×
☰ فهرست و مشخصات
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

كتاب الصلاة ص 9

الجزء الثالث

[كتاب الصلاة]

كتاب الصلاة

[مقدمة: في فضل الصلاة اليومية و أنها أفضل الأعمال الدينية]

مقدمة:

في فضل الصلاة اليومية و أنها أفضل الأعمال الدينية اعلم أن الصلاة أحب الأعمال إلى اللّه تعالى و هي آخر وصايا الأنبياء عليهم السّلام، و هي عمود الدين إذا قبلت قبل ما سواها و إن ردت رد ما سواها، و هي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم فإن صحت نظر في عمله و إن لم تصح لم ينظر في بقية عمله، و مثلها كمثل النهر الجاري فكما أن من اغتسل فيه في كل يوم خمس مرات لم يبق في بدنه شي‌ء من الدرن كذلك كلما صلى صلاة كفر ما بينهما من الذنوب، و ليس ما بين المسلم و بين أن يكفر إلا أن يترك الصلاة، و إذا كان يوم القيامة يدعى بالعبد فأول شي‌ء يسأل عنه الصلاة فإذا جاء بها تامة و إلا زخّ في النار.

و في الصحيح قال مولانا الصادق عليه السّلام: «ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ألا ترى إلى العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السّلام قال:

وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلٰاةِ وَ الزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا «1» و روى الشيخ في حديث عنه عليه السّلام: قال: «و صلاة فريضة تعدّ عند اللّه ألف حجة و ألف عمرة مبرورات متقبلات». «2»

و قد استفاضت الروايات في الحث على المحافظة عليها في أوائل

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب 10: من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 1 باب: 1 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث: 34.

 

9
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مقدمة في فضل الصلاة اليومية و أنها أفضل الأعمال الدينية ص 9

الأوقات و أن من استخف بها كان في حكم التارك لها، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«و ليس مني من استخف بصلاته» «1»، و قال: «لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته» «2» و قال: «لا تضيعوا صلاتكم فإن من ضيع صلاته حشر مع قارون و هامان و كان حقا على اللّه أن يدخله النار مع المنافقين» «3» و ورد: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه و لا سجوده فقال عليه السّلام: «نقر كنقر الغرب لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتن على غير ديني» «4» و عن أبي بصير قال: دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد اللّه عليه السّلام فبكت و بكيت لبكائها ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد اللّه عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال: «اجمعوا كل من بيني و بينه قرابة».

قالت: فما تركنا أحدا إلا جمعناه فنظر إليهم ثم قال: «إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة» «5» و بالجملة ما ورد من النصوص في فضلها أكثر من أن يحصى، و للّه در صاحب الدرة حيث قال:

تنهى عن المنكر و الفحشاء                               أقصر فهذا منتهى الثناء

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب 6: من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 8.

(2) الوسائل ج 4 باب: 6 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 10.

(3) الوسائل ج 4 باب: 7 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 7.

(4) الوسائل ج 4 باب: 8 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 2.

(5) الوسائل ج 4 باب: 6 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 11.

 

10
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أعداد الفرائض و نوافلها ص 11

[فصل في أعداد الفرائض و نوافلها]

فصل في أعداد الفرائض و نوافلها الصلوات الواجبة ستة: اليومية و منها الجمعة، و الآيات، و الطواف الواجب، و الملتزم بنذر أو عهد أو يمين أو إجارة، و صلاة الوالدين على الولد الأكبر (1)، و صلاة الأموات.

أما اليومية فخمس فرائض: الظهر أربع ركعات، و العصر كذلك، و المغرب ثلاث ركعات، و العشاء أربع ركعات، و الصبح ركعتان، و تسقط في السفر من الرباعيات ركعتان، كما أن صلاة الجمعة أيضا ركعتان.

