×
☰ فهرست و مشخصات
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

تفريع ؛ ج‌16، ص : 39

 

إلى ان قال-: «فلما شق بطن السمكة وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين فباع اللؤلؤتين بمال عظيم، فقضى منه دينه و حسنت بعد ذلك حاله»

قيل: و نحوه المروي «1» في تفسير العسكري (عليه السلام).

و من ذلك كله ظهر لك حال ما في المتن من انه لو ابتاع سمكة فوجد في جوفها شيئا اخرج خمسه و كان له الباقي و لا يعرف البائع من غير فرق بين أثر الإسلام و عدمه كما ظهر لك وجه ذلك كله، كظهور الوجه في الخمس أيضا، إذ هو كالدابة على ما اعترف به في المدارك و غيرها، بل لم أجد أحدا فصل بينهما فيه، بل و ظهر مما تقدم أيضا وجه ما ذكره هنا بقوله‌

 [تفريع]

تفريع:

إذا وجد كنزا في أرض موات من دار الإسلام فان لم يكن عليه سكة أو كان عليه سكة عادية أي قديمة، كأنه نسبة إلى عاد قوم هود اخرج خمسه و كان له الباقي، و إن كان عليه أثر سكة الإسلام قيل يعرف كاللقطة، و قيل يملكه الواجد و عليه الخمس و قد بينا ان الثاني لا الأول أشبه فلاحظ و تأمل.

 [الرابع كلما يخرج من البحر بالغوص]

الرابع مما يجب فيه الخمس كلما يخرج من البحر بالغوص مما اعتيد خروجه منه بذلك كالجواهر و الدرر و نحوهما بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به في الحدائق، بل في ظاهر الانتصار و صريح الغنية و المنتهى الإجماع عليه، كظاهر نسبته إلى علمائنا في التذكرة للآية بالتقريب السابق، و‌

صحيحي الحلبي «2» سأل الصادق (عليه السلام) «عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال: عليه الخمس»

كخبر محمد بن علي بن أبي عبد الله «3» سأل أبا الحسن (عليه السلام) «عما

______________________________

 (1) الوسائل- الباب- 10- من كتاب اللقطة- الحديث 5.

 (2) الوسائل- الباب- 7- من أبواب ما يجب فيه الخمس- الحديث 1.

 (3) الوسائل- الباب- 3- من أبواب ما يجب فيه الخمس- الحديث 5.

 

39
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

فروع ؛ ج‌16، ص : 77

 

سابقا في نظيره، لكن قد يفرق بينهما بوجود الأعيان المختلطة هناك المحتاج تصرفه فيها إلى الصلح دونه هنا، فالوجه حينئذ الصلح مع إمكانه، و إلا فدفع ما يحصل به يقين البراءة، أو ما ينتفي معه يقين الشغل في وجه قوي.

أما لو تصرف بالحرام قبل اختلاطه ثم اشتبه عليه مقدار ما ثبت في ذمته كان له حكم مجهول المالك يتصدق بما يحصل به اليقين احتياطا، أو يرتفع به اليقين لكن في كشف الأستاذ انه يعالج بالصلح ثم الصدقة، و لا ريب ان الأحوط الأول و إن كان هو أحوط من الأخير.

و لو كان الاختلاط من أخماس أو زكوات فهو كمعلوم الصاحب في وجه قوي، و في الكشف ان الأقوى كونه كالسابق.

و لو كان الاختلاط مع الأوقاف فهو كمعلوم الصاحب في وجه قوي.

و لو حصل الاشتباه بين الثلاثة أو أحدها و بين غيرها أو بينها بعضها مع بعض فالأقوى فيه الرجوع إلى الحكم السابق، و هو إخراج الخمس إلا في اختلاط الأوقاف، فإن علاجها الصلح، ثم قال: «و لو كان ما فيه الواجب مشتركا فامتنع أحد الشركاء عن القسمة أدى غير الممتنع سهمه و حل التصرف بمقدار أربعة أخماس حصته، و لو أمكن جبره على القسمة أجبر» انتهى، و هو جيد، لكن المتجه فيما ذكره بل و في غيره من الفروع المتصورة هنا التي يصعب إرادتها من ظاهر النصوص مراعاة الاحتياط الذي هو ساحل بحر الهلكة، بل قد يقوى في النظر عدم اندراج نحو اخ?لاط الزكاة مثلا فيما نحن فيه من اختلاط الحلال و الحرام الذي يجب إخراج خمسه للذرية، بل ينبغي القطع به، فتأمل جيدا، و الله اعلم.

 

 [فروع]

فروع:

 [الفرع الأول الخمس يجب في الكنز]

الأول الخمس يجب في الكنز لما عرفت من الأدلة السابقة، بل ظاهرها‌

 

77
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

الفرع الثالث إذا اختلف المالك للدار مثلا و المستأجر لها في الكنز ؛ ج‌16، ص : 82

السابق على التكسب، بل المنساق من النصوص و الفتاوى احتساب مئونة السنة من أول حصول الربح، إذ ذلك وقت الخطاب بالخمس، و من هنا مال في المدارك و الكفاية لما في الدروس لكن جعل أول السنة ظهور الربح في أولهما، فقال بعد ان نظر في استفادة ما سمعته عن جده من الأخبار: و لو قيل باعتبار الخول من حين ظهور شي‌ء من الربح ثم احتساب الأرباح الحاصلة بعد ذلك إلى تمام الحول و إخراج الخمس من الفاضل عن مئونة ذلك الحول كان حسنا و الله أعلم.

