَرِيد تَلافاهُ يَزِيدُ برَحْمَةٍ،             فلم يُلْفَ مِنْ نَعْمائهِ يَتَعَذَّرُ

أَي يَعْتَذر؛ يقول: أَنعم عليه نعمة لم يحتج إِلى أَن يَعْتذر منها، و يجوز أَن يكون معنى قوله يَتَعَذَّر أَي يذهب عنها. و تَعَذَّر: تأَخَّر؛ قال إمرؤ القيس:
بِسَيْر يَضِجُّ العَوْدُ منه، يَمُنّه             أَخُو الجَهْدِ، لا يَلْوِي على مَنْ تَعَذَّرا

و العَذِيرُ: العاذرُ. و عَذَرْته من فلان أَي لُمْت فلاناً و لم أَلُمْه؛ و عَذِيرَك إِيَّايَ منه أَي هَلُمَّ مَعْذِرَتك إِيَّايَّ، و قال خالد بن جَنْبة: يقال أَ ما تُعذرني من هذا؟ بمعنى أَ ما تُنْصِفُني منه. يقال: أَعْذِرْني من هذا أَي أَنْصِفْني منه. و يقال: لا يُعْذِرُك من هذا الرجل أَحدٌ؛ معناه لا يُلْزِمُه الذنب فيما تضيف إِليه و تشكوه منه؛ و منه قول الناس: مَنْ يَعْذِرُني من فلان أَي من يقوم بعُذْرِي إِن أَنا جازيته بسُوءِ صنيعه، و لا يُلْزِمُني لوْماً على ما يكون مني إِليه؛ و منه‏
حديث الإِفك: فاسْتَعْذَرَ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، من عبد الله بن أُبَيّ و قال و هو على المنبر: من يَعْذِرُني من رجل قد بلغني عنه كذا و كذا؟ فقال سعد: أَنا أَعْذِرُك منه.
أَي من يقوم بعُذري إِن كافأْته على سوء صنيعه فلا يلومُني؟ و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، استعذرَ أَبا بكر من عائشة، كان‏

548
لسان العرب4

عذر ص 545

عَتَبَ عليها في شي‏ء فقال لأَبي بكر: أَعْذِرْني منها إِن أَدَّبْتُها.
؛ أَي قُمْ بعُذْري في ذلك. و
في حديث أَبي الدرداء: مَنْ يَعْذِرُني من معاوية؟ أَنا أُخْبِرُه عن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و هو يخبرني عن نفسه.
و منه‏
حديث علي: مَنْ يَعْذرني من هؤلاء الضَّياطِرة؟.
و أَعْذر فلان من نفسه أَي أَتى من قبَل نفسه. قال: و عَذّر يُعذّر نفسه أَي أَتي من قبل نفسه؛ قال يونس: هي لغة العرب. و تَعَذَّر عليه الأَمر: لم يستقم. و تَعَذَّر عليه الأَمر إِذا صعب و تعسر. و
في الحديث: أَنه كان يتعَذَّر في مرضه.
؛ أَي يتمنّع و يتعسر. و أَعْذَرَ و عَذَرَ: كَثُرت ذنوبه و عيوبه. و في التنزيل: قالوا مَعْذِرةٌ إِلى ربكم؛ نزلت في قوم من بني إِسرائيلَ وعَظُوا الذين اعتدَوْا في السبت من اليهود، فقالت طائفة منهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ؟ ف قالُوا، يعني الواعظين: مَعْذِرةٌ إِلى ربكم، فالمعنى أَنهم قالوا: الأَمرُ بالمعروف واجبٌ علينا فعلينا موعظةُ هؤلاء وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، و يجوز النصب في مَعْذِرَةً
 فيكون المعنى نَعْتَذِرُ مَعْذِرَةً بوَعْظِنا إِيَّاهم إِلى ربنا؛ و المَعْذِرةُ: اسمٌ على مَفْعِلة من عَذَرَ يَعْذِر أُقِيم مُقام الاعتذار؛ و قول زهير بن أَبي سلمى:
على رِسْلِكمْ إِنا سَنُعْدِي ورَاءكم،             فتمنعُكم أَرْماحُنا أَو سَنُعْذَر

قال ابن بري: هذا البيت أَورد الجوهري عجزه و أَنشد:
ستمنعكم ...
، و صوابه:
فتمنعكم ...

، بالفاء، و هذا الشعر يخاطب به آلَ عكرمة، و هم سُلَيم و غَطفان «2» و سليم هو سليم بن منصور بن عكرمة، و هوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصَفة بن قَيْس عَيْلان، و غطفان هو غطفان بن سعد بن قيس عيلان، و كان بلغ زهيراً أَن هوازن و بني سليم يريدون غَزْوَ غطفان، فذكَّرهم ما بين غطفان و بينهم من الرَّحِم، و أَنهم يجتمعون في النسب إِلى قيس؛ و قبل البيت:
خُذُوا حظَّكم يا آلَ عِكْرِمَ، و اذْكُروا             أَواصِرَنا، و الرِّحْمُ بالغيب يُذْكَرُ
فإِنَّا و إِيَّاكم إِلى ما نَسُومُكم             لَمِثْلانِ، بل أَنتم إِلى الصُّلْح أَفْقَرُ

معنى قوله على رِسْلِكم أَي على مَهْلِكم أَي أَمْهِلوا قليلًا. و قوله: سَنُعْدِي وراءكم أَي سنعدي الخيل وراءكم. و قوله: أَو سنعذر أَي نأْتي بالعُذْر في الذبِّ عنكم و نصنع ما نُعْذَر فيه. و الأَوَاصِرُ: القرابات. و العِذَارُ من اللجام: ما سال على خد الفرس، و في التهذيب: و عِذَارُ اللجام ما وقع منه على خَدي الدابة، و قيل: عذَارُ اللجام السَّيْرانِ اللذان يجتمعان عند القَفا، و الجمع عُذُرٌ. و عَذَرَه يَعْذِرُهُ عَذْراً و أَعْذَرَه و عَذَّرَه: أَلْجَمه، و قيل: عَذَّره جعل له عِذَاراً لا غير؛ و قول أَبي ذؤيب:
فإِني إِذا ما خُلّةٌ رَثَّ وصلُها،             و جَدَّتْ لصَرْمٍ و استمرّ عِذارُها

لم يفسره الأَصمعي، و يجوز أَن يكون من عِذَار اللجام، و أَن يكون من التَعَذُّر الذي هو الامتناع؛ و فرس قصيرُ العِذَار و قصيرُ العِنان. و
في الحديث: الفَقْرُ أَزْيَنُ للمؤمن من عِذَارٍ حسَنٍ على خَدِّ فرس.
؛ العِذَارانِ من الفرس: كالعارِضَين من وجه الإِنسان، ثم سمي السير الذي يكون عليه من اللجام عِذاراً باسم موضعه. و عَذَرْت الفرس بالعِذَار
__________________________________________________
 (2). قوله: [و هم سليم و غطفان‏] كذا بالأَصل، و المناسب و هوازن بدل و غطفان كما يعلم مما بعد.

549
لسان العرب4

عذر ص 545

أَعْذِره و أَعْذُره إِذا شَدَدْت عِذَارَه. و العِذَاران: جانبا اللحية لأَن ذلك موضع العذار من الدابة؛ قال رؤبة:
حتى رَأَيْنَ الشَّيْبَ ذا التَّلَهْوُقِ             يَغْشَى عِذَارَي لحْيَتي و يَرْتَقي‏

و عِذَارُ الرجل: شعرُه النابت في موضع العِذَار. و العِذَارُ: استواء شعر الغلام. يقال: ما أَحْسَنَ عِذَارَه أَي خطَّ لحيته. و العِذَارُ: الذي يضُمّ حبلَ الخطام إِلى رأْس البعير و الناقة. و أَعْذَرَ الناقة: جعل لها عِذَاراً. و العِذَارُ و المُعَذَّر: المَقَذُّ، سمي بذلك لأَنه موضع العِذَار من الدابة. و عَذَّرَ الغلامُ: نبت شعرُ عِذَاره يعني خدّه. و خَلَعَ العِذَارَ أَي الحياء؛ و هذا مثل للشابّ المُنْهَمِك في غَيِّه، يقال: أَلْقَى عنه جِلْبابَ الحياء كما خلَع الفرسُ العِذارَ فَجَمَعَ و طَمَّح. قال الأَصمعي: خلَع فلان مُعَذَّرَه إِذا لم يُطِعْ مُرْشِداً، و أَراد بالمُعَذَّر الرَّسن ذا العِذَارين، و يقال للمنهمك في الغيّ: خلَع عِذَارَه؛ و منه كتاب عبد الملك إِلى الحجاج: اسْتَعْمَلْتُك على العراقين فاخْرُجْ إِليهما كَمِيشَ الإِزار شديدَ العِذَارِ؛ يقال للرجل إِذا عزم على الأَمر: هو شديد العِذَار، كما يقال في خلافه: فلان خَليع العذار كالفرس الذي لا لجام عليه، فهو يَعِيرُ على وجهه لأَن اللجام يمسكه؛ و منه قولهم: خَلَعَ عِذارَه أَي خرج عن الطاعة و انهمك في الغي. و العِذَارُ: سِمةٌ في موضع العِذَار؛ و قال أَبو علي في التذكرة: العِذَارُ سِمةٌ على القفا إِلى الصُّدْغَين. و الأَول أَعرف. و قال الأَحمر: من السمات العُذْرُ. و قد عُذِرَ البعير، فهو مَعْذورٌ، و العُذْرةُ: سمة كالعِذار؛ و قول أَبي وجزة السعدي و اسمه يزيد بن أَبي عُبَيد يصف أَياماً له مضت و طِيبَها من خير و اجتماع على عيش صالح:
إِذِ الحَيُّ و الحَوْمُ المُيَسِّرُ وَسْطَنا،             و إِذ نَحْنُ في حالٍ من العَيْشِ صالحِ‏
و ذو حَلَقٍ تُقْضَى العَواذِيرُ بينَه،             يلُوحُ بأَخْطارٍ عِظَام اللَّقائِحِ‏

قال الأَصمعي: الحَوْم الإِبل الكثيرة. و المُيَسِّر: الذي قد جاء لبنُه. و ذو حَلَقٍ: يعني إِبلًا مِيسَمُها الحَلَقُ: يقال: إِبلٌ محَلَّقة إِذا كان سِمَتُها الحَلَق. و الأَخْطَارُ: جمع خِطْر، و هي الإِبل الكثيرة. و العَواذِيرُ: جمع عاذُور، و هو أَن يكون بنو الأَب مِيسَمُهم واحداً، فإِذا اقتسموا مالهم قال بعضهم لبعض: أَعْذِرْ عني، فيخُطّ في المِيسَم خطّاً أَو غيره لتعرف بذلك سمة بعضهم من بعض. و يقال: عَذِّرْ عَينَ بَعِيرك أَي سِمْه بغير سِمَة بعيري لتتعارف إِبلُنا. و العاذُورُ: سِمَةٌ كالخط، و الجمع العَواذِيرُ. و العُذْرةُ: العلامة. و العُذْر: العلامة. يقال: أَعْذِر على نصيبك أَي أَعْلِمْ عليه. و العُذْرةُ: الناصية، و قيل: هي الخُصْلة من الشعر و عُرْفُ الفرس و ناصيته، و الجمعُ عُذَر؛ و أَنشد لأَبي النجم:
مَشْيَ العَذارى الشُّعْثِ يَنْفُضْن العُذَرْ
و قال طرفة:
و هِضَبّات إِذا ابتلّ العُذَرْ

و قيل: عُذْر الفرس ما على المِنْسَج من الشعر، و قيل: العُذْرة الشعر الذي على كاهل الفرس. و العُذَرُ: شعرات من القفا إِلى وسط العنق. و العِذار من الأَرض: غِلَظٌ يعترض في فضاء واسع، و كذلك هو من الرمل، و الجمع عُذْرٌ؛ و أَنشد ثعلب لذي الرمة:
و مِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها،             عِذارَينِ من جَرْداءَ وعْثٍ خُصُورُها

550
لسان العرب4

عذر ص 545

أَي حَبْلين مستطيلين من الرمل، و يقال: طريقين؛ هذا يصف ناقة يقول: كم جاوزت هذه الناقة من رملة عاقر لا تنبت شيئاً، و لذلك جعلها عاقراً كالمرأَة العاقر. و الأَلاءُ: شجر ينبت في الرمل و إِنما ينبت في جانبي الرملة، و هما العِذَارانِ اللذان ذكرهما. و جَرْداء: مُنْجَرِدة من النبت الذي ترعاه الإِبل. و الوَعْثُ: السهل. و خُصورُها: جوانبها. و العُذْرُ: جمع عِذار، و هو المستطيل من الأَرض. و عِذارُ العراق: ما انْفَسَح عن الطَّفِّ. و عِذارا النصل: شَفْرَتاه. و عِذارا الحائطِ و الوادي: جانباه. و يقال: اتخذ فلان في كَرْمِهِ عِذاراً من الشجر أَي سِكّة مصطفة. و العُذْرة: البَظْر؛ قال:
تَبْتَلُّ عُذْرتُها في كلّ هاجِرةٍ،             كما تَنَزَّل بالصَّفْوانةِ الوَشَلُ‏

و العُذْرةُ: الخِتَانُ و العُذْرة: الجلدة يقطعها الخاتن. و عَذَرَ الغلامَ و الجارية يَعْذِرُهما عَذْراً و أَعْذَرَهما: خَتَنَهما؛ قال الشاعر:
في فتْيَةٍ جعلوا الصَّلِيبَ إِلَهَهُمْ،             حَاشايَ، إِنِّي مسلم مَعْذُورُ

و الأَكثر خَفَضْتُ الجارية؛ و قال الراجز:
تَلْوِيَةَ الخَاتِن زُبَّ المَعْذُور
و العِذَار و الإِعْذار و العَذِيرة و العَذِيرُ، كله: طعام الختان. و
في الحديث: الوليمة في الإِعْذار حقٌّ.
؛ الإِعْذار: الختان. يقال: عَذَرته و أَعْذَرته فهو معذور و مُعْذَرٌ، ثم قيل للطعام الذي يُطْعم في الختان إِعْذار. و
في الحديث: كنا إِعْذارَ عامٍ واحد.
؛ أَي خُتِنّا في عام واحد، و كانوا يُخْتَنُونَ لِسِنٍّ معلومة فيما بين عشر سنين و خمسَ عشرة. و
في الحديث: وُلِدَ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، مَعْذوراً مَسْروراً.
؛ أَي مختوناً مقطوع السرة. و أَعْذَرُوا للقوم: عَمِلوا ذلك الطعام لَهم و أَعَدّوه. و الإِعْذارُ و العِذارُ و العَذِيرةُ و العَذِيرُ: طعامُ المأْدُبة. و عَذَّرَ الرجلُ: دعا إِليه. يقال: عَذَّرَ تَعْذِيراً للخِتَان و نحوه. أَبو زيد: ما صُنِع عند الختان الإِعْذار، و قد أَعْذَرْت؛ و أَنشد:
كلّ الطعامِ تَشْتَهِي رَبِيعَهْ:             الخُرْس و الإِعْذار و النَّقِيعَهْ‏

و العِذَار: طعام البِنَاء و أَن يستفيد الرجلُ شيئاً جديداً يتّخذ طعاماً يدعو إِليه إِخوانه. و قال اللحياني: العُذْرة قُلْفةُ الصبي و لم يَقُل إِن ذلك اسم لها قبل القطع أَو بعده. و العُذْرة: البَكارةُ؛ قال ابن الأَثير: العُذْرة ما لِلْبِكْر من الالتحام قبل الافتضاض. و جارية عَذْراء: بِكْرٌ لم يمسَّها رجل؛ قال ابن الأَعرابي وحده: سُمِّيت البكرُ عَذْراء لضِيقِها، من قولك تَعَذَّرَ عليه الأَمرُ، و جمعها عَذارٍ و عَذارى و عَذْراوات و عَذارِي كما تقدم في صَحارى. و
في الحديث في صفة الجنة: إِن الرجل لَيُفْضِي في الغَداةِ الواحدة إِلى مائة عَذْراء.
؛ و في حديث الاستسقاء:
أَتَيْناكَ و العَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها
أَي يَدْمَى صدرُها من شدة الجَدْب؛ و منه‏
حديث النخعي في الرجل يقول إِنه لم يَجد امرأَتَه عَذْراءَ قال: لا شي‏ء عليه لأَن العُذْرةَ قد تُذْهِبُها الحيضةُ و الوثْبةُ و طولُ التَّعْنِيس.
و
في حديث جابر: ما لَكَ و لِلْعَذَارَى و لِعَابهنّ.
أَي مُلاعَبتِهنّ؛ و منه حديث عمر:
مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارَى‏

و عُذْرةُ الجاريةِ: اقْتِضاضُها. و الاعْتذارُ:

551
لسان العرب4

عذر ص 545

الاقْتِضاضُ. و يقال: فلان أَبو عُذْر فلانة إِذا كان افْتَرَعَها و اقتضّها، و أَبو عُذْرَتها. و قولهم: ما أَنت بذي عُذْرِ هذا الكلامِ أَي لسْتَ بأَوَّلِ من اقْتضّه. قال اللحياني: للجارية عُذْرتانِ إِحداهما التي تكون بها بكراً و الأُخرى فِعْلُها؛ و قال الأَزهري عن اللحياني: لها عُذْرتانِ إِحداهما مَخْفِضُها، و هو موضع الخفض من الجارية، و العُذْرةُ الثانية قضّتُها، سميت عُذْرةً بالعَذْر، و هو القطع، لأَنها إِذا خُفِضت قطعت نَواتُها، و إِذا افْتُرِعَت انقطع خاتمُ عُذْرتِها. و العاذُورُ: ما يُقْطع من مَخْفِض الجارية. ابن الأَعرابي: و قولهم اعْتَذَرْت إِليه هو قَطْعُ ما في قلبه. و يقال: اعْتَذَرَت المياهُ إِذا انقطعت. و الاعْتِذارُ: قطعُ الرجلِ عن حاجته و قطعُه عما أَمْسَك في قلبه. و اعْتَذَرت المنازلُ إِذا دَرَسَت؛ و مررت بمنزل مُعْتَذرٍ بالٍ؛ و قال لبيد:
شهور الصيف، و اعْتَذَرَتْ إليه             نِطَاف الشيِّطَين مِن الشِّمال‏

و تَعَذَرَّ الرسم و اعْتَذَر: تَغَيَّر؛ قال أَوس:
فبطن السُّلَيِّ فالسّجال تَعَذَّرَت،             فمَعْقُلة إِلى مَطارِ فوَاحِف‏

و قال ابن ميّادةَ و اسمه الرَّمَّاحُ بن أَبرد «1»:
ما هاجَ قَلْبك من مَعَارِفِ دِمْنَةٍ،             بالبَرْقِ بين أَصَالِفٍ و فَدَافِدِ
لَعِبَتْ بها هُوجُ الرِّياح فأَصْبَحَتْ             قَفْراً تَعَذَّر، غَيْرَ أَوْرَقَ هَامِدِ

البَرْق: جمع برقة، و هي حجارة و رملٌ و طين مختلطة. و الأَصالِفُ و الفَدافِدُ: الأَماكن الغليظة الصلبة؛ يقول: درست هذه الآثار غير الأَوْرَقِ الهامِد، و هو الرماد؛ و هذه القصيدة يمدح بها عبد الواحد بن سليمان ابن عبد الملك و يقول فيها:
مَنْ كان أَخْطَأَه الربيعُ، فإِنه             نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ عبد الواحدِ
سَبَقَتْ أَوائِلَه أَواخِرُه،             بمُشَرَّعِ عَذبٍ و نَبْتٍ واعِدِ
«2».

نُصِرَ أَي أُمْطِر. و أَرض منصورة: ممطورة. و المُشَرَّعُ: شريعة الماء. و نَبْت واعِد أَي يُرْجى خيرُه، و كذلك أَرضٌ واعِدةٌ يُرْجى نباتُها؛ و قال ابن أَحمر الباهلي في الاعتذار بمعنى الدُّرُوس:
بانَ الشَّبابُ و أَفْنى ضِعْفَه العمُرُ،             لله دَرُّك أَيَّ العَيْشِ تَنْتَظِرُ؟
هل أَنتَ طالبُ شي‏ءٍ لسْتَ مُدْرِكه؟             أَمْ هل لِقَلْبِك عن أُلَّافِه وطَرُ؟
أَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ آيات، فقد جَعَلَتْ             أَطْلالُ إِلْفِك بالوَدْكاءِ تَعْتَذِرُ؟

ضِعْفُ الشي‏ء: مثلهُ؛ يقول: عِشْت عمرَ رجلين و أَفناه العمر. و قوله: أَم هل لقلبك أَي هل لقلبك حاجة غير أُلَّافِه أَي هل له وَطَرٌ غيرهم. و قوله: أَم كنت تعرف آيات؛ الآيات: العلامات، و أَطْلالُ إِلْفك قد دَرَسَت، و أُخِذ الاعْتِذارُ من الذنب من هذا لأَن مَن اعْتَذَرَ شابَ اعتذارَه بكذِبٍ يُعَفِّي على ذنبه. و الاعتِذارُ: مَحْوُ أَثر المَوْجِدة، من قولهم: اعْتَذَرَت المنازلُ إِذا دَرَسَت. و المَعاذِرُ: جمع مَعْذِرة. و من أَمثالهم: المَعاذِرُ مكاذِبُ؛ قال الله عز و جل: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ‏
؛ قيل: المعاذير الحُجَجُ، أَي‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [ابن أَبرد] هكذا في الأَصل.
 (2). قوله:
[سبقت أَوائله أواخره‏]

هو هكذا في الأَصل و الشطر ناقص.

552
لسان العرب4

عذر ص 545

لو جادَلَ عنها و لو أَدْلى بكل حجة يعتذر بها؛ و جاء في التفسير: المَعاذير السُّتور بلغة اليمن، واحدها مِعْذارٌ، أَي وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ
. و يقال: تَعَذَّرُوا عليه أَي فَرُّوا عنه و خذلوه. و قال أَبو مالك عمرو ابن كِرْكِرَة: يقال ضربوه فأَعْذَروه أَي ضربوه فأَثْقَلُوه. و ضُرِبَ فلانٌ فأُعْذِرَ أَي أُشْرف به على الهلاك. و يقال: أَعْذَرَ فلان في ظَهْرِ فلان بالسيَاط إِعْذاراً إِذا ضرَبه فأَثَّر فيه، و شَتَمه فبالغَ فيه حتى أَثَّر به في سبِّه؛ و قال الأَخطل:
و قد أَعْذَرْن في وَضَحِ العِجَانِ‏
و العَذْراء: جامِعةٌ توضع في حَلْق الإِنسان لم توضع في عنق أَحد قبله، و قيل: هو شي‏ء من حديد يعذَّب به الإِنسانُ لاستخراج مال أَو لإِقرارٍ بأَمر. قال الأَزهري: و العَذَارى هي الجوامع كالأَغْلال تُجْمَع بها الأَيدي إِلى الأَعناق. و العَذْراء: الرملة التي لم تُوطَأْ. و رَمْلة عَذْراء: لم يَرْكَبْها أَحدٌ لارتفاعها. و دُرَّة عَذْراءُ. لم تُثْقب. و أَصابعُ العَذارَى: صِنْف من العِنَب أَسود طوال كأَنه البَلُّوط، يُشَبَّه بأَصابع العَذارى المُخَضَّبَةِ. و العَذْراء: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه و سلم، أُراها سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ. و العَذْراءُ: برْجٌ من بروج السماء. و قال النَّجَّامون: هي السّنْبُلة، و قيل: هي الجَوْزاء. و عَذْراء: قرية بالشام معروفة؛ و قيل: هي أَرض بناحية دمشق؛ قال ابن سيدة: أُراها سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ بمكروه و لا أُصِيبَ سُكّانُها بأَداة عدُوّ؛ قال الأَخطل:
و يا مَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ، و ياسَرَتْ             بنَا العِيسُ عن عَذْراءَ دارِ بني الشَّجْب‏

و العُذْرةُ: نجْمٌ إِذا طلَع اشتد غَمُّ الحرّ، و هي تطلع بعد الشِّعْرى، و لها وَقْدة و لا رِيحَ لها و تأْخذ بالنفَس، ثم يطلُع سُهَيلٌ بعدها، و قيل: العُذْرة كواكبُ في آخر المَجَرَّة خمسة. و العُذْرةُ و العاذورُ: داءٌ في الحلق؛ و رجل مَعْذورٌ: أَصابَه ذلك؛ قال جرير:
غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ يا فَرَزْدَقُ كَيْنَها،             غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْذُورِ

الكَيْنُ: لحم الفرج. و العُذْرة: وجع الحلق من الدم، و ذلك الموضع أَيضاً يسمى عُذْرة، و هو قريب من اللَّهاةِ. و عُذِرَ، فهو مَعْذورٌ: هاجَ به وجعُ الحلقِ. و
في الحديث: أَنه رأَى صبيّاً أُعْلِقَ عليه من العُذْرةِ.
؛ هو وجع في الحلق يهيجُ من الدم، و قيل: هي قُرْحة تخرج في الحَزْم الذي بين الحلق و الأَنف يَعْرِض للصبيان عند طلوع العُذْرة، فتَعْمِد المرأَة إِلى خِرْقةٍ فَتَفْتِلُها فتلًا شديداً، و تُدْخِلُها في أَنْفِه فتطعَن ذلك الموضعَ، فينفجرُ منه دمٌ أَسْودُ ربما أَقْرحَه، و ذلك الطعنُ يسمى الدَّغْر. يقال: عَذَرَت المرأَةُ الصبيَّ إِذا غَمَزَت حلْقَه من العُذْرة، إِن فعلت به ذلك، و كانوا بعد ذلك يُعَلِّقون عليه عِلاقاً كالعُوذة. و قوله: عند طلوع العُذْرة؛ هي خمسةُ كواكبَ تحت الشِّعْرى العَبُور، و تسمى العَذارى، و تطلع في وسط الحرّ، و قوله: من العُذْرة أَي من أَجْلِها. و العاذِرُ: أَثرُ الجُرْح؛ قال ابن أَحمر:
أُزاحِمُهم بالباب إِذ يَدْفَعُونَني،             و بالظهرِ، مني من قَرَا الباب عاذِرُ

تقول منه: أَعْذَرَ به أَي ترك به عاذِراً، و العَذِيرُ مثله. ابن الأَعرابي: العَذْر جَمْع العَاذِر، و هو الإِبداء. يقال: قد ظهر عاذِره، و هو دَبُوقاؤه.

553
لسان العرب4

عذر ص 545

و أَعْذَرَ الرجلُ: أَحْدَثَ. و العاذِرُ و العَذِرةُ: الغائط الذي هو السَّلح. و
في حديث ابن عمر: أَنه كره السُّلْت الذي يُزْرَعُ بالعَذِرة.
؛ يريد الغائطَ الذي يلقيه الإِنسان. و العَذِرةُ: فناء الدار. و
في حديث عليٍّ: أَنه عاتَب قوماً فقال: ما لكم لا تُنَظِّفُون عَذِراتِكم؟.
أَي أَفْنِيَتكم. و
في الحديث: إِن الله نظيف يُحِبّ النَّظافةَ فنظفوا عَذِراتكم و لا تَشَبَّهوا باليهود.
و
في حديث رُقَيقة: و هذه عِبِدَّاؤُك بعَذِراتِ حَرَمِك.
و قيل: العَذِرةُ أَصلها فِناءُ الدار، و إِيَّاها أَرادَ عليٌّ، رضي الله عنه، بقوله. قال أَبو عبيد: و إِنما سميت عَذِراتُ الناس بهذا لأَنها كانت تُلْقَى بالأَفْنِية، فكُنِيَ عنها باسم الفناء كما كُنِيَ بالغائط و هي الأَرض المطمئنة عنها؛
و قال الحطيئة يهجو قومه و يذكر الأَفنية:
لعَمْرِي لقد جَرَّبْتُكم، فوَجَدْتُكم             قِباحَ الوُجوهِ سَيِّئِي العَذِراتِ‏
أَراد: سيئين فحذف النون للإِضافة؛ و مدح في هذه القصيدة إِبِلَهُ فقال:
مَهارِيس يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهْلِها،             إِذا النارُ أَبْدَتْ أَوْجُهَ الخفِراتِ‏

فقال له عمر: بئس الرجل أَنت تمدح إبِلَكَ و تهجو قومَك.
و
في الحديث: اليهودُ أَنْتَنُ خَلْقِ الله عَذِرةً.
؛ يجوز أَن يَعْنِيَ به الفِناءَ و أَن يَعْنِيَ به ذا بطونِهم، و الجمع عَذِرات؛ قال ابن سيدة: و إِنما ذكّرتها لأَن العذرة لا تكسر؛ و إِنه لَبَرِي‏ءُ العَذِرة من ذلك على المثَل، كقولهم بَرِي‏ءُ الساحةِ. و أَعْذَرَت الدارُ أَي كَثُرَ فيها العَذِرةُ. و تعَذَّرَ من العَذِرَة أَي تلَطَّخ. و عَذّره تَعْذيراً: لطَّخَه بالعَذِرَة. و العَذِرة أَيضاً: المَجْلِسُ الذي يجلس فيه القوم. و عَذِرةُ الطعامِ: أَرْدَأُ ما يخرج منه فيُرْمَى به؛ هذه عن اللحياني. و قال اللحياني: هي العَذِرة و العَذِبة. و العُذْرُ: النُّجْحُ؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد لمسكين الدارمي:
و مُخاصِم خاصَمْتُ في كَبَدٍ،             مثل الدِّهان، فكان لي العُذْرُ

أَي قاوَمْتُه في مزلّةٍ فثبتت قدمي و لم تَثْبُتْ قدمُه فكان النُّجْحُ لي. و يقال في الحرب: لمن العُذْرُ؟ أَي النجح و الغلبة. الأَصمعي: لقيت منه عاذُوراً أَي شّراً، و هو لغة في العاثُور أَو لثغة. و ترك المطرُ به عاذِراً أَي أَثراً. و العواذِيرُ: جمع العاذِرِ، و هو الأَثر. و
في حديث علي، رضي الله عنه: لم يَبْقَ لهم عاذِرٌ.
أَي أَثر. و العاذِرُ: العِرْقُ الذي يخرُج منه دمُ المستحاضة، و اللام أَعرف «3». و العاذِرةُ: المرأَة المستحاضة، فاعلة بمعنى مفعولة، من إِقامة العُذْر؛ و لو قال إِن العاذِرَ هو العرق نفسه لأَنه يقوم بِعُذْرِ المرأَة لكان وجهاً، و المحفوظ العاذل، باللام. و قوله عز و جل: فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً
؛ فسره ثعلب فقال: العُذْرُ و النُّذْر واحد، قال اللحياني: و بعضهم يُثَقِّل، قال أَبو جعفر: مَن ثَقَّل أَراد عُذْراً أَوْ نُذْراً
، كما تقول رُسُل في رُسْل؛ و قال الأَزهري في قوله عز و جل: عُذْراً أَوْ نُذْراً
، فيه قولان: أَحدهما أَن يكون معناه فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً للإِعْذار و الإِنذار، و القول الثاني أَنهما نُصِبَا على البدل من قوله ذِكْراً، و فيه وجه ثالث و هو أَن تنصِبَهما بقوله ذِكْراً؛ المعنى فَالْمُلْقِياتِ إِن ذَكَرَتْ عُذْراً أَوْ نُذْراً
، و هما اسمان يقومان مقام الإِعْذار و الإِنْذار، و يجوز تخفيفُهما و تثقيلُهما معاً.
__________________________________________________
 (3). يريد أن العاذل، باللام، أعرف من العاذر، بالراء.

554
لسان العرب4

عذر ص 545

و يقال للرجل إِذا عاتَبَك على أَمر قبل التقدُّم إِليك فيه: و الله ما استْتَعْذَرْتَ إِليَّ ما اسْتَنْذَرْت أَي لم تُقَدِّمْ إِليَّ المَعْذِرةَ و الإِنذارَ. و الاستعذارُ: أَن تقول له أَعْذِرْني منك. و حمارٌ عَذَوَّرٌ: واسعُ الجوف فحّاشٌ. و العَذَوَّرُ أَيضاً: السي‏ء الخلُق الشديد النفْس؛ قال الشاعر:
حُلْو حَلال الماء غير عَذَوّر
أَي ماؤه و حوضُه مباح. و مُلْكٌ عَذَوَّرٌ: واسع عريض، و قيل شديد؛ قال كثير بن سعد:
أَرَى خَاليَ اللَّخْمِيَّ نُوحاً يَسُرُّني             كَرِيماً، إِذا ما ذَاحَ مُلْكاً عَذَوَّرا

ذَاحَ و حاذَ: جَمَعَ، و أَصل ذلك في الإِبل. و عُذْرة: قبيلة من اليمن؛ و قول زينب بنت الطثرية ترثي أَخاها يزيد:
يُعِينُك مَظْلوماً و يُنْجِيك ظالماً،             و كلُّ الذي حَمَّلْتَه فهو حامِلُهْ‏
إِذا نَزلَ الأَضْيافُ كان عَذَوَّراً             على الحَيِّ، حتى تَسْتَقلَّ مَراجِلُه‏

قوله: و ينجيك ظالماً أَي إِن ظَلَمْتَ فطُولِبْت بظُلْمِكَ حَماكَ و مَنَعَ منك. و العَذوَّر: السي‏ء الخلق، و إِنما جعلَتْه عَذوَّراً لشدة تَهَمُّمِه بأَمر الأَضياف و حِرْصِه على تعجيل قِراهم حتى تستقل المراجل على الأَثافيّ. و المَراجلُ: القدور، واحدها مِرْجَل.
عذفر:
جمل عُذافِرٌ و عَذَوْفَرٌ: صُلْبٌ عظيم شديد، و الأُنثى بالهاء. الأَزهري: العُذافِرةُ الناقة الشديدة الأَمِينةُ الوَثِيقة الظَّهِيرةُ و هي الأَمُون. و العُذافِرُ: الأَسد لشدته، صفة غالبة. و عُذافِرٌ: اسم رجل. و عُذافرٌ: اسم كوكب الذنب. قال الأَصمعي: العُذافِرةُ الناقة العظيمة، و كذلك الدَّوسَرة؛ قال لبيد:
عُذَافِرة تَقَمَّصُ بالرُّدَافَى،             تَخَوَّنَها نزُولي و ارْتِحالي‏

و في قصيدة كعب: و لن يبلغها إِلا عُذافِرة؛ هي الناقة الصُّلْبة القوية.
عذمهر:
بَلَدٌ عَذَمْهَرٌ: رَحْبٌ واسع.
عرر:
العَرُّ و العُرُّ و العُرَّةُ: الجربُ، و قيل: العَرُّ، بالفتح، الجرب، و بالضم، قُروحٌ بأَعناق الفُصلان. يقال: عُرَّت، فهي مَعْرُورة؛ قال الشاعر:
و لانَ جِلْدُ الأَرضِ بعد عَرِّه‏
أَي جَرَبِه، و يروى غَرّه، و سيأْتي ذكره؛ و قيل: العُرُّ داءٌ يأْخذ البعير فيتمعّط عنه وَبَرُه حتى يَبْدُوَ الجلدُ و يَبْرُقَ؛ و قد عَرَّت الإِبلُ تَعُرُّ و تَعِرُّ عَرّاً، فهي عارّة، و عُرَّتْ. و استعَرَّهم الجربُ: فَشَا فيهم. و جمل أَعَرُّ و عارٌّ أَي جَرِبٌ. و العُرُّ، بالضم: قروح مثل القُوَباء تخرج بالإِبل متفرقة في مشافرها و قوائمها يسيل منها مثلُ الماء الأَصفر، فتُكْوَى الصِّحاحُ لئلا تُعْدِيها المِراضُ؛ تقول منه: عُرَّت الإِبلُ، فهي مَعْرُورة؛ قال النابغة:
فحَمَّلْتَنِي ذَنْبَ امْرِئٍ و تَرَكْتَه،             كذِي العُرِّ يُكْوَى غيرُه، و هو راتِعْ‏

قال ابن دريد: من رواه بالفتح فقد غلط لأَن الجرَب لا يُكْوى منه؛ و يقال: به عُرَّةٌ، و هو ما اعْتَراه من الجنون؛ قال إمرؤ القيس:
و يَخْضِدُ في الآرِيّ حتى كأَنما             به عُرَّةٌ، أَو طائِفٌ غيرُ مُعْقِب‏

555
لسان العرب4

عرر ص 555

و رجل أَعَرُّ بيّنُ العَرَرِ و العُرُورِ: أَجْرَبُ، و قيل: العَرَرُ و العُرُورُ الجرَبُ نفسه كالعَرِّ؛ و قول أَبي ذؤيب:
خَلِيلي الذي دَلَّى لِغَيٍّ خَلِيلَتي             جِهاراً، فكلٌّ قد أَصابَ عُرُورَها

و المِعْرارُ من النخل: التي يصيبها مثل العَرّ و هو الجرب؛ حكاه أَبو حنيفة عن التَّوَّزِيّ؛ و استعار العَرّ و الجرب جميعاً للنخل و إِنما هما في الإِبل. قال: و حكى التَّوَّزِيُّ إِذا ابتاع الرجل نخلًا اشترط على البائع فقال: ليس لي مِقْمارٌ و لا مِئْخارٌ و لا مِبْسارٌ و لا مِعْرارٌ و لا مِغْبارٌ؛ فالمِقْمارُ: البيضاءُ البُسْر التي يبقى بُسْرُها لا يُرْطِبُ، و المِئْخارُ: التي تُؤَخِّرُ إِلى الشتاء، و المِغْبارُ: التي يَعْلُوها غُبارٌ، و المِعْرار: ما تقدم ذكره. و
في الحديث: أَن رجلًا سأَل آخر عن منزله فأَخْبَره أَنه ينزل بين حَيّين من العرب فقال: نَزَلْتَ بين المَعَرّة و المَجَرّة.
؛ المَجرّةُ التي في السماء البياضُ المعروف، و المَعَرَّة ما وراءَها من ناحية القطب الشمالي؛ سميت مَعَرّة لكثرة النجوم فيها، أَراد بين حيين عظيمين لكثرة النجوم. و أَصل المَعَرَّة: موضع العَرّ و هو الجرَبُ و لهذا سَمَّوا السماءَ الجَرْباءَ لكثرة النجوم فيها، تشبيهاً بالجَرَبِ في بدن الإِنسان. و عارَّه مُعارّة و عِراراً: قاتَلَه و آذاه. أَبو عمرو: العِرارُ القِتالُ، يقال: عارَرْتُه إِذا قاتلته. و العَرَّةُ و المَعُرَّةُ: الشدة، و قيل: الشدة في الحرب. و المَعَرَّةُ: الإِثم. و في التنزيل: فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ‏
؛ قال ثعلب: هو من الجرب، أَي يصيبكم منهم أَمر تَكْرَهُونه في الدِّيات، و قيل: المَعَرَّة الجنايةُ أَي جِنايَتُه كجناية العَرِّ و هو الجرب؛ و أَنشد:
قُلْ لِلْفوارِس من غُزَيّة إِنهم،             عند القتال، مَعَرّةُ الأَبْطالِ‏

و قال محمد بن إِسحاق بن يسار: المَعَرَّةُ الغُرْم؛ يقول: لو لا أَن تصيبوا منهم مؤمناً بغير عِلْم فتَغْرموا دِيَته فأَما إِثمه فإِنه لم يخْشَه عليهم. و قال شمر: المَعَرّةُ الأَذَى. و مَعَرَّةُ الجيشِ: أَن ينزلوا بقوم فيأْكلوا من زُروعِهم شيئاً بغير علم؛ و هذا الذي‏
أَراده عمر، رضي الله عنه، بقوله: اللهم إِني أَبْرَأُ إِليك من مَعَرّةِ الجَيْش.
و قيل: هو قتال الجيش دون إِذْن الأَمير. و أَما قوله تعالى: لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ‏
؛ فالمَعَرَّةُ التي كانت تُصِيب المؤمنين أَنهم لو كَبَسُوا أَهلَ مكة و بين ظَهْرانَيْهم قومٌ مؤمنون لم يتميزوا من الكُفّار، لم يأْمنوا أَن يَطَأُوا المؤمنين بغير عِلْمٍ فيقتلوهم، فتلزمهم دياتهم و تلحقهم سُبّةٌ بأَنهم قتلوا مَنْ هو على دينهم إِذ كانوا مختلطين بهم. يقول الله تعالى: لو تميزَ المؤمنون من الكُفّار لسَلّطْناكم عليهم و عذّبناهم عذاباً أَلِيماً؛ فهذه المَعَرّةُ التي صانَ الله المؤمنين عنها هي غُرْم الديات و مَسَبّة الكُفار إِياهم، و أَما مَعَرّةُ الجيشِ التي تبرّأَ منها عُمر، رضي الله عنه، فهي وطْأَتُهم مَنْ مَرُّوا به من مسلم أَو معاهَدٍ، و إِصابتُهم إِياهم في حَرِيمِهم و أَمْوالِهم و زُروعِهم بما لم يؤذن لهم فيه. و المَعَرّة: كوكبٌ دون المَجَرَّة. و المَعَرّةُ: تلوُّنُ الوجه مِن الغضب؛ قال أَبو منصور: جاء أَبو العباس بهذا الحرف مشدد الراء، فإِن كان من تَمَعّرَ وجهُه فلا تشديد فيه، و إِن كان مَفْعَلة من العَرّ فالله أَعلم. و حِمارٌ أَعَرُّ: سَمينُ الصدر و العُنُقِ، و قيل: إِذا كان السِّمَنُ في صدره و عُنُقِه أَكثرَ منه في سائر

556
لسان العرب4

عرر ص 555

خلقه. و عَرَّ الظليمُ يَعِرُّ عِراراً، و عارَّ يُعارُّ مُعارَّةً و عِراراً، و هو صوته: صاحَ؛ قال لبيد:
تحَمَّلَ أَهُلها إِلَّا عِرَاراً             و عَزْفاً بعد أَحْياء حِلال‏

و زمَرَت النعامةُ زِماراً، و في الصحاح: زَمَرَ النعامُ يَزْمِرُ زِماراً. و التَّعارُّ: السَّهَرُ و التقلُّبُ على الفراش لَيْلًا مع كلام، و هو من ذلك. و
في حديث سلمان الفارسي: أَنه كان إِذا تعارَّ من الليل، قال: سبحان رَبِّ النبيِّين.
و لا يكون إِلا يَقَظَةً مع كلامٍ و صوتٍ، و قيل: تَمَطَّى و أَنَّ. قال أَبو عبيد: و كان بعض أَهل اللغة يجعله مأْخُوذاً من عِرارِ الظليم، و هو صوته، قال: و لا أَدري أَ هو من ذلك أَم لا. و العَرُّ: الغلامُ. و العَرّةُ: الجارية. و العَرارُ و العَرارة: المُعجَّلانِ عن وقت الفطام. و المُعْتَرُّ: الفقير، و قيل: المتعَرِّضُ للمعروف من غير أَن يَسأَل. و منه‏
حديث علي، رضوان الله عليه: فإِن فيهم قانِعاً و مُعْتَرًّا.
عَراه و اعْتَراه و عرّه يعُرُّه عَرّاً و اعْتَرَّه و اعْتَرَّ به إِذا أَتاه فطلب معروفه؛ قال ابن أَحمر:
تَرْعَى القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها،             ثم تَعُرُّ الماءَ فِيمَنْ يَعُرُّ

أَي تأْتي الماء و ترده. القَفُّور: ما يوجد في القَفْر، و لم يُسْمَع القَفّورُ في كلام العرب إِلا في شعر ابن أَحمر. و في التنزيل: وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ
. و
في الحديث: فأَكَلَ و أَطْعَمَ القانعَ و المُعْتَرَّ.
قال جماعة من أَهل اللغة: القانعُ الذي يسأْل، و المُعْتَرُّ الذي يُطِيف بك يَطْلُب ما عندك، سأَلَك أَو سَكَتَ عن السؤال. و
في حديث حاطب بن أَبي بَلْتَعة: أَنه لما كَتَب إِلى أَهل مكة كتاباً يُنْذِرُهم فيه بِسَيْرِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، إِليهم أَطْلَع اللهُ رسولَه على الكتاب، فلما عُوتِبَ فيه قال: كنت رجلًا عَريراً في أَهل مكة فأَحْبَبْت أَن أَتقربَ إِليهم ليحْفَظُوني في عَيْلاتي عندهم.
؛ أَراد بقوله عَريراً أَي غَريباً مُجاوِراً لهم دَخيلًا و لم أَكن من صَميمهم و لا لي فيهم شُبْكَةُ رَحِمٍ. و العَرِيرُ، فَعِيل بمعنى فاعل، و أَصله من قولك عَرَرْته عَرّاً، فأَنا عارٌّ، إِذا أَتيته تطلب معروفه، و اعْتَرَرْته بمعناه. و
في حديث عمر، رضي الله تعالى عنه: أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، أَعطاه سَيْفاً مُحَلًّى فنزَعَ عُمَرُ الحِلْيةَ و أَتاه بها و قال: أَتيتك بهذا لِمَا يَعْرُرُك من أُمور الناس.
؛ قال ابن الأَثير: الأَصل فيه يَعُرُّك، ففَكّ الإِدغامَ، و لا يجي‏ء مثل هذا الاتساعِ إِلا في الشعر، و قال أَبو عبيد: لا أَحسبه محفوظاً و لكنه عندي: لما يَعْرُوك، بالواو، أَي لما يَنُوبُك من أَمر الناس و يلزمك من حوائجهم؛ قال أَبو منصور: لو كان من العَرّ لقال لما يعُرُّك. و
في حديث أَبي موسى: قال له عليّ، رضي الله عنه، و قد جاء يعود ابنَه الحَسَنَ: ما عَرَّنا بك أَيّها الشَّيْخُ؟.
أَي ما جاءنا بك. و يقال في المثل: عُرَّ فَقْرَه بفِيه لعلّه يُلْهِيه؛ يقول: دَعْه و نَفْسَه لا تُعِنْه لعل ذلك يَشْغَلُه عما يصنع. و قال ابن الأَعرابي: معناه خَلِّه و غَيِّه إِذا لم يُطِعْكَ في الإِرشاد فلعله يقع في هَلَكة تُلْهيه و تشغله عنك. و المَعْرورُ أَيضاً: المقرور، و هو أَيضاً الذي لا يستقرّ. و رجل مَعْرورٌ: أَتاه ما لا قِوَام له معه. و عُرّا الوادي: شاطِئاه. و العُرُّ و العُرّةُ: ذَرْقُ الطير. و العُرّةُ أَيضاً: عَذِرةُ الناس و البعرُ و السِّرْجِينُ؛ تقول منه: أَعَرَّت الدارُ. و عَرَّ الطيرُ يَعُرُّ عَرَّةً: سَلَحَ. و
في الحديث إِيَّاكم و مُشارّةَ الناس فإِنها تُظْهِر

557
لسان العرب4

عرر ص 555

العُرّةَ.
و هي القذَر و عَذِرة الناس، فاستعِير للمَساوِئِ و المَثالب. و
في حديث سعد: أَنه كان يُدْمِلُ أَرْضَه بالعُرّة فيقول: مِكْتَلُ عُرّةٍ مكْتَلُ بُرٍّ.
قال الأَصمعي: العُرّةُ عَذِرةُ الناس، و يُدْمِلُها: يُصْلِحها، و
في رواية: أَنه كان يَحْمِل مكيالَ عُرّةٍ إِلى أَرض له بمكة.
و عَرَّ أَرْضه يَعُرُّها أَي سَمَّدَها، و التَّعْرِيرُ مثله. و منه‏
حديث ابن عمر: كان لا يَعُرُّ أَرْضَه.
أَي لا يُزَبِّلُها بالعُرَّة. و
في حديث جعفر بن محمد، رضي الله عنهما: كُلْ سَبْعَ تَمَراتٍ من نَخْلةٍ غيرِ مَعْرورةٍ.
أَي غير مُزَبَّلة بالعُرّة، و منه قيل: عَرَّ فلانٌ قومَه بشرٍّ إِذا لطّخهم؛ قال أَبو عبيد: و قد يكون عرّهم بشرٍّ من العَرّ و هو الجَربُ أَي أَعْداهم شرُّه؛ و قال الأَخطل:
و نَعْرُرْ بقوم عُرَّةً يكرهونها،             و نَحْيا جميعاً أَو نَمُوت فنُقْتَل‏

