×
☰ فهرست و مشخصات
من لا يحضره الفقيه1

مقدمة المؤلف ص : 1

 [تصوير نسخه خطى‏]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ+ اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمَدُكَ وَ أَشْكُرُكَ وَ أُومِنُ بِكَ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ وَ أُقِرُّ بِذَنْبِي إِلَيْكَ وَ أُشْهِدُكَ أَنِّي مُقِرٌّ بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَ مُنَزِّهُكَ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِذَاتِكَ‏ «1» مِمَّا نَسَبَكَ إِلَيْهِ مَنْ شَبَّهَكَ وَ أَلْحَدَ فِيكَ‏ «2» وَ أَقُولُ إِنَّكَ عَدْلٌ فِيمَا قَضَيْتَ حَكِيمٌ فِيمَا أَمْضَيْتَ‏ «3» لَطِيفٌ لِمَا شِئْتَ‏ «4» لَمْ تَخْلُقْ عِبَادَكَ لِفَاقَةٍ وَ لَا كَلَّفْتَهُمْ إِلَّا دُونَ الطَّاقَةِ وَ إِنَّكَ ابْتَدَأْتَهُمْ بِالنِّعَمِ رَحِيماً وَ عَرَّضْتَهُمْ لِلِاسْتِحْقَاقِ حَكِيماً فَأَكْمَلْتَ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ عَقْلَهُ وَ أَوْضَحْتَ لَهُ سَبِيلَهُ‏ «5» وَ لَمْ تُكَلِّفْ مَعَ عَدَمِ الْجَوَارِحِ مَا لَا يُبْلَغُ إِلَّا بِهَا وَ لَا مَعَ عَدَمِ الْمُخْبِرِ الصَّادِقِ مَا لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِهِ فَبَعَثْتَ رُسُلَكَ‏ مُبَشِّرِينَ‏ وَ مُنْذِرِينَ+ وَ أَمَرْتَهُمْ بِنَصْبِ حُجَجٍ مَعْصُومِينَ يَدْعُونَ إِلَى سَبِيلِكَ‏ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكَ حُجَّةٌ بَعْدَهُمْ وَ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ «6» وَ يَحْيى‏ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ فَعَظَّمْتَ بِذَلِكَ مِنَّتَكَ عَلَى بَرِيَّتِكَ وَ أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ حَمْدَكَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُكَ وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَ تَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السَّعِيدُ الْفَقِيهُ‏ «7» نَزِيلُ الرَّيِّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ‏

______________________________

 (1). من صفات المخلوقين العاجزين.

 (2). أي مال الى الباطل كالاشاعرة و من حذا حذوهم.

 (3). أي قدرت أو أجريت كما يظهر من بعض الأخبار من أن الامضاء بمعنى القضاء و القدر.

 (4). أي لطيف في تدبيرك، أو أنك تفعل الافعال من الالطاف الخاصّة المقربة لعبادك الى الطاعة، المبعدة اياهم عن المعصية تفضلا عليهم. و الفاقة: الحاجة.

 (5). قوله: «عقله» لانه مناط التكليف. و قوله «سبيله» يعنى من الخير و الشر كما في قوله سبحانه‏ «وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ»

 (6). أي بعدها. و قوله «يحيى» أي يهدى.

 (7). كذا في جميع النسخ التي رأيناها.

1
من لا يحضره الفقيه1

مقدمة المؤلف ص : 1

بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمَّا سَاقَنِي الْقَضَاءُ إِلَى بِلَادِ الْغُرْبَةِ وَ حَصَلَنِي الْقَدَرُ مِنْهَا «1» بِأَرْضِ بَلْخَ مِنْ قَصَبَةِ إِيلَاقَ‏ «2» وَرَدَهَا الشَّرِيفُ الدَّيِّنُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِنِعْمَةَ «3» وَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَدَامَ بِمُجَالَسَتِهِ سُرُورِي وَ انْشَرَحَ بِمُذَاكَرَتِهِ صَدْرِي وَ عَظُمَ بِمَوَدَّتِهِ تَشَرُّفِي لِأَخْلَاقٍ قَدْ جَمَعَهَا إِلَى شَرَفِهِ مِنْ سَتْرٍ وَ صَلَاحٍ وَ سَكِينَةٍ وَ وَقَارٍ وَ دِيَانَةٍ وَ عَفَافٍ وَ تَقْوَى وَ إِخْبَاتٍ‏ «4» فَذَاكَرَنِي بِكِتَابٍ صَنَّفَهُ- مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُتَطَبِّبُ الرَّازِيُ‏ «5» وَ تَرْجَمَهُ بِكِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الطَّبِيبُ- وَ ذَكَرَ أَنَّهُ شَافٍ فِي مَعْنَاهُ وَ سَأَلَنِي أَنْ أُصَنِّفَ لَهُ كِتَاباً فِي الْفِقْهِ وَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الشَّرَائِعِ وَ الْأَحْكَامِ مُوفِياً عَلَى جَمِيعِ مَا صَنَّفْتُ فِي مَعْنَاهُ وَ أُتَرْجِمُهُ بِكِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ‏ «6»- لِيَكُونَ إِلَيْهِ مَرْجِعُهُ وَ عَلَيْهِ مُعْتَمَدُهُ وَ بِهِ أَخْذُهُ وَ يَشْتَرِكَ فِي أَجْرِهِ مَنْ يَنْظُرُ فِيهِ وَ يَنْسَخَهُ وَ يَعْمَلَ بِمُودَعِهِ هَذَا مَعَ نَسْخِهِ لِأَكْثَرِ مَا صَحِبَنِي مِنْ مُصَنَّفَاتِي‏ «7» وَ سَمَاعِهِ لَهَا وَ رِوَايَتِهَا عَنِّي وَ وُقُوفِهِ عَلَى جُمْلَتِهَا وَ هِيَ مِائَتَا كِتَابٍ وَ خَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ كِتَاباً فَأَجَبْتُهُ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ إِلَى ذَلِكَ لِأَنِّي وَجَدْتُهُ أَهْلًا لَهُ وَ صَنَّفْتُ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ بِحَذْفِ الْأَسَانِيدِ لِئَلَّا تَكْثُرَ طُرُقُهُ وَ إِنْ كَثُرَتْ فَوَائِدُهُ وَ لَمْ أَقْصِدْ فِيهِ قَصْدَ

______________________________

 (1). في بعض النسخ «بها» فالباء بمعنى «فى».

 (2). مدينة من بلاد الشاش بما وراء النهر المتصلة ببلاد الترك، أنزه بلاد اللّه و أحسنها.

 (3). له ترجمة ضافية في كتاب جامع الأنساب ج 1 ص 50 من الفصل الثاني تأليف زميلنا الفاضل الشريف السيّد محمّد على الروضاتى المحترم.

 (4). أخبت الرجل اخباتا: خضع للّه و خشع قلبه.

 (5). هو جالينوس العرب أصله من الرى، ولد سنة 240 كما نقل عن قاموس الاعلام و 282 كما عن غيره، قدم بغداد و تعلم الطبّ بها و حذق و توفى 311 كما في الوفيات أو 320 كما في تاريخ العلماء باخبار الحكماء للقفطى أو 364 كما في المحكى عن تاريخ ابن شيراز، و اسم كتابه كما في مطرح الانظار لفيلسوف الدولة التبريزى: «كتاب الى من لا يحضره طبيب».

 (6). كذا. و عبر عنه ابن إدريس في السرائر في غير موضع بكتاب من لا يحضره فقيه.

 (7). يعني وقع منه هذا السؤال مع أنّه نسخ أكثر ما كان معى من مصنفاتى.

2
من لا يحضره الفقيه1

مقدمة المؤلف ص : 1

الْمُصَنِّفِينَ فِي إِيرَادِ جَمِيعِ مَا رَوَوْهُ بَلْ قَصَدْتُ إِلَى إِيرَادِ مَا أُفْتِي بِهِ وَ أَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ‏ «1» وَ أَعْتَقِدُ فِيهِ أَنَّهُ حُجَّةٌ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَ رَبِّي تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ وَ تَعَالَتْ قُدْرَتُهُ وَ جَمِيعُ مَا فِيهِ مُسْتَخْرَجٌ مِنْ كُتُبٍ مَشْهُورَةٍ عَلَيْهَا الْمُعَوَّلُ وَ إِلَيْهَا الْمَرْجِعُ مِثْلُ كِتَابِ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيِ‏ «2» وَ كِتَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِ‏ «3» وَ كُتُبِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ الْأَهْوَازِيِ‏ «4» وَ كُتُبِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ «5» وَ نَوَادِرِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى- «6» وَ كِتَابِ نَوَادِرِ الْحِكْمَةِ تَصْنِيفِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِ‏ «7» وَ كِتَابِ الرَّحْمَةِ

______________________________

 (1). المراد بالصحة هنا كونه من الأصول المعتبرة المنقول عنها مع القرائن للصحة.

 (2). ثقة كوفيّ كان ممن شهر السيف في قتال الخوارج بسيستان في حياة الصادق (ع) قتله الشراة- الخوارج- له كتب كلها تعد من الأصول.

 (3). ثقة صحيح الحديث كوفيّ، كان متجره هو و أبوه و أخوه الى حلب فغلب عليهم هذا اللقب، و صنف عبيد اللّه كتابا عرضه على الصادق (ع) فاستحسنه و قال: ليس لهؤلاء في الفقه مثله.

 (4). على بن مهزيار ثقة جليل القدر من أصحاب الرضا و الجواد و الهادى عليهم السلام و كان وكيلا من عندهم، له ثلاثة و ثلاثون كتابا. راجع الفهرست للشيخ الطوسيّ رحمه اللّه.

 (5). الحسين بن سعيد بن حماد الأهوازى ثقة روى عن الرضا و أبي جعفر الجواد و أبى الحسن الثالث، اصله كوفيّ و انتقل مع اخيه الحسن رضى اللّه عنهما الى الأهواز ثمّ تحول الى قم فنزل على الحسن بن أبان و توفى بها، و له ثلاثون كتابا. راجع الفهرست للشيخ رحمه اللّه.

 (6). الأشعريّ يكنى أبا جعفر القمّيّ شيخ قم و وجهها و فقيهها غير مدافع لقى ابا الحسن الرضا عليه السلام و صنف كتبا ذكر الشيخ أسماء بعضها في الفهرست و منها كتاب النوادر، و قال: كان غير مبوب، فبوبه داود بن كورة، و روى ابن لوليد المبوبة عن محمّد بن يحيى و الحسن بن محمّد ابن إسماعيل عنه.

 (7). أبو جعفر القمّيّ جليل القدر، ثقة في الحديث، كثير الروايات له كتاب نوادر الحكمة يشتمل على كتب جماعة، و هو كتاب كبير حسن يعرفه القميون «بدبة شبيب» قال النجاشيّ:

و شبيب فامى، بياع الفوم، كان بقم له دبة ذات بيوت يعطى منها ما يطلب منه من دهن، فشبهوا هذا الكتاب بذلك لاشتماله على ما تشتهيه الانفس.

3
من لا يحضره الفقيه1

مقدمة المؤلف ص : 1

لِسَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ‏ «1» وَ جَامِعِ شَيْخِنَا مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏ «2» وَ نَوَادِرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ «3» وَ كُتُبِ الْمَحَاسِنِ لِأَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ- «4» وَ رِسَالَةِ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَيَّ وَ غَيْرِهَا مِنَ الْأُصُولِ وَ الْمُصَنَّفَاتِ الَّتِي طُرُقِي إِلَيْهَا مَعْرُوفَةٌ فِي فِهْرِسِ الْكُتُبِ الَّتِي رُوِّيتُهَا «5» عَنْ مَشَايِخِي وَ أَسْلَافِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ بَالَغْتُ فِي ذَلِكَ جُهْدِي مُسْتَعِيناً بِاللَّهِ وَ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ وَ مُسْتَغْفِراً مِنَ التَّقْصِيرِ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ‏ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ‏ وَ هُوَ حَسْبِي‏ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ‏.

______________________________

 (1). يكنى ابا القاسم، جليل القدر واسع الاخبار، كثير التصانيف، ثقة، فمن كتبه كتاب الرحمة، و هو يشتمل على كتب جماعة، قال النجاشيّ: هو شيخ الطائفة و فقيهها و وجهها كان سمع من حديث العامّة شيئا كثيرا و سافر في طلب الحديث. و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الحسن العسكريّ (ع). توفّي سنة 301 و قيل: 299 و في الخلاصة: قيل: مات يوم الاربعاء سبع و عشرين من شوال سنة 300.

 (2). هو شيخ جليل القدر، عارف بالرجال، موثوق به، مسكون إليه، مات سنة 343 له كتب منها كتاب الجامع و كتاب التفسير و غير ذلك.

 (3). يكنى أبا احمد من موالى الازد، و اسم أبى عمير زياد، و كان من أوثق الناس عند الخاصّة و العامّة، و أنسكهم نسكا، و أورعهم و أعبدهم، و قد ذكر الجاحظ أنّه كان أوحد أهل زمانه في الأشياء كلها و ادرك من الأئمّة عليهم السلام ثلاثة: أبا إبراهيم موسى (ع) و لم يرو عنه، و الرضا (ع) و روى عنه، و الجواد (ع). و روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى كتب مائة رجل من رجال الصادق (ع)، و له مصنّفات كثيرة، و ذكر ابن بطة أن له أربعة و تسعين كتابا، منها كتاب النوادر الكبير حسن، و ذكر الكشّيّ أنّه ضرب مائة و عشرين خشبة أمام هارون الرشيد و تولى ضربه السندى بن شاهك، و كان ذلك على التشيع، و حبس فلم يفرج عنه حتّى أدى مائة و أحد و عشرين ألف درهم. و ذكر نحو ذلك الجاحظ في البيان و التبيين، توفى سنة 217.

 (4). أبو جعفر أصله كوفيّ، و كان ثقة في نفسه غير أنّه أكثر الرواية عن الضعفاء و اعتمد المراسيل و صنف كتبا كثيرة منها المحاسن و غيرها (فهرست الشيخ).

 (5). على ما لم يسم فاعله من باب التفعيل، أي وصل عنهم الرواية الى.

4
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

بَابُ الْمِيَاهِ‏ «1» وَ طُهْرِهَا وَ نَجَاسَتِهَا

قَالَ الشَّيْخُ السَّعِيدُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ- مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ‏ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً «2» وَ يَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلى‏ ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ‏ «3» وَ يَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ‏ «4» فَأَصْلُ الْمَاءِ كُلِّهِ مِنَ السَّمَاءِ وَ هُوَ طَهُورٌ كُلُّهُ وَ مَاءُ الْبَحْرِ طَهُورٌ وَ مَاءُ الْبِئْرِ طَهُورٌ.

1- وَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع‏- كُلُّ مَاءٍ طَاهِرٌ إِلَّا مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ قَذِرٌ «5».

2- وَ قَالَ ع‏ الْمَاءُ يُطَهِّرُ وَ لَا يُطَهَّرُ «6».

فَمَتَى وَجَدْتَ مَاءً وَ لَمْ تَعْلَمْ فِيهِ نَجَاسَةً فَتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ اشْرَبْ وَ إِنْ وَجَدْتَ فِيهِ مَا يُنَجِّسُهُ فَلَا تَتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ لَا تَشْرَبْ إِلَّا فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ فَتَشْرَبُ مِنْهُ وَ لَا تَتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ تَيَمَّمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ كُرّاً فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَ تَشْرَبَ وَقَعَ فِيهِ شَيْ‏ءٌ أَوْ لَمْ يَقَعْ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ رِيحُ الْمَاءِ فَإِنْ تَغَيَّرَ فَلَا تَشْرَبْهُ‏ «7» وَ لَا تَتَوَضَّأْ مِنْهُ‏

______________________________

 (1). المياه جمع الماء، قلبت الهاء همزة على خلاف القياس فصار ماء.

 (2). الفرقان: 48.

 (3). المؤمنون: 18.

 (4). الأنفال: 11.

 (5). القذر- بفتحتين-: الوسخ و هو مصدر ثمّ استعمل المصدر اسما و جمع على الاقذار و النعت منه- ككتف-: بمعنى النجس.

 (6). فسر بأنّه يطهر غيره و لا يطهر بغيره لئلا يرد تطهير النجس منه بالجارى و الكر.

 (7). في بعض النسخ «فلا تشرب منه». و الظاهر أن التغيير بالريح وقع مثالا فان تغيير الطعم و اللون كتغيير الريح بالاتفاق و ان لم يرد في اخبارنا و الموجود في اخبارنا تغيير الريح و الطعم فقط كما في صحيحة ابن بزيع «ماء البئر واسع لا يفسده شي‏ء الا أن يتغير ريحه أو طعمه»-

5
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

وَ الْكُرُّ مَا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَشْبَارٍ طُولًا فِي عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَشْبَارٍ فِي عُمْقِ ثَلَاثَةِ أَشْبَارٍ وَ بِالْوَزْنِ أَلْفٌ وَ مِائَتَا رِطْلٍ بِالْمَدَنِيِ‏ «1».

3- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْ‏ءٌ وَ الْقُلَّتَانِ جَرَّتَانِ‏ «2».

وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ الِاسْتِيَاكِ بِمَاءِ الْوَرْدِ «3»

______________________________

- نعم نقل المحقق في المعتبر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شي‏ء الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه». و قال ابن إدريس في أول السرائر انه متفق عليه.

أقول: رواه ابن ماجه في السنن كتاب الطهارة باب الحياض من حديث أبى أمامة الباهلى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «ان الماء لا ينجسه شي‏ء الا ما غلب على ريحه و طعمه و لونه» و رواه الطبراني في الاوسط و الكبير أيضا كما في مجمع الزوائد، و أخرجه البيهقيّ في الكبرى ج 1 ص 259 كما مر، و روى نحوه الدارقطنى في السنن من حديث ثوبان عنه (ص) هكذا «الماء طهور الا ما غلب على ريحه أو على طعمه».

 (1). المشهور في الاشبار ثلاثة أشبار و نصف في مثله من العمق في مثله من العرض. و في الوزن ألف و مائتا رطل بالعراقى. و المصنّف- رحمه اللّه- اختار في المقدار أقل منه و في الوزن اكثر منه (سلطان). أقول: لا يخفى ما في قوله: «لم ينجّسه» من تصحيف و الصواب «لا ينجّسه».

 (2). الجرة- بفتح الجيم- ما يقال لها بالفارسية «خمره بزرگ» و قال الشيخ رحمه اللّه:

يحتمل أن يكون ورد مورد التقية، و يحتمل أن يكون مقدار القلتين هو مقدار الكر لان القلة هى الجرة الكبيرة في اللغة انتهى، و نقل في المعتبر عن ابن الجنيد أنّه قال: «الكر قلتان و مبلغ وزنه ألف و مائتا رطل» و في النهاية الأثيرية «القلة: الحب العظيم». و في المحكى عن ابن دريد «القلة في الحديث من قلال هجر و هي عظيمة، زعموا أن الواحدة تسع خمس قرب».

 (3). هذا مذهب المؤلّف (ره) كما صرّح به في الهداية و مستنده رواية يونس عن أبي- الحسن (ع) قال «قلت له: الرجل يغتسل بماء الورد و يتوضأ به للصلاة؟ قال: لا بأس بذلك» و قال صاحب المدارك ص 17: و هو ضعيف لاشتمال سنده على سهل بن زياد و هو غال. و على محمّد بن عيسى عن يونس و قد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد- رحمهما اللّه- أنه لا يعتمد على حديث محمّد ابن عيسى عن يونس، و حكم الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب و الاستبصار بشذوذ هذه الرواية و أن العصابة أجمعت على ترك العمل بظاهرها، ثمّ أجاب عنها باحتمال أن يكون المراد بالوضوء التحسين و التنظيف او أن يكون المراد الماء الذي وقع فيه الورد، دون المصعد منه أو المعتصر-

6
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

وَ الْمَاءُ الَّذِي تُسَخِّنُهُ الشَّمْسُ لَا تَتَوَضَّأْ بِهِ وَ لَا تَغْتَسِلْ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَا تَعْجِنْ بِهِ‏ «1» لِأَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ الْحَارِّ «2» وَ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ «3» إِلَّا مَا كَانَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ وَ كُلُّ مَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ دَمٌ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَ الْوُضُوءِ مِنْهُ مَاتَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَمُتْ فَإِنْ كَانَ مَعَكَ إِنَاءَانِ فَوَقَعَ فِي أَحَدِهِمَا مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ وَ لَمْ تَعْلَمْ فِي أَيِّهِمَا وَقَعَ فَأَهْرِقْهُمَا جَمِيعاً وَ تَيَمَّمْ وَ لَوْ أَنَّ مِيزَابَيْنِ سَالا مِيزَابَ بَوْلٍ وَ مِيزَابَ مَاءٍ «4» فَاخْتَلَطَا ثُمَّ أَصَابَ ثَوْبَكَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ.

4- وَ سَأَلَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ السَّطْحِ يُبَالُ عَلَيْهِ فَتُصِيبُهُ السَّمَاءُ

______________________________

- و أمّا الاستياك- بالكاف- (فافتعال من السوك و هو دلك الشي‏ء و تحريكه) بمعنى التمصمص- بالمهملتين- فهو الاغتسال من الدنس للتنظيف و التطهير و في الخبر «القتل في سبيل اللّه مصمصة» قال في النهاية أي مطهرة من دنس الخطايا. و التأنيث لارادة الشهادة من القتل- انتهى. و في كثير من النسخ «الاستيال» باللام فهو بمعنى التزيين مطاوع التسويل و هو تحسين الشي‏ء و تزيينه، يعنى به الاغتسال للنظافة و التزيين.

 (1). في بعض النسخ بصيغة الغياب في الثلاثة. و في الكافي ج 3 ص 15 بإسناده عن السكونى عن الصادق (ع) قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الماء الذي تسخنه الشمس لا توضئوا به و لا تغتسلوا به و لا تعجنوا به فانه يورث البرص».

 (2). عدم البأس اما بورود خبر وصل إليه و لم يصل الينا، و اما بالعمومات أو بالخبر الذي ورد أن كل شي‏ء مطلق حتّى يرد فيه نهى، نعم ورد جواز الغسل. (م ت).

 (3). المراد بالافساد النجاسة أو الأعمّ من النجاسة و من عدم جواز الاستعمال. و الظاهر أن المراد به القليل كما يظهر من بعض الأخبار، أو الأعمّ منه و من البئر كما يظهر من بعضها.

 (4). في الكافي ج 3 ص 12 بإسناده عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (ع) «فى ميزابين سالا أحدهما بول و الآخر ماء المطر، فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضرّه ذلك» و حمل على ما اذا كان عند نزول المطر و لم يتغير الماء به.

7
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

فَيَكِفُ‏ «1» فَيُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْمَاءِ أَكْثَرُ مِنْهُ‏ «2».

5- وَ سُئِلَ ع‏ عَنْ طِينِ الْمَطَرِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فِيهِ الْبَوْلُ وَ الْعَذِرَةُ وَ الدَّمُ فَقَالَ طِينُ الْمَطَرِ لَا يُنَجِّسُ‏ «3».

6- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الْبَيْتِ يُبَالُ عَلَى ظَهْرِهِ وَ يُغْتَسَلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ يُصِيبُهُ الْمَطَرُ أَ يُؤْخَذُ مِنْ مَائِهِ فَيُتَوَضَّأَ بِهِ لِلصَّلَاةِ فَقَالَ إِذَا جَرَى فَلَا بَأْسَ بِهِ.

7- وَ سَأَلَهُ‏ عَنِ الرَّجُلِ يَمُرُّ فِي مَاءِ الْمَطَرِ وَ قَدْ صُبَّ فِيهِ خَمْرٌ فَأَصَابَ ثَوْبَهُ هَلْ يُصَلِّي فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ فَقَالَ لَا يَغْسِلُ ثَوْبَهُ وَ لَا رِجْلَهُ وَ يُصَلِّي فِيهِ وَ لَا بَأْسَ بِهِ.

8- وَ سَأَلَ عَمَّارٌ السَّابَاطِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْقَيْ‏ءِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَلَا يُغْسَلُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

9- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَجْتَرُّ «4» فَسُؤْرُهُ حَلَالٌ وَ لُعَابُهُ حَلَالٌ.

10 وَ أَتَى أَهْلُ الْبَادِيَةِ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ حِيَاضَنَا هَذِهِ تَرِدُهَا السِّبَاعُ وَ الْكِلَابُ وَ الْبَهَائِمُ فَقَالَ لَهُمْ ص لَهَا مَا أَخَذَتْ أَفْوَاهُهَا وَ لَكُمْ سَائِرُ ذَلِكَ‏ «5».

وَ إِنْ شَرِبَ مِنَ الْمَاءِ دَابَّةٌ أَوْ حِمَارٌ أَوْ بَغْلٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ بَعِيرٌ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِهِ‏

______________________________

 (1). وكف البيت بالمطر وكفا و وكوفا: سال قليلا قليلا أو يقطر. و قوله «فتصيبه» أي السماء بمطرها، و المراد بالسماء معناه المتعارف.

 (2). دفع لتوهم السائل فانه سأل أن السطح إذا كان يبال عليه دائما و ينفذ فيه البول كيف يصل إليه ماء المطر و كيف يطهره؟ فاجاب بأن الماء أكثر منه. (م ت).

 (3). يعني في حال التقاطر كما يفهم من الحديث الآتي.

 (4). في النهاية الأثيرية «الجرة ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثمّ يبلعه، يقال:

اجتر البعير يجتر.

 (5). لعله محمول على كرية الحياض فلا يمكن الاستدلال على طهارة القليل و لا على نجاسة السباع لانهم سألوا أن حياضنا تردها الطاهر و النجس فما حكمه. (م ت).

8
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

وَ الْوُضُوءِ مِنْهُ فَإِنْ وَقَعَ وَزَغٌ فِي إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ أُهَرِيقَ ذَلِكَ الْمَاءُ «1» وَ إِنْ وَلَغَ فِيهِ‏ «2» كَلْبٌ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ أُهَرِيقَ الْمَاءُ وَ غُسِلَ الْإِنَاءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَرَّةً بِالتُّرَابِ وَ مَرَّتَيْنِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُجَفَّفُ‏ «3» وَ أَمَّا الْمَاءُ الْآجِنُ فَيَجِبُ التَّنَزُّهُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ‏ «4» وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِمَاءٍ يَشْرَبُ مِنْهُ السِّنَّوْرُ وَ لَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ.

11- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنِّي لَا أَمْتَنِعُ مِنْ طَعَامٍ طَعِمَ مِنْهُ السِّنَّوْرُ وَ لَا مِنْ شَرَابٍ شَرِبَ مِنْهُ.

وَ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِسُؤْرِ الْيَهُودِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ وَ وَلَدِ الزِّنَا وَ الْمُشْرِكِ وَ كُلِّ مَنْ خَالَفَ الْإِسْلَامَ- وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ سُؤْرُ النَّاصِبِ وَ مَاءُ الْحَمَّامِ سَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمَاءِ الْجَارِي إِذَا كَانَتْ لَهُ مَادَّةٌ «5».

12- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي الْمَاءِ الَّذِي تَبُولُ فِيهِ الدَّوَابُّ وَ تَلَغُ فِيهِ الْكِلَابُ وَ يَغْتَسِلُ فِيهِ الْجُنُبُ إِنَّهُ إِذَا كَانَ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْ‏ءٌ «6».

______________________________

 (1). لعله لاجل سميته لا للنجاسة، و الوزغ: سام أبرص.

 (2). كذا في نسخة و في أكثر النسخ «وقع فيه كلب» و المشهور اختصاص التعفير بالولوغ و لعله كان في الأصل «ولغ» فصحف كما يظهر من هامش بعض النسخ ففيه: ولغ الكلب في الاناء أى شرب ما فيه بأطراف لسانه. أو أدخل فيه لسانه و حركه.

 (3). لعل التجفيف لازالة الغسالة و الا لا سند له.

 (4). الآجن: الماء المتغير اللون و الطعم. و بمضمونه خبر في الكافي ج 3 ص 4 و قوله «فيجب التنزّه» حمل على الوجوب و يمكن حمله على الاستحباب كما هو دأب القدماء من اطلاق الوجوب على الاستحباب المؤكد. ثم اعلم أن هذا إذا كان الماء أجن من قبل نفسه، فاما إذا غيرته النجاسة فلا يجوز استعماله على وجه البتة كما في التهذيب.

 (5). في الكافي ج 3 ص 14 بإسناده عن بكر بن حبيب عن أبي جعفر عليه السلام قال:

 «ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة». و قالوا: بشرط أن تكون كرا.

 (6). يستدل بمفهومه على نجاسة القليل بالملاقات.

9
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

13- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ قَطْرَةُ بَوْلٍ قَرَضُوا لُحُومَهُمْ بِالْمَقَارِيضِ‏ «1» وَ قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْكُمْ بِأَوْسَعِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ جَعَلَ لَكُمُ الْمَاءَ طَهُوراً فَانْظُرُوا كَيْفَ تَكُونُونَ‏ «2».

فَإِنْ دَخَلَتْ حَيَّةٌ فِي حُبِّ مَاءٍ وَ خَرَجَتْ مِنْهُ صُبَّ مِنَ الْمَاءِ «3» ثَلَاثُ أَكُفٍّ وَ اسْتُعْمِلَ الْبَاقِي وَ قَلِيلُهُ وَ كَثِيرُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ «4» وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسْتَقَى الْمَاءُ بِحَبْلٍ اتُّخِذَ مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ «5».

14- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ يُجْعَلُ دَلْواً يُسْتَقَى بِهِ الْمَاءُ فَقَالَ‏

______________________________

 (1). لعل ذلك جزاء لبعض أعمالهم كما يفهم من بعض الآيات كقوله «فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم- الآية» و قوله فبما نقضهم ميثاقهم، و الظاهر أن ذلك من بول يصيب أبدانهم من خارج، و يحتمل كون أصل الخبر كما في تفسير عليّ بن إبراهيم هكذا «ان الرجل- من بني إسرائيل- اذا اصاب شي‏ء من بدنه البول قطعوه» و الضمير راجع الى الرجل يعنى أن بني إسرائيل تركوه و اعتزلوا عنه و لم يعاشروه، لكن الظاهر أن بعض الرواة زعم أن الضمير راجع الى البول أو البدن و نقله بالمعنى على مزعمته فصار ذلك سببا لوقوع الباحث في الوحل و لا يدرى ما المراد بقرض اللحم. و هذا الاحتمال الأخير من افادات استاذنا الشعرانى دام ظله العالى.

 (2). أي كيف تقومون بشكر هذه النعمة الجسيمة و الفضل الكبير فلا تتركوا تطهير جسدكم بالماء و لا تسأموا بل اشكروا اللّه على تسهيل الازالة.

 (3). في بعض النسخ «صب من الاناء». و الحب- بالمهملة-: الخابية.

 (4). لم أجد له نصا صريحا و مثله موجود في الفقه الرضوى، نعم روى الشيخ في التهذيب بإسناده عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه (ع): قال: «سألته عن الفارة و العقرب و أشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء و يتوضأ منه؟ قال: يسكب منه ثلاث مرات، و قليله و كثيره بمنزلة واحدة» و الحكم بكراهة سؤر الحية للشيخ في النهاية و تبعه جماعة، و الأظهر عدم الكراهة كما اختاره المحقق في المعتبر لصحيحة عليّ بن جعفر عن- أخيه (ع) راجع التهذيب ج 1 ص 119. و قوله «و قليله و كثيره بمنزلة واحدة» أي في عدم التنزّه بعد الصب، أو في أصل الصب.

 (5). الظاهر نفى البأس يتوجه الى استعمال الحبل في الاستقاء مع بعد الانفكاك عن الملاقاة بالرطوبة لليد أو الماء، او يتوجه الى ماء البئر و عدم نجاستها بالحبل مع وقوعه فيها.

10
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

لَا بَأْسَ بِهِ‏ «1».

15- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ يُجْعَلُ فِيهَا اللَّبَنُ وَ الْمَاءُ وَ السَّمْنُ مَا تَرَى فِيهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ تَجْعَلَ فِيهَا مَا شِئْتَ مِنْ مَاءٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ سَمْنٍ وَ تَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَ تَشْرَبَ وَ لَكِنْ لَا تُصَلِّ فِيهَا «2».

وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِفَضْلِ الْجُنُبِ وَ الْحَائِضِ‏ «3» مَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَ إِنْ تَوَضَّأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ «4» أَوِ اغْتَسَلَ أَوْ غَسَلَ ثَوْبَهُ فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ وَ الصَّلَاةِ وَ غَسْلِ الثَّوْبِ وَ كُلُّ آنِيَةٍ صُبَّ فِيهَا ذَلِكَ الْمَاءُ فَإِنْ‏ «5» دَخَلَ رَجُلٌ الْحَمَّامَ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَغْرِفُ‏ «6» بِهِ وَ يَدَاهُ قَذِرَتَانِ‏ «7» ضَرَبَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَ هَذَا مِمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‏ «8» وَ كَذَلِكَ الْجُنُبُ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي الطَّرِيقِ وَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنَاءٌ

______________________________

 (1). يحمل على أن كون السقى لشرب الحيوانات و الأرضين، لا لاستعمال ما شرطه الطهارة. أو على نفى البأس عن الاستقاء بجلد الخنزير، و غايته جواز استعماله أو عدم تنجيسه ما يسقى منه أو عدم التعدى كما ذهب إليه بعض.

 (2). هذا الخبر مع ارساله شاذ و يعارضه عموم قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» و أيضا قوله (ص): «لا تنتفعوا من الميتة بشي‏ء» و قول ابى الحسن (ع) للفتح بن يزيد الجرجانى «لا ينتفع من الميتة باهاب و لا عصب- الخ» و أوله العلامة في المختلف بعد المنع من صحة السند باطلاق الميتة على ما مات بالتذكية، و لعلّ مراده المذكّى من طاهر العين ممّا لا يؤكل لحمه. لكنه خلاف الظاهر، و الأولى حمله على التقية لان العامّة قائلون بتطهيره بشرط الدباغة. و يحتمل كون المراد جلد ما لا نفس له، و الحكم بمنع الصلاة فيه اما محمول على ظاهره و هو عدم الجواز كما ذهب إليه جماعة، أو للتنزّه كما عليه جمع.

 (3). أي بقية غسله أو غسالته.

 (4). أي المتغير بالنجاسة.

 (5). هذا التفريع ليس في محله و لعله ابدل الواو بالفاء.

 (6). في بعض النسخ «يغترف».

 (7). تحمل القذرة على الوسخ و الدنس.

 (8). الحجّ: 78.

11
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

يَغْرِفُ بِهِ وَ يَدَاهُ قَذِرَتَانِ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ‏ «1».

16- وَ سُئِلَ عَلِيٌّ ع- «2» أَ يُتَوَضَّأُ مِنْ فَضْلِ وَضُوءِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ يُتَوَضَّأُ مِنْ رَكْوٍ أَبْيَضَ مُخَمَّرٍ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ فَضْلِ وَضُوءِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ أَحَبَّ دِينِكُمْ إِلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ السَّهْلَةُ «3».

فَإِنِ اجْتَمَعَ مُسْلِمٌ مَعَ ذِمِّيٍّ فِي الْحَمَّامِ اغْتَسَلَ الْمُسْلِمُ مِنَ الْحَوْضِ قَبْلَ الذِّمِّيِ‏ «4» وَ لَا يَجُوزُ التَّطْهِيرُ «5» بِغُسَالَةِ الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهِ غُسَالَةُ الْيَهُودِيِّ وَ الْمَجُوسِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ وَ الْمُبْغِضِ لآِلِ مُحَمَّدٍ ع وَ هُوَ أَشَرُّهُمْ.

17- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ مُجْتَمَعِ الْمَاءِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ غُسَالَةِ النَّاسِ يُصِيبُ الثَّوْبَ مِنْهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «6».

وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَ كَانَ النَّبِيُّ ص إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ النَّاسُ مَا يَسْقُطُ

______________________________

 (1). في الكافي ج 3 ص 4 بإسناده عن محمّد بن الميسر قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن الرجل الجنب ينتهى الى الماء القليل في الطريق و يريد أن يغتسل منه و ليس معه اناء يغرف به و يداه قذرتان؟ قال: يضع يده و يتوضأ ثمّ يغتسل، هذا ممّا قال اللّه عزّ و جلّ‏ «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»

 (2). في بعض النسخ «و سئل الصادق عليه السلام».

 (3). الظاهر أن قوله: «أ يتوضأ» مبتدأ خبره «أحب» اما بتقدير «أن» قبله أو بارادة المصدر من الفعل مجازا مثل «تسمع بالمعيدى خير من أن تراه». و قوله «وضوء المسلمين» الظاهر أن يقرأ بفتح الواو أي ماء الوضوء و فضله ما يبقى في الاناء، و الحمل على الغسالة بعيد.

و الركو: دلو صغير، و المراد بالابيض لعله غير مدنس، و المخمر ما شد رأسه و المغطى.

و الحنيفية المستقيمة و المائلة من الافراط و التفريط الى الوسط العدل. و السمحة هي الملّة التي ما فيها ضيق.

 (4). استحبابا، أو المراد بالحوض الصغير الذي لم يبلغ الكر.

 (5). في بعض النسخ «التطهر».

 (6). لا منافاة بين هذه المرسلة- كما في الكافي و التهذيب ج 1 ص 107 أيضا- و الذي قبلها لان الأول دال على عدم مطهرية ذلك الماء. و هذا الخبر يدلّ على كونه طاهرا.

12
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

مِنْ وَضُوئِهِ فَيَتَوَضَّئُونَ بِهِ وَ الْمَاءُ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِهِ الرَّجُلُ فِي شَيْ‏ءٍ نَظِيفٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَهُ غَيْرُهُ فَيَتَوَضَّأَ بِهِ فَأَمَّا الْمَاءُ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ الثَّوْبُ أَوْ يُغْتَسَلُ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَوْ تُزَالُ بِهِ نَجَاسَةٌ فَلَا يُتَوَضَّأُ بِهِ.

18- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ مَاءٍ شَرِبَتْ مِنْهُ دَجَاجَةٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ فِي مِنْقَارِهَا قَذَرٌ لَمْ يُتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ لَمْ تَشْرَبْ وَ إِنْ لَمْ يُعْلَمْ فِي مِنْقَارِهَا قَذَرٌ تَوَضَّأْ مِنْهُ وَ اشْرَبْ.

وَ كُلُّ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ وَ الشُّرْبِ مِنْ مَاءٍ شَرِبَ مِنْهُ وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَاءٍ شَرِبَ مِنْهُ بَازٌ أَوْ صَقْرٌ أَوْ عُقَابٌ مَا لَمْ يُرَ فِي مِنْقَارِهِ دَمٌ فَإِنْ رُئِيَ فِي مِنْقَارِهِ دَمٌ لَمْ يُتَوَضَّأْ مِنْهُ وَ لَمْ يُشْرَبْ‏ «1» فَإِنْ‏ «2» رَعَفَ رَجُلٌ فَامْتَخَطَ فَصَارَ ذَلِكَ الدَّمُ قَطْراً صِغَاراً فَأَصَابَ إِنَاءَهُ وَ لَمْ يَسْتَبِنْ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ شَيْ‏ءٌ بَيِّنٌ فِيهِ لَمْ يَجُزِ الْوُضُوءُ مِنْهُ‏ «3» وَ الدَّجَاجَةُ وَ الطَّيْرُ وَ أَشْبَاهُهُمَا إِذَا وَطِئَ شَيْ‏ءٌ مِنْهَا الْعَذِرَةَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَاءَ فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ كُرّاً

______________________________

 (1). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 65 و الكليني في الكافي ج 3 ص 9 بتقديم و تأخير من حديث موسى بن عمّار الساباطى عنه عليه السلام. و الباز ضرب من الصقور. و الصقر- بفتح الصاد و سكون القاف-: كل طائر يصيد ما خلا النسر و العقاب.

 (2). التقريع في غير محله و لعله من تصحيف النسّاخ. و كان أصله «و ان».

 (3). ذلك لاستصحاب طهارة الماء لعدم العلم بوصول الدم الماء و ان أيقن بوصوله الاناء و روى الكليني في الكافي ج 3 ص 74 عن محمّد بن يحيى عن العمركى عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: «سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب اناءه، هل يصلح له الوضوء منه؟ فقال: ان لم يكن شي‏ء يستبين في الماء فلا بأس و ان كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه». قال: «و سألته عن رجل رعف و هو يتوضأ فيقطر قطرة في انائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا» فسؤال الأول محمول على أنّه أيقن باصابة الدم الاناء و شك في وصوله الماء، و الثاني أيقن بوصول الدم الماء. لكن الشيخ- رحمه اللّه- استدل بخبر المتن على عدم نجاسة الماء بما لم يدركه الطرف من الدم.

13
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

فَإِنْ سَقَطَ فِي رَاوِيَةِ مَاءٍ فَأْرَةٌ أَوْ جُرَذٌ أَوْ صَعْوَةٌ مَيْتَةٌ فَتَفَسَّخَ فِيهَا لَمْ يَجُزْ شُرْبُهُ وَ لَا الْوُضُوءُ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَفَسِّخٍ فَلَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ وَ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَ تُطْرَحُ الْمَيْتَةُ إِذَا خَرَجَتْ طَرِيَّةً وَ كَذَلِكَ الْجَرَّةُ وَ حُبُّ الْمَاءِ وَ الْقِرْبَةُ وَ أَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْمَاءِ «1» فَإِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِنَ الدَّوَابِّ فِي بِئْرِ مَاءٍ فَمَاتَتْ فَعُجِنَ مِنْ مَائِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ ذَلِكَ الْخُبْزِ إِذَا أَصَابَتْهُ النَّارُ «2».

19- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- أَكَلَتِ النَّارُ مَا فِيهِ.

فَإِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي خَابِيَةٍ فِيهَا سَمْنٌ أَوْ زَيْتٌ أَوْ عَسَلٌ وَ كَانَ جَامِداً أُخِذَتِ الْفَأْرَةُ مَعَ مَا حَوْلَهَا وَ اسْتُعْمِلَ الْبَاقِي وَ أُكِلَ‏ «3» وَ كَذَلِكَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الدَّقِيقِ وَ أَشْبَاهِهِ فَإِنْ وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي دُهْنٍ غَيْرِ جَامِدٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَصْبَحَ بِهِ فَإِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي حُبِّ دُهْنٍ فَأُخْرِجَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُدَّهَنَ مِنْهُ وَ يُبَاعَ مِنْ مُسْلِمٍ.

20- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنْ بِئْرٍ اسْتُقِيَ مِنْهَا «4» فَتُوُضِّئَ بِهِ وَ غُسِلَ بِهِ الثِّيَابُ وَ عُجِنَ بِهِ ثُمَّ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ لَا بَأْسَ وَ لَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْهُ وَ لَا تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ «5».

______________________________

 (1). بمضمون هذا الفتوى رواية رواها الشيخ في التهذيب ج 1 ص 117 و في الاستبصار ج 1 ص 7 عن محمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن حديد عن حماد ابن عيسى، عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، و حمل الشيخ- رحمه اللّه- الرواية على ما إذا كان مقدارها كرا و كذا الجرة و الحب و القربة. و حمل التفسخ على ما إذا كان تغير أحد أوصاف الماء. و قال بمثله سلطان العلماء، لكن الحق أن عليّ بن حديد ضعيف و لا اعتماد على ما تفرد به سيما إذا كان معارضا لما صح عنهم عليهم السلام و هذا ممّا تفرد به. قال العلامة في الخلاصة: على بن حديد بن حكيم ضعفه شيخنا في كتابى الاستبصار و التهذيب، لا يعول على ما يتفرد بنقله و قال الكشّيّ: انه فطحى من أهل الكوفة. ا ه.

 (2). مبنى على عدم تنجس ماء البئر بالملاقات و فائدة اصابة النار رفع الكراهة. (مراد).

 (3). هذا إذا ماتت الفارة فيها، و أمّا إذا خرجت قبل أن تموت كان الحكم الطهارة كما يجيى‏ء (م ت).

 (4). في بعض النسخ «استسقى منها».

 (5). فبعد ثبوت نبع البئر محمول على ما إذا لم يتغير أحد أوصاف الماء.

14
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

وَ الْفَأْرَةُ وَ الْكَلْبُ إِذَا أَكَلَا مِنَ الْخُبْزِ أَوْ شَمَّاهُ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ مَا شَمَّاهُ‏ «1» وَ يُؤْكَلُ مَا بَقِيَ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنَ الْحِيَاضِ الَّتِي يُبَالُ فِيهَا إِذَا غَلَبَ لَوْنُ الْمَاءِ الْبَوْلَ وَ إِنْ غَلَبَ لَوْنُ الْبَوْلِ الْمَاءَ فَلَا يُتَوَضَّأُ مِنْهَا «3» وَ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِاللَّبَنِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَاءِ أَوِ الصَّعِيدِ «4» وَ لَا بَأْسَ بِالتَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص قَدْ تَوَضَّأَ بِهِ وَ كَانَ ذَلِكَ مَاءً قَدْ نُبِذَتْ فِيهِ تُمَيْرَاتٌ وَ كَانَ صَافِياً فَوْقَهَا فَتَوَضَّأَ بِهِ فَإِذَا غَيَّرَ التَّمْرُ لَوْنَ الْمَاءِ لَمْ يَجُزِ الْوُضُوءُ بِهِ وَ النَّبِيذُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ وَ أُحِلَّ شُرْبُهُ هُوَ الَّذِي يُنْبَذُ بِالْغَدَاةِ وَ يُشْرَبُ بِالْعَشِيِّ أَوْ يُنْبَذُ بِالْعَشِيِّ وَ يُشْرَبُ بِالْغَدَاةِ فَإِنِ اغْتَسَلَ الرَّجُلُ فِي وَهْدَةٍ وَ خَشِيَ أَنْ يَرْجِعَ مَا يَنْصَبُّ عَنْهُ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي يَغْتَسِلُ مِنْهُ أَخَذَ كَفّاً وَ صَبَّهُ أَمَامَهُ وَ كَفّاً عَنْ يَمِينِهِ وَ كَفّاً عَنْ يَسَارِهِ وَ كَفّاً مِنْ خَلْفِهِ وَ اغْتَسَلَ مِنْهُ‏ «5»

______________________________

 (1). استحبابا اذ الشم لا يوجب النجاسة.

 (2). كما في صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه (ع) راجع قرب الإسناد ص 116.

 (3). ان كان المراد بول ما لا يؤكل لحمه فمحمول على كرية الحياض و ان كان المراد بول ما يؤكل لحمه فالمنع من الوضوء في صورة غلبة لون البول لسلب الإطلاق.

 (4). أراد بالوضوء الطهارة ظاهرا.

 (5). الوهدة- بالفتح فالسكون- المنخفض من الأرض. و روى الشيخ بهذا المضمون خبرا في التهذيب ج 1 ص 118، و حكى المحقق في المعتبر ص 22 قولين في بيان الخبر: أحدهما المراد منه رش الأرض ليجتمع أجزاؤها فيمتنع سرعة انحدار ما ينفصل من بدنه الى الماء. و الثاني أن المراد به بل جسده ليتعجل الاغتسال قبل أن ينحدر ما ينفصل منه و يعود الى الماء انتهى. و استبعد المولى مراد التفرشى هذين القولين و قال: و يحتمل حمله على إزالة النجاسة من بدنه بتلك الاكف فيقوم أولا في جانب لا ترجع الغسالة عنه الى الماء ثمّ يقرب من الماء و يغتسل منه. و يمكن أن يقال: المقصود من صب الاكف دفع ما وقع على وجه الماء من الكثافة فيصب المأخوذ على الجوانب اذ لو صب على جانب واحد لربما يرجع الى الماء فيزيد في كثافته.

15
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

فَإِنِ انْتَضَحَ عَلَى ثِيَابِ الرَّجُلِ أَوْ عَلَى بَدَنِهِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَسْتَنْجِي بِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ‏ «1» فَإِنْ تَرَشَّشَ‏ «2» مِنْ يَدِهِ فِي الْإِنَاءِ أَوِ انْصَبَّ فِي الْأَرْضِ فَوَقَعَ فِي الْإِنَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَ كَذَلِكَ فِي الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ «3» وَ إِنْ وَقَعَتْ مَيْتَةٌ فِي مَاءٍ جَارٍ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْمَيْتَةُ.

21- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ عَنِ الْمَاءِ السَّاكِنِ تَكُونُ فِيهِ الْجِيفَةُ قَالَ يُتَوَضَّأُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَ لَا يُتَوَضَّأُ مِنْ جَانِبِ الْجِيفَةِ «4».

22- وَ سُئِلَ ع‏- عَنْ غَدِيرٍ فِيهِ جِيفَةٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ الْمَاءُ قَاهِراً لَهَا لَا تُوجَدُ الرِّيحُ مِنْهُ فَتَوَضَّأْ وَ اغْتَسِلْ‏ «5».

وَ مَنْ أَجْنَبَ فِي سَفَرِهِ فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا الثَّلْجَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ بِهِ وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ أَيْضاً يَدْلُكُ بِهِ جِلْدَهُ‏ «6» وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْرِفَ الْجُنُبُ الْمَاءَ مِنَ الْحُبِّ بِيَدِهِ‏ «7» وَ إِنِ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ فَنَزَا «8» الْمَاءُ مِنَ الْأَرْضِ فَوَقَعَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ سَالَ مِنْ‏

______________________________

 (1). روى المؤلّف في العلل رواية مسندة بمضمون هذه الفتوى. و كذا الشيخ في التهذيب ج 1 ص 24 و يدلّ على طهارة ماء الاستنجاء، و حمل على ما لم يكن فيه شي‏ء من النجاسة.