 [الفرع الثالث إذا اختلف المالك للدار مثلا و المستأجر لها في الكنز]

الفرع الثالث إذا اختلف المالك للدار مثلا و المستأجر لها في الكنز فان اختلفا في ملكه بأن قال كل منهما انه لي فالقول قول المالك المؤجر مع يمينه لأصالة يده، و فرعية يد المستأجر عنها، و قيل قول المستأجر، لفعلية يده، و مخالفة دعوى المؤجر الظاهر المتعارف من عدم إجارة داره و فيها كنز، و قد تقدم البحث في ذلك و نظائره مفصلا و ان اختلفا في قدره فالقول قول المستأجر المنكر للزيادة الموافق بإنكاره أصالة البراءة و غيرها كما ان القول قول المالك لو فرض إنكاره الزيادة، بأن ثبت مثلا انه للمستأجر فادعى على المالك مقدارا أنكره عليه فالقول قوله أيضا لعين ما عرفت، فالضابط انه يقدم قول من نسب إلى الخيانة بيمينه، و تخصيص المصنف المستأجر، بناء منه على تقديم قول المالك في السابق و تعارف إنكار الزيادة من المستأجر حينئذ إذ لا وجه لا دعاء غير المالك الزيادة و المالك النقصان، كما هو واضح.

 [الفرع الرابع الخمس يجب بعد إخراج المئونة]

الفرع الرابع الخمس يجب بعد إخراج المئونة التي يفتقر إليها إخراج الكنز و المعدن و الغوص و نحوها من آلات و حفر و سبك و غيره بلا خلاف أجده كما اعترف به في المفاتيح، بل في المدارك نسبة ما في المتن إلى القطع به في كلام الأصحاب، كما انه في الخلاف الإجماع عليه، و لعله كذلك، بل يمكن تحصيله في الجميع و إن سمعت الخلاف فيه في الغنيمة، مضافا‌

82
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

الفصل الثاني من فصلي كتاب الخمس في قسمته ؛ ج‌16، ص : 84

 

 [الفصل الثاني من فصلي كتاب الخمس في قسمته]

الفصل الثاني من فصلي كتاب الخمس في قسمته و المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا بل هي كذلك في صريح الانتصار و ظاهر الغنية و كشف الرموز أو صريحهما انه‌

 [في بيان مصرف الخمس و هو ستة أقسام]

يقسم ستة أقسام، ثلاثة منها للنبي (صلى الله عليه و آله) و هي

 [ثلاثة منها سهم الله و سهم رسوله و سهم ذي القربى]

سهم الله و سهم رسوله و سهم ذي القربى كما صرح به في القواعد و غيرها، بل كأنه مفروغ منه، و لعله لأن المراد بذي القربى الامام (عليه السلام) كما ستعرفه، و هو الإمام في حياته، فيأخذ الثلاثة حينئذ سهم له بالأصالة و سهم الله، لأن ما كان له فهو لوليه و سهم ذي القربى باعتبار أنه الإمام (عليه السلام) حال حياته، و لا إمام غيره، و حينئذ فإطلاق المصنف كون الثلاثة للنبي (صلى الله عليه و آله) على هذا الوجه و لو لأنه لم يعرف في ذلك خلاف و إن كان ظاهر الآية و غيرها من النصوص خلافه، و كذا لم يعرف خلاف أيضا في ان سهم الله عز و جل ملك للنبي (صلى الله عليه و آله? حقيقة يتصرف به كيف يشاء كغيره من أملاكه، بل هو قضية إجماع المرتضى كما في الحدائق دعواه عليه، و في‌

خبر معاذ صاحب الأكسية «1» عن الصادق (عليه السلام) «ان الله تعالى لم يسأل خلقه مما في أيديهم قرضا من

______________________________

 (1) أصول الكافي ج 1 ص 537 «باب صلة الإمام عليه السلام» 3.

 

84
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

المسألة السادسة شرائط مستحق الخمس ؛ ج‌16، ص : 115

 

 [المسألة السادسة شرائط مستحق الخمس]

المسألة السادسة صرح جماعة بأن الإيمان معتبر في المستحق بل لا أجد فيه خلافا محققا كما اعترف به بعضهم، بل في الغنية الإجماع عليه، للشغل المقتضي للاقتصار على المتيقن، و كون الخمس كرامة و مودة لا يستحقهما غير المؤمن المحادد لله، و لأنه عوض الزكاة المعتبر فيها ذلك إجماعا في المدارك و غيرها، لكن في المتن كالنافع الحكم باعتباره على تردد لإطلاق الكتاب و السنة الذي لم يسق لبيان سائر الشرائط، مع ان من الواجب الخروج عنه بما عرفت، بل قد يدعى ان المنساق منه الى الذهن خصوصا إطلاق السنة المؤمن، و عن المحقق الثاني ان من العجائب هاشمي مخالف يرى رأي بني أمية، فيشترط الايمان لا محالة.

و كيف كان فليس هو ك‍ العدالة إذ هي لا تعتبر فيه على الأظهر بل لا أجد فيه خلافا كما اعترف به في المدارك و الرياض بعد نسبته في أولهما إلى مذهب الأصحاب، لإطلاق الأدلة السالم عن المعارض، و السيرة المستمرة خصوصا في غير معلوم الفسق، لكن قد يوهم ما في المتن الخلاف فيه، بل لعله من المرتضى لما حكي عنه من اعتبارها في الزكاة مستندا لما يشمل المقام من النهي كتابا و سنة عن معونة الفساق و العصاة، بل قد يقال بلزوم اعتبارها هنا لاعتبارها فيها مع قطع النظر عن ذلك، بل لبدلية الخمس عن الزكاة و عوضيته عنها بل قيل إنه زكاة في المعنى، و إن كان ذلك كله كما ترى لا يجوز الاعتماد على مثله?في إثبات الأحكام الشرعية، نعم هو صالح للتأييد، و لقد أجاد في المدارك حيث قال: و القول باعتبار العدالة هنا مجهول القائل، و لا ريب في ضعفه.

