×
☰ فهرست و مشخصات
من لا يحضره الفقيه1

مقدمة المؤلف ص : 1

 [تصوير نسخه خطى‏]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمَدُكَ وَ أَشْكُرُكَ وَ أُومِنُ بِكَ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ وَ أُقِرُّ بِذَنْبِي إِلَيْكَ وَ أُشْهِدُكَ أَنِّي مُقِرٌّ بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَ مُنَزِّهُكَ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِذَاتِكَ‏ «1» مِمَّا نَسَبَكَ إِلَيْهِ مَنْ شَبَّهَكَ وَ أَلْحَدَ فِيكَ‏ «2» وَ أَقُولُ إِنَّكَ عَدْلٌ فِيمَا قَضَيْتَ حَكِيمٌ فِيمَا أَمْضَيْتَ‏ «3» لَطِيفٌ لِمَا شِئْتَ‏ «4» لَمْ تَخْلُقْ عِبَادَكَ لِفَاقَةٍ وَ لَا كَلَّفْتَهُمْ إِلَّا دُونَ الطَّاقَةِ وَ إِنَّكَ ابْتَدَأْتَهُمْ بِالنِّعَمِ رَحِيماً وَ عَرَّضْتَهُمْ لِلِاسْتِحْقَاقِ حَكِيماً فَأَكْمَلْتَ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ عَقْلَهُ وَ أَوْضَحْتَ لَهُ سَبِيلَهُ‏ «5» وَ لَمْ تُكَلِّفْ مَعَ عَدَمِ الْجَوَارِحِ مَا لَا يُبْلَغُ إِلَّا بِهَا وَ لَا مَعَ عَدَمِ الْمُخْبِرِ الصَّادِقِ مَا لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِهِ فَبَعَثْتَ رُسُلَكَ‏ مُبَشِّرِينَ‏ وَ مُنْذِرِينَ+ وَ أَمَرْتَهُمْ بِنَصْبِ حُجَجٍ مَعْصُومِينَ يَدْعُونَ إِلَى سَبِيلِكَ‏ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكَ حُجَّةٌ بَعْدَهُمْ وَ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ «6» وَ يَحْيى‏ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ فَعَظَّمْتَ بِذَلِكَ مِنَّتَكَ عَلَى بَرِيَّتِكَ وَ أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ حَمْدَكَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُكَ وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَ تَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السَّعِيدُ الْفَقِيهُ‏ «7» نَزِيلُ الرَّيِّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ‏

______________________________

 (1). من صفات المخلوقين العاجزين.

 (2). أي مال الى الباطل كالاشاعرة و من حذا حذوهم.

 (3). أي قدرت أو أجريت كما يظهر من بعض الأخبار من أن الامضاء بمعنى القضاء و القدر.

 (4). أي لطيف في تدبيرك، أو أنك تفعل الافعال من الالطاف الخاصّة المقربة لعبادك الى الطاعة، المبعدة اياهم عن المعصية تفضلا عليهم. و الفاقة: الحاجة.

 (5). قوله: «عقله» لانه مناط التكليف. و قوله «سبيله» يعنى من الخير و الشر كما في قوله سبحانه‏ «وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ»

 (6). أي بعدها. و قوله «يحيى» أي يهدى.

 (7). كذا في جميع النسخ التي رأيناها.

1
من لا يحضره الفقيه1

مقدمة المؤلف ص : 1

بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمَّا سَاقَنِي الْقَضَاءُ إِلَى بِلَادِ الْغُرْبَةِ وَ حَصَلَنِي الْقَدَرُ مِنْهَا «1» بِأَرْضِ بَلْخَ مِنْ قَصَبَةِ إِيلَاقَ‏ «2» وَرَدَهَا الشَّرِيفُ الدَّيِّنُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِنِعْمَةَ «3» وَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَدَامَ بِمُجَالَسَتِهِ سُرُورِي وَ انْشَرَحَ بِمُذَاكَرَتِهِ صَدْرِي وَ عَظُمَ بِمَوَدَّتِهِ تَشَرُّفِي لِأَخْلَاقٍ قَدْ جَمَعَهَا إِلَى شَرَفِهِ مِنْ سَتْرٍ وَ صَلَاحٍ وَ سَكِينَةٍ وَ وَقَارٍ وَ دِيَانَةٍ وَ عَفَافٍ وَ تَقْوَى وَ إِخْبَاتٍ‏ «4» فَذَاكَرَنِي بِكِتَابٍ صَنَّفَهُ- مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُتَطَبِّبُ الرَّازِيُ‏ «5» وَ تَرْجَمَهُ بِكِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الطَّبِيبُ- وَ ذَكَرَ أَنَّهُ شَافٍ فِي مَعْنَاهُ وَ سَأَلَنِي أَنْ أُصَنِّفَ لَهُ كِتَاباً فِي الْفِقْهِ وَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الشَّرَائِعِ وَ الْأَحْكَامِ مُوفِياً عَلَى جَمِيعِ مَا صَنَّفْتُ فِي مَعْنَاهُ وَ أُتَرْجِمُهُ بِكِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ‏ «6»- لِيَكُونَ إِلَيْهِ مَرْجِعُهُ وَ عَلَيْهِ مُعْتَمَدُهُ وَ بِهِ أَخْذُهُ وَ يَشْتَرِكَ فِي أَجْرِهِ مَنْ يَنْظُرُ فِيهِ وَ يَنْسَخَهُ وَ يَعْمَلَ بِمُودَعِهِ هَذَا مَعَ نَسْخِهِ لِأَكْثَرِ مَا صَحِبَنِي مِنْ مُصَنَّفَاتِي‏ «7» وَ سَمَاعِهِ لَهَا وَ رِوَايَتِهَا عَنِّي وَ وُقُوفِهِ عَلَى جُمْلَتِهَا وَ هِيَ مِائَتَا كِتَابٍ وَ خَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ كِتَاباً فَأَجَبْتُهُ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ إِلَى ذَلِكَ لِأَنِّي وَجَدْتُهُ أَهْلًا لَهُ وَ صَنَّفْتُ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ بِحَذْفِ الْأَسَانِيدِ لِئَلَّا تَكْثُرَ طُرُقُهُ وَ إِنْ كَثُرَتْ فَوَائِدُهُ وَ لَمْ أَقْصِدْ فِيهِ قَصْدَ

______________________________

 (1). في بعض النسخ «بها» فالباء بمعنى «فى».

 (2). مدينة من بلاد الشاش بما وراء النهر المتصلة ببلاد الترك، أنزه بلاد اللّه و أحسنها.

 (3). له ترجمة ضافية في كتاب جامع الأنساب ج 1 ص 50 من الفصل الثاني تأليف زميلنا الفاضل الشريف السيّد محمّد على الروضاتى المحترم.

 (4). أخبت الرجل اخباتا: خضع للّه و خشع قلبه.

 (5). هو جالينوس العرب أصله من الرى، ولد سنة 240 كما نقل عن قاموس الاعلام و 282 كما عن غيره، قدم بغداد و تعلم الطبّ بها و حذق و توفى 311 كما في الوفيات أو 320 كما في تاريخ العلماء باخبار الحكماء للقفطى أو 364 كما في المحكى عن تاريخ ابن شيراز، و اسم كتابه كما في مطرح الانظار لفيلسوف الدولة التبريزى: «كتاب الى من لا يحضره طبيب».

 (6). كذا. و عبر عنه ابن إدريس في السرائر في غير موضع بكتاب من لا يحضره فقيه.

 (7). يعني وقع منه هذا السؤال مع أنّه نسخ أكثر ما كان معى من مصنفاتى.

2
من لا يحضره الفقيه1

مقدمة المؤلف ص : 1

الْمُصَنِّفِينَ فِي إِيرَادِ جَمِيعِ مَا رَوَوْهُ بَلْ قَصَدْتُ إِلَى إِيرَادِ مَا أُفْتِي بِهِ وَ أَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ‏ «1» وَ أَعْتَقِدُ فِيهِ أَنَّهُ حُجَّةٌ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَ رَبِّي تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ وَ تَعَالَتْ قُدْرَتُهُ وَ جَمِيعُ مَا فِيهِ مُسْتَخْرَجٌ مِنْ كُتُبٍ مَشْهُورَةٍ عَلَيْهَا الْمُعَوَّلُ وَ إِلَيْهَا الْمَرْجِعُ مِثْلُ كِتَابِ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيِ‏ «2» وَ كِتَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِ‏ «3» وَ كُتُبِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ الْأَهْوَازِيِ‏ «4» وَ كُتُبِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ «5» وَ نَوَادِرِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى- «6» وَ كِتَابِ نَوَادِرِ الْحِكْمَةِ تَصْنِيفِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِ‏ «7» وَ كِتَابِ الرَّحْمَةِ

______________________________

 (1). المراد بالصحة هنا كونه من الأصول المعتبرة المنقول عنها مع القرائن للصحة.

 (2). ثقة كوفيّ كان ممن شهر السيف في قتال الخوارج بسيستان في حياة الصادق (ع) قتله الشراة- الخوارج- له كتب كلها تعد من الأصول.

 (3). ثقة صحيح الحديث كوفيّ، كان متجره هو و أبوه و أخوه الى حلب فغلب عليهم هذا اللقب، و صنف عبيد اللّه كتابا عرضه على الصادق (ع) فاستحسنه و قال: ليس لهؤلاء في الفقه مثله.

 (4). على بن مهزيار ثقة جليل القدر من أصحاب الرضا و الجواد و الهادى عليهم السلام و كان وكيلا من عندهم، له ثلاثة و ثلاثون كتابا. راجع الفهرست للشيخ الطوسيّ رحمه اللّه.

 (5). الحسين بن سعيد بن حماد الأهوازى ثقة روى عن الرضا و أبي جعفر الجواد و أبى الحسن الثالث، اصله كوفيّ و انتقل مع اخيه الحسن رضى اللّه عنهما الى الأهواز ثمّ تحول الى قم فنزل على الحسن بن أبان و توفى بها، و له ثلاثون كتابا. راجع الفهرست للشيخ رحمه اللّه.

 (6). الأشعريّ يكنى أبا جعفر القمّيّ شيخ قم و وجهها و فقيهها غير مدافع لقى ابا الحسن الرضا عليه السلام و صنف كتبا ذكر الشيخ أسماء بعضها في الفهرست و منها كتاب النوادر، و قال: كان غير مبوب، فبوبه داود بن كورة، و روى ابن لوليد المبوبة عن محمّد بن يحيى و الحسن بن محمّد ابن إسماعيل عنه.

 (7). أبو جعفر القمّيّ جليل القدر، ثقة في الحديث، كثير الروايات له كتاب نوادر الحكمة يشتمل على كتب جماعة، و هو كتاب كبير حسن يعرفه القميون «بدبة شبيب» قال النجاشيّ:

و شبيب فامى، بياع الفوم، كان بقم له دبة ذات بيوت يعطى منها ما يطلب منه من دهن، فشبهوا هذا الكتاب بذلك لاشتماله على ما تشتهيه الانفس.

3
من لا يحضره الفقيه1

مقدمة المؤلف ص : 1

لِسَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ‏ «1» وَ جَامِعِ شَيْخِنَا مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏ «2» وَ نَوَادِرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ «3» وَ كُتُبِ الْمَحَاسِنِ لِأَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ- «4» وَ رِسَالَةِ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَيَّ وَ غَيْرِهَا مِنَ الْأُصُولِ وَ الْمُصَنَّفَاتِ الَّتِي طُرُقِي إِلَيْهَا مَعْرُوفَةٌ فِي فِهْرِسِ الْكُتُبِ الَّتِي رُوِّيتُهَا «5» عَنْ مَشَايِخِي وَ أَسْلَافِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ بَالَغْتُ فِي ذَلِكَ جُهْدِي مُسْتَعِيناً بِاللَّهِ وَ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ وَ مُسْتَغْفِراً مِنَ التَّقْصِيرِ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ‏ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ‏ وَ هُوَ حَسْبِي‏ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ‏.

______________________________

 (1). يكنى ابا القاسم، جليل القدر واسع الاخبار، كثير التصانيف، ثقة، فمن كتبه كتاب الرحمة، و هو يشتمل على كتب جماعة، قال النجاشيّ: هو شيخ الطائفة و فقيهها و وجهها كان سمع من حديث العامّة شيئا كثيرا و سافر في طلب الحديث. و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الحسن العسكريّ (ع). توفّي سنة 301 و قيل: 299 و في الخلاصة: قيل: مات يوم الاربعاء سبع و عشرين من شوال سنة 300.

 (2). هو شيخ جليل القدر، عارف بالرجال، موثوق به، مسكون إليه، مات سنة 343 له كتب منها كتاب الجامع و كتاب التفسير و غير ذلك.

 (3). يكنى أبا احمد من موالى الازد، و اسم أبى عمير زياد، و كان من أوثق الناس عند الخاصّة و العامّة، و أنسكهم نسكا، و أورعهم و أعبدهم، و قد ذكر الجاحظ أنّه كان أوحد أهل زمانه في الأشياء كلها و ادرك من الأئمّة عليهم السلام ثلاثة: أبا إبراهيم موسى (ع) و لم يرو عنه، و الرضا (ع) و روى عنه، و الجواد (ع). و روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى كتب مائة رجل من رجال الصادق (ع)، و له مصنّفات كثيرة، و ذكر ابن بطة أن له أربعة و تسعين كتابا، منها كتاب النوادر الكبير حسن، و ذكر الكشّيّ أنّه ضرب مائة و عشرين خشبة أمام هارون الرشيد و تولى ضربه السندى بن شاهك، و كان ذلك على التشيع، و حبس فلم يفرج عنه حتّى أدى مائة و أحد و عشرين ألف درهم. و ذكر نحو ذلك الجاحظ في البيان و التبيين، توفى سنة 217.

 (4). أبو جعفر أصله كوفيّ، و كان ثقة في نفسه غير أنّه أكثر الرواية عن الضعفاء و اعتمد المراسيل و صنف كتبا كثيرة منها المحاسن و غيرها (فهرست الشيخ).

 (5). على ما لم يسم فاعله من باب التفعيل، أي وصل عنهم الرواية الى.

4
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

بَابُ الْمِيَاهِ‏ «1» وَ طُهْرِهَا وَ نَجَاسَتِهَا

قَالَ الشَّيْخُ السَّعِيدُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ- مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ‏ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً «2» وَ يَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلى‏ ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ‏ «3» وَ يَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ‏ «4» فَأَصْلُ الْمَاءِ كُلِّهِ مِنَ السَّمَاءِ وَ هُوَ طَهُورٌ كُلُّهُ وَ مَاءُ الْبَحْرِ طَهُورٌ وَ مَاءُ الْبِئْرِ طَهُورٌ.

1- وَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع‏- كُلُّ مَاءٍ طَاهِرٌ إِلَّا مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ قَذِرٌ «5».

2- وَ قَالَ ع‏ الْمَاءُ يُطَهِّرُ وَ لَا يُطَهَّرُ «6».

فَمَتَى وَجَدْتَ مَاءً وَ لَمْ تَعْلَمْ فِيهِ نَجَاسَةً فَتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ اشْرَبْ وَ إِنْ وَجَدْتَ فِيهِ مَا يُنَجِّسُهُ فَلَا تَتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ لَا تَشْرَبْ إِلَّا فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ فَتَشْرَبُ مِنْهُ وَ لَا تَتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ تَيَمَّمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ كُرّاً فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَ تَشْرَبَ وَقَعَ فِيهِ شَيْ‏ءٌ أَوْ لَمْ يَقَعْ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ رِيحُ الْمَاءِ فَإِنْ تَغَيَّرَ فَلَا تَشْرَبْهُ‏ «7» وَ لَا تَتَوَضَّأْ مِنْهُ‏

______________________________

 (1). المياه جمع الماء، قلبت الهاء همزة على خلاف القياس فصار ماء.

 (2). الفرقان: 48.

 (3). المؤمنون: 18.

 (4). الأنفال: 11.

 (5). القذر- بفتحتين-: الوسخ و هو مصدر ثمّ استعمل المصدر اسما و جمع على الاقذار و النعت منه- ككتف-: بمعنى النجس.

 (6). فسر بأنّه يطهر غيره و لا يطهر بغيره لئلا يرد تطهير النجس منه بالجارى و الكر.

 (7). في بعض النسخ «فلا تشرب منه». و الظاهر أن التغيير بالريح وقع مثالا فان تغيير الطعم و اللون كتغيير الريح بالاتفاق و ان لم يرد في اخبارنا و الموجود في اخبارنا تغيير الريح و الطعم فقط كما في صحيحة ابن بزيع «ماء البئر واسع لا يفسده شي‏ء الا أن يتغير ريحه أو طعمه»-

5
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

وَ الْكُرُّ مَا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَشْبَارٍ طُولًا فِي عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَشْبَارٍ فِي عُمْقِ ثَلَاثَةِ أَشْبَارٍ وَ بِالْوَزْنِ أَلْفٌ وَ مِائَتَا رِطْلٍ بِالْمَدَنِيِ‏ «1».

3- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْ‏ءٌ وَ الْقُلَّتَانِ جَرَّتَانِ‏ «2».

وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ الِاسْتِيَاكِ بِمَاءِ الْوَرْدِ «3»

______________________________

- نعم نقل المحقق في المعتبر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شي‏ء الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه». و قال ابن إدريس في أول السرائر انه متفق عليه.

أقول: رواه ابن ماجه في السنن كتاب الطهارة باب الحياض من حديث أبى أمامة الباهلى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «ان الماء لا ينجسه شي‏ء الا ما غلب على ريحه و طعمه و لونه» و رواه الطبراني في الاوسط و الكبير أيضا كما في مجمع الزوائد، و أخرجه البيهقيّ في الكبرى ج 1 ص 259 كما مر، و روى نحوه الدارقطنى في السنن من حديث ثوبان عنه (ص) هكذا «الماء طهور الا ما غلب على ريحه أو على طعمه».

 (1). المشهور في الاشبار ثلاثة أشبار و نصف في مثله من العمق في مثله من العرض. و في الوزن ألف و مائتا رطل بالعراقى. و المصنّف- رحمه اللّه- اختار في المقدار أقل منه و في الوزن اكثر منه (سلطان). أقول: لا يخفى ما في قوله: «لم ينجّسه» من تصحيف و الصواب «لا ينجّسه».

 (2). الجرة- بفتح الجيم- ما يقال لها بالفارسية «خمره بزرگ» و قال الشيخ رحمه اللّه:

يحتمل أن يكون ورد مورد التقية، و يحتمل أن يكون مقدار القلتين هو مقدار الكر لان القلة هى الجرة الكبيرة في اللغة انتهى، و نقل في المعتبر عن ابن الجنيد أنّه قال: «الكر قلتان و مبلغ وزنه ألف و مائتا رطل» و في النهاية الأثيرية «القلة: الحب العظيم». و في المحكى عن ابن دريد «القلة في الحديث من قلال هجر و هي عظيمة، زعموا أن الواحدة تسع خمس قرب».

 (3). هذا مذهب المؤلّف (ره) كما صرّح به في الهداية و مستنده رواية يونس عن أبي- الحسن (ع) قال «قلت له: الرجل يغتسل بماء الورد و يتوضأ به للصلاة؟ قال: لا بأس بذلك» و قال صاحب المدارك ص 17: و هو ضعيف لاشتمال سنده على سهل بن زياد و هو غال. و على محمّد بن عيسى عن يونس و قد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد- رحمهما اللّه- أنه لا يعتمد على حديث محمّد ابن عيسى عن يونس، و حكم الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب و الاستبصار بشذوذ هذه الرواية و أن العصابة أجمعت على ترك العمل بظاهرها، ثمّ أجاب عنها باحتمال أن يكون المراد بالوضوء التحسين و التنظيف او أن يكون المراد الماء الذي وقع فيه الورد، دون المصعد منه أو المعتصر-

6
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

وَ الْمَاءُ الَّذِي تُسَخِّنُهُ الشَّمْسُ لَا تَتَوَضَّأْ بِهِ وَ لَا تَغْتَسِلْ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَا تَعْجِنْ بِهِ‏ «1» لِأَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ الْحَارِّ «2» وَ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ «3» إِلَّا مَا كَانَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ وَ كُلُّ مَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ دَمٌ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَ الْوُضُوءِ مِنْهُ مَاتَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَمُتْ فَإِنْ كَانَ مَعَكَ إِنَاءَانِ فَوَقَعَ فِي أَحَدِهِمَا مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ وَ لَمْ تَعْلَمْ فِي أَيِّهِمَا وَقَعَ فَأَهْرِقْهُمَا جَمِيعاً وَ تَيَمَّمْ وَ لَوْ أَنَّ مِيزَابَيْنِ سَالا مِيزَابَ بَوْلٍ وَ مِيزَابَ مَاءٍ «4» فَاخْتَلَطَا ثُمَّ أَصَابَ ثَوْبَكَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ.

4- وَ سَأَلَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ السَّطْحِ يُبَالُ عَلَيْهِ فَتُصِيبُهُ السَّمَاءُ

______________________________

- و أمّا الاستياك- بالكاف- (فافتعال من السوك و هو دلك الشي‏ء و تحريكه) بمعنى التمصمص- بالمهملتين- فهو الاغتسال من الدنس للتنظيف و التطهير و في الخبر «القتل في سبيل اللّه مصمصة» قال في النهاية أي مطهرة من دنس الخطايا. و التأنيث لارادة الشهادة من القتل- انتهى. و في كثير من النسخ «الاستيال» باللام فهو بمعنى التزيين مطاوع التسويل و هو تحسين الشي‏ء و تزيينه، يعنى به الاغتسال للنظافة و التزيين.

 (1). في بعض النسخ بصيغة الغياب في الثلاثة. و في الكافي ج 3 ص 15 بإسناده عن السكونى عن الصادق (ع) قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الماء الذي تسخنه الشمس لا توضئوا به و لا تغتسلوا به و لا تعجنوا به فانه يورث البرص».

 (2). عدم البأس اما بورود خبر وصل إليه و لم يصل الينا، و اما بالعمومات أو بالخبر الذي ورد أن كل شي‏ء مطلق حتّى يرد فيه نهى، نعم ورد جواز الغسل. (م ت).

 (3). المراد بالافساد النجاسة أو الأعمّ من النجاسة و من عدم جواز الاستعمال. و الظاهر أن المراد به القليل كما يظهر من بعض الأخبار، أو الأعمّ منه و من البئر كما يظهر من بعضها.

 (4). في الكافي ج 3 ص 12 بإسناده عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (ع) «فى ميزابين سالا أحدهما بول و الآخر ماء المطر، فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضرّه ذلك» و حمل على ما اذا كان عند نزول المطر و لم يتغير الماء به.

7
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

فَيَكِفُ‏ «1» فَيُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْمَاءِ أَكْثَرُ مِنْهُ‏ «2».

5- وَ سُئِلَ ع‏ عَنْ طِينِ الْمَطَرِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فِيهِ الْبَوْلُ وَ الْعَذِرَةُ وَ الدَّمُ فَقَالَ طِينُ الْمَطَرِ لَا يُنَجِّسُ‏ «3».

6- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الْبَيْتِ يُبَالُ عَلَى ظَهْرِهِ وَ يُغْتَسَلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ يُصِيبُهُ الْمَطَرُ أَ يُؤْخَذُ مِنْ مَائِهِ فَيُتَوَضَّأَ بِهِ لِلصَّلَاةِ فَقَالَ إِذَا جَرَى فَلَا بَأْسَ بِهِ.

7- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الرَّجُلِ يَمُرُّ فِي مَاءِ الْمَطَرِ وَ قَدْ صُبَّ فِيهِ خَمْرٌ فَأَصَابَ ثَوْبَهُ هَلْ يُصَلِّي فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ فَقَالَ لَا يَغْسِلُ ثَوْبَهُ وَ لَا رِجْلَهُ وَ يُصَلِّي فِيهِ وَ لَا بَأْسَ بِهِ.

8- وَ سَأَلَ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْقَيْ‏ءِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَلَا يُغْسَلُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

9- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَجْتَرُّ «4» فَسُؤْرُهُ حَلَالٌ وَ لُعَابُهُ حَلَالٌ.

10 وَ أَتَى أَهْلُ الْبَادِيَةِ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ حِيَاضَنَا هَذِهِ تَرِدُهَا السِّبَاعُ وَ الْكِلَابُ وَ الْبَهَائِمُ فَقَالَ لَهُمْ ص لَهَا مَا أَخَذَتْ أَفْوَاهُهَا وَ لَكُمْ سَائِرُ ذَلِكَ‏ «5».

وَ إِنْ شَرِبَ مِنَ الْمَاءِ دَابَّةٌ أَوْ حِمَارٌ أَوْ بَغْلٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ بَعِيرٌ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِهِ‏

______________________________

 (1). وكف البيت بالمطر وكفا و وكوفا: سال قليلا قليلا أو يقطر. و قوله «فتصيبه» أي السماء بمطرها، و المراد بالسماء معناه المتعارف.

 (2). دفع لتوهم السائل فانه سأل أن السطح إذا كان يبال عليه دائما و ينفذ فيه البول كيف يصل إليه ماء المطر و كيف يطهره؟ فاجاب بأن الماء أكثر منه. (م ت).

 (3). يعني في حال التقاطر كما يفهم من الحديث الآتي.

 (4). في النهاية الأثيرية «الجرة ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثمّ يبلعه، يقال:

اجتر البعير يجتر.

 (5). لعله محمول على كرية الحياض فلا يمكن الاستدلال على طهارة القليل و لا على نجاسة السباع لانهم سألوا أن حياضنا تردها الطاهر و النجس فما حكمه. (م ت).

8
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

وَ الْوُضُوءِ مِنْهُ فَإِنْ وَقَعَ وَزَغٌ فِي إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ أُهَرِيقَ ذَلِكَ الْمَاءُ «1» وَ إِنْ وَلَغَ فِيهِ‏ «2» كَلْبٌ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ أُهَرِيقَ الْمَاءُ وَ غُسِلَ الْإِنَاءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَرَّةً بِالتُّرَابِ وَ مَرَّتَيْنِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُجَفَّفُ‏ «3» وَ أَمَّا الْمَاءُ الْآجِنُ فَيَجِبُ التَّنَزُّهُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ‏ «4» وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِمَاءٍ يَشْرَبُ مِنْهُ السِّنَّوْرُ وَ لَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ.

11- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنِّي لَا أَمْتَنِعُ مِنْ طَعَامٍ طَعِمَ مِنْهُ السِّنَّوْرُ وَ لَا مِنْ شَرَابٍ شَرِبَ مِنْهُ.

وَ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِسُؤْرِ الْيَهُودِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ وَ وَلَدِ الزِّنَا وَ الْمُشْرِكِ وَ كُلِّ مَنْ خَالَفَ الْإِسْلَامَ- وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ سُؤْرُ النَّاصِبِ وَ مَاءُ الْحَمَّامِ سَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمَاءِ الْجَارِي إِذَا كَانَتْ لَهُ مَادَّةٌ «5».

12- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي الْمَاءِ الَّذِي تَبُولُ فِيهِ الدَّوَابُّ وَ تَلَغُ فِيهِ الْكِلَابُ وَ يَغْتَسِلُ فِيهِ الْجُنُبُ إِنَّهُ إِذَا كَانَ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْ‏ءٌ «6».

______________________________

 (1). لعله لاجل سميته لا للنجاسة، و الوزغ: سام أبرص.

 (2). كذا في نسخة و في أكثر النسخ «وقع فيه كلب» و المشهور اختصاص التعفير بالولوغ و لعله كان في الأصل «ولغ» فصحف كما يظهر من هامش بعض النسخ ففيه: ولغ الكلب في الاناء أى شرب ما فيه بأطراف لسانه. أو أدخل فيه لسانه و حركه.

 (3). لعل التجفيف لازالة الغسالة و الا لا سند له.

 (4). الآجن: الماء المتغير اللون و الطعم. و بمضمونه خبر في الكافي ج 3 ص 4 و قوله «فيجب التنزّه» حمل على الوجوب و يمكن حمله على الاستحباب كما هو دأب القدماء من اطلاق الوجوب على الاستحباب المؤكد. ثم اعلم أن هذا إذا كان الماء أجن من قبل نفسه، فاما إذا غيرته النجاسة فلا يجوز استعماله على وجه البتة كما في التهذيب.

 (5). في الكافي ج 3 ص 14 بإسناده عن بكر بن حبيب عن أبي جعفر عليه السلام قال:

 «ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة». و قالوا: بشرط أن تكون كرا.

 (6). يستدل بمفهومه على نجاسة القليل بالملاقات.

9
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

13- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ قَطْرَةُ بَوْلٍ قَرَضُوا لُحُومَهُمْ بِالْمَقَارِيضِ‏ «1» وَ قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْكُمْ بِأَوْسَعِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ جَعَلَ لَكُمُ الْمَاءَ طَهُوراً فَانْظُرُوا كَيْفَ تَكُونُونَ‏ «2».

فَإِنْ دَخَلَتْ حَيَّةٌ فِي حُبِّ مَاءٍ وَ خَرَجَتْ مِنْهُ صُبَّ مِنَ الْمَاءِ «3» ثَلَاثُ أَكُفٍّ وَ اسْتُعْمِلَ الْبَاقِي وَ قَلِيلُهُ وَ كَثِيرُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ «4» وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسْتَقَى الْمَاءُ بِحَبْلٍ اتُّخِذَ مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ «5».

14- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ يُجْعَلُ دَلْواً يُسْتَقَى بِهِ الْمَاءُ فَقَالَ‏

______________________________

 (1). لعل ذلك جزاء لبعض أعمالهم كما يفهم من بعض الآيات كقوله «فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم- الآية» و قوله فبما نقضهم ميثاقهم، و الظاهر أن ذلك من بول يصيب أبدانهم من خارج، و يحتمل كون أصل الخبر كما في تفسير عليّ بن إبراهيم هكذا «ان الرجل- من بني إسرائيل- اذا اصاب شي‏ء من بدنه البول قطعوه» و الضمير راجع الى الرجل يعنى أن بني إسرائيل تركوه و اعتزلوا عنه و لم يعاشروه، لكن الظاهر أن بعض الرواة زعم أن الضمير راجع الى البول أو البدن و نقله بالمعنى على مزعمته فصار ذلك سببا لوقوع الباحث في الوحل و لا يدرى ما المراد بقرض اللحم. و هذا الاحتمال الأخير من افادات استاذنا الشعرانى دام ظله العالى.

 (2). أي كيف تقومون بشكر هذه النعمة الجسيمة و الفضل الكبير فلا تتركوا تطهير جسدكم بالماء و لا تسأموا بل اشكروا اللّه على تسهيل الازالة.

 (3). في بعض النسخ «صب من الاناء». و الحب- بالمهملة-: الخابية.

 (4). لم أجد له نصا صريحا و مثله موجود في الفقه الرضوى، نعم روى الشيخ في التهذيب بإسناده عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه (ع): قال: «سألته عن الفارة و العقرب و أشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء و يتوضأ منه؟ قال: يسكب منه ثلاث مرات، و قليله و كثيره بمنزلة واحدة» و الحكم بكراهة سؤر الحية للشيخ في النهاية و تبعه جماعة، و الأظهر عدم الكراهة كما اختاره المحقق في المعتبر لصحيحة عليّ بن جعفر عن- أخيه (ع) راجع التهذيب ج 1 ص 119. و قوله «و قليله و كثيره بمنزلة واحدة» أي في عدم التنزّه بعد الصب، أو في أصل الصب.

 (5). الظاهر نفى البأس يتوجه الى استعمال الحبل في الاستقاء مع بعد الانفكاك عن الملاقاة بالرطوبة لليد أو الماء، او يتوجه الى ماء البئر و عدم نجاستها بالحبل مع وقوعه فيها.

10
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

لَا بَأْسَ بِهِ‏ «1».

15- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ يُجْعَلُ فِيهَا اللَّبَنُ وَ الْمَاءُ وَ السَّمْنُ مَا تَرَى فِيهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ تَجْعَلَ فِيهَا مَا شِئْتَ مِنْ مَاءٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ سَمْنٍ وَ تَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَ تَشْرَبَ وَ لَكِنْ لَا تُصَلِّ فِيهَا «2».

وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِفَضْلِ الْجُنُبِ وَ الْحَائِضِ‏ «3» مَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَ إِنْ تَوَضَّأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ «4» أَوِ اغْتَسَلَ أَوْ غَسَلَ ثَوْبَهُ فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ وَ الصَّلَاةِ وَ غَسْلِ الثَّوْبِ وَ كُلُّ آنِيَةٍ صُبَّ فِيهَا ذَلِكَ الْمَاءُ فَإِنْ‏ «5» دَخَلَ رَجُلٌ الْحَمَّامَ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَغْرِفُ‏ «6» بِهِ وَ يَدَاهُ قَذِرَتَانِ‏ «7» ضَرَبَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَ هَذَا مِمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‏ «8» وَ كَذَلِكَ الْجُنُبُ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي الطَّرِيقِ وَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنَاءٌ

______________________________

 (1). يحمل على أن كون السقى لشرب الحيوانات و الأرضين، لا لاستعمال ما شرطه الطهارة. أو على نفى البأس عن الاستقاء بجلد الخنزير، و غايته جواز استعماله أو عدم تنجيسه ما يسقى منه أو عدم التعدى كما ذهب إليه بعض.

 (2). هذا الخبر مع ارساله شاذ و يعارضه عموم قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» و أيضا قوله (ص): «لا تنتفعوا من الميتة بشي‏ء» و قول ابى الحسن (ع) للفتح بن يزيد الجرجانى «لا ينتفع من الميتة باهاب و لا عصب- الخ» و أوله العلامة في المختلف بعد المنع من صحة السند باطلاق الميتة على ما مات بالتذكية، و لعلّ مراده المذكّى من طاهر العين ممّا لا يؤكل لحمه. لكنه خلاف الظاهر، و الأولى حمله على التقية لان العامّة قائلون بتطهيره بشرط الدباغة. و يحتمل كون المراد جلد ما لا نفس له، و الحكم بمنع الصلاة فيه اما محمول على ظاهره و هو عدم الجواز كما ذهب إليه جماعة، أو للتنزّه كما عليه جمع.

 (3). أي بقية غسله أو غسالته.

 (4). أي المتغير بالنجاسة.

 (5). هذا التفريع ليس في محله و لعله ابدل الواو بالفاء.

 (6). في بعض النسخ «يغترف».

 (7). تحمل القذرة على الوسخ و الدنس.

 (8). الحجّ: 78.

11
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

يَغْرِفُ بِهِ وَ يَدَاهُ قَذِرَتَانِ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ‏ «1».

16- وَ سُئِلَ عَلِيٌّ ع- «2» أَ يُتَوَضَّأُ مِنْ فَضْلِ وَضُوءِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ يُتَوَضَّأُ مِنْ رَكْوٍ أَبْيَضَ مُخَمَّرٍ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ فَضْلِ وَضُوءِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ أَحَبَّ دِينِكُمْ إِلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ السَّهْلَةُ «3».

فَإِنِ اجْتَمَعَ مُسْلِمٌ مَعَ ذِمِّيٍّ فِي الْحَمَّامِ اغْتَسَلَ الْمُسْلِمُ مِنَ الْحَوْضِ قَبْلَ الذِّمِّيِ‏ «4» وَ لَا يَجُوزُ التَّطْهِيرُ «5» بِغُسَالَةِ الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهِ غُسَالَةُ الْيَهُودِيِّ وَ الْمَجُوسِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ وَ الْمُبْغِضِ لآِلِ مُحَمَّدٍ ع وَ هُوَ أَشَرُّهُمْ.

17- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ مُجْتَمَعِ الْمَاءِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ غُسَالَةِ النَّاسِ يُصِيبُ الثَّوْبَ مِنْهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «6».

وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَ كَانَ النَّبِيُّ ص إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ النَّاسُ مَا يَسْقُطُ

______________________________

 (1). في الكافي ج 3 ص 4 بإسناده عن محمّد بن الميسر قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن الرجل الجنب ينتهى الى الماء القليل في الطريق و يريد أن يغتسل منه و ليس معه اناء يغرف به و يداه قذرتان؟ قال: يضع يده و يتوضأ ثمّ يغتسل، هذا ممّا قال اللّه عزّ و جلّ‏ «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»

 (2). في بعض النسخ «و سئل الصادق عليه السلام».

 (3). الظاهر أن قوله: «أ يتوضأ» مبتدأ خبره «أحب» اما بتقدير «أن» قبله أو بارادة المصدر من الفعل مجازا مثل «تسمع بالمعيدى خير من أن تراه». و قوله «وضوء المسلمين» الظاهر أن يقرأ بفتح الواو أي ماء الوضوء و فضله ما يبقى في الاناء، و الحمل على الغسالة بعيد.

و الركو: دلو صغير، و المراد بالابيض لعله غير مدنس، و المخمر ما شد رأسه و المغطى.

و الحنيفية المستقيمة و المائلة من الافراط و التفريط الى الوسط العدل. و السمحة هي الملّة التي ما فيها ضيق.

 (4). استحبابا، أو المراد بالحوض الصغير الذي لم يبلغ الكر.

 (5). في بعض النسخ «التطهر».

 (6). لا منافاة بين هذه المرسلة- كما في الكافي و التهذيب ج 1 ص 107 أيضا- و الذي قبلها لان الأول دال على عدم مطهرية ذلك الماء. و هذا الخبر يدلّ على كونه طاهرا.

12
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

مِنْ وَضُوئِهِ فَيَتَوَضَّئُونَ بِهِ وَ الْمَاءُ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِهِ الرَّجُلُ فِي شَيْ‏ءٍ نَظِيفٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَهُ غَيْرُهُ فَيَتَوَضَّأَ بِهِ فَأَمَّا الْمَاءُ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ الثَّوْبُ أَوْ يُغْتَسَلُ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَوْ تُزَالُ بِهِ نَجَاسَةٌ فَلَا يُتَوَضَّأُ بِهِ.

18- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ مَاءٍ شَرِبَتْ مِنْهُ دَجَاجَةٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ فِي مِنْقَارِهَا قَذَرٌ لَمْ يُتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ لَمْ تَشْرَبْ وَ إِنْ لَمْ يُعْلَمْ فِي مِنْقَارِهَا قَذَرٌ تَوَضَّأْ مِنْهُ وَ اشْرَبْ.

وَ كُلُّ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ وَ الشُّرْبِ مِنْ مَاءٍ شَرِبَ مِنْهُ وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَاءٍ شَرِبَ مِنْهُ بَازٌ أَوْ صَقْرٌ أَوْ عُقَابٌ مَا لَمْ يُرَ فِي مِنْقَارِهِ دَمٌ فَإِنْ رُئِيَ فِي مِنْقَارِهِ دَمٌ لَمْ يُتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ لَمْ يُشْرَبْ‏ «1» فَإِنْ‏ «2» رَعَفَ رَجُلٌ فَامْتَخَطَ فَصَارَ ذَلِكَ الدَّمُ قَطْراً صِغَاراً فَأَصَابَ إِنَاءَهُ وَ لَمْ يَسْتَبِنْ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ شَيْ‏ءٌ بَيِّنٌ فِيهِ لَمْ يَجُزِ الْوُضُوءُ مِنْهُ‏ «3» وَ الدَّجَاجَةُ وَ الطَّيْرُ وَ أَشْبَاهُهُمَا إِذَا وَطِئَ شَيْ‏ءٌ مِنْهَا الْعَذِرَةَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَاءَ فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ كُرّاً

______________________________

 (1). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 65 و الكليني في الكافي ج 3 ص 9 بتقديم و تأخير من حديث موسى بن عمّار الساباطى عنه عليه السلام. و الباز ضرب من الصقور. و الصقر- بفتح الصاد و سكون القاف-: كل طائر يصيد ما خلا النسر و العقاب.

 (2). التقريع في غير محله و لعله من تصحيف النسّاخ. و كان أصله «و ان».

 (3). ذلك لاستصحاب طهارة الماء لعدم العلم بوصول الدم الماء و ان أيقن بوصوله الاناء و روى الكليني في الكافي ج 3 ص 74 عن محمّد بن يحيى عن العمركى عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: «سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب اناءه، هل يصلح له الوضوء منه؟ فقال: ان لم يكن شي‏ء يستبين في الماء فلا بأس و ان كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه». قال: «و سألته عن رجل رعف و هو يتوضأ فيقطر قطرة في انائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا» فسؤال الأول محمول على أنّه أيقن باصابة الدم الاناء و شك في وصوله الماء، و الثاني أيقن بوصول الدم الماء. لكن الشيخ- رحمه اللّه- استدل بخبر المتن على عدم نجاسة الماء بما لم يدركه الطرف من الدم.

13
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

فَإِنْ سَقَطَ فِي رَاوِيَةِ مَاءٍ فَأْرَةٌ أَوْ جُرَذٌ أَوْ صَعْوَةٌ مَيْتَةٌ فَتَفَسَّخَ فِيهَا لَمْ يَجُزْ شُرْبُهُ وَ لَا الْوُضُوءُ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَفَسِّخٍ فَلَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ وَ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَ تُطْرَحُ الْمَيْتَةُ إِذَا خَرَجَتْ طَرِيَّةً وَ كَذَلِكَ الْجَرَّةُ وَ حُبُّ الْمَاءِ وَ الْقِرْبَةُ وَ أَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْمَاءِ «1» فَإِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِنَ الدَّوَابِّ فِي بِئْرِ مَاءٍ فَمَاتَتْ فَعُجِنَ مِنْ مَائِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ ذَلِكَ الْخُبْزِ إِذَا أَصَابَتْهُ النَّارُ «2».

19- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- أَكَلَتِ النَّارُ مَا فِيهِ.

فَإِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي خَابِيَةٍ فِيهَا سَمْنٌ أَوْ زَيْتٌ أَوْ عَسَلٌ وَ كَانَ جَامِداً أُخِذَتِ الْفَأْرَةُ مَعَ مَا حَوْلَهَا وَ اسْتُعْمِلَ الْبَاقِي وَ أُكِلَ‏ «3» وَ كَذَلِكَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الدَّقِيقِ وَ أَشْبَاهِهِ فَإِنْ وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي دُهْنٍ غَيْرِ جَامِدٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَصْبَحَ بِهِ فَإِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي حُبِّ دُهْنٍ فَأُخْرِجَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُدَّهَنَ مِنْهُ وَ يُبَاعَ مِنْ مُسْلِمٍ.

20- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ بِئْرٍ اسْتُقِيَ مِنْهَا «4» فَتُوُضِّئَ بِهِ وَ غُسِلَ بِهِ الثِّيَابُ وَ عُجِنَ بِهِ ثُمَّ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ لَا بَأْسَ وَ لَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْهُ وَ لَا تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ «5».

______________________________

 (1). بمضمون هذا الفتوى رواية رواها الشيخ في التهذيب ج 1 ص 117 و في الاستبصار ج 1 ص 7 عن محمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن حديد عن حماد ابن عيسى، عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، و حمل الشيخ- رحمه اللّه- الرواية على ما إذا كان مقدارها كرا و كذا الجرة و الحب و القربة. و حمل التفسخ على ما إذا كان تغير أحد أوصاف الماء. و قال بمثله سلطان العلماء، لكن الحق أن عليّ بن حديد ضعيف و لا اعتماد على ما تفرد به سيما إذا كان معارضا لما صح عنهم عليهم السلام و هذا ممّا تفرد به. قال العلامة في الخلاصة: على بن حديد بن حكيم ضعفه شيخنا في كتابى الاستبصار و التهذيب، لا يعول على ما يتفرد بنقله و قال الكشّيّ: انه فطحى من أهل الكوفة. ا ه.

 (2). مبنى على عدم تنجس ماء البئر بالملاقات و فائدة اصابة النار رفع الكراهة. (مراد).

 (3). هذا إذا ماتت الفارة فيها، و أمّا إذا خرجت قبل أن تموت كان الحكم الطهارة كما يجيى‏ء (م ت).

 (4). في بعض النسخ «استسقى منها».

 (5). فبعد ثبوت نبع البئر محمول على ما إذا لم يتغير أحد أوصاف الماء.

14
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

وَ الْفَأْرَةُ وَ الْكَلْبُ إِذَا أَكَلَا مِنَ الْخُبْزِ أَوْ شَمَّاهُ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ مَا شَمَّاهُ‏ «1» وَ يُؤْكَلُ مَا بَقِيَ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنَ الْحِيَاضِ الَّتِي يُبَالُ فِيهَا إِذَا غَلَبَ لَوْنُ الْمَاءِ الْبَوْلَ وَ إِنْ غَلَبَ لَوْنُ الْبَوْلِ الْمَاءَ فَلَا يُتَوَضَّأُ مِنْهَا «3» وَ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِاللَّبَنِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَاءِ أَوِ الصَّعِيدِ «4» وَ لَا بَأْسَ بِالتَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص قَدْ تَوَضَّأَ بِهِ وَ كَانَ ذَلِكَ مَاءً قَدْ نُبِذَتْ فِيهِ تُمَيْرَاتٌ وَ كَانَ صَافِياً فَوْقَهَا فَتَوَضَّأَ بِهِ فَإِذَا غَيَّرَ التَّمْرُ لَوْنَ الْمَاءِ لَمْ يَجُزِ الْوُضُوءُ بِهِ وَ النَّبِيذُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ وَ أُحِلَّ شُرْبُهُ هُوَ الَّذِي يُنْبَذُ بِالْغَدَاةِ وَ يُشْرَبُ بِالْعَشِيِّ أَوْ يُنْبَذُ بِالْعَشِيِّ وَ يُشْرَبُ بِالْغَدَاةِ فَإِنِ اغْتَسَلَ الرَّجُلُ فِي وَهْدَةٍ وَ خَشِيَ أَنْ يَرْجِعَ مَا يَنْصَبُّ عَنْهُ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي يَغْتَسِلُ مِنْهُ أَخَذَ كَفّاً وَ صَبَّهُ أَمَامَهُ وَ كَفّاً عَنْ يَمِينِهِ وَ كَفّاً عَنْ يَسَارِهِ وَ كَفّاً مِنْ خَلْفِهِ وَ اغْتَسَلَ مِنْهُ‏ «5»

______________________________

 (1). استحبابا اذ الشم لا يوجب النجاسة.

 (2). كما في صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه (ع) راجع قرب الإسناد ص 116.

 (3). ان كان المراد بول ما لا يؤكل لحمه فمحمول على كرية الحياض و ان كان المراد بول ما يؤكل لحمه فالمنع من الوضوء في صورة غلبة لون البول لسلب الإطلاق.

 (4). أراد بالوضوء الطهارة ظاهرا.

 (5). الوهدة- بالفتح فالسكون- المنخفض من الأرض. و روى الشيخ بهذا المضمون خبرا في التهذيب ج 1 ص 118، و حكى المحقق في المعتبر ص 22 قولين في بيان الخبر: أحدهما المراد منه رش الأرض ليجتمع أجزاؤها فيمتنع سرعة انحدار ما ينفصل من بدنه الى الماء. و الثاني أن المراد به بل جسده ليتعجل الاغتسال قبل أن ينحدر ما ينفصل منه و يعود الى الماء انتهى. و استبعد المولى مراد التفرشى هذين القولين و قال: و يحتمل حمله على إزالة النجاسة من بدنه بتلك الاكف فيقوم أولا في جانب لا ترجع الغسالة عنه الى الماء ثمّ يقرب من الماء و يغتسل منه. و يمكن أن يقال: المقصود من صب الاكف دفع ما وقع على وجه الماء من الكثافة فيصب المأخوذ على الجوانب اذ لو صب على جانب واحد لربما يرجع الى الماء فيزيد في كثافته.

15
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

فَإِنِ انْتَضَحَ عَلَى ثِيَابِ الرَّجُلِ أَوْ عَلَى بَدَنِهِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَسْتَنْجِي بِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ‏ «1» فَإِنْ تَرَشَّشَ‏ «2» مِنْ يَدِهِ فِي الْإِنَاءِ أَوِ انْصَبَّ فِي الْأَرْضِ فَوَقَعَ فِي الْإِنَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَ كَذَلِكَ فِي الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ «3» وَ إِنْ وَقَعَتْ مَيْتَةٌ فِي مَاءٍ جَارٍ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْمَيْتَةُ.

21- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنِ الْمَاءِ السَّاكِنِ تَكُونُ فِيهِ الْجِيفَةُ قَالَ يُتَوَضَّأُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَ لَا يُتَوَضَّأُ مِنْ جَانِبِ الْجِيفَةِ «4».

22- وَ سُئِلَ ع‏- عَنْ غَدِيرٍ فِيهِ جِيفَةٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ الْمَاءُ قَاهِراً لَهَا لَا تُوجَدُ الرِّيحُ مِنْهُ فَتَوَضَّأْ وَ اغْتَسِلْ‏ «5».

وَ مَنْ أَجْنَبَ فِي سَفَرِهِ فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا الثَّلْجَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ بِهِ وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ أَيْضاً يَدْلُكُ بِهِ جِلْدَهُ‏ «6» وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْرِفَ الْجُنُبُ الْمَاءَ مِنَ الْحُبِّ بِيَدِهِ‏ «7» وَ إِنِ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ فَنَزَا «8» الْمَاءُ مِنَ الْأَرْضِ فَوَقَعَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ سَالَ مِنْ‏

______________________________

 (1). روى المؤلّف في العلل رواية مسندة بمضمون هذه الفتوى. و كذا الشيخ في التهذيب ج 1 ص 24 و يدلّ على طهارة ماء الاستنجاء، و حمل على ما لم يكن فيه شي‏ء من النجاسة.

 (2). ترشّش عليه الماء: تنزل متفرقا، سال.

 (3). كما في رواية بريد بن معاوية في التهذيب ج 1 ص 24.

 (4). قال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 22 بعد نقله مسندا يحمل على أنّه أكثر من كر و الامر بالوضوء من الجانب الذي ليس فيه الجيفة محمول على الاستحباب و التنزّه، لان النفس تعاف مماسة الماء الذي تجاوره الجيفة و ان كان حكمه حكم الطاهر.

 (5). رواه الكليني في الصحيح ج 3 ص 4.

 (6). المراد بدلك الجلد بالثلج إمراره عليه الى أن يذوب منه ما يتحصل به مسمى الغسل، و قال السيّد المرتضى- رحمه اللّه- اذا لم يوجد الا الثلج ضرب يده و يتيمم بنداوته. و يدل عليه ظاهر صحيحة محمّد بن مسلم لكن الشيخ- رحمه اللّه- حملها على التيمم بالتراب.

 (7). هذا مأخوذ من كلام الامام (ع) في رواية شهاب بن عبد ربّه في البصائر ص 64.

 (8). نزا ينزو نزوانا: وثب.

16
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

بَدَنِهِ فِي الْإِنَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ‏ «1» وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَ الْمَرْأَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَ لَكِنْ تَغْتَسِلُ بِفَضْلِهِ وَ لَا يَغْتَسِلُ بِفَضْلِهَا «2» وَ أَكْبَرُ مَا يَقَعُ فِي الْبِئْرِ الْإِنْسَانُ فَيَمُوتُ فِيهَا فَيُنْزَحُ مِنْهَا سَبْعُونَ دَلْواً «3» وَ أَصْغَرُ مَا يَقَعُ فِيهَا الصَّعْوَةُ فَيُنْزَحُ مِنْهَا دَلْوٌ وَاحِدٌ وَ فِيمَا بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الصَّعْوَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يَقَعُ فِيهَا فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا فَأْرَةٌ وَ لَمْ تَتَفَسَّخْ يُنْزَحُ مِنْهَا دَلْوٌ وَاحِدٌ وَ إِذَا انْفَسَخَتْ فَسَبْعُ دِلَاءٍ وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا حِمَارٌ يُنْزَحُ مِنْهَا كُرٌّ مِنْ مَاءٍ وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا كَلْبٌ نُزِحَ مِنْهَا ثَلَاثُونَ دَلْواً إِلَى أَرْبَعِينَ دَلْواً وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا سِنَّوْرٌ نُزِحَ مِنْهَا سَبْعَةُ دِلَاءٍ «4» وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا دَجَاجَةٌ أَوْ حَمَامَةٌ نُزِحَ مِنْهَا سَبْعَةُ دِلَاءٍ وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا بَعِيرٌ أَوْ ثَوْرٌ أَوْ صُبَّ فِيهَا خَمْرٌ نُزِحَ الْمَاءُ كُلُّهُ وَ إِنْ قَطَرَ فِيهَا قَطَرَاتٌ مِنْ دَمٍ اسْتُقِيَ مِنْهَا دِلَاءٌ وَ إِنْ بَالَ فِيهَا رَجُلٌ اسْتُقِيَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ دَلْواً وَ إِنْ بَالَ فِيهَا صَبِيٌّ قَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ اسْتُقِيَ مِنْهَا ثَلَاثُ دِلَاءٍ وَ إِنْ كَانَ رَضِيعاً اسْتُقِيَ مِنْهَا دَلْوٌ وَاحِدٌ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ زَبِيلٌ‏ «5» مِنْ عَذِرَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ يَابِسَةٍ أَوْ زَبِيلٌ مِنْ سِرْقِينٍ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهَا وَ لَا يُنْزَحُ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ هَذَا إِذَا كَانَتْ فِي زَبِيلٍ وَ لَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ

______________________________

 (1). هذا إذا كانت الأرض و اليد طاهرتين، و فيه دلالة ما على جواز استعمال المستعمل في غسل الجنابة فيحمل على حال الضرورة. و روى الكليني في الكافي ج 3 ص 14 بسند صحيح عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «فى الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الاناء؟ فقال:

لا بأس ما جعل عليكم في الدين من حرج» فيفهم من ذيله أن الحكم مختص بحال الحرج.

 (2). لعل المراد أن الرجل يبتدئ بالاغتسال كما يجيى‏ء في باب مقدار الماء للوضوء عن أبي جعفر عليه السلام في صفة اغتسال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

 (3). الأكبرية باعتبار تقدير الدلو، أكثره سبعون و أقله دلو واحد. و قال المولى مراد التفرشى: الأكبرية باعتبار ما عين فيه العدد فلا يرد بنزح الجميع بالثور و غيره.

 (4). في الطير مطلقا الدّجاجة و الحمامة دلوين و الثلاثة و الدلاء الخمس أفضل و السبع أكمل.

 (5). الزبيل- كامير، و سكين- فاذا كسرته شددته: القفة أو الجراب أو الوعاء.

17
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

فِي الْبِئْرِ وَ مَتَى وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ عَذِرَةٌ اسْتُقِيَ مِنْهَا عَشَرَةُ دِلَاءٍ «1» فَإِنْ ذَابَتْ فِيهَا اسْتُقِيَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ دَلْواً إِلَى خَمْسِينَ دَلْواً «2» وَ الْبِئْرُ إِذَا كَانَ إِلَى جَانِبِهَا كَنِيفٌ فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ صُلْبَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَذْرُعٍ وَ إِنْ كَانَتْ رِخْوَةً فَسَبْعَةُ أَذْرُعٍ.

23- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ لَيْسَ يُكْرَهُ مِنْ قُرْبٍ وَ لَا بُعْدِ بِئْرٌ يُغْتَسَلُ مِنْهَا وَ يُتَوَضَّأُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرِ الْمَاءُ «3».

______________________________

 (1). أعلم أنّه أجمع علماء الإسلام كافة على نجاسة البئر بتغير أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة و اختلف علماؤنا في نجاسته بالملاقات على أقوال أحدها- و هو المشهور بين القدماء على المحكى- النجاسة مطلقا. و ثانيها الطهارة و استحباب النزح ذهب إليه من المتقدمين الحسن ابن أبي عقيل و الشيخ و أبو عبد اللّه الغضائري و العلامة و شيخه مفيد الدين بن الجهم و ولده فخر المحققين و إليه ذهب عامة المتأخرين. و ثالثها الطهارة و وجوب النزح تعبدا ذهب إليه الشيخ في التهذيب في ظاهر كلامه و العلامة في المنتهى. و رابعها الطهارة ان بلغ ماؤه كرا و النجاسة بدونه ذهب إليه الشيخ أبو الحسن محمّد بن محمّد البصرى من المتقدمين لانه يعتبر الكرية في مطلق الجاري و البئر من أنواعه و أرجح الأقوال عندنا هو القول بالطهارة (المدارك).

 (2). لعله بطريق التخيير مع كون الخمسين أفضل، و يحتمل أنّه من حيث اختلاف الآبار بالصغر و الكبر و كثرة العذرة و قلتها و كثرة الماء و قلة النبع و عدمها (سلطان).

 (3). أي ليس وجود البالوعة مكروها سواء كان قريبا من البئر أم بعيدا. و قال المولى مراد التفرشى: «بئر» مرفوع على أنّه اسند إليه «يكره» مبينا للمفعول و حينئذ لا بدّ من تقدير، و وصفه بقوله «يغتسل منها» يشعر بأن المراد عدم كراهة الاغتسال و الوضوء اذ لا يوصف بالاحكام الخمسة الا أفعال المكلف، و يمكن هنا الحمل على حفر بئر أيضا و المراد القرب من الكنيف حيث ان ذلك مذكور في كلام الراوي و ان لم يذكره المصنّف رحمه اللّه و ذكر البعد للاشعار بالتسوية بين القرب و البعد و الا فلا يتصور الكراهة في بعد البئر عن الكنيف ليحتاج الى الذكر.

و قد يأول بانه ليس كون الكنيف في قرب بئر أو بعد بئر على أن يكون المضاف إليه في الأول محذوفا و يرجع ضمير «يكره» الى كون الكنيف المقدر في نظم الكلام. و لا يخلو-

18
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

24- وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ «1» أَنَّهُ قَالَ: نَزَلْنَا فِي دَارٍ فِيهَا بِئْرٌ إِلَى جَنْبِهَا بَالُوعَةٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلَّا نَحْوٌ مِنْ ذِرَاعَيْنِ فَامْتَنَعُوا مِنَ الْوُضُوءِ مِنْهَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَدَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ تَوَضَّئُوا مِنْهَا فَإِنَّ لِتِلْكَ الْبَالُوعَةِ مَجَارِيَ تُصَبُّ فِي وَادٍ يَنْصَبُّ فِي الْبَحْرِ «2».

وَ مَتَى وَقَعَ فِي الْبِئْرِ شَيْ‏ءٌ فَتَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ وَجَبَ أَنْ يُنْزَحَ الْمَاءُ كُلُّهُ وَ إِنْ كَانَ كَثِيراً وَ صَعُبَ نَزْحُهُ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُتَكَارَى‏ «3» عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ يَسْتَقُونَ مِنْهَا عَلَى التَّرَاوُحِ مِنَ الْغُدْوَةِ إِلَى اللَّيْلِ وَ أَمَّا مَاءُ الْحَمَّاتِ فَإِنَّ النَّبِيَّ ص إِنَّمَا نَهَى أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا وَ لَمْ يَنْهَ عَنِ التَّوَضُّؤِ بِهَا وَ هِيَ الْمِيَاهُ الْحَارَّةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْجِبَالِ يُشَمُّ مِنْهَا رَائِحَةُ الْكِبْرِيتِ‏ «4».

25- وَ قَالَ ع‏ إِنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ.

وَ إِنْ قَطَرَ خَمْرٌ أَوْ نَبِيذٌ فِي عَجِينٍ فَقَدْ فَسَدَ «5» فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى بَعْدَ أَنْ يُبَيَّنَ لَهُمْ‏ «6» وَ الْفُقَّاعُ مِثْلُ ذَلِكَ.

______________________________

- من بعد. و في الحديث اشعار بأنّه لو تغير الماء بقرب الكنيف كره استعماله- انتهى. و قال سلطان العلماء: هذا يدلّ على أن ما ذكره قبل هذا من تحديد البعد بطريق الاستحباب.

 (1). الطريق الى أبي بصير ضعيف بالبطائنى.

 (2). أي ليس مجرى البالوعة منحصرا فيما ينتهى الى البئر حتّى يلزم من قربها إليها جريان مائها إليها بل لها مجارى الى واد فتصب في تلك الوادى و الوادى تنصب في البحر و في بعض النسخ «نضب في واد ينضب في البحر» و نضب الماء غار و يحتمل كون المراد ارتباط ماء البالوعة بالماء الذي هو تحت الأرض الذي هو بمنزلة الوادى. (مراد).

 (3). في بعض النسخ «أن يتعاون».

 (4). روى الكليني في الكافي ج 6 ص 389 بمضمونه خبرا و في ذيله «قيل: إنّها من فيح جهنم» و الفيح الغليان و شيوع الحرّ و فورانه.

 (5). قال سلطان العلماء (ره): يحتمل أن هذا لحرمة الخمر لا النجاسة، فلا ينافى مذهب المصنّف.

 (6). لنفى وقوع التدليس (سلطان).

19
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

26- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُ‏ «1» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏- عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ فِي إِنَائِهِ فَأْرَةً وَ قَدْ تَوَضَّأَ مِنْ ذَلِكَ الْإِنَاءِ مِرَاراً وَ اغْتَسَلَ مِنْهُ أَوْ غَسَلَ ثِيَابَهُ وَ قَدْ كَانَتِ الْفَأْرَةُ مُنْسَلِخَةً فَقَالَ إِنْ كَانَ رَآهَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْسِلَ ثِيَابَهُ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا رَآهَا فِي الْإِنَاءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ثِيَابَهُ وَ يَغْسِلَ كُلَّ مَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْمَاءُ وَ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ وَ إِنْ كَانَ إِنَّمَا رَآهَا بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ وَ فِعْلِهِ فَلَا يَمَسَّ مِنَ الْمَاءِ شَيْئاً وَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَتَى سَقَطَتْ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا سَقَطَتْ فِيهِ تِلْكَ السَّاعَةَ الَّتِي رَآهَا.

27- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ «2»- عَنِ الرَّجُلِ الْجُنُبِ‏ «3» هَلْ يُجْزِيهِ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَنْ يَقُومَ فِي الْمَطَرِ حَتَّى يُغْسَلَ رَأْسُهُ وَ جَسَدُهُ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى مَاءٍ سِوَى ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا غَسَلَهُ اغْتِسَالَهُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ.

28- وَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ «4» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ ع كَانَ يَقُولُ‏ لَا بَأْسَ بِسُؤْرِ الْفَأْرَةِ إِذَا شَرِبَتْ مِنَ الْإِنَاءِ أَنْ تَشْرَبَ مِنْهُ أَوْ تَتَوَضَّأَ مِنْهُ.

وَ الْوَزَغَةُ إِذَا وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ نُزِحَ مِنْهَا ثَلَاثُ دِلَاءٍ «5» وَ إِذَا ذَبَحَ رَجُلٌ طَيْراً مِثْلَ دَجَاجَةٍ أَوْ حَمَامَةٍ فَوَقَعَ بِدَمِهِ فِي الْبِئْرِ نُزِحَ مِنْهَا دِلَاءٌ.

29- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏- عَنْ رَجُلٍ ذَبَحَ شَاةً فَاضْطَرَبَتْ فَوَقَعَتْ فِي بِئْرِ مَاءٍ وَ أَوْدَاجُهَا تَشْخُبُ دَماً هَلْ يُتَوَضَّأُ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ قَالَ يُنْزَحُ مِنْهَا مَا بَيْنَ ثَلَاثِينَ دَلْواً إِلَى أَرْبَعِينَ دَلْواً ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهَا.

______________________________

 (1). طريق الصدوق (ره) الى عمّار بن موسى قوى، فيه أحمد بن الحسن بن فضال و هو فاسد المذهب ثقة. (صه).

 (2). طريق المصنّف الى عليّ بن جعفر صحيح كما في (صه).

 (3). في بعض النسخ «المجنب» و في بعضها «يجنب».

 (4). طريق المصنّف الى إسحاق بن عمّار صحيح الا أن في إسحاق قولا. (صه).

 (5). كما في رواية معاوية بن عمّار عن الصادق (ع) في التهذيب ج 1 ص 69.

20
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

30- وَ سَأَلَ يَعْقُوبُ بْنُ عُثَيْمٍ‏ «1» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فَقَالَ لَهُ بِئْرُ مَاءٍ فِي مَائِهَا رِيحٌ يَخْرُجُ مِنْهَا قِطَعُ جُلُودٍ فَقَالَ لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ لِأَنَّ الْوَزَغَ رُبَّمَا طَرَحَ جِلْدَهُ إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ دَلْوٌ وَاحِدٌ.

31- وَ سَأَلَ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُ‏ «2» أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ السَّامِّ أَبْرَصَ‏ «3» يَقَعُ فِي الْبِئْرِ فَقَالَ لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ حَرِّكِ الْمَاءَ بِالدَّلْوِ.

32- وَ سَأَلَهُ يَعْقُوبُ بْنُ عُثَيْمٍ‏ عَنْ سَامِّ أَبْرَصَ وَجَدْنَاهُ فِي الْبِئْرِ قَدْ تَفَسَّخَ فَقَالَ إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَنْزَحَ مِنْهَا سَبْعَةَ دِلَاءٍ فَقَالَ لَهُ فَثِيَابُنَا قَدْ صَلَّيْنَا فِيهَا نَغْسِلُهَا وَ نُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا.

وَ الْعَظَايَةُ «4» إِذَا وَقَعَتْ فِي اللَّبَنِ حُرِّمَ اللَّبَنُ وَ يُقَالُ إِنَّ فِيهَا السَّمَّ وَ إِنْ وَقَعَتْ شَاةٌ وَ مَا أَشْبَهَهَا فِي بِئْرٍ يُنْزَحُ مِنْهَا تِسْعَةُ دِلَاءٍ إِلَى عَشَرَةِ دِلَاءٍ.

33- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ كَانَتْ فِي الْمَدِينَةِ بِئْرٌ فِي وَسَطِ مَزْبَلَةٍ فَكَانَتِ الرِّيحُ تَهُبُّ فَتُلْقِي فِيهَا الْقَذَرَ وَ كَانَ النَّبِيُّ ص يَتَوَضَّأُ مِنْهَا.

34- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ «5» أَبَا جَعْفَرٍ ع‏- عَنِ الْبِئْرِ تَقَعُ فِيهَا الْمَيْتَةُ فَقَالَ إِنْ كَانَ لَهَا رِيحٌ نُزِحَ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْواً «6».

______________________________

 (1). الطريق الى يعقوب بن عثيم صحيح (صه).

 (2). الطريق الى جابر بن يزيد ضعيف (صه).

 (3). السامّ أبرص: كبار الوزغ؛ هما اسمان جعلا اسما واحدا و يقع على الذكر و الأنثى و يعرف بأبي أبرص.

 (4). العظاية: دويبة ملساء أصغر من الحرذون، تمشى مشيا سريعا ثمّ تقف، تشبه سام أبرص.

 (5). الطريق الى محمّد بن مسلم فيه عليّ بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه أحمد و هما غير مذكورين (صه).

 (6). يحتمل أن يكون المراد ما لا نفس له فالنزح لاجل الريح لا النجاسة.

21
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

35- وَ سَأَلَ كُرْدَوَيْهِ الْهَمْدَانِيُ‏ «1» أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنْ بِئْرٍ يَدْخُلُهَا مَاءُ الطَّرِيقِ فِيهِ الْبَوْلُ وَ الْعَذِرَةُ وَ أَبْوَالُ الدَّوَابِّ وَ أَرْوَاثُهَا وَ خُرْءُ الْكِلَابِ فَقَالَ يُنْزَحُ مِنْهَا ثَلَاثُونَ دَلْواً وَ إِنْ كَانَتْ مُبْخِرَةً «2».

وَ لَا يَجُوزُ «3» أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَأَمَّا الْمَاءُ الْجَارِي فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبُولَ فِيهِ وَ لَكِنْ يُتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مِنَ الشَّيْطَانِ‏ «4» وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الْبَوْلَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ يُورِثُ النِّسْيَانَ‏ «5».

بَابُ ارْتِيَادِ الْمَكَانِ لِلْحَدَثِ وَ السُّنَّةِ فِي دُخُولِهِ وَ الْآدَابِ فِيهِ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ‏

36- قَالَ الصَّادِقُ ع‏- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَشَدَّ النَّاسِ تَوَقِّياً لِلْبَوْلِ حَتَّى أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَوْلَ عَمَدَ «6» إِلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ مِنَ الْأَرْضِ أَوْ مَكَانٍ يَكُونُ فِيهِ التُّرَابُ الْكَثِيرُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُنْضَحَ عَلَيْهِ الْبَوْلُ.

______________________________

 (1). الطريق الى كردويه الهمدانيّ صحيح (صه) و هو مجهول الحال.

 (2). أي البئر التي يشم منها الرائحة الكريهة، يعنى المنتنة.

 (3). الظاهر مراده الكراهة بقرينة ما يأتي من التعليل.

 (4). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 100 باسناد له فيه ارسال عن أبي عبد اللّه (ع) في حديث قال: «قلت له: يبول الرجل في الماء قال: نعم و لكن يتخوف عليه من الشيطان» اى يمكن أن يعتاد ذلك فيسول ذلك الشيطان في نظره حتّى يحرضه على البول في الماء الراكد.

 (5). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 9 و 13 بإسناده عن الفضيل عن الصادق (ع) قال:

 «لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري و كره أن يبول في الماء الراكد».

 (6). قوله: «عمد» أي قصد.

22
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

37- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَرَادَ دُخُولَ الْمُتَوَضَّإِ «1» قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ‏ «2» اللَّهُمَّ أَمِتْ عَنِّي الْأَذَى وَ أَعِذْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَ إِذَا اسْتَوَى جَالِساً لِلْوُضُوءِ «3» قَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الْقَذَى وَ الْأَذَى‏ «4» وَ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ وَ إِذَا تَزَحَّرَ «5» قَالَ- اللَّهُمَّ كَمَا أَطْعَمْتَنِيهِ طَيِّباً فِي عَافِيَةٍ فَأَخْرِجْهُ مِنِّي خَبِيثاً فِي عَافِيَةٍ.

38- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع‏ «6» يَقُولُ‏ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ بِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يُلَوِّي‏ «7» عُنُقَهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى حَدَثِهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ يَا ابْنَ آدَمَ هَذَا رِزْقُكَ فَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَهُ وَ إِلَى مَا صَارَ فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْحَلَالَ وَ جَنِّبْنِي الْحَرَامَ.

وَ لَمْ يُرَ لِلنَّبِيِّ ص قَطُّ نَجْوٌ «8» لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَكَّلَ الْأَرْضَ بِابْتِلَاعِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ.

39- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ «9» وَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَذْهَبِ‏ «10»

______________________________

 (1). المراد بالمتوضإ الكنيف.

 (2). الرجس: النجس و القذر، و قد يعبر به عن الحرام و الفعل القبيح، و العذاب و اللعنة و الكفر و المراد منه- في الحديث- الأول. قال الفراء: إذا بدءوا بالنجس و لم يذكروا الرجس فتحوا النون و الجيم، و إذا بدءوا بالرجس ثمّ أتبعوه النجس كسروا الجيم و الخبيث ذو الخبث في نفسه، و المخبث الذي أعوانه خبثاء. (النهاية).

 (3). أراد بالوضوء قضاء الحاجة كما هو الظاهر بقرينة المقام.

 (4). أراد بالقذى النجاسات و بالاذى لوازمها.

 (5). التزحر- بالزاى و الحاء المهملة المشددة-: التنفس بأنين و شدة، و قيل:

استطلاق البطن بشدة.

 (6). في بعض النسخ «و كان عليه السلام» فالضمير راجع الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

 (7). من باب التفعيل أي ثناه و عطفه و عاجه. و المجرد منه بمعناه.

 (8). النجو ما يخرج من البطن من ريح أو غائط.

 (9). المراد قضاء الحاجة.

 (10) يعني بيت الخلاء.

23
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ يَسَارِهِ إِلَى مَلَكَيْهِ فَيَقُولُ أَمِيطَا عَنِّي‏ «1» فَلَكُمَا اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لَا أُحَدِّثَ‏ «2» بِلِسَانِي شَيْئاً حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكُمَا.

40- وَ كَانَ ع إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ يَقُولُ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَافِظِ الْمُؤَدِّي- فَإِذَا خَرَجَ مَسَحَ بَطْنَهُ وَ قَالَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي أَذَاهُ وَ أَبْقَى فِيَّ قُوَّتَهُ فَيَا لَهَا مِنْ نِعْمَةٍ لَا يَقْدِرُ الْقَادِرُونَ قَدْرَهَا.

41- وَ كَانَ الصَّادِقُ ع إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ يُقَنِّعُ رَأْسَهُ وَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبِّ أَخْرِجْ عَنِّي الْأَذَى سَرْحاً «3» بِغَيْرِ حِسَابٍ وَ اجْعَلْنِي لَكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ فِيمَا تَصْرِفُهُ عَنِّي مِنَ الْأَذَى وَ الْغَمِّ الَّذِي لَوْ حَبَسْتَهُ عَنِّي هَلَكْتُ لَكَ الْحَمْدُ اعْصِمْنِي مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ وَ أَخْرِجْنِي مِنْهَا سَالِماً وَ حُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

وَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ‏ «4» إِقْرَاراً بِأَنَّهُ غَيْرُ مُبَرِّئٍ نَفْسَهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَ يُدْخِلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى فَرْقاً بَيْنَ دُخُولِ الْخَلَاءِ وَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ أَكْثَرَ مَا يَهُمُّ بِالْإِنْسَانِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ أَخْرَجَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى‏ «5».

______________________________

 (1). أي اذهبا عنى و ابعدا و خليا عنى و اتركانى و نفسى.

 (2). في نسخة «انى لا أحدث».

 (3). أي بلا انقباض و عسر، متلبسا بان لا تحاسبى على هذه النعمة الجليلة.

 (4). قال في الحدائق: لم أقف فيه على خصوص خبر سوى اخبار التقنّع، و من الظاهر مغايرته له، نعم قال المفيد (ره): «و ليغط رأسه ان كان مكشوفا ليأمن بذلك من عبث الشيطان و من وصول الرائحة الخبيثة الى دماغه، و هو سنة من سنن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و فيه اظهار الحياء من اللّه لكثرة نعمه على العبد و قلة الشكر منه» و فيه دلالة على ورود النصّ به و ليس ببعيد كون المراد به التقنع لمناسبة التعليل الأخير له دون مجرد التغطية.

 (5). الظاهر أنّه في خبر و ان لم نعثر عليه لان الصدوق (ره) لا يذكر شيئا من ذلك الا عن نص بلغه فيه و لذا تبعه الاصحاب، و قد اختص بعضهم هذا الحكم بالبنيان نظرا الى مسمى الدخول و الخروج و خالفه العلامة رحمه اللّه و صرّح بان الأقرب عدم الاختصاص على ما في الحدائق.

24
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

42- وَ وَجَدْتُ بِخَطِّ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثاً أَسْنَدَهُ إِلَى الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ كَثُرَ عَلَيْهِ السَّهْوُ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

43- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏- إِذَا انْكَشَفَ أَحَدُكُمْ لِبَوْلٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ- بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرُغَ.

44- وَ قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع- أَيْنَ يَتَوَضَّأُ الْغُرَبَاءُ فَقَالَ يَتَّقُونَ شُطُوطَ الْأَنْهَارِ وَ الطُّرُقَ النَّافِذَةَ «1» وَ تَحْتَ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَ مَوَاضِعَ اللَّعْنِ فَقِيلَ لَهُ وَ أَيْنَ مَوَاضِعُ اللَّعْنِ قَالَ أَبْوَابُ الدُّورِ «2».

45- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَغَوِّطَ فِي ظِلِّ النُّزَّلِ‏ «3» وَ الْمَانِعَ الْمَاءَ الْمُنْتَابَ‏ «4» وَ السَّادَّ الطَّرِيقَ الْمَسْلُوكَ‏ «5».

______________________________

 (1). شطوط الأنهار جوانبها، أو مسارع المياه الواردة. و تقييد الطرق بالنافذة احتراز عن المرفوعة فانها ملك لاربابها فيحرم التخلى فيها قطعا، أو المراد الطرق المسلوكة لا المتروكة.

 (2). يمكن أن يكون تعبيره عليه السلام للمثال و يكون اللفظ على العموم في كل موضع يتأذى به الناس، و يسبون فاعله، و ان كان السب و اللعن حراما.

 (3). أي محل ورود المسافرين.

 (4). أي الماء المشترك في نوبة الشريك. أو الماء المباح الذي يعتوره المارة على النوبة.

 (5). قال في الحدائق: ظاهر الاصحاب سيّما المتأخرين الحكم بالكراهة في الجميع الا أن الشيخ المفيد في المقنعة عبر في هذه المواضع بعدم الجواز، و ابن بابويه في الفقيه عبر بذلك في في‏ء النزال و تحت الاشجار المثمرة. و قال شيخنا صاحب «الرياض»- بعد نقل ذلك عنهما- ما لفظه «و الجزم بالجواز مع ورود النهى و الامر و اللعن في البعض مع عدم المعارض سوى أصالة البراءة مشكل- ا ه».

و هو جيد الا أنّه كثيرا ما قد تكرر منهم عليهم السلام في المحافظة على الوظائف المسنونة من ضروب التأكيدات في الاوامر و النواهى ما يكاد يلحقها بالواجبات و المحرمات-

25
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

46- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ مَنْ سَدَّ طَرِيقاً بَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهُ‏ «1».

47- وَ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع‏ مَا حَدُّ الْغَائِطِ قَالَ لَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهَا «2» وَ لَا تَسْتَقْبِلِ الرِّيحَ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهَا «3».

48- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ لَا تَسْتَقْبِلِ الْهِلَالَ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهُ.

وَ مَنِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ ثُمَّ ذَكَرَ فَتَحَرَّفَ عَنْهَا إِجْلَالًا لِلْقِبْلَةِ لَمْ يَقُمْ‏

______________________________

- كما لا يخفى على من تتبع الاخبار و جاس خلال الديار، على أن اللعن هو البعد من رحمة اللّه و هو كما يحصل بفعل المحرم يحصل بفعل المكروه و لو في الجملة. انتهى.

 (1). البتر القطع يقال: بتره بترا من باب قتل: قطعه على غير تمام.

 (2). قال في المدارك: اختلف الاصحاب في تحريم الاستقبال و الاستدبار للقبلة على المتخلى فذهب الشيخ و ابن البرّاج و ابن إدريس الى تحريمهما في الصحارى و البنيان، و قال ابن الجنيد: يستحب إذا أراد التغوط في الصحراء أن يتجنب استقبال القبلة و لم يتعرض للاستدبار، و نقل عن سلار الكراهة في الصحارى أيضا أو التحريم.

و قال المفيد في المقنعة: و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها، ثمّ قال بعد ذلك: و إذا دخل الإنسان دارا قد بنى فيها مقعدة للغائط على استقبال القبلة أو استدبارها لم يضرّه الجلوس عليه و انما يكره ذلك في الصحارى و المواضع التي يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة.

و قال العلامة في المختلف بعد حكاية ذلك: و هذا يعطى الكراهة في الصحارى و الاباحة في البنيان و هو غير واضح- الخ».

و في الشرائع و يحرم استقبال القبلة و استدبارها و يستوى في ذلك الصحارى و الابنية.

أقول: مورد الخبر و ان كان هو الغائط فقط دون البول لكن المراد منه المعنى اللغوى بالتقريب الذي ذكروه في دلالة قوله تعالى: «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ»+ و حينئذ التعميم ظاهر، بل الظاهر أن المفسدة في استقبال الريح و استدبارها بالبول أشدّ فيندرج في باب مفهوم الموافقة على القول به كما في الحدائق.

 (3). ظاهر هذا الخبر و ما يليه التحريم لكن المشهور بين الاصحاب الحكم بالكراهة.

26
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

مِنْ مَوْضِعِهِ حَتَّى يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ‏ «1».

49- وَ دَخَلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- الْخَلَاءَ فَوَجَدَ لُقْمَةَ خُبْزٍ فِي الْقَذَرِ فَأَخَذَهَا وَ غَسَلَهَا «2» وَ دَفَعَهَا إِلَى مَمْلُوكٍ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ تَكُونُ مَعَكَ لآِكُلَهَا إِذَا خَرَجْتُ فَلَمَّا خَرَجَ ع قَالَ لِلْمَمْلُوكِ أَيْنَ اللُّقْمَةُ قَالَ أَكَلْتُهَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ- فَقَالَ إِنَّهَا مَا اسْتَقَرَّتْ فِي جَوْفِ أَحَدٍ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ- فَاذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَسْتَخْدِمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ «3».

50- وَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يُطَمِّحَ الرَّجُلُ بِبَوْلِهِ فِي الْهَوَاءِ مِنَ السَّطْحِ أَوْ مِنَ الشَّيْ‏ءِ الْمُرْتَفِعِ‏ «4».

51- وَ قَالَ ع‏- الْبَوْلُ قَائِماً مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ مِنَ الْجَفَاءِ «5» وَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَمِينِ مِنَ الْجَفَاءِ.

52- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ الْيَسَارُ مُعْتَلَّةً.

53- وَ سَأَلَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فَقَالَ لَهُ أَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ الَّذِي يُبَالُ فِيهِ وَ عَلَيَّ نَعْلٌ سِنْدِيَّةٌ فَأَغْتَسِلُ وَ عَلَيَّ النَّعْلُ كَمَا هِيَ فَقَالَ إِنْ كَانَ الْمَاءُ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ جَسَدِكَ يُصِيبُ أَسْفَلَ قَدَمَيْكَ فَلَا تَغْسِلْ أَسْفَلَ قَدَمَيْكَ‏ «6».

وَ كَذَلِكَ إِذَا اغْتَسَلَ الرَّجُلُ فِي حُفْرَةٍ وَ جَرَى الْمَاءُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لَمْ يَغْسِلْهُمَا وَ إِنْ‏

______________________________

 (1). كما في رواية محمّد بن إسماعيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 100.

 (2). يحتمل كون القذر هنا بمعنى الوسخ و الغسل لرفع الكراهة.

 (3). استدل بتأخيره (ع) على كراهة الاكل و كذا الشرب الحاقا بالاكل في بيت الخلاء و من المحتمل أن يكون التأخير من جهة اخرى و هي الركاكة العرفية.

 (4). طمح ببوله إذا رماه في الهواء، و الخبر مرويّ في الكافي ج 3 ص 15.

 (5). أي ظلم و خلاف للمروءة و بعد عن المقام الانسانية.

 (6). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 45.

27
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

كَانَتْ رِجْلَاهُ مُسْتَنْقِعَتَيْنِ فِي الْمَاءِ غَسَلَهُمَا «1».

54- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ كَيْفَ يَقْعُدُ قَالَ كَمَا يَقْعُدُ لِلْغَائِطِ.

55- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِذَا بَالَ الرَّجُلُ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ.

56- وَ قَالَ ع‏ طُولُ الْجُلُوسِ عَلَى الْخَلَاءِ يُورِثُ الْبَاسُورَ «2».

57- وَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏- عَنِ التَّسْبِيحِ فِي الْمَخْرَجِ‏ «3» وَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَمْ يُرَخَّصْ فِي الْكَنِيفِ أَكْثَرَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَ يَحْمَدَ اللَّهَ‏ «4» أَوْ آيَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏.

وَ مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ فَلْيَقُلْ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ وَ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الدُّعَاءِ وَ التَّحْمِيدِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَى الْخَلَاءِ فَإِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى حَسَنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

58- وَ لَمَّا نَاجَى اللَّهُ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَلَى نَبِيِّنَا وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ أَ بَعِيدٌ أَنْتَ مِنِّي فَأُنَادِيَكَ أَمْ قَرِيبٌ فَأُنَاجِيَكَ‏ «5» فَأَوْحَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَيْهِ أَنَا

______________________________

 (1). ورد بمضمونه خبر في الكافي ج 3 ص 44. و استنقع في الماء أي مكن فيه، و في الغدير نزل و اغتسل، و قال العلّامة المجلسيّ في المرآة: ظاهره أنّه ان كان رجلاه في الطين المانع من وصول الماء إليها يجب غسلهما و ان لم يكن كذلك بل يسيل الماء الذي يجرى على بدنه على رجليه فلا يجب الغسل بعد الغسل أو الغسل. أو المراد أنّه ان كان يغتسل في الماء الجاري و الماء يسيل على قدميه فلا يجب غسله و ان كان في الماء الواقف القليل فانه يصير غسالة و لا يكفى لغسل الرجلين، و لعله أظهر الوجوه.

 (2). الباسور: علة معروفة و الجمع بواسير؛ و في بعض النسخ «الناسور» بالنون و هى قرحة لها غور يسيل منها القيح و الصديد دائما و قلما يندمل و قد يحدث في ماق العين و قد يحدث في حوالى المقعد.

 (3). يعني بيت الخلاء.

 (4). ينبغي أن يقرأ منصوبا بتقدير «أن» ليكون عطفا على آية الكرسيّ، يعنى يقرأ شيئا مشتملا على حمد اللّه سبحانه (مراد).

 (5). المقصود استعلام كيفية الدعاء من الجهر و الاخفات. (م ت).

28
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي‏ «1» فَقَالَ مُوسَى ع يَا رَبِّ إِنِّي أَكُونُ فِي أَحْوَالٍ أُجِلُّكَ أَنْ أَذْكُرَكَ فِيهَا «2» فَقَالَ يَا مُوسَى اذْكُرْنِي عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ‏ «3» أَنْ يَدْخُلَ إِلَى الْخَلَاءِ وَ مَعَهُ خَاتَمٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ أَوْ مُصْحَفٌ‏ «4» فِيهِ الْقُرْآنُ فَإِنْ دَخَلَ وَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَلْيُحَوِّلْهُ عَنْ يَدِهِ الْيُسْرَى إِذَا أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ «5» وَ كَذَلِكَ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ فَصُّهُ مِنْ حِجَارَةِ زَمْزَمَ‏ «6» نَزَعَهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ فَإِذَا فَرَغَ الرَّجُلُ مِنْ حَاجَتِهِ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاطَ عَنِّي الْأَذَى وَ هَنَّأَنِي طَعَامِي وَ شَرَابِي وَ عَافَانِي مِنَ الْبَلْوَى وَ الِاسْتِنْجَاءُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ «7» ثُمَّ بِالْمَاءِ «8» فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَاءِ أَجْزَأَهُ‏ «9»

______________________________

 (1). أي كالجليس في عدم الاحتياج الى النداء بل يكفى المسارة. (مراد).

 (2). أي أستحيى أن اذكرك في تلك الحال.

 (3). و كذا المرأة، و مفهوم اللقب ليس بمعتبر.

 (4). أي صحيفة أو هو بمعناه المعروف و قال التفرشى: لعل ذكر قوله فيه القرآن للتنبيه على سبب المنع من ادخاله.

 (5). لرواية أبي بصير عن الصادق (ع) المروية في الكافي ج 3 ص 474.

 (6). حكى عن الشهيد- رحمه اللّه- أنه قال في الذكرى: «فى نسخة الكافي ايراد هذه الرواية بلفظ «حجارة زمرد» فعلى هذا يكون هو المراد من زمزم، و قال: سمعناه مذاكرة» لكن في التهذيب ج 1 ص 101 و بعض نسخ الكافي ج 3 ص 17 «حجارة زمزم».

 (7). نقل الشهيد. رحمه اللّه- في الذكرى خبرا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم أجده من طريق الخاصّة و لعله من طريق العامّة. و في سنن النسائى ج 1 ص 42 و سنن البيهقيّ ج 1 ص 103 عنه (ص) قال: «إذا ذهب أحدكم الى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فليستطب بها فانها تجزى عنه». فانه يدلّ بمفهومه على عدم اجزاء ما دون الثلاثة.

 (8). يعني الأكمل الجمع لان الكامل الماء، و في المعتبر أن الجمع بين الماء و الاحجار مستحب. و يدلّ عليه ما روى مرفوعا عن الصادق (ع) أنه قال: «جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء» التهذيب ج 1 ص 13.

 (9). يدل على التخيير و ذلك إذا لم يتعد المخرج. و لكن الماء أفضل- لما يأتي- و إذا تعدى فتعين الماء بلا خلاف أجده.

29
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

وَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالرَّوْثِ وَ الْعَظْمِ‏ «1»

لِأَنَّ وَفْدَ الْجَانِّ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتِّعْنَا فَأَعْطَاهُمُ الرَّوْثَ وَ الْعَظْمَ.

فَلِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِمَا «2».

59- وَ كَانَ النَّاسُ يَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ «3» فَأَكَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَاماً فَلَانَ بَطْنُهُ فَاسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيهِ- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَخَشِيَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَلَ فِيهِ أَمْرٌ يَسُوؤُهُ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص هَلْ عَمِلْتَ فِي يَوْمِكَ هَذَا شَيْئاً قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتُ طَعَاماً فَلَانَ بَطْنِي فَاسْتَنْجَيْتُ بِالْمَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فِيكَ- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ فَكُنْتَ أَنْتَ أَوَّلَ التَّوَّابِينَ وَ أَوَّلَ الْمُتَطَهِّرِينَ.

وَ يُقَالُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ الْبَرَاءَ بْنَ مَعْرُورٍ الْأَنْصَارِيَ‏ «4»

______________________________

 (1). الروث: رجيع ذوات الحوافر و اختصه بعضهم بما يكون من الخيل و البغال و الحمير و يأتي الكلام في العظم و ظاهر كلامه- رحمه اللّه- الحرمة كما ذهب إليه جمع من الاصحاب. و قيل بالكراهة لضعف المستند سندا و متنا.

 (2). قوله: «فأعطاهم الروث و العظم» أي أمر صلّى اللّه عليه و آله الناس بتركهما لهم ليتمتعوا بهما، و المراد بالعظم: البالى منه كما جاء في سنن النسائى و غيره «كان يأمر بثلاثة أحجار و نهى عن الروث و الرمة» و الرمة بكسر الراء و شد الميم-: العظم البالى. و أما كون العظم و الروث طعاما للجن كما في رواية نقلها الشيخ ففى طريقها مفضل بن صالح فلا عبرة بها لانه ضعيف كذاب يضع الحديث.

 (3). أي كان عادتهم ذلك.

 (4). البراء بن معرور كان من النقباء الذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليلة العقبة، و أجمع المؤرخون على أنّه مات في المدينة في صفر قبل قدوم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بشهر، فلما قدم انطلق باصحابه فصلى على قبره.

و في الكافي ج 3 ص 254 عن الصادق (ع) «كان البراء بن معرور بالمدينة و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمكّة و انه حضره الموت و رسول اللّه و المسلمين يصلون الى بيت المقدس، فأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجهه الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الى القبلة» و هذا صريح في أنّه لم يدرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد الهجرة، و الآية في سورة البقرة: 222 و نزلت بالمدينة. و هذا لا يلائم كون الرجل البراء بن معرور لما عرفت. و لنا فيه كلام في الخصال ص 192 في نحو هذا الخبر.

30
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

وَ مَنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ فَلْيَمْسَحْ بِإِصْبَعِهِ مِنْ عِنْدِ الْمَقْعَدَةِ إِلَى الْأُنْثَيَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَنْتُرُ «1» ذَكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى يَدِهِ لِلِاسْتِنْجَاءِ فَلْيَقُلِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً وَ لَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً وَ يَصُبُّ عَلَى إِحْلِيلِهِ مِنَ الْمَاءِ مِثْلَيْ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْبَوْلِ يَصُبُّهُ مَرَّتَيْنِ هَذَا أَدْنَى مَا يُجْزِي ثُمَّ يَسْتَنْجِي مِنَ الْغَائِطِ «2» وَ يَغْسِلُ حَتَّى يُنَقِّيَ مَا ثَمَّةَ وَ الْمُسْتَنْجِي يَصُبُّ الْمَاءَ إِذَا انْقَطَعَتْ دِرَّةُ الْبَوْلِ‏ «3» وَ مَنْ صَلَّى فَذَكَرَ بَعْدَ مَا صَلَّى أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ ذَكَرَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ وَ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ مِنَ الْغَائِطِ «4» حَتَّى صَلَّى لَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ وَ يُجْزِي فِي الْغَائِطِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ «5» وَ الْخَزَفِ وَ الْمَدَرِ.

60- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ فِي الِاسْتِنْجَاءِ يُغْسَلُ مَا ظَهَرَ عَلَى الشَّرْجِ‏ «6» وَ لَا يُدْخَلُ فِيهِ الْأَنْمُلَةُ.

وَ لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ عَلَى الْخَلَاءِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ ص عَنْ ذَلِكَ‏ «7».

61- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْخَلَاءِ لَمْ تُقْضَ حَاجَتُهُ‏ «8».

______________________________

 (1). النتر: جذب الشي‏ء بشدة، و منه نتر الذكر في الاستبراء.

 (2). ظاهر الكلام مخالف لما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 17 بإسناده عن عمار الساباطى ففيه «سئل الصادق (ع) اذا أراد الرجل أن يستنجى بالماء يبدأ بالمقعدة أو بالاحليل؟

فقال: بالمقعدة ثمّ بالاحليل» و حمل الخبر على الاستحباب، و علل كلام الصدوق بان لا تنجس اليد بالغائط عند الاستبراء. و قدم الشيخ المفيد الاستنجاء من الغائط على الاستنجاء من البول في المقنعة.

 (3). الدرة- بالكسر و التشديد-: السيلان.

 (4). يدل على كلامه بعض الأخبار الصحيحة و في كثير منها أنّه لا يعيد الوضوء و يعيد الصلاة، و في كثير منها لا يعيدهما، و في صحيحة عليّ بن مهزيار يعيد الصلاة في الوقت لا في خارجه، و الذي يظهر من الاخبار باعتبار الجمع بينهما أن إعادة الوضوء على الاستحباب و كذا إعادة الصلاة خارج الوقت، و في الإعادة في الوقت نظر الأحوط الإعادة (م ت).

 (5). و لا يكتفى بذوات الجهات و لا خلاف فيه، و الخلاف في اجزاء أقل من الثلاثة.

 (6). الشرج- بالشين المعجمة و الجيم-: حلقة الدبر.

 (7). كما في رواية صفوان عن الرضا (ع) انه قال: «نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يجيب الرجل آخر و هو على الغائط- الحديث» التهذيب ج 1 ص 8 و حمل الكراهة.

 (8). رواه المصنّف مسندا في العلل ص 104 و العيون ص 151.

31
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

62- وَ إِنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لِبَعْضِ نِسَائِهِ‏ مُرِي النِّسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَسْتَنْجِينَ بِالْمَاءِ وَ يُبَالِغْنَ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْحَوَاشِي وَ مَذْهَبَةٌ لِلْبَوَاسِيرِ.

وَ لَا يَجُوزُ التَّغَوُّطُ فِي فَيْ‏ءِ النُّزَّالِ وَ تَحْتَ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ.

63- مَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَلَائِكَةً وَكَّلَهُمْ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ مِنَ الشَّجَرِ وَ النَّخْلِ فَلَيْسَ مِنْ شَجَرَةٍ وَ لَا نَخْلَةٍ إِلَّا وَ مَعَهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكٌ يَحْفَظُهَا وَ مَا كَانَ مِنْهَا وَ لَوْ لَا أَنَّ مَعَهَا مَنْ يَمْنَعُهَا لَأَكَلَتْهَا السِّبَاعُ وَ هَوَامُّ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ فِيهَا ثَمَرَتُهَا.

64- وَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يَضْرِبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلَاءَهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ قَدْ أَثْمَرَتْ لِمَكَانِ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا «1» قَالَ وَ لِذَلِكَ يَكُونُ الشَّجَرُ وَ النَّخْلُ أُنْساً «2» إِذَا كَانَ فِيهِ حَمْلُهُ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْضُرُهُ‏ «3».

وَ مَنْ لَا يَنْقَطِعْ بَوْلُهُ وَ يَغْلِبْهُ فَاللَّهُ‏ «4» أَوْلَى بِالْعُذْرِ فَلْيَتَّقِ عِلَّتَهُ مَا اسْتَطَاعَ وَ لْيَتَّخِذْ خَرِيطَةً «5» وَ مَنْ بَالَ وَ لَمْ يَتَغَوَّطْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ وَ إِنَّمَا عَلَيْهِ غَسْلُ ذَكَرِهِ وَ مَنْ تَغَوَّطَ وَ لَمْ يَبُلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَ إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَنْجِيَ وَ مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ وَ إِنَّمَا عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ «6».

______________________________

 (1). فيه اشعار باختصاص الكراهة بوقت الاثمار و صرّح بعضهم بتعميمها إذا كان الشجر قابلا لاثمار (مراد).

 (2). قوله: «أنسا»- بالفتح- و هي ما يأنس به الإنسان، و في الصحاح الانس- بفتح الهمزة و النون- خلاف الوحشة، و هو مصدر قولك أنست به- بالكسر- أنسا و أنسة. (المراد).

 (3). هذا الشرط يشعر بأن حضور الملائكة مخصوص بحال وجود الثمرة فيشعر بأن كراهة التغوط تحته مخصوص بهذه الحالة و المشهور عمومه (سلطان).

 (4). في بعض النسخ «فان اللّه».

 (5). الخريطة: من أدم و غيره يشد على ما فيه.

 (6). لان الاستنجاء باعتبار خروج النجاسة لا باعتبار الحدث كما ظنه بعض العامّة (م ت).

32
من لا يحضره الفقيه1

باب أقسام الصلاة ص : 33

65- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع- كَانَ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمِهِ فَيَتَوَضَّأُ وَ لَا يَسْتَنْجِي وَ قَالَ كَالْمُتَعَجِّبِ مِنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ اسْتَنْجَى.

بَابُ أَقْسَامِ الصَّلَاةِ «1»

66- قَالَ الصَّادِقُ ع- الصَّلَاةُ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ ثُلُثٌ طَهُورٌ وَ ثُلُثٌ رُكُوعٌ وَ ثُلُثٌ سُجُودٌ «2».

بَابُ وَقْتِ وُجُوبِ الطَّهُورِ

67- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏- إِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَجَبَ الطَّهُورُ وَ الصَّلَاةُ «3» وَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ.

بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَ تَحْرِيمِهَا وَ تَحْلِيلِهَا

68- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع‏- افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ الْوُضُوءُ وَ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ.

______________________________

 (1). لا يخفى أن المناسب أن يقول: الطهور قسم من الصلاة. (مراد).

 (2). أي العمدة في أجزائها هذه الاجزاء الثلاثة لا أن ليس بها جزء آخر، أما الطهارة فلامتناع تحقّق الصلاة بدونها، و أمّا الركوع و السجود فلانهما جزءان بهما يتميز الصلاة في الحس عن غيرها بخلاف باقى الاجزاء و ان كانت أركانا. (مراد).

 (3). قوله (ع) «وجب الطهور» أي استعماله في الطهارة و تطهير الأعضاء به، و ظاهر هذا الحديث يفيد كون الطهارة مطلقا واجبا لغيره. (مراد).

33
من لا يحضره الفقيه1

باب فرائض الصلاة ص : 34

بَابُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ

فَرَائِضُ الصَّلَاةِ سَبْعَةٌ الْوَقْتُ وَ الطَّهُورُ وَ التَّوَجُّهُ وَ الْقِبْلَةُ وَ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ وَ الدُّعَاءُ «1».

بَابُ مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ‏

69- قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏- لِلْغُسْلِ صَاعٌ مِنْ مَاءٍ وَ لِلْوُضُوءِ مُدٌّ مِنْ مَاءٍ وَ صَاعُ النَّبِيِّ ص خَمْسَةُ أَمْدَادٍ وَ الْمُدُّ وَزْنُ مِائَتَيْنِ وَ ثَمَانِينَ دِرْهَماً وَ الدِّرْهَمُ سِتَّةُ دَوَانِيقَ وَ الدَّانِقُ وَزْنُ سِتِّ حَبَّاتٍ وَ الْحَبَّةُ وَزْنُ حَبَّتَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ مِنْ أَوْسَاطِ الْحَبِّ لَا مِنْ صِغَارِهِ وَ لَا مِنْ كِبَارِهِ‏ «2».

70- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الْوُضُوءُ مُدٌّ وَ الْغُسْلُ صَاعٌ‏ «3» وَ سَيَأْتِي أَقْوَامٌ‏

______________________________

 (1). قوله «التوجه» الظاهر أن المراد به النية لانه توجه قلبى، فيدل على التكبير التزاما، لانها لا تعتبر الا إذا كانت مقارنة له، و يمكن أن يراد به التكبير، اذ به يتوجه الى الصلاة فيفهم النية بالالتزام اذ لا يعتبر شي‏ء من اجزاء الصلاة إلا بالنية، و يمكن تعميم الدعاء بحيث يشمل القراءة و التشهد و التسليم اذ لا يخلو شي‏ء منها من الدعاء و المراد بالوقت معرفته (المراد).

 (2). الوضوء بفتح الواو و الغسل بكسر الغين أي ماء الوضوء و ماء الغسل. و لو قرء بالضم لم يكن بد من تقدير المضاف أي ماء الوضوء و ماء الغسل (مراد).

 (3). فيصير مقدار الصاع مائة ألف و ثمانمائة شعيرة، و على المشهور الصاع أربعة أمداد و كل مد رطلان و ربع رطل عراقى و كل رطل مائة و ستون درهما و كل درهم ثمانية و أربعون شعيرا، فيكون مقدار المد أربعة عشر ألفا و أربعين شعيرا متوسطا، فمقدار الصاع على المشهور ستة و خمسون ألفا و مائة و ستون شعيرا (سلطان). و فيه وهم فتأمل.

34
من لا يحضره الفقيه1

باب مقدار الماء للوضوء و الغسل ص : 34

بَعْدِي يَسْتَقِلُّونَ ذَلِكَ‏ «1» فَأُولَئِكَ عَلَى خِلَافِ سُنَّتِي وَ الثَّابِتُ عَلَى سُنَّتِي مَعِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ.

71- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع‏ عَنْ رَجُلٍ احْتَاجَ إِلَى الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ فَوَجَدَ مَاءً بِقَدْرِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَ يَتَوَضَّأَ بِهِ أَوْ يَتَيَمَّمَ فَقَالَ بَلْ يَشْتَرِي قَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ ذَلِكَ فَاشْتَرَيْتُ وَ تَوَضَّأْتُ وَ مَا يَسُوؤُنِي بِذَلِكَ مَالٌ كَثِيرٌ «2».

72- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص هُوَ وَ زَوْجَتُهُ مِنْ خَمْسَةِ أَمْدَادٍ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُ زُرَارَةُ كَيْفَ صَنَعَ فَقَالَ بَدَأَ هُوَ فَضَرَبَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ قَبْلَهَا فَأَنْقَى فَرْجَهُ ثُمَّ ضَرَبَتْ هِيَ فَأَنْقَتْ فَرْجَهَا ثُمَّ أَفَاضَ هُوَ وَ أَفَاضَتْ هِيَ عَلَى نَفْسِهَا حَتَّى فَرَغَا وَ كَانَ الَّذِي اغْتَسَلَ بِهِ النَّبِيُّ ص ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ وَ الَّذِي اغْتَسَلَتْ بِهِ مُدَّيْنِ‏ «3» وَ إِنَّمَا أَجْزَأَ عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعاً وَ مَنِ انْفَرَدَ بِالْغُسْلِ وَحْدَهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ صَاعٍ‏ «4».

______________________________

 (1). استقله: عده قليلا. أى يعدون الصاع للغسل و المد للوضوء قليلا.

 (2). قوله: «ما يسوؤني- الخ» لفظة «ما» نافية أي ما يسوؤني بذلك الشراء اعطاء مال كثير و هو الثمن، و يمكن أن يكون «ما» استفهامية أي أي شي‏ء يسوؤني بذلك الشراء، فمال كثير خبر مبتدأ محذوف أي الذي اشتريته مال كثير، و في بعض النسخ «و ما يشترى بذلك» فما موصولة أي الذي يشترى بذلك و هو ماء الوضوء مال كثير و بمنزلته لكثرة نفعه.

و في بعضها «ما يسرنى» أي الذي يسرنى بذل ذلك الثمن مال كثير شريته، أو الذي يسرنى بذلك الشراء شراء مال كثير (مراد) و قال سلطان العلماء: «يحتمل كون «ما» نافية أي لا يسرنى عوض هذا الوضوء مال كثير، و يحتمل كونها موصولة و المعنى مثل نسخة «ما يشترى».

 (3). لعل وجهه أن كل واحد من الشريكين يضيق في الماء على نفسه ليوسع على الآخر، و لانه قد يضيع بعض الماء في الاغتسال فعند الاجتماع ينقص عن الجميع بخلاف الانفراد، و لان في الاجتماع بركة ليست في الانفراد (مراد).

 (4). هذا من تتمة الحديث و لعله قصد (ع) به الجمع بين مضمون الحديث السابق و بيان ما ذكر، و يمكن أن يقال: بناء هذا الكلام على أن الماء الذي اغتسل منه ينبغي أن يكون-

35
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

وَ لَا بُدَّ لِلْوُضُوءِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَكُفٍّ مِلْ‏ءاً مِنْ مَاءٍ كَفٌّ لِلْوَجْهِ وَ كَفَّانِ لِلذِّرَاعَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَّا عَلَى مِقْدَارِ كَفٍّ وَاحِدٍ فَرَّقَهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ.

73- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْبُدُ اللَّهَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَ مَا يُطِيعُهُ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ يَغْسِلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَسْحِهِ.

بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ ص‏

74- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- أَ لَا أَحْكِي لَكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقِيلَ لَهُ بَلَى فَدَعَا بِقَعْبٍ‏ «1» فِيهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ مَاءٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ غَمَسَ فِيهِ كَفَّهُ الْيُمْنَى ثُمَّ قَالَ هَذَا إِذَا كَانَتِ الْكَفُّ طَاهِرَةً «2» ثُمَّ غَرَفَ مِلْأَهَا مَاءً ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ‏ «3» وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَ سَيَّلَهُ عَلَى أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ ثُمَّ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَ ظَاهِرِ جَبِينَيْهِ‏ «4» مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ غَمَسَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَغَرَفَ بِهَا مِلْأَهَا ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى مِرْفَقِهِ الْيُمْنَى فَأَمَرَّ كَفَّهُ عَلَى سَاعِدِهِ حَتَّى جَرَى الْمَاءُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ ثُمَّ غَرَفَ بِيَمِينِهِ مِلْأَهَا فَوَضَعَهُ عَلَى مِرْفَقِهِ الْأَيْسَرِ فَأَمَرَّ كَفَّهُ عَلَى سَاعِدِهِ حَتَّى جَرَى‏

______________________________

- صاعا و ان لم يكن المستعمل منه بقدر الصاع و ذلك لعدم انفعال هذا القدر انفعالا كثيرا عن ضرب اليد فيه و الاغتراف منه، سواء كان المغترف واحدا أو متعدّدا، بخلاف ما كان أقل منه، نظيره الكر بالنسبة الى النجاسة، و على هذا لا حاجة في توجيه ما يقال هنا: «ان المدين لا يكاد يبلغه الوضوء» الى أن يقال بدخول ماء الاستنجاء فيه، و كذا الغسل لكن هذا خلاف المشهور و المشهور أن المستعمل ينبغي أن يكون ذلك المقدار و هو الظاهر و حينئذ يكون مفاد الحديث أن ذلك مختص بحالة الانفراد، و اللّه أعلم (سلطان).

 (1). القعب: قدح من خشب. و الحسر: الكشف.

 (2). يحتمل أن يكون هذا لتنجس الماء القليل بملاقات النجاسة، او لوجوب طهارة أعضاء الوضوء، فلا يمكن الاستدلال به على أحد المطلبين. (سلطان).

 (3). في بعض النسخ «على جبينه» و في الكافي ج 3 ص 25 «و سدله» مكان «وسيله».

 (4). في بعض النسخ «ظاهر جبهته» و في بعضها «ظاهر جبينه» كما في الكافي.

36
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

الْمَاءُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَ مَسَحَ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَ ظَهْرِ قَدَمَيْهِ بِبِلَّةِ بَقِيَّةِ مَائِهِ‏ «1».

75- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص تَوَضَّأَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ‏ «2» فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ أَ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- قَالَ بَلْ أَنْتَ نَسِيتَ‏ «3» هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي‏ «4».

______________________________

 (1). كذا في جميع النسخ و لكن في طبع النجف و الكافي «ببلة يساره و بقية بلة يمناه» و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: حمل هذا الكلام على اللف و النشر المرتب يقتضى مسحه (ع) رأسه بيساره و هو في غاية البعد، و حمله على المشوش أيضا بعيد. و ذكر البقية في اليمنى دون اليسرى لا يساعده، فالاظهر أن يكون قوله: «ببلة يساره» مع ما عطف عليه من متعلقات مسح القدمين فقط، و عود القيد الى كلا المتعاطفين غير لازم كما في قوله تعالى:

 «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً» فان النافلة ولد الولد. و حينئذ في ادراج لفظ البقية اشعار بانه (ع) مسح رأسه بيمناه (المرآة).

 (2). يمكن أن يكون الممسوح محذوفا أي مسح قدميه حالكونه (ع) على نعليه، فلا ينافى استيعاب المسح لظاهر القدم طولا، و لعلّ النعل لم يكن له شسع يمنع ذلك فيكون اعتراض المغيرة لتوهمه أن ما فعله (ص) وقع سهوا، و عبر عن خطأ المغيرة بالنسيان للمشاكلة (مراد) و قال سلطان العلماء: «يحتمل أن يكون المراد أنت نسيت أنى رسول اللّه و كلما فعلته فهو بحكم اللّه و أمره. فلا يحتاج في تصحيح نسبة النسيان الى المغيرة الى تكلف المشاكلة».

 (3). نسبة النسيان إليه (ص) كان باعتبار أنّه زعم أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يغسل رجليه في الوضوء فإذا رآه لم يخلع نعليه و مسح على ظاهر رجليه تعجب فاعترض عليه فأجاب (ص) بنسبة النسيان إليه و قال: أنت توهمت ذلك و أنا أمسح في الوضوء دائما كما أمرنى ربى.

 (4). اعلم أن هذا الخبر رواه أبو داود في سننه و أحمد في مسنده باسنادهما عن المغيرة ابن شعبة و فيهما «مسح على الخفين» مكان «مسح على نعليه» و النعل العربى لا يمنع من وصول الماء الى ظاهر الرجل بقدر ما يجب بخلاف الخف. و مع قطع النظر عن ضعف السند- و كون المغيرة من دهاة الناس و قول قبيصة بن جابر في حقه «لو أن مدينة له ثمانية أبواب لا يخرج من باب الا بمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها»- مسح الخفين مخالف لصريح قوله تعالى: «وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ» لاقتضائه فرض المسح على الارجل. و نقل الصدوق-

37
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

76- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- وَ اللَّهِ مَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَّا مَرَّةً مَرَّةً وَ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ ص مَرَّةً مَرَّةً فَقَالَ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ‏ «1».

فَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي أَنَّ الْوُضُوءَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَأَحَدُهَا.

77- بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ يَرْوِيهِ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ ذَكَرَهُ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ:- فَرَضَ اللَّهُ الْوُضُوءَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلنَّاسِ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ‏ «2».

وَ هَذَا عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ لَا عَلَى جِهَةِ الْإِخْبَارِ كَأَنَّهُ ع يَقُولُ حَدَّ اللَّهُ حَدّاً فَتَجَاوَزَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ تَعَدَّاهُ‏ «3» وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى- وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ‏

78- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّ الْوُضُوءَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يُطِيعُهُ وَ مَنْ‏

______________________________

- رحمه اللّه هذه الرواية ردا على قول من قال بوجوب الغسل للرجلين و ليس مراده جواز المسح مع الحائل كما هو ظاهر قوله في الهداية حيث قال: «و من غسل الرجلين فقد خالف الكتاب و السنة و من مسح على الخفين فقد خالف الكتاب: و السنة».

 (1). قال المصنّف في الهداية: «الوضوء مرة مرة و هو غسل الوجه و اليدين، و مسح الرأس و القدمين، و من توضأ مرتين مرتين لم يوجر، و من توضأ ثلاثا فقد أبدع».

 (2). يمكن الجمع بين الخبر السابق و هذا الخبر اما بأن تحمل المرة على أقل الواجب و المرتين على الاستحباب كما عليه الاكثر، و اما بان تحمل المرتين على من لا يكفيه المرة كما جمع الكليني (ره) (فى الكافي ج 3 ص 27) و اما بأن يحمل الاثنتين على الغسلتين و المسحتين كما قاله الشيخ البهائى- رحمه اللّه- و قال المولى مراد التفرشى: قوله «وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» يمكن أن يكون المعنى وضع وجوبهما عنهم ليسهل عليهم و ينتفعوا بذلك و تعدية الوضع باللام قرينة كونه للتخفيف دون التثقيل و معنى رفعه عنهم أن اللّه ببركته سهل عليهم الامر و وضع عنهم التكرار كما يجى‏ء في تخفيف الصلاة من الخمسين الى الخمس.

 (3). أي كيف يمكن ذلك مع أن اللّه يقول ... الآية، و هذا البيان غريب جدا.

38
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

يَعْصِيهِ وَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْ‏ءٌ «1» وَ إِنَّمَا يَكْفِيهِ مِثْلُ الدَّهْنِ‏ «2».

 -79وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- مَنْ تَعَدَّى فِي وُضُوئِهِ كَانَ كَنَاقِضِهِ‏ «3».

80- وَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ آخَرُ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏- إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَرْغَبُ أَنْ يَتَوَضَّأَ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَ قَدْ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ص اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَ لِكُلِّ صَلَاةٍ.

فَمَعْنَى الْحَدِيثِ هُوَ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَرْغَبُ عَنْ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَ قَدْ جَدَّدَهُ النَّبِيُّ ص وَ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ أَنَّ مَنْ زَادَ عَلَى مَرَّتَيْنِ لَمْ يُؤْجَرْ يُؤَكِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ‏ «4» وَ مَعْنَاهُ أَنَّ تَجْدِيدَهُ بَعْدَ التَّجْدِيدِ لَا أَجْرَ لَهُ‏ «5» كَالْأَذَانِ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ

______________________________

 (1). يعني لا ينجسه شي‏ء من الاحداث بحيث يحتاج الى صب الماء الزائد في ازالته.

 (2). لما بين- رحمه اللّه- بالآية الشريفة أن من تعدى حدا من حدود اللّه تعالى فهو ظالم لنفسه أراد أن يبين أن الوضوء حدّ من حدود اللّه تعالى ليثبت أن من تعداه تعدى حدا من حدود اللّه فيكون ظالما و ليس غرضه الاستشهاد بذيل الخبر لان كفاية الدهن لا ينافى استحباب تكرار الغسل في وضوئه، و في القاموس: الدهن و يضم قدر ما يبل وجه الأرض من المطر. (مراد) قوله «مثل الدهن» أي أقل مراتب الاجزاء أو لدفع وسواس المؤمنين (م ت).

 (3). ظاهر التعدى عدم الإتيان به على وجهه زاد فيه أم نقص. و قال الفاضل التفرشى: وجه الشبه بين المتعدى و الناقض عدم جواز الدخول به في الصلاة.

و في بعض النسخ «كان كناقصه» بالصاد المهملة فمعنى التعدى الزيادة عليه أي من زاده على ما شرع كمن نقصه منه في البطلان. (مراد).

 (4). يعني أن المراد بالاثنين التجديد. و في التأكيد نظر نعم لا ينافيه (سلطان).

 (5). لا يخفى جريان هذا التوجيه في الرواية الأولى أيضا و جريان التوجيه السابق هنا أيضا بأدنى تكلف بأن يكون التعجب من الرغبة إليه لا من الرغبة عنه و يكون قوله:

 «و قد توضأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «من قول الراغب إليه فصار المعنى انى لا عجب ممن رغب الى-

39
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

وَ الْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَيْنِ أَجْزَأَهُ وَ مَنْ أَذَّنَ لِلْعَصْرِ كَانَ أَفْضَلَ وَ الْأَذَانُ الثَّالِثُ بِدْعَةٌ لَا أَجْرَ لَهُ وَ كَذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ مَرَّتَيْنِ أَفْضَلُ مَعْنَاهُ التَّجْدِيدُ وَ كَذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي مَرَّتَيْنِ أَنَّهُ إِسْبَاغٌ.

______________________________

- الاثنين قائلا ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله توضأ اثنين، و أقرب التوجيهات حمل التثنية على الغسلتين و المسحتين كما ذكره الشيخ البهائى رحمه اللّه (سلطان). و قال التفرشى (ره): «قوله يؤكد ما ذكرته» لعل وجه التأكيد أن الغسلة الثانية لا أجر لها و الزائدة عليها بدعة كما يجى‏ء في باب حدّ الوضوء عن المؤلّف رحمه اللّه و هو مضمون مرسلة ابن أبي عمير فلما جعل الزائد على المرتين ممّا لا أجر له لا ما هو بدعة علم أنّ المراد به تجديد الوضوء دون الغسلة و يؤيد المؤلّف (ره) أيضا أن الوضوء في الغسلة مجاز لا يصار إليه الا لدليل، و أمّا تأنيث اثنتين فكما يصح بحمل الوضوء على الغسلات يصحّ بحمله على معناه لكونه عبارة عن الغسلات و المسحات و لعلّ الفرق بين ما لا أجر له و ما هو بدعة كما وقعا في مرسلة ابن أبي عمير+ مع اشتراكهما في عدم استحقاق الاجر بهما يرجع الى أن ما لا أجر له لم يتعلق به طلب و لم ينه عنه في نفسه، و ما هو بدعة ممّا نهى عنه ففى الأول لم يأت المكلف بمنكر في نفسه و ان أخطأ في الإتيان به بقصد الطاعة، فيمكن أن يوجر عليه و ان لم يستحقه، و في الثاني أتى بمنكر يستحق عليه العقاب. و ينبغي للمؤلّف- رحمه اللّه- ان يذكر الأحاديث الدالة على التثنية و يجيب عنها منها ما روى في التهذيب ج 1 ص 22 عن الحسين بن سعيد عن حماد عن يعقوب عن معاوية بن وهب قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن الوضوء فقال: مثنى مثنى» و أيضا روى بإسناده عن أحمد ابن محمّد عن صفوان عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «الوضوء مثنى مثنى» و أيضا بسنده عن زرارة عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «الوضوء مثنى مثنى من زاد لم يوجر عليه» فلعله- رحمه اللّه- اكتفى عنها بالجواب المذكور و هو الحمل على التجديد و شيخنا (ره) حملها على أنّه غسلتان و مسحتان، ليس كما توهمه العامّة انه غسلات و مسح- انتهى.

أقول: ما دل عليه الخبران يخالف ما مر في حكاية وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حمله الشيخ (ره) على استحباب التثنية في الغسل. و هو لا يدفع المخالفة عند التحقيق و المتجه الحمل على التقية لان العامّة تنكر الوحدة و تروى في أخبارهم الثلاث و يحتمل أن يراد تثنية الغرفة على طريق نفى البأس لا اثبات المزية كما حكى عن صاحب المنتقى.

 (+) في التهذيب ج 1 ص 23 بسنده المتصل عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «الوضوء واحدة فرض، و اثنتان لا يوجر، و الثالث بدعة».

40
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء أمير المؤمنين ع ص : 41

81- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ يَمْحُو لَا وَ اللَّهِ وَ بَلَى وَ اللَّهِ.

82- وَ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ الْوُضُوءَ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ وَ مَنْ جَدَّدَ وُضُوءَهُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ آخَرَ جَدَّدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تَوْبَتَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِغْفَارٍ.

وَ قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ ع أَمْرَ دِينِهِ وَ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ تَعَدِّيَ حُدُودِهِ.

83- وَ قَوْلُ الصَّادِقِ ع‏- مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُؤْجَرْ.

يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ‏ «1» وَ وُعِدَ الْأَجْرَ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَ كَذَلِكَ كُلُّ أَجِيرٍ إِذَا فَعَلَ غَيْرَ الَّذِي اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ.

بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع‏

84- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ- إِذْ قَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ- ائْتِنِي بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ أَتَوَضَّأْ لِلصَّلَاةِ فَأَتَاهُ مُحَمَّدٌ بِالْمَاءِ

______________________________

 (1). لعله أراد بالامر ما يشمل أمر الايجاب و الندب، فالوضوء الأول مأمور به بامر الايجاب فيكون مأجورا عليه، و الوضوء الثاني مأمور به بامر الندب فيوجر، و الوضوء الثالث غير مأمور به مطلقا فلا يوجر عليه، فقد حمل المرتين على المجددتين و عدم الاجر باعتبار التجديد الثاني الذي بسببه حصلت الاثنينية فيرجع الى أن التجديد الثاني لا أجر له، و يمكن أن يراد بالتوضى الغسلة. (مراد)

و قال بعض المحشين: لا حاجة في توجيه كلام الصدوق (ره) الى التكلف الذي ارتكبه الفاضل التفرشى: بل يمكن توجيهه بان المراد من التوضّؤ مرتين هو التجديد الواحد، و قوله «بغير الذي امر به» أي امرا واجبا كما هو المتبادر و قوله «و وعد الاجر عليه» أي على وجه اللزوم. و قوله «فلا يستحق الاجر» أي أجرا لازما، فلا ينافى كونه مأمورا به على وجه الندب و ايصال النفع إليه من حيث التفضل، و هذا التوجيه في غاية القرب و هو الظاهر من كلام الصدوق- رحمه اللّه- أيضا. و هذا المحشى وجه الحديث بذلك أيضا فيما بعد، فينبغي له حمل كلام الصدوق- رحمه اللّه- عليه أيضا من غير تكلف فتدبر.

41
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء أمير المؤمنين ع ص : 41

فَأَكْفَأَ «1» بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى‏ «2» ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ «3» الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً وَ لَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً- قَالَ ثُمَّ اسْتَنْجَى فَقَالَ- اللَّهُمَّ حَصِّنْ فَرْجِي وَ أَعِفَّهُ وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَ حَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ «4» قَالَ ثُمَّ تَمَضْمَضَ فَقَالَ- اللَّهُمَّ لَقِّنِّي حُجَّتِي يَوْمَ أَلْقَاكَ وَ أَطْلِقْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ‏ «5» ثُمَّ اسْتَنْشَقَ فَقَالَ- اللَّهُمَّ لَا تُحَرِّمْ عَلَيَّ رِيحَ الْجَنَّةِ وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَشَمُّ رِيحَهَا وَ رَوْحَهَا وَ طِيبَهَا «6»- قَالَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ فَقَالَ- اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ فِيهِ الْوُجُوهُ وَ لَا تُسَوِّدْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ الْوُجُوهُ‏ «7» ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَقَالَ- اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَ الْخُلْدَ فِي الْجِنَانِ بِيَسَارِي‏ «8» وَ حَاسِبْنِي‏ حِساباً يَسِيراً ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَقَالَ- اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِيَسَارِي وَ لَا تَجْعَلْهَا مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِي وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّي مِنْ مُقَطَّعَاتِ النِّيرَانِ‏ «9» ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ فَقَالَ-

______________________________

 (1). في بعض النسخ «فأكفاه» كما في التهذيب.

 (2). كذا في الكافي و لكن في التهذيب «بيده اليسرى على يده اليمنى».

 (3). في التهذيب «بسم اللّه و الحمد للّه» و في الكافي ابتدأ بالحمد دون ذكر البسملة.

 (4). المراد بتحصين الفرج ستره و صونه عن الحرام، و عطف الاعفاف عليه تفسيرى، و عطف ستر العورة عليه من قبيل عطف العام على الخاص فان العورة في اللغة كلما يستحيى منه. (شرح الأربعين للشيخ البهائى).

 (5). قدم في الكافي الاستنشاق على المضمضة و قال في دعائه «اللّهمّ أنطق لسانى بذكرك و اجعلنى ممن ترضى عنه» و في بعض نسخ الكتاب «لسانى بذكراك».

 (6). في الكافي «ريحها و طيبها و ريحانها».

 (7). بياض الوجه و سواده اما على حقيقتهما أو كنايتان عن بهجة السرور و كآبة الحزن. و إضافة «ال» بالوجوه الظاهر كونها سهوا من الراوي و لا يلائم الآية «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ»

 (8). يعني براة الخلد في الجنان فحذف المضاف و الباء للظرفية. و قيل فيه وجوها أخر راجع شرح الأربعين للبهائى رحمه اللّه ذيل الحديث الخامس.

 (9). المقطعات أثواب قطعت كالقميص دون مثل الرداء، و لما كان الأول أشمل للبدن كان العذاب به أكثر، و هو مأخوذ من قوله تعالى: «قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ» (مراد) و المحكى عن بعض اللغويين المقطعات جمع لا واحد له من لفظه و واحدها ثوب.

42
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء أمير المؤمنين ع ص : 41

اللَّهُمَّ غَشِّنِي بِرَحْمَتِكَ وَ بَرَكَاتِكَ وَ عَفْوِكَ‏ «1» ثُمَّ مَسَحَ رِجْلَيْهِ فَقَالَ- اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَ اجْعَلْ سَعْيِي فِيمَا يُرْضِيكَ عَنِّي يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ‏ «2» ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي وَ قَالَ مِثْلَ قَوْلِي خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكاً يُقَدِّسُهُ وَ يُسَبِّحُهُ وَ يُكَبِّرُهُ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثَوَابَ ذَلِكَ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «3».

85- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- إِذَا تَوَضَّأَ لَمْ يَدَعْ أَحَداً يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَقِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِمَ لَا تَدَعُهُمْ يَصُبُّونَ عَلَيْكَ الْمَاءَ فَقَالَ لَا أُحِبُّ أَنْ أُشْرِكَ فِي صَلَاتِي أَحَداً «4» وَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.

86- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَسَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- عَلَى النَّعْلَيْنِ وَ لَمْ يَسْتَبْطِنِ الشِّرَاكَيْنِ‏ «5».

87- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- إِذَا تَوَضَّأَ قَالَ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ خَيْرُ الْأَسْمَاءِ لِلَّهِ وَ أَكْبَرُ الْأَسْمَاءِ لِلَّهِ وَ قَاهِرٌ لِمَنْ فِي السَّمَاءِ وَ قَاهِرٌ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ‏ «6» الْحَمْدُ لِلَّهِ‏

______________________________

 (1). «غشنى» بالمعجمات و تشديد الشين أي أعطنى بها و اجعلها شاملة لي.

 (2). ما بين القوسين ليس في بعض النسخ و لا في الكافي و التهذيب.

 (3). قوله «الى يوم القيامة» ليس في الكافي، و يمكن أن يكون متعلقا بيكتب أو بخلق أو بهما و بالافعال الخمسة على سبيل التنازع و هو الأظهر. (م ت).

 (4). إلى هنا رواه الشيخ (ره) في التهذيب ج 1 ص 101 و الظاهر أن ما بعده ليس من لفظ الحديث و ان قال به بعض.

 (5). النعل العربى شراكه في طول، و الذي شراكه في العرض يسمى بالبصرى. (م ت) و قوله: «لم يستبطن الشراكين» أي لم يدخل يده تحتهما و هو لا يستلزم أن يبقى من طول ظهر القدم شي‏ء لم يمسح لجواز أن يكون الشراك على الطول دون العرض (مراد).

 (6). القاهر في أسمائه تعالى هو الغالب على جميع الخلائق.

43
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

الَّذِي جَعَلَ مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ وَ أَحْيَا قَلْبِي بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيَّ وَ طَهِّرْنِي- وَ اقْضِ لِي بِالْحُسْنَى وَ أَرِنِي كُلَّ الَّذِي أُحِبُّ وَ افْتَحْ لِي بِالْخَيْرَاتِ مِنْ عِنْدِكَ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ.

بَابُ حَدِّ الْوُضُوءِ وَ تَرْتِيبِهِ وَ ثَوَابِهِ‏

88- قَالَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ع‏- أَخْبِرْنِي عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُوَضَّأَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الْوَجْهُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ وَ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَسْلِهِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ وَ لَا يَنْقُصَ مِنْهُ إِنْ زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْجَرْ وَ إِنْ نَقَصَ مِنْهُ أَثِمَ‏ «1» مَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْوُسْطَى وَ الْإِبْهَامُ مِنْ قُصَاصِ شَعْرِ الرَّأْسِ إِلَى الذَّقَنِ‏ «2» وَ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ الْإِصْبَعَانِ مُسْتَدِيراً فَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ وَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ فَقَالَ لَهُ الصُّدْغُ‏ «3» مِنَ الْوَجْهِ فَقَالَ لَا قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لَهُ أَ رَأَيْتَ مَا أَحَاطَ

______________________________

 (1). هذه الشرطية مع الشرطية المعطوفة عليها اما مفسرة لقوله: «لا ينبغي لاحد» و اما معترضة بين المبتدأ و الخبر و اما صلة ثانية للموصول، و تعدّد الصلة و ان لم يكن مسطورا في كتب النحو الا أنّه لا مانع فيه كالخبر و الحال و قد جوزه التفتازانى في حاشية الكشّاف عند قوله تعالى: «فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ» (شرح الأربعين).

 (2). في الوافي: «القصاص منتهى منابت شعر الرأس من مقدمه و مؤخره و المراد هنا المقدم و المستفاد من هذا الحديث أن كلا من طول الوجه و عرضه شي‏ء واحد، و هو ما اشتمل عليه الاصبعان عند دورانهما بمعنى أن الخط المتوهم من القصاص الى طرف الذقن- و هو الذي يشتمل عليه الاصبعان غالبا- اذا ثبت وسطه و أدير على نفسه حتّى يحصل شبه دائرة فذلك القدر الذي يجب غسله، و قد ذهب فهم هذا المعنى عن متأخرى أصحابنا سوى شيخنا المدقق بهاء الملّة و الدين محمّد العاملى- طاب ثراه- فان اللّه أعطاه حقّ فهمه كما أعطاه فهم الكعب. انتهى. أقول: فى التهذيب و الكافي «ما دارت عليه السبابة و الوسطى و الإبهام».

و الذقن من الإنسان مجتمع لحييه من أسفلهما- ثم اعلم أن ما قاله الفيض في بيان الخبر أخذه من كلام الشيخ البهائى (ره) و هذا بقول المهندس أشبه من قول الفقيه، و الحق أن التعبير بالدوران في الجملة الأولى بمناسبة تدوير الوجه بتدوير الرأس و أن وضع الاصبعين يوجب توهم دائرة، و في الجملة الثانية بملاحظة تدوير الوجه عرفا باستدارة اللحيين الى الذقن.

 (3). الصدغ هو المنخفض بين اعلى الاذن و طرف الحاجب.

44
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

بِهِ الشَّعْرُ فَقَالَ كُلُّ مَا أَحَاطَ بِهِ مِنَ الشَّعْرِ فَلَيْسَ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَطْلُبُوهُ وَ لَا يَبْحَثُوا عَنْهُ وَ لَكِنْ يُجْرَى عَلَيْهِ الْمَاءُ.

- وَ حَدُّ غَسْلِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِرْفَقِ إِلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَ حَدُّ مَسْحِ الرَّأْسِ أَنْ تَمْسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةً مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ‏ «1» وَ حَدُّ مَسْحِ الرِّجْلَيْنِ أَنْ تَضَعَ كَفَّيْكَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْكَ وَ تَمُدَّهُمَا إِلَى الْكَعْبَيْنِ‏ «2» فَتَبْدَأَ بِالرِّجْلِ الْيُمْنَى فِي الْمَسْحِ قَبْلَ الْيُسْرَى وَ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَا بَقِيَ فِي الْيَدَيْنِ مِنَ النَّدَاوَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُجَدِّدَ لَهُ مَاءً وَ لَا تَرُدَّ الشَّعْرَ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَ لَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَيْنِ‏ «3».

89- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- تَابِعْ بَيْنَ الْوُضُوءِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ابْدَأْ بِالْوَجْهِ ثُمَّ بِالْيَدَيْنِ ثُمَّ امْسَحْ بِالرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ لَا تُقَدِّمَنَّ شَيْئاً بَيْنَ يَدَيْ شَيْ‏ءٍ تُخَالِفْ مَا أُمِرْتَ بِهِ‏ «4» فَإِنْ غَسَلْتَ الذِّرَاعَ قَبْلَ الْوَجْهِ فَابْدَأْ بِالْوَجْهِ وَ أَعِدْ عَلَى الذِّرَاعِ-

______________________________

 (1). المشهور اجزاء المسمى في مسح الرأس و أوجب السيّد المرتضى و ابن بابويه- رحمهما اللّه- ثلاث أصابع مضمومة و تبعهما الشيخ في النهاية (سلطان).

 (2). راجع في تحقيق معنى الكعب شرح الأربعين و البحار ج 18 ص 68 الطبع الحجرى و الظاهر من هذا الكلام وجوب مسح الرجلين بتمام الكف و يدلّ عليه صحيح البزنطى عن الرضا (ع) المروى في الكافي ج 3 ص 30 «قال: سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟

فوضع كفه على الأصابع فمسحها الى الكعبين الى ظاهر القدم، فقلت: جعلت فداك لو أن رجلا قال باصبعين من أصابعه هكذا؟ فقال: لا الا بكفه». و المشهور الاكتفاء بمسمى المسح، و يمكن حمل الخبر على الاستحباب عملا بالمشهور المعتضد بالصحاح من الاخبار.

 (3). لعل المراد المنع من النكس في المسح بطريق التحريم أو الكراهة، و يحتمل أن مراده نفى وجوب التخليل أي لا يجب ردّ الشعر و ايصال الماء الى تحته كما هو مذهب البعض (سلطان) و في بعض النسخ «و لا يرد» ضبط بالتخفيف.

 (4). قوله (ع): «تخالف ما أمرت به» قال شيخنا البهائى: تخالف بالرفع حال من فاعل لا تقدمن، و لا يجوز جزمه على أنّه جواب النهى لانه يصير من قبيل «لا تكفر تدخل النار» و هو ممتنع على المختار انتهى. و أيضا على تقدير الجزم لا بدّ من التقدير أي لا تقدمن-

45
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

وَ إِنْ مَسَحْتَ الرِّجْلَ قَبْلَ الرَّأْسِ فَامْسَحْ عَلَى الرَّأْسِ ثُمَّ أَعِدْ عَلَى الرِّجْلِ ابْدَأْ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ.

وَ كَذَلِكَ فِي الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ فَابْدَأْ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ فَإِنْ قُلْتَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ الشَّهَادَتَيْنِ تَشَهَّدْتَ ثُمَّ قُلْتَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ.

90- وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِيمَنْ بَدَأَ بِغَسْلِ يَسَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ يُعِيدُ عَلَى يَسَارِهِ‏ «1» وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يُعِيدُ عَلَى يَسَارِهِ‏ «2».

91- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- اغْسِلْ يَدَكَ مِنَ الْبَوْلِ مَرَّةً وَ مِنَ الْغَائِطِ مَرَّتَيْنِ وَ مِنَ الْجَنَابَةِ ثَلَاثاً.

92- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ اغْسِلْ يَدَكَ مِنَ النَّوْمِ مَرَّةً «3».

______________________________

- شيئا أخره اللّه عزّ و جلّ على شي‏ء قدمه. و قال الفيض (ره) قوله «تابع بين الوضوء» اى اجعل بعض أفعاله تابعا مؤخرا و بعضها متبوعا مقدما من قولهم تبع فلان فلانا إذا مشى خلفه فيدل على وجوب الترتيب لا على ترك الفصل و الانقطاع.

 (1). قوله: «روى في حديث آخر» يمكن التوفيق بين الروايتين بحمل الرواية الأولى على أن التذكر كان بعد غسل اليسار قبل غسل اليمين و الثانية على أنّه كان بعد غسل اليدين و حينئذ فاطلاق الإعادة على غسل اليمين اما من باب المشاكلة أو باعتبار أصل الغسل أى يعيد الغسل كائنا على يمينه و بحمل الأولى على ما إذا كان قد غسل اليمين بقصد أنّه المأمور به على هذا الوجه أي بأن يغسله بعد غسل اليسار و ان كان ساهيا في ذلك، و الثانية على أنه غسله لا من هذه الحيثية بل من حيث انه جزء الوضوء و ان كان بالغسل الحكمى المستمر كما في سائر الاجزاء، و اما حمل الرواية الأولى على ما إذا غسل اليمين بعد اليسار و قد جف اليمين فيعيد عليه ففى غاية البعد على أن جفاف الوجه على هذا التقدير أولى حيث توسط غسل اليسار بين غسله و غسل اليمين فحينئذ ينبغي أن يستأنف الوضوء (مراد).

 (2). يعني أن في حديث آخر أنّه لا بدّ لمن غسل يديه بغير ترتيب من إعادة غسلهما جميعا و قد روى الاكتفاء بغسل اليسار وحدها. (وافى).

 (3). ظاهر الاخبار الاستحباب لادخال الاناء لرفع النجاسة الوهمية أو القذارة فلو توضأ من الابريق أو الحوض لم يكن مستحبا لإطلاق بعض الأخبار (م ت).

46
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

وَ مَنْ كَانَ وُضُوؤُهُ مِنَ النَّوْمِ وَ نَسِيَ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُبَّ ذَلِكَ الْمَاءَ وَ لَا يَسْتَعْمِلَهُ‏ «1» فَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ مِنْ حَدَثِ الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا نَاسِياً فَلَا بَأْسَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ قَذَرٌ يُنَجِّسُ الْمَاءَ «2» وَ الْوُضُوءُ مَرَّةً مَرَّةً وَ مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُؤْجَرْ وَ مَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثاً فَقَدْ أَبْدَعَ وَ مَنْ مَسَحَ بَاطِنَ قَدَمَيْهِ فَقَدْ تَبِعَ وَسْوَاسَ الشَّيْطَانِ‏ «3».

93- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ لَوْ لَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَمْسَحُ ظَاهِرَ قَدَمَيْهِ لَظَنَنْتُ أَنَّ بَاطِنَهُمَا أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا «4».

وَ مَنْ كَانَ بِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ قَرْحَةٌ أَوْ جِرَاحَةٌ أَوْ دَمَامِيلُ وَ لَمْ يُؤْذِهِ حَلُّهَا فَلْيَحُلَّهَا وَ لْيَغْسِلْهَا وَ إِنْ أَضَرَّ بِهِ حَلُّهَا فَلْيَمْسَحْ يَدَهُ عَلَى الْجَبَائِرِ وَ الْقُرُوحِ وَ لَا يَحُلَّهَا وَ لَا يَعْبَثْ بِجِرَاحَتِهِ.

94- وَ قَدْ رُوِيَ‏ فِي الْجَبَائِرِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ يَغْسِلُ مَا حَوْلَهَا.

وَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَ لَا عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ وَ لَا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَ الْجَوْرَبَيْنِ‏ «5» إِلَّا فِي حَالِ التَّقِيَّةِ وَ الْخِيفَةِ مِنَ الْعَدُوِّ أَوْ فِي ثَلْجٍ يُخَافُ فِيهِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ تُقَامُ الخُّفَّانِ مَقَامَ الْجَبَائِرِ فَيُمْسَحُ عَلَيْهِمَا.

______________________________

 (1). الظاهر حمله على الاستحباب، و يمكن الحمل على التقية لانه مذهب كثير من العامّة.

 (2). قوله ينجس الماء من كلام الصدوق رحمه اللّه و لم نجده في الرواية نعم ورد الامر بالاهراق و يفهم منه النجاسة ظاهرا (م ت).

 (3). اما لان الشيطان يأمره بخلاف الحق، أو لانه يأمره بمسح باطن قدميه بأن الباطن محل التلطخ فهو أولى من الظاهر كما في الخبر عن أمير المؤمنين (ع). (م ت).

 (4). الظاهر أنّه (ع) قاله مماشاة مع العامّة بأنى متأس بالنبى (ص) و لا أعمل بالقياس و الاستحسان و لو كنت أعملها لكنت أقول مثلكم ان الباطن أولى بالمسح من الظاهر (م ت).

 (5). في أكثر النسخ جعل «الجرموقين» نسخة، و الجرموق هو خف واسع قصير يلبس فوق الخف و الجمع جراميق كعصافير.

47
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

95- وَ قَالَ الْعَالِمُ ع‏ «1» ثَلَاثَةٌ لَا أَتَّقِي فِيهَا أَحَداً شُرْبُ الْمُسْكِرِ وَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَ مُتْعَةُ الْحَجِ‏ «2».

96- وَ رَوَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ:- أَشَدُّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ رَأَى وُضُوءَهُ عَلَى جِلْدِ غَيْرِهِ‏ «3».

97- وَ رُوِيَ عَنْهَا «4» أَنَّهَا قَالَتْ‏ لَأَنْ أَمْسَحَ عَلَى ظَهْرِ عَيْرٍ «5» بِالْفَلَاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى خُفِّي.

وَ لَمْ يُعْرَفْ لِلنَّبِيِّ ص خُفٌّ إِلَّا خُفّاً أَهْدَاهُ لَهُ- النَّجَاشِيُّ- وَ كَانَ مَوْضِعُ ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ مِنْهُ مَشْقُوقاً فَمَسَحَ النَّبِيُّ ص عَلَى رِجْلَيْهِ وَ عَلَيْهِ خُفَّاهُ فَقَالَ النَّاسُ إِنَّهُ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحِ الْإِسْنَادِ «6».

98- وَ سُئِلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ خُفُّهُ مُخَرَّقاً فَيُدْخِلُ يَدَهُ وَ يَمْسَحُ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ أَ يُجْزِيهِ فَقَالَ نَعَمْ‏ «7».

99- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ رَجُلٍ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنَ الْمِرْفَقِ‏

______________________________

 (1). المراد بالعالم في الاخبار و في كلام القدماء المعصوم لا الكاظم (ع) فانه قول من لا معرفة له؛ و كذا الفقيه و المراد به الهادى لا الكاظم (ع) و وقع هذا الغلط من بعض المتأخرين و اشتهر بين الفضلاء، و الدليل على الغلط رواية الرواة و المراد بالعالم هنا الصادق (ع) لان الكليني رواه عنه (ع). (م ت).

 (2). كأنّه عليه السلام أخبر عن نفسه أنّه لا يتقى أحدا، و يجوز أن يكون انما أخبر بذلك لعلمه بانه لا يحتاج الى ما يتقى فيه في ذلك، و لم يقل: لا تتقوا أنتم فيه أحدا. و هذا وجه ذكره زرارة بن أعين (الاستبصار).

 (3 و 4) ان هذه الأخبار من طرق العامّة و نقلها الصدوق (ره) للرد عليهم و ان أمكن ورودها من طرقنا أيضا من الأئمّة عليهم السلام ردا عليهم.

 (5). العير: الحمار الوحشى.

 (6). رواه أبو داود ج 1 ص 34 بسند فيه دلهم بن صالح ضعفه ابن معين و قال ابن حبان هو منكر الحديث جدا.

 (7). ظاهره عدم وجوب الاستيعاب و اطلاق الجواب و عدم الاستفصال يدلان عليه. (م ت).

48
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

كَيْفَ يَتَوَضَّأُ قَالَ يَغْسِلُ مَا بَقِيَ مِنْ عَضُدِهِ‏ «1».

وَ كَذَلِكَ رُوِيَ‏ فِي قَطْعِ الرِّجْلِ‏ «2» وَ إِذَا تَوَضَّأَتِ- الْمَرْأَةُ أَلْقَتْ قِنَاعَهَا عَنْ مَوْضِعِ مَسْحِ رَأْسِهَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ الْمَغْرِبِ وَ تَمْسَحُ عَلَيْهِ وَ يُجْزِيهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَنْ تُدْخِلَ إِصْبَعَهَا فَتَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تُلْقِيَ عَنْهَا قِنَاعَهَا «3».

100- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى النَّاسِ فِي الْوُضُوءِ أَنْ تَبْدَأَ الْمَرْأَةُ بِبَاطِنِ ذِرَاعِهَا وَ الرَّجُلُ بِظَاهِرِ الذِّرَاعِ‏ «4».

101- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- مَنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى وُضُوئِهِ فَكَأَنَّمَا اغْتَسَلَ‏ «5».

______________________________

 (1). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 29 و الشيخ في التهذيب ج 1 ص 102 بسند صحيح، و تدلّ على أن المرفق محل الغسل أصالة و هو مركب من رأس العظمين أي عظمى الذراع و العضد فيكون معناه يجب غسل ما بقى من العضدين ممّا كان يجب غسله و هو جزء المرفق، ففيها ايماء الى أن «الى» فى آية الوضوء بمعنى «مع» دون انتهاء الغاية (مراد) و قال سلطان العلماء: فهذه الرواية حينئذ تكون مؤيدة لكون المرفق يجب غسله أصالة لا من باب المقدّمة و يكون «من» تبعيضية.

 (2). في الكافي ج 3 ص 29 بإسناده عن محمّد بن مسلم عن الباقر (ع) قال: «سألته عن الاقطع اليد و الرجل؟ قال تغسلهما». و المراد بالنسبة الى الرجل مسحها.

 (3). الظاهر ان هذا بطريق الاستحباب و لعلّ وجهه أن القاء القناع في هذين الوقتين أسهل اما بناء على أنهما وقتى الانتقال من الليل الى النهار أو بالعكس و العادة جرت بتغيير اللباس فيه، و اما بناء على الامن من نظر الاجنبى في هذين الوقتين للظلمة و الخلوة غالبا (سلطان).

 (4). الفرض في هذا الخبر بمعنى التقدير فيدل على الاستحباب المؤكد لا الوجوب و ان كان ظاهره الوجوب، و الخبر مرويّ في الكافي ج 3 ص 29 و التهذيب ج 1 ص 21 و في السند إسحاق بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ و هو مجهول، أو مهمل.

 (5). أي ثوابه كثواب الغسل. أو أنّه لما كان الوضوء سببا لتطهير الأعضاء من السيئات التي حصلت منها، و الغسل لتطهير جميع البدن من الخطيئات فإذا سمى حصل له التطهير من الجميع كالغسل و يؤيده الخبر الآتي. (م ت).

49
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

102- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ طَهُرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ وَ كَانَ الْوُضُوءُ إِلَى الْوُضُوءِ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ وَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ لَمْ يَطْهُرْ مِنْ جَسَدِهِ إِلَّا مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ.

103- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- مَنْ تَوَضَّأَ لِلْمَغْرِبِ كَانَ وُضُوؤُهُ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فِي نَهَارِهِ مَا خَلَا الْكَبَائِرَ وَ مَنْ تَوَضَّأَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ كَانَ وُضُوؤُهُ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فِي لَيْلَتِهِ إِلَّا الْكَبَائِرَ.

104- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ افْتَحُوا عُيُونَكُمْ عِنْدَ الْوُضُوءِ لَعَلَّهَا لَا تَرَى نَارَ جَهَنَّمَ‏ «1».

105- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ تَوَضَّأَ وَ تَمَنْدَلَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً وَ مَنْ تَوَضَّأَ وَ لَمْ يَتَمَنْدَلْ حَتَّى يَجِفَّ وَضُوؤُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً «2».

وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ صَلَوَاتِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ كُلَّهَا مَا لَمْ يُحْدِثْ وَ كَذَلِكَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يُصِبْ مَاءً «3».

______________________________

 (1). يفهم منه استحباب فتح العين عند الوضوء و لا يفهم ايصال الماء الى العين كما روى النهى عنه و أن ابن عبّاس عمى بسببه لان فتح العين أعم من ايصال الماء إليها، و يمكن أن يكون لملاحظة ايصال الماء الى الجوارح أو يكون تعبدا على تقدير صحته. (م ت).

 (2). استدل به على كراهة تجفيف الوضوء- بالفتح- أى ماء الوضوء بالمنديل و هو في محله لانه ممّا يقل الثواب و لا يعاقب فاعله عليه، و قد يعم الكراهة بحيث يشمل التجفيف بمسح غير المنديل بل التجفيف بالنار و الشمس و هو يناسب القول بالقياس مع ظهور الفرق في الاحتمال الثاني. (مراد).

 (3). قوله «يصب ماء» بالجزم كما في أكثر النسخ عطفا على «يحدث» ليكون المنفى أحد الامرين أي القدر المشترك بينهما ليلزم منه انتفاء كل واحد منهما لظهور أن بقاء التيمم مشروط بانتفاء الحدث و اصابة الماء جميعا دون أن يقدر الجازم في «يصب» ليكون الترديد في النفي حتّى يفيد اشتراط بقائه باحد النفيين فيلزم منه لو تحقّق عدم الحدث بقى التيمم سواء تحقّق اصابة الماء أم لا، و كذا بقى بعدم اصابة الماء سواء تحقّق الحدث أم لا. و في بعض النسخ «يصيب» بالرفع و هو باطل لافادته الترديد بين-

50
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

106- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ فَلْيَصْفِقْ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ نَاعِساً فَزِعَ وَ اسْتَيْقَظَ وَ إِنْ كَانَ الْبَرْدُ فَزِعَ فَلَمْ يَجِدِ الْبَرْدَ «1».

فَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ خَاتَمٌ فَلْيُدَوِّرْهُ‏ «2» فِي الْوُضُوءِ وَ يُحَوِّلْهُ عِنْدَ الْغُسْلِ.

107- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ وَ إِنْ نَسِيتَ حَتَّى تَقُومَ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا آمُرُكَ أَنْ تُعِيدَ «3».

وَ إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنْ نَوْمِهِ وَ لَمْ يَبُلْ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ‏ «4» وَ زَكَاةُ الْوُضُوءِ أَنْ يَقُولَ الْمُتَوَضِّي- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَمَامَ الْوُضُوءِ وَ تَمَامَ الصَّلَاةِ-

______________________________

- عدم الحدث و اصابة الماء فيكون كل منهما موجبا لبقائه فيكون اصابة الماء موجبا لبقاء التيمم تحقّق الحدث أم لا و مثله عبارة الشرائع في ماء الاستنجاء فانه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو تلاقه نجاسة من خارج. (مراد).

 (1). التصفيق: الضرب الشديد الذي يسمع له صوت. و قوله «ناعسا» و كذا «و ان كان البرد» يشعران باختصاص التصفيق بالحالين فلا ينافى ما في الكافي ج 3 ص 28 و التهذيب ج 1 ص 102 من حديث عبد اللّه بن المغيرة عن السكونى عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا تضربوا وجوهكم بالماء ضربا إذا توضأتم و لكن شنوا الماء شنا». و الشن التفريق فيحمل التصفيق على الحالين و الشن على غيرهما كما قال التفرشى و جمع الشيخ بينهما بحمل التصفيق على جوازه و الشن على أنّه الأولى، و قد يحمل أحدهما على الندب و الآخر على الجواز.

 (2). التدوير: التحويل و في نسخة «فليدره» و التدوير محمول على أن لا يكون الخاتم مانعا من وصول الماء. و كلام المؤلّف مضمون خبر في الكافي ج 3 ص 45.

 (3). ذلك لان مرجعه الى الشك بعد الفراغ و لا يعتدّ به.

 (4). كما في خبر عبد الكريم بن عتبة عن الصادق (ع) في الكافي ج 3 ص 11 و التهذيب ج 1 ص 12 و حمله الشيخ على الاستحباب دون الوجوب. و فيهما و في العلل زاد في آخره «فيغسلهما».

51
من لا يحضره الفقيه1

باب السواك ص : 52

وَ تَمَامَ رِضْوَانِكَ وَ الْجَنَّةَ- فَهَذَا زَكَاةُ الْوُضُوءِ «1».

بَابُ السِّوَاكِ‏

108- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ ع يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ أُحْفِيَ أَوْ أَدْرَدَ «2» وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْمَمْلُوكِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَضْرِبُ لَهُ أَجَلًا يُعْتَقُ فِيهِ.

-

وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْمَرْأَةِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي طَلَاقُهَا.

109- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع- بِالسِّوَاكِ وَ الْحِجَامَةِ وَ الْخِلَالِ‏ «3».

110- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ أَكْلُ الْأُشْنَانِ يُذِيبُ الْبَدَنَ وَ التَّدَلُّكُ بِالْخَزَفِ يُبْلِي الْجَسَدَ وَ السِّوَاكُ فِي الْخَلَاءِ يُورِثُ الْبَخَرَ «4».

111- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ التَّعَطُّرُ وَ السِّوَاكُ وَ النِّسَاءُ وَ الْحِنَّاءُ.

______________________________

 (1). المراد بزكاة الوضوء ما يوجب خلوصه كما أن زكاة المال توجب خلوص الباقي منه، و بتمام الوضوء جعله وضوءا كاملا أي أن يثيب عليه ثواب الوضوء الكامل و كذا بتمام الصلاة. (مراد).

 (2). هما رقة الأسنان و تساقطها، و في الصحاح «رجل أدرد: ليس في فمه سن، بين الدرد، و الأنثى درداء و في الحديث «أمرت بالسواك حتّى خفت لأدردن» أراد بالخوف الظنّ و العرب تذهب بالظن مذهب اليقين فتجاب بجوابها فيقولون «ظننت لعبد اللّه خير منك». و في النهاية: فى الحديث «لزمت السواك حتّى خشيت أن يدردنى» أي يذهب باسنانى، و الدرد سقوط الأسنان.

 (3). أي بحكمها أو استحبابها أو بآلاتها مع حكمها. (م ت).

 (4). «أكل الأشنان، كانهم كانوا يأكلونه لدفع رطوبات المعدة (م ت) و البخر- بالتحريك-: النتن في الفم و غيره.

52
من لا يحضره الفقيه1

باب السواك ص : 52

112- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقُ الْقُرْآنِ فَطَهِّرُوهَا بِالسِّوَاكِ.

113- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص فِي وَصِيَّتِهِ لِعَلِيٍّ ع‏ يَا عَلِيُّ عَلَيْكَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ وُضُوءِ كُلِّ صَلَاةٍ.

114- وَ قَالَ ع‏- السِّوَاكُ شَطْرُ الْوُضُوءِ.

115- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ «1»- لَمَّا دَخَلَ النَّاسُ فِي الدِّينِ أَفْوَاجاً أَتَتْهُمُ الْأَزْدُ «2» أَرَقَّهَا قُلُوباً وَ أَعْذَبَهَا أَفْوَاهاً فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- هَذَا أَرَقُّهَا قُلُوباً عَرَفْنَاهُ‏ «3» فَلِمَ صَارَتْ أَعْذَبَهَا أَفْوَاهاً فَقَالَ إِنَّهَا كَانَتْ تَسْتَاكُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

116- وَ قَالَ ع- لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ طَهُورٌ وَ طَهُورُ الْفَمِ السِّوَاكُ.

117- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يُكْثِرُ السِّوَاكَ وَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا يَضُرُّكَ تَرْكُهُ فِي فَرْطِ الْأَيَّامِ‏ «4».

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَاكَ الصَّائِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَيَّ النَّهَارِ شَاءَ «5» وَ لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ‏

______________________________

 (1). لعله سقط من العبارة شي‏ء و هو «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» كما كان في العلل باب 277.

 (2). الازد: حى من اليمن يقال: أزد شنوءة، و أزد عمان، و أزد السراة.

 (3). أي بما رأيناهم من الميل الى الدين و التقوى و البكاء. (سلطان).

 (4). يقال: آتيك فرط يوم أو يومين أي بعدهما، و لقيته الفرط بعد الفرط أي الحين بعد الحين. (النهاية).

 (5). أي أي وقت من النهار شاء. و قيل بالكراهة في أواخره بالرطب سواء كان بالخشبة الرطبة أو بترطب الخشبة و الخرقة، لكن المشهور الاستحباب كما قاله الصدوق لكن ينبغي أن يحتاط في أن لا يبتلع الرطوبة الخارجة سواء كان من السواك أو من ماء الفم إذا أخرجه و أدخله فانه يحرم ابتلاع ماء الفم بعد الخروج على المشهور، و قيل بوجوب كفّارة الجمع، و كذا في غير الصوم أيضا يحتاط في عدم ابتلاع مائه لان الغالب في التحريك أن يخرج ماء الفم و يدخل و ان لم نجزم بالتحريم لانهم كانوا يستاكون كثيرا و لم يبلغ الينا وجوب المج-

53
من لا يحضره الفقيه1

باب السواك ص : 52

لِلْمُحْرِمِ وَ يُكْرَهُ السِّوَاكُ فِي الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ يُورِثُ وَبَاءَ الْأَسْنَانِ وَ السِّوَاكُ مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ وَ هِيَ عَشْرُ سُنَنٍ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَ خَمْسٌ فِي الْجَسَدِ فَأَمَّا الَّتِي فِي الرَّأْسِ فَالْمَضْمَضَةُ وَ الِاسْتِنْشَاقُ وَ السِّوَاكُ وَ قَصُّ الشَّارِبِ‏ «1» وَ الْفَرْقُ لِمَنْ طَوَّلَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَ مَنْ لَمْ يَفْرُقْ شَعْرَ رَأْسِهِ فَرَقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِنْشَارٍ مِنْ نَارٍ «2» وَ أَمَّا الَّتِي فِي الْجَسَدِ فَالاسْتِنْجَاءُ وَ الْخِتَانُ‏ «3» وَ حَلْقُ الْعَانَةِ وَ قَصُّ الْأَظْفَارِ وَ نَتْفُ الْإِبْطَيْنِ‏ «4».

118- وَ قَالَ الْبَاقِرُ وَ الصَّادِقُ ع- صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ.

119- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ فِي السِّوَاكِ لَا تَدَعْهُ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَ لَوْ أَنْ تُمِرَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً.

120- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ اكْتَحِلُوا وَتْراً وَ اسْتَاكُوا عَرْضاً «5».

121- وَ تَرَكَ الصَّادِقُ ع السِّوَاكَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِسَنَتَيْنِ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَسْنَانَهُ ضَعُفَتْ.

______________________________

- مع أنّه عام البلوى، و لو كان واجبا لوصل الينا، لكن يلزم من كلام الاصحاب ذلك لانهم قالوا بحرمة فضلات الإنسان من النخامة و البصاق مع الخروج من الفم و غيرهما فالاحتياط التام في المج. (م ت).

 (1). روى المؤلّف في الخصال ص 271 بمضمون كلامه هذا خبرا عن موسى بن جعفر عليهما السلام و ليس فيه قوله «و من لم يفرق- الخ».

 (2). الفرق يكون لمن اتّخذ شعرا مستحبا و الرواية بانه «إذا لم يفرقه فرق بمنشار من نار» محمول على شدة الاستحباب أو على ترك اعتقاد المشروعية أو أنّه يمنع المسح في الوضوء على البشرة. (كنز العرفان).

 (3). الختان قبل البلوغ استحبابا و بعده واجبا مطلقا.

 (4). لعل المقصود إزالة شعرها و ذكر الحلق مبنى على أن النورة لم تكن في زمن إبراهيم عليه السلام بل كانت إزالة شعرها بالحلق و كذا الكلام في نتف الابطين. (مراد).

 (5). «عرضا» أي بأن يمرّ السواك على عرض الأسنان.

54
من لا يحضره الفقيه1

باب علة الوضوء ص : 55

122- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَسْتَاكُ مَرَّةً بِيَدِهِ إِذَا قَامَ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى السِّوَاكِ فَقَالَ إِذَا خَافَ الصُّبْحَ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

123- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ لَوْ لَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ وُضُوءِ كُلِّ صَلَاةٍ.

124- وَ رُوِيَ‏ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي السِّوَاكِ لَأَبَاتُوهُ مَعَهُمْ فِي لِحَافٍ.

125- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْكَعْبَةَ شَكَتْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا تَلْقَى مِنْ أَنْفَاسِ الْمُشْرِكِينَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا قِرِّي يَا كَعْبَةُ فَإِنِّي مُبْدِلُكِ بِهِمْ قَوْماً يَتَنَظَّفُونَ بِقُضْبَانِ الشَّجَرِ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- نَبِيَّهُ مُحَمَّداً ص نَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ جَبْرَئِيلُ ع بِالسِّوَاكِ.

126- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي السِّوَاكِ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً هُوَ مِنَ السُّنَّةِ وَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَ مَجْلَاةٌ لِلْبَصَرِ وَ يُرْضِي الرَّحْمَنَ وَ يُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ وَ يَذْهَبُ بِالْحَفْرِ «1» وَ يَشُدُّ اللِّثَةَ وَ يُشَهِّي الطَّعَامَ وَ يَذْهَبُ بِالْبَلْغَمِ وَ يَزِيدُ فِي الْحِفْظِ وَ يُضَاعِفُ الْحَسَنَاتِ وَ تَفْرَحُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ.

بَابُ عِلَّةِ الْوُضُوءِ

127- جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص- فَسَأَلُوهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلُوهُ أَخْبِرْنَا يَا مُحَمَّدُ لِأَيِّ عِلَّةٍ تُوَضَّأُ هَذِهِ الْجَوَارِحُ الْأَرْبَعُ وَ هِيَ أَنْظَفُ الْمَوَاضِعِ فِي الْجَسَدِ «2» قَالَ النَّبِيُّ ص لَمَّا أَنْ وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ إِلَى آدَمَ ع- دَنَا مِنَ الشَّجَرَةِ

______________________________

 (1). الحفر: صفرة تعلو الأسنان. (القاموس).

 (2). لعل المراد أن في الجسد مواضع هى- أى المواضع الأربعة التي هو الوجه و اليدان من المغسولة و الرأس و الرجلان من الممسوحة- أنظف منها فتلك المواضع و هي ما قرب من-

55
من لا يحضره الفقيه1

باب علة الوضوء ص : 55

فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَذَهَبَ مَاءُ وَجْهِهِ‏ «1» ثُمَّ قَامَ وَ مَشَى إِلَيْهَا وَ هِيَ أَوَّلُ قَدَمٍ مَشَتْ إِلَى الْخَطِيئَةِ ثُمَّ تَنَاوَلَ بِيَدِهِ مِنْهَا مَا عَلَيْهَا فَأَكَلَ فَطَارَ الْحُلِيُّ وَ الْحُلَلُ مِنْ جَسَدِهِ‏ «2» فَوَضَعَ آدَمُ يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَ بَكَى فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ تَطْهِيرَ هَذِهِ الْجَوَارِحِ الْأَرْبَعِ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَسْلِ الْوَجْهِ لِمَا نَظَرَ إِلَى الشَّجَرَةِ وَ أَمَرَهُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِمَا تَنَاوَلَ بِهِمَا وَ أَمَرَهُ بِمَسْحِ الرَّأْسِ لِمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَ أَمَرَهُ بِمَسْحِ الْقَدَمَيْنِ لِمَا مَشَى بِهِمَا إِلَى الْخَطِيئَةِ.

128- وَ كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ‏ أَنَّ عِلَّةَ الْوُضُوءِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا صَارَ عَلَى الْعَبْدِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الذِّرَاعَيْنِ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَيْنِ فَلِقِيَامِهِ‏ «3» بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى وَ اسْتِقْبَالِهِ إِيَّاهُ بِجَوَارِحِهِ الظَّاهِرَةِ وَ مُلَاقَاتِهِ بِهَا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ‏ «4» فَيَغْسِلُ الْوَجْهَ لِلسُّجُودِ وَ الْخُضُوعِ-

______________________________

- الفرجين بالغسل و المسح أولى لأنّها كثيرا ما يكتسب النجاسة منهما و هذا القدر كاف في السؤال و لا تحتاج الى أن يكون هذه الجوارح أنظف من جميع الأعضاء ليرد أن الرجل مثلا ليس أنظف من الصدر. (مراد).

 (1). لعل المراد أنّه لما نظر الى الشجرة نظر ميل و رغبة شبيه ميل العاصى الى المنهى عنه في أن الأولى و اللائق بحاله الاحتراز عنه، تغير لون وجهه استحياء عن ارتكاب ذلك و ذلك هو المراد بالخطيئة. (مراد).

 (2). استعارة تبعية حيث شبه ذهاب الحلى و الحلل بسرعة طيران الطائر.

 (3). حق العبارة قيامه بدون ذكر الفاء و اللام ليكون خبرا عن «ان» لكن لما كان الكلام جواب سائل صار المقام مقام التفصيل فكانه قال: أما أن المتوضى يغسل الوجه و اليدين و يمسح الرأس و الرجلين فلقيامه- الخ. و الظاهر أن المراد بالقيام القيام في الصلاة، و كونه بين يدي اللّه تمثيل فشبه حال من له القيام في الصلاة و التضرّع و ينقطع إليه، و أطلق اللفظ الموضوع للمشبه به على المشبه كما هو شأن التمثيل. (مراد).

 (4). لان تلك الجوارح هي محل ملاقاة الإنسان في المصافحة و غيرها سواء أريد بالملاقاة الملاقاة في الصلاة فان المصلى نزل نفسها منزلة الملاقى المتضرع، أو الملاقاة يوم القيامة عند اتيان الكتاب (مراد).

56
من لا يحضره الفقيه1

باب حكم جفاف بعض الوضوء قبل تمامه ص : 57

وَ يَغْسِلُ الْيَدَيْنِ لِيُقَلِّبَهُمَا وَ يَرْغَبَ بِهِمَا وَ يَرْهَبَ وَ يَتَبَتَّلَ‏ «1» وَ يَمْسَحُ الرَّأْسَ وَ الْقَدَمَيْنِ لِأَنَّهُمَا ظَاهِرَانِ مَكْشُوفَانِ يَسْتَقْبِلُ بِهِمَا كُلَّ حَالاتِهِ وَ لَيْسَ فِيهِمَا مِنَ الْخُضُوعِ وَ التَّبَتُّلِ مَا فِي الْوَجْهِ وَ الذِّرَاعَيْنِ.

بَابُ حُكْمِ جَفَافِ بَعْضِ الْوَضُوءِ قَبْلَ تَمَامِهِ‏

قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَ‏ «2» إِنْ فَرَغْتَ مِنْ بَعْضِ وُضُوئِكَ وَ انْقَطَعَ بِكَ الْمَاءُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُتِمَّهُ فَأُتِيتَ بِالْمَاءِ فَتَمِّمْ وُضُوءَكَ إِذَا كَانَ مَا غَسَلْتَهُ رَطْباً وَ إِنْ كَانَ قَدْ جَفَّ فَأَعِدْ وُضُوءَكَ وَ إِنْ جَفَّ بَعْضُ وَضُوئِكَ‏ «3» قَبْلَ أَنْ تُتِمَّ الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْكَ الْمَاءُ فَاغْسِلْ مَا بَقِيَ جَفَّ وَضُوؤُكَ أَوْ لَمْ يَجِفَّ.

______________________________

 (1). الرغبة السؤال و الطلب، و الرهبة: الخوف و الفزع. و التبتل: الانقطاع الى عبادة اللّه و إخلاص العمل له و أصله من بتلت الشي‏ء أي قطعته و منه البتول لانقطاعها الى عبادة اللّه عزّ و جلّ. و قال الفاضل التفرشى: قوله «ليقلبهما» القلب هو التحويل و لعلّ المراد أن المصلى يحولهما في الصلاة من مكان الى مكان و يجعلهما بحيال وجهه في القنوت و الحاصل أن كثيرا من أفعال الصلاة يتأتى بهما فينبغي أن تغسلا.

 (2). لما كان الصدوق- رحمه اللّه- سافر في طلب الحديث بعد أن كان في قم و روى عن مشايخه خصوصا عن أبيه و كتب أبوه عليّ بن الحسين إليه رسالة ليعمل الصدوق عليه اما بسؤاله أو تبرعا و لما كان الرسالة من الأخبار الصحيحة التي وصل الى الصدوق يذكر أحيانا من الرسالة تيمنا و تبركا. (م ت).

 (3). قوله «و ان جف بعض وضوئك» ينبغي أن يقرأ الوضوء هنا بفتح الواو و هو ماء الوضوء و الفرق بين المسألتين وجود المتابعة في الافعال في الثانية دون الأولى فيظهر منه أن تحقّق أحد الامرين أي مراعاة عدم الجفاف و التتابع كاف في صحة الوضوء. (مراد) قوله «فأعد وضوءك» لانه مع حصول الجفاف فاتت المتابعة و أيضا من حيث انقطاع الماء و انتظار حصوله و ما بينهما من التراخى غالبا بخلاف ما سيذكر من الجفاف بدون انقطاع الماء فانه لم يفت فيه المتابعة و ان حصل الجفاف فيكون أحد الأمرين بزعمه كافيا (سلطان).

57
من لا يحضره الفقيه1

باب فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه ص : 58

بَابٌ فِيمَنْ تَرَكَ الْوُضُوءَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ‏

129- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ «1».

130- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَحْبَارِ «2» أُقْعِدَ فِي قَبْرِهِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّا جَالِدُوكَ مِائَةَ جَلْدَةٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَا أُطِيقُهَا فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ‏ «3» حَتَّى رَدُّوهُ إِلَى وَاحِدَةٍ فَقَالَ لَا أُطِيقُهَا فَقَالُوا لَا بُدَّ مِنْهَا قَالَ فَبِمَا تَجْلِدُونِيهَا قَالُوا نَجْلِدُكَ بِأَنَّكَ صَلَّيْتَ يَوْماً بِغَيْرِ وُضُوءٍ «4» وَ مَرَرْتَ عَلَى ضَعِيفٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ‏ «5» فَجَلَدُوهُ جَلْدَةً مِنْ‏

______________________________

 (1). المشهور أن الطهور- بالضم- هو الطهارة و بالفتح ما يطهر به، فان قرء الحديث هنا بالضم فالظاهر أنّه لا يصحّ الصلاة الا بالطهارة، و ان قرء بالفتح فالظاهر منه أنّه لا يجب الصلاة إلّا مع وجود ما يتطهر به فلا صلاة مع فاقد الطهورين (سلطان). و قال التفرشى:

قوله «لا صلاة الا بطهور» أي لا صلاة صحيحة الا صلاة مقرونة بطهور، و القصر اضافى بالنسبة الى عدم الطهور فيستفاد منه اشتراطها بالطهور. و من يقدر الكمال في الافعال الشرعية المدخولة للنفى أي لا صلاة كاملة لم يفهم الشرطية عنده من هذا الحديث و الحاجة الى التقدير على تقدير أن يكون الفعل الشرعى هو الهيئة المخصوصة، و أمّا إذا كان عبارة عن المعتبر شرعا فلا، لصحة ارجاع النفي حينئذ الى نفس المهية المعتبرة. انتهى.

 (2). الاحبار جمع حبر- بالكسر أو الفتح- ففى الصحاح عن الأصمعى قال: لا أدرى هو الحبر- بالكسر- أو الحبر- بالفتح-: للرجل العالم. و الحمل على أحبار اليهود غير مناسب هنا. (مراد).

 (3). أي لا يزالون ينقصون منه.

 (4). الظاهر أن الرجل حضر جماعة المسلمين و صلى معهم أو عندهم بدون وضوء عامدا للتظاهر و الا فكيف يتصور كونه منفردا في بيته يصلى بدون الوضوء الا أن يكون مجنونا و المجنون مرفوع عنه. و يمكن أن يكون صلى معهم بدون الوضوء ثمّ أعاد مع الوضوء، فيدل الخبر على حرمة الصلاة بغير وضوء.

 (5). يدل على وجوب نصرة الضعيف كما هو ظاهر من الآيات و الاخبار.

58
من لا يحضره الفقيه1

باب فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه ص : 58

عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ نَاراً.

131- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ ثَمَانِيَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً «1» الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَوْلَاهُ وَ النَّاشِزُ عَنْ زَوْجِهَا وَ هُوَ عَلَيْهَا سَاخِطٌ «2» وَ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَ إِمَامُ قَوْمٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَ هُمْ لَهُ كَارِهُونَ‏ «3» وَ تَارِكُ الْوُضُوءِ وَ الْمَرْأَةُ الْمُدْرِكَةُ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ وَ الزِّبِّينُ‏ «4» وَ هُوَ الَّذِي يُدَافِعُ الْبَوْلَ وَ الْغَائِطَ وَ السَّكْرَانُ.

وَ تَارِكُ الْوُضُوءِ نَاسِياً مَتَى ذَكَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَ يُعِيدَ الصَّلَاةَ.

132- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعَةُ أَشْيَاءَ السَّهْوُ وَ الْخَطَأُ وَ النِّسْيَانُ وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَ مَا لَا يَعْلَمُونَ وَ مَا لَا يُطِيقُونَ وَ الطِّيَرَةُ «5» وَ الْحَسَدُ وَ التَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ مَا لَمْ يَنْطِقِ الْإِنْسَانُ بِشَفَةٍ «6».

______________________________

 (1). قوله عليه السلام «لا يقبل لهم صلاة» ظاهر الاخبار بل الآيات أن القبول غير الاجزاء و لكن الخلاف في معناهما فقال السيّد المرتضى- رحمه اللّه- ان القبول هو استحقاق الثواب و الاجزاء هو الخلوص من العقاب، و ظاهر الاكثر القبول هو كثرة الثواب و الاجزاء قلته لا عدمه، و الظاهر هو قول الاكثر. و المراد بعدم القبول هنا أعم من عدم الصحة و الكمال بالنسبة الى أفراد العباد (م ت).

 (2). النشوز: العصيان و عدم طاعة الزوج. و في الخصال ص 407 «الناشزة عن زوجها».

 (3). لعله كناية عن كونه مخالفا يصلون خلفه كراهة أن يتضرّروا بتركها (مراد).

 (4). الزبين- بكسر الزاى المعجمة و شد الباء كسكين- هو الذي يدافع الاخبثين.

 (5). الظاهر أن المراد بوضع الطيرة عن الأمة وضع تشأمها عنهم، فلا يكون على نسق ما قبلها فان المراد من الوضع فيما قبلها و بعدها وضع المؤاخذة و العقاب (سلطان).

 (6). الظاهر أن المراد بالخلق المخلوقات أي الناس، و المراد بالتفكر حديث النفس بعيوبهم و تفتيش أحوالهم و التأمل فيهم فان هذا العمل و الحسد وضع عنهما المؤاخذة ما لم ينطق الإنسان بهما. و قيل المراد التفكر في مسئلة خلق الاعمال او التشكيك في خلق اللّه و لا يخفى بعده فتأمل (سلطان).

59
من لا يحضره الفقيه1

باب فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه ص : 58

133- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَبْقَى مِنْ وَجْهِهِ إِذَا تَوَضَّأَ مَوْضِعٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَقَالَ يُجْزِيهِ‏ «1» أَنْ يَبُلَّهُ مِنْ بَعْضِ جَسَدِهِ‏ «2».

134- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- إِنْ نَسِيتَ مَسْحَ رَأْسِكَ فَامْسَحْ عَلَيْهِ وَ عَلَى رِجْلَيْكَ مِنْ بِلَّةِ وَضُوئِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ فِي يَدِكَ مِنْ نَدَاوَةِ وَضُوئِكَ شَيْ‏ءٌ فَخُذْ مِمَّا بَقِيَ مِنْهُ فِي لِحْيَتِكَ وَ امْسَحْ بِهِ رَأْسَكَ وَ رِجْلَيْكَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ لِحْيَةٌ فَخُذْ مِنْ حَاجِبَيْكَ وَ أَشْفَارِ عَيْنَيْكَ وَ امْسَحْ بِهِ رَأْسَكَ وَ رِجْلَيْكَ وَ إِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ بِلَّةِ وَضُوئِكَ شَيْ‏ءٌ أَعَدْتَ الْوُضُوءَ «3».

135- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فِي رَجُلٍ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ قَالَ فَلْيَمْسَحْ قَالَ لَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَلْيَمْسَحْ رَأْسَهُ مِنْ بَلَلِ لِحْيَتِهِ‏ «4».

136- وَ فِي رِوَايَةِ زَيْدٍ الشَّحَّامِ وَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فِي رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى قَامَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَمْسَحْ بِرَأْسِهِ وَ لْيُعِدِ الصَّلَاةَ.

وَ مَنْ شَكَّ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ وُضُوئِهِ وَ هُوَ قَاعِدٌ عَلَى حَالِ الْوُضُوءِ فَلْيُعِدْ وَ مَنْ قَامَ عَنْ‏

______________________________

 (1). يشعر بسقوط الترتيب فيما إذا سهى في خروج العضو، و الحمل على الإتيان بما بعده بعيد، و يمكن الحمل على ما إذا لم يتيقن انه لم يصبه الماء بل إنّما وجده جافا. (مراد).

 (2). ظاهره يشمل ما إذا انتقل الى عضو آخر بل ما إذا فرغ من الوضوء و لا يخفى حينئذ فوت الترتيب، و يمكن حمله على ما إذا لم ينتقل الى عضو آخر فلا يفوت الترتيب أو إذا أتى به و بما بعده (سلطان). محمول على ما إذا كان في الاثناء مع مراعاة الترتيب و يحمل على الشك و الاستحباب جمعا بين الاخبار (م ت).

 (3). خبر أريد به معنى الامر. (مراد).

 (4). قوله «حتى دخل في الصلاة» أي تهيأ للدخول فيها فلا ينافى قوله في الخبر الآتي عن زيد الشحام «فلينصرف فليمسح برأسه و ليعد الصلاة» و أيضا فليس في هذا الحديث أن صلاته صحيحة غايته أنّه لم يصرح ببطلان الصلاة و لا بدّ من حمل الحديثين على وجوب المسح على الرجلين و ان لم يصرح به (مراد).

60
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينقض الوضوء ص : 61

مَكَانِهِ ثُمَّ شَكَّ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ وُضُوئِهِ فَلَا يَلْتَفِتْ إِلَى الشَّكِّ إِلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ وَ هُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْحَدَثِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ وَ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْوُضُوءِ فَلَا يَنْقُضِ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ إِلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ وَ مَنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْوُضُوءِ وَ الْحَدَثِ وَ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَسْبَقُ فَلْيَتَوَضَّأْ «1».

بَابُ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ

137- سَأَلَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَمَّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَقَالا مَا خَرَجَ مِنْ طَرَفَيْكَ الْأَسْفَلَيْنِ‏ «2» الذَّكَرِ وَ الدُّبُرِ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ رِيحٍ وَ النَّوْمُ‏ «3» حَتَّى يُذْهِبَ الْعَقْلَ‏ «4».

وَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ «5» مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقَيْ‏ءِ وَ الْقَلْسِ وَ الرُّعَافِ وَ الْحِجَامَةِ-

______________________________

 (1). راجع نصوصها الكافي ج 3 ص 33 و 34.

 (2). ظاهر هذا الخبر الحصر لكن لم يذكر فيه الدماء و مس الأموات فيمكن أن يكون الحصر اضافيا بالنسبة الى ما قاله أكثر العامّة من القى‏ء و القلس (و القلس: ما خرج من البطن الى الفم من الطعام و الشراب فإذا غلب فهو القى‏ء) أو يحمل على الحقيقة بالنظر الى الرجال بقرينة الذكر، و في مس الميت لم يظهر لنا دليل على النقض و ان قلنا بوجوب الغسل نعم الأحوط الوضوء، و الأولى النقض ثمّ الوضوء مع أن الظاهر أنّه إذا اغتسل لا يحتاج الى الوضوء لعموم الأخبار الصحيحة في أن «أى وضوء أطهر من الغسل» (م ت).

 (3). قوله «حتى يذهب العقل» فيه ايماء الى أن كل ما يذهب به العقل ناقض للوضوء و قوله «و لا ينقض الوضوء- الخ» تأكيد للحصر المذكور ردا على المخالفين (مراد).

 (4). لم يذكر الجنون و الاغماء و السكر في الجواب و ان كان في قوله «حتى يذهب العقل» اشعار بها. (سلطان).

 (5). الظاهر أنّه من كلام الصدوق- رحمه اللّه- (م ت).

61
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينقض الوضوء ص : 61

وَ الدَّمَامِيلِ وَ الْجُرُوحِ وَ الْقُرُوحِ وَ لَا يُوجِبُ الِاسْتِنْجَاءَ «1».

138- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لَيْسَ فِي حَبِّ الْقَرْعِ وَ الدِّيدَانِ الصِّغَارِ «2» وُضُوءٌ إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَمْلِ.

وَ هَذَا «3» إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ثُفْلٌ فَإِذَا كَانَ فِيهِ ثُفْلٌ فَفِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ وَ الْوُضُوءُ وَ كُلُّ مَا خَرَجَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ مِنْ دَمٍ وَ قَيْحٍ وَ مَذْيٍ وَ وَذْيٍ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ وَ لَا اسْتِنْجَاءَ مَا لَمْ يَخْرُجْ بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ مَنِيٌ‏ «4».

139- وَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ لِلصَّادِقِ ع‏ أَجِدُ الرِّيحَ فِي بَطْنِي حَتَّى أَظُنَّ أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ وُضُوءٌ حَتَّى تَسْمَعَ الصَّوْتَ‏ «5» أَوْ تَجِدَ الرِّيحَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ إِبْلِيسَ يَجْلِسُ بَيْنَ أَلْيَتَيِ الرَّجُلِ فَيُحْدِثُ لِيُشَكِّكَهُ‏ «6».

______________________________

 (1). قوله «و لا يوجب الاستنجاء» أي ما سوى المذكور الذي يخرج من الذكر و الدبر من و ذى او مذى أو دود و غيرها لا يوجب الاستنجاء كما لا يوجب الوضوء و ذلك لا يستلزم أن يكون كل ما ذكر موجبا للاستنجاء حتّى يلزم كون الريح موجبا له و اما خروج الدم من الموضعين و ان كان موجبا للغسل لكن لا يسمى ذلك الغسل استنجاء (مراد).

 (2). يطلق حبّ القرع على ديدان عراض في المعا الأعور و القولون يشبه بحب القرع و لذا سميّت به (بحر الجواهر).

 (3). من كلام المؤلّف و يدلّ عليه موثق عمّار الساباطى المروى في التهذيب ج 1 ص 4 و 58 عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حبّ- القرع كيف يصنع؟ قال: ان كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شي‏ء و لم ينقض وضوءه و ان خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء، و ان كان في الصلاة قطع الصلاة و أعاد الوضوء و الصلاة».

 (4). ففى البول و الغائط الاستنجاء و الوضوء، و في الريح الوضوء بدون الاستنجاء، و في المنى بالعكس (مراد) يعني فيه الغسل.

 (5). كناية عن تحقّق وقوعه لا بمجرد التوهم أو الظنّ الذي لا يجرى مجرى العلم مما يمكن أن يكون من فعل الشيطان. (مراد) و الطريق صحيح.

 (6). المراد بحدث الشيطان التوهّمات التي تحصل للموسوسين (م ت).

62
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينقض الوضوء ص : 61

140- وَ سَأَلَ زُرَارَةُ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يُقَلِّمُ أَظَافِيرَهُ وَ يَجُزُّ شَارِبَهُ وَ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ لِحْيَتِهِ وَ رَأْسِهِ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ الْوُضُوءَ فَقَالَ يَا زُرَارَةُ كُلُّ هَذَا سُنَّةٌ وَ الْوُضُوءُ فَرِيضَةٌ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنَ السُّنَّةِ يَنْقُضُ الْفَرِيضَةَ وَ إِنَّ ذَلِكَ لَيَزِيدُهُ تَطْهِيراً «1».

141- وَ سَأَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْ أَظَافِيرِهِ وَ شَارِبِهِ أَ يَمْسَحُهُ بِالْمَاءِ فَقَالَ لَا «2» هُوَ طَهُورٌ «3».

142- وَ سُئِلَ عَنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ هَلْ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَقَالَ لَا.

143- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- عَنِ الرَّجُلِ يُخْفِقُ‏ «4» رَأْسَهُ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ قَائِماً أَوْ رَاكِعاً قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ «5».

144- وَ سُئِلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ وَ هُوَ قَاعِدٌ «6» هَلْ‏

______________________________

 (1). لعل المراد بالسنة السنة التي وضعت للتطهير اما بان يكون قوله: «و ان ذلك الخ» جملة حالية أو تحمل السنة على هذا الفرد بقرينة ما بعده فلا ينتقض بالجماع لانه ليس وضعه للتطهير و على التقادير الزام على العامّة بمثل ما يعتبرونه من الاستحسانات، و يوجه بأن الوضوء فريضة من فرائض اللّه تعالى على عباده و قرر لنقضها الاحداث المذكورة في القرآن و السنة المتواترة فكيف ينقضه ما جعله اللّه سبحانه للتطهير مثل المذكورات (م ت).

 (2). قوله (ع): «لا» الظاهر أن المراد انه لا يجب مسحه بالماء و يمكن أن يكون السائل جعل المسح كناية عن الوضوء. و قوله (ع) «هو طهور» تشبيه اي كالطهور في التنظيف فلا يحتاج الى التطهير. (مراد). و الطريق الى إسماعيل بن جابر صحيح (صه).

 (3). يحتمل أنّه يعنى به الطاهر أي المذكور طاهر فلا حاجة الى استعمال الماء و يحتمل انه بمعنى المطهر أي الاخذ المذكور مطهر فكيف يوجب التطهير (سلطان).

 (4). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم. و يخفق أي أخذته سنة من النعاس فحرك رأسه و هو ناعس.

 (5). حمل على ما إذا لم يغلب النوم على العقل اي المشاعر.

 (6). الرقاد: النوم و المراد بالرقود هنا مقدّمته أي النعاس بقرينة قوله «و هو قاعد» اذ الغالب في القاعد هو النعاس (م ت).

63
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينقض الوضوء ص : 61

عَلَيْهِ وُضُوءٌ فَقَالَ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ مَا دَامَ قَاعِداً «1» إِنْ لَمْ يَنْفَرِجْ‏ «2».

145- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ لَيْسَ فِي الْقُبْلَةِ وَ لَا الْمُبَاشَرَةِ وَ لَا مَسِّ الْفَرْجِ وُضُوءٌ.

146- وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَقْطُرُ مِنْهُ الْبَوْلُ وَ الدَّمُ إِذَا كَانَ حِينَ الصَّلَاةِ اتَّخَذَ كِيساً وَ جَعَلَ فِيهِ قُطْناً ثُمَّ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ وَ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ فِيهِ ثُمَّ صَلَّى يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ «3» يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَ يُعَجِّلُ الْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَيْنِ وَ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَ يُعَجِّلُ الْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَيْنِ وَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصُّبْحِ‏ «4».

147- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ رَجُلٍ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَوَجَدَ بَلَلًا قَالَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ وَ لَا يَتَوَضَّأُ «5».

______________________________

 (1). إشارة الى أن المراد بالرقود النعاس اذ الغالب عند عدم انفراج الأعضاء و بقائها على حالها لا يحصل النوم الذاهب للعقل، و يمكن حمل الكلام على التقية (مراد).

 (2). محمول على النعاس الذي يسمع الصوت معه، أو على التقية لموافقته لمذهب كثير من العامّة في أن النوم بنفسه ليس بناقض بل باعتبار خروج الريح، و الظاهر من الصدوق أنه عمل به كما نقل عنه، و العمل على المشهور، و لو احتاط بالنقض بحدث و الوضوء بعده كان أولى خروجا من خلافه (م ت).

 (3). يدل على أن من به السلس يكفيه وضوء واحد للصلاتين و المشهور خلافه (سلطان) و قال بعض: لعل الجمع بين الصلاة لعدم إعادة الاذان لانه إذا فصل بينهما يستحب الاذان، أو لعدم تعدّد الوضوء لكل صلاة، أو لعدم وقوع الحدث الكثير. و الطريق صحيح.

 (4). قيل: الظاهر أن اسم الإشارة راجع الى اتخاذ الكيس و يحتمل أن يرجع الى أصل الوضوء و الى جميع ما تقدم و يكون الجمع مع صلاة الليل. و قال التفرشى: قوله:

 «يؤخر الظهر» أي يوقعها في آخر وقت فضيلتها و يوقع العصر في أول وقتها ليقع كل منهما في وقت الفضيلة، و يستفاد من ظاهر الحديث جواز الإتيان بصلاتين بوضوء واحد لمن به السلس.

 (5). الطريق موثق أو حسن و رواه الكليني ج 3 ص 19 و ظاهره الإطلاق و حمل على ما بعد الاستبراء لاخبار أخر (م ت).

64
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

148- وَ رَوَى غَيْرُهُ‏ «1» فِي الرَّجُلِ يَبُولُ ثُمَّ يَسْتَنْجِي ثُمَّ يَرَى بَعْدَ ذَلِكَ بَلَلًا أَنَّهُ إِذَا بَالَ فَخَرَطَ مَا بَيْنَ الْمَقْعَدَةِ وَ الْأُنْثَيَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ غَمَزَ مَا بَيْنَهُمَا «2» ثُمَّ اسْتَنْجَى فَإِنْ سَالَ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ السُّوقَ فَلَا يُبَالِي‏ «3».

وَ إِذَا مَسَّ الرَّجُلُ بَاطِنَ دُبُرِهِ أَوْ بَاطِنَ إِحْلِيلِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَ إِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَ تَوَضَّأَ وَ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَ إِنْ فَتَحَ إِحْلِيلَهُ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ «4» وَ مَنِ احْتَقَنَ أَوْ حَمَلَ شِيَافَةً قَذِراً «5» فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ وَ إِنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِطاً بِالثُّفْلِ فَعَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ وَ الْوُضُوءُ.

بَابُ مَا يُنَجِّسُ الثَّوْبَ وَ الْجَسَدَ

149- كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا يَرَى فِي الْمَذْيِ وُضُوءاً وَ لَا غَسْلَ مَا أَصَابَ‏

______________________________

 (1). هو عبد الملك بن عمرو كما في التهذيب ج 1 ص 7 و سنده حسن كالصحيح و طريق الصدوق إليه فيه الحكم بن مسكين و هو مهمل.

 (2). أي بين الانثيين، و لعلّ المراد كون ابتداء الغمز ممّا بين الانثيين و هو أصل الذكر (مراد).

 (3). السوق جمع ساق و هو ما بين الركبة الى الكعب.

 (4). هذا مذهب الصدوق- رحمه اللّه- على ما نقل عنه و وافقه ابن الجنيد و احتج المصنّف بخبر عمّار الساباطى المروى في التهذيب ج 1 ص 99 عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال «سئل عن الرجل يتوضأ ثمّ يمس باطن دبره؟ قال: نقض وضوؤه و ان مس باطن احليله فعليه أن يعيد الوضوء و ان كان في الصلاة قطع الصلاة و يتوضأ و يعيد الصلاة- الحديث» و أجيب اولا بكونه معارضا لصحاح أخر و موافقا لمذهب العامّة فيحمل على التقية.

 (5). في بعض النسخ بدون «قذرا» و في بعضها «شيئا قذرا». و قوله «قذرا» أي نجسا قبله خصصه بالقذر إذا دخل في الجوف و خرج منه انه لا يلزم الوضوء حيث ان خروج القذر الذي كان فيه يوجبه و إذا كان حمل القذر لا يوجب الوضوء فحمل الطاهر لا يوجبه بطريق أولى (مراد).

65
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

الثَّوْبَ مِنْهُ‏ «1».

150- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْمَذْيَ وَ الْوَذْيَ بِمَنْزِلَةِ الْبُصَاقِ وَ الْمُخَاطِ «2» فَلَا يُغْسَلُ مِنْهُمَا الثَّوْبُ وَ لَا الْإِحْلِيلُ.

وَ هِيَ‏ «3» أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ الْمَنِيُّ وَ الْمَذْيُ وَ الْوَذْيُ وَ الْوَدْيُ فَأَمَّا الْمَنِيُّ فَهُوَ الْمَاءُ الْغَلِيظُ الدَّافِقُ الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ وَ الْمَذْيُ مَا يَخْرُجُ قَبْلَ الْمَنِيِّ وَ الْوَذْيُ مَا يَخْرُجُ بَعْدَ الْمَنِيِّ عَلَى أَثَرِهِ وَ الْوَدْيُ مَا يَخْرُجُ عَلَى أَثَرِ الْبَوْلِ لَا يَجِبُ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ‏ «4» الْغُسْلُ وَ لَا الْوُضُوءُ وَ لَا غَسْلُ ثَوْبٍ وَ لَا غَسْلُ مَا يُصِيبُ الْجَسَدَ مِنْهُ إِلَّا الْمَنِيِّ.

151- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ «5» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَلْبَسُ الثَّوْبَ-

______________________________

 (1). قوله و «لا غسل ما-» بالإضافة. و في بعض النسخ «و لا غسلا» بفتح الغين مصدر و الموصول مفعوله. (مراد).

 (2). البزاق و البصاق بضم الباء-: الفاظ مترادفة و هو ماء الفم إذا خرج منه و هو ريق ما دام فيه، و في الصحاح المخاط ما يسيل من الانف. (مراد).

 (3). «هى» ضمير القصة و ما بعدها مفسر لها «و أربعة أشياء» مبتدأ و قوله: «المنى و المذى و الوذى و الودى بدل منها، و قوله: «لا يجب شي‏ء من ذلك» خبر له. و في بعض النسخ «فى أربعة أشياء».

 (4). قوله «شي‏ء من ذلك» بدل من قوله «فى أربعة أشياء» فهو متعلق بلا يجب فيصير الكلام في قوة في شي‏ء من أربعة أشياء لا يجب الغسل و لا الوضوء- الخ، و الترتيب الطبيعي يقتضى تقديم الوضوء لان الغسل أكمل منه فيقال: لا يقدر على هذا وزير و لا أمير و لو عكس اختل النظم، لكن لما كان المذى أشبه بالمنى فتوهم ايجابه الغسل أقوى من توهم ايجابه الوضوء فرفع توهم الأول أهم. و في حاشية المحقق الشيخ على (ره) على الشرائع المذى ماء لزج يخرج عقيب الملاعبة بعد انكسار الشهوة. و الوذى بالمعجمة ما يخرج عقيب الانزال و الودى بالمهملة ماء أبيض غليظ يخرج عقيب البول (مراد).

 (5). الطريق قوى.

66
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

وَ فِيهِ الْجَنَابَةُ «1» فَيَعْرَقُ فِيهِ فَقَالَ إِنَّ الثَّوْبَ لَا يُجْنِبُ الرَّجُلَ‏ «2».

152- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يُجْنِبُ الثَّوْبُ الرَّجُلَ وَ لَا الرَّجُلُ يُجْنِبُ الثَّوْبَ.

153- وَ سَأَلَ زَيْدٌ الشَّحَّامُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الثَّوْبِ يَكُونُ فِيهِ الْجَنَابَةُ «3» وَ تُصِيبُنِي السَّمَاءُ حَتَّى يَبْتَلَّ عَلَيَّ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَ إِذَا نَامَ الرَّجُلُ عَلَى فِرَاشٍ قَدْ أَصَابَهُ مَنِيٌّ فَعَرِقَ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ‏ «4» وَ مَتَى عَرِقَ فِي ثَوْبِهِ وَ هُوَ جُنُبٌ فَلْيَتَنَشَّفْ فِيهِ إِذَا اغْتَسَلَ‏ «5» وَ إِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ مِنْ حَلَالٍ فَحَلَالٌ الصَّلَاةُ فِيهِ وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ حَرَامٍ فَحَرَامٌ الصَّلَاةُ فِيهِ وَ إِذَا عَرِقَتِ الْحَائِضُ فِي ثَوْبٍ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ‏ «6».

154- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِبَعْضِ نِسَائِهِ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ «7» فَقَالَتْ لَهُ أَنَا حَائِضٌ فَقَالَ لَهَا أَ حَيْضُكِ فِي يَدِكِ.

______________________________

 (1). الضمير راجع الى الثوب، يعنى رجل لبس ثوبا أصابه المنى فيعرق فيه.

 (2). و لعلّ مقصود السائل تحقيق حكم عرق الجنب فيكون معنى الكلام أن الرجل يلبس ثوبا حصلت فيه الجنابة سابقا فيعرق فيه فقال عليه السلام: ان الثوب لا يجنب الرجل أى الثوب الذي حصلت فيه الجنابة وقتا ما لا تأثير له في حال الرجل من تنجسه و غير ذلك بل هو طاهر. و كذا القول في الخبر الآخر أي لا تأثير لجنابة الرجل في الثوب و لا الثوب الملبوس حال الجنابة في الرجل لو لبسه بعد ذلك فعرق فيه (سلطان).

 (3). في الطريق أبو جميلة و هو ضعيف و رواه الكليني بسند موثق كالصحيح. و كأنّه كناية عن اصابة المنى لكن يوجه بالوجه الذي ذكر في الحديث السابق. يعنى المراد الثوب الذي كان يلبسه و يجامع فيه سابقا. و قد حمله بعضهم اما على كثرة ماء المطر بحيث يطهر الثوب أو على التقية.

 (4). لان مجرد العرق لا يوجب التنجس الا إذا علم وصول النجاسة إليه.

 (5). يعني لا مانع بالتنشف بالثوب الذي عرق فيه الجنب لانه لا يتعدى الجنابة الى الثوب و أيضا عرق الجنب لا ينجس الثوب. و حمله الشيخ- رحمه اللّه- على ما كان من حرام.

 (6). يعني لو كانت الجنابة من الحرام لا يجوز الصلاة فيه مطلقا أو حالكونه رطبا بذلك العرق و ذهب الى كل جماعة.

 (7). الخمرة- بالضم-: سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل و تزمل بالخيوط.

67
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

155- وَ سَأَلَ مُحَمَّدٌ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ رَجُلٍ أَجْنَبَ فِي ثَوْبِهِ‏ «1» وَ لَيْسَ مَعَهُ ثَوْبٌ غَيْرُهُ قَالَ يُصَلِّي فِيهِ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ غَسَلَهُ‏ «2».

156- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ وَ أَعَادَ الصَّلَاةَ «3».

وَ الثَّوْبُ إِذَا أَصَابَهُ الْبَوْلُ غُسِلَ فِي مَاءٍ جَارٍ مَرَّةً وَ إِنْ غُسِلَ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَمَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُعْصَرُ «4» وَ إِنْ كَانَ بَوْلَ الْغُلَامِ الرَّضِيعِ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبّاً وَ إِنْ كَانَ قَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ غُسِلَ وَ الْغُلَامُ وَ الْجَارِيَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ «5».

157- وَ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: لَبَنُ الْجَارِيَةِ وَ بَوْلُهَا يُغْسَلُ مِنْهُ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ تَطْعَمَ لِأَنَّ لَبَنَهَا يَخْرُجُ مِنْ مَثَانَةِ أُمِّهَا «6» وَ لَبَنُ الْغُلَامِ لَا يُغْسَلُ مِنْهُ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ وَ لَا بَوْلُهُ‏ «7» لِأَنَّ لَبَنَ الْغُلَامِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَنْكِبَيْنِ وَ الْعَضُدَيْنِ.

______________________________

 (1). الطريق صحيح. و «أجنب في ثوبه» يعنى احتلم فيه.

 (2). ظاهره صحة الصلاة فيه مطلقا، و يمكن حمله على ما إذا لم يقدر على أن يطرحه عند الصلاة لبرد أو غيره (كوجود ناظر محترم) و يصلى عريانا (مراد).

 (3). محمول على الاستحباب. و قال الفاضل التفرشى: «لا منافاة بين هذا الخبر و الخبر الأول اذ ليس فيه أنّه لا يعيد الصلاة». أقول: فيه نظر لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة.

 (4). «ثم يعصر» ظاهره الاكتفاء في الغسلتين بعصر واحد بعدهما، و لعلّ المراد بيان أن الغسل في الماء الجاري بادخال النجس فيه و في حكمه الكر لا يحتاج الى العصر بخلاف الماء الراكد الذي يصب على المحل فانه لا بدّ في تحقّق الغسل فيه من العصر فكانه قال: لا يكتفى في المرتين بورود الماء على المحل بل لا بدّ في كل من عصر. (مراد) أقول: قوله: «فى ماء راكد» «فى» بمعنى الباء و المراد بالراكد ما كان أقل من الكر و لذا قال: صب عليه الماء.

 (5). أي بعد أكل الطعام.

 (6). بيان للحكم و ليس استدلالا ليرد أن خروجه من مثانة الام لا يستلزم تنجسه بعد استحالته لبنا و الانتقال الى جوفها و استحالته بولا. (مراد).

 (7). التقييد باعتبار عطف البول على اللبن اذ لا دخل لهذا القيد في طهارة اللبن-

68
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

158- وَ سَأَلَ حَكَمُ بْنُ حُكَيْمٍ ابْنُ أَخِي خَلَّادٍ «1»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- فَقَالَ لَهُ أَبُولُ فَلَا أُصِيبُ الْمَاءَ وَ قَدْ أَصَابَ يَدِي شَيْ‏ءٌ مِنَ الْبَوْلِ فَأَمْسَحُهُ بِالْحَائِطِ وَ بِالتُّرَابِ ثُمَّ تَعْرَقُ يَدِي فَأَمَسُّ وَجْهِي أَوْ بَعْضَ جَسَدِي أَوْ يُصِيبُ ثَوْبِي فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «2».

159- وَ سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي مَحْمُودٍ- الرِّضَا ع- عَنِ الطِّنْفِسَةِ وَ الْفِرَاشِ يُصِيبُهُمَا الْبَوْلُ كَيْفَ يُصْنَعُ وَ هُوَ ثَخِينٌ كَثِيرُ الْحَشْوِ فَقَالَ يُغْسَلُ مِنْهُ مَا ظَهَرَ فِي وَجْهِهِ‏ «3».

160- وَ سَأَلَ حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ- إِنِّي رُبَّمَا بُلْتُ فَلَا

______________________________

- فكأنّه عليه السلام قال: و لبن الغلام و بوله لا يغسل منه الثوب قبل أن يطعم لان- ا ه- و ذلك لان مرتبة العطف على المسند إليه مقدم على مرتبة الحكم لان كونه بحيث يشاركه غيره في الحكم من صفاته المعتبرة فيه (مراد) و قال الشيخ في التهذيبين: انما نفى غسل الثوب منه كما يغسل من بول الرجل أو بوله بعد أن يأكل الطعام و لم ينف أن يصب الماء عليه، و ليس كذلك حكم بول الجارية لان بولها لا بدّ من غسله- انتهى.

و قال المجلسيّ الأول- رحمه اللّه-: الخبر رواه الشيخ عن النوفليّ عن السكونى و السند ضعيف لكن شهادة الصدوق بصحته تمنع من رده مع كونه منجبرا بعمل الاصحاب و يدل على الفرق بين بول الرضيع و الرضيعة كما هو المشهور بين الاصحاب، فلا بدّ من حمل الخبر الأول على الفطيم، و ان حمل على الرضيع و التسوية بينه و بين الجارية فلا بدّ من حمل الثاني على الاستحباب أو التقية.

 (1). كذا و في كتب الرجال «حكم بن الحكيم أبو خلّاد الصيرفى» و الطريق صحيح.

 (2). يحتمل توجيهه بان وصول موضع النجاسة الى الوجه أو بعض الجسد أو الثوب غير متيقن فلا بأس بالثوب و سائر الجسد و الوجه و ان كان اليد نجسة، و هذا إذا لم يكن المس بكل اليد، و يمكن حمل عدم البأس على صحة الصلاة من حيث عدم اصابة الماء و عدم القدرة عليه كما يشعر به كلام السائل. (سلطان).

 (3). اما محمول على عدم ظهور أن البول دخل في عمق ما سئل عنه، و اما على غسل الظاهر بوضعه في الجاري، أو غسله على وجه لا يصل الماء الى القطن عند الغسل، أو على القول بطهارة الغسالة، فلا ينجس الماء المنفصل عن القطن الملاقى لوجه المغسول (مراد).

69
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

أَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ وَ يَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَقَالَ إِذَا بُلْتَ وَ تَمَسَّحْتَ فَامْسَحْ ذَكَرَكَ بِرِيقِكَ‏ «1» فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئاً فَقُلْ هَذَا مِنْ ذَاكَ‏ «2».

161- وَ سُئِلَ ع- عَنِ امْرَأَةٍ لَيْسَ لَهَا إِلَّا قَمِيصٌ وَاحِدٌ وَ لَهَا مَوْلُودٌ فَيَبُولُ عَلَيْهَا كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ تَغْسِلُ الْقَمِيصَ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً «3».

162- وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ- لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- أَخْرُجُ مِنَ الْخَلَاءِ فَأَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ فَيَقَعُ ثَوْبِي فِي ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي اسْتَنْجَيْتُ بِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ «4».

163- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- فِي طِينِ الْمَطَرِ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يُصِيبَ الثَّوْبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ نَجَّسَهُ شَيْ‏ءٌ بَعْدَ الْمَطَرِ فَإِنْ أَصَابَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ غَسَلَهُ وَ إِنْ كَانَ طَرِيقاً نَظِيفاً لَمْ يَغْسِلْهُ‏ «5».

164- وَ سَأَلَ أَبُو الْأَعَزِّ النَّخَّاسُ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ: إِنِّي أُعَالِجُ الدَّوَابَّ فَرُبَّمَا خَرَجْتُ بِاللَّيْلِ وَ قَدْ بَالَتْ وَ رَاثَتْ فَتَضْرِبُ إِحْدَاهَا بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا «6» فَيُنْضَحُ عَلَى‏

______________________________

 (1). قيل: هذا الخبر متروك عند الاصحاب كما نبه عليه الشهيد (ره) في الذكرى.

 (2). «فقل هذا من ذاك» أي هذا الذي وجدت على الثوب أو البدن من رطوبة من ذاك الريق الذي مسحته على الذكر في غير محل البول لا من البول الباقي على الذكر (مراد) و لعلّ المراد مسح ما عدا مخرج البول بالريق لاجل أنّه لو رأى بللا بعد ذلك حمله على أنّه من الريق لا من البول. (سلطان).

 (3). لعل المراد اليوم بليلته و هذا اطلاق شايع. (مراد).

 (4). حمل على ما لم تكن فيه أجزاء النجاسة مميزة. و قال المولى المجلسيّ: الخبر حسن كالصحيح دل على طهارة ماء الاستنجاء ظاهرا و يؤيده أخبار آخر، و قيل بالعفو دون الطهارة.

 (5). لعل المراد غسله استحبابا (مراد) و المشهور بين الاصحاب استحباب إزالة طين المطر بعد مضى ثلاثة أيّام بعد انقطاعه و انه لا بأس في الثلاثة ما لم يعلم فيه نجاسة (الشيخ محمّد).

 (6). طريق الصدوق إليه حسن و طريق الكليني إليه صحيح و له كتاب هو معتمد الصدوقين و عمل به أكثر الاصحاب و يعارضه أخبار أخر عنهم عليهم السلام بالامر بغسل أبوال الدوابّ دون أرواثها و حملها أكثر الاصحاب على الاستحباب جمعا بين الاخبار و ظاهر بعضهم وجوب الاجتناب و هو الأحوط (م ت) و قوله «برجلها» فى بعض النسخ «بيدها و رجليها».

70
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

ثَوْبِي فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَ لَا بَأْسَ بِخُرْءِ الدَّجَاجَةِ وَ الْحَمَامَةِ يُصِيبُ الثَّوْبَ وَ لَا بَأْسَ بِخُرْءِ مَا طَارَ وَ بَوْلِهِ وَ لَا بَأْسَ بِبَوْلِ كُلِّ شَيْ‏ءٍ أُكِلَ لَحْمُهُ فَيُصِيبُ الثَّوْبَ وَ لَا بَأْسَ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ يُصِيبُ قَمِيصَهَا فَيَكْثُرُ وَ يَيْبَسُ‏ «1».

165- وَ سُئِلَ الرِّضَا ع- عَنِ الرَّجُلِ يَطَأُ فِي الْحَمَّامِ وَ فِي رِجْلَيْهِ الشُّقَاقُ‏ «2» فَيَطَأُ الْبَوْلَ وَ النُّورَةَ فَيَدْخُلُ الشُّقَاقَ أَثَرٌ أَسْوَدُ مِمَّا وَطِئَهُ مِنَ الْقَذَرِ وَ قَدْ غَسَلَهُ كَيْفَ يَصْنَعُ بِهِ وَ بِرِجْلِهِ الَّتِي وَطِئَ بِهَا أَ يُجْزِيهِ الْغَسْلُ أَمْ يُخَلِّلُ‏ «3» [أَظْفَارَهُ‏] بِأَظْفَارِهِ وَ يَسْتَنْجِي فَيَجِدُ الرِّيحَ مِنْ أَظْفَارِهِ‏ «4» وَ لَا يَرَى شَيْئاً فَقَالَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّيحِ وَ الشُّقَاقِ‏ «5» بَعْدَ غَسْلِهِ.

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَدَلَّكَ الرَّجُلُ فِي الْحَمَّامِ بِالسَّوِيقِ وَ الدَّقِيقِ وَ النُّخَالَةِ فَلَيْسَ فِيمَا يَنْفَعُ الْبَدَنَ إِسْرَافٌ إِنَّمَا الْإِسْرَافُ فِيمَا أَتْلَفَ الْمَالَ وَ أَضَرَّ بِالْبَدَنِ وَ الدَّمُ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُهُ مِقْدَارَ دِرْهَمٍ‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «و يلبس».

 (2). قال في الصحاح: «تقول: بيد فلان و برجله شقوق، و لا تقل شقاق، و انما الشقاق داء يكون بالدواب و هو تشقق يصيب أرساغها، و ربما ارتفع الى أوظفتها».

 (3). في بعض النسخ «يحكك».

 (4). قوله «يخلل باظفاره» فى بعض النسخ «اظفاره» بدون الباء، و في بعضها «اظفاره باظفاره» و النسخة الأولى أوفق بالسؤال، أو ظاهره السؤال عن كفاية الغسل عن ادخال الاظفار في تلك الشقوق لا تخليل الاظفار لئلا يبقى فيه شي‏ء من تلك النجاسة الداخل تحتها عند ازالتها عن الشقوق الا أن يحمل على أن الشقاق تحت أظفاره، و قوله: «و يستنجى فيجد الريح» عطف على قوله: «يطأ» أي عن الرجل يستنجى فيجد الريح فيكون سؤالا ثانيا. (مراد).

 (5). لعله لموافقة قول السائل أو يكون ما في الصحاح و هما.

71
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

وَافٍ‏ «1» وَ الْوَافِي مَا يَكُونُ وَزْنُهُ دِرْهَماً وَ ثُلُثاً وَ مَا كَانَ دُونَ الدِّرْهَمِ الْوَافِي فَقَدْ يَجِبُ غَسْلُهُ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَ إِنْ كَانَ الدَّمُ دُونَ حِمَّصَةٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ لَا يُغْسَلَ‏ «3» إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَمَ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْهُ وَ مِنَ الْبَوْلِ وَ الْمَنِيِّ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً وَ تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ عُلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ.

166- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع- مَا أُبَالِي أَ بَوْلٌ أَصَابَنِي أَوْ مَاءٌ إِذَا لَمْ أَعْلَمْ‏ «4».

167- وَ قَدْ رُوِيَ‏ فِي الْمَنِيِّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ جُنُباً حَيْثُ قَامَ وَ نَظَرَ وَ طَلَبَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْظُرْ وَ لَمْ يَطْلُبْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ وَ يُعِيدَ صَلَاتَهُ‏ «5».

______________________________

 (1). الظاهر المراد قدر سعته لا وزنه و حكاية الوزن لتعيين الدرهم و تميزه. (سلطان).

 (2). أي فيما يشترط فيه الطهارة غير الصلاة، أو المراد نجاسته بمعنى أنّه لا يتوهّم من جواز الصلاة فيه طهارته (م ت).

 (3). يمكن الجمع بينهما بان تكون المراد بالدرهم سعته و بالحمصة وزنه، فان قدر الحمصة إذا وقعت على الثوب أو البدن يصير بقدر الدرهم في السعة، لكن الجمع بين قولي الصدوق مشكل لان ظاهر كلامه أن العفو عن وزن الدرهم الوافي لا عن السعة الا أن يأول بأن مراده السعة مع الكبر كما نقل أنّه كان بقدر أخمص الراحة أو رءوس الإبهام أو المدور الذي قطره طول رأس الإبهام و في بعض النسخ «خمصه» بالخاء المعجمة و الصاد المهملة بمعنى أخمص الراحة و كانه تصحيف أو بحمل الخبر الثاني على الاستحباب. و في المتفرق خلاف و الظاهر من الاخبار أنّه إذا كان قدر الدرهم حال الاجتماع يجب ازالته (م ت).

 (4). أي لا حرج على في نفس الامر إذا استمر عدم العلم، فلا ينافى ما ذكر في السابق.

و قال المولى التفرشى: ظاهره المساواة بينهما فيدل ظاهره على عدم وجوب إعادة الصلاة بذلك في الوقت و خارجه. أقول: فى سند هذا الخبر على طريق الكليني و الشيخ حفص بن غياث و هو رجل عامى من قضاتهم ولى القضاء ببغداد الشرقية لهارون ثمّ ولاه قضاء الكوفة.

 (5). ظاهره أنّه إذا حصل عند الإنسان أمارة الجنابة من رؤيا أو غيره فان تفحص و لم ير شيئا من المنى في ثوبه و بدنه ثمّ بعد الصلاة يراه لم يكن عليه شي‏ء، و ان لم يتفحص فرآه بعد الصلاة اعادها للتقصير في التفحص (مراد) و الخبر مرويّ في الكافي ج 3 ص 405 و في التهذيب ج 1 ص 120.

72
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

وَ لَا بَأْسَ بِدَمِ السَّمَكِ فِي الثَّوْبِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْإِنْسَانُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً وَ مَنْ أَصَابَ قَلَنْسُوَتَهُ أَوْ عِمَامَتَهُ أَوْ تِكَّتَهُ أَوْ جَوْرَبَهُ أَوْ خُفَّهُ مَنِيٌّ أَوْ بَوْلٌ أَوْ دَمٌ أَوْ غَائِطٌ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ‏ «1» وَ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَتِمُّ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ هَذَا وَحْدَهُ وَ مَنْ وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَى حِمَارٍ مَيْتٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ عَظْمَ الْمَيِّتِ إِذَا جَازَ سَنَةٌ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ سِنُّ الْمَيِّتِ لِلْحَيِّ مَكَانَ سِنِّهِ‏ «3» وَ مَنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ كَلْبٌ جَافٌّ وَ لَمْ يَكُنْ بِكَلْبِ صَيْدٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُشَّهُ بِالْمَاءِ وَ إِنْ كَانَ رَطْباً فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ وَ إِنْ كَانَ كَلْبَ صَيْدٍ وَ كَانَ جَافّاً فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ «4» وَ إِنْ كَانَ رَطْباً فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُشَّهُ بِالْمَاءِ «5»

______________________________

 (1). المشهور عدم العفو عن العمامة لان الهيئة لا مدخل لها في عدم ستر العورتين بها فيلزم جواز الصلاة في كل ثوب نجس مطوى و الظاهر أنّه لا يقول به (م ت).

 (2). هذا إذا كان يابسا لا رطبا.

 (3). ذلك لان الغالب عدم بقاء اللحم و الجلد بعد مضى سنة و عظم الميت ليس بنجس. و قال المولى التفرشى ظاهره: يشمل ميت الإنسان و غيره و وجوب الغسل بمس العظم المجرد عند البعض لا يستلزم نجاسته. و استشكل المجلسيّ الأول من حيث وجوب الدفن و من حيث عدم جواز الصلاة في جزء الحيوان غير المأكول اللحم و قال: يحمل على سن الشاة و ما أشبهها.

و قال التفرشى: يدل على طهارة السن و عدم وجوب دفنه ان تفرد عن الميت و على جواز المقلوع من الحى مكان السن. (مراد).

 (4). هذا القول مدفوع لعموم رواية الفضل أبى العباس في الصحيح قال قال أبو عبد اللّه عليه السلام «إذا أصاب ثوبك من الكلب برطوبة فاغسله، و ان مسحه جافا صب الماء عليه» كذا قال العلامة في المنتهى و الشهيد في الذكرى. (سلطان).

 (5). المشهور نجاسة الكلب مطلقا و يجب الغسل ان كان رطبا و ينضح ان كان يابسا، و ما قاله الصدوق من استثناء كلب الصيد يمكن أن يصل إليه خبر. (م ت).

73
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ أَصَابَهُ خَمْرٌ «1» لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ شُرْبَهَا وَ لَمْ يُحَرِّمِ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبٍ أَصَابَتْهُ فَأَمَّا فِي بَيْتٍ فِيهِ خَمْرٌ «2» فَلَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ‏ «3» وَ مَنْ بَالَ فَأَصَابَ فَخِذَهُ نُكْتَةٌ مِنْ بَوْلِهِ فَصَلَّى ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُ‏ «4» فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ وَ يُعِيدَ صَلَاتَهُ‏ «5» وَ إِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي الْمَاءِ ثُمَّ خَرَجَتْ فَمَشَتْ عَلَى الثِّيَابِ فَاغْسِلْ مَا رَأَيْتَ مِنْ أَثَرِهَا وَ مَا لَمْ تَرَهُ انْضِحْهُ بِالْمَاءِ «6»

______________________________

 (1). ظاهر الصدوق طهارة الخمر، و يمكن حمل كلامه على العفو عنها، و الاخبار متعارضة و حمل أكثر الاصحاب اخبار الجواز على التقية و يشكل بأن أكثرهم على النجاسة الا أن يقال: التقية كانت من ملوك بني أميّة و بني العباس فانهم كانوا يشربونها و يزاولونها و الاستدلال بالآية أشكل و الاحتياط في الدين الاجتناب و ان كان الجمع بالاستحباب أسهل كما ذكر في المعتبر و اللّه تعالى يعلم. (م ت).

 (2). يمكن توجيهه بان عين الخمر هنا موجودة بخلاف اصابة الثوب منها فربما كان للعين أثر لا يكون للاثر (سلطان).

 (3). روى أخبار بالنهى عن الصلاة في بيت فيه خمر و حملها الاصحاب على الكراهة و ظاهر الصدوق الحرمة و ان أمكن حمل كلامه على الكراهة لاستعمالهم عدم الجواز في الكراهة كثيرا و الأحوط أن لا يصلى فيه. (م ت).

 (4). «ثم ذكر» يدل على انه كان عالما بذلك فنسى الازالة و صلى. (مراد) اقول رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 76. بإسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام.

 (5). قد ذكر أن ناسى النجاسة يعيد في الوقت وجوبا على المشهور و في الخارج استحبابا، و يمكن حمل الرواية على الأعمّ، و ربما يقال باستحباب الإعادة مطلقا و يؤكد في الوقت و لا يخلو من قوة جمعا بين الاخبار. (م ت).

 (6). كما في رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام و ظاهره النجاسة و حمل على الاستحباب جمعا بينه و بين صحيحه الآخر. (م ت) أقول: الخبر في التهذيب ج 1 ص 74 و 241. و المشهور انه محمول على الاستحباب و ذهب الشيخ في النهاية الى وجوب غسل ما رؤى من أثرها.

74
من لا يحضره الفقيه1

باب العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة و لم يجب من البول و الغائط ص : 75

وَ إِنْ كَانَ بِالرَّجُلِ جُرْحٌ سَائِلٌ فَأَصَابَ ثَوْبَهُ مِنْ دَمِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ لَا يَغْسِلَ حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ يَنْقَطِعَ الدَّمُ‏ «1».

168- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ خَصِيٍّ يَبُولُ فَيَلْقَى مِنْ ذَلِكَ شِدَّةً وَ يَرَى الْبَلَلَ بَعْدَ الْبَلَلِ قَالَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنْضِحُ ثَوْبَهُ فِي النَّهَارِ مَرَّةً وَاحِدَةً «2».

169- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ- أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَى كَلْبٍ مَيْتٍ قَالَ يَنْضِحُهُ وَ يُصَلِّي فِيهِ وَ لَا بَأْسَ‏ «3».

بَابُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا وَجَبَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَمْ يَجِبْ مِنَ الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ

170- جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص- فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ وَ كَانَ‏

______________________________

 (1). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 73 باسناد فيه جهالة عن سماعة عن الصادق عليه السلام و يؤيده اخبار صحيحة، و لا ريب في العفو مع السيلان أو عدم الانقطاع. و فيما ينقطع أحيانا الأحوط الغسل إذا لم يضر، و كذا الأحوط الاجتناب مهما تيسر و ان كان الأظهر من الاخبار العفو مطلقا ما لم يبرأ أو ينقطع الدم فإذا انقطع فالاجتناب عن مقدار الدرهم و الازيد لازم. (م ت).

 (2). رواه الكليني (ج 3 ص 20) بسند فيه جهالة و الظاهر أن المراد بالنضح الغسل ان علم أنّه بول، فان لم يعلم فالمراد به الصب استحبابا و هو الأظهر من الرواية. (م ت) و قال التفرشى «قوله: ثم ينضح ثوبه» ظاهره الاكتفاء به فيكون معفوا عنه من قبيل نجاسة ثوب المربية للصبى ببوله و تخصيص ذلك بما إذا انحصر ثوبه في واحد محتمل، كما في المربية، و يحتمل أن يراد بالنضح الغسل بقرينة تخصيصه بالنهار و ان كان استعمال النضح في الرش هو الشائع.

 (3). ظاهر الخبر الملاقات باليبوسة بقرينة النضح و ليوافق الاخبار الأخر من الغسل مع الرطوبة و الصب مع اليبوسة.

75
من لا يحضره الفقيه1

باب العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة و لم يجب من البول و الغائط ص : 75

فِيمَا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَمْ يَأْمُرْ بِالْغُسْلِ مِنَ الْغَائِطِ وَ الْبَوْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ دَبَّ ذَلِكَ فِي عُرُوقِهِ وَ شَعْرِهِ وَ بَشَرِهِ فَإِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ خَرَجَ الْمَاءُ مِنْ كُلِّ عِرْقٍ وَ شَعْرَةٍ فِي جَسَدِهِ فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ الْبَوْلُ يَخْرُجُ مِنْ فَضْلَةِ الشَّرَابِ الَّذِي يَشْرَبُهُ الْإِنْسَانُ وَ الْغَائِطُ يَخْرُجُ مِنْ فَضْلَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يَأْكُلُهُ الْإِنْسَانُ فَعَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ قَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ «1».

171- وَ كَتَبَ الرِّضَا ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ- فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ- عِلَّةُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ النَّظَافَةُ لِتَطْهِيرِ الْإِنْسَانِ مِمَّا أَصَابَ مِنْ أَذَاهُ‏ «2» وَ تَطْهِيرِ سَائِرِ جَسَدِهِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ خَارِجَةٌ مِنْ كُلِّ جَسَدِهِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَطْهِيرُ جَسَدِهِ كُلِّهِ وَ عِلَّةُ التَّخْفِيفِ فِي الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ أَنَّهُ أَكْثَرُ وَ أَدْوَمُ‏ «3» مِنَ الْجَنَابَةِ فَرَضِيَ فِيهِ‏ «4» بِالْوُضُوءِ لِكَثْرَتِهِ وَ مَشَقَّتِهِ وَ مَجِيئِهِ بِغَيْرِ إِرَادَةٍ مِنْهُ وَ لَا شَهْوَةٍ وَ الْجَنَابَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالاسْتِلْذَاذِ

______________________________

 (1). ظاهر هذا الخبر و الذي بعده وجوب الوضوء و الغسل لنفسهما كما يظهر من أخبار أخر و ان أمكن حمل الوجوب على السببية لكن الظاهر الأول و الخبر الذي تقدم في الوضوء يدل على الوجوب لنفسه بخلاف خبر محمّد بن سنان في الوضوء فان ظاهره الوجوب للصلاة و بالجملة يظهر من بعض الأخبار و ظاهر الآية الوجوب لغيره و من بعضها الوجوب لنفسه، و لا منافاة بين أن يكون واجبا لنفسه و باعتبار اشتراط الصلاة به يكون واجبا لغيره، و الاحتياط في الغسل قبل الوقت إذا لم يكن مشغول الذمّة أن ينوى القربة به من الوجوب و الندب و ان كان الأظهر الاكتفاء بها مطلقا، لكنه يحتاط فيما كان الوجه معلوما بنيتها و فيما لم يكن معلوما الاحتياط في العدم. و ان أراد الخروج من الخلاف ينبغي أن يعلق نيته بصلاة بالنذر و شبهه حتّى ينوى جزما (م ت).

 (2). أي اذى الجنابة و تذكير الضمير بتأويل ما يوجب الغسل.

 (3). قوله: «أدوم» عطف تفسيرى للاكثر.

 (4). الضمير راجع الى كل من البول و الغائط.

76
من لا يحضره الفقيه1

باب الأغسال ص : 77

مِنْهُمْ وَ الْإِكْرَاهِ‏ «1» لِأَنْفُسِهِمْ.

بَابُ الْأَغْسَالِ‏ «2»

172- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ الْغُسْلُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ «3» مَوْطِناً- لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَ لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ- وَ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ- وَ فِيهَا يُرْجَى لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ غُسْلُ الْعِيدَيْنِ وَ إِذَا دَخَلْتَ الْحَرَمَيْنِ- وَ يَوْمِ تُحْرِمُ وَ يَوْمِ الزِّيَارَةِ وَ يَوْمِ تَدْخُلُ الْبَيْتَ- وَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَ يَوْمِ عَرَفَةَ وَ إِذَا غَسَّلْتَ مَيِّتاً وَ كَفَّنْتَهُ أَوْ مَسِسْتَهُ بَعْدَ مَا يَبْرُدُ وَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ غُسْلُ الْكُسُوفِ إِذَا احْتَرَقَ الْقُرْصُ كُلُّهُ فَاسْتَيْقَظْتَ وَ لَمْ تُصَلِّ فَعَلَيْكَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَ تَقْضِيَ الصَّلَاةَ «4» وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ فَرِيضَةٌ.

173- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَاحِدٌ «5».

174- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ قَتَلَ وَزَغاً فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ‏ «6».

______________________________

 (1). لما يلزم منهم من الحركة العنيفة و التعب في الجملة. و في بعض النسخ «و لا اكراه» أى ليست بغير ارادة، و عليها فالواو للحال.

 (2). في بعض النسخ «باب الاغتسال».

 (3). أي غسل ليلة سبعة عشر بقرينة قوله بعد ذلك. و لو كان المراد عد المواطن لم يستقم ذلك على أن الباب معقود لتعداد الاغسال دون المواطن.

 (4). يستحب الغسل لقضاء صلاة الكسوف إذا تركها متعمدا مع استيعاب الاحتراق و هو مذهب أكثر الاصحاب و قيل بوجوبه.

 (5). أي نوع واحد أو يكفى غسل واحد لهما (مراد) و قال المجلسيّ- رحمه اللّه- قوله «واحد» يعنى في الكيفية، و ربما يستدل بها على أنّه لا يجب في غسل الحيض وضوء كما ذهب إليه جماعة من الاصحاب، و يؤيده قوله (ع) «أى وضوء أطهر من الغسل» و يمكن أن يراد به التداخل و هو بعيد.

 (6). في روضة الكافي تحت رقم 304 عن عبد اللّه بن طلحة قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن الوزغ فقال: رجس و هو مسخ كله فإذا قتلته فاغتسل- الحديث». و قال في المرآة المشهور بين الاصحاب استحباب ذلك الغسل.

77
من لا يحضره الفقيه1

باب الأغسال ص : 77

وَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إِنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَيَغْتَسِلُ مِنْهَا «1».

175- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ قَصَدَ إِلَى مَصْلُوبٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عُقُوبَةً «2».

176- وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ وَاجِبٌ‏ «3» فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ إِلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ لِلنِّسَاءِ فِي السَّفَرِ لِقِلَّةِ الْمَاءِ «4» وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ الْحَيْضِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَاجِبٌ وَ إِذَا احْتَشَتْ بِالْكُرْسُفِ فَجَازَ الدَّمُ الْكُرْسُفَ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاتَيْنِ وَ لِلْفَجْرِ غُسْلٌ وَ إِنْ لَمْ يَجُزِ الدَّمُ الْكُرْسُفَ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ «5» وَ غُسْلُ النُّفَسَاءِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ‏

______________________________

 (1). روى في بعض الأخبار «أن أعداء آل محمد (ص) يصيرون وزغا بعد الموت فقتلهم كفارة للذنوب».

 (2). قيده بعض الاصحاب بما بعد ثلاثة أيام، و عمم المصلوب بأعم من الحق و الباطل و بالهيئة الشرعية أو بغيرها و حمل الوجوب على الاستحباب المؤكد (م ت).

 (3). ذهب الى وجوب غسل الجمعة جماعة منهم الكليني و الصدوق و شيخنا البهائى رحمهم اللّه على ما نقل عنهم لظاهر كثير من الاخبار لكن المشهور استحبابه، و الوجوب في تلك الاخبار منزل على تأكد الاستحباب و فيها قرائن كثيرة على إرادة هذا المعنى كعد غيره من الاغسال المستحبة في عرض تلك الاخبار.

 (4). يعني إذا كان الماء قليلا أو لكون الماء في السفر قليلا غالبا فلو لم يغتسل لا يضرها مع وجود الماء فكانه رخص لهن مطلقا و هذه علتها، و يؤيد وجوب غسل الجمعة الاخبار الصحيحة بلفظ الوجوب و عارضها أخبار صحيحة أيضا أنّه سنة و ليس بفريضة و ان أمكن الجمع بينهما بان ثبت وجوبها بالسنة لكن لما كان اطلاق الوجوب في الاخبار على السنة الوكيدة شايع أشكل الحكم مع وجود المعارض فالاحتياط أنّه لا يترك و لا ينوى الوجوب و الندب بل لقصد القربة. (م ت).

 (5). لا خلاف بين الاصحاب في وجوب الاغسال الثلاثة للكثيرة و انما الخلاف في المتوسطة و ظاهر الخبر وجوبه و ان حكمها الكثيرة و الذي يظهر من أكثر الاخبار تثنية حكمها لا التثليث كما هو المشهور (م ت) و قال الفاضل التفرشى: لعل سكوته عن تقسيم هذا القسم الى الذي لم يثقب الكرسف ففيه الوضوء فقط، و الى ما يثقبه و لم يسل ففيه مع ذلك غسل لصلاة الغداة لعدم احتياج المخاطبين إليه أو لاغناء اشتهاره عن البيان.

78
من لا يحضره الفقيه1

باب الأغسال ص : 77

الْمَوْلُودِ وَاجِبٌ‏ «1» وَ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً «2» وَاجِبٌ وَ غُسْلُ الْمُحْرِمِ وَاجِبٌ‏ «3» وَ غُسْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ الزِّيَارَةِ وَاجِبٌ‏ «4» إِلَّا مَنْ بِهِ عِلَّةٌ وَ غُسْلُ دُخُولِ الْبَيْتِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ دُخُولِ الْحَرَمِ وَاجِبٌ وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَهُ الرَّجُلُ إِلَّا بِغُسْلٍ‏ «5» وَ غُسْلُ الْمُبَاهَلَةِ وَاجِبٌ‏ «6» وَ غُسْلُ الِاسْتِسْقَاءِ وَاجِبٌ‏ «7» وَ غُسْلُ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ يُسْتَحَبُّ وَ غُسْلُ لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ سُنَّةٌ وَ غُسْلُ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ لَا تَتْرُكْهُ فَإِنَّهُ يُرْجَى فِي إِحْدَاهُمَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ غُسْلُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَ غُسْلُ يَوْمِ الْأَضْحَى لَا أُحِبُّ تَرْكَهُمَا وَ غُسْلُ الِاسْتِخَارَةِ يُسْتَحَبُ‏ «8».

______________________________

 (1). حمل على تأكد الاستحباب و ذهب بعضهم الى وجوبه و قال: يجب حين الولادة و لا بدّ فيه من النية و هو متروك و المراد بالوجوب الاستحباب المؤكد لما رواه الشيخ (ره) عن سماعة عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «و غسل المولود مستحب لانه خرج من محل الخبث و استحب غسله».

 (2). في بعض النسخ «غسل من مس ميتا» و لعله تفسير.

 (3). يعني حين يريد الاحرام للحج أو العمرة تجوزا، فالاكثر على الاستحباب و ذهب بعضهم الى الوجوب. (م ت).

 (4). أي زيارة البيت و طوافه.

 (5). قرينة على إرادة تأكيد الاستحباب من الوجوب. (سلطان)

و قال الفاضل التفرشى: ذكر ذلك بعد ما ذكر أنّه واجب و هو دال على تأكيد الاستحباب كما في نظائره لعله للفرق بين الرجل و المرأة، فاستحبابه للمرأة مقيد بكون الدخول لقصد الزيارة و للرجل مطلقا. (مراد).

 (6). و هو الرابع و العشرون من ذى الحجة على المشهور، و قيل: الخامس و العشرون منه (مراد).

 (7). يعني لصلاة الاستسقاء أو الأعمّ منها و من الدعاء للاستسقاء (م ت).

 (8). ظاهره الاستحباب مطلقا و المشهور أنّه لصلاة الاستخارة التي وردت فيها الغسل و يحمل هذا المطلق على ذلك المقيد (م ت).

و قال الفاضل التفرشى: ظاهره يدلّ على استحبابه لكل استخارة لئلا يتأخر البيان عن-

79
من لا يحضره الفقيه1

باب الأغسال ص : 77

177- وَ قَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ ع- إِنَّ لِي جِيرَاناً وَ لَهُمْ جَوَارٍ يَتَغَنَّيْنَ وَ يَضْرِبْنَ بِالْعُودِ فَرُبَّمَا دَخَلْتُ الْمَخْرَجَ فَأُطِيلُ الْجُلُوسَ اسْتِمَاعاً مِنِّي لَهُنَّ فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ ع لَا تَفْعَلْ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا هُوَ شَيْ‏ءٌ آتِيهِ بِرِجْلِي إِنَّمَا هُوَ سَمَاعٌ أَسْمَعُهُ بِأُذُنِي‏ «1» فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ ع تَاللَّهِ أَنْتَ‏ «2» أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا فَقَالَ الرَّجُلُ كَأَنَّنِي لَمْ أَسْمَعْ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عَرَبِيٍّ وَ لَا عَجَمِيٍّ لَا جَرَمَ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُهَا وَ أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ ع- قُمْ فَاغْتَسِلْ وَ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ‏ «3» فَلَقَدْ كُنْتَ مُقِيماً عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ مَا كَانَ أَسْوَأَ حَالَكَ لَوْ مِتَّ عَلَى ذَلِكَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى وَ اسْأَلْهُ التَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْرَهُ إِلَّا الْقَبِيحَ وَ الْقَبِيحَ دَعْهُ لِأَهْلِهِ فَإِنَّ لِكُلٍّ أَهْلًا «4».

______________________________

- وقت الحاجة و الأصل عدم علم المخاطبين بما يغنيهم عن البيان لكنهم رضى اللّه عنهم يخصصون ذلك بصلاة خاصّة للاستخارة.

 (1). أي لم أقصد بدخول المخرج استماع الغناء ليكون الإتيان حراما بل الدخول لقضاء الحاجة، و بعد ما دخلت اتفق السماع.

 (2). في بعض النسخ «تاللّه تب» و في بعضها «باللّه أنت». و قوله: «تاللّه أنت» الظاهر أن «أنت» مبتدأ خبره محذوف، و يمكن أن يكون تقول قولا عجيبا.

 (3). أي ما ظهر لك أنّه ينبغي أن تصلى و حاصله أي صلاة تريد. و سمعت شيخنا- رحمه اللّه- يقول: ان أصحابنا- رضوان اللّه تعالى عليهم- استدلوا بهذا الحديث على استحباب غسل التوبة و هو كما يدلّ على ذلك يدلّ على استحباب الصلاة لها، و العجب أن أحدا منهم لم يعد تلك الصلاة من أقسام الصلاة المندوبة، و يمكن أن يقال: قوله عليه السلام «ما بدا لك» يدل على الإتيان بالصلاة أي صلاة كانت لأنّها تذهب السيئة و ذلك يشمل الصلاة الموظفة فلم يدلّ على استحباب صلاة لاجل التوبة بخلاف الغسل اذ ليس له فرد موظف في كل يوم ليكتفى به (مراد).

 (4). لا خلاف في حرمة الغناء للاخبار الكثيرة و ربما يفهم من هذا الخبر أنّها كبيرة للامر بالتوبة بناء على أن الصغائر مكفرة لا يحتاج إليها و فيه أن الاجتناب من الكبائر مكفرة للصغائر لا مطلقا. (م ت).

80
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

وَ الْغُسْلُ كُلُّهُ سُنَّةٌ مَا خَلَا غُسْلَ الْجَنَابَةِ «1» وَ قَدْ يُجْزِي الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ عَنِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ اجْتَمَعَا فَأَكْبَرُهُمَا يُجْزِي عَنْ أَصْغَرِهِمَا «2» وَ مَنِ اغْتَسَلَ لِغَيْرِ جَنَابَةٍ فَلْيَبْدَأْ بِالْوُضُوءِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَ لَا يُجْزِيهِ الْغُسْلُ عَنِ الْوُضُوءِ «3» لِأَنَّ الْغُسْلَ سُنَّةٌ وَ الْوُضُوءَ فَرْضٌ وَ لَا يُجْزِي السُّنَّةُ عَنِ الْفَرْضِ.

بَابُ صِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ

قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِذَا أَرَدْتَ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَاجْتَهِدْ أَنْ تَبُولَ لِيَخْرُجَ مَا بَقِيَ فِي إِحْلِيلِكَ مِنَ الْمَنِيِّ ثُمَّ اغْسِلْ يَدَيْكَ ثَلَاثاً «4» مِنْ قَبْلِ أَنْ‏

______________________________

 (1). أي ثبت وجوبه و استحبابه بالسنة دون الكتاب سوى غسل الجنابة فان وجوبه ثبت بقوله تعالى: «و ان كنتم جنبا فاطهروا» و قوله «و لا جنبا الا عابرى سبيل حتّى تغتسلوا».

 (2). مضمونه في الخبر فيكون من قبيل بيان العلل الشرعية، و اما الاستدلال بمثله فمشكل لان ثبوت أمرين بالكتاب لا يقتضى كفاية أكبرهما عن أصغرهما بديهة، و ليس دليل يدل عليه و كذا ثبوت أمر بالسنة لا يقتضى عدم كفايته عما ثبت بالكتاب. (مراد)

و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: لو كان هذا القول من الخبر أمكن أن يكون موافقا للواقع و مماشاة للرد على العامّة في استحساناتهم العقليّة و لو كان من الصدوق- رحمه اللّه- فهو عجيب.

 (3). أجمع علماؤنا على أن غسل الجنابة مجز عن الوضوء، و اختلف في غيره من الاغسال فالمشهور أنّه لا يكفى بل تجب معه الوضوء للصلاة سواء كان فرضا أو سنة، و قال السيّد المرتضى: لا يجب الوضوء مع الغسل سواء كان فرضا أو نقلا و هو اختيار ابن الجنيد و قواه شيخنا المعاصر (مراد).

 (4). الظاهر الاستحباب و ان لم يكن من الاناء و ان تأكد الاستحباب في الاناء قبل ادخال اليد فيه لرفع النجاسة الوهمية، و الظاهر حصول الاستحباب بالمرة و المرتين و ان كان الثلاث أفضل. (م ت).

81
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

تُدْخِلَهُمَا الْإِنَاءَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا قَذَرٌ «1» فَإِنْ أَدْخَلْتَهُمَا الْإِنَاءَ وَ بِهِمَا قَذَرٌ فَأَهْرِقْ ذَلِكَ الْمَاءَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا قَذَرٌ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ إِنْ كَانَ أَصَابَ جَسَدَكَ مَنِيٌّ فَاغْسِلْهُ عَنْ بَدَنِكَ ثُمَّ اسْتَنْجِ وَ اغْسِلْ وَ أَنْقِ فَرْجَكَ‏ «2» ثُمَّ ضَعْ عَلَى رَأْسِكَ ثَلَاثَ أَكُفٍّ مِنْ مَاءٍ وَ مَيِّزِ الشَّعْرَ بِأَنَامِلِكَ‏ «3» حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ إِلَى أَصْلِ الشَّعْرِ كُلِّهِ وَ تَنَاوَلِ الْإِنَاءَ بِيَدِكَ وَ صُبَّهُ عَلَى رَأْسِكَ وَ بَدَنِكَ مَرَّتَيْنِ وَ امْرُرْ يَدَكَ عَلَى بَدَنِكَ كُلِّهِ وَ خَلِّلْ أُذُنَيْكَ بِإِصْبَعَيْكَ وَ كُلُّ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ فَقَدْ طَهُرَ «4» فَانْظُرْ أَنْ لَا تَبْقَى شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِكَ وَ لِحْيَتِكَ إِلَّا وَ يَدْخُلُ الْمَاءُ تَحْتَهَا وَ مَنْ تَرَكَ شَعْرَةً مِنَ الْجَنَابَةِ لَمْ يَغْسِلْهَا مُتَعَمِّداً فَهُوَ فِي النَّارِ «5»

______________________________

 (1). المراد بالقذر هنا النجس.

 (2). قوله «استنج» أي بعد ما غسلت المنى عن بدنك غير محل الاستنجاء. و قوله «اغسل» لبيان أن إزالة المنى عن محل الاستنجاء ان كان قد وصل إليه لا يكون الا بالماء.

و يمكن ان يراد بالاستنجاء ما كان بالمسحات الثلاث فيكون جمع الغسل معه للاستحباب.

و قوله «أنق» تأكيد للفعل. (مراد).

 (3). هذا قبل الغسل من باب المقدّمة الاحتياطية ليصل الماء حين الفعل الى أصل الشعر بلا مشقة.

 (4). المراد بالاصابة الجريان، فلا يوجب التقديم و التأخير في الجانبين، لكن المشهور تقديم اليمين على اليسار كما هو ظاهر حسنة زرارة «قال: كيف يغتسل الجنب؟ فقال:

ان لم يكن أصاب كفه شي‏ء غمسها في الماء، ثمّ بدء بفرجه فأنقاه بثلاث غرف، ثمّ صب على رأسه ثلاث اكف، ثمّ صبّ على منكبه الايمن، و على منكبه الايسر مرتين، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» الكافي ج 3 ص 43 فكما أن الظاهر تقديم الرأس على اليمين تقديم اليمين على اليسار و ان لم يدلّ عليه اللفظ لغة. و يمكن أن يستدل على وجوب تقديم جانب اليمين بما دل من الاخبار على أن غسل الميت كغسل الجنابة و يجب الترتيب فيه إجماعا كما صرّح به في المعتبر.

 (5). الظاهر أن المراد مقدار شعرة أو ما تحت الشعر لان الظاهر أنّه لم يقل أحد بوجوب غسل الشعر. (م ت).

82
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

وَ مَنْ تَرَكَ الْبَوْلَ عَلَى أَثَرِ الْجَنَابَةِ أَوْشَكَ أَنْ يَتَرَدَّدَ بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي بَدَنِهِ فَيُورِثَهُ الدَّاءَ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَ يَسْتَنْشِقَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَلْيَفْعَلْ وَ لَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ‏ «1» لِأَنَّ الْغُسْلَ عَلَى مَا ظَهَرَ لَا عَلَى مَا بَطَنَ غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ قَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ يَجُزْ لَهُ إِلَّا أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ وَ يَتَمَضْمَضَ وَ يَسْتَنْشِقَ فَإِنَّهُ إِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ‏ «2» ذَلِكَ خِيفَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَرَصِ‏ «3».

178- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْأَكْلَ عَلَى الْجَنَابَةِ يُورِثُ الْفَقْرَ «4».

179- وَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُ‏ «5» سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ أَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ وَ هُوَ جُنُبٌ فَقَالَ يُكْرَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ.

180- وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: أَنَا أَنَامُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أُصْبِحَ وَ ذَلِكَ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعُودَ «6».

181- وَ قَالَ‏ «7» عَنْ أَبِيهِ ع‏ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ جُنُباً لَمْ يَأْكُلْ وَ لَمْ يَشْرَبْ‏

______________________________

 (1). ظاهره عدم الاستحباب و يحمل على عدم الوجوب للاخبار الكثيرة بالامر بهما و أقل مراتبه الاستحباب. (م ت).

 (2). في بعض النسخ «أن يغسل» و أقول: راجع الوسائل باب استحباب المضمضة و الاستنشاق قبل الغسل.

 (3). كما رواه الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 51.

 (4). رواه المصنّف في الخصال ص 505 مسندا عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 (5). طريق الصدوق- رحمه اللّه- اليه صحيح (كما في الخلاصة للعلامة- رحمه اللّه-) و كتابه معروض على الصادق عليه السلام و مدحه، و أصحاب الحديث يعتبرونه غاية الاعتبار و كانه عندهم بمنزلة المسموع عنه عليه السلام. (م ت).

 (6). ذكر هذا الخبر هنا لبيان الجواز و فيه اشعار بعدم الكراهة لمن يريد العود.

 (7). تتمة حديث الحلبيّ- رحمه اللّه- يعنى أن أبا عبد اللّه نقل عن أبيه عليهما السلام.

83
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

حَتَّى يَتَوَضَّأَ «1».

182- وَ قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ الْجَنَابَةَ حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ‏ «2» وَ حِينَ تَطْلُعُ وَ هِيَ صَفْرَاءُ.

183- قَالَ الْحَلَبِيُ‏ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَغْتَسِلُ بِغَيْرِ إِزَارٍ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

184- وَ قَالَ وَ سُئِلَ‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الْمَرْأَةَ فَلَا يُنْزِلُ أَ عَلَيْهِ غُسْلٌ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ.

185- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ‏ كَيْفَ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَ الْحَدُّ يَجِبُ فِيهِ‏ «3» وَ قَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَ الْغُسْلُ.

186- وَ سُئِلَ‏ «4» عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الْمَرْأَةَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ‏ «5» أَ عَلَيْهَا غُسْلٌ‏

______________________________

 (1). استدل به على كراهة الاكل و الشرب للجنب قبل الوضوء.

 (2). كناية عن قربها من الغروب كما أن ما بعدها كناية عن قربها من الطلوع (مراد).

 (3). الظاهر أن قوله «كان على» ليس من رواية الحلبيّ انما هي كما في التهذيب ج 1 ص 33 من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «قال جمع عمر أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها و لا ينزل؟ فقالت الأنصار الماء من الماء، و قال المهاجرون: إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر لعلى عليه السلام:

ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال عليه السلام: أ توجبون عليه الحدّ و الرجم، و لا توجبون عليه صاعا من الماء، اذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر: القول ما قال المهاجرون و دعوا ما قالت الأنصار». و هذا الكلام منه عليه السلام لبيان العلل رفعا لاستبعاد القول بايجابه الغسل و ليس من القياس المحكوم في مذهب أهل البيت عليهم السلام فلذا صرح بالحكم بعده و قال: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل».

 (4). هذا من تتمة رواية الحلبيّ- رحمه اللّه- كما هو الظاهر من الكافي ج 3 ص 46. و كذا الخبر الآتي.

 (5). الفرج في أصل اللغة الشق بين الشيئين كالفرجة، و كنى به عن السوأة لانفراجها و كثر استعماله حتّى صار كالصريح؛ قال اللّه تعالى «و الذين هم لفروجهم حافظون» و المراد بالفرج في هذا الخبر مطلق السوأة قبلا و دبرا. و يؤيّد ما ذكرنا لفظ الخبر في الكافي فان-

84
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

إِنْ هُوَ أَنْزَلَ وَ لَمْ تُنْزِلْ هِيَ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ وَ إِنْ لَمْ يُنْزِلْ هُوَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ.

187- وَ سُئِلَ‏ عَنِ الرَّجُلِ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَجِدُ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَلًا وَ قَدْ كَانَ بَالَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ لِيَتَوَضَّأْ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بَالَ قَبْلَ الْغُسْلِ فَلْيُعِدِ الْغُسْلَ‏ «1».

188- وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «2» إِنْ كَانَ قَدْ رَأَى بَلَلًا وَ لَمْ يَكُنْ بَالَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَ لَا يَغْتَسِلْ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الْحَبَائِلِ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ إِعَادَةُ الْغُسْلِ أَصْلٌ وَ الْخَبَرُ الثَّانِي رُخْصَةٌ «3».

______________________________

- فيه «سألت أبا عبد اللّه عن المفخذ عليه غسل- الحديث». و يراد بالمفخذ من أصاب فيما بين الفخذين من دون ايلاج و في بعض النسخ «دون ذلك».

 (1). يحمل على كون المراد من البلل أحد النواقض يعنى رأى بللا مشتبها بين المنى و البول لا غير، لان البلل الخارج من الاحليل إذا لم يعلم كونه ما ذا لا يوجب غسلا و لا وضوءا لاصالة البراءة.

 (2). هذا الخبر من رواية جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام و ليس من رواية الحلبيّ كما في التهذيب ج 1 ص 40 و حمل على ما إذا كان اجتهد في البول فلم يتأت له فحينئذ لم يلزم إعادة الغسل. أو يكون ذلك مختصا بمن ترك البول ناسيا كما في خبر أحمد بن هلال المروى في التهذيب ج 1 ص 40 «قال: سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول فكتب ان الغسل بعد البول الا أن يكون ناسيا فلا يعيد و منه الغسل، و قال الفاضل التفرشى: قوله في الخبر السابق «فليعد الغسل» يمكن حمله على الاستحباب ان لم يقع الإجماع على الوجوب جمعا بينه و بين هذا الخبر من قوله عليه السلام «فليتوضأ و لا يغتسل» أي وجوبا. و فسر الحبائل بعروق في الظهر، و يستفاد من ذلك استحباب الوضوء أيضا لان موجبه البول دون ما يخرج من الحبائل فوجه استحباب الوضوء احتمال كونه مخلوطا بالبول و في الغسل احتمال كونه مخلوطا بالمنى.

 (3). لعل مراد المصنّف- رحمه اللّه- أن الإعادة هي الواجبة و ما دل عليه الخبر الثاني من عدم الغسل للضرورة كأكل الميتة للمضطر و يراد به ما ذكره الشيخ من أن من لم يقدر على البول لا يعيد الغسل فيكون الرخصة لمن هذا شأنه و لا يخفى ما في هذا الحمل لان الرخصة لا وجه لها حينئذ اذ الجامع غير قائم في صورة عدم إمكان البول فلا يتم معنى-

85
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

189- وَ سُئِلَ‏ «1» عَنِ الرَّجُلِ يَنَامُ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ فَيَمَسُّ ذَكَرَهُ فَيَرَى بَلَلًا وَ لَمْ يَرَ فِي مَنَامِهِ شَيْئاً أَ يَغْتَسِلُ قَالَ لَا إِنَّمَا الْغُسْلُ مِنَ الْمَاءِ الْأَكْبَرِ «2».

190- وَ عَنِ الْمَرْأَةِ «3» تَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ قَالَ إِنْ أَنْزَلَتْ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ وَ إِنْ لَمْ تُنْزِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ.

191- قَالَ الْحَلَبِيُّ وَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَهُ يَقُولُ‏ إِذَا اغْتَمَسَ الْجُنُبُ فِي الْمَاءِ اغْتِمَاسَةً وَاحِدَةً أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ غُسْلِهِ‏ «4».

وَ مَنْ أَجْنَبَ فِي يَوْمٍ أَوْ فِي لَيْلَةٍ مِرَاراً أَجْزَأَهُ غُسْلٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يُجْنِبُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَوْ يَحْتَلِمُ فَإِنِ احْتَلَمَ فَلَا يُجَامِعُ حَتَّى يَغْتَسِلَ مِنَ الِاحْتِلَامِ‏ «5» وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مَا خَلَا الْعَزَائِمَ الَّتِي يُسْجَدُ فِيهَا وَ هِيَ سَجْدَةُ لُقْمَانَ- «6» وَ حم السَّجْدَةُ وَ النَّجْمُ- وَ سُورَةُ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏

______________________________

- الرخصة و جواب هذا يعلم من معنى الرخصة في الأصول، و بالجملة فمقصود المصنّف غير واضح و يحتمل أن المراد الرخصة في إنسان خاصّ للضرورة و هو بعيد (شيخ محمّد).

 (1). من تتمة رواية الحلبيّ على الظاهر.

 (2). هذا يدلّ على عدم وجوب الغسل بالبلل لتوقفه على العلم بكون ذلك من الماء الأكبر (مراد) و الحصر اضافى بالنسبة الى المياه التي تخرج من مخرج البول و محمول على ما لم يعلم كونه منيا.

 (3). من تتمة رواية الحلبيّ- رحمه اللّه- كما هو الظاهر من التهذيب ج 1 ص 34 و الكافي ج 3 ص 48.

 (4). يفهم منه أن الأصل في الغسل الترتيب، و الارتماس مجز عنه، و ظاهر الاخبار أنه لا يحتاج الى نية الترتيب و لان الترتيب الحكمى يحصل منه كما ذكره جماعة من الاصحاب و الظاهر أنّه إذا كان أكثره في الماء أيضا و غمس في الماء بعد النية أو نوى بعد الغمس يكفى و لا يحتاج الى الخروج عن الماء و ان كان أحوط. (م ت).

 (5). لم يقل: أو يتوضأ كما في كثير من الكتب فلعله لم يصل إليه دليل على ارتفاع الكراهة بالوضوء. (مراد).

 (6). أي سورة السجدة التي بعد سورة لقمان و هي الم تنزيل.

86
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

وَ مَنْ كَانَ جُنُباً أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ وَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَمَسَّ الْوَرَقَ أَوْ يُقَلِّبَ لَهُ الْوَرَقَ غَيْرُهُ وَ يَقْرَأَ هُوَ وَ يَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ وَ الْجُنُبِ أَنْ يَدْخُلَا الْمَسْجِدَ إِلَّا مُجْتَازَيْنِ‏ «1» وَ لَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ وَ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَضَعَا فِيهِ شَيْئاً «2» لِأَنَّ مَا فِيهِ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَ هُمَا قَادِرَانِ عَلَى وَضْعِ مَا مَعَهُمَا فِي غَيْرِهِ وَ إِذَا أَرَادَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَصَابَهَا حَيْضٌ فَلْتَتْرُكِ الْغُسْلَ إِلَى أَنْ تَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتِ اغْتَسَلَتْ غُسْلًا وَاحِداً لِلْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْتَضِبَ الْجُنُبُ‏ «3» وَ يُجْنِبَ وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ وَ يَحْتَجِمَ وَ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى وَ يَتَنَوَّرَ وَ يَذْبَحَ وَ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ وَ يَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَ يَمُرَّ فِيهِ‏ «4» وَ يُجْنِبَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَ يَنَامَ إِلَى آخِرِهِ وَ مَنْ أَجْنَبَ فِي أَرْضٍ وَ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ إِلَّا مَاءً جَامِداً وَ لَا يَخْلُصُ‏

______________________________

 (1). لا نعرف فيه خلافا الا من سلار من أصحابنا فانه كرهه. (منتهى المطلب).

 (2). هو مذهب علمائنا أجمع الا سلار فانه كره الوضع. (المنتهى).

 (3). قال في المنتهى: الخضاب مكروه للجنب و هو اختيار الشيخ و السيّد المرتضى و المفيد، و قال ابن بابويه «لا بأس أن يختضب- الخ» فأسند الخلاف إليه- رحمه اللّه- و يمكن حمل كلامه على نفى التحريم فلا مخالفة.

 (4). في التهذيب ج 1 ص 105 عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن القاسم قال: «سألت أبا الحسن (ع) عن الجنب ينام في المسجد فقال: يتوضأ و لا بأس أن ينام في المسجد و يمر فيه».

و أفتى المصنّف- رحمه اللّه- بمضمون هذا الخبر و لكن الفقهاء حملوه على الضرورة أو على التقية فان جماعة من العامّة يستبيحون استيطان المساجد للجنب بالوضوء و بعضهم يجوزه بغير وضوء. و قال الفاضل التفرشى: قوله «و ينام في المسجد» ظاهره يفيد جواز اللبث فيه اذ لا بدّ من النائم فيه أن يلبث زمانا يقظان، الا أن يراد به النوم الذي يحصل له من غير اختيار.

87
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

إِلَى الصَّعِيدِ «1» فَلْيُصَلِّ بِالْمَسْحِ‏ «2» ثُمَّ لَا يَعُدْ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي يُوبِقُ فِيهَا دِينَهُ‏ «3» وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ لَا بَأْسَ بِتَبْعِيضِ الْغُسْلِ تَغْسِلُ يَدَيْكَ وَ فَرْجَكَ وَ رَأْسَكَ وَ تُؤَخِّرُ غَسْلَ جَسَدِكَ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَغْسِلُ جَسَدَكَ إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَإِنْ أَحْدَثْتَ حَدَثاً مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ بَعْدَ مَا غَسَلْتَ رَأْسَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَغْسِلَ جَسَدَكَ فَأَعِدِ الْغُسْلَ مِنْ أَوَّلِهِ‏ «4» فَإِذَا بَدَأْتَ بِغَسْلِ جَسَدِكَ قَبْلَ الرَّأْسِ فَأَعِدِ الْغُسْلَ عَلَى جَسَدِكَ بَعْدَ غَسْلِ رَأْسِكَ.

بَابُ غُسْلِ الْحَيْضِ وَ النِّفَاسِ‏

192- قَالَ الصَّادِقُ ع- أَوَّلُ دَمٍ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ دَمُ حَوَّاءَ حِينَ حَاضَتْ.

193- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- إِنَّ الْحَيْضَ لِلنِّسَاءِ نَجَاسَةٌ رَمَاهُنَّ اللَّهُ‏

______________________________

 (1). خلص إليه الشي‏ء: وصل. أى لا يظفر بالتراب أو وجه الأرض للتيمم و لا يجد طريقا للوصول الى التراب.

 (2). ظاهره أنّه يمسح بدنه برطوبة ذلك الجمد أو الثلج فيغتسل بها و يؤيده ما اختار سابقا من أن الوضوء بالثلج جائز، و يحتمل بعيدا كون مراده التيمم على الجمد و الثلج (سلطان) و قال التفرشى: ظاهره أن المراد انه يمسح الماء الجامد على بدنه و يغتسل بتلك الرطوبة، و يحتمل أن يريد بالمسح ضرب اليد عليه و جعله بمنزلة التراب للتيمم، و يؤيد ذلك قوله «و لا يخلص الى الصعيد» حيث أخره عن التيمم بالصعيد و لو كان المراد الاغتسال به كان مقدما على التيمم.

 (3). أوبقه ايباقا: أهلكه.

 (4). هذا مذهب الشيخ و ابن بابويه، و قال ابن البرّاج: يتم الغسل و لا شي‏ء عليه.

و هو اختيار ابن إدريس، و قال السيّد المرتضى: يتم الغسل و يتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة (سلطان).

88
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا وَ قَدْ كُنَّ النِّسَاءُ «1» فِي زَمَنِ نُوحٍ ع- إِنَّمَا تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي السَّنَةِ حَيْضَةً حَتَّى خَرَجَ نِسْوَةٌ مِنْ مَجَانِّهِنَ‏ «2» وَ كُنَّ سَبْعَمِائَةِ امْرَأَةٍ فَانْطَلَقْنَ فَلَبِسْنَ الْمُعَصْفَرَاتِ مِنَ الثِّيَابِ وَ تَحَلَّيْنَ وَ تَعَطَّرْنَ ثُمَّ خَرَجْنَ فَتَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ فَجَلَسْنَ مَعَ الرِّجَالِ وَ شَهِدْنَ الْأَعْيَادَ مَعَهُمْ وَ جَلَسْنَ فِي صُفُوفِهِمْ فَرَمَاهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْحَيْضِ عِنْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَعْنِي أُولَئِكَ النِّسْوَةَ بِأَعْيَانِهِنَ‏ «3» فَسَالَتْ دِمَاؤُهُنَّ فَأُخْرِجْنَ مِنْ بَيْنِ الرِّجَالِ فَكُنَّ يَحِضْنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَشَغَلَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحَيْضِ وَ كَسَرَ شَهْوَتَهُنَّ قَالَ وَ كَانَ غَيْرُهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَفْعَلْنَ مِثْلَ مَا فَعَلْنَ يَحِضْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَيْضَةً قَالَ فَتَزَوَّجَ بَنُو اللَّائِي يَحِضْنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ بَنَاتِ اللَّائِي يَحِضْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَيْضَةً فَامْتَزَجَ الْقَوْمُ فَحِضْنَ بَنَاتُ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَكَثُرَ أَوْلَادُ اللَّائِي يَحِضْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ [شَهْرٍ] حَيْضَةً لِاسْتِقَامَةِ الْحَيْضِ‏ «4» وَ قَلَّ أَوْلَادُ اللَّائِي يَحِضْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَيْضَةً لِفَسَادِ الدَّمِ قَالَ فَكَثُرَ نَسْلُ هَؤُلَاءِ وَ قَلَّ نَسْلُ أُولَئِكَ.

194- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ إِنَّ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا لَيْسَتْ كَأَحَدٍ مِنْكُنَّ إِنَّهَا لَا تَرَى دَماً فِي حَيْضٍ وَ لَا نِفَاسٍ كَالْحُورِيَّةِ.

195- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ قَالَ الْأَزْوَاجُ الْمُطَهَّرَةُ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَ لَا يُحْدِثْنَ.

وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ اعْلَمْ أَنَّ أَقَلَّ أَيَّامِ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَ أَكْثَرَهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ مَا زَادَ إِلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ حَيْضٌ‏

______________________________

 (1). كذا و الظاهر و قد كانت النساء من غير ضمير الجمع مع الفاعل الظاهر الا أن يقال ان اسم الظاهر بدل عن الضمير. (سلطان).

 (2). المجن: الموضع الذي يستتر فيه. و في بعض النسخ «محاريبهن» و في بعضها حجالهن و في بعضها «مخازنهن» و في بعضها «مخابهن».

 (3). أي بأشخاصهن.

 (4). إضافة الاستقامة الى الحيض من قبيل إضافة المسبب الى السبب أي استقامة المزاج من جهة الحيض فكثرة الحيض سبب كثرة النسل لاستقامة المزاج المثمرة للحمل على خلاف الامر في احباس الحيض فانه سبب لفساد الدم و عدم استقامة المزاج فتعسر الحمل و تقل النسل فاللام للتعليل لا للعاقبة كما ربما يتوهم (م ح ق).

89
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ عَلَيْهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ وَ لَا تَدْخُلَ الْمَسْجِدَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُجْتَازَةً وَ يَجِبُ عَلَيْهَا «1» عِنْدَ حُضُورِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَتَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ وَ تَجْلِسَ مُسْتَقْبِلَةَ الْقِبْلَةِ وَ تَذْكُرَ اللَّهَ بِمِقْدَارِ صَلَاتِهَا كُلَّ يَوْمٍ فَإِنْ رَأَتِ الدَّمَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْحَيْضِ مَا لَمْ تَرَ الدَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ‏ «2» وَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ الصَّلَاةَ الَّتِي تَرَكَتْهَا فِي الْيَوْمِ أَوِ الْيَوْمَيْنِ وَ إِنْ رَأَتِ الدَّمَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ‏ «3» فَلْتَقْعُدْ عَنِ الصَّلَاةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَ تَغْتَسِلُ يَوْمَ حَادِيَ عَشَرَ وَ تَحْتَشِي فَإِنْ لَمْ يَثْقُبِ الدَّمُ الْكُرْسُفَ صَلَّتْ صَلَاتَهَا كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ وَ إِنْ ثَقَبَ الدَّمُ الْكُرْسُفَ وَ لَمْ يَسِلْ صَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغُسْلٍ وَ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ «4» وَ إِنْ غَلَبَ الدَّمُ الْكُرْسُفَ وَ سَالَ صَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغُسْلٍ وَ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ بِغُسْلٍ تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ قَلِيلًا وَ تُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَ تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ «5» تُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ قَلِيلًا وَ تُعَجِّلُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ إِلَى أَيَّامِ حَيْضِهَا فَإِذَا دَخَلَتْ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ-

______________________________

 (1). نقل العلامة- رحمه اللّه- في المختلف هذا الكلام عن أب المصنّف و يحتمل تأكيد الاستحباب كما مرّ في نظائره و هو مبالغة في استحبابه.

 (2). هل يشترط في الثلاثة الأيّام التوالى للاصحاب فيه قولان: قال الشيخ في النهاية:

لا يشترط التوالى بمعنى أنّها لو رأت الأول و الثالث و الخامس مثلا لكان حيضا، و قال في المبسوط و الجمل: يشترط التتابع و به قال ابن بابويه و السيّد المرتضى و اتفق الفريقان على أنّه يشترط كون الثلاثة من جملة العشرة. (منتهى المطلب).

 (3). هذا في المبتدئة و المضطربة و أمّا ذات العادة فلا، بل ترجع الى العادة على المشهور.

 (4). هذا مخالف لما سبق من الحكم بثلاثة أغسال لمطلق ثقب الكرسف، و لعلّ هذا مختار أبيه و ذلك مختاره. (سلطان).

 (5). هذا إذا ما لم يحصل الفاصلة المعتد بها و الا اغتسلت غسلين كما ذكره الاصحاب و كذا في كل جمع. (م ت).

90
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ مَتَى اغْتَسَلَتْ‏ «1» عَلَى مَا وَصَفْتُ حَلَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا وَ أَقَلُّ الطُّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ أَكْثَرُهُ لَا حَدَّ لَهُ وَ الْحَائِضُ تَغْتَسِلُ بِتِسْعَةِ أَرْطَالٍ مِنَ الْمَاءِ بِالرِّطْلِ الْمَدَنِيِ‏ «2» وَ إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الصُّفْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ فَهُوَ حَيْضٌ وَ إِنْ رَأَتْ فِي أَيَّامِ الطُّهْرِ فَهُوَ طُهْرٌ.

196- وَ رُوِيَ‏ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحَيْضِ بِيَوْمَيْنِ فَهُوَ مِنَ الْحَيْضِ وَ إِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَيْضِ بِيَوْمَيْنِ‏ «3» فَلَيْسَ مِنَ الْحَيْضِ‏ «4».

وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَاحِدٌ وَ لَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ أَنْ تَخْتَضِبَ‏ «5» لِأَنَّهُ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنَ الشَّيْطَانِ‏ «6».

197- وَ سَأَلَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ- أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع- عَنْ رِزْقِ الْوَلَدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَبَسَ عَلَيْهِ الْحَيْضَةَ فَجَعَلَهَا رِزْقَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.

وَ الْحُبْلَى إِذَا رَأَتِ الدَّمَ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ فَإِنَّ الْحُبْلَى رُبَّمَا قَذَفَتِ الدَّمَ وَ ذَلِكَ‏

______________________________

 (1). أي من الحيض فان المستحاضة حل لزوجها بدون الغسل. و ظاهر كلامه عدم الحل لو لم تغتسل بعد الطهر. و المسألة خلافية.

 (2). لعل مستنده كتاب الصفار الى أبى محمد (ع) كما يأتي تحت رقم 393.

 (3). خلاف المشهور من الفتوى الا ان يحمل على الزائد على العشرة و حينئذ لا خصوصية له بيومين. (سلطان).

 (4). المفهوم من هذه الرواية أن ذات العادة تترك العبادة بمجرد رؤية الصفرة قبل ايام عادتها بيومين، و تعمل عمل المستحاضة إذا رأتها بعد أيّام عادتها بيومين و هذه الرواية و ما يقرب منها مذكورة في الكافي ج 3 ص 78. (مراد).

 (5). الظاهر الكراهة لاخبار صحيحة بالجواز و ظاهر كلامه الحرمة مع أنّه يمكن حمل كلامه على الكراهة. (م ت).

 (6). لان الزينة ربما يوجب ميل الزوج الى الجماع.

91
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

إِذَا رَأَتِ الدَّمَ كَثِيراً أَحْمَرَ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا أَصْفَرَ فَلْتُصَلِّ وَ لَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا الْوُضُوءُ «1» وَ الْحَائِضُ إِذَا طَهُرَتْ فَعَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ الصَّوْمَ وَ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ الصَّلَاةَ وَ فِي ذَلِكَ عِلَّتَانِ إِحْدَاهُمَا لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تُقَاسُ وَ الْأُخْرَى لِأَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا هُوَ فِي السَّنَةِ شَهْرٌ وَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهَا قَضَاءَ الصَّوْمِ وَ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهَا قَضَاءَ الصَّلَاةِ لِذَلِكَ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ الْجُنُبُ وَ الْحَائِضُ عِنْدَ التَّلْقِينِ‏ «2» لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى بِهِمَا وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَلِيَا غُسْلَهُ وَ يُصَلِّيَا عَلَيْهِ وَ لَا يَنْزِلَا قَبْرَهُ فَإِنْ حَضَرَاهُ‏ «3» وَ لَمْ يَجِدَا مِنْ ذَلِكَ بُدّاً فَلْيَخْرُجَا إِذَا قَرُبَ خُرُوجُ نَفْسِهِ.

198- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْمَرْأَةُ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً لَمْ تَرَ حُمْرَةً «4» إِلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ‏ «5».

وَ هُوَ حَدُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَيْأَسُ مِنَ الْحَيْضِ وَ الْمَرْأَةُ إِذَا حَاضَتْ أَوَّلَ حَيْضِهَا «6» فَدَامَ دَمُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَ هِيَ لَا تَعْرِفُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا فَأَقْرَاؤُهَا مِثْلُ أَقْرَاءِ نِسَائِهَا وَ إِنْ كُنَّ نِسَاؤُهَا مُخْتَلِفَاتٍ فَأَكْثَرُ جُلُوسِهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ الْقُرْءُ وَ «7» هُوَ جَمْعُ الدَّمِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ وَ هُوَ الطُّهْرُ

______________________________

 (1). ظاهر الأخبار الصحيحة دل على جواز اجتماع الحيض و الحمل، و ما ورد بعدم اجتماعهما محمول على الغالب أو على ما لم يكن في زمان الحيض. (م ت).

 (2). حمل على الكراهة الشديدة. و المراد بالتلقين حالة الاحتضار.

 (3). أي حين الاحتضار.

 (4). ألحق الشيخ- رحمه اللّه- النبطية بالقرشية في البلوغ الى الستين (المنتهى).

 (5). في بعض النسخ «لا ترى حمرة».

 (6). أي المبتدئة. و قوله: «فدام دمها» أي استمر.

 (7). في أكثر النسخ بدون الواو و لا غبار عليه فان خبر المبتدأ لفظ جمع الدم و في بعض النسخ مع الواو و على ذلك اما يقدر خبر المبتدأ أو الظرف خبر المبتدأ بين الحيضتين، و قوله: «و هو جمع الدم» جملة معترضة، و المراد أن القرء ما بين الحيضتين. (سلطان) و قال الفاضل التفرشى: قوله: «و القرء هو جمع الدم» القرء مبتدأ حذف خبره و اقيم تعليله مقامه أي القرء سمى قرءا لان المرأة تقرأ الدم- الخ. و في بعض النسخ «هو جمع الدم».

92
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَقْرَأُ الدَّمَ أَيْ تَجْمَعُهُ فِي أَيَّامِ طُهْرِهَا ثُمَّ تَدْفَعُهُ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا وَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَطْهُرُ مِنْ حَيْضِهَا عِنْدَ الْعَصْرِ «1» فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ عِنْدَ الظُّهْرِ إِنَّمَا تُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي تَطْهُرُ عِنْدَهَا وَ مَتَى رَأَتِ الطُّهْرَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَأَخَّرَتِ الْغُسْلَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى‏ «2» فَإِنْ كَانَتْ فَرَّطَتْ فِيهَا فَعَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَ إِنْ لَمْ تُفَرِّطْ وَ إِنَّمَا كَانَتْ فِي تَهْيِئَةِ ذَلِكَ‏ «3» حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى فَلَيْسَ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ إِنَّمَا تُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا فَإِنْ صَلَّتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا وَ لَيْسَ عَلَيْهَا إِذَا طَهُرَتْ قَضَاءُ الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَ قَدْ صَلَّتْ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ قَضَتِ الرَّكْعَةَ «4»

______________________________

 (1). أي الوقت المختص بالعصر، و روى الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 102 بإسناده عن معمر بن يحيى قال: سألت أبا جعفر (ع) عن الحائض تطهر عند العصر تصلى الأولى؟ قال: لا انما تصلى الصلاة التي تطهر عندها» و المراد وقت المختص لان وقت الاجزاء موسع.

 (2). أي الوقت المختص بها أيضا.

 (3). أي في تهيئة أسباب ذلك مثل تحصيل الماء و الظرف و غير ذلك من أسباب الغسل.

 (4). في الكافي ج 3 ص 103 مسندا عن أبي الورد قال: «سألت أبا جعفر (ع) عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر و قد صلت ركعتين ثمّ ترى الدم؟ قال تقوم من مسجدها و لا تقضى الركعتين و ان كانت رأت الدم و هي في صلاة المغرب و قد صلت ركعتين فلتقم من مسجدها، فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتها من المغرب» فعمل أو أفتى بمضمونه المصنّف- رحمه اللّه- و رواه الشيخ في التهذيب و قال: «ما يتضمن هذا الخبر من اسقاط قضاء الركعتين من صلاة الظهر متوجه الى من دخل في الصلاة في اول وقتها لان من ذلك حكمه لا يكون فرط و إذا لم يفرط لم يلزمه القضاء، و ما يتضمن من الامر باعادة الركعة من المغرب متوجه الى من دخل في الصلاة عند تضيق الوقت ثمّ حاضت فيلزمها حينئذ ما فاتها». و قال العلامة- رحمه اللّه- في المختلف ج 1 ص 39: «عول ابن بابويه على هذه الرواية-

93
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ إِذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ فَظَنَّتْ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ أَدْخَلَتْ يَدَهَا وَ مَسَّتِ الْمَوْضِعَ فَإِنْ رَأَتِ الدَّمَ انْصَرَفَتْ وَ إِنْ لَمْ تَرَ شَيْئاً أَتَمَّتْ صَلَاتَهَا.

199- وَ سُئِلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ أَشْهُراً لَمْ تَطْمَثْ وَ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ كِبَرٍ وَ ذَكَرَ النِّسَاءُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهَا حَبَلٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ تُنْكَحَ فِي الْفَرْجِ فَقَالَ إِنَّ الطَّمْثَ قَدْ تَحْبِسُهُ الرِّيحُ مِنْ غَيْرِ حَبَلٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّهَا فِي الْفَرْجِ.

وَ إِذَا احْتَبَسَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَيْضُهَا شَهْراً فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُسْقَى دَوَاءَ الطَّمْثِ مِنْ يَوْمِهَا وَ لِأَنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ تَصِيرُ إِلَى عَلَقَةٍ ثُمَّ إِلَى مُضْغَةٍ ثُمَّ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ‏ «1» وَ إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي غَيْرِ الرَّحِمِ لَمْ يُخْلَقْ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ «2» فَإِذَا ارْتَفَعَ طَمْثُهَا شَهْراً وَ جَاوَزَ وَقْتُهَا الَّتِي كَانَتْ تَطْمَثُ فِيهِ لَمْ تُسْقَ دَوَاءً «3» وَ إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ جَارِيَةً مُدْرِكَةً وَ لَمْ تَحِضْ عِنْدَهُ حَتَّى مَضَى لِذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَ لَيْسَ بِهَا حَبَلٌ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا تَحِيضُ وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ كِبَرٍ فَهَذَا عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ وَ لَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ أَنْ تَغْسِلَ ثِيَابَهَا الَّتِي لَبِسَتْهَا فِي طَمْثِهَا أَوْ عَرِقَتْ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا شَيْ‏ءٌ مِنَ الدَّمِ فَتَغْسِلَ ذَلِكَ مِنْهَا فَإِنْ أَصَابَ ثَوْبَهَا دَمُ الْحَيْضِ فَغَسَلَتْهُ فَلَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ صَبَغَتْهُ بِمِشْقٍ حَتَّى يَخْتَلِطَ

______________________________

- و هي متأولة على من فرطت في المغرب دون الظهر و انما يتم قضاء الركعة بقضاء باقى الصلاة و يكون اطلاق الركعة «على الصلاة مجازا» انتهى و لا يخفى بعده من سوق الكلام و تجاوب الشقين.

 (1). لعل المراد أن ذلك قد يكون بوقوع النطفة في الرحم و صيرورتها علقة فيمنع الحيض فلا يلزم أن تكون ذلك لمرض لتسقى دواء لرفع ذلك المرض. (مراد).

 (2). بخلاف ما إذا وقعت في الرحم فانه محتمل للحمل فلا يسقى الدواء للطمث لانه موجب لقتل إنسان.

 (3). لاحتمال الحمل.

94
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ يَذْهَبَ‏ «1» وَ إِنِ انْقَطَعَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَيْضُ فَخَضَبَتْ رَأْسَهَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَيْهَا الْحَيْضُ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ أَنْ تَسْكُبَ الْحَائِضُ الْمَاءَ عَلَى يَدِ الْمُتَوَضِّي وَ تُنَاوِلَهُ الْخُمْرَةَ وَ لَا يَجُوزُ مُجَامَعَةُ الْمَرْأَةِ فِي حَيْضِهَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ‏ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ‏ «3» يَعْنِي بِذَلِكَ الْغُسْلَ مِنَ الْحَيْضِ‏ «4» فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ شَبِقاً «5» وَ قَدْ طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ وَ أَرَادَ أَنْ يُجَامِعَهَا قَبْلَ الْغُسْلِ أَمَرَهَا أَنْ تَغْسِلَ فَرْجَهَا ثُمَّ يُجَامِعُهَا «6»

______________________________

 (1). المشق: الطين الأحمر، و ظاهره أن الصبغ به لاذهاب الدم بالاختلاط و يظهر من الاخبار أن ذلك لاذهاب الكراهة عن النفس بان تحمل الحمرة الباقية من الدم على حمرة المشق. (مراد).

 (2). المراد بانقطاع الحيض عن المرأة ارتفاعه بالكلية و هو عيب قد يندفع بالحناء.

 (3). قرأه المؤلّف بالتشديد بقرينة المعنى الذي ذكره.

 (4). لا ريب في جواز الوطى في الحل بعد الغسل و حرمة الوطى في الحيض، انما الخلاف بعد الانقطاع قبل الغسل، فعلى قراءة التشديد (يعنى في يطهرن) ظاهرها الحرمة مع تأييدها بقوله تعالى «فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ‏- الآية» فانه كالتأكيد لها، و ان الطهارة و التطهير ظاهرهما الغسل. و على قراءة التخفيف ظاهرها الجواز لمفهوم الغاية و هو معتبر عند المحقّقين و لا ينافيها قوله‏ «فَإِذا تَطَهَّرْنَ» لانه يمكن أن يكون حراما الى الانقطاع و مكروها الى الغسل كما يظهر من الاخبار، و يمكن تنزيل كل رواية على اخرى بأن يراد بالاطهار الطهارة أو بالعكس تجوّزا، لكن التجوّز في العكس أسهل من التجوّز في عكسه (م ت).

 (5). الشبق- بالتحريك- الشهوة و الميل المفرط الى الجماع.

 (6). قال العلامة في المنتهى: ان مذهب الصدوق تحريم الوطى قبل الغسل فما صرّح بعد هذا يحمل على الضرورة. و استدلّ فيه على جواز الوطى قبل الغسل لقوله تعالى-

95
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ مَتَى جَامَعَهَا وَ هِيَ حَائِضٌ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ فَإِنْ كَانَ فِي وَسَطِهِ فَنِصْفُ دِينَارٍ وَ إِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ فَرُبُعُ دِينَارٍ «1».

200- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ إِذَا جَامَعَهَا وَ هِيَ حَائِضٌ تَصَدَّقَ عَلَى مِسْكِينٍ بِقَدْرِ شِبَعِهِ‏ «2».

وَ مَنْ جَامَعَ أَمَتَهُ وَ هِيَ حَائِضٌ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ مِنْ طَعَامٍ هَذَا إِذَا أَتَاهَا فِي الْفَرْجِ فَإِذَا أَتَاهَا مِنْ دُونِ الْفَرْجِ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

201- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ مَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَ هِيَ حَائِضٌ فَخَرَجَ الْوَلَدُ مَجْذُوماً أَوْ أَبْرَصَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

202- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الْمُشَوَّهِينَ فِي خَلْقِهِمْ فَقَالَ هُمُ الَّذِينَ يَأْتِي آبَاؤُهُمْ نِسَاءَهُمْ فِي الطَّمْثِ.

203- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا يُبْغِضُنَا إِلَّا مَنْ خَبُثَتْ وِلَادَتُهُ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي حَيْضِهَا.

وَ تُسْتَبْرَأُ الْأَمَةُ إِذَا اشْتُرِيَتْ بِحَيْضَةٍ وَ مَنِ اشْتَرَى أَمَةً فَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَقَدْ زَنَى بِمَالِهِ وَ إِذَا أَرَادَتِ الْمَرْأَةُ الْغُسْلَ مِنَ الْحَيْضِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَبْرِئَ وَ الِاسْتِبْرَاءُ أَنْ تُدْخِلَ قُطْنَةً فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دَمٌ خَرَجَ وَ لَوْ مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ فَإِنْ خَرَجَ لَمْ تَغْتَسِلْ وَ إِنْ لَمْ‏

______________________________

- «وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ» بالتخفيف أي حتّى يخرجن من الحيض فيجب القول بالاباحة بعد هذه الغاية و على صورة التشديد يحمل على الاستحباب و الأول على الجواز صونا للقرآن عن التنافى.

 (1). وجوب الكفّارة خلافى فليراجع كتب الفقه. و الدينار هو مثقال الذهب الذي كانت قيمته في أول الإسلام عشرة دراهم و لا يجزى قيمته، و المراد بالأول و الوسط و الآخر بحسب عادة المرأة و نفاسها على الأصحّ و قيل بحسب أكثر الحيض كما في هامش الشرائع.

 (2). الشبع نقيض الجوع و هو ما أشبعك من طعام.

96
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

يَخْرُجِ اغْتَسَلَتْ وَ إِذَا رَأَتِ الصُّفْرَةَ وَ النَّتْنَ‏ «1» فَعَلَيْهَا أَنْ تُلْصِقَ بَطْنَهَا بِالْحَائِطِ وَ تَرْفَعَ رِجْلَهَا الْيُسْرَى كَمَا تَرَى الْكَلْبَ إِذَا بَالَ وَ تُدْخِلَ قُطْنَةً فَإِنْ خَرَجَ فِيهَا دَمٌ فَهِيَ حَائِضٌ وَ إِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ وَ إِنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا دَمُ الْحَيْضِ وَ دَمُ الْقَرْحَةِ فَرُبَّمَا كَانَ فِي فَرْجِهَا قَرْحَةٌ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَلْقِيَ عَلَى قَفَاهَا وَ تُدْخِلَ إِصْبَعَهَا فَإِنْ خَرَجَ الدَّمُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ فَهُوَ مِنَ الْقَرْحَةِ وَ إِنْ خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَهُوَ مِنَ الْحَيْضِ‏ «2» وَ إِنِ اقْتَضَّهَا زَوْجُهَا وَ لَمْ يَرْقَأْ دَمُهَا وَ لَا تَدْرِي دَمُ الْحَيْضِ هُوَ أَمْ دَمُ الْعُذْرَةِ «3» فَعَلَيْهَا أَنْ تُدْخِلَ قُطْنَةً فَإِنْ خَرَجَتِ الْقُطْنَةُ مُطَوَّقَةً بِالدَّمِ فَهُوَ مِنَ الْعُذْرَةِ وَ إِنْ‏

______________________________

 (1). المراد بالصفرة أمر يشابه الدم و لم يتحقّق كونه دما. (مراد).

 (2). في الكافي ج 3 ص 94 مرفوعا هكذا «فان خرج الدم من الجانب الايمن فهو من الحيض و ان خرج من الجانب الايسر فهو من القرحة». و قال صاحب المدارك ص 47 كيفما كان الاجود اطراح هذه الرواية كما ذكره المحقق في المعتبر لضعفها و ارسالها و اضطرابها و مخالفتها للاعتبار لان القرحة يحتمل كونها من كل من الجانبين و الأولى الرجوع الى حكم الأصل و اعتبار الأوصاف. انتهى‏

و قال استاذنا الشعرانى- مدّ ظلّه-: هذا خبر مضطرب المتن لا يحتج به و الصحيح الموافق للاعتبار و العقل الذي يحتمل أن يكون أصل الخبر أيضا على طبقه ثمّ تغير بتصرف النسّاخ أو الرواة: أن المرأة إذا أحست بكون الدم خارجا من الايمن أو الايسر أو فوق أو تحت من جدران المهبل فهو من القرحة لان خروجه من جانب بخصوصه علامة كونه من الجدران و لو كان حيضا لخرج من قعر الرحم و لم تختص بجانب دون جانب و لا يبعد أن يكون الامام عليه السلام صرّح بانه لو كان من الايمن فهو من القرحة من غير أن يصرح بانه لو كان من الايسر فهو من الحيض و ألحقه بعض الرواة بتبادر ذهنه و كان غرض الإمام عليه السلام من ذكر الايمن التمثيل لا التخصيص و فهمه المخاطب أيضا و بالجملة الدم سواء كان من الايمن أو الايسر أو جانب مخصوص فهو من القرحة و لو كان من قعر الرحم من غير أن يختص بجانب فهو من الحيض» انتهى.

 (3). الاقتضاض- بالقاف-: إزالة البكارة. و الافتضاض- بالفاء- بمعناه. و الرقاء:

السكون يقال رقأ الدم أو الدمع رقاء إذا سكن. و العذرة- بالضم-: البكارة.

97
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

خَرَجَتْ مُنْغَمِسَةً فَهُوَ مِنَ الْحَيْضِ وَ دَمُ الْعُذْرَةِ لَا يَجُوزُ الشُّفْرَيْنِ‏ «1» وَ دَمُ الْحَيْضِ حَارٌّ يَخْرُجُ بِحَرَارَةٍ شَدِيدَةٍ وَ دَمُ الْمُسْتَحَاضَةِ بَارِدٌ يَسِيلُ مِنْهَا وَ هِيَ لَا تَعْلَمُ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَ الطُّهْرَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوْ رَأَتِ الدَّمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَ الطُّهْرَ سِتَّةَ أَيَّامٍ فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ لَمْ تُصَلِّ وَ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ صَلَّتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ مَا بَيْنَهَا وَ بَيْنَ ثَلَاثِينَ يَوْماً فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثُونَ يَوْماً ثُمَّ رَأَتْ دَماً صَبِيباً «2» اغْتَسَلَتْ وَ احْتَشَتْ بِالْكُرْسُفِ وَ اسْتَثْفَرَتْ‏ «3» فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَ إِذَا رَأَتْ صُفْرَةً تَوَضَّأَتْ‏ «4»

______________________________

 (1). الشفران- بالضم فالسكون-: اللحم المحيط بالفرج احاطة الشفتين بالفم.

 (2). الصبيب فعيل من الصب بمعنى السكب. أى مصبوبا.

 (3). الاستثفار- بالثاء المثلثة و الفاء و الراء- أن تدخل ازارها بين فخذيها ملويا، أو تأخذ خرقة طويلة تشد أحد طرفيها من قدام و تخرجها من بين فخذيها و تشد طرفها الآخر من خلف مأخوذ من استثفر الكلب إذا دخل ذنبه بين رجليه. و الاحتشاء بالكرسف أن تدخله فرجها لتحبس الدم. (الوافي).

 (4). روى الشيخ في كتابيه بمضمون هذا الكلام رواية ثمّ قال في توجيهها و توجيه رواية قبلها كلاما طويلا حاصله أن هذا الحكم خاصّ بالمستحاضة التي اختلطت عليها أيام عادتها في الحيض و تغيرت و استمر بها الدم و تشتبه صفة الدم فترى ما يشبه دم الحيض أياما و ما يشبه دم الاستحاضة أياما و لم يتحصل لها العلم بأحدهما فان فرضها أن تترك الصلاة في الايام التي يشبه الحيض و تصلى فيما يشبه الاستحاضة الى شهر و تعمل بعد ذلك عمل المستحاضة.

و قال المولى المجلسيّ (ره): لما كانت الرواية مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة على أن أقل الطهر عشرة أيّام لم يعمل بها أكثر الاصحاب و يعمل عليه القدماء في المبتدئة و المضطربة.

و قال العلامة (ره) في المختلف: «الظاهر مراد ابن بابويه (حيث أفتى بعبارة الخبر) أنها ترى الدم بصفة دم الحيض أربعة و الطهر الذي هو النقاء خمسة أيّام و ترى تتمة العشرة أو الشهر بصفة دم الاستحاضة فانها تحيض بما هو بصفة الحيض» و أنكر عليه بعض المحشين للفقيه، و قال استاذنا الشعرانى- مد ظله- في هامش الوافي: تفسير العلامة في المختلف صحيح لا غبار عليه، و ليس الرواية مخالفة لاخبار كثيرة و كان المحشين رحمهما اللّه فرضا الكلام في امرأة واحدة طرأت عليها أربعة حالات، الدم خمسة أيّام ثمّ الطهر خمسة أيّام ثمّ الدم-

98
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهَا مَاءٌ يَكْفِيهَا لِغُسْلِهَا وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا مِنَ الْمَاءِ قَدْرَ مَا تَغْسِلُ بِهِ فَرْجَهَا غَسَلَتْهُ وَ تَيَمَّمَتْ وَ صَلَّتْ وَ حَلَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ إِذَا غَسَلَتْ فَرْجَهَا وَ تَيَمَّمَتْ وَ لَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى أَنْفُسِهِنَّ فِي الْمَحِيضِ‏ «1» لِأَنَّهُنَّ قَدْ نُهِينَ عَنْ ذَلِكَ.

204- وَ سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْحَائِضِ مَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا مِنْهَا قَالَ تَتَّزِرُ بِإِزَارٍ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَ تُخْرِجُ سُرَّتَهَا ثُمَّ لَهُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ «2».

205- وَ ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ مَيْمُونَةَ «3» كَانَتْ تَقُولُ‏ إِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يَأْمُرُنِي إِذَا كُنْتُ حَائِضاً أَنْ أَتَّزِرَ بِثَوْبٍ ثُمَّ أَضْطَجِعَ مَعَهُ فِي الْفِرَاشِ.

______________________________

- أربعة ثمّ الطهر ستة مع أن غرض السائل التنويع بأن يكون امرأتان إحداهما رأت الدم خمسة و الطهر خمسة ثمّ استمر عليها الدم، و الأخرى رأت الدم أربعة ثمّ الطهر ستة ثمّ استمر الدم و حكم هاتين المرأتين أن تجعلا الطهر مع ما لحقه من الدم إلى آخر الشهر طهرا و ما سبق من الدم على الطهر حيضة فلا يصير الطهر أقل من عشرة أيام.

 (1). أي الى فرجهن فيمكن حمله على أنّه لا يجوز لهن التزيين أي لا يتوجهن الى أنفسهن بان يتزين (مراد) و في المحكى عن النهاية قوله: «أن ينظرن» من التنظير و هو تزيين أنفسهن ليصير الزوج مائلا اليهن.

 (2). الظاهر المراد بما فوق الازار أعالي بدنها و يمكن الحمل على ما هو خارج عن الازار فيشمل ما تحت الركبتين. (مراد) و قال المولى المجلسيّ (ره): الخبر الصحيح يدل على كراهة الاستمتاع من الحائض بما بين السرة و الركبة كما عليه أكثر الاصحاب جمعا بين الاخبار، و ذهب جماعة الى الحرمة عملا بطاهر هذا الخبر و غيره من الاخبار القوية على أنه يمكن حملها على التقية و الحمل الأول أولى.

 (3). هى ميمونة بنت الحارث الهلالية من ولد عبد اللّه بن هلال بن عامر بن صعصعة، تزوج النبيّ بها و بنى بها بسرف- على عشرة أميال من مكّة- بعد عمرة القضاء. و كانت قبل أن يتزوجها تحت أبى سبرة بن أبي رهم العامرى. و توفيت بسرف سنة ثمان و ثلاثين و دفنت هناك كما في المعارف لابن قتيبة الدينورى.

99
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

206- قَالَ: وَ كُنَّ نِسَاءُ النَّبِيِّ ص لَا يَقْضِينَ الصَّلَاةَ «1» إِذَا حِضْنَ وَ لَكِنْ يَتَحَشَّيْنَ حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ يَتَوَضَّيْنَ ثُمَّ يَجْلِسْنَ قَرِيباً مِنَ الْمَسْجِدِ «2» فَيَذْكُرْنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ.

207- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ إِنَّهُ تُسْأَلُ نِسْوَةٌ مِنْ بِطَانَتِهَا «3» هَلْ كَانَ حَيْضُهَا فِيمَا مَضَى عَلَى مَا ادَّعَتْ فَإِنْ شَهِدْنَ صُدِّقَتْ وَ إِلَّا فَهِيَ كَاذِبَةٌ.

208- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْحَائِضِ تَغْتَسِلُ وَ عَلَى جَسَدِهَا الزَّعْفَرَانُ‏ «4» لَمْ يَذْهَبْ بِهِ الْمَاءُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَغْتَسِلُ وَ قَدِ امْتَشَطَتْ بِقَرَامِلَ‏ «5» وَ لَمْ تَنْقُضْ شَعْرَهَا كَمْ يُجْزِيهَا مِنَ الْمَاءِ قَالَ مِثْلُ الَّذِي يَشْرَبُ شَعْرُهَا «6» وَ هُوَ ثَلَاثُ حَفَنَاتٍ عَلَى رَأْسِهَا وَ حَفْنَتَانِ عَلَى الْيَمِينِ وَ حَفْنَتَانِ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ تُمِرُّ يَدَهَا عَلَى جَسَدِهَا كُلِّهِ.

209- وَ كَانَ بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ ص تُرَجِّلُ شَعْرَهَا وَ تَغْسِلُ رَأْسَهَا وَ هِيَ حَائِضٌ.

______________________________

 (1). الظاهر أن القضاء هنا بمعنى الإتيان و الفعل لا المعنى المصطلح.

 (2). يعني مسجد المدينة كما هو الظاهر لانه كانت بيوت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله متصلة بالمسجد، و لو كان المراد موضع صلاتهن لما قال «قريبا»، و علله في المعتبر بالتمرين على العبادة.

 (3). أي من خواصها و حاصلها أن ذلك أمر خلاف الغالب اذ الغالب أن يرى في كل شهر مرة.

 (4). أي لون الزعفران بحيث لا يمنع وصول الماء و لا يصير مضافا بوصوله إليه.

 (5). أي فعلت ما تفعله الماشطة من التزيين. و الظاهر أن المراد أنّها امتشطت مع كون القرامل بحالها، و القرامل ما تشده المرأة في شعرها من الخيوط أو ما وصلت به من الشعر و الصوف.

 (6). أي مثل الماء الذي يشربه شعرها أي مقدار الماء الذي إذا صب على الشعر وصل الى البشرة، و في بعض النسخ «نشرت شعرها» من باب التفعيل. و الحفنة مل‏ء الكف.

100
من لا يحضره الفقيه1

النفاس و أحكامه ص : 101

النِّفَاسُ وَ أَحْكَامُهُ‏

 «1» وَ إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ قَعَدَتْ عَنِ الصَّلَاةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إِلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ مَا بَيْنَهَا وَ بَيْنَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً لِأَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ نَفِسَتْ- بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ تَقْعُدَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً «2».

210- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ صَارَ حَدُّ قُعُودِ النُّفَسَاءِ عَنِ الصَّلَاةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً لِأَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَ أَكْثَرَهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَوْسَطُهُ‏ «3» خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلنُّفَسَاءِ أَيَّامَ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَ أَوْسَطِهِ وَ أَكْثَرِهِ.

وَ الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي قُعُودِهَا أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ مَا زَادَ إِلَى أَنْ تَطْهُرَ مَعْلُولَةٌ كُلُّهَا-

______________________________

 (1). العنوان زيادة منا و ليس في الأصل.

 (2). في المحكى عن الذكرى: «أقله انقطاع الدم و أكثره عشرة في المشهور و للمفيد- رحمه اللّه- قول بثمانية عشر و هو قول الصدوق و ابن الجنيد و المرتضى و سلار- رحمهم اللّه- و جعله ابن أبي عقيل (ره) احدى و عشرين يوما». و خبر أسماء كما في التهذيب ج 1 ص 50 هكذا «ان أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين ارادت الاحرام من ذى الحليفة أن تغتسل و تحتشى بالكرسف و تهل بالحج فلما قدموا و نسكوا المناسك سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الطواف بالبيت و الصلاة فقال لها: منذ كم ولدت؟ فقالت: منذ ثماني عشرة فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تغتسل و تطوف بالبيت و تصلى و لم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك» و حمل على التقية لمخالفته لكثير من الصحاح و مخالفه من الاخبار أكثر عددا و أصح سندا و أوضح دلالة على أن أكثر أيّام النفاس عشرة و ما يدلّ على أن الحكم بالغسل في هذا الخبر بعد الثمانية عشر انما كان عند مضى تلك المدة و لو سألته قبل ذلك لعله يأمرها بالغسل.

و في المحكى عن الذكرى: خبر أسماء بنت عميس متأول بأن سؤالها كان عقيب الثمانية عشر فأمرها بالغسل و لو سألته قبيلها لامرها.

 (3). في بعض النسخ «أكثرها عشرة أيّام فاوسطها» فالضميران يرجعان الى الايام.

و على ما كان في المتن يرجعان الى نفس الحيض.

101
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

وَ وَرَدَتْ لِلتَّقِيَّةِ لَا يُفْتِي بِهَا إِلَّا أَهْلُ الْخِلَافِ.

211- وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ أَصَابَهَا الطَّلْقُ الْيَوْمَ وَ الْيَوْمَيْنِ وَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ تَرَى صُفْرَةً أَوْ دَماً كَيْفَ تَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ قَالَ تُصَلِّي مَا لَمْ تَلِدْ فَإِنْ غَلَبَهَا الْوَجَعُ صَلَّتْ إِذَا بَرَأَتْ‏ «1».

بَابُ التَّيَمُّمِ‏

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى‏ أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ‏ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ‏ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏ «2»

______________________________

 (1). حاصله أنّها قبل الولادة لا تكون نفساء فان قدرت على الصلاة وجب أن تصليها و ان غلبها وجع الولادة و هو الطلق صلت لو قدرت عليها فان كانت الوقت باقيا فأداء و إلا فقضاء. (مراد).

 (2). «وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى‏» بحيث يضر استعمال الماء «أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ» «على» بمعنى الحال أى حال سفر كما يقال: زرت فلانا على شربه، و تخصيصه للاغلبية لا لاختصاصه بالاباحة، بل يباح التيمم حضرا و سفرا مع عدم الماء «أَوْ جاءَ» كلمة أو بمعنى الواو «أَحَدٌ مِنْكُمْ» موضعا «مِنَ الْغائِطِ» على أن يكون «من» للتبيين؛ أو من موضع الغائط على أن يكون للابتداء، و الغائط اسم للمكان المطمئن من الأرض، ثمّ سمى به الحدث الخارج من الإنسان تسمية للحال باسم المحل‏ «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ» أى جامعتموهن عبر عن الجماع بالملامسة لكونها من أقرب مقدماته فقد لاح أن المرخص له في التيمم اما محدث أو جنب و الحالة المقتضية له في الغالب اما مرض أو سفر «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً» فلم تتمكنوا من استعماله اما لعدم وجوده أو لسبب آخر، و هو عطف على «كنتم» لا جواب الشرط لان «لم» يقلب المضارع ماضيا و ينفيه بل الجواب «فتيمموا» أى فاقصدوا «صعيدا» أي شيئا من وجه الأرض «طيبا» أي طاهرا «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ» أى بعضها اما لمكان الباء أو للنص و هو في الوجه من القصاص الى طرف الانف الأعلى، و في اليد من الزند الى أطراف الأصابع، «منه» أي من ذلك الصعيد و هو لا يدلّ على-

102
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

212- وَ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَ لَا تُخْبِرُنِي مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ وَ قُلْتَ إِنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ وَ بَعْضِ الرِّجْلَيْنِ فَضَحِكَ وَ قَالَ يَا زُرَارَةُ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ- فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ‏ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْوَجْهَ كُلَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُغْسَلَ ثُمَّ قَالَ‏ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ‏ فَوَصَلَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ بِالْوَجْهِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يُغْسَلَا إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ فَصَّلَ بَيْنَ الْكَلَامِ‏ «1» فَقَالَ- وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ‏ فَعَرَفْنَا حِينَ قَالَ‏ بِرُؤُسِكُمْ‏ أَنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ لِمَكَانِ الْبَاءِ ثُمَّ وَصَلَ الرِّجْلَيْنِ بِالرَّأْسِ كَمَا وَصَلَ الْيَدَيْنِ بِالْوَجْهِ فَقَالَ- وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ‏ فَعَرَفْنَا حِينَ وَصَلَهُمَا بِالرَّأْسِ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى بَعْضِهِمَا ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلنَّاسِ فَضَيَّعُوهُ‏ «2» ثُمَّ قَالَ- فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ‏ فَلَمَّا أَنْ وَضَعَ الْوُضُوءَ عَمَّنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ أَثْبَتَ بَعْضَ الْغَسْلِ مَسْحاً «3» لِأَنَّهُ قَالَ‏ بِوُجُوهِكُمْ‏ ثُمَّ وَصَلَ بِهَا- وَ أَيْدِيكُمْ‏ مِنْهُ‏ أَيْ مِنْ ذَلِكَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ عَلِمَ‏ «4» أَنَّ ذَلِكَ أَجْمَعَ لَمْ يَجْرِ عَلَى الْوَجْهِ لِأَنَّهُ يَعْلَقُ مِنْ ذَلِكَ‏

______________________________

- وجوب علوق شي‏ء من الصعيد لجواز كون «من» هاهنا ابتدائية «ما يُرِيدُ اللَّهُ» بشرعه الطهارة من الوضوء و الغسل و التيمم بدلهما «لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ» أى ضيق «من» هنا بيانية «وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ» أى لينظفكم أو ليطهركم عن الذنوب فان الطهارة تكفير للذنوب‏ «وَ لِيُتِمَّ» بشرعه ما هو مطهر لأبدانكم مكفر لذنوبكم‏ «نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ» في الدين‏ «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» على تلك النعمة. (م ت).

 (1). في بعض النسخ «الكلامين».

 (2). في بعض النسخ «فصنعوه».

 (3). أي جعل بعض ما كان يغسل في الوضوء ممسوحا في التيمم حيث أدخل الباء على الوجوه التي كان أمر بغسلها كلها و وصل بالوجوه الأيدي التي كان قد أمر بغسلها فعلم منه أن الممسوح في التيمم بعض ما كان مغسولا في الوضوء و الممسوح ساقط رأسا. «منه» أي من ذلك الصعيد الذي يتيمم به، و هذا يشعر بأنّه لا بدّ في التيمم من أن يقع المسح ببعض الصعيد. (مراد).

 (4). تعليل لقوله: «أثبت بعض الغسل مسحا» أي جعل بعض المغسول ممسوحا حيث-

103
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

الصَّعِيدِ بِبَعْضِ الْكَفِّ وَ لَا يَعْلَقُ بِبَعْضِهَا ثُمَّ قَالَ اللَّهُ‏ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ‏ وَ الْحَرَجُ الضِّيقُ.

213- وَ قَالَ زُرَارَةُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَاتَ يَوْمٍ لِعَمَّارٍ فِي سَفَرٍ لَهُ يَا عَمَّارُ بَلَغَنَا أَنَّكَ أَجْنَبْتَ فَكَيْفَ صَنَعْتَ قَالَ تَمَرَّغْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي التُّرَابِ قَالَ فَقَالَ لَهُ كَذَلِكَ يَتَمَرَّغُ الْحِمَارُ «1» أَ فَلَا صَنَعْتَ كَذَا ثُمَّ أَهْوَى بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى الصَّعِيدِ ثُمَّ مَسَحَ جَبِينَيْهِ بِأَصَابِعِهِ وَ كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى ثُمَّ لَمْ يُعِدْ ذَلِكَ‏ «2».

فَإِذَا تَيَمَّمَ الرَّجُلُ لِلْوُضُوءِ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَ مَسَحَ بِهِمَا جَبِينَيْهِ وَ حَاجِبَيْهِ وَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ كَفَّيْهِ وَ إِذَا كَانَ التَّيَمُّمُ لِلْجَنَابَةِ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَ مَسَحَ بِهِمَا جَبِينَيْهِ وَ حَاجِبَيْهِ وَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ كَفَّيْهِ وَ إِذَا كَانَ التَّيَمُّمُ لِلْجَنَابَةِ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَ مَسَحَ بِهِمَا جَبِينَيْهِ وَ حَاجِبَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً أُخْرَى وَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ يَدَيْهِ فَوْقَ الْكَفِّ قَلِيلًا وَ يَبْدَأُ بِمَسْحِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى.

______________________________

- قال «بوجوهكم» بالباء التبعيضية لأنّه تعالى علم أن ذلك الصعيد العالق بالكف لا يجرى على كل الوجه لانه يعلق ببعض الكف و لا يعلق ببعضها، و يجوز أن يكون تعليلا لقوله عليه السلام «قال بوجوهكم» و هو قريب من الاوّل، و لا يجوز أن يجعل تعليلا لقوله «أى من ذلك التيمم» سواء أريد بالتيمم معناه المصدرى أو المتيمم به أما على الأول فظاهر و كذا على الثاني اذا جعلت «من» ابتدائية و أمّا إذا جعلت تبعيضية فلان المراد اما بعض الصعيد المضروب عليه أو بعضه العالق بالكف و على التقديرين لا يستقيم التعليل بعلم اللّه ان ذلك بأجمعه لا يجرى على الوجه، ثمّ تعليل ذلك بأنّه تعلق منه ببعض الكف و لا تعلق ببعضها فعليك بالتأمل الصادق.

 (الحبل المتين).

 (1). التمرغ: التقلب في التراب و منه حديث عمار (النهاية).

 (2). أي ذلك الوضع كذا فسره شيخنا- رحمه اللّه- و حينئذ فهو حجة لمن يكتفى بالضربة الواحدة فيما هو بدل من الغسل أيضا و يمكن حمله على عدم إعادة المسح. (مراد) اقول هذا إذا قرء «لم يعد» بضم حرف المضارعة، فهو من الإعادة، و ان قرء بفتح حرف المضارعة و اسكان العين فمعناه أنّه لم يتجاوز عليه السلام عن مسح الجبينين و الكفين.

104
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

214- وَ سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ إِذَا أَجْنَبَ وَ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ قَالَ يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيَغْتَسِلْ وَ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَ عَنِ الرَّجُلِ يَمُرُّ بِالرَّكِيَّةِ «1» وَ لَيْسَ مَعَهُ دَلْوٌ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ الرَّكِيَّةَ لِأَنَّ رَبَّ الْمَاءِ هُوَ رَبُّ الْأَرْضِ‏ «2» فَلْيَتَيَمَّمْ وَ عَنِ الرَّجُلِ يُجْنِبُ وَ مَعَهُ قَدْرُ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ لِوُضُوءِ الصَّلَاةِ أَ يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ أَوْ يَتَيَمَّمُ قَالَ لَا بَلْ يَتَيَمَّمُ أَ لَا تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا جُعِلَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْوُضُوءِ «3».

وَ مَتَى أَصَابَ الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ وَ رَجَا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى مَاءٍ آخَرَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلَّمَا أَرَادَهُ فَعَسُرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّ نَظَرَهُ إِلَى الْمَاءِ يَنْقُضُ تَيَمُّمَهُ وَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ التَّيَمُّمَ فَإِنْ أَصَابَ الْمَاءَ وَ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَضْرِبْ وَ لْيَتَوَضَّأْ مَا لَمْ يَرْكَعْ فَإِنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ أَحَدُ الطَّهُورَيْنِ وَ مَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ إِنْ كَانَ جُنُباً وَ الْوُضُوءُ إِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُباً فَإِنْ أَصَابَ الْمَاءَ وَ قَدْ

______________________________

 (1). الركية- بفتح الراء و شد الياء-: البئر ذات الماء.

 (2). في بعض النسخ «هو ربّ الصعيد» و في بعضها «هو ربّ التراب». و على أي حمل على خوف الضرر بالدخول. (م ت).

 (3). ذكر في مشرق الشمسين في وجه كون التيمم نصف الوضوء أن الوضوء يحصل منه الاستباحة و الرفع و التيمم يحصل منه الاستباحة لا غير، و يمكن أن يقال: ان الوضوء غسلتان و مسحتان كما نقل عن ابن عبّاس، و التيمم مسحتان لا غير.

أقول: روى نحو هذا الخبر الكليني في الكافي ج 3 ص 65 من حديث ابن أبي يعفور عنه عليه السلام و فيه «انما جعل عليه نصف الطهور».

و قال الفاضل التفرشى: قوله: «أ لا ترى أنّه انما- الخ» لعل الراوي توهم أن بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل باعتبار مشابهته لهما فلو قدر الإنسان على ما هو أشبه بهما ينبغي أن يأتي به، فدفع عليه السلام ذلك التوهم بأن الطاعة الإتيان بالمأمور به و هو التيمم عند فقد الماء فلا يصحّ عنه غيره، و أيد ذلك بأن الواجب في التيمم مسح بعض ما يغسل في الوضوء سواء كان بدلا من الوضوء أو الغسل و لو كان باعتبار الاشبهية لكان ما يمسح في بدل الغسل أكثر ممّا يمسح في بدل الوضوء و لما اكتفى في الوضوء أيضا بمسح بعض المغسول.

105
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

صَلَّى بِتَيَمُّمٍ وَ هُوَ فِي وَقْتٍ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ‏ «1».

215- وَ قَالَ زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ قُلْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ ع- رَجُلٌ لَمْ يُصِبْ مَاءً وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَتَيَمَّمَ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءَ أَ يَنْقُضُ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ يَقْطَعُهُمَا «2» وَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ فَيُتِمُّهَا وَ لَا يَنْقُضُهَا لِمَكَانِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ دَخَلَهَا وَ هُوَ عَلَى طُهْرٍ بِتَيَمُّمٍ وَ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لَهُ دَخَلَهَا وَ هُوَ مُتَيَمِّمٌ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ‏ «3» فَأَصَابَ مَاءً قَالَ يَخْرُجُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ.

______________________________

 (1). روى الكليني- ره- في الكافي ج 3 ص 63 بسند صحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: «قلت له: يصلى الرجل بوضوء واحد صلاة الليل و النهار كلها؟ قال نعم ما لم يحدث- الى أن قال-: قلت فان أصاب الماء و رجا أن يقدر على ماء آخر و ظنّ أنّه يقدر عليه كلما أراد فعسر ذلك عليه؟ قال: ينقض ذلك تيممه و عليه أن يعيد التيمم، قلت: فان أصاب الماء و قد دخل في الصلاة؟ قال: فلينصرف و ليتوضأ ما لم يركع فان كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين». و المؤلّف أفتى بمضمون هذا الخبر و قال المفيد في أحد قوليه و السيّد المرتضى و جماعة من الفقهاء: يمضى في صلاته و لو تلبس بمجرد تكبيرة الاحرام. و قال الشيخ: الوجه في هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض و الايجاب و يمكن أن يكون إذا دخل في الصلاة في اول الوقت لانا قد بيّنا أنّه لا يجوز التيمم الا في آخر الوقت فلذلك وجب عليه الانصراف.

 (2). قوله «أ و يقطعهما» الظاهر أن الهمزة للاستفهام دخلت على الواو لتأكيد الهمزة الأولى، و لو جعلت أو بكمالها للعطف فينبغي ارجاع ضمير ينقض الى الإصابة أي أ تنقص اصابة الماء الركعتين أوله أن يقطعهما باختياره لاجل الإصابة، و يمكن أن يراد بالنقض الابطال و بالقطع القطع للبناء، و يستفاد من هذا الحديث جواز التيمم في سعة الوقت. (مراد).

 (3). قال المفيد- رحمه اللّه-: ان كان عمدا أعاد و ان كان نسيانا تطهّر و يبنى و تبعه الشيخ في النهاية و ابن حمزة في الوسيلة كما في الذكرى، و قال المجلسيّ- رحمه اللّه-:

ظاهر الخبر أن الحدث لا ينقض الصلاة و حمله الشيخ على النسيان و لا ينفع لانه لا خبر يدل على أن الحدث ناسيا لا ينقض الصلاة، و قيل: ان معنى «أحدث» جاء المطر كما في القاموس و يؤيده التفريع بقوله «فأصاب ماء» و على هذا يوافق الخبر سائر الاخبار، و هذا-

106
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

216- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ التَّيَمُّمِ مِنَ الْوُضُوءِ وَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ مِنَ الْحَيْضِ لِلنِّسَاءِ سَوَاءٌ فَقَالَ نَعَمْ.

217- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ- أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ بِهِ الْقُرُوحُ وَ الْجِرَاحَاتُ فَيُجْنِبُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَيَمَّمَ وَ لَا يَغْتَسِلَ‏ «1».

218- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْمَبْطُونُ وَ الْكَسِيرُ يُؤَمَّمَانِ وَ لَا يُغَسَّلَانِ‏ «2».

219- وَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَاناً أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَ هُوَ مَجْدُورٌ فَغَسَّلُوهُ فَمَاتَ فَقَالَ قَتَلُوهُ أَلَّا سَأَلُوا «3» أَلَّا يَمَّمُوهُ إِنَّ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ‏ «4».

220- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ مَجْدُورٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ أَجْنَبَ هُوَ فَلْيَغْتَسِلْ‏ «5» وَ إِنْ كَانَ احْتَلَمَ فَلْيَتَيَمَّمْ‏ «6».

وَ الْجُنُبُ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْبَرْدِ تَيَمَّمَ.

221- وَ سَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مَيْسَرَةَ «7»- عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَلَا يَجِدُ الْمَاءَ

______________________________

- وجه وجيه لا يطرح الخبر.

و قال سلطان العلماء: قد فسر البعض الحدث بالمطر و لا يخفى بعده و منافاته لما سبق من أنّه ان كان قد ركع فليمض.

 (1). يفهم من الاخبار التخيير بين الجبيرة و التيمم فحمل الخبر على الضرر بالجبيرة (م ت).

 (2). في بعض النسخ «يتيمّمان و لا يغتسلان».

 (3). في بعض النسخ «ألا سألوه» و لعله من باب الحذف و الايصال أي الا سألوا عنه (مراد).

 (4). العىّ- بالمهملة-: الجهل و عدم الاهتداء الى وجه الصواب.

 (5). حمل على عدم خوف النفس لانه خلاف المشهور من الفتاوي.

 (6). رواه الكليني ج 3 ص 68 و الشيخ في كتابيه في حديث مرفوع.

 (7). الطريق صحيح كما في (صه) و فيه عليّ بن الحكم و هو مشترك بين الثقة و غيره.

و معاوية نفسه لم يوثق.

107
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

فَيَتَيَمَّمُ وَ يُصَلِّي ثُمَّ يَأْتِي عَلَى الْمَاءِ وَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْوَقْتِ أَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ أَمْ يَتَوَضَّأُ وَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَاءِ هُوَ رَبُّ التُّرَابِ‏ «1».

222- وَ أَتَى أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ- النَّبِيَّ ص فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ جَامَعْتُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ قَالَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ ص بِمَحْمِلٍ فَاسْتَتَرْنَا بِهِ وَ بِمَاءٍ «2» فَاغْتَسَلْتُ أَنَا وَ هِيَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ يَكْفِيكَ الصَّعِيدُ عَشْرَ سِنِينَ.

وَ إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ فِي سَفَرٍ وَ مَعَهُ مَاءٌ قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ تَيَمَّمَ‏ «3» وَ لَمْ يَتَوَضَّأْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ‏ «4» أَنَّهُ يُدْرِكُ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ.

223- وَ سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَجْرَانَ‏ «5»- أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ كَانُوا فِي سَفَرٍ أَحَدُهُمْ جُنُبٌ وَ الثَّانِي مَيِّتٌ وَ الثَّالِثُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَ مَعَهُمْ مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمْ مَنْ يَأْخُذُ الْمَاءَ وَ كَيْفَ يَصْنَعُونَ فَقَالَ يَغْتَسِلُ الْجُنُبُ وَ يُدْفَنُ الْمَيِّتُ بِتَيَمُّمٍ وَ يَتَيَمَّمُ الَّذِي هُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرِيضَةٌ «6» وَ غُسْلَ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ «7» وَ التَّيَمُّمَ لِلْآخَرِ جَائِزٌ «8».

______________________________

 (1). هذا بظاهره يدلّ على جواز التيمّم مع سعة الوقت مطلقا و يحتمل حمله على صورة اليأس عن الماء و بالجملة ينافى مذهب التضييق مطلقا. (سلطان).

 (2). عطف على بمحمل أي أمر أيضا بماء.

 (3). يدل على أنّه يكفى عدم العلم بوجدان الماء و لا يشترط العلم بالعدم. (سلطان).

 (4). هذا الاستثناء من قوله «يتيمم» لا من قوله «و لم يتوضأ» يعنى وجب عليه التيمم فقط بدون الوضوء الا أن يعلم أنّه يدرك الماء في الوقت فيجب عليه أن يؤخر الصلاة الى وقت وجدان الماء فان وجد فليغتسل و ان لم يجد و ضاق عليه الوقت فليتيمم، و على أي حال ليس عليه الوضوء.

 (5). الطريق صحيح كما في (صه).

 (6). أي ثابت بحكم الكتاب.

 (7). أي ثابت بالسنة لا بالكتاب.

 (8). لا يقال: التيمم للجنب أيضا جائز فلا ترجيح اذ كل من غسل الجنابة و الوضوء فريضة أي وجوبه بالكتاب لا بمجرد السنة، لانا نقول: الفرق ظاهر من وجهين أحدهما ان رفع الحدث الأكبر أولى و أهم، و الآخر أن وجوب الوضوء للصلاة بالاتفاق و وجوب الغسل بنفسه عند البعض. (مراد).

108
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

224- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ النَّهْدِيُّ- وَ جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ إِمَامِ قَوْمٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِلْغُسْلِ أَ يَتَوَضَّأُ بَعْضُهُمْ وَ يُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ وَ يُصَلِّي بِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ التُّرَابَ طَهُوراً كَمَا جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً «1».

225- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ وَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ إِنِ اغْتَسَلَ فَقَالَ يَتَيَمَّمُ وَ يُصَلِّي فَإِذَا أَمِنَ مِنَ الْبَرْدِ اغْتَسَلَ وَ أَعَادَ الصَّلَاةَ «2».

وَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي حَالٍ لَا يَقْدِرُ إِلَّا عَلَى الطِّينِ يَتَيَمَّمُ بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ‏

______________________________

 (1). المشهور بين الاصحاب كراهة امامة المتيمم بالمتوضّين، بل قال في المنتهى:

انه لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمّد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك. و استدلّ الشيخ- رحمه اللّه- في كتابى الاخبار بما رواه عن عباد بن صهيب «قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا يصلى المتيمم بقوم متوضين» و عن السكونى عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: لا يؤم صاحب التيمم المتوضّين و لا يؤم صاحب الفالج الاصحّاء» و في الروايتين ضعف من حيث السند و لو لا ما يتخيل من انعقاد الإجماع على هذا الحكم لا مكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة. (المرآة).

 (2). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 67 مرسلا و الشيخ في التهذيب مسندا و حمل إعادة الصلاة على فرض صحة الخبر على ما إذا كان أجنب نفسه متعمدا.

و قال سلطان العلماء: لا يخفى منافاته لما سبق في خبر عبيد اللّه بن على الحلبيّ من عدم إعادة الصلاة فيحمل هذا على الاستحباب أو على احداث الجنابة عمدا مع العلم بعدم التمكن من استعمال الماء و السابق على غير هذه الصورة كما مرّ اشعار به في خبر المجدور، و يمكن حمل هذا على صورة بقاء الوقت و ذلك على خارجه الا أنّه قد مر أيضا ما يدلّ على أنّه لا يعيد في الوقت أيضا، فلا فائدة في هذا الحمل.

و قال الفاضل التفرشى: يمكن حمله على ما إذا أجنب مع علمه بعدم إمكان الغسل جمعا بينه و بين ما يدلّ على عدم إعادة صلاة صليت بالتيمم، و يمكن الحمل على الاستحباب.

109
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

وَ تَعَالَى أَوْلَى بِالْعُذْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ثَوْبٌ جَافٌّ وَ لَا لِبْدٌ «1» يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَنْفُضَهُ وَ يَتَيَمَّمَ مِنْهُ‏ «2» وَ مَنْ كَانَ فِي وَسْطِ زِحَامِ- يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ- «3» وَ لَمْ يَسْتَطِعِ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ تَيَمَّمَ وَ صَلَّى مَعَهُمْ وَ لْيُعِدْ «4» إِذَا انْصَرَفَ وَ مَنْ تَيَمَّمَ وَ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ فَنَسِيَ وَ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ فَلْيُعِدِ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ «5» وَ مَنِ احْتَلَمَ فِي مَسْجِدٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ خَرَجَ مِنْهُ وَ اغْتَسَلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ احْتِلَامُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ ص فَإِنَّهُ إِنِ احْتَلَمَ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ تَيَمَّمَ وَ خَرَجَ وَ لَمْ يَمْشِ فِيهِمَا إِلَّا مُتَيَمِّماً «6».

بَابُ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ دُخُولِ الْحَمَّامِ وَ آدَابِهِ وَ مَا جَاءَ فِي التَّنْظِيفِ وَ الزِّينَةِ

226- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ‏

______________________________

 (1). تأكيد لقوله «لا يقدر الأعلى الطين أو يحمل ذلك على عدم القدرة على الماء و التراب خاصّة لا بالنسبة الى غبار الثوب. (سلطان) و اللبد- كحبر-: ما يتلبد من شعر أو صوف و اللبدة أخص منه: و اللبد- بالتحريك- الصوف.

 (2). في بعض النسخ «و يتيمم به».

 (3). و هو محدث و ليس له ماء يتوضأ به.

 (4). في أكثر النسخ «و لم يعد». و الصواب ما في المتن كما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 52 بطريق و ص 324 بطريق آخر و كذا في الاستبصار ج 1 ص 81. ففيهما «و يصلى معهم و يعيد إذا انصرف».

 (5). كما في خبر أبي بصير عن الصادق (ع) الكافي ج 3 ص 65 و التهذيب ج 1 ص 60.

 (6). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 115.

110
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَ نَهَى ص عَنِ الْغُسْلِ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَ نَهَى عَنْ دُخُولِ الْأَنْهَارِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ فَقَالَ إِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلًا وَ سُكَّاناً.

وَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ إِلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ لِلنِّسَاءِ فِي السَّفَرِ لِقِلَّةِ الْمَاءِ «1» وَ مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ وَ وَجَدَ الْمَاءَ- يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ خَشِيَ أَنْ لَا يَجِدَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ- يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اغْتَسَلَ وَ إِنْ لَمْ يَجِدْ أَجْزَأَهُ.

227- فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع عَنْ أُمِّهِ وَ أُمِّ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى ع قَالَتَا كُنَّا مَعَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع- فِي الْبَادِيَةِ وَ نَحْنُ نُرِيدُ بَغْدَادَ فَقَالَ لَنَا يَوْمَ الْخَمِيسِ- اغْتَسِلَا الْيَوْمَ لِغَدٍ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الْمَاءَ غَداً بِهَا قَلِيلٌ قَالَتَا فَاغْتَسَلْنَا يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلْجُمُعَةِ.

وَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَ يَجُوزُ مِنْ وَقْتِ طُلُوعِ الْفَجْرِ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى قُرْبِ الزَّوَالِ وَ أَفْضَلُ ذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنَ الزَّوَالِ وَ مَنْ نَسِيَ الْغُسْلَ أَوْ فَاتَهُ لِعِلَّةٍ-

______________________________

 (1). روى الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 42 بإسناده عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «الغسل يوم الجمعة على الرجال و النساء في الحضر و على الرجال في السفر و ليس على النساء في السفر. «و في رواية اخرى أنّه رخص للنساء في السفر لقلة الماء» و عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «سألته عن الغسل يوم الجمعة فقال: واجب على كل ذكر و انثى، عبد أو حر». و اختلف الاصحاب في حكمه فالمشهور على استحبابه و ظاهر المؤلّف و الكليني- رحمهما اللّه- وجوبه فمن قال بالوجوب استدل بأمثال هذه الأخبار و حمل الوجوب على الفرض و من قال بالاستحباب حمل الوجوب على تأكده لعدم العلم بكون الوجوب حقيقة في المعنى المصطلح بين الفقهاء و الأصوليّين قال الشيخ في التهذيب ج 1 ص 31: «ما يتضمن هذه الأخبار من لفظ الوجوب فالمراد به أن الأولى على الإنسان أن يفعله و قد يسمى الشي‏ء واجبا إذا كان الأولى فعله».

111
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

فَلْيَغْتَسِلْ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ- وَ يُجْزِي الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ كَمَا يَكُونُ لِلرَّوَاحِ‏ «1» وَ الْوُضُوءُ فِيهِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَ يَقُولُ الْمُغْتَسِلُ لِلْجُمُعَةِ- اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي وَ طَهِّرْ قَلْبِي وَ أَنْقِ غُسْلِي وَ أَجْرِ عَلَى لِسَانِي مَحَبَّةً مِنْكَ‏ «2».

228- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ فَقَالَ- أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ كَانَ طُهْراً مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ.

229- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ طَهُورٌ وَ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ.

230- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- فِي عِلَّةِ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِنَّ الْأَنْصَارَ كَانَتْ تَعْمَلُ فِي نَوَاضِحِهَا وَ أَمْوَالِهَا «3» فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ حَضَرُوا الْمَسْجِدَ فَتَأَذَّى النَّاسُ بِأَرْوَاحِ آبَاطِهِمْ وَ أَجْسَادِهِمْ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْغُسْلِ فَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ.

231- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَتَمَّ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَ أَتَمَّ صِيَامَ الْفَرِيضَةِ بِصِيَامِ النَّافِلَةِ وَ أَتَمَّ الْوُضُوءَ بِغُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ «4».

232- وَ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ «5» الْأَهْوَازِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ

______________________________

 (1). الرواح بمعنى الذهاب الى الجمعة و في النهاية «من راح الى الجمعة في الساعة الأولى فكانما قرب بدنة» أي من مشى إليها. فالمعنى أن غسل الجمعة مجز إذا قصد فيه وظيفة اليوم كما أنّه مجز إذا نوى فيه الرواح الى صلاة الجمعة و نقل العلامة في التذكرة عن مالك أنّه قال: لا يعتد بالغسل الا أن يقصد به الرواح لقوله عليه السلام «من جاء الى الجمعة فليغتسل» فذهب مالك الى أن الغسل إذا نوى فيه الرواح فهو مجز و معتد به و الا إيقاعه لانه وظيفة اليوم فهو غير مجز و محتاج الى اعادته بقصد الرواح. فقوله «و يجزى الغسل للجمعة كما يكون للرواح» رد على مالك.

 (2). أي ما يوجب محبتك؛ و في نسخة «مدحتك».

 (3). النواضح: الإبل التي يستقى عليها الماء.

 (4). يفهم منه الاستحباب بقرينة الأختين.

 (5). كذا في النسخ و الظاهر هو الحسين بن سعيد و صحف في النسخ لقرب كتابة الحسين بيحيى في الخط الديوانى.

112
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع- إِذَا دَخَلْتَ الْحَمَّامَ فَقُلْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَنْزِعُ فِيهِ ثِيَابَكَ- اللَّهُمَّ انْزِعْ عَنِّي رِبْقَةَ النِّفَاقِ وَ ثَبِّتْنِي عَلَى الْإِيمَانِ- وَ إِذَا دَخَلْتَ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ فَقُلْ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَ أَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ أَذَاهُ- وَ إِذَا دَخَلْتَ الْبَيْتَ الثَّانِيَ فَقُلِ- اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الرِّجْسَ النِّجْسَ وَ طَهِّرْ جَسَدِي وَ قَلْبِي- وَ خُذْ مِنَ الْمَاءِ الْحَارِّ وَ ضَعْهُ عَلَى هَامَتِكَ وَ صُبَّ مِنْهُ عَلَى رِجْلَيْكَ وَ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَبْلَعَ مِنْهُ جُرْعَةً فَافْعَلْ فَإِنَّهُ يُنَقِّي الْمَثَانَةَ «1» وَ الْبَثْ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي سَاعَةً وَ إِذَا دَخَلْتَ الْبَيْتَ الثَّالِثَ فَقُلْ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ وَ نَسْأَلُهُ الْجَنَّةَ- تُرَدِّدُهَا إِلَى وَقْتِ خُرُوجِكَ مِنَ الْبَيْتِ الْحَارِّ وَ إِيَّاكَ وَ شُرْبَ الْمَاءِ الْبَارِدِ وَ الْفُقَّاعِ فِي الْحَمَّامِ‏ «2» فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْمَعِدَةَ وَ لَا تَصُبَّنَّ عَلَيْكَ الْمَاءَ الْبَارِدَ فَإِنَّهُ يُضْعِفُ الْبَدَنَ وَ صُبَ‏

______________________________

 (1). الذي يظهر من تتبع الاخبار أن الحمامات كانت في عصرهم ذات بيوت أربعة البيت الأول بارد يابس- و فيه ينزعون ملابسهم- و الثاني بارد رطب- فيه مخزن الماء البارد- الثالث حار رطب- فيه مخزن الماء الحار. الرابع حار يابس- فيه يحمى المستحم بدنه فيدلك- (راجع الرسالة الذهبية- طب الرضا عليه السلام- ص 94، مستدرك الوسائل ج 1 ص 54) و كان في البيت الثالث الذي فيه مخزن الماء الحار بئر أو حوض يسيل فيه ماء الغسالة فقط و كان ممنوعا على المغتسل الارتماس في مخزن الماء سواء كان حارا أو باردا، و كان حول المخزن مواضع و مصطبات يقوم المغتسل عليها فيأخذ الماء من المخزن بالمشربة فيصب عليه و يخرج الغسالة منه الى البئر، و كان في بعض الحمامات حول المخزن حياض صغار يخرج الماء من المخزن في أنابيب خاصّة الى تلك الحياض و يأخذ كل مستحم الماء بقدر حاجته.

و المراد من حديث المتن من بيوت الحمام البيوت التي كان يدخل المستحم فيها بعد نزع ثيابه، و المراد من تجرع الماء المنقى للمثانة الاغتراف من ماء المخزن أو الحوض الخاص الممنوع وروده و التجرع من ذلك الماء لا ماء المخازن التي يغتسل الناس فيه و يدلكون فيه أبدانهم. بل الظاهر كراهة الاغتسال و الارتماس فيه فضلا عن شربه كما في الخبر الذي رواه الكليني ج 6 ص 503 عن ابى الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: «و من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه».

 (2). يمكن أن يكون المراد ماء الشعير أو الفقاع المحرم و هو و ان كان حراما الا أنه عليه السلام أكد حرمة شربه في الحمام. لانه مع قطع النظر عن الاسكار يفسد المعدة.

113
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

الْمَاءَ الْبَارِدَ عَلَى قَدَمَيْكَ إِذَا خَرَجْتَ فَإِنَّهُ يَسُلُّ الدَّاءَ مِنْ جَسَدِكَ‏ «1» فَإِذَا لَبِسْتَ ثِيَابَكَ فَقُلِ- اللَّهُمَّ أَلْبِسْنِي التَّقْوَى وَ جَنِّبْنِي الرَّدَى فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَمِنْتَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ.

وَ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ مَا لَمْ تُرِدْ بِهِ الصَّوْتَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ مِئْزَرٌ «2».

233- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ- أَبَا جَعْفَرٍ ع فَقَالَ: أَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- يَنْهَى عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ فَقَالَ لَا إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَقْرَأَ الرَّجُلُ وَ هُوَ عُرْيَانٌ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ فَلَا بَأْسَ.

234- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ- لِمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع‏ أَقْرَأُ فِي الْحَمَّامِ وَ أَنْكِحُ فِيهِ قَالَ لَا بَأْسَ.

وَ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ وَ يَسْتُرَ فَرْجَهُ مِنْ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِ.

235- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ‏ ذلِكَ أَزْكى‏ لَهُمْ‏ فَقَالَ كُلُّ مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذِكْرِ حِفْظِ الْفَرْجِ فَهُوَ مِنَ الزِّنَا إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ لِلْحِفْظِ مِنْ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِ.

236- وَ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ- إِنَّمَا أَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِ فَأَمَّا النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةِ مَنْ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ مِثْلُ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ الْحِمَارِ «3».

______________________________

 (1). السلّ: اخراج الشي‏ء بجذب و نزع.

 (2). الظاهر كونه من كلام المصنّف لا من تتمّة الخبر كما توهمه بعض لما في الكافي ج 6 ص 502 من حديث الحلبيّ عن الصادق عليه السلام قال: «لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمام اذا كان يريد به وجه اللّه و لا يريد ينظر كيف صوته» ثم الظاهر من اختيار المصنّف مدلول هذه الرواية و التي تأتي تحت رقم 233.

 (3). رواه الكليني أيضا في الكافي ج 6 ص 501 و يظهر من المؤلّف و الكليني- رحمهما اللّه- القول بمدلول الخبر، و يظهر من الشهيد- رحمه اللّه- و جماعة عدم الخلاف في التحريم.

114
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

237- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ تُذَكَّرُ فِيهِ النَّارُ وَ يَذْهَبُ بِالدَّرَنِ.

238- وَ قَالَ ع- بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يَهْتِكُ السِّتْرَ وَ يَذْهَبُ بِالْحَيَاءِ.

239- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يَهْتِكُ السِّتْرَ وَ يُبْدِي الْعَوْرَةَ وَ نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُذَكِّرُ حَرَّ النَّارِ «1».

وَ مِنَ الْآدَابِ أَنْ لَا يُدْخِلَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ مَعَهُ الْحَمَّامَ فَيَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهِ‏ «2».

240- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- مَنْ كانَ يُؤْمِنُ‏ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَبْعَثْ بِحَلِيلَتِهِ إِلَى الْحَمَّامِ‏ «3».

241- وَ قَالَ ع- مَنْ أَطَاعَ امْرَأَتَهُ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ فَقِيلَ وَ مَا تِلْكَ الطَّاعَةُ قَالَ تَدْعُوهُ إِلَى النِّيَاحَاتِ وَ الْعُرُسَاتِ وَ الْحَمَّامَاتِ وَ لُبْسِ الثِّيَابِ الرِّقَاقِ فَيُجِيبُهَا «4».

242- وَ سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَدَعُ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ-

______________________________

 (1). روى الكليني في الكافي ج 6 ص 496 بإسناده عن محمّد بن أسلم رفعه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: «نعم البيت الحمام يذكر النار و يذهب بالدرن» و قال عمر: «بئس البيت الحمام يبدى العورة و يهتك الستر» قال: و نسب الناس قول أمير المؤمنين عليه السلام الى عمر و قول عمر الى أمير المؤمنين».

 (2). في الكافي ج 6 ص 503 بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام. قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر الى عورته، و قال ليس للوالدين أن ينظرا الى عورة الولد و ليس للولد أن ينظر الى عورة الوالد» و قال: «لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الناظر و المنظور إليه في الحمام بلا مئزر».

 (3). حمل على ما إذا لم تدع إليه الضرورة كما في البلاد الحارة أو على ما اذ بعثه الى الحمامات للتنزّه و التفريح.

 (4). ذلك لان الغالب في تلك الاماكن عدم خلوها عن المنهيات، أما الحمام فبدخول بعضهن مكشوف العورة و هو حرام و النظر إليها حرام أيضا و هكذا في العرسات و النياحات من ارتكابهن فيها بعض المنهيات و المحرمات.

115
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

نَاسِياً أَوْ مُتَعَمِّداً فَقَالَ إِذَا كَانَ نَاسِياً فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَ إِنْ كَانَ مُتَعَمِّداً فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَ لَا يَعُدْ.

243- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا تَتَّكِ فِي الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُذِيبُ شَحْمَ الْكُلْيَتَيْنِ وَ لَا تُسَرِّحْ فِي الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُرَقِّقُ الشَّعْرَ وَ لَا تَغْسِلْ رَأْسَكَ بِالطِّينِ فَإِنَّهُ يُسَمِّجُ الْوَجْهَ وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ يَذْهَبُ بِالْغَيْرَةِ وَ لَا تَدَلَّكْ بِالْخَزَفِ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَ لَا تَمْسَحْ وَجْهَكَ بِالْإِزَارِ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِمَاءِ الْوَجْهِ‏ «1».

وَ رُوِيَ‏ أَنَّ ذَلِكَ طِينُ مِصْرَ وَ خَزَفُ الشَّامِ‏ «2».

وَ السِّوَاكُ فِي الْحَمَّامِ يُورِثُ وَبَاءَ الْأَسْنَانِ‏ «3» وَ لَا يَجُوزُ التَّطْهِيرُ وَ الْغُسْلُ بِغُسَالَةِ الْحَمَّامِ‏ «4».

244- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لِيَتَزَيَّنَنَ‏ «5» أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ يَغْتَسِلُ وَ يَتَطَيَّبُ وَ يَتَسَرَّحُ وَ يَلْبَسُ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ وَ لْيَتَهَيَّأْ لِلْجُمُعَةِ وَ لْيَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ السَّكِينَةُ وَ الْوَقَارُ «6» وَ لْيُحْسِنْ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَ لْيَفْعَلِ الْخَيْرَ مَا اسْتَطَاعَ‏ «7» فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ يَطَّلِعُ عَلَى الْأَرْضِ‏ «8» لِيُضَاعِفَ الْحَسَنَاتِ.

245- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ لَا تَدْخُلُوا الْحَمَّامَ عَلَى‏

______________________________

 (1). أي يقبح الوجه.

 (2). أي الذي يسمج الوجه أو يذهب بالغيرة طين مصر، و الذي يورث البرص خزف الشام لا مطلق الطين و الخزف. (مراد).

 (3). كذا في أكثر النسخ و في بعضها «ونى الأسنان» بالنون و بالقصر بمعنى الضعف.

 (4). كما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 14 عن أبي عبد اللّه عليه السلام. و المراد بالغسالة ماء البئر الذي يسيل فيه ماء الغسالة.

 (5). أمر غائب مؤكد بالنون فكل واحد من الافعال الآتية مجزوم بالعطف عليه.

 (6). السكينة هيئة جسمانية تنشأ من استقرار الأعضاء و طمأنينتها، و الوقار هيئة نفسانية تنشأ عن طمأنينة النفس و ثباتها.

 (7). من الصدقات و الزيارات و عيادة المرضى و العبادات و تشييع الجنائز.

 (8). أي يلتفت إلى عباده بنظر الرحمة في يوم الجمعة.

116
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

الرِّيقِ وَ لَا تَدْخُلُوهُ حَتَّى تَطْعَمُوا شَيْئاً.

246- وَ قَالَ بَعْضُهُمْ‏ خَرَجَ الصَّادِقُ ع مِنَ الْحَمَّامِ فَلَبِسَ وَ تَعَمَّمَ قَالَ فَمَا تَرَكْتُ الْعِمَامَةَ عِنْدَ خُرُوجِي مِنَ الْحَمَّامِ فِي الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ.

247- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ الْحَمَّامُ يَوْمٌ وَ يَوْمٌ لَا «1» يُكْثِرُ اللَّحْمَ وَ إِدْمَانُهُ كُلَّ يَوْمٍ يُذْهِبُ شَحْمَ الْكُلْيَتَيْنِ.

248- وَ كَانَ الصَّادِقُ ع- يَطَّلِي فِي الْحَمَّامِ فَإِذَا بَلَغَ مَوْضِعَ الْعَوْرَةِ قَالَ لِلَّذِي يَطْلِي تَنَحَّ ثُمَّ يَطْلِي هُوَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ.

وَ مَنِ اطَّلَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْقِيَ السِّتْرَ عَنْهُ لِأَنَّ النُّورَةَ سُتْرَةٌ «2».

249- وَ دَخَلَ الصَّادِقُ ع الْحَمَّامَ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ نُخْلِيهِ لَكَ فَقَالَ لَا إِنَّ الْمُؤْمِنَ خَفِيفُ الْمَئُونَةِ.

250- وَ رُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُرَافِقِيِ‏ «3» قَالَ: دَخَلْتُ حَمَّاماً بِالْمَدِينَةِ- فَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ وَ هُوَ قَيِّمُ الْحَمَّامِ فَقُلْتُ لَهُ يَا شَيْخُ لِمَنْ هَذَا- الْحَمَّامُ فَقَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع- فَقُلْتُ أَ كَانَ يَدْخُلُهُ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ قَالَ كَانَ يَدْخُلُ فَيَبْدَأُ فَيَطْلِي عَانَتَهُ وَ مَا يَلِيهَا ثُمَّ يَلُفُّ إِزَارَهُ عَلَى أَطْرَافِ إِحْلِيلِهِ وَ يَدْعُونِي فَأَطْلِي سَائِرَ جَسَدِهِ فَقُلْتُ لَهُ يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ الَّذِي تَكْرَهُ أَنْ أَرَاهُ قَدْ رَأَيْتُهُ قَالَ كَلَّا إِنَّ النُّورَةَ سُتْرَةٌ «4».

______________________________

 (1). أي يوم تدخله و يوم لا تدخله. و في بعض النسخ بزيادة «لا» بعد اليوم الثاني (مراد). و الادمان: الادامة.

 (2). هذا مدلول الخبر الذي يأتي تحت رقم 250.

 (3). في بعض النسخ «الواقفى» و في بعضها «الرافقى» و في الكافي «الدابقى» و لم أجده.

 (4). رواه الكليني- رحمه اللّه- أيضا و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: يفهم منه أن الحجم ليس بعورة ما لم يظهر اللون كما ذكره بعض الاصحاب و يفهم من بعض الأخبار كراهته. و السترة- بالضم- ما يستتر به. و قال سلطان العلماء: يدل على أن عورة الرجل سوء تاه لا غير، و على أن الواجب ستر اللون لا الحجم.

117
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

251- وَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَعْرُوفُ بِسَعْدَانَ‏ كُنْتُ فِي الْحَمَّامِ فِي الْبَيْتِ الْأَوْسَطِ فَدَخَلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- وَ عَلَيْهِ إِزَارٌ فَوْقَ النُّورَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَ دَخَلْتُ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الْحَوْضُ فَاغْتَسَلْتُ وَ خَرَجْتُ.

وَ فِي هَذَا إِطْلَاقٌ فِي التَّسْلِيمِ فِي الْحَمَّامِ لِمَنْ عَلَيْهِ مِئْزَرٌ وَ النَّهْيُ الْوَارِدُ عَنِ التَّسْلِيمِ فِيهِ هُوَ لِمَنْ لَا مِئْزَرَ عَلَيْهِ.

252- وَ رَوَى حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبِي وَ جَدِّي وَ عَمِّي حَمَّاماً فِي الْمَدِينَةِ- فَإِذَا رَجُلٌ فِي بَيْتِ الْمَسْلَخِ فَقَالَ لَنَا مِمَّنِ الْقَوْمُ فَقُلْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ- فَقَالَ وَ أَيُّ الْعِرَاقِ فَقُلْنَا الْكُوفِيُّونَ فَقَالَ مَرْحَباً بِكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ وَ أَهْلًا أَنْتُمُ الشِّعَارُ دُونَ الدِّثَارِ ثُمَّ قَالَ وَ مَا يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْإِزَارِ «1» فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ عَوْرَةُ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَرَامٌ قَالَ فَبَعَثَ عَمِّي إِلَى كِرْبَاسَةٍ فَشَقَّهَا بِأَرْبَعَةٍ ثُمَّ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا وَاحِداً ثُمَّ دَخَلْنَا فِيهَا «2» فَلَمَّا كُنَّا فِي الْبَيْتِ الْحَارِّ صَمَدَ لِجَدِّي فَقَالَ يَا كَهْلُ مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْخِضَابِ فَقَالَ لَهُ جَدِّي‏ «3» أَدْرَكْتُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَ مِنْكَ لَا يَخْتَضِبُ فَقَالَ وَ مَنْ ذَاكَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنِّي فَقَالَ أَدْرَكْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع وَ لَا يَخْتَضِبُ فَنَكَسَ رَأْسَهُ وَ تَصَابَّ عَرَقاً وَ قَالَ صَدَقْتَ وَ بَرِرْتَ ثُمَّ قَالَ يَا كَهْلُ إِنْ تَخْتَضِبْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ خَضَبَ وَ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ع- وَ إِنْ تَتْرُكْ فَلَكَ بِعَلِيٍّ ع أُسْوَةٌ قَالَ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْحَمَّامِ سَأَلْنَا عَنِ الرَّجُلِ فِي الْمَسْلَخِ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ مَعَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع.

______________________________

 (1). الشعار: ما يلي شعر الجسد من الثياب، و الدثار: ما فوق الشعار من الثياب.

و المراد أنكم من خواص الشيعة فكيف تكونون هكذا بلا ازار.

 (2). الظاهر أن الضمير راجع الى الحمام و هو مذكر. و يجوز ارجاعه الى الكرباسة.

و يحتمل ارجاعه الى الحمام بتأويل.

 (3). صمد إليه أي وجه إليه الخطاب و قصده.

118
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

وَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِطْلَاقٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يُدْخِلَ وَلَدَهُ مَعَهُ الْحَمَّامَ دُونَ مَنْ لَيْسَ بِإِمَامٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ مَعْصُومٌ فِي صِغَرِهِ وَ كِبَرِهِ لَا يَقَعُ مِنْهُ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةٍ فِي الْحَمَّامِ وَ لَا غَيْرِهِ‏ «1».

253- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْفَخِذُ لَيْسَ مِنَ الْعَوْرَةِ.

254- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- النُّورَةُ طَهُورٌ «2».

255- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- أَلْقُوا الشَّعْرَ عَنْكُمْ فَإِنَّهُ يُحَسِّنُ.

256- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَنَوَّرَ فَلْيَأْخُذْ مِنَ النُّورَةِ وَ يَجْعَلُهُ عَلَى طَرَفِ أَنْفِهِ وَ يَقُولُ- اللَّهُمَّ ارْحَمْ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ ع- كَمَا أَمَرَنَا بِالنُّورَةِ- فَإِنَّهُ لَا تُحْرِقُهُ النُّورَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

257- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ جَلَسَ وَ هُوَ مُتَنَوِّرٌ خِيفَ عَلَيْهِ الْفَتْقُ.

258- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- أُحِبُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَطَّلِيَ فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً.

259- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ السُّنَّةُ فِي النُّورَةِ فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً فَإِنْ أَتَتْ عَلَيْكَ عِشْرُونَ يَوْماً وَ لَيْسَ عِنْدَكَ فَاسْتَقْرِضْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

260- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَتْرُكْ عَانَتَهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَدَعَ ذَلِكَ مِنْهَا فَوْقَ عِشْرِينَ يَوْماً.

______________________________

 (1). يظهر من الاخبار أن كراهة دخول الابن مع الأب الحمام كان باعتبار التعرّى فلذا لا ينكر عليه السلام دخول سدير مع أبيه و دخول أبيه مع جده بعد ما لبسوا الازار. و الصدوق- رحمه اللّه- فهم من الاخبار الحرمة فلذا استثنى المعصوم أو فهم الكراهة و يريد نفيها عنهم عليهم السلام و غفل عن دخول سدير مع أبيه وجده و تقريره عليه السلام اياهم. (م ت).

 (2). هذا من التشبيه البليغ اي كالطهور في افادة النظافة. (مراد).

119
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

261- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ احْلِقُوا شَعْرَ الْبَطْنِ لِلذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى‏ «1».

262- وَ كَانَ الصَّادِقُ ع يَطْلِي إِبْطَيْهِ فِي الْحَمَّامِ وَ يَقُولُ نَتْفُ الْإِبْطِ يُضْعِفُ الْمَنْكِبَيْنِ وَ يُوهِي وَ يُضْعِفُ الْبَصَرَ.

263- وَ قَالَ ع‏- حَلْقُهُ أَفْضَلُ مِنْ نَتْفِهِ وَ طَلْيُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَلْقِهِ.

264- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ نَتْفُ الْإِبْطِ يَنْفِي الرَّائِحَةَ الْمَكْرُوهَةَ وَ هُوَ طَهُورٌ وَ سُنَّةٌ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الطَّيِّبُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ‏ «2».

265- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا يُطَوِّلَنَّ أَحَدُكُمْ شَعْرَ إِبْطَيْهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَّخِذُهُ مِجَنّاً يَسْتَتِرُ بِهِ‏ «3».

وَ الْجُنُبُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَطَّلِيَ فَإِنَّ النُّورَةَ تَزِيدُهُ نَظَافَةً.

266- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَقَّى النُّورَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ- فَإِنَّهُ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ يَجُوزُ النُّورَةُ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ.

267- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ تُورِثُ الْبَرَصَ‏ «4».

268- وَ رَوَى الرَّيَّانُ بْنُ الصَّلْتِ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ- مَنْ‏

______________________________

 (1). «للذكر و الأنثى» اللام متعلق يقال أي قال ذلك لهما جميعا، و يحتمل أن يكون تعليلا للحلق أي تحلق الأنثى لاجل الذكر و الذكر لاجل الأنثى. (مراد). و في بعض النسخ «شعر الابط».

 (2). يحتمل أن يكون المراد بالنتف الازالة بأى وجه كان فلا ينافى ما سبق، أو معناه الخاص و نقول فضيلته لا ينافى أفضلية ذلك. (سلطان).

 (3). كذا في بعض النسخ و في بعضها «مخبأ» كما في الكافي. و المجن كل ما وقى من السلاح، و المخبأ موضع الاستتار.

 (4). روى الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 6 ص 506 في مرفوعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قيل له يزعم الناس أن النورة يوم الجمعة مكروهة، فقال: ليس حيث ذهبت أي طهور أطهر من النورة يوم الجمعة».

120
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

تَنَوَّرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَصَابَهُ الْبَرَصُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَدَلَّكَ الرَّجُلُ فِي الْحَمَّامِ بِالسَّوِيقِ وَ الدَّقِيقِ وَ النُّخَالَةِ وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَدَلَّكَ بِالدَّقِيقِ الْمَلْتُوتِ بِالزَّيْتِ وَ لَيْسَ فِيمَا يَنْفَعُ الْبَدَنَ إِسْرَافٌ إِنَّمَا الْإِسْرَافُ فِيمَا أَتْلَفَ الْمَالَ وَ أَضَرَّ بِالْبَدَنِ‏ «1».

269- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنِ اطَّلَى وَ اخْتَضَبَ بِالْحِنَّاءِ آمَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ وَ الْآكِلَةِ إِلَى طَلْيَةٍ مِثْلِهَا.

270- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْحِنَّاءُ عَلَى أَثَرِ النُّورَةِ «2» أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ.

271- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنِ اطَّلَى وَ تَدَلَّكَ بِالْحِنَّاءِ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ نَفَى اللَّهُ عَنْهُ الْفَقْرَ.

272- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ اخْتَضِبُوا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَ يُنْبِتُ الشَّعْرَ وَ يُطَيِّبُ الرِّيحَ وَ يُسَكِّنُ الزَّوْجَةَ «3».

273- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْحِنَّاءُ يَذْهَبُ بِالسَّهَكِ‏ «4» وَ يَزِيدُ فِي مَاءِ الْوَجْهِ وَ يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ «5» وَ يُحَسِّنُ الْوَلَدَ.

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ الْخَلُوقَ‏ «6» فِي الْحَمَّامِ وَ يَمْسَحَ بِهِ يَدَهُ مِنْ شُقَاقٍ يُدَاوِيهِ‏ «7» وَ لَا يُسْتَحَبُّ إِدْمَانُهُ وَ لَا أَنْ يُرَى أَثَرُهُ عَلَيْهِ.

______________________________

 (1). تدل على ذلك روايات راجع الكافي ج 6 ص 500 و 501.

 (2). الاثر- بفتحتين، و بكسر الهمزة و سكون المثلثة-: ما بقى من رسم الشي‏ء.

يعنى استعمال الحناء بعد النورة أمان من الجذام و البرص.

 (3). كذا في النسخ و في الكافي أيضا و في نسخة من الكتاب «الروعة».

 (4). السهك- محركة-: ريح كريهة تجدها ممن عرق. (القاموس).

 (5). النكهة: رائحة الفم.

 (6). الخلوق: ضرب من الطيب مائع فيه صفرة. (المغرب).

 (7). الشقاق- بضم الشين-: تشقق الجلد، و هو من الادواء كالسعال و الزكام-

121
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

274- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ الْخِضَابُ هَدْيُ‏ «1» مُحَمَّدٍ ص وَ هُوَ مِنَ السُّنَّةِ.

275- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لَا بَأْسَ بِالْخِضَابِ كُلِّهِ.

276- وَ دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع- وَ قَدِ اخْتَضَبَ بِالسَّوَادِ فَقَالَ إِنَّ فِي الْخِضَابِ أَجْراً وَ الْخِضَابُ وَ التَّهْيِئَةُ «2» مِمَّا يَزِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي عِفَّةِ النِّسَاءِ وَ لَقَدْ تَرَكَتْ نِسَاءٌ الْعِفَّةَ بِتَرْكِ أَزْوَاجِهِنَّ التَّهْيِئَةَ فَقَالَ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّ الْحِنَّاءَ تَزِيدُ فِي الشَّيْبِ فَقَالَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَزِيدُ فِي الشَّيْبِ وَ الشَّيْبُ يَزِيدُ فِي كُلِّ يَوْمٍ‏ «3».

277- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الْخِضَابِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَخْتَضِبُ وَ هَذَا شَعْرُهُ عِنْدَنَا.

278- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ ع كَانَ فِي رَأْسِهِ وَ لِحْيَتِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ شَيْبَةً.

279- وَ كَانَ النَّبِيُّ ص وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع- يَخْتَضِبُونَ بِالْكَتَمِ‏ «4».

280- وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع- يَخْتَضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَ الْكَتَمِ.

281- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ أُنْسٌ لِلنِّسَاءِ وَ مَهَابَةٌ لِلْعَدُوِّ.

______________________________

- و السلاق. و في الكافي بإسناده عن عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: «لا بأس أن تمس الخلوق في الحمام أو تمسح به يدك تداوى به و لا أحبّ ادمانه» و في بعض نسخ الفقيه «شفاف نداوته» أي من فضلها.

 (1). في بعض النسخ «هدى الى محمد» و ضبط على صيغة المجهول و يكون حينئذ بمعنى اهدى، و يمكن أن يكون هدى بالتخفيف و هدى على فعيل بمعنى هدية (مراد) و يمكن أن يقرأ «هدى محمّد صلّى اللّه عليه و آله» بفتح الهاء و سكون الدال بدون «الى» أي طريقة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سيرته.

 (2). التهيئة: الزينة و التنظف في اللباس و الجسد.

 (3). «الشيب يزيد في كل يوم» اما تكذيب للمشهور، أو إشارة الى أنّه لا يمكن التحرز منه، أو الى أنّه لا ينبغي الاعتناء به و ترك أمر مستحب لاجله.

 (4). الكتم- بالفتح و التحريك-: نبات يخضب به الشعر و يصنع منه مداد للكتابة.

122
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

282- وَ قَالَ ع- فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏ وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قَالَ مِنْهُ الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ «1» وَ إِنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ صَفَّرَ لِحْيَتَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا أَحْسَنَ هَذَا ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا وَ قَدْ أَقْنَى بِالْحِنَّاءِ «2» فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَالَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ ذَاكَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَ قَدْ خَضَبَ بِالسَّوَادِ فَضَحِكَ إِلَيْهِ فَقَالَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ ذَاكَ وَ ذَاكَ‏ «3».

283- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَطِّلَ نَفْسَهَا وَ لَوْ أَنْ تُعَلِّقَ فِي عُنُقِهَا قِلَادَةً وَ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَدَعَ يَدَهَا مِنَ الْخِضَابِ وَ لَوْ أَنْ تَمْسَحَهَا بِالْحِنَّاءِ مَسْحاً وَ إِنْ كَانَتْ مُسِنَّةً.

284- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ إِنَّ الْأَظَافِيرَ إِذَا أَصَابَتْهَا النُّورَةُ غَيَّرَتْهَا حَتَّى أَنَّهَا تُشْبِهُ أَظَافِيرَ الْمَوْتَى فَلَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِهَا.

وَ قَدْ خَضَبَ الْأَئِمَّةُ ع بِالْوَسِمَةِ وَ الْخِضَابُ بِالصُّفْرَةِ خِضَابُ الْإِيمَانِ وَ الْإِقْنَاءُ «4» خِضَابُ الْإِسْلَامِ وَ بِالسَّوَادِ إِسْلَامٌ وَ إِيمَانٌ وَ نُورٌ.

285- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَلِيٍّ ع‏ يَا عَلِيُّ دِرْهَمٌ فِي الْخِضَابِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي غَيْرِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فِيهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ خَصْلَةً يَطْرُدُ الرِّيحَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ وَ يَجْلُو الْبَصَرَ وَ يُلَيِّنُ الْخَيَاشِيمَ وَ يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَ يَشُدُّ اللِّثَةَ وَ يَذْهَبُ بِالضَّنَى‏ «5» وَ يُقِلُّ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ وَ تَفْرَحُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ يَسْتَبْشِرُ بِهِ الْمُؤْمِنُ-

______________________________

 (1). يمكن تخصيصه بالجندى لان الكفّار يظنونهم شابا.

 (2). أي جعلها قانيا أي شديدة الحمرة.

 (3). تبسمه و ضحكه صلّى اللّه عليه و آله اما باعتبار أنّه فعل ما فعل لتحسينه إيّاه و اما لإتيانه بالسنة و اهتمامه بها فتبسمه و ضحكه للايماء الى أنّه يسر برغبتهم الى الطاعات و ميلهم إليها.

 (4). ينافى ما مر تحت رقم 282 و يقتضى أن يكون الصفرة خضاب الإسلام و الاقناء خضاب الايمان.

 (5). الضنى: المرض و الهزال و الضعف و سوء الحال، و في الكافي ج 6 ص 482 «و يذهب بالغشيان» و في بعض نسخه «يذهب بالغثيان».

123
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

وَ يَغِيظُ بِهِ الْكَافِرَ وَ هُوَ زِينَةٌ وَ طِيبٌ وَ يَسْتَحِي مِنْهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِيرٌ وَ هُوَ بَرَاءَةٌ لَهُ فِي قَبْرِهِ‏ «1».

286- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنِّي لَأَحْلِقُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ- فِيمَا بَيْنَ الطَّلْيَةِ إِلَى الطَّلْيَةِ «2».

287- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِرَجُلٍ‏ احْلِقْ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي جَمَالِكَ.

288- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ حَلْقُ الرَّأْسِ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَ لَا عُمْرَةٍ مُثْلَةٌ لِأَعْدَائِكُمْ وَ جَمَالٌ لَكُمْ.

وَ مَعْنَى هَذَا

فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ص‏ حِينَ وَصَفَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ إِنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ وَ عَلَامَتُهُمُ التَّسْبِيدُ «3».

وَ هُوَ الْحَلْقُ وَ تَرْكُ التَّدَهُّنِ‏ «4».

289- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- أَخْذُ الشَّعْرِ مِنَ الْأَنْفِ يُحَسِّنُ الْوَجْهَ.

290- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ- أَمَانٌ مِنَ الْبَرَصِ وَ الْجُنُونِ.

291- وَ قَالَ ع- غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ يَنْفِي الْفَقْرَ وَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ.

292- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ ع- غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ نُشْرَةٌ «5».

______________________________

 (1). كذا و الظاهر أن المعدود لا يطابق العدد. و رواه المصنّف في الخصال أيضا هكذا و يمكن أن يعد الزينة و الطيب اثنين و يؤيده ما في الكافي ج 6 ص 482 ففيه «و هو زينة، و هو طيب».

 (2). الظاهر أن المحذوف في «لا حلق» هو العانة. أو الرأس و هكذا في الآتي.

 (3). التسبيد: حلق الرأس. سبد الشعر أي حلقه. و في النهاية في حديث الخوارج «التسبيد فيهم فاش» هو الحلق و استيصال الشعر و قيل هو ترك التدهن و غسل الرأس. و في حديث آخر «سيماهم التحليق و التسبيد». و في أكثر النسخ «التسبيت» و في المحكى عن المغرب السبت القطع و منه سبت رأسه: حلقه.

 (4). يعني الحلق بدون التدهن كالمثلة و هو التسبيد أو التسبيت الذي علامة الاعداء.

 (5). النشرة- بالضم-: رقية يعالج بها المجنون و المريض. (القاموس).

124
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

293- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ يَذْهَبُ بِالدَّرَنِ وَ يُنَقِّي الْأَقْذَاءَ «1».

294- وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص اغْتَمَّ فَأَمَرَهُ جَبْرَئِيلُ ع- أَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ بِالسِّدْرِ وَ كَانَ ذَلِكَ سِدْراً مِنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى.

295- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- غَسْلُ الرَّأْسِ بِالسِّدْرِ يَجْلِبُ الرِّزْقَ جَلْباً.

296- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- اغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ بِوَرَقِ السِّدْرِ فَإِنَّهُ قَدَّسَهُ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ كُلُّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ وَ مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بِوَرَقِ السِّدْرِ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ سَبْعِينَ يَوْماً وَ مَنْ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ سَبْعِينَ يَوْماً لَمْ يَعْصِ اللَّهَ وَ مَنْ لَمْ يَعْصِ اللَّهَ دَخَلَ الْجَنَّةَ.

وَ مَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحَمَّامِ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا فَلَا بَأْسَ.

297- وَ خَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع- مِنَ الْحَمَّامِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ طَابَ اسْتِحْمَامُكَ فَقَالَ لَهُ يَا لُكَعُ وَ مَا تَصْنَعُ بِالاسْتِ هَاهُنَا «2» فَقَالَ طَابَ حَمَّامُكَ قَالَ إِذَا طَابَ الْحَمَّامُ فَمَا رَاحَةُ الْبَدَنِ مِنْهُ فَقَالَ طَابَ حَمِيمُكَ فَقَالَ وَيْحَكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَمِيمَ الْعَرَقُ قَالَ لَهُ كَيْفَ أَقُولُ قَالَ قُلْ طَابَ مَا طَهُرَ مِنْكَ وَ طَهُرَ مَا طَابَ مِنْكَ‏ «3».

298- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ وَ قَدْ خَرَجْتَ مِنَ الْحَمَّامِ طَابَ حَمَّامُكَ فَقُلْ أَنْعَمَ اللَّهُ بَالَكَ‏ «4».

______________________________

 (1). الاقذاء جمع قذى مقصورا و هو ما يقع في العين.

 (2). اللكع عند العرب العبد ثمّ استعمل في الحمق و الذم و قد يطلق على الصغير. و قوله «و ما تصنع بالاست» أي لا مناسبة لحروف الطلب هاهنا بعد الخروج من الحمام مع استهجان لفظ الاست بمعناه الآخر.

 (3). لعل المراد بالطهارة النظافة، و بالطيبة: النزاهة من الذنوب.

 (4). أي سر اللّه قلبك.

125
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

299- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الدَّاءُ ثَلَاثَةٌ وَ الدَّوَاءُ ثَلَاثَةٌ فَأَمَّا الدَّاءُ فَالدَّمُ وَ الْمِرَّةُ وَ الْبَلْغَمُ فَدَوَاءُ الدَّمِ الْحِجَامَةُ وَ دَوَاءُ الْبَلْغَمِ الْحَمَّامُ وَ دَوَاءُ الْمِرَّةِ الْمَشِيُ‏ «1».

300- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ ثَلَاثَةٌ يَهْدِمْنَ الْبَدَنَ وَ رُبَّمَا قَتَلْنَ أَكْلُ الْقَدِيدِ الْغَابِّ وَ دُخُولُ الْحَمَّامِ عَلَى الْبِطْنَةِ «2» وَ نِكَاحُ الْعَجُوزِ.

- وَ رُوِيَ‏ الْغِشْيَانُ عَلَى الِامْتِلَاءِ «3».

تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَ أَخْذُ الشَّارِبِ وَ الْمَشْطُ «4»

301- وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُؤْمِنُ مِنَ الْجُذَامِ وَ الْجُنُونِ وَ الْبَرَصِ وَ الْعَمَى فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ فَحُكَّهَا حَكّاً.

302- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ فَأَمِرَّ عَلَيْهَا السِّكِّينَ أَوِ الْمِقْرَاضَ.

303- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحِيمِ الْقَصِيرُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ- مَنْ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَ شَارِبِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ وَ قَالَ حِينَ يَأْخُذُهُ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمْ تَسْقُطْ مِنْهُ قُلَامَةٌ وَ لَا جُزَازَةٌ «5» إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِهَا عِتْقَ نَسَمَةٍ «6» وَ لَمْ يَمْرَضْ إِلَّا مَرَضَهُ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ.

______________________________

 (1). المرة- بكسر الميم- احدى الطبائع الاربع. و الظاهر أن المراد بالمرة هنا السوداء و ان كان غالب اطلاقه على الصفراء لان هيجان السوداء أضر و أحوج الى المشى.

قال في بحر الجواهر: «قال الآملي: المرة في اللغة القوّة و الشدة اطلقت على الصفراء لانها أقوى الاخلاط، و على السوداء أيضا لأنّها أشدها لاقتضائها الاستمساك و الثبات و الصلابة».

و المشى- بفتح الميم و كسر الشين و الياء المشددة-: الدواء المسهل لانه يحمل شاربه على المشى و التردد الى الخلاء يقال: شربت مشيا و مشوا. (النهاية).

 (2). القديد: اللحم اليابس، و غب اللحم و أغب فهو غاب- بشد الباء في الكل- اذا أنتن (النهاية) و البطنة: الامتلاء من الطعام.

 (3). الغشيان كناية عن الجماع أي الإتيان.

 (4). العنوان منا أضفناه للتسهيل.

 (5). القلامة- بضم القاف- ما سقط من الظفر، و الجزازة ما سقط من الشارب.

 (6). النسمة- محركة-: الإنسان و المملوك ذكرا كان أو انثى. (القاموس).

126
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

304- وَ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ مَنْ يُقَلِّمْ أَظَافِيرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- يَبْدَأْ بِخِنْصِرِهِ مِنَ الْيَدِ الْيُسْرَى وَ يَخْتِمْ بِخِنْصِرِهِ مِنَ الْيَدِ الْيُمْنَى.

305- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَخْذُ الشَّارِبِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ- أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ.

306- وَ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ «1» لِلصَّادِقِ ع‏ مَا ثَوَابُ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ وَ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ قَالَ لَا يَزَالُ مُطَهَّراً إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى.

307- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا يُطَوِّلَنَّ أَحَدُكُمْ شَارِبَهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَّخِذُهُ مِجَنّاً يَسْتَتِرُ بِهِ‏ «2».

308- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- لَمْ تَشْعَثْ أَنَامِلُهُ‏ «3».

309- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ تَرَكَ وَاحِداً لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ نَفَى اللَّهُ عَنْهُ الْفَقْرَ.

310- وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ لِلصَّادِقِ ع- جُعِلْتُ فِدَاكَ يُقَالُ مَا اسْتُنْزِلَ الرِّزْقُ بِشَيْ‏ءٍ مِثْلِ التَّعْقِيبِ فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَالَ أَجَلْ وَ لَكِنْ أُخْبِرُكَ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ أَخْذِ الشَّارِبِ وَ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

وَ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْخَمِيسِ يَدْفَعُ الرَّمَدَ.

311- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَنْ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ كُلَّ يَوْمِ خَمِيسٍ- لَمْ يَرْمَدْ وَلَدُهُ‏ «4».

______________________________

 (1). في الكافي عن الحسين، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

 «ما ثواب .. الحديث».

 (2). في بعض النسخ «مخبأ يستتر به» و قد تقدم معناهما.

 (3). الشعث هو الانتشار و التفرق حول الاظفار، و في بعض النسخ «لم تسعف» و في الصحاح السعف أيضا: التشعث حول الاظفار، و التشعث: التفرق.

 (4). كذا و لعله تصحيف و في الكافي بإسناده عن أبي جعفر (ع) قال: «من أدمن أخذ أظفاره في كل خميس لم ترمد عينه».

127
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

312- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ السَّبْتِ وَ يَوْمَ الْخَمِيسِ- وَ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ عُوفِيَ مِنْ وَجَعِ الضِّرْسِ وَ وَجَعِ الْعَيْنِ.

313- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ بَكْرٍ- لِلصَّادِقِ ع‏ إِنَّ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ إِنَّمَا أَخْذُ الشَّارِبِ وَ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ خُذْهَا إِنْ شِئْتَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ إِنْ شِئْتَ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ.

314- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ قُصَّهَا إِذَا طَالَتْ.

315- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لِلرِّجَالِ قُصُّوا أَظَافِيرَكُمْ وَ لِلنِّسَاءِ اتْرُكْنَ مِنْ أَظْفَارِكُنَّ فَإِنَّهُ أَزْيَنُ لَكُنَّ.

316- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- يَدْفِنُ الرَّجُلُ أَظَافِيرَهُ وَ شَعْرَهُ إِذَا أَخَذَ مِنْهَا وَ هِيَ سُنَّةٌ «1».

317- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ دَفْنَ الشَّعْرِ وَ الظُّفُرِ وَ الدَّمِ.

318- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ مِنْ ذَلِكَ التَّمَشُّطُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ «2».

319- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَشْطُ الرَّأْسِ يَذْهَبُ بِالْوَبَاءِ وَ مَشْطُ اللِّحْيَةِ يَشُدُّ الْأَضْرَاسَ.

320- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- إِذَا سَرَّحْتَ لِحْيَتَكَ وَ رَأْسَكَ فَأَمِرَّ الْمُشْطَ عَلَى صَدْرِكَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْهَمِّ وَ الْوَنَا «3».

321- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ سَرَّحَ لِحْيَتَهُ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ عَدَّهَا مَرَّةً مَرَّةً لَمْ يَقْرَبْهُ الشَّيْطَانُ أَرْبَعِينَ يَوْماً.

وَ لَا بَأْسَ بِأَمْشَاطِ الْعَاجِ وَ الْمَكَاحِلِ وَ الْمَدَاهِنِ‏ «4».

______________________________

 (1). تأنيث الضمير باعتبار الخبر أو باعتبار تعدّد المدفون.

 (2). حمله بعضهم على استحباب المشط بعد كل صلاة و الظاهر أن المراد أخذ الزينة للدخول في الصلاة قبلها. (مراد).

 (3). في بعض النسخ «الوباء».

 (4). في الكافي ج 6 ص 489 بإسناده عن القاسم بن الوليد قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع)-

128
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

322- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- تَمَشَّطُوا بِالْعَاجِ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْوَبَاءِ.

323- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْمَشْطُ «1» يَذْهَبُ بِالْوَبَاءِ.

وَ هُوَ الْحُمَّى‏

وَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِ‏ يَذْهَبُ بِالْوَنَا.

وَ هُوَ الضَّعْفُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لا تَنِيا فِي ذِكْرِي‏ أَيْ لَا تَضْعُفَا.

324- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ ثَلَاثٌ مَنْ عَرَفَهُنَّ لَمْ يَدَعْهُنَّ جَزُّ الشَّعْرِ وَ تَشْمِيرُ الثَّوْبِ وَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ.

325- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ‏ اسْتَأْصِلْ شَعْرَكَ يَقِلُّ دَرَنُهُ وَ دَوَابُّهُ وَ وَسَخُهُ‏ «2» وَ تَغْلُظُ رَقَبَتُكَ وَ يَجْلُو بَصَرَكَ وَ يَسْتَرِيحُ بَدَنُكَ.

326- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنِ اتَّخَذَ شَعْراً فَلْيُحْسِنْ وِلَايَتَهُ أَوْ لِيَجُزَّهُ.

327- وَ قَالَ ع‏ الشَّعْرُ الْحَسَنُ مِنْ كِسْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَكْرِمُوهُ.

328- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنِ اتَّخَذَ شَعْراً فَلَمْ يَفْرُقْهُ فَرَقَهُ اللَّهُ بِمِنْشَارٍ مِنْ نَارٍ «3».

وَ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَفْرَةً لَمْ يَبْلُغِ الْفَرْقَ‏ «4».

______________________________

- عن عظام الفيل مداهنها و أمشاطها قال: لا بأس بها» و الظاهر أنّه أراد بعدم البأس الاستحباب كما قاله الفاضل التفرشى أي يستحب اتخاذ الامشاط من العاج و اتخاذ المكاحل و المداهن. و في الصحاح: المكحلة- بضم الميم- التي فيها الكحل و هو أحد ما جاء على الضم من الادوات و فيه المدهن- بضم الميم و الهاء كقنفذ-: قارورة الدهن و هو أحد ما جاء على مفعل ممّا يستعمل من الادوات، و الجمع مداهن- بفتح الميم و كسر الهاء-

 (1). زاد في الكافي «للرأس».

 (2). الاستيصال القلع و كأنّ المراد هنا الحلق بحيث لا يبقى منه شي‏ء و ضمير الغائب في درنه و أمثاله راجع الى الشعر باعتبار محله. و في بعض النسخ «و دأبه» أي تعب تحمله و في القاموس دأب في عمله- كمنع- جد و تعب.

 (3). تقدم مع بيانه. و قال المولى مراد التفرشى: ظاهره يدلّ على الوجوب بل كون تركه من الكبائر و يمكن حمله على ترك الفرق تهاونا بسنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

 (4). يعني كان شعره صلّى اللّه عليه و آله يبلغ الى شحمة الاذن و لم يكن طويلا حتّى يمكن فرقه. و يفهم من الاخبار أنه (ص) لم يطل شعر رأسه قط و لا غيره من الأنبياء و انما وقع-

129
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

329- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ حُفُّوا الشَّوَارِبَ وَ أَعْفُوا اللِّحَى وَ لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ.

330- وَ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى رَجُلٍ طَوِيلِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ مَا كَانَ هَذَا لَوْ هَيَّأَ مِنْ لِحْيَتِهِ‏ «1» فَبَلَغَ الرَّجُلَ ذَلِكَ فَهَيَّأَ مِنْ لِحْيَتِهِ بَيْنَ اللِّحْيَتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ص فَلَمَّا رَآهُ قَالَ هَكَذَا فَافْعَلُوا.

331- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ الْمَجُوسَ جَزُّوا لِحَاهُمْ وَ وَفَّرُوا شَوَارِبَهُمْ وَ إِنَّا نَجُزُّ الشَّوَارِبَ وَ نُعْفِي اللِّحَى وَ هِيَ الْفِطْرَةُ.

332- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَا زَادَ مِنَ اللِّحْيَةِ عَنْ قَبْضَةٍ فَهُوَ فِي النَّارِ.

333- وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ ع- وَ الْحَجَّامُ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ فَقَالَ دَوِّرْهَا.

334- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ تَقْبِضُ بِيَدِكَ عَلَى لِحْيَتِكَ وَ تَجُزُّ مَا فَضَلَ.

335- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الشَّيْبُ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ يُمْنٌ وَ فِي الْعَارِضَيْنِ سَخَاءٌ وَ فِي الذَّوَائِبِ شَجَاعَةٌ وَ فِي الْقَفَا شُؤْمٌ.

336- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- أَوَّلُ مَنْ شَابَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ ع وَ إِنَّهُ ثَنَى لِحْيَتَهُ فَرَأَى طَاقَةً بَيْضَاءَ فَقَالَ يَا جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا فَقَالَ هَذَا وَقَارٌ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ اللَّهُمَّ زِدْنِي وَقَاراً.

337- وَ قَالَ ع‏ مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

338- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الشَّيْبُ نُورٌ فَلَا تَنْتِفُوهُ.

______________________________

- منه مرة حين صد في الحديبية أمسك شعره ليحلقه في الحجّ. (م ت)

أقول: فى الكافي ج 6 ص 485 بإسناده عن أيوب بن هارون عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قلت له: أ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يفرق شعره؟ قال: لا ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا طال شعره كان الى شحمة اذنه».

 (1). أي شي‏ء يقع على هذا الرجل لو أصلح لحيته، و هو ترغيب في الإصلاح، بين اللحيتين أى طويلها و قصيرها. (مراد).

130
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

339- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع- لَا يَرَى بِجَزِّ الشَّيْبِ بَأْساً وَ يَكْرَهُ نَتْفَهُ.

فَالنَّهْيُ عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ نَهْيُ كَرَاهِيَةٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّ.

340- الصَّادِقَ ع يَقُولُ- لَا بَأْسَ بِجَزِّ الشَّمَطِ «1» وَ نَتْفِهِ وَ جَزُّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَتْفِهِ.

فَأَخْبَارُهُمْ ع لَا تَخْتَلِفُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ مَخْرَجَهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ إِنَّمَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ.

341- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَرْبَعٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ ع التَّطَيُّبُ وَ التَّنْظِيفُ بِالْمُوسَى وَ حَلْقُ الْجَسَدِ بِالنُّورَةِ وَ كَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ.

342- وَ قَالَ ع‏ قَلِّمُوا أَظْفَارَكُمْ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ- وَ اسْتَحِمُّوا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ- وَ أَصِيبُوا مِنَ الْحِجَامَةِ حَاجَتَكُمْ يَوْمَ الْخَمِيسِ- وَ تَطَيَّبُوا بِأَطْيَبِ طِيبِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ‏

343- قَالَ الصَّادِقُ ع- إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ- وَ هُوَ فِي النَّزْعِ فَقَالَ لَهُ قُلْ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ وَ- رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ‏ وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ فَقَالَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ «2».

وَ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ هِيَ كَلِمَاتُ الْفَرْجِ.

344- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- إِنَّكُمْ تُلَقِّنُونَ مَوْتَاكُمْ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ

______________________________

 (1). مروى في الكافي مسندا و الشمط- بالتحريك-: بياض شعر الرأس يخالطه سواد.

 (2). في بعض النسخ «استنقذه من النار» كما في الكافي.

131
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

الْمَوْتِ وَ نَحْنُ نُلَقِّنُ مَوْتَانَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ‏ «1».

345- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ.

346- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- أَعْقَلُ‏ «2» مَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ عِنْدَ مَوْتِهِ.

347- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- اعْتُقِلَ لِسَانُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ- عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ امْرَأَةٌ فَقَالَ لَهَا هَلْ لِهَذَا الرَّجُلِ أُمٌّ فَقَالَتْ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أُمُّهُ فَقَالَ لَهَا أَ فَرَاضِيَةٌ أَنْتِ عَنْهُ أَمْ لَا فَقَالَتْ لَا بَلْ سَاخِطَةٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَرْضَيْ عَنْهُ فَقَالَتْ قَدْ رَضِيتُ عَنْهُ لِرِضَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- فَقَالَ لَهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ قُلْ يَا مَنْ يَقْبَلُ الْيَسِيرَ وَ يَعْفُو عَنِ الْكَثِيرِ اقْبَلْ مِنِّي الْيَسِيرَ وَ اعْفُ عَنِّي الْكَثِيرَ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَفُوُّ الْغَفُورُ فَقَالَهَا فَقَالَ لَهُ مَا ذَا تَرَى فَقَالَ أَرَى أَسْوَدَيْنِ قَدْ دَخَلَا عَلَيَّ قَالَ أَعِدْهَا فَأَعَادَهَا فَقَالَ مَا ذَا تَرَى فَقَالَ قَدْ تَبَاعَدَا عَنِّي وَ دَخَلَ أَبْيَضَانِ وَ خَرَجَ الْأَسْوَدَانِ فَمَا أَرَاهُمَا وَ دَنَا الْأَبْيَضَانِ مِنِّي الْآنَ يَأْخُذَانِ بِنَفْسِي فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ.

348- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ تَوْجِيهِ الْمَيِّتِ فَقَالَ اسْتَقْبِلْ بِبَاطِنِ قَدَمَيْهِ الْقِبْلَةَ «3».

______________________________

 (1). أي من عندكم من العامّة يكتفون في التلقين بالشهادة بالتوحيد و نحن نضم إليها الشهادة بالرسالة أو نكتفى بذلك لتضمنها شهادة التوحيد أيضا. (مرآة العقول).

 (2). أي أشدّ اعتقالا للسان أو منعا و حبسا له، و الحاصل أن المؤمن وقت موته لخوفه من مقام ربّه أعجز كلاما من كل وقت فينبغي للملقن أن لا يلح بالتلقين و لكن يتلطف فربما لا ينطلق لسان المريض فيشق عليه ذلك و يؤدى الى استثقاله التلقين و كراهيته للكلمة، أعاذنا اللّه من سوء الخاتمة. و في بعض النسخ «أغفل».

 (3). ظاهر هذا الخبر التوجيه بعد الموت و حمله الاكثر على حال الاحتضار و على هذا اريد بالميت المشرف على الموت و هو الظاهرة من الخبر الآتي.

132
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

349- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هُوَ فِي السُّوقِ‏ «1» وَ قَدْ وُجِّهَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ وَجِّهُوهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى يُقْبَضَ.

350- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَا مِنْ أَحَدٍ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ إِلَّا وَكَّلَ بِهِ إِبْلِيسُ مِنْ شَيَاطِينِهِ مَنْ يَأْمُرُهُ بِالْكُفْرِ وَ يُشَكِّكُهُ فِي دِينِهِ حَتَّى يَخْرُجَ نَفْسُهُ فَإِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَلَقِّنُوهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى يَمُوتُوا.

351- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ السَّنَةَ لَكَثِيرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّهْرَ لَكَثِيرٌ وَ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِجُمْعَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْجُمْعَةَ لَكَثِيرَةٌ وَ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ يَوْماً لَكَثِيرٌ وَ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَكَثِيرَةٌ وَ مَنْ تَابَ وَ قَدْ بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏ «2».

352- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ‏ قَالَ ذَاكَ إِذَا عَايَنَ أَمْرَ الْآخِرَةِ.

353- وَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لَهُ حَشَمٌ وَ جِمَالٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى‏ لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ

______________________________

 (1). السوق- بالفتح-: النزع.

 (2). المراد أنّه يتوب اللّه عليه في الآخرة و الأحاديث الدالة على عدم قبول توبة الناس المراد عدم قبولها في الدنيا عند حاكم الشرع فان التوبة لا يقبل عنده الا بعد الاستبراء و أقله أربعون يوما فارتفع التدافع. (م ح ق).

133
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

الدُّنْيا فَهِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ فَيُبَشَّرُ بِهَا فِي دُنْيَاهُ وَ أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهَا بِشَارَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ يُبَشَّرُ بِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ وَ لِمَنْ يَحْمِلُكَ إِلَى قَبْرِكَ.

354- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- قِيلَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ ع- كَيْفَ تَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ وَ بَعْضُهَا فِي الْمَغْرِبِ وَ بَعْضُهَا فِي الْمَشْرِقِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ أَدْعُوهَا فَتُجِيبُنِي قَالَ فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ ع- إِنَّ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيَّ كَالْقَصْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ يَتَنَاوَلُ مِنْهَا مَا شَاءَ وَ الدُّنْيَا عِنْدِي كَالدِّرْهَمِ فِي كَفِّ أَحَدِكُمْ يُقَلِّبُهُ كَيْفَ يَشَاءُ.

355- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَا يَخْرُجُ مُؤْمِنٌ عَنِ الدُّنْيَا إِلَّا بِرِضاً مِنْهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَكْشِفُ لَهُ الْغِطَاءَ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى مَكَانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِيهَا وَ تُنْصَبُ لَهُ الدُّنْيَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ لَهُ ثُمَّ يُخَيَّرُ فَيَخْتَارُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَقُولُ مَا أَصْنَعُ بِالدُّنْيَا وَ بَلَائِهَا فَلَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ كَلِمَاتِ الْفَرَجِ.

356- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- لَوْ أَدْرَكْتُ عِكْرِمَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ لَنَفَعْتُهُ فَقِيلَ لِلصَّادِقِ ع بِمَا ذَا كَانَ يَنْفَعُهُ قَالَ كَانَ يُلَقِّنُهُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ‏ «1».

357- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ مَوْتَ الْفَجْأَةِ تَخْفِيفٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَ رَاحَةٌ وَ أَخْذَةُ أَسَفٍ عَلَى الْكَافِرِ «2».

358- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْمَوْتُ كَفَّارَةُ ذَنْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

359- وَ قَالَ ع‏ إِنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ أَلْفَ عَقَبَةٍ أَهْوَنُهَا وَ أَيْسَرُهَا الْمَوْتُ.

360- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي الرَّجُلَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا عِنْدَ مَوْتِهِ-

______________________________

 (1). عكرمة مولى ابن عبّاس كان على طريقتنا و لا من أصحابنا و قيل يرى رأى الخوارج.

 (2). قوله «تخفيف على المؤمن» حيث خلص من سكرات الموت و من وساوس الشيطان و بذلك لا يسقط من منزلته شي‏ء بخلاف الكافر فان شدائد الموت بالنسبة إليه أسهل ممّا عليه بعده. (مراد). و قوله «أخذة أسف» أي أخذة غضب أو غضبان يقال: أسف يأسف أسفا فهو آسف اذا غضب. (النهاية).

134
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ لِيُضِلَّهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَيَأْبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى- يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ

361- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي الْمَيِّتِ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ إِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَيَرَى مَا يَسُرُّهُ ثُمَّ قَالَ أَ مَا تَرَى الرَّجُلَ يَرَى مَا يَسُرُّهُ وَ مَا يُحِبُّ فَتَدْمَعُ عَيْنَاهُ وَ يَضْحَكُ.

362- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- إِذَا رَأَيْتَ الْمُؤْمِنَ قَدْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ وَ سَالَتْ عَيْنُهُ الْيُسْرَى وَ رَشَحَ جَبِينُهُ وَ تَقَلَّصَتْ شَفَتَاهُ وَ انْتَشَرَ مَنْخِرَاهُ‏ «1» فَأَيَّ ذَلِكَ رَأَيْتَ فَحَسْبُكَ بِهِ‏ «2».

363- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- إِنَّ آيَةَ الْمُؤْمِنِ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَنْ يَبْيَضَّ وَجْهُهُ أَشَدَّ مِنْ بَيَاضِ لَوْنِهِ وَ يَرْشَحَ جَبِينُهُ وَ يَسِيلَ مِنْ عَيْنَيْهِ كَهَيْئَةِ الدُّمُوعِ فَيَكُونُ ذَلِكَ آيَةَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَ إِنَّ الْكَافِرَ تَخْرُجُ رُوحُهُ سَلًّا مِنْ شِدْقِهِ كَزَبَدِ الْبَعِيرِ كَمَا تَخْرُجُ نَفْسُ الْحِمَارِ «3».

364- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ آخِرَ طَعْمٍ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ عِنْدَ مَوْتِهِ طَعْمُ الْعِنَبِ.

365- وَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ كَيْفَ يَتَوَفَّى مَلَكُ الْمَوْتِ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَيَقِفُ مِنَ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ مَوْتِهِ مَوْقِفَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ مِنَ الْمَوْلَى فَيَقُومُ وَ أَصْحَابُهُ لَا يَدْنُونَ مِنْهُ حَتَّى يَبْدَأَهُ بِالتَّسْلِيمِ وَ يُبَشِّرَهُ بِالْجَنَّةِ.

366- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَثَّقَهُ مَلَكُ‏

______________________________

 (1). قلص و تقلص بمعنى انضم و انزوى، يقال: قلصت شفته أي انزوت و تقبضت.

و الانتشار: الانبساط، و المنخر: الانف. و في بعض النسخ «و انتثر منخراه» و لعله تصحيف و في الكافي «و انتشرت منخراه».

 (2). أي حسبك بذلك دلالة على حسن حاله أو دلالة لإيمانه أو لموته.

 (3). الشدق: جانب الفم، و في الكافي «تخرج نفسه سلّا من شدقه كزبد البعير أو كما تخرج نفس البعير».

135
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

الْمَوْتِ‏ «1» فَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ يَسْتَقِرَّ.

وَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ إِلَّا مُثِّلَ لَهُ النَّبِيُّ ص وَ الْحُجَجُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ حَتَّى يَرَاهُمْ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِناً يَرَاهُمْ بِحَيْثُ يُحِبُّ وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْمِنٍ يَرَاهُمْ بِحَيْثُ يَكْرَهُ وَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ‏ «2»

367- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّهُ إِذَا بَلَغَتِ النَّفْسُ الْحُلْقُومَ أُرِيَ مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ رُدُّونِي إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى أُخْبِرَ أَهْلِي بِمَا أَرَى فَيُقَالُ لَهُ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ.

368- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ‏ وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ‏ وَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ‏ وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَوْ تَرى‏ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ وَ قَدْ يَمُوتُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَكَيْفَ هَذَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ- لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَاناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَقْبِضُونَ الْأَرْوَاحَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لَهُ أَعْوَانٌ مِنَ الْإِنْسِ يَبْعَثُهُمْ فِي حَوَائِجِهِ فَتَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ يَتَوَفَّاهُمْ- مَلَكُ الْمَوْتِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَ مَا يَقْبِضُ هُوَ وَ يَتَوَفَّاهَا

______________________________

 (1). أي يثبته و يحفظه عن الاضطراب بالبشارة بما أعد اللّه له أو بإراءته الجنة، أو وثقه بمشاهدته كما ترى أنّه إذا رأى الشخص أسدا كانه يوثق و لا يمكنه الحركة (م ت) و قال الفاضل التفرشى: «لعل المراد أن ملك الموت يبشره بمآله فيأمن. و أمّا جعله من الوثاق بمعنى الحبس بقرينة لم يستقر فغير مناسب بالنسبة الى المؤمن و يمكن أن يراد أن ملك الموت يدفع عنه كيد الشيطان كما يجيى‏ء عن قريب.

 (2). بقية الآية «فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» و «لو لا» للتخصيص و المخصص قوله‏ «تَرْجِعُونَها» بعد ذلك و هي بما في حيزه دليل جواب الشرط في قوله تعالى فيما بعد «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» و المعنى انه ان كنتم صادقين في كونكم غير مملوكين مغلوبين فلولا ترجعون الأرواح الى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم. (سلطان).

136
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ‏ «1».

369- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ وَلِيَّ عَلِيٍّ ع- يَرَاهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ حَيْثُ يَسُرُّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ عِنْدَ الصِّرَاطِ وَ عِنْدَ الْحَوْضِ.

وَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَدْفَعُ الشَّيْطَانَ عَنِ الْمُحَافِظِ عَلَى الصَّلَاةِ وَ يُلَقِّنُهُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَظِيمَةِ.

370- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ وَ وُلْدُهُ وَ عَمَلُهُ فَيَلْتَفِتُ إِلَى مَالِهِ وَ يَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ عَلَيْكَ لَحَرِيصاً شَحِيحاً فَمَا ذَا عِنْدَكَ‏ «2» فَيَقُولُ خُذْ مِنِّي كَفَنَكَ فَيَلْتَفِتُ إِلَى وُلْدِهِ فَيَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ لَكُمْ مُحِبّاً وَ إِنِّي كُنْتُ عَلَيْكُمْ لَمُحَامِياً فَمَا ذَا عِنْدَكُمْ فَيَقُولُونَ نُؤَدِّيكَ إِلَى حُفْرَتِكَ وَ نُوَارِيكَ فِيهَا فَيَلْتَفِتُ إِلَى عَمَلِهِ فَيَقُولُ وَ اللَّهِ إِنَّكَ كُنْتَ عَلَيَّ لَثَقِيلًا وَ إِنِّي كُنْتُ فِيكَ لَزَاهِداً فَمَا ذَا عِنْدَكَ فَيَقُولُ أَنَا قَرِينُكَ فِي قَبْرِكَ وَ يَوْمِ حَشْرِكَ حَتَّى أُعْرَضَ أَنَا وَ أَنْتَ عَلَى رَبِّكَ‏ «3».

______________________________

 (1). الضمير المنصوب يرجع الى ما يتوفّاه ملك الموت من الملائكة مع ما يتوفاه بنفسه فاسناد التوفى إلى اللّه عزّ و جلّ باعتبار رجوعه إليه بالأخرة، و الى ملك الموت باعتبار أنه يتوفى ما توفته الملائكة منهم و يتوفى بنفسه أيضا، و الى الملائكة المعبر بالرسل أيضا كما عبر عنهم بالملائكة باعتبار صدور التوفى منهم ابتداء بالنسبة الى بعض النفوس، و في بعض النسخ «يتوفاهم اللّه عزّ و جلّ» و في بعضها «يتوفاها اللّه عزّ و جلّ» و المآل واحد. (مراد) و حاصل السؤال اشكالان أحدهما التدافع في ظاهر كلام اللّه تعالى حيث اسند تارة قبض كل الانفس إليه تعالى و تارة الى ملك الموت و تارة الى الملائكة و تارة الى الرسل، و الثاني أنّه على تقدير تسليم أن المراد من الجميع واحد فكيف يتصور ذلك مع أنّه يموت في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصى؟ فأجاب عليه السلام بان استناد القبض الى جماعة بلا واسطة و الى بعض بالواسطة فيندفع الاشكالان فتدبر حقّ التدبر. (سلطان).

 (2). الشحيح: البخيل جدا.

 (3). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 231 بزيادة بعد ذلك في نحو 24 سطرا.

137
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

371- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ رَفَعَ اللَّهُ‏ «1» عَنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ.

372- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ مَاتَ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَمِنَ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ.

373- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏- لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ لَيْلَةٌ غَرَّاءُ وَ يَوْمُهَا يَوْمٌ أَزْهَرُ وَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يَوْمٌ تَغْرُبُ فِيهِ الشَّمْسُ أَكْثَرَ مُعْتَقاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أُعْتِقَ مِنَ النَّارِ.

374- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَا مِنْ مَيِّتٍ يَحْضُرُهُ الْوَفَاةُ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ مِنْ بَصَرِهِ وَ سَمْعِهِ وَ عَقْلِهِ‏ «2» آخِذاً لِلْوَصِيَّةِ أَوْ تَارِكاً وَ هِيَ الرَّاحَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا رَاحَةُ الْمَوْتِ.

وَ إِذَا حَرَّكَ الْإِنْسَانُ فِي حَالَةِ النَّزْعِ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ رَأْسَهُ فَلَا يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ جُهَّالُ النَّاسِ فَإِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ نَزْعُ رُوحِهِ حُوِّلَ إِلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ أَوْ عَلَيْهِ‏ «3» وَ لَا يُمَسَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ «4» فَإِذَا قَضَى نَحْبَهُ فَيَجِبُ‏ «5» أَنْ يُقَالَ‏ إِنَّا لِلَّهِ‏ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏.

375- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ لِأَيِّ عِلَّةٍ يُغْسَلُ الْمَيِّتُ قَالَ تَخْرُجُ مِنْهُ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا تَخْرُجُ مِنْ عَيْنَيْهِ أَوْ مِنْ فِيهِ وَ مَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَرَى مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مِنَ النَّارِ.

376- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ مَاتَ مُحْرِماً بَعَثَهُ اللَّهُ مُلَبِّياً.

______________________________

 (1). في بعض النسخ «دفع اللّه».

 (2). حتى يوصى بوفاء الديون و العبادات و غيرها ممّا يريد.

 (3). كما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 125 عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «إذا عسر على الميت موته و نزعه قرب الى مصلاه الذي كان يصلّي فيه».

 (4). أي حالة الاشتداد بل يترك بحاله. (مراد).

 (5). أي لا ينبغي تركه.

138
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

377- وَ قَالَ ع- مَنْ مَاتَ فِي أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ‏ «1» أَمِنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

378- وَ قَالَ ع- الْمَرْأَةُ إِذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا لَمْ يَنْشُرْ لَهَا دِيوَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «2».

379- وَ قَالَ ع‏ مَوْتُ الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ.

380- وَ قَالَ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ‏ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ‏ فَقَالَ مِنْ قَدَمٍ إِلَى قَدَمٍ‏ «3».

381- وَ قَالَ ع- إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَتْ عَلَيْهِ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا وَ الْبَابُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ وَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ.

382- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ‏ «4» فَقَدْ أَسَاءَ صُحْبَةَ الْمَوْتِ.

383- وَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى خَدِيجَةَ وَ هِيَ لِمَا بِهَا «5» فَقَالَ لَهُ بِالرَّغْمِ مِنَّا مَا نَرَى بِكِ يَا خَدِيجَةُ «6» فَإِذَا قَدِمْتِ عَلَى ضَرَائِرِكِ فَأَقْرِئِيهِنَّ السَّلَامَ فَقَالَتْ مَنْ هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَ كُلْثُمُ أُخْتُ مُوسَى وَ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ-

______________________________

 (1). يعني مسجد الحرام و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

 (2). كناية عن أنّها لا تحاسب لما طهرت بالمخاض أو بالنفاس عن الذنوب، كما ورد في بعض الأحاديث.

 (3). أي لا يعلم أ يكون موته في القدم الأولى أو الثانية أو ما بينهما.

 (4). أي من عمره.

 (5). أي في الحالة التي بها من النزع.

 (6). قوله «بالرغم منا» خبر قدّم على المبتدأ و هو «ما نرى بك» لافادة القصر أي ما نرى بك من المرض متلبسا بالرغم و خلاف المطلوب و هو خروجك ليس الا ذلك. و في القاموس الرغم الكره و يثلث كالمرغمة، رغمه- كعلمه و منعه-: كرهه، و يمكن أن يراد بالرغم خروجها من بينهم. و في الصحاح: المراغمة: المغاضبة، يقال: راغم فلان قومه إذا نابذهم و خرج عنهم. (مراد).

139
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

قَالَتْ بِالرِّفَاءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏ «1».

384- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ ضَمِنْتُ لِسِتَّةٍ الْجَنَّةَ رَجُلٌ خَرَجَ بِصَدَقَةٍ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ- وَ رَجُلٌ خَرَجَ يَعُودُ مَرِيضاً فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ- وَ رَجُلٌ خَرَجَ مُجَاهِداً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ- وَ رَجُلٌ خَرَجَ حَاجّاً فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ رَجُلٌ خَرَجَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ- وَ رَجُلٌ خَرَجَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ «2».

385- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ كَرَامَةُ الْمَيِّتِ تَعْجِيلُهُ‏ «3».

386- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا أُلْفِيَنَ‏ «4» مِنْكُمْ رَجُلًا مَاتَ لَهُ مَيِّتٌ لَيْلًا فَانْتَظَرَ بِهِ الصُّبْحَ وَ لَا رَجُلًا مَاتَ لَهُ مَيِّتٌ نَهَاراً فَانْتَظَرَ بِهِ اللَّيْلَ لَا تَنْتَظِرُوا بِمَوْتَاكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَ لَا غُرُوبَهَا عَجِّلُوا بِهِمْ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ فَقَالَ النَّاسُ وَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ.

387- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ كَانَ فِيمَا نَاجَى بِهِ- مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ع رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ قَالَ يَا رَبِّ مَا بَلَغَ مِنْ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ مِنَ الْأَجْرِ قَالَ أُوَكِّلُ بِهِ مَلَكاً يَعُودُهُ فِي قَبْرِهِ إِلَى مَحْشَرِهِ قَالَ يَا رَبِّ فَمَا لِمَنْ غَسَلَ الْمَوْتَى قَالَ أَغْسِلُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ-

______________________________

 (1). في النهاية في الحديث «نهى أن يقال للمتزوج بالرفاء و البنين» الرفاء: الالتيام و الاتفاق و البركة و النماء، و هو من قولهم رفأت الثوب- اه» أي يكون التزويج مباركا مقرونا بالالفة و الالتيام فانها كلمة يقال في الجاهلية في التهنئة للمتزوج. فكما قال النبيّ لها: «على ضرائرك» استعارة، قالت في الجواب: بالرفاء متناسبا.

 (2). هذه الطوائف الستة داخلة في قوله تعالى‏ «وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ»

 (3). أي تعظيمه و إكرامه بتعجيل أمور دفنه و تجهيزه و منها اعلام المؤمنين بموته كما في الكافي باب أن الميت يؤذن به الناس.

 (4). بالفاء بمعنى الوجدان، و في بعض النسخ بالقاف و على كل منهما يحمل على الاخبار و الانشاء.

140
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ‏ «1».

388- وَ قَالَ ع- مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً مُؤْمِناً فَأَدَّى فِيهِ الْأَمَانَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ قِيلَ وَ كَيْفَ يُؤَدِّي فِيهِ الْأَمَانَةَ قَالَ لَا يُخْبِرُ بِمَا يَرَاهُ وَ حَدُّهُ‏ «2» إِلَى أَنْ يُدْفَنَ الْمَيِّتُ.

389- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ غَسَّلَ مُؤْمِناً فَقَالَ إِذَا قَلَّبَهُ- اللَّهُمَّ هَذَا بَدَنُ عَبْدِكَ الْمُؤْمِنِ وَ قَدْ أَخْرَجْتَ رُوحَهُ مِنْهُ وَ فَرَّقْتَ بَيْنَهُمَا فَعَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ‏ «3»- إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَ سَنَةٍ إِلَّا الْكَبَائِرَ.

390- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَغْسِلُ مَيِّتاً مُؤْمِناً وَ يَقُولُ وَ هُوَ يَغْسِلُهُ رَبِّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ إِلَّا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ‏ «4».

391- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- يَغْسِلُ الْمَيِّتَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ أَوْ مَنْ يَأْمُرُهُ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ‏ «5».

392- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً فَسَتَرَ وَ كَتَمَ خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ‏ «6».

393- وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع‏ كَمْ‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «كما ولدته أمه».

 (2). الخبر مرويّ في الكافي و التهذيب الى قوله «بما يراه» فيمكن أن يكون قوله «وحده- الخ» من كلام الصدوق- رحمه اللّه- و معنى الجملة أن حدّ الاخفاء أوحد الرؤية كان الى أن يدفن. و قد قرء بالتخفيف و جعل الواو جزء الكلمة بمعنى أنّه لا يخبر أحدا بما يرى هو وحده دون غيره من خروج الفضلات و العيوب المستورة فمعنى «الى أن يدفن» ظاهر لا غبار عليه.

 (3). أي أطلب عفوك له.

 (4). ظاهره العامل و يحتمل الميت و الأعمّ تجوزا.

 (5). روى صدره الشيخ في التهذيب ج 1 ص 122 بسند فيه جهالة و عليه عمل الاصحاب.

 (6). المناسب تقديم هذا الخبر على سابقيه.

141
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

حَدُّ الْمَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ الْمَيِّتُ كَمَا رَوَوْا أَنَّ الْجُنُبَ يَغْتَسِلُ بِسِتَّةِ أَرْطَالٍ مِنْ مَاءٍ «1» وَ الْحَائِضَ بِتِسْعَةِ أَرْطَالٍ‏ «2» فَهَلْ لِلْمَيِّتِ حَدٌّ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يُغْسَلْ بِهِ فَوَقَّعَ ع حَدُّ غُسْلِ الْمَيِّتِ يُغْسَلُ حَتَّى يَطْهُرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَ هَذَا التَّوْقِيعُ فِي جُمْلَةِ تَوْقِيعَاتِهِ عِنْدِي بِخَطِّهِ ع فِي صَحِيفَةٍ.

394- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ لَا يُسْخَنُ الْمَاءُ لِلْمَيِّتِ.

395- وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شِتَاءً بَارِداً فَتُوَقِّيَ الْمَيِّتَ مِمَّا تُوَقِّي مِنْهُ نَفْسَكَ.

396- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا تَدَعَنَّ مَيِّتَكَ وَحْدَهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَعْبَثُ بِهِ فِي جَوْفِهِ‏ «3».

397- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الْمَيِّتِ يُغْسَلُ فِي الْفَضَاءِ فَقَالَ لَا بَأْسَ وَ إِنْ سُتِرَ بِسِتْرٍ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ.

398- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ أَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى امْرَأَتِهِ حِينَ تَمُوتُ أَوْ يَغْسِلُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَنْ يَغْسِلُهَا وَ الْمَرْأَةِ هَلْ تَنْظُرُ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ زَوْجِهَا حِينَ يَمُوتُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَرْأَةِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَنْظُرَ زَوْجُهَا إِلَى شَيْ‏ءٍ يَكْرَهُونَهُ مِنْهَا «4».

399- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ فَاطِمَةَ ع مَنْ غَسَلَهَا فَقَالَ غَسَلَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لِأَنَّهَا كَانَتْ صِدِّيقَةً لَمْ يَكُنْ لِيَغْسِلَهَا إِلَّا صِدِّيقٌ.

______________________________

 (1). يحتمل أن يكون المراد بستة أرطال بالمدنى حتّى يكون تسعة بالعراقى و يوافق الصاع فلا ينافى ما سبق من أن الغسل بصاع. (سلطان).

 (2). لعله مستند عليّ بن بابويه- رحمه اللّه- في غسل الحائض في ص 91.

 (3). لعل المراد بعبث الشيطان ارسال الحيوانات و الديدان الى جوفه. (المرآة).

 (4). يجب المساواة في الذكورية و الانوثية في الغسل الا للزوجين و اختلف الاصحاب في جوازه لهما فذهب جماعة الى الجواز مطلقا تمسكا بأمثال هذا الخبر، و اعتبر بعضهم كونه من وراء الثياب، و حملوا الاخبار المخالفة على الكراهة.

142
من لا يحضره الفقيه1

باب المس ص : 143

بَابُ الْمَسِ‏

وَ مَنْ مَسَّ قِطْعَةً مِنْ جَسَدِ «1» أَكِيلِ السَّبُعِ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ إِنْ كَانَ فِيمَا مَسَّ عَظْمٌ وَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَظْمٌ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ فِي مَسِّهِ وَ مَنْ مَسَّ مَيْتَةً «2» فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ إِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي الْإِنْسَانِ وَحْدَهُ وَ مَنْ مَسَّ مَيِّتاً قَبْلَ الْغُسْلِ بِحَرَارَتِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَ إِنْ مَسَّهُ بَعْدَ مَا يَبْرُدُ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَ مَنْ مَسَّهُ بَعْدَ مَا يُغْسَلُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ.

400- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ مَسُّ الْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَ بَعْدَ غُسْلِهِ وَ الْقُبْلَةُ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ‏ «3».

وَ مَنْ أَصَابَ ثَوْبُهُ جَسَدَ الْمَيِّتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ مَا أَصَابَ الثَّوْبُ مِنْهُ‏ «4» وَ غَاسِلُ الْمَيِّتِ يَبْدَأُ بِكَفَنِهِ فَيَقْطَعُهُ يَبْدَأُ بِالنَّمَطِ «5» فَيَبْسُطُهُ وَ يَبْسُطُ عَلَيْهِ الْحِبَرَةَ وَ يَنْثُرُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الذَّرِيرَةِ «6» وَ يَبْسُطُ الْإِزَارَ عَلَى الْحِبَرَةِ وَ يَنْثُرُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الذَّرِيرَةِ وَ يَبْسُطُ الْقَمِيصَ عَلَى الْإِزَارِ وَ يَنْثُرُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الذَّرِيرَةِ وَ يَأْخُذُ جَرِيدَتَيْنِ مِنَ النَّخْلِ خَضْرَاوَيْنِ رَطْبَتَيْنِ طُولُ كُلِّ وَاحِدَةٍ قَدْرُ عَظْمِ الذِّرَاعِ وَ إِنْ كَانَتْ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَلَا بَأْسَ أَوْ شِبْرٍ فَلَا بَأْسَ وَ يَكْتُبُ عَلَى إِزَارِهِ وَ قَمِيصِهِ وَ حِبَرِهِ وَ الْجَرِيدَتَيْنِ فُلَانٌ‏

______________________________

 (2). أي غير الإنسان و غسل اليد محمول على الملاقاة رطبا، و قيل بالوجوب تعبدا.

 (3). هكذا في كثير من النسخ و في التهذيب أيضا و في بعض النسخ «بعد موته و عند غسله» فيمكن أن يكون المراد نفى الحرمة أو الكراهة لا نفى وجوب الغسل.

 (4). رواه الكليني في الحسن كالصحيح و حمل على الملاقات رطبا أو على الاستحباب و قال بعضهم: لو احتاط بغسل الثوب في الملاقاة يابسا لكان أحسن.

 (5). النمط: ما يفرش من مفارش الصوف، و المراد هنا ما يفرش تحت الكفن.

 (6). الذريرة- بفتح المعجمة-: فتاة قصب الطيب و هو قصب يجاء به من الهند أو من ناحية نهاوند، و المراد هنا الطيب المسحوق كما في المعتبر و التذكرة.

143
من لا يحضره الفقيه1

وضع الجريدتين ص : 144

يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ يَلُفُّهَا جَمِيعاً «1».

وَضْعُ الْجَرِيدَتَيْنِ‏ «2»

401- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ عِلَّةِ الْجَرِيدَةِ فَقَالَ إِنَّهُ يَتَجَافَى عَنْهُ الْعَذَابُ مَا دَامَتْ رَطْبَةً.

402- وَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى قَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ فَدَعَا بِجَرِيدَةٍ فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ فَجَعَلَ وَاحِدَةً عِنْدَ رَأْسِهِ وَ الْأُخْرَى عِنْدَ رِجْلَيْهِ.

وَ رُوِيَ‏ أَنَّ صَاحِبَ الْقَبْرِ كَانَ قَيْسَ بْنَ فَهْدٍ الْأَنْصَارِيَّ.

- وَ رُوِيَ‏ قَيْسَ بْنَ قُمَيْرٍ وَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ لِمَ وَضَعْتَهُمَا فَقَالَ إِنَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ مَا كَانَتَا خَضْرَاوَيْنِ‏ «3».

403- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الْجَرِيدَةِ تُوضَعُ فِي الْقَبْرِ فَقَالَ لَا بَأْسَ‏ «4».

يَعْنِي إِنْ لَمْ تُوجَدْ إِلَّا بَعْدَ حَمْلِ الْمَيِّتِ إِلَى قَبْرِهِ أَوْ يَحْضُرُهُ مَنْ يَتَّقِيهِ فَلَا يُمْكِنُهُ وَضْعُهُمَا عَلَى مَا رُوِيَ فَيَجْعَلُهُمَا مَعَهُ حَيْثُ أَمْكَنَ.

404- وَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ‏ «5» إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع- الرَّجُلُ يَمُوتُ فِي بِلَادٍ لَيْسَ فِيهَا نَخْلٌ فَهَلْ يَجُوزُ مَكَانَ الْجَرِيدَةِ شَيْ‏ءٌ مِنَ الشَّجَرِ غَيْرِ النَّخْلِ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ آبَائِكُمْ ع- أَنَّهُ يَتَجَافَى عَنْهُ الْعَذَابُ مَا دَامَتِ الْجَرِيدَتَانِ رَطْبَتَيْنِ وَ أَنَّهَا

______________________________

 (1). قال بعض الشراح: الموجود عندنا من الاخبار أن الصادق عليه السلام كتب في حاشية كفن ابنه إسماعيل «إسماعيل يشهد أن لا إله إلّا اللّه» و يمكن اطلاق الكفن على الثلاثة لكن الجريدة التي ذكرها الصدوق- رحمه اللّه- و تبعه الاصحاب و كتابة شهادة الرسالة و الإمامة لم نطلع على مستندهما و لعله يكون لهم مستند و روى الكفعميّ كتابة الجوشن الكبير و السيّد بن طاوس كتابة الصغير على الكفن.

 (2). العنوان منا أضفناه للتسهيل.

 (3). روى النسائى نحوه في السنن ج 4 ص 106 باب وضع الجريدة على القبر.

 (4). قال الفاضل التفرشى: يستفاد منه أنّه إذا نسى جعل الجريدة مع الميت جعل بعد الدفن في قبره كيف ما كانت.

 (5). طريقه الى عليّ بن بلال حسن كما في (صه) لانّ فيه إبراهيم بن هاشم.

144
من لا يحضره الفقيه1

وضع الجريدتين ص : 144

تَنْفَعُ الْمُؤْمِنَ وَ الْكَافِرَ فَأَجَابَ ع يَجُوزُ مِنْ شَجَرٍ آخَرَ رَطْبٍ.

وَ مَتَى حَضَرَ غُسْلَ الْمَيِّتِ قَوْمٌ مُخَالِفُونَ وَجَبَ أَنْ يَقَعَ الِاجْتِهَادُ فِي أَنْ يُغَسَّلَ غُسْلَ الْمُؤْمِنِ وَ تُخْفَى الْجَرِيدَةُ عَنْهُمْ‏ «1».

405- وَ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ- يَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ التَّخْضِيرِ فَقَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ هَلَكَ فَأُوذِنَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِمَوْتِهِ فَقَالَ لِمَنْ يَلِيهِ مِنْ قَرَابَتِهِ خَضِّرُوا صَاحِبَكُمْ مَا أَقَلَّ الْمُخَضَّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ‏ «2» وَ مَا التَّخْضِيرُ فَقَالَ جَرِيدَةٌ خَضْرَاءُ «3» تُوضَعُ مِنْ أَصْلِ الْيَدَيْنِ إِلَى أَصْلِ التَّرْقُوَةِ «4».

406- وَ سَأَلَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ «5»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْجَرِيدَةِ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الْمَيِّتِ فَقَالَ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنَ وَ الْكَافِرَ «6».

407- وَ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَ رَأَيْتَ الْمَيِّتَ إِذَا مَاتَ لِمَ تُجْعَلُ مَعَهُ الْجَرِيدَةُ فَقَالَ يَتَجَافَى عَنْهُ الْعَذَابُ وَ الْحِسَابُ مَا دَامَ الْعُودُ رَطْباً إِنَّمَا الْحِسَابُ وَ الْعَذَابُ كُلُّهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْرَ مَا يُدْخَلُ الْقَبْرَ وَ يَرْجِعُ الْقَوْمُ‏ «7» وَ إِنَّمَا

______________________________

 (1). قال السيّد المرتضى- رحمه اللّه- في الانتصار: «مما انفردت به الإماميّة استحبابهم أن يدرج مع الميت في أكفانه جريدتان خضراوان رطبتان من جرائد النخل طول كل واحد عظم الذراع. و خالف باقى الفقهاء في ذلك و لم يعرفوه. دليلنا على ذلك الإجماع المتقدم ثمّ قال: و قد روى من طرق معروفة أن سفيان الثوري ثمّ ذكر الخبر الآتي تحت رقم 405.

 (2). كذا. و في الانتصار «قالوا».

 (3). جنس لا ينافى الكثرة و القرينة «توضع من أصل اليدين».

 (4). الترقوة: العظم الذي في أعلى الصدر بين ثغرة النحر و العاتق.

 (5). طريقه الى الحسن بن زياد فيه عليّ بن الحسين السعدآبادي و هو غير مصرح بالتوثيق و فيه أيضا أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه. (صه).

 (6). انتفاع الكافر بها بتخفيف العذاب في القبر لا ينافى قوله تعالى: «فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ» فانه عذاب جهنم.

 (7). الطريق صحيح و يدلّ على ان العذاب في القبر في ساعة واحدة و ينافى بظاهره ما تضمنه-

145
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

جُعِلَتِ السَّعَفَتَانِ‏ «1» لِذَلِكَ فَلَا يُصِيبُهُ عَذَابٌ وَ لَا حِسَابٌ بَعْدَ جُفُوفِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

التَّكْفِينُ وَ آدَابُهُ‏ «2»

408- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ تَنَوَّقُوا «3» فِي الْأَكْفَانِ فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ بِهَا «4».

409- وَ قَالَ ع- أَجِيدُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهَا زِينَتُهُمْ.

410- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ إِذَا كَفَّنْتَ الْمَيِّتَ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَكُونَ فِي كَفَنِهِ ثَوْبٌ كَانَ يُصَلِّي فِيهِ نَظِيفاً فَافْعَلْ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَفَّنَ فِيمَا كَانَ يُصَلِّي فِيهِ‏ «5».

______________________________

- كثير من الاخبار من اتصال نعيم القبر و عذابه الى يوم القيامة، اللّهمّ الا ان يجعل اتصال العذاب مختصا بالكافر كما تضمنه بعض الأخبار كذا ذكره شيخنا البهائى، و قيل: المراد أن عذاب الروح في بدنه الاصلى يوم يرجع إليه يكون في ساعة واحدة. هذا، و يمكن أن يكون المراد أن ابتداء جميع أنواع العذاب و أقسامه في الساعة الأولى فإذا لم يبتدئ فيها يرتفع العذاب رأسا (المرآة) أقول: لعل المراد ملازمة الحساب و العذاب و عدم انفكاكهما، لا الحد الزمانى للعذاب.

 (1). اريد بهما الجريدتان توسعا، و ذلك إشارة الى رفع العذاب رأسا حيث انهما ما- دامتا رطبتين لا يكون عذاب و بعد جفوفهما ينتهى زمان الحساب و العذاب. (مراد).

 (2). العنوان زيادة منا للتسهيل.

 (3). أي اطلبوا أحسنها و أجودها من قولهم تنوق في مطعمه و ملبسه أي تجود و بالغ. و في الكافي ج 3 ص 149 «تنوّقوا في الاكفان فانكم تبعثون بها».

 (4). قيل: ظاهره ينافى ما ورد «انهم يحشرون حفاة عراة» و ظاهر قوله تعالى‏ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» و يمكن أن يكون الحشر في الاكفان بالنسبة الى الناجى و هم الشيعة أو الى الصلحاء منهم أو يختلف بالنظر الى أحوالها بان يحشروا عراة أولا ثمّ يكسون. (م ت).

 (5). يمكن أن يقرأ على البناء للفاعل ليكون تأكيدا للاول و بيانا للاستحباب و هو الأظهر و أن يقرأ للبناء للمفعول فيكون مستحبا آخر أعم من أن يكون هو يصلى فيه أو غيره و ان كان إذا صلى فيه هو أفضل. (م ت).

146
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفَّنَ الْمَيِّتُ فِي كَتَّانٍ وَ لَا إِبْرِيسَمٍ وَ لَكِنْ فِي الْقُطْنِ‏ «1».

411- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْكَتَّانُ كَانَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يُكَفَّنُونَ بِهِ وَ الْقُطْنُ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص.

412- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ ع- عَنْ ثِيَابٍ تُعْمَلُ بِالْبَصْرَةِ عَلَى عَمَلِ الْعَصْبِ‏ «2» الْيَمَانِيِّ مِنْ قَزٍّ وَ قُطْنٍ هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهَا الْمَوْتَى فَقَالَ إِذَا كَانَ الْقُطْنُ أَكْثَرَ مِنَ الْقَزِّ فَلَا بَأْسَ.

413- وَ سُئِلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ شَيْئاً فَقَضَى بِبَعْضِهِ حَاجَتَهُ وَ بَقِيَ بَعْضُهُ فِي يَدِهِ هَلْ يَصْلُحُ بَيْعُهُ فَقَالَ يَبِيعُ مَا أَرَادَ وَ يَهَبُ مَا لَمْ يُرِدْهُ وَ يَسْتَنْفِعُ بِهِ وَ يَطْلُبُ بَرَكَتَهُ قِيلَ أَ يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ قَالَ لَا.

414- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ لِلْمَيِّتِ غَيْرَ مَكْفُوفٍ وَ لَا مُزَرَّرٍ «3».

415- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْقَمِيصُ أَ يُكَفَّنُ فِيهِ فَقَالَ اقْطَعْ أَزْرَارَهُ قُلْتُ وَ كُمَّهُ قَالَ لَا إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا قُطِعَ لَهُ وَ هُوَ جَدِيدٌ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ أَكْمَامٌ فَأَمَّا إِذَا كَانَ ثَوْباً لَبِيساً فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ إِلَّا الْأَزْرَارُ.

فَإِذَا فَرَغَ غَاسِلُ الْمَيِّتِ مِنْ أَمْرِ الْكَفَنِ وَضَعَ الْمَيِّتَ عَلَى الْمُغْتَسَلِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ-

______________________________

 (1). المشهور بين الاصحاب اشتراط كون الكفن من جنس ما يصلى فيه الرجال و كراهة الكتان و السواد، و استحباب القطن الابيض. (م ت).

 (2). العصب- بالمهملتين و اسكان ثانيها- ضرب من برود اليمن سمّي بذلك لأنّه يصنع من العصب و هو نبت باليمن (التذكرة) و في بعض النسخ «القصب» و هو ثياب ناعمة، و في النهاية:

العصب: برود يمنية يعصب غزلها أي يجمع و يشد ثمّ يصبغ و ينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ.