 (2). ترشّش عليه الماء: تنزل متفرقا، سال.

 (3). كما في رواية بريد بن معاوية في التهذيب ج 1 ص 24.

 (4). قال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 22 بعد نقله مسندا يحمل على أنّه أكثر من كر و الامر بالوضوء من الجانب الذي ليس فيه الجيفة محمول على الاستحباب و التنزّه، لان النفس تعاف مماسة الماء الذي تجاوره الجيفة و ان كان حكمه حكم الطاهر.

 (5). رواه الكليني في الصحيح ج 3 ص 4.

 (6). المراد بدلك الجلد بالثلج إمراره عليه الى أن يذوب منه ما يتحصل به مسمى الغسل، و قال السيّد المرتضى- رحمه اللّه- اذا لم يوجد الا الثلج ضرب يده و يتيمم بنداوته. و يدل عليه ظاهر صحيحة محمّد بن مسلم لكن الشيخ- رحمه اللّه- حملها على التيمم بالتراب.

 (7). هذا مأخوذ من كلام الامام (ع) في رواية شهاب بن عبد ربّه في البصائر ص 64.

 (8). نزا ينزو نزوانا: وثب.

16
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

بَدَنِهِ فِي الْإِنَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ‏ «1» وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَ الْمَرْأَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَ لَكِنْ تَغْتَسِلُ بِفَضْلِهِ وَ لَا يَغْتَسِلُ بِفَضْلِهَا «2» وَ أَكْبَرُ مَا يَقَعُ فِي الْبِئْرِ الْإِنْسَانُ فَيَمُوتُ فِيهَا فَيُنْزَحُ مِنْهَا سَبْعُونَ دَلْواً «3» وَ أَصْغَرُ مَا يَقَعُ فِيهَا الصَّعْوَةُ فَيُنْزَحُ مِنْهَا دَلْوٌ وَاحِدٌ وَ فِيمَا بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الصَّعْوَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يَقَعُ فِيهَا فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا فَأْرَةٌ وَ لَمْ تَتَفَسَّخْ يُنْزَحُ مِنْهَا دَلْوٌ وَاحِدٌ وَ إِذَا انْفَسَخَتْ فَسَبْعُ دِلَاءٍ وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا حِمَارٌ يُنْزَحُ مِنْهَا كُرٌّ مِنْ مَاءٍ وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا كَلْبٌ نُزِحَ مِنْهَا ثَلَاثُونَ دَلْواً إِلَى أَرْبَعِينَ دَلْواً وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا سِنَّوْرٌ نُزِحَ مِنْهَا سَبْعَةُ دِلَاءٍ «4» وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا دَجَاجَةٌ أَوْ حَمَامَةٌ نُزِحَ مِنْهَا سَبْعَةُ دِلَاءٍ وَ إِنْ وَقَعَ فِيهَا بَعِيرٌ أَوْ ثَوْرٌ أَوْ صُبَّ فِيهَا خَمْرٌ نُزِحَ الْمَاءُ كُلُّهُ وَ إِنْ قَطَرَ فِيهَا قَطَرَاتٌ مِنْ دَمٍ اسْتُقِيَ مِنْهَا دِلَاءٌ وَ إِنْ بَالَ فِيهَا رَجُلٌ اسْتُقِيَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ دَلْواً وَ إِنْ بَالَ فِيهَا صَبِيٌّ قَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ اسْتُقِيَ مِنْهَا ثَلَاثُ دِلَاءٍ وَ إِنْ كَانَ رَضِيعاً اسْتُقِيَ مِنْهَا دَلْوٌ وَاحِدٌ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ زَبِيلٌ‏ «5» مِنْ عَذِرَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ يَابِسَةٍ أَوْ زَبِيلٌ مِنْ سِرْقِينٍ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهَا وَ لَا يُنْزَحُ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ هَذَا إِذَا كَانَتْ فِي زَبِيلٍ وَ لَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ

______________________________

 (1). هذا إذا كانت الأرض و اليد طاهرتين، و فيه دلالة ما على جواز استعمال المستعمل في غسل الجنابة فيحمل على حال الضرورة. و روى الكليني في الكافي ج 3 ص 14 بسند صحيح عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «فى الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الاناء؟ فقال:

لا بأس ما جعل عليكم في الدين من حرج» فيفهم من ذيله أن الحكم مختص بحال الحرج.

 (2). لعل المراد أن الرجل يبتدئ بالاغتسال كما يجيى‏ء في باب مقدار الماء للوضوء عن أبي جعفر عليه السلام في صفة اغتسال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

 (3). الأكبرية باعتبار تقدير الدلو، أكثره سبعون و أقله دلو واحد. و قال المولى مراد التفرشى: الأكبرية باعتبار ما عين فيه العدد فلا يرد بنزح الجميع بالثور و غيره.

 (4). في الطير مطلقا الدّجاجة و الحمامة دلوين و الثلاثة و الدلاء الخمس أفضل و السبع أكمل.

 (5). الزبيل- كامير، و سكين- فاذا كسرته شددته: القفة أو الجراب أو الوعاء.

17
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

فِي الْبِئْرِ وَ مَتَى وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ عَذِرَةٌ اسْتُقِيَ مِنْهَا عَشَرَةُ دِلَاءٍ «1» فَإِنْ ذَابَتْ فِيهَا اسْتُقِيَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ دَلْواً إِلَى خَمْسِينَ دَلْواً «2» وَ الْبِئْرُ إِذَا كَانَ إِلَى جَانِبِهَا كَنِيفٌ فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ صُلْبَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَذْرُعٍ وَ إِنْ كَانَتْ رِخْوَةً فَسَبْعَةُ أَذْرُعٍ.

23- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ لَيْسَ يُكْرَهُ مِنْ قُرْبٍ وَ لَا بُعْدِ بِئْرٌ يُغْتَسَلُ مِنْهَا وَ يُتَوَضَّأُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرِ الْمَاءُ «3».

______________________________

 (1). أعلم أنّه أجمع علماء الإسلام كافة على نجاسة البئر بتغير أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة و اختلف علماؤنا في نجاسته بالملاقات على أقوال أحدها- و هو المشهور بين القدماء على المحكى- النجاسة مطلقا. و ثانيها الطهارة و استحباب النزح ذهب إليه من المتقدمين الحسن ابن أبي عقيل و الشيخ و أبو عبد اللّه الغضائري و العلامة و شيخه مفيد الدين بن الجهم و ولده فخر المحققين و إليه ذهب عامة المتأخرين. و ثالثها الطهارة و وجوب النزح تعبدا ذهب إليه الشيخ في التهذيب في ظاهر كلامه و العلامة في المنتهى. و رابعها الطهارة ان بلغ ماؤه كرا و النجاسة بدونه ذهب إليه الشيخ أبو الحسن محمّد بن محمّد البصرى من المتقدمين لانه يعتبر الكرية في مطلق الجاري و البئر من أنواعه و أرجح الأقوال عندنا هو القول بالطهارة (المدارك).

 (2). لعله بطريق التخيير مع كون الخمسين أفضل، و يحتمل أنّه من حيث اختلاف الآبار بالصغر و الكبر و كثرة العذرة و قلتها و كثرة الماء و قلة النبع و عدمها (سلطان).

 (3). أي ليس وجود البالوعة مكروها سواء كان قريبا من البئر أم بعيدا. و قال المولى مراد التفرشى: «بئر» مرفوع على أنّه اسند إليه «يكره» مبينا للمفعول و حينئذ لا بدّ من تقدير، و وصفه بقوله «يغتسل منها» يشعر بأن المراد عدم كراهة الاغتسال و الوضوء اذ لا يوصف بالاحكام الخمسة الا أفعال المكلف، و يمكن هنا الحمل على حفر بئر أيضا و المراد القرب من الكنيف حيث ان ذلك مذكور في كلام الراوي و ان لم يذكره المصنّف رحمه اللّه و ذكر البعد للاشعار بالتسوية بين القرب و البعد و الا فلا يتصور الكراهة في بعد البئر عن الكنيف ليحتاج الى الذكر.

و قد يأول بانه ليس كون الكنيف في قرب بئر أو بعد بئر على أن يكون المضاف إليه في الأول محذوفا و يرجع ضمير «يكره» الى كون الكنيف المقدر في نظم الكلام. و لا يخلو-

18
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

24- وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ «1» أَنَّهُ قَالَ: نَزَلْنَا فِي دَارٍ فِيهَا بِئْرٌ إِلَى جَنْبِهَا بَالُوعَةٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلَّا نَحْوٌ مِنْ ذِرَاعَيْنِ فَامْتَنَعُوا مِنَ الْوُضُوءِ مِنْهَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَدَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ تَوَضَّئُوا مِنْهَا فَإِنَّ لِتِلْكَ الْبَالُوعَةِ مَجَارِيَ تُصَبُّ فِي وَادٍ يَنْصَبُّ فِي الْبَحْرِ «2».

وَ مَتَى وَقَعَ فِي الْبِئْرِ شَيْ‏ءٌ فَتَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ وَجَبَ أَنْ يُنْزَحَ الْمَاءُ كُلُّهُ وَ إِنْ كَانَ كَثِيراً وَ صَعُبَ نَزْحُهُ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُتَكَارَى‏ «3» عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ يَسْتَقُونَ مِنْهَا عَلَى التَّرَاوُحِ مِنَ الْغُدْوَةِ إِلَى اللَّيْلِ وَ أَمَّا مَاءُ الْحَمَّاتِ فَإِنَّ النَّبِيَّ ص إِنَّمَا نَهَى أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا وَ لَمْ يَنْهَ عَنِ التَّوَضُّؤِ بِهَا وَ هِيَ الْمِيَاهُ الْحَارَّةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْجِبَالِ يُشَمُّ مِنْهَا رَائِحَةُ الْكِبْرِيتِ‏ «4».

25- وَ قَالَ ع‏ إِنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ.

وَ إِنْ قَطَرَ خَمْرٌ أَوْ نَبِيذٌ فِي عَجِينٍ فَقَدْ فَسَدَ «5» فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى بَعْدَ أَنْ يُبَيَّنَ لَهُمْ‏ «6» وَ الْفُقَّاعُ مِثْلُ ذَلِكَ.

______________________________

- من بعد. و في الحديث اشعار بأنّه لو تغير الماء بقرب الكنيف كره استعماله- انتهى. و قال سلطان العلماء: هذا يدلّ على أن ما ذكره قبل هذا من تحديد البعد بطريق الاستحباب.

 (1). الطريق الى أبي بصير ضعيف بالبطائنى.

 (2). أي ليس مجرى البالوعة منحصرا فيما ينتهى الى البئر حتّى يلزم من قربها إليها جريان مائها إليها بل لها مجارى الى واد فتصب في تلك الوادى و الوادى تنصب في البحر و في بعض النسخ «نضب في واد ينضب في البحر» و نضب الماء غار و يحتمل كون المراد ارتباط ماء البالوعة بالماء الذي هو تحت الأرض الذي هو بمنزلة الوادى. (مراد).

 (3). في بعض النسخ «أن يتعاون».

 (4). روى الكليني في الكافي ج 6 ص 389 بمضمونه خبرا و في ذيله «قيل: إنّها من فيح جهنم» و الفيح الغليان و شيوع الحرّ و فورانه.

 (5). قال سلطان العلماء (ره): يحتمل أن هذا لحرمة الخمر لا النجاسة، فلا ينافى مذهب المصنّف.

 (6). لنفى وقوع التدليس (سلطان).

19
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

26- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُ‏ «1» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏- عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ فِي إِنَائِهِ فَأْرَةً وَ قَدْ تَوَضَّأَ مِنْ ذَلِكَ الْإِنَاءِ مِرَاراً وَ اغْتَسَلَ مِنْهُ أَوْ غَسَلَ ثِيَابَهُ وَ قَدْ كَانَتِ الْفَأْرَةُ مُنْسَلِخَةً فَقَالَ إِنْ كَانَ رَآهَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْسِلَ ثِيَابَهُ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا رَآهَا فِي الْإِنَاءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ثِيَابَهُ وَ يَغْسِلَ كُلَّ مَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْمَاءُ وَ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ وَ إِنْ كَانَ إِنَّمَا رَآهَا بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ وَ فِعْلِهِ فَلَا يَمَسَّ مِنَ الْمَاءِ شَيْئاً وَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَتَى سَقَطَتْ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا سَقَطَتْ فِيهِ تِلْكَ السَّاعَةَ الَّتِي رَآهَا.

27- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏ «2»- عَنِ الرَّجُلِ الْجُنُبِ‏ «3» هَلْ يُجْزِيهِ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَنْ يَقُومَ فِي الْمَطَرِ حَتَّى يُغْسَلَ رَأْسُهُ وَ جَسَدُهُ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى مَاءٍ سِوَى ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا غَسَلَهُ اغْتِسَالَهُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ.

28- وَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ «4» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ ع كَانَ يَقُولُ‏ لَا بَأْسَ بِسُؤْرِ الْفَأْرَةِ إِذَا شَرِبَتْ مِنَ الْإِنَاءِ أَنْ تَشْرَبَ مِنْهُ أَوْ تَتَوَضَّأَ مِنْهُ.

وَ الْوَزَغَةُ إِذَا وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ نُزِحَ مِنْهَا ثَلَاثُ دِلَاءٍ «5» وَ إِذَا ذَبَحَ رَجُلٌ طَيْراً مِثْلَ دَجَاجَةٍ أَوْ حَمَامَةٍ فَوَقَعَ بِدَمِهِ فِي الْبِئْرِ نُزِحَ مِنْهَا دِلَاءٌ.

29- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع‏- عَنْ رَجُلٍ ذَبَحَ شَاةً فَاضْطَرَبَتْ فَوَقَعَتْ فِي بِئْرِ مَاءٍ وَ أَوْدَاجُهَا تَشْخُبُ دَماً هَلْ يُتَوَضَّأُ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ قَالَ يُنْزَحُ مِنْهَا مَا بَيْنَ ثَلَاثِينَ دَلْواً إِلَى أَرْبَعِينَ دَلْواً ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهَا.

______________________________

 (1). طريق الصدوق (ره) الى عمّار بن موسى قوى، فيه أحمد بن الحسن بن فضال و هو فاسد المذهب ثقة. (صه).

 (2). طريق المصنّف الى عليّ بن جعفر صحيح كما في (صه).

 (3). في بعض النسخ «المجنب» و في بعضها «يجنب».

 (4). طريق المصنّف الى إسحاق بن عمّار صحيح الا أن في إسحاق قولا. (صه).

 (5). كما في رواية معاوية بن عمّار عن الصادق (ع) في التهذيب ج 1 ص 69.

20
من لا يحضره الفقيه1

باب المياه و طهرها و نجاستها ص : 5

30- وَ سَأَلَ يَعْقُوبُ بْنُ عُثَيْمٍ‏ «1» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فَقَالَ لَهُ بِئْرُ مَاءٍ فِي مَائِهَا رِيحٌ يَخْرُجُ مِنْهَا قِطَعُ جُلُودٍ فَقَالَ لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ لِأَنَّ الْوَزَغَ رُبَّمَا طَرَحَ جِلْدَهُ إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ دَلْوٌ وَاحِدٌ.

31- وَ سَأَلَ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُ‏ «2» أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ عَنِ السَّامِّ أَبْرَصَ‏ «3» يَقَعُ فِي الْبِئْرِ فَقَالَ لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ حَرِّكِ الْمَاءَ بِالدَّلْوِ.

32- وَ سَأَلَهُ يَعْقُوبُ بْنُ عُثَيْمٍ‏ عَنْ سَامِّ أَبْرَصَ وَجَدْنَاهُ فِي الْبِئْرِ قَدْ تَفَسَّخَ فَقَالَ إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَنْزَحَ مِنْهَا سَبْعَةَ دِلَاءٍ فَقَالَ لَهُ فَثِيَابُنَا قَدْ صَلَّيْنَا فِيهَا نَغْسِلُهَا وَ نُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا.

وَ الْعَظَايَةُ «4» إِذَا وَقَعَتْ فِي اللَّبَنِ حُرِّمَ اللَّبَنُ وَ يُقَالُ إِنَّ فِيهَا السَّمَّ وَ إِنْ وَقَعَتْ شَاةٌ وَ مَا أَشْبَهَهَا فِي بِئْرٍ يُنْزَحُ مِنْهَا تِسْعَةُ دِلَاءٍ إِلَى عَشَرَةِ دِلَاءٍ.

33- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ كَانَتْ فِي الْمَدِينَةِ بِئْرٌ فِي وَسَطِ مَزْبَلَةٍ فَكَانَتِ الرِّيحُ تَهُبُّ فَتُلْقِي فِيهَا الْقَذَرَ وَ كَانَ النَّبِيُّ ص يَتَوَضَّأُ مِنْهَا.

34- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ «5» أَبَا جَعْفَرٍ ع‏- عَنِ الْبِئْرِ تَقَعُ فِيهَا الْمَيْتَةُ فَقَالَ إِنْ كَانَ لَهَا رِيحٌ نُزِحَ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْواً «6».

______________________________

 (1). الطريق الى يعقوب بن عثيم صحيح (صه).

 (2). الطريق الى جابر بن يزيد ضعيف (صه).

 (3). السامّ أبرص: كبار الوزغ؛ هما اسمان جعلا اسما واحدا و يقع على الذكر و الأنثى و يعرف بأبي أبرص.

 (4). العظاية: دويبة ملساء أصغر من الحرذون، تمشى مشيا سريعا ثمّ تقف، تشبه سام أبرص.

 (5). الطريق الى محمّد بن مسلم فيه عليّ بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه أحمد و هما غير مذكورين (صه).

 (6). يحتمل أن يكون المراد ما لا نفس له فالنزح لاجل الريح لا النجاسة.

21
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

35- وَ سَأَلَ كُرْدَوَيْهِ الْهَمْدَانِيُ‏ «1» أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنْ بِئْرٍ يَدْخُلُهَا مَاءُ الطَّرِيقِ فِيهِ الْبَوْلُ وَ الْعَذِرَةُ وَ أَبْوَالُ الدَّوَابِّ وَ أَرْوَاثُهَا وَ خُرْءُ الْكِلَابِ فَقَالَ يُنْزَحُ مِنْهَا ثَلَاثُونَ دَلْواً وَ إِنْ كَانَتْ مُبْخِرَةً «2».

وَ لَا يَجُوزُ «3» أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَأَمَّا الْمَاءُ الْجَارِي فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبُولَ فِيهِ وَ لَكِنْ يُتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مِنَ الشَّيْطَانِ‏ «4» وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الْبَوْلَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ يُورِثُ النِّسْيَانَ‏ «5».

بَابُ ارْتِيَادِ الْمَكَانِ لِلْحَدَثِ وَ السُّنَّةِ فِي دُخُولِهِ وَ الْآدَابِ فِيهِ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ‏

36- قَالَ الصَّادِقُ ع‏- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَشَدَّ النَّاسِ تَوَقِّياً لِلْبَوْلِ حَتَّى أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَوْلَ عَمَدَ «6» إِلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ مِنَ الْأَرْضِ أَوْ مَكَانٍ يَكُونُ فِيهِ التُّرَابُ الْكَثِيرُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُنْضَحَ عَلَيْهِ الْبَوْلُ.

______________________________

 (1). الطريق الى كردويه الهمدانيّ صحيح (صه) و هو مجهول الحال.

 (2). أي البئر التي يشم منها الرائحة الكريهة، يعنى المنتنة.

 (3). الظاهر مراده الكراهة بقرينة ما يأتي من التعليل.

 (4). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 100 باسناد له فيه ارسال عن أبي عبد اللّه (ع) في حديث قال: «قلت له: يبول الرجل في الماء قال: نعم و لكن يتخوف عليه من الشيطان» اى يمكن أن يعتاد ذلك فيسول ذلك الشيطان في نظره حتّى يحرضه على البول في الماء الراكد.

 (5). روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 9 و 13 بإسناده عن الفضيل عن الصادق (ع) قال:

 «لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري و كره أن يبول في الماء الراكد».

 (6). قوله: «عمد» أي قصد.

22
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

37- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَرَادَ دُخُولَ الْمُتَوَضَّإِ «1» قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ‏ «2» اللَّهُمَّ أَمِتْ عَنِّي الْأَذَى وَ أَعِذْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَ إِذَا اسْتَوَى جَالِساً لِلْوُضُوءِ «3» قَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الْقَذَى وَ الْأَذَى‏ «4» وَ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ وَ إِذَا تَزَحَّرَ «5» قَالَ- اللَّهُمَّ كَمَا أَطْعَمْتَنِيهِ طَيِّباً فِي عَافِيَةٍ فَأَخْرِجْهُ مِنِّي خَبِيثاً فِي عَافِيَةٍ.

38- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع‏ «6» يَقُولُ‏ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ بِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يُلَوِّي‏ «7» عُنُقَهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى حَدَثِهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ يَا ابْنَ آدَمَ هَذَا رِزْقُكَ فَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَهُ وَ إِلَى مَا صَارَ فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْحَلَالَ وَ جَنِّبْنِي الْحَرَامَ.

وَ لَمْ يُرَ لِلنَّبِيِّ ص قَطُّ نَجْوٌ «8» لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَكَّلَ الْأَرْضَ بِابْتِلَاعِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ.

39- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ «9» وَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَذْهَبِ‏ «10»

______________________________

 (1). المراد بالمتوضإ الكنيف.

 (2). الرجس: النجس و القذر، و قد يعبر به عن الحرام و الفعل القبيح، و العذاب و اللعنة و الكفر و المراد منه- في الحديث- الأول. قال الفراء: إذا بدءوا بالنجس و لم يذكروا الرجس فتحوا النون و الجيم، و إذا بدءوا بالرجس ثمّ أتبعوه النجس كسروا الجيم و الخبيث ذو الخبث في نفسه، و المخبث الذي أعوانه خبثاء. (النهاية).

 (3). أراد بالوضوء قضاء الحاجة كما هو الظاهر بقرينة المقام.

 (4). أراد بالقذى النجاسات و بالاذى لوازمها.

 (5). التزحر- بالزاى و الحاء المهملة المشددة-: التنفس بأنين و شدة، و قيل:

استطلاق البطن بشدة.

 (6). في بعض النسخ «و كان عليه السلام» فالضمير راجع الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

 (7). من باب التفعيل أي ثناه و عطفه و عاجه. و المجرد منه بمعناه.

 (8). النجو ما يخرج من البطن من ريح أو غائط.

 (9). المراد قضاء الحاجة.

 (10) يعني بيت الخلاء.

23
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ يَسَارِهِ إِلَى مَلَكَيْهِ فَيَقُولُ أَمِيطَا عَنِّي‏ «1» فَلَكُمَا اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لَا أُحَدِّثَ‏ «2» بِلِسَانِي شَيْئاً حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكُمَا.

40- وَ كَانَ ع إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ يَقُولُ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَافِظِ الْمُؤَدِّي- فَإِذَا خَرَجَ مَسَحَ بَطْنَهُ وَ قَالَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي أَذَاهُ وَ أَبْقَى فِيَّ قُوَّتَهُ فَيَا لَهَا مِنْ نِعْمَةٍ لَا يَقْدِرُ الْقَادِرُونَ قَدْرَهَا.

41- وَ كَانَ الصَّادِقُ ع إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ يُقَنِّعُ رَأْسَهُ وَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبِّ أَخْرِجْ عَنِّي الْأَذَى سَرْحاً «3» بِغَيْرِ حِسَابٍ وَ اجْعَلْنِي لَكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ فِيمَا تَصْرِفُهُ عَنِّي مِنَ الْأَذَى وَ الْغَمِّ الَّذِي لَوْ حَبَسْتَهُ عَنِّي هَلَكْتُ لَكَ الْحَمْدُ اعْصِمْنِي مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ وَ أَخْرِجْنِي مِنْهَا سَالِماً وَ حُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

وَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ‏ «4» إِقْرَاراً بِأَنَّهُ غَيْرُ مُبَرِّئٍ نَفْسَهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَ يُدْخِلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى فَرْقاً بَيْنَ دُخُولِ الْخَلَاءِ وَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ أَكْثَرَ مَا يَهُمُّ بِالْإِنْسَانِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ أَخْرَجَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى‏ «5».

______________________________

 (1). أي اذهبا عنى و ابعدا و خليا عنى و اتركانى و نفسى.

 (2). في نسخة «انى لا أحدث».

 (3). أي بلا انقباض و عسر، متلبسا بان لا تحاسبى على هذه النعمة الجليلة.

 (4). قال في الحدائق: لم أقف فيه على خصوص خبر سوى اخبار التقنّع، و من الظاهر مغايرته له، نعم قال المفيد (ره): «و ليغط رأسه ان كان مكشوفا ليأمن بذلك من عبث الشيطان و من وصول الرائحة الخبيثة الى دماغه، و هو سنة من سنن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و فيه اظهار الحياء من اللّه لكثرة نعمه على العبد و قلة الشكر منه» و فيه دلالة على ورود النصّ به و ليس ببعيد كون المراد به التقنع لمناسبة التعليل الأخير له دون مجرد التغطية.

 (5). الظاهر أنّه في خبر و ان لم نعثر عليه لان الصدوق (ره) لا يذكر شيئا من ذلك الا عن نص بلغه فيه و لذا تبعه الاصحاب، و قد اختص بعضهم هذا الحكم بالبنيان نظرا الى مسمى الدخول و الخروج و خالفه العلامة رحمه اللّه و صرّح بان الأقرب عدم الاختصاص على ما في الحدائق.

24
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

42- وَ وَجَدْتُ بِخَطِّ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثاً أَسْنَدَهُ إِلَى الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ كَثُرَ عَلَيْهِ السَّهْوُ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

43- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏- إِذَا انْكَشَفَ أَحَدُكُمْ لِبَوْلٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ- بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرُغَ.

44- وَ قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع- أَيْنَ يَتَوَضَّأُ الْغُرَبَاءُ فَقَالَ يَتَّقُونَ شُطُوطَ الْأَنْهَارِ وَ الطُّرُقَ النَّافِذَةَ «1» وَ تَحْتَ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَ مَوَاضِعَ اللَّعْنِ فَقِيلَ لَهُ وَ أَيْنَ مَوَاضِعُ اللَّعْنِ قَالَ أَبْوَابُ الدُّورِ «2».

45- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَغَوِّطَ فِي ظِلِّ النُّزَّلِ‏ «3» وَ الْمَانِعَ الْمَاءَ الْمُنْتَابَ‏ «4» وَ السَّادَّ الطَّرِيقَ الْمَسْلُوكَ‏ «5».

______________________________

 (1). شطوط الأنهار جوانبها، أو مسارع المياه الواردة. و تقييد الطرق بالنافذة احتراز عن المرفوعة فانها ملك لاربابها فيحرم التخلى فيها قطعا، أو المراد الطرق المسلوكة لا المتروكة.

 (2). يمكن أن يكون تعبيره عليه السلام للمثال و يكون اللفظ على العموم في كل موضع يتأذى به الناس، و يسبون فاعله، و ان كان السب و اللعن حراما.

 (3). أي محل ورود المسافرين.

 (4). أي الماء المشترك في نوبة الشريك. أو الماء المباح الذي يعتوره المارة على النوبة.

 (5). قال في الحدائق: ظاهر الاصحاب سيّما المتأخرين الحكم بالكراهة في الجميع الا أن الشيخ المفيد في المقنعة عبر في هذه المواضع بعدم الجواز، و ابن بابويه في الفقيه عبر بذلك في في‏ء النزال و تحت الاشجار المثمرة. و قال شيخنا صاحب «الرياض»- بعد نقل ذلك عنهما- ما لفظه «و الجزم بالجواز مع ورود النهى و الامر و اللعن في البعض مع عدم المعارض سوى أصالة البراءة مشكل- ا ه».

و هو جيد الا أنّه كثيرا ما قد تكرر منهم عليهم السلام في المحافظة على الوظائف المسنونة من ضروب التأكيدات في الاوامر و النواهى ما يكاد يلحقها بالواجبات و المحرمات-

25
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

46- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ مَنْ سَدَّ طَرِيقاً بَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهُ‏ «1».

47- وَ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع‏ مَا حَدُّ الْغَائِطِ قَالَ لَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهَا «2» وَ لَا تَسْتَقْبِلِ الرِّيحَ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهَا «3».

48- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ لَا تَسْتَقْبِلِ الْهِلَالَ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهُ.

وَ مَنِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ ثُمَّ ذَكَرَ فَتَحَرَّفَ عَنْهَا إِجْلَالًا لِلْقِبْلَةِ لَمْ يَقُمْ‏

______________________________

- كما لا يخفى على من تتبع الاخبار و جاس خلال الديار، على أن اللعن هو البعد من رحمة اللّه و هو كما يحصل بفعل المحرم يحصل بفعل المكروه و لو في الجملة. انتهى.

 (1). البتر القطع يقال: بتره بترا من باب قتل: قطعه على غير تمام.

 (2). قال في المدارك: اختلف الاصحاب في تحريم الاستقبال و الاستدبار للقبلة على المتخلى فذهب الشيخ و ابن البرّاج و ابن إدريس الى تحريمهما في الصحارى و البنيان، و قال ابن الجنيد: يستحب إذا أراد التغوط في الصحراء أن يتجنب استقبال القبلة و لم يتعرض للاستدبار، و نقل عن سلار الكراهة في الصحارى أيضا أو التحريم.

و قال المفيد في المقنعة: و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها، ثمّ قال بعد ذلك: و إذا دخل الإنسان دارا قد بنى فيها مقعدة للغائط على استقبال القبلة أو استدبارها لم يضرّه الجلوس عليه و انما يكره ذلك في الصحارى و المواضع التي يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة.

و قال العلامة في المختلف بعد حكاية ذلك: و هذا يعطى الكراهة في الصحارى و الاباحة في البنيان و هو غير واضح- الخ».

و في الشرائع و يحرم استقبال القبلة و استدبارها و يستوى في ذلك الصحارى و الابنية.

أقول: مورد الخبر و ان كان هو الغائط فقط دون البول لكن المراد منه المعنى اللغوى بالتقريب الذي ذكروه في دلالة قوله تعالى: «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ»+ و حينئذ التعميم ظاهر، بل الظاهر أن المفسدة في استقبال الريح و استدبارها بالبول أشدّ فيندرج في باب مفهوم الموافقة على القول به كما في الحدائق.

 (3). ظاهر هذا الخبر و ما يليه التحريم لكن المشهور بين الاصحاب الحكم بالكراهة.

26
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

مِنْ مَوْضِعِهِ حَتَّى يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ‏ «1».

49- وَ دَخَلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- الْخَلَاءَ فَوَجَدَ لُقْمَةَ خُبْزٍ فِي الْقَذَرِ فَأَخَذَهَا وَ غَسَلَهَا «2» وَ دَفَعَهَا إِلَى مَمْلُوكٍ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ تَكُونُ مَعَكَ لآِكُلَهَا إِذَا خَرَجْتُ فَلَمَّا خَرَجَ ع قَالَ لِلْمَمْلُوكِ أَيْنَ اللُّقْمَةُ قَالَ أَكَلْتُهَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ- فَقَالَ إِنَّهَا مَا اسْتَقَرَّتْ فِي جَوْفِ أَحَدٍ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ- فَاذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَسْتَخْدِمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ «3».

50- وَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يُطَمِّحَ الرَّجُلُ بِبَوْلِهِ فِي الْهَوَاءِ مِنَ السَّطْحِ أَوْ مِنَ الشَّيْ‏ءِ الْمُرْتَفِعِ‏ «4».

51- وَ قَالَ ع‏- الْبَوْلُ قَائِماً مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ مِنَ الْجَفَاءِ «5» وَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَمِينِ مِنَ الْجَفَاءِ.

52- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ الْيَسَارُ مُعْتَلَّةً.

53- وَ سَأَلَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فَقَالَ لَهُ أَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ الَّذِي يُبَالُ فِيهِ وَ عَلَيَّ نَعْلٌ سِنْدِيَّةٌ فَأَغْتَسِلُ وَ عَلَيَّ النَّعْلُ كَمَا هِيَ فَقَالَ إِنْ كَانَ الْمَاءُ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ جَسَدِكَ يُصِيبُ أَسْفَلَ قَدَمَيْكَ فَلَا تَغْسِلْ أَسْفَلَ قَدَمَيْكَ‏ «6».

وَ كَذَلِكَ إِذَا اغْتَسَلَ الرَّجُلُ فِي حُفْرَةٍ وَ جَرَى الْمَاءُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لَمْ يَغْسِلْهُمَا وَ إِنْ‏

______________________________

 (1). كما في رواية محمّد بن إسماعيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 100.

 (2). يحتمل كون القذر هنا بمعنى الوسخ و الغسل لرفع الكراهة.

 (3). استدل بتأخيره (ع) على كراهة الاكل و كذا الشرب الحاقا بالاكل في بيت الخلاء و من المحتمل أن يكون التأخير من جهة اخرى و هي الركاكة العرفية.

 (4). طمح ببوله إذا رماه في الهواء، و الخبر مرويّ في الكافي ج 3 ص 15.

 (5). أي ظلم و خلاف للمروءة و بعد عن المقام الانسانية.

 (6). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 45.

27
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

كَانَتْ رِجْلَاهُ مُسْتَنْقِعَتَيْنِ فِي الْمَاءِ غَسَلَهُمَا «1».

54- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ كَيْفَ يَقْعُدُ قَالَ كَمَا يَقْعُدُ لِلْغَائِطِ.

55- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِذَا بَالَ الرَّجُلُ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ.

56- وَ قَالَ ع‏ طُولُ الْجُلُوسِ عَلَى الْخَلَاءِ يُورِثُ الْبَاسُورَ «2».

57- وَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏- عَنِ التَّسْبِيحِ فِي الْمَخْرَجِ‏ «3» وَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَمْ يُرَخَّصْ فِي الْكَنِيفِ أَكْثَرَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَ يَحْمَدَ اللَّهَ‏ «4» أَوْ آيَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏.

وَ مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ فَلْيَقُلْ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ وَ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الدُّعَاءِ وَ التَّحْمِيدِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَى الْخَلَاءِ فَإِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى حَسَنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

58- وَ لَمَّا نَاجَى اللَّهُ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَلَى نَبِيِّنَا وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ أَ بَعِيدٌ أَنْتَ مِنِّي فَأُنَادِيَكَ أَمْ قَرِيبٌ فَأُنَاجِيَكَ‏ «5» فَأَوْحَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَيْهِ أَنَا

______________________________

 (1). ورد بمضمونه خبر في الكافي ج 3 ص 44. و استنقع في الماء أي مكن فيه، و في الغدير نزل و اغتسل، و قال العلّامة المجلسيّ في المرآة: ظاهره أنّه ان كان رجلاه في الطين المانع من وصول الماء إليها يجب غسلهما و ان لم يكن كذلك بل يسيل الماء الذي يجرى على بدنه على رجليه فلا يجب الغسل بعد الغسل أو الغسل. أو المراد أنّه ان كان يغتسل في الماء الجاري و الماء يسيل على قدميه فلا يجب غسله و ان كان في الماء الواقف القليل فانه يصير غسالة و لا يكفى لغسل الرجلين، و لعله أظهر الوجوه.

 (2). الباسور: علة معروفة و الجمع بواسير؛ و في بعض النسخ «الناسور» بالنون و هى قرحة لها غور يسيل منها القيح و الصديد دائما و قلما يندمل و قد يحدث في ماق العين و قد يحدث في حوالى المقعد.

 (3). يعني بيت الخلاء.

 (4). ينبغي أن يقرأ منصوبا بتقدير «أن» ليكون عطفا على آية الكرسيّ، يعنى يقرأ شيئا مشتملا على حمد اللّه سبحانه (مراد).

 (5). المقصود استعلام كيفية الدعاء من الجهر و الاخفات. (م ت).

28
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي‏ «1» فَقَالَ مُوسَى ع يَا رَبِّ إِنِّي أَكُونُ فِي أَحْوَالٍ أُجِلُّكَ أَنْ أَذْكُرَكَ فِيهَا «2» فَقَالَ يَا مُوسَى اذْكُرْنِي عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ‏ «3» أَنْ يَدْخُلَ إِلَى الْخَلَاءِ وَ مَعَهُ خَاتَمٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ أَوْ مُصْحَفٌ‏ «4» فِيهِ الْقُرْآنُ فَإِنْ دَخَلَ وَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَلْيُحَوِّلْهُ عَنْ يَدِهِ الْيُسْرَى إِذَا أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ «5» وَ كَذَلِكَ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ فَصُّهُ مِنْ حِجَارَةِ زَمْزَمَ‏ «6» نَزَعَهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ فَإِذَا فَرَغَ الرَّجُلُ مِنْ حَاجَتِهِ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاطَ عَنِّي الْأَذَى وَ هَنَّأَنِي طَعَامِي وَ شَرَابِي وَ عَافَانِي مِنَ الْبَلْوَى وَ الِاسْتِنْجَاءُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ «7» ثُمَّ بِالْمَاءِ «8» فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَاءِ أَجْزَأَهُ‏ «9»

______________________________

 (1). أي كالجليس في عدم الاحتياج الى النداء بل يكفى المسارة. (مراد).

 (2). أي أستحيى أن اذكرك في تلك الحال.

 (3). و كذا المرأة، و مفهوم اللقب ليس بمعتبر.

 (4). أي صحيفة أو هو بمعناه المعروف و قال التفرشى: لعل ذكر قوله فيه القرآن للتنبيه على سبب المنع من ادخاله.

 (5). لرواية أبي بصير عن الصادق (ع) المروية في الكافي ج 3 ص 474.

 (6). حكى عن الشهيد- رحمه اللّه- أنه قال في الذكرى: «فى نسخة الكافي ايراد هذه الرواية بلفظ «حجارة زمرد» فعلى هذا يكون هو المراد من زمزم، و قال: سمعناه مذاكرة» لكن في التهذيب ج 1 ص 101 و بعض نسخ الكافي ج 3 ص 17 «حجارة زمزم».

 (7). نقل الشهيد. رحمه اللّه- في الذكرى خبرا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم أجده من طريق الخاصّة و لعله من طريق العامّة. و في سنن النسائى ج 1 ص 42 و سنن البيهقيّ ج 1 ص 103 عنه (ص) قال: «إذا ذهب أحدكم الى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فليستطب بها فانها تجزى عنه». فانه يدلّ بمفهومه على عدم اجزاء ما دون الثلاثة.

 (8). يعني الأكمل الجمع لان الكامل الماء، و في المعتبر أن الجمع بين الماء و الاحجار مستحب. و يدلّ عليه ما روى مرفوعا عن الصادق (ع) أنه قال: «جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء» التهذيب ج 1 ص 13.

 (9). يدل على التخيير و ذلك إذا لم يتعد المخرج. و لكن الماء أفضل- لما يأتي- و إذا تعدى فتعين الماء بلا خلاف أجده.

29
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

وَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالرَّوْثِ وَ الْعَظْمِ‏ «1»

لِأَنَّ وَفْدَ الْجَانِّ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتِّعْنَا فَأَعْطَاهُمُ الرَّوْثَ وَ الْعَظْمَ.

فَلِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِمَا «2».

59- وَ كَانَ النَّاسُ يَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ «3» فَأَكَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَاماً فَلَانَ بَطْنُهُ فَاسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيهِ- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَخَشِيَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَلَ فِيهِ أَمْرٌ يَسُوؤُهُ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص هَلْ عَمِلْتَ فِي يَوْمِكَ هَذَا شَيْئاً قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتُ طَعَاماً فَلَانَ بَطْنِي فَاسْتَنْجَيْتُ بِالْمَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فِيكَ- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ فَكُنْتَ أَنْتَ أَوَّلَ التَّوَّابِينَ وَ أَوَّلَ الْمُتَطَهِّرِينَ.

وَ يُقَالُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ الْبَرَاءَ بْنَ مَعْرُورٍ الْأَنْصَارِيَ‏ «4»

______________________________

 (1). الروث: رجيع ذوات الحوافر و اختصه بعضهم بما يكون من الخيل و البغال و الحمير و يأتي الكلام في العظم و ظاهر كلامه- رحمه اللّه- الحرمة كما ذهب إليه جمع من الاصحاب. و قيل بالكراهة لضعف المستند سندا و متنا.

 (2). قوله: «فأعطاهم الروث و العظم» أي أمر صلّى اللّه عليه و آله الناس بتركهما لهم ليتمتعوا بهما، و المراد بالعظم: البالى منه كما جاء في سنن النسائى و غيره «كان يأمر بثلاثة أحجار و نهى عن الروث و الرمة» و الرمة بكسر الراء و شد الميم-: العظم البالى. و أما كون العظم و الروث طعاما للجن كما في رواية نقلها الشيخ ففى طريقها مفضل بن صالح فلا عبرة بها لانه ضعيف كذاب يضع الحديث.

 (3). أي كان عادتهم ذلك.

 (4). البراء بن معرور كان من النقباء الذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليلة العقبة، و أجمع المؤرخون على أنّه مات في المدينة في صفر قبل قدوم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بشهر، فلما قدم انطلق باصحابه فصلى على قبره.

و في الكافي ج 3 ص 254 عن الصادق (ع) «كان البراء بن معرور بالمدينة و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمكّة و انه حضره الموت و رسول اللّه و المسلمين يصلون الى بيت المقدس، فأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجهه الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الى القبلة» و هذا صريح في أنّه لم يدرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد الهجرة، و الآية في سورة البقرة: 222 و نزلت بالمدينة. و هذا لا يلائم كون الرجل البراء بن معرور لما عرفت. و لنا فيه كلام في الخصال ص 192 في نحو هذا الخبر.

30
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

وَ مَنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ فَلْيَمْسَحْ بِإِصْبَعِهِ مِنْ عِنْدِ الْمَقْعَدَةِ إِلَى الْأُنْثَيَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَنْتُرُ «1» ذَكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى يَدِهِ لِلِاسْتِنْجَاءِ فَلْيَقُلِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً وَ لَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً وَ يَصُبُّ عَلَى إِحْلِيلِهِ مِنَ الْمَاءِ مِثْلَيْ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْبَوْلِ يَصُبُّهُ مَرَّتَيْنِ هَذَا أَدْنَى مَا يُجْزِي ثُمَّ يَسْتَنْجِي مِنَ الْغَائِطِ «2» وَ يَغْسِلُ حَتَّى يُنَقِّيَ مَا ثَمَّةَ وَ الْمُسْتَنْجِي يَصُبُّ الْمَاءَ إِذَا انْقَطَعَتْ دِرَّةُ الْبَوْلِ‏ «3» وَ مَنْ صَلَّى فَذَكَرَ بَعْدَ مَا صَلَّى أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ ذَكَرَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ وَ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ مِنَ الْغَائِطِ «4» حَتَّى صَلَّى لَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ وَ يُجْزِي فِي الْغَائِطِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ «5» وَ الْخَزَفِ وَ الْمَدَرِ.

60- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ فِي الِاسْتِنْجَاءِ يُغْسَلُ مَا ظَهَرَ عَلَى الشَّرْجِ‏ «6» وَ لَا يُدْخَلُ فِيهِ الْأَنْمُلَةُ.

وَ لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ عَلَى الْخَلَاءِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ ص عَنْ ذَلِكَ‏ «7».

61- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْخَلَاءِ لَمْ تُقْضَ حَاجَتُهُ‏ «8».

______________________________

 (1). النتر: جذب الشي‏ء بشدة، و منه نتر الذكر في الاستبراء.

 (2). ظاهر الكلام مخالف لما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 17 بإسناده عن عمار الساباطى ففيه «سئل الصادق (ع) اذا أراد الرجل أن يستنجى بالماء يبدأ بالمقعدة أو بالاحليل؟

فقال: بالمقعدة ثمّ بالاحليل» و حمل الخبر على الاستحباب، و علل كلام الصدوق بان لا تنجس اليد بالغائط عند الاستبراء. و قدم الشيخ المفيد الاستنجاء من الغائط على الاستنجاء من البول في المقنعة.

 (3). الدرة- بالكسر و التشديد-: السيلان.

 (4). يدل على كلامه بعض الأخبار الصحيحة و في كثير منها أنّه لا يعيد الوضوء و يعيد الصلاة، و في كثير منها لا يعيدهما، و في صحيحة عليّ بن مهزيار يعيد الصلاة في الوقت لا في خارجه، و الذي يظهر من الاخبار باعتبار الجمع بينهما أن إعادة الوضوء على الاستحباب و كذا إعادة الصلاة خارج الوقت، و في الإعادة في الوقت نظر الأحوط الإعادة (م ت).

 (5). و لا يكتفى بذوات الجهات و لا خلاف فيه، و الخلاف في اجزاء أقل من الثلاثة.

 (6). الشرج- بالشين المعجمة و الجيم-: حلقة الدبر.

 (7). كما في رواية صفوان عن الرضا (ع) انه قال: «نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يجيب الرجل آخر و هو على الغائط- الحديث» التهذيب ج 1 ص 8 و حمل الكراهة.

 (8). رواه المصنّف مسندا في العلل ص 104 و العيون ص 151.

31
من لا يحضره الفقيه1

باب ارتياد المكان للحدث و السنة في دخوله و الآداب فيه إلى الخروج منه ص : 22

62- وَ إِنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لِبَعْضِ نِسَائِهِ‏ مُرِي النِّسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَسْتَنْجِينَ بِالْمَاءِ وَ يُبَالِغْنَ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْحَوَاشِي وَ مَذْهَبَةٌ لِلْبَوَاسِيرِ.

وَ لَا يَجُوزُ التَّغَوُّطُ فِي فَيْ‏ءِ النُّزَّالِ وَ تَحْتَ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ.

63- مَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَلَائِكَةً وَكَّلَهُمْ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ مِنَ الشَّجَرِ وَ النَّخْلِ فَلَيْسَ مِنْ شَجَرَةٍ وَ لَا نَخْلَةٍ إِلَّا وَ مَعَهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكٌ يَحْفَظُهَا وَ مَا كَانَ مِنْهَا وَ لَوْ لَا أَنَّ مَعَهَا مَنْ يَمْنَعُهَا لَأَكَلَتْهَا السِّبَاعُ وَ هَوَامُّ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ فِيهَا ثَمَرَتُهَا.

64- وَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يَضْرِبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلَاءَهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ قَدْ أَثْمَرَتْ لِمَكَانِ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا «1» قَالَ وَ لِذَلِكَ يَكُونُ الشَّجَرُ وَ النَّخْلُ أُنْساً «2» إِذَا كَانَ فِيهِ حَمْلُهُ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْضُرُهُ‏ «3».

وَ مَنْ لَا يَنْقَطِعْ بَوْلُهُ وَ يَغْلِبْهُ فَاللَّهُ‏ «4» أَوْلَى بِالْعُذْرِ فَلْيَتَّقِ عِلَّتَهُ مَا اسْتَطَاعَ وَ لْيَتَّخِذْ خَرِيطَةً «5» وَ مَنْ بَالَ وَ لَمْ يَتَغَوَّطْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ وَ إِنَّمَا عَلَيْهِ غَسْلُ ذَكَرِهِ وَ مَنْ تَغَوَّطَ وَ لَمْ يَبُلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَ إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَنْجِيَ وَ مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ وَ إِنَّمَا عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ «6».

______________________________

 (1). فيه اشعار باختصاص الكراهة بوقت الاثمار و صرّح بعضهم بتعميمها إذا كان الشجر قابلا لاثمار (مراد).

 (2). قوله: «أنسا»- بالفتح- و هي ما يأنس به الإنسان، و في الصحاح الانس- بفتح الهمزة و النون- خلاف الوحشة، و هو مصدر قولك أنست به- بالكسر- أنسا و أنسة. (المراد).

 (3). هذا الشرط يشعر بأن حضور الملائكة مخصوص بحال وجود الثمرة فيشعر بأن كراهة التغوط تحته مخصوص بهذه الحالة و المشهور عمومه (سلطان).

 (4). في بعض النسخ «فان اللّه».

 (5). الخريطة: من أدم و غيره يشد على ما فيه.

 (6). لان الاستنجاء باعتبار خروج النجاسة لا باعتبار الحدث كما ظنه بعض العامّة (م ت).

32
من لا يحضره الفقيه1

باب أقسام الصلاة ص : 33

65- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع- كَانَ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمِهِ فَيَتَوَضَّأُ وَ لَا يَسْتَنْجِي وَ قَالَ كَالْمُتَعَجِّبِ مِنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ اسْتَنْجَى.

بَابُ أَقْسَامِ الصَّلَاةِ «1»

66- قَالَ الصَّادِقُ ع- الصَّلَاةُ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ ثُلُثٌ طَهُورٌ وَ ثُلُثٌ رُكُوعٌ وَ ثُلُثٌ سُجُودٌ «2».

بَابُ وَقْتِ وُجُوبِ الطَّهُورِ

67- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏- إِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَجَبَ الطَّهُورُ وَ الصَّلَاةُ «3» وَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ.

بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَ تَحْرِيمِهَا وَ تَحْلِيلِهَا

68- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع‏- افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ الْوُضُوءُ وَ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ.

______________________________

 (1). لا يخفى أن المناسب أن يقول: الطهور قسم من الصلاة. (مراد).

 (2). أي العمدة في أجزائها هذه الاجزاء الثلاثة لا أن ليس بها جزء آخر، أما الطهارة فلامتناع تحقّق الصلاة بدونها، و أمّا الركوع و السجود فلانهما جزءان بهما يتميز الصلاة في الحس عن غيرها بخلاف باقى الاجزاء و ان كانت أركانا. (مراد).