 [يلحق بذلك و هو مقصدان]

و إذ فرغ من البحث في كتاب الخمس شرع فيما يلحق بذلك و هو مقصدان:

 [المقصد الأول في الأنفال]

الأول في الأنفال جمع نفل ساكنا و محركا بمعنى الغنيمة في المصباح بل و عن القاموس و إن عطف عليها الهبة فيه، نعم عن الأزهري النفل ما كان زيادة‌

 

115
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

المقصد الثاني في كيفية التصرف في مستحقه ؛ ج‌16، ص : 134

 

هنا من الأخبار المتواترة من اختصاصه (عليه السلام) بها، فلا يجوز التصرف بشي‌ء منها حينئذ بدون إذنه في زمن الحضور و الغيبة‌

 [المقصد الثاني في كيفية التصرف في مستحقه]

كما أشار إليه المصنف بقوله:

المقصد الثاني من المقصدين الملحقين بكتاب الخمس في كيفية التصرف في مستحقه من الأنفال و الخمس و فيه مسائل:

 [المسألة الأولى لا يجوز التصرف في ذلك بغير إذنه]

الأولى لا يجوز التصرف في ذلك بغير إذنه عقلا و شرعا بل ضرورة من الدين كغيره من الأملاك و لو تصرف متصرف كان غاصبا ظالما مأثوما و لو حصل له فائدة تابعة للملك شرعا لا التابعة لغيره من البذر و نحوه كانت للإمام (عليه السلام) كما هو قضية أصول المذهب و قواعده في جميع ذلك من غير فرق بين زمني الحضور و الغيبة، و تحليل الأنفال منهم (عليهم السلام) للشيعة في الثاني خروج عن موضوع المسألة، إذ هو إذن، فما في المدارك- من تخصيص ما في المتن بعد ان جعل ذلك فيه إشارة للأنفال تبعا لجده في المسالك بالحضور حاكيا له عن نص المعتبر- في غير محله، قال: «أما حال الغيبة فالأصح إباحة الجميع كما نص عليه الشهيدان و جماعة للأخبار «1» الكثيرة المتضمنة لإباحة حقوقهم (عليهم السلام) لشيعتهم في حال الغيبة، قال في البيان: و هل يشترط في المباح له الفقر؟ ذكره الأصحاب في ميراث فاقد الوارث، أما غيره فلا، و أقول: إن مقتضى العمومات عدم اشتراط ذلك مطلقا، نعم ورد في الميراث «2» رواية ضعيفة ربما تعطي اعتبار ذلك، و لاستقصاء البحث فيه محل آخر» انتهى. و ظاهره بل صريحه عدم اختصاص الإباحة بالمناكح و المساكن و المتاجر، بل هو صريح جده في المسالك و الروضة أيضا بل نسبه في الأخيرة إلى المشهور، قال فيها: «و المشهور أن هذه الأنفال مباحة حال الغيبة، فيصح التصرف في الأرض المذكورة بالاحياء و أخذ ما فيها من شجر‌

______________________________

 (1) الوسائل- الباب- 4- من أبواب الأنفال من كتاب الخمس.

 (2) الوسائل- الباب- 4- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 10.

 

134
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

النظر الأول في أركان الصوم ؛ ج‌16، ص : 184

 

عليه و آله) فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله انه قال له: لأي شي‌ء فرض الله عز و جل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما، و فرض على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): إن آدم لما أكل من الشجر بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع و العطش و الذي يأكلونه بالليل فضل من الله عز و جل عليهم، و كذلك كان على آدم ففرض الله ذلك على أمتي، ثم تلا هذه الآية «1» «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيٰامُ كَمٰا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيّٰاماً مَعْدُودٰاتٍ» قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك و تعالى له سبع خصال أولها يذوب الحرام من جسده، و الثانية يقرب من رحمة الله عز و جل، و الثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه، و الرابعة يهون الله عليه سكرات الموت، و الخامسة أمان من الجوع و العطش يوم القيامة، و السادسة يعطيه الله براءة من النار، و السابعة يطعمه الله من طيبات الجنة، قال: صدقت يا محمد»

الى آخره.

و على كل حال ف‍ النظر فيه يقع في أركانه و اقسامه و لواحقه

 [النظر الأول في أركان الصوم]

و أركانه أربعة:

 [الركن الأول الصوم]

الأول الصوم لغة الإمساك و شرعا على ما عرفه المصنف هو الكف عن المفطرات مع النية و قد عرفه غيره بغير ذلك، و لا يكاد ينطبق شي‌ء منها على خواص التعريف الحقيقي، فيعلم منه عدم إرادتهم من ذلك ذلك بل المراد مجرد التصوير في الجملة، إذ عرف المتشرعة واف في معرفته كغيره من ألفاظ العبادات، فلا وجه للإطالة في ذكر التعاريف و ما يرد عليها‌

______________________________

 (1) سورة البقرة- الآية 179.

 

184
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

فروع ؛ ج‌16، ص : 214

 

من العامة و عن الخلاف الإجماع عليه، و هو الحجة بعد اعتضاده بما عرفت، و بما قيل من عموم عدم سقوط الميسور بالمعسور بناء على أن الواجب عليه الصوم مع النية فإذا فاتت لم يفت، و إن كان هو كما ترى، و المعروف بين الأصحاب عدم الاجتزاء بهذا الإمساك و ان عليه القضاء لعدم كونه صوما معتبرا باعتبار فوات وقت النية منه، إذ ما بعد الزوال ليس منه كما عرفت، و وجوب الإمساك أعم من كونه صوما معتبرا، خلافا للإسكافي فساوى بين ما قبل الزوال و بعده، فيجدد النية و يجزي به، و لا ريب في ضعفه كما تقدم سابقا، فلاحظ و تأمل.