و فلانٌ عُرّةٌ و عارُورٌ و عارُورةٌ أَي قَذِرٌ. و العُرّةُ: الأُبْنةُ في العَصا و جمعها عُرَرٌ. و جَزورٌ عُراعِرٌ، بالضم، أَي سَمِينة. و عُرَّةُ السنام: الشحمةُ العُليا، و العَرَرُ: صِغَرُ السنام، و قيل: قصرُه، و قيل: ذهابُه و هو من عيوب الإِبل، جمل أَعرُّ و ناقة عرّاء و عرّة؛ قال:
تَمَعُّكَ الأَعَرّ لاقَى العَرّاء

أَي تَمَعَّك كما يتمعك الأَعَرُّ، و الأَعَرُّ يُحِبُّ التمعُّكَ لذهاب سنامه يلتذّ بذلك؛ و قال أَبو ذؤيب:
و كانوا السَّنامَ اجتُثَّ أَمْسِ، فقومُهم             كعرّاءَ، بَعْدَ النَّيّ، راثَ رَبِيعُها

و عَرَّ إِذا نقص. و قد عَرَّ يَعَرُّ: نقص سنامُه. و كَبْشٌ أَعَرُّ. لا أَلْية له، و نعجة عَرّاء. قال ابن السكيت: الأَجَبُّ الذي لا سنام له من حادِثٍ، و الأَعَرُّ الذي لا سنام له من خلْقة. و في كتاب التأْنيث و التذكير لابن السكيت: رجل عارُورةٌ إِذا كان مشؤوماً، و جمل عارُورةٌ إِذا لم يكن له سنام، و في هذا الباب رجل صارُورةٌ. و يقال: لقيت منه شرّاً و عَرّاً و أَنت شرٌّ منه و أَعَرُّ، و المَعَرَّةُ: الأَمر القبيح المكروه و الأَذى، و هي مَفْعلة من العَرّ. و عَرَّه بشرٍّ أَي ظلَمه و سبّه و أَخذ مالَه، فهو مَعْرُورٌ. و عَرَّه بمكروه يعُرُّه عَرّاً: أَصابَه به، و الاسم العُرَّة. و عَرَّه أَي ساءه؛ قال العجاج:
ما آيبٌ سَرَّكَ إِلا سرَّني             نُصحاً، و لا عَرَّك إِلا عَرَّني‏

قال ابن بري: الرجز لرؤبة بن العجاج و ليس للعجاج كما أَورده الجوهري؛ قاله يخاطب بلال بن أَبي بردة بدليل قوله:
أَمْسى بِلالٌ كالرَّبِيعِ المُدْجِنِ             أَمْطَرَ في أَكْنافِ غَيْمٍ مُغْيِنِ،
و رُبَّ وَجْهٍ من حراء مُنْحَنِ‏

و قال قيس بن زهير:
يا قَوْمَنا لا تَعُرُّونا بداهيَةٍ،             يا قومَنا، و اذكُروا الآباءَ و القُدمَا

قال ابن الأَعرابي: عُرَّ فلانٌ إِذا لُقِّبَ بلقب يعُرُّه؛ و عَرَّه يعُرُّهُ إِذا لَقَّبه بما يَشِينُه؛ و عَرَّهم يعُرُّهم: شانَهُم. و فلان عُرّةُ أَهله أَي يَشِينُهم. و عَرَّ يعُرُّ إِذا صادَفَ نوبته في الماء و غيره، و العُرَّى: المَعِيبةُ من النساء. ابن الأَعرابي: العَرَّةُ الخَلّةُ القبيحة. و عُرّةُ الجربِ و عُرّةُ النساء: فَضيحَتُهنّ و سُوء

558
لسان العرب4

عرر ص 555

عشْرتهنّ. و عُرّةُ الرجال: شرُّهم. قال إِسحق: قلت لأَحمد سمعت سفيان ذكَر العُرّةَ فقال: أَكْرَهُ بيعَه و شراءَه، فقال أَحمد: أَحْسَنَ؛ و قال ابن راهويه كما قال، و إِن احتاج فاشتراه فهو أَهْون لأَنه يُمْنَحُ. و كلُّ شي‏ءٍ باءَ بشي‏ءٍ، فهو له عَرَار؛ و أَنشدَ للأَعشى:
فقد كان لهم عَرار
و قيل: العَرارُ القَوَدُ. و عَرارِ، مثل قطام: اسم بقرة. و في المثل: باءَتْ عَرَارِ بِكَحْلَ، و هما بقرتان انتطحتا فماتتا جميعاً؛ باءت هذه بهذه؛ يُضْرَب هذا لكل مستويين؛ قال ابن عنقاء الفزاري فيمن أَجراهما:
باءَتْ عَرارٌ بكَحْلٍ و الرِّفاق معاً،             فلا تَمَنَّوا أَمانيَّ الأَباطِيل‏

و في التهذيب: و قال الآخر فيما لم يُجْرِهما:
باءَتْ عَرارِ بكَحْلَ فيما بيننا،             و الحقُّ يَعْرفُه ذَوُو الأَلْباب‏

قال: و كَحْل و عَرارِ ثورٌ و بقرة كانا في سِبْطَينِ من بني إِسرائيل، فعُقِر كَحْل و عُقِرت به عَرارِ فوقعت حرب بينهما حتى تَفانَوْا، فضُربا مثلًا في التساوي. و تزوّجَ في عَرارة نِساءٍ أَي في نساءٍ يَلِدْن الذكور، و في شَرِيَّةِ نساء يلدن الإِناث. و العَرَارةُ: الشدة؛ قال الأَخطل:
إِن العَرارةَ و النُّبُوحَ لِدارِمٍ،             و المُسْتَخِفُّ أَخُوهمُ الأَثْقالا

و هذا البيت أَورده الجوهري للأَخطل و ذكر عجزه:
و العِزُّ عند تكامُلِ الأَحْساب‏

قال ابن بري: صدر البيت للأَخطل و عجزه للطرماح، فإن بيت الأَخطل كما أَوردناه أَولًا؛ و بيت الطرماح:
إِن العرارة و النبوح لِطَيِ‏ءٍ،             و العز عند تكامل الأَحساب‏

و قبله:
يا أَيها الرجل المفاخر طيئاً،             أَعْزَبْت لُبَّك أَيَّما إِعْزاب‏

و
في حديث طاووس: إِذا اسْتَعَرَّ عليكم شي‏ءٌ من الغَنم.
أَي نَدَّ و اسْتَعْصَى، من العَرارة و هي الشدة و سوء الخلق، و العَرَارةُ: الرِّفْعة و السُودَدُ. و رجل عُراعِرٌ: شريف؛ قال مهلهل:
خَلَعَ المُلوكَ، و سارَ تحت لِوائِه             شجرُ العُرا، و عُراعِرُ الأَقْوامِ‏

شجر العرا: الذي يبقى على الجدب، و قيل: هم سُوقة الناس. و العُراعِرُ هنا: اسم للجمع، و قيل: هو للجنس، و يروى عَراعِر، بالفتح، جمع عُراعِر، و عَراعِرُ القوم: ساداتُهم، مأْخوذ من عُرْعُرة الجبل، و العُراعِرُ: السيد، و الجمع عَراعِرُ، بالفتح؛ قال الكميت:
ما أَنْتَ مِنْ شَجَر العُرا،             عند الأُمورِ، و لا العَراعِرْ

و عُرْعُرة الجبل: غلظه و معظمه و أَعلاه. و
في الحديث: كتب يحيى بن يعمر إِلى الحجاج: إِنا نزلنا بعُرْعُرةِ الجبل و العدوُّ بحَضِيضِه.
؛ فعُرْعُرتُه رأْسه، و حَضِيضُه أَسفلُه. و
في حديث عمر بن عبد العزيز أَنه قال: أَجْمِلوا في الطَلب فلو أَن رِزْقَ أَحدِكم في عُرْعُرةِ جبلٍ أَو حَضِيض أَرض لأَتاه قبل أَن يموت.
و عُرْعُرةُ كل شي‏ءٍ، بالضم: رأْسُه و أَعلاه. و عَرْعَرةُ الإِنسان: جلدةُ رأْسِه. و عُرْعرةُ السنامِ: رأْسُه و أَعلاه‏

559
لسان العرب4

عرر ص 555

و غارِبُه، و كذلك عُرْعُرةُ الأَنف و عُرْعُرةُ الثورِ كذلك؛ و العراعِرُ: أَطراف الأَسْمِنة في قول الكميت:
سَلَفي نِزار، إِذْ تحوّلت             المَناسمُ كالعَراعرْ

و عَرْعَرَ عينَه: فقأَها، و قيل: اقتلعها؛ عن اللحياني. و عَرْعَرَ صِمامَ القارورة عَرْعرةً: استخرجه و حرّكه و فرّقه. قال ابن الأَعرابي: عَرْعَرْت القارورةَ إِذا نزعت منها سِدادَها، و يقال إِذا سَدَدْتها، و سِدادُها عُرعُرُها، و عَرعَرَتُها وِكاؤها. و في التهذيب: غَرْغَرَ رأْسَ القارورة، بالغين المعجمة، و العَرْعَرةُ التحريك و الزَّعْزعةُ، و قال يعني قارورةً صفْراء من الطيب:
و صَفْراء في وَكْرَيْن عَرْعَرْتُ رأْسَها،             لأُبْلِي إِذا فارَقْتُ في صاحبِي عُذْرا

و يقال للجارية العَذْراء: عَرَّاء. و العَرْعَر: شجرٌ يقال له الساسَم، و يقال له الشِّيزَى، و يقال: هو شجر يُعْمل به القَطِران، و يقال: هو شجر عظيم جَبَليّ لا يزال أَخضرَ تسميه الفُرْسُ السَّرْوُ. و قال أَبو حنيفة: للعَرْعَر ثمرٌ أَمثال النبق يبدو أَخضر ثم يَبْيَضُّ ثم يَسْوَدُّ حتى يكون كالحُمَم و يحلُو فيؤكل، واحدته عَرْعَرةٌ، و به سمي الرجل. و العَرَارُ: بَهارُ البَرِّ، و هو نبت طيب الريح؛ قال ابن بري: و هو النرجس البَرِّي؛ قال الصمّة بن عبد الله القشيري:
أَقولُ لصاحِبي و العِيسُ تَخْدِي             بنا بَيْنَ المُنِيفة فالضِّمَارِ «4»: تمَتَّعْ مِن شَمِيمِ عَرَارِ نَجْدٍ،
فما بَعْدَ العَشِيَّة مِن عَرارِ             أَلا يا حَبّذا نَفَحاتُ نَجْدٍ،
و رَيّا رَوْضه بعد القِطَار             شهورٌ يَنْقَضِينَ، و ما شَعَرْنا
بأَنْصافٍ لَهُنَّ، و لا سِرَار [سَرَار]

واحدته عَرارة؛ قال الأَعشى:
بَيْضاء غُدْوَتها، و صَفْراء             العَشِيّة كالعَراره‏

معناه أَن المرأَة الناصعةَ البياض الرقيقةَ البشرة تَبْيَضّ بالغداة ببياض الشمس، و تَصْفَرّ بالعشيّ باصفرارها. و العَرَارةُ: الحَنْوةُ التي يَتَيَمّن بها الفُرْسُ؛ قال أَبو منصور: و أَرى أَن فرَس كَلْحَبةَ اليَرْبوعي سميت عَرَارة بها، و اسم كلحبة هُبَيرة بن عبد مناف؛ و هو القائل في فرسه عرارة هذه:
تُسائِلُني بنو جُشَمَ بنِ بكْرٍ:             أَ غَرّاءُ العَرارةُ أَمْ يَهِيمُ؟
كُمَيتٌ غيرُ مُحْلفةٍ، و لكن             كلَوْنِ الصِّرْفِ، عُلَّ به الأَدِيمُ‏

و معنى قوله: تسائلني بنو جشم بن بكر أَي على جهة الاستخبار و عندهم منها أَخبار، و ذلك أَن بني جشم أَغارت على بَلِيٍّ و أَخذوا أَموالهم، و كان الكَلْحَبةُ نازلًا عندهم فقاتَلَ هو و ابنُه حتى رَدُّوا أَموال بَلِيٍّ عليهم و قُتِلَ ابنُه، و قوله: كميت غير محلفة، الكميت المحلف هو الأَحَمُّ و الأَحْوى و هما يتشابهان في اللون حتى يَشُكّ فيهما البَصِيران، فيحلف أَحدُهما أَنه كُمَيْتٌ أَحَمُّ، و يحلف الآخرُ أَنه كُمَيت أَحْوَى، فيقول الكلحبة: فرسِي ليست من هذين اللونين و لكنها كلون الصِّرْف، و هو صبغ أَحمر تصبغ به الجلود؛ قال ابن بري: و صواب إِنشاده أَ غَرّاءُ العَرادةُ، بالدال، و هو اسم فرسه، و قد ذكرت في فصل عرد، و أَنشد
__________________________________________________
 (4). قوله: [و العيس تخدي‏] في ياقوت: تهوي بدل تخدي.

560
لسان العرب4

عرر ص 555

البيت أَيضاً، و هذا هو الصحيح؛ و قيل: العَرَارةُ الجَرادةُ، و بها سميت الفرس؛ قال بشر:
عَرارةُ هَبْوة فيها اصْفِرارُ
و يقال: هو في عَرارة خيرٍ أَي في أَصل خير. و العَرَارةُ: سوءُ الخلق. و يقال: رَكِبَ عُرْعُرَه إِذا ساءَ خُلُقه، كما يقال: رَكِبَ رَأْسَه؛ و قال أَبو عمرو في قول الشاعر يذكر امرأَة:
و رَكِبَتْ صَوْمَها و عُرْعُرَها

أَي ساء خُلُقها، و قال غيره: معناه ركبت القَذِرَ من أَفْعالها. و أَراد بعُرْعُرها عُرَّتَها، و كذلك الصوم عُرَّةُ النعام. و نخلة مِعْرارٌ أَي محْشافٌ. الفراء: عَرَرْت بك حاجتي أَي أَنْزَلْتها. و العَرِيرُ في الحديث: الغَرِيبُ؛ و قول الكميت:
و بَلْدة لا يَنالُ الذئْبُ أَفْرُخَها،             و لا وَحَى الوِلْدةِ الدَّاعِين عَرْعارِ

أَي ليس بها ذئب لبُعْدِها عن الناس. و عِرَار: اسم رجل، و هو عِرَار بن عمرو بن شاس الأَسدي؛ قال فيه أَبوه:
و إِنَّ عِرَاراً إِن يكن غيرَ واضحٍ،             فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المَنكِب العَمَمْ‏

و عُرَاعِر و عَرْعَرٌ و العَرَارةُ، كلها: مواضع؛ قال إمرؤ القيس:
سَمَا لَكَ شَوْقٌ بعد ما كان أَقْصرَا،             و حَلَّت سُلَيْمى بَطْنَ ظَبْيٍ فعَرْعَرَا

و يروى:
... بطن قَوٍّ ...

؛ يخاطب نفسه يقول: سما شوقُك أَي ارتفع و ذهب بك كلَّ مذهب لِبُعْدِ مَن تُحِبُّه بعد ما كان أَقصر عنك الشوق لقُرْب المُحِبّ و دُنوِّه؛ و قال النابغة:
زيدُ بن زيد حاضِرٌ بعُراعِرٍ،             و على كُنَيْب مالِكُ بن حِمَار

و منه مِلْحٌ عُراعِرِيّ. و عَرْعارِ: لُعْبة للصبيان، صِبْيانِ الأَعراب، بني على الكسرة و هو معدول من عَرْعَرَة مثل قَرْقارٍ من قَرْقَرة. و العَرْعَرة أَيضاً: لُعْبةٌ للصبيان؛ قال النابعة:
يَدْعُو ولِيدُهُم بها عَرْعارِ

لأَن الصبي إِذا لم يجد أَحداً رفَع صوتَه فقال: عَرْعارِ، فإِذا سَمِعُوه خرجوا إِليه فلَعِبوا تلك اللُّعْبَةَ. قال ابن سيدة: و هذا عند سيبويه من بنات الأَربع، و هو عندي نادر، لأَن فَعالِ إِنما عدلت عن افْعل في الثلاثي و مَكّنَ غيرُه عَرْعار في الاسمية. قالوا: سمعت عَرْعارَ الصبيان أَي اختلاطَ أَصواتهم، و أَدخل أَبو عبيدة عليه الأَلف و اللام فقال: العَرْعارُ لُعْبةٌ للصبيان؛ و قال كراع: عَرْعارُ لعبة للصبيان فأَعْرَبه، أَجراه مُجْرَى زينب و سُعاد.
عزر:
العَزْر: اللَّوْم. و عَزَرَهُ يَعْزِره عَزْراً و عَزَّرَه: ردَّه. و العَزْرُ و التَّعْزِيرُ: ضرب دون الحدّ لِمَنْعِه الجانِيَ من المُعاودَة و رَدْعِه عن المعصية؛ قال:
و ليس بتعزيرِ الأَميرِ خَزايةٌ             عليَّ، إِذا ما كنتُ غَيرَ مُرِيبِ‏

و قيل: هو أَشدُّ الضرب. و عَزَرَه: ضَربَه ذلك الضَّرْب. و العَزْرُ: المنع. و العَزْرُ: التوقيف على باب الدِّين. قال الأَزهري: و حديث سعد يدل على أَن التَّعْزِيرَ هو التوقيف على الدين‏
لأَنه قال: لقد رأَيْتُني مع رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و ما لنا طعامٌ إِلَّا الحُبْلَةَ و وَرقَ السَّمُر، ثم أَصبَحتْ بنو سَعْدٍ تُعَزِّرُني‏

561
لسان العرب4

عزر ص 561

على الإِسلام، لقد ضَلَلْتُ إِذاً و خابَ عَمَلي.
؛ تُعَزِّرُني على الإِسلام أَي تُوَقِّفُني عليه، و قيل: تُوَبِّخُني على التقصير فيه. و التَّعْزِيرُ: التوقيفُ على الفرائض و الأَحكام. و أَصل التَّعْزير: التأْديب، و لهذا يسمى الضربُ دون الحد تَعْزيراً إِنما هو أَدَبٌ. يقال: عَزَرْتُه و عَزَّرْتُه، فهو من الأَضداد، و عَزَّرَه: فخَّمه و عظَّمه، فهو نحْوُ الضد. و العَزْرُ: النَّصْرُ بالسيف. و عَزَرَه عَزْراً و عَزَّرَه: أَعانَه و قوَّاه و نصره. قال الله تعالى: تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ‏
، و قال الله تعالى: وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ‏
؛ جاء في التفسير أَي لِتَنْصُروه بالسيف، و من نصر النبيَّ، صلى الله عليه و سلم، فقد نَصَرَ الله عزَّ و جل. وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ‏
: عَظَّمْتموهم، و قيل: نصَرْتُموهم؛ قال إِبراهيم بن السَّريّ: و هذا هو الحق، و الله تعالى أَعلم، و ذلك أَن العَزْرَ في اللغة الرَّدُّ و المنع، و تأْويل عَزَرْت فلاناً أَي أَدَّبْتُه إِنما تأْويله فعلت به ما يَرْدَعُه عن القبيح، كما أن نَكَّلْت به تأْويله فعلت به ما يجب أَن يَنْكَل معه عن المُعاودة؛ فتأْويل عَزَّرْتُموهم نصَرْتُموهم بأَن تردُّوا عنهم أَعداءَهم، و لو كان التَّعْزيرُ هو التَّوْقِير لكان الأَجْوَدُ في اللغة الاستغناءَ به، و النُّصْرةُ إِذا وجبت فالتعظيمُ داخلٌ فيها لأَن نصرة الأَنبياء هي المدافعة عنهم و الذب عن دِينِم و تعظيمُهم و توقيرُهم؛ قال: و يجوز تَعْزِرُوه، من عَزَرْتُه عَزْراً بمعنى عَزَّرْته تعزيراً. و التعزير في كلام العرب: التوقيرُ، و التَّعْزِيرُ: النَّصْرُ باللسان و السيف. و
في حديث المبعث: قال وَرَقَةُ بن نَوْفَلٍ: إِنْ بُعِثَ و أَنا حيٌّ فسَأُعَزِّرهُ و أَنْصُرُه.
؛ التَّعْزيرُ هاهنا: الإِعانةُ و التوقيرُ و النصرُ مرة بعد مرة، و أَصل التعزير: المنعُ و الردُّ، فكأَن مَن نصَرْتَه قد رَدَدْتَ عنه أَعداءَه و منعتهم من أَذاه، و لهذا قيل للتأْديب الذي هو دون الحدّ: تَعْزير، لأَنه يمنع الجانيَ أَن يُعاوِدَ الذنب. و عَزَرَ المرأَةَ عَزْراً: نكَحَها. و عَزَرَه عن الشي‏ء: منَعَه. و العَزْرُ و العَزيرُ: ثمنُ الكلإِ إِذا حُصِدَ و بِيعَتْ مَزارِعُه سَواديّة، و الجمع العَزائرُ؛ يقولون: هل أَخذتَ عَزيرَ هذا الحصيد؟ أَي هل أَخذت ثمن مراعيها، لأَنهم إِذا حصدوا باعوا مراعِيَها. و العَزائِرُ و العَيازِرُ: دُونَ العِضَاه و فوق الدِّق كالثُّمام و الصَّفْراء و السَّخْبر، و قيل: أُصول ما يَرْعَوْنَه من سِرّ الكلإِ كالعَرفَج و الثُّمام و الضَّعَة و الوَشِيج و السَّخْبَر و الطريفة و السَّبَطِ، و هو سِرُّ ما يَرْعَوْنَه. و العَيزارُ: الصُّلْبُ الشديد من كل شي‏ء؛ عن ابن الأَعرابي. و مَحالةٌ عَيْزارَةٌ: شديدةُ الأَسْرِ، و قد عَيْزَرَها صاحِبُها؛ و أَنشد:
فابتغ ذاتَ عَجَلٍ عَيَازِرَا،             صَرَّافةَ الصوتِ دَمُوكاً عاقِرَا

و العَزَوَّرُ: السي‏ء الخلُق. و العَيزار: الغلامُ الخفيف الروح النشيطُ، و هو اللَّقِنُ الثَّقِفُ اللَّقِفُ، و هو الريشة «5». و المُماحِل و المُماني. و العَيزارُ و العَيزارِيَّةُ: ضَرْبٌ من أَقداح الزُّجاج. و العَيازِرُ: العِيدانُ؛ عن ابن الأَعرابي: و العَيزارُ: ضَرْبٌ من الشجر، الواحدة عَيزارةٌ. و العَوْزَرُ: نَصِيُّ الجبل؛ عن أَبي حنيفة. و عازَرٌ [عازِرٌ] و عَزْرة و عَيزارٌ و عَيزارة و عَزْرانُ: أَسماء. و الكُرْكيّ يُكْنَى أَبا العَيزار؛ قال الجوهري: و أَبو العَيزار كنية طائر طويل العنق تراه أَبداً في الماء الضَّحْضاح يسمى السَّبَيْطَر. و عَزَرْتُ الحِمارَ:
__________________________________________________
 (5). قوله: [و هو الريشة] كذا بالأَصل بهذا الضبط. و في القاموس: و الورش ككتف النشيط الخفيف، و الأنثى و ريشة.

562
لسان العرب4

عزر ص 561

أَوْقَرْته. و عُزَيرٌ: اسم نبي. و عُزَيرٌ: اسم ينصرف لخفته و إِن كان أَعجميّاً مثل نوح و لوط لأَنه تصغير عَزْر. ابن الأَعرابي: هي العَزْوَرةُ و الحَزْوَرةُ و السَّرْوَعةُ و القائِدةُ: للأَكَمة. و في الحديث ذكر عَزْوَر، بفتح العين و سكون الزاي و فتح الواو، ثَنِيَّةُ الجُحْفَة و عليها الطريق من المدينة إِلى مكة، و يقال فيه عَزُورا.
عسر:
العسْر و العُسُر: ضد اليُسْر، و هو الضّيق و الشدَّة و الصعوبة. قال الله تعالى: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
، و قال فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
؛
روي عن ابن مسعود أَنه قرأَ ذلك و قال: لا يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَينِ.
؛ و سئل أَبو العباس عن تفسير قول ابن مسعود و مُرادِه من هذا القول فقال: قال الفراء العرب إِذا ذكرت نكرة ثم أَعادتها بنكرة مثلها صارتا اثنتين و إِذا أَعادتها بمعرفة فهي هي، تقول من ذلك: إِذا كَسَبْت دِرْهماً فأَنْفِقْ دِرْهماً فالثاني غير الأَول، و إِذا أَعَدْتَه بالأَلف و اللام فهي هي، تقول من ذلك: إِذا كسبت درهماً فأَنْفِق الدرهم فالثاني هو الأَول. قال أَبو العباس: و هذا معنى قول ابن مسعود لأَن الله تعالى لما ذكر العُسْر ثم أَعاده بالأَلف و اللام علم أَنه هو، و لما ذكر يسراً ثم أَعاده بلا أَلف و لام عُلِم أَن الثاني غير الأَول، فصار العسر الثاني العسر الأَول و صار يُسْرٌ ثانٍ غير يُسرٍ بدأَ بذِكْرِه، و يقال: إِن الله جلَّ ذِكْرُه أَراد بالعُسْر في الدنيا على المؤمن أَنه يُبْدِلهُ يُسْراً في الدنيا و يسراً في الآخرة، و الله تعالى أَعلم. قال الخطابي: العُسْرُ بَيْنَ اليُسْرَينِ إِمّا فَرَجٌ عاجلٌ في الدنيا، و إِما ثوابٌ آجل في الآخرة. و
في حديث عُمَر أَنه كتب إِلى أَبي عبيدة و هو محصور: مهما تنزلْ بامرِئٍ شَدِيدةٍ يَجْعَلِ الله بعدَها فَرَجاً فإِنه لن يغلب عُسْرٌ يُسْرَينِ.
و
قيل: لو دخلَ العُسْرُ جُحْراً لَدَخَل اليُسْرُ عليه.
؛ و ذلك أَن أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه و سلم، كانوا في ضِيقٍ شديد فأَعْلَمَهم الله أَنه سيَفْتَحُ عليهم، ففتح الله عليهم الفُتوحَ و أَبْدَلَهم بالعُسْر الذي كانوا فيه اليُسْرَ، و قيل في قوله: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏، أَي للأَمر السهل الذي لا يَقْدِرُ عليه إِلا المؤمنون. و قوله عز و جل: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏
؛ قالوا: العُسْرَى العذابُ و الأَمرُ العَسِيرُ. قال الفراء: يقول القائل كيف قال الله تعالى: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏؟
 و هل في العُسْرَى تَيْسيرٌ؟ قال الفراء: و هذا في جوازه بمنزلة قوله تعالى: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ؛ و البِشارةُ في الأَصل تقع على المُفَرِّحِ السارّ، فإِذا جمعتَ كلَّ أَمرٍ في خير و شر جاز التبشيرُ فيهما جميعاً. قال الأَزهري: و تقول قابِلْ غَرْبَ السانية لقائدها إِذا انتهى الغَرْب طالعاً من البئر إِلى أَيدي القابل، و تَمَكَّنَ من عَراقِيها، أَلا و يَسِّر السانيةَ أَي اعطف رأْسَها كي لا يُجاوِر المَنْحاة فيرتفع الغرْبُ إِلى المَحالة و المِحْورِ فينخرق، و رأَيتهم يُسَمُّون عَطْفَ السانيةِ تَيْسِيراً لما في خلافه من التَّعْسير؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَبي تُذَكِّرُنِيهِ كلُّ نائبةٍ،             و الخيرُ و الشرُّ و الإِيسارُ و العُسُرُ

و يجوز أَن يكون العُسُر لغة في العُسْر، كما قالوا: القُفُل في القُفْل، و القُبُل في القُبْل، و يجوز أَن يكون احتاج فثقل، و حسّن له ذلك إِتباعُ الضمِّ الضمَّ. قال عيسى بن عمر: كل اسم على ثلاثة أَحرف أَوله مضموم و أَوسطُه ساكن، فمن العرب من يُثَقِّلُه و منهم من يخففه، مثل عُسْر و عُسُر و حُلْم و حُلُم. و العُسْرةُ و المَعْسَرةُ و المَعْسُرةُ و العُسْرَى: خلاف‏

563
لسان العرب4

عسر ص 563

المَيْسَرة، و هي الأُمور التي تَعْسُر و لا تَتَيَسَّرُ، و اليُسْرَى ما اسْتَيْسَرَ منها، و العُسْرى تأْنيث الأَعْسَر من الأُمور. و العرَبُ تضع المَعْسورَ موضع العُسْرِ، و المَيْسورَ موضعَ اليُسْر، و يجعل المفعول في الحرفين كالمصدر. قال ابن سيدة: و المَعْسورُ كالعُسْر، و هو أَحد ما جاء من المصادر على مثال مفعول. و يقال: بلغْتُ مَعْسورَ فلانٍ إِذا لم تَرْفُقْ به. و قد عَسِرَ الأَمرُ يَعْسَر عَسَراً، فهو عَسِرٌ، و عَسُرَ يَعْسُر عُسْراً و عَسارَةً، فهو عَسِير: الْتاثَ. و يوم عَسِرٌ و عَسِيرٌ: شديدٌ ذو عُسْرٍ. قال الله تعالى في صفة يوم القيامة: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ
. و يوم أَعْسَر أَي مشؤوم؛ قال معقل الهذلي:
و رُحْنا بقومٍ من بُدالة قُرّنوا،             و ظلّ لهم يومٌ من الشَّرِّ أَعْسَرُ

فسَّر أَنه أَراد به أَنه مشؤوم. و حاجة عَسِير و عَسِيرة: مُتَعَسِّرة؛ أَنشد ثعلب:
قد أَنْتَحِي للحاجة العَسِيرِ،             إِذ الشَّبابُ لَيّنُ الكُسورِ

قال: معناه للحاجة التي تعسر على غيري؛ و قوله:
إِذ الشاب لين الكسور

أَي إِذ أَعضائي تُمَكِّنُني و تُطاوِعُني، و أَراد قد انتحيت فوضع الآتي موضع الماضي. و تعسَّر الأَمر و تعاسَرَ، و اسْتَعْسَرَ: اشتدّ و الْتَوَى و صار عَسِيراً. و اعْتَسَرْت الكلامَ إِذا اقْتَضَبْته قبل أَن تُزَوِّرَه و تُهَيِّئَه؛ و قال الجعدي:
فَذَرْ ذا و عَدِّ إِلى غيرِه،             فشَرُّ المَقالةِ ما يُعْتَسَرْ

قال الأَزهري: و هذا من اعْتِسارِ البعير و رُكوبه قبل تذليله. و يقال: ذهبت الإِبلُ عُسارَياتٍ و عُسارَى، تقدير سُكارَى، أَي بعضُها في إِثر بعض. و أَعْسَرَ الرجلُ: أَضاق. و المُعْسِر: نقيض المُوسِر. و أَعْسَر، فهو مُعْسِر: صار ذا عُسْرَةٍ و قلَّةِ ذاتِ يد، و قيل: افتقر. و حكى كُراع: أَعْسَرَ إِعْساراً و عُسْراً، و الصحيح أَن الإِعْسارَ المصدرُ و أَن العُسْرة الاسم. و في التنزيل: وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ
؛ و العُسْرةُ: قِلّة ذات اليد، و كذلك الإِعْسارُ. و اسْتَعْسَرَه. طلب مَعْسورَه. و عَسَرَ الغريمَ يَعْسِرُه و يَعْسُره عُسْراً و أَعْسَرَه: طلب منه الدَّيْنَ على عُسْرة و أَخذه على عُسْرة و لم يرفُق به إِلى مَيْسَرَتِه. و العُسْرُ: مصدر عَسَرْتُه أَي أَخذته على عُسْرة. و العُسْر، بالضم: من الإِعْسار، و هو الضِّيقُ. و المِعْسَر: الذي يُقَعِّطُ على غريمه. و رجل عَسِرٌ بيِّن العَسَرِ: شَكسٌ، و قد عاسَرَه؛ قال:
بِشْرٌ أَبو مَرْوانَ إِن عاسَرْتَه             عَسِرٌ، و عند يَسارِه مَيْسورُ

و تَعَاسَرَ البَيِّعان: لم يتَّفِقا، و كذلك الزوجان. و في التنزيل: وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى‏
. و أَعْسَرت المرأَةُ و عَسَرَتْ: عَسُرَ عليها وِلادُها، و إِذا دُعِيَ عليها قيل: أَعْسَرت و آنَثَتْ، و إِذا دُعِيَ لها قيل: أَيْسَرَت و أَذْكَرَتْ أَي وضعت ذَكَراً و تيسَّر عليها الولادُ. و عَسَرَ الزمانُ: اشتدّ علينا. و عَسَّرَ عليه: ضَيَّق؛ حكاها سيبويه. و عَسَر عليه ما في بطنه: لم يخرج. و تَعَسَّر: التَبَسَ فلم يُقْدَرْ على تخليصه، و الغين المعجمة لغة. قال ابن المُظَفَّرِ: يقال للغزل إِذا التبس فلم يقدر على تخليصه قد تغَسَّر، بالغين، و لا يقال بالعين إِلَّا تحشُّماً؛ قال‏

564
لسان العرب4

عسر ص 563

الأَزهري: و هذا الذي قاله ابن المظفر صحيح و كلام العرب عليه، سمعته من غير واحد منهم. و عَسَرَ عليه عُسْراً و عَسَّرَ: خالَفَه. و العُسْرَى: نقيض اليُسْرَى. و رجل أَعْسَرُ يَسَرٌ. يعمل بيديه جميعاً فإِن عَمِل بيده الشِّمال خاصة، فهو أَعْسَرُ بيّن العَسَر، و المرأَة عَسْراء، و قد عَسَرَتْ عَسَراً «1»؛ قال:
لها مَنْسِمٌ مثلُ المَحارةِ خُفُّه،             كأَن الحَصى، مِن خَلْفِه، خَذْفُ أَعْسَرا

و يقال: رجل أَعْسَرُ و امرأَة عَسْراء إِذا كانت قوّتُهما في أَشْمُلِهما و يَعْمَلُ كل واحد منهما بشماله ما يعمَلُه غيرُه بيمينه. و يقال للمرأَة عَسْراء يَسَرَةٌ إِذا كانت تعمل بيديها جميعاً، و لا يقال أَعْسَرُ أَيْسَرُ و لا عَسْراء يَسْراء للأُنثى، و على هذا كلام العرب. و يقال من اليُسر: في فلان يَسَرة.
و كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أَعْسَرَ يَسَراً.
و
في حديث رافع بن سالم: إِنا لنرتمي في الجَبّانةِ و فينا قومٌ عُسْرانٌ يَنْزِعُونَ نَزْعاً شدِيداً.
؛ العُسْرانُ جمع الأَعْسَر و هو الذي يعمل بيده اليُسْرَى كأَسْودَ و سُودانٍ. يقال: ليس شَيْ‏ءٌ أَشَدُّ رَمْياً من الأَعْسَرِ. و منه‏
حديث الزَّهْري: أَنه كان يَدَّعِمُ على عَسْرائِه.
؛ العَسْراء تأْنيث الأَعْسَر: اليد العَسْراء، و يحتمل أَنه كان أَعْسَرَ. و عُقابٌ عَسْراءُ: رِيشُها من الجانب الأَيْسر أَكثر من الأَيمن، و قيل: في جناحها قَوادِمُ بيضٌ. و العَسْراء: القادمةُ البيضاء؛ قال ساعدة بن جؤية:
و عَمَّى عليه الموتَ يأْتي طَرِيقَه             سِنانٌ، كَعَسْراء العُقابِ، و مِنْهَبُ‏

و يروى:
... يأْبى طريقه‏

يعني عُيَيْنة. و مِنْهَبٌ: فرس ينتهب الجري، و قيل: هو اسم لهذا الفرس. و حَمامٌ أَعْسَرُ: بجناحهِ من يَسارِه بياضٌ. و المُعاسَرةُ: ضدُّ المُياسَرة، و التعاسُر، ضدّ التياسُر، و المَعْسورُ: ضد المَيْسور، و هما مصدران، و سيبويه يقول: هما صفتان و لا يجي‏ء عنده المصدرُ على وزن مفعول البتة، و يتأَول قولهم: دَعْه إِلى مَيْسورِه و إِلى مَعْسورِه. يقول: كأَنه قال دعه إِلى أَمر يُوسِرُ فيه و إِلى أَمر يُعْسِرُ فيه، و يتأَول المعقول أَيضاً. و العَسَرةُ: القادمةُ البيضاء، و يقال: عُقابٌ عَسْراء في يدِها قَوادِم بيض. و
في حديث عثمان: أَنه جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرةِ.
؛ هو جيش غزوة تَبوك، سمي بها لأَنه نَدَبَ الناسَ إِلى الغَزْوِ في شدة القيظ، و كان وقت إِيناع الثمرة و طِيب الظِّلال، فعَسُر ذلك عليهم و شقَّ. و عَسَّرَني فلانٌ و عَسَرَني يَعْسِرْني عَسْراً إِذا جاء عن يَسارِي. و عَسَرْتُ الناقةَ عَسْراً إِذا أَخذتها من الإِبل. و اعْتَسَرَ الناقة: أَخذَها رَيِّضاً قبل أَن تذلل بخَطْمِها و رَكِبَها، و ناقة عَسِيرٌ: اعْتُسِرت من الإِبل فرُكِبَت أَو حُمِلَ عليها و لم تُلَيَّنْ قبل، و هذا على حذف الزائد، و كذلك ناقة عَيْسَرٌ و عَوْسَرانةٌ و عَيْسَرانةٌ؛ و بعير عَسِيرٌ و عَيْسُرانٌ «2». و عَيْسُرانيٌّ. قال الأَزهري: و زعم الليث أَن العَوْسَرانيّة و العَيْسَارنِيَّة من النوق التي تُركَب قبل أَن تُراضَ؛ قال: و كلام العرب على غير ما قال الليث؛ قال الجوهري: و جمل عَوْسَرانيّ. و العَسِيرُ: الناقة التي لم تُرَضْ. و العَسِيرُ: الناقة التي لم تَحْمِل سَنَتها. و العَسِيرةُ: الناقة إِذا اعْتاطت فلم تحمل عامها، و في‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و قد عسرت عسراً] كذا بالأَصل بهذا الضبط. و عبارة شارح القاموس؛ و قد عسرت، بالفتح، عسراً، بالتحريك، هكذا هو مضبوط في سائر النسخ انتهى. و عبارة المصباح: و رجل أَعسر يعمل بيساره، و المصدر عسر من باب تعب.
 (2). قوله: [و عيسران‏] هو بضم السين و ما بعده بضمها و فتحها كما في شرح القاموس.

565
لسان العرب4

عسر ص 563

التهذيب بغير هاء. و قال الليث: العَسِيرُ الناقة التي اعتاطت فلم تحمل سنتها، و قد أَعْسَرتْ و عُسِرَت؛ و أَنشد قول الأَعشى:
و عَسِيرٍ أَدْماءَ حادرةِ العينِ             خَنُوفٍ عَيْرانةٍ شِمْلال‏

قال الأَزهري: تفسيرُ الليث للعَسِير أَنها الناقة التي اعتاطت غيرُ صحيح، و العَسِيرُ من الإِبل، عند العرب: التي اعْتُسِرت فرُكِبَت و لم تكن ذُلِّلَت قبل ذلك و لا رِيضَت، و كذا فسره الأَصمعي؛ و كذلك قال ابن السكيت في تفسير قوله:
و رَوْحَةِ دُنْيا بين حَيَّيْنِ رُحْتُها،             أَسِيرُ عَسِيراً أَو عَروضاً أَرُوضُها

قال: العَسِيرُ الناقةُ التي رُكِبَت قبل تذليلها. و عَسَرت الناقةُ تَعْسِر عَسْراً و عَسَراناً، و هي عاسِرٌ و عَسيرٌ: رَفَعت ذَنبها في عَدْوِها؛ قال الأَعشى:
بِناجِيةٍ، كأَتان الثَّمِيل،             تُقَضِّي السُّرَى بعد أَيْنٍ عَسِيرَا

و عَسَرَت، فهي عاسِرٌ، رفَعَت ذنبها بعد اللّقاح. و العَسْرُ: أَن تَعْسِرَ الناقة بذنبها أَي تَشُولَ به. يقال: عَسَرت به تَعْسِر عَسْراً؛ قال ذو الرمة:
إِذا هي لم تَعْسِرْ به ذَنَّبَتْ به،             تُحاكي به سَدْوَ النَّجاءِ الهَمَرْجَلِ‏

و العَسَرانُ: أَن تَشولَ الناقةُ بذنبها لتُرِي الفحلَ أَنها لاقح، و إِذا لم تَعْسِرْ و ذنَّبَت به فهي غيرُ لاقح. و الهَمَرْجَلُ: الجمل الذي كأَنه يدحُو بيديه دَحْواً. قال الأَزهري: و أَما العاسِرةُ من النوق فهي التي إِذا عَدَتْ رفعت ذنبها، و تفعل ذلك من نشاطها، و الذِّئب يفعل ذلك؛ و منه قول الشاعر:
إِلَّا عَواسِرَ، كالقِداحِ، مُعِيدة             بالليل مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ‏

أراد بالعَواسِر الذئابَ التي تَعْسِرُ في عَدْوِها و تُكَسِّر أَذنابها. و ناقة عَوْسَرانِيَّة إِذا كان من دَأْبِها تَكْسِيرُ ذنبِها و رَفْعُه إِذا عَدَتْ؛ و منه قول الطرماح:
عَوْسَرانِيّة إِذا انْتَقَضَ الخِمْسُ             نَفاضَ الفَضِيض أَيَّ انْتِفاض‏

الفَضِيضُ: الماء السائل؛ أَراد أَنها ترفع ذنبها من النشاط و تعدُو بعد عطشها و آخر ظمئها في الخمس. و العَسْرَى و العُسْرَى: بَقْلة؛ و قال أَبو حنيفة: هي البقلة إِذا يبست؛ قال الشاعر:
و ما مَنعاها الماءَ إِلا ضَنانَةً             بأَطْرافِ عَسْرى، شَوْكُها قد تَخَدَّدا

و العَيْسُرانُ: نَبْتٌ. و العَسْراء: بنت جرير بن سعيد الرِّياحِيّ. و اعْتَسَرَه: مثل اقْتَسَرَه؛ قال ذو الرمة:
أُناسٌ أَهْلَكُوا الرُّؤَساءَ قَتْلًا،             و قادُوا الناسَ طَوْعاً و اعْتِسارا

قال الأَصمعي: عَسَرَه و قَسَرَه واحدٌ. و اعْتَسرَ الرجلُ من مالِ ولده إِذا أَخذ من ماله و هو كاره. و
في حديث عمر: يَعْتَسِرُ الوالدُ من مال ولده.
أَي يأْخذُه منه و هو كاره، من الاعْتِسارِ و هو الاقْتِسارُ و القَهْر، و يروى بالصاد؛ قال النضر في هذا الحديث رواه بالسين و قال: معناه و هو كارهٌ؛ و أَنشد:
مُعْتَسِر الصُّرْم أَو مُذِلّ‏

و العُسُرُ: أَصحابُ البُتْرِيّة في التقاضِي و العملِ. و العِسْرُ: قبيلة من قبائل الجن؛ قال بعضهم في قول‏

566
لسان العرب4

عسر ص 563

ابن أَحمر:
و فِتْيان كجِنّة آل عِسْرِ
إِنّ عِسْرَ قبيلة من الجن، و قيل: عِسْر أَرض تسكنها الجن. و عِسْر في قول زهير: موضع:
كأَنّ عليهمُ بِجُنوبٍ عِسْر

و في الحديث ذكر العَسِير، هو بفتح العين و كسر السين، بئر بالمدينة كانت لأَبي أُمَيَّة المخزومي سماها النبي، صلى الله عليه و سلم، بِيَسِيرة، و الله تعالى أَعلم.
عسبر:
العُسْبرُ: النَّمِرُ، و الأُنثى بالهاء. و العُسْبُور و العُسْبُورةُ: ولد الكلب من الذئبة. و العِسْبارُ و العِسْبارةُ: ولد الضبع من الذئب، و جمعه عَسابِرُ. قال الجوهري: العِسْبارةُ ولد الضبع، الذكرُ و الأُنثى فيه سواءٌ. و العِسْبارُ: ولدُ الذئبِ؛ فأَما قول الكميت:
و تَجَمَّع المُتَفَرِّقُون             من الفَراعِل و العَسابِرْ

فقد يكون جمع العُسْبُر، و هو النمر، و قد يكون جمع عِسْبار، و حذفت الياء للضرورة. و الفُرْعُلُ: ولد الضبع من الضِّبْعان، قال ابن بَحْر: رَماهم بأَنهم أَخْلاطٌ مُعَلْهَجُون. و العُسْبُرة و العُسْبُورة: الناقةُ النجيبة، و قيل: السريعة من النجائب؛ و أَنشد:
لقد أَرانِيَ، و الأَيَّامُ تُعْجِبُني،             و المُقْفِراتُ بها الخُورُ العسابِيرُ

قال الأَزهري: و الصحيح العُبْسُورة، الباء قيل السين، في نعت الناقة؛ قال: و كذلك رواه أَبو عبيد عن أَصحابه. ابن سيدة: و ناقة عُسْبُرٌ و عُسْبُورٌ شديدة سريعة.
عسجر:
العَيْسَجُور: الناقة الصُّلْبة، و قيل: هي الناقة السريعة القَوِيَّة، و الاسم العَسْجَرة. و العَيْسَجُور: السِّعلاة، و عَسْجَرتُها خُبْثُها، و إِبل عَساجِيرُ: و هي المتتابعة في سيرها. و العَسْجَرُ: المِلْحُ. و عَسْجَرَ عَسْجَرَةً إِذا نظر نظراً شديداً. و عَسْجَرَت الإِبلُ: استمرّت في سيرها. و العَيْسَجُور: الناقةُ الكريمة النسب، و قيل: هي التي لم تُنْتَج قط، و هو أَقوى لها.
عسقر:
الأَزهري: قال المؤرج رجل مُتَعَسْقرٌ إِذا كان جَلْداً صبُوراً؛ و أَنشد:
و صِرْتَ مملوكاً بقاعٍ قَرْقَرِ،             يَجْرِي عليك المُورُ بالتَّهَرْهُرِ
يا لَك من قُنْبُرةٍ و قُنْبُرِ             كنْت على الأَيَّامِ في تعَسْقُرِ

أَي صَبْرٍ و جَلادةٍ. و التَّهَرْهُرُ: صوت الريح، تَهَرْهَرت و هَرْهَرت واحدٌ؛ قال الأَزهري: و لا أَدري من روى هذا عن المؤرج و لا أَثق به.
عسكر:
العَسْكَرةُ: الشدة و الجدب؛ قال طرفة:
ظلَّ في عَسْكَرةٍ من حُبِّها،             و نأَتْ شَحْطَ مَزارِ المُدَّكِرْ

أَي ظلّ في شدة من حُبّها، و الضمير في نأَت يعود على محبوبته، و قوله:
... شَحْطَ مَزارِ المُدَّكر

أَراد يا شحطَ مزار المُدّكر. و العَسْكَرُ: الجمع، فارسي؛ قال ثعلب: يقال العَسْكَرُ مُقْبِلٌ و مُقْبِلون، فالتوحيد على الشخص، كأَنك قلت: هذا الشخص مقبل، و الجمع على جماعتهم، و عندي أَن الإِفراد على اللفظ و الجمع على المعنى.