و أما النوافل فكثيرة، آكدها الرواتب اليومية، و هي في غير يوم الجمعة أربع و ثلاثون ركعة: ثمان ركعات قبل الظهر، و ثمان ركعات قبل العصر، و أربع ركعات بعد المغرب، و ركعتان بعد العشاء من جلوس تعدان بركعه و يجوز فيهما القيام بل هو الأفضل و إن كان الجلوس أحوط (2)

______________________________
(1) هذا هو الصحيح على تفصيل يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.

(2) بل هو الأقوى، و ذلك لأن مقتضى صحيحة الحارث بن المغيرة و موثقة سليمان بن خالد و إن كان التخيير فيهما بين القيام و الجلوس، إلّا أن في صحيحة الحجال ما يكون قرينة على حمل الركعتين فيهما على غير الوتيرة باعتبار أنها تدلّ على أن أبا عبد الله عليه السّلام يصلّي ركعتين بعد العشاء يقرأ فيهما بمائة آية و لا‌

 

11
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أعداد الفرائض و نوافلها ص 11

و تسمى بالوتيرة، و ركعتان قبل صلاة الفجر، و إحدى عشر ركعة صلاة الليل و هي ثمان ركعات و الشفع ركعتان و الوتر ركعة واحدة، و أما في يوم الجمعة فيزاد على الست عشرة أربع ركعات (1)، فعدد الفرائض سبع عشرة ركعة، و عدد النوافل ضعفها بعد عدّ الوتيرة ركعة، و عدد مجموع الفرائض و النوافل إحدى و خمسون، هذا و يسقط في السفر (2) نوافل الظهرين

______________________________
يحتسب بهما، و ركعتين و هو جالس يقرأ فيهما بقل هو الله أحد، و قل يا أيّها الكافرون، فإن ذلك نصّ في أن الركعتين الأوليين ليستا من الوتيرة، و التخيير إنما هو فيهما، و هما مورد الروايتين المذكورتين.

(1) فيه: أن نوافل يوم الجمعة تختلف كمّا و كيفا، ففي صحيحة سعد بن سعد الأشعري إنها اثنان و عشرون ركعة بكيفيّة خاصّة، و في صحيحة البزنطي أنها عشرون ركعة بكيفيّة ثانية، و في صحيحة سعيد الأعرج أنها ستّ عشرة ركعة بكيفيّة ثالثة، و مقتضى الجمع بينها هو التخيير.

(2) قد يقال بعدم سقوطها في السفر لوجهين:

الأول: أنها ليست نافلة العشاء بل هي بدل الوتر، فلا تكون حينئذ مشمولة لما دلّ على سقوط نوافل الصلوات المقصورة في السفر.

الثاني: قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: (لا تصلّ قبل الركعتين و لا بعد هما شيئا نهارا) «1» بدعوى أن التقييد بالنهار يدلّ على أن الساقط إنما هو النوافل النهارية، و إلّا لكان التقييد به لغوا.

و لكن كلا الوجهين لا يتمّ.

أما الأول؛ فلأن قوله عليه السّلام في صحيحة فضيل ابن يسار: (منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدّ بركعة مكان الوتر ...) «2» لا يدلّ إلّا على أنها شرّعت مكان الوتر، و واضح أنه لا ملازمة بين تشريعها مكان الوتر و عدم كونها نافلة العشاء، إذ لا منافاة‌

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 21 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 4 باب: 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 2.

 

12
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أعداد الفرائض و نوافلها ص 11

و الوتيرة على الاقوى.

[مسألة 1: يجب الإتيان بالنوافل ركعتين ركعتين إلا الوتر]

[1176] مسألة 1: يجب الإتيان بالنوافل ركعتين ركعتين إلا الوتر فإنها ركعة، و يستحب في جميعها القنوت حتى الشفع على الأقوى في الركعة الثانية، و كذا يستحب في مفردة الوتر.