 [فروع]

بقي في المقام فروع كثيرة ذكر المصنف منها ثلاثة

 [الفرع الأول تجديد نية الإفطار قبل الزوال]

الأول ما تقدمت الإشارة إليه سابقا من أنه لو نوى الإفطار في يوم من شهر رمضان عصيانا ثم تاب ف‍ جدد النية قبل الزوال فالمعروف بين الأصحاب كما في المدارك و إن نسبه المصنف إلى ال‍ قيل مشعرا بتمريضه انه لا ينعقد و عليه القضاء لأن الإخلال بالنية في جزء من الصوم يقتضي فساد ذلك الجزء لفساد شرطه، و يلزم منه فساد الكل، لأن الصوم لا يتبعض، فيجب قضاؤه، و دليل التجديد المخالف للقواعد غير شامل لما نحن فيه قطعا، بل قد عرفت فيما تقدم القول بوجوب الكفارة بذلك فضلا عن القضاء و أن قول المصنف لو قيل بانعقاده كان أشبه في غاية الضعف، و في المسالك انما يتجه على القول بالاجتزاء بالنية الواحدة للشهر كله مع تقدمها، أو على القول بجواز تأخير النية إلى ما قبل الزوال، و فيه أن القول الثاني غير متحقق، و اللازم على الأول عدم اعتبار تجديد النية مطلقا للاكتفاء بالنية السابقة.

 [الفرع الثاني لو عقد نية الصوم ثم نوى الإفطار و لم يفطر ثم جدد النية]

الثاني لو عقد نية الصوم ثم نوى الإفطار و لم يفطر ثم جدد النية كان صحيحا وفاقا للأكثر في الذخيرة، و للمشهور في المدارك استصحابا للصحة‌

 

214
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

الفرع الرابع لا يجوز العدول من فرض مع تعيين الزمان ؛ ج‌16، ص : 217

 

أولا و صومه شرعي أو تمريني، لكن في المسالك هنا «لا إشكال في صحة صومه، لأن الصحة من خطاب الوضع، و هو غير متوقف على التكليف و إن كان صومه تمرينيا» و فيه ان الصحة و البطلان اللذين هما موافقة الأمر و مخالفته لا تحتاج إلى توقيف من الشارع، بل يعرف بمجرد العقل لكونه مؤديا للصلاة و تاركا لها، فلا يكونان من حكم الشرع في شي‌ء، بل هو عقلي مجرد كما صرح به ابن الحاجب و غيره.

 [الفرع الرابع لا يجوز العدول من فرض مع تعيين الزمان]

الفرع الرابع مقتضى أصول المذهب و قواعده انه لا يجوز العدول من فرض مع تعيين الزمان للأول بل و لو صلح الزمان لهما، أما لو كان بعد الزوال في قضاء رمضان لم يجز قطعا، بل و كذا لو عدل من فرض غير متعين إلى نفل، لكن في الدروس وجهان مرتبان و إن قال إنه أولى بالمنع، نعم فيها يجوز العدول من نفل إلى نفل ما دام محل النية باقيا، و لا ريب في ان الأحوط إن لم يكن الأقوى العدم في الجميع، و الله أعلم.

 [الركن الثاني في ما يمسك عنه الصائم]

الركن الثاني في ما يمسك عنه الصائم، و فيه مقاصد:

 [المقصد الأول يجب الإمساك عن كل مأكول معتادا كان أو غير معتاد]

الأول يجب الإمساك عن كل مأكول معتادا كان كالخبر و الفواكه أو غير معتاد كالحصى و البرد، و عن كل مشروب و لو لم يكن معتادا كمياه الأنوار و عصارة الأشجار بلا خلاف أجده في المعتاد منهما بيننا، بل بين المسلمين بل لعله من الضروريات المستغنية عن ذكر ما دل عليه من الكتاب المبين و سنة سيد المرسلين، فيفسد حينئذ في تعمده الصوم و يجب القضاء و الكفارة، إنما الكلام في غير المعتاد، و المشهور بين الأصحاب نقلا و تحصيلا انه كالمعتاد في الحكم شهرة عظيمة، بل لم يحك الخلاف إلا عن الإسكافي و المرتضى فلم يفسد الصوم بابتلاع غير المعتاد كالحصاة و نحوها، و عن بعض أصحابنا و إن كنا لم نعرفه، فأوجب القضاء فيه خاصة دون الكفارة، و هو موافق في الإفساد به مخالف في خصوص الكفارة‌

 

217
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

مسألتان ؛ ج‌16، ص : 254

 

المتقدم آنفا محمول على ضرب من الندب، نعم لو ترك الغسل لليوم الثاني فهو من متعمد البقاء على الجنابة، بل لو كان ناسيا قضى في المعين على ما تسمع الكلام فيه إن شاء الله، كما انه لو كان جاهلا كذلك، بل المتجه في الأخير الكفارة إلا إذا كان معذورا بعدم خطور السؤال بباله فعليه القضاء خاصة و الله أعلم و كذا لا يفسد الصوم لو نظر إلى امرأة حلال أو حرام فأمنى على الأظهر عند المصنف أو استمع فأمنى للأصل و غيره، خلافا للشيخ فعليه القضاء إذا كان المنظورة لا تحل له بشهوة، و لأبي الصلاح فإنه حكي عنه انه قال: لو اصغى إلى حديث أو ضم أو قبل فأمنى فعليه القضاء، نعم قد يشكل فيما إذا لم يكن مقصوده الامناء و لا من عادته، و من هنا قال في المدارك: الأصح ان ذلك غير مفسد إلا إذا كان من عادته الامناء، و كذا القول في النخيل لو ترتب عليه الانزال فلا بأس به، و ستسمع تحقيق الحال في ذلك، بل و في الحقنة و ان الأقوى كونها بالجامد جائزة و بالمائع محرمة، و يفسد بها الصوم لكن على تردد عند المصنف و خلاف تعرف تمام الكلام فيه إن شاء الله.