 (3). في القاموس كفة القميص- بالضم-: ما استدار حول الذيل أو كل ما استطال كحاشية الثوب و الرمل و حرف الشي‏ء لان الشي‏ء إذا انتهى الى ذلك كف عن الزيادة و من الثوب طرته العليا التي لا هدب فيها و حاشية كل شي‏ء. و المزرر في بعض النسخ «المزرور».

147
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

وَ نَزَعَ الْقَمِيصَ مِنْ فَوْقِهِ إِلَى سُرَّتِهِ وَ يَتْرُكُهُ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ غُسْلِهِ لِيَسْتُرَ بِهِ عَوْرَتَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَلْقَى عَلَى عَوْرَتِهِ مَا يَسْتُرُهَا بِهِ وَ يُلَيِّنُ أَصَابِعَهُ بِرِفْقٍ فَإِنْ تَصَعَّبَتْ عَلَيْهِ تَرَكَهَا وَ يَمْسَحُ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ مَسْحاً رَفِيقاً ثُمَّ يَبْدَأُ بِيَدَيْهِ فَيَغْسِلُهُمَا بِثَلَاثِ حُمَيْدِيَّاتٍ‏ «1» بِمَاءِ السِّدْرِ ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى خِرْقَةً يَجْعَلُ عَلَيْهَا شَيْئاً مِنَ الْحُرُضِ وَ هُوَ الْأُشْنَانُ وَ يُدْخِلُ يَدَهُ تَحْتَ الثَّوْبِ وَ يَصُبُّ عَلَيْهِ غَيْرُهُ الْمَاءَ مِنْ فَوْقُ إِلَى سُرَّتِهِ وَ يَغْسِلُ قُبُلَهُ وَ دُبُرَهُ وَ لَا يَقْطَعُ الْمَاءَ عَنْهُ ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَ لِحْيَتَهُ بِرَغْوَةِ السِّدْرِ وَ بَعْدَهُ بِثَلَاثِ حُمَيْدِيَّاتٍ وَ لَا يُقْعِدُهُ ثُمَّ يُقَلِّبُهُ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ لِيَبْدُوَ لَهُ الْأَيْمَنُ وَ يَمُدُّ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ إِلَى حَيْثُ بَلَغَتْ ثُمَّ يُغَسِّلُهُ بِثَلَاثِ حُمَيْدِيَّاتٍ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ‏ «2» وَ لَا يَقْطَعُ الْمَاءَ عَنْهُ ثُمَّ يُقَلِّبُهُ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ لِيَبْدُوَ لَهُ الْأَيْسَرُ وَ يَمُدُّ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ إِلَى حَيْثُ بَلَغَتْ ثُمَّ يُغَسِّلُهُ بِثَلَاثِ حُمَيْدِيَّاتٍ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ وَ لَا يَقْطَعُ الْمَاءَ عَنْهُ ثُمَّ يُقَلِّبُهُ عَنْ ظَهْرِهِ وَ يَمْسَحُ بَطْنَهُ مَسْحاً رَفِيقاً وَ يُغَسِّلُهُ مَرَّةً أُخْرَى بِمَاءٍ وَ شَيْ‏ءٍ مِنْ جُلَالِ الْكَافُورِ «3» مِثْلَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى ثُمَّ يُخَضْخِضُ الْأَوَانِيَ الَّتِي فِيهَا الْمَاءُ «4» وَ يُغَسِّلُهُ الثَّالِثَةَ بِمَاءٍ قَرَاحٍ‏ «5» وَ لَا يَمْسَحُ بَطْنَهُ ثَالِثَةً وَ يَقُولُ عِنْدَ غُسْلِهِ اللَّهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ فَإِنَّهُ مَنْ‏

______________________________

 (1). الحميديات: الاباريق الكبيرة في الغاية.

 (2). أي من رأسه الى قدمه بناء على أنّه لا ترتيب بين الرأس و البدن، و يحتمل أن يكون المراد بالقرن انتهاؤه و هو الرقبة، و في بعض النسخ «الى قدميه».

 (3). جلال الكافور: القليل منه و اليسير، و قيل كثيره بشرط أن لا يخرجه من الإطلاق.

 (4). الخضخضة: تحريك الماء و السويق و نحوه. و لعلّ المراد قلبها و اراقة مائها- ليصفو الماء المصبوب فيها للغسل الثالث. (مراد).

 (5). الترتيب في المياه واجب لظاهر خبر الكليني (المروى في الكافي ج 3 ص 139) و قال في الذكرى: «يلوح من كلام ابن حمزة استحباب الترتيب للاصل و حمل الروايات على الندب، قلنا ان المذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب». و القراح- بفتح القاف-:

الخالى عن الخليطين و هو الخالص.

148
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

فَعَلَ ذَلِكَ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَ الْكَافُورُ السَّائِغُ لِلْمَيِّتِ وَزْنُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَماً وَ ثُلُثٍ‏ «1» وَ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ.

416- أَنَّ جَبْرَئِيلَ ع أَتَى النَّبِيَّ ص بِأُوقِيَّةِ كَافُورٍ مِنَ الْجَنَّةِ- وَ الْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَماً فَجَعَلَهَا النَّبِيُّ ص ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ ثُلُثاً لَهُ وَ ثُلُثاً لِعَلِيٍّ ع وَ ثُلُثاً لِفَاطِمَةَ ع.

وَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَزْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَماً وَ ثُلُثٍ كَافُوراً حَنَّطَ الْمَيِّتَ بِوَزْنِ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَمِثْقَالٌ لَا أَقَلَّ مِنْهُ لِمَنْ وَجَدَهُ وَ حَنُوطُ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُجَمَّرَ «2» أَوْ يُتْبَعَ بِمِجْمَرَةٍ وَ لَكِنْ يُجَمَّرُ الْكَفَنُ‏ «3» وَ يُجْعَلُ الْكَافُورُ عَلَى بَصَرِهِ وَ أَنْفِهِ وَ فِي مَسَامِعِهِ وَ فِيهِ وَ يَدَيْهِ وَ رُكْبَتَيْهِ وَ مَفَاصِلِهِ كُلِّهَا وَ عَلَى أَثَرِ السُّجُودِ مِنْهُ‏ «4» فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ جُعِلَ عَلَى صَدْرِهِ‏

______________________________

 (1). و هل ذلك كله للحنوط أو بعضه للحنوط؟ قال عليّ بن بابويه بالأول فانه قال:

اذا فرغت من كفنه حنطه بوزن ثلاثة عشر درهما و ثلثا و به قال أبو الصلاح و هو قول المفيد كما نقل في المختلف.

 (2). الظاهر أن الاستثناء منقطع و يكره التجمير مطلقا و يحتمل أن يكون المراد كراهة تجمير الرجل فيكون الاستثناء متصلا (سلطان) و قال المجلسيّ (ره): المشهور أن تجمير الكفن مكروه سواء كان الميت رجلا أو امرأة.

 (3). المشهور كراهة تجمير الكفن ففى الكافي بإسناده «عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لا تجمروا الاكفان و لا تمسحوا موتاكم بالطيب الا بالكافور» و فيه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام «أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تتبع جنازة بمجمرة».

 (4). الظاهر أنّه لا خلاف في حنوط المساجد السبعة بل نقل عليه الإجماع و استدلّ عليه باخبار تشكل استفادة الوجوب منها لعدم دلالتها أو لاشتمالها على ما لا يلتزمون به أو لقصورها عن افادة الوجوب أو لضعف سندها و لو لا الإجماع المحصل و المنقول لكان استفادة الوجوب عن النصوص مشكلة. هذا في المواضع السبعة و أمّا الزائد عليها فمروى في أخبار يعارضها أخبار أخر بالنهى و ما عثرت على قول بوجوبه. نعم بعد القول بالوجوب في المساجد السبعة لا يبعد وجوب مسح الانف كما ذهب إليه المفيد و العلامة في المنتهى و هذا كله إذا لم يكن الميت محرما و الا فلا يقربه الكافور.

149
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

فَإِذَا فَرَغَ الْغَاسِلُ مِنَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ مِنَ الْمِرْفَقَيْنِ إِلَى الْأَصَابِعِ وَ أَلْقَى عَلَى الْمَيِّتِ ثَوْباً يُنْشَفُ بِهِ الْمَاءُ عَنْهُ‏ «1» وَ لَا يَجُوزُ «2» أَنْ يُدْخِلَ الْمَاءَ الَّذِي يَنْصَبُّ عَنِ الْمَيِّتِ مِنْ غُسْلِهِ فِي بِئْرِ كَنِيفٍ وَ لْيَكُنْ ذَلِكَ فِي بَلَالِيعَ أَوْ حَفِيرَةٍ «3» وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّمَ أَظَافِيرَهُ وَ لَا يَجُزَّ شَارِبَهُ وَ لَا شَيْئاً مِنْ شَعْرِهِ فَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ جُعِلَ مَعَهُ فِي أَكْفَانِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ الْغَاسِلُ يَبْدَأُ بِالْوُضُوءِ «4» ثُمَّ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَضَعُ الْمَيِّتَ فِي أَكْفَانِهِ وَ يَجْعَلُ الْجَرِيدَتَيْنِ مَعَهُ إِحْدَاهُمَا مِنْ عِنْدِ التَّرْقُوَةِ يُلْصِقُهَا بِجِلْدِهِ وَ يَمُدُّ عَلَيْهِ قَمِيصَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَ الْجَرِيدَةَ الْأُخْرَى عِنْدَ وَرِكِهِ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ «5» مَا بَيْنَ الْقَمِيصِ وَ الْإِزَارِ ثُمَّ يَلُفُّهُ فِي إِزَارِهِ وَ حِبَرِهِ وَ يَبْدَأُ بِالشِّقِّ الْأَيْسَرِ فَيَمُدُّهُ عَلَى الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَمُدُّ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَ إِنْ شَاءَ لَمْ يَجْعَلِ الْحِبَرَةَ مَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ قَبْرَهُ فَيُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَ يُعَمِّمُهُ وَ يُحَنِّكُهُ وَ لَا يُعَمِّمُهُ عِمَّةَ الْأَعْرَابِيِّ- «6»

______________________________

 (1). كما في الكافي ج 3 ص 142 في خبر يونس.

 (2). الظاهر أن مراده الكراهة و يحتمل الحرمة كما يظهر من خبر الكافي ج 3 ص 151 عن أبي محمّد عليه السلام في توقيعه الى الصفار جوابا لسؤاله.

 (3). البلاليع: جمع بالوعة و المشهور كراهة ارسال ماء الغسل في الكنيف الذي يجرى اليه البول و الغائط.

 (4). قد عد من الاغسال المندوبة الغسل لتكفين الميت و ذكره شيخنا الشهيد في الذكرى فلا يتوهمن انصراف الاغتسال للتكفين في كلام الصدوق- رحمه اللّه- الى غسل مس الميت الذي هو من الاغسال الواجبة على الأصحّ الأشهر. (م ح ق).

 (5). هذا مخالف للمشهور اذ المشهور في الأخرى في الايسر عند الترقوة الى ما بلغت من فوق القميص كما في رواية جميل بن دراج، و في المحكى عن الغنية «يجعل إحداهما مع جانب الميت الايمن، قائمة من ترقوته، ملصقة بجلده، و الأخرى من الجانب الايسر كذلك الا أنّها بين الدرع و الازار».

 (6). أي بلا حنك. و قالوا: الأولى كونه بمقدار يدار على رأس الميت و يجعل طرفاه تحت حنكه على الصدر، الايمن على الايسر و الايسر على الايمن من الصدر.

150
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

وَ يُلْقِي طَرَفَيِ الْعِمَامَةِ عَلَى صَدْرِهِ وَ قَبْلَ أَنْ يُلْبِسَهُ قَمِيصَهُ يَأْخُذُ شَيْئاً مِنَ الْقُطْنِ وَ يَنْثُرُ عَلَيْهِ ذَرِيرَةً وَ يَحْشُو بِهِ دُبُرَهُ وَ يَجْعَلُ مِنَ الْقُطْنِ شَيْئاً عَلَى قُبُلِهِ وَ يَضُمُّ رِجْلَيْهِ جَمِيعاً وَ يَشُدُّ فَخِذَيْهِ إِلَى وَرِكِهِ بِالْمِئْزَرِ شَدّاً جَيِّداً لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَكْفِينِهِ حَنَّطَهُ بِمَا ذَكَرْتُهُ مِنَ الْكَافُورِ «1» ثُمَّ يُجْعَلُ عَلَى سَرِيرِهِ وَ يُحْمَلُ إِلَى حُفْرَتِهِ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ارْفُقُوا بِهِ أَوْ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِ أَوْ يَضْرِبَ أَحَدٌ يَدَهُ عَلَى فَخِذَيْهِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ فَيَحْبَطَ أَجْرُهُ‏ «2» فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ بَعْدَ الْغُسْلِ فَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ لَكِنْ يُغْسَلُ مَا أَصَابَ الْكَفَنَ إِلَى أَنْ يُوضَعَ فِي اللَّحْدِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ فِي لَحْدِهِ لَمْ يُغْسَلْ كَفَنُهُ وَ لَكِنْ يُقْرَضُ مِنْ كَفَنِهِ مَا أَصَابَهُ الشَّيْ‏ءُ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ‏ «3» وَ يُمَدُّ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ.

______________________________

 (1). لعله أراد بالتكفين تهيئته و القاء الميت عليه قبل أن يلفه في ازاره و حبره اذ لا يعقل التحنيط بعد اللف. (مراد).

 (2). كما في رواية عبد اللّه بن الفضل الهاشمى عن الصادق عليه السلام قال: «ثلاثة لا أدرى أيهم أعظم جرما: الذي يمشى خلف جنازة في مصيبة غيره بلا رداء، أو الذي يضرب يده على فخذه عند المصيبة أو الذي يقول: ارفقوا به أو ترحموا عليه يرحمكم اللّه». و رواه الشيخ أيضا عنه عليه السلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. و ذلك لان الناس يضعون الرداء في مصيبة الغير ليراءون الحزن كذبا و يتقربون بذلك الى صاحب المصيبة فنهى عنه بقوله (ص) «ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره» و خص وضع الرداء بالمصاب فقط و قال:

 «ينبغي لصاحب الجنازة أن لا يلبس رداء و أن يكون في قميص حتّى يعرف». و أمّا قوله «ارفقوا به و ترحموا» هذا أيضا نهى عما فعلوه بالجنائز حيث كانوا يضعونه على شفير القبر و أخروا الدفن و ينادى عليه رجل «ارفقوا به و ترحّموا عليه» و السنّة في ذلك تعجيل الدفن و الدعاء للميت باللّهمّ اغفر له و اللّهمّ ارحمه و أمثال ذلك ممّا ورد. فالمراد بالرفق عدم الاستعجال في الدفن، و أمّا ضرب اليد على الفخذ فهو موجب لاحباط الاجر كما جاءت به الاخبار.

 (3). كما في الكافي ج 3 ص 156. و قال أكثر الاصحاب بوجوب الغسل ما لم يطرح في القبر و بوجوب القرض بعده و نقل عن الشيخ- رحمه اللّه- أنه أطلق قرض المحل.

151
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

417- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ كَفَّنَ مُؤْمِناً فَكَأَنَّمَا ضَمِنَ كِسْوَتَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ مَنْ حَفَرَ لِمُؤْمِنٍ قَبْراً فَكَأَنَّمَا بَوَّأَهُ بَيْتاً مُوَافِقاً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَ الْجُنُبُ إِذَا مَاتَ غُسِّلَ غُسْلًا وَاحِداً يُجْزِي عَنْهُ لِجَنَابَتِهِ وَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُمَا حُرْمَتَانِ اجْتَمَعَتَا فِي حُرْمَةٍ وَاحِدَةٍ «1».

418- وَ سَأَلَ أَبُو الْجَارُودِ- أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يُتَوَفَّى أَ تُقَلَّمُ أَظَافِيرُهُ وَ يُنْتَفُ إِبْطَاهُ وَ تُحْلَقُ عَانَتُهُ إِنْ طَالَتْ بِهِ مِنَ الْمَرَضِ‏ «2» فَقَالَ لَا.

وَ إِذَا أَسْقَطَتِ الْمَرْأَةُ وَ كَانَ السِّقْطُ تَامّاً غُسِّلَ وَ حُنِّطَ وَ كُفِّنَ وَ دُفِنَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ تَامّاً فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَ يُدْفَنُ بِدَمِهِ وَ حَدُّ تَمَامِهِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ الْكَفَنُ الْمَفْرُوضُ ثَلَاثَةٌ قَمِيصٌ وَ إِزَارٌ وَ لِفَافَةٌ سِوَى الْعِمَامَةِ وَ الْخِرْقَةِ فَلَا يُعَدَّانِ مِنَ الْكَفَنِ‏ «3» فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَزِيدَ زَادَ لِفَافَتَيْنِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَدَدُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ فَلَا بَأْسَ‏ «4».

419- وَ كُفِّنَ النَّبِيُّ ص فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ فِي بُرْدَتَيْنِ ظَفِرِيَّتَيْنِ‏ «5» مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ وَ ثَوْبِ كُرْسُفٍ وَ هُوَ ثَوْبُ قُطْنٍ.

420- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ حُنِّطَ بِمِثْقَالِ مِسْكٍ سِوَى الْكَافُورِ.

______________________________

 (1). كما في خبر زرارة المروى في التهذيب ج 1 ص 122 فما ورد بالغسل من الجنابة محمول على التقية أو الاستحباب. و قوله: «حرمتان» أي أمران لا يحل تركهما اجتمعا في امر واحد لا يحل تركه.

 (2). في بعض النسخ «و ان طال به المرض». و المشهور كراهة حلق رأسه و عانته و تسريح لحيته و قلم أظفاره، و حكم ابن حمزة بالتحريم و حمل كلامه على تأكد الكراهة.

 (3). المشهور أنهما لا يعدّان من الكفن الواجب بل هما مستحبان لأنّهما لا يسميان كفنا في النصوص. و من فائدة عدم عدهما كفنا أنّه لو سرقهما سارق لم يقطع لان القبر حرز الكفن لا غير. و كذا تظهر الفائدة في النذر.

 (4). كما في خبر زرارة في التهذيب ج 1 ص 83.

 (5). نسبة الى ظفر- بكسر الفاء-: حصن باليمن.

152
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

421- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ كَتَبَ أَبِي ع فِي وَصِيَّتِهِ أَنْ أُكَفِّنَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا بُرْدٌ لَهُ حِبَرَةٌ كَانَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ ثَوْبٌ آخَرُ وَ قَمِيصٌ‏ «1».

422- وَ سُئِلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَمُوتُ أَ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِغَيْرِ قَمِيصٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَ الْقَمِيصُ أَحَبُّ إِلَيَّ.

423- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْمَرْأَةِ إِذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا كَيْفَ تُغَسَّلُ قَالَ تُغَسَّلُ مِثْلَ مَا تُغَسَّلُ الطَّاهِرَةُ وَ كَذَلِكَ الْحَائِضُ وَ كَذَلِكَ الْجُنُبُ إِنَّمَا يُغَسَّلُ غُسْلًا وَاحِداً «2».

424- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ ع‏ هَلْ يُقَرَّبُ إِلَى الْمَيِّتِ الْمِسْكُ وَ الْبَخُورُ قَالَ نَعَمْ‏ «3».

425- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْمَرْأَةُ إِذَا مَاتَتْ نُفَسَاءَ وَ كَثُرَ دَمُهَا أُدْخِلَتْ إِلَى السُّرَّةِ فِي الْأَدَمِ‏ «4» أَوْ مِثْلِ الْأَدَمِ وَ تُنَظَّفُ ثُمَّ يُحْشَى الْقُبُلُ وَ الدُّبُرُ ثُمَّ تُكَفَّنُ بَعْدَ ذَلِكَ.

426- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الْمَرْأَةِ تَمُوتُ مَعَ رِجَالٍ لَيْسَ مَعَهُمْ ذُو مَحْرَمٍ هَلْ يُغَسِّلُونَهَا وَ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا فَقَالَ إِذاً يُدْخَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ لَكِنْ يَغْسِلُونَ كَفَّيْهَا «5».

______________________________

 (1). أي من دون أن يكون أحدها قميصا. (مراد).

 (2). الحائض و الجنب إذا ماتا غسلا كغيرهما من الأموات و قيل: عليه اجماع أهل العلم سوى الحسن البصرى.

 (3). ظاهره يعارض ما مر (ص 149) و يدلّ على أن أخبار النهى محمول على الكراهة، مع أنّها يمكن حملها على التقية. (م ت).

 (4). لعل ذلك لئلا يتعدى الدم الكفن، و الظاهر كونه بعد التنظيف و الغسل و الاحتشاء.

و الادم- بفتحتين- اسم جمع لاديم و هو الجلد المدبوغ.

 (5). قوله «إذا يدخل عليهم» ظاهره أن تغسيلها يصير منقصة عليهم حيث فعلوا ما لا-

153
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

427- وَ سَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ- عَنِ الرَّجُلِ يَمُوتُ فِي السَّفَرِ مَعَ النِّسَاءِ وَ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ كَيْفَ يَصْنَعْنَ بِهِ قَالَ يَلْفُفْنَهُ لَفّاً فِي ثِيَابِهِ وَ يَدْفِنَّهُ وَ لَا يُغَسِّلْنَهُ‏ «1».

428- وَ سَأَلَهُ الْحَلَبِيُّ- عَنِ الْمَرْأَةِ تَمُوتُ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَ لَا نِسَاءٌ قَالَ تُدْفَنُ كَمَا هِيَ بِثِيَابِهَا «2» وَ الرَّجُلُ يَمُوتُ وَ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا النِّسَاءُ لَيْسَ مَعَهُنَّ رِجَالٌ قَالَ يَدْفِنَّهُ كَمَا هُوَ بِثِيَابِهِ.

429- وَ سَأَلَهُ أَبُو النُّمَيْرِ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ- فَقَالَ: حَدِّثْنِي عَنِ الصَّبِيِّ إِلَى كَمْ تُغَسِّلُهُ النِّسَاءُ فَقَالَ إِلَى ثَلَاثِ سِنِينَ.

______________________________

- ينبغي فعله بالنسبة اليهم، اذ ذلك لا يخلو غالبا عن رؤية ما لا ينبغي رؤيته و مسّ ما لا ينبغي مسه. و الدخل- بالتحريك-: العيب و الريبة- و هي بالكسر- التهمة و الشكّ، و يمكن رجع الضمير الى الرجال و الميت جميعا من باب التغليب (مراد) و قال الشيخ البهائى في الحبل المتين: «يدخل» للبناء للمفعول أي يعاب، و الدخل- بالتحريك-: العيب، و الضمير في «عليهم» راجع الى أقارب المرأة لدلالة ذكر «عليهم». و تقرأ للبناء للفاعل و يجعل الإشارة الى التلذذ و ضمير «عليهم» الى الرجال الذين يغسلونها- انتهى. و أمّا غسل الكفين فليس ممنوعا شرعا لان الكف موضع لا تجب على المرأة سترها في حال الصلاة.

 (1). الطريق صحيح و قيل: حسن و في معناه أخبار صحيحة. و المشهور سقوط وجوب الغسل عند فقد المماثل لظاهر الاخبار و حكى عن الشيخ و الحلبيّ ايجاب التغسيل من وراء الثياب لروايات أخر منها رواية جابر عن أبي جعفر عليه السلام «فى رجل مات و معه نسوة ليس معهن رجل؟ قال: يصببن عليه الماء من خلف الثوب و يلففنه في أكفانه من تحت الستر و يصببن عليه صبا و يدخلنه في قبره، و المرأة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة؟ قال:

يصبون الماء من خلف الثوب و يلفّونها في أكفانها و يصلّون و يدفنون» التهذيب ج 1 ص 125.

و حمل على الاستحباب جمعا. و استبعده بعض أعلام المعاصرين.

 (2). هذا مختار الشيخ في المبسوط و الخلاف و النهاية، و قيل: جاز للاجانب تغسيل الاجنبية من فوق الثياب مع فقد المماثل و ذى الرحم و كذا العكس و هو ظاهر المفيد و قال أبو الصلاح و ابن زهرة مع تغميض العين. (سلطان).

154
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

وَ ذَكَرَ شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَامِعِهِ فِي الْجَارِيَةِ تَمُوتُ مَعَ الرِّجَالِ فِي السَّفَرِ قَالَ إِذَا كَانَتِ ابْنَةَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ أَوْ سِتٍّ دُفِنَتْ وَ لَمْ تُغَسَّلْ وَ إِذَا كَانَتِ ابْنَةَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ غُسِّلَتْ وَ ذَكَرَ عَنِ الْحَلَبِيِّ حَدِيثاً فِي مَعْنَاهُ عَنِ الصَّادِقِ ع.

430- وَ سَأَلَهُ مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ- عَنِ الرَّجُلِ يُسَافِرُ مَعَ امْرَأَتِهِ فَتَمُوتُ أَ يُغَسِّلُهَا قَالَ نَعَمْ وَ أُمَّهُ وَ أُخْتَهُ وَ نَحْوَهُمَا يُلْقِي عَلَى عَوْرَتِهَا خِرْقَةً وَ يُغَسِّلُهَا.

431- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا نِسَاءٌ فَقَالَ تُغَسِّلُهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَ تَصُبُّ النِّسَاءُ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَ لَا تَخْلَعُ ثَوْبَهُ وَ إِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ مَاتَتْ مَعَ رِجَالٍ وَ لَيْسَ مَعَهُمُ امْرَأَةٌ وَ لَا مَحْرَمٌ لَهَا فَلْتُدْفَنْ كَمَا هِيَ فِي ثِيَابِهَا وَ إِنْ كَانَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ لَهَا غَسَّلَهَا مِنْ فَوْقِ ثِيَابِهَا.

432- وَ سَأَلَهُ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ- عَنِ الصَّبِيَّةِ لَا تُصَابُ امْرَأَةٌ تُغَسِّلُهَا «1» قَالَ يُغَسِّلُهَا أَوْلَى النَّاسِ بِهَا مِنَ الرِّجَالِ.

433- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَمُوتُ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ وَ مَعَهُ رِجَالٌ نَصَارَى وَ عَمَّتُهُ وَ خَالَتُهُ مُسْلِمَتَانِ كَيْفَ يُصْنَعُ فِي غُسْلِهِ قَالَ تُغَسِّلُهُ عَمَّتُهُ وَ خَالَتُهُ فِي قَمِيصِهِ وَ لَا تَقْرَبُهُ النَّصَارَى وَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَمُوتُ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ وَ مَعَهَا نِسَاءٌ نَصَارَى وَ مَعَهَا عَمُّهَا وَ خَالُهَا مُسْلِمَانِ فَقَالَ يُغَسِّلَانِهَا وَ لَا تَقْرَبُهَا النَّصْرَانِيَّةُ غَيْرَ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهَا دِرْعٌ فَيُصَبُّ الْمَاءُ مِنْ فَوْقِ الدِّرْعِ.

434- وَ سَأَلَهُ‏ «2» عَنِ النَّصْرَانِيِّ يَكُونُ فِي السَّفَرِ وَ هُوَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ قَالَ لَا يُغَسِّلُهُ مُسْلِمٌ وَ لَا يَدْفِنُهُ وَ لَا كَرَامَةَ وَ لَا يَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ وَ إِنْ كَانَ أَبَاهُ‏ «3».

______________________________

 (1). «لا تصاب» على صيغة المجهول بمعنى ادراك الشي‏ء و وجدانه، اى لا توجد امرأة. (م ح ق).

 (2). روى الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 159 عن عمّار الساباطى عن الصادق عليه السلام هذه المسائل الثلاث كلها و غيرها ممّا يأتي في خبر واحد عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار.

 (3). أي لا يصلى عليه و لا يدعو له عند قبره و لا يزوره.

155
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

435- وَ سَأَلَهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ فِي السَّفَرِ مَعَ الرِّجَالِ لَيْسَ فِيهِمْ لَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَ لَا مَعَهُمُ امْرَأَةٌ فَتَمُوتُ الْمَرْأَةُ مَا يُصْنَعُ بِهَا قَالَ يُغْسَلُ مِنْهَا مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ التَّيَمُّمَ وَ لَا تُمَسُّ وَ لَا يُكْشَفُ لَهَا شَيْ‏ءٌ مِنْ مَحَاسِنِهَا الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِسَتْرِهَا «1» فَقَالَ لَهُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهَا قَالَ يُغْسَلُ بَاطِنُ كَفَّيْهَا ثُمَّ يُغْسَلُ وَجْهُهَا ثُمَّ يُغْسَلُ ظَهْرُ كَفَّيْهَا «2».

436- وَ سَأَلَهُ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ- عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَ لَيْسَ مَعَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ وَ لَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَ مَعَهُ رِجَالٌ نَصَارَى وَ نِسَاءٌ مُسْلِمَاتٌ لَيْسَ بَيْنَهُنَّ وَ بَيْنَهُ قَرَابَةٌ قَالَ يَغْتَسِلُ النَّصْرَانِيُ‏ «3» ثُمَّ يُغَسِّلُهُ فَقَدِ اضْطُرَّ «4».

437- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ تَمُوتُ وَ لَيْسَ مَعَهَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ وَ لَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهَا وَ مَعَهَا نَصْرَانِيَّةٌ وَ رِجَالٌ مُسْلِمُونَ فَقَالَ تَغْتَسِلُ النَّصْرَانِيَّةُ ثُمَّ تُغَسِّلُهَا.

وَ خَمْسَةٌ يُنْتَظَرُ بِهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرُوا «5» الْغَرِيقُ وَ الْمَصْعُوقُ-

______________________________

 (1). المحاسن المواضع الحسنة من البدن، الواحدة محسن- كمقعد- أو لا واحد له أو: جمع حسن- بضم الحاء و سكون السين- من غير قياس. (القاموس).

 (2). استدل بهذا الخبر على عدم وجوب ستر الوجه و الكفين و كذا عدم وجوب الغض عنها، و كذا قيل: لا منافاة بينه و بين آية الحجاب لان النساء قبل نزولها كن مكشوفات الاعناق و الصدور و الاكتاف فلما نزلت الآية أمرن بسترها الا الوجه و الكفين، و استدلوا لهذا أيضا بقوله تعالى: «إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها»

 (3). لعل المراد إزالة الاوساخ الظاهرة من الخمر و غيرها لعدم اجتنابهم عنها.

 (4). هذا مخالف للمشهور من نجاسة أهل الكتاب و لا ينفع اغتسالهم و من امتناع نية القربة في حقّهم و لهذا لم يعمل به بعضهم، و من قال بطهارتهم أو قال بعدم وجوب النية في غسل الميت كان أمره أسهل، و الظاهر الجواز و ان قلنا بنجاستهم و بوجوب النيّة للنص و حكم الصدوقين بصحته مع عمل معظم الاصحاب مع أنّه مضطرّ كما في الخبر. (م ت).

 (5). أي تغيرا لا يحتمل معه الحياة كتغير الريح و حدوث علامات الموت و نفخ البطن و أمثالها. (مراد).

156
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

وَ الْمَبْطُونُ وَ الْمَهْدُومُ وَ الْمُدَخَّنُ‏ «1» وَ الْمَجْدُورُ «2» إِذَا مَاتَ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبّاً «3» إِذَا خِيفَ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ جِلْدِهِ شَيْ‏ءٌ عِنْدَ الْمَسِّ وَ كَذَلِكَ الْكَسِيرُ وَ الْمُحْتَرِقُ وَ الَّذِي بِهِ الْقُرُوحُ.

438- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ فِي الْبَحْرِ غُسِّلَ وَ حُنِّطَ وَ كُفِّنَ ثُمَّ يُوثَقُ فِي رِجْلِهِ حَجَرٌ وَ يُرْمَى بِهِ فِي الْمَاءِ.

439- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي خَابِيَةٍ وَ يُوكَى رَأْسُهَا «4» وَ يُرْمَى بِهَا فِي الْمَاءِ.

هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى الشَّطِّ «5».

440- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ «6»- الْمَرْجُومُ وَ الْمَرْجُومَةُ يُغَسَّلَانِ وَ يُحَنَّطَانِ وَ يُلْبَسَانِ الْكَفَنَ‏ «7» قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْجَمَانِ وَ يُصَلَّى عَلَيْهِمَا وَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ‏

______________________________

 (1). كما في رواية إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق عليه السلام المروية في الكافي ج 3 ص 210 و التهذيب ج 1 ص 96 و المصعوق: من أصابته الصاعقة و الذي غشى عليه، و المدخن من مات بسبب الدخان.

 (2). المجدور من به الجدرى أي ما يقال بالفارسية (آبله).

 (3). أي لا يمس جسده و لا يدلك بل يكتفى بالصب لخوف تناثر جلده عند الدلك و في المنتهى: «و يصب الماء على المحترق و المجدور و صاحب القروح و من يخاف تناثر جلده من المس لاجل الضرورة، و لو خيف من ذلك أيضا يمم بالتراب لانه محل الضرورة». و قال الشهيد في الذكرى: «يلوح من الاقتصار على الصب الاجزاء بالقراح لان الماءين الآخرين لا يتم فائدتهما بدون الدلك غالبا و حينئذ فالظاهر الاجزاء لان الامر لا يدلّ على التكرار.

أقول: يظهر من سياق الخبر ما ذكره لكن التمسك بعدم الفائدة غير تام. (المرآة).

 (4). الخابية: الحبّ و أصلها الهمز من «خبأت» الا أن العرب تركت همزها.

و «يوكى» بضم الياء و فتح الكاف بدون الهمز- أى يشد رأسها.

 (5). الشط: جانب البحر، أو جانب النهر، أو جانب الوادى.

 (6). الخبر في الكافي ج 3 ص 214 و التهذيب ج 1 ص 95 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

 (7). المشهور بين الاصحاب أنّه يجب أن يؤمر من وجب عليه القتل بان يغتسل و ظاهرهم غسل الأموات ثلاثا بخليطين و بان يحنط كما صرّح به الشيخ و أتباعه. و زاد ابنا بابويه-

157
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

يُغَسَّلُ وَ يُحَنَّطُ وَ يُلْبَسُ الْكَفَنَ ثُمَّ يُقَادُ وَ يُصَلَّى عَلَيْهِ.

فَإِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَصْلُوباً أُنْزِلَ عَنِ الْخَشَبَةِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَ غُسِّلَ وَ كُفِّنَ وَ دُفِنَ وَ لَا يَجُوزُ صَلْبُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏ «1».

441- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَأْكُلُهُ السَّبُعُ أَوِ الطَّيْرُ فَتَبْقَى عِظَامُهُ بِغَيْرِ لَحْمٍ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ قَالَ يُغَسَّلُ وَ يُكَفَّنُ وَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَ يُدْفَنُ‏ «2».

442- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ إِنَّ عَلِيّاً ع لَمْ يُغَسِّلْ- عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ لَا هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ وَ هُوَ الْمِرْقَالُ وَ دَفَنَهُمَا فِي ثِيَابِهِمَا بِدِمَائِهِمَا وَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمَا «3».

هَكَذَا رُوِيَ لَكِنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَتْرُكَ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ إِذَا مَاتَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ.

______________________________

- و المفيد تقديم التكفين أيضا و المستند هذا الخبر، و قال في المعتبر: ان الخمسة و اتباعهم أفتوا بذلك و لا نعلم للاصحاب فيه خلافا، و لا يجب تغسيله بعد ذلك، و في وجوب الغسل بمسه بعد الموت اشكال و ذهب أكثر المتأخرين الى العدم لان الغسل انما يجب بمس الميت قبل غسله و هذا قد غسل. (المرآة).

 (1). كما في رواية السكونى في الكافي ج 3 ص 216 و ج 7 ص 269.

 (2). عليه عمل الاصحاب إذا كان مجموع العظام كما هو ظاهر الجمع المضاف أو إذا كان عظام الصدر (م ت) أقول: رواه الكليني ج 3 ص 212 و زاد «إذا كان الميت نصفين صلى على النصف الذي فيه القلب».

 (3). نقل الشيخ- رحمه اللّه- هذا الخبر في التهذيب ج 1 ص 345 و الاستبصار ج 1 ص 469 بإسناده عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام و قال: ما تضمن هذا الخبر من أنّه لم يصل عليهما وهم من الراوي لانا قد بينا وجوب الصلاة على كل ميت و هذه مسئلة اجماع من الفرقة المحقة، و يجوز أن يكون الوجه حكاية ما يرويه بعض العامّة عن أمير المؤمنين عليه السلام فكأنّه قال: «انهم يروون عن عليّ عليه السلام أنه لم يصل عليهما» و ذلك خلاف الحق على ما بيناه. أقول: البلاء من مسعدة لانه عامى بترى و له كتاب يرويه هارون بن مسلم. و الحمل على التقية بعيد جدا لانهم أجمعوا على أن-

158
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

443- وَ رَوَى أَبُو مَرْيَمَ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ- الشَّهِيدُ إِذَا كَانَ بِهِ رَمَقٌ غُسِّلَ وَ كُفِّنَ وَ حُنِّطَ وَ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ رَمَقٌ كُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ.

444- وَ سَأَلَهُ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ- عَنِ الرَّجُلِ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَ يُغَسَّلُ وَ يُكَفَّنُ وَ يُحَنَّطُ فَقَالَ يُدْفَنُ كَمَا هُوَ فِي ثِيَابِهِ بِدَمِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ رَمَقٌ فَإِنْ كَانَ بِهِ رَمَقٌ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَ يُكَفَّنُ وَ يُحَنَّطُ وَ يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ وَ كَفَّنَهُ وَ حَنَّطَهُ لِأَنَّهُ كَانَ جُرِّدَ «1».

445- وَ اسْتُشْهِدَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبُ بِأُحُدٍ فَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ ص بِغُسْلِهِ وَ قَالَ رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ تُغَسِّلُ- حَنْظَلَةَ بِمَاءِ الْمُزْنِ فِي صِحَافٍ‏ «2» مِنْ فِضَّةٍ وَ كَانَ يُسَمَّى غَسِيلَ الْمَلَائِكَةِ.

446- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ يُنْزَعُ عَنِ الشَّهِيدِ الْفَرْوُ وَ الْخُفُّ وَ الْقَلَنْسُوَةُ وَ الْعِمَامَةُ وَ الْمِنْطَقَةُ وَ السَّرَاوِيلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَصَابَهُ دَمٌ‏ «3» فَإِنْ أَصَابَهُ دَمٌ تُرِكَ وَ لَا يُتْرَكُ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مَعْقُودٌ إِلَّا حُلَّ.

وَ الْمُحْرِمُ إِذَا مَاتَ غُسِّلَ وَ كُفِّنَ وَ دُفِنَ وَ عُمِلَ بِهِ مَا يُعْمَلُ بِالْمُحِلِّ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهُ الْكَافُورُ

______________________________

- رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلى على عمه حمزة. و قال العلامة في التذكرة: الشهيد يصلى عليه عند علمائنا أجمع و به قال الحسن و سعيد بن المسيّب و الثوري و أبو حنيفة و المزنى و أحمد في رواية، و قال الشافعى و مالك و إسحاق و أحمد في رواية: لا يصلى عليه. و مالك و الشافعى و إسحاق كانوا بعد زمان أبى جعفر عليه السلام.

 (1). استدل به الاصحاب على الوجوب و لا يخفى أنّه على أن الصلاة تابعة للكفن لانه لم يذكر الصلاة في الأول و ذكرها فيما إذا اخرج و به رمق و علل صلاة حمزة و تكفينه بانه كان قد جرد، و يمكن أن يأول بأن التعليل للتكفين فقط، و عدم ذكر الصلاة اولا لا يدل على النفي، و ما ذكره آخرا إذا قطعنا عنه التعليل يدلّ على لزوم الصلاة مطلقا. (المرآة).

 (2). جمع صحفة: قصعة كبيرة منبسطة.

 (3). الضمير في «اصابه» اما راجع الى السراويل أو الى كل واحد من المذكورات.

 (المرآة).

159
من لا يحضره الفقيه1

التكفين و آدابه ص : 146

وَ قَتِيلُ الْمَعْرَكَةِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُغَسَّلُ كَمَا يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ وَ يُضَمُّ رَأْسُهُ إِلَى عُنُقِهِ وَ يُغَسَّلُ مَعَ الْبَدَنِ وَ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَ هِيَ حَامِلٌ وَ وَلَدُهَا يَتَحَرَّكُ فِي بَطْنِهَا شُقَّ بَطْنُهَا مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَ أُخْرِجَ الْوَلَدُ «1» وَ إِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي جَوْفِهَا وَ لَمْ يَخْرُجْ وَ هِيَ حَيَّةٌ أَدْخَلَ إِنْسَانٌ يَدَهُ فِي فَرْجِهَا وَ قَطَّعَ الْوَلَدَ بِيَدِهِ وَ أَخْرَجَهُ‏ «2».

447- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- لَمْ يَزَلْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَأْمُرُ بِالسِّرَاجِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُهُ حَتَّى قُبِضَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ثُمَّ أَمَرَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي بَيْتِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع حَتَّى أُخْرِجَ بِهِ إِلَى الْعِرَاقِ- ثُمَّ لَا يُدْرَى مَا كَانَ‏ «3».

وَ مَنْ كَانَ جُنُباً وَ أَرَادَ أَنْ يُغَسِّلَ الْمَيِّتَ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُغَسِّلُهُ وَ مَنْ أَرَادَ الْجِمَاعَ بَعْدَ غُسْلِهِ لِلْمَيِّتِ فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ يُجَامِعُ‏ «4» وَ إِنْ غُسِّلَ مَيِّتٌ فَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيرٌ لَا يَنْقَطِعُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ عَلَيْهِ الطِّينُ الْحُرُّ «5» فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ.

______________________________

 (1). راجع التهذيب ج 1 ص 98 روى أخبارا تدلّ على ذلك.

 (2). المشهور وجوب شق الجوف و اخراج الولد و اطلاق الروايات يقتضى عدم الفرق في الجانب بين الايمن و الايسر، و في المعتبر ما حاصله أنّه وجب الى اسقاطه صحيحا بعض العلاج فان تعذر فالارفق ثمّ الارفق، و يتولاه النساء ثمّ محارم الرجال ثمّ الاجانب دفعا عن نفس الحىّ.

 (3). ظاهر الخبر يدلّ على استحباب الاسراج في بيوت وفاتهم عليهم السلام و ربما يتعدى الى مشاهدهم مع ما يجب من تعظيمها عقلا و نقلا، و ربما يتعدى الى مشاهد أولاد الأئمّة و الصلحاء بالتقريب المذكور، و ربما يتعدى الى بيوت الوفاة مطلقا للتأسى، و منه الاسراج عند الميت لو مات ليلا مع عمومات تعظيم المؤمن. (م ت).

 (4). رواه الكليني ج 3 ص 250 من حديث شهاب بن عبد ربه عن الصادق عليه السلام و يدل على استحباب الوضوء للجنب إذا أراد تغسيل الميت أو الجماع، أو لرفع الكراهة.

 (5). أي الذي لا رمل فيه و الخالص.

160
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

448- وَ سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- أَ يَغْتَسِلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَنْ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ قَالَ لَا إِنَّمَا مَسَّ الثِّيَابَ.

449- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لَمَّا مَاتَ إِسْمَاعِيلُ أَمَرْتُ بِهِ وَ هُوَ مُسَجًّى أَنْ يُكْشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَبَّلْتُ جَبْهَتَهُ‏ «1» وَ ذَقَنَهُ وَ نَحْرَهُ ثُمَّ أَمَرْتُ بِهِ فَغُطِّيَ ثُمَّ قُلْتُ اكْشِفُوا عَنْهُ فَقَبَّلْتُ أَيْضاً جَبْهَتَهُ وَ ذَقَنَهُ وَ نَحْرَهُ ثُمَّ أَمَرْتُهُمْ فَغَطَّوْهُ ثُمَّ أَمَرْتُ بِهِ فَغُسِّلَ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ قَدْ كُفِّنَ فَقُلْتُ اكْشِفُوا عَنْ وَجْهِهِ فَقَبَّلْتُ جَبْهَتَهُ وَ ذَقَنَهُ وَ نَحْرَهُ وَ عَوَّذْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ أَدْرِجُوهُ فَقِيلَ لَهُ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ عَوَّذْتَهُ فَقَالَ بِالْقُرْآنِ.

450- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَبَّلَ- عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ‏

451- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعَةَ قَرَارِيطَ قِيرَاطٍ لِاتِّبَاعِهِ إِيَّاهَا وَ قِيرَاطٍ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَ قِيرَاطٍ لِلِانْتِظَارِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا وَ قِيرَاطٍ لِلتَّعْزِيَةِ.

452- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- مَنْ مَشَى مَعَ جَنَازَةٍ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ وَ إِذَا مَشَى مَعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ وَ الْقِيرَاطُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ.

453- وَ قَالَ ع- مَنْ تَبِعَ جَنَازَةَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أُعْطِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَرْبَعَ شَفَاعَاتٍ وَ لَمْ يَقُلْ شَيْئاً إِلَّا قَالَ لَهُ الْمَلَكُ وَ لَكَ مِثْلُ ذَلِكَ.

454- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ أَخَذَ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً.

______________________________

 (1). في نسخة «وجهه». و لعلّ الكشف عن وجهه و تقبيله ليروه فلا يبقى لاحد شك في موته.

161
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

455- وَ قَالَ ع- مَنْ شَيَّعَ جَنَازَةَ مُؤْمِنٍ حَتَّى يُدْفَنَ فِي قَبْرِهِ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ مَلَكاً «1» مِنَ الْمُشَيِّعِينَ يُشَيِّعُونَهُ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ إِلَى الْمَوْقِفِ.

456- وَ قَالَ ع‏ أَوَّلُ مَا يُتْحَفُ بِهِ الْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ أَنْ يُغْفَرَ لِمَنْ تَبِعَ جَنَازَتَهُ.

457- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- إِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ نُودِيَ أَلَا إِنَّ أَوَّلَ حِبَائِكَ الْجَنَّةُ- أَلَا وَ أَوَّلُ حِبَاءِ مَنْ تَبِعَكَ‏ «2» الْمَغْفِرَةُ.

458- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَنْ حَمَلَ أَخَاهُ الْمَيِّتَ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعَةِ مَحَا اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ.

وَ السُّنَّةُ أَنْ يُحْمَلَ السَّرِيرُ مِنْ جَوَانِبِهِ الْأَرْبَعَةِ وَ مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ.

459- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ أَخَذَ بِقَوَائِمِ السَّرِيرِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ خَمْساً وَ عِشْرِينَ كَبِيرَةً وَ إِذَا رَبَّعَ خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ.

460- وَ قَالَ ع لِإِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ إِذَا حَمَلْتَ جَوَانِبَ السَّرِيرِ سَرِيرِ الْمَيِّتِ خَرَجْتَ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا وَلَدَتْكَ أُمُّكَ.

461- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّ الْمَشْيَ خَلْفَ الْجَنَازَةِ أَفْضَلُ مِنَ الْمَشْيِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا وَ لَا بَأْسَ إِنْ مَشَيْتَ بَيْنَ يَدَيْهَا.

462- وَ كَتَبَ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَسْأَلُهُ‏ عَنْ سَرِيرِ الْمَيِّتِ يُحْمَلُ أَ لَهُ جَانِبٌ يُبْدَأُ بِهِ فِي الْحَمْلِ مِنْ جَوَانِبِهِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ مَا خَفَّ عَلَى الرَّجُلِ يَحْمِلُ مِنْ أَيِّ الْجَوَانِبِ شَاءَ فَكَتَبَ ع مِنْ أَيِّهَا شَاءَ.

463- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الْجَنَازَةِ يُخْرَجُ مَعَهَا بِالنَّارِ فَقَالَ إِنَّ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص أُخْرِجَ بِهَا لَيْلًا وَ مَعَهَا مَصَابِيحُ‏ «3».

______________________________

 (1). هكذا في الكافي و في الأمالي «سبعين ألف».

 (2). الحباء- بالفتح-: العطاء. و في بعض النسخ «من شيعك».

 (3). اخراج النار مع الميت من سنن الجاهلية و جوابه عليه السلام يتضمن الجواز بالليل دون النهار.

162
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

464- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ- سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَشْيِ مَعَ الْجَنَازَةِ فَقَالَ بَيْنَ يَدَيْهَا وَ عَنْ يَمِينِهَا وَ عَنْ شِمَالِهَا وَ خَلْفِهَا.

465- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ- لَمَّا مَاتَ آدَمُ ع- فَبَلَغَ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالَ هِبَةُ اللَّهِ لِجَبْرَئِيلَ ع- تَقَدَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلِّ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنَا بِالسُّجُودِ لِأَبِيكَ فَلَسْنَا نَتَقَدَّمُ أَبْرَارَ وُلْدِهِ وَ أَنْتَ مِنْ أَبَرِّهِمْ فَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْساً عِدَّةَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَ هِيَ السُّنَّةُ الْجَارِيَةُ فِي وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

466- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ كَبَّرَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ وَ دَعَا ثُمَّ كَبَّرَ وَ دَعَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ وَ دَعَا لِلْمَيِّتِ ثُمَّ كَبَّرَ وَ انْصَرَفَ فَلَمَّا نَهَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَكَبَّرَ وَ تَشَهَّدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ- ثُمَّ كَبَّرَ وَ دَعَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ وَ انْصَرَفَ فَلَمْ يَدْعُ لِلْمَيِّتِ‏ «1».

وَ مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فَلْيَقِفْ عِنْدَ رَأْسِهِ‏ «2» بِحَيْثُ إِنْ هَبَّتْ رِيحٌ فَرَفَعَتْ ثَوْبَهُ أَصَابَ الْجَنَازَةَ وَ يُكَبِّرُ وَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ‏ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً+ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ وَ يُكَبِّرُ الثَّانِيَةَ وَ يَقُولُ- اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ ارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ- وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ-

______________________________

 (1). مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح.

 (2). هذا خلاف المشهور فان المشهور وسط الرجل و صدر المرأة و روى موسى بن بكر عن أبى الحسن موسى عليه السلام «قال إذا صليت على المرأة فقم عند رأسها و إذا صليت على الرجل فقم عند صدره» و في مرسلة عبد اللّه بن المغيرة عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال: «من صلى على امرأة فلا يقوم في وسطها و يكون ممّا يلي صدرها و إذا صلى على الرجل فليقم في وسطه». الكافي ج 3 ص 177 و الاستبصار ج 1 ص 471 و قال الشيخ (ره): قوله «مما يلي صدرها» المعنى فيه إذا كان قريبا من الرأس و قد يعبر عنه بانه يلي الصدر لقربه منه.

163
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

وَ يُكَبِّرُ الثَّالِثَةَ وَ يَقُولُ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَ الْأَمْوَاتِ وَ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَ يَقُولُ- اللَّهُمَّ عَبْدُكَ وَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ نَزَلَ بِكَ وَ أَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا خَيْراً «1» وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِناً فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ وَ إِنْ كَانَ مُسِيئاً فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عِنْدَكَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ وَ اخْلُفْ عَلَى أَهْلِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَ ارْحَمْهُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ يُكَبِّرُ الْخَامِسَةَ وَ لَا يَبْرَحُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَرَى الْجَنَازَةَ عَلَى أَيْدِي الرِّجَالِ‏ «2» وَ الْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يُكَبَّرُ عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى النَّاسِ خَمْسَ فَرَائِضَ الصَّلَاةَ وَ الزَّكَاةَ وَ الصَّوْمَ وَ الْحَجَّ وَ الْوَلَايَةَ فَجَعَلَ لِلْمَيِّتِ عَنْ كُلِّ فَرِيضَةٍ تَكْبِيرَةً «3».

467- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى النَّاسِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَجَعَلَ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ فَرِيضَةٍ لِلْمَيِّتِ تَكْبِيرَةً «4».

وَ مَنْ صَلَّى عَلَى الْمَرْأَةِ وَقَفَ عِنْدَ صَدْرِهَا وَ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ تَسْلِيمٌ إِلَّا فِي حَالِ التَّقِيَّةِ.

468- وَ كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً «5».

469- وَ كَبَّرَ عَلِيٌّ ع- عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ- خَمْساً وَ عِشْرِينَ تَكْبِيرَةً «6».

470- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يُكَبِّرُ خَمْساً خَمْساً كَانَ إِذَا أَدْرَكَهُ النَّاسُ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ نُدْرِكِ الصَّلَاةَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ‏

______________________________

 (1). حيث مات على الايمان بك و التصديق بنبيك و بكتابك و الولاية لاوليائك المعصومين صلواتك عليهم.

 (2). كما في رواية المنقريّ عن يونس عن الصادق عليه السلام في التهذيب.

 (3). كما في العيون في حديث الحسين بن النضر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 (4). مروى في الكافي ج 3 ص 181 مرفوعا في خبر و مرسلا في آخر.

 (5). مروى في الكافي بسند ضعيف و عنه الشيخ في التهذيب.

 (6). رواه الكليني بسند حسن كالصحيح.

164
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

فَيَضَعُهُ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِ خَمْساً حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرِهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ‏ «1».

وَ مَنْ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ تَكْبِيرَةً أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ فَوُضِعَتْ جِنَازَةٌ أُخْرَى مَعَهَا فَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ الْآنَ عَلَيْهِمَا خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ وَ إِنْ شَاءَ فَرَغَ مِنَ الْأُولَى وَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ «2» وَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَ كَانَتْ مَقْلُوبَةً «3» فَلْيُسَوِّهَا وَ لْيُعِدِ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا.

471- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- إِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ التَّكْبِيرَةَ وَ التَّكْبِيرَتَيْنِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فَلْيَقْضِ مَا بَقِيَ مُتَتَابِعاً.

472- وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ فَحَضَرَ جَنَازَتَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَالُوا- اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا خَيْراً وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا- قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ أَجَزْتُ شَهَادَاتِكُمْ وَ غَفَرْتُ لَهُ مَا عَلِمْتُ مِمَّا لَا تَعْلَمُونَ.

473- وَ سَأَلَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ- هَلْ يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ نَعَمْ‏ «4».

474- وَ سَأَلَهُ أَبُو بَصِيرٍ- عَنِ الْمَرْأَةِ تَمُوتُ مَنْ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا قَالَ زَوْجُهَا فَقَالَ لَهُ الزَّوْجُ أَحَقُّ مِنَ الْأَبِ وَ الْوَلَدِ وَ الْأَخِ قَالَ نَعَمْ وَ يُغَسِّلُهَا.

وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مَنْ يُقَدِّمُهُ وَلِيُّ الْمَيِّتِ وَ إِنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِذَا قَدَّمَهُ وَلِيُّ الْمَيِّتِ فَإِنْ تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَدِّمَهُ وَلِيُّ الْمَيِّتِ فَهُوَ غَاصِبٌ.

______________________________

 (1). مروى في الكافي بسند ضعيف.

 (2). كما في خبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام المروى في الكافي.

 (3). لعل المراد بالمقلوبة كون رأسه موضع رجله كما صرّح به في ذيل رواية عمار المروية في الكافي ج 3 ص 175.

 (4). مروى في التهذيب بسند صحيح.

165
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

475- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا فَاتَتْكَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ حَتَّى يُدْفَنَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَ قَدْ دُفِنَ‏ «1».

476- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ صَلَّى عَلَى قَبْرِهِ‏ «2».

477- وَ سَأَلَ الْيَسَعُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ وَحْدَهُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَاثْنَانِ يُصَلِّيَانِ عَلَيْهَا قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ يَقُومُ الْآخَرُ خَلْفَ الْآخَرِ وَ لَا يَقُومُ بِجَنْبِهِ.

478- وَ قَالَ جَابِرٌ «3» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِذَا لَمْ يَحْضُرِ الرِّجَالُ الْمَيِّتَ تَقَدَّمَتِ الْمَرْأَةُ وَسَطَهُنَّ وَ قَامَ النِّسْوَةُ عَنْ يَمِينِهَا وَ شِمَالِهَا وَ هِيَ وَسَطُهُنَّ تُكَبِّرُ حَتَّى تَفْرُغَ مِنَ الصَّلَاةِ.

479- وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الصَّيْقَلُ- سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ تُصَلِّي النِّسَاءُ عَلَى الْجَنَائِزِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ فَقَالَ يَقُمْنَ جَمِيعاً فِي صَفٍّ وَاحِدٍ وَ لَا تَتَقَدَّمُهُنَّ امْرَأَةٌ قِيلَ فَفِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَ يَؤُمُّ بَعْضُهُنَّ بَعْضاً قَالَ نَعَمْ.

480- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ صَلُّوا عَلَى الْمَرْجُومِ مِنْ أُمَّتِي وَ عَلَى الْقَاتِلِ نَفْسَهُ مِنْ أُمَّتِي وَ لَا تَدَعُوا أَحَداً مِنْ أُمَّتِي بِلَا صَلَاةٍ.

481- وَ سَأَلَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏- عَنْ شَارِبِ الْخَمْرِ وَ الزَّانِي وَ السَّارِقِ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ إِذَا مَاتُوا فَقَالَ نَعَمْ.

482- وَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- مَا تَقُولُ فِي قَوْمٍ كَانُوا فِي سَفَرٍ لَهُمْ يَمْشُونَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَإِذَا هُمْ بِرَجُلٍ مَيِّتٍ عُرْيَانٍ قَدْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ وَ هُمْ عُرَاةٌ لَيْسَ مَعَهُمْ إِلَّا إِزَارٌ فَكَيْفَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَ هُوَ عُرْيَانٌ وَ لَيْسَ مَعَهُمْ فَضْلُ ثَوْبٍ يُكَفِّنُونَهُ بِهِ قَالَ يُحْفَرُ لَهُ وَ يُوضَعُ فِي لَحْدِهِ وَ يُوضَعُ اللَّبِنُ عَلَى عَوْرَتِهِ-

______________________________

 (1). حدده الشيخان الى يوم و ليلة، و ابن الجنيد الى ما لم يعلم تغير صورة الميت، و سلار الى ثلاثة أيام. و الخبر مرويّ في التهذيب و الاستبصار بسند مجهول.

 (2). مروى في التهذيب و الاستبصار بسند ضعيف.

 (3). يعني جابر الجعفى كما في التهذيب.

166
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

لِتُسْتَرَ عَوْرَتُهُ بِاللَّبِنِ وَ بِالْحَجَرِ وَ يُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُدْفَنُ.

483- وَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ ع‏ أَنَّ عَلِيّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَجَدَ قِطَعاً مِنْ مَيِّتٍ‏ «+» فَجُمِعَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ دُفِنَتْ.

484- وَ رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْوَرُ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ أَبِيهِ ع‏ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ فَيُوجَدُ رَأْسُهُ فِي قَبِيلَةٍ وَ وَسَطُهُ وَ صَدْرُهُ وَ يَدَاهُ فِي قَبِيلَةٍ وَ الْبَاقِي مِنْهُ فِي قَبِيلَةٍ قَالَ دِيَتُهُ عَلَى مَنْ وُجِدَ فِي قَبِيلَتِهِ صَدْرُهُ وَ يَدَاهُ وَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ‏ «1».

485- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فَإِنْ وُجِدَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ تَامّاً صُلِّيَ عَلَى ذَلِكَ وَ دُفِنَ وَ إِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ عُضْوٌ تَامٌّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَ دُفِنَ‏ «2».

وَ إِذَا وُسِّطَ الرَّجُلُ بِنِصْفَيْنِ صُلِّيَ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي فِيهِ الْقَلْبُ وَ إِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إِلَّا الرَّأْسُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ‏ «3».

486- وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الصَّبِيِّ مَتَى يُصَلَّى عَلَيْهِ فَقَالَ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ فَقُلْتُ مَتَى تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ‏ «4» قَالَ إِذَا كَانَ ابْنَ سِتِّ سِنِينَ وَ الصِّيَامُ إِذَا أَطَاقَهُ.

وَ مَنْ حَضَرَ مَعَ قَوْمٍ يُصَلُّونَ عَلَى طِفْلٍ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِأَبَوَيْهِ وَ لَنَا فَرَطاً «5».

487- وَ صَلَّى أَبُو جَعْفَرٍ ع عَلَى ابْنٍ لَهُ صَبِيٍّ صَغِيرٍ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ ثُمَّ قَالَ-

______________________________

 (+) كذا.

 (1). انما يجب الصلاة على الصدر لا على باقى الأعضاء سواء كان المصلى وجد في قبيلته الصدر أو غيره. و لا يتوهم ارجاع ضمير «عليه» الى من وجد حتّى يفيد تخصيص وجوب الصلاة بهم. (سلطان).

 (2). الخبر إلى هنا في الكافي و التهذيب و في سنده ارسال.

 (3). في القاموس وسطه توسيطا إذا قطعه بنصفين. و في الكافي ج 3 ص 213 باسناد فيه ارسال عن الصادق عليه السلام قال: «إذا وسط الرجل نصفين صلى على الذي فيه القلب»، و فيه مرسلا «لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد».

 (4). الظاهر أن هذا استفسار عن عقله الصلاة فيكون المراد بوجوب الصلاة عليه حيا كونه مأمورا من الولى بطريق التمرين و حينئذ يطابقه قوله «و الصيام اذ أطاقه». (سلطان).

 (5). «فرطا» أي أجرا يتقدمنا، يقال: افترط فلان ابنا له صغيرا إذا مات قبله. (النهاية).

167
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

لَوْ لَا أَنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ بَنِي هَاشِمٍ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ أَوْلَادِهِمْ مَا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ‏ «1».

488- وَ سُئِلَ‏ «2» مَتَى تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ قَالَ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ وَ كَانَ ابْنَ سِتِّ سِنِينَ.

489- وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى الْمُسْتَضْعَفِ وَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَذْهَبُهُ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ص وَ يَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ يُقَالُ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ‏.

وَ يُقَالُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُعْرَفْ مَذْهَبُهُ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذِهِ النَّفْسَ أَنْتَ أَحْيَيْتَهَا وَ أَنْتَ أَمَتَّهَا اللَّهُمَّ وَلِّهَا مَا تَوَلَّتْ وَ احْشُرْهَا مَعَ مَنْ أَحَبَّتْ.

490- وَ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع يَمْشِي فَلَقِيَ مَوْلًى لَهُ فَقَالَ لَهُ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ فَقَالَ أَفِرُّ مِنْ جِنَازَةِ هَذَا الْمُنَافِقِ أَنْ أُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ع قُمْ إِلَى جَنْبِي فَمَا سَمِعْتَنِي أَقُولُ فَقُلْ مِثْلَهُ قَالَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَخْزِ عَبْدَكَ فِي عِبَادِكَ وَ بِلَادِكَ اللَّهُمَّ أَصْلِهِ أَشَدَّ نَارِكَ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ عَذَابِكَ فَإِنَّهُ كَانَ يُوَالِي أَعْدَاءَكَ وَ يُعَادِي أَوْلِيَاءَكَ وَ يُبْغِضُ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ.

491- وَ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقُلِ اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا أَنَّهُ عَدُوٌّ لَكَ وَ لِرَسُولِكَ اللَّهُمَّ فَاحْشُ قَبْرَهُ نَاراً وَ احْشُ جَوْفَهُ نَاراً وَ عَجِّلْهُ إِلَى النَّارِ فَإِنَّهُ كَانَ يُوَالِي أَعْدَاءَكَ وَ يُعَادِي أَوْلِيَاءَكَ وَ يُبْغِضُ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ اللَّهُمَّ ضَيِّقْ عَلَيْهِ قَبْرَهُ فَإِذَا رُفِعَ فَقُلِ اللَّهُمَّ لَا تَرْفَعْهُ وَ لَا تُزَكِّهِ- وَ إِنْ كَانَ مُسْتَضْعَفاً فَقُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ‏ فَإِذَا كُنْتَ لَا تَدْرِي مَا حَالُهُ فَقُلِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ يُحِبُّ الْخَيْرَ وَ أَهْلَهُ فَاغْفِرْ لَهُ وَ ارْحَمْهُ وَ تَجَاوَزْ عَنْهُ‏

______________________________

 (1). ظاهره عدم استحباب الصلاة على الصغار.

 (2). ظاهره أن المسئول كان أبا جعفر (ع) و مرويّ في الكافي عن الصادق عليه السلام.

168
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

وَ إِنْ كَانَ الْمُسْتَضْعَفُ مِنْكَ بِسَبِيلٍ‏ «1» فَاسْتَغْفِرْ لَهُ عَلَى وَجْهِ الشَّفَاعَةِ مِنْكَ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَلَايَةِ.

492- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع إِذَا صَلَّى عَلَى الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ قَدَّمَ الْمَرْأَةَ وَ أَخَّرَ الرَّجُلَ وَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْعَبْدِ وَ الْحُرِّ قَدَّمَ الْعَبْدَ وَ أَخَّرَ الْحُرَّ وَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْكَبِيرِ وَ الصَّغِيرِ قَدَّمَ الصَّغِيرَ وَ أَخَّرَ الْكَبِيرَ.

493- وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَدَّمَ الرَّجُلُ وَ تُؤَخَّرَ الْمَرْأَةُ أَوْ تُقَدَّمَ الْمَرْأَةُ وَ يُؤَخَّرَ الرَّجُلُ‏ «2».

يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَ أَفْضَلُ الْمَوَاضِعِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الصَّفُّ الْأَخِيرُ وَ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَخْتَلِطْنَ بِالرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ.

494- فَقَالَ النَّبِيُّ ص‏ أَفْضَلُ الْمَوَاضِعِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الصَّفُّ الْأَخِيرُ «3».

فَتَأَخَّرْنَ إِلَى الصَّفِّ الْأَخِيرِ فَبَقِيَ فَضْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ع وَ إِذَا دُعِيَ الرَّجُلُ إِلَى وَلِيمَةٍ وَ إِلَى جِنَازَةٍ أَجَابَ إِلَى الْجِنَازَةِ لِأَنَّهَا تُذَكِّرُ أَمْرَ الْآخِرَةِ وَ يَدَعُ الْوَلِيمَةَ لِأَنَّهَا تُذَكِّرُ الدُّنْيَا.

495- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْجَنَائِزِ فَأَسْرِعُوا وَ إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْعَرَائِسِ فَأَبْطِئُوا.

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ لَا تُصَلِّ عَلَى الْجِنَازَةِ بِنَعْلٍ حَذْوٍ- «4»

______________________________

 (1). أي يكون لك به نوع تعلق كأنّ يكون قد أحسن إليك أو يكون له قرابة إليك و لكن الاستغفار لدفع الضرر ترحما لا لاجل المحبة و المودة. (م ت).

 (2). يدل على أن التقديم و التأخير الواقعين في الاخبار على سبيل الاستحباب (م ت).

 (3). في حديث أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلّى اللّه عليه و آله «قال: خير الصفوف في الصلاة المقدم و خير الصفوف في الجنائز المؤخر، قيل: يا رسول اللّه و لم قال: صار سترة للنساء».

التهذيب ج 1 ص 343 و الكافي ج 3 ص 176.

 (4). أي نعل يحتذى به. يعنى ما يستر القدم.

169
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

وَ لَا تَجْعَلْ مَيِّتَيْنِ عَلَى جَنَازَةٍ وَ قَالَ إِذَا صَلَّى رَجُلَانِ عَلَى جِنَازَةٍ قَامَ أَحَدُهُمَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَ لَمْ يَقُمْ بِجَنْبِهِ وَ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ جِنَازَةُ رَجُلٍ وَ امْرَأَةٍ وَ غُلَامٍ وَ مَمْلُوكٍ فَقَدِّمِ الْمَرْأَةَ إِلَى الْقِبْلَةِ وَ اجْعَلِ الْمَمْلُوكَ بَعْدَهَا وَ اجْعَلِ الْغُلَامَ بَعْدَ الْمَمْلُوكِ وَ اجْعَلِ الرَّجُلَ بَعْدَ الْغُلَامِ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَ يَقِفُ الْإِمَامُ خَلْفَ الرَّجُلِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ جَمِيعاً صَلَاةً وَاحِدَةً.

496- وَ سَأَلَ يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْجِنَازَةِ يُصَلَّى عَلَيْهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّمَا هِيَ تَكْبِيرٌ «1» وَ تَسْبِيحٌ وَ تَحْمِيدٌ وَ تَهْلِيلٌ كَمَا تُكَبِّرُ وَ تُسَبِّحُ فِي بَيْتِكَ.

وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ إِنْ أَحَبَّ.

497- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ أَنَّ الْحَائِضَ تُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ وَ لَا تَصُفُّ مَعَهُمْ.

498- وَ فِي رِوَايَةِ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي الطَّامِثِ إِذَا حَضَرَتِ الْجِنَازَةَ تَتَيَمَّمُ وَ تُصَلِّي عَلَيْهَا وَ تَقُومُ وَحْدَهَا بَارِزَةً مِنَ الصَّفِّ.

يَعْنِي أَنَّهَا تَقِفُ نَاحِيَةً وَ لَا تَخْتَلِطُ بِالرِّجَالِ وَ الْجُنُبُ إِذَا قُدِّمَ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ تَيَمَّمَ وَ صَلَّى عَلَيْهَا «2» وَ إِذَا حُمِلَ الْمَيِّتُ إِلَى قَبْرِهِ فَلَا يُفَاجَأُ بِهِ الْقَبْرَ لِأَنَّ لِلْقَبْرِ أَهْوَالًا عَظِيمَةً وَ يَتَعَوَّذُ حَامِلُهُ بِاللَّهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ‏ «3» وَ يَضَعُهُ قُرْبَ شَفِيرِ الْقَبْرِ وَ يَصْبِرُ عَلَيْهِ هُنَيْئَةً ثُمَّ يُقَدِّمَهُ قَلِيلًا وَ يَصْبِرُ عَلَيْهِ هُنَيْئَةً لِيَأْخُذَ أُهْبَتَهُ‏ «4» ثُمَّ يُقَدِّمُهُ إِلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ وَ يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ-

______________________________

 (1). في بعض النسخ «انما هو تكبير» فتذكير الضمير باعتبار الخبر أي هو ذكر من الاذكار و ليس صلاة حقيقة حتّى لا يصحّ الا بطهور. (مراد).

 (2). في هذا التيمم لا ينوى البدلية من الوضوء و الغسل أصلا و انما ينوى التعبد. (م ح ق) و قال الشهيد في الذكرى: لا يجب في تلك الصلاة الطهارة إجماعا منا.

 (3). المطلع- بضم الميم قبل الطاء المشددة المفتوحة ثمّ فتح اللام قبل العين المهملة على اسم المكان- من الاطلاع فشاع في الحديث اطلاقه على يوم القيامة و المراد هنا ما بعد الموت أى ينبغي أن يتعوذ حامله باللّه بأن يقول: «أعوذ باللّه من هول المطلع».

 (4). اهبة الحرب- بضم الهمزة و فتح الموحّدة-: عدّتها.

170
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

مَنْ يَأْمُرُهُ وَلِيُّ الْمَيِّتِ إِنْ شَاءَ شَفْعاً وَ إِنْ شَاءَ وَتْراً «1» وَ يُقَالُ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى الْقَبْرِ- اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَ لَا تَجْعَلْهُ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ‏ «2».

499- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ حَدُّ الْقَبْرِ إِلَى التَّرْقُوَةِ-

وَ قَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى الثَّدْيَيْنِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ قَامَةِ الرَّجُلِ حَتَّى يُمَدَّ الثَّوْبُ عَلَى رَأْسِ مَنْ فِي الْقَبْرِ وَ أَمَّا اللَّحْدُ فَإِنَّهُ يُوَسَّعُ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ الْجُلُوسُ فِيهِ‏ «3» وَ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع- إِطْلَاقٌ فِي أَنْ يُفْرَشَ الْقَبْرُ بِالسَّاجِ وَ يُطْبَقَ عَلَى الْمَيِّتِ السَّاجُ‏ «4» وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بَابٌ وَ بَابُ الْقَبْرِ عِنْدَ رِجْلَيِ الْمَيِّتِ‏ «5» وَ الْمَرْأَةُ تُؤْخَذُ بِالْعَرْضِ مِنْ قِبَلِ اللَّحْدِ وَ يَقِفُ زَوْجُهَا فِي مَوْضِعٍ يَتَنَاوَلُ وَرِكَهَا وَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ يُسَلُّ سَلًّا «6» وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِذَا دَخَلْتَ الْقَبْرَ فَاقْرَأْ أُمَّ الْكِتَابِ وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فَإِذَا تَنَاوَلْتَ الْمَيِّتَ فَقُلْ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص- ثُمَّ ضَعْهُ فِي لَحْدِهِ عَلَى يَمِينِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ حُلَّ عُقَدَ كَفَنِهِ وَ ضَعْ خَدَّهُ عَلَى التُّرَابِ وَ قُلِ- اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَ صَعِّدْ «7» إِلَيْكَ رُوحَهُ-

______________________________

 (1). أي اثنين من الرجال أو واحدا منهم. و قال في الذكرى: لا يعتبر الوتر عندنا.

 (2). في بعض النسخ «من حفر النار».

 (3). في الكافي عن سهل بن زياد قال روى بعض أصحابنا أن حدّ القبر- و ساق إلى آخره- بدون الاسناد الى الصادق عليه السلام.

 (4). كما في خبر عليّ بن بلال في الكافي ج 3 ص 197. و قوله «اطلاق» أي رخصة و تجويز من دون تقييد ذلك بضرورة داعية إليه. و قوله: «يطبق» أي يجعل على الميت و أطرافه. و الساج:

ضرب من الشجر. (مراد).

 (5). كما في النبوى المرسل في الكافي ج 3 ص 193.

 (6). السل انتزاع الشي‏ء بجذب و نزع كسل السيف من الغمد. (المغرب).

 (7). في بعض النسخ «و اصعد». و قوله: «جاف الأرض» أي باعدها، و لعلّ المراد حفظه عن ضغطة القبر، أو من أن تأكل الأرض جنبيه. (مراد).

171
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة على الميت ص : 161

وَ لَقِّهِ مِنْكَ رِضْوَاناً.

500- وَ قَدْ رَوَى سَالِمُ بْنُ مُكْرَمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: يُجْعَلُ لَهُ وِسَادَةٌ مِنْ تُرَابٍ وَ يُجْعَلُ خَلْفَ ظَهْرِهِ مَدَرَةٌ لِئَلَّا يَسْتَلْقِيَ وَ يُحَلُّ عُقَدُ كَفَنِهِ كُلُّهَا وَ يُكْشَفُ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ يُدْعَى لَهُ وَ يُقَالُ اللَّهُمَّ عَبْدُكَ وَ ابْنُ عَبْدِكَ وَ ابْنُ أَمَتِكَ نَزَلَ بِكَ وَ أَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَ لَقِّنْهُ حُجَّتَهُ وَ أَلْحِقْهُ بِنَبِيِّهِ وَ قِهِ شَرَّ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ- ثُمَّ تُدْخِلُ يَدَكَ الْيُمْنَى تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَ تَضَعُ يَدَكَ الْيُسْرَى عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وَ تُحَرِّكُهُ تَحْرِيكاً شَدِيداً وَ تَقُولُ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ اللَّهُ رَبُّكَ وَ مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ وَ الْإِسْلَامُ دِينُكَ وَ عَلِيٌّ وَلِيُّكَ وَ إِمَامُكَ وَ تُسَمِّي الْأَئِمَّةَ ع- وَاحِداً وَاحِداً إِلَى آخِرِهِمْ أَئِمَّتُكَ أَئِمَّةُ هُدًى أَبْرَارٌ ثُمَّ تُعِيدُ عَلَيْهِ التَّلْقِينَ مَرَّةً أُخْرَى وَ إِذَا وَضَعْتَ عَلَيْهِ اللَّبِنَ فَقُلِ- اللَّهُمَّ ارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَ صِلْ وَحْدَتَهُ وَ آنِسْ وَحْشَتَهُ وَ آمِنْ رَوْعَتَهُ وَ أَسْكِنْ إِلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ وَ احْشُرْهُ مَعَ مَنْ كَانَ يَتَوَلَّاهُ وَ مَتَى زُرْتَ قَبْرَهُ فَادْعُ لَهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ يَدَاكَ عَلَى الْقَبْرِ فَإِذَا خَرَجْتَ مِنَ الْقَبْرِ فَقُلْ وَ أَنْتَ تَنْفُضُ يَدَيْكَ مِنَ التُّرَابِ- إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏ ثُمَّ احْثُ التُّرَابَ عَلَيْهِ بِظَهْرِ كَفَّيْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ‏ «1» وَ قُلِ اللَّهُمَّ إِيمَاناً بِكَ وَ تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ- فَإِنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ ذَرَّةٍ حَسَنَةً فَإِذَا سُوِّيَ قَبْرُهُ فَصُبَّ عَلَى قَبْرِهِ الْمَاءَ وَ تَجْعَلُ الْقَبْرَ أَمَامَكَ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ تَبْدَأُ بِصَبِّ الْمَاءِ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ تَدُورُ بِهِ عَلَى قَبْرِهِ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِهِ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى الرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقْطَعَ الْمَاءَ-

______________________________

 (1). قال الاصحاب: لا يهيل ذو الرحم لما ذكر من حصول قسوة القلب (ذكرى) أقول:

روى الكليني بإسناده عن عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام- في حديث-: «من كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته التراب- الى أن قال- أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوى أرحامكم فان ذلك يورث القسوة في القلب و من قسا قلبه بعد من ربّه».

172
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَاءِ شَيْ‏ءٌ فَصُبَّهُ عَلَى وَسَطِ الْقَبْرِ ثُمَّ ضَعْ يَدَكَ عَلَى الْقَبْرِ وَ ادْعُ لِلْمَيِّتِ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُ.

501- وَ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ مَا عَلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ مِنْكُمْ أَنْ يَدْرَءُوا عَنْ مَيِّتِهِمْ لِقَاءَ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ فَقُلْتُ وَ كَيْفَ نَصْنَعُ فَقَالَ إِذَا أُفْرِدَ الْمَيِّتُ فَلْيَتَخَلَّفْ عِنْدَهُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فَيَضَعَ فَاهُ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ يُنَادِيَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ- يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَوْ يَا فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانَةَ هَلْ أَنْتَ عَلَى الْعَهْدِ الَّذِي فَارَقْنَاكَ‏ «1» عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً ص عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ وَ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ وَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ص حَقٌّ وَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ الْبَعْثَ حَقٌ‏ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ قَالَ مُنْكَرٌ لِنَكِيرٍ انْصَرِفْ بِنَا عَنْ هَذَا فَقَدْ لُقِّنَ بِهَا حُجَّتَهُ.

بَابُ التَّعْزِيَةِ وَ الْجَزَعِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَ النَّوْحِ وَ الْمَأْتَمِ‏ «2»

502- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ عَزَّى حَزِيناً كُسِيَ فِي الْمَوْقِفِ حُلَّةً يُحَبَّرُ بِهَا «3».

503- وَ رُوِيَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «فارقتنا».

 (2). المأتم في الأصل: مجتمع الرجال و النساء في الغم و الفرح، ثمّ خص باجتماع النساء للموت، و قيل هو للشواب من النساء لا غير (النهاية) و يطلق على الطعام للميت (فى).

 (3). في الكافي «يحبى بها» من الحباء بمعنى العطاء. و في الصحاح الحبر: الحبور و هو السرور، يقال: حبره يحبره- بالضم- حبرا و حبرة. و قال تعالى: «فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ» أى ينعمون و يكرمون و يسرون.

173
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

يُعَزِّي قَبْلَ الدَّفْنِ وَ بَعْدَهُ.

504- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ التَّعْزِيَةُ الْوَاجِبَةُ بَعْدَ الدَّفْنِ.

505- وَ قَالَ ع‏ كَفَاكَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِأَنْ يَرَاكَ صَاحِبُ الْمُصِيبَةِ.

506- وَ أَتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَوْماً قَدْ أُصِيبُوا بِمُصِيبَةٍ فَقَالَ جَبَرَ اللَّهُ وَهْنَكُمْ وَ أَحْسَنَ عَزَاكُمْ‏ «1» وَ رَحِمَ مُتَوَفَّاكُمْ ثُمَّ انْصَرَفَ.

507- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ التَّعْزِيَةُ تُورِثُ الْجَنَّةَ.

508- وَ عَزَّى الصَّادِقُ ع رَجُلًا بِابْنٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ ع اللَّهُ خَيْرٌ لِابْنِكَ مِنْكَ وَ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ فَبَلَغَهُ جَزَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَادَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ فَمَا لَكَ بِهِ أُسْوَةٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ كَانَ مُرَاهِقاً «2» فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَمَامَهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ شَفَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَنْ تَفُوتَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

509- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْجِنَازَةِ أَنْ لَا يَلْبَسَ رِدَاءً وَ أَنْ يَكُونَ فِي قَمِيصٍ حَتَّى يُعْرَفَ وَ يَنْبَغِي لِجِيرَانِهِ أَنْ يُطْعِمُوا عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ‏ «3».

510- وَ قَالَ ع‏ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ وَضَعَ رِدَاءَهُ فِي مُصِيبَةِ غَيْرِهِ.

511- وَ لَمَّا قُبِضَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ ع رُئِيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَدْ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ وَ قَدْ شُقَّ قَمِيصُهُ مِنْ خَلْفٍ وَ قُدَّامٍ.

______________________________

 (1). الوهن: الضعف في العمل و يحرك و الفعل كوعد و ورث و كرم (القاموس)، و قوله:

 «أحسن عزاكم» أي صبركم.

 (2). المراهق: الغلام الذي قارب الحلم، و في بعض النسخ «مرهّقا» من باب التفعيل كما في ثواب الأعمال ص 236 و الكافي ج 3 ص 204 و هو الذي يأتي المحارم من شرب الخمر و نحوه و كأنّه خاف عليه أن يعذب.

 (3). في الكافي ج 3 ص 217 بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «يصنع لاهل الميت مأتم ثلاثة أيّام من يوم مات». و عن أبي بصير عنه عليه السلام قال: «ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام [عنه‏] ثلاثة أيام».

174
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

512- وَ قَدْ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص رِدَاءَهُ فِي جِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ قَدْ وَضَعَتْ أَرْدِيَتَهَا فَوَضَعْتُ رِدَائِي.

513- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَوْ لَا أَنَّ الصَّبْرَ خُلِقَ قَبْلَ الْبَلَاءِ لَتَفَطَّرَ الْمُؤْمِنُ كَمَا تَتَفَطَّرُ الْبَيْضَةُ عَلَى الصَّفَا.

514- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ فِي نُورِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَعْظَمِ مَنْ كَانَ عِصْمَةُ أَمْرِهِ‏ «1» شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ قَالَ‏ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَيْراً قَالَ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ+ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِيئَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ.

515- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فِي الدُّنْيَا فَيَسْتَرْجِعُ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ وَ يَصْبِرُ حِينَ تَفْجَأُهُ الْمُصِيبَةُ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ إِلَّا الْكَبَائِرَ «2» الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهَا النَّارَ وَ كُلَّمَا ذَكَرَ مُصِيبَتَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ عُمُرِهِ فَاسْتَرْجَعَ عِنْدَهَا وَ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَهَا- غَفَرَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ ذَنْبٍ اكْتَسَبَهُ فِيمَا بَيْنَ الِاسْتِرْجَاعِ الْأَوَّلِ إِلَى الِاسْتِرْجَاعِ الْأَخِيرِ إِلَّا الْكَبَائِرَ مِنَ الذُّنُوبِ.

516- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ «3» أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ مَلَكاً «4» مُوَكَّلًا بِالْمَقَابِرِ فَإِذَا انْصَرَفَ أَهْلُ الْمَيِّتِ مِنْ جَنَازَتِهِمْ عَنْ مَيِّتِهِمْ أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَى‏

______________________________

 (1). في الصحاح «العصمة: المنع، يقال: عصمه الطعام أي منعه من الجوع، و العصمة:

الحفظ، يقال: عصمته فانعصم، و اعتصمت باللّه إذا امتنعت بلطفه من المعصية». فالمراد من يمنعه الشهادتان عن ارتكاب ما لا ينبغي ارتكابه ليحفظ عن المكاره في الدنيا و العقاب في القيامة أو حفظتاه عنه، أو اعتصم بهما لا يفارقهما. (مراد).

 (2). لعل المراد بالكبائر ما يوجب الكفر و لذا قال: «أوجب اللّه عليها النار» و لم يقل أوعد اللّه عليه. (سلطان).

 (3). في بعض النسخ «عن أبي عبد اللّه عليه السلام».

 (4). خبر «أن» محذوف أي للّه أو لنا ملكا موكلا بالمقابر (سلطان) و يسمى هذا الملك المنسية.

175
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

بِهَا فِي آثَارِهِمْ ثُمَّ قَالَ انْسَوْا مَا رَأَيْتُمْ فَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا انْتَفَعَ أَحَدٌ بِعَيْشٍ.

517- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ جَزِعَ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَجْزَعْ صَبَرَ عَلَيْهَا أَمْ لَمْ يَصْبِرْ كَانَ ثَوَابُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْجَنَّةَ «1».

518- وَ قَالَ ع‏ ثَوَابُ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَلَدِهِ إِذَا مَاتَ الْجَنَّةُ- صَبَرَ أَوْ لَمْ يَصْبِرْ «2».

519- وَ قَالَ ع‏ مَنْ قَدَّمَ وَلَداً كَانَ خَيْراً لَهُ مِنْ سَبْعِينَ يُخَلِّفُهُمْ بَعْدَهُ كُلُّهُمْ قَدْ رَكِبَ الْخَيْلَ وَ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

520- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ فَرَطٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِمَّنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ وَ لَمْ يُقَدِّمْ وَلَداً يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ وَ لِكُلِّنَا فَرَطٌ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ مِنْ فَرَطِ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ أَخَاهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

521- وَ قَالَ ص لِفَاطِمَةَ ع حِينَ قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- لَا تَدْعِي بِذُلٍّ وَ لَا ثَكَلٍ وَ لَا حَرَبٍ وَ مَا قُلْتِ فِيهِ فَقَدْ صَدَقْتِ‏ «3».

522- وَ رَوَى مِهْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا مَاتَ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكاً إِلَى أَوْجَعِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ فَمَسَحَ عَلَى قَلْبِهِ فَأَنْسَاهُ لَوْعَةَ الْحُزْنِ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ تُعْمَرِ الدُّنْيَا «4».

______________________________

 (1). لا يخفى أنّه بظاهره ينافى ما سبق من تعليق غفران الذنوب الا الكبائر بالصبر و الاسترجاع فلا بدّ من توجيه أحدهما مثل أن يقال بعدم اعتبار المفهوم ممّا سبق، أو تخصيص الثاني بمصيبة خاصّة، أو يقال: غفران الذنوب مرتبة فوق دخول الجنة. (سلطان).

 (2). يدل على أن الجزع لا يحبط أجر المصيبة، و يمكن حمله على ما إذا لم يقل و لم يفعل ما يسخط الرب تعالى، أو عدم الاختيار. (المرآة).

 (3). الثكل- بالضم-: الموت و الهلاك و فقدان الحبيب. و الحرب- بالتحريك-:

مساوق الحزن و الطعنة و السلب، و في القاموس: لما مات حرب بن أميّة قالوا «وا حربا» باسكان الراء- ثم ثقلوا فقالوا «وا حربا» بالتحريك. و الحرب: الغضب أيضا. أى لا تقولى: وا ذلاه وا ثكلاه، وا حرباه؛ و ان كان ما قلت في حقّ جعفر حقا.

 (4). لوعة الحزن: حرقته في القلب. و في بعض النسخ «لم تقم الدنيا» و في الكافي كما في المتن.

176
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

523- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِذَا قُبِضَ وَلَدُ الْمُؤْمِنِ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ الْعَبْدُ «1» فَيَسْأَلُ الْمَلَائِكَةَ قَبَضْتُمْ وَلَدَ فُلَانٍ الْمُؤْمِنِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ رَبَّنَا فَيَقُولُ فَمَا ذَا قَالَ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ رَبَّنَا وَ اسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ابْنُوا لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ- وَ سَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ.

524- وَ لَمَّا مَاتَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ خَرَجَ الصَّادِقُ ع فَتَقَدَّمَ السَّرِيرَ بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ «2».

525- وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِذَا رَأَى جَنَازَةً قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي مِنَ السَّوَادِ الْمُخْتَرَمِ‏ «3».

526- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ‏ «4» بْنُ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ النَّبِيُّ ص حَزِنَّا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ وَ إِنَّا لَصَابِرُونَ يَحْزَنُ الْقَلْبُ وَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَ لَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ.

527- وَ قَالَ ع- إِنَّ النَّبِيَّ ص حِينَ جَاءَتْهُ وَفَاةُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع- وَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ كَثُرَ بُكَاؤُهُ عَلَيْهِمَا جِدّاً وَ يَقُولُ كَانَا يُحَدِّثَانِي وَ يُؤَانِسَانِي فَذَهَبَا جَمِيعاً.

528- وَ قَالَ ع‏ إِنَّ الْبَلَاءَ وَ الصَّبْرَ يَسْتَبِقَانِ إِلَى الْمُؤْمِنِ فَيَأْتِيهِ الْبَلَاءُ وَ هُوَ صَبُورٌ «5» وَ إِنَّ الْجَزَعَ وَ الْبَلَاءَ يَسْتَبِقَانِ إِلَى الْكَافِرِ فَيَأْتِيهِ الْبَلَاءُ وَ هُوَ جَزُوعٌ.

______________________________

 (1). هذا لرفع توهم أن سؤاله تعالى لعدم علمه بل هو أعلم من ملائكته بما قال، و لكن يسأل ذلك لكثير من المصالح. (المرآة).

 (2). رواه الشيخ في التهذيب بسند حسن كالصحيح. و يدلّ على الجواز.

 (3). اخترم فلان عنّا- مبنيا للمفعول-: مات، اخترمته المنيّة: أخذته. و اخترمهم الدهر و تخرمهم أي اقتطعهم و استأصلهم. و فسر السواد بالشخص و بعامة الناس.

 (4). إبراهيم هذا كان ابن رسول اللّه من مارية القبطية، و ولد بالمدينة في ذى الحجة سنة ثمان و مات في ذى الحجة سنة عشر و قيل: الربيع الأوّل سنة عشر. (المرآة).

 (5). أي صبور باتيانه كالمتراهنين يريد كل منهما أن يسبق الآخر حتّى أن البلاء لا يسبق الصبر بل إنّما يرد مع ورود الصبر أو بعده، و كذا الجزع و البلاء بالنسبة الى الكافر.

177
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

529- وَ رُوِيَ عَنِ الْكَاهِلِيِ‏ «1» أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع- إِنَّ امْرَأَتِي وَ أُخْتِي وَ هِيَ امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَارِدٍ- تَخْرُجَانِ فِي الْمَآتِمِ فَأَنْهَاهُمَا فَقَالَتَا لِي إِنْ كَانَ حَرَاماً انْتَهَيْنَا عَنْهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَاماً فَلِمَ تَمْنَعُنَا فَيَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنْ قَضَاءِ حُقُوقِنَا «2» فَقَالَ ع عَنِ الْحُقُوقِ تَسْأَلُنِي كَانَ أَبِي ع يَبْعَثُ أُمِّي وَ أُمَّ فَرْوَةَ تَقْضِيَانِ حُقُوقَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ «3».

530- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا يُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ إِلَّا مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً وَ الْبَاقُونَ مَلْهُوٌّ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «4».

531- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِيهَا فَقَالَ أَمَّا زِيَارَةُ الْقُبُورِ فَلَا بَأْسَ بِهَا وَ لَا يُبْنَى عِنْدَهَا مَسَاجِدُ.

532- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي قِبْلَةً وَ لَا مَسْجِداً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَعَنَ الْيَهُودَ حِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ «5».

533- وَ سَأَلَ جَرَّاحٌ الْمَدَائِنِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ كَيْفَ التَّسْلِيمُ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ فَقَالَ تَقِفُ وَ تَقُولُ- السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُسْلِمِينَ رَحِمَ اللَّهُ‏

______________________________

 (1). الطريق الى عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ صحيح الا أن عبد اللّه هو لا يخلو من كلام.

 (2). أي لاى شي‏ء تمنعنا و ذلك يوجب أن يمنع الناس من قضاء حقوقنا أي من أن يأتوا بما يستحق منهم بسبب ما حاق بنا باعتبار الاشتراك في الانسانية و الجوار و الإسلام. (مراد).

 (3). يعني أن من حقوق أهل الايمان بعضهم على بعض التعزية عند المصيبة و التهنئة عند النعمة فما سؤالك اياى الا عن الحقوق اللازمة، كان أبى عليه السلام يبعث أمى و أم فروة بقضاء الحقوق. (م ح ق).

 (4). «محض الايمان» على صيغة الفعل أي أخلص الايمان، و يحتمل أن يكون بصيغة المصدر أي لا يسأل الا من الإيمان و الكفر، و لعلّ الأول أظهر. و قوله «ملهو عنهم» كناية عن عدم التعرض لهم الى يوم القيامة لما سوى الإيمان و الكفر من الاعمال.

 (5). السند قوى، و يمكن أن يكون الوجه فيه أنّه قد يسجد على القبر و هو يشبه ما لو سجد لصاحب القبر، و لعلّ منع الناس من اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد ذلك لان احتمال وقوع السجدة-

178
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَ الْمُسْتَأْخِرِينَ‏ «1» وَ إِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ.

534- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا مَرَّ عَلَى الْقُبُورِ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ مِنْ دِيَارِ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَ إِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ.

535- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمَّا دَخَلَ الْمَقَابِرَ يَا أَهْلَ التُّرْبَةِ وَ يَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ-

______________________________

- لصاحب القبر فيهم أقوى منه في قبور غيرهم. (مراد)

و قال العلّامة المجلسيّ: النهى عن بناء المساجد في المقابر يمكن أن يكون باعتبار كراهة الصلاة فيها، أو باعتبار تضييق المكان على الأموات، أو باعتبار تغيير الوقف إذا كان وقفا للمقبرة، و النهى الوارد عن اتخاذ قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبلة و مسجدا يمكن أن يكون المراد به أن لا تجعلوه بمثل الكعبة و لا تسجدوا عليه كالكعبة كما فعلته اليهود في قبور أنبيائهم، أو يكون نهيا عن المحاذات اليهم في الصلاة لئلا يصير بمرور الأيّام قبلة كالكعبة، و كذا النهى عن الصلاة في البيت الذي فيه القبر، هذا كله على تقدير صحة الخبر، و يحتمل أن يكون وروده تقية لما روى عن عائشة. انتهى.

و قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: هذه الأخبار رواها الصدوق و الشيخان و جماعة المتأخرين في كتبهم و لم يستثنوا قبرا و لا ريب أن الإماميّة مطبقة على مخالفة القضيتين من هذه إحداهما البناء و الأخرى الصلاة في المشاهد المقدّسة، فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنّها آحاد و بعضها ضعيف و قد عارضها أشهر منها- انتهى و قال العلّامة المجلسيّ: نستثنى من هذا الحكم (يعنى النهى عن البناء و كذا الصلاة في بيت فيه قبر) قبور الأنبياء و الأئمّة عليهم السلام لاطباق الناس على البناء على قبورهم من غير نكير و استفاضة الروايات بالترغيب في ذلك بل لا يبعد استثناء قبور العلماء و الصلحاء أيضا استضعافا لسند المنع و التفاتا الى كون ذلك تعظيما لشعائر الإسلام و تحصيلا لكثير من المصالح الدينية كما لا يخفى. انتهى أقول: فى مزار البحار أخبار تؤيد هذا القول و يفهم منها جواز البناء حول قبور الأئمّة عليهم السلام و الصلاة عند قبرهم بل رجحانهما فليراجع و قد قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: «كانى بالقصور و قد شيّدت حول قبر الحسين عليه السلام و كأنى بالاسواق قد حفت حول قبره- الخ».

 (1). في بعض النسخ «المتقدمين منا و المتأخرين». و قوله «على أهل الديار من المؤمنين» المراد بالديار ديار الغربة، و «من» بيانية أي الذين هم المؤمنون، أو تبعيضية. (مراد).

179
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

فَهَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا «1» وَ لَيْتَ شِعْرِي مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ قَالَ لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْجَوَابِ لَقَالُوا إِنَ‏ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى‏

536- وَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى الْقَتْلَى بِبَدْرٍ وَ قَدْ جَمَعَهُمْ فِي قَلِيبٍ‏ «2» فَقَالَ يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ إِنَّا قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُكَلِّمُ الْمَوْتَى فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ لَقَالُوا نَعَمْ وَ إِنَ‏ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى‏.

537- وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ ع تَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ كُلَّ غَدَاةِ سَبْتٍ فَتَأْتِي قَبْرَ حَمْزَةَ فَتَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَ تَسْتَغْفِرُ لَهُ‏ «3».

538- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا دَخَلْتَ الْجَبَّانَةَ «4» فَقُلِ السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ.

539- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ إِذَا دَخَلْتَ الْمَقَابِرَ فَطَأِ الْقُبُورَ «5» فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً اسْتَرْوَحَ إِلَى ذَلِكَ‏ «6» وَ مَنْ كَانَ مُنَافِقاً وَجَدَ أَلَمَهُ.

540- وَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الْمَوْتَى‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «فهذا آخر ما عندنا».

 (2). القليب البئر قبل أن يطوى يذكر و يؤنث، و قيل: البئر العادية القديمة. (الصحاح).

 (3). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 121 مسندا عن الصادق عليه السلام.

 (4). الجبّان و الجبّانة- بضم الجيم و شد الباء-: الصحراء و تسمى بها المقابر لانها تكون في الصحراء تسمية للشي‏ء باسم موضعه. (النهاية).

 (5). ذكر الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى أحاديث تدلّ على منع المشى على القبور و حمله على الكراهة، ثمّ قال: المشهور كراهة البناء على القبر و اتّخاذه مسجدا، و كذا يكره القعود على القبر. و زاد الشيخ كراهة الاتكاء عليه و المشى، و نقله في المعتبر. فما نقله المؤلّف- رحمه اللّه- عن الكاظم عليه السلام يمكن حمله على القاصد زيارتهم بحيث لا يتوصل الى القبر الا بالمشى على الآخر، و يقال: يختصّ الكراهة بالقعود لما فيه من اللبث المنافى للتعظيم.

 (6). استروح: وجد الراحة كاستراح. (القاموس).

180
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

نَزُورُهُمْ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَيَعْلَمُونَ بِنَا إِذَا أَتَيْنَاهُمْ فَقَالَ إِي وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ بِكُمْ وَ يَفْرَحُونَ بِكُمْ وَ يَسْتَأْنِسُونَ إِلَيْكُمْ قَالَ قُلْتُ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ نَقُولُ إِذَا أَتَيْنَاهُمْ قَالَ قُلِ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جُنُوبِهِمْ وَ صَاعِدْ إِلَيْكَ أَرْوَاحَهُمْ وَ لَقِّهِمْ مِنْكَ رِضْوَاناً وَ أَسْكِنْ إِلَيْهِمْ مِنْ رَحْمَتِكَ مَا تَصِلُ بِهِ وَحْدَتَهُمْ وَ تُؤْنِسُ بِهِ وَحْشَتَهُمْ‏ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.

541- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ زَارَ قَبْرَ مُؤْمِنٍ فَقَرَأَ عِنْدَهُ‏ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَ لِصَاحِبِ الْقَبْرِ «1».

542- وَ سَأَلَ إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ- أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ ع- عَنِ الْمُؤْمِنِ يَزُورُ أَهْلَهُ‏ «2» فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فِي كَمْ فَقَالَ عَلَى قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ مِنْهُمْ مَنْ يَزُورُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَزُورُ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَزُورُ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي مَجْرَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُولُ أَدْنَاهُمْ جُمْعَةً «3» فَقَالَ لَهُ فِي أَيِّ سَاعَةٍ قَالَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ أَوْ قُبَيْلَ ذَلِكَ فَيَبْعَثُ اللَّهُ مَعَهُ مَلَكاً يُرِيهِ مَا يَسُرُّ بِهِ وَ يَسْتُرُ عَنْهُ مَا يَكْرَهُهُ فَيَرَى سُرُوراً وَ يَرْجِعُ إِلَى قُرَّةِ عَيْنٍ‏ «4».

543- وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّ الْكَافِرَ يَزُورُ أَهْلَهُ فَيَرَى مَا يَكْرَهُهُ وَ يُسْتَرُ عَنْهُ مَا يُحِبُّ.

544- وَ قَالَ صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى- لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع- بَلَغَنِي أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَتَاهُ الزَّائِرُ آنَسَ بِهِ فَإِذَا انْصَرَفَ عَنْهُ اسْتَوْحَشَ فَقَالَ لَا يَسْتَوْحِشُ.

______________________________

 (1). رواه في ثواب الأعمال بإسناده عن أحمد بن محمّد قال: «كنت انا و إبراهيم بن هاشم في بعض المقابر اذ جاء الى قبر فجلس مستقبل القبلة، ثمّ وضع يده على القبر فقرأ سبع مرّات «انا انزلناه» ثم قال: حدّثني صاحب هذا القبر- و هو محمّد بن إسماعيل بن بزيع- انه من زار قبر مؤمن فقرأ عنده سبع مرّات «انا أنزلناه» غفر اللّه له و لصاحب القبر».

 (2). أي المؤمن الميت يزور أهله الاحياء.

 (3). أي أدناهم يزور جمعة و أريد بها الأسبوع لا اليوم المخصوص بقرينة الكلام.

 (4). أي يرجع قرير العين مسرورا.

181
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

545- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ يُصْنَعُ لِلْمَيِّتِ مَأْتَمٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمَ مَاتَ‏ «1».

546- وَ أَوْصَى أَبُو جَعْفَرٍ ع بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِمَأْتَمِهِ وَ كَانَ يَرَى ذَلِكَ لِلسُّنَّةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ اتَّخِذُوا لآِلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ طَعَاماً فَقَدْ شُغِلُوا.

547- وَ أَوْصَى أَبُو جَعْفَرٍ ع أَنْ يُنْدَبَ فِي الْمَوَاسِمِ عَشْرَ سِنِينَ‏ «2».

548- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْأَكْلُ عِنْدَ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَ السُّنَّةُ الْبَعْثُ إِلَيْهِمْ بِالطَّعَامِ كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ص فِي آلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع لَمَّا جَاءَ نَعْيُهُ‏ «3».

549- وَ قَالَ ع‏ لَمَّا قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع‏ «4»- أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص- فَاطِمَةَ ع أَنْ تَأْتِيَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ- وَ نِسَاءَهَا وَ أَنْ تَصْنَعَ لَهُمْ‏

______________________________

 (1). المأتم- كمشهد-: كل مجتمع في حزن أو فرح، أو خاصّ بالنساء للموت و قد يطلق على الطعام للميت.

 (2). الندب تذكر النائحة للميت بأحسن أوصافه و أفعاله و البكاء عليه، و قد روى الكليني في الكافي ج 5 ص 117 بإسناده عن الصادق عليه السلام قال: «قال أبى: يا جعفر أوقف لي من مالى كذا و كذا النوادب تند بنى عشر سنين بمنى أيّام منى»، و ذلك يدلّ على رجحان الندبة عليهم عليهم- السلام و اقامة المأتم لهم لما فيه من تشييد حبهم و بغض مخالفيهم في القلوب، و الظاهر اختصاصه بهم. و النوح عليهم سنة جارية بيننا خلافا للعامة فانهم نقلوا أخبارا ظاهرها تحريم النياحة و على تقدير صحتها حملت على النوح بالباطل الذي كان عمل الناس في الجاهلية فانهم وصفوا الميت بما ليس فيه و قد يظهر هذا الحمل من أخبارهم أيضا.

 (3). النعى: الاخبار بالموت، و نعاه أي أخبر بموته، و يظهر من الخبر كراهة الاكل من طعام صنعه أهل المصيبة لا ما بعث اليهم غيرهم. (م ت).

 (4). جعفر بن أبي طالب استشهد بمؤتة و هو ابن أربعين سنة أو أقل، و نقل العسقلانى في الإصابة عن الطبراني أنّه أصيب بتسعين جراحة.

182
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

طَعَاماً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ.

550- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَّا الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا «1».

551- وَ سُئِلَ‏ عَنْ أَجْرِ النَّائِحَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ قَدْ نِيحَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص.

552- وَ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِكَسْبِ النَّائِحَةِ إِذَا قَالَتْ صِدْقاً.

وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ: تَسْتَحِلُّهُ بِضَرْبِ إِحْدَى يَدَيْهَا عَلَى الْأُخْرَى.

553- وَ لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ وَقْعَةِ أُحُدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ سَمِعَ مِنْ كُلِّ دَارٍ قُتِلَ مِنْ أَهْلِهَا قَتِيلٌ نَوْحاً وَ بُكَاءً وَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ دَارِ حَمْزَةَ عَمِّهِ فَقَالَ ص لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ فَآلَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ «2» أَنْ لَا يَنُوحُوا عَلَى مَيِّتٍ وَ لَا يَبْكُوهُ حَتَّى يَبْدَءُوا بِحَمْزَةَ فَيَنُوحُوا عَلَيْهِ وَ يَبْكُوهُ فَهُمْ إِلَى الْيَوْمِ عَلَى ذَلِكَ.

554- وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يُصَلَّى عَنِ الْمَيِّتِ فَقَالَ نَعَمْ حَتَّى إِنَّهُ لَيَكُونُ فِي ضِيقٍ فَيُوَسِّعُ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الضِّيقَ ثُمَّ يُؤْتَى فَيُقَالُ لَهُ خُفِّفَ عَنْكَ هَذَا الضِّيقُ بِصَلَاةِ فُلَانٍ أَخِيكَ عَنْكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَأُشْرِكُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي رَكْعَتَيْنِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ ع إِنَّ الْمَيِّتَ لَيَفْرَحُ بِالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ وَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ كَمَا يَفْرَحُ الْحَيُّ بِالْهَدِيَّةِ تُهْدَى إِلَيْهِ‏ «3».

______________________________

 (1). أحدت المرأة: امتنعت من الزينة، و كذلك حدت- بشد الدال- و الحداد:

ثياب المأتم.

 (2). آلى يؤلى ايلاء أي حلف.

 (3). الاخبار في انتفاع الميت بالصلاة و الصوم و الحجّ و الصدقة و غيرها من القربات متواترة جدا أوردها الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى و بسط الكلام و في حقّ المقام.

و ربما يستشكل بأن ما جاء في تلك الروايات ينافى قوله تعالى: «وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏» و أجيب تارة بأن الآية منسوخ الحكم في شريعتنا لقوله تعالى‏ «أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» يعنى برفع الدرجة و رفع درجة الذرّية ممّا لم يستحقوها بأعمالهم و نحو هذا. و قال بعضهم: ان ذلك لقوم إبراهيم و موسى فأما هذه الأمة فلهم ما سعى غيرهم نيابة عنهم، و هو كما ترى. و تارة بعدم التنافى بيانه أن القربات و الاعمال الصالحة التي ينتفع بها المؤمن بعد موته على أقسام، قسم منها-

183
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

وَ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ حَجَّتَهُ‏ «1» أَوْ عُمْرَتَهُ أَوْ بَعْضَ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْضَ طَوَافِهِ لِبَعْضِ أَهْلِهِ وَ هُوَ مَيِّتٌ وَ يَنْتَفِعُ بِهِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَكُونُ مَسْخُوطاً عَلَيْهِ فَيُغْفَرُ لَهُ وَ يَكُونُ مُضَيَّقاً عَلَيْهِ فَيُوَسَّعُ لَهُ‏ «2» وَ يَعْلَمُ الْمَيِّتُ بِذَلِكَ وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ نَاصِبٍ-

______________________________

- كالصدقة الجارية و بناء المساجد و العلم الذي ينتفع به الناس و ما شابهها فلا كلام في أنّها تكون من عمله و سعيه فمجزىّ بها بعد موته، و قسم له دخل ما في تحققه و ان لم يكن في ظاهر الامر من عمله كالوصية بأنواع الخير فهو أيضا يعد من سعيه و يشمله عموم «ما سعى» لانه ان لم يوص لم يتحقّق، أو كالولد البر التقى الذي أدبه في أيّام حياته فيدعو له بعد موته و يصلى و يصوم و يحج عنه فهو أيضا من كسبه كما جاء في النبوى (ص) «ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه و ان ولده من كسبه». و قسم لا دخل للميت في وقوعه على الظاهر كاستغفار المؤمنين له و الاعمال الصالحة التي تهدى إليه مثوباتها فذاك اما مرتبط بسعيه في الدخول في زمرة المؤمنين و تكثير سوادهم و تأييد ايمانهم الذي من آثاره ما يأتون به من القربات و الخيرات كما في قوله تعالى: «وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ» و اما مرتبط باحسانه و محبّته اليهم في حياته فهو أيضا نتيجة احسانه و محبته و يشمله عموم السعى أيضا.

و قسم لا يتصوّر للميت أي مدخل فيه كتبرّع ذوى قرباه أو غيرهم له لا من جهة أنّه من المؤمنين بل من أجل القرابة في النسب فحسب أو لمحبوبية التبرع عن الغير عند الشارع و رجحانه عند اللّه تعالى فهذا أيضا لا ينافى حكم الآية التشريعى لان لكل عمل عبادى ثوابا مقررا عند اللّه تعالى يصل الى العامل جزاء لعمله و سعيه لا محالة تفضلا كان أو استحقاقا، فحينئذ إذا أهدى العامل ثواب عمله الى شخص عيّنه و سأل اللّه سبحانه أن يبعث ثوابها الى روح ذلك الشخص فكأنّه أحال على اللّه عزّ و جلّ فقبل سبحانه حوالته و أعطى أجره من كان يريده فلا منافاة لان ذلك جزاء عمل المحيل لا غير. هذا من افادات أستادنا المعظم السيّد محمّد كاظم الموسوى الگلپايگاني دام ظله العالى. هذا و راجع في تحقيق آخر للكلام ج 2 ص 461.

 (1). الظاهر أنّه يفعل ذلك نيابة عن الميت، و يحتمل أن يجعل للميت ثواب ما فعله سابقا. (مراد).

 (2). السخط خلاف الرضا، و لعلّ المراد بالضيق تضيق القبر و ضغطته، و بالتوسع توسعه و رفع الضغطة، و يحتمل العموم. (مراد).

184
من لا يحضره الفقيه1

باب التعزية و الجزع عند المصيبة و زيارة القبور و النوح و المأتم ص : 173

لَخُفِّفَ عَنْهُ‏ «1» وَ الْبِرُّ وَ الصِّلَةُ وَ الْحَجُّ يُجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَ الْحَيِّ فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا تَجُوزُ عَنِ الْحَيِ‏ «2».

555- وَ قَالَ ع‏ سِتَّةٌ يَلْحَقْنَ الْمُؤْمِنَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَدٌ يَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ مُصْحَفٌ يُخَلِّفُهُ وَ غَرْسٌ يَغْرِسُهُ وَ صَدَقَةُ مَاءٍ يُجْرِيهِ‏ «3» وَ قَلِيبٌ يَحْفِرُهُ وَ سُنَّةٌ يُؤْخَذُ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ.

556- وَ قَالَ ع‏ مَنْ عَمِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مَيِّتٍ عَمَلًا صَالِحاً أُضْعِفَ لَهُ أَجْرُهُ وَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ الْمَيِّتَ.

557- وَ قَالَ ع‏ يَدْخُلُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ الصَّلَاةُ وَ الصَّوْمُ وَ الْحَجُّ وَ الصَّدَقَةُ وَ الْبِرُّ وَ الدُّعَاءُ وَ يُكْتَبُ أَجْرُهُ لِلَّذِي يَفْعَلُهُ وَ لِلْمَيِّتِ.

558- وَ لَمَّا مَاتَ‏ «4» ذَرُّ بْنُ أَبِي ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَفَ أَبُو ذَرٍّ عَلَى قَبْرِهِ فَمَسَحَ الْقَبْرَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ يَا ذَرُّ- وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ بِي لَبَرّاً وَ لَقَدْ قُبِضْتَ وَ إِنِّي عَنْكَ لَرَاضٍ وَ اللَّهِ مَا بِي فَقْدُكَ وَ مَا عَلَيَّ مِنْ غَضَاضَةٍ «5» وَ مَا لِي إِلَى أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ مِنْ حَاجَةٍ وَ لَوْ لَا هَوْلُ الْمُطَّلَعِ‏ «6» لَسَرَّنِي أَنْ أَكُونَ مَكَانَكَ وَ لَقَدْ شَغَلَنِي الْحُزْنُ‏

______________________________

 (1). يمكن أن يكون محمولا على المبالغة بمعنى أنّه لو أمكن انتفاعه لانتفع، لكن يستحيل انتفاعه لان النفع مشروط بالايمان و لا أقل من الإسلام و هو خارج عن الدين ضرورة، الا أن يراد بالناصب غير المعادى كما هو شايع في الاخبار من اطلاق الناصب فيمكن انتفاعهم بفضل اللّه تعالى. (م ت).

 (2). الا صلاة الطواف فانها جزء للحج.

 (3). في بعض النسخ «صدقة ما يجريه» فحينئذ يشمل الماء و غيره. (مراد).

 (4). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 250 عن عليّ بن إبراهيم القمّيّ مرفوعا مقطوعا.

 (5). أي ليس على بأس و حزن من فقدك و موتك، أو ما وقع بى فقدك مكروها و الحاصل ليس بى حزن فقدك. و الغضاضة: الذلة و المنقصة و الغيظ.

 (6). المطلع- بتشديد الطاء المهملة و البناء للمفعول-: أمر الآخرة و موقف القيامة أو ما يشرف عليه عقيب الموت فشبه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.

185
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

لَكَ‏ «1» عَنِ الْحُزْنِ عَلَيْكَ وَ اللَّهِ مَا بَكَيْتُ لَكَ وَ لَكِنْ بَكَيْتُ عَلَيْكَ‏ «2» فَلَيْتَ شِعْرِي مَا قُلْتَ وَ مَا قِيلَ لَكَ- اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لَهُ مَا افْتَرَضْتَ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّي فَهَبْ لَهُ مَا افْتَرَضْتَ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالْجُودِ مِنِّي وَ الْكَرَمِ.

بَابُ النَّوَادِرِ

559- قَالَ الصَّادِقُ ع- مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ أَحَبَّ إِلَى إِبْلِيسَ مِنْ مَوْتِ فَقِيهٍ.

560- وَ سُئِلَ ع‏ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها فَقَالَ فَقْدُ الْعُلَمَاءِ.

561- وَ سُئِلَ ع‏ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ «3» فَقَالَ تَوْبِيخٌ لِابْنِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً «4».

562- وَ سُئِلَ ع‏ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها قَالَ هُوَ الْفَنَاءُ بِالْمَوْتِ‏ «5».

______________________________

 (1). أي في أمر الآخرة و قوله «عن الحزن عليك» أي على مفارقتك.

 (2). قوله «ما بكيت لك» أي لفراقك و «بكيت عليك» أي للاشفاق عليك، أو على ضعفك و عجزك عن الاهوال التي أمامك.

 (3). لفظة «ما» على هذا التفسير يراد به العمر و المعنى أ و لم نعمركم عمرا يتذكر فيه من تذكر.

 (4). ظاهر الآية توبيخ المعمرين الذين لم يتذكروا و لم يتنبهوا أن الدنيا فانية و الآخرة باقية حتى يسعوا في موجبات الثواب الأبدي. و فسر المعمر بمن كان له من العمر ثمانية عشر سنة، يعنى هذا المقدار من العمر كاف للتذكر و التنبه و ملوم بالتقصير فيه، و كلما زاد فملامته أشد و أكثر. (م ت).

 (5). مرجع الضمير هو الاهلاك المفهوم من قوله: «مهلكوها».

186
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

563- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تُعَزُّونَا وَ لَنَا أَنْ نُعَزِّيَكُمْ إِنَّمَا لَكُمْ أَنْ تُهَنِّئُونَا لِأَنَّكُمْ تُشَارِكُونَنَا فِي الْمُصِيبَةِ «1».

564- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ لِابْنِهِ أَوْ لِابْنَتِهِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَوْ بِأَبَوَيَّ أَنْتَ أَ تَرَى بِذَلِكَ بَأْساً فَقَالَ إِنْ كَانَ أَبَوَاهُ حَيَّيْنِ فَأَرَى ذَلِكَ عُقُوقاً وَ إِنْ كَانَ قَدْ مَاتَا فَلَا بَأْسَ.

565- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الصَّبْرُ صَبْرَانِ فَالصَّبْرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حَسَنٌ جَمِيلٌ وَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْكَ فَيَكُونُ لَكَ حَاجِزاً.

566- وَ قَالَ ع- إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تَطَوَّلَ عَلَى عِبَادِهِ بِثَلَاثٍ أَلْقَى عَلَيْهِمُ الرِّيحَ بَعْدَ الرُّوحِ‏ «2» وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا دَفَنَ حَمِيمٌ حَمِيماً وَ أَلْقَى عَلَيْهِمُ السَّلْوَةَ بَعْدَ الْمُصِيبَةِ «3» وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَانْقَطَعَ النَّسْلُ وَ أَلْقَى عَلَى هَذِهِ الْحَبَّةِ «4» الدَّابَّةَ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَكَنَزَهَا مُلُوكُهُمْ كَمَا يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ.

567- وَ قَالَ ع‏ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ نَجْزَعُ قَبْلَ الْمُصِيبَةِ فَإِذَا نَزَلَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَضِينَا بِقَضَائِهِ وَ سَلَّمْنَا لِأَمْرِهِ وَ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَكْرَهَ مَا أَحَبَّ اللَّهُ لَنَا.

568- وَ قَالَ ع‏ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ وَجْدٍ بِمُصِيبَةٍ «5» فَلْيُفِضْ مِنْ دُمُوعِهِ فَإِنَّهُ يَسْكُنُ عَنْهُ.

______________________________

 (1). ذلك لان شركاء المصيبة لا يعزى بعضهم بعضا بخلاف شركاء النعمة فانه يهنئ بعضهم بعضا، و يمكن حمله على أن ليس لكم أن تعزونا في مصيبتنا بل لنا أن نعزيكم فيها لانكم تشاركوننا فيها و التعزية أي الحمل على الصبر ينبغي أن يقع من الشريك الذي هو أصبر بالنسبة الى الذي هو أقل صبرا. (مراد).

 (2). أي النتن بعد ذهاب الروح.

 (3). الحميم: القريب، و السلوة التسلّى اسم من سلوت عنه سلوا من باب قعد، قال أبو زيد: السلو طيب نفس الالف عن الفه. (المصباح).

 (4). المراد بها الحنطة و الشعير و أمثالهما.

 (5). الوجد- بفتح الواو- هنا: الحزن.

187
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

569- وَ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى‏ «1» لِلصَّادِقِ ع- أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَحْلَى مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الْوَلَدُ الشَّابُّ فَقَالَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَمَرُّ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَقْدُهُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ.

570- وَ قَالَ ع- مَا مِنْ عَبْدٍ يَمْسَحُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ تَرَحُّماً لَهُ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِكُلِّ شَعْرَةٍ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

571- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ يَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَةً.

572- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ أَنْكَرَ مِنْكُمْ قَسَاوَةَ قَلْبِهِ فَلْيَدْنُ يَتِيماً فَيُلَاطِفُهُ وَ لْيَمْسَحْ رَأْسَهُ يَلِينُ قَلْبُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ لِلْيَتِيمِ حَقّاً.

وَ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: يُقْعِدُهُ عَلَى خِوَانِهِ وَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ يَلِينُ قَلْبُهُ.

573- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا بَكَى الْيَتِيمُ اهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَنْ هَذَا الَّذِي أَبْكَى عَبْدِيَ الَّذِي سَلَبْتُهُ أَبَوَيْهِ فِي صِغَرِهِ فَوَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ ارْتِفَاعِي فِي مَكَانِي لَا يُسْكِتُهُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ إِلَّا أَوْجَبْتُ لَهُ الْجَنَّةَ.

574- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ قَدَّمَ أَوْلَاداً يَحْتَسِبُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ‏ «2» حَجَبُوهُ مِنَ النَّارِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

575- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَرِهَ لِي سِتَّ خِصَالٍ وَ كَرِهْتُهُنَّ لِلْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي وَ أَتْبَاعِهِمْ مِنْ بَعْدِي الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ «3» وَ الرَّفَثَ فِي‏

______________________________

 (1). هو قاض من قضاة العامّة.

 (2). في الصحاح: و احتسبت بكذا أجرا عند اللّه و الاسم الحسبة- بالكسر- و هى الاجر، و احتسب فلان ابنا له أو بنتا، اذا مات و هو كبير فان مات صغيرا قيل افترطه. انتهى و لعلّ معنى الاحتساب هنا موت الولد مطلقا.

 (3). «العبث في الصلاة» لعل المراد ما يؤتى به في الصلاة من غير أفعالها ممّا لا يبطلها و لا يتعلق به غرض يعتد به، و الرفث: الجماع و الفحش من القول، و لعلّ المراد مقدمات الجماع مثل التقبيل و غيره.

188
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

الصَّوْمِ وَ الْمَنَّ بَعْدَ الصَّدَقَةِ وَ إِتْيَانَ الْمَسَاجِدِ جُنُباً وَ التَّطَلُّعَ فِي الدُّورِ وَ الضَّحِكَ بَيْنَ الْقُبُورِ.

576- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ كُلُّمَا جُعِلَ عَلَى الْقَبْرِ مِنْ غَيْرِ تُرَابِ الْقَبْرِ فَهُوَ ثِقْلٌ عَلَى الْمَيِّتِ.

577- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ السِّنْدِيَّ بْنَ شَاهَكَ- قَالَ لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع- أُحِبُّ أَنْ تَدَعَنِي عَلَى أَنْ أُكَفِّنَكَ فَقَالَ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ حَجُّ صَرُورَتِنَا «1» وَ مُهُورُ نِسَائِنَا وَ أَكْفَانُنَا مِنْ طَهُورِ أَمْوَالِنَا.

578- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ أَعْدَاءَنَا يَمُوتُونَ بِالطَّاعُونِ وَ أَنْتُمْ تَمُوتُونَ بِعِلَّةِ الْبُطُونِ أَلَا إِنَّهَا عَلَامَةٌ فِيكُمْ يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ.

579- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏- مَنْ جَدَّدَ قَبْراً أَوْ مَثَّلَ مِثَالًا فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ.

وَ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ جَدَّدَ بِالْجِيمِ لَا غَيْرَ وَ كَانَ شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَحْكِي عَنْهُ‏ «2» أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ تَجْدِيدُ الْقَبْرِ وَ لَا تَطْيِينُ جَمِيعِهِ بَعْدَ مُرُورِ الْأَيَّامِ عَلَيْهِ وَ بَعْدَ مَا طُيِّنَ فِي الْأَوَّلِ وَ لَكِنْ إِذَا مَاتَ مَيِّتٌ وَ طُيِّنَ قَبْرُهُ فَجَائِزٌ أَنْ يُرَمَّ سَائِرُ الْقُبُورِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَدَّدَ وَ ذَكَرَ «3» عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ مَنْ حَدَّدَ قَبْراً بِالْحَاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ يَعْنِي بِهِ مَنْ سَنَّمَ قَبْراً وَ ذَكَرَ «4» عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا هُوَ مَنْ جَدَّثَ قَبْراً وَ تَفْسِيرُ الْجَدَثِ‏ «5» الْقَبْرُ فَلَا نَدْرِي مَا عَنَى بِهِ وَ الَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّهُ جَدَّدَ بِالْجِيمِ‏

______________________________

 (1). المراد بحج الصرورة حجّة الإسلام.

 (2). يعني عن الصفار- رحمه اللّه-

 (3 و 4) المستتر راجع الى ابن الوليد ظاهرا.

 (5). تتمة كلام ابن الوليد.

189
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

وَ مَعْنَاهُ نَبَشَ قَبْراً لِأَنَّ مَنْ نَبَشَ قَبْراً فَقَدْ جَدَّدَهُ وَ أَحْوَجَ إِلَى تَجْدِيدِهِ وَ قَدْ جَعَلَهُ جَدَثاً مَحْفُوراً وَ أَقُولُ إِنَّ التَّجْدِيدَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ- وَ التَّحْدِيدَ بِالْحَاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- وَ الَّذِي قَالَهُ الْبَرْقِيُّ مِنْ أَنَّهُ جَدَّثَ كُلَّهُ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ‏ «1» وَ إِنَّ مَنْ خَالَفَ الْإِمَامَ ع فِي التَّجْدِيدِ وَ التَّسْنِيمِ وَ النَّبْشِ وَ اسْتَحَلَّ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ- «2»

______________________________

 (1). مراده بهذا الكلام غير معلوم فانه ان أراد ورود الخبر بكل ما قال فليس كذلك، و ان أراد أن لاحدها معنى عاما شاملا للجميع فليثبته. ثم اعلم أن ما في المتن أقرب الجميع و «جدث» أبعدها لانه لم يسمع بفعل من «جدث» سوى «اجتدث» بمعنى اتخذ قبرا فلذا قال ابن الوليد بعد نقل كلام البرقي «لا ندرى ما عنى به» و لكن الشيخ قال في التهذيب ج 1 ص 130 يمكن أن يكون المعنى بهذه الرواية النهى أن يجعل القبر دفعة اخرى قبرا لانسان آخر لان الجدث هو القبر فيجوز أن يكون الفعل مأخوذا منه- انتهى، و لكن لم يستعمل فعل من جدث مجردا.

ثمّ اعلم أن الشيخ- رحمه اللّه- نسب قول ابن الوليد الى الصدوق و هذا وهم منه كما عرفت و تبعه العلامة- رحمه اللّه- و قد حكى عن المفيد أنّه رواه «خدد» بالخاء المعجمة و الدال مأخوذا من قوله تعالى: «قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ» و الخد الشق. (راجع الاخبار الدخيلة 1 ص 50).

 (2). قال بعض الشراح: المعاني المذكورة ليست من ضروريّات الدين حتّى يخرج مستحلوها بسبب استحلالها عن الإسلام مع أن الاستحلال ليس في الرواية و الذي يدور في خلدى أن معنى الرواية على التمثيل و الاستعارة حيث شبه بدن الجاهل بالقبر، و روحه بالميت لان حياة الروح بالعلم و ترويج أفعاله و أقواله بالتجديد و مقصوده- و اللّه أعلم- أن من اتخذ جاهلا اماما يقتدى به و يروج أقواله و أفعاله فقد خرج عن الدين و قوله عليه السلام «مثّل مثالا» يعنى أبدع في الدين بدعة كما فسره الصدوق- رحمه اللّه- انتهى، أقول: أخذه المؤلّف ممّا رواه هو في كتابه معاني الاخبار عن الصادق عليه السلام أنّه قال: «من مثل مثالا و اقتنى كلبا فقد خرج من الإسلام فقيل له: هلك إذا كثير من الناس فقال: ليس حيث ذهبتم، انما عنيت بقولى «من مثّل مثالا»-

190
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

وَ الَّذِي أَقُولُهُ فِي قَوْلِهِ ع مَنْ مَثَّلَ مِثَالًا يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ مَنْ أَبْدَعَ بِدْعَةً وَ دَعَا إِلَيْهَا أَوْ وَضَعَ دِيناً فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ- وَ قَوْلِي فِي ذَلِكَ قَوْلُ أَئِمَّتِي ع فَإِنْ أَصَبْتُ فَمِنَ اللَّهِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ وَ إِنْ أَخْطَأْتُ فَمِنْ عِنْدِ نَفْسِي.

580- وَ رُوِيَ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَيِّتِ هَلْ يَبْلَى جَسَدُهُ فَقَالَ نَعَمْ حَتَّى لَا يَبْقَى لَحْمٌ وَ لَا عَظْمٌ إِلَّا طِينَتُهُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْلَى تَبْقَى فِي الْقَبْرِ مُسْتَدِيرَةً «1» حَتَّى يُخْلَقَ مِنْهَا كَمَا خُلِقَ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

581- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ عِظَامَنَا عَلَى الْأَرْضِ وَ حَرَّمَ لُحُومَنَا عَلَى الدُّودِ أَنْ تَطْعَمَ مِنْهَا شَيْئاً.

582- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص- حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ وَ مَمَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَيْفَ ذَلِكَ فَقَالَ ص أَمَّا حَيَاتِي فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ‏ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ‏ وَ أَمَّا مُفَارَقَتِي إِيَّاكُمْ فَإِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ فَمَا كَانَ مِنْ حَسَنٍ اسْتَزَدْتُ اللَّهَ لَكُمْ وَ مَا كَانَ مِنْ قَبِيحٍ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ قَالُوا وَ قَدْ رَمَمْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَعْنُونَ صِرْتَ رَمِيماً فَقَالَ كَلَّا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَرَّمَ لُحُومَنَا عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَطْعَمَ مِنْهَا شَيْئاً «2».

583- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ ع كُلَّ يَوْمٍ أَبْرَارِهَا وَ فُجَّارِهَا فَاحْذَرُوا وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ‏

______________________________

- من نصب دينا غير دين اللّه و دعا الناس إليه و بقولى «من اقتنى كلبا» مبغضا لنا أهل البيت اقتناه و أطعمه و سقاه، من فعل ذلك فقد خرج من الإسلام».

 (1). لعله مأخوذ من دار يدور دورا بمعنى منتقلة من حال الى حال و من شأن الى شأن، و الحاصل ما سوى النطفة لا يبقى انما تبقى الطينة مستديمة مستمرة، و يؤيده ما في بعض النسخ من لفظ «مستديمة» بدل مستديرة فالنطفة مستديمة في جميع مراتب التغيير دائرة منتقلة من حال الى حال مع بقائها في ذاتها حتّى يخلق منها كما خلق أول مرة. (سلطان).

 (2). هنا كلام و هو أن المعروض عليه هو الروح و صيرورة البدن رميما لا ينافى ذلك و لعلّ جوابه (ص) مبنى على رفع توهم القائل لا على توقف العرض على وجود البدن. (مراد).

191
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ‏

584- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الْمَصْلُوبِ يُصِيبُهُ عَذَابُ الْقَبْرِ فَقَالَ إِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ هُوَ رَبُّ الْهَوَاءِ فَيُوحِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى الْهَوَاءِ فَيَضْغَطُهُ أَشَدَّ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ.

585- وَ رَوَى عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنْ غَسَلْتَ رَأْسَ الْمَيِّتِ وَ لِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ فَلَا بَأْسَ.

وَ ذَكَرَ هَذَا فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَصِفُ فِيهِ غُسْلَ الْمَيِّتِ‏ «1».

586- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- غُسْلُ الْمَيِّتِ مِثْلُ غُسْلِ الْجُنُبِ فَإِنْ كَانَ كَثِيرَ الشَّعْرِ فَرُدَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

587- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا بَأْسَ أَنْ تَجْعَلَ الْمَيِّتَ بَيْنَ رِجْلَيْكَ وَ أَنْ تَقُومَ فَوْقَهُ فَتُغَسِّلَهُ إِذَا قَلَّبْتَهُ يَمِيناً وَ شِمَالًا تَضْبِطُهُ بِرِجْلَيْكَ كَيْ لَا يَسْقُطَ لِوَجْهِهِ‏ «2».

588- وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص مَشَى خَلْفَ جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقِيلَ لَهُ أَ لَا تَرْكَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ- فَقَالَ إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَرْكَبَ وَ الْمَلَائِكَةُ يَمْشُونَ.

589- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع فِي آخِرِ حَدِيثٍ‏ يَذْكُرُ فِيهِ غُسْلَ الْمَيِّتِ إِيَّاكَ أَنْ تَحْشُوَ مَسَامِعَهُ شَيْئاً فَإِنْ خِفْتَ أَنْ يَظْهَرَ مِنَ الْمَنْخِرَيْنِ شَيْ‏ءٌ فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تُصَيِّرَ عَلَيْهِ قُطْناً «3» وَ إِنْ لَمْ تَخَفْ فَلَا تَجْعَلْ فِيهِ شَيْئاً «4».

590- وَ قَالَ ع فِي آخِرِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ‏ يَصِفُ فِيهِ غُسْلَ الْمَيِّتِ لَا تُخَلِّلْ أَظَافِيرَهُ‏ «5».

______________________________

 (1). مروى بتمامه في التهذيب ج 1 ص 87.

 (2). هذا لا ينافى كراهة ذلك على ما صرّح به الفقهاء لجواز أن يحمل نفى البأس على نفى الحرمة و جواز تخصيصه بما إذا لم يكن هنالك من يعين الغاسل في حفظ الميت لئلا يسقط على وجهه. (مراد).

 (3). في بعض النسخ «ثمة قطعا».

 (4). رواه الكليني بتمامه في الكافي ج 3 ص 140 في حديث طويل.

 (5). هذا أيضا جزء من الخبر السابق.

192
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

591- وَ قَالَ ع‏ إِذَا مَاتَ لِأَحَدِكُمْ مَيِّتٌ فَسَجُّوهُ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ وَ كَذَلِكَ إِذَا غُسِّلَ يُحْفَرُ لَهُ مَوْضِعُ الْمُغْتَسَلِ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ.

592- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا قُبِضَتِ الرُّوحُ فَهِيَ مُظِلَّةٌ فَوْقَ الْجَسَدِ «1» رُوحُ الْمُؤْمِنِ وَ غَيْرِهِ يَنْظُرُ إِلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ يُصْنَعُ بِهِ فَإِذَا كُفِّنَ وَ وُضِعَ عَلَى السَّرِيرِ وَ حُمِلَ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ عَادَتِ الرُّوحُ إِلَيْهِ وَ دَخَلَتْ فِيهِ فَيُمَدُّ لَهُ فِي بَصَرِهِ فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِهِ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مِنَ النَّارِ فَيُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَجِّلُونِي عَجِّلُونِي وَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ رُدُّونِي رُدُّونِي وَ هُوَ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ يُصْنَعُ بِهِ وَ يَسْمَعُ الْكَلَامَ.

593- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ الْأَرْوَاحَ فِي صِفَةِ الْأَجْسَادِ فِي شَجَرَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ تَتَسَاءَلُ وَ تَتَعَارَفُ فَإِذَا قَدِمَتِ الرُّوحُ عَلَى الْأَرْوَاحِ تَقُولُ دَعُوهَا فَقَدْ أَفْلَتَتْ مِنْ هَوْلٍ عَظِيمٍ‏ «2» ثُمَّ يَسْأَلُونَهَا مَا فَعَلَ فُلَانٌ وَ مَا فَعَلَ فُلَانٌ فَإِنْ قَالَتْ لَهُمْ تَرَكْتُهُ حَيّاً ارْتَجَوْهُ وَ إِنْ قَالَتْ لَهُمْ قَدْ هَلَكَ قَالُوا هَوَى هَوَى‏ «3».

594- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ «4» إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع أَنْ أَخْرِجْ عِظَامَ يُوسُفَ ع مِنْ مِصْرَ- «5» وَ وَعَدَهُ طُلُوعَ الْقَمَرِ فَأَبْطَأَ

______________________________

 (1). في بعض النسخ «مطلة» بضم الميم و اهمال الطاء المكسورة من أطل عليه كذا أي أشرف. و في النهاية «أظلكم» أي أقبل عليكم و دنا منكم لانه القى عليكم ظله.

 (2). أي نجت و تخلصت. و في الصحاح أفلت الشي‏ء و تفلت و انفلت بمعنى و أفلته غيره. و في بعض النسخ «أقبلت».

 (3). أي سقط الى دركات الجحيم اذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا. (المرآة).

 (4). أخرجه في العلل و العيون بتمامه مسندا و فيهما «احتبس القمر عن بني إسرائيل فأوحى اللّه تعالى الى موسى (ع) أن أخرج عظام يوسف (ع) من مصر و وعده طلوع القمر إذا خرج عظامه- الحديث».

 (5). و ذلك كما في بعض الكتب أن يوسف عليه السلام لما مات تنازع بنو إسرائيل و أهل نواحي مصر في موضع قبره فكل يريد أن يدفن في محلته ليكون لهم افتخار ذلك أو بركته فأجمع أمرهم على أن يضعوه في تابوت مرمر و استثقلوه و نبذوه في ناحية من النيل و ماء النيل جار في الأنهار و حيث يجرى ينتفع جميع الطوائف به، يتطهرون بمائه و يشربون منه و تكون البركة لجميعهم على سواء.

193
من لا يحضره الفقيه1

باب النوادر ص : 186

طُلُوعُ الْقَمَرِ عَلَيْهِ‏ «1» فَسَأَلَ عَمَّنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَقِيلَ لَهُ هَاهُنَا عَجُوزٌ تَعْلَمُ عِلْمَهُ فَبَعَثَ إِلَيْهَا فَأُتِيَ بِعَجُوزٍ مُقْعَدَةٍ عَمْيَاءَ فَقَالَ تَعْرِفِينَ قَبْرَ يُوسُفَ ع- قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَأَخْبِرِينِي بِمَوْضِعِهِ قَالَتْ لَا أَفْعَلُ حَتَّى تُعْطِيَنِي خِصَالًا تُطْلِقَ رِجْلَيَّ وَ تُعِيدَ إِلَيَّ بَصَرِي وَ تَرُدَّ إِلَيَّ شَبَابِي وَ تَجْعَلَنِي مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى مُوسَى- فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ إِنَّمَا تُعْطِي عَلَيَّ فَأَعْطِهَا مَا سَأَلَتْ فَفَعَلَ فَدَلَّتْهُ عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ ع- فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ شَاطِئِ النِّيلِ فِي صُنْدُوقٍ مَرْمَرٍ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ طَلَعَ الْقَمَرُ فَحَمَلَهُ إِلَى الشَّامِ فَلِذَلِكَ يَحْمِلُ أَهْلُ الْكِتَابِ مَوْتَاهُمْ إِلَى الشَّامِ‏ «2».

 هُوَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ع وَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يُوسُفَ فِي الْقُرْآنِ غَيْرَهُ‏ «3».

595- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَكْبَرُ مَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ يَوْمَ يُولَدُ وَ أَصْغَرُ مَا يَكُونُ يَوْمَ يَمُوتُ‏ «4».

596- وَ قَالَ ع‏ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقِيناً لَا شَكَّ فِيهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ مِنَ الْمَوْتِ‏ «5».

597- وَ قَالَ ع‏ أَوَّلُ مَنْ جُعِلَ لَهُ النَّعْشُ‏ «6»- فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ص.

______________________________

 (1). أي علق طلوع القمر على اخراج العظام فلما أبطأ اخراج العظام لجهالة موضعها أبطأ طلوع القمر. (سلطان).

 (2). الشاطئ: الجانب، و الغرض جواز نقل الجنائز الى الاماكن المقدّسة، بل استحبابه.

 (3). بخلاف إسماعيل حيث قيل: ما ذكر في القرآن من إسماعيل رجلان.

 (4). يعني أن الإنسان يكون في يوم الولاد عزيزا غاية العز و الكبر و في يوم يموت ذليلا غاية الذل و الصغر. و يمكن الأكبرية و الأصغرية باعتبار الاستعداد للكمالات و عدمه أو باعتبار المعصية و عدمها.

 (5). أي الموت يقين لا شك فيه و هو يشبه شكا لا يقين فيه حيث تغفل عنه الناس و لا يعملون على مقتضاه فكأنهم شاكون فيه و ليس شي‏ء في هذه الصفة مثل الموت. (مراد).

 (6). يعني أول من جعل السرير لجنازته في الإسلام.

194
من لا يحضره الفقيه1

أبواب الصلاة و حدودها ص : 195

 

أَبْوَابُ الصَّلَاةِ وَ حُدُودِهَا

598- قَالَ الرِّضَا ع‏ الصَّلَاةُ لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ بَابٍ‏ «1».

599- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الصَّلَاةُ لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدٍّ «2».

بَابُ فَرْضِ الصَّلَاةِ

600- قَالَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ‏ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع- أَخْبِرْنِي عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الصَّلَوَاتِ قَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ قُلْتُ لَهُ هَلْ سَمَّاهُنَّ اللَّهُ وَ بَيَّنَهُنَّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ ص- أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ‏ إِلى‏ غَسَقِ اللَّيْلِ‏ وَ دُلُوكُهَا زَوَالُهَا فَفِيمَا بَيْنَ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ‏ «3» أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ سَمَّاهُنَّ اللَّهُ وَ بَيَّنَهُنَّ وَ وَقَّتَهُنَّ وَ غَسَقُ اللَّيْلِ انْتِصَافُهُ ثُمَّ قَالَ‏ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ

______________________________

 (1). يمكن أن يراد أن لها أربعة آلاف من الواجبات و المستحبات المتعلقة باللسان و الجنان و الاركان بحسب الفعل و الترك. (مراد).

 (2). الظاهر أن المراد هنا بأربعة آلاف حدّ أربعة آلاف حكم و كذا المراد بالباب فان للصلاة أحكاما كثيرة و أبوابا كثيرة يذكر فيها تلك الاحكام. و قد يقال: ان المراد بالابواب أبواب السماء التي ترفع منها إليها الصلاة كل من باب، أو الأبواب على التعاقب فكل صلاة تمر على كل الأبواب، و يمكن أن يراد بأبواب الصلاة مقدماتها التي تتوقف صحة الصلاة عليها من معرفة اللّه تعالى و غير ذلك (سلطان) و فسر الشهيد- رحمه اللّه- الخبرين بواجبات الصلاة و مندوباتها و جعل الواجبات ألفا و شيئا يسيرا زائدا عليه و صنف لها الالفية، و جعل المندوبات ثلاثة آلاف، و ألف لها النفلية بتكلفات كثيرة. و الظاهر أن المراد بالابواب و الحدود المسائل المتعلقة بها و هي تصير أربعة آلاف بلا تكلف. (م ت).

 (3). دلكت الشمس دلوكا غربت أو اصفرت أو مالت، أو زالت عن كبد السماء. و غسق الليل شدة ظلمته. (القاموس).

 

195
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فَهَذِهِ الْخَامِسَةُ وَ قَالَ فِي ذَلِكَ- أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ طَرَفَاهُ الْمَغْرِبُ وَ الْغَدَاةُ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ‏ وَ هِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ قَالَ‏ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏ وَ هِيَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ هِيَ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا- رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هِيَ وَسَطُ صَلَاتَيْنِ بِالنَّهَارِ «1» صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَ قَالَ فِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ- حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏ وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ‏ «2» فِي صَلَاةِ الْوُسْطَى وَ قِيلَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- وَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي سَفَرٍ فَقَنَتَ فِيهَا وَ تَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ وَ أَضَافَ لِلْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ وَ إِنَّمَا وُضِعَتِ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ أَضَافَهُمَا النَّبِيُّ ص- يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْمُقِيمِ لِمَكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ فَمَنْ صَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ فَلْيُصَلِّهَا أَرْبَعاً كَصَلَاةِ الظُّهْرِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ.

601- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏

______________________________

 (1). قال الفاضل التفرشى: فعلى هذا يكون الوسطى من التوسط و قد يفسر بالفضلى من قولهم للافضل أوسط.

 (2). في بعض النسخ «و الصلاة الوسطى صلاة العصر» بدون الواو، و روى أحمد بن حنبل عن إسحاق، عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة قال:

أمرتنى أن اكتب لها مصحفا و قالت: إذا بلغت هذه الآية «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏» فآذنى، فلما بلغتها آذنتها فأملت على «حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى و صلاة العصر و قوموا للّه قانتين» و هكذا رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك، و قال ابن جرير حدّثني ابن المثنى عن الحجاج عن حماد، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: «كان في مصحف عائشة «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏ و هي صلاة العصر». و هكذا رواه من طريق الحسن البصرى أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قرأها كذلك. و قد روى الامام مالك أيضا عن زيد بن أسلم عن عمرو بن نافع قال: كنت اكتب مصحفا لحفصة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالت إذا بلغت هذه الآية فآذنى‏ «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏» فلما بلغتها آذنتها، فأملت على «حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى و صلاة العصر و قوموا للّه قانتين» و هكذا رواه محمّد بن إسحاق بن يسار و زاد كما حفظتها من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أورد ابن جرير هذا الخبر بطرق عديدة و كما ترى في كلها عطف صلاة العصر على الوسطى بواو العطف التي تقتضى-

196
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ مَفْرُوضاً «1».

602- وَ قَالَ ع‏ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص- لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ أَمَرَهُ رَبُّهُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً فَمَرَّ عَلَى النَّبِيِّينَ نَبِيٍّ نَبِيٍّ لَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع فَقَالَ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَمَرَكَ رَبُّكَ فَقَالَ بِخَمْسِينَ صَلَاةً فَقَالَ اسْأَلْ رَبَّكَ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَسَأَلَ رَبَّهُ فَحَطَّ عَنْهُ عَشْراً ثُمَّ مَرَّ بِالنَّبِيِّينَ نَبِيٍّ نَبِيٍّ لَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى مَرَّ بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع فَقَالَ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَمَرَكَ رَبُّكَ فَقَالَ بِأَرْبَعِينَ صَلَاةً فَقَالَ اسْأَلْ رَبَّكَ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَسَأَلَ رَبَّهُ فَحَطَّ عَنْهُ عَشْراً ثُمَّ مَرَّ بِالنَّبِيِّينَ نَبِيٍّ نَبِيٍّ لَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى مَرَّ بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع فَقَالَ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَمَرَكَ رَبُّكَ فَقَالَ بِثَلَاثِينَ صَلَاةً فَقَالَ اسْأَلْ رَبَّكَ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَسَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَحَطَّ عَنْهُ عَشْراً ثُمَّ مَرَّ بِالنَّبِيِّينَ نَبِيٍّ نَبِيٍّ لَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى مَرَّ بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع فَقَالَ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَمَرَكَ رَبُّكَ فَقَالَ بِعِشْرِينَ صَلَاةً فَقَالَ اسْأَلْ رَبَّكَ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ‏

______________________________

- المغايرة، و في قبالها أخبار أخر تقتضى عدم المغايرة، روى ابن جرير بإسناده عن عروة قال: كان في مصحف عائشة «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏ هي صلاة العصر» و هكذا من طريق الحسن البصرى أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قرأها كذلك. و روى أبو داود في سننه مسندا عن عليّ عليه السلام أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال في يوم الخندق: «حبسونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملاء اللّه بيوتهم و قبورهم نارا».

و رواه مسلم في صحيحه من طريق محمّد بن طلحة و لفظه «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر- الحديث». و في سنن النسائى «شغلونا عن الصلاة الوسطى حتّى غربت الشمس».

و في تفسير الكشّاف: فى قراءة ابن عبّاس و عائشة مع الواو و في قراءة حفصة بدون الواو. و في الكافي ج 3 ص 271 أيضا هكذا «و في بعض القراءة «حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى صلاة العصر- الآية». و في التهذيب مع العاطف.

 (1). المفروض تفسير الموقوت على ما يجيى‏ء في حديث زرارة و الفضيل و ان أمكن هنا كونه تفسيرا للكتاب فان «كتب» جاء بمعنى «فرض» فى قوله تعالى‏ «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ» (مراد).

197
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَسَأَلَ رَبَّهُ فَحَطَّ عَنْهُ عَشْراً ثُمَّ مَرَّ بِالنَّبِيِّينَ نَبِيٍّ نَبِيٍّ لَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى مَرَّ بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع فَقَالَ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَمَرَكَ رَبُّكَ فَقَالَ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ فَقَالَ اسْأَلْ رَبَّكَ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَإِنِّي جِئْتُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَأْخُذُوا بِهِ وَ لَمْ يَقِرُّوا «1» عَلَيْهِ فَسَأَلَ النَّبِيُّ ص رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَخَفَّفَ عَنْهُ فَجَعَلَهَا خَمْساً ثُمَّ مَرَّ بِالنَّبِيِّينَ نَبِيٍّ نَبِيٍّ لَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى مَرَّ بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع فَقَالَ لَهُ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَمَرَكَ رَبُّكَ فَقَالَ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ فَقَالَ اسْأَلْ رَبَّكَ التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي أَنْ أَعُودَ إِلَى رَبِّي فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص جَزَى اللَّهُ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَنْ أُمَّتِي خَيْراً وَ قَالَ الصَّادِقُ ع جَزَى اللَّهُ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَنَّا خَيْراً «2».

603- وَ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي سَيِّدَ الْعَابِدِينَ ع فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَتِ أَخْبِرْنِي عَنْ جَدِّنَا رَسُولِ اللَّهِ ص لَمَّا عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كَيْفَ لَمْ يَسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِهِ حَتَّى قَالَ لَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ع ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَا يَقْتَرِحُ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَا يُرَاجِعُهُ فِي شَيْ‏ءٍ يَأْمُرُهُ بِهِ فَلَمَّا سَأَلَهُ مُوسَى ع ذَلِكَ وَ صَارَ شَفِيعاً لِأُمَّتِهِ إِلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ شَفَاعَةَ أَخِيهِ مُوسَى ع- فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ إِلَى أَنْ رَدَّهَا إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَتِ فَلِمَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ يَسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ وَ قَدْ سَأَلَهُ مُوسَى ع أَنْ يَرْجِعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ

______________________________

 (1). في بعض النسخ «و لم يقووا».

 (2). هذا الخبر مشهور بين العامّة و الخاصّة. و استشكل بالنسخ قبل وقت الفعل بانه يلزم البداء و أجيب بأنّه يمكن أن تكون الفائدة الشكر على التخفيف و سعى المكلفين فيما أمكنهم من الصلوات فان الصلاة قربان كل تقى. (م ت).

198
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

يَسْأَلَهُ التَّخْفِيفَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ أَرَادَ ع أَنْ يُحَصِّلَ لِأُمَّتِهِ التَّخْفِيفَ مَعَ أَجْرِ خَمْسِينَ صَلَاةً لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها أَ لَا تَرَى أَنَّهُ ع لَمَّا هَبَطَ إِلَى الْأَرْضِ نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ إِنَّهَا خَمْسٌ بِخَمْسِينَ- «1» ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «2» قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَتِ أَ لَيْسَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ فَقَالَ بَلَى تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً قُلْتُ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى ع- لِرَسُولِ اللَّهِ ص ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَقَالَ مَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ ع- إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي‏ سَيَهْدِينِ‏ وَ مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى ع- وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى‏ وَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ‏ يَعْنِي حُجُّوا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ- يَا بُنَيَّ إِنَّ الْكَعْبَةَ بَيْتُ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ فَقَدْ قَصَدَ إِلَى اللَّهِ وَ الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ اللَّهِ فَمَنْ سَعَى إِلَيْهَا فَقَدْ سَعَى إِلَى اللَّهِ وَ قَصَدَ إِلَيْهِ وَ الْمُصَلِّي مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ فَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِقَاعاً فِي سَمَاوَاتِهِ فَمَنْ عُرِجَ بِهِ إِلَى بُقْعَةٍ مِنْهَا فَقَدْ عُرِجَ بِهِ إِلَيْهِ‏ «3» أَ لَا تَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ‏ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ‏

______________________________

 (1). يمكن أن يكون إشارة الى مراده سبحانه في أول الامر حيث أمر بخمسين كان هذا أي خمس صلوات تعدل خمسين و هذا أحد توجيهات البداء و هو أن يأمر المكلف بما يوهم خلاف المراد ثمّ يظهر المراد، و يحتمل أن يكون تأكيدا لما قبله من الكلام أي ما وعد من ثواب خمسين ما يبدل فان اللّه لا يخلف وعده و ليس بظلام للعبيد، و اللّه اعلم. (سلطان).

 (2). يعني ما قرر اللّه لهم خمسين صلاة فلو بدله و لم يعطهم هذا الثواب لكان ظلما عظيما و لذا نفى كونه ظلاما للعبيد بصيغة المبالغة لانه أي ظلم يقع منه يكون كثيرا لا أنّه نفى مبالغة الظلم حتّى يلزم منه الظلم. (م ت)

و قال الفاضل التفرشى: ربط الآية بالسابق اما باعتبار أنّه لا يخلف الميعاد فيعطى بالخمس ثواب الخمسين البتة، و اما باعتبار أن مراده بفرض خمسين فرض ما ثوابه ثواب خمسين فلم يتبدل القول.

 (3). انما يحتاج الى هذا التصحيح الرجوع الجسماني و المعراج البدنى كما هو الواقع و الا فالرجوع إلى اللّه تعالى بحسب القلب احتمال ظاهر. (سلطان).

199
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

إِلَيْهِ‏ وَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي قِصَّةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع- بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ‏ وَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ‏ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏.

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَداً فِي كِتَابِ الْمَعَارِجِ‏ «1» وَ الصَّلَاةُ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ إِحْدَى وَ خَمْسُونَ رَكْعَةً مِنْهَا الْفَرِيضَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً الظُّهْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ هِيَ أَوَّلُ صَلَاةٍ فَرَضَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْغَدَاةُ رَكْعَتَانِ فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَرِيضَةٌ وَ مَا سِوَى ذَلِكَ سُنَّةٌ وَ نَافِلَةٌ وَ لَا تَتِمُّ الْفَرَائِضُ إِلَّا بِهَا أَمَّا نَافِلَةُ الظُّهْرَيْنِ فَسِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ نَافِلَةُ الْمَغْرِبِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَ أَمَّا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ مِنْ جُلُوسٍ فَإِنَّهُمَا تُعَدَّانِ بِرَكْعَةٍ فَإِنْ أَصَابَ الرَّجُلَ حَدَثٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ آخِرَ اللَّيْلِ وَ يُصَلِّيَ الْوَتْرَ يَكُونُ قَدْ بَاتَ عَلَى الْوَتْرِ «2» وَ إِذَا أَدْرَكَ آخِرَ اللَّيْلِ صَلَّى الْوَتْرَ بَعْدَ صَلَاةِ اللَّيْلِ.

604- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَبِيتَنَّ إِلَّا بِوَتْرٍ «3».

______________________________

 (1). ذكروا للمؤلّف- رحمه اللّه- كتابا باسم المعراج و لعله هو.

 (2). «يصلى الوتر» الظاهر أنّه عطف على «يدرك» و المراد أن من أصابه حدث و مانع عن ادراك آخر الليل و صلاة الوتر فقد بات على الوتر فلا يكون خارجا عن قوله عليه السلام: «من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر» و أمّا من أدرك آخر الليل و يقدر على الوتر فيصلى الوتر بعد صلاة الليل، و قد نقل عن شيخنا البهائى أنّه جعل الواو للحال في قوله «و يصلى الوتر» و حمل الوتر على الوتيرة و هو بعيد كما لا يخفى. (سلطان).

 (3). حمل أبو حنيفة الوتر على معناه المشهور فذهب الى وجوب الوتر بعد العشاء الآخرة فالمصنف- رحمه اللّه- أورده في هذا المقام تنبيها على أن المراد بالوتر هاهنا الوتيرة كذا قال شيخنا البهائى- رحمه اللّه- و يمكن حمله على تاكد الاستحباب للوتر في مقامه المقرر. (سلطان).

200
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

وَ صَلَاةُ اللَّيْلِ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ وَ الشَّفْعُ رَكْعَتَانِ وَ الْوَتْرُ رَكْعَةٌ «1» وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَهَذِهِ إِحْدَى وَ خَمْسُونَ رَكْعَةً وَ مَنْ أَدْرَكَ آخِرَ اللَّيْلِ وَ صَلَّى الْوَتْرَ مَعَ صَلَاةِ اللَّيْلِ لَمْ يَعُدَّ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ شَيْئاً وَ كَانَتِ الصَّلَاةُ لَهُ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ خَمْسِينَ رَكْعَةً وَ إِنَّمَا صَارَتْ خَمْسِينَ رَكْعَةً لِأَنَّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَ سَاعَاتِ النَّهَارِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَ فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ سَاعَةٌ «2» فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِكُلِّ سَاعَةٍ رَكْعَتَيْنِ.

605- وَ قَالَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ كَانَ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعِبَادِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَ فِيهِنَّ الْقِرَاءَةُ وَ لَيْسَ فِيهِنَّ وَهْمٌ يَعْنِي سَهْوٌ فَزَادَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَبْعاً وَ فِيهِنَّ السَّهْوُ وَ لَيْسَ فِيهِنَّ الْقِرَاءَةُ «3» فَمَنْ شَكَّ فِي الْأَوَّلَتَيْنِ أَعَادَ-

______________________________

 (1). ليس في أكثر النسخ هذه الجملة و كانه سقط من النسّاخ أو حذفوها زعما أن الوتيرة هى الوتر، و الحق أن الوتيرة صلاة مستقلة غير نافلة العشاء و لذلك لا تسقط في السفر، بل هى بدل عن الوتر احتياطا كما صرّح بذلك كله في كتاب علل الشرائع في حديث.

 (2). هذا التقسيم في كلامه- رحمه اللّه- مأخوذ من رواية رواها الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 477 و المؤلّف نفسه في العلل و الخصال أيضا و يمكن أن يكون وقع موافقا لاعتقاد السائل لانه روى أنّه كان نصرانيا و صار ذلك سببا لاسلامه و كيف كان أمره سهل و لا مشاحة في الاصطلاح سيما في تقسيم الساعات. و قد حكى سلطان العلماء عن البيرونى أنه نقل في القانون المسعوديّ عن براهمة هند أن زمان ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس و كذلك ما بين غروب الشمس و غروب الشفق خارج عن الليل و النهار بل هما بمنزلة الفصل المشترك بينهما فلا ينافى هذا ادخال الشارع هذه الساعة في يوم الصوم.

 (3). فان قيل: زيادته صلّى اللّه عليه و آله ان كانت بغير أمر اللّه و اذنه يكون منافيا لقوله تعالى‏ «وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏» و ان كانت بامره تعالى و ارادته فلا فرق بين الاولتين و الأخيرتين قلنا: نختار الشق الأخير و الفرق بينهما باعتبار أن الركعتين الاولتين مأمور بهما حتما و الأخيرتين مفوضتان فوضهما الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فله أن يزيدهما و أن لا يزيدهما، فلما اختار الزيادة شرع لها أحكاما تخصها. و المراد بالسهو في هذا الحديث الشك و سيصرح به، يعنى لا تقبل هذين الركعتين شكا بل الشك موجب لبطلانهما. و قوله «ليس فيهن قراءة» أي لا يتعين-

201
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

حَتَّى يَحْفَظَ وَ يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ عَمِلَ بِالْوَهْمِ.

606- وَ قَالَ زُرَارَةُ وَ الْفُضَيْلُ‏ قُلْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ‏ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ يَعْنِي كِتَاباً مَفْرُوضاً وَ لَيْسَ يَعْنِي وَقْتَ فَوْتِهَا إِنْ جَازَ ذَلِكَ الْوَقْتَ ثُمَّ صَلَّاهَا لَمْ تَكُنْ صَلَاةً مُؤَدَّاةً «1» وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَهَلَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ- حِينَ صَلَّاهَا بِغَيْرِ وَقْتِهَا وَ لَكِنَّهُ مَتَى مَا ذَكَرَهَا صَلَّاهَا.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ إِنَّ الْجُهَّالَ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ يَزْعُمُونَ أَنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَغَلَ ذَاتَ يَوْمٍ بِعَرْضِ الْخَيْلِ حَتَّى تَوَارَتِ الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ ثُمَّ أَمَرَ بِرَدِّ الْخَيْلِ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ سُوقِهَا وَ أَعْنَاقِهَا وَ قَتْلِهَا وَ قَالَ إِنَّهَا شَغَلَتْنِي عَنْ ذِكْرِ رَبِّي وَ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ جَلَّ نَبِيُّ اللَّهِ سُلَيْمَانُ ع عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْخَيْلِ ذَنْبٌ فَيَضْرِبَ سُوقَهَا وَ أَعْنَاقَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَعْرِضْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَ لَمْ تَشْغَلْهُ وَ إِنَّمَا عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَ هِيَ بَهَائِمُ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ وَ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ.

607- مَا رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ ع عُرِضَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ بِالْعَشِيِّ الْخَيْلُ فَاشْتَغَلَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا حَتَّى تَوَارَتِ الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ رُدُّوا الشَّمْسَ عَلَيَّ حَتَّى أُصَلِّيَ صَلَاتِي فِي وَقْتِهَا «2» فَرَدُّوهَا فَقَامَ فَمَسَحَ سَاقَيْهِ وَ عُنُقَهُ وَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ فَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ مَعَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ كَانَ ذَلِكَ وُضُوءَهُمْ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَلَمَّا فَرَغَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ طَلَعَتِ النُّجُومُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ‏

______________________________

- البتة قراءة الحمد فيهن بل يتخير المصلى بين الحمد و التسبيح و التسبيح أفضل على ما يستفاد من الاخبار. هذا، و المشهور أن المغرب أيضا لا يدخلها السهو.

 (1). العامّة يقولون: الصلاة موقوتة أي موقتة ان جاز ذلك الوقت لا يصحّ الصلاة في وقت غير ذلك الوقت المعين و لا يقولون بقضاء الصلاة و مستندهم تلك الآية الشريفة فلذلك قال عليه السلام في تفسيره مفروضا ردا لمذهبهم (كذا في هامش نسخة).

 (2). ظاهره ينافى ما مر في خبر زرارة و الفضيل.

202
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ‏

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَداً فِي كِتَابِ الْفَوَائِدِ.

608- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَدَّ الشَّمْسَ عَلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَصِيِّ مُوسَى ع حَتَّى صَلَّى الصَّلَاةَ الَّتِي فَاتَتْهُ فِي وَقْتِهَا.

609- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ «1».

وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا فَجَرَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ فِي رَدِّ الشَّمْسِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّمْسَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَرَّةً بَعْدَ وَفَاتِهِ ص 0 أَمَّا فِي أَيَّامِهِ ص.

610- فَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا قَالَتْ‏ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ص نَائِمٌ ذَاتَ يَوْمٍ وَ رَأْسُهُ فِي حَجْرِ عَلِيٍّ ع فَفَاتَتْهُ الْعَصْرُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ عَلِيّاً كَانَ فِي طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمْسَ- قَالَتْ أَسْمَاءُ فَرَأَيْتُهَا وَ اللَّهِ غَرَبَتْ ثُمَّ طَلَعَتْ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ وَ لَمْ يَبْقَ جَبَلٌ وَ لَا أَرْضٌ إِلَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ حَتَّى قَامَ عَلِيٌّ ع فَتَوَضَّأَ وَ صَلَّى ثُمَّ غَرَبَتْ‏ «2».

وَ أَمَّا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ص فَإِنَّهُ.

611- رُوِيَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ مُسْهِرٍ أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ‏

______________________________

 (1). القذذ: ريش السهم و الواحدة القذة- بالضم- و في القاموس القذة اذن الإنسان و الفرس.

 (2). كان ذلك في وقعة بنى النضير حيث صلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ست ليال بايامها في مسجد هناك يعرف بمسجد الفضيخ و في ذلك المسجد في تلك الأيّام اتفق ردّ الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام، و في بعض الأخبار كان ذلك بالصهباء من أرض خيبر، فكيف كان أخرجه جمع من الحفاظ باسانيدهم و شدد جمع منهم النكير على من ضعّفه أو غمز فيه.

203
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

أَبِي طَالِبٍ ع مِنْ قَتْلِ الْخَوَارِجِ حَتَّى إِذَا قَطَعْنَا فِي أَرْضِ بَابِلَ- «1» حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَنَزَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ نَزَلَ النَّاسُ فَقَالَ عَلِيٌّ ع أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ أَرْضٌ مَلْعُونَةٌ قَدْ عُذِّبَتْ فِي الدَّهْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ مَرَّتَيْنِ وَ هِيَ تَتَوَقَّعُ الثَّالِثَةَ وَ هِيَ إِحْدَى الْمُؤْتَفِكَاتِ‏ «2» وَ هِيَ أَوَّلُ أَرْضٍ عُبِدَ فِيهَا وَثَنٌ وَ إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِنَبِيٍّ وَ لَا لِوَصِيِّ نَبِيٍّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ فَمَالَ النَّاسُ عَنْ جَنْبَيِ الطَّرِيقِ يُصَلُّونَ وَ رَكِبَ هُوَ ع بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَضَى قَالَ جُوَيْرِيَةُ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَتَّبِعَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ لَأُقَلِّدَنَّهُ صَلَاتِيَ الْيَوْمَ فَمَضَيْتُ خَلْفَهُ فَوَ اللَّهِ مَا جُزْنَا جِسْرَ سُورَاءَ «3» حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَشَكَكْتُ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ يَا جُوَيْرِيَةُ أَ شَكَكْتَ فَقُلْتُ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- فَنَزَلَ ع عَنْ نَاحِيَةٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ فَنَطَقَ بِكَلَامٍ لَا أُحْسِنُهُ إِلَّا كَأَنَّهُ بِالْعِبْرَانِيِّ ثُمَّ نَادَى الصَّلَاةَ فَنَظَرْتُ وَ اللَّهِ إِلَى الشَّمْسِ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ جَبَلَيْنِ لَهَا صَرِيرٌ «4» فَصَلَّى الْعَصْرَ وَ صَلَّيْتُ مَعَهُ فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ صَلَاتِنَا عَادَ اللَّيْلُ كَمَا كَانَ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ يَا جُوَيْرِيَةَ بْنَ مُسْهِرٍ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ‏ وَ إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ فَرَدَّ عَلَيَّ الشَّمْسَ.

وَ رُوِيَ‏ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ أَنْتَ وَصِيُّ نَبِيٍّ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.

612- وَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ لِلصَّادِقِ ع‏ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْفَرَائِضِ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعِبَادِ مَا هِيَ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ إِقَامُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَ حِجُّ الْبَيْتِ- وَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْوَلَايَةُ فَمَنْ أَقَامَهُنَّ وَ سَدَّدَ وَ قَارَبَ وَ اجْتَنَبَ كُلَّ مُنْكَرٍ «5» دَخَلَ الْجَنَّةَ.

______________________________

 (1). اسم موضع بالعراق قرب الحلّة المزيدية اليوم و بالقرب منه مسجد الشمس.

 (2). مدائن قوم لوط أهلكها اللّه بالخسف.

 (3). سورى و سوراء بلدة بأرض بابل و بها نهر يقال له: نهر سوراء. و في القاموس سورى موضع بالعراق من بلد السريانيين و موضع من أعمال بغداد و قد يمد.

 (4). صر يصر صرا و صريرا: صوت و صاح شديدا.

 (5). في النهاية في الحديث «قاربوا و سددوا» أي اطلبوا بأعمالكم السداد و الاستقامة و هو القصد في الامر و العدل فيه. و في بعض النسخ «و اجتنب كل مسكر».

204
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

613- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ‏ إِنَّ أَفْضَلَ مَا يَتَوَسَّلُ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنْ عَذَابِهِ وَ حِجُّ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ مَنْفَاةٌ لِلْفَقْرِ وَ مَدْحَضَةٌ «1» لِلذَّنْبِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَجَلِ‏ «2» وَ صَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ وَ تُطْفِئُ غَضَبَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ وَ- تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ‏ «3» أَلَا فَاصْدُقُوا- فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّادِقِينَ وَ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ يُجَانِبُ الْإِيمَانَ أَلَا إِنَّ الصَّادِقَ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ- أَلَا إِنَّ الْكَاذِبَ عَلَى شَفَا مَخْزَاةٍ وَ هَلَكَةٍ أَلَا وَ قُولُوا خَيْراً تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ صِلُوا أَرْحَامَ مَنْ قَطَعَكُمْ وَ عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَى مَنْ حَرَمَكُمْ‏ «4».

614- وَ رُوِيَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ- إِذَا جِئْتَ بِالْخَمْسِ الصَّلَوَاتِ لَمْ تُسْأَلْ عَنْ صَلَاةٍ وَ إِذَا جِئْتَ بِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ تُسْأَلْ عَنْ صَوْمٍ.

615- وَ رُوِيَ عَنْ عَائِذٍ الْأَحْمَسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فَبَدَأَنِي فَقَالَ إِذَا لَقِيتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَمْ يَسْأَلْكَ عَمَّا سِوَاهُنَ‏ «5».

______________________________

 (1). دحضت الحجّة دحضا بطلت و زالت.

 (2). نسأت الشي‏ء: أخرته. و مثراة أي مكثرة له.

 (3). أي من البلاء التي لا يمكن الخلاص منها و يصير به حقيرا بين الناس و كالاتهام بالاكاذيب و أمثالها أو الذنوب التي يهان بها عند اللّه و عند أوليائه. (م ت).

 (4). من العائدة أي تعطفوا بالمعروف و الصلة و الاحسان على من حرمكم، و حرمه الشي‏ء يحرمه حرمانا من باب ضرب و يحتمل أن يكون العود بمعنى الرجوع أو بالتشديد من التعود أي اجعلوا عادتكم الفضل. (سلطان).

 (5). أي من النوافل، و قيل مطلقا تفضلا و ليس بشي‏ء. و الحديث كما رواه الشيخ رحمة اللّه عليه في التهذيب عن الحسن بن موسى الحناط هكذا قال: «خرجنا أنا و جميل-

205
من لا يحضره الفقيه1

باب فرض الصلاة ص : 195

616- وَ رُوِيَ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا بَالُ الزَّانِي لَا تُسَمِّيهِ كَافِراً وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ تُسَمِّيهِ كَافِراً وَ مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لِأَنَّ الزَّانِيَ وَ مَا أَشْبَهَهُ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَكَانِ الشَّهْوَةِ لِأَنَّهَا تَغْلِبُهُ وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ لَا يَتْرُكُهَا إِلَّا اسْتِخْفَافاً بِهَا وَ ذَلِكَ لِأَنَّكَ لَا تَجِدُ الزَّانِيَ يَأْتِي الْمَرْأَةَ إِلَّا وَ هُوَ مُسْتَلِذٌّ لِإِتْيَانِهِ إِيَّاهَا قَاصِداً إِلَيْهَا وَ كُلُّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قَاصِداً لِتَرْكِهَا فَلَيْسَ يَكُونُ قَصْدُهُ لِتَرْكِهَا اللَّذَّةَ فَإِذَا نُفِيَتِ اللَّذَّةُ وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَ إِذَا وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَقَعَ الْكُفْرُ «1».

617- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَيْسَ مِنِّي مَنِ اسْتَخَفَّ بِصَلَاتِهِ لَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ لَا وَ اللَّهِ لَيْسَ مِنِّي مَنْ شَرِبَ مُسْكِراً لَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ لَا وَ اللَّهِ.

618- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ شَفَاعَتَنَا لَا تَنَالُ مُسْتَخِفّاً بِالصَّلَاةِ.

619- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنِ اتَّقَى عَلَى ثَوْبِهِ فِي صَلَاتِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ اكْتَسَى‏ «2».

______________________________

- ابن دراج و عائذ الاحمسى حجاجا فكان عائذ كثيرا ما يقول لنا في الطريق: أن لي الى أبي عبد اللّه عليه السلام حاجة أريد أن أسأله عنها فأقول له حتّى نلقاه فلما دخلنا عليه سلّمنا و جلسنا فأقبل علينا بوجهه مبتديا فقال: «من أتى اللّه بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك» فغمزنا عائذا فلما قلنا ما كانت حاجتك؟ قال: الذي سمعتم، قال: و كيف كانت هذه حاجتك؟ فقال: أنا رجل لا اطيق القيام بالليل فخفت أن أكون مأخوذا فاهلك».

 (1). يدل بظاهره على أن تارك الصلاة كافر و ان لم يكن مستحلا اذ لو اعتبر الاستحلال لا يبقى بين ترك الصلاة و فعل الزنا مع الاستحلال فرق. (سلطان)

أقول: و لعلّ الكفر في ترك الصلاة بمعنى غير المصطلح يعنى ما يقرب من الكفر كما في بعض الأخبار الكفر على خمسة معان و منها ترك ما أمر اللّه به.

 (2). لعل المراد أنّه لا يصلى حفظا لثوبه عن التنقص في الصلاة باعتبار وصوله الى التراب و نحو ذلك أو أنّه يشتغل في صلاته بحفظ ثوبه فيمنعه ذلك الاشتغال عن اقباله على اللّه (مراد) و في بعض النسخ «من أبقى» و قال سلطان العلماء: أى ترك الزينة و اللباس الفاخر في حال الصلاة محافظة و ابقاء للثياب أو ترك الصلاة ابقاء للثياب التي لبسها لخوف اندراسها و قال: و كذلك نسخة «اتقى». و «فليس للّه اكتسى» أي بل اكتسى للكبر و الرياء و السمعة.

206
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل الصلاة ص : 207

620- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّلَاةَ وَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ص عَشَرَةَ أَوْجُهٍ صَلَاةَ السَّفَرِ وَ صَلَاةَ الْحَضَرِ وَ صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَ صَلَاةَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ وَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ.

621- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَرِيضَةٌ وَ عَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ سُنَّةٌ «1».

بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ

622- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الصَّلَاةُ مِيزَانٌ فَمَنْ وَفَّى اسْتَوْفَى.

يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ رُكُوعُهُ مِثْلَ سُجُودِهِ وَ لَبْثُهُ فِي الْأُولَى وَ الثَّانِيَةِ سَوَاءً وَ مَنْ وَفَّى بِذَلِكَ اسْتَوْفَى الْأَجْرَ «2».

______________________________

 (1). في الذكرى: الظاهر أن المراد بالسنة هنا الجائز لا أنّه أفضل. و لا يخفى بعده بل الظاهر أن المراد بالسنة ما ثبت بالحديث، فان السجود على غير الأرض من النباتات ثبت بالحديث، و المراد بالفريضة ما ثبت بالقرآن بناء على أن المراد بالسجود وضع الجبهة على الأرض كما في اللغة و هو مستفاد من القرآن و بذلك استدلّ العلامة في المنتهى. (سلطان).

 (2). كأن الصدوق- رحمه اللّه- حمل قوله صلّى اللّه عليه و آله «الصلاة ميزان» على تساوى أجزائه في الكيفيات و وجوب المراعات كتساوى كفتى الميزان و من وفى اللّه بذلك الميزان العمل أو الإخلاص استوفى الاجر من اللّه تعالى، فالباء في قوله «بذلك» باء الاستعانة و الآلة و ليس صلة لقوله «و في» كما توهم بعض الفضلاء و اعترض على الصدوق (ره) بأنه قرأها بالتخفيف و حسبها من قولهم و في بالعهد، و استغرب هذا منه، ثمّ لا يخفى أنّه لا حاجة في تشبيهها بالميزان اعتبار تساوى أجزائها كما تكلف الصدوق- رحمه اللّه- بل الظاهر أن مراده صلّى اللّه عليه و آله أنّه كما بالميزان يكال الأشياء فبالصلاة يكال العبودية و العمل و الإخلاص، فمن و في اللّه بمكيال الصلاة ما هو مقصود اللّه تعالى و مطلوبه من الصلاة كالاخلاص و العبودية في سائر الاعمال كما سيجي‏ء استوفى منه تعالى الاجر، فقوله عليه السلام: «فمن و في استوفى» تفريع و تفصيل لقوله ميزان. و من طرق العامّة قال سلمان: «الصلاة مكيال فمن أوفى أوفى له، و من طفف طفف. فقد علمتم ما قال اللّه في المطففين» و في مجمع البيان-

207
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل الصلاة ص : 207

623- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خِدْمَتُهُ فِي الْأَرْضِ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنْ خِدْمَتِهِ يَعْدِلُ الصَّلَاةَ فَمِنْ ثَمَّ نَادَتِ الْمَلَائِكَةُ زَكَرِيَّا ع‏ وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ‏ «1»

624- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ مَا مِنْ صَلَاةٍ يَحْضُرُ وَقْتُهَا إِلَّا نَادَى مَلَكٌ بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ أَيُّهَا النَّاسُ قُومُوا إِلَى نِيرَانِكُمُ الَّتِي أَوْقَدْتُمُوهَا عَلَى ظُهُورِكُمْ فَأَطْفِئُوهَا بِصَلَاتِكُمْ‏ «2».

625- وَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمَسْجِدَ وَ فِيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ تَدْرُونَ مَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّ رَبَّكُمْ يَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ الْمَفْرُوضَاتِ مَنْ صَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ لَقِيَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ أُدْخِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ- وَ مَنْ لَمْ يُصَلِّهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ فَذَاكَ إِلَيَّ إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ وَ إِنْ شِئْتُ غَفَرْتُ لَهُ‏ «3».

626- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ عَلَى الصَّلَاةِ فَإِذَا قُبِلَتْ قُبِلَ مِنْهُ سَائِرُ عَمَلِهِ وَ إِذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ رُدَّ عَلَيْهِ سَائِرُ عَمَلِهِ.

______________________________

- قريب من ذلك. (سلطان)

و قال الفيض- رحمه اللّه-: الأظهر أن يكون المراد أنّها معيار لتقرب العبد إلى اللّه سبحانه و منزلته لديه و استحقاقه الاجر و الثواب منه جل و عز، فمن و في بشروطها و آدابها و حافظ عليها كما ينبغي استوفى بذلك تمام الاجر و الثواب و كمال التقرب إليه سبحانه، و من نقص نقص من ذلك بقدر ما نقص. أو المراد انها معيار لقبول سائر العبادات فمن و في بها كما ينبغي قبل سائر عباداته و استوفى أجر الجميع.

 (1). أي لاجل فضل الصلاة و شرفها تشرف زكريا بنداء الملائكة لانهم ينادون في أشرف الأحوال.

 (2). في بعض الأحاديث الشريفة «ان ملك الموت عليه السلام يحضر في كل يوم خمس مرّات في بيوت الناس في أوقات الصلوات الخمس و ينادى على أحد من الآحاد و ينادى بهذه أيها الناس قوموا الى نيرانكم التي أوقدتموها».

 (3). رواه أيضا في ثواب الأعمال ص 48 مسندا.

208
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل الصلاة ص : 207

627- وَ قَالَ ع‏ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا وَ حَافَظَ عَلَيْهَا ارْتَفَعَتْ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً- تَقُولُ حَفِظْتَنِي حَفِظَكَ اللَّهُ وَ إِذَا لَمْ يُصَلِّهَا لِوَقْتِهَا وَ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا ارْتَفَعَتْ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً تَقُولُ ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ اللَّهُ.

268- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَقْرَبُ مَا يَكُونَ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ سَاجِدٌ «1» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ‏

629- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- مَا مِنْ عَبْدٍ مِنْ شِيعَتِنَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا اكْتَنَفَتْهُ بِعَدَدِ مَنْ خَالَفَهُ مَلَائِكَةٌ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ وَ يَدْعُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ.

630- وَ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ صَلَاةٌ فَرِيضَةٌ خَيْرٌ مِنْ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ حَجَّةٌ خَيْرٌ مِنْ بَيْتٍ مَمْلُوءٍ ذَهَباً يُتَصَدَّقُ مِنْهُ حَتَّى يَفْنَى.

631- وَ قَالَ ع‏ إِيَّاكُمْ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّ رَبَّكُمْ رَحِيمٌ يَشْكُرُ الْقَلِيلَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ يُرِيدُ بِهِمَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِمَا الْجَنَّةَ- وَ إِنَّهُ لَيَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ تَطَوُّعاً يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَ إِنَّهُ لَيَصُومُ الْيَوْمَ تَطَوُّعاً يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ.

632- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا تَجْتَمِعُ الرَّغْبَةُ وَ الرَّهْبَةُ «2» فِي قَلْبٍ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَإِذَا صَلَّيْتَ فَأَقْبِلْ بِقَلْبِكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُقْبِلُ بِقَلْبِهِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي صَلَاتِهِ وَ دُعَائِهِ إِلَّا أَقْبَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ مَعَ مَوَدَّتِهِمْ إِيَّاهُ بِالْجَنَّةِ «3».

633- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ

______________________________

 (1). إلى هنا رواه في الثواب ص 56، و لعلّ الباقي من كلام المؤلّف.

 (2). المراد بالرغبة الميل الى ما عند اللّه من الرضوان أو الثواب، و من الرهبة الخوف و الخشية من عظمته تعالى أو عقوبته العاصى عن أمره.

 (3). كما قال سبحانه‏ «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا»

209
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل الصلاة ص : 207

أَبْوَابُ الْجِنَانِ وَ اسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ فَطُوبَى لِمَنْ رُفِعَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ عَمَلٌ صَالِحٌ.

634- وَ سَأَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ أَفْضَلِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعِبَادُ إِلَى رَبِّهِمْ وَ أَحَبِّ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا هُوَ فَقَالَ مَا أَعْلَمُ شَيْئاً بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ «1» أَ لَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ الصَّالِحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ع قَالَ‏ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ «2».

635- وَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ أَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ.

636- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ- لِلْمُصَلِّي ثَلَاثُ خِصَالٍ إِذَا هُوَ قَامَ فِي صَلَاتِهِ حَفَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ قَدَمَيْهِ إِلَى أَعْنَانِ السَّمَاءِ «3» وَ يَتَنَاثَرُ الْبِرُّ عَلَيْهِ مِنْ أَعْنَانِ السَّمَاءِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ وَ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ يُنَادِي لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي مَا انْفَتَلَ‏ «4».

637- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع- الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍ‏ «5».

638- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّلَاةُ وَ هِيَ آخِرُ وَصَايَا الْأَنْبِيَاءِ ع فَمَا أَحْسَنَ مِنَ الرَّجُلِ أَنْ يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ فَيُسْبِغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَتَنَحَّى حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَنِيسٌ‏ «6» فَيُشْرِفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ وَ هُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ إِنَّ الْعَبْدَ

______________________________

 (1). أي لا أعلم شيئا من بعد المعرفة ذا فضيلة مثل فضيلة حاصلة من هذه الصلاة و يلزم منه ضرورة أفضلية الصلاة.

 (2). فذكر عليه السلام أو لا من بين الاعمال المأمور بها الصلاة لكونها أفضلها.

 (3). في الصحاح أعنان السماء صفائحها و ما اعترض من أقطارها.

 (4). الانفتال: الانصراف. و فتله أي صرفه.

 (5). أي بها يتقرب إلى اللّه عزّ و جلّ.

 (6). أي يأخذ ناحية أي جانبا حيث لا يراه أحد. يدل على استحباب الاسباغ و المشهور أن الاسباغ غسل كل عضو مرتين و الأحوط الصب مرتين و الغسل مرة و ملاحظة وصول الماء الى أعضائه بل مع الدعوات و الاشارات التي تقدم بعضها. (م ت).

210
من لا يحضره الفقيه1

باب علة وجوب خمس صلوات في خمس مواقيت ص : 211

إِذَا سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ نَادَى إِبْلِيسُ يَا وَيْلَاهْ أَطَاعُوهُ وَ عَصَيْتُ وَ سَجَدُوا وَ أَبَيْتُ‏ «1».

639- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَثَلُ الصَّلَاةِ مَثَلُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ ثَبَتَتِ الْأَطْنَابُ وَ الْأَوْتَادُ وَ الْغِشَاءُ وَ إِذَا انْكَسَرَ الْعَمُودُ لَمْ يَنْفَعْ وَتِدٌ وَ لَا طُنُبٌ وَ لَا غِشَاءٌ.

640- وَ قَالَ ع‏ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ فِيكُمْ كَمَثَلِ السَّرِيِّ وَ هُوَ النَّهَرُ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ يَغْتَسِلُ مِنْهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَبْقَ الدَّرَنُ مَعَ الْغُسْلِ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَ لَمْ تَبْقَ الذُّنُوبُ مَعَ الصَّلَاةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ.

641- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ صَلَاةً وَاحِدَةً لَمْ يُعَذِّبْهُ وَ مَنْ قَبِلَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً لَمْ يُعَذِّبْهُ.

642- وَ قَالَ ع كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ- مَنْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى صَلَاةٍ فَرِيضَةٍ يَنْتَظِرُ وَقْتَهَا فَصَلَّاهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَ سُجُودَهَا وَ خُشُوعَهَا ثُمَّ مَجَّدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَظَّمَهُ وَ حَمَّدَهُ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى لَمْ يَلْغُ بَيْنَهُمَا «2» كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ وَ الْمُعْتَمِرِ وَ كَانَ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ.

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ مُسْنَدَةً مَعَ مَا رَوَيْتُ فِي مَعْنَاهَا فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ.

بَابُ عِلَّةِ وُجُوبِ خَمْسِ صَلَوَاتٍ فِي خَمْسِ مَوَاقِيتَ‏

643- رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّهُ قَالَ- جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ ص فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ مِمَّا سَأَلَهُ أَنَّهُ قَالَ أَخْبِرْنِي‏

______________________________

 (1). قوله «و سجدوا و أبيت» لعل المعنى و أمروا بالسجود فسجدوا و أمرت بالسجود فأبيت من السجود المأمور به، فالفرق بينه و بين ما مر أن الأول تأسف على أصل الطاعة و الثاني عليها في خصوص السجدة و الا فسجدة الناس للرب تعالى و لم يأب عنها و انما أبى عن سجدة آدم عليه السلام، فلا مجال للمتأسف على أنهم سجدوا للّه و أبيت عن سجدة آدم. (مراد).

 (2). «لم يلغ» من اللغو كأنّه عليه السلام أراد أنّه لم يتكلم بكلام ليس فيه فائدة معتبرة في الشرع. (مراد).

211
من لا يحضره الفقيه1

باب علة وجوب خمس صلوات في خمس مواقيت ص : 211

عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذِهِ الْخَمْسَ الصَّلَوَاتِ فِي خَمْسِ مَوَاقِيتَ عَلَى أُمَّتِكَ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ الشَّمْسَ عِنْدَ الزَّوَالِ لَهَا حَلْقَةٌ تَدْخُلُ فِيهَا «1» فَإِذَا دَخَلَتْ فِيهَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَيُسَبِّحُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ دُونَ الْعَرْشِ بِحَمْدِ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ وَ هِيَ السَّاعَةُ «2» الَّتِي يُصَلِّي عَلَيَّ فِيهَا رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ وَ عَلَى أُمَّتِي فِيهَا الصَّلَاةَ وَ قَالَ‏ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى‏ غَسَقِ اللَّيْلِ‏ «3» وَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يُؤْتَى فِيهَا- بِجَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُوَافِقُ تِلْكَ السَّاعَةَ أَنْ يَكُونَ سَاجِداً أَوْ رَاكِعاً أَوْ قَائِماً إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي أَكَلَ آدَمُ ع فِيهَا مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذُرِّيَّتَهُ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ اخْتَارَهَا لِأُمَّتِي فَهِيَ مِنْ أَحَبِّ الصَّلَوَاتِ‏

______________________________

 (1). الظاهر أن المراد بتلك الحلقة دائرة نصف النهار، و لا ريب أنّها مختلفة بالنسبة الى البقاع و البلاد و يختلف أوقات صلاة أهلها، فالمراد بقوله: «يسبح كل شي‏ء» تسبيح أهل كل بقعة في وقت بلوغ الشمس الى نصف نهارها، و أمّا صلاة اللّه تعالى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في تلك الساعة فانما يعتبر الى نصف نهار بلده أو يلتزم تكرارها بتكرار نصف النهار، و أمّا اتيان جهنم في تلك الساعة فالمراد بلوغ نصف نهار الحشر فتأمل. (سلطان)

و قال الفاضل التفرشى: فان قلت: السؤال ليس مختصا بالنبى صلّى اللّه عليه و آله و لا باهل الحرمين بل عام بالنسبة الى جميع الأمة و ظاهر أن الزوال مختلف بالنسبة الى البقاع التي تختلف طولها فلا يختص الزوال بوقت معين كما يستفاد من ظاهر العبارة. قلنا: يمكن الحمل على أنّها تدخل في الحلقة في نصف النهار من أول المعمورة و تخرج عنها في آخرها فكل جزء من ذلك الوقت زوال بالنسبة الى أهل بقعة تصل الشمس الى نصف نهارها، فاهل كل بقعة كانوا في ساعتهم راكعين و ساجدين حرم اللّه عزّ و جلّ جسدهم على النار، و لا يبعد أن يراد بالحلقة مجرى الشمس في الفلك كمجرى الحوت في الماء- ا ه. و لفظ «دون» فى قوله صلّى اللّه عليه و آله «دون العرش» بمعنى تحت.

 (2). الضمير تعود الى ما دل عليه سوق الكلام أعنى الوقت الذي أوله الزوال. (مفتاح الفلاح).

 (3). دلوك الشمس زوالها. و قيل كانهم انما سموه بذلك لانهم كانوا إذا نظروا إليها ليعرفوا انتصاف النهار يدلكون عيونهم بأيديهم فالإضافة لادنى ملابسة. و «غسق الليل» منتصفه كما تقدم في رواية زرارة، لا ظلمة أوله كما قاله بعض اللغويين.

212
من لا يحضره الفقيه1

باب علة وجوب خمس صلوات في خمس مواقيت ص : 211

إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَوْصَانِي أَنْ أَحْفَظَهَا مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا عَلَى آدَمَ ع وَ كَانَ بَيْنَ مَا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ وَ بَيْنَ مَا تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَ فِي أَيَّامِ الْآخِرَةِ يَوْمٌ‏ كَأَلْفِ سَنَةٍ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْعِشَاءِ «1» وَ صَلَّى آدَمُ ع ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ رَكْعَةً لِخَطِيئَتِهِ وَ رَكْعَةً لِخَطِيئَةِ حَوَّاءَ وَ رَكْعَةً لِتَوْبَتِهِ‏ «2» فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذِهِ الثَّلَاثَ رَكَعَاتٍ عَلَى أُمَّتِي وَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ فَوَعَدَنِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ لِمَنْ دَعَاهُ فِيهَا وَ هِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي أَمَرَنِي رَبِّي بِهَا فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ‏ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ لِلْقَبْرِ ظُلْمَةً وَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ظُلْمَةً أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ وَ أُمَّتِي بِهَذِهِ الصَّلَاةِ لِتُنَوِّرَ الْقَبْرَ وَ لِيُعْطِيَنِي وَ أُمَّتِيَ النُّورَ عَلَى الصِّرَاطِ وَ مَا مِنْ قَدَمٍ مَشَتْ إِلَى صَلَاةِ الْعَتَمَةِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَسَدَهَا عَلَى النَّارِ وَ هِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَ تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ لِلْمُرْسَلِينَ قَبْلِي وَ أَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَإِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَطْلُعُ عَلَى قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ‏ «3» فَأَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أُصَلِّيَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا الْكَافِرُ لِتَسْجُدَ أُمَّتِي لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُرْعَتُهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ‏

______________________________

 (1). الظاهر أن المراد بالعشاء هو المغرب، و قوله «ما بين العصر الى العشاء» بيان لقوله «بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب». و قوله «فى أيّام الآخرة يوم كالف سنة» جملة معترضة فائدتها توضيح أن المراد من ثلاثمائة سنة من أيّام الدنيا لا أيّام الآخرة فان يوم الآخرة كألف سنة من أيّام الدنيا و لهذا كانت ما بين عصره الى المغرب الذي هو قريب الى ثلث اليوم ثلاثمائة سنة التي هي قريب من ثلث الالف. (سلطان).

 (2). «لخطيئته» أي لجبرانها. و قوله «لتوبته» أي شكرا لقبولها. (مراد).

 (3). في النهاية في الحديث «الشمس تطلع بين قرنى الشيطان» أي ناحيتى رأسه و جانبيه، و قيل: بين قرنيه أي أمتيه الاولين و الآخرين و قيل: القرن: القوّة أي حين تطلع يتحرك الشيطان و يتسلط فيكون كالمعين لها. و كل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها، فكأن الشيطان سول له ذلك فإذا سجد لها كان كأنّ الشيطان مقترن بها. انتهى. و في بعض النسخ «تطلع بين قرن شيطان» و في بعضها «تطلع بين قرنى شيطان».

213
من لا يحضره الفقيه1

باب علة وجوب خمس صلوات في خمس مواقيت ص : 211

وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ.

وَ عِلَّةٌ أُخْرَى لِذَلِكَ وَ هِيَ.

644- مَا رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- لَمَّا أُهْبِطَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ- ظَهَرَتْ بِهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ فِي وَجْهِهِ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ‏ «1» فَطَالَ حُزْنُهُ وَ بُكَاؤُهُ عَلَى مَا ظَهَرَ بِهِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ يَا آدَمُ فَقَالَ مِنْ هَذِهِ الشَّامَةِ الَّتِي ظَهَرَتِ بِي قَالَ قُمْ يَا آدَمُ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُولَى‏ «2» فَقَامَ فَصَلَّى فَانْحَطَّتِ الشَّامَةُ إِلَى عُنُقِهِ‏ «3» فَجَاءَهُ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ يَا آدَمُ- فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ فَقَامَ فَصَلَّى فَانْحَطَّتِ الشَّامَةُ إِلَى سُرَّتِهِ فَجَاءَهُ فِي الصَّلَاةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ يَا آدَمُ قُمْ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الثَّالِثَةِ فَقَامَ فَصَلَّى فَانْحَطَّتِ الشَّامَةُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ فَجَاءَهُ فِي الصَّلَاةِ الرَّابِعَةِ فَقَالَ يَا آدَمُ قُمْ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الرَّابِعَةِ فَقَامَ فَصَلَّى فَانْحَطَّتِ الشَّامَةُ إِلَى قَدَمَيْهِ فَجَاءَهُ فِي الصَّلَاةِ الْخَامِسَةِ فَقَالَ يَا آدَمُ قُمْ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الْخَامِسَةِ فَقَامَ فَصَلَّى فَخَرَجَ مِنْهَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع يَا آدَمُ- مَثَلُ وُلْدِكَ فِي هَذِهِ الصَّلَوَاتِ كَمَثَلِكَ فِي هَذِهِ الشَّامَةِ مَنْ صَلَّى مِنْ وُلْدِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا خَرَجْتَ مِنْ هَذِهِ الشَّامَةِ.

عِلَّةٌ أُخْرَى لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ.

645- كَتَبَ الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ‏ أَنَّ عِلَّةَ الصَّلَاةِ أَنَّهَا إِقْرَارٌ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَلْعُ الْأَنْدَادِ وَ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ جَلَّ جَلَالُهُ بِالذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ الْخُضُوعِ وَ الِاعْتِرَافِ وَ الطَّلَبُ لِلْإِقَالَةِ مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ وَ وَضْعُ الْوَجْهِ عَلَى الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ إِعْظَاماً لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَ- أَنْ‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «شامة سوداء من وجهه الى قرنه فطال» و في بعض النسخ «و طال».

و الشامة علامة تخالف لون البدن، و أثر أسود في البدن.

 (2). لعل المراد بها صلاة الظهر اذ في عدة أحاديث أنّها أول صلاة فرضت.

 (3). المراد بالانحطاط على نسخة «الى قرنه» الانتقال. و على نسخة «الى قدمه» الزوال فتأمل. (سلطان).

214
من لا يحضره الفقيه1

باب مواقيت الصلاة ص : 215

يَكُونَ ذَاكِراً غَيْرَ نَاسٍ وَ لَا بَطِرٍ «1» وَ يَكُونُ خَاشِعاً مُتَذَلِّلًا رَاغِباً طَالِباً لِلزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ وَ الدُّنْيَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِيجَابِ وَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ لِئَلَّا يَنْسَى الْعَبْدُ سَيِّدَهُ وَ مُدَبِّرَهُ وَ خَالِقَهُ فَيَبْطَرَ وَ يَطْغَى وَ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ذَكَرِهِ لِرَبِّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ قِيَامِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ زَاجِراً لَهُ عَنِ الْمَعَاصِي وَ مَانِعاً لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ «2».

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ هَذِهِ الْعِلَلَ مُسْنَدَةً فِي كِتَابِ عِلَلِ الشَّرَائِعِ- وَ الْأَحْكَامِ وَ الْأَسْبَابِ.

بَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ

646- سَأَلَ مَالِكٌ الْجُهَنِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ وَقْتِ الظُّهْرِ فَقَالَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاتَيْنِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ سُبْحَتِكَ‏ «3» فَصَلِّ الظُّهْرَ مَتَى مَا بَدَا لَكَ‏ «4».

______________________________

 (1). البطر: الطغيان بالنعمة، و كراهة الشي‏ء من غير أن يستحق الكراهية، و هنا على صيغة الفاعل بفتح الموحدة و كسر المهملة: المترف بالنعمة و الطاغى.

 (2). الظاهر أن ما في هذا الخبر علة وجوب الصلاة في كل يوم و ما سبق علة تكرارها في أوقات اليوم، فلا تكرار.

 (3). السبحة- بالضم-: النافلة و التطوع من الصلاة و الذكر.

 (4). قوله عليه السلام «متى بدا لك» هو بظاهره يدلّ على اشتراكهما في آخر الوقت أيضا لان قوله عليه السلام «متى بدا لك» يشمل آخر الوقت و الحديثان الإتيان أيضا يدلان على اشتراكهما في تمام الوقت و الأول منهما حسن و الآخر صحيح لان طريق المصنّف الى زرارة صحيح لكن في طريق حديث الجهنيّ عمرو بن أبي المقدام و فيه كلام، و يتفرع عليها أن من صلى العصر في أول الزوال ناسيا صحت صلاته و كذا إذا بقى من آخر الوقت مقدار أربع ركعات وجب الإتيان بالظهر لاشتراكهما في ذلك الوقت و تقدم الظهر على العصر، بعكس قول من ذهب الى أن أول الزوال بمقدار أربع ركعات مختص بالظهر و مقدار من آخر الوقت مختص بالعصر. (مراد).

215
من لا يحضره الفقيه1

باب مواقيت الصلاة ص : 215

647- وَ سَأَلَهُ عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ- عَنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ فَقَالَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ جَمِيعاً إِلَّا أَنَّ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ ثُمَّ أَنْتَ فِي وَقْتٍ مِنْهُمَا جَمِيعاً حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ‏ «1».

648- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ دَخَلَ الْوَقْتَانِ الظُّهْرُ وَ الْعَصْرُ فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ دَخَلَ الْوَقْتَانِ الْمَغْرِبُ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ.

649- وَ رَوَى الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ وَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ وَ بُكَيْرُ بْنُ أَعْيَنَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ بُرَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُمَا قَالا وَقْتُ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ قَدَمَانِ وَ وَقْتُ الْعَصْرِ بَعْدَ ذَلِكَ قَدَمَانِ‏ «2».

______________________________

 (1). ظاهر هذه الأخبار يدلّ على اشتراك الوقت من أول الزوال إلى آخره للفرضين و يعارضها ما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 140 بإسناده عن داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتّى يمضى مقدار ما يصلى المصلى أربع ركعات- الخبر» و قيل: «هذه الرواية و ان كانت مرسلة الا أنّها معمول بها مضافا الى أنّها بحسب السند صحيح الى الحسن بن عليّ بن فضال و بنو فضال ممن أمرنا بأخذ رواياتهم فلا إشكال من حيث السند» أقول: روى في كتاب الاحتجاج عن الامام العسكريّ عليه السلام أنّه قال: «خذوا ما رووا و ذروا ما رأوا» و مع قطع النظر عن ارساله ليس فيه دلالة على مأمورية الاخذ بكل ما روى بنو فضال لان الظاهر أن الراوي زعم عدم جواز العمل بكتب الفطحية فرد عليه السلام زعمه بأن بطلان عقيدتهم لا يمنع الاخذ برواياتهم. و هذا لا يدلّ على كون جميع رواياتهم حقا موافقا للواقع فلا ينافى وجوب مراعاة سائر شرائط حجية الخبر. كما قاله استاذنا الشعرانى- مد ظله-

و اما شرطيّة الترتيب في خبر عبيد فيقتضى اختصاص مقدار أربع ركعات من أول الوقت بالظهر و من آخره بالعصر و ذلك و ان كان ظاهره ينافى لفظ «جميعا» لان فائدته صلوح الوقت لكلا الفرضين لكن الجمود على ظاهر ألفاظ الاخبار مع جواز النقل بالمعنى غير سديد.

 (2). «بعد ذلك قدمان» أي بعد وقت الظهر بقدمين و هو وقت نافلتها كما أن قوله في الظهر «بعد الزوال قدمان» اريد وقت نافلة الظهر. و المراد بالقدم هو سبع الشاخص ذى الظل أي وقت الظهر بعد زوال الشمس حين يصير الفي‏ء الزائد على الظل الباقي قدمين و حمل الشيخ- رحمه اللّه- ذلك على وقته بالنسبة الى من يصلى النافلة. (مراد).

216
من لا يحضره الفقيه1

باب مواقيت الصلاة ص : 215

650- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَوَّلُ الْوَقْتِ زَوَالُ الشَّمْسِ وَ هُوَ وَقْتُ اللَّهِ الْأَوَّلُ وَ هُوَ أَفْضَلُهُمَا «1».

651- وَ- قَالَ ع‏ أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَ آخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ وَ الْعَفْوُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ذَنْبٍ‏ «2».

652- وَ قَالَ ع‏ لَفَضْلُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَخِيرِ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ وُلْدِهِ وَ مَالِهِ‏ «3».

653- وَ سَأَلَ زُرَارَةُ- أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ ع- عَنْ وَقْتِ الظُّهْرِ فَقَالَ ذِرَاعٌ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ وَقْتُ الْعَصْرِ ذِرَاعَانِ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ «4» فَذَاكَ أَرْبَعَةُ أَقْدَامٍ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ حَائِطَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص كَانَ قَامَةً «5» وَ كَانَ إِذَا مَضَى مِنْهُ ذِرَاعٌ صَلَّى الظُّهْرَ وَ إِذَا مَضَى مِنْهُ ذِرَاعَانِ صَلَّى الْعَصْرَ «6» ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِي لِمَ جُعِلَ الذِّرَاعُ وَ الذِّرَاعَانِ قُلْتُ لِمَ جُعِلَ ذَلِكَ قَالَ لِمَكَانِ النَّافِلَةِ لَكَ أَنْ تَتَنَفَّلَ‏ «7» مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ‏

______________________________

 (1). أي أول الوقت أفضل الوقتين الأول و الآخر فيكون من قبيل زيد أفضل الناس لا من قبيل يوسف أحسن أخوته (مراد) و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: أفضل الوقتين في هذه الأخبار محمول على من لم يصل النوافل، و قيل: المراد بها ما بعد وقت النافلة.

 (2). فالذى أخره إلى آخر الوقت كأنّه أذنب فلم يؤاخذ عليه للعفو (مراد) و ذهبوا الى عدم جواز التأخير عن وقت الفضيلة و حمل على الكراهة المغلّظة جمعا بين الاخبار (م. ت).

 (3). «لفضل» بفتح اللام على تقدير القسم ضمن الفضل معنى الاختيار أي لاختيار الوقت الأول على الأخير و له الفضل «خير» أي ينبغي أن يكون أهم منها عند المؤمن. (مراد).

 (4). أي من أوله و هو الزوال لانه أول وقته بالنسبة الى من لا يصلى نافلته. و في التهذيب «ذراع من وقت الظهر» أي وقته بالنسبة الى المتنفّل و هو ما بعد الذراع. (مراد) و قال المولى المجلسيّ: أى من أول وقتها مع النافلة، و الذراع الأول كان بعد ذراع النافلة، و كل ذراع قدمان غالبا.

 (5). اريد بالقامة قامة الإنسان. كما في الوافي.

 (6). في التهذيب «فكان إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر، فإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر».

 (7). في التهذيب «لمكان الفريضة فان لك أن تتنفل-».

217
من لا يحضره الفقيه1

باب مواقيت الصلاة ص : 215

يَمْضِيَ ذِرَاعٌ فَإِذَا بَلَغَ فَيْئُكَ ذِرَاعاً بَدَأْتَ بِالْفَرِيضَةِ «1» وَ تَرَكْتَ النَّافِلَةَ «2» وَ إِذَا بَلَغَ فَيْئُكَ ذِرَاعَيْنِ بَدَأْتَ بِالْفَرِيضَةِ وَ تَرَكْتَ النَّافِلَةَ.

654- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لِأَبِي بَصِيرٍ- مَا خَدَعُوكَ فِيهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَلَا يَخْدَعُونَكَ فِي الْعَصْرِ «3» صَلِّهَا وَ الشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ الْمَوْتُورُ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ مَنْ ضَيَّعَ صَلَاةَ الْعَصْرِ قِيلَ وَ مَا الْمَوْتُورُ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ قَالَ لَا يَكُونُ لَهُ أَهْلٌ وَ لَا مَالٌ فِي الْجَنَّةِ قِيلَ وَ مَا تَضْيِيعُهَا قَالَ يَدَعُهَا وَ اللَّهِ حَتَّى تَصْفَرَّ أَوْ تَغِيبَ الشَّمْسُ‏ «4».

655- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَ الْقُرْصُ.

656- وَ قَالَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الْمَغْرِبِ إِنَّا رُبَّمَا صَلَّيْنَا وَ نَحْنُ نَخَافُ أَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ خَلْفَ الْجَبَلِ أَوْ قَدْ سَتَرَنَا مِنْهَا الْجَبَلُ فَقَالَ لِي لَيْسَ عَلَيْكَ صُعُودُ الْجَبَلِ‏ «5».

______________________________

 (1). في التهذيب «الى أن يمضى الفي‏ء ذراعا، فإذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة».

 (2). من هنا إلى آخر الحديث ليس في التهذيب.

 (3). «ما خدعوك» «ما» شرطية و الجزاء محذوف تقديره ان خدعوك في شي‏ء لم يكن عليك في الانخداع فيه غضاضة مثل الانخداع في العصر فكن على بصيرة لئلّا تنخدع فيه، فقوله عليه السلام: «فلا يخدعونك» خبر في قوة النهى، و في بعض النسخ «فلا يخدعوك» على صيغة النهى و على التقديرين المطلوب منه الحذر عن الانخداع في العصر اذ لا معنى لطلب ترك الخدعة التي هي فعل الغير منه. (مراد).

 (4). الترديد اما من الراوي و يحتمل كونه من المعصوم فيكون للاشعار بأنّه لا فرق بين اصفرارها و غيبوبتها في التضييع. (م ت).

 (5). ظاهر الخبر أن وقتها غيبوبة القرص خلف الجبل و لم يقل به أحد فان من يقول بغيبوبة القرص يقول بغيبوبتها في الأرض التي لا حائل لها فان كثيرا ما يسترها الجبل و شعاع الشمس على الأرض و الجبال فحمله على التقية أولى، أو يحمل على أنّه عليه السلام قال: ليس عليك صعود الجبل و رؤيتك غيبوبة القرص و هو لا يدلّ على دخول الوقت بل ربما كان بدون الصعود الى الجبل يمكنك ملاحظة غيبوبتها و دخول الوقت بذهاب الحمرة فلا يحتاج الى الصعود هذا و في كثير من الاخبار ما يشعر بأن أخبار ذهاب القرص محمولة على التقية. (م ت).

218
من لا يحضره الفقيه1

باب مواقيت الصلاة ص : 215

وَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ لِمَنْ كَانَ فِي طَلَبِ الْمَنْزِلِ فِي سَفَرٍ إِلَى رُبُعِ اللَّيْلِ‏ «1» وَ الْمُفِيضِ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى جَمْعٍ كَذَلِكَ‏ «2».

657- وَ رَوَى بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ لِإِبْرَاهِيمَ ع- فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى‏ كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي‏ فَهَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ وَ آخِرُ ذَلِكَ غَيْبُوبَةُ الشَّفَقِ فَأَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ذَهَابُ الْحُمْرَةِ «3» وَ آخِرُ وَقْتِهَا إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ يَعْنِي نِصْفَ اللَّيْلِ‏ «4».

658- وَ فِي رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ‏ «5».

وَ كَأَنَّ الثُّلُثَ هُوَ الْأَوْسَطُ «6» وَ النِّصْفَ هُوَ آخِرُ الْوَقْتِ.

659- وَ رُوِيَ‏ فِيمَنْ نَامَ عَنِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّهُ يَقْضِي وَ يُصْبِحُ‏

______________________________

 (1). كما في رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 3 ص 281.

 (2). الجمع هو المشعر الحرام المسمى بمزدلفة. و قوله «لمن كان في طلب المنزل» لعله على سبيل التمثيل أي لمن كان له مانع من الإتيان بها في أول الوقت. (مراد).

 (3). «فلمّا جنّ» أي ستره بظلامه و المطلوب من الاستشهاد أن وقت المغرب دخول الليل و علامته رؤية الكوكب حيث رتبها اللّه تعالى على دخول الليل (مراد) و ذهاب الحمرة المشرقية علامة غيبوبة القرص في أفق المغرب. (م ح ق).

 (4). قوله عليه السلام «فاول وقت العشاء الآخرة» بناء التفريع على أنّه لا يشك في اتصال وقت العشاء بوقت المغرب فإذا كان آخر وقته غيبوبة الشفق و هو ذهاب الحمرة كان ذلك أول وقت العشاء، فغيبوبة الشفق فصل مشترك بين الوقتين (مراد) أقول: يشبه أن يكون من قوله «فأول وقت العشاء» قول المصنّف لكن رواه الشيخ في التهذيبين إلى آخره في خبر و ليس فيهما كلمة «يعنى». و في بعض النسخ «و أول».

 (5). قال في الذكرى: هذه محمولة على وقت الاشتباه أو الضرورة أو على حدها حتّى يظهر النجوم فيكون فراغه عنها عند ذلك كما قاله الشيخ. (سلطان).

 (6). من كلام الصدوق- رحمه اللّه- و لعلّ المراد بالاوسط الافضل.

219
من لا يحضره الفقيه1

باب مواقيت الصلاة ص : 215

صَائِماً عُقُوبَةً «1».

وَ إِنَّمَا وَجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِنَوْمِهِ عَنْهَا إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ.

660- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْخَثْعَمِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَ يُصَلِّي مَعَهُ حَيٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو سَلِمَةَ مَنَازِلُهُمْ عَلَى نِصْفِ مِيلٍ فَيُصَلُّونَ مَعَهُ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَ هُمْ يَرَوْنَ مَوَاضِعَ سِهَامِهِمْ‏ «2».

661- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ طَلَباً لِفَضْلِهَا وَ قِيلَ لَهُ إِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يُؤَخِّرُونَ الْمَغْرِبَ حَتَّى تَشْتَبِكُ النُّجُومُ فَقَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي الْخَطَّابِ‏ «3».

662- وَ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ زَيْدٌ الشَّحَّامُ‏ صَعِدْتُ مَرَّةً جَبَلَ أَبِي قُبَيْسٍ- وَ النَّاسُ يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ فَرَأَيْتُ الشَّمْسَ لَمْ تَغِبْ إِنَّمَا تَوَارَتْ خَلْفَ الْجَبَلِ عَنِ النَّاسِ فَلَقِيتُ‏

______________________________

 (1). حمله الاكثر على الاستحباب، و بعضهم على الوجوب و هو ظاهر الصدوق- رحمه اللّه- و الأحوط أن لا يترك، و على تقدير الوجوب فلو أفطر هل يجب القضاء فقط أو الكفّارة أيضا أو لا يجب شي‏ء منهما؟ الكل محتمل و الاحتياط القضاء و نهايته في الكفّارة أيضا. (م ت).

 (2). أي إذا راموا سهامهم يرون موضعها لبقاء ضوء النهار بعد، و المراد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يعجل صلاة المغرب (سلطان) أقول: فى الصحاح سهم البيت:

جائزه. و قال في «جوز» الجائز: الجذع الذي يقال له بالفارسية «تير» و هو سهم البيت.

 (3). هو محمّد بن مقلاص الأسدى الكوفيّ غال ملعون و يكنى مقلاص أبا زينب كان محمّد في عصر الصادق عليه السلام و كان من أصحابه فكفر و ادعى أيضا النبوّة و زعم أن جعفرا عليه السلام اله- تعالى اللّه عزّ و جلّ عن قوله- و استحل المحارم كلها، و رخص لاصحابه فيها و كانوا كلما ثقل عليهم أداء فرض أتوه فقالوا: يا أبا الخطاب خفف عنا فيأمرهم بتركه حتّى تركوا جميع الفرائض و استحلوا جميع المحارم و أباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، و قال:

من عرف الامام حل له كل شي‏ء كان حرم عليه، فبلغ أمره جعفر بن محمّد عليهما السلام فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه و تبرأ منه، و جمع أصحابه فعرفهم ذلك و كتب الى البلدان بالبراءة منه و باللعنة عليه و عظم أمره على أبي عبد اللّه عليه السلام و استفظعه و استهاله.

انتهى (المستدرك) و قوله «تشتبك النجوم» أي تكثرت حتّى تصير كالشبكة بتعانق بعضها بعضا و هو كناية عن ذهاب قدر يعتد به من الليل. (مراد).

220
من لا يحضره الفقيه1

باب مواقيت الصلاة ص : 215

أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لِي وَ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِئْسَ مَا صَنَعْتَ إِنَّمَا تُصَلِّيهَا إِذَا لَمْ تَرَهَا خَلْفَ الْجَبَلِ غَابَتْ أَوْ غَارَتْ مَا لَمْ يَتَجَلَّلْهَا «1» سَحَابٌ أَوْ ظُلْمَةٌ تُظِلُّهَا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ مَشْرِقُكَ وَ مَغْرِبُكَ وَ لَيْسَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَبْحَثُوا «2».

663- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ حَلَّ الْإِفْطَارُ وَ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ وَ إِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى انْتِصَافِ اللَّيْلِ.

664- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يَقُولُ مَنْ بَاتَ عَنِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَلَا أَنَامَ اللَّهُ عَيْنَيْهِ.

665- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ عَقَّبَ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كُتِبَتَا لَهُ فِي عِلِّيِّينَ فَإِنْ صَلَّى أَرْبَعاً كُتِبَتْ لَهُ حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ.

وَ وَقْتُ الْفَجْرِ حِينَ يَعْتَرِضُ الْفَجْرُ وَ يُضِي‏ءُ حُسْناً وَ يَتَجَلَّلُ الصُّبْحُ السَّمَاءَ وَ يَكُونُ‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «يتجلاها». و قال استاذنا الشعرانى- مد ظله- في هامش الوافي:

هذه رواية شاذة مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة بان غيبوبة الشمس خلف الجبل لا يكفى، فلعله نهى عن التفتيش حين اشتغال الناس بالصلاة لانه يخالف التقية، أو لان الغروب يعرف بزوال الحمرة فلا حاجة الى صعود الجبل، أو لان الموضع المرتفع يستلزم انحدار الافق الحسى فيرى قرص الشمس فوقه مع أن الذي في أسفل الجبل لو فرض عدم الحاجب بينه و بين الشمس لم يرها لكون الافق أعلى بالنسبة إليه و لذلك قال عليه السلام «فانما عليك مشرقك و مغربك» و هذا مبين في علم الهيئة.

 (2). ذم الصادق عليه السلام لابى أسامة على صعود الجبل كان لاثارة الفساد بأن يقول انهم يفطرون و الشمس لم يغب بعد، مع أن العامّة قائلون بغيبوبة القرص، أو يقول لهم و يحصل الضرر بسببه إليه عليه السلام و الى غيره كما هو الظاهر من الخبر أولا و آخرا، و يمكن أن يكون المراد بقوله عليه السلام «فانما عليك مشرقك و مغربك» أنه لا يحتاج الى صعود الجبل و يمكن فهم الطلوع و الغروب بظهور الحمرة أو ذهابها في المشرق للغروب و عكسه للطلوع، و ظاهر الصدوق- رحمه اللّه- أنه حمل هذه الأخبار كلها على استتار القرص و لو كان خلف الجبل كما هو ظاهرها و ان أمكن أن تكون ردا على الخطابية أيضا. (م ت).

221
من لا يحضره الفقيه1

باب مواقيت الصلاة ص : 215

كَالْقَبَاطِيِّ أَوْ مِثْلَ نَهَرِ سُورَاءَ «1» وَ مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أُثْبِتَتْ لَهُ مَرَّتَيْنِ أَثْبَتَهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَ مَنْ صَلَّاهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا أُثْبِتَتْ لَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يَعْنِي أَنَّهُ تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ.

666- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ تَزُولُ الشَّمْسُ وَ وَقْتُهَا فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ وَاحِدٌ «2» وَ هُوَ مِنَ الْمُضَيَّقِ وَ صَلَاةُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ.

667- وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ‏ «3» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ وَ أَنْتَ تَرَى أَنَّكَ فِي وَقْتٍ وَ لَمْ يَدْخُلِ الْوَقْتُ فَدَخَلَ الْوَقْتُ وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْكَ‏ «4».

668- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ‏ «5»- عَنِ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ إِذَا لَمْ تُرَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ لَا النُّجُومُ فَقَالَ تَجْتَهِدُ رَأْيَكَ وَ تَعَمَّدُ الْقِبْلَةَ بِجُهْدِكَ.

669- وَ رَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَّاءُ «6» عَنِ الصَّادِقِ ع‏ أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ‏

______________________________

 (1). القباطى- بفتح القاف-: ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر، واحدها قبطى- بضم القاف- نسبة الى قبط- بالكسر-: جيل من النصارى بمصر. و سورى- بالقصر و المد- بلدة بأرض بابل و بها نهر يقال له: سوراء.

 (2). وجه كون وقتها واحدا و هو أول الزوال أن في السفر تسقط النافلة و في الحضر تقدم نافلتها على الزوال إلا ركعتين منها فانهما يصليان في عين الزوال على قول لتحقيق الزوال فلا ينافى هذا القدر كون صلاة الجمعة في أول الزوال المحقق فتأمل. (سلطان).

 (3). «رباح» بالباء الموحدة و الطريق الى إسماعيل بن رباح صحيح عند العلامة (ره) و فيه محمّد بن على ماجيلويه أحد مشايخ المؤلّف و لم يوجد له توثيق و لا مدح الا الترضى من المؤلّف و هو عند جماعة من العلماء يساوق التوثيق.

 (4). يدل على الاجزاء إذا كان بعض الصلاة وقع في الوقت، و عليه عمل المشهور.

 (5). الطريق إليه قوى بعثمان بن عيسى و فيه إبراهيم بن هاشم و هو حسن (صه).

 (6). الطريق إليه صحيح (صه) لكن فيه أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه. (جامع الرواة).

222
من لا يحضره الفقيه1

باب معرفة زوال الشمس ص : 223

أَصْحَابِنَا إِنَّهُ رُبَّمَا اشْتَبَهَ عَلَيْنَا الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ فَقَالَ تَعْرِفُ هَذِهِ الطُّيُورَ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَكُمْ بِالْعِرَاقِ- يُقَالُ لَهَا الدُّيُوكُ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ إِذَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهَا «1» وَ تَجَاوَبَتْ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَصَلِّ.

670- وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي مُؤَذِّنٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ غَيْمٍ لَمْ أَعْرِفِ الْوَقْتَ فَقَالَ إِذَا صَاحَ الدِّيكُ ثَلَاثَةَ أَصْوَاتٍ وِلَاءً فَقَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ وَ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ.

وَ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ فَلْيُعِدْ وَ إِنْ كَانَ قَدْ مَضَى الْوَقْتُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَ حَسْبُهُ اجْتِهَادُهُ.

671- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ لَأَنْ أُصَلِّيَ بَعْدَ مَا يَمْضِي الْوَقْتُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ وَ أَنَا فِي شَكٍّ مِنَ الْوَقْتِ وَ قَبْلَ الْوَقْتِ.

672- وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ‏ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْمُؤَذِّنُ يَأْتِي النَّبِيَّ ص فِي الْحَرِّ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص أَبْرِدْ أَبْرِدْ «3».

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ يَعْنِي عَجِّلْ عَجِّلْ وَ أُخِذَ ذَلِكَ مِنَ التَّبْرِيدِ.

بَابُ مَعْرِفَةِ زَوَالِ الشَّمْسِ‏

673- رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: تَزُولُ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ مِنْ حَزِيرَانَ عَلَى نِصْفِ قَدَمٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ تَمُّوزَ عَلَى قَدَمٍ وَ نِصْفٍ وَ

______________________________

 (1). يعني عند الزوال إذا ما شككت في زوال الشمس فلا ينافى ارتفاع صوتها في غير الزوال. و قال استاذنا الشعرانى: متن الحديث مضطرب و يدلّ على جواز الدخول في الصلاة بصياح الديك فيجوز الاعتماد على الظنّ عند التعذر.

 (2). الطريق صحيح (صه) و فيه محمّد بن على ما جيلويه و تقدم الكلام فيه.

 (3). هو كناية عن الراحة و السرور أو من برد النهار أي أوله.

223
من لا يحضره الفقيه1

باب معرفة زوال الشمس ص : 223

فِي النِّصْفِ مِنْ آبَ عَلَى قَدَمَيْنِ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ أَيْلُولَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْدَامٍ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ عَلَى خَمْسَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ تِشْرِينَ الْآخِرِ عَلَى سَبْعَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ عَلَى تِسْعَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ كَانُونَ الْآخِرِ عَلَى سَبْعَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ شُبَاطَ عَلَى خَمْسَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ آذَارَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ نَيْسَانَ عَلَى قَدَمَيْنِ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ أَيَّارَ عَلَى قَدَمٍ وَ نِصْفٍ وَ فِي النِّصْفِ مِنْ حَزِيرَانَ عَلَى نِصْفِ قَدَمٍ‏ «1».

674- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ تِبْيَانُ زَوَالِ الشَّمْسِ أَنْ تَأْخُذَ عُوداً طُولُهُ ذِرَاعٌ وَ أَرْبَعُ أَصَابِعَ‏ «2» فَتَجْعَلَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ فِي الْأَرْضِ فَإِذَا نَقَصَ الظِّلُّ حَتَّى يَبْلُغَ غَايَتَهُ ثُمَّ زَادَ فَقَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ وَ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ تَهُبُّ الرِّيَاحُ وَ تُقْضَى الْحَوَائِجُ الْعِظَامُ.

______________________________

 (1). الظاهر أن هذه التحديدات يختص بالمدينة المشرفة و ما والاها في العرض و هو عرض «كه» (250) فان في أوائل البروج المبتدأ من أول السرطان في هذا العرض أظلال ارتفاعاتها النصف النهارية تقارب بل تساوى الاقدار المذكورة في الحديث الشريف كما يظهر بالرجوع الى البراهين الهندسية، و ان شئت الوقوف على صدق ذلك التخمين فانظر في الاسطرلاب واضعا صفحة عرض «كه» تحت العنكبوت مديرا له حتّى تعرف الارتفاعات ثمّ استعلم اقدار أظلالها من ظهر الاسطرلاب و اللّه أعلم. كذا في هامش نسخة و قال الأستاذ الشعرانى في هامش الوافي: الظاهر أن هذه الحاشية من الشيخ البهائى- رحمه اللّه- و هو الحقّ بالنسبة الى أكثر التقادير المذكورة، و لا يتوهّمن أن بيان المقادير في كلام الإمام عليه السلام يجب أن يكون عاما لجميع المكلّفين في جميع البلاد لان الاحكام الالهيّة غير مختصّة ببعضها، فان هذا صحيح فيما لم تكن قرينة على الاختصاص. ثم نقل- مد ظلّه- كلام الفاضل التفرشى و استبعاده، و بعده اشكال الفقيه الهمدانيّ رضوان اللّه عليه صاحب مصباح الفقيه حيث قال: ان المقصود بالرواية بحسب الظاهر بيان ما يعرف به الزوال تقريبا و التنبيه على اختلاف الظل في الفصول الأربعة و بيان مقدار التفاوت على سبيل الاجمال. و قال في جوابهما كلاما طويلا لا يسعنا ذكره.

و جملة «و في النصف من حزيران» الأخيرة زيادة زيدت في الأصل المأخوذة عنه الرواية.

 (2). هذا بطريق التمثيل و الا فذلك يستعلم من كل شاخص.

224
من لا يحضره الفقيه1

باب ركود الشمس ص : 225

بَابُ رُكُودِ الشَّمْسِ‏

675- سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ عَنْ رُكُودِ الشَّمْسِ‏ «1» فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا أَصْغَرَ جُثَّتَكَ وَ أَعْضَلَ مَسْأَلَتَكَ وَ إِنَّكَ لَأَهْلٌ لِلْجَوَابِ إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ جَذَبَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ بِكُلِّ شُعَاعٍ مِنْهَا خَمْسَةُ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ بَيْنِ جَاذِبٍ وَ دَافِعٍ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْجَوَّ وَ جَازَتِ الْكَوَّ قَلَبَهَا مَلَكُ النُّورِ ظَهْراً لِبَطْنٍ فَصَارَ مَا يَلِي الْأَرْضَ إِلَى السَّمَاءِ وَ بَلَغَ شُعَاعُهَا تُخُومَ الْعَرْشِ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَادَتِ الْمَلَائِكَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ‏ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌ‏ مِنَ الذُّلِ‏ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أُحَافِظُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَقَالَ نَعَمْ حَافِظْ عَلَيْهِ كَمَا تُحَافِظُ عَلَى عَيْنِكَ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ صَارَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ وَرَائِهَا يُسَبِّحُونَ اللَّهَ فِي فَلَكِ الْجَوِّ إِلَى أَنْ تَغِيبَ‏ «2».

676- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنِ الشَّمْسِ كَيْفَ تَرْكُدُ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَا يَكُونُ لَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ رُكُودٌ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضْيَقَ الْأَيَّامِ فَقِيلَ لَهُ وَ لِمَ جَعَلَهُ أَضْيَقَ الْأَيَّامِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ الْمُشْرِكِينَ‏ «3» فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِحُرْمَتِهِ عِنْدَهُ.

677- وَ رُوِيَ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ- أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع-

______________________________

 (1). الركود: السكون الذي يفصل بين الحركات (النهاية) و المراد ركود شعاعها و سيأتي بيانه. و في طريق الرواية مجهولان.

 (2). الملائكة الموكلون بالسماوات و الكواكب كثيرة لا يحصيهم كثرة الا اللّه سبحانه، منهم من وكل بالجذب، و منهم من وكل بالدفع، و منهم من وكل بالطلوع و الافول، و منهم من وكل بالردّ و القبول، و منهم بوّاب، و منهم حجّاب، و منهم راكع، و منهم ساجد، و منهم حافون، و منهم صافون الى غير ذلك قال اللّه سبحانه «و ما يعلم جنود ربك الا هو» (الوافي).

 (3). في بعض النسخ «لا يعذب المشركون».

225
من لا يحضره الفقيه1

باب ركود الشمس ص : 225

فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الشَّمْسَ تَنْقَضُ‏ «1» ثُمَّ تَرْكُدُ سَاعَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ تَزُولَ فَقَالَ إِنَّهَا تُؤَامِرُ أَ تَزُولُ أَوْ لَا تَزُولُ‏ «2».

______________________________

 (1). من الانقضاض اي يتحرك سريعا من انقضّ النجم و هو مضاعف من «قض» لا منقوص من قضى. و قال في الوافي. و في بعض النسخ «تنقضى» من الانقضاء.

 (2). قوله «ثم تركد ساعة» يحتمل أن يكون المراد بركود الشمس حين الزوال عدم ظهور حركتها بقدر يعتد بها عند الزوال و عدم ظهور تزايد الظل حينئذ بخلاف الساعات السابقة و اللاحقة، و عبر عن ذلك بالركود بناء على الظاهر و فهم القوم، و جذب الملك عبارة عن إرادة اللّه تعالى و خلق القوى فيها، و ليس الباعث على الخروج من الظاهر الوقوف على قول الحكماء من استمرار وضع الفلك و غيره بل الباعث أن كل نقطة من مدار الشمس محاذية لسمت رأس أفق من الآفاق فيلزم سكون الشمس دائما لو سكنت حقيقة عند الزوال و تخصيص الركود بأفق خاصّ كمكّة أو المدينة مع بعده يستلزم سكونها في البلاد الآخر بحسبها في اوقات آخر فان ظهر مكّة مثلا يكون وقت الضحى في أفق آخر فيلزم ركودها في ضحى ذلك الافق و لا يلتزمه أحد فتأمل. (سلطان)

و قال الفيض- رحمه اللّه- الوجه في ركود الشمس قبل الزوال تزايد شعاعها آنا فآنا و انتقاص الظل الى حد ما ثمّ انتقاص الظل الى حدّ الشعاع و تزايد الظل و قد ثبت في محله أن كل حركتين مختلفتين لا بدّ بينهما من سكون، فبعد بلوغ نقصان الظل الى الغاية و قبل أخذه في الازدياد لا بدّ و أن يركد شعاع الشمس في الأرض ساعة ثمّ يزيد و هذا ركودها في الأرض من حيث شعاعها بحسب الواقع و قد حصل بتبعية الظلال كما أن تسخينها و اضاءتها انما يحصلان بتبعية انعكاس أشعتها من الأرض و الجبال على ما زعمته جماعة. و هذا لا ينافى استمرار حركتها في الفلك على وتيرة واحدة. و المؤامرة: المشاورة، يعنى أنّها تشاور ربها في زوالها و ذلك لأنّها مسخرة بأمر ربها، لا تتحرك و لا تسكن الا باذن منه جل و عز، و زمان هذا السكون و ان كان قليلا جدا الا أن الشمس لما لم يحس بحركتها طرفى هذا الركود فهي كأنها راكدة ساعة ما، و ما جاء في أن لا يكون للشمس ركود يوم الجمعة معناه انهم لاشتغالهم باستماع الخطبة و تهيئهم للصلاة لا يحسون به بل يسرع مروره عليهم و تقصر مدته لديهم لانهم في رخاء من العبادة و في سرور من الطاعة و مدة الرخاء تكون قصراء عجلاء (الوافي) أقول: فى الكافي ج 3 ص 416 عن محمّد بن إسماعيل عن الرضا عليه السلام في علة عدم ركودها يوم الجمعة رواية فليراجع.

226
من لا يحضره الفقيه1

باب معرفة زوال الليل ص : 227

بَابُ مَعْرِفَةِ زَوَالِ اللَّيْلِ‏

678- سَأَلَ عُمَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ «1»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ- زَوَالُ الشَّمْسِ نَعْرِفُهُ بِالنَّهَارِ كَيْفَ لَنَا بِاللَّيْلِ فَقَالَ لِلَّيْلِ زَوَالٌ كَزَوَالِ الشَّمْسِ قَالَ فَبِأَيِّ شَيْ‏ءٍ نَعْرِفُهُ قَالَ بِالنُّجُومِ إِذَا انْحَدَرَتْ‏ «2».

بَابُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ص الَّتِي قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا

679- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يُصَلِّي مِنَ النَّهَارِ شَيْئاً حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ فَإِذَا زَالَتْ‏ «3» صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَ هِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ تُفَتَّحُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ وَ تَهُبُّ الرِّيَاحُ وَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ فَإِذَا فَاءَ الْفَيْ‏ءُ ذِرَاعاً صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعاً وَ صَلَّى بَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَاوَيْنِ‏ «4» ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ أَرْبَعاً إِذَا فَاءَ الْفَيْ‏ءُ ذِرَاعاً ثُمَّ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ شَيْئاً حَتَّى تَئُوبَ الشَّمْسُ فَإِذَا آبَتْ وَ هُوَ أَنْ تَغِيبَ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثاً وَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَرْبَعاً ثُمَّ لَا يُصَلِّي شَيْئاً حَتَّى يَسْقُطَ الشَّفَقُ فَإِذَا سَقَطَ الشَّفَقُ صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ أَوَى رَسُولُ اللَّهِ ص‏

______________________________

 (1). الطريق قوىّ بداود بن الحصين و فيه محمّد بن عيسى و الحسين بن أحمد بن إدريس و لم يوثقا صريحا.

 (2). لعل المراد بالنجوم التي طلعت في أول الليل حين غروب الشمس. (سلطان).

 (3). في بعض النسخ «حتى يزول النهار فان زال».

 (4). محمول على المؤكد من المستحب و لا ينافى مطلق الاستحباب (الذكرى) أي استحباب الزيادة كما هو المشهور من كون نافلة العصر ثمان ركعات و استحباب الوتيرة بعد العشاء، و يمكن أن يقال: ان هذا بيان صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في آخر عمره فيحمل على ترك بعض المستحبات لضعف الشيبة. (سلطان).

227
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

إِلَى فِرَاشِهِ وَ لَمْ يُصَلِّ شَيْئاً حَتَّى يَزُولَ نِصْفُ اللَّيْلِ فَإِذَا زَالَ نِصْفُ اللَّيْلِ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَ أَوْتَرَ فِي الرُّبُعِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَقَرَأَ فِيهِنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ- وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ- وَ يَفْصِلُ بَيْنَ الثَّلَاثِ بِتَسْلِيمَةٍ وَ يَتَكَلَّمُ وَ يَأْمُرُ بِالْحَاجَةِ وَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مُصَلَّاهُ حَتَّى يُصَلِّيَ الثَّالِثَةَ الَّتِي يُوتِرُ فِيهَا وَ يَقْنُتُ فِيهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ وَ عِنْدَهُ وَ بُعَيْدَهُ- ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ وَ هُوَ الْفَجْرُ إِذَا اعْتَرَضَ الْفَجْرُ وَ أَضَاءَ حُسْناً فَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ ص الَّتِي قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهَا.

بَابُ فَضْلِ الْمَسَاجِدِ وَ حُرْمَتِهَا وَ ثَوَابِ مَنْ صَلَّى فِيهَا

680- رَوَى خَالِدُ بْنُ مَادٍّ الْقَلَانِسِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ:- مَكَّةُ حَرَمُ اللَّهِ وَ حَرَمُ رَسُولِهِ وَ حَرَمُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ الصَّلَاةُ فِيهَا بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ وَ الدِّرْهَمُ فِيهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ‏ «1» وَ الْمَدِينَةُ حَرَمُ اللَّهِ وَ حَرَمُ رَسُولِهِ- وَ حَرَمُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع الصَّلَاةُ فِيهَا بِعَشَرَةِ آلَافِ صَلَاةٍ وَ الدِّرْهَمُ فِيهَا بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ الْكُوفَةُ حَرَمُ اللَّهِ وَ حَرَمُ رَسُولِهِ وَ حَرَمُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ الصَّلَاةُ فِيهَا بِأَلْفِ صَلَاةٍ وَ سَكَتَ عَنِ الدِّرْهَمِ.

681- وَ رَوَى أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ- مَنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ صَلَاةً مَكْتُوبَةً قَبِلَ اللَّهُ بِهَا مِنْهُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مُنْذُ يَوْمَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ كُلَّ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا إِلَى أَنْ يَمُوتَ.

682- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِي كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي‏ «2».

______________________________

 (1). أي التصدق فيها.

 (2). المراد كثرة الثواب لا خصوصية المقدار فلا ينافى ما مر.

228
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

683- وَ سَأَلَ عَبْدُ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ كَمْ كَانَ طُولُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ كَانَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَ سِتَّمِائَةِ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةً «1».

684- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لِأَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ- الْمَسَاجِدُ الْأَرْبَعَةُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ- وَ مَسْجِدُ الرَّسُولِ ص- وَ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ- وَ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ يَا أَبَا حَمْزَةَ الْفَرِيضَةُ فِيهَا تَعْدِلُ حَجَّةً وَ النَّافِلَةُ تَعْدِلُ عُمْرَةً.

685- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع- عَنْ قَبْرِ فَاطِمَةَ ع فَقَالَ دُفِنَتْ فِي بَيْتِهَا فَلَمَّا زَادَتْ بَنُو أُمَيَّةَ فِي الْمَسْجِدِ صَارَتْ فِي الْمَسْجِدِ.

686- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ أَتَى مَسْجِدِي مَسْجِدَ قُبَا فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ رَجَعَ بِعُمْرَةٍ.

وَ كَانَ ع يَأْتِيهِ فَيُصَلِّي فِيهِ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَةٍ وَ يُسْتَحَبُّ إِتْيَانُ الْمَسَاجِدِ- بِالْمَدِينَةِ مَسْجِدِ قُبَا- فَإِنَّهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَ مَشْرَبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ وَ مَسْجِدِ الْفَضِيخِ وَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ بِأُحُدٍ- وَ مَسْجِدِ الْأَحْزَابِ وَ هُوَ مَسْجِدُ الْفَتْحِ‏ «2» وَ يُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الْغَدِيرِ «3»- فِي مَيْسَرَةِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ ص حَيْثُ قَالَ‏

مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ

______________________________

 (1). قال في المغرب: الذراع المكسر ست قبضات و هي ذراع العامّة و انما وصفت بذلك لانها نقصت عن ذراع الملك بقبضة و هو بعض الاكاسرة و كانت ذراعه سبع قبضات. و لعلّ المراد بالمكسر المضروب بعضها في بعض أي كان هذا في حاصل ضرب الطول في العرض و يحتمل الأول كما في المرآة.

 (2). بمضمونه بل بلفظه رواية في الكافي ج 4 ص 560 و التهذيب ج 2 ص 6.

 (3). في الكافي ج 4 ص 567 بإسناده عن أبان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «يستحب الصلاة في مسجد الغدير لان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام، و هو موضع أظهر اللّه عزّ و جلّ فيه الحق». و بمضمون المتن خبر آخر بسند صحيح.

229
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

مَنْ عَادَاهُ.

687- وَ أَمَّا الْجَانِبُ الْآخَرُ فَذَلِكَ مَوْضِعُ فُسْطَاطِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ لَمَّا رَأَوْهُ رَافِعاً يَدَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا إِلَى عَيْنَيْهِ تَدُورَانِ كَأَنَّهُمَا عَيْنَا مَجْنُونٍ فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع بِهَذِهِ الْآيَةِ- وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ‏ وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ‏ أَخْبَرَ الصَّادِقُ ع بِذَلِكَ حَسَّانَ الْجَمَّالَ- لَمَّا حَمَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ يَا حَسَّانُ لَوْ لَا أَنَّكَ جَمَّالِي مَا حَدَّثْتُكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

688- وَ أَمَّا مَسْجِدُ الْخَيْفِ بِمِنًى فَإِنَّهُ رَوَى جَابِرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ- صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُمِائَةِ نَبِيٍّ.

689- وَ رَوَى أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى مِائَةَ رَكْعَةٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ عَدَلَتْ عِبَادَةَ سَبْعِينَ عَاماً وَ مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِيهِ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كَأَجْرِ عِتْقِ رَقَبَةٍ وَ مَنْ هَلَّلَ اللَّهَ فِيهِ مِائَةَ تَهْلِيلَةٍ عَدَلَتْ أَجْرَ إِحْيَاءِ نَسَمَةٍ وَ مَنْ حَمَّدَ اللَّهَ فِيهِ مِائَةَ تَحْمِيدَةٍ عَدَلَتْ أَجْرَ خَرَاجِ الْعِرَاقَيْنِ يُتَصَدَّقُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

690- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- كَانَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ ص عَلَى عَهْدِهِ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ وَ فَوْقُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ نَحْواً مِنْ ثَلَاثِينَ ذِرَاعاً وَ عَنْ يَمِينِهَا وَ عَنْ يَسَارِهَا وَ خَلْفِهَا نَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَحَرَّ ذَلِكَ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَكُونَ مُصَلَّاكَ فِيهِ فَافْعَلْ فَإِنَّهُ صَلَّى فِيهِ أَلْفُ نَبِيٍّ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَيْفَ لِأَنَّهُ مُرْتَفِعٌ عَنِ الْوَادِي وَ مَا ارْتَفَعَ عَنْهُ يُسَمَّى خَيْفاً.

691- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ حَدُّ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ آخِرُ السَّرَّاجِينَ خَطَّهُ آدَمُ ع وَ أَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَدْخُلَهُ رَاكِباً قِيلَ لَهُ فَمَنْ غَيَّرَهُ عَنْ خِطَّتِهِ قَالَ أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ فَالطُّوفَانُ فِي زَمَنِ نُوحٍ ع- ثُمَّ غَيَّرَهُ أَصْحَابُ كِسْرَى وَ النُّعْمَانِ ثُمَّ غَيَّرَهُ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ.

230
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

692- وَ قَالَ ع‏ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى دَيْرَانِيٍّ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فِي دَيْرٍ لَهُ فِيمَا بَيْنَ الزَّاوِيَةِ وَ الْمِنْبَرِ فِيهِ سَبْعُ نَخَلَاتٍ وَ هُوَ مُشْرِفٌ مِنْ دَيْرِهِ عَلَى نُوحٍ يُكَلِّمُهُ.

693- وَ قَالَ أَبُو بَصِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ نِعْمَ الْمَسْجِدُ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ- صَلَّى فِيهِ أَلْفُ نَبِيٍّ وَ أَلْفُ وَصِيٍّ وَ مِنْهُ‏ فارَ التَّنُّورُ+ وَ فِيهِ نُجِرَتِ السَّفِينَةُ مَيْمَنَتُهُ رِضْوَانُ اللَّهِ وَ وَسَطُهُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ- وَ مَيْسَرَتُهُ مَكْرٌ يَعْنِي مَنَازِلَ الشَّيَاطِينِ‏ «1».

694- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ- وَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ.

695- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ لَمَّا أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ بِمَوْضِعِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ- وَ أَنَا عَلَى الْبُرَاقِ وَ مَعِي جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ لِي يَا مُحَمَّدُ انْزِلْ فَصَلِّ فِي هَذَا الْمَكَانِ قَالَ فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ أَيُّ شَيْ‏ءٍ هَذَا الْمَوْضِعُ قَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ كُوفَانُ وَ هَذَا مَسْجِدُهَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُهَا عِشْرِينَ مَرَّةً خَرَاباً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً عُمْرَاناً بَيْنَ كُلِّ مَرَّتَيْنِ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ.

696- وَ رُوِيَ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ حَوْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ إِذْ قَالَ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لَقَدْ حَبَاكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا لَمْ يَحْبُ بِهِ أَحَداً مِنْ فَضْلِ مُصَلَّاكُمْ بَيْتِ آدَمَ- وَ بَيْتِ نُوحٍ وَ بَيْتِ إِدْرِيسَ وَ مُصَلَّى إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ- وَ مُصَلَّى أَخِي الْخَضِرِ ع وَ مُصَلَّايَ وَ إِنَّ مَسْجِدَكُمْ هَذَا لَأَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَهْلِهَا وَ كَأَنِّي بِهِ قَدْ أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ يَتَشَبَّهُ بِالْمُحْرِمِ وَ يَشْفَعُ لِأَهْلِهِ وَ لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ فَلَا تُرَدُّ شَفَاعَتُهُ وَ لَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَ اللَّيَالِي حَتَّى يُنْصَبَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فِيهِ وَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ زَمَانٌ يَكُونُ مُصَلَّى الْمَهْدِيِّ مِنْ وُلْدِي وَ مُصَلَّى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ لَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ إِلَّا

______________________________

 (1). ينبغي أن يراد بالميمنة و الميسرة خارج المسجد و الوسط داخل المسجد اذ لا ينبغي ان تكون فيه منازل الشياطين، و يحتمل أن يكون المراد بالميسرة بيوت أهل الكوفة الواقعة في ميسرته (مراد) و في بعض النسخ «مبارك الشياطين».

231
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

كَانَ بِهِ أَوْ حَنَّ قَلْبُهُ إِلَيْهِ فَلَا تَهْجُرُوهُ وَ تَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ فَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِيهِ مِنَ الْبَرَكَةِ لَأَتَوْهُ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَ لَوْ حَبْواً «1» عَلَى الثَّلْجِ.

697- وَ أَمَّا مَسْجِدُ السَّهْلَةِ فَقَدْ قَالَ الصَّادِقُ ع لَوِ اسْتَجَارَ عَمِّي زَيْدٌ بِهِ لَأَجَارَهُ اللَّهُ سَنَةً ذَلِكَ مَوْضِعُ بَيْتِ إِدْرِيسَ ع الَّذِي كَانَ يَخِيطُ فِيهِ وَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ إِبْرَاهِيمُ ع إِلَى الْعَمَالِقَةِ وَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ دَاوُدُ- إِلَى جَالُوتَ- وَ تَحْتَهُ صَخْرَةٌ خَضْرَاءُ فِيهَا صُورَةُ وَجْهِ كُلِّ نَبِيٍ‏ «2» خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْ تَحْتِهِ أُخِذَتْ طِينَةُ كُلِّ نَبِيٍ‏ «3» وَ هُوَ مَوْضِعُ الرَّاكِبِ فَقِيلَ لَهُ وَ مَا الرَّاكِبُ قَالَ الْخَضِرُ ع.

وَ أَمَّا مَسْجِدُ بَرَاثَا بِبَغْدَادَ- فَصَلَّى فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمَّا رَجَعَ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ.

698- وَ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا عَلِيٌّ ع بِبَرَاثَا بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ قِتَالِ الشُّرَاةِ «4» وَ نَحْنُ زُهَاءُ مِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ فَنَزَلَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ مَنْ عَمِيدُ هَذَا الْجَيْشِ فَقُلْنَا هَذَا فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا سَيِّدِي أَنْتَ نَبِيٌّ فَقَالَ لَا النَّبِيُّ سَيِّدِي قَدْ مَاتَ قَالَ فَأَنْتَ وَصِيُّ نَبِيٍّ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ لَهُ اجْلِسْ كَيْفَ سَأَلْتَ عَنْ هَذَا قَالَ أَنَا بَنَيْتُ هَذِهِ الصَّوْمَعَةَ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَ هُوَ بَرَاثَا وَ قَرَأْتُ فِي الْكُتُبِ الْمُنْزَلَةِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِهَذَا الْجَمْعِ‏ «5» إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ وَ قَدْ جِئْتُ أُسْلِمُ فَأَسْلَمَ وَ خَرَجَ مَعَنَا إِلَى الْكُوفَةِ فَقَالَ‏

______________________________

 (1). بفتح الحاء المهملة و اسكان الموحدة اما بمعنى المشى أو دب على استه و الرجلين و المشى على البطن. (م ح ق).

 (2). في بعض النسخ «صورة وجه كل شي‏ء».

 (3). في بعض النسخ «كل شي‏ء».

 (4). الشراة- بالضم و تخفيف الراء-: الخوارج، سموا أنفسهم شراة لزعمهم أنهم يشرون أنفسهم ابتغاء مرضات اللّه.

 (5). في بعض النسخ «بذا الجمع».

232
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

لَهُ عَلِيٌّ ع فَمَنْ صَلَّى هَاهُنَا قَالَ صَلَّى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع وَ أُمُّهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع أَ فَأُخْبِرُكَ مَنْ صَلَّى هَاهُنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ الْخَلِيلُ ع.

699- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ تَنَخَّمَ‏ «1» فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَدَّهَا فِي جَوْفِهِ لَمْ تَمُرَّ بِدَاءٍ إِلَّا أَبْرَأَتْهُ.

700- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ كَنَسَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْخَمِيسِ- وَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مِنَ التُّرَابِ مَا يُذَرُّ فِي الْعَيْنِ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ.

701- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ مَشَى إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ يَضَعْ رِجْلَيْهِ عَلَى رَطْبٍ وَ لَا يَابِسٍ إِلَّا يُسَبِّحُ لَهُ إِلَى الْأَرَضِينَ السَّابِعَةِ «2».

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ مُسْنَدَةً وَ مَا رَوَيْتُ فِي مَعْنَاهَا فِي كِتَابِ فَضْلِ الْمَسَاجِدِ وَ حُرْمَتِهَا وَ مَا جَاءَ فِيهَا.

702- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ «3» صَلَاةٌ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ وَ صَلَاةٌ

______________________________

 (1). تنخم فلان: رمى نخامته أي دفع بشي‏ء من صدره أو أنفه، و في بعض النسخ «تنخع» أى رمى نخاعته و هي ما يخرج من صدر الإنسان أو خيشومه من البلغم و المواد.

 (2). في العبارة مسامحة. و في بعض النسخ «الى الأرض السابعة» فالجمع باعتبار القطعات أو الاطراف، و على النسختين يحتمل أن يكون المراد من تحت قدميه في عمق الأرض أو من الجوانب الاربع في سطح الأرض.

 (3). هذا الخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 327 باب فضل المساجد بإسناده عن محمّد بن حسّان عن النوفليّ عن السكونى عن جعفر عن أبيه عن على عليهم السلام. و محمّد ابن حسان الرازيّ قال النجاشيّ فيه: يعرف و ينكر بين بين يروى عن الضعفاء و ضعفه ابن الغضائري. و أمّا النوفليّ فقيل فيه انه غلا في آخر عمره، و أمّا السكونى فكان عاميا. و بهذا السند أيضا رواه المؤلّف في ثواب الأعمال و البرقي في المحاسن و رواه الشيخ في النهاية أيضا و لم أجد في كتب الخاصّة خبرا في فضل مسجد بيت المقدس غير حسنة أبى حمزة الثمالى التي تقدّمت تحت رقم 684 و هذا الخبر الذي رواه السكونى و هو عامى كما عرفت و ان كان موثقا فكل ما روى في فضل بيت المقدس و الثواب الكثير للصلاة فيه سوى خبر أبى حمزة فمن طرق العامّة و جاء في رواياتهم «صلاة في مسجد بيت المقدس أفضل ممّا سواه من المساجد بخمسمائة صلاة» رواه الطبراني في الكبير و ابن خزيمة في صحيحه و البزار و اللفظ له.

و روى أحمد بن حنبل في مسند أبى هريرة عنه و كذا في مسند عائشة عنها عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله‏

233
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ‏ «1» تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلَاةٍ وَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ الْقَبِيلَةِ تَعْدِلُ خَمْساً

______________________________

- قال: «صلاة في مسجدى خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد الا المسجد الاقصى» و روى البيهقيّ بإسناده عن أبي ذرّ «أنه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ فقال: صلاة في مسجدى هذا أفضل من أربع صلوات فيه، و لنعم المصلّى، هو أرض المحشر و المنشر، و ليأتينّ على الناس زمان و لقيد سوط- أو قال: قوس الرجل+- حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحبّ إليه من الدنيا جميعا».

و لا ريب في فضل بيت المقدس لانّه مسجد بناه نبىّ من أنبياء اللّه تعالى، و لا شكّ في كونه قبلة للمسلمين بضعة عشر شهرا و ان لم يرضها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما يفهم من كريمة «قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينّك قبلة ترضاها» لكن لما كانت هذه الأخبار كلها من طرق العامّة و ليس في أخبار الإماميّة من طريقهم منها شي‏ء يعتمد عليه كيف نطمئنّ الى ما رووه من هذا الفضل الكبير مع أن الكليني- رحمه اللّه- عقد في كتابه الكبير الكافي أبوابا في فضل المساجد و ذكر فيها فضل المدينة و مسجد النبيّ و مسجد قبا و مسجد الفضيخ و مسجد الفتح و مسجد الأحزاب و مشربة أمّ إبراهيم و مسجد غدير خم و مسجد الكوفة و المسجد الأعظم و مسجد السهلة و مسجد بالخمراء و غيرها من المساجد++ و لم يرو فيها في فضل بيت المقدس شيئا، نعم:

روى بإسناده عن إسماعيل بن زيد مولى عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ عن عبد اللّه بن يحيى عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «جاء رجل الى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فسلّم فردّ عليه، فقال:

جعلت فداك انى أردت المسجد الاقصى فأردت أن أسلّم عليك و أودّعك، فقال له: و أيّ شي‏ء أردت بذلك؟ فقال: الفضل، قال: فبع راحلتك و كل زادك و صلّ في هذا المسجد (مسجد الكوفة) فان الصلاة المكتوبة فيه حجّة مبرورة و النافلة عمرة مبرورة و البركة فيه على اثنى عشر ميلا- الحديث» ج 3 ص 491 و كيف كان قاعدة التسامح في أدلّة السنن تسهل الامر، فمن صلّى في بيت المقدس التماس ذلك الثواب يعطيه اللّه سبحانه إن شاء اللّه و ان لم يكن الحديث كما بلغه.

 (1). لعل المراد بالمسجد الأعظم هاهنا المسجد الحرام على طباق سائر الاخبار.

 (+) في النهاية: قد تكرر ذكر القيد في الحديث يقال: بينى و بينه قيد رمح و قاد رمح أى قدر رمح.

 (++) راجع ج 3 ص 489 الى 495 و ج 4 ص 560 إلى آخر أبواب كتاب الحجّ.

234
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

وَ عِشْرِينَ صَلَاةً وَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ- تَعْدِلُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صَلَاةً وَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَعْدِلُ صَلَاةً وَاحِدَةً.

703- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- مَنْ بَنَى مَسْجِداً كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ «1» بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ.

704- وَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءُ وَ مَرَّ بِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ أَضَعُ الْأَحْجَارَ «2» فَقُلْتُ هَذَا مِنْ ذَاكَ فَقَالَ نَعَمْ.

705- وَ سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏- عَنِ الْمَسَاجِدِ الْمُظَلَّلَةِ «3» يُكْرَهُ الْقِيَامُ فِيهَا «4» قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ لَا تَضُرُّكُمُ الصَّلَاةُ فِيهَا.

______________________________

 (1). القطاة: طائر في حجم الحمام له طوق يشبه الفاختة و القمارى.

 (2). في بعض النسخ «و أنا أصنع الاحجار» و في بعضها «و أنا أجمع الاحجار» و قوله «هذا من ذاك» روى الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 368 عن أبي عبيدة الحذاء قال: «سمعت أبا عبد اللّه (ع) يقول: «من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنة، قال: أبو عبيدة: فمر بى أبو عبد اللّه (ع) في طريق مكّة و قد سويت بأحجار مسجدا، فقلت له: جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك؟ فقال: نعم».

 (3). لعل المراد بالمظللة المسقفة باللبن و الاجر بقرينة المقام و الا فمسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله صار مظللا في حياته بالسعف. (م ت).

 (4). قوله «يكره القيام فيها» عبر عن الصلاة فيها بالقيام و ذلك شايع كما في التنزيل «لمسجد اسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه».

و قال الشيخ في النهاية ص 108 «بناء المسجد فيه فضل كبير و ثواب جزيل، و يستحب أن لا تعلى المساجد بل تكون وسطا، و يستحب أن لا تكون مظللة و لا يجوز أن تكون مزخرفة أو مذهبة أو فيها شي‏ء من التصاوير، و لا يجوز أن تكون مشرفة بل تبنى جما- بضم الجيم و شد الميم- أى لا شرف لها- انتهى. و اعلم أن كراهة الصلاة في المظللة أو المصورة أو المزخرفة من المساجد مخصوصة بزمان يكون الإمام المعصوم (ع) حاضرا متمكنا ففى الكافي بسند حسن كالصحيح عن الحلبيّ قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المساجد المظللة أ يكره الصلاة فيها؟ قال: نعم و لكن لا يضركم اليوم و لو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك- الحديث»-

235
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

706- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ قَائِمُنَا سُقُوفُ الْمَسَاجِدِ فَيُكَسِّرُهَا وَ يَأْمُرُ بِهَا فَيُجْعَلُ عَرِيشاً كَعَرِيشِ مُوسَى‏ «1».

707- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع- إِذَا رَأَى الْمَحَارِيبَ فِي الْمَسَاجِدِ كَسَّرَهَا وَ يَقُولُ كَأَنَّهَا مَذَابِحُ الْيَهُودِ.

708- وَ رَأَى عَلِيٌّ ع مَسْجِداً بِالْكُوفَةِ قَدْ شُرِّفَ قَالَ كَأَنَّهُ بِيعَةٌ إِنَّ الْمَسَاجِدَ لَا تُشَرَّفُ تُبْنَى جُمّاً.

709- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ ع‏- عَنِ الطِّينِ فِيهِ التِّبْنُ يُطَيَّنُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوِ الْبَيْتُ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ.

710- وَ سُئِلَ‏ عَنْ بَيْتٍ قَدْ كَانَ الْجِصُّ يُطْبَخُ بِالْعَذِرَةِ أَ يَصْلُحُ أَنْ يُجَصَّصَ بِهِ الْمَسْجِدُ فَقَالَ لَا بَأْسَ.

711- وَ سُئِلَ‏ عَنْ بَيْتٍ قَدْ كَانَ حَشّاً زَمَاناً «2» هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُجْعَلَ مَسْجِداً فَقَالَ إِذَا نُظِّفَ وَ أُصْلِحَ فَلَا بَأْسَ.

712- وَ سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي مَسْجِدٍ يَكُونُ فِي الدَّارِ فَيَبْدُو لِأَهْلِهِ أَنْ يَتَوَسَّعُوا بِطَائِفَةٍ مِنْهُ أَوْ يُحَوِّلُوهُ عَنْ مَكَانِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ فَقُلْتُ فَيَصْلُحُ الْمَكَانُ الَّذِي كَانَ حَشّاً زَمَاناً أَنْ يُنَظَّفَ وَ يُتَّخَذَ مَسْجِداً-

______________________________

- و روى أيضا عن عمرو بن جميع قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة في المساجد المصورة فقال: أكره ذلك و لكن لا يضركم ذلك اليوم و لو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك» و أمّا زخرفة المساجد فلا شك في عدم جوازه عند أكثر فقهائنا فكيف برجحانه، و هكذا التصوير.

 (1). العريش ما يستظل به، فلعل المراد أنّه يجعل بدل السقف عريشا من وضع الاخشاب و وضع الحشيش و نحوه عليها بحيث يندفع به حر الشمس عن أهل المسجد.

 (2). في النهاية في الحديث «ان هذه الحشوش محتضرة» يعنى الكنف و مواضع قضاء الحاجة، و الواحد حش- بالفتح- و أصله من الحش: البستان لانهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين.

236
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

قَالَ نَعَمْ‏ «1» إِذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ مَا يُوَارِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَظِّفُهُ وَ يُطَهِّرُهُ.

713- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ- مَنِ اخْتَلَفَ إِلَى الْمَسَاجِدِ أَصَابَ إِحْدَى الثَّمَانِ أَخاً مُسْتَفَاداً فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ «2» أَوْ عِلْماً مُسْتَطْرَفاً أَوْ آيَةً مُحْكَمَةً أَوْ رَحْمَةً مُنْتَظَرَةً أَوْ كَلِمَةً تَرُدُّهُ عَنْ رَدًى أَوْ يَسْمَعُ كَلِمَةً تَدُلُّهُ عَلَى هُدًى أَوْ يَتْرُكُ ذَنْباً خَشْيَةً أَوْ حَيَاءً «3».

714- وَ سَمِعَ النَّبِيُّ ص رَجُلًا يُنْشِدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ قُولُوا لَهُ لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ ضَالَّتَكَ فَإِنَّهَا «4» لِغَيْرِ هَذَا بُنِيَتْ.

715- وَ قَالَ ع‏ جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَ مَجَانِينَكُمْ وَ رَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَ شِرَاءَكُمْ وَ بَيْعَكُمْ وَ الضَّالَّةَ وَ الْحُدُودَ وَ الْأَحْكَامَ‏ «5».

وَ يَنْبَغِي أَنْ تُجَنَّبَ الْمَسَاجِدُ إِنْشَادَ الشِّعْرِ فِيهَا وَ جُلُوسَ الْمُعَلِّمِ لِلتَّأْدِيبِ فِيهَا وَ جُلُوسَ الْخَيَّاطِ فِيهَا لِلْخِيَاطَةِ.

716- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ أَسْرَجَ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ سِرَاجاً لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ وَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ ضَوْءٌ مِنَ السِّرَاجِ.

717- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِذَا أَخْرَجَ أَحَدُكُمُ الْحَصَاةَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلْيَرُدَّهَا

______________________________

 (1). «مسجد يكون في الدار» أي مكان يتخذ للصلاة فيه و ذلك لا يستلزم كونه مسجدا حقيقة وقف للصلاة فيه لئلا يمكن توسيع الدار بأخذ بعضه فيها أو جعله كله فيها و جعل مكان آخر بدله. (مراد).

 (2). أي استفادة اخوته و تحصيلها للّه، لا لاغراض الدنيا.

 (3). المستطرف من الطرفة و هي النفيس و الجديد، و المحكم ما استقل بالدلالة من غير توقف على قرينة، و الردى: الهلاك، و الخشية و الحياء اما من اللّه أو من الملائكة أو من الناس (الوافي) و ترك الذنب خشية هو السابع و تركه حياء هو الثامن و الترديد بين الأمور الثمانية على سبيل منع الخلو، دون منع الجمع. (مراد).

 (4). يعني المساجد فالضمير باعتبار الجمع.

 (5). أي جعلها عادة أو لغير الامام، فلا ينافى ما نقل من قضاء أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة في بعض الأوقات. (سلطان).

237
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

فِي مَكَانِهَا أَوْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ‏ «1».

وَ لَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ وَ الْجُنُبِ أَنْ يَدْخُلَا الْمَسْجِدَ إِلَّا مُجْتَازَيْنِ‏ «2».

718- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- خَيْرُ مَسَاجِدِ نِسَائِكُمُ الْبُيُوتُ.

719- وَ سُئِلَ‏ عَنِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمَسَاجِدِ فَقَالَ لَا يَجُوزُ فَإِنَّ الْمَجُوسَ أَوْقَفُوا عَلَى بُيُوتِ النَّارِ «3».

______________________________

 (1). المشهور بين الاصحاب حرمة اخراج الحصى من المسجد و وجوب الرد إليه أو الى غيره. (م ت).

 (2). و استثنى منه مسجد الحرام و مسجد الرسول (ص) زادهما اللّه شرفا و تعظيما فليس للجنب و الحائض الاجتياز فيهما.

 (3). روى المؤلّف في آخر كتاب الوقف، و الشيخ في التهذيب ج 2 ص 376 عن العباس بن عامر عن أبي الصحارى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قلت له: رجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلّة أتوقف على المسجد؟ فقال: ان المجوس أوقفوا على بيت النار». و المحكى عن الشهيد- رحمه اللّه- أنه قال في الذكرى: يستحبّ الوقف على المساجد بل هو من أعظم المثوبات لتوقف بقاء عمارتها عليه التي هي من أعظم مراد الشارع، ثمّ ذكر- رحمه اللّه- خبر أبى الصحارى و قال: أجاب عنه بعض الاصحاب بان الرواية مرسلة، و بامكان الحمل على ما هو محرّم فيها كالزخرفة و التصوير- انتهى.

أقول: قوله- قدّس سرّه-: «يستحب الوقف على المساجد» ليس له دليل شرعى الا العمومات و لا تشمله بعد ورود المنع، و أمّا توقّف بقائها عليه فغير معلوم فانّ المساجد التي ليس لها موقوف في عصرنا هذا كلّها عامرة بل أشدّ عمرانا من المساجد التي لها موقوفات، و ان سلّمنا ليس هو دليل شرعى يؤخذ به بل هو من قبيل الاستحسانات. و أمّا ارسال السند فمدفوع لان طريق الصدوق الى العباس بن عامر القصبانى معلوم في المشيخة، و أمّا الحمل على ما هو محرّم فيها فلا وجه له.

و قال الفيض- رحمه اللّه- «المستفاد من الخبر تعليل المنع بالتشبّه بالمجوس و لعل الأصل فيه خفة مئونة المساجد و عدم افتقارها الى الوقف إذا بنيت كما ينبغي، و انما افتقرت اليه للتعدى عن حدها».

و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: «عبارة الخبر محتمل للجواز بأن يكون المراد-

238
من لا يحضره الفقيه1

باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب من صلى فيها ص : 228

720- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً أَنَّ بُيُوتِي فِي الْأَرْضِ الْمَسَاجِدُ فَطُوبَى لِعَبْدٍ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ زَارَنِي فِي بَيْتِي أَلَا إِنَّ عَلَى الْمَزُورِ كَرَامَةَ الزَّائِرِ «1» أَلَا بَشِّرِ الْمَشَّاءِينَ فِي الظُّلُمَاتِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

721- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْبُيُوتَ الَّتِي يُصَلَّى فِيهَا بِاللَّيْلِ يُضِي‏ءُ نُورُهَا لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا يُضِي‏ءُ نُورُ الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ.

722- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ عَلِيّاً ع- مَرَّ عَلَى مَنَارَةٍ طَوِيلَةٍ فَأَمَرَ بِهَدْمِهَا- ثُمَّ قَالَ لَا تُرْفَعُ الْمَنَارَةُ إِلَّا مَعَ سَطْحِ الْمَسْجِدِ «2».

723- وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَيُرِيدُ عَذَابَ أَهْلِ الْأَرْضِ جَمِيعاً حَتَّى لَا يُحَاشِيَ مِنْهُمْ أَحَداً فَإِذَا نَظَرَ إِلَى الشِّيبِ‏ «3» نَاقِلِي أَقْدَامِهِمْ إِلَى الصَّلَوَاتِ وَ الْوِلْدَانِ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنْهُمْ‏ «4».

______________________________

- أنه إذا كان المجوس أوقفوا عن بيت النار الباطل فانهم أولى بأن يوقفوا على المسجد الحق» أقول: هذا الاحتمال في غاية البعد كما ترى. و الحق أن عبارة الخبر لا تدلّ على النهى التحريمى بل غاية ما يستفاد منه الكراهة و وجهها معلوم عند ذوى البصائر، فان المسجد إذا لم يكن له موقوف لا مطمع لا حدّ فيه و لا يتّخذ دكانا يتنازع في امامته و توليته و غير ذلك، و قال سلطان العلماء: «يحتمل أن يكون مراده بالسؤال عن الوقوف على المساجد وقف الاولاد عليها للخدمة و جوابه عليه السلام و التعليل بان المجوس أوقفوا على بيوت النار يشعران بهذا الحمل و ما في القاموس من «وقف يقف وقوفا أي دام قائما، و النصرانى وقّيفى- بكسر القاف المشددة كخلّيقى-: خدم البيعة» يعضده كما لا يخفى على من له ذوق سليم» انتهى. و هو كما ترى مخالف لصريح الخبر الذي نقلناه عن العباس بن عامر.

 (1). روى المؤلّف صدر هذا الخبر في ثواب الأعمال ص 45 في حديث و ذيله في آخر.

 (2). يفهم منه حرمة بناء المنارات العالية لحرمة الاشراف على بيوت المسلمين، و حمله الاكثر على الكراهة و ان حكموا بحرمة الاشراف.

 (3). قوله «ليريد» اللام دخلت على خبر «ان» للتأكيد. و قوله: «لا يحاشى» أي لا يستثنى. و الشيب اما- بكسر الشين- فجمع أشيب على القياس، و اما بضم الشين و شد الياء فجمع شائب. و هو المبيض الرأس.

 (4). رواه المصنّف في ثواب الأعمال بإسناده، عن الأصبغ بن نباته، عن أمير المؤمنين عليه السلام و فيه «ان اللّه عزّ و جلّ ليهم بعذاب أهل الأرض جميعا، لا يحاشى منهم أحدا-».

239
من لا يحضره الفقيه1

باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و المواضع التي لا تجوز فيها ص : 240

وَ مَنْ أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ فَلْيَدْخُلْ عَلَى سُكُونٍ وَ وَقَارٍ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ اللَّهِ وَ أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَيْهِ وَ أَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَجُلًا أَوَّلُهُمْ دُخُولًا وَ آخِرُهُمْ خُرُوجاً «1» وَ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيُدْخِلْ رِجْلَهُ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى وَ لْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ افْتَحْ لَنَا أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَ اجْعَلْنَا مِنْ عُمَّارِ مَسَاجِدِكَ جَلَّ ثَنَاءُ وَجْهِكَ وَ إِذَا خَرَجَ فَلْيُخْرِجْ رِجْلَهُ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى وَ لْيَقُلْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ افْتَحْ لَنَا بَابَ رَحْمَتِكَ‏ «2».

بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا

724- قَالَ النَّبِيُّ ص‏ أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلِي جُعِلَتْ لِيَ‏

______________________________

 (1). الظاهر أن «رجلا» منصوب بتقدير «يكون» و في بعض النسخ «رجل» و على التقديرين «أولهم» خبر مبتدأ محذوف أي هو أولهم دخولا و الجملة صفة رجل. و في بعضها «أحبهم إلى اللّه عزّ و جلّ أولهم» بدون لفظ رجل، و «دخولا» تميز يرفع الإبهام عن إضافة أول الى ضمير، و كذا القول في «آخرهم خروجا» (مراد).

 (2). راجع التهذيب ج 1 ص 326 و فيه في حديث عبد اللّه بن الحسن «و إذا خرجت فقل «اللّهمّ اغفر لي و افتح لي أبواب فضلك» و في حديث سماعة «إذا دخلت المسجد فقل:

 «بسم اللّه و السلام على رسول اللّه ان اللّه و ملائكته يصلون على محمّد و آل محمّد و السلام عليهم و رحمة اللّه و بركاته، رب اغفر لي ذنوبى و افتح لي أبواب فضلك» و إذا خرجت فقل مثل ذلك».

240
من لا يحضره الفقيه1

باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و المواضع التي لا تجوز فيها ص : 240

الْأَرْضُ مَسْجِداً وَ طَهُوراً «1» وَ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَ أُحِلَّ لِيَ الْمَغْنَمُ‏ «2» وَ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ‏ «3» وَ أُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ.

وَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا إِلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي خُصَّتْ بِالنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا.

725- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ عَشَرَةُ مَوَاضِعَ لَا يُصَلَّى فِيهَا الطِّينُ وَ الْمَاءُ وَ الْحَمَّامُ وَ الْقُبُورُ وَ مَسَانُّ الطَّرِيقِ‏ «4» وَ قُرَى النَّمْلِ وَ مَعَاطِنُ الْإِبِلِ وَ مَجْرَى الْمَاءِ-

______________________________

 (1). «مسجدا و طهورا» يمكن أن يراد منه أن وجه الأرض له صلّى اللّه عليه و آله و لامّته كالمسجد في ترتّب الثواب فثواب الصلاة في أي مكان كان مثل ثوابها من الأمم السابقة في المسجد، و يمكن أن يكون صحّة صلاتهم مشروطة بايقاعها في مكان خاصّ لا في أي مكان كان، و أن يكون المراد بالمسجد مسجد الجبهة و كأنّ فيهم امرا غير الأرض و ما ينبت منهما. و الظاهر من كونها طهورا أنّها تقوم مقام الماء و ذلك واقع في التيمم و في تطهيرها باطن القدم و النعل و محل الاستنجاء، و لا يخفى أن ذلك يؤيّد قول الشريف المرتضى رضي اللّه عنه في رفع التيمم الحدث الى وجود الماء لان ذلك مقتضى المطهّرية (مراد).

 (2). في النهاية «نصرت بالرّعب مسيرة شهر» الرّعب الخوف و الفزع، كان أعداء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد أوقع اللّه في قلوبهم الخوف منه فإذا كان بينه و بينهم مسيرة شهر هابوه و فزعوا منه- ا ه. و المشهور أن حل الغنيمة من خصائص هذه الأمة و أن الأمم المتقدمة لم يبح لهم الغنائم، و قال في السراج المنير: لا يحل لهم منها شي‏ء، بل كانت تجمع فتأتى نار من السماء فتحرقها.

 (3). في النهاية «اوتيت جوامع الكلم» يعنى القرآن جمع اللّه سبحانه في الألفاظ اليسيرة معاني كثيرة، واحدها جامعة أي كلمة جامعة.

 (4). مسان الطريق- بشد النون-: معظمه و المسلوك منه، و قوله «لا يصلى» أعم من الحرمة و الكراهة. و قال المولى مراد التفرشى: قوله «لا يصلى فيها» أي لا ينبغي أن يصلى فيها، و يمكن أن يراد منه معنى النهى و لا يدلّ على حرمة الصلاة في تلك المواضع لان الانشاء كما يجوز حمله على الطلب مع المنع عن النقيض يمكن حمله على الطلب من غير منع عن ذلك.

241
من لا يحضره الفقيه1

باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و المواضع التي لا تجوز فيها ص : 240

وَ السَّبَخَةُ وَ الثَّلْجُ‏ «1».

726- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى فِي الْبَيْدَاءِ وَ لَا ذَاتِ الصَّلَاصِلِ وَ لَا فِي وَادِي الشُّقْرَةِ وَ لَا فِي وَادِي ضَجْنَانَ‏ «2».

فَإِذَا حَصَلَ الرَّجُلُ فِي الطِّينِ أَوِ الْمَاءِ وَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ صَلَّى إِيمَاءً وَ يَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ‏ «3» وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي مَسْلَخِ الْحَمَّامِ وَ إِنَّمَا يُكْرَهُ فِي الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ.

727- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ- أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتِ الْحَمَّامِ فَقَالَ إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ نَظِيفاً فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ يَعْنِي الْمَسْلَخَ‏ «4».

وَ أَمَّا الْقُبُورُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُتَّخَذَ قِبْلَةً وَ لَا مَسْجِداً وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ بَيْنَ خَلَلِهَا-

______________________________

 (1). «قرى النمل» جمع قرية و هي مجتمع ترابها حول جحرها. و المراد بمعاطن الإبل مباركها و مقتضى كلام أهل اللغة أنّها أخص من ذلك، فانهم قالوا: معاطن الإبل مباركها حول الماء لتشرب عللا بعد نهل، و العلل الشرب الثاني، و النهل الشرب الأول. و نقل عن أبى الصلاح أنّه منع من الصلاة في أعطان الإبل، و هو ظاهر المفيد (ره) في المقنع و لا ريب أنه أحوط و عند المتأخرين محمول على الكراهة. و السبخة: الأرض الملحة أو أرض ذات نزو يعلو الماء و هي واحدة السباخ: الاراضى التي تعلوها الملوحة و لا تكاد تنبت شيئا.

 (2). في المحكى عن النفليّة: البيداء موضع في طريق مكّة على سبعة أميال من المدينة أو على رأس ميل من ذى الحليفة. و الصلاصل: الطين الأحمر المخلوط بالرمل- انتهى.

و قيل: ذات الصلاصل، و وادى الشّقرة- بضم الشين و سكون القاف. و هي موضع في طريق مكّة- و الضجنان- بالتحريك و هو جبل بتهامة- و البيداء- بفتح الباء- كلها مواضع خسف. قال في التذكرة: و كذا كل موضع خسف.

 (3). هذه الفتوى تخالف ما أفتى به في آخر باب صلاة الخوف و المطاردة حيث قال:

 «و العريان يصلى قاعدا- الى أن قال:- و في الماء و الطين تكون الصلاة بالايماء و الركوع أخفض من السجود». و هذا هو الصواب كما سيأتي نقل النصوص عليه هناك.

 (4). تأويل الصدوق- رحمه اللّه- بعيد جدا لان المسلخ ليس ببيت الحمام مع أن عدم البأس لا ينافى الكراهة. و الظاهر أن الكراهة في هذه المواضع بمعنى أقل ثوابا (م ت).

242
من لا يحضره الفقيه1

باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و المواضع التي لا تجوز فيها ص : 240

مَا لَمْ يُتَّخَذْ شَيْ‏ءٌ مِنْهَا قِبْلَةً «1» وَ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَ بَيْنَ الْقُبُورِ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَ أَمَّا مَسَانُّ الطَّرِيقِ فَلَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَ لَا عَلَى الْجَوَادِّ «2» فَأَمَّا عَلَى الظَّوَاهِرِ الَّتِي بَيْنَ الْجَوَادِّ فَلَا بَأْسَ.

728- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ كُلُّ طَرِيقٍ يُوطَأُ وَ يُتَطَرَّقُ كَانَتْ فِيهِ جَادَّةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَا يَنْبَغِي الصَّلَاةُ فِيهِ قِيلَ فَأَيْنَ يُصَلَّى قَالَ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً.

729- وَ سَأَلَ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَقَالَ صَلِّ وَ لَا تُصَلِّ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ‏ «3» إِلَّا أَنْ تَخَافَ عَلَى مَتَاعِكَ الضَّيْعَةَ فَاكْنُسْهُ وَ رُشَّهُ بِالْمَاءِ وَ صَلِّ فِيهِ قَالَ وَ كُرِهَ الصَّلَاةُ فِي السَّبَخَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكَاناً لَيِّناً تَقَعُ عَلَيْهِ الْجَبْهَةُ مُسْتَوِيَةً «4».

730- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏- عَنِ الصَّلَاةِ فِي بُيُوتِ الْمَجُوسِ وَ هِيَ تُرَشُّ بِالْمَاءِ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ ثُمَّ قَالَ‏ «5» وَ رَأَيْتُهُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَحْيَاناً يَرُشُّ مَوْضِعَ جَبْهَتِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ

______________________________

 (1). «أن تتخذ قبلة» بأن تكون بين يدي المصلى، و «لا مسجدا» بأن يصلى فوقها، و ظاهره بطلان الصلاة و ان أمكن حمله على الكراهة كما هو دأبهم. (م ت)

و في المقنعة «روى أنّه لا بأس بالصلاة الى قبلة فيها قبر الإمام عليه السلام» و قال الشيخ- رحمه اللّه- في النهاية: «هى محمول على النوافل و ان كان الأصل ما ذكرناه من الكراهة مطلقا». (سلطان).

و قال الفاضل التفرشى: قوله: «لا يجوز أن تتخذ قبلة» ان حمل على ظاهره كان معنى «لا بأس» الجواز و ان اشتمل على كراهة، و كان معنى المستحب رفع الكراهة رأسا، و ان أريد بعدم الجواز شدة الكراهة كان معنى «لا بأس» عدم تلك الشدة، و كان معنى المستحب رفع ما بقى فيه من الكراهة.

 (2). الجاد: وسط الطريق أو معظمه و الجمع جواد. (المصباح المنير).

 (3). في بعض النسخ «معاطن الإبل» يعنى وطن الإبل و مبركها.

 (4). يفهم من هذا الخبر و غيره من الاخبار أن علة النهى عدم الاستواء غالبا. (م ت).

 (5). يعني الراوي و هو الحلبيّ كما في الكافي ج 3 ص 388.

243
من لا يحضره الفقيه1

باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و المواضع التي لا تجوز فيها ص : 240

عَلَيْهِ رَطْباً كَمَا هُوَ «1» وَ رُبَّمَا لَمْ يَرُشَّ الْمَكَانَ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ نَظِيفٌ.

731- وَ قَالَ صَالِحُ بْنُ الْحَكَمِ‏ «2» سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْبِيَعِ وَ الْكَنَائِسِ فَقَالَ صَلِّ فِيهَا قَالَ فَقُلْتُ وَ إِنْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهَا أُصَلِّي فِيهَا قَالَ نَعَمْ أَ مَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ- قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ‏ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى‏ سَبِيلًا صَلِّ إِلَى الْقِبْلَةِ وَ دَعْهُمْ.

732- وَ سَأَلَ زُرَارَةُ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الْبَوْلِ يَكُونُ عَلَى السَّطْحِ أَوْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ فَقَالَ إِذَا جَفَّفَتْهُ الشَّمْسُ فَصَلِّ عَلَيْهِ فَهُوَ طَاهِرٌ «3».

733- وَ سَأَلَ عَامِرُ بْنُ نُعَيْمٍ الْقُمِّيُ‏ «4»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الْمَنَازِلِ الَّتِي يَنْزِلُهَا النَّاسُ فِيهَا أَبْوَالُ الدَّوَابِّ وَ السِّرْجِينُ وَ يَدْخُلُهَا الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى كَيْفَ نَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ فِيهَا فَقَالَ صَلِّ عَلَى ثَوْبِكَ.

734- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ «5» أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَصِيرُ فِي الْبَيْدَاءِ فَتُدْرِكُهُ صَلَاةٌ فَرِيضَةٌ فَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَيْدَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا كَيْفَ يَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ وَ قَدْ نُهِيَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ يُصَلِّي فِيهَا وَ يَتَجَنَّبُ قَارِعَةَ الطَّرِيقِ‏ «6».

735- وَ رَوَى عَنْهُ ع أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ أَنَّهُ قَالَ- يَتَنَحَّى عَنِ الْجَوَادِّ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً وَ يُصَلِّي.

______________________________

 (1). يفهم منه أن المكان يطهر برش الماء عليه اذ لو لا ذلك فرشّ المكان الذي يرى أنّه ليس بنظيف يوجب تعدية نجاسته الى الجبهة الا أن يراد بالنظيف ما ليس فيه كثافة. (مراد).

 (2). الطريق الى صالح بن الحكم صحيح و هو ضعيف. و البيعة معبد النصارى.

 (3). يدل على أن الشمس مطهرة و أنّه يشترط في محل السجدة الطهارة، و يحتمل أن يكون الامر بالصلاة باعتبار استحباب طهارة مساقط الأعضاء (م ت) و السند صحيح.

 (4). الطريق إليه حسن بابراهيم بن هاشم و في الخلاصة انه صحيح. و في أكثر النسخ صحّف بعمار بن نعيم.

 (5). الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.

 (6). قارعة الطريق أعلاه، و موضع قرع المارّة. (المغرب).

244
من لا يحضره الفقيه1

باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و المواضع التي لا تجوز فيها ص : 240

736- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ- أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الْبَيْتِ وَ الدَّارِ لَا تُصِيبُهُمَا الشَّمْسُ وَ يُصِيبُهُمَا الْبَوْلُ وَ يُغْتَسَلُ فِيهِمَا مِنَ الْجَنَابَةِ أَ يُصَلَّى فِيهِمَا إِذَا جَفَّا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْقُبُورِ هَلْ تَصْلُحُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

737- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْبَارِيَّةِ «1» يُبَلُّ قَصَبُهَا بِمَاءٍ قَذِرٍ هَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا فَقَالَ إِذَا جُفِّفَتْ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا «2».

738- وَ سَأَلَ زُرَارَةُ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الشَّاذَكُونَةِ «3» تَكُونُ عَلَيْهَا الْجَنَابَةُ أَ يُصَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَحْمِلِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا.

739- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ «4» عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ تُصَلِّيَ عَلَى كُلِّ التَّمَاثِيلِ إِذَا جَعَلْتَهَا تَحْتَكَ.

740- وَ سَأَلَ لَيْثٌ الْمُرَادِيُ‏ «5»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْوَسَائِدِ تَكُونُ فِي الْبَيْتِ فِيهَا التَّمَاثِيلُ عَنْ يَمِينٍ أَوْ عَنْ شِمَالٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ تَكُنْ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ وَ إِنْ كَانَ شَيْ‏ءٌ مِنْهَا بَيْنَ يَدَيْكَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ فَغَطِّهِ وَ صَلِّ.

741- وَ سُئِلَ‏ عَنِ التَّمَاثِيلِ تَكُونُ فِي الْبِسَاطِ لَهَا عَيْنَانِ وَ أَنْتَ تُصَلِّي‏ «6» فَقَالَ‏

______________________________

 (1). واحد البوارى جمع بارى و هو الحصير، و يقال له: البوريا بالفارسية (المغرب).

 (2). الظاهر أن المراد تجفيفها بالشمس لانه المعهود و المتعارف دون غيرها كالنار، و حمله على جفافها بنفسها خلاف الظاهر، و حينئذ يدلّ على طهارتها بذلك لانه بظاهره يعطى جواز السجود عليه، و أمّا حديث عليّ بن جعفر عليه السلام السابق فاما محمول على مكان يتوهم وقوع البول فيه و اما أن يستثنى موضع الجبهة بدليل خاصّ. (مراد).

 (3). الشاذكونة: ثياب غلاظ مضربة تعمل باليمن و الى بيعها نسب الحافظ أبو أيوب سليمان الشاذكونيّ لانه كان يبيعها، و قيل: هى حصير صغير متخذ للافتراش.

 (4). في الطريق إليه جهالة كما مر.

 (5). هو أبو بصير و الطريق إليه ضعيف بعلى بن أبي حمزة البطائنى.

 (6). في التهذيب ج 1 ص 240 باسناد فيه ارسال عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا «قال:

 «سألته عن التماثيل يكون في البساط لها عينان و أنت تصلى؟ فقال: ان كانت لها عين واحدة فلا بأس و ان كانت لها عينان فلا».

245
من لا يحضره الفقيه1

باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و المواضع التي لا تجوز فيها ص : 240

إِنْ كَانَ لَهَا عَيْنٌ وَاحِدَةٌ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ كَانَ لَهَا عَيْنَانِ وَ أَنْتَ تُصَلِّي فَلَا «1».

742- وَ قَالَ ع‏ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ وَ أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَى التَّصَاوِيرِ إِذَا كَانَتْ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ «2».

743- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا تُصَلِّ فِي دَارٍ فِيهَا كَلْبٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَلْبَ صَيْدٍ وَ أَغْلَقْتَ دُونَهُ بَاباً فَلَا بَأْسَ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ‏ «3» وَ لَا بَيْتاً فِيهِ تَمَاثِيلُ وَ لَا بَيْتاً فِيهِ بَوْلٌ مَجْمُوعٌ فِي آنِيَةٍ «4».

وَ لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي بَيْتٍ فِيهِ خَمْرٌ مَحْصُورَةٌ فِي آنِيَةٍ.

744- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ- مَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَرْضِ‏ «5» فَلْيُومِ إِيمَاءً وَ إِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مُنْقَطِعَةٍ «6».

745- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- عَنِ الْأَسِيرِ يَأْسِرُهُ الْمُشْرِكُونَ فَتَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ-

______________________________

 (1). كذا و في الكافي ج 3 ص 392 «فى التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه و أنت تصلى قال: ان كان بعين واحدة فلا بأس و ان كان له عينان فلا».

 (2). كما في صور الطيور فانه يكتفى في تصويرها بعين واحدة تقوم مقام عينيها بخلاف تصوير الإنسان مثلا فانه يؤتى فيه غالبا بعينين. (مراد).

 (3). قوله «و أغلقت دونه بابا» لعل وجهه أنّه لو لا ذلك لربما دخل البيت الذي يصلى فيه فيشغل القلب (مراد) و قوله «فان الملائكة لا تدخل- الخ» يمكن أن يجعل تعليلا لمنع الصلاة في بيت فيه كلب فيراد بالكلب غير كلب الصيد، و أن يجعل تعليلا لاغلاق باب البيت الذي يصلى فيه لئلا يدخل كلب الصيد فيخرج منه الملائكة. (سلطان).

 (4). في التهذيب ج 1 ص 243 بإسناده عن عمّار الساباطى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «لا تصل في بيت فيه خمر أو مسكر». و كذا في الكافي ج 3 ص 392.

 (5). أي على أرض يسجد عليها و يركع فيها كما في الموتحل و الغريق. (مراد).

 (6). الظاهر أنّه معطوف على الشرط السابق فجزاؤه جزاؤه فالتقدير أنّه من كان في موضع لا يقدر على الأرض و من كان في أرض منقطعة فليؤم ايماء، و الظاهر أن المراد بالارض المنقطعة أي القطع المنقطعة عن الأرض بحيث لا يسع السجود عليها، أو المنقطعة عن بلاد الإسلام بحيث لا يمكن اظهار شعائر الإسلام فيها فيومئ للركوع و السجود كما في الخبر الآتي. (سلطان).

246
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

فَيَمْنَعُهُ الَّذِي أَسَرَهُ مِنْهَا فَقَالَ يُومِئُ إِيمَاءً.

746- وَ سَأَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ‏ «1» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ يُصَلِّيَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَقَالَ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ شِبْرٍ صَلَّتْ بِحِذَاهُ وَحْدَهَا «2» وَ هُوَ وَحْدَهُ لَا بَأْسَ.

747- وَ فِي رِوَايَةِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع- إِذَا كَانَ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ قَدْرُ مَا يُتَخَطَّى أَوْ قَدْرُ عَظْمِ ذِرَاعٍ فَصَاعِداً فَلَا بَأْسَ إِنْ صَلَّتْ بِحِذَاهُ وَحْدَهَا.

748- وَ رَوَى جَمِيلٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- لَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ بِحِذَاءِ الرَّجُلِ وَ هُوَ يُصَلِّي‏ «3» فَإِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يُصَلِّي وَ عَائِشَةُ مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هِيَ حَائِضٌ وَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيْهَا فَرَفَعَتْ رِجْلَيْهَا «4» حَتَّى يَسْجُدَ.

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ وَ هُمَا يُصَلِّيَانِ مِرْفَقَةٌ «5» أَوْ شَيْ‏ءٌ.

بَابُ مَا يُصَلَّى فِيهِ وَ مَا لَا يُصَلَّى فِيهِ مِنَ الثِّيَابِ وَ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ‏

749- رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ سَأَلَهُ‏ عَنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ يُلْبَسُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا دُبِغَ فَقَالَ لَا وَ إِنْ دُبِغَ سَبْعِينَ مَرَّةً.

______________________________

 (1). الطريق صحيح و قد تقدم و كذا الخبران الإتيان خبر زرارة و جميل.

 (2). يمكن أن يراد أن أحدهما لا يقتدى بالآخر بل كل يصلى منفردا، و أن يراد أنهما لا يصليان معا بل يصلى احدهما ثمّ يصلى الآخر. (مراد).

 (3). الظاهر- بقرينة التعليل- أن قوله «و هو يصلى» معطوف على مدخول «لا بأس» و ليس الواو للحال، و المعنى لا بأس أيضا أن يصلى الرجل بحذاء المرأة، و قوله: «فان النبيّ» تعليل لهذا. هذا و الظاهر من التعليل تصحيف «تضطجع» بتصلّى.

 (4). في بعض النسخ «فنحت رجليها».

 (5). المرفقة- بالكسر-: المخدة.

247
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

750- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَى ع‏ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً‏ قَالَ كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ.

751- وَ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّا نَشْتَرِي ثِيَاباً يُصِيبُهَا الْخَمْرُ وَ وَدَكُ الْخِنْزِيرِ عِنْدَ حَاكَتِهَا أَ نُصَلِّي فِيهَا قَبْلَ أَنْ نَغْسِلَهَا فَقَالا نَعَمْ لَا بَأْسَ إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ أَكْلَهُ وَ شُرْبَهُ وَ لَمْ يُحَرِّمْ لُبْسَهُ وَ مَسَّهُ وَ الصَّلَاةَ فِيهِ‏ «1».

752- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ فِيهِ بَوْلٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِهِ قَالَ يُصَلِّي فِيهِ‏ «2».

753- وَ سَأَلَهُ ع عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‏ «3»- عَنِ الرَّجُلِ يُجْنِبُ فِي ثَوْبٍ وَ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِهِ قَالَ يُصَلِّي فِيهِ.

754- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ: يُصَلِّي فِيهِ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ غَسَلَهُ وَ أَعَادَ الصَّلَاةَ.

755- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ- أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏- عَنْ رَجُلٍ عُرْيَانٍ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَصَابَ ثَوْباً نِصْفُهُ دَمٌ أَوْ كُلُّهُ دَمٌ يُصَلِّي فِيهِ أَوْ يُصَلِّي عُرْيَاناً قَالَ إِنْ‏

______________________________

 (1). الودك- محركة-: الدسم من اللحم و الشحم، الحائك النساج جمعه حاكة. و قوله «تصيبها الخمر» أي من شأنها و ظاهر حالها أن تصيبها الخمر و ودك الخنزير حيث ان حائكها لا يجتنب عنهما- و الضمير في «أكله» راجع الى الخنزير و في شربه الى الخمر بتأويل المشروب و نحوه و في «لبسه» و تالييه الى الثوب المذكور في ضمن الثياب، و لا يخفى ما في ذلك من التفكيك و هو أيضا يوجب ضعف العمل بهذا الحديث أو يظن أن مثله لا يكون من البليغ و على التأويل المذكور لا بدّ من حمل «لبسه» على لبس الثوب الذي يتوهم أن يصيبه الخمر و الودك و كذا الكلام في تالييه، و لعلّ المراد بمسه مسه بالرطوبة. (مراد).

 (2). فيه دلالة على وجوب الصلاة في الثوب النجس لا عاريا، فيقتضى على القواعد الشرعية عدم وجوب الإعادة و الحديث صحيح و كذا ما بعده فيمكن حمل ما دل على الإعادة على الاستحباب. و في بعض الروايات ما يدلّ على الصلاة عريانا لكنه في سنده كلام، و يمكن الجمع بحمل هذه الأخبار على الضرورة و ذلك على عدمها و التخيير مع الأفضليّة. (سلطان).

 (3). الطريق صحيح كما في الخلاصة.

248
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

وَجَدَ مَاءً غَسَلَهُ وَ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً صَلَّى فِيهِ وَ لَا يُصَلِّ عُرْيَاناً «1».

756- وَ كَتَبَ صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى‏ «2» إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع- يَسْأَلُهُ عَنِ الرَّجُلِ مَعَهُ ثَوْبَانِ فَأَصَابَ أَحَدَهُمَا بَوْلٌ وَ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا هُوَ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَ خَافَ فَوْتَهَا وَ لَيْسَ عِنْدَهُ مَاءٌ كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يُصَلِّي فِيهِمَا جَمِيعاً.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي عَلَى الِانْفِرَادِ «3».

757- وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع‏ الدَّمُ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ عَلَيَّ وَ أَنَا فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ إِنْ رَأَيْتَهُ وَ عَلَيْكَ ثَوْبٌ غَيْرُهُ فَاطْرَحْهُ‏ «4» وَ صَلِّ فِي غَيْرِهِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ ثَوْبٌ غَيْرُهُ فَامْضِ فِي صَلَاتِكَ وَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْكَ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مِقْدَارِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ‏ «5» فَلَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ رَأَيْتَهُ أَوْ لَمْ تَرَهُ وَ إِذَا كُنْتَ قَدْ رَأَيْتَهُ وَ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ فَضَيَّعْتَ غَسْلَهُ وَ صَلَّيْتَ فِيهِ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً فَأَعِدْ مَا صَلَّيْتَ فِيهِ وَ لَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنِيِّ وَ الْبَوْلِ ثُمَّ ذَكَرَ ع الْمَنِيَّ فَشَدَّدَ فِيهِ وَ جَعَلَهُ أَشَدَّ مِنَ الْبَوْلِ‏ «6» ثُمَّ قَالَ ع إِنْ رَأَيْتَ الْمَنِيَّ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ فَعَلَيْكَ الْإِعَادَةُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ وَ إِنْ أَنْتَ نَظَرْتَ فِي ثَوْبِكَ فَلَمْ تُصِبْهُ وَ صَلَّيْتَ فِيهِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْكَ وَ كَذَا الْبَوْلُ‏ «7».

758- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص‏ السَّيْفُ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَاءِ-

______________________________

 (1). فيه دلالة صريحة في المنع من طرح الثوب و الصلاة عريانا كما ذهب إليه بعض و كذا في الخبرين السابقين. (مراد).

 (2). الطريق إليه صحيح و هو ثقة.

 (3). فيكون معنى «جميعا» كل الافرادى دون المجموعى. (مراد).

 (4). الامر بالطرح اما مبنى على كون الدم أزيد من درهم أو الامر محمول على الرجحان المطلق أعم من الندب و الوجوب. (سلطان).

 (5). يدل بمفهومه على عدم العفو بمقدار الدرهم فينافى المدلول السابق فيلزم طرح هذا المفهوم. (سلطان).

 (6). حيث لا يعفى عن قليلهما.

 (7). مروى صدره في الكافي ج 3 ص 59 مضمرا و ذيله في التهذيب ج 1 ص 72 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

249
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

تُصَلِّي فِيهِ مَا لَمْ تَرَ فِيهِ دَماً وَ الْقَوْسُ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَاءِ.

759- إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَيْفٌ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ أَمْنٌ‏ «1» رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع.

760- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَ أَمَامَهُ مِشْجَبٌ‏ «2» عَلَيْهِ ثِيَابٌ فَقَالَ لَا بَأْسَ.

761- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ أَمَامَهُ ثُومٌ أَوْ بَصَلٌ قَالَ لَا بَأْسَ.

762- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الرَّطْبَةِ النَّابِتَةِ «3» قَالَ إِذَا أَلْصَقَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا بَأْسَ.

763- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَشِيشِ النَّابِتِ أَوِ الثَّيِّلِ وَ هُوَ يُصِيبُ أَرْضاً جَدَداً «4» قَالَ لَا بَأْسَ.

764- وَ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَ السِّرَاجُ مَوْضُوعٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْقِبْلَةِ قَالَ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ النَّارَ.

هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ.

765- فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ‏

______________________________

 (1). قوله: «لان القبلة أمن» وجه التعليل غير ظاهر و لا يبعد أن يقال: الأمن هنا بمعنى المأمون ضدّ من يخاف خيانته و السيف ممّا تضعه الإنسان بينه و بين من يخاف خيانته فلا ينبغي أن يضعه المصلى بينه و بين القبلة. (مراد).

 (2). المشجب- بكسر الميم-: خشبات تضم رءوسها و تفرج قوائمها، يلقى عليها الثياب و تعلق عليها الاسقية لتبريد الماء.

 (3). في الصحاح: الرطبة- بالفتح-: القضب خاصّة ما دام رطبا. و القضب و القضبة الرطبة و هي الاسفست بالفارسية. لعل المراد بالصاق جبهته تمكن الجبهة منها.

 (4). الثيل- بالثاء المثلثة- ككيس: ضرب من النبت معروف له قضبان طويلة ذات عقد تمتد على الأرض، و الجدد الأرض الصلبة. و قال الفاضل التفرشى: و لعلّ معنى اصابته الأرض الجدد ان هناك أرضا له أن يصلى عليها؟.

250
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَ النَّارُ «1» وَ السِّرَاجُ وَ الصُّورَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي يُصَلِّي لَهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ.

فَهُوَ حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْمَجْهُولِينَ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ يَرْوِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ وَ هُوَ مَعْرُوفٌ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ- عَنْ عَمْرِو بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَمْدَانِيِّ وَ هُمْ مَجْهُولُونَ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ذَلِكَ وَ لَكِنَّهَا رُخْصَةٌ اقْتَرَنَتْ بِهَا عِلَّةٌ «2» صَدَرَتْ عَنْ ثِقَاتٍ- ثُمَّ اتَّصَلَتْ بِالْمَجْهُولِينَ وَ الِانْقِطَاعِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا لَمْ يَكُنْ مُخْطِئاً بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ النَّهْيُ وَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ هُوَ رُخْصَةٌ وَ الرُّخْصَةَ رَحْمَةٌ.

766- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏- عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْقَلَنْسُوَةِ السَّوْدَاءِ فَقَالَ لَا تُصَلِّ فِيهَا فَإِنَّهَا لِبَاسُ أَهْلِ النَّارِ «3».

767- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِيمَا عَلَّمَ أَصْحَابَهُ‏ لَا تَلْبَسُوا السَّوَادَ فَإِنَّهُ لِبَاسُ فِرْعَوْنَ.

768- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَكْرَهُ السَّوَادَ إِلَّا فِي ثَلَاثَةٍ الْعِمَامَةِ وَ الْخُفِّ وَ الْكِسَاءِ.

______________________________

 (1). لعل المراد بنفى البأس عدم الحرمة و بعدم الصلاحية في الخبر السابق الكراهية فلا منافاة. (مراد) أقول: هذه الأخبار من 759 إلى هنا كلها أجنبية عن الباب.

 (2). الظاهر أن المراد بالعلة الحديث الذي هو علة الحكم، و يمكن حملها على العذر أي ان كان هناك عذر، و حاصله أن الحديث الدال على المنع هو المعتبر المعول عليه و الدال على الجواز مشتمل على جهالة الرواة و الرفع، لكن يمكن العمل به من حيث أن الثقات نقلوه في كتبهم المعتبرة و حكمه مشتمل على التخفيف و اليسر الذي هو مطلوب الشارع بالنسبة الى المكلفين فلو جعل قرينة على حمل الحديث الدال على المنع على الكراهة أو على ما إذا لم يكن للمكلف عذر لم يكن خطأ. (مراد).

 (3). محمول على الكراهة. و لعلّ المراد بأهل النار خلفاء بني العباس لان السواد شعارهم.

251
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

769- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ هَبَطَ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فِي قَبَاءٍ أَسْوَدَ وَ مِنْطَقَةٍ فِيهَا خَنْجَرٌ فَقَالَ ص يَا جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا الزِّيُّ فَقَالَ زِيُّ وُلْدِ عَمِّكَ الْعَبَّاسِ يَا مُحَمَّدُ- وَيْلٌ لِوُلْدِكَ مِنْ وُلْدِ عَمِّكَ الْعَبَّاسِ- فَخَرَجَ النَّبِيُّ ص إِلَى الْعَبَّاسِ- فَقَالَ يَا عَمِّ وَيْلٌ لِوُلْدِي مِنْ وُلْدِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ فَأَجُبُّ نَفْسِي- قَالَ جَرَى الْقَلَمُ بِمَا فِيهِ‏ «1».

770- وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ- أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ لَا يَلْبَسُوا لِبَاسَ أَعْدَائِي وَ لَا يَطْعَمُوا مَطَاعِمَ أَعْدَائِي وَ لَا يَسْلُكُوا مَسَالِكَ أَعْدَائِي فَيَكُونُوا أَعْدَائِي كَمَا هُمْ أَعْدَائِي‏ «2».

فَأَمَّا لُبْسُ السَّوَادِ لِلتَّقِيَّةِ فَلَا إِثْمَ فِيهِ.

771- فَقَدْ رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع بِالْحِيرَةِ- فَأَتَاهُ رَسُولُ أَبِي الْعَبَّاسِ الْخَلِيفَةِ يَدْعُوهُ فَدَعَا بِمِمْطَرٍ «3» أَحَدُ وَجْهَيْهِ أَسْوَدُ وَ الْآخَرُ أَبْيَضُ فَلَبِسَهُ ثُمَّ قَالَ ع أَمَا إِنِّي أَلْبَسُهُ وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لِبَاسُ أَهْلِ النَّارِ.

______________________________

 (1). جب يجب- بشد الباء الموحدة- أى قطع، و الجب: القطع أي أ ترخص لي أن أقطع ذكرى، و في بعض النسخ «جف القلم بما فيه».

 (2). حمل على الكراهة الشديدة و ظاهر المؤلّف التحريم و يؤيد ذلك قوله: «فاما لبس السواد- الخ». و روى المؤلّف نحو هذا الخبر في العيون 193 بإسناده عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال بعده: لباس الاعداء هو السواد، و مطاعم الاعداء النبيذ و المسكر و الفقاع و الطين و الجرى من السمك و المارماهى و الزمير و الطافى و كل ما لم يكن له فلوس من السمك، و لحم الارنب و الضب و الثعلب و ما لم يدف من الطير و ما استوى طرفاه من البيض و الدبا من الجراد و هو الذي لا يستقل بالطيران و الطحال، و مسالك الاعداء مواضع التهمة و مجالس شرب الخمر و المجالس التي فيها الملاهى و مجالس الذين لا يقضون بالحق و المجالس التي يعاب فيها الأئمّة عليهم السلام و المؤمنون و مجالس أهل المعاصى و الظلم و الفساد.

 (3). الحيرة البلد القديم بظهر الكوفة كان يسكنه النعمان بن المنذر و هي عاصمة المناذر: بلدان بنواحي خوزستان. و الممطر- كمنبر-: ما يلبس في المطر يتوقى به منه.

252
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

772- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ وَ فِي يَدِهِ خَاتَمُ حَدِيدٍ «1».

773- وَ قَالَ ع‏ مَا طَهَّرَ اللَّهُ يَداً فِيهَا حَلْقَةُ حَدِيدٍ «2».

774- وَ رَوَى عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ عَلَيْهِ خَاتَمُ حَدِيدٍ قَالَ لَا وَ لَا يَتَخَتَّمُ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ لِبَاسِ أَهْلِ النَّارِ.

775- وَ رَوَى أَبُو الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لِعَلِيٍّ ع إِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي وَ أَكْرَهُ لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي فَلَا تَتَخَتَّمْ بِخَاتَمِ ذَهَبٍ فَإِنَّهُ زِينَتُكَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَا تَلْبَسِ الْقِرْمِزَ «3» فَإِنَّهُ مِنْ أَرْدِيَةِ إِبْلِيسَ- وَ لَا تَرْكَبْ بِمِيثَرَةٍ «4» حَمْرَاءَ فَإِنَّهَا مِنْ مَرَاكِبِ إِبْلِيسَ وَ لَا تَلْبَسِ الْحَرِيرَ فَيُحْرِقَ اللَّهُ جِلْدَكَ يَوْمَ تَلْقَاهُ.

وَ لَمْ يُطْلِقِ النَّبِيُّ ص لُبْسَ الْحَرِيرِ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ- وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا قَمِلًا «5».

776- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ- أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ أَمَامَهُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الطَّيْرِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ أَمَامَهُ النَّخْلَةُ وَ فِيهَا حَمْلُهَا قَالَ لَا بَأْسَ وَ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي الْكَرْمِ وَ فِيهِ حَمْلُهُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ أَمَامَهُ حِمَارٌ وَاقِفٌ قَالَ يَضَعُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ قَصَبَةً أَوْ عُوداً أَوْ شَيْئاً يُقِيمُهُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يُصَلِّي فَلَا بَأْسَ وَ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ مَعَهُ دَبَّةٌ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ قَالَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُصَلِّيَ وَ هِيَ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَخَوَّفَ عَلَيْهَا ذَهَابَهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ وَ هِيَ مَعَهُ وَ عَنِ الرَّجُلِ تَحَرَّكَ بَعْضُ أَسْنَانِهِ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ هَلْ يَنْزِعُهُ قَالَ إِنْ كَانَ لَا يُدْمِيهِ فَلْيَنْزِعْهُ-

______________________________

 (1). حمل على الكراهة تجنبا لصدائه و خبثه، و في بعض النسخ «حلقة حديد».

 (2). في بعض النسخ «خاتم حديد».

 (3). القرمز- بالكسر-: صبغ أرمنى يكون من عصارة دود يكون في آجامهم.

 (4). الميثرة: ما يؤخذ من القطن و غير ذلك يوضع على الجمل و يركب عليه.

 (5). القمل- بكسر الميم-: الكثير القمل و هو دويبة معروفة.

253
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

وَ إِنْ كَانَ يُدْمِي فَلْيَنْصَرِفْ‏ «1» وَ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ فِي كُمِّهِ طَيْرٌ فَقَالَ إِنْ خَافَ عَلَيْهِ ذَهَاباً فَلَا بَأْسَ وَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ بِهِ الثَّالُولُ‏ «2» أَوِ الْجُرْحُ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ الثَّالُولَ وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ يَنْتِفَ بَعْضَ لَحْمِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ وَ يَطْرَحَهُ‏ «3» قَالَ إِنْ لَمْ يَتَخَوَّفْ أَنْ يَسِيلَ الدَّمُ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ تَخَوَّفَ أَنْ يَسِيلَ الدَّمُ فَلَا يَفْعَلْهُ وَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي صَلَاتِهِ فَرَمَاهُ رَجُلٌ فَشَجَّهُ فَسَالَ الدَّمُ فَانْصَرَفَ وَ غَسَلَهُ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَسْجِدِ هَلْ يَعْتَدُّ بِمَا صَلَّى أَوْ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ قَالَ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَ لَا يَعْتَدُّ بِشَيْ‏ءٍ مِمَّا صَلَّى وَ عَنِ الرَّجُلِ يَرَى فِي ثَوْبِهِ خُرْءَ الطَّيْرِ «4» أَوْ غَيْرِهِ هَلْ يَحُكُّهُ وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ هُوَ يُصَلِّي.

777- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الْخَلَاخِلِ هَلْ يَصْلُحُ لُبْسُهَا لِلنِّسَاءِ وَ الصِّبْيَانِ قَالَ إِنْ كُنَّ صَمَّاءَ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ كَانَ لَهَا صَوْتٌ فَلَا يَصْلُحُ‏ «5».

778- وَ سَأَلَهُ‏ عَنْ فَأْرَةِ الْمِسْكِ تَكُونُ مَعَ مَنْ يُصَلِّي وَ هِيَ فِي جَيْبِهِ أَوْ ثِيَابِهِ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

779- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَ فِي فِيهِ الْخَرَزُ وَ اللُّؤْلُؤُ قَالَ إِنْ كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ قِرَاءَتِهِ فَلَا وَ إِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ فَلَا بَأْسَ.

780- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ‏

______________________________

 (1). أي من الصلاة و ذلك على تقدير وقوع الادماء أو فلينصرف عن هذا الفعل و ذلك على تقدير أنّه يظن أن النزع يدمى. (مراد).

 (2). كذا في النسخ، و ما في كتب اللغة «الثؤلول» و زان عصفور و قال الفيومى:

و يجوز التخفيف. و هو بثر الذي يكون كالحبة يظهر في الجلد كالحمصة فما دونها.

 (3). حمل على ما إذا كان جافا لان اللحم المبان من بدن الحى نجس لكونه ميتة و ان يكن رطبا ينجس اليد بملاقاته.

 (4). حمل على ما يؤكل لحمه، و الخرء- بالضم- العذرة.

 (5). قوله «فلا يصلح» ظاهره الكراهة.

254
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

يُصَلِّيَ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ مَفْتُوحٌ فِي قِبْلَتِهِ قَالَ لَا قُلْتُ وَ إِنْ كَانَ فِي غِلَافِهِ قَالَ نَعَمْ‏ «1» وَ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَوْرٌ فِيهِ نَضُوحٌ‏ «2» قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ يُصَلِّي وَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِجْمَرَةُ شَبَهٍ‏ «3» قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ فِيهَا نَارٌ قَالَ لَا يُصَلِّي حَتَّى يُنَحِّيَهَا عَنْ قِبْلَتِهِ وَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ يَكُونُ فِي عَلَمِهِ‏ «4» مِثَالُ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ لَا وَ عَنِ الرَّجُلِ يَلْبَسُ الْخَاتَمَ فِيهِ نَقْشُ مِثَالِ الطَّيْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ‏ «5».

781- وَ سَأَلَ حَبِيبُ بْنُ الْمُعَلَّى‏ «6»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ‏ إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ السَّهْوِ فَمَا أَحْفَظُ صَلَاتِي إِلَّا بِخَاتَمِي أُحَوِّلُهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

782- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع فَقَالَ لَهُ‏ أَ يُصَلِّي الرَّجُلُ وَ هُوَ مُتَلَثِّمٌ فَقَالَ أَمَّا عَلَى الدَّابَّةِ فَنَعَمْ وَ أَمَّا عَلَى الْأَرْضِ فَلَا «7».

______________________________

 (1). قوله «نعم» يحتمل أن يكون تصديقا ليجوز، فيفيد الجواز. و أن يكون تصديقا لقول السائل «و ان كان في غلاف» فيفيد المنع لكن السياق يؤيد الأول فحكم المصحف المفتوح بين يدي المصلى غير ما كان في غلافه فعلى أن حمل على الكراهة.

 (2). التور- بالفتح- اناء صغير يشرب فيه، و النضوح: ضرب من الطيب.

 (3). الشبه- بفتحتين- ما يشبه الذهب بلونه من المعادن و هو أرفع من الصفر.

 (4). بفتح العين و اللام. و في بعض النسخ «فى عمله».

 (5). حمل على الكراهة.

 (6). الطريق صحيح كما في (صه) و هو ثقة ثقة.

 (7). قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- قوله «أما على الدابّة» كانه من خوف العدو لان فائدة اللثام دفعه بان لا يعرفه و أمّا على الأرض فضرره نادر- انتهى. و قال الفيض (ره): لعل وجه الفرق أن الراكب ربما يتلثم لئلا يدخل فاه الغبار فيلزمه ذلك، بخلاف الواقف على الأرض- انتهى. و اللثام- ككتاب ما على الفم من النقاب و حمل على اللثام الغير المانع من القراءة و سيأتي عن الحلبيّ تحت رقم 823 قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام هل يقرأ الرجل في صلاته و ثوبه على فيه؟ قال: لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة» و أورده الشيخ في التهذيب دليلا على ما أول به الروايات الدالة على جواز اللثام في الصلاة من أن المراد بها إذا لم يمنع اللثام من سماع القرآن. و بالجملة فالحكم محمول على الكراهة.

255
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

783- وَ سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ‏ «1»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الدَّرَاهِمِ السُّودِ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ وَ هُوَ يُصَلِّي مَرْبُوطَةً أَوْ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ فَقَالَ مَا أَشْتَهِي أَنْ يُصَلِّيَ وَ مَعَهُ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ الَّتِي فِيهَا التَّمَاثِيلُ ثُمَّ قَالَ ع مَا لِلنَّاسِ بُدٌّ مِنْ حِفْظِ بَضَائِعِهِمْ فَإِنْ صَلَّى وَ هِيَ مَعَهُ فَلْتَكُنْ مِنْ خَلْفِهِ وَ لَا يَجْعَلْ شَيْئاً مِنْهَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْقِبْلَةِ «2».

784- وَ سَأَلَ مُوسَى بْنُ عُمَرَ بْنِ بَزِيعٍ‏ «3» أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع فَقَالَ لَهُ‏ أَشُدُّ الْإِزَارَ وَ الْمِنْدِيلَ فَوْقَ قَمِيصِي فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ‏ «4».

785- وَ سَأَلَ الْعِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ‏ «5»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي ثَوْبِ الْمَرْأَةِ أَوْ إِزَارِهَا وَ يَعْتَمُّ بِخِمَارِهَا فَقَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً «6».

786- وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ رَجُلٍ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا سَرَاوِيلُ فَقَالَ يَحُلُّ التِّكَّةَ مِنْهُ فَيَضَعُهَا عَلَى عَاتِقِهِ وَ يُصَلِّي وَ إِنْ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ وَ لَيْسَ مَعَهُ ثَوْبٌ فَلْيَتَقَلَّدِ السَّيْفَ وَ يُصَلِّي قَائِماً «7».

787- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ- أَدْنَى مَا يُجْزِيكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ‏

______________________________

 (1). الطريق فيه أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار و لم يوثّق صريحا الا أنّه يكون من مشايخ الاجازة فالطريق حسن كالصحيح.

 (2). حمل على الاستحباب.

 (3). ثقة و الطريق إليه حسن اما بابراهيم بن هاشم أو محمّد بن على ماجيلويه.

 (4). نفى البأس محمول على الجواز و ما يجى‏ء من المنع على الكراهة. (مراد).

 (5). الطريق صحيح كما في (صه) و هو ثقة.

 (6). قوله «نعم» لعله محمول على ما إذا لم يكن من الثياب المختصة بهن، و يدلّ على كراهة الصلاة في ثوب غير مأمونة و ربما يعدى الحكم الى الرجال أيضا و هو مشكل (المرآة).

 (7). الطريق صحيح، و قوله «و ان كان معه سيف» أي مع الذي ليس معه الا سراويل فحاصل السؤال أنّه ليس مع الرجل من الثياب سوى سراويل، و حاصل الجواب أنّه يجعل التكة رداء و يستر العورة بشد سراويله عليه من غير تكة و لو كان حينئذ معه سيف يتقلد به و كان رداءه، فمعنى قوله عليه السلام: و ليس معه ثوب أي ثوب يجعله رداء. (مراد).

256
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

بِقَدْرِ مَا يَكُونُ عَلَى مَنْكِبَيْكَ مِثْلَ جَنَاحَيِ الْخُطَّافِ‏ «1».

788- وَ قَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- مَا يُجْزِي الرَّجُلَ مِنَ الثِّيَابِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ فَقَالَ صَلَّى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ص فِي ثَوْبٍ قَدْ قَلَصَ عَنْ نِصْفِ سَاقِهِ وَ قَارَبَ رُكْبَتَيْهِ لَيْسَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مِنْهُ إِلَّا قَدْرُ جَنَاحَيِ الْخُطَّافِ وَ كَانَ إِذَا رَكَعَ سَقَطَ عَنْ مَنْكِبَيْهِ وَ كُلَّمَا سَجَدَ يَنَالُهُ عُنُقُهُ فَرَدَّهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ بِيَدِهِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ وَ دَأْبَهُ مُشْتَغِلًا بِهِ حَتَّى انْصَرَفَ‏ «2».

789- وَ رَوَى الْفُضَيْلُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ- صَلَّتْ فَاطِمَةُ ع فِي دِرْعٍ وَ خِمَارُهَا عَلَى رَأْسِهَا لَيْسَ عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِمَّا وَارَتْ بِهِ شَعْرَهَا وَ أُذُنَيْهَا «3».

790- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ‏ رَجُلٌ يَرَى الْعَقْرَبَ وَ الْأَفْعَى وَ الْحَيَّةَ وَ هُوَ يُصَلِّي أَ يَقْتُلُهَا قَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ فَعَلَ.

791- وَ سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيُ‏ «4» الْعَبْدَ الصَّالِحَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏

______________________________

 (1). الخطاف- كرمّان-: طائر أسود. أى بأن تجعله رداء و ينبغي أن يجعل «بقدر» حالا عن ضمير فيه و يجعل «ما يكون» خبرا عن المبتدأ، أي أدنى ما يجزيك. و يجعل «على منكبيك» حالا عن خبر «يكون» و هو مثل جناحى الخطاف، فالمعنى أدنى ما يجزيك أن تصلى فيه من الرداء حالكونه بمقدار يكون معه المصلى مرتديا ما يكون مثل جناحى الخطاف حالكونه على منكبيك. (مراد).

 (2). حاصل معنى الحديث أن رداء الحسين عليه السلام كان رقيقا كالتكة و كان طوله قد تجاوز الركبة و ارتفع عن نصف الساق، فإذا ركع انتقل من منكبيه الى عنقه قليلا، و إذا سجد انتقل الى أعالي عنقه فكان يردّه على منكبيه بيده. و الظاهر أن ضمير دأبه الأول يرجع الى الرداء و الثاني إليه عليه السلام. (مراد)

و قلص الشي‏ء يقلص قلوصا ارتفع. و قال سلطان العلماء: يدل الخبر على أن مثل هذا الفعل ليس من الفعل الكثير الذي ينافى الصلاة.

 (3). الطريق صحيح، و يفهم من الخبر وجوب مواراة الشعر و الأذنين للمرأة في الصلاة.

 (4). هو من أولاد جعفر الطيار ثقة جليل القدر و الطريق إليه صحيح كما في (صه).

257
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي السُّوقَ فَيَشْتَرِي جُبَّةَ فِرَاءٍ لَا يَدْرِي أَ ذَكِيَّةٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ ذَكِيَّةٍ أَ يُصَلِّي فِيهَا فَقَالَ نَعَمْ لَيْسَ عَلَيْكُمُ الْمَسْأَلَةُ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ ع كَانَ يَقُولُ إِنَّ الْخَوَارِجَ ضَيَّقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِجَهَالَتِهِمْ إِنَّ الدِّينَ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ‏ «1».

792- وَ سَأَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى‏ «2»- أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع‏- عَنِ الْجُلُودِ وَ الْفِرَاءِ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ الْجَبَلِ‏ «3» أَ يَسْأَلُ عَنْ ذَكَاتِهِ إِذَا كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِماً غَيْرَ عَارِفٍ قَالَ ع عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْأَلُوا عَنْهُ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمُشْرِكِينَ يَبِيعُونَ ذَلِكَ وَ إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ يُصَلُّونَ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهُ‏ «4».

793- وَ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ‏ «5» أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع- يَسْأَلُهُ عَنِ الْفَرْوِ وَ الْخُفِّ أَلْبَسُهُ وَ أُصَلِّي فِيهِ وَ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ ذَكِيٌّ فَكَتَبَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «6».

______________________________

 (1). أي من وجوب العلم بامثال ذلك بل يكفى البناء على ظاهر الحال. (مراد).

 (2). الطريق إليه صحيح و هو لم يوثق صريحا.

 (3). كذا في بعض النسخ و في التهذيب أيضا و في بعض النسخ «الخيل» و في بعضها «الجيل» و في بعضها «الحثل» و فسر الأخير في هامش المطبوعة بأنهم طائفة من اليهود. و الجيل صنف من الناس و قوم رتبهم كسرى بالبحرين.

 (4). انما يجب السؤال إذا كان البائع مشركا لغلبة الظنّ حينئذ بأنّه غير مذكى الا أن يخبر هو بأنّه من ذبيحة المسلمين فيصير مشكوكا فيه فجاز لبسه حينئذ حتّى يعلم كونه ميتة. (الوافي)

و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: الظاهر أن المراد بالسؤال عنها عدم أخذها عنهم و يمكن أن يكون المراد بالسؤال الحقيقة فبعد أن قال البائع: أنا أخذتها من المسلم و صدقه المسلم يجوز أخذها أو لم يصدقه لكن علم بوجه آخر أنّها مأخوذة من المسلم يعمل بقوله و الا فلا. انتهى، أقول: و لعلّ المراد مطلق البحث عنه و الفحص.

 (5). ثقة و الطريق إليه حسن بابراهيم بن هاشم.

 (6). محمول على ما إذا كان مأخوذا من المسلم. (م ت).

258
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

794- وَ رُوِيَ عَنْ هَاشِمٍ الْحَنَّاطِ «1» أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع يَقُولُ- مَا أَكَلَ الْوَرَقَ وَ الشَّجَرَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ وَ مَا أَكَلَ الْمَيْتَةَ فَلَا تُصَلِّ فِيهِ‏ «2».

795- وَ قَالَ زُرَارَةُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَى قَوْمٍ فَرَآهُمْ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ سَدَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ مَا لَكُمْ قَدْ سَدَلْتُمْ ثِيَابَكُمْ كَأَنَّكُمْ يَهُودُ قَدْ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ‏ «3» يَعْنِي بِيعَتَهُمْ إِيَّاكُمْ وَ سَدْلَ ثِيَابِكُمْ.

796- وَ قَالَ زُرَارَةُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- إِيَّاكَ وَ الْتِحَافَ الصَّمَّاءِ قَالَ قُلْتُ وَ مَا الصَّمَّاءُ قَالَ أَنْ تُدْخِلَ الثَّوْبَ مِنْ تَحْتِ جَنَاحِكَ فَتَجْعَلَهُ عَلَى مَنْكِبٍ وَاحِدٍ «4».

797- وَ رُوِيَ‏ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ عُرْيَاناً فَتُدْرِكُهُ الصَّلَاةُ أَنَّهُ يُصَلِّي عُرْيَاناً قَائِماً إِنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَ إِنْ رَآهُ أَحَدٌ صَلَّى جَالِساً «5».

798- وَ رَوَى أَبُو جَمِيلَةَ «6» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ ثَوْبِ الْمَجُوسِيِ‏

______________________________

 (1). هو هاشم بن المثنى الحناط الكوفيّ الثقة و الطريق إليه صحيح، و قد صحف في أكثر النسخ بقاسم الخياط.

 (2). يعني كل حيوان معتلف يجوز الصلاة في جلده المذكى و كل حيوان آكل للميتة فلا يجوز الصلاة في جلده، ذكى أم لم يذك.

 (3). السدل هو أن يلتحف بثوبه و يدخل يديه من داخل، فيركع و يسجد و هو كذلك و كانت اليهود تفعله فنهوا عنه، و هذا مطرد في القميص و غيره من الثياب. و قيل: هو أن يضع وسط الازار على رأسه و يرسل طرفيه عن يمينه و شماله من غير أن يجعلهما على كتفيه (النهاية) و فهر اليهود- بالضم-: مدارسهم و بيعهم، و الظاهر أن الكلمة أصلها عبرانية فعربت.

 (4). أي جناحك باعتبار الإضافة أو أحدهما و يكون بمعنى التوشح أو الأعمّ من الجميع و هو الأظهر من العبارة. (م ت).

 (5). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 240 بسند فيه ارسال بعد ابن أبي عمير.

 (6). الطريق إليه ضعيف و أبو جميلة هو المفضل بن صالح الأسدى كذاب ضعيف يضع الأحاديث كما قال ابن الغضائري و غيره.

259
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

أَلْبَسُهُ وَ أُصَلِّي فِيهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ قَالَ نَعَمْ نَحْنُ نَشْتَرِي الثِّيَابَ السَّابِرِيَّةَ «1» فَنَلْبَسُهَا وَ لَا نَغْسِلُهَا.

799- وَ رَوَى زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ «2» عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ وَ هُوَ حَاضِرٌ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنَ الْحَمَّامِ أَوْ يَغْتَسِلُ فَيَتَوَشَّحُ وَ يَلْبَسُ قَمِيصَهُ فَوْقَ إِزَارِهِ فَيُصَلِّي وَ هُوَ كَذَلِكَ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ فَقُلْتُ إِنَّهُ يَتَوَشَّحُ فَوْقَ الْقَمِيصِ‏ «3» قَالَ هَذَا مِنَ التَّجَبُّرِ قُلْتُ إِنَّ الْقَمِيصَ رَقِيقٌ يَلْتَحِفُ بِهِ قَالَ هُوَ وَ حَلُّ الْأَزْرَارِ فِي الصَّلَاةِ وَ الْخَذْفُ بِالْحَصَى‏ «4» وَ مَضْغُ الْكُنْدُرِ فِي الْمَجَالِسِ وَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ.

وَ قَدْ رَوَيْتُ رُخْصَةً فِي التَّوَشُّحِ بِالْإِزَارِ فَوْقَ الْقَمِيصِ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ ع وَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع- وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع وَ بِهَا آخُذُ وَ أُفْتِي‏ «5».

800- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ «6»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ يُرْسِلُ جَانِبَيْ‏

______________________________

 (1). السابرية: ضرب من الثياب الرقاق تعمل بسابور- موضع بفارس- و النسبة اليها سابرى.

 (2). زياد بن المنذر أبو الجارود الهمدانيّ كوفيّ تابعي زيدى أعمى، روى الكشّيّ في ذمه روايات تضمن بعضها كونها كذابا كافرا.

 (3). التوشح: أن يدخل تحت منكبه الايمن و يلقيه على منكبه الايسر و كذلك الرجل يتوحش بحمائل سيفه فيقع الحمائل على عاتقه اليسرى فيكون اليمين مكشوفة. (المغرب).

 (4). في التهذيب «قلت ان القميص رقيق يلتحف به؟ قال: نعم، ثمّ قال: ان حل الازرار في الصلاة و الخذف بالحصى- الحديث» و الخذف وضع الحصاة بين السبابتين و رميها، أو وضعها على الإبهام و دفعها بظفر السبابة. و ضمير هو في قوله: «هو و حل الازرار» راجع الى التوشح. و في بعض النسخ «و حل الازار».

 (5). في المعتبر ص 152 «ان التوشح فوق القميص مكروه و اما شد المئزر فوقه فليس بمكروه».

 (6). فطحى الا أنّه ثقة و الطريق إليه قوى بحسن بن عليّ بن فضّال.

260
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

ثَوْبِهِ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «1».

801- وَ سَأَلَهُ أَبُو بَصِيرٍ- عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي حَرٍّ شَدِيدٍ فَيَخَافُ عَلَى جَبْهَتِهِ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ يَضَعُ ثَوْبَهُ تَحْتَ جَبْهَتِهِ‏ «2».

802- وَ سَأَلَ دَاوُدُ الصَّرْمِيُ‏ «3»- أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ ع فَقَالَ لَهُ‏ إِنِّي أَخْرُجُ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَ رُبَّمَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعٌ أُصَلِّي فِيهِ مِنَ الثَّلْجِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ قَالَ إِنْ أَمْكَنَكَ أَنْ لَا تَسْجُدَ عَلَى الثَّلْجِ فَلَا تَسْجُدْ عَلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ يُمْكِنْكَ فَسَوِّهِ وَ اسْجُدْ عَلَيْهِ.

803- وَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي مَحْمُودٍ «4» لِلرِّضَا ع‏ الرَّجُلُ يُصَلِّي عَلَى سَرِيرٍ مِنْ سَاجٍ وَ يَسْجُدُ عَلَى السَّاجِ قَالَ نَعَمْ‏ «5».

804- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ- لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْبُورِيَاءِ وَ الْخَصَفَةِ وَ كُلِّ نَبَاتٍ إِلَّا الثَّمَرَةَ «6».

805- وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ لُحُومِ السِّبَاعِ مِنَ الطَّيْرِ وَ الدَّوَابِّ قَالَ أَمَّا أَكْلُ لَحْمِهَا فَإِنَّا نَكْرَهُهُ‏ «7» وَ أَمَّا الْجُلُودُ فَارْكَبُوا عَلَيْهَا وَ لَا تَلْبَسُوا

______________________________

 (1). لعل المراد بالثوب الرداء. (مراد).

 (2). يدل على جواز السجود على الثوب في الحرّ الشديد و عليه عمل الاصحاب (م ت) و ينبغي أن يحمل على عدم وجود ما يسجد عليه ممّا يجوز السجود عليه.

 (3). في طريقه محمّد بن عيسى بن عبيد مختلف في شأنه وثقه جماعة، و لم يوثق داود فالسند حسن.

 (4). الطريق صحيح كما في (صه) و هو ثقة.

 (5). الساج: ضرب عظيم من الشجر الواحدة ساجة و جمعها ساجات، و لا ينبت الا بالهند و يجلب منها، و قال الزمخشريّ: الساج: خشب أسود رزين يجلب من الهند و لا تكاد الأرض تبليه و الجمع سيجان مثل نار و نيران، و قال بعضهم: الساج يشبه الآبنوس و هو أقل سوادا منه، و الساج طيلسان مقور ينسج كذلك. (مصباح المنير).

 (6). الخصفة- بالتحريك- الجلة التي تعمل من الخوص للتمر.

 (7). المراد هنا الحرمة و اطلاقها على الحرمة شايع سيما إذا كانت تقية. (م ت).

261
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

مِنْهَا شَيْئاً تُصَلُّونَ فِيهِ.

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي شَعْرِ وَ وَبَرِ كُلِّ مَا أَكَلْتَ لَحْمَهُ وَ إِنْ كَانَ عَلَيْكَ غَيْرُهُ مِنْ سِنْجَابٍ أَوْ سَمُّورٍ أَوْ فَنَكٍ‏ «1» وَ أَرَدْتَ الصَّلَاةَ فَانْزِعْهُ وَ قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ رُخَصٌ‏ «2» وَ إِيَّاكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي ثَعْلَبٍ وَ لَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ تَحْتِهِ وَ فَوْقِهِ.

806- وَ قَدْ رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ الرِّضَا ع يُصَلِّي فِي جُبَّةِ خَزٍّ.

807- وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الثَّانِيَ ع يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ وَ غَيْرَهَا فِي جُبَّةِ خَزٍّ طَارُونِيٍ‏ «3» وَ كَسَانِي جُبَّةَ خَزٍّ وَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَبِسَهَا عَلَى بَدَنِهِ وَ صَلَّى فِيهَا وَ أَمَرَنِي بِالصَّلَاةِ فِيهَا.

808- وَ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عِمْرَانَ‏ «4» أَنَّهُ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع فِي السِّنْجَابِ وَ الْفَنَكِ وَ الْخَزِّ وَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أُحِبُّ أَنْ لَا تُجِيبَنِي بِالتَّقِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ بِخَطِّهِ إِلَيَّ صَلِّ فِيهَا.

809- وَ رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ الصَّرْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ ع- عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْخَزِّ يُغَشُّ بِوَبَرِ الْأَرَانِبِ فَكَتَبَ يَجُوزُ ذَلِكَ‏ «5».

______________________________

 (1). السنجاب: حيوان أكبر من الجرذ، له ذنب طويل، كثيث الشعر، و لونه أزرق رمادى و منه اللون السنجابى. و السمور حيوان برى يشبه ابن عرس و أكبر منه، لونه أحمر مائل الى السواد، يتخذ من جلده الفراء. و الفنك: جنس من الثعالب أصغر منه و فروته أحسن الفراء.

 (2). مع الكراهة أو اضطرارا.

 (3). الطرن- بالضم-: ضرب من الخز. و في بعض النسخ «طاروى» و الطرية بلدة باليمن.

 (4). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم.

 (5). نسبه الشيخ في التهذيبين الى الشذوذ و اختلاف اللفظ في السائل و المسئول ثمّ حمله على التقية.

262
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

وَ هَذِهِ رُخْصَةٌ الْآخِذُ بِهَا مَأْجُورٌ وَ رَادُّهَا مَأْثُومٌ‏ «1» وَ الْأَصْلُ مَا ذَكَرَهُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ وَ صَلِّ فِي الْخَزِّ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْشُوشاً بِوَبَرِ الْأَرَانِبِ وَ قَالَ فِيهَا وَ لَا تُصَلِّ فِي دِيبَاجٍ وَ لَا حَرِيرٍ وَ لَا وَشْيٍ وَ لَا فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ إِبْرِيسَمٍ مَحْضٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثَوْباً سَدَاهُ إِبْرِيسَمُ وَ لَحْمَتُهُ قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ.

810- وَ كَتَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْزِيَارَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ ع‏ يَسْأَلُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْقِرْمِزِ فَإِنَّ أَصْحَابَنَا يَتَوَقَّوْنَ‏ «2» عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَكَتَبَ لَا بَأْسَ مُطْلَقٌ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْقِرْمِزُ مِنْ إِبْرِيسَمٍ مَحْضٍ وَ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ هُوَ مَا كَانَ مِنْ إِبْرِيسَمٍ مَحْضٍ.

811- وَ كَتَبَ إِلَيْهِ‏ فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُ فِي جُبَّتِهِ بَدَلَ الْقُطْنِ قَزّاً «3» هَلْ يُصَلِّي فِيهِ فَكَتَبَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ.

يَعْنِي بِهِ قَزَّ الْمَعْزِ لَا قَزَّ الْإِبْرِيسَمِ وَ قَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِالنَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الدِّيبَاجِ وَ الْحَرِيرِ وَ الْإِبْرِيسَمِ الْمَحْضِ وَ الصَّلَاةِ فِيهِ لِلرِّجَالِ وَ وَرَدَتِ الرُّخْصَةُ فِي لُبْسِ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ وَ لَمْ يَرِدْ بِجَوَازِ صَلَاتِهِنَّ فِيهِ فَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْإِبْرِيسَمِ الْمَحْضِ عَلَى الْعُمُومِ لِلرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ «4» حَتَّى يَخُصَّهُنَ‏

______________________________

 (1). هذا بناء على أنّه ثبت عنده أن ذلك من قول الإمام عليه السلام فلا يصحّ نفيه و المنع عنه غايته أن يحمل على الكراهة أو الضرورة و لعلّ ذلك مراده بالاصل. (مراد).

 (2). في بعض النسخ «يتوقفون».

 (3). القز: ما يسوى منه الابريسم أو الحرير و هو مجاج دود القز.

 (4). اما جواز اللبس في غير حال الصلاة للنساء فلا كلام فيه. و أمّا في حال الصلاة فقد استدل على الجواز بموثقة ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

 «النساء تلبس الحرير و الديباج الا في الاحرام» (الكافي ج 6 ص 454) فان مقتضى الاستثناء جواز لبسهن له في الصلاة، لكن يعارضها حسن حريز عن الصادق عليه السلام «كل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه» (الكافي ج 4 ص 339) حيث ان مقتضاه اما جواز لبس الحرير و هو مخالف لظاهر الاخبار المستفيضة أو عدم جواز لبسه في الصلاة و هو المطلوب.

و قد أجيب بأخصيّة الموثقة من هذا الحسن، و ليس بشي‏ء لانه لو كان الموثقة نصا في جواز الصلاة في الحرير لتم ما أجيب و ليس كذلك، ألا ترى أنّه إذا قال: اكرم العلماء إلا زيدا يصح اخراج عمرو أيضا بكلام آخر، اللّهمّ الا أن يدّعى الأظهرية في مورد التعارض. و مما-

263
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

خَبَرٌ بِالْإِطْلَاقِ لَهُنَّ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ كَمَا خَصَّهُنَّ بِلُبْسِهِ وَ لَمْ يُطْلَقْ لِلرِّجَالِ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَ الدِّيبَاجِ إِلَّا فِي الْحَرْبِ وَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ إِنْ كَانَ فِيهِ تَمَاثِيلُ رَوَى ذَلِكَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ «1».

812- وَ رَوَى يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ- لَا بَأْسَ بِالثَّوْبِ أَنْ يَكُونَ سَدَاهُ وَ زِرُّهُ وَ عَلَمُهُ حَرِيراً وَ إِنَّمَا يُكْرَهُ الْحَرِيرُ الْمُبْهَمُ لِلرِّجَالِ‏ «2».

813- وَ رَوَى عَنْهُ مِسْمَعُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَصْرِيُ‏ «3» أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ دِيبَاجِ الْكَعْبَةِ فَيَجْعَلَهُ غِلَافَ مُصْحَفٍ أَوْ يَجْعَلَهُ مُصَلًّى يُصَلَّى عَلَيْهِ.

814- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ- أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع‏- عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْمُعْلَمِ فَكَرِهَ مَا فِيهِ مِنَ التَّمَاثِيلِ‏ «4».

وَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي تِكَّةٍ رَأْسُهَا مِنْ إِبْرِيسَمٍ وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْفِرَاءِ الْخُوارَزْمِيَّةِ وَ مَا يُدْبَغُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ «5» وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي صُوفِ الْمَيْتَةِ لِأَنَ‏

______________________________

- يدل على عدم الجواز رواية جابر الجعفى الطويلة المروية في الخصال ص 585 قال: «سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «ليس على النساء أذان و لا اقامة و لا جمعة و لا جماعة- الى أن قال- و يجوز للمرأة لبس الحرير و الديباج في غير صلاة و لا احرام و حرّم ذلك على الرجال الا في الجهاد و يجوز أن تتختّم بالذهب و تصلّى فيه و حرّم ذلك على الرجال الا في الجهاد» و هذه الرواية في سندها مجاهيل و لا ينجبر ضعفها لان المعمول بها انما هو في مسألة حرمة لبس الذهب على الرجال فحسب.

 (1). الكافي ج 6 ص 453 بإسناده عنه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لباس الحرير و الديباج فقال: أما في الحرب فلا بأس و ان كان فيه تماثيل».

 (2). الطريق مجهول «و المبهم» كما في الاستبصار و التهذيب معناه الخالص الذي لا يمازجه شي‏ء و منه فرس بهيم أي مصمت لا يخالط لونه شي‏ء.

 (3). الطريق ضعيف بقاسم بن محمّد الجوهريّ.

 (4). المراد بالمعلم المخطط أو الملون.

 (5). في التهذيب ج 1 ص 195 في رواية بشر بن بشار قال: «سألته عن الصلاة في الفنك و الفراء و السنجاب و السمور و الحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو ببلاد الإسلام أن-

264
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

الصُّوفَ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ.

815- وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ تَقْلِيدِ السَّيْفِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ الْغِرَاءُ وَ الْكَيْمُخْتُ‏ «1» فَقَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ مَيْتَةٌ «2».

816- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ‏ «3» أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَ أَظْفَارِهِ ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْفُضَهُ مِنْ ثَوْبِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ.

817- وَ سَأَلَ يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ‏ «4» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ عَلَيْهِ الْبُرْطُلَةُ «5» فَقَالَ لَا يَضُرُّهُ.

وَ سَمِعْتُ مَشَايِخَنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَقُولُونَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي الطَّابِقِيَّةِ «6» وَ لَا يَجُوزُ

______________________________

- أصلى فيه بغير تقية. قال: فقال: صل في السنجاب و الحواصل و الخوارزمية و لا تصل في الثعالب و لا السمور». و فسر الحواصل الخوارزمية بطيور تكون في بلاد خوارزم يعمل من جلودها بعد نزع الريش مع بقاء الوبر الفراء، و قد ينسج من أوبارها الثياب. و تخصيص الدباغ بأرض الحجاز لعله مبنى على أنهم يقولون بان الدباغ فيها بخرء الكلاب. (مراد).

 (1). الغراء- بالغين المعجمة المفتوحة و المد و ككتاب-: ما يلصق به الشي‏ء معمول من الجلود و قد يعمل من السمك، و الغرا مثل العصا لغة فيه. و الكيمخت- بكسر الكاف و سكون المثناة التحتيّة و ضم الميم و سكون الخاء المعجمة-: جلد الكفل المدبوغ من الحمار و البقر فارسية.

 (2). عدم البأس اما باعتبار أنهم لا يستحلون الميتة بالدباغ أو باعتبار أنهم لا يدبغون بخرء الكلاب بخلاف أهل العراق. (م ت) أي ان السمك الذي أخذ منه الغراء و الحيوان الذي أخذ من جلده الكيمخت. و لو ثبت أن الصلاة في جلد ما لا نفس له جائزة و ان كان ميتة و ان جواز الصلاة في جلده يستلزم جوازها في الغراء المأخوذ منه فينبغي ارجاع الضمير الى ما منه الكيمخت لقربه. (مراد).

 (3). الطريق إليه حسن بابراهيم بن هاشم.

 (4). قد تقدم أن في طريقه حكم بن مسكين و لم يوثق فالطريق حسن.

 (5). البرطل- بالضم-: قلنسوة و ربما شدد.

 (6). الطابقية: العمامة التي لا حنك لها.

265
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

لِلْمُعْتَمِّ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا وَ هُوَ مُتَحَنِّكٌ‏ «1».

818- وَ رَوَى عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- مَنْ خَرَجَ فِي سَفَرٍ فَلَمْ يُدِرِ الْعِمَامَةَ تَحْتَ حَنَكِهِ فَأَصَابَهُ أَلَمٌ لَا دَوَاءَ لَهُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ‏ «2».

819- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ ضَمِنْتُ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُعْتَمّاً تَحْتَ حَنَكِهِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ سَالِماً.

820- وَ قَالَ ع‏ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَأْخُذُ فِي حَاجَةٍ وَ هُوَ عَلَى وُضُوءٍ كَيْفَ لَا تُقْضَى حَاجَتُهُ وَ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَأْخُذُ فِي حَاجَةٍ وَ هُوَ مُعْتَمٌّ تَحْتَ حَنَكِهِ كَيْفَ لَا تُقْضَى حَاجَتُهُ.

821- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص- الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُشْرِكِينَ التَّلَحِّي بِالْعَمَائِمِ.

وَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَ ابْتِدَائِهِ.

822- وَ قَدْ نَقَلَ عَنْهُ ص أَهْلُ الْخِلَافِ أَيْضاً أَنَّهُ أَمَرَ بِالتَّلَحِّي وَ نَهَى عَنِ الِاقْتِعَاطِ «3».

823- وَ سَأَلَ الْحَلَبِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ هَلْ يَقْرَأُ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ وَ ثَوْبُهُ عَلَى فِيهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

وَ فِي رِوَايَةِ الْحَلَبِيِ‏ إِذَا سَمِعَ‏

______________________________

 (1). أي لم يصل الينا خبر في استحباب الحنك في الصلاة لكن لما كان منقولا من المشايخ و ظاهر أحوالهم أنهم أرباب النصوص فلا بأس بالعمل به (م ت) و الاخبار في استحباب التحنك مروية في الكافي ج 6 ص 460 و اما اختصاصه بحالة الصلاة فما عثرت فيه على خبر.

 (2). قال في الوافي: سنة التلحى متروكة اليوم في أكثر بلاد الإسلام كقصر الثياب في زمن الأئمّة عليهم السلام فصارت من لباس الشهرة المنهية عنها.

 (3). التلحى تطويق العمامة تحت الحنك و الاقتعاط: شد العمامة على الرأس من غير ادارة تحت الحنك. و في النهاية في الحديث «أنه نهى عن الاقتعاط و أمر بالتلحى» و هو جعل بعض العمامة تحت الحنك، و الاقتعاط أن لا يجعل تحت حنكه منها شيئا.

266
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يصلى فيه و ما لا يصلى فيه من الثياب و جميع الأنواع ص : 247

الْهَمْهَمَةَ «1».

824- وَ سَأَلَ رِفَاعَةُ بْنُ مُوسَى- أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏- عَنِ الْمُخْتَضِبِ إِذَا تَمَكَّنَ مِنَ السُّجُودِ وَ الْقِرَاءَةِ أَ يُصَلِّي فِي خِضَابِهِ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَتْ خِرْقَتُهُ طَاهِرَةً وَ كَانَ مُتَوَضِّئاً وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ وَ هِيَ مُخْتَضِبَةٌ وَ يَدَاهَا مَرْبُوطَتَانِ.

- رَوَى ذَلِكَ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ «2».

825- وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ وَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع‏ أَنَّهُمَا سَأَلَاهُ عَنِ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ يَخْتَضِبَانِ أَ يُصَلِّيَانِ وَ هُمَا مُخْتَضِبَانِ بِالْحِنَّاءِ وَ الْوَسِمَةِ فَقَالَ إِذَا أَبْرَزُوا الْفَمَ وَ الْمَنْخِرَ فَلَا بَأْسَ‏ «3».

826- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَ لَا يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ ثَوْبِهِ فَقَالَ إِنْ أَخْرَجَ يَدَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَ إِنْ لَمْ يُخْرِجْ يَدَيْهِ فَلَا بَأْسَ.

827- وَ رَوَى زِيَادُ بْنُ سُوقَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ‏ «4» أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَ أَزْرَارُهُ مَحْلُولَةٌ إِنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ ص حَنِيفٌ.

______________________________

 (1). تقدم الكلام فيه في ذيل الخبر الذي تحت رقم 782.

 (2). في التهذيب ج 1 ص 236 بإسناده عن عمّار الساباطى عنه عليه السلام «عن المرأة تصلى و يداه مربوطتان بالحناء؟ فقال: ان كانت توضأت للصلاة قبل ذلك فلا بأس بالصلاة و هى مختضبة و يداها مربوطتان».

 (3). و في قبال هذه الأخبار خبر أبى بكر الحضرمى المروى في الكافي ج 3 ص 408 و التهذيب ج 1 ص 237 قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن الرجل يصلى و عليه خضابه؟ قال:

لا يصلى و هو عليه و لكن ينزعه إذا أراد أن يصلى، قلت: ان حناه و خرقته نظيفة؟ فقال:

لا يصلى و هو عليه و المرأة أيضا لا تصلى و عليها خضابها». و حملوا هذه الرواية على الكراهة لدلالة أخبار المتن على الجواز كما في الاستبصار و غيره.

 (4). الطريق صحيح و هو ثقة. و قوله: «لا بأس» لا ينافى الكراهة التي يفهم ممّا تقدم.

267
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يسجد عليه و ما لا يسجد عليه ص : 268

بَابُ مَا يُسْجَدُ عَلَيْهِ وَ مَا لَا يُسْجَدُ عَلَيْهِ‏

828- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَرِيضَةٌ وَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ سُنَّةٌ «1».

829- وَ قَالَ ع‏- السُّجُودُ عَلَى طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع يُنَوِّرُ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ «2».

وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ سُبْحَةٌ مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع كُتِبَ مُسَبِّحاً وَ إِنْ لَمْ يُسَبِّحْ بِهَا «3» وَ التَّسْبِيحُ بِالْأَصَابِعِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِغَيْرِهَا لِأَنَّهَا مَسْئُولَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «4».

830- وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ‏ «5» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: السُّجُودُ عَلَى مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ إِلَّا مَا أُكِلَ أَوْ لُبِسَ.

831- وَ رُوِيَ عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ‏ «6» أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ بِي أَبُو الْحَسَنِ ع وَ أَنَا أُصَلِّي عَلَى الطَّبَرِيِ‏ «7» وَ قَدْ أَلْقَيْتُ عَلَيْهِ شَيْئاً فَقَالَ لِي مَا لَكَ لَا تَسْجُدُ عَلَيْهِ أَ لَيْسَ هُوَ

______________________________

 (1). الظاهر المراد بالسنة هنا الجائز لا أنّه أفضل. (الذكرى).

 (2). الظاهر أن المراد به ينور الساجد نورا يصل الى الأرض السابعة. (سلطان).

 (3). روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 27 عن الحميري مسندا قال: «كتبت الى الفقيه عليه السلام أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر (قبر الحسين «ع») و هل فيه فضل فاجاب، و قرأت التوقيع و نسخت: سبح به فما في شي‏ء من التسبيح أفضل منه فضله أن المسبح ينسى التسبيح و يدبر السبحة فيكتب له ذلك التسبيح».

 (4). أي مسئولات من أعمالكم فيشهدن لكم بالتسبيح، و يحتمل أن يكون المراد بانها مسئولات مكلفات فكثيرا ما يقع منها المعاصى فالتسبيح بها جبر لها فتأمل. (سلطان).

 (5). الطريق صحيح.

 (6). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم و في الخلاصة صحيح.

 (7). الطبر قرية بواسط و النسبة إليها طبري (القاموس) و يحتمل النسبة الى طبرستان و على أي تقدير المراد سجادة من حصير. (سلطان).

268
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يسجد عليه و ما لا يسجد عليه ص : 268

مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ.

وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ اسْجُدْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ وَ لَا تَسْجُدْ عَلَى الْحُصُرِ الْمَدَنِيَّةِ لِأَنَّ سُيُورَهَا مِنْ جِلْدٍ «1» وَ لَا تَسْجُدْ عَلَى شَعْرٍ وَ لَا صُوفٍ وَ لَا جِلْدٍ وَ لَا إِبْرِيسَمٍ وَ لَا زُجَاجٍ وَ لَا حَدِيدٍ وَ لَا صُفْرٍ وَ لَا شَبَهٍ وَ لَا رَصَاصٍ وَ لَا نُحَاسٍ وَ لَا رِيشٍ وَ لَا رَمَادٍ وَ إِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ حَارَّةً تَخَافُ عَلَى جَبْهَتِكَ الِاحْتِرَاقَ أَوْ كَانَتْ لَيْلَةً مُظْلِمَةً خِفْتَ عَقْرَباً أَوْ شَوْكَةً تُؤْذِيكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَسْجُدَ عَلَى كُمِّكَ إِذَا كَانَ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ وَ إِنْ كَانَ بِجَبْهَتِكَ دُمَّلٌ فَاحْفِرْ حُفْرَةً فَإِذَا سَجَدْتَ جَعَلْتَ الدُّمَّلَ فِيهَا وَ إِنْ كَانَتْ بِجَبْهَتِكَ عِلَّةٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ مِنْ أَجْلِهَا فَاسْجُدْ عَلَى قَرْنِكَ الْأَيْمَنِ مِنْ جَبْهَتِكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ فَاسْجُدْ عَلَى قَرْنِكَ الْأَيْسَرِ مِنْ جَبْهَتِكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ فَاسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ كَفِّكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ فَاسْجُدْ عَلَى ذَقَنِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى‏ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً إِلَى قَوْلِهِ‏ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً وَ لَا بَأْسَ بِالْقِيَامِ وَ وَضْعِ الْكَفَّيْنِ وَ الرُّكْبَتَيْنِ وَ الْإِبْهَامَيْنِ عَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ وَ تُرْغِمُ بِأَنْفِكَ وَ يُجْزِيكَ فِي وَضْعِ الْجَبْهَةِ مِنْ قُصَاصِ الشَّعْرِ إِلَى الْحَاجِبَيْنِ مِقْدَارُ دِرْهَمٍ وَ يَكُونُ سُجُودُكَ كَمَا يَتَخَوَّى الْبَعِيرُ الضَّامِرُ عِنْدَ بُرُوكِهِ‏ «2» تَكُونُ شِبْهَ الْمُعَلَّقِ لَا يَكُونُ شَيْ‏ءٌ مِنْ جَسَدِكَ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهُ.

832- وَ سَأَلَ الْمُعَلَّى بْنُ خُنَيْسٍ‏ «3»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقُفْرِ «4» وَ الْقِيرِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «5».

______________________________

 (1). الأظهر في العبارة أن يقال: لان لحمتها أو سداها من جلد لأنّ السير عين الجلد.

 (2). يتخوى الرجل أي يجافى بطنه من الأرض في سجوده بان يجنح بمرفقيه و يرفعهما عن الأرض و لا يفترشهما افتراش الأسد.

 (3). ضعيف جدا لا يعول عليه (صه).

 (4). شي‏ء يشبه القير و الزفت.

 (5). في التهذيب ج 1 ص 222 و الاستبصار ج 1 ص 334 بإسناده عن الحسين بن سعيد عن النضر عن محمّد بن أبي حمزة عن معاوية بن عمّار قال: «سأل المعلى بن خنيس أبا عبد اللّه (ع)-

269
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يسجد عليه و ما لا يسجد عليه ص : 268

833- وَ سَأَلَ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ أَبَا الْحَسَنِ ع- عَنِ الْجِصِّ يُوقَدُ عَلَيْهِ بِالْعَذِرَةِ وَ عِظَامِ الْمَوْتَى ثُمَّ يُجَصَّصُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَ يُسْجَدُ عَلَيْهِ فَكَتَبَ ع إِلَيْهِ بِخَطِّهِ أَنَّ النَّارَ وَ الْمَاءَ قَدْ طَهَّرَاهُ‏ «1».

834- وَ سَأَلَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ ع‏ عَنِ الْقَرَاطِيسِ وَ الْكَوَاغِذِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَيْهَا هَلْ يَجُوزُ عَلَيْهَا السُّجُودُ فَكَتَبَ يَجُوزُ «2».

835- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى‏

______________________________

- و أنا عنده عن السجود على القفر و على القير، فقال: لا بأس»، و قال الشيخ- رحمه اللّه-: فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على حال الضرورة أو التقية دون حال الاختيار. و ذلك لما روى قبله عن أحمد بن محمّد بن إسماعيل عن محمّد بن عمرو بن سعيد، عن أبي الحسن الرضا (ع) قال:

 «لا تسجد على القير و لا على القفر و لا على الصاروج».

 (1). السند صحيح و قال في المدارك: يمكن أن يستدل بها على طهارة ما أحالته النار و وجه الدلالة أن الجص يختلط بالرماد و الدخان الحاصل من تلك الأعيان النجسة و لو لا كونه طاهرا لما ساغ تطهير المسجد به و السجود عليه و الماء غير مؤثر في التطهير إجماعا كما نقله في المعتبر فتعين استناده الى النار، و على هذا فيكون استناد التطهير الى النار حقيقة و الى الماء مجازا، أو يراد به فيهما المعنى المجازى و تكون الطهارة الشرعية مستفاد ممّا علم من الجواب أو ضمنا من جواز تجصيص المسجد به و لا محذور فيه انتهى. و فيه نظر لان الظاهر أن عظام الموتى نجاستها غير معلومة الا أن يراد عظام الكلاب، و العذرة إذا توقد تحت حجر الجص لم تنجسه حتّى تكون النار طهره و دخانها و ان قلنا بنجاسته لم يؤثر في الجص، و لعلّ المراد بتطهير النار احالة العذرة رمادا و كذا العظام النجسة، و يمكن أن يكون المراد بتطهير الماء رفع ما يتوهم فيه من النجاسة كرش المكان بالماء للصلاة كما في بيت المجوسى. و يحتمل أن يكون المراد بقوله عليه السلام «قد طهراه» أي نظفاه. و أمّا قول السائل «أ يسجد عليه» فيمكن أن يكون المراد أ يصلى عليه فلا يلزم منه تجويز السجود على الجص أو حمل جواز السجود على حال الضرورة أو التقية.

 (2). الطريق صحيح و لا ينافى ما رواه الكليني بإسناده عن جميل عن الصادق (ع) «أنه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتابة» لانه محمول على ضرب من الكراهة و خبر داود يدل على الجواز.

270
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يسجد عليه و ما لا يسجد عليه ص : 268

الْمِسْحِ‏ «1» وَ الْبِسَاطِ فَقَالَ لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ فِي حَالِ التَّقِيَّةِ.

وَ لَا بَأْسَ بِالسُّجُودِ عَلَى الثِّيَابِ فِي حَالِ التَّقِيَّةِ.

836- وَ سَأَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَارِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «2».

837- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَحَدِهِمَا ع أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يَسْجُدُ وَ عَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ أَوْ عِمَامَةٌ فَقَالَ إِذَا مَسَّ شَيْ‏ءٌ مِنْ جَبْهَتِهِ الْأَرْضَ فِيمَا بَيْنَ حَاجِبَيْهِ وَ قُصَاصِ شَعْرِهِ فَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ.

838- وَ قَالَ يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ‏ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يُسَوِّي الْحَصَى فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

839- وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَجِيلٍ‏ «3» أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ع كُلَّمَا سَجَدَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ أَخَذَ الْحَصَى مِنْ جَبْهَتِهِ فَوَضَعَهُ عَلَى الْأَرْضِ.

840- وَ رَوَى عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا بَيْنَ قُصَاصِ الشَّعْرِ إِلَى طَرَفِ الْأَنْفِ مَسْجِدٌ فَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ مِنْهُ فَقَدْ أَجْزَأَكَ.

- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْهُ ع‏ مِثْلَ ذَلِكَ.

841- وَ سَأَلَ رَجُلٌ الصَّادِقَ ع‏ عَنِ الْمَكَانِ يَكُونُ فِيهِ الْغُبَارُ فَأَنْفُخُهُ إِذَا أَرَدْتُ السُّجُودَ فَقَالَ لَا بَأْسَ‏ «4».

وَ فِي رِسَالَةِ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَيَّ وَ لَا تَنْفُخْ فِي مَوْضِعِ سُجُودِكَ فَإِذَا أَرَدْتَ النَّفْخَ فَلْيَكُنْ قَبْلَ دُخُولِكَ فِي الصَّلَاةِ.

842- وَ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يُؤْذَى مَنْ‏

______________________________

 (1). المسح- بالكسر- فالسكون-: البلاس يقعد عليه، و الكساء من شجر.

 (2). هذا الخبر متحد مع خبر المعلى بن خنيس السابق كما هو الظاهر و رواه ابن عمار تارة مع خصوصياته و تارة بالغاء الخصوصيات.

 (3). في الطريق الحكم بن مسكين و هو مهمل.

 (4). لا ينافى الكراهة التي جاءت في بعض الأخبار.

271
من لا يحضره الفقيه1

باب علة النهي عن السجود على المأكول و الملبوس دون الأرض و ما أنبتت من سواهما ص : 272

إِلَى جَانِبِهِ.

وَ يُكْرَهُ أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ التُّرَابَ عَنْ جَبْهَتِهِ‏ «1» وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَ يُكْرَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ بَعْدَ مَا صَلَّى فَإِنْ مَسَحَ التُّرَابَ مِنْ جَبْهَتِهِ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ لِوُرُودِ الرُّخْصَةِ فِيهِ.

بَابُ عِلَّةِ النَّهْيِ عَنِ السُّجُودِ عَلَى الْمَأْكُولِ وَ الْمَلْبُوسِ دُونَ الْأَرْضِ وَ مَا أَنْبَتَتْ مِنْ سِوَاهُمَا

843- قَالَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ‏ «2»- لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَخْبِرْنِي عَمَّا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَيْهِ وَ عَمَّا لَا يَجُوزُ قَالَ السُّجُودُ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ إِلَّا مَا أُكِلَ أَوْ لُبِسَ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ السُّجُودَ خُضُوعٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا يُؤْكَلُ أَوْ يُلْبَسُ لِأَنَّ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا عَبِيدُ مَا يَأْكُلُونَ وَ يَلْبَسُونَ وَ السَّاجِدُ فِي سُجُودِهِ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَ جَبْهَتَهُ فِي سُجُودِهِ عَلَى مَعْبُودِ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا الَّذِينَ اغْتَرُّوا بِغُرُورِهَا وَ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ وَ الْخُضُوعِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

بَابُ الْقِبْلَةِ

844- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ «3» إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ الْكَعْبَةَ قِبْلَةً لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ وَ جَعَلَ الْمَسْجِدَ قِبْلَةً لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَ جَعَلَ الْحَرَمَ قِبْلَةً لِأَهْلِ الدُّنْيَا.

845- وَ سَأَلَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ التَّحْرِيفِ لِأَصْحَابِنَا ذَاتَ الْيَسَارِ عَنِ الْقِبْلَةِ وَ عَنِ السَّبَبِ فِيهِ فَقَالَ إِنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ لَمَّا أُنْزِلَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ

______________________________

 (1). لم نطلع على خبره و يمكن أن يكون لمنافاته حضور القلب فتدبر. (م ت).

 (2). الطريق صحيح كما في (صه).

 (3). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 146 بسند مرسل.

272
من لا يحضره الفقيه1

باب القبلة ص : 272

وُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ جُعِلَ أَنْصَابُ الْحَرَمِ مِنْ حَيْثُ لَحِقَهُ النُّورُ نُورُ الْحَجَرِ فَهُوَ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ‏ «1» وَ عَنْ يَسَارِهَا ثَمَانِيَةُ أَمْيَالٍ كُلُّهُ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا فَإِذَا انْحَرَفَ‏

______________________________

 (1). أراد باصحابه أهل العراق، و روى الكليني في الكافي ج 3 ص 487 عن عليّ بن محمّد رفعه قال: «قيل لابى عبد اللّه (ع): لم صار الرجل ينحرف في الصلاة الى اليسار؟ فقال لان للكعبة ستة حدود أربعة منها عن يسارك و اثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف الى اليسار» و قال في المدارك: «استحباب التياسر هو المشهور و ظاهر عبارة الشيخ في النهاية و المبسوط و الخلاف يعطى الوجوب مستدلا باجماع الفرقة و برواية المفضل بن عمر، و بما رواه الكليني و الروايتان ضعيفتا السند جدا و العمل بهما لا يؤمن معه الانحراف الفاحش عن حدّ القبلة و ان كان في ابتدائه قليلا و الحكم مبنى على أن البعيد قبلته الحرم كما ذكره المحقق في النافع و العلامة- رحمهما اللّه- في المنتهى و احتمل العلامة في المختلف اطراد الحكم على القولين و هو بعيد».

 (المرآة) و قال الفيض- رحمه اللّه-: حملها الاصحاب على الاستحباب، ان قيل الانحراف بالتياسر ان كان الى القبلة فواجب أو عنهما فغير جائز، أجيب بان الانحراف عنها للتوسط فيها فيستحب».

و قال استاذنا الشعرانى في هامش الوافي قوله «عن يمين الكعبة- أى من جانب المغرب فان البر من ذلك الجانب ضيق ينتهى الى البحر فجعل الحرم من المغرب أضيق و اما من جهة المشرق فالبر واسع جدا و جعل الحرم منه أوسع و مع ذلك فكلاهما للعراقى بمنزلة نقطة واحدة إذا تياسر خرج عن سمت الحرم الشرقى قطعا مع سعته و خبر عليّ بن محمّد و كذلك رواية المفضل ضعيفان لا يحتج بهما قطعا، و اما التياسر الذي يتضمنه فالظاهر أنّه كان مشهورا بين الشيعة و الراوي و ان كان ضعيفا و الخبر احتمل كونه موضوعا لكن المعلوم أن الراوي الضعيف إذا نقل عملا مشهورا فانه لا يكذب فيه لئلا يتبين كذبه فالضعف في العلة التي ذكر لا في أصل التياسر و حينئذ فيتوجه قول المجلسيّ و غيره- رحمهم اللّه- في علة التياسر و أن ذلك كان لبناء محاريب ذلك الزمان على الغلط، فعلى هذا إذا حققنا القبلة و بنى المحاريب على الصحيح كما في زماننا لا يجوز التياسر عن السمت الصحيح و يسقط اعتراض المحقق الطوسيّ رحمه اللّه على ما هو المعروف لانا لا نعلم مقدار الغلط في المحاريب القديمة فلعله كان قليلا بحيث لا يخرج المتوجه إليه عن صدق الاستقبال فيكون التياسر القليل مستحبا لا واجبا، ثمّ انا لا نعلم ان قدماء الشيعة كانوا يتياسرون وجوبا أو استحبابا و انما الثابت من الحديث عملهم لا وجه عملهم و عبر بعض العلماء بالوجوب». انتهى.

273
من لا يحضره الفقيه1

باب القبلة ص : 272

الْإِنْسَانُ ذَاتَ الْيَمِينِ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْقِبْلَةِ لِقِلَّةِ أَنْصَابِ الْحَرَمِ وَ إِذَا انْحَرَفَ الْإِنْسَانُ ذَاتَ الْيَسَارِ لَمْ يَكُنْ خَارِجاً عَنْ حَدِّ الْقِبْلَةِ.

وَ مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ- صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ إِلَى أَيِّ جَوَانِبِهَا شَاءَ وَ مَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ صَلَّى إِلَى أَيِّ جَوَانِبِهَا شَاءَ وَ أَفْضَلُ ذَلِكَ أَنْ يَقِفَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ عَلَى الْبَلَاطَةِ الْحَمْرَاءِ «1» وَ يَسْتَقْبِلَ الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَ مَنْ كَانَ فَوْقَ الْكَعْبَةِ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ اضْطَجَعَ وَ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ «2» وَ مَنْ كَانَ فَوْقَ أَبِي قُبَيْسٍ- اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَ صَلَّى فَإِنَّ الْكَعْبَةَ قِبْلَةُ مَا فَوْقَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ «3» سَنَةً بِمَكَّةَ-

______________________________

 (1). البلاط حجر أحمر مفروش في الكعبة بين العمودين و اشتهر أنّه محل ولادة امير- المؤمنين عليه السلام حتّى بين العامّة. (م ت).

 (2). المشهور عدم العمل به و ان ادعى الشيخ الإجماع عليه و الامر سهل لندرة الفرض و لو لم يصل للاخبار الصحيحة لكان أحوط الا مع الضرورة فيتخير بينه و بين الصلاة قائما لكن لا يسجد على طرف الجدار بحيث لا يبقى له قبلة و هو أحوط. (م ت).

 (3). ظاهر هذا الكلام يفيد أن قبلته (ص) من أول البعثة بيت المقدس و هو ينافى ما ورد في بعض الروايات ففى الفصول المختارة احتج المفيد- رحمه اللّه- بحديث ابن مسعود «قال:

أول شي‏ء علمته من أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أننا قدمنا مكّة فأرشدونا الى عبّاس بن عبد المطلب فانتهينا إليه و هو جالس الى زمزم فبينا نحن جلوس اذ أقبل رجل من باب الصفا، عليه ثوبان أبيضان على يمينه غلام مراهق أو محتلم تتبعه امرأة قد سترت محاسنها حتّى قصدوا الحجر فاستلمه و الغلام و المرأة معه ثمّ طاف بالبيت سبعا و الغلام و المرأة يطوفان معه، ثمّ استقبل الكعبة و قام فرفع يده فكبر، و الغلام على يمينه و قامت المرأة خلفهما فرفعت يديها و كبرت فأطال الرجل القنوت ثمّ ركع فركع الغلام و المرأة معه- الحديث» و المراد رسول اللّه و على و خديجة سلام اللّه عليهم كما نص عليه بعد، فظاهر هذا الخبر أن قبلته (ص) في أول الامر الكعبة. و قيل يمكن الجمع بأن يقال: انه (ص) يجعل الكعبة بينه و بين بيت المقدس فعن ابن عبّاس قال: كانت قبلته (ص) بمكّة بيت المقدس الا أنّه كان يجعل الكعبة بينه و بينه.-

274
من لا يحضره الفقيه1

باب القبلة ص : 272

وَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْراً بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ عَيَّرَتْهُ الْيَهُودُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّكَ تَابِعٌ لِقِبْلَتِنَا فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ خَرَجَ ص يُقَلِّبُ وَجْهَهُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّى الْغَدَاةَ فَلَمَّا صَلَّى مِنَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ جَاءَهُ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ لَهُ- قَدْ نَرى‏ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ‏ الْآيَةَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ النَّبِيِّ ص فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَ حَوَّلَ مَنْ خَلْفَهُ وُجُوهَهُمْ حَتَّى قَامَ الرِّجَالُ مَقَامَ النِّسَاءِ وَ النِّسَاءُ مَقَامَ الرِّجَالِ فَكَانَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ آخِرُهَا إِلَى الْكَعْبَةِ وَ بَلَغَ الْخَبَرُ مَسْجِداً بِالْمَدِينَةِ وَ قَدْ صَلَّى أَهْلُهُ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ فَحَوَّلُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَكَانَتْ أَوَّلُ صَلَاتِهِمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ آخِرُهَا إِلَى الْكَعْبَةِ فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ مَسْجِدَ الْقِبْلَتَيْنِ‏ «1» فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ صَلَاتُنَا إِلَى بَيْتِ‏

______________________________

- و في الكافي ج 3 ص 286 بسند حسن كالصحيح عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه (ع) قال:

 «سألته هل كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلى الى بيت المقدس؟ قال: نعم، فقلت: أ كان يجعل الكعبة خلف ظهره؟ قال: أما إذا كان بمكّة فلا، و أمّا إذا هاجر الى المدينة فنعم حتّى حول الى الكعبة» و استشكل بان هذا لا يمكن الا إذا كان المصلى في الناحية الجنوبية و قد كان المسلمون يصلون في شعب أبى طالب ثلاث سنين و ليس الشعب في الناحية الجنوبية و كذا دار خديجة فانها في شرقيّ مكّة، و ما في الكافي من أنه (ص) لم يجعل الكعبة خلفه فلا ينافى جعلها الى أحد جوانبه.

و قول أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى و تصديقهم اياه، حيث قال: «أمنكم أحد وحّد اللّه قبلى؟ قالوا لا، أمنكم أحد صلّى القبلتين؟ قالوا: لا» يعطينا خبرا بأن القبلة في أول الامر أعنى قبل يوم الانذار الكعبة لان تصديق القوم باختصاصه (ع) بهذه الفضيلة مع أنهم اشتركوا معه في الصلاة الى القبلتين بعد تحولها في المدينة و قبله في مكّة لا يستقيم و ان قلنا بالتوجه الى القبلتين معا في صلاة واحدة، اللّهمّ الا أن يكون القوم قطعوا بأن مراده (ع) التوجه أولا الى الكعبة في السنين الثلاث التي لم يؤمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدعوة القوم و كان يصلّي غالبا في الحرم الى الكعبة ثمّ بعد تلك الثلاث الى بيت المقدس و لا يشاركه في هذا الفضل أحد من القوم.

ثمّ ان ما في المتن كلام يشبه الحديث و ليس بلفظه كما يفهم من قول المؤلّف في آخره «قد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه» و نحوه في تفسير عليّ بن إبراهيم و النعمانيّ.

 (1). في الشمال الغربى قريب من مسجد الفتح.

275
من لا يحضره الفقيه1

باب القبلة ص : 272

الْمَقْدِسِ تَضِيعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ‏ يَعْنِي صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ قَدْ أَخْرَجْتُ الْخَبَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ فِي كِتَابِ النُّبُوَّةِ.

846- وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‏ أَنَّهُ سَأَلَ الصَّادِقَ ع- عَنْ رَجُلٍ أَعْمَى صَلَّى عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ إِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ فَلْيُعِدْ وَ إِنْ كَانَ قَدْ مَضَى الْوَقْتُ فَلَا يُعِيدُ قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى وَ هِيَ مُتَغَيِّمَةٌ «1» ثُمَّ تَجَلَّتْ فَعَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ إِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ فَلْيُعِدْ وَ إِنْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ مَضَى فَلَا يُعِيدُ «2».

847- وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: يُجْزِي الْمُتَحَيِّرَ أَبَداً «3» أَيْنَمَا تَوَجَّهَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ وَجْهُ الْقِبْلَةِ.

848- وَ سَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنِ الرَّجُلِ يَقُومُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَنْظُرُ بَعْدَ مَا فَرَغَ فَيَرَى أَنَّهُ قَدِ انْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ يَمِيناً أَوْ شِمَالًا فَقَالَ لَهُ قَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ وَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ.

وَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قِبْلَةِ الْمُتَحَيِّرِ- وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ‏ «4»

______________________________

 (1). يعني السماء.

 (2). في الخبر باطلاقه دلالة على عدم الفرق بين الاستدبار و التشريق و التغريب و ما بينهما و بين القبلة، و حديث معاوية بن عمّار الآتي تحت رقم 848 أيضا صحيح لكنه يقيد هذا الحديث بما بين المشرق و المغرب و ان كان قوله «يمينا و شمالا» يتناوله الا أن قوله (ع) «و ما بين المشرق و المغرب قبلة» يدل على نوع تخصيص لصدره (الشيخ محمّد).

 (3). المراد المحبوس و الاسير و الا من كان في مفازة عليه أن يصلى الى أربع جوانب كما سيجي‏ء، و في بعض النسخ «يجزى التحرّي». و الظاهر أنّه من النسّاخ لما في كتاب الحديث و الفقه جميعا بلفظ «المتحير». و قال الفاضل التفرشى: الحديث صحيح و يدلّ على صحة الاكتفاء بصلاة واحدة و حينئذ ينبغي حمل ما دل على الإتيان باربع صلوات على الاستحباب.

 (4). وردت اخبار بأنها نزلت في النافلة في السفر كما في تفسير العيّاشيّ و عليّ بن إبراهيم و التبيان للشيخ- رحمهم اللّه-

276
من لا يحضره الفقيه1

باب القبلة ص : 272

849- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا ظَهَرَ النَّزُّ «1» مِنْ خَلْفِ الْكَنِيفِ وَ هُوَ فِي الْقِبْلَةِ يَسْتُرُهُ بِشَيْ‏ءٍ.

وَ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ شَيْ‏ءٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ كَلْبٍ أَوِ امْرَأَةٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ‏ «2».

850- وَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص- عَنِ الْبُزَاقِ فِي الْقِبْلَةِ «3».

851- وَ رَأَى ص نُخَامَةً فِي الْمَسْجِدِ فَمَشَى إِلَيْهَا بِعُرْجُونٍ مِنْ عَرَاجِينِ ابْنِ طَابٍ فَحَكَّهَا ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ «4»- وَ هَذَا يَفْتَحُ مِنَ الصَّلَاةِ أَبْوَاباً كَثِيرَةً «5».

852- وَ نَهَى ص عَنِ الْجِمَاعِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ مُسْتَدْبِرَهَا «6» وَ نَهَى عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ «7».

853- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ لَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ قِبَلَ وَجْهِهِ وَ لَا عَنْ يَمِينِهِ وَ لْيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَ تَحْتِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى.

______________________________

 (1). النز- بالفتح-: ما يتحلب في الأرض من الماء.

 (2). لما في موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه (ع) سأله عن الرجل هل يقطع صلاته شي‏ء ممّا يمر بين يديه؟ فقال: لا يقطع صلاة المؤمن شي‏ء و لكن ادرءوا ما استطعتم».

 (3). حمل على الكراهة.

 (4). قيل: لعله الصدوق فصحف و زيد عليه «عليه السلام».

 (5). لعل المراد أن هذا الفعل من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يفتح علينا أبواب علوم كثيرة متعلقة بالصلاة منها جواز المشى فيها للضرورة بل للمستحبات و منها أنّه لا بدّ في المشى أن لا يستدير و الظاهر من البناء أنّه لم يقرأ في المشى بل بنى بعد الرجوع و منها جواز المشى القهقرى و جواز الفعل الكثير و لمثل هذا، و يمكن حمل الصلاة على الصلاة المستحبة (سلطان) أقول: قوله «بعرجون من عرجون ابن طاب هو اسم رجل معروف يقال: عذق ابن طاب، و رطب ابن طاب و تمر ابن طاب، و منه حديث جابر «و في يده عرجون ابن طاب» كما في النهاية. و في بعض النسخ «أرطاب» و هو تصحيف.

 (6). محمول على الكراهة.

 (7). تقدم الكلام فيه ص 26.

277
من لا يحضره الفقيه1

باب القبلة ص : 272

854- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ حَبَسَ رِيقَهُ إِجْلَالًا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي صَلَاتِهِ أَوْرَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى صِحَّةً حَتَّى الْمَمَاتِ.

وَ قَدْ رُوِيَ فِيمَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى الْقِبْلَةِ فِي مَفَازَةٍ أَنَّهُ يُصَلِّي إِلَى أَرْبَعِ جَوَانِبَ‏ «1».

855- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ إِلَّا إِلَى الْقِبْلَةِ قَالَ قُلْتُ وَ أَيْنَ حَدُّ الْقِبْلَةِ قَالَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ كُلُّهُ قَالَ قُلْتُ فَمَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ فِي يَوْمِ غَيْمٍ‏ «2» فِي غَيْرِ الْوَقْتِ قَالَ يُعِيدُ «3».

856- وَ قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ ذَكَرَهُ لَهُ‏ «4» ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِكَ وَ لَا تَقَلَّبْ بِوَجْهِكَ عَنِ الْقِبْلَةِ فَتَفْسُدَ صَلَاتُكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ ص فِي الْفَرِيضَةِ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ‏ فَقُمْ مُنْتَصِباً فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ مَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَ اخْشَعْ بِبَصَرِكَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تَرْفَعْهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ لْيَكُنْ حِذَاءَ وَجْهِكَ فِي مَوْضِعِ سُجُودِكَ‏ «5».

______________________________

 (1). مضمون مأخوذ من الخبر لا لفظه راجع التهذيب ج 1 ص 146 و الكافي ج 3 ص 286.

 (2). «لغير القبلة» أي غير ما بين المغرب و المشرق، و قوله «فى غير الوقت» أي قبل الوقت.

 (3). لعل الإعادة في الحكم الأول (يعنى بالنسبة الى من صلى لغير القبلة) محمول على الاستدبار أو على الانحراف عمدا، و في الحكم الثاني (يعنى إذا صلى في غير الوقت) على ايقاعها قبل الوقت اذ لو كان أوقعها بعد الوقت كما في صلاة الصبح لم يبعد صحتها قضاء. (مراد).

 (4). ظاهره قال زرارة في حديث ذكر ذلك الحديث أبو جعفر لزرارة، و المؤلّف رحمه اللّه أخذ موضع الحاجة من ذلك الحديث. (مراد).

 (5). يدل هذا الخبر على وجوب الاستقبال على أن الالتفات مبطل للصلاة كما يدلّ عليه أخبار أخر، و حمل على أنّه إذا كان بوجهه كله الى دبر القبلة، و يدلّ على أن الامر في الآية بالاستقبال للفريضة و به قال جماعة من الاصحاب و جوزوا صلاة النافلة اختيارا على خلاف جهة القبلة و الأحوط العدم، و لا ريب في جواز النافلة سفرا و حضرا مع الحاجة على خلاف القبلة فيمكن-

278
من لا يحضره الفقيه1

باب القبلة ص : 272

857- وَ قَالَ ع لِزُرَارَةَ- لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ إِلَّا مِنْ خَمْسَةٍ الطَّهُورِ وَ الْوَقْتِ وَ الْقِبْلَةِ وَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ «1».

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَ نَافِلَةً وَ أَنْتَ رَاكِبٌ فَصَلِّهَا وَ اسْتَقْبِلْ بِرَأْسِ دَابَّتِكَ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِكَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ مُسْتَدْبِرَهَا وَ يَمِيناً وَ يَسَاراً فَإِنْ صَلَّيْتَ فَرِيضَةً عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِكَ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ كَبِّرْ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ امْضِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِكَ دَابَّتُكُ وَ اقْرَأْ فَإِذَا أَرَدْتَ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ فَارْكَعْ وَ اسْجُدْ عَلَى شَيْ‏ءٍ يَكُونُ مَعَكَ مِمَّا يَجُوزُ عَلَيْهِ السُّجُودُ وَ لَا تُصَلِّهَا «2» إِلَّا عَلَى حَالِ اضْطِرَارٍ شَدِيدٍ وَ تَفْعَلُ فِيهَا إِذَا صَلَّيْتَ مَاشِياً مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ السُّجُودَ سَجَدْتَ عَلَى الْأَرْضِ وَ قَالَ فِيهَا «3» إِذَا تَعَرَّضَ لَكَ سَبُعٌ وَ خِفْتَ فَوْتَ الصَّلَاةِ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ صَلِّ صَلَاتَكَ بِالْإِيمَاءِ وَ إِنْ خَشِيتَ السَّبُعَ وَ تَعَرَّضَ لَكَ فَدُرْ مَعَهُ كَيْفَ دَارَ وَ صَلِّ بِالْإِيمَاءِ.

______________________________

- حمله عليه و أول الآية خطاب للنبى صلّى اللّه عليه و آله و التتمة للامة، أو الأول للقريب و التتمة للبعيد و يدلّ على وجوب القيام منتصبا و لا ريب فيه لاخبار أخر أيضا و أمّا ان الانتصاب التام واجب فلا يخلو من اشكال و ان كان أحوط، و يدلّ على استحباب الخشوع بالبصر بان يكون نظره في حال القيام على موضع سجوده، و على كراهية النظر الى السماء في حال القيام. (م ت).

 (1). الظاهر أن الحصر اضافى و أيضا لا يقتضى الا كون هذه الخمس موجبا للاعادة في- الجملة فلا ينافى عدم ايجاب بعض أفراده للاعادة كسجدة واحدة مثلا (سلطان) و قال الفاضل التفرشى: قوله «الا من خمسة» أي إذا أخل بها عمدا أو سهوا من دون أن يقوم شي‏ء مقامه كما في الايماء بدلا عن الركوع و السجود في موضعه و لا يرد النية و التكبير و القيام اما النية فانها لا تنفك عن التكبير و هي لا تنسى كما وقع في بعض الأحاديث لانه اول الصلاة لا يشرع فيها الا به و أمّا القيام المتصل بالركوع فلانه لا ينفك عنه و اما القيام في التكبير و النية فلانه يلزمهما إذا وقعا على وجههما فانتفاؤه يستلزم انتفاءهما على وجههما.

 (2). الضمير للصلاة الفريضة المؤداة على الدابّة و كذا ضمير «فيها». (مراد).

 (3). أي في الرسالة.

279
من لا يحضره الفقيه1

باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة ص : 280

858- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ بِمَنْ فِي السَّفِينَةِ وَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَدُورَ إِلَى الْقِبْلَةِ صَلَّى إِلَى صَدْرِ السَّفِينَةِ «1».

859- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ كُلُّ وَاعِظٍ قِبْلَةٌ وَ كُلُّ مَوْعُوظٍ قِبْلَةٌ لِلْوَاعِظِ.

يَعْنِي فِي الْجُمُعَةِ وَ الْعِيدَيْنِ وَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الْخُطْبَةِ يَسْتَقْبِلُهُمُ الْإِمَامُ وَ يَسْتَقْبِلُونَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ.

860- وَ قَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ ع‏ إِنِّي أَكُونُ فِي السَّفَرِ وَ لَا أَهْتَدِي إِلَى الْقِبْلَةِ بِاللَّيْلِ فَقَالَ أَ تَعْرِفُ الْكَوْكَبَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْجَدْيَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَاجْعَلْهُ عَلَى يَمِينِكَ وَ إِذَا كُنْتَ عَلَى طَرِيقِ الْحَجِّ فَاجْعَلْهُ بَيْنَ كَتِفَيْكَ‏ «2».

بَابُ الْحَدِّ الَّذِي يُؤْخَذُ فِيهِ الصِّبْيَانُ بِالصَّلَاةِ

861- قَالَ الصَّادِقُ ع- إِنَّا نَأْمُرُ صِبْيَانَنَا بِالصَّلَاةِ وَ هُمْ أَبْنَاءُ خَمْسِ سِنِينَ فَمُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلَاةِ إِذَا كَانُوا أَبْنَاءَ سَبْعِ سِنِينَ وَ نَحْنُ نَأْمُرُ صِبْيَانَنَا بِالصِّيَامِ إِذَا كَانُوا أَبْنَاءَ سَبْعِ سِنِينَ مَا أَطَاقُوا مِنْ صِيَامِ الْيَوْمِ إِنْ كَانَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ فَإِذَا غَلَبَهُمُ الْعَطَشُ أَوِ الْجُوعُ أَفْطَرُوا حَتَّى يَتَعَوَّدُوا الصَّوْمَ وَ يُطِيقُوهُ فَمُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصِّيَامِ إِذَا كَانُوا أَبْنَاءَ تِسْعِ سِنِينَ مَا أَطَاقُوهُ مِنْ صِيَامِ الْيَوْمِ فَإِذَا غَلَبَهُمُ الْعَطَشُ أَفْطَرُوا.

862- وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ قَارِنٍ‏ «3» أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع- أَوْ

______________________________

 (1). في بعض النسخ «صار الى صدر السفينة» أي يتوجه إليه و في بعضها «صل الى صدر السفينة» و حينئذ «لم تقدر» و «أن تدور» على صيغة الخطاب و صدر السفينة هو الذي يقدم في الجرى. (مراد).

 (2). هذه العلامة انما تستقيم لاهل العراق و راوى الخبر كانه محمّد بن مسلم و هو كوفيّ أو رجل من أهل العراق و انما سأل عن قبلة بلاده. (الوافي).

 (3). في الطريق حمزة بن محمّد العلوى و هو مهمل.

280
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

سُئِلَ وَ أَنَا أَسْمَعُ عَنِ الرَّجُلِ يَخْتِنُ‏ «1» وَلَدَهُ وَ هُوَ لَا يُصَلِّي الْيَوْمَ وَ الْيَوْمَيْنِ فَقَالَ وَ كَمْ أَتَى عَلَى الْغُلَامِ فَقَالَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَالَ قُلْتُ يُصِيبُهُ الْوَجَعُ قَالَ يُصَلِّي عَلَى نَحْوِ مَا يَقْدِرُ.

863- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏ إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ ثَلَاثَ سِنِينَ يُقَالُ لَهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ وَ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَ عِشْرُونَ يَوْماً فَيُقَالَ لَهُ قُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ ثُمَّ يُقَالَ لَهُ قُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ- ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ ثُمَّ يُقَالَ لَهُ أَيُّهُمَا يَمِينُكَ وَ أَيُّهُمَا شِمَالُكَ فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ حُوِّلَ وَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَ يُقَالُ لَهُ اسْجُدْ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَإِذَا تَمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ قِيلَ لَهُ اغْسِلْ وَجْهَكَ وَ كَفَّيْكَ فَإِذَا غَسَلَهُمَا قِيلَ لَهُ صَلِّ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ تِسْعُ سِنِينَ فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ عُلِّمَ الْوُضُوءَ وَ ضُرِبَ عَلَيْهِ وَ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ وَ ضُرِبَ عَلَيْهَا فَإِذَا تَعَلَّمَ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ غَفَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ وَ لِوَالِدَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

بَابُ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ وَ ثَوَابِ الْمُؤَذِّنِينَ‏

864- رَوَى حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِيِ‏ «3» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذَّنَ جَبْرَئِيلُ ع فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَلَمَّا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ خَلَعَ الْأَنْدَادَ فَلَمَّا قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ- قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ نَبِيٌّ بُعِثَ فَلَمَّا

______________________________

 (1). في بعض النسخ «يجبر» و الظاهر تصحيفه.

 (2). في الطريق محمّد بن سنان و هو ضعيف على المشهور.

 (3). الطريق صحيح و كذا الخبر الآتي و ما يأتي بعده الى خبر أبى بصير.

281
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حَثَّ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ فَلَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ أَفْلَحَ مَنِ اتَّبَعَهُ‏ «1».

865- وَ رَوَى مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: هَبَطَ جَبْرَئِيلُ ع بِالْأَذَانِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَانَ رَأْسُهُ فِي حَجْرِ عَلِيٍّ ع فَأَذَّنَ جَبْرَئِيلُ ع وَ أَقَامَ فَلَمَّا انْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ يَا عَلِيُّ سَمِعْتَ قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ- قَالَ حَفِظْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ ادْعُ بِلَالًا فَعَلِّمْهُ فَدَعَا بِلَالًا فَعَلَّمَهُ.

866- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: تُؤَذِّنُ وَ أَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَائِماً أَوْ قَاعِداً وَ أَيْنَمَا تَوَجَّهْتَ وَ لَكِنْ إِذَا أَقَمْتَ فَعَلَى وُضُوءٍ مُتَهَيِّئاً لِلصَّلَاةِ «2».

867- وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيُّ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ: يُؤَذِّنُ الرَّجُلُ وَ هُوَ جَالِسٌ وَ يُؤَذِّنُ وَ هُوَ رَاكِبٌ.

868- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَذِّنَ رَاكِباً أَوْ مَاشِياً أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَ لَا تُقِمْ وَ أَنْتَ رَاكِبٌ وَ لَا جَالِسٌ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ «3» أَوْ تَكُونَ فِي‏

______________________________

 (1). قوله: «فلما قال: اللّه أكبر اللّه أكبر- الخ» لعل مراد الامام (ع) بيان أصول الكلمات التي أتى به جبرئيل (ع) و ما قالت الملائكة عند ذلك، و أمّا تكرار التكبير فللاشارة الى أنه يكرر فيه غير مرة، و يحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثمّ زاد. و قوله (ع) «خلع الانداد» ان رجع الضمير الى جبرئيل (ع) كان معناه نفى الانداد عن اللّه تعالى، و ان رجع إلى اللّه سبحانه كان كناية عن انتفاء ندّه تعالى أي مثله. (مراد).

 (2). يدل على اشتراط الإقامة بالوضوء كالصلاة مستقبل القبلة بخلاف الاذان، و حملت على الاستحباب المؤكد في الإقامة و على عدم التأكد في الاذان للإجماع على استحباب الطهارة فيهما. (م ت).

 (3). النهى فيه عن الإقامة راكبا و جالسا محمول على الكراهة الشديدة كما أن الجواز في الاذان لا ينافى الكراهة أيضا، و ظاهر القدماء حرمة ايقاع الإقامة على غير حالة الصلاة من الاستقبال و الستر و القيام و الاحتياط معهم. (م ت).

282
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

أَرْضٍ مَلَصَّةٍ «1».

869- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لِلْمُؤَذِّنِ فِيمَا بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ الْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ‏ «2» فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ عَلِيٌّ ع- إِنَّهُمْ يَجْتَلِدُونَ‏ «3» عَلَى الْأَذَانِ فَقَالَ كَلَّا إِنَّهُ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطْرَحُونَ الْأَذَانَ عَلَى ضُعَفَائِهِمْ فَتِلْكَ لُحُومٌ حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ «4».

870- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ آخِرُ مَا فَارَقْتُ عَلَيْهِ حَبِيبَ قَلْبِي ص أَنَّهُ قَالَ يَا عَلِيُّ- إِذَا صَلَّيْتَ فَصَلِّ صَلَاةَ أَضْعَفِ مَنْ خَلْفَكَ وَ لَا تَتَّخِذَنَّ مُؤَذِّناً يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْراً.

871- وَ رَوَى خَالِدُ بْنُ نَجِيحٍ‏ «5» عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: التَّكْبِيرُ جَزْمٌ فِي الْأَذَانِ مَعَ الْإِفْصَاحِ بِالْهَاءِ وَ الْأَلِفِ‏ «6».

872- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ بِلَالًا كَانَ عَبْداً

______________________________

 (1). أي وادى اللصوص.

 (2). تشحط في دمه أي تلطخ فيه و اضطرب و تمرغ.

 (3). بالجيم من الجلادة أي يتقابلون و يتنازعون على الاذان رغبة فيه و حرصا عليه و قوله عليه السلام «يطرحون» أي يطرحون لضعفائهم كبرياء.

 (4). أي لحوم هؤلاء الضعفاء المطروح عليهم الاذان لحوم حرم على النار، و في بعض النسخ «يختارون على الاذان».

 (5). الطريق إليه صحيح (صه) و هو حسن.

 (6). قوله: «التكبير جزم» يعنى بذلك على آخر كل فصل، و الافصاح بالهمزة في- ابتداءات، و بالهاء في أواخر فصول الشهادتين و التهليل (م ح ق) و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: يدل الخبر على تأكد استحباب الوقف على التكبيرات مع اظهار هائها و ألفها، و المراد بالالف ما قبل الهاء، و يمكن أن يكون المراد بها الأعمّ من الهمزتين في أول الجلالة و أكبر، و لا ينافى استحبابهما في البواقي و في الإقامة.

283
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

صَالِحاً فَقَالَ لَا أُؤَذِّنُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَتُرِكَ يَوْمَئِذٍ «1» حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ.

873- وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ السَّرِيِ‏ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ إِذَا أَذَّنَ الرَّجُلُ أَنْ يَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ.

874- وَ رَوَى خَالِدُ بْنُ نَجِيحٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْأَذَانُ وَ الْإِقَامَةُ مَجْزُومَانِ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ مَوْقُوفَانِ.

875- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا يُجْزِيكَ مِنَ الْأَذَانِ إِلَّا مَا أَسْمَعْتَ نَفْسَكَ أَوْ فَهِمْتَهُ 9 وَ أَفْصِحْ بِالْأَلِفِ وَ الْهَاءِ «3» وَ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ ص كُلَّمَا ذَكَرْتَهُ أَوْ ذَكَرَهُ ذَاكِرٌ عِنْدَكَ فِي أَذَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَ كُلَّمَا «4» اشْتَدَّ صَوْتُكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُجْهِدَ نَفْسَكَ كَانَ مَنْ يَسْمَعُ أَكْثَرَ وَ كَانَ أَجْرُكَ فِي ذَلِكَ أَعْظَمَ.

876- وَ سَأَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ‏ «5» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الْأَذَانِ فَقَالَ اجْهَرْ وَ ارْفَعْ بِهِ صَوْتَكَ فَإِذَا أَقَمْتَ فَدُونَ ذَلِكَ وَ لَا تَنْتَظِرْ بِأَذَانِكَ وَ إِقَامَتِكَ إِلَّا دُخُولَ وَقْتِ‏

______________________________

 (1). أي يوم سماع ذلك الكلام من بلال رضي اللّه عنه لزعمهم أن الناس إذا اعتقدوا بأفضلية الصلاة لم يهتموا بامر الجهاد فتركوا «حى على خير العمل» مصلحة استحسانا منهم و اجتهادا قبال النصّ الصريح و جعلوا بدله التثويب في صلاة الصبح و هو قول المؤذن: «الصلاة خير من النوم».

 (2). الطريق إليه صحيح كما في (صه) و هو حسن.

 (3). من هنا الى قوله: «غيره» اختلف فيه هل كان جزءا للخبر أو من كلام المؤلّف توسط بين الخبر و الحق أنّه من الخبر كما فهمه صاحب الوسائل لما في الكافي ج 3 ص 303.

 (4). هذا الكلام من تتمة حديث زرارة.

 (5). الطريق فيه ماجيلويه و لم يوثق صريحا و قال العلامة (ره) الطريق صحيح.

284
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

الصَّلَاةِ وَ احْدُرْ إِقَامَتَكَ حَدْراً «1».

877- وَ رَوَى عَنْهُ ع عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ الْفَرِيضَةِ فَأَذِّنْ وَ أَقِمْ وَ افْصِلْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ بِقُعُودٍ أَوْ بِكَلَامٍ أَوْ تَسْبِيحٍ وَ قَالَ سَأَلْتُهُ كَمِ الَّذِي يُجْزِي بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ مِنَ الْقَوْلِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ.

878- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَ هُوَ يَمْشِي وَ هُوَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ أَوْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ الْمُتَشِّهِدُ «2» مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَلَا بَأْسَ.

879- وَ رَوَى عَنْهُ ع زُرَارَةُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ حَرُمَ الْكَلَامُ عَلَى الْإِمَامِ وَ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي تَقْدِيمِ إِمَامٍ‏ «3».

880- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ وَ يُؤَذِّنُ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَفْصَحُكُمْ.

881- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ أَذَّنَ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ.

882- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ الْمُؤَذِّنُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَ مَدَّ صَوْتِهِ‏

______________________________

 (1). في النهاية في حديث الاذان: «إذا أذنت فترسل و إذا أقمت فاحدر» أي أسرع، حدر في قراءته و أذانه يحدر حدرا و هو من الحدور ضد الصعود و يتعدى و لا يتعدى. و قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: الحدر في الإقامة مستحب مع مراعاة الوقوف على الفصول فيكره الاعراب فيها كما يكره في الاذان للحديث.

 (2). أي المؤذن في حال الشهادة. و في بعض النسخ «إذا كان التشهد» أي إذا وقع التشهد منه مستقبل القبلة. و قوله: «لا بأس» بمنزلة التأكيد لنعم، و يمكن أن يكون جزاء الشرط. (مراد).

 (3). عمل الشيخان و المرتضى- رحمهم اللّه- بظاهر خبر تحريم الكلام و أفتوا بالتحريم الا بما يتعلق بالصلاة من تقديم امام و تسوية صف، و المفيد و المرتضى حرما الكلام في الإمامة أيضا (الذكرى) و قال سلطان العلماء: قوله «فى تقديم امام» أي الا أن يكون الكلام في باب تقديم الامام ليؤم الناس، كأن يقول بعض لبعض: تقدم يا فلان كما ورد في بعض الروايات.

285
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

فِي السَّمَاءِ «1» وَ يُصَدِّقُهُ كُلُّ رَطْبٍ وَ يَابِسٍ يَسْمَعُهُ وَ لَهُ مِنْ كُلِّ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ فِي مَسْجِدِهِ سَهْمٌ وَ لَهُ مِنْ كُلِّ مَنْ يُصَلِّي بِصَوْتِهِ حَسَنَةٌ.

883- وَ قَالَ ع‏ مَنْ أَذَّنَ سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِباً «2» جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا ذَنْبَ لَهُ.

884- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا سَمِعَتِ الْأَذَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَتْ هَذِهِ أَصْوَاتُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص بِتَوْحِيدِ اللَّهِ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص حَتَّى يَفْرُغُوا مِنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ.

885- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَدْنَى مَا يُجْزِي مِنَ الْأَذَانِ أَنْ يَفْتَتِحَ اللَّيْلَ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَةٍ وَ يَفْتَتِحَ النَّهَارَ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَةٍ وَ يُجْزِيكَ فِي سَائِرِ الصَّلَاةِ إِقَامَةٌ بِغَيْرِ أَذَانٍ.

وَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ «3» بَيْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ بِعَرَفَةَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَ إِقَامَتَيْنِ وَ جَمَعَ‏

______________________________

 (1). كأنّه من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي هذا المقدار من الذنب، أو هذا المقدار من المغفرة، أو يغفر لاجله المذنبين الكائنين في تلك المسافة، أو المراد أن المغفرة منه تعالى تزيد بنسبة مد الصوت، فكلما يكثر الثاني يزيد الأول و هذا انما يناسب رواية ليس فيها ذكر مد الصوت (البحار) و في النهاية الأثيرية: المد: القدر، يريد به في خبر الاذان قدر الذنوب أي يغفر له ذلك الى منتهى مد صوته، و هو تمثيل لسعة المغفرة كقوله الآخر «لو لقيتنى بقراب الأرض خطايا لقيتك بها بمغفرة» و يروى «مدى صوته» و المدى: الغاية، أي يستكمل مغفرة اللّه إذا استنفد وسعه في رفع صوته فيبلغ الغاية في المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت.

 (2). أي طلبا لوجه اللّه و ثوابه، أو موقنا أن ذلك ذخر له عند اللّه تعالى. يقال لمن ينوى بفعله وجه اللّه: احتسبه.

 (3). من كلام المؤلّف أخذه من أخبار أخر كخبر معاوية بن عمّار في حج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

286
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ بِجَمْعٍ‏ «1» بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَ إِقَامَتَيْنِ.

886- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَيْنِ وَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَ إِقَامَتَيْنِ‏ «2».

887- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِأَذَانٍ وَ إِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ مَنْ صَلَّى بِإِقَامَةٍ بِغَيْرِ أَذَانٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفٌّ وَاحِدٌ وَ حَدُّ الصَّفِّ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ.

888- وَ فِي رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ‏ «3» عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ:- مَنْ أَذَّنَ وَ أَقَامَ صَلَّى وَرَاءَهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ إِنْ أَقَامَ بِغَيْرِ أَذَانٍ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ وَاحِدٌ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَاحِدٌ ثُمَّ قَالَ اغْتَنِمِ الصَّفَّيْنِ.

889- وَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى بِأَذَانٍ وَ إِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا يُرَى طَرَفَاهُمَا وَ مَنْ صَلَّى بِإِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ مَلَكٌ.

890- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ أَذَانَ الصُّبْحِ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِإِقْبَالِ نَهَارِكَ وَ إِدْبَارِ لَيْلِكَ وَ حُضُورِ صَلَوَاتِكَ وَ أَصْوَاتِ دُعَاتِكَ أَنْ تَتُوبَ عَلَيَ‏ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ+ وَ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يَسْمَعُ أَذَانَ الْمَغْرِبِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ مَاتَ تَائِباً وَ كَانَ ابْنُ النَّبَّاحِ‏ «4» يَقُولُ فِي أَذَانِهِ- حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ‏

______________________________

 (1). يعني المزدلفة و المشعر و ذلك لانه صلّى اللّه عليه و آله كان يؤخر المغرب و يجمع بينه و بين العشاء من غير فصل معتد به.

 (2). هذه سيرته صلّى اللّه عليه و آله كلما جمع بين الصلاتين لم يؤذّن للثانية و في قوله:

 «من غير علة» دلالة على الجواز.

 (3). في طريقه الحسين بن إبراهيم ناتانه- رضي اللّه عنه- و هو غير مذكور فاستر ضاؤهم له ان أفاد مدحا فالسند حسن به و بابراهيم بن هاشم.

 (4). في القاموس: «نباح- ككتان- والد عامر مؤذن على رضي اللّه عنه».

287
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ فَإِذَا رَآهُ عَلِيٌّ ع قَالَ مَرْحَباً بِالْقَائِلِينَ عَدْلًا وَ بِالصَّلَاةِ مَرْحَباً وَ أَهْلًا.

891- وَ رَوَى حَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ النَّضْرِيُ‏ «1» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- مَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ- أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ مُصَدِّقاً مُحْتَسِباً وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَكْتَفِي بِهِمَا «2» عَنْ كُلِّ مَنْ أَبَى وَ جَحَدَ وَ أُعِينُ بِهِمَا مَنْ أَقَرَّ وَ شَهِدَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ عَدَدُ مَنْ أَنْكَرَ وَ جَحَدَ وَ عَدَدُ مَنْ أَقَرَّ وَ شَهِدَ.

892- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ‏ يَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ لَا تَدَعَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ لَوْ سَمِعْتَ الْمُنَادِيَ يُنَادِي بِالْأَذَانِ وَ أَنْتَ عَلَى الْخَلَاءِ فَاذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُلْ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ.

893- وَ سَأَلَ زَيْدٌ الشَّحَّامُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ الْأَذَانَ وَ الْإِقَامَةَ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ إِنْ كَانَ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ فَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ وَ لْيُقِمْ وَ إِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ فِي الْقِرَاءَةِ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ‏ «3».

______________________________

 (1). الطريق صحيح كما في (صه) الا أن فيه البرقي عن أبيه و محمّد بن على ماجيلويه.

 (2). «اكتفى بهما» على صيغة المتكلم أي اكتفى بهذين الشهادتين عن شهادة كل آب و جاحد فيقوم هذان الشهادتان مقام شهادتهم. و في بعض النسخ «بها» مقام «بهما». أى بهذه الكلمة.

 (3). الطريق ضعيف بأبي جميلة و يدلّ على جواز ابطال الصلاة بالصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الرجوع الى الإقامة و حملت على السلام كما يدلّ عليه حسنة الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام+ و يدلّ على الرجوع قبل القراءة. (م ت).

 (+) قال: «سألته عن الرجل يفتتح صلاته المكتوبة ثمّ يذكر أنّه لم يقم، قال. فان ذكر أنه لم يقم قبل أن يقرأ فليسلم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثم يقيم و يصلى و ان ذكر بعد ما قرأ بعض السورة فليتم على صلاته» التهذيب ج 1 ص 215.

288
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

894- وَ رُوِيَ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ مِنَ الْأَذَانِ حَرْفاً فَذَكَرَهُ حِينَ فَرَغَ مِنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ قَالَ يَرْجِعُ إِلَى الْحَرْفِ الَّذِي نَسِيَهُ فَلْيَقُلْهُ وَ لْيَقُلْ مِنْ ذَلِكَ الْحَرْفِ إِلَى آخِرِهِ وَ لَا يُعِيدُ الْأَذَانَ كُلَّهُ وَ لَا الْإِقَامَةَ.

895- وَ سَأَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ التَّثْوِيبِ‏ «1» الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ فَقَالَ مَا نَعْرِفُهُ‏ «2».

896- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ‏ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ‏ «3» وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ وَ هُوَ جُنُبٌ وَ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَغْتَسِلَ‏ «4».

897- وَ رَوَى أَبُو بَكْرٍ الْحَضْرَمِيُّ وَ كُلَيْبٌ الْأَسَدِيُ‏ «5» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع-

______________________________

 (1). ثوّب الداعي تثويبا ردد صوته و رجع. و المراد به هنا قول المؤذن في أذان الصبح بعد قوله «حى على الفلاح»: «الصلاة خير من النوم» فان المؤذن إذا قال: «حىّ على الفلاح» فقد دعاهم إليها فإذا قال بعده «الصلاة خير من النوم» فقد رجع الى كلام معناه المبادرة إليها.

 (2). كناية عن أنّه ليس من السنة بل هو بدعة لان كل ما هو سنة فقد عرفه أهل البيت (ع) فكلما لم يعرفوه لم يكن من السنة فكان تشريعا حراما. (مراد).

 (3). رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن على عليهم السلام و قال صاحب المدارك: لا يشترط في الاعتداد بالاذان في الصلاة و قيام الشعار في البلد صدوره من بالغ بل يكفى كونه مميزا و هو اتفاق علمائنا كما في المعتبر و يدلّ عليه (سوى خبر المتن) قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان «لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم» اما غير المميز فلا يعتد بأذانه قطعا لانه لا حكم لعبادته، و المرجع في التميز الى العرف، ثمّ نقل عن جدّه أنّه قال: ان المراد بالمميز من يعرف الاضر من الضار و الانفع من النافع إذا لم يحصل بينهما التباس.

 (4). يستفاد من هذه الرواية اشتراط الطهارة في الإقامة و هو اختيار المرتضى في المصباح و العلامة في المنتهى- رحمهما اللّه- و قال في التذكرة بعدم الاشتراط تمسكا بمقتضى الأصل. (المدارك).

 (5). أبو بكر عبد اللّه بن محمّد الحضرمى و كليب كلاهما ممدوحان و طريق المصنّف الى الأول ضعيف بعبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ، و الى الثاني صحيح و روى عنهما الشيخ في الموثق.

289
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

أَنَّهُ حَكَى لَهُمَا الْأَذَانَ فَقَالَ- اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِقَامَةُ كَذَلِكَ‏ «1».

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَالَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ عَلَى أَثَرِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ لِلتَّقِيَّةِ وَ قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا هُوَ الْأَذَانُ الصَّحِيحُ لَا يُزَادُ فِيهِ وَ لَا يُنْقَصُ مِنْهُ وَ الْمُفَوِّضَةُ «2» لَعَنَهُمُ اللَّهُ قَدْ وَضَعُوا أَخْبَاراً وَ زَادُوا فِي الْأَذَانِ- مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ مَرَّتَيْنِ وَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِمْ بَعْدَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ رَوَى بَدَلَ ذَلِكَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً مَرَّتَيْنِ وَ لَا شَكَّ فِي أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ وَ أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً وَ أَنَّ مُحَمَّداً وَ آلَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ وَ لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْأَذَانِ وَ إِنَّمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيُعْرَفَ بِهَذِهِ‏

______________________________

 (1). و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: هذا الخبر و ان كان في الاذان موافقا للمشهور الا أنّه في الإقامة خلاف المشهور». و قال الفاضل التفرشى: «لعل مراد الإمام عليه السلام بيان أصول الكلمات التي أتى بها جبرئيل و ما قالت الملائكة عند ذاك و أمّا تكرار اللّه أكبر فللاشارة الى أنّه يتكرر غير مرة و يحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثمّ زاد». و قال سلطان العلماء:

ظاهر الخبر مساواة الاذان و الإقامة في الفصول الا انه لا شك في أن «قد قامت الصلاة» جزء للاقامة فلعل المراد أنّه كذلك في باقى الفصول غيرها و تركها لظهور جزئيتها و بعد ذلك ينبغي أن يحمل على أن المراد التشبيه في النوع دون عددها.

 (2). المفوضة: فرقة ضالة قالت بان اللّه خلق محمّدا (ص) و فوض إليه خلق الدنيا فهو خلق الخلائق. و قيل: بل فوض ذلك الى عليّ عليه السلام، و هم غير الذين يقولون بتفويض اعمال العباد اليهم كالمعتزلة و أضرابهم.

290
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

الزِّيَادَةِ الْمُتَّهَمُونَ بِالتَّفْوِيضِ الْمُدَلِّسُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي جُمْلَتِنَا «1».

898- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي الْمُؤَذِّنِينَ إِنَّهُمُ الْأُمَنَاءُ «2».

899- وَ قَالَ ع‏ صَلِّ الْجُمُعَةَ بِأَذَانِ هَؤُلَاءِ «3» فَإِنَّهُمْ أَشَدُّ شَيْ‏ءٍ مُوَاظَبَةً عَلَى الْوَقْتِ.

وَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ جَلْسَةٌ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ يُجْزِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ نَفَسٌ‏ «4».

900- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: يُجْزِي فِي السَّفَرِ إِقَامَةٌ بِغَيْرِ أَذَانٍ.

901- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَذَّنْتَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي بَيْتِكَ ثُمَّ أَقَمْتَ فِي الْمَسْجِدِ أَجْزَأَكَ.

902- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع- يُؤَذِّنُ وَ يُقِيمُ غَيْرُهُ وَ كَانَ يُقِيمُ وَ قَدْ أَذَّنَ غَيْرُهُ‏ «5».

______________________________

 (1). «المتهمون» على البناء للفاعل أي المتهمون على الأئمّة (ع) بتفويض أمور الخلق اليهم و يحتمل كونه مبنيا للمفعول (سلطان) أقول: حاصل كلام المؤلّف أن الشهادة بالولاية من أركان الايمان بل الإسلام لا من فصول الاذان.

 (2). أي يستحب فيهم العدالة. و في الذكرى «يعتد بأذان الفاسق خلافا لابن الجنيد لا طلاق الألفاظ في شرعية الاذان و الحث عليه و لانه يصحّ منه الاذان لنفسه فيصح لغيره، نعم العدل أفضل لقوله صلّى اللّه عليه و آله «يؤذن خياركم» و لان ذوى الاعذار يقلدونه لقوله (ص): «المؤذنون أمناء».

 (3). يعني العامّة و الإتيان باسم الإشارة للحصر كما في قوله تعالى: «أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ» (مراد).

 (4). لان وقت المغرب ضيق.

 (5). فظهر أن صدورهما عن الاثنين كاف في الاعتداد بهما من غير علة حيث ان في الإتيان بكان اشعارا بوقوعه غير مرة (مراد) و في التهذيب ج 1 ص 216 «ان أبا عبد اللّه عليه السلام كان يؤذن و يقيم غيره».

291
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

903- وَ شَكَا هِشَامُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ‏ «1» إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع سُقْمَهُ وَ أَنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ‏ فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالْأَذَانِ فِي مَنْزِلِهِ قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي سُقْمِي وَ كَثُرَ وُلْدِي قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَ كُنْتُ دَائِمَ الْعِلَّةِ مَا أَنْفَكُّ مِنْهَا فِي نَفْسِي وَ جَمَاعَةٍ مِنْ خَدَمِي وَ عِيَالِي حَتَّى إِنِّي كُنْتُ أَبْقَى وَ مَا لِي أَحَدٌ يَخْدُمُنِي فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ هِشَامٍ عَمِلْتُ بِهِ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي وَ عَنْ عِيَالِي الْعِلَلَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ.

904- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ فَقَالَ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ زِيدَ فِي رِزْقِهِ.

905- وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: حَمَلْتُ مَتَاعِي مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى مِصْرَ فَقَدِمْتُهَا فَبَيْنَمَا أَنَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ طَوِيلٍ شَدِيدِ الْأُدْمَةِ «2» أَبْيَضِ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ عَلَيْهِ طِمْرَانِ‏ «3» أَحَدُهُمَا أَسْوَدُ وَ الْآخَرُ أَبْيَضُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا بِلَالٌ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَخَذْتُ أَلْوَاحاً فَأَتَيْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ فَقَالَ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ قُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ تَعَالَى حَدِّثْنِي بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ وَ مَا يُدْرِيكَ مَنْ أَنَا فَقُلْتُ أَنْتَ بِلَالٌ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ فَبَكَى وَ بَكَيْتُ حَتَّى اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْنَا وَ نَحْنُ نَبْكِي قَالَ ثُمَّ قَالَ يَا غُلَامُ مِنْ أَيِّ الْبِلَادِ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ- قَالَ بَخْ بَخْ‏ «4» ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ يَا أَخَا أَهْلِ الْعِرَاقِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ وَ صَوْمِهِمْ وَ لُحُومِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ- «5»

______________________________

 (1). الطريق إليه حسن بابراهيم بن هاشم و رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 308 عن عليّ بن مهزيار عن محمّد بن راشد عن هشام.

 (2). الادمة: السمرة الشديدة و اللون المائل الى الغبرة و المائل الى السواد.

 (3). الطمر- بالكسر-: الثوب الخلق و الكساء البالى من غير صوف.

 (4). كلمة يقال عند المدح و الرضا و الإعجاب بالشي‏ء و لعله قال ذلك لكون أهل العراق أكثرهم من شيعة عليّ عليه السلام في تلك الايام.

 (5). كونهم أمناء المؤمنين في الصلاة و الصوم ظاهر حيث ان بيان أوقاتهما موكول اليهم، و أمّا كونهم أمناء على اللحوم و الدماء كناية عن قبول شهادتهم في جميع الأشياء المتعلقة بالمؤمنين فان اللحوم و الدماء أعز ما يتعلق بهم كما يفهم من قوله (ص) لعلى عليه السلام «لحمك-

292
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

لَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُمْ وَ لَا يَشْفَعُونَ فِي شَيْ‏ءٍ إِلَّا شُفِّعُوا قُلْتُ زِدْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ اكْتُبْ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ مَنْ أَذَّنَ أَرْبَعِينَ عَاماً مُحْتَسِباً بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ عَمَلُ أَرْبَعِينَ صِدِّيقاً عَمَلًا مَبْرُوراً مُتَقَبَّلًا قُلْتُ زِدْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ اكْتُبْ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ مَنْ أَذَّنَ عِشْرِينَ عَاماً بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ- وَ لَهُ مِنَ النُّورِ مِثْلُ زِنَةِ السَّمَاءِ قُلْتُ زِدْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ اكْتُبْ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ مَنْ أَذَّنَ عَشْرَ سِنِينَ أَسْكَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ع فِي قُبَّتِهِ أَوْ فِي دَرَجَتِهِ قُلْتُ زِدْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ اكْتُبْ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ مَنْ أَذَّنَ سَنَةً وَاحِدَةً بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ قَدْ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زِنَةِ جَبَلِ أُحُدٍ قُلْتُ زِدْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ نَعَمْ فَاحْفَظْ وَ اعْمَلْ وَ احْتَسِبْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص‏

______________________________

- لحمى و دمك دمى» فاذا قبل قولهم فيهما قبل في غيرهما بالاولى؛ و قد يقال: ان المراد بذلك أن المسلمين إذا هموا بقتل أهل بلد من بلاد الكفّار و جرحهم و سبى ذراريهم إذا سمعوا المؤذن يؤذن فيها قبلوا قوله في اسلامهم و كفوا عنهم و لذا قيل: لو ترك أهل بلد الاذان قوتلوا (مراد) أقول: حكى عن البخارى روى في صحيحه أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان كلما أراد أن يحارب مع قوم بعث رجلا اليهم فان سمع منهم الاذان لم يحارب معهم فالقوم بسبب أذان المؤذنين عصم أموالهم و دماؤهم. هذا و قال سلطان العلماء:

هذا مؤيد لما ذهب إليه ابن الجنيد من عدم الاعتداد بأذان الفاسق و لعلّ المراد بكونهم أمناء على لحومهم و دمائهم أن بسبب أذانهم صار لحومهم و دماؤهم محفوظا من النار اذ هو الباعث على صلاتهم أو المراد بسبب أذانهم يعلم أنهم مسلمون فيصيرون محفوظين من القتل و الاسر، و يحتمل أن المراد بلحومهم و دمائهم ذبائحهم فان باذان المؤمنين يعلم إسلام بلدهم فيعلم حل ذبحهم و اللّه أعلم.

293
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

يَقُولُ مَنْ أَذَّنَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَلَاةً وَاحِدَةً إِيمَاناً وَ احْتِسَاباً وَ تَقَرُّباً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ مَنَّ عَلَيْهِ بِالْعِصْمَةِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ وَ جَمَعَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الشُّهَدَاءِ فِي الْجَنَّةِ قُلْتُ زِدْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ حَدِّثْنِي بِأَحْسَنِ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ وَيْحَكَ يَا غُلَامُ قَطَعْتَ أَنْيَاطَ «1» قَلْبِي وَ بَكَى وَ بَكَيْتُ حَتَّى إِنِّي وَ اللَّهِ لَرَحِمْتُهُ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَ جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى الْمُؤَذِّنِينَ بِمَلَائِكَةٍ مِنْ نُورٍ وَ مَعَهُمْ أَلْوِيَةٌ وَ أَعْلَامٌ مِنْ نُورٍ «2» يَقُودُونَ جَنَائِبَ‏ «3» أَزِمَّتُهَا زَبَرْجَدٌ أَخْضَرُ وَ حَقَايِبُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ «4» يَرْكَبُهَا الْمُؤَذِّنُونَ فَيَقُومُونَ عَلَيْهَا قِيَاماً تَقُودُهُمُ الْمَلَائِكَةُ يُنَادُونَ بِأَعْلَى صَوْتِهِمْ بِالْأَذَانِ ثُمَّ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً حَتَّى انْتَحَبْتُ‏ «5» وَ بَكَيْتُ فَلَمَّا سَكَتَ قُلْتُ مِمَّ بُكَاؤُكَ فَقَالَ وَيْحَكَ ذَكَرْتَنِي أَشْيَاءَ سَمِعْتُ حَبِيبِي وَ صَفِيِّي ع يَقُولُ وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّهُمْ لَيَمُرُّونَ عَلَى الْخَلْقِ قِيَاماً عَلَى النَّجَائِبِ‏ «6»-

______________________________

 (1). النياط- ككتاب-: عرق غليظ يناط به القلب الى الوتين فإذا قطع مات صاحبه و قوله «ويحك» كلمة رحمة، و يقابلها «ويلك».

 (2). ألوية جمع اللواء و هي العلم- بفتح اللام- و الاعلام اما تفسير للالوية و اما المعقود عليها الالوية و يكون اللواء ما يعقد عليه العلم و اما أن يكون أحدهما الصغير و الآخر الكبير. (م ت).

 (3). الجنائب جمع جنيبة و هي فرس تقاد و لا تركب، فعيلة بمعنى مفعولة و منه جنبته أجنبه من باب قتل إذا قدته الى جنبك. و الازمة جمع زمام (المصباح المنير).

 (4). الحقائب جمع الحقيبة و هي كل ما يشد في مؤخر القتب و في المصباح الحقيبة العجيزة و الجمع حقائب: سمى ما يحمل من القماش على الفرس خلف الراكب حقيبة مجازا لانه محمول على العجز. و في كنز اللغة حقايب جمع حقيبة است و آن توشه‏دان و خرجين است. و في بعض النسخ خفائفها و لعله جمع اخفاف و هي جمع الخف أي خف البعير و المراد بالاذفر الكثير الرائحة.

 (5). النحيب أشدّ البكاء و نحب فلان من باب ضرب بكى، و انتحب أي تنفس شديدا و رفع صوته بالبكاء.

 (6). النجيب: الحسيب الكريم و من الإبل كريمها و الجمع نجائب.