567
لسان العرب4

عسكر ص 567

و قال ابن الأَعرابي: العَسْكر الكثيرُ من كل شي‏ء. يقال: عَسْكَرٌ من رجال و خيل و كلاب. و قال الأَزهري: عَسْكَرُ الرجلِ جماعةُ مالِه و نَعَمِه؛ و أَنشد:
هل لَك في أَجْرٍ عَظِيمٍ تُؤْجَرُهْ،             تُعِينُ مِسْكِيناً قَلِيلًا عَسْكَرُهْ؟
عَشْرُ شِيَاهٍ سَمْعُه و بَصَرُهْ،             قد حدَّثَ النَّفسَ بِمصْرٍ يَحْضُرُهُ‏

و عَساكِرُ الهَمِّ: ما رَكِبَ بعضه بعضاً و تتابع. و إِذا كان الرجلُ قليلَ الماشية قيل: إِنه لقليل العَسْكَرِ. و عَسْكَرُ الليلِ: ظلمته؛ و أَنشد:
قد وَرَدَتْ خَيْلُ بني العجَّاجِ،             كأَنها عَسْكَرُ لَيْلٍ داجِ‏

و عَسْكَرَ الليلُ: تَراكَمَتْ ظُلْمتُه. و عَسْكَرَ بالمكان: تجمَّع. و العَسْكَر: مُجْتَمَعُ الجيش. و العَسْكَرانِ: عرفةُ و مِنى. و العَسْكَرُ: الجَيْش؛ و عَسْكَرَ الرجلُ، فهو مُعَسْكِرٌ، و الموضع مُعَسْكَرٌ، بفتح الكاف. و العَسْكَرُ و المُعَسْكَر: موضعان. و عَسْكَر مُكْرَم: اسم بلد معروف، و كأَنه معرب.
عشر:
العَشَرة: أَول العُقود. و العَشْر: عدد المؤنث، و العَشَرةُ: عدد المذكر. تقول: عَشْرُ نِسْوة و عَشَرةُ رجال، فإِذا جاوَزْتَ العِشْرين استوى المذكر و المؤنث فقلت: عِشْرون رجلًا و عِشْرون امرأَة، و ما كان من الثلاثة إِلى العَشَرة فالهاء تلحقه فيما واحدُه مذكر، و تحذف فيما واحدُه مؤنث، فإِذا جاوَزْتَ العَشَرة أَنَّثْت المذكرَ و ذكّرت المؤنث، و حذفت الهاء في المذكر في العَشَرة و أَلْحَقْتها في الصَّدْر، فيما بين ثلاثةَ عشَر إِلى تسعة عشَر، و فتحت الشين و جعلت الاسمين اسماً واحداً مبنيّاً على الفتح، فإِذا صِرْت إِلى المؤنث أَلحقت الهاء في العجز و حذفتها من الصدر، و أَسكنت الشين من عَشْرة، و إِن شئت كَسَرْتها، و لا يُنْسَبُ إِلى الاسمين جُعِلا اسماً واحداً، و إِن نسبت إِلى أَحدهما لم يعلم أَنك تريد الآخر، فإن اضطُرّ إلى ذلك نسبته إلى أَحدهما ثم نسبته إلى الآخر، و من قال أَرْبَعَ عَشْرة قال: أَرْبَعِيٌّ عَشَرِيٌّ، بفتح الشين، و مِنَ الشاذ في القراءة: فانْفَجَرَت منه اثنتا عَشَرة عَيْناً، بفتح الشين؛ ابن جني: وجهُ ذلك أَن أَلفاظ العدد تُغَيَّر كثيراً في حدّ التركيب، أَ لا تراهم قالوا في البَسِيط: إِحْدى عَشْرة، و قالوا: عَشِرة و عَشَرة، ثم قالوا في التركيب: عِشْرون؟ و من ذلك قولهم ثلاثون فما بعدها من العقود إِلى التسعين، فجمعوا بين لفظ المؤنث و المذكر في التركيب، و الواو للتذكير و كذلك أُخْتُها، و سقوط الهاء للتأْنيث، و تقول: إِحْدى عَشِرة امرأَة، بكسر الشين، و إِن شئت سكنت إِلى تسعَ عَشْرة، و الكسرُ لأَهل نجد و التسكينُ لأَهل الحجاز. قال الأَزهري: و أَهل اللغة و النحو لا يعرفون فتح الشين في هذا الموضع، و روي عن الأَعمش أَنه قرأَ: و قَطَّعْناهم اثْنَتَيْ عَشَرة، بفتح الشين، قال: و قد قرأَ القُرّاء بفتح الشين و كسرها، و أَهل اللغة لا يعرفونه، و للمذكر أَحَدَ عَشَر لا غير. و عِشْرون: اسم موضوع لهذا العدد، و ليس بجمع العَشَرة لأَنه لا دليل على ذلك، فإِذا أَضَفْت أَسْقَطْت النون قلت: هذه عِشْرُوك و عِشْرِيَّ، بقلب الواو ياء للتي بعدها فتدغم. قال ابن السكيت: و من العرب من يُسَكّن العين فيقول: أَحَدَ عْشَر، و كذلك يُسَكّنها إِلى تِسْعَةَ عْشَر

568
لسان العرب4

عشر ص 568

إِلا اثني عَشَر فإِن العين لا تسكن لسكون الأَلف و الياء قبلها. و قال الأَخفش: إِنما سكَّنوا العين لمّا طال الاسم و كَثُرت حركاتُه، و العددُ منصوبٌ ما بين أَحَدَ عَشَرَ إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ في الرفع و النصب و الخفض، إِلا اثني عشر فإِن اثني و اثنتي يعربان لأَنهما على هِجَاءَيْن، قال: و إِنما نُصِبَ أَحَدَ عَشَرَ و أَخواتُها لأَن الأَصل أَحدٌ و عَشَرة، فأُسْقِطَت الواوُ و صُيِّرا جميعاً اسماً واحداً، كما تقول: هو جاري بَيْتَ بَيْتَ و كِفّةَ كِفّةَ، و الأَصلُ بيْتٌ لبَيْتٍ و كِفَّةٌ لِكِفَّةٍ، فصُيِّرَتا اسماً واحداً. و تقول: هذا الواحد و الثاني و الثالث إِلى العاشر في المذكر، و في المؤنث الواحدة و الثانية و الثالثة و العاشرة. و تقول: هو عاشرُ عَشَرة و غَلَّبْتَ المذكر، و تقول: هو ثالثُ ثَلاثةَ عَشَرَ أَي هو أَحدُهم، و في المؤنث هي ثالثةُ ثَلاثَ عَشْرة لا غير، الرفع في الأَول، و تقول: هو ثالثُ عَشَرَ يا هذا، و هو ثالثَ عَشَرَ بالرفع و النصب، و كذلك إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ، فمن رفع قال: أَردت هو ثالثُ ثلاثةَ عَشَرَ فأَلْقَيت الثلاثة و تركتُ ثالث على إِعرابه، و مَن نَصَب قال: أَردت ثالثَ ثَلاثةَ عَشَرَ فلما أَسْقَطْت الثلاثةَ أَلْزَمْت إِعْرابَها الأَوّلَ ليعلم أَن هاهنا شيئاً محذوفاً، و تقول في المؤنث: هي ثالثةُ عَشْرةَ و هي ثالثةَ عَشْرةَ، و تفسيرُه مثل تفسير المذكر، و تقول: هو الحادي عَشَر و هذا الثاني عَشَر و الثالثَ عَشَرَ إِلى العِشْرِين مفتوح كله، و في المؤنث: هذه الحاديةَ عَشْرةَ و الثانيةَ عَشْرَةَ إِلى العشرين تدخل الهاء فيها جميعاً. قال الكسائي: إِذا أَدْخَلْتَ في العدد الأَلفَ و اللامَ فأَدْخِلْهما في العدد كلِّه فتقول: ما فعلت الأَحَدَ العَشَرَ الأَلْفَ دِرْهمٍ، و البصريون يُدْخِلون الأَلفَ و اللام في أَوله فيقولون: ما فعلت الأَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهمٍ. و قوله تعالى: وَ لَيالٍ عَشْرٍ
؛ أَي عَشْرِ ذي الحِجَّة. و عَشَرَ القومَ يَعْشِرُهم، بالكسر، عَشْراً: صار عاشرَهم، و كان عاشِرَ عَشَرةٍ. و عَشَرَ: أَخذَ واحداً من عَشَرة. و عَشَرَ: زاد واحداً على تسعة. و عَشَّرْت الشي‏ء تَعْشِيراً: كان تسعة فزدت واحداً حتى تمّ عَشَرة. و عَشَرْت، بالتخفيف: أَخذت واحداً من عَشَرة فصار تسعة. و العُشورُ: نقصان، و التَّعْشيرُ زيادة و تمامٌ. و أَعْشَرَ القومُ: صاروا عَشَرة. و قوله تعالى: تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ
؛ قال ابن عرفة: مذهب العرب إِذا ذَكَرُوا عَدَدين أَن يُجْمِلُوهما؛ قال النابغة:
توهَّمْتُ آياتٍ لها، فَعرَفْتُها             لِسِتَّةِ أَعْوامِ، و ذا العامُ سابِعُ «3».

و قال الفرزدق:
ثَلاثٌ و اثْنتانِ فهُنّ خَمْسٌ،             و ثالِثةٌ تَميلُ إِلى السِّهَام‏

و قال آخر:
فسِرْتُ إِليهمُ عِشرينَ شَهْراً             و أَرْبعةً، فذلك حِجّتانِ‏

و إِنما تفعل ذلك لقلة الحِسَاب فيهم. و ثوبٌ عُشارِيٌّ: طوله عَشْرُ أَذرع. و غلام عُشارِيٌّ: ابن عَشْرِ سنين، و الأُنثى بالهاء. و عاشُوراءُ و عَشُوراءُ، ممدودان: اليومُ العاشر من المحرم، و قيل: التاسع. قال الأَزهري: و لم يسمع في أَمثلة الأَسماء اسماً على فاعُولاءَ إِلا أَحْرُفٌ قليلة. قال ابن بُزُرج: الضّارُوراءُ الضَّرّاءُ، و السارُوراءُ
__________________________________________________
 (3). قوله: [توهمت آيات إلخ‏] تأمل شاهده.

569
لسان العرب4

عشر ص 568

السَّرَّاءُ، و الدَّالُولاء الدَّلال. و قال ابن الأَعرابي: الخابُوراءُ موضع، و قد أُلْحِقَ به تاسُوعاء. و
روي عن ابن عباس أَنه قال في صوم عاشوراء: لئن سَلِمْت إِلى قابلٍ لأَصُومَنَّ اليومَ التاسِعَ.
؛ قال الأَزهري: و لهذا الحديث عدّةٌ من التأْويلات أَحدُها أَنه كَرِه موافقة اليهود لأَنهم يصومون اليومَ العاشرَ، و
روي عن ابن عباس أَنه قال: صُوموا التاسِعَ و العاشِرَ و لا تَشَبَّهُوا باليهود.
؛ قال: و الوجه الثاني ما قاله المزني يحتمل أَن يكون التاسعُ هو العاشر؛ قال الأَزهري: كأَنه تأَول فيه عِشْر الوِرْدِ أَنها تسعة أَيام، و هو الذي حكاه الليث عن الخليل و ليس ببعيد عن الصواب. و العِشْرون: عَشَرة مضافة إِلى مثلها وُضِعَت على لفظ الجمع و كَسَرُوا أَولها لعلة. و عَشْرَنْت الشي‏ء: جعلته عِشْرينَ، نادر للفرق الذي بينه و بين عَشَرْت. و العُشْرُ و العَشِيرُ: جزء من عَشَرة، يطّرد هذان البناءان في جميع الكسور، و الجمع أَعْشارٌ و عُشُورٌ، و هو المِعْشار؛ و في التنزيل: وَ ما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ‏
؛ أَي ما بلَغ مُشْرِكُو أَهل مكة مِعْشارَ ما أُوتِيَ مَن قَبْلَهم من القُدْرة و القُوّة. و العَشِيرُ: الجزءُ من أَجْزاء العَشرة، و جمع العَشِير أَعْشِراء مثل نَصِيب و أَنْصِباء، و لا يقولون هذا في شي‏ء سوى العُشْر. و
في الحديث: تِسعةُ أَعْشِراء الرِّزْق في التجارة و جُزْءٌ منها في السَّابِياء.
؛ أَراد تسعة أَعْشار الرزق. و العَشِير و العُشْرُ: واحدٌ مثل الثَّمِين و الثُّمْن و السَّدِيس و السُّدْسِ. و العَشِيرُ في مساحة الأَرَضين: عُشْرُ القَفِيز، و القَفِيز: عُشْر الجَرِيب. و الذي ورد
في حديث عبد الله: لو بَلَغَ ابنُ عباس أَسْنانَنا ما عاشَرَه منا رجلٌ.
أَي لو كانَ في السن مِثْلَنا ما بَلَغَ أَحدٌ منا عُشْرَ عِلْمِهِ. و عَشَر القومَ يَعْشُرُهم عُشْراً، بالضم، و عُشُوراً و عَشَّرَهم: أَخذ عُشْرَ أَموالهم؛ و عَشَرَ المالَ نَفْسَه و عَشَّرَه: كذلك، و به سمي العَشّار؛ و منه العاشِرُ. و العَشَّارُ: قابض العُشْرِ؛ و منه قول عيسى بن عمر لابن هُبَيْرة و هو يُضرَب بين يديه بالسياط: تالله إِن كنت إِلا أُثَيّاباً في أُسَيْفاط قبضها عَشّاروك. و
في الحديث: إِن لَقِيتم عاشِراً فاقْتُلُوه.
؛ أَي إِن وجدتم مَن يأْخذ العُشْر على ما كان يأْخذه أَهل الجاهلية مقيماً على دِينه، فاقتلوه لكُفْرِه أَو لاستحلاله لذلك إِن كان مسلماً و أَخَذَه مستحلًّا و تاركاً فرض الله، و هو رُبعُ العُشْر، فأَما من يَعْشُرهم على ما فرض الله سبحانه فحَسَنٌ جميل. و قد عَشَر جماعةٌ من الصحابة للنبي و الخلفاء بعده، فيجوز أَن يُسمَّى آخذُ ذلك: عاشراً لإِضافة ما يأْخذه إِلى العُشْرِ كرُبع العُشْرِ و نِصْفِ العُشْرِ، كيف و هو يأْخذ العُشْرَ جميعه، و هو ما سَقَتْه السماء. و عُشْرُ أَموالِ أَهل الذمة في التجارات، يقال: عَشَرْت مالَه أَعْشُره عُشْراً، فأَنا عاشرٌ، و عَشَّرْته، فأَنا مُعَشِّرٌ و عَشَّارٌ إِذا أَخذت عُشْرَه. و كل ما ورد في الحديث من عقوبة العَشّار محمول على هذا التأْويل. و
في الحديث: ليس على المُسْلِمين عُشورٌ إِنما العُشور على اليهود و النصارى.
؛ العُشُورُ: جَمْع عُشْرٍ، يعني ما كان من أَموالهم للتجارات دون الصدقات، و الذي يلزمهم من ذلك، عند الشافعي، ما صُولِحُوا عليه وقتَ العهد، فإِن لم يُصالَحُوا على شي‏ء فلا يلزمهم إِلا الجِزْيةُ. و قال أَبو حنيفة: إِن أَخَذُوا من المسلمين إِذا دَخَلُوا بِلادَهم أَخَذْنا منهم إِذا دَخَلُوا بِلادَنا للتجارة. و
في الحديث: احْمَدُوا الله إِذْ رَفَعَ عنكم العُشورَ.
؛ يعني ما كانت المُلوكُ تأْخذه منهم. و
في الحديث: إِن‏

570
لسان العرب4

عشر ص 568

وَفْدَ ثَقِيف اشترطوا أَن لا يُحشَرُوا و لا يُعْشَروا و لا يُجَبُّوا.
؛ أَي لا يؤخذ عُشْرُ أَموالهم، و قيل: أَرادوا به الصدقةَ الواجبة، و إِنما فَسَّح لهم في تركها لأَنها لم تكن واجبة يومئذ عليهم، إِنما تَجِب بتمام الحَوْل. و سئل جابرٌ عن اشتراط ثَقِيف: أَن لا صدقة عليهم و لا جهادَ، فقال: عَلِم أَنهم سَيُصدِّقون و يُجاهدون إِذا أَسلموا، و أَما
حديث بشير بن الخصاصيّة حين ذَكر له شرائع الإِسلام فقال: أَما اثنان منها فلا أُطِيقُهما: أَما الصدقةُ فإِنما لي ذَوْدٌ هُنَّ رِسْلُ أَهلي و حَمولتُهم، و أَما الجهاد فأَخافُ إِذا حَضَرْتُ خَشَعَتْ نفسِي، فكَفَّ يده و قال: لا صدقةَ و لا جهادَ فبِمَ تدخلُ الجنة؟.
فلم يَحْتَمِل لبشير ما احتمل لثقيف؛ و يُشْبِه أَن يكون إِنما لم يَسْمَعْ له لعِلْمِه أَنه يَقْبَل إِذا قيل له، و ثَقِيفٌ كانت لا تقبله في الحال و هو واحد و هم جماعة، فأَراد أَن يتأَلَّفَهم و يُدَرِّجَهم عليه شيئاً فشيئاً. و منه‏
الحديث: النساء لا يُعشَرْنَ و لا يُحْشَرْن.
: أَي لا يؤخذ عُشْرُ أَموالهن، و قيل: لا يؤخذ العُشْرُ من حَلْيِهِنّ و إِلا فلا يُؤخذ عُشْرُ أَموالهن و لا أَموالِ الرجال. و العِشْرُ: ورد الإِبل اليومَ العاشرَ. و في حسابهم: العِشْر التاسع فإِذا جاوزوها بمثلها فظِمْؤُها عِشْران، و الإِبل في كل ذلك عَواشِرُ أَي ترد الماء عِشْراً، و كذلك الثوامن و السوابع و الخوامس. قال الأَصمعي: إِذا وردت الإِبل كلَّ يوم قيل قد وَرَدَتْ رِفْهاً، فإذا وردت يوماً و يوماً لا، قيل: وردت غِبًّا، فإِذا ارتفعت عن الغِبّ فالظم‏ء الرِّبْعُ، و ليس في الورد ثِلْث ثم الخِمْس إِلى العِشْر، فإِذا زادت فليس لها تسمية وِرْد، و لكن يقال: هي ترد عِشْراً و غِبّاً و عِشْراً و رِبْعاً إِلى العِشرَين، فيقال حينئذ: ظِمْؤُها عِشْرانِ، فإِذا جاوزت العِشْرَيْنِ فهي جَوازِئُ؛ و قال الليث: إِذا زادت على العَشَرة قالوا: زِدْنا رِفْهاً بعد عِشْرٍ. قال الليث: قلت للخليل ما معنى العِشْرِين؟ قال: جماعة عِشْر، قلت: فالعِشْرُ كم يكون؟ قال: تِسعةُ أَيام، قلت: فعِشْرون ليس بتمام إِنما هو عِشْران و يومان، قال: لما كان من العِشْر الثالث يومان جمعته بالعِشْرين، قلت: و إِن لم يستوعب الجزء الثالث؟ قال: نعم، أَ لا ترى قول أَبي حنيفة: إِذا طَلَّقها تطليقتين و عُشْرَ تطليقة فإِنه يجعلها ثلاثاً و إِنما من الطلقة الثالثة فيه جزء، فالعِشْرون هذا قياسه، قلت: لا يُشْبِهُ العِشْرُ «4». التطليقةَ لأَن بعض التطليقة تطليقة تامة، و لا يكون بعض العِشْرِ عِشْراً كاملًا، أَ لا ترى أَنه لو قال لامرأَته أَنت طالق نصف تطليقة أَو جزءاً من مائة تطليقة كانت تطليقة تامة، و لا يكون نصف العِشْر و ثُلُث العِشْرِ عِشْراً كاملًا؟ قال الجوهري: و العِشْرُ ما بين الوِرْدَين، و هي ثمانية أَيام لأَنها تَرِدُ اليوم العاشر، و كذلك الأَظْماء، كلها بالكسر، و ليس لها بعد العِشْر اسم إِلا في العِشْرَينِ، فإِذا وردت يوم العِشْرِين قيل: ظِمْؤُها عِشْرانِ، و هو ثمانية عَشَر يوماً، فإِذا جاوزت العِشْرَينِ فليس لها تسمية، و هي جَوازِئُ. و أَعْشَرَ الرجلُ إِذا وَرَدت إِبلُه عِشْراً، و هذه إِبل عَواشِرُ. و يقال: أَعْشَرْنا مذ لم نَلْتقِ أَي أَتى علينا عَشْرُ ليال. و عَواشِرُ القرآن: الآيُ التي يتم بها العَشْرُ. و العاشِرةُ: حَلْقةُ التَّعْشِير من عَواشِر المصحف، و هي لفظة مولَّدة.
__________________________________________________
 (4). [قوله: قلت لا يشبه العشر إلخ‏] نقل شارح القاموس عن شيخه أن الصحيح أن القياس لا يدخل اللغة و ما ذكره الخليل ليس إلا لمجرد البيان و الإيضاح لا للقياس حتى يرد ما فهمه الليث.

571
لسان العرب4

عشر ص 568

و عُشَار، بالضم: معدول من عَشَرة. و جاء القوم عُشارَ عُشارَ و مَعْشَرَ مَعْشَرَ و عُشار و مَعْشَر أَي عَشَرة عَشَرة، كما تقول: جاؤوا أُحَادَ أُحَادَ و ثُناءَ ثُناءَ و مَثْنى مَثْنى؛ قال أَبو عبيد: و لم يُسْمع أَكثرُ من أُحاد و ثُناء و ثُلاث و رُباع إِلا في قول الكميت:
و لم يَسْتَرِيثوك حتى رَمَيْت،             فوق الرجال، خِصَالًا عُشَارا

قال ابن السكيت: ذهب القوم عُشَارَياتٍ و عُسَارَياتٍ إِذا ذهبوا أَيادِيَ سَبَا متفرقين في كل وجه. و واحد العُشاريَات: عُشارَى مثل حُبارَى و حُبَارَيات. و العُشَارة: القطعةُ من كل شي‏ء، قوم عُشَارة و عُشَارات؛ قال حاتم طي‏ء يذكر طيئاً و تفرُّقَهم:
فصارُوا عُشَاراتٍ بكلّ مكانِ‏

و عَشَّر الحمار: تابَعَ النهيق عَشْرَ نَهَقاتٍ و والى بين عَشْرِ تَرْجِيعات في نَهِيقه، فهو مُعَشِّرٌ، و نَهِيقُه يقال له التَّعْشِير؛ يقال: عَشَّرَ يُعَشِّرُ تَعْشِيراً؛ قال عروة بن الورد:
و إِنِّي و إِن عَشَّرْتُ من خَشْيةِ الرَّدَى             نُهاقَ حِمارٍ، إِنني لجَزُوعُ‏

و معناه: إِنهم يزعمون أَن الرجل إِذا وَرَدَ أَرضَ وَباءٍ وضَعَ يدَه خلف أُذنهِ فنَهَق عَشْرَ نَهقاتٍ نَهيقَ الحِمار ثم دخلها أَمِنَ من الوَباء؛ و أَنشد بعضهم: في أَرض مالِكٍ، مكان قوله: من خشية الرَّدَى، و أَنشد: نُهاق الحمار، مكان نُهاق حمار. و عَشَّرَ الغُرابُ: نَعبَ عَشْرَ نَعَبَاتٍ. و قد عَشَّرَ الحِمارُ: نهق، و عَشَّرَ الغُرابُ: نَعَقَ، من غير أَن يُشْتَقّا من العَشَرة. و حكى اللحياني: اللهمَّ عشِّرْ خُطايَ أَي اكتُبْ لكل خُطْوة عَشْرَ حسنات. و العَشِيرُ: صوت الضَّبُع؛ غير مشتق أَيضاً؛ قال:
جاءَتْ به أُصُلًا إِلى أَوْلادِها،             تَمْشي به معها لهمْ تَعْشِيرُ

و ناقة عُشَراء: مصى لحملها عَشَرةُ أَشهر، و قيل ثمانية، و الأَولُ أَولى لمكان لفظه، فإِذا وضعت لتمام سنة فهي عُشَراء أَيضاً على ذلك كالرائبِ من اللبن «1». و قيل: إِذا وَضَعت فهي عائدٌ و جمعها عَوْدٌ؛ قال الأَزهري: و العرب يسمونها عِشَاراً بعد ما تضع ما في بطونها للزوم الاسم بعد الوضع كما يسمونها لِقَاحاً، و قيل العُشَراء من الإِبل كالنّفساء من النساء، و يقال: ناقتان عُشَراوانِ. و
في الحديث: قال صَعْصعة بن ناجية: اشْتَرَيْت مَوءُودةً بناقَتَينِ عُشَرَاوَيْنِ.
؛ قال ابن الأَثير: قد اتُّسِعَ في هذا حتى قيل لكل حامل عُشَراء و أَكثر ما يطلق على الخيل و الإِبل، و الجمع عُشَراواتٌ، يُبْدِلون من همزة التأْنيث واواً، و عِشَارٌ كَسَّرُوه على ذلك، كما قالوا: رُبَعة و رُبَعاتٌ و رِباعٌ، أَجْرَوْا فُعلاء مُجْرَى فُعَلة كما أَجْرَوْا فُعْلَى مُجْرَى فُعْلَة، شبهوها بها لأَن البناء واحد و لأَن آخره علامة التأْنيث؛ و قال ثعلب: العِشَارُ من الإِبل التي قد أَتى عليها عشرة أَشهر؛ و به فسر قوله تعالى: وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ
؛ قال الفراء: لُقَّحُ الإِبلِ عَطَّلَها أَهلُها لاشتغالهم بأَنْفُسِهم و لا يُعَطِّلُها قومُها إِلا في حال القيامة، و قيل: العِشارُ اسم يقع على النوق حتى يُتْتج بعضُها، و بعضُها يُنْتَظَرُ نِتاجُها؛ قال‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [كالرائب من اللبن‏] في شرح القاموس في مادة راب ما نصه: قال أَبو عبيد إِذا خثر اللبن، فهو الرائب و لا يزال ذلك اسمه حتى ينزع زبده، و اسمه على حاله بمنزلة العشراء من الإِبل و هي الحامل ثم تضع و هي اسمها.

572
لسان العرب4

عشر ص 568

الفرزدق:
كَمْ عَمَّة لك يا جَرِيرُ و خالة             فَدْعاء، قد حَلَبَتْ عَلَيّ عِشَارِي‏

قال بعضهم: و ليس للعِشَارِ لبن و إِنما سماها عِشاراً لأَنها حديثة العهد بالنِّتاج و قد وضعت أَولادها. و أَحْسَن ما تكون الإِبل و أَنْفَسُها عند أَهلها إِذا كانت عِشَاراً. و عَشَّرَت الناقةُ تَعْشِيراً و أَعْشَرَت: صارت عُشَراء، و أَعْشَرت أَيضاً: أَتى عليها عَشَرَةُ أَشهر من نتاجها. و امرأَة مُعْشِرٌ: مُتِمٌّ، على الاستعارة. و ناقة مِعْشارٌ: يَغْزُر لبنُها ليالي تُنْتَج. و نَعتَ أَعرابي ناقةً فقال: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ مِغْبَارٌ؛ مِعْشَارٌ ما تقدم، و مِشكارٌ تَغْزُر في أَول نبت الربيع، و مِغْبارٌ لَبِنةٌ بعد ما تَغْزُرُ اللواتي يُنْتَجْن معها؛ و أَما قول لبيد يذكر مَرْتَعاً:
هَمَلٌ عَشائِرُه على أَوْلادِها،             مِن راشح مُتَقَوّب و فَطِيم‏

فإِنه أَراد بالعَشائِر هنا الظباءَ الحدِيثات العهد بالنتاج؛ قال الأَزهري: كأَنَّ العَشائرَ هنا في هذا المعنى جمع عِشَار، و عَشائرُ هو جمع الجمع، كما يقال جِمال و جَمائِل و حِبَال و حَبائِل. و المُعَشِّرُ: الذي صارت إِبلُه عِشَاراً؛ قال مَقّاس بن عمرو:
ليَخْتَلِطَنَّ العامَ راعٍ مُجَنِّبٌ،             إِذا ما تلاقَيْنا براعٍ مُعَشِّر

و العُشْرُ: النُّوقُ التي تُنْزِل الدِّرَّة القليلة من غير أَن تجتمع؛ قال الشاعر:
حَلُوبٌ لعُشْرِ الشُّولِ في لَيْلةِ الصَّبا،             سَريعٌ إِلى الأَضْيافِ قبل التأَمُّلِ‏

و أَعْشارُ الجَزورِ: الأَنْصِباء. و العِشْرُ: قطعة تنكَسِرُ من القَدَح أَو البُرْمة كأَنها قطعة من عَشْر قطع، و الجمع أَعْشارٌ. و قَدَحٌ أَعْشارٌ و قِدْرٌ أَعْشَارٌ و قُدورٌ أَعاشِيرُ: مكسَّرَة على عَشْرِ قطع؛ قال إمرؤ القيس في عشيقته:
و ما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقدَحِي             بِسَهْمَيكِ في أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّلِ‏

أَراد أَن قلبه كُسِّرَ ثم شُعِّبَ كما تُشَعَّبُ القِدْرُ؛ قال الأَزهري: و فيه قول آخر و هو أَعجب إِليّ من هذا القول، قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى: أَراد بقوله بسَهْمَيْكِ هاهنا سَهْمَيْ قِداح المَيْسِر، و هما المُعَلَّى و الرَّقيب، فللمُعَلَّى سبعة أَنْصِباء و للرقيب ثلاثة، فإِذا فاز الرجل بهما غلَب على جَزورِ المَيْسرِ كلها و لم يَطْمَعْ غيرُه في شي‏ء منها، و هي تُقْسَم على عَشَرة أَجزاء، فالمعنى أَنها ضَربت بسهامها على قلبه فخرج لها السهمان فغَلبته على قَلْبه كلِّه و فَتَنته فَمَلَكَتْه؛ و يقال: أَراد بسهْمَيْها عَيْنَيْها، و جعل أَبو الهيثم اسم السهم الذي له ثلاثة أَنْصِباء الضَّرِيبَ، و هو الذي سماه ثعلب الرَّقِيب؛ و قال اللحياني: بعض العرب يُسمّيه الضَّرِيبَ و بعضهم يسمّيه الرقيب، قال: و هذا التفسير في هذا البيت هو الصحيح. و مُقَتَّل: مُذَلَّل. و قَلْبٌ أَعْشارٌ: جاء على بناء الجمع كما قالوا رُمْح أَقْصادٌ. و عَشّرَ الحُبُّ قَلْبَه إِذا أَضْناه. و عَشَّرْت القَدَحَ تَعْشِيراً إِذا كسَّرته فصيَّرته أَعْشاراً؛ و قيل: قِدْرٌ أَعشارٌ عظيمة كأَنها لا يحملها إِلا عَشْرٌ أَو عَشَرةٌ، و قيل: قِدْرٌ أَعْشارٌ متكسِّرة فلم يشتق من شي‏ء؛ قال اللحياني: قِدر أَعشارٌ من الواحد الذي فُرِّقَ ثم جُمِع كأَنهم جعلوا كل جزء منه عُشْراً.

573
لسان العرب4

عشر ص 568

574
لسان العرب4

عشر ص 568

لي ثقةٌ أَعتمده. و يقال لثلاث من ليالي الشهر: عُشَر، و هي بعد التُّسَع، و كان أَبو عبيدة يُبْطِل التُّسَعَ و العُشَرَ إِلا أَشياء منه معروفة؛ حكى ذلك عنه أَبو عبيد. و الطائفيّون يقولون: من أَلوان البقر الأَهليّ أَحمرُ و أَصفرُ و أَغْبَرُ و أَسْودُ و أَصْدأُ و أَبْرَقُ و أَمْشَرُ و أَبْيَضُ و أَعْرَمُ و أَحْقَبُ و أَصْبَغُ و أَكْلَفُ و عُشَر و عِرْسِيّ و ذو الشرر و الأَعْصم و الأَوْشَح؛ فالأَصْدَأُ: الأَسود العينِ و العنقِ و الظهرِ و سائرُ جسده أَحمر، و العُشَرُ: المُرَقَّع بالبياض و الحمرةِ، و العِرْسِيّ: الأَخضر، و أَما ذو الشرر فالذي على لون واحد، في صدرِهِ و عنُقِه لُمَعٌ على غير لونه. و سَعْدُ العَشِيرة: أَبو قبيلة من اليمن، و هو سعد بن مَذْحِجٍ. و بنو العُشَراء: قوم من العرب. و بنو عُشَراء: قوم من بني فَزارةَ. و ذو العُشَيْرة: موضع بالصَّمّان معروف ينسب إِلى عُشَرةٍ نابتة فيه؛ قال عنترة:
صَعْل يَعُودُ بذي العُشَيْرة بَيْضَه،             كالعَبْدِ ذي الفَرْوِ الطويل الأَصْلَمِ‏

شبَّهه بالأَصْلم، و هو المقطوع الأُذن، لأَن الظليم لا أُذُنَين له؛ و في الحديث ذكر غزوة العُشَيرة. و يقال: العُشَيْر و ذاتُ العُشَيرة، و هو موضع من بطن يَنْبُع. و عِشَار و عَشُوراء: موضع. و تِعْشار: موضع بالدَّهناء، و قيل: هو ماء؛ قال النابغة:
غَلَبُوا على خَبْتٍ إِلى تِعْشارِ

و قال الشاعر:
لنا إِبلٌ لم تَعْرِف الذُّعْرَ بَيْنَها             بتِعْشارَ مَرْعاها قَسَا فصَرائمُهْ‏

عشزر:
العَشَنْزَرُ: الشديد الخلْق العظيم من كل شي‏ء؛ قال الشاعر:
 ضَرْباً و طَعْناً نافذاً عَشَنْزَرا

و الأُنثى بالهاء. قال الأَزهري: العَشَنْزَرُ و العَشَوْزَنُ من الرجال الشديد. و سَيْرٌ عَشَنْزَرٌ: شديد. و العَشَنْزَرُ: الشديد؛ أَنشد أَبو عمرو لأَبي الزحف الكليني:
و دُونَ لَيْلى بلَدٌ سَمَهْدَرُ،             جَدْبُ المُنَدَّى عن هَوانا أَزْوَرُ،
 يُنْضِي المطايا خِمْسُه العَشَنْزَرُ

المُنَدَّى: حيث يُرْتَعُ، و الأُنثى عَشَنْزَرة؛ قال حبيب بن عبد الله المعروف بالأَعلم الهذلي في صفة الضبع:
عَشَنْزَرة جَواعِرُها ثَمانٌ،             فُوَيْقَ زِماعِها وَشْمٌ حُجُولُ‏

أَراد بالعَشَنْزَرَة الضبُعَ، و لها جاعِرَتانِ، فجعل لكل جاعرة أَربعة غُضونٍ و سمى كل غَضْنٍ منها جاعِرةً باسم ما هي فيه. و الزِّمَاعُ، بكسر الزاي: جمع زَمَعة و هي شعرات مجتمعات خلف ظِلْف الشاة و نحوها. و الوَشْمُ: خطوط تُخالِف معظم اللون. و الحُجول: جمع حِجْل للبياض، و يجوز أَن يكون جمعَ حِجْلٍ، و أَصله القيد. و قَرَبٌ عَشَنْزَرٌ: مُتْعِبٌ. و ضبُعٌ عَشَنْزَرَة: سيئة الخلُق. و العَشَنْزَر: الشديد، و هو نعت يرجع في كل شي‏ء إِلى الشدة.
عصر:
العَصْر و العِصْر و العُصْر و العُصُر؛ الأَخيرة عن اللحياني: الدهر. قال الله تعالى: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
؛
قال الفراء: الْعَصْرِ
 الدهرُ، أَقسم الله تعالى به.
؛ و
قال ابن عباس: الْعَصْرِ
 ما يلي المغرب من النهار.
و
قال قتادة: هي ساعة من ساعات‏

575
لسان العرب4

عصر ص 575

النهار.
؛ و قال إمرؤ القيس في العُصُر:
و هل يَعِمَنْ مَن كان في العُصُر الخالي؟
و الجمع أَعْصُرٌ و أَعْصار و عُصُرٌ و عُصورٌ؛ قال العجاج:
و العَصْر قَبْل هذه العُصورِ             مُجَرِّساتٍ غِرّةَ الغَرِيرِ

و العَصْران: الليل و النهار. و العَصْر: الليلة. و العَصْر: اليوم؛ قال حميد بن ثور:
و لن يَلْبَثَ العَصْرَانِ يومٌ و ليلة،             إِذا طَلَبَا أَن يُدْرِكا ما تَيَمَّما

و قال ابن السكيت في باب ما جاء مُثْنى: الليل و النهار، يقال لهما العَصْران، قال: و يقال العَصْران الغداة و العشيّ؛ و أَنشد:
و أَمْطُلُه العَصْرَينِ حتى يَمَلَّني،             و يَرضى بنِصْفِ الدَّيْنِ، و الأَنْفُ راغمُ‏

يقول: إِذا جاء في أَول النهار وعَدْتُه آخره. و
في الحديث: حافظْ على العَصْرَيْنِ.
؛ يريد صلاةَ الفجر و صلاة العصر، سمّاهما العَصْرَينِ لأَنهما يقعان في طرفي العَصْرَين، و هما الليل و النهار، و الأَشْبَهُ أَنه غلَّب أَحد الاسمين على الآخر كالعُمَرَيْن لأَبي بكر و عمر، و القمرين للشمس و القمر، و قد جاء تفسيرهما
في الحديث، قيل: و ما العَصْران؟ قال: صلاةٌ قبل طلوع الشمس و صلاةٌ قبل غروبها.
؛ و منه‏
الحديث: من صلَّى العَصْرَيْنِ دخل الجنة.
و منه‏
حديث علي رضي الله عنه: ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ و اجْلِسْ لهم العَصْرَيْن.
أَي بكرة و عشيّاً. و يقال: لا أَفعل ذلك ما اختلف العَصْران. و العَصْر: العشي إِلى احمرار الشمس، و صلاة العَصْر مضافة إِلى ذلك الوقت، و به سميت؛ قال:
تَرَوَّحْ بنا يا عَمْرو، قد قَصُرَ العَصْرُ،             و في الرَّوْحةِ الأُولى الغَنيمةُ و الأَجْرُ

و قال أَبو العباس: الصلاة الوُسْطى صلاةُ العَصْرِ، و ذلك لأَنها بين صلاتَي النهار و صلاتي الليل، قال: و العَصْرُ الحَبْسُ، و سميت عَصْراً لأَنها تَعْصِر أَي تَحْبِس عن الأُولى، و قالوا: هذه العَصْر على سَعة الكلام، يريدون صلاة العَصْر. و أَعْصَرْنا: دخلنا في العَصْر. و أَعْصَرْنا أَيضاً: كأَقْصَرْنا، و جاء فلانٌ عَصْراً أَي بَطيئاً. و العِصارُ: الحِينُ؛ يقال: جاء فلان على عِصارٍ من الدهر أَي حين. و قال أَبو زيد: يقال نام فلانٌ و ما نام العُصْرَ أَي و ما نام عُصْراً، أَي لم يكد ينام. و جاء و لم يجئ لِعُصْرٍ أَي لم يجئ حين المجي‏ء؛ و قال ابن أَحمر:
يَدْعون جارَهُمُ و ذِمَّتَه             عَلَهاً، و ما يَدْعُون من عُصْر

أَراد من عُصُر، فخفف، و هو الملجأ. و المُعْصِر: التي بَلَغَتْ عَصْرَ شبابها و أَدركت، و قيل: أَول ما أَدركت و حاضت، يقال: أَعْصَرَت، كأَنها دخلت عصر شبابها؛ قال منصور بن مرثد الأَسدي:
جارية بسَفَوانَ دارُها             تَمْشي الهُوَيْنا ساقِطاً خِمارُها،
قد أَعْصَرَت أَو قَدْ دَنا إِعْصارُها

و الجمع مَعاصِرُ و مَعاصِيرُ؛ و يقال: هي التي قاربت الحيض لأَنّ الإِعصارَ في الجارية كالمُراهَقة في الغُلام، روي ذلك عن أَبي الغوث الأَعرابي؛ و قيل: المُعْصِرُ هي التي راهقت العِشْرِين، و قيل: المُعْصِر ساعة

576
لسان العرب4

عصر ص 575

تَطْمِث أَي تحيض لأَنها تحبس في البيت، يجعل لها عَصَراً، و قيل: هي التي قد ولدت؛ الأَخيرة أَزْديّة، و قد عَصَّرَت و أَعْصَرَت، و قيل: سميت المُعْصِرَ لانْعِصارِ دم حيضها و نزول ماء تَرِيبَتِها للجماع. و يقال: أَعْصَرَت الجارية و أَشْهَدَت و تَوضَّأَت إِذا أَدْرَكَت. قال الليث: و يقال للجارية إِذا حَرُمت عليها الصلاةُ و رأَت في نفسها زيادةَ الشباب قد أَعْصَرت، فهي مُعْصِرٌ: بلغت عُصْرةَ شبابِها و إِدْراكِها؛ يقال بلغت عَصْرَها و عُصورَها؛ و أَنشد:
و فَنَّقَها المَراضِعُ و العُصورُ
و
في حديث ابن عباس: كان إِذا قَدِمَ دِحْيةُ لم يَبْقَ مُعْصِرٌ إِلا خرجت تنظر إِليه من حُسْنِه.
؛ قال ابن الأَثير: المُعْصِرُ الجارية أَول ما تحيض لانْعِصار رَحِمها، و إِنما خصَّ المُعْصِرَ بالذِّكر للمبالغة في خروج غيرها من النساء. و عَصَرَ العِنَبَ و نحوَه مما له دُهْن أَو شراب أَو عسل يَعْصِرُه عَصْراً، فهو مَعْصُور، و عَصِير، و اعْتَصَرَه: استخرج ما فيه، و قيل: عَصَرَه وَليَ عَصْرَ ذلك بنفسه، و اعْتَصَره إِذا عُصِرَ له خاصة، و اعْتَصَر عَصِيراً اتخذه، و قد انْعَصَر و تَعَصَّر، و عُصارةُ الشي‏ء و عُصارهُ و عَصِيرُه: ما تحلَّب منه إِذا عَصَرْته؛ قال:
 فإِن العَذَارى قد خَلَطْنَ لِلِمَّتي             عُصارةَ حِنَّاءٍ معاً و صَبِيب‏

و قال:
حتى إِذا ما أَنْضَجَتْه شَمْسُه،             و أَنى فليس عُصارهُ كعُصارِ

و قيل: العُصارُ جمع عُصارة، و العُصارةُ: ما سالَ عن العَصْر و ما بقي من الثُّفْل أَيضاً بعد العَصْر؛ و قال الراجز:
 عُصارة الخُبْزِ الذي تَحَلَّبا

و يروى:
 ... تُحُلِّبا

؛ يقال تَحَلَّبت الماشية بقيَّة العشب و تَلَزَّجَته أَي أَكلته، يعني بقية الرَّطْب في أَجواف حمر الوحش. و كل شي‏ء عُصِرَ ماؤه، فهو عَصِير؛ و أَنشد قول الراجز:
و صار ما في الخُبْزِ من عَصِيرِه             إِلى سَرَار الأَرض، أَو قُعُورِه‏

يعني بالعصير الخبزَ و ما بقي من الرَّطْب في بطون الأَرض و يَبِسَ ما سواه. و المَعْصَرة: التي يُعْصَر فيها العنب. و المَعْصَرة: موضع العَصْر. و المِعْصارُ: الذي يجعل فيه الشي‏ء ثم يُعْصَر حتى يتحلَّب ماؤه. و العَواصِرُ: ثلاثة أَحجار يَعْصِرون العنب بها يجعلون بعضها فوق بعض. و قولهم: لا أَفعله ما دام للزيت عاصِرٌ، يذهب إِلى الأَبَدِ. و المُعْصِرات: السحاب فيها المطر، و قيل: السحائب تُعْتَصَر بالمطر؛ و في التنزيل: وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً
. و أُعْصِرَ الناسُ: أُمْطِرُوا؛ و بذلك قرأَ بعضهم: فيه يغاث الناس و فيه يُعْصَرُون؛ أَي يُمْطَرُون، و من قرأَ: يَعْصِرُونَ‏
، قال أَبو الغوث: يستغِلُّون، و هو مِن عَصر العنب و الزيت، و قرئ: و فيه تَعْصِرُون، من العَصْر أَيضاً، و قال أَبو عبيدة: هو من العَصَر و هو المَنْجاة و العُصْرة و المُعْتَصَر و المُعَصَّر؛ قال لبيد:
و ما كان وَقَّافاً بدار مُعَصَّر

577
لسان العرب4

عصر ص 575

و قال أَبو زبيد:
صادِياً يَسْتَغِيثُ غير مُغاثٍ،             و لقد كان عُصْرة المَنْجود

أَي كان ملجأَ المكروب. قال الأَزهري: ما علمت أَحداً من القُرَّاء المشهورين قرأَ يُعْصَرون، و لا أَدري من أَين جاء به الليث، فإِنه حكاه؛ و قيل: المُعْصِر السحابة التي قد آن لها أَن تصُبّ؛ قال ثعلب: و جارية مُعْصِرٌ منه، و ليس بقويّ. و قال الفراء: السحابة المُعْصِر التي تتحلَّب بالمطر و لمَّا تجتمع مثل الجارية المُعْصِر قد كادت تحيض و لمّا تَحِضْ، و قال أَبو حنيفة: و قال قوم: إِن المُعْصِرات الرِّياحُ ذوات الأَعاصِير، و هو الرَّهَج و الغُبار؛ و استشهدوا بقول الشاعر:
و كأَنَّ سُهْكَ المُعْصِرات كَسَوْتَها             تُرْبَ الفَدافِدِ و البقاع بمُنْخُلِ‏

و
روي عن ابن عباس أَنه قال: المُعْصِراتُ الرِّياحُ.
و زعموا أَن معنى مِن، من قوله: مِنَ الْمُعْصِراتِ‏
، معنى الباء الزائدة «2». كأَنه قال: و أَنزلنا بالمُعْصِرات ماءً ثَجَّاجاً، و قيل: بل المُعْصِراتُ الغُيُومُ أَنفُسُها؛ و فسر بيت ذي الرمة:
تَبَسَّمَ لَمْحُ البَرْقِ عن مُتَوَضِّحٍ،             كنَوْرِ الأَقاحي، شافَ أَلوانَها العَصْرُ

فقيل: العَصْر المطر من المُعْصِرات، و الأَكثر و الأَعرف: شافَ أَلوانها القَطْرُ. قال الأَزهري: و قولُ من فَسَّر الْمُعْصِراتِ‏
 بالسَّحاب أَشْبَهُ بما أَراد الله عز و جل لأَن الأَعاصِير من الرياح ليستْ مِن رِياح المطر، و قد ذكر الله تعالى أَنه يُنْزِل منها ماءً ثجّاجاً. و قال أَبو إِسحق: الْمُعْصِراتِ‏
 السحائب لأَنها تُعْصِرُ الماء، و قيل: مُعْصِرات كما يقال أَجَنَّ الزرعُ إِذا صارَ إِلى أَن يُجنّ، و كذلك صارَ السحابُ إِلى أن يُمْطِر فيُعْصِر؛ و قال البَعِيث في المُعْصِرات فجعلها سحائب ذوات المطر:
و ذي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه             ذِهابُ الصَّبا، و المعْصِراتُ الدَّوالِحُ‏

و الدوالحُ: من نعت السحاب لا من نعت الرياح، و هي التي أَثقلها الماء، فهي تَدْلَحُ أَي تَمِشي مَشْيَ المُثْقَل. و الذِّهابُ: الأَمْطار، و يقال: إِن الخير بهذا البلد عَصْرٌ مَصْرٌ أَي يُقَلَّل و يُقطَّع. و الإِعْصارُ: الريح تُثِير السحاب، و قيل: هي التي فيها نارٌ، مُذَكَّر. و في التنزيل: فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ‏
، و الإِعْصارُ: ريح تُثِير سحاباً ذات رعد و برق، و قيل: هي التي فيها غبار شديد. و قال الزجاج: الإِعْصارُ الرياح التي تهب من الأَرض و تُثِير الغبار فترتفع كالعمود إِلى نحو السماء، و هي التي تُسَمِّيها الناس الزَّوْبَعَة، و هي ريح شديدة لا يقال لها إِعْصارٌ حتى تَهُبّ كذلك بشدة؛ و منه قول العرب في أَمثالها: إِن كنتَ رِيحاً فقد لاقيت إِعْصاراً؛ يضرب مثلًا للرجل يلقى قِرْنه في النَّجْدة و البسالة. و الإِعْصارُ و العِصارُ: أَن تُهَيِّج الريح التراب فترفعه. و العِصَارُ: الغبار الشديد؛ قال الشماخ:
إِذا ما جَدَّ و اسْتَذْكى عليها،             أَثَرْنَ عليه من رَهَجٍ عِصَارَا

و قال أَبو زيد: الإِعْصارُ الريح التي تَسْطَع في السماء؛ و جمع الإِعْصارِ أَعاصيرُ؛ أَنشد الأَصمعي:
و بينما المرءُ في الأَحْياء مُغْتَبِطٌ،             إِذا هو الرَّمْسُ تَعْفوه الأَعاصِيرُ

__________________________________________________
 (2). قوله: [الزائدة] كذا بالأَصل و لعل المراد بالزائدة التي ليست للتعدية و إن كانت للسببية.