[مسألة 2: الأقوى استحباب الغفيلة]

[1177] مسألة 2: الأقوى استحباب الغفيلة (1) و هي ركعتان بين المغرب و العشاء، و لكنها ليست من الرواتب، يقرأ فيها في الركعة الأولى بعد الحمد وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (الأنبياء 21: 87) و في الثانية بعد الحمد وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ (الأنعام 6: 59)، و يستحب أيضا بين المغرب و العشاء صلاة

______________________________
بين أن يكون تشريعها كذلك بعنوان نافلة العشاء، و يؤكّد ذلك تشريع الاتيان بها بعد صلاة العشاء.

و أما الثانى؛ فهو يدلّ على أن نوافل الصلوات النهارية تسقط في السفر، و أما بالنسبة الى نافلة الصلوات الليلية فهو ساكت، فلا يدلّ لا على السقوط و لا على عدمه. و لكن صحيحة عبد الله بن سنان و صحيحة أبي بصير تدلّان بالاطلاق على سقوط نافلة العشاء أيضا، فيكون المرجع هو إطلاقهما.

(1) في القوّة إشكال بل منع، إلّا بناء على تماميّة قاعدة التسامح في أدلّة السنن، حيث أن الروايات التي استدلّ بها على استحبابها بأجمعها ضعيفة فلا يمكن الاعتماد عليها.

 

13
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 الأقوى استحباب الغفيلة ص 13

الوصية (1)، و هي أيضا ركعتان يقرأ في اولاهما بعد الحمد ثلاث عشرة مرة سورة إذا زلزلت الأرض، و في الثانية بعد الحمد سورة التوحيد خمس عشرة مرة.

[مسألة 3: الظاهر أن الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها هي الظهر]

[1178] مسألة 3: الظاهر أن الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها هي الظهر، فلو نذر أن يأتي بالصلاة الوسطى في المسجد أو في أول وقتها مثلا أتى بالظهر.

[مسألة 4: النوافل المرتبة و غيرها يجوز إتيانها جالسا و لو في حال الاختيار]

[1179] مسألة 4: النوافل المرتبة و غيرها يجوز إتيانها جالسا و لو في حال الاختيار، و الأولى حينئذ عدّ كل ركعتين بركعة فيأتي بنافلة الظهر مثلا ست عشرة ركعة، و هكذا في نافلة العصر، و على هذا يأتي بالوتر مرتين كل مرة ركعة.

______________________________
(1) في استحبابها إشكال بل منع، إلّا بناء على قاعدة التسامح في أدلّة السنن، باعتبار أن ما دلّ عليه من الرواية ضعيف.

 

14
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أوقات اليومية و نوافلها ص 15

[فصل في أوقات اليومية و نوافلها]

وقت الظهرين ما بين الزوال و المغرب (1) و يختص بالظهر بأوله مقدار أدائها بحسب حاله، و يختص العصر بآخره كذلك، و ما بين المغرب و نصف الليل وقت للمغرب و العشاء، و يختص المغرب بأوله بمقدار أدائه، و العشاء بآخره كذلك، هذا للمختار، و اما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو نحو ذلك من أحوال الاضطرار فيمتد وقتهما إلى طلوع الفجر، و يختص العشاء من آخره بمقدار أدائها دون المغرب من أوله أي ما بعد نصف الليل، و الأقوى أن العامد في التأخير إلى نصف الليل أيضا كذلك (2) أي

______________________________
(1) بل ما بين الزوال و غروب الشمس، أي سقوط قرص الشمس على ما نصّ به في الروايات، لا بينه و بين المغرب، فإن كلمة المغرب متى ما أطلقت كان المقصود منها ذهاب الحمرة التي نراها في طرف المشرق، و من المعلوم أن وقت الظهرين لا يمتدّ الى ذهاب تلك الحمرة.