294
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

فَيَقُولُونَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ سَمِعْتُ لِأُمَّتِي ضَجِيجاً فَسَأَلَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ذَلِكَ الضَّجِيجِ مَا هُوَ قَالَ الضَّجِيجُ التَّسْبِيحُ وَ التَّحْمِيدُ وَ التَّهْلِيلُ فَإِذَا قَالُوا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتْ أُمَّتِي نَعَمْ إِيَّاهُ كُنَّا نَعْبُدُ فِي الدُّنْيَا فَيُقَالُ صَدَقْتُمْ فَإِذَا قَالُوا- أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ أُمَّتِي هَذَا الَّذِي أَتَانَا بِرِسَالَةِ رَبِّنَا جَلَّ جَلَالُهُ وَ آمَنَّا بِهِ وَ لَمْ نَرَهُ فَيُقَالُ لَهُمْ صَدَقْتُمْ هَذَا الَّذِي أَدَّى إِلَيْكُمُ الرِّسَالَةَ مِنْ رَبِّكُمْ وَ كُنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنِينَ فَحَقِيقٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ نَبِيِّكُمْ فَيَنْتَهِيَ بِهِمْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَ لَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَ لَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ إِنِ اسْتَطَعْتَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏ أَنْ لَا تَمُوتَ إِلَّا وَ أَنْتَ مُؤَذِّنٌ فَافْعَلْ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ تَفَضَّلْ عَلَيَّ وَ أَخْبِرْنِي فَإِنِّي فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ وَ أَدِّ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَإِنَّكَ قَدْ رَأَيْتَهُ وَ لَمْ أَرَهُ وَ صِفْ لِي كَيْفَ وَصَفَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِنَاءَ الْجَنَّةِ- فَقَالَ اكْتُبْ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّ سُورَ الْجَنَّةِ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَ لَبِنَةٌ مِنْ يَاقُوتٍ وَ مِلَاطُهَا «1» الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ وَ شُرَفُهَا الْيَاقُوتُ الْأَحْمَرُ وَ الْأَخْضَرُ وَ الْأَصْفَرُ قُلْتُ فَمَا أَبْوَابُهَا قَالَ إِنَّ أَبْوَابَهَا مُخْتَلِفَةٌ بَابُ الرَّحْمَةِ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ قُلْتُ فَمَا حَلْقَتُهُ فَقَالَ وَ كُفَّ عَنِّي فَقَدْ كَلَّفْتَنِي شَطَطاً «2» قُلْتُ مَا أَنَا بِكَافٍّ عَنْكَ حَتَّى تُؤَدِّيَ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ اكْتُبْ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ أَمَّا بَابُ الصَّبْرِ فَبَابٌ صَغِيرٌ مِصْرَاعٌ وَاحِدٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ لَا حَلَقَ لَهُ وَ أَمَّا بَابُ الشُّكْرِ فَإِنَّهُ مِنْ يَاقُوتَةٍ بَيْضَاءَ لَهَا مِصْرَاعَانِ مَسِيرَةُ مَا بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ لَهُ ضَجِيجٌ وَ حَنِينٌ يَقُولُ اللَّهُمَّ جِئْنِي بِأَهْلِي قَالَ قُلْتُ هَلْ يَتَكَلَّمُ الْبَابُ قَالَ نَعَمْ يُنْطِقُهُ اللَّهُ ذُو الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ وَ أَمَّا بَابُ الْبَلَاءِ قُلْتُ أَ لَيْسَ بَابُ الْبَلَاءِ هُوَ بَابَ الصَّبْرِ قَالَ لَا قُلْتُ فَمَا الْبَلَاءُ قَالَ الْمَصَائِبُ وَ

______________________________

 (1). الملاط: الطين الذي يجعل بين سافى البناء يملط به الحائط (الصحاح).

 (2). الشطط: مجاوزة الحدّ و القدر أي كلفتنى مشكلا.

295
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

الْأَسْقَامُ وَ الْأَمْرَاضُ وَ الْجُذَامُ وَ هُوَ بَابٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ صَفْرَاءَ مِصْرَاعٌ وَاحِدٌ مَا أَقَلَّ مَنْ يَدْخُلُ فِيهِ قُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ زِدْنِي وَ تَفَضَّلْ عَلَيَّ فَإِنِّي فَقِيرٌ فَقَالَ يَا غُلَامُ لَقَدْ كَلَّفْتَنِي شَطَطاً أَمَّا الْبَابُ الْأَعْظَمُ فَيَدْخُلُ مِنْهُ الْعِبَادُ الصَّالِحُونَ وَ هُمْ أَهْلُ الزُّهْدِ وَ الْوَرَعِ وَ الرَّاغِبُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُسْتَأْنِسُونَ بِهِ قُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَإِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ فَمَا ذَا يَصْنَعُونَ قَالَ يَسِيرُونَ عَلَى نَهَرَيْنِ فِي مَاءٍ صَافٍ فِي سُفُنِ الْيَاقُوتِ مَجَاذِيفُهَا «1» اللُّؤْلُؤُ فِيهَا مَلَائِكَةٌ مِنْ نُورٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ خُضْرٌ شَدِيدَةٌ خُضْرَتُهَا قُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هَلْ يَكُونُ مِنَ النُّورِ أَخْضَرُ قَالَ إِنَّ الثِّيَابَ هِيَ خُضْرٌ وَ لَكِنْ فِيهَا نُورٌ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ جَلَالُهُ لِيَسِيرُوا عَلَى حَافَتَيْ ذَلِكَ النَّهَرِ قُلْتُ فَمَا اسْمُ ذَلِكَ النَّهَرِ قَالَ جَنَّةُ الْمَأْوَى قُلْتُ هَلْ وَسَطُهَا غَيْرُهَا قَالَ نَعَمْ جَنَّةُ عَدْنٍ وَ هِيَ فِي وَسَطِ الْجِنَانِ وَ أَمَّا جَنَّةُ عَدْنٍ فَسُورُهَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ وَ حَصَاهَا اللُّؤْلُؤُ فَقُلْتُ وَ هَلْ فِيهَا غَيْرُهَا قَالَ نَعَمْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ قُلْتُ فَكَيْفَ سُورُهَا قَالَ وَيْحَكَ كُفَّ عَنِّي جَرَحْتَ عَلَيَّ قَلْبِي‏ «2» قُلْتُ بَلْ أَنْتَ الْفَاعِلُ بِي ذَلِكَ قُلْتُ مَا أَنَا بِكَافٍّ عَنْكَ حَتَّى تُتِمَّ لِيَ الصِّفَةَ وَ تُخْبِرَنِي عَنْ سُورِهَا قَالَ سُورُهَا نُورٌ قُلْتُ مَا الْغُرَفُ الَّتِي فِيهَا قَالَ هِيَ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ زِدْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ وَيْحَكَ إِلَى هَذَا انْتَهَى بِي رَسُولُ اللَّهِ ص طُوبَى لَكَ إِنْ أَنْتَ وَصَلْتَ إِلَى مَا لَهُ هَذِهِ الصِّفَةُ وَ طُوبَى لِمَنْ يُؤْمِنُ بِهَذَا قُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَا وَ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا قَالَ وَيْحَكَ إِنَّهُ مَنْ يُؤْمِنْ بِهَذَا أَوْ يُصَدِّقْ بِهَذَا الْحَقِ‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «مجاديفها» فى الصحاح: المجذاف: ما تجذف به السفينة و بالدال أيضا، و فيه عن الكسائى: جدف الطائر يجدف جدوفا إذا كان مقصوصا فرأيته إذا طار كانه يرد جناحيه الى خلفه، و قال الأصمعى: و منه سمى مجداف السفينة و جناحا الطائر مجدافا، و قال ابن دريد: مجداف السفينة بالدال و الذال جميعا لغتان فصيحتان، و في الصراح مجداف:

بيل كشتى و بال مرغ.

 (2). في بعض النسخ «جرت على قلبى» و في بعضها «حيرت» و في بعضها «جربت».

296
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

وَ الْمِنْهَاجِ لَمْ يَرْغَبْ فِي الدُّنْيَا وَ لَا فِي زِينَتِهَا وَ حَاسَبَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ قُلْتُ أَنَا مُؤْمِنٌ بِهَذَا قَالَ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ قَارِبْ وَ سَدِّدْ وَ لَا تَيْأَسْ وَ اعْمَلْ وَ لَا تُفَرِّطْ وَ ارْجُ وَ خَفْ وَ احْذَرْ «1» ثُمَّ بَكَى وَ شَهَقَ ثَلَاثَ شَهَقَاتٍ فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ثُمَّ قَالَ فِدَاكُمْ أَبِي وَ أُمِّي لَوْ رَآكُمْ مُحَمَّدٌ ص لَقَرَّتْ عَيْنُهُ حِينَ تَسْأَلُونَ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ ثُمَّ قَالَ النَّجَاءَ النَّجَاءَ الْوَحَا الْوَحَا «2» الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ الْعَمَلَ الْعَمَلَ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّفْرِيطَ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّفْرِيطَ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكُمْ اجْعَلُونِي فِي حِلٍّ مِمَّا قَدْ فَرَّطْتُ فَقُلْتُ لَهُ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا قَدْ فَرَّطْتَ جَزَاكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ كَمَا أَدَّيْتَ وَ فَعَلْتَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْكَ ثُمَّ وَدَّعَنِي وَ قَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَ أَدِّ إِلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص مَا أَدَّيْتُ إِلَيْكَ فَقُلْتُ لَهُ أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَ أَمَانَتَكَ وَ زَوَّدَكَ التَّقْوَى وَ أَعَانَكَ عَلَى طَاعَتِهِ بِمَشِيئَتِهِ.

وَ قَدْ أَذَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَكَانَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَ قَدْ كَانَ يَقُولُ فِيهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ وَرَدَتْ بِهِمَا جَمِيعاً وَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص مُؤَذِّنَانِ أَحَدُهُمَا بِلَالٌ وَ الْآخَرُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ- وَ كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَعْمَى وَ كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الصُّبْحِ.

906- وَ كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ بَعْدَ الصُّبْحِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِاللَّيْلِ فَإِذَا سَمِعْتُمْ أَذَانَهُ فَكُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ بِلَالٍ.

فَغَيَّرَتِ الْعَامَّةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جِهَتِهِ وَ قَالُوا إِنَّهُ ع قَالَ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَإِذَا سَمِعْتُمْ أَذَانَهُ فَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.

907- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ ص امْتَنَعَ بِلَالٌ مِنَ الْأَذَانِ وَ قَالَ لَا

______________________________

 (1). «قارب» أي اقتصد. «سدد» أي في أمورك. «و لا تيأس» أي من روح اللّه. «و لا تفرط» أي لا تقصر في العمل الصالح. «و ارج» أي غفران اللّه تعالى. «و خف» أي من سخط اللّه سبحانه. «و احذر» أي من المعاصى. (مراد).

 (2). الوحا- بالقصر و المد-: السرعة يعنى البدار البدار و هو منصوب على الاغراء بفعل مضمر. و كذا النجاء ممدودا: بمعنى السرعة و السبقة.

297
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

أُؤَذِّنُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِنَّ فَاطِمَةَ ع قَالَتْ ذَاتَ يَوْمٍ إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَ مُؤَذِّنِ أَبِي ع بِالْأَذَانِ فَبَلَغَ ذَلِكَ بِلَالًا فَأَخَذَ فِي الْأَذَانِ فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ذَكَرَتْ أَبَاهَا ع وَ أَيَّامَهُ فَلَمْ تَتَمَالَكْ مِنَ الْبُكَاءِ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ شَهَقَتْ فَاطِمَةُ ع شَهْقَةً وَ سَقَطَتْ لِوَجْهِهَا وَ غُشِيَ عَلَيْهَا فَقَالَ النَّاسُ لِبِلَالٍ أَمْسِكْ يَا بِلَالُ- فَقَدْ فَارَقَتِ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص الدُّنْيَا وَ ظَنُّوا أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ فَقَطَعَ أَذَانَهُ وَ لَمْ يُتِمَّهُ فَأَفَاقَتْ فَاطِمَةُ ع- وَ سَأَلَتْهُ أَنْ يُتِمَّ الْأَذَانَ فَلَمْ يَفْعَلْ وَ قَالَ لَهَا يَا سَيِّدَةَ النِّسْوَانِ إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكِ مِمَّا تُنْزِلِينَهُ بِنَفْسِكِ إِذَا سَمِعْتِ صَوْتِي بِالْأَذَانِ فَأَعْفَتْهُ عَنْ ذَلِكَ.

908- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ وَ لَا جُمُعَةٌ وَ لَا اسْتِلَامُ الْحَجَرِ وَ لَا دُخُولُ الْكَعْبَةِ وَ لَا الْهَرْوَلَةُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ «1» وَ لَا الْحَلْقُ إِنَّمَا يُقَصِّرْنَ مِنْ شُعُورِهِنَّ.

وَ رُوِيَ أَنَّهُ يَكْفِيهَا مِنَ التَّقْصِيرِ مِثْلُ طَرَفِ الْأَنْمُلَةِ «2».

909- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ إِذَا سَمِعَتْ أَذَانَ الْقَبِيلَةِ وَ تَكْفِيهَا الشَّهَادَتَانِ وَ لَكِنْ إِذَا أَذَّنَتْ وَ أَقَامَتْ فَهُوَ أَفْضَلُ.

وَ لَيْسَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ أَذَانُهُمَا طُلُوعُ الشَّمْسِ.

910- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- إِذَا تَغَوَّلَتْ لَكُمُ الْغُولُ فَأَذِّنُوا «3».

______________________________

 (1). محمول على عدم تأكد الاستحباب في غير الجمعة و الهرولة. فانهما ساقطتان عنهن، و كذا صلاة العيدين.

 (2). في الكافي ج 4 ص 503 باسناد صحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «تقصر المرأة من شعرها لعمرتها قدر أنملة».

 (3). في النهاية: «الغول: أحد الغيلان و هي جنس من الجنّ أو الشياطين. كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا: أى تتلوّن تلوّنا في صور شتّى، و تغولهم أي تضلهم عن الطريق و تهلكهم- انتهى» أي إذا تشكلت و تلوّنت لكم الغول فادفعوا شرّه بذكر اللّه تعالى و الاذان. و قال الفاضل التفرشى: لعل معناه إذا وقعتم في المهلكة كما قيل في معنى غالته غول.

298
من لا يحضره الفقيه1

باب الأذان و الإقامة و ثواب المؤذنين ص : 281

911- وَ قَالَ ع‏ الْمَوْلُودُ إِذَا وُلِدَ يُؤَذَّنُ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَ يُقَامُ فِي الْيُسْرَى.

912- وَ قَالَ ع‏ مَنْ لَمْ يَأْكُلِ اللَّحْمَ أَرْبَعِينَ يَوْماً سَاءَ خُلُقُهُ وَ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ فَأَذِّنُوا فِي أُذُنِهِ.

913- وَ قَالَ ع‏ كَانَ اسْمُ النَّبِيِّ ص يُكَرَّرُ فِي الْأَذَانِ فَأَوَّلُ مَنْ حَذَفَهُ ابْنُ أَرْوَى‏ «1».

وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نَادَى مُنَادٍ حُرِّمَ الْبَيْعُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ‏

914- وَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلَلِ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أُمِرَ النَّاسُ بِالْأَذَانِ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ تَذْكِيراً لِلنَّاسِي وَ تَنْبِيهاً لِلْغَافِلِ وَ تَعْرِيفاً لِمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ وَ اشْتَغَلَ عَنْهُ وَ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ بِذَلِكَ دَاعِياً لِعِبَادَةِ الْخَالِقِ وَ مُرَغِّباً فِيهَا وَ مُقِرّاً لَهُ بِالتَّوْحِيدِ مُجَاهِراً بِالْإِيمَانِ مُعْلِناً بِالْإِسْلَامِ مُؤَذِّناً لِمَنْ يَنْسَاهَا وَ إِنَّمَا يُقَالُ لَهُ مُؤَذِّنٌ لِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِالْأَذَانِ بِالصَّلَاةِ «2» وَ إِنَّمَا بُدِئَ فِيهِ بِالتَّكْبِيرِ وَ خُتِمَ بِالتَّهْلِيلِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِذِكْرِهِ وَ اسْمِهِ وَ اسْمُ اللَّهِ فِي التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِ الْحَرْفِ وَ فِي التَّهْلِيلِ فِي آخِرِهِ وَ إِنَّمَا جُعِلَ مَثْنَى مَثْنَى لِيَكُونَ تَكْرَاراً فِي آذَانِ الْمُسْتَمِعِينَ مُؤَكِّداً عَلَيْهِمْ إِنْ سَهَا أَحَدٌ عَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْهُ عَنِ الثَّانِي وَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْأَذَانُ مَثْنَى مَثْنَى وَ جُعِلَ التَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ أَرْبَعاً لِأَنَّ أَوَّلَ الْأَذَانِ إِنَّمَا يُبْدَأُ غَفْلَةً وَ لَيْسَ قَبْلَهُ كَلَامٌ يُنَبِّهُ الْمُسْتَمِعَ لَهُ فَجُعِلَ الْأُولَيَانِ تَنْبِيهاً لِلْمُسْتَمِعِينَ لِمَا بَعْدَهُ فِي الْأَذَانِ وَ جُعِلَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ الشَّهَادَتَانِ لِأَنَّ أَوَّلَ الْإِيمَانِ هُوَ التَّوْحِيدُ وَ الْإِقْرَارُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ الثَّانِيَ الْإِقْرَارُ لِلرَّسُولِ ص بِالرِّسَالَةِ وَ أَنَّ إِطَاعَتَهُمَا وَ مَعْرِفَتَهُمَا مَقْرُونَتَانِ وَ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ‏

______________________________

 (1). يحتمل أن يكون المراد بتكرار اسمه (ص) تكراره باعتبار الصلاة عليه عند ذكره في الاذان و المراد بابن أروى هو عثمان لان اسم أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس كما في المعارف لابن قتيبة.

 (2). الباء الأولى للسببية و الثانية للصلة. (مراد).

299
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

إِنَّمَا هُوَ الشَّهَادَتَانِ فَجُعِلَ شَهَادَتَيْنِ شَهَادَتَيْنِ كَمَا جُعِلَ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ شَاهِدَانِ فَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ أَقَرَّ لِلرَّسُولِ ص بِالرِّسَالَةِ فَقَدْ أَقَرَّ بِجُمْلَةِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ إِنَّمَا هُوَ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ إِنَّمَا جُعِلَ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الدُّعَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا وُضِعَ لِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا هُوَ نِدَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ فِي وَسَطِ الْأَذَانِ وَ دُعَاءٌ إِلَى الْفَلَاحِ وَ إِلَى خَيْرِ الْعَمَلِ وَ جُعِلَ خَتْمُ الْكَلَامِ بِاسْمِهِ كَمَا فُتِحَ بِاسْمِهِ.

بَابُ وَصْفِ الصَّلَاةِ مِنْ فَاتِحَتِهَا إِلَى خَاتِمَتِهَا

915- رُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى‏ «1» أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَوْماً تُحْسِنُ أَنْ تُصَلِّيَ يَا حَمَّادُ قَالَ قُلْتُ يَا سَيِّدِي أَنَا أَحْفَظُ- كِتَابَ حَرِيزٍ «2» فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَقَالَ ع لَا عَلَيْكَ‏ «3» قُمْ فَصَلِّ قَالَ فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْقِبْلَةِ فَاسْتَفْتَحْتُ الصَّلَاةَ وَ رَكَعْتُ وَ سَجَدْتُ فَقَالَ يَا حَمَّادُ لَا تُحْسِنُ أَنْ تُصَلِّيَ مَا أَقْبَحَ بِالرَّجُلِ‏ «4» أَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً أَوْ سَبْعُونَ سَنَةً فَمَا يُقِيمُ صَلَاةً وَاحِدَةً بِحُدُودِهَا تَامَّةً قَالَ حَمَّادٌ فَأَصَابَنِي فِي نَفْسِيَ الذُّلُّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَعَلِّمْنِي الصَّلَاةَ فَقَامَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُنْتَصِباً فَأَرْسَلَ يَدَيْهِ جَمِيعاً عَلَى فَخِذَيْهِ قَدْ ضَمَّ أَصَابِعَهُ وَ قَرَّبَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثُ أَصَابِعَ مُفَرَّجَاتٍ فَاسْتَقْبَلَ بِأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ جَمِيعاً لَمْ يُحَرِّفْهُمَا عَنِ الْقِبْلَةِ بِخُشُوعٍ وَ اسْتِكَانَةٍ «5» فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَرَأَ الْحَمْدَ بِتَرْتِيلٍ-

______________________________

 (1). الطريق صحيح كما في (صه).

 (2). بفتح الحاء كشريف- ثقة كوفيّ.

 (3). أي لا بأس عليك.

 (4). زاد في الكافي و التهذيب «منكم» أي من الشيعة أو من خواصهم.

 (5). «بخشوع» أي بتذلّل و خوف و خضوع. قال الجوهريّ: خشع ببصره أي غضه.

و قال الفيض- رحمه اللّه-: الخشوع يكون بالقلب و الجوارح، فبالقلب أن يجمع الهمة و يفرغ قلبه عن غير العبادة و المعبود، و بالجوارح أن يغض بصره و يقبل على العبادة و لا يلتفت و لا يعبث.

300
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ صَبَرَ هُنَيْئَةً بِقَدْرِ مَا يَتَنَفَّسُ وَ هُوَ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ هُوَ قَائِمٌ ثُمَّ رَكَعَ وَ مَلَأَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّجَاتٍ وَ رَدَّ رُكْبَتَيْهِ‏ «1» إِلَى خَلْفِهِ حَتَّى اسْتَوَى ظَهْرُهُ حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ قَطْرَةُ مَاءٍ أَوْ دُهْنٍ لَمْ تَزُلْ لِاسْتِوَاءِ ظَهْرِهِ وَ رَدَّ رُكْبَتَيْهِ إِلَى خَلْفِهِ وَ نَصَبَ عُنُقَهُ وَ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ‏ «2» ثُمَّ سَبَّحَ ثَلَاثاً بِتَرْتِيلٍ‏ «3» وَ قَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ ثُمَّ اسْتَوَى قَائِماً فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنَ الْقِيَامِ قَالَ- سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ كَبَّرَ وَ هُوَ قَائِمٌ وَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ وَجْهِهِ‏ «4» وَ سَجَدَ وَ وَضَعَ يَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ بِحَمْدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ لَمْ يَضَعْ شَيْئاً مِنْ بَدَنِهِ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهُ وَ سَجَدَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَعْظُمٍ الْجَبْهَةِ وَ الْكَفَّيْنِ وَ عَيْنَيِ الرُّكْبَتَيْنِ‏ «5» وَ أَنَامِلِ إِبْهَامَيِ الرِّجْلَيْنِ وَ الْأَنْفِ فَهَذِهِ السَّبْعَةُ فَرْضٌ وَ وَضْعُ الْأَنْفِ عَلَى الْأَرْضِ سُنَّةٌ وَ هُوَ الْإِرْغَامُ‏ «6» ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ فَلَمَّا اسْتَوَى جَالِساً قَالَ-

______________________________

 (1). أي ماسها بكل كفيه و لم يكتف بوضع أطرافها. (الوافي).

 (2). قوله «غمض عينيه» لا ينافى ما اشتهر بين الاصحاب من استحباب النظر الى ما بين القدمين لان التغميض قول حماد لا قول الامام (ع) و حكى ما رآه منه و حيث انه (ع) خفض طرفه في حال الركوع زعم حماد أنّه غمض عينيه، و الناظر الى ما بين القدمين يقرب صورته من صورة المغمض. و المصلى إذا خفض طرفه في حال القيام وقع نظره الى محل سجدته و في حال الركوع الى ما بين قدميه و في حال السجود الى طرفى أنفه و في حال التشهد الى حجره و هو من علامات الخشوع و أماراته.

 (3). الترتيل: التأنى و تبيين الحروف، و في رواية عن أمير المؤمنين (ع) في قوله تعالى‏ «وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» أنه حفظ الوقوف و أداء الحروف.

 (4). حيال الوجه محاذاته أي لم يرفع (ع) يديه بالتكبير أزيد من حيال وجهه.

 (5). عين الركبة ما يقال له بالفارسية (كاسه زانو) و التثنية باعتبار الركبتين و قيل لكل من الركبتين عينان و هما نقرتان مقدمها عند الساق.

 (6). في الكافي ج 3 ص 313 «و سجد على ثمانية أعظم: الكفين و الركبتين و أنامل-

301
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَعَدَ عَلَى جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ وَ وَضَعَ ظَاهِرَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى عَلَى بَاطِنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَ هُوَ جَالِسٌ وَ سَجَدَ الثَّانِيَةَ وَ قَالَ كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى وَ لَمْ يَسْتَعِنْ‏ «1» بِشَيْ‏ءٍ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهُ فِي رُكُوعٍ وَ لَا سُجُودٍ وَ كَانَ مُجَّنِّحاً «2» وَ لَمْ يَضَعْ ذِرَاعَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَلَى هَذَا ثُمَّ قَالَ يَا حَمَّادُ هَكَذَا صَلِ‏ «3».

وَ لَا تَلْتَفِتْ وَ لَا تَعْبَثْ بِيَدَيْكَ وَ أَصَابِعِكَ وَ لَا تَبْزُقْ عَنْ يَمِينِكَ وَ لَا يَسَارِكَ وَ لَا بَيْنَ يَدَيْكَ.

916- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُقَدِّمُ إِلَيْكَ مُحَمَّداً بَيْنَ يَدَيْ حَاجَتِي وَ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِهِ فَاجْعَلْنِي بِهِ‏ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ‏ وَ اجْعَلْ صَلَاتِي بِهِ مَقْبُولَةً وَ ذَنْبِي بِهِ مَغْفُوراً وَ دُعَائِي بِهِ مُسْتَجَاباً إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

فَإِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا تَأْتِ بِهَا شِبَعاً «4» وَ لَا مُتَكَاسِلًا وَ لَا مُتَنَاعِساً «5» وَ لَا

______________________________

- ابهامى الرجلين و الجبهة و الانف و قال: سبعة منها فرض يسجد عليها و هي التي ذكرها اللّه في كتابه فقال: «وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً» و هي الجبهة و الكفان و الركبتان و الابهامان، و وضع الانف على الأرض سنة».

 (1). في بعض النسخ «لم يضع».

 (2). التجنح: رفع الساعدين من الأرض متجافيا عن الجنبين، معتمدا على الكفين، كالجناحين.

 (3). الحديث في الكافي ج 3 ص 312 و في التهذيب ج 1 ص 157 إلى هنا، و يمكن أن يكون الباقي من كلام المؤلّف- رحمه اللّه- أو من تتمة الخبر و لم يذكراه و قد ذكره المؤلّف في العلل.

 (4). الشبع: ضد الجوع. و في بعض النسخ «سغبا» أي في حالة الجوع، و في بعضها «شعيا» و لعلّ المراد بالشعى كونه متفرق الخاطر، و في الصحاح: جاءت الخيل شواعى و شوائع أي متفرقة.

 (5). الكسل: التثاقل عن الامر، و المتناعس هو الذي يأخذه النعاس و هو مقدّمة النوم.

302
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

مُسْتَعْجِلًا وَ لَكِنْ عَلَى سُكُونٍ وَ وَقَارٍ فَإِذَا دَخَلْتَ فِي صَلَاتِكَ فَعَلَيْكَ بِالتَّخَشُّعِ وَ الْإِقْبَالِ عَلَى صَلَاتِكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ‏ وَ يَقُولُ‏ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ‏ وَ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِكَ وَ لَا تُقَلِّبْ وَجْهَكَ عَنِ الْقِبْلَةِ فَتُفْسِدَ صَلَاتَكَ وَ قُمْ مُنْتَصِباً-

فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ: مَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فَلَا صَلَاةَ لَهُ.

وَ اخْشَعْ بِبَصَرِكَ وَ لَا تَرْفَعْهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِكَ وَ اشْغَلْ قَلْبَكَ بِصَلَاتِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ صَلَاتِكَ إِلَّا مَا أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ مِنْهَا بِقَلْبِكَ حَتَّى أَنَّهُ رُبَّمَا قُبِلَ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ رُبُعُهَا أَوْ ثُلُثُهَا أَوْ نِصْفُهَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُتِمُّهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِالنَّوَافِلِ وَ لْيَكُنْ قِيَامُكَ فِي الصَّلَاةِ قِيَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ يَرَاكَ وَ لَا تَرَاهُ وَ صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ كَأَنَّكَ لَا تُصَلِّي بَعْدَهَا أَبَداً وَ لَا تَعْبَثْ بِلِحْيَتِكَ وَ لَا بِرَأْسِكَ وَ لَا بِيَدَيْكَ وَ لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَكَ وَ لَا تُقَدِّمْ رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ وَ زَاوِجْ‏ «1» بَيْنَ قَدَمَيْكَ وَ اجْعَلْ بَيْنَهُمَا قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ إِلَى شِبْرٍ وَ لَا تَتَمَطَّأْ وَ لَا تَتَثَاءَبْ‏ «2» وَ لَا تَضْحَكْ فَإِنَّ الْقَهْقَهَةَ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَ لَا تَتَوَرَّكْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ عَذَّبَ قَوْماً عَلَى التَّوَرُّكِ كَانَ أَحَدُهُمْ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى وَرِكَيْهِ مِنْ مَلَالَةِ الصَّلَاةِ وَ لَا تُكَفِّرْ فَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ الْمَجُوسُ‏ «3» وَ أَرْسِلْ يَدَيْكَ وَ ضَعْهُمَا عَلَى فَخِذَيْكَ قُبَالَةَ رُكْبَتَيْكَ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ تَهْتَمَّ بِصَلَاتِكَ وَ لَا تَشْغَلْ عَنْهَا نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِذَا حَرَّكْتَهَا كَانَ ذَلِكَ يُلْهِيكَ وَ لَا تَسْتَنِدْ إِلَى جِدَارٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضاً وَ لَا تَلْتَفِتْ عَنْ يَمِينِكَ وَ لَا عَنْ يَسَارِكَ فَإِنِ الْتَفَتَّ حَتَّى تَرَى مَنْ خَلْفَكَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ وَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا الْتَفَتَ فِي صَلَاةٍ نَادَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ عَبْدِي إِلَى مَنْ تَلْتَفِتُ إِلَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنِّي فَإِنِ الْتَفَتَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ صَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ نَظَرَهُ فَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَداً وَ لَا تَنْفُخْ فِي مَوْضِعِ سُجُودِكَ فَإِذَا

______________________________

 (1). فرقع الأصابع أي نقضها و غمزها حتّى يسمع لمفاصلها صوت، و زاوج أي قارن.

 (2). التمطى: مد اليدين، ما يقال له بالفارسية: (خميازه) و التثاؤب: فتح الفم و ما يقال له بالفارسية: (دهان دره).

 (3). التكفير وضع احدى اليدين على الأخرى محاذيا للصدر في حال القيام.

303
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

أَرَدْتَ النَّفْخَ فَلْيَكُنْ قَبْلَ دُخُولِكَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ ثَلَاثُ نَفَخَاتٍ‏ «1» فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ وَ عَلَى الرُّقَى وَ عَلَى الطَّعَامِ الْحَارِّ وَ لَا تَبْزُقْ وَ لَا تَمْخُطْ فَإِنَّ مَنْ حَبَسَ رِيقَهُ إِجْلَالًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي صَلَاتِهِ أَوْرَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صِحَّةً إِلَى الْمَمَاتِ وَ ارْفَعْ يَدَيْكَ بِالتَّكْبِيرِ «2» إِلَى نَحْرِكَ وَ لَا تُجَاوِزْ بِكَفَّيْكَ أُذُنَيْكَ حِيَالَ خَدَّيْكَ ثُمَّ ابْسُطْهُمَا بَسْطاً وَ كَبِّرْ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَ قُلِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءاً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ثُمَّ كَبِّرْ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي تَرَسُّلٍ‏ «3» تَرْفَعُ بِهِمَا يَدَيْكَ وَ قُلْ- لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ وَ الْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَ الشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ وَ الْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ عَبْدُكَ وَ ابْنُ عَبْدِكَ بَيْنَ يَدَيْكَ مِنْكَ وَ بِكَ وَ لَكَ وَ إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَ لَا مَنْجَى وَ لَا مَفَرَّ مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَيْتَ سُبْحَانَكَ وَ حَنَانَيْكَ‏ «4» سُبْحَانَكَ رَبَّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ثُمَّ كَبِّرْ تَكْبِيرَتَيْنِ وَ قُلْ- وَجَّهْتُ وَجْهِيَ‏ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ دِينِ مُحَمَّدٍ ص وَ مِنْهَاجِ عَلِيٍ‏ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي‏ وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ‏ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ‏ بِسْمِ اللَّهِ‏ الرَّحْمنِ‏ الرَّحِيمِ‏ وَ إِنْ شِئْتَ كَبَّرْتَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وِلَاءً إِلَّا أَنَّ الَّذِي وَصَفْنَاهُ‏

______________________________

 (1). أي يكره النفخ في ثلاثة مواضع. و الرقى بالضم- جمع الرقية و هي معروفة.

 (2). لعل الباء بمعنى «مع» فيدل على أن ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير و انتهاءه مع انتهائه مبسوط اليدين.

 (3). أي بتثبت و تأن و طمأنينة، في النهاية «إذا أذنت فترسل» أي تأن و لا تعجل و ترسل الرجل في كلامه و مشيه إذا لم يعجل و هو و الترتيل سواء الا أن الأخير مستعمل في القراءة.

 (4). قوله «لبيك و سعديك» أي اقامة على طاعتك بعد اقامة، و مساعدة على امتثال أمرك بعد مساعدة، و قوله «و الشر ليس إليك» أي ليس منسوبا إليك و لا صادرا عنك. و الحنان بتخفيف النون: الرحمة، و «سبحانك و حنانيك» أي انزّهك عما لا يليق بك تنزيها و الحال أنى أسألك رحمة بعد رحمة، أو أطلب ترحمك بعد ترحم، و حنانك بعد حنان، أو ترحم على مرة بعد مرة.

304
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

تَعَبُّدٌ «1» وَ إِنَّمَا جَرَتِ السُّنَّةُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ لِمَا رَوَاهُ زُرَارَةُ.

917- عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى الصَّلَاةِ وَ قَدْ كَانَ الْحُسَيْنُ ع أَبْطَأَ عَنِ الْكَلَامِ حَتَّى تَخَوَّفُوا أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَ أَنْ يَكُونَ بِهِ خَرَسٌ فَخَرَجَ ص بِهِ حَامِلًا «2» عَلَى عَاتِقِهِ وَ صَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ فَأَقَامَهُ عَلَى يَمِينِهِ فَافْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ص الصَّلَاةَ فَكَبَّرَ الْحُسَيْنُ ع فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ص تَكْبِيرَهُ عَادَ فَكَبَّرَ وَ كَبَّرَ الْحُسَيْنُ ع حَتَّى كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَ كَبَّرَ الْحُسَيْنُ ع فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ.

918- وَ قَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع‏ لِذَلِكَ عِلَّةً أُخْرَى وَ هِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ قَطَعَ سَبْعَةَ حُجُبٍ فَكَبَّرَ عِنْدَ كُلِّ حِجَابٍ تَكْبِيرَةً فَأَوْصَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ إِلَى مُنْتَهَى الْكَرَامَةِ.

919- وَ ذَكَرَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا ع‏ عِلَّةً أُخْرَى وَ هِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا صَارَتِ التَّكْبِيرَاتُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ سَبْعاً لِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ وَ اسْتِفْتَاحَهُمَا بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَ تَكْبِيرَتَيِ السَّجْدَتَيْنِ وَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فِي الثَّانِيَةِ وَ تَكْبِيرَتَيِ السَّجْدَتَيْنِ‏ «3» فَإِذَا كَبَّرَ الْإِنْسَانُ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ سَبْعَ‏

______________________________

 (1). لعل المراد بالتعبد الإقرار بالربوبية. و من قوله: «فاذا قمت الى الصلاة فلا تأت بها شبعا» إلى هنا غير معلوم لنا أكله من كلام الصادق (ع) أو جمعه المؤلّف من كلماتهم المتفرقة في تضاعيف أخبارهم، و المظنون عندي جدا أنّه من كلامه- رحمه اللّه- أخذه من أخبار شتّى و لا يسعنا تفكيكها و تخريجها.

 (2). في بعض النسخ «حامله» و هي بالنصب على الحالية حيث ان الإضافة اللفظية لا تفيد تعريفا و معنى التعليل هنا أن ذلك صار سببا لشرع التكبيرات باذن اللّه تعالى. (مراد).

 (3). لعل المراد باستفتاح الركعتين بالسبع التكبيرات التي يستفتح بها كل فعل و لهذا لم يعد منها الاربع التي بعد الرفع من السجدات (الوافي) و قال الفاضل التفرشى:

قوله «و تكبيرتى السجدتين» أي التكبيرتين اللتين شرع كل منهما لاجل سجدة و ان كان لكل سجدة تكبيرتان، فالمقصود ذكر ما لاجله التكبير و هو سبعة، و يمكن أن يراد باستفتاح الركعتين استفتاح أجزائهما فيكون لكل سجدة تكبيرة واحدة و حينئذ يحمل الاستفتاح على ظاهره و ان احتيج الى حذف مضاف.

305
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ نَسِيَ شَيْئاً مِنْ تَكْبِيرَاتِ الِافْتِتَاحِ مِنْ بَعْدُ أَوْ سَهَا عَنْهَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ نَقْصٌ فِي صَلَاتِهِ.

وَ هَذِهِ الْعِلَلُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَ كَثْرَةُ الْعِلَلِ لِلشَّيْ‏ءِ تَزِيدُهُ تَأْكِيداً وَ لَا يَدْخُلُ هَذَا فِي التَّنَاقُضِ وَ قَدْ يُجْزِي فِي الِافْتِتَاحِ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ.

920- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَتَمَّ النَّاسِ صَلَاةً وَ أَوْجَزَهُمْ كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةٍ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏.

921- وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ‏ يَا ابْنَ عَمِّ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى مَا مَعْنَى رَفْعِ يَدَيْكَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَقَالَ ع مَعْنَاهُ اللَّهُ أَكْبَرُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الَّذِي‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ لَا يُلْمَسُ بِالْأَخْمَاسِ‏ «1» وَ لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ.

فَإِذَا كَبَّرْتَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ فَاقْرَأِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سُورَةً مَعَهَا مُوَسَّعٌ عَلَيْكَ أَيَّ السُّوَرِ قَرَأْتَ فِي فَرَائِضِكَ إِلَّا أَرْبَعَ سُوَرٍ وَ هِيَ سُورَةُ وَ الضُّحَى وَ أَ لَمْ نَشْرَحْ لِأَنَّهُمَا جَمِيعاً سُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَ لِإِيلَافٍ وَ أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ لِأَنَّهُمَا جَمِيعاً سُورَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ قَرَأْتَهُمَا كَانَ قِرَاءَةَ الضُّحَى وَ أَ لَمْ نَشْرَحْ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ لِإِيلَافٍ وَ أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فِي رَكْعَةٍ وَ لَا تَنْفَرِدْ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ السُّوَرِ فِي رَكْعَةٍ فَرِيضَةٍ وَ لَا تَقْرِنَنَّ بَيْنَ سُورَتَيْنِ فِي فَرِيضَةٍ فَأَمَّا فِي النَّافِلَةِ فَاقْرِنْ مَا شِئْتَ وَ لَا تَقْرَأْ فِي الْفَرِيضَةِ شَيْئاً مِنَ الْعَزَائِمِ الْأَرْبَعِ‏ «2» وَ هِيَ سُورَةُ سَجْدَةِ لُقْمَانَ- وَ حم السَّجْدَةِ وَ النَّجْمِ وَ سُورَةُ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَ مَنْ قَرَأَ شَيْئاً مِنَ الْعَزَائِمِ الْأَرْبَعِ فَلْيَسْجُدْ وَ لْيَقُلْ- إِلَهِي آمَنَّا بِمَا كَفَرُوا وَ عَرَفْنَا مِنْكَ مَا أَنْكَرُوا وَ أَجَبْنَاكَ إِلَى مَا دُعُوا إِلَهِي فَالْعَفْوَ الْعَفْوَ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَ يُكَبِّرُ.

922- وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يَقُولُ‏ فِي سَجْدَةِ الْعَزَائِمِ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِيمَاناً وَ تَصْدِيقاً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عُبُودِيَّةً وَ رِقّاً سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّداً

______________________________

 (1). المراد بالاخماس الأصابع الخمس لان اختبار الملموسات بها غالبا. (مراد).

 (2). أي في غير الصلاة، أو في الصلاة سهوا. (سلطان).

306
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

وَ رِقّاً لَا مُسْتَنْكِفاً وَ لَا مُسْتَكْبِراً بَلْ أَنَا عَبْدٌ ذَلِيلٌ خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ.

وَ مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ الْعَزَائِمَ فَلْيَسْجُدْ وَ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْجُدَ الْإِنْسَانُ فِي كُلِّ سُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ إِلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْعَزَائِمِ الْأَرْبَعِ- وَ أَفْضَلُ مَا يُقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الْحَمْدُ وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ- وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَّا فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا الْحَمْدُ وَ سُورَةُ الْجُمُعَةِ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ وَ سَبِّحِ اسْمَ وَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى الْحَمْدُ وَ سُورَةُ الْجُمُعَةِ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ وَ سُورَةُ الْمُنَافِقِينَ وَ جَائِزٌ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ الْعَصْرِ بِغَيْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِينَ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِينَ‏ «1» فَإِنْ نَسِيتَهُمَا أَوْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ قَرَأْتَ غَيْرَهُمَا ثُمَّ ذَكَرْتَ فَارْجِعْ إِلَى سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِينَ مَا لَمْ تَقْرَأْ نِصْفَ السُّورَةِ «2» فَإِنْ قَرَأْتَ نِصْفَ السُّورَةِ فَتَمِّمِ السُّورَةَ وَ اجْعَلْهُمَا رَكْعَتَيْ نَافِلَةٍ وَ سَلِّمْ فِيهِمَا وَ أَعِدْ صَلَاتَكَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِينَ وَ قَدْ رُوِيَتْ رُخْصَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ «3» بِغَيْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِينَ لَا أَسْتَعْمِلُهَا وَ لَا أُفْتِي بِهَا إِلَّا فِي حَالِ السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ وَ خِيفَةِ فَوْتِ حَاجَةٍ وَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى- الْحَمْدُ وَ هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ‏

______________________________

 (1). هذا إذا أمكن الرجوع كما إذا كان في الركعة الأولى و قد نسى قراءة الجمعة أو كان في الركعة الثانية فنسى قراءة المنافقين و كان قد قرأ في الركعة الأولى سورة الجمعة، اما إذا كان قد نسى قراءة الجمعة في الركعة الأولى و تذكر و هو في الركعة الثانية فلا يمكن الرجوع، فمعنى قوله: «فان نسيتهما» فان نسيت كل واحدة منهما في موضعهما كما إذا نسى الجمعة في الركعة الأولى و تذكر قبل تجاوز النصف فيرجع، ثمّ نسى المنافقين في الثانية و تذكر قبل تجاوز النصف أيضا. (مراد).

 (2). راجع التهذيب ج 1 ص 220.

 (3). يعني في يوم الجمعة. و راجع التهذيب ج 1 ص 247.

307
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ وَ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ فَإِنَّ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ الْيَوْمَيْنِ وَ حَكَى مَنْ صَحِبَ الرِّضَا ع إِلَى خُرَاسَانَ لَمَّا أُشْخِصَ إِلَيْهَا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ بِالسُّوَرِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَلِذَلِكَ اخْتَرْنَاهَا مِنْ بَيْنَ السُّوَرِ بِالذِّكْرِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَ اجْهَرْ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَ اجْهَرْ بِجَمِيعِ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ الْغَدَاةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُجْهِدَ نَفْسَكَ أَوْ تَرْفَعَ صَوْتَكَ شَدِيداً وَ لْيَكُنْ ذَلِكَ وَسَطاً لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا وَ لَا تَجْهَرْ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ فَإِنَّ مَنْ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا أَوْ أَخْفَى بِالْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ وَ الْغَدَاةِ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ صَلَاتِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ فِيهَا وَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَاوَيْنِ بِالتَّسْبِيحِ‏ «1».

923- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ إِنَّمَا جُعِلَ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ وَ التَّسْبِيحُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عِنْدِهِ وَ بَيْنَ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص‏ «2».

______________________________

 (1). الظاهر أنّه معطوف على قوله: «فى الركعة الأولى» فى قوله «و أفضل ما يقرأ في الصلاة في اليوم و الليلة في الركعة الأولى الحمد». (سلطان).

 (2). ظاهر الصدوق- رحمه اللّه- تعين التسبيح مطلقا و ذكر الخبر للاستشهاد، و لما كانت الاخبار المتواترة مع الإجماع دالتين على التخيير بينهما فيحمل الخبر على أنّه يتعيّن الحمد فيما فرضه اللّه، و يجوز التسبيح فيما فرضه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هذا القدر كاف للفرق.

 (م ت) و قال الفاضل التفرشى: يمكن حمله على جواز التفويض أي يفوّض اللّه عزّ و جلّ بعض الاحكام الى نبيه (ص) و قد دلّ على ذلك أحاديث نقلت بعضها في أصول الفقه فيكون القسم الأوّل ممّا أوجبه اللّه تعالى و القسم الثاني ممّا فوّض ايجابه الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فخيّر بين القراءة و بين التسبيح فمعنى جعل القراءة في الركعتين الاولتين تعيينها و جعل التسبيح في الأخيرتين التخيير بينه و بين القراءة فلا منافاة بين هذا الحديث و بين ما دل على التخيير.

308
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

924- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ‏ «1» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ: لِأَيِّ عِلَّةٍ يُجْهَرُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ الظُّهْرُ وَ الْعَصْرُ لَا يُجْهَرُ فِيهِمَا وَ لِأَيِّ عِلَّةٍ صَارَ التَّسْبِيحُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَاءَةِ قَالَ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ كَانَ أَوَّلَ صَلَاةٍ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ الظُّهْرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَضَافَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي خَلْفَهُ وَ أَمَرَ نَبِيَّهُ ع أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَضْلَهُ‏ «2» ثُمَّ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعَصْرَ وَ لَمْ يُضِفْ إِلَيْهِ أَحَداً مِنَ الْمَلَائِكَةِ «3» وَ أَمَرَهُ أَنْ يُخْفِيَ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ أَحَدٌ ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِ الْمَغْرِبَ وَ أَضَافَ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ وَ أَمَرَهُ بِالْإِجْهَارِ وَ كَذَلِكَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ الْفَجْرِ نَزَلَ فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ الْفَجْرَ وَ أَمَرَهُ بِالْإِجْهَارِ لِيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ فَضْلَهُ كَمَا بَيَّنَ لِلْمَلَائِكَةِ فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ يُجْهَرُ فِيهَا وَ صَارَ التَّسْبِيحُ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص لَمَّا كَانَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ذَكَرَ مَا رَأَى مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَدَهِشَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَلِذَلِكَ صَارَ التَّسْبِيحُ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَاءَةِ.

925- وَ سَأَلَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ الْقَاضِي أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ ع‏ «4» عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِمَ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَ هِيَ مِنْ صَلَوَاتِ النَّهَارِ وَ إِنَّمَا يُجْهَرُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ-

______________________________

 (1). في بعض النسخ «محمّد بن حمران»، و في علل الشرائع مسندا عن محمّد بن حمزة.

 (2). تعليل للإضافة أو للجهر، و قال الفاضل التفرشى: أى بنزول القرآن عليه صلّى اللّه عليه و آله الذي بلغ في البلاغة الى ما ليس في طوق البشر.

 (3). يعني لاجل العصر لم يضف إليه أحدا. و ظاهر هذا الحديث يخالف المشهور من أنه (ع) أسرى به ليلة و رجع في تلك الليلة سريعا. و قال سلطان العلماء ما حاصله أن اللّه أمره (ص) في الليل أن يفعل الظهر و العصر لاجل أن يعلم كيف يفعلهما من باب التعليم.

 (4). كذا في جميع النسخ و هو وهم و لعلّ لفظ «الأول» زيد من النسّاخ فان يحيى ابن أكثم لم يدرك موسى بن جعفر عليهما السلام، و الصواب «الثالث» (ع) كما في علل الشرائع. و يحيى هو القاضي المعروف ولاه هارون قضاء البصرة بعد ما عزل محمّد بن عبد اللّه الأنصاريّ.

309
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

فَقَالَ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يُغَلِّسُ‏ «1» بِهَا فَقَرَّبَهَا مِنَ اللَّيْلِ.

926- وَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْفَضْلُ مِنَ الْعِلَلِ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِئَلَّا يَكُونَ الْقُرْآنُ مَهْجُوراً مُضَيَّعاً وَ لْيَكُنْ مَحْفُوظاً مَدْرُوساً فَلَا يَضْمَحِلَّ وَ لَا يُجْهَلَ وَ إِنَّمَا بُدِئَ بِالْحَمْدِ دُونَ سَائِرِ السُّوَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَ الْكَلَامِ جُمِعَ فِيهِ مِنْ جَوَامِعِ الْخَيْرِ وَ الْحِكْمَةِ مَا جُمِعَ فِي سُورَةِ الْحَمْدِ- وَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ «2» الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ إِنَّمَا هُوَ أَدَاءٌ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى خَلْقِهِ مِنَ الشُّكْرِ وَ شُكْرٌ لِمَا وَفَّقَ عَبْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ- رَبِّ الْعالَمِينَ‏ تَوْحِيدٌ لَهُ وَ تَحْمِيدٌ وَ إِقْرَارٌ بِأَنَّهُ هُوَ الْخَالِقُ الْمَالِكُ لَا غَيْرُهُ- الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ اسْتِعْطَافٌ وَ ذِكْرٌ لآِلَائِهِ وَ نَعْمَائِهِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ- مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ إِقْرَارٌ لَهُ بِالْبَعْثِ وَ الْحِسَابِ وَ الْمُجَازَاةِ وَ إِيجَابُ مُلْكِ الْآخِرَةِ لَهُ كَإِيجَابِ مُلْكِ الدُّنْيَا- إِيَّاكَ نَعْبُدُ رَغْبَةٌ وَ تَقَرُّبٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ إِخْلَاصٌ لَهُ بِالْعَمَلِ دُونَ غَيْرِهِ‏ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ اسْتِزَادَةٌ مِنْ تَوْفِيقِهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ اسْتِدَامَةٌ لِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ نَصَرَهُ‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ اسْتِرْشَادٌ لِدِينِهِ وَ اعْتِصَامٌ بِحَبْلِهِ وَ اسْتِزَادَةٌ فِي الْمَعْرِفَةِ لِرَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ تَوْكِيدٌ فِي السُّؤَالِ وَ الرَّغْبَةِ وَ ذِكْرٌ لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ رَغْبَةٌ فِي مِثْلِ تِلْكَ النِّعَمِ‏ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ اسْتِعَاذَةٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُعَانِدِينَ الْكَافِرِينَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِهِ وَ بِأَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ اعْتِصَامٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً فَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ جَوَامِعِ الْخَيْرِ وَ الْحِكْمَةِ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَ الدُّنْيَا مَا لَا يَجْمَعُهُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ.

وَ ذَكَرَ الْعِلَّةَ الَّتِي‏ «3» مِنْ أَجْلِهَا جُعِلَ الْجَهْرُ فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ دُونَ بَعْضٍ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الَّتِي تُجْهَرُ فِيهَا إِنَّمَا هِيَ فِي أَوْقَاتٍ مُظْلِمَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يُجْهَرَ فِيهَا لِيَعْلَمَ الْمَارُّ

______________________________

 (1). التغليس: السير بغلس، و الغلس- بفتحتين-: ظلمة آخر الليل.

 (2). في عيون الأخبار «و ذلك أن قول: الحمد للّه».

 (3). هذا مضمون رواية ابن شاذان لا لفظها.

310
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

أَنَّ هُنَاكَ جَمَاعَةً فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَّى لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرَ جَمَاعَةً عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ وَ الصَّلَاتَانِ اللَّتَانِ لَا يُجْهَرُ فِيهِمَا إِنَّمَا هُمَا بِالنَّهَارِ فِي أَوْقَاتٍ مُضِيئَةٍ فَهِيَ مِنْ جِهَةِ الرُّؤْيَةِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا إِلَى السَّمَاعِ فَإِذَا قَرَأْتَ‏ «1» الْحَمْدَ وَ سُورَةً فَكَبِّرْ وَاحِدَةً وَ أَنْتَ مُنْتَصِبٌ ثُمَّ ارْكَعْ وَ ضَعْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِكَ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى وَ ضَعْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَ أَلْقِمْ أَصَابِعَكَ عَيْنَ الرُّكْبَةِ وَ فَرِّجْهَا وَ مُدَّ عُنُقَكَ وَ يَكُونُ نَظَرُكَ فِي الرُّكُوعِ مَا بَيْنَ قَدَمَيْكَ‏ «2» إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِكَ.

927- وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا مَعْنَى مَدِّ عُنُقِكَ فِي الرُّكُوعِ فَقَالَ تَأْوِيلُهُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ لَوْ ضُرِبَتْ عُنُقِي.

فَإِذَا رَكَعْتَ فَقُلِ- اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَ لَكَ خَشَعْتُ وَ لَكَ أَسْلَمْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَ أَنْتَ رَبِّي خَشَعَ لَكَ وَجْهِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ شَعْرِي وَ بَشَرِي وَ لَحْمِي وَ دَمِي وَ مُخِّي وَ عَصَبِي وَ عِظَامِي وَ مَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ‏ «3» مِنِّي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- ثُمَّ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ قُلْتَهَا خَمْساً فَهُوَ أَحْسَنُ وَ إِنْ قُلْتَهَا سَبْعاً فَهُوَ أَفْضَلُ وَ يُجْزِيكَ ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ تَقُولُ- سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ تَسْبِيحَةٌ تَامَّةٌ تُجْزِي لِلْمَرِيضِ وَ الْمُسْتَعْجِلِ‏ «4» ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ وَ ارْفَعْ‏

______________________________

 (1). هذا من كلام المؤلّف- رحمه اللّه- و جاءت بمضمونه روايات تقدم بعضها.

 (2). في الكافي ج 3 ص 319 هكذا «و ليكن نظرك بين قدميك» و هكذا في التهذيب و ليس فيهما «الى موضع سجودك».

 (3). في الكافي «و ما أقلته قدماى غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر، سبحان ربى- الخ» و أقله أي حمله و رفعه.

 (4). لعل المراد بالتسبيحة التامة «سبحان اللّه» فانه تام لا يحتمل غير معناه، بخلاف «سبحان ربى» عند الاكتفاء، لان الرب عند الإضافة يحتمل غير المعنى المقصود، كما يقال:

رب الدار، و حينئذ يكون موافقا لما في الشرائع من الحكم و ان كان مخالفا له في اطلاق التامة، و يحتمل أن يراد بالتامة «سبحان ربى العظيم و بحمده» فيكون مذهبه مخالفا لمذهب المحقق في الشرائع. (مراد).

311
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

يَدَيْكَ وَ اسْتَوِ قَائِماً «1» ثُمَّ قُلْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ أَهْلِ الْجَبَرُوتِ وَ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْعَظَمَةِ وَ يُجْزِيكَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ‏ «2» ثُمَّ كَبِّرْ وَ اهْوِ إِلَى السُّجُودِ وَ ضَعْ يَدَيْكَ جَمِيعاً مَعاً قَبْلَ رُكْبَتَيْكَ.

928- وَ سَأَلَ طَلْحَةُ السُّلَمِيُ‏ «3» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ لِأَيِّ عِلَّةٍ تُوضَعُ الْيَدَانِ عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ فَقَالَ لِأَنَّ الْيَدَيْنِ بِهِمَا مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ.

وَ إِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ بَيْنَ الْأَرْضِ ثَوْبٌ فِي السُّجُودِ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ أَفْضَيْتَ بِهِمَا إِلَى الْأَرْضِ فَهُوَ أَفْضَلُ.

929- وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيُبَاشِرْ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ لَعَلَّ اللَّهَ يَدْفَعُ عَنْهُ الْغُلَ‏ «4» يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَ يَكُونُ سُجُودُكَ كَمَا يَتَخَوَّى الْبَعِيرُ الضَّامِرُ عِنْدَ بُرُوكِهِ‏ «5» وَ تَكُونُ شِبْهَ الْمُعَلَّقِ-

______________________________

 (1). يمكن أن يكون المراد رفع اليدين من الركبتين (سلطان) و استحباب الرفع لصحيحى ابن مسكان و معاوية بن عمّار المرويين في التهذيب ج 1 ص 155 قال معاوية:

 «رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يرفع يديه إذا ركع و إذا رفع رأسه من الركوع- الحديث» و الآخر عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «فى الرجل يرفع يده كلما أهوى للركوع و السجود و كلما رفع رأسه من ركوع أو سجود قال: هى العبودية».

 (2). ضمن «سمع» معنى استجاب. (مراد).

 (3). كذا في جميع النسخ التي عندي و الظاهر تصحيفه للتشابه الخطى و الصواب طلحة الشاميّ فان الالف إذا وصل بالميم يشبه «السلمى» و هو طلحة بن زيد الشاميّ بترى عامى له كتاب معتمد كما يظهر من فهرست الشيخ- رحمه اللّه- و طريق المؤلّف إليه صحيح كما في الخلاصة.

 (4). في بعض النسخ «الغلل» و يمكن أن يكون المراد بالغل الجامعة التي تكون من الحديد، أو العطش ففى القاموس: الغل و الغلة- بضمهما- و الغلل- محركة و كأمر-:

العطش أو شدته أو حرارة الجوف.

 (5). خوى في سجوده تخوية: تجافى و فرج ما بين عضديه و جنبيه. و ضمر الفرس من باب قعد: دق و قل لحمه. (المصباح المنير).

و في الكافي بإسناده عن الصادق (ع) قال: «كان على صلوات اللّه عليه إذا سجد يتخوى كما يتخوى البعير الضامر- يعنى بروكه-».

312
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

لَا يَكُونُ شَيْ‏ءٌ مِنْ جَسَدِكَ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهُ وَ يَكُونُ نَظَرُكَ فِي السُّجُودِ إِلَى طَرَفِ أَنْفِكَ وَ لَا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْكَ كَافْتِرَاشِ السَّبُعِ وَ لَكِنِ اجْنَحْ بِهِمَا «1» وَ تُرْغِمُ بِأَنْفِكَ وَ يُجْزِيكَ فِي مَوْضِعِ الْجَبْهَةِ مِنْ قُصَاصِ الشَّعْرِ إِلَى الْحَاجِبَيْنِ مِقْدَارُ دِرْهَمٍ وَ مَنْ لَا يُرْغِمْ بِأَنْفِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ‏ «2» وَ تَقُولُ فِي سُجُودِكَ- اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ لَكَ أَسْلَمْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ سَجَدَ لَكَ وَجْهِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ شَعْرِي وَ بَشَرِي وَ مُخِّي وَ عَصَبِي وَ عِظَامِي سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلَقَهُ وَ صَوَّرَهُ وَ شَقَّ سَمْعَهُ وَ بَصَرَهُ‏ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ‏ ثُمَّ تَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ بِحَمْدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ قُلْتَهَا خَمْساً فَهُوَ أَحْسَنُ وَ إِنْ قُلْتَهَا سَبْعاً فَهُوَ أَفْضَلُ وَ يُجْزِيكَ ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ تَقُولُ- سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ تَسْبِيحَةٌ تَامَّةٌ تُجْزِي لِلْمَرِيضِ وَ الْمُسْتَعْجِلِ ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ وَ اقْبِضْ يَدَيْكَ إِلَيْكَ قَبْضاً فَإِذَا تَمَكَّنْتَ مِنَ الْجُلُوسِ فَارْفَعْ يَدَيْكَ بِالتَّكْبِيرِ وَ قُلْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ ارْحَمْنِي وَ أَجِرْنِي‏ «3» وَ اهْدِنِي وَ عَافِنِي وَ اعْفُ عَنِّي وَ يُجْزِيكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ ارْحَمْنِي وَ ارْفَعْ يَدَيْكَ وَ كَبِّرْ «4» وَ اسْجُدِ الثَّانِيَةَ وَ قُلْ فِيهَا مَا قُلْتَ فِي الْأُولَى وَ لَا بَأْسَ بِالْإِقْعَاءِ «5» فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ‏

______________________________

 (1). الأصحّ «اجتنح بهما» على صيغة الامر من باب الافتعال، قال في المغرب: التجنح و الاجتناح هو أن يعتمد على راحتيه في السجود مجافيا لذراعيه غير مفترشهما.

 (2). ظاهره الوجوب و ان أمكن حمله على نفى الكمال كما تقدم في خبر حماد «أن وضع الانف على الأرض سنة».

 (3). يمكن أن يكون من الاجر و من الاجارة بمعنى الحفظ في الكنف، و في بعض النسخ «و اجبرنى» (مراد).

 (4). في بعض النسخ «و ارفع يديك مكبرا».

 (5). لا ينافى الكراهة و قد روى الكليني في الكافي ج 3 ص 326 بإسناده عن أبي بصير عن الصادق (ع) قال: «لا تقع بين السجدتين اقعاء».

313
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

وَ لَا بَأْسَ بِهِ بَيْنَ الْأُولَى وَ الثَّانِيَةِ وَ بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَ الرَّابِعَةِ «1» وَ لَا يَجُوزُ الْإِقْعَاءُ فِي مَوْضِعِ التَّشَهُّدَيْنِ‏ «2» لِأَنَّ الْمُقْعِيَ لَيْسَ بِجَالِسٍ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْضُهُ قَدْ جَلَسَ عَلَى بَعْضِهِ فَلَا يَصْبِرُ لِلدُّعَاءِ وَ التَّشَهُّدِ وَ مَنْ أَجْلَسَهُ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ أَنْ يَقُومَ فِيهِ فَلْيَتَجَافَ‏ «3» وَ السُّجُودُ مُنْتَهَى الْعِبَادَةِ مِنِ ابْنِ آدَمَ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا كَانَ فِي سُجُودِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ‏

930- وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ‏ يَا ابْنَ عَمِّ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ مَا مَعْنَى السَّجْدَةِ الْأُولَى فَقَالَ تَأْوِيلُهَا اللَّهُمَّ إِنَّكَ مِنْهَا خَلَقْتَنَا يَعْنِي مِنَ الْأَرْضِ وَ تَأْوِيلُ رَفْعِ رَأْسِكَ وَ مِنْهَا أَخْرَجْتَنَا وَ تَأْوِيلُ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَ إِلَيْهَا تُعِيدُنَا وَ رَفْعِ رَأْسِكَ وَ مِنْهَا تُخْرِجُنَا تَارَةً أُخْرَى.

931- وَ سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ عِلَّةِ الصَّلَاةِ كَيْفَ صَارَتْ رَكْعَتَيْنِ‏

______________________________

 (1). أي يجوز الاقعاء بين الركعتين اللتين ليس بينهما التشهد (مراد) أقول:

الاقعاء في الصلاة هو أن يضع أليتيه على عقبيه و جلس على باطن أصابع رجليه بين السجدتين أو في حال التشهد و هذا تفسير الفقهاء. و في اللغة أن يلصق الرجل أليتيه بالارض و ينصب ساقيه و يتساند الى ظهره.

 (2). لما ورد النهى عنه في خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) في الوسائل نقلا عن السرائر و فيه لفظة «لا ينبغي» المشعر بالكراهة، و ظاهر المؤلّف الحرمة و ان أمكن حمله على الكراهة الشديدة أو على صورة عدم الاستقرار. و كلام المؤلّف مضمون خبر رواه في معاني الأخبار ص 300 بإسناده عن الصادق (ع) قال: «لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين و بين الركعة الأولى و الثانية و بين الركعة الثالثة و الرابعة و إذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه فتجافى، و لا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الامن علة، لان المقعى ليس بجالس انما جلس بعضه على بعض».

 (3). يعني أن المأموم إذا أدرك الامام في الركعة الثانية فيلزمه إذا جلس الامام للتشهد أن يتجافى عن الأرض بأن يجلس مقعيا لانه أقرب الى القيام.

314
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

وَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ‏ «1» قَالَ لِأَنَّ رَكْعَةً مِنْ قِيَامٍ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ‏ «2».

وَ إِنَّمَا يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ- سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ وَ فِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ بِحَمْدِهِ لِأَنَّهُ.

932- لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى‏ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ‏ قَالَ النَّبِيُّ ص اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى‏ قَالَ النَّبِيُّ ص اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ‏ «3».

ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَ تَمَكَّنْ مِنَ الْأَرْضِ وَ ارْفَعْ يَدَيْكَ وَ كَبِّرْ ثُمَّ قُمْ إِلَى الثَّانِيَةِ فَإِذَا اتَّكَيْتَ عَلَى يَدَيْكَ لِلْقِيَامِ قُلْتَ بِحَوْلِ اللَّهِ وَ قُوَّتِهِ أَقُومُ وَ أَقْعُدُ فَإِذَا قُمْتَ إِلَى الثَّانِيَةِ قَرَأْتَ الْحَمْدَ وَ سُورَةً وَ قَنَتَّ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ إِنَّمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْأُولَى الْحَمْدُ وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لِأَنَّ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ سُورَةُ النَّبِيِّ ص وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ‏ «4» فَيَجْعَلُهُمُ الْمُصَلِّي وَسِيلَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ بِهِمْ وَصَلَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ يُقْرَأَ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةُ التَّوْحِيدِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ عَلَى أَثَرِهِ مُسْتَجَابٌ فَيُسْتَجَابُ بَعْدَهُ الْقُنُوتُ‏ «5»-

______________________________

 (1). المراد بالركعتين الركوعين على الظاهر.

 (2). أي ثواب ركعة من قيام مثل ثواب ركعتين من جلوس فيكون الانحناء للعبادة قائما مثل انحناءين جالسا في الثواب، و هذا ليس بقياس بل بيان للحكمين و التناسب (مراد) و قال سلطان العلماء: لعل السؤال عن علة زيادة عدد السجدة عن عدد الركعة فالجواب أن القيام يقوم مقام تكرارها، و يشكل هذا في الصلاة جالسا الا أن يقال: إنّه لما كان الأصل في الصلاة القيام صار كيفيتها جالسا تابعا لها قائما.

 (3). روى نحوه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 225 و المصنّف في العلل.

 (4). باعتبار أنهم أكثر الأوقات يقرءونها. و لا يخفى أن رواية حماد السابقة تدلّ على استحباب قراءة التوحيد في الأولى أيضا.

 (5). في بعض النسخ «فيستجاب على اثره القنوت».

315
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

وَ الْقُنُوتُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ مَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّداً فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ‏ يَعْنِي مُطِيعِينَ دَاعِينَ‏ «1» وَ أَدْنَى مَا يُجْزِي مِنَ الْقُنُوتِ أَنْوَاعٌ مِنْهَا أَنْ تَقُولَ- رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ تَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ «2» الْأَكْرَمُ وَ مِنْهَا أَنْ تَقُولَ سُبْحَانَ مَنْ دَانَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَ- الْأَرْضُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَ مِنْهَا أَنْ تُسَبِّحَ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ وَ لَا بَأْسَ أَنْ تَدْعُوَ فِي قُنُوتِكَ وَ رُكُوعِكَ وَ سُجُودِكَ وَ قِيَامِكَ وَ قُعُودِكَ لِلدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ تُسَمِّيَ حَاجَتَكَ إِنْ شِئْتَ.

933- وَ سَأَلَ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْقُنُوتِ فِيهِ قَوْلٌ مَعْلُومٌ فَقَالَ أَثْنِ عَلَى رَبِّكَ وَ صَلِّ عَلَى نَبِيِّكَ- وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ.

934- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: الْقُنُوتُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي التَّطَوُّعِ وَ الْفَرِيضَةِ.

935- وَ رَوَى عَنْهُ زُرَارَةُ أَنَّهُ قَالَ: الْقُنُوتُ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ.

وَ ذَكَرَ شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ فِي الْقُنُوتِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ يَقُولُ إِنَّهُ يَجُوزُ وَ الَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ.

936- لِقَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع‏ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ يُنَاجِي بِهِ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

______________________________

 (1). في المختلف: المشهور استحباب القنوت، و قال ابن أبي عقيل من تركه عامدا بطلت صلاته و عليه الإعادة، و من تركه ساهيا لم يكن عليه شي‏ء و قال أبو جعفر بن بابويه: «القنوت سنة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له» ثم قال بعد كلام طويل: احتج ابن بابويه بقوله تعالى: «وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ» و الجواب المنع من إرادة صورة النزاع اذ ليس فيه دلالة على وجوب القنوت في الصلاة، أقصى ما في الباب وجوب الامر بالقيام للّه ان قلنا بوجوب المأمور به و كما يتناول الصلاة فكذا غيرها، سلمنا وجوب القيام في الصلاة لكنها كما يحتمل وجوب القنوت يحتمل وجوب القيام حالة القنوت و هو الظاهر من مفهوم الآية و ليست دلالة الآية على وجوب القيام الموصوف بالقنوت بأولى من دلالتها على تخصيص الوجوب بحالة القيام، بل دلالتها على الثاني أولى لموافقته البراءة الاصلية.

 (2). «أنت الأجل» خ ل.

316
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

وَ لَوْ لَمْ يَرِدْ هَذَا الْخَبَرُ لَكُنْتُ أُجِيزُهُ بِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ.

937- عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ شَيْ‏ءٍ مُطْلَقٌ حَتَّى يَرِدَ فِيهِ نَهْيٌ‏ «1».

وَ النَّهْيُ عَنِ الدُّعَاءِ بِالْفَارِسِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ+

938- وَ قَالَ الْحَلَبِيُّ لَهُ‏ أُسَمِّي الْأَئِمَّةَ ع فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَجْمِلْهُمْ‏ «2».

939- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- كُلُّ مَا نَاجَيْتَ بِهِ رَبَّكَ فِي الصَّلَاةِ فَلَيْسَ بِكَلَامٍ‏ «3».

940- وَ سَأَلَهُ مَنْصُورُ بْنُ يُونُسَ بُزُرْجَ‏ عَنِ الرَّجُلِ يَتَبَاكَى فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى يَبْكِيَ فَقَالَ قُرَّةُ عَيْنٍ وَ اللَّهِ وَ قَالَ ع إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاذْكُرْنِي عِنْدَهُ‏ «4».

941- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْبُكَاءَ عَلَى الْمَيِّتِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَ الْبُكَاءَ لِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فِي الصَّلَاةِ.

وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَ لَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ إِلَّا الْبُكَاءَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ الْقَطْرَةَ مِنْهُ تُطْفِئُ بِحَاراً مِنَ النِّيرَانِ وَ لَوْ أَنَّ بَاكِياً بَكَى فِي أُمَّةٍ لَرُحِمُوا «5».

______________________________

 (1). هذا الخبر يدلّ على أن الأصل في الأشياء الاباحة و ينافى القول بأن الأصل في الصلاة الحرمة.

 (2). ظاهره أنى أسميهم بأساميهم في الصلاة عليهم في التشهد كما اسمى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و معنى «أجملهم» أي أذكرهم بأمر شامل لهم مثل «آل محمد» فيمكن أن يفهم منه وجوب الصلاة على آل محمد (ع). (مراد).

 (3). أي فليس بكلام مخلّ بالصلاة. (مراد).

 (4). «قرة عين» كناية عن السرور و الفرح أي يوجبهما في الآخرة، و يمكن أن يكون ذلك إشارة الى قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «قرة عينى في الصلاة» أي التباكى الذي يترتب عليه البكاء ينبغي أن يكون في الصلاة فيفهم منه معنى آخر لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غير ما هو المشهور (مراد) أقول: الطريق صحيح، و هو منصور بن يونس القرشيّ مولاهم يكنى أبا يحيى من أصحاب الكاظم عليه السلام واقفى.

 (5). مضمون مأخوذ من الخبر الذي رواه في ثواب الأعمال ص 200 بإسناده عن محمّد ابن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «ما من شي‏ء إلا و له كيل و وزن الا الدموع فان القطرة منها تطفئ بحارا من نار، و إذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر و لا ذلة فإذا فاضت حرمه اللّه على النار، و لو أن باكيا بكى في امة لرحموا».

317
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

942- وَ كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا ثَلَاثَ أَعْيُنٍ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ عَيْنٌ غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ عَيْنٌ بَاتَتْ سَاهِرَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ «1».

943- وَ رُوِيَ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَيَّاماً فَكَانَ يَقْنُتُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُجْهَرُ فِيهَا أَوْ لَا يُجْهَرُ «2».

944- وَ رُوِيَ عَنْ زُرَارَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- الْقُنُوتُ كُلُّهُ جِهَارٌ.

وَ الْقَوْلُ‏ «3» فِي قُنُوتِ الْفَرِيضَةِ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِوُلْدِي وَ لِأَهْلِ بَيْتِي وَ إِخْوَانِيَ الْمُؤْمِنِينَ فِيكَ الْيَقِينَ وَ الْعَفْوَ وَ الْمُعَافَاةَ وَ الرَّحْمَةَ وَ الْمَغْفِرَةَ وَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقُنُوتِ فَارْكَعْ وَ اسْجُدْ فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَتَشَهَّدْ وَ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى كُلُّهَا لِلَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ‏ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً+ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ «4» ثُمَّ انْهَضْ إِلَى الثَّالِثَةِ «5» وَ قُلْ‏

______________________________

 (1). رواه في الخصال ص 98 بإسناده عن السكونى عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السلام رفعه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

 (2). أي سواء كانت الصلاة جهرية أو اخفاتية، و في بعض النسخ «يجهر فيها و لا يجهر فيها» و حينئذ ينبغي أن يقرأ الفعلان على صيغة المعلوم أي يجهر أبو عبد اللّه (ع) في بعض تلك الصلوات و لا يجهر في بعضها، و ردّ الجهر و عدمه الى القنوت يحتاج الى تأويل بعيد في ضمير «فيها» و يدفعه الحديث الآتي. (مراد).

 (3). أي القول الكافي و هو اللّهمّ- الخ، اذ لا مانع لهذا القول في الجمعة، و فيه انه قد مر في رواية الحلبيّ «اثن على ربك و صل على نبيك و استغفر لذنبك» و ليس هذا القنوت جامعا لتلك الثلاثة. (مراد).

 (4). المراد ببين يدي الساعة كون تلك البشارة و الانذار قريبا من القيامة. (مراد).

 (5). ظاهره يدلّ على القول بعدم وجوب الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما نسب ذلك الى المؤلّف- رحمه اللّه- و نقل عن المعتبر دعوى الإجماع على وجوبها و يجى‏ء في آخر باب الفطرة في حديث أبي بصير و زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام «و لا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله»-

318
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

إِذَا اتَّكَيْتَ عَلَى يَدَيْكَ لِلْقِيَامِ- بِحَوْلِ اللَّهِ وَ قُوَّتِهِ أَقُومُ وَ أَقْعُدُ وَ قُلْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ إِمَاماً كُنْتَ أَوْ غَيْرَ إِمَامٍ- سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ إِنْ شِئْتَ قَرَأْتَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا- الْحَمْدَ إِلَّا أَنَّ التَّسْبِيحَ أَفْضَلُ فَإِذَا صَلَّيْتَ الرَّكْعَةَ الرَّابِعَةَ فَتَشَهَّدْ وَ قُلْ فِي تَشَهُّدِكَ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى كُلُّهَا لِلَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ‏ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ+ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ الطَّاهِرَاتُ الزَّاكِيَاتُ النَّامِيَاتُ‏ «1» الْغَادِيَاتُ الرَّائِحَاتُ الْمُبَارَكَاتُ الْحَسَنَاتُ لِلَّهِ مَا طَابَ وَ طَهُرَ وَ زَكَى وَ خَلَصَ وَ نَمَى فَلِلَّهِ وَ مَا خَبُثَ فَلِغَيْرِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ‏ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً+ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ أَنَّ النَّارَ حَقٌ‏ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ رَبِّي نِعْمَ الرَّبُّ وَ أَنَّ مُحَمَّداً نِعْمَ الرَّسُولُ أُرْسِلَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ السَّلَامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ السَّلَامُ عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَ يُجْزِيكَ فِي التَّشَهُّدِ الشَّهَادَتَانِ وَ هَذَا أَفْضَلُ لِأَنَّهَا الْعِبَادَةُ ثُمَّ تُسَلِّمُ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ تَمِيلُ بِعَيْنِكَ إِلَى يَمِينِكَ إِنْ كُنْتَ إِمَاماً وَ إِنْ صَلَّيْتَ وَحْدَكَ قُلْتَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ تَمِيلُ بِأَنْفِكَ إِلَى يَمِينِكَ وَ إِنْ كُنْتَ خَلْفَ إِمَامٍ تَأْتَمُّ بِهِ فَسَلِّمْ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ وَاحِدَةً رَدّاً عَلَى الْإِمَامِ وَ تُسَلِّمُ عَلَى يَمِينِكَ وَاحِدَةً وَ عَلَى يَسَارِكَ وَاحِدَةً إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى يَسَارِكَ إِنْسَانٌ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَى يَسَارِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ‏

______________________________

- و قد يستدل بصحيحة زرارة المتقدمة في باب الاذان عن أبي جعفر عليه السلام. (مراد) أقول: ما قاله- رحمه اللّه- في حديث زرارة «و صل- الخ» كونه من كلام الإمام عليه السلام نوقش فيه كما أشرنا إليه و على فرض أنّه من كلام الإمام عليه السلام كما هو مسلّم عندنا لا يدلّ على جزئيتها للتشهد. و يحتمل أنه- رحمه اللّه- اكتفى بشهرتها عن ذكرها لكن ينافى ما سيأتي من قوله «و يجزيك في التشهد الشهادتان».

 (1). في بعض النسخ «الناعمات».

319
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

بِجَنْبِ الْحَائِطِ فَتُسَلِّمَ عَلَى يَسَارِكَ‏ «1» وَ لَا تَدَعِ التَّسْلِيمَ عَلَى يَمِينِكَ كَانَ عَلَى يَمِينِكَ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.

945- وَ قَالَ رَجُلٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ يَا ابْنَ عَمِّ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ مَا مَعْنَى رَفْعِ رِجْلِكَ الْيُمْنَى وَ طَرْحِكَ الْيُسْرَى فِي التَّشَهُّدِ قَالَ تَأْوِيلُهُ اللَّهُمَّ أَمِتِ الْبَاطِلَ وَ أَقِمِ الْحَقَّ قَالَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ إِنَّ الْإِمَامَ يُتَرْجِمُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَقُولُ فِي تَرْجَمَتِهِ لِأَهْلِ الْجَمَاعَةِ أَمَانٌ لَكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

فَإِذَا سَلَّمْتَ رَفَعْتَ يَدَيْكَ وَ كَبَّرْتَ ثَلَاثاً وَ قُلْتَ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَ نَصَرَ عَبْدَهُ وَ أَعَزَّ جُنْدَهُ وَ غَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَ سَبِّحْ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ع وَ هِيَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً وَ ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً وَ ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً «2».

946- فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ع فِي دُبُرِ الْفَرِيضَةِ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ.

947- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ- أَ لَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَ عَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ- أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدِي فَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا وَ طَحَنَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا وَ كَسَحَتِ الْبَيْتَ‏ «3» حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا وَ أَوْقَدَتْ تَحْتَ الْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا «4» فَأَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ ضُرٌّ شَدِيدٌ فَقُلْتُ لَهَا لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ خَادِماً يَكْفِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ‏ «5» مِنْ هَذَا الْعَمَلِ فَأَتَتِ النَّبِيَّ ص فَوَجَدَتْ‏

______________________________

 (1). ما ذكره المؤلّف- رحمه اللّه- في كيفية السلام رواية رواها في العلل عن الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل في باب العلة التي من أجلها وجب التسليم في الصلاة.

 (2). في بعض النسخ تقدم التحميد على التسبيح كما هو المشهور لكن يجى‏ء ما يؤيد نسخة المتن.

 (3). مجلت يداها أي ظهر فيها المجل، و هو ماء يكون بين الجلد و اللحم من كثرة العمل الشاق و المجلة القشرة الرقيقة التي يجتمع فيها ماء من أثر العمل الشاق. و كسح- كمنع- كنس.

 (4). الدكنة لون يضرب الى السواد، و قد دكن الثوب يدكن دكنا. (الصحاح).

 (5). أي شدة ما أنت فيه من التعب و المشقة.

320
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

عِنْدَهُ حُدَّاثاً «1» فَاسْتَحْيَتْ فَانْصَرَفَتْ فَعَلِمَ ص أَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ لِحَاجَةٍ فَغَدَا عَلَيْنَا وَ نَحْنُ فِي لِحَافِنَا «2» فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَسَكَتْنَا وَ اسْتَحْيَيْنَا لِمَكَانِنَا ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ‏ «3» فَسَكَتْنَا ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَخَشِينَا إِنْ لَمْ نَرُدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ وَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ‏ «4» فَيُسَلِّمُ ثَلَاثاً فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَ إِلَّا انْصَرَفَ فَقُلْنَا وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْخُلْ فَدَخَلَ وَ جَلَسَ عِنْدَ رُءُوسِنَا ثُمَّ قَالَ يَا فَاطِمَةُ- مَا كَانَتْ حَاجَتُكِ أَمْسِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ نُجِبْهُ أَنْ يَقُومَ فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي فَقُلْتُ أَنَا وَ اللَّهِ أُخْبِرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- إِنَّهَا اسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا وَ جَرَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا وَ كَسَحَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا وَ أَوْقَدَتْ تَحْتَ الْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا فَقُلْتُ لَهَا لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ خَادِماً يَكْفِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ قَالَ أَ فَلَا أُعَلِّمُكُمَا مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنَ الْخَادِمِ إِذَا أَخَذْتُمَا مَنَامَكُمَا «5» فَكَبِّرَا أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً وَ سَبِّحَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً وَ احْمَدَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً فَأَخْرَجَتْ فَاطِمَةُ ع رَأْسَهَا وَ قَالَتْ رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ‏ «6».

______________________________

 (1). أي جماعة يتحدثون و هو جمع على غير قياس (النهاية) و في بعض النسخ «أحداثا».

و في بعضها «حدثاء».

 (2). في بعض النسخ «و نحن في لفاعنا» و اللفاع- ككتاب الملحفة و الكساء و النطع و الرداء و كلما تتلفع به المرأة. (القاموس).

 (3). هذا سلام الاستيذان و وجوب الرد فيه لم تثبت بل عدمه مشهور لان صاحب البيت مخير. و الواجب ردّ سلام التحية.

 (4). أي كان ذلك من عادته صلّى اللّه عليه و آله. (مراد).

 (5). أي محل نومكما. (مراد).

 (6). رواه الصدوق- رحمه اللّه- مسندا في كتبه عن رجال العامّة و اعتمد عليه في الترتيب و على تقدير صحته يمكن القول به عند النوم لا مطلقا و الظاهر الترتيب المشهور. (م ت)

أقول: روى البخارى و مسلم و أبو داود و اللفظ له بأسانيدهم عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لابن أعبد ألا أحدثك عنى و عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كانت من أحبّ أهله إليه-

321
من لا يحضره الفقيه1

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ص : 300

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ تَسْبِيحِ فَاطِمَةَ ع فَقُلِ- اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَ مِنْكَ السَّلَامُ وَ لَكَ السَّلَامُ وَ إِلَيْكَ يَعُودُ السَّلَامُ‏ سُبْحانَ رَبِّكَ‏ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ‏ وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ الْمَهْدِيِّينَ السَّلَامُ عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ- ثُمَّ تُسَلِّمُ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَاحِداً وَاحِداً ع وَ تَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ.

______________________________

- و كانت عندي؟ قال: بلى، قال: انها جرت بالرحى حتّى أثرت في يدها، و استقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، و كنست البيت حتّى اغبرت ثيابها، فأتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خدم- يعنى سبى- فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما، فأتته فوجدت عنده حداثا فرجعت، فأتاها من الغد فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت أنا أحدثك يا رسول اللّه، جرت بالرحى حتّى أثرت في يدها، و حملت القربة حتّى أثرت في بحرها فلما أن جاء الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حرّ ما هي فيه، قال: اتقى اللّه يا فاطمة، و أدى فريضة ربك، اعملى عمل أهلك و إذا أخذت مضجعك فسبحى ثلاثا و ثلاثين، و احمدى ثلاثا و ثلاثين، و كبرى أربعا و ثلاثين فتلك مائة، فهو خير لك من خادم، قالت: رضيت عن اللّه و عن رسوله. زاد في رواية «و لم يخدمها».

فقف أيها القارئ الكريم و تأمل جيدا في هذا الخبر الشريف المجمع عليه فان بضعة المصطفى (ص) و قرّة عينه الوحيدة تطلب منه من السبى و الغنائم خادما ليعينها في مهام- منزلها و يزيل عنها شيئا من تعبها و هو سلطان نافذ الكلمة، و راع مسيطر في وقته، بيده الأموال بل النفوس و له القدرة بأعظم مظاهرها بحيث يقول ناعته: لم أر قبله و لا بعده مثله، مع ذلك كله يأمر ابنته الوحيدة و فلذة كبده الفريدة بالتقوى و القيام بواجب بيتها و الإكثار من ذكر ربها و لم يرض أن يعطيه من بيت مال المسلمين خادما و قال صلّى اللّه عليه و عليهما: ألا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم. فتجيب المعصومة سلام اللّه عليها طائعة مشعوفة مختارة: «رضيت عن اللّه»، رضيت عن رسول اللّه». فخذ هذا مثالا يلمسك الحقيقة جدا في معرفة من حذا حذو الرسول (ص) و من مال عن طريقته و نأى بجانبه و حاد عن سنته ممن يدعى الخلافة بعده فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الامام المتبع فعله و الرئيس المقتفى أثره.-

322
من لا يحضره الفقيه1

باب التعقيب ص : 323

بَابُ التَّعْقِيبِ‏

948- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَدْنَى مَا يُجْزِيكَ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَ نَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَافِيَتَكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا كُلِّهَا وَ نَعُوذُ بِكَ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَ عَذَابِ الْآخِرَةِ.

______________________________

- هذا عليّ بن أبي طالب ترك التفضيل لنفسه و ولده على أحد من أهل الإسلام، دخلت عليه أخته أم هانى بنت أبى طالب فدفع إليها عشرين درهما، فسألت أم هانى مولاتها العجمية فقالت: كم دفع إليك أمير المؤمنين؟ فقالت: عشرين درهما، فانصرفت مسخطة، فقال لها:

انصرفى رحمك اللّه ما وجدنا في كتاب اللّه فضلا لإسماعيل على إسحاق. و بعث إليه من البصرة من غوص البحر بتحفة لا يدرى ما قيمتها فقالت ابنته أم كلثوم: أتجمّل به، و يكون في عنقى؟

فقال: يا أبا رافع أدخله الى بيت المال، ليس الى ذلك سبيل حتّى لا يبقى امرأة من المسلمين الا و لها مثل ذلك.

و لما ولى بالمدينة قام خطيبا فقال: يا معشر المهاجرين و الأنصار يا معشر قريش اعلموا و اللّه انى لا أرزؤكم من فيئكم شيئا ما قام لي عذق بيثرب، أ فتروني مانعا نفسى و ولدى و معطيكم و لاسويّن بين الأسود و الأحمر، فقام إليه عقيل فقال: لتجعلنى و أسود من سودان المدينة واحدا، فقال له: اجلس- رحمك اللّه- أ ما كان هاهنا من يتكلّم غيرك. و اشتهر أنّه عليه السلام يقول: و اللّه لقد رأيت عقيلا و قد أملق حتّى استماحنى من برّكم صاعا و رأيت صبيانه شعث الشعور غبر الالوان من فقرهم كانما سوّدت وجوههم بالعظلم و عاودنى مؤكّدا و كرّر على القول مردّدا، فأصغيت إليه سمعى فظنّ أنى أبيعه دينى و أتبع قياده مفارقا طريقتى فأحميت له حديدة ثمّ ادنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذى دنف من ألمها- الى آخر ما قال صلّى اللّه عليه.

و هذا ابن عفان أعطى سعد بن أبي سرح أخاه من الرضاعة جميع ما أفاء اللّه عليه من فتح افريقية بالمغرب و هي طرابلس الغرب الى طنجة من غير أن يشركه فيه أحدا من المسلمين، و أعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف، و أتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة فقسمها كلها في بني أميّة- ذلك كله في-

323
من لا يحضره الفقيه1

باب التعقيب ص : 323

949- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَ قَدْ تَخَلَّصَ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا يَتَخَلَّصُ الذَّهَبُ الَّذِي لَا كَدَرَ فِيهِ وَ لَا يَطْلُبَهُ أَحَدٌ بِمَظْلِمَةٍ «1» فَلْيَقُلْ فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ نِسْبَةَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً «2» ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَيْهِ وَ يَقُولُ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْنُونِ الْمَخْزُونِ الطَّاهِرِ الطُّهْرِ الْمُبَارَكِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ وَ سُلْطَانِكَ الْقَدِيمِ‏ «3» أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ يَا وَاهِبَ الْعَطَايَا يَا مُطْلِقَ الْأُسَارَى يَا فَكَّاكَ الرِّقَابِ مِنَ النَّارِ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَ أَنْ تُخْرِجَنِي مِنَ الدُّنْيَا آمِناً وَ أَنْ تُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ سَالِماً وَ أَنْ تَجْعَلَ دُعَائِي أَوَّلَهُ فَلَاحاً وَ أَوْسَطَهُ نَجَاحاً وَ آخِرَهُ صَلَاحاً إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ+ ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع هَذَا مِنَ الْمَخْبِيَّاتِ‏ «4» مِمَّا عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ع.

950- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ جَاءَ جَبْرَئِيلُ إِلَى يُوسُفَ ع- وَ هُوَ فِي السِّجْنِ فَقَالَ يَا يُوسُفُ- قُلْ فِي دُبُرِ كُلِّ فَرِيضَةٍ- اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ ارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ‏ «5».

951- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- تَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ- اللَّهُمَّ اهْدِنِي مِنْ عِنْدِكَ-

______________________________

- شرح ابن أبي الحديد ج 1 ص 67- و سعد بن أبي سرح هذا هو الذي أباح رسول اللّه دمه يوم الفتح كما في سنن أبي داود و أنساب البلاذري، و في بعض المصادر عبد اللّه بن أبي سرح. و بالجملة هاتان السيرتان مقياسان لمن يروم معرفة المحق و المبطل ممن كان بيده بيت المال.

 (1). اما بطريق الاسقاط و اعطاء العوض لصاحب الحق أو كونه بطريق التوفيق برد المظالم.

 (2). نسبة الرب هي سورة قل هو اللّه أحد، و تسميتها بنسبة الرب لاجل أن اليهود جاءت الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: انسب لنا ربك فنزل سورة التوحيد. (م ت).

 (3). كذا في التهذيب و في بعض النسخ «و سلطانك العزيز».

 (4). أي المكنونات، و في بعض النسخ «المنجيات» و في بعضها «المستجاب» و في بعضها «المختار».

 (5). الظاهر استحبابه للخلاص من السجن و السعة في الرزق. (م ت).

324
من لا يحضره الفقيه1

باب التعقيب ص : 323

وَ أَفِضْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ وَ انْشُرْ عَلَيَّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَ أَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ بَرَكَاتِكَ.

952- وَ قَالَ صَفْوَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ‏ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- إِذَا صَلَّى وَ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ رَفَعَ يَدَيْهِ فَوْقَ رَأْسِهِ‏ «1».

953- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- مَا بَسَطَ عَبْدٌ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا وَ اسْتَحَى اللَّهُ أَنْ يَرُدَّهَا صِفْراً حَتَّى يَجْعَلَ فِيهَا مِنْ فَضْلِهِ وَ رَحْمَتِهِ مَا يَشَاءُ فَإِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَرُدَّ يَدَيْهِ حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَ وَجْهِهِ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَلَى وَجْهِهِ وَ صَدْرِهِ.

954- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى فَلْيَكُنْ آخِرُ قَوْلِهِ- سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ حَسَنَةً «2».

955- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ فَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ لْيَنْصَبْ فِي الدُّعَاءِ فَقَالَ ابْنُ سَبَإٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِكُلِّ مَكَانٍ قَالَ بَلَى قَالَ فَلِمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ أَ وَ مَا تَقْرَأُ- وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ‏ وَ ما تُوعَدُونَ‏ فَمِنْ أَيْنَ يُطْلَبُ الرِّزْقُ إِلَّا مِنْ مَوْضِعِهِ وَ مَوْضِعُ الرِّزْقِ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّمَاءُ.

956- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ‏ إِذَا فَرَغَ مِنَ الزَّوَالِ- اللَّهُمَّ إِنِّي‏

______________________________

 (1). الظاهر أن رفع اليدين لاجل الدعاء و يسمى الابتهال كما فهمه الصدوق- رحمه اللّه- ظاهرا، لا كما فهمه بعض الاصحاب من مجرد الرفع، فينبغي أن يدعو حين رفعهما فوق الرأس بقبول الصلاة و غيره، و ينبغي أن يكون حين الرفع مبسوط اليدين و الكفين الى السماء كانه يطلب شيئا كما يدلّ عليه الخبر الآتي. (م ت).

 (2). حيث انه نزه الرب تعالى عما يصفه به المشركون من اتخاذ الشريك له و غير ذلك مما لا ينبغي بعز جلاله و كان قد انخرط بذلك في جملة المسلمين فتذكر ذلك العهد فقام ذلك التذكر مقام الدخول في جملتهم فاستحق الاحسان من كل واحد من بنى جنسه، و يمكن أن يقرأ كل مسلم على صيغة اسم المفعول من التفعيل أي كل مسلم عليه و هم الأنبياء (ع). (مراد).

325
من لا يحضره الفقيه1

باب التعقيب ص : 323

أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ وَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِمَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ وَ بِكَ اللَّهُمَّ لَكَ الْغِنَى عَنِّي وَ بِيَ الْفَاقَةُ إِلَيْكَ أَنْتَ الْغَنِيُّ وَ أَنَا الْفَقِيرُ إِلَيْكَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَ اسْتُرْ عَلَيَّ ذُنُوبِي وَ اقْضِ الْيَوْمَ حَاجَتِي وَ لَا تُعَذِّبْنِي بِقَبِيحِ مَا تَعْلَمُ بِهِ مِنِّي بَلْ عَفْوُكَ يَسَعُنِي وَ جُودُكَ‏ «1» ثُمَّ يَخِرُّ سَاجِداً وَ يَقُولُ- يَا أَهْلَ التَّقْوَى وَ يَا أَهْلَ الْمَغْفِرَةِ يَا بَرُّ يَا رَحِيمُ أَنْتَ أَبَرُّ بِي مِنْ أَبِي وَ أُمِّي وَ مِنْ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ اقْلِبْنِي بِقَضَاءِ حَاجَتِي‏ «2» مُجَاباً دُعَائِي مَرْحُوماً صَوْتِي قَدْ كَشَفْتَ أَنْوَاعَ الْبَلَاءِ عَنِّي.

957- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ قَالَ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‏ يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَ لَا يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ غَيْرُهُ أُعْطِيَ خَيْراً كَثِيراً.

958- وَ كَانَ ع يَقُولُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ اللَّهُمَّ بِيَدِكَ مَقَادِيرُ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مَقَادِيرُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ مَقَادِيرُ الْمَوْتِ وَ الْحَيَاةِ وَ مَقَادِيرُ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ مَقَادِيرُ النَّصْرِ وَ الْخِذْلَانِ وَ مَقَادِيرُ الْغِنَى وَ الْفَقْرِ اللَّهُمَّ ادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ اجْعَلْ مُنْقَلَبِي إِلَى خَيْرٍ دَائِمٍ وَ نَعِيمٍ لَا يَزُولُ.

959- وَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ أَنَّهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا ع بِهَذَا الدُّعَاءِ وَ عَلَّمَنِيهِ‏ «3» وَ قَالَ مَنْ دَعَا بِهِ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَمْ يَلْتَمِسْ حَاجَةً إِلَّا يُسِّرَتْ لَهُ وَ كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ‏ وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ‏ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا مَا شَاءَ النَّاسُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ إِنْ كَرِهَ‏

______________________________

 (1). في الكافي «بل عفوك وجودك يسعنى».

 (2). أي ردنى متلبسا بقضاء حاجتى.

 (3). «بهذا الدعاء» الباء للتقوية، و «علمنيه» أي بعد ما لقيته مشافهة علمنى معاني الدعاء و كيفية قراءته. (المرآة).

326
من لا يحضره الفقيه1

باب التعقيب ص : 323

النَّاسُ حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبُوبِينَ حَسْبِيَ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ حَسْبِيَ الرَّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقِينَ حَسْبِيَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ حَسْبِي حَسْبِي مَنْ كَانَ مُنْذُ كُنْتُ حَسْبِي لَمْ يَزَلْ حَسْبِي‏ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ‏.

960- وَ قَالَ ع‏ إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقُلْ- رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبّاً وَ بِالْإِسْلَامِ دِيناً وَ بِالْقُرْآنِ كِتَاباً وَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً وَ بِعَلِيٍّ وَلِيّاً وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ- عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ- وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَئِمَّةً اللَّهُمَّ وَلِيَّكَ الْحُجَّةَ فَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ وَ امْدُدْ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَ اجْعَلْهُ الْقَائِمَ بِأَمْرِكَ الْمُنْتَصِرَ لِدِينِكَ وَ أَرِهِ مَا يُحِبُّ وَ تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ فِي نَفْسِهِ وَ فِي ذُرِّيَّتِهِ- وَ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ وَ فِي شِيعَتِهِ وَ فِي عَدُوِّهِ وَ أَرِهِمْ مِنْهُ مَا يَحْذَرُونَ وَ أَرِهِ فِيهِمْ مَا يُحِبُّ وَ تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ وَ اشْفِ بِهِ صُدُورَنَا وَ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ‏ وَ كَانَ النَّبِيُّ ص يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَ مَا أَخَّرْتُ وَ مَا أَسْرَرْتُ وَ مَا أَعْلَنْتُ وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي وَ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي‏ «1» اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَ أَنْتَ الْمُؤَخِّرُ «2» لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَ بِقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْراً لِي فَأَحْيِنِي وَ تَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْراً لِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ وَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَ الرِّضَا وَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَ الْغِنَى-

______________________________

 (1). ان قيل: كيف يستغفر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مع أنّه معصوم حتّى من الخطأ و النسيان فضلا عن الاثم؟ قلنا: الاستغفار هو درجة العليين و سبيل المقربين و هو من أعظم القربات و لا يجب أن يكون لمعصية أو ذنب، فان السالك إلى اللّه سبحانه الطالب لمقام القرب مهما جد و اجتهد في السير يرى نفسه بطيئا لا تأتي بما يجب عليه من الاجتهاد في العمل و لذلك يستغفر ربّه عزّ و جلّ و يطلب العفو منه دائما.

 (2). المقدم و المؤخر على صيغة الفاعل من باب التفعيل من أسماء اللّه تعالى و معناهما على ما ذكره شيخنا الشهيد في قواعده المنزل للأشياء منازلها و ترتيبها في التكون و التصوير و الأزمنة و الامكنة على ما يقتضيه الحكمة. (سلطان).

327
من لا يحضره الفقيه1

باب التعقيب ص : 323

وَ أَسْأَلُكَ نَعِيماً لَا يَنْفَدُ وَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَ أَسْأَلُكَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَ شَوْقاً إِلَى لِقَائِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ «1» وَ لَا فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ وَ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِي مَنْ هَدَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرَّشَادِ وَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَ الرُّشْدَ وَ أَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَ حُسْنَ عَافِيَتِكَ وَ أَدَاءَ حَقِّكَ وَ أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ قَلْباً سَلِيماً وَ لِسَاناً صَادِقاً وَ أَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ وَ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا تَعْلَمُ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ وَ مَا لَا نَعْلَمُ فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَ لَا نَعْلَمُ وَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ+.

961- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ حُفِظَ فِي نَفْسِهِ وَ دَارِهِ وَ مَالِهِ وَ وُلْدِهِ- أُجِيرُ نَفْسِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي وَ أَهْلِي وَ دَارِي وَ كُلَّ مَا هُوَ مِنِّي بِاللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي‏ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَ أُجِيرُ نَفْسِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي وَ أَهْلِي وَ دَارِي وَ كُلَّ مَا هُوَ مِنِّي‏ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ‏ إِلَى آخِرِهَا وَ بِرَبِّ النَّاسِ‏ إِلَى آخِرِهَا وَ بِآيَةِ الْكُرْسِيِّ إِلَى آخِرِهَا «2».

962- وَ رُوِيَ عَنْ هِلْقَامِ بْنِ أَبِي هِلْقَامٍ أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ ع فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ عَلِّمْنِي دُعَاءً جَامِعاً لِلدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ أَوْجِزْ فَقَالَ قُلْ فِي دُبُرِ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ- فَقَالَ هِلْقَامٌ- وَ لَقَدْ كُنْتُ أَسْوَأَ أَهْلِ بَيْتِي حَالًا فَمَا عَلِمْتُ حَتَّى أَتَانِي مِيرَاثٌ مِنْ قِبَلِ رَجُلٍ مَا عَلِمْتُ‏ «3» أَنَّ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ قَرَابَةً وَ إِنِّي الْيَوْمَ أَيْسَرُ أَهْلِ بَيْتِي مَالًا وَ مَا ذَاكَ إِلَّا مِمَّا عَلَّمَنِي مَوْلَايَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ ع.

963- قَالَ زُرَارَةُ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ‏ الدُّعَاءُ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ تَنَفُّلًا «4».

وَ بِذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ.

______________________________

 (1). الضراء- ممدودا-: الحالة التي تضر و هي نقيض السراء.

 (2). أي يقول «باللّه لا إله إلّا هو- الخ» و يحتمل بان يقول: «بآية الكرسيّ: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ- الخ» بأن يكون التفصيل بدلا للاجمال. (مراد).

 (3). في الكافي ج 2 ص 540 «ما ظننت».

 (4). الخبر إلى هنا في التهذيب ج 1 ص 164 و الكافي ج 3 ص 342.

328
من لا يحضره الفقيه1

باب سجدة الشكر و القول فيها ص : 329

964- وَ قَالَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنِّي أَخْرُجُ‏ «1» وَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مُعَقِّباً فَقَالَ إِنْ كُنْتَ عَلَى وُضُوءٍ فَأَنْتَ مُعَقِّبٌ.

965- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي بَعْدَ الْغَدَاةِ سَاعَةً وَ بَعْدَ الْعَصْرِ سَاعَةً أَكْفِيكَ مَا أَهَمَّكَ.

966- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْجُلُوسُ بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فِي التَّعْقِيبِ وَ الدُّعَاءِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَبْلَغُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ‏ «2».

بَابُ سَجْدَةِ الشُّكْرِ وَ الْقَوْلِ فِيهَا

967- رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُنْدَبٍ‏ «3» عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: تَقُولُ‏ «4» فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ وَ أَنْبِيَاءَكَ وَ رُسُلَكَ وَ جَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ‏ «5» أَنْتَ اللَّهُ رَبِّي وَ الْإِسْلَامَ دِينِي وَ مُحَمَّداً نَبِيِّي وَ عَلِيّاً وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ- وَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ وَ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ- وَ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ وَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ الْحُجَّةَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍ‏

______________________________

 (1). أي أخرج في الحاجة.

 (2). أي الذهاب فيها لطلب الرزق.

 (3). الطريق حسن و عبد اللّه بن جندب- بضم الجيم- ثقة.

 (4). في بعض النسخ «يقول» أي يقول الساجد، خبر أريد به معنى الامر.

 (5). «انك» بكسر الهمزة لان المشهود به لا يكون الا جملة كما في قوله تعالى‏ «وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ» فلا تضر وحدة العاطف، و كذا المعطوفات المتتالية مع خبرها. و في بعض النسخ «أن» عطف جملة على جملة، و اما بعطف كل جزء على نظيره كما مر. (مراد).

329
من لا يحضره الفقيه1

باب سجدة الشكر و القول فيها ص : 329

أَئِمَّتِي بِهِمْ أَتَوَلَّى وَ مِنْ أَعْدَائِهِمْ أَتَبَرَّأُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ‏ «1» دَمَ الْمَظْلُومِ ثَلَاثاً اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ بِإِيوَائِكَ عَلَى نَفْسِكَ لِأَعْدَائِكَ‏ «2» لَتُهْلِكَنَّهُمْ بِأَيْدِينَا وَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ بِإِيوَائِكَ عَلَى نَفْسِكَ لِأَوْلِيَائِكَ لَتُظْفِرَنَّهُمْ بِعَدُوِّكَ وَ عَدُوِّهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ- وَ عَلَى الْمُسْتَحْفَظِينَ‏ «3» مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ثَلَاثاً وَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْيُسْرَ بَعْدَ الْعُسْرِ ثَلَاثاً ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَرْضِ وَ تَقُولُ يَا كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ وَ تَضِيقُ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ‏ «4» وَ يَا بَارِئَ خَلْقِي رَحْمَةً بِي وَ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ عَلَى الْمُسْتَحْفَظِينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ثَلَاثاً ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ

______________________________

 (1). بفتح الهمزة و ضم الشين من نشد الضالة نشدانا: طلبها، أي أسألك بدم المظلوم و أذكرك إيّاه و أطلبه منك (سلطان) و قال الفاضل التفرشى: المراد بالمظلوم سبط رسول الثقلين أبو عبد اللّه الحسين عليه السلام و من استشهد معه بل و أمير المؤمنين و سائر أولاده المعصومين الذين قتلوا بالسمّ و غيره صلوات اللّه عليهم.

 (2). في الحديث «ان اللّه تعالى قال: أويت على نفسى أن أذكر من ذكرنى» قال القتيبى: هذا غلط الا أن يكون من المقلوب و الصحيح وأيت من الوأى و هو الوعد يقول:

جعلته وعدا على نفسى (النهاية) و قوله «لتهلكنهم» متعلق بالايواء. و قال التفرشى- رحمه اللّه-: لعل قوله «أن تصلى» ثانى مفعول «أنشد» توسّطت بينهما جملة قسمية للتوكيد أي بايوائك أن جعلت ذاتك كهفا لاعدائك يرجعون إليه في كل ما يحتاجون إليه و قد عادوك في عدم الامتثال- انتهى. أقول: لعل المعنى أسألك بحق وعدك على نفسك و هو أن تهلك أعداءك بأيدينا و أيدي المؤمنين- الخ كما في قوله تعالى: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏- الآية».

 (3). يمكن أن يقرأ بفتح الفاء على صيغة المفعول و المعنى المحفوظين عن الخطأ و العصيان، أو بصيغة الفاعل أي الحافظين للدين.

 (4). «تعيينى» من الاعياء و هي العجز و قوله «بما رحبت» «ما» مصدرية و «رحبت» أي وسعت، أي حين تعجزنى المذاهب الى تحصيل أمرى و تدبيره و لم أهتد لوجهه سبيلا و ضاقت عليّ الأرض مع سعتها.

330
من لا يحضره الفقيه1

باب سجدة الشكر و القول فيها ص : 329

عَلَى الْأَرْضِ وَ تَقُولُ يَا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ وَ يَا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيلٍ قَدْ وَ عِزَّتِكَ بَلَغَ بِي مَجْهُودِي‏ «1» ثَلَاثاً ثُمَّ تَعُودُ لِلسُّجُودِ وَ تَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ شُكْراً شُكْراً ثُمَّ تَسْأَلُ حَاجَتَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَ لَا تَسْجُدْ سَجْدَةَ الشُّكْرِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ وَ اسْتَعْمِلِ التَّقِيَّةَ فِي تَرْكِهَا «2».

968- وَ رَوَى جَهْمُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ‏ «3» قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع وَ قَدْ سَجَدَ بَعْدَ الثَّلَاثِ الرَّكَعَاتِ مِنَ الْمَغْرِبِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ رَأَيْتُكَ سَجَدْتَ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَقَالَ وَ رَأَيْتَنِي فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَلَا تَدَعْهَا فَإِنَّ الدُّعَاءَ فِيهَا مُسْتَجَابٌ.

969- وَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ «4» أَنَّ الصَّادِقَ ع قَالَ لِرَجُلٍ إِذَا أَصَابَكَ هَمٌّ فَامْسَحْ يَدَكَ عَلَى مَوْضِعِ سُجُودِكَ ثُمَّ امْسَحْ يَدَكَ عَلَى وَجْهِكَ مِنْ جَانِبِ خَدِّكَ الْأَيْسَرِ وَ عَلَى جَبْهَتِكَ إِلَى جَانِبِ خَدِّكَ الْأَيْمَنِ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ «5»- كَذَلِكَ وَصَفَهُ لَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ثُمَّ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ‏ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ ... الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ‏ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الْغَمَّ وَ الْحَزَنَ ثَلَاثاً «6».

______________________________

 (1). أي بلّغنى مجهودى تبليغا الى حيث لم يبق لي طاقة. و قال الفاضل التفرشى قوله:

 «و عزتك بلغ مجهودى» «و عزتك» جملة قسمية وقعت بين «قد» و مدخوله أي قد بلغ مجهودى الغاية بحيث لم يبق لي جهد و طاقة، و في بعض النسخ «بلّغ بى مجهودى».

 (2). مع أنهم ذكروها في صحاحهم عن عائشة و غيرها و لكن تركوها رغما للشيعة.

 (3). في الطريق سعدان بن مسلم و هو مهمل، و في بعض النسخ «جهيم» مصغرا و هو بكلا العنوانين حسن.

 (4). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم.

 (5). يعني قال إبراهيم بن هاشم قال ابن أبي عمير: كذلك- الخ و للمصنف الى إبراهيم ابن عبد الحميد طريقان أحدهما عن ابن الوليد عن الصفار عن العباس بن معروف عن سعدان ابن مسلم عن إبراهيم بن عبد الحميد. و الأخرى عن أبيه عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عنه، و إبراهيم ثقة.

 (6). قوله «ثلاثا» قيد في المسح و الدعاء جميعا على الظاهر.

331
من لا يحضره الفقيه1

باب سجدة الشكر و القول فيها ص : 329

970- وَ رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَفْصٍ الْمَرْوَزِيِ‏ «1» أَنَّهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع- قُلْ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ مِائَةَ مَرَّةٍ- شُكْراً شُكْراً وَ إِنْ شِئْتَ عَفْواً عَفْواً.

971- وَ كَانَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- يَسْجُدُ بَعْدَ مَا يُصَلِّي فَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَتَعَالَى النَّهَارُ «2».

972- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ‏ «3» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْرِ وَ هُوَ مُتَوَضِّئٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَ مَحَا عَنْهُ عَشْرَ خَطَايَا عِظَامٍ.

973- وَ سَأَلَ سَعْدُ بْنُ سَعْدٍ الرِّضَا ع‏ عَنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ فَقَالَ أَرَى أَصْحَابَنَا يَسْجُدُونَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَ يَقُولُونَ هِيَ سَجْدَةُ الشُّكْرِ فَقَالَ إِنَّمَا الشُّكْرُ «4» إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدِهِ أَنْ يَقُولَ‏ سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ‏ «5» وَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ‏ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ+.

974- وَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: كَانَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ع إِذَا صَلَّى لَمْ يَنْفَتِلْ حَتَّى يُلْصِقَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ بِالْأَرْضِ وَ خَدَّهُ الْأَيْسَرَ بِالْأَرْضِ.

975- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع أَ تَدْرِي لِمَ اصْطَفَيْتُكَ بِكَلَامِي دُونَ خَلْقِي قَالَ مُوسَى لَا يَا رَبِّ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي قَلَّبْتُ عِبَادِي ظَهْراً وَ بَطْناً «6» فَلَمْ أَجِدْ فِيهِمْ أَحَداً أَذَلَّ نَفْساً لِي مِنْكَ يَا مُوسَى إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ وَضَعْتَ خَدَّيْكَ عَلَى التُّرَابِ.

______________________________

 (1). الطريق إليه صحيح أو حسن كالصحيح.

 (2). يظهر من بعض الروايات أن هذا دأبه حين كان عليه السلام في حبس هارون.

 (3). الطريق صحيح و قد تقدم الكلام فيه.

 (4). حملها الشيخ- رحمه اللّه- على التقية لانه موافق للعامة.

 (5). مقرنين أي مطيقين مقاومين له في القوّة.

 (6). في بعض النسخ «ظهرا لبطن».

332
من لا يحضره الفقيه1

باب سجدة الشكر و القول فيها ص : 329

976- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَجَدَ فَقَالَ يَا رَبِّ يَا رَبِّ حَتَّى يَنْقَطِعَ نَفَسُهُ قَالَ لَهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَبَّيْكَ مَا حَاجَتُكَ‏ «1».

977- وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ فِي سُجُودِهِ- اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ فَإِنِّي قَدْ أَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكَ وَ هُوَ الْإِيمَانُ بِكَ مَنّاً مِنْكَ عَلَيَّ لَا مَنّاً مِنِّي عَلَيْكَ وَ تَرَكْتُ مَعْصِيَتَكَ فِي أَبْغَضِ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكَ وَ هُوَ أَنْ أَدْعُوَ لَكَ وَلَداً أَوْ أَدْعُوَ لَكَ شَرِيكاً مَنّاً مِنْكَ عَلَيَّ لَا مَنّاً مِنِّي عَلَيْكَ وَ عَصَيْتُكَ فِي أَشْيَاءَ «2» عَلَى غَيْرِ وَجْهِ مُكَابَرَةٍ وَ لَا مُعَانَدَةٍ وَ لَا اسْتِكْبَارٍ عَنْ عِبَادَتِكَ وَ لَا جُحُودٍ لِرُبُوبِيَّتِكَ وَ لَكِنِ اتَّبَعْتُ هَوَايَ وَ اسْتَزَلَّنِي الشَّيْطَانُ بَعْدَ الْحُجَّةِ عَلَيَّ وَ الْبَيَانِ‏ «3» فَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي غَيْرَ ظَالِمٍ لِي وَ إِنْ تَغْفِرْ لِي وَ تَرْحَمْنِي فَبِجُودِكَ وَ بِكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وَ يَنْبَغِي لِمَنْ يَسْجُدُ سَجْدَةَ الشُّكْرِ أَنْ يَضَعَ ذِرَاعَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَ يُلْصِقَ جُؤْجُؤَهُ‏ «4» بِالْأَرْضِ.

978- وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْأَسَدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الصَّادِقَ ع قَالَ: إِنَّمَا يَسْجُدُ الْمُصَلِّي سَجْدَةً بَعْدَ الْفَرِيضَةِ لِيَشْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهَا عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَدَاءِ فَرْضِهِ وَ أَدْنَى مَا يُجْزِي فِيهَا «5»- شُكْراً لِلَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

979- وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ مُرَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ سَجْدَةُ الشُّكْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ‏ «6» تُتِمُّ بِهَا صَلَاتَكَ وَ تُرْضِي بِهَا رَبَّكَ وَ تَعْجَبُ الْمَلَائِكَةُ مِنْكَ وَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَةَ

______________________________

 (1). في الكافي ج 2 ص 520 نحوه بدون قيد السجود.

 (2). ليس هذا الكلام اعترافا بالذنب بل هو اعتراف بالتقصير و هو مقتضى مقام العبوديّة، و أقصى مراتب الكمال فيها فمن أجل ذلك و أمثاله سمّى عليه السلام: زين العابدين و سيّد الساجدين.

 (3). في بعض النسخ «و البرهان».

 (4). جؤجؤ- كهدهد- عظام الصدر.

 (5). أي من الذكر و الا فالسجدة تتحقّق بوضع الجبهة أو الخد على الأرض.

 (6). تأكيد للاستحباب أي كالواجبة في استحقاقها الاهتمام بها. (مراد).

333
من لا يحضره الفقيه1

باب سجدة الشكر و القول فيها ص : 329

الشُّكْرِ فَتَحَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْحِجَابَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ فَيَقُولُ يَا مَلَائِكَتِي انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي أَدَّى فَرْضِي وَ أَتَمَّ عَهْدِي ثُمَّ سَجَدَ لِي شُكْراً عَلَى مَا أَنْعَمْتُ بِهِ عَلَيْهِ مَلَائِكَتِي مَا ذَا لَهُ عِنْدِي قَالَ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبَّنَا رَحْمَتُكَ ثُمَّ يَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ثُمَّ مَا ذَا لَهُ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبَّنَا جَنَّتُكَ ثُمَّ يَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ثُمَّ مَا ذَا فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبَّنَا كِفَايَةُ مُهِمِّهِ فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ثُمَّ مَا ذَا قَالَ وَ لَا يَبْقَى شَيْ‏ءٌ مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا قَالَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَا مَلَائِكَتِي ثُمَّ مَا ذَا فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ رَبَّنَا لَا عِلْمَ لَنَا قَالَ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَشْكُرُ لَهُ كَمَا شَكَرَ لِي وَ أُقْبِلُ إِلَيْهِ بِفَضْلِي وَ أُرِيهِ وَجْهِي.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالْوَجْهِ كَالْوُجُوهِ فَقَدْ كَفَرَ وَ أَشْرَكَ وَ وَجْهُهُ أَنْبِيَاؤُهُ وَ حُجَجُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ هُمُ الَّذِينَ يَتَوَجَّهُ بِهِمُ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَ مَعْرِفَةِ دِينِهِ وَ النَّظَرُ إِلَيْهِمْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثَوَابٌ عَظِيمٌ يَفُوقُ عَلَى كُلِّ ثَوَابٍ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ‏ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ‏ «1» يَعْنِي فَثَمَّ التَّوَجُّهُ إِلَى اللَّهِ وَ لَا يَجِبُ أَنْ تُنْكَرَ مِنَ الْأَخْبَارِ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ‏ «2».

______________________________

 (1). مقصود المصنّف بيان وقوع الوجه في القرآن لغير المعنى المتعارف فيحمل في كل موضع على ما يناسبه ففى قوله‏ «وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ» يحمل على الذّات و في قوله‏ «فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ» على التوجه.

 (2). أي الألفاظ الواردة في القرآن و هي بالرفع اسند إليها «ينكر» على صيغة المجهول أى لا موجب لانكار الاخبار التي لا يجوز حملها على ظاهرها إذا كانت مطابقة أو موافقة لألفاظ القرآن بل يجب تأويلها و حملها على غير الظاهر كما نفعل هكذا في ألفاظ القرآن. فالوجه في هذا الخبر له تأويل و المراد بوجه اللّه أنبياؤه و حججه عليهم السلام.

334
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يستحب من الدعاء في كل صباح و مساء ص : 335

بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الدُّعَاءِ فِي كُلِّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ

980- رَوَى عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عُتْبَةَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَنْ قَالَ عَشْرَ مَرَّاتٍ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَ قَبْلَ غُرُوبِهَا- لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ‏ وَحْدَهُ‏ لا شَرِيكَ لَهُ‏ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ‏ وَ هُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ+ كَانَتْ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.

981- وَ رَوَى عَنْهُ حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ نُوحٌ ع يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ وَ أَمْسَى- اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ مَا أَصْبَحَ وَ أَمْسَى بِي مِنْ نِعْمَةٍ وَ عَافِيَةٍ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَكَ الْحَمْدُ وَ لَكَ الشُّكْرُ بِهَا عَلَيَّ حَتَّى تَرْضَى وَ بَعْدَ الرِّضَا- يَقُولُهَا إِذَا أَصْبَحَ عَشْراً وَ إِذَا أَمْسَى عَشْراً فَسُمِّيَ بِذَلِكَ عَبْداً شَكُوراً وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يَقُولُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَ الْحَزَنِ وَ الْعَجْزِ وَ الْكَسَلِ وَ الْبُخْلِ وَ الْجُبْنِ وَ ضَلَعِ الدَّيْنِ وَ غَلَبَةِ الرِّجَالِ وَ بَوَارِ الْأَيِّمِ وَ الْغَفْلَةِ وَ الذِّلَّةِ وَ الْقَسْوَةِ وَ الْعَيْلَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ «1» وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَ مِنْ عَيْنٍ لَا تَدْمَعُ وَ مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ وَ مِنْ صَلَاةٍ لَا تَنْفَعُ وَ أَعُوذُ بِكَ‏

______________________________

 (1). الضلع- محركة-: الاعوجاج، و بسكون اللام: الميل عن الحق فينبغي أن يقرأ الدين بكسر الدال، و قد جاء الضلع- بفتحتين- بمعنى الثقل فحينئذ الدين بفتح الدال، و الظاهر أن المراد بغلبة الرجال غالبية الاعادى منهم أو مغلوبية الرجال من النساء و هو اما باعتبار افتتانهم بهن لحسنهن أو لسحرهن، و بوار الايّم- ككيس- يعنى كسادها و الايّم من لا زوج لها بكرا كان أو ثيّبا و هي مع ذلك لا يرغب فيها أحد، و العيلة: الفقر و الفاقة كالمسكنة.

335
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يستحب من الدعاء في كل صباح و مساء ص : 335

مِنِ امْرَأَةٍ تُشَيِّبُنِي قَبْلَ أَوَانِ مَشِيبِي‏ «1» وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَلَدٍ يَكُونُ عَلَيَّ رِبَاءً «2» وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ مَالٍ يَكُونُ عَلَيَّ عَذَاباً وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَاحِبِ خَدِيعَةٍ إِنْ رَأَى حَسَنَةً دَفَنَهَا وَ إِنْ رَأَى سَيِّئَةً أَفْشَاهَا اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ لِفَاجِرٍ عِنْدِي يَداً وَ لَا مِنَّةً «3».

982- وَ رَوَى عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبِي ع يَقُولُ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ- يَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَ‏ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يَا مَنْ‏ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ‏ يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى يَا مَنْ‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ‏ الْعَلِيمُ+ يَا أَجْوَدَ مَنْ سُئِلَ وَ يَا أَوْسَعَ مَنْ أَعْطَى وَ يَا خَيْرَ مَدْعُوٍّ وَ يَا أَفْضَلَ مَرْجُوٍّ «4» وَ يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ وَ يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ وَ يَا خَيْرَ النَّاصِرِينَ وَ يَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ وَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ أَوْسِعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي وَ امْدُدْ لِي فِي عُمُرِي وَ انْشُرْ عَلَيَّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ وَ لَا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَكَفَّلْتَ بِرِزْقِي وَ رِزْقِ كُلِّ دَابَّةٍ فَأَوْسِعْ عَلَيَّ وَ عَلَى عِيَالِي مِنْ رِزْقِكَ الْوَاسِعِ الْحَلَالِ وَ اكْفِنَا مِنَ الْفَقْرِ ثُمَّ يَقُولُ مَرْحَباً بِالْحَافِظَيْنِ وَ حَيَّاكُمَا اللَّهُ مِنْ كَاتِبَيْنِ اكْتُبَا رَحِمَكُمَا اللَّهُ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَشْهَدُ أَنْ الدِّينَ كَمَا شَرَعَ‏ «5» وَ أَنَّ الْإِسْلَامَ كَمَا وَصَفَ وَ أَنَّ الْكِتَابَ كَمَا أَنْزَلَ وَ أَنَّ الْقَوْلَ كَمَا حَدَّثَ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ اللَّهُمَّ بَلِّغْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ- أَفْضَلَ التَّحِيَّةِ وَ أَفْضَلَ السَّلَامِ أَصْبَحْتُ وَ رَبِّي مَحْمُودٌ أَصْبَحْتُ لَا أُشْرِكُ‏

______________________________

 (1). بأن تكون سليطة أو غير موافقة.

 (2). بفتح الراء قبل الموحدة المخففة و بالمد- كسماء- بمعنى الطول و المنة، و الرباء: الفضل و المنّة يقال لفلان على رباء أي منة و ذلك بأن يكون الوالد فقيرا محتاجا الى الولد و يبغى الولد على والده، أو يكون عاقا مسلطا عليه.

 (3). قوله: «يدا» أي نعمة يجب عليّ مكافاتها.

 (4). في جملة من النسخ «و يا أفضل مرتجى».

 (5). «كما شرع» يجوز رجوع الضمير إلى اللّه عزّ و جلّ و الى محمد (ص) لكن بقرينة «و أن الكتاب كما أنزل» راجع إليه تعالى.

336
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يستحب من الدعاء في كل صباح و مساء ص : 335

بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لَا أَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً وَ لَا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً أَصْبَحْتُ عَبْداً مَمْلُوكاً لَا أَمْلِكُ إِلَّا مَا مَلَّكَنِي رَبِّي أَصْبَحْتُ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسُوقَ إِلَى نَفْسِي خَيْرَ مَا أَرْجُو وَ لَا أَصْرِفَ عَنْهَا شَرَّ مَا أَحْذَرُ أَصْبَحْتُ مُرْتَهَناً بِعَمَلِي وَ أَصْبَحْتُ فَقِيراً لَا أَجِدُ أَفْقَرَ مِنِّي بِاللَّهِ أُصْبِحُ وَ بِاللَّهِ أُمْسِي وَ بِاللَّهِ أَحْيَا وَ بِاللَّهِ أَمُوتُ وَ إِلَى اللَّهِ النُّشُورُ.

983- وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَ أَمْسَيْتَ- أَصْبَحْنَا وَ الْمُلْكُ وَ الْحَمْدُ وَ الْعَظَمَةُ وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْجَبَرُوتُ وَ الْحِلْمُ وَ الْعِلْمُ وَ الْجَلَالُ وَ الْجَمَالُ وَ الْكَمَالُ وَ الْبَهَاءُ وَ الْقُدْرَةُ وَ التَّقْدِيسُ وَ التَّعْظِيمُ وَ التَّسْبِيحُ وَ التَّكْبِيرُ وَ التَّهْلِيلُ وَ التَّحْمِيدُ «1» وَ السَّمَاحُ وَ الْجُودُ وَ الْكَرَمُ وَ الْمَجْدُ وَ الْمَنُّ وَ الْخَيْرُ وَ الْفَضْلُ وَ السَّعَةُ وَ الْحَوْلُ وَ السُّلْطَانُ وَ الْقُوَّةُ وَ الْعِزَّةُ وَ الْقُدْرَةُ وَ الْفَتْقُ وَ الرَّتْقُ وَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ الظُّلُمَاتُ وَ النُّورُ وَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ وَ الْخَلْقُ جَمِيعاً وَ الْأَمْرُ كُلُّهُ وَ مَا سَمَّيْتُ وَ مَا لَمْ أُسَمِّ وَ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَ مَا لَمْ أَعْلَمْ وَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ بِاللَّيْلِ وَ جَاءَ بِالنَّهَارِ وَ أَنَا فِي نِعْمَةٍ مِنْهُ وَ عَافِيَةٍ وَ فَضْلٍ عَظِيمٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‏ لَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‏ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ‏ وَ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ‏ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ‏ ... وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اللَّهُمَّ بِكَ نُمْسِي وَ بِكَ نُصْبِحُ وَ بِكَ نَحْيَا وَ بِكَ نَمُوتُ وَ إِلَيْكَ نَصِيرُ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَذِلَّ أَوْ أُذِلَّ أَوْ أَضِلَّ أَوْ أُضِلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ اللَّهُمَّ لَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَ هَبْ لِي‏ مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ+ ثُمَّ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ خَلْقَانِ مِنْ خَلْقِكَ‏ «2» فَلَا تَبْتَلِيَنِّي فِيهِمَا بِجُرْأَةٍ عَلَى مَعَاصِيكَ وَ لَا رُكُوبٍ لِمَحَارِمِكَ وَ ارْزُقْنِي فِيهِمَا عَمَلًا مُتَقَبَّلًا وَ سَعْياً مَشْكُوراً وَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ «3».

______________________________

 (1). في بعض النسخ و التمجيد».

 (2). في بعض النسخ «خلفان» و قال السيّد الداماد- رحمه اللّه-: بكسر الخاء المعجمة و اسكان اللام قبل الفاء اي متعاقبان مترددان على التعاقب يذهب أحدهما و يجيى‏ء الآخر. و حينئذ يكون معنى «من خلقك» من تقديرك.

 (3). البور: الهلاك و كساد السوق.

337
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

984- وَ رُوِيَ عَنْ مِسْمَعٍ كِرْدِينٍ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَرْبَعِينَ صَبَاحاً فَكَانَ إِذَا انْفَتَلَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ- أَصْبَحْنَا وَ أَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ إِنَّا عَبِيدُكَ وَ أَبْنَاءُ عَبِيدِكَ اللَّهُمَّ احْفَظْنَا مِنْ حَيْثُ نَحْتَفِظُ وَ مِنْ حَيْثُ لَا نَحْتَفِظُ اللَّهُمَّ احْرُسْنَا مِنْ حَيْثُ نَحْتَرِسُ وَ مِنْ حَيْثُ لَا نَحْتَرِسُ اللَّهُمَّ اسْتُرْنَا مِنْ حَيْثُ نَسْتَتِرُ وَ مِنْ حَيْثُ لَا نَسْتَتِرُ اللَّهُمَّ اسْتُرْنَا بِالْغِنَى وَ الْعَافِيَةِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الْعَافِيَةَ وَ دَوَامَ الْعَافِيَةِ وَ ارْزُقْنَا الشُّكْرَ عَلَى الْعَافِيَةِ.

بَابُ أَحْكَامِ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ

985- رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ «1» عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ ع‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَيْكَ أَشْكُو مَا أَلْقَى مِنَ الْوَسْوَسَةِ فِي صَلَاتِي حَتَّى لَا أَعْقِلُ مَا صَلَّيْتُ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا دَخَلْتَ فِي صَلَاتِكَ فَاطْعُنْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى بِإِصْبَعِكَ الْيُمْنَى الْمُسَبِّحَةِ ثُمَّ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَإِنَّكَ تَنْحَرُهُ وَ تَزْجُرُهُ وَ تَطْرُدُهُ عَنْكَ‏ «2».

986- وَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- السَّهْوَ فِي الْمَغْرِبِ فَقَالَ صَلِّهَا بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَذَهَبَ عَنِّي‏ «3».

987- وَ رَوَى أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيَ‏

______________________________

 (1). هو السكونى و في الطريق إليه من لم يوثّق.

 (2). نحره- كمنعه-: دفعه و زجره أي منعه و نهاه، و الطرد الابعاد.

 (3). المراد قراءة التوحيد في الأولى و الكافرون في الثانية. فحيث أن القراءة في الثالثة التسبيحات الأربعة فيعينه هذا الترتيب على عدم الشك و الظاهر أن المراد بالسهو هنا الشك.

338
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

ص رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقِيتُ مِنْ وَسْوَسَةِ صَدْرِي شِدَّةً وَ أَنَا رَجُلٌ مُعِيلٌ مَدِينٌ مُحْوِجٌ فَقَالَ لَهُ كَرِّرْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ- تَوَكَّلْتُ‏ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ‏ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً قَالَ فَلَمْ يَلْبَثِ الرَّجُلُ أَنْ عَادَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي وَسْوَسَةَ صَدْرِي وَ قَضَى دَيْنِي وَ وَسَّعَ رِزْقِي.

988- وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَعُدَّ الرَّجُلُ صَلَاتَهُ بِخَاتَمِهِ أَوْ بِحَصًى يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَعُدُّ بِهِ.

989- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ فِي الصَّلَاةِ فَامْضِ عَلَى صَلَاتِكَ وَ لَا تُعِدْ.

990- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ فَدَعْهُ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَدَعَكَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ‏ «1».

991- وَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ أَنَّ الصَّادِقَ ع قَالَ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يَسْهُو فِي كُلِّ ثَلَاثٍ‏ «2» فَهُوَ مِمَّنْ كَثُرَ عَلَيْهِ السَّهْوُ.

992- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ إِلَّا مِنْ خَمْسَةٍ «3» الطَّهُورِ وَ الْوَقْتِ وَ الْقِبْلَةِ وَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ ثُمَّ قَالَ الْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ وَ التَّشَهُّدُ

______________________________

 (1). لانه إذا رأى أنّه لا يؤثر يترك. (مراد).

 (2). لعل التعميم فيما يسهى عنه أي سواء كانت تلك الثلاث من الركعات أو الصلوات أو ممّا فيهما بشرط توالى الصلوات. (مراد).

 (3). أي من الاخلال بها سواء كان عمدا أو سهوا أما من الطهارة فظاهر، و أمّا من الوقت فللاتيان بها قبل دخول وقتها بحيث لا يقع شي‏ء منها في وقتها، و أمّا الإتيان بها بعد الوقت كما إذا أخلّ بها في الوقت ظانّا بقاءه فأتى بها بعد الوقت فان قلنا بصحتها فلان ذلك وقتها المعين له شرعا غايته كان عليه أن ينوى القضاء و لم ينو بل نواها أداء، و ذلك لا يوجب وقوعها في غير وقتها، و أمّا القبلة، فالاخلال بها انما هو في الاستدبار و هو يوجب الإعادة، و ما وقع بين المشرق و المغرب فليس خارجا عن القبلة، و ما وقع على نفس المشرق و المغرب فقد يوجب الإعادة، و لا ينتقض الحصر بالنسبة الى النية و تكبيرة الاحرام لان الأولى لازمة الثانية و هي لا تنسى على ما وقع في الخبر، أو يقال: ان القصر اضافى بالنسبة الى التشهد و القراءة. (مراد).

339
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

سُنَّةٌ وَ لَا تَنْقُضُ السُّنَّةُ الْفَرِيضَةَ «1».

وَ الْأَصْلُ فِي السَّهْوِ أَنَّ مَنْ سَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ‏ «2» مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْمَغْرِبِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْغَدَاةِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَ مَنْ شَكَّ فِي الثَّانِيَةِ وَ الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ وَ الرَّابِعَةِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَمَّ مَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ نَقَصَ.

993- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- لِعَمَّارِ بْنِ مُوسَى‏ يَا عَمَّارُ أَجْمَعُ لَكَ السَّهْوَ كُلَّهُ فِي كَلِمَتَيْنِ مَتَى مَا شَكَكْتَ فَخُذْ بِالْأَكْثَرِ فَإِذَا سَلَّمْتَ فَأَتِمَّ مَا ظَنَنْتَ أَنَّكَ قَدْ نَقَصْتَ‏ «3».

340- وَ مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ‏ أَنَّ الْفَقِيهَ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ «4».

إِنَّمَا هُوَ فِي الثَّلَاثِ‏

______________________________

 (1). يعني ما ثبت بالسنة لا يرفع حكم ما ثبت بالكتاب فإذا ركع و سجد لا ترتفع صحتها بالاخلال بالقراءة و التشهّد بخلاف العكس سهوا، و أمّا قوله عزّ و جلّ‏ «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ» فليس نصّا في وجوبها في الصلاة فلا يكون القراءة فريضة و لو سلّم فالمستفاد منه وجوب ما يصدق عليه القراءة و الاخلال بها بنسيان الفاتحة و السورة و أبعاضها في جميع الركعات ممّا لا يكاد أن يمكن و هذا الحكم اما لبيان الحكمة في خصوص المادّة أو لبيان أن الأصل ذلك فلا يخالف الا لدليل (مراد) أقول: الاستدلال على وجوب القراءة بالآية غير سديد لان مقتضى الخبر أن القراءة من السنّة لا من القرآن و الظاهر أن الآية نزلت في القراءة في الليل مطلقا، أو في صلاة الليل كما يفهم من صدر الآية و ذيلها فتأمل.

 (2). الظاهر أن المراد الشك في عدد الأوليين لا كل سهو وقع فيهما فانه لو كان السهو فيهما عن غير الركن أو عن الركن و يمكن استدراكه في محلّه فليس عليه إعادة الصلاة. (سلطان).

 (3). «أجمع لك السهو» أي أبين لك حكمه. و لعلّ المراد به الشك الواقع في الرباعية بعد تحقّق الركعتين بكمالهما من غير أن يتجاوز الاربع اذ لو تجاوزها كما إذا تعلق بالخامسة و ما زاد لم يمكن البناء على الاكثر، و قوله «فاذا سلمت فأتم- الخ» يدل على فورية الإتيان بالنقصان. (مراد).

 (4). في التهذيب ج 1 ص 236 مسندا عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام «قال: ما أعاد الصلاة فقيه، يحتال لها و يدبّرها حتّى لا يعيدها». و في ص 190 في حديث «لا يعيد الصلاة فقيه».

340
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

وَ الْأَرْبَعِ لَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَ لَا تَجِبُ سَجْدَتَا السَّهْوِ إِلَّا عَلَى مَنْ قَعَدَ فِي حَالِ قِيَامِهِ أَوْ قَامَ فِي حَالِ قُعُودِهِ أَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ أَوْ لَمْ يَدْرِ زَادَ أَوْ نَقَصَ وَ هُمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ فِي الزِّيَادَةِ وَ النُّقْصَانِ‏ «1».

994- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَ قَبْلَ الْكَلَامِ.

995- وَ أَمَّا حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَقَالَ إِذَا نَقَصْتَ فَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَ إِذَا زِدْتَ فَبَعْدَهُ.

فَإِنِّي أُفْتِي بِهِ فِي حَالِ التَّقِيَّةِ «2».

996- وَ سَأَلَهُ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُ‏ عَنْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ هَلْ فِيهِمَا تَكْبِيرٌ أَوْ تَسْبِيحٌ فَقَالَ لَا إِنَّمَا هُمَا سَجْدَتَانِ فَقَطْ «3» فَإِنْ كَانَ الَّذِي سَهَا هُوَ الْإِمَامَ كَبَّرَ إِذَا سَجَدَ وَ

______________________________

 (1). ظاهره أنّه قد علم أن هناك اخلالا لكن شك في أنّه بزيادة فعل أو نقصانه فيجب تخصيصه/ بما إذا لم يعلم أن المخل به ركن (مراد) أقول: الحصر اضافى لما سيجي‏ء في غيرها الا أن يحمل في غيرها على الاستحباب.

 (2). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 191 خبرين نحو هذا أحدهما عن سعد بن سعد عن الرضا (ع) و الآخر عن أبي الجارود عن الباقر (ع) و قال: ان هذين الخبرين محمولان على ضرب من التقية لأنّهما موافقان لمذاهب العامّة. ثم نقل كلام المصنّف هذا.

 (3). في بعض النسخ «لا انهما سبحدتان فقط» و هكذا في التهذيب. و يدلّ على عدم وجوب التسبيح فيهما و لا يدلّ على عدم وجوب الذكر، و لا ينافى خبر الحلبيّ الآتي. و قال الشيخ- رحمه اللّه-: المراد بهذا الخبر أنّه ليس فيهما تسبيح و تشهد كالتسبيح و التشهد في الصلوات من التطويل فيها دون أن يكون المراد به نفى التسبيح و التشهد على كل حال، و عندنا أن المسنون أن يخفف الإنسان في التشهد الذي بعد سجدتى السهو و يحمد اللّه تعالى في السجود و يصلى على نبيه (ص) بلا تطويل، و الذي يكشف عما ذكرناه ما رواه سعد بن عبد اللّه عن أبي جعفر عن محمّد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان عن عبيد اللّه الحلبيّ عن أبي عبد اللّه (ع) أنه قال: إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة، تتشهد فيهما تشهدا خفيفا». أقول سيأتي الخبر تحت رقم 1019.

341
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ‏ «1» لِيَعْلَمَ مَنْ خَلْفَهُ أَنَّهُ قَدْ سَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَبِّحَ فِيهِمَا وَ لَا فِيهِمَا «2» تَشَهُّدٌ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ‏ «3».

997- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: تَقُولُ‏ «4» فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ وَ سَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى يَقُولُ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

وَ مَنْ شَكَّ فِي أَذَانِهِ وَ قَدْ أَقَامَ الصَّلَاةَ فَلْيَمْضِ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْإِقَامَةِ بَعْدَ مَا كَبَّرَ فَلْيَمْضِ وَ مَنْ شَكَّ فِي التَّكْبِيرِ بَعْدَ مَا قَرَأَ فَلْيَمْضِ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ بَعْدَ مَا رَكَعَ فَلْيَمْضِ وَ مَنْ شَكَّ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ مَا سَجَدَ فَلْيَمْضِ وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ شَكَّ فِيهِ وَ قَدْ دَخَلَ فِي حَالَةٍ أُخْرَى فَلْيَمْضِ وَ لَا يَلْتَفِتْ إِلَى الشَّكِّ إِلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ وَ مَنِ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ تَرَكَ الْأَذَانَ وَ الْإِقَامَةَ ثُمَّ ذَكَرَ وَ لَمْ يَكُنْ قَدْ قَرَأَ عَامَّةَ السُّورَةِ فَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ الْأَذَانِ فَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ص‏ «5» وَ لْيَقُلْ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَ مَنِ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ‏

______________________________

 (1). أي كبّر إذا أراد أن يسجد، و في بعض النسخ «فاذا رفع رأسه» فلا يستقيم المعنى الا أن يقال الفاء أريد بها معنى «ثم» أي ثمّ كبر إذا رفع رأسه. أى كبر الامام تنبيها للمأموم لئلا يتبعه ظانا أنّه أمر مشترك بينهما كسجدة الشكر فعلى المأموم أن ينظر في حاله فان كان شريكا مع الامام في السهو فليسجد و إلا فلا. و قال الشهيد- رحمه اللّه- في البيان: «و يستحب فيهما تكبيرة الافتتاح و في رواية عمّار نفى ذلك الا إذا كان اماما فيكبر إذا سجد و إذا رفع رأسه» و قال السيّد الداماد- رحمه اللّه-: هذه الرواية لا ينفى ذلك الاستحباب اذ مفادها وجوب تكبيرة الافتتاح فيها على الامام فينفى الوجوب إذا لم يكن اماما لا الاستحباب كما هو المشهور بناء على أن المعهود من الشرع اقتران النية بتكبيرة الافتتاح في سائر مواضعها.

 (2). قوله «فليس عليه أن يسبح» أي على الامام لحصول الاعلام بالتكبيرين. (مراد).

 (3). حمل على التشهد الكبير لاخبار أخر.

 (4). و في بعض النسخ «قال يقول» أي يقول الساهى.

 (5). حمل الصلاة على النبيّ على السلام كما ورد في بعض الأخبار. و قال في المدارك:

 «الظاهر أن الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إشارة الى قطع الصلاة، و يمكن أن يكون ذلك نفسه قاطعا و يكون ذلك من خصوصيات هذا الموضع لان ذلك لا يقطع الصلاة في غير هذا المحل».

342
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

لَمْ يُكَبِّرْ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ فَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ وَ كَيْفَ لَهُ بِأَنْ يَسْتَيْقِنَ‏ «1».

998- وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: الْإِنْسَانُ لَا يَنْسَى تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ.

999- وَ سَأَلَ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ أَنْ يُكَبِّرَ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَانَ فِي نِيَّتِهِ أَنْ يُكَبِّرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ.

1000- وَ سَأَلَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيُّ الرِّضَا ع- عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ حَتَّى كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَقَالَ أَجْزَأَهُ‏ «2».

1001- وَ قَدْ رَوَى زُرَارَةُ «3» عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ- قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ نَسِيَ أَوَّلَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فَقَالَ إِنْ ذَكَرَهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ كَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ وَ إِنْ ذَكَرَهَا فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَهَا فِي مَقَامِهِ فِي مَوْضِعِ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ أَوْ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قُلْتُ فَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ قَالَ فَلْيَقْضِهَا «4» وَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

1002- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَنْتَ كَبَّرْتَ فِي أَوَّلِ‏

______________________________

 (1). أي لا يحصل له هذا اليقين غالبا.

 (2). هذه الروايات تخالف اجماع الاصحاب بل اجماع الأمة الا الزهرى و الاوزاعى فانهما لم يبطلا الصلاة بتركها سهوا و حملها الشيخ على الشك (الذكرى) أقول: بعد ما قال المؤلّف- رحمه اللّه- في فتواه: «و من استيقن أنّه لم يكبر تكبيرة الافتتاح فليعد صلاته و كيف له بأن يستيقن» أورد هذه الروايات الثلاثة لبيان عدم تحقّق نسيان تكبيرة الاحرام فينبغي بل يجب لنا أن نحمل النسيان على الشك لئلا يتناقض قوله، و طريق الروايات صحيح.

 (3). الإتيان بلفظ «قد» يشعر بشي‏ء ما ينبغي التأمل فيه.

 (4). قال الشيخ: قوله «فليقضها» يعنى الصلاة و لم يرد التكبير وحده، و أمّا قوله:

 «فلا شي‏ء عليه» يعنى من العقاب لانه لم يتعمد تركها و انما نسى فإذا أعاد الصلاة فليس عليه شي‏ء انتهى. و قال سلطان العلماء: فى هذا الحمل تأمل لانه ان حمل النسيان على الشك كما حمل في الروايات السابقة فلا وجه للحكم بقضاء الصلاة لان الشك إذا كان بعد الفراغ لا يلتفت إليه، و ان حمل على معناه الحقيقي فلا وجه لصحة الصلاة باتيانه بعد القراءة و الركوع إجماعا.

343
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

صَلَاتِكَ بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ بِإِحْدَى وَ عِشْرِينَ تَكْبِيرَةً «1» ثُمَّ نَسِيتَ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ أَوْ لَمْ تُكَبِّرْهُ أَجْزَأَكَ التَّكْبِيرُ الْأَوَّلُ‏ «2» عَنْ تَكْبِيرَةِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا «3».

1003- وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ فِي رَجُلٍ جَهَرَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي الْجَهْرُ فِيهِ أَوْ أَخْفَى فِيمَا لَا يَنْبَغِي الْإِخْفَاءُ فِيهِ فَقَالَ أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ مُتَعَمِّداً فَقَدْ نَقَضَ صَلَاتَهُ وَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ «4» وَ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً أَوْ سَاهِياً أَوْ لَا يَدْرِي فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ وَ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ فَقَالَ قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَوَّلَتَيْنِ فَذَكَرَهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَالَ يَقْضِي الْقِرَاءَةَ وَ التَّكْبِيرَ وَ التَّسْبِيحَ الَّذِي فَاتَهُ فِي الْأَوَّلَتَيْنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ‏ «5».

1004- وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ حَمَّادٍ «6» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَسْهُو

______________________________

 (1). يمكن أن يراد بالاستفتاح تكبيرة الاحرام و أن يراد به التكبيرات السبع و المراد باحدى و عشرين تكبيرة تكبيرات الرباعية اذ في كل ركعة تكبير للركوع و أربعة للسجودين فمع تكبير القنوت تصير احدى و عشرين، فيستفاد من الحديث جواز الإتيان بها في أول الصلاة مخافة النسيان في محالها، فان أتى بها في محالها أيضا فذلك أفضل و إلا قامت مقامهن سواء نسيت أو تركت عمدا كغسل الجمعة يوم الخميس. (مراد).

 (2). أي الاحدى و عشرين تكبيرة.

 (3). في بعض النسخ «فيها».

 (4). ظاهره وجوب الجهر و الاخفات في مواضعهما مع أنّه ذكر بلفظ «ينبغي» لانه من كلام السائل و لو كان من كلامه (ع) أو قرره أيضا فقد ذكر ما يدلّ على أن المراد به الوجوب من نقض الصلاة و الإعادة و كذا لو قرئ بالصاد من النقصان للامر بالاعادة الا أن يحمل على الاستحباب لصحيحة عليّ بن جعفر عليه السلام.

 (5). لعل المراد بقضاء القراءة الإتيان بها في الأخيرتين لئلا يخلو صلاته عن الفاتحة و يحتمل استحباب قضائها بعد الصلاة. و أمّا ذكر التكبير و التسبيح فافادة جديدة بعد الإتيان بالجواب، و المراد بهما اما المستحبات أو ما يذكر في الركوع و السجود، و في بعض النسخ «فى الأخيرتين» بعد قوله «فى الاولتين» فهو يتعلق بيقضى القراءة. (مراد).

 (6). تقدم أن الطريق إليه قوى.

344
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَالَ اقْرَأْ فِي الثَّانِيَةِ- قَالَ قُلْتُ أَسْهُو فِي الثَّانِيَةِ قَالَ اقْرَأْ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ قُلْتُ أَسْهُو فِي صَلَاتِي كُلِّهَا فَقَالَ إِذَا حَفِظْتَ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ.

1005- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَرَضَ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ وَ الْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ «1» فَمَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مُتَعَمِّداً أَعَادَ الصَّلَاةَ وَ مَنْ نَسِيَ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

1006- وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع- فِي رَجُلٍ شَكَّ بَعْدَ مَا سَجَدَ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ فَقَالَ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ فَإِنِ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ فَلْيُلْقِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَا رُكُوعَ لَهُمَا «2» وَ يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ الَّتِي‏

______________________________

 (1). أي ثبت وجوبها بالسنة دون الكتاب فلا يحسن الاستدلال بوجوبها بقوله تعالى‏ «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ» و قد تقدم الكلام فيه.

 (2). أي ليطرحهما من البين و بينى على ما سبقهما من الصلاة الذي وقع على وجه الكمال و قد يختص ذلك بالركعتين الأخيرتين (مراد) أقول: هذا الخبر صحيح من حيث السند و يدلّ على أنّه لا يبطل الصلاة بزيادة السجدتين و هو بعد مخالفته للمشهور بين الفقهاء يعارض صحيحة رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «سألته عن رجل نسى أن يركع حتّى يسجد و يقوم؟ قال: يستقبل» أي يستأنف الصلاة لانه أخل بالركن (الكافي ج 3 ص 348) و يعارض أيضا موثقة إسحاق بن عمّار قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل ينسى أن يركع قال: يستقبل حتّى يضع كل شي‏ء من ذلك مواضعه» (التهذيب ج 1 ص 177) و كذا صحيحة أبي بصير قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسى أن يركع قال: عليه الإعادة». و يمكن الحمل على أن المراد بقوله «يبنى» يستأنف، و الحاصل أنه لا يعتد بما أتى به ناقصا و يأتي بصلاة تامّة و ليس المراد من البناء جعل ما أتى به ناقصا صحيحا و اكماله، و قد حمله الشيخ- رحمه اللّه- في الاستبصار على النسيان في الأخيرتين و أمّا في الركعتين الأوليين فانه يجب عليه استيناف الصلاة على كل حال إذا ذكر. و قال الشهيد- رحمه اللّه-: لم نقف على وجه هذا الحمل الا ما يظهر من الرواية عن الرضا عليه السلام «الإعادة في الاولتين و الشك في الأخيرتين» لكنه ليس بصريح في المطلوب.

345
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

عَلَى التَّمَامِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْتَيْقِنْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا فَرَغَ وَ انْصَرَفَ‏ «1» فَلْيَقُمْ وَ لْيُصَلِّ رَكْعَةً وَ سَجْدَتَيْنِ‏ «2» وَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

1007- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا نَسِيتَ شَيْئاً مِنَ الصَّلَاةِ رُكُوعاً أَوْ سُجُوداً أَوْ تَكْبِيراً ثُمَّ ذَكَرْتَ فَاقْضِ الَّذِي فَاتَكَ سَهْواً «3».

1008- وَ رَوَى ابْنُ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَمَّنْ نَسِيَ أَنْ يَسْجُدَ وَاحِدَةً فَذَكَرَهَا وَ هُوَ قَائِمٌ قَالَ يَسْجُدُهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَ لَمْ يَرْكَعْ فَإِنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ فَلْيَمْضِ عَلَى صَلَاتِهِ فَإِذَا انْصَرَفَ قَضَاهَا وَحْدَهَا وَ لَيْسَ عَلَيْهِ سَهْوٌ «4».

1009- وَ سَأَلَهُ مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ‏ «5» عَنْ رَجُلٍ صَلَّى فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ زَادَ سَجْدَةً فَقَالَ لَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ مِنْ سَجْدَةٍ وَ يُعِيدُهَا مِنْ رَكْعَةٍ «6».

1010- وَ رَوَى عَامِرُ بْنُ جُذَاعَةَ «7» عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا سَلِمَتِ الرَّكْعَتَانِ‏

______________________________

 (1). محمول على الشك أي شك بعد ما فرغ من الركوع أو ظنّ عدم الركوع بعد السلام فيصلى ركعة استحبابا و احتياطا. (هامش الوافي).

 (2). أي ليسجد سجدتين و لعلّ المراد بهما سجدتا السهو، و لو أريد بالركعة الركوع كان المراد به و بالسجدتين هو الركعة التي تصير بدلا من الركعة المتروكة بترك ركوعها. (مراد).

 (3). محمول على ما إذا ذكر قبل تجاوز المحل. و حمله بعض على ما يستدرك في محله دون ما تجاوز محله فان منها ما تبطل الصلاة بتركه لو كان المنسى ركنا و منها ما يتلافى بعد الصلاة كالسجدة و التشهد و منها ما لا شي‏ء فيه. و حمله الشهيد في الدروس على قضاء الركوع و السجود و ان تجاوز عن محله كما هو ظاهر الحديث.

 (4). أي سجدتا السهو و يمكن حمله على أن ليس عليه و بال (مراد) أقول الطريق صحيح.

 (5). الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة، و هو ثقة.

 (6). أي من زيادة الركوع لانه ركن على المشهور بخلاف السجدة الواحدة فانها ليست ركنا انما الركن سجدتان معا و يتحقّق بالدخول في الثانية.

 (7). تقدم أن فيه الحكم بن مسكين و هو مهمل.

346
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

الْأَوَّلَتَانِ سَلِمَتِ الصَّلَاةُ «1».

1011- وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ نُعْمَانَ الرَّازِيُ‏ «2» أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَصْحَابٍ لِي فِي سَفَرٍ وَ أَنَا إِمَامُهُمْ فَصَلَّيْتُ بِهِمُ الْمَغْرِبَ فَسَلَّمْتُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ فَقَالَ أَصْحَابِي إِنَّمَا صَلَّيْتَ بِنَا رَكْعَتَيْنِ فَكَلَّمْتُهُمْ وَ كَلَّمُونِي فَقَالُوا أَمَّا نَحْنُ فَنُعِيدُ فَقُلْتُ لَكِنِّي لَا أُعِيدُ وَ أُتِمُّ بِرَكْعَةٍ فَأَتْمَمْتُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ سِرْنَا وَ أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ ذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِنَا فَقَالَ لِي أَنْتَ أَصْوَبُ مِنْهُمْ فِعْلًا إِنَّمَا يُعِيدُ مَنْ لَا يَدْرِي مَا صَلَّى‏ «3».

1012- وَ رَوَى عَنْهُ عَمَّارٌ أَنَّ مَنْ سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ أَوِ الْمَغْرِبِ أَوِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ثُمَّ ذَكَرَ فَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ وَ لَوْ بَلَغَ الصِّينَ وَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ‏ «4».

______________________________

 (1). قد يخص السلامة بعدد الركعتين الأوليين دون ما يتعلق بهما و هذا الحديث أيضا يدلّ على ما يدلّ عليه الحديث الآتي من أنّه إذا اختل الركعة الأخيرة من المغرب أو الأخيرتين في الظهرين و العشاء سهوا يبنى على الركعتين الأوليين و لم يحتج الى إعادة الصلاة. (مراد).

 (2). الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.

 (3). يدل على صحة الصلاة إذا نقص من الأخيرتين و أتى بها بعد ما تكلم، قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: لو تكلم عمدا كظنه اكمال الصلاة تمّ تبين النقصان لم يبطل في المشهور. و هو المروى في الصحيح و في هذه الرواية انه تكلم بعد علم النقيصة فيحمل على أنه أضمر في نفسه أي أضمر أنّه لا يعيد و انه يتم و يكون القول عبارة عن ذلك (سلطان) و قال المولى المجلسيّ: «يدل على أنّه مع النقصان يتم و لو تكلم لانه بمنزلة من تكلم ناسيا و يتدارك بسجدتى السهو».

 (4). قد يخصص بما إذا لم يفعل ما ينافى الصلاة من استدبار أو نقض طهارة أو غيرهما، و بعده ظاهر لان بلوغ الصين من موضع الصلاة أو من موضع التكلم بذلك الكلام و ان كان على سبيل المبالغة لا يخلو عن وقوع ما ينافيها، فان مثله كالمقطوع به في فاصلة اليومين و الثلاثة (مراد) أقول: ظاهر المؤلّف- رحمه اللّه- هنا العمل بظاهر الخبر كما أفتى به في المقنع حيث قال «ان صليت ركعتين من الفريضة ثمّ قمت و ذهبت في حاجة لك فأضف الى صلاتك ما نقص و لو بلغت الى الصين، و لا تعد الصلاة فان الإعادة في هذه المسألة مذهب-

347
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

1013- وَ سَأَلَ عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي الْغَدَاةَ رَكْعَةً وَ يَتَشَهَّدُ وَ يَنْصَرِفُ وَ يَذْهَبُ وَ يَجِي‏ءُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا صَلَّى رَكْعَةً قَالَ يُضِيفُ إِلَيْهَا رَكْعَةً «1».

1014- وَ سَأَلَ أَبُو كَهْمَسٍ‏ «2» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَإِذَا جَلَسْتُ فِيهِمَا لِلتَّشَهُّدِ فَقُلْتُ وَ أَنَا جَالِسٌ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ انْصِرَافٌ هُوَ قَالَ لَا وَ لَكِنْ إِذَا قُلْتَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَهُوَ انْصِرَافٌ‏ «3».

______________________________

- يونس بن عبد الرحمن». و قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: «لو نقص صلاته ساهيا ركعة فما زاد ثمّ ذكر قبل فعل ما ينافى الصلاة من حدث أو استدبار أو كلام و غيره أتمها قطعا و ان كان بعد الحدث أعادها و ان كان بعد الاستدبار أو الكلام فقد سلف. و ذكر الشيخ في التهذيب في صحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «سألته عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثمّ ذكر و هو بمكّة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان أنّه صلى ركعتين؟ قال:

يصلى ركعتين» ثم قال الشيخ: و هذا الخبر و خبر عمّار الذي فيه «لا يعيد صلاته و لو بلغ الصين» فالوجه فيهما أن نحملهما على أنّه إذا لم يذكر ذلك علما يقينا و انما يذكر ظنا و يعتريه مع ذلك شك فحينئذ يضيف إليها تمام الصلاة استظهارا لا وجوبا لانا قد بينا أن بعد الانصراف من حال الصلاة لا يلتفت إلى شي‏ء من الشك، و يحتمل الخبر أيضا أن يكون انما ذكر ترك الركعتين من النوافل و ليس فيه أنّه ترك ركعتين من الفرائض- انتهى. و لا يخفى بعدهما و كيف كان ما عليه المصنّف- رحمه اللّه- خلاف المشهور و الاخبار الكثيرة التي دلت على بطلان الصلاة بالاستدبار و الحدث، و قاعدة لا تعاد المسلّمة عند جميع الفقهاء العظام حاكمة الا أن نخض كلها بالفريضة دون السنة و لكن ينافيه خبر عبيد بن زرارة الآتي لكون الغداة فريضة.

 (1). حمله الشيخ- رحمه اللّه- على ما إذا انصرف و ذهب و جاء من غير أن يستدبر.

و حمله بعضهم على النافلة. أقول: طريق الصدوق الى عبيد فيه الحكم بن مسكين و لم يوثق.

لكن رواه الشيخ بسند صحيح.

 (2). هو هيثم بن عبد اللّه الكوفيّ و في الطريق إليه مهمل.

 (3). يدل على بطلان الصلاة بقول «السلام علينا» فى التشهد الأول على أنّه سلام و على أن الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليس بسلام فلا تبطل (م ت).

348
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

1015- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا لَمْ تَدْرِ أَ ثِنْتَيْنِ صَلَّيْتَ أَمْ أَرْبَعاً وَ لَمْ يَذْهَبْ وَهْمُكَ إِلَى شَيْ‏ءٍ فَتَشَهَّدْ وَ سَلِّمْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ تَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْكِتَابِ‏ «1» ثُمَّ تَشَهَّدُ وَ تُسَلِّمُ فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا هَاتَانِ تَمَامَ الْأَرْبَعِ وَ إِنْ كُنْتَ صَلَّيْتَ أَرْبَعاً كَانَتَا هَاتَانِ نَافِلَةً.

1016- وَ رَوَى جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ‏ «2» عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: فِي رَجُلٍ صَلَّى خَمْساً إِنَّهُ إِنْ جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَعِبَادَتُهُ جَائِزَةٌ «3».

1017- وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْساً فَقَالَ إِنْ كَانَ لَا يَدْرِي جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ «4» أَمْ لَمْ يَجْلِسْ فَلْيَجْعَلْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْهَا الظُّهْرَ وَ يَجْلِسُ وَ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلِّي وَ هُوَ جَالِسٌ رَكْعَتَيْنِ وَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ فَيُضِيفُهُمَا إِلَى الْخَامِسَةِ «5» فَتَكُونُ نَافِلَةً.

______________________________

 (1). يدل على تعين الفاتحة في صلاة الاحتياط خلاف ما ذهب إليه ابن إدريس- رحمه اللّه- من التخيير بين الفاتحة و التسبيح.

 (2). الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.

 (3). ظاهره عدم جزئية السلام الصلاة و يمكن ابتناء الجواز على أنّه إذا نسى جاز انفصاله عن الصلاة و ذلك لا ينافى جزئيته للصلاة كما مرّ في الركعتين المنفصلتين و كما في الاجزاء المنسية (مراد) و في بعض النسخ «فصلاته جائزة».

 (4). يعني في حال القيام قبل الركوع سواء كان قبل القراءة أو بعدها أو في أثنائها و يجب عليه أن يجلس من قيامه و يتشهد و يحتاط بركعتين من جلوس لان الشك يصير بعد الجلوس بين الثلاث و الاربع.

 (5). قال الفاضل التفرشى: لعل وجهه أنّه لا يبقى الركعة الخامسة بعد جعل الاربع ظهرا على ركعة واحدة بل تصير عند ضم الركعتين من الجلوس اللتين تعدان بركعة ركعتين من قيام اذ لا صلاة مندوبة على ركعة واحدة سوى الوتر، و لعلّ اختيار الركعتين على ركعة من قيام لأنّهما مشروعتان بانفرادهما مستقلتان أيضا و هذا يرجع الى أن صلاته قد تمت مع تمام الركعة الرابعة، و كان قد نسى التشهد فيأتي به بعد الركعة الزائدة، و اكتفائه (ع) بالتشهد يشعر بعدم وجوب السلام. و قوله «فتكون نافلة» أي نافلة كاملة.

349
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

1018- وَ سَأَلَ الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ «1»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ السَّهْوِ فَقَالَ مَنْ يَحْفَظْ سَهْوَهُ فَأَتَمَّهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَ إِنَّمَا السَّهْوُ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْرِ أَ زَادَ فِي صَلَاتِهِ أَمْ نَقَصَ مِنْهَا «2».

1019- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا لَمْ تَدْرِ أَرْبَعاً صَلَّيْتَ أَوْ خَمْساً أَمْ زِدْتَ أَمْ نَقَصْتَ فَتَشَهَّدْ وَ سَلِّمْ وَ اسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بِغَيْرِ رُكُوعٍ وَ لَا قِرَاءَةٍ تَتَشَهَّدُ فِيهِمَا تَشَهُّداً خَفِيفاً.

1020- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ وَ قَدْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ خَرَجَ مَعَ النَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ قَالَ يُعِيدُ رَكْعَةً وَاحِدَةً «3».

1021- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ع قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- «4» رَجُلٌ لَا يَدْرِي أَ ثِنْتَيْنِ صَلَّى أَمْ ثَلَاثاً أَمْ أَرْبَعاً فَقَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ‏ «5» ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ هُوَ جَالِسٌ.

1022- وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ «6» عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَشُكُّ فَلَا يَدْرِي أَ وَاحِدَةً صَلَّى أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً أَوْ أَرْبَعاً تَلْتَبِسُ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ فَقَالَ كُلُّ ذَا فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ وَ لْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ‏

______________________________

 (1). الطريق إليه معتبر و هو ثقة.

 (2). لعل المراد بالزيادة و النقصان زيادة الركعة و نقصانها، و المراد بالسهو موجب صلاة الاحتياط و سجدتا السهو كما في الشك بين الاربع و الخمس فلا يخدشه ان من تكلم ساهيا عليه أن يسجد و هو يدرى أنّه زاد. (مراد).

 (3). يدل على أن الفصل عند السهو غير مبطل كما مر. (مراد).

 (4). كذا في جميع النسخ و تعبيره عليه السلام عن أبيه بكنيته غير معهود.

 (5). في بعض النسخ «يصلى ركعة من قيام».

 (6). مشترك بين البطائنى الواقفى الضعيف و الثمالى الفاضل الثقة و المظنون البطائنى.

350
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

الرَّجِيمِ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ‏ «1».

1023- وَ رَوَى سَهْلُ بْنُ الْيَسَعِ‏ «2» فِي ذَلِكَ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ: يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ‏ «3» وَ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَ يَتَشَهَّدُ تَشَهُّداً خَفِيفاً.

1024- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَةً مِنْ قِيَامٍ وَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ‏ «4».

وَ لَيْسَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ بِمُخْتَلِفَةٍ وَ صَاحِبُ السَّهْوِ بِالْخِيَارِ بِأَيِّ خَبَرٍ مِنْهَا أَخَذَ فَهُوَ مُصِيبٌ.

1025- وَ رُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ ع إِذَا شَكَكْتَ فَابْنِ عَلَى الْيَقِينِ‏ «5» قَالَ قُلْتُ هَذَا أَصْلٌ قَالَ نَعَمْ.

1026- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ فَلَا يَجْلِسُ فِيهِمَا فَقَالَ إِنْ ذَكَرَ وَ هُوَ قَائِمٌ فِي الثَّالِثَةِ فَلْيَجْلِسْ وَ إِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ‏ «6» وَ هُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ.

______________________________

 (1). لعل وجهه أنّه حينئذ يصير كثير السهو فلا يلتفت إليه و بذلك يشعر قوله عليه السلام «فانه يوشك أن يذهب عنه. (مراد).

 (2). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم.

 (3). ظاهره أنّه يبنى على الواحدة لأنّها المتيقن، و يمكن أن يحمل على أنّه يأتي بما يبرأ ذمته يقينا فيأتي بصلاتى احتياط بركعة من قيام و ركعتين من قيام أيضا فيفتقر الى قراءة السورة لو كان الواقع ركعة واحدة. (مراد).

 (4). لعل وجه ذلك أنّه على تقدير أن يكون الواقع منه ركعة واحدة قام ركعتان من الجلوس مقام ركعتى القيام و كان عدم بطلان صلاته مع تعلق الشك بالواحدة ما مر من صيرورته كثير السهو (مراد) و في بعض النسخ «يصلى ركعتين من قيام و ركعتين و هو جالس».

 (5). اليقين هنا محمول على الاكثر لئلا ينافى ما تقدم تحت رقم 992 في خبر عمار ابن موسى حيث يفيد البناء على الاكثر، و بعده ظاهر، و الحمل على الاقل و التخيير كما ذهب إليه المصنّف أقرب.

 (6). ظاهره الاكتفاء بهما من دون أن يأتي بالتشهد و لو ادخل قضاء التشهد في اتمام الصلاة فيشمله. (مراد).

351
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

1027- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنْ شَكَّ الرَّجُلُ بَعْدَ مَا صَلَّى فَلَمْ يَدْرِ أَ ثَلَاثاً صَلَّى أَمْ أَرْبَعاً وَ كَانَ يَقِينُهُ حِينَ انْصَرَفَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَمَّ لَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ وَ كَانَ حِينَ انْصَرَفَ أَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ‏ «1».

1028- وَ فِي نَوَادِرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ‏ «2» أَنَّهُ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ إِمَامٍ يُصَلِّي بِأَرْبَعِ نَفَرٍ أَوْ بِخَمْسٍ فَيُسَبِّحُ اثْنَانِ‏ «3» عَلَى أَنَّهُمْ صَلَّوْا ثَلَاثاً وَ يُسَبِّحُ ثَلَاثَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ صَلَّوْا أَرْبَعاً يَقُولُ هَؤُلَاءِ قُومُوا وَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ اقْعُدُوا وَ الْإِمَامُ مَائِلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ مُعْتَدِلُ الْوَهْمِ فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ‏ «4» قَالَ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ إِذَا حَفِظَ عَلَيْهِ مَنْ خَلْفَهُ سَهْوَهُ بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ وَ لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ إِذَا لَمْ يَسْهُ الْإِمَامُ وَ لَا سَهْوَ فِي سَهْوٍ «5» وَ لَيْسَ فِي الْمَغْرِبِ سَهْوٌ وَ لَا فِي الْفَجْرِ سَهْوٌ وَ لَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ سَهْوٌ- «6»

______________________________

 (1). الظاهر أن معناه أن حال الانصراف كان على يقين ثمّ حصل له الشك فلم يعد لان الحال الأول أقرب. (سلطان).

 (2). الظاهر أن المراد أن هذا الخبر مأخوذ من كتاب نوادر إبراهيم بن هاشم.

 (3). قوله. «فيسبح اثنان» يدل على أن اعلام الامام و المأموم ما في ضميرهم بالآخر ينبغي أن يكون بالتسبيح فانه لا يجوز الكلام، و التسبيح لكونه ذكرا أحسن من الإشارة بالاصابع و غيرها، و قوله «يقول هؤلاء» أي بالاشارة أو بالتسبيح. (المرآة).

 (4). يعني إذا كان مائلا مع أحدهما أي شي‏ء حكمه و إذا كان معتدل الوهم ما حكمه؟

فشرع عليه السلام بقواعد السهو. (م ت).

 (5). أي لا حكم له أصلا، فكأنّه لا تحقّق له أصلا فلا يلتفت إليه، فظاهر السهو في السهو أنه يسهو هل سها أم لا، و حمل السهو الثاني على موجب السهو كصلاة الاحتياط احتمال لا يبعد لو قيل انه المتبادر عرفا، و الظاهر أنّه من تتمة الحديث اذ لو جعل من قول المؤلّف- رحمه اللّه- لم يف الجواب في الحديث بشقى السؤال الا إذا قيل بمفهوم الشرط فيفهم ان ليس يحفظ الامام على المأموم و لا المأموم على الامام في الصورة المفروضة فيكون لكل واحد حكم نفسه (مراد) أقول: لا شك في كونه من تتمة الحديث كما هو في الكافي ج 3 ص 359.

 (6). قوله «و ليس في المغرب سهو» تغيير الأسلوب يعطى أن نفى السهو في المغرب ليس بمعنى نفيه في السهو و إلا كان حقّ العبارة أن يقال: «و لا في المغرب» فلعل المراد بنفيه في المغرب و نظائره نفى تلك الصلوات و عدم ترتب الاثر عليها عند السهو فيها. (مراد).

352
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

فَإِذَا اخْتَلَفَ عَلَى الْإِمَامِ مَنْ خَلْفَهُ فَعَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ فِي الِاحْتِيَاطِ وَ الْإِعَادَةِ وَ الْأَخْذِ بِالْجَزْمِ‏ «1».

وَ إِنْ نَسِيتَ صَلَاةً وَ لَا تَدْرِي أَيُّ صَلَاةٍ هِيَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَإِنْ كَانَتِ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ أَوِ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ تَكُونُ قَدْ صَلَّيْتَ أَرْبَعاً وَ إِنْ كَانَتِ الْمَغْرِبَ تَكُونُ قَدْ صَلَّيْتَ ثَلَاثاً وَ إِنْ كَانَتِ الْغَدَاةَ تَكُونُ قَدْ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ وَ إِنْ تَكَلَّمْتَ فِي صَلَاتِكَ نَاسِياً فَقُلْتَ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَأَتِمَّ صَلَاتَكَ وَ اسْجُدْ

______________________________

 (1). لما بين عليه السلام أن الامام إذا سها و اتفق المأمومون على الحفظ فلا حكم لسهوه و إذا حفظ الامام ليس لسهو المأمومين حكم بل يجب ان يتبعوا له و لعلّ هذا شامل لشك المأمومين بأسرهم و اختلافهم في الظنّ كما مرّ أراد أن يبين حكم ما إذا اختلفا كما إذا ظنّ الامام على خلاف ما ظنه المأمومون أو شك الامام و اختلف المأمومون في الظنّ كما في الشق الثاني من شقى السؤال فيكون حينئذ لكل من الامام و المأمومين حكم سهوه و حينئذ لا بدّ لكل منهما أن يأتي بما يجزم معه براءة ذمته من إعادة الصلاة و الإتيان بصلاة الاحتياط، ففي صورة السؤال يسلم من اعتقد أنّه أتى بالاربع و يأتي بركعة اخرى من اعتقد أنّه أتى بالثلاث و لما كان الامام شاكا في الثلاث و الاربع ينبغي أن يبنى على الاربع و يأتي بصلاة الاحتياط، و لو ظنّ الامام أنّه ركع في الخامسة و ظنّ المأموم أنّه في الرابعة وجب على المأموم اتمام الصلاة و على الامام اعادتها على القول بها، و لو كان الامام شاكا بين الواحدة و الثنتين و المأمومون بين الثنتين و الثلاث بعد السجدتين فعلى الامام إعادة الصلاة و على المأمومين البناء على الثلاث و الإتيان بالاحتياط، و يحتمل أن يجعل ذلك من حفظ المأموم مع سهو الامام حيث انهم جزموا بوقوع الاثنتين فيرجع الى شك الامام مع حفظ المأمومين، فالامام يبنى على صلاته على الاثنين و المأموم على الثلاث (مراد) و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه- الظاهر أن المراد به أن الاحتياط في هذه الصورة أن يعيدوا صلاتهم حتّى يأخذوا بالجزم اذ لم يمكن تصحيحها و يمكن أن يكون المراد إعادة الصلاة في جميع الصور خصوصا على نسخة الكافي و التهذيب و بعض نسخ الفقيه من كون العاطف في الاخذ لا في الإعادة، فالاحتياط في الإعادة بعد فعل ما ذكرناه فيه. و ذكر العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- شرحا وافيا للحديث يبلغ مائتي سطر. راجع مرآة العقول ج 3 ص 140 الى 144.-

353
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

سَجْدَتَيِ السَّهْوِ «1».

1029- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ نَاسِياً كَبَّرَ تَكْبِيرَاتٍ‏ «2» وَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ وَ مَنْ أَنَّ فِي صَلَاتِهِ فَقَدْ تَكَلَّمَ‏ «3».

وَ إِنْ نَسِيتَ الظُّهْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَ قَدْ صَلَّيْتَ الْعَصْرَ «4» فَإِنْ أَمْكَنَكَ أَنْ تُصَلِّيَهَا قَبْلَ أَنْ تَفُوتَكَ الْمَغْرِبُ فَابْدَأْ بِهَا وَ إِلَّا فَصَلِّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ صَلِّ بَعْدَهَا الظُّهْرَ وَ إِنْ نَسِيتَ الظُّهْرَ وَ قَدْ ذَكَرْتَهَا وَ أَنْتَ تُصَلِّي الْعَصْرَ فَاجْعَلِ الَّتِي تُصَلِّيهَا الظُّهْرَ إِنْ لَمْ تَخْشَ أَنْ يَفُوتَكَ وَقْتُ الْعَصْرِ ثُمَّ صَلِّ الْعَصْرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ خِفْتَ أَنْ يَفُوتَكَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَابْدَأْ بِالْعَصْرِ وَ إِنْ نَسِيتَ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ ثُمَّ ذَكَرْتَهُمَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَصَلِّ الظُّهْرَ ثُمَّ صَلِّ الْعَصْرَ إِنْ كُنْتَ لَا تَخَافُ فَوَاتَ إِحْدَاهُمَا فَإِنْ خِفْتَ أَنْ يَفُوتَكَ إِحْدَاهُمَا فَابْدَأْ بِالْعَصْرِ وَ لَا تُؤَخِّرْهَا فَيَكُونَ قَدْ فَاتَتْكَ جَمِيعاً «5» ثُمَّ صَلِّ الْأُولَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَثَرِهَا

______________________________

 (1). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 191 و الكليني في الكافي ج 3 ص 356 باسناد صحيح عن ابن الحجاج قال «سألت الصادق عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم؟ فقال يتم صلاته ثمّ يسجد سجدتين فقلت: سجدتا السهو قبل التسليم هما أو بعده؟ قال: بعده».

 (2). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 230 بإسناده عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام «فى رجل دعاه رجل و هو يصلى فسها فأجابه لحاجته كيف يصنع؟ قال: يمضى على صلاته و يكبر تكبيرا كثيرا» و قال الشيخ (ره) هذا الخبر لا ينافى ما قدمناه من أنه إذا تكلم ساهيا كان عليه سجدتا السهو، لانه ليس في هذا الخبر أنّه ليس عليه ذلك، و لا يمتنع أن يكون أراد يكبر تكبيرا ثمّ يسجد سجدتى السهو بعد الفراغ من الصلاة.

أقول: يحتمل أن يكون ما في المتن كلام المؤلّف أخذه من الحديث دون نقل لفظه.

 (3). في التهذيب بإسناده عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن على عليهم السلام قال:

 «من أن في صلاته فقد تكلم» و أنّ فعل ماض من الانين.

 (4). أي صليتها ساهيا قبل الظهر دون ما قدمتها عمدا فتبطل.

 (5). حيث انه ترك العصر و صلى الظهر في غير وقته و هو وقت العصر و هذا يناسب القول بالاختصاص، و الضمير في «فاتتك» يرجع الى الصلاة المطلقة و معنى «جميعا» باعتبار كلا فرديه و حقّ العبارة «قد فاتتاك». (مراد).

354
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

وَ مَتَى فَاتَتْكَ صَلَاةٌ فَصَلِّهَا إِذَا ذَكَرْتَ فَإِنْ ذَكَرْتَهَا وَ أَنْتَ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ أُخْرَى فَصَلِّ الَّتِي أَنْتَ فِي وَقْتِهَا «1» ثُمَّ صَلِّ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ وَ مَنْ فَاتَتْهُ الظُّهْرُ وَ الْعَصْرُ جَمِيعاً ثُمَّ ذَكَرَهُمَا وَ قَدْ بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ بِمِقْدَارِ مَا يُصَلِّيهِمَا جَمِيعاً بَدَأَ بِالظُّهْرِ ثُمَّ بِالْعَصْرِ وَ إِنْ بَقِيَ بِمِقْدَارِ مَا يُصَلِّي إِحْدَاهُمَا بَدَأَ بِالْعَصْرِ وَ إِنْ بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ بِمِقْدَارِ مَا يُصَلِّي سِتَّ رَكَعَاتٍ‏ «2» بَدَأَ بِالظُّهْرِ.

1030- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا يَفُوتُ الصَّلَاةُ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ «3» وَ لَا تَفُوتُ صَلَاةُ النَّهَارِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ وَ لَا صَلَاةُ اللَّيْلِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ «4».

وَ ذَلِكَ لِلْمُضْطَرِّ وَ الْعَلِيلِ وَ النَّاسِي وَ إِنْ نَسِيتَ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَذَكَرْتَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَصَلِّهِمَا جَمِيعاً إِنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِياً وَ إِنْ خِفْتَ أَنْ تَفُوتَكَ إِحْدَاهُمَا فَابْدَأْ بِالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَإِنْ ذَكَرْتَهُمَا بَعْدَ الصُّبْحِ فَصَلِّ الصُّبْحَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الْعِشَاءَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ‏ «5»-

______________________________

 (1). اما محمول على تضييق وقت الحاضرة أو على عدم وجوب تقديم الفائتة- و ان كانت واحدة- على الحاضرة (مراد) و قال سلطان العلماء: ينبغي حملها على تضييق وقت الحاضرة حتى لا ينافى ما ذكر و الا ان أمكنك أن نصليها قبل أن يفوتك المغرب فابدأ بها.

 (2). يحتمل أن يكون الست في كلام المصنّف بطريق التمثيل (سلطان) و المشهور أنه اذا بقى من النهار مقدار خمس ركعات بدأ بالظهر.

 (3). المراد أنّه من فاته الصلاة لا بدّ و أن يكون مقصرا لسعة وقتها فمن غفل عنها في ذلك الوقت كان لعدم اهتمامه بها فلم يعذر في ذلك فالمراد بالارادة الاهتمام، و «لا يفوت» اما من التفويت فالصلاة بالنصب على المفعولية و اما من الفوت فهي بالرفع على الفاعلية. (مراد).

 (4). إلى هنا تمام الخبر كما في التهذيب ج 1 ص 208 و الاستبصار ج 1 ص 260 و الباقي أي من قوله «و ذلك- الخ» كلام الصدوق- رحمه اللّه-

 (5). روى الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب ج 1 ص 213 و الاستبصار ج 1 ص 288 بإسناده عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «ان نام رجل أو نسى أن يصلى المغرب و العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما، و ان خاف أن تفوته-

355
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

فَإِنْ نِمْتَ عَنِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَصَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلِّ الْغَدَاةَ «1» وَ إِنْ نَسِيتَ التَّشَهُّدَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَ ذَكَرْتَهُ فِي الثَّالِثَةِ فَأَرْسِلْ نَفْسَكَ وَ تَشَهَّدْ مَا لَمْ تَرْكَعْ فَإِنْ ذَكَرْتَ بَعْدَ مَا رَكَعْتَ فَامْضِ فِي صَلَاتِكَ فَإِذَا سَلَّمْتَ سَجَدْتَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَ تَشَهَّدْتَ فِيهِمَا التَّشَهُّدَ الَّذِي فَاتَكَ‏ «2» وَ إِنْ رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ وَ أَحْدَثْتَ فَإِنْ كُنْتَ قُلْتَ الشَّهَادَتَيْنِ فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُكَ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُكَ‏ «3» فَتَوَضَّأْ ثُمَّ عُدْ إِلَى مَجْلِسِكَ وَ تَشَهَّدْ «4»

______________________________

- احداهما فليبدأ بالعشاء و ان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثمّ المغرب ثمّ العشاء قبل طلوع الشمس». و يدلّ على جواز تقديم الحاضرة على الفائتة، و ينافى ما تقدم من تقديم الفائتة ان أمكن حيث قال: «فان أمكنك أن تصليها قبل أن تفوتك المغرب- الخ» و يمكن رفع التنافى بأن مراده- رحمه اللّه- فيما سبق من تقديم الظهر المنسى على المغرب تقديمها عليها عند عدم خوف فوت المغرب في وقت من أوقاتها الموسعة بحيث لم يخف من تقديم الظهر عليها فوقها في وقت من أوقاتها وسيعة كانت أو ضيقة.

 (1). روى الشيخ في التهذيب بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

 «سألته عن رجل نام عن الغداة حتّى طلعت الشمس، فقال: يصلى الركعتين ثمّ يصلى الغداة» و قال الفاضل التفرشى: قوله «يصلى الركعتين» و هما نافلة الصبح يقضيهما أولا، فدل على أنه كما يجوز الإتيان بالنافلة المرتبة في وقت الفريضة يجوز تقديم قضائها على قضائها.

 (2). ظاهره أن التشهد الذي في سجدتى السهو يقوم مقام التشهد الفائت فلا يحتاج الى قضائه و المشهور قضاء التشهد و الإتيان بسجدتى السهو. (مراد).

 (3). يشعر بعدم وجوب التسليم أو عدم جزئيته. (سلطان).

 (4). قوله «فان كنت قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك- الى قوله:- و تشهد» مشعر بعدم وجوب السلام أو عدم جزئيته للصلاة إذا المتبادر منه عدم بقاء شي‏ء من الصلاة عليه، و لذا قال في ترك التشهد: فتوضأ إلخ ليصير قرينة على أنّه لم يرد منه ذلك المعنى و قوله «ثم عد الى مجلسك» ظاهره وجوب العود لئلا يتأدى صلاة واحدة في مجلسين اختيارا و يؤيده ما مر في باب القبلة من أنّه صلّى اللّه عليه و آله مشى الى نخامة في المسجد فحكها ثمّ رجع القهقرى فبنى على صلاته. (مراد).

356
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

وَ إِنْ نَسِيتَ التَّشَهُّدَ أَوِ التَّسْلِيمَ فَذَكَرْتَهُ وَ قَدْ فَارَقْتَ مُصَلَّاكَ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ قَائِماً كُنْتَ أَوْ قَاعِداً وَ تَشَهَّدْ وَ سَلِّمْ‏ «1» وَ مَنِ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى سِتّاً فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ «2» وَ مَنْ لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى وَ لَمْ يَقَعْ وَهْمُهُ عَلَى شَيْ‏ءٍ فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ «3» وَ إِذَا صَلَّى رَجُلٌ إِلَى جَانِبِ رَجُلٍ فَقَامَ عَلَى يَسَارِهِ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ عَلِمَ وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ حَوَّلَهُ إِلَى يَمِينِهِ‏ «4» وَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَ نَسِيَ أَنْ يَسْجُدَهُمَا فَلْيَسْجُدْهُمَا مَتَى ذَكَرَ وَ مَنْ دَخَلَ مَعَ قَوْمٍ فِي الصَّلَاةِ وَ هُوَ يَرَى أَنَّهَا الْأُولَى وَ كَانَتِ الْعَصْرَ فَلْيَجْعَلْهَا الْأُولَى وَ يُصَلِّي الْعَصْرَ مِنْ بَعْدُ وَ مَنْ قَامَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَسَهَا فَظَنَّ أَنَّهَا نَافِلَةٌ أَوْ

______________________________

 (1). يحتمل حمله على حال الضرورة و الا فالجلوس واجب في التشهد، و الظاهر عدم سقوطه في القضاء (سلطان) و يمكن حمل قوله: «قائما أو قاعدا» على أنهما قيدان لذكرته و المعنى هكذا: ذكرته قائما كنت أو قاعدا فاجلس و تشهد و سلم. و روى الشيخ في التهذيب (ج 1 ص 226) بسند صحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «فى الرجل يحدث بعد أن رفع رأسه في السجدة الأخيرة و قبل أن يتشهد؟ قال: ينصرف و يتوضأ فان شاء يرجع الى المسجد و ان شاء ففى بيته و ان شاء حيث شاء قعد و تشهد ثمّ يسلم، و ان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته» و يدلّ بظاهره على عدم وجوب السلام و على عدم بطلان الصلاة بتخلل الحدث. (م ت).

 (2). روى الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب ج 1 ص 236 بإسناده عن أبي أسامة قال:

 «سألته عن رجل صلى العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال: ان استيقن أنّه صلى خمسا أوستا فليعد- الخ».

 (3). في الكافي ج 3 ص 358 و في التهذيب ج 1 ص 189 عن صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال: «ان كنت لا تدرى كم صليت و لم يقع وهمك على شي‏ء فأعد الصلاة».

 (4). «الى جانب رجل» أي مقتديا و قوله «الى يمينه» أي حوّل الامام المأموم عن يساره الى يمينه. أقول: وردت في صحيح البخاريّ رواية عن ابن عبّاس قال: «صليت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم ذات ليلة فقمت عن يساره فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم برأسى من ورائى فجعلنى من يمينه فصلى» و كثيرا ما يعمل بروايات العامّة في السنن.

357
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

قَامَ فِي نَافِلَةٍ فَظَنَّ أَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَ لَا يُصَلِّي الْعَصْرَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ «1» إِلَّا أَنْ يَتَوَهَّمَهَا الْعَصْرَ فَيُصَلِّيَ مَعَهُ الْعَصْرَ ثُمَّ يَعْلَمَ أَنَّهَا كَانَتِ الظُّهْرَ فَتُجْزِيَ عَنْهَا.

1031- وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الرِّبَاطِيِّ عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنَامَ رَسُولَهُ ص- عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَامَ فَبَدَأَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ وَ أَسْهَاهُ فِي صَلَاتِهِ فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ وَصَفَ مَا قَالَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ‏ «2» وَ إِنَّمَا

______________________________

 (1). قال الشهيد في الذكرى: لم نعلم مأخذه الا أن يكون نظرا الى أن العصر لا يصحّ الا بعد الظهر فإذا صلاها خلف من يصلى الظهر فكأنّه صلى العصر مع الظهر مع أنّها بعدها و هو احتمال ضعيف لان عصر المصلى مترتبة على ظهر نفسه لا على ظهر امامه.

 (2). إشارة الى تصحيح حديث ذى الشمالين لان معنى اسهاء اللّه إيّاه أنّه فعل به ما يشبه الاسهاء فيكون أسهاه استعارة تبعيّة، و ذلك أن معنى السهو الحقيقي هو أن يغفل الإنسان عن فعل ما في فعله مصلحة أو عن ترك ما في تركه مصلحة بحيث لو علم حاله لما وقع ذلك منه و هو ليس كذلك بل إنّما فعله اللّه تعالى رحمة للامّة فيكون مشتملا على مصلحة و لو قيل انه فعل لتلك المصلحة لاستحسنه العقلاء فهو ليس ممّا لو علم حاله لم يفعله، فلم يكن سهوا حقيقيا و لو صحّ اطلاق السهو على مثله حقيقة فليس من السهو الذي هو منفى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن الأئمّة عليهم السلام أي الذي كان فيه مفسدة و قد غفل عنه الفاعل حين الإتيان به و في التهذيب عن الحسن بن صدقة قال: «قلت لابى الحسن الأول عليه السلام: أسلّم رسول اللّه (ص) في الركعتين الاولتين؟ فقال: نعم، قلت: و حاله حاله؟ قال: انما أراد اللّه أن يفقّههم» (مراد) أقول: حديث ذى الشمالين في الكافي ج 3 ص 355 و حاصله انه (ص) سلّم في الركعتين في الظهر سهوا. و قال العلامة (قده) في التذكرة: خبر ذى الشمالين عندنا باطل لان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يجوز عليه السهو مع أن جماعة أصحاب الحديث طعنوا فيه لان رواية أبو هريرة و هو أسلم بعد الهجرة بسبع سنين و ذو الشمالين قتل يوم بدر. و كيف كان اتفق علماؤنا قديما و حديثا سوى الصدوق و شيخه ابن الوليد و الكليني على الظاهر- رحمة اللّه عليهم- الى عدم جواز السهو و الاسهاء على المعصومين عليهم السلام محتجّا بأنّه إذا جوّز السهو عليهم لا سيما الأنبياء فلا يأمن المكلف من سهوهم في كل حكم و ينتفى فائدة البعثة، لكن الاخبار-

358
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ رَحْمَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ لِئَلَّا يُعَيَّرَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ إِذَا هُوَ نَامَ عَنْ صَلَاتِهِ أَوْ سَهَا فِيهَا فَيُقَالُ قَدْ أَصَابَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ص‏ «1».

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّ الْغُلَاةَ وَ الْمُفَوِّضَةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ يُنْكِرُونَ سَهْوَ النَّبِيِّ ص وَ يَقُولُونَ لَوْ جَازَ أَنْ يَسْهُوَ ع فِي الصَّلَاةِ لَجَازَ أَنْ يَسْهُوَ فِي التَّبْلِيغِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ كَمَا أَنَّ التَّبْلِيغَ عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ وَ هَذَا لَا يُلْزِمُنَا وَ ذَلِكَ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ يَقَعُ عَلَى النَّبِيِّ ص فِيهَا مَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ وَ هُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالصَّلَاةِ كَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ سِوَاهُ بِنَبِيٍّ كَهُوَ فَالْحَالَةُ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا هِيَ النُّبُوَّةُ وَ التَّبْلِيغُ مِنْ شَرَائِطِهَا وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ فِي التَّبْلِيغِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ «2» لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَ الصَّلَاةُ عِبَادَةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَ بِهَا «3» تَثْبُتُ لَهُ الْعُبُودِيَّةُ وَ بِإِثْبَاتِ النَّوْمِ لَهُ عَنْ خِدْمَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ لَهُ وَ قَصْدٍ مِنْهُ إِلَيْهِ نُفِيَ الرُّبُوبِيَّةُ عَنْهُ لِأَنَّ الَّذِي‏ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا

______________________________

- الواردة في سهوه صلّى اللّه عليه و آله كثيرة من طرق العامّة و الخاصّة. و المسألة معنونة بين القدماء كالمفيد و السيّد المرتضى و غيرهم رضوان اللّه تعالى عليهم راجع تفصيل كلماتهم البحار ج 6 ص 297 و 298 و 299 من طبع الكمبانيّ.

 (1). من قوله: «و انما فعل ذلك» إلى هنا يمكن أن يكون من تتمّة الخبر و يمكن أن يكون من كلام المصنّف- رحمه اللّه- أو أحد الرواة.

 (2). استشكل استاذنا الشعرانى مد ظلّه على هذا الكلام و قال «جميع أعمال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تبليغ فجواز السهو عليه في أعماله مستلزم لجواز السهو عليه في التبليغ و لا يشك أحد في أنه لو صدر من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عمل مرّة واحدة في عمره لدلّ صدور ذلك الفعل منه على جوازه كما تمسّك المسلمون قاطبة في أمور كثيرة بعمل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لو صدر منه مرة واحدة» أقول: انما يتم هذا الاشكال إذا كان القائل بالاسهاء أو السهو يعتقد جواز السهو عليه مطلقا لا في موارد خاصّة مع اعلامه بلا فصل فبعد أن أعلم- على فرض صحّة الروايات- فلا مجال لهذا الاشكال. و الصدوق- رحمه اللّه- لا يعتقد جواز السهو عليه مطلقا انما قال:

ان اللّه سبحانه و تعالى أسهاه في تلك الموارد خاصّة ليعلم للناس أنّه بشر و ليثبت له العبودية، و ان كان ظاهر كلامه ينافى مذهبه في الاعتقاد بالعصمة بمعناها العام.

 (3). أي بهذه الصلاة التي وقع فيها السهو.

359
من لا يحضره الفقيه1

باب أحكام السهو في الصلاة ص : 338

نَوْمٌ‏ هُوَ اللَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَ لَيْسَ سَهْوُ النَّبِيِّ ص كَسَهْوِنَا لِأَنَّ سَهْوَهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا أَسْهَاهُ لِيُعْلِمَ أَنَّهُ بَشَرٌ مَخْلُوقٌ فَلَا يُتَّخَذَ رَبّاً مَعْبُوداً دُونَهُ وَ لِيَعْلَمَ النَّاسُ بِسَهْوِهِ حُكْمَ السَّهْوِ مَتَى سَهَوْا وَ سَهْوُنَا مِنَ الشَّيْطَانِ وَ لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ عَلَى النَّبِيِّ ص وَ الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ‏ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ‏ «1» وَ عَلَى مَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْغَاوِينَ وَ يَقُولُ الدَّافِعُونَ لِسَهْوِ النَّبِيِّ ص إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ وَ إِنَّهُ لَا أَصْلَ لِلرَّجُلِ وَ لَا لِلْخَبَرِ وَ كَذَبُوا «2» لِأَنَّ الرَّجُلَ مَعْرُوفٌ وَ هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو الْمَعْرُوفُ بِذِي الْيَدَيْنِ- وَ قَدْ نَقَلَ عَنْهُ الْمُخَالِفُ وَ الْمُؤَالِفُ وَ قَدْ أَخْرَجْتُ عَنْهُ أَخْبَاراً فِي كِتَابِ وَصْفِ قِتَالِ الْقَاسِطِينَ بِصِفِّينَ‏ «3»- وَ كَانَ شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ أَوَّلُ دَرَجَةٍ فِي الْغُلُوِّ نَفْيُ السَّهْوِ عَنِ النَّبِيِّ ص وَ لَوْ جَازَ أَنْ تُرَدَّ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي هَذَا الْمَعْنَى لَجَازَ أَنْ تُرَدَّ جَمِيعُ الْأَخْبَارِ «4» وَ فِي رَدِّهَا إِبْطَالُ الدِّينِ وَ الشَّرِيعَةِ وَ أَنَا أَحْتَسِبُ الْأَجْرَ فِي تَصْنِيفِ كِتَابٍ مُنْفَرِدٍ فِي إِثْبَاتِ سَهْوِ النَّبِيِّ ص وَ الرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

1032- وَ سَأَلَ حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ رَجُلٍ فَاتَهُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَذَكَرَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ عِنْدَ غُرُوبِهَا قَالَ فَلْيُصَلِّ حِينَ يَذْكُرُ «5».

______________________________

 (1). ذكر الآية لا يناسب المقام لانه في شأن الفساق أو الكفّار الذين يتولونه و يفهم من كلام المؤلّف في ذكر الآية أن السهو الشيطانى لا يكون الا ممن يتخذ الشيطان له وليا مع أن الصلحاء من المؤمنين يعرض لهم الشك في الصلاة و لم يتخذوا الشيطان لهم وليا.

 (2). لا يخفى ما فيه من عدم المتانة.

 (3). حديث ذى اليدين معروف عند العامّة رواه البخارى و غيره عن أبي هريرة و هو لم يدرك ذى اليدين لانه قتل ببدر باتفاق، و ذو اليدين و ذو الشمالين واحد و هو عمير بن عبد بن عمرو بن نضلة.

 (4). فيه نظر لان ردّ دليل لدليل لا يستلزم جواز ردّ الدليل مطلقا.

 (5). أي سواء كان من الأوقات المكروهة أم لا (مراد) فيدل على جواز فعل الفائتة في الأوقات المكروهة كما تدلّ عليه أخبار أخر.

360
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة المريض و المغمى عليه و الضعيف و المبطون و الشيخ الكبير و غير ذلك ص : 361

بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَ الضَّعِيفِ وَ الْمَبْطُونِ وَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ‏

1033- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِماً فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ صَلَّى جَالِساً فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِساً صَلَّى مُسْتَلْقِياً يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقْرَأُ «1» فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ سَبَّحَ فَإِذَا سَبَّحَ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَيَكُونُ فَتْحُ عَيْنَيْهِ رَفْعَ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ سَبَّحَ فَإِذَا سَبَّحَ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَيَكُونُ فَتْحُ عَيْنَيْهِ رَفْعَ رَأْسِهِ مِنَ السُّجُودِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَ يَنْصَرِفُ‏ «2».

1034- وَ سُئِلَ‏ عَنِ الْمَرِيضِ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ أَ يُصَلِّي وَ هُوَ مُضْطَجِعٌ وَ يَضَعُ عَلَى جَبْهَتِهِ شَيْئاً «3» فَقَالَ نَعَمْ لَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ إِلَّا طَاقَتَهُ.

1035- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ‏ «4» عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي عَيْنَيْهِ الْمَاءُ فَيُنْتَزَعُ الْمَاءُ مِنْهَا فَيَسْتَلْقِي عَلَى ظَهْرِهِ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَرْبَعِينَ يَوْماً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَيَمْتَنِعُ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا إِيمَاءً وَ هُوَ عَلَى حَالِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

1036- وَ سَأَلَهُ بَزِيعٌ‏ «5» الْمُؤَذِّنُ فَقَالَ لَهُ‏ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْدَحَ عَيْنِي‏ «6» فَقَالَ‏

______________________________

 (1). لم يذكر النية لظهورها و لان المراد بالتكبير تكبيرة الافتتاح و هي لا يكون الا بعد النية (مراد) و قوله «صلى مستلقيا» حمل على ما إذا لم يقدر على الاضطجاع لانه لا خلاف ظاهرا في تقديم الاضطجاع. و في تقديم الايمن على الايسر خلاف.

 (2). قيل: يدل على عدم وجوب التسليم و يحتمل أن يكون الانصراف إشارة الى التسليم.

 (3). أي ممّا يصحّ السجود عليه.

 (4). الطريق إليه حسن أو قوى.

 (5). الطريق إليه ضعيف بمحمّد بن سنان على المشهور.

 (6). قدحت العين إذا خرجت منها الماء الفاسد. (الصحاح).

361
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة المريض و المغمى عليه و الضعيف و المبطون و الشيخ الكبير و غير ذلك ص : 361

لِي افْعَلْ فَقُلْتُ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُلْقَى عَلَى قَفَاهُ كَذَا وَ كَذَا يَوْماً لَا يُصَلِّي قَاعِداً قَالَ افْعَلْ‏ «1».

1037- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الْمَرِيضُ يُصَلِّي قَائِماً فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى جَالِساً فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ «2» فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ اسْتَلْقَى وَ أَوْمَأَ إِيمَاءً وَ جَعَلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ جَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ.

وَ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ عَلَى الدَّابَّةِ يَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ «3» وَ يُجْزِيهِ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَ يَضَعُ جَبْهَتَهُ فِي الْفَرِيضَةِ عَلَى مَا أَمْكَنَهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ يُومِئُ فِي النَّافِلَةِ إِيمَاءً.

1038- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ قَدْ شَبَّكَتْهُ الرِّيحُ‏ «4» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أُصَلِّي‏ «5» فَقَالَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تُجْلِسُوهُ فَأَجْلِسُوهُ وَ إِلَّا فَوَجِّهُوهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَ مُرُوهُ فَلْيُومِ بِرَأْسِهِ إِيمَاءً وَ يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَ إِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْرَأَ فَاقْرَءُوا عِنْدَهُ وَ أَسْمِعُوهُ.

1039- وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ «6» عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرِيضِ كَيْفَ يَسْجُدُ فَقَالَ عَلَى خُمْرَةٍ أَوْ عَلَى مِرْوَحَةٍ «1» أَوْ عَلَى سِوَاكٍ يُرْفَعُ إِلَيْهِ‏

______________________________

 (1). يعني افعل و ان لم تصل قاعدا بل مضطجعا أو مستلقيا. (مراد).

 (2). يخالف الترتيب المذكور سابقا في حديث الصادق عليه السلام و يوافق ما في كريمة «فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِكُمْ» قال أبو جعفر عليه السلام: «المريض يصلى جالسا، و على جنوبه الذي أضعف من المريض الذي يصلى جالسا».

 (3). في بعض النسخ «يستقبل بها القبلة».

 (4). أي خلطته و دخلت في أعضائه، في القاموس شبكت الأمور و اشتبكت و تشابكت اختلطت و التبست. و في بعض النسخ «شكته» بتخفيف الكاف بعد الشين المفتوحة المعجمة على صيغة التأنيث من شكاه يشكوه أي أوجعه. و الخطاب للحضار الذين يخدمونه.

 (5). كذا و يحتمل تصحيفه عن «فقالوا يا رسول اللّه كيف يصلى».

 (6). الطريق صحيح.

362
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة المريض و المغمى عليه و الضعيف و المبطون و الشيخ الكبير و غير ذلك ص : 361

وَ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَاءِ إِنَّمَا كَرَّهَ مَنْ كَرَّهَ السُّجُودَ عَلَى الْمِرْوَحَةِ «1» مِنْ أَجْلِ الْأَوْثَانِ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ إِنَّا لَمْ نَعْبُدْ غَيْرَ اللَّهِ قَطُّ فَاسْجُدُوا عَلَى الْمِرْوَحَةِ وَ عَلَى السِّوَاكِ وَ عَلَى عُودٍ.

1040- وَ سَأَلَ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الْمَرِيضِ هَلْ يَقْضِي الصَّلَوَاتِ إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا إِلَّا الصَّلَاةَ الَّتِي أَفَاقَ فِيهَا «2».

1041- وَ كَتَبَ أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع‏ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَوْماً أَوْ أَكْثَرَ هَلْ يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ أَمْ لَا فَكَتَبَ لَا يَقْضِي الصَّوْمَ وَ لَا يَقْضِي الصَّلَاةَ.

1042- وَ سَأَلَهُ عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ لَا يَقْضِي الصَّوْمَ وَ لَا الصَّلَاةَ وَ كُلُّ مَا غَلَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ.

فَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْضِي جَمِيعَ مَا فَاتَهُ وَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ يَقْضِي صَلَاةَ شَهْرٍ وَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ يَقْضِي صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏ «3» فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَ لَكِنَّهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ وَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.

1043- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ «4» عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: صَاحِبُ الْبَطَنِ الْغَالِبِ يَتَوَضَّأُ وَ يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ‏ «5».

______________________________

 (1). ان العامّة يكرهون السجود على أمثالها و يقولون انه بمنزلة السجود على الصنم مع أنهم رووا حديث الخمرة في صحاحهم بطرق متكثرة. (م ت).

 (2). المشهور سقوط القضاء عمن فاتته بالاغماء في جميع الوقت، لكن نسب الى المصنّف أنه قال في المقنع بوجوب القضاء مطلقا و قوله «أفاق فيها» أي أدرك وقتها مضيقا و لا ينافى ما يأتي في صحيحة أيوب بن نوح و صحيحة عليّ بن مهزيار.

 (3). راجع التهذيب ج 1 ص 338 و الاستبصار ج 1 ص 458.

 (4). في الطريق مهملان.

 (5). في القاموس: البطن- محركة- داء البطن. و المراد بالغالب ما يندفع الفضلة من غير اختيار. (مراد).

363
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة المريض و المغمى عليه و الضعيف و المبطون و الشيخ الكبير و غير ذلك ص : 361

1044- وَ قَالَ مُرَازِمُ بْنُ حَكِيمٍ الْأَزْدِيُ‏ «1» مَرِضْتُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَمْ أَتَنَفَّلْ فِيهَا فَقُلْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ قَضَاءٌ إِنَّ الْمَرِيضَ لَيْسَ كَالصَّحِيحِ كُلُّ مَا غَلَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ «2».

1045- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى حَائِطِ الْمَسْجِدِ وَ هُوَ يُصَلِّي أَوْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ وَ هُوَ قَائِمٌ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَ لَا عِلَّةٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ‏ «3» وَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي صَلَاةٍ فَرِيضَةٍ فَيَقُومُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ جَانِبَ الْمَسْجِدِ فَيَنْهَضَ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ وَ لَا عِلَّةٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

1046- وَ قَالَ حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ‏ «4» قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَدِ اشْتَدَّ عَلَيَّ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُدْرِكَ صَلَاةَ الْقَائِمِ فَاقْرَأْ وَ أَنْتَ جَالِسٌ‏ «5» فَإِذَا بَقِيَ مِنَ‏

______________________________

 (1). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم.

 (2). «ما غلب اللّه عليه» على بناء التفعيل أو بحذف العائد أي ما غلب اللّه به عليه، و في بعض النسخ «كل ما غلب اللّه فاللّه أولى بالعذر»، و لا ينافى وجوب القضاء في بعض الموارد كالنائم و يمكن الفرق بأن ليس لاختيار المكلف دخل في الاغماء غالبا و لذلك فرق بعضهم بين الاغماء الحاصل بفعل المكلف و بين الحاصل لا بفعله فأوجب القضاء في الأول دون الثاني بخلاف النوم اذ قل ما لم يكن لاختيار المكلف دخل فيه فيمكن أن يراد بالعذر الذي يقبل و لا يستتبع القضاء ما يوجد في الاغماء دون النوم و ان كانت الحكمة فيه خفية. (مراد).

 (3). ظاهره يدلّ على جواز الاستناد حال القيام اختيارا و حمل على الاستناد الذي لا يسقط المستند معه إذا زال المستند إليه مع كراهة ذلك.

 (4). الطريق صحيح كما في الخلاصة.

 (5). الظاهر أن المراد به النافلة و يمكن تعميمه للفريضة بان يكون مريضا أو كبيرا لا يمكنه القيام في الصلاة بأجمعها و يمكنه القيام للركوع فانه يجب حينئذ كما قاله أكثر الاصحاب. (م ت).

364
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة المريض و المغمى عليه و الضعيف و المبطون و الشيخ الكبير و غير ذلك ص : 361

السُّورَةِ آيَتَانِ فَقُمْ وَ أَتِمَّ مَا بَقِيَ وَ ارْكَعْ وَ اسْجُدْ فَذَاكَ صَلَاةُ الْقَائِمِ.

1047- وَ سَأَلَ سَهْلُ بْنُ الْيَسَعِ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي النَّافِلَةَ قَاعِداً وَ لَيْسَ بِهِ عِلَّةٌ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «1».

1048- وَ قَالَ أَبُو بَصِيرٍ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنَّا نَتَحَدَّثُ وَ نَقُولُ مَنْ صَلَّى وَ هُوَ جَالِسٌ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ كَانَتْ صَلَاتُهُ رَكْعَتَيْنِ بِرَكْعَةٍ وَ سَجْدَتَيْنِ بِسَجْدَةٍ فَقَالَ لَيْسَ هُوَ هَكَذَا هِيَ تَامَّةٌ لَكُمْ‏ «2».

1049- وَ رُوِيَ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: كَانَ أَبِي ع إِذَا صَلَّى جَالِساً تَرَبَّعَ فَإِذَا رَكَعَ ثَنَى رِجْلَيْهِ.

1050- وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يُصَلِّي الرَّجُلُ وَ هُوَ جَالِسٌ مُتَرَبِّعٌ وَ مَبْسُوطُ الرِّجْلَيْنِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ‏ «3».

1051- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَحْمِلِ صَلِّ مُتَرَبِّعاً وَ مَمْدُودَ الرِّجْلَيْنِ وَ كَيْفَ مَا أَمْكَنَكَ.

1052- وَ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْكَرْخِيِ‏ «4» أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ‏

______________________________

 (1). الطريق حسن كما في الخلاصة.

 (2). أي للامامية و ان استحب أن يصلى بدل كل ركعتين قائما أربع ركعات جالسا لصحيحة الحسن بن زياد الصيقل «قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إذا صلى الرجل جالسا و هو يستطيع القيام فليضعف» و يمكن حمل خبر أبي بصير على من يشق عليه القيام و يكون المراد بقوله «لكم» امثالكم من المشايخ و الضعفاء و ان استحب التضعيف مع الضعف أيضا لرواية محمّد ابن مسلم عن الصادق عليه السلام «فى رجل يكسل أو يضعف فيصلى التطوع جالسا قال: يضعف ركعتين بركعة» يعنى يجعل الركعتين بدل ركعة. (م ت).

 (3). يمكن أن يكون المراد به التربيع المستحب كما ذكر و يكون الجواز باعتبار مقابله يعنى يجوز أن يكون الجلوس على هيئة المستحب و غيره و التربيع المكروه كما يجلسه أهل التكبر و يسمى بالفارسية (چهار زانو) (م ت).

 (4). الطريق صحيح كما في الخلاصة.