578
لسان العرب4

عصر ص 575

و العَصَر و العَصَرةُ: الغُبار. و
في حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: أَنّ امرأَة مرَّت به مُتَطَيِّبة بذَيْلِها عَصَرَةٌ، و في رواية: إِعْصار، فقال: أَينَ تُرِيدين يا أَمَةَ الجَبّارِ؟ فقالت: أُريدُ المَسْجِد.
؛ أَراد الغُبار أَنه ثارَ من سَحْبِها، و هو الإِعْصار، و يجوز أَن تكون العَصَرة من فَوْحِ الطِّيب و هَيْجه، فشبّهه بما تُثِير الرياح، و بعض أَهل الحديث يرويه عُصْرة و العَصْرُ: العَطِيَّة؛ عَصَرَه يَعْصِرُه: أَعطاه؛ قال طرفة:
لو كان في أَمْلاكنا واحدٌ،             يَعْصِر فينا كالذي تَعْصِرُ

و قال أَبو عبيد: معناه أَي يتخذ فينا الأَيادِيَ، و قال غيره: أَي يُعْطِينا كالذي تُعْطِينا، و كان أَبو سعيد يرويه:
يُعْصَرُ فينا كالذي يُعْصَرُ

أَي يُصابُ منه، و أَنكر تَعْصِر. و الاعْتِصَارُ: انْتِجَاعُ العطية. و اعْتَصَرَ من الشي‏ء: أَخَذَ؛ قال ابن أَحمر:
و إِنما العَيْشُ بِرُبَّانِهِ،             و أَنْتَ مِن أَفْنانِه مُعْتَصِرْ

و المُعْتَصِر: الذي يصيب من الشي‏ء و يأْخذ منه. و رجل كَريمُ المُعْتَصَرِ و المَعْصَرِ و العُصارَةِ أَي جَوَاد عند المسأَلة كريم. و الاعْتِصارُ: أَن تُخْرِجَ من إِنسان مالًا بغُرْم أَو بوجهٍ غيرِه؛ قال:
فَمَنَّ و اسْتَبْقَى و لم يَعْتَصِرْ

و كل شي‏ء منعتَه، فقد عَصَرْتَه. و
في حديث القاسم: أَنه سئل عن العُصْرَةِ للمرأَة، فقال: لا أَعلم رُخِّصَ فيها إِلا للشيخ المَعْقُوفِ المُنْحَنِي.
؛ العُصْرَةُ هاهنا: منع البنت من التزويج، و هو من الاعْتِصارِ المَنْع، أَراد ليس لأَحد منعُ امرأَة من التزويج إِلا شيخ كبير أَعْقَفُ له بنت و هو مضطر إِلى استخدامها. و اعْتَصَرَ عليه: بَخِلَ عليه بما عنده و منعه. و اعْتَصَر مالَه: استخرجه من يده. و
في حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: أَنه قضى أَن الوالد يَعْتَصِرُ ولَدَه فيما أَعطاه و ليس للولَد أَن يَعتَصِرَ من والده، لفضل الوالد على الولد.
؛ قوله يَعْتَصِرُ ولده.
أَي له أَن يحبسه عن الإِعطاء و يمنعه إِياه. و كل شي‏ء منعته و حبسته فقد اعْتَصَرْتَه؛ و قيل: يَعْتَصِرُ يَرْتَجِعُ. و اعْتَصَرَ العَطِيَّة: ارْتَجعها، و المعنى أَن الوالد إِذا أَعطى ولده شيئاً فله أَن يأْخذه منه؛ و منه‏
حديث الشَّعْبي: يَعْتَصِرُ الوالد على ولده في ماله.
؛ قال ابن الأَثير: و إِنما عداه بعلى لأَنه في معنى يَرْجِعُ عليه و يعود عليه. و قال أَبو عبيد: المُعْتَصِرُ الذي يصيب من الشي‏ء يأْخذ منه و يحبسه؛ قال: و منه قوله تعالى: فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ‏
. و حكى ابن الأَعرابي في كلام له: قومٌ يَعْتَصِرُونَ العطاء و يَعِيرون النساء؛ قال: يَعْتَصِرونَه يَسْترجعونه بثوابه. تقول: أَخذت عُصْرَتَه أَي ثوابه أَو الشي‏ء نَفسَه. قال: و العاصِرُ و العَصُورُ هو الذي يَعْتَصِرُ و يَعْصِرُ من مال ولده شيئاً بغير إِذنه. قال العِتريفِيُّ: الاعْتِصَار أَن يأْخذ الرجل مال ولده لنفسه أَو يبقيه على ولده؛ قال: و لا يقال اعْتَصَرَ فلانٌ مالَ فلان إِلا أَن يكون قريباً له. قال: و يقال للغلام أَيْضاً اعْتَصَرَ مال أَبيه إِذا أَخذه. قال: و يقال فلان عاصِرٌ إِذا كان ممسكاً، و يقال: هو عاصر قليل الخير، و قيل: الاعْتِصَارُ على وجهين: يقال اعْتَصَرْتُ من فلان شيئاً إِذا أَصبتَه منه، و الآخر أَن تقول أَعطيت فلاناً عطية فاعْتَصَرْتُها أَي رجعت فيها؛ و أَنشد:
نَدِمْتُ على شي‏ء مَضَى فَاعْتَصَرْتُه،             و للنِّحْلَةُ الأُولى أَعَفُّ و أَكْرَم‏

579
لسان العرب4

عصر ص 575

فهذا ارتجاع. قال: فأَما الذي يَمْنَعُ فإِنما يقال له تَعَصَّرَ أَي تَعَسَّر، فجعل مكان السين صاداً. و يقال: ما عَصَرك و ثَبَرَكَ و غَصَنَكَ و شَجَرَكَ أَي ما مَنَعَك. و
كتب عمر، رضي الله عنه، إِلى المُغِيرَةِ: إِنَّ النساء يُعْطِينَ على الرَّغْبة و الرَّهْبة، و أَيُّمَا امرأَةٍ نَحَلَتْ زَوجَها فأَرادت أَن تَعْتَصِرَ فَهُوَ لها.
أَي ترجع. و يقال: أَعطاهم شيئاً ثم اعْتَصَره إِذا رجع فيه. و العَصَرُ، بالتحريك، و العُصْرُ و العُصْرَةُ: المَلْجَأُ و المَنْجَاة. و عَصَرَ بالشي‏ء و اعْتَصَرَ به: لجأَ إِليه. و أَما الذي‏
ورد في الحديث: أَنه، صلى الله عليه و سلم، أَمر بلالًا أَن يؤذن قبل الفجر لِيَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُمْ.
؛ فإِنه أَراد الذي يريد أَن يضرب الغائط، و هو الذي يحتاج إِلى الغائط ليَتَأَهَّبَ للصلاة قبل دخول وقتها، و هو من العَصْر أَو العَصَر، و هو المَلْجأُ أَو المُسْتَخْفَى، و قد قيل في قوله تعالى: فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ‏
: إِنه من هذا، أَي يَنْجُون من البلاء و يَعْتَصِمون بالخِصْب، و هو من العُصْرَة، و هي المَنْجاة. و الاعْتِصَارُ: الالتجاء؛ و قال عَدِي بن زيد:
لو بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ،             كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي‏

و الاعْتِصار: أَن يَغَصَّ الإِنسان بالطعام فَيَعْتَصِر بالماء، و هو أَن يشربه قليلًا قليلًا، و يُسْتَشْهد عليه بهذا البيت، أَعني بيت عدي بن زيد. و عَصَّرَ الزرعُ: نبتت أَكْمامُ سُنْبُلِه، كأَنه مأَخوذ من العَصَر الذي هو الملجأُ و الحِرْز؛ عن أَبي حنيفة، أَي تَحَرَّزَ في غُلُفِه، و أَوْعِيَةُ السنبل أَخْبِيَتُه و لَفائِفُه و أَغْشِيَتُه و أَكِمَّتُه و قبائِعُهُ، و قد قَنْبَعَت السُّنبلة و هي ما دامت كذلك صَمْعَاءُ، ثم تَنْفَقِئُ. و كل حِصْن يُتحصن به، فهو عَصَرٌ. و العَصَّارُ: الملك الملجأُ. و المُعْتَصَر: العُمْر و الهَرَم؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد:
أَدركتُ مُعْتَصَرِي و أَدْرَكَني             حِلْمِي، و يَسَّرَ قائِدِي نَعْلِي‏

مُعْتَصَري: عمري و هَرَمي، و قيل: معناه ما كان في الشباب من اللهو أَدركته و لَهَوْت به، يذهب إِلى الاعْتِصَار الذي هو الإِصابة للشي‏ء و الأَخذ منه، و الأَول أَحسن. و عَصْرُ الرجلِ: عَصَبته و رَهْطه. و العُصْرَة: الدِّنْية، و هم موالينا عُصْرَةً أَي دِنْيَةً دون من سواهم؛ قال الأَزهري: و يقال قُصْرَة بهذا المعنى، و يقال: فلان كريم العَصِير أَي كريم النسب؛ و قال الفرزدق:
تَجَرَّدَ منها كلُّ صَهْبَاءَ حُرَّةٍ،             لِعَوْهَجٍ أوِ لِلدَّاعِرِيِّ عَصِيرُها

و يقال: ما بينهما عَصَرٌ و لا يَصَرٌ و لا أَعْصَرُ و لا أَيْصَرُ أَي ما بينهما مودة و لا قرابة. و يقال: تَوَلَّى عَصْرُك أَي رَهْطك و عَشِيرتك. و المَعْصُور: اللِّسان اليابس عطشا؛ قال الطرماح:
يَبُلُّ بمَعْصُورٍ جَنَاحَيْ ضَئِيلَةٍ             أَفَاوِيق، منها هَلَّةٌ و نُقُوعُ‏

و قوله أَنشده ثعلب:
أَيام أَعْرَقَ بي عَامُ المَعَاصِيرِ

فسره فقال: بَلَغَ الوسخُ إِلى مَعَاصِمِي، و هذا من الجَدْب؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري ما هذا التفسير. و العِصَارُ: الفُسَاء؛ قال الفرزدق:
إِذا تَعَشَّى عَتِيقَ التَّمْرِ، قام له             تَحْتَ الخَمِيلِ عِصَارٌ ذو أَضَامِيمِ‏

و أَصل العِصَار: ما عَصَرَتْ به الريح من التراب في‏

580
لسان العرب4

عصر ص 575

الهواء و بنو عَصَر: حَيّ من عبد القيس، منهم مَرْجُوم العَصَريّ. و يَعْصُرُ و أَعْصُرُ: قبيلة، و قيل: هو اسم رجل لا ينصرف لأَنه مثل يَقْتُل و أَقتل، و هو أَبو قبيلة منها باهِلَةُ. قال سيبويه: و قالوا باهِلَةُ بن أَعْصُر و إِنما سمي بجمع عَصْرٍ، و أَما يَعْصُر فعلى بدل الياء من الهمزة، و يشهد بذلك ما ورد به الخبر من أَنه إِنما سمي بذلك لقوله:
أَ بُنَيّ، إِنّ أَباك غَيَّرَ لَوْنَه             كَرُّ الليالي، و اخْتِلافُ الأَعْصُرِ

و عَوْصَرة: اسم. و عَصَوْصَر و عَصَيْصَر و عَصَنْصَر، كله: موضع؛ و قول أَبي النجم:
لو عُصْرَ منه البانُ و المِسْكُ انْعَصَرْ

يريد عُصِرَ، فخفف. و العُنْصُرُ و العُنْصَرُ: الأَصل و الحسب. و عَصَرٌ: موضع. و
في حديث خيبر: سَلَكَ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، في مَسِيرِه إِليها على عَصَرٍ.
؛ هو بفتحتين، جبل بين المدينة و وادي الفُرْع، و عنده مسجد صلى فيه النبي، صلى الله عليه و سلم.
عصفر:
الأَزهري: العُصْفُر نبات سُلافَتُه الجِرْيالُ، و هي معربة. ابن سيدة: العُصْفُر هذا الذي يصبغ به، و منه رِيفِيٌّ و منه بَرِّيٌّ، و كلاهما نبتٌ بأَرض العرب. و قد عَصْفَرْت الثوب فتَعَصْفَرَ. و العُصْفور: السيِّد. و العُصُفور: طائر ذكر، و الأُنثى بالهاء. و العُصْفور: الذكر من الجراد. و العُصْفور: خشبة في الهودج تجمَع أَطراف خشبات فيها، و هي كهيئة الإِكاف، و هي أَيضاً الخشبات التي تكون في الرَّحْل يُشَدّ بها رؤوس الأَحْناء. و العُصْفور: الخشب الذي تشدُّ به رؤوسُ الأَقْتاب. و عُصْفورُ الإِكاف عند مقدّمه في أَصل الدَّأْيةِ، و هو قطعة خشبة قدر جُمْعِ الكف أَو أُعَيْظِم منه شيئاً مشدودٌ بين الحِنْوَيْنِ المقدّمين؛ و قال الطرماح يصف الغَبِيط أَو الهودج:
كلّ مَشْكوكٍ عَصافِيرُه،             قانئ اللَّوْنِ حَدِيث الزِّمام‏

يعني أَنه شكّ فشدّ العُصْفور من الهودج في مواضع بالمسامير. و عُصْفورُ الإِكاف: عُرْصُوفُه على القلب. و
في الحديث: قد حرَّمت المدينة أَن تُعْضَد أَو تُخْبَط إِلا لِعُصْفورِ قَتَبٍ أَو شَدَّ مَحالةٍ أَو عَصا حديدةٍ.
؛ عُصْفورُ القتَبِ: أَحدُ عِيدانِه، و جمعه عَصافِيرُ. قال: و عصافِير القتب أَربعة أَوْتادٍ يُجْعَلْن بين رؤوس أَحناء القتب في رأْس كل حِنْوٍ وتدان مشدودان بالعَقَب أَو بجلود الإِبل فيه الظَّلِفات. و العُصْفور: عظم ناتئ في جَبين الفرس، و هما عُصْفورانِ يَمْنَةً و يَسْرة. قال ابن سيدة: عُصْفور الناصية أَصلُ منبتِها، و قيل: هو العُظيم الذي تحت ناصية الفرس بين العينين. و العُصْفور: قُطَيْعة من الدماغ تحت فَرْخ الدماغ كأَنه بائِنٌ، بينها و بين الدماغ جُلَيْدةٌ تَفْصِلها؛ و أَنشد:
ضَرْباً يُزيلُ الهام عن سريره،             عن أُمّ فَرْخ الرَّأْس أَو عُصْفوره‏

و العُصْفور: الشِّمْراخُ السائل من غُرّة الفرس لا يبلغ الخَطْمَ. و العَصافِيرُ: ما على السَّناسِن من العصب و العُصْفورُ: الولد، يمانية. و تَعَصْفَرت عُنُقُه تَعَصْفُراً: الْتَوَتْ. و يقال للرجل إِذا جاع: نَقَّت عَصافيرُ بَطْنِه، كما يقال: نَقَّت ضفادعُ بطنه. الأَزهري: العَصافيرُ ضرب من الشجر له صورة كصورة العُصْفور، يسمون هذا

581
لسان العرب4

عصفر ص 581

الشجر: مَنْ رَأَى مِثْلي. و أَما ما رُوي أَن النعمان أَمَرَ للنابغة بمائة ناقة من عَصافِيرِه؛ قال ابن سيدة: أَظنّه أَرادَ مِن فَتايا نُوقِه؛ قال الأَزهري: كان للنعمان بن المنذر نجائبُ يقال لها عَصافير النعمان. أَبو عمرو: يقال للجمل ذي السنامين عُصْفورِيٌّ. قال الجوهري: عَصافيرُ المُنْذِرِ إِبلٌ كانت للملوك نجائب؛ قال حسان بن ثابت: فما حَسَدْت أَحداً حَسَدي للنابغة حين أَمَرَ له النعمانُ بن المنذر بمائة ناقة برِيشِها من عَصافِيرِه و حُسَامٍ و آنِيةٍ من فضة؛ قوله: بريشها كان عليها رِيشٌ ليعلم أَنها من عطايا الملوك.
عصمر:
العُصْمورُ: الدُّولابُ، و سنذكره في الضاد. و قال الليث: العَصامير دلاءُ المَنْجَنون، واحدها عُصْمور. ابن الأَعرابي: العُصْمورُ دَلْوُ الدُّولاب. و الصُّمْعُورُ: القصير الشجاع.
عصنصر:
الأَزهري في الخماسي: عَصَنْصَر موضع.
عضر:
عَضْرٌ: حَيٌّ من اليمن، و قيل: هو اسم موضع. و العاضِرُ: المانِعُ، و كذلك الغاضِرُ، بالعين و الغين، و عَضَرَ بكلمة أَي باحَ بها.
عضمر:
العَضَمَّرُ: البخيل الضّيِّق. و العُضْمورُ: دَلْوُ المَنْجَنون. و في بعض النسخ: العُصْمور، بالصاد المهملة، و قد تقدم.
عطر:
العِطْرُ: اسم جامع للطِّيب، و الجمع عُطورٌ. و العطّار: بائعُه، و حِرْفَتُه العِطَارةُ. و رجل عاطرٌ و عَطِرٌ و مِعْطِير و مِعْطارٌ و امرأَة عَطِرةٌ و مِعْطيرٌ و مُعَطَّرة: يتعهّدان أَنفُسهما بالطيب و يُكْثِران منه، فإِذا كان ذلك من عادتِها، فهي مِعْطار و مِعْطارة؛ قال:
عُلِّقَ خَوْداً طَفْلةً مِعْطارَهْ،             إِياكِ أَعْني، فاسْمَعِي يا جارهْ‏

قال اللحياني: ما كان على مِفْعال فإِنّ كلام العرب و المجتمعَ عليه بغير هاء، في المذكر و المؤَنث، إِلا أَحْرُفاً جاءت نوادِرَ قيلَ فيها بالهاء، و سيأْتي ذكرها، و قيل: رَجلٌ عَطِرٌ و امرأَة عَطِرة إِذا كانا طَيّبَيْنِ رِيحَ الجِرْم، و إِن لم يَتَعَطَّرا. و قال ابن الأَعرابي: رجل عاطِرٌ، و جمعه عُطُرٌ، و هو المُحِبُّ للطِّيب. و عَطِرت المرأَة، بالكسر، تَعْطَرُ عَطَراً: تَطيّبتْ. و امرأَة عَطِرة مَطِرةٌ بَضّة مَضّة، قال: و المَطِرة الكثيرة السِّواك. أَبو عمرو: تَعَطَّرت المرأَةُ و تأَطَّرت إِذا أَقامت في بيت أَبَوَيْها و لم تتزوج. و
في الحديث: أَنه كان يكره تَعَطُّرَ النساء و تشبُّهَهُنَّ بالرجال.
؛ أَراد العِطْرَ الذي تَظْهَرُ ريحُه كما يظهر عِطْرُ الرجال، و قيل: أَراد تَعَطُّلَ النساء، باللام، و هي التي لا حَلْيَ عليها و لا خِضابَ، و اللام و الراء يتعاقبان. و
في حديث أَبي موسى: المرأَةُ إِذا اسْتَعْطَرت و مَرَّت على القوم ليَجِدُوا رِيحَها.
أَي استعملت العِطْرَ و هو الطيب؛ و منه‏
حديث كعب بن الأَشرف: و عندي أَعْطَرُ العربِ.
أَي أَطْيَبُها عِطْراً. قال أَبو عبيدة: يقال بَطْني أَعْطِري «3». و سائرِي فذَرِي؛ يقال ذلك لمن يُعْطِيك ما لا تحتاج إِليه، كأَنه في التمثُّل رجل جائع أَتى قوماً فطيّبوه. و ناقة عَطِرةٌ و مِعْطارةٌ و عَطّارةٌ إذا كانت نافِقةً في السوق تَبِيعُ نفسَها لحُسْنها. أَبو حنيفة: المُعْطِرات من الإِبل التي كأَنَّ على أَوبارِها صِبْغاً من حُسْنها، و أَصله من العطْرِ؛ قال المرّار بن منقذ:
هِجاناً و حُمْراً مُعْطِراتٍ كأَنها             حَصى مَغْرةٍ، أَلْوانُها كالمَجاسِد

__________________________________________________
 (3). قوله: [بطني أعطري‏] هكذا في الأَصل، و الذي في الأَمثال: عطري، بفتح العين و تشديد الطاء. و في شرح القاموس و قال أَبو عبيدة يقال: بطني عطري؛ هكذا في سائر النسخ، و الذي في أمهات اللغة: أعطري و سائري فذري.

582
لسان العرب4

عطر ص 582

و ناقةٌ مِعْطارٌ و مُعْطِرٌ: شديدة؛ ابن الأَعرابي: و مِعْطِيرٌ: حمراء طيّبة العَرَق؛ أَنشد أَبو حنيفة:
كَوْماء مِعْطِير كَلَوْنِ البَهْرَمِ‏
قال الأَزهري: و قرأْت في كتاب المعاني للباهلي:
أَبكي على عَنْزَيْنِ لا أَنْساهُما،             كأَنَّ ظِلَّ حَجَرٍ صُغْراهما،
و صالغٌ مُعْطِرةٌ كُبْراهُما

قال: مُعْطِرة حمراء. قال عمرو: مأْخوذ من العِطْر، و جَعَلَ الأُخْرى ظِلَّ حَجَرٍ لأَنها سَوْداء، و ناقة عَطِرة و مِعْطارٌ و مُعْطِرة و عِرْمِسٌ أَي كريمة؛ و أَما قول العجاج يصف الحمار و الأُتن:
يَتْبَعْنَ جأْباً كمُدُقِّ المِعْطِير

فإِنه يريد العطّار. و عُطَيْرٌ و عُطْرانُ: اسمان.
عظر:
عَظِرَ الرجل: كَرِهَ الشي‏ءَ، و لا يكادون يتكلمون به. و العِظَارُ: الامتِلاء من الشراب. و أَعْظَرَه الشرابُ: كَظّه و ثَقُل في جوفه، و هو الإِعْظارُ. و العُظُرُ: جمع عَظُورٍ، و هو الممتلئ من أَيّ الشراب كان. و رجل عِظْيَرٌّ: سيّ‏ء الخلُق و قيل مُتظاهِرٌ «1» ... مَرْبُوعٌ. و عِظْيَرٌ، مخفف الراء: غليظ قصير، و قيل: قصير، و قيل: كَزٌّ متقارب الأَعضاء، و قيل: العِظْيَرُ القويّ الغليظ؛ و أَنشد:
تُطَلِّحُ العِظْيَرَ ذا اللَّوْثِ الضَّبِثْ‏

و العَظارِيُّ: ذكورُ الجراد؛ و أَنشد:
غدا كالعَمَلَّس، في حُذْلِه             رُؤوسُ العَظارِيّ كالعُنْجُدِ

العَمَلّس: الذئب. و حُذْلُه: حُجْزة إِزاره. و العُنْجُد: الزبيب.
عفر:
العَفْرُ و العَفَرُ: ظاهر التراب، و الجمع أَعفارٌ. و عَفَرَه في التُّراب يَعْفِره عَفْراً و عَفَّره تَعْفِيراً فانْعَفَر و تَعَفَّرَ: مَرَّغَه فيه أَو دَسَّه. و العَفَر: التراب؛ و
في حديث أَبي جهل: هل يُعَفِّرُ مُحمدٌ وَجْهَه بين أَظْهُرِكم؟.
يُرِيدُ به سجودَه في التُّرابِ، و لذلك‏
قال في آخره: لأَطَأَنّ على رقبته أَو لأُعَفِّرَنّ وجْهَه في التراب.
؛ يريد إِذلاله؛ و منه قول جرير:
و سارَ لبَكْرٍ نُخْبةٌ من مُجاشِعٍ،             فلما رَأَى شَيْبانَ و الخيلَ عَفّرا

قيل في تفسيره: أَراد تَعَفَّر. قال ابن سيدة: و يحتمل عندي أَن يكون أَراد عَفّرَ جَنْبَه، فحذف المفعول. و عَفَرَه و اعْتَفَرَه: ضرَبَ به الأَرض؛ و قول أَبي ذؤيب:
أَلْفَيْتُ أَغْلَب من أُسْد المُسَدِّ حَدِيدَ             الناب، أَخْذتُه عَفْرٌ فتَطْرِيحُ‏

قال السكري: عَفْر أَي يَعْفِرُه في التراب. و قال أَبو نصر: عَفْرٌ جَذْب؛ قال ابن جني: قول أَبي نصر هو المعمول به، و ذلك أَن الفاء مُرَتِّبة، و إِنما يكون التَّعْفِير في التراب بعد الطَّرْح لا قبله، فالعَفْرُ إِذاً هاهنا هو الجَذْب، فإِن قلت: فكيف جاز أَن يُسمّي الجذب عَفْراً؟ قيل: جاز ذلك لتصوّر معنى التَّعْفِير بعد الجَذْب، و أَنه إِنما يَصِير إِلى العَفَر الذي هو التراب بعد أَن يَجْذِبَه و يُساوِرَه؛ أَ لا ترى ما أَنشده الأَصمعي:
و هُنَّ مَدّا غَضَنَ الأَفِيق «2».

فسَمَّى جلودَها، و هي حيةٌ، أَفِيقاً؛ و إِنما الأَفِيقُ الجلد ما دام في الدباغ، و هو قبل ذلك جلد و إِهاب و نحو ذلك، و لكنه لما كان قد يصير إِلى الدباغ سَمَّاه‏
__________________________________________________
 (1). كذا بياض بالأَصل.
 (2). قوله: [و هن مدا إلخ‏] هكذا في الأَصل.

583
لسان العرب4

عفر ص 583

أَفِيقاً و أَطلق ذلك عليه قبل وصوله إِليه على وجه تصور الحال المتوقعة. و نحوٌ منه قولُه تعالى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً؛ و قول الشاعر:
إِذا ما ماتَ مَيْتٌ مِن تمِيمٍ،             فسَرَّك أَن يَعِيشَ، فجِئْ بزادِ

فسماه ميتاً و هو حيّ لأَنه سَيموت لا محالة؛ و عليه قوله تعالى أَيضاً: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ؛ أَي إِنكم ستموتون؛ قال الفرزدق:
قَتَلْتَ قَتِيلًا لم يَرَ الناسُ مِثْلَه،             أُقَلِّبُه ذا تُومَتَيْنِ مُسَوَّرا

و إِذ جاز أَن يسمى الجَذْبُ عَفْراً لأَنه يصير إِلى العَفْر، و قد يمكن أَن لا يصير الجذبُ إِلى العَفْر، كان تسميةُ الحيِّ ميتاً لأَنه ميّت لا محالة أَجْدَرَ بالجواز. و اعْتَفَرَ ثَوْبَه في التراب: كذلك. و يقال: عَفّرْت فلاناً في التراب إِذا مَرَّغْته فيه تَعْفِيراً. و انْعَفَرَ الشي‏ء: تترّب، و اعْتَفَرَ مثله، و هو مُنْعَفِر الوجه في التراب و مُعَفَّرُ الوجه. و يقال: اعْتَفَرْتُه اعْتِفاراً إِذا ضربت به الأَرض فمَغَثْتَه؛ قال المرار يصف امرأَة طال شعرُها و كَثُفَ حتى مسَّ الأَرض:
تَهْلِك المِدْراةُ في أَكْنافِه،             و إِذا ما أَرْسَلَتْه يَعْتَفِرْ

أَي سقط شعرها على الأَرض؛ جعَلَه من عَفَّرْته فاعْتَفَر. و
في الحديث: أَنه مرّ على أَرضٍ تُسَمَّى عَفِرةً فسماَّها خَضِرَةً.
؛ هو من العُفْرة لَوْنِ الأَرض، و يروى بالقاف و الثاء و الدال؛ و في قصيد كعب:
يعدو فيَلْحَمُ ضِرْغامَيْنِ، عَيْشُهما             لَحْمٌ، من القوم، مَعْفُورٌ خَراذِيلُ‏

المَعْفورُ: المُترَّبُ المُعَفَّرُ بالتراب. و
في الحديث: العافِر الوجْهِ في الصلاة.
؛ أَي المُترّب. و العُفْرة: غُبْرة في حُمْرة، عَفِرَ عَفَراً، و هو أَعْفَرُ. و الأَعْفَر من الظباء: الذي تَعْلو بياضَه حُمْرَةٌ، و قيل: الأَعْفَرُ منها الذي في سَراتِه حُمْرةٌ و أَقرابُه بِيضٌ؛ قال أَبو زيد: من الظباء العُفْر، و قيل: هي التي تسكن القفافَ و صلابة الأَرض. و هي حُمْر، و العُفْر من الظباء: التي تعلو بياضَها حمرة، قِصار الأَعناق، و هي أَضعف الظباء عَدْواً؛ قال الكميت:
و كنّا إِذا جَبّارُ قومٍ أَرادَنا             بكَيْدٍ، حَمَلْناه على قَرْنِ أَعْفَرا

يقول: نقتله و نَحْمِل رأْسَه على السِّنَان، و كانت تكون الأَسِنَّة فيما مضى من القرون. و يقال: رماني عن قَرْن أَعْفَرَ أَي رماني بداهية؛ و منه قول ابن أَحمر:
و أَصْبَحَ يَرْمِي الناسَ عن قَرْنِ أَعْفَرا
و ذلك أَنهم كانوا يتخذون القُرونَ مكانَ الأَسِنّة فصار مثلًا عندهم في الشدة تنزل بهم. و يقال للرجل إِذا بات ليلَته في شدة تُقْلِقُه: كنتَ على قَرْن أَعْفَرَ؛ و منه قول إمرئ القيس:
كأَني و أَصْحابي على قَرْنِ أَعْفَرا

و ثَرِيدٌ أَعْفَرُ: مُبْيَضٌّ، و قد تعافَرَ. و من كلامهم «1» ... هم و وصف الحَرُوقة فقال: حتى تعافرَ من نَفْثها أَي تَبَيَّض. و الأَعْفَرُ: الرَّمْل الأَحمر؛ و قول بعض الأَغفال:
و جَرْدَبَت في سَمِلٍ عُفَيْر

يجوز أَن يكون تصغير أَعْفَر على تصغير الترخيم أَي مصبوغ بِصِبْغ بين البياض و الحمرة. و الأَعْفَر:
__________________________________________________
 (1). كذا بياض في الأَصل.

584
لسان العرب4

عفر ص 583

الأَبْيضُ و ليس بالشديد البياض. و ماعِزةٌ عَفْراء: خالصة البياض. و أَرض عَفْراء: بيضاء لم تُوطأْ كقولهم فيها بيحان اللون «1». و
في الحديث: يُحْشَرُ الناسُ يوم القيامة على أَرض عَفْراء.
و العُفْرُ من لَيالي الشهر: السابعةُ و الثامنةُ و التاسعةُ، و ذلك لبياض القمر. و قال ثعلب: العُفْرُ منها البِيضُ، و لم يُعَيِّنْ؛ و قال أَبو رزمة:
ما عُفُرُ اللَّيالي كالدَّآدِي،             و لا تَوالي الخيلِ كالهَوادِي‏

تواليها: أَواخرها. و
في الحديث: ليس عُفر الليالي كالدَّآدِي.
؛ أَي الليالي المقمرةُ كالسود، و قيل: هو مثَل. و
في الحديث: أَنه كان إِذا سجد جافى عَضُدَيْهِ حتى يُرى من خلفه عُفْرَة إِبْطَيْهِ.
؛ أَبو زيد و الأَصمعي: العُفْرَةُ بياض و لكن ليس بالبياض الناصع الشديد. و لكنه كلون عَفَر الأَرض و هو وجهها؛ و منه‏
الحديث: كأَني أَنظر إِلى عُفْرَتَيْ إِبْطَيْ رسول الله، صلى الله عليه و سلم.
؛ و منه قيل للظِّباء عُفْر إِذا كانت أَلوانها كذلك، و إِنما سُميت بعَفَر الأَرض. و يقال: ما على عَفَرِ الأَرض مِثْلَهُ أَي ما على وجهها. و عَفَّر الرجلُ: خلَط سُودَ غنمِه و إِبلِه بعُفْرٍ. و
في حديث أَبي هريرة: في الضَّحِيَّةِ: لَدَمُ عَفْرَاء أَحَبُّ إِليّ من دم سَوْدَاوَيْنِ.
و التَّعْفِير: التبييض. و
في الحديث: أَن امرأَة شكت إِليه قِلَّةَ نَسْل غنمها و إِبلها و رِسْلِها و أَن مالها لا يَزْكُو، فقال: ما أَلوانُها؟ قالت: سُودٌ. فقال: عَفِّرِي.
أَي اخْلِطيها بغنم عُفْرٍ، و قيل: أَي اسْتَبْدِلي أَغناماً بيضاً فإِن البركة فيها. و العَفْراءُ من الليالي: ليلة ثلاثَ عشْرة. و المَعْفُورةُ: الأَرض التي أُكِل نبتُها. و اليَعْفور و اليُعْفور: الظبي الذي لونه كلون العَفَر و هو التراب، و قيل: هو الظبي عامة، و الأُنثى يَعْفورة، و قيل: اليَعْفور الخِشْف [الخَشْف‏]، سمي بذلك لصغره و كثرة لُزوقِه بالأَرض، و قيل: اليَعْفُور ولد البقرة الوحشية، و قيل: اليَعَافيرُ تُيُوس الظباء. و
في الحديث: ما جَرَى اليَعْفُورُ.
؛ قال ابن الأَثير: هو الخِشْف [الخَشْف‏]، و هو ولد البقرة الوحشية، و قيل: تَيْس الظباء، و الجمع اليَعافِرُ، و الياء زائدة. و اليَعفور أَيضاً: جزء من أَجزاء الليل الخمسة التي يقال لها: سُدْفة و سُتْفة و هَجْمة و يَعْفور و خُدْرة؛ و قول طرفة:
جازت البِيدَ إِلى أَرْحُلِنا،             آخرَ الليل، بيَعْفورٍ خَدِرْ

أَراد بشخصِ إِنسانٍ مثل اليَعْفور، فالخَدِرُ على هذا المتخلف عن القطيع، و قيل: أَراد باليَعْفُورِ الجزء من أَجزاء الليل، فالخَدِرُ على هذا المُظْلِمُ. و عَفَّرت الوحشيّة ولدَها تُعَفِّرُه: قطعت عنه الرَّضاعَ يوماً أَو يومين، فإِن خافت أن يضرّه ذلك ردّته إِلى الرضاع أَياماً ثم أَعادته إِلى الفِطام، تفعل ذلك مرّات حتى يستمر عليه، فذلك التَّعْفير، و الولد مُعَفَّر، و ذلك إِذا أَرادت فِطامَه؛ و حكاه أَبو عبيد في المرأَة و الناقة، قال أَبو عبيد: و الأُمُّ تفعل مثل ذلك بولدها الإِنْسِيّ؛ و أَنشد بيت لبيد يذكر بقرةً وحشيةً و ولدَها:
لمُعَفَّر قَهْدٍ، تَنَازَعُ شِلْوَه             غُبْسٌ كَواسِبُ ما يُمَنُّ طَعامُها

قال الأَزهري: و قيل في تفسير المُعَفَّر في بيت لبيد إِنه ولدها الذي افْتَرَسَتْه الذئابُ الغُبْسُ فعَفَّرته في التراب أَي مرّغته. قال: و هذا عندي أَشْبَه بمعنى البيت. قال الجوهري: و التَّعْفِيرُ في الفِطام أَن تَمْسَحَ المرأَةُ ثَدْيَها بشي‏ء من التراب تنفيراً للصبي.
__________________________________________________
 (1). قوله: [بيحان اللون‏] هو هكذا في الأَصل.

585
لسان العرب4

عفر ص 583

و يقال: هو من قولهم لقيت فلاناً عن عُفْر، بالضم، أَي بعد شهر و نحوه لأَنها ترضعه بين اليوم و اليومين تَبْلو بذلك صَبْرَه، و هذا المعنى أَراد لبيد بقوله: لمعفر قَهْدٍ. أَبو سعيد: تَعَفَّر الوحشيُّ تَعَفُّراً إِذا سَمِن؛ و أَنشد:
و مَجَرُّ مُنْتَحِر الطَّلِيِّ تَعَفَّرتْ             فيه الفِراءُ بجِزْع وادٍ مُمْكِنِ‏

قال: هذا سحاب يمر مرّاً بطيئاً لكثرة مائه كأَنه قد انْتَحَر لكثرة مائه. و طَلِيُّه: مَناتحُ مائه، بمنزلة أَطْلاءِ الوحش. و تَعَفَّرت: سَمِنَت. و الفِراءُ: حُمُر الوحش. و المُمْكِنُ: الذي أَمكن مَرْعاه؛ و قال ابن الأَعرابي: أَراد بالطَّلِيّ نَوْءَ الحمَل، و نَوءُ الطَّلِيّ و الحمَلِ واحدٌ عنده. قال: و منتحر أَراد به نحره فكان النوء بذلك المكان من الحمل. قال: و قوله واد مُمْكِن يُنْبِت المَكْنان، و هو نبتٌ من أَحرار البقول. و اعْتَفَرَه الأَسد إِذا افْتَرَسَه. و رجل عِفْرٌ و عِفْرِيةٌ و نِفْرِيةٌ و عُفارِيةٌ و عِفْرِيتٌ بيّن العَفارةِ: خبيث مُنْكَر داهٍ، و العُفارِيةُ مثل العِفْريت، و هو واحد؛ و أَنشد لجرير:
قَرَنْتُ الظالمِين بمَرْمَرِيسٍ،             يَذِلّ لها العُفارِيةُ المَرِيدُ

قال الخليل: شيطان عِفْرِيةٌ و عِفْريتٌ، و هم العَفارِيَةُ و العَفارِيت، إِذا سَكّنْتَ الياء صَيَّرت الهاء تاء، و إِذا حرّكتها فالتاء هاء في الوقف؛ قال ذو الرمة:
كأَنّه كَوْكَبٌ في إِثْرِ عِفْرِية،             مُسَوّمٌ في سوادِ الليل مُنْقَضِب‏

و العِفْرِيةُ: الداهية. و
في الحديث: أَول دينكم نُبُوَّةٌ و رَحْمة ثم مُلْكٌ أَعْفَرُ.
؛ أَي مُلْكٌ يُسَاسُ بالدَّهاء و النُّكْر، من قولهم للخبيث المُنْكَر: عِفْر. و العَفارةُ: الخُبْث و الشَّيْطنةُ؛ و امرأَة عِفِرَّة. و في التنزيل: قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ‏
؛ و قال الزجاج: العِفْرِيت من الرجال النافذُ في الأَمر المبالغ فيه مع خُبْثٍ و دَهاءٍ، و قد تَعَفْرَت، و هذا مما تحملوا فيه تَبْقِيةَ الزائدَ مع الأَصل في حال الاشتقاق تَوْفِيةً للمعنى و دلالةً عليه. و حكى اللحياني: امرأَة عِفْرِيتةٌ و رجلٌ عِفرِينٌ و عِفِرّينٌ كَعِفْرِيت. قال الفراء: من قال عِفْرِية فجمعه عَفارِي كقولهم في جمع الطاغوت طَواغِيت و طَواغِي، و من قال عِفْرِيتٌ فجمعه عَفارِيت. و قال شمر: امرأَة عِفِرّة و رجل عِفِرٌّ، بتشديد الراء؛ و أَنشد في صفة امرأَة غير محمودة الصفة:
و ضِبِرّة مِثْل الأَتانِ عِفِرّة،             ثَجْلاء ذات خواصِرٍ ما تَشْبَعُ‏

قال الليث: و يقال للخبيث عفَرْنى أَي عِفْرٌ، و هم العَفَرْنَوْنَ. و العِفْرِيت من كل شي‏ء: المبالغ. يقال: فلان عِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ و عِفرِيةٌ نِفْرِية. و
في الحديث: إِن الله يُبْغِضُ العِفْرَيةَ النِّفْرِيةَ الذي لا يُرْزَأُ في أَهلٍ و لا مالٍ.
؛ قيل: هو الداهي الخبيثُ الشِّرِّيرُ، و منه العِفْرِيت، و قيل: هو الجَمُوع المَنُوع، و قيل: الظَّلُوم. و قال الزمخشري: العِفْر و العِفْريةُ و العِفْرِيت و العُفارِيةُ القوي المُتَشيْطِن الذي يَعْفِر قِرْنَه، و الياء في عِفْرِيةٍ و عُفارِيةٍ للإِلحاق بشرذمة و عُذافِرة، و الهاء فيهما للمبالغة، و التاء في عِفْرِيتٍ للإِلحاق بِقِنْدِيل. و
في كتاب أَبي موسى: غَشِيَهم يومَ بَدْرٍ لَيْثاً عِفِرِّيّاً.
أَي قَوِيّاً داهياً. يقال: أَسدٌ عِفْرٌ و عِفِر

586
لسان العرب4

عفر ص 583

بوزن طِمِرّ أَي قويّ عظيم. و العِفْرِيةُ المُصَحَّحُ و النِّفْرِية إِتباع؛ الأَزهري: التاء زائدة و أَصلها هاء، و الكلمة ثُلاثِيّة أَصلها عِفْرٌ و عِفْرِية، و قد ذكرها الأَزهري في الرباعي أَيضاً، و مما وضع به ابنُ سيدة من أَبي عبيد القاسم بن سلام قوله في المصنف: العِفْرِية مثال فِعْلِلة، فجعل الياء أَصلًا، و الياء لا تكون أَصلًا في بنات الأَربعة. و العُفْرُ: الشجاع الجَلْدُ، و قيل: الغليظ الشديد، و الجمع أَعْفارٌ و عِفارٌ؛ قال:
خلا الجَوْفُ من أَعْفارِ سَعْدٍ فما به،             لمُسْتَصْرِخٍ يَشْكُو التُّبولَ، نَصِيرُ

و العَفَرْنى: الأَسَدُ، و هو فَعَلْنى، سمي بذلك لشدته. و لَبْوةٌ عَفَرْنى أَيضاً أَي شديدة، و النون للإِلحاق بسفرجل. و ناقة عَفَرناة أَي قوية؛ قال عمر ابن لجإِ التيمي يصف إِبلًا:
حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها             غُلْبَ الذَّفارى و عَفَرْنَياتِها

الأَزهري: و لا يقال جمل عَفَرْنى؛
قال ابن بري و قبل هذه الأَبيات:
فوَرَدَتْ قَبْل إِنَى ضَحَائِها،             تفَرّش الحيّات في خِرْشائِها
تُجَرُّ بالأَهْونِ من إِدْنائِها،             جَرَّ العجوزِ جانِبَيْ خِفَائِها

قال: و لما سمعه جرير ينشد هذه الأُرجوزة إِلى أَن بلغ هذا البيت قال له: أَسأْت و أَخْفَقْتَ قال له عمر: فكيف أَقول؟ قال: قل:
جرَّ العروس الثِّنْيَ من رِدائِها

فقال له عمر: أَنت أَسْوَأُ حالًا مني حيث تقول:
لَقَوْمِي أَحْمى للحَقِيقَة مِنْكُم،             و أَضْرَبُ للجبّارِ، و النقعُ ساطِعُ‏
و أَوْثَقُ عند المُرْدَفات عَشِيّةً             لَحاقاً، إِذا ما جَرَّدَ السيفَ لامِعُ‏

و الله إِن كنّ ما أُدْرِكْنَ إِلا عِشاءً ما أُدْرِكْن حتى نكحن.
و الذي قاله جرير:
... عند المُرْهَفات ...