(2) في القوّة إشكال بل منع، لأن مقتضى الآية الشريفة و الروايات أن وقت العشاءين يمتدّ الى نصف الليل و هو الفترة الواقعة بين غروب قرص الشمس و طلوع الفجر، و بانتهاء تلك الفترة ينتهي نصف الليل، و قد خرج من إطلاق هذه الأدلّة الناسي و النائم و الحائض للنصوص الخاصّة و مورد تلك النصوص و إن كان هذه الثلاثة إلّا أن العرف لا يفهم خصوصيّة لها، فمن أجل ذلك لا مانع من التعدّي‌

 

15
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أوقات اليومية و نوافلها ص 15

يمتد وقته إلى الفجر و إن كان آثما بالتأخير، لكن الأحوط أن لا ينوي الأداء و القضاء، بل الأولى ذلك في المضطر أيضا، و ما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس وقت الصبح، و وقت الجمعة من الزوال إلى أن يصير الظل مثل الشاخص (1)، فإن أخرها عن ذلك مضى وقته و وجب عليه الإتيان بالظهر.

و وقت فضيلة الظهر من الزوال إلى بلوغ الظل الحادث (2) بعد الانعدام

______________________________
من موردها الى سائر موارد الاضطرار، و أما التعدّي الى العامد فهو لا يمكن فإنه بحاجة الى قرينة و لا قرينة لا في نفس تلك الروايات و لا من الخارج، فإذا لم تكن فلا يمكن التعدّي، كيف فإن المختار غير المضطرّ، فالحكم الثابت لأحدهما لا يمكن إسراؤه الى الآخر إلّا بالقرينة أو بإحراز الملاك و هو لا يمكن.

(1) في امتداد وقت صلاة الجمعة الى هذا الحدّ إشكال بل منع، إذ لم يرد ذلك التحديد، أي تحديد وقت الجمعة من الزوال الى ذلك الحدّ في شي‌ء من الروايات. نعم قد ورد في بعضها أن وقتها يبدأ من أول الظهر الى أن تمضي ساعة، و لا يبعد أن يكون ذلك كناية عن أن وقتها متّسع بمقدار يتمكّن المكلّف من الاتيان بها دون الأكثر، و هذا يعني أن على الناس أن يؤدّوها قبل انتهاء الوقت المفضّل لصلاة الظهر، و أما تحديده بحدّ معين فلا يمكن إثباته.

(2) هذا هو نهاية الوقت المفضّل لصلاة الظهر، فإنه يبدأ من حين الزوال الى أن ينتهي الى ظلّ الشاخص في جانب المشرق بقدر ارتفاع ذلك الشاخص، فإن ذلك هو مقتضى الجمع بين الروايات الكثيرة الواردة في هذا الموضوع بمختلف الألسنة، قد حدّد بعضها الوقت المفضّل لها بقدم، و بعضها الآخر بقدمين، و بتعبير آخر بذراع، و الثالث بقامة، و الرابع ببلوغ ظلّ الشى‌ء مثله في جانب المشرق. و المستفاد من هذه الروايات المختلفة أمران:

 

16
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أوقات اليومية و نوافلها ص 15

أو بعد الانتهاء مثل الشاخص، و وقت فضيلة العصر من المثل إلى المثلين على المشهور، و لكن لا يبعد أن يكون من الزوال إليهما، و وقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق أي الحمرة المغربية، و وقت فضيلة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل، فيكون لها وقتا إجزاء قبل ذهاب الشفق و بعد الثلث إلى النصف، و وقت فضيلة الصبح من طلوع الفجر إلى حدوث الحمرة في المشرق (1).

[مسألة 1: يعرف الزوال بحدوث ظل الشاخص المنصوب معتدلا في أرض مسطحة بعد انعدامه]

[1180] مسألة 1: يعرف الزوال بحدوث ظل الشاخص المنصوب معتدلا في أرض مسطحة بعد انعدامه كما في البلدان التي تمرّ الشمس على سمت الرأس كمكة في بعض الأوقات، أو زيادته بعد انتهاء نقصانه كما في غالب البلدان و مكة في غالب الأوقات، و يعرف أيضا بميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن واجه نقطة الجنوب، و هذا التحديد تقريبي كما لا يخفى، و يعرف أيضا بالدائرة الهندية و هي أضبط و أمتن، و يعرف المغرب

______________________________
أحدهما: أن هذا الاختلاف تعبير عن الاختلاف في مراتب وقت الفضيلة و الوقت الأول أفضل من الثاني و هو من الثالث و هكذا، فبلوغ ظلّ الشاخص مثله يكون منتهى أمد الوقت المفضّل.