 (3). قوله (ع) «وجب الطهور» أي استعماله في الطهارة و تطهير الأعضاء به، و ظاهر هذا الحديث يفيد كون الطهارة مطلقا واجبا لغيره. (مراد).

33
من لا يحضره الفقيه1

باب فرائض الصلاة ص : 34

بَابُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ

فَرَائِضُ الصَّلَاةِ سَبْعَةٌ الْوَقْتُ وَ الطَّهُورُ وَ التَّوَجُّهُ وَ الْقِبْلَةُ وَ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ وَ الدُّعَاءُ «1».

بَابُ مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ‏

69- قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏- لِلْغُسْلِ صَاعٌ مِنْ مَاءٍ وَ لِلْوُضُوءِ مُدٌّ مِنْ مَاءٍ وَ صَاعُ النَّبِيِّ ص خَمْسَةُ أَمْدَادٍ وَ الْمُدُّ وَزْنُ مِائَتَيْنِ وَ ثَمَانِينَ دِرْهَماً وَ الدِّرْهَمُ سِتَّةُ دَوَانِيقَ وَ الدَّانِقُ وَزْنُ سِتِّ حَبَّاتٍ وَ الْحَبَّةُ وَزْنُ حَبَّتَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ مِنْ أَوْسَاطِ الْحَبِّ لَا مِنْ صِغَارِهِ وَ لَا مِنْ كِبَارِهِ‏ «2».

70- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الْوُضُوءُ مُدٌّ وَ الْغُسْلُ صَاعٌ‏ «3» وَ سَيَأْتِي أَقْوَامٌ‏

______________________________

 (1). قوله «التوجه» الظاهر أن المراد به النية لانه توجه قلبى، فيدل على التكبير التزاما، لانها لا تعتبر الا إذا كانت مقارنة له، و يمكن أن يراد به التكبير، اذ به يتوجه الى الصلاة فيفهم النية بالالتزام اذ لا يعتبر شي‏ء من اجزاء الصلاة إلا بالنية، و يمكن تعميم الدعاء بحيث يشمل القراءة و التشهد و التسليم اذ لا يخلو شي‏ء منها من الدعاء و المراد بالوقت معرفته (المراد).

 (2). الوضوء بفتح الواو و الغسل بكسر الغين أي ماء الوضوء و ماء الغسل. و لو قرء بالضم لم يكن بد من تقدير المضاف أي ماء الوضوء و ماء الغسل (مراد).

 (3). فيصير مقدار الصاع مائة ألف و ثمانمائة شعيرة، و على المشهور الصاع أربعة أمداد و كل مد رطلان و ربع رطل عراقى و كل رطل مائة و ستون درهما و كل درهم ثمانية و أربعون شعيرا، فيكون مقدار المد أربعة عشر ألفا و أربعين شعيرا متوسطا، فمقدار الصاع على المشهور ستة و خمسون ألفا و مائة و ستون شعيرا (سلطان). و فيه وهم فتأمل.

34
من لا يحضره الفقيه1

باب مقدار الماء للوضوء و الغسل ص : 34

بَعْدِي يَسْتَقِلُّونَ ذَلِكَ‏ «1» فَأُولَئِكَ عَلَى خِلَافِ سُنَّتِي وَ الثَّابِتُ عَلَى سُنَّتِي مَعِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ.

71- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع‏ عَنْ رَجُلٍ احْتَاجَ إِلَى الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ فَوَجَدَ مَاءً بِقَدْرِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَ يَتَوَضَّأَ بِهِ أَوْ يَتَيَمَّمَ فَقَالَ بَلْ يَشْتَرِي قَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ ذَلِكَ فَاشْتَرَيْتُ وَ تَوَضَّأْتُ وَ مَا يَسُوؤُنِي بِذَلِكَ مَالٌ كَثِيرٌ «2».

72- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص هُوَ وَ زَوْجَتُهُ مِنْ خَمْسَةِ أَمْدَادٍ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُ زُرَارَةُ كَيْفَ صَنَعَ فَقَالَ بَدَأَ هُوَ فَضَرَبَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ قَبْلَهَا فَأَنْقَى فَرْجَهُ ثُمَّ ضَرَبَتْ هِيَ فَأَنْقَتْ فَرْجَهَا ثُمَّ أَفَاضَ هُوَ وَ أَفَاضَتْ هِيَ عَلَى نَفْسِهَا حَتَّى فَرَغَا وَ كَانَ الَّذِي اغْتَسَلَ بِهِ النَّبِيُّ ص ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ وَ الَّذِي اغْتَسَلَتْ بِهِ مُدَّيْنِ‏ «3» وَ إِنَّمَا أَجْزَأَ عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعاً وَ مَنِ انْفَرَدَ بِالْغُسْلِ وَحْدَهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ صَاعٍ‏ «4».

______________________________

 (1). استقله: عده قليلا. أى يعدون الصاع للغسل و المد للوضوء قليلا.

 (2). قوله: «ما يسوؤني- الخ» لفظة «ما» نافية أي ما يسوؤني بذلك الشراء اعطاء مال كثير و هو الثمن، و يمكن أن يكون «ما» استفهامية أي أي شي‏ء يسوؤني بذلك الشراء، فمال كثير خبر مبتدأ محذوف أي الذي اشتريته مال كثير، و في بعض النسخ «و ما يشترى بذلك» فما موصولة أي الذي يشترى بذلك و هو ماء الوضوء مال كثير و بمنزلته لكثرة نفعه.

و في بعضها «ما يسرنى» أي الذي يسرنى بذل ذلك الثمن مال كثير شريته، أو الذي يسرنى بذلك الشراء شراء مال كثير (مراد) و قال سلطان العلماء: «يحتمل كون «ما» نافية أي لا يسرنى عوض هذا الوضوء مال كثير، و يحتمل كونها موصولة و المعنى مثل نسخة «ما يشترى».

 (3). لعل وجهه أن كل واحد من الشريكين يضيق في الماء على نفسه ليوسع على الآخر، و لانه قد يضيع بعض الماء في الاغتسال فعند الاجتماع ينقص عن الجميع بخلاف الانفراد، و لان في الاجتماع بركة ليست في الانفراد (مراد).

 (4). هذا من تتمة الحديث و لعله قصد (ع) به الجمع بين مضمون الحديث السابق و بيان ما ذكر، و يمكن أن يقال: بناء هذا الكلام على أن الماء الذي اغتسل منه ينبغي أن يكون-

35
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

وَ لَا بُدَّ لِلْوُضُوءِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَكُفٍّ مِلْ‏ءاً مِنْ مَاءٍ كَفٌّ لِلْوَجْهِ وَ كَفَّانِ لِلذِّرَاعَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَّا عَلَى مِقْدَارِ كَفٍّ وَاحِدٍ فَرَّقَهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ.

73- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْبُدُ اللَّهَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَ مَا يُطِيعُهُ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ يَغْسِلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَسْحِهِ.

بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ ص‏

74- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- أَ لَا أَحْكِي لَكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقِيلَ لَهُ بَلَى فَدَعَا بِقَعْبٍ‏ «1» فِيهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ مَاءٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ غَمَسَ فِيهِ كَفَّهُ الْيُمْنَى ثُمَّ قَالَ هَذَا إِذَا كَانَتِ الْكَفُّ طَاهِرَةً «2» ثُمَّ غَرَفَ مِلْأَهَا مَاءً ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ‏ «3» وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَ سَيَّلَهُ عَلَى أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ ثُمَّ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَ ظَاهِرِ جَبِينَيْهِ‏ «4» مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ غَمَسَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَغَرَفَ بِهَا مِلْأَهَا ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى مِرْفَقِهِ الْيُمْنَى فَأَمَرَّ كَفَّهُ عَلَى سَاعِدِهِ حَتَّى جَرَى الْمَاءُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ ثُمَّ غَرَفَ بِيَمِينِهِ مِلْأَهَا فَوَضَعَهُ عَلَى مِرْفَقِهِ الْأَيْسَرِ فَأَمَرَّ كَفَّهُ عَلَى سَاعِدِهِ حَتَّى جَرَى‏

______________________________

- صاعا و ان لم يكن المستعمل منه بقدر الصاع و ذلك لعدم انفعال هذا القدر انفعالا كثيرا عن ضرب اليد فيه و الاغتراف منه، سواء كان المغترف واحدا أو متعدّدا، بخلاف ما كان أقل منه، نظيره الكر بالنسبة الى النجاسة، و على هذا لا حاجة في توجيه ما يقال هنا: «ان المدين لا يكاد يبلغه الوضوء» الى أن يقال بدخول ماء الاستنجاء فيه، و كذا الغسل لكن هذا خلاف المشهور و المشهور أن المستعمل ينبغي أن يكون ذلك المقدار و هو الظاهر و حينئذ يكون مفاد الحديث أن ذلك مختص بحالة الانفراد، و اللّه أعلم (سلطان).

 (1). القعب: قدح من خشب. و الحسر: الكشف.

 (2). يحتمل أن يكون هذا لتنجس الماء القليل بملاقات النجاسة، او لوجوب طهارة أعضاء الوضوء، فلا يمكن الاستدلال به على أحد المطلبين. (سلطان).

 (3). في بعض النسخ «على جبينه» و في الكافي ج 3 ص 25 «و سدله» مكان «وسيله».

 (4). في بعض النسخ «ظاهر جبهته» و في بعضها «ظاهر جبينه» كما في الكافي.

36
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

الْمَاءُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَ مَسَحَ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَ ظَهْرِ قَدَمَيْهِ بِبِلَّةِ بَقِيَّةِ مَائِهِ‏ «1».

75- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص تَوَضَّأَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ‏ «2» فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ أَ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- قَالَ بَلْ أَنْتَ نَسِيتَ‏ «3» هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي‏ «4».

______________________________

 (1). كذا في جميع النسخ و لكن في طبع النجف و الكافي «ببلة يساره و بقية بلة يمناه» و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: حمل هذا الكلام على اللف و النشر المرتب يقتضى مسحه (ع) رأسه بيساره و هو في غاية البعد، و حمله على المشوش أيضا بعيد. و ذكر البقية في اليمنى دون اليسرى لا يساعده، فالاظهر أن يكون قوله: «ببلة يساره» مع ما عطف عليه من متعلقات مسح القدمين فقط، و عود القيد الى كلا المتعاطفين غير لازم كما في قوله تعالى:

 «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً» فان النافلة ولد الولد. و حينئذ في ادراج لفظ البقية اشعار بانه (ع) مسح رأسه بيمناه (المرآة).

 (2). يمكن أن يكون الممسوح محذوفا أي مسح قدميه حالكونه (ع) على نعليه، فلا ينافى استيعاب المسح لظاهر القدم طولا، و لعلّ النعل لم يكن له شسع يمنع ذلك فيكون اعتراض المغيرة لتوهمه أن ما فعله (ص) وقع سهوا، و عبر عن خطأ المغيرة بالنسيان للمشاكلة (مراد) و قال سلطان العلماء: «يحتمل أن يكون المراد أنت نسيت أنى رسول اللّه و كلما فعلته فهو بحكم اللّه و أمره. فلا يحتاج في تصحيح نسبة النسيان الى المغيرة الى تكلف المشاكلة».

 (3). نسبة النسيان إليه (ص) كان باعتبار أنّه زعم أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يغسل رجليه في الوضوء فإذا رآه لم يخلع نعليه و مسح على ظاهر رجليه تعجب فاعترض عليه فأجاب (ص) بنسبة النسيان إليه و قال: أنت توهمت ذلك و أنا أمسح في الوضوء دائما كما أمرنى ربى.

 (4). اعلم أن هذا الخبر رواه أبو داود في سننه و أحمد في مسنده باسنادهما عن المغيرة ابن شعبة و فيهما «مسح على الخفين» مكان «مسح على نعليه» و النعل العربى لا يمنع من وصول الماء الى ظاهر الرجل بقدر ما يجب بخلاف الخف. و مع قطع النظر عن ضعف السند- و كون المغيرة من دهاة الناس و قول قبيصة بن جابر في حقه «لو أن مدينة له ثمانية أبواب لا يخرج من باب الا بمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها»- مسح الخفين مخالف لصريح قوله تعالى: «وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ» لاقتضائه فرض المسح على الارجل. و نقل الصدوق-

37
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

76- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- وَ اللَّهِ مَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَّا مَرَّةً مَرَّةً وَ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ ص مَرَّةً مَرَّةً فَقَالَ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ‏ «1».

فَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي أَنَّ الْوُضُوءَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَأَحَدُهَا.

77- بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ يَرْوِيهِ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ ذَكَرَهُ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ:- فَرَضَ اللَّهُ الْوُضُوءَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلنَّاسِ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ‏ «2».

وَ هَذَا عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ لَا عَلَى جِهَةِ الْإِخْبَارِ كَأَنَّهُ ع يَقُولُ حَدَّ اللَّهُ حَدّاً فَتَجَاوَزَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ تَعَدَّاهُ‏ «3» وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى- وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ‏

78- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّ الْوُضُوءَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يُطِيعُهُ وَ مَنْ‏

______________________________

- رحمه اللّه هذه الرواية ردا على قول من قال بوجوب الغسل للرجلين و ليس مراده جواز المسح مع الحائل كما هو ظاهر قوله في الهداية حيث قال: «و من غسل الرجلين فقد خالف الكتاب و السنة و من مسح على الخفين فقد خالف الكتاب: و السنة».

 (1). قال المصنّف في الهداية: «الوضوء مرة مرة و هو غسل الوجه و اليدين، و مسح الرأس و القدمين، و من توضأ مرتين مرتين لم يوجر، و من توضأ ثلاثا فقد أبدع».

 (2). يمكن الجمع بين الخبر السابق و هذا الخبر اما بأن تحمل المرة على أقل الواجب و المرتين على الاستحباب كما عليه الاكثر، و اما بان تحمل المرتين على من لا يكفيه المرة كما جمع الكليني (ره) (فى الكافي ج 3 ص 27) و اما بأن يحمل الاثنتين على الغسلتين و المسحتين كما قاله الشيخ البهائى- رحمه اللّه- و قال المولى مراد التفرشى: قوله «وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» يمكن أن يكون المعنى وضع وجوبهما عنهم ليسهل عليهم و ينتفعوا بذلك و تعدية الوضع باللام قرينة كونه للتخفيف دون التثقيل و معنى رفعه عنهم أن اللّه ببركته سهل عليهم الامر و وضع عنهم التكرار كما يجى‏ء في تخفيف الصلاة من الخمسين الى الخمس.

 (3). أي كيف يمكن ذلك مع أن اللّه يقول ... الآية، و هذا البيان غريب جدا.

38
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

يَعْصِيهِ وَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْ‏ءٌ «1» وَ إِنَّمَا يَكْفِيهِ مِثْلُ الدَّهْنِ‏ «2».

 -79وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- مَنْ تَعَدَّى فِي وُضُوئِهِ كَانَ كَنَاقِضِهِ‏ «3».

80- وَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ آخَرُ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏- إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَرْغَبُ أَنْ يَتَوَضَّأَ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَ قَدْ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ص اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَ لِكُلِّ صَلَاةٍ.

فَمَعْنَى الْحَدِيثِ هُوَ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَرْغَبُ عَنْ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَ قَدْ جَدَّدَهُ النَّبِيُّ ص وَ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ أَنَّ مَنْ زَادَ عَلَى مَرَّتَيْنِ لَمْ يُؤْجَرْ يُؤَكِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ‏ «4» وَ مَعْنَاهُ أَنَّ تَجْدِيدَهُ بَعْدَ التَّجْدِيدِ لَا أَجْرَ لَهُ‏ «5» كَالْأَذَانِ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ

______________________________

 (1). يعني لا ينجسه شي‏ء من الاحداث بحيث يحتاج الى صب الماء الزائد في ازالته.

 (2). لما بين- رحمه اللّه- بالآية الشريفة أن من تعدى حدا من حدود اللّه تعالى فهو ظالم لنفسه أراد أن يبين أن الوضوء حدّ من حدود اللّه تعالى ليثبت أن من تعداه تعدى حدا من حدود اللّه فيكون ظالما و ليس غرضه الاستشهاد بذيل الخبر لان كفاية الدهن لا ينافى استحباب تكرار الغسل في وضوئه، و في القاموس: الدهن و يضم قدر ما يبل وجه الأرض من المطر. (مراد) قوله «مثل الدهن» أي أقل مراتب الاجزاء أو لدفع وسواس المؤمنين (م ت).

 (3). ظاهر التعدى عدم الإتيان به على وجهه زاد فيه أم نقص. و قال الفاضل التفرشى: وجه الشبه بين المتعدى و الناقض عدم جواز الدخول به في الصلاة.

و في بعض النسخ «كان كناقصه» بالصاد المهملة فمعنى التعدى الزيادة عليه أي من زاده على ما شرع كمن نقصه منه في البطلان. (مراد).

 (4). يعني أن المراد بالاثنين التجديد. و في التأكيد نظر نعم لا ينافيه (سلطان).

 (5). لا يخفى جريان هذا التوجيه في الرواية الأولى أيضا و جريان التوجيه السابق هنا أيضا بأدنى تكلف بأن يكون التعجب من الرغبة إليه لا من الرغبة عنه و يكون قوله:

 «و قد توضأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «من قول الراغب إليه فصار المعنى انى لا عجب ممن رغب الى-

39
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء رسول الله ص ص : 36

وَ الْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَيْنِ أَجْزَأَهُ وَ مَنْ أَذَّنَ لِلْعَصْرِ كَانَ أَفْضَلَ وَ الْأَذَانُ الثَّالِثُ بِدْعَةٌ لَا أَجْرَ لَهُ وَ كَذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ مَرَّتَيْنِ أَفْضَلُ مَعْنَاهُ التَّجْدِيدُ وَ كَذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي مَرَّتَيْنِ أَنَّهُ إِسْبَاغٌ.

______________________________

- الاثنين قائلا ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله توضأ اثنين، و أقرب التوجيهات حمل التثنية على الغسلتين و المسحتين كما ذكره الشيخ البهائى رحمه اللّه (سلطان). و قال التفرشى (ره): «قوله يؤكد ما ذكرته» لعل وجه التأكيد أن الغسلة الثانية لا أجر لها و الزائدة عليها بدعة كما يجى‏ء في باب حدّ الوضوء عن المؤلّف رحمه اللّه و هو مضمون مرسلة ابن أبي عمير فلما جعل الزائد على المرتين ممّا لا أجر له لا ما هو بدعة علم أنّ المراد به تجديد الوضوء دون الغسلة و يؤيد المؤلّف (ره) أيضا أن الوضوء في الغسلة مجاز لا يصار إليه الا لدليل، و أمّا تأنيث اثنتين فكما يصح بحمل الوضوء على الغسلات يصحّ بحمله على معناه لكونه عبارة عن الغسلات و المسحات و لعلّ الفرق بين ما لا أجر له و ما هو بدعة كما وقعا في مرسلة ابن أبي عمير+ مع اشتراكهما في عدم استحقاق الاجر بهما يرجع الى أن ما لا أجر له لم يتعلق به طلب و لم ينه عنه في نفسه، و ما هو بدعة ممّا نهى عنه ففى الأول لم يأت المكلف بمنكر في نفسه و ان أخطأ في الإتيان به بقصد الطاعة، فيمكن أن يوجر عليه و ان لم يستحقه، و في الثاني أتى بمنكر يستحق عليه العقاب. و ينبغي للمؤلّف- رحمه اللّه- ان يذكر الأحاديث الدالة على التثنية و يجيب عنها منها ما روى في التهذيب ج 1 ص 22 عن الحسين بن سعيد عن حماد عن يعقوب عن معاوية بن وهب قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن الوضوء فقال: مثنى مثنى» و أيضا روى بإسناده عن أحمد ابن محمّد عن صفوان عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «الوضوء مثنى مثنى» و أيضا بسنده عن زرارة عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «الوضوء مثنى مثنى من زاد لم يوجر عليه» فلعله- رحمه اللّه- اكتفى عنها بالجواب المذكور و هو الحمل على التجديد و شيخنا (ره) حملها على أنّه غسلتان و مسحتان، ليس كما توهمه العامّة انه غسلات و مسح- انتهى.

أقول: ما دل عليه الخبران يخالف ما مر في حكاية وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حمله الشيخ (ره) على استحباب التثنية في الغسل. و هو لا يدفع المخالفة عند التحقيق و المتجه الحمل على التقية لان العامّة تنكر الوحدة و تروى في أخبارهم الثلاث و يحتمل أن يراد تثنية الغرفة على طريق نفى البأس لا اثبات المزية كما حكى عن صاحب المنتقى.

 (+) في التهذيب ج 1 ص 23 بسنده المتصل عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «الوضوء واحدة فرض، و اثنتان لا يوجر، و الثالث بدعة».

40
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء أمير المؤمنين ع ص : 41

81- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ يَمْحُو لَا وَ اللَّهِ وَ بَلَى وَ اللَّهِ.

82- وَ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ الْوُضُوءَ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ وَ مَنْ جَدَّدَ وُضُوءَهُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ آخَرَ جَدَّدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تَوْبَتَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِغْفَارٍ.

وَ قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ ع أَمْرَ دِينِهِ وَ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ تَعَدِّيَ حُدُودِهِ.

83- وَ قَوْلُ الصَّادِقِ ع‏- مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُؤْجَرْ.

يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ‏ «1» وَ وُعِدَ الْأَجْرَ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَ كَذَلِكَ كُلُّ أَجِيرٍ إِذَا فَعَلَ غَيْرَ الَّذِي اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ.

بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع‏

84- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ- إِذْ قَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ- ائْتِنِي بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ أَتَوَضَّأْ لِلصَّلَاةِ فَأَتَاهُ مُحَمَّدٌ بِالْمَاءِ

______________________________

 (1). لعله أراد بالامر ما يشمل أمر الايجاب و الندب، فالوضوء الأول مأمور به بامر الايجاب فيكون مأجورا عليه، و الوضوء الثاني مأمور به بامر الندب فيوجر، و الوضوء الثالث غير مأمور به مطلقا فلا يوجر عليه، فقد حمل المرتين على المجددتين و عدم الاجر باعتبار التجديد الثاني الذي بسببه حصلت الاثنينية فيرجع الى أن التجديد الثاني لا أجر له، و يمكن أن يراد بالتوضى الغسلة. (مراد)

و قال بعض المحشين: لا حاجة في توجيه كلام الصدوق (ره) الى التكلف الذي ارتكبه الفاضل التفرشى: بل يمكن توجيهه بان المراد من التوضّؤ مرتين هو التجديد الواحد، و قوله «بغير الذي امر به» أي امرا واجبا كما هو المتبادر و قوله «و وعد الاجر عليه» أي على وجه اللزوم. و قوله «فلا يستحق الاجر» أي أجرا لازما، فلا ينافى كونه مأمورا به على وجه الندب و ايصال النفع إليه من حيث التفضل، و هذا التوجيه في غاية القرب و هو الظاهر من كلام الصدوق- رحمه اللّه- أيضا. و هذا المحشى وجه الحديث بذلك أيضا فيما بعد، فينبغي له حمل كلام الصدوق- رحمه اللّه- عليه أيضا من غير تكلف فتدبر.

41
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء أمير المؤمنين ع ص : 41

فَأَكْفَأَ «1» بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى‏ «2» ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ «3» الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً وَ لَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً- قَالَ ثُمَّ اسْتَنْجَى فَقَالَ- اللَّهُمَّ حَصِّنْ فَرْجِي وَ أَعِفَّهُ وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَ حَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ «4» قَالَ ثُمَّ تَمَضْمَضَ فَقَالَ- اللَّهُمَّ لَقِّنِّي حُجَّتِي يَوْمَ أَلْقَاكَ وَ أَطْلِقْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ‏ «5» ثُمَّ اسْتَنْشَقَ فَقَالَ- اللَّهُمَّ لَا تُحَرِّمْ عَلَيَّ رِيحَ الْجَنَّةِ وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَشَمُّ رِيحَهَا وَ رَوْحَهَا وَ طِيبَهَا «6»- قَالَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ فَقَالَ- اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ فِيهِ الْوُجُوهُ وَ لَا تُسَوِّدْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ الْوُجُوهُ‏ «7» ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَقَالَ- اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَ الْخُلْدَ فِي الْجِنَانِ بِيَسَارِي‏ «8» وَ حَاسِبْنِي‏ حِساباً يَسِيراً ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَقَالَ- اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِيَسَارِي وَ لَا تَجْعَلْهَا مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِي وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّي مِنْ مُقَطَّعَاتِ النِّيرَانِ‏ «9» ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ فَقَالَ-

______________________________

 (1). في بعض النسخ «فأكفاه» كما في التهذيب.

 (2). كذا في الكافي و لكن في التهذيب «بيده اليسرى على يده اليمنى».

 (3). في التهذيب «بسم اللّه و الحمد للّه» و في الكافي ابتدأ بالحمد دون ذكر البسملة.

 (4). المراد بتحصين الفرج ستره و صونه عن الحرام، و عطف الاعفاف عليه تفسيرى، و عطف ستر العورة عليه من قبيل عطف العام على الخاص فان العورة في اللغة كلما يستحيى منه. (شرح الأربعين للشيخ البهائى).

 (5). قدم في الكافي الاستنشاق على المضمضة و قال في دعائه «اللّهمّ أنطق لسانى بذكرك و اجعلنى ممن ترضى عنه» و في بعض نسخ الكتاب «لسانى بذكراك».

 (6). في الكافي «ريحها و طيبها و ريحانها».

 (7). بياض الوجه و سواده اما على حقيقتهما أو كنايتان عن بهجة السرور و كآبة الحزن. و إضافة «ال» بالوجوه الظاهر كونها سهوا من الراوي و لا يلائم الآية «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ»

 (8). يعني براة الخلد في الجنان فحذف المضاف و الباء للظرفية. و قيل فيه وجوها أخر راجع شرح الأربعين للبهائى رحمه اللّه ذيل الحديث الخامس.

 (9). المقطعات أثواب قطعت كالقميص دون مثل الرداء، و لما كان الأول أشمل للبدن كان العذاب به أكثر، و هو مأخوذ من قوله تعالى: «قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ» (مراد) و المحكى عن بعض اللغويين المقطعات جمع لا واحد له من لفظه و واحدها ثوب.

42
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة وضوء أمير المؤمنين ع ص : 41

اللَّهُمَّ غَشِّنِي بِرَحْمَتِكَ وَ بَرَكَاتِكَ وَ عَفْوِكَ‏ «1» ثُمَّ مَسَحَ رِجْلَيْهِ فَقَالَ- اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَ اجْعَلْ سَعْيِي فِيمَا يُرْضِيكَ عَنِّي يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ‏ «2» ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي وَ قَالَ مِثْلَ قَوْلِي خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكاً يُقَدِّسُهُ وَ يُسَبِّحُهُ وَ يُكَبِّرُهُ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثَوَابَ ذَلِكَ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «3».

85- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- إِذَا تَوَضَّأَ لَمْ يَدَعْ أَحَداً يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَقِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِمَ لَا تَدَعُهُمْ يَصُبُّونَ عَلَيْكَ الْمَاءَ فَقَالَ لَا أُحِبُّ أَنْ أُشْرِكَ فِي صَلَاتِي أَحَداً «4» وَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.

86- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَسَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- عَلَى النَّعْلَيْنِ وَ لَمْ يَسْتَبْطِنِ الشِّرَاكَيْنِ‏ «5».

87- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- إِذَا تَوَضَّأَ قَالَ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ خَيْرُ الْأَسْمَاءِ لِلَّهِ وَ أَكْبَرُ الْأَسْمَاءِ لِلَّهِ وَ قَاهِرٌ لِمَنْ فِي السَّمَاءِ وَ قَاهِرٌ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ‏ «6» الْحَمْدُ لِلَّهِ‏

______________________________

 (1). «غشنى» بالمعجمات و تشديد الشين أي أعطنى بها و اجعلها شاملة لي.

 (2). ما بين القوسين ليس في بعض النسخ و لا في الكافي و التهذيب.

 (3). قوله «الى يوم القيامة» ليس في الكافي، و يمكن أن يكون متعلقا بيكتب أو بخلق أو بهما و بالافعال الخمسة على سبيل التنازع و هو الأظهر. (م ت).

 (4). إلى هنا رواه الشيخ (ره) في التهذيب ج 1 ص 101 و الظاهر أن ما بعده ليس من لفظ الحديث و ان قال به بعض.

 (5). النعل العربى شراكه في طول، و الذي شراكه في العرض يسمى بالبصرى. (م ت) و قوله: «لم يستبطن الشراكين» أي لم يدخل يده تحتهما و هو لا يستلزم أن يبقى من طول ظهر القدم شي‏ء لم يمسح لجواز أن يكون الشراك على الطول دون العرض (مراد).

 (6). القاهر في أسمائه تعالى هو الغالب على جميع الخلائق.

43
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

الَّذِي جَعَلَ مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ وَ أَحْيَا قَلْبِي بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيَّ وَ طَهِّرْنِي- وَ اقْضِ لِي بِالْحُسْنَى وَ أَرِنِي كُلَّ الَّذِي أُحِبُّ وَ افْتَحْ لِي بِالْخَيْرَاتِ مِنْ عِنْدِكَ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ.

بَابُ حَدِّ الْوُضُوءِ وَ تَرْتِيبِهِ وَ ثَوَابِهِ‏

88- قَالَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ع‏- أَخْبِرْنِي عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُوَضَّأَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الْوَجْهُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ وَ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَسْلِهِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ وَ لَا يَنْقُصَ مِنْهُ إِنْ زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْجَرْ وَ إِنْ نَقَصَ مِنْهُ أَثِمَ‏ «1» مَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْوُسْطَى وَ الْإِبْهَامُ مِنْ قُصَاصِ شَعْرِ الرَّأْسِ إِلَى الذَّقَنِ‏ «2» وَ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ الْإِصْبَعَانِ مُسْتَدِيراً فَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ وَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ فَقَالَ لَهُ الصُّدْغُ‏ «3» مِنَ الْوَجْهِ فَقَالَ لَا قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لَهُ أَ رَأَيْتَ مَا أَحَاطَ

______________________________

 (1). هذه الشرطية مع الشرطية المعطوفة عليها اما مفسرة لقوله: «لا ينبغي لاحد» و اما معترضة بين المبتدأ و الخبر و اما صلة ثانية للموصول، و تعدّد الصلة و ان لم يكن مسطورا في كتب النحو الا أنّه لا مانع فيه كالخبر و الحال و قد جوزه التفتازانى في حاشية الكشّاف عند قوله تعالى: «فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ» (شرح الأربعين).

 (2). في الوافي: «القصاص منتهى منابت شعر الرأس من مقدمه و مؤخره و المراد هنا المقدم و المستفاد من هذا الحديث أن كلا من طول الوجه و عرضه شي‏ء واحد، و هو ما اشتمل عليه الاصبعان عند دورانهما بمعنى أن الخط المتوهم من القصاص الى طرف الذقن- و هو الذي يشتمل عليه الاصبعان غالبا- اذا ثبت وسطه و أدير على نفسه حتّى يحصل شبه دائرة فذلك القدر الذي يجب غسله، و قد ذهب فهم هذا المعنى عن متأخرى أصحابنا سوى شيخنا المدقق بهاء الملّة و الدين محمّد العاملى- طاب ثراه- فان اللّه أعطاه حقّ فهمه كما أعطاه فهم الكعب. انتهى. أقول: فى التهذيب و الكافي «ما دارت عليه السبابة و الوسطى و الإبهام».

و الذقن من الإنسان مجتمع لحييه من أسفلهما- ثم اعلم أن ما قاله الفيض في بيان الخبر أخذه من كلام الشيخ البهائى (ره) و هذا بقول المهندس أشبه من قول الفقيه، و الحق أن التعبير بالدوران في الجملة الأولى بمناسبة تدوير الوجه بتدوير الرأس و أن وضع الاصبعين يوجب توهم دائرة، و في الجملة الثانية بملاحظة تدوير الوجه عرفا باستدارة اللحيين الى الذقن.

 (3). الصدغ هو المنخفض بين اعلى الاذن و طرف الحاجب.

44
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

بِهِ الشَّعْرُ فَقَالَ كُلُّ مَا أَحَاطَ بِهِ مِنَ الشَّعْرِ فَلَيْسَ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَطْلُبُوهُ وَ لَا يَبْحَثُوا عَنْهُ وَ لَكِنْ يُجْرَى عَلَيْهِ الْمَاءُ.

- وَ حَدُّ غَسْلِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِرْفَقِ إِلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَ حَدُّ مَسْحِ الرَّأْسِ أَنْ تَمْسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةً مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ‏ «1» وَ حَدُّ مَسْحِ الرِّجْلَيْنِ أَنْ تَضَعَ كَفَّيْكَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْكَ وَ تَمُدَّهُمَا إِلَى الْكَعْبَيْنِ‏ «2» فَتَبْدَأَ بِالرِّجْلِ الْيُمْنَى فِي الْمَسْحِ قَبْلَ الْيُسْرَى وَ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَا بَقِيَ فِي الْيَدَيْنِ مِنَ النَّدَاوَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُجَدِّدَ لَهُ مَاءً وَ لَا تَرُدَّ الشَّعْرَ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَ لَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَيْنِ‏ «3».

89- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- تَابِعْ بَيْنَ الْوُضُوءِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ابْدَأْ بِالْوَجْهِ ثُمَّ بِالْيَدَيْنِ ثُمَّ امْسَحْ بِالرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ لَا تُقَدِّمَنَّ شَيْئاً بَيْنَ يَدَيْ شَيْ‏ءٍ تُخَالِفْ مَا أُمِرْتَ بِهِ‏ «4» فَإِنْ غَسَلْتَ الذِّرَاعَ قَبْلَ الْوَجْهِ فَابْدَأْ بِالْوَجْهِ وَ أَعِدْ عَلَى الذِّرَاعِ-

______________________________

 (1). المشهور اجزاء المسمى في مسح الرأس و أوجب السيّد المرتضى و ابن بابويه- رحمهما اللّه- ثلاث أصابع مضمومة و تبعهما الشيخ في النهاية (سلطان).

 (2). راجع في تحقيق معنى الكعب شرح الأربعين و البحار ج 18 ص 68 الطبع الحجرى و الظاهر من هذا الكلام وجوب مسح الرجلين بتمام الكف و يدلّ عليه صحيح البزنطى عن الرضا (ع) المروى في الكافي ج 3 ص 30 «قال: سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟

فوضع كفه على الأصابع فمسحها الى الكعبين الى ظاهر القدم، فقلت: جعلت فداك لو أن رجلا قال باصبعين من أصابعه هكذا؟ فقال: لا الا بكفه». و المشهور الاكتفاء بمسمى المسح، و يمكن حمل الخبر على الاستحباب عملا بالمشهور المعتضد بالصحاح من الاخبار.

 (3). لعل المراد المنع من النكس في المسح بطريق التحريم أو الكراهة، و يحتمل أن مراده نفى وجوب التخليل أي لا يجب ردّ الشعر و ايصال الماء الى تحته كما هو مذهب البعض (سلطان) و في بعض النسخ «و لا يرد» ضبط بالتخفيف.

 (4). قوله (ع): «تخالف ما أمرت به» قال شيخنا البهائى: تخالف بالرفع حال من فاعل لا تقدمن، و لا يجوز جزمه على أنّه جواب النهى لانه يصير من قبيل «لا تكفر تدخل النار» و هو ممتنع على المختار انتهى. و أيضا على تقدير الجزم لا بدّ من التقدير أي لا تقدمن-

45
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

وَ إِنْ مَسَحْتَ الرِّجْلَ قَبْلَ الرَّأْسِ فَامْسَحْ عَلَى الرَّأْسِ ثُمَّ أَعِدْ عَلَى الرِّجْلِ ابْدَأْ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ.

وَ كَذَلِكَ فِي الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ فَابْدَأْ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ فَإِنْ قُلْتَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ الشَّهَادَتَيْنِ تَشَهَّدْتَ ثُمَّ قُلْتَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ.

90- وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِيمَنْ بَدَأَ بِغَسْلِ يَسَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ يُعِيدُ عَلَى يَسَارِهِ‏ «1» وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يُعِيدُ عَلَى يَسَارِهِ‏ «2».

91- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- اغْسِلْ يَدَكَ مِنَ الْبَوْلِ مَرَّةً وَ مِنَ الْغَائِطِ مَرَّتَيْنِ وَ مِنَ الْجَنَابَةِ ثَلَاثاً.

92- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ اغْسِلْ يَدَكَ مِنَ النَّوْمِ مَرَّةً «3».

______________________________

- شيئا أخره اللّه عزّ و جلّ على شي‏ء قدمه. و قال الفيض (ره) قوله «تابع بين الوضوء» اى اجعل بعض أفعاله تابعا مؤخرا و بعضها متبوعا مقدما من قولهم تبع فلان فلانا إذا مشى خلفه فيدل على وجوب الترتيب لا على ترك الفصل و الانقطاع.

 (1). قوله: «روى في حديث آخر» يمكن التوفيق بين الروايتين بحمل الرواية الأولى على أن التذكر كان بعد غسل اليسار قبل غسل اليمين و الثانية على أنّه كان بعد غسل اليدين و حينئذ فاطلاق الإعادة على غسل اليمين اما من باب المشاكلة أو باعتبار أصل الغسل أى يعيد الغسل كائنا على يمينه و بحمل الأولى على ما إذا كان قد غسل اليمين بقصد أنّه المأمور به على هذا الوجه أي بأن يغسله بعد غسل اليسار و ان كان ساهيا في ذلك، و الثانية على أنه غسله لا من هذه الحيثية بل من حيث انه جزء الوضوء و ان كان بالغسل الحكمى المستمر كما في سائر الاجزاء، و اما حمل الرواية الأولى على ما إذا غسل اليمين بعد اليسار و قد جف اليمين فيعيد عليه ففى غاية البعد على أن جفاف الوجه على هذا التقدير أولى حيث توسط غسل اليسار بين غسله و غسل اليمين فحينئذ ينبغي أن يستأنف الوضوء (مراد).

 (2). يعني أن في حديث آخر أنّه لا بدّ لمن غسل يديه بغير ترتيب من إعادة غسلهما جميعا و قد روى الاكتفاء بغسل اليسار وحدها. (وافى).

 (3). ظاهر الاخبار الاستحباب لادخال الاناء لرفع النجاسة الوهمية أو القذارة فلو توضأ من الابريق أو الحوض لم يكن مستحبا لإطلاق بعض الأخبار (م ت).

46
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

وَ مَنْ كَانَ وُضُوؤُهُ مِنَ النَّوْمِ وَ نَسِيَ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُبَّ ذَلِكَ الْمَاءَ وَ لَا يَسْتَعْمِلَهُ‏ «1» فَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ مِنْ حَدَثِ الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا نَاسِياً فَلَا بَأْسَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ قَذَرٌ يُنَجِّسُ الْمَاءَ «2» وَ الْوُضُوءُ مَرَّةً مَرَّةً وَ مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُؤْجَرْ وَ مَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثاً فَقَدْ أَبْدَعَ وَ مَنْ مَسَحَ بَاطِنَ قَدَمَيْهِ فَقَدْ تَبِعَ وَسْوَاسَ الشَّيْطَانِ‏ «3».

93- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ لَوْ لَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَمْسَحُ ظَاهِرَ قَدَمَيْهِ لَظَنَنْتُ أَنَّ بَاطِنَهُمَا أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا «4».

وَ مَنْ كَانَ بِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ قَرْحَةٌ أَوْ جِرَاحَةٌ أَوْ دَمَامِيلُ وَ لَمْ يُؤْذِهِ حَلُّهَا فَلْيَحُلَّهَا وَ لْيَغْسِلْهَا وَ إِنْ أَضَرَّ بِهِ حَلُّهَا فَلْيَمْسَحْ يَدَهُ عَلَى الْجَبَائِرِ وَ الْقُرُوحِ وَ لَا يَحُلَّهَا وَ لَا يَعْبَثْ بِجِرَاحَتِهِ.

94- وَ قَدْ رُوِيَ‏ فِي الْجَبَائِرِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ يَغْسِلُ مَا حَوْلَهَا.

وَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَ لَا عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ وَ لَا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَ الْجَوْرَبَيْنِ‏ «5» إِلَّا فِي حَالِ التَّقِيَّةِ وَ الْخِيفَةِ مِنَ الْعَدُوِّ أَوْ فِي ثَلْجٍ يُخَافُ فِيهِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ تُقَامُ الخُّفَّانِ مَقَامَ الْجَبَائِرِ فَيُمْسَحُ عَلَيْهِمَا.

______________________________

 (1). الظاهر حمله على الاستحباب، و يمكن الحمل على التقية لانه مذهب كثير من العامّة.

 (2). قوله ينجس الماء من كلام الصدوق رحمه اللّه و لم نجده في الرواية نعم ورد الامر بالاهراق و يفهم منه النجاسة ظاهرا (م ت).

 (3). اما لان الشيطان يأمره بخلاف الحق، أو لانه يأمره بمسح باطن قدميه بأن الباطن محل التلطخ فهو أولى من الظاهر كما في الخبر عن أمير المؤمنين (ع). (م ت).

 (4). الظاهر أنّه (ع) قاله مماشاة مع العامّة بأنى متأس بالنبى (ص) و لا أعمل بالقياس و الاستحسان و لو كنت أعملها لكنت أقول مثلكم ان الباطن أولى بالمسح من الظاهر (م ت).

 (5). في أكثر النسخ جعل «الجرموقين» نسخة، و الجرموق هو خف واسع قصير يلبس فوق الخف و الجمع جراميق كعصافير.

47
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

95- وَ قَالَ الْعَالِمُ ع‏ «1» ثَلَاثَةٌ لَا أَتَّقِي فِيهَا أَحَداً شُرْبُ الْمُسْكِرِ وَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَ مُتْعَةُ الْحَجِ‏ «2».

96- وَ رَوَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ:- أَشَدُّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ رَأَى وُضُوءَهُ عَلَى جِلْدِ غَيْرِهِ‏ «3».

97- وَ رُوِيَ عَنْهَا «4» أَنَّهَا قَالَتْ‏ لَأَنْ أَمْسَحَ عَلَى ظَهْرِ عَيْرٍ «5» بِالْفَلَاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى خُفِّي.

وَ لَمْ يُعْرَفْ لِلنَّبِيِّ ص خُفٌّ إِلَّا خُفّاً أَهْدَاهُ لَهُ- النَّجَاشِيُّ- وَ كَانَ مَوْضِعُ ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ مِنْهُ مَشْقُوقاً فَمَسَحَ النَّبِيُّ ص عَلَى رِجْلَيْهِ وَ عَلَيْهِ خُفَّاهُ فَقَالَ النَّاسُ إِنَّهُ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحِ الْإِسْنَادِ «6».

98- وَ سُئِلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ خُفُّهُ مُخَرَّقاً فَيُدْخِلُ يَدَهُ وَ يَمْسَحُ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ أَ يُجْزِيهِ فَقَالَ نَعَمْ‏ «7».

99- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ رَجُلٍ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنَ الْمِرْفَقِ‏

______________________________

 (1). المراد بالعالم في الاخبار و في كلام القدماء المعصوم لا الكاظم (ع) فانه قول من لا معرفة له؛ و كذا الفقيه و المراد به الهادى لا الكاظم (ع) و وقع هذا الغلط من بعض المتأخرين و اشتهر بين الفضلاء، و الدليل على الغلط رواية الرواة و المراد بالعالم هنا الصادق (ع) لان الكليني رواه عنه (ع). (م ت).

 (2). كأنّه عليه السلام أخبر عن نفسه أنّه لا يتقى أحدا، و يجوز أن يكون انما أخبر بذلك لعلمه بانه لا يحتاج الى ما يتقى فيه في ذلك، و لم يقل: لا تتقوا أنتم فيه أحدا. و هذا وجه ذكره زرارة بن أعين (الاستبصار).

 (3 و 4) ان هذه الأخبار من طرق العامّة و نقلها الصدوق (ره) للرد عليهم و ان أمكن ورودها من طرقنا أيضا من الأئمّة عليهم السلام ردا عليهم.

 (5). العير: الحمار الوحشى.

 (6). رواه أبو داود ج 1 ص 34 بسند فيه دلهم بن صالح ضعفه ابن معين و قال ابن حبان هو منكر الحديث جدا.

 (7). ظاهره عدم وجوب الاستيعاب و اطلاق الجواب و عدم الاستفصال يدلان عليه. (م ت).

48
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

كَيْفَ يَتَوَضَّأُ قَالَ يَغْسِلُ مَا بَقِيَ مِنْ عَضُدِهِ‏ «1».

وَ كَذَلِكَ رُوِيَ‏ فِي قَطْعِ الرِّجْلِ‏ «2» وَ إِذَا تَوَضَّأَتِ- الْمَرْأَةُ أَلْقَتْ قِنَاعَهَا عَنْ مَوْضِعِ مَسْحِ رَأْسِهَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ الْمَغْرِبِ وَ تَمْسَحُ عَلَيْهِ وَ يُجْزِيهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَنْ تُدْخِلَ إِصْبَعَهَا فَتَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تُلْقِيَ عَنْهَا قِنَاعَهَا «3».

100- وَ قَالَ الرِّضَا ع‏ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى النَّاسِ فِي الْوُضُوءِ أَنْ تَبْدَأَ الْمَرْأَةُ بِبَاطِنِ ذِرَاعِهَا وَ الرَّجُلُ بِظَاهِرِ الذِّرَاعِ‏ «4».

101- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏- مَنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى وُضُوئِهِ فَكَأَنَّمَا اغْتَسَلَ‏ «5».

______________________________

 (1). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 29 و الشيخ في التهذيب ج 1 ص 102 بسند صحيح، و تدلّ على أن المرفق محل الغسل أصالة و هو مركب من رأس العظمين أي عظمى الذراع و العضد فيكون معناه يجب غسل ما بقى من العضدين ممّا كان يجب غسله و هو جزء المرفق، ففيها ايماء الى أن «الى» فى آية الوضوء بمعنى «مع» دون انتهاء الغاية (مراد) و قال سلطان العلماء: فهذه الرواية حينئذ تكون مؤيدة لكون المرفق يجب غسله أصالة لا من باب المقدّمة و يكون «من» تبعيضية.

 (2). في الكافي ج 3 ص 29 بإسناده عن محمّد بن مسلم عن الباقر (ع) قال: «سألته عن الاقطع اليد و الرجل؟ قال تغسلهما». و المراد بالنسبة الى الرجل مسحها.

 (3). الظاهر ان هذا بطريق الاستحباب و لعلّ وجهه أن القاء القناع في هذين الوقتين أسهل اما بناء على أنهما وقتى الانتقال من الليل الى النهار أو بالعكس و العادة جرت بتغيير اللباس فيه، و اما بناء على الامن من نظر الاجنبى في هذين الوقتين للظلمة و الخلوة غالبا (سلطان).

 (4). الفرض في هذا الخبر بمعنى التقدير فيدل على الاستحباب المؤكد لا الوجوب و ان كان ظاهره الوجوب، و الخبر مرويّ في الكافي ج 3 ص 29 و التهذيب ج 1 ص 21 و في السند إسحاق بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ و هو مجهول، أو مهمل.

 (5). أي ثوابه كثواب الغسل. أو أنّه لما كان الوضوء سببا لتطهير الأعضاء من السيئات التي حصلت منها، و الغسل لتطهير جميع البدن من الخطيئات فإذا سمى حصل له التطهير من الجميع كالغسل و يؤيده الخبر الآتي. (م ت).

49
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

102- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ طَهُرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ وَ كَانَ الْوُضُوءُ إِلَى الْوُضُوءِ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ وَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ لَمْ يَطْهُرْ مِنْ جَسَدِهِ إِلَّا مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ.

103- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- مَنْ تَوَضَّأَ لِلْمَغْرِبِ كَانَ وُضُوؤُهُ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فِي نَهَارِهِ مَا خَلَا الْكَبَائِرَ وَ مَنْ تَوَضَّأَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ كَانَ وُضُوؤُهُ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فِي لَيْلَتِهِ إِلَّا الْكَبَائِرَ.

104- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ افْتَحُوا عُيُونَكُمْ عِنْدَ الْوُضُوءِ لَعَلَّهَا لَا تَرَى نَارَ جَهَنَّمَ‏ «1».

105- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ تَوَضَّأَ وَ تَمَنْدَلَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً وَ مَنْ تَوَضَّأَ وَ لَمْ يَتَمَنْدَلْ حَتَّى يَجِفَّ وَضُوؤُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً «2».

وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ صَلَوَاتِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ كُلَّهَا مَا لَمْ يُحْدِثْ وَ كَذَلِكَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يُصِبْ مَاءً «3».

______________________________

 (1). يفهم منه استحباب فتح العين عند الوضوء و لا يفهم ايصال الماء الى العين كما روى النهى عنه و أن ابن عبّاس عمى بسببه لان فتح العين أعم من ايصال الماء إليها، و يمكن أن يكون لملاحظة ايصال الماء الى الجوارح أو يكون تعبدا على تقدير صحته. (م ت).

 (2). استدل به على كراهة تجفيف الوضوء- بالفتح- أى ماء الوضوء بالمنديل و هو في محله لانه ممّا يقل الثواب و لا يعاقب فاعله عليه، و قد يعم الكراهة بحيث يشمل التجفيف بمسح غير المنديل بل التجفيف بالنار و الشمس و هو يناسب القول بالقياس مع ظهور الفرق في الاحتمال الثاني. (مراد).