365
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة المريض و المغمى عليه و الضعيف و المبطون و الشيخ الكبير و غير ذلك ص : 361

لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ إِلَى الْخَلَاءِ لِضَعْفِهِ وَ لَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ فَقَالَ لِيُومِ بِرَأْسِهِ إِيمَاءً وَ إِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَرْفَعُ إِلَيْهِ الْخُمْرَةَ فَلْيَسْجُدْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَلْيُومِ بِرَأْسِهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ إِيمَاءً قُلْتُ فَالصِّيَامُ قَالَ إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْحَدِّ فَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَقْدُرَةٌ فَصَدَقَةُ مُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ بَدَلَ كُلِّ يَوْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَسَارُ ذَلِكَ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

1053- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَأْخُذُهُ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ وَ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَسْتَنْشِفَهُ‏ «1» أَ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ.

1054- وَ رَوَى بُكَيْرُ بْنُ أَعْيَنَ‏ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ ع رَأَى رَجُلًا رَعَفَ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي أَنْفِهِ فَأَخْرَجَ دَماً فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ افْرُكْهُ بِيَدِكَ وَ صَلِ‏ «2».

1055- وَ سَأَلَ لَيْثٌ الْمُرَادِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَرْعُفُ زَوَالَ الشَّمْسِ حَتَّى يَذْهَبَ اللَّيْلُ قَالَ يُومِئُ إِيمَاءً بِرَأْسِهِ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ «3».

1056- وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ عَنْهُ ع‏ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَرْعُفُ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَ قَدْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ فَقَالَ إِنْ كَانَ الْمَاءُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ أَوْ عَنْ خَلْفِهِ فَلْيَغْسِلْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْتَفِتَ وَ لْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ حَتَّى يَلْتَفِتَ فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ قَالَ وَ الْقَيْ‏ءُ مِثْلُ ذَلِكَ‏ «4».

1057- وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَصِيرٍ عَنْهُ ع‏ إِنْ تَكَلَّمْتَ أَوْ صَرَفْتَ وَجْهَكَ عَنِ الْقِبْلَةِ

______________________________

 (1). الطريق صحيح و في بعض النسخ «و لا يريد أن يستنشفه» أي لا يريد أن يجفه بخرقة و نحوها أو أن يغسله و يدفعه.

 (2). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم و الخبر محمول على ما إذا كان أقل من الدرهم و فرك الثوب: دلكه و الشي‏ء عن الثوب حكه حتّى تفتت. و في بعض النسخ «اتركه».

 (3). لعله مبنى على أن الركوع و السجود مع الرعاف يستلزم تنجس المصلى و اللباس ازيد ممّا هو معفو مع تنجس المصلى. (مراد).

 (4). «من غير أن يلتفت» أي من القبلة، و قوله «و القي‏ء مثل ذلك» فى أن له أن يغسله من غير أن يلتفت و إذا وقع الالتفات تلزم الإعادة. (مراد).

366
من لا يحضره الفقيه1

باب التسليم على المصلي ص : 367

فَأَعِدِ الصَّلَاةَ.

1058- وَ قَالَ لَهُ أَبُو بَصِيرٍ أَسْمَعُ الْعَطْسَةَ فَأَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَ أُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ص وَ أَنَا فِي الصَّلَاةِ قَالَ نَعَمْ وَ إِنْ كَانَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ صَاحِبِكَ الْيَمُّ.

1059- وَ قَالَ ع‏ الْأَعْمَى إِذَا صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ فَلْيُعِدْ وَ إِنْ كَانَ قَدْ مَضَى الْوَقْتُ فَلَا يُعِيدُ.

1060- وَ رُوِيَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَأَجِدُ غَمْزاً فِي بَطْنِي أَوْ أَزّاً أَوْ ضَرَبَاناً «1» فَقَالَ انْصَرِفْ وَ تَوَضَّأْ وَ ابْنِ عَلَى مَا مَضَى‏ «2» مِنْ صَلَاتِكَ مَا لَمْ تَنْقُضِ الصَّلَاةَ بِالْكَلَامِ مُتَعَمِّداً فَإِنْ تَكَلَّمْتَ نَاسِياً فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْكَ وَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِياً قُلْتُ وَ إِنْ قَلَبَ وَجْهَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ قَالَ نَعَمْ وَ إِنْ قَلَبَ وَجْهَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ.

1061- وَ سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ أَبَا الْحَسَنِ ع- عَنِ الْغَمْزِ يُصِيبُ الرَّجُلَ فِي بَطْنِهِ وَ هُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْبِرَ عَلَيْهِ أَ يُصَلِّي عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَمْ لَا يُصَلِّي فَقَالَ إِنِ احْتَمَلَ الصَّبْرَ وَ لَمْ يَخَفْ إِعْجَالًا عَنِ الصَّلَاةِ فَلْيُصَلِّ وَ لْيَصْبِرْ.

1062- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لَا يَقْطَعُ التَّبَسُّمُ الصَّلَاةَ وَ يَقْطَعُهَا الْقَهْقَهَةُ وَ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ.

بَابُ التَّسْلِيمِ عَلَى الْمُصَلِّي‏

1063- سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَوْمِ‏

______________________________

 (1). الازّ: الغليان و الصوت و التهيج، و في القاموس: ضربان العرق و وجع في الجراح و في بعض النسخ بالذال و معناه واضح. و الضربان: شدة الوجع و هياج الالم.

 (2). «انصرف و توضأ» عبر عليه السلام عن قضاء الحاجة بالانصراف و هو شايع.

و طريق الصدوق الى فضيل بن يسار فيه عليّ بن الحسين السعدآبادي و لم يوثق لكن رواه الشيخ بسند صحيح في التهذيب و لذا قال بعض الفقهاء بالبناء في هذا الحال.

367
من لا يحضره الفقيه1

باب المصلي تعرض له السباع و الهوام فيقتلها ص : 368

فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكَ مُسْلِمٌ وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ تَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ أَشِرْ بِإِصْبَعِكَ.

1064- وَ سَأَلَ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْمُصَلِّي فَقَالَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ نَفْسِكَ وَ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ‏ «1».

1065- وَ رَوَى عَنْهُ مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا سُلِّمَ عَلَى الرَّجُلِ وَ هُوَ يُصَلِّي يَرُدُّ عَلَيْهِ خَفِيّاً كَمَا قَالَ.

1066- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ سَلَّمَ عَمَّارٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

بَابُ الْمُصَلِّي تَعْرِضُ لَهُ السِّبَاعُ وَ الْهَوَامُّ فَيَقْتُلُهَا

1067- سَأَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَرَى الْحَيَّةَ وَ الْعَقْرَبَ وَ هُوَ يُصَلِّي‏ «2» قَالَ يَقْتُلُهُمَا.

1068- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ تُؤْذِيهِ الدَّابَّةُ وَ هُوَ يُصَلِّي قَالَ يُلْقِيهَا عَنْهُ إِنْ شَاءَ أَوْ يَدْفِنُهَا فِي الْحَصَى.

1069- وَ سَأَلَ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَحْتَكُّ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ لَا بَأْسَ.

1070- وَ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَقْتُلُ الْبَقَّةَ وَ الْبُرْغُوثَ وَ الْقَمْلَةَ وَ الذُّبَابَ وَ هُوَ فِي‏

______________________________

 (1). أي لا ترفع رفعا ينافى هيئة الصلاة و ظاهر الخبر وجوب الرد خفيا و قد حملت على التقية لإطلاق الاخبار الأخر في وجوب الرد أو عمومها ففى غير التقية الأحوط الاسماع.

 (2). في التهذيب ج 1 ص 230 «و هو يصلى المكتوبة».

368
من لا يحضره الفقيه1

باب المصلي تعرض له السباع و الهوام فيقتلها ص : 368

الصَّلَاةِ أَ يَنْقُضُ ذَلِكَ صَلَاتَهُ وَ وُضُوءَهُ قَالَ لَا «1».

1071- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ‏ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ الْفَرِيضَةِ قَائِماً فَيَنْسَى كِيسَهُ أَوْ مَتَاعَهُ يَخَافُ ضَيْعَتَهُ أَوْ هَلَاكَهُ قَالَ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَ يُحْرِزُ مَتَاعَهُ قَالَ قُلْتُ فَتَفَلَّتُ عَلَيْهِ دَابَّتُهُ فَيَخَافُ أَنْ تَذْهَبَ أَوْ يُصِيبَهُ فِيهَا عَنَتٌ‏ «2» فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ صَلَاتَهُ وَ يُحْرِزَ وَ يَعُودَ إِلَى صَلَاتِهِ.

1072- وَ سَأَلَهُ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُ‏ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَيَرَى حَيَّةً بِحِيَالِهِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا وَ يَقْتُلَهَا قَالَ إِنْ كَانَ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ خُطْوَةٌ وَاحِدَةٌ فَلْيَخْطُ وَ يَقْتُلُهَا وَ إِلَّا فَلَا.

1073- وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا كُنْتَ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ «3»-

______________________________

 (1). الطريق صحيح و نقل في المنتهى و غيره اجماع علماء الإسلام على تحريم الفعل الكثير في الصلاة و بطلانها به إذا وقع عمدا و استدلّ بأنّه يخرج به عن كونه مصليا، ثمّ قال:

و القليل لا يبطل الصلاة بالإجماع، و لم يحد الشارع القلة و الكثرة فالمرجع في ذلك الى العادة و كلما ثبت أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام فعلوه في الصلاة و أمروا به فهو في حيز القليل كقتل البرغوث و الحية و العقرب انتهى، و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-:

بعد نقل هذا الكلام في المرآة: لم نجد من الاخبار دليلا على ابطال الفعل الكثير و لا حد له سوى ما اشتمل على الاستدبار أو الحدث او التكلم عمدا و قد ورد في أخبارنا قتل الحية و العقرب و حمل الصبى الصغير و ارضاعه و الخروج عن المسجد لازالة النجاسة و غيرها فلذا اعتبر بعض المتأخرين بطلان هيئة الصلاة و الخروج عن كونه مصلّيا و لا أعرف لهذا الكلام أيضا معنى محصّلا لان احالة معنى الصلاة الشرعية على العرف لا وجه له مع أن العرف أيضا غير منضبط في ذلك فما ثبت عن الشارع كونه منافيا للصلاة فهو يخرجه عن كونه مصليا و يبطل هيئة الصلاة و الا فلا وجه للابطال الا أن يثبت الإجماع في ذلك و دونه خرط القتاد.ابن بابويه، محمد

انتهى كلامه رفع اللّه مقامه.

 (2). قوله: «فتفلت عليه دابته» اما ماض من باب التفعل أو مضارع من باب الافعال و في الصحاح أفلت الشي‏ء و تفلت و انفلت بمعنى و أفلته غيره (مراد) و العنت: التعب.

 (3). كذا.

369
من لا يحضره الفقيه1

باب المصلي يريد الحاجة ص : 370

فَرَأَيْتَ غُلَاماً لَكَ قَدْ أَبَقَ أَوْ غَرِيماً لَكَ عَلَيْهِ مَالٌ أَوْ حَيَّةً تَتَخَوَّفُهَا عَلَى نَفْسِكَ فَاقْطَعِ الصَّلَاةَ وَ اتْبَعْ غُلَامَكَ أَوْ غَرِيمَكَ وَ اقْتُلِ الْحَيَّةَ.

بَابُ الْمُصَلِّي يُرِيدُ الْحَاجَةَ

1074- رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ الْحَاجَةَ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ وَ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَ الْمَرْأَةُ إِذَا أَرَادَتِ الْحَاجَةَ تُصَفِّقُ.

1075- وَ رَوَى الْحَلَبِيُ‏ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يُرِيدُ الْحَاجَةَ وَ هُوَ يُصَلِّي فَقَالَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ وَ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَ يُسَبِّحُ وَ الْمَرْأَةُ إِذَا أَرَادَتِ الْحَاجَةَ وَ هِيَ تُصَلِّي تُصَفِّقُ بِيَدَيْهَا «1».

1076- وَ سَأَلَهُ حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ أَ يُومِئُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ أَوْمَأَ النَّبِيُّ ص فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْأَنْصَارِ بِمِحْجَنٍ كَانَ مَعَهُ‏ «2» قَالَ حَنَانٌ وَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مَسْجِدَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ.

1077- وَ سَأَلَهُ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى‏ عَنِ الرَّجُلِ يَسْمَعُ صَوْتاً بِالْبَابِ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَتَنَحْنَحُ لِيُسْمِعَ جَارِيَتَهُ أَوْ أَهْلَهُ لِتَأْتِيَهُ فَيُشِيرَ إِلَيْهَا بِيَدِهِ لِيُعْلِمَهَا مَنْ بِالْبَابِ لِتَنْظُرَ مَنْ هُوَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ عَنِ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ يَكُونَانِ فِي الصَّلَاةِ وَ يُرِيدَانِ شَيْئاً أَ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَ يُومِيَانِ إِلَى مَا يُرِيدَانِ وَ الْمَرْأَةُ إِذَا أَرَادَتْ شَيْئاً ضَرَبَتْ عَلَى فَخِذَيْهَا وَ هِيَ فِي الصَّلَاةِ.

______________________________

 (1). المستفاد من أحاديث هذا الباب أنّه يجوز للرجل تفهيم حاجته بالايماء برأسه و الإشارة بيده و التسبيح و أن الأولى بالمرأة في التفهيم تصفيق يديها و ضربها على الفخذ، و كراهة تفهيمها بالايماء و الإشارة باليد و بالتسبيح، و لعلّ وجه الأول أنّه يوهم معنى كريها، و وجه الثاني الاحتراز عن أن يسمع صوتها أجنبى. (مراد).

 (2). المحجن- بتقديم المهملة على المعجمة-: عود معوج الرأس كالصولجان.

370
من لا يحضره الفقيه1

باب أدب المرأة في الصلاة ص : 371

1078- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ بَجِيلٍ‏ «1» أَخُو عَلِيِّ بْنِ بَجِيلٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يُصَلِّي فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ وَ هُوَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرَمَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِحَصَاةٍ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ.

1079- وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا الْأَعْوَرِ «2» قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يُصَلِّي قَائِماً وَ إِلَى جَانِبِهِ رَجُلٌ‏ «3» كَبِيرٌ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ وَ مَعَهُ عَصًا لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا فَانْحَطَّ أَبُو الْحَسَنِ ع وَ هُوَ قَائِمٌ فِي صَلَاتِهِ فَنَاوَلَ الرَّجُلَ‏ «4» الْعَصَا ثُمَّ عَادَ إِلَى مَوْضِعِهِ إِلَى صَلَاتِهِ.

1080- وَ قَالَ أَبُو حَبِيبٍ نَاجِيَةُ «5» لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنَّ لِي رَحًى أَطْحَنُ فِيهَا السِّمْسِمَ فَأَقُومُ وَ أُصَلِّي وَ أَعْلَمُ أَنَّ الْغُلَامَ نَائِمٌ فَأَضْرِبُ الْحَائِطَ لِأُوقِظَهُ قَالَ نَعَمْ أَنْتَ فِي طَاعَةِ رَبِّكَ تَطْلُبُ رِزْقَكَ لَا بَأْسَ.

بَابُ أَدَبِ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ

لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ «6» وَ لَا جُمُعَةٌ وَ لَا جَمَاعَةٌ-

______________________________

 (1). محمّد بن بجيل طريقه صحيح في المشيخة لما قيل بتوثيق الهيثم بن أبي مسروق.

 (2). الطريق الى أبى زكريا الأعور فيه محمّد بن عيسى العبيدى و ان قيل بتوثيقه فصحيح و هو من أصحاب الكاظم عليه السلام.

 (3). في بعض النسخ «الى جنبه رجل».

 (4). في بعض النسخ «فتناول الرجل».

 (5). لم يوثق صريحا و الطريق إليه قوى بمعاوية بن حكيم كما في الخلاصة.

 (6). في الكافي ج 3 ص 305 بسند صحيح عن جميل بن دراج قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة عليها أذان و اقامة؟ قال: لا» و روى المؤلّف في الخصال ص 511 فيما أوصى به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السلام «يا على ليس على النساء جمعة و لا جماعة و لا أذان و لا اقامة» و قال في المدارك: «قد أجمع الاصحاب على مشروعية الاذان للنساء و لا يتأكد في حقهن و يجوز أن تؤذن للنساء و أمّا الاجانب فقد قطع الاكثر بانهم يعتدون و ظاهر-

371
من لا يحضره الفقيه1

باب أدب المرأة في الصلاة ص : 371

وَ إِذَا قَامَتِ الْمَرْأَةُ فِي صَلَاتِهَا جَمَعَتْ بَيْنَ قَدَمَيْهَا وَ لَمْ تَفْرِجْ بَيْنَهُمَا وَ وَضَعَتْ يَدَيْهَا عَلَى صَدْرِهَا لِمَكَانِ ثَدْيَيْهَا فَإِذَا رَكَعَتْ وَضَعَتْ يَدَيْهَا فَوْقَ رُكْبَتَيْهَا عَلَى فَخِذَيْهَا لِئَلَّا تَطَأْطَأَ كَثِيراً فَتَرْتَفِعَ عَجِيزَتُهَا «1» وَ إِذَا أَرَادَتِ السُّجُودَ جَلَسَتْ ثُمَّ سَجَدَتْ لَاطِئَةً بِالْأَرْضِ وَ تَضَعُ ذِرَاعَيْهَا فِي الْأَرْضِ فَإِذَا أَرَادَتِ النُّهُوضَ إِلَى الْقِيَامِ‏ «2» رَفَعَتْ رَأْسَهَا مِنَ السُّجُودِ وَ جَلَسَتْ عَلَى أَلْيَتَيْهَا لَيْسَ كَمَا يُقْعِي الرَّجُلُ ثُمَّ نَهَضَتْ إِلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَرْفَعَ عَجِيزَتَهَا تَنْسَلُّ انْسِلَالًا «3» وَ إِذَا قَعَدَتْ لِلتَّشَهُّدِ رَفَعَتْ رِجْلَيْهَا وَ ضَمَّتْ فَخِذَيْهَا وَ الْحُرَّةُ لَا تُصَلِّي إِلَّا بِقِنَاعٍ وَ الْأَمَةُ تُصَلِّي بِغَيْرِ قِنَاعٍ.

1081- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الْمَرْأَةُ تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ وَ الْمِقْنَعَةِ إِذَا كَانَ كَثِيفاً يَعْنِي سَتِيراً «4».

______________________________

- المبسوط الاعتداد به». و روى المؤلّف أيضا عن الصادق عليه السلام قال: «ليس على النساء أذان و لا اقامة و لا جمعة و لا جماعة و لا استلام حجر و لا دخول الكعبة و لا الهرولة بين الصفا و المروة و لا الحلق انما يقصرن من شعورهن». و روى نحوه عن الباقر عليه السلام في الخصال ص 585.

و قال التفرشى: لعله أراد نفى تأكد الاستحباب في الاذان و الإقامة أو أراد نفى اجهارها بهما، و كذا أراد بنفى الجماعة نفى استحباب حضورهن في الجماعات.

 (1). «تطأطأ» أصله «تتطأطأ» حذفت احدى التاءين. و في بعض النسخ «ثديها» و «يدها» و «فخذها» كلها بالافراد.

 (2). في القاموس: لطى- كسعى-: لزق بالارض، و فيه نهض- كمنع-: قام، و النبت: استوى، و الطائر: بسط جناحيه، و لعلّ المراد بنهوض المرأة الى القيام تهيؤها له.

 (3). أي تقوم من غير أن يعتمد بيديها على الأرض (مراد) و المراد بالانسلال هنا قيامها في انتصاب على رسل و رفق و بتأن و تدريج لا كما يقوم البعير رافعا للركبتين من الأرض قبل اليدين فذلك من آداب الصلاة للرجل دون المرأة. و من قوله: «و إذا قامت المرأة»- إلى هنا- مضمون خبر في الكافي ج 3 ص 335. و في العلل ج 2 ص 44 بزيادة في صدرها.

 (4). المقنع و المقنعة- بالكسر-: ما تقنع به المرأة رأسها، و القناع أوسع من المقنعة. (الصحاح).

372
من لا يحضره الفقيه1

باب أدب المرأة في الصلاة ص : 371

1082- وَ سَأَلَ يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ فَالْمَرْأَةُ قَالَ لَا وَ لَا يَصْلُحُ لِلْحُرَّةِ إِذَا حَاضَتْ إِلَّا الْخِمَارُ «1» إِلَّا أَنْ لَا تَجِدَهُ.

1083- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ- أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الْمَرْأَةِ لَيْسَ لَهَا إِلَّا مِلْحَفَةٌ وَاحِدَةٌ كَيْفَ تُصَلِّي قَالَ تَلْتَفُّ فِيهَا وَ تُغَطِّي رَأْسَهَا وَ تُصَلِّي فَإِنْ خَرَجَتْ رِجْلَيْهَا «2» وَ لَيْسَ تَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ.

1084- وَ فِي رِوَايَةِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تُصَلِّي فِي دِرْعٍ وَ مِلْحَفَةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَارٌ وَ لَا مِقْنَعَةٌ قَالَ لَا بَأْسَ إِذَا الْتَفَّتْ بِهَا وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَكْفِيهَا «3» عَرْضاً جَعَلَتْهَا طُولًا.

1085- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ قِنَاعٌ فِي الصَّلَاةِ وَ لَا عَلَى الْمُدَبَّرَةِ قِنَاعٌ فِي الصَّلَاةِ وَ لَا عَلَى الْمُكَاتَبَةِ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهَا مَوْلَاهَا قِنَاعٌ فِي الصَّلَاةِ وَ هِيَ مَمْلُوكَةٌ حَتَّى تُؤَدِّيَ جَمِيعَ مُكَاتَبَتِهَا وَ يَجْرِي عَلَيْهَا مَا يَجْرِي عَلَى الْمَمْلُوكِ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا.

1086- قَالَ وَ سَأَلْتُهُ‏ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا وَلَدَتْ‏ «4» عَلَيْهَا الْخِمَارُ قَالَ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا لَكَانَ عَلَيْهَا إِذَا هِيَ حَاضَتْ‏ «5» وَ لَيْسَ عَلَيْهَا التَّقَنُّعُ فِي الصَّلَاةِ.

______________________________

 (1). «إذا حاضت أي بلغت فان الغالب فيهن الحيض عند البلوغ كالاحتلام للرجل، و الحيض هنا كناية عن البلوغ و المعنى لا يصلح للحرة في الصلاة بعد البلوغ الا الخمار.

 (2). في أكثر النسخ «رجلها» بالافراد على الرفع للفاعلية، و في طائفة منها «رجليها» بالتثنية و النصب.

 (3). في بعض النسخ «تلفها».

 (4). يعني إذا صارت أم ولد.

 (5). إشارة الى تساوى حالها بعد الولادة و قبلها. و قال الفاضل التفرشى: اخبار من المعصوم بالمساوات بين كونها أم ولد و كونها بالغة من دون أن يكون أم ولد و ليس باستدلال حتى يرد المنع على الملازمة مستندا بان أم الولد صارت في معرض الحرية دونها، نعم فيه اشعار بان علة جواز صلاتها مكشوفة الرأس هي كونها امة فقط و يمكن ابقاء ولدت على العموم-

373
من لا يحضره الفقيه1

باب أدب المرأة في الصلاة ص : 371

1087- وَ رَوَى عِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي إِزَارِ الْمَرْأَةِ وَ فِي ثَوْبِهَا وَ يَعْتَمُّ بِخِمَارِهَا قَالَ إِذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً «1» فَلَا بَأْسَ.

1088- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ خَيْرَ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ الْبُيُوتُ وَ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي صُفَّتِهَا وَ صَلَاتَهَا فِي صُفَّتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي صَحْنِ دَارِهَا وَ صَلَاتَهَا فِي صَحْنِ دَارِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي سَطْحِ بَيْتِهَا وَ تُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الصَّلَاةُ فِي سَطْحٍ غَيْرِ مُحَجَّرٍ.

1089- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ لَا تُنْزِلُوا النِّسَاءَ الْغُرَفَ وَ لَا تُعَلِّمُوهُنَّ الْكِتَابَةَ وَ لَا تُعَلِّمُوهُنَّ سُورَةَ يُوسُفَ‏ «2» وَ عَلِّمُوهُنَّ الْمِغْزَلَ وَ سُورَةَ النُّورِ «3».

فَإِذَا سَبَّحَتِ الْمَرْأَةُ عَقَدَتْ عَلَى الْأَنَامِلِ لِأَنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «4».

______________________________

- و يكون منشأ السؤال استبعاد أن تصلى بغير خمار بعد ما صارت ذات ولد سواء كان من مولاها أو غيره فحينئذ مناسبة الجواب ظاهرة فان الولادة لا دخل لها في وجوب الخمار فلو كان لها دخل كان لدلالتها على الاستكمال و البلوغ فكانت مثل الحيض لكن حينئذ منشأ السؤال ليس مثل منشائه على الأول.

 (1). أي بالاجتناب عن النجاسات فلا بأس بها و ان لم يكن مأمونة فمكروهة في ثوبها. (م ت).

 (2). محمول كلها على الكراهة، كما أن تعليمهن المغزل و سورة النور محمول على الاستحباب.

 (3). إلى هنا تمام الخبر كما يظهر من الكافي ج 5 ص 516 و مرويّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا تنزلوا- الخ».

 (4). أي الانامل تسأل عما عمل بها صاحبها فإذا أخبرت بأنّه عقد عليها صاحبها في التسبيح و تعديده صارت في معرض الغفران و هذا الحكم و التعليل مشتركان بين المرأة و الرجل بخلاف الاحكام السابقة فذكرهما عند ذكرها ليس لتخصيصهما بها، و يمكن أن يكون ذلك للايماء الى أن هذا الحكم أنفع للمرأة لئلا تتصرف في مال بعلها بغير اذنه. (مراد).

374
من لا يحضره الفقيه1

باب الأدب في الانصراف عن الصلاة ص : 375

بَابُ الْأَدَبِ فِي الِانْصِرَافِ عَنِ الصَّلَاةِ

1090- رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا انْصَرَفْتَ مِنَ الصَّلَاةِ فَانْصَرِفْ عَنْ يَمِينِكَ‏ «1».

بَابُ الْجَمَاعَةِ وَ فَضْلِهَا

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ‏ فَأَمَرَ اللَّهُ بِالْجَمَاعَةِ كَمَا أَمَرَ بِالصَّلَاةِ وَ فَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ خَمْساً وَ ثَلَاثِينَ صَلَاةً فِيهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ فِي جَمَاعَةٍ وَ هِيَ الْجُمُعَةُ فَأَمَّا سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فَلَيْسَ الِاجْتِمَاعُ إِلَيْهَا بِمَفْرُوضٍ وَ لَكِنَّهُ سُنَّةٌ مَنْ تَرَكَهَا رَغْبَةً عَنْهَا وَ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ‏ «2» وَ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمُعَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ فَهُوَ مُنَافِقٌ‏ «3» وَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَ عِشْرِينَ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ وَ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَرْدِ بِأَرْبَعٍ وَ عِشْرِينَ‏

______________________________

 (1). أي فانصرف الى جانب يمينك، و المراد التوجه الى اليمين عند القيام عن الصلاة و الكليني- رحمه اللّه- في الكافي أورد الحديث في باب التسليم كانه فهم منه التسليم على اليمين و قال العلّامة المجلسيّ: ما فهمه الصدوق أظهر، و قد ورد في روايات المخالفين ما يؤيد ذلك روى مسلم عن أنس «أن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم كان ينصرف عن يمينه» يعنى إذا صلى (ص).

 (2). روى الكليني في الكافي ج 3 ص 372 بإسناده عن زرارة و الفضيل قالا: «قلنا له: الصلوات في جماعة فريضة هى؟ فقال: الصلوات فريضة و ليس الاجتماع بمفروض في الصلاة كلها و لكنها سنة و من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له» أى كاملة أو صحيحة إذا كان منكرا لفضلها.

 (3). في حديث زرارة «طبع اللّه على قلبه» و الطبع علامة النفاق و هو منع الهداية الخاصّة عن القلب.

375
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

صَلَاةً فَيَكُونُ خَمْساً وَ عِشْرِينَ صَلَاةً «1».

1091- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ الصَّلَاةَ مِنْ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ إِلَّا مَرِيضٌ أَوْ مَشْغُولٌ‏ «2».

1092- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِقَوْمٍ‏ لَتَحْضُرُنَّ الْمَسْجِدَ أَوْ لَأُحْرِقَنَّ عَلَيْكُمْ مَنَازِلَكُمْ.

1093- وَ قَالَ ع‏ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ جَمَاعَةً فَظُنُّوا بِهِ كُلَّ خَيْرٍ.

1094- وَ قَالَ ع‏ الِاثْنَانِ جَمَاعَةٌ.

1095- وَ سَأَلَ الْحَسَنُ الصَّيْقَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ أَقَلِّ مَا تَكُونُ الْجَمَاعَةُ قَالَ رَجُلٌ وَ امْرَأَةٌ.

وَ إِذَا لَمْ يَحْضُرِ الْمَسْجِدَ أَحَدٌ فَالْمُؤْمِنُ وَحْدَهُ جَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ مَتَى أَذَّنَ وَ أَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ مَتَى أَقَامَ وَ لَمْ يُؤَذِّنْ صَلَّى خَلْفَهُ صَفٌّ وَاحِدٌ «3».

1096- وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ الْمُؤْمِنُ وَحْدَهُ حُجَّةٌ وَ الْمُؤْمِنُ وَحْدَهُ جَمَاعَةٌ.

1097- وَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ص الْفَجْرَ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ فَسَأَلَ عَنْ أُنَاسٍ يُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ هَلْ حَضَرُوا الصَّلَاةَ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ‏

______________________________

 (1). في التهذيب ج 1 ص 252 بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: «و فضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل فردا خمسة و عشرون درجة في الجنة» و فيه عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة الفذ باربعة و عشرين درجة تكون خمسة و عشرين صلاة» و الفذ بالتشديد: الفرد.

 (2). لعل المراد بالمشغول من له ما يمنعه من الحضور فيشمل المطر.

 (3). في الكافي ج 3 ص 303 بإسناده عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

 «إذا أذنت و أقمت صلى خلفك صفان من الملائكة و إذا أقمت صلى خلفك صف من الملائكة».

376
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

فَقَالَ غُيَّبٌ هُمْ‏ «1» فَقَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ- قَالَ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَلَاةٍ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَوْ عَلِمُوا الْفَضْلَ الَّذِي فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَ لَوْ حَبْواً «2».

1098- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ ظَلَمَهُ فَإِنَّمَا يَظْلِمُ اللَّهَ وَ مَنْ حَقَّرَهُ فَإِنَّمَا يُحَقِّرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ إِذَا كَانَ مَطَرٌ وَ بَرْدٌ شَدِيدٌ فَجَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ وَ لَا يَحْضُرَ الْمَسْجِدَ.

1099- لِقَوْلِ النَّبِيِّ ص‏ إِذَا ابْتَلَّتِ النِّعَالُ فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ.

وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالتَّقَدُّمِ فِي جَمَاعَةٍ أَقْرَؤُهُمْ لِلْقُرْآنِ وَ إِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَفْقَهُهُمْ وَ إِنْ كَانُوا فِي الْفِقْهِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً «3» فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَسَنُّهُمْ- فَإِنْ كَانُوا فِي السِّنِّ سَوَاءً فَأَصْبَحُهُمْ وَجْهاً وَ صَاحِبُ الْمَسْجِدِ أَوْلَى بِمَسْجِدِهِ وَ لْيَكُنْ مَنْ يَلِي الْإِمَامَ مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَ التُّقَى فَإِنْ نَسِيَ الْإِمَامُ أَوْ تَعَايَا «4» فَقَوِّمُوهُ وَ أَفْضَلُ الصُّفُوفِ أَوَّلُهَا وَ أَفْضَلُ أَوَّلِهَا مَنْ دَنَا إِلَى الْإِمَامِ.

1100- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِمَامُ الْقَوْمِ وَافِدُهُمْ فَقَدِّمُوا أَفْضَلَكُمْ.

1101- وَ قَالَ ع‏ إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُزَكُّوا صَلَاتَكُمْ فَقَدِّمُوا خِيَارَكُمْ‏ «5».

______________________________

 (1). تقديم الخبر على المبتدأ للقصر إشارة الى أن المانع في المؤمن عن مثل هذا الامر لا يكون الا الغيبة عن البلد.

 (2). حبى الرجل حبوا: مشى على يديه و بطنه و الصبى على استه. (القاموس).

 (3). أي من دار الحرب الى دار الإسلام. و قيل الهجرة في هذه الازمان سكنى الامصار لانها يقابل الاعراب لان أهل الامصار أقرب الى تحصيل شرائط الإمامة. و بمضمون هذا الكلام رواية في الكافي ج 3 ص 376.

 (4). تفاعل من العى و هو العجز و عدم الاهتداء الى وجه الصواب.

 (5). «تزكو» بالتخفيف و الافراد و رفع صلاتكم على الفاعلية أي ان كنتم مسرورين بأن تكون صلاتكم زاكية خالصة نامية. أو بالتشديد على صيغة الجمع من التزكية و نصب صلاتكم على المفعولية أي ان سركم أن تكونوا مزكين لصلاتكم.

377
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1102- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ إِلَى سَفَالٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «1».

وَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ إِنَّ إِمَامَكَ شَفِيعُكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَا تَجْعَلْ شَفِيعَكَ سَفِيهاً وَ لَا فَاسِقاً «2».

1103- وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ كَثِيرٍ «3» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَالَ لَا إِنَّ الْإِمَامَ ضَامِنٌ لِلْقِرَاءَةِ وَ لَيْسَ يَضْمَنُ الْإِمَامُ صَلَاةَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَلْفِهِ إِنَّمَا يَضْمَنُ الْقِرَاءَةَ.

1104- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: خَمْسَةٌ لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ وَ لَا يُصَلُّونَ بِهِمْ صَلَاةً فَرِيضَةً فِي جَمَاعَةٍ الْأَبْرَصُ وَ الْمَجْذُومُ وَ وَلَدُ الزِّنَا وَ الْأَعْرَابِيُّ حَتَّى يُهَاجِرَ وَ الْمَحْدُودُ «4».

1105- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ خَلْفَ الْأَجْذَمِ وَ الْأَبْرَصِ وَ الْمَجْنُونِ وَ الْمَحْدُودِ وَ وَلَدِ الزِّنَا وَ الْأَعْرَابِيُّ لَا يَؤُمُّ الْمُهَاجِرَ «5».

1106- وَ قَالَ ع‏ الْأَغْلَفُ لَا يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَ لَوْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ لِلْقُرْآنِ لِأَنَّهُ ضَيَّعَ مِنَ السُّنَّةِ أَعْظَمَهَا وَ لَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ وَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَ ذَلِكَ خَوْفاً

______________________________

 (1). الى سفال أي الى تنزل و انحطاط و سقوط و ذلك لتقديمهم من ليس له حقّ التقدّم و هو ظلم. أو لرضاهم بمن تقدمهم من غير فضل و منشأ ذلك الحمق و السفاهة أو خسّة النفس و الرذالة و التملق.

 (2). كذا مقطوعا و لعله من كلامه- رضي اللّه عنه- دون الرواية عن المعصوم.

 (3). هو غير معنون في المشيخة و الخبر مرويّ في التهذيب ج 1 ص 262.

 (4). ظاهره عدم جواز امامة هؤلاء بل بطلان الصلاة خلفهم مع الاطلاع و يمكن الحمل على الكراهة.

 (5). اختلف الاصحاب في امامة الاجذم و الابرص فذهب الشيخ في المبسوط و الخلاف و السيّد المرتضى في بعض رسائله و أتباعهما الى المنع، و ذهب المفيد و السيّد في الانتصار و الشيخ في كتابى الاخبار و ابن إدريس و أكثر المتأخرين- رحمهم اللّه جميعا- الى الكراهية جمعا بين الاخبار.

378
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

عَلَى نَفْسِهِ‏ «1».

1107- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا يَؤُمُّ صَاحِبُ الْقَيْدِ الْمُطْلَقِينَ وَ لَا يَؤُمُّ صَاحِبُ الْفَالِجِ الْأَصِحَّاءَ «2».

1108- وَ قَالَ الْبَاقِرُ وَ الصَّادِقُ ع‏ لَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْأَعْمَى إِذَا رَضُوا بِهِ وَ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قِرَاءَةً وَ أَفْقَهَهُمْ.

1109- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّمَا الْأَعْمَى أَعْمَى الْقَلْبِ فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ

1110- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ ثَلَاثَةٌ لَا يُصَلَّى خَلْفَهُمُ الْمَجْهُولُ وَ الْغَالِي وَ إِنْ كَانَ يَقُولُ بِقَوْلِكَ وَ الْمُجَاهِرُ بِالْفِسْقِ وَ إِنْ كَانَ مُقْتَصِداً «3».

1111- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع- مَنْ قَالَ بِالْجِسْمِ فَلَا تُعْطُوهُ شَيْئاً مِنَ الزَّكَاةِ وَ لَا تُصَلُّوا خَلْفَهُ.

1112- وَ كَتَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع- أَ يَجُوزُ جُعِلْتُ فِدَاكَ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ وَقَفَ عَلَى أَبِيكَ وَ جَدِّكَ ع فَأَجَابَ لَا تُصَلِّ وَرَاءَهُ.

1113- وَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ إِمَامٍ لَا بَأْسَ بِهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ عَارِفٍ غَيْرَ أَنَّهُ يُسْمِعُ أَبَوَيْهِ الْكَلَامَ الْغَلِيظَ الَّذِي يَغِيظُهُمَا أَقْرَأُ خَلْفَهُ قَالَ‏

______________________________

 (1). ظاهر الخبر عدم صحة الصلاة خلف الأغلف و هو من لا يختن و ذلك للفسق لان الختان واجب و متى ترك الواجب و أصر عليه فهو فاسق بلا إشكال و على فرض كونه صغيرة يصير بالاصرار كبيرة. و أمّا منع الصلاة على جنازته فمحمول على عدم تأكدها مع وجود من يصلى عليه و الا فلا خلاف في وجوب الصلاة عليه ظاهرا.

 (2). قيده بعضهم بمن لا يمكنه القيام فيدخل في ايتمام القاعد، و قد يحمل على الكراهة مع وجود غيرهما.

 (3). اريد بالمجهول المجهول في مذهبه و اعتقاده و كذا بالمقتصد المقتصد في الاعتقاد أى غير غال و لا مقصر (الوافي) و قيل: من لا يتجاوز الحدّ في الذنوب.

379
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

لَا، تَقْرَأُ خَلْفَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَاقّاً قَاطِعاً «1».

1114- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا تُصَلِّ خَلْفَ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْكَ بِالْكُفْرِ وَ لَا خَلْفَ مَنْ شَهِدْتَ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ.

1115- وَ رَوَى سَعْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ‏ «2» عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُقَارِفُ الذَّنْبَ‏ «3» يُصَلَّى خَلْفَهُ أَمْ لَا قَالَ لَا.

1116- وَ رُوِيَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ الصَّادِقَ ع‏ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ رَجُلٍ يُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ «4» قَالَ لِيُعِدْ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا خَلْفَهُ‏ «5».

1117- وَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْجُعْفِيُّ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع‏ رَجُلٌ يُحِبُّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ لَا يَتَبَرَّأُ مِنْ عَدُوِّهِ وَ يَقُولُ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّنْ خَالَفَهُ قَالَ هَذَا مِخْلَطٌ وَ هُوَ عَدُوٌّ فَلَا تُصَلِّ وَرَاءَهُ وَ لَا كَرَامَةَ إِلَّا أَنْ تَتَّقِيَهُ.

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ لَا تُصَلِّ خَلْفَ أَحَدٍ إِلَّا خَلْفَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنْ تَثِقُ بِدِينِهِ وَ وَرَعِهِ وَ آخَرُ تَتَّقِي سَيْفَهُ وَ سَطْوَتَهُ وَ شَنَاعَتَهُ عَلَى الدِّينِ وَ صَلِّ خَلْفَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ وَ الْمُدَارَاةِ وَ أَذِّنْ لِنَفْسِكَ وَ أَقِمْ وَ اقْرَأْ لَهَا غَيْرَ مُؤْتَمٍّ بِهِ فَإِنْ فَرَغْتَ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ قَبْلَهُ فَأَبْقِ‏ «6» مِنْهَا آيَةً وَ مَجِّدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِذَا رَكَعَ الْإِمَامُ فَاقْرَأِ الْآيَةَ وَ ارْكَعْ بِهَا فَإِنْ لَمْ تَلْحَقِ الْقِرَاءَةَ وَ خَشِيتَ أَنْ يَرْكَعَ فَقُلْ مَا حَذَفَهُ‏

______________________________

 (1). لانّ مطلق الكلام الغليظ ليس عقوقا لجواز أن يكون من باب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر أو كان من النصيحة. (مراد).

 (2). كذا و روى الشيخ في الصحيح عنه و هو غير مذكور في المشيخة و لا في الرجال و لعله إسماعيل بن سعد الأشعريّ فصحف بتقديم و تأخير.

 (3). قارف فلان الخطيئة أي خالطها. (الصحاح).

 (4). يعني به القدرية، و القدرى كل من لا يقول بالاختيار و الامر بين الامرين سواء كان يقول بالتفويض أو بالجبر.

 (5). محمول على ما إذا علم اعتقاد الامام و فساده حين الصلاة.

 (6). في بعض النسخ «فبق» بشد القاف و في القاموس: بقى يبقى بقاء و بقى بقيا ضد فنى و أبقاه و بقاه- من باب التفعيل- و تبقاه.

380
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

الْإِمَامُ مِنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ «1» وَ ارْكَعْ وَ إِنْ كُنْتَ فِي صَلَاةٍ نَافِلَةٍ وَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَاقْطَعْهَا وَ صَلِّ الْفَرِيضَةَ وَ إِنْ كُنْتَ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا تَقْطَعْهَا وَ اجْعَلْهَا نَافِلَةً وَ سَلِّمْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلِّ مَعَ الْإِمَامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُتَّقَى فَلَا تَقْطَعْ صَلَاتَكَ وَ لَا تَجْعَلْهَا نَافِلَةً وَ لَكِنِ اخْطُ إِلَى الصَّفِّ وَ صَلِّ مَعَهُ فَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ إِلَى رَابِعَتِهِ فَقُمْ مَعَهُ وَ تَشَهَّدْ مِنْ قِيَامٍ وَ سَلِّمْ مِنْ قِيَامٍ.

1118- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص صَلَّى بِأَصْحَابِهِ جَالِساً فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدُكُمْ بَعْدِي جَالِساً «2».

1119- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ كَانَ النَّبِيُّ ص وَقَعَ عَنْ فَرَسٍ فَشُجَ‏ «3» شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى بِهِمْ جَالِساً فِي غُرْفَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ‏ «4».

1120- وَ سَأَلَ جَمِيلُ بْنُ صَالِحٍ‏ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا وَ يُصَلِّي بِأَهْلِ مَسْجِدِهِ إِذَا كَانَ إِمَامَهُمْ قَالَ يُؤَخِّرُ وَ يُصَلِّي بِأَهْلِ مَسْجِدِهِ إِذَا كَانَ هُوَ الْإِمَامَ.

1121- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّ لِي مَسْجِداً عَلَى بَابِ دَارِي فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ أُصَلِّي فِي مَنْزِلِي فَأُطِيلُ الصَّلَاةَ أَوْ أُصَلِّي بِهِمْ وَ أُخَفِّفُ فَكَتَبَ ع صَلِّ بِهِمْ وَ أَحْسِنِ‏

______________________________

 (1). أي يركع الامام قبل تمام قراءتك فاترك القراءة فإذا كان هناك وقت وسع ما تركوه في الاذان و الإقامة و هو «حى على خير العمل» فقله و اركع مع الامام. (مراد).

 (2). الظاهر أنّها كانت في مرض موته (ص) حين سمع تقديم عائشة أباها فجاء و إحدى يديه على كتف عليّ عليه السلام و الأخرى على الفضل بن عبّاس و رجلاه يخطان الأرض فدخل المسجد و أخر أبا بكر و صلى بالناس و هو جالس و المسلمون من قيام. و هذه الرواية لا سيما جملة «لا يؤمنّ أحدكم جالسا» رواها العامّة و الخاصّة و نقلوا الإجماع عليها.

 (3). «فشج» أي صار ممزوجا دما من جرح. و في بعض النسخ «فسحج»- بتقديم الحاء المهملة على الجيم- و سحجت جلده فانسحج أي قشرته فانقشر.

 (4). الظاهر أنّه غير الأول و يدلّ على جواز ايتمام القائم بالقاعد و يمكن أن يكون مكروها للخبر السابق و يكون الفعل لبيان الجواز و يكون منسوخا أو مخصوصا به (ص) و الاحتياط في الترك (م ت).

381
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

الصَّلَاةَ وَ لَا تُثَقِّلْ‏ «1».

1122- وَ إِنَّ عَلِيّاً ع قَالَ: فِي رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا كُنْتُ إِمَامَكَ وَ قَالَ الْآخَرُ كُنْتُ إِمَامَكَ قَالَ صَلَاتُهُمَا تَامَّةٌ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا كُنْتُ أَئْتَمُّ بِكَ وَ قَالَ الْآخَرُ كُنْتُ أَئْتَمُّ بِكَ قَالَ فَصَلَاتُهُمَا فَاسِدَةٌ فَلْيَسْتَأْنِفَا «2».

1123- وَ سَأَلَ جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ إِمَامِ قَوْمٍ أَجْنَبَ وَ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِلْغُسْلِ وَ مَعَهُمْ مَاءٌ يَتَوَضَّئُونَ بِهِ فَيَتَوَضَّأُ بَعْضُهُمْ وَ يَؤُمُّهُمْ قَالَ لَا وَ لَكِنْ يَتَيَمَّمُ الْإِمَامُ وَ يَؤُمُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ الْأَرْضَ طَهُوراً كَمَا جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً «3».

1124- وَ رَوَى عَنْهُ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ يُصَلِّي صَلَاةً فَرِيضَةً فِي وَقْتِهَا ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُمْ صَلَاةً تَقِيَّةً وَ هُوَ مُتَوَضِّئٌ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا خَمْساً وَ عِشْرِينَ دَرَجَةً فَارْغَبُوا فِي ذَلِكَ.

1125- وَ رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ كَانَ كَمَنْ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ‏ «4».

______________________________

 (1). أي لا تطل كثيرا بحيث يثقل على المأمومين و لا تترك شيئا من واجباتها بل مستحباتها التي لا تطول بها الصلاة. و الظاهر العدول في الجواب عن القول بالكتابة لغرض مانع من القول. و يمكن أن يعبر الراوي عن الكتابة بالسئوال أو عن السؤال بالكتابة.

 (2). و ذلك لان كل واحد منهما قد وكل الى صاحبه القيام بشرائط الصلاة في الصورة الأخيرة دون الأولى. (الوافي).

 (3). المشهور بين الاصحاب كراهة امامة المتيمم بالمتوضين بل قال في المنتهى انه لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمّد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك، و استدلّ عليه الشيخ- رحمه اللّه- في كتابى الاخبار بما رواه عن عباد بن صهيب قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا يصلى المتيمم بقوم متوضين «و عن السكونى عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: «لا يؤم صاحب التيمم المتوضين و لا يؤم صاحب الفالج الاصحاء».

و في الروايتين ضعف من حيث السند، و لو لا ما يتخيل من انعقاد الإجماع على هذا الحكم لامكن القول بجوار الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة (المرآة).

 (4). يدل على شدة اهتمامهم عليهم السلام بالتقية و عدم ايجاد الفرقة بين المسلمين.

382
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1126- وَ رَوَى عَنْهُ حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِيُّ أَنَّهُ قَالَ: يُحْسَبُ لَكَ إِذَا دَخَلْتَ مَعَهُمْ وَ إِنْ كُنْتَ لَا تَقْتَدِي بِهِمْ حُسِبَ لَكَ مِثْلُ مَا يُحْسَبُ لَكَ إِذَا كُنْتَ مَعَ مَنْ تَقْتَدِي بِهِ‏ «1».

1127- وَ رَوَى مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ أَنَّ قَائِلًا قَالَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَمُرُّ بِقَوْمٍ نَاصِبِيَّةٍ وَ قَدْ أُقِيمَتْ لَهُمُ الصَّلَاةُ وَ أَنَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ قَالُوا مَا شَاءُوا أَنْ يَقُولُوا «2» أَ فَأُصَلِّي مَعَهُمْ ثُمَّ أَتَوَضَّأُ إِذَا انْصَرَفْتُ وَ أُصَلِّي قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع- سُبْحَانَ اللَّهِ أَ فَمَا يَخَافُ مَنْ يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنْ تَأْخُذَهُ الْأَرْضُ خَسْفاً «3».

1128- وَ رَوَى عَنْهُ ع زَيْدٌ الشَّحَّامُ أَنَّهُ قَالَ: يَا زَيْدُ خَالِقُوا النَّاسَ بِأَخْلَاقِهِمْ صَلُّوا فِي مَسَاجِدِهِمْ وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ وَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا الْأَئِمَّةَ وَ الْمُؤَذِّنِينَ فَافْعَلُوا فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَالُوا هَؤُلَاءِ الْجَعْفَرِيَّةُ رَحِمَ اللَّهُ جَعْفَراً مَا كَانَ أَحْسَنَ مَا يُؤَدِّبُ أَصْحَابَهُ وَ إِذَا تَرَكْتُمْ ذَلِكَ قَالُوا هَؤُلَاءِ الْجَعْفَرِيَّةُ فَعَلَ اللَّهُ بِجَعْفَرٍ «4» مَا كَانَ أَسْوَأَ مَا يُؤَدِّبُ أَصْحَابَهُ.

1129- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَذِّنْ خَلْفَ مَنْ قَرَأْتَ خَلْفَهُ‏ «5».

1130- وَ قَالَ لَهُ ع رَجُلٌ أُصَلِّي فِي أَهْلِي ثُمَّ أَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيُقَدِّمُونِي فَقَالَ تَقَدَّمْ لَا عَلَيْكَ وَ صَلِّ بِهِمْ.

1131- وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي الصَّلَاةَ

______________________________

 (1). «و ان كنت» جملة مستأنفة. و الخبر في الكافي هكذا «يحسب لك إذا دخلت معهم و ان لم تقتد بهم مثل ما يحسب- الخبر».

 (2). أي ما يكرهنى من الشتم و أمثاله.

 (3). فيه دلالة واضحة على عدم جواز الصلاة بدون الوضوء مع التقية أيضا.

 (4). يقال في الدعاء على الرجل: فعل اللّه بفلان و يعنون فعل اللّه به كذا و كذا، و الاختصار عند العرب دأب شايع و باب واسع (م ح ق) أقول: قوله «ما كان أحسن ما يؤدب و قوله «ما كان أسوأ» فعلا تعجب.

 (5). يدل على عدم الاعتداد بأذان المخالف و اشتراط الايمان في الاذان، و يمكن أن يكون باعتبار تركهم بعض فصول الاذان. (م ت).

383
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

وَحْدَهُ ثُمَّ يَجِدُ جَمَاعَةً قَالَ يُصَلِّي مَعَهُمْ وَ يَجْعَلُهَا الْفَرِيضَةَ إِنْ شَاءَ «1».

1132- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ أَفْضَلُهُمَا وَ أَتَمُّهُمَا «2».

1133- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ وَ رِدَاءٌ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «3».

1134- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِالنَّاسِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ أَ لَا أُرِيكَ الثَّوْبَ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَأَخْرَجَ مِلْحَفَةً فَذَرَعْتُهَا وَ كَانَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْبَارٍ.

1135- وَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ «4»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏- عَنِ الرِّوَايَةِ الَّتِي يَرْوُونَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَطَوَّعَ فِي وَقْتِ كُلِّ فَرِيضَةٍ مَا حَدُّ هَذَا الْوَقْتِ فَقَالَ إِذَا أَخَذَ الْمُقِيمُ‏

______________________________

 (1). ظاهره جواز العدول و تغيير النية بعد الفعل، و منهم من أرجع فاعل «يجعلها» الى اللّه تعالى كما يظهر من الخبر الآتي، و منهم من قال: المراد فريضة أخرى من قضاء و غيره، و الأظهر أن المراد أنّه ينويها من نوع الفريضة أي الظهر مثلا و ان نوى بها الاستحباب.

و جوز الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى و الدروس ايقاع الصلاة المعادة على وجه الوجوب لهذه الرواية، و حملها الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب على من صلى و لم يفرغ بعد من صلاته و وجد جماعة فليجعلها نافلة ثمّ يصلى في جماعة بنية الفرض، ثمّ قال: و يحتمل أن يكون المراد يجعلها قضاء فريضة فائتة من الفرائض. و أمّا الحكم فلا خلاف بين الاصحاب في جواز إعادة المنفرد إذا وجد جماعة سواء صار امامهم أو ائتم بهم، و اختلف فيما إذا صلى جماعة ثمّ أدرك جماعة أخرى و حكم الشهيد في الذكرى بالاستحباب هنا أيضا لعموم الإعادة، و اعترض عليه صاحب المدارك بأن أكثر الروايات مخصوصة بمن صلى وحده و ما ليس بمقيد بذلك فلا عموم فيه، قال: و من هنا يعلم أن الأظهر عدم تراسل الاستحباب أيضا و جوزه الشهيدان و كذا تردد صاحب المدارك فيما إذا صلى اثنان فرادى ثمّ أرادا الجماعة و الأحوط عدم إعادة ما صلى جماعة مرة اخرى. (المرآة).

 (2). اذ ربما كان صلاته منفردا أفضل و أتم.

 (3). أي إذا لم يكن له غيرهما من قميص و غيره فلا بأس و ان كان له فمع قميص أفضل.

 (4). الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة و هو بياع السابرى الثقة ظاهرا.

384
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

فِي الْإِقَامَةِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ الْمُقِيمُ الَّذِي يُصَلَّى مَعَهُ‏ «1».

1136- وَ سَأَلَهُ حَفْصُ بْنُ سَالِمٍ‏ «2» إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ أَ يَقُومُ النَّاسُ عَلَى أَرْجُلِهِمْ أَوْ يَجْلِسُونَ حَتَّى يَجِي‏ءَ إِمَامُهُمْ قَالَ لَا بَلْ يَقُومُونَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ فَإِنْ جَاءَ إِمَامُهُمْ وَ إِلَّا فَلْيُؤْخَذْ بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ فَيُقَدَّمَ.

1137- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ حَرُمَ الْكَلَامُ عَلَى الْإِمَامِ وَ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي تَقْدِيمِ إِمَامٍ‏ «3».

1138- وَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الرَّجُلَيْنِ قَالَ يَتَقَدَّمُهُمَا وَ لَا يَقُومُ بَيْنَهُمَا وَ عَنِ الرَّجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ جَمَاعَةً قَالَ نَعَمْ يَجْعَلُهُ عَنْ يَمِينِهِ‏ «4».

1139- قَالَ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِي كَمَا أَرَاكُمْ مِنْ قُدَّامِي وَ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَ لَا تُخَالِفُوا «5» فَيُخَالِفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ.

1140- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّ الصَّلَاةَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ كَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

______________________________

 (1). في الشرائع: «وقت القيام الى الصلاة إذا قال المؤذن «قد قامت الصلاة» على الأظهر» و في المدارك: هذا هو المشهور بين الاصحاب، و قال الشيخ في المبسوط و الخلاف وقت القيام الى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الاذان و لم أقف على مأخذه و حكى العلامة في المختلف عن بعض علمائنا قولا بأن وقت القيام عند قوله «حى على الصلاة». و نقل عن ابن حمزة و الشيخ في النهاية أنهما منعا من التنفل بعد الإقامة، قال في الذكرى: و قد يحمل على ما لو كانت الجماعة واجبة و كان ذلك يؤدى الى فواتها.

 (2). هو أبو ولاد الحناط الثقة و الطريق إليه صحيح.

 (3). حمل على الكراهة الشديدة.

 (4). أي يجعل الامام المأموم عن يمينه.

 (5). يحتمل أن يكون المراد لا تخالفوا في موضع القدم في الصف حتّى يكون الصف مستقيما، أو لا تنازعوا في التقدّم و التأخر في الصفوف (سلطان) و يحتمل أن يكون المراد ان لا تجعلوا صفوفكم غير متساوية لم ينقص بعضه عن بعض كما قال الفاضل التفرشى.

385
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1141- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا أَرَى بِالصُّفُوفِ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ بَأْساً «1».

1142- وَ قَالَ ع‏ أَتِمُّوا صُفُوفَكُمْ إِذَا رَأَيْتُمْ خَلَلًا وَ لَا يَضُرُّكَ أَنْ تَتَأَخَّرَ وَرَاءَكَ إِذَا وَجَدْتَ ضِيقاً فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ إِلَى الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَكَ وَ تَمْشِيَ مُنْحَرِفاً «2».

1143- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي لِلصُّفُوفِ أَنْ تَكُونَ تَامَّةً مُتَوَاصِلَةً بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَ لَا يَكُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَا لَا يُتَخَطَّى‏ «3» يَكُونُ قَدْرُ ذَلِكَ مَسْقَطَ جَسَدِ إِنْسَانٍ إِذَا سَجَدَ «4».

1144- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنْ صَلَّى قَوْمٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْإِمَامِ مَا لَا يُتَخَطَّى فَلَيْسَ ذَلِكَ الْإِمَامُ لَهُمْ بِإِمَامٍ وَ أَيُّ صَفٍّ كَانَ أَهْلُهُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ إِمَامٍ وَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي يَتَقَدَّمُهُمْ مَا لَا يُتَخَطَّى فَلَيْسَ تِلْكَ لَهُمْ بِصَلَاةٍ وَ إِنْ كَانَ سِتْراً أَوْ جِدَاراً «5» فَلَيْسَ تِلْكَ لَهُمْ بِصَلَاةٍ إِلَّا مَنْ كَانَ حِيَالَ الْبَابِ‏ «6» قَالَ وَ قَالَ هَذِهِ الْمَقَاصِيرُ إِنَّمَا أَحْدَثَهَا الْجَبَّارُونَ وَ لَيْسَ لِمَنْ صَلَّى خَلْفَهَا مُقْتَدِياً بِصَلَاةِ مَنْ فِيهَا صَلَاةٌ قَالَ وَ قَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ صَلَّتْ خَلْفَ‏

______________________________

 (1). أي لا بأس بالاساطين إذا كان خارقة للصف.

 (2). أي من دون أن تنحرفوا عن القبلة و من دون القهقرى. (مراد).

 (3). أي مسافة لا يقطع بخطوة بل يكون أكثر منها. (مراد).

 (4). قوله «ذلك مسقط جسد إنسان» قال العلّامة المجلسيّ: قال العلامة- رحمه اللّه- في المنتهى: قال السيّد المرتضى- رضي اللّه عنه- في المصباح: ينبغي أن يكون بين كل صفين قدر مسقط الجسد فان تجاوز ذلك الى القدر الذي لا يتخطى لم يجز، و قال الفاضل التستريّ- رحمه اللّه-: كأنّه راجع الى ما بين الصفين الذي ينبغي أن يكون البعد لا يزيد عنه.

 (5). أي كان الذي بينهما سترا أو جدارا و في بعض النسخ و الكافي «كان ستر أو جدار» بالرفع أي بينهما. (مراد).

 (6). الظاهر أن الاستثناء منقطع فيفهم منه أن الامام كان في بيت و المأمومين خارجه فلا يصحّ صلاة ذلك الصف الا صلاة من في مقابل الباب و ان كان الباقون يرون ذلك المقابل بلا واسطة أو بواسطة. (مراد).

386
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

إِمَامٍ وَ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ مَا لَا يُتَخَطَّى فَلَيْسَ لَهَا تِلْكَ بِصَلَاةٍ «1» قَالَ قُلْتُ فَإِنْ جَاءَ إِنْسَانٌ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ كَيْفَ يَصْنَعُ وَ هِيَ إِلَى جَانِبِ الرَّجُلِ‏ «2» قَالَ يَدْخُلُ بَيْنَهَا وَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَ تَنْحَدِرُ هِيَ شَيْئاً «3».

1145- وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَقَلُّ مَا يَكُونُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الْقِبْلَةِ «4» مَرْبِضُ عَنْزٍ وَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ مَرْبِطُ فَرَسٍ‏ «5».

1146- وَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى‏ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْإِمَامِ يُصَلِّي وَ خَلْفَهُ‏

______________________________

 (1). أي صلاة صحيحة أو كاملة و رجوع البطلان أو الكراهة الى صلاة المرأة على التعيين. (مراد).

 (2). الظاهر أن المراد بالرجل هو الإنسان الجائى فالمراد أنّه إذا قام خلف الامام تصير هي في جنبه فقال الإمام (ع) انه يدخل الرجل الجائى بينهما حتّى لا يقوم بجنبها فتنحدر المرأة حتّى يقوم الرجل في مكانها و هي بعد الرجل، و لو أريد بالرجل الامام فمعنى كونها الى جانبه كونها قريبة منه. (مراد).

 (3). قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- في المرآة بعد نقل الخبر: اعلم أنّه لا خلاف بين الاصحاب في عدم صحة صلاة المأموم إذا كان بينه و بين الامام حائل يمنع المشاهدة، و قال الشيخ- رحمه اللّه- في الخلاف: من صلى وراء الشبابيك لا يصحّ صلاته مقتديا بصلاة الامام الذي يصلى داخلها و استدلّ بهذا الخبر، قال في المدارك: و كان موضع الدلالة فيها النهى عن الصلاة خلف المقاصير فان الغالب فيها أن يكون مشبكة، و أجاب عنه في المختلف بجواز أن يكون المقاصير المشار إليه فيها غير مخرمة، قيل: و ربما كان وجه الدلالة اطلاق قوله عليه السلام «بينهم و بين الامام ما لا يتخطى» و هو بعيد جدا لان المراد عدم التخطى بواسطة التباعد لا باعتبار الحائل كما يدلّ عليه ذكر حكم الحائل بعد ذلك و لا ريب أن الاحتياط يقتضى المصير الى ما ذكره الشيخ- رحمه اللّه-، و قال أيضا: لو وقف المأموم خارج المسجد بحذاء الباب و هو مفتوح بحيث يشاهد الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته و صلاة من على يمينه و شماله و ورائه لانهم يرون من يرى، و لو وقف بين يدي هذا الصف صف آخر عن يمين الباب أو يسارها لا يشاهدون من في المسجد لم يصحّ صلاتهم كما يدلّ عليه قوله عليه السلام «فان كان بينهم ستر أو جدار- الخ» و الظاهر أن الحصر اضافى بالنسبة الى من كان عن يمين و يسار كما ذكرناه.

 (4). لعل المراد بالقبلة من كان في جانب القبلة من الامام أو الصف المقدم. (مراد).

 (5). ربوض البقر و الغنم و الفرس و الكلب مثل بروك الإبل. (مراد).

387
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

قَوْمٌ أَسْفَلُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ قَالَ إِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى شِبْهِ الدُّكَّانِ أَوْ عَلَى أَرْفَعَ مِنْ مَوْضِعِهِمْ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُمْ‏ «1» وَ إِنْ كَانَ أَرْفَعَ مِنْهُمْ بِإِصْبَعٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ إِذَا كَانَ الِارْتِفَاعُ بِقَطْعِ سَيْلٍ‏ «2» وَ إِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مَبْسُوطَةً «3» وَ كَانَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا ارْتِفَاعٌ فَقَامَ الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ وَ قَامَ مَنْ خَلْفَهُ أَسْفَلَ مِنْهُ وَ الْأَرْضُ مَبْسُوطَةٌ إِلَّا أَنَّهَا فِي مَوْضِعٍ مُنْحَدِرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَ سُئِلَ فَإِنْ قَامَ الْإِمَامُ أَسْفَلَ مِنْ مَوْضِعِ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ قَالَ ع إِنْ كَانَ الرَّجُلُ فَوْقَ بَيْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ دُكَّاناً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَ الْإِمَامُ أَسْفَلَ مِنْهُ كَانَ لِلرَّجُلِ‏ «4» أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَهُ وَ يَقْتَدِيَ بِصَلَاتِهِ وَ إِنْ كَانَ أَرْفَعَ مِنْهُ بِشَيْ‏ءٍ كَثِيرٍ «5».

______________________________

 (1). قوله: «أرفع من موضعهم» أي بقدر معتد به. و قوله: «و ان كان أرفع منهم» الظاهر أن كلمة «ان» وصلية لكنه مخالف للمشهور و يشكل رعايته في أكثر المواضع، و يمكن حمله على القطع و يكون محمولا على الأرض المنحدرة و يكون «لا بأس» جوابا لهما معا. (المرآة).

 (2). في بعض نسخ التهذيب «إذا كان الارتفاع منهم بقدر شبر» و في بعضها «بقدر يسير» و لعله على نسختيه تمّ الكلام عند قوله: «شبر أو يسير» و الجزاء محذوف أي جائزة، فقوله: «و ان كانت» استيناف الكلام لبيان ما إذا كان الارتفاع تدريجيا لا دفعيا، و قيل يمكن أن يكون قوله: «فان كانت» معطوفا على قوله: «و ان» و يكون قوله: «فلا بأس» جزاء لهما أو قوله: «قال لا بأس به» متعلق بهما و هو بعيد. و في بعض النسخ «بقطع سئل» فالمراد اذا كان الارتفاع ممّا يتخطى و الجزاء محذوف، و «سئل» بيان سؤال آخر وقع عن الأرض المنحدرة. و في بعضها «بقطع سيل» فيكون بيانا لما إذا كان الارتفاع دفعيا لانه هكذا يكون ما يخرقه السيل غالبا و هو قريب ممّا في الكافي «ببطن مسيل».

 (3). في بعض النسخ «أرضا مبسوطة» و في بعضها «أرض مبسوطة».

 (4). في الكافي «جاز للرجل».

 (5). قال في المدارك: هذه الرواية ضعيفة السند، متهافتة المتن، قاصرة الدلالة فلا يسوغ التأويل عليها في حكم مخالف للاصل و من ثمّ تردّد المحقق- قدّس سرّه- و ذهب الشيخ- رحمه اللّه- في الخلاف الى الكراهة و هو متّجه، و أمّا علو المأموم فقد قطع الاصحاب بجوازه و أسنده في المنتهى الى علمائنا ثمّ انه قال في التذكرة: لو كان علو الامام يسيرا جاز-

388
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1147- وَ سَأَلَ مُوسَى بْنُ بَكْرٍ «1» أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَقُومُ فِي الصَّفِّ وَحْدَهُ قَالَ لَا بَأْسَ إِنَّمَا يَبْدُو الصَّفُ‏ «2» وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ.

1148- وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ وَ الْإِمَامُ رَاكِعٌ وَ ظَنَنْتَ أَنَّكَ إِنْ مَشَيْتَ إِلَيْهِ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبِّرْ وَ ارْكَعْ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَاسْجُدْ مَكَانَكَ فَإِذَا قَامَ فَالْحَقْ بِالصَّفِ‏ «3» وَ إِنْ جَلَسَ فَاجْلِسْ مَكَانَكَ فَإِذَا قَامَ فَالْحَقْ بِالصَّفِ‏ «4».

1149- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ يَمْشِي فِي الصَّلَاةِ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ وَ لَا يَتَخَطَّى.

1150- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ وَ قَدْ رَكَعَ فَكَبَّرْتَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَقَدْ أَدْرَكْتَ الرَّكْعَةَ وَ إِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ فَقَدْ فَاتَتْكَ الرَّكْعَةُ.

1151- وَ رَوَى أَبُو أُسَامَةَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ انْتَهَى إِلَى الْإِمَامِ وَ هُوَ رَاكِعٌ-

______________________________

- إجماعا (المرآة) و قال الفاضل التفرشى بعد بيان الخبر: بالجملة اضطراب المتن يمنع من أن يكون قول المعصوم بعينه و إذا ظنّ أنّه ليس من قول المعصوم لم يصلح للسندية سيما اذا ضم إليه فساد عقيدة الراوي فلذا حمل الايتمام عند ارتفاع الامام على الكراهة دون الحرمة. انتهى و المشهور عدم الجواز.

 (1). موسى بن بكر غير معنون في المشيخة و رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 333 بإسناده، عن سعد عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح، عن موسى بن جعفر عليهما السلام.

 (2). أي يظهر و يحصل، و يدلّ على جواز الانفراد عن الصف إذا لم يكن له موقف في الصف و يؤيده روايات. (م ت).

 (3). اشترط الشيخ على- رحمه اللّه- في حاشية الشرائع أن يكون الموضع صالحا للاقتداء و أن لا يبلغ في المشى حال التكبيرة و يجر رجله في حال مشيه و لا يرفعهما انتهى و يؤيده الخبر الآتي.

 (4). يدل على ادراك الركعة بادراك الامام حال الركوع و على اغتفار الفعل الكثير في الجماعة للحوق بالصف.

389
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

قَالَ إِذَا كَبَّرَ وَ أَقَامَ صُلْبَهُ ثُمَّ رَكَعَ فَقَدْ أَدْرَكَ‏ «1».

1152- وَ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنِّي إِمَامُ مَسْجِدِ الْحَيِّ فَأَرْكَعُ بِهِمْ وَ أَسْمَعُ خَفَقَانَ نِعَالِهِمْ‏ «2» وَ أَنَا رَاكِعٌ فَقَالَ اصْبِرْ رُكُوعَكَ وَ مِثْلَ رُكُوعِكَ فَإِنِ انْقَطَعُوا وَ إِلَّا فَانْتَصِبْ قَائِماً.

1153- وَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ صَلَاتُهُ عَلَى صَلَاةِ أَضْعَفِ مَنْ خَلْفَهُ.

1154- وَ كَانَ مُعَاذٌ يَؤُمُّ فِي مَسْجِدٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ وَ أَنَّهُ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَافْتَتَحَ سُورَةً طَوِيلَةً فَقَرَأَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَ صَلَّى ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ص فَبَعَثَ إِلَى مُعَاذٍ فَقَالَ يَا مُعَاذُ إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ فَتَّاناً «3» عَلَيْكَ بِالشَّمْسِ وَ ضُحَيهَا وَ ذَوَاتِهَا.

1155- وَ إِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ يَؤُمُّ أَصْحَابَهُ فَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَيُخَفِّفُ الصَّلَاةَ «4».

وَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْرَأَ قِرَاءَةً وَسَطاً لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ‏ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ- فَلْيَقُلِ الَّذِي خَلْفَهُ- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ+ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ آمِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَتْ تَقُولُهُ النَّصَارَى.

1156- وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ‏ مَنْ قَرَأَ خَلْفَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ فَمَاتَ بُعِثَ عَلَى غَيْرِ

______________________________

 (1). فيه دلالة على وجوب اقامة الصلب حال التكبير لان القيام قبل الركوع ركن.

 (2). الخفق: صوت النعل.

 (3). فتان من أبنية المبالغة في الفتنة و منه الحديث «أ فتان أنت يا معاذ». (النهاية).

 (4). لان أمه كانت في الصلاة فخفف صلّى اللّه عليه و آله لاجل أن يدركه أمه.

390
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

فِطْرَةٍ «1».

1157- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ خَلْفَ إِمَامٍ تَأْتَمُّ بِهِ فَلَا تَقْرَأْ خَلْفَهُ سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ أَوْ لَمْ تَسْمَعْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَلَمْ تَسْمَعْ فَاقْرَأْ «2».

______________________________

 (1). أي فطرة الإسلام مبالغة، و لعله محمول على عدم السماع في الجهرية أو على خصوص صورة سماع الجهرية، و لعلّ الأخير بهذا الوعيد أنسب، و ربما يحتمل شموله ما إذا وقف خلف صفوف امام يؤتم به فصلى منفردا و قرأ للتكبر عن الايتمام به أو رغبة عن الجماعة.

 (المرآة).

 (2). اعلم ان في مسئلة قراءة المأموم خلف الامام اختلافا كثيرا بين الفقهاء حتّى قال الشهيد الثاني: لم أقف في الفقه على خلاف في مسئلة يبلغ هذا القدر من الأقوال و تحرير محل الخلاف (على ما قاله- قدّس سرّه- في شرحه للارشاد أي روض الجنان) أن الصلاة اما جهرية أو سرية، و على الأول اما ان تسمع سماعا ما أم لا، و على التقادير اما أن تكون في الاولتين او الأخيرتين فالاقسام ستة، فابن إدريس و سلّار أسقطا القراءة في الجميع لكن ابن إدريس جعلها محرمة و سلار جعل تركها مستحبا، و باقى الاصحاب على اباحة القراءة في الجملة لكن يتوقف تحقيق الكلام على تفصيل:

فنقول: ان كانت الصلاة جهرية فان سمع في أولييها و لو همهمة سقطت القراءة فيهما إجماعا لكن هل السقوط على وجه الوجوب بحيث تحرم القراءة فيه؟ قولان أحدهما التحريم ذهب إليه جماعة منهم العلامة في المختلف و الشيخان، و الثاني الكراهة و هو قول المحقق و الشهيد، و ان لم تسمع فيهما أصلا جازت القراءة بالمعنى الأعمّ، لكن ظاهر أبى الصلاح الوجوب و ربما أشعر به كلام المرتضى أيضا و المشهور الاستحباب، و على القولين فهل القراءة للحمد و السورة أو الحمد وحدها؟ قولان صرّح الشيخ بالثانى. و أمّا أخيرتا الجهرية ففيهما أقوال أحدها وجوب القراءة مخيرا بينها و بين التسبيح و هو قول أبى الصلاح و ابن زهرة، و الثاني استحباب قراءة الحمد وحدها و هو قول الشيخ، و الثالث التخيير بين قراءة الحمد و التسبيح استحبابا و هو ظاهر جماعة منهم العلامة في المختلف. و ان كانت اخفاتية ففيها أقوال احدها استحباب القراءة فيها مطلقا و هو الظاهر من كلام العلامة في الإرشاد، و ثانيها استحباب قراءة الحمد وحدها و هو اختياره في القواعد و الشيخ (ره) و ثالثها سقوط القراءة في-

391
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1158- وَ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْهُ ع‏ أَنَّهُ إِنْ سَمِعَ الْهَمْهَمَةَ فَلَا يَقْرَأْ.

1159- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا تَقْرَأَنَ‏ «1» فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعِ الرَّكَعَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ شَيْئاً إِمَاماً كُنْتَ أَوْ غَيْرَ إِمَامٍ قَالَ قُلْتُ فَمَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ إِنْ كُنْتَ إِمَاماً أَوْ وَحْدَكَ فَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تُكَمِّلُهُ تِسْعَ تَسْبِيحَاتٍ ثُمَّ تُكَبِّرُ وَ تَرْكَعُ.

1160- وَ رَوَى وُهَيْبُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَدْنَى مَا يُجْزِي مِنَ الْقَوْلِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ أَنْ تَقُولَ- سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ.

1161- وَ فِي رِوَايَةِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَ إِنْ كُنْتَ خَلْفَ إِمَامٍ فَلَا تَقْرَأَنَّ شَيْئاً فِي الْأَوَّلَتَيْنِ وَ أَنْصِتْ لِقِرَاءَتِهِ وَ لَا تَقْرَأَنَّ شَيْئاً فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ- وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ‏ يَعْنِي فِي الْفَرِيضَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ‏ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ‏ فَالْأَخِيرَتَانِ تَبَعاً لِلْأَوَّلَتَيْنِ‏ «2».

1162- وَ رَوَى بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُ‏ «3» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ‏

______________________________

- الاولتين و وجوبها في الأخيرتين مخيرا بين الحمد و التسبيح و هو قول أبى الصلاح و ابن زهرة و رابعها استحباب التسبيح في نفسه و حمد اللّه أو قراءة الحمد مطلقا و هو قول نجيب الدين يحيى بن سعيد.

 (1). يعني سورة الحمد و غيرها من القرآن.

 (2). معنى الحديث أنّه لا يقرأ خلف الامام أما في الركعتين الاولتين فللآية و أمّا في الأخيرتين فلكونهما تابعتين للاولتين، و لا ينافى ذلك ما يجيى‏ء من الحث على التسبيح لان التسبيح غير القراءة (مراد) و انما فصل بين الاولتين و الأخيرتين مع أن الحكم واحد فيهما و هو عدم قراءة المأموم لاختلاف التعليل فان قوله «لان اللّه- الخ» تعليل لعدم القراءة في الاولتين و قوله «و الأخيرتان تبعا لاولتين» تعليل لعدم القراءة في الأخيرتين. (سلطان) أقول: فى بعض النسخ «و الاخريان تبع للاولتين».

 (3). الطريق صحيح. و في بعض النسخ «بكير بن محمّد» و هو تصحيف.

392
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

لِلْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْإِمَامِ صَلَاةً لَا يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَيَقُومَ كَأَنَّهُ حِمَارٌ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَيَصْنَعُ مَا ذَا قَالَ يُسَبِّحُ‏ «1».

1163- وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ بَعْضَ الصَّلَاةِ وَ فَاتَهُ بَعْضٌ‏ «2» خَلْفَ إِمَامٍ يَحْتَسِبُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ‏ «3» جَعَلَ مَا أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ إِنْ أَدْرَكَ مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ أَوِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ وَ فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِمَّا أَدْرَكَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي نَفْسِهِ بِأُمِّ الْكِتَابِ‏ «4»- فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَصَلَّى الْأَخِيرَتَيْنِ لَا يَقْرَأُ فِيهِمَا إِنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَ تَهْلِيلٌ وَ دُعَاءٌ لَيْسَ فِيهِمَا قِرَاءَةٌ وَ إِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَرَأَ فِيهَا خَلْفَ الْإِمَامِ‏ «5» فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَقَرَأَ أُمَّ الْكِتَابِ- ثُمَّ قَعَدَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا قِرَاءَةٌ.

1164- وَ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيُطِيلُ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ قَالَ يُسَلِّمُ وَ يَمْضِي لِحَاجَتِهِ إِنْ أَحَبَ‏ «6».

______________________________

 (1). يدل على استحباب التسبيح في الاخفاتية فيمكن قصره على التسبيح بقوله:

 «سبحان اللّه» فقط و تعميمه لكل ذكر، و أن يكون التسبيحات الأربعة كما تقدم. (م ت).

 (2). بان أدرك الامام في الركعة الثانية أو الثالثة أو بعدها.

 (3). يحتمل كون هذه الجملة صفة «امام» أي خلف امام يعتد به و تحتسب هذا الفعل خلفه بالصلاة و حينئذ يكون جزاء الشرط قوله: «جعل- الخ»، و يحتمل كونها جزاء الشرط أي إذا ادرك بعض الصلاة يحتسب هذه بصلاة الجماعة و يدرك فضلها و حينئذ يكون قوله «جعل- الخ» جملة مستأنفة. (سلطان).

 (4). أي لا يجهر بها و ذهب بعض الفقهاء الى تعيين القراءة لئلا يخلو صلاته عن فاتحة الكتاب لانه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و قد فاته و المشهور بقاء التخيير.

 (5). يعني فان ادرك الامام في الركعة الرابعة و قال الفاضل التفرشى «قرأ فيها» أي قراءة في نفسه بقرينة السابق لا لانه يقرأ لئلا يخلو صلاته عن الفاتحة لانه حينئذ يقرأ في ثانيته بل لان المنع عن القراءة مختص بموضع يقرأ فيه الامام كما مر.

 (6). يدل على جواز المفارقة مع الحاجة في التشهد، و تدلّ على الجواز مطلقا صحيحة-

393
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1165- وَ سَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ لَهُ‏ أَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَ قَدْ رَكَعَ الْإِمَامُ فَأَرْكَعُ بِرُكُوعِهِ وَ أَنَا وَحْدِي وَ أَسْجُدُ فَإِذَا رَفَعْتُ رَأْسِي فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ أَصْنَعُ قَالَ قُمْ فَاذْهَبْ إِلَيْهِمْ فَإِنْ كَانُوا قِيَاماً فَقُمْ مَعَهُمْ وَ إِنْ كَانُوا جُلُوساً فَاجْلِسْ مَعَهُمْ‏ «1».

1166- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَسْجِدَ وَ قَدْ صَلَّى أَهْلُهُ يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ أَوْ يَتَطَوَّعُ فَقَالَ إِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ حَسَنٍ فَلَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَ إِنْ كَانَ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَخَّرَهُ وَ لْيَبْدَأْ بِالْفَرِيضَةِ وَ هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ لْيَتَطَوَّعْ مَا شَاءَ «2».

1167- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع‏ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَخَافُ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ قَالَ يَرْكَعُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ إِلَى الْقَوْمِ وَ يَمْشِي وَ هُوَ رَاكِعٌ حَتَّى يَبْلُغَهُمْ.

1168- وَ رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ‏ «3» عَنِ الصَّادِقِ ع‏ فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ النِّسَاءَ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ فِي الْفَرِيضَةِ قَالَ نَعَمْ وَ إِنْ كَانَ مَعَهُ صَبِيٌّ فَلْيَقُمْ إِلَى جَانِبِهِ.

1169- وَ رَوَى عَنْهُ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُ‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَ يُقِيمُ لِيُصَلِّيَ وَحْدَهُ فَيَجِي‏ءُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَقُولُ لَهُ أَ تُصَلِّي جَمَاعَةً هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَا بِذَلِكَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ قَالَ لَا وَ لَكِنْ يُؤَذِّنُ وَ يُقِيمُ‏ «4».

______________________________

- أحمد بن محمّد بن عيسى. و قال في المدارك: يجوز أن يسلم المأموم قبل الامام و ينصرف لضرورة و غيرها مع أن هذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب حتّى في كلام القائلين بوجوب التسليم و تدلّ عليه روايات.

 (1). الطريق موثق و يدلّ كالاخبار السابقة على ادراك الركعة بادراك الركوع و جواز المشى حتّى يلحقهم. (م ت).

 (2). موثق و يدلّ على تأخير النافلة عن الفريضة بعد خروج وقتها و أمّا انها قضاء فلا يظهر منه و من عدة من الاخبار. (م ت) و المراد بخروج الوقت وقت الفضيلة.

 (3). هو بياع الهروى و الطريق إليه صحيح لكنه غير معلوم الحال.

 (4). يدل على عدم الاكتفاء بالاذان و الإقامة منفردا للجماعة و عليه أكثر الاصحاب.

394
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1170- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ‏ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ وَ لَا يَؤُمُّ حَتَّى يَحْتَلِمَ فَإِنْ أَمَّ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ‏ «1».

1171- وَ سَأَلَ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ الْإِمَامَ حِينَ يُسَلِّمُ قَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَ يُقِيمَ وَ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ «2».

1172- وَ سُئِلَ‏ «3» عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَسْجِدَ وَ هُمْ فِي الصَّلَاةِ وَ قَدْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ فَيُكَبِّرُ فَيَعْتَلُّ الْإِمَامُ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَ يَكُونُ أَدْنَى الْقَوْمِ إِلَيْهِ فَيُقَدِّمُهُ‏ «4» فَقَالَ ع يُتِمُّ بِهِمُ الصَّلَاةَ ثُمَّ يَجْلِسُ حَتَّى إِذَا فَرَغُوا مِنَ التَّشَهُّدِ أَوْمَأَ بِيَدِهِ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشِّمَالِ وَ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي يُومِئُ بِيَدِهِ التَّسْلِيمَ أَوْ تُقْضَى صَلَاتُهُمْ‏ «5» وَ أَتَمَّ هُوَ مَا كَانَ فَاتَهُ.

1173- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَمَّنْ رَكَعَ مَعَ إِمَامِ قَوْمٍ يُقْتَدَى بِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ‏ «6».

______________________________

 (1). فما ورد في بعض الأخبار من جواز امامته محمول على إمامته للصبيان.

 (2). محمول على الاستحباب و ان جاز الاكتفاء بهما ما لم يتفرقوا. (م ت).

 (3). في صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في الكافي ج 3 ص 382 و فيه «بركعة أو أكثر فيعتل».

 (4). يدل على استنابة المسبوق مع العلة، و يحمل أخبار النهى على الكراهة مع التمكن من غيره، و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- في المرآة: لا خلاف في جواز الاستنابة حينئذ و المشهور عدم الوجوب بل ادعى في التذكرة الإجماع على عدم الوجوب و ظاهر بعض الأخبار الوجوب.

 (5). عطف على التسليم على أنّه خبر كان أي ذلك الايماء بمنزلة التسليم من الامام فيتبعونه في التسليم و كأنهم سلموا مع الامام أو ذلك الايماء إشارة الى تقضى صلاتهم ليسلموا فلم يكن سلامهم مع الامام (سلطان) أقول: فى الكافي «فكان الذي أومأ اليهم بيده التسليم و انقضاء صلاتهم».

 (6). بقصد المتابعة، و طريق الخبر صحيح و يدلّ على اغتفار زيادة الركوع في الجماعة و هذا مستثنى من قاعدة زيادة الركن و كذا قاعدة «لا تعاد». و هكذا القول في الخبر الآتي و أمّا العامد فليس له أن يرجع بل يجب عليه أن يستمر حتّى يرفع الامام رأسه بلا خلاف ظاهرا.

395
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1174- وَ سَأَلَ الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ «1» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى مَعَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَالَ فَلْيَسْجُدْ.

1175- وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ يَسَارٍ «2» أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَسْأَلُ الرِّضَا ع‏ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى إِلَى جَانِبِ رَجُلٍ‏ «3» فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ يَصْنَعُ إِذَا عَلِمَ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ يُحَوِّلُهُ إِلَى يَمِينِهِ.

1176- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ كَانَ النِّسَاءُ يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ ص فَكُنَّ يُؤْمَرْنَ أَنْ لَا يَرْفَعْنَ رُءُوسَهُنَّ قَبْلَ الرِّجَالِ لِضِيقِ الْأُزُرِ «4».

1177- وَ سَأَلَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الْمَرْأَةِ هَلْ تَؤُمُّ النِّسَاءَ قَالَ تَؤُمُّهُنَّ فِي النَّافِلَةِ «5» فَأَمَّا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَلَا وَ لَا تَتَقَدَّمُهُنَّ وَ لَكِنْ تَقُومُ‏

______________________________

 (1). في الطريق إليه عليّ بن الحسين السعدآبادي و لم يوثق.

 (2). في بعض النسخ «الحسين بن بشار» و هو يوافق كتب الرجال و لم يذكر الصدوق طريقه إليه.

 (3). «الى جانب رجل» أي يأتم به، و يحتمل ارجاع الضمائر كلها الى الامام و يحتمل ارجاع ضميرى «و هو لا يعلم» الى المأموم أي كان سبب وقوعه عن يسار الامام أنه لم يكن يعلم كيف يصنع، و على بعض التقادير يحتمل أن يكون «كيف يصنع» ابتداء السؤال و المشهور في وقوف المأموم عن يمين الامام الاستحباب و انه لو خالف بأن وقف الواحد عن يسار الامام أو خلفه لم تبطل صلاته. (المرآة).

 (4). الازر- بضم الهمزة و الزاى المضمومة قبل الراء- جمع الازر و المراد السراويل يعنى بسبب ضيق ازر الرجال ربما كان حجم عورتهم يرى من خلف في حال سجودهم، أو المراد المئزر يعنى بسبب قصر ازارهم يبدو أفخاذهم في حال الركوع أو السجود فأمرن النساء أن لا يرفعن رءوسهن قبل الرجال لئلا يرون عورات الرجال أو أفخاذهم أو حجمها.

 (5). لعل المراد بالنافلة الصلاة التي تستحب جماعتها مثل صلاة الاستسقاء و العيدين على تقدير كونهما مندوبين، و المشهور جواز امامة المرأة للنساء، بل قال في التذكرة أنه قول علمائنا أجمع و نقل عن ابن الجنيد و المرتضى- رحمهما اللّه- جواز امامتها في-

396
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

وَسَطَهُنَ‏ «1».

1178- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ الْمَرْأَةُ تَؤُمُّ النِّسَاءَ قَالَ لَا إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَوْلَى مِنْهَا تَقُومُ وَسَطَهُنَّ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ فَتُكَبِّرُ وَ يُكَبِّرْنَ.

1179- وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي مِخْدَعِهَا «2» أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا وَ صَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الدَّارِ.

وَ الرَّجُلُ‏ «3» إِذَا أَمَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ خَلْفَهُ عَنْ يَمِينِهِ سُجُودُهَا مَعَ رُكْبَتَيْهِ‏ «4».

1180- وَ سَأَلَهُ الْحَلَبِيُ‏ عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ النِّسَاءَ قَالَ نَعَمْ وَ إِنْ كَانَ مَعَهُنَّ غِلْمَانٌ فَأَقِيمُوهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ إِنْ كَانُوا عَبِيداً.

______________________________

- النافلة دون الفريضة. و يظهر منه القول بجواز الجماعة في النافلة لهن الا أن يحمل على المعادة أو العيدين أو الاستسقاء. و قال أستادنا الشعرانى- مدّ ظلّه العالى- في هامش الوافي:

العمدة في عدم جواز الجماعة في النوافل اعراض الاصحاب عما يدلّ على جوازها و الا فالمحامل التي ذكروها بعيدة جدا، و كما أن أقوى مؤيّدات الرواية شهرتها كذلك أقوى موهناتها الاعراض عنها، و غرضنا هنا من شهرتها شهرة العمل بها و من الاعراض عدم العمل، و قد منع مالك عن امامة النساء مطلقا في الفرائض و النوافل و جوزه الآخرون مطلقا فحمل الروايات على التقيّة أيضا غير جائز- انتهى.

 (1). الوسط بالتسكين قال الجوهريّ لانه ظرف قال: و جلست في وسط الدار- بالتحريك- لانه اسم، ثمّ قال: و كل موضع صلح فيه «بين» فهو وسط- بسكون السين- و ان لم يصلح فيه «بين» فهو وسط- بالتحريك.

 (2). المخدع- بضم الميم و قد تفتح-: البيت الصغير الذي داخل البيت الكبير. و ما يقال له بالفارسية (پستو). و يفهم من الخبر كراهة صلاتها في المسجد، فكلما كان أقرب الى ستره كان أحسن.

 (3). الظاهر أنّه من كلام الصدوق- رحمه اللّه- كما يظهر من الوافي و غيره.

 (4). هذا لا يلائم القول باستحباب أن تقف المرأة خلف الرجل بمقدار مسقط الجسد في السجود. (مراد).

397
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1181- وَ رَوَى دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ‏ «1» عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْحَضَرِيُّ الْمُسَافِرَ وَ لَا يَؤُمُّ الْمُسَافِرُ الْحَضَرِيَ‏ «2» فَإِنِ ابْتُلِيَ الرَّجُلُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَمَّ قَوْماً حَاضِرِينَ فَإِذَا أَتَمَّ الرَّكْعَتَيْنِ سَلَّمَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمْ فَقَدَّمَهُ فَأَمَّهُمْ فَإِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ خَلْفَ قَوْمٍ حُضُورٍ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ رَكْعَتَيْنِ وَ يُسَلِّمُ.

1182- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ إِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَجْلِ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَ جَعَلَهُمَا تَطَوُّعاً «3».

1183- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ جَعَلَ الْأَوَّلَتَيْنِ فَرِيضَةً وَ الْأَخِيرَتَيْنِ نَافِلَةً وَ إِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ جَعَلَ الْأَوَّلَتَيْنِ نَافِلَةً وَ الْأَخِيرَتَيْنِ فَرِيضَةً.

1184- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ جَعَلَ الْأَوَّلَتَيْنِ الظُّهْرَ وَ الْأَخِيرَتَيْنِ الْعَصْرَ.

وَ هَذِهِ الْأَخْبَارُ لَيْسَتْ بِمُخْتَلِفَةٍ وَ الْمُصَلِّي فِيهَا بِالْخِيَارِ بِأَيِّهَا أَخَذَ جَازَ.

1185- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ «4» قَالَ كَانَ مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ يَقُولُ‏ إِذَا

______________________________

 (1). في الطريق الحكم بن مسكين و لم يوثّق.

 (2). محمول على الكراهة لما روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام «فى المسافر يصلّى خلف المقيم؟ قال: يصلى ركعتين و يمضى حيث يشاء».

 (3). يعني بعد السلام من الاولتين لان العامّة يقولون بالتخيير في السفر و يتمون فان فرغ من الصلاة قبلهم يقولون انه رافضى (م ت) و قال استاذنا الشعرانى: ليس ما يفهم من اطلاق كلام الشارحين من مذهب أهل السنة في القصر صحيحا و انما يتم المسافر المقتدى بالحاضر فقط عندهم و اما المسافر المقتدى بالمسافر و من يصلى منفردا فمالك و الشافعى و أحمد يرجّحون القصر عليه و أبو حنيفة يوجب كما في مذهبنا و يكره عند مالك اقتداء المسافر بالمقيم حتّى لا يلزمه الاتمام و على هذا فليس التقصير مطلقا من علامات التشيع الا في الجماعة في الجملة، و الطريق الصحيح للعلم بأقوال العامّة الاخذ من كتبهم أو ممّا نقله علماؤنا عنهم لا من اشعار هذه الأحاديث و الظنّ و التخمين- انتهى.

 (4). الطريق إليه حسن بابراهيم بن هاشم، و منصور كان من أصحاب الصادق عليه السّلام.

398
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

أَتَيْتَ الْإِمَامَ وَ هُوَ جَالِسٌ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اجْلِسْ فَإِذَا قُمْتَ فَكَبِّرْ «1».

1186- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ يُجْزِيكَ مِنَ الْقِرَاءَةِ إِذَا كُنْتَ مَعَهُمْ مِثْلُ حَدِيثِ‏

______________________________

 (1). كذا مقطوعا. و للمأموم بالنظر الى وقت دخوله مع الامام أحوال: الأولى أن يدركه قبل الركوع فيحتسب بتلك الركعة إجماعا، الثانية أن يدركه في حالة ركوعه و الأصحّ ادراك الركعة بذلك فيكبر تكبيرة الافتتاح و أهوى للركوع و يركع، قال في المنتهى: و لو خاف الفوات أجزأته تكبيرة الافتتاح غير تكبيرة الركوع إجماعا، الثالثة أن يدركه بعد رفعه من الركوع و لا خلاف في فوات الركعة بذلك لكنه استحب أكثر علمائنا للمأموم التكبير و متابعة الامام في السجدتين و ان لم يعتد بهما، و اختلفوا في وجوب استيناف النية و تكبيرة الاحرام بعد ذلك، فقال الشيخ- رحمه اللّه-: لا يجب، و قطع الاكثر بالوجوب لزيادة السجدتين، و يظهر من العلامة- قدّس سرّه- في المختلف التوقف في هذا الحكم من أصله للنهى من الدخول في الركعة عند فوات تكبيرها في رواية محمّد بن مسلم+. الرابعة أن يدركه و قد سجد سجدة واحدة و حكمه كالسابق فعلى المشهور يكبر و يسجد معه الأخرى و في الاعتداد بالتكبير الوجهان. الخامسة أن يدركه بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة و قد قطع الشيخ و غيره بأنّه يجلس معه فإذا سلم الامام قام و أتم صلاته بلا استيناف تكبير، و نص في المعتبر على أنّه مخير بين الإتيان بالتشهد و عدمه. (المدارك)

و قوله عليه السلام في هذا الخبر «فاذا قمت فكبّر» اذا حمل الصلاة على الثنائية فالمشهور حينئذ أن يبنى على تلك التكبيرة و يعتد بها و يمكن الجمع بأنّه إذا قصد الاستحباب بالتكبيرة الأولى و مجرد ادراك فضل الجماعة فلا بد من تكبيرة الافتتاح بعد القيام و ان قصد بالاولى الافتتاح لم يحتج الى التجديد، فالحديث يحمل على الأول و المشهور الثاني، و لو حملت الصلاة على الرباعية أو الثلاثية فلتحمل التكبيرة الأولى على الاستحباب أيضا و زيادة فضل الجماعة (مراد). و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: ينبغي أن يحمل على أنه احدى التكبيرتين غير تكبيرة الافتتاح فان زيادة الركن مبطل على المشهور و حمل الثانية على الاستحباب أظهر، و يمكن أن يكون المراد إذا كان في صلاة الصبح و تكون الأولى لادراك فضيلة الجماعة فقط لا بقصد كونها تكبيرة الاحرام و يقطعها بالسلام.

 (+) عن الباقر عليه السّلام قال: قال لي: «إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الامام الركعة فلا تدخل معهم». و قد أجيب بأنّه محمول على الكراهة لدلالة الاخبار الكثيرة على جواز اللحوق في الركوع.

399
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

النَّفْسِ.

وَ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مُخَالِفٍ فَقَرَأَ السَّجْدَةَ «1» وَ لَمْ يَسْجُدْ فَلْيُومِ بِرَأْسِهِ وَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ الَّذِينَ خَلْفَهُ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ «2» وَ يَخْفِضُونَ أَصْوَاتَهُمْ وَ إِنْ كَانَ مَعَهُمْ‏ «3» قَالَ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ.

1187- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ فَاخْتَصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ فَقَدْ خَانَهُمْ‏ «4».

1188- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: لَا تُسْمِعَنَّ الْإِمَامَ دُعَاكَ خَلْفَهُ‏ «5».

1189- وَ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَمَّالٍ‏ «6» قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الْفَجْرَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ فِي الثَّانِيَةِ جَهَرَ بِصَوْتِهِ نَحْواً مِمَّا كَانَ يَقْرَأُ وَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ ارْحَمْنَا وَ عَافِنَا وَ اعْفُ عَنَّا فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ «7»+.

1190- وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ‏

______________________________

 (1). أي سورة السجدة.

 (2). رواه الحسين بن سعيد في كتابه كما في البحار و قال سلطان العلماء: ظاهره اختصاص هذا بالمأموم و عبارة بعض الاصحاب يفيد استحبابه للامام و المأموم.

 (3). أي مع المخالفين اذ عادتهم قول ذلك. (سلطان).

 (4). يدل على استحباب دعاء الامام بلفظ الجمع و يكره بالانفراد و ان كان المنقول منفردا.

 (5). يدل على كراهة اجهار المأموم بالدعوات.

 (6). في كتب الرجال و المشيخة «أبى سمال» باللام و هو إبراهيم بن محمّد بن الربيع و في طريقه عيثم و لا يبعد أن يكون عثمان بن عيسى فيكون ضعيفا. و في أكثر النسخ «أبى سماك».

 (7). يعني دعا عليه السلام في القنوت بلفظ الجمع.

400
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى يُتِمَّ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ‏ «1» وَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ التَّشَهُّدَ وَ لَا يُسْمِعُونَهُ هُمْ شَيْئاً يَعْنِي الشَّهَادَتَيْنِ وَ يُسْمِعَهُمْ أَيْضاً السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ.

1191- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَفْسَدَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى النَّاسِ صَلَاتَهُمْ بِشَيْئَيْنِ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَ تَعَالَى جَدُّكَ‏ «2» وَ هَذَا شَيْ‏ءٌ قَالَتْهُ الْجِنُّ بِجَهَالَةٍ «3» فَحَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ.

يَعْنِي فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَ أَمَّا فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا تَشَهَّدَ الشَّهَادَتَيْنِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَقَدْ فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ.

1192- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ خَلْفَ إِمَامٍ فَيَطُولُ فِي التَّشَهُّدِ فَيَأْخُذُهُ الْبَوْلُ أَوْ يَخَافُ عَلَى شَيْ‏ءٍ أَنْ يَفُوتَ أَوْ يَعْرِضُ لَهُ وَجَعٌ كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يُسَلِّمُ وَ يَنْصَرِفُ وَ يَدَعُ الْإِمَامَ.

وَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ حَتَّى يُتِمَّ مَنْ خَلْفَهُ الصَّلَاةَ فَإِنْ قَامَ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ‏

______________________________

 (1). ظاهره يعم المسبوقين.

 (2). في بعض النسخ «تبارك اسم ربك و تعالى جدك» و لعله قراءة ابن مسعود.

 (3). أي هذا المذكور و كون «تعالى جدك» مأخوذا من كلام الجن المحكى عنهم في سورة الجن و هو «وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا» ظاهرا، و لعلّ كون ذلك بجهالة مبنى على أنهم لم يقصدوا معنى يصحّ اتصافه تعالى به كأنّ يقصدوا من الجد الدولة و البخت حقيقة فيمنع التلفّظ به في الصلاة لإيهامه ذلك المعنى. قال في جوامع الجامع‏ «تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا» أى تعالى جلال ربّنا و عظمته من اتّخاذ الصاحبة و الولد من قولك جدّ فلان في عينى إذا عظم، و قيل: جد ربّنا سلطانه و ملكه و غناه من الجد الذي هو الدولة و البخت مستعار منه. و اما في كون «تبارك اسمك» المستفاد من قوله تعالى في سورة الرحمن‏ «تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ» كلام الجن خفاء، و يمكن أن يقال استناد الافساد الى هذا القول المركب من القولين باعتبار الفقرة الأخيرة التي هي من كلام الجن فيكون هذا إشارة الى الجزء الأخير دون المجموع، و لعلّ المراد بالافساد رفع الكمال و قول ما لا ينبغي أن يقال في الصلاة. (مراد).

401
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِنْ خَرَجَتْ مِنْكَ رِيحٌ أَوْ غَيْرُهَا مِمَّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَوْ ذَكَرْتَ أَنَّكَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَسَلِّمْ فِي أَيِّ حَالٍ كُنْتَ‏ «1» فِي الصَّلَاةِ وَ قَدِّمْ رَجُلًا يُصَلِّي بِالْقَوْمِ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ وَ تَوَضَّأْ وَ أَعِدْ صَلَاتَكَ‏ «2».

1193- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ مَا كَانَ مِنْ إِمَامٍ تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَ هُوَ جُنُبٌ نَاسِياً أَوْ أَحْدَثَ حَدَثاً أَوْ رَعَفَ رُعَافاً أَوْ أَزَّ أَزّاً فِي بَطْنِهِ فَلْيَجْعَلْ‏ «3» ثَوْبَهُ عَلَى أَنْفِهِ ثُمَّ لْيَنْصَرِفْ وَ لْيَأْخُذْ بِيَدِ رَجُلٍ فَلْيُصَلِّ مَكَانَهُ ثُمَّ لْيَتَوَضَّأْ وَ لْيُتِمَّ مَا سَبَقَهُ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ «4» وَ إِنْ كَانَ جُنُباً فَلْيَغْتَسِلْ وَ لْيُصَلِّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا.

1194- وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ مَيْسَرَةَ «5» عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا يَنْبَغِي‏

______________________________

 (1). لعل المراد بالتسليم الخروج عن هيئة الصلاة أو تسليم التقدّم الى الغير (مراد) و قال المولى المجلسيّ: لعل السلام محمول على الاستحباب ليعلمهم ببطلان صلاته حتّى ينووا الايتمام بالآخر أو الانفراد مع عدمه.

 (2). في صورة عدم الوضوء أو فعل المنافى مطلقا فلا ينافى ما سيأتي من الاتمام فانه محمول على غير صورة الإتيان بالمنافى. (سلطان).

 (3). قوله «ما كان» ما شرطية و قوله: «فليجعل» جزاء الشرط. و قال الفيض- رحمه اللّه- انما أمره عليه السلام أن يأخذ على أنفه ليوهم القوم أن به رعافا، قال صاحب معالم السنن و في هذا باب من الاخذ بالادب في ستر العورة و اخفاء القبيح من الامر و التورية بما هو أحسن منه و ليس هذا يدخل في باب الرياء و الكذب و انما هو من باب التجمل و استعمال الحياء و طلب السلامة من الناس.

 (4). ضمير المفعول للامام الثاني و الضمير المجرور للموصول أي الامام الأول يتوضأ و يتم الصلاة التي سبق بها الامام الثاني، و يحمل على أنّه لم يأت بالمنافى. و قال سلطان العلماء: ضمير الفاعل للامام الأول و ضمير المفعول للامام الثاني و الضمير المجرور للموصول و حاصله أن الأول يتوضأ و يتم الصلاة التي سبق الامام الثاني و ينبغي أن يحمل على ما إذا لم يأت بما ينافى العزم و يحمل كلام الرسالة في إعادة الصلاة على ما إذا أتى بالمنافى كالاستدبار.

 (5). الطريق إليه صحيح و هو من أحفاد شريح القاضي.

402
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

لِلْإِمَامِ إِذَا أَحْدَثَ أَنْ يُقَدِّمَ إِلَّا مَنْ أَدْرَكَ الْإِقَامَةَ فَإِنْ قَدَّمَ مَسْبُوقاً بِرَكْعَةٍ «1» فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سِنَانٍ رَوَى عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ بِهِمْ فَلْيُومِ إِلَيْهِمْ يَمِيناً وَ شِمَالًا فَلْيَنْصَرِفُوا ثُمَّ لْيُكَمِّلْ هُوَ مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاتِهِ.

1195- وَ رَوَى جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ عَنْهُ ع‏ فِي رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَانْصَرَفَ وَ قَدَّمَ رَجُلًا وَ لَمْ يَدْرِ الْمُقَدَّمُ‏ «2» مَا صَلَّى الْإِمَامُ قَبْلَهُ قَالَ يُذَكِّرُهُ مَنْ خَلْفَهُ.

1196- وَ قَالَ زُرَارَةُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع‏ رَجُلٌ دَخَلَ مَعَ قَوْمٍ فِي صَلَاتِهِمْ وَ هُوَ لَا يَنْوِيهَا صَلَاةً وَ أَحْدَثَ إِمَامُهُمْ فَأَخَذَ بِيَدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَقَدَّمَهُ فَصَلَّى بِهِمْ أَ تُجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ بِصَلَاتِهِ وَ هُوَ لَا يَنْوِيهَا صَلَاةً قَالَ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ قَوْمٍ فِي صَلَاتِهِمْ وَ هُوَ لَا يَنْوِيهَا صَلَاةً بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَهَا وَ إِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فَإِنَّ لَهُ صَلَاةً أُخْرَى‏ «3» وَ إِلَّا فَلَا يَدْخُلَنَّ مَعَهُمْ وَ قَدْ يُجْزِي عَنِ الْقَوْمِ صَلَاتُهُمْ وَ إِنْ لَمْ يَنْوِهَا «4».

1197- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ ع أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنْ إِمَامٍ أَحْدَثَ وَ انْصَرَفَ وَ لَمْ يُقَدِّمْ أَحَداً مَا حَالُ الْقَوْمِ قَالَ لَا صَلَاةَ لَهُمْ إِلَّا بِإِمَامٍ‏ «5» فَلْيُقَدِّمْ بَعْضُهُمْ بَعْضَهُمْ فَلْيُتِمَّ بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ.

1198- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً وَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ مَاتَ قَالَ يُقَدِّمُونَ رَجُلًا آخَرَ فَيَعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ وَ يَطْرَحُونَ‏

______________________________

 (1). علة للجزاء المحذوف بقرينة المذكور اقيمت مقامه و تقدير الكلام فان قدم مسبوقا بركعة فليؤم فان عبد اللّه بن سنان- الخ.

 (2). أي الذي قدمه الامام.

 (3). أي يستحب العبادة و يمكن أن ينوى قضاء أو نافلة. (المرآة).

 (4). يدل على أن بطلان صلاة الامام لا يوجب الإعادة على المأمومين مع عدم علمهم كما هو المشهور. (المرآة).

 (5). أي لا صلاة لهم جماعة الا بامام و الا فالظاهر جواز اتمامها بل وجوبه منفردا مع عدم الصالح للإمامة. (م ت).

403
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

الْمَيِّتَ خَلْفَهُمْ وَ يَغْتَسِلُ مَنْ مَسَّهُ‏ «1» وَ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَ هُوَ جُنُبٌ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا وَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُمْ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَهَلَكَ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ بِمَنْ قَدْ خَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ‏ «2» وَ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ بِمَنْ لَا يَعْرِفُ قَالَ هَذَا عَنْهُ مَوْضُوعٌ‏ «3».

1199- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا فَاتَكَ شَيْ‏ءٌ مَعَ الْإِمَامِ فَاجْعَلْ أَوَّلَ صَلَاتِكَ مَا اسْتَقْبَلْتَ مِنْهَا وَ لَا تَجْعَلْ أَوَّلَ صَلَاتِكَ آخِرَهَا «4».

وَ مَنْ أَجْلَسَهُ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ أَنْ يَقُومَ فِيهِ تَجَافَى وَ أَقْعَى إِقْعَاءً وَ لَمْ يَجْلِسْ مُتَمَكِّناً «5».

______________________________

 (1). إلى هنا في الكافي ج 3 ص 383 و التهذيب و البقية من تتمة خبر الحلبيّ و لم يذكراه، أو من كلام المصنّف لكن ينافيه قوله: «قال: قلت». و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: محمول على ما إذا مس جسده و قد برد كما رواه في كتاب الاحتجاج عن عبد اللّه بن جعفر الحميري أنّه كتب الى الناحية المقدّسة «روى لنا عن العالم عليه السلام أنه سئل عن امام قوم صلى بهم صلاتهم و حدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه؟ فقال:

يؤخر و يقدم بعضهم و يتم صلاتهم و يغتسل من مسه» فخرج التوقيع ليس على من نحاه إلا غسل اليد و إذا تحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم- الحديث». أقول قوله «يطرحون الميت خلفهم» ظاهره الوجوب و ذلك اما بجرهم إيّاه الى الخلف من دون استدبار أو بتقدمهم عليه بالمشى و يدلّ على اغتفار ذلك للضرورة.

 (2). بيان لما أجمله الإمام عليه السلام كانه قال الراوي نعم إذا كان يجب عليه الاعلام كيف يصنع بمن خرج الى كذا و من خرج الى كذا.

 (3). تأكيد لقوله السابق صلوات اللّه عليه.

 (4). يعني اقرأ في الاولتين إذا أدركت الامام في الركعة الثالثة في الأولى إذا أمكنك و في الثانية. و لا تقرأ في الثالثة و الرابعة بتوهم أنّه فاتك القراءة في الركعة الأولى فتدركها في الأخيرتين، و سبح فيهما.

 (5). كما في الكافي ج 3 ص 381 يعنى إذا أدرك الامام في الركعة الثانية فإذا جلس الامام للتشهد يلزم أن يتبعه في الجلوس فقد أجلسه الامام و هو موضع يجب على المأموم القيام.

404
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1200- وَ رَوَى عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي رَجُلٍ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ وَ قَدْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ خَرَجَ مَعَ النَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ قَالَ يُعِيدُ رَكْعَةً وَاحِدَةً «1».

1201- وَ فِي كِتَابِ زِيَادِ بْنِ مَرْوَانَ الْقَنْدِيِّ وَ فِي نَوَادِرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ أَنَّ الصَّادِقَ ع قَالَ: فِي رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ مِنْ حِينَ خَرَجُوا مِنْ خُرَاسَانَ حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ فَإِذَا هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِعَادَةٌ «2».

وَ سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِعَادَةُ شَيْ‏ءٍ مِمَّا جَهَرَ فِيهِ وَ عَلَيْهِمْ إِعَادَةُ مَا صَلَّى بِهِمْ مِمَّا لَمْ يَجْهَرْ فِيهِ وَ الْحَدِيثُ الْمُفَصَّلُ‏ «3» يُحَكَّمُ عَلَى الْمُجْمَلِ.

1202- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ مَا حَدُّ رَفْعِ صَوْتِهَا بِالتَّكْبِيرِ وَ الْقِرَاءَةِ فَقَالَ قَدْرُ مَا تُسْمِعُ.

1203- وَ رَوَى عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَنْسَى وَ هُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ أَنْ يُسَبِّحَ فِي السُّجُودِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ أَوْ يَنْسَى أَنْ يَقُولَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ شَيْئاً قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ «4».

1204- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لِرَجُلٍ أَيَّ شَيْ‏ءٍ يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الرَّجُلِ إِذَا فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَانِ قُلْتُ يَقُولُونَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِالْحَمْدِ وَ سُورَةٍ فَقَالَ هَذَا يُقَلِّبُ صَلَاتَهُ فَيَجْعَلُ أَوَّلَهَا آخِرَهَا قُلْتُ فَكَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ «5».

______________________________

 (1). تقدم الكلام فيه، و محمول على ما إذا لم يستدبر القبلة.

 (2). نقل عن السيّد المرتضى و ابن الجنيد- رحمهما اللّه- أنهما أوجبا فيما إذا ظهر فسق الامام أو كفره أو حدثه الإعادة مطلقا، و المشهور عدم الإعادة مطلقا.

 (3). في بعض النسخ «و الحديث المفسر». و في بعضها «يحمل على المجمل». و في بعضها «يحمل عليه المجمل».

 (4). يدل على عدم ركنية ذكر الركوع و السجود.

 (5). أي في الركعتين الفائتتين لا في الركعتين اللتين أدركهما، فلا ينافى ما تقدم.

و الخبر مرسل رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 383 و الشيخ في الاستبصار و التهذيب بالاسناد عن أحمد بن النضر عن رجل عنه عليه السلام.

405
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

1205- وَ سَأَلَ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ رَجُلٍ سَهَا خَلْفَ إِمَامٍ بَعْدَ مَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً وَ لَمْ يُكَبِّرْ وَ لَمْ يُسَبِّحْ وَ لَمْ يَتَشَهَّدْ حَتَّى يُسَلِّمَ فَقَالَ قَدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ إِذَا سَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَ لَا سَجْدَتَا السَّهْوِ لِأَنَّ الْإِمَامَ ضَامِنٌ لِصَلَاةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ‏ «1».

1206- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ: الْإِمَامُ يَحْمِلُ أَوْهَامَ مَنْ خَلْفَهُ إِلَّا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ.

1207- وَ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو بَصِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ حِينَ قَالَ لَهُ أَ يَضْمَنُ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَا لَيْسَ بِضَامِنٍ.

لَيْسَ بِخِلَافِ خَبَرِ عَمَّارٍ وَ خَبَرِ الرِّضَا ع لِأَنَّ الْإِمَامَ ضَامِنٌ لِصَلَاةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ مَتَى سَهَا عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْهَا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَ لَيْسَ بِضَامِنٍ لِمَا يَتْرُكُهُ الْمَأْمُومُ مُتَعَمِّداً وَ وَجْهٌ آخَرُ وَ هُوَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ ضَمَانٌ لِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ بِالْقَوْمِ فَرُبَّمَا حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهَا أَوْ يَذْكُرُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ.

1208- مَا رَوَاهُ جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ يُصَلِّي بِقَوْمٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ قَالَ يُتِمُّ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ ضَمَانٌ‏ «2».

______________________________

 (1). ظاهره يعطى صحة صلاة مأموم سها عن الركوع و غيره من الاركان و حمل على ما إذا أتى بالافعال و الاركان دون الأقوال و يؤيد ذلك قوله «فلم يقل شيئا» فان من لم يركع و لم يسجد و لم يقم مع الامام لا يقال انه صلى بصلاته. و أمّا النية و تكبيرة الاحرام فقد تحققا بافتتاح الصلاة فإذا سها عنهما فلا معنى لقوله: «بعد ما افتتح الصلاة». فالمراد بقوله «و لم يكبر» التكبيرات المستحبة. و قوله: «الامام ضامن لصلاة من خلفه» أي يكون قول الامام بمنزلة قوله.

 (2). اذ لو كان عليه ضمان كانت صلاتهم تابعة لصلاته فتبطل ببطلانها و ما قيل من أن المراد لا يضمن اتمام صلاتهم فلا يخفى ما فيه من البعد، و المشهور عدم الإعادة فيما إذا علم فسق الامام أو كفره أو كونه على غير طهارة بعد الصلاة و كذا في اثنائها. (المرآة).

406
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

جَلَّ حُجَجُ اللَّهِ ع أَنْ تَكُونَ أَخْبَارُهُمْ مُخْتَلِفَةً إِلَّا لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ.

1209- وَ قَالَ أَبُو الْمَغْرَاءِ حُمَيْدُ بْنُ الْمُثَنَّى‏ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَسَأَلَهُ حَفْصٌ الْكَلْبِيُّ فَقَالَ أَكُونُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَ هُوَ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فَأَدْعُو وَ أَتَعَوَّذُ «1» قَالَ نَعَمْ فَادْعُ.

1210- وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ‏ «2» الْأَرَّجَانِيُّ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِداً مِنْ مَسَاجِدِهِمْ فَصَلَّى مَعَهُمْ‏ «3» خَرَجَ بِحَسَنَاتِهِمْ.

1211- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ وَ يَفْرُغُ ثُمَّ يَأْتِيهِمْ وَ يُصَلِّي مَعَهُمْ‏ «4» وَ هُوَ عَلَى وُضُوءٍ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ خَمْساً وَ عِشْرِينَ دَرَجَةً.

1212- وَ قَالَ لَهُ أَيْضاً إِنَّ عَلَى بَابِي مَسْجِداً يَكُونُ فِيهِ قَوْمٌ مُخَالِفُونَ مُعَانِدُونَ فَهُمْ يُمْسُونَ فِي الصَّلَاةِ «5» وَ أَنَا أُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ أَخْرُجُ فَأُصَلِّي مَعَهُمْ فَقَالَ أَ مَا تَرْضَى أَنْ تُحْسَبَ لَكَ- بِأَرْبَعٍ وَ عِشْرِينَ صَلَاةً «6».

1213- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا صَلَّيْتَ مَعَهُمْ غُفِرَ لَكَ بِعَدَدِ مَنْ خَالَفَكَ.

1214- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ صَلَاةً وَ أَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ وَ إِنْ شِئْتَ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَ اجْعَلْهَا تَسْبِيحاً «7».

1215- وَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: صَلِّ وَ اجْعَلْهَا لِمَا فَاتَ.

1216- وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ شُرَيْحٍ‏ «8» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا جَاءَ

______________________________

 (1). «فأدعو» أي عند آية الرحمة، و «أتعوذ» أي عند آية العذاب.

 (2). في بعض النسخ «الحسين بن أبي عبد اللّه» و لم أجده في كتب الرجال بهذا العنوان.

 (3). أي مع المخالفين و كذا في الخبر الآتي.

 (4). أي يأتيهم تقية و يصلى معهم نافلة و تطوعا.

 (5). أي يصلون قرب الغروب، و في بعض النسخ «يمسون بالصلاة».

 (6). أي تحسب الزيادة أربع و عشرين فلا ينافى كون المجموع خمسا و عشرين (سلطان) قاله دفعا للمنافاة بينه و بين ما تقدم مع أنّه لا منافاة كما هو الظاهر.

 (7). قد يطلق التسبيح على صلاة التطوع و النافلة. (النهاية).

 (8). طريق المصنّف إليه قوى بعثمان بن عيسى، و قيل: ضعيف به و في الخلاصة انه صحيح.

407
من لا يحضره الفقيه1

باب الجماعة و فضلها ص : 375

الرَّجُلُ مُبَادِراً وَ الْإِمَامُ رَاكِعٌ أَجْزَأَتْهُ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ لِدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَ الرُّكُوعِ‏ «1».

وَ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَ هُوَ سَاجِدٌ كَبَّرَ وَ سَجَدَ مَعَهُ وَ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا «2» وَ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَ هُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ وَ مَنْ أَدْرَكَهُ وَ قَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَ هُوَ فِي التَّشَهُّدِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ وَ مَنْ أَدْرَكَهُ وَ قَدْ سَلَّمَ فَعَلَيْهِ الْأَذَانُ وَ الْإِقَامَةُ «3» وَ لَا يَجُوزُ جَمَاعَتَانِ فِي مَسْجِدٍ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ «4».

1217- فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَرَّانِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ صَلَّيْنَا فِي مَسْجِدٍ الْفَجْرَ فَانْصَرَفَ بَعْضُنَا وَ جَلَسَ بَعْضٌ فِي التَّسْبِيحِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ الْمَسْجِدَ فَأَذَّنَ فَمَنَعْنَاهُ وَ دَفَعْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَحْسَنْتُمْ ادْفَعُوهُ عَنْ ذَلِكَ وَ امْنَعُوهُ أَشَدَّ الْمَنْعِ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ فَقَالَ يَقُومُونَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وَ لَا يَبْدُو لَهُمْ إِمَامٌ‏ «5».

______________________________

 (1). «مبادرا» أي مسرعا و المراد باجزاء التكبيرة الواحدة ترتب ثواب التكبيرتين على هذا التكبير (مراد) و يحتمل أن يكون المراد انه لو خاف المأموم رفع رأس الامام من الركوع و فوات الركعة يكتفى بتكبيرة الاحرام و هو يجزى عن تكبيرة الركوع. (م ت).

 (2). ظاهره يشمل سجدة الركعة الأخيرة و غيرها و أمّا إذا كان في السجدة الأخيرة أو الأولى فان سجد معه سجدتين فقد زاد ركنا في صلاته، فحينئذ ان رجع الضمير المجرور في «لم يعتد بها» الى السجدة كان ذلك من المواضع التي يغتفر فيها زيادة الركن و ان رجع الى التكبيرة كانت التكبيرة الأولى مستحبة فيأتي بعد قيام الامام أو بعد تسليمه بالتكبير الواجب. (مراد).

 (3). أي إذا تفرقت الصفوف.

 (4). لعل المراد الكراهة الشديدة.

 (5). موضع الاستشهاد قوله عليه السلام: «يقومون في ناحية المسجد و لا يبدو لهم امام» و أنت خبير بأن ذلك لو دل على وجوب قيامهم في ناحية و حرمة أن يؤمهم امام لم يدلّ على حرمة أن يصلى جماعتان معا أو أن يصلى الجماعة الثانية بعد تفرق الأولى فظاهر المدعى تشمل تينك الصورتين فينبغي الحمل على غيرهما. (مراد).

408
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

وَ مَنْ نَسِيَ التَّسْلِيمَ خَلْفَ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ تَسْلِيمُ الْإِمَامِ‏ «1» وَ مَنْ سَهَا فَسَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.

1218- وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي رَجُلٍ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ أَوْهَمَ الْإِمَامُ‏ «2» فَصَلَّى خَمْساً قَالَ يَقْضِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ «3» وَ لَا يَعْتَدُّ بِوَهَمِ الْإِمَامِ‏ «4».

بَابُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَ فَضْلِهَا وَ مَنْ وُضِعَتْ عَنْهُ وَ الصَّلَاةِ وَ الْخُطْبَةِ فِيهَا

1219- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع لِزُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ‏ إِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ خَمْساً وَ ثَلَاثِينَ صَلَاةً مِنْهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي جَمَاعَةٍ وَ هِيَ الْجُمُعَةُ وَ وَضَعَهَا عَنْ تِسْعَةٍ عَنِ الصَّغِيرِ وَ الْكَبِيرِ وَ الْمَجْنُونِ وَ الْمُسَافِرِ وَ الْعَبْدِ وَ الْمَرْأَةِ وَ الْمَرِيضِ وَ الْأَعْمَى وَ مَنْ كَانَ عَلَى رَأْسِ فَرْسَخَيْنِ‏ «5»-

______________________________

 (1). رواه الشيخ في التهذيب عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

 (2). الظاهر أن المعنى أن الرجل لما قام الى رابعته توهم الامام أنّه بقى عليه أيضا ركعة فأتى بركعة. (مراد).

 (3). أي الرجل يأتي بتلك الركعة و به يتم صلاته و لا يضرّه بطلان صلاة الامام بها، و يمكن أن يراد بقضاء تلك الركعة اتيانه بها على قصد الانفراد و إذا ائتم به مع علمه بانها خامسته فالظاهر حينئذ بطلان صلاته، أما إذا سها في ذلك احتمل صحتها. (مراد).

 (4). يحتمل أن يكون المراد أنّه لا يضرّه وهم الامام لو لا يقتدى به في الخامسة التي هى رابعته بل ينفرد. (سلطان).

 (5). هذا الحديث دالّ بظاهره على وجوب الجمعة عينا فمن أثبت التخيير و اشترط الامام أو نائبه فعليه الاثبات و ادّعى العلامة في التحرير الإجماع على انتفائه العينى و هذا الإجماع كالخبر فيحتاج مع التعارض الى الترجيح و كلام المصنّف هنا و فيما سبق ينادى بنفى الإجماع و كذا كلام المفيد في المقنعة (الشيخ محمّد ره)

و قال استاذنا الشعرانى- مدّ ظله العالى-: و فيه مواقع للنظر: الاوّل تمسّكه بظاهر الحديث و عدم تمسكه بالقرآن الكريم فان دلالة قوله تعالى‏ «إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ-

409
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

______________________________

- فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ» أظهر جدّا بل صريح في الوجوب العينى.

الثاني قوله: «فمن أثبت التخيير و اشترط الامام أو نائبه فعليه الاثبات» ليس ممّا ينكره أحد حتّى يستدل عليه بهذا الحديث و يفرعه بالفاء.

الثالث قوله: «هذا الإجماع كالخبر» يريد به أن الإجماع المنقول بمنزلة خبر الواحد، و الارجح أن الإجماع المنقول ليس بحجّة لانّ خبر الواحد عن حسّ لا يشتبه على أكثر الناس غالبا و الإجماع يستنبط من قرائن دقيقة حدسيّة يحتاج الحدس منها الى مقدّمات يختلف الانظار فيها فاستنباط الإجماع اجتهاد لا يجب قبوله من مجتهد آخر.

الرابع «كلام المصنّف يعنى ابن بابويه ينادى بنفى الإجماع» ففيه أن الصدوق رحمه اللّه لم يزد هنا على ايراد هذه الرواية و اظهار عدم الاعتماد عليها لتفرّد حريز عن زرارة به و اعتماده فيما يعتمد عليه من مضامين هذه الرواية على تأيّده بروايات أخر على ما يظهر منه و أمّا كلام المفيد في المقنعة فقال: و الشرائط التي تجب في من يجب معه الاجتماع أن يكون حرا بالغا طاهرا في ولادته مجنبا من الأمراض: الجذام و البرص خاصّة في جلدته، مسلما مؤمنا معتقدا للحق بأسره في ديانته، مصليا للفرض في ساعته فإذا كان كذلك و اجتمع معه أربعة نفر وجب الاجتماع- انتهى.

و هذا لا ينافى كون وجوبه مشروطا بشرط آخر كنصب الامام الأصل إيّاه لصلاة الجمعة أو للاعمّ و لم يذكره المفيد- رحمه اللّه- لعلة لا نعلمها أو لانه لم ير التصريح بعدم صحّة نصب خليفة الوقت ايّاه مصلحة و عدم وجود الشرط في زمان كما إذا كان الامام غائبا لا ينافى وجوبها تعيينا في الأصل كسقوط الظهر عن الحائض.

الخامس سلّمنا تصريحهما بنفى الإجماع لكن من نقل الإجماع على الاشتراط أكثر جدا- انتهى كلامه زاد اللّه تعالى في عمره.

و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: اشتمل هذه الصحيحة على أحكام منها وجوب الجمعة عينا على كل مكلّف غير السبعة المستثناة بلفظة الفريضة المكرّرة مبالغة مع وجوبها تخييرا على السبعة فيظهر أن الوجوب على غيرهم من المكلّفين عينى، و منها وجوب الجماعة فيها و هو أيضا مجمع عليه و لا يصحّ منفردا، و لا شك في وجوب نية الايتمام، و منها رجحان الجهر بالقراءة و لا ريب فيه، و أمّا أنّه على الوجوب فغير معلوم و ان كان العمل عليه، و منها وجوب الغسل و الأظهر أن المراد بالوجوب تأكد الاستحباب، و منها القنوت مرتين و ظاهره الوجوب و حمل على الاستحباب-

410
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

وَ «1» الْقِرَاءَةُ فِيهَا بِالْجَهْرِ وَ الْغُسْلُ فِيهَا وَاجِبٌ وَ عَلَى الْإِمَامِ‏ «2» فِيهَا قُنُوتَانِ قُنُوتٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ.

وَ مَنْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ قُنُوتٌ وَاحِدٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ وَ الَّذِي أَسْتَعْمِلُهُ وَ أُفْتِي بِهِ وَ مَضَى عَلَيْهِ مَشَايِخِي رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ هُوَ أَنَّ الْقُنُوتَ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ فِي الْجُمُعَةِ وَ غَيْرِهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ قَبْلَ الرُّكُوعِ‏ «3».

1220- وَ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لَهُ عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجُمُعَةُ قَالَ تَجِبُ عَلَى سَبْعَةِ

______________________________

- المؤكد، و أمّا قوله «و تفرّد بهذه الرواية حريز عن زرارة» فمراده في أمر القنوت مرتين، و كونه في الركعة الأولى قبل الركوع و في الثانية بعده لمن صلى جماعة و من صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع، و اما الحكم الأخير فالظاهر أنه من المتفرّدات- انتهى.

 (1). الخبر في الكافي ج 3 ص 419 و التهذيب ج 1 ص 251 الى قوله: «على رأس فرسخين» و ظاهر قول المصنّف «و تفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة» كون التتمة من الحديث و في الوسائل نقل تمامها من حديث حريز عن زرارة في تضاعيف الأبواب، و لو لا قول المصنّف رحمه اللّه- «و تفرّد بهذه الرواية حريز عن زرارة» هنا لقلنا: قوله و القراءة فيها بالجهر- الى آخره-» من كلام المصنّف لكن رواه في الخصال ص 422 مسندا الى قوله «بعد الركوع» و في كون الرواية من متفرّدات حريز عن زرارة نظر لأن صدرها مرويّة في الكافي و التهذيب من رواية أبي بصير و محمّد بن مسلم و سماعة و ذيلها يعنى من قوله «و من صلّاها- الخ» من رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام كما في الاستبصار ج 1 ص 417 باب القنوت في صلاة الجمعة.

 (2). الظاهر أنّه خبر تقدم على المبتدأ و هو القنوتان، و يحتمل تعلّقه بواجب و حينئذ يمكن الجمع بين ما دلّ على وجوب غسل الجمعة و ما دلّ على عدم وجوبه بتخصيص الوجوب بالامام، و في بعض النسخ «و على الامام» بالواو. (مراد).

 (3). ظاهره أن في الجمعة أيضا قنوتا واحدا في الثانية، و يمكن ارجاعه الى أن القنوت في الثانية أيضا قبل الركوع كما أنّه في الأولى كذلك. (مراد).

411
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ لَا جُمُعَةَ «1» لِأَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدُهُمُ الْإِمَامُ فَإِذَا اجْتَمَعَ سَبْعَةٌ وَ لَمْ يَخَافُوا أَمَّهُمْ بَعْضُهُمْ وَ خَطَبَهُمْ.

1221- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّمَا وُضِعَتِ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ أَضَافَهُمَا النَّبِيُّ ص يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْمُقِيمِ لِمَكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ فَمَنْ صَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ فَلْيُصَلِّهَا أَرْبَعاً كَصَلَاةِ الظُّهْرِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ‏ «2».

1222- وَ قَالَ ع‏ وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ تَزُولُ الشَّمْسُ وَ وَقْتُهَا فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ وَاحِدٌ وَ هُوَ مِنَ الْمُضَيَّقِ وَ صَلَاةُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ‏ «3».

______________________________

 (1). قال الفاضل التفرشى: لعله من كلام المؤلّف. أقول: سمعت بعض الفضلاء المحقّقين من تلامذة الحاجّ آقا حسين البروجردى- قدّس سرّه- نقل عنه أنّه قال: من قوله «فاذا اجتمع سبعة- الى قوله- و خطبهم» كان من قول المصنّف. و قال سلطان العلماء- رحمه اللّه-: لم يذكر حكم الخمسة فيحتمل أنّه متردّد فيه، أو يقول باستحباب الجمعة حينئذ كما قال به الشيخ- رحمه اللّه- في الاستبصار، أو التخيير حينئذ، أو يحمل السبعة على كمالها لا أنّه أقل المراتب لكن تنافيه رواية محمّد بن مسلم، و هي الآتية تحت رقم 1224.

 (2). هذا ذيل الخبر الذي رواه المصنّف عن زرارة تحت رقم 600 باب فرض الصلاة.

 (3). يحتمل أن يكون ذيل هذه المرسلة مأخوذا من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام المروية في التهذيب ج 1 ص 249 قال: «سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان من الأمور أمورا مضيقة و أمورا موسعة و ان الوقت وقتان، الصلاة ممّا فيه السعة فربما عجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ربما أخر الا صلاة الجمعة فان صلاة الجمعة من الامر المضيق انما لها وقت واحد حين تزول، و وقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الايام». و قال سلطان العلماء: قوله: «يوم الجمعة ساعة» كأنّه أطلق على الأعمّ من صلاة الظهر يوم الجمعة و صلاة الجمعة و لهذا قال: وقتها في السفر و الحضر واحد. و قوله: «فى وقت الأولى» أي وقت صلاة الظهر لعدم النافلة يوم الجمعة بعد الظهر مقدما على الفرض فوقعت صلاة الجمعة موقع نافلة الظهر، و العصر موقع الظهر- ا ه. و قال الفاضل التفرشى: قوله «و صلاة العصر يوم الجمعة في وقت الأولى» أي المفروض الأول و هو الظهر و ذلك أن وقت الظهر أول الزوال-

412
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

1223- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَدَعَ الْجُمُعَةَ فِي الْمَطَرِ «1».

1224- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى سَبْعَةِ نَفَرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَا تَجِبُ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُمُ الْإِمَامُ وَ قَاضِيهِ وَ مُدَّعِيَا حَقٍّ وَ شَاهِدَانِ وَ الَّذِي يَضْرِبُ الْحُدُودَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ‏ «2».

______________________________

- و تأخيره في ساير الأيّام لمكان النافلة قبله، و النافلة في يوم الجمعة قبل الزوال فيخلص الزوال للظهر، و لما كان العصر بعد الظهر من دون أن يتقدم عليه نافلة أيضا فلا جرم يصير في وقت الظهر في سائر الايام.

 (1). الأحوط أن لا يتركها الا مع المشقة الشديدة، و يدلّ بالمفهوم على وجوب الجمعة، و لا ريب أن المنفى الوجوب العينى و التخيير بحاله. (م ت).

 (2). جمع ابن بابويه و الشيخ أبو جعفر الطوسيّ- رحمهما اللّه- هذا الخبر مع خبر الخمسة بالحمل على الوجوب العينى في السبعة و الوجوب التخييرى في الخمسة و هو حمل حسن، و يكون معنى قوله «لا يجب على أقل منهم» نفى الوجوب العينى لا مطلق الوجوب و قال في التذكرة الرواية ليست ناصة في المطلوب لان الاقل من السبعة قد يكون أقل من الخمسة فيحمل عليه جمعا بين الأدلة. و قال الشهيد في الذكرى بعد نقل هذا الكلام: فيه بعد لانه خلاف الظاهر و لان «أقل» نكرة في سياق النفي فيعم- ا ه. و قال المولى المجلسيّ: الظاهر أن المراد منه بيان وجه الحكمة في الاحتياج الى السبعة كما ذكره جماعة من الاصحاب لان الاجتماع مظنة التنازع فكل اجتماع فيه تنازع لا بد فيه من المدعى و المدعى عليه و لا بد من امام يرفع إليه و من شاهدين يشهدان على الحق و لو عرض للامام عذر فلا بد من نائبه و لو تعدى أحد المدعيين على الآخر و استحق الحدّ أو التعزير فلا بد ممن يضرب الحدود، و حكمة الاكتفاء بالخمسة أن عروض العذر و استحقاق الحدّ نادر، و لا دلالة فيه على اشتراط الامام عليه السلام كما أنّه لا يشترط البواقي إجماعا و لو قيل بالاشتراط فانما مع حضوره.

أقول: قد وردت روايات في أن الجمعة من مناصب الإمام عليه السلام كالخبر المروى في دعائم الإسلام ج 1 ص 184 «عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه كان يشهد الجمعة مع ائمة الجور و لا يعتد بها و يصلى الظهر لنفسه». و عن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنه قال: لا جمعة الا مع امام عدل تقى». و عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «لا يصلح الحكم و لا-

413
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

1225- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ أَوَّلُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ سَاعَةَ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَمْضِيَ سَاعَةٌ «1» فَحَافِظْ عَلَيْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَبْدٌ فِيهَا خَيْراً إِلَّا أَعْطَاهُ.

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَ إِذَا انْبَسَطَتْ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ رَكْعَتَيْنِ وَ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فَافْعَلْ- وَ فِي نَوَادِرِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى- وَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ

______________________________

- الحدود و لا الجمعة الا بامام». و في الاشعثيات ص 42 مسندا عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن على عليهم السلام قال: «لا يصلح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة الا بامام و في المحكى عن رسالة الفاضل ابن عصفور مرسلا عنهم عليهم السلام «ان الجمعة لنا و الجماعة لشيعتنا» و كذا روى عنهم عليهم السلام «لنا الخمس و لنا الأنفال و لنا الجمعة و لنا صفو المال» و في النبوى «ان الجمعة و الحكومة لامام المسلمين». و في الصحيفة السجّادية في دعاء الجمعة و الأضحى «اللّهمّ ان هذا المقام لخلفائك و أصفيائك و مواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها، قد ابتزوها و أنت المقدر لذلك- الى أن قال:- حتى عاد صفوتك و خلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا- الى أن قال- اللّهمّ العن أعداءهم من الاولين و الآخرين و من رضى بفعالهم و أشياعهم لعنا وبيلا». و هذه الروايات مع تأييدها بفتاوى العلماء تكون حجّة في اشتراط حضور الامام أو نائبه أو من نصبه. و أورد عليه اشكالات و سيأتي الكلام فيه.

 (1). يمكن الاستدلال به على أن مضى الساعة و هو انتهاء وقتها و في أكثر الأوقات يكون قدر القدمين ساعة مستقيمة فيكون موافقا لما فهم من حديث زرارة فتدبر. و قال الفاضل التفرشى: أى ما بعد ساعة في العرف و هو زمان قليل تختلف باختلاف المقامات و في الصحاح الساعة الوقت الحاضر، و أمّا الحمل على معناها في عرف المنجّمين فليس ما يدلّ عليه فيحمل هنا على الزمان الحاضر الذي تسع الصلاة- اه. و قال المولى المجلسيّ: أى يمكن الابتداء به الى مضى الساعة و هو انتهاء وقته و في أكثر الأوقات يكون قدر القدمين ساعة، و يمكن أن يكون المراد بالساعة القدمين أو الساعة العرفية، فحافظ على هذه الساعة بايقاع الصلاة فيها.

414
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

و إن قدمت‏ «1» نوافلك كلها في يوم الجمعة قبل الزوال أو أخرتها إلى بعد المكتوبة فهي ست عشرة ركعة و تأخيرها أفضل من تقديمها فإذا زالت الشمس في يوم الجمعة فلا تصل إلا المكتوبة و اقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورة الجمعة و سبح اسم ربك الأعلى و في صلاة الغداة و الظهر و العصر سورة الجمعة و المنافقين فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر و قرأت غيرهما ثم ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة و المنافقين ما لم تقرأ نصف السورة فإذا قرأت نصف السورة فتمم السورة و اجعلها ركعتين‏ «2» نافلة و سلم فيهما و أعد صلاتك بسورة الجمعة و المنافقين و لا بأس بأن تصلي العشاء و الغداة و العصر بغير سورة الجمعة و المنافقين إلا أن الفضل في أن تصليها بالجمعة و المنافقين و من أراد أن يقرأ في صلاته بسورة فقرأ غيرها فليرجع إليها إلا أن تكون السورة قل هو الله أحد فلا يرجع عنها إلى غيرها إلا يوم الجمعة في صلاة الظهر فإنه يرجع منها إلى سورة الجمعة و المنافقين و ما روي من الرخص في قراءة غير الجمعة و المنافقين في صلاة الظهر يوم الْجُمُعَةِ فَهِيَ لِلْمَرِيضِ وَ الْمُسْتَعْجِلِ وَ الْمُسَافِرِ.

1226- وَ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الْجُمُعَةِ فِي السَّفَرِ مَا أَقْرَأُ فِيهِمَا قَالَ اقْرَأْ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «3».

______________________________

 (1). قال الفاضل التفرشى: هذا من كلام المؤلّف- رحمه اللّه- بين به مختاره بعد ما بين مختار أبيه و مختار أحمد بن محمّد بن عيسى- رضى اللّه عنهم- أقول: و الظاهر أنه من تتمة كلام أبيه كما فهمه الشهيد في الذكرى حيث قال في قوله «فهى ست عشرة ركعة» يلوح من كلام ابن بابويه أن النافلة ست عشرة ركعة لا غير كسائر الأيّام و تفصيلها السالف ينافيه اذ هو عشرون، و يمكن حمله على أن العشرين وظيفة من فرق ذلك التفريق و الست عشر لمن قدم الجميع قبل الزوال أو أخر الجميع الى ما بعده.

 (2). فتضم إليها ركعة ان كانت الركعة المفروضة هي الركعة الأولى. (مراد).

 (3). يدل على رجحان الجمعة في السفر الا أن يأول بالظهر كما ورد من اطلاق كل منهما على الأخرى، و على استحباب قراءة التوحيد في الركعتين، و ربما كان الوجه تخفيف-

415
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

1227- وَ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ بَشِيرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَبَلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ فِيهَا بِغَيْرِ الْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِينَ إِذَا كُنْتَ مُسْتَعْجِلًا «1».

وَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ وَقْتِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَ هُوَ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَ يُبْدَأُ فِيهَا بِالْوُضُوءِ «2».

1228- وَ كَانَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع يَتَهَيَّأُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلْجُمُعَةِ «3».

1229- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: وَقْتُ الْجُمُعَةِ زَوَالُ الشَّمْسِ وَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي السَّفَرِ زَوَالُ الشَّمْسِ وَ وَقْتُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْحَضَرِ نَحْوٌ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.

1230- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ لَا كَلَامَ وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ وَ لَا الْتِفَاتَ إِلَّا كَمَا

______________________________

- التكليف في السفر، و يمكن الحمل على الجواز مع الكراهة لما رواه الكليني ج 3 ص 426 في الحسن كالصحيح عن عمر بن يزيد قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من صلى الجمعة بغير الجمعة و المنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر» و روى «لا بأس في السفر أن يقرأ بقل هو اللّه أحد».

 (1). ظاهره الاستحباب فان الاستعجال لا يصير سببا لسقوط الواجب. (م ت).

 (2). لا منافاة بينهما اذ ليس المراد بالسنة هو المندوب المقابل للواجب بل ما ثبت بالسنة سواء كان ذكر الواجب لافادة معناه أو ليفيد تأكيد الاستحباب. و قوله: «يبدأ فيها بالوضوء» ان كان الضمير راجعا الى الجمعة فالمراد استحباب تقديم الوضوء على الغسل ليرد الطهر على الطهر و كان ذلك تكريما لغسل الجمعة، سواء كان الوضوء واجبا أو مندوبا فان رجع الى السنة الواجبة و هو الغسل فالظاهر أنّه حينئذ من متمماته كما في غسل غير الجنابة فكما أن مجموع الغسل و الوضوء في غير غسل الجنابة يرفع النجاسة الحكمية المانعة من دخول الصلاة عن بدن المغتسل كذلك هنا مجموع الطهارتين يوجب التنزّه عما عرض الإنسان من ارتكاب معصية أو عمل لا يليق بجناب القدس و لا يرتفع ذلك على الوجه الأكمل الا بهما. (مراد).

 (3). الظاهر المراد تقديم بعض المستحبات مثل تطهير اللباس و حلق الرأس و تقليم الاظفار و أخذ الشارب و كل ما لو أخره لاشتغل به يوم الجمعة عن العبادة.

416
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

يَحِلُّ فِي الصَّلَاةِ «1» وَ إِنَّمَا جُعِلَتِ الْجُمُعَةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَتَيْنِ جُعِلَتَا مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَهِيَ‏ «2» صَلَاةٌ حَتَّى يَنْزِلَ الْإِمَامُ‏ «3».

1231- وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ «4» وَ إِنْ سَمِعَ الْقِرَاءَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ أَجْزَأَهُ.

1232- وَ رَوَى سَمَاعَةُ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَانِ فَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَهِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ‏ «5».

______________________________

 (1). أي من الالتفات القليل الغير المبطل للصلاة و كذلك الخطبة (سلطان) و الظاهر أن ذلك بالنسبة الى المأمومين. (مراد).

 (2). أي الخطبة كالصلاة فيشترط فيها ما يشترط في الصلاة الا ما أخرجه الدليل (مراد) و قال سلطان العلماء: مثل ذلك في صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام و فيها دلالة على أن الخطيب لا بدّ أن يكون متطهرا كما ذهب إليه الشيخ في الخلاف [و المبسوط]. و بيان ذلك أن الحقيقة غير مرادة قطعا فيصار الى أقرب المجازات و هو مساواتها للصلاة في جميع الاحكام. و اعترض عليه العلامة في المختلف بوجوه أحدها أنه يحتمل ارجاع ضمير «هى» الى الجمعة. الثاني أن المشابهة لا يلزم أن يكون في الطهارة لاحتمالها بوجه آخر. الثالث أنّه يحتمل أن يكون المراد بالصلاة معناها اللغوى أي الدعاء نقل ذلك المحقق الشيخ على في شرح القواعد ثمّ رده. أقول: اختار العلامة في منتهى المطلب وجوب الطهارة و كذا ابنه فخر المحققين في الإيضاح.

 (3). قوله «حتى» غاية للخطبتين أي نهاية الخطبتين نزول الامام.

 (4). الخبر في الكافي ج 3 ص 421 هكذا «قال عليه السلام: إذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد أن يتكلم حتّى يفرغ الامام من خطبته و إذا فرغ الامام من الخطبتين تكلم ما بينه و بين أن تقام الصلاة- الحديث». و يدلّ على أن الخطبة قبل الصلاة خلافا للمؤلّف لما سيأتي عنه في آخر الباب.

 (5). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم أو قوى بعثمان بن عيسى و قوله «صلاة يوم الجمعة» أى صلاة ظهر يوم الجمعة و الحكم فيها إذا كان امام يخطب فركعتان و إذا لم يكن فأربع ركعات و لو صليت جماعة، كما فسره الكليني في الكافي ج 3 ص 421.

417
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

1133- وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ‏ «1» أَ يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ «2» قَالَ نَعَمْ وَ الْقُنُوتُ فِي الثَّانِيَةِ.

وَ هَذِهِ رُخْصَةٌ الْأَخْذُ بِهَا جَائِزٌ وَ الْأَصْلُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُجْهَرُ فِيهَا إِذَا كَانَتْ خُطْبَةٌ «3» فَإِذَا صَلَّاهَا الْإِنْسَانُ وَحْدَهُ فَهِيَ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ يُخْفِي فِيهَا الْقِرَاءَةَ وَ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ «4» مَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ جَمَاعَةً بِغَيْرِ خُطْبَةٍ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَ إِنْ أُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ‏ «5» وَ كَذَلِكَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِخُطْبَةٍ فِي السَّفَرِ جَهَرَ فِيهَا «6».

1234- وَ رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ‏ «7» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ «8» وَ إِنْ فَاتَتْهُ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعاً «9».

______________________________

 (1). الطريق صحيح و يدلّ على اطلاق الجمعة على ظهر يوم الجمعة.

 (2). لفظة «القراءة» قرينة على كون المراد الركعتين الاولتين لتعينهما للقراءة.

 (3). أي هناك فكانت الصلاة ركعتين. (مراد).

 (4). أي يجهر فيها رخصة. (مراد).

 (5). في التهذيبين بإسناده عن محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: قال لنا:

صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة و اجهروا بالقراءة، فقلت انه ينكر علينا الجهر بها في السفر؟ فقال: اجهروا بها».

 (6). لعل المراد كون الركعتين مقرونتين بخطبة لا من حيثهما بشرائط الجمعة، و حاصله أنّها إذا صليت في السفر كانت ركعتين لوجوب القصر، فهى من حيث هي ظهر يجهر فيها رخصة سواء خطب مع الركعتين أم لا، و أمّا حمل السفر على سفر فيه يقام عشرة أيّام ففيه أن مثله في حكم الحضر كان الجهر واجبا على تقدير الخطبة و لم يكن ممّا يجهر فيها رخصة كما يفهم من ظاهر العبارة. (مراد).

 (7). الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة و هو ثقة.

 (8). يدرك المأموم الجمعة بادراك الركوع إجماعا و بادراكه في الركوع على الأصحّ سواء أدى واجب الذكر أم لا. (الذكرى).

 (9). يدل على ادراك الجمعة بادراك الامام قبل الركوع و على عدم ادراكها بعد الركوع و يؤيده حسنة الحلبيّ الآتية و يمكن القول بالتخيير لعموم الأخبار الصحيحة المتقدمة في ادراك-

418
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

1235- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ وَ إِنْ أَدْرَكْتَهُ بَعْدَ مَا رَكَعَ فَهِيَ أَرْبَعٌ بِمَنْزِلَةِ الظُّهْرِ «1».

1236- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ‏ «2» عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع‏ فِي رَجُلٍ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا رَكَعَ الْإِمَامُ الْجَأَهُ النَّاسُ إِلَى جِدَارٍ أَوْ أُسْطُوَانَةٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَرْكَعَ وَ لَا أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى يَرْفَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ أَ يَرْكَعُ ثُمَّ يَسْجُدُ وَ يَلْحَقُ بِالصَّفِّ وَ قَدْ قَامَ الْقَوْمُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ يَرْكَعُ وَ يَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فِي الصَّفِّ وَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

1237- وَ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ فِي رَجُلٍ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَ قَدِ ازْدَحَمَ النَّاسُ فَكَبَّرَ مَعَ الْإِمَامِ وَ رَكَعَ وَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ وَ قَامَ الْإِمَامُ وَ النَّاسُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَ قَامَ هَذَا مَعَهُمْ فَرَكَعَ الْإِمَامُ فَلَمْ يَقْدِرْ هَذَا عَلَى الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الزِّحَامِ وَ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ أَمَّا الرَّكْعَةُ الْأُولَى فَهِيَ إِلَى عِنْدِ الرُّكُوعِ تَامَّةٌ فَلَمَّا لَمْ يَسْجُدْ لَهَا حَتَّى دَخَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ‏ «3» فَلَمَّا سَجَدَ فِي الثَّانِيَةِ إِنْ كَانَ نَوَى هَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَدْ تَمَّتْ لَهُ الْأُولَى فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً فَسَجَدَ بِهَا ثُمَ‏

______________________________

- الصلاة بادراك الركوع، و أماما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال «فى الجمعة لا تكون الا لمن أدرك الخطبتين «فمحمول على نفى الكمال جمعا بين الاخبار، و يمكن أن يكون هذا الحكم من خصوصيات الجمعة. (م ت).

 (1). أي بمنزلته في سائر الايام. (مراد).

 (2). في طريقه أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار و لم يوثّق صريحا الا أنّه يكون من مشايخ الاجازة (جامع الرواة) و عند العلامة الطريق صحيح.

 (3). أي الركوع مع الامام و ان قدر عليه لئلا يتكرر عليه الركوع، نعم لو كان قد سجد السجدتين للاولى عند قيام الامام الى الثانية كان له أن يركع مع الامام في الثانية، كما إذا منع من الركوع و السجود حتّى يرفع القوم رءوسهم فركع و سجد و لحق بالصف كما مر (مراد).

419
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

تَشَهَّدَ وَ سَلَّمَ وَ إِنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ يَنْوِي السَّجْدَتَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تُجْزِ عَنْهُ الْأُولَى وَ لَا الثَّانِيَةُ وَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ وَ يَنْوِيَ أَنَّهَا لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى‏ «1» وَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ رَكْعَةٌ تَامَّةٌ يَسْجُدُ فِيهَا.

1238- وَ رَوَى رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ فُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي السَّفَرِ جُمُعَةٌ وَ لَا فِطْرٌ وَ لَا أَضْحًى‏ «3».

1239- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَيُنَادِي كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ أَ لَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَدْعُونِي‏

______________________________

 (1). انما وجب أن ينوى بهما الأولى دون باقى السجدات لتخالف سجدتيه و سجدتى امامه و لو نوى بهما للركعة الثانية بطلت صلاته على المشهور لمكان الزيادة، و حكم المرتضى و الشيخ في أحد قوليه بعدم البطلان بذلك و بحذفهما و يأتي بسجدتين للاولى لرواية حفص بن غياث و الرواية ضعيفة السند بحفص و الزيادة عمدا مبطلة فالبطلان أوجه. و مال الشهيد في- الذكرى الى العمل بمضمونها لشهرتها و عدم وجود ما ينافيها في هذا الباب و زيادة السجود يغتفر من المأموم إذا سجد قبل امامه، و نقل عن الشيخ جواز الاعتماد على كتاب حفص، و لو سجد مع الامام و الحال هذه من غير نية للاولى و لا الثانية فقولان أيضا أوضحهما الصحة حملا للإطلاق على ما في ذمته فانه لا يجب لكل فعل من أفعال الصلاة نية و انما يعتبر للمجموع النية أولها و اختار العلامة (ره) البطلان محتجا بأن أفعال المأموم تابعة لامامه لكن الرواية تدلّ على الاطراح هنا أيضا (روض الجنان) و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه- قوله «و ينوى أنّها للركعة الأولى» يدل على اشتراط النية في السجدتين أنهما للاولى و انه إذا لم ينوهما يسقطهما و يسجد اخراوين لها و المشهور البطلان لزيادة الركن و الاحتياط الاتمام و الإعادة ظهرا- اه. و نقل العلامة المجلسيّ- رحمه اللّه- في المرآة عن بعض الأفاضل أنّه قال: «قوله: و ان لم يكن ينوى- الخ» كلام تام. و قوله: «و عليه أن يسجد» كلام مستأنف مؤكد لما تقدم و يصير التقدير أنّه ليس له أن ينوى انها للركعة الثانية فان نواها لها لم يسلم له الأولى و الثانية بل عليه أن يسجد سجدتين ينوى بهما الأولى لا يعد السجود للثانية.

 (2). و يأتي تحت رقم 1286.

 (3). ظاهره عدم مشروعية صلاة الجمعة و العيدين في السفر و حمل على عدم وجوب الحضور، روى المؤلّف في ثواب الأعمال ص 59 بسند صحيح عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السلام أنّه قال: «أيما مسافر صلى الجمعة رغبة فيها و حبا لها أعطاه اللّه أجر مائة جمعة للمقيم».

420
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

لآِخِرَتِهِ وَ دُنْيَاهُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأُجِيبَهُ أَ لَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَتُوبُ إِلَيَّ مِنْ ذُنُوبِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ أَ لَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ قَدْ قَتَّرْتُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ‏ «1» يَسْأَلُنِي الزِّيَادَةَ فِي رِزْقِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأُوَسِّعَ عَلَيْهِ أَ لَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ سَقِيمٌ يَسْأَلُنِي أَنْ أَشْفِيَهُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأُعَافِيَهُ أَ لَا عَبْدُ مُؤْمِنٌ مَحْبُوسٌ مَغْمُومٌ يَسْأَلُنِي أَنْ أُطْلِقَهُ مِنْ حَبْسِهِ فَأُخَلِّيَ سَرْبَهُ‏ «2» أَ لَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ مَظْلُومٌ يَسْأَلُنِي أَنْ آخُذَ لَهُ بِظُلَامَتِهِ‏ «3» قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَنْتَصِرَ لَهُ وَ آخُذَ لَهُ بِظُلَامَتِهِ قَالَ فَمَا يَزَالُ يُنَادِي بِهَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ.

1240- وَ رَوَى عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا ع يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيهِ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَنْزِلُ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَقَالَ ع لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَرِّفِينَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ اللَّهُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَلِكَ إِنَّمَا قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُنْزِلُ مَلَكاً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ وَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَيَأْمُرُهُ فَيُنَادِي‏ «4» هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ يَا طَالِبَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَ يَا طَالِبَ الشَّرِّ أَقْصِرْ «5» فَلَا يَزَالُ يُنَادِي بِهَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ عَادَ إِلَى مَحَلِّهِ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص.

1241- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فِي يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ «6».

______________________________

 (1). قتر على عياله قترا و قتورا: ضيق عليهم في النفقة و كذلك التقتير و الاقتار.

 (2). السرب- بالفتح و الكسر-: الطريق و البال و القلب. (القاموس).

 (3). الظلامة و الظليمة و المظلمة: ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك (الصحاح).

 (4). أي من عند اللّه عزّ و جلّ فلذا يقول: فأعطيه بصيغة التكلم فيرجع معنى الحديثين الى أمر واحد. (مراد).

 (5). أي كف عن الشر، و في الصحاح اقصرت عنه كففت و نزعت مع القدرة عليه فان عجزت قلت: قصرت بلا ألف. (مراد).

 (6). رواه الكليني ج 4 ص 413 مسندا عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام.

421
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

وَ كَانَ‏ «1» الْيَوْمُ الَّذِي نَصَبَ فِيهِ- رَسُولُ اللَّهِ ص أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع- بِغَدِيرِ خُمٍّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ قِيَامُ الْقَائِمِ ع يَكُونُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ تَقُومُ الْقِيَامَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهَا الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ

1242- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ لِبَنِيهِ- سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي‏ قَالَ أَخَّرَهَا إِلَى السَّحَرِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ.

1243- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ لَيَسْأَلُ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ الْحَاجَةَ فَيُؤَخِّرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَضَاءَ حَاجَتِهِ الَّتِي سَأَلَ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِيَخُصَّهُ بِفَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ «2».

1244- وَ رَوَى دَاوُدُ بْنُ سِرْحَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قَالَ الشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ «3».

1245- وَ رَوَى الْمُعَلَّى بْنُ خُنَيْسٍ عَنْهُ ع أَيْضاً أَنَّهُ قَالَ: مَنْ وَافَقَ مِنْكُمْ‏ «4» يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا يَشْتَغِلَنَّ بِشَيْ‏ءٍ غَيْرِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّ فِيهَا يُغْفَرُ لِلْعِبَادِ وَ تُنْزَلُ عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةُ.

______________________________

 (1). من هنا كلام المصنّف ظاهرا و أخذه من الاخبار، و روى في الخصال ص 394 بمضمونه خبرا.

 (2). رواه الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب ج 1 ص 246 الى قوله «الى يوم الجمعة».

و قوله «ليخصه بفضل يوم الجمعة» أي ليخص الداعي بان يقضى حاجته في وقت فاضل (مراد) و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه- أى ليخصه بمعرفة فضيلة يوم الجمعة باعتبار استجابة دعائه ليسعى في الدعاء فيه أو يقضى حاجته زائدا عما شاء و أكثر ممّا يقضيه في غيره.

 (3). في القاموس: الشاهد: من أسماء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و اللسان، و الملك، و يوم الجمعة، و النجم، و صلاة الشاهد: صلاة المغرب، و المشهود: يوم الجمعة أو يوم القيامة أو عرفة- انتهى و قال الفاضل التفرشى: هذا لا ينافى ما مر آنفا من جعل يوم الجمعة مشهودا لان شهود الناس ليوم الجمعة يستلزم شهود يوم الجمعة لهم فكل واحد شاهد باعتبار و مشهود باعتبار آخر.

 (4). أي اتفق وجوده فيه أو وافقه في الفرصة و الفراغ (سلطان) و قال الفاضل التفرشى:-

422
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

1246- وَ رَوَى الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ لَيْلَةٌ غَرَّاءُ وَ يَوْمُهَا يَوْمٌ أَزْهَرُ «1» مَنْ مَاتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ- كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ وَ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ.

1247- وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ مِثْلَ الصَّدَقَةِ وَ الصَّوْمِ وَ نَحْوِ هَذَا قَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الْعَمَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُضَاعَفُ.

1248- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَطْرِفُوا «2» أَهْلِيكُمْ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَ اللَّحْمِ حَتَّى يَفْرَحُوا بِالْجُمُعَةِ.

1249- وَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ عَنْ زُرَارَةَ «3» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ أَنْشَدَ بَيْتَ شِعْرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ حَظُّهُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ‏ «4».

1250- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِذَا رَأَيْتُمُ الشَّيْخَ يُحَدِّثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِأَحَادِيثِ‏

______________________________

- أى اتفق وجوده فيه لم يمت قبل ذلك أو وافقه في صحة العبادة أي كما أن اليوم صالح لان يعبد فيه هو أيضا كان صالحا لان يعبد بأن يكون في صحة خاليا من المرض المانع للعبادة و غيره من الموانع.

 (1). الغراء: البيضاء من كل شي‏ء. الزهرة- بالضم-: البياض و الحسن، و قد زهر- كفرح و كرم- و هو أزهر. (القاموس).

 (2). أطرف فلان إذا جاء بطريقة، يعنى اشتروا لهم من الفاكهة و اللحوم التي تكون طرفة أي حسنة غير معتادة في سائر الايام. (م ت).

 (3). في بعض النسخ و كتاب الخصال للمؤلّف عن إبراهيم بن أبي البلاد عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام. لكن نقله العلامة- رحمه اللّه- في المنتهى من حديث زرارة.

 (4). ظاهره انحصار حظه و ثوابه فيه فلم يكن له حظ ممّا يعمل فيه من الاعمال الصالحات و هذا يشعر بالاحباط فالكلام محمول على المبالغة أي أتى بفعل يشبه ما يحبط الاعمال (مراد) و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: يدل على كراهية الشعر و ربما يحمل على الشعر الباطل و الترك مطلقا أولى.

423
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

الْجَاهِلِيَّةِ «1» فَارْمُوا رَأْسَهُ وَ لَوْ بِالْحَصَى‏ «2».

1251- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ قَالَ فِي آخِرِ سَجْدَةٍ مِنَ النَّافِلَةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَ إِنْ قَالَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ- «3» اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَ اسْمِكَ الْعَظِيمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذَنْبِيَ الْعَظِيمَ سَبْعَ مَرَّاتٍ انْصَرَفَ وَ قَدْ غُفِرَ لَهُ قَالَ وَ قَالَ ع إِذَا كَانَتْ عَشِيَّةُ الْخَمِيسِ وَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ نَزَلَتْ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ وَ مَعَهَا أَقْلَامُ الذَّهَبِ وَ صُحُفُ الْفِضَّةِ لَا يَكْتُبُونَ عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ وَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ إِلَّا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ص‏ «4».

1252- وَ يُكْرَهُ السَّفَرُ وَ السَّعْيُ فِي الْحَوَائِجِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بُكْرَةً مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ فَأَمَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَائِزٌ يُتَبَرَّكُ بِهِ‏ «5» وَرَدَ ذَلِكَ فِي جَوَابِ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ع.

1253- وَ سَأَلَ أَبُو أَيُّوبَ الْخَزَّازُ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ‏ قَالَ الصَّلَاةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

______________________________

 (1). أي أخبار الكفرة و بيان أحوالهم ممّا لا موعظة فيه، أو بأحاديث كانوا يتذاكرون بها قبل البعثة (مراد) و الظاهر أن المراد القصص و الاخبار الكاذبة أو الاسرائيليات.

 (2). أي لو أمكنكم الرمى بأعظم منه فارموه به و ان لم يوجد غير الحصى فارموه بها و يمكن إرادة العكس، هذا مع الامن من الضرر كما هو شرط النهى عن المنكر (م ت) و أقول إلى هنا في الخصال ص 393 من رواية إبراهيم بن أبي البلاد.

 (3). اعتراض بين المبتدأ و هو «من قال» و بين الخبر و هو «انصرف» (مراد).

 (4). يعني أنهم لا يكتبون غير ذلك فلا ينافى كتابة غيرهم سائر العبادات (م ت) و الحاصل أن نزولهم لكتب ثواب الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فحسب. (مراد).

 (5). أي بايقاع السفر و السعى في الحوائج يوم الجمعة أي يجعل ذلك مباركا ذا نفع كثير بسبب إيقاعه في يوم الجمعة (مراد) أقول رواه المؤلّف- رحمه اللّه- في الخصال ص 395 في ذيل خبر رواه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.

424
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

وَ الِانْتِشَارُ يَوْمَ السَّبْتِ.

1254- وَ قَالَ ع‏ السَّبْتُ لِبَنِي هَاشِمٍ وَ الْأَحَدُ لِبَنِي أُمَيَّةَ فَاتَّقُوا أَخْذَ الْأَحَدِ «1».

1255- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ سَبْتِهَا وَ خَمِيسِهَا.

1256- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَدَعَ أَنْ يَمَسَّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَيَوْمٌ وَ يَوْمٌ لَا «2» فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ لَا يَدَعُ ذَلِكَ.

1257- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ لَمْ يُصِبْ طِيباً دَعَا بِثَوْبٍ مَصْبُوغٍ بِزَعْفَرَانٍ فَرَشَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ ثُمَّ مَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ.

وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْتَمَّ الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَ أَنْظَفَهَا-

______________________________

 (1). أي أخذه متبركا، أو أخذ الأشياء في يوم الاحد (سلطان) و يمكن أن يكون من قبيل ضرب اليوم أي الاخذ الواقع في الاحد. (مراد)

أقول: هذا الخبر ينافى ما رواه المؤلّف في الخصال ص 383 بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «يوم الجمعة يوم عبادة فتعبدوا اللّه عزّ و جلّ، و يوم السبت لآل محمّد عليهم السلام، و يوم الاحد لشيعتهم، و يوم الاثنين يوم بنى أميّة- الخ». و ما فيه أيضا ص 394 باسناد صحيح عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «السبت لنا، و الاحد لشيعتنا، و الاثنين لاعدائنا، و الثلثاء لبنى أميّة- الخ» و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- في البحار قوله: «لاعدائنا» أي لجميع المخالفين و ان كان بنو أميّة منهم، و الثلثاء لخصوصهم و شيعتهم.

 (2). في بعض النسخ بدون «لا» لكن في الخصال ص 392 و الكافي ج 6 ص 510 «فيوم و يوم لا» و قال الفاضل التفرشى: يمكن القول بتقدير «لا» فى النسخ التي ليس فيها. أو المعنى ففى يوم و في يوم بعد ذلك اليوم بفاصلة.

425
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

وَ يَتَطَيَّبَ فَيَدَّهِنَ بِأَطْيَبِ دُهْنِهِ‏ «1».

1258- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُجَمِّعَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ «2» وَ لَا يَكُونُ بَيْنَ الْجَمَاعَتَيْنِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ‏ «3».

1259- وَ قَالَ ع‏ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ يَهْبِطُونَ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ مَعَهُمْ قَرَاطِيسُ الْفِضَّةِ وَ أَقْلَامُ الذَّهَبِ فَيَجْلِسُونَ عَلَى كُلِّ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ عَلَى كَرَاسِيَّ مِنْ‏

______________________________

 (1). في الخصال و الكافي ج 6 ص 510 من حديث أبي عبد اللّه عليه السّلام «الجمعة للتنظف و التطيب» و فيه عنه عليه السلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «ليتطيب أحدكم يوم الجمعة و لو من قارورة امرأته» و في مرفوعة يعقوب بن يزيد عنه عليه السلام «فلا تدع الطيب في كل جمعة».

 (2). في النهاية: جمعت- بالتشديد- أى صليت يوم الجمعة. و في نسخة من الكتاب و في التهذيب و الكافي «يجمع هؤلاء و يجمع هؤلاء» من باب التفعيل أيضا.

 (3). المشهور أنّه على الحرمة و قيل بالكراهة لعدم دلالة الخبر على الحرمة صريحا فان النهى لا سيما في الاخبار أعم من الحرمة مع قطع النظر عن طريق الصدوق الى محمّد بن مسلم فان فيه جهالة لكن رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (م ت) راجع الكافي ج 3 ص 419. و قال صاحب المدارك- رحمه اللّه-:

 «أجمع علماؤنا على اعتبار وحدة الجمعة بمعنى أنّه لا يجوز اقامة جمعتين بينهما أقل من فرسخ سواء كانتا في مصر واحد أو مصرين فصل بينهما نهر عظيم كدجلة أم لا و لم يعتبر غيرهم الفرسخ، لكن اختلفوا فقال الشافعى و مالك: لا تجمع في بلدة و ان عظم الا في مسجد واحد و أجازه أبو حنيفة في موضعين استحسانا، و أجاز بعضهم التعدّد في البلد ذى الجانبين إذا لم يكن بينهما جسر، و قال أحمد: إذا كبر البلد و عظم كبغداد و البصرة جاز أن تقام فيه جمعتان و أكثر مع الحاجة و لا يجوز مع عدمها- الى أن قال-: قيل: و يعتبر الفرسخ من المسجد ان صليت في مسجد و الا فمن نهاية المصلين، و يشكل الحكم فيما لو كان بعضهم بحيث لا يبلغ بعده عن موضع الأخرى النصاب دون من سواهم و تمّ العدد بغيرهم فيحتمل بطلان صلاتهم خاصّة لانعقاد صلاة الباقي باستجماعهما شرائط الصحة أو بطلان الجمعتين من رأس لانتفاء الوحدة بينهما و لعلّ الأول أقرب.

426
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

نُورٍ فَيَكْتُبُونَ مَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ الْأَوَّلَ وَ الثَّانِيَ وَ الثَّالِثَ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ‏ «1» طَوَوْا صُحُفَهُمْ.

1260- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ إِيمَاناً وَ احْتِسَاباً اسْتَأْنَفَ الْعَمَلَ‏ «2».

1261- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ لَا يَشْرَبْ أَحَدُكُمُ الدَّوَاءَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ لِئَلَّا يَضْعُفَ عَنْ إِتْيَانِ الْجُمُعَةِ.

1262- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ كُلُّ وَاعِظٍ قِبْلَةٌ لِلْمَوْعُوظِ وَ كُلُّ مَوْعُوظٍ قِبْلَةٌ لِلْوَاعِظِ «3».

يَعْنِي فِي الْجُمُعَةِ وَ الْعِيدَيْنِ وَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ.

1263- وَ خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي الْجُمُعَةِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ الْحَكِيمِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ عَلَّامِ الْغُيُوبِ وَ خَالِقِ الْخَلْقِ وَ مُنْزِلِ الْقَطْرِ وَ مُدَبِّرِ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ وَارِثِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِي عَظُمَ شَأْنُهُ فَلَا شَيْ‏ءَ مِثْلُهُ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِعَظَمَتِهِ وَ ذَلَّ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِعِزَّتِهِ وَ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِقُدْرَتِهِ وَ قَرَّ كُلُّ شَيْ‏ءٍ قَرَارَهُ لِهَيْبَتِهِ‏ «4» وَ خَضَعَ كُلُ‏

______________________________

 (1). أي من المسجد، فما دام الامام في المسجد يكتبون ما أتاه سواء وصل الى الصلاة أم لا. (مراد).

 (2). «احتسابا» أي فعله مخلصا متقربا إلى اللّه سبحانه و عدّه من الاعمال الصالحات التي لها أجر. و قوله: «استأنف العمل» كناية عن غفران الذنوب يعنى غفر اللّه له ما مضى من ذنوبه و صار كيوم ولدته أمه.

 (3). أي ينبغي توجه المأموم الى الامام و الخطيب و اقباله إليه و النظر إليه و كذا العكس (م ت) و قال الفاضل التفرشى: و يمكن الحمل على الاقبال بالقلب أي يقبل الواعظ على الموعوظ بالتفهيم و الموعوظ بالانفهام.

 (4). أي ثبت على حالة ينبغي كونه عليها، فضمير «قراره» لذلك الشي‏ء و هو منصوب على الظرفية، و في الصحاح القرار: المستقر من الأرض (مراد) و يمكن ارجاع الضمير الى اللّه تعالى. و الهيبة: المهابة.

427
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

شَيْ‏ءٍ لِمَلَكَتِهِ وَ رُبُوبِيَّتِهِ‏ «1» الَّذِي‏ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ‏ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ‏ وَ أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ إِلَّا بِأَمْرِهِ وَ أَنْ يَحْدُثَ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ نَحْمَدُهُ عَلَى مَا كَانَ وَ نَسْتَعِينُهُ مِنْ أَمْرِنَا عَلَى مَا يَكُونُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ مَلِكُ الْمُلُوكِ وَ سَيِّدُ السَّادَاتِ وَ جَبَّارُ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ الْقَهَّارُ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ‏- ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ‏ دَيَّانُ يَوْمِ الدِّينِ رَبُّ آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ وَ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ دَاعِياً إِلَى الْحَقِّ وَ شَاهِداً عَلَى الْخَلْقِ فَبَلَّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ كَمَا أَمَرَهُ لَا مُتَعَدِّياً وَ لَا مُقَصِّراً وَ جَاهَدَ فِي اللَّهِ أَعْدَاءَهُ لَا وَانِياً وَ لَا نَاكِلًا «2» وَ نَصَحَ لَهُ فِي عِبَادِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً- فَقَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ قَدْ رَضِيَ عَمَلَهُ وَ تَقَبَّلَ سَعْيَهُ وَ غَفَرَ ذَنْبَهُ ص‏ «3»

______________________________

 (1). أي لسلطانه و مالكيته.

 (2). الوناء: الفتور و الضعف و الكلال و الاعياء، و الناكل: الضعيف، و نكل عن العدو أى جبن و ضعف.

 (3). أي أظهر سبحانه للناس أن ليس له ذنب في دعوته الى التوحيد و رفض الطواغيت حيث زعموا أنّه مخطئ في هذه الدعوة كما قيل في قوله تعالى‏ «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ» و الا فلا ربط بين فتحه تعالى له مكّة و بين غفران ذنبه الا أن نقول: المراد بالذنب ما زعمه المشركون من جعل الالهة الها واحدا أو أنه يريد الرئاسة و السلطنة عليهم أو ما ربما يزعمه طائفة من الذين هاجروا معه بعد ما أصابهم.

و الظاهر كما يفهم من الفقرات الماضية أن قوله عليه السلام «و غفر ذنبه» اشارة الى قوله تعالى «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ‏- الخ» و بعد ما ثبت في أصول المذهب عصمته (ص) حتى من السهو و النسيان فلا بدّ من التوجيه، فقيل المراد ذنب امته لانهم منسوبون إليه. و لما لم يكن ربط بين فتحه تعالى عليه مكّة و بين غفران ذنبه تعين أن المراد بالذنب ما زعمه الأمة فبعد ما فتح اللّه سبحانه عليه (ص) مكّة و دخله من غير دم يهريقه و لا استيصال من أهله و لا أخذهم بما قدموا من العداوة له و البغضاء و قوله‏ «لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ» تبين للمشركين أنّه صادق في ادعائه و لا يريد الرئاسة عليهم، و لعلّ المراد بما تقدم ما كان قبل الهجرة. و أمّا ما تأخر فذلك أن طائفة من الذين هاجروا معه بل أكثرهم لما أصابتهم من جراء هذه الدعوة الشدائد و المحن و الفاقة-

428
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ‏وَ اغْتِنَامِ مَا اسْتَطَعْتُمْ عَمَلًا بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ «1» وَ بِالرَّفْضِ لِهَذِهِ الدُّنْيَا التَّارِكَةِ لَكُمْ وَ إِنْ لَمْ تَكُونُوا تُحِبُّونَ تَرْكَهَا وَ الْمُبْلِيَةِ لَكُمْ وَ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِيدَهَا «2» فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَ مَثَلُهَا كَرَكْبٍ سَلَكُوا سَبِيلًا فَكَأَنْ قَدْ قَطَعُوهُ وَ أَفْضَوْا إِلَى عَلَمٍ فَكَأَنْ قَدْ بَلَغُوهُ‏ «3» وَ كَمْ عَسَى الْمُجْرَى‏

______________________________

- و الفقر و البأساء و الضراء و المرض و البعد عن الوطن المألوف و فراق الاهل و الاولاد و غيرها ضاق بهم ذرعا و لم يكن لهم صبر على ما أصابهم فربما ظنوا في أنفسهم ظنونا و قالوا متى نصر اللّه و جماعة منهم ظنوا أنهم قد كذبوا فبعد أن جاء النصر من عند اللّه و فتح اللّه سبحانه عليهم مكّة و خضع لهم كل شريف، و ذل لهم كل متكبر و انقضت أيّام البلاء و طلع بياض المجد و الرخاء و خرجوا من ضيق الدنيا الى سعتها و من جور الزمان الى عدل الإسلام و دخل الناس في الدين أفواجا تبين لهم أنهم خاطئون في فكرتهم و هو المصيب في دعوته و سيرته و الصادق في وعده و وعيده فصار ذنبه مغفورا عندهم. و قد روى المؤلّف في العيون عن الرضا عليه السلام «أنه سئل عن هذه الآية فقال: «لم يكن أحد عند مشركى أهل مكّة أعظم ذنبا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لانهم كانوا يعبدون ثلاثمائة و ستين صنما فلما جاءهم بالدعوة الى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم و عظم و قالوا «أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً- الى قوله- إِلَّا اخْتِلاقٌ» فلما فتح اللّه على نبيه (ص) مكّة قال تعالى: «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ» عند مشركى مكّة بدعائك الى توحيد اللّه فيما تقدم و ما تأخر لان مشركى مكّة أسلم بعضهم و خرج بعضهم عن مكّة و من بقى منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه مغفورا عندهم بظهوره عليهم.

 (1). أي الماضية، جعل عليه السلام تلك الأيّام ماضية لسرعة مضيها فكانها ماضية.

و الرفض الترك. (مراد).

 (2). البلى: الخلق، و هذا كناية عن انقضاء الشباب كل يوم و حصول الضعف بالشيب في كل ساعة. (م ت).

 (3). قوله: «فكان قد قطعوه» «كأن» بسكون النون مخفف «كأنّ» من حروف المشبهة بالفعل، و لو كان «كان» من الافعال الناقصة لقيل: «كانوا» بالجمع و مثله «فكان قد بلغوه» و المراد بسلكوا و أفضوا أي أرادوا سلوك سبيل و الافضاء و الوصول الى علم و يمكن أن يراد بالعلم الجبل و يراد به العلامة، و حاصل تينك الفقرتين و الفقرات الآتية أنّه لا بد من انقضاء-

429
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

إِلَى الْغَايَةِ أَنْ يُجْرَى إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا «1» وَ كَمْ عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَهُ يَوْمٌ لَا يَعْدُوهُ‏ «2» وَ طَالِبٍ حَثِيثٍ فِي الدُّنْيَا يَحْدُوهُ حَتَّى يُفَارِقَهَا «3» فَلَا تَتَنَافَسُوا فِي عِزِّ الدُّنْيَا وَ فَخْرِهَا «4» وَ لَا تُعْجَبُوا بِزِينَتِهَا وَ نَعِيمِهَا وَ لَا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وَ بُؤْسِهَا فَإِنَّ عِزَّ الدُّنْيَا وَ فَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاعٍ وَ إِنَّ زِينَتَهَا وَ نَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ وَ إِنَّ ضَرَّاءَهَا وَ بُؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ وَ كُلُّ مُدَّةٍ مِنْهَا إِلَى مُنْتَهًى وَ كُلُّ حَيٍّ مِنْهَا إِلَى فَنَاءٍ وَ بَلَاءٍ أَ وَ لَيْسَ لَكُمْ‏

______________________________

- العمر و الوصول الى ما ليس وراءه منزل، فينبغي للعاقل أن يتفكر في عاقبة أمره و يتزود للمنزل. (مراد).

 (1). قوله: «و كم عسى المجرى الى الغاية» على صيغة اسم المفعول من أجريت الماء و غيره، و كذا «أن يجرى» على صيغة المفعول، و يحتمل أن يكون «المجرى» مصدرا و في الصحاح «قوله تعالى: «بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها» هما مصدران من أجريت السفينة و أرسيت». و حاصله كثيرا ما يجرى الشي‏ء الى غاية فيجرى حتّى يصل ذلك الشي‏ء المجرى الى تلك الغاية فهو اما واصل و هو غافل عن الوصول أو أنّه يصل عن قريب، و ادخال لفظ «عسى» للاشعار بأن أمر الدنيا من هذا القبيل لا من النادر الذي قد لا يصل الى الغاية. (مراد).

 (2). أي أن يكون البقاء بقاء من له يوم لا يعدوه أي لا يعدو ذلك اليوم بل ينتهى عند تمام اليوم و «كم» فى الموضعين يحتمل كونها خبرية و استفهامية و مميزها محذوف، و هو مرة (مراد) و قيل: شبه (ع) أهل الدنيا بركب سلكوا طريقا و وصلوا الى غاية في المسافة قد بقى منها شي‏ء كثير. و هذا بالحقيقة تشبيه الامتداد الزمانى بالامتداد المسافتى.

و قوله عليه السلام: «و أفضوا الى علم» أي ساروا نحو عقبة و بلغوها و لم يعلموا بلوغهم اياها، و قوله: «كم عسى المجرى الى الغاية- الخ» مميز «كم» الخبرية التي لانشاء التكثير محذوف أي المجرى الى الغاية بقرينة اسم عسى المذكور و هو قوله: «المجرى» و هو مخفف اسم مفعول من جرى أي الواصل الى غاية المسافة و خبرها «أن يجرى إليها» أى توجه الى غاية المسافة حتّى يبلغها يعنى وصل إليها و ليس له شعور بوصوله اياها.

 (3). قوله: «طالب حثيث» أي كم مرة طالب للدنيا حريص عليها يحدوه أي يسوقه حريصا حتّى يفارقها، و في بعض النسخ «حبيب» بالباءين الموحدتين بدل «حثيث» بالمثلثتين (مراد).

 (4). التنافس في الشي‏ء الرغبة فيه، و في الصحاح البأساء و الضراء: الشدة و هما اسمان مؤنثان من غير تذكير. (مراد).

430
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

فِي آثَارِ الْأَوَّلِينَ وَ فِي آبَائِكُمُ الْمَاضِينَ مُعْتَبَرٌ وَ تَبْصِرَةٌ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أَ لَمْ تَرَوْا إِلَى الْمَاضِينَ مِنْكُمْ لَا يَرْجِعُونَ وَ إِلَى الْخَلَفِ الْبَاقِينَ مِنْكُمْ لَا يَقِفُونَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ حَرامٌ عَلى‏ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ‏ وَ قَالَ‏ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ‏ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ‏ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ‏ عَنِ النَّارِ «1» وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ أَ وَ لَسْتُمْ تَرَوْنَ إِلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَ هُمْ يُصْبِحُونَ وَ يُمْسُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى فَمَيِّتٌ يُبْكَى وَ آخَرُ يُعَزَّى وَ صَرِيعٌ يَتَلَوَّى‏ «2» وَ عَائِدٌ وَ مَعُودٌ وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ وَ طَالِبُ الدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ وَ غَافِلٌ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِينَ يَمْضِي الْبَاقُونَ‏ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ+ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَبْقَى وَ يَفْنَى مَا سِوَاهُ وَ إِلَيْهِ يَئُولُ الْخَلْقُ وَ يَرْجِعُ الْأَمْرُ أَلَا إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ عِيداً وَ هُوَ سَيِّدُ أَيَّامِكُمْ وَ أَفْضَلُ أَعْيَادِكُمْ وَ قَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِالسَّعْيِ فِيهِ إِلَى ذِكْرِهِ فَلْتَعْظُمْ رَغْبَتُكُمْ فِيهِ وَ لْتَخْلُصْ نِيَّتُكُمْ فِيهِ وَ أَكْثِرُوا فِيهِ التَّضَرُّعَ وَ الدُّعَاءَ وَ مَسْأَلَةَ الرَّحْمَةِ وَ الْغُفْرَانِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَسْتَجِيبُ لِكُلِّ مَنْ دَعَاهُ وَ يُورِدُ النَّارَ مَنْ عَصَاهُ وَ كُلَّ مُسْتَكْبِرٍ عَنْ عِبَادَتِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ‏ وَ فِيهِ سَاعَةٌ مُبَارَكَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ فِيهَا شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ وَ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ إِلَّا عَلَى الصَّبِيِّ وَ الْمَرِيضِ وَ الْمَجْنُونِ وَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَ الْأَعْمَى وَ الْمُسَافِرِ وَ الْمَرْأَةِ وَ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ وَ مَنْ كَانَ عَلَى رَأْسِ فَرْسَخَيْنِ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَ لَكُمْ سَالِفَ ذُنُوبِنَا فِيمَا خَلَا مِنْ أَعْمَارِنَا وَ عَصَمَنَا وَ إِيَّاكُمْ مِنِ اقْتِرَافِ الْآثَامِ بَقِيَّةَ أَيَّامِ دَهْرِنَا إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ وَ أَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ- كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ‏

______________________________

 (1). أي باعد عنها.

 (2). في بعض النسخ «و آخر معزى» و الصريع الساقط على الأرض. و في بعضها «و ضريع» بالضاد المعجمة و معناه الذليل. و قوله «يتلوى» أي يضطرب و ينعطف و تلوى تلويا الشي‏ء انعطف و البرق في السحاب اضطرب.

431
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

الرَّجِيمِ إِنَّ اللَّهَ‏ هُوَ الْفَتَّاحُ‏ الْعَلِيمُ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ ثُمَّ يَبْدَأُ بَعْدَ الْحَمْدِ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَوْ بِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ أَوْ بِ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها أَوْ بِ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ أَوْ بِالْعَصْرِ وَ كَانَ مِمَّا يَدُومُ عَلَيْهِ‏ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ يَجْلِسُ جِلْسَةً خَفِيفَةً ثُمَّ يَقُومُ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُهُ وَ نُؤْمِنُ بِهِ وَ نَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَغْفِرَتُهُ وَ رِضْوَانُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ صَلَاةً نَامِيَةً زَاكِيَةً تَرْفَعُ بِهَا دَرَجَتَهُ وَ تُبَيِّنُ بِهَا فَضْلَهُ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَ يَجْحَدُونَ آيَاتِكَ وَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ وَ أَلْقِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ أَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَ نَقِمَتَكَ وَ بَأْسَكَ الَّذِي لَا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ اللَّهُمَّ انْصُرْ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ وَ سَرَايَاهُمْ وَ مُرَابِطِيهِمْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ+ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ اللَّهُمَّ اجْعَلِ التَّقْوَى زَادَهُمْ وَ الْإِيمَانَ وَ الْحِكْمَةَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ أَوْزِعْهُمْ أَنْ يَشْكُرُوا نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ «1» وَ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذِي عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ إِلَهَ الْحَقِّ وَ خَالِقَ الْخَلْقِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ وَ لِمَنْ هُوَ لَاحِقٌ بِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْهُمْ‏ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ+- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ‏ وَ الْإِحْسانِ‏ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ يَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ‏ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏ اذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ- فَإِنَّهُ ذَاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ فَضْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ عَلَيْهِ دَاعٍ دَعَاهُ- رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ

1264- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ «2»

______________________________

 (1). استوزعت اللّه شكره فأوزعنى أي استلهمته فألهمنى. (الصحاح).

 (2). في نسخة «يوم العيد» و الظاهر أنّه اصلاح من بعض القراء و الذي ذهب إليه الصدوق- رحمه اللّه- هو تأخير الخطبة عن الصلاة لهذا الخبر اما لاطلاقه أو لخصوص الجمعة و ما رأيناه-

432
من لا يحضره الفقيه1

باب وجوب الجمعة و فضلها و من وضعت عنه و الصلاة و الخطبة فيها ص : 409

عُثْمَانُ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى لَمْ يَقِفِ النَّاسُ عَلَى خُطْبَتِهِ وَ تَفَرَّقُوا وَ قَالُوا مَا نَصْنَعُ بِمَوَاعِظِهِ وَ هُوَ لَا يَتَّعِظُ بِهَا وَ قَدْ أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَدَّمَ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى الصَّلَاةِ.

وَ سَأَلْتُ شَيْخَنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَمَّا يَسْتَعْمِلُهُ الْعَامَّةُ مِنَ التَّهْلِيلِ وَ التَّكْبِيرِ عَلَى أَثَرِ الْجُمُعَةِ مَا هُوَ فَقَالَ رُوِّيتُ أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ كَانُوا يَلْعَنُونَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَ قَالَ لِلنَّاسِ التَّهْلِيلُ وَ التَّكْبِيرُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ.

______________________________

- في الجمعة في شي‏ء من الأصول و الاخبار من العامّة و الخاصّة بل ذكر العامّة و الخاصّة تقديم الخطبة على الصلاة في صلاة العيد و توهم الصدوق في اطلاقه شموله للجمعة و غفل عن الاخبار المستفيضة بل المتواترة في تقديم خطبة الجمعة. (م ت)

و قال الفاضل التفرشى: قوله: «أول من قدم الخطبة» لا يخفى ما فيه من الدلالة على وجوب تقديم الصلاة على الخطبة لان فعل عثمان ليس حجة و قد دل على أنّها كانت فعل عثمان بعد الصلاة و الروايات الدالة على تقديمها على الصلاة كثيرة كرواية أبى مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال: «سألته عن خطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقبل الصلاة أو بعد؟ فقال: قبل الصلاة ثمّ يصلى» و لذا اختلف في جواز تقديم الخطبة على الزوال و قد دل مستند كل من المتخالفين على تقديمها على الصلاة و قد يحمل كلام المؤلّف- رحمه اللّه- على الاشتباه بين خطبة الجمعة و خطبة العيدين فروى ما ورد في خطبتهما في خطبة الجمعة، و يمكن التوفيق بين هذا الحديث و الأحاديث الدالة على أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقدم الخطبة على الصلاة بأن من سبق عثمان بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقدم الصلاة ثمّ قدم الخطبة عثمان للعلة المذكورة لا للتأسى بالنبى (ص). (مراد)

أقول: قد صرّح المؤلّف- رحمه اللّه- في كتاب علل الشرائع بتأخير الخطبة عن الصلاة و قال: ان الخطبتين في الجمعة و العيدين بعد الصلاة لأنّهما بمنزلة الركعتين الأخيرتين، ثم قال: ان أول من قدمهما عثمان، و كذا في العيون في الباب الثالث و الثلاثين. و انما هذا التحريف وقع في خطبة العيد لا الجمعة. و قيل: ان ذلك شاهد لمن قال بعدم وجوب صلاة الجمعة تعيينا بالإجماع العملى من الإماميّة بتركهم للجمعة و ان نقلهم رواياتها كنقل روايات الجهاد، فان الصدوق- رحمه اللّه- لو كان صلى هو أو غيره من الشيعة في عصره الجمعة لما توهم هذا التوهم.

433
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة التي تصلى في كل وقت ص : 434

بَابُ الصَّلَاةِ الَّتِي تُصَلَّى فِي كُلِّ وَقْتٍ‏

1264- رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ يُصَلِّيهَا الرَّجُلُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ «1» صَلَاةٌ فَاتَتْكَ فَمَتَى مَا ذَكَرْتَهَا أَدَّيْتَهَا وَ صَلَاةُ رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ وَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ هَذِهِ يُصَلِّيهِنَّ الرَّجُلُ فِي السَّاعَاتِ كُلِّهَا.

بَابُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ

1265- رُوِيَ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمَا قَالا قُلْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ ع مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ كَيْفَ هِيَ وَ كَمْ هِيَ‏ «2» فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ‏ وَ إِذا ضَرَبْتُمْ‏ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ فَصَارَ التَّقْصِيرُ فِي السَّفَرِ وَاجِباً كَوُجُوبِ التَّمَامِ فِي الْحَضَرِ قَالا قُلْنَا إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ‏ وَ لَمْ يَقُلْ افْعَلُوا فَكَيْفَ أَوْجَبَ ذَلِكَ كَمَا أَوْجَبَ التَّمَامَ فِي الْحَضَرِ فَقَالَ ع أَ وَ لَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ- فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «3» أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا وَاجِبٌ مَفْرُوضٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ وَ صَنَعَهُ نَبِيُّهُ ع وَ كَذَلِكَ التَّقْصِيرُ فِي السَّفَرِ شَيْ‏ءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ ص وَ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ‏ «4»-

______________________________

 (1). و ان كانت من الساعات التي يكره ابتداء الصلاة فيها كوقت طلوع الشمس و غروبها. (مراد).

 (2). قوله: «كيف هى» أي على العزيمة أو على الرخصة. و «كم هى» أي في كم يجب القصر، أو كم يصير عدد الركعات.

 (3). الاستشهاد لبيان أن نفى الجناح لا ينافى الوجوب إذا دل عليه دليل آخر.

 (4). حاصله أن جواز التقصير في السفر علمناه من الكتاب و وجوبه من فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هذا أيضا يؤيد الآيات الدالة على وجوب التأسى. (مراد).

434
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

قَالا قُلْنَا لَهُ فَمَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعاً أَ يُعِيدُ أَمْ لَا قَالَ إِنْ كَانَ قَدْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ آيَةُ التَّقْصِيرُ وَ فُسِّرَتْ لَهُ فَصَلَّى أَرْبَعاً أَعَادَ «1» وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ وَ لَمْ يَعْلَمْهَا فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا فِي السَّفَرِ الْفَرِيضَةُ رَكْعَتَانِ كُلُّ صَلَاةٍ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا ثَلَاثٌ لَيْسَ فِيهَا تَقْصِيرٌ تَرَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ‏ «2» وَ قَدْ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى ذِي خُشُبٍ وَ هِيَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ مِنَ الْمَدِينَةِ يَكُونُ إِلَيْهَا بَرِيدَانِ‏ «3» أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ مِيلًا فَقَصَّرَ وَ أَفْطَرَ فَصَارَتْ سُنَّةً «4» وَ قَدْ سَمَّى‏ «5» رَسُولُ اللَّهِ ص قَوْماً صَامُوا حِينَ أَفْطَرَ الْعُصَاةَ قَالَ ع فَهُمُ الْعُصَاةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «6»- وَ إِنَّا لَنَعْرِفُ أَبْنَاءَهُمْ وَ أَبْنَاءَ أَبْنَائِهِمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.

1266- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ‏ الرَّجُلُ يُرِيدُ السَّفَرَ

______________________________

 (1). لعل ذكر قراءة الآية بطريق التمثيل فالمراد أنّه ان علم وجوب التقصير فعليه الإعادة و الا فلا، فالجاهل معذور هنا. (سلطان).

 (2). إلى هنا رواه العيّاشيّ في تفسيره ج 1 ص 271 و في دعائم الإسلام ج 1 ص 195 مثله الى قوله «صنعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله». و قال بعض الشراح: من قوله «و الصلوات كلها في السفر» من كلام المصنّف و ليس بشي‏ء.

 (3). هذا مضمون صحيحة أبي بصير حيث قال: «قلت لابى عبد اللّه عليه السلام: فى كم يقصر الرجل؟ فقال: فى بياض يوم أو بريدين، قال: فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج الى ذى خشب فقصر، فقلت فكم ذى خشب؟ فقال: بريدان» التهذيب ج 1 ص 415.

 (4). لعل مرجع الضمير مسيرة يوم أي فصارت مسيرة يوم طريقة يؤخذ بها في القصر.

 (5). من هنا إلى آخر الحديث من تتمة حديث زرارة كما في الكافي ج 4 ص 127 و التهذيب ج 1 ص 413.

 (6). في الكافي و التهذيب «قوما صاموا حين أفطر عصاة و قال: هم العصاة الى يوم القيامة- الخ». و قال الفاضل التفرشى «قوله: «و انا لنعرف- الخ» فيه اشعار بان معنى قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «فهم العصاة الى يوم القيامة» أنهم و ما توالدوا الى يوم القتامة عصاة. أى يتبعون آباءهم.

435
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

مَتَى يُقَصِّرُ قَالَ إِذَا تَوَارَى مِنَ الْبُيُوتِ‏ «1» قَالَ قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يُرِيدُ السَّفَرَ فَيَخْرُجُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ فَقَالَ إِذَا خَرَجْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.

1267- وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ‏ «2» فَقَصِّرْ إِلَى أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِ.

1268- وَ سَمِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْكَاهِلِيُّ يَقُولُ‏ فِي التَّقْصِيرِ فِي الصَّلَاةِ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ «3» أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ مِيلًا ثُمَّ قَالَ كَانَ أَبِي ع يَقُولُ إِنَّ التَّقْصِيرَ لَمْ يُوضَعْ‏ «4» عَلَى الْبَغْلَةِ السَّفْوَاءِ وَ الدَّابَّةِ النَّاجِيَةِ وَ إِنَّمَا وُضِعَ عَلَى سَيْرِ الْقِطَارِ «5».

وَ مَتَى كَانَ سَفَرُ الرَّجُلِ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ فَالتَّقْصِيرُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ وَ أَرَادَ الرُّجُوعَ مِنْ يَوْمِهِ فَالتَّقْصِيرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَ إِنْ كَانَ سَفَرُهُ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ وَ لَمْ يُرِدِ الرُّجُوعَ مِنْ يَوْمِهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَتَمَّ وَ إِنْ شَاءَ قَصَّرَ «6».

______________________________

 (1). ظاهره أنّه إذا بعد عن بيوته بحيث من كان عند بيوته لا يراه، و قد يقيد بأن لا يتميز كونه راكبا من كونه راجلا (مراد) و قال سلطان العلماء: ظاهره أنّه يكفى تواريه من البيوت و لا يلزم توارى البيوت منه. و قال المولى المجلسيّ: ظاهره خفاء الشخص عن البيوت أي أهلها و حمله الاصحاب على العكس.

 (2). يمكن تخصيص الخروج بما إذا وصل الى محل الترخص و هو التوارى المذكور و يرشد إليه قوله عليه السلام في الحديث السابق: «إذا خرجت فصل ركعتين» و المراد بعد التوارى. (مراد).

 (3). المراد منه بريدان بناء على إرادة المعنى اللغوى من لفظة «فى» فانه إذا كان بريد داخلا في بريد يصير المجموع بريدين. (سلطان).

 (4). لما اشتهر أن البريدين مسيرة يوم أراد عليه السلام بيان أن ذلك السير ما هو.

 (5). بغلة سفواء أي خفيفة سريعة، و الدابّة الناجية أي السريعة تنجو بمن ركبها، و القطار: الإبل (الصحاح) و قال المولى المجلسيّ: أى الإبل المقطورة، و سيرها في اليوم المتوسط ثمانية فراسخ غالبا.

 (6). ظاهره بقاء الخيار الى أن يرجع أو يقيم أو يمضى ثلاثون يوما. (مراد).

436
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

1269- وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ‏ «1» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا دَخَلْتَ بَلَداً وَ أَنْتَ تُرِيدُ الْمُقَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ حِينَ تَقْدَمُ وَ إِنْ أَرَدْتَ الْمُقَامَ دُونَ الْعَشَرَةِ فَقَصِّرْ وَ إِنْ أَقَمْتَ تَقُولُ غَداً أَخْرُجُ وَ بَعْدَ غَدٍ وَ لَمْ تُجْمِعْ‏ «2» عَلَى عَشَرَةٍ فَقَصِّرْ مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ شَهْرٍ فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ «3» فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ قَالَ قُلْتُ إِنْ دَخَلْتُ بَلَداً أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ عَشْراً فَقَالَ قَصِّرْ وَ أَفْطِرْ قُلْتُ فَإِنْ مَكَثْتُ كَذَلِكَ أَقُولُ غَداً أَوْ بَعْدَ غَدٍ فَأُفْطِرُ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَ أَقْصُرُ قَالَ نَعَمْ هَذَا وَاحِدٌ «4» إِذَا قَصَرْتَ أَفْطَرْتَ وَ إِذَا أَفْطَرْتَ قَصَرْتَ.

1270- وَ قَالَ أَبُو وَلَّادٍ الْحَنَّاطُ «5» قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي كُنْتُ نَوَيْتُ حِينَ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ أَنْ أُقِيمَ بِهَا عَشْراً فَأَتْمَمْتُ الصَّلَاةَ ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لَا أُقِيمَ بِهَا فَمَا تَرَى لِي أُتِمُّ أَمْ أَقْصُرُ فَقَالَ لِي إِنْ كُنْتَ دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ وَ صَلَّيْتَ بِهَا صَلَاةً وَاحِدَةً فَرِيضَةً بِتَمَامٍ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَقْصُرَ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْهَا وَ إِنْ كُنْتَ حِينَ دَخَلْتَهَا عَلَى نِيَّتِكَ فِي التَّمَامِ‏ «6» وَ لَمْ تُصَلِّ فِيهَا صَلَاةً فَرِيضَةً وَاحِدَةً بِتَمَامٍ حَتَّى بَدَا لَكَ أَنْ لَا تُقِيمَ فَأَنْتَ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِالْخِيَارِ إِنْ شِئْتَ فَانْوِ الْمُقَامَ عَشْراً وَ أَتِمَّ وَ إِنْ لَمْ تَنْوِ الْمُقَامَ عَشْراً فَقَصِّرْ

______________________________

 (1). في الطريق محمّد بن على ماجيلويه و لم يوثّق صريحا و عند العلامة- رحمه اللّه- صحيح. و رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 317 بسند صحيح.

 (2). الإجماع التصميم و العزم على الامر.

 (3). هذا الحكم اجماعى مقطوع به انما كان الخلاف في الشهر أ هو عددى أو هلالى، و الاكثر على الأول. (م ت).

 (4). أي هذا الذي ذكرت من حال الصوم و الصلاة واحد أي هما متحدان في الحكم و في بعض النسخ «واحدا» بالنصب و لعله على الحالية أو كونها اسم الفعل أي خذه واحدا. (مراد).

 (5). اسمه حفص بن سالم كوفيّ جعفى مولى و طريق المصنّف الى عنوان أبى ولاد فيه الهيثم بن أبي مسروق و هو فاضل و لم يوثق لكن العلامة صحح طريق المؤلّف الى ثوير بن أبى فاختة و فيه الهيثم بن أبي مسروق. و أمّا طريقه الى عنوان حفص بن سالم فصحيح.

 (6). ظاهره تعليق التمام على فعل فريضة تماما في المدينة من غير اعتبار نية الإقامة لكنه مراد بقرينة السؤال فتأمل. (سلطان).

437
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ شَهْرٍ فَإِذَا مَضَى لَكَ شَهْرٌ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ «1».

1271- وَ سَأَلَ زُرَارَةُ أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ مَعَ الْقَوْمِ فِي سَفَرٍ «2» يُرِيدُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْقَرْيَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ فَصَلَّوْا وَ انْصَرَفَ بَعْضُهُمْ فِي حَاجَةٍ فَلَمْ يُقْضَ لَهُمُ الْخُرُوجُ مَا يَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ قَالَ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَ لَا يُعِيدُ «3».

1272- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعاً فَأَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُ بَرِي‏ءٌ.

يَعْنِي مُتَعَمِّداً «4».

1273- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْمُتَمِّمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُقَصِّرِ فِي الْحَضَرِ.

1274- وَ سَأَلَهُ أَبُو بَصِيرٍ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ نَاسِياً قَالَ إِنْ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلْيُعِدْ وَ إِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَمْضِيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ‏ «5».

______________________________

 (1). يدل على أن حكم المدينة حكم ساير البلاد و سنذكر أخبارا على خلافه فيمكن حمل المدينة على مطلق البلد أو يحمل الامر بالتقصير على الجواز و الامر بالاتمام على الاستحباب. (م ت).

 (2). في بعض النسخ «يخرج مع قوم في السفر».

 (3). هذا الحديث صحيح و صريح في عدم إعادة صلاة المسافر إذا رجع عن قصد السفر و لا خلاف فيه الا من الشيخ- رحمه اللّه- في الاستبصار استنادا الى رواية ضعيفة السند مع امكان حملها على الاستحباب (الشيخ محمّد ره) و قال المولى المجلسيّ: ما ورد في الإعادة محمول على الاستحباب. أقول: المراد رواية سليمان بن حفص و قال الشيخ: يعيد مع بقاء الوقت. راجع الاستبصار ج 1 ص 228.

 (4). رواه المصنّف في المقنع و الهداية الى قوله (ص) «منه برئ» و قوله «يعنى متعمدا» من كلامه- ره- كما هو الظاهر و لعله أراد بالتعمد قصد التمام مع سماعه وجوب القصر كما قال التفرشى- رحمه اللّه-

 (5). يفهم منه أنّه ان ذكره في وقت الصلاة لان التذكر في اليوم حينئذ لا يكون الا في الظهرين و وقتهما ينقضى بانقضاء اليوم فينزل ذلك الجواب منزلة ان ذكر في الوقت و الا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لان السؤال كان شاملا للظهرين و العشاء فلو لم يشملها-

438
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

1275- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: أَرْبَعَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِمُ التَّمَامُ فِي السَّفَرِ كَانُوا أَوْ فِي الْحَضَرِ الْمُكَارِي وَ الْكَرِيُّ وَ الرَّاعِي وَ الْأَشْتَقَانُ لِأَنَّهُ عَمَلُهُمْ‏ «1».

وَ رُوِيَ‏ الْمَلَّاحُ وَ الْأَشْتَقَانُ الْبَرِيدُ.

1276- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمَلَّاحِينَ فِي سُفُنِهِمْ تَقْصِيرٌ وَ لَا عَلَى الْمُكَارِي وَ الْجَمَّالِ.

1277- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُكَارِي إِذَا لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي مَنْزِلِهِ إِلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ قَصَّرَ فِي سَفَرِهِ بِالنَّهَارِ «2» وَ أَتَمَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ- «3»

______________________________

- الجواب لم يتبين بعض المسئول عنه؛ و حمل اليوم على اليوم بليلته و الإعادة على ما يشمل القضاء حتّى لو ذكر اتمام صلاة النهار بالليل أو اتمام العشاء بعد نصف الليل وجب عليه القضاء بعيد (مراد) و قال الشهيد في الذكرى: لو أتم الصلاة ناسيا ففيه ثلاثة أقوال أشهرها أنه يعيد ما دام الوقت باقيا و ان خرج فلا إعادة، القول الثاني للصدوق في المقنع: ان ذكر في يومه أعاد و ان مضى اليوم فلا إعادة. و هذا يوافق الأول في الظهرين و أمّا العشاء الآخرة فان حملنا اليوم على بياض النهار فيكون حكم العشاء مهملا، و ان حملنا على ذلك بناء على الليلة المستقبلة و جعلنا آخر وقت العشاء آخر الليل وافق القول الأوّل أيضا و الا فلا. الثالث الإعادة مطلقا و هو قول عليّ بن بابويه و الشيخ في المبسوط.

 (1). الكرى في بعض النسخ «المكرى» على صيغة اسم المفعول من الافعال بمعنى المكترى، و قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: المراد بالكرى في الرواية المكترى و قال بعض أهل اللغة: قد يقال الكرى على المكارى. و الحمل على المغايرة أولى بالرواية لتكثر الفائدة و أصالة عدم الترادف. و قال العلامة- رحمه اللّه- في المنتهى ج 1 ص 393 الاشتقان هو أمين البيدر ذكره أهل اللغة، و قيل: البريد. و قال الفاضل التفرشى: قوله «أربعة- الخ» ظاهره يفيد وجوب التمام ما صدق عليهم تلك الاسامى و ان أقاموا في بلدهم عشرة إذا لم تكن الإقامة للاعراض عن ذلك العمل و قد تؤيد بالتعليل. و قوله «لانه» أي ذلك المذكور المستلزم للسفر عملهم.

 (2). حمله العلامة- رحمه اللّه- في المختلف على تقصير النافلة بمعنى أن يسقط عنه نوافل النهار. و عمل به الشيخ في النهاية و المبسوط و اختاره ابن البرّاج و ابن حمزة و منعه ابن إدريس. (سلطان).

 (3). المراد بصلاة الليل صلاة العشاء و أكثر الاصحاب على الاتمام في النهار أيضا للاخبار لكن هذا الخبر خاصّ و هو مقدم على العام لصحته. (م ت).

439
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

وَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مُقَامٌ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَذْهَبُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ وَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ‏ «1» وَ يَكُونُ لَهُ مُقَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ قَصَّرَ فِي سَفَرِهِ وَ أَفْطَرَ «2».

1278- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْجَمَّالُ وَ الْمُكَارِي إِذَا جَدَّ بِهِمَا السَّيْرُ قَصَّرَا فِيمَا بَيْنَ الْمَنْزِلَيْنِ وَ أَتَمَّا فِي الْمَنْزِلَيْنِ‏ «3».

1279- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَزَّكٍ‏ «4» قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع أَنَّ لِي جِمَالًا وَ لِي قُوَّامٌ عَلَيْهَا وَ لَسْتُ أَخْرُجُ فِيهَا إِلَّا فِي طَرِيقِ‏

______________________________

 (1). هذا الحديث صحيح و ظاهره أن التقصير موقوف على الامرين، و لعلّ قوله «و ينصرف» الواو فيه بمعنى «أو»، و أمّا ما تضمنه من أن المكارى إذا لم يستقر الا خمسة أو أقل ففيه مخالفة للمعروف بين المتأخرين من أن الخلاف منحصر في اقامة الخمسة لا أقل منها. (الشيخ محمّد ره).

 (2). قوله: «قصر في سفره» أي سفره الذي ينشئ بعد ذلك و ظاهر في أن تقصيره يتوقف على الامرين أي مقام عشرة في البلد الذي يذهب إليه و عشرة اخرى في منزله و كون كل واحد منهما مستقلا في ذلك يحتاج الى التأويل و لعلّ معنى الواو هنا اشتراك الامرين في أن السفر الذي يقع بعدها يجب فيه التقصير. (مراد).

 (3). أي السير جعلهما باذلين لجهدهما و في الصحاح الجد: الاجتهاد في الأمور و يمكن أن يحمل المنزلان على ما لا ينبغي التقصير فيهما لكونهما منزلين لهما أو محلى اقامتهما و ما بينهما بلوغ المسافة كما يفهم من قوله عليه السلام: «جد بهما السير»، و الجمال و المكارى على من لم يثبت له حكم التمام في السفر كما إذا كان اول سفرهما و لم يعد ذلك شغلا لهما (مراد) و قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: المراد بجد السير أن يكون مسيرهما متصلا كالحج و الاسفار التي لا يصدق عليها صنعة. و قال الكليني و تبعه الشيخ- رحمهما اللّه-:

ان المراد أن يجعلوا المنزلين منزلا فيقصرون في الطريق و يتمون في المنزل، قلت:

الظاهر أنّه أراد بالمنزل الذي ينتهيان إليه مسافرين لا منزلهما اذ منزلهما لا إشكال فيه و لعله للمشقة الشديدة بذلك لخروجه عن السير المعتاد- انتهى. و قال بعضهم: لعل المراد أنه إذا كانا قصدا مكانا من غير شغلهم كالزيارة و أمثالها. و في بعض النسخ «أتما في المنزل».

 (4). هو جمال من أصحاب الهادى عليه السلام. و في بعض النسخ «محمّد بن شرف».