و الآخر: أن مبدأ الوقت المفضّل من حين الزوال، و التأخير الى قدم أو أكثر إنما هو لمكان النافلة كما نصّ عليه في هذه الروايات، و بذلك يظهر حال الوقت المفضّل لصلاة العصر، فإنه يبدأ من حين الزوال و ينتهي الى بلوغ ظلّ الشاخص مثليه فإنه أدنى مرتبة الوقت المفضّل و بانتهائه ينتهي.

(1) بل الى تجلّل السماء و تنوّره، فإن كان ملازما لحدوث الحمرة فهو، و إلّا فالعبرة إنما هي بذلك، و الظاهر أن تجلّل السماء قبل حدوث الحمرة.

 

17
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 يعرف الزوال بحدوث ظل الشاخص المنصوب معتدلا في أرض مسطحة بعد انعدامه ص 17

بذهاب الحمرة المشرقية عن سمت الرأس (1)، و الأحوط زوالها من تمام ربع الفلك من طرف المشرق، و يعرف نصف الليل بالنجوم الطالعة أول الغروب إذا مالت عن دائرة نصف النهار إلى طرف المغرب، و على هذا فيكون المناط نصف ما بين غروب الشمس و طلوعها، لكنه لا يخلو عن اشكال لاحتمال أن يكون نصف ما بين الغروب و طلوع الفجر (2) كما عليه

______________________________
(1) تقدّم أن وقت الظهرين ينتهي باستتار قرص الشمس و غروبه، و إذا صلّاهما بعد ذلك لا بدّ أن تكون بنيّة القضاء، و لا يمتدّ وقتهما الى ذهاب تلك الحمرة.

و أما وقت العشاءين فمقتضى نصّ مجموعة من الروايات المعتبرة أنه يبدأ من حين غروب الشمس أي استتار قرصها، و أما تحديد مبدأ وقتهما بالمغرب الذي يقصد به ذهاب الحمرة عن طرف المشرق بعد اختفاء الشمس عن الأفق و استتارها عن الأنظار فهو و إن كان معروفا إلّا أن إثباته بالدليل لا يخلو عن إشكال، هذا إضافة الى أن ما استدلّ به عليه لا يصلح أن يقاوم الروايات المذكورة الناصّة بأن وقتهما يبدأ من حين انتهاء وقت الظهرين و هو غروب الشمس و استتارها عن الأنظار، نعم لا بأس بالاحتياط، بل لا يترك.

(2) الظاهر أن هذا الاحتمال هو المتعيّن، و ذلك لأنّ كلمة الغسق الواردة في الآية الشريفة المفسّرة بنصف الليل في الروايات بمعنى ظلمة الليل لا بمعنى شدّة ظلمته و قصواها لكي تكون قرينة على أن المراد من نصف الليل هو النصف ما بين غروب الشمس و طلوعها، و لو لا تلك الروايات المفسّرة لم تكن كلمة الغسق ظاهرة في انتصاف الليل، بل هي ظاهرة في ظلمة الليل، و عليه فتدلّ الآية الشريفة على أن وقتهما يمتدّ الى ظلمة الليل.

ثم إن الليل يطلق في مقابل اليوم لا في مقابل النهار، فإن النهار اسم لما بين‌

 

18
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 يعرف الزوال بحدوث ظل الشاخص المنصوب معتدلا في أرض مسطحة بعد انعدامه ص 17

جماعة، و الأحوط مراعاة الاحتياط هنا و في صلاة الليل التي أول وقتها بعد نصف الليل، و يعرف طلوع الفجر باعتراض البياض الحادث في الأفق المتصاعد في السماء الذي يشابه ذنب السرحان و يسمى بالفجر الكاذب و انتشاره على الأفق و صيرورته كالقبطية البيضاء و كنهر سوراء بحيث كلما زدته نظرا أصدقك بزيادة حسنه، و بعبارة أخرى انتشار البياض على الأفق بعد كونه متصاعدا في السماء.