 (3). قوله «يصب ماء» بالجزم كما في أكثر النسخ عطفا على «يحدث» ليكون المنفى أحد الامرين أي القدر المشترك بينهما ليلزم منه انتفاء كل واحد منهما لظهور أن بقاء التيمم مشروط بانتفاء الحدث و اصابة الماء جميعا دون أن يقدر الجازم في «يصب» ليكون الترديد في النفي حتّى يفيد اشتراط بقائه باحد النفيين فيلزم منه لو تحقّق عدم الحدث بقى التيمم سواء تحقّق اصابة الماء أم لا، و كذا بقى بعدم اصابة الماء سواء تحقّق الحدث أم لا. و في بعض النسخ «يصيب» بالرفع و هو باطل لافادته الترديد بين-

50
من لا يحضره الفقيه1

باب حد الوضوء و ترتيبه و ثوابه ص : 44

106- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ فَلْيَصْفِقْ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ نَاعِساً فَزِعَ وَ اسْتَيْقَظَ وَ إِنْ كَانَ الْبَرْدُ فَزِعَ فَلَمْ يَجِدِ الْبَرْدَ «1».

فَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ خَاتَمٌ فَلْيُدَوِّرْهُ‏ «2» فِي الْوُضُوءِ وَ يُحَوِّلْهُ عِنْدَ الْغُسْلِ.

107- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ وَ إِنْ نَسِيتَ حَتَّى تَقُومَ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا آمُرُكَ أَنْ تُعِيدَ «3».

وَ إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنْ نَوْمِهِ وَ لَمْ يَبُلْ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ‏ «4» وَ زَكَاةُ الْوُضُوءِ أَنْ يَقُولَ الْمُتَوَضِّي- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَمَامَ الْوُضُوءِ وَ تَمَامَ الصَّلَاةِ-

______________________________

- عدم الحدث و اصابة الماء فيكون كل منهما موجبا لبقائه فيكون اصابة الماء موجبا لبقاء التيمم تحقّق الحدث أم لا و مثله عبارة الشرائع في ماء الاستنجاء فانه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو تلاقه نجاسة من خارج. (مراد).

 (1). التصفيق: الضرب الشديد الذي يسمع له صوت. و قوله «ناعسا» و كذا «و ان كان البرد» يشعران باختصاص التصفيق بالحالين فلا ينافى ما في الكافي ج 3 ص 28 و التهذيب ج 1 ص 102 من حديث عبد اللّه بن المغيرة عن السكونى عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا تضربوا وجوهكم بالماء ضربا إذا توضأتم و لكن شنوا الماء شنا». و الشن التفريق فيحمل التصفيق على الحالين و الشن على غيرهما كما قال التفرشى و جمع الشيخ بينهما بحمل التصفيق على جوازه و الشن على أنّه الأولى، و قد يحمل أحدهما على الندب و الآخر على الجواز.

 (2). التدوير: التحويل و في نسخة «فليدره» و التدوير محمول على أن لا يكون الخاتم مانعا من وصول الماء. و كلام المؤلّف مضمون خبر في الكافي ج 3 ص 45.

 (3). ذلك لان مرجعه الى الشك بعد الفراغ و لا يعتدّ به.

 (4). كما في خبر عبد الكريم بن عتبة عن الصادق (ع) في الكافي ج 3 ص 11 و التهذيب ج 1 ص 12 و حمله الشيخ على الاستحباب دون الوجوب. و فيهما و في العلل زاد في آخره «فيغسلهما».

51
من لا يحضره الفقيه1

باب السواك ص : 52

وَ تَمَامَ رِضْوَانِكَ وَ الْجَنَّةَ- فَهَذَا زَكَاةُ الْوُضُوءِ «1».

بَابُ السِّوَاكِ‏

108- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ ع يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ أُحْفِيَ أَوْ أَدْرَدَ «2» وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْمَمْلُوكِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَضْرِبُ لَهُ أَجَلًا يُعْتَقُ فِيهِ.

-

وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْمَرْأَةِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي طَلَاقُهَا.

109- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع- بِالسِّوَاكِ وَ الْحِجَامَةِ وَ الْخِلَالِ‏ «3».

110- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ أَكْلُ الْأُشْنَانِ يُذِيبُ الْبَدَنَ وَ التَّدَلُّكُ بِالْخَزَفِ يُبْلِي الْجَسَدَ وَ السِّوَاكُ فِي الْخَلَاءِ يُورِثُ الْبَخَرَ «4».

111- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ التَّعَطُّرُ وَ السِّوَاكُ وَ النِّسَاءُ وَ الْحِنَّاءُ.

______________________________

 (1). المراد بزكاة الوضوء ما يوجب خلوصه كما أن زكاة المال توجب خلوص الباقي منه، و بتمام الوضوء جعله وضوءا كاملا أي أن يثيب عليه ثواب الوضوء الكامل و كذا بتمام الصلاة. (مراد).

 (2). هما رقة الأسنان و تساقطها، و في الصحاح «رجل أدرد: ليس في فمه سن، بين الدرد، و الأنثى درداء و في الحديث «أمرت بالسواك حتّى خفت لأدردن» أراد بالخوف الظنّ و العرب تذهب بالظن مذهب اليقين فتجاب بجوابها فيقولون «ظننت لعبد اللّه خير منك». و في النهاية: فى الحديث «لزمت السواك حتّى خشيت أن يدردنى» أي يذهب باسنانى، و الدرد سقوط الأسنان.

 (3). أي بحكمها أو استحبابها أو بآلاتها مع حكمها. (م ت).

 (4). «أكل الأشنان، كانهم كانوا يأكلونه لدفع رطوبات المعدة (م ت) و البخر- بالتحريك-: النتن في الفم و غيره.

52
من لا يحضره الفقيه1

باب السواك ص : 52

112- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقُ الْقُرْآنِ فَطَهِّرُوهَا بِالسِّوَاكِ.

113- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص فِي وَصِيَّتِهِ لِعَلِيٍّ ع‏ يَا عَلِيُّ عَلَيْكَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ وُضُوءِ كُلِّ صَلَاةٍ.

114- وَ قَالَ ع‏- السِّوَاكُ شَطْرُ الْوُضُوءِ.

115- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ «1»- لَمَّا دَخَلَ النَّاسُ فِي الدِّينِ أَفْوَاجاً أَتَتْهُمُ الْأَزْدُ «2» أَرَقَّهَا قُلُوباً وَ أَعْذَبَهَا أَفْوَاهاً فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- هَذَا أَرَقُّهَا قُلُوباً عَرَفْنَاهُ‏ «3» فَلِمَ صَارَتْ أَعْذَبَهَا أَفْوَاهاً فَقَالَ إِنَّهَا كَانَتْ تَسْتَاكُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

116- وَ قَالَ ع- لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ طَهُورٌ وَ طَهُورُ الْفَمِ السِّوَاكُ.

117- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يُكْثِرُ السِّوَاكَ وَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا يَضُرُّكَ تَرْكُهُ فِي فَرْطِ الْأَيَّامِ‏ «4».

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَاكَ الصَّائِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَيَّ النَّهَارِ شَاءَ «5» وَ لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ‏

______________________________

 (1). لعله سقط من العبارة شي‏ء و هو «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» كما كان في العلل باب 277.

 (2). الازد: حى من اليمن يقال: أزد شنوءة، و أزد عمان، و أزد السراة.

 (3). أي بما رأيناهم من الميل الى الدين و التقوى و البكاء. (سلطان).

 (4). يقال: آتيك فرط يوم أو يومين أي بعدهما، و لقيته الفرط بعد الفرط أي الحين بعد الحين. (النهاية).

 (5). أي أي وقت من النهار شاء. و قيل بالكراهة في أواخره بالرطب سواء كان بالخشبة الرطبة أو بترطب الخشبة و الخرقة، لكن المشهور الاستحباب كما قاله الصدوق لكن ينبغي أن يحتاط في أن لا يبتلع الرطوبة الخارجة سواء كان من السواك أو من ماء الفم إذا أخرجه و أدخله فانه يحرم ابتلاع ماء الفم بعد الخروج على المشهور، و قيل بوجوب كفّارة الجمع، و كذا في غير الصوم أيضا يحتاط في عدم ابتلاع مائه لان الغالب في التحريك أن يخرج ماء الفم و يدخل و ان لم نجزم بالتحريم لانهم كانوا يستاكون كثيرا و لم يبلغ الينا وجوب المج-

53
من لا يحضره الفقيه1

باب السواك ص : 52

لِلْمُحْرِمِ وَ يُكْرَهُ السِّوَاكُ فِي الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ يُورِثُ وَبَاءَ الْأَسْنَانِ وَ السِّوَاكُ مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ وَ هِيَ عَشْرُ سُنَنٍ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَ خَمْسٌ فِي الْجَسَدِ فَأَمَّا الَّتِي فِي الرَّأْسِ فَالْمَضْمَضَةُ وَ الِاسْتِنْشَاقُ وَ السِّوَاكُ وَ قَصُّ الشَّارِبِ‏ «1» وَ الْفَرْقُ لِمَنْ طَوَّلَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَ مَنْ لَمْ يَفْرُقْ شَعْرَ رَأْسِهِ فَرَقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِنْشَارٍ مِنْ نَارٍ «2» وَ أَمَّا الَّتِي فِي الْجَسَدِ فَالاسْتِنْجَاءُ وَ الْخِتَانُ‏ «3» وَ حَلْقُ الْعَانَةِ وَ قَصُّ الْأَظْفَارِ وَ نَتْفُ الْإِبْطَيْنِ‏ «4».

118- وَ قَالَ الْبَاقِرُ وَ الصَّادِقُ ع- صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ.

119- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ فِي السِّوَاكِ لَا تَدَعْهُ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَ لَوْ أَنْ تُمِرَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً.

120- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ اكْتَحِلُوا وَتْراً وَ اسْتَاكُوا عَرْضاً «5».

121- وَ تَرَكَ الصَّادِقُ ع السِّوَاكَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِسَنَتَيْنِ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَسْنَانَهُ ضَعُفَتْ.

______________________________

- مع أنّه عام البلوى، و لو كان واجبا لوصل الينا، لكن يلزم من كلام الاصحاب ذلك لانهم قالوا بحرمة فضلات الإنسان من النخامة و البصاق مع الخروج من الفم و غيرهما فالاحتياط التام في المج. (م ت).

 (1). روى المؤلّف في الخصال ص 271 بمضمون كلامه هذا خبرا عن موسى بن جعفر عليهما السلام و ليس فيه قوله «و من لم يفرق- الخ».

 (2). الفرق يكون لمن اتّخذ شعرا مستحبا و الرواية بانه «إذا لم يفرقه فرق بمنشار من نار» محمول على شدة الاستحباب أو على ترك اعتقاد المشروعية أو أنّه يمنع المسح في الوضوء على البشرة. (كنز العرفان).

 (3). الختان قبل البلوغ استحبابا و بعده واجبا مطلقا.

 (4). لعل المقصود إزالة شعرها و ذكر الحلق مبنى على أن النورة لم تكن في زمن إبراهيم عليه السلام بل كانت إزالة شعرها بالحلق و كذا الكلام في نتف الابطين. (مراد).

 (5). «عرضا» أي بأن يمرّ السواك على عرض الأسنان.

54
من لا يحضره الفقيه1

باب علة الوضوء ص : 55

122- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَسْتَاكُ مَرَّةً بِيَدِهِ إِذَا قَامَ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى السِّوَاكِ فَقَالَ إِذَا خَافَ الصُّبْحَ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

123- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ لَوْ لَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ وُضُوءِ كُلِّ صَلَاةٍ.

124- وَ رُوِيَ‏ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي السِّوَاكِ لَأَبَاتُوهُ مَعَهُمْ فِي لِحَافٍ.

125- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْكَعْبَةَ شَكَتْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا تَلْقَى مِنْ أَنْفَاسِ الْمُشْرِكِينَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا قِرِّي يَا كَعْبَةُ فَإِنِّي مُبْدِلُكِ بِهِمْ قَوْماً يَتَنَظَّفُونَ بِقُضْبَانِ الشَّجَرِ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- نَبِيَّهُ مُحَمَّداً ص نَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ جَبْرَئِيلُ ع بِالسِّوَاكِ.

126- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي السِّوَاكِ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً هُوَ مِنَ السُّنَّةِ وَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَ مَجْلَاةٌ لِلْبَصَرِ وَ يُرْضِي الرَّحْمَنَ وَ يُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ وَ يَذْهَبُ بِالْحَفْرِ «1» وَ يَشُدُّ اللِّثَةَ وَ يُشَهِّي الطَّعَامَ وَ يَذْهَبُ بِالْبَلْغَمِ وَ يَزِيدُ فِي الْحِفْظِ وَ يُضَاعِفُ الْحَسَنَاتِ وَ تَفْرَحُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ.

بَابُ عِلَّةِ الْوُضُوءِ

127- جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص- فَسَأَلُوهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلُوهُ أَخْبِرْنَا يَا مُحَمَّدُ لِأَيِّ عِلَّةٍ تُوَضَّأُ هَذِهِ الْجَوَارِحُ الْأَرْبَعُ وَ هِيَ أَنْظَفُ الْمَوَاضِعِ فِي الْجَسَدِ «2» قَالَ النَّبِيُّ ص لَمَّا أَنْ وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ إِلَى آدَمَ ع- دَنَا مِنَ الشَّجَرَةِ

______________________________

 (1). الحفر: صفرة تعلو الأسنان. (القاموس).

 (2). لعل المراد أن في الجسد مواضع هى- أى المواضع الأربعة التي هو الوجه و اليدان من المغسولة و الرأس و الرجلان من الممسوحة- أنظف منها فتلك المواضع و هي ما قرب من-

55
من لا يحضره الفقيه1

باب علة الوضوء ص : 55

فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَذَهَبَ مَاءُ وَجْهِهِ‏ «1» ثُمَّ قَامَ وَ مَشَى إِلَيْهَا وَ هِيَ أَوَّلُ قَدَمٍ مَشَتْ إِلَى الْخَطِيئَةِ ثُمَّ تَنَاوَلَ بِيَدِهِ مِنْهَا مَا عَلَيْهَا فَأَكَلَ فَطَارَ الْحُلِيُّ وَ الْحُلَلُ مِنْ جَسَدِهِ‏ «2» فَوَضَعَ آدَمُ يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَ بَكَى فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ تَطْهِيرَ هَذِهِ الْجَوَارِحِ الْأَرْبَعِ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَسْلِ الْوَجْهِ لِمَا نَظَرَ إِلَى الشَّجَرَةِ وَ أَمَرَهُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِمَا تَنَاوَلَ بِهِمَا وَ أَمَرَهُ بِمَسْحِ الرَّأْسِ لِمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَ أَمَرَهُ بِمَسْحِ الْقَدَمَيْنِ لِمَا مَشَى بِهِمَا إِلَى الْخَطِيئَةِ.

128- وَ كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ‏ أَنَّ عِلَّةَ الْوُضُوءِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا صَارَ عَلَى الْعَبْدِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الذِّرَاعَيْنِ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَيْنِ فَلِقِيَامِهِ‏ «3» بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى وَ اسْتِقْبَالِهِ إِيَّاهُ بِجَوَارِحِهِ الظَّاهِرَةِ وَ مُلَاقَاتِهِ بِهَا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ‏ «4» فَيَغْسِلُ الْوَجْهَ لِلسُّجُودِ وَ الْخُضُوعِ-

______________________________

- الفرجين بالغسل و المسح أولى لأنّها كثيرا ما يكتسب النجاسة منهما و هذا القدر كاف في السؤال و لا تحتاج الى أن يكون هذه الجوارح أنظف من جميع الأعضاء ليرد أن الرجل مثلا ليس أنظف من الصدر. (مراد).

 (1). لعل المراد أنّه لما نظر الى الشجرة نظر ميل و رغبة شبيه ميل العاصى الى المنهى عنه في أن الأولى و اللائق بحاله الاحتراز عنه، تغير لون وجهه استحياء عن ارتكاب ذلك و ذلك هو المراد بالخطيئة. (مراد).

 (2). استعارة تبعية حيث شبه ذهاب الحلى و الحلل بسرعة طيران الطائر.

 (3). حق العبارة قيامه بدون ذكر الفاء و اللام ليكون خبرا عن «ان» لكن لما كان الكلام جواب سائل صار المقام مقام التفصيل فكانه قال: أما أن المتوضى يغسل الوجه و اليدين و يمسح الرأس و الرجلين فلقيامه- الخ. و الظاهر أن المراد بالقيام القيام في الصلاة، و كونه بين يدي اللّه تمثيل فشبه حال من له القيام في الصلاة و التضرّع و ينقطع إليه، و أطلق اللفظ الموضوع للمشبه به على المشبه كما هو شأن التمثيل. (مراد).

 (4). لان تلك الجوارح هي محل ملاقاة الإنسان في المصافحة و غيرها سواء أريد بالملاقاة الملاقاة في الصلاة فان المصلى نزل نفسها منزلة الملاقى المتضرع، أو الملاقاة يوم القيامة عند اتيان الكتاب (مراد).

56
من لا يحضره الفقيه1

باب حكم جفاف بعض الوضوء قبل تمامه ص : 57

وَ يَغْسِلُ الْيَدَيْنِ لِيُقَلِّبَهُمَا وَ يَرْغَبَ بِهِمَا وَ يَرْهَبَ وَ يَتَبَتَّلَ‏ «1» وَ يَمْسَحُ الرَّأْسَ وَ الْقَدَمَيْنِ لِأَنَّهُمَا ظَاهِرَانِ مَكْشُوفَانِ يَسْتَقْبِلُ بِهِمَا كُلَّ حَالاتِهِ وَ لَيْسَ فِيهِمَا مِنَ الْخُضُوعِ وَ التَّبَتُّلِ مَا فِي الْوَجْهِ وَ الذِّرَاعَيْنِ.

بَابُ حُكْمِ جَفَافِ بَعْضِ الْوَضُوءِ قَبْلَ تَمَامِهِ‏

قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَ‏ «2» إِنْ فَرَغْتَ مِنْ بَعْضِ وُضُوئِكَ وَ انْقَطَعَ بِكَ الْمَاءُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُتِمَّهُ فَأُتِيتَ بِالْمَاءِ فَتَمِّمْ وُضُوءَكَ إِذَا كَانَ مَا غَسَلْتَهُ رَطْباً وَ إِنْ كَانَ قَدْ جَفَّ فَأَعِدْ وُضُوءَكَ وَ إِنْ جَفَّ بَعْضُ وَضُوئِكَ‏ «3» قَبْلَ أَنْ تُتِمَّ الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْكَ الْمَاءُ فَاغْسِلْ مَا بَقِيَ جَفَّ وَضُوؤُكَ أَوْ لَمْ يَجِفَّ.

______________________________

 (1). الرغبة السؤال و الطلب، و الرهبة: الخوف و الفزع. و التبتل: الانقطاع الى عبادة اللّه و إخلاص العمل له و أصله من بتلت الشي‏ء أي قطعته و منه البتول لانقطاعها الى عبادة اللّه عزّ و جلّ. و قال الفاضل التفرشى: قوله «ليقلبهما» القلب هو التحويل و لعلّ المراد أن المصلى يحولهما في الصلاة من مكان الى مكان و يجعلهما بحيال وجهه في القنوت و الحاصل أن كثيرا من أفعال الصلاة يتأتى بهما فينبغي أن تغسلا.

 (2). لما كان الصدوق- رحمه اللّه- سافر في طلب الحديث بعد أن كان في قم و روى عن مشايخه خصوصا عن أبيه و كتب أبوه عليّ بن الحسين إليه رسالة ليعمل الصدوق عليه اما بسؤاله أو تبرعا و لما كان الرسالة من الأخبار الصحيحة التي وصل الى الصدوق يذكر أحيانا من الرسالة تيمنا و تبركا. (م ت).

 (3). قوله «و ان جف بعض وضوئك» ينبغي أن يقرأ الوضوء هنا بفتح الواو و هو ماء الوضوء و الفرق بين المسألتين وجود المتابعة في الافعال في الثانية دون الأولى فيظهر منه أن تحقّق أحد الامرين أي مراعاة عدم الجفاف و التتابع كاف في صحة الوضوء. (مراد) قوله «فأعد وضوءك» لانه مع حصول الجفاف فاتت المتابعة و أيضا من حيث انقطاع الماء و انتظار حصوله و ما بينهما من التراخى غالبا بخلاف ما سيذكر من الجفاف بدون انقطاع الماء فانه لم يفت فيه المتابعة و ان حصل الجفاف فيكون أحد الأمرين بزعمه كافيا (سلطان).

57
من لا يحضره الفقيه1

باب فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه ص : 58

بَابٌ فِيمَنْ تَرَكَ الْوُضُوءَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ‏

129- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ «1».

130- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَحْبَارِ «2» أُقْعِدَ فِي قَبْرِهِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّا جَالِدُوكَ مِائَةَ جَلْدَةٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَا أُطِيقُهَا فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ‏ «3» حَتَّى رَدُّوهُ إِلَى وَاحِدَةٍ فَقَالَ لَا أُطِيقُهَا فَقَالُوا لَا بُدَّ مِنْهَا قَالَ فَبِمَا تَجْلِدُونِيهَا قَالُوا نَجْلِدُكَ بِأَنَّكَ صَلَّيْتَ يَوْماً بِغَيْرِ وُضُوءٍ «4» وَ مَرَرْتَ عَلَى ضَعِيفٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ‏ «5» فَجَلَدُوهُ جَلْدَةً مِنْ‏

______________________________

 (1). المشهور أن الطهور- بالضم- هو الطهارة و بالفتح ما يطهر به، فان قرء الحديث هنا بالضم فالظاهر أنّه لا يصحّ الصلاة الا بالطهارة، و ان قرء بالفتح فالظاهر منه أنّه لا يجب الصلاة إلّا مع وجود ما يتطهر به فلا صلاة مع فاقد الطهورين (سلطان). و قال التفرشى:

قوله «لا صلاة الا بطهور» أي لا صلاة صحيحة الا صلاة مقرونة بطهور، و القصر اضافى بالنسبة الى عدم الطهور فيستفاد منه اشتراطها بالطهور. و من يقدر الكمال في الافعال الشرعية المدخولة للنفى أي لا صلاة كاملة لم يفهم الشرطية عنده من هذا الحديث و الحاجة الى التقدير على تقدير أن يكون الفعل الشرعى هو الهيئة المخصوصة، و أمّا إذا كان عبارة عن المعتبر شرعا فلا، لصحة ارجاع النفي حينئذ الى نفس المهية المعتبرة. انتهى.

 (2). الاحبار جمع حبر- بالكسر أو الفتح- ففى الصحاح عن الأصمعى قال: لا أدرى هو الحبر- بالكسر- أو الحبر- بالفتح-: للرجل العالم. و الحمل على أحبار اليهود غير مناسب هنا. (مراد).

 (3). أي لا يزالون ينقصون منه.

 (4). الظاهر أن الرجل حضر جماعة المسلمين و صلى معهم أو عندهم بدون وضوء عامدا للتظاهر و الا فكيف يتصور كونه منفردا في بيته يصلى بدون الوضوء الا أن يكون مجنونا و المجنون مرفوع عنه. و يمكن أن يكون صلى معهم بدون الوضوء ثمّ أعاد مع الوضوء، فيدل الخبر على حرمة الصلاة بغير وضوء.

 (5). يدل على وجوب نصرة الضعيف كما هو ظاهر من الآيات و الاخبار.

58
من لا يحضره الفقيه1

باب فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه ص : 58

عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ نَاراً.

131- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ ثَمَانِيَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً «1» الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَوْلَاهُ وَ النَّاشِزُ عَنْ زَوْجِهَا وَ هُوَ عَلَيْهَا سَاخِطٌ «2» وَ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَ إِمَامُ قَوْمٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَ هُمْ لَهُ كَارِهُونَ‏ «3» وَ تَارِكُ الْوُضُوءِ وَ الْمَرْأَةُ الْمُدْرِكَةُ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ وَ الزِّبِّينُ‏ «4» وَ هُوَ الَّذِي يُدَافِعُ الْبَوْلَ وَ الْغَائِطَ وَ السَّكْرَانُ.

وَ تَارِكُ الْوُضُوءِ نَاسِياً مَتَى ذَكَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَ يُعِيدَ الصَّلَاةَ.

132- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعَةُ أَشْيَاءَ السَّهْوُ وَ الْخَطَأُ وَ النِّسْيَانُ وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَ مَا لَا يَعْلَمُونَ وَ مَا لَا يُطِيقُونَ وَ الطِّيَرَةُ «5» وَ الْحَسَدُ وَ التَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ مَا لَمْ يَنْطِقِ الْإِنْسَانُ بِشَفَةٍ «6».

______________________________

 (1). قوله عليه السلام «لا يقبل لهم صلاة» ظاهر الاخبار بل الآيات أن القبول غير الاجزاء و لكن الخلاف في معناهما فقال السيّد المرتضى- رحمه اللّه- ان القبول هو استحقاق الثواب و الاجزاء هو الخلوص من العقاب، و ظاهر الاكثر القبول هو كثرة الثواب و الاجزاء قلته لا عدمه، و الظاهر هو قول الاكثر. و المراد بعدم القبول هنا أعم من عدم الصحة و الكمال بالنسبة الى أفراد العباد (م ت).

 (2). النشوز: العصيان و عدم طاعة الزوج. و في الخصال ص 407 «الناشزة عن زوجها».

 (3). لعله كناية عن كونه مخالفا يصلون خلفه كراهة أن يتضرّروا بتركها (مراد).

 (4). الزبين- بكسر الزاى المعجمة و شد الباء كسكين- هو الذي يدافع الاخبثين.

 (5). الظاهر أن المراد بوضع الطيرة عن الأمة وضع تشأمها عنهم، فلا يكون على نسق ما قبلها فان المراد من الوضع فيما قبلها و بعدها وضع المؤاخذة و العقاب (سلطان).

 (6). الظاهر أن المراد بالخلق المخلوقات أي الناس، و المراد بالتفكر حديث النفس بعيوبهم و تفتيش أحوالهم و التأمل فيهم فان هذا العمل و الحسد وضع عنهما المؤاخذة ما لم ينطق الإنسان بهما. و قيل المراد التفكر في مسئلة خلق الاعمال او التشكيك في خلق اللّه و لا يخفى بعده فتأمل (سلطان).

59
من لا يحضره الفقيه1

باب فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه ص : 58

133- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَبْقَى مِنْ وَجْهِهِ إِذَا تَوَضَّأَ مَوْضِعٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَقَالَ يُجْزِيهِ‏ «1» أَنْ يَبُلَّهُ مِنْ بَعْضِ جَسَدِهِ‏ «2».

134- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- إِنْ نَسِيتَ مَسْحَ رَأْسِكَ فَامْسَحْ عَلَيْهِ وَ عَلَى رِجْلَيْكَ مِنْ بِلَّةِ وَضُوئِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ فِي يَدِكَ مِنْ نَدَاوَةِ وَضُوئِكَ شَيْ‏ءٌ فَخُذْ مِمَّا بَقِيَ مِنْهُ فِي لِحْيَتِكَ وَ امْسَحْ بِهِ رَأْسَكَ وَ رِجْلَيْكَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ لِحْيَةٌ فَخُذْ مِنْ حَاجِبَيْكَ وَ أَشْفَارِ عَيْنَيْكَ وَ امْسَحْ بِهِ رَأْسَكَ وَ رِجْلَيْكَ وَ إِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ بِلَّةِ وَضُوئِكَ شَيْ‏ءٌ أَعَدْتَ الْوُضُوءَ «3».

135- وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فِي رَجُلٍ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ قَالَ فَلْيَمْسَحْ قَالَ لَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَلْيَمْسَحْ رَأْسَهُ مِنْ بَلَلِ لِحْيَتِهِ‏ «4».

136- وَ فِي رِوَايَةِ زَيْدٍ الشَّحَّامِ وَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فِي رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى قَامَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَمْسَحْ بِرَأْسِهِ وَ لْيُعِدِ الصَّلَاةَ.

وَ مَنْ شَكَّ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ وُضُوئِهِ وَ هُوَ قَاعِدٌ عَلَى حَالِ الْوُضُوءِ فَلْيُعِدْ وَ مَنْ قَامَ عَنْ‏

______________________________

 (1). يشعر بسقوط الترتيب فيما إذا سهى في خروج العضو، و الحمل على الإتيان بما بعده بعيد، و يمكن الحمل على ما إذا لم يتيقن انه لم يصبه الماء بل إنّما وجده جافا. (مراد).

 (2). ظاهره يشمل ما إذا انتقل الى عضو آخر بل ما إذا فرغ من الوضوء و لا يخفى حينئذ فوت الترتيب، و يمكن حمله على ما إذا لم ينتقل الى عضو آخر فلا يفوت الترتيب أو إذا أتى به و بما بعده (سلطان). محمول على ما إذا كان في الاثناء مع مراعاة الترتيب و يحمل على الشك و الاستحباب جمعا بين الاخبار (م ت).

 (3). خبر أريد به معنى الامر. (مراد).

 (4). قوله «حتى دخل في الصلاة» أي تهيأ للدخول فيها فلا ينافى قوله في الخبر الآتي عن زيد الشحام «فلينصرف فليمسح برأسه و ليعد الصلاة» و أيضا فليس في هذا الحديث أن صلاته صحيحة غايته أنّه لم يصرح ببطلان الصلاة و لا بدّ من حمل الحديثين على وجوب المسح على الرجلين و ان لم يصرح به (مراد).

60
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينقض الوضوء ص : 61

مَكَانِهِ ثُمَّ شَكَّ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ وُضُوئِهِ فَلَا يَلْتَفِتْ إِلَى الشَّكِّ إِلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ وَ هُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْحَدَثِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ وَ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْوُضُوءِ فَلَا يَنْقُضِ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ إِلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ وَ مَنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْوُضُوءِ وَ الْحَدَثِ وَ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَسْبَقُ فَلْيَتَوَضَّأْ «1».

بَابُ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ

137- سَأَلَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَمَّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَقَالا مَا خَرَجَ مِنْ طَرَفَيْكَ الْأَسْفَلَيْنِ‏ «2» الذَّكَرِ وَ الدُّبُرِ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ رِيحٍ وَ النَّوْمُ‏ «3» حَتَّى يُذْهِبَ الْعَقْلَ‏ «4».

وَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ «5» مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقَيْ‏ءِ وَ الْقَلْسِ وَ الرُّعَافِ وَ الْحِجَامَةِ-

______________________________

 (1). راجع نصوصها الكافي ج 3 ص 33 و 34.

 (2). ظاهر هذا الخبر الحصر لكن لم يذكر فيه الدماء و مس الأموات فيمكن أن يكون الحصر اضافيا بالنسبة الى ما قاله أكثر العامّة من القى‏ء و القلس (و القلس: ما خرج من البطن الى الفم من الطعام و الشراب فإذا غلب فهو القى‏ء) أو يحمل على الحقيقة بالنظر الى الرجال بقرينة الذكر، و في مس الميت لم يظهر لنا دليل على النقض و ان قلنا بوجوب الغسل نعم الأحوط الوضوء، و الأولى النقض ثمّ الوضوء مع أن الظاهر أنّه إذا اغتسل لا يحتاج الى الوضوء لعموم الأخبار الصحيحة في أن «أى وضوء أطهر من الغسل» (م ت).

 (3). قوله «حتى يذهب العقل» فيه ايماء الى أن كل ما يذهب به العقل ناقض للوضوء و قوله «و لا ينقض الوضوء- الخ» تأكيد للحصر المذكور ردا على المخالفين (مراد).

 (4). لم يذكر الجنون و الاغماء و السكر في الجواب و ان كان في قوله «حتى يذهب العقل» اشعار بها. (سلطان).

 (5). الظاهر أنّه من كلام الصدوق- رحمه اللّه- (م ت).

61
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينقض الوضوء ص : 61

وَ الدَّمَامِيلِ وَ الْجُرُوحِ وَ الْقُرُوحِ وَ لَا يُوجِبُ الِاسْتِنْجَاءَ «1».

138- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لَيْسَ فِي حَبِّ الْقَرْعِ وَ الدِّيدَانِ الصِّغَارِ «2» وُضُوءٌ إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَمْلِ.

وَ هَذَا «3» إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ثُفْلٌ فَإِذَا كَانَ فِيهِ ثُفْلٌ فَفِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ وَ الْوُضُوءُ وَ كُلُّ مَا خَرَجَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ مِنْ دَمٍ وَ قَيْحٍ وَ مَذْيٍ وَ وَذْيٍ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ وَ لَا اسْتِنْجَاءَ مَا لَمْ يَخْرُجْ بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ مَنِيٌ‏ «4».

139- وَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ لِلصَّادِقِ ع‏ أَجِدُ الرِّيحَ فِي بَطْنِي حَتَّى أَظُنَّ أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ وُضُوءٌ حَتَّى تَسْمَعَ الصَّوْتَ‏ «5» أَوْ تَجِدَ الرِّيحَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ إِبْلِيسَ يَجْلِسُ بَيْنَ أَلْيَتَيِ الرَّجُلِ فَيُحْدِثُ لِيُشَكِّكَهُ‏ «6».

______________________________

 (1). قوله «و لا يوجب الاستنجاء» أي ما سوى المذكور الذي يخرج من الذكر و الدبر من و ذى او مذى أو دود و غيرها لا يوجب الاستنجاء كما لا يوجب الوضوء و ذلك لا يستلزم أن يكون كل ما ذكر موجبا للاستنجاء حتّى يلزم كون الريح موجبا له و اما خروج الدم من الموضعين و ان كان موجبا للغسل لكن لا يسمى ذلك الغسل استنجاء (مراد).

 (2). يطلق حبّ القرع على ديدان عراض في المعا الأعور و القولون يشبه بحب القرع و لذا سميّت به (بحر الجواهر).

 (3). من كلام المؤلّف و يدلّ عليه موثق عمّار الساباطى المروى في التهذيب ج 1 ص 4 و 58 عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حبّ- القرع كيف يصنع؟ قال: ان كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شي‏ء و لم ينقض وضوءه و ان خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء، و ان كان في الصلاة قطع الصلاة و أعاد الوضوء و الصلاة».

 (4). ففى البول و الغائط الاستنجاء و الوضوء، و في الريح الوضوء بدون الاستنجاء، و في المنى بالعكس (مراد) يعني فيه الغسل.

 (5). كناية عن تحقّق وقوعه لا بمجرد التوهم أو الظنّ الذي لا يجرى مجرى العلم مما يمكن أن يكون من فعل الشيطان. (مراد) و الطريق صحيح.

 (6). المراد بحدث الشيطان التوهّمات التي تحصل للموسوسين (م ت).

62
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينقض الوضوء ص : 61

140- وَ سَأَلَ زُرَارَةُ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يُقَلِّمُ أَظَافِيرَهُ وَ يَجُزُّ شَارِبَهُ وَ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ لِحْيَتِهِ وَ رَأْسِهِ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ الْوُضُوءَ فَقَالَ يَا زُرَارَةُ كُلُّ هَذَا سُنَّةٌ وَ الْوُضُوءُ فَرِيضَةٌ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنَ السُّنَّةِ يَنْقُضُ الْفَرِيضَةَ وَ إِنَّ ذَلِكَ لَيَزِيدُهُ تَطْهِيراً «1».

141- وَ سَأَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْ أَظَافِيرِهِ وَ شَارِبِهِ أَ يَمْسَحُهُ بِالْمَاءِ فَقَالَ لَا «2» هُوَ طَهُورٌ «3».

142- وَ سُئِلَ عَنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ هَلْ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَقَالَ لَا.

143- وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- عَنِ الرَّجُلِ يُخْفِقُ‏ «4» رَأْسَهُ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ قَائِماً أَوْ رَاكِعاً قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ «5».

144- وَ سُئِلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ وَ هُوَ قَاعِدٌ «6» هَلْ‏

______________________________

 (1). لعل المراد بالسنة السنة التي وضعت للتطهير اما بان يكون قوله: «و ان ذلك الخ» جملة حالية أو تحمل السنة على هذا الفرد بقرينة ما بعده فلا ينتقض بالجماع لانه ليس وضعه للتطهير و على التقادير الزام على العامّة بمثل ما يعتبرونه من الاستحسانات، و يوجه بأن الوضوء فريضة من فرائض اللّه تعالى على عباده و قرر لنقضها الاحداث المذكورة في القرآن و السنة المتواترة فكيف ينقضه ما جعله اللّه سبحانه للتطهير مثل المذكورات (م ت).

 (2). قوله (ع): «لا» الظاهر أن المراد انه لا يجب مسحه بالماء و يمكن أن يكون السائل جعل المسح كناية عن الوضوء. و قوله (ع) «هو طهور» تشبيه اي كالطهور في التنظيف فلا يحتاج الى التطهير. (مراد). و الطريق الى إسماعيل بن جابر صحيح (صه).

 (3). يحتمل أنّه يعنى به الطاهر أي المذكور طاهر فلا حاجة الى استعمال الماء و يحتمل انه بمعنى المطهر أي الاخذ المذكور مطهر فكيف يوجب التطهير (سلطان).

 (4). الطريق حسن بابراهيم بن هاشم. و يخفق أي أخذته سنة من النعاس فحرك رأسه و هو ناعس.

 (5). حمل على ما إذا لم يغلب النوم على العقل اي المشاعر.

 (6). الرقاد: النوم و المراد بالرقود هنا مقدّمته أي النعاس بقرينة قوله «و هو قاعد» اذ الغالب في القاعد هو النعاس (م ت).

63
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينقض الوضوء ص : 61

عَلَيْهِ وُضُوءٌ فَقَالَ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ مَا دَامَ قَاعِداً «1» إِنْ لَمْ يَنْفَرِجْ‏ «2».

145- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ لَيْسَ فِي الْقُبْلَةِ وَ لَا الْمُبَاشَرَةِ وَ لَا مَسِّ الْفَرْجِ وُضُوءٌ.

146- وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَقْطُرُ مِنْهُ الْبَوْلُ وَ الدَّمُ إِذَا كَانَ حِينَ الصَّلَاةِ اتَّخَذَ كِيساً وَ جَعَلَ فِيهِ قُطْناً ثُمَّ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ وَ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ فِيهِ ثُمَّ صَلَّى يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ «3» يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَ يُعَجِّلُ الْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَيْنِ وَ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَ يُعَجِّلُ الْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَيْنِ وَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصُّبْحِ‏ «4».

147- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ رَجُلٍ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَوَجَدَ بَلَلًا قَالَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ وَ لَا يَتَوَضَّأُ «5».

______________________________

 (1). إشارة الى أن المراد بالرقود النعاس اذ الغالب عند عدم انفراج الأعضاء و بقائها على حالها لا يحصل النوم الذاهب للعقل، و يمكن حمل الكلام على التقية (مراد).

 (2). محمول على النعاس الذي يسمع الصوت معه، أو على التقية لموافقته لمذهب كثير من العامّة في أن النوم بنفسه ليس بناقض بل باعتبار خروج الريح، و الظاهر من الصدوق أنه عمل به كما نقل عنه، و العمل على المشهور، و لو احتاط بالنقض بحدث و الوضوء بعده كان أولى خروجا من خلافه (م ت).

 (3). يدل على أن من به السلس يكفيه وضوء واحد للصلاتين و المشهور خلافه (سلطان) و قال بعض: لعل الجمع بين الصلاة لعدم إعادة الاذان لانه إذا فصل بينهما يستحب الاذان، أو لعدم تعدّد الوضوء لكل صلاة، أو لعدم وقوع الحدث الكثير. و الطريق صحيح.

 (4). قيل: الظاهر أن اسم الإشارة راجع الى اتخاذ الكيس و يحتمل أن يرجع الى أصل الوضوء و الى جميع ما تقدم و يكون الجمع مع صلاة الليل. و قال التفرشى: قوله:

 «يؤخر الظهر» أي يوقعها في آخر وقت فضيلتها و يوقع العصر في أول وقتها ليقع كل منهما في وقت الفضيلة، و يستفاد من ظاهر الحديث جواز الإتيان بصلاتين بوضوء واحد لمن به السلس.

 (5). الطريق موثق أو حسن و رواه الكليني ج 3 ص 19 و ظاهره الإطلاق و حمل على ما بعد الاستبراء لاخبار أخر (م ت).

64
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

148- وَ رَوَى غَيْرُهُ‏ «1» فِي الرَّجُلِ يَبُولُ ثُمَّ يَسْتَنْجِي ثُمَّ يَرَى بَعْدَ ذَلِكَ بَلَلًا أَنَّهُ إِذَا بَالَ فَخَرَطَ مَا بَيْنَ الْمَقْعَدَةِ وَ الْأُنْثَيَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ غَمَزَ مَا بَيْنَهُمَا «2» ثُمَّ اسْتَنْجَى فَإِنْ سَالَ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ السُّوقَ فَلَا يُبَالِي‏ «3».

وَ إِذَا مَسَّ الرَّجُلُ بَاطِنَ دُبُرِهِ أَوْ بَاطِنَ إِحْلِيلِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَ إِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَ تَوَضَّأَ وَ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَ إِنْ فَتَحَ إِحْلِيلَهُ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ «4» وَ مَنِ احْتَقَنَ أَوْ حَمَلَ شِيَافَةً قَذِراً «5» فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ وَ إِنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِطاً بِالثُّفْلِ فَعَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ وَ الْوُضُوءُ.

بَابُ مَا يُنَجِّسُ الثَّوْبَ وَ الْجَسَدَ

149- كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا يَرَى فِي الْمَذْيِ وُضُوءاً وَ لَا غَسْلَ مَا أَصَابَ‏

______________________________

 (1). هو عبد الملك بن عمرو كما في التهذيب ج 1 ص 7 و سنده حسن كالصحيح و طريق الصدوق إليه فيه الحكم بن مسكين و هو مهمل.

 (2). أي بين الانثيين، و لعلّ المراد كون ابتداء الغمز ممّا بين الانثيين و هو أصل الذكر (مراد).

 (3). السوق جمع ساق و هو ما بين الركبة الى الكعب.

 (4). هذا مذهب الصدوق- رحمه اللّه- على ما نقل عنه و وافقه ابن الجنيد و احتج المصنّف بخبر عمّار الساباطى المروى في التهذيب ج 1 ص 99 عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال «سئل عن الرجل يتوضأ ثمّ يمس باطن دبره؟ قال: نقض وضوؤه و ان مس باطن احليله فعليه أن يعيد الوضوء و ان كان في الصلاة قطع الصلاة و يتوضأ و يعيد الصلاة- الحديث» و أجيب اولا بكونه معارضا لصحاح أخر و موافقا لمذهب العامّة فيحمل على التقية.

 (5). في بعض النسخ بدون «قذرا» و في بعضها «شيئا قذرا». و قوله «قذرا» أي نجسا قبله خصصه بالقذر إذا دخل في الجوف و خرج منه انه لا يلزم الوضوء حيث ان خروج القذر الذي كان فيه يوجبه و إذا كان حمل القذر لا يوجب الوضوء فحمل الطاهر لا يوجبه بطريق أولى (مراد).

65
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

الثَّوْبَ مِنْهُ‏ «1».

150- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْمَذْيَ وَ الْوَذْيَ بِمَنْزِلَةِ الْبُصَاقِ وَ الْمُخَاطِ «2» فَلَا يُغْسَلُ مِنْهُمَا الثَّوْبُ وَ لَا الْإِحْلِيلُ.

وَ هِيَ‏ «3» أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ الْمَنِيُّ وَ الْمَذْيُ وَ الْوَذْيُ وَ الْوَدْيُ فَأَمَّا الْمَنِيُّ فَهُوَ الْمَاءُ الْغَلِيظُ الدَّافِقُ الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ وَ الْمَذْيُ مَا يَخْرُجُ قَبْلَ الْمَنِيِّ وَ الْوَذْيُ مَا يَخْرُجُ بَعْدَ الْمَنِيِّ عَلَى أَثَرِهِ وَ الْوَدْيُ مَا يَخْرُجُ عَلَى أَثَرِ الْبَوْلِ لَا يَجِبُ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ‏ «4» الْغُسْلُ وَ لَا الْوُضُوءُ وَ لَا غَسْلُ ثَوْبٍ وَ لَا غَسْلُ مَا يُصِيبُ الْجَسَدَ مِنْهُ إِلَّا الْمَنِيِّ.

151- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ «5» أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَلْبَسُ الثَّوْبَ-

______________________________

 (1). قوله و «لا غسل ما-» بالإضافة. و في بعض النسخ «و لا غسلا» بفتح الغين مصدر و الموصول مفعوله. (مراد).

 (2). البزاق و البصاق بضم الباء-: الفاظ مترادفة و هو ماء الفم إذا خرج منه و هو ريق ما دام فيه، و في الصحاح المخاط ما يسيل من الانف. (مراد).

 (3). «هى» ضمير القصة و ما بعدها مفسر لها «و أربعة أشياء» مبتدأ و قوله: «المنى و المذى و الوذى و الودى بدل منها، و قوله: «لا يجب شي‏ء من ذلك» خبر له. و في بعض النسخ «فى أربعة أشياء».

 (4). قوله «شي‏ء من ذلك» بدل من قوله «فى أربعة أشياء» فهو متعلق بلا يجب فيصير الكلام في قوة في شي‏ء من أربعة أشياء لا يجب الغسل و لا الوضوء- الخ، و الترتيب الطبيعي يقتضى تقديم الوضوء لان الغسل أكمل منه فيقال: لا يقدر على هذا وزير و لا أمير و لو عكس اختل النظم، لكن لما كان المذى أشبه بالمنى فتوهم ايجابه الغسل أقوى من توهم ايجابه الوضوء فرفع توهم الأول أهم. و في حاشية المحقق الشيخ على (ره) على الشرائع المذى ماء لزج يخرج عقيب الملاعبة بعد انكسار الشهوة. و الوذى بالمعجمة ما يخرج عقيب الانزال و الودى بالمهملة ماء أبيض غليظ يخرج عقيب البول (مراد).

 (5). الطريق قوى.

66
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

وَ فِيهِ الْجَنَابَةُ «1» فَيَعْرَقُ فِيهِ فَقَالَ إِنَّ الثَّوْبَ لَا يُجْنِبُ الرَّجُلَ‏ «2».

152- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يُجْنِبُ الثَّوْبُ الرَّجُلَ وَ لَا الرَّجُلُ يُجْنِبُ الثَّوْبَ.

153- وَ سَأَلَ زَيْدٌ الشَّحَّامُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الثَّوْبِ يَكُونُ فِيهِ الْجَنَابَةُ «3» وَ تُصِيبُنِي السَّمَاءُ حَتَّى يَبْتَلَّ عَلَيَّ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَ إِذَا نَامَ الرَّجُلُ عَلَى فِرَاشٍ قَدْ أَصَابَهُ مَنِيٌّ فَعَرِقَ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ‏ «4» وَ مَتَى عَرِقَ فِي ثَوْبِهِ وَ هُوَ جُنُبٌ فَلْيَتَنَشَّفْ فِيهِ إِذَا اغْتَسَلَ‏ «5» وَ إِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ مِنْ حَلَالٍ فَحَلَالٌ الصَّلَاةُ فِيهِ وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ حَرَامٍ فَحَرَامٌ الصَّلَاةُ فِيهِ وَ إِذَا عَرِقَتِ الْحَائِضُ فِي ثَوْبٍ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ‏ «6».

154- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِبَعْضِ نِسَائِهِ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ «7» فَقَالَتْ لَهُ أَنَا حَائِضٌ فَقَالَ لَهَا أَ حَيْضُكِ فِي يَدِكِ.

______________________________

 (1). الضمير راجع الى الثوب، يعنى رجل لبس ثوبا أصابه المنى فيعرق فيه.

 (2). و لعلّ مقصود السائل تحقيق حكم عرق الجنب فيكون معنى الكلام أن الرجل يلبس ثوبا حصلت فيه الجنابة سابقا فيعرق فيه فقال عليه السلام: ان الثوب لا يجنب الرجل أى الثوب الذي حصلت فيه الجنابة وقتا ما لا تأثير له في حال الرجل من تنجسه و غير ذلك بل هو طاهر. و كذا القول في الخبر الآخر أي لا تأثير لجنابة الرجل في الثوب و لا الثوب الملبوس حال الجنابة في الرجل لو لبسه بعد ذلك فعرق فيه (سلطان).

 (3). في الطريق أبو جميلة و هو ضعيف و رواه الكليني بسند موثق كالصحيح. و كأنّه كناية عن اصابة المنى لكن يوجه بالوجه الذي ذكر في الحديث السابق. يعنى المراد الثوب الذي كان يلبسه و يجامع فيه سابقا. و قد حمله بعضهم اما على كثرة ماء المطر بحيث يطهر الثوب أو على التقية.

 (4). لان مجرد العرق لا يوجب التنجس الا إذا علم وصول النجاسة إليه.

 (5). يعني لا مانع بالتنشف بالثوب الذي عرق فيه الجنب لانه لا يتعدى الجنابة الى الثوب و أيضا عرق الجنب لا ينجس الثوب. و حمله الشيخ- رحمه اللّه- على ما كان من حرام.

 (6). يعني لو كانت الجنابة من الحرام لا يجوز الصلاة فيه مطلقا أو حالكونه رطبا بذلك العرق و ذهب الى كل جماعة.

 (7). الخمرة- بالضم-: سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل و تزمل بالخيوط.

67
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

155- وَ سَأَلَ مُحَمَّدٌ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‏ عَنْ رَجُلٍ أَجْنَبَ فِي ثَوْبِهِ‏ «1» وَ لَيْسَ مَعَهُ ثَوْبٌ غَيْرُهُ قَالَ يُصَلِّي فِيهِ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ غَسَلَهُ‏ «2».

156- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ وَ أَعَادَ الصَّلَاةَ «3».