، فغيّره عُمَر، و هذا البيت هو سبب التَّهاجي بينهما؛ هذا ما ذكره ابن بري و قد ترى قافية هذه الأُرجوزة كيف هي، و الله تعالى أَعلم. و أَسد عِفْرٌ و عِفْرِيةٌ و عُفارِيةٌ و عِفْرِيت و عَفَرْنى: شديد قويّ، و لَبُوءَة عِفِرْناة إِذا كانا جَرِيئين، و قيل: العِفِرْناة الذكر و الأُنثى؛ إِما أَن يكون من العَفَر الذي هو التراب، و إِما أَن يكون من العَفْر الذي هو الاعتِفَار، و إِما أَن يكون من القوة و الجلَدِ. و يقال: اعْتَفَرَه الأَسد إِذا فَرَسَه. و ليثُ عِفِرِّينَ تُسَمِّي به العربُ دُوَيْبّة مأْواها التراب السهل في أُصول الحِيطان، تُدَوِّرُ دُوّارةً ثم تَنْدَسّ في جوفها، فإِذا هِيجَت رَمَتْ بالتراب صُعُداً. و هي من المُثُل التي لم يجدها سيبويه. قال ابن جني: أَما عِفِرِّين فقد ذكر سيبويه فِعِلًّا كطِمِرٍّ و حِبِرٍّ فكأَنه أَلحق علم الجمع كالبِرَحِين و الفِتَكْرِين إِلا أَن بينهما فرقاً، و ذلك أَن هذا يقال فيه البِرَحُون و الفِتَكْرون، و لم يسمع في عِفِرِّين في الرفع، بالياء، و إِنما سمع في موضع الجر، و هو قولهم: ليثُ عِفِرِّينَ، فيجوز أَن يقال فيه في الرفع هذا عِفِرُّون، لكن لو سمع في موضع الرفع بالياء لكان أَشبه بأَن يكون فيه النظر، فأَما و هو في موضع الجر فلا تُسْتَنْكرُ فيه الياء. و لَيْثُ عِفِرِّين: الرجلُ الكامل ابن الخَمْسِين، و يقال:

587
لسان العرب4

عفر ص 583

ابن عَشْر لَعّابٌ بالقُلِينَ، و ابن عشْرين باعي نسّين «2». و ابن الثَّلاثين أَسْعى الساعِينَ، و ابن الأَرْبَعِين أَبْطَشُ الأَبْطَشِين، و ابن الخمسين لَيْثُ عِفِرِّين، و ابن السِّتِّين مُؤْنِسُ الجَلِيسِين، و ابن السَّبْعِين أَحْكمُ الحاكِمينَ، و ابن الثمانين أَسرعُ الحاسِبين، و ابن التِّسْعِين واحد الأَرْذَلين، و ابن المائة لا جا و لا سا؛ يقول: لا رجل و لا امرأَة و لا جنّ و لا إِنس. و يقال: إِنه لأَشْجَع من لَيْثِ عِفِرِّين، و هكذا قال الأَصمعي و أَبو عمرو في حكاية المثل و اختلفا في التفسير، فقال أَبو عمرو: هو الأَسد، و قال أَبو عمر: هو دابّةٌ مثل الحِرْباء تتعرّض للراكب، قال: و هو منسوب إِلى عِفِرِّين اسم بلد؛ و روى أَبو حاتم عن الأَصمعي أَنه دابة مثل الحِرْباء يَتَصَدّى للراكب و يَضْرِبُ بذنبه. و عِفِرِّين: مَأْسَدة، و قيل لكل ضابط قوي: لَيْثُ عِفِرِّين، بكسر العين، و الراء مشددة. و قال الأَصمعي: عِفِرِّين اسم بلد. قال ابن سيدة: و عِفِرُّون بلد. و عِفْرِيةُ الدِّيكِ: رِيشُ عُنُقِه، و عِفْريةُ الرأْس، خفيفة على مثال فِعْلِلة، و عَفْراة [عِفْراة] الرأْس: شعره، و قيل: هي من الإِنسان شعر الناصية، و من الدابة شعرُ القفا؛ و قيل: العِفْرِيةُ و العِفْراة [العَفْراة] الشعرات النابتات في وسط الرأْس يَقْشَعرِرن عند الفزع؛ و ذكر ابن سيدة في خطبة كتابه فيما قصد به الوضع من أَبي عبيد القاسم بن سلام قال: و أَي شي‏ء أَدلّ على ضعف المُنَّة و سخافة الجُنَّة من قول أَبي عبيد في كتابه المصنف: العِفْرِية مثال فِعْلِلَة، فجعل الياء أَصلًا و الياء لا تكون أَصلًا في بنات الأَربعة. و العُفْرة، بالضم: شعرة القَفا من الأَسد و الديك و غيرهما و هي التي يُرَدِّدُها إِلى يافوخِه عند الهِراش؛ قال: و كذلك العِفْرِية و العِفْراة، فيهما بالكسر. يقال: جاء فلان نافشاً عِفْرِيَته إِذا جاء غَضْبان. قال ابن سيدة: يقال جاء ناشِراً عِفْرِيَته و عِفْراتَه أَي ناشراً شعرَه من الطَّمَع و الحِرْص و العِفْر، بالكسر: الذكر الفحل من الخنازير. و العُفْر: البُعْد. و العُفْر: قلَّة الزيارة. يقال: ما تأْتينا إِلا عن عُفْرٍ أَي بعد قلة زيارة. و العُفْرُ: طولُ العهد. يقال: ما أَلقاه إِلا عن عُفْرٍ و عُفُرٍ أَي بعد حين، و قيل: بعد شهر و نحوه؛ قال جرير:
دِيارَ جميعِ الصالحين بذي السِّدْرِ،             أَبِيني لَنا، إِن التحيةَ عن عُفْرِ

و قول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:
فلئن طَأْطَأْتُ في قَتْلِهمُ،             لَتُهاضَنَّ عِظامِي عن عُفُرْ

عن عُفُرٍ أَي عن بُعْد من أَخوالي، لأَنهم و إِن كانوا أَقْرِباءَ، فليسوا في القُرْب مثل الأَعمام؛ و يدل على أَنه عنى أَخوالَه قولُه قبل هذا:
إِنَّ أَخوالي جميعاً من شَقِرْ،             لَبِسُوا لي عَمَساً جِلْدَ النَّمِرْ

العَمَسُ هاهنا، كالحَمَسِ: و هي الشدّة. قال ابن سيدة: و أَرى البيت لضبّاب بن واقد الطُّهَوِي؛ و أَما قول المرار:
على عُفُرٍ من عَنْ تَناءٍ، و إِنما             تَداني الهَوَى مِن عَن تَناءٍ و عن عُفْرِ

و كان هَجَرَ أَخاه في الحبْس بالمدينة فيقول: هجرت أَخي على عُفْرٍ أَي على بُعْدٍ من الحيّ و القرابات أَي و عن غيرنا، و لم يكن ينبغي لي أَن أَهجره و نحن على هذه الحالة.
__________________________________________________
 (2). قوله: [باعي نسين‏] كذا بالأَصل.

588
لسان العرب4

عفر ص 583

و يقال؛ دخلتُ الماء فما انْعَفَرَتْ قَدَمايَ أَي لم تَبْلُغا الأَرضَ؛ و منه قول إمرئ القيس:
ثانِياً بُرْثُنَه ما يَنْعَفِر
و وقع في عافور شَرٍّ كعاثورِ شَرٍّ، و قيل هي على البدل أَي في شدة. و العَفارُ، بالفتح: تلقيحُ النخل و إِصلاحُه. و عَفَّرَ النخل: فرغ من تلقيحه. و العَفَرُ: أَولُ سَقْية سُقِيها الزرعُ. و عَفْرُ الزَّرْع: أَن يُسْقَى سَقْية ينبت عنه ثم يُتْرَك أَياماً لا يُسْقَى فيها حتى يعطش، ثم يُسْقَى فيصلح على ذلك، و أَكثر ما يفعل ذلك بخِلْف الصَّيفِ و خَضْراواته. و عَفَرَ النخلَ و الزرع: سَقاهما أَوَّلَ سَقْيةٍ؛ يمانية. و قال أَبو حنيفة: عَفَرَ الناسُ يَعْفِرون عَفْراً إِذا سَقَوا الزرع بعد طَرْح الحبّ. و
في حديث هلال: ما قَرِبْتُ أَهْلي مُذْ عَفَّرْنَ النخلَ.
و
روي أَن رجلًا جاء إِلى النبي، صلى الله عليه و سلم، فقال: إِني ما قَرِبْتُ أَهْلي مُذْ عَفار النخل و قد حَمَلَتْ، فلاعَنَ بينهما.
؛ عَفارُ النخل تلقيحُها و إِصلاحُها؛ يقال: عَفَّرُوا نخلَهم يُعَفِّرون، و قد روي بالقاف؛ قال ابن الأَثير: و هو خطأٌ. ابن الأَعرابي: العَفارُ أَن يُتْرك النخلُ بعد السقي أَربعين يوماً لا يسقى لئلا ينتفِضَ حملُها، ثم يسقى ثم يترك إِلى أَن يَعْطَشَ، ثم يُسقَى، قال: و هو من تَعْفِير الوحشيّة ولدَها إِذا فَطَمَتْه، و قد ذكرناه آنفاً. و العَفَّارُ: لَقَّاحُ النخيل. و يقال: كنا في العَفارِ، و هو بالفاء أَشهرُ منه بالقاف. و العَفارُ: شجرٌ يتخذ منه الزنادُ و قيل في قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها؛ إِنها المَرْخُ و العَفارُ و هما شجرتان فيهما نارٌ ليس في غيرهما من الشجر، و يُسَوَّى من أَغصانها الزنادُ فيُقْتَدَحُ بها. قال الأَزهري: و قد رأَيتهما في البادية و العربُ تضرب بهما المثل في الشرف العالي فتقول: في كل الشجر نار. و اسْتَمْجَدَ المَرْخُ و العَفار أَي كثرت فيهما على ما في سائر الشجر. و اسْتَمجَدَ: اسْتَكْثَر، و ذلك أَن هاتين الشجرتين من أَكثرِ الشجر ناراً، و زِنادُهما أَسرعُ الزناد وَرْياً، و العُنَّابُ من أَقلّ الشجر ناراً و في المثل: اقْدَحْ بِعَفارٍ «1». أَو مَرْخ ثم اشدُدْ إِن شئْتَ أَو أَرْخ؛ قال أَبو حنيفة: أَخبرني بعضُ أَعراب السراة أَن العَفَارَ شَبِيةٌ بشجرة الغُبَيراء الصغيرة، إِذا رأَيتها من بعيد لم تَشُكَّ أَنها شجرة غُبَيراء، و نَوْرُها أَيضاً كنَوْرِها، و هو شجر خَوَّار و لذلك جاد للزِّناد، واحدته عَفارةٌ. و عَفَارةُ: اسم امرأَة، منه؛ قال الأَعشى:
باتَتْ لِتَحْزُنَنا عَفارهْ،             يا جارتا، ما أَنْتِ جارهْ‏

و العَفِيرُ: لحمٌ يُجَفَّف على الرمل في الشمس، و تَعْفِيرُه: تَجْفِيفُه كذلك. و العَفِيرُ: السويقُ المَلتوتُ بلا أُدْمٍ. و سَويقٌ عَفِير و عَفَارٌ: لا يُلَتُّ بأُدْم، و كذلك خُبز عَفِير و عَفار؛ عن ابن الأَعرابي. يقال: أَكلَ خُبزاً قَفاراً و عَفاراً و عَفِيراً أَي لا شي‏ء معه. و العَفارُ: لغة في القَفار، و هو الخبز بلا أُدم. و العَفِير: الذي لا يُهْدِي شيئاً، المذكر و المؤنث فيه سواء؛ قال الكميت:
و إِذا الخُرَّدُ اعْتَرَرْن من المَحلِ،             و صارَتْ مِهْداؤهُنَّ عَفِيرا

__________________________________________________
 (1). قوله: [و في المثل اقدح بعفار إلخ‏] هكذا في الأَصل. و الذي في أمثال الميداني: اقدح بدفلى في مرخ ثم اشدد بعد أو أرخ. قال المازني: أَكثر الشجر ناراً المرخ ثم العفار ثم الدفلى، قال الأَحمر: يقال هذا إِذا حملت رجلًا فاحشاً على رجل فاحش فلم يلبثا أَن يقع بينهما شر. و قال ابن الأَعرابي: يضرب للكريم الذي لا يحتاج أَن تكدّه و تلح عليه.

589
لسان العرب4

عفر ص 583

قال الأَزهري: العَفِيرُ من النساء التي لا تُهْدِي شيئاً؛ عن الفراء، و أَورد بيت الكميت. و قال الجوهري: العَفِيرُ من النساء التي لا تُهْدِي لجارتها شيئاً. و كان ذلك في عُفْرةِ البرد و الحرّ و عُفُرَّتِهما أَي في أَولهما. يقال: جاءنا فلان في عُفُرَّةِ الحر، بضم العين و الفاء لغة في أُفُرَّة الحر و عُفْرةِ الحر أَي في شدته. و نَصْلٌ عُفارِيّ: جيِّد. و نَذِيرٌ عَفِيرٌ: كثير، إِتباع. و حكي ابن الأَعرابي: عليه العَفارُ و الدَّبارُ و سوءُ الدارِ، و لم يفسره. و مَعافِرُ: قبيلة؛ قال سيبويه: مَعافِر بن مُرّ فيما يزعمون أَخو تميم بن مُرّ، يقال: رجل مَعافِريّ، قال: و نسب على الجمع لأَن مَعافِر اسم لشي‏ء واحد، كما تقول لرجل من بني كلاب أَو من الضِّباب كِلابيّ و ضِبابيّ، فأَما النسب إِلى الجماعة فإِنما تُوقِع النسب على واحد كالنسب إِلى مساجد تقول مَسْجِدِيّ و كذلك ما أَشبهه. و مَعافِر: بلد باليمن، و ثوب مَعافِريّ لأَنه نسب إِلى رجل اسمه مَعافِر، و لا يقال بضم الميم و إِنما هو معافِر غير منسوب، و قد جاء في الرجز الفصيح منسوباً. قال الأَزهري: بُرْدٌ مَعافِريّ منسوب إِلى معافِر اليمنِ ثمن صار اسماً لها بغير نسبة، فيقال: مَعافِر. و
في الحديث: أَنه بعَث مُعاذاً إِلى اليمَن و أَمره أَن يأْخذ من كل حالِمٍ ديناراً أَو عِدْلَه من المَعافِرِيّ.
و هي برود باليمن منسوبة إِلى مَعافِر، و هي قبيلة باليمن، و الميم زائدة؛ و منه‏
حديث ابن عمر: أَنه دخل المسجد و عليه بُرْدانِ مَعافِريّانِ.
و رجل مَعافِريٌّ: يمشي مع الرُّفَق فينال فَضْلَهم. قال ابن دريد: لا أَدري أَ عربي هو أَم لا؛ و في الصحاح: هو المُعافِرُ بضم الميم، و مَعافِرُ، بفتح الميم: حيٌّ من هَمْدانَ لا ينصرف في معرفة و لا نكرة لأَنه جاء على مثال ما لا ينصرف من الجمع، و إِليهم تنسب الثياب المَعافِريَّة. يقال: ثوب مَعافِريٌّ فتصرفه لأَنك أَدخلت عليه ياء النسبة و لم تكن في الواحد. و عُفَيْرٌ و عَفَار و يَعْفور و يَعْفُرُ: أَسماء. و حكى السيرافي: الأَسْود بن يَعْفُر و يُعْفِر و يُعْفُر، فأَما يَعْفُر و يُعْفِر فأَصْلانِ، و أَما يُعْفُر فعلى إِتباع الياء ضمة الفاء، و قد يكون على إِتباع الفاء من يُعْفُر ضمة الياء من يُعْفُر، و الأَسود بن يَعْفُر الشاعر، إِذا قُلْتَه بفتح الياء لم تصرفه، لأَنه مثل يَقْتُل. و قال يونس: سمعت رؤبة يقول أَسود بن يُعْفُر، بضم الياء، و هذا ينصرف لأَنه قد زال عنه شبَهُ الفعل. و يَعْفَورٌ: حمارُ النبي، صلى الله عليه و سلم، و
في حديث سعد بن عُبادة: أَنه خرج على حِمارِه يَعْفور ليعودَه.
؛ قيل: سُمِّيَ يَعْفوراً لكونه من العُفْرة، كما يقال في أَخْضَر يَخْضور، و قيل: سمي به تَشْبِيهاً في عَدْوِه باليَعْفور، و هو الظَّبْيُ. و
في الحديث: أَن اسم حمار النبي، صلى الله عليه و سلم، عُفَيْر.
و هو تصغير ترخيم لأَعْفَر من العُفْرة، و هي الغُبْرة و لون التراب، كما قالوا في تصغير أَسْوَد سُوَيْد، و تصغيره غير مرخم: أُعَيْفِر كأُسَيْودِ. و حكى الأَزهري عن ابن الأَعرابي: يقال للحمار الخفيف فِلْوٌ و يَعْفورٌ و هِنْبِرٌ و زِهْلِق. و عَفْراء و عُفَيرة و عَفارى: من أَسماء النساء. و عُفْر و عِفْرَى: موضعان؛ قال أَبو ذؤيب:
لقد لاقَى المَطِيَّ بنَجْدِ عُفْرٍ             حَدِيثٌ، إِن عَجِبْتَ له، عَجِيبُ‏

و قال عدي بن الرِّقَاع:
غَشِيتُ بِعِفْرَى، أَو بِرجْلَتِها، رَبْعَا             رَماداً و أَحْجاراً بَقِينَ بها سُفْعا

590
لسان العرب4

عفزر ص 591

عفزر:
العَفْزَر: السابقُ السريع. و عَفْزرُ: اسم أَعجمي، و لذلك لم يَصرفه إمرؤ القيس في قوله:
أَشِيمُ بُروقَ المخزْنِ أَيْنَ مُصابُه،             و لا شي‏ءَ يَشْفِي مَنْكِ يا ابنةَ عَفْزَرا

و قيل: ابنةُ عَفْزَرَ قَينةٌ كانت في الدهر الأَول لا تدوم على عهد فصارت مثلًا، و قيل: قَيْنةٌ كانت في الحِيرة و كان وَفْدُ النُّعْمان إِذا أَتَوْه لَهَوا بها. و عَفَزّرانُ: اسم رجل. قال ابن جني: يجوز أَن يكون أَصله عَفَزّر كشَعَلّعٍ و عَدَبَّسٍ ثم ثني و سمي به، و جعلت النون حرف إِعرابه، كما حكى أَبو الحسن عنهم من اسم رجل خَليلان؛ و كذلك ذهب أَيضاً في قوله:
أَلا يا ديارَ الحَيِّ بالسَّبُعان‏

إِلى أَنه تثنبة سبُع، و جعلت النون حرف الإِعراب، و العَفْزرُ: الكثير الجَلَبة في الباطل. و عَفْزَرٌ: اسم رجل.
عقر:
العَقْرُ و العُقْرُ: العُقْم، و هو اسْتِعقْامُ الرَّحِم، و هو أَن لا تحمل. و قد عَقُرَت المرأَة عَقَارةً و عِقارةً و عَقَرت تَعْقِر عَقْراً و عُقْراً و عَقِرَت عَقاراً، و هي عاقرٌ. قال ابن جني: و مما عدُّوه شاذّاً ما ذكروه من فَعُل فهو فاعِلٌ، نحو عَقُرَت المرأَة فهي عاقِرٌ، و شَعُر فهو شاعرٌ، و حَمُض فهو حامِضٌ، و طَهُرَ فهو طاهِرٌ؛ قال: و أَكثر ذلك و عامَّتُه إِنما هو لُغات تداخَلَت فَتَركَّبَت، قال: هكذا ينبغي أَن تعتَقِد، و هو أَشَبهُ بحِكمةِ العرب. و قال مرَّة: ليس عاقرٌ من عَقُرَت بمنزلة حامِضٍ من حَمُض و لا خاثرٍ من خَثُر و لا طاهِرٍ من طَهُر و لا شاعِرٍ من شَعُر لأَن كل واحد من هذه هو اسم الفاعل، و هو جارٍ على فَعَل، فاستغني به عما يَجْرِي على فَعُل، و هو فَعِيل، و لكنه اسمٌ بمعنى النسب بمنزلة امرأَة حائضٍ و طالِقٍ، و كذلك الناقة، و جمعها عُقَّر؛ قال:
و لو أَنَّ ما في بَطْنِه بَيْنَ نِسْوَةٍ             حَبِلْنَ، و لو كانت قَواعِدَ عُقّرا

و لقد عَقُرَت، بضم القاف، أَشدَّ العُقْر و أَعْقَر اللهُ رَحِمَها، فهي مُعْقَرة، و عَقُر الرجلُ مثل المرأَة أَيضاً، و رجال عُقَّرٌ و نساء عُقَّرٌ. و قالوا: امرأَة عُقَرة، مثل هُمَزة؛ و أَنشد:
سَقَى الكِلابيُّ العُقَيْليَّ العُقُرْ

و العُقُر: كل ما شَرِبه «2». الإِنسان فلم يولد له، فهو عُقْرٌ له. و يقال: عَقَر و عَقِر إِذا عَقُر فلم يُحْمَل له. و
في الحديث: لا تَزَوَّجُنَّ عاقِراً فإِني مُكاثِرٌ بكم.
؛ العاقرُ: التي لا تحمل. و روي عن الخليل: العُقْرُ اسْتِبْراءُ المرأَة لتُنْظَرَ أَ بِكْرٌ أَم غير بكر، قال: و هذا لا يعرف. و رجل عاقرٌ و عَقِيرٌ: لا يولد له بَيْن العُقْر، بالضم، و لم نسمع في المرأَة عَقِيراً. و قال ابن الأَعرابي: هو الذي يأْتي النساء فيُحاضِنُهنّ و يُلامِسهُنّ و لا يولد له. و عُقْرةُ العلم: النِّسْيانُ: و العُقَرة: خرزة تشدُّها المرأَة على حِقْوَيْها لئلا تَحْبَل. قال الأَزهري: و لنساء العرب خرزةٌ يقال لها العُقَرة يَزْعُمْن أَنها إِذا عُلِّقَت على حِقْوِ [حَقْوِ] المرأَة لم تحمل إِذا وُطِئت. قال الأَزهري: قال ابن الأَعرابي العُقَرة خرزةٌ تعلَّق على العاقر لتَلِدَ. و عَقُر الأَمرُ عُقْراً: لم يُنْتِجْ عاقِبةً؛ قال ذو الرمة يمدح بلال بن أَبي بردة:
أَبوكَ تَلافَى الناسَ و الدِّينَ بعد ما             تَشاءَوْا، و بَيْتُ الدِّين مُنْقطِع الكَسْر

______________________________________________
 (2). قوله: [و العقر كل ما شربه إلخ‏] عبارة شارح القاموس العقر، بضمتين، كل ما شربه إِنسان فلم يولد له، قال: [سقى الكلابي العقيلي العقر] قال الصاغاني: و قيل هو العقر بالتخفيف فثقله للقافية.

591
لسان العرب4

عقر ص 591

فشدَّ إِصارَ الدِّينِ أَيَّامَ أَذْرُحٍ             و رَدَّ حُروباً قد لَقِحْن إِلى عُقْرِ

الضمير في شدَّ عائد على جد الممدوح و هو أَبو موسى الأَشعري. و التَّشائِي: التبايُنُ و التَّفَرُّق. و الكَسْرُ؛ جانب البيت. و الإِصَارُ: حَبْل قصير يشدّ به أَسفلُ الخباء إِلى الوتد، و إِنما ضربه مثلًا. و أَذْرُح: موضع؛ و قوله:
و ردَّ حُروباً قد لَقِحْنَ إِلى عُقْرِ

أَي رَجَعْن إِلى السكون. و يقال: رَجَعَت الحربُ إِلى عُقْرٍ إِذا فَتَرَتْ. و عَقْرُ النَّوَى: صَرْفُها حالًا بعد حال. و العاقِرُ من الرمل: ما لا يُنْبِت، يُشَبَّه بالمرأَة، و قيل: هي الرملة التي تُنْبِت جَنَبَتَاها و لا يُنْبِت وَسَطُها؛ أَنشد ثعلب:
و مِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها،             عِذَارَيْنِ عَنْ جَرْداءَ، وَعْثٍ خُصورُها

و خَصَّ الأَلاء لأَنه من شجر الرمل، و قيل: العاقر رملة معروفة لا تنبت شيئاً؛ قال:
أَمَّا الفُؤادُ، فلا يَزالُ مُوكَّلًا             بهوى حَمامةَ، أَو بِرَيّا العاقِر

حَمامَةُ: رملة معروفة أَو أَكَمَة، و قيل: العاقِرُ العظيم من الرمل، و قيل: العظيم من الرمل لا ينبت شيئاً؛ فأَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
 صَرَّافةَ القَبِّ دَموكاً عاقِرا

فإِنه فسره فقال: العاقِرُ التي لا مثل لها. و الدَّمُوك هنا: البَكَرة التي يُسْتقى بها على السانِية، و عَقَرَه أَي جَرَحَه، فهو عَقِيرٌ و عَقْرَى، مثَّل جريح و جَرْحَى و العَقْرُ: شَبِيهٌ بالحَزِّ؛ عَقَرَه يَعْقِره عَقْراً و عَقَّره. و العَقِيرُ: المَعْقورُ، و الجمع عَقْرَى، الذكر و الأُنثى فيه سواء. و عَقَر الفرسَ و البعيرَ بالسيف عَقْراً: قطع قوائمه؛ و فرس عَقِيرٌ مَعْقورٌ، و خيل عَقْرى؛ قال:
بسِلَّى و سِلِّبْرَى مَصارعُ فِتْيةٍ             كِرامٍ، و عَقْرَى من كُمَيْتٍ و من وَرْدِ

و ناقةٌ عَقِيرٌ و جمل عَقِير. و
في حديث خديجة، رضي الله تعالى عنها، لما تزوجت رسول الله، صلى الله عليه و سلم، كَسَتْ أَباها حُلَّةً و خَلَّقَتْه و نَحَرَتْ جزوراً، فقال: ما هذا الحَبِيرُ و هذا العَبِيرُ و هذا العَقِيرُ؟.
أَي الجزور المنحور؛ قيل: كانوا إِذا أَرادوا نَحْرَ البعير عَقَرُوه أَي قطعوا إِحدى قوائمه ثم نَحرُوه، يفْعل ذلك به كَيْلا يَشْرُد عند النَّحْر؛ و في النهاية في هذا المكان: و
في الحديث: أَنه مَرَّ بحِمارٍ عَقِيرٍ.
أَي أَصابَه عَقْرٌ و لم يَمُتْ بعد، و لم يفسره ابن الأَثير. و عَقَرَ الناقة يَعْقِرُها و يَعْقُرها عَقْراً و عَقَّرَها إِذا فعل بها ذلك حتى تسقط فَنَحَرَها مُسْتمكناً منها، و كذلك كل فَعِيل مصروف عن مفعول به فإِنه بغير هاء. قال اللحياني: و هو الكلام المجتمع عليه، و منه ما يقال بالهاء؛ و قول إمرئ القيس:
و يومَ عَقَرْتُ للعَذارَى مَطِيَّتي‏

فمعناه نحرتها. و عاقَرَ صاحبَه: فاضَلَه في عَقْر الإِبل، كما يقال كارَمَه و فاخَرَه. و تعاقَر الرجُلان: عَقَرا إِبِلَهما يَتَباريَان بذلك ليُرَى أَيُّهما أَعْقَرُ لها؛ و لما أَنشد ابن دريد قوله:
فما كان ذَنْبُ بنِي مالك،             بأَنْ سُبَّ منهم غُلامٌ فَسَبْ‏
بأَبْيَضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ             يَقُطُّ العِظامَ و يَبْرِي العَصَبْ‏

فسره فقال: يريد مُعاقرةَ غالب بن صعصعة أَبي‏

592
لسان العرب4

عقر ص 591

الفرزدق و سُحَيم بن وَثِيل الرياحي لما تَعاقَرَا بِصَوْأَر، فعقر سحيم خمساً ثم بدَا له، و عَقَر غالبٌ أَبو الفرزدق مائة. و
في حديث ابن عباس: لا تأْكلوا من تَعاقُرِ الأَعراب فإِني لا آمَنُ أَن يكون مما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ.
؛ قال ابن الأَثير: هو عَقْرُهم الإِبل، كان الرجلان يَتَباريانِ في الجود و السخاء فيَعْقِر هذا و هذا حتى يُعَجِّزَ أَحدُهما الآخر، و كانوا يفعلونه رياءً و سُمْعة و تفاخُراً و لا يقصدون به وجه الله تعالى، فشبَّهه بما ذُبح لغير الله تعالى. و
في الحديث: لا عَقْرَ في الإِسلام.
: قال ابن الأَثير: كانوا يَعْقِرون الإِبل على قبور المَوْتَى أَي يَنْحَرُونها و يقولون: إِن صاحبَ القبر كان يَعْقِر للأَضياف أَيام حياته فنُكافِئُه بمثل صَنِيعه بعد وفاته. و أَصل العَقْرِ ضَرْبُ قوائم البعير أَو الشاة بالسيف، و هو قائم. و
في الحديث: و لا تَعْقِرنّ شاةً و لا بَعِيراً إِلَّا لِمَأْكَلة.
و إِنما نهى عنه لأَنه مُثْلة و تعذيبٌ للحيوان؛ و منه‏
حديث ابن الأَكوع: و ما زِلْتُ أَرْمِيهم و أَعْقِرُ بهم.
أَي أَقتُلُ مركوبهم؛ يقال: عَقَرْت به إِذا قتلت مركوبه و جعلته راجلًا؛ و منه‏
الحديث: فَعَقَرَ حَنْظَلةُ الراهب بأَبي سُفْيَان بن حَرْب.
أَي عَرْقَبَ دَابّته ثم اتُّسِعَ في العَقْر حتى استعمل في القَتْل و الهلاك؛ و منه‏
الحديث: أَنه قال لمُسَيْلِمةَ الكذّاب: و إِن أَدْبَرْتَ ليَعْقرَنَّك الله.
أَي ليُهْلِكَنّك، و قيل: أَصله من عَقْر النخل، و هو أَن تقطع رؤوسها فتَيْبَس؛ و منه‏
حديث أُم زرع: و عَقْرُ جارِتها.
أَي هلاكُهَا من الحسد و الغيظ. و قولهم: عَقَرْتَ بي أَي أَطَلْت جَبْسِي كأَنك عَقَرْت بَعِيرِي فلا أَقدر على السير، و أَنشد ابن السكيت:
قد عَقَرَتْ بالقومِ أُمُّ خَزْرج‏
و
في حديث كعب: أَن الشمس و القَمَرَ ثَوْرانِ عَقِيران في النار.
؛ قيل لمّا وصَفَهما الله تعالى بالسِّبَاحة في قوله عز و جل: وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ، ثم أَخبر أَنه يجعلهما في النار يُعَذِّب بهما أَهْلَها بحيث لا يَبْرَحانِها صارا كأَنهما زَمِنان عَقِيران. قال ابن الأَثير: حكى ذلك أَبو موسى، و هو كما تراه. ابن بزرج: يقال قد كانت لي حاجة فعَقَرَني عنها أَي حَبَسَنِي عنها و عاقَنِي. قال الأَزهري: و عَقْرُ النَّوَى منه مأْخوذ، و العَقْرُ لا يكون إِلَّا في القوائم. عَقَرَه إِذا قطع قائِمة من قوائمه. قال الله تعالى في قضيَّة ثمود: فَتَعاطى‏ فَعَقَرَ
؛ أَي تعاطَى الشقِيُّ عَقْرَ الناقةِ فبلغ ما أَراد، قال الأَزهري: العَقْرُ عند العرب كَشْفُ عُرْقوب البعير، ثم يُجْعَل النَّحْرُ عَقْراً لأَن ناحِرَ الإِبل يَعْقِرُها ثم ينحرها. و العَقِيرة: ما عُقِرَ من صيد أَو غيره. و عَقِيرةُ الرجل: صوتُه إِذا غَنّى أَو قَرَأَ أَو بَكى، و قيل: أَصله أَن رجلًا عُقِرَت رجلُه فوضع العَقِيرةَ على الصحيحة و بكَى عليها بأَعْلى صوته، فقيل: رفع عَقِيرَته، ثم كثر ذلك حتى صُيِّر الصوتُ بالغِنَاء عَقِيرة. قال الجوهري: قيل لكل مَن رفع صوته عَقِيرة و لم يقيّد بالغناء. قال: و العَقِيرة الساقُ المقطوعة. قال الأَزهري: و قيل فيه هو رجل أُصِيبَ عُضْوٌ من أَعضائه، و له إِبل اعتادت حُداءَه، فانتشرت عليه إِبلُه فرفع صوتَه بالأَنِينِ لِمَا أَصابه من العَقْرِ في بدنه فتسمَّعت إِبلُه فحَسِبْنه يَحْدو بها فاجتمعت إِليه، فقيل لكل من رفع صوته بالغناء: قد رفع عَقِيرته. و العَقِيرة: منتهى الصوت؛ عن يعقوب؛ و اسْتَعْقَرَ الذئبُ رَفَع صوتَه بالتطريب في العُواء؛ عنه أَيضاً؛ و أَنشد:
فلما عَوَى الذئبُ مُسْتَعْقِراً،             أَنِسْنا به و الدُّجى أَسْدَف‏

593
لسان العرب4

عقر ص 591

و قيل: معناه يطلب شيئاً يَفْرِسُه و هؤلاء قومٌ لُصوصٌ أَمِنُوا الطلب حين عَوَى الذئب. و العَقِيرة: الرجل الشريف يُقْتَل. و في بعض نسخ الإِصلاح: ما رأَيت كاليوم عَقِيرَةً وَسْطَ قوم. قال الجوهري: يقال ما رأَيت كاليوم عَقِيرةً وَسْطَ قوم، للرجل الشريف يُقْتَل، و يقال: عَقَرْت ظهر الدابة إِذا أَدْبَرْته فانْعَقَر و اعْتَقَر؛ و منه قوله:
عَقَرْتَ بَعِيري يا إمْرَأَ القَيْسِ فانْزِلِ‏
و المِعْقَرُ من الرِّحالِ: الذي ليس بِواقٍ. قال أَبو عبيد: لا يقال مِعْقر إِلَّا لما كانت تلك عادته، فأَمّا ما عَقَر مرة فلا يكون إِلَّا عاقراً؛ أَبو زيد: سَرْجٌ عُقَرٌ؛ و أَنشد للبَعِيث:
أَلَدُّ إِذا لاقَيْتُ قَوْماً بِخُطَّةٍ،             أَلَحَّ على أَكتافِهم قَتَبٌ عُقَرْ

و عَقَرَ القَتَبُ و الرحل ظهر الناقة، و السرجُ ظهرَ الدابة يَعْقِرُه عَقْراً: حَزَّه و أَدْبَرَه. و اعْتَقَر الظهرُ و انْعَقَرَ: دَبِرَ. و سرجٌ مِعْقار و مِعْقَر و مُعْقِرٌ و عُقَرَةٌ و عُقَر و عاقورٌ: يَعْقِرُ ظهر الدابة، و كذلك الرحل؛ و قيل: لا يقال مِعْقَر إِلَّا لما عادته أَن يَعْقِرَ. و رجل عُقَرة و عُقَر و مِعْقَر: يَعقِر الإِبل من إِتْعابِه إِيّاها، و لا يقال عَقُور. و كلب عَقُور، و الجمع عُقْر؛ و قيل: العَقُور للحيوان، و العُقَرَة للمَواتِ. و
في الحديث: خَمْسٌ مَن قَتَلَهُنّ، و هو حَرامٌ، فلا جُناح عليه. العَقْرب و الفأْرة و الغُراب و الحِدَأُ و الكلبُ العَقُور.
؛ قال: هو كل سبع يَعْقِر أَي يجرح و يقتل و يفترس كالأَسد و النمر و الذئب و الفَهْد و ما أَشبهها، سمّاها كلباً لاشتراكها في السَّبُعِيَّة؛
قال سفيان بن عيينة: هو كل سبع يَعْقِر، و لم يخص به الكلب.
و العَقُور من أَبنية المبالغة و لا يقال عَقُور إِلَّا في ذي الروح. قال أَبو عبيد: يقال لكل جارحٍ أَو عاقرٍ من السباع كلب عَقُور. و كَلأُ أَرضِ كذا عُقَارٌ و عُقَّارٌ: يَعْقِر الماشية و يَقْتُلُها؛ و منه سمِّي الخمر عُقَاراً لأَنه يَعْقِرُ العَقْلَ؛ قاله ابن الأَعرابي. و يقال للمرأَة: عَقْرَى حَلْقى، معناه عَقَرها الله و حَلَقها أَي حَلَقَ شَعَرها أَو أَصابَها بوجع في حَلْقِها، فعَقْرى هاهنا مَصْدَرٌ كدَعْوى في قول بَشِير بن النِّكْث أَنشده سيبويه:
وَلَّتْ و دَعْواها شديدٌ صَخَبُهْ‏
أَي دعاؤُها؛ و على هذا قال: صَخَبُه، فذكّر، و قيل: عَقْرى حَلْقى تَعْقِرُ قومها و تَحْلِقُهم بشُؤْمِها و تستأْصلهم، و قيل: العَقْرى الحائض. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم، حين قيل له يوم النَّفْر في صَفِيَّة إِنها حائضٌ فقال: عَقْرَى حَلقى ما أُراها إِلَّا حابِسَتَنا.
؛ قال أَبو عبيد: قوله عَقْرى عَقَرَها اللهُ؛ و حَلْقى خَلَقَها اللهُ تعالى، فقوله عَقَرَهَا الله يعني عَقَرَ جسدَها، و حَلْقى أَصابَها الله تعالى بوجعٍ في حَلْقِها؛ قال: و أَصحاب الحديث يروونه عَقْرى حَلْقى، و إِنما هو عَقْراً و حَلْقاً، بالتنوين، لأَنهما مصدرا عَقَرَ و حَلَقَ؛ قال: و هذا على مذهب العرب في الدعاء على الشي‏ء من غير إِرادة لوقوعه. قال شمر: قلت لأَبي عبيد لم لا تُجِيزُ عَقْرى؟ فقال: لأَنّ فَعْلى تجي‏ء نعتاً و لم تجئ في الدعاء. فقلت: روى ابن شميل عن العرب مُطَّيْرى، و عَقْرى أَخَفّ منه، فلم يُنْكِرْه؛ قال ابن الأَثير: هذا ظاهرُه الدعاء عليها و ليس بدعاء في الحقيقة، و هو في مذهبهم معروف. و قال سيبويه: عَقَّرْته إِذا قلت له عَقْراً و هو من باب سَقْياً و رَعْياً و جَدْعاً، و قال الزمخشري: هما صِفتان للمرأَة المشؤومة أَي أَنها تَعْقِر

594
لسان العرب4

عقر ص 591

قومَها و تَحْلِقُهم أَي تستأْصِلُهم، من شؤمها عليهم، و محلُّها الرفع على الخبرية أَي هي عَقْرى و حَلْقى، و يحتمل أَن يكونا مصدرين على فَعْلى بمعنى العَقْر و الحَلْق كالشَّكْوى للشَّكْوِ، و قيل: الأَلف للتأْنيث مثلها في غَضْبى و سَكْرى؛ و حكى اللحياني: لا تفعل ذلك أُمُّك عَقْرى، و لم يفسره، غير أَنه ذكره مع قوله أُمك ثاكِلٌ و أُمُّك هابِلٌ. و حكى سيبويه في الدعاء: جَدْعاً له و عَقْراً، و قال: جَدَّعْتُه و عَقَّرْته قلت له ذلك؛ و العرب تقول: نَعُوذُ بالله من العَواقِر و النَّواقِر؛ حكاه ثعلب، قال: و العواقِرُ ما يَعْقِرُ، و النَّواقِرُ السهامُ التي تُصيب. و عَقَرَ النخلة عَقْراً و هي عَقِرةٌ: قطع رأْسها فيبست. قال الأَزهري: و عَقْرُ النَّخْلة أَنْ يُكْشَطَ لِيفُها عن قَلْبها و يؤخذ جَذَبُها فإِذا فعل ذلك بها يَبِسَتْ و هَمَدت. قال: و يقال عَقَر النخلة قَطَع رأْسَها كلَّه مع الجُمّار، فهي مَعْقورة و عَقِير، و الاسم العَقَار. و
في الحديث: أَنه مَرَّ بأَرضٍ تسمى عَقِرة فسماها خضِرَة.
؛ قال ابن الأَثير: كأَنه كرِه لها اسم العَقْر لأَن العاقِرَ المرأَةُ التي لا تحمل، و شجرة عاقر لا تحمل، فسماها خَضِرة تفاؤلًا بها؛ و يجوز أَن يكون من قولهم نخلة عَقِرةٌ إِذا قطع رأْسها فيبست. و طائر عَقِرٌ و عاقِرٌ إِذا أَصاب ريشَه آفةٌ فلم ينبت؛ و أَما قول لبيد:
لَمَّا رأَى لُبَدُ النُّسورَ تطايَرَتْ،             رَفَعَ القَوادِمَ كالعَقِير الأَعْزلِ‏

قال: شبَّه النَّسْرَ، لمّا تطاير ريشُه فلم يَطِرْ، بفرس كُشِفَ عرقوباه فلم يُحْضِرْ. و الأَعْزَلُ المائل الذنب. و
في الحديث فيما روى الشعبي: ليس على زانٍ عُقْرٌ.
أَي مَهْر و هو للمُغْتَصَبةِ من الإِماء كمَهْرِ المثل للحُرَّة. و
في الحديث: فأَعْطاهم عُقْرَها.
؛ قال: العُقْرُ، بالضم، ما تُعْطاه المرأَة على وطء الشبهة، و أَصله أَن واطئ البِكْر يَعْقِرها إِذا اقْتَضَّها. فسُمِّيَ ما تُعْطاه للعَقْرِ عُقْراً ثم صار عامّاً لها و للثيّب، و جمعه الأَعْقارُ. و قال أَحمد بن حنبل: العُقْرُ المهر. و قال ابن المظفر: عُقْرُ المرأَة ديةُ فرجها إذا غُصِبَت فَرْجَها. و قال أَبو عبيدة: عُقْرُ المرأَة ثَوابٌ تُثابُه المرأَةُ من نكاحها، و قيل: هو صداق المرأَة، و قال الجوهري: هو مَهْرُ المرأَة إِذا وُطِئت على شبهة فسماه مَهْراً. و بَيْضَةُ العُقْرِ: التي تُمْتحنُ بها المرأَةُ عند الاقْتِضاض، و قيل: هي أَول بيضة تبِيضُها الدجاجة لأَنها تَعْقِرها، و قيل: هي آخر بيضة تبيضها إِذا هَرِمَت، و قيل: هي بيضة الدِّيك يبيضها في السنة مرة واحدة، و قيل: يبيضها في عمره مرة واحدة إِلى الطُّول ما هي، سميِّت بذلك لأَن عُذْرةَ الجارية تُخْتَبَرُ بها. و قال الليث: بَيْضةُ العُقْر بَيْضةُ الدِّيك تُنْسَبُ إِلى العُقْر لأَن الجارية العذراء يُبْلى ذلك منها بِبَيْضة الدِّيك، فيعلم شأْنها فتُضْرَبُ بيضةُ الديك مثلًا لكل شي‏ء لا يستطاع مسُّه رَخاوةً و ضَعْفاً، و يُضْرَب بذلك مثلًا للعطية القليلة التي لا يَرُبُّها مُعْطِيها بِبِرّ يتلوها؛ و قال أَبو عبيد في البخيل يعطي مرة ثم لا يعود: كانت بيْضَة الدِّيك، قال: فإِن كان يعطي شيئاً ثم يقطعه آخر الدهر قيل للمرة الأَخيرة: كانت بَيْضةَ العُقْر، و قيل: بيضة العُقْر إِنما هو كقولهم: بَيْض الأَنُوق و الأَبْلق العَقُوق، فهو مثل لما لا يكون. و يقال للذي لا غَنَاء عنده: بَيْضَة العقر، على التشبيه بذلك. و يقال: كان ذلك بَيْضَة العقر، معناه كان ذلك مرة واحدة لا ثانية لها. و بَيْضةَ العقر، معناه كان ذلك مرة واحدة لا ثانية لها. و بَيْضة العُقْر: الأَبْترُ الذي لا ولد له. و عُقْرُ القوم و عَقْرُهم: مَحَلّتُهم‏

595
لسان العرب4

عقر ص 591

بين الدارِ و الحوضِ. و عُقْرُ الحوض و عُقُره، مخففاً و مثقلًا: مؤخَّرُه، و قيل: مَقامُ الشاربة منه. و
في الحديث: إِني لبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ الناس لأَهل اليَمَنِ.
؛ قال ابن الأَثير: عُقْرُ الحوض، بالضم، موضع الشاربة منه، أَي أَطْرُدُهم لأَجل أَن يَرِدَ أَهلُ اليمن. و في المثل: إِنما يُهْدَمُ الحَوْضُ من عُقْرِه أَي إِنما يؤتى الأَمرُ من وجهه، و الجمع أَعقار، قال:
يَلِدْنَ بأَعْقارِ الحِياضِ كأَنَّها             نِساءُ النَّصارى، أَصْبَحَتْ و هي كُفَّلُ‏

ابن الأَعرابي: مَفْرَغُ الدَّلْو من مُؤَخَّرِه عُقْرُه، و من مُقَدَّمِه إزاؤه. و العَقِرةُ: الناقةُ التي لا تشرب إِلَّا من العُقْرِ، و الأَزِيَة: التي لا تَشْرَبُ إِلَّا من الإِزاءِ؛ و وصف إمرؤ القيس صائداً حاذقاً بالرمي يصيب المَقاتل:
فَرماها في فَرائِصِها             بإِزاءِ الحَوْضِ، أَو عُقُرِهْ‏

و الفرائِصُ: جمع فَرِيصة، و هي اللحمة التي تُرْعَدُ من الدابة عند مرجع الكتف تتّصل بالفؤاد. و إِزاءُ الحوض: مُهَراقُ الدَّلْوِ و مصبُّها من الحوض. و ناقةٌ عَقِرةٌ: تشرب من عُقْرِ الحوض. و عُقْرُ البئر: حيث تقع أَيدي الواردة إِذا شربت، و الجمع أَعْقارٌ. و عُقْرُ النار و عُقُرها: أَصلها الذي تأَجَّجُ منه، و قيل: معظمها و مجتمعها و وسطها؛ قال الهذلي يصف النصال:
و بِيض كالسلاجِم مُرْهَفات،             كأَنَّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيج‏

الكاف زائدة. أَراد بيض سَلاجِم أَي طِوَالٌ. و العُقْر: الجمر. و الجمرة: عُقْرة. و بَعِيجٌ بمعنى مبعوج أَي بُعِج بِعُودٍ يُثارُ به فشُقَّ عُقْرُ النار و فُتِح؛ قال ابن بري: هذا البيت أَورده الجوهري و قال: قال الهذلي يصف السيوف، و البيت لعمرو ابن الداخل يصف سهاماً، و أَراد بالبِيضِ سِهاماً، و المَعْنِيُّ بها النصالُ. و الظُّبَةُ: حدُّ النصل. و عُقْرُ كلِّ شي‏ء: أَصله. و عُقْرُ الدار: أَصلُها، و قيل: وسطها، و هو مَحلّة للقوم. و
في الحديث: ما غُزِيَ قومٌ في عُقرِ دارهم إلَّا ذَلُّوا.
؛ عقْر الدار؛ بالفتح و الضم: أَصلُها؛ و منه‏
الحديث: عُقْرُ دارِ الإِسلام الشامُ.
أَي أَصله و موضعه، كأَنه أَشار به إِلى وقت الفِتَن أَي يكون الشأْم يومئذٍ آمِناً منها و أَهلُ الإِسلام به أَسْلَمُ. قال الأَصمعي: عُقْرُ الدار أَصلُها في لغة الحجاز، فأَما أَهل نجد فيقولون عَقْر، و منه قيل: العَقَارُ و هو المنزل و الأَرض و الضِّيَاع. قال الأَزهري: و قد خلط الليث في تفسير عُقْر الدار و عُقْر الحوض و خالف فيه الأَئمة، فلذلك أَضربت عن ذكر ما قاله صفحاً. و يقال: عُقِرَت رَكِيّتُهم إِذا هُدِمت. و قالوا: البُهْمَى عُقْرُ الكلإِ. و عُقَارُ الكلإِ أَي خيارُ ما يُرْعى من نبات الأَرض و يُعْتَمَد عليه بمنزلة الدار. و هذا البيت عُقْرُ القصيدة أَي أَحسنُ أَبياتها. و هذه الأَبيات عُقارُ هذه القصيدة أَي خيارُها؛ قال ابن الأَعرابي: أَنشدني أَبو مَحْضة قصيدة و أَنشدني منها أَبياتاً فقال: هذه الأَبيات عُقَارُ هذه القصيدة أَي خِيارُها. و تَعَقَّرَ شحمُ الناقة إِذا اكْتَنَزَ كلُّ موضعٍ منها شَحْماً. و العَقْرُ: فَرْجُ ما بين كل شيئين، و خص بعضهم به ما بين قوائم المائدة. قال الخليل: سمعت أَعرابيّاً من أَهل الصَّمّان يقول: كل فُرْجة تكون بين شيئين‏