[مسألة 2: المراد باختصاص اول الوقت بالظهر و آخره بالعصر و هكذا في المغرب و العشاء عدم صحة الشريكة في ذلك الوقت مع عدم اداء صاحبته]

[1181] مسألة 2: المراد باختصاص اول الوقت بالظهر و آخره بالعصر و هكذا في المغرب و العشاء عدم صحة الشريكة في ذلك الوقت مع عدم اداء صاحبته، فلا مانع من إتيان غير الشريكة فيه كما إذا أتى بقضاء الصبح أو غيره من الفوائت في أول الزوال أو في آخر الوقت، و كذا لا مانع من إتيان الشريكة إذا أدّى صاحبة الوقت، فلو صلى الظهر قبل الزوال بظن دخول الوقت فدخل الوقت في أثنائها و لو قبل السلام حيث إن صلاته

______________________________
طلوع الشمس و غروبها جزما دون اليوم، فانه اسم لما بين طلوع الفجر و غروب الشمس. و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أن لفظ اليوم مجمل فلا شبهة في أن ما بين الطلوعين غير داخل في الليل لا نصّا و لا لغة و لا عرفا، بل نفس إطلاق صلاة الصبح على فريضة الفجر و هو ما بين الطلوعين تؤكّد أنه ليس داخلا في الليل و جزئه، و إلّا لكانت من صلاة الليل لا من الصبح.

فالنتيجة: أن ما بين الطلوعين لو لم يكن داخلا في اليوم لم يكن داخلا في الليل جزما لأن ما هو المتفاهم من الليل و المرتكز في الأذهان عرفا لا يعمّ ما بينهما، فإذن لا محالة يكون نصف الليل نصف ما بين غروب الشمس و طلوع الفجر، و إرادة غيره بحاجة الى قرينة.

 

19
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 المراد باختصاص اول الوقت بالظهر و آخره بالعصر و هكذا في المغرب و العشاء عدم صحة الشريكة في ذلك الوقت مع عدم اداء صاحبته ص 19

صحيحة (1) لا مانع من إتيان العصر أول الزوال، و كذا إذا قدّم العصر على الظهر سهوا و بقي من الوقت مقدار أربع ركعات لا مانع من إتيان الظهر في ذلك الوقت و لا تكون قضاء، و إن كان الأحوط عدم التعرض للأداء و القضاء، بل عدم التعرض لكون ما يأتي به ظهرا أو عصرا لاحتمال احتساب العصر المقدم ظهرا و كون هذه الصلاة عصرا.

[مسألة 3: يجب تأخير العصر عن الظهر و العشاء عن المغرب]

[1182] مسألة 3: يجب تأخير العصر عن الظهر و العشاء عن المغرب، فلو قدّم إحداهما على سابقتها عمدا بطلت سواء كان في الوقت المختص أو المشترك، و لو قدّم سهوا فالمشهور على أنه إن كان في الوقت المختص بطلت، و إن كان في الوقت المشترك فإن كان التذكر بعد الفراغ صحت، و إن كان في الأثناء عدل بنيته إلى السابقة إذا بقي محل العدول، و إلا كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من العشاء بطلت، و إن كان الأحوط الإتمام و الإعادة بعد الإتيان بالمغرب، و عندي فيما ذكروه إشكال، بل الأظهر في

______________________________
(1) في صحّة الصلاة في مفروض المسألة إشكال بل منع، فإن الصحّة مبتنية على شمول حديث من أدرك لها، و الظاهر أنه لم يشملها، فإن مورده صلاة الغداة، و قد ذكرنا في محلّه أن التعدّي عنه الى سائر الصلوات بحاجة الى قرينة حيث أن الحكم في مورده يكون على خلاف القاعدة. و دعوى القطع بعدم الفرق و وحدة الملاك لا يمكن بعد ما لم يكن لنا طريق الى احراز ملاكات الاحكام في الواقع و احتمال اختصاص ملاك هذا الحكم بصلاة الغداة موجود، و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنه يعمّ سائر الصلوات أيضا إلّا أنه لا يشمل المقام، فإن مورده ما إذا أدرك ركعة من أول الصلاة في الوقت و لا يعمّ ما إذا أدرك ركعة منها من آخرها و لا سيّما إذا كان دخول الوقت قبل التسليمة فحسب.