 [مسألتان]

و هنا مسألتان:

 [المسألة الأولى كلما ذكرنا انه يفسد الصيام إذا كان عن عمد]

الأولى كلما ذكرنا انه يفسد الصيام غير البقاء على الجنابة إنما يفسده إذا وقع عمدا لا بدونه كالذباب يطير إلى الحلق و الغبار الذي يدخل من غير قصد، فإنه لا يفسد الصوم بأقسامه قولا واحدا و نصوصا «1» بخلاف الأول فإنه يفسده بأقسامه أيضا سواء كان عالما بكونه مفطرا أو جاهلا به على تردد عند المصنف في الجاهل- لا الأول الذي لا ريب في فساد الصوم معه- ينشأ من الخلاف فيه، فان المحكي عن الأكثر بل هو المشهور فساد صومه كالعالم، فيجب عليه القضاء و الكفارة، لإطلاق ما دل على وجوبهما،

______________________________

 (1) الوسائل- الباب- 9- من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

 

254
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

المقصد الثاني فيما يترتب على ذلك ؛ ج‌16، ص : 264

 

لا بد من»

إلى آخر ما تقدم في الخبر السابق، و كيف كان فالأمر سهل إن كان الخلاف في الكراهة و عدمها، و عن الشيخ في التهذيب أن الكراهة في هذه الأخبار انما توجهت إلى من لا يضبط فيبصق ما يحصل في فيه من رطوبة العود أما من يتمكن من حفظ نفسه فلا بأس باستعماله على كل حال، و كأنه جمع آخر لكن لا شاهد له، و الأمر سهل بعد كون النزاع في الكراهة و عدمها، و الله اعلم‌

 [المقصد الثاني فيما يترتب على ذلك]

المقصد الثاني فيما يترتب على ذلك، و فيه مسائل قد تقدم الكلام في حكم‌

 [المسألة الأولى منها، و هي يجب مع القضاء الكفارة]

الأولى منها، و هي يجب مع القضاء الكفارة بسبعة أشياء: الأكل و الشرب المعتاد و غيره، و الجماع حتى تغيب الحشفة في قبل المرأة أو دبرها، و تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر، و كذا لو نام غير ناو للغسل حتى يطلع الفجر و الاستمناء، و إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق بل و في غير ذلك مما عرفته مفصلا فلاحظ و تدبر.

 [المسألة الثانية لا تجب الكفارة إلا في صوم شهر رمضان]

الثانية لا تجب الكفارة إلا في صوم شهر رمضان و قضائه بعد الزوال، و النذر المعين، و في صوم الاعتكاف إذا وجب بلا خلاف فيما عدا الثاني من ابن أبي عقيل فلم يوجبها فيه و إن أثم بالإفطار كما في المدارك، لكن هو قد نقل‌

عنه انه قال: «من جامع أو أكل أو شرب في قضاء شهر رمضان أو صوم كفارة أو نذر فقد أثم و عليه القضاء و لا كفارة عليه»

و مقتضى إطلاقه خلافه في النذر المعين أيضا، بل حكى في الدروس عنه انه لا كفارة في غير رمضان ثم قال: و هو شاذ.

و على كل حال فلا ريب في ضعفه للمعتبرة المستفيضة في خصوص قضاء شهر رمضان بعد الزوال، كخبر بريد العجلي «1» و صحيح هشام بن سالم «2» و موثق

______________________________

 (1) الوسائل- الباب- 29- من أبواب أحكام شهر رمضان- الحديث 1.

 (2) الوسائل- الباب- 29- من أبواب أحكام شهر رمضان- الحديث 2.

 

264
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

المسألة الخامسة الكذب على الله و رسوله(ص) و الأئمة(ع) ؛ ج‌16، ص : 272

 

نذرت أن أصوم كل سبت، و إن أنا لم أصمه ما يلزمني من الكفارة؟ فكتب و قرأته لا تتركه إلا من علة، و ليس عليك صوم في سفر و لا مرض إلا ان تكون نويت ذلك، و إن كنت أفطرت فيه من غير علة فتصدق بعدد كل يوم على سبعة مساكين»

و الأول أظهر عند المصنف و غيره، خلافا لسيد المدارك فالثاني لصحة السند بخلاف راوي خبر الأول، فإنه غير موثق و لا ممدوح مدحا يعتد به و جهالة القاسم بن فضيل، و إضمار الثالث الذي في طريقه علي بن محمد بن جعفر الرزاز، و هو غير موثق أيضا، مع تضمن الأخيرتين الأمر بالتحرير خاصة، و لم يقل به احد، و الجمع بالتخيير بينه و بين باقي خصال الكبرى ليس بأولى من الجمع بالتخيير بينه و بين كفارة اليمين، و تحمل الرواية الأولى حينئذ على الاستحباب، قلت: لا ريب في ان الأحوط الأول و تحقيق الحال يأتي إن شاء الله في محله و إن كان جميع ما ذكره واض? الدفع، و الله اعلم.

 [المسألة الخامسة الكذب على الله و رسوله (ص) و الأئمة (ع)]

و أما المسألة الخامسة التي ذكرها المصنف هنا- و هي ان الكذب على الله و على رسوله و على الأئمة عليهم السلام حرام على الصائم و غيره و إن تأكد على الصائم لكن لا يجب به قضاء و لا كفارة على الأشبه.