596
لسان العرب4

عقر ص 591

فهي عَقْرٌ و عُقْر، لغتان، و وضَعَ يديه على قائمتي المائدة و نحن نتغدَّى، فقال: ما بنيهما عُقْر. و العَقْرُ و العَقارُ: المنزل و الضَّيْعةُ؛ يقال: ما له دارٌ و لا عَقارٌ، و خص بعضهم بالعَقار النخلَ. يقال للنخل خاصة من بين المال: عَقارٌ. و
في الحديث: مَن باع داراً أَو عَقاراً.
؛ قال: العَقارُ، بالفتح، الضَّيْعة و النخل و الأَرض و نحو ذلك. و المُعْقِرُ: الرجلُ الكثير العَقار، و قد أَعْقَر.
قالت أُم سلمة لعائشة، رضي الله عنها، عند خروجها إِلى البصرة: سَكَّنَ الله عُقَيْراكِ فلا تُصْحِريها.
أَي أَسكَنَكِ الله بَيْتَك و عقَارَك و سَتَرَكِ فيه فلا تُبْرِزيه؛ قال ابن الأَثير: هو اسم مصغَّر مشتق من عُقْرِ الدار، و قال القتيبي: لم أَسمع بعُقَيْرى إِلَّا في هذا الحديث؛ قال الزمخشري: كأَنها تصغير العَقْرى على فَعْلى، من عَقِرَ إِذا بقي مكانه لا يتقدم و لا يتأَخر فزعاً أَو أَسَفاً أَو خجلًا، و أَصله من عَقَرْت به إِذا أَطَلْتَ حَبْسَه، كأَنك عَقَرْت راحلته فبقي لا يقدر على البَراحِ، و أَرادت بها نفسها أَي سكِّني نفْسَك التي حقُّها أَن تلزم مكانها و لا تَبْرُز إِلى الصحراء، من قوله تعالى: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى‏. و عَقَار البيت: متاعُه و نَضَدُه الذي لا يُبْتَذلُ إِلَّا في الأَعْيادِ و الحقوق الكبار؛ و بيت حَسَنُ الأَهَرةِ و الظَّهَرةِ و العَقارِ، و قيل: عَقارُ المتاع خيارُه و هو نحو ذلك لأَنه لا يبسط في الأَعْيادِ و الحُقوقِ الكبار إِلَّا خيارُه، و قيل: عَقارُه متاعه و نَضَدُه إِذا كان حسناً كبيراً. و
في الحديث: بعث رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، عُيَيْنَةَ بن بدر حين أَسلم الناس و دَجا الإِسلام فهجَمَ على بني علي بن جُنْدب بذات الشُّقُوق، فأَغارُوا عليهم و أَخذوا أَموالهم حتى أَحْضَرُوها المدينةَ عند نبي الله، فقالت وفُودُ بني العَنْبرِ: أُخِذْنا يا رسولُ الله، مُسْلِمين غير مشركين حين خَضْرَمْنا النَّعَمَ، فردّ النبي، صلى الله عليه و سلم، عليهم ذَرارِيَّهم و عَقَار بُيوتهم.
؛ قال الحربيّ: ردّ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، ذَرارِيَّهمْ لأَنه لم يَرَ أَن يَسْبِيهَم إِلَّا على أَمر صحيح و وجدهم مُقِرّين بالإِسلام، و أَراد بعَقارِ بيوتهم أَراضِيَهم، و منهم مَنْ غلّط مَنْ فسّر عَقارَ بيوتهم بأَراضيهم، و قال: أَراد أَمْتِعةَ بيوتهم من الثياب و الأَدوات. و عَقارُ كل شي‏ء: خياره. و يقال: في البيت عَقارٌ حسنٌ أَي متاع و أَداة. و
في الحديث: خيرُ المال العُقْرُ.
قال: هو بالضم، أَصل كل شي‏ء، و بالفتح أَيضاً، و قيل: أَراد أَصل مالٍ له نماءٌ؛ و منه قيل للبُهْمَى: عُقْرُ الدار أَي خيرُ ما رَعَت الإِبل؛ و أَما قول طفيل يصف هوادج الظعائن:
عَقَارٌ تَظَلُّ الطَّيرُ تَخْطِفُ زَهْوَه             و عالَيْن أَعْلاقاً على كل مُفْأَم‏

فإِنَّ الأَصمعي رفع العين من قوله عُقار، و قال: هو متاع البيت، و أَبو زيد و ابن الأَعرابي رَوياه بالفتح، و قد مر ذلك في حديث عيينة بن بدر. و في الصحاح و العُقارُ ضَرْبٌ من الثياب أَحمر؛ قال طفيل: عقار تظل الطير (و أَورد البيت). ابن الأَعرابي: عُقارُ الكلإِ البُهْمى؛ كلُّ دار لا يكون فيها بُهْمى فلا خير في رعيها إِلَّا أَن يكون فيها طَرِيفة، و هي النَّصِيّ و الصِّلِّيان. و قال مرة: العُقارُ جميع اليبيس. و يقال: عُقِرَ كلأُ هذه الأَرض إذا أُكِلَ. و قد أَعْقَرْتُكَ كلأَ موضعِ كذا فاعْقِرْه أَي كُلْه. و
في الحديث: أَنه أَقطع حُصَيْنَ بن مُشَمّت ناحية كذا و اشترط عليه أَن لا

597
لسان العرب4

عقر ص 591

يَعْقِرَ مرعاها.
أَي لا يَقْطعَ شجرها. و عاقَرَ الشي‏ءَ مُعاقرةً و عِقاراً: لَزِمَه. و العُقَارُ: الخمر، سميت بذلك لأَنها عاقَرت العَقل و عاقَرت الدَّنّ أَي لَزِمَتْه؛ يقال: عاقَرَه إِذا لازَمَه و داوم عليه. و أَصله من عُقْر الحوض. و المُعاقَرةُ: الإِدمان. و المُعاقَرة: إِدْمانُ شرب الخمر. و مُعاقَرةُ الخمر: إِدْمانُ شربها. و
في الحديث: لا تُعاقرُوا.
أَي لا تُدْمِنُوا شرب الخمر. و
في الحديث: لا يدخل الجنةَ مُعاقر خَمْرٍ.
؛ هو الذي يُدْمِنُ شربها، قيل: هو مأْخوذ من عُقْر الحوض لأَن الواردة تلازمه، و قيل: سميت عُقَاراً لأَن أَصحابها يُعاقِرُونها أَي يلازمونها، و قيل: هي التي تَعْقِرُ شارِبَها، و قيل: هي التي لا تَلْبَثُ أَن تُسكر.، ابن الأَنباري: فلان يُعاقِرُ النبيذَ أَي يُداوِمهُ، و أَصله مِنْ عُقْر الحوض، و هو أَصله و الموضع الذي تقوم فيه الشاربة، لأَن شاربها يلازمها مُلازمةَ الإِبل الواردةِ عُقْرَ الحوض حتى تَرْوى. قال أَبو سعيد: مُعاقَرةُ الشراب مُغالبَتُه؛ يقول: أَنا أَقوى على شربه، فيغالبه فيغلبه، فهذه المُعاقَرةُ. و عَقِرَ الرجلُ عَقَراً: فجِئَه الرَّوْعُ فدَهشَ فلم يقدر أَن يتقدم أَو يتأَخر. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، لمَّا مات قرأَ أَبو بكر: رضي الله عنه، حين صَعِدَ إِلى مِنْبره فخطب: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ؛ قال: فعَقِرْت حتى خَرَرت إِلى الأَرض و في المحكم: فعَقِرْت حتى ما أَقْدِرُ على الكلام، و في النهاية: فَعقِرْت و أَنا قائم حتى وقعت إلى الأَرض.
؛ قال أَبو عبيد: يقال عَقِر و بَعِل و هو مثل الدَّهَشِ، و عَقِرْت أَي دَهِشْت. قال ابن الأَثير: العَقَرُ، بفتحتين، أَن تُسْلِمَ الرجلَ قَوائِمُه إِلى الخوف فلا يقدر أَن يمشي من الفَرَق و الدَّهَش، و في الصحاح؛ فلا يستطيع أَن يقاتل. و أَعْقَرَه غيرُه: أَدْهَشَه. و
في حديث العباس: أَنه عَقِرَ في مجلسه حين أُخْبِر أَن محمداً قُتِل.
و
في حديث ابن عباس: فلما رأَوا النبي، صلى الله عليه و سلم، سَقَطَتْ أَذْقانُهم على صدورهم و عَقِرُوا في مجالسهم.
و ظَبْيٌ عَقِيرٌ: دَهِشٌ؛ و روي بعضهم بيت المُنَخَّل اليشكري:
فلَثَمتُها فتنَفَّسَت،             كتنَفُّسِ الظَّبْيِ العَقِيرْ

و العَقْرُ و العُقْر: القَصْرُ؛ الأَخيرة عن كراع، و قيل: القصر المتهدم بعضه على بعض، و قيل: البنَاء المرتفع. قال الأَزهري: و العَقْرُ القصر الذي يكون مُعْتَمداً لأَهل القرية؛ قال لبيد بن ربيعة يصف ناقته:
كعَقْر الهاجِرِيّ، إِذا ابْتَناه             بأَشْباهٍ حُذِينَ على مثال «3».

و قيل: العَقْرُ القصر على أَي حال كان. و العَقْرُ: غيْمٌ في عَرْض السماء. و العَقْرُ: السحاب الأَبيض، و قيل: كل أَبيض عَقْرٌ. قال الليث: العَقْر غيم ينشأُ من قِبَل العين فيُغَشِّي عين الشمس و ما حواليها، و قال بعضهم: العَقْرُ غيم ينشأَ في عرض السماء ثم يَقْصِد على حِيَالِه من غير أَن تُبْصِرَه إِذا مرّ بك و لكن تسمع رعده من بعيد؛ و أَنشد لحميد بن ثور يصف ناقته:
و إِذا احْزَأَلَّتْ في المُناخِ رأَيْتَها             كالعَقْرِ، أَفْرَدَها العَماءُ المُمْطِرُ

و قال بعضهم: العَقْرُ في هذا البيت القصرُ، أَفرده العماء فلم يُظلِّلْه و أَضاء لِعَينِ الناظر لإِشراق نُورِ
__________________________________________________
 (3). قوله: [إِذا ابتناه كذا في الأَصل و ياقوت. و في الصحاح و شارح القاموس إِذا بناه.

598
لسان العرب4

عقر ص 591

الشمس عليه من خَلَلِ السحاب. و قال بعضهم: العَقْر القطعة من الغمام، و لكلٍّ مقال لأَن قِطَعَ السحاب تشبَّه بالقصور. و العَقِيرُ: البَرْق، عن كراع. و العَقّار و العِقّيرُ: ما يُتَداوى به من النبات و الشجر. قال الأَزهري: العَقاقِير الأَدْوية التي يُسْتَمْشى بها. قال أَبو الهيثم: العَقّارُ و العَقاقِرُ كل نبت ينبت مما فيه شفاءٌ، قال: و لا يُسمى شي‏ء من العَقاقِير فُوهاً، يعني جميع أَفواه الطيب، إِلا ما يُشَمُّ و له رائحة. قال الجوهري: و العَقاقِيرُ أُصول الأَدْوِية. و العُقّارُ: عُشْبة ترتفع قدر نصف القامة و ثمرُه كالبنادق و هو مُمِضٌّ البتَّة لا يأْكله شي‏ء، حتى إِنك ترى الكلب إِذا لابَسَه يَعْوي، و يسمى عُقّار ناعِمَةَ؛ و ناعِمةُ: امرأَة طبخته رجاء أَن يذهب الطبخ بِغائِلته فأَكلته فقتلها. و العَقْر و عَقاراء و العَقاراء، كلها: مواضع؛ قال حميد ابن ثور يصف الخمر:
رَكُودُ الحُمَيّا طَلّةٌ شابَ ماءَها،             بها من عَقاراءِ الكُرومِ، ربِيبُ‏

أَراد من كُرومِ عَقاراء، فقدّم و أَخّر؛ قال شمر: و يروى لها من عُقارات الخمور، قال: و العُقارات الخمور. رَبيب: مَن يَرُبُّها فيَمْلِكُها. قال: و العَقْر موضع بعينه؛ قال الشاعر:
كَرِهْتُ العَقْرَ، عَقْرَ بني شُلَيْلٍ،             إِذا هَبَّتْ لِقارِيها الرِّياح‏

و العُقُور، مثل السُّدُوس، و العُقَير و العَقْر أَيضاً: مواضع؛ قال:
و مِنَّا حَبِيبُ العَقْرِ حين يَلُفُّهم،             كما لَفَّ صِرْدانَ الصَّرِيمة أَخْطَبُ‏

قال: و العُقَيْر قرية على شاطئ البحر بحذاء هجر. و العَقْر: موضع ببابل قتل به يزيد بن المهلب يوم العَقْر. و المُعاقَرةُ: المُنافرةُ و السِّبابُ و الهِجاء و المُلاعنة، و به سمَّى أَبو عبيد كتاب المُعاقرات. و مُعَقِّر: اسم شاعر، و هو مُعَقِّر بن حمار البارِقيِّ حليف بني نمير. قال: و قد سموا مُعَقِّراً و عَقّاراً و عُقْرانَ.
عقفر:
العَنْقَفِير: الداهية من دواهي الزمان؛ يقال: غُول عَنْقَفِير، و عَقْفَرَتُها دَهاؤها و نُكْرُها، و الجمع العَقافير. يقال: جاء فلان بالعَنْقَفِير و السِّلْتِمِ، و هي الداهية، و
في الحديث: و لا سَوْداء عَنْقَفِير.
؛ العَنْقَفِيرُ: الداهية. و عقْفَرَتْه الدواهي و عَقْفَرَت عليه حتى تَعَقْفَر أَي صَرَعَتْه و أَهلكته. و قد اعْقَنْفَرت عليه الدواهي، تؤخَّرُ النون عن موضعها في الفعل لأَنها زائدة حتى يَعْتَدِلَ بها تصريفُ الفعل. و امرأَة عَنْقَفِيرٌ: سَلِيطة غالبة بالشرّ.
عكر:
عَكَر على الشي‏ء يَعْكِرُ عَكْراً و اعتَكر: كَرَّ و انصرف؛ و رجل عَكَّارٌ في الحرب عطّاف كرّار، و العَكْرة الكَرّة. و
في الحديث: أَنتم العَكّارُون لا الفرّارون.
أَي الكَرّارون إِلى الحَرْب و العطّافون نحوها. قال ابن الأَعرابي: العَكّار الذي يُوَلِّي في الحروب ثم يَكُرُّ راجعاً. يقال: عَكَرَ و اعْتَكَر بمعنى واحد، و عَكَرْت عليه إِذا حَمَلْت، و عَكَرَ يَعْكِرُ عَكْراً: عطَفَ. و
في الحديث: أَن رجلًا فَجر بامرأَة عَكْوَرةً.
أَي عَكَرَ عليها فتَسَنَّمها و غَلَبَها على نفسها. و
في حديث أَبي عبيدة يوم أُحُدٍ: فَعَكَرَ على إِحداهما فنزَعَها فسَقَطَتْ ثَنيَّتُه ثم عكَرَ على‏

599
لسان العرب4

عكر ص 599

الأُخرى فنزعها فسقطت ثنيتُه الأُخرى،.
يعني الزِّرَدَتَيْن اللتين نَشِبَتا في وجه رسول الله، صلى الله عليه و سلم. و عَكَرَ به بَعِيرُه، مثل عَجَرَ به، إِذا عطف به على أَهله و غلَبَه. و تعاكَرَ القومُ: اخْتَلَطُوا. و اعْتَكَروا في الحرب: اختلطوا. و اعْتَكَرَ العَسْكَرُ: رجع بعضه على بعض فلم يُقْدَرْ على عَدِّه؛ قال رؤبة:
إِذا أَرادُوا أَن يَعُدّوه اعْتَكَرْ
و اعْتَكَرَ الليل: اشتد سواده و اختلط و التبس؛ قال رؤبة:
و أَعْسِف الليلَ إِذا اللَّيْلُ اعْتَكَرْ

قال عبد الملك بن عمير: عاد عمرو بن حُرَيْث أَبا العُرْيان الأَسدي فقال له: كيف تجدك؟ فأَنشده:
تَقارُبُ المَشْي و سُوءٌ في البَصْر،             و كَثْرةُ النِّسْيان فيما يُدَّكَرْ
و قلّةُ النوم، إِذا اللّيلُ اعْتَكَرْ،             و تَرْكِيَ الحَسْناءَ في قُبْل الطُّهَرْ

و اعْتَكَر الظلامُ: اختلط كأَنه كرّ بعضُه على بعض من بُطْء انجلائه. و
في حديث الحرث بن الصِّمّة: و عليه عَكَرٌ من المشركين.
أَي جماعة، و أَصله من الاعْتِكار و هو الازدحام و الكثرة. و
في حديث عمرو ابن مُرّة: عند اعْتِكارِ الضرائر.
أَي اختلاطِها؛ و الضرائرُ: الأُمورُ المختلفة، أَي عند اختلاط الأُمور، و يروى: عند اعتكال الضرائر، و سنذكره في موضعه. و اعْتَكَر المطر: اشتدّ و كَثُر. و اعْتَكَرت الريحُ: جاءت بالغبار. و اعْتَكر الشَّبابُ: دام و ثبت حتى ينتهي منتهاه، و اسْبَكَرَّ الشَّبابُ إِذا مضى عن وجهه و طالَ. و طعامٌ مُعْتَكِرٌ أَي كثير. و تعاكَرَ القومُ: تَشاجَرُوا في الخصومة. و العَكَرُ: دُرْدِيُّ كلّ شي‏ء. و عَكَرُ الشرابِ و الماء و الدهن: آخرُه و خائرُه، و قد عَكِرَ، و شرابٌ عَكِرٌ. و عَكِرَ الماءُ و النبيذُ عَكَراً إِذا كَدِرَ. و عَكَّرَه و أَعْكَرَه: جعله عَكِراً. و عَكَّرَه و أَعْكَرَه: جعل فيه العَكَر. ابن الأَعرابي: العَكَرُ الصَّدَأُ على السيف و غيره؛ و أَنشد للمفضل:
فصِرْت كالسَّيْفِ لا فِرِنْدَ له،             و قد عَلاه الخَبَاطُ و العَكَرُ

الخَباطُ: الغُبار. و نَسَق بالعَكَرِ، على الهاء «1»، فكأَنه قال: و قد علاه يعني السيفَ، و عَكّره الغبارُ. قال: و من جعل الهاء للخَباط فقد لَحَنَ لأَن العرب لا تقدم المكنّى على الظاهر، و قد عَكِرت المِسْرَجةُ، بالكسر، تَعْكَرُ عَكَراً إِذا اجتمع فيها الدُّرْدِيُّ. و العَكَرةُ: القطعة من الإِبل، و قيل: العَكَرة الستون منها. و قال أَبو عبيد: العَكَرةُ ما بين الخمسين إِلى المائة. و قال الأَصمعي: العَكَرةُ الخمسون إِلى الستين إِلى السبعين، و قيل: العَكَرة الكثيرُ من الإِبل، و قيل: العَكَرُ ما فوق خمسمائة من الإِبل، و العَكرُ جمع عَكَرة، و هي القطيع الضخم من الإِبل. يقال: أَعْكَرَ الرّجلُ إِذا كانت عنده عَكَرةٌ. و
في الحديث: أَنه مَرَّ برجل له عَكَرةٌ فلم يذبح له شيئاً.
؛ العَكَرَةُ، بالتحريك: ما بين الخمسين إِلى السبعين إِلى المائة؛ و قول ساعدة بن جؤية:
لَمّا رَأَى نَعْمان حلَّ بِكِرْفِئٍ             عَكِرٍ، كما لَبَجَ النُّزولَ الأَرْكُبُ‏

جعل للسحاب عَكَراً كَعَكَرِ الإِبل، و إِنما عنى بذلك‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و نسق بالعكر على الهاء إلخ‏] هكذا في الأَصل، و ظاهر أنه معطوف على الخباط.

600
لسان العرب4

عكر ص 599

قِطَع السحاب و قَلَعَه، و القطعةُ عَكَرة و عَكْرة. و رجل مُعْكِرٌ: عنده عَكَرة. و العَكَرةُ: أَصل اللسان كالعَكَدة، و جمعها عَكَرٌ. و العِكْر، بالكسر: الأَصل مثل العِتْر، و رجع فلانٌ إِلى عِكْرِه؛ قال الأَعشى:
لَيَعُودَنْ لِمعَدٍّ عِكْرُها،             دَلَجُ الليلِ و تَأْخاذُ المِنَحْ‏

و يقال: باع فلان عِكْرة أَرضِه أَي أَصلَها، و في الصحاح: باع فلان عِكْرَه أَي أَصلَ أَرضه. و
في الحديث: لما نزل قوله تعالى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ، تَناهَى أَهلُ الضلالة قليلًا ثم عادوا إِلى عِكْرِهم عِكْرِ السوء.
أَي أَصل مذهبهم الرّدي‏ء و أَعمالهم السوء. و منه المثل: عادت لِعِكْرِها لَمِيس؛ و قيل: العِكْر العادةُ و الدَّيْدَنُ؛ و روي عَكَرهم، بفتحتين، ذهاباً إِلى الدنس و الدَّرِن، من عَكَر الزيت، و الأَول الوجه. و العَكَرْكَرُ: اللبن الغليظ؛ و أَنشد:
فَجَعَّهم باللَّبَنِ العَكَرْكَرِ،             غَضّ لَئِيم المُنْتَمى و العُنْصُرِ

و عاكِرٌ و عُكَيرٌ و مِعْكَر و عَكَّار: أَسماء.
عكبر:
العِكْبِرُ: شي‏ء تجي‏ء به النَّحْل على أَفخاذها و أَعضادها فتجعله في الشهد مكان العسل. و العَكابرُ: الذكور من اليرابيع.
عمر:
العَمْر و العُمُر و العُمْر: الحياة. يقال قد طال عَمْرُه و عُمْرُه، لغتان فصيحتان، فإِذا أَقسموا فقالوا: لَعَمْرُك فتحوا لا غير، و الجمع أَعْمار. و سُمِّي الرجل عَمْراً تفاؤلًا أَن يبقى. و العرب تقول في القسَم: لَعَمْرِي و لَعَمْرُك، يرفعونه بالابتداء و يضمرون الخبر كأَنه قال: لَعَمْرُك قَسَمِي أَو يميني أَو ما أَحْلِفُ به؛ قال ابن جني: و مما يجيزه القياس غير أَن لم يرد به الاستعمال خبر العَمْر من قولهم: لَعَمْرُك لأَقومنّ، فهذا مبتدأٌ محذوف الخبر، و أَصله لو أُظهر خبره: لَعَمْرُك ما أُقْسِمُ به، فصار طولُ الكلام بجواب القسم عِوَضاً من الخبر؛ و قيل: العَمْرُ هاهنا الدِّينُ؛ و أَيّاً كان فإِنه لا يستعمل في القسَم إِلا مفتوحاً. و في التنزيل العزيز: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏
؛ لم يقرأْ إِلا بالفتح؛ و استعمله أَبو خراش في الطير فقال:
لَعَمْرُ أَبي الطَّيْرِ المُرِنّة عُذْرةً             على خالدٍ، لقد وَقَعْتَ على لَحْمِ «1».

أَي لحم شريف كريم. و
روي عن ابن عباس في قوله تعالى: لَعَمْرُكَ‏
 أَي لحياتك. قال: و ما حَلَفَ الله بحياة أَحد إِلا بحياة النبي، صلى الله عليه و سلم.
و قال أَبو الهيثم: النحويون ينكرون هذا و يقولون معنى لَعَمْرُكَ‏
 لَدِينُك الذي تَعْمُر و أَنشد لعمر بن أَبي ربيعة:
أَيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيّا سُهَيْلًا،             عَمْرَكَ اللهَ كيف يَجْتَمِعان؟

قال: عَمْرَك اللهَ عبادتك اللهَ، فنصب؛ و أَنشد:
عَمْرَكِ اللهَ ساعةً، حَدِّثِينا،             و ذَرِينا مِن قَوْلِ مَن يُؤْذِينا

فأَوْقَع الفعلَ على الله عز و جل في قوله عَمْرَك الله. و قال الأَخفش في قوله: لَعَمْرُكَ‏
 إِنهم و عَيْشِك و إِنما يريد العُمْرَ. و قال أَهل البصرة: أَضْمَر له ما رَفَعَه لَعَمْرُك المحلوفُ به. قال: و قال الفراء الأَيْمان يَرْفعها جواباتها. قال الجوهري: معنى لَعَمْرُ الله و عَمْر الله أَحْلِفُ ببقاء الله و دوامِه؛ قال: و إِذا
__________________________________________________
 (1). قوله: [عذرة] هكذا في الأَصل.

601
لسان العرب4

عمر ص 601

قلت عَمْرَك اللهَ فكأَنك قلت بِتَعْمِيرِك الله أَي بإِقرارك له بالبقاء؛ و قول عمر بن أَبي ربيعة:
عَمْرَك اللهَ كيف يجتمعان‏
يريد: سأَلتُ الله أَن يُطيل عُمْرَك لأَنه لم يُرِد القسم بذلك. قال الأَزهري: و تدخل اللام في لَعَمْرُك فإِذا أَدخلتها رَفَعْت بها بالابتداء فقلت: لَعَمْرك و لَعَمْرُ أَبيك، فإِذا قلت لَعَمْرُ أَبيك الخَيْرَ، نَصَبْتَ الخير و خفضت، فمن نصب أَراد أَن أَباك عَمَرَ الخيرَ يَعْمُرُه عَمْراً و عِمارةً، فنصب الخير بوقوع العَمْر عليه؛ و مَن خفض الخير جعله نعتاً لأَبيك، و عَمْرَك اللهَ مثل نَشَدْتُك اللهَ. قال أَبو عبيد: سأَلت الفراء لمَ ارتفع لَعَمْرُكَ‏
؟ فقال: على إِضمار قسم ثان كأَنه قال و عَمْرِك فلَعَمْرُك عظيم، و كذلك لَحياتُك مثله، قال: و صِدْقُه الأَمرُ، و قال: الدليل على ذلك قول الله عز و جل: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ، كأَنه أَراد: و الله ليجمعنكم، فأَضمر القسم. و قال المبرد في قوله عَمْرَك اللهَ: إِن شئت جعلت نصْبَه بفعلٍ أَضمرتَه، و إِن شئت نصبته بواو حذفته و عَمْرِك «1». الله، و إِن شئت كان على قولك عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً و نَشَدْتُك الله نَشِيداً ثم وضعتَ عَمْرَك في موضع التَّعْمِير؛ و أَنشد فيه:
عَمَّرْتُكِ اللهَ أَلا ما ذَكَرْتِ لنا،             هل كُنْتِ جارتَنا، أَيام ذِي سَلَمِ؟

يريد: ذَكَّرْتُكِ اللهَ؛ قال: و في لغة لهم رَعَمْلُك، يريدون لَعَمْرُك. قال: و تقول إِنّك عَمْرِي لَظَرِيفٌ. ابن السكيت: يقال لَعَمْرُك و لَعَمْرُ أَبيك و لَعَمْرُ الله، مرفوعة. و
في الحديث: أَنه اشترى من أَعرابي حِمْلَ خَبَطٍ فلما وجب البيع قال له: اخْتَرْ، فقال له الأَعرابيّ: عَمْرَكَ اللهَ بَيْعاً.
أَي أَسأَلُ الله تَعْمِيرَك و أَن يُطيل عُمْرك، و بَيِّعاً منصوب على التمييز أَي عَمَّرَك اللهُ مِن بَيِّعٍ. و
في حديث لَقِيط: لَعَمْرُ إِلَهِك.
؛ هو قسَم ببقاء الله و دوامِه. و قالوا: عَمْرَك اللهَ افْعَلْ كذا و أَلا فعلت كذا و أَلا ما فَعَلْتَ على الزيادة، بالنصب، و هو من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر المنصوبة على إِضمار الفعل المتروكِ إِظهارُه؛ و أَصله مِنْ عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً فحذفت زيادته فجاء على الفعل. و أُعَمِّرُك اللهَ أَن تفعل كذا: كأَنك تُحَلِّفه بالله و تسأَله بطول عُمْرِه؛ قال:
عَمَّرْتُكَ اللهَ الجَلِيلَ، فإِنّني             أَلْوِي عليك، لَوَ أنّ لُبَّكَ يَهْتَدِي‏

الكسائي: عَمْرَك اللهَ لا أَفعل ذلك، نصب على معنى عَمَرْتُك اللهَ أَي سأَلت الله أَن يُعَمِّرَك، كأَنه قال: عَمَّرْتُ الله إِيَّاك. قال: و يقال إِنه يمين بغير واو و قد يكون عَمْرَ اللهِ، و هو قبيح. و عَمِرَ الرجلُ يَعْمَرُ عَمَراً و عَمارةً و عَمْراً و عَمَر يَعْمُرُ و يَعْمِر؛ الأَخيرة عن سيبويه، كلاهما: عاشَ و بقي زماناً طويلًا؛ قال لبيد:
و عَمَرْتُ حَرْساً قبل مَجْرَى داحِسٍ،             لو كان للنفس اللَّجُوجِ خُلُودُ

و أَنشد محمد بن سلام كلمة جرير:
لئن عَمِرَتْ تَيْمٌ زَماناً بِغِرّةٍ،             لقد حُدِيَتْ تَيْمٌ حُداءً عَصَبْصَبا

و منه قولهم: أَطال الله عَمْرَك و عُمْرَك، و إِن كانا مصدرين بمعنًى إِلا أَنه استعمل في القسم أَحدُهما و هو المفتوح. و عَمَّرَه اللهُ و عَمَرَه: أَبقاه. و عَمَّرَ نَفْسَه: قدَّر
__________________________________________________
 (1). قوله: بواو حذفته [و عمرك إِلخ‏] هكذا في الأَصل.

602
لسان العرب4

عمر ص 601

لها قدْراً محدوداً. و قوله عز و جل: وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ‏
؛ فسر على وجهين، قال الفراء: ما يُطَوَّلُ مِن عُمُرِ مُعَمَّر و لا يُنْقَص من عُمُرِه، يريد الآخر غير الأَول ثم كنى بالهاء كأَنه الأَول؛ و مثله في الكلام: عندي درهم و نصفُه؛ المعنى و نصف آخر، فجاز أَن تقول نصفه لأَن لفظ الثاني قد يظهر كلفظ الأَول فكُنِيَ عنه ككناية الأَول؛ قال: و فيها قول آخر: ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ‏
، يقول: إِذا أَتى عليه الليلُ، و النهار نقصا من عُمُرِه، و الهاء في هذا المعنى للأَول لا لغيره لأَن المعنى ما يُطَوَّل و لا يُذْهَب منه شي‏ء إِلا و هو مُحْصًى في كتاب، و كلٌّ حسن، و كأَن الأَول أَشبه بالصواب، و هو قول ابن عباس و الثاني قول سعيد بن جبير. و العُمْرَى: ما تجعله للرجل طولَ عُمُرِك أَو عُمُرِه. و قال ثعلب: العُمْرَى أَن يدفع الرجل إِلى أَخيه داراً فيقول: هذه لك عُمُرَك أَو عُمُرِي، أَيُّنا مات دُفِعَت الدار إِلى أَهله، و كذلك كان فعلُهم في الجاهلية. و قد عَمَرْتُه أَياه و أَعْمَرْته: جعلتُه له عُمُرَه أَو عُمُرِي؛ و العُمْرَى المصدرُ من كل ذلك كالرُّجْعَى. و
في الحديث: لا تُعْمِرُوا و لا تُرْقِبُوا، فمن أُعْمِرَ داراً أَو أُرْقِبَها فهي له و لورثته من بعده.
و هي العُمْرَى و الرُّقْبَى. يقال: أَعْمَرْتُه الدار عمْرَى أَي جعلتها له يسكنها مدة عُمره فإِذا مات عادت إِليَّ، و كذلك كانوا يفعلون في الجاهلية فأَبطل ذلك، و أَعلمهم أَن من أُعْمِرَ شيئاً أَو أُرْقِبَه في حياته فهو لورثته مِن بعده. قال ابن الأَثير: و قد تعاضدت الروايات على ذلك و الفقهاءُ فيها مختلفون: فمنهم من يعمل بظاهر الحديث و يجعلها تمليكاً، و منهم من يجعلها كالعارية و يتأَول الحديث. قال الأَزهري: و الرُّقْبى أَن يقول الذي أُرْقِبَها: إِن مُتَّ قبلي رجعَتْ إِليَّ، و إِن مُتُّ قبلك فهي لك. و أَصل العُمْرَى مأَخوذ من العُمْر و أَصل الرُّقْبَى من المُراقبة، فأَبطل النبي، صلى الله عليه و سلم، هذه الشروط و أَمْضَى الهبة؛ قال: و هذا الحديث أَصل لكل من وهب هِبَة فشرط فيها شرطاً بعد ما قبضها الموهوب له أَن الهبة جائزة و الشرط باطل؛ و في الصحاح: أَعْمَرْتُه داراً أَو أَرضاً أَو إِبِلًا؛ قال لبيد:
و ما البِرّ إِلَّا مُضْمَراتٌ من التُقَى،             و ما المالُ إِلا مُعْمَراتٌ وَدائِعُ‏
 و ما المالُ و الأَهْلُون إِلا وَدائِعٌ،             و لا بد يوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ‏

أَي ما البِرُّ إِلا ما تُضْمره و تخفيه في صدرك. و يقال: لك في هذه الدار عُمْرَى حتى تموت. و عُمْرِيُّ الشجرِ: قديمُه، نسب إِلى العُمْر، و قيل: هو العُبْرِيّ من السدر، و الميم بدل. الأَصمعي: العُمْرِيّ و العُبْرِيّ من السِّدْر القديم، على نهر كان أَو غيره، قال: و الضّالُ الحديثُ منه؛ و أَنشد قول ذي الرمة:
قطعت، إِذا تَجَوَّفت العَواطِي،             ضُروبَ السِّدْر عُبْرِيّاً و ضالا «2».

و قال: الظباء لا تَكْنِس بالسدر النابت على الأَنهار. و
في حديث محمد بن مَسْلمة و مُحارَبتِه مَرْحَباً قال الراوي «3» لحديثهما ما رأَيت حَرْباً بين رجلين قطّ قبلهما مثلَهما، قام كلُّ واحد منهما إِلى صاحبه عند شجرة عُمْرِيَّة، فجعل كل واحد منهما يلوذ بها من‏
__________________________________________________
 (2). قوله: [إِذا تجوفت‏] كذا بالأَصل هنا بالجيم، و تقدم لنا في مادة عبر بالخاء و هو بالخاء في هامش النهاية و شارح القاموس.
 (3). قوله: [قال الراوي‏] بهامش الأَصل ما نصه قلت راوي هذا الحديث جابر بن عبد الله الأَنصاري كما قاله الصاغاني كتبه محمد مرتضى.

603
لسان العرب4

عمر ص 601

صاحبه، فإِذا استتر منها بشي‏ء خَذَم صاحبُه ما يَلِيه حتى يَخْلُصَ إِليه، فما زالا يَتَخَذَّمانها بالسَّيْف حتى لم يبق فيها غُصْن و أَفضى كل واحد منهما إِلى صاحبه.
قال ابن الأَثير: الشجرة العُمْريَّة هي العظيمة القديمة التي أَتى عليها عُمْرٌ طويل. يقال للسدر العظيم النابت على الأَنهار: عُمْرِيّ و عُبْرِيّ على التعاقب. و يقال: عَمَر اللهُ بك منزِلَك يَعْمُره عِمارة و أَعْمَره جعلَه آهِلًا. و مكان عامِرٌ: ذو عِمَارةٍ. و مكان عَمِيرٌ: عامِرٌ. قال الأَزهري: و لا يقال أَعْمَر الرجلُ منزلَه بالأَلف. و أَعْمَرْتُ الأَرضَ: وجدتها عامرةً. و ثوبٌ عَمِيرٌ أَي صَفِيق. و عَمَرْت الخَرابَ أَعْمُره عِمارةً، فهو عامِرٌ أَي مَعْمورٌ، مثل دافِقٍ أَي مدفوق، و عِيشَةٍ راضِيَةٍ* أَي مَرْضِيّة. و عَمَر الرجلُ مالَه و بيتَه يَعْمُره عِمارةً و عُموراً و عُمْراناً: لَزِمَه؛ و أَنشد أَبو حنيفة لأَبي نخيلة في صفة نخل:
أَدامَ لها العَصْرَيْنِ رَيّاً، و لم يَكُنْ             كما ضَنَّ عن عُمْرانِها بالدراهم‏

و يقال: عَمِرَ فلان يَعْمَر إِذا كَبِرَ. و يقال لساكن الدار: عامِرٌ، و الجمع عُمّار. و قوله تعالى: وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ؛
جاء في التفسير أَنه بيت في السماء بإزاء الكعبة يدخله كل يوم سبعون أَلف ملك يخرجون منه و لا يعودون إِليه.
و المَعْمورُ: المخدومُ. و عَمَرْت رَبِّي و حَجَجْته أَي خدمته. و عَمَر المالُ نَفْسُه يَعْمُرُ و عَمُر عَمارةً؛ الأَخيرة عن سيبويه، و أَعْمَره المكانَ و اسْتَعْمَره فيه: جعله يَعْمُره. و في التنزيل العزيز: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيها
؛ أَي أَذِن لكم في عِمارتها و استخراجِ قومِكم منها و جعَلَكم عُمَّارَها. و المَعْمَرُ: المَنْزِلُ الواسع من جهة الماء و الكلإِ الذي يُقامُ فيه؛ قال طرفة بن العبد:
يا لَكِ مِن قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ

و منه قول الساجع: أَرْسِل العُراضاتِ أَثَرا، يَبْغِينَك في الأَرض مَعْمَرا أَي يبغين لك منزلًا، كقوله تعالى: يَبْغُونَها عِوَجاً*؛ و قال أَبو كبير:
 فرأَيتُ ما فيه فثُمَّ رُزِئْتُه،             فبَقِيت بَعْدَك غيرَ راضي المَعْمَرِ

و الفاء هناك في قوله: فثُمَّ رُزِئته، زائدة و قد زيدت في غير موضع؛ منها بيت الكتاب:
لا تَجْزَعِي، إِن مُنْفِساً أَهْلَكْتُه،             فإِذا هَلكتُ فعِنْدَ ذلك فاجْزَعِي‏

فالفاء الثانية هي الزائدة لا تكون الأُولى هي الزائدة، و ذلك لأَن الظرف معمول اجْزَع فلو كانت الفاء الثانية هي جواب الشرط لما جاز تعلق الظرف بقوله اجزع، لأَن ما بعد هذا الفاء لا يعمل فيما قبلها، فإِذا كان ذلك كذلك فالفاء الأُولى هي جواب الشرط و الثانية هي الزائدة. و يقال: أَتَيْتُ أَرضَ بني فلان فأَعْمَرْتُها أَي وجدتها عامِرةً. و العِمَارةُ: ما يُعْمَر به المكان. و العُمَارةُ: أَجْرُ العِمَارة. و أَعْمَرَ عليه: أَغناه. و العُمْرة: طاعة الله عز و جل. و العُمْرة في الحج: معروفة، و قد اعْتَمر، و أَصله من الزيارة، و الجمع العُمَر. و قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏
؛ قال الزجاج: معنى العُمْرة في العمل الطوافُ بالبيت و السعيُ بين الصفا و المروة فقط، و الفرق بين الحج و العُمْرةِ أَن العُمْرة تكون للإِنسان في السَّنَة كلها و الحج وقت واحد في السنة؛ قال: و لا يجوز أَن يحرم به إِلا في أَشهر الحج شوّال و ذي القعدة و عشر من ذي الحجة، و تمامُ العُمْرة أَن يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة، و الحج لا يكون إِلَّا مع‏

604
لسان العرب4

عمر ص 601

الوقوف بعرفة يومَ عرفة. و العُمْرة: مأَخوذة من الاعْتِمار، و هو الزيارة، و معنى اعْتَمر في قصد البيت أَنه إِنما خُصَّ بهذا لأَنه قصد بعمل في موضع عامر، و لذلك قيل للمُحْرِم بالعُمْرةِ: مُعْتَمِرٌ، و قال كراع: الاعْتِمار العُمْرة، سَماها بالمصدر. و في الحديث ذكرُ العُمْرة و الاعْتِمار في غير موضع، و هو الزيارة و القصد، و هو في الشرع زيارة البيت الحرام بالشروط المخصوصة المعروفة. و
في حديث الأَسود قال: خرجنا عُمّاراً فلما انصرفنا مَرَرْنا بأَبي ذَرٍّ؛ فقال: أَ حَلَقْتم الشَّعَث و قضيتم التَّفَثَ عُمّاراً؟.
أَي مُعْتَمِرين؛ قال الزمخشري: و لم يجئ فيما أَعلم عَمَر بمعنى اعْتَمَر، و لكن عَمَر اللهَ إِذا عبده، و عَمَر فلانٌ ركعتين إِذا صلاهما، و هو يَعْمُر ربَّه أَي يصلي و يصوم. و العَمَار و العَمَارة: كل شي‏ء على الرأْس من عمامة أَو قَلَنْسُوَةٍ أَو تاجٍ أَو غير ذلك. و قد اعْتَمَر أَي تعمّم بالعمامة، و يقال للمُعْتَمِّ: مُعْتَمِرٌ؛ و منه قول الأَعشى:
فَلَمَّا أَتانا بُعَيْدَ الكَرى،             سَجَدْنا لَهُ و رَفَعْنا العَمارا

أَي وضعناه من رؤوسنا إِعْظاماً له. و اعْتَمرة أَي زارَه؛ يقال: أَتانا فلان مُعْتَمِراً أَي زائراً؛ و منه قول أَعشى باهلة:
و جاشَت النَّفْسُ لَمَّا جاءَ فَلُّهمُ،             و راكِبٌ، جاء من تَثْلِيثَ، مُعْتَمِرُ

قال الأَصمعي: مُعْتَمِر زائر، و قال أَبو عبيدة: هو متعمم بالعمامة؛ و قول ابن أَحمر:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها،             كما يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ

فيه قولان: قال الأَصمعي: إِذا انْجلى لهم السحابُ عن الفَرْقَدِ أَهَلّوا أَي رفعوا أَصواتهم بالتكبير كما يُهِلّ الراكب الذي يريد عمرة الحج لأَنهم كانوا يهتدون بالفَرْقَد، و قال غيره: يريد أَنهم في مفازة بعيدة من المياه فإِذا رأَوْا فرقداً، و هو ولد البقرة الوحشية، أَهلّوا أَي كبّروا لأَنهم قد علموا أَنهم قد قربوا من الماء. و يقال للاعْتِمار: القصد. و اعْتَمَر الأَمْرَ: أَمَّه و قصد له: قال العجاج:
لقد غَزَا ابنُ مَعْمَرٍ، حين اعْتَمَرْ،             مَغْزًى بَعِيداً من بَعيد و ضَبَرْ

المعنى: حين قصد مَغْزًى بعيداً. و ضبَرَ: جَمعَ قوائمه ليَثِبَ. و العُمْرةُ: أَن يَبْنِيَ الرجلُ بامرأَته في أَهلها، فإِن نقلها إِلى أَهله فذلك العُرْس؛ قاله ابن الأَعرابي. و العَمَارُ: الآسُ، و قيل: كل رَيْحانٍ عَمَارٌ. و العَمّارُ: الطَّيِّب الثناء الطَّيِّب الروائح، مأْخوذ من العَمَار، و هو الآس. و العِمَارة و العَمارة: التحيّة، و قيل في قول الأَعشى‏
[... و رفعنا العمارا]

أَي رفعنا له أَصواتنا بالدعاء و قلنا عمَّرك الله و قيل: العَمَارُ هاهنا الريحان يزين به مجلس الشراب، و تسميه الفُرْس ميُوران، فإِذا دخل عليهم داخل رفعوا شيئاً منه بأَيديهم و حيَّوْه به؛ قال ابن بري: و صواب إِنشاده‏
[... و وَضَعْنا العَمارا]
فالذي يرويه‏
 ... و رفعنا العَمَارا

، هو الريحان أَو الدعاء أَي استقبلناه بالريحان أَو الدعاء له، و الذي يرويه‏
[... و وضعنا العمارا]

هو العِمَامة؛ و قيل: معناه عَمّرَك اللهُ و حيّاك، و ليس بقوي؛ و قيل: العَمارُ هنا أَكاليل الرَّيْحان يجعلونها على رؤوسهم كما تفعل العجم؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف هذا. و رجل عَمّارٌ: مُوَقًّى مستور مأْخوذ من العَمَر،

605
لسان العرب4

عمر ص 601

و هو المنديل أَو غيره، تغطّي به الحرّة رأْسها. حكى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: إِن العَمَرَ أَن لا يكون للحُرّة خِمار و لا صَوْقَعة تُغطّي به رأْسها فتدخل رأْسها في كمها؛ و أَنشد:
قامَتْ تُصَلّي و الخِمارُ مِن عَمَرْ
و حكى ابن الأَعرابي: عَمَر ربَّه عبَدَه، و إِنه لعَامِرٌ لربّه أَي عابدٌ. و حكى اللحياني عن الكسائي: تركته يَعمرُ ربَّه أَي يعبده يصلي و يصوم. ابن الأَعرابي: يقال رجل عَمّار إِذا كان كثيرَ الصلاة كثير الصيام. و رجل عَمّار، و هو الرجل القوي الإِيمان الثابت في أَمره الثَّخينُ الوَرَعِ: مأْخوذ من العَمِير، و هو الثوب الصفيق النسجِ القويُّ الغزلِ الصبور على العمل، قال: و عَمّارٌ المجتمعُ الأَمر اللازمُ للجماعة الحَدِبُ على السلطان، مأْخوذ من العَمارةِ، و هي العمامة، و عَمّارٌ مأْخوذ من العَمْر، و هو البقاء، فيكون باقياً في إِيمانه و طاعته و قائماً بالأَمر و النهي إِلى أَن يموت. قال: و عَمّارٌ الرجل يجمع أَهل بيته و أَصحابه على أَدَبِ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و القيامِ بسُنّته، مأْخوذ من العَمَرات، و هي اللحمات التي تكون تحت اللَّحْي، و هي النَّغانِغُ و اللَّغادِيدُ؛ هذا كله محكى عن ابن الأَعرابي. اللحياني: سمعت العامِريّة تقول في كلامها: تركتهم سامِراً بمكان كذا و كذا و عامِراً؛ قال أَبو تراب: فسأَلت مصعباً عن ذلك فقال: مقيمين مجتمعين. و العِمَارة و العَمارةُ: أَصغر من القبيلة، و قيل: هو الحيُّ العظيم الذي يقوم بنفسه، ينفرد بِظَعْنِها و إِقامتها و نُجْعَتِها، و هي من الإِنسان الصدر، سُمِّي الحيُّ العظيم عِمَارة بعِمارة الصدر، و جمعها عمائر؛ و منه قول جرير:
يَجُوسُ عِمارة، و يَكُفّ أُخرى             لنا، حتى يُجاوزَها دَليل‏

قال الجوهري: و العَمَارة القبيلة و العشيرة؛ قال التغلبي:
لكل أُناسٍ من مَعَدٍّ عَمارةٍ             عَرُوضٌ، إِليها يَلْجأُون، و جانِبُ‏

و عَمارة خفض على أَنه بدل من أُناس. و
في الحديث: أَنه كتب لِعَمَائر كَلْب و أَحْلافها كتاباً.
؛ العَمَائرُ: جمع عمارة، بالكسر و الفتح، فمن فتح فَلالْتفاف بعضهم على بعض كالعَمارة العِمامةِ، و من كسر فلأَن بهم عِمارةَ الأَرض، و هي فوق البَطْن من القبائل، أَولها الشَّعْب ثم القبيلة ثم العِمارة ثم البَطْن ثم الفَخْذ. و العَمْرة: الشَّذْرة من الخرز يفصّل بها النظم، و بها سميت المرأَة عَمْرة؛ قال:
و عَمْرة مِن سَرَوات النساءِ،             يَنْفَحُ بالمِسْك أَرْدانُها

و قيل: العَمْرة خرزة الحُبّ. و العَمْر: الشَّنْف، و قيل: العَمْر حلقة القرط العليا و الخَوْقُ حلقة أَسفل القرط. و العَمَّار: الزَّيْن في المجالس، مأْخوذ من العَمْر، و هو القرط. و العَمْر: لحم من اللِّثَة سائل بين كل سِنَّيْن. و
في الحديث: أَوْصاني جِبْرِيل بالسواك حتى خَشِيتُ على عُمورِي.
؛ العُمُور: منابت الأَسنان و اللحم الذي بين مَغارِسها، الواحد عَمْر، بالفتح، قال ابن الأَثير: و قد يضم؛ و قال ابن أَحمر:
بانَ الشَّبابُ و أَخْلَفَ العَمْرُ،             و تَبَدَّلَ الإِخْوانُ و الدَّهْرُ

و الجمع عُمور، و قيل: كل مستطيل بين سِنَّيْنِ عَمْر. و قد قيل: إِنه أَراد العُمْر. و جاء فلان عَمْرا

606
لسان العرب4

عمر ص 601

أَي بطيئاً؛ كذا ثبت في بعض نسخ المصنف، و تبع أَبا عبيد كراع، و في بعضها: عَصْراً. اللحياني: دارٌ مَعْمورة يسكنها الجن، و عُمَّارُ البيوت: سُكّانُها من الجن. و
في حديث قتل الحيّات: إِنّ لهذه البيوت عَوامِرَ فإِذا رأَيتم منها شيئاً فحَرِّجُوا عليها ثلاثاً.
؛ العَوامِرُ: الحيّات التي تكون في البيوت، واحدها عامِرٌ و عامرة، قيل: سميت عَوامِرَ لطول أَعمارها. و العَوْمَرةُ: الاختلاطُ؛ يقال: تركت القوم في عَوْمَرةٍ أَي صياحٍ و جَلبة. و العُمَيْرانِ و العُمَيْمِرانِ و العَمَّرتان «1». و العُمَيْمِرتان: عظمان صغيران في أَصل اللسان. و اليَعْمورُ: الجَدْيُ؛ عن كراع. ابن الأَعرابي: اليَعامِيرُ الجِداءُ و صغارُ الضأْن، واحدها يَعْمور؛ قال أَبو زيد الطائي:
ترى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلًا،             مثل الذَّمِيم على قَرْم اليَعامِير

أَي يَنْسُل اللبن منها كأَنه الذميم الذي يَذِمّ من الأَنف. قال الأَزهري: و جعل قطرب اليَعامِيرَ شجراً، و هو خطأٌ. قال ابن سيدة: و اليَعْمورة شجرة، و العَمِيرة كُوَّارة النَّحْل. و العُمْرُ: ضربٌ من النخل، و قيل: من التمر. و العُمور: نخلُ السُّكَّر «2». خاصة، و قيل: هو العُمُر، بضم العين و الميم؛ عن كراع، و قال مرة: هي العَمْر، بالفتح، واحدتها عَمْرة، و هي طِوال سُحُقٌ. و قال أَبو حنيفة: العَمْرُ و العُمْرُ نخل السُّكّر، و الضم أَعلى اللغتين. و العَمْرِيّ: ضرب من التمر؛ عنه أَيضاً. و حكى الأَزهري عن الليث أَنه قال: العَمْر ضرب من النخيل، و هو السَّحُوق الطويل، ثم قال: غلظ الليث في تفسير العَمْر، و العَمْرُ نخل السُّكَّر، يقال له العُمُر، و هو معروف عند أَهل البحرين؛ و أَنشد الرياشي في صفة حائط نخل:
أَسْوَد كالليل تَدَجَّى أَخْضَرُهْ،             مُخالِط تَعْضوضُه و عُمُرُه،
بَرْنيّ عَيْدانٍ قَلِيل قَشَرُهْ‏

و التَّعْضوض: ضرب من التمر سِرِّيّ، و هو من خير تُمْران هجَر، أَسود عذب الحلاوة. و العُمُر: نخل السُّكّر، سحوقاً أَو غير سحوق. قال: و كان الخليل ابن أَحمد من أَعلم الناس بالنخيل و أَلوانِه و لو كان الكتابُ مِن تأْليفه ما فسر العُمُرَ هذا التفسير، قال: و قد أَكلت أَنا رُطَبَ العُمُرِ و رُطَبَ التَّعْضوضِ و خَرَفْتُهما من صغار النخل و عَيدانِها و جَبّارها، و لو لا المشاهدةُ لكنت أَحد المغترّين بالليث و خليلِه و هو لسانه. ابن الأَعرابي: يقال كَثِير بَثِير بَجِير عَمِير إِتباع؛ قال الأَزهري: هكذا قال بالعين. و العَمَرانِ: طرفا الكُمّين؛ و
في الحديث: لا بأْس أَن يُصَلِّيَ الرجلُ على عَمَرَيْهِ.
بفتح العين و الميم، التفسير لابن عرفة حكاه الهروي في الغريبين و غيره. و عَمِيرة: أَبو بطن و زعمها سيبويه في كلْب، النسبُ إِليه عَمِيرِيّ شاذ، و عَمْرو: اسم رجل يكتب بالواو للفرق بينه و بين عُمَر و تُسْقِطها في النصب لأَن الأَلف تخلفها، و الجمع أَعْمُرٌ و عُمور؛ قال الفرزدق يفتخر بأَبيه و أَجداده:
 و شَيَّدَ لي زُرارةُ باذِخاتٍ،             و عَمرو الخير إِن ذُكِرَ العُمورُ

__________________________________________________
 (1). قوله: [العمرتان‏] هو بتشديد الميم في الأَصل الذي بيدنا، و في القاموس بفتح العين و سكون الميم و صوب شارحه تشديد الميم نقلًا عن الصاغاني.
 (2). قوله: [السكر] هو ضرب من التمر جيد.