 

20
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يجب تأخير العصر عن الظهر و العشاء عن المغرب ص 20

العصر المقدم على الظهر سهوا صحتها و احتسابها ظهرا إن كان التذكر بعد الفراغ لقوله عليه السّلام: «إنما هي أربع مكان أربع» في النص الصحيح، لكن الأحوط الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمة من دون تعيين أنها ظهر أو عصر، و إن كان في الأثناء عدل، من غير فرق في الصورتين بين كونه في الوقت المشترك أو المختص، و كذا في العشاء إن كان بعد الفراغ صحت، و إن كان في الأثناء عدل مع بقاء محل العدول على ما ذكروه لكن من غير فرق بين الوقت المختص و المشترك أيضا، و على ما ذكرنا يظهر فائدة الاختصاص فيما إذا مضى من أول الوقت مقدار أربع ركعات فحاضت المرأة، فإن اللازم حينئذ قضاء خصوص الظهر، و كذا إذا طهرت من الحيض و لم يبق من الوقت إلا مقدار أربع ركعات، فإن اللازم حينئذ إتيان العصر فقط، و كذا إذا بلغ الصبي و لم يبق إلا مقدار أربع ركعات، فإن الواجب عليه خصوص العصر فقط، و أما إذا فرضنا عدم زيادة الوقت المشترك عن أربع ركعات فلا يختص بإحداهما (1) بل يمكن أن يقال

______________________________
(1) بل الظاهر هو اختصاص ذلك الوقت المشترك بالأولى و ذلك لأن الوقت بالذات مشترك بين الصلاتين من المبدأ الى المنتهى، إلّا أن الدليل قد دلّ على أن صلاة الظهر قبل العصر، و صلاة المغرب قبل العشاء، يعني أن صحّة الاتيان بالثانية في وقتها مشروطة بالاتيان بالأولى شريطة أن يكون الوقت متّسعا لكلتا الصلاتين، و أما إذا لم يبق من الوقت إلّا مقدار أربع ركعات فهو مختصّ بالثانية و يسقط حينئذ اشتراط صحّتها بالأولى.

و على هذا فإذا فرضنا أن الوقت لا يسع للمكلّف من المبدأ الى المنتهى إلّا بمقدار أربع ركعات فقد يقال أنه ملحق بمقدار أربع ركعات من آخر الوقت فيختصّ‌

 

21
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يجب تأخير العصر عن الظهر و العشاء عن المغرب ص 20

بالتخيير بينهما، كما إذا أفاق المجنون الا دواري في الوقت المشترك مقدار

______________________________
بالثانية، كما انه قد يقال انه ملحق بمقدار اربع ركعات من اول الوقت فيختص بالأولى. و الماتن قدّس سرّه قد رجّح التخيير بينهما و عدم الاختصاص بإحداهما، و لكن الظاهر أنه ملحق بمقدار أربع ركعات من بداية الوقت فيختصّ بالأولى، و لا وجه لا لحاقه بمقدار أربع ركعات من آخر الوقت ليختصّ بالثانية، و ذلك لأن اختصاص الفترة الأخيرة من الوقت بمقدار أربع ركعات بالثانية إنما يكون ثابتا بالنصّ الخاصّ، و لولاه لم نقل بذلك، و لا يمكن التعدّي عن مورده الى سائر الموارد.