وَ الثَّوْبُ إِذَا أَصَابَهُ الْبَوْلُ غُسِلَ فِي مَاءٍ جَارٍ مَرَّةً وَ إِنْ غُسِلَ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَمَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُعْصَرُ «4» وَ إِنْ كَانَ بَوْلَ الْغُلَامِ الرَّضِيعِ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبّاً وَ إِنْ كَانَ قَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ غُسِلَ وَ الْغُلَامُ وَ الْجَارِيَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ «5».

157- وَ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: لَبَنُ الْجَارِيَةِ وَ بَوْلُهَا يُغْسَلُ مِنْهُ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ تَطْعَمَ لِأَنَّ لَبَنَهَا يَخْرُجُ مِنْ مَثَانَةِ أُمِّهَا «6» وَ لَبَنُ الْغُلَامِ لَا يُغْسَلُ مِنْهُ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ وَ لَا بَوْلُهُ‏ «7» لِأَنَّ لَبَنَ الْغُلَامِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَنْكِبَيْنِ وَ الْعَضُدَيْنِ.

______________________________

 (1). الطريق صحيح. و «أجنب في ثوبه» يعنى احتلم فيه.

 (2). ظاهره صحة الصلاة فيه مطلقا، و يمكن حمله على ما إذا لم يقدر على أن يطرحه عند الصلاة لبرد أو غيره (كوجود ناظر محترم) و يصلى عريانا (مراد).

 (3). محمول على الاستحباب. و قال الفاضل التفرشى: «لا منافاة بين هذا الخبر و الخبر الأول اذ ليس فيه أنّه لا يعيد الصلاة». أقول: فيه نظر لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة.

 (4). «ثم يعصر» ظاهره الاكتفاء في الغسلتين بعصر واحد بعدهما، و لعلّ المراد بيان أن الغسل في الماء الجاري بادخال النجس فيه و في حكمه الكر لا يحتاج الى العصر بخلاف الماء الراكد الذي يصب على المحل فانه لا بدّ في تحقّق الغسل فيه من العصر فكانه قال: لا يكتفى في المرتين بورود الماء على المحل بل لا بدّ في كل من عصر. (مراد) أقول: قوله: «فى ماء راكد» «فى» بمعنى الباء و المراد بالراكد ما كان أقل من الكر و لذا قال: صب عليه الماء.

 (5). أي بعد أكل الطعام.

 (6). بيان للحكم و ليس استدلالا ليرد أن خروجه من مثانة الام لا يستلزم تنجسه بعد استحالته لبنا و الانتقال الى جوفها و استحالته بولا. (مراد).

 (7). التقييد باعتبار عطف البول على اللبن اذ لا دخل لهذا القيد في طهارة اللبن-

68
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

158- وَ سَأَلَ حَكَمُ بْنُ حُكَيْمٍ ابْنُ أَخِي خَلَّادٍ «1»- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- فَقَالَ لَهُ أَبُولُ فَلَا أُصِيبُ الْمَاءَ وَ قَدْ أَصَابَ يَدِي شَيْ‏ءٌ مِنَ الْبَوْلِ فَأَمْسَحُهُ بِالْحَائِطِ وَ بِالتُّرَابِ ثُمَّ تَعْرَقُ يَدِي فَأَمَسُّ وَجْهِي أَوْ بَعْضَ جَسَدِي أَوْ يُصِيبُ ثَوْبِي فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ‏ «2».

159- وَ سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي مَحْمُودٍ- الرِّضَا ع- عَنِ الطِّنْفِسَةِ وَ الْفِرَاشِ يُصِيبُهُمَا الْبَوْلُ كَيْفَ يُصْنَعُ وَ هُوَ ثَخِينٌ كَثِيرُ الْحَشْوِ فَقَالَ يُغْسَلُ مِنْهُ مَا ظَهَرَ فِي وَجْهِهِ‏ «3».

160- وَ سَأَلَ حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ- إِنِّي رُبَّمَا بُلْتُ فَلَا

______________________________

- فكأنّه عليه السلام قال: و لبن الغلام و بوله لا يغسل منه الثوب قبل أن يطعم لان- ا ه- و ذلك لان مرتبة العطف على المسند إليه مقدم على مرتبة الحكم لان كونه بحيث يشاركه غيره في الحكم من صفاته المعتبرة فيه (مراد) و قال الشيخ في التهذيبين: انما نفى غسل الثوب منه كما يغسل من بول الرجل أو بوله بعد أن يأكل الطعام و لم ينف أن يصب الماء عليه، و ليس كذلك حكم بول الجارية لان بولها لا بدّ من غسله- انتهى.

و قال المجلسيّ الأول- رحمه اللّه-: الخبر رواه الشيخ عن النوفليّ عن السكونى و السند ضعيف لكن شهادة الصدوق بصحته تمنع من رده مع كونه منجبرا بعمل الاصحاب و يدل على الفرق بين بول الرضيع و الرضيعة كما هو المشهور بين الاصحاب، فلا بدّ من حمل الخبر الأول على الفطيم، و ان حمل على الرضيع و التسوية بينه و بين الجارية فلا بدّ من حمل الثاني على الاستحباب أو التقية.

 (1). كذا و في كتب الرجال «حكم بن الحكيم أبو خلّاد الصيرفى» و الطريق صحيح.

 (2). يحتمل توجيهه بان وصول موضع النجاسة الى الوجه أو بعض الجسد أو الثوب غير متيقن فلا بأس بالثوب و سائر الجسد و الوجه و ان كان اليد نجسة، و هذا إذا لم يكن المس بكل اليد، و يمكن حمل عدم البأس على صحة الصلاة من حيث عدم اصابة الماء و عدم القدرة عليه كما يشعر به كلام السائل. (سلطان).

 (3). اما محمول على عدم ظهور أن البول دخل في عمق ما سئل عنه، و اما على غسل الظاهر بوضعه في الجاري، أو غسله على وجه لا يصل الماء الى القطن عند الغسل، أو على القول بطهارة الغسالة، فلا ينجس الماء المنفصل عن القطن الملاقى لوجه المغسول (مراد).

69
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

أَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ وَ يَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَقَالَ إِذَا بُلْتَ وَ تَمَسَّحْتَ فَامْسَحْ ذَكَرَكَ بِرِيقِكَ‏ «1» فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئاً فَقُلْ هَذَا مِنْ ذَاكَ‏ «2».

161- وَ سُئِلَ ع- عَنِ امْرَأَةٍ لَيْسَ لَهَا إِلَّا قَمِيصٌ وَاحِدٌ وَ لَهَا مَوْلُودٌ فَيَبُولُ عَلَيْهَا كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ تَغْسِلُ الْقَمِيصَ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً «3».

162- وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ- لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- أَخْرُجُ مِنَ الْخَلَاءِ فَأَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ فَيَقَعُ ثَوْبِي فِي ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي اسْتَنْجَيْتُ بِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ «4».

163- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- فِي طِينِ الْمَطَرِ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يُصِيبَ الثَّوْبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ نَجَّسَهُ شَيْ‏ءٌ بَعْدَ الْمَطَرِ فَإِنْ أَصَابَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ غَسَلَهُ وَ إِنْ كَانَ طَرِيقاً نَظِيفاً لَمْ يَغْسِلْهُ‏ «5».

164- وَ سَأَلَ أَبُو الْأَعَزِّ النَّخَّاسُ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ: إِنِّي أُعَالِجُ الدَّوَابَّ فَرُبَّمَا خَرَجْتُ بِاللَّيْلِ وَ قَدْ بَالَتْ وَ رَاثَتْ فَتَضْرِبُ إِحْدَاهَا بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا «6» فَيُنْضَحُ عَلَى‏

______________________________

 (1). قيل: هذا الخبر متروك عند الاصحاب كما نبه عليه الشهيد (ره) في الذكرى.

 (2). «فقل هذا من ذاك» أي هذا الذي وجدت على الثوب أو البدن من رطوبة من ذاك الريق الذي مسحته على الذكر في غير محل البول لا من البول الباقي على الذكر (مراد) و لعلّ المراد مسح ما عدا مخرج البول بالريق لاجل أنّه لو رأى بللا بعد ذلك حمله على أنّه من الريق لا من البول. (سلطان).

 (3). لعل المراد اليوم بليلته و هذا اطلاق شايع. (مراد).

 (4). حمل على ما لم تكن فيه أجزاء النجاسة مميزة. و قال المولى المجلسيّ: الخبر حسن كالصحيح دل على طهارة ماء الاستنجاء ظاهرا و يؤيده أخبار آخر، و قيل بالعفو دون الطهارة.

 (5). لعل المراد غسله استحبابا (مراد) و المشهور بين الاصحاب استحباب إزالة طين المطر بعد مضى ثلاثة أيّام بعد انقطاعه و انه لا بأس في الثلاثة ما لم يعلم فيه نجاسة (الشيخ محمّد).

 (6). طريق الصدوق إليه حسن و طريق الكليني إليه صحيح و له كتاب هو معتمد الصدوقين و عمل به أكثر الاصحاب و يعارضه أخبار أخر عنهم عليهم السلام بالامر بغسل أبوال الدوابّ دون أرواثها و حملها أكثر الاصحاب على الاستحباب جمعا بين الاخبار و ظاهر بعضهم وجوب الاجتناب و هو الأحوط (م ت) و قوله «برجلها» فى بعض النسخ «بيدها و رجليها».

70
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

ثَوْبِي فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَ لَا بَأْسَ بِخُرْءِ الدَّجَاجَةِ وَ الْحَمَامَةِ يُصِيبُ الثَّوْبَ وَ لَا بَأْسَ بِخُرْءِ مَا طَارَ وَ بَوْلِهِ وَ لَا بَأْسَ بِبَوْلِ كُلِّ شَيْ‏ءٍ أُكِلَ لَحْمُهُ فَيُصِيبُ الثَّوْبَ وَ لَا بَأْسَ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ يُصِيبُ قَمِيصَهَا فَيَكْثُرُ وَ يَيْبَسُ‏ «1».

165- وَ سُئِلَ الرِّضَا ع- عَنِ الرَّجُلِ يَطَأُ فِي الْحَمَّامِ وَ فِي رِجْلَيْهِ الشُّقَاقُ‏ «2» فَيَطَأُ الْبَوْلَ وَ النُّورَةَ فَيَدْخُلُ الشُّقَاقَ أَثَرٌ أَسْوَدُ مِمَّا وَطِئَهُ مِنَ الْقَذَرِ وَ قَدْ غَسَلَهُ كَيْفَ يَصْنَعُ بِهِ وَ بِرِجْلِهِ الَّتِي وَطِئَ بِهَا أَ يُجْزِيهِ الْغَسْلُ أَمْ يُخَلِّلُ‏ «3» [أَظْفَارَهُ‏] بِأَظْفَارِهِ وَ يَسْتَنْجِي فَيَجِدُ الرِّيحَ مِنْ أَظْفَارِهِ‏ «4» وَ لَا يَرَى شَيْئاً فَقَالَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّيحِ وَ الشُّقَاقِ‏ «5» بَعْدَ غَسْلِهِ.

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَدَلَّكَ الرَّجُلُ فِي الْحَمَّامِ بِالسَّوِيقِ وَ الدَّقِيقِ وَ النُّخَالَةِ فَلَيْسَ فِيمَا يَنْفَعُ الْبَدَنَ إِسْرَافٌ إِنَّمَا الْإِسْرَافُ فِيمَا أَتْلَفَ الْمَالَ وَ أَضَرَّ بِالْبَدَنِ وَ الدَّمُ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُهُ مِقْدَارَ دِرْهَمٍ‏

______________________________

 (1). في بعض النسخ «و يلبس».

 (2). قال في الصحاح: «تقول: بيد فلان و برجله شقوق، و لا تقل شقاق، و انما الشقاق داء يكون بالدواب و هو تشقق يصيب أرساغها، و ربما ارتفع الى أوظفتها».

 (3). في بعض النسخ «يحكك».

 (4). قوله «يخلل باظفاره» فى بعض النسخ «اظفاره» بدون الباء، و في بعضها «اظفاره باظفاره» و النسخة الأولى أوفق بالسؤال، أو ظاهره السؤال عن كفاية الغسل عن ادخال الاظفار في تلك الشقوق لا تخليل الاظفار لئلا يبقى فيه شي‏ء من تلك النجاسة الداخل تحتها عند ازالتها عن الشقوق الا أن يحمل على أن الشقاق تحت أظفاره، و قوله: «و يستنجى فيجد الريح» عطف على قوله: «يطأ» أي عن الرجل يستنجى فيجد الريح فيكون سؤالا ثانيا. (مراد).

 (5). لعله لموافقة قول السائل أو يكون ما في الصحاح و هما.

71
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

وَافٍ‏ «1» وَ الْوَافِي مَا يَكُونُ وَزْنُهُ دِرْهَماً وَ ثُلُثاً وَ مَا كَانَ دُونَ الدِّرْهَمِ الْوَافِي فَقَدْ يَجِبُ غَسْلُهُ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَ إِنْ كَانَ الدَّمُ دُونَ حِمَّصَةٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ لَا يُغْسَلَ‏ «3» إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَمَ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْهُ وَ مِنَ الْبَوْلِ وَ الْمَنِيِّ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً وَ تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ عُلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ.

166- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع- مَا أُبَالِي أَ بَوْلٌ أَصَابَنِي أَوْ مَاءٌ إِذَا لَمْ أَعْلَمْ‏ «4».

167- وَ قَدْ رُوِيَ‏ فِي الْمَنِيِّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ جُنُباً حَيْثُ قَامَ وَ نَظَرَ وَ طَلَبَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْظُرْ وَ لَمْ يَطْلُبْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ وَ يُعِيدَ صَلَاتَهُ‏ «5».

______________________________

 (1). الظاهر المراد قدر سعته لا وزنه و حكاية الوزن لتعيين الدرهم و تميزه. (سلطان).

 (2). أي فيما يشترط فيه الطهارة غير الصلاة، أو المراد نجاسته بمعنى أنّه لا يتوهّم من جواز الصلاة فيه طهارته (م ت).

 (3). يمكن الجمع بينهما بان تكون المراد بالدرهم سعته و بالحمصة وزنه، فان قدر الحمصة إذا وقعت على الثوب أو البدن يصير بقدر الدرهم في السعة، لكن الجمع بين قولي الصدوق مشكل لان ظاهر كلامه أن العفو عن وزن الدرهم الوافي لا عن السعة الا أن يأول بأن مراده السعة مع الكبر كما نقل أنّه كان بقدر أخمص الراحة أو رءوس الإبهام أو المدور الذي قطره طول رأس الإبهام و في بعض النسخ «خمصه» بالخاء المعجمة و الصاد المهملة بمعنى أخمص الراحة و كانه تصحيف أو بحمل الخبر الثاني على الاستحباب. و في المتفرق خلاف و الظاهر من الاخبار أنّه إذا كان قدر الدرهم حال الاجتماع يجب ازالته (م ت).

 (4). أي لا حرج على في نفس الامر إذا استمر عدم العلم، فلا ينافى ما ذكر في السابق.

و قال المولى التفرشى: ظاهره المساواة بينهما فيدل ظاهره على عدم وجوب إعادة الصلاة بذلك في الوقت و خارجه. أقول: فى سند هذا الخبر على طريق الكليني و الشيخ حفص بن غياث و هو رجل عامى من قضاتهم ولى القضاء ببغداد الشرقية لهارون ثمّ ولاه قضاء الكوفة.

 (5). ظاهره أنّه إذا حصل عند الإنسان أمارة الجنابة من رؤيا أو غيره فان تفحص و لم ير شيئا من المنى في ثوبه و بدنه ثمّ بعد الصلاة يراه لم يكن عليه شي‏ء، و ان لم يتفحص فرآه بعد الصلاة اعادها للتقصير في التفحص (مراد) و الخبر مرويّ في الكافي ج 3 ص 405 و في التهذيب ج 1 ص 120.

72
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

وَ لَا بَأْسَ بِدَمِ السَّمَكِ فِي الثَّوْبِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْإِنْسَانُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً وَ مَنْ أَصَابَ قَلَنْسُوَتَهُ أَوْ عِمَامَتَهُ أَوْ تِكَّتَهُ أَوْ جَوْرَبَهُ أَوْ خُفَّهُ مَنِيٌّ أَوْ بَوْلٌ أَوْ دَمٌ أَوْ غَائِطٌ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ‏ «1» وَ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَتِمُّ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ هَذَا وَحْدَهُ وَ مَنْ وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَى حِمَارٍ مَيْتٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ عَظْمَ الْمَيِّتِ إِذَا جَازَ سَنَةٌ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ سِنُّ الْمَيِّتِ لِلْحَيِّ مَكَانَ سِنِّهِ‏ «3» وَ مَنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ كَلْبٌ جَافٌّ وَ لَمْ يَكُنْ بِكَلْبِ صَيْدٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُشَّهُ بِالْمَاءِ وَ إِنْ كَانَ رَطْباً فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ وَ إِنْ كَانَ كَلْبَ صَيْدٍ وَ كَانَ جَافّاً فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ «4» وَ إِنْ كَانَ رَطْباً فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُشَّهُ بِالْمَاءِ «5»

______________________________

 (1). المشهور عدم العفو عن العمامة لان الهيئة لا مدخل لها في عدم ستر العورتين بها فيلزم جواز الصلاة في كل ثوب نجس مطوى و الظاهر أنّه لا يقول به (م ت).

 (2). هذا إذا كان يابسا لا رطبا.

 (3). ذلك لان الغالب عدم بقاء اللحم و الجلد بعد مضى سنة و عظم الميت ليس بنجس. و قال المولى التفرشى ظاهره: يشمل ميت الإنسان و غيره و وجوب الغسل بمس العظم المجرد عند البعض لا يستلزم نجاسته. و استشكل المجلسيّ الأول من حيث وجوب الدفن و من حيث عدم جواز الصلاة في جزء الحيوان غير المأكول اللحم و قال: يحمل على سن الشاة و ما أشبهها.

و قال التفرشى: يدل على طهارة السن و عدم وجوب دفنه ان تفرد عن الميت و على جواز المقلوع من الحى مكان السن. (مراد).

 (4). هذا القول مدفوع لعموم رواية الفضل أبى العباس في الصحيح قال قال أبو عبد اللّه عليه السلام «إذا أصاب ثوبك من الكلب برطوبة فاغسله، و ان مسحه جافا صب الماء عليه» كذا قال العلامة في المنتهى و الشهيد في الذكرى. (سلطان).

 (5). المشهور نجاسة الكلب مطلقا و يجب الغسل ان كان رطبا و ينضح ان كان يابسا، و ما قاله الصدوق من استثناء كلب الصيد يمكن أن يصل إليه خبر. (م ت).

73
من لا يحضره الفقيه1

باب ما ينجس الثوب و الجسد ص : 65

وَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ أَصَابَهُ خَمْرٌ «1» لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ شُرْبَهَا وَ لَمْ يُحَرِّمِ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبٍ أَصَابَتْهُ فَأَمَّا فِي بَيْتٍ فِيهِ خَمْرٌ «2» فَلَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ‏ «3» وَ مَنْ بَالَ فَأَصَابَ فَخِذَهُ نُكْتَةٌ مِنْ بَوْلِهِ فَصَلَّى ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُ‏ «4» فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ وَ يُعِيدَ صَلَاتَهُ‏ «5» وَ إِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي الْمَاءِ ثُمَّ خَرَجَتْ فَمَشَتْ عَلَى الثِّيَابِ فَاغْسِلْ مَا رَأَيْتَ مِنْ أَثَرِهَا وَ مَا لَمْ تَرَهُ انْضِحْهُ بِالْمَاءِ «6»

______________________________

 (1). ظاهر الصدوق طهارة الخمر، و يمكن حمل كلامه على العفو عنها، و الاخبار متعارضة و حمل أكثر الاصحاب اخبار الجواز على التقية و يشكل بأن أكثرهم على النجاسة الا أن يقال: التقية كانت من ملوك بني أميّة و بني العباس فانهم كانوا يشربونها و يزاولونها و الاستدلال بالآية أشكل و الاحتياط في الدين الاجتناب و ان كان الجمع بالاستحباب أسهل كما ذكر في المعتبر و اللّه تعالى يعلم. (م ت).

 (2). يمكن توجيهه بان عين الخمر هنا موجودة بخلاف اصابة الثوب منها فربما كان للعين أثر لا يكون للاثر (سلطان).

 (3). روى أخبار بالنهى عن الصلاة في بيت فيه خمر و حملها الاصحاب على الكراهة و ظاهر الصدوق الحرمة و ان أمكن حمل كلامه على الكراهة لاستعمالهم عدم الجواز في الكراهة كثيرا و الأحوط أن لا يصلى فيه. (م ت).

 (4). «ثم ذكر» يدل على انه كان عالما بذلك فنسى الازالة و صلى. (مراد) اقول رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 76. بإسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام.

 (5). قد ذكر أن ناسى النجاسة يعيد في الوقت وجوبا على المشهور و في الخارج استحبابا، و يمكن حمل الرواية على الأعمّ، و ربما يقال باستحباب الإعادة مطلقا و يؤكد في الوقت و لا يخلو من قوة جمعا بين الاخبار. (م ت).

 (6). كما في رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام و ظاهره النجاسة و حمل على الاستحباب جمعا بينه و بين صحيحه الآخر. (م ت) أقول: الخبر في التهذيب ج 1 ص 74 و 241. و المشهور انه محمول على الاستحباب و ذهب الشيخ في النهاية الى وجوب غسل ما رؤى من أثرها.

74
من لا يحضره الفقيه1

باب العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة و لم يجب من البول و الغائط ص : 75

وَ إِنْ كَانَ بِالرَّجُلِ جُرْحٌ سَائِلٌ فَأَصَابَ ثَوْبَهُ مِنْ دَمِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ لَا يَغْسِلَ حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ يَنْقَطِعَ الدَّمُ‏ «1».

168- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ خَصِيٍّ يَبُولُ فَيَلْقَى مِنْ ذَلِكَ شِدَّةً وَ يَرَى الْبَلَلَ بَعْدَ الْبَلَلِ قَالَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنْضِحُ ثَوْبَهُ فِي النَّهَارِ مَرَّةً وَاحِدَةً «2».

169- وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ- أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَى كَلْبٍ مَيْتٍ قَالَ يَنْضِحُهُ وَ يُصَلِّي فِيهِ وَ لَا بَأْسَ‏ «3».

بَابُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا وَجَبَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَمْ يَجِبْ مِنَ الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ

170- جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص- فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ وَ كَانَ‏

______________________________

 (1). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 73 باسناد فيه جهالة عن سماعة عن الصادق عليه السلام و يؤيده اخبار صحيحة، و لا ريب في العفو مع السيلان أو عدم الانقطاع. و فيما ينقطع أحيانا الأحوط الغسل إذا لم يضر، و كذا الأحوط الاجتناب مهما تيسر و ان كان الأظهر من الاخبار العفو مطلقا ما لم يبرأ أو ينقطع الدم فإذا انقطع فالاجتناب عن مقدار الدرهم و الازيد لازم. (م ت).

 (2). رواه الكليني (ج 3 ص 20) بسند فيه جهالة و الظاهر أن المراد بالنضح الغسل ان علم أنّه بول، فان لم يعلم فالمراد به الصب استحبابا و هو الأظهر من الرواية. (م ت) و قال التفرشى «قوله: ثم ينضح ثوبه» ظاهره الاكتفاء به فيكون معفوا عنه من قبيل نجاسة ثوب المربية للصبى ببوله و تخصيص ذلك بما إذا انحصر ثوبه في واحد محتمل، كما في المربية، و يحتمل أن يراد بالنضح الغسل بقرينة تخصيصه بالنهار و ان كان استعمال النضح في الرش هو الشائع.

 (3). ظاهر الخبر الملاقات باليبوسة بقرينة النضح و ليوافق الاخبار الأخر من الغسل مع الرطوبة و الصب مع اليبوسة.

75
من لا يحضره الفقيه1

باب العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة و لم يجب من البول و الغائط ص : 75

فِيمَا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَمْ يَأْمُرْ بِالْغُسْلِ مِنَ الْغَائِطِ وَ الْبَوْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ دَبَّ ذَلِكَ فِي عُرُوقِهِ وَ شَعْرِهِ وَ بَشَرِهِ فَإِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ خَرَجَ الْمَاءُ مِنْ كُلِّ عِرْقٍ وَ شَعْرَةٍ فِي جَسَدِهِ فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ الْبَوْلُ يَخْرُجُ مِنْ فَضْلَةِ الشَّرَابِ الَّذِي يَشْرَبُهُ الْإِنْسَانُ وَ الْغَائِطُ يَخْرُجُ مِنْ فَضْلَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يَأْكُلُهُ الْإِنْسَانُ فَعَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ قَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ «1».

171- وَ كَتَبَ الرِّضَا ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ- فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ- عِلَّةُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ النَّظَافَةُ لِتَطْهِيرِ الْإِنْسَانِ مِمَّا أَصَابَ مِنْ أَذَاهُ‏ «2» وَ تَطْهِيرِ سَائِرِ جَسَدِهِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ خَارِجَةٌ مِنْ كُلِّ جَسَدِهِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَطْهِيرُ جَسَدِهِ كُلِّهِ وَ عِلَّةُ التَّخْفِيفِ فِي الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ أَنَّهُ أَكْثَرُ وَ أَدْوَمُ‏ «3» مِنَ الْجَنَابَةِ فَرَضِيَ فِيهِ‏ «4» بِالْوُضُوءِ لِكَثْرَتِهِ وَ مَشَقَّتِهِ وَ مَجِيئِهِ بِغَيْرِ إِرَادَةٍ مِنْهُ وَ لَا شَهْوَةٍ وَ الْجَنَابَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالاسْتِلْذَاذِ

______________________________

 (1). ظاهر هذا الخبر و الذي بعده وجوب الوضوء و الغسل لنفسهما كما يظهر من أخبار أخر و ان أمكن حمل الوجوب على السببية لكن الظاهر الأول و الخبر الذي تقدم في الوضوء يدل على الوجوب لنفسه بخلاف خبر محمّد بن سنان في الوضوء فان ظاهره الوجوب للصلاة و بالجملة يظهر من بعض الأخبار و ظاهر الآية الوجوب لغيره و من بعضها الوجوب لنفسه، و لا منافاة بين أن يكون واجبا لنفسه و باعتبار اشتراط الصلاة به يكون واجبا لغيره، و الاحتياط في الغسل قبل الوقت إذا لم يكن مشغول الذمّة أن ينوى القربة به من الوجوب و الندب و ان كان الأظهر الاكتفاء بها مطلقا، لكنه يحتاط فيما كان الوجه معلوما بنيتها و فيما لم يكن معلوما الاحتياط في العدم. و ان أراد الخروج من الخلاف ينبغي أن يعلق نيته بصلاة بالنذر و شبهه حتّى ينوى جزما (م ت).

 (2). أي اذى الجنابة و تذكير الضمير بتأويل ما يوجب الغسل.

 (3). قوله: «أدوم» عطف تفسيرى للاكثر.

 (4). الضمير راجع الى كل من البول و الغائط.

76
من لا يحضره الفقيه1

باب الأغسال ص : 77

مِنْهُمْ وَ الْإِكْرَاهِ‏ «1» لِأَنْفُسِهِمْ.

بَابُ الْأَغْسَالِ‏ «2»

172- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ الْغُسْلُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ «3» مَوْطِناً- لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَ لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ- وَ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ- وَ فِيهَا يُرْجَى لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ غُسْلُ الْعِيدَيْنِ وَ إِذَا دَخَلْتَ الْحَرَمَيْنِ- وَ يَوْمِ تُحْرِمُ وَ يَوْمِ الزِّيَارَةِ وَ يَوْمِ تَدْخُلُ الْبَيْتَ- وَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَ يَوْمِ عَرَفَةَ وَ إِذَا غَسَّلْتَ مَيِّتاً وَ كَفَّنْتَهُ أَوْ مَسِسْتَهُ بَعْدَ مَا يَبْرُدُ وَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ غُسْلُ الْكُسُوفِ إِذَا احْتَرَقَ الْقُرْصُ كُلُّهُ فَاسْتَيْقَظْتَ وَ لَمْ تُصَلِّ فَعَلَيْكَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَ تَقْضِيَ الصَّلَاةَ «4» وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ فَرِيضَةٌ.

173- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَاحِدٌ «5».

174- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ قَتَلَ وَزَغاً فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ‏ «6».

______________________________

 (1). لما يلزم منهم من الحركة العنيفة و التعب في الجملة. و في بعض النسخ «و لا اكراه» أى ليست بغير ارادة، و عليها فالواو للحال.

 (2). في بعض النسخ «باب الاغتسال».

 (3). أي غسل ليلة سبعة عشر بقرينة قوله بعد ذلك. و لو كان المراد عد المواطن لم يستقم ذلك على أن الباب معقود لتعداد الاغسال دون المواطن.

 (4). يستحب الغسل لقضاء صلاة الكسوف إذا تركها متعمدا مع استيعاب الاحتراق و هو مذهب أكثر الاصحاب و قيل بوجوبه.

 (5). أي نوع واحد أو يكفى غسل واحد لهما (مراد) و قال المجلسيّ- رحمه اللّه- قوله «واحد» يعنى في الكيفية، و ربما يستدل بها على أنّه لا يجب في غسل الحيض وضوء كما ذهب إليه جماعة من الاصحاب، و يؤيده قوله (ع) «أى وضوء أطهر من الغسل» و يمكن أن يراد به التداخل و هو بعيد.

 (6). في روضة الكافي تحت رقم 304 عن عبد اللّه بن طلحة قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن الوزغ فقال: رجس و هو مسخ كله فإذا قتلته فاغتسل- الحديث». و قال في المرآة المشهور بين الاصحاب استحباب ذلك الغسل.

77
من لا يحضره الفقيه1

باب الأغسال ص : 77

وَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إِنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَيَغْتَسِلُ مِنْهَا «1».

175- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ قَصَدَ إِلَى مَصْلُوبٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عُقُوبَةً «2».

176- وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ وَاجِبٌ‏ «3» فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ إِلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ لِلنِّسَاءِ فِي السَّفَرِ لِقِلَّةِ الْمَاءِ «4» وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ الْحَيْضِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَاجِبٌ وَ إِذَا احْتَشَتْ بِالْكُرْسُفِ فَجَازَ الدَّمُ الْكُرْسُفَ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاتَيْنِ وَ لِلْفَجْرِ غُسْلٌ وَ إِنْ لَمْ يَجُزِ الدَّمُ الْكُرْسُفَ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ «5» وَ غُسْلُ النُّفَسَاءِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ‏

______________________________

 (1). روى في بعض الأخبار «أن أعداء آل محمد (ص) يصيرون وزغا بعد الموت فقتلهم كفارة للذنوب».

 (2). قيده بعض الاصحاب بما بعد ثلاثة أيام، و عمم المصلوب بأعم من الحق و الباطل و بالهيئة الشرعية أو بغيرها و حمل الوجوب على الاستحباب المؤكد (م ت).

 (3). ذهب الى وجوب غسل الجمعة جماعة منهم الكليني و الصدوق و شيخنا البهائى رحمهم اللّه على ما نقل عنهم لظاهر كثير من الاخبار لكن المشهور استحبابه، و الوجوب في تلك الاخبار منزل على تأكد الاستحباب و فيها قرائن كثيرة على إرادة هذا المعنى كعد غيره من الاغسال المستحبة في عرض تلك الاخبار.

 (4). يعني إذا كان الماء قليلا أو لكون الماء في السفر قليلا غالبا فلو لم يغتسل لا يضرها مع وجود الماء فكانه رخص لهن مطلقا و هذه علتها، و يؤيد وجوب غسل الجمعة الاخبار الصحيحة بلفظ الوجوب و عارضها أخبار صحيحة أيضا أنّه سنة و ليس بفريضة و ان أمكن الجمع بينهما بان ثبت وجوبها بالسنة لكن لما كان اطلاق الوجوب في الاخبار على السنة الوكيدة شايع أشكل الحكم مع وجود المعارض فالاحتياط أنّه لا يترك و لا ينوى الوجوب و الندب بل لقصد القربة. (م ت).

 (5). لا خلاف بين الاصحاب في وجوب الاغسال الثلاثة للكثيرة و انما الخلاف في المتوسطة و ظاهر الخبر وجوبه و ان حكمها الكثيرة و الذي يظهر من أكثر الاخبار تثنية حكمها لا التثليث كما هو المشهور (م ت) و قال الفاضل التفرشى: لعل سكوته عن تقسيم هذا القسم الى الذي لم يثقب الكرسف ففيه الوضوء فقط، و الى ما يثقبه و لم يسل ففيه مع ذلك غسل لصلاة الغداة لعدم احتياج المخاطبين إليه أو لاغناء اشتهاره عن البيان.

78
من لا يحضره الفقيه1

باب الأغسال ص : 77

الْمَوْلُودِ وَاجِبٌ‏ «1» وَ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً «2» وَاجِبٌ وَ غُسْلُ الْمُحْرِمِ وَاجِبٌ‏ «3» وَ غُسْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ الزِّيَارَةِ وَاجِبٌ‏ «4» إِلَّا مَنْ بِهِ عِلَّةٌ وَ غُسْلُ دُخُولِ الْبَيْتِ وَاجِبٌ وَ غُسْلُ دُخُولِ الْحَرَمِ وَاجِبٌ وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَهُ الرَّجُلُ إِلَّا بِغُسْلٍ‏ «5» وَ غُسْلُ الْمُبَاهَلَةِ وَاجِبٌ‏ «6» وَ غُسْلُ الِاسْتِسْقَاءِ وَاجِبٌ‏ «7» وَ غُسْلُ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ يُسْتَحَبُّ وَ غُسْلُ لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ سُنَّةٌ وَ غُسْلُ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ لَا تَتْرُكْهُ فَإِنَّهُ يُرْجَى فِي إِحْدَاهُمَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ غُسْلُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَ غُسْلُ يَوْمِ الْأَضْحَى لَا أُحِبُّ تَرْكَهُمَا وَ غُسْلُ الِاسْتِخَارَةِ يُسْتَحَبُ‏ «8».

______________________________

 (1). حمل على تأكد الاستحباب و ذهب بعضهم الى وجوبه و قال: يجب حين الولادة و لا بدّ فيه من النية و هو متروك و المراد بالوجوب الاستحباب المؤكد لما رواه الشيخ (ره) عن سماعة عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «و غسل المولود مستحب لانه خرج من محل الخبث و استحب غسله».

 (2). في بعض النسخ «غسل من مس ميتا» و لعله تفسير.

 (3). يعني حين يريد الاحرام للحج أو العمرة تجوزا، فالاكثر على الاستحباب و ذهب بعضهم الى الوجوب. (م ت).

 (4). أي زيارة البيت و طوافه.

 (5). قرينة على إرادة تأكيد الاستحباب من الوجوب. (سلطان)

و قال الفاضل التفرشى: ذكر ذلك بعد ما ذكر أنّه واجب و هو دال على تأكيد الاستحباب كما في نظائره لعله للفرق بين الرجل و المرأة، فاستحبابه للمرأة مقيد بكون الدخول لقصد الزيارة و للرجل مطلقا. (مراد).

 (6). و هو الرابع و العشرون من ذى الحجة على المشهور، و قيل: الخامس و العشرون منه (مراد).

 (7). يعني لصلاة الاستسقاء أو الأعمّ منها و من الدعاء للاستسقاء (م ت).

 (8). ظاهره الاستحباب مطلقا و المشهور أنّه لصلاة الاستخارة التي وردت فيها الغسل و يحمل هذا المطلق على ذلك المقيد (م ت).

و قال الفاضل التفرشى: ظاهره يدلّ على استحبابه لكل استخارة لئلا يتأخر البيان عن-

79
من لا يحضره الفقيه1

باب الأغسال ص : 77

177- وَ قَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ ع- إِنَّ لِي جِيرَاناً وَ لَهُمْ جَوَارٍ يَتَغَنَّيْنَ وَ يَضْرِبْنَ بِالْعُودِ فَرُبَّمَا دَخَلْتُ الْمَخْرَجَ فَأُطِيلُ الْجُلُوسَ اسْتِمَاعاً مِنِّي لَهُنَّ فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ ع لَا تَفْعَلْ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا هُوَ شَيْ‏ءٌ آتِيهِ بِرِجْلِي إِنَّمَا هُوَ سَمَاعٌ أَسْمَعُهُ بِأُذُنِي‏ «1» فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ ع تَاللَّهِ أَنْتَ‏ «2» أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا فَقَالَ الرَّجُلُ كَأَنَّنِي لَمْ أَسْمَعْ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عَرَبِيٍّ وَ لَا عَجَمِيٍّ لَا جَرَمَ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُهَا وَ أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ ع- قُمْ فَاغْتَسِلْ وَ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ‏ «3» فَلَقَدْ كُنْتَ مُقِيماً عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ مَا كَانَ أَسْوَأَ حَالَكَ لَوْ مِتَّ عَلَى ذَلِكَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى وَ اسْأَلْهُ التَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْرَهُ إِلَّا الْقَبِيحَ وَ الْقَبِيحَ دَعْهُ لِأَهْلِهِ فَإِنَّ لِكُلٍّ أَهْلًا «4».

______________________________

- وقت الحاجة و الأصل عدم علم المخاطبين بما يغنيهم عن البيان لكنهم رضى اللّه عنهم يخصصون ذلك بصلاة خاصّة للاستخارة.

 (1). أي لم أقصد بدخول المخرج استماع الغناء ليكون الإتيان حراما بل الدخول لقضاء الحاجة، و بعد ما دخلت اتفق السماع.

 (2). في بعض النسخ «تاللّه تب» و في بعضها «باللّه أنت». و قوله: «تاللّه أنت» الظاهر أن «أنت» مبتدأ خبره محذوف، و يمكن أن يكون تقول قولا عجيبا.

 (3). أي ما ظهر لك أنّه ينبغي أن تصلى و حاصله أي صلاة تريد. و سمعت شيخنا- رحمه اللّه- يقول: ان أصحابنا- رضوان اللّه تعالى عليهم- استدلوا بهذا الحديث على استحباب غسل التوبة و هو كما يدلّ على ذلك يدلّ على استحباب الصلاة لها، و العجب أن أحدا منهم لم يعد تلك الصلاة من أقسام الصلاة المندوبة، و يمكن أن يقال: قوله عليه السلام «ما بدا لك» يدل على الإتيان بالصلاة أي صلاة كانت لأنّها تذهب السيئة و ذلك يشمل الصلاة الموظفة فلم يدلّ على استحباب صلاة لاجل التوبة بخلاف الغسل اذ ليس له فرد موظف في كل يوم ليكتفى به (مراد).

 (4). لا خلاف في حرمة الغناء للاخبار الكثيرة و ربما يفهم من هذا الخبر أنّها كبيرة للامر بالتوبة بناء على أن الصغائر مكفرة لا يحتاج إليها و فيه أن الاجتناب من الكبائر مكفرة للصغائر لا مطلقا. (م ت).

80
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

وَ الْغُسْلُ كُلُّهُ سُنَّةٌ مَا خَلَا غُسْلَ الْجَنَابَةِ «1» وَ قَدْ يُجْزِي الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ عَنِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ اجْتَمَعَا فَأَكْبَرُهُمَا يُجْزِي عَنْ أَصْغَرِهِمَا «2» وَ مَنِ اغْتَسَلَ لِغَيْرِ جَنَابَةٍ فَلْيَبْدَأْ بِالْوُضُوءِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَ لَا يُجْزِيهِ الْغُسْلُ عَنِ الْوُضُوءِ «3» لِأَنَّ الْغُسْلَ سُنَّةٌ وَ الْوُضُوءَ فَرْضٌ وَ لَا يُجْزِي السُّنَّةُ عَنِ الْفَرْضِ.

بَابُ صِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ

قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِذَا أَرَدْتَ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَاجْتَهِدْ أَنْ تَبُولَ لِيَخْرُجَ مَا بَقِيَ فِي إِحْلِيلِكَ مِنَ الْمَنِيِّ ثُمَّ اغْسِلْ يَدَيْكَ ثَلَاثاً «4» مِنْ قَبْلِ أَنْ‏

______________________________

 (1). أي ثبت وجوبه و استحبابه بالسنة دون الكتاب سوى غسل الجنابة فان وجوبه ثبت بقوله تعالى: «و ان كنتم جنبا فاطهروا» و قوله «و لا جنبا الا عابرى سبيل حتّى تغتسلوا».

 (2). مضمونه في الخبر فيكون من قبيل بيان العلل الشرعية، و اما الاستدلال بمثله فمشكل لان ثبوت أمرين بالكتاب لا يقتضى كفاية أكبرهما عن أصغرهما بديهة، و ليس دليل يدل عليه و كذا ثبوت أمر بالسنة لا يقتضى عدم كفايته عما ثبت بالكتاب. (مراد)

و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: لو كان هذا القول من الخبر أمكن أن يكون موافقا للواقع و مماشاة للرد على العامّة في استحساناتهم العقليّة و لو كان من الصدوق- رحمه اللّه- فهو عجيب.

 (3). أجمع علماؤنا على أن غسل الجنابة مجز عن الوضوء، و اختلف في غيره من الاغسال فالمشهور أنّه لا يكفى بل تجب معه الوضوء للصلاة سواء كان فرضا أو سنة، و قال السيّد المرتضى: لا يجب الوضوء مع الغسل سواء كان فرضا أو نقلا و هو اختيار ابن الجنيد و قواه شيخنا المعاصر (مراد).

 (4). الظاهر الاستحباب و ان لم يكن من الاناء و ان تأكد الاستحباب في الاناء قبل ادخال اليد فيه لرفع النجاسة الوهمية، و الظاهر حصول الاستحباب بالمرة و المرتين و ان كان الثلاث أفضل. (م ت).

81
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

تُدْخِلَهُمَا الْإِنَاءَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا قَذَرٌ «1» فَإِنْ أَدْخَلْتَهُمَا الْإِنَاءَ وَ بِهِمَا قَذَرٌ فَأَهْرِقْ ذَلِكَ الْمَاءَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا قَذَرٌ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ إِنْ كَانَ أَصَابَ جَسَدَكَ مَنِيٌّ فَاغْسِلْهُ عَنْ بَدَنِكَ ثُمَّ اسْتَنْجِ وَ اغْسِلْ وَ أَنْقِ فَرْجَكَ‏ «2» ثُمَّ ضَعْ عَلَى رَأْسِكَ ثَلَاثَ أَكُفٍّ مِنْ مَاءٍ وَ مَيِّزِ الشَّعْرَ بِأَنَامِلِكَ‏ «3» حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ إِلَى أَصْلِ الشَّعْرِ كُلِّهِ وَ تَنَاوَلِ الْإِنَاءَ بِيَدِكَ وَ صُبَّهُ عَلَى رَأْسِكَ وَ بَدَنِكَ مَرَّتَيْنِ وَ امْرُرْ يَدَكَ عَلَى بَدَنِكَ كُلِّهِ وَ خَلِّلْ أُذُنَيْكَ بِإِصْبَعَيْكَ وَ كُلُّ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ فَقَدْ طَهُرَ «4» فَانْظُرْ أَنْ لَا تَبْقَى شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِكَ وَ لِحْيَتِكَ إِلَّا وَ يَدْخُلُ الْمَاءُ تَحْتَهَا وَ مَنْ تَرَكَ شَعْرَةً مِنَ الْجَنَابَةِ لَمْ يَغْسِلْهَا مُتَعَمِّداً فَهُوَ فِي النَّارِ «5»

______________________________

 (1). المراد بالقذر هنا النجس.

 (2). قوله «استنج» أي بعد ما غسلت المنى عن بدنك غير محل الاستنجاء. و قوله «اغسل» لبيان أن إزالة المنى عن محل الاستنجاء ان كان قد وصل إليه لا يكون الا بالماء.

و يمكن ان يراد بالاستنجاء ما كان بالمسحات الثلاث فيكون جمع الغسل معه للاستحباب.

و قوله «أنق» تأكيد للفعل. (مراد).

 (3). هذا قبل الغسل من باب المقدّمة الاحتياطية ليصل الماء حين الفعل الى أصل الشعر بلا مشقة.

 (4). المراد بالاصابة الجريان، فلا يوجب التقديم و التأخير في الجانبين، لكن المشهور تقديم اليمين على اليسار كما هو ظاهر حسنة زرارة «قال: كيف يغتسل الجنب؟ فقال:

ان لم يكن أصاب كفه شي‏ء غمسها في الماء، ثمّ بدء بفرجه فأنقاه بثلاث غرف، ثمّ صب على رأسه ثلاث اكف، ثمّ صبّ على منكبه الايمن، و على منكبه الايسر مرتين، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» الكافي ج 3 ص 43 فكما أن الظاهر تقديم الرأس على اليمين تقديم اليمين على اليسار و ان لم يدلّ عليه اللفظ لغة. و يمكن أن يستدل على وجوب تقديم جانب اليمين بما دل من الاخبار على أن غسل الميت كغسل الجنابة و يجب الترتيب فيه إجماعا كما صرّح به في المعتبر.

 (5). الظاهر أن المراد مقدار شعرة أو ما تحت الشعر لان الظاهر أنّه لم يقل أحد بوجوب غسل الشعر. (م ت).

82
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

وَ مَنْ تَرَكَ الْبَوْلَ عَلَى أَثَرِ الْجَنَابَةِ أَوْشَكَ أَنْ يَتَرَدَّدَ بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي بَدَنِهِ فَيُورِثَهُ الدَّاءَ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَ يَسْتَنْشِقَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَلْيَفْعَلْ وَ لَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ‏ «1» لِأَنَّ الْغُسْلَ عَلَى مَا ظَهَرَ لَا عَلَى مَا بَطَنَ غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ قَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ يَجُزْ لَهُ إِلَّا أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ وَ يَتَمَضْمَضَ وَ يَسْتَنْشِقَ فَإِنَّهُ إِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ‏ «2» ذَلِكَ خِيفَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَرَصِ‏ «3».

178- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الْأَكْلَ عَلَى الْجَنَابَةِ يُورِثُ الْفَقْرَ «4».

179- وَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُ‏ «5» سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ أَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ وَ هُوَ جُنُبٌ فَقَالَ يُكْرَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ.

180- وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: أَنَا أَنَامُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أُصْبِحَ وَ ذَلِكَ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعُودَ «6».

181- وَ قَالَ‏ «7» عَنْ أَبِيهِ ع‏ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ جُنُباً لَمْ يَأْكُلْ وَ لَمْ يَشْرَبْ‏

______________________________

 (1). ظاهره عدم الاستحباب و يحمل على عدم الوجوب للاخبار الكثيرة بالامر بهما و أقل مراتبه الاستحباب. (م ت).

 (2). في بعض النسخ «أن يغسل» و أقول: راجع الوسائل باب استحباب المضمضة و الاستنشاق قبل الغسل.

 (3). كما رواه الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 51.

 (4). رواه المصنّف في الخصال ص 505 مسندا عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 (5). طريق الصدوق- رحمه اللّه- اليه صحيح (كما في الخلاصة للعلامة- رحمه اللّه-) و كتابه معروض على الصادق عليه السلام و مدحه، و أصحاب الحديث يعتبرونه غاية الاعتبار و كانه عندهم بمنزلة المسموع عنه عليه السلام. (م ت).

 (6). ذكر هذا الخبر هنا لبيان الجواز و فيه اشعار بعدم الكراهة لمن يريد العود.

 (7). تتمة حديث الحلبيّ- رحمه اللّه- يعنى أن أبا عبد اللّه نقل عن أبيه عليهما السلام.

83
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

حَتَّى يَتَوَضَّأَ «1».

182- وَ قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ الْجَنَابَةَ حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ‏ «2» وَ حِينَ تَطْلُعُ وَ هِيَ صَفْرَاءُ.

183- قَالَ الْحَلَبِيُ‏ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَغْتَسِلُ بِغَيْرِ إِزَارٍ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

184- وَ قَالَ وَ سُئِلَ‏ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الْمَرْأَةَ فَلَا يُنْزِلُ أَ عَلَيْهِ غُسْلٌ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ.

185- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ‏ كَيْفَ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَ الْحَدُّ يَجِبُ فِيهِ‏ «3» وَ قَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَ الْغُسْلُ.

186- وَ سُئِلَ‏ «4» عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الْمَرْأَةَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ‏ «5» أَ عَلَيْهَا غُسْلٌ‏

______________________________

 (1). استدل به على كراهة الاكل و الشرب للجنب قبل الوضوء.

 (2). كناية عن قربها من الغروب كما أن ما بعدها كناية عن قربها من الطلوع (مراد).

 (3). الظاهر أن قوله «كان على» ليس من رواية الحلبيّ انما هي كما في التهذيب ج 1 ص 33 من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «قال جمع عمر أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها و لا ينزل؟ فقالت الأنصار الماء من الماء، و قال المهاجرون: إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر لعلى عليه السلام:

ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال عليه السلام: أ توجبون عليه الحدّ و الرجم، و لا توجبون عليه صاعا من الماء، اذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر: القول ما قال المهاجرون و دعوا ما قالت الأنصار». و هذا الكلام منه عليه السلام لبيان العلل رفعا لاستبعاد القول بايجابه الغسل و ليس من القياس المحكوم في مذهب أهل البيت عليهم السلام فلذا صرح بالحكم بعده و قال: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل».

 (4). هذا من تتمة رواية الحلبيّ- رحمه اللّه- كما هو الظاهر من الكافي ج 3 ص 46. و كذا الخبر الآتي.

 (5). الفرج في أصل اللغة الشق بين الشيئين كالفرجة، و كنى به عن السوأة لانفراجها و كثر استعماله حتّى صار كالصريح؛ قال اللّه تعالى «و الذين هم لفروجهم حافظون» و المراد بالفرج في هذا الخبر مطلق السوأة قبلا و دبرا. و يؤيّد ما ذكرنا لفظ الخبر في الكافي فان-

84
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

إِنْ هُوَ أَنْزَلَ وَ لَمْ تُنْزِلْ هِيَ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ وَ إِنْ لَمْ يُنْزِلْ هُوَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ.