440
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

مَكَّةَ لِرَغْبَتِي فِي الْحَجِّ أَوْ فِي النَّدْرَةِ «1» إِلَى بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَمَا يَجِبُ عَلَيَّ إِذَا أَنَا خَرَجْتُ مَعَهَا أَنْ أَعْمَلَ أَ يَجِبُ التَّقْصِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ أَوِ التَّمَامُ فَوَقَّعَ ع إِذَا كُنْتَ لَا تَلْزَمُهَا وَ لَا تَخْرُجُ مَعَهَا فِي كُلِّ سَفَرٍ إِلَّا إِلَى مَكَّةَ فَعَلَيْكَ تَقْصِيرٌ وَ فُطُورٌ «2».

1280- وَ سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ لَهُ الضِّيَاعُ بَعْضُهَا قَرِيبٌ مِنْ بَعْضٍ فَيَخْرُجُ فَيَطُوفُ فِيهَا أَ يُتِمُّ أَوْ يُقَصِّرُ قَالَ يُتِمُ‏ «3».

1281- وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: سَبْعَةٌ لَا يُقَصِّرُونَ فِي الصَّلَاةِ الْجَابِي الَّذِي يَدُورُ فِي جِبَايَتِهِ‏ «4»- وَ الْأَمِيرُ الَّذِي يَدُورُ فِي إِمَارَتِهِ وَ التَّاجِرُ الَّذِي يَدُورُ فِي تِجَارَتِهِ مِنْ سُوقٍ إِلَى سُوقٍ وَ الرَّاعِي وَ الْبَدَوِيُّ وَ الَّذِي يَطْلُبُ مَوَاضِعَ الْقَطْرِ «5» وَ مَنْبِتَ الشَّجَرِ وَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ الصَّيْدَ يُرِيدُ بِهِ لَهْوَ الدُّنْيَا وَ الْمُحَارِبُ الَّذِي يَقْطَعُ السَّبِيلَ.

1282- وَ رَوَى مُوسَى بْنُ بَكْرٍ «6» عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا نَسِيَ الرَّجُلُ صَلَاةً أَوْ صَلَّاهَا بِغَيْرِ طَهُورٍ وَ هُوَ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ فَذَكَرَهَا فَلْيَقْضِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَ لَا يَنْقُصُ وَ مَنْ نَسِيَ أَرْبَعاً قَضَى أَرْبَعاً حِينَ يَذْكُرُهَا مُسَافِراً كَانَ‏

______________________________

 (1). عطف على «فى طريق مكّة». و في بعض النسخ «البدرة».

 (2). المراد بفطور: الإفطار.

 (3). محمول على عدم كون القصد بقدر المسافة و ان حصل بالتردد، أو على اقامة ستة أشهر في هذه الضياع (سلطان) و قال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 231 بعد نقله:

ليس في هذا الخبر ما ينافى ما قدمناه لانه ليس فيه ذكر مقدار المسافة التي يخرج فيها، و إذا لم يكن ذلك فيه احتمل أن يكون المراد به إذا كانت الضيعة قريبة إليه فلا يجب حينئذ عليه التقصير.

 (4). الجابى من يجمع الجباية و هي الخراج و الزكاة. قال المولى المجلسيّ: ذلك مع عدم الإقامة أو الأعمّ لا سيما عمال الجور.

 (5). أي المطر بل هو ما يتسبب عنه و هو العشب. (مراد).

 (6). هو واقفى و لم يوثق و لم يعنونه الصدوق- رحمه اللّه- في المشيخة.

441
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

أَوْ مُقِيماً وَ إِنْ نَسِيَ رَكْعَتَيْنِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حِينَ يَذْكُرُهَا مُسَافِراً كَانَ أَوْ مُقِيماً.

1283- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مِنَ الْأَمْرِ الْمَذْخُورِ «1» إِتْمَامُ الصَّلَاةِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ بِمَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ وَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ- وَ حَائِرِ الْحُسَيْنِ ع‏ «2».

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى مُقَامِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ‏ «3» فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ حَتَّى يُتِمَّ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ.

1284- مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ يُقَصَّرُ أَوْ يُتَمُّ قَالَ قَصِّرْ مَا لَمْ تَعْزِمْ عَلَى مُقَامِ عَشَرَةِ

______________________________

 (1). أي المرغوب فيه لان ما يرغب فيه يذخر و لو كان المراد بيان التخيير في تلك المواضع كما هو المشهور أمكن أن يراد بالمذخور الخفى على العوام. (مراد).

 (2). قال في الذكرى: «هل الاتمام مختص بالمساجد نفسها أو يعم البلدان؟ ظاهر أكثر الروايات أن مكّة و المدينة محل لذلك أما الكوفة فمسجدها خاصّة قاله في المعتبر، و الشيخ ظاهره الاتمام في البلدان الثلاثة، و أمّا الحائر فقال ابن إدريس: فهو ما دار سور المشهد و المسجد عليه دون سور البلد و أفتى بأن التخيير انما هو في المساجد الثلاثة دون بلدانها.

و اختاره العلامة في المختلف، و قول الشيخ هو الظاهر من الروايات و ما فيه ذكر المسجد منها فلشرفها لا لتخصيصها، و الشيخ ابن سعيد في كتاب السفر له حكم بالتخيير في البلدان الأربعة حتّى في الحائر المقدس لورود الحديث بحرم الحسين عليه السلام و قدره بخمسة فراسخ و بأربعة فراسخ و الكل حرم و ان تفاوتت في الفضل، و ابن الجنيد و المرتضى رحمهما اللّه عمما في كل المشاهد و ظاهرهما نفى التقصير و لعلهما أرادا نفى تحتمه و لم نقف لهما على مأخذ».

 (3). أي يستحب العزم على المقام، ليتم و هذا لخصوصية هذه المواطن و بهذا يستقيم كون ذلك من المذخور على توجيه المصنّف فتأمل. (سلطان)

و قال الفاضل التفرشى: اطلق الاتمام و أريد سببه و هو العزم على الإقامة، و يمكن التوفيق بين الخبرين بحمل الاتمام على ما إذا صلى في أحد المسجدين و حمل القصر على ما إذا صلى في غير المسجدين من مواضع مكّة و المدينة.

442
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

أَيَّامٍ‏ «1».

1285- وَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: لَمَّا أَنْ نَفَرْتُ مِنْ مِنًى نَوَيْتُ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ فَأَتْمَمْتُ الصَّلَاةَ ثُمَّ جَاءَنِي خَبَرٌ مِنَ الْمَنْزِلِ‏ «2» فَلَمْ أَجِدْ بُدّاً مِنَ الْمَصِيرِ إِلَى الْمَنْزِلِ فَلَمْ أَدْرِ أُتِمُّ أَمْ أُقَصِّرُ وَ أَبُو الْحَسَنِ ع يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ فَأَتَيْتُهُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ لِيَ ارْجِعْ إِلَى التَّقْصِيرِ «3».

1286- وَ رَوَى الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَيْسَ فِي السَّفَرِ جُمُعَةٌ وَ لَا أَضْحًى وَ لَا فِطْرٌ «4».

1287- وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ «5» قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يَدْخُلُ عَلَيَّ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ أَنَا فِي السَّفَرِ فَلَا أُصَلِّي حَتَّى أَدْخُلَ أَهْلِي فَقَالَ صَلِّ وَ أَتِمَّ الصَّلَاةَ قُلْتُ فَيَدْخُلُ عَلَيَّ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ أَنَا فِي أَهْلِي أُرِيدُ السَّفَرَ فَلَا أُصَلِّي حَتَّى أَخْرُجَ قَالَ صَلِّ وَ قَصِّرْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَقَدْ خَالَفْتَ‏ «6» رَسُولَ اللَّهِ ص‏ «7».

1288- وَ أَمَّا خَبَرُ حَرِيزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ‏

______________________________

 (1). الجواب على المشهور من هذه الرواية أن المراد أنّه لا يجب التمام علينا حتّى نعزم على الإقامة، و يمكن الجمع بوجه آخر على القول باختصاص التخيير بالمساجد بأن المراد هنا غير المساجد من البلدين. (سلطان).

 (2). في بعض النسخ «جاءنى جيران المنزل».

 (3). لا يخفى أنّه مناف لما مر في خبر أبى ولاد من قوله: «فقال ان كنت دخلت المدينة و صليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر» و لعلّ قوله «فأتممت الصلاة» بمنزلة قول أبى ولاد «نويت متى دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة» لا أنّه وقع منى اتمام الصلاة بعد وقوع النية. (مراد).

 (4). تقدم تحت رقم 1238 بتقديم و تأخير.

 (5). الطريق صحيح كما في الخلاصة و هو ثقة.

 (6). في التهذيب «فقد خالفت و اللّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله».

 (7). يدل على أن الاعتبار بحال الأداء في الدخول و الخروج. (سلطان).

443
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

عَنْ رَجُلٍ يَدْخُلُ مِنْ سَفَرِهِ‏ «1» وَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ هُوَ فِي الطَّرِيقِ قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ إِنْ خَرَجَ إِلَى سَفَرِهِ وَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعاً «2».

فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ إِذَا كَانَ لَا يَخَافُ فَوَاتَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَتَمَ‏ «3» وَ إِنْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَصَّرَ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ.

1289- فِي كِتَابِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَقَالَ إِنْ كَانَ لَا يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَلْيُتِمَّ وَ إِنْ كَانَ يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَلْيُقَصِّرْ «4».

وَ هَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ «5».

1290- وَ سَأَلَ إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ أَبَا إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- فِي الرَّجُلِ‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «يدخل في سفره».

 (2). على نسخة «من» يكون كلا جزئي الخبر مخالفا لما سبق، و على نسخة «فى» يكون المخالفة في الجزء الثاني. (سلطان).

 (3). بهذا يندفع المخالفة باعتبار الدخول في المنزل و أمّا باعتبار الخروج الى السفر فلا، فان حديث إسماعيل دل على التقصير و حديث محمّد دل على الاتمام الا أن يأول حينئذ حديث محمّد بان الاتمام عند سعة الوقت كالتقصير عند تضيقه، و يمكن التوفيق فيهما بأن يراد بيدخل في حديث محمّد يشرف على الدخول فيكون الحال أي قوله «و هو في الطريق» معمولا ليدخل و دخل بالتنازع و كذا يكون المراد بالخروج الى سفره اشرافه على الخروج (مراد).

 (4). يعني أن المسافر في الرجوع من السفر ان لم يخف خروج الوقت ان صبر حتّى يدخل أهله فليصبر و ليؤخر الصلاة و ليتم في أهله، و ان خاف خروج الوقت فليصل في الطريق قصرا.

 (5). قال في الوافي: قيد المؤلّف حديث حريز عن محمّد بما إذا خاف فوات الوقت او لم يخف و أيده بحديث الحكم، ثمّ قال حديث الحكم موافق لحديث إسماعيل بن جابر، و انما يصحّ هذا إذا خص التقييد بالقادم من السفر دون الخارج إليه كما هو في حديث الحكم و على هذا مع ما فيه لم يكن الحديثان متوافقين و الأولى أن يعمل على خبر إسماعيل بن جابر لعلو سنده و وضوح حال رجاله و تأكده بمخالفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الحلف عليها لو لم يفعل، قال في المعتبر: و هذه الرواية أشهر و أظهر في العمل يعنى بها رواية إسماعيل.

444
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

يَكُونُ مُسَافِراً ثُمَّ يَقْدَمُ فَيَدْخُلُ بُيُوتَ الْكُوفَةِ أَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ أَمْ يَكُونُ مُقَصِّراً حَتَّى يَدْخُلَ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ بَلْ يَكُونُ مُقَصِّراً حَتَّى يَدْخُلَ إِلَى أَهْلِهِ‏ «1».

1291- وَ رَوَى سَيْفٌ التَّمَّارُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كُنَّا نَقْضِي صَلَاةَ النَّهَارِ إِذَا نَزَلْنَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَقَالَ لَا «2» اللَّهُ أَعْلَمُ بِعِبَادِهِ حِينَ رَخَّصَ إِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ لَا قَبْلَهُمَا وَ لَا بَعْدَهُمَا شَيْ‏ءٌ إِلَّا صَلَاةُ اللَّيْلِ عَلَى بَعِيرِكَ حَيْثُ تَوَجَّهَ بِكَ‏ «3».

1292- وَ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ بِالنَّهَارِ فِي سَفَرٍ فَقَالَ لَوْ صَلَحَتِ النَّافِلَةُ فِي السَّفَرِ تَمَّتِ الْفَرِيضَةُ «4».

وَ لَا بَأْسَ بِقَضَاءِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ فِي السَّفَرِ «5».

1293- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ الْفَرِيضَةَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ «6».

______________________________

 (1). دل بظاهره على عدم اعتبار الترخص و قال الفاضل التفرشى محمول على أن يكون بين ما دخله من البيوت و بين أهله بعد ما يتوارى كل عن الآخر.

 (2). لعل المراد قضاء النوافل أو ما يشمله قضاء الركعتين المتروكتين. (مراد).

 (3). قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه- يدل على سقوط النافلة في الظهرين و عدم سقوط نافلة الليل و منها نافلة المغرب و الفجر، و على جواز النافلة في السفر على الدابّة كما يدل عليه أخبار كثيرة.

 (4). السائل أبو يحيى الحناط كما في التهذيب ج 1 ص 118.

 (5). روى الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب بإسناده عن صفوان بن يحيى قال: «سألت الرضا عليه السلام عن التطوع بالنهار و أنا في سفر فقال: لا و لكن تقضى صلاة الليل بالنهار و أنت في سفر- الحديث» و أيضا عن ابن عمّار عن الصادق عليه السلام قال: «لا بأس بان يصلى الرجل صلاة الليل في السفر و هو يمشى، و لا بأس ان فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار و هو يمشى- الخ».

 (6). رواه الشيخ (ره) في التهذيب ج 1 ص 320 في الصحيح عن جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام في رواية و عن مندل بن على العنزى في أخرى ص 319 و قد قيد في بعض الروايات بالضرورة الشديدة ففى صحيحة الحميري في التهذيب ج 1 ص 319-

445
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

1294- وَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْكَرْخِيُ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْقِبْلَةِ فِي الْمَحْمِلِ فَقَالَ هَذَا الضِّيقُ‏ «1» أَ مَا لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ص أُسْوَةٌ.

1295- وَ سَأَلَ سَعْدُ بْنُ سَعْدٍ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع‏ عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ مَعَهُ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ فِي الْمَحْمِلِ أَ يُصَلِّي وَ هِيَ مَعَهُ قَالَ نَعَمْ‏ «2».

1296- وَ سَأَلَ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ هُوَ عَلَى دَابَّتِهِ أَ لَهُ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ وَ هُوَ يُصَلِّي قَالَ أَمَّا إِذَا قَرَأَ فَنَعَمْ وَ أَمَّا إِذَا أَوْمَأَ بِوَجْهِهِ لِلسُّجُودِ فَلْيَكْشِفْهُ حَيْثُ مَا أَوْمَأَتْ بِهِ الدَّابَّةُ «3».

1297- وَ سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ‏ «4» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي النَّوَافِلَ فِي الْأَمْصَارِ وَ هُوَ عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ قَالَ لَا بَأْسَ.

1298- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ- أَبَا الْحَسَنِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ فِي السَّفَرِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فِي الْإِقَامَةِ «5» وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ يُتِمُّ إِذَا بَدَتْ لَهُ الْإِقَامَةُ وَ عَنِ الرَّجُلِ يُشَيِّعُ أَخَاهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ التَّقْصِيرُ وَ الْإِفْطَارُ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

______________________________

- قال: «كتبت الى أبى الحسن عليه السلام: «روى- جعلنى اللّه فداك- مواليك عن آبائك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلى الفريضة على راحلته في المحمل في يوم مطير، و يصيبنا المطر في محاملنا و الأرض مبتلة و المطر يؤذى فهل يجوز لنا يا سيدى أن نصلى في هذه الحال في محاملنا أو على دوابنا الفريضة ان شاء اللّه؟ فوقع عليه السلام: يجوز ذلك مع الضرورة الشديدة».

 (1). أي هذه مشقة غير لازمة، و في التهذيب «فقال: ما هذا الضيق أ ما لك في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسوة».

 (2). يدل على عدم البأس بالمحاذاة معها إذا كانت لا تصلى.

 (3). أي حيث توجهت به الدابّة و ان كان على غير القبلة. و الطريق ضعيف بمفضل.

 (4). الطريق صحيح، و كذا في الخبر الآتي.

 (5). أي ينوى الإقامة في أثناء الصلاة التي عقدها على أنّها مقصورة. (مراد).

446
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

وَ لَا بَأْسَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ مِنْ عِلَّةٍ وَ غَيْرِ عِلَّةٍ «1» وَ لَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ فِي السَّفَرِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانَ فِي طَلَبِ الْمَنْزِلِ إِلَى رُبُعِ اللَّيْلِ‏ «3».

1299- وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: أَنْتَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ فِي السَّفَرِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ مِنْ بَعْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ‏ «4».

وَ لَا بَأْسَ بِتَعْجِيلِ الْعَتَمَةِ فِي السَّفَرِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ‏ «5».

1300- وَ سَأَلَ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ حَدِّ الطِّينِ الَّذِي لَا يُسْجَدُ فِيهِ مَا هُوَ قَالَ إِذَا غَرِقَتْ فِيهِ الْجَبْهَةُ وَ لَمْ تَثْبُتْ عَلَى الْأَرْضِ‏ «6».

1301- وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ بِعَرَفَاتٍ- قَالَ وَيْلَهُمْ أَوْ وَيْحَهُمْ‏ «7» وَ أَيُّ سَفَرٍ أَشَدُّ مِنْهُ لَا لَا يُتَمُ‏ «8».

1302- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ‏

______________________________

 (1). الاخبار بذلك متظاهرة من طرق العامّة و الخاصّة. (م ت).

 (2). لا يبعد أن يكون إشارة الى طريق الجمع بين المغرب و العشاء.

 (3). رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان و عمر بن يزيد، و في بعض الأخبار الى ثلث الليل قال الكليني: «و روى أيضا الى نصف الليل» الكافي ج 3 ص 432.

 (4). أي الى أن يقطع قدرها خمسة أميال و هو فرسخ و ثلثا فرسخ. (مراد).

 (5). روى الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب و الكليني في الكافي ج 3 ص 431 في حديث عن الحلبيّ «قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس بأن تعجل العشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق».

 (6). هذا الخبر كما ترى أجنبى عن الباب، و يناسب أبواب مكان المصلى أو باب السجود و ما يسجد عليه.

 (7). الشك من الراوي، و الأولى كلمة عذاب، و الثانية كلمة رحمة. (مراد).

 (8). قوله عليه السلام «لا» أي لا ينبغي لهم الاتمام، و «لا» الثانية ناهية أو نافية فيكون مدخولها خبرا في معنى النهى. (مراد).

447
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

بِالتَّقْصِيرِ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص فِي كَمْ ذَلِكَ فَقَالَ فِي بَرِيدٍ قَالَ وَ كَمِ الْبَرِيدُ قَالَ مَا بَيْنَ ظِلِّ عَيْرٍ إِلَى فَيْ‏ءِ وُعَيْرٍ «1» فَذَرَعَتْهُ بَنُو أُمَيَّةَ ثُمَّ جَزَّءُوهُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا-

______________________________

 (1). قال السمهودى في وفاء الوفاء: ان «عير» بفتح العين و سكون الياء جبل قرب ذى الحليفة في جنوبى المدينة المكرمة و «وعيرة» بفتح الواو و آخرها هاء جبل في غربى أحد و هو شمال المدينة المشرفة. ا ه. و قال استاذنا الشعرانى- مدّ ظلّه- بعد نقل هذا الكلام:

 «لما كان ذرع المسافة بين رأس الجبلين أو مسقط حجرهما غير ممكن اعتبر (ص) الظل و انما قال: «في‏ء و عير» لان ظلّها قبل الزوال يكون شمالا أو غربا وراء الجبل حيث لا يراه من هو في جانب المدينة و الانسب أن يعتبر الفي‏ء أول ظهوره بعد الزوال لا عند الغروب اذ يصير في‏ء الجبل قريب الغروب طويلا جدا بحيث لا يشخص منتهاه، و أما «ظل عير» فالمناسب أن يراد به ظل وقت الزوال لان هذا الجبل في جنوبى المدينة المشرفة و الجانب الشمالى منه يواجه البلد و ظلّه عند الزوال الى سمت البلد و يتمكن الواقف عنده من تعيين رأس الظل و المساحة و أمّا عند الطلوع فالظل طويل الى جانب المغرب الى غير النهاية و لا يتشخص، و بالجملة فالمسافة المذكورة في الحديث من الشمال الى الجنوب بريد أربعة فراسخ، و المدنيّ يرى من البلد شرّفه اللّه تعالى ظلّ عير في جميع حالاته من طلوع الشمس الى غروبها و الجبل في الجنوب الشرقى و في‏ء و عير بعد الزوال فقط حين يظهر من مشرق الجبل، و أمّا و عير و أحد و ثور فجميعها من الشمال فأحد معروف و ثور جبل صغير غير مشهور و هو غربى أحد وعيرة غربى ثور و لذا ورد في أحاديث العامّة بين عير و ثور و في بعضها بين عير و أحد و مفاد الجميع مع ما ورد بين عير و وعير واحد.

و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: الظاهر أنهما جبلان بالمدينة و المشهور عاير و وعير فعلى تقدير التعدّد يمكن أن يكون المراد بظل عير ظله قريبا من طلوع الشمس و يكون قريبا من فرسخين، و كذا في‏ء و عير قريبا من الغروب و يتصلان فيكون أربعة فراسخ، و على تقدير الوحدة يكون كل واحد من ظله و فيئه فرسخين، و في نسخة «ما بين ظل عير الى وعير» لكن في الكافي كالاول «ظل عير الى في‏ء وعير» و في نسخة منه «عاير» بدل «عير». انتهى.

و قال الفاضل التفرشى: يفهم من الحديث أن و عيرا أيضا جبل بالمدينة و لعله مصغر الوعر، و الظل معروف و قد يطلق على ما يبقى من ظل الشاخص بعد تنقصه عند وصول الشمس الى دائرة نصف النهار و يسمى الظل الأول أيضا و هو المراد بالظل هنا و ما يزيد عليه أو يحدث بعد-

448
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

فَكَانَ كُلُّ مِيلٍ أَلْفاً وَ خَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ‏ «1» وَ هُوَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ.

يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا كَانَ السَّفَرُ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ وَ أَرَادَ الرُّجُوعَ مِنْ يَوْمِهِ فَالتَّقْصِيرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَ مَتَى لَمْ يُرِدِ الرُّجُوعَ مِنْ يَوْمِهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَتَمَّ وَ إِنْ شَاءَ قَصَّرَ وَ تَصْدِيقُ مَا فَسَّرْتُ مِنْ ذَلِكَ‏ «2».

1303- خَبَرُ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ التَّقْصِيرِ فَقَالَ بَرِيدٌ ذَاهِبٌ وَ بَرِيدٌ جَائِي وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَتَى ذُبَاباً «3» قَصَّرَ.

______________________________

- انعدامه هو الظل الثاني و يسمى فيئا و لكن الفي‏ء يزيد شيئا فشيئا و لم يتبين من الحديث أنه متى يعتبر و لا يبعد أن يعتبر عند ما يساوى الظل- انتهى.

و قال الأستاد: قوله «هو المراد هنا» صحيح على ما قلنا من معنى الحديث، و كون جبل عير في جهة الجنوب من المدينة المشرفة، و أمّا ما ذكره من تقدير الفي‏ء فلم نعلم وجهه و الصحيح ما ذكرناه أولا، و يجب أخذ كل شي‏ء من أهله و السمهودى من أهل هذا البلد الشريف و عالم باخباره و تاريخه و يظهر به معنى الحديث من غير تكلف.

 (1). هذا وهم من الراوي و روى نحوه الكليني في الكافي ج 3 ص 432 و فيه «ثلاثة آلاف و خمسمائة ذراع، و قال الفاضل التفرشى: المشهور أن الميل أربعة آلاف ذراع فالفرسخ اثنا عشر ألف ذراع، و في الشرائع: الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة و عشرون اصبعا تعويلا على المشهور بين الناس أو مد البصر من الأرض و فسر ذلك بما يتميز معه الفارس من الراجل و ظاهر أن عمل بني أميّة و أخبارهم ليس بحجة. انتهى.

و قوله «هو أربعة فراسخ» ظاهره من تتمة الخبر و الضمير راجع الى البريد.

 (2). لا يخفى أن شيئا من الاحتمالين لا يستقيم في خبر معاوية بن عمّار في باب عرفات اذ ليس في إرادة أهل مكّة الرجوع من يومه من عرفات الى مكّة فلا يستقيم الاحتمال الأول و النهى عن الاتمام مصرح فيه فلا يحتمل الخيار فلا يستقيم الاحتمال الثاني الا أن يحمل النهى عن التمام على تعيين التمام بخصوصه ردا على توهم أهل مكّة و هو بعيد، و العلامة- رحمه اللّه- في المختلف حمل الاخبار الدالة على القصر في بريد على إرادة الرجوع ليومه، و لا يخفى عدم استقامة هذا الحمل في خبر أهل مكّة و عرفات كما عرفت فالظاهر ما اختاره ابن أبى عقيل من عدم تقييد وجوب القصر بارادة الرجوع ليومه بل يكفى إرادة ما دون عشرة أيام. (سلطان).

 (3). أي روضات الذباب. و أمّا ذباب بكسر أوله: فجبل بالمدينة.

449
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

وَ ذُبَابٌ عَلَى بَرِيدٍ وَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا رَجَعَ كَانَ سَفَرُهُ بَرِيدَيْنِ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ‏ «1».

1304- وَ سَأَلَ زَكَرِيَّا بْنُ آدَمَ‏ «2» أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع‏ عَنِ التَّقْصِيرِ فِي كَمْ يُقَصِّرُ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِي ضِيَاعِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَمْرُهُ جَائِزٌ فِيهَا «3» يَسِيرُ فِي الضِّيَاعِ يَوْمَيْنِ وَ لَيْلَتَيْنِ وَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ لَيَالِيَهُنَّ فَكَتَبَ التَّقْصِيرُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ «4».

1305- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنِ امْرَأَةٍ كَانَتْ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَصَلَّتْ ذَاهِبَةً وَ جَائِيَةً الْمَغْرِبَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهَا إِعَادَةٌ.

وَ فِي رِوَايَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاءٌ «5».

______________________________

 (1). اذا كان قوله «و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. الخ» داخلا في خبر زرارة يكون صريحا في المطلوب، و لكنه محتمل لان يكون من كلام الصدوق على أنّه يمكن أن يكون المراد رجوعه قبل العشرة كما ذكرناه سابقا (م ت) أقول: كونه من تتمة خبر زرارة ظاهر و يمكن أن يكون خبرا برأسه و الا لا يستقيم احتجاج المؤلّف- رحمه اللّه- مع أنّه أورده احتجاجا.

 (2). الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.

 (3). أي أمره ماض فيها و المراد أنّه بمنزلة وطنه. (مراد).

 (4). يدل على أنّه إذا كان السفر المقصود مسيرة يوم و ليلة و هو ثمانية فراسخ كما فسر في الاخبار لا ينافيه أن يقطعه [فى يوم‏] أو يومين أو ثلاثة، و يدلّ على أن الضياع إذا لم تكن له لا يتم فيها و ان كان أمره نافذا فيها على الظاهر، و يمكن أن يكون المراد أنّه لا يقصر فيها إذا لم يكن السفر مقصودا بأن يقصد ضيعة أقل من المسافة ثمّ يقصد ضيعة اخرى مثلها و ان تمادى في السفر (م ت)

و قال الفاضل التفرشى: قوله «فى مسير يوم و ليلة» لعل المراد في مسير كل واحد لا المجموع فالمقصود بيان اشتراك اليوم و الليلة في أن التقصير في مسيرهما و ذكره الليلة لذكرها في السؤال.

 (5). يدل على أن الجاهل في قصر المغرب معذور، و هذا خلاف المشهور، و ربما-

450
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

1306- وَ فِي رِوَايَةِ الْعَلَاءِ «1» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ خَلْفَ قَوْمٍ حُضُورٍ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ رَكْعَتَيْنِ وَ يُسَلِّمُ وَ إِنْ صَلَّى مَعَهُمُ الظُّهْرَ فَلْيَجْعَلِ الْأَوَّلَتَيْنِ الظُّهْرَ وَ الْأَخِيرَتَيْنِ الْعَصْرَ.

1307- وَ سَأَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ‏ «2» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ رَجُلٍ يُسَافِرُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ وَ إِنَّمَا يَنْزِلُ قُرَاهُ وَ ضَيْعَتَهُ فَقَالَ إِذَا نَزَلْتَ‏ «3» قُرَاكَ وَ أَرْضَكَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ وَ إِذَا كُنْتَ فِي غَيْرِ أَرْضِكَ فَقَصِّرْ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ إِذَا أَرَادَ الْمُقَامَ فِي قُرَاهُ وَ أَرْضِهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَ مَتَى لَمْ يُرِدِ الْمُقَامَ بِهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ قَصَّرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بِهَا مَنْزِلٌ يَكُونُ فِيهِ فِي السَّنَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَتَمَّ مَتَى دَخَلَهَا وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ.

1308- مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُقَصِّرُ فِي ضَيْعَتِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ يَنْوِ مُقَامَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بِهَا مَنْزِلٌ يَسْتَوْطِنُهُ قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا الِاسْتِيطَانُ فَقَالَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِهَا مَنْزِلٌ يُقِيمُ فِيهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يُتِمُّ فِيهَا مَتَى دَخَلَهَا «4».

1309- وَ مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع أَنَّهُ قَالَ: كُلُ‏

______________________________

- يختص هذا الحكم بالمرأة (م ت) و قال الفاضل التفرشى: دل على أن الجاهل بوجوب الاتمام في السفر إذا قصر معذور كما أن الجاهل بوجوب التقصير إذا أتم كان معذورا.

و حكم الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب ج 1 ص 320 بشذوذ هذا الخبر و قال: فمن قصر في السفر المغرب كان عليه الإعادة.

 (1). يعني العلاء بن رزين القلاء مولى ثقيف صحب محمّد بن مسلم و تفقه عليه و كان ثقة جليل القدر وجها و طريق المصنّف إليه صحيح كما في الخلاصة.

 (2). الطريق مجهول و رواه الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب بسند موثق كالصحيح.

 (3). في بعض النسخ «ان نزلت».

 (4). ظاهر هذا الخبر و كلام المصنّف استيطان ستة أشهر في كل سنة و الاصحاب اكتفوا بمجرد تحقّق ذلك و لو متفرقا و اللّه يعلم.

451
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِكَ لَا تَسْتَوْطِنُهُ فَعَلَيْكَ فِيهِ التَّقْصِيرُ.

1310- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ إِلَى الصَّيْدِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَ يُقَصِّرُ أَوْ يُتِمُّ فَقَالَ إِنْ خَرَجَ لِقُوتِهِ وَ قُوتِ عِيَالِهِ فَلْيُقَصِّرْ وَ لْيُفْطِرْ وَ إِنْ خَرَجَ لِطَلَبِ الْفُضُولِ فَلَا وَ لَا كَرَامَةَ «1».

1311- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ أَنَّهُ ع قَالَ: لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الصَّيْدِ تَقْصِيرٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِذَا جَاوَزَ الثَّلَاثَةَ لَزِمَهُ.

يَعْنِي الصَّيْدَ لِلْفُضُولِ‏ «2».

1312- وَ رَوَى عِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ‏ «3» عَنْهُ ع‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَتَصَيَّدُ فَقَالَ إِنْ كَانَ يَدُورُ حَوْلَهُ فَلَا يُقَصِّرْ «4» وَ إِنْ كَانَ تَجَاوَزَ الْوَقْتَ فَلْيُقَصِّرْ.

وَ لَوْ أَنَّ مُسَافِراً مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّقْصِيرُ مَالَ عَنْ طَرِيقِهِ إِلَى صَيْدٍ «5» لَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَامُ لِطَلَبِ الصَّيْدِ فَإِنْ رَجَعَ مِنْ صَيْدِهِ إِلَى الطَّرِيقِ فَعَلَيْهِ فِي رُجُوعِهِ التَّقْصِيرُ «6»

______________________________

 (1). «لا كرامة» أي في طلب الفضول و هو الذي لا يتعلق به غرض يتقرب به الى اللّه عزّ و جلّ سواء كان أمرا دنيويا أو أخرويّا (مراد) أقول: الخبر مرويّ في التهذيب و الكافي بسند فيه ارسال، و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: ظاهره يشمل صيد التجارة و لعلّ الاصحاب حملوه على اللغو الذي لا فائدة فيه. و قال في القاموس الفضولى- بالضم-:

المشتغل بما لا يعنيه و الخياط.

 (2). أي لغير قوته و قوت عياله، و الخبر حمله الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 على ما اذا كان صيده لقوته و قوت عياله، فأما من كان صيده للهو فلا يجوز له التقصير.

 (3). هو ثقة و الطريق إليه صحيح.

 (4). أي وقت دورانه حول منزله، و لعلّ المراد به أنّه لم يصل الى محل الترخص أو وصل و لم يقصد مسافة التقصير، فتجاوزه يتحقّق بتحقّق الامرين (مراد) و قال سلطان- العلماء: لعله كناية عن اشتغاله بالصيد و المراد الصيد الفضول.

 (5). أي لم يبلغ المسافة، و الظاهر أن المراد الصيد للقوت. (م ت).

 (6). كما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 بسند فيه أحمد بن محمّد السيارى الضعيف عن بعض أهل العسكر قال: «خرج عن أبي الحسن عليه السّلام أن صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة فإذا عدل عن الجادة أتم فإذا رجع إليها قصر».

452
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفر ص : 434

وَ مَنْ كَانَ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَعَلَيْهِ التَّمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ‏ «1» وَ عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَقُولَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ يُقَصِّرُهَا- سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثِينَ مَرَّةً لِتَمَامِ الصَّلَاةِ «2».

1313- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنْ خَشِيتَ أَنْ لَا تَقُومَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَوْ كَانَتْ بِكَ عِلَّةٌ أَوْ أَصَابَكَ بَرْدٌ فَصَلِّ وَ أَوْتِرْ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فِي السَّفَرِ.

1314- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَ الْوَتْرِ فِي السَّفَرِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ قَالَ نَعَمْ.

1315- وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ ع‏ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ مِنْ حِينِ تُصَلِّي الْعَتَمَةَ إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ.

1316- وَ رَوَى حَرِيزٌ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْساً بِأَنْ يُصَلِّيَ الْمَاشِي وَ هُوَ يَمْشِي وَ لَكِنْ لَا يَسُوقُ الْإِبِلَ‏ «3».

______________________________

 (1). روى المؤلّف في كتاب الصوم و الكليني في الكافي ج 4 ص 129 بإسناده عن عمار (أو محمّد) بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سمعته يقول: من سافر قصر و أفطر الا أن يكون رجلا سفره الى صيد أو في معصية اللّه أو رسولا لمن يعص اللّه أو في طلب شحناء أو سعاية [أو] ضرر على قوم مسلمين».

 (2). روى الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب ج 1 ص 319 بإسناده عن سليمان بن حفص المروزى قال: قال الفقيه العسكريّ عليه السلام: «يجب على المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر» ثلاثين مرة لتمام الصلاة». و روى المؤلّف في العيون مسندا عن رجاء بن أبي الضحّاك عن الرضا عليه السلام «أنه صحبه في سفر فكان يقول في دبر كل صلاة يقصرها- التسبيحات- ثلاثين مرة و يقول: هذا تمام الصلاة» و قال الفاضل التفرشى قوله: «لتمام الصلاة» أي ليثاب بصلاة كاملة بحسب عدد الركعات لانه لجبرانها.

 (3). لعل المراد عدم اشتغاله بما هو ليس من أفعال الصلاة سوى المشى، و ذكر سوق الإبل للتمثيل. (مراد).

453
من لا يحضره الفقيه1

باب العلة التي من أجلها لا يقصر المصلي في صلاة المغرب و نوافلها في السفر و الحضر ص : 454

بَابُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا لَا يُقَصِّرُ الْمُصَلِّي فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَ نَوَافِلِهَا فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ

1317- سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ لِمَ صَارَتِ الْمَغْرِبُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَ أَرْبَعاً بَعْدَهَا لَيْسَ فِيهَا تَقْصِيرٌ فِي حَضَرٍ وَ لَا سَفَرٍ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ ص كُلَّ صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ فَأَضَافَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ص لِكُلِّ صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَ قَصَّرَ فِيهَا فِي السَّفَرِ إِلَّا الْمَغْرِبَ وَ الْغَدَاةَ فَلَمَّا صَلَّى ع الْمَغْرِبَ بَلَغَهُ مَوْلِدُ فَاطِمَةَ ع فَأَضَافَ إِلَيْهَا رَكْعَةً شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا أَنْ وُلِدَ الْحَسَنُ ع أَضَافَ إِلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا أَنْ وُلِدَ الْحُسَيْنُ ع أَضَافَ إِلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ‏ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا فِي الْحَضَرِ وَ السَّفَرِ «1».

بَابُ عِلَّةِ التَّقْصِيرِ فِي السَّفَرِ

1318- ذَكَرَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعِلَلِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ الرِّضَا ع- إِنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا قُصِرَتْ فِي السَّفَرِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ أَوَّلًا إِنَّمَا هِيَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ وَ السَّبْعُ إِنَّمَا زِيدَتْ فِيهَا بَعْدُ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الْعَبْدِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِمَوْضِعِ سَفَرِهِ وَ تَعَبِهِ وَ نَصَبِهِ وَ اشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ وَ ظَعْنِهِ وَ إِقَامَتِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ مَعِيشَتِهِ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَعَطُّفاً عَلَيْهِ إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا لَا تُقَصَّرُ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُقَصَّرَةٌ فِي الْأَصْلِ وَ إِنَّمَا وَجَبَ التَّقْصِيرُ فِي ثَمَانِيَةِ فَرَاسِخَ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا

______________________________

 (1). رواه المؤلّف في العلل بسند مجهول، ضعيف، مرسل.

454
من لا يحضره الفقيه1

باب علة التقصير في السفر ص : 454

أَكْثَرَ «1» لِأَنَّ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلْعَامَّةِ وَ الْقَوَافِلِ وَ الْأَثْقَالِ‏ «2» فَوَجَبَ التَّقْصِيرُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَ لَوْ لَمْ يَجِبْ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ لَمَا وَجَبَ فِي مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ‏ «3» فَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ هَذَا الْيَوْمِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَمَا وَجَبَ فِي نَظِيرِهِ إِذْ كَانَ نَظِيرُهُ مِثْلَهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَ إِنَّمَا تُرِكَ تَطَوُّعُ النَّهَارِ وَ لَمْ يُتْرَكْ تَطَوُّعُ اللَّيْلِ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَا يُقَصَّرُ فِيهَا لَا يُقَصَّرُ فِي تَطَوُّعِهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا يُقَصَّرُ فِيهَا فَلَا تَقْصِيرَ فِيمَا بَعْدَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ وَ كَذَلِكَ الْغَدَاةُ لَا تَقْصِيرَ فِيهَا فَلَا تَقْصِيرَ فِيمَا قَبْلَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ وَ إِنَّمَا صَارَتِ الْعَتَمَةُ مَقْصُورَةً وَ لَيْسَ تَتْرُكُ رَكْعَتَيْهَا لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنَ الْخَمْسِينَ وَ إِنَّمَا هِيَ زِيَادَةٌ فِي الْخَمْسِينَ تَطَوُّعاً لِيُتِمَّ بِهِمَا بَدَلَ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَرِيضَةِ رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّطَوُّعِ وَ إِنَّمَا جَازَ لِلْمُسَافِرِ وَ الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَا صَلَاةَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ لِاشْتِغَالِهِ وَ ضَعْفِهِ وَ لِيُحْرِزَ صَلَاتَهُ فَيَسْتَرِيحَ الْمَرِيضُ فِي وَقْتِ رَاحَتِهِ وَ لِيَشْتَغِلَ الْمُسَافِرُ بِاشْتِغَالِهِ وَ ارْتِحَالِهِ وَ سَفَرِهِ.

1319- وَ سَأَلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ‏ «4» عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ لَهُ‏ مَتَى فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا هِيَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ فَقَالَ بِالْمَدِينَةِ حِينَ ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ وَ قَوِيَ الْإِسْلَامُ وَ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْجِهَادَ زَادَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الصَّلَاةِ سَبْعَ رَكَعَاتٍ فِي الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَ فِي الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَ فِي الْمَغْرِبِ رَكْعَةً وَ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ وَ أَقَرَّ الْفَجْرَ عَلَى مَا فُرِضَتْ بِمَكَّةَ لِتَعْجِيلِ عُرُوجِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ-

______________________________

 (1). أي نيط التقصير بثمانية فراسخ و لم ينط بما هو أقل منها أو ما هو أكثر منها فالمراد بوجوب التقصير فيها نوط الوجوب بها، فلا يرد أن لا مجال لقوله «و لا أكثر» لظهور أن التقصير واجب فيما زاد على ثمانية فراسخ. (مراد).

 (2). أي حاملى الاثقال و هو جمع ثقل- كحمل و أحمال- أو جمع ثقل- بالتحريك- كفرس و أفراس. (مراد).

 (3). أي في وقوعه بعد الليل الذي هو للاستراحة و النوم. (مراد).

 (4). هو من فقهاء العامّة و ثقاتهم و له انقطاع الى عليّ بن الحسين عليهما السلام، و طريق الصدوق- رحمه اللّه- اليه غير مذكور في المشيخة و قال المولى المجلسيّ (ره): رواه الصدوق في الصحيح.

455
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفينة ص : 456

وَ لِتَعْجِيلِ نُزُولِ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ إِلَى الْأَرْضِ‏ «1» فَكَانَتْ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ يَشْهَدُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى‏ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً «2» يَشْهَدُهُ الْمُسْلِمُونَ وَ تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ.

بَابُ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ

1320- سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ فَقَالَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَ يَصُفُّ رِجْلَيْهِ- فَإِنْ دَارَتْ‏ «3» وَ اسْتَطَاعَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَلْيَفْعَلْ وَ إِلَّا فَلْيُصَلِّ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَ إِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ فَلْيُصَلِّ قَائِماً وَ إِلَّا فَلْيَقْعُدْ ثُمَّ يُصَلِّي‏ «4».

1321- وَ قَالَ لَهُ جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ‏ تَكُونُ السَّفِينَةُ قَرِيبَةً مِنَ الْجُدِّ- «5»

______________________________

 (1). ربطه بتعجيل ملائكة الليل ظاهر و هو اما من حيث انه سبب لتعجيلهم أو مسبب عنه و أمّا ربطه بتعجيل ملائكة النهار فغير ظاهر الا أن يقال: ان صلاة الصبح إذا كان قصيرة يعجلون في النزول ليدركوه بخلاف ما إذا كان طويلة لا مكان تأخيرهم النزول الى الركعة الثالثة و الرابعة، و لكن هذا انما يستقيم لو لم يكن شهودهم واجبا من أول الصلاة و الظاهر المشهور شهودهم من أول الصلاة فتأمل. (سلطان).

 (2). سميت الصلاة قرآنا تسمية للشي‏ء باسم جزئه. (مراد).

 (3). «فان دارت» أي السفينة و استطاع المصلى أن يتوجه الى القبلة بأن يدور على خلاف ما دارت عليه السفينة فليفعل. (مراد).

 (4). روى الكليني في الكافي ج 3 ص 441 مثله في الصحيح عن حماد بن عثمان عنه عليه السلام و في الحسن كالصحيح عن حماد بن عيسى ما يقرب منه.

 (5). الجد- بضم المعجمة و شد الدال المهملة- شاطئ النهر. و قوله «فأخرج» استفهام بحذف حرفه.

456
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفينة ص : 456

فَأَخْرُجُ وَ أُصَلِّي قَالَ صَلِّ فِيهَا أَ مَا تَرْضَى بِصَلَاةِ نُوحٍ ع‏ «1».

1322- وَ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ‏ «2» نَخْرُجُ إِلَى الْأَهْوَازِ فِي السُّفُنِ فَنُجَمِّعُ فِيهَا الصَّلَاةَ «3» فَقَالَ نَعَمْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فَقَالَ لَهُ فَنَسْجُدُ عَلَى مَا فِيهَا وَ عَلَى الْقِيرِ «4» قَالَ لَا بَأْسَ.

1323- وَ رَوَى عَنْهُ مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّهُ قَالَ: الْقِيرُ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ‏ «5».

1324- وَ سَأَلَ زُرَارَةُ أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي النَّوَافِلَ فِي السَّفِينَةِ قَالَ يُصَلِّي نَحْوَ رَأْسِهَا «6».

______________________________

 (1). قال في الذكرى: «جواز الصلاة فيها فرضا و نفلا و ان كانت سائرة هو قول ابن بابويه و ابن حمزة، و كثير من الاصحاب جوزوه و لم يذكروا الاختيار، و الأقرب المنع الا لضرورة» و قال سلطان العلماء: و لا يخفى أن حديث جميل بن دراج مع صحته يدلّ على جواز الصلاة اختيارا.

 (2). الطريق إليه صحيح و لكنه غير معلوم الحال. و رواه الشيخ في صحيح عنه أيضا.

 (3). أي نصلى جماعة. (مراد).

 (4). هى مادة سوداء تطلى السفن بها. و قوله: «على ما فيها- الخ» يمكن حمله على الضرورة و على ما إذا كان ممّا يصحّ السجود عليه أو بعد القاء ذلك عليه. (مراد).

 (5). أي حكمه حكم النبات في جواز السجود عليه في حال الاضطرار أو مطلقا و قد تقدم الاخبار في المنع و الجواز، و يمكن حمل أخبار المنع على الكراهة أو على الحرمة مع التمكن من غيره (م ت) و قال الفاضل التفرشى: قوله من نبات الأرض أي بمنزلته و الا فليس ممّا يسمى نباتا، ثمّ الحكم بكونه بمنزلة النبات لا يستلزم الحكم بصحة السجود عليه الا إذا ظهر أنّه بمنزلته من جهة صحة السجدة عليه و هو غير ظاهر من الحديث، و نقل المؤلّف إيّاه في هذا البحث لا يوجب حمل الحديث عليه، نعم ذلك يفيد أنه- رحمه اللّه- حمله عليه، و حمل الشيخ- رحمه اللّه- مثله في الاستبصار على الضرورة أو التقية.

أقول: الطريق صحيح كما في الخلاصة.

 (6). أي يجعل رأسها قبلة فيتوجه حيث توجهت السفينة و ذلك لعدم اشتراط النافلة بالاستقبال و لعلّ التخصيص برأسها لانه بمنزلة رأس الدابّة. (مراد).

457
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفينة ص : 456

1325- وَ سَأَلَ يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ‏ «1» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْفُرَاتِ وَ مَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ مِنَ الْأَنْهَارِ فِي السَّفِينَةِ فَقَالَ إِنْ صَلَّيْتَ فَحَسَنٌ‏ «2» وَ إِنْ خَرَجْتَ فَحَسَنٌ وَ سَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ وَ هِيَ تَأْخُذُ شَرْقاً وَ غَرْباً فَقَالَ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبِّرْ ثُمَّ دُرْ مَعَ السَّفِينَةِ حَيْثُ دَارَتْ بِكَ‏ «3».

1326- وَ سَأَلَهُ هَارُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْغَنَوِيُ‏ «4» عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ فَقَالَ إِنْ كَانَتْ مُحَمَّلَةً ثَقِيلَةً إِذَا قُمْتَ فِيهَا لَمْ تَتَحَرَّكْ فَصَلِّ قَائِماً وَ إِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً تَكَفَّأُ فَصَلِّ قَاعِداً «5».

1327- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي السَّفِينَةِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضَعَ الْحَصِيرَ عَلَى الْمَتَاعِ أَوِ الْقَتِ‏ «6» وَ التِّبْنِ وَ الْحِنْطَةِ وَ

______________________________

 (1). تقدم مرارا أن في طريقه الحكم بن مسكين و لم يوثق صريحا.

 (2). يدل على جواز الصلاة في السفينة مع إمكان الخروج كما هو الغالب في الأنهار الصغيرة، و على وجوب الاستقبال مهما أمكن. (م ت).

 (3). قوله عليه السلام: «ثم در مع السفينة حيث دارت بك» ظاهره أن المراد بدوران المصلى دورانه بالعرض بدوران السفينة فلا يلتفت إلى غير ما يتوجه إليه من أجزاء السفينة و حينئذ ينبغي حمله على ما إذا لم يستطع من الاستقبال اما لمانع أو لسرعة حركتها بحيث لو دار المصلى مثلها على خلاف جهتها لخرج عن هيئة الصلاة، و في قول السائل «و هي تأخذ شرقا و غربا» ايماء الى ذلك، و يحتمل أن يراد دوران المصلى بالذات الى ما لا يفوته الاستقبال فيدور على خلاف ما دارت عليه السفينة، فمعنى «مع السفينة» مع دوران السفينة و حينئذ يقيد بما إذا لم يكن مانع من دوران المصلى كما مر. (مراد).

 (4). ثقة عين و في طريق المؤلّف إليه يزيد بن إسحاق شعر و لم يوثق، لكن الطريق عند العلامة- رحمه اللّه- صحيح.

 (5). «تكفأ» على صيغة المجهول اما من كفأت الاناء أي كببته و قلبته، و هو مكفوء أى مكبوب مقلوب، أو من أكفأته من باب الافعال فهو مكفأ بمعناه. (م ح ق).

 (6). قال الفيومى في المصباح: القتّ: الفصفصة إذا يبست و قال الازهرى: القت حبّ برى لا ينبته الآدمي، فإذا كان عام قحط و فقد أهل البادية ما يقتاتون به من لبن و تمر و نحوهما دقوه و طبخوه و اجتزءوا به على ما فيه من الخشونة- انتهى أقول: هو ما يقال له بالفارسية-

458
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلاة في السفينة ص : 456

الشَّعِيرِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ‏ «1» ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ.

1328- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ إِذَا رَكِبْتَ السَّفِينَةَ وَ كَانَتْ تَسِيرُ فَصَلِّ وَ أَنْتَ جَالِسٌ‏ «2» وَ إِذَا كَانَتْ وَاقِفَةً فَصَلِّ وَ أَنْتَ قَائِمٌ.

1329- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ «3» لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ‏ إِذَا عَزَمَ اللَّهُ لَكَ عَلَى الْبَحْرِ «4» فَقُلِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها «5» إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ‏ فَإِذَا اضْطَرَبَ بِكَ الْبَحْرُ فَاتَّكِ عَلَى جَانِبِكَ الْأَيْمَنِ وَ قُلْ- بِسْمِ اللَّهِ اسْكُنْ بِسَكِينَةِ اللَّهِ وَ قِرَّ بِقَرَارِ اللَّهِ وَ اهْدَأْ «6» بِإِذْنِ اللَّهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

1330- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: كَانَ أَبِي ع يَكْرَهُ الرُّكُوبَ فِي الْبَحْرِ لِلتِّجَارَةِ «7».

______________________________

- «اسفست». و التبن: ساق الذرع بعد دياسه. قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه- الغرض من السؤال اما لعدم الاستقرار التام أو لحرمة المأكول، و الجواب بعدم اللزوم و عدم الحرمة أو للاضطرار و ان كان مكروها أو حراما في حال الاختيار.

 (1). في بعض النسخ «و أشباه ذلك».

 (2). حمل على التعذر للاخبار المتقدمة و غيرها. (م ت).

 (3). لعل فيه سهوا.

 (4). أي وقع في قلبك العزم على الركوب. و الخبر أصله كما في الكافي ج 3 ص 471 مسندا عن عليّ بن أسباط قال: «قلت لابى الحسن الرضا عليه السلام: جعلت فداك ما ترى آخذ برا أو بحرا فان طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال: اخرج برا و لا عليك أن تأتي مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تصلى ركعتين في غير وقت فريضة ثمّ لتستخير اللّه مائة مرة و مرة ثمّ تنظر فان عزم اللّه لك في البحر فقل الذي قال اللّه عزّ و جلّ: وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها- الى آخر الحديث بلفظه مع زيادة في آخره-» و الظاهر أن السهو من المصنّف حيث أسنده الى أبى جعفر عليه السلام. و قد جاء الخبر في الكافي مكرّرا بألفاظ مختلفة كلها من حديث ابن الجهم و عليّ بن اسباط عن الرضا عليه السلام.

 (5). أي في حال سيرها و حال سكونها و وقوفها. و رسى الشي‏ء يرسو: ثبت.

 (6). أي أسكن، من الهدوء و هو السكون.

 (7). في الكافي ج 5 ص 256 مسندا عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام «أنهما كرها ركوب البحر للتجارة».

459
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

1331- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فِي هَيَجَانِهِ فَقَالَ وَ لِمَ يُغَرِّرُ الرَّجُلُ بِدِينِهِ‏ «1».

1332- وَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فِي هَيَجَانِهِ.

1333- وَ قَالَ ع‏ مَا أَجْمَلَ فِي الطَّلَبِ مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ «2».

بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَ الْمُطَارَدَةِ وَ الْمُوَاقَفَةِ وَ الْمُسَايَفَةِ «3»

1334- رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ ص بِأَصْحَابِهِ فِي غَزَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ‏ «4»- فَفَرَّقَ أَصْحَابَهُ فِرْقَتَيْنِ فَأَقَامَ فِرْقَةً بِإِزَاءِ

______________________________

 (1). في الكافي أيضا مسندا عن ابن مسلم «عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «فى ركوب البحر للتجارة يغرر الرجل بدينه» و فيه عن المعلى بن خنيس قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر فيركب البحر؟ فقال: ان أبى كان يقول: انه يضر بدينك هو ذا الناس يصيبون أرزاقهم و معيشتهم». و قوله «فى هيجانه» اما «فى» بمعنى مع أي مع هيجانه لان الغالب لا يخلو البحر منه أو المراد وقت هيجانه. و «يغرر» من التغرير أي لم جعل الرجل دينه في معرض الهلاك و قد أمر أن لا يلقى بنفسه الى التهلكة في قوله تعالى‏ «وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»

 (2). في الكافي ج 5 ص 256 ابن اسباط عن الرضا عليه السلام في حديث- الى أن قال:- «و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أجمل في الطلب من ركب البحر». و في خبر آخر عن عليّ بن إبراهيم رفعه قال: قال عليّ عليه السلام: «ما أجمل في الطلب من ركب البحر للتجارة» و قوله «ما» فى «ما أجمل» بقرينة ما تقدم نافية، و قيل: يمكن أن يكون «ما أجمل» فعل تعجب فالمعنى طلب شي‏ء في ركوب البحر مستحسن.

 (3). المطاردة في الحرب حملة بعضهم على بعض، و المواقفة: المحاربة و وقوف بعضهم في قبال بعض محاربا. و المسايفة: المجادلة بالسيوف.

 (4). هى غزوة معروفة كانت في سنة أربع أو خمس من الهجرة بأرض غطفان من نجد و قال ابن هشام: انما قيل لها ذات الرقاع لانهم رقعوا فيها راياتهم، و يقال: ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع يقال لها: ذات الرقاع. و نقل عن أبي ذر قال: انما قيل له ذات الرقاع-

460
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

الْعَدُوِّ وَ فِرْقَةً خَلْفَهُ فَكَبَّرَ وَ كَبَّرُوا فَقَرَأَ فَأَنْصَتُوا فَرَكَعَ وَ رَكَعُوا فَسَجَدَ وَ سَجَدُوا ثُمَّ اسْتَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ص قَائِماً «1» فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ فَقَامُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَ جَاءَ أَصْحَابُهُمْ فَقَامُوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَبَّرَ فَكَبَّرُوا وَ قَرَأَ فَأَنْصَتُوا وَ رَكَعَ فَرَكَعُوا وَ سَجَدَ فَسَجَدُوا «2» ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَتَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ‏ «3» فَقَامُوا ثُمَّ قَضَوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً-

______________________________

- لانهم نزلوا بجبل يسمى بذلك، و قيل: ذات الرقاع: هى بئر جاهلية على ثلاثة أميال من المدينة و انما سميت بذلك لان تلك الأرض بها بقع سود و بقع بيض كلها مرقعة برقاع مختلفة.

و في صحيح البخاريّ من طريق أبى موسى الأشعريّ قال: «خرجنا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في غزاة و نحن ستة بيننا بعير نعتقبه فنقبت أقدامنا و نقبت قدماى و سقطت أظفارى فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا». فكيف كان قال ابن إسحاق فلقى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بها جمعا عظيما من غطفان فتقارب الناس و لم يكن بينهم حرب، و قد خاف الناس بعضهم بعضا، حتى صلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم صلاة الخوف، ثمّ انصرف بالناس.

 (1). كذا، و في الكافي «ثم استتم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قائما».

 (2). من قوله «و كبر فكبروا- الى قوله- ثم جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» ليس في الكافي و لا في التهذيب بل فيهما هكذا «و جاء أصحابهم فقاموا خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلى بهم ركعة ثمّ تشهد- الحديث» و لعلّ قوله «و كبر» زيادة سهوا من النسّاخ، و قال الفاضل التفرشى: ظاهر أن هذا التكبير من رسول اللّه ليس للاحرام فلعله (ص) أتى به ليكونوا مقتدين به في التكبير و ان كان تكبيره (ص) و تكبيرهم للدخول في الصلاة فكان المقصود من قوله «اللّه أكبر» قولوا اللّه أكبر و حينئذ معنى «و قرأ فأنصتوا» قرأ ما بقى من القراءة و حمل تكبيره على تكبير القنوت و حمل قراءته على قراءة القنوت و حمل إنصاتهم على اتيانهم بالقنوت اخفاتا و استماعهم لقنوت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يخلو من بعد.

 (3). فيه ايماء الى أنّه صلّى اللّه عليه و آله قصد المأمومين بالسلام و كذا قوله «ثم سلم بعضهم على بعض» يشعر بأن بعض المأمومين قصد بالسلام بعضا. (مراد).

461
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

ثُمَّ سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ‏ «1».

وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ص‏ «2» وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ‏ فَأَقَمْتَ‏ لَهُمُ‏ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ‏ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ‏ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ‏ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى‏ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ‏ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ‏ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ‏ فَيَمِيلُونَ‏ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَ لا جُناحَ‏ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى‏ أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ‏ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً. فَإِذا قَضَيْتُمُ‏ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِكُمْ‏ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ‏ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً «3» فَهَذِهِ‏

______________________________

 (1). إلى هنا آخر الحديث كما في الكافي ج 3 ص 456 و التهذيب ج 1 ص 304.

و قال في الدروس: صلاة الخوف أنواع أحدها صلاة ذات الرقاع و شروطها كون العدو في غير القبلة و قوته بحيث يخاف هجومه، و كثرة المسلمين بحيث يمكنهم الافتراق و أن لا يحتاج الى الزيادة على الفرقتين+. و ثانيها صلاة بطن النخل و هي أن يكمل الصلاة بكل فرقة و الثانية نفل له. و ثالثها صلاة عسفان و نقل لها كيفيتان أن يصلى بكل فرقة ركعة و يسلمون عليها فيكون له ركعتان و لكل فريق ركعة واحدة رواها الصدوق و ابن الجنيد و رواها حريز في الصحيح و أن يصفهم صفّين و يحرم بهم جميعا و يركع بهم فإذا سجد سجد معه الصف الأول و حرس الثاني فإذا قام سجد الحارسون أولا و يحرس الساجدون سواء انتقل كل صف الى موضع الآخر أو لا، و ان كان النقل أفضل. و هذه الصلاة و ان لم يذكرها كثير من الاصحاب فهي ثابتة مشهورة راجع كنز العرفان.

 (2). في سورة النساء: 104.

 (3). قوله: «كنت فيهم» أي في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوهم أن يغزوهم «فأقمت لهم الصلاة» بأن تؤمهم «فلتقم» فى الركعة الأولى «طائفة منهم معك» و تقوم الأخرى تجاه العدو «و ليأخذوا أسلحتهم، لانه أقرب الى الاحتياط «فاذا سجدوا»-

 (+) اشتراط ذلك في الثنائية واضح أما في الثلاثية فقد قطع الشهيدان بجواز تفريقهم ثلاث فرق و هو انما يتم إذا جوّزنا الانفراد اختيارا الا أن المروى خلافه.

462
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

صَلَاةُ الْخَوْفِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا نَبِيَّهُ ص.

1335- وَ قَالَ‏ «1» مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي خَوْفٍ بِالْقَوْمِ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً وَ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ.

وَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ سَبُعٌ وَ خَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَ صَلَّى صَلَاتَهُ بِالْإِيمَاءِ فَإِنْ خَشِيَ السَّبُعَ وَ تَعَرَّضَ لَهُ فَلْيَدُرْ مَعَهُ كَيْفَ دَارَ وَ لْيُصَلِّ بِالْإِيمَاءِ.

1336- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَلْقَاهُ‏

______________________________

- سجدة الركعة الأولى فصلوا لانفسهم ركعة اخرى «فليكونوا من ورائكم» أي وقفوا موقف أصحابهم يحرسونهم «و لتأت طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا» أي ركعتهم الأولى «معك» و انت في الثانية فإذا صليت قاموا الى ثانيتهم و أتموها ثمّ جلسوا ليسلموا معك «و ليأخذوا حذرهم» يعنى و ليكونوا حذرين من عدوهم متأهبين لقتالهم بأخذ الاسلحة «وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ» أى تمنوا أن يجدوا منكم غرة في الصلاة «فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً» أى يحملون عليكم حملة واحدة و أنتم متشاغلون بصلاتكم فيصيبون منكم غرة فيقتلونكم و لذا أمرتم بأخذ السلاح‏ «وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى‏» فيثقل عليكم حمل السلاح‏ «أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ» أى إذا ضعفتم عن حملها و هذا يدلّ على أن الامر بأخذ الاسلحة للوجوب‏ «وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ» أى احترزوا ذلك من عدوكم‏ «إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً» لما كان أمرهم بالحزم يوهم أنّه لضعفهم و غلبة الكفّار بل أزال الوهم بوعدهم ان اللّه يهين عدوهم و ينصرهم عليه لتقوى قلوبهم‏ «فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ» فرغتم منها و أنتم محاربوا عدوكم‏ «فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِكُمْ» أى في كل حال فإذا أردتم فعل الصلاة حال الخوف فصلوا كيف ما أمكن قياما و إذا كنتم لا تقدرون على القيام فصلوها قعودا و ان لم تقدروا فعلى جنوبكم يعنى منحنين‏ «فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ» بالامن‏ «فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ» بحدودها و شرائطها «إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً» أى فرضا واجبا أو منجما.

 (1). الظاهر أنّه من تتمة الحديث فيكون «قال» من قول الراوي و فاعله الصادق عليه السلام (مراد) أقول: لا وجه لهذا الاستظهار بل قوله «و قال» أي هو خبر مرويّ عنه عليه السلام كما يظهر من الاستبصار ج 1 ص 457 و التهذيب ج 1 ص 338 رواه زرارة عنه.

463
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

السَّبُعُ وَ قَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَسْتَطِعِ الْمَشْيَ مَخَافَةَ السَّبُعِ‏ «1» قَالَ يَسْتَقْبِلُ الْأَسَدَ وَ يُصَلِّي وَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ إِيمَاءً وَ هُوَ قَائِمٌ وَ إِنْ كَانَ الْأَسَدُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ.

1337- وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَلْقَاهُ السَّبُعُ وَ قَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ مَخَافَةَ الْأَسَدِ قَالَ يَسْتَقْبِلُ الْأَسَدَ وَ يُصَلِّي وَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ إِيمَاءً وَ هُوَ قَائِمٌ وَ إِنْ كَانَ الْأَسَدُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ.

1338- وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَأْخُذُهُ الْمُشْرِكُونَ فَتَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ فَيَخَافُ مِنْهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ قَالَ يُومِئُ إِيمَاءً.

1339- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ صَلَاةُ الْخَوْفِ وَ صَلَاةُ السَّفَرِ تُقْصَرَانِ جَمِيعاً قَالَ نَعَمْ وَ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَحَقُّ أَنْ تُقْصَرَ «2» مِنْ صَلَاةِ السَّفَرِ لِأَنَّ فِيهَا خَوْفاً «3».

1340- وَ سَمِعْتُ شَيْخَنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ‏ رُوِّيتُ أَنَّهُ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ‏ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ‏ الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَالَ هَذَا تَقْصِيرُ ثَانٍ‏ «4» وَ هُوَ أَنْ‏

______________________________

 (1). أي الى مأمن يصلى فيه مستقبلا. (مراد).

 (2). صلاة الخوف مقصورة سفرا إجماعا إذا كانت رباعية سواء صليت جماعة أو فرادى و ان صليت حضرا ففيه ثلاثة أقوال: أحدها- و هو الأصحّ- أنها تقصر للخوف المجرد عن السفر و عليه معظم الاصحاب، و ثانيها أنّها لا تقصر الا في السفر على الإطلاق، و ثالثها أنّها تقصر في الحضر بشرط الجماعة أما لو صليت فرادى أتمت و هو قول الشيخ و به صرّح ابن إدريس. (الذكرى).

 (3). في بعض النسخ «لانه ليس فيها خوف».

 (4). يمكن حمله على أن الخوف سبب ثان للتقصير فيكون للتقصير سببان أحدهما السفر و الثاني الخوف و قد يجتمعان و لا امتناع فيه لان الأسباب الشرعية علامات و ظاهر المؤلّف- رحمه اللّه- أنه تقصير على تقصير حتّى يرجع الى أنّه حينئذ يكتفى عن الرباعية بركعة كما قال به بعضهم و حمل ذلك على صلاة المأمومين فصلى كل فرقة ركعة مع الامام و يكتفى بها و يسلم بعضهم على بعض و قوله (ع) «و هو أن يرد» معناه على الأول أن التقصير ردّ ركعتين الى ركعة فيرد-

464
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

يَرُدَّ الرَّجُلُ رَكْعَتَيْنِ إِلَى رَكْعَةٍ.

وَ قَدْ رَوَاهُ‏ «1» حَرِيزٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع.

1341- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّادِقِ ع‏- فِي صَلَاةِ الزَّحْفِ‏ «2» قَالَ تُكَبِّرُ وَ تُهَلِّلُ‏ «3» يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً «4».

1342- وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ «5» أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏

______________________________

- الركعات الاربع الى ركعتين، و على الثاني أن التقصير على التقصير ردّ للركعتين المقصورتين الى ركعة. (مراد)

و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: قوله تعالى‏ «إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ» المشهور في التفسير بين الخاصّة و العامّة أن الشرط باعتبار الغالب في ذلك الوقت و ذكر البيضاوى و غيره أنه قد تظافرت الاخبار على التقصير في حال الامن أيضا. و قوله‏ «أَنْ يَفْتِنَكُمُ» أى يقاتلكم أو يصيبكم بمكروه.

 (1). أي الحديث المذكور الذي روى لمحمّد بن الحسن- رضى اللّه تعالى عنه- و في التهذيب عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا» قال: فى الركعتين ينقص منهما واحدة» و ظاهره يفيد التقصير في كل ركعتين حتّى في صلاة الصبح للجامع و المنفرد الا أن يشار بلام الركعتين الى ركعتى المقصورة، و يمكن ارجاع النقص الى صفة الواحدة و هى الاقتداء دون ذاتها فلا يلزم منه أن يجعل الخوف الصلاة على ركعة واحدة، بل انما يجعل احدى ركعتيها على الانفراد، و يؤيد ذلك أن الكلام حينئذ لا يحتاج الى التخصيص بالسفر. (مراد).

 (2). زحف إليه زحفا: مشى و الزحف: الجيش يزحفون الى العدو. و قال المولى المجلسيّ:

أى القتال و شدة الخوف.

 (3). في بعض النسخ «تكبير و تهليل» و ظاهره الاكتفاء بهما عن القراءة و الركوع و السجود، و قوله: «يقول اللّه عزّ و جلّ» استشهاد على أن في صلاة الخوف لا يلزم الإتيان بجميع أركانها و ليس استشهادا على صحة الاكتفاء بالتكبير و التهليل و هو ظاهر. (مراد).

 (4). نقل الآية من حيث انها تدلّ على أن صلاة الخوف يرخص فيها تغيير هيئة الصلاة بمقتضى الضرورة و ان لم يدلّ على خصوص ما نحن فيه. (سلطان).

 (5). الطريق ضعيف و رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 304 بسند موثق كالصحيح.

465
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

إِنْ كُنْتَ فِي أَرْضٍ مَخُوفَةٍ فَخَشِيتَ لِصّاً أَوْ سَبُعاً فَصَلِّ الْفَرِيضَةَ وَ أَنْتَ عَلَى دَابَّتِكَ.

1343- وَ فِي رِوَايَةِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الَّذِي يَخَافُ اللُّصُوصَ يُصَلِّي إِيمَاءً عَلَى دَابَّتِهِ‏ «1».

1344 وَ قَدْ رُخِّصَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنَ السَّبُعِ إِذَا خَشِيَهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُكَبِّرَ وَ لَا يُومِئَ‏ «2»- رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع‏.

1345- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي يَخَافُ اللُّصُوصَ وَ السَّبُعَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْمُوَاقَفَةِ إِيمَاءً عَلَى دَابَّتِهِ قَالَ قُلْتُ أَ رَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُوَاقِفُ‏ «3» عَلَى وُضُوءٍ كَيْفَ يَصْنَعُ وَ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّزُولِ قَالَ يَتَيَمَّمُ مِنْ لِبْدِ دَابَّتِهِ أَوْ سَرْجِهِ أَوْ مَعْرَفَةِ دَابَّتِهِ‏ «4» فَإِنَّ فِيهَا غُبَاراً وَ يُصَلِّي وَ يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَ لَا يَدُورُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَ لَكِنْ أَيْنَمَا دَارَتْ دَابَّتُهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِأَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ حِينَ يَتَوَجَّهُ.

1346- وَ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: صَلَاةُ الزَّحْفِ عَلَى الظَّهْرِ إِيمَاءٌ بِرَأْسِكَ‏ «5» وَ تَكْبِيرٌ «6» وَ الْمُسَايَفَةِ تَكْبِيرٌ بِغَيْرِ إِيمَاءٍ «7»-

______________________________

 (1). في التهذيب في الصحيح عن حريز عن زرارة قال: قال «أبو جعفر عليه السلام: الذي يخاف اللصوص و السبع يصلى صلاة الموافقة ايماء على دابته» أي صلاة المحاربة مأخوذة من وقوف كل من الخصمين بحرب الآخر. و قوله «يصلى ايماء» يعنى بصلى بالقراءة و يؤمى للركوع و السجود مع الإمكان.

 (2). حمل على عدم الإمكان جمعا. (م ت).

 (3). المواقف: المحارب وزنا و معنى، سمى به لوقوفه بين يدي خصمه. (الوافي).

 (4). معرفة الدابّة: منبت عرفها. و العرف بالضم و الضمتين-: شعر عنقها. (الوافي).

 (5). «على الظهر» أي على ظهر الدابّة، و في بعض النسخ «ايماء برأسه».

 (6). قوله: «و تكبير» حمل على تكبير الاحرام، و قيل بالقراءة مع ذلك، و ظاهر الخبر الاكتفاء بالتكبير فتأمل. (سلطان).

 (7). كذا في جميع النسخ، و في التهذيب «المسايفة تكبير مع ايماء» و يفهم من نسخة التهذيب وجوب الايماء للركوع و السجود إذا أمكن مع التكبير، و ظاهر الاصحاب ان الانتقال الى التكبير انما هو لتعذر الايماء. و ما في المتن ظاهر، و حمل التكبير على تكبير الافتتاح بعيد.

466
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

وَ الْمُطَارَدَةِ إِيمَاءٌ يُصَلِّي كُلُّ رَجُلٍ عَلَى حِيَالِهِ‏ «1».

1347- وَ قَالَ ع‏ فَاتَ‏ «2» النَّاسَ مَعَ عَلِيٍّ ع يَوْمَ صِفِّينَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فَأَمَرَهُمْ فَكَبَّرُوا وَ هَلَّلُوا وَ سَبَّحُوا رِجَالًا وَ رُكْبَاناً.

1348- وَ فِي كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ «3» أَنَّ الصَّادِقَ ع قَالَ: أَقَلُّ مَا

______________________________

 (1). قوله «و المطاردة الايماء» أي مع القراءة، و قوله «على حياله» أي قبال وجهه و بازائه مستقبلا أي جهة كانت. (سلطان) و قيل: يعنى منفردا مع عدم التمكن من الجماعة.

و قال المحقق- رحمه اللّه- في المعتبر: إذا انتهى الحال الى المسايفة فالصلاة بحسب الإمكان قائما أو ماشيا أو راكبا و يسجد على قربوس سرجه، و الا موميا، و يستقبل القبلة ما أمكن و الا بتكبيرة الاحرام و لا يمنعهم الحرب و لا الكر و لا الفر و هو قول أكثر أهل العلم.

و قال في الشرائع: و أمّا الصلاة المطاردة و تسمى شدة الخوف مثل أن ينتهى الحال الى المسايفة فيصلى على حسب امكانه واقفا أو ماشيا أو راكبا، و يستقبل القبلة بتكبيرة الاحرام ثمّ يستمر ان أمكنه و الا استقبل بما أمكنه، و صلى مع التعذر الى أي الجهات أمكن و إذا لم يتمكن من النزول صلى راكبا و يسجد على قربوس سرجه فان لم يتمكن أومأ ايماء، فان خشى صلى بالتسبيح و يسقط الركوع و السجود و يقول بدل كل ركعة «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر».

 (2). ليس هذا من تتمة خبر الحلبيّ كما ظنه بعض بل هو اما مضمون مأخوذ من ذيل صحيحة الفضلاء المروية في الكافي ج 3 ص 458 و التهذيب ج 1 ص 304 عن أبي جعفر عليه السلام أو خبر برأسه أرسله المؤلّف (ره) عن أبي عبد اللّه عليه السلام و يؤيد ذلك مغايرته في المعنى في الجملة حيث ان في صحيحة الفضلاء «فان أمير المؤمنين عليه السلام صلى ليلة صفّين لم تكن صلاتهم الظهر و العصر و المغرب و العشاء عند وقت كل صلاة الا التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و الدعاء- الحديث» فيفهم من ظاهرها أنهم صلوا معه عليه السلام جماعة بخلاف ما في هذا الخبر لان ظاهر قوله عليه السلام «فات الناس مع عليّ عليه السلام» أي فاتهم جماعة، و يمكن أن يكون المراد فاتهم تامّة الإمكان فلا يختلف.

 (3). رواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عبد اللّه بن المغيرة عن بعض أصحابنا و هو و ان كان مرسلا الا أنّه مطابق للعمل و الأخبار الصحيحة.

467
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة ص : 460

يُجْزِي فِي حَدِّ الْمُسَايَفَةِ مِنَ التَّكْبِيرِ تَكْبِيرَتَانِ‏ «1» لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّ لَهَا ثَلَاثاً مِنَ التَّكْبِيرِ.

1349- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ‏ عَنْ صَلَاةِ الْقِتَالِ فَقَالَ إِذَا الْتَقَوْا فَاقْتَتَلُوا فَإِنَّمَا الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ تَكْبِيرٌ وَ إِذَا كَانُوا وُقُوفاً «2» لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْجَمَاعَةِ فَالصَّلَاةُ إِيمَاءٌ.

وَ الْعُرْيَانُ يُصَلِّي قَاعِداً وَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى عَوْرَتِهِ وَ إِنْ كَانَتِ امْرَأَةً وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى فَرْجِهَا ثُمَّ يُومِيَانِ إِيمَاءً وَ يَكُونُ سُجُودُهُمَا أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِمَا وَ لَا يَرْكَعَانِ وَ لَا يَسْجُدَانِ فَيَبْدُوَ مَا خَلْفَهُمَا وَ لَكِنْ إِيمَاءٌ بِرُءُوسِهِمَا «3» وَ إِنْ كَانُوا جَمَاعَةً صَلَّوْا وُحْدَاناً «4» وَ فِي الْمَاءِ وَ الطِّينِ تَكُونُ الصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ «5» وَ الرُّكُوعُ‏

______________________________

 (1). ظاهره كفاية تكبيرة عن كل ركعة، و يمكن أن يراد من التكبير التسبيحات الاربع فانها تدلّ على كبريائه تعالى و تقدس فيأتي بها في كل ركعة بعد النية و تكبيرة الاحرام و كذا في حديث سماعة «فانما الصلاة حينئذ تكبيرة». (مراد).

 (2). أي واقفين للحرب. (مراد).

 (3). في الكافي ج 3 ص 396 بسند حسن كالصحيح عن زرارة قال: «قلت لابى جعفر عليه السلام: رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلى فيه؟ فقال:

يصلى ايماء، فان كانت امرأة جعلت يدها على فرجها، و ان كان رجلا وضع يده على سوأته، ثم يجلسان فيومئان ايماء، و لا يسجدان و لا يركعان فيبدو ما خلفهما، تكون صلاتهما ايماء برءوسهما- الخ».

 (4). لعل المراد بالوحدان جلوسهم في صف واحد لا يكون صف بعد الصف الذي يكون الامام أيضا فيه (مراد) أقول: فى المعتبر ص 155: «الجماعة مستحبة للعراة رجالا كانوا أو نساء و يصلون صفا واحدا جلوسا، يتقدمهم الامام بركبتيه و هو اختيار علمائنا، و قال أبو حنيفة: يصلون فرادى، و ان كانوا في ظلمة صلوا جماعة».

 (5). روى الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب في حديث موثق عن عمّار الساباطى عن أبي عبد اللّه عليه السلام «عن الرجل يصيبه مطر و هو في موضع لا يقدر أن يسجد فيه من الطين و لا يجد موضعا جافا؟ قال: يفتتح الصلاة فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلى فإذا رفع رأسه-

468
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يقول الرجل إذا أوى إلى فراشه ص : 469

أَخْفَضُ مِنَ السُّجُودِ «1».

بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ‏

1350- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ تَطَهَّرَ ثُمَّ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ بَاتَ وَ فِرَاشُهُ كَمَسْجِدِهِ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ فَلْيَتَيَمَّمْ مِنْ دِثَارِهِ وَ كَائِناً مَا كَانَ لَمْ يَزَلْ فِي صَلَاةٍ مَا ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ‏ «2».

1351- وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ ع إِذَا تَوَسَّدَ الرَّجُلُ يَمِينَهُ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَ وَجَّهْتُ‏

______________________________

- من الركوع فليؤم بالسجود ايماء و هو قائم يفعل ذلك حتّى يفرغ من الصلاة يتشهد و هو قائم ثمّ يسلم». و رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر ص 483 من كتاب نوادر المصنفين تصنيف محمّد بن عليّ بن محبوب الأشعريّ عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن الصادق (ع).

 (1). قال الشيخ المفيد- رحمه اللّه- في المقنعة: «يصلى السابح في الماء عند غرقه و ضرورته الى السباحة موميا الى القبلة ان عرفها و إلا ففي وجهه، و يكون ركوعه أخفض من سجوده لان الركوع انخفاض و السجود ايماء الى القبلة، و كذلك صلاة الموتحل» ا ه يعنى يجب على الغريق و الموتحل الصلاة موميا الا أن ايماءهما في الركوع أخفض من ايمائهما في السجود، بخلاف صلاة القاعد فان ايماءه في السجود يجب أن يكون أخفض من الركوع.

 (2). رواه الشيخ في التهذيب مرسلا و كذا الاخبار الآتية موافقا لما في الفقيه و قال صاحب المنتقى: يظهر من توافق ترتيب هذه الأخبار في الفقيه و التهذيب أن الشيخ أخذها من كتاب الفقيه، و لا غرو.

و في الوافي: الدثار- بالكسر-: ما فوق الشعار من الثياب، و انما كان لم يزل في الصلاة ما دام يذكر اللّه تعالى لانه أتى بما تيسر له في مثل تلك الحال من أفعال الصلاة أعنى الطهارة و الذكر. انتهى.

و قال الفاضل التفرشى: لعل الدثار هنا يشمل اللحاف و غيره، و قوله عليه السلام:

 «كائنا ما كان» أي من الوضوء و التيمم، و يمكن أن يراد به التعميم فيما يتيمم به.

469
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يقول الرجل إذا أوى إلى فراشه ص : 469

وَجْهِي إِلَيْكَ وَ فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَ أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ وَ تَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ رَهْبَةً مِنْكَ وَ رَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَ لَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ثُمَّ يُسَبِّحُ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ع وَ مَنْ أَصَابَهُ فَزَعٌ عِنْدَ مَنَامِهِ فَلْيَقْرَأْ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ- الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ.

1352- وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: لَا يَدَعِ الرَّجُلُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ مَنَامِهِ- أُعِيذُ نَفْسِي وَ ذُرِّيَّتِي وَ أَهْلَ بَيْتِي وَ مَالِي بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَ هَامَّةٍ وَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ «1» فَذَلِكَ الَّذِي عَوَّذَ بِهِ جَبْرَئِيلُ ع- الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ع.

1353- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ لَهُ‏ اقْرَأْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ عِنْدَ مَنَامِكَ فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ‏ «2» وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ نِسْبَةُ الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ.

1354- وَ رَوَى بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ «3» عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا فَقَهَرَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَطَنَ فَخَبَرَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَلَكَ فَقَدَرَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‏ يُحْيِ الْمَوْتى‏ وَ يُمِيتُ الْأَحْيَاءَ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

1355- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏- مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عِنْدَ مَنَامِهِ- قُلْ إِنَّما أَنَا

______________________________

 (1). في النهاية: الهامة- بشد الميم- كل ذات سم يقتل و الجمع هوام، و في الصحاح لا يقع هذا الاسم الا على المخوف من الاحناش. جمع الحنش أي الهامة. و اللامّة- بشد الميم- أيضا، و العين اللامّة هي التي تصيب بسوء، يقال: «أعيذه من كل هامة و لامة». و في الوافي اللامّة: ذات اللمم و هو ضرب من الجنون يعترى الإنسان.

 (2). الظاهر أن الضمير المؤنث يرجع الى سورة «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ»

 (3). رواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه، و الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق جميعا عن بكر بن محمّد.

470
من لا يحضره الفقيه1

باب ثواب صلاة الليل ص : 471

بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى‏ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ إِلَى آخِرِهَا سَطَعَ لَهُ نُورٌ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏ «1» حَشْوُ ذَلِكَ النُّورِ مَلَائِكَةٌ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ‏ «2».

1356- وَ رَوَى عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُذَاعَةَ «3» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَقْرَأُ آخِرَ الْكَهْفِ حِينَ يَنَامُ إِلَّا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي يُرِيدُ.

1357- وَ رَوَى سَعْدٌ الْإِسْكَافُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يُصِيبَهُ عَقْرَبٌ وَ لَا هَامَّةٌ حَتَّى يُصْبِحَ- أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ وَ مِنْ شَرِّ مَا بَرَأَ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏.

1358- وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا خِفْتَ الْجَنَابَةَ فَقُلْ فِي فِرَاشِكَ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الِاحْتِلَامِ وَ مِنْ سُوءِ الْأَحْلَامِ وَ مِنْ أَنْ يَتَلَاعَبَ بِيَ الشَّيْطَانُ فِي الْيَقَظَةِ وَ الْمَنَامِ.

1359- وَ رَوَى الْعَبَّاسُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ- إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا «4» إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ.

بَابُ ثَوَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ‏

1360- نَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ لَهُ يَا جَبْرَئِيلُ عِظْنِي‏

______________________________

 (1). في الصحاح: سطع الغبار و الرائحة و الصبح سطوعا إذا ارتفع. و قال الفاضل التفرشى: لعل: سطع هنا بمعنى انبسط.

 (2). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 185 مرسلا كما في الفقيه.

 (3). رواه في الكافي ج 2 ص 540 عن أحمد بن محمّد الكوفيّ، عن حمدان القلانسى، عن محمّد بن الوليد، عن أبان عن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة.

 (4). في بعض النسخ «الى الآية».

471
من لا يحضره الفقيه1

باب ثواب صلاة الليل ص : 471

فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ وَ أَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ وَ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلَاقِيهِ شَرَفُ الْمُؤْمِنِ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ وَ عِزُّهُ كَفُّ الْأَذَى عَنِ النَّاسِ‏ «1».

1361- وَ رَوَى بَحْرٌ السَّقَّاءُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثَلَاثَةً التَّهَجُّدَ بِاللَّيْلِ وَ إِفْطَارَ الصَّائِمِ وَ لِقَاءَ الْإِخْوَانِ.

1362- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ‏ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ‏ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ‏ «2».

1363- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ عَلَيْكُمْ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ فَإِنَّهَا سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ وَ أَدَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَ مَطْرَدَةُ الدَّاءِ عَنْ أَجْسَادِكُمْ‏ «3».

1364- وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ‏ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا «4» قَالَ قِيَامُ الرَّجُلِ عَنْ فِرَاشِهِ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ‏ «5».

______________________________

 (1). حاصل الكلمات الثلاثة أن العيش لا بد و أن ينتهى الى الموت فلا ينبغي أن تريد طوله و تهتم به، و كذا المحبوب لا بد و أن تفارقه فلا ينبغي أن تطمئن قلبك به، و العمل لا بدّ و أن تلاقيه و لا يفارقك فلا بد من أن تهتم به فتأتى بما هو صالح نافع تسرك ملاقاته، و تترك ما هو مفسد ضار تسوءك ملاقاته. (مراد)

أقول: روى الكليني في الكافي ج 3 ص 488 نحو ذيل الخبر مسندا عن الصادق (ع).

 (2). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 488 بسند مجهول و المؤلّف في العيون بهذا السند أيضا.

 (3). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 169 بسند فيه ارسال.

 (4). أي النفس الناشئة بالليل أي التي تنشأ من مضجعها الى العبادة، أو العبادة الناشئة بالليل أي الحادثة (سلطان) و قوله: «أقوم قيلا» أي أشدّ و أحكم و أثبت مقالا.

 (5). الظاهر أنّه عليه السلام فسر الناشئة بالقيام الواقع فيها مخلصا كما فسرت بقيام الليل أو العبادة التي تنشأ بالليل، و يمكن أن يكون حاصل المعنى يقول عليه السلام ان العبادة المشكلة على النفس و التي تكون القلب موافقا مع اللسان هي العبادة التي يكون خالصة لوجه اللّه، و إلا فلا إشكال فيها و لا موافقة لها كما هو الغالب على الناس. (م ت)

أقول الخبر رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 446 بسند صحيح.

472
من لا يحضره الفقيه1

باب ثواب صلاة الليل ص : 471

1365- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ يَقُومُ النَّاسُ مِنْ فُرُشِهِمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ صِنْفٍ لَهُ وَ لَا عَلَيْهِ وَ صِنْفٍ عَلَيْهِ وَ لَا لَهُ وَ صِنْفٍ لَا عَلَيْهِ وَ لَا لَهُ فَأَمَّا الصِّنْفُ الَّذِي لَهُ وَ لَا عَلَيْهِ فَيَقُومُ مِنْ مَنَامِهِ فَيَتَوَضَّأُ وَ يُصَلِّي وَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَذَلِكَ الَّذِي لَهُ وَ لَا عَلَيْهِ وَ أَمَّا الصِّنْفُ الثَّانِي فَلَمْ يَزَلْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ وَ لَا لَهُ وَ أَمَّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ فَلَمْ يَزَلْ نَائِماً حَتَّى أَصْبَحَ فَذَلِكَ الَّذِي لَا عَلَيْهِ وَ لَا لَهُ.

1366- وَ سَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ‏ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قَالَ هُوَ السَّهَرُ فِي الصَّلَاةِ «1».

1367- وَ رَوَى عَنْهُ الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْبُيُوتَ الَّتِي يُصَلَّى فِيهَا بِاللَّيْلِ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ‏ «2» تُضِي‏ءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِي‏ءُ نُجُومُ السَّمَاءِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ.

1368- وَ قَالَ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ‏ قَالَ صَلَاةُ الْمُؤْمِنِ بِاللَّيْلِ تَذْهَبُ بِمَا عَمِلَ مِنْ ذَنْبٍ بِالنَّهَارِ «3».

وَ مَدَحَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي كِتَابِهِ بِقِيَامِ صَلَاةِ اللَّيْلِ‏ «4» فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ‏ آناءَ اللَّيْلِ‏ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ‏ وَ آنَاءُ اللَّيْلِ سَاعَاتُهُ.

1369- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصِيبَ‏

______________________________

 (1). «سيماهم» أي علامتهم. و «من أثر السجود» يمكن أن يكون كناية عن العبادة و آثارها من رقة القلب و الخضوع و الخشوع، أو اصفرار الوجه. و السهر- بالتحريك-: عدم النوم في الليل.

 (2). يحتمل أن يكون الباء للسببية أي لسبب ما يتلى في الصلاة من القرآن، و أن يكون للملابسة أي متلبسة بتلاوة القرآن، فيشمل ما يقرأ فيها و ما يقرأ بعدها أو قبلها. (مراد).

 (3). روى المؤلّف أكثر هذه الأخبار في ثواب الأعمال مسندا.

 (4). كما في رواية عمّار الساباطى عن الصادق (ع) المروية في روضة الكافي تحت رقم 246. و يفهم منه أن الآية في على أمير المؤمنين (ع).

473
من لا يحضره الفقيه1

باب ثواب صلاة الليل ص : 471

أَهْلَ الْأَرْضِ بِعَذَابٍ قَالَ لَوْ لَا الَّذِينَ يَتَحَابُّونَ بِجَلَالِي‏ «1» وَ يَعْمُرُونَ مَسَاجِدِي وَ يَسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ لَوْ لَا هُمْ‏ «2» لَأَنْزَلْتُ عَذَابِي.

1370- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ كَثُرَ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ.

1371- وَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَشَكَا إِلَيْهِ الْحَاجَةَ فَأَفْرَطَ فِي الشِّكَايَةِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَشْكُوَ الْجُوعَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا هَذَا أَ تُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَقَالَ الرَّجُلُ نَعَمْ فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَ يَجُوعُ بِالنَّهَارِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ضَمَّنَ صَلَاةَ اللَّيْلِ قُوتَ النَّهَارِ «3».

1372- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُدَاعِبَ فِي الْجَمَاعَةِ بِلَا رَفَثٍ الْمُتَوَحِّدَ بِالْفِكْرِ الْمُتَخَلِّيَ بِالْعِبَرِ السَّاهِرَ بِالصَّلَاةِ «4».

1373- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص عِنْدَ مَوْتِهِ لِأَبِي ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ‏ يَا أَبَا ذَرٍّ احْفَظْ

______________________________

 (1). بالجيم كما في أكثر النسخ. و بالحاء كما في بعضها، و على المهملة المعنى: الذين يحب بعضهم بعضا فيما أحللنا لهم لا فيما حرمنا عليهم كشرب الخمر و الزنا و أمثالهما.

 (2). يمكن أن يكون التكرير للمبالغة و التأكيد، و أن يكون جواب «لو لا» الأولى لفعلت بهم ما يستحقون، و حذف ليذهب الذاهب الى أي مذهب شاء. (م ت).

 (3). أي جعلها ضامنا للقوت في إيصاله الى المصلى أو جعلها متضمنا للقوت فكأن قوت المصلى جزء لها، و على التقديرين من باب الاستعارة التبعية (مراد) أقول: الخبر رواه المصنّف في الثواب ص 64 و كذا الشيخ في التهذيب ج 1 ص 169 بسند فيه ارسال.

 (4). في بعض النسخ «المداعب في الجماع» و في بعضها «الملاعب في الجماع» و لعل الانسب ما اخترناه. و الدعابة المزاح، و الرفث الفحش من القول، و الجماع، و قوله «المتوحد» فى بعض النسخ «المتوجد» و توجد به أي أحبه، و التخلى: التفرغ و الانفراد، و «العبر» اما بكسر العين و فتح الباء الموحدة جمع عبرة- بكسر العين و سكون الموحدة- و هي العظة و ما يتعظ به الإنسان و يعمل به و يعتبر، و اما بفتح العين و الباء فهو جمع عبرة- بفتح العين و سكون الموحدة- و هي الدمع و سبكه.

474
من لا يحضره الفقيه1

باب ثواب صلاة الليل ص : 471

وَصِيَّةَ نَبِيِّكَ تَنْفَعْكَ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِقِيَامِ اللَّيْلِ‏ «1» ثُمَّ مَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ.

وَ الْحَدِيثُ فِيهِ طَوِيلٌ‏ «2» أَخَذْتُ مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ.

1374- وَ رَوَى جَابِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ‏ «3» عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع‏ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ بِالْقِرَاءَةِ «4» فَقَالَ لَهُ أَبْشِرْ مَنْ صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ عُشْرَ لَيْلَةٍ لِلَّهِ‏ «5» مُخْلِصاً ابْتِغَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ اكْتُبُوا لِعَبْدِي هَذَا مِنَ الْحَسَنَاتِ عَدَدَ مَا أَنْبَتَ فِي اللَّيْلِ مِنْ حَبَّةٍ وَ وَرَقَةٍ وَ شَجَرَةٍ وَ عَدَدَ كُلِّ قَصَبَةٍ وَ خُوصٍ وَ مَرْعًى‏ «6» وَ مَنْ صَلَّى تُسْعَ لَيْلَةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ عَشْرَ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ وَ أَعْطَاهُ اللَّهُ‏ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ‏ «7»+ وَ مَنْ صَلَّى ثُمُنَ لَيْلَةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ شَهِيدٍ صَابِرٍ صَادِقِ النِّيَّةِ وَ شُفِّعَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَنْ صَلَّى سُبُعَ لَيْلَةٍ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ يَوْمَ يُبْعَثُ وَ وَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ حَتَّى يَمُرَّ عَلَى الصِّرَاطِ مَعَ الْآمِنِينَ وَ مَنْ صَلَّى سُدُسَ لَيْلَةٍ كُتِبَ فِي الْأَوَّابِينَ‏ «8» وَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَنْ صَلَّى خُمُسَ لَيْلَةٍ زَاحَمَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ فِي قُبَّتِهِ‏ «9» وَ مَنْ صَلَّى رُبُعَ لَيْلَةٍ كَانَ فِي أَوَّلِ الْفَائِزِينَ‏ «10» حَتَّى يَمُرَّ عَلَى الصِّرَاطِ كَالرِّيحِ الْعَاصِفِ وَ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ-

______________________________

 (1). بأن يكون آخر أعماله أو يكون المراد يداوم عليه حتّى يموت. (م ت).

 (2). مذكور في مكارم الأخلاق بسند فيه مجاهيل و الظاهر أن المؤلّف حكم بصحته أو وصل إليه بأسانيد أخر.

 (3). الطريق ضعيف بسلمة بن الخطّاب و فيه أيضا محمّد بن الليث و هو مهمل.

 (4). في بعض النسخ «عن قيام اللّيل بالقرآن».

 (5). كذا في بعض النسخ و كتاب ثواب الأعمال ص 66 و في بعض النسخ هنا و ما يأتي كلها «ليله للّه مخلصا» باضافة.

 (6). كذا. و الخوص ورق النخل، الواحدة خوصة كما في الصحاح. و في ثواب الأعمال «و خوط و مرعى» و الخوط و الخوطة: الغصن الناعم.

 (7). زاد في الثواب «يوم القيامة».

 (8). جمع أواب و هو الكثير الرجوع إلى اللّه سبحانه و التواب و قيل: المطيع.

 (9). زاحمه أي آنسه و قاربه، و قوله «فى قبته» أي في الجنة في مقامه.

 (10) يمكن أن يكون الاولية اضافية و يكون داخلا في الجماعة التي يكون نجاتهم قبل البقية كالأنبياء و الأوصياء تفضلا منه تعالى. (م ت).

475
من لا يحضره الفقيه1

باب ثواب صلاة الليل ص : 471

وَ مَنْ صَلَّى ثُلُثَ لَيْلَةٍ لَمْ يَبْقَ مَلَكٌ‏ «1» إِلَّا غَبَطَهُ بِمَنْزِلَتِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قِيلَ لَهُ ادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شِئْتَ وَ مَنْ صَلَّى نِصْفَ لَيْلَةٍ فَلَوْ أُعْطِيَ مِلْ‏ءَ الْأَرْضِ ذَهَباً سَبْعِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ لَمْ يَعْدِلْ جَزَاءَهُ وَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَقَبَةً يُعْتِقُهَا مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ- وَ مَنْ صَلَّى ثُلُثَيْ لَيْلَةٍ كَانَ لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ قَدْرُ رَمْلِ عَالِجٍ‏ «2» أَدْنَاهَا حَسَنَةٌ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ مَنْ صَلَّى لَيْلَةً تَامَّةً «3» تَالِياً لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ ذَاكِراً أُعْطِيَ مِنَ الثَّوَابِ مَا أَدْنَاهُ يَخْرُجُ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ‏ «4» وَ يُكْتَبُ لَهُ عَدَدَ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَ مِثْلَهَا دَرَجَاتٌ وَ يَثْبُتُ النُّورُ فِي قَبْرِهِ وَ يُنْزَعُ الْإِثْمُ وَ الْحَسَدُ مِنْ قَلْبِهِ وَ يُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَ يُعْطَى بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ وَ يُبْعَثُ مِنَ الْآمِنِينَ وَ يَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ يَا مَلَائِكَتِي انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي أَحْيَا لَيْلَةً ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي أَسْكِنُوهُ الْفِرْدَوْسَ وَ لَهُ فِيهَا مِائَةُ أَلْفِ مَدِينَةٍ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ جَمِيعُ مَا تَشْتَهِي‏ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ‏ وَ لَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالٍ سِوَى مَا أَعْدَدْتُ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ الْمَزِيدِ وَ الْقُرْبَةِ «5».

______________________________

 (1). في ثواب الأعمال «لم يلق ملكا» و في نسخة منه مثل ما في المتن.

 (2). أي الرمل المتراكم، قال في النهاية «فى حديث الدعاء «و ما تحويله عوالج الرمال» هى جمع عالج- بكسر اللام- و هو ما تراكم من الرمل و دخل بعضه في بعض».

و في هامش بعض النسخ «رمل عالج: جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدهناء قرب اليمامة و أسفلها بنجد».

 (3). في بعض النسخ «ليله بتمامه» و قال في الوافي: الهاء في «ليله» فى جميع المواضع يحتمل الضمير و أن يكون للتنكير. و قوله هنا «ليلة تامّة» يؤيد الثاني و ما في بعض النسخ يؤيد الأول.

 (4). في بعض النسخ «كيوم ولدته أمه».

 (5). أي تلك العطايا المذكورة ممّا استحق به و هذه سوى ما أعددت له بالتفضل. (مراد).

476
من لا يحضره الفقيه1

باب وقت صلاة الليل ص : 477

بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ اللَّيْلِ‏

1375- رَوَى عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ «1» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ يُصَلِّ شَيْئاً حَتَّى يَنْتَصِفَ اللَّيْلُ‏ «2».

1376- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ وَقْتُ صَلَاةِ اللَّيْلِ مَا بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ.

1377- وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ «3» لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنِّي مَكَثْتُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَنْوِي الْقِيَامَ فَلَا أَقُومُ أَ فَأُصَلِّي أَوَّلَ اللَّيْلِ قَالَ لَا اقْضِ بِالنَّهَارِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ ذَلِكَ خُلُقاً «4».

1378- وَ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ‏ «5» أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ رَجُلًا مِنْ مَوَالِيكَ مِنْ صُلَحَائِهِمْ شَكَا إِلَيَّ مَا يَلْقَى مِنَ النَّوْمِ وَ قَالَ لِي إِنِّي أُرِيدُ الْقِيَامَ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ فَيَغْلِبُنِي النَّوْمُ حَتَّى أُصْبِحَ فَرُبَّمَا قَضَيْتُ صَلَاتِي الشَّهْرَ الْمُتَتَابِعَ أَوِ الشَّهْرَيْنِ أَصْبِرُ عَلَى‏

______________________________

 (1). في طريق المؤلّف إليه حكم بن مسكين و لم يوثق و رواه الشيخ بإسناده عن الحسين ابن سعيد عن صفوان عن ابن بكير، عن عبد الحميد الطائى، عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام و هذا السند موثق كالصحيح.

 (2). يمكن أن يكون المراد بالعشاء: الصلاة الموظفة في وقت العشاء، فيشمل الوتيرة. (مراد).

 (3). الطريق قوى بداود بن الحصين لكن فيه محمّد بن عيسى و الحسين بن أحمد بن إدريس و لم يوثقا صريحا.

 (4). أي عادة و سجية. يعنى إذا صليت أول الليل تصير عادة لك لسهولتها.

 (5). الطريق صحيح على ما في الخلاصة و فيه محمّد بن على ماجيلويه. و معاوية بن وهب البجليّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه و أبى الحسن عليهما السلام.

477
من لا يحضره الفقيه1

باب وقت صلاة الليل ص : 477

ثِقَلِهِ فَقَالَ قُرَّةُ عَيْنٍ وَ اللَّهِ قُرَّةُ عَيْنٍ وَ اللَّهِ وَ لَمْ يُرَخِّصْ فِي الْوَتْرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَقَالَ الْقَضَاءُ بِالنَّهَارِ أَفْضَلُ‏ «1».

1379- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْكَانَ عَنْ لَيْثٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّلَاةِ فِي الصَّيْفِ فِي اللَّيَالِي الْقِصَارِ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَقَالَ نَعَمْ نِعْمَ مَا رَأَيْتَ وَ نِعْمَ مَا صَنَعْتَ.

يَعْنِي فِي السَّفَرِ «2».

1380- وَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَخَافُ الْجَنَابَةَ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْبَرْدِ فَيُعَجِّلُ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ الْوَتْرَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَقَالَ نَعَمْ.

1381- وَ رَوَى أَبُو جَرِيرِ بْنُ إِدْرِيسَ‏ «3» عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ: صَلِّ صَلَاةَ اللَّيْلِ فِي السَّفَرِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فِي الْمَحْمِلِ وَ الْوَتْرَ وَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ.

وَ كُلُّ مَا رُوِيَ مِنَ الْإِطْلَاقِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي السَّفَرِ لِأَنَّ الْمُفَسَّرَ مِنَ الْأَخْبَارِ يُحَكَّمُ عَلَى الْمُجْمَلِ.

1382- وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع‏ «4» قَالَ: لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ

______________________________

 (1). فيه رخصة ما و ان لم يرخص صريحا و الخبر له ذيل في الكافي ج 3 ص 447 و التهذيب ج 1 ص 168 يؤمى الى أن التقديم مجوز لمن علم أنّه لا يقضيها، و هذا وجه جمع بين الاخبار، قال في المدارك ص 123 عدم جواز تقديمها على انتصاف الليل الا في السفر أو الخوف من غلبة النوم مذهب أكثر الاصحاب، و نقل عن زرارة بن أعين المنع من تقديمها على الانتصاف مطلقا و اختاره ابن إدريس على ما نقل عنه و العلامة في المختلف، و المعتمد الأول و ربما ظهر من بعض الأخبار جواز تقديمها على الانتصاف مطلقا، و قد نص الاصحاب على أن قضاء النافلة من الغد أفضل من التقديم، ثمّ استدلّ- رحمه اللّه- بخبر ليث المرادى و غيره من الاخبار المروية في الكافي و التهذيب. و في بعض النسخ «و لم يرخص في النوافل».

 (2). قوله «يعنى في السفر» ليس في التهذيبين و هو كلام المؤلّف حمل أخبار المنع من تقديم صلاة الليل قبل انتصاف الليل على الحضر، و أخبار الحث عليه على السفر.

 (3). الطريق إليه حسن بابراهيم بن هاشم.

 (4). رواه في التهذيب ج 1 ص 231 بإسناده عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

478
من لا يحضره الفقيه1

باب وقت صلاة الليل ص : 477

إِلَّا وَ هُوَ يُوقَظُ فِي لَيْلَتِهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ قَامَ كَانَ ذَلِكَ وَ إِلَّا جَاءَ الشَّيْطَانُ‏ «1» فَبَالَ فِي أُذُنِهِ أَ وَ لَا يَرَى أَحَدُكُمْ أَنَّهُ إِذَا قَامَ وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ قَامَ وَ هُوَ مُتَخَثِّرٌ «2» ثَقِيلٌ كَسْلَانُ.

1383- وَ رَوَى الْحَسَنُ الصَّيْقَلُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ يَأْتِينِي فَيَسْأَلُنِي عَنْ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَيَقُولُ أَزِيدُ كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَصَّرَ فِي شَيْ‏ءٍ وَ إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ‏ «3» ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا يَقُومُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ قَامَ يُبَادِرُهُ بِصَلَاتِهِ.

1384- وَ رَوَى أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا نَوَى عَبْدٌ أَنْ يَقُومَ أَيَّةَ سَاعَةٍ نَوَى فَعَلِمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا وَكَّلَ بِهِ مَلَكَيْنِ يُحَرِّكَانِهِ تِلْكَ السَّاعَةَ.

1385- وَ رَوَى عِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ‏ «4» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا غَلَبَ الرَّجُلَ النَّوْمُ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَضَعْ رَأْسَهُ فَلْيَنَمْ فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي النَّارَ.

1386- وَ رَوَى زَكَرِيَّا النَّقَّاضُ‏ «5» عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ-

______________________________

 (1). في التهذيب «و الا فجج الشيطان فبال» و هو تباعد ما بين الرجلين و لكنه يشبه أن يكون تصحيفا لعدم معهودية فك الادغام في مثله.

 (2). قوله «لم يكن ذلك منه» أي لم يقع منه القيام بالليل. و المتخثر- بالخاء المعجمة و الثاء المثلثة- المتثقل و الكسلان و من هو غير نشيط، و يمكن أن يقرأ بالتاء المثناة و في القاموس: تختر: تقتر و استرخى.

و قال الفيض- رحمه اللّه-: لعل بول الشيطان في أذنه كناية عن غاية تمكنه منه و تسلطه عليه و استهزائه به من جهة عدم سماعه لداعى ربّه و سماعه من الشيطان و طاعته له.

 (3). لعل المراد أنّه اطلع على الحث على التهجد في الكتاب العزيز مثل قوله تعالى‏ «إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا» (مراد).

 (4). الطريق إليه صحيح و هو ثقة عين. (صه).

 (5). زكريا هو ابن مالك و لم يوثق و الطريق إليه فيه عليّ بن إسماعيل السندى و قد يوثق، و رواه الكليني في الكافي بسند موثق عن زيد الشحام عند عليه السلام.

479
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يقول الرجل إذا استيقظ من النوم ص : 480

لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى‏ حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ‏ قَالَ مِنْهُ سُكْرُ النَّوْمِ.

بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ النَّوْمِ‏

1387- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَ بِاسْمِكَ أَمُوتُ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانِي بَعْدَ مَا أَمَاتَنِي‏ وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ.

1388- وَ رَوَى جَرَّاحٌ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ‏ «1» فَلْيَقُلْ- سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ النَّبِيِّينَ وَ إِلَهِ الْمُرْسَلِينَ وَ رَبِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‏ يُحْيِ الْمَوْتى‏ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى صَدَقَ عَبْدِي وَ شَكَرَ.

1389- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ آخِرَ اللَّيْلِ رَفَعَ صَوْتَهُ حَتَّى يَسْمَعَ أَهْلُ الدَّارِ وَ يَقُولُ- اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى هَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ وَسِّعْ عَلَيَّ الْمَضْجَعَ‏ «2» وَ ارْزُقْنِي خَيْرَ مَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنِي خَيْرَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

1390- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ «3» عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا قُمْتَ مِنْ فِرَاشِكَ فَانْظُرْ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ رُوحِي أَعْبُدُهُ وَ أَحْمَدُهُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا يُوَارِي مِنْكَ لَيْلٌ سَاجٍ وَ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَ لَا أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ «4» وَ لَا ظُلُماتٌ‏

______________________________

 (1). يعني من الليل كما نص عليه في الكافي و في نسخة جعله جزء المتن.

 (2). في بعض النسخ «المضطجع».

 (3). الظاهر أنّه حديث زرارة الذي رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 538 و ج 3 ص 445 لكن بينهما اختلاف كثير.

 (4). «ليل ساج» أي ساكن و هو وصف بحال المتعلق أي ساكن ما فيه. و في بعض النسخ جعل «ليل داج» نسخة. و أبراج جمع برج، و المهاد الفراش.

480
من لا يحضره الفقيه1

باب ما يقول الرجل إذا استيقظ من النوم ص : 480

بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ‏ وَ لَا بَحْرٌ لُجِّيٌّ يُدْلِجُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُدْلِجِ مِنْ خَلْقِكَ‏ «1» تَعْلَمُ‏ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ «2» غَارَتِ النُّجُومُ وَ نَامَتِ الْعُيُونُ وَ أَنْتَ‏ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏ لَا تَأْخُذُكَ‏ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ‏ سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ وَ إِلَهِ الْمُرْسَلِينَ وَ خَالِقِ النَّبِيِّينَ‏ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ+ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ ارْحَمْنِي وَ تُبْ عَلَيَ‏ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ+ ثُمَّ اقْرَأْ خَمْسَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ‏ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ إِلَى قَوْلِهِ‏ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ «3»

وَ عَلَيْكَ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّ السِّوَاكَ فِي السَّحَرِ قَبْلَ الْوُضُوءِ مِنَ السُّنَّةِ ثُمَّ تَوَضَّأْ «4».

1391- وَ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ‏ «5» فَقَالَ لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَكُونُوا يَنَامُونَ فَقُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ لَا بُدَّ لِهَذَا الْبَدَنِ أَنْ تُرِيحَهُ حَتَّى يَخْرُجَ نَفْسُهُ فَإِذَا خَرَجَ النَّفْسُ اسْتَرَاحَ الْبَدَنُ وَ رَجَعَتِ الرُّوحُ فِيهِ وَ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى الْعَمَلِ فَإِنَّمَا

______________________________

 (1). لجة الماء معظمه، و أدلج القوم إذا ساروا من أول الليل و ان ساروا في آخره فقد ادلجوا بتشديد الدال، و المراد بادلاج البحر بين يدي المدلج- بسكون الدال فيهما أو بتشديدها فيهما-: تحركه عند حركة السفينة. (مراد).

 (2). و حاصل الدعاء أن هذه الأشياء الساترة و المظلمة لا يستر و لا يظلم عليك شيئا بل كل الأشياء عندك ظاهر و علمك بها محيط، فكيف يخفى عليك حالى و عبادتى في هذه الليلة المظلمة. (م ت).

 (3). إلى هنا مرويّ في التهذيب ج 1 ص 175 و في الكافي بسند حسن كالصحيح مع اختلاف و بعده فيهما «ثم استك و توضأ فإذا وضعت يدك في الماء فقل «بسم اللّه و باللّه اللّهمّ اجعلنى من التوابين و اجعلنى من المتطهرين» فاذا فرغت فقل: «الحمد للّه ربّ العالمين» فاذا قمت الى صلاتك فقل: «بسم اللّه و باللّه و من اللّه و ما شاء اللّه و لا حول و لا قوة الا باللّه، اللّهمّ اجعلنى من زوار بيتك و عمّار مساجدك، و افتح لي باب توبتك، و أغلق عنى باب معصيتك و كل معصية، الحمد للّه الذي جعلنى ممن يناجيه، اللهم أقبل على بوجهك، جل ثناؤك» ثم افتتح الصلاة بالتكبير».

 (4). من كلام المؤلّف- رحمه اللّه- أخذه من ذيل حديث زرارة و غيره.

 (5). أي لم يلزم مكانه و قام جنوبهم عن فراشهم. (م ت).

481
من لا يحضره الفقيه1

باب القول عند صراخ الديك ص : 482

ذَكَرَهُمْ فَقَالَ- تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً أُنْزِلَتْ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ أَتْبَاعِهِ مِنْ شِيعَتِنَا يَنَامُونَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَإِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ طَامِعِينَ فِيمَا عِنْدَهُ فَذَكَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ لِنَبِيِّهِ ع وَ أَخْبَرَهُمْ بِمَا أَعْطَاهُمْ وَ أَنَّهُ أَسْكَنَهُمْ فِي جِوَارِهِ وَ أَدْخَلَهُمْ جَنَّتَهُ وَ آمَنَ خَوْفَهُمْ وَ آمَنَ رَوْعَتَهُمْ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنْ أَنَا قُمْتُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَيَّ شَيْ‏ءٍ أَقُولُ إِذَا قُمْتُ فَقَالَ قُلِ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ وَ إِلَهِ الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‏ يُحْيِ الْمَوْتى‏ وَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَهَا ذَهَبَ عَنْكَ رِجْزُ الشَّيْطَانِ وَ وَسْوَاسُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ صُرَاخِ الدِّيكِ‏

1392- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا سَمِعْتَ صُرَاخَ الدِّيكِ فَقُلْ- سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ سَبَقَتْ رَحْمَتُكَ غَضَبَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءاً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي‏ إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ‏ «1».

1393- وَ قَالَ ع‏ تَعَلَّمُوا مِنَ الدِّيكِ خَمْسَ خِصَالٍ مُحَافَظَتَهُ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَ الْغَيْرَةَ وَ السَّخَاءَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ كَثْرَةَ الطَّرُوقَةِ «2».

1394- وَ قَالَ ع‏ تَعَلَّمُوا مِنَ الْغُرَابِ ثَلَاثَ خِصَالٍ اسْتِتَارَهُ بِالسِّفَادِ «3» وَ بُكُورَهُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ‏ «4» وَ حَذَرَهُ.

1395- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَلَكاً عَلَى صُورَةِ دِيكٍ‏

______________________________

 (1). هذا الخبر جزء من حديث زرارة الذي تقدم آنفا.

 (2). الطروقة بمعنى الجماع و كذا السفاد. (م ت).

 (3). السفاد: نزو الذكر على الأنثى. (مراد).

 (4). هذا لا ينافى كراهة الدخول في السوق أولا لان المراد ترك الكسل في طلب الرزق و الجلوس في المصلى حتّى تطلع الشمس أعون في طلب الرزق من الضرب في الأرض كما ورد في الحديث. (مراد).

482
من لا يحضره الفقيه1

باب القول عند القيام إلى صلاة الليل ص : 483

أَبْيَضَ رَأْسُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ رِجْلَاهُ فِي تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ لَهُ جَنَاحٌ فِي الْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ فِي الْمَغْرِبِ لَا تَصِيحُ الدُّيُوكُ حَتَّى يَصِيحَ فَإِذَا صَاحَ خَفَقَ بِجَنَاحَيْهِ‏ «1» ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ قَالَ فَيُجِيبُهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ يَقُولُ لَا يَحْلِفُ بِي كَاذِباً مَنْ يَعْرِفُ مَا تَقُولُ‏ «2».

1396- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ فِيهِ نَزَلَتْ‏ وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ‏ «3»

1397- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى صُورَةِ الدِّيكِ يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لِلطَّيْرِ وَ وَاحِدٌ عَلَى صُورَةِ الْأَسَدِ يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ تَعَالَى لِلسِّبَاعِ وَ وَاحِدٌ عَلَى صُورَةِ الثَّوْرِ يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ تَعَالَى لِلْبَهَائِمِ وَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى صُورَةِ بَنِي آدَمَ يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ تَعَالَى لِوُلْدِ آدَمَ ع فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صَارُوا ثَمَانِيَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ

بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ‏

1398- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقُومَ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقُلِ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَ آلِهِ‏ «4» وَ أُقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ حَوَائِجِي فَاجْعَلْنِي بِهِمْ‏ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ‏ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِهِمْ وَ لَا تُعَذِّبْنِي بِهِمْ- «5»

______________________________

 (1). في القاموس: خفق الطائر: صار، و أخفق: ضرب بجناحيه.

 (2). يعني من عقل اللّه تعالى بما يدلّ عليه هذا الصوت من العظمة و الجلال لا يجترئ على أن يحلف به تبارك و تعالى حلفا كاذبا. (مراد).

 (3). هذا لا ينافى عموم المنزل اذ كثيرا ما ينزل العام في الخاص. (مراد).

 (4). أي مستشفعا بهم إليك، متلبسا بعرفانهم، أو مقتديا بهم، مقتفيا آثارهم.

 (5). أي بشأنهم و مكانتهم عندك، أو بسببهم و كذا القول في الفقرات الآتية.

483
من لا يحضره الفقيه1

باب الصلوات التي جرت السنة بالتوجه فيهن ص : 484

وَ اهْدِنِي بِهِمْ وَ لَا تُضِلَّنِي بِهِمْ وَ ارْزُقْنِي بِهِمْ وَ لَا تَحْرِمْنِي بِهِمْ وَ اقْضِ لِي حَوَائِجِي لِلدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ+ وَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ+.

بَابُ الصَّلَوَاتِ الَّتِي جَرَتِ السُّنَّةُ بِالتَّوَجُّهِ فِيهِنَ‏

مِنَ السُّنَّةِ التَّوَجُّهُ‏ «1» فِي سِتِّ صَلَوَاتٍ وَ هِيَ أَوَّلُ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَ الْمُفْرَدَةُ مِنَ الْوَتْرِ «2» وَ أَوَّلُ رَكْعَةٍ مِنْ رَكْعَتَيِ الزَّوَالِ وَ أَوَّلُ رَكْعَةٍ مِنْ رَكْعَتَيِ الْإِحْرَامِ وَ أَوَّلُ رَكْعَةٍ مِنْ نَوَافِلِ الْمَغْرِبِ وَ أَوَّلُ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَرِيضَةِ «3» كَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ.

بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ‏

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ص- وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ‏ نافِلَةً لَكَ‏ عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً فَصَارَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَرِيضَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَتَهَجَّدْ وَ هِيَ لِغَيْرِهِ سُنَّةٌ وَ نَافِلَةٌ.

1399- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص فِي وَصِيَّتِهِ لِعَلِيٍّ ع‏ يَا عَلِيُّ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ‏ «4».

______________________________

 (1). المراد بالتوجه التكبيرات الافتتاحية و قول: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏- الآية». و قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: و الأقرب عموم استحباب السبع في جميع الصلوات. و قال عليّ بن بابويه يختص بالمواضع الستة.

 (2). أي المفردة بالسلام من الركعات الثلاث و هذا اطلاق شايع كاطلاق الشفع على الركعتين منها و الوتر على الأخيرة. (مراد).

 (3). أي أول كل فريضة (الذكرى) و قال الفاضل التفرشى: من أي فريضة كانت أو أي فريضة كانت من الخمس.

 (4). رواه الكليني في الكافي ج 8 ص 79 في الصحيح بدون التكرار و الصدوق في الوصايا.

484
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الليل ص : 484

فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فَكَبِّرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعاً وَ احْمَدْهُ سَبْعاً ثُمَّ تَوَجَّهْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِي الْأُولَى- الْحَمْدَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدَ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ وَ تَقْرَأُ فِي السِّتِّ الرَّكَعَاتِ بِمَا أَحْبَبْتَ إِنْ شِئْتَ طَوَّلْتَ وَ إِنْ شِئْتَ قَصَّرْتَ.

1400- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا الْحَمْدَ مَرَّةً وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلَاثِينَ مَرَّةً انْفَتَلَ وَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذَنْبٌ إِلَّا غَفَرَ لَهُ‏ «1».

وَ تَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الشَّفْعِ وَ رَكْعَةِ الْوَتْرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ افْصِلْ بَيْنَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ بِتَسْلِيمَةٍ «2».

1401- وَ رُوِيَ‏ «3» أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِي الْوَتْرِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قِيلَ لَهُ أَبْشِرْ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَدْ قَبِلَ اللَّهُ وَتْرَكَ‏ «4».

وَ الْقُنُوتُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ الْقِرَاءَةُ بِهَا جِهَاراً وَ الْقُنُوتُ فِي الْوَتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ إِنْ قُمْتَ وَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنَ الْوَقْتِ بِقَدْرِ مَا تُصَلِّي فِيهِ صَلَاةَ اللَّيْلِ عَلَى مَا تُرِيدُ فَصَلِّهَا وَ أَدْرِجْهَا إِدْرَاجاً «5» وَ الْإِدْرَاجُ أَنْ تَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ- الْحَمْدَ وَحْدَهَا فَإِنْ‏

______________________________

 (1). مروى في التهذيب ج 1 ص 170 مرسلا أيضا.

 (2). كما في رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروية في التهذيب ج 1 ص 171 و رواية معاوية بن عمّار عنه عليه السّلام.

 (3). رواه في ثواب الأعمال ص 158 بسند ضعيف عن الباقر عليه السلام.

 (4). الأولى أن يقرأ في الثلاث في كل ركعة بعد الحمد بالمعوذتين و التوحيد و ان قرء في الركعتين من الشفع في إحداهما احدى المعوذتين و التوحيد و في الأخرى أخراهما و التوحيد و في الوتر بالمعوذتين و التوحيد ثلاث مرّات لكان جامعا بين الاخبار أيضا (م ت) راجع التهذيب ج 1 ص 171.

 (5). روى الكليني في الكافي ج 3 ص 449 بإسناده عن إسماعيل بن جابر أو عبد اللّه ابن سنان قال: «قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام: انى أقوم آخر الليل و أخاف الصبح، قال: اقرأ-

485
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الليل ص : 484

خَشِيتَ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ أَوْتِرْ بِالثَّالِثَةِ وَ إِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَ قَدْ مَضَى الْوَقْتُ بِمَا فِيهِ وَ إِذَا صَلَّيْتَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ قَبْلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَمْ يَطْلُعْ‏ «1» وَ قَدْ رُوِيَتْ رُخْصَةٌ فِي أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ صَلَاةَ اللَّيْلِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَ لَا يَتَّخِذُ ذَلِكَ عَادَةً «2» وَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ قَضَاءُ صَلَاةِ اللَّيْلِ‏ «3» فَقُمْتَ وَ عَلَيْكَ مِنَ الْوَقْتِ بِقَدْرِ مَا تُصَلِّي الْفَائِتَةَ وَ صَلَاةَ لَيْلَتِكَ‏ «4» فَابْدَأْ بِالْفَائِتَةِ فَصَلِّ ثُمَّ صَلِّ صَلَاةَ لَيْلَتِكَ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ‏

______________________________

- الحمد و أعجل و أعجل». و في التهذيب ج 1 ص 233 في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال:

 «سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إذا قمت و قد طلع الفجر (يعنى الأول) فابدأ بالوتر ثمّ صل ركعتين ثمّ صل الركعات إذا أصبحت». و هذا الخبر يدلّ على أن ايقاع الوتر بالطمأنينة أفضل من ايقاع الجميع مدرجا.

 (1). في التهذيب ج 1 ص 170 بإسناده عن أبي جعفر الاحول محمّد بن نعمان قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: «إذا كنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع».

 (2). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 170 في موثق عن عمر بن يزيد قال: «قلت لابى عبد اللّه عليه السلام: أقوم و قد طلع الفجر فان أنا بدأت بالفجر صليتها في أول وقتها و ان بدأت بصلاة الليل و الوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء، فقال: ابدأ بصلاة الليل و الوتر و لا تجعل ذلك عادة».

و فيه ج 1 ص 232 عن في الصحيح سليمان بن خالد قال: «قال: لى أبو عبد اللّه عليه السلام ربما قمت و قد طلع الفجر فاصلى صلاة الليل و الوتر و الركعتين قبل الفجر ثمّ اصلى الفجر، قال: قلت: أفعل أنا ذا؟ قال: نعم و لا يكون منك عادة». و حمل الشيخ أمثال هذه الأخبار على الرخصة في جواز تأخير صلاة الغداة عن أول الوقت إلى آخره، و قال: انما يجوز ذلك إذا كان تأخيره للاشتغال بشي‏ء من العبادات. أقول: هذا الحمل انما كان لورود النهى عن التطوع في وقت الفريضة في أخبار.

 (3). يعني ما فاتك من صلاة الليل في الليلة السابقة. (مراد).

 (4). راجع الكافي ج 3 ص 453 رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام.

486
من لا يحضره الفقيه1

باب دعاء قنوت الوتر ص : 487

بِقَدْرِ مَا تُصَلِّي وَاحِدَةً فَصَلِّ صَلَاةَ لَيْلَتِكَ لِئَلَّا تَصِيرَا جَمِيعاً قَضَاءً ثُمَّ اقْضِ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ مِنَ الْغَدِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ.

بَابُ دُعَاءِ قُنُوتِ الْوَتْرِ

1402- كَانَ النَّبِيُّ ص يَقُولُ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ- اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَ عَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَ تَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَ بَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَ قِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِي وَ لَا يُقْضَى عَلَيْكَ سُبْحَانَكَ رَبِّ الْبَيْتِ أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ إِلَيْكَ وَ أُومِنُ بِكَ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ يَا رَحِيمُ.

1403- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَطْوَلُكُمْ قُنُوتاً فِي دَارِ الدُّنْيَا أَطْوَلُكُمْ رَاحَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْمَوْقِفِ‏ «1».

1404- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ الْقُنُوتُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَمْجِيدُ اللَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ وَ كَلِمَاتُ الْفَرَجِ.

ثُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ «2» وَ الْقُنُوتُ فِي الْوَتْرِ كَقُنُوتِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ «3» ثُمَّ تَقُولُ قَبْلَ دُعَائِكَ لِنَفْسِكَ‏ «4»-

______________________________

 (1). رواه المصنّف- رحمه اللّه- في ثواب الأعمال ص 55 مسندا. و قوله «دار الدنيا» أى دار الحياة الدنيا.

 (2). من كلام المؤلّف- رحمه اللّه- و الإشارة الى الدعاء المنقول عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله آنفا (مراد، م ت، سلطان).

 (3). روى المصنّف مضمونه في الأمالي ص 235 عن أبيه عن على عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة قال: «قال أبو جعفر عليه السلام: القنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة تقول في دعاء القنوت: «اللّهمّ تمّ نورك فهديت- الى آخر الدعاء» كما يأتي. و رواه الشيخ في مجالسه مرسلا مع اختلافات نشير إليها.

 (4). يعني دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الذي تقدم آنفا. و قال الفاضل التفرشى: لفظ ثمّ للترقى في المرتبة فان مرتبة الإتيان بهذا الدعاء اعلى من مرتبة الاكتفاء بما سبق، و يمكن أن يراد بالدعاء الدعاء الذي يريده المصلى.

487
من لا يحضره الفقيه1

باب دعاء قنوت الوتر ص : 487

اللَّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا «1» وَ بَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ وَ جِهَتُكَ خَيْرُ الْجِهَاتِ وَ عَطِيَّتُكَ أَفْضَلُ الْعَطِيَّاتِ وَ أَهْنَؤُهَا تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُرُ وَ تُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وَ تَكْشِفُ الضُّرَّ وَ تَشْفِي السَّقِيمَ وَ تُنْجِي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ لَا يَجْزِي بِآلَائِكَ أَحَدٌ «2» وَ لَا يُحْصِي نَعْمَاءَكَ قَوْلُ قَائِلٍ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَبْصَارُ وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ رُفِعَتِ الْأَيْدِي وَ دُعِيتَ بِالْأَلْسُنِ وَ إِلَيْكَ سِرُّهُمْ وَ نَجْوَاهُمْ فِي الْأَعْمَالِ‏ «3» رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ‏ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنَا عَنَّا «4» وَ شِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَيْنَا وَ وُقُوعَ الْفِتَنِ بِنَا وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ عَلَيْنَا وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا فَرِّجْ‏ «5» ذَلِكَ يَا رَبِّ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ وَ إِمَامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقِّ رَبَّ الْعَالَمِينَ‏ «6» ثُمَّ تَقُولُ- أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ مَرَّةً «7» وَ تَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ كَثِيراً «8».

______________________________

 (1). الظاهر نصب «ربنا» على أنّه منادى، و يمكن جره على أنّه عطف بيان لكاف «لك» و رفعه على الخبرية أي أنت ربّنا. (مراد).

 (2). أي لا يقدر أحد على جزاء نعمائك و لا يقابلها بعوض. (سلطان).

 (3). في الأمالي و المجالس «و دعيت بالالسن و تحوكم إليك في الاعمال».

 (4). في الأمالي «اللّهمّ إليك نشكو غيبة نبيّنا» و في المجالس «اللّهمّ انا نشكو إليك فقد نبيّنا و غيبة امامنا و كثرة عدونا و تظاهر الزمان علينا و وقوع الفتن بنا و قلة عددنا ففرج- الدعاء».

 (5). كذا و في المجالس و الأمالي «ففرج».

 (6). في المجالس «و سلطان حقّ تظهره و عافية منك تجللناها، و رحمة منك تلبسناها برحمتك يا أرحم الراحمين آمين ربّ العالمين».

 (7). في الأمالي و المجالس «ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا الدعاء: أستغفر اللّه و أتوب إليه- سبعين مرة- الخ».

 (8). «تعوذ» أمر في صورة الخبر، أصله تتعوذ، و عطف على قوله «تقول» فى معنى «قل». (مراد).

488
من لا يحضره الفقيه1

باب دعاء قنوت الوتر ص : 487

1405- وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَالَ فِي وَتْرِهِ إِذَا أَوْتَرَ- أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَمْضِيَ سَنَةٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عِنْدَهُ مِنَ‏ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ «1» وَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَ الْمَغْفِرَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

1406- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ فِي الْوَتْرِ سَبْعِينَ مَرَّةً تَنْصِبُ يَدَكَ الْيُسْرَى‏ «2» وَ تَعُدُّ بِالْيُمْنَى الِاسْتِغْفَارَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْوَتْرِ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ يَقُولُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ‏ «3».

1407- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَدْعُو فِي الْوَتْرِ عَلَى الْعَدُوِّ وَ إِنْ شِئْتَ سَمَّيْتَهُمْ وَ تَسْتَغْفِرُ وَ تَرْفَعُ يَدَيْكَ فِي الْوَتْرِ حِيَالَ وَجْهِكَ‏ «4» وَ إِنْ شِئْتَ فَتَحْتَ ثَوْبَكَ‏ «5».

1408- وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع سَيِّدُ الْعَابِدِينَ يَقُولُ‏ الْعَفْوَ الْعَفْوَ

______________________________

 (1). أي من الذين مدحهم اللّه تعالى في كتابه العزيز و وعد قبول دعائهم (سلطان) ايماء بقبول استغفارهم فيغفر لهم و الا فمجرد الاستغفار بالسحر يصدق عليه أنّه من المستغفرين بالاسحار، و يمكن أن يقال أيضا: المراد بالمستغفرين بالاسحار ليس كون المجموع مستغفرين بالاسحار حتّى يتحقّق على التوزيع بكون كل واحد مستغفرا بسحر، بل المراد كون كل واحد مستغفرا بالاسحار و ظاهر ذلك تقتضى كونه مستغفرا في جميع أسحار عمره فيخصص بالحديث باسحار سنة و يكون استغفاره في كل سحر سبعين مرة، و قوله «و واظب على ذلك» يقتضى اتصال الليالى و لا يكفى في ذلك عدد أيّام السنة على التفريق. (مراد).

 (2). لعل المراد بنصبها جعلها حيال الوجه. (مراد).

 (3). الظاهر أنّه من تتمة خبر ابن يعفور و يمكن أن يكون خبرا آخر و رواه الشيخ عن أبي بصير.

 (4). يفهم منه و من الحديث السابق أن المندوب رفع اليدين الا في وقت الاستغفار فانه حينئذ يرفع اليد اليسرى و يرسل اليمنى يعدّ بها الاستغفار اما بالعقد على الأصابع و اما بادارة السبحة. (مراد).

 (5). أي فترفعها تحت ثوبك، و لعلّ المراد بالثوب الرداء. (مراد).

489
من لا يحضره الفقيه1

باب دعاء قنوت الوتر ص : 487

ثَلَاثَمِائَةِ مَرَّةٍ فِي الْوَتْرِ فِي السَّحَرِ «1».

1409- وَ رَوَى مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ عَنْ أَحَدِهِمَا يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- قَالَ: قُلْ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ أَنْتَ‏ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ وَ أَنْتَ اللَّهُ زَيْنُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ جَمَالُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ عِمَادُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ قِوَامُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ صَرِيخُ الْمُسْتَصْرِخِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ الْمُفَرِّجُ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ الْمُرَوِّحُ عَنِ الْمَغْمُومِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ مُجِيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ إِلَهُ الْعَالَمِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَ أَنْتَ اللَّهُ كَاشِفُ السُّوءِ وَ أَنْتَ اللَّهُ بِكَ مُنْزَلٌ كُلُّ حَاجَةٍ «2» يَا اللَّهُ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلَّا حِلْمُكَ وَ لَا يُنْجِي مِنْ عَذَابِكَ إِلَّا رَحْمَتُكَ وَ لَا يُنْجِي مِنْكَ إِلَّا التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ‏ «3» فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ يَا إِلَهِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكٍ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِهَا أَحْيَيْتَ جَمِيعَ مَا فِي الْبِلَادِ وَ بِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ الْعِبَادِ وَ لَا تُهْلِكْنِي غَمّاً حَتَّى تَغْفِرَ لِي وَ تَرْحَمَنِي‏ «4» وَ تُعَرِّفَنِي الِاسْتِجَابَةَ فِي دُعَائِي وَ ارْزُقْنِي الْعَافِيَةَ إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَ لَا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي وَ لَا تُمَكِّنْهُ مِنْ رَقَبَتِي اللَّهُمَّ إِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَضَعُنِي وَ إِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي وَ إِنْ أَهْلَكْتَنِي‏ «5» فَمَنْ ذَا الَّذِي يَحُولُ بَيْنَكَ وَ بَيْنِي أَوْ يَتَعَرَّضُ لَكَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِي وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنْ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ وَ لَا فِي نَقِمَتِكَ‏

______________________________

 (1). «العفو» اما منصوب بتقدير اطلب أو يكون مفعولا مطلقا حذف فعله أي اعف العفو، أو مرفوع بالخبرية و مبتدؤه محذوف أي مطلوبى العفو. و ظاهر العبارة ثلاثمائة مكرّرا فيكون ستمائة و المشهور «العفو» ثلاثمائة.

 (2). في بعض النسخ «بك تنزل كل حاجة» و الظاهر أن «كل حاجة» مبتدأ تقدم عليه خبره و هو «منزل» على صيغة اسم المفعول من الانزال و «بك» متعلق به، و تقديمه عليه للحصر كما قال الفاضل التفرشى.

 (3). القصر اضافى بالنسبة الى الاستكبار و عدم التضرع، و ليس بحقيقي لمكان التفضل.

 (4). أي لا تمتنى حتّى تغفر لى و لو لا ذلك لهلكت غما.

 (5). أي ان أردت اهلاكى.

490
من لا يحضره الفقيه1

باب دعاء قنوت الوتر ص : 487

عَجَلَةٌ إِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ وَ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ وَ قَدْ تَعَالَيْتَ عَنْ ذَلِكَ يَا إِلَهِي فَلَا تَجْعَلْنِي لِلْبَلَاءِ غَرَضاً وَ لَا لِنَقِمَتِكَ نَصَباً وَ مَهِّلْنِي وَ نَفِّسْنِي‏ «1» وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَ لَا تُتْبِعْنِي بِبَلَاءٍ عَلَى أَثَرِ بَلَاءٍ فَقَدْ تَرَى ضَعْفِي وَ قِلَّةَ حِيلَتِي أَسْتَعِيذُ بِكَ اللَّيْلَةَ فَأَعِذْنِي وَ أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنَ النَّارِ فَأَجِرْنِي وَ أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ فَلَا تَحْرِمْنِي ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ بِمَا أَحْبَبْتَ وَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً.

1410- وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ فِي آخِرِ وَتْرِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ- رَبِّ أَسَأْتُ وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ بِئْسَ مَا صَنَعْتُ وَ هَذِهِ يَدَايَ جَزَاءً بِمَا صَنَعَتَا «2» قَالَ ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَيْهِ جَمِيعاً قُدَّامَ وَجْهِهِ وَ يَقُولُ- وَ هَذِهِ رَقَبَتِي خَاضِعَةٌ لَكَ لِمَا أَتَتْ- قَالَ ثُمَّ يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَ يَخْضَعُ بِرَقَبَتِهِ ثُمَّ يَقُولُ- وَ هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَخُذْ لِنَفْسِكَ الرِّضَا مِنْ نَفْسِي حَتَّى تَرْضَى لَكَ الْعُتْبَى‏ «3» لَا أَعُودُ لَا أَعُودُ لَا أَعُودُ قَالَ وَ كَانَ وَ اللَّهِ إِذَا قَالَ لَا أَعُودُ لَمْ يَعُدْ.

1411- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: الْقُنُوتُ فِي الْوَتْرِ اسْتِغْفَارٌ وَ فِي الْفَرِيضَةِ الدُّعَاءُ «4».

1412- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَدْعُو فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ بِهَذَا الدُّعَاءِ- اللَّهُمَ‏

______________________________

 (1). من التنفيس أي نفس غمى أو كربتى.

 (2). أي هذه الجارحة الخاضعة قد خضعت لاجل الجزاء و التلاقى لما صنعت من العصيان و افراد المبتدأ على قصد الجنس و تثنية الخبر لتحقّق ذلك الجنس في ضمنها. (مراد).

 (3). أي رجعت عن الذنوب لترضى عنى. و في الصحاح: أعتبنى فلان إذا عاد الى مسرتى راجعا من الاساءة، و الاسم منه العتبى. و تقديم الخبر و هو «لك» للحصر.

 (4). يعني أن القنوت في الوتر كان لطلب المغفرة و التجاوز عن المعاصى و دفع الضرر، و في الفريضة لجلب النفع. (مراد) أقول: و يفهم من الخبر أن الاستغفار في قنوت الوتر آكد منه في قنوت سائر الصلوات، و أيضا الدعاء بسائر المطالب في سائر الصلوات آكد من الاستغفار.

491
من لا يحضره الفقيه1

باب دعاء قنوت الوتر ص : 487

خَلَقْتَنِي بِتَقْدِيرٍ وَ تَدْبِيرٍ وَ تَبْصِيرٍ «1» بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ وَ أَخْرَجْتَنِي مِنْ‏ ظُلُماتٍ ثَلاثٍ‏ «2» بِحَوْلِكَ وَ قُوَّتِكَ أُحَاوِلُ الدُّنْيَا ثُمَّ أُزَاوِلُهَا ثُمَّ أُزَايِلُهَا وَ آتَيْتَنِي فِيهَا الْكَلَأَ وَ الْمَرْعَى وَ بَصَّرْتَنِي فِيهَا الْهُدَى فَنِعْمَ الرَّبُّ أَنْتَ وَ نِعْمَ الْمَوْلَى فَيَا مَنْ كَرَّمَنِي وَ شَرَّفَنِي وَ نَعَّمَنِي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الزَّقُّومِ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْحَمِيمِ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ مَقِيلٍ فِي النَّارِ «3» بَيْنَ أَطْبَاقِ النَّارِ فِي ظِلَالِ النَّارِ يَوْمَ النَّارِ يَا رَبَّ النَّارِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مَقِيلًا فِي الْجَنَّةِ بَيْنَ أَنْهَارِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ ثِمَارِهَا وَ رَيْحَانِهَا وَ خَدَمِهَا وَ أَزْوَاجِهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْخَيْرِ رِضْوَانَكَ وَ الْجَنَّةَ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الشَّرِّ سَخَطِكَ وَ النَّارِ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَوْفَكَ فِي جَسَدِي كُلِّهِ وَ اجْعَلْ قَلْبِي أَشَدَّ مَخَافَةً لَكَ مِمَّا هُوَ وَ اجْعَلْ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ حَظّاً وَ نَصِيباً مِنْ عَمَلٍ بِطَاعَتِكَ وَ اتِّبَاعِ مَرْضَاتِكَ اللَّهُمَّ أَنْتَ مُنْتَهَى غَايَتِي وَ رَجَائِي وَ مَسْأَلَتِي وَ طَلِبَتِي أَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي كَمَالَ الْإِيمَانِ وَ تَمَامَ الْيَقِينِ وَ صِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ وَ حُسْنَ الظَّنِّ بِكَ يَا سَيِّدِي اجْعَلْ إِحْسَانِي مُضَاعَفاً وَ صَلَاتِي تَضَرُّعاً وَ دُعَائِي مُسْتَجَاباً وَ عَمَلِي مَقْبُولًا وَ سَعْيِي مَشْكُوراً وَ ذَنْبِي مَغْفُوراً وَ لَقِّنِي مِنْكَ‏ نَضْرَةً وَ سُرُوراً وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ.

1413- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الْقُنُوتُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي التَّطَوُّعِ وَ الْفَرِيضَةِ.

1414- وَ رَوَى عَنْهُ زُرَارَةُ أَنَّهُ قَالَ: الْقُنُوتُ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ.

______________________________

 (1). قوله «بتقدير» أي بما ينبغي أن أكون عليه من القدر، و «تدبير» أي بما يترتب على من المصالح من جلب المنافع و دفع المضار، و «تبصير» أي على بصيرة و علم، «بغير تقصير» أى بغير أن تجعلنى قاصرا عما ينبغي أن أكون عليه. (مراد).

 (2). يعني ظلمة البطن و ظلمة الرحم، و ظلمة المشيمة ظاهرا.

 (3). اما من القيلولة كما في نظيره الذي يأتي في الجنة، أو بمعنى الغموس على صيغة الفعيل بمعنى المصدر من المقل بمعنى الغمس. (سلطان).

492
من لا يحضره الفقيه1

باب دعاء قنوت الوتر ص : 487

1415- وَ رَوَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الْحَلَبِيِ‏ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- أُسَمِّي الْأَئِمَّةَ ع فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ أَجْمِلْهُمْ‏ «1».

1416- وَ قَالَ ع‏ كُلُّ مَا نَاجَيْتَ بِهِ رَبَّكَ فِي الصَّلَاةِ فَلَيْسَ بِكَلَامٍ‏ «2».

1417- وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ حَفْصِ بْنِ سَالِمٍ الْحَنَّاطِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْوَتْرِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَةً «3».

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْوَتْرِ ثُمَّ يَشْرَبَ الْمَاءَ وَ يَتَكَلَّمَ وَ يَنْكِحَ وَ يَقْضِيَ مَا شَاءَ مِنْ حَاجَةٍ وَ يُحْدِثَ وُضُوءاً ثُمَّ يُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْغَدَاةَ «4».

1418- وَ سَأَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْقُنُوتِ فِي الْوَتْرِ قَالَ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ فَإِنْ نَسِيتُ أَقْنُتُ إِذَا رَفَعْتُ رَأْسِي فَقَالَ لَا.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ حُكْمُ مَنْ يَنْسَى الْقُنُوتَ حَتَّى يَرْكَعَ أَنْ يَقْنُتَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَ إِنَّمَا مَنَعَ الصَّادِقُ ع مِنْ ذَلِكَ فِي الْوَتْرِ وَ الْغَدَاةِ خِلَافاً لِلْعَامَّةِ لِأَنَّهُمْ يَقْنُتُونَ فِيهِمَا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَ إِنَّمَا أُطْلِقَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ جُمْهُورَ الْعَامَّةِ لَا يَرَوْنَ الْقُنُوتَ فِيهَا فَإِذَا فَرَغَ الْإِنْسَانُ مِنَ الْوَتْرِ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ.

1419- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ صَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَ عِنْدَهُ وَ بُعَيْدَهُ تَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْحَمْدَ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

وَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْشُوَهُمَا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ حَشْواً «5» وَ كُلَّمَا قَرُبَ مِنَ الْفَجْرِ فَهُوَ

______________________________

 (1). أي اذكرهم مجملا كامام المسلمين و نحوه، أو اكتف فيهم بالصلاة على محمّد و آله أو و آل محمد.

 (2). أي كل كلام مبطل للصلاة، و ظاهره يشمل المناجاة بغير العربية، و يمكن اجراء سلب الكلام عنه على ظاهره بحمل المناجاة على حديث النفس. (مراد).

 (3). المراد بالوتر ركعات الشفع و الوتر و هذا الإطلاق شايع في اخبار صلاة الليل.

 (4). أي و ان كان الفجر طالعا. (مراد).

 (5). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 173 في الصحيح عن البزنطى قال: «سألت الرضا عليه السلام عن صلاة الفجر قبل الفجر. قال: احشوا بهما صلاة الليل».

493
من لا يحضره الفقيه1

باب القول في الضجعة بين ركعتي الفجر و ركعتي الغداة ص : 494

أَفْضَلُ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلِّ الْغَدَاةَ وَ افْصِلْ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَ بَيْنَ الْغَدَاةِ بِاضْطِجَاعٍ وَ يُجْزِيكَ التَّسْلِيمُ‏ «1».

1420- فَقَدْ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَيُّ قَطْعٍ أَقْطَعُ مِنَ التَّسْلِيمِ.

1421- وَ رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَكُونُ فِي الْوَتْرِ وَ أَكُونُ قَدْ نَوَيْتُ الصَّوْمَ وَ أَكُونُ فِي الدُّعَاءِ وَ أَخَافُ الْفَجْرَ وَ أَكْرَهُ أَنْ أَقْطَعَ عَلَى نَفْسِي الدُّعَاءَ وَ أَشْرَبَ الْمَاءَ وَ تَكُونُ الْقُلَّةُ أَمَامِي قَالَ فَقَالَ لِي فَاخْطُ إِلَيْهَا الْخُطْوَةَ وَ الْخُطْوَتَيْنِ وَ الثَّلَاثَ وَ اشْرَبْ وَ ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ وَ لَا تَقْطَعْ عَلَى نَفْسِكَ الدُّعَاءَ.

1422- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَنْتَ انْصَرَفْتَ مِنَ الْوَتْرِ فَقُلْ- سُبْحَانَ رَبِّيَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا بَرُّ يَا رَحِيمُ يَا غَنِيُّ يَا كَرِيمُ ارْزُقْنِي مِنَ التِّجَارَةِ أَعْظَمَهَا فَضْلًا وَ أَوْسَعَهَا رِزْقاً وَ خَيْرَهَا لِي عَاقِبَةً فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيمَا لَا عَاقِبَةَ لَهُ.

بَابُ الْقَوْلِ فِي الضَّجْعَةِ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَ رَكْعَتَيِ الْغَدَاةِ

اضْطَجِعْ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَ رَكْعَتَيِ الْغَدَاةِ عَلَى يَمِينِكَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ قُلْ فِي ضَجْعَتِكَ- اسْتَمْسَكْتُ بِعُرْوَةِ اللَّهِ الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصامَ لَها وَ اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ اللَّهِ الْمَتِينِ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ سُبْحَانَ رَبِّ الصَّبَاحِ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ سُبْحَانَ رَبِّ الصَّبَاحِ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ-

______________________________

 (1). المراد بالاضطجاع الرقدة دون النوم و ظاهر الروايات استحبابه بين صلاة الليل و ركعتى الفجر. و ظاهر المؤلّف استحبابه بين نافلة الصبح و فريضته كما في الباب الآتي و روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 174 بإسناده عن سليمان المروزى قال: «قال أبو الحسن الأخير عليه السلام: اياك و النوم بين صلاة الليل و الفجر و لكن ضجعة بلا نوم». و قال الشيخ يجوز بدلا من الاضطجاع السجدة و المشى و الكلام. ثم استدلّ بروايتين عن الرضا عليه السلام و عن الصادق سلام اللّه عليه.

494
من لا يحضره الفقيه1

باب المواضع التي يستحب أن يقرأ فيها قل هو الله أحد و قل يا أيها الكافرون ص : 495

سُبْحَانَ رَبِّ الصَّبَاحِ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ- ثُمَّ تَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي لِلَّهِ فَوَّضْتُ‏ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ‏ أَطْلُبُ حَاجَتِي مِنَ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ حَسْبِيَ‏ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ‏ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدْراً اللَّهُمَّ وَ مَنْ أَصْبَحَ وَ حَاجَتُهُ إِلَى مَخْلُوقٍ فَإِنَّ حَاجَتِي وَ رَغْبَتِي إِلَيْكَ وَ تَقْرَأُ خَمْسَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ‏ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ إِلَى قَوْلِهِ‏ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ «1» وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ.

1423- فَإِنَّهُ رُوِيَ‏ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَ رَكْعَتَيِ الْغَدَاةِ وَقَى اللَّهُ وَجْهَهُ حَرَّ النَّارِ وَ مَنْ قَالَ مِائَةَ مَرَّةٍ- سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ- بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ مَنْ قَرَأَ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ فَإِنْ قَرَأَهَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً غَفَرَ اللَّهُ لَهُ.

بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ فِيهَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏

1424- لَا تَدَعْ أَنْ تَقْرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَ رَكْعَتَيِ الزَّوَالِ وَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَ رَكْعَتَيِ الْإِحْرَامِ وَ الْفَجْرِ إِذَا أَصْبَحْتَ بِهَا «2».

______________________________

 (1). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 174 بتقديم و تأخير و زيادة و نقص عن سليمان ابن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

 (2). روى الكليني في الكافي ج 3 ص 316 و الشيخ ج 1 ص 155 من التهذيب بهذا المضمون خبرا عن معاذ بن مسلم عن الصادق عليه السلام.

495
من لا يحضره الفقيه1

باب أفضل النوافل ص : 496

بَابُ أَفْضَلِ النَّوَافِلِ‏

قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَفْضَلَ النَّوَافِلِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَ بَعْدَهُمَا رَكْعَةُ الْوَتْرِ وَ بَعْدَهَا رَكْعَتَا الزَّوَالِ وَ بَعْدَهُمَا نَوَافِلُ الْمَغْرِبِ وَ بَعْدَهَا تَمَامُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَ بَعْدَهَا تَمَامُ نَوَافِلِ النَّهَارِ.

بَابُ قَضَاءِ صَلَاةِ اللَّيْلِ‏

1425- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ كُلُّ مَا فَاتَكَ بِاللَّيْلِ فَاقْضِهِ بِالنَّهَارِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً «1»

يَعْنِي أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلُ مَا فَاتَهُ بِاللَّيْلِ بِالنَّهَارِ وَ مَا فَاتَهُ بِالنَّهَارِ بِاللَّيْلِ وَ اقْضِ مَا فَاتَكَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَيَّ وَقْتٍ شِئْتَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ مَا لَمْ يَكُنْ وَقْتُ فَرِيضَةٍ «2» وَ إِنْ فَاتَتْكَ فَرِيضَةٌ فَصَلِّهَا إِذَا ذَكَرْتَ فَإِنْ ذَكَرْتَهَا وَ أَنْتَ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ أُخْرَى فَصَلِّ الَّتِي أَنْتَ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ صَلِّ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ «3».

______________________________

 (1). رواه الشيخ في الموثق عن عنبسة العابد ج 1 ص 214 من التهذيب.

 (2). لعل ذلك لورود النهى في الاخبار عن التطوع في وقت الفريضة، ففي التهذيب ج 1 ص 183 مسندا عن إسماعيل بن عيسى قال: «سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يصلى الأولى ثمّ يتنفل فيدركه وقت العصر من قبل أن يفرغ من نافلته فيبطئ بالعصر ثمّ يقضى نافلته بعد العصر أو يؤخرها حتّى يصليها في وقت آخر؟ قال: يصلى العصر و يقضى نافلته في يوم آخر». و في آخر عن الصادق عليه السلام: «إذا دخل وقت صلاة مفروضة فلا تطوع» و مثله أيضا عن الباقر عليه السلام.

 (3). ظاهر المؤلّف تقديم الحاضرة على الفائتة و يدلّ عليه أخبار منها موثق إسماعيل ابن همام عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال: «فى الرجل يؤخر الظهر حتّى يدخل وقت العصر فانه يبدأ بالعصر ثمّ يصلى الظهر» (التهذيب ج 1 ص 213) و في قبالها أخبار منها ما رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا فاتتك-

496
من لا يحضره الفقيه1

باب قضاء صلاة الليل ص : 496

1426- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ قَضَاءُ صَلَاةِ اللَّيْلِ بَعْدَ الْغَدَاةِ وَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ الْمَخْزُونِ‏ «1».

وَ قَدْ رُوِيَ نَهْيٌ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ عِنْدَ غُرُوبِهَا لِأَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَ تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ‏ «2» إِلَّا أَنَّهُ رَوَى لِي جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا.

______________________________

- صلاة فذكرتها في وقت اخرى فان كنت تعلم أنك إذا صليت التي قد فاتتك كنت في الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان اللّه عزّ و جلّ يقول: «أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي»، و ان كنت تعلم أنك ان صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها أيضا فابدأ بالتي أنت في وقتها و اقض الأخرى» و في آخر عن سهل بن زياد عن محمّد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل نسى الظهر حتّى دخل وقت العصر؟ قال: يبدأ بالظهر، و كذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت الا أن تخاف أن يخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في وقتها ثمّ تقضى ما نسيت».

 (1). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 185 و الاستبصار ج 1 ص 290 بسند حسن كالصحيح، و هو من سرهم المخزون لان العامّة يحرمون الصلاة في هذين الوقتين مع أنهم رووا في كثير من أخبارهم أن النبيّ كان يصلّي في هذين الوقتين و قد أخرجت جملة من رواياتهم في هامش الخصال (ص 69 الى 72). و في التهذيب ج 1 ص 185 بإسناده عن عليّ بن بلال قال:

 «كتب إليه (يعنى الهادى عليه السلام) في قضاء النافلة من طلوع الفجر الى طلوع الشمس و من بعد العصر الى أن تغيب الشمس؟ فكتب: لا يجوز ذلك الا للمقتضى فاما لغيره فلا».

 (2). في الكافي ج 3 ص 180 بسند صحيح عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه- السلام- في حديث- قال: «انما تكره الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها- الى أن قال:- لانها تغرب بين قرنى شيطان و تطلع بين قرنى شيطان».

و فيه أيضا ج 3 ص 290 عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه رفعه قال: «قال رجل لابى عبد اللّه عليه السلام: الحديث الذي روى عن أبي جعفر عليه السلام «ان الشمس تطلع بين قرنى الشيطان، قال: نعم ان إبليس اتخذ عرشا بين السماء و الأرض فإذا طلعت الشمس و سجد في ذلك الوقت الناس قال إبليس لشياطينه: ان بني آدم يصلون لي».

و طلوع الشمس و غروبها بين قرنى الشيطان هو الكناية عن شدة تسلط الشيطان على بني آدم في هذين الوقتين. و قيل فيه وجوه أخر- راجع الجواهر كتاب الصلاة اوقات الصلاة في كراهة النوافل المبتدأة عند الطلوع و الغروب- و هامش الكافي ج 3 ص 18.

497
من لا يحضره الفقيه1

باب قضاء صلاة الليل ص : 496

1427- عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ فِيمَا وَرَدَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ‏ وَ أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ عِنْدَ غُرُوبِهَا فَلَئِنْ كَانَ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَ تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَمَا أُرْغِمَ أَنْفُ الشَّيْطَانِ بِشَيْ‏ءٍ أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ فَصَلِّهَا وَ أَرْغِمْ أَنْفَ الشَّيْطَانِ‏ «1».

1428- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَيُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ بِالْعَبْدِ يَقْضِي صَلَاةَ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ فَيَقُولُ يَا مَلَائِكَتِي انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي يَقْضِي مَا لَمْ أَفْتَرِضْهُ عَلَيْهِ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ.

1429- وَ رَوَى بُرَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: أَفْضَلُ قَضَاءِ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فَاتَتْكَ آخِرِ اللَّيْلِ وَ لَيْسَ بَأْسٌ أَنْ تَقْضِيَهَا بِالنَّهَارِ «2» وَ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ.

1430- وَ رُوِيَ عَنْ مُرَازِمِ بْنِ حَكِيمٍ الْأَزْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَرِضْتُ أَرْبَعَةَ

______________________________

 (1). يدل هذا الخبر على أن الخبر المشهور من مفتريات العامّة و كان وروده عنهم عليهم السلام من جهة التقية، و يمكن تأويلها بغير النوافل المبتدأة من قضاء الفرائض و النوافل الموقتة (م ت). أقول في الاستبصار ج 1 ص 29 بإسناده عن محمّد الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «لا صلاة بعد الفجر حتّى تطلع الشمس فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ان الشمس تطلع بين قرنى الشيطان و تغرب بين قرنى الشيطان و قال: لا صلاة بعد العصر حتّى تصلى المغرب» و فيه بإسناده عن معاوية بن عمّار عنه عليه السلام قال: «لا صلاة بعد العصر حتّى تصلى المغرب و لا صلاة بعد الفجر حتّى تطلع الشمس»، و قال الشيخ- رحمه اللّه-: الوجه في هذه الأخبار و ما جانسها أحد شيئين أحدهما أن تكون محمولة على التقية لانها موافقة لمذهب العامّة، و الثاني أن تكون محمولة على كراهة ابتداء النوافل في هذين الوقتين و ان لم يكن ذلك محظورا لانه قد رويت رخصة في جواز الابتداء بالنوافل في هذين الوقتين».

 (2). في التهذيب ج 1 ص 213 بإسناده الصحيح عن حسان بن مهران قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قضاء النوافل قال: ما بين طلوع الشمس الى غروبها».

498
من لا يحضره الفقيه1

باب قضاء صلاة الليل ص : 496

أَشْهُرٍ لَمْ أُصَلِّ نَافِلَةً فِيهَا فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي مَرِضْتُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَمْ أُصَلِّ نَافِلَةً فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ قَضَاءٌ إِنَّ الْمَرِيضَ لَيْسَ كَالصَّحِيحِ كُلُّ مَا غَلَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ فِيهِ‏ «1».

1431- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ مَرِضَ فَتَرَكَ النَّافِلَةَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ إِنْ قَضَاهَا فَهُوَ خَيْرٌ يَفْعَلُهُ وَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

1432- وَ سَأَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ قَضَاءِ الْوَتْرِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَالَ اقْضِهِ وَتْراً أَبَداً كَمَا فَاتَكَ.

1433- وَ سَأَلَهُ حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ‏ أُصْبِحُ عَنِ الْوَتْرِ إِلَى اللَّيْلِ‏ «2» فَكَيْفَ أَقْضِي فَقَالَ مِثْلًا بِمِثْلٍ‏ «3».

______________________________

 (1). في الكافي ج 3 ص 451 عن على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مرازم قال:

 «سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: أصلحك اللّه ان على نوافل كثيرة فكيف أصنع؟ قال: اقضها، فقال له: انها أكثر من ذلك، قال: اقضها، قلت: لا احصيها، قال: توخّ. قال مرازم: و كنت مرضت- الخبر». و هكذا في التهذيب ج 1 ص 192.

 (2). أي صارت صلاتي قضاء و ما صليتها الى الليل.

 (3). اعلم أن التأكيدات التي وردت في الاخبار الظاهر أنّها للرّدّ على العامّة فانهم يقضون بعد الزوال شفعا، و الاخبار التي وردت من طرقنا كذلك محمولة على التقية (م ت) و في التذكرة حكى عن الشافعى القول بالمماثلة في القضاء، و قد روى الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 293 بإسناده عن الفضيل قال: «سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «يقضيه من النهار ما لم تزل الشمس وترا فإذا زالت الشمس فمثنى مثنى» و عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: «الوتر ثلاث ركعات الى زوال الشمس فإذا زالت فأربع ركعات» و عن كردويه الهمدانيّ قال: «سألت أبا الحسن عليه السلام عن قضاء الوتر؟ فقال: ما كان بعد الزوال فهو شفع ركعتين ركعتين» و حملها الشيخ تارة على القضاء قاعدا و تارة على متعمد الترك عقوبة لما تضمنه مقطوعة زرارة قال: «متى قضيته نهارا بعد ذلك اليوم قضيته شفعا، تضيف إليه اخرى حتّى يكون شفعا، قال: قلت: و لم جعل الشفع؟ قال: لتضييعه الوتر».

 (الاستبصار ج 1 ص 294).

499
من لا يحضره الفقيه1

باب معرفة الصبح و القول عند النظر إليه ص : 500

1434- وَ رَوَى عَنْهُ‏ «1» حَرِيزٌ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبِي ع رُبَّمَا قَضَى عِشْرِينَ وَتْراً فِي لَيْلَةٍ.

1435- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَبَا إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ الرَّجُلِ يَفُوتُهُ الْوَتْرُ فَقَالَ يَقْضِيهِ وَتْراً أَبَداً.

بَابُ مَعْرِفَةِ الصُّبْحِ وَ الْقَوْلِ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَيْهِ‏

1436- رَوَى عَلِيُّ بْنُ عَطِيَّةَ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: الْفَجْرُ هُوَ الَّذِي إِذَا رَأَيْتَهُ كَانَ مُعْتَرِضاً كَأَنَّهُ بَيَاضُ‏ «3» نَهَرِ سُورَى.

______________________________

 (1). دل على أنّه عليه السلام قد منع الوتر كثيرا (مراد) أقول: فى الجواهر:

 «و بالى أن بعض العامّة منع من تعدّد الوتر في ليلة واحدة و لو قضاء».

و الظاهر بحسب العبارة أن المروى عنه هو أبو جعفر عليه السلام لكن الظاهر أن المراد هو الصادق عليه السلام لان حريز بن عبد اللّه السجستانيّ كان من أصحابه لا من أصحاب أبى جعفر الباقر عليه السلام. (سلطان).

 (2). الطريق فيه عليّ بن حسان و هو ان كان الواسطى فهو صحيح و ان كان الهاشمى فضعيف (صه) و قال صاحب منهج المقال: و كانه الواسطى فان الظاهر رواية الهاشمى عن عمه عبد الرحمن بن كثير. أقول: رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 283 عن على عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن عليّ بن عطية فهو حسن كالصحيح.

 (3). كذا في جميع النسخ- يعنى بالباء الموحدة ثمّ الياء المثناة التحتانية-: ضد السواد و هو المعروف لكن ذكر الشيخ بهاء الملّة و الدين- قدّس سرّه- في الحبل المتين المراد ببياضها نهرها كما في رواية هشام بن هذيل عن الكاظم عليه السلام و قد سأله «عن وقت صلاة الصبح، فقال: حين تعرض الفجر فتراه كانه نهر سورى» انتهى كلامه في المتن و كتب طاب ثراه في الحاشية: أن النباض بالنون و الباء الموحدة و آخره الضاد معجمة و أصله من نبض-

500
من لا يحضره الفقيه1

باب كراهية النوم بعد الغداة ص : 501

1437- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ وَقْتَ الْغَدَاةِ إِذَا اعْتَرَضَ الْفَجْرُ فَأَضَاءَ حَسَناً «1».

وَ أَمَّا الْفَجْرُ الَّذِي يُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ فَذَاكَ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ وَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ هُوَ الْمُعْتَرِضُ كَالْقَبَاطِيِ‏ «2».

1438- وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَقُولُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ- الْحَمْدُ لِلَّهِ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْمَسَاءِ وَ الصَّبَاحِ اللَّهُمَّ صَبِّحْ آلَ مُحَمَّدٍ بِبَرَكَةٍ وَ عَافِيَةٍ وَ سُرُورٍ وَ قُرَّةِ عَيْنٍ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تُنْزِلُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ مَا تَشَاءُ فَأَنْزِلْ عَلَيَّ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِي مِنْ بَرَكَةِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ رِزْقاً حَلَالًا طَيِّباً وَاسِعاً تُغْنِينِي بِهِ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ.

بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّوْمِ بَعْدَ الْغَدَاةِ

1439- رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ النَّوْمِ بَعْدَ الْغَدَاةِ فَقَالَ إِنَّ الرِّزْقَ يُبْسَطُ تِلْكَ السَّاعَةَ فَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ تِلْكَ السَّاعَةَ.

1440- وَ رَوَى جَابِرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ إِبْلِيسَ إِنَّمَا يَبُثُّ جُنُودَ

______________________________

- الماء إذا سال و ربما قرئ بالباء الموحدة ثمّ الياء المثناة من تحت- انتهى.

و الظاهر أن النباض بالنون تصحيف لوجود النهر مع البياض. و قال الفيض في الوافي النباض بالنون و الباء الموحدة من نبض الماء إذا سال، و ربما قرء بالموحدة ثمّ الياء المثناة من تحت». و سورى على وزن بشرى موضع بالعراق و هو بلد السريانيين و موضع من أعمال بغداد.

 (1). روى الشيخ بإسناده عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلى ركعتى الصبح- و هي الفجر- اذا اعترض الفجر و أضاء حسنا» التهذيب ج 1 ص 143 و الاستبصار ج 1 ص 274.

 (2). القباطى: ثياب بيض رقاق يجلب من مصر، واحدها قبطى- بضم القاف- نسبة الى القبط- بكسر القاف- و هم أهل مصر.

501
من لا يحضره الفقيه1

باب كراهية النوم بعد الغداة ص : 501

اللَّيْلِ مِنْ حِينِ تَغِيبُ الشَّمْسُ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَ يَبُثُّ جُنُودَ النَّهَارِ مِنْ حِينِ يَطْلُعُ الْفَجْرُ إِلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَ ذَكَرَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ع كَانَ يَقُولُ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي هَاتَيْنِ السَّاعَتَيْنِ وَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ شَرِّ إِبْلِيسَ وَ جُنُودِهِ وَ عَوِّذُوا صِغَارَكُمْ فِي هَاتَيْنِ السَّاعَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا سَاعَتَا غَفْلَةٍ.

1441- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ نَوْمَةُ الْغَدَاةِ مَشُومَةٌ تَطْرُدُ الرِّزْقَ وَ تُصَفِّرُ اللَّوْنَ وَ تُقَبِّحُهُ وَ تُغَيِّرُهُ وَ هُوَ نَوْمُ كُلِّ مَشْئُومٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقْسِمُ الْأَرْزَاقَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِيَّاكُمْ وَ تِلْكَ النَّوْمَةَ.

1442- وَ قَالَ الْبَاقِرُ ع‏ النَّوْمُ أَوَّلَ النَّهَارِ خُرْقٌ وَ الْقَائِلَةُ نِعْمَةٌ «1» وَ النَّوْمُ بَعْدَ الْعَصْرِ حُمْقٌ وَ النَّوْمُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ يَحْرِمُ الرِّزْقَ.

وَ النَّوْمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ‏ «2» نَوْمُ الْأَنْبِيَاءِ ع عَلَى أَقْفِيَتِهِمْ لِمُنَاجَاةِ الْوَحْيِ وَ نَوْمُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَيْمَانِهِمْ وَ نَوْمُ الْكُفَّارِ عَلَى يَسَارِهِمْ وَ نَوْمُ الشَّيَاطِينِ عَلَى وُجُوهِهِمْ.

______________________________

 (1). الخرق- بضم الخاء-: الحمق، و ضعف العقل، و الجهل، و الفقر، و في القاموس المخروق: المحروم لا يقع في كفه شي‏ء. و القائلة: الظهيرة يقال: أتانا عند القائلة، و قد يكون أيضا بمعنى القيلولة و هي النوم في الظهيرة.

و قال الفاضل التفرشى: قوله «القائلة نعمة» اما منصوب عطفا على أول النهار فيكون القائلة بمعنى الوقت أي النوم القائلة نعمة، و اما مرفوع مبتداء و الجملة معطوفة على السابقة بمعنى النوم في ذلك الوقت و هو الظهيرة.

 (2). قوله: «و النوم على أربعة أوجه» يحتمل قويا كونه من كلام المؤلّف أخذه من حديثين أحدهما رواه في العيون و الخصال ص 262 عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «النوم على أربعة أوجه- الخ» فى جواب رجل شامى سأله، و الآخر ما رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 513 في حديث عن أحمد بن إسحاق عن أبي محمّد العسكريّ عليه السلام قال: «فقلت: يا سيدى روى لنا عن آبائك أن نوم الأنبياء على أقفيتهم و نوم المؤمنين على أيمانهم، و نوم المنافقين على شمائلهم، و نوم الشياطين على وجوههم؟ فقال: كذلك هو».

502
من لا يحضره الفقيه1

باب كراهية النوم بعد الغداة ص : 501

1443- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ رَأَيْتُمُوهُ نَائِماً عَلَى وَجْهِهِ فَأَنْبِهُوهُ.

1444- وَ قَالَ ع‏ ثَلَاثَةٌ فِيهِنَّ الْمَقْتُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ نَوْمٌ مِنْ غَيْرِ سَهَرٍ وَ ضَحِكٌ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ وَ أَكْلٌ عَلَى الشِّبَعِ‏ «1».

1445- وَ أَتَى أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ ذَكُوراً وَ إِنِّي صِرْتُ نَسِيّاً فَقَالَ أَ كُنْتَ تَقِيلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ تَرَكْتَ ذَاكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ عُدْ فَعَادَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ ذِهْنُهُ‏ «2».

1446- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: خَمْسَةٌ لَا يَنَامُونَ الْهَامُّ بِدَمٍ يَسْفِكُهُ وَ ذُو الْمَالِ الْكَثِيرِ لَا أَمِينَ لَهُ وَ الْقَائِلُ فِي النَّاسِ الزُّورَ وَ الْبُهْتَانَ عَنْ عَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا يَنَالُهُ وَ الْمَأْخُوذُ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ وَ لَا مَالَ لَهُ وَ الْمُحِبُّ حَبِيباً يَتَوَقَّعُ فِرَاقَهُ‏ «3».

1447- وَ رُوِيَ‏ قِيلُوا «4» فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُ الصَّائِمَ فِي مَنَامِهِ وَ يَسْقِيهِ.

1448- وَ رُوِيَ‏ قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ.

1449- وَ قَالَ ع‏ نَوْمُ الْغَدَاةِ شُؤْمٌ يَحْرِمُ الرِّزْقَ وَ يُصَفِّرُ اللَّوْنَ وَ كَانَ الْمَنُّ وَ السَّلْوَى يَنْزِلُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَمَنْ نَامَ تِلْكَ السَّاعَةَ لَمْ يَنْزِلْ نَصِيبُهُ فَكَانَ إِذَا انْتَبَهَ فَلَا يَرَى نَصِيبَهُ احْتَاجَ إِلَى السُّؤَالِ وَ الطَّلَبِ‏ «5».

______________________________

 (1). رواه المؤلّف في الخصال بسند فيه جهالة و ارسال.

 (2). رواه الحميري في قرب الإسناد ص 34 مسندا عن الصادق عن أبيه عليهما السلام بلفظ آخر.

 (3). رواه المصنّف في الخصال بسند حسن و لا مناسبة له بالباب و يمكن أن يقال:

اذا كان هؤلاء الجماعة لا ينامون لاجل أمور سهلة باطلة فلا ينبغي لا ناس لهم غرض صحيح أن يناموا.

 (4). بالتخفيف صيغة الامر للجمع من قال يقيل قيلا و قيلولة أي نام نصف النهار.

 (5). رواه الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب مسندا ج 1 ص 174 بزيادة فيه و اختلاف.

503
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

1450- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً قَالَ الْمَلَائِكَةُ تُقَسِّمُ أَرْزَاقَ بَنِي آدَمَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَمَنْ يَنَامُ فِيمَا بَيْنَهُمَا يَنَامُ عَنْ رِزْقِهِ.

1451- وَ رَوَى مُعَمَّرُ بْنُ خَلَّادٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: كَانَ وَ هُوَ بِخُرَاسَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ‏ «1» ثُمَّ يُؤْتَى بِخَرِيطَةٍ «2» فِيهَا مَسَاوِيكُ فَيَسْتَاكُ بِهَا وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ ثُمَّ يُؤْتَى بِكُنْدُرٍ فَيَمْضَغُهُ ثُمَّ يَدَعُ ذَلِكَ فَيُؤْتَى بِالْمُصْحَفِ فَيَقْرَأُ فِيهِ‏ «3».

1452- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ سَتَرَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ.

بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ‏

1453- رَوَى جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ فَرِيضَةٌ وَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ فَرِيضَةٌ.

______________________________

 (1). روى الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب ج 1 ص 227 و الاستبصار ج 1 ص 350 بسند حسن عن معمر بن خلّاد أيضا قال: «أرسل الى أبو الحسن الرضا عليه السلام في حاجة فدخلت عليه فقال: انصرف فإذا كان غدا فتعال و لا تجئ الا بعد طلوع الشمس فانى أنام إذا صليت الفجر». قال الشيخ- رحمه اللّه-: يجوز أن يكون عليه السلام انما نام لعذر كان به.

و قال المولى المجلسيّ في بيان خبر المتن: أما ما روى من جواز النوم فمحمول على الضرورة أو الجواز مع الكراهة الشديدة جمعا.

 (2). الخريطة وعاء من أدم و غيره، يشرج على ما فيه. (القاموس).

 (3). يدل على استحباب الجلوس في المصلى للتعقيب و على استحباب اكثار السواك بعده لقراءة القرآن أو مطلقا و كذا مضغ الكندر و استحباب قراءة القرآن في المصحف و ان كان حافظا له و قادرا على قراءته عن ظهر القلب كما تدلّ عليه أخبار. (م ت).

504
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

يَعْنِي أَنَّهُمَا مِنْ صِغَارِ الْفَرَائِضِ وَ صِغَارُ الْفَرَائِضِ سُنَنٌ لِرِوَايَةِ حَرِيزٍ «1».

______________________________

 (1). الظاهر أن المصنّف أراد من كونهما من صغار الفرائض أنهما ليستا بمفروضتين في القرآن، و المتبادر من الفرض ما كان في القرآن، و قوله: «لرواية حريز» استشهاد على أن الوجوب في العيدين ليس من القرآن لا على أنهما مستحبتان لان السنة يراد بها الندب، و حينئذ لا دلالة في كلامه على عدم الوجوب، و لا يخفى أن كلام الصادق عليه السلام و ان كان ظاهره العموم فيتناول زمن الغيبة فيدل على وجوب العيدين مطلقا الا أنّه يمكن أن يوجه بان الكلام حال وجوده عليه السلام، و بعده حكم آخر. و ظاهر المنتهى أن اتفاق الاصحاب واقع على اشتراط السلطان العادل أو من نصبه، و احتج له بأخبار. و في الإجماع تأمل، و أمّا الاخبار فأورد عليها شيخنا- رحمه اللّه- بأن الظاهر أن المراد بالامام امام الجماعة لا امام الأصل كما يظهر من تنكير الامام في بعضها. (الشيخ محمّد).

أقول: هذا الحمل لا يلائم قوله عليه السلام في خبر سماعة الآتي «و ان صليت وحدك فلا بأس» مع أنّه عليه السلام قال قبله: «لا صلاة في العيدين الا مع امام» الا أن يقال: المراد نفى الكمال أي لا صلاة كاملة. و قال أستادنا الشعرانى: تنكير الامام لا ينافى اشتراط السلطان العادل لان من يقول بالاشتراط لا يوجب الصلاة حتما بل يقول بوجوب الصلاة مع امام من أئمة الدّين لهم هذا المنصب سواء كان الامام الأصل أو من نصبه اذ ليس هو بنفسه الشريفة حاضرا في جميع البلاد في جميع الأزمنة و لا يكفى اقتداء بعض الرّعية ببعض ممن ليس الإمامة منصبا له بل هذا هو المتبادر الى الذهن من الامام لا امام الجماعة كما يدلّ عليه حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قلت له: متى يذبح؟ قال إذا انصرف الامام، قلت: فاذا كنت في أرض ليس فيها امام- الخ». و لا ريب أنّه لا يتصور أرض ليس فيها رجل عادل يصحّ الاقتداء به بل لا يحسن أن يقال: يشترط في الفعل الفلانى ذلك الا مع إمكان عدم وجوده و امام الجماعة لا يتصوّر عدم وجوده في زمان و مكان، و أمّا عدم الامام المنصوب فيمكن أن يتّفق كثيرا و لذا لا تجد مثل هذا الاشتراط في اليومية و جماعتها، و بالجملة لا ريب في اشتراط السلطان العادل أو من نصبه في فرضيّة صلاة العيدين، و لو لم يكن لنا دليل على صحّة الصلاة ندبا مع عدم الامام لقلنا بعدم مشروعيّة الانفراد فيها لان مفاد «لا صلاة الا بامام» عدم الماهيّة لكن نحملها على عدم الصلاة المعهودة المجعولة أولا الواجبة بالوجوب العينى و أنّها منفية بدون الامام بقرينة الأدلة الأخرى الدالة على صحتها منفردا.

505
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

1454- عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ سُنَّةٌ «1» وَ لَيْسَ قَبْلَهُمَا وَ لَا بَعْدَهُمَا صَلَاةٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى الزَّوَالِ.

وَ وُجُوبُ الْعِيدِ إِنَّمَا هُوَ مَعَ إِمَامٍ عَدْلٍ‏ «2».

1455- وَ رَوَى سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَّا مَعَ إِمَامٍ وَ إِنْ صَلَّيْتَ وَحْدَكَ فَلَا بَأْسَ.

1456- وَ رَوَى زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا صَلَاةَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى إِلَّا مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ‏ «3».

1457- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ صَلَاةِ الْأَضْحَى وَ الْفِطْرِ فَقَالَ صَلِّهِمَا رَكْعَتَيْنِ‏

______________________________

 (1). الظاهر أن مراد الصدوق (ره) في الجمع بين الروايتين أنّه ظهر وجوبهما من السنّة لا من القرآن لانه ليس فيه ما يدلّ صريحا على وجوبهما كما ذكره الاصحاب اذ مراتب الوجوب مختلفة فما يكون مؤكّدا يسمى بالفريضة كصلاة اليومية و الجمعة و ما لم يكن مؤكدا يسمى سنّة، و يمكن الجمع بينهما بأن يحمل الخبر الثاني على التقيّة أو على عدم استجماع الشرائط كما في زمن أكثر الأئمّة عليهم السلام من استيلاء أئمة الجور. (م ت)

قال استاذنا الشعرانى: وجه الحمل على التقية أنّ فقهاء أهل السنّة متّفقون على عدم كون صلاة العيدين واجبة، و الحنفيّة و ان عبروا عنها بالوجوب لكن الوجوب في اصطلاحهم غيره في اصطلاحنا و يريدون به ما يأثم المكلف بتركه من غير أن يعاقب بالنار و انما يحرم من الشفاعة.

 (2). من كلام المؤلّف كما يظهر من التهذيب.

 (3). أي لا صلاة واجبة الا مع امام من الأئمّة الذين تكون الإمامة لهم منصبا، و قال الفيض- رحمه اللّه-: يعنى لا صلاة فريضة الا مع امام مرضى يجوز الاقتداء به كما يشعر به تنكير لفظ الامام كما في أكثر النسخ و أصحها، و يجوز أن يكون المراد بالامام: المعصوم عليه السلام فلا تكون واجبة الا مع حضوره صلوات اللّه عليه فان الاخبار ليست محكمة في أحد المعنيين بل متشابهة فيهما و قال في الفقيه: «و وجوب العيد انما هو مع امام عادل» و هو أيضا متشابه و على التقديرين يجوز فعلها مع فقد هذا الشرط على جهة الاستحباب كما يظهر من الاخبار.

506
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

فِي جَمَاعَةٍ أَوْ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ وَ كَبِّرْ سَبْعاً وَ خَمْساً «1».

1458- وَ رَوَى مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَرِضَ أَبِي ع يَوْمَ الْأَضْحَى فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ضَحَّى.

1459- وَ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ لَمْ يَشْهَدْ جَمَاعَةَ النَّاسِ فِي الْعِيدَيْنِ فَلْيَغْتَسِلْ وَ لْيَتَطَيَّبْ بِمَا وَجَدَ وَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ كَمَا يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ «2».

1460- وَ رَوَى هَارُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْغَنَوِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْخُرُوجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى إِلَى الْجَبَّانَةِ حَسَنٌ لِمَنِ اسْتَطَاعَ الْخُرُوجَ إِلَيْهَا قَالَ فَقُلْتُ أَ رَأَيْتَ إِنْ كَانَ مَرِيضاً لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ أَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ فَقَالَ لَا «3».

1461- وَ رَوَى ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ غُسْلِ الْأَضْحَى- قَالَ وَاجِبٌ إِلَّا بِمِنًى‏ «4».

1462- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ غُسْلَ الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ.

1463- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى وَ يَوْمِ عَرَفَةَ- قَالَ نَعَمْ عَلَيْهَا الْغُسْلُ كُلُّهُ.

______________________________

 (1). سبعا في الركعة الأولى أولها لتكبيرة الاحرام و سابعها للركوع. و خمسا للثانية خامسها للركوع و البقية في الأولى و الثانية للقنوت.

 (2). قال في المدارك: استحباب الصلاة في العيدين على الانفراد مع تعذر الجماعة قول أكثر الاصحاب، و نقل عن ظاهر الصدوق (ره) في المقنع و ابن أبي عقيل عدم مشروعية الانفراد فيهما.

 (3). أي ليس بواجب عليه ذلك و ان كان لو صلى منفردا في بيته استحق الثواب كما في التهذيب.

 (4). أي سنة لازمة لا ينبغي تركها و قيل بالوجوب، و الحق أن قوله: «الا بمنى» منزل على تأكد الاستحباب لصراحة جملة من الاخبار في عدم وجوبه، و لعلّ استثناء منى لتعذر الماء فيه.

507
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

وَ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ الْإِنْسَانُ- يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمُصَلَّى وَ لَا يَأْكُلَ فِي الْأَضْحَى إِلَّا بَعْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى.

1464- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَأْكُلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى وَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَذْبَحَ.

1465- وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا تَخْرُجْ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى تَطْعَمَ شَيْئاً وَ لَا تَأْكُلْ يَوْمَ الْأَضْحَى شَيْئاً إِلَّا مِنْ هَدْيِكَ‏ «1» وَ أُضْحِيَّتِكَ إِنْ قَوِيتَ عَلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ تَقْوَ فَمَعْذُورٌ «2» قَالَ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْأَضْحَى شَيْئاً حَتَّى يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ وَ يُؤَدِّيَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ قَالَ وَ كَذَلِكَ نَحْنُ.

1466- وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: السُّنَّةُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنْ يَبْرُزُوا مِنْ أَمْصَارِهِمْ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَّا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

1467- وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ رِئَابٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ تُصَلَّى صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ فِي مَسْجِدٍ مُسَقَّفٍ وَ لَا فِي بَيْتٍ إِنَّمَا تُصَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي مَكَانٍ بَارِزٍ.

1468- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع‏ أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى أَبَى أَنْ يُؤْتَى بِطِنْفِسَةٍ «3» يُصَلِّي عَلَيْهَا يَقُولُ هَذَا يَوْمٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَخْرُجُ فِيهِ حَتَّى يَبْرُزَ لآِفَاقِ السَّمَاءِ ثُمَّ يَضَعُ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ.

1469- وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَ رَأَيْتَ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ هَلْ فِيهِمَا أَذَانٌ وَ إِقَامَةٌ قَالَ لَيْسَ فِيهِمَا أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ وَ لَكِنْ يُنَادَى الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ لَيْسَ فِيهِمَا مِنْبَرٌ الْمِنْبَرُ لَا يُحَرَّكُ مِنْ مَوْضِعِهِ-

______________________________

 (1). في بعض النسخ «الا من هديتك» و لعله تصحيف.

 (2). أي ان لم تقدر على الاضحية.

 (3). الطنفسة: البساط الذي له خمل رقيق و هي ما تجعل تحت الرجل على كتفى البعير.

508
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

وَ لَكِنْ يُصْنَعُ لِلْإِمَامِ شِبْهُ الْمِنْبَرِ مِنْ طِينٍ فَيَقُومُ عَلَيْهِ فَيَخْطُبُ النَّاسَ ثُمَّ يَنْزِلُ.

1470- وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا تَقْضِ وَتْرَ لَيْلَتِكَ‏ «1» يَعْنِي فِي الْعِيدَيْنِ إِنْ كَانَ فَاتَكَ حَتَّى تُصَلِّيَ الزَّوَالَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.

1471- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُ‏ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: رَكْعَتَانِ مِنَ السُّنَّةِ لَيْسَ تُصَلَّيَانِ فِي مَوْضِعٍ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَ تُصَلَّى فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُخْرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص فَعَلَهُ‏ «3».

1472- وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ص عَنَزَةٌ فِي أَسْفَلِهَا عُكَّازٌ «4» يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَ يُخْرِجُهَا فِي الْعِيدَيْنِ يُصَلِّي إِلَيْهَا «5».

1473- وَ سَأَلَ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى إِذَا اجْتَمَعَا يَوْمَ‏

______________________________

 (1). هذا مبالغة في أن لا يصلى قبل صلاة العيد و لا بعده حتّى تزول الشمس حيث انه اذا منع من قضاء الوتر مع كونه مرغوبا فيه كان ممنوعا من غيره بطريق أولى. (مراد).

 (2). في بعض النسخ «محمّد بن الفضيل الهاشمى» و هو تصحيف.

 (3). لعل المراد أن المنع من التنفل قبل صلاة العيد عام و استثناء الركعتين من ذلك العموم للتأسى بالنبى صلّى اللّه عليه و آله، و قد يستثنى منه صلاة التحية لمن صلاها في المساجد. (مراد)

و قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: يكره التنفل قبل صلاة العيد و بعدها الى الزوال الا بمسجد المدينة فانه يصلى فيه ركعتين للرواية، و ألحق ابن الجنيد المسجد الحرام و كل موضع شريف يجتاز به.

 (4). العنزة بالتحريك- أطول من العصا و أقصر من الرمح و فيه زجّ كزجّ الرمح.

و العكازة: عصا ذات زج (الصحاح) فلعل المراد بالعكازة هنا الزج و هو الحديدة التي في أسفل الرمح. (مراد).

 (5). أي ينصبها أو يضعها عند الصلاة في جانب القبلة. (مراد) و في بعض النسخ «يصلى عليها» أقول: ذلك للسترة المستحبة و قد تقدم استحبابها سيما في الصحارى.

509
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

الْجُمُعَةِ قَالَ اجْتَمَعَا فِي زَمَانِ عَلِيٍّ ع فَقَالَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَأْتِ وَ مَنْ قَعَدَ فَلَا يَضُرُّهُ وَ لْيُصَلِّ الظُّهْرَ وَ خَطَبَ ع خُطْبَتَيْنِ جَمَعَ فِيهِمَا خُطْبَةَ الْعِيدِ وَ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ «1».

1474- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى‏ قَالَ مَنْ أَخْرَجَ الْفِطْرَةَ فَقِيلَ لَهُ‏ وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى‏ قَالَ خَرَجَ إِلَى الْجَبَّانَةِ فَصَلَّى.

1475- وَ فِي رِوَايَةِ السَّكُونِيِ‏ أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ لَمْ يَرْجِعْ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي بَدَأَ فِيهِ يَأْخُذُ فِي طَرِيقٍ غَيْرِهِ.

1476- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ الشُّخُوصَ فِي‏

______________________________

 (1). فكان عليه السلام قد أخر خطبة العيد الى وقت يصحّ معه خطبة الجمعة و ذكر فيها ما لخطبة العيد كالحث على الفطرة في الفطر و على التضحية في الأضحى و ما لخطبة الجمعة مثل قوله عليه السلام فيها: «و قد أمركم اللّه في كتابه بالسعى فيه». (مراد)

و قال في الشرائع: إذا اتّفق عيد و جمعة فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة، و على الامام أن يعلمهم ذلك في خطبته، و قيل: الترخيص مختص بمن كان نائيا عن البلد كأهل السواد دفعا لمشقة العود و هو أشبه. أقول روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 292 بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن موسى الخشّاب عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه (ع) «أن عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان يقول:

اذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فانه ينبغي للامام أن يقول للناس في خطبته الأولى:

انه قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصليهما جميعا، فمن كان مكانه قاصيا فأحب أن ينصرف عن الآخر فقد اذنت له». و قال محمّد بن أحمد بن يحيى: و أخذت هذا الحديث من كتاب محمّد ابن حمزة بن اليسع رواه عن محمّد بن الفضيل و لم أسمع أنا منه. و قال المولى المجلسيّ:

الظاهر أنّه عليه السلام اكتفى بخطبتين لهما لان خطبة العيد بعد صلاته و خطبة الجمعة قبلها فاكتفى بخطبتين لهما، و يحتمل أن يكون المراد بالجمع فراغه عليه السلام عن خطبة العيد عند الزوال فلما فرغ زالت و شرع في خطبة الجمعة لئلا يلزم المحذوران و يكون الجمع تجوزا.

510
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

يَوْمِ الْعِيدِ فَانْفَجَرَ الْفَجْرُ وَ أَنْتَ فِي الْبَلَدِ فَلَا تَخْرُجْ حَتَّى تَشْهَدَ ذَلِكَ الْعِيدَ «1».

1477- وَ رَوَى سَعْدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الرِّضَا ع‏ فِي الْمُسَافِرِ إِلَى مَكَّةَ وَ غَيْرِهَا هَلْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى قَالَ نَعَمْ إِلَّا بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ.

1478- وَ رَوَى جَابِرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص- إِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ نَادَى مُنَادٍ يَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكُمْ ثُمَّ قَالَ يَا جَابِرُ جَوَائِزُ اللَّهِ لَيْسَتْ كَجَوَائِزِ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ ثُمَّ قَالَ هُوَ يَوْمُ الْجَوَائِزِ.

1479- وَ نَظَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع إِلَى أُنَاسٍ فِي يَوْمِ فِطْرٍ يَلْعَبُونَ وَ يَضْحَكُونَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ وَ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ شَهْرَ رَمَضَانَ مِضْمَاراً لِخَلْقِهِ يَسْتَبِقُونَ فِيهِ بِطَاعَتِهِ إِلَى رِضْوَانِهِ فَسَبَقَ فِيهِ قَوْمٌ فَفَازُوا وَ تَخَلَّفَ آخَرُونَ فَخَابُوا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنَ الضَّاحِكِ اللَّاعِبِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُثَابُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ وَ يَخِيبُ فِيهِ الْمُقَصِّرُونَ وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ «2» لَشُغِلَ مُحْسِنٌ بِإِحْسَانِهِ وَ مُسِي‏ءٌ بِإِسَاءَتِهِ.

1480- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَا مِنْ عِيدٍ لِلْمُسْلِمِينَ أَضْحًى وَ لَا فِطْرٍ- إِلَّا وَ هُوَ يُجَدَّدُ فِيهِ لآِلِ مُحَمَّدٍ حُزْنٌ قِيلَ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ حَقَّهُمْ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ‏ «3».

وَ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ رَكْعَتَانِ فِي الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى وَ لَيْسَ قَبْلَهُمَا وَ لَا بَعْدَهُمَا شَيْ‏ءٌ وَ لَا يُصَلَّيَانِ إِلَّا مَعَ إِمَامٍ فِي جَمَاعَةٍ وَ مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الْإِمَامَ فِي جَمَاعَةٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَ لَيْسَ لَهُمَا أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ أَذَانُهُمَا طُلُوعُ الشَّمْسِ يَبْدَأُ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرُ وَاحِدَةً ثُمَ‏

______________________________

 (1). أي إذا أردت المسافرة في يوم العيد فلا تخرج الا بعد الإتيان بالصلاة. فيدل على كراهة السفر أو حرمته بعد الصبح ما لم يصل العيد كما قاله المولى المجلسيّ رحمه اللّه.

 (2). أي لو أزيل الانهماك في الاشتغال بالامور الدنيوية الذي هو كالغطاء في المنع عن رؤية الحقائق بالموت. (مراد).

 (3). أورده أيضا في باب النوادر من كتاب الصوم تحت رقم 2058 عن حنان بن سدير عن عبد اللّه بن دينار عنه عليه السلام.

511
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

يَقْرَأُ الْحَمْدَ وَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى‏ ثُمَّ يُكَبِّرُ خَمْساً وَ يَقْنُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ‏ «1» ثُمَّ يَرْكَعُ بِالسَّابِعَةِ وَ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ فَإِذَا نَهَضَ إِلَى الثَّانِيَةِ كَبَّرَ وَ قَرَأَ الْحَمْدَ وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها ثُمَّ كَبَّرَ تَمَامَ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ ثُمَّ رَكَعَ بِالْخَامِسَةِ.

1481- وَ قَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَالَ اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سَبْعٌ فِي الْأُولَى‏

______________________________

 (1). يتراءى منه الاكتفاء باربع قنوتات اذ القنوت الخامس لا يقع بين تكبيرتين من الخمس الا أن يجعل التكبيرات التي تقع بينها القنوت شاملة لتكبيرة الركوع و هي السابعة، و المذاهب المنقولة في موضع التكبيرات التسع الزائدة ثلاثة: المشهور أن الخمس التي في الأولى و الاربع التي في الثانية موضعها بعد القراءة، و عن ابن الجنيد أن الخمس قبل القراءة و الاربع التي في الثانية بعدها و يشهد له حديث أبى الصباح الآتي، و قيل ان واحدة في الثانية قبل القراءة و هي تكبيرة القيام و الثلاث الباقية بعدها، و هو الظاهر من كلام المؤلّف- رضي اللّه عنه- هنا حيث قال: «فاذا نهض الى الثانية كبر و قرأ الحمد- الخ» و لو حمل الاخبار الواردة فيها على التخيير لم يبعد (مراد) و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- في البحار: لا ريب في أن التكبيرات الزائدة في صلاة العيدين خمس في الأولى و أربع في الأخيرة، و الاخبار به متظافرة و قد وقع الخلاف في موضع التكبيرات فأكثر الاصحاب على أن التكبير في الركعتين معا بعد القراءة، و قال ابن الجنيد: التكبير في الأولى قبل القراءة و في الثانية بعدها، و نسب الى المفيد أنّه يكبر إذا نهض الى الثانية، ثمّ يقرأ ثمّ يكبر أربع تكبيرات يركع بالرابعة، و يقنت ثلاث مرّات، و هو المحكى عن السيّد و الصدوق و أبى الصلاح، و الأول أقوى و ان كان يدلّ على مذهب ابن الجنيد روايات كثيرة، فانها موافقة لمذاهب العامّة فينبغي حملها على التقية، و لو لا ذلك لكان القول بالتخيير متجها، و لم أر رواية تدلّ على مذهب المفيد و من وافقه. ثم قال- رحمه اللّه- و المشهور وجوب التكبيرات و ظاهر المفيد استحبابها، و كذا المشهور وجوب القنوتات، و ذهب الشيخ في الخلاف الى استحبابها و الاحتياط في الإتيان بهما، و الظاهر عدم وجوب القنوت المخصوص.

512
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

وَ خَمْسٌ فِي الْأُخْرَى فَإِذَا قُمْتَ فِي الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ وَاحِدَةً «1» وَ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْعَظَمَةِ وَ أَهْلُ الْجُودِ وَ الْجَبَرُوتِ وَ الْقُدْرَةِ وَ السُّلْطَانِ وَ الْعِزَّةِ أَسْأَلُكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيداً وَ لِمُحَمَّدٍ ص ذُخْراً وَ مَزِيداً أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ وَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَ الْأَمْوَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ‏ «2» وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الْمُخْلَصُونَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوَّلُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ آخِرُهُ وَ بَدِيعُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مُنْتَهَاهُ وَ عَالِمُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَعَادُهُ وَ مَصِيرُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ إِلَيْهِ وَ مَرَدُّهُ وَ مُدَبِّرُ الْأُمُورِ وَ بَاعِثُ‏ مَنْ فِي الْقُبُورِ قَابِلُ الْأَعْمَالِ وَ مُبْدِئُ الْخَفِيَّاتِ وَ مُعْلِنُ السَّرَائِرِ اللَّهُ أَكْبَرُ عَظِيمُ الْمَلَكُوتِ شَدِيدُ الْجَبَرُوتِ حَيٌّ لَا يَمُوتُ دَائِمٌ لَا يَزُولُ‏ إِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ+ اللَّهُ أَكْبَرُ خَشَعَتْ لَكَ الْأَصْوَاتُ وَ عَنَتْ لَكَ الْوُجُوهُ وَ حَارَتْ دُونَكَ الْأَبْصَارُ وَ كَلَّتِ الْأَلْسُنُ عَنْ عَظَمَتِكَ‏ «3» وَ النَّوَاصِي كُلُّهَا بِيَدِكَ وَ مَقَادِيرُ الْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَيْكَ لَا يَقْضِي فِيهَا غَيْرُكَ وَ لَا يَتِمُّ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ دُونَكَ‏ «4» اللَّهُ أَكْبَرُ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حِفْظُكَ وَ قَهَرَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِزُّكَ وَ نَفَذَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَمْرُكَ وَ قَامَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ بِكَ وَ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِعَظَمَتِكَ وَ ذَلَّ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِعِزَّتِكَ وَ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِقُدْرَتِكَ وَ خَضَعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِمَلَكَتِكَ‏ «5» اللَّهُ أَكْبَرُ وَ تَقْرَأُ الْحَمْدَ وَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى‏ وَ تُكَبِّرُ السَّابِعَةَ وَ تَرْكَعُ وَ تَسْجُدُ وَ تَقُومُ وَ تَقْرَأُ الْحَمْدَ وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها وَ تَقُولُ اللَّهُ‏

______________________________

 (1). يدل على تقديم التكبير في الركعة الأولى قبل القراءة و هو مذهب ابن الجنيد (سلطان) و حمله الشيخ في التهذيب (ج 1 ص 289) على التقية لموافقته لمذهب العامّة و الحمل على التخيير أظهر و ان كان العمل على المشهور أولى. (م ت).

 (2). في بعض النسخ «عبادك المرسلون» كما في التهذيب.

 (3). أي عن وصفها أو بسبب عظمتك عن وصفك. (م ت).

 (4). أي لا تصير تماما الا بمشيتك.

 (5). في بعض النسخ «لملكك».

513
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْعَظَمَةِ تُتِمُّهُ كُلَّهُ كَمَا قُلْتَهُ أَوَّلَ التَّكْبِيرِ يَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ حَتَّى يَتِمَّ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ.

1482- وَ خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَوْمَ الْفِطْرِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ‏ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لَا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي‏ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ‏ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ‏ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ هُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ كَذَلِكَ اللَّهُ‏ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‏ يُمْسِكُ السَّماءَ «1» أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ‏ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ‏ اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ وَ اعْمُمْنَا بِمَغْفِرَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا مَقْنُوطٌ مِنْ رَحْمَتِهِ‏ «2» وَ لَا مَخْلُوٌّ مِنْ نِعْمَتِهِ وَ لَا مُؤْيَسٌ مِنْ رَوْحِهِ وَ لَا مُسْتَنْكِفٌ عَنْ عِبَادَتِهِ الَّذِي بِكَلِمَتِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ‏ «3» وَ اسْتَقَرَّتِ الْأَرْضُ الْمِهَادُ وَ ثَبَتَتِ الْجِبَالُ الرَّوَاسِي وَ جَرَتِ الرِّيَاحُ اللَّوَاقِحُ‏ «4» وَ سَارَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ السَّحَابُ وَ قَامَتْ عَلَى حُدُودِهَا الْبِحَارُ «5» وَ هُوَ إِلَهٌ لَهَا وَ قَاهِرٌ يَذِلُّ لَهُ الْمُتَعَزِّزُونَ وَ يَتَضَاءَلُ لَهُ الْمُتَكَبِّرُونَ‏ «6» وَ يَدِينُ لَهُ طَوْعاً وَ كَرْهاً الْعَالَمُونَ نَحْمَدُهُ كَمَا حَمِدَ نَفْسَهُ وَ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ نَسْتَعِينُهُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ وَ نَسْتَهْدِيهِ‏

______________________________

 (1). قيل: المراد المطر أو تقديرات السماء. و قوله «الا باذنه» أي بارادته لاقتضاء الحكمة. (م ت).

 (2). المقنوط هنا بمعنى القانط لان القنوط لازم و في الصحاح القنوط: اليأس. (مراد).

 (3). إشارة الى قوله تعالى‏ «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»

 (4). الرواسى: الجبال الثوابت، و الرياح اللواقح اللاتى تلقح الاشجار بها و تحمل.

 (5). الظاهر أن الضمير راجع الى الأرض لان البحار تطلب المركز و الأرض تمنعها عنه بالمقاومة (مراد) أقول: يمكن أن يكون راجعا الى البحار فيلزم الاضمار قبل الذكر لفظا لا رتبة أي استقرت البحار في مواضعها.

 (6). رجل ضئيل الجسم أي نحيف، و التضاؤل التصاغر.

514
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

وَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يَعْلَمُ مَا تُخْفِي النُّفُوسُ وَ مَا تُجِنُّ الْبِحَارُ «1» وَ مَا تَوَارَى مِنْهُ ظُلْمَةٌ وَ لَا تَغِيبُ عَنْهُ غَائِبَةٌ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ مِنْ شَجَرَةٍ وَ لَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ‏ وَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ وَ أَيَّ مَجْرًى يَجْرُونَ وَ إِلَى أَيِّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ وَ نَسْتَهْدِي اللَّهَ بِالْهُدَى وَ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ نَبِيُّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَى خَلْقِهِ وَ أَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ وَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ وَ جَاهَدَ فِي اللَّهِ الْحَائِدِينَ عَنْهُ الْعَادِلِينَ بِهِ‏ «2» وَ عَبَدَ اللَّهَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ ص أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْهُ نِعْمَةٌ وَ لَا تَنْفَدُ مِنْهُ رَحْمَةٌ «3» وَ لَا يَسْتَغْنِي الْعِبَادُ عَنْهُ وَ لَا يَجْزِي أَنْعُمَهُ الْأَعْمَالُ الَّذِي رَغَّبَ فِي التَّقْوَى وَ زَهَّدَ فِي الدُّنْيَا وَ حَذَّرَ الْمَعَاصِيَ وَ تَعَزَّزَ بِالْبَقَاءِ وَ ذَلَّلَ خَلْقَهُ بِالْمَوْتِ وَ الْفَنَاءِ وَ الْمَوْتُ غَايَةُ الْمَخْلُوقِينَ وَ سَبِيلُ الْعَالَمِينَ وَ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْبَاقِينَ لَا يُعْجِزُهُ إِبَاقُ الْهَارِبِينَ وَ عِنْدَ حُلُولِهِ‏ «4» يَأْسِرُ أَهْلَ الْهَوَى يَهْدِمُ كُلَّ لَذَّةٍ وَ يُزِيلُ كُلَّ نِعْمَةٍ وَ يَقْطَعُ كُلَّ بَهْجَةٍ وَ الدُّنْيَا دَارٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهَا الْفَنَاءَ وَ لِأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءَ فَأَكْثَرُهُمْ يَنْوِي بَقَاءَهَا وَ يُعَظِّمُ بِنَاءَهَا وَ هِيَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَ قَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ وَ الْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ «5» وَ يَضَنُّ ذُو الثَّرْوَةِ الضَّعِيفَ وَ يَجْتَوِيهَا الْخَائِفُ الْوَجِلُ‏ «6» فَارْتَحِلُوا مِنْهَا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ بِأَحْسَنِ‏

______________________________

 (1). جن يجن أي ستر و أجنه يجنه أي ستره و أخفاه. و الميت كفنه و دفنه.

 (2). الحيد: الميل، و حاد عن الشي‏ء يحيد حيدا: مال عنه و عدل. و العادلين به أي الذين يعدلون به تعالى غيره أي يساوونه و يشاركونه. (سلطان).

 (3). «لا تبرح» أي لا تزول. و «لا تنفد» أي لا تنقطع و لا تذهب.

 (4). أبق اباقا أي هرب. و الضمير في حلوله راجع الى الموت.

 (5). «عجلت» أي صارت معجلة لمن طلبها نقدا. «و التبست بقلب الناظر» أي اختلطت به و تمكنت فيه. و يضن أي يبخل. و في كثير من النسخ «و يضنى» من الضنى بمعنى المرض و لعله تصحيف.

 (6). «يجتويها» أي يكره المقام بها و اجتوى البلد: كره المقام به، فالخوف من اللّه سبحانه أو القيامة.

515
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

مَا بِحَضْرَتِكُمْ‏ «1» وَ لَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْقَلِيلِ وَ لَا تَسْأَلُوا مِنْهَا فَوْقَ الْكَفَافِ وَ ارْضَوْا مِنْهَا بِالْيَسِيرِ وَ لَا تَمُدُّنَّ أَعْيُنَكُمْ مِنْهَا إِلَى مَا مُتِّعَ الْمُتْرَفُونَ بِهِ‏ «2» وَ اسْتَهِينُوا بِهَا وَ لَا تُوَطِّنُوهَا وَ أَضِرُّوا بِأَنْفُسِكُمْ فِيهَا «3» وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّنَعُّمَ وَ التَّلَهِّيَ وَ الْفَاكِهَاتِ‏ «4» فَإِنَّ فِي ذَلِكَ غَفْلَةً وَ اغْتِرَاراً أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَنَكَّرَتْ وَ أَدْبَرَتْ وَ احْلَوْلَتْ‏ «5» وَ آذَنَتْ بِوَدَاعٍ أَلَا وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ رَحَلَتْ فَأَقْبَلَتْ وَ أَشْرَفَتْ وَ آذَنَتْ بِاطِّلَاعٍ‏ «6» أَلَا وَ إِنَّ الْمِضْمَارَ الْيَوْمَ وَ السِّبَاقَ غَداً أَلَا وَ إِنَّ السُّبْقَةَ الْجَنَّةُ وَ الْغَايَةَ النَّارُ «7» أَلَا فَلَا تَائِبٌ‏

______________________________

 (1). أي بالاعمال الصالحة أي كونوا بحيث إذا ارتحلتم يكون معكم أحسن الاعمال، و قوله عليه السلام «يرحمكم اللّه» جملة دعائية معترضة.

 (2). المترف- بفتح الراء- المتنعم الموسع في ملاذ الدنيا و شهواتها. (الوافي).

 (3). في الصحاح: أضرّ بى فلان أي دنا منى دنوا شديدا فمعنى «أضروا بانفسكم» ادنوا منها دنوا شديدا و التفتوا إليها التفاتا عظيما لئلا يصدر عنها ما كان فيه هلاككم. (مراد).

 (4). الفكاهة- بالضم-: المزاح.

 (5). احلولت افعيعال من الحلول أي انقضت، و الايذان الاعلام و المراد سرعة تصرف الدنيا و تطرق النقص و الفناء الى متاعها. و الوداع بالكسر أو بفتح الواو اسم من التوديع.

 (6). في الصحاح: رحلت البعير أرحله رحلا إذا شددت على ظهره الرحل، و فيه رحل فلان و ارتحل و ترحل بمعنى، و الاسم الرحيل. و رحيل الآخرة استعارة من رحل الركب الذين يصلون عن قريب (مراد) و الاطلاع الاشراف من مكان عال، و المقبل الى الانحدار أحرى بالوصول.

 (7). المضمار: مدة تضمير الفرس و موضعه أيضا و هو أن تعلفه حتّى يسمن ثمّ ترده الى القوت و ذلك في أربعين يوما، و السباق: المسابقة و ليس جمعا للسبقة بالضم أي الذي يسبق إليه كما توهم. و السبقة- بضم السين و سكون الموحدة- الخطر أي المال الذي يوضع بين أهل السباق. و قوله «و الغاية النار» أي منتهى سعى العصاة إليها.

و قال السيّد الرضيّ- رحمه اللّه- في قوله عليه السلام «ان السبقة الجنة و الغاية النار»:

خالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين، و لم يقل: السبقة النار كما قال «السبقة الجنة» لان الاستباق انما يكون الى أمر محبوب و غرض مطلوب و هذه صفة الجنة و ليس هذا المعنى-

516
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

مِنْ خَطِيئَتِهِ قَبْلَ يَوْمِ مَنِيَّتِهِ‏ «1» أَ لَا عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِهِ وَ فَقْرِهِ‏ «2» جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَخَافُهُ وَ يَرْجُو ثَوَابَهُ أَلَا وَ إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ عِيداً وَ جَعَلَكُمْ لَهُ أَهْلًا فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ وَ ادْعُوهُ يَسْتَجِبْ لَكُمْ وَ أَدُّوا فِطْرَتَكُمْ فَإِنَّهَا سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ وَ فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَلْيُؤَدِّهَا كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ عَنْهُ وَ عَنْ عِيَالِهِ كُلِّهِمْ ذَكَرِهِمْ وَ أُنْثَاهُمْ صَغِيرِهِمْ وَ كَبِيرِهِمْ وَ حُرِّهِمْ وَ مَمْلُوكِهِمْ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ صَاعاً مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَ حِجِّ الْبَيْتِ وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْإِحْسَانِ إِلَى نِسَائِكُمْ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَ إِتْيَانِ الْفَاحِشَةِ وَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَ بَخْسِ الْمِكْيَالِ وَ نَقْصِ الْمِيزَانِ وَ شَهَادَةِ الزُّورِ وَ الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بِالتَّقْوَى وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ خَيْراً لَنَا وَ لَكُمْ مِنَ الْأُولَى إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ وَ أَبْلَغَ مَوْعِظَةِ الْمُتَّقِينَ- كِتَابُ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ. وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثُمَّ يَجْلِسُ جِلْسَةً كَجِلْسَةِ الْعَجْلَانِ ثُمَّ يَقُومُ بِالْخُطْبَةِ.

الَّتِي كَتَبْنَاهَا «3» فِي آخِرِ خُطْبَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ جُلُوسِهِ وَ قِيَامِهِ.

1483- وَ خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَ لَهُ الشُّكْرُ فِيمَا

______________________________

- موجودا في النار- نعوذ باللّه منها- فلم يجز أن يقول و السبقة النار بل قال: و الغاية النار، لان الغاية ينتهى إليها من لا يسره الانتهاء، و من يسره ذلك فصلح أن يعبر بها عن الامرين معا فهي في هذا الموضع كالمصير و المآل قال اللّه تعالى: «قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ»

 (1). في الصحاح المنية الموت لأنّها مقدرة.

 (2). البؤس: الحاجة و شدتها.