 [السادسة و هي أن الارتماس حرام]

و السادسة و هي أن الارتماس حرام على الأظهر، و لا يجب به كفارة و لا قضاء و قيل يجبان به و الأول أشبه فقد عرفت الكلام فيهما مفصلا و منه تعرف ما في كلام المصنف، فلاحظ و تأمل و تدبر، و الله أعلم.

 [المسألة السابعة لا بأس بالحقنة بالجامد على الأصح]

المسألة السابعة لا بأس بالحقنة بالجامد على الأصح وفاقا للإسكافي و الشيخ و ابن إدريس و جماعة من المتأخرين بل و معظمهم، للأصل، و حصر ما يضر الصائم «1» في غيره، و كثير مما تسمعه في التقطير في الإحليل و مما يصل إلى الجوف‌

______________________________

 (1) الوسائل- الباب- 1- من أبواب ما يمسك عنه الصائم- الحديث 1.

 

272
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

المسألة التاسعة يجب القضاء بتسعة أشياء ؛ ج‌16، ص : 276

 

و الذاهل عن نية الغسل في الانتباهتين أو إحداهما أولى بالوجوب، و الظاهر أنه لا إثم عليه في النوم و إن زاد على الثالث مع احتمال الانتباه احتمالا معتدا به، للأصل، و لا تلازم بين الكفارة و الإثم.

 [المسألة التاسعة يجب القضاء بتسعة أشياء]

المسألة التاسعة يجب القضاء خاصة في الصوم الواجب المعين كشهر رمضان بتسعة أشياء عند المصنف،

 [الأول فعل المفطر قبل مراعاة الفجر مع القدرة]

الأول فعل المفطر قبل مراعاة الفجر مع القدرة تمسكا بالاستصحاب ثم ظهر سبق طلوعه بلا خلاف أجده فيه نصا و فتوى، بل في صريح الانتصار و الخلاف و ظاهر الغنية الإجماع عليه، مضافا إلى عموم الفوات في وجه الصادق بعدم إمساك تمام اليوم، سواء كان ظانا لبقاء الليل أو شاكا فيه أو ظانا عدمه، لاشتراك الجميع في جواز الإقدام لقاعدة اليقين و للآية الكريمة «1» الظاهرة في عدم اعتبار الأمر بإمساك النهار واقعا كي يحتج بباب المقدمة المقتضية للصوم مع ظن البقاء أيضا فضلا عن الشك، مع انه لا خلاف في جواز تناول المفطر فيه كما اعترف به بعضهم، و في نفي الكفارة بالأصل السالم، فما توهمه بعض العبارات من وجوبها على الشاك فضلا عن الظان للعدم واضح المنع.

و المعروف بين الأصحاب بل في الرياض لا خلاف أجده فيه انه لا قضاء على العاجز عن المراعاة كالمحبوس و الأعمى بلا خلاف أجده، للأصل و جواز التناول له، مع اختصاص النص و الفتوى بحكم التبادر و غيره بصورة القدرة كما لا يخفى على من تدبرهما، لكن قد يناقش بانقطاع الأصل‌

بعموم «2» «من فاتته»

بناء على صدق اسمه عليه بعدم الإمساك في بعض اليوم في أي حال يكون إلا ما علم عدم البأس فيه كالنسيان، و من هنا كان تناول المفطر في غير شهر رمضان‌

______________________________

 (1) سورة البقرة- الآية 183.

 (2) الوسائل- الباب- 6- من أبواب قضاء الصلوات- الحديث 1.

 

276
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

فروع ؛ ج‌16، ص : 294

 

في المختلف و الشهيد في اللمعة لما يفهم من فحاوي نصوص «1» اللمس و التقبيل و ما فيها من التعليل بخوف الانزال و عدم الأمن منه و إن بدو القتال اللطام و نحو ذلك مما هو ظاهر في البطلان لو وقع، و لذا حسن التحرز عنه، نعم إن كان معتاد الانزال حرم عليه هذه المقدمات، و إلا كان تركها «2» مستحبا و إن اشترك الجميع في البطلان مع الانزال، و من ذلك ظهر لك أنه لا فرق بين المحلل و المحرم ضرورة عدم مدخلية الإثم بالنظر في فساد الصوم كما هو واضح، و الله أعلم.

 [فروع]

فروع قد تقدم ما يعرف به‌

 [الفرع الأول منها و هو لو تمضمض متداويا أو طرح في فيه خرزا]

الأول منها و هو لو تمضمض متداويا أو طرح في فيه خرزا أو غيره لغرض صحيح فسبق إلى حلقه لم يفسد صومه، و لو فعل ذلك عبثا قيل عليه القضاء، و قيل لا، و هو الأشبه.

 [الفرع الثاني ما يخرج من بقايا الغذاء من بين أسنانه]

الثاني ما يخرج من بقايا الغذاء من بين أسنانه و لو بمخرج يحرم ابتلاعه للصائم بل و لغيره إذا صار من الخبائث فإذا ابتلعه عمدا وجب عليه القضاء قولا واحدا عندنا، خلافا لأبي حنيفة فلم يوجبه، و المناقشة بعدم تسميته أكلا و بما رواه‌

عبد الله بن سنان «3» عن الصادق عليه السلام «في الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشي‌ء أ يفطره ذلك؟ قال: لا، قلت: فان ازدرده بعد أن صار على لسانه قال: لا يفطره ذلك»

واهية، لمعلومية إرادة ما يشمل مثل ذلك من الأكل الممنوع منه في الصوم، و بالفرق بين محل البحث و ما في الصحيح المحتمل أصل اللسان المتصل بالحلق، أو كون الازدراد بغير اختياره كما هو الغالب، فان المراد بالقلس كما في‌

موثق سماعة «4» الجشأة التي يرتفع الطعام بها من جوف

______________________________

 (1) الوسائل- الباب- 33- من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

 (2) ليس في النسخة الأصلية كلمة «تركها» و الصحيح ما أثبتناه.