607
لسان العرب4

عمر ص 601

الباذِخاتُ: المراتب العاليات في الشرف و المجد. و عامِرٌ: اسم، و قد يسمى به الحيّ؛ أَنشد سيبويه في الحي:
فلما لَحِقنا و الجياد عشِيّة،             دَعَوْا: يا لَكَلْبٍ، و اعْتَزَيْنا لِعامِر

و أَما قول الشاعر:
و ممن ولَدُوا عامِرُ             ذو الطُّول و ذو العَرْض

فإِن أَبا إِسحق قال: عامر هنا اسم للقبيلة، و لذلك لم يصرفه، و قال ذو و لم يقل ذات لأَنه حمله على اللفظ، كقول الآخر:
قامَتْ تُبَكِّيه على قَبْرِه:             مَنْ ليَ مِن بَعدِك يا عامِرُ؟
 تَرَكْتَني في الدار ذا غُرْبةٍ،             قد ذَلَّ مَن ليس له ناصِرُ

أَي ذات غُرْبة فذكّر على معنى الشخص، و إِنما أَنشدنا البيت الأَول لتعلم أَن قائل هذا امرأَة و عُمَر و هو معدول عنه في حال التسمية لأَنه لو عدل عنه في حال الصفة لقيل العُمَر يُراد العامِر. و عامِرٌ: أَبو قبيلة، و هو عامرُ بن صَعْصَعَة بن معاوية بن بكر بن هوازن. و عُمَير و عُوَيْمِر و عَمَّار و مَعْمَر و عُمارة و عِمْران و يَعْمَر، كلها: أَسماء؛ و قول عنترة:
أَ حَوْليَ تَنْفُضُ اسْتُك مِذْرَوَيْها             لِتَقْتُلَني؟ فها أَنا ذا عُمارا

هو ترخيم عُمارة لأَنه يهجو به عُمارةَ بن زياد العبسي. و عُمارةُ بن عقيل بن بلال بن جرير: أَدِيبٌ جدّاً. و العَمْرانِ: عَمْرو بن جابر بن هلال بن عُقَيْل بن سُمَيّ بن مازن بن فَزارة، و بَدْر بن عمرو بن جُؤيّة بن لَوْذان بن ثعلبة بن عديّ بن فَزارة، و هما رَوْقا فزراة؛ و أَنشد ابن السكيت لقُراد بن حبش الصارديّ يذكرهما:
إِذا اجتمع العَمْران: عَمْرو بنُ جابر             و بَدْرُ بن عَمْرٍو، خِلْتَ ذُبْيانَ تُبَّعا
و أَلْقَوْا مَقاليدَ الأُمورِ إِليهما،             جَمِيعاً قِماءً كارهين و طُوَّعا

و العامِرانِ: عامِرُ بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة و هو أَبو براء مُلاعِب الأَسِنَّة، و عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب و هو أَبو علي. و العُمَران: أَبو بكر و عُمَر، رضي الله تعالى عنهما، و قيل: عمر بن الخطاب و عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنهما؛ قال مُعاذٌ الهَرَّاء: لقد قيل سِيرةُ العُمَرَيْنِ قبل خلافة عُمَر بن عبد العزيز لأَنهم‏
قالوا لعثمان يوم الدار: تَسْلُك سِيرةَ العُمَرَيْن.
قال الأَزهري: العُمَران أَبو بكر و عمر، غُلِّبَ عُمَر لأَنه أَخَفّ الاسمين، قال: فإِن قيل كيف بُدِئ بِعُمَر قبل أَبي بكر و هو قبله و هو أَفضل منه، فإِن العرب تفعل هذا يبدأُون بالأَخسّ، يقولون: رَبيعة و مُضَر و سُلَيم و عامر و لم يترك قليلًا و لا كثيراً؛ قال محمد بن المكرم: هذا الكلام من الأَزهري فيه افْتِئات على عمر، رضي الله عنه، و هو قوله: إِن العرب يبدأُون بالأَخس و لقد كان له غُنية عن إِطلاق هذا اللفظ الذي لا يليق بجلالة هذا الموضع المتشرّف بهذين الاسمين الكريمين في مثالٍ مضروبٍ لعُمَر، رضي الله عنه، و كان قوله غُلِّب عُمر لأَنه أَخفّ الاسمين يكفيه و لا يتعرض إِلى هُجْنة هذه العبارة، و حيث اضطر إِلى مثل ذلك و أَحْوَجَ نفسَه إِلى حجة أُخرى فلقد كان قِيادُ الأَلفاظ بيده و كان يمكنه أَن يقول إِن العرب يقدمون المفضول أَو يؤخرون الأَفضل أَو الأَشرف أَو

608
لسان العرب4

عمر ص 601

يبدأُون بالمشروف، و أَما أَفعل على هذه الصيغة فإِن إِتيانه بها دل على قلة مبالاته بما يُطْلِقه من الأَلفاظ في حق الصحابة، رضي الله عنهم، و إِن كان أَبو بكر، رضي الله عنه، أَفضل فلا يقال عن عمر، رضي الله عنه، أَخسّ، عفا الله عنا و عنه. و
روي عن قتادة: أَنه سئل عن عِتْق أُمهات الأَولاد فقال: قضى العُمَران فما بينهما من الخُلَفاء بعتق أُمّهات الأَولاد.
؛ ففي قول قتادة العُمَران فما بينهما أَنه عُمر بن الخطاب و عُمَر ابن عبد العزيز لأَنه لم يكن بين أَبي بكر و عُمَر خليفةٌ. و عَمْرَوَيْهِ: اسم أَعجمي مبني على الكسر؛ قال سيبويه: أَما عَمْرَوَيْه فإِنه زعم أَنه أَعجمي و أَنه ضَرْبٌ من الأَسماء الأَعجمية و أَلزموا آخره شيئاً لم يلزم الأَعْجميّة، فكما تركوا صرف الأَعجمية جعلوا ذلك بمنزلة الصوت، لأَنهم رَأَوْه قد جمع أَمرين فخطُّوه درجة عن إِسمعيل و أَشباهه و جعلوه بمنزلة غاقٍ منونة مكسورة في كل موضع؛ قال الجوهري: إِن نَكَّرْتَه نوّنت فقلت مررت بعَمْرَوَيْهِ و عَمْرَوَيْهٍ آخر، و قال: عَمْرَوَيْه شيئان جعلا واحداً، و كذلك سيبويه و نَفْطَوَيْه، و ذكر المبرد في تثنيته و جمعه العَمْرَوَيْهانِ و العَمْرَوَيْهُون، و ذكر غيره أَن من قال هذا عَمْرَوَيْهُ و سِيبَوَيْهُ و رأَيت سِيبَوَيْهَ فأَعربه ثناه و جمعه، و لم يشرطه المبرد. و يحيى بن يَعْمَر العَدْوانيّ: لا ينصرف يَعْمَر لأَنه مثل يَذْهَب. و يَعْمَر الشُّدّاخ [الشِّدّاخ‏]: أَحد حُكّام العرب. و أَبو عَمْرة: رسولُ المختار «3». و كان إِذا نزل بقوم حلّ بهم البلاء من القتل و الحرب و كان يُتَشاءم به. و أَبو عَمْرة: الإِقْلالُ؛ قال:
إِن أَبا عَمْرة شرُّ جار
و قال:
حلّ أَبو عَمْرة وَسْطَ حُجْرَتي‏

و أَبو عَمْرة: كنية الجوع. و العُمُور: حيٌّ من عبد القيس؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
جعلنا النِّساءَ المُرْضِعاتِكَ حَبْوةً             لِرُكْبانِ شَنٍّ و العُمُورِ و أَضْجَما

شَنٌّ: من قيس أَيضاً. و الأَضْجَم: ضُبَيْعة بن قيس ابن ثعلبة. و بنو عمرو بن الحرث: حيّ؛ و قول حذيفة بن أَنس الهذلي:
لعلكمُ لَمَّا قُتِلْتُم ذَكَرْتم،             و لن تَتْركُوا أَن تَقْتُلوا مَن تَعَمَّرا

قيل: معنى مَن تَعَمَّر انتسب إِلى بني عمرو بن الحرث، و قيل: معناه من جاء العُمْرة. و اليَعْمَريّة: ماء لبني ثعلبة بوادٍ من بطن نخل من الشَّرَبّة. و اليَعامِيرُ: اسم موضع؛ قال طفيل الغنوي:
يقولون لمّا جَمّعوا لغدٍ شَمْلَكم:             لك الأُمُّ مما باليَعامِير و الأَبُ «4».

و أَبو عُمَيْر: كنية الفَرْج. و أُمُّ عَمْرو و أُم عامر، الأُولى نادرة: الضبُعُ معروفة لأَنه اسم سمي به النوع؛ قال الراجز:
يا أُمَّ عَمْرٍو، أَبْشِري بالبُشْرَى،             مَوْتٌ ذَرِيعٌ و جَرادٌ عَظْلى‏

و قال الشنفرى:
لا تَقْبِرُوني، إِنّ قَبْرِي مُحَرَّم             عليكم، و لكن أَبْشِري، أُمَّ عامر

يقال للضبع أُمّ عامر كأَن ولدها عامر؛ و منه قول الهذلي:
و كَمْ مِن وِجارٍ كجَيْبِ القَمِيص،             به عامِرٌ و به فُرْعُلُ‏

__________________________________________________
 (3). قوله: [المختار] أَي ابن أبي عبيد كما في شرح القاموس.
 (4). هذا الشطر مختل الوزن و يصح إِذا وضع [فيه‏] مكان [لغدٍ] هذا إِذا كان اليعامير مذكراً، و هو مذكور في شعر سابق ليعود إِليه ضمير فيه.

609
لسان العرب4

عمر ص 601

و من أَمثالهم: خامِرِي أُمَّ عامر، أَبْشِري بجرادٍ عَظْلى و كَمَرِ رجالٍ قَتْلى، فتَذِلّ له حتى يكْعَمها ثم يجرّها و يستخرجها. قال: و العرب تضرب بها المثل في الحمق، و يجي‏ء الرجل إِلى وجارِها فيسُدُّ فمه بعد ما تدخله لئلا ترى الضوء فتحمل الضبعُ عليه فيقول لها هذا القول؛ يضرب مثلًا لمن يُخْدع بلين الكلام.
عمبر:
ذكر ابن سيدة في ترجمة عنبر: حكى سيبويه عَمْبر، بالميم على البدل، قال: فلا أَدري أَيّ عنبر عنى: أ العلم أَم أَحد الأَجناس المذكورة في عنبر؛ قال ابن سيدة: و عندي أَنها في جميعها مقولة، و الله أَعلم.
عنبر:
العَنْبر: من الطيب معروف، و به سمي الرجل. و
في حديث ابن عباس: أَنه سئل عن زكاة العنبر فقال: إِنما هو شي‏ء دَسَره البحرُ.
هو هذا الطيب المعروف، و جمعه ابن جني على عَنابِر، فلا أَدري أَ حفظ لك أَم قاله ليُرِينَا النون متحركة، و إن لم يسمع عَنابِر، و العَنْبَر: الزعفران و قيل الوَرْس، و العَنْبَرُ: الترس، و إِنما سمي بذلك لأَنه يتخذ من جلد سمكة بحرية يقال لها العَنْبَر. و
في الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، بعث سَريَّة إِلى ناحية السِّيف فجاعوا، فأَلقى اللَّهُ لهم دابة يقال لها العَنْبر فأَكَل منها جماعةُ السَّرِيّة شَهْراً حتى سَمِنُوا.
هي سمكة كبيرة بَحريّة تُتَّخذ من جلدها التِّراسُ، و يقال للتُّرْسِ عَنْبر. و العَنْبَر: أَبو حيّ من تميم، قال ابن سيدة: هو العَنْبَر بن عمرو بن تميم معروف، سمّي بأَحد هذه الأَشياء. و عَنْبَرُ الشِّتَاء و عَنْبَرتُه: شدّتُه، الأُولى عن كراع. الكسائي: أَتَيْتُه في عَنْبَرةِ الشتاء أَي في شدته، قال ابن سيدة: و حكى سيبويه عَمْبر بالميم على البدل فلا أَدري أَيّ عَنْبَرٍ عنى أَ العلم أَم أَحد هذه الأَجناس، و عندي أَنها في جميعها مقولة. قال الجوهري: بَلْعَنْبَر هم بنو العَنْبَر، حذفوا النون لما ذكرناه في باب الثاء في بلحرث.
عنتر:
العَنْتَر: الشجاع. و العَنْتَرَةُ: الشجاعة في الحرب. و عَنْتَره بالرمح: طعَنَه. و عَنْتَر و عَنْتَرة: اسمان منه؛ فأَما قوله:
يَدْعُون: عَنْتَرُ، و الرِّماحُ كأَنها             أَشْطانُ بِئرٍ في لَبانِ الأَدْهَمِ «1».

فقد يكون اسمه عَنْتراً كما ذهب إِليه سيبويه، و قد يكون أَراد يا عَنْترةُ، فرخّم على لغة من قال يا حارُ؛ قال ابن جني: ينبغي أَن تكون النون في عَنْتَر أَصلًا و لا تكون زائدة كزيادتها في عَنْبَس و عَنْسَلٍ لأَن ذينك قد أَخرجهما الاشتقاق، إِذ هما فَنْعل من العُبُوس و العَسَلان و أَما عَنْتر فليس له اشتقاق يحكم له بكون شي‏ء منه زائداً فلا بدّ من القضاء فيه بكونه كله أَصلًا. و العَنْتَر و العُنْتَر و العَنْتَرةُ، كله: الذباب، و قيل: العَنْتَر الذباب الأَزرق، قال ابن الأَعرابي: سمي عَنْتراً لصوته، و قال النضر: العَنْتَرُ ذُباب أَخضر؛ و أَنشد:
إِذا عرّد اللُّفَّاحُ فيها، لِعَنْترٍ،             بمُغْدَوْدِنٍ مُسْتَأْسِدِ النَّبْت ذي خمر

و
في حديث أَبي بكر و أَضيافِه، رضي الله عنهم، قال لابنه عبد الرحمن: يا عَنْتر.
هكذا جاء في رواية، و هو الذباب شبّهه به تصغيراً له و تحقيراً، و قيل: هو الذباب الكبير الأَزرق شبّهه به لشدة أَذاه، و يروى بالغين المعجمة و الثاء المثلثة، و سيأْتي ذكره. و العَنْتَرَةُ: السلوك في الشدائد،. و عَنْتَرة: اسم رجل، و هو عنترة بن معاوية بن شدّاد العبسي «2».
__________________________________________________
 (1). في معلقة عنترة: يدعون عنتر، بنصب عنتر على المفعولية.
 (2). المشهور أنه ابن شدّاد لا ابن معاوية.

610
لسان العرب4

عنجر ص 611

عنجر:
العَنْجَرة: المرأَة الجَرِيئة. الأَزهري: العَنْجَرة المرأَة المُكَتَّلة الخفيفة الروح. و العُنْجورُ، بالضم: غلافُ القارورة. و عُنْجورةُ: اسم رجل كان إِذا قيل له عَنْجِرْ يا عُنْجور غَضِب. و العَنْجَر: القصير من الرجال. و عَنْجَر الرجلُ إِذا مدّ شفتيه و قَلَبهما. قال: و العَنْجَرة بالشفة، و الزَّنْجَرة بالأُصبع.
عنصر:
العُنْصُر و العُنْصَر: الأَصل؛ قال:
تَمَهْجَرُوا و أَيُّما تَمَهْجُرِ،             و هم بنو العَبْد اللئيمِ العُنْصرِ

و يقال: هو لَئِيم العُنْصُر و العُنْصَر أَي الأَصل. قال الأَزهري: العُنْصَرُ أَصل الحسب، جاءَ عن الفصحاء بضم العين و نصْب الصاد، و قد يجي‏ء نحوَه من المضموم كثيرٌ نحو السُّنْبَل، و لكنهم اتفقوا في العُنْصَر و العُنْصَل و العُنْقَر و لا يجي‏ء في كلامهم المنبسط على بناء فُعْلَلٍ إِلا ما كان ثانيه نوناً أَو همزة نحو الجُنْدَب و الجُؤْذَرِ، و جاء السُّودَدُ كذلك كراهية أَن يقولوا سُودُدٌ فتلتقي الضمات مع الواو ففتحوا، و لغة طي‏ء السُّودُدُ مضموم. قال: و قال أَبو عبيد هو العُنْصُر، بضم الصاد، الأَصْلُ. و العُنْصُر: الداهية. و العُنْصُر: الهِمَّة و الحاجةُ: قال البعيث:
 أَلا راحَ بالرَّهْنِ الخليطُ فَهَجَرّوا،             و لم يُقْضَ من بين العَشِيَّاتِ عُنْصُرُ

قال الأَزهري: أَراد العَصَرَ و المَلْجأَ. قال ابن الأَثير: و
في حديث الإِسراء: هذا النيل و الفُرات عُنْصَرُهما.
؛ العُنْصَر، بضم العين و فتح الصاد: الأَصل، و قد تضم الصاد، و النونُ مع الفتح زائدة عند سيبويه لأَنه ليس عنده فُعْلَل بالفتح؛ و منه‏
الحديث: يَرْجِعُ كلّ ماءٍ إِلى عُنْصَره.
عنقر:
العُنْقُرُ: البَرْدِيُّ، و قيل: أَصلهُ، و قيل: كلُّ أَصلِ نَباتٍ أَبيضَ فهو عُنْقُر، و قيل: العُنْقُر أَصل كل قِضَة أَو بَرْديّ أَو عُسْلوجة يخرج أَبيضَ ثم يستدير ثم يتقشَّر فيخرج له ورق أَخضر، فإِذا خرج قبل أَن تنتشِر خضرتهُ فهو عُنْقُر؛ و قال أَبو حنيفة: العُنْقُر أَصل البَقل و القصب و البَرْدِيّ، ما دام أَبيض مجتمعاً و لم يتلوّن بلون و لم ينتشر. و العُنْقُر أَيضاً: قلب النخلة لبياضه. و العُنْقُر: أَولاد الدَّهاقِين لبياضهم و تَرارتِهم، و فتحُ القاف في كل ذلك لغة، و قد ذكر بالزاي؛ قال ابن الفرج: سأَلت عامريّاً عن أَصل عُشْبة رأَيتها معه فقلت: ما هذا؟ فقال: عُنْقُر، قال: و سمعت غيره يقول عُنْقَر، بفتح القاف؛ و أَنشد:
يُنْجِدُ بَيْنَ الإِسْكَتَيْنِ عُنْقَرهْ،             و بين أَصْلِ الوَرِكَيْنِ قَنْفَرهْ‏

الجوهري: و عُنْقُر الرجل عُنْصُره.
عهر:
عَهَر إِليها يَعْهَر «1». عَهْراً و عُهُوراً و عَهارةً و عُهُورةً و عاهَرَها عِهاراً: أَتاها ليلًا للفُجور ثم غلب على الزِّنا مطلقاً، و قيل: هو الفجور أَيّ وقت كان في الأَمة و الحرّة. و
في الحديث: أَيّما رجلٍ عاهَرَ بحُرّة أَو أَمة.
؛ أَي زنى و هو فاعَلَ منه. و امرأَة عاهِرٌ، بغير هاء، إِلا أَن يكون على الفعل، و مُعاهِرة، بالهاء. و في التهذيب: قال أَبو زيد يقال للمرأَة الفاجرة عاهِرةٌ و مُعاهِرة و مُسافِحة. و قال‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [عهر إليها يعهر] في القاموس: عهر المرأَة كمنع عهراً و يكسر و يحرك، و عهارة بالفتح و عهوراً و عهورة بضمهما انتهى. و في المصباح: عهر عهراً من باب تعب: فجر، فهو عاهر، و عهر عهوراً من باب قعد لغة.

611
لسان العرب4

عهر ص 611

أَحمد بن يحيى و المبرد: هي العَيْهرة للفاجرة، قالا: و الياء فيها زائدة، و الأَصل عَهَرة مثلَ ثَمَرة؛ و أَنشد لابن دارة «1». التَّغْلبي:
فقام لا يَحْفِل ثَمَّ كَهْرا،             و لا يبالي لو يُلاقي عِهْرا

و الكَهْر: الانتهار. و
في حرف عبد الله بن مسعود: فأَمَّا اليَتِيمَ فلا تَكْهَرْ.
و تَعَيْهَرَ الرجلُ إِذا كان فاجراً. و لقي عبدْ الله بن صفوان بن أُميّة أَبا حاضر الأَسِيدي أَسِيد، بن عمرو بن تميم فراعَه جمالُه فقال: ممن أَنت؟ فقال: من أَسِيد بن عمرو و أَنا أَبو حاضر، فقال: أُفّة لك عُهَيْرة تَيّاس قال: العُهَيرة تصغير العَهِر، قال: و العَهِر و العاهِرُ هو الزاني. و حكي عن رؤبة قال: العاهِرُ الذي يتّبِع الشرّ، زانياً كان أَو فاسقاً. و
في الحديث: الولدُ للفِراش و للعاهِر الحَجَرُ.
؛ العاهِرُ: الزاني. قال أَبو عبيد: معنى‏
قوله و للعاهِر الحجَرُ.
أَي لا حَقَّ له في النسب و لا حظّ له في الولد، و إِنما هو لصاحب الفراش أَي لصاحب أُمِّ الولد، و هو زوجها أَو مولاها؛ و هو
كقوله الآخَر: له الترابُ.
أَي لا شي‏ء له؛ و الاسم العِهْر، بالكسر. و العَهْرُ: الزنا، و كذلك العَهَرُ مثل نَهْر و نَهَر. و
في الحديث: اللهم بَدِّلْه بالعَهْرِ العِفَّةَ.
و العَيْهرة: التي لا تستقر في مكانها نَزَقاً من غير عفة. و قال كراع: امرأَة عَيْهرة نَزِقة خَفيفة لا تستقر في مكانها، و لم يقل من غير عفّة، و قد عَيْهَرت. و العَيْهَرةُ: الغُول في بعض اللغات، و الذكر منها العَيْهران. و ذو مُعاهِر: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير.
عور:
العَوَرُ: ذهابُ حِسِّ إِحدى العينين، و قد عَوِرَ عَوَراً و عارَ يَعارُ و اعْوَرَّ، و هو أَعْوَرُ، صحَّت العين في عَوِر لأَنه في معنى ما لا بد من صحته، و هو أَعْوَرُ بيّن العَوَرِ، و الجمع عُورٌ و عُوران؛ و أَعْوَرَ اللهُ عينَ فلان و عَوَّرَها، و ربما قالوا: عُرْتُ عينَه. و عَوِرَت عينُه و اعْوَرَّت إِذا ذهب بصرها؛ قال الجوهري: إِنما صحت الواو في عَوِرَت عينُه لصحتها في أَصله، و هو اعْوَرَّت، لسكون ما قبلها ثم حُذِفت الزوائد الأَلفُ و التشديدُ فبقي عَوِرَ، يدل على أَن ذلك أَصله مجي‏ءُ أَخواته على هذا: اسْوَدَّ يَسْوَدُّ و احْمَرَّ يَحْمَرّ، و لا يقال في الأَلوان غيره؛ قال: و كذلك قياسه في العيوب اعْرَجَّ و اعْمَيَّ في عَرِج و عَمِيَ، و إِن لم يسمع، و العرب تُصَغِّر الأَعْوَر عُوَيْراً، و منه قولهم كُسَيْرٌ و عُوَيْر و كلٌّ غَيْرُ خَيْر. قال الجوهري: و يقال في الخصلتين المكروهتين: كُسَيْرٌ و عُوَيْر و كلٌّ غيرُ خَيْر، و هو تصغير أَعور مرخماً. قال الأَزهري: عارَت عينُه تَعارُ و عَوِرَت تَعْورُ و اعْوَرَّت تَعْوَرُّ و اعْوَارَّت تَعْوارُّ بمعنى واحد. و يقال: عارَ عينَه يَعُورُها إِذا عَوَّرها؛ و منه قول الشاعر:
فجاء إِليها كاسِراً جَفْنَ عَيْنه،             فقلتُ له: من عارَ عَيْنَك عَنْتَرهْ؟

يقول: من أَصابها بعُوّار؟ و يقال: عُرْتُ عينه أَعُورُها و أَعارُها من العائِر. قال ابن بزرج: يقال عارَ الدمعُ يَعِيرُ عَيَراناً إِذا سال؛ و أَنشد:
و رُبَّتَ سائلٍ عنِّي حَفِيٍّ:             أَ عارَتْ عينُه أَم لم تَعارا؟

أَي أَدْمَعَت عينُه؛ قال الجوهري: و قد عارَت عينُه‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [و أَنشد لابن دارة] عبارة الصحاح: و الاسم العهر، بالكسر، و أنشد إلخ.

612
لسان العرب4

عور ص 612

تَعار، و أَورد هذا البيت:
و سائلة بظَهْرِ الغيب عَنّي:             أَ عارَتْ عينُه أَم لم تَعارا؟

قال: أَراد تعارَنْ، فوقف بالأَلف؛ قال ابن بري: أَورد هذا البيت على عارت أَي عَوِرت، قال: و البيت لعمرو بن أَحمر الباهلي؛ قال: و الأَلف في آخر تعارا بدل من النون الخفيفة، أَبدل منها أَلفاً لمّا وقف عليها، و لهذا سلمت الأَلف التي بعد العين إِذ لو لم يكن بعدها نون التوكيد لانحذفت، و كنت تقول لم تَعَرْ كما تقول لم تَخَفْ، و إِذا أُلحقت النون ثبتت الأَلف فقلت: لم تَخَافَنْ لأَن الفعل مع نون التوكيد مبني فلا يلحقه جزم. و قولهم: بَدَلٌ أَعْوَر؛ مَثَلٌ يضرب للمذموم يخلف بعد الرجل المحمود. و
في حديث أُمّ زَرْع: فاسْتَبْدَلت بعدَه و كلُّ بَدَلٍ أَعْوَر.
؛ هو من ذلك، قال عبد الله بن هَمّام السّلُولي لقُتَيْبَة بن مسلم و وَليَ خراسان بعد يزيد بن المهلّب:
أَ قُتَيْبَ، قد قُلْنا غداةَ أَتَيْتَنا:             بَدَلٌ لَعَمْرُك من يَزيدٍ أَعْوَرُ

و ربما قالوا: خَلَفٌ أَعْوَرُ؛ قال أَبو ذؤيب:
فأَصْبَحْتُ أَمْشِي في دِيارٍ، كأَنها             خِلافُ دِيار الكامِليّة عُورُ

كأَنه جمع خَلَفاً على خِلافٍ مثل جَبَل و جِبال. قال: و الاسم العَوْرة. و عُورانُ قَيْسٍ: خمسة شُعَراء عُورٌ، و هم الأَعْور الشَّنِّي «2». و الشمَّاخ و تميم بن أُبَيّ بن مُقْبِل و ابن أَحمر و حُمَيْد بن ثور الهلالي. و بنو الأَعْور: قبيلة، سموا بذلك لعَوَرِ أَبيهم؛ فأَما قوله: في بِلاد الأَعْورِينا؛ فعلى الإِضافة كالأَعْجَمِينَ و ليس بجمع أَعْوَر لأَن مثل هذا لا يُسَلّم عند سيبويه. و عارَه و أَعْوَرَه و عَوَّرَه: صيَّره كذلك؛ فأَما قول جَبَلة:
و بِعْتُ لها العينَ الصحيحةَ بالعَوَرْ

فإِنه أَراد العَوْراء فوضع المصدر موضع الصفة، و لو أَراد العَوَر الذي هو العرَض لقابَل الصحيحة و هي جوهر بالعَوَر و هو عرَضٌ، و هذا قبيح في الصنْعة و قد يجوز أَن يريد العين الصحيحة بذات العَوَرِ فحذف، و كل هذا لِيُقَابَلَ الجوهرُ بالجوهر لأَن مقابلة الشي‏ء بنظيره أَذهبُ في الصُّنْع و أَشْرَف في الوضع؛ فأَما قول أَبي ذؤيب:
فالعينُ بعدهمُ كأَن حِداقَها             سُمِلَت بِشَوْكٍ، فهي عُورٌ تَدْمَعُ‏

فعلى أَنه جعل كل جزء من الحدقة أَعْوَرَ أَو كلَّ قطعة منها عَوْراء، و هذه ضرورة، و إِنما آثر أَبو ذؤيب هذا لأَنه لو قال: فهي عَوْرا تدمع، لقصر الممدود فرأَى ما عَمِله أَسهلَ عليه و أَخفَّ. و قد يكون العَوَرُ في غير الإِنسان؛ قال سيبويه: حدثنا بعض العرب أَن رجلًا من بني أَسد قال يوم جَبَلة: و استقبله بَعِيرٌ أَعْور فَتَطيّر، فقال: يا بَنِيّ أَعْوَرَ و ذا نابٍ، فاستعمل الأَعْورَ للبعير، و وجه نصبه أَنه لم يرد أَن يسترشدهم ليخبروه عن عَورِه و صحَّته، و لكنه نبّههم كأَنه قال: أَ تستقبلون أَعْوَرَ و ذا ناب؟ فالاستقبالُ في حال تنبيهه إِيّاهم كان واقعاً كما كان التلَوُّن و التنقل عندك ثابتين في الحال الأَول، و أَراد أَن يثبت الأَعْوَرَ ليَحْذَرُوه، فأَما قول سيبويه في تمثيل النصب أَ تَعَوَّرون فليس من كلام العرب، إِنما أَراد أَن يُرِينَا البدل من اللفظ به بالفعل فصاغ فعلًا ليس من كلام العرب؛ و نظير ذلك قوله في الأَعْيار
__________________________________________________
 (2). قوله: [الأَعور الشني‏] ذكر في القاموس بدله الراعي.

613
لسان العرب4

عور ص 612

من قول الشاعر:
أَ في السِّلْم أَعْياراً جَفاءً و غِلْظةً،             و في الحَرْب أَشباهَ النِّساء العَوارِك؟

أَ تَعَيَّرون، و كل ذلك إِنما هو ليصوغ الفعل مما لا يجري على الفعْل أَو مما يقلّ جريه عليه. و الأَعْوَرُ: الغراب، على التشاؤم به، لأَن الأَعْورَ عندهم مشؤوم، و قيل: لخلاف حاله لأَنهم يقولون أَبْصَرُ من غراب، قالوا: و إِنما سمي الغراب أَعْوَر لحدّة بصره، كما يقال للأَعمى أَبو بَصِير و للحبَشِيّ أَبو البَيْضاء، و يقال للأَعمى بَصِير و للأَعْوَر الأَحْوَل. قال الأَزهري: رأَيت في البادية امرأَة عَوْراء يقال لها حَوْلاء؛ قال: و العرب تقول للأَحْوَل العين أَعْوَر، و للمرأَة الحَوْلاء هي عَوْراء، و يسمى الغراب عُوَيْراً على ترخيم التصغير؛ قال: سمي الغراب أَعْوَرَ و يُصاح به فيقال عُوَيْر عُوَيْر؛ و أَنشد:
و صِحَاحُ العُيونِ يُدْعَوْن عُورا

و قوله أَنشده ثعلب:
و مَنْهل أَعْوَر إِحْدى العَيْنَيْن،             بَصِير أُخرى و أَصَمّ الأُذُنَيْن‏

فسره فقال: معنى أَعْوَر إِحدى العينين أَي فيه بئران فذهبت واحدة فذلك معنى قوله أَعْوَر إِحدى العينين، و بقيت واحدة فذلك معنى قوله‏
 بَصِير أُخرى ...

، و قوله‏
 ... أَصَمّ الأُذنين‏

أَي ليس يُسْمَع فيه صَدًى. قال شمر: عَوَّرْت عُيونَ المياه إِذا دَفَنْتها و سدَدْتها، و عَوَّرْت الركيّة إِذا كَبَسْتها بالتراب حتى تنسدّ عيونها. و فلاة عَوْراء: لا ماء بها. و عَوَّرَ عين الركية: أَفسدها حتى نَضَبَ الماءُ. و
في حديث عُمَر و ذكَرَ إمرأَ القيس فقال: افْتَقَر عن معانٍ عُورٍ.
؛ العُورُ جمع أَعْوَر و عَوْراء و أَراد به المعاني الغامضة الدقيقة، و هو من عَوَّرْت الركيّة و أَعَرْتُها و عُرْتُها إِذا طَمَمْتها و سددت أَعينها التي ينبَع منها الماء. و
في حديث عليٍّ: أَمرَه أَن يُعَوِّرَ آبارَ بَدْرٍ.
أَي يَدْفِنها و يَطُمّها؛ و قد عارَت الركيةُ تَعُور. و قال ابن الأَعرابي: العُوَارُ البئر التي لا يستقى منها. قال: و عَوَّرْت الرجل إِذا اسْتَسْقاك فلم تَسْقِه. قال الجوهري: و يقال للمستجيز الذي يطلب الماء إِذا لم تسقه: قد عَوَّرْت شُرْبَه؛ قال الفرزدق:
متى ما تَرِدْ يَوْماً سَفارِ، تَجِدْ به             أُدَيْهم، يَرْمي المُسْتَجِيز المُعَوَّرا

سفارِ: اسم ماء. و المستجيز: الذي يطلب الماء. و يقال: عَوَّرْته عن الماء تَعْوِيراً أَي حَلَّأْته. و قال أَبو عبيدة: التَّعْوِيرُ الردّ. عَوَّرْته عن حاجته: رددته عنها. و طريق أَعْوَرُ: لا عَلَم فيه كأَنّ ذلك العَلَم عَيْنُه، و هو مثل. و العائرُ: كل ما أَعَلَّ العينَ فعقَر، سمي بذلك لأَن العين تُغْمَضُ له و لا يتمكن صاحبها من النظر لأَن العين كأَنها تَعُور. و ما رأَيت عائرَ عَيْنٍ أَي أَحداً يَطْرِف العين فيَعُورها. و عائرُ العين: ما يملؤُها من المال حتى يكاد يَعُورُها. و عليه من المال عائرةُ عَيْنَيْن و عَيِّرَةُ عينين؛ كلاهما عن اللحياني، أَي ما يكاد من كثرته يَفْقأُ عينيه، و قال مرة: يريد الكثرة كأَنه يملأُ بصره. قال أَبو عبيد: يقال للرجل إِذا كثر مالُه: تَرِدُ على فلان عائرةُ عين و عائرةُ عينين أَي ترد عليه إِبلٌ كثيرة كأَنها من كثرتها تملأُ العينين حتى تكاد تَعُورهما أَي تَفْقَؤُهما. و قال أَبو العباس: معناه أَنه من كثرتها تَعِيرُ فيها العين؛ قال الأَصمعي: أَصل ذلك أَن الرجل من العرب في الجاهلية كان إِذا بلغ‏

614
لسان العرب4

عور ص 612

إِبلُه أَلفاً عارَ عَينَ بَعِير منها، فأَرادوا بعَائرة العين أَلفاً من الإِبل تَعُورُ عينُ واحد منها. قال الجوهري: و عنده من المال عائرةُ عينٍ أَي يَحارُ فيه البصر من كثرته كأَنه يملأُ العين فيَعُورُها. و العائرُ كالظَّعْنِ أَو القذَى في العين: اسم كالكاهِل و الغارِب، و قيل: العائرُ الرَّمَد، و قيل: العائرُ بَثْرٌ يكون في جَفْن العين الأَسفل، و هو اسم لا مصدر بمنزلة النالِج و الناعِر و الباطِل، و ليس اسم فاعل و لا جارياً على معتل، و هو كما تراه معتل. و قال الليث: العائرُ غَمَصة تمَضُّ العين كأَنما وقع فيها قَذًى، و هو العُوّار. قال: و عين عائرةٌ ذات عُوّار؛ قال: و لا يقال في هذا المعنى عارَت، إِنما يقال عارَت إِذا عَوِرَت، و العُوّار، بالتشديد، كالعائر، و الجمع عَواوِير: القذى في العين؛ يقال: بعينه عُوّار أَي قذى؛ فأَما قوله:
و كَحَّلَ العَيْنَيْنِ بالعَواوِر
فإِنما حذف الياء للضرورة و لذلك لم يهمز لأَن الياء في نية الثبات، فكما كان لا يهمزها و الياء ثابتة كذلك لم يهمزها و الياء في نية الثبات. و روى الأَزهري عن اليزيدي: بعَيْنِه ساهِكٌ و عائرٌ، و هما من الرمد. و العُوّار: الرمد. و العُوّار: الرمص الذي في الحدقة. و العُوّارُ: اللحم الذي ينزع من العين بعد ما يُذَرّ عليه الذّرور، و هو من ذلك. و العَوْراء: الكلمة القبيحة أَو الفَعْلة القَبيحة، و هو من هذا لأَن الكلمة أَو الفعلة كأَنها تَعُور العين فيمنعها ذلك من الطُّمْوحِ و حِدّةِ النظر، ثم حَوّلوها إِلى الكلمة و الفعلةِ على المَثَل، و إِنما يريدون في الحقيقة صاحبها؛ قال ابن عنقاء الفزاري يمدح ابن عمه عُمَيْلة و كان عميلة هذا قد جبره من فقر:
إِذا قِيلَت العَوْراءُ أَغْضَى، كأَنه             ذليلٌ بلا ذُلٍّ، و لو شاء لانْتَصَرْ

و قال آخر:
حُمِّلْت منه على عَوْراءَ طائِشةٍ،             لم أَسْهُ عنها و لم أَكْسِرْ لها فَزَعا

قال أَبو الهيثم: يقال للكلمة القبيحة عَوْراء، و للكلمة الحسْناء: عَيْناء؛ و أَنشد قول الشاعر:
و عَوْراء جاءت من أَخٍ، فرَدَدْتُها             بِسالمةِ العَيْنَيْنِ، طالبةً عُذْرا

أَي بكلمة حسَنَة لم تكن عَوْراء. و قال الليث: العَوْراء الكلمة التي تَهْوِي في غير عقل و لا رُشْد. قال الجوهري: الكلمة العَوْراء القبيحة، و هي السَّقْطة؛ قال حاتم طي‏ء:
و أَغْفِرُ عَوْراءَ الكريم ادِّخارَه،             و أُعْرِضُ عن شَتْمِ اللَّئِيم تَكَرُّما

أَي لادخاره. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: يَتَوَضَّأُ أَحدكم من الطَّعام الطيّبِ و لا يَتَوَضَّأُ من العَوْراء يقولُها.
أَي الكلمة القبيحة الزائغة عن الرُّشد. و عُورانُ الكلامِ: ما تَنْفِيه الأُذُن، و هو منه، الواحدة عَوْراء؛ عن أَبي زيد، و أَنشد:
و عَوْراء قد قِيلَتْ، فلم أَسْتَمِعْ لها،             و ما الكَلِمُ العُورانُ لي بِقَتُولِ‏

وَصَفَ الكَلِمَ بالعُورانِ لأَنه جمع و أَخبر عنه بالقَتُول، و هو واحد لأَن الكلم يذكر و يؤنث، و كذلك كل جمع لا يُفارِق واحده إِلا بالهاء و لك فيه كل ذلك. و العَوَرُ: شَيْنٌ و قُبْحٌ. و الأَعْوَرُ: الردي‏ء من كل شي‏ء.
في الحديث: لمّا اعترض أَبو لَهَبٍ على النبي، صلى الله عليه و سلم، عند إِظهار

615
لسان العرب4

عور ص 612

الدَّعْوة قال له أَبو طالب: يا أَعْوَرُ، ما أَنتَ و هذا؟.
لم يكن أَبو لهب أَعْوَرَ و لكن العرب تقول للذي ليس له أَخٌ من أُمّه و أَبيه أَعْوَر، و قيل: إِنهم يقولون للردي‏ء من كل شي‏ء من الأُمور و الأَخلاق أَعْوَر، و للمؤنث منه عَوْراء. و الأَعْوَرُ: الضعيف الجبان البَلِيد الذي لا يَدُلّ و لا يَنْدَلّ و لا خير فيه؛ عن ابن الأَعرابي، و أَنشد للراعي:
إِذا هابَ جُثْمانَه الأَعْوَرُ
يعني بالجُثْمان سوادَ الليل و مُنْتَصَفه، و قيل: هو الدليل السيِ‏ء الدلالة. و العُوّار أَيضاً: الضعيف الجبان السريع الفرار كالأَعْور، و جمعه عواوير؛ قال الأَعشى:
غير مِيلٍ و لا عَواوِير في الهيجا،             و لا عُزّلٍ و لا أَكْفالِ‏

قال سيبويه: لم يُكْتَفَ فيه بالواو و النون لأَنهم قلما يصفون به المؤنث فصار كمِفْعال و مِفْعِيل و لم يَصِرْ كفَعّال، و أَجْرَوْه مُجْرَى الصفة فجمعوه بالواو و النون كما فعلوا ذلك في حَسَّانٍ و كَرّام. و العُوّار أَيضاً: الذين حاجاتهم في أَدْبارِهم؛ عن كراع. قال الجوهري: جمع العُوّار الجبان العَواوِيرُ، قال: و إِن شئت لم تُعَوِّضْ في الشعر فقلت العواور؛ و أَنشد عجز بيت للبيد يخاطب عمّه و يُعاتِبه:
و في كلِّ يوم ذي حِفاظٍ بَلَوْتَنِي،             فقُمْتُ مَقاماً لم تَقُمْه العَواوِرُ

و قال أَبو علي النحوي: إِنما صحت فيه الواو مع قربها من الطرف لأَن الياء المحذوفة للضرورة مرادة فهي في حكم ما في اللفظ، فلما بعدت في الحكم من الطَّرف لم تقلب همزة. و من أَمثال العرب السائرة: أَعْوَرُ عَيْنَك و الحَجَر. و الإِعْوَار: الرِّيبةُ. و رجل مُعْوِرٌ: قبيح السريرة. و مكان مُعْوِر: مخوف. و هذا مكان مُعْوِر أَي يُخاف فيه القطع. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: قال مسعود بن هُنَيْدة: رأَيته و قد طلَع في طريقٍ مُعْوِرة.
أَي ذات عَوْرة يُخاف فيها الضلال و الانقطاع. و كلّ عَيْبٍ و خلل في شي‏ء، فهو عَوْرة و شي‏ء مُعْوِر و عَوِرٌ: لا حافظ له. و العَوَارُ و العُوار، بفتح العين و ضمها: خرق أَو شق في الثوب، و قيل: هو عيب فيه فلم يعين ذلك؛ قال ذو الرمة:
 تُبَيِّنُ نِسْبةَ المُزَنِيِّ لُؤْماً،             كما بَيَّنْتَ في الأُدُم العُوارا