 (3). في بعض النسخ «ذكرناها» راجع ص 432.

517
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

أَوْلَانَا «1» وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ.

1484- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَ كَانَ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَ الْغَدَاةِ «2» وَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ فَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ فَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَ لَا إِقَامَةٍ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ بَدَأَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ زِنَةَ عَرْشِهِ وَ رِضَا نَفْسِهِ وَ عَدَدَ قَطْرِ سَمَائِهِ‏ «3» وَ بِحَارِهِ‏ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَتَّى يَرْضَى‏ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً مُتَكَبِّراً وَ إِلَهاً مُتَعَزِّزاً وَ رَحِيماً مُتَحَنِّناً «4» يَعْفُو بَعْدَ الْقُدْرَةِ وَ لَا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَتِهِ‏ إِلَّا الضَّالُّونَ‏ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَثِيراً وَ سُبْحَانَ اللَّهِ حَنَّاناً قَدِيراً وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُهُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ‏ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ اهْتَدَى وَ فازَ فَوْزاً عَظِيماً وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً وَ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا الَّتِي لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا مَنْ كَانَ فِيهَا قَبْلَكُمْ وَ لَنْ تَبْقَى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِكُمْ وَ سَبِيلُكُمْ فِيهَا سَبِيلُ الْمَاضِينَ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّهَا قَدْ تَصَرَّمَتْ وَ آذَنَتْ بِانْقِضَاءٍ وَ تَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا وَ أَدْبَرَتْ حَذَّاءَ فَهِيَ‏ «5»

______________________________

 (1). في بعض النسخ «على ما أبلانا» و في الصحاح بلاه اللّه بلاء و أبلاه ابلاء حسنا و ابتلاه أي اختبره.

 (2). كان عليه السّلام يكبر عقيب خمس عشرة صلوات ان كان بمنى أولها عقيب الظهر يوم العيد و آخرها الصبح في اليوم الثالث من أيّام التشريق، و في غير منى يكبر عقيب عشر صلوات يكون آخرها صبح ثاني أيّام التشريق. (م ت).

 (3). في بعض النسخ «سماواته».

 (4). أي ذو الرحمة أو وصف ذاته بها. (م ت).

 (5). الصرام: القطع و تصرمت الدنيا أي خربت، و آذنت أي أعلمت عن حالها بانقضاء و تنكر أي صار منكرا و هو ضد المعروف الذي يعرفه الناس و يحسنونه، أو تغير معروفها و ما-

518
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

تُخْبِرُ بِالْفَنَاءِ وَ سَاكِنُهَا يُحْدَى بِالْمَوْتِ‏ «1» فَقَدْ أَمَرَّ مِنْهَا مَا كَانَ حُلْواً وَ كَدِرَ مِنْهَا مَا كَانَ صَفْواً فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الْإِدَاوَةِ «2» وَ جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْإِنَاءِ «3» يَتَمَزَّزُهَا الصَّدْيَانُ لَمْ تَنْفَعْ غُلَّتَهُ فَأَزْمِعُوا عِبَادَ اللَّهِ بِالرَّحِيلِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ «4» الْمَقْدُورِ عَلَى أَهْلِهَا الزَّوَالُ الْمَمْنُوعِ أَهْلُهَا مِنَ الْحَيَاةِ الْمُذَلَّلَةِ أَنْفُسُهُمْ بِالْمَوْتِ فَلَا حَيٌّ يَطْمَعُ فِي الْبَقَاءِ وَ لَا نَفْسٌ إِلَّا مُذْعِنَةٌ بِالْمَنُونِ فَلَا يَغْلِبَنَّكُمُ الْأَمَلُ وَ لَا يَطُلْ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ وَ لَا تَغْتَرُّوا فِيهَا بِالْآمَالِ وَ تَعْبُدُوا اللَّهَ أَيَّامَ الْحَيَاةِ فَوَ اللَّهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ الْوَالِهِ الْعَجْلَانِ‏ «5» وَ دَعَوْتُمْ بِمِثْلِ دُعَاءِ الْأَنَامِ وَ جَأَرْتُمْ جُؤَارَ مُتَبَتِّلِ الرُّهْبَانِ‏ «6» وَ خَرَجْتُمْ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَ الْأَوْلَادِ الْتِمَاسَ الْقُرْبَةِ

______________________________

- يأنس به كل أحد. و أدبرت حذاء بالحاء المهملة و الذال المعجمة- أى أدبرت سريعة. و في بعض النسخ بالجيم و هو تصحيف، و في نهج البلاغة «فهى تحفز بالفناء سكانها، و تحدو بالموت جيرانها» و الحفز بالرمح: الطعن به.

 (1). «يحدى» على صيغة المجهول، و لعلّ الباء بمعنى «الى» أو لفظة «الى» مقدرة في نظم الكلام (مراد) و في الصحاح الحدو- كفلس-: سوق الإبل و الغناء لها، و قد حدوت الإبل حدوا و حداء- بضم الأخير-

 (2). السملة- محركة-: القليل من الماء يبقى في الاناء. و الاداوة- بكسر الهمزة-: المطهرة و اناء صغير من جلد يتطهر به و يشرب.

 (3). في النهج «كجرعة المقلة»- بفتح الميم- و هي حصاة القسم توضع في الاناء إذا عدموا الماء في السفر ثمّ يصب الماء عليه حتّى يغمر الحصاة فيعطى كل أحد سهمه.

 (4). التمزز: تمصمص الماء قليلا قليلا، و المزة: المصة، و الصدى: العطش، و قد صدى يصدى صدى فهو صد، و صاد، و صديان، و نقع الماء العطش نقعا و نقوعا أي سكته- بشد الكاف- و الغلة و الغل شدة العطش و حرارته. و أزمعوا أي أجمعوا، و في بعض النسخ «فأجمعوا».

 (5). كذا في جميع النسخ و لعلّ الصواب «الوله العجال» بضم الواو و كسر العين- كما في النهج- و العجال: كل انثى فقدت ولدها فهي واله و والهة و العجول من الإبل التي فقدت ولدها.

 (6). و جأر- كمنع- جأرا و جؤارا- كصراخ-: تضرع و استغاث رافعا صوته بالدعاء.

و المتبتل: المنقطع للعبادة أو عن النساء أو عن الدنيا، أي لو تضرعتم إلى اللّه كهؤلاء بأرفع أصواتكم كما يفعل الراهب المتبتل- لكان كذا و كذا.

519
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

إِلَيْهِ فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِنْدَهُ أَوْ غُفْرَانِ سَيِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كَتَبَتُهُ وَ حَفِظَتْهَا رُسُلُهُ‏ «1» لَكَانَ قَلِيلًا فِيمَا أَرْجُو لَكُمْ مِنْ ثَوَابِهِ وَ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ وَ بِاللَّهِ لَوِ انْمَاثَتْ‏ «2» قُلُوبُكُمُ انْمِيَاثاً وَ سَالَتْ عُيُونُكُمْ مِنْ رَغْبَةٍ إِلَيْهِ وَ رَهْبَةٍ مِنْهُ دَماً ثُمَّ عُمِّرْتُمْ فِي الدُّنْيَا مَا كَانَتِ الدُّنْيَا بَاقِيَةً مَا جَزَتْ أَعْمَالُكُمْ وَ لَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئاً مِنْ جُهْدِكُمْ لِنِعَمِهِ الْعِظَامِ عَلَيْكُمْ وَ هُدَاهُ إِيَّاكُمْ إِلَى الْإِيمَانِ مَا كُنْتُمْ لِتَسْتَحِقُّوا أَبَدَ الدَّهْرِ مَا الدَّهْرُ قَائِمٌ بِأَعْمَالِكُمْ جَنَّتَهُ وَ لَا رَحْمَتَهُ‏ «3» وَ لَكِنْ بِرَحْمَتِهِ تُرْحَمُونَ وَ بِهُدَاهُ تَهْتَدُونَ وَ بِهِمَا إِلَى جَنَّتِهِ تَصِيرُونَ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِنَ التَّائِبِينَ الْعَابِدِينَ وَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ حُرْمَتُهُ عَظِيمَةٌ وَ بَرَكَتُهُ مَأْمُولَةٌ وَ الْمَغْفِرَةُ فِيهِ مَرْجُوَّةٌ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَ اسْتَغْفِرُوهُ وَ تُوبُوا إِلَيْهِ‏ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ وَ مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ بِجَذَعٍ مِنَ الْمَعْزِ «4» فَإِنَّهُ لَا يُجْزِي عَنْهُ وَ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ يُجْزِي وَ مِنْ تَمَامِ الْأُضْحِيَّةِ اسْتِشْرَافُ عَيْنِهَا وَ أُذُنِهَا «5» وَ إِذَا سَلِمَتِ الْعَيْنُ وَ الْأُذُنُ‏

______________________________

 (1). المراد بالرسل هنا الملائكة الموكلون باعمال العباد.

 (2). انماث الملح في الماء انمياثا أي ذاب.

 (3). «ما جزت أعمالكم» بالرفع على الفاعلية أي التي ذكرت من أعمالكم لا تجزى لما عليكم من النعم العظام حذف المجزى بقرينة ذكره عن قريب. و قوله «لنعمه العظام- الخ» أي لجزاء تلك النعم، و قوله عليه السلام «ما كنتم لتستحقوا» جزاء «لو لم تبقوا» فليست «لو» هذه وصلية. و قوله «بأعمالكم» متعلق بقوله «لتستحقوا»، و «ما» فى قوله «ما الدهر قائم» مثلها في ما دام. (مراد).

 (4). الجذع قبل الثنى و الجمع جذعان و جذاع و الأنثى جذعة و الجمع جذعات، تقول منه لولد الشاة في السنة الثانية، و لولد البقر و الحافر في السنة الثالثة، و للابل في السنة الخامسة أجذع و قد قيل في ولد النعجة انه يجذع في ستة أشهر أو تسعة أشهر و ذلك جائز في الاضحية (كذا في الصحاح) و اما الذي ذهب إليه الفقهاء فالمشهور أن المعز يجزى إذا دخل في الثالثة و الضأن إذا دخل في الثانية. يعنى تمّ له سنة كاملة.

 (5). الاضحية الشاة التي طلب الشارع ذبحها بعد شروق الشمس من عيد الأضحى-

520
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

تَمَّتِ الْأُضْحِيَّةُ وَ إِنْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ أَوْ تَجُرُّ بِرِجْلَيْهَا إِلَى الْمَنْسِكِ فَلَا تُجْزِي‏ «1» وَ إِذَا ضَحَّيْتُمْ فَكُلُوا وَ أَطْعِمُوا وَ أَهْدُوا وَ احْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا رَزَقَكُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ‏ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ+ وَ أَحْسِنُوا الْعِبَادَةَ وَ أَقِيمُوا الشَّهَادَةَ وَ ارْغَبُوا فِيمَا كَتَبَ عَلَيْكُمْ وَ فَرَضَ مِنَ الْجِهَادِ وَ الْحَجِّ وَ الصِّيَامِ فَإِنَّ ثَوَابَ ذَلِكَ عَظِيمٌ لَا يَنْفَدُ وَ تَرْكَهُ وَبَالٌ لَا يَبِيدُ «2» وَ أْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أَخِيفُوا الظَّالِمَ وَ انْصُرُوا الْمَظْلُومَ وَ خُذُوا عَلَى يَدِ الْمُرِيبِ‏ «3» وَ أَحْسِنُوا إِلَى النِّسَاءِ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَ اصْدُقُوا الْحَدِيثَ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ وَ كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْحَقِّ وَ لَا تَغُرَّنَّكُمُ‏ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثَ ذِكْرُ اللَّهِ وَ أَبْلَغَ مَوْعِظَةِ الْمُتَّقِينَ كِتَابُ اللَّهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ. وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

وَ يَقْرَأُ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ إِلَى آخِرِهَا أَوْ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ إِلَى آخِرِهَا أَوْ وَ الْعَصْرِ وَ كَانَ مِمَّا يَدُومُ عَلَيْهِ‏ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَكَانَ إِذَا قَرَأَ إِحْدَى هَذِهِ السُّوَرِ جَلَسَ جِلْسَةً كَجِلْسَةِ الْعَجْلَانِ ثُمَّ يَنْهَضُ وَ هُوَ ع كَانَ أَوَّلَ مَنْ حُفِظَ عَلَيْهِ الْجِلْسَةُ بَيْنَ‏

______________________________

- و استشراف الاذن تفقدها حتّى لا يكون مجدوعة أو مشقوقة. و قد يراد من استشراف الاذن طولها و انتصابها، فيراد بذلك سلامتها من العيب، و العضباء: المكسورة القرن، و المنسك:

المذبح.

 (1). أقول: من قوله عليه السلام: «و من تمام الاضحية- إلى هنا» منقول في النهج بدون قوله: «فلا تجزى» و قد سقط من النهج.

 (2). قال الجوهريّ: نفد الشي‏ء- بكسر الفاء-: نفادا: فنى، و باد الشي‏ء يبيد بيدا و بيودا: هلك.

 (3). أي الذي يوقع الإنسان في الريب بذكر الشبه و الاباطيل و القصص التي توجب التردد في الاعتقاد، و الكلام تمثيل فيه تشبيه حال المريب المفسد للاعتقاد بحال من بيده سيف أو نحوه يريد افساد الانفس و الأموال، و يمكن أن يكون من الريب بمعنى الحاجة أي يحوج الإنسان بغصب أمواله و غيره من الإضرار (مراد) أقول: فى اللغة أخذ على يده أي منعه عما يريد فعله، فالمناسب بقرينة الفقرات السابقة المعنى الأول.

521
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

الْخُطْبَتَيْنِ‏ «1» ثُمَّ يَخْطُبُ بِالْخُطْبَةِ الَّتِي كَتَبْنَاهَا بَعْدَ الْجُمُعَةِ.

1485- وَ فِي الْعِلَلِ الَّتِي تُرْوَى عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ يُذْكَرُ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنَ الرِّضَا ع‏ أَنَّهُ إِنَّمَا جُعِلَ يَوْمُ الْفِطْرِ الْعِيدَ لِيَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ مُجْتَمَعاً يَجْتَمِعُونَ فِيهِ وَ يَبْرُزُونَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيُمَجِّدُونَهُ عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْهِمْ فَيَكُونُ يَوْمَ عِيدٍ وَ يَوْمَ اجْتِمَاعٍ وَ يَوْمَ فِطْرٍ وَ يَوْمَ زَكَاةٍ وَ يَوْمَ رَغْبَةٍ وَ يَوْمَ تَضَرُّعٍ وَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ يَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَ الشُّرْبُ لِأَنَّ أَوَّلَ شُهُورِ السَّنَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ شَهْرُ رَمَضَانَ فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَجْمَعٌ يَحْمَدُونَهُ فِيهِ وَ يُقَدِّسُونَهُ وَ إِنَّمَا جُعِلَ التَّكْبِيرُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ وَ تَمْجِيدٌ عَلَى مَا هَدَى وَ عَافَى كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏ وَ إِنَّمَا جُعِلَ فِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً «2» لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً وَ جُعِلَ سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَ خَمْسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَ لَمْ يُسَوَّ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَنْ تُسْتَفْتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ فَلِذَلِكَ بُدِئَ هَاهُنَا بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَ جُعِلَ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ مِنَ التَّكْبِيرِ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ «3» خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ وَ لِيَكُونَ التَّكْبِيرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعاً وَتْراً وَتْراً.

1486- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً فَإِنَّهُمْ يُجَمِّعُونَ الصَّلَاةَ «4» كَمَا يَصْنَعُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

______________________________

 (1). أي كانت الجلسة محفوظة عليه لم ينفك عنه عليه السلام قط بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخلاف من كان قبله من الخلفاء فانه قد يقع منه تلك الجلسة و قد لا يقع. (مراد).

 (2). لان في كل ركعة تكبيرة للركوع و أربع تكبيرات للسجدتين لكل سجدة تكبيرتان في الركعة الأولى تكبيرة الافتتاح و في الثانية تكبيرة القنوت. (مراد).

 (3). أي من جملة جنس التكبير تكبيرة الاحرام خمس، لكل صلاة من الصلوات الخمس واحدة. (مراد).

 (4). من التجميع أي يصلونها جماعة. و قوله «كما يصنعونها يوم الجمعة» ظاهره يفيد اعتبار جميع شرائط الجمعة فيها الا ما أخرجه الدليل. (مراد).

522
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة العيدين ص : 504

وَ قَالَ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ قُلْتُ يَجُوزُ بِغَيْرِ عِمَامَةٍ قَالَ نَعَمْ وَ الْعِمَامَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ.

1487- وَ رَوَى أَبُو الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيُ‏ «1» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ- سَأَلْتُهُ عَنِ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَالَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَ خَمْسٌ فِي الْأُخْرَى فَإِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ وَاحِدَةً ثُمَّ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْعَظَمَةِ وَ أَهْلُ الْجُودِ وَ الْجَبَرُوتِ وَ الْقُدْرَةِ وَ السُّلْطَانِ وَ الْعِزَّةِ أَسْأَلُكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيداً وَ لِمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذُخْراً وَ مَزِيداً أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ وَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَ الْأَمْوَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ بِهِ عِبَادُكَ الْمُرْسَلُونَ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الْمُخْلَصُونَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوَّلُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ آخِرُهُ وَ بَدِيعُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مُنْتَهَاهُ وَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَعَادُهُ وَ مَصِيرُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ إِلَيْهِ وَ مَرَدُّهُ وَ مُدَبِّرُ الْأُمُورِ وَ بَاعِثُ‏ مَنْ فِي الْقُبُورِ قَابِلُ الْأَعْمَالِ مُبْدِئُ الْخَفِيَّاتِ مُعْلِنُ السَّرَائِرِ اللَّهُ أَكْبَرُ عَظِيمُ الْمَلَكُوتِ شَدِيدُ الْجَبَرُوتِ حَيٌّ لَا يَمُوتُ دَائِمٌ لَا يَزُولُ‏ إِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ+ اللَّهُ أَكْبَرُ خَشَعَتْ لَكَ الْأَصْوَاتُ وَ عَنَتْ لَكَ الْوُجُوهُ وَ حَارَتْ دُونَكَ الْأَبْصَارُ وَ كَلَّتِ الْأَلْسُنُ عَنْ عَظَمَتِكَ وَ النَّوَاصِي كُلُّهَا بِيَدِكَ وَ مَقَادِيرُ الْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَيْكَ لَا يَقْضِي فِيهَا غَيْرُكَ وَ لَا يَتِمُّ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ دُونَكَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حِفْظُكَ وَ قَهَرَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِزُّكَ وَ نَفَذَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَمْرُكَ وَ قَامَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ بِكَ وَ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِعَظَمَتِكَ وَ ذَلَّ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِعِزَّتِكَ وَ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِقُدْرَتِكَ وَ خَضَعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِمَلَكَتِكَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ تَقْرَأُ الْحَمْدَ وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها وَ تَرْكَعُ بِالسَّابِعَةِ وَ تَقُولُ فِي الثَّانِيَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْعَظَمَةِ تُتِمُّهُ كُلَّهُ كَمَا قُلْتَ أَوَّلَ‏

______________________________

 (1). هذا الخبر تقدم آنفا تحت رقم 1481 برواية محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح.

523
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

التَّكْبِيرِ يَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ حَتَّى تُتِمَّ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ وَ الْخُطْبَةُ فِي الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ.

بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

1488- رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا فَشَتْ أَرْبَعَةٌ ظَهَرَتْ أَرْبَعَةٌ إِذَا فَشَا الزِّنَى ظَهَرَتِ الزَّلَازِلُ وَ إِذَا أُمْسِكَتِ الزَّكَاةُ هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ وَ إِذَا جَارَ الْحُكَّامُ فِي الْقَضَاءِ أُمْسِكَ الْقَطْرُ مِنَ السَّمَاءِ وَ إِذَا خُفِرَتِ الذِّمَّةُ «1» نُصِرَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

1489- وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: إِذَا غَضِبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أُمَّةٍ ثُمَّ لَمْ يُنْزِلْ بِهَا الْعَذَابَ غَلَتْ أَسْعَارُهَا وَ قَصُرَتْ أَعْمَارُهَا وَ لَمْ يَرْبَحْ تُجَّارُهَا وَ لَمْ تَزْكُ ثِمَارُهَا وَ لَمْ تَغْزُرْ أَنْهَارُهَا «2» وَ حُبِسَ عَنْهَا أَمْطَارُهَا وَ سُلِّطَ عَلَيْهَا أَشْرَارُهَا.

1490- وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ ع خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَصْحَابِهِ لِيَسْتَسْقِيَ فَوَجَدَ نَمْلَةً قَدْ رَفَعَتْ قَائِمَةً مِنْ قَوَائِمِهَا إِلَى السَّمَاءِ وَ هِيَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا غِنَى بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلَا تُهْلِكْنَا بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ فَقَالَ سُلَيْمَانُ ع لِأَصْحَابِهِ ارْجِعُوا فَقَدْ سُقِيتُمْ بِغَيْرِكُمْ‏ «3».

1491- وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِيِّ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ

______________________________

 (1). خفرت بالرجل أخفر من باب ضرب: غدرت به، و أخفرته بالالف: نقضت عهده. (المصباح).

 (2). زكا الزرع يزكو زكاء- ممدود- أى نما، و أزكاه اللّه. (الصحاح) و غزر الماء- بتقديم الزاى المعجمة المضمومة على المهملة- كثر فهو غزير، و قناة غزيرة أي كثيرة الماء. (المصباح).

 (3). يشعر بعدم الاغترار باستجابة الدعاء لو وقعت فانها ربما كانت بسبب دعاء الحيوانات. (م ت).

524
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

تَعَالَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْفَعَ بِالْمَطَرِ أَمَرَ السَّحَابَ فَأَخَذَ الْمَاءَ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ وَ إِذَا لَمْ يُرِدِ النَّبَاتَ أَمَرَ السَّحَابَ فَأَخَذَ الْمَاءَ مِنَ الْبَحْرِ قِيلَ إِنَّ مَاءَ الْبَحْرِ مَالِحٌ قَالَ إِنَّ السَّحَابَ يُعْذِبُهُ.

1492- وَ رَوَى سَعْدَانُ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ قَطْرَةٍ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَّا وَ مَعَهَا مَلَكٌ يَضَعُهَا الْمَوْضِعَ الَّذِي قُدِّرَتْ لَهُ.

1493- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ مَا أَتَى عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا يَوْمٌ وَاحِدٌ مُنْذُ خَلَقَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا وَ السَّمَاءُ فِيهَا تَمْطُرُ فَيَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ يَشَاءُ.

1494- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَا خَرَجَتْ رِيحٌ قَطُّ إِلَّا بِمِكْيَالٍ‏ «1» إِلَّا زَمَنَ عَادٍ فَإِنَّهَا عَتَتْ عَلَى خُزَّانِهَا فَخَرَجَتْ فِي مِثْلِ خَرْقِ الْإِبْرَةِ فَأَهْلَكَتْ قَوْمَ عَادٍ «2» وَ مَا نَزَلَ مَطَرٌ قَطُّ إِلَّا بِوَزْنٍ إِلَّا زَمَنَ نُوحٍ ع فَإِنَّهُ عَتَا عَلَى خُزَّانِهِ فَخَرَجَ فِي مِثْلِ خَرْقِ الْإِبْرَةِ فَأَغْرَقَ اللَّهُ بِهِ قَوْمَ نُوحٍ ع‏ «3».

1495- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ السَّحَابُ غِرْبَالُ الْمَطَرِ لَوْ لَا ذَلِكَ لَأَفْسَدَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ‏ «4».

1496- وَ سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّعْدِ أَيَّ شَيْ‏ءٍ يَقُولُ قَالَ إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الْإِبِلِ فَيَزْجُرُهَا هَايْ هَايْ كَهَيْئَةِ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا حَالُ الْبَرْقِ فَقَالَ تِلْكَ مَخَارِيقُ الْمَلَائِكَةِ تَضْرِبُ السَّحَابَ‏ «5» فَيَسُوقُهُ إِلَى‏

______________________________

 (1). أي بمقدار صالح لاهل الأرض.

 (2). قال الفاضل التفرشى: شبه الريح بما حبس في مكان و له خزان يمنعونه الخروج عن ذلك المكان فيؤمر عمن ينفذ أمره فيه بالخروج و هو لا يجد منفذا الا مثل خرق الابرة فيخرج منها بشدة، و كذا الكلام في عتو الماء على خزانه.

 (3). في بعض النسخ «فأغرق اللّه فيه قوم نوح».

 (4). رواه الحميري في قرب الإسناد ص 84 مسندا.

 (5). في النهاية: فى حديث على «البرق مخاريق الملائكة» هى جمع مخراق، و هو في الأصل ثوب يلف و يضرب به الصبيان بعضهم بعضا، أراد أنّه آلة تزجر بها الملائكة السحاب و تسوقه، يفسره حديث ابن عبّاس «البرق سوط من نور تزجر به الملائكة السحاب».

525
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

الْمَوْضِعِ الَّذِي قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ الْمَطَرَ.

1497- وَ قَالَ ع‏ الرَّعْدُ صَوْتُ الْمَلَكِ وَ الْبَرْقُ سَوْطُهُ.

1498- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الرَّعْدَ صَوْتُ مَلَكٍ أَكْبَرَ مِنَ الذُّبَابِ وَ أَصْغَرَ مِنَ الزُّنْبُورِ فَيَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ مَنْ‏ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ‏

1499- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ جَاءَ أَصْحَابُ فِرْعَوْنَ إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالُوا لَهُ غَارَ مَاءُ النِّيلِ وَ فِيهِ هَلَاكُنَا فَقَالَ انْصَرِفُوا الْيَوْمَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ تَوَسَّطَ النِّيلَ وَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَجِي‏ءَ بِالْمَاءِ إِلَّا أَنْتَ فَجِئْنَا بِهِ فَأَصْبَحَ النِّيلُ يَتَدَفَّقُ‏ «1».

وَ لَا يُسْتَسْقَى إِلَّا بِالْبَرَارِي حَيْثُ يُنْظَرُ إِلَى السَّمَاءِ وَ لَا يُسْتَسْقَى فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا بِمَكَّةَ «2» وَ إِذَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُصَلِّيَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ فَلْيَكُنِ الْيَوْمُ الَّذِي تُصَلِّي فِيهِ الْإِثْنَيْنِ‏ «3» ثُمَّ تَخْرُجُ كَمَا تَخْرُجُ يَوْمَ الْعِيدِ يَمْشِي الْمُؤَذِّنُونَ بَيْنَ يَدَيْكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْمُصَلَّى فَتُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَ لَا إِقَامَةٍ ثُمَّ تَصْعَدُ الْمِنْبَرَ وَ تَخْطُبُ وَ تَقْلِبُ رِدَاءَكَ الَّذِي عَلَى يَمِينِكَ عَلَى يَسَارِكَ وَ الَّذِي عَلَى يَسَارِكَ عَلَى يَمِينِكَ ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فَتُكَبِّرُ اللَّهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ رَافِعاً بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَلْتَفِتُ إِلَى يَمِينِكَ فَتُسَبِّحُ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ

______________________________

 (1). الدفق: الصب و منه ماء دافق. و تدفق انصب بشدة، أي يضرب من جانب الى جانب. ثم اعلم أنّه لا استبعاد في استجابة دعاء الكافر لانه سبحانه و تعالى وعد اجابة الداع في الدنيا اذا دعاه، مؤمنا كان أو كافرا، و قال عزّ من قائل‏ «فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»

 (2). كما في رواية وهب بن وهب أبى البخترى الضعيف عن الصادق عليه السّلام في التهذيب ج 1 ص 297 و قرب الإسناد ص 64.

 (3). كما في رواية مرة مولى خالد بن عبد اللّه القسرى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الكافي ج 3 ص 462.

526
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

رَافِعاً بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَلْتَفِتُ إِلَى يَسَارِكَ فَتُهَلِّلُ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ رَافِعاً بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِوَجْهِكَ فَتَحْمَدُ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ رَافِعاً بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ يَدَيْكَ فَتَدْعُو وَ يَدْعُو النَّاسُ وَ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُخَيِّبُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏ «1».

1500- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا اسْتَسْقَى قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَ بَهَائِمَكَ وَ انْشُرْ رَحْمَتَكَ وَ أَحْيِ بِلَادَكَ الْمَيْتَةَ يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

1501- وَ خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَابِغِ النِّعَمِ وَ مُفَرِّجِ الْهَمِّ وَ بَارِئِ النَّسَمِ الَّذِي جَعَلَ السَّمَاوَاتِ لِكُرْسِيِّهِ عِمَاداً «2» وَ الْجِبَالَ لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ الْأَرْضَ لِلْعِبَادِ مِهَاداً «3» وَ مَلَائِكَتَهُ‏ عَلى‏ أَرْجائِها وَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ عَلَى أَمْطَائِهَا «4» وَ أَقَامَ بِعِزَّتِهِ أَرْكَانَ الْعَرْشِ وَ أَشْرَقَ بِضَوْئِهِ شُعَاعَ الشَّمْسِ وَ أَجْبَأَ بِشُعَاعِهِ ظُلْمَةَ الْغَطْشِ‏ «5»-

______________________________

 (1). مأخوذ كله من رواية عبد اللّه بن بكير و مرة عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 297. و قوله: «لا يخيبكم» من خاب يخيب خيبة أي لم يظفر بما طلب.

 (2). قوله «سابغ النعم» أي ذى النعم السابغة الكاملة، قوله: «بارئ النسم» النسم- بالتحريك- جمع نسمة و هي الإنسان أي خالقه. و العماد ما يعتمد عليه.

 (3). الاوتاد جمع وتد- بكسر التاء المثناة من فوق- و هو مازر في الحائط أو الأرض من خشب و نحوه، و انما جعلت الجبال للأرض أوتادا لئلا تميد بأهلها اذ لو لا الصخور و الجبال و الاحجار الصلبة (و اشتباك الجبال في باطن الأرض على قول) و لم يكن القشر الظاهر من الأرض متصلبا مستحكما لدامت فيها الزلازل و الخسف لان باطن الأرض سيال مائع حار تتولد فيه الادخنة و الابخرة فتدفع القشر دائما و إذا تكسر جانب منه تغمس في المائع السيال لو كان القشر رخوا خفيفا لم يكن فيه صخر و جبل (كذا في هامش الوافي). و المهاد:

الفراش.

 (4). الارجاء الاطراف و الجوانب و النواحي. و الأمطاء جمع مطا و هو الظهر و الضمير في أرجائها و أمطائها راجع الى السماوات و الأرض، و في أكثر نسخ مصباح المتهجد على المحكى «و حمل عرشه على أمطائها» فالضمير راجع الى الملائكة: و قيل: لعل الضمير راجع الى السماوات.

 (5). في القاموس: أجبأ الشي‏ء: واراه و على القوم أشرف. و الباء في «بشعاعه»-

527
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

وَ فَجَّرَ الْأَرْضَ‏ عُيُوناً وَ الْقَمَرَ نُوراً+ وَ النُّجُومَ بُهُوراً ثُمَّ عَلَا فَتَمَكَّنَ وَ خَلَقَ فَأَتْقَنَ وَ أَقَامَ فَتَهَيْمَنَ‏ «1» فَخَضَعَتْ لَهُ نَخْوَةُ الْمُتَكَبِّرِ «2» وَ طَلَبَتْ إِلَيْهِ خَلَّةُ الْمُتَمَسْكِنِ‏ «3»- اللَّهُمَّ فَبِدَرَجَتِكَ الرَّفِيعَةِ وَ مَحَلَّتِكَ الْمَنِيعَةِ وَ فَضْلِكَ السَّابِغِ وَ سَبِيلِكَ الْوَاسِعِ‏ «4» أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا دَانَ لَكَ‏ «5» وَ دَعَا إِلَى عِبَادَتِكَ وَ وَفَى بِعَهْدِكَ‏ «6» وَ أَنْفَذَ أَحْكَامَكَ وَ اتَّبَعَ أَعْلَامَكَ عَبْدِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ أَمِينِكَ عَلَى عَهْدِكَ إِلَى عِبَادِكَ الْقَائِمِ‏

______________________________

- للتعدية و الضمير المذكر راجع الى العرش و يحتمل ارجاعه إليه تعالى أو الى الشمس بتأويل النجم. و الغطش: الليل المظلم. و لعلّ المعنى جعل شعاعه مشرقا و مستوليا و مستعليا على ظلمة الغطش. و في بعض النسخ «أخبأ» و في بعضها «أحيا» و في التهذيب و المصباح «أطفأ».

 (1). لعل البهور جمع باهر أي الغالب- كقعود و قاعد- و «ثم» فى قوله «ثم علا» للترقى في الرتبة (مراد) و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: لعلّ المعنى أن نهاية علوه و تجرده و تنزهه صار سببا لتمكنه في خلق ما يريد و تسلطه على من سواه و قال والدى العلامة ثمّ علا على عرش العظمة و الجلال فتمكن بالخلق و التدبير، أو أنّه مع ايجاده تلك الأشياء و تربيتها لم ينقص من عظمته و جلالته شيئا و لم يزد عليهما شي‏ء و «أقام» كل شي‏ء في مرتبته و مقامه «فتهيمن» فصار رقيبا و شاهدا عليها و حافظا لها- انتهى. و التهيمن: الارتقاب و الحفظ.

 (2). في بعض النسخ «نخوة المستكبر» و في بعضها «بجرة المتكبر» و البجرة:

الوجه و العنق. و النخوة الحماسة و العظمة و التبختر.

 (3). الخلة: الحاجة و الفقر و الخصاصة، و في بعض النسخ «خلة المتمكن» و المسكين من لا شي‏ء له و الضعيف الذليل و تمسكن: صار مسكينا.

 (4). «فبدرجتك الرفيعة» أي بعلوّ ذاتك و صفاتك. «و محلتك المنيعة» أي بجلالتك و عظمتك المانعة من أن يصل إليها أحد أو يدركها عقول الخلائق و أفهامهم، «و فضلك السابغ» أى الكامل. و في بعض النسخ «و فضلك البالغ» أي حدّ الكمال. «و سبيلك الواسع» أي طريقتك و عادتك في الجود و الافضال الشامل للبر و الفاجر أو الطريق البين الذي فتحته لعبادك الى معرفتك و العلم بشرائعك و أحكامك. و في بعض النسخ «سيبك الواسع» و لعل هو الاصوب و السيب العطاء.

 (5). أي أطاعك أو تذلل لك.

 (6). في المصباح «و في بعهودك» أي التي عاهدته عليها من العبادات و تبليغ الرسالات كما في البحار.

528
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

بِأَحْكَامِكَ وَ مُؤَيِّدِ مَنْ أَطَاعَكَ وَ قَاطِعِ عُذْرِ مَنْ عَصَاكَ اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ مُحَمَّداً أَجْزَلَ مَنْ جَعَلْتَ لَهُ نَصِيباً مِنْ رَحْمَتِكَ وَ أَنْضَرَ مَنْ أَشْرَقَ وَجْهُهُ بِسِجَالِ عَطِيَّتِكَ‏ «1» وَ أَقْرَبَ الْأَنْبِيَاءِ زُلْفَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَكَ وَ أَوْفَرَهُمْ حَظّاً مِنْ رِضْوَانِكَ وَ أَكْثَرَهُمْ صُفُوفَ أُمَّةٍ فِي جِنَانِكَ كَمَا لَمْ يَسْجُدْ لِلْأَحْجَارِ وَ لَمْ يَعْتَكِفْ لِلْأَشْجَارِ وَ لَمْ يَسْتَحِلَّ السِّبَاءَ «2» وَ لَمْ يَشْرَبِ الدِّمَاءَ اللَّهُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْكَ حِينَ أَجَاءَتْنَا الْمَضَايِقُ الْوَعْرَةُ وَ أَلْجَأَتْنَا الْمَحَابِسُ الْعَسِرَةُ «3» وَ عَضَّتْنَا الصَّعْبَةُ عَلَائِقُ الشَّيْنِ وَ تَأَثَّلَتْ عَلَيْنَا لَوَاحِقُ الْمَيْنِ‏ «4» وَ اعْتَكَرَتْ عَلَيْنَا حَدَابِيرُ السِّنِينَ وَ أَخْلَفَتْنَا مَخَايِلُ الْجَوْدِ «5» وَ اسْتَظْمَأْنَا لِصَوَارِخِ الْعَوْدِ فَكُنْتَ رَجَاءَ الْمُبْتَئِسِ-

______________________________

 (1). «أجزل» أي أكمل و أعظم من حيث النصيب من رحمتك العظمى. و «أنضر» أى أحسن و أبهى. «أشرق وجهه» أضاء. و السجال جمع السجل و هو الدلو العظيم المملوء.

 (2). السباء- بالكسر-: الخمر أو شراؤها أو حمل الخمر من بلد الى بلد و الكل محتمل و الأول أظهر.

 (3). «أجأتنا» فى الصحاح أجأته الى كذا ألجأته و اضطررته إليه. و في المصباح و التهذيب «فاجأتنا» أي وردت علينا فجأة أي بغتة من غير أن يشعر بها. و الوعرة- بكسر العين- الصعبة، و المضائق جمع مضيق و هو ما ضاق من الاماكن و الأمور. و الحبس: المنع كالمحبس (القاموس) و العسرة: الضيقة أي الشدائد التي صعب علينا الصبر عليها.

 (4). عضه عضا: أمسكه بأسنانه، و عضه الزمان: اشتد عليه. و الصعبة: الشديدة و نقيض الذلول و ليست في بعض النسخ و على تقديرها فعلائق الشين بدل عنها. و العلائق جمع العلاقة و هي ما يتعلق بالشي‏ء أو يعلق الشي‏ء به. و الشين العيب خلاف الزين. و «تأثلت» أى استحكمت و تأصلت و عظمت. و المين: الكذب و الافتراء.

 (5). الاعتكار: الازدحام و الاختلاط و في النهاية في حديث عليّ عليه السلام في الاستسقاء «اللّهمّ انا خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السنين» الحدابير جمع حدبار و هى الناقة التي بدا عظم ظهرها و نشزت حراقيفها من الهزال، فشبه بها السنين التي يكثر فيها الجدب و القحط. و أخلفه ما وعده هو أن يقول شيئا و لا يفعله. و المخائل جمع مخيلة و هى السحابة الخليقة بالمطر أو التي يخال بها المطر. و قال الفيومى: «أخالت السحابة إذا رأيتها و قد ظهرت فيها دلائل المطر فحسبتها ماطرة، فهى مخيلة- بالضم- اسم فاعل- و مخيلة- بالفتح-

529
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

وَ الثِّقَةَ لِلْمُلْتَمِسِ‏ «1» نَدْعُوكَ حِينَ قَنَطَ الْأَنَامُ وَ مُنِعَ الْغَمَامُ وَ هَلَكَ السَّوَامُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ عَدَدَ الشَّجَرِ وَ النُّجُومِ‏ «2» وَ الْمَلَائِكَةِ الصُّفُوفِ وَ الْعَنَانِ الْمَكْفُوفِ‏ «3» أَنْ لَا تَرُدَّنَا خَائِبِينَ وَ لَا تُؤَاخِذَنَا بِأَعْمَالِنَا وَ لَا تُحَاصَّنَا بِذُنُوبِنَا «4» وَ انْشُرْ عَلَيْنَا رَحْمَتَكَ بِالسَّحَابِ‏

______________________________

- اسم مفعول لأنّها أحسبتك فحسبتها و هذا كما يقال مرض مخيف- بالضم- اسم فاعل لانه أخاف الناس و مخوف- بالفتح- لانهم خافوه ثمّ قال: قال الازهرى: أخالت السماء: إذا تغيمت فهى مخيلة- بالضم- فاذا أرادوا السحابة نفسها قالوا: مخيلة- بالفتح- الخ». و الجود- بفتح الجيم-: المطر الكثير الدر الواسع.

 (1). الصارخة: الاستغاثة و صوتها. و العود- بفتح العين-: الجمل الكبير و المسن من الشاء. يعنى صرنا عطاشا لصارخة هؤلاء البهائم، أو صرنا طالبين للعطش أو رضينا به مع زواله عن البهائم. و المبتئس ذو البأس- و هو الضر و سوء الحال- و الكاره الحزين.

 (2). الغمام جمع الغمامة و هي السحابة و قيل الغمام السحاب و الغمامة أخص منه و هى السحابة البيضاء. و السوام بتخفيف الميم بمعنى السائمة و هي الإبل الراعية. و القيوم الكثير القيام بأمور الخلائق أو القائم بذاته الذي يقوم به غيره. «عدد الشجر» قائم مقام المفعول المطلق لقوله «ندعوك» أي ندعوك دعاء عدد الشجر، أو نقول الاسمين بهذا العدد و تستحقها بازاء كل موجود أحييته أو اقمته، و النجوم جمع النجم و هو ما نجم أي طلع من الأرض من النبات بغير ساق و يحتمل الكوكب و الأول أنسب كما في البحار.

 (3). في بعض النسخ «ملائكتك الصفوف» أي القائمين في السماوات صفوفا لا تعد و لا تحصى. و العنان- بفتح العين-: السحاب. و المكفوف: الممنوع، و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: فيه من حسن الشكاية و الطلب ما لا يخفى.

و احتمل العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- أن يكون المراد بالمكفوف الممنوع من السقوط و نقل عن الطيبى أنّه قال في شرح المشكاة في الحديث «السماء موج مكفوف» أي ممنوع عن الاسترسال حفظها اللّه أن تقع على الأرض و هي معلقة بلا عمد، و قال و في بعض النسخ «المعكوف» و هو الممنوع من الذهاب في جهة بالاقامة في مكانه و منه قوله تعالى‏ «وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ» أى محبوسا من أن ببلغ منحره.

 (4). «تحاصنا» المحاصة المقاسمة بالحصص و المراد المقاصة بالاعمال بأن يسقط حصة-

530
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

الْمُتْئِقِ وَ النَّبَاتِ الْمُونِقِ‏ «1» وَ امْنُنْ عَلَى عِبَادِكَ بِتَنْوِيعِ الثَّمَرَةِ «2» وَ أَحْيِ بِلَادَكَ بِبُلُوغِ الزَّهَرَةِ «3» وَ أَشْهِدْ مَلَائِكَتَكَ الْكِرَامَ السَّفَرَةَ سُقْيَا مِنْكَ نَافِعَةً دَائِمَةً غُزْرُهَا وَاسِعاً دَرُّهَا سَحَاباً وَابِلًا سَرِيعاً عَاجِلًا «4» تُحْيِي بِهِ مَا قَدْ مَاتَ وَ تَرُدُّ بِهِ مَا قَدْ فَاتَ وَ تُخْرِجُ بِهِ مَا هُوَ آتٍ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيثاً مُمْرِعاً طَبَقاً مُجَلْجِلًا مُتَتَابِعاً خُفُوقُهُ‏ «5» مُنْبَجِسَةً بُرُوقُهُ مُرْتَجِسَةً هُمُوعُهُ وَ سَيْبُهُ مُسْتَدِرٌّ وَ صَوْبُهُ مُسْبَطِرٌّ «6» لَا تَجْعَلْ ظِلَّهُ‏

______________________________

- من الثواب لاجل الذنوب أو يجعل لكل ذنب حصة من العقاب (البحار) و في بعض النسخ «و لا تخاصمنا» فالمعنى واضح.

 (1). المتئق- كمكرم على بناء اسم الفاعل- من أتأقت الاناء إذا امتلأته. أى الذي يملأ الغدران و الجباب و العيون. و المونق: الحسن المعجب. و في النسخ «المتأق».

 (2). أي باصلاح أنواعها. و قال في الوافي: لعله أريد بتنويع الثمرة تحريكها للايناع يقال: نوعته الرياح إذا ضربته و حركته.

 (3). الزهرة- بالفتح و قد يحرك-: النبات و نوره- بفتح النون- أو الأصفر منه، و الجمع زهر و أزهار.

 (4). «أشهد» أي أحضر. و السفرة: الكتبة و لعلّ المراد باحضارهم هنا اما لان يكتبوا تقدير المطر و قدره و موضعه او لان يبلغوا الرسالة الى جماعة الملائكة الموكلين بالسحاب و المطر فقوله «سقيا» أي لسقيا متعلق بأشهد أو بمحذوف. و «غزرها»- بالضم- اما جمع غزر- بفتح الغين- أو بالفتح بالافراد بتضمين معنى الكثرة. أى دائمة كثرتها. «واسعا درها» أي مطرها و خيرها. و الوابل المطر الشديد الضخم.

 (5). «ما هو آت» أي لم يأت أوانه بعد. «غيثا مغيثا» المغيث اما من الاغاثة أو من الغيث أي الموجب لغيث آخر بعده أو المنبت للكلإ. «ممرعا» أي ذا مرع و كلاء و خصب.

 «طبقا» فى القاموس الطبق- محركة- من المطر: العام. و المجلجل: الشديد الصوت أو المتتابع. و الخفوق: اضطراب البروق و صوت الرعود.

 (6). «منبجسة بروقه» أي ينفجر الماء من بروقه أي يصب الماء عقيب كل برق و في القاموس بجسه تبجيسا: فجره فانبجس. «مرتجسة هموعه» أي يكون جريانه ذا صوت و رعد، في القاموس: رجست السماء و ارتجست: رعدت شديدا؛ و قال: همعت عينه همعا و هموعا أسالت الدمع، و سحاب همع- ككتف-: الماطر. و السيب: العطاء و الجرى، مصدر ساب أي-

531
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

عَلَيْنَا سَمُوماً وَ بَرْدَهُ عَلَيْنَا حُسُوماً «1» وَ ضَوْءَهُ عَلَيْنَا رُجُوماً وَ مَاءَهُ أُجَاجاً وَ نَبَاتَهُ رَمَاداً رِمْدِداً «2» اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَ هَوَادِيهِ وَ الظُّلْمِ وَ دَوَاهِيهِ وَ الْفَقْرِ وَ دَوَاعِيهِ‏ «3» يَا مُعْطِيَ الْخَيْرَاتِ مِنْ أَمَاكِنِهَا وَ مُرْسِلَ الْبَرَكَاتِ مِنْ مَعَادِنِهَا مِنْكَ الْغَيْثُ الْمُغِيثُ وَ أَنْتَ الْغِيَاثُ الْمُسْتَغَاثُ‏ «4» وَ نَحْنُ الْخَاطِئُونَ وَ أَهْلُ الذُّنُوبِ وَ أَنْتَ الْمُسْتَغْفَرُ الْغَفَّارُ-

______________________________

- جرى. و المستدر: الكثير السيلان أو النفع. و الصوب النزول و الانصباب. و في القاموس في «سبطر»: اسبطرّ- بشد الراء- امتد و الإبل أسرعت و البلاد استقامت. و في النهاية أيضا في مادة «سبطر»: درّت و اسبطرّت أي امتدّت. و في بعض النسخ و في التهذيب «مستطر» بفتح الطاء و تخفيف الراء اي مكتوب مقدر عندك نزوله و لعله تصحيف.

 (1). الظل من السحاب ما وارى الشمس منه أو سواده. و السموم- بالفتح-: الريح الحارة. و- بالضم- جمع السم القاتل (القاموس) أي لا تجعل سحابه سببا لعذابنا كما عذب به أقوام من الأمم الماضية عذاب يوم الظلة قالوا غيما تحته سموم. و الحسوم- بالضم- الشوم أو المتتابع إشارة الى اهلاك قوم عاد بالريح الباردة كما قال تعالى‏ «وَ أَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً» قال البيضاوى أي متتابعات جمع حاسم أو نحسات حسمت كل خير و استأصله أو قاطعات قطعت دابرهم.

 (2). «ضوءه علينا رجوما» أي برقه أو صاعقته أو عدم إمطاره. و في الصحيفة السجّادية «صوبه». و الرجم: الرمى بالحجارة و القتل و العيب. «و ماءه اجاجا» أي ملحا مرا و يحتمل أن يكون كناية عن ضرره أو عدم نفعه و «رمادا رمددا» بكسر الراء و سكون الميم و كسر الدال و فتحها معا. و في بعض النسخ «رمدادا» على وزن فعلال- بالكسر. فى القاموس رمدد- كزبرج و درهم- و رمديد: كثير دقيق جدا أو هالك.

 (3). «هواديه» أي مقدماته من الرياء و سائر المعاصى، في القاموس: الهادى:

المتقدم و العنق و الهوادى الجمع، يقال: أقبلت هوادى الخيل إذا بدت أعناقها، و دواهيه أى ما يلزمه من مصيبات الدنيا و عقوبات الآخرة، و في القاموس: دواهى الدهر نوائبه و حدثانه. و دواعى الدهر: صروفه و نوائبه أريد ما يستلزم الفقر من الافعال و النيات.

 (4). «من أماكنها» أي من محالها التي قررها اللّه سبحانه فيها كالمطر من السماء و البركات زيادات الخيرات. و «معادنها» محالها التي هي مظنة حصولها منها. و الغياث الاسم من الاغاثة و المستغاث الذي يفزع إليه في الشدائد. (البحار).

532
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

نَسْتَغْفِرُكَ لِلْجَمَّاتِ مِنْ ذُنُوبِنَا وَ نَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ عَوَامِّ خَطَايَانَا «1» اللَّهُمَّ فَأَرْسِلْ عَلَيْنَا دِيمَةً مِدْرَاراً وَ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَاكِفاً مِغْزَاراً «2» غَيْثاً وَاسِعاً وَ بَرَكَةً مِنَ الْوَابِلِ نَافِعَةً يُدَافَعُ الْوَدْقُ بِالْوَدْقِ وَ يَتْلُو الْقَطْرُ مِنْهُ الْقَطْرَ غَيْرَ خُلَّبٍ بَرْقُهُ‏ «3» وَ لَا مُكَذَّبٍ رَعْدُهُ وَ لَا عَاصِفَةٍ جَنَائِبُهُ بَلْ رِيّاً يَغَصُّ بِالرِّيِّ رَبَابُهُ وَ فَاضَ فَانْصَاعَ بِهِ سَحَابُهُ‏ «4» وَ جَرَى آثَارُ هَيْدَبِهِ جَنَابَهُ سُقْيَا مِنْكَ مُحْيِيَةً مُرْوِيَةً مُحَفَّلَةً مُفَضَّلَةً «5» زَاكِياً نَبْتُهَا-

______________________________

 (1). «للجمات» أي الكثيرات أو جملتها، و نسخة في جميع النسخ «للجهالات من ذنوبنا». و «من» للبيان فان كل ذنب تلزمه جهالة بعظمة الرب أو شدائد عقوبات الآخرة «من عوام خطايانا» أي جميعها أو الشاملة لجميع الخلق أو أكثرهم أو لجميع الجوارح و الأول أظهر. (البحار).

 (2). الديمة- بالكسر-: المطر الذي ليس فيه رعد و لا برق يدوم في سكون. و في القاموس: در السماء بالمطر درا و درورا فهي مدرار، ففي الاسناد هنا مجاز. و الواكف:

المتقاطر. و المغزار: الكثير.

 (3). «نافعة» فى بعض النسخ بالقاف أي ثابتة في الأرض ينتفع بها طول السنة.

و الودق- بسكون الدال-: المطر. و مدافعة الودق هي أن تكثر المطر بحيث تتلاقى القطرات في الجو يدفع بعضها بعضا. و الخلب- بضم الخاء المعجمة و فتح اللام المشددة- البرق الذي لا غيث معه كانه خادع، أو السحاب الذي لا مطر فيه.

 (4). الجنائب جمع الجنوب و هي ريح تخالف الشمال مهبوبة من مطلع السهيل الى مطلع الثريا، و هي مهلكة مفسدة. و الرى- بالكسر-: الارتواء من الماء. و الغص بالغين المعجمة-: الامتلاء، و الغصة: ما اعترض في الحلق. و الرباب- بالفتح-: السحاب الابيض أو السحاب الذي تراه كأنّه دون السحاب قد يكون ابيض و قد يكون أسود و الواحدة ربابة (الصحاح) في القاموس انصاع: انفتل راجعا مسرعا. أى غيثا يفيض و يجرى منه الماء كثيرا ثمّ يرجع سحابه مسرعا بالفيضان فالضمير في قوله «به» راجع الى الفيضان المفهوم من قوله: «فاض» (البحار) و في الوافي «انضاع» بالمعجمة قبل المهملة أي فانساق.

 (5). الهيدب المتدلى أو ذيله يعنى الذي يدنو من الأرض و تراه كأنّه خيوط عند انصباب المطر. و الجناب: الفناء و الناحية. و في بعض النسخ «حبابه» بالموحدتين كما في التهذيب-

533
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

نَامِياً زَرْعُهَا نَاضِراً عُودُهَا مُمْرِعَةً آثَارُهَا جَارِيَةً بِالْخَيْرِ وَ الْخِصْبِ عَلَى أَهْلِهَا تَنْعَشُ بِهَا الضَّعِيفَ مِنْ عِبَادِكَ‏ «1» وَ تُحْيِي بِهَا الْمَيِّتَ مِنْ بِلَادِكَ وَ تُنْعِمُ بِهَا الْمَبْسُوطَ مِنْ رِزْقِكَ وَ تُخْرِجُ بِهَا الْمَخْزُونَ مِنْ رَحْمَتِكَ وَ تَعُمُّ بِهَا مَنْ نَأَى مِنْ خَلْقِكَ حَتَّى يُخْصِبَ لِإِمْرَاعِهَا الْمُجْدِبُونَ وَ يَحْيَا بِبَرَكَتِهَا الْمُسْنِتُونَ وَ تَتْرَعَ بِالْقِيعَانِ غُدْرَانُهَا وَ تُورِقَ ذُرَى الْأَكْمَامِ زَهَرَاتُهَا وَ يَدْهَامَّ بِذُرَى الْآكَامِ شَجَرُهَا «2» وَ تَسْتَحِقَّ عَلَيْنَا بَعْدَ الْيَأْسِ شُكْراً مِنَّةً مِنْ مِنَنِكَ مُجَلَّلَةً وَ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِكَ مُفْضَلَةً عَلَى بَرِيَّتِكَ الْمُرْمِلَةِ وَ بِلَادِكَ الْمُغْرِبَةِ وَ بَهَائِمِكَ الْمُعْمَلَةِ وَ وَحْشِكَ الْمُهْمَلَةِ «3» اللَّهُمَّ مِنْكَ ارْتِجَاؤُنَا وَ إِلَيْكَ مَآبُنَا فَلَا تَحْبِسْهُ‏

______________________________

- و هو بالفتح معظم الماء. و محفلة أي مالئا للحياض، و حفل الوادى بالسيل جاء بمل‏ء جنبيه و حفل السماء: اشتد مطرها (القاموس) و «مفضلة» فى بعض النسخ «مخضلة» أي مبتلة و أخضل الشي‏ء بله و نداه.

 (1). الخصب- بالكسر-: كثرة العشب و بلد خصيب و مخصب. و تنعش بها الضعيف أي تقيمه من صرعته و تنهضه من عثرته و تجبر فقره و ضعفه.

 (2). المجدبون الذين أصابهم الجدب. و المسنتون- بتقديم النون- الذين أصابتهم شدة السنة. و تترع أي تمتلئ من قولهم ترع الاناء- كعلم- يترع ترعا: امتلأ. و القيعان جمع القاع و هي الأرض المطمئنة السهلة. و الغدران- بالضم ثمّ السكون- جمع الغدير. و ذرى الاكمام رءوسها و هي جمع الكمّ- بالكسر- و هو وعاء الطلع و غطاء النور- بالفتح- و «يدهام» بشد الميم أي يسود، و روضة مدهام أي شديدة الخضرة المتناهية فيها. و الآكام:

الآجام. و في بعض النسخ «الاكمام».

 (3). «مجللة» بكسر اللام أي عامة، في الصحاح جلل الشي‏ء تجليلا أي عم و المجلل أى السحاب الذي يجلل الأرض بالمطر أي يعم متصلة. و «مفضلة» اسم مفعول من الافضال و المرملة الذين أصابتهم الحاجة و المسكنة و هو على صيغة اسم الفاعل. و المغربة- بالغين المعجمة و الراء المهملة من الغروب بمعنى البعد و الغيبة. و في بعض النسخ «المعرنة» بالعين و الراء المهملتين و النون؛ بفتح الراء أو كسرها بمعنى البعيدة، و في بعضها «المعزبة»- بالعين المهملة و الزاى- و العازب: الكلاء البعيد، و في القاموس أعزب بعد و أبعد. و المعملة اسم مفعول من الاعمال لان الناس يستعملونها في أعمالهم. و المهملة التي لا راعى لها و لا صاحب و لا مشفق.

534
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

عَنَّا لِتَبَطُّنِكَ سَرَائِرَنَا «1» وَ لَا تُؤَاخِذْنَا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا فَإِنَّكَ تُنْزِلُ‏ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَ تَنْشُرُ رَحْمَتَكَ وَ أَنْتَ‏ الْوَلِيُ‏ الْحَمِيدُ- ثُمَّ بَكَى وَ قَالَ- سَيِّدِي سَاخَتْ جِبَالُنَا وَ اغْبَرَّتْ أَرْضُنَا وَ هَامَتْ دَوَابُّنَا وَ قَنَطَ النَّاسُ مِنَّا أَوْ مَنْ قَنَطَ مِنْهُمْ وَ تَاهَتِ الْبَهَائِمُ وَ تَحَيَّرَتْ فِي مَرَاتِعِهَا وَ عَجَّتْ عَجِيجَ الثَّكَالَى عَلَى أَوْلَادِهَا «2» وَ مَلَّتِ الدَّوَرَانَ فِي مَرَاتِعِهَا حِينَ حَبَسْتَ عَنْهَا قَطْرَ السَّمَاءِ فَدَقَّ لِذَلِكَ عَظْمُهَا وَ ذَهَبَ لَحْمُهَا وَ ذَابَ شَحْمُهَا وَ انْقَطَعَ دَرُّهَا اللَّهُمَّ ارْحَمْ أَنِينَ الْآنَّةِ وَ حَنِينَ الْحَانَّةِ «3» ارْحَمْ تَحَيُّرَهَا فِي مَرَاتِعِهَا وَ أَنِينَهَا فِي مَرَابِضِهَا.

1502- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي لِلِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَ يَسْتَسْقِي وَ هُوَ قَاعِدٌ وَ قَالَ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ.

1503- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ تَحْوِيلِ النَّبِيِّ ص رِدَاءَهُ إِذَا اسْتَسْقَى قَالَ عَلَامَةٌ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَحَوَّلَ الْجَدْبُ خِصْباً «4».

1504- وَ جَاءَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالُوا لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ادْعُ لَنَا بِدَعَوَاتٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَدَعَا عَلِيٌّ ع الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ع‏

______________________________

 (1). «لتبطنك سرائرنا» أي لعلمك ببواطننا و ما نسرّه فيها.

 (2). و «ساخت» أي انخسفت و في النهج «انصاحت جبالنا» أي صاحت و رفعت أصواتها.

و «هامت» أي عطشت من الهيام بمعنى العطش قال الجوهريّ «الهيمان» العطشان و قوم هيم أي عطاش. أو ذهبت على وجوهها لشدة المحل من الهيمان. و «تاهت» أي تحيرت أو ضاعت.

و العجيج رفع الصوت. و الثكل- بالضم- فقد الولد. و في بعض النسخ «الثكلى».

 (3). الآنّة- بتشديد النون-: الشاة، و الحانة أيضا الناقة، يقال: ما له حانة و لا آنة أي ما له ناقة و لا شاة و الانين: التأوه. و الحنين: الشوق و شدة البكاء. و مرابض الغنم كمعاطن الإبل و هو مبركها حول الحوض واحدها مربض- بكسر الباء و فتحها-

 (4). أراد بذلك أن تحول الجدب خصبا كما رواه المصنّف في العلل ص 122 بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «سألته لاى علة حول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في صلاة الاستسقاء رداءه الذي على يمينه على يساره و الذي على يساره على يمينه قال: اراد بذلك تحول الجدب خصبا».

535
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

فَقَالَ يَا حَسَنُ ادْعُ فَقَالَ الْحَسَنُ ع اللَّهُمَّ هَيِّجْ لَنَا السَّحَابَ بِفَتْحِ الْأَبْوَابِ بِمَاءٍ عُبَابٍ وَ رَبَابٍ‏ «1» بِانْصِبَابٍ وَ انْسِكَابٍ يَا وَهَّابُ وَ اسْقِنَا مُطَبِّقَةً مُغْدِقَةً مُونِقَةً فَتِّحْ أَغْلَاقَهَا وَ سَهِّلْ إِطْلَاقَهَا وَ عَجِّلْ سِيَاقَهَا بِالْأَنْدِيَةِ فِي الْأَوْدِيَةِ يَا وَهَّابُ بِصَوْبِ الْمَاءِ «2» يَا فَعَّالُ اسْقِنَا مَطَراً قَطْراً طَلًّا مُطِلًّا طَبَقاً مُطَبِّقاً عَامّاً مِعَمّاً رِهَماً بُهْماً رُحْماً «3»

______________________________

 (1). «بفتح الأبواب» أي أبواب رحمتك أو أبواب سمائك. و في القاموس: العباب- كغراب-: معظم السيل و ارتفاعه و كثرة أمواجه. و في النهاية. الربابة- بالفتح-:

السحابة التي يركب بعضها بعضا.

 (2). الانسكاب: الانصباب. و التطبيق: تعميم الغيم بمطره و تغشيته الجو و تغشية الماء وجه الأرض. و أغدق المطر: كثر قطره. و الاغلاق جمع الغلق و هو ما يغلق به الباب و فتحها كناية عن رفع موانعها التي منها المعاصى. و «سهل اطلاقها» أي ارسالها. و السياق من ساق الماشية سياقا و لعلّ الباء زائدة. و الاندية جمع الندى و هو المطر أي عجل أجراء المطر أو المياه في بطون الاودية. و المراد بالصوب: الانصباب.

 (3). في الصحاح: القطر- بسكون القاف-: المطر و جمع قطرة، و في القاموس:

و سحاب قطور و مقطار أي كثير القطر و كغراب عظيمه. و الطل- بشد اللام-: المطر الضعيف أو أخفّ المطر و أضعفه أو الندى، و الحسن و المعجب من ليل و شعر و ماء و غير ذلك، و أطلّ عليه أشرف- انتهى. و المراد بالطل اما المطر الضعيف فيكون طلبا للمطر بنوعيه فان لكل منهما فائدة في الاشجار و الزروع، أو المراد ذا طل فانه ما يقع على الأرض من الندى بعد المطر بالليل أو المراد به الحسن المعجب. «مطلا»- بفتح الميم و الطاء تأكيد. أى يكون مظنة للطل، أو بضم الميم و كسر الطاء بهذا المعنى أو مشرفا نازلا علينا، أو طلا يكون سببا لطل آخر. «مطبقا» تأكيد لقوله «طبقا» قال في النهاية: فى حديث الاستسقاء «اللّهمّ اسقنا غيثا طبقا» أي مالئا للأرض مغطيا لها، يقال: غيث طبق: أى عام واسع.

و في القاموس. عم الشي‏ء عموما: شمل الجماعة، يقال: عمهم بالعطية، و هو معم خير- بكسر الميم و فتح العين- يعم بخيره و عقله. و في النهاية: الرهام- بكسر الراء- هى الامطار الضعيفة، واحدتها رهمة، و قيل الرهمة أشدّ وقعا من الديمة. و في القاموس الرهمة- بالكسر-: المطر الضعيف الدائم. و في بعض النسخ «دهما» بالدال المهملة من قوله:

دهمك أي غشيك أو من الدهمة و هي السواد فان المطر يسود الأرض. و لعله تصحيف. و قوله-

536
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

رَشّاً مُرِشّاً وَاسِعاً كَافِياً عَاجِلًا طَيِّباً مُبَارَكاً سُلَاطِحاً بُلَاطِحاً يُنَاطِحُ الْأَبَاطِحَ مُغْدَوْدِقاً مُطْبَوْبِقاً مُغْرَوْرِقاً «1» وَ اسْقِ سَهْلَنَا وَ جَبَلَنَا وَ بَدْوَنَا وَ حَضَرَنَا «2» حَتَّى تُرْخِصَ بِهِ أَسْعَارَنَا وَ تُبَارِكَ بِهِ فِي ضِيَاعِنَا وَ مُدُنِنَا أَرِنَا الرِّزْقَ مَوْجُوداً وَ الْغَلَاءَ «3» مَفْقُوداً آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ قَالَ لِلْحُسَيْنِ ع ادْعُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع- اللَّهُمَّ مُعْطِيَ الْخَيْرَاتِ مِنْ مَظَانِّهَا وَ مُنْزِلَ الرَّحَمَاتِ مِنْ مَعَادِنِهَا وَ مُجْرِيَ الْبَرَكَاتِ عَلَى أَهْلِهَا مِنْكَ الْغَيْثُ الْمُغِيثُ وَ أَنْتَ الْغِيَاثُ الْمُسْتَغَاثُ وَ نَحْنُ الْخَاطِئُونَ وَ أَهْلُ الذُّنُوبِ وَ أَنْتَ الْمُسْتَغْفَرُ الْغَفَّارُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ اللَّهُمَّ أَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا دِيمَةً مِدْرَاراً وَ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَاكِفاً مِغْزَاراً غَيْثاً مُغِيثاً وَاسِعاً مُسْبِغاً مُهْطِلًا «4» مَرِيئاً مَرِيعاً غَدَقاً مُغْدِقاً «5» عُبَاباً مُجَلْجِلًا-

______________________________

- «بهما» فى بعض النسخ «بهيما» و في بعضها «يهمارا» و في القاموس البهيم: الأسود و الخالص الذي لم يشبه غيره، و يحشر الناس بهما- بضم الباء- أى ليس بهم شي‏ء ممّا كان في الدنيا نحو البرص و العرج، و في مجمل اللغة هو المطر الصغير القطر. و في القاموس اليهمور: الدفعة من المطر، و همار- كشداد- السحاب السيال، و انهمر الماء: انسكب و سال. و البهيم المصمت الذي لا يخالط لونه لون غيره. و قوله «رحما» فى بعض النسخ و التهذيب «رحيما» و كلاهما بعيد و لعله «رجما» بالجيم كناية عن سرعته و شدة وقعه كما في البحار.

 (1). «رشا مرشا» فى الصحاح الرش:- بضم الراء- المطر القليل و الجمع رشاش، و رشت السماء أي جاءت بالرش. «سلاطح بلاطح» بالسين المهملة في الأول و الباء الموحدة في الثاني و اللام و الطاء المهملة فيهما اتباع يريد كثرة الماء. و قوله «يناطح الاباطح» فى بعض النسخ بالنون و في بعضها بالباء: فعلى الأول لعله كناية عن جريه في الاباطح- و هو جمع الابطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى- بكثرة و قوة كانه ينطحها بقرنه. و على الثاني- أعنى بالباء- المراد أن يجعل الابطح أبطحا أو يوسعه. و اغدودق المطر: كثر قطره، و عين الماء:

غزرت و عذبت. و «مطبوبقا» مفعوعلا للمبالغة في تطبيق الأرض بالمطر، و كذا «مغرورقا» من قولهم اغرورقت عيناه أي غرقتا بالدموع و هو افعوعل من الغرق.

 (2). السهل ضد الجبل. و البدو: البادية.

 (3). و الغلاء: ارتفاع الثمن.

 (4). الهطل: تتابع المطر و الدمع و سيلانه.

 (5). في النهاية: فى حديث الاستسقاء «اسقنا غيثا مريئا مريعا» يقال: مرأنى-

537
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستسقاء ص : 524

سَحّاً سَحْسَاحاً بَسّاً بَسَّاساً مُسْبِلًا عَامّاً وَدْقاً مِطْفَاحاً «1» يَدْفَعُ الْوَدْقَ بِالْوَدْقِ دِفَاعاً وَ يَطْلُعُ الْقَطْرُ مِنْهُ غَيْرَ خُلَّبِ الْبَرْقِ وَ لَا مُكَذَّبِ الرَّعْدِ تَنْعَشُ بِهِ الضَّعِيفَ مِنْ عِبَادِكَ وَ تُحْيِي بِهِ الْمَيِّتَ مِنْ بِلَادِكَ مَنّاً عَلَيْنَا مِنْكَ آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ فَمَا تَمَّ كَلَامُهُ حَتَّى صَبَّ اللَّهُ الْمَاءَ صَبّاً وَ سُئِلَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا شَيْ‏ءٌ عُلِّمَاهُ فَقَالَ وَيْحَكُمْ أَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص حَيْثُ يَقُولُ أُجْرِيَتِ الْحِكْمَةُ عَلَى لِسَانِ أَهْلِ بَيْتِي.

1505- وَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ قُمْ فَادْعُ رَبَّكَ وَ اسْتَسْقِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ فَقَامَ الْعَبَّاسُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ عِنْدَكَ سَحَاباً وَ إِنَّ عِنْدَكَ مَطَراً فَانْشُرِ السَّحَابَ وَ أَنْزِلْ فِيهِ الْمَاءَ ثُمَّ أَنْزِلْهُ عَلَيْنَا وَ اشْدُدْ بِهِ الْأَصْلَ وَ أَطْلِعْ بِهِ الْفَرْعَ‏ «2» وَ أَحْيِ بِهِ الزَّرْعَ‏ «3» اللَّهُمَّ إِنَّا شُفَعَاءُ إِلَيْكَ عَمَّنْ لَا مَنْطِقَ لَهُ مِنْ بَهَائِمِنَا وَ أَنْعَامِنَا شَفِّعْنَا فِي أَنْفُسِنَا وَ أَهَالِينَا اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَدْعُو إِلَّا إِيَّاكَ وَ لَا نَرْغَبُ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا سَقْياً وَادِعاً «4» نَافِعاً طَبَقاً مُجَلْجِلًا اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ جُوعَ كُلِّ جَائِعٍ-

______________________________

- الطعام و أمرأنى إذا لم يثقل على المعدة و انحدر عنها طيبا. و تقدم معنى العباب و الغدق و المجلجل.

 (1). قوله «سحا سحساحا» فى الصحاح سح الماء يسح سحا أي سال من فوق و كذلك المطر و الدمع، و قال: تسحسح الماء أي سال، و مطر سحساح أي يسح شديدا. و البس:

السوق اللين. و بسست الإبل أبسها- بالضم- بسا و بسست المال في البلاد فانبس إذا أرسلته فتفرق فيها مثل بثثته فانبث. أى يكون ذا سوق لين يبس المطر في البلاد. و أسبل المطر و الدمع إذا هطل، و قال أبو زيد: أسبلت السماء و الاسم السبل و هو المطر بين السحاب و الأرض حين يخرج من السحاب و لم يصل الى الأرض. و تقدم معنى الودق. و طفح الاناء- كمنع طفحا و طفوحا امتلاء و ارتفع، و المطفاح: الممتلئ.

 (2). أي اجعل فروعه و أغصانه ذا ثمرة.

 (3). في بعض النسخ «و أحي به الضرع».

 (4). أي واسعا، و في بعض النسخ «وارعا» أي ساكنا مستقرا.

538
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

وَ عُرْيَ كُلِّ عَارٍ وَ خَوْفَ كُلِّ خَائِفٍ وَ سَغَبَ كُلِّ سَاغِبٍ يَدْعُو اللَّهَ‏ «1».

بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَ الزَّلَازِلِ وَ الرِّيَاحِ وَ الظُّلَمِ وَ عِلَّتِهَا

1506- قَالَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع‏ إِنَّ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ «2» لِلنَّاسِ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ الْبَحْرَ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ قَالَ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ قَدَّرَ مِنْهَا مَجَارِيَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ وَ قَدَّرَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى الْفَلَكِ ثُمَّ وَكَّلَ بِالْفَلَكِ مَلَكاً مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَهُمْ يُدِيرُونَ الْفَلَكَ فَإِذَا أَدَارُوهُ دَارَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ مَعَهُ فَنَزَلَتْ فِي مَنَازِلِهَا الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِيَوْمِهَا وَ لَيْلَتِهَا فَإِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعِبَادِ وَ أَحَبَّ اللَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَهُمْ‏ «3» بِآيَةٍ مِنْ آيَاتِهِ أَمَرَ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالْفَلَكِ أَنْ يُزِيلَ الْفَلَكَ عَنْ مَجَارِيهِ قَالَ فَيَأْمُرُ الْمَلَكُ السَّبْعِينَ أَلْفَ الْمَلَكِ أَنْ أَزِيلُوا الْفَلَكَ عَنْ مَجَارِيهِ قَالَ فَيُزِيلُونَهُ فَتَصِيرُ الشَّمْسُ فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْفَلَكُ فَيَنْطَمِسُ ضَوْؤُهَا وَ يَتَغَيَّرُ لَوْنُهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَظِّمَ الْآيَةَ غُمِسَتْ فِي الْبَحْرِ «4» عَلَى مَا يُحِبُّ أَنْ يُخَوِّفَ عِبَادَهُ بِالْآيَةِ قَالَ‏

______________________________

 (1). السغب: الجوع مع التعب و العطش.

 (2). كذا في جميع النسخ و في روضة الكافي تحت رقم 41 مسندا في حديث البحر مع الشمس «ان من الاقوات التي قدرها اللّه».

 (3). قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: لعله مأخوذ من العتب بمعنى الوجدة و الغضب أي يظهر عليهم غضبه، لكن الاستعتاب في اللغة بمعنى الرضا و طلب الرضا و كلاهما غير مناسبين في المقام انتهى، و قال أبوه- رحمه اللّه-: أى يبعثهم على الاستقالة من الذنوب ليرضى عنهم.

 (4). في الكافي «طمست في البحر» و غمس الشمس في البحر أو طمسها كناية عن طمس ضوئه كله بالكسوف الكلى كما اشير إليه بعد بقوله عليه السلام «و ذلك عند انكساف الشمس يعنى كلها.

539
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

وَ ذَلِكَ عِنْدَ انْكِسَافِ الشَّمْسِ وَ كَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْقَمَرِ «1» فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُجَلِّيَهَا وَ يَرُدَّهَا إِلَى مَجْرَاهَا أَمَرَ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالْفَلَكِ أَنْ يَرُدَّ الْفَلَكَ عَلَى مَجْرَاهُ فَيَرُدُّ الْفَلَكَ وَ تَرْجِعُ الشَّمْسُ إِلَى مَجْرَاهَا قَالَ فَتَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ وَ هِيَ كَدِرَةٌ وَ الْقَمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَمَا إِنَّهُ لَا يَفْزَعُ لِلْآيَتَيْنِ وَ لَا يَرْهَبُ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ رَاجِعُوهُ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ إِنَّ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ الْمُنَجِّمُونَ مِنَ الْكُسُوفِ فَيَتَّفِقُ عَلَى مَا يَذْكُرُونَهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْكُسُوفِ فِي شَيْ‏ءٍ وَ إِنَّمَا تَجِبُ الْفَزَعُ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَ الصَّلَاةِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الْمَنْظَرِ وَ شَبِيهٌ لَهُ فِي الْمُشَاهَدَةِ كَمَا أَنَّ الْكُسُوفَ الْوَاقِعَ مِمَّا ذَكَرَهُ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ ع إِنَّمَا وَجَبَ الْفَزَعُ فِيهِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ آيَةٌ تُشْبِهُ آيَاتِ السَّاعَةِ وَ كَذَلِكَ الزَّلَازِلُ وَ الرِّيَاحُ وَ الظُّلَمُ وَ هِيَ آيَاتٌ تُشْبِهُ آيَاتِ السَّاعَةِ فَأُمِرْنَا بِتَذَكُّرِ الْقِيَامَةِ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهَا وَ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ وَ الْإِنَابَةِ وَ الْفَزَعِ إِلَى الْمَسَاجِدِ الَّتِي هِيَ بُيُوتُهُ فِي الْأَرْضِ وَ الْمُسْتَجِيرُ بِهَا مَحْفُوظٌ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ.

1507- وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ «2» إِنَّ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يَجْرِيَانِ بِتَقْدِيرِهِ وَ يَنْتَهِيَانِ إِلَى أَمْرِهِ‏ «3» وَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لَا لِحَيَاةِ أَحَدٍ فَإِذَا انْكَسَفَ أَحَدُهُمَا فَبَادِرُوا إِلَى مَسَاجِدِكُمْ.

1508- وَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع- فَصَلَّى بِهِمْ حَتَّى كَانَ‏

______________________________

 (1). أي يطمس ضوءه في البحر يعنى البحر المحيط بالارض و هو أيضا بين السماء و الأرض و على هذا التوجيه لا منافاة بين الحديث و بين ما يقوله المنجمون الذين لا يتخلف حسابهم في ذلك الا إذا خرق اللّه العادة لمصلحة رآها كما يكون في آخر الزمان. و ذلك لانهم يقولون: ان سبب كسوف الشمس حيلولة جرم القمر بوجهه المظلم بيننا و بينها، و سبب خسوف القمر حيلولة جرم الأرض مع البحر المحيط بينها و بينه و يصحّ حسابهم في ذلك في جميع الاحيان. (الوافي).

 (2). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 463 بادنى اختلاف في اللفظ من حديث أبى الحسن موسى عليه السلام.

 (3). أي مطيعان له منقادان لامره تعالى.

540
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلِ قَدِ ابْتَلَّتْ قَدَمُهُ مِنْ عَرَقِهِ‏ «1».

1509- وَ سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ ع‏ عَنِ الرِّيحِ وَ الظُّلْمَةِ تَكُونُ فِي السَّمَاءِ وَ الْكُسُوفِ فَقَالَ الصَّادِقُ ع صَلَاتُهُمَا سَوَاءٌ «2».

1510- وَ فِي الْعِلَلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: وَ إِنَّمَا جُعِلَتْ لِلْكُسُوفِ صَلَاةٌ لِأَنَّهُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يُدْرَى أَ لِرَحْمَةٍ ظَهَرَتْ أَمْ لِعَذَابٍ فَأَحَبَّ النَّبِيُّ ص أَنْ تَفْزَعَ أُمَّتُهُ إِلَى خَالِقِهَا وَ رَاحِمِهَا عِنْدَ ذَلِكَ لِيَصْرِفَ عَنْهُمْ شَرَّهَا وَ يَقِيَهُمْ مَكْرُوهَهَا كَمَا صَرَفَ عَنْ قَوْمِ يُونُسَ ع حِينَ تَضَرَّعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا جُعِلَتْ عَشْرَ رَكَعَاتٍ لِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ الَّتِي نَزَلَ فَرْضُهَا-

______________________________

 (1). يدل على استحباب التطويل إذا ظنّ طولها.

 (2). هذا الحديث صحيح و فيه دلالة على مساواة الكسوف للمذكورين معه و ظاهر الحال الوجوب في الجميع كما هو قول جماعة من الاصحاب، و نقل عن أبي الصلاح أنّه لم يتعرض لغير الكسوفين، و نقل المحقق في الشرائع أن هذه الصلاة مستحبة لاخاويف غير الكسوفين و لم أقف على ذلك، نعم هذا الخبر كما ترى خاصّ بالريح و الظلمة، و المنقول عن بعض أصحابنا اختصاص الوجوب مع الكسوف بالريح المخوفة و الظلمة الشديدة و التقييد غير مستفاد من هذه الرواية (الشيخ محمّد) و قال الأستاذ في هامش الوافي: لا ريب أن صلاة الآيات للخوف و أن الظلمة غير الشديدة و الارياح المعتادة لا توجب الصلاة و مناط وجوب الصلاة ليس الخوف الشخصى و لا خوف أكثر أهل البلد بل كون الآية من شأنها أن يخاف منها الناس لدلالتها على تغيير في نظم العالم و أنّه في معرض الفناء و الزوال و هلاك أهله، و الزلزلة هكذا و ان اتفقت في بلد كانت الابنية بحيث لا يستلزم خطرا غالبا و لا يخاف منه الناس و مع هذا يجب الصلاة لأنّها في معرض الخطر و كذا الكسوف و الخسوف لا يستلزمان خوف أكثر الناس في غالب البلاد لكنهما من شأنهما أن يخاف منهما و من نوعهما اذ يتذكر كون الشمس و القمر في معرض التغيير و الزوال و لذلك قال جماعة: انهما يوجبان الصلاة و ان لم يوجبا خوفا لغالب الناس، ثمّ ان الظاهر ما من شأنه أن يهلك به خلق كثير لا مثل الصاعقة و الحجر السماوى و كذلك المراد ما يغير بعض أجزاء الكون و يذكر به خلل نظم العالم لا مثل الطاعون و الوباء و القحط و كثرة السباع في ناحية و بلد و كذلك السيل المجحف و طغيان الماء و الريح العاصفة غير السوداء و الحمراء و السموم و البرق الخاطف و نزول البرد و ان عظم و أمثال ذلك مع احتمال الوجوب في بعضها.

541
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

من السماء أولا في اليوم و الليلة إنما هي عشر ركعات‏ «1» فجمعت تلك الركعات هاهنا و إنما جعل فيها السجود لأنه لا تكون صلاة فيها ركوع إلا و فيها سجود و لأن يختموا صلاتهم أيضا بالسجود و الخضوع و إنما جعلت أربع سجدات لأن كل صلاة نقص سجودها من أربع سجدات لا تكون صلاة لأن أقل الفرض من السجود في الصلاة لا يكون إلا أربع سجدات و إنما لم يجعل بدل الركوع سجود لأن الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا و لأن القائم يرى الكسوف و الأعلى‏ «2» و الساجد لا يرى و إنما غيرت عن أصل الصلاة التي افترضها الله عز و جل لأنه تصلى لعلة تغير أمر من الأمور و هو الكسوفُ فَلَمَّا تَغَيَّرَتِ الْعِلَّةُ تَغَيَّرَ الْمَعْلُولُ.

1511- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمَّا انْتَهَى إِلَى السَّدِّ جَاوَزَهُ فَدَخَلَ فِي الظُّلُمَاتِ فَإِذَا هُوَ بِمَلَكٍ قَائِمٍ عَلَى جَبَلٍ طُولُهُ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ أَ مَا كَانَ خَلْفَكَ مَسْلَكٌ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ مُوَكَّلٌ بِهَذَا الْجَبَلِ وَ لَيْسَ مِنْ جَبَلٍ خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَّا وَ لَهُ عِرْقٌ مُتَّصِلٌ بِهَذَا الْجَبَلِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُزَلْزِلَ مَدِينَةً أَوْحَى إِلَيَّ فَزَلْزَلْتُهَا «3».

وَ قَدْ تَكُونُ الزَّلْزَلَةُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ.

1512- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ الْأَرْضَ فَأَمَرَ الْحُوتَ فَحَمَلَتْهَا فَقَالَتْ حَمَلْتُهَا «4» بِقُوَّتِي فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهَا حُوتاً قَدْرَ فِتْرٍ «5» فَدَخَلَتْ‏

______________________________

 (1). المراد بالركعات: الركوعات، و هذا اطلاق شايع و كون ركعات اليومية عشرا بناء على ما أوجب أولا، و انما الحقت السبع ثانيا. (مراد).

 (2). كذا. و في العيون «الا نجلاء» و لعلّ ما في المتن تصحيف و الظاهر أن الناسخ الأول كتب «الانجلى» بالقصر، فصحف فيما بعد بالاعلى لقرب كتابتهما، و على فرض صحة الأعلى المراد به الفوق أو السماء.

 (3). مروى في التهذيب ج 1 ص 335 بسند مجهول.

 (4). التأنيث باعتبار الحوتة أو السمكة.

 (5). الفتر- بكسر الفاء و زان شبر- ما بين طرفى السبابة و الإبهام إذا فتحتهما.

542
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

فِي مَنْخِرِهَا فَاضْطَرَبَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُزَلْزِلَ أَرْضاً تَرَاءَتْ لَهَا «1» تِلْكَ الْحُوتَةُ الصَّغِيرَةُ فَزَلْزَلَتِ الْأَرْضَ فَرَقاً «2».

وَ قَدْ تَكُونُ الزَّلْزَلَةُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ.

1513- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَ الْحُوتَ بِحَمْلِ الْأَرْضِ وَ كُلُّ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ عَلَى فَلْسٍ مِنْ فُلُوسِهِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُزَلْزِلَ أَرْضاً أَمَرَ الْحُوتَ أَنْ يُحَرِّكَ ذَلِكَ الْفَلْسَ فَيُحَرِّكُهُ وَ لَوْ رُفِعَ الْفَلْسُ لَانْقَلَبَتِ الْأَرْضُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ الزَّلْزَلَةُ قَدْ تَكُونُ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَ لَيْسَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ بِمُخْتَلِفَةٍ «3».

1514- وَ سَأَلَ سُلَيْمَانُ الدَّيْلَمِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الزَّلْزَلَةِ مَا هِيَ فَقَالَ آيَةٌ فَقَالَ وَ مَا سَبَبُهَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَكَّلَ بِعُرُوقِ الْأَرْضِ مَلَكاً فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُزَلْزِلَ أَرْضاً أَوْحَى إِلَى ذَلِكَ الْمَلَكِ أَنْ حَرِّكْ عِرْقَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَيُحَرِّكُ ذَلِكَ الْمَلَكُ عِرْقَ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَتَتَحَرَّكُ بِأَهْلِهَا قَالَ قُلْتُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمَا أَصْنَعُ قَالَ صَلِّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَإِذَا فَرَغْتَ خَرَرْتَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَاجِداً وَ تَقُولُ فِي سُجُودِكَ يَا مَنْ‏ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا «4» وَ لَئِنْ زالَتا

______________________________

 (1). أي ظهرت، أو تظاهرت.

 (2). الفرق- بالتحريك-: الخوف.

 (3). اعلم أن الصدوق- رحمه اللّه- ذكر طرق هذه الأخبار في العلل و فيها جهالة و ارسال و لما كانت مختلفة ظاهرا جمع بينها بأن الزلزلة تكون لهذه الأسباب حتّى لا يكون بينها منافاة، و يمكن الجمع بينها- على تقدير صحتها- بوجه آخر بأن يكون عروق البلدان بيد الملك الذي على جبل قاف المحيط بجميع الأرض و يكون كل بلد على فلس من فلوس الحوت الحامل لها بقدرة اللّه، فإذا أراد اللّه أن يزلزل أرضا أمر الملك أن يحرك عرق تلك الأرض و أمر الحوتة الصغيرة أن يتراءى الحوت الكبير حتّى يفزع لها فيحرك الفلس الذي تحت الأرض التي أراد اللّه تعالى زلزلتها (م ت).

 (4). أي كراهة أن تزولا، فان الباقي في بقائه يحتاج الى مؤثر و حافظ، أو لتضمن الامساك معنى الحفظ و المنع.

543
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً يَا مَنْ‏ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ‏ أَمْسِكْ عَنَّا السُّوءَ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ+.

1515- وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ شَكَوْتُ إِلَيْهِ كَثْرَةَ الزَّلَازِلِ فِي الْأَهْوَازِ وَ قُلْتُ تَرَى لِيَ التَّحْوِيلَ عَنْهَا فَكَتَبَ ع لَا تَتَحَوَّلُوا عَنْهَا وَ صُومُوا الْأَرْبِعَاءَ وَ الْخَمِيسَ وَ الْجُمُعَةَ وَ اغْتَسِلُوا وَ طَهِّرُوا ثِيَابَكُمْ وَ ابْرُزُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ ادْعُوا اللَّهَ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ عَنْكُمْ قَالَ فَفَعَلْنَا فَسَكَنَتِ الزَّلَازِلُ.

1516- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ الصَّاعِقَةَ تُصِيبُ الْمُؤْمِنَ وَ الْكَافِرَ وَ لَا تُصِيبُ ذَاكِراً.

1517- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع- لِلرِّيحِ رَأْسٌ وَ جَنَاحَانِ‏ «1».

1518- وَ رُوِيَ عَنْ كَامِلٍ‏ «2» قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع بِالْعُرَيْضِ فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَجَعَلَ أَبُو جَعْفَرٍ ع يُكَبِّرُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ التَّكْبِيرَ يَرُدُّ الرِّيحَ.

1519- وَ قَالَ ع‏ مَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِيحاً إِلَّا رَحْمَةً أَوْ عَذَاباً فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَقُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَ خَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ لَهُ وَ نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ لَهُ وَ كَبِّرُوا وَ ارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ يَكْسِرُهَا.

1520- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا تَسُبُّوا الرِّيَاحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَ لَا الْجِبَالَ وَ لَا السَّاعَاتِ وَ لَا الْأَيَّامَ وَ لَا اللَّيَالِيَ فَتَأْثَمُوا وَ يَرْجِعَ إِلَيْكُمْ‏ «3».

______________________________

 (1). لعل الكلام مبنى على الاستعارة، أي يشبه الطائر في أنّها تطير الى كل جانب، و في انها في بدء حدوثها قليلة ثمّ تنتشر، كالطائر الذي بسط جناحيه، و اللّه يعلم. (البحار).

 (2). يعني به كامل بن العلاء و هو من أصحاب أبى جعفر الباقر عليه السلام.

 (3). أي يرجع السب اليكم، و في العلل «عليكم» و كيف كان التأنيث باعتبار تضمن السب معنى اللعنة. و روى السيوطي نحو الخبر في الدّر المنثور ج 1 ص 165. و المنع من السب لأنّها مأمورة مبعوثة من جانب اللّه سواء كانت للبشارة أو للعذاب فسبها باطل لا ينفع بل يضر.

544
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

1521- وَ قَالَ ع‏ مَا خَرَجَتْ رِيحٌ قَطُّ إِلَّا بِمِكْيَالٍ‏ «1» إِلَّا زَمَنَ عَادٍ فَإِنَّهَا عَتَتْ عَلَى خُزَّانِهَا فَخَرَجَتْ فِي مِثْلِ خَرْقِ الْإِبْرَةِ فَأَهْلَكَتْ قَوْمَ عَادٍ.

1522- وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ رِئَابٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ «2» قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ الشَّمَالِ وَ الْجَنُوبِ وَ الصَّبَا وَ الدَّبُورِ «3» وَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ الشَّمَالَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْجَنُوبَ مِنَ النَّارِ فَقَالَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُنُوداً مِنَ الرِّيحِ يُعَذِّبُ بِهَا مَنْ عَصَاهُ مُوَكَّلٌ بِكُلِّ رِيحٍ مِنْهُنَّ مَلَكٌ مُطَاعٌ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَذِّبَ قَوْماً بِعَذَابٍ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الرِّيحِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهِ فَيَأْمُرُ بِهَا الْمَلَكُ فَتَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهُنَّ اسْمٌ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ «4» وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ الرِّيحَ الْعَقِيمَ‏ «5» وَ قَالَ تَعَالَى‏ فَأَصابَها إِعْصارٌ

______________________________

 (1). قد مر هذا الحديث في باب الاستسقاء تحت رقم 1494 مع بيانه. و ذكره هاهنا للمناسبة كما هو دأب المحدثين.

 (2). رواه الكليني- رحمه اللّه- في روضة الكافي تحت رقم 63 مع اختلاف يسير.

 (3). في القاموس الشمال- بالفتح و يكسر-: الريح التي تهب من قبل الحجر- بكسر الحاء- أو ما استقبلك عن يمينك و أنت مستقبل، و الصحيح أنّه ما مهبه بين مطلع الشمس و بنات نعش الى مسقط النسر الطائر و يكون اسما و صفة، و لا تكاد تهب ليلا.

و قال: الجنوب: ريح تخالف الشمال، مهبها من مطلع سهيل الى مطلع الثريا.

و قال: الصبا ريح مهبها من مطلع الثريا الى بنات نعش. و قال: الدبور ريح تقابل الصبا.

و في المحكى عن الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: الجنوب محلها ما بين مطلع سهيل الى مطلع الشمس في الاعتدالين، و الصبا محلها ما بين مطلع الشمس الى الجدى، و الشمال محلها من الجدى الى مغرب الشمس في الاعتدال، و الدبور محلها من مغرب الشمس الى سهيل.

 (4). «صَرْصَراً» أى باردا، أو شديد الهبوب. «فِي يَوْمِ نَحْسٍ» أى شوم. «مُسْتَمِرٍّ» أى استمر شومه، أو استمر عليهم حتّى أهلكتهم، أو على جميعهم كبيرهم و صغيرهم فلم يبق منهم أحدا و اشتد مرارته أو استمرت نحوسته بعدهم. (المرآة).

 (5). إشارة الى قوله تعالى‏ «وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ» و انما سماها عقيما-

545
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ‏ «1» وَ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مِنَ الرِّيَاحِ الَّتِي يُعَذِّبُ بِهَا مَنْ عَصَاهُ وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِيَاحُ رَحْمَةٍ لَوَاقِحُ وَ رِيَاحٌ تُهَيِّجُ السَّحَابَ فَتَسُوقُ السَّحَابَ وَ رِيَاحٌ تَحْبِسُ السَّحَابَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ رِيَاحٌ تَعْصِرُهُ فَتَمْطُرُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ رِيَاحٌ تُفَرِّقُ السَّحَابَ وَ رِيَاحٌ مِمَّا عَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْكِتَابِ فَأَمَّا الرِّيَاحُ الْأَرْبَعُ فَإِنَّهَا أَسْمَاءُ الْمَلَائِكَةِ الشَّمَالُ وَ الْجَنُوبُ وَ الصَّبَا وَ الدَّبُورُ وَ عَلَى كُلِّ رِيحٍ مِنْهُنَّ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يُهِبَّ شَمَالًا أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الشَّمَالُ فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِ‏ «2» فَضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الشَّمَالِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يَبْعَثَ الصَّبَا أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الصَّبَا فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ- فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الصَّبَا حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يَبْعَثَ جَنُوباً أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الْجَنُوبُ فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الْجَنُوبِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَبْعَثَ دَبُوراً أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الدَّبُورُ فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الدَّبُورِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ «3».

______________________________

- لانها اهلكتهم و قطعت دابرهم، أو لأنّها لا تتضمن منفعة و هي الدبور أو الجنوب أو النكباء كما قيل.

 (1). الاعصار: ريح تثير الغبار الى السماء كانه عمود. (الصحاح).

 (2). في الكافي «الركن الشاميّ» و كذا في ما يأتي.

 (3). قال أستادنا الشعرانى- دام ظله العالى- في ذيل شرح الكافي للمولى صالح المازندرانى: هذا الحديث صحيح من جهة الاسناد، قريب من جهة الاعتبار، منبه على طريقتهم عليهم السلام في أمثال هذه المسائل الكونية، و المعلوم من سؤال السائل «أن الناس يقولون» أن ذهنهم متوجّه الى السبب الطبيعي الموجب لوجود الرياح و منشأها و علة اختلافها من البرودة و الحرارة و غيرها، و غاية ما وصل إليه فكرهم أن الشمال لبرودتها-

546
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

1523- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ نِعْمَ الرِّيحُ الْجَنُوبُ تَكْسِرُ الْبَرْدَ عَنِ الْمَسَاكِينِ وَ تُلْقِحُ الشَّجَرَ وَ تُسِيلُ الْأَوْدِيَةَ «1».

1524- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ الرِّيَاحُ خَمْسَةٌ مِنْهَا الْعَقِيمُ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا.

1525- وَ كَانَ النَّبِيُّ ص إِذَا هَبَّتْ رِيحٌ صَفْرَاءُ أَوْ حَمْرَاءُ أَوْ سَوْدَاءُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ‏

______________________________

- من الجنة، و الجنوب لحرارتها من النار، فصرف الإمام عليه السلام ذهنهم عن التحقيق لهذا الغرض اذ ليس المقصود من بعث الأنبياء و الرسل و انزال الكتب كشف الأمور الطبيعية، و لو كان المقصود ذلك لبين ما يحتاج إليه الناس من أدوية الأمراض كالسل و السرطان و خواص المركبات و المواليد، و لذكر في القرآن مكرّرا علة الكسوف و الخسوف كما تكرر ذكر الزكاة و الصلاة و توحيد اللّه تعالى و رسالة الرسل، و لورد ذكر الحوت في الروايات متواترا كما ورد ذكر الإمامة و الولاية و المعاد و الجنة، و كذلك ما يستقر عليه الأرض و ما خلق منه الماء، مع أنا لا نرى من أمثال ذلك شيئا في الكتاب و السنة المتواترة الا بعض أحاديث ضعيفة غير معتبرة أو بوجه يحتمل التحريف و السهو، و المعهود في كل ما هو فهم في الشرع و يجب على الناس معرفته أن يصرّ الامام أو النبيّ عليهما السلام على تثبيته و تسجيله و بيانه بطرق عديدة غير محتملة للتأويل حتّى لا يغفل عنه أحد.

و بالجملة لما رأى الإمام عليه السلام اعتناء الناس بالجهة الطبيعية صرفهم بان الواجب على الناظر في أمر الرياح و المتفكر فيها أن يعتنى بالجهة الإلهيّة و كيفية الاعتبار بها و الاتعاظ بما يترتب عليها من الخير و الشر، سواء كانت من الجنة أو من الشام أو من افريقية و اليمن، فأول ما يجب: أن يعترف بأن جميع العوامل الطبيعية مسخرة بأمر اللّه تعالى، و على كل شي‏ء ملك موكل به و أن الجسم الملكى تحت سيطرة المجرد الملكوتى المفارق عن الماديات كما ثبت في محله «أن المادة قائمة بالصورة و الصورة قائمة بالعقل الفارق» و هذا أهم ما يدلّ عليه هذا الحديث الذي يلوح عليه أثر الصدق و صحة النسبة الى المعصوم، ثمّ بعد هذا الاعتراف يجب الاعتبار بما وقع من العذاب على الأمم السالفة بهذه الرياح و ما يترتب من المنافع على جريانها و هذا هو الواجب على المسلم من جهة الدين إذا نظر الى الأمور الطبيعية.

 (1). سال الماء: جرى و أسال و سيل الماء تسييلا أجراه.

547
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

وَ اصْفَرَّ لَوْنُهُ‏ «1» وَ كَانَ كَالْخَائِفِ الْوَجِلِ حَتَّى تَنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ مِنْ مَطَرٍ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ لَوْنُهُ وَ يَقُولُ جَاءَتْكُمْ بِالرَّحْمَةِ.

1526- وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالا قُلْنَا لَهُ أَ رَأَيْتَ هَذِهِ الرِّيَاحَ وَ الظُّلَمَ الَّتِي تَكُونُ هَلْ يُصَلَّى بِهَا قَالَ كُلُّ أَخَاوِيفِ السَّمَاءِ مِنْ ظُلْمَةٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ فَزَعٍ فَصَلِّ لَهَا صَلَاةَ الْكُسُوفِ حَتَّى تَسْكُنَ‏ «2».

1527- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ بُرَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالا إِذَا وَقَعَ الْكُسُوفُ أَوْ بَعْضُ هَذِهِ الْآيَاتِ صَلِّهَا مَا لَمْ تَتَخَوَّفْ أَنْ يَذْهَبَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ فَإِنْ تَخَوَّفْتَ فَابْدَأْ بِالْفَرِيضَةِ وَ اقْطَعْ مَا كُنْتَ فِيهِ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْفَرِيضَةِ فَارْجِعْ إِلَى حَيْثُ كُنْتَ قَطَعْتَ وَ احْتَسِبْ بِمَا مَضَى‏ «3».

1528- وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْفَضْلِ الْوَاسِطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى الرِّضَا ع- إِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ أَنَا رَاكِبٌ لَا أَقْدِرُ عَلَى النُّزُولِ فَكَتَبَ ع إِلَيَّ صَلِّ عَلَى مَرْكَبِكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ‏ «4».

______________________________

 (1). لانها من أخاويف السماء عند أولى النهى.

 (2). «حتى تسكن» يحتمل التعليق و الغاية فيفيد التكرار و التطويل كلاهما على الاحتمال الثاني. (سلطان).

 (3). ذهب الى القطع و البناء الشيخان و المرتضى و المصنّف و أتباعهم و ذهب الشيخ في المبسوط الى القطع و الاستيناف لتخلل الصلاة الاجنبية، و اختاره الشهيد أيضا في الذكرى و هذا الخبر يدفعه. (سلطان)

و في المدارك: لو خشى فوات الحاضرة قدمها على الكسوف و لو دخل في الكسوف قبل تضييق الحاضرة و خشى لو أتم فوات الحاضرة فقطع إجماعا و صلى الحاضرة ثمّ أتم صلاة الكسوف من حيث قطع على ما نص عليه الشيخان و المرتضى و ابنا بابويه و أتباعهم و ذهب الشيخ في المبسوط الى وجوب الاستيناف حينئذ و اختاره في الذكرى. أقول: سيأتي مزيد الكلام فيه أيضا.

 (4). يدل على جواز هذه الصلاة راكبا مع عدم القدرة على النزول كغيرها من الفرائض (م ت) و لا ريب في الجواز مع الضرورة كما هو مدلول الخبر و ذهب ابن الجنيد الى الجواز مطلقا و هو متروك. (سلطان).

548
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

1529- وَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا قَالا قُلْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَ يَقْضِي صَلَاةَ الْكُسُوفِ مَنْ إِذَا أَصْبَحَ فَعَلِمَ وَ إِذَا أَمْسَى فَعَلِمَ قَالَ إِنْ كَانَ الْقُرْصَانِ احْتَرَقَا كُلُّهُمَا قَضَيْتَ‏ «1» وَ إِنْ كَانَ إِنَّمَا احْتَرَقَ بَعْضُهُمَا فَلَيْسَ عَلَيْكَ قَضَاؤُهُ‏ «2».

1530- وَ سَأَلَ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ قَالَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ وَ أَرْبَعُ سَجَدَاتٍ تَرْكَعُ خَمْساً ثُمَّ تَسْجُدُ فِي الْخَامِسَةِ ثُمَّ تَرْكَعُ خَمْساً ثُمَّ تَسْجُدُ فِي الْعَاشِرَةِ وَ إِنْ شِئْتَ قَرَأْتَ سُورَةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَ إِنْ شِئْتَ قَرَأْتَ نِصْفَ سُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَإِذَا قَرَأْتَ سُورَةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ إِنْ قَرَأْتَ نِصْفَ سُورَةٍ أَجْزَأَكَ أَنْ لَا تَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ إِلَّا فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ حَتَّى تَسْتَأْنِفَ أُخْرَى وَ لَا تَقُلْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي رَفْعِ رَأْسِكَ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَّا فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي تُرِيدُ أَنْ تَسْجُدَ فِيهَا.

1531- وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ «3» أَنَّ الْقُنُوتَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ ثُمَّ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ فِي السَّادِسَةِ ثُمَّ فِي الثَّامِنَةِ ثُمَّ فِي الْعَاشِرَةِ.

وَ إِنْ لَمْ تَقْنُتْ إِلَّا فِي الْخَامِسَةِ وَ الْعَاشِرَةِ فَهُوَ جَائِزٌ لِوُرُودِ الْخَبَرِ بِهِ وَ إِذَا فَرَغَ الرَّجُلُ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَ لَمْ تَكُنِ انْجَلَتْ فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ وَ إِنْ شَاءَ

______________________________

 (1). يدل على وجوب القضاء مع احتراق القرص و ان كان جاهلا و يؤيده صحيحة زرارة و حريز و أمّا إذا تعمد تركه أو نسى فانه يجب عليه القضاء مطلقا لصحيحة حريز الآتية الدالة على القضاء مع الغسل في الغد.

 (2). هذا اذ كان لم يعلم، أما إذا علم و تعمد تركه أو نسى فانه يجب عليه القضاء مطلقا جمعا بينه و بين الاخبار الأخر، كمرسل حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلى فليغتسل من غد و ليقض الصلاة، و ان لم يستيقظ و لم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل».

 (3). رواه عن رهط و هم الفضيل و زرارة و بريد و محمّد بن مسلم عن الباقر و الصادق عليهما السلام في حديث طويل رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 299.

549
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

قَعَدَ وَ مَجَّدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى يَنْجَلِيَ‏ «1» وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ «2» وَ إِذَا كَانَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ‏ «1» وَ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ فَلْيَقْطَعْهَا وَ لْيُصَلِّ الْفَرِيضَةَ-

______________________________

 (1). قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- في البحار: «اما إعادة الصلاة ان فرغ منها قبل الانجلاء فالمشهور استحبابها، و نقل عن ظاهر المرتضى و أبى الصلاح و سلار وجوبها قال في الذكرى: و هؤلاء كالمصر حين بان آخر وقتها تمام الانجلاء، و منع ابن إدريس الإعادة وجوبا و استحبابا، و الأول أقرب، و في الفقه الرضوى ما يدلّ على التخيير بين الصلاة و الدعاء مستقبل القبلة و هو وجه جمع بين الاخبار، و لم أر قائلا بالوجوب التخييرى بينهما و ان كان الأحوط ذلك».

أقول روى الشيخ في التهذيب في تطويل الصلاة و اعادتها قبل الانجلاء أخبارا منها ما رواه بإسناده عن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال «قال: ان صليت الكسوف الى أن يذهب الكسوف عن الشمس و القمر و تطول في صلاتك فان ذلك أفضل و ان أحببت أن تصلى فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز- الحديث» قال استاذنا الشعرانى: قوله «و تطول في صلاتك فان ذلك أفضل» يدل على أن آخر وقت الصلاة هو تمام الانجلاء لا الشروع فيه لان ذهاب الكسوف هو تمام الانجلاء على أن الشروع في الانجلاء لا يظهر للحس غالبا الا بعد مضى زمان منه في الكسوف الجزئى، بل لا معنى للشروع في الانجلاء في الجزئى، و الكسوف الكلى و ان كان للشروع في الانجلاء فيه معنى و له مبدأ لكن لا يمكن أن يكون أخر الوقت اذ يجوز بمقتضى هذه الأخبار تطويل الصلاة حتّى يظهر له الانجلاء فيتم الصلاة عمدا بعد الانجلاء و لا يظهر الانجلاء الا مدة بعد حصوله واقعا. بل يمكن أن يستفاد من هذه الأخبار عدم كون صلاة الكسوف مقيدة بالوقت كالصلوات اليومية بل يكفى وقوع شي‏ء منها في الوقت فلو شرع في الصلاة و انجلى قبل أن يركع الركعة الأولى لكان عليه اتمام الصلاة أداء الا أنه لا يرجح له التطويل، و بالجملة فتطويل السور في معرض أن يفاجئه الانجلاء في أثناء الصلاة فتكون مجوزا.

 (2). يدل عليه صحيحة محمّد بن مسلم و حمله على الكراهة أظهر (م ت) راجع الكافي ج 3 ص 464.

550
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الكسوف و الزلازل و الرياح و الظلم و علتها ص : 539

ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا صَلَّى مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ‏ «1».

1532- وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَهُ انْكِسَافَ‏

______________________________

 (1). قال العلامة- رحمه اللّه- في المختلف: لو دخل في صلاة الكسوف ثمّ دخل وقت الفريضة و كان متسعا لم يجز له قطعها بل يجب عليه اتمامها ثمّ الابتداء بالحاضرة، و ان كان وقت الحاضرة قد تضيق قطع الكسوف و ابتدأ بالفريضة ثمّ أتم الكسوف، و الشيخ (ره) في النهاية أطلق ان بدأ بصلاة الكسوف و دخل عليه وقت فريضة قطعها و صلى الفريضة ثمّ رجع فتمم صلاته، و قال في المبسوط: فان دخل في صلاة الكسوف فدخل عليه الوقت قطع صلاة الكسوف ثمّ صلى الفرض ثمّ استأنف صلاة الكسوف. و قال ابنا بابويه و ابن البرّاج مثل قول الشيخ في النهاية و كذا أبو الصلاح و ابن حمزة، و الأصل ما اخترناه. لنا على وجوب الاتمام مع سعة وقت الحاضرة أنّه قد شرع في صلاة واجبة فيجب عليه اكمالها و لا يجوز له ابطالها لان المقتضى لتحريم الابطال موجود و هو قوله تعالى: «وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» و النهى عن ابطال الصلاة، و المانع و هو تفويت الحاضرة مفقود، اذ التقدير مع اتساع الوقت، و لما رواه على ابن عبد اللّه (فى التهذيب ج 1 ص 299) عن الكاظم عليه السلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

 «فاذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا» و هو مطلق و على القطع مع التضيق أن فيه تحصيل الفرضين فيتعين. و ما رواه محمّد بن مسلم في الصحيح (التهذيب ج 1 ص 299) قال: «قلت: لابى عبد اللّه (ع) جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة، فان صليت الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة، فقال: إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك و اقض فريضتك ثمّ عد فيها» و في الصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

 «سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس و تخشى فوت الفريضة؟ فقال: اقطعوها و صلوا الفريضة و عودوا الى صلاتكم (التهذيب ج 1 ص 236). ثم قال:

احتجّ الشيخ على كلامه في النهاية بالحديثين و بان الحاضرة أولى فقطع الكسوف للاولوية ثمّ يصلى الحاضرة ثمّ يعود الى الكسوف لان الصلاة الحاضرة لو كانت مبطلة في اول الوقت لكانت مبطلة في آخره، و على قوله في المبسوط بالاستيناف بأنّه فعل كثير فيستأنف.

و الجواب أن الحديثين يدلان على التقييد بالتضيق كما ذهبنا إليه و اولوية قبل الاشتغال اما بعده فلا أولوية، و أمّا كونه فعلا كثيرا مسلم لكن نمنع عمومية ابطال الفعل الكثير مطلقا و لهذا لو أكثر التسبيح أو التحميد لم يبطل صلاته و كذا الحاضرة. انتهى.

551
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الحبوة و التسبيح و هي صلاة جعفر بن أبي طالب ع ص : 552

الْقَمَرِ وَ مَا يَلْقَى النَّاسُ مِنْ شِدَّتِهِ فَقَالَ ع إِذَا انْجَلَى مِنْهُ شَيْ‏ءٌ فَقَدِ انْجَلَى‏ «1».

بَابُ صَلَاةِ الْحَبْوَةِ وَ التَّسْبِيحِ وَ هِيَ صَلَاةُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع‏

1533- رَوَى أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَا جَعْفَرُ أَ لَا أَمْنَحُكَ أَ لَا أُعْطِيكَ أَ لَا أَحْبُوكَ‏ «2» أَ لَا أُعَلِّمُكَ صَلَاةً إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَهَا لَوْ كُنْتَ فَرَرْتَ مِنَ الزَّحْفِ وَ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ‏ «3» وَ زَبَدِ الْبَحْرِ ذُنُوباً غُفِرَتْ لَكَ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إِذَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ كُلَّ لَيْلَةٍ وَ إِنْ شِئْتَ كُلَّ يَوْمٍ وَ إِنْ شِئْتَ فَمِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ- وَ إِنْ شِئْتَ فَمِنْ شَهْرٍ إِلَى شَهْرٍ وَ إِنْ شِئْتَ فَمِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ تَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ ثُمَّ تُكَبِّرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَ سُورَةً وَ تَرْكَعُ فَتَقُولُهُنَّ فِي رُكُوعِكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَتَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ تَخِرُّ سَاجِداً وَ تَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ فِي سُجُودِكَ ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَخِرُّ سَاجِداً وَ تَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَنْهَضُ فَتَقُولُهُنَّ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ تَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ سُورَةً ثُمَّ تَرْكَعُ فَتَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَتَقُولُهُنَ‏

______________________________

 (1). استدل به على المشهور من أن آخر وقتها أول الانجلاء، و قال في المعتبر:

لا حجة فيه لاحتمال أن يريد تساوى الحالين في زوال الشدة لا بيان الوقت.

و قال المولى المجلسيّ: استدل به على أن وقته الى الاخذ في الانجلاء و ليس بظاهر الا أن يحمل الشدة على شدة الصلاة و هو غير ظاهر لانه يمكن حمله على الشدة للخوف، و يكون الجواب برفع الخوف عند الاخذ في الانجلاء، بل هو أظهر.

 (2). أمنحك و أعطيك و أحبوك متقاربة المعاني، و المنحة: العطية. و الحباء: العطاء و منه الحبوة باعتبار اعطاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لجعفر عليه السلام.

 (3). الرمل العالج أي المتراكم، و عوالج الرمل هو ما تراكم منه.

552
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الحبوة و التسبيح و هي صلاة جعفر بن أبي طالب ع ص : 552

عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَخِرُّ سَاجِداً فَتَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهُنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَتَشَهَّدُ وَ تُسَلِّمُ ثُمَّ تَقُومُ وَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أُخْرَاوَيْنِ تَصْنَعُ فِيهِمَا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ تُسَلِّمُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَذَلِكَ خَمْسٌ وَ سَبْعُونَ مَرَّةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ تَكُونُ ثَلَاثُمِائَةِ مَرَّةٍ فِي الْأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَلْفٌ وَ مِائَتَا تَسْبِيحَةٍ يُضَاعِفُهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَكْتُبُ لَكَ بِهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ حَسَنَةٍ الْحَسَنَةُ مِنْهَا مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ وَ أَعْظَمُ.

1534- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي صَلَاةِ جَعْفَرٍ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ أَنَّ تَرْتِيبَ التَّسْبِيحِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ «1».

فَبِأَيِّ الْحَدِيثَيْنِ أَخَذَ الْمُصَلِّي فَهُوَ مُصِيبٌ وَ جَائِزٌ لَهُ وَ الْقُنُوتُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُمَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى- الْحَمْدُ وَ إِذَا زُلْزِلَتْ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ وَ الْعَادِيَاتُ وَ فِي الثَّالِثَةِ الْحَمْدُ وَ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ‏ وَ فِي الرَّابِعَةِ الْحَمْدُ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «2» وَ إِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَهَا كُلَّهَا- بِالْحَمْدِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

1535- وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: اقْرَأْ فِي صَلَاةِ جَعْفَرٍ ع بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏.

1536- وَ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ يَعْنِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع أَيُّ شَيْ‏ءٍ لِمَنْ صَلَّى صَلَاةَ جَعْفَرٍ قَالَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ وَ زَبَدِ الْبَحْرِ ذُنُوباً لَغَفَرَهَا اللَّهُ لَهُ قَالَ قُلْتُ هَذِهِ لَنَا قَالَ فَلِمَنْ هِيَ إِلَّا لَكُمْ خَاصَّةً قَالَ قُلْتُ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ أَقْرَأُ فِيهَا قَالَ وَ قُلْتُ أَعْتَرِضُ الْقُرْآنَ‏ «3» قَالَ لَا اقْرَأْ فِيهَا

______________________________

 (1). و هذه الرواية أشهر و عليه معظم الاصحاب. (الذكرى).

 (2). كما في الكافي ج 3 ص 466 في رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام.

 (3). أي أقع فيه و اختار منه السور (الوافي) أو أعرضه على نفسى فأقرأ منه ما شئت؟

و لعل المنع على سبيل الاستحسان. (مراد).

553
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الحبوة و التسبيح و هي صلاة جعفر بن أبي طالب ع ص : 552

إذا زلزلت و إذا جاء نصر الله‏ و إنا أنزلناه في ليلة القدر و قل هو الله أحد.

1537- و سئل أبو عبد الله ع‏ عمن صلى صلاة جعفر هل يكتب له من الأجر مثل ما قال رسول الله ص لجعفر قال إي و الله.

1538- و روي عن علي بن الريان أنه قال‏ كتبت إلى الماضي الأخير ع‏ «1» أسأله عن رجل صلى من صلاة جعفر ع ركعتين ثم تعجله عن الركعتين الأخيرتين‏ «2» حاجة أو يقطع ذلك لحادث يحدث‏ «3» أ يجوز له أن يتمها إذا فرغ من حاجته و إن قام عن مجلسه أم لا يحتسب بذلك إلا أن يستأنف الصلاة و يصلي الأربع ركعات كلها في مقام واحد فكتب ع بلى إن قطعه عن ذلك أمر «4» لا بد له منه فليقطع ثم ليرجع فليبن على ما بقي منها إن شاء الله.

1539- و روى أبو بصير عن أبي عبد الله ع قال‏ صل صلاة جعفر في أي وقت شئت من ليل أو نهار و إن شئت حسبتها من نوافل الليل و إن شئت حسبتها من نوافل النهار تحسبُ لَكَ مِنْ نَوَافِلِكَ وَ تُحْسَبُ لَكَ مِنْ صَلَاةِ جَعْفَرٍ ع.

1540- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا كُنْتَ مُسْتَعْجِلًا فَصَلِّ صَلَاةَ جَعْفَرٍ مُجَرَّدَةً ثُمَّ اقْضِ التَّسْبِيحَ.

1541- وَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ قَالَ: تَقُولُ فِي آخِرِ سَجْدَةٍ «5» مِنْ صَلَاةِ

______________________________

 (1). يعني به أبا الحسن الثالث عليه السلام.

 (2). قوله «تعجله» من باب الافعال أي تزعجه و تعوقه عن الركعتين الأخيرتين.

 (م ح ق).

 (3). الفرق بين الحاجة و الحادث يمكن أن يكون بان الحاجة ما يذكرها في الصلاة و الحادث ما يحدث في أثنائها كتردى طفل. (مراد).

 (4). فيه دلالة على أنّه لو قطع بالاختيار لا بدّ له من الاستيناف ان قلنا بالمفهوم، و ان لم نقل به ففيه اشعار بانه ينبغي حينئذ الاستيناف. (مراد).

 (5). أي في السجدة الأخيرة كما يدلّ عليه غيره من الاخبار و الظاهر عدم اشتراط الصلاة به (المرآة) و في بعض النسخ «فى آخر ركعة».

554
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الحاجة ص : 555

جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع- يَا مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَ الْوَقَارَ يَا مَنْ تَعَطَّفَ بِالْمَجْدِ «1» وَ تَكَرَّمَ بِهِ يَا مَنْ لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ يَا مَنْ‏ أَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِلْمُهُ يَا ذَا النِّعْمَةِ وَ الطَّوْلِ يَا ذَا الْمَنِّ وَ الْفَضْلِ يَا ذَا الْقُدْرَةِ وَ الْكَرَمِ أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ‏ «2» وَ مُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ‏ «3» وَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْلَى وَ كَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ‏ «4» أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا «5».

بَابُ صَلَاةِ الْحَاجَةِ

1542- رَوَى مُرَازِمٌ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا فَدَحَكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ‏ «6» فَتَصَدَّقْ فِي نَهَارِكَ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِيناً عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ ص‏ «7» مِنْ تَمْرٍ أَوْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ فَإِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ اغْتَسَلْتَ فِي ثُلُثِ‏

______________________________

 (1). أي ارتدى برداء المجد و في النهاية «سبحان من تعطف بالعز» أي تردى بالعز، العطاف و المعطف: الرداء، و سمى عطافا لوقوعه على عطفى الرجل و هما ناحيتا عنقه. و المجد في كلام العرب: الشرف الواسع، و رجل ماجد: مفضال كثير الخير شريف، و المجيد فعيل للمبالغة، و قيل: هو الكريم الفعال، و قيل إذا قارن شرف الذات حسن الفعال سمى مجدا.

 (2). معاقد العز من العرش: الخصال التي استحق بها العز، أو مواضع انعقادها منه كذا في النهاية، و قال: و حقيقة معناه بعز عرشك.

 (3). اما ناظر الى قوله تعالى: «كَتَبَ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» أو يكون «من» بيانية أي أسألك بكتابك: القرآن الذي هو نهاية رحمتك على عبادك و لا يكون لك رحمة أعظم منه عندنا أو أسألك بحق نهاية رحمتك التي أثبت في كتابك اللوح المحفوظ أو القرآن.

 (4). أي صفاتك الكاملة من العلم و القدرة و الإرادة و غيرها ممّا لا يحصى، أو أنبيائك أو أوصيائك أو القرآن.

 (5). تذكر مكانها الحاجات.

 (6). فدحه الدين: أثقله، و فوادح الدهر: خطوبه، و الفادحة: النازلة.

 (7). و هو خمسة أمداد و الصاع المعروف أربعة أمداد. (م ت).

555
من لا يحضره الفقيه1

صلاة أخرى للحاجة ص : 556

اللَّيْلِ الْأَخِيرِ ثُمَّ لَبِسْتَ أَدْنَى مَا يَلْبَسُ مَنْ تَعُولُ مِنَ الثِّيَابِ‏ «1» إِلَّا أَنَّ عَلَيْكَ فِي تِلْكَ الثِّيَابِ إِزَاراً ثُمَّ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِيهِمَا- بِالتَّوْحِيدِ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ فَإِذَا وَضَعْتَ جَبِينَكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لِلسُّجُودِ هَلَّلْتَ اللَّهَ وَ قَدَّسْتَهُ وَ عَظَّمْتَهُ وَ مَجَّدْتَهُ‏ «2» ثُمَّ ذَكَرْتَ ذُنُوبَكَ فَأَقْرَرْتَ بِمَا تَعْرِفُ مِنْهَا تُسَمِّي وَ مَا لَمْ تَعْرِفْ أَقْرَرْتَ بِهِ جُمْلَةً ثُمَّ رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَإِذَا وَضَعْتَ جَبِينَكَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَخَرْتَ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ‏ «3» ثُمَّ تَدْعُو اللَّهَ بِمَا شِئْتَ مِنْ أَسْمَائِهِ وَ تَقُولُ يَا كَائِناً قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ يَا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ يَا كَائِناً بَعْدَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ افْعَلْ بِي كَذَا وَ كَذَا وَ كُلَّمَا سَجَدْتَ فَأَفْضِ بِرُكْبَتَيْكَ إِلَى الْأَرْضِ‏ «4» وَ تَرْفَعُ الْإِزَارَ حَتَّى تَكْشِفَ عَنْهُمَا وَ اجْعَلِ الْإِزَارَ مِنْ خَلْفِكَ بَيْنَ أَلْيَتَيْكَ وَ بَاطِنِ سَاقَيْكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تُقْضَى حَاجَتُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَ ابْدَأْ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

صَلَاةٌ أُخْرَى لِلْحَاجَةِ

1543- رَوَى مُوسَى بْنُ الْقَاسِمِ الْبَجَلِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَشْيَاخِهِمَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا حَضَرَتْ لَكَ حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ- الْأَرْبِعَاءَ وَ الْخَمِيسَ وَ الْجُمُعَةَ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَاغْتَسِلْ وَ الْبَسْ ثَوْباً جَدِيداً ثُمَّ اصْعَدْ إِلَى أَعْلَى بَيْتٍ فِي دَارِكَ وَ صَلِّ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي حَلَلْتُ بِسَاحَتِكَ لِمَعْرِفَتِي‏

______________________________

 (1). أي أخشن الثياب التي تلبسها عيالك.

 (2). يعني قلت «لا إله إلّا اللّه، سبحان اللّه، اللّه أكبر، لا حول و لا قوة الا باللّه» و أمثالها.

 (3). أي أطلب منك أن تجعل خيرى في قضاء حاجتى، أو تجعل قضاء حاجتى خيرا لى، أو تقضى حاجتى ان كان خيرا في علمك و قدرتك عليها و على جعلها خيرا. (م ت).

 (4). أفضى بيده على الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده.

556
من لا يحضره الفقيه1

صلاة أخرى للحاجة ص : 557

بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَ صَمَدَانِيَّتِكَ‏ «1» وَ أَنَّهُ لَا قَادِرَ عَلَى حَاجَتِي غَيْرُكَ وَ قَدْ عَلِمْتُ يَا رَبِّ أَنَّهُ كُلَّمَا تَظَاهَرَتْ نِعْمَتُكَ عَلَيَّ اشْتَدَّتْ فَاقَتِي إِلَيْكَ وَ قَدْ طَرَقَنِي هَمُّ كَذَا وَ كَذَا «2» وَ أَنْتَ بِكَشْفِهِ عَالِمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ وَاسِعٌ غَيْرُ مُتَكَلِّفٍ‏ «3» فَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى الْجِبَالِ فَنُسِفَتْ‏ «4» وَ وَضَعْتَهُ عَلَى السَّمَاءِ فَانْشَقَّتْ وَ عَلَى النُّجُومِ فَانْتَثَرَتْ وَ عَلَى الْأَرْضِ فَسُطِحَتْ وَ أَسْأَلُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَ الْأَئِمَّةِ ع وَ تُسَمِّيهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَنْ تَقْضِيَ حَاجَتِي وَ أَنْ تُيَسِّرَ لِي عَسِيرَهَا وَ تَكْفِيَنِي مُهِمَّهَا فَإِنْ فَعَلْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَكَ الْحَمْدُ غَيْرَ جَائِرٍ فِي حُكْمِكَ وَ لَا مُتَّهَمٍ فِي قَضَائِكَ وَ لَا حَائِفٍ فِي عَدْلِكَ‏ «5» وَ تُلْصِقُ خَدَّكَ بِالْأَرْضِ وَ تَقُولُ- اللَّهُمَّ إِنَّ يُونُسَ بْنَ مَتَّى عَبْدَكَ دَعَاكَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ وَ هُوَ عَبْدُكَ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ‏ «6» وَ أَنَا عَبْدُكَ أَدْعُوكَ فَاسْتَجِبْ لِي ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- لَرُبَّمَا كَانَتِ الْحَاجَةُ لِي فَأَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ فَأَرْجِعُ وَ قَدْ قُضِيَتْ.

صَلَاةٌ أُخْرَى لِلْحَاجَةِ

1544- رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَرِضَ‏

______________________________

 (1). «حللت بساحتك» أي نزلت و وقفت ببابك، و الساحة: فناء الدار و فضاء الدار و الصمد: الرفيع و الدائم و السند و من يقصد إليه في الحوائج اي كونك مصمودا إليه في الحوائج مقصودا فيها.

 (2). أي نزل بى هم كذا، و تذكر مكان «كذا و كذا» مهمك.

 (3). «عالم» أي لا يحتاج الى ذكر أسباب الكشف عندك. «واسع» أي واسع القدرة أو واسع الكرم أو الأعمّ. «غير متكلف» أي غير شاق عليك.

 (4). نسفت البناء نسفا: قلعته، و التعبير بلفظ الماضى لتحقّق الوقوع أو المراد في الدنيا أي بأن جعلته رملا.

 (5). الحيف: الجور و الظلم.

 (6). يعني أن العبودية و التذلل و الانكسار سبب لقضاء الحوائج و هو مشترك، فلا يرد أن بينهما بون بعيد. (م ت).

557
من لا يحضره الفقيه1

صلاة أخرى للحاجة ص : 558

دَعَا الطَّبِيبَ وَ أَعْطَاهُ وَ إِذَا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى سُلْطَانٍ رَشَا الْبَوَّابَ وَ أَعْطَاهُ وَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا فَدَحَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَتَطَهَّرَ «1» وَ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ع ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ عَافَيْتَنِي مِنْ مَرَضِي أَوْ رَدَدْتَنِي مِنْ سَفَرِي أَوْ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَخَافُ مِنْ كَذَا وَ كَذَا إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ‏ «2» وَ هِيَ الْيَمِينُ الْوَاجِبَةُ وَ مَا جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الشُّكْرِ.

صَلَاةٌ أُخْرَى لِلْحَاجَةِ

1545- كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع- إِذَا حَزَنَهُ أَمْرٌ «3» لَبِسَ ثَوْبَيْنِ مِنْ أَغْلَظِ ثِيَابِهِ وَ أَخْشَنِهَا ثُمَّ رَكَعَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ سَجْدَةٍ مِنْ سُجُودِهِ سَبَّحَ اللَّهَ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ وَ حَمِدَ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَ هَلَّلَ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَ كَبَّرَ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ ثُمَّ يَعْتَرِفُ بِذُنُوبِهِ كُلِّهَا «4» مَا عَرَفَ مِنْهَا أَقَرَّ لَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِهِ فِي سُجُودِهِ وَ مَا لَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا اعْتَرَفَ بِهِ جُمْلَةً ثُمَّ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يُفْضِي بِرُكْبَتَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ.

______________________________

 (1). لعل المراد الغسل أو الوضوء.

 (2). جواب الشرط محذوف مثل قوله «فأنت أهل لذلك» و نحوه. و قيل: الظاهر أن جوابه التزام نذر من صدقة و غيرها بقرينة ما سبق من قوله «دعا الطبيب و أعطاه و رشا البواب» و لا يخفى بعده و ما جعله قرينة ليس بقرينة لانه عليه السلام ذكر الصدقة قبل ذلك، و قوله «الا آتاه اللّه ذلك» مستثنى من مقدر أي لم يفعل أو ما يفعله الا آتاه اللّه، المذكور و المقدر جواب لقوله عليه السلام: «و هي اليمين الواجبة» أي هذه الصلوات و الصدقة و الدعاء بمنزلة اليمين الواجب على اللّه قبولها. قاله العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-

 (3). في جميع النسخ جعل «حزبه»- بالزاى و الباء الموحدة من تحت- نسخة، و حزبه أمر أي نابه و اشتد عليه أو ضغطه، أو نزلت به مهمة و أصابه غم.

 (4). أي يعترف بالتقصير في العبادة أو القصور فيها في بعض الاحيان، و هو مقتضى مقام العبودية و الا فهو معصوم عصمه اللّه تعالى من الخطأ و النسيان فضلا عن الذنب و قد تقدم الكلام في أمثاله.

558
من لا يحضره الفقيه1

صلاة أخرى للحاجة ص : 559

صَلَاةٌ أُخْرَى لِلْحَاجَةِ

1546- رُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلًا كَانَ يُؤْذِينِي فَقَالَ ادْعُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ قَدْ دَعَوْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ هَكَذَا وَ لَكِنْ أَقْلِعْ عَنِ الذُّنُوبِ وَ صُمْ وَ صَلِّ وَ تَصَدَّقْ فَإِذَا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْ وَ أَنْتَ سَاجِدٌ- اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ آذَانِي اللَّهُمَّ أَسْقِمْ بَدَنَهُ وَ اقْطَعْ أَثَرَهُ وَ انْقُصْ أَجَلَهُ وَ عَجِّلْ لَهُ ذَلِكَ فِي عَامِهِ هَذَا قَالَ فَفَعَلْتُ فَمَا لَبِثَ أَنْ هَلَكَ‏ «1».

صَلَاةٌ أُخْرَى لِلْحَاجَةِ

1547- رَوَى عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ آلِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ- خُصُومَةٌ ذَاتُ خَطَرٍ عَظِيمٍ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ وَ قُلْتُ عَلِّمْنِي شَيْئاً لَعَلَّ اللَّهَ يَرُدُّ عَلَيَّ مَظْلِمَتِي‏ «2» فَقَالَ إِذَا أَرَدْتَ الْعَدُوَّ فَصَلِّ بَيْنَ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَ إِنْ شِئْتَ فَفِي بَيْتِكَ وَ اسْأَلِ اللَّهَ أَنْ يُعِينَكَ وَ خُذْ شَيْئاً مِمَّا تَيَسَّرَ فَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى أَوَّلِ مِسْكِينٍ تَلْقَاهُ قَالَ فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي فَقَضَى لِي وَ رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ أَرْضِي.

صَلَاةٌ أُخْرَى لِلْحَاجَةِ

1548- رَوَى زِيَادٌ الْقَنْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «فما لبثت أن هلك» و الظاهر أن الرجل كان من المخالفين و أراد قتله و لهذا جوز له الدعاء بالهلاك الا أن يقصد بقطع الاثر الظلم، و يحتمل جواز الدعاء على الظالم مطلقا بالهلاك لعدم الاستفصال، و الأولى الدعاء برفع ظلمه و هدايته فهو أسرع اجابة فيما جربناه. (م ت).

 (2). المظلمة: ما يظلم الرجل و ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما اخذ منك. (م ت).

559
من لا يحضره الفقيه1

صلاة أخرى للحاجة ص : 559

عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي اخْتَرَعْتُ دُعَاءً فَقَالَ دَعْنِي مِنِ اخْتِرَاعِكَ‏ «1» إِذَا نَزَلَ بِكَ أَمْرٌ فَافْزَعْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تُهْدِيهِمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ قَالَ تَغْتَسِلُ وَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَسْتَفْتِحُ بِهِمَا افْتِتَاحَ الْفَرِيضَةِ وَ تَتَشَهَّدُ تَشَهُّدَ الْفَرِيضَةِ «2» فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ وَ سَلَّمْتَ قُلْتَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ‏ «3» وَ مِنْكَ السَّلَامُ وَ إِلَيْكَ يَرْجِعُ السَّلَامُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَنِّي السَّلَامَ وَ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى رَسُولِكَ ص فَأَثِبْنِي عَلَيْهِمَا «4» مَا أَمَّلْتُ وَ رَجَوْتُ مِنْكَ وَ فِي رَسُولِكَ‏ «5» يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ- ثُمَّ تَخِرُّ سَاجِداً وَ تَقُولُ- يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا حَيّاً لَا يَمُوتُ يَا حَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَرْضِ فَتَقُولُهَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ فَتَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَ تَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ تَرُدُّ يَدَكَ إِلَى رَقَبَتِكَ وَ تَلُوذُ

______________________________

 (1). يدل ظاهرا على النهى عن اختراع الدعاء و حمل على الكراهة لعموم الامر بالدعاء الا فيمن لا يعرف اللّه و صفاته العليا، فربما يتكلم بما لا يجوز له، و لا ريب أن الدعاء بالمنقول أولى، و يمكن أن يكون مراده الدعاء بقضاء الحاجة و يكون النهى لاشتراطه بشرائط كثيرة من الاستشفاع برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صلاة الهدية و الغسل و غيرها (م ت) أقول: زياد القندى هو زياد بن مروان واقفى بل من أركان الوقف و لم يوثق، و عبد الرحيم القصير مجهول الحال.

 (2). «افتتاح الفريضة» أي بالتكبيرات السبع أو بتكبيرة الاحرام و كذا التشهد باشتماله على المندوب و الواجبات. (م ت).

 (3). «أنت السلام» أي السالم من العيوب و صفات النقص أو ممّا يلحق غيره تعالى من الفناء و الآفات. «و منك السلام» أي السلامة. «و إليك يعود السلام» أي لو وقع من المخلوقين سلامة العيوب فاليك ترجع لأنّها بتأييدك و توفيقك. (م ت).

 (4). من الاثامة بمعنى الجزاء، و في بعض النسخ «فأتنى» من الايتاء بمعنى الاعطاء.

 (5). أي في الاستشفاع برسولك أو في بلاغ السلام و الصلاة. (م ت).

560
من لا يحضره الفقيه1

صلاة أخرى للحاجة ص : 561

بِسَبَّابَتِكَ‏ «1» أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ خُذْ لِحْيَتَكَ بِيَدِكَ الْيُسْرَى فَابْكِ أَوْ تَبَاكَ وَ قُلْ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْكُو إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيْكَ حَاجَتِي وَ أَشْكُو إِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الرَّاشِدِينَ حَاجَتِي وَ بِكُمْ أَتَوَجَّهُ إِلَى اللَّهِ فِي حَاجَتِي ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ نَفَسُكَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ افْعَلْ بِي كَذَا وَ كَذَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَا الضَّامِنُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ لَا يَبْرَحَ حَتَّى تُقْضَى حَاجَتُهُ.

صَلَاةٌ أُخْرَى لِلْحَاجَةِ

قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِذَا كَانَتْ لَكَ يَا بُنَيَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَاجَةٌ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ الْأَرْبِعَاءَ وَ الْخَمِيسَ وَ الْجُمُعَةَ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَابْرُزْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى‏ «2» قَبْلَ الزَّوَالِ وَ أَنْتَ عَلَى غُسْلٍ وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا الْحَمْدَ وَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَإِذَا رَكَعْتَ قَرَأْتَهَا عَشْراً فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ قَرَأْتَهَا عَشْراً فَإِذَا سَجَدْتَ قَرَأْتَهَا عَشْراً فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ قَرَأْتَهَا عَشْراً فَإِذَا سَجَدْتَ ثَانِيَةً قَرَأْتَهَا عَشْراً فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَرَأْتَهَا عَشْراً ثُمَّ نَهَضْتَ إِلَى الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ وَ صَلَّيْتَهَا مِثْلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ وَ اقْنُتْ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ فَإِذَا تَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِقَضَاءِ حَاجَتِكَ فَصَلِّ رَكْعَتَيِ الشُّكْرِ تَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْحَمْدَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدَ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ وَ تَقُولُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي رُكُوعِكَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْراً وَ فِي سُجُودِكَ شُكْراً لِلَّهِ وَ حَمْداً وَ تَقُولُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَضَى حَاجَتِي وَ أَعْطَانِي مَسْأَلَتِي‏ «3».

______________________________

 (1). لاذ يلوذ لواذا و لياذا: لجأ إليه، و لاذ به إذا التجأ إليه و انضم و استغاث به أي تتحرك تضرعا و ابتهالا اصبعك التي بين الوسطى و الإبهام يمينا و شمالا.

 (2). أي اخرج الى الفضاء من الصحراء أو السطح أو غيرهما. (م ت).

 (3). كما في الكافي ج 3 ص 481 باب صلاة الشكر.

561
من لا يحضره الفقيه1

صلاة أخرى للحاجة ص : 562

صَلَاةٌ أُخْرَى لِلْحَاجَةِ

1549- فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي الرَّجُلِ يَحْزُنُهُ الْأَمْرُ وَ يُرِيدُ الْحَاجَةَ قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ يَقْرَأُ فِي إِحْدَاهُمَا- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَلْفَ مَرَّةٍ وَ فِي الْأُخْرَى مَرَّةً ثُمَّ يَسْأَلُ حَاجَتَهُ.

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ مَا رَوَيْتُهُ مِنْ صَلَوَاتِ الْحَوَائِجِ فِي كِتَابِ ذِكْرِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي هِيَ سِوَى الْخَمْسِينَ.

بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ

1550- رَوَى هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَمْراً فَلَا يُشَاوِرْ فِيهِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَبْدَأَ فَيُشَاوِرَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَالَ قُلْتُ وَ مَا مُشَاوَرَةُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ يَبْدَأُ فَيَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ‏ «1» أَوَّلًا ثُمَّ يُشَاوِرُ فِيهِ فَإِنَّهُ إِذَا بَدَأَ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَجْرَى لَهُ الْخِيَرَةَ عَلَى لِسَانِ مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْخَلْقِ.

1551- وَ رَوَى مُرَازِمٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ شَيْئاً فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْيُثْنِ عَلَيْهِ وَ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ص وَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ خَيْراً لِي فِي دِينِي وَ دُنْيَايَ فَيَسِّرْهُ لِي وَ قَدِّرْهُ لِي وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَاصْرِفْهُ عَنِّي قَالَ مُرَازِمٌ فَسَأَلْتُ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يُقْرَأُ فِيهِمَا فَقَالَ اقْرَأْ فِيهِمَا مَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ فَاقْرَأْ فِيهِمَا- بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.

1552- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَسْرِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الِاسْتِخَارَةِ فَقَالَ‏

______________________________

 (1). أي يطلب منه تعالى أن يصلح الأمور له و أن يجعل خيره في الاصلح (م ت) أقول:

و يمكن أن يكون المراد أن يقول: «أستخير اللّه» و ان زاد «برحمته» كما يأتي فهو أحسن.

562
من لا يحضره الفقيه1

باب صلاة الاستخارة ص : 562

اسْتَخِرِ اللَّهَ فِي آخِرِ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَ أَنْتَ سَاجِدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ وَ مَرَّةً قَالَ كَيْفَ أَقُولُ قَالَ تَقُولُ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ.

1553- وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ النَّابُ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: فِي الِاسْتِخَارَةِ أَنْ يَسْتَخِيرَ اللَّهَ الرَّجُلُ فِي آخِرِ سَجْدَةٍ مِنْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَ مَرَّةً وَ يَحْمَدَ اللَّهَ وَ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ ثُمَّ يَسْتَخِيرَ اللَّهَ خَمْسِينَ مَرَّةً ثُمَّ يَحْمَدَ اللَّهَ وَ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ ص وَ يُتِمَّ الْمِائَةَ وَ الْوَاحِدَةَ.

1554- وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ عِيسَى عَنْ نَاجِيَةَ «1» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ شِرَاءَ الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّةِ أَوِ الْحَاجَةَ الْخَفِيفَةَ أَوِ الشَّيْ‏ءَ الْيَسِيرَ اسْتَخَارَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِذَا كَانَ أَمْراً جَسِيماً اسْتَخَارَ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ «2».

1555- وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا اسْتَخَارَ اللَّهَ عَبْدٌ سَبْعِينَ مَرَّةً بِهَذِهِ الِاسْتِخَارَةِ إِلَّا رَمَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْخِيَرَةِ «3» يَقُولُ يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ وَ يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ وَ يَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ وَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ خِرْ لِي فِي كَذَا وَ كَذَا.

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِذَا أَرَدْتَ يَا بُنَيَّ أَمْراً فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ اسْتَخِرِ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَ مَرَّةً فَمَا عَزَمَ لَكَ فَافْعَلْ وَ قُلْ فِي دُعَائِكَ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ رَبِّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ خِرْ لِي فِي كَذَا وَ كَذَا لِلدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ.

______________________________

 (1). هو غير موثق.

 (2). أي كان يقول: «أستخير اللّه».

 (3). أي وقفه للخير، أو جعل خيره فيما يريد و يخطر بباله أو يلقيه على لسان مؤمن يشاوره و أمثالها. (م ت).

563
من لا يحضره الفقيه1

باب ثواب الصلاة التي يسميها الناس صلاة فاطمة ع و يسمونها أيضا صلاة الأوابين ص : 564

بَابُ ثَوَابِ الصَّلَاةِ الَّتِي يُسَمِّيهَا النَّاسُ صَلَاةَ فَاطِمَةَ ع‏ «1» وَ يُسَمُّونَهَا أَيْضاً صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ‏

1556- رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمَةٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْسِينَ مَرَّةً انْفَتَلَ حِينَ يَنْفَتِلُ وَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذَنْبٌ إِلَّا غَفَرَ لَهُ.

1557- وَ أَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْعَيَّاشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَدْ رَوَى فِي كِتَابِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ السِّمَاكِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِخَمْسِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «2» كَانَتْ صَلَاةَ فَاطِمَةَ ع وَ هِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ.

وَ كَانَ شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْوِي هَذِهِ الصَّلَاةَ وَ ثَوَابَهَا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنِّي لَا أَعْرِفُهَا بِصَلَاةِ فَاطِمَةَ ع وَ أَمَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا بِصَلَاةِ فَاطِمَةَ ع- وَ قَدْ رَوَى هَذِهِ الصَّلَاةَ وَ ثَوَابَهَا- أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع.

بَابُ ثَوَابِ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِمِائَةٍ وَ عِشْرِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

1558- فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سِتِّينَ مَرَّةً انْفَتَلَ وَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذَنْبٌ.

______________________________

 (1). المشهور بين الاصحاب أنّها صلاة أمير المؤمنين عليه السلام كما في رواية المفضل.

 (2). عدم ذكر فاتحة الكتاب لاشتهار حديث «لا صلاة الا بفاتحة الكتاب».

564
من لا يحضره الفقيه1

باب ثواب التنفل في ساعة الغفلة ص : 565

بَابُ ثَوَابِ التَّنَفُّلِ فِي سَاعَةِ الْغَفْلَةِ

1559- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ تَنَفَّلُوا فِي سَاعَةِ الْغَفْلَةِ وَ لَوْ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا تُورِثَانِ دَارَ الْكَرَامَةِ.

1560- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ دَارَ السَّلَامِ.

وَ هِيَ الْجَنَّةُ وَ سَاعَةُ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ «1».

بَابُ نَوَادِرِ الصَّلَوَاتِ‏ «2»

1561- رَوَى بُكَيْرُ بْنُ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ص الضُّحَى قَطُّ «3».

______________________________

 (1). كما رواه المصنّف- رحمه اللّه- مسندا في ثواب الأعمال و معاني الأخبار و المجالس و العلل. و روى الشيخ- رحمه اللّه- في المصباح ص 76 عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «من صلى بين العشاءين ركعتين يقرأ في الأولى الحمد، و ذا النون اذ ذهب مغاضبا- الى قوله- و كذلك ننجى المؤمنين» و في الثانية الحمد و قوله: «وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ- الى آخر الآية-» فاذا فرغ من القراءة رفع يديه و قال: «اللهم انى أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها الا أنت أن تصلى على محمّد و آل محمد- و أن تفعل بى كذا و كذا- اللّهمّ أنت ولى نعمتى، و القادر على طلبتى، تعلم حاجتى فأسألك بحق محمّد و آله عليه و عليهم السلام لما قضيتها لي» و سأل اللّه حاجته أعطاه اللّه ما سأل».

 (2). الظاهر أن المراد بالنوادر الاخبار التي لا يجمعها باب و تكون متفرقة، و قد يطلق على الاخبار الشاذة. (م ت).

 (3). يدل كالاخبار المستفيضة عن أهل البيت (ع) على عدم مشروعية صلاة الضحى (م ت) و العامّة يقولون باستحبابها.

565
من لا يحضره الفقيه1

باب نوادر الصلوات ص : 565

1562- وَ رَوَى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْمُخْتَارِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الضُّحَى فَقَالَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّاهَا قَوْمُكَ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنَ الْغَافِلِينَ فَيُصَلُّونَهَا وَ لَمْ يُصَلِّهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَالَ إِنَّ عَلِيّاً ع مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَ هُوَ يُصَلِّيهَا فَقَالَ عَلِيٌّ ع مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ فَقَالَ أَدَعُهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- فَقَالَ ع أَكُونُ أَنْهَى‏ عَبْداً إِذا صَلَّى‏ «1».

1563- وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ص الضُّحَى قَطُّ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَ لَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّهُ كَانَ ع يُصَلِّي فِي صَدْرِ النَّهَارِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَالَ بَلَى إِنَّهُ كَانَ يَجْعَلُهَا مِنَ الثَّمَانِ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ.

1564- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنِ الصَّلَاةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوَتْرُ وَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي وَ لَوْ كَانَ فَضْلًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَعْمَلَ بِهِ وَ أَحَقَ‏ «2».

1565- وَ سَأَلَهُ عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ رَجُلٍ دَعَاهُ رَجُلٌ وَ هُوَ يُصَلِّي فَسَهَا فَأَجَابَهُ‏

______________________________

 (1). أي ان كانت صلاتك صلاة مشروعة فكيف نهيتك عنها مع أن اللّه تعالى يقول:

 «أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى‏ عَبْداً إِذا صَلَّى» و في الكافي ج 3 ص 452 في مرفوعة قال: «مر أمير المؤمنين (ع) برجل يصلى الضحى في مسجد الكوفة فغمز جنبه بالدرة و قال: نحرت صلاة الاوابين نحرك اللّه، قال: فأتركها؟ قال: فقال: «أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى‏ عَبْداً إِذا صَلَّى» فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: و كفى بانكار عليّ عليه السلام نهيا». أى قال أمير المؤمنين عليه السلام: صلاتك ليست بصلاة حتّى لا يجوز المنع عنها كما يفهم من الآية بل هي بدعة و يؤيده قول الصادق عليه السلام «كفى بانكار عليّ عليه السلام نهيا». و نقل المخالفون هذا الخبر بصورة محرفة و فسروه بما هو أشنع من تحريفهم. راجع النهاية مادة «نحر».

و روى البخارى عن مؤرق العجليّ «قال قلت لابن عمر: تصلى الضحى؟ قال: لا، قلت:

فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فالنبى (ع)؟ قال: لا اخاله».

 (2). يدل على عدم مشروعية نافلة رمضان، و حمل على الجماعة كما يفعله العامّة و يسمونها بالتراويح للاخبار الكثيرة الدالة على مشروعيتها (م ت) و قال سلطان العلماء:

كناية عن أنّه ليس في شهر رمضان موظف في الليل غير المشهور و هو صلاة الليل و الشفع و الوتر و ركعتى الفجر. (م ت).

566
من لا يحضره الفقيه1

باب نوادر الصلوات ص : 565

بِحَاجَتِهِ كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ‏ «1».

1566- وَ رَوَى عِمْرَانُ الْحَلَبِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ مِنْ أَجْلِ السَّهْوِ «2».

1567- وَ رَوَى سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ صَدَقَةُ الْغُلَامِ وَ عِتْقُهُ وَ يَؤُمُّ النَّاسَ إِذَا كَانَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ‏ «3».

______________________________

 (1). يدل على عدم بطلان الصلاة بالكلام ساهيا و قد تقدم الاخبار فيه.

 (2). المراد به أعم من الشك و لو أمكن دفعه بالخاتم و غيره فهو مقدم على التخفيف لما تقدم. (م ت).

 (3). يعارض الاخبار التي اشترطت الاحتلام، و حمل على امامة الصبيان. و جوز الشيخ- رحمه اللّه- في بعض كتبه امامة الصبى؛ و ابن الجنيد إذا كان سلطانا كولى عهد المسلمين، و قال استاذنا الشعرانى- مد ظله-: اعلم ان كثيرا منا و من العامّة عند تعريف الصحة و الفساد التزموا بأن عبادات الصبى يصحّ أن يطلق عليها لفظ الصحيح و ذلك لان الصحيح هو المطابق للامر سواء كان الامر متعلقا بمن جرى على يديه الفعل أو غيره، ألا ترى أنّه يقال حج الصبى صحيح و ان كان رضيعا و ذلك لانه مطابق للامر، و هذا لا يستلزم كونه مخاطبا بالخطاب الشرعى و مأمورا بالتكليف، قال العلامة- رحمه اللّه- في المختلف ما حاصله: ان غير البالغ ليس من أهل التكليف و لا يقع منه الفعل على وجه يعدّ طاعة لأنّها موافقة الامر و الصبى ليس مأمورا إجماعا و أمر الولى بأمرهم بالصلاة ليس أمرا لهم، فان الامر بالامر بالشي‏ء ليس أمرا بذلك الشي‏ء- انتهى. و هو حقّ ألا ترى أنك تأمر ابنك بان يامر عبده بشراء شي‏ء و هذا لك جائز و لا يستلزم ذلك أن تأمر عبده بغير واسطة لانه غير جائز اذ ليس لك بالنسبة الى عبد ابنك مولوية و لا يجب عليه اجابتك مع أنّه يجب عليه اجابة ابنك و يجب على ابنك اجابتك، و بالجملة إذا كان للامر مولوية على المأمور و مأمور المأمور كليهما بحيث يجب عليهما طاعته كان الامر بالامر أمرا، و أمّا اذ لم يكن للامر مولوية بالنسبة الى مأمور المأمور و لا يجب عليه طاعته فالامر بالامر ليس أمرا و مع ذلك فيجوز اطلاق الصحة على عبادات الصبى و ان لم يكن مخاطبا، و قيل: إذا كان غرض الامر امتثال مأمور المأمور بشرط أمر المأمور إيّاه لم يكن الامر بالامر بالشي‏ء أمرا بذلك الشي‏ء، و ليس بجيد لان مأمور المأمور حينئذ مأمور أيضا مشروطا، و الامر المشروط أيضا أمر كامر الزوجة باطاعة زوجها.

567
من لا يحضره الفقيه1

باب نوادر الصلوات ص : 565

1568- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا صَلَّيْتَ مَعَهُمْ غُفِرَ لَكَ بِعَدَدِ مَنْ خَالَفَكَ‏ «1».

1569- وَ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ فَصَلِّ فِي نَعْلَيْكَ إِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ «2».

1570- وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ فِي السَّفَرِ شَيْئاً مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَلَا يَضُرُّكَ‏ «3».

1571- وَ رُوِيَ عَنْ عَائِذٍ الْأَحْمَسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فَابْتَدَأَنِي مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ فَقَالَ إِذَا لَقِيتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمَفْرُوضَاتِ لَمْ يَسْأَلْكَ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ‏ «4».

1572- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْمُؤْمِنُ مُعَقِّبٌ مَا دَامَ عَلَى وُضُوءٍ «5».

1573- وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ النَّوَافِلِ مَا لَا يَدْرِي مَا هُوَ مِنْ كَثْرَتِهَا كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ فَلْيُصَلِّ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى مِنْ كَثْرَتِهَا «6» فَيَكُونَ قَدْ قَضَى بِقَدْرِ مَا عَلِمَهُ مِنْ ذَلِكَ- «7»

______________________________

 (1). قوله: «معهم» أي المخالفين.

 (2). يدل على استحباب الصلاة في النعل العربى إذا كانت طاهرة، و قد تقدمت الاخبار فيه، و اشتراط الطهارة فيه مع أنّه ممّا لا تتم فيه الصلاة اما على الاستحباب و اما على استثنائها من العمومات مطلقا او إذا كانت ميتة. (م ت).

 (3). يدل على أن السفر عذر في عدم ايقاع الصلاة في وقت الفضيلة (م ت) أو محمول على النافلة.

 (4). تقدم تحت رقم 615 كالخبر الآتي.

 (5). رواه الشيخ في الصحيح، و يحتمل أن يكون المراد أن مجرد الكون على الوضوء كاف في ثواب التعقيب، أو كاف في المصلى، فالاولى أن يكون ذاكرا مع الإمكان. (م ت).

 (6). الضمير راجع الى «ما» باعتبار الصلاة و في التهذيب «من كثرته».

 (7). يمكن أن يكون المراد به الأعمّ من الظنّ الغالب أيضا و ان كان تحصيل العلم أولى لظاهر الخبر، و استدلّ به على وجوب تحصيل العلم في القضاء إذا لم يعلم مقداره بمفهوم الموافقة-

568
من لا يحضره الفقيه1

باب نوادر الصلوات ص : 565

ثُمَّ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَضَاءِ فَقَالَ إِنْ كَانَ شُغُلُهُ فِي طَلَبِ مَعِيشَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا أَوْ حَاجَةٍ لِأَخٍ مُؤْمِنٍ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ وَ إِنْ كَانَ شُغُلُهُ لِجَمْعِ الدُّنْيَا وَ التَّشَاغُلِ بِهَا عَنِ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ وَ هُوَ مُسْتَخِفٌّ مُتَهَاوِنٌ مُضَيِّعٌ لِحُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص قُلْتُ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَضَاءِ فَهَلْ يُجْزِي أَنْ يَتَصَدَّقَ فَسَكَتَ مَلِيّاً «1» ثُمَّ قَالَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِصَدَقَةٍ قُلْتُ فَمَا يَتَصَدَّقُ قَالَ بِقَدْرِ طَوْلِهِ‏ «2» وَ أَدْنَى ذَلِكَ مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَكَانَ كُلِّ صَلَاةٍ قُلْتُ وَ كَمِ الصَّلَاةُ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ قَالَ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ مُدٌّ وَ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ مُدٌّ فَقُلْتُ لَا يَقْدِرُ فَقَالَ مُدٌّ إِذاً لِكُلِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ قُلْتُ لَا يَقْدِرُ قَالَ فَمُدٌّ إِذاً لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَ مُدٌّ لِصَلَاةِ النَّهَارِ وَ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ وَ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ وَ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ.

تَمَّ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ كِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ تَصْنِيفِ الشَّيْخِ السَّعِيدِ- أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيِّ- قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ نَوَّرَ ضَرِيحَهُ وَ يَتْلُوهُ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي أَبْوَابُ الزَّكَاةِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ+ وَ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ.

______________________________

- و لا بأس به لتأييده بأخبار أخر و للمقدّمة، و ان كان الأحوط في الزائد عن الظنّ الغالب نية الاحتياط، و يدلّ على شدة الاهتمام بالنوافل، و على أن التصدق مطلوب مع المشقة و ان لم يكن للمرض. (م ت).

 (1). أي طويلا، كما في قوله تعالى‏ «وَ اهْجُرْنِي مَلِيًّا» أى طويلا.

 (2). الطول- بفتح الطاء-: الوسع و الغنى و الزيادة.

إلى هنا تمّت تعاليقنا على هذا الجزء و الحمد للّه ربّ العالمين‏

على أكبر الغفارى‏

1392- ه ق.

569
من لا يحضره الفقيه1

فهرست المقدمة ص : 570

فهرست المقدّمة

الف- كلمة المحشّي.

و- موجز من حياة المؤلّف.

و- مشايخه و الرّاوون عنه.

ط- تآليفه القيّمة.

يب- وفاته و مدفنه.

يه- التعريف بالنسخ الّتي قوبل الكتاب بها.

يح- الحواشي و الشروح الموجودة الّتي استفيد منها.

فهرست الكتاب‏

1- مقدّمة المصنّف و وجه تسمية الكتاب.

باب المياه و طهرها و نجاستها

5- طهور الماء.

6- الماء الّذي لا ينجّسه شي‏ء، و حدّ الكرّ.

8- اختلاط ماء المطر بالبول و الخمر.

9- الوضوء من سؤر الدّوابّ و الكلب و السنّور.

10- الماء الّذي تبول فيه الدّوابّ و تلغ فيه الكلاب.

11- الوضوء من سؤر الجنب و الحائض.

11- الرّجل يأتي الماء القليل و يداه قذرتان.

12- حكم ماء الحمّام و غسالته.

14- الآبار و أحكامها.

570
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

17- منزوحات البئر.

18- البئر تكون إلى جنب البالوعة.

أحكام التخلى‏

22- ارتياد المكان للحدث.

23- الدّعاء عند دخول المتوضّأ.

24- استحباب التقنّع عند دخول الخلاء.

25- المواضع الّتي تكره أن يتغوّط فيها أو يبال.

26- حرمة الاستقبال و الاستدبار للقبلة عند الاستنجاء.

26- كراهة البول قائما.

27- كراهة طول الجلوس في المخرج.

28- حكم التسبيح و قراءة القرآن و حكاية الاذان في الخلاء.

28- الاستنجاء بثلاثة أحجار.

29- الاستنجاء بالروث و العظم.

31- حدّ الاستنجاء.

31- كراهة التكلّم في الخلاء.

33- باب أنّ الطهور قسم من الصلاة.

33- وقت وجوب الطهور.

33- افتتاح الصلاة و تحريمها و تحليلها.

فرائض الصلاة و مقدّماتها من الوضوء و الغسل‏

34- مقدار الماء للوضوء و الغسل.

36- صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

38- الوضوء حدّ من حدود اللّه.

41- صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السّلام و أدعيته عند الوضوء.

571
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

44- حدّ الوضوء و ترتيبه و ثوابه.

44- حدّ الوجه الّذي يغسل.

45- حدّ الذّراعين في الوضوء.

45- مسح الرّأس و القدمين.

45- وجوب الموالاة و الترتيب في الوضوء.

47- الجبائر و القروح و أحكامها.

48- عدم جواز المسح على الخفّين.

50- آداب الوضوء و سننه و مكروهاته.

52- استحباب السواك و تأكّده، لا سيّما عند الوضوء.

53- عدم البأس بالسواك للصائم و المحرم.

54- كراهة السواك في الحمّام.

54- استحباب السواك عرضا.

55- في السواك اثنتا عشرة خصلة.

55- علّة الوضوء.

57- حكم جفاف بعض الوضوء قبل تمامه.

58- فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شكّ فيه.

61- ما ينقض الوضوء و ما لا ينقضه.

64- الاستبراء من البول.

65- ما ينجّس الثوب و الجسد من المياه المخرجة من الإنسان.

67- الجنب يعرق في الثوب أو يصيب جسده ثوبه.

68- المنيّ و المذى يصيبان الجسد و الثوب.

68- كيفيّة تطهير الثوب و الفراش إذا أصابه البول.

70- المرضعة يصيب ثوبها من بول الصبيّ كيف تصنع.

572
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

71- أبوال الدّوابّ و أرواثها.

71- الثوب يصيبه الدّم و المدة.

72- الثوب يصيبه المنيّ.

73- الكلب يصيب الثوب.

74- الثوب أصابه خمر.

74- الناسي لبول أصابه و صلّى.

غسل الجنابة

75- العلّة الّتي من أجلها وجب غسل الجنابة.

77- باب الأغسال الواجبة و المسنونة.

81- صفة غسل الجنابة.

83- أحكام الجنب.

87- المرأة إذا أراد غسل الجنابة فتحيض.

غسل الحيض و النفاس.

88- أوّل دم وقع على وجه الأرض.

88- إنّ الحيض نجاسة.

89- أقلّ أيّام الحيض و أكثرها.

90- أحكام الحائض و المستحاضة.

97- إن اشتبه عليها دم الحيض و القرحة.

98- إن اشتبه عليها دم الحيض و العذرة.

101- النّفساء و أحكامها.

باب التيمّم‏

102- صفة التيمم.

573
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

107- مسوّغات التيمم.

آداب الحمّام‏

110- النهي عن دخول الحمّام بلا مئزر.

111- غسل يوم الجمعة.

111- وقت غسل الجمعة.

112- علّة غسل الجمعة.

113- آداب دخول الحمّام و الدّعاء له.

117- الحمّام يوم و يوم لا.

117- الطلي في الحمّام.

117- استحباب استعمال النورة.

119- آداب استعمال النورة.

121- استحباب الحنّاء بعد النورة.

122- استحباب الخضاب بالحنّاء و الكتم.

124- استحباب غسل الرأس بالخطمي و السدر.

126- تقليم الاظفار و أخذ الشّارب و المشط.

130- كراهة تطويل اللّحية.

130- حكم حلق اللّحية.

أحكام الأموات و غسل الميّت‏

131- استحباب تلقين المحتضر.

132- حالات الاشخاص في النزع.

138- لأيّ علّة يغسّل الميّت.

139- موت المحرم و النفساء و الغريب و ثوابهم.

574
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

140- التأكيد في تعجيل دفن الميّت.

140- ثواب عيادة المريض.

141- ثواب من غسّل ميّتا.

141- القول عند غسل الميّت.

141- غسل الميّت يجب على أولى الناس به أوّلا.

142- حدّ الماء الّذي يغسّل به الميّت.

142- كراهة تسخين الماء في غير الشتاء لغسل الميّت.

142- كراهة ترك الميّت وحده في بيت.

142- حكم نظر الزّوجين كلّ واحد منهما إلى الآخر حين النزع.

142- تغسيل المرأة زوجها و الزّوج امرأته.

143- باب غسل مسّ الميّت و وجوبه.

143- جواز تقبيل الميت عند الموت و بعد الغسل و يأتي ص 161 أيضا.

144- استحباب وضع الجريدتين و سننه.

146- التكفين و آدابه.

147- ما يستحب من الثياب للكفن و ما يكره.

149- حنوط الميّت و سننه.

150- كراهية أن يقصّ من الميّت ظفر أو شعر.

151- ما يخرج من الميّت بعد أن يغسّل.

152- ثواب من كفّن ميّتا.

152- أحكام السقط.

153- المرأة إذا ماتت في نفاسها و كثر دمها.

153- وجوب المماثلة في التغسيل، و إذا لم يوجد المماثل.

154- المرأة تموت في السفر و ليس معها ذو محرم و لا نساء.

575
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

154- حدّ الصبيّ الّذي يجوز للنساء أن يغسّلنه.

155- الرّجل يموت في السفر و ليس معه الانساء مسلمات و رجال نصارى.

156- حدّ الانتظار في من مات موت الفجأة.

156- خمسة ينتظر بهم ثلاثة أيّام.

157- تغسيل المجدور.

157- المرجوم يغسّل و يحنّط و يلبس الكفن ثمّ يرجم و كذا المرجومة.

158- حكم المصلوب في غسله و كفنه و دفنه.

158- في أكيل السبع و الطير إذا وجد بعض جسده.

158- في أنّ عليّ بن أبي طالب لم يصلّ على عمّار و هاشم المرقال و دفنهما بثوبهما.

159- أحكام الشهيد إذا كان به رمق و مات في غير المعركة.

159- حكم المحرم و المحلّ سيّان إلّا أنّه لا يقرب الكافور إلى المحرم.

160- حكم القتيل في غير طاعة اللّه.

160- الحامل تموت و في بطنها ولد يتحرّك ما يصنع بها.

160- استحباب الاسراج في البيت الّذي كان يسكنه الميّت.

160- استحباب الوضوء للجنب إذا أراد غسل الميّت.

161- جواز تقبيل الميّت بعد الغسل و قد تقدّم ص 143.

باب الصلاة على الميّت‏

161- ثواب تشييع الجنازة و سننه.

163- صفة الصلاة و بعض أحكامها.

165- من أولى الناس بالصلاة على الميّت.

165- الزّوج أحقّ بالصلاة على الزّوجة من الأب و الولد و الأخ.

166- صلاة النساء على الجنازة.

167- الصلاة على المستضعف و من لا يعرف.

576
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

168- الصلاة على المنافق و كيفيّتها.

169- استحباب الاسراع إلى حضور الجنازة.

170- صلاة الحائض و النفساء و الجنب على الجنازة.

171- حدّ حفر القبر.

171- ما يبسط في اللّحد و وضع الساج.

آداب الدفن‏

171- القول عند الدّفن، و أحكام الدّفن.

171- استحباب وضع الميّت دون القبر.

171- استحباب تلقين الميّت إذا وضع في القبر.

173- التعزية و ما يجب على صاحب المصيبة.

173- ثواب من عزّى حزينا.

174- حدّ التعزية و تسلية صاحب المصيبة.

174- ثواب المصاب.

175- الصبر و الجزع و الاسترجاع.

176- ثواب المصيبة بالولد.

177- المساءلة في القبر و من يسأل و من لا يسأل.

178- ثواب زيارة القبور.

178- كراهية الصلاة عند القبر.

179- كيفيّة السلام على أهل القبور.

181- استحباب قراءة سورة القدر سبع مرّات عند قبر المؤمن و ثوابها.

181- الميّت يزور أهله.

182- ما يجب على الجيران لأهل المصيبة و اتّخاذ المأتم.

577
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

182- كراهة الأكل عند أهل المصيبة.

183- حدّ الحداد للمتوفّى عنها زوجها.

183- انتفاع الميّت بالصلاة و الصوم و القربات الّتي تهدى إليه.

باب النوادر

186- ليس شي‏ء أحبّ إلى إبليس من موت فقيه.

186- التوبيخ لابن ثمانية عشر سنة.

187- الصبر صبران.

187- من خاف على نفسه من وجد بمصيبة.

188- ثواب من يمسح يده على رأس يتيم.

188- إذا بكى اليتيم اهتزّ له العرش.

189- كراهية الضحك بين القبور.

189- كلّ ما جعل على القبر من غير تراب القبر فهو ثقل على الميّت.

189- إنّ أهل البيت (ع) مهور نسائهم و حج صرورتهم و أكفانهم من طهور مالهم.

189- كراهية تجديد القبر أو تحديده أو تخديده.

191- إنّ اللّه عزّ و جلّ حرم لحوم أهل البيت و عظامهم على الأرض و الدودان.

191- إنّ الأعمال تعرض على رسول اللّه و أهل بيته عليهم السّلام أبرارها و فجّارها.

192- المصلوب أ يصيبه عذاب القبر؟.

193- توجيه الميّت إلى القبلة.

193- في أرواح المؤمنين.

193- إخراج عظام يوسف من مصر بيد موسى عليهما السّلام.

194- أوّل من جعل له النعش فاطمة عليها السّلام.

578
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

أبواب الصلاة

195- أبواب الصلاة و حدودها.

195- فرض الصلاة.

200- صلاة اليوم و اللّيلة و عدد ركعاتها.

202- حديث ردّ الشّمس لسليمان.

203- ردّ الشمس ليوشع بن نون.

203- ردّ الشمس لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام مرّتين.

206- المستخفّ بالصلاة.

207- أقسام الصلوات.

باب فضل الصلاة

207- الصلاة ميزان.

208- ليس شي‏ء من القربات يعدل الصلاة.

208- من حافظ على صلاته و من ضيّعها.

208- أوّل ما يحاسب به العبد الصلاة.

208- صلاة فريضة خير من عشرين حجّة.

208- الرّغبة و الرّهبة في الصلاة.

210- للمصلّي ثلاث خصال.

210- الصلاة قربان كلّ تقيّ.

211- مثل الصلاة مثل النهر يكون على باب الرجل.

211- فضل انتظار الصلاة، و إتمام الرّكوع و السجود.

211- علّة وجوب إتيان الصلوات في خمس مواقيت.

579
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

مواقيت الصلاة

215- وقت صلاة الظهرين.

217- وقت الفضيلة و الاجزاء.

218- وقت صلاة المغرب.

219- وقت صلاة العشاء الآخرة.

221- وقت صلاة الفجر.

223- معرفة زوال الشمس.

225- ركود الشمس و معناه.

227- معرفة زوال اللّيل.

227- صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الّتي قبض عليها.

أحكام المساجد

228- فضل المساجد و حرمتها.

228- فضل الصلاة في الحرمين و مسجد الكوفة.

229- حدّ مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

229- فضل مسجد قبا، و مشربة أمّ إبراهيم، و مسجد الفضيخ.

229- فضل مسجد الأحزاب، و زيارة قبور الشهداء بأحد.

229- استحباب الصلاة في مسجد الغدير.

230- فضل مسجد الخيف بمنى.

230- حدّ مسجد الكوفة و فضلها.

231- فضل مسجد السهلة.

232- فضل مسجد براثا ببغداد.

233- ثواب كنس المسجد.

580
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

233- ثواب المشي إلى المسجد.

233- ثواب الصلاة في مسجد بيت المقدّس.

234- ثواب الصلاة في سائر المساجد.

235- ثواب بناء المساجد.

235- حكم الصلاة في المساجد المظلّلة.

236- كراهة تسقيف المساجد.

236- كراهة بناء الشرف للمساجد.

237- كراهة انشاد الضالّة في المسجد.

237- كراهة ادخال المجانين و الصبيان في المساجد.

237- كراهة رفع الصوت في المساجد و البيع و إجراء الحدود و الأحكام فيها.

237- ثواب الاسراج في المساجد.

237- عدم جواز إخراج الحصاة من المسجد و وجوب ردّها.

238- عدم جواز دخول المسجد للجنب و الحائض إلّا مجتازين.

238- كراهة الوقف على المساجد.

239- كراهة بناء المنارة الطويلة للمساجد.

240- آداب دخول المساجد.

مكان المصلّى‏

240- المواضع الّتي تجوز الصلاة فيها و الّتي لا تجوز.

242- كراهية الصلاة في بيت الحمّام.

243- كراهية الصلاة بين القبور.

243- كراهية الصلاة في الطريق.

243- حكم الصلاة في مرابض الغنم و أعطان الإبل.

581
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

243- الصلاة في بيت المجوسي.

244- الصلاة في البيع و الكنائس.

244- الصلاة على السطح الّذي يبال فيه.

244- الصلاة في المنازل الّتي فيها أبوال الدّوابّ و السرجين.

244- الصلاة في البيداء.

245- الصلاة في البيت أو المكان الّذي أصابه بول.

245- الصلاة على البوريا إذا بلّ بماء قذر.

245- الصلاة على الفراش الّذي يكون فيه التماثيل.

246- كراهة الصلاة في دار فيها كلب إلّا كلب الصيد.

246- الصلاة في البيت الّذي فيه خمر في آنية.

246- الصلاة في المواضع الّذي لا يقدر المصلّي على الأرض.

248- كيفيّة صلاة الاسير إذا منعه صاحبه.

247- الرّجل و المرأة يصلّيان في بيت واحد.

لباس المصلّى‏

247- عدم جواز الصلاة في جلد الميتة المدبوغة.

248- من لم يقدر على الثوب الطاهر كيف يصلّي.

249- من كان له ثوبان أحدهما نجس و لم يعرفه.

249- شرائط لباس المصلّي.

250- الرّجل يصلّى و بحياله سيف أو ثوم أو بصل أو سراج أو نار.

250- فيما يكره من اللّباس للمصلّي.

254- الرّجل يصلّي و بين يديه مصحف مفتوح.

255- الرّجل يصلّي و هو متلثّم.

582
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

256- الرّجل يصلّي في ثوب المرأة و المرأة تصلّي في ثوب الرّجل.

256- أدنى ما يجزي للمصلّي من اللّباس.

257- جواز قتل العقرب و الحيّة في حال الصلاة.

258- أحكام لباس المصلّي.

259- الصلاة في الثوب الّذي عمله المجوسي.

261- جواز السجود على الثوب في الحرّ الشديد.

262- جواز الصلاة في الخزّ.

262- الخزّ الّذي يغشّ بوبر الأرانب، و الثوب المغشوش بوبرها.

264- عدم جواز الحرير المحض للرجال.

264- الصلاة في الثوب المعلم و ما فيه التماثيل.

265- حكم تقليد السيف في الصلاة.

266- استحباب التحنّك للمعتمّ مطلقا.

267- صلاة المختضب.

ما يسجد عليه و ما لا يسجد عليه‏

268- السجود على الأرض.

268- استحباب السجود على طين قبر الحسين عليه السّلام.

269- ما يصحّ السجود عليه.

271- حدّ وضع الجبهة.

282- علّة النهي عن السجود على المأكول و الملبوس.

القبلة

273- وجوب استقبال القبلة للمصلّي.

283- السبب في انحراف أهل الكوفة إلى اليسار.

276- حدّ الاستقبال.

583
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

277- النهى عن رمي البزاق نحو القبلة.

277- كراهة البزق في الصلاة قبل الوجه.

279- لا تعاد الصلاة إلّا من خمس.

279- إذا تعرّض للإنسان سبع في حال الصلاة.

280- الصلاة في السفينة.

280- صلاة من عميت عليه القبلة.

280- الحدّ الّذي يؤخذ الصبيان بالصلاة.

الاذان و الإقامة

281- تشريع الاذان و الإقامة.

282- جواز الأذان على غير وضوء.

282- جواز الأذان راكبا و ماشيا و كراهة ذلك في الإقامة.

283- استحباب جزم التكبير في الأذان و الإقامة و الافصاح بالالف و الهاء.

284- استحباب وضع المؤذّن اصبعيه في اذنيه.

284- استحباب رفع الصوت بالاذان.

284- استحباب الفصل بين الأذان و الإقامة بقعود أو كلام.

285- إذا اقيمت الصلاة حرم الكلام الّا في تقديم امام و يأتي ص 385.

286- سقوط الأذان إذ جمع بين الصلاتين.

287- الدّعاء حين سماع الاذان.

288- من نسي الأذان و الإقامة و دخل في الصلاة.

289- من نسي من الاذان حرفا.

289- لا بأس بأن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم و لا الجنب.

290- فصول الأذان و الإقامة.

584
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

291- جواز مغايرة المؤذّن للمقيم و مغايرتهما للامام أيضا.

292- ثواب المؤذّنين.

297- امتناع بلال من الأذان بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

298- استحباب الأذان و الإقامة للمرأة و جواز اقتصارها على الشهادتين.

298- استحباب الأذان عند تغوّل الغول، و في اذن المولود و من ساء خلقه.

299- علّة تشريع الاذان.

وصف الصلاة من فاتحتها الى خاتمتها

300- حديث حمّاد بن عيسى في آداب المصلّي و سنن الصلاة.

305- التكبيرات السبع.

306- وجوب السجدة عند قراءة العزائم أو سماعها.

308- أحكام القراءة و الجهر و الاخفات فيها.

311- الرّكوع و آدابه و أذكاره و أحكامه.

312- السجود و آدابه و سننه و أحكامه.

316- القنوت و استحبابه و أدعيته.

317- استحباب البكاء من خشية اللّه في الصلاة.

319- التشهّد و آدابه و أدعيته.

320- تسبيحات الزّهراء عليهما السّلام.

التعقيبات‏

323- أدنى ما يجزي من التعقيب و استحبابه.

324- التعقيبات المشتركة.

325- تعقيب صلاة الظهر.

326- تعقيب صلاة المغرب.

326- تعقيب صلاة الفجر.

585
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

329- استحباب الجلوس بعد صلاة الفجر و الاشتغال بالذكر الى طلوع الشمس.

329- استحباب سجدة الشكر و القول فيها.

335- ما يستحبّ من الدعاء في كلّ صباح و مساء.

أحكام السهو و الشكّ‏

338- ما ينبغي فعله لترك الوسوسة.

339- عدم وجوب الاحتياط على من كثر سهوه.

339- لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة.

340- بطلان الصلاة بالشك في عدد الاوّلتين في كلّ صلاة.

340- بطلان صلاة المغرب بالشك.

441- موارد وجوب البناء على الاكثر عند الشك في عدد الأخيرتين من الرباعيّة.

441- وجوب سجدتي السهو و كيفيّة الإتيان بهما.

442- من شك في الاذان أو الإقامة أو في الركوع أو السجود.

443- السهو في افتتاح الصلاة يعني النيّة.

443- من سها في تكبيرة الاحرام.

445- السهو في القراءة.

445- الشكّ في اتيان الرّكوع.

446- وجوب قضاء السجدة الواحدة المنسية من كلّ ركعة.

447- عدم وجوب شي‏ء لسهو الامام إذا حفظ المأموم و كذا العكس.

350- الشكّ في اثنين و ثلاث و أربع.

351- وجوب البناء على الاكثر.

352- حكم الشكّ بعد الفراغ.

352- إذا اختلف الامام مع المأمومين في عدد الركعات و المأمومون يختلفون.

353- التكلّم في الصلاة ناسيا.

586
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

354- من نسي الظهر حتّى غربت الشمس.

355- من نسي العشاءين فذكرهما قبل الفجر.

356- من نام عن الغداة حتّى تطلع الفجر.

356- من نسي التشهّد.

357- من لم يدر كم صلّى و لم يقع وهمه على شي‏ء، و من صلّى ستّا.

357- استحباب تحويل الامام المأموم عن يساره إلى يمينه و لو في الصلاة.

357- من نسي سجدتا السهو.

358- مسئلة سهو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و رأي المصنّف- رحمه اللّه-

صلاة المريض و المغمى عليه و الضعيف و المبطون‏

361- من لم يقدر على الصلاة قائما.

361- صلاة المريض إذا لم يستطع الجلوس.

363- صلاة المغمى عليه.

363- صلاة المبطون.

365- صلاة المتنفّل قاعدا.

365- الصلاة في المحمل و كيفيّتها.

366- صلاة الشيخ الكبير إذا لم يستطع القيام.

366- من يأخذه الرّعاف في الصلاة و من تقيّأ.

367- الاعمى إذا صلّى لغير القبلة.

367- من وجد في بطنه غمزا أو أزّا و هو في الصلاة.

367- حكم التبسّم في الصلاة، و القهقهة فيها.

368- التسليم على المصلّى و جوابه.

368- المصلّي تعرض له السباع و الهوامّ.

368- جواز قتل البقّة و البرغوث و القملة و الذّباب و الحيّة في الصلاة.

587
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

369- إذا نسي المصلّي كيسه أو متاعه فيخاف ضياعه كيف يصنع.

370- المصلّي يريد الحاجة.

371- أدب المرأة في الصلاة.

372- حدّ ستر المرأة الحرّة في الصلاة.

373- حدّ ستر الأمة في الصلاة.

374- استحباب اختيار الصلاة في البيوت للنساء دون المساجد.

374- كراهة صلاة المرأة في سطح غير محجّر.

374- كراهة تعليم النساء الكتابة.

375- أدب الانصراف عن الصلاة.

صلاة الجماعة

374- فضل صلاة الجماعة.

376- كراهة ترك الجماعة.

376- أقلّ ما تنعقد به الجماعة اثنان: امام و مأموم.

377- جواز ترك الجماعة في المطر و البرد الشديد.

377- التأكيد في تقديم الافضل و الافقه للإمامة.

377- أفضل الصفوف أوّلها و أفضل أوّلها قرب الامام.

378- شرائط إمام الجماعة.

378- وجوب طهارة مولد الامام و عدم جواز الاقتداء بولد الزنا.

378- كراهية الاقتداء بالابرص و الاجذم.

378- عدم جواز الاقتداء بالاغلف.

379- كراهة إمامة المقيّد المطلقين و صاحب الفالج الأصحّاء.

379- جواز إمامة الاعمى مع أهليّته إذا رضوا به.

379- عدم جواز الاقتداء بالمجهول في مذهبه و الغالي و المجاهر بالفسق أو الفاسق.

588
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

380- شرط العدالة في الامام و صحّة مذهبه.

381- استحباب اختيار الجماعة و لو في آخر الوقت على الفرادى في أوّل الوقت.

381- كراهة إمامة الجالس القيّام و جواز العكس.

382- إذا صلّى اثنان فقال كلّ منهما: كنت إمامك، أو كنت مأموما.

282- جواز اقتداء المتوضّي بالمتيمّم.

382- استحباب ايقاع الفريضة قبل المخالف أو بعده و حضورها معه.

382- ثواب الصلاة مع المخالفين تقيّة و استحباب القيام في الصف الاوّل معهم.

383- استحباب حضور الجماعة خلف من لا يقتدى به للتقيّة.

383- استحباب الصلاة مع العامّة و عيادة مرضاهم و حضور جنائزهم و الأذان لهم.

384- استحباب إعادة المنفرد صلاته إذا وجدها جماعة إماما كان أو مأموما.

385- كراهة انتظار الجماعة الامام بعد إقامة الصلاة و استحباب تقديم غيره.

385- كراهة الكلام بعد ما أقيمت الصلاة، و تقدّمت ص 284.

385- استحباب اختيار الصفّ الأول.

385- استحباب إقامة الصفوف و إتمامها.

386- جواز كون الصفوف بين الاساطين.

386- عدم جواز التباعد بين الصفّين بما لا يتخطّى و بين الامام و المأموم أيضا.

386- لا يجوز أن يكون بين الإمام و المأموم حائل كالمقاصير و الجدران إذا كان المأموم رجلا.

387- جواز قيام المأموم وحده مع ضيق الصفّ.

389- من خاف أن يرفع الامام رأسه من الركوع قبل أن يصل إلى الصفوف.

389- من أدرك الامام راكعا فقد أدرك الرّكعة.

390- استحباب إطالة الإمام الرّكوع مثلي ركوعه إذا أحسّ بمن يريد الاقتداء.

589
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

390- استحباب تخفيف الامام صلاته إذا كان معه من يضعف عن الإطالة.

390- سقوط القراءة عن المأموم.

392- استحباب تسبيح المأموم إذا لم يسمع القراءة و كراهة سكوته.

394- جواز إمامة الرّجل للنساء.

394- عدم جواز الاكتفاء بأذان و إقامة المنفرد للجماعة.

395- جواز الاكتفاء بأذان الغلام قبل أن يحتلم للجماعة.

395- جواز استنابة المسبوق بركعة و كيفيّة صلاته.

395- وجوب متابعة الامام، و حكم من رفع رأسه قبل الامام.

396- جواز إمامة المرأة النساء خاصّة على كراهية.

397- صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها و في بيتها أفضل من صحن دارها.

398- جواز اقتداء المسافر بالحاضر و بالعكس على كراهية و وجوب مراعاة كلّ منهم عدد صلاته.

399- إجزاء قراءة مثل حديث النفس خلف من لا يقتدي الإنسان به.

400- كراهة اختصاص الامام نفسه بالدّعاء دونهم.

400- كراهة إسماع المأموم الامام دعاءه.

400- استحباب إسماع الامام من خلفه التشهّد و التسليم.

401- جواز نيّة الانفراد إذا يعرض للمأموم وجع أو بول و يطول الإمام التشهّد.

401- استحباب جلوس الامام بعد التسليم حتّى يتمّ كلّ مسبوق معه.

402- إذا أحدث الامام أو رعف كيف يصنع.

403- إذا تبيّن إخلال الامام بالنيّة لم تجب على المأمومين الإعادة.

403- إذا أحدث الامام و لم يقدّم أحدا.

403- إذا مات الامام في أثناء الصلاة.

404- إذا تبيّن كون الامام على غير طهارة، و يأتي ص 406.

590
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

404- حكم من أجلسه الإمام في غير محلّ الجلوس.

405- المسبوق بركعة إذا نسي و سلّم مع الإمام و خرج كيف يصنع.

405- إذا تبيّن كفر الإمام بعد الصلاة.

405- المرأة إذا تؤمّ النساء ما حدّ رفع صوتها بالتكبير و القراءة.

405- إذا نسي المأموم ذكر السجود و الركوع.

405- المسبوق بركعتين كيف يصنع في القراءة.

406- الإمام يحمل أوهام من خلفه.

407- ثواب من صلّى في بيته ثمّ أتى المسجد و صلّى معهم.

408- إذا كان الإمام في الرّكوع أجزأت للمأموم تكبيرة واحدة لدخوله في الركوع.

408- من أدرك الإمام بعد رفع رأسه من الركوع استحبّ له أن يسجد معه و لا يعتدّ به و استأنف الصلاة.

408- إدراك فضل الجماعة بادراك الركعة الأخيرة.

408- سقوط الأذان و الإقامة لمن أدرك الجماعة.

408- حكم انعقاد جماعتين معا في صلاة واحدة في مسجد واحد.

409- من نسي التسليم خلف الامام أجزأه تسليم الامام.

صلاة الجمعة

409- وجوب صلاة الجمعة و شرائط وجوبها.

411- قنوت صلاة الجمعة و حكمها.

412- عدد من تنعقد بهم الجمعة.

412- وقت صلاة الجمعة.

414- نوافل يوم الجمعة و استحباب تقديمها على الزوال.

415- القراءة في صلاة الجمعة.

591
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

416- غسل يوم الجمعة و حكمه.

416- استحباب التهيّؤ يوم الخميس للجمعة.

416- وجوب استماع الخطبتين و حكم الكلام في أثنائهما.

417- جواز الكلام بعد إتمام الخطبتين قبل الصلاة.

417- صلاة الجمعة ركعتان مع الامام، و من صلّى وحده فهي أربع ركعات.

418- حكم الجهر و الاخفات في القراءة لمن صلّى وحده في يوم الجمعة.

418- حكم من أدرك ركعة من الجمعة.

419- حكم المأموم إذا منعه الزحام و لم يقدر على متابعة الامام في الركوع و السجود.

420- ليس في السفر جمعة و لا فطر و لا أضحى.

420- استحباب الإكثار من الدعاء و الاستغفار و العبادة ليلة الجمعة.

421- فضيلة يوم الجمعة و استحباب الإكثار من الدّعاء و الاستغفار فيها.

422- استحباب الصدقة و الصوم يوم الجمعة.

423- كراهة إنشاد الشعر يوم الجمعة و لو بيتا.

423- كراهة نقل القصص الكاذبة و الاسرائيليّات في يوم الجمعة.

424- كراهة السفر بعد طلوع الفجر يوم الجمعة.

425- استحباب التطيّب يوم الجمعة.

425- بعض آداب الجمعة.

426- يجب أن يكون بين الجمعتين ثلاثة أميال فصاعدا.

426- نزول الملائكة و جلوسهم على أبواب المساجد يوم الجمعة.

427- ثواب صلاة الجمعة لمن أتى بها إيمانا و احتسابا.

427- كراهة شرب الدّواء يوم الخميس لمن يجب عليه صلاة الجمعة.

427- استحباب استقبال الخطيب الناس و كذا الناس الخطيب.

592
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

427- خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام في الجمعة.

432- تقديم الخطبتين و تأخيرهما عن الصلاة.

434- الصلاة الّتي تصلّى في كلّ وقت.

صلاة المسافر

434- وجوب القصر على المسافر.

435- حدّ السفر الّذي يجب فيه التقصير.

436- حدّ الترخّص.

436- وجوب القصر على من قصد ثمانية فراسخ أربعة ذهابا و أربعة إيابا في يوم واحد.

437- المسافر إذا نوى الإقامة عشرة أيّام.

437- حكم المسافر إذا رجع عن قصد الإقامة.

438- إنّ التقصير في السفر فرض واجب لا رخصة فيه إلّا في أماكن التخيير.

438- المتمّم في السفر كالمقصّر في الحضر.

438- من صلّى في السفر أربعا ناسيا.

439- الّذين يجب عليهم التمام في الحضر و السفر.

440- وجوب القصر على المكاريّ و الجمّال إذا جدّ بهما السير فيما بين المنزلين.

440- حكم من له ضياع بعضها قريب من بعض فيطوف فيها.

441- سبعة يجب عليهم التمام. و قد تقدّم ص 439.

242- أماكن التخيير للمسافر.

443- حكم من دخل عليه الوقت و هو مسافر ثمّ يدخل منزله و بالعكس.

445- سقوط نوافل الصلوات الرّباعيّات عن المسافر.

593
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

446- جواز اتيان نوافل اللّيل في المحمل للمسافر.

446- المسافر إذا نوى الإقامة في أثناء الصلاة وجب عليه التمام.

446- وجوب التقصير و الإفطار على من خرج لتشييع مؤمن أو استقباله.

447- جواز الجمع بين الصلاتين للمسافر و الحاضر و لو مع عدم العلّة.

447- عدم البأس بتأخير المغرب في السفر حتّى يغيب الشفق.

447- جواز تأخير المسافر المغرب لطلب المنزل.

447- جواز تعجيل العشاء الآخرة للمسافر و اتيانها قبل مغيب الشفق.

448- تحقيق في حدّ البريدين.

450- التقصير كان في مسيرة يوم و ليلة.

450- حكم الجاهل بوجوب التمام في غير الرّباعيات في السفر.

452- وجوب التمام على من خرج إلى الصيد للهو.

453- وجوب التمام على من كان سفره معصيته للّه عزّ و جلّ.

453- استحباب الآيتان بالتسبيحات الأربع عقيب كلّ صلاة مقصورة ثلاثين مرّة.

453- جواز تقديم صلاة اللّيل للمسافر إذا خشي ألّا يقوم آخر اللّيل.

453- وقت صلاة اللّيل للمسافر بعد العتمة إلى أن ينفجر الصبح.

453- جواز الآيتان بصلاة اللّيل ماشيا للمسافر.

454- العلّة الّتي من أجلها لا يقصّر المصلّي في صلاة المغرب و نوافلها في السفر و الحضر.

454- علّة التقصير في السفر.

456- الصلاة في السفينة.

صلاة الخوف و المطاردة و المواقفة و المسايفة

460- استحباب الجماعة في صلاة الخوف و كيفيّتها.

464- وجوب القصر في صلاة الخوف سفرا و حضرا.

594
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

465- صلاة المطاردة و المسايفة و جملة من أحكامها.

466- صلاة من يخاف لصّا أو سبعا أو عدوّا.

468- صلاة العريان و الموتحل و الغريق.

ما يقول الرجل إذا أوى الى فراشه‏

469- نبذة ممّا يقال عند المنام و حين اليقظة.

470- الدّعاء حين يأخذ الإنسان مضجعه.

471- من قرأ عند منامه‏ «قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ»

471- من أراد الاستيقاظ في ساعة معيّنة.

471- الدّعاء للصون من العقرب و كلّ ذي سمّ.

471- الدّعاء لمن يخاف الاحتلام.

471- الدّعاء للحفظ عن سقوط السقف.

صلاة اللّيل‏

471- ثواب صلاة اللّيل.

477- وقت صلاة اللّيل بعد انتصاف اللّيل.

478- جواز تقديم صلاة اللّيل و الوتر على الانتصاف بعد صلاة العشاء لعذر.

479- كراهية ترك صلاة اللّيل.

480- ما يقول الرّجل إذا استيقظ من النوم.

482- القول عند صراخ الدّيك.

482- تعلّموا من الدّيك خمس خصال.

482- تعلّموا من الغراب ثلاث خصال.

483- القول عند القيام إلى صلاة اللّيل.

484- الصلوات الّتي جرت السنّة بالتوجّه فيهنّ.

595
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

484- التأكيد الوكيد في صلاة اللّيل.

485- كيفيّة صلاة اللّيل و آدابه و سننه.

485- القراءة في صلاة اللّيل.

485- القنوت في صلاة اللّيل.

485- إذا ضاق الوقت لصلاة اللّيل كيف يصنع.

486- قضاء صلاة اللّيل و أحكامها و يأتي ص 496 أيضا.

487- دعاء قنوت الوتر.

489- الاستغفار في الوتر و جملة من أدعيتها.

493- نافلة الفجر و وقتها.

494- القول في الضجعة بين ركعتي الفجر و ركعتي الغداة.

495- الموارد الّتي يستحبّ أن يقرأ فيها سورة التوحيد و الجحد.

496- أفضل النوافل و ترتيبها في الفضل.

496- قضاء صلاة اللّيل، و تقدّمت جملة من أحكامها ص 486.

500- معرفة الصبح و القول عند النظر إلى الفجر.

501- كراهية النوم بين الطلوعين.

502- كراهية النوم بين العشاءين.

502- النوم في أوّل النهار.

502- سنن النوم و آدابه.

503- خمسة لا ينامون.

503- فضل القيلولة.

503- كراهة نوم الغداة.

صلاة العيدين‏

504- باب وجوب صلاة العيدين.

506- شرائط وجوبها.

596
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

507- استحباب صلاة العيدين منفردا ركعتين لمن فاتته مع الجماعة.

507- استحباب الخروج إلى الصحراء فيها و يأتي ص 510.

507- جواز الإتيان بها منفردا.

508- استحباب الأكل قبل الخروج في الفطر و بعد عوده في الأضحى.

508- كراهة اتيانها في مسجد مسقّف أو البيت.

508- استحباب السجود على الأرض أو على حصير أو طنفسة.

508- عدم مشروعيّة الاذان و الإقامة في صلاة العيدين.

509- بعض سننها و آدابها.

510- إذا اجتمع الفطر أو الأضحى مع الجمعة.

510- استحباب أداء الزّكاة ثمّ الخروج إلى الصلاة في الفطر.

511- حكم المسافر في صلاة العيدين.

511- كراهة الاشتغال بالامور الدنيّة و اللّهو المباح في العيدين.

512- كيفيّة صلاة العيدين و قنوتاتها و أذكار القنوتات.

514- خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام في الفطر.

516- خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام في الأضحى.

520- شرائط الأضحيّة.

522- علّة جعل يوم الفطر عيدا.

522- أحكام صلاة العيد.

صلاة الاستسقاء

524- وجوب التوبة و الاقلاع عن المعاصي عند الجدب و غيره.

525- ما من قطرة تنزل من السماء إلّا و معها ملك.

525- السحاب غربال المطر.

525- الرّعد صوت زجر الملائكة الموكّلين بالسحاب.

597
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

526- استحباب التسبيح عند سماع الرّعد.

526- لا يستسقى الّا بالبراري حيث ينظر إلى السماء.

326- استحباب الخروج للاستسقاء يوم الاثنين.

526- آداب صلاة الاستسقاء.

527- دعاء الاستسقاء.

527- خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام في الاستسقاء.

535- صلاة الاستسقاء ركعتان.

535- استحباب تحويل الامام رداءه في الاستسقاء.

535- خطبة الحسن بن عليّ عليهما السّلام في الاستسقاء.

537- خطبة الحسين عليه السّلام في الاستسقاء.

صلاة الآيات‏

539- علّة الكسوف و الخسوف.

540- الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه لا ينكسفان لموت أحد.

541- استحباب إطالة صلاة الكسوف.

542- علّة الزّلازل.

544- استحباب صوم الاربعاء و الخميس و الجمعة عند كثرة الزلازل. و الخروج يوم الجمعة بعد الغسل و الدّعاء.

544- استحباب رفع الصوت بالتكبير عند الريح العاصف و ذكر اللّه عند الخوف منه.

544- عدم جواز سبّ الرّياح و الجبال و الساعات و الدنيا.

548- إذا اتّفق الكسوف في وقت فريضة. و يأتي ص 550.

548- جواز صلاة الكسوف على الراحلة مع الضرورة.

549- وجوب قضاء صلاة الكسوف على من تركها مع عدم العلم إن احترق تمامها.

549- كيفيّة صلاة الآيات.

598
من لا يحضره الفقيه1

فهرست الكتاب ص : 570

549- مواضع القنوت فيها.

549- استحباب الإعادة إن كان الفراغ قبل الانجلاء.

550- من كان في صلاة الكسوف و دخل وقت الفريضة.

صلاة الحبوة و التسبيح و الحاجة

552- صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السّلام و فضلها.

553- كيفيّة صلاة جعفر عليه السّلام.

553- ثواب من صلّى صلاة جعفر عليه السّلام.

554- استحباب صلاة جعفر في مقام واحد و جواز تفريقها في مقامين لعذر.

554- وقت صلاة جعفر عليه السّلام.

554- ما يستحبّ أن يدعى به في آخر سجدة من صلاة جعفر.

555- إلى 561- صلوات الحاجات.

562- صلاة الاستخارة.

564- صلاة الأوّابين أو صلاة فاطمة عليها السّلام.

564- صلاة ركعتين بمائة و عشرين مرّة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و ثوابها.

565- صلاة الغفيلة.

565- نوادر الصلوات.

565- عدم مشروعيّة صلاة الضحى.

566- عدم مشروعيّة أداء نافلة رمضان بالجماعة.

567- ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو.

567- جواز امامة الغلام إذا كان له عشر سنين.

568- استحباب الصلاة في النعل العربى.

568- من كان عليه من صلاة النوافل ما يدري ما هو من كثرتها.

599
من لا يحضره الفقيه1

كلام الناشر ص : 601

 [كلام الناشر]

بعض منشوراتنا

مجمع الفائدة و البرهان في شرح ارشاد الاذهان‏

أثر كبير في الفقه الاستدلاليّ، ألّفه يراعة عبقريّ من أفذاذ الأمّة، و علم مفرد من جهابذتها، و كبير من كبار فقهاء المذهب، مفخرة العلم، حسنة الدّهر، الفقيه المتبحّر اللّوذعيّ، المشتهر بالمقدّس الأردبيليّ- رضوان اللّه تعالى عليه-

كتاب كريم قيّم خالد في الفقه المستدلّ لم ير الدّهر مثله، ترى في كلّ صحيفة إن لم أقل «سطر» منه قاعدة علميّة، أو نظريّة صائبة، أو رأيا حصيفا، أو قولا سديدا، أو فضلا متدفّقا، أو دعوى مدعومة بالبرهان، أو دليلا قاطعا، أو حجّة بالغة، أو تحليلا علميّا، أو تحقيقا دقيقا، دون إسهاب مملّ أو إيجاز مخلّ.

فهو- و الحقّ بغية الفقيه، و أمنيّة المجتهد، و رأسمال المستنبط، و دليل المفيد و المستفيد، فإن وردت منهلا من مناهله الرّويّة و اغترفت من نميره الصّافي أو ارتشفت من عذبه الشافي تجده غير آسن أصفى من المزن و أبلج لك صدق ما قلناه، و اتّضح لك الأمر فوق ما سطرناه، و إن سبحت في أجواء بحره الطّامي و خضت غمراته أو اغتمست في أمواجه تجده بحرا زاخرا متلاطمة أمواجه، جيّاشا عبابه، فتأخذك الحيرة لما ترى فيه من استقراء الأدلّة و تحقيقها، و استقصاء النصوص و نقدها، و دقّة نظر مصنّفه الفذّ في البحث و اضطلاعه في التنقيب، و كثرة اطّلاعه على الأقوال، و معرفته بالرّجال و درايته للاخبار، و استنكافه عن سلوك طريق التعسّف و التكلّف، و جهوده الجبّارة في تحرّي الحقيقة، و تفانيه في الحقّ.

خرج من الطبع غير واحد من أجزائه مع التحقيق و التصحيح بعناية جمع من الأساتذة و ستصدر بقيّة الأجزاء متوالية إن شاء اللّه.

601
من لا يحضره الفقيه1

كلام الناشر ص : 601

2 المحجة البيضاء في تهذيب الاحياء

لمؤلّفه العظيم العارف المحقّق الحكيم محمّد بن المرتضى المدعوّ بالمولى محسن الكاشاني المعروف بالفيض- قدّس سرّه- و هو كما لا يخفى من الكتب الثمينة القيّمة، الّذي قلّما وجد مثله أو نسج على شاكلته لاشتماله على أهمّ المواضيع النافعة و الآراء و النظريّات الأساسيّة في علم الأخلاق و الآداب، و في أصول قواعد علم الاجتماع ممّا يتوق إليه كلّ فرد يعرف قدر الإنسانيّة و يريد التوصّل إلى مدارج الكمال و طهارة النفس.

فإنّ هذا الكتاب العظيم بمجموعه يهدي للعمل النافع، فيفصّل شئون الحياة و يوضح سبل الرّشاد؛ و يقرّب الإنسان إلى ذروة المحاسن و المحامد الأخلاقيّة فيلهمه أسرار الحكمة البالغة، و يهيّئ له مسالك الحياة السعيدة الطيّبة في المجتمع الّذي يعيش فيه.

و في الواقع هو ضالّة المؤمن، و طلبة المسترشد، و بغية المرشد، و أمنيّة الحكيم و العارف و السالك، و رأسمال الخطيب و الواعظ، و نجعة المتكلّم التّقيّ الصالح، و الناصح المصلح، و لا منتدح عنه لأيّ أحد من زعيم أو أمير أو وزير، أو سياسيّ بارع، أو نطاسيّ متضلّع.

و علاوة على كلّ ذلك فقد امتاز هذا الأثر النفيس بحسن البيان و جمال الأسلوب، و جودة التعابير ممّا يستذيقه الأديب فيروق له، و يستسيغه الفيلسوف الحكيم فيستطيبه و يستمرئه، و يستسهل المبتدئ الناشئ إدراكه و فهمه، و هو له على طرف التمام.

صدر بجميع أجزائه الثمانية مع الفهارس الفنّية بصورة قشيبة زاهرة.

602
من لا يحضره الفقيه1

كلام الناشر ص : 601

3- معاني الأخبار

كتاب فريد في موضوعه، وحيد في بابه، فسّر فيه مؤلّفه الفحل و البطل «الصدوق- رحمه اللّه-» متشابهات الأخبار بمحكمات الآثار، و أوضح في مطاويه معاني مشكلات الرّوايات بردّها إلى الأئمّة الأخيار عليهم صلوات اللّه العزيز الغفّار، و في خبر عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

أنتم أفقه النّاس إذا عرفتم معاني كلامنا، و المعرفة هي الدّراية للرّواية، و بالدّرايات يعلو المؤمن إلى أقصى الدّرجات.

و الكتاب بما في طيّه من حلّ المعضلات و توضيح المشكلات و الدّروس الراقية، كنز مكتنز بالفوائد، مفعم برقيق القول و سديد المعاني، تدلّنا على وضح الطريق، و تفتح لنا أبوابا من العلوم الرّاسخة، و الحجج الدّاحضة، و نواميس من الدّين ناصعة.

طبع مصحّحا مبيّنا مفهرسا في مجلّد مع مقدّمة ضافية شافيه في حياة المؤلّف و ما أسداه إلى الملإ الدّيني الثّقافيّ من حسنات.

4- تحف العقول عن آل الرسول (ص)

تحفة ثمينة يتفكّه بها النّهى و يتمتّع بها الحجى، هديّة ما أثمنها و تحفة ما أغلاها تشتمل على ما صدرت عن ينابيع الوحي الجارية على ألسنة أهل بيت الطّهارة: رسول اللّه و أولاده المعصومين عليهم السّلام على ترتيبهم من خطب و رسائل و كلمات و مواعظ دون كلام الخالق و فوق مقال المخلوق، تدلّ على سبل السّلام و مناهج السعادة. يحتاج إليها كلّ من سعى وراء إصلاح نفسه و مجتمعه، لما بين دفّتيه من الحكم البالغة و عقود العظات النافعة و معاقد المنجيات و المهلكات، و لا مندوحة عنه لأيّ وليّ صالح أو حكيم إلهيّ أو خطيب مصقع أو أديب أريب أو عارف نابه أو واعظ ناطق أو عابد ناسك أو خلقيّ كريم أو ذي قلب سليم ارتاد منهج الصواب أو مثقّف دينيّ ابتغى سبيل الرّشاد.

سيصدر الكتاب مبيّنا مصحّحا مشكولا كما تشاء، و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء.

603
من لا يحضره الفقيه1

كلام الناشر ص : 601

5- كتاب التوحيد للصدوق (ره)

التوحيد و ما أدراك ما التوحيد، كتاب قيّم فخم من أحسن ما ألف في موضوعه، يتراءى للباحث فيه أصول علميّة مبنيّة على أساس وثيق من الأدلّة العقليّة المؤيّدة بالآيات، و أخبار إرشاديّة معتبرة مرويّة عن الأئمّة الأطهار عليهم السّلام، و أبحاث دقيقة تحليليّة في الإلهيّات و مسائل ما وراء الطبيعة، ترشد العقول إلى مهيع الحقّ، و توجّه القلوب إلى منهج الصواب، و تحدوها إلى جدد الصدق، و تقودها إلى الصراط المستقيم و تدلّها إلى المسلك القويم في الأصول الاعتقاديّة و لا سيّما معرفة الجبّار سبحانه، و يرى الباحث الحقّ فيه ناصعة الجبين، سافرة الوجه، واضحة المعالم.

طبع مع التحقيق و التوضيح و كمال العناية في التصحيح معجما مشكولا مع الفهارس الموضوعيّة العلميّة و الفنّيّة المتداولة اليوم من الأعلام و الأماكن و الآيات و الأشعار و غير ذلك.

6- الخصال للصدوق (ره)

كتاب مبتكر في موضوعه، فريد في بابه، و في صغر حجمه دائرة معارف تحتوي علوما جمّة، من معارف الإسلام و أحكام الحلال و الحرام، و محاسن الكلم و طرائف الحكم، و عظات و عبر، و آداب و سنن، و بيّنات من صحيح الأثر، و جمع فيه من المواعظ و الزواجر ما لم يجمع مثله في كتاب، و لا غنى عنه لأيّ باحث أديب، أو واعظ ناطق بالحقّ أريب، أو مفسّر جامع، أو متألّه حكيم.

خرج بجزئيه في مجلّد واحد مع مزيد التحقيق و التصحيح و الفهارس الفنّيّة من الأعلام و الأماكن و القبائل و الملل و النحل.

604
من لا يحضره الفقيه1

كلام الناشر ص : 601

بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

الحمد للّه و صلّى اللّه على محمّد نبي اللّه و على آله آل اللّه‏

لقد قامت مؤسّسة الانتشارات التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة

العلمية بقم المشرفة بنشاطات واسعة في مجال نشر المعرفة و احياء

التراث الإسلامي و نستطيع ان نسجل هنا ما يلي:

أ: الكتب التي أنجز طبعها و نشرت و هي:

الكتاب المؤلّف‏

الآداب الطبيّة للسيّد جعفر مرتضى العاملى‏

الاختصاص للشيخ المفيد

الأمالي للشيخ المفيد

التوحيد للشيخ الصدوق‏

الحدائق الناضرة المجلدات 9 الى 15 للبحرانيّ‏

الحياة لمحمّد رضا الحكيمى‏

الحياة السياسية للامام الرضا (ع) للسيّد جعفر مرتضى العاملي‏

الخصال مع فهرس الاعلام للشيخ الصدوق‏

الدليل الى موضوعات الصحيفة السجّادية

الرسائل للشيخ الطوسيّ‏

شرح مائة كلمة لابن ميثم البحرانيّ‏

العدل الإلهي للمفكر الإسلامي الكبير الشهيد مرتضى المطهري‏

كتاب الخمس و الأنفال لسماحة آية اللّه المنتظري‏

مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان 1- 3 للمحقق المقدس الأردبيلى‏

المحجة البيضاء ثمانية اجزاء للفيض الكاشاني‏

تحف العقول لابن شعبة الحرّانيّ‏

نهاية الحكمة للعلامة الطباطبائي‏

605
من لا يحضره الفقيه1

كلام الناشر ص : 601

معاني الأخبار للشيخ الصدوق‏

المعجم المفهرس لألفاظ وسائل الشيعة 1- 10 للسيّد حسن طبيبي‏

المنتخب من سياق تاريخ نيشابور لابى إسحاق إبراهيم بن محمّد بن الازهر الصريفينى‏

نهاية الأفكار ج 3 و 4 لضياء الدين العراقي‏

ب: الكتب التي تحت الطبع هى:

إيضاح الفوائد لفخر المحققين‏

تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة للسيّد شرف الدين علي الحسيني الاسترآبادي‏

تفسير الميزان للعلامة الطباطبائى‏

تفصيل الشريعة للفاضل اللنكرانى‏

تحرير الوسيلة للامام الخميني‏

الحاشية في المنطق لملّا عبد اللّه‏

الحدائق الناضرة المجلدات 16 الى 24 للبحرانيّ‏

الحكم الزاهرة عن النبيّ و عترته الطاهرة للصابري‏

شرح تبصرة المتعلمين ج 7 للعراقي‏

شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحرانيّ‏

قاموس الرجال ج 1 للتستريّ‏

كشف المراد للعلامة الحلّي‏

مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان للمقدس الأردبيلى‏

المجلدات 2 و 3 و 4

المعجم المفهرس لألفاظ وسائل الشيعة ج 11 للطبيبى‏

المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة

منتقى الجمان للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني‏

من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق‏

نهاية الأفكار ج 1 و 2 لضياء الدين العراقى‏

606
من لا يحضره الفقيه1

كلام الناشر ص : 601

ج: الكتب التي في طريقها الى المطبعة هي:

أحاديث العترة من طرق أهل السنة

إصباح الشيعة بمصباح الشريعة للصهرشتي‏

الأمالي للشيخ الطوسيّ‏

التدوين للرافعي‏

تفسير التبيان للشيخ الطوسيّ‏

تهذيب الأحكام للشيخ الطوسيّ‏

الدروس الشّرعية للشهيد الأوّل‏

الذخيرة في علم الكلام للسيّد المرتضى علم الهدى‏

الرجال للنجاشيّ‏

الرسائل للشيخ الأنصاريّ‏

الرسائل للشيخ المفيد

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني‏

السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي لابن إدريس الحلّي‏

شرح المنظومة للسبزوارى‏

عدة الأصول للشيخ الطوسيّ‏

فقه الرضا

قاموس الرجال ج 2 .... للتستريّ‏

الكافي للكليني‏

كشف الرموز للفاضل الآبي‏

كفاية الأصول للآخوند الخراسانيّ‏

مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان 5- 6 للمقدس الأردبيلي‏

607
من لا يحضره الفقيه1

كلام الناشر ص : 601

معالم الأصول مع حاشية سلطان العلماء للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني‏

مقنعة للشيخ المفيد

المقنع و الهداية للشيخ الصدوق‏

المكاسب للشيخ الأنصاري‏

الملخص في أصول الدين للسيّد المرتضى علم الهدى‏

المنقذ من التقليد و المرشد الى التوحيد للشيخ سديد الدين الحمصي‏

 (المعروف بالتعليق العراقي).

المهذب لابن البرّاج‏

المهذب البارع لابن فهد الحلّي‏

608