187- وَ سُئِلَ‏ عَنِ الرَّجُلِ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَجِدُ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَلًا وَ قَدْ كَانَ بَالَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ لِيَتَوَضَّأْ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بَالَ قَبْلَ الْغُسْلِ فَلْيُعِدِ الْغُسْلَ‏ «1».

188- وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «2» إِنْ كَانَ قَدْ رَأَى بَلَلًا وَ لَمْ يَكُنْ بَالَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَ لَا يَغْتَسِلْ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الْحَبَائِلِ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ إِعَادَةُ الْغُسْلِ أَصْلٌ وَ الْخَبَرُ الثَّانِي رُخْصَةٌ «3».

______________________________

- فيه «سألت أبا عبد اللّه عن المفخذ عليه غسل- الحديث». و يراد بالمفخذ من أصاب فيما بين الفخذين من دون ايلاج و في بعض النسخ «دون ذلك».

 (1). يحمل على كون المراد من البلل أحد النواقض يعنى رأى بللا مشتبها بين المنى و البول لا غير، لان البلل الخارج من الاحليل إذا لم يعلم كونه ما ذا لا يوجب غسلا و لا وضوءا لاصالة البراءة.

 (2). هذا الخبر من رواية جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام و ليس من رواية الحلبيّ كما في التهذيب ج 1 ص 40 و حمل على ما إذا كان اجتهد في البول فلم يتأت له فحينئذ لم يلزم إعادة الغسل. أو يكون ذلك مختصا بمن ترك البول ناسيا كما في خبر أحمد بن هلال المروى في التهذيب ج 1 ص 40 «قال: سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول فكتب ان الغسل بعد البول الا أن يكون ناسيا فلا يعيد و منه الغسل، و قال الفاضل التفرشى: قوله في الخبر السابق «فليعد الغسل» يمكن حمله على الاستحباب ان لم يقع الإجماع على الوجوب جمعا بينه و بين هذا الخبر من قوله عليه السلام «فليتوضأ و لا يغتسل» أي وجوبا. و فسر الحبائل بعروق في الظهر، و يستفاد من ذلك استحباب الوضوء أيضا لان موجبه البول دون ما يخرج من الحبائل فوجه استحباب الوضوء احتمال كونه مخلوطا بالبول و في الغسل احتمال كونه مخلوطا بالمنى.

 (3). لعل مراد المصنّف- رحمه اللّه- أن الإعادة هي الواجبة و ما دل عليه الخبر الثاني من عدم الغسل للضرورة كأكل الميتة للمضطر و يراد به ما ذكره الشيخ من أن من لم يقدر على البول لا يعيد الغسل فيكون الرخصة لمن هذا شأنه و لا يخفى ما في هذا الحمل لان الرخصة لا وجه لها حينئذ اذ الجامع غير قائم في صورة عدم إمكان البول فلا يتم معنى-

85
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

189- وَ سُئِلَ‏ «1» عَنِ الرَّجُلِ يَنَامُ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ فَيَمَسُّ ذَكَرَهُ فَيَرَى بَلَلًا وَ لَمْ يَرَ فِي مَنَامِهِ شَيْئاً أَ يَغْتَسِلُ قَالَ لَا إِنَّمَا الْغُسْلُ مِنَ الْمَاءِ الْأَكْبَرِ «2».

190- وَ عَنِ الْمَرْأَةِ «3» تَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ قَالَ إِنْ أَنْزَلَتْ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ وَ إِنْ لَمْ تُنْزِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ.

191- قَالَ الْحَلَبِيُّ وَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَهُ يَقُولُ‏ إِذَا اغْتَمَسَ الْجُنُبُ فِي الْمَاءِ اغْتِمَاسَةً وَاحِدَةً أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ غُسْلِهِ‏ «4».

وَ مَنْ أَجْنَبَ فِي يَوْمٍ أَوْ فِي لَيْلَةٍ مِرَاراً أَجْزَأَهُ غُسْلٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يُجْنِبُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَوْ يَحْتَلِمُ فَإِنِ احْتَلَمَ فَلَا يُجَامِعُ حَتَّى يَغْتَسِلَ مِنَ الِاحْتِلَامِ‏ «5» وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مَا خَلَا الْعَزَائِمَ الَّتِي يُسْجَدُ فِيهَا وَ هِيَ سَجْدَةُ لُقْمَانَ- «6» وَ حم السَّجْدَةُ وَ النَّجْمُ- وَ سُورَةُ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏

______________________________

- الرخصة و جواب هذا يعلم من معنى الرخصة في الأصول، و بالجملة فمقصود المصنّف غير واضح و يحتمل أن المراد الرخصة في إنسان خاصّ للضرورة و هو بعيد (شيخ محمّد).

 (1). من تتمة رواية الحلبيّ على الظاهر.

 (2). هذا يدلّ على عدم وجوب الغسل بالبلل لتوقفه على العلم بكون ذلك من الماء الأكبر (مراد) و الحصر اضافى بالنسبة الى المياه التي تخرج من مخرج البول و محمول على ما لم يعلم كونه منيا.

 (3). من تتمة رواية الحلبيّ- رحمه اللّه- كما هو الظاهر من التهذيب ج 1 ص 34 و الكافي ج 3 ص 48.

 (4). يفهم منه أن الأصل في الغسل الترتيب، و الارتماس مجز عنه، و ظاهر الاخبار أنه لا يحتاج الى نية الترتيب و لان الترتيب الحكمى يحصل منه كما ذكره جماعة من الاصحاب و الظاهر أنّه إذا كان أكثره في الماء أيضا و غمس في الماء بعد النية أو نوى بعد الغمس يكفى و لا يحتاج الى الخروج عن الماء و ان كان أحوط. (م ت).

 (5). لم يقل: أو يتوضأ كما في كثير من الكتب فلعله لم يصل إليه دليل على ارتفاع الكراهة بالوضوء. (مراد).

 (6). أي سورة السجدة التي بعد سورة لقمان و هي الم تنزيل.

86
من لا يحضره الفقيه1

باب صفة غسل الجنابة ص : 81

وَ مَنْ كَانَ جُنُباً أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ وَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَمَسَّ الْوَرَقَ أَوْ يُقَلِّبَ لَهُ الْوَرَقَ غَيْرُهُ وَ يَقْرَأَ هُوَ وَ يَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ وَ الْجُنُبِ أَنْ يَدْخُلَا الْمَسْجِدَ إِلَّا مُجْتَازَيْنِ‏ «1» وَ لَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ وَ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَضَعَا فِيهِ شَيْئاً «2» لِأَنَّ مَا فِيهِ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَ هُمَا قَادِرَانِ عَلَى وَضْعِ مَا مَعَهُمَا فِي غَيْرِهِ وَ إِذَا أَرَادَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَصَابَهَا حَيْضٌ فَلْتَتْرُكِ الْغُسْلَ إِلَى أَنْ تَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتِ اغْتَسَلَتْ غُسْلًا وَاحِداً لِلْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْتَضِبَ الْجُنُبُ‏ «3» وَ يُجْنِبَ وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ وَ يَحْتَجِمَ وَ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى وَ يَتَنَوَّرَ وَ يَذْبَحَ وَ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ وَ يَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَ يَمُرَّ فِيهِ‏ «4» وَ يُجْنِبَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَ يَنَامَ إِلَى آخِرِهِ وَ مَنْ أَجْنَبَ فِي أَرْضٍ وَ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ إِلَّا مَاءً جَامِداً وَ لَا يَخْلُصُ‏

______________________________

 (1). لا نعرف فيه خلافا الا من سلار من أصحابنا فانه كرهه. (منتهى المطلب).

 (2). هو مذهب علمائنا أجمع الا سلار فانه كره الوضع. (المنتهى).

 (3). قال في المنتهى: الخضاب مكروه للجنب و هو اختيار الشيخ و السيّد المرتضى و المفيد، و قال ابن بابويه «لا بأس أن يختضب- الخ» فأسند الخلاف إليه- رحمه اللّه- و يمكن حمل كلامه على نفى التحريم فلا مخالفة.

 (4). في التهذيب ج 1 ص 105 عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن القاسم قال: «سألت أبا الحسن (ع) عن الجنب ينام في المسجد فقال: يتوضأ و لا بأس أن ينام في المسجد و يمر فيه».

و أفتى المصنّف- رحمه اللّه- بمضمون هذا الخبر و لكن الفقهاء حملوه على الضرورة أو على التقية فان جماعة من العامّة يستبيحون استيطان المساجد للجنب بالوضوء و بعضهم يجوزه بغير وضوء. و قال الفاضل التفرشى: قوله «و ينام في المسجد» ظاهره يفيد جواز اللبث فيه اذ لا بدّ من النائم فيه أن يلبث زمانا يقظان، الا أن يراد به النوم الذي يحصل له من غير اختيار.

87
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

إِلَى الصَّعِيدِ «1» فَلْيُصَلِّ بِالْمَسْحِ‏ «2» ثُمَّ لَا يَعُدْ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي يُوبِقُ فِيهَا دِينَهُ‏ «3» وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ لَا بَأْسَ بِتَبْعِيضِ الْغُسْلِ تَغْسِلُ يَدَيْكَ وَ فَرْجَكَ وَ رَأْسَكَ وَ تُؤَخِّرُ غَسْلَ جَسَدِكَ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَغْسِلُ جَسَدَكَ إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَإِنْ أَحْدَثْتَ حَدَثاً مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ بَعْدَ مَا غَسَلْتَ رَأْسَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَغْسِلَ جَسَدَكَ فَأَعِدِ الْغُسْلَ مِنْ أَوَّلِهِ‏ «4» فَإِذَا بَدَأْتَ بِغَسْلِ جَسَدِكَ قَبْلَ الرَّأْسِ فَأَعِدِ الْغُسْلَ عَلَى جَسَدِكَ بَعْدَ غَسْلِ رَأْسِكَ.

بَابُ غُسْلِ الْحَيْضِ وَ النِّفَاسِ‏

192- قَالَ الصَّادِقُ ع- أَوَّلُ دَمٍ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ دَمُ حَوَّاءَ حِينَ حَاضَتْ.

193- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- إِنَّ الْحَيْضَ لِلنِّسَاءِ نَجَاسَةٌ رَمَاهُنَّ اللَّهُ‏

______________________________

 (1). خلص إليه الشي‏ء: وصل. أى لا يظفر بالتراب أو وجه الأرض للتيمم و لا يجد طريقا للوصول الى التراب.

 (2). ظاهره أنّه يمسح بدنه برطوبة ذلك الجمد أو الثلج فيغتسل بها و يؤيده ما اختار سابقا من أن الوضوء بالثلج جائز، و يحتمل بعيدا كون مراده التيمم على الجمد و الثلج (سلطان) و قال التفرشى: ظاهره أن المراد انه يمسح الماء الجامد على بدنه و يغتسل بتلك الرطوبة، و يحتمل أن يريد بالمسح ضرب اليد عليه و جعله بمنزلة التراب للتيمم، و يؤيد ذلك قوله «و لا يخلص الى الصعيد» حيث أخره عن التيمم بالصعيد و لو كان المراد الاغتسال به كان مقدما على التيمم.

 (3). أوبقه ايباقا: أهلكه.

 (4). هذا مذهب الشيخ و ابن بابويه، و قال ابن البرّاج: يتم الغسل و لا شي‏ء عليه.

و هو اختيار ابن إدريس، و قال السيّد المرتضى: يتم الغسل و يتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة (سلطان).

88
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا وَ قَدْ كُنَّ النِّسَاءُ «1» فِي زَمَنِ نُوحٍ ع- إِنَّمَا تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي السَّنَةِ حَيْضَةً حَتَّى خَرَجَ نِسْوَةٌ مِنْ مَجَانِّهِنَ‏ «2» وَ كُنَّ سَبْعَمِائَةِ امْرَأَةٍ فَانْطَلَقْنَ فَلَبِسْنَ الْمُعَصْفَرَاتِ مِنَ الثِّيَابِ وَ تَحَلَّيْنَ وَ تَعَطَّرْنَ ثُمَّ خَرَجْنَ فَتَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ فَجَلَسْنَ مَعَ الرِّجَالِ وَ شَهِدْنَ الْأَعْيَادَ مَعَهُمْ وَ جَلَسْنَ فِي صُفُوفِهِمْ فَرَمَاهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْحَيْضِ عِنْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَعْنِي أُولَئِكَ النِّسْوَةَ بِأَعْيَانِهِنَ‏ «3» فَسَالَتْ دِمَاؤُهُنَّ فَأُخْرِجْنَ مِنْ بَيْنِ الرِّجَالِ فَكُنَّ يَحِضْنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَشَغَلَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحَيْضِ وَ كَسَرَ شَهْوَتَهُنَّ قَالَ وَ كَانَ غَيْرُهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَفْعَلْنَ مِثْلَ مَا فَعَلْنَ يَحِضْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَيْضَةً قَالَ فَتَزَوَّجَ بَنُو اللَّائِي يَحِضْنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ بَنَاتِ اللَّائِي يَحِضْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَيْضَةً فَامْتَزَجَ الْقَوْمُ فَحِضْنَ بَنَاتُ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَكَثُرَ أَوْلَادُ اللَّائِي يَحِضْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ [شَهْرٍ] حَيْضَةً لِاسْتِقَامَةِ الْحَيْضِ‏ «4» وَ قَلَّ أَوْلَادُ اللَّائِي يَحِضْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَيْضَةً لِفَسَادِ الدَّمِ قَالَ فَكَثُرَ نَسْلُ هَؤُلَاءِ وَ قَلَّ نَسْلُ أُولَئِكَ.

194- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ إِنَّ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا لَيْسَتْ كَأَحَدٍ مِنْكُنَّ إِنَّهَا لَا تَرَى دَماً فِي حَيْضٍ وَ لَا نِفَاسٍ كَالْحُورِيَّةِ.

195- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ قَالَ الْأَزْوَاجُ الْمُطَهَّرَةُ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَ لَا يُحْدِثْنَ.

وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ اعْلَمْ أَنَّ أَقَلَّ أَيَّامِ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَ أَكْثَرَهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ مَا زَادَ إِلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ حَيْضٌ‏

______________________________

 (1). كذا و الظاهر و قد كانت النساء من غير ضمير الجمع مع الفاعل الظاهر الا أن يقال ان اسم الظاهر بدل عن الضمير. (سلطان).

 (2). المجن: الموضع الذي يستتر فيه. و في بعض النسخ «محاريبهن» و في بعضها حجالهن و في بعضها «مخازنهن» و في بعضها «مخابهن».

 (3). أي بأشخاصهن.

 (4). إضافة الاستقامة الى الحيض من قبيل إضافة المسبب الى السبب أي استقامة المزاج من جهة الحيض فكثرة الحيض سبب كثرة النسل لاستقامة المزاج المثمرة للحمل على خلاف الامر في احباس الحيض فانه سبب لفساد الدم و عدم استقامة المزاج فتعسر الحمل و تقل النسل فاللام للتعليل لا للعاقبة كما ربما يتوهم (م ح ق).

89
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ عَلَيْهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ وَ لَا تَدْخُلَ الْمَسْجِدَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُجْتَازَةً وَ يَجِبُ عَلَيْهَا «1» عِنْدَ حُضُورِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَتَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ وَ تَجْلِسَ مُسْتَقْبِلَةَ الْقِبْلَةِ وَ تَذْكُرَ اللَّهَ بِمِقْدَارِ صَلَاتِهَا كُلَّ يَوْمٍ فَإِنْ رَأَتِ الدَّمَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْحَيْضِ مَا لَمْ تَرَ الدَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ‏ «2» وَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ الصَّلَاةَ الَّتِي تَرَكَتْهَا فِي الْيَوْمِ أَوِ الْيَوْمَيْنِ وَ إِنْ رَأَتِ الدَّمَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ‏ «3» فَلْتَقْعُدْ عَنِ الصَّلَاةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَ تَغْتَسِلُ يَوْمَ حَادِيَ عَشَرَ وَ تَحْتَشِي فَإِنْ لَمْ يَثْقُبِ الدَّمُ الْكُرْسُفَ صَلَّتْ صَلَاتَهَا كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ وَ إِنْ ثَقَبَ الدَّمُ الْكُرْسُفَ وَ لَمْ يَسِلْ صَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغُسْلٍ وَ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ «4» وَ إِنْ غَلَبَ الدَّمُ الْكُرْسُفَ وَ سَالَ صَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغُسْلٍ وَ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ بِغُسْلٍ تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ قَلِيلًا وَ تُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَ تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ «5» تُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ قَلِيلًا وَ تُعَجِّلُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ إِلَى أَيَّامِ حَيْضِهَا فَإِذَا دَخَلَتْ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ-

______________________________

 (1). نقل العلامة- رحمه اللّه- في المختلف هذا الكلام عن أب المصنّف و يحتمل تأكيد الاستحباب كما مرّ في نظائره و هو مبالغة في استحبابه.

 (2). هل يشترط في الثلاثة الأيّام التوالى للاصحاب فيه قولان: قال الشيخ في النهاية:

لا يشترط التوالى بمعنى أنّها لو رأت الأول و الثالث و الخامس مثلا لكان حيضا، و قال في المبسوط و الجمل: يشترط التتابع و به قال ابن بابويه و السيّد المرتضى و اتفق الفريقان على أنّه يشترط كون الثلاثة من جملة العشرة. (منتهى المطلب).

 (3). هذا في المبتدئة و المضطربة و أمّا ذات العادة فلا، بل ترجع الى العادة على المشهور.

 (4). هذا مخالف لما سبق من الحكم بثلاثة أغسال لمطلق ثقب الكرسف، و لعلّ هذا مختار أبيه و ذلك مختاره. (سلطان).

 (5). هذا إذا ما لم يحصل الفاصلة المعتد بها و الا اغتسلت غسلين كما ذكره الاصحاب و كذا في كل جمع. (م ت).

90
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ مَتَى اغْتَسَلَتْ‏ «1» عَلَى مَا وَصَفْتُ حَلَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا وَ أَقَلُّ الطُّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ أَكْثَرُهُ لَا حَدَّ لَهُ وَ الْحَائِضُ تَغْتَسِلُ بِتِسْعَةِ أَرْطَالٍ مِنَ الْمَاءِ بِالرِّطْلِ الْمَدَنِيِ‏ «2» وَ إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الصُّفْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ فَهُوَ حَيْضٌ وَ إِنْ رَأَتْ فِي أَيَّامِ الطُّهْرِ فَهُوَ طُهْرٌ.

196- وَ رُوِيَ‏ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحَيْضِ بِيَوْمَيْنِ فَهُوَ مِنَ الْحَيْضِ وَ إِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَيْضِ بِيَوْمَيْنِ‏ «3» فَلَيْسَ مِنَ الْحَيْضِ‏ «4».

وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَاحِدٌ وَ لَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ أَنْ تَخْتَضِبَ‏ «5» لِأَنَّهُ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنَ الشَّيْطَانِ‏ «6».

197- وَ سَأَلَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ- أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع- عَنْ رِزْقِ الْوَلَدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَبَسَ عَلَيْهِ الْحَيْضَةَ فَجَعَلَهَا رِزْقَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.

وَ الْحُبْلَى إِذَا رَأَتِ الدَّمَ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ فَإِنَّ الْحُبْلَى رُبَّمَا قَذَفَتِ الدَّمَ وَ ذَلِكَ‏

______________________________

 (1). أي من الحيض فان المستحاضة حل لزوجها بدون الغسل. و ظاهر كلامه عدم الحل لو لم تغتسل بعد الطهر. و المسألة خلافية.

 (2). لعل مستنده كتاب الصفار الى أبى محمد (ع) كما يأتي تحت رقم 393.

 (3). خلاف المشهور من الفتوى الا ان يحمل على الزائد على العشرة و حينئذ لا خصوصية له بيومين. (سلطان).

 (4). المفهوم من هذه الرواية أن ذات العادة تترك العبادة بمجرد رؤية الصفرة قبل ايام عادتها بيومين، و تعمل عمل المستحاضة إذا رأتها بعد أيّام عادتها بيومين و هذه الرواية و ما يقرب منها مذكورة في الكافي ج 3 ص 78. (مراد).

 (5). الظاهر الكراهة لاخبار صحيحة بالجواز و ظاهر كلامه الحرمة مع أنّه يمكن حمل كلامه على الكراهة. (م ت).

 (6). لان الزينة ربما يوجب ميل الزوج الى الجماع.

91
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

إِذَا رَأَتِ الدَّمَ كَثِيراً أَحْمَرَ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا أَصْفَرَ فَلْتُصَلِّ وَ لَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا الْوُضُوءُ «1» وَ الْحَائِضُ إِذَا طَهُرَتْ فَعَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ الصَّوْمَ وَ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ الصَّلَاةَ وَ فِي ذَلِكَ عِلَّتَانِ إِحْدَاهُمَا لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تُقَاسُ وَ الْأُخْرَى لِأَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا هُوَ فِي السَّنَةِ شَهْرٌ وَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهَا قَضَاءَ الصَّوْمِ وَ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهَا قَضَاءَ الصَّلَاةِ لِذَلِكَ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ الْجُنُبُ وَ الْحَائِضُ عِنْدَ التَّلْقِينِ‏ «2» لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى بِهِمَا وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَلِيَا غُسْلَهُ وَ يُصَلِّيَا عَلَيْهِ وَ لَا يَنْزِلَا قَبْرَهُ فَإِنْ حَضَرَاهُ‏ «3» وَ لَمْ يَجِدَا مِنْ ذَلِكَ بُدّاً فَلْيَخْرُجَا إِذَا قَرُبَ خُرُوجُ نَفْسِهِ.

198- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْمَرْأَةُ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً لَمْ تَرَ حُمْرَةً «4» إِلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ‏ «5».

وَ هُوَ حَدُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَيْأَسُ مِنَ الْحَيْضِ وَ الْمَرْأَةُ إِذَا حَاضَتْ أَوَّلَ حَيْضِهَا «6» فَدَامَ دَمُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَ هِيَ لَا تَعْرِفُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا فَأَقْرَاؤُهَا مِثْلُ أَقْرَاءِ نِسَائِهَا وَ إِنْ كُنَّ نِسَاؤُهَا مُخْتَلِفَاتٍ فَأَكْثَرُ جُلُوسِهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ الْقُرْءُ وَ «7» هُوَ جَمْعُ الدَّمِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ وَ هُوَ الطُّهْرُ

______________________________

 (1). ظاهر الأخبار الصحيحة دل على جواز اجتماع الحيض و الحمل، و ما ورد بعدم اجتماعهما محمول على الغالب أو على ما لم يكن في زمان الحيض. (م ت).

 (2). حمل على الكراهة الشديدة. و المراد بالتلقين حالة الاحتضار.

 (3). أي حين الاحتضار.

 (4). ألحق الشيخ- رحمه اللّه- النبطية بالقرشية في البلوغ الى الستين (المنتهى).

 (5). في بعض النسخ «لا ترى حمرة».

 (6). أي المبتدئة. و قوله: «فدام دمها» أي استمر.

 (7). في أكثر النسخ بدون الواو و لا غبار عليه فان خبر المبتدأ لفظ جمع الدم و في بعض النسخ مع الواو و على ذلك اما يقدر خبر المبتدأ أو الظرف خبر المبتدأ بين الحيضتين، و قوله: «و هو جمع الدم» جملة معترضة، و المراد أن القرء ما بين الحيضتين. (سلطان) و قال الفاضل التفرشى: قوله: «و القرء هو جمع الدم» القرء مبتدأ حذف خبره و اقيم تعليله مقامه أي القرء سمى قرءا لان المرأة تقرأ الدم- الخ. و في بعض النسخ «هو جمع الدم».

92
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَقْرَأُ الدَّمَ أَيْ تَجْمَعُهُ فِي أَيَّامِ طُهْرِهَا ثُمَّ تَدْفَعُهُ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا وَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَطْهُرُ مِنْ حَيْضِهَا عِنْدَ الْعَصْرِ «1» فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ عِنْدَ الظُّهْرِ إِنَّمَا تُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي تَطْهُرُ عِنْدَهَا وَ مَتَى رَأَتِ الطُّهْرَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَأَخَّرَتِ الْغُسْلَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى‏ «2» فَإِنْ كَانَتْ فَرَّطَتْ فِيهَا فَعَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَ إِنْ لَمْ تُفَرِّطْ وَ إِنَّمَا كَانَتْ فِي تَهْيِئَةِ ذَلِكَ‏ «3» حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى فَلَيْسَ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ إِنَّمَا تُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا فَإِنْ صَلَّتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا وَ لَيْسَ عَلَيْهَا إِذَا طَهُرَتْ قَضَاءُ الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَ قَدْ صَلَّتْ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ قَضَتِ الرَّكْعَةَ «4»

______________________________

 (1). أي الوقت المختص بالعصر، و روى الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 102 بإسناده عن معمر بن يحيى قال: سألت أبا جعفر (ع) عن الحائض تطهر عند العصر تصلى الأولى؟ قال: لا انما تصلى الصلاة التي تطهر عندها» و المراد وقت المختص لان وقت الاجزاء موسع.

 (2). أي الوقت المختص بها أيضا.

 (3). أي في تهيئة أسباب ذلك مثل تحصيل الماء و الظرف و غير ذلك من أسباب الغسل.

 (4). في الكافي ج 3 ص 103 مسندا عن أبي الورد قال: «سألت أبا جعفر (ع) عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر و قد صلت ركعتين ثمّ ترى الدم؟ قال تقوم من مسجدها و لا تقضى الركعتين و ان كانت رأت الدم و هي في صلاة المغرب و قد صلت ركعتين فلتقم من مسجدها، فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتها من المغرب» فعمل أو أفتى بمضمونه المصنّف- رحمه اللّه- و رواه الشيخ في التهذيب و قال: «ما يتضمن هذا الخبر من اسقاط قضاء الركعتين من صلاة الظهر متوجه الى من دخل في الصلاة في اول وقتها لان من ذلك حكمه لا يكون فرط و إذا لم يفرط لم يلزمه القضاء، و ما يتضمن من الامر باعادة الركعة من المغرب متوجه الى من دخل في الصلاة عند تضيق الوقت ثمّ حاضت فيلزمها حينئذ ما فاتها». و قال العلامة- رحمه اللّه- في المختلف ج 1 ص 39: «عول ابن بابويه على هذه الرواية-

93
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ إِذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ فَظَنَّتْ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ أَدْخَلَتْ يَدَهَا وَ مَسَّتِ الْمَوْضِعَ فَإِنْ رَأَتِ الدَّمَ انْصَرَفَتْ وَ إِنْ لَمْ تَرَ شَيْئاً أَتَمَّتْ صَلَاتَهَا.

199- وَ سُئِلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ أَشْهُراً لَمْ تَطْمَثْ وَ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ كِبَرٍ وَ ذَكَرَ النِّسَاءُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهَا حَبَلٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ تُنْكَحَ فِي الْفَرْجِ فَقَالَ إِنَّ الطَّمْثَ قَدْ تَحْبِسُهُ الرِّيحُ مِنْ غَيْرِ حَبَلٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّهَا فِي الْفَرْجِ.

وَ إِذَا احْتَبَسَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَيْضُهَا شَهْراً فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُسْقَى دَوَاءَ الطَّمْثِ مِنْ يَوْمِهَا وَ لِأَنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ تَصِيرُ إِلَى عَلَقَةٍ ثُمَّ إِلَى مُضْغَةٍ ثُمَّ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ‏ «1» وَ إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي غَيْرِ الرَّحِمِ لَمْ يُخْلَقْ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ «2» فَإِذَا ارْتَفَعَ طَمْثُهَا شَهْراً وَ جَاوَزَ وَقْتُهَا الَّتِي كَانَتْ تَطْمَثُ فِيهِ لَمْ تُسْقَ دَوَاءً «3» وَ إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ جَارِيَةً مُدْرِكَةً وَ لَمْ تَحِضْ عِنْدَهُ حَتَّى مَضَى لِذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَ لَيْسَ بِهَا حَبَلٌ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا تَحِيضُ وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ كِبَرٍ فَهَذَا عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ وَ لَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ أَنْ تَغْسِلَ ثِيَابَهَا الَّتِي لَبِسَتْهَا فِي طَمْثِهَا أَوْ عَرِقَتْ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا شَيْ‏ءٌ مِنَ الدَّمِ فَتَغْسِلَ ذَلِكَ مِنْهَا فَإِنْ أَصَابَ ثَوْبَهَا دَمُ الْحَيْضِ فَغَسَلَتْهُ فَلَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ صَبَغَتْهُ بِمِشْقٍ حَتَّى يَخْتَلِطَ

______________________________

- و هي متأولة على من فرطت في المغرب دون الظهر و انما يتم قضاء الركعة بقضاء باقى الصلاة و يكون اطلاق الركعة «على الصلاة مجازا» انتهى و لا يخفى بعده من سوق الكلام و تجاوب الشقين.

 (1). لعل المراد أن ذلك قد يكون بوقوع النطفة في الرحم و صيرورتها علقة فيمنع الحيض فلا يلزم أن تكون ذلك لمرض لتسقى دواء لرفع ذلك المرض. (مراد).

 (2). بخلاف ما إذا وقعت في الرحم فانه محتمل للحمل فلا يسقى الدواء للطمث لانه موجب لقتل إنسان.

 (3). لاحتمال الحمل.

94
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ يَذْهَبَ‏ «1» وَ إِنِ انْقَطَعَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَيْضُ فَخَضَبَتْ رَأْسَهَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَيْهَا الْحَيْضُ‏ «2» وَ لَا بَأْسَ أَنْ تَسْكُبَ الْحَائِضُ الْمَاءَ عَلَى يَدِ الْمُتَوَضِّي وَ تُنَاوِلَهُ الْخُمْرَةَ وَ لَا يَجُوزُ مُجَامَعَةُ الْمَرْأَةِ فِي حَيْضِهَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ‏ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ‏ «3» يَعْنِي بِذَلِكَ الْغُسْلَ مِنَ الْحَيْضِ‏ «4» فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ شَبِقاً «5» وَ قَدْ طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ وَ أَرَادَ أَنْ يُجَامِعَهَا قَبْلَ الْغُسْلِ أَمَرَهَا أَنْ تَغْسِلَ فَرْجَهَا ثُمَّ يُجَامِعُهَا «6»

______________________________

 (1). المشق: الطين الأحمر، و ظاهره أن الصبغ به لاذهاب الدم بالاختلاط و يظهر من الاخبار أن ذلك لاذهاب الكراهة عن النفس بان تحمل الحمرة الباقية من الدم على حمرة المشق. (مراد).

 (2). المراد بانقطاع الحيض عن المرأة ارتفاعه بالكلية و هو عيب قد يندفع بالحناء.

 (3). قرأه المؤلّف بالتشديد بقرينة المعنى الذي ذكره.

 (4). لا ريب في جواز الوطى في الحل بعد الغسل و حرمة الوطى في الحيض، انما الخلاف بعد الانقطاع قبل الغسل، فعلى قراءة التشديد (يعنى في يطهرن) ظاهرها الحرمة مع تأييدها بقوله تعالى «فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ‏- الآية» فانه كالتأكيد لها، و ان الطهارة و التطهير ظاهرهما الغسل. و على قراءة التخفيف ظاهرها الجواز لمفهوم الغاية و هو معتبر عند المحقّقين و لا ينافيها قوله‏ «فَإِذا تَطَهَّرْنَ» لانه يمكن أن يكون حراما الى الانقطاع و مكروها الى الغسل كما يظهر من الاخبار، و يمكن تنزيل كل رواية على اخرى بأن يراد بالاطهار الطهارة أو بالعكس تجوّزا، لكن التجوّز في العكس أسهل من التجوّز في عكسه (م ت).

 (5). الشبق- بالتحريك- الشهوة و الميل المفرط الى الجماع.

 (6). قال العلامة في المنتهى: ان مذهب الصدوق تحريم الوطى قبل الغسل فما صرّح بعد هذا يحمل على الضرورة. و استدلّ فيه على جواز الوطى قبل الغسل لقوله تعالى-

95
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ مَتَى جَامَعَهَا وَ هِيَ حَائِضٌ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ فَإِنْ كَانَ فِي وَسَطِهِ فَنِصْفُ دِينَارٍ وَ إِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ فَرُبُعُ دِينَارٍ «1».

200- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ إِذَا جَامَعَهَا وَ هِيَ حَائِضٌ تَصَدَّقَ عَلَى مِسْكِينٍ بِقَدْرِ شِبَعِهِ‏ «2».

وَ مَنْ جَامَعَ أَمَتَهُ وَ هِيَ حَائِضٌ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ مِنْ طَعَامٍ هَذَا إِذَا أَتَاهَا فِي الْفَرْجِ فَإِذَا أَتَاهَا مِنْ دُونِ الْفَرْجِ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

201- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ مَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَ هِيَ حَائِضٌ فَخَرَجَ الْوَلَدُ مَجْذُوماً أَوْ أَبْرَصَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

202- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنِ الْمُشَوَّهِينَ فِي خَلْقِهِمْ فَقَالَ هُمُ الَّذِينَ يَأْتِي آبَاؤُهُمْ نِسَاءَهُمْ فِي الطَّمْثِ.

203- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا يُبْغِضُنَا إِلَّا مَنْ خَبُثَتْ وِلَادَتُهُ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي حَيْضِهَا.

وَ تُسْتَبْرَأُ الْأَمَةُ إِذَا اشْتُرِيَتْ بِحَيْضَةٍ وَ مَنِ اشْتَرَى أَمَةً فَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَقَدْ زَنَى بِمَالِهِ وَ إِذَا أَرَادَتِ الْمَرْأَةُ الْغُسْلَ مِنَ الْحَيْضِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَبْرِئَ وَ الِاسْتِبْرَاءُ أَنْ تُدْخِلَ قُطْنَةً فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دَمٌ خَرَجَ وَ لَوْ مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ فَإِنْ خَرَجَ لَمْ تَغْتَسِلْ وَ إِنْ لَمْ‏

______________________________

- «وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ» بالتخفيف أي حتّى يخرجن من الحيض فيجب القول بالاباحة بعد هذه الغاية و على صورة التشديد يحمل على الاستحباب و الأول على الجواز صونا للقرآن عن التنافى.

 (1). وجوب الكفّارة خلافى فليراجع كتب الفقه. و الدينار هو مثقال الذهب الذي كانت قيمته في أول الإسلام عشرة دراهم و لا يجزى قيمته، و المراد بالأول و الوسط و الآخر بحسب عادة المرأة و نفاسها على الأصحّ و قيل بحسب أكثر الحيض كما في هامش الشرائع.

 (2). الشبع نقيض الجوع و هو ما أشبعك من طعام.

96
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

يَخْرُجِ اغْتَسَلَتْ وَ إِذَا رَأَتِ الصُّفْرَةَ وَ النَّتْنَ‏ «1» فَعَلَيْهَا أَنْ تُلْصِقَ بَطْنَهَا بِالْحَائِطِ وَ تَرْفَعَ رِجْلَهَا الْيُسْرَى كَمَا تَرَى الْكَلْبَ إِذَا بَالَ وَ تُدْخِلَ قُطْنَةً فَإِنْ خَرَجَ فِيهَا دَمٌ فَهِيَ حَائِضٌ وَ إِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ وَ إِنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا دَمُ الْحَيْضِ وَ دَمُ الْقَرْحَةِ فَرُبَّمَا كَانَ فِي فَرْجِهَا قَرْحَةٌ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَلْقِيَ عَلَى قَفَاهَا وَ تُدْخِلَ إِصْبَعَهَا فَإِنْ خَرَجَ الدَّمُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ فَهُوَ مِنَ الْقَرْحَةِ وَ إِنْ خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَهُوَ مِنَ الْحَيْضِ‏ «2» وَ إِنِ اقْتَضَّهَا زَوْجُهَا وَ لَمْ يَرْقَأْ دَمُهَا وَ لَا تَدْرِي دَمُ الْحَيْضِ هُوَ أَمْ دَمُ الْعُذْرَةِ «3» فَعَلَيْهَا أَنْ تُدْخِلَ قُطْنَةً فَإِنْ خَرَجَتِ الْقُطْنَةُ مُطَوَّقَةً بِالدَّمِ فَهُوَ مِنَ الْعُذْرَةِ وَ إِنْ‏

______________________________

 (1). المراد بالصفرة أمر يشابه الدم و لم يتحقّق كونه دما. (مراد).

 (2). في الكافي ج 3 ص 94 مرفوعا هكذا «فان خرج الدم من الجانب الايمن فهو من الحيض و ان خرج من الجانب الايسر فهو من القرحة». و قال صاحب المدارك ص 47 كيفما كان الاجود اطراح هذه الرواية كما ذكره المحقق في المعتبر لضعفها و ارسالها و اضطرابها و مخالفتها للاعتبار لان القرحة يحتمل كونها من كل من الجانبين و الأولى الرجوع الى حكم الأصل و اعتبار الأوصاف. انتهى‏

و قال استاذنا الشعرانى- مدّ ظلّه-: هذا خبر مضطرب المتن لا يحتج به و الصحيح الموافق للاعتبار و العقل الذي يحتمل أن يكون أصل الخبر أيضا على طبقه ثمّ تغير بتصرف النسّاخ أو الرواة: أن المرأة إذا أحست بكون الدم خارجا من الايمن أو الايسر أو فوق أو تحت من جدران المهبل فهو من القرحة لان خروجه من جانب بخصوصه علامة كونه من الجدران و لو كان حيضا لخرج من قعر الرحم و لم تختص بجانب دون جانب و لا يبعد أن يكون الامام عليه السلام صرّح بانه لو كان من الايمن فهو من القرحة من غير أن يصرح بانه لو كان من الايسر فهو من الحيض و ألحقه بعض الرواة بتبادر ذهنه و كان غرض الإمام عليه السلام من ذكر الايمن التمثيل لا التخصيص و فهمه المخاطب أيضا و بالجملة الدم سواء كان من الايمن أو الايسر أو جانب مخصوص فهو من القرحة و لو كان من قعر الرحم من غير أن يختص بجانب فهو من الحيض» انتهى.

 (3). الاقتضاض- بالقاف-: إزالة البكارة. و الافتضاض- بالفاء- بمعناه. و الرقاء:

السكون يقال رقأ الدم أو الدمع رقاء إذا سكن. و العذرة- بالضم-: البكارة.

97
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

خَرَجَتْ مُنْغَمِسَةً فَهُوَ مِنَ الْحَيْضِ وَ دَمُ الْعُذْرَةِ لَا يَجُوزُ الشُّفْرَيْنِ‏ «1» وَ دَمُ الْحَيْضِ حَارٌّ يَخْرُجُ بِحَرَارَةٍ شَدِيدَةٍ وَ دَمُ الْمُسْتَحَاضَةِ بَارِدٌ يَسِيلُ مِنْهَا وَ هِيَ لَا تَعْلَمُ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَ الطُّهْرَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوْ رَأَتِ الدَّمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَ الطُّهْرَ سِتَّةَ أَيَّامٍ فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ لَمْ تُصَلِّ وَ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ صَلَّتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ مَا بَيْنَهَا وَ بَيْنَ ثَلَاثِينَ يَوْماً فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثُونَ يَوْماً ثُمَّ رَأَتْ دَماً صَبِيباً «2» اغْتَسَلَتْ وَ احْتَشَتْ بِالْكُرْسُفِ وَ اسْتَثْفَرَتْ‏ «3» فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَ إِذَا رَأَتْ صُفْرَةً تَوَضَّأَتْ‏ «4»

______________________________

 (1). الشفران- بالضم فالسكون-: اللحم المحيط بالفرج احاطة الشفتين بالفم.

 (2). الصبيب فعيل من الصب بمعنى السكب. أى مصبوبا.

 (3). الاستثفار- بالثاء المثلثة و الفاء و الراء- أن تدخل ازارها بين فخذيها ملويا، أو تأخذ خرقة طويلة تشد أحد طرفيها من قدام و تخرجها من بين فخذيها و تشد طرفها الآخر من خلف مأخوذ من استثفر الكلب إذا دخل ذنبه بين رجليه. و الاحتشاء بالكرسف أن تدخله فرجها لتحبس الدم. (الوافي).

 (4). روى الشيخ في كتابيه بمضمون هذا الكلام رواية ثمّ قال في توجيهها و توجيه رواية قبلها كلاما طويلا حاصله أن هذا الحكم خاصّ بالمستحاضة التي اختلطت عليها أيام عادتها في الحيض و تغيرت و استمر بها الدم و تشتبه صفة الدم فترى ما يشبه دم الحيض أياما و ما يشبه دم الاستحاضة أياما و لم يتحصل لها العلم بأحدهما فان فرضها أن تترك الصلاة في الايام التي يشبه الحيض و تصلى فيما يشبه الاستحاضة الى شهر و تعمل بعد ذلك عمل المستحاضة.

و قال المولى المجلسيّ (ره): لما كانت الرواية مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة على أن أقل الطهر عشرة أيّام لم يعمل بها أكثر الاصحاب و يعمل عليه القدماء في المبتدئة و المضطربة.

و قال العلامة (ره) في المختلف: «الظاهر مراد ابن بابويه (حيث أفتى بعبارة الخبر) أنها ترى الدم بصفة دم الحيض أربعة و الطهر الذي هو النقاء خمسة أيّام و ترى تتمة العشرة أو الشهر بصفة دم الاستحاضة فانها تحيض بما هو بصفة الحيض» و أنكر عليه بعض المحشين للفقيه، و قال استاذنا الشعرانى- مد ظله- في هامش الوافي: تفسير العلامة في المختلف صحيح لا غبار عليه، و ليس الرواية مخالفة لاخبار كثيرة و كان المحشين رحمهما اللّه فرضا الكلام في امرأة واحدة طرأت عليها أربعة حالات، الدم خمسة أيّام ثمّ الطهر خمسة أيّام ثمّ الدم-

98
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

وَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهَا مَاءٌ يَكْفِيهَا لِغُسْلِهَا وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا مِنَ الْمَاءِ قَدْرَ مَا تَغْسِلُ بِهِ فَرْجَهَا غَسَلَتْهُ وَ تَيَمَّمَتْ وَ صَلَّتْ وَ حَلَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ إِذَا غَسَلَتْ فَرْجَهَا وَ تَيَمَّمَتْ وَ لَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى أَنْفُسِهِنَّ فِي الْمَحِيضِ‏ «1» لِأَنَّهُنَّ قَدْ نُهِينَ عَنْ ذَلِكَ.

204- وَ سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْحَائِضِ مَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا مِنْهَا قَالَ تَتَّزِرُ بِإِزَارٍ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَ تُخْرِجُ سُرَّتَهَا ثُمَّ لَهُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ «2».

205- وَ ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ مَيْمُونَةَ «3» كَانَتْ تَقُولُ‏ إِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يَأْمُرُنِي إِذَا كُنْتُ حَائِضاً أَنْ أَتَّزِرَ بِثَوْبٍ ثُمَّ أَضْطَجِعَ مَعَهُ فِي الْفِرَاشِ.

______________________________

- أربعة ثمّ الطهر ستة مع أن غرض السائل التنويع بأن يكون امرأتان إحداهما رأت الدم خمسة و الطهر خمسة ثمّ استمر عليها الدم، و الأخرى رأت الدم أربعة ثمّ الطهر ستة ثمّ استمر الدم و حكم هاتين المرأتين أن تجعلا الطهر مع ما لحقه من الدم إلى آخر الشهر طهرا و ما سبق من الدم على الطهر حيضة فلا يصير الطهر أقل من عشرة أيام.

 (1). أي الى فرجهن فيمكن حمله على أنّه لا يجوز لهن التزيين أي لا يتوجهن الى أنفسهن بان يتزين (مراد) و في المحكى عن النهاية قوله: «أن ينظرن» من التنظير و هو تزيين أنفسهن ليصير الزوج مائلا اليهن.

 (2). الظاهر المراد بما فوق الازار أعالي بدنها و يمكن الحمل على ما هو خارج عن الازار فيشمل ما تحت الركبتين. (مراد) و قال المولى المجلسيّ (ره): الخبر الصحيح يدل على كراهة الاستمتاع من الحائض بما بين السرة و الركبة كما عليه أكثر الاصحاب جمعا بين الاخبار، و ذهب جماعة الى الحرمة عملا بطاهر هذا الخبر و غيره من الاخبار القوية على أنه يمكن حملها على التقية و الحمل الأول أولى.

 (3). هى ميمونة بنت الحارث الهلالية من ولد عبد اللّه بن هلال بن عامر بن صعصعة، تزوج النبيّ بها و بنى بها بسرف- على عشرة أميال من مكّة- بعد عمرة القضاء. و كانت قبل أن يتزوجها تحت أبى سبرة بن أبي رهم العامرى. و توفيت بسرف سنة ثمان و ثلاثين و دفنت هناك كما في المعارف لابن قتيبة الدينورى.

99
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الحيض و النفاس ص : 88

206- قَالَ: وَ كُنَّ نِسَاءُ النَّبِيِّ ص لَا يَقْضِينَ الصَّلَاةَ «1» إِذَا حِضْنَ وَ لَكِنْ يَتَحَشَّيْنَ حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ يَتَوَضَّيْنَ ثُمَّ يَجْلِسْنَ قَرِيباً مِنَ الْمَسْجِدِ «2» فَيَذْكُرْنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ.

207- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ إِنَّهُ تُسْأَلُ نِسْوَةٌ مِنْ بِطَانَتِهَا «3» هَلْ كَانَ حَيْضُهَا فِيمَا مَضَى عَلَى مَا ادَّعَتْ فَإِنْ شَهِدْنَ صُدِّقَتْ وَ إِلَّا فَهِيَ كَاذِبَةٌ.

208- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْحَائِضِ تَغْتَسِلُ وَ عَلَى جَسَدِهَا الزَّعْفَرَانُ‏ «4» لَمْ يَذْهَبْ بِهِ الْمَاءُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَغْتَسِلُ وَ قَدِ امْتَشَطَتْ بِقَرَامِلَ‏ «5» وَ لَمْ تَنْقُضْ شَعْرَهَا كَمْ يُجْزِيهَا مِنَ الْمَاءِ قَالَ مِثْلُ الَّذِي يَشْرَبُ شَعْرُهَا «6» وَ هُوَ ثَلَاثُ حَفَنَاتٍ عَلَى رَأْسِهَا وَ حَفْنَتَانِ عَلَى الْيَمِينِ وَ حَفْنَتَانِ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ تُمِرُّ يَدَهَا عَلَى جَسَدِهَا كُلِّهِ.

209- وَ كَانَ بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ ص تُرَجِّلُ شَعْرَهَا وَ تَغْسِلُ رَأْسَهَا وَ هِيَ حَائِضٌ.

______________________________

 (1). الظاهر أن القضاء هنا بمعنى الإتيان و الفعل لا المعنى المصطلح.

 (2). يعني مسجد المدينة كما هو الظاهر لانه كانت بيوت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله متصلة بالمسجد، و لو كان المراد موضع صلاتهن لما قال «قريبا»، و علله في المعتبر بالتمرين على العبادة.

 (3). أي من خواصها و حاصلها أن ذلك أمر خلاف الغالب اذ الغالب أن يرى في كل شهر مرة.

 (4). أي لون الزعفران بحيث لا يمنع وصول الماء و لا يصير مضافا بوصوله إليه.

 (5). أي فعلت ما تفعله الماشطة من التزيين. و الظاهر أن المراد أنّها امتشطت مع كون القرامل بحالها، و القرامل ما تشده المرأة في شعرها من الخيوط أو ما وصلت به من الشعر و الصوف.

 (6). أي مثل الماء الذي يشربه شعرها أي مقدار الماء الذي إذا صب على الشعر وصل الى البشرة، و في بعض النسخ «نشرت شعرها» من باب التفعيل. و الحفنة مل‏ء الكف.

100
من لا يحضره الفقيه1

النفاس و أحكامه ص : 101

النِّفَاسُ وَ أَحْكَامُهُ‏

 «1» وَ إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ قَعَدَتْ عَنِ الصَّلَاةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إِلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ مَا بَيْنَهَا وَ بَيْنَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً لِأَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ نَفِسَتْ- بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ تَقْعُدَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً «2».

210- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّهُ صَارَ حَدُّ قُعُودِ النُّفَسَاءِ عَنِ الصَّلَاةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً لِأَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَ أَكْثَرَهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَوْسَطُهُ‏ «3» خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلنُّفَسَاءِ أَيَّامَ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَ أَوْسَطِهِ وَ أَكْثَرِهِ.

وَ الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي قُعُودِهَا أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ مَا زَادَ إِلَى أَنْ تَطْهُرَ مَعْلُولَةٌ كُلُّهَا-

______________________________

 (1). العنوان زيادة منا و ليس في الأصل.

 (2). في المحكى عن الذكرى: «أقله انقطاع الدم و أكثره عشرة في المشهور و للمفيد- رحمه اللّه- قول بثمانية عشر و هو قول الصدوق و ابن الجنيد و المرتضى و سلار- رحمهم اللّه- و جعله ابن أبي عقيل (ره) احدى و عشرين يوما». و خبر أسماء كما في التهذيب ج 1 ص 50 هكذا «ان أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين ارادت الاحرام من ذى الحليفة أن تغتسل و تحتشى بالكرسف و تهل بالحج فلما قدموا و نسكوا المناسك سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الطواف بالبيت و الصلاة فقال لها: منذ كم ولدت؟ فقالت: منذ ثماني عشرة فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تغتسل و تطوف بالبيت و تصلى و لم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك» و حمل على التقية لمخالفته لكثير من الصحاح و مخالفه من الاخبار أكثر عددا و أصح سندا و أوضح دلالة على أن أكثر أيّام النفاس عشرة و ما يدلّ على أن الحكم بالغسل في هذا الخبر بعد الثمانية عشر انما كان عند مضى تلك المدة و لو سألته قبل ذلك لعله يأمرها بالغسل.