و
في حديث الزكاة: لا تؤخذ في الصدقة هَرِمةٌ و لا ذاتُ عَوار.
؛ قال ابن الأَثير: العَوارُ، بالفتح، العيب، و قد يضم. و العَوْرةُ: الخَلَلُ في الثَّغْر و غيره، و قد يوصف به منكوراً فيكون للواحد و الجمع بلفظ واحد. و في التنزيل العزيز: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ
؛ فأَفرد الوصف و الموصوفُ جمع، و أَجمع القُرّاء على تسكين الواو من عَوْرة، و لكن في شواذ القراءات عَوِرة على فَعِلة، و إِنما أَرادوا: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ
 أَي مُمْكِنة للسرَّاق لخلُوِّها من الرجال فأَكْذَبَهم الله عز و جل فقال: وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ
 و لكن يُرِيدون الفِرار؛ و قيل معناه: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ
 أَي مُعْوِرة أَي بيوتنا مما يلي العَدُوَّ و نحن نُسْرَق منها فأَعْلَم اللهُ أَنَّ قصدَهم الهربُ. قال: و من قرأَها عَوِرة فمعناها ذات عَوْرة. إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً؛ المعنى: ما يريدون تحرُّزاً مِن سَرَقٍ و لكن يريدون الفِرارَ عن نُصْرة النبي، صلى الله عليه و سلم، و قد قيل: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَة

616
لسان العرب4

عور ص 612

أَي ليست بِحَرِيزة، و من قرأَ عَوِرة ذَكَّر و أَنَّث، و من قرأَ عَوْرَةٌ قال في التذكير و التأْنيث و الجمع عَوْرة كالمصدر. قال الأَزهري: العَوْرة في الثُّغُور و في الحُروبِ خَلَلٌ يُتَخَوَّف منه القتل. و قال الجوهري: العَوْرة كل خَلَل يُتَخَوَّف منه من ثَغْرٍ أَو حَرْب. و العَوْرة: كل مَكْمَنٍ للسَّتْر. و عَوْرةُ الرجل و المرأَة: سوْأَتُهما، و الجمع عَوْرات، بالتسكين، و النساء عَوْرة؛ قال الجوهري: إِنما يحرك الثاني من فَعْلة في جمع الأَسماء إِذا لم يكن باءً أَو واواً، و قرأَ بعضهم: عَوَرات النساء، بالتحريك. و العَوْرةُ: الساعة التي هي قَمِنٌ من ظهور العَوْرة فيها، و هي ثلاث ساعات: ساعة قبل صلاة الفجر، و ساعة عند نصف النهار، و ساعة بعد العشاء الآخرة. و في التنزيل: ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ‏
؛ أَمر الله تعالى الوِلْدانَ و الخَدَمَ أَن لا يدخلوا في هذه الساعات إِلا بتسليم منهم و استئذان. و كلُّ أَمر يستحيا منه: عَوْرة. و
في الحديث: يا رسول الله، عَوْراتُنا ما نأْتي منها و ما نَذَرُ؟.
العَوْرات: جمع عَوْرة، و هي كل ما يستحيا منه إِذا ظهر، و هي من الرجل ما بين السرة و الركبة، و من المرأَة الحرة جميعُ جسدها إِلا الوجه و اليدين إِلى الكوعين، و في أَخْمَصِها خلاف، و من الأَمَة مثلُ الرجل، و ما يبدو منها في حال الخدمة كالرأْس و الرقبة و الساعد فليس بِعَوْرة. و سترُ العَوْرة في الصلاة و غيرِ الصلاة واجبٌ، و فيه عند الخلوة خلاف. و
في الحديث: المرأَة عَوْرة.
؛ جعلها نفسَها عَوْرة لأَنها إِذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العَوْرة إِذا ظهرت. و المُعْوِرُ: المُمْكِن البيِّن الواضح. و أَعْوَرَ لك الصيد أَي أَمْكَنك. و أَعْوَرَ الشي‏ءُ: ظهر و أَمكن؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد لكُثَيّر:
كذاك أَذُودُ النَّفْسَ، يا عَزَّ، عنكمُ،             و قد أَعْوَرَت أَسْرارُ مَن لا يَذُودُها

أَعْوَرَتْ: أَمكنت، أَي من لم يَذُد نفسَه عن هواها فحُشَ إِعْوارُها و فشَتْ أَسرارُها. و ما يُعْوِرُ له شي‏ء إِلا أَخذه أَي يظهر. و العرب تقول: أَعْوَرَ منزلُك إِذا بَدَتْ منه عَوْرةٌ، و أَعْوَرَ الفارِسُ إِذا كان فيه موضع خلل للضرب؛ و قال الشاعر يصف الأَسد:
له الشَّدّةُ الأُولى إِذا القِرْن أَعْورَا

و
في حديث علي، رضي الله عنه: لا تُجْهِزوا على جَريح و لا تُصِيبُوا مُعْوِراً.
؛ هو من أَعْوَر الفارسُ إِذا بدا فيه موضع خللٍ للضرب. و عارَه يَعُوره أَي أَخذه و ذهب به. و ما أَدْرِي أَيُّ الجرادِ عارَه أَي أَيّ الناس أَخذه؛ لا يستعمل إِلا في الجحد، و قيل معناه و ما أَدري أَيّ الناس ذهب به و لا مُسْتَقْبَل له. قال يعقوب: و قال بعضهم يَعُوره، و قال أَبو شبل: يَعِيره، و سيذكر في الياء أَيضاً. و حكى اللحياني: أَراك عُرْته و عِرْته أَي ذهبت به. قال ابن جني: كأَنهم إِنما لم يكادوا يستعملون مضارع هذا الفعل لمّا كان مثلًا جارياً في الأَمر المنقضي الفائت، و إِذا كان كذلك فلا وجه لذكر المضارع هاهنا لأَنه ليس بمُنْقَضٍ و لا ينطقون فيه بيفعل، و يقال: معنى عارَه أَي أَهلكه. ابن الأَعرابي: تَعَوّرَ الكتابُ إِذا دَرَسَ. و كتاب أَعْوَرُ: دارِسٌ. قال: و الأَعْور الدليل السي‏ء الدلالة لا يحسن أَن يَدُلّ و لا يَنْدَلّ، و أَنشد:
ما لَكَ، يا أَعْوَرُ، لا تَنْدَلّ،             و كيف يَنْدَلّ امْرؤٌ عِتْوَلّ؟

617
لسان العرب4

عور ص 612

و يقال: جاءه سهم عائرٌ فقَتَله، و هو الذي لا يُدْرَى مَن رماه؛ و أَنشد أَبو عبيد:
أَخْشَى على وَجْهِك يا أَمير،             عَوائِراً من جَنْدَل تَعِير

و
في الحديث: أَن رجلًا أَصابه سهم عائِرٌ فقَتَله.
؛ أَي لا يدري من رماه. و العائِرُ من السهام و الحجارةِ: الذي لا يدرى مَن رماه؛ و في ترجمة نسأَ: و أَنشد لمالك بن زغبة الباهلي:
إِذا انْتَسَأُوا فَوْتَ الرِّماح، أَتَتْهُمُ             عَوائِرُ نَبْلٍ، كالجَرادِ نُطِيرُها

قال ابن بري: عَوائِرُ نَبْلٍ أَي جماعة سهام متفرقة لا يدرى من أَين أَتت. و عاوَرَ المكاييل و عَوَّرَها: قدَّرَها، و سيذكر في الياء لغة في عايَرَها. و العُوّارُ: ضرب من الخَطاطِيف أَسود طويل الجناحين، و عَمَّ الجوهري فقال: العُوّار، بالضم و التشديد، الخُطّاف؛ و ينشد:
كما انْقَضَّ تَحْتَ الصِّيقِ عُوّارُ

الصِّيق: الغبار. و العُوّارَى: شجرة يؤخذ جِراؤُها فتُشْدَخ ثم تُيَبَّس ثم تُذَرَّى ثم تحمل في الأَوعية إِلى مكة فتباع و يتخذ منها مَخانِقُ. قال ابن سيدة: و العُوَّار شجرة تنبت نِبْتة الشَّرْية و لا تشِبُّ، و هي خضراء، و لا تنبت إِلا في أَجواف الشجر الكبار. و رِجْلة العَوْراء: بالعراق بِمَيْسان. و العارِيّة و العارةُ: ما تداوَلُوه بينهم؛ و قد أَعارَه الشي‏ءَ و أَعارَه منه و عاوَرَه إِيَّاه. و المُعاوَرة و التَّعاوُر: شبه المُدَاوَلة و التّداوُل في الشي‏ء يكون بين اثنين؛ و منه قول ذي الرمة:
و سَقْطٍ كعَيْنِ الدِّيك عاوَرْتُ صاحبي             أَباها، و هَيَّأْنا لِمَوْقِعها وكْرا

يعني الزند و ما يسقط من نارها؛ و أَنشد ابن المظفر:
إِذا رَدَّ المُعاوِرُ ما استْعَارا

و
في حديث صفوان بن أُمية: عارِيّة مضمونة.
؛ مُؤدّاة العارِيّة يجب ردُّها إِجماعاً مهما كانت عينُها باقية، فإِن تَلِفَت وجبَ ضمانُ قيمتها عند الشافعي، و لا ضمان فيها عند أَبي حنيفة. و تَعَوّرَ و اسْتَعار: طلب العارِيّة. و اسْتَعارَه الشي‏ءَ و اسْتَعارَه منه: طلب منه أَن يُعِيرَه إِيّاه؛ هذه عن اللحياني: و
في حديث ابن عباس و قصة العجل: من حُلِيٍّ تَعَوَّرَه بنو إِسرائيل.
أَي اسْتَعارُوه. يقال: تعوَّر و اسْتَعار نحو تعجّب و اسْتَعْجَب. و حكى اللحياني: أَرى ذا الدهرَ يَسْتَعِيرُني ثيابي، قال: يقوله الرجل إِذا كَبِر و خَشِيَ الموت. و اعْتَوَروا الشي‏ءَ و تَعوَّرُوه و تَعاوَرُوه: تداوَلُوه فيما بينهم؛ قال أَبو كبير:
و إِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلى،             نَذَرُ البِكَارَة في الجَزاءِ المُضْعَفِ‏

قال الجوهري: إِنما ظهرت الواو في اعْتَوَرُوا لأَنه في معنى تَعاوَرُوا فبُنِيَ عليه كما ذكرنا في تجاوَرُوا. و
في الحديث: يَتَعَاوَرُون على مِنْبَرِي.
أَي يختلفون و يتناوبون كلّما مضى واحد خَلَفَه آخَرُ. يقال: تَعاوَرَ القومُ فلاناً إِذا تَعاوَنْوا عليه بالضرب واحداً بعد واحد. قال الأَزهري: و أَما العارِيّة و الإِعارةُ و الاسْتِعارة فإِن قول العرب فيها: هم يَتَعاوَرُون العَوَارِيَّ و يَتَعَوَّرُونها، بالواو، كأَنهم أَرادوا تفرقة بين ما يتردّد من ذات نفسه و بين ما يُرَدَّد.

618
لسان العرب4

عور ص 612

قال: و العارِيّة منسوبة إِلى العارَة، و هو اسم من الإِعارة. تقول: أَعَرْتُه الشي‏ء أُعِيره إِعارة و عَارةً، كما قالوا: أَطَعْتُه إِطاعة و طاعة و أَجَبْتُه إِجابة و جابة؛ قال: و هذا كثير في ذوات الثلاثة، منها العارة و الدَّارة و الطاقة و ما أَشبهها. و يقال: اسْتَعَرْت منه عارِيّةً فأَعارَنِيها؛ قال الجوهري: العارِيّة، بالتشديد، كأَنها منسوبة إِلى العارِ لأَن طلَبَها عارٌ و عيْبٌ؛ و ينشد:
إِنما أَنْفُسُنا عاريّة،             و العَواريّ قصارٌ أَن تُرَدّ

العارةُ: مثل العارِيّة؛ قال ابن مقبل:
فأَخْلِفْ و أَتْلِفْ، إِنما المالُ عارةٌ،             و كُلْه مع الدَّهْرِ الذي هو آكِلُهْ‏

و استعارَه ثوباً فأَعَارَه أَباه، و منه قولهم: كِيرٌ مُسْتعار؛ و قال بشر بن أَبي خازم:
كأَن حَفِيفَ مَنْخِره، إِذا ما             كَتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ

قيل: في قوله مستعار قولان: أَحدهما أَنه اسْتُعِير فأُشْرِع العملُ به مبادرة لارتجاع صاحبه إِيَّاه، و الثاني أَن تجعله من التَّعاوُرِ. يقال: اسْتَعَرْنا الشي‏ء و اعْتَوَرْناه و تَعاوَرْنَاه بمعنى واحد، و قيل: مُسْتَعار بمعنى مُتعاوَر أَي مُتداوَل. و يقال: تَعاوَرَ القومُ فلاناً و اعْتَوَرُوه ضَرْباً إِذا تعاونوا عليه فكلما أَمْسَكَ واحد ضربَ واحدٌ، و التعاوُر عامٌّ في كل شي‏ء. و تَعاوَرت الرياحُ رَسْمَ الدار حتى عَفَّتْه أَي تَواظَبت عليه؛ قال ذلك الليث؛ قال الأَزهري: و هذا غلط، و معنى تعاوَرت الرياحُ رَسْمَ الدار أَي تَداوَلَتْه، فمرَّةً تهب جَنوباً و مرة شَمالًا و مرَّة قَبُولًا و مرة دَبُوراً؛ و منه قول الأَعشى:
دِمْنة قَفْزة، تاوَرها الصَّيْفُ             برِيحَيْنِ من صَباً و شَمالِ‏

قال أَبو زيد: تعاوَرْنا العَوارِيَّ تعاوُراً إِذا أَعارَ بعضُكم بعضاً، و تَعَوَّرْنا تَعوُّراً إِذا كنت أَنت المُسْتَعِيرَ، و تَعاوَرْنا فلاناً ضَرْباً إِذا ضربته مرة ثم صاحبُك ثم الآخرُ. و قال ابن الأَعرابي: التَّعاوُرُ و الاعْتِوَارُ أَن يكون هذا مكان هذا، و هذا مكان هذا. يقال: اعْتَوَراه و ابْتدّاه هذا مرة و هذا مرة، و لا يقال ابْتَدّ زيد عمراً و لا اعْتَوَرَ زيدٌ عمراً. أَبو زيد: عَوَّرْت عن فلان ما قيل له تَعْوِيراً و عَوَّيْت عنه تَعْوِيةً أَي كذّبت عنه ما قيل له تكذيباً و رَدَدْت. و عَوّرْته عن الأَمر: صرَفته عنه. و الأَعْوَرُ: الذي قد عُوِّرَ و لم تُقْضَ حاجتُه و لم يُصِبْ ما طلب و ليس من عَوَر العين؛ و أَنشد للعجاج:
 و عَوَّرَ الرحمنُ مَن وَلّى العَوَرْ

و يقال: معناه أَفسد من وَلَّاه و جعله وَليَّاً للعَوَر، و هو قبح الأَمر و فسادُه. تقول: عَوَّرْت عليه أَمَره تَعْوِيراً أَي قَبَّحْته عليه. و العَوَرُ: تَرْكُ الحقّ. و يقال: عَاوَرَه الشي‏ءَ أَي فعلَ به مثلَ ما فعل صاحبُه به. و عوراتُ الجبال: شقوقها؛ و قول الشاعر:
تَجاوَبَ بُومُها في عَوْرَتَيْها،             إِذا الحِرْباء أَوْفى للتَّناجي «3».

__________________________________________________
 (3). قوله: [تجاوب بومها إلخ‏] في شرح القاموس ما نصه: هكذا أَنشده الجوهري في الصحاح. و قال الصاغاني: و الصواب‏
... غورتيها

، بالغين معجمة، و هما جانباها. و في البيت تحريف و الرواية:
 ... أَوفى للبراح‏

، و القصيدة حائية، و البيت لبشر بن أَبي خازم.

619
لسان العرب4

عور ص 612

قال ابن الأَعرابي: أَراد عَوْرَتي الشمس و هما مشرقها و مغربها. و إِنها لَعَوْراء القُرِّ: يَعْنون سَنَة أَو غداة أَو ليلة؛ حكي ذلك عن ثعلب. و عَوائرُ من الجراد: جماعات متفرقة. و العَوارُ: العَيْب؛ يقال: سِلْعَة ذات عَوارٍ، بفتح العين و قد تضم. و عُوَيْرٌ و العُوَيْرُ: اسم رجل؛ قال إمرؤ القيس:
عُوَيْرٌ، و مَن مِثْلُ العُوَيْرِ و رَهْطِه؟             و أَسْعَدُ في لَيلِ البَلابِل صَفْوانُ‏

و عُوَيرْ: اسم موضع. و العُوَيْر: موضع على قبْلة الأَعْوريَّة، هي قرية بني محجنٍ المالكيّين؛ قال القطامي:
حتى وَرَدْنَ رَكيّات العُوَيْرِ، و قد             كادَ المُلاءُ مِنَ الكتّان يَشْتَعِلُ‏

و ابنا عُوارٍ: جبلان؛ قال الراعي:
بل ما تَذَكَّرُ مِن هِنْدٍ إِذا احْتَجَبَتْ،             يا ابْنَيْ عُوَارٍ، و أَمْسى دُونها بُلَعُ «1».

و قال أَبو عبيدة: ابنا عُوارٍ نَقَوَا رمْلٍ. و تِعار: جبل بنجد؛ قال كثير:
  و ما هبت الأَرْواحُ تَجْري، و ما ثَوى             مُقِيماً بِنَجْدٍ عَوْفُها و تِعارُها

قال ابن سيدة: و هذه الكلمة يحتمل أَن تكون في الثلاثي الصحيح و الثلاثي المعتل.
عير:
العَيْر: الحمار، أَيّاً كان أَهليّاً أَو وَحْشِيّاً، و قد غلب على الوَحْشِيّ، و الأُنثى عَيْرة. قال أَبو عبيد: و من أَمثالهم في الرضا بالحاضر و نِسْيان الغائب قولهم: إِن ذَهَب العَيْرُ فعَيْرٌ في الرِّباط؛ قال: و لأَهل الشام في هذا مثل: عَيْرٌ بِعَيْرٍ و زيادةُ عشرة. و كان خلفاء بني أُميّة كلما مات واحد منهم زاد الذي يخلُفه في عطائهم عشرة فكانوا يقولون هذا عند ذلك. و من أَمثالهم: فلان أَذَلُّ من العَيْرِ، فبعضهم يجعله الحمار الأَهلي، و بعضهم يجعله الوتد؛ و قول شمر:
لو كُنْتَ عَيْراً كُنْتَ عَيْرَ مَذَلَّة،             أَو كُنْتَ عَظْماً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيح‏

أَراد بالعَيْر الحمارَ، و بِكْسرِ القبيح طرف عظم المِرْفق الذي لا لحم عليه؛ قال: و منه قولهم فلان أَذلُّ من العَيْر. و جمع العَيْر أَعْيارٌ و عِيارٌ و عُيورٌ و عُيُورة و عِيَارات، و مَعْيوراء اسم للجمع. قال الأَزهري: المَعْيُورا الحَمِير، مقصور، و قد يقال المَعْيوراء ممدودة، مثل المَعْلوجاء و المَشْيُوخاء و المَأْتوناء، يمد ذلك كله و يقصر. و
في الحديث: إِذا أَرادَ اللهُ بِعْبَدٍ شَرّاً أَمْسَك عليه بذُنوبِه حتى يُوافيه يوم القيامة كأَنه عَيْر.
؛ العَيْر: الحمار الوحشي، و قيل: أَراد الجبَل الذي بالمدينة اسمه عَيْر، شبَّه عِظَم ذنوبه به. و
في حديث عليّ: لأَنْ أَمْسَح على ظَهْر عَيْر بالفلاة.
أَي حمارِ وحْشٍ؛ فأَما قول الشاعر:
أَ في السِّلْم أَعْياراً جَفاءً و غلْظةً،             و في الحَرْب أَشباهَ النّساء العَوارك؟

فإِنه لم يجعلهم أَعْياراً على الحقيقة لأَنه إِنما يخاطب قوماً، و القوم لا يكونون أَعياراً و إِنما شبّههم بها في الجفاء و الغلظة، و نصبه على معنى أَ تَلَوّنون و تَنَقّلون مرة كذا و مرة كذا؟ و أَما قول سيبويه: لو مَثَّلْت‏
__________________________________________________
 (1). قوله: [بل ما تذكر إلخ‏] هكذا في الأَصل و الذي في ياقوت:
ما ذا تذكر من هند إِذا احتجبت             يا بني عوار و أدنى دارها بلع.

620
لسان العرب4

عير ص 620

الأَعْيار في البدل من اللفظ بالفعل لقلت: أَ تَعَيَّرون إِذا أَوضحت معناه، فليس من كلام العرب، إِنما أَراد أَن يصوغُ فعلًا أَي بناءَ كَيْفِيَّة البدل من اللفظ بالفعل، و قوله لأَنك إِنما تُجْرِيه مُجْرى ما له فعل من لفظه، يُدلّك على أَن قوله تَعَيّرون ليس من كلام العرب. و العَيرُ العظم الناتئ وسط الكف «2». و الجمع أَعْيارٌ. و كَتِفٌ مُعَيَّرة و مُعْيَرة على الأَصل: ذات عَيْر. و عَيْر النصل: الناتئ في وسطه؛ قال الراعي:
فصادَفَ سَهْمُه أَحْجارَ قُفٍّ،             كَسَرْن العَيْرَ منه و الغِرارا

و قيل: عَيْرُ النَّصل وسطه. و قال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو: نصل مُعْيَر فيه عَيْر. و العَيْر من أُذن الإِنسان و الفرسِ ما تحت الفَرْع من باطنه كعَيْر السهم، و قيل: العَيْرانِ مَتْنا أُذُنَي الفرس. و
في حديث أَبي هريرة: إِذا تَوضَّأْتَ فأَمِرَّ على عِيَار الأُذُنين الماء.
؛ العِيارُ جمع عَيْرٍ، و هو الناتئ المرتفع من الأَذن. و كل عظم ناتئ من البدن: عَيْرٌ. و عَير القدم: الناتئ في ظهرها. و عَيرُ الوَرقة: الخط الناتئ في وسطها كأَنه جُدَيِّر. و عَيرُ الصخرة: حرفٌ ناتئ فيها خلقة، و قيل: كل ناتئ في وسط مستو عَيرٌ. و عَيْرُ الأُذن: الوتد الذي في باطنها. و العَيْر: ماقي‏ء العين؛ عن ثعلب، و قيل: العَيْر إِنسانُ العين، و قيل لَحْظُها؛ قال تأَبَّطَ شَرّاً:
و نارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْد وَهْنٍ،             بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقاما
سوى تَحْلِيل راحِلة و عَيْرٍ،             أُكالِئُه مَخافةَ أَن يَناما

و في المثل: جاءَ قَبْلَ عَيْرٍ و ما جَرَى أَي قبل لحظة العين. قال أَبو طالب: العَيْر المِثال الذي في الحدقة يسمى اللُّعْبة؛ قال: و الذي جرى الطَّرْفُ، و جَرْيُه حركته؛ و المعنى: قبل أَن يَطْرِف الإِنسانُ، و قيل: عَيْرُ العين جَفْنُها. قال الجوهري: يقال فعلت قبل عيْرٍ و ما جرى. قال أَبو عبيدة: و لا يقال أَفعل؛ و قول الشماخ:
أَ عَدْوَ القِبِصَّى قبل عَيْرٍ و ما جَرى،             و لم تَدْرِ ما خُبْرِي، و لم أَدْرِ ما لَها؟

فسره ثعلب فقال: معناه قبل أَن أَنظر إِليك، و لا يُتَكلّم بشي‏ء من ذلك في النفي. و القِبِصَّى و القِمِصَّى: ضَرْبٌ من العَدْو فيه نَزْوٌ. و قال اللحياني: العَيْرُ هنا الحمار الوحشي، و من قال: قبل عائرٍ و ما جرى، عنى السهم. و العَير: الوَتد. و العَيْر: الجَبلُ، و قد غلب على جبل بالمدينة. و الَعيْر: السيّد و المَلِك. و عَيْرُ القوم: سيّدُهم؛ و قوله:
زعَمُوا أَنّ كلَّ مَن ضَرَبَ العَيْر             مَوالٍ لنا، و أَنَّى الوَلاءُ؟ «3».

قيل: معناه كلُّ مَن ضرب بِجفنٍ على عَيْرٍ، و قيل: يعني الوتد، أَي من ضرب وتِداً من أَهل العَمَد، و قيل: يعني إِياداً لأَنهم أَصحاب حَمِير، و قيل: يعني جبلًا، و منهم من خص فقال: جبلًا بالحجاز، و أَدخل عليه اللام كأَنه جعله من أَجْبُلٍ كلُّ واحد منها عَيْر، و جعل اللام زائدة على قوله:
__________________________________________________
 (2). قوله: [وسط الكف‏] كذا في الأَصل، و لعله الكتف. و قوله: معيرة و معيرة على الأَصل، هما بهذا الضبط في الأَصل و انظره مع قوله على الأَصل فلعل الأَخيرة و معيرة بفتح الميم و كسر العين.
 (3). في معلقة الحرث بن حلِّزة:
[مُوال لنا و أَنّا الوَلاء]

و لا يمكن إِصلاح هذا البيت على ما هو عليه في المعلقة لأَن له في صفحة 624 شرحاً يناسب روايته هنا لاحقاً.

621
لسان العرب4

عير ص 620

و لقد نَهَيْتُك عن بناتِ الأَوْبَرِ
إِنما أَراد بنات أَوبر فقال: كل من ضربه أَي ضرب فيه وتداً أَو نزله، و قيل: يعني المُنْذِر بن ماء السماء لِسيادتهِ، و يروى الوِلاء، بالكسر، حكى الأَزهري عن أَبي عمرو بن العلاء، قال: مات مَنْ كان يحسن تفسير بيت الحرث بن حلزة: زعموا أَن كلَّ مَنْ ضَرَب العَيْر «1». قال أَبو عمر: العَيْر هو الناتئ في بُؤْبُؤِ العين، و معناه أَن كل من انْتَبَه من نَوْمِه حتى يدور عَيْرُه جَنى جناية فهو مَوْلًى لنا؛ يقولونه ظلماً و تجَنّياً؛ قال: و منه قولهم: أَتيتك قبل عَيْرٍ و ما جَرى أَي قبل أَن ينتبه نائم. و قال أَحمد بن يحيى في قوله: و ما جرى، أَرادوا و جَرْيه، أَرادوا المصدر. و يقال: ما أَدري أَيّ مَن ضرب العَيْر هو، أَي أَيّ الناس هو؛ حكاه يعقوب. و العَيْرانِ: المَتْنانِ يكتنفان جانبي الصُّلْب. و العَيْرُ: الطَّبْل. و عارَ الفرسُ و الكلبُ يَعِير عِياراً: ذهب كأَنه مُنْفَلت من صاحبه يتردد و من أَمثالهم: كَلْبٌ عائرٌ خيرٌ مِن كَلْبٍ رابِضٍ؛ فالعائرُ المتردد، و به سمي العَيْرُ لأَنه يَعِير فيتردّد في الفلاة. و عارَ الفرسُ إِذا ذهب على وجهه و تباعد عن صاحبه. و عارَ الرجلُ في القوم يضربُهم: مثل عاث. الأَزهري: فرسٌ عَيّارٌ إِذا عاثَ، و هو الذي يكون نافراً ذاهباً في الأَرض. و فرس عَيّار بأَوصالٍ أَي يَعِير هاهنا و هاهنا من نشاطه. و فرس عَيّار إِذا نَشِط فرَكِبَ جانباً ثم عدل إِلى جانب آخر من نشاطه؛ و أَنشد أَبو عبيد:
و لقد رأَيتُ فوارِساً مِن قَوْمِنا،             غَنَظُوك غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ

قال ابن الأَعرابي في مثل العرب: غَنَظُوه غَنْظَ جرادة العيّار؛ قال: العَيّار رجل، و جرادة فرس؛ قال: و غيره يخالفه و يزعم أَن جرادة العيّار جَرادةٌ وُضِعَت بين ضِرْسيه فأَفْلَتت، و قيل: أَراد بجرادة العَيَّار جرادة وضعها في فيه فأَفْلَتت من فيه، قال: و غَنَظَه و وكَظَه يَكِظُه وَكْظاً، و هي المُواكَظَة و المُواظبة، كل ذلك إِذا لازمه و غمَّه بشدة تَقاضٍ و خُصومة؛ و قال:
لو يُوزَنون عِياراً أَو مُكايَلةً،             مالُوا بسَلْمَى، و لم يَعْدِلهْمُ أَحَدُ

و قصيدة عائرة: سائرة، و الفعل كالفعل، د و الاسم العِيَارة. و
في الحديث: أَنه كان يمُرّ بالتمرة العائِرةِ فما يَمْنعُه من أَخذها إِلَّا مَخافةُ أَن تكون من الصدقة.
؛ العائرة: الساقطة لا يُعْرَف لها مالك، من عارَ الفرسُ إِذا انطلق من مرْبطه مارّاً على وجهه؛ و منه‏
الحديث: مَثلُ المُنافِق مَثَلُ الشاةِ العائرة بين غَنَمْينِ.
أَي المتردّدة بين قَطِيعين لا تَدْري أَيّهما تَتْبَع. و
في حديث ابن عمر في الكلب الذي دخل حائِطَه: إِنما هو عائرٌ.
؛ و
حديثه الآخر: أَنَّ فرساً له عارَ.
أَي أَفْلَت و ذهب على وجهه. و رجل عَيّار: كثير المجي‏ء و الذهاب في الأَرض، و ربما سمي الأَسد بذلك لتردده و مجيئه و ذهابه في طلب الصيد: قال أَوس بن حجر:
 لَيْثٌ عليه من البَرْدِيّ هِبْرِية،             كالمَزبَرانيّ، عَيَّارٌ بأَوْصالِ «2».

أَي يذهب بها و يجي‏ء؛ قال ابن بري: من رواه عيّار، بالراء، فمعناه أَنه يذهب بأَوْصال الرِّجال إِلى أَجَمَته،
__________________________________________________
 (1). البيت.
 (2). قوله: [كالمزبراني إلخ‏] قال الجوهري في مادة رزب ما نصه: و رواه المفضل كالمزبراني عيار بأوصال، ذهب إِلى زبرة الأَسد فقال له الأَصمعي: يا عجباه الشي‏ء يشبه بنفسه و إِنما هو المرزباني انتهى. و في القاموس و المرزبة كمرحلة رياسة الفرس و هو مرزبانهم بضم الزاي.

622
لسان العرب4

عير ص 620

و منه قولهم ما أَدري أَي الجراد عارَه، و يروى عَيَّال، و سنذكره في موضعه؛ و أَنشد الجوهري:
لَمّا رأَيتُ أَبَا عمرو رَزَمْتُ له             مِنِّي، كما رَزَمَ العَيَّارُ في الغُرُفِ‏

جمع غَرِيف و هو الغابة. قال: و حكى الفراء رجل عَيَّار إِذا كان كثير التَّطْواف و الحركة ذكِيّاً؛ و فرس عَيَّار و عيّال؛ و العَيْرانة من الإِبل: الناجية في نشاط، من ذلك، و قيل: شبّهت بالعَيْرِ في سرعتها و نشاطها، و ليس ذلك بقوي؛ و في قصيد كعب:
عَيْرانة قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ‏
هي الناقة الصلبة تَشْبيهاً بِعَيْر الوحش، و الأَلف و النون زائدتان. ابن الأَعرابي: العَيِّرُ الفرس النشيط. قال: و العرب تمدح بالعَيَّار و تَذُمّ به، يقال: غلام عَيّار نَشِيط في المعاصي، و غلام عَيّار نشيط في طاعة الله تعالى. قال الأَزهري: و العَيْر جمع عائِر و هو النشيط، و هو مدح و ذمٌّ. عاورَ البَعِيرُ عَيَراناً إِذا كان في شَوْل فتركها و انطلق نحوَ أُخْرَى يريد القَرْع،. و العائِرةُ التي تخرج من الإِبل إِلى أُخْرَى ليضربها الفحل. و عارَ في الأَرض يَعِير أَي ذهب، و عارَ الرجلُ في القوم يضربهم بالسيف عَيَراناً: ذهب و جاء؛ و لم يقيده الأَزهري بضرب و لا بسيف بل قال: عارَ الرجلُ يَعِير عَيَراناً، و هو تردّدُه في ذهابه و مجيئه؛ و منه قيل: كلْبٌ عائِرٌ و عَيّار، و هو من ذوات الياء، و أَعطاه من المال عائرةَ عينين أَي ما يذهب فيه البصر مرة هنا و مرة هنا، و قد تقدم في عور أَيضاً. و عيرانُ الجراد و عَوائِرهُ: أَوائلُ الذاهبة المفْترقة في قلة. و يقال: ما أَدري أَيّ الجراد عارَه أَي ذهب به و أَتْلَفه، لا آتَي له في قول الأَكثر، «1». و قيل: يَعِيره و يَعُوره؛ و قول مالك بن زغبة:
إِذا انتسأوا فَوْتَ الرِّماح، أَتَتْهُمُ             عوائرُ نَبْلٍ، كالجرادِ نُطِيرُها

عنى به الذاهبة المتفرقة؛ و أَصله في الجراد فاستعاره قال المؤرج: و من أَمثالهم؛ عَيْرٌ عارَه وَتِدُه؛ عارَه أَي أَهلكه كما يقال لا أَدري أَيّ الجراد عارَه. و عِرْت ثوبه: ذهبت به. و عَيَّر الدينارَ: وازَنَ به آخر. و عَيَّر الميزان و المكيال و عاوَرَهما و عايَرَهُما و عايَرَ بينهما مُعايَرَة و عِياراً: قدَّرَهما و نظر ما بينهما؛ ذكر ذلك أَبو الجراح في باب ما خالفت العامة فيه لغة العرب. و يقال: فلان يُعايرُ فلاناً و يُكايلُه أَي يُسامِيه و يُفاخِره. و قال أَبو زيد: يقال هما يتعايبانِ و يَتَعايَران، فالتعايُرُ التسابّ، و التَعايُب دون التَّعايُرِ إِذا عاب بعضهم بعضاً. و المِعْيار من المكاييل: ما عُيِّر. قال الليث: العِيَار ما عايَرْت به المكاييل، فالعِيَار صحيح تامٌّ وافٍ، تقول: عايَرْت به أَي سَوَّيْتُه، و هو العِيَار و المِعْيار. يقال: عايِرُوا ما بين مكاييلكم و مَوازِينكم، و هو فاعِلُوا من العِيَار، و لا تقل: عَيِّروا. و عَيَّرْتُ الدنانير: و هو أَن تُلْقِي ديناراً ديناراً فتُوازِنَ به ديناراً ديناراً، و كذلك عَيَّرْت تَعْييراً إِذا وَزَنْت واحداً واحداً، يقال هذا في الكيل و الوزن. قال الأَزهري: فرق الليث بين عايَرْت و عَيَّرْت، فجعل عايَرْت في المكيال و عَيَّرْت في الميزان؛ قال: و الصواب ما ذكرناه في عايَرْت و عَيَّرت فلا يكون عَيَّرْت إِلَّا من العار و التَّعْيِير؛ و أَنشد الباهلي قول الراجز:
و إِن أَعارَت حافراً مُعارا             وَأْباً، حَمَتْ نُسوُرَهُ الأَوْقارا

__________________________________________________
 (1). هكذا في الأَصل.

623
لسان العرب4

عير ص 620

و قال: و معنى أَعارَت رفعت و حوّلت، قال: و منه إِعارةُ الثياب و الأَدوات. و استعار فلانٌ سَهْماً من كِنانته: رفعه و حوَّله منها إِلى يده؛ و أَنشد قوله:
هتَّافة تَحْفِض مَن يُدِيرُها،             و في اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها،
شَهْباءُ تَروي الرِّيشَ مِن بَصِيرها

شهباء: مُعْبِلة، و الهاء في مُسْتَعِيرها لها. و البَصِيرة: طريقة الدّم. و العِيرُ، مؤنثة: القافلة، و قيل: العِيرُ الإِبل التي تحمل المِيرَة، لا واحد لها من لفظها. و في التنزيل: وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ
؛ و روى سلمة عن الفراء أَنه أَنشده قول ابن حلِّزة:
زعموا أَنَّ كلّ مَن ضَرَبَ العِير

بكسر العين. قال: و العِيرُ الإِبل، أَي كلُّ من رَكِب الإِبل مَوالِ لنا أَي العربُ كلهم موالٍ لنا من أَسفل لأَنا أَسَرْنا فيهم فلَنا نِعَمٌ عليهم؛ قال ابن سيدة: و هذا قول ثعلب، و الجمع عِيَرات، قال سيبويه: جمعوه بالأَلف و التاء لمكان التأْنيث و حركوا الياء لمكان الجمع بالتاء و كونه اسماً فأَجمعوا على لغة هذيل لأَنهم يقولون جَوَزات و بَيَضات. قال: و قد قال بعضهم عِيرات، بالإِسكان، و لم يُكَسَّر على البناء الذي يُكَسَّر عليه مثله، جعلوا التاء عوضاً من ذلك، كما فعلوا ذلك في أَشياء كثيرة لأَنهم مما يستغنون بالأَلف و التاء عن التكسير، و بعكس ذلك، و قال أَبو الهيثم في قوله: وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ
 كانت حُمُراً، قال: و قول من قال العِيرُ الإِبلُ خاصّة باطلٌ. العِيرُ: كلُّ ما امْتِيرَ عليه من الإِبل و الحَمِير و البغال، فهو عِيرٌ؛ قال: و أَنشدني نُصَير لأَبي عمرو السعدي في صفة حَمِير سماها عِيراً:
أَ هكذا لا ثَلَّةٌ و لا لَبَنْ؟             و لا يُزَكِّين إِذا الدَّيْنُ اطْمَأَنْ،
مُفَلْطَحات الرَّوْثِ يأْكُلْن الدِّمَنْ،             لا بدّ أَن يَخْترْن مِنِّي بين أَنْ‏
 يُسَقْنَ عِيراً، أَو يُبَعْنَ بالثَّمَنْ‏

قال: و قال نصيرٌ الإِبل لا تكون عِيراً حتى يُمْتارَ عليها. و حكى الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: العيرُ من الإِبل ما كان عليه حملُه أَو لم يكن. و
في حديث عثمان: أَنه كان يشتري العِيرَ حُكْرة، ثم يقول: من يُرْبِحُني عُقْلَها؟.
العِيرُ: الإِبل بأَحْمالها. فِعْلٌ من عارَ يَعير إِذا سار، و قيل: هي قافلة الحَمِير، و كثرت حتى سميت بها كل قافلة، فكل قافلة عِيرٌ كأَنها جمع عَيْر، و كان قياسها أَن يكون فُعْلًا، بالضم، كسُقْف في سَقْف إِلَّا أَنه حوفظ على الياء بالكسرة نحو عِين. و
في الحديث: أَنهم كانوا يترصّدون عِيَرات قُرَيْش.
؛ هو جمع عِير، يريد إِبلهم و دوابهم التي كانوا يتاجرون عليها. و
في حديث ابن عباس: أَجاز لها العيَرات.
؛ هي جمع عِيرٍ أَيضاً؛ قال سيبويه: اجتمعوا فيها على لغة هذيل، يعني تحريك الياء، و القياس التسكين؛ و قول أَبي النجم:
و أَتَت النَّمْلُ القُرَى بِعِيرها،             من حَسَكِ التَّلْع و من خافورها

إِنما استعاره للنمل، و أَصله فيما تقدم. و فلان عُيَيْرُ وَحْدِه إِذا انفرد بأَمره، و هو في الذمِّ، كقولك: نَسِيج وحده، في المدح. و قال ثعلب: عُيَيْرُ وَحْدِه أَي يأْكل وحده. قال الأَزهري: فلانٌ عُيَيْرُ وحده و جُحَيْش وَحْدِه. و هما اللذان لا يُشاوِران الناس و لا يخالطانهم و فيهما مع ذلك مهانة

624
لسان العرب4

عير ص 620

و ضعف. و قال الجوهري: فلان عُيَيْرُ وَحْدِه و هو المعجب برأْيه، و إِن شئت كسرت أَوله مثل شُيَيْخٍ و شِيَيْخٍ، و لا تقل: عُوَير و لا شُوَيخ. و العارُ: السُّبّة و العيب، و قيل: هو كل شي‏ء يلزم به سُبّة أَو عيب، و الجمع أَعْيارٌ. و يقال: فلان ظاهرُ الأَعْيارِ أَي ظاهر العيوب؛ قال الراعي:
و نَبَتَّ شَرَّ بَني تميم مَنْصِباً،             دَنِسَ المُروءَةِ ظاهرَ الأَعْيارِ

كأَنه مما يُعَيَّر به، و الفعل منه التَّعْيير، و من هذا قيل: هم يَتَعَيَّرون من جيرانِهم الماعونَ و الأَمتعة؛ قال الأَزهري: و كلام العرب يَتَعَوَّرون، بالواو، و قد عيّره الأَمرَ؛ قال النابغة:
و عَيَّرَتْني بنو ذُبْيانَ خَشيَتَه،             و هل عليّ بأَنْ أَخْشاكَ مِن عار؟

و تعايرَ القومُ: عَيَّر بعضُهم بعضاً، و العامة تقول: عيّره بكذا. و المَعايرُ: المعايب؛ يقال: عارَه إِذا عابَه؛ قالت ليلى الأَخيلية:
لعَمْرُك ما بالموت عارٌ على امرئٍ،             إِذا لم تُصِبْه في الحياة المَعايرُ

و تعايرَ القومُ: تعايَبُوا. و العارِيَّة: المَنيحة، ذهب بعضهم إِلى أَنها مِن العارِ، و هو قُوَيل ضعيف، و إِنما غرّهم منه قولهم يَتَعَيَّرون العَواريَّ، و ليس على وضعه إِنما هي مُعاقبة من الواو إِلى الياء. و قال الليث: سميت العاريّة عاريَّةً لأَنها عارٌ على من طلبها. و
في الحديث: أَن امرأَة مخزومية كانت تَسْتَعِير المتاعَ و تَجْحَده فأَمر بها فقُطعَت يدُها.
؛ الاستعارةُ من العارية، و هي معروفة. قال ابن الأَثير: و ذهب عامة أَهل العلم إِلى أَن المُسْتَعِير إِذا جحد العاريَّة لا يُقْطَع لأَنه جاحد خائن، و ليس بسارق، و الخائن و الجاحد لا قطع عليه نصّاً و إِجماعاً. و ذهب إِسحاق إِلى القول بظاهر هذا الحديث، و قال أَحمد: لا أَعلم شيئاً يدفعه؛ قال الخطابي: و هو حديث مختصرُ اللفظ و السياقِ و إِنما قُطِعَت المخزومية لأَنها سَرَقت، و ذلك بَيِّنٌ في رواية عائشة لهذا الحديث؛ و
رواه مسعود بن الأَسود فذكر أَنها سرقت قَطِيفة من بيت رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم.
و إِنما ذكرت الاستعارة و الجحد في هذه القصة تعريفاً لها بخاصّ صفتها إِذ كانت الاستعارة و الجحد معروفة بها و من عادتها، كما عُرِّفت بأَنها مخزوميَّة، إِلَّا أَنها لما استمر بها هذا الصنيع ترقَّت إِلى السرقة، و اجترأَت عليها، فأَمر بها فقطعت. و المُسْتَعِير: السَّمِين من الخيل. و المُعارُ: المُسَمَّن. يقال: أَعَرْت الفرس أَسْمنْتُه؛ قال:
أَعِيرُوا خَيْلَكم ثم ارْكُضوها،             أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ

و منهم من قال: المُعار المنتوف الذنب، و قال قوم: المُعار المُضَمَّر المُقَدَّح، و قيل: المُضَمَّر المُعار لأَن طريقة متنه نتأَت فصار لها عيرٌ ناتئ، و قال ابن الأَعرابي وحده: هو من العاريَّة، و ذكره ابن بري أَيضاً و قال: لأَن المُعارَ يُهان بالابتذال و لا يُشْفَق عليه شفقة صاحبه؛ و قيل في قوله:
أَعيروا خيلكم ثم اركبوها
إِن معنى أَعيروها أَي ضَمِّروها بترديدها، من عارَ يَعير، إِذا ذهب و جاء. و قد روي المِعار، بكسر الميم، و الناس رَوَوْه المُعار؛ قال: و المِعارُ الذي يَحِيد عن الطريق براكبه كما يقال حادَ عن الطريق؛ قال الأَزهري: مِفْعَل من عارَ يَعِير كأَنه في الأَصل مِعْيَر، فقيل مِعار. قال الجوهري: و عارَ الفَرَسُ أَي انفَلَت و ذهب‏

625
لسان العرب4

عير ص 620

هاهنا و هاهنا من المَرَح، و أَعارَه صاحبُه، فهو مُعَار؛ و منه قول الطِّرمَّاح:
وجَدْنا في كتاب بني تميمٍ:             أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ

قال: و الناسُ يَرَوْنه المُعار من العارِيَّة، و هو خَطَأ؛ قال ابن بري: و هذا البيت يُروى لِبشْر بن أَبي خازِم. و عَيْرُ السَّراة: طائر كهيئة الحمامة قصير الرجلين مُسَرْوَلُهما أَصفر الرِّجلين و المِنقار أَكحل العينين صافي اللَّوْن إِلى الخُضْرة أَصفر البطن و ما تحت جناحيه و باطن ذنبه كأَنه بُرْدٌ وشِّيَ، و يُجمَع عُيُورَ السَّراةِ، و السَّراةُ موضع بناحية الطائف، و يزعمون أَن هذا الطائر يأْكل ثلثمائة تِينةٍ من حين تطلعُ من الوَرقِ صِغاراً و كذلك العِنَب. و العَيْرُ: اسم رجُل كان له وادٍ مُخْصِب، و قيل: هو اسم موضع خَصيب غيَّره الدهرُ فأَقفر، فكانت العرب تستوحشه و تضرب به المَثَل في البلَد الوَحْش، و قيل: هو اسم وادٍ؛ قال إمرؤ القيس:
و وادٍ، كجَوْف العَيْرِ، قَفْرٍ مَضِلَّةٍ،             قطعتُ بِسَامٍ ساهِمِ الوَجْهِ حَسَّانِ‏

قال الأَزهري: قوله كجَوْف العَيرِ، أَي كوادي العَيرِ و كلُّ وادٍ عند العرب: جوفٌ. و يقال للموضع الذي لا خيرَ فيه: هو كجوف عَيرٍ لأَنه لا شي‏ء في جَوْفه يُنتفع به؛ و يقال: أَصله قولهم أَخلى من جَوْف حِمار. و
في حديث أَبي سفيان: قال رجل: أَغْتال محمداً ثم آخُذُ في عَيْرٍ عَدْوي.
أَي أَمْضي فيه و أَجعلُه طريقي و أَهْرب؛ حكى ذلك ابن الأَثير عن أَبي موسى. و عَيْرٌ: اسم جَبلَ؛ قال الراعي:
بِأَعْلام مَرْكُوزٍ فَعَيْرٍ فَعُزَّبٍ،             مَغَانِيَ أُمِّ الوَبْرِ إِذْ هِيَ ما هِيَا

و
في الحديث: أَنه حَرَّم ما بين عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ.
؛ هما جبلان، و قال ابن الأَثير: جبلان بالمدينة، و قيل: ثَوْرٌ بمكة؛ قال: و لعلّ الحديث ما بين عَيْرٍ إِلى أُحُد، و قيل: بمكة أَيضاً جبل يقال له عَيْرٌ. و ابْنَةُ مِعْيَرٍ الداهية. و بنَاتُ مِعْيَرٍ: الدواهي؛ يقال: لقيت منه ابْنَةَ مِعْيَرٍ؛ يُريدون الداهية و الشدّة. و تِعَارٌ، بكسر التاء: اسم جبَل؛ قال بِشْر يصف ظُعْناً ارتحلن من منازلهن فشبّههنَّ في هَوَادِجِهِن بالظِّباء في أَكْنِسَتِها:
و ليل ما أَتَيْنَ عَلى أَرُومٍ             وَ شابَة، عن شمائِلها تِعارُ
كأَنَّ ظِباءَ أَسْنِمَة عليها             كَوانِس، قالِصاً عنها المَغَارُ

المَغارُ: أَماكن الظِّباء، و هي كُنُسها. و شابَة و تِعار: جبَلان في بِلاد قيس. و أَرُوم و شابة: موضعان.

626