 (3) الوسائل- الباب- 29- من أبواب ما يمسك عنه الصائم- الحديث 9.

 (4) الوسائل- الباب- 30- من أبواب ما يمسك عنه الصائم- الحديث 3.

 

294
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

المسألة الخامسة عشر لو تبرع متبرع بالتكفير عمن وجبت عليه الكفارة ؛ ج‌16، ص : 314

 

ما ذكرنا، و تمام الكلام في المسألة في باب الكفارات إن شاء الله.

 [المسألة الخامسة عشر لو تبرع متبرع بالتكفير عمن وجبت عليه الكفارة]

المسألة الخامسة عشر لو تبرع متبرع بالتكفير عمن وجبت عليه الكفارة جاز و إن كان حيا، لاقتضاء تنزيل نحوه من النصوص منزلة الذين، ذلك مضافا إلى ابتناء حق الله على التخفيف لكن مقتضى ذلك عدم الفرق بين الصوم و غيره كما هو المحكي عن مبسوط الشيخ، و اختاره في المختلف لا انه يراعى في خصوص الصوم الوفاة كما اختاره المصنف، و إن كان قد يوجه بأن الصوم كالصلاة لا يؤدى عن الحي أصالة و إن أذن، و فيه بحث إن لم ينعقد إجماع على خلافه، و الأقوى عدم التبرع عن الحي مطلقا وفاقا لجماعة، بل لعله المشهور للأصل، أما الميت فالمعروف بين الأصحاب صحة التبرع عنه مطلقا، لكن ظاهر الدروس ترتب الاجزاء و عدمه في الحي على القولين في الميت قال: و أولى بالمنع لعدم إذنه، و لتحقيق الحال في ذلك محل آخر، و الله اعلم.

 [المقصد الثالث فيما يكره للصائم و هو تسعة أشياء]

المقصد الثالث فيما يكره للصائم و هو عند المصنف تسعة أشياء:

 [الأول مباشرة النساء تقبيلا و لمسا و ملاعبة]

الأول مباشرة النساء تقبيلا و لمسا و ملاعبة مع ظن عدم الامناء لمن تتحرك شهوته بذلك إجماعا عن المنتهى، و في الخلاف «يكره القبلة للشاب إذا كان صائما، و لا يكره للشيخ، دليلنا إجماع الفرقة» و في التذكرة أجمع العلماء على كراهة التقبيل لذي الشهوة، و‌

سأل الحلبي «1» الصادق عليه السلام «عن مس الصائم شيئا من المرأة أ يفسده أم ينقضه؟ فقال له: إن ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني»

و سماعة «2» أيضا «عن الالتصاق بالأهل فقال: ما لم يخف على نفسه فلا بأس»

و منصور بن حازم «3» «عن تقبيل الجارية و المرأة فقال: أما الشيخ الكبير مثلي و مثلك فلا بأس، و أما الشاب الشبق فلا، فإنه لا يؤمن،

______________________________

 (1) الوسائل- الباب- 33- من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1.

 (2) الوسائل- الباب- 33- من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6.

 (3) الوسائل- الباب- 33- من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3.

 

314
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

السابع الاحتقان بالجامد ؛ ج‌16، ص : 323

 

الدخنة في حلقه فقال: لا بأس»

و غير ذلك.

 [السابع الاحتقان بالجامد]

و السابع الاحتقان بالجامد على ما تقدم من الكلام فيه.

 [الثامن بل الثوب و لبسه على الجسد]

و الثامن بل الثوب و لبسه على الجسد بلا خلاف أجده فيه،

قال ابن راشد «1» للصادق عليه السلام: «الحائض تقضي الصلاة قال: لا، قلت:

تقضي الصوم قال: نعم، قلت: من أين جاء هذا؟ قال: أول من قاس إبليس، قلت: فالصائم يستنقع في الماء قال: نعم، قلت: فيبل ثوبا على جسده قال: لا، قلت: من أين جاء هذا؟ قال: من ذاك»

و سأله الصيقل «2» «عن الصائم يلبس الثوب المبلول فقال: لا»

و سمعه عبد الله بن سنان «3» يقول: «لا تلزق ثوبك إلى جسدك و هو رطب و أنت صائم حتى تعصره»

لكن الأخير يقضي برفع الكراهة بالعصر مع انه لا يرتفع اسم البلل به، فاما ان يراد منه ما قبل العصر أو التخفيف به جمعا بين الأدلة، كما أن خبر الصيقل يقضي بكراهة لبسه و إن لم يكن على الجسد، و لا ينافيه سابقه و لا حقه، لعدم المعارضة، بل و لا‌

قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم «4» «الصائم يستنقع في الماء و يصب على رأسه و يتبرد بالثوب و ينضح بالمروحة و ينضح البوريا تحته، و لا يغمس رأسه في الماء»

بعد إرادة الرخصة منه، و كيف كان فالمراد الكراهة من النهي المزبور قطعا، للأصل و الإجماع في الظاهر، و الحصر في الصحيح المزبور المنساق بل الثوب من التبرد به فيه أو أنه شامل له مضافا إلى ضعف نصوص النهي، و الله اعلم‌

 [التاسع جلوس المرأة في الماء]

و التاسع جلوس المرأة في الماء على المشهور بين الأصحاب نقلا و تحصيلا، للنهي في موثق حنان «5» عنه معللا بأنه تحمله بقبلها، و هو- مضافا إلى الشهرة العظيمة و الأصل و الحصر في الصحيح و غيره و إطلاق الرخصة في استنقاع‌

______________________________

 (1) الوسائل- الباب- 3- من أبواب ما يمسك عنه الصائم- الحديث 5.