و في المحكى عن الذكرى: خبر أسماء بنت عميس متأول بأن سؤالها كان عقيب الثمانية عشر فأمرها بالغسل و لو سألته قبيلها لامرها.

 (3). في بعض النسخ «أكثرها عشرة أيّام فاوسطها» فالضميران يرجعان الى الايام.

و على ما كان في المتن يرجعان الى نفس الحيض.

101
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

وَ وَرَدَتْ لِلتَّقِيَّةِ لَا يُفْتِي بِهَا إِلَّا أَهْلُ الْخِلَافِ.

211- وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ أَصَابَهَا الطَّلْقُ الْيَوْمَ وَ الْيَوْمَيْنِ وَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ تَرَى صُفْرَةً أَوْ دَماً كَيْفَ تَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ قَالَ تُصَلِّي مَا لَمْ تَلِدْ فَإِنْ غَلَبَهَا الْوَجَعُ صَلَّتْ إِذَا بَرَأَتْ‏ «1».

بَابُ التَّيَمُّمِ‏

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى‏ أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ‏ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ‏ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏ «2»

______________________________

 (1). حاصله أنّها قبل الولادة لا تكون نفساء فان قدرت على الصلاة وجب أن تصليها و ان غلبها وجع الولادة و هو الطلق صلت لو قدرت عليها فان كانت الوقت باقيا فأداء و إلا فقضاء. (مراد).

 (2). «وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى‏» بحيث يضر استعمال الماء «أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ» «على» بمعنى الحال أى حال سفر كما يقال: زرت فلانا على شربه، و تخصيصه للاغلبية لا لاختصاصه بالاباحة، بل يباح التيمم حضرا و سفرا مع عدم الماء «أَوْ جاءَ» كلمة أو بمعنى الواو «أَحَدٌ مِنْكُمْ» موضعا «مِنَ الْغائِطِ» على أن يكون «من» للتبيين؛ أو من موضع الغائط على أن يكون للابتداء، و الغائط اسم للمكان المطمئن من الأرض، ثمّ سمى به الحدث الخارج من الإنسان تسمية للحال باسم المحل‏ «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ» أى جامعتموهن عبر عن الجماع بالملامسة لكونها من أقرب مقدماته فقد لاح أن المرخص له في التيمم اما محدث أو جنب و الحالة المقتضية له في الغالب اما مرض أو سفر «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً» فلم تتمكنوا من استعماله اما لعدم وجوده أو لسبب آخر، و هو عطف على «كنتم» لا جواب الشرط لان «لم» يقلب المضارع ماضيا و ينفيه بل الجواب «فتيمموا» أى فاقصدوا «صعيدا» أي شيئا من وجه الأرض «طيبا» أي طاهرا «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ» أى بعضها اما لمكان الباء أو للنص و هو في الوجه من القصاص الى طرف الانف الأعلى، و في اليد من الزند الى أطراف الأصابع، «منه» أي من ذلك الصعيد و هو لا يدلّ على-

102
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

212- وَ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَ لَا تُخْبِرُنِي مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ وَ قُلْتَ إِنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ وَ بَعْضِ الرِّجْلَيْنِ فَضَحِكَ وَ قَالَ يَا زُرَارَةُ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ- فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ‏ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْوَجْهَ كُلَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُغْسَلَ ثُمَّ قَالَ‏ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ‏ فَوَصَلَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ بِالْوَجْهِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يُغْسَلَا إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ فَصَّلَ بَيْنَ الْكَلَامِ‏ «1» فَقَالَ- وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ‏ فَعَرَفْنَا حِينَ قَالَ‏ بِرُؤُسِكُمْ‏ أَنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ لِمَكَانِ الْبَاءِ ثُمَّ وَصَلَ الرِّجْلَيْنِ بِالرَّأْسِ كَمَا وَصَلَ الْيَدَيْنِ بِالْوَجْهِ فَقَالَ- وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ‏ فَعَرَفْنَا حِينَ وَصَلَهُمَا بِالرَّأْسِ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى بَعْضِهِمَا ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلنَّاسِ فَضَيَّعُوهُ‏ «2» ثُمَّ قَالَ- فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ‏ فَلَمَّا أَنْ وَضَعَ الْوُضُوءَ عَمَّنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ أَثْبَتَ بَعْضَ الْغَسْلِ مَسْحاً «3» لِأَنَّهُ قَالَ‏ بِوُجُوهِكُمْ‏ ثُمَّ وَصَلَ بِهَا- وَ أَيْدِيكُمْ‏ مِنْهُ‏ أَيْ مِنْ ذَلِكَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ عَلِمَ‏ «4» أَنَّ ذَلِكَ أَجْمَعَ لَمْ يَجْرِ عَلَى الْوَجْهِ لِأَنَّهُ يَعْلَقُ مِنْ ذَلِكَ‏

______________________________

- وجوب علوق شي‏ء من الصعيد لجواز كون «من» هاهنا ابتدائية «ما يُرِيدُ اللَّهُ» بشرعه الطهارة من الوضوء و الغسل و التيمم بدلهما «لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ» أى ضيق «من» هنا بيانية «وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ» أى لينظفكم أو ليطهركم عن الذنوب فان الطهارة تكفير للذنوب‏ «وَ لِيُتِمَّ» بشرعه ما هو مطهر لأبدانكم مكفر لذنوبكم‏ «نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ» في الدين‏ «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» على تلك النعمة. (م ت).

 (1). في بعض النسخ «الكلامين».

 (2). في بعض النسخ «فصنعوه».

 (3). أي جعل بعض ما كان يغسل في الوضوء ممسوحا في التيمم حيث أدخل الباء على الوجوه التي كان أمر بغسلها كلها و وصل بالوجوه الأيدي التي كان قد أمر بغسلها فعلم منه أن الممسوح في التيمم بعض ما كان مغسولا في الوضوء و الممسوح ساقط رأسا. «منه» أي من ذلك الصعيد الذي يتيمم به، و هذا يشعر بأنّه لا بدّ في التيمم من أن يقع المسح ببعض الصعيد. (مراد).

 (4). تعليل لقوله: «أثبت بعض الغسل مسحا» أي جعل بعض المغسول ممسوحا حيث-

103
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

الصَّعِيدِ بِبَعْضِ الْكَفِّ وَ لَا يَعْلَقُ بِبَعْضِهَا ثُمَّ قَالَ اللَّهُ‏ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ‏ وَ الْحَرَجُ الضِّيقُ.

213- وَ قَالَ زُرَارَةُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَاتَ يَوْمٍ لِعَمَّارٍ فِي سَفَرٍ لَهُ يَا عَمَّارُ بَلَغَنَا أَنَّكَ أَجْنَبْتَ فَكَيْفَ صَنَعْتَ قَالَ تَمَرَّغْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي التُّرَابِ قَالَ فَقَالَ لَهُ كَذَلِكَ يَتَمَرَّغُ الْحِمَارُ «1» أَ فَلَا صَنَعْتَ كَذَا ثُمَّ أَهْوَى بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى الصَّعِيدِ ثُمَّ مَسَحَ جَبِينَيْهِ بِأَصَابِعِهِ وَ كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى ثُمَّ لَمْ يُعِدْ ذَلِكَ‏ «2».

فَإِذَا تَيَمَّمَ الرَّجُلُ لِلْوُضُوءِ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَ مَسَحَ بِهِمَا جَبِينَيْهِ وَ حَاجِبَيْهِ وَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ كَفَّيْهِ وَ إِذَا كَانَ التَّيَمُّمُ لِلْجَنَابَةِ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَ مَسَحَ بِهِمَا جَبِينَيْهِ وَ حَاجِبَيْهِ وَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ كَفَّيْهِ وَ إِذَا كَانَ التَّيَمُّمُ لِلْجَنَابَةِ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَ مَسَحَ بِهِمَا جَبِينَيْهِ وَ حَاجِبَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّةً أُخْرَى وَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ يَدَيْهِ فَوْقَ الْكَفِّ قَلِيلًا وَ يَبْدَأُ بِمَسْحِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى.

______________________________

- قال «بوجوهكم» بالباء التبعيضية لأنّه تعالى علم أن ذلك الصعيد العالق بالكف لا يجرى على كل الوجه لانه يعلق ببعض الكف و لا يعلق ببعضها، و يجوز أن يكون تعليلا لقوله عليه السلام «قال بوجوهكم» و هو قريب من الاوّل، و لا يجوز أن يجعل تعليلا لقوله «أى من ذلك التيمم» سواء أريد بالتيمم معناه المصدرى أو المتيمم به أما على الأول فظاهر و كذا على الثاني اذا جعلت «من» ابتدائية و أمّا إذا جعلت تبعيضية فلان المراد اما بعض الصعيد المضروب عليه أو بعضه العالق بالكف و على التقديرين لا يستقيم التعليل بعلم اللّه ان ذلك بأجمعه لا يجرى على الوجه، ثمّ تعليل ذلك بأنّه تعلق منه ببعض الكف و لا تعلق ببعضها فعليك بالتأمل الصادق.

 (الحبل المتين).

 (1). التمرغ: التقلب في التراب و منه حديث عمار (النهاية).

 (2). أي ذلك الوضع كذا فسره شيخنا- رحمه اللّه- و حينئذ فهو حجة لمن يكتفى بالضربة الواحدة فيما هو بدل من الغسل أيضا و يمكن حمله على عدم إعادة المسح. (مراد) اقول هذا إذا قرء «لم يعد» بضم حرف المضارعة، فهو من الإعادة، و ان قرء بفتح حرف المضارعة و اسكان العين فمعناه أنّه لم يتجاوز عليه السلام عن مسح الجبينين و الكفين.

104
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

214- وَ سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ إِذَا أَجْنَبَ وَ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ قَالَ يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيَغْتَسِلْ وَ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَ عَنِ الرَّجُلِ يَمُرُّ بِالرَّكِيَّةِ «1» وَ لَيْسَ مَعَهُ دَلْوٌ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ الرَّكِيَّةَ لِأَنَّ رَبَّ الْمَاءِ هُوَ رَبُّ الْأَرْضِ‏ «2» فَلْيَتَيَمَّمْ وَ عَنِ الرَّجُلِ يُجْنِبُ وَ مَعَهُ قَدْرُ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ لِوُضُوءِ الصَّلَاةِ أَ يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ أَوْ يَتَيَمَّمُ قَالَ لَا بَلْ يَتَيَمَّمُ أَ لَا تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا جُعِلَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْوُضُوءِ «3».

وَ مَتَى أَصَابَ الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ وَ رَجَا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى مَاءٍ آخَرَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلَّمَا أَرَادَهُ فَعَسُرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّ نَظَرَهُ إِلَى الْمَاءِ يَنْقُضُ تَيَمُّمَهُ وَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ التَّيَمُّمَ فَإِنْ أَصَابَ الْمَاءَ وَ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَضْرِبْ وَ لْيَتَوَضَّأْ مَا لَمْ يَرْكَعْ فَإِنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ أَحَدُ الطَّهُورَيْنِ وَ مَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ إِنْ كَانَ جُنُباً وَ الْوُضُوءُ إِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُباً فَإِنْ أَصَابَ الْمَاءَ وَ قَدْ

______________________________

 (1). الركية- بفتح الراء و شد الياء-: البئر ذات الماء.

 (2). في بعض النسخ «هو ربّ الصعيد» و في بعضها «هو ربّ التراب». و على أي حمل على خوف الضرر بالدخول. (م ت).

 (3). ذكر في مشرق الشمسين في وجه كون التيمم نصف الوضوء أن الوضوء يحصل منه الاستباحة و الرفع و التيمم يحصل منه الاستباحة لا غير، و يمكن أن يقال: ان الوضوء غسلتان و مسحتان كما نقل عن ابن عبّاس، و التيمم مسحتان لا غير.

أقول: روى نحو هذا الخبر الكليني في الكافي ج 3 ص 65 من حديث ابن أبي يعفور عنه عليه السلام و فيه «انما جعل عليه نصف الطهور».

و قال الفاضل التفرشى: قوله: «أ لا ترى أنّه انما- الخ» لعل الراوي توهم أن بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل باعتبار مشابهته لهما فلو قدر الإنسان على ما هو أشبه بهما ينبغي أن يأتي به، فدفع عليه السلام ذلك التوهم بأن الطاعة الإتيان بالمأمور به و هو التيمم عند فقد الماء فلا يصحّ عنه غيره، و أيد ذلك بأن الواجب في التيمم مسح بعض ما يغسل في الوضوء سواء كان بدلا من الوضوء أو الغسل و لو كان باعتبار الاشبهية لكان ما يمسح في بدل الغسل أكثر ممّا يمسح في بدل الوضوء و لما اكتفى في الوضوء أيضا بمسح بعض المغسول.

105
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

صَلَّى بِتَيَمُّمٍ وَ هُوَ فِي وَقْتٍ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ‏ «1».

215- وَ قَالَ زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ قُلْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ ع- رَجُلٌ لَمْ يُصِبْ مَاءً وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَتَيَمَّمَ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءَ أَ يَنْقُضُ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ يَقْطَعُهُمَا «2» وَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ فَيُتِمُّهَا وَ لَا يَنْقُضُهَا لِمَكَانِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ دَخَلَهَا وَ هُوَ عَلَى طُهْرٍ بِتَيَمُّمٍ وَ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لَهُ دَخَلَهَا وَ هُوَ مُتَيَمِّمٌ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ‏ «3» فَأَصَابَ مَاءً قَالَ يَخْرُجُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ.

______________________________

 (1). روى الكليني- ره- في الكافي ج 3 ص 63 بسند صحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: «قلت له: يصلى الرجل بوضوء واحد صلاة الليل و النهار كلها؟ قال نعم ما لم يحدث- الى أن قال-: قلت فان أصاب الماء و رجا أن يقدر على ماء آخر و ظنّ أنّه يقدر عليه كلما أراد فعسر ذلك عليه؟ قال: ينقض ذلك تيممه و عليه أن يعيد التيمم، قلت: فان أصاب الماء و قد دخل في الصلاة؟ قال: فلينصرف و ليتوضأ ما لم يركع فان كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين». و المؤلّف أفتى بمضمون هذا الخبر و قال المفيد في أحد قوليه و السيّد المرتضى و جماعة من الفقهاء: يمضى في صلاته و لو تلبس بمجرد تكبيرة الاحرام. و قال الشيخ: الوجه في هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض و الايجاب و يمكن أن يكون إذا دخل في الصلاة في اول الوقت لانا قد بيّنا أنّه لا يجوز التيمم الا في آخر الوقت فلذلك وجب عليه الانصراف.

 (2). قوله «أ و يقطعهما» الظاهر أن الهمزة للاستفهام دخلت على الواو لتأكيد الهمزة الأولى، و لو جعلت أو بكمالها للعطف فينبغي ارجاع ضمير ينقض الى الإصابة أي أ تنقص اصابة الماء الركعتين أوله أن يقطعهما باختياره لاجل الإصابة، و يمكن أن يراد بالنقض الابطال و بالقطع القطع للبناء، و يستفاد من هذا الحديث جواز التيمم في سعة الوقت. (مراد).

 (3). قال المفيد- رحمه اللّه-: ان كان عمدا أعاد و ان كان نسيانا تطهّر و يبنى و تبعه الشيخ في النهاية و ابن حمزة في الوسيلة كما في الذكرى، و قال المجلسيّ- رحمه اللّه-:

ظاهر الخبر أن الحدث لا ينقض الصلاة و حمله الشيخ على النسيان و لا ينفع لانه لا خبر يدل على أن الحدث ناسيا لا ينقض الصلاة، و قيل: ان معنى «أحدث» جاء المطر كما في القاموس و يؤيده التفريع بقوله «فأصاب ماء» و على هذا يوافق الخبر سائر الاخبار، و هذا-

106
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

216- وَ سَأَلَ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ التَّيَمُّمِ مِنَ الْوُضُوءِ وَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ مِنَ الْحَيْضِ لِلنِّسَاءِ سَوَاءٌ فَقَالَ نَعَمْ.

217- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ- أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ بِهِ الْقُرُوحُ وَ الْجِرَاحَاتُ فَيُجْنِبُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَيَمَّمَ وَ لَا يَغْتَسِلَ‏ «1».

218- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْمَبْطُونُ وَ الْكَسِيرُ يُؤَمَّمَانِ وَ لَا يُغَسَّلَانِ‏ «2».

219- وَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَاناً أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَ هُوَ مَجْدُورٌ فَغَسَّلُوهُ فَمَاتَ فَقَالَ قَتَلُوهُ أَلَّا سَأَلُوا «3» أَلَّا يَمَّمُوهُ إِنَّ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ‏ «4».

220- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ مَجْدُورٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ أَجْنَبَ هُوَ فَلْيَغْتَسِلْ‏ «5» وَ إِنْ كَانَ احْتَلَمَ فَلْيَتَيَمَّمْ‏ «6».

وَ الْجُنُبُ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْبَرْدِ تَيَمَّمَ.

221- وَ سَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مَيْسَرَةَ «7»- عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَلَا يَجِدُ الْمَاءَ

______________________________

- وجه وجيه لا يطرح الخبر.

و قال سلطان العلماء: قد فسر البعض الحدث بالمطر و لا يخفى بعده و منافاته لما سبق من أنّه ان كان قد ركع فليمض.

 (1). يفهم من الاخبار التخيير بين الجبيرة و التيمم فحمل الخبر على الضرر بالجبيرة (م ت).

 (2). في بعض النسخ «يتيمّمان و لا يغتسلان».

 (3). في بعض النسخ «ألا سألوه» و لعله من باب الحذف و الايصال أي الا سألوا عنه (مراد).

 (4). العىّ- بالمهملة-: الجهل و عدم الاهتداء الى وجه الصواب.

 (5). حمل على عدم خوف النفس لانه خلاف المشهور من الفتاوي.

 (6). رواه الكليني ج 3 ص 68 و الشيخ في كتابيه في حديث مرفوع.

 (7). الطريق صحيح كما في (صه) و فيه عليّ بن الحكم و هو مشترك بين الثقة و غيره.

و معاوية نفسه لم يوثق.

107
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

فَيَتَيَمَّمُ وَ يُصَلِّي ثُمَّ يَأْتِي عَلَى الْمَاءِ وَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْوَقْتِ أَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ أَمْ يَتَوَضَّأُ وَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَاءِ هُوَ رَبُّ التُّرَابِ‏ «1».

222- وَ أَتَى أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ- النَّبِيَّ ص فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ جَامَعْتُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ قَالَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ ص بِمَحْمِلٍ فَاسْتَتَرْنَا بِهِ وَ بِمَاءٍ «2» فَاغْتَسَلْتُ أَنَا وَ هِيَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ يَكْفِيكَ الصَّعِيدُ عَشْرَ سِنِينَ.

وَ إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ فِي سَفَرٍ وَ مَعَهُ مَاءٌ قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ تَيَمَّمَ‏ «3» وَ لَمْ يَتَوَضَّأْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ‏ «4» أَنَّهُ يُدْرِكُ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ.

223- وَ سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَجْرَانَ‏ «5»- أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ كَانُوا فِي سَفَرٍ أَحَدُهُمْ جُنُبٌ وَ الثَّانِي مَيِّتٌ وَ الثَّالِثُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَ مَعَهُمْ مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمْ مَنْ يَأْخُذُ الْمَاءَ وَ كَيْفَ يَصْنَعُونَ فَقَالَ يَغْتَسِلُ الْجُنُبُ وَ يُدْفَنُ الْمَيِّتُ بِتَيَمُّمٍ وَ يَتَيَمَّمُ الَّذِي هُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرِيضَةٌ «6» وَ غُسْلَ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ «7» وَ التَّيَمُّمَ لِلْآخَرِ جَائِزٌ «8».

______________________________

 (1). هذا بظاهره يدلّ على جواز التيمّم مع سعة الوقت مطلقا و يحتمل حمله على صورة اليأس عن الماء و بالجملة ينافى مذهب التضييق مطلقا. (سلطان).

 (2). عطف على بمحمل أي أمر أيضا بماء.

 (3). يدل على أنّه يكفى عدم العلم بوجدان الماء و لا يشترط العلم بالعدم. (سلطان).

 (4). هذا الاستثناء من قوله «يتيمم» لا من قوله «و لم يتوضأ» يعنى وجب عليه التيمم فقط بدون الوضوء الا أن يعلم أنّه يدرك الماء في الوقت فيجب عليه أن يؤخر الصلاة الى وقت وجدان الماء فان وجد فليغتسل و ان لم يجد و ضاق عليه الوقت فليتيمم، و على أي حال ليس عليه الوضوء.

 (5). الطريق صحيح كما في (صه).

 (6). أي ثابت بحكم الكتاب.

 (7). أي ثابت بالسنة لا بالكتاب.

 (8). لا يقال: التيمم للجنب أيضا جائز فلا ترجيح اذ كل من غسل الجنابة و الوضوء فريضة أي وجوبه بالكتاب لا بمجرد السنة، لانا نقول: الفرق ظاهر من وجهين أحدهما ان رفع الحدث الأكبر أولى و أهم، و الآخر أن وجوب الوضوء للصلاة بالاتفاق و وجوب الغسل بنفسه عند البعض. (مراد).

108
من لا يحضره الفقيه1

باب التيمم ص : 102

224- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ النَّهْدِيُّ- وَ جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ إِمَامِ قَوْمٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِلْغُسْلِ أَ يَتَوَضَّأُ بَعْضُهُمْ وَ يُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ وَ يُصَلِّي بِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ التُّرَابَ طَهُوراً كَمَا جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً «1».

225- وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ- أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ وَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ إِنِ اغْتَسَلَ فَقَالَ يَتَيَمَّمُ وَ يُصَلِّي فَإِذَا أَمِنَ مِنَ الْبَرْدِ اغْتَسَلَ وَ أَعَادَ الصَّلَاةَ «2».

وَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي حَالٍ لَا يَقْدِرُ إِلَّا عَلَى الطِّينِ يَتَيَمَّمُ بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ‏

______________________________

 (1). المشهور بين الاصحاب كراهة امامة المتيمم بالمتوضّين، بل قال في المنتهى:

انه لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمّد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك. و استدلّ الشيخ- رحمه اللّه- في كتابى الاخبار بما رواه عن عباد بن صهيب «قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا يصلى المتيمم بقوم متوضين» و عن السكونى عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: لا يؤم صاحب التيمم المتوضّين و لا يؤم صاحب الفالج الاصحّاء» و في الروايتين ضعف من حيث السند و لو لا ما يتخيل من انعقاد الإجماع على هذا الحكم لا مكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة. (المرآة).

 (2). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 67 مرسلا و الشيخ في التهذيب مسندا و حمل إعادة الصلاة على فرض صحة الخبر على ما إذا كان أجنب نفسه متعمدا.

و قال سلطان العلماء: لا يخفى منافاته لما سبق في خبر عبيد اللّه بن على الحلبيّ من عدم إعادة الصلاة فيحمل هذا على الاستحباب أو على احداث الجنابة عمدا مع العلم بعدم التمكن من استعمال الماء و السابق على غير هذه الصورة كما مرّ اشعار به في خبر المجدور، و يمكن حمل هذا على صورة بقاء الوقت و ذلك على خارجه الا أنّه قد مر أيضا ما يدلّ على أنّه لا يعيد في الوقت أيضا، فلا فائدة في هذا الحمل.

و قال الفاضل التفرشى: يمكن حمله على ما إذا أجنب مع علمه بعدم إمكان الغسل جمعا بينه و بين ما يدلّ على عدم إعادة صلاة صليت بالتيمم، و يمكن الحمل على الاستحباب.

109
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

وَ تَعَالَى أَوْلَى بِالْعُذْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ثَوْبٌ جَافٌّ وَ لَا لِبْدٌ «1» يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَنْفُضَهُ وَ يَتَيَمَّمَ مِنْهُ‏ «2» وَ مَنْ كَانَ فِي وَسْطِ زِحَامِ- يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ- «3» وَ لَمْ يَسْتَطِعِ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ تَيَمَّمَ وَ صَلَّى مَعَهُمْ وَ لْيُعِدْ «4» إِذَا انْصَرَفَ وَ مَنْ تَيَمَّمَ وَ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ فَنَسِيَ وَ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ فَلْيُعِدِ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ «5» وَ مَنِ احْتَلَمَ فِي مَسْجِدٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ خَرَجَ مِنْهُ وَ اغْتَسَلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ احْتِلَامُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ ص فَإِنَّهُ إِنِ احْتَلَمَ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ تَيَمَّمَ وَ خَرَجَ وَ لَمْ يَمْشِ فِيهِمَا إِلَّا مُتَيَمِّماً «6».

بَابُ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ دُخُولِ الْحَمَّامِ وَ آدَابِهِ وَ مَا جَاءَ فِي التَّنْظِيفِ وَ الزِّينَةِ

226- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ‏

______________________________

 (1). تأكيد لقوله «لا يقدر الأعلى الطين أو يحمل ذلك على عدم القدرة على الماء و التراب خاصّة لا بالنسبة الى غبار الثوب. (سلطان) و اللبد- كحبر-: ما يتلبد من شعر أو صوف و اللبدة أخص منه: و اللبد- بالتحريك- الصوف.

 (2). في بعض النسخ «و يتيمم به».

 (3). و هو محدث و ليس له ماء يتوضأ به.

 (4). في أكثر النسخ «و لم يعد». و الصواب ما في المتن كما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 52 بطريق و ص 324 بطريق آخر و كذا في الاستبصار ج 1 ص 81. ففيهما «و يصلى معهم و يعيد إذا انصرف».

 (5). كما في خبر أبي بصير عن الصادق (ع) الكافي ج 3 ص 65 و التهذيب ج 1 ص 60.

 (6). رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 115.

110
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَ نَهَى ص عَنِ الْغُسْلِ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَ نَهَى عَنْ دُخُولِ الْأَنْهَارِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ فَقَالَ إِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلًا وَ سُكَّاناً.

وَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ إِلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ لِلنِّسَاءِ فِي السَّفَرِ لِقِلَّةِ الْمَاءِ «1» وَ مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ وَ وَجَدَ الْمَاءَ- يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ خَشِيَ أَنْ لَا يَجِدَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ- يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اغْتَسَلَ وَ إِنْ لَمْ يَجِدْ أَجْزَأَهُ.

227- فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع عَنْ أُمِّهِ وَ أُمِّ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى ع قَالَتَا كُنَّا مَعَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع- فِي الْبَادِيَةِ وَ نَحْنُ نُرِيدُ بَغْدَادَ فَقَالَ لَنَا يَوْمَ الْخَمِيسِ- اغْتَسِلَا الْيَوْمَ لِغَدٍ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الْمَاءَ غَداً بِهَا قَلِيلٌ قَالَتَا فَاغْتَسَلْنَا يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلْجُمُعَةِ.

وَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَ يَجُوزُ مِنْ وَقْتِ طُلُوعِ الْفَجْرِ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى قُرْبِ الزَّوَالِ وَ أَفْضَلُ ذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنَ الزَّوَالِ وَ مَنْ نَسِيَ الْغُسْلَ أَوْ فَاتَهُ لِعِلَّةٍ-

______________________________

 (1). روى الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 3 ص 42 بإسناده عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «الغسل يوم الجمعة على الرجال و النساء في الحضر و على الرجال في السفر و ليس على النساء في السفر. «و في رواية اخرى أنّه رخص للنساء في السفر لقلة الماء» و عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «سألته عن الغسل يوم الجمعة فقال: واجب على كل ذكر و انثى، عبد أو حر». و اختلف الاصحاب في حكمه فالمشهور على استحبابه و ظاهر المؤلّف و الكليني- رحمهما اللّه- وجوبه فمن قال بالوجوب استدل بأمثال هذه الأخبار و حمل الوجوب على الفرض و من قال بالاستحباب حمل الوجوب على تأكده لعدم العلم بكون الوجوب حقيقة في المعنى المصطلح بين الفقهاء و الأصوليّين قال الشيخ في التهذيب ج 1 ص 31: «ما يتضمن هذه الأخبار من لفظ الوجوب فالمراد به أن الأولى على الإنسان أن يفعله و قد يسمى الشي‏ء واجبا إذا كان الأولى فعله».

111
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

فَلْيَغْتَسِلْ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ- وَ يُجْزِي الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ كَمَا يَكُونُ لِلرَّوَاحِ‏ «1» وَ الْوُضُوءُ فِيهِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَ يَقُولُ الْمُغْتَسِلُ لِلْجُمُعَةِ- اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي وَ طَهِّرْ قَلْبِي وَ أَنْقِ غُسْلِي وَ أَجْرِ عَلَى لِسَانِي مَحَبَّةً مِنْكَ‏ «2».

228- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ فَقَالَ- أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ كَانَ طُهْراً مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ.

229- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ طَهُورٌ وَ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ.

230- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- فِي عِلَّةِ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِنَّ الْأَنْصَارَ كَانَتْ تَعْمَلُ فِي نَوَاضِحِهَا وَ أَمْوَالِهَا «3» فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ حَضَرُوا الْمَسْجِدَ فَتَأَذَّى النَّاسُ بِأَرْوَاحِ آبَاطِهِمْ وَ أَجْسَادِهِمْ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْغُسْلِ فَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ.

231- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَتَمَّ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَ أَتَمَّ صِيَامَ الْفَرِيضَةِ بِصِيَامِ النَّافِلَةِ وَ أَتَمَّ الْوُضُوءَ بِغُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ «4».

232- وَ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ «5» الْأَهْوَازِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ

______________________________

 (1). الرواح بمعنى الذهاب الى الجمعة و في النهاية «من راح الى الجمعة في الساعة الأولى فكانما قرب بدنة» أي من مشى إليها. فالمعنى أن غسل الجمعة مجز إذا قصد فيه وظيفة اليوم كما أنّه مجز إذا نوى فيه الرواح الى صلاة الجمعة و نقل العلامة في التذكرة عن مالك أنّه قال: لا يعتد بالغسل الا أن يقصد به الرواح لقوله عليه السلام «من جاء الى الجمعة فليغتسل» فذهب مالك الى أن الغسل إذا نوى فيه الرواح فهو مجز و معتد به و الا إيقاعه لانه وظيفة اليوم فهو غير مجز و محتاج الى اعادته بقصد الرواح. فقوله «و يجزى الغسل للجمعة كما يكون للرواح» رد على مالك.

 (2). أي ما يوجب محبتك؛ و في نسخة «مدحتك».

 (3). النواضح: الإبل التي يستقى عليها الماء.

 (4). يفهم منه الاستحباب بقرينة الأختين.

 (5). كذا في النسخ و الظاهر هو الحسين بن سعيد و صحف في النسخ لقرب كتابة الحسين بيحيى في الخط الديوانى.

112
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع- إِذَا دَخَلْتَ الْحَمَّامَ فَقُلْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَنْزِعُ فِيهِ ثِيَابَكَ- اللَّهُمَّ انْزِعْ عَنِّي رِبْقَةَ النِّفَاقِ وَ ثَبِّتْنِي عَلَى الْإِيمَانِ- وَ إِذَا دَخَلْتَ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ فَقُلْ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَ أَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ أَذَاهُ- وَ إِذَا دَخَلْتَ الْبَيْتَ الثَّانِيَ فَقُلِ- اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الرِّجْسَ النِّجْسَ وَ طَهِّرْ جَسَدِي وَ قَلْبِي- وَ خُذْ مِنَ الْمَاءِ الْحَارِّ وَ ضَعْهُ عَلَى هَامَتِكَ وَ صُبَّ مِنْهُ عَلَى رِجْلَيْكَ وَ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَبْلَعَ مِنْهُ جُرْعَةً فَافْعَلْ فَإِنَّهُ يُنَقِّي الْمَثَانَةَ «1» وَ الْبَثْ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي سَاعَةً وَ إِذَا دَخَلْتَ الْبَيْتَ الثَّالِثَ فَقُلْ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ وَ نَسْأَلُهُ الْجَنَّةَ- تُرَدِّدُهَا إِلَى وَقْتِ خُرُوجِكَ مِنَ الْبَيْتِ الْحَارِّ وَ إِيَّاكَ وَ شُرْبَ الْمَاءِ الْبَارِدِ وَ الْفُقَّاعِ فِي الْحَمَّامِ‏ «2» فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْمَعِدَةَ وَ لَا تَصُبَّنَّ عَلَيْكَ الْمَاءَ الْبَارِدَ فَإِنَّهُ يُضْعِفُ الْبَدَنَ وَ صُبَ‏

______________________________

 (1). الذي يظهر من تتبع الاخبار أن الحمامات كانت في عصرهم ذات بيوت أربعة البيت الأول بارد يابس- و فيه ينزعون ملابسهم- و الثاني بارد رطب- فيه مخزن الماء البارد- الثالث حار رطب- فيه مخزن الماء الحار. الرابع حار يابس- فيه يحمى المستحم بدنه فيدلك- (راجع الرسالة الذهبية- طب الرضا عليه السلام- ص 94، مستدرك الوسائل ج 1 ص 54) و كان في البيت الثالث الذي فيه مخزن الماء الحار بئر أو حوض يسيل فيه ماء الغسالة فقط و كان ممنوعا على المغتسل الارتماس في مخزن الماء سواء كان حارا أو باردا، و كان حول المخزن مواضع و مصطبات يقوم المغتسل عليها فيأخذ الماء من المخزن بالمشربة فيصب عليه و يخرج الغسالة منه الى البئر، و كان في بعض الحمامات حول المخزن حياض صغار يخرج الماء من المخزن في أنابيب خاصّة الى تلك الحياض و يأخذ كل مستحم الماء بقدر حاجته.

و المراد من حديث المتن من بيوت الحمام البيوت التي كان يدخل المستحم فيها بعد نزع ثيابه، و المراد من تجرع الماء المنقى للمثانة الاغتراف من ماء المخزن أو الحوض الخاص الممنوع وروده و التجرع من ذلك الماء لا ماء المخازن التي يغتسل الناس فيه و يدلكون فيه أبدانهم. بل الظاهر كراهة الاغتسال و الارتماس فيه فضلا عن شربه كما في الخبر الذي رواه الكليني ج 6 ص 503 عن ابى الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: «و من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه».

 (2). يمكن أن يكون المراد ماء الشعير أو الفقاع المحرم و هو و ان كان حراما الا أنه عليه السلام أكد حرمة شربه في الحمام. لانه مع قطع النظر عن الاسكار يفسد المعدة.

113
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

الْمَاءَ الْبَارِدَ عَلَى قَدَمَيْكَ إِذَا خَرَجْتَ فَإِنَّهُ يَسُلُّ الدَّاءَ مِنْ جَسَدِكَ‏ «1» فَإِذَا لَبِسْتَ ثِيَابَكَ فَقُلِ- اللَّهُمَّ أَلْبِسْنِي التَّقْوَى وَ جَنِّبْنِي الرَّدَى فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَمِنْتَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ.

وَ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ مَا لَمْ تُرِدْ بِهِ الصَّوْتَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ مِئْزَرٌ «2».

233- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ- أَبَا جَعْفَرٍ ع فَقَالَ: أَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- يَنْهَى عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ فَقَالَ لَا إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَقْرَأَ الرَّجُلُ وَ هُوَ عُرْيَانٌ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ فَلَا بَأْسَ.

234- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ- لِمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع‏ أَقْرَأُ فِي الْحَمَّامِ وَ أَنْكِحُ فِيهِ قَالَ لَا بَأْسَ.

وَ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ وَ يَسْتُرَ فَرْجَهُ مِنْ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِ.

235- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ‏ ذلِكَ أَزْكى‏ لَهُمْ‏ فَقَالَ كُلُّ مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذِكْرِ حِفْظِ الْفَرْجِ فَهُوَ مِنَ الزِّنَا إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ لِلْحِفْظِ مِنْ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِ.

236- وَ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ- إِنَّمَا أَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِ فَأَمَّا النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةِ مَنْ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ مِثْلُ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ الْحِمَارِ «3».

______________________________

 (1). السلّ: اخراج الشي‏ء بجذب و نزع.

 (2). الظاهر كونه من كلام المصنّف لا من تتمّة الخبر كما توهمه بعض لما في الكافي ج 6 ص 502 من حديث الحلبيّ عن الصادق عليه السلام قال: «لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمام اذا كان يريد به وجه اللّه و لا يريد ينظر كيف صوته» ثم الظاهر من اختيار المصنّف مدلول هذه الرواية و التي تأتي تحت رقم 233.

 (3). رواه الكليني أيضا في الكافي ج 6 ص 501 و يظهر من المؤلّف و الكليني- رحمهما اللّه- القول بمدلول الخبر، و يظهر من الشهيد- رحمه اللّه- و جماعة عدم الخلاف في التحريم.

114
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

237- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ تُذَكَّرُ فِيهِ النَّارُ وَ يَذْهَبُ بِالدَّرَنِ.

238- وَ قَالَ ع- بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يَهْتِكُ السِّتْرَ وَ يَذْهَبُ بِالْحَيَاءِ.

239- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يَهْتِكُ السِّتْرَ وَ يُبْدِي الْعَوْرَةَ وَ نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُذَكِّرُ حَرَّ النَّارِ «1».

وَ مِنَ الْآدَابِ أَنْ لَا يُدْخِلَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ مَعَهُ الْحَمَّامَ فَيَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهِ‏ «2».

240- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- مَنْ كانَ يُؤْمِنُ‏ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَبْعَثْ بِحَلِيلَتِهِ إِلَى الْحَمَّامِ‏ «3».

241- وَ قَالَ ع- مَنْ أَطَاعَ امْرَأَتَهُ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ فَقِيلَ وَ مَا تِلْكَ الطَّاعَةُ قَالَ تَدْعُوهُ إِلَى النِّيَاحَاتِ وَ الْعُرُسَاتِ وَ الْحَمَّامَاتِ وَ لُبْسِ الثِّيَابِ الرِّقَاقِ فَيُجِيبُهَا «4».

242- وَ سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَدَعُ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ-

______________________________

 (1). روى الكليني في الكافي ج 6 ص 496 بإسناده عن محمّد بن أسلم رفعه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: «نعم البيت الحمام يذكر النار و يذهب بالدرن» و قال عمر: «بئس البيت الحمام يبدى العورة و يهتك الستر» قال: و نسب الناس قول أمير المؤمنين عليه السلام الى عمر و قول عمر الى أمير المؤمنين».

 (2). في الكافي ج 6 ص 503 بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام. قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر الى عورته، و قال ليس للوالدين أن ينظرا الى عورة الولد و ليس للولد أن ينظر الى عورة الوالد» و قال: «لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الناظر و المنظور إليه في الحمام بلا مئزر».

 (3). حمل على ما إذا لم تدع إليه الضرورة كما في البلاد الحارة أو على ما اذ بعثه الى الحمامات للتنزّه و التفريح.

 (4). ذلك لان الغالب في تلك الاماكن عدم خلوها عن المنهيات، أما الحمام فبدخول بعضهن مكشوف العورة و هو حرام و النظر إليها حرام أيضا و هكذا في العرسات و النياحات من ارتكابهن فيها بعض المنهيات و المحرمات.

115
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

نَاسِياً أَوْ مُتَعَمِّداً فَقَالَ إِذَا كَانَ نَاسِياً فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَ إِنْ كَانَ مُتَعَمِّداً فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَ لَا يَعُدْ.

243- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا تَتَّكِ فِي الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُذِيبُ شَحْمَ الْكُلْيَتَيْنِ وَ لَا تُسَرِّحْ فِي الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُرَقِّقُ الشَّعْرَ وَ لَا تَغْسِلْ رَأْسَكَ بِالطِّينِ فَإِنَّهُ يُسَمِّجُ الْوَجْهَ وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ يَذْهَبُ بِالْغَيْرَةِ وَ لَا تَدَلَّكْ بِالْخَزَفِ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَ لَا تَمْسَحْ وَجْهَكَ بِالْإِزَارِ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِمَاءِ الْوَجْهِ‏ «1».

وَ رُوِيَ‏ أَنَّ ذَلِكَ طِينُ مِصْرَ وَ خَزَفُ الشَّامِ‏ «2».

وَ السِّوَاكُ فِي الْحَمَّامِ يُورِثُ وَبَاءَ الْأَسْنَانِ‏ «3» وَ لَا يَجُوزُ التَّطْهِيرُ وَ الْغُسْلُ بِغُسَالَةِ الْحَمَّامِ‏ «4».

244- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لِيَتَزَيَّنَنَ‏ «5» أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ يَغْتَسِلُ وَ يَتَطَيَّبُ وَ يَتَسَرَّحُ وَ يَلْبَسُ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ وَ لْيَتَهَيَّأْ لِلْجُمُعَةِ وَ لْيَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ السَّكِينَةُ وَ الْوَقَارُ «6» وَ لْيُحْسِنْ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَ لْيَفْعَلِ الْخَيْرَ مَا اسْتَطَاعَ‏ «7» فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ يَطَّلِعُ عَلَى الْأَرْضِ‏ «8» لِيُضَاعِفَ الْحَسَنَاتِ.

245- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ لَا تَدْخُلُوا الْحَمَّامَ عَلَى‏

______________________________

 (1). أي يقبح الوجه.

 (2). أي الذي يسمج الوجه أو يذهب بالغيرة طين مصر، و الذي يورث البرص خزف الشام لا مطلق الطين و الخزف. (مراد).

 (3). كذا في أكثر النسخ و في بعضها «ونى الأسنان» بالنون و بالقصر بمعنى الضعف.

 (4). كما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 14 عن أبي عبد اللّه عليه السلام. و المراد بالغسالة ماء البئر الذي يسيل فيه ماء الغسالة.

 (5). أمر غائب مؤكد بالنون فكل واحد من الافعال الآتية مجزوم بالعطف عليه.

 (6). السكينة هيئة جسمانية تنشأ من استقرار الأعضاء و طمأنينتها، و الوقار هيئة نفسانية تنشأ عن طمأنينة النفس و ثباتها.

 (7). من الصدقات و الزيارات و عيادة المرضى و العبادات و تشييع الجنائز.

 (8). أي يلتفت إلى عباده بنظر الرحمة في يوم الجمعة.

116
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

الرِّيقِ وَ لَا تَدْخُلُوهُ حَتَّى تَطْعَمُوا شَيْئاً.

246- وَ قَالَ بَعْضُهُمْ‏ خَرَجَ الصَّادِقُ ع مِنَ الْحَمَّامِ فَلَبِسَ وَ تَعَمَّمَ قَالَ فَمَا تَرَكْتُ الْعِمَامَةَ عِنْدَ خُرُوجِي مِنَ الْحَمَّامِ فِي الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ.

247- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ الْحَمَّامُ يَوْمٌ وَ يَوْمٌ لَا «1» يُكْثِرُ اللَّحْمَ وَ إِدْمَانُهُ كُلَّ يَوْمٍ يُذْهِبُ شَحْمَ الْكُلْيَتَيْنِ.

248- وَ كَانَ الصَّادِقُ ع- يَطَّلِي فِي الْحَمَّامِ فَإِذَا بَلَغَ مَوْضِعَ الْعَوْرَةِ قَالَ لِلَّذِي يَطْلِي تَنَحَّ ثُمَّ يَطْلِي هُوَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ.

وَ مَنِ اطَّلَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْقِيَ السِّتْرَ عَنْهُ لِأَنَّ النُّورَةَ سُتْرَةٌ «2».

249- وَ دَخَلَ الصَّادِقُ ع الْحَمَّامَ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ نُخْلِيهِ لَكَ فَقَالَ لَا إِنَّ الْمُؤْمِنَ خَفِيفُ الْمَئُونَةِ.

250- وَ رُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُرَافِقِيِ‏ «3» قَالَ: دَخَلْتُ حَمَّاماً بِالْمَدِينَةِ- فَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ وَ هُوَ قَيِّمُ الْحَمَّامِ فَقُلْتُ لَهُ يَا شَيْخُ لِمَنْ هَذَا- الْحَمَّامُ فَقَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع- فَقُلْتُ أَ كَانَ يَدْخُلُهُ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ قَالَ كَانَ يَدْخُلُ فَيَبْدَأُ فَيَطْلِي عَانَتَهُ وَ مَا يَلِيهَا ثُمَّ يَلُفُّ إِزَارَهُ عَلَى أَطْرَافِ إِحْلِيلِهِ وَ يَدْعُونِي فَأَطْلِي سَائِرَ جَسَدِهِ فَقُلْتُ لَهُ يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ الَّذِي تَكْرَهُ أَنْ أَرَاهُ قَدْ رَأَيْتُهُ قَالَ كَلَّا إِنَّ النُّورَةَ سُتْرَةٌ «4».

______________________________

 (1). أي يوم تدخله و يوم لا تدخله. و في بعض النسخ بزيادة «لا» بعد اليوم الثاني (مراد). و الادمان: الادامة.

 (2). هذا مدلول الخبر الذي يأتي تحت رقم 250.

 (3). في بعض النسخ «الواقفى» و في بعضها «الرافقى» و في الكافي «الدابقى» و لم أجده.

 (4). رواه الكليني- رحمه اللّه- أيضا و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: يفهم منه أن الحجم ليس بعورة ما لم يظهر اللون كما ذكره بعض الاصحاب و يفهم من بعض الأخبار كراهته. و السترة- بالضم- ما يستتر به. و قال سلطان العلماء: يدل على أن عورة الرجل سوء تاه لا غير، و على أن الواجب ستر اللون لا الحجم.

117
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

251- وَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَعْرُوفُ بِسَعْدَانَ‏ كُنْتُ فِي الْحَمَّامِ فِي الْبَيْتِ الْأَوْسَطِ فَدَخَلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- وَ عَلَيْهِ إِزَارٌ فَوْقَ النُّورَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَ دَخَلْتُ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الْحَوْضُ فَاغْتَسَلْتُ وَ خَرَجْتُ.

وَ فِي هَذَا إِطْلَاقٌ فِي التَّسْلِيمِ فِي الْحَمَّامِ لِمَنْ عَلَيْهِ مِئْزَرٌ وَ النَّهْيُ الْوَارِدُ عَنِ التَّسْلِيمِ فِيهِ هُوَ لِمَنْ لَا مِئْزَرَ عَلَيْهِ.

252- وَ رَوَى حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبِي وَ جَدِّي وَ عَمِّي حَمَّاماً فِي الْمَدِينَةِ- فَإِذَا رَجُلٌ فِي بَيْتِ الْمَسْلَخِ فَقَالَ لَنَا مِمَّنِ الْقَوْمُ فَقُلْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ- فَقَالَ وَ أَيُّ الْعِرَاقِ فَقُلْنَا الْكُوفِيُّونَ فَقَالَ مَرْحَباً بِكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ وَ أَهْلًا أَنْتُمُ الشِّعَارُ دُونَ الدِّثَارِ ثُمَّ قَالَ وَ مَا يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْإِزَارِ «1» فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ عَوْرَةُ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَرَامٌ قَالَ فَبَعَثَ عَمِّي إِلَى كِرْبَاسَةٍ فَشَقَّهَا بِأَرْبَعَةٍ ثُمَّ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا وَاحِداً ثُمَّ دَخَلْنَا فِيهَا «2» فَلَمَّا كُنَّا فِي الْبَيْتِ الْحَارِّ صَمَدَ لِجَدِّي فَقَالَ يَا كَهْلُ مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْخِضَابِ فَقَالَ لَهُ جَدِّي‏ «3» أَدْرَكْتُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَ مِنْكَ لَا يَخْتَضِبُ فَقَالَ وَ مَنْ ذَاكَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنِّي فَقَالَ أَدْرَكْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع وَ لَا يَخْتَضِبُ فَنَكَسَ رَأْسَهُ وَ تَصَابَّ عَرَقاً وَ قَالَ صَدَقْتَ وَ بَرِرْتَ ثُمَّ قَالَ يَا كَهْلُ إِنْ تَخْتَضِبْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ خَضَبَ وَ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ع- وَ إِنْ تَتْرُكْ فَلَكَ بِعَلِيٍّ ع أُسْوَةٌ قَالَ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْحَمَّامِ سَأَلْنَا عَنِ الرَّجُلِ فِي الْمَسْلَخِ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ مَعَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع.

______________________________

 (1). الشعار: ما يلي شعر الجسد من الثياب، و الدثار: ما فوق الشعار من الثياب.

و المراد أنكم من خواص الشيعة فكيف تكونون هكذا بلا ازار.

 (2). الظاهر أن الضمير راجع الى الحمام و هو مذكر. و يجوز ارجاعه الى الكرباسة.

و يحتمل ارجاعه الى الحمام بتأويل.

 (3). صمد إليه أي وجه إليه الخطاب و قصده.

118
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

وَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِطْلَاقٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يُدْخِلَ وَلَدَهُ مَعَهُ الْحَمَّامَ دُونَ مَنْ لَيْسَ بِإِمَامٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ مَعْصُومٌ فِي صِغَرِهِ وَ كِبَرِهِ لَا يَقَعُ مِنْهُ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةٍ فِي الْحَمَّامِ وَ لَا غَيْرِهِ‏ «1».

253- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْفَخِذُ لَيْسَ مِنَ الْعَوْرَةِ.

254- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- النُّورَةُ طَهُورٌ «2».

255- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- أَلْقُوا الشَّعْرَ عَنْكُمْ فَإِنَّهُ يُحَسِّنُ.

256- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَنَوَّرَ فَلْيَأْخُذْ مِنَ النُّورَةِ وَ يَجْعَلُهُ عَلَى طَرَفِ أَنْفِهِ وَ يَقُولُ- اللَّهُمَّ ارْحَمْ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ ع- كَمَا أَمَرَنَا بِالنُّورَةِ- فَإِنَّهُ لَا تُحْرِقُهُ النُّورَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

257- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنْ جَلَسَ وَ هُوَ مُتَنَوِّرٌ خِيفَ عَلَيْهِ الْفَتْقُ.

258- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- أُحِبُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَطَّلِيَ فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً.

259- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ السُّنَّةُ فِي النُّورَةِ فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً فَإِنْ أَتَتْ عَلَيْكَ عِشْرُونَ يَوْماً وَ لَيْسَ عِنْدَكَ فَاسْتَقْرِضْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

260- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَتْرُكْ عَانَتَهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَدَعَ ذَلِكَ مِنْهَا فَوْقَ عِشْرِينَ يَوْماً.

______________________________

 (1). يظهر من الاخبار أن كراهة دخول الابن مع الأب الحمام كان باعتبار التعرّى فلذا لا ينكر عليه السلام دخول سدير مع أبيه و دخول أبيه مع جده بعد ما لبسوا الازار. و الصدوق- رحمه اللّه- فهم من الاخبار الحرمة فلذا استثنى المعصوم أو فهم الكراهة و يريد نفيها عنهم عليهم السلام و غفل عن دخول سدير مع أبيه وجده و تقريره عليه السلام اياهم. (م ت).

 (2). هذا من التشبيه البليغ اي كالطهور في افادة النظافة. (مراد).

119
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

261- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ احْلِقُوا شَعْرَ الْبَطْنِ لِلذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى‏ «1».

262- وَ كَانَ الصَّادِقُ ع يَطْلِي إِبْطَيْهِ فِي الْحَمَّامِ وَ يَقُولُ نَتْفُ الْإِبْطِ يُضْعِفُ الْمَنْكِبَيْنِ وَ يُوهِي وَ يُضْعِفُ الْبَصَرَ.

263- وَ قَالَ ع‏- حَلْقُهُ أَفْضَلُ مِنْ نَتْفِهِ وَ طَلْيُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَلْقِهِ.

264- وَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ نَتْفُ الْإِبْطِ يَنْفِي الرَّائِحَةَ الْمَكْرُوهَةَ وَ هُوَ طَهُورٌ وَ سُنَّةٌ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الطَّيِّبُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ‏ «2».

265- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا يُطَوِّلَنَّ أَحَدُكُمْ شَعْرَ إِبْطَيْهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَّخِذُهُ مِجَنّاً يَسْتَتِرُ بِهِ‏ «3».

وَ الْجُنُبُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَطَّلِيَ فَإِنَّ النُّورَةَ تَزِيدُهُ نَظَافَةً.

266- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَقَّى النُّورَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ- فَإِنَّهُ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ يَجُوزُ النُّورَةُ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ.

267- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ تُورِثُ الْبَرَصَ‏ «4».

268- وَ رَوَى الرَّيَّانُ بْنُ الصَّلْتِ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ- مَنْ‏

______________________________

 (1). «للذكر و الأنثى» اللام متعلق يقال أي قال ذلك لهما جميعا، و يحتمل أن يكون تعليلا للحلق أي تحلق الأنثى لاجل الذكر و الذكر لاجل الأنثى. (مراد). و في بعض النسخ «شعر الابط».

 (2). يحتمل أن يكون المراد بالنتف الازالة بأى وجه كان فلا ينافى ما سبق، أو معناه الخاص و نقول فضيلته لا ينافى أفضلية ذلك. (سلطان).

 (3). كذا في بعض النسخ و في بعضها «مخبأ» كما في الكافي. و المجن كل ما وقى من السلاح، و المخبأ موضع الاستتار.

 (4). روى الكليني- رحمه اللّه- في الكافي ج 6 ص 506 في مرفوعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قيل له يزعم الناس أن النورة يوم الجمعة مكروهة، فقال: ليس حيث ذهبت أي طهور أطهر من النورة يوم الجمعة».

120
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

تَنَوَّرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَصَابَهُ الْبَرَصُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَدَلَّكَ الرَّجُلُ فِي الْحَمَّامِ بِالسَّوِيقِ وَ الدَّقِيقِ وَ النُّخَالَةِ وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَدَلَّكَ بِالدَّقِيقِ الْمَلْتُوتِ بِالزَّيْتِ وَ لَيْسَ فِيمَا يَنْفَعُ الْبَدَنَ إِسْرَافٌ إِنَّمَا الْإِسْرَافُ فِيمَا أَتْلَفَ الْمَالَ وَ أَضَرَّ بِالْبَدَنِ‏ «1».

269- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنِ اطَّلَى وَ اخْتَضَبَ بِالْحِنَّاءِ آمَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ وَ الْآكِلَةِ إِلَى طَلْيَةٍ مِثْلِهَا.

270- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْحِنَّاءُ عَلَى أَثَرِ النُّورَةِ «2» أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ.

271- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنِ اطَّلَى وَ تَدَلَّكَ بِالْحِنَّاءِ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ نَفَى اللَّهُ عَنْهُ الْفَقْرَ.

272- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ اخْتَضِبُوا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَ يُنْبِتُ الشَّعْرَ وَ يُطَيِّبُ الرِّيحَ وَ يُسَكِّنُ الزَّوْجَةَ «3».

273- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْحِنَّاءُ يَذْهَبُ بِالسَّهَكِ‏ «4» وَ يَزِيدُ فِي مَاءِ الْوَجْهِ وَ يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ «5» وَ يُحَسِّنُ الْوَلَدَ.

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ الْخَلُوقَ‏ «6» فِي الْحَمَّامِ وَ يَمْسَحَ بِهِ يَدَهُ مِنْ شُقَاقٍ يُدَاوِيهِ‏ «7» وَ لَا يُسْتَحَبُّ إِدْمَانُهُ وَ لَا أَنْ يُرَى أَثَرُهُ عَلَيْهِ.

______________________________

 (1). تدل على ذلك روايات راجع الكافي ج 6 ص 500 و 501.

 (2). الاثر- بفتحتين، و بكسر الهمزة و سكون المثلثة-: ما بقى من رسم الشي‏ء.

يعنى استعمال الحناء بعد النورة أمان من الجذام و البرص.

 (3). كذا في النسخ و في الكافي أيضا و في نسخة من الكتاب «الروعة».

 (4). السهك- محركة-: ريح كريهة تجدها ممن عرق. (القاموس).

 (5). النكهة: رائحة الفم.

 (6). الخلوق: ضرب من الطيب مائع فيه صفرة. (المغرب).

 (7). الشقاق- بضم الشين-: تشقق الجلد، و هو من الادواء كالسعال و الزكام-

121
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

274- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ الْخِضَابُ هَدْيُ‏ «1» مُحَمَّدٍ ص وَ هُوَ مِنَ السُّنَّةِ.

275- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لَا بَأْسَ بِالْخِضَابِ كُلِّهِ.

276- وَ دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع- وَ قَدِ اخْتَضَبَ بِالسَّوَادِ فَقَالَ إِنَّ فِي الْخِضَابِ أَجْراً وَ الْخِضَابُ وَ التَّهْيِئَةُ «2» مِمَّا يَزِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي عِفَّةِ النِّسَاءِ وَ لَقَدْ تَرَكَتْ نِسَاءٌ الْعِفَّةَ بِتَرْكِ أَزْوَاجِهِنَّ التَّهْيِئَةَ فَقَالَ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّ الْحِنَّاءَ تَزِيدُ فِي الشَّيْبِ فَقَالَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ يَزِيدُ فِي الشَّيْبِ وَ الشَّيْبُ يَزِيدُ فِي كُلِّ يَوْمٍ‏ «3».

277- وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الْخِضَابِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَخْتَضِبُ وَ هَذَا شَعْرُهُ عِنْدَنَا.

278- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ ع كَانَ فِي رَأْسِهِ وَ لِحْيَتِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ شَيْبَةً.

279- وَ كَانَ النَّبِيُّ ص وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع- يَخْتَضِبُونَ بِالْكَتَمِ‏ «4».

280- وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع- يَخْتَضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَ الْكَتَمِ.

281- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ أُنْسٌ لِلنِّسَاءِ وَ مَهَابَةٌ لِلْعَدُوِّ.

______________________________

- و السلاق. و في الكافي بإسناده عن عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: «لا بأس أن تمس الخلوق في الحمام أو تمسح به يدك تداوى به و لا أحبّ ادمانه» و في بعض نسخ الفقيه «شفاف نداوته» أي من فضلها.

 (1). في بعض النسخ «هدى الى محمد» و ضبط على صيغة المجهول و يكون حينئذ بمعنى اهدى، و يمكن أن يكون هدى بالتخفيف و هدى على فعيل بمعنى هدية (مراد) و يمكن أن يقرأ «هدى محمّد صلّى اللّه عليه و آله» بفتح الهاء و سكون الدال بدون «الى» أي طريقة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سيرته.

 (2). التهيئة: الزينة و التنظف في اللباس و الجسد.

 (3). «الشيب يزيد في كل يوم» اما تكذيب للمشهور، أو إشارة الى أنّه لا يمكن التحرز منه، أو الى أنّه لا ينبغي الاعتناء به و ترك أمر مستحب لاجله.

 (4). الكتم- بالفتح و التحريك-: نبات يخضب به الشعر و يصنع منه مداد للكتابة.

122
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

282- وَ قَالَ ع- فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏ وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قَالَ مِنْهُ الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ «1» وَ إِنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ صَفَّرَ لِحْيَتَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا أَحْسَنَ هَذَا ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا وَ قَدْ أَقْنَى بِالْحِنَّاءِ «2» فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَالَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ ذَاكَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَ قَدْ خَضَبَ بِالسَّوَادِ فَضَحِكَ إِلَيْهِ فَقَالَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ ذَاكَ وَ ذَاكَ‏ «3».

283- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَطِّلَ نَفْسَهَا وَ لَوْ أَنْ تُعَلِّقَ فِي عُنُقِهَا قِلَادَةً وَ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَدَعَ يَدَهَا مِنَ الْخِضَابِ وَ لَوْ أَنْ تَمْسَحَهَا بِالْحِنَّاءِ مَسْحاً وَ إِنْ كَانَتْ مُسِنَّةً.

284- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع‏ إِنَّ الْأَظَافِيرَ إِذَا أَصَابَتْهَا النُّورَةُ غَيَّرَتْهَا حَتَّى أَنَّهَا تُشْبِهُ أَظَافِيرَ الْمَوْتَى فَلَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِهَا.

وَ قَدْ خَضَبَ الْأَئِمَّةُ ع بِالْوَسِمَةِ وَ الْخِضَابُ بِالصُّفْرَةِ خِضَابُ الْإِيمَانِ وَ الْإِقْنَاءُ «4» خِضَابُ الْإِسْلَامِ وَ بِالسَّوَادِ إِسْلَامٌ وَ إِيمَانٌ وَ نُورٌ.

285- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَلِيٍّ ع‏ يَا عَلِيُّ دِرْهَمٌ فِي الْخِضَابِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي غَيْرِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فِيهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ خَصْلَةً يَطْرُدُ الرِّيحَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ وَ يَجْلُو الْبَصَرَ وَ يُلَيِّنُ الْخَيَاشِيمَ وَ يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَ يَشُدُّ اللِّثَةَ وَ يَذْهَبُ بِالضَّنَى‏ «5» وَ يُقِلُّ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ وَ تَفْرَحُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ يَسْتَبْشِرُ بِهِ الْمُؤْمِنُ-

______________________________

 (1). يمكن تخصيصه بالجندى لان الكفّار يظنونهم شابا.

 (2). أي جعلها قانيا أي شديدة الحمرة.

 (3). تبسمه و ضحكه صلّى اللّه عليه و آله اما باعتبار أنّه فعل ما فعل لتحسينه إيّاه و اما لإتيانه بالسنة و اهتمامه بها فتبسمه و ضحكه للايماء الى أنّه يسر برغبتهم الى الطاعات و ميلهم إليها.

 (4). ينافى ما مر تحت رقم 282 و يقتضى أن يكون الصفرة خضاب الإسلام و الاقناء خضاب الايمان.

 (5). الضنى: المرض و الهزال و الضعف و سوء الحال، و في الكافي ج 6 ص 482 «و يذهب بالغشيان» و في بعض نسخه «يذهب بالغثيان».

123
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

وَ يَغِيظُ بِهِ الْكَافِرَ وَ هُوَ زِينَةٌ وَ طِيبٌ وَ يَسْتَحِي مِنْهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِيرٌ وَ هُوَ بَرَاءَةٌ لَهُ فِي قَبْرِهِ‏ «1».

286- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنِّي لَأَحْلِقُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ- فِيمَا بَيْنَ الطَّلْيَةِ إِلَى الطَّلْيَةِ «2».

287- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِرَجُلٍ‏ احْلِقْ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي جَمَالِكَ.

288- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ حَلْقُ الرَّأْسِ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَ لَا عُمْرَةٍ مُثْلَةٌ لِأَعْدَائِكُمْ وَ جَمَالٌ لَكُمْ.

وَ مَعْنَى هَذَا

فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ص‏ حِينَ وَصَفَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ إِنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ وَ عَلَامَتُهُمُ التَّسْبِيدُ «3».

وَ هُوَ الْحَلْقُ وَ تَرْكُ التَّدَهُّنِ‏ «4».

289- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- أَخْذُ الشَّعْرِ مِنَ الْأَنْفِ يُحَسِّنُ الْوَجْهَ.

290- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ- أَمَانٌ مِنَ الْبَرَصِ وَ الْجُنُونِ.

291- وَ قَالَ ع- غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ يَنْفِي الْفَقْرَ وَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ.

292- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ ع- غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ نُشْرَةٌ «5».

______________________________

 (1). كذا و الظاهر أن المعدود لا يطابق العدد. و رواه المصنّف في الخصال أيضا هكذا و يمكن أن يعد الزينة و الطيب اثنين و يؤيده ما في الكافي ج 6 ص 482 ففيه «و هو زينة، و هو طيب».

 (2). الظاهر أن المحذوف في «لا حلق» هو العانة. أو الرأس و هكذا في الآتي.

 (3). التسبيد: حلق الرأس. سبد الشعر أي حلقه. و في النهاية في حديث الخوارج «التسبيد فيهم فاش» هو الحلق و استيصال الشعر و قيل هو ترك التدهن و غسل الرأس. و في حديث آخر «سيماهم التحليق و التسبيد». و في أكثر النسخ «التسبيت» و في المحكى عن المغرب السبت القطع و منه سبت رأسه: حلقه.

 (4). يعني الحلق بدون التدهن كالمثلة و هو التسبيد أو التسبيت الذي علامة الاعداء.

 (5). النشرة- بالضم-: رقية يعالج بها المجنون و المريض. (القاموس).

124
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمام و آدابه و ما جاء في التنظيف و الزينة ص : 110

293- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ يَذْهَبُ بِالدَّرَنِ وَ يُنَقِّي الْأَقْذَاءَ «1».

294- وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص اغْتَمَّ فَأَمَرَهُ جَبْرَئِيلُ ع- أَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ بِالسِّدْرِ وَ كَانَ ذَلِكَ سِدْراً مِنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى.

295- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- غَسْلُ الرَّأْسِ بِالسِّدْرِ يَجْلِبُ الرِّزْقَ جَلْباً.

296- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- اغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ بِوَرَقِ السِّدْرِ فَإِنَّهُ قَدَّسَهُ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ كُلُّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ وَ مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بِوَرَقِ السِّدْرِ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ سَبْعِينَ يَوْماً وَ مَنْ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ سَبْعِينَ يَوْماً لَمْ يَعْصِ اللَّهَ وَ مَنْ لَمْ يَعْصِ اللَّهَ دَخَلَ الْجَنَّةَ.

وَ مَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحَمَّامِ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا فَلَا بَأْسَ.

297- وَ خَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع- مِنَ الْحَمَّامِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ طَابَ اسْتِحْمَامُكَ فَقَالَ لَهُ يَا لُكَعُ وَ مَا تَصْنَعُ بِالاسْتِ هَاهُنَا «2» فَقَالَ طَابَ حَمَّامُكَ قَالَ إِذَا طَابَ الْحَمَّامُ فَمَا رَاحَةُ الْبَدَنِ مِنْهُ فَقَالَ طَابَ حَمِيمُكَ فَقَالَ وَيْحَكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَمِيمَ الْعَرَقُ قَالَ لَهُ كَيْفَ أَقُولُ قَالَ قُلْ طَابَ مَا طَهُرَ مِنْكَ وَ طَهُرَ مَا طَابَ مِنْكَ‏ «3».

298- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِذَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ وَ قَدْ خَرَجْتَ مِنَ الْحَمَّامِ طَابَ حَمَّامُكَ فَقُلْ أَنْعَمَ اللَّهُ بَالَكَ‏ «4».

______________________________

 (1). الاقذاء جمع قذى مقصورا و هو ما يقع في العين.

 (2). اللكع عند العرب العبد ثمّ استعمل في الحمق و الذم و قد يطلق على الصغير. و قوله «و ما تصنع بالاست» أي لا مناسبة لحروف الطلب هاهنا بعد الخروج من الحمام مع استهجان لفظ الاست بمعناه الآخر.

 (3). لعل المراد بالطهارة النظافة، و بالطيبة: النزاهة من الذنوب.

 (4). أي سر اللّه قلبك.

125
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

299- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الدَّاءُ ثَلَاثَةٌ وَ الدَّوَاءُ ثَلَاثَةٌ فَأَمَّا الدَّاءُ فَالدَّمُ وَ الْمِرَّةُ وَ الْبَلْغَمُ فَدَوَاءُ الدَّمِ الْحِجَامَةُ وَ دَوَاءُ الْبَلْغَمِ الْحَمَّامُ وَ دَوَاءُ الْمِرَّةِ الْمَشِيُ‏ «1».

300- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ ثَلَاثَةٌ يَهْدِمْنَ الْبَدَنَ وَ رُبَّمَا قَتَلْنَ أَكْلُ الْقَدِيدِ الْغَابِّ وَ دُخُولُ الْحَمَّامِ عَلَى الْبِطْنَةِ «2» وَ نِكَاحُ الْعَجُوزِ.

- وَ رُوِيَ‏ الْغِشْيَانُ عَلَى الِامْتِلَاءِ «3».

تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَ أَخْذُ الشَّارِبِ وَ الْمَشْطُ «4»

301- وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ- تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُؤْمِنُ مِنَ الْجُذَامِ وَ الْجُنُونِ وَ الْبَرَصِ وَ الْعَمَى فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ فَحُكَّهَا حَكّاً.

302- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ فَأَمِرَّ عَلَيْهَا السِّكِّينَ أَوِ الْمِقْرَاضَ.

303- وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحِيمِ الْقَصِيرُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ- مَنْ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَ شَارِبِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ وَ قَالَ حِينَ يَأْخُذُهُ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمْ تَسْقُطْ مِنْهُ قُلَامَةٌ وَ لَا جُزَازَةٌ «5» إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِهَا عِتْقَ نَسَمَةٍ «6» وَ لَمْ يَمْرَضْ إِلَّا مَرَضَهُ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ.

______________________________

 (1). المرة- بكسر الميم- احدى الطبائع الاربع. و الظاهر أن المراد بالمرة هنا السوداء و ان كان غالب اطلاقه على الصفراء لان هيجان السوداء أضر و أحوج الى المشى.

قال في بحر الجواهر: «قال الآملي: المرة في اللغة القوّة و الشدة اطلقت على الصفراء لانها أقوى الاخلاط، و على السوداء أيضا لأنّها أشدها لاقتضائها الاستمساك و الثبات و الصلابة».

و المشى- بفتح الميم و كسر الشين و الياء المشددة-: الدواء المسهل لانه يحمل شاربه على المشى و التردد الى الخلاء يقال: شربت مشيا و مشوا. (النهاية).

 (2). القديد: اللحم اليابس، و غب اللحم و أغب فهو غاب- بشد الباء في الكل- اذا أنتن (النهاية) و البطنة: الامتلاء من الطعام.

 (3). الغشيان كناية عن الجماع أي الإتيان.

 (4). العنوان منا أضفناه للتسهيل.

 (5). القلامة- بضم القاف- ما سقط من الظفر، و الجزازة ما سقط من الشارب.

 (6). النسمة- محركة-: الإنسان و المملوك ذكرا كان أو انثى. (القاموس).

126
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

304- وَ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ مَنْ يُقَلِّمْ أَظَافِيرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- يَبْدَأْ بِخِنْصِرِهِ مِنَ الْيَدِ الْيُسْرَى وَ يَخْتِمْ بِخِنْصِرِهِ مِنَ الْيَدِ الْيُمْنَى.

305- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَخْذُ الشَّارِبِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ- أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ.

306- وَ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ «1» لِلصَّادِقِ ع‏ مَا ثَوَابُ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ وَ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ قَالَ لَا يَزَالُ مُطَهَّراً إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى.

307- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا يُطَوِّلَنَّ أَحَدُكُمْ شَارِبَهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَّخِذُهُ مِجَنّاً يَسْتَتِرُ بِهِ‏ «2».

308- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- لَمْ تَشْعَثْ أَنَامِلُهُ‏ «3».

309- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ تَرَكَ وَاحِداً لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ نَفَى اللَّهُ عَنْهُ الْفَقْرَ.

310- وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ لِلصَّادِقِ ع- جُعِلْتُ فِدَاكَ يُقَالُ مَا اسْتُنْزِلَ الرِّزْقُ بِشَيْ‏ءٍ مِثْلِ التَّعْقِيبِ فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَالَ أَجَلْ وَ لَكِنْ أُخْبِرُكَ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ أَخْذِ الشَّارِبِ وَ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

وَ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْخَمِيسِ يَدْفَعُ الرَّمَدَ.

311- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَنْ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ كُلَّ يَوْمِ خَمِيسٍ- لَمْ يَرْمَدْ وَلَدُهُ‏ «4».

______________________________

 (1). في الكافي عن الحسين، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

 «ما ثواب .. الحديث».

 (2). في بعض النسخ «مخبأ يستتر به» و قد تقدم معناهما.

 (3). الشعث هو الانتشار و التفرق حول الاظفار، و في بعض النسخ «لم تسعف» و في الصحاح السعف أيضا: التشعث حول الاظفار، و التشعث: التفرق.

 (4). كذا و لعله تصحيف و في الكافي بإسناده عن أبي جعفر (ع) قال: «من أدمن أخذ أظفاره في كل خميس لم ترمد عينه».

127
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

312- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ السَّبْتِ وَ يَوْمَ الْخَمِيسِ- وَ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ عُوفِيَ مِنْ وَجَعِ الضِّرْسِ وَ وَجَعِ الْعَيْنِ.

313- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ بَكْرٍ- لِلصَّادِقِ ع‏ إِنَّ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ إِنَّمَا أَخْذُ الشَّارِبِ وَ الْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ خُذْهَا إِنْ شِئْتَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ إِنْ شِئْتَ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ.

314- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ قُصَّهَا إِذَا طَالَتْ.

315- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لِلرِّجَالِ قُصُّوا أَظَافِيرَكُمْ وَ لِلنِّسَاءِ اتْرُكْنَ مِنْ أَظْفَارِكُنَّ فَإِنَّهُ أَزْيَنُ لَكُنَّ.

316- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- يَدْفِنُ الرَّجُلُ أَظَافِيرَهُ وَ شَعْرَهُ إِذَا أَخَذَ مِنْهَا وَ هِيَ سُنَّةٌ «1».

317- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ دَفْنَ الشَّعْرِ وَ الظُّفُرِ وَ الدَّمِ.

318- وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ مِنْ ذَلِكَ التَّمَشُّطُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ «2».

319- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَشْطُ الرَّأْسِ يَذْهَبُ بِالْوَبَاءِ وَ مَشْطُ اللِّحْيَةِ يَشُدُّ الْأَضْرَاسَ.

320- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- إِذَا سَرَّحْتَ لِحْيَتَكَ وَ رَأْسَكَ فَأَمِرَّ الْمُشْطَ عَلَى صَدْرِكَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْهَمِّ وَ الْوَنَا «3».

321- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ سَرَّحَ لِحْيَتَهُ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ عَدَّهَا مَرَّةً مَرَّةً لَمْ يَقْرَبْهُ الشَّيْطَانُ أَرْبَعِينَ يَوْماً.

وَ لَا بَأْسَ بِأَمْشَاطِ الْعَاجِ وَ الْمَكَاحِلِ وَ الْمَدَاهِنِ‏ «4».

______________________________

 (1). تأنيث الضمير باعتبار الخبر أو باعتبار تعدّد المدفون.

 (2). حمله بعضهم على استحباب المشط بعد كل صلاة و الظاهر أن المراد أخذ الزينة للدخول في الصلاة قبلها. (مراد).

 (3). في بعض النسخ «الوباء».

 (4). في الكافي ج 6 ص 489 بإسناده عن القاسم بن الوليد قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع)-

128
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

322- وَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع- تَمَشَّطُوا بِالْعَاجِ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْوَبَاءِ.

323- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- الْمَشْطُ «1» يَذْهَبُ بِالْوَبَاءِ.

وَ هُوَ الْحُمَّى‏

وَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِ‏ يَذْهَبُ بِالْوَنَا.

وَ هُوَ الضَّعْفُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لا تَنِيا فِي ذِكْرِي‏ أَيْ لَا تَضْعُفَا.

324- وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع‏ ثَلَاثٌ مَنْ عَرَفَهُنَّ لَمْ يَدَعْهُنَّ جَزُّ الشَّعْرِ وَ تَشْمِيرُ الثَّوْبِ وَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ.

325- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ‏ اسْتَأْصِلْ شَعْرَكَ يَقِلُّ دَرَنُهُ وَ دَوَابُّهُ وَ وَسَخُهُ‏ «2» وَ تَغْلُظُ رَقَبَتُكَ وَ يَجْلُو بَصَرَكَ وَ يَسْتَرِيحُ بَدَنُكَ.

326- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنِ اتَّخَذَ شَعْراً فَلْيُحْسِنْ وِلَايَتَهُ أَوْ لِيَجُزَّهُ.

327- وَ قَالَ ع‏ الشَّعْرُ الْحَسَنُ مِنْ كِسْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَكْرِمُوهُ.

328- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنِ اتَّخَذَ شَعْراً فَلَمْ يَفْرُقْهُ فَرَقَهُ اللَّهُ بِمِنْشَارٍ مِنْ نَارٍ «3».

وَ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَفْرَةً لَمْ يَبْلُغِ الْفَرْقَ‏ «4».

______________________________

- عن عظام الفيل مداهنها و أمشاطها قال: لا بأس بها» و الظاهر أنّه أراد بعدم البأس الاستحباب كما قاله الفاضل التفرشى أي يستحب اتخاذ الامشاط من العاج و اتخاذ المكاحل و المداهن. و في الصحاح: المكحلة- بضم الميم- التي فيها الكحل و هو أحد ما جاء على الضم من الادوات و فيه المدهن- بضم الميم و الهاء كقنفذ-: قارورة الدهن و هو أحد ما جاء على مفعل ممّا يستعمل من الادوات، و الجمع مداهن- بفتح الميم و كسر الهاء-

 (1). زاد في الكافي «للرأس».

 (2). الاستيصال القلع و كأنّ المراد هنا الحلق بحيث لا يبقى منه شي‏ء و ضمير الغائب في درنه و أمثاله راجع الى الشعر باعتبار محله. و في بعض النسخ «و دأبه» أي تعب تحمله و في القاموس دأب في عمله- كمنع- جد و تعب.

 (3). تقدم مع بيانه. و قال المولى مراد التفرشى: ظاهره يدلّ على الوجوب بل كون تركه من الكبائر و يمكن حمله على ترك الفرق تهاونا بسنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

 (4). يعني كان شعره صلّى اللّه عليه و آله يبلغ الى شحمة الاذن و لم يكن طويلا حتّى يمكن فرقه. و يفهم من الاخبار أنه (ص) لم يطل شعر رأسه قط و لا غيره من الأنبياء و انما وقع-

129
من لا يحضره الفقيه1

تقليم الأظفار و أخذ الشارب و المشط ص : 126

329- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ حُفُّوا الشَّوَارِبَ وَ أَعْفُوا اللِّحَى وَ لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ.

330- وَ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى رَجُلٍ طَوِيلِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ مَا كَانَ هَذَا لَوْ هَيَّأَ مِنْ لِحْيَتِهِ‏ «1» فَبَلَغَ الرَّجُلَ ذَلِكَ فَهَيَّأَ مِنْ لِحْيَتِهِ بَيْنَ اللِّحْيَتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ص فَلَمَّا رَآهُ قَالَ هَكَذَا فَافْعَلُوا.

331- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ الْمَجُوسَ جَزُّوا لِحَاهُمْ وَ وَفَّرُوا شَوَارِبَهُمْ وَ إِنَّا نَجُزُّ الشَّوَارِبَ وَ نُعْفِي اللِّحَى وَ هِيَ الْفِطْرَةُ.

332- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- مَا زَادَ مِنَ اللِّحْيَةِ عَنْ قَبْضَةٍ فَهُوَ فِي النَّارِ.

333- وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ‏ رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ ع- وَ الْحَجَّامُ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ فَقَالَ دَوِّرْهَا.

334- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ تَقْبِضُ بِيَدِكَ عَلَى لِحْيَتِكَ وَ تَجُزُّ مَا فَضَلَ.

335- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الشَّيْبُ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ يُمْنٌ وَ فِي الْعَارِضَيْنِ سَخَاءٌ وَ فِي الذَّوَائِبِ شَجَاعَةٌ وَ فِي الْقَفَا شُؤْمٌ.

336- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- أَوَّلُ مَنْ شَابَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ ع وَ إِنَّهُ ثَنَى لِحْيَتَهُ فَرَأَى طَاقَةً بَيْضَاءَ فَقَالَ يَا جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا فَقَالَ هَذَا وَقَارٌ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ اللَّهُمَّ زِدْنِي وَقَاراً.

337- وَ قَالَ ع‏ مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

338- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الشَّيْبُ نُورٌ فَلَا تَنْتِفُوهُ.

______________________________

- منه مرة حين صد في الحديبية أمسك شعره ليحلقه في الحجّ. (م ت)

أقول: فى الكافي ج 6 ص 485 بإسناده عن أيوب بن هارون عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قلت له: أ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يفرق شعره؟ قال: لا ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا طال شعره كان الى شحمة اذنه».

 (1). أي شي‏ء يقع على هذا الرجل لو أصلح لحيته، و هو ترغيب في الإصلاح، بين اللحيتين أى طويلها و قصيرها. (مراد).

130
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

339- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع- لَا يَرَى بِجَزِّ الشَّيْبِ بَأْساً وَ يَكْرَهُ نَتْفَهُ.

فَالنَّهْيُ عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ نَهْيُ كَرَاهِيَةٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّ.

340- الصَّادِقَ ع يَقُولُ- لَا بَأْسَ بِجَزِّ الشَّمَطِ «1» وَ نَتْفِهِ وَ جَزُّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَتْفِهِ.

فَأَخْبَارُهُمْ ع لَا تَخْتَلِفُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ مَخْرَجَهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ إِنَّمَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ.

341- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ أَرْبَعٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ ع التَّطَيُّبُ وَ التَّنْظِيفُ بِالْمُوسَى وَ حَلْقُ الْجَسَدِ بِالنُّورَةِ وَ كَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ.

342- وَ قَالَ ع‏ قَلِّمُوا أَظْفَارَكُمْ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ- وَ اسْتَحِمُّوا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ- وَ أَصِيبُوا مِنَ الْحِجَامَةِ حَاجَتَكُمْ يَوْمَ الْخَمِيسِ- وَ تَطَيَّبُوا بِأَطْيَبِ طِيبِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ‏

343- قَالَ الصَّادِقُ ع- إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ- وَ هُوَ فِي النَّزْعِ فَقَالَ لَهُ قُلْ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ وَ- رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ‏ وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ فَقَالَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ «2».

وَ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ هِيَ كَلِمَاتُ الْفَرْجِ.

344- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- إِنَّكُمْ تُلَقِّنُونَ مَوْتَاكُمْ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ

______________________________

 (1). مروى في الكافي مسندا و الشمط- بالتحريك-: بياض شعر الرأس يخالطه سواد.

 (2). في بعض النسخ «استنقذه من النار» كما في الكافي.

131
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

الْمَوْتِ وَ نَحْنُ نُلَقِّنُ مَوْتَانَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ‏ «1».

345- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ.

346- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- أَعْقَلُ‏ «2» مَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ عِنْدَ مَوْتِهِ.

347- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- اعْتُقِلَ لِسَانُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ- عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ امْرَأَةٌ فَقَالَ لَهَا هَلْ لِهَذَا الرَّجُلِ أُمٌّ فَقَالَتْ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أُمُّهُ فَقَالَ لَهَا أَ فَرَاضِيَةٌ أَنْتِ عَنْهُ أَمْ لَا فَقَالَتْ لَا بَلْ سَاخِطَةٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَرْضَيْ عَنْهُ فَقَالَتْ قَدْ رَضِيتُ عَنْهُ لِرِضَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- فَقَالَ لَهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ قُلْ يَا مَنْ يَقْبَلُ الْيَسِيرَ وَ يَعْفُو عَنِ الْكَثِيرِ اقْبَلْ مِنِّي الْيَسِيرَ وَ اعْفُ عَنِّي الْكَثِيرَ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَفُوُّ الْغَفُورُ فَقَالَهَا فَقَالَ لَهُ مَا ذَا تَرَى فَقَالَ أَرَى أَسْوَدَيْنِ قَدْ دَخَلَا عَلَيَّ قَالَ أَعِدْهَا فَأَعَادَهَا فَقَالَ مَا ذَا تَرَى فَقَالَ قَدْ تَبَاعَدَا عَنِّي وَ دَخَلَ أَبْيَضَانِ وَ خَرَجَ الْأَسْوَدَانِ فَمَا أَرَاهُمَا وَ دَنَا الْأَبْيَضَانِ مِنِّي الْآنَ يَأْخُذَانِ بِنَفْسِي فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ.

348- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ تَوْجِيهِ الْمَيِّتِ فَقَالَ اسْتَقْبِلْ بِبَاطِنِ قَدَمَيْهِ الْقِبْلَةَ «3».

______________________________

 (1). أي من عندكم من العامّة يكتفون في التلقين بالشهادة بالتوحيد و نحن نضم إليها الشهادة بالرسالة أو نكتفى بذلك لتضمنها شهادة التوحيد أيضا. (مرآة العقول).

 (2). أي أشدّ اعتقالا للسان أو منعا و حبسا له، و الحاصل أن المؤمن وقت موته لخوفه من مقام ربّه أعجز كلاما من كل وقت فينبغي للملقن أن لا يلح بالتلقين و لكن يتلطف فربما لا ينطلق لسان المريض فيشق عليه ذلك و يؤدى الى استثقاله التلقين و كراهيته للكلمة، أعاذنا اللّه من سوء الخاتمة. و في بعض النسخ «أغفل».

 (3). ظاهر هذا الخبر التوجيه بعد الموت و حمله الاكثر على حال الاحتضار و على هذا اريد بالميت المشرف على الموت و هو الظاهرة من الخبر الآتي.

132
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

349- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هُوَ فِي السُّوقِ‏ «1» وَ قَدْ وُجِّهَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ وَجِّهُوهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى يُقْبَضَ.

350- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَا مِنْ أَحَدٍ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ إِلَّا وَكَّلَ بِهِ إِبْلِيسُ مِنْ شَيَاطِينِهِ مَنْ يَأْمُرُهُ بِالْكُفْرِ وَ يُشَكِّكُهُ فِي دِينِهِ حَتَّى يَخْرُجَ نَفْسُهُ فَإِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَلَقِّنُوهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى يَمُوتُوا.

351- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ السَّنَةَ لَكَثِيرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّهْرَ لَكَثِيرٌ وَ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِجُمْعَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْجُمْعَةَ لَكَثِيرَةٌ وَ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ يَوْماً لَكَثِيرٌ وَ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَكَثِيرَةٌ وَ مَنْ تَابَ وَ قَدْ بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏ «2».

352- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ‏ قَالَ ذَاكَ إِذَا عَايَنَ أَمْرَ الْآخِرَةِ.

353- وَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لَهُ حَشَمٌ وَ جِمَالٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى‏ لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ

______________________________

 (1). السوق- بالفتح-: النزع.

 (2). المراد أنّه يتوب اللّه عليه في الآخرة و الأحاديث الدالة على عدم قبول توبة الناس المراد عدم قبولها في الدنيا عند حاكم الشرع فان التوبة لا يقبل عنده الا بعد الاستبراء و أقله أربعون يوما فارتفع التدافع. (م ح ق).

133
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

الدُّنْيا فَهِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ فَيُبَشَّرُ بِهَا فِي دُنْيَاهُ وَ أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهَا بِشَارَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ يُبَشَّرُ بِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ وَ لِمَنْ يَحْمِلُكَ إِلَى قَبْرِكَ.

354- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- قِيلَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ ع- كَيْفَ تَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ وَ بَعْضُهَا فِي الْمَغْرِبِ وَ بَعْضُهَا فِي الْمَشْرِقِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ أَدْعُوهَا فَتُجِيبُنِي قَالَ فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ ع- إِنَّ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيَّ كَالْقَصْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ يَتَنَاوَلُ مِنْهَا مَا شَاءَ وَ الدُّنْيَا عِنْدِي كَالدِّرْهَمِ فِي كَفِّ أَحَدِكُمْ يُقَلِّبُهُ كَيْفَ يَشَاءُ.

355- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَا يَخْرُجُ مُؤْمِنٌ عَنِ الدُّنْيَا إِلَّا بِرِضاً مِنْهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَكْشِفُ لَهُ الْغِطَاءَ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى مَكَانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِيهَا وَ تُنْصَبُ لَهُ الدُّنْيَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ لَهُ ثُمَّ يُخَيَّرُ فَيَخْتَارُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَقُولُ مَا أَصْنَعُ بِالدُّنْيَا وَ بَلَائِهَا فَلَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ كَلِمَاتِ الْفَرَجِ.

356- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع- لَوْ أَدْرَكْتُ عِكْرِمَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ لَنَفَعْتُهُ فَقِيلَ لِلصَّادِقِ ع بِمَا ذَا كَانَ يَنْفَعُهُ قَالَ كَانَ يُلَقِّنُهُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ‏ «1».

357- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ مَوْتَ الْفَجْأَةِ تَخْفِيفٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَ رَاحَةٌ وَ أَخْذَةُ أَسَفٍ عَلَى الْكَافِرِ «2».

358- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ الْمَوْتُ كَفَّارَةُ ذَنْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

359- وَ قَالَ ع‏ إِنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ أَلْفَ عَقَبَةٍ أَهْوَنُهَا وَ أَيْسَرُهَا الْمَوْتُ.

360- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي الرَّجُلَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا عِنْدَ مَوْتِهِ-

______________________________

 (1). عكرمة مولى ابن عبّاس كان على طريقتنا و لا من أصحابنا و قيل يرى رأى الخوارج.

 (2). قوله «تخفيف على المؤمن» حيث خلص من سكرات الموت و من وساوس الشيطان و بذلك لا يسقط من منزلته شي‏ء بخلاف الكافر فان شدائد الموت بالنسبة إليه أسهل ممّا عليه بعده. (مراد). و قوله «أخذة أسف» أي أخذة غضب أو غضبان يقال: أسف يأسف أسفا فهو آسف اذا غضب. (النهاية).

134
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ لِيُضِلَّهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَيَأْبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى- يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ

361- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ فِي الْمَيِّتِ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ إِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَيَرَى مَا يَسُرُّهُ ثُمَّ قَالَ أَ مَا تَرَى الرَّجُلَ يَرَى مَا يَسُرُّهُ وَ مَا يُحِبُّ فَتَدْمَعُ عَيْنَاهُ وَ يَضْحَكُ.

362- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع- إِذَا رَأَيْتَ الْمُؤْمِنَ قَدْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ وَ سَالَتْ عَيْنُهُ الْيُسْرَى وَ رَشَحَ جَبِينُهُ وَ تَقَلَّصَتْ شَفَتَاهُ وَ انْتَشَرَ مَنْخِرَاهُ‏ «1» فَأَيَّ ذَلِكَ رَأَيْتَ فَحَسْبُكَ بِهِ‏ «2».

363- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع- إِنَّ آيَةَ الْمُؤْمِنِ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَنْ يَبْيَضَّ وَجْهُهُ أَشَدَّ مِنْ بَيَاضِ لَوْنِهِ وَ يَرْشَحَ جَبِينُهُ وَ يَسِيلَ مِنْ عَيْنَيْهِ كَهَيْئَةِ الدُّمُوعِ فَيَكُونُ ذَلِكَ آيَةَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَ إِنَّ الْكَافِرَ تَخْرُجُ رُوحُهُ سَلًّا مِنْ شِدْقِهِ كَزَبَدِ الْبَعِيرِ كَمَا تَخْرُجُ نَفْسُ الْحِمَارِ «3».

364- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ آخِرَ طَعْمٍ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ عِنْدَ مَوْتِهِ طَعْمُ الْعِنَبِ.

365- وَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ كَيْفَ يَتَوَفَّى مَلَكُ الْمَوْتِ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَيَقِفُ مِنَ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ مَوْتِهِ مَوْقِفَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ مِنَ الْمَوْلَى فَيَقُومُ وَ أَصْحَابُهُ لَا يَدْنُونَ مِنْهُ حَتَّى يَبْدَأَهُ بِالتَّسْلِيمِ وَ يُبَشِّرَهُ بِالْجَنَّةِ.

366- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَثَّقَهُ مَلَكُ‏

______________________________

 (1). قلص و تقلص بمعنى انضم و انزوى، يقال: قلصت شفته أي انزوت و تقبضت.

و الانتشار: الانبساط، و المنخر: الانف. و في بعض النسخ «و انتثر منخراه» و لعله تصحيف و في الكافي «و انتشرت منخراه».

 (2). أي حسبك بذلك دلالة على حسن حاله أو دلالة لإيمانه أو لموته.

 (3). الشدق: جانب الفم، و في الكافي «تخرج نفسه سلّا من شدقه كزبد البعير أو كما تخرج نفس البعير».

135
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

الْمَوْتِ‏ «1» فَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ يَسْتَقِرَّ.

وَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ إِلَّا مُثِّلَ لَهُ النَّبِيُّ ص وَ الْحُجَجُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ حَتَّى يَرَاهُمْ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِناً يَرَاهُمْ بِحَيْثُ يُحِبُّ وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْمِنٍ يَرَاهُمْ بِحَيْثُ يَكْرَهُ وَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ‏ «2»

367- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّهُ إِذَا بَلَغَتِ النَّفْسُ الْحُلْقُومَ أُرِيَ مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ رُدُّونِي إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى أُخْبِرَ أَهْلِي بِمَا أَرَى فَيُقَالُ لَهُ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ.

368- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ‏ وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ‏ وَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ‏ وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَوْ تَرى‏ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ وَ قَدْ يَمُوتُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَكَيْفَ هَذَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ- لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَاناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَقْبِضُونَ الْأَرْوَاحَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لَهُ أَعْوَانٌ مِنَ الْإِنْسِ يَبْعَثُهُمْ فِي حَوَائِجِهِ فَتَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ يَتَوَفَّاهُمْ- مَلَكُ الْمَوْتِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَ مَا يَقْبِضُ هُوَ وَ يَتَوَفَّاهَا

______________________________

 (1). أي يثبته و يحفظه عن الاضطراب بالبشارة بما أعد اللّه له أو بإراءته الجنة، أو وثقه بمشاهدته كما ترى أنّه إذا رأى الشخص أسدا كانه يوثق و لا يمكنه الحركة (م ت) و قال الفاضل التفرشى: «لعل المراد أن ملك الموت يبشره بمآله فيأمن. و أمّا جعله من الوثاق بمعنى الحبس بقرينة لم يستقر فغير مناسب بالنسبة الى المؤمن و يمكن أن يراد أن ملك الموت يدفع عنه كيد الشيطان كما يجيى‏ء عن قريب.

 (2). بقية الآية «فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» و «لو لا» للتخصيص و المخصص قوله‏ «تَرْجِعُونَها» بعد ذلك و هي بما في حيزه دليل جواب الشرط في قوله تعالى فيما بعد «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» و المعنى انه ان كنتم صادقين في كونكم غير مملوكين مغلوبين فلولا ترجعون الأرواح الى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم. (سلطان).

136
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ‏ «1».

369- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ وَلِيَّ عَلِيٍّ ع- يَرَاهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ حَيْثُ يَسُرُّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ عِنْدَ الصِّرَاطِ وَ عِنْدَ الْحَوْضِ.

وَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَدْفَعُ الشَّيْطَانَ عَنِ الْمُحَافِظِ عَلَى الصَّلَاةِ وَ يُلَقِّنُهُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَظِيمَةِ.

370- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ وَ وُلْدُهُ وَ عَمَلُهُ فَيَلْتَفِتُ إِلَى مَالِهِ وَ يَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ عَلَيْكَ لَحَرِيصاً شَحِيحاً فَمَا ذَا عِنْدَكَ‏ «2» فَيَقُولُ خُذْ مِنِّي كَفَنَكَ فَيَلْتَفِتُ إِلَى وُلْدِهِ فَيَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ لَكُمْ مُحِبّاً وَ إِنِّي كُنْتُ عَلَيْكُمْ لَمُحَامِياً فَمَا ذَا عِنْدَكُمْ فَيَقُولُونَ نُؤَدِّيكَ إِلَى حُفْرَتِكَ وَ نُوَارِيكَ فِيهَا فَيَلْتَفِتُ إِلَى عَمَلِهِ فَيَقُولُ وَ اللَّهِ إِنَّكَ كُنْتَ عَلَيَّ لَثَقِيلًا وَ إِنِّي كُنْتُ فِيكَ لَزَاهِداً فَمَا ذَا عِنْدَكَ فَيَقُولُ أَنَا قَرِينُكَ فِي قَبْرِكَ وَ يَوْمِ حَشْرِكَ حَتَّى أُعْرَضَ أَنَا وَ أَنْتَ عَلَى رَبِّكَ‏ «3».

______________________________

 (1). الضمير المنصوب يرجع الى ما يتوفّاه ملك الموت من الملائكة مع ما يتوفاه بنفسه فاسناد التوفى إلى اللّه عزّ و جلّ باعتبار رجوعه إليه بالأخرة، و الى ملك الموت باعتبار أنه يتوفى ما توفته الملائكة منهم و يتوفى بنفسه أيضا، و الى الملائكة المعبر بالرسل أيضا كما عبر عنهم بالملائكة باعتبار صدور التوفى منهم ابتداء بالنسبة الى بعض النفوس، و في بعض النسخ «يتوفاهم اللّه عزّ و جلّ» و في بعضها «يتوفاها اللّه عزّ و جلّ» و المآل واحد. (مراد) و حاصل السؤال اشكالان أحدهما التدافع في ظاهر كلام اللّه تعالى حيث اسند تارة قبض كل الانفس إليه تعالى و تارة الى ملك الموت و تارة الى الملائكة و تارة الى الرسل، و الثاني أنّه على تقدير تسليم أن المراد من الجميع واحد فكيف يتصور ذلك مع أنّه يموت في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصى؟ فأجاب عليه السلام بان استناد القبض الى جماعة بلا واسطة و الى بعض بالواسطة فيندفع الاشكالان فتدبر حقّ التدبر. (سلطان).

 (2). الشحيح: البخيل جدا.

 (3). رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 231 بزيادة بعد ذلك في نحو 24 سطرا.

137
من لا يحضره الفقيه1

باب غسل الميت ص : 131

371- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ رَفَعَ اللَّهُ‏ «1» عَنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ.

372- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَنْ مَاتَ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَمِنَ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ.

373- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏- لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ لَيْلَةٌ غَرَّاءُ وَ يَوْمُهَا يَوْمٌ أَزْهَرُ وَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يَوْمٌ تَغْرُبُ فِيهِ الشَّمْسُ أَكْثَرَ مُعْتَقاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أُعْتِقَ مِنَ النَّارِ.

374- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَا مِنْ مَيِّتٍ يَحْضُرُهُ الْوَفَاةُ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ مِنْ بَصَرِهِ وَ سَمْعِهِ وَ عَقْلِهِ‏ «2» آخِذاً لِلْوَصِيَّةِ أَوْ تَارِكاً وَ هِيَ الرَّاحَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا رَاحَةُ الْمَوْتِ.

وَ إِذَا حَرَّكَ الْإِنْسَانُ فِي حَالَةِ النَّزْعِ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ رَأْسَهُ فَلَا يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ جُهَّالُ النَّاسِ فَإِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ نَزْعُ رُوحِهِ حُوِّلَ إِلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ أَوْ عَلَيْهِ‏ «3» وَ لَا يُمَسَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ «4» فَإِذَا قَضَى نَحْبَهُ فَيَجِبُ‏ «5» أَنْ يُقَالَ‏ إِنَّا لِلَّهِ‏ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏.

375- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ لِأَيِّ عِلَّةٍ يُغْسَلُ الْمَيِّتُ قَالَ تَخْرُجُ مِنْهُ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا تَخْرُجُ مِنْ عَيْنَيْهِ أَوْ مِنْ فِيهِ وَ مَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَرَى مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مِنَ النَّارِ.