 (2) الوسائل- الباب- 3- من أبواب ما يمسك عنه الصائم- الحديث 4.

 (3) الوسائل- الباب- 3- من أبواب ما يمسك عنه الصائم- الحديث 3.

 (4) الوسائل- الباب- 3- من أبواب ما يمسك عنه الصائم- الحديث 2.

 (5) الوسائل- الباب- 3- من أبواب ما يمسك عنه الصائم- الحديث 6.

 

323
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

مسألتان ؛ ج‌16، ص : 348

 

الله اليسر بالناس دون العسر، و لظهور النصوص في أن المبيح للفطر في المريض الضرر، فلا يتفاوت بين الصحيح و المريض معه، لكن تردد في المنتهى في الصحيح الذي يخشى المرض بالصيام من ذلك، و من عموم الأمر بالصوم السالم عن معارضة المرض، و فيه ما لا يخفى خصوصا بعد ما عرفت من عدم مدخلية المرض، و إلا لأبيح له الإفطار مع عدم الضرر، و هو معلوم البطلان نصا و فتوى بل المدار على الضرر الذي لا تفاوت فيه بين الصحيح و المريض الذي من أقسامه من يخشى حدوث مرض آخر بالصوم الذي هو كالصحيح الذي يخاف المرض بالصوم و بالجملة فالعمدة اشترا? الصحيح و المريض في معظم المدارك المسوغة للإفطار كما هو واضح، و الله أعلم.

 [مسألتان]

مسألتان:

 [المسألة الأولى البلوغ الذي تجب معه العبادات]

الأولى البلوغ الذي تجب معه العبادات و تصح معه المعاملات الاحتلام أي خروج المني من الذكر و الأنثى في اليقظة أو النوم بالجماع أو غيره أو الإنبات للشعر الخشن على العانة أو بلوغ خمس عشرة سنة في الرجال على الأظهر الأشهر، بل المشهور شهرة عظيمة، خلافا لابن الجنيد فاكتفى ببلوغ الأربع عشر و لا ريب في ضعفه و ضعف غيره من الأقوال المحكية في المقام على فرض ثبوتها، أو بلوغ تسع سنين في النساء كما بينا ذلك كله و غيره على وجه لم نسبق إليه في كتاب الحجر مفصلا عند تعرض المصنف له، فلاحظ و تأمل.

 [المسألة الثانية يستحب للولي أن يمرن الصبي و الصبية على الصوم]

المسألة الثانية يستحب للولي أن يمرن الصبي و الصبية على الصوم و غيره من العبادات قبل البلوغ و يعودا عليه سواء قلنا بشرعية عبادتهما أولا عند تمييزهما على وجه يمكن حصول الصورة منهما، و في المتن و محكي القواعد و التحرير و غيرهما و يشدد عليهما لسبع مع الطاقة و مقتضاه حصول التمرين قبلها، و هو جيد إذا فرض حصول التميز و الطاقة قبلها، و في المعتبر و يؤخذ الصبي‌

 

348
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام16

النظر الثاني في أقسامه ؛ ج‌16، ص : 352

 

الحكمة في ذلك التمرين، ضرورة كون المراد منه التمرين على نفس الأفعال لا نياتها كما هو واضح، نعم بناء على التمرينية قد يتجه ذلك، لكون الأتم فيه نية الوجوب في الواجب، و الندب في المندوب، و دعوى أنه لا معنى للوجوب التمريني إلا الأولوية المتحققة في الندب أو الوجوب العقلي، لقبح مخالفة الأمر من والد و نحوه عقلا، و لا عبرة به إذا خالف الشرع، يدفعها بعد الإغضاء عما فرضه من مخالفة الشرع لما حكم العقل بقبح مخالفته أن المراد منه التشبه بالبالغين بابراز الصورة الصادرة منهم، كما هو واضح، و الله اعلم.

 [النظر الثاني في أقسامه]

النظر الثاني في أقسام الصوم أي مطلق الصوم الشامل للصحيح و الفاسد و هي أربعة: واجب و ندب و مكروه كراهة عبادة و محظور و لو للتشريع،

 [أما الواجب]

أما الواجب ف‍ ستة باستقراء الأدلة الشرعية، و الإجماع بقسميه، الأول صوم شهر رمضان و الثاني صوم الكفارات التي سيأتي تفصيلها إن شاء الله و الثالث صوم بدل دم المتعة في الحج و الرابع صوم النذر و ما في معناه من العهد و اليمين و نحوهما و الخامس صوم الاعتكاف على وجه كالنذر و اعتكاف يومين الموجب لاعتكاف ثالث و السادس صوم قضاء الواجب.

 [القول في شهر رمضان]

القول في شهر رمضان و الكلام في علامته و شروطه و أحكامه،

 [أما الأول في علامته]

أما الأول ف‍ لا إشكال و لا خلاف بيننا في أنه يعلم الشهر برؤية الهلال و حينئذ فمن رآه وجب عليه الصوم و لو انفرد، و كذا لو شهد فردت شهادته، و كذا يفطر لو انفرد ب‍ رؤيته هلال شوال كل ذلك لصدق الرؤية المأمور بالصوم و الإفطار لها، و صدق شهادة الشهر، و للسنة المستفيضة أو المتواترة، و الإجماع بقسميه، خلافا لما عن بعض العامة من عدم صوم المنفرد و فطرة إلا في جماعة الناس، و هو محجوج بالكتاب و السنة و الإجماع‌

 

352