و النصّ هو قوله عليه السّلام في معتبرة أبي بصير: (و إن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة) «1» فإن مورده و إن كان الوقت الاضطراري و صلاة العشاء إلّا أن العرف لا يفهم خصوصيّة لهما أصلا و لا يرى بحسب ما هو المرتكز في أذهانه الفرق بين الوقت الاضطراري و الاختياري و لا بين صلاة العشاء و غيرها. و يدلّ على ذلك أيضا إطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة اسماعيل بن همام في الرجل يؤخّر الظهر حتى يدخل وقت العصر: (أنه يبدأ بالعصر ثم يصلّ الظهر) «2» و يؤكّد ذلك مجموعة من الروايات الأخرى في باب الحيض و في هذا الباب، منها رواية الحلبي و رواية داود بن فرقد، و أما قوله عليه السّلام: (إلّا أن هذه قبل هذه، ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس ...) «3» لا يدلّ على أنه إذا لم يبق من الوقت إلّا بمقدار أربع ركعات اختصّ بالثانية فإنه في مقام بيان اعتبار الترتيب بينهما و إن صحّة الصلاة الثانية مشروطة بالاتيان بالأولى، و لا نظر له الى هذه الحالة أصلا، بل قوله عليه السّلام: (ثم أنت في وقت منها جميعا حتى تغيب الشمس) يدلّ على عدم اختصاصه بالثانية و إن الوقت مشترك بينهما الى غروب الشمس، و لازم ذلك تقديم الأولى و الاتيان بها في ذلك المقدار من الوقت دون الثانية كما هو مقتضى إطلاق قوله عليه السّلام: (إلّا أن هذه قبل هذه).

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 62 من أبواب المواقيت الحديث: 3.

(2) الوسائل ج 4 باب: 4 من أبواب المواقيت الحديث: 17.

(3) الوسائل ج 4 باب: 4 من أبواب المواقيت الحديث: 5.

 

22
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يجب تأخير العصر عن الظهر و العشاء عن المغرب ص 20

أربع ركعات أو بلغ الصبي في الوقت المشترك ثم جنّ أو مات بعد مضي مقدار أربع ركعات و نحو ذلك.

[مسألة 4: إذا بقي مقدار خمس ركعات إلى الغروب قدّم الظهر]

[1183] مسألة 4: إذا بقي مقدار خمس ركعات إلى الغروب قدّم الظهر (1)، و إذا بقي أربع ركعات أو أقل قدم العصر، و في السفر إذا بقي ثلاث ركعات قدم الظهر، و إذا بقي ركعتان قدم العصر، و إذا بقي إلى نصف الليل خمس ركعات قدم المغرب، و إذا بقي أربع أو أقل قدم العشاء، و في السفر إذا بقي أربع ركعات قدم المغرب، و إذا بقي أقل قدم العشاء، و يجب المبادرة إلى المغرب بعد تقديم العشاء إذا بقي بعدها ركعة أو أزيد، و الظاهر أنها حينئذ أداء و إن كان الأحوط عدم نية الأداء و القضاء.

[مسألة 5: لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة]

[1184] مسألة 5: لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة، و يجوز العكس، فلو دخل في الصلاة بنية الظهر ثم تبين له في الأثناء أنه صلاها لا يجوز له العدول إلى العصر بل يقطع و يشرع في العصر، بخلاف ما إذا تخيل أنه صلى الظهر فدخل في العصر ثم تذكر أنه ما صلى الظهر فإنه

______________________________
(1) في التقديم إشكال، و لا يبعد عدم جوازه لاستلزامه تفويت العصر في وقته المختصّ، و مقتضى معتبرة أبي بصير الآنفة الذكر أنه إذا خاف فوتها فليبدأ بها، و بما أن تقديم الظهر عليها يوجب فوتها فلا بدّ من العكس.

و أما حديث: من أدرك ... فقد مرّ المناقشة في شموله لمثل المقام، هذا إضافة الى أن الاتيان بصلاة الظهر في ذلك الوقت إتيان بها في وقتها تماما، لا أن مقدار منها في وقتها و مقدار منها خارج وقتها لتكون مشمولا لحديث من أدرك.

فالنتيجة: أن الأظهر في المسألة هو الاتيان بصلاة العصر، ثم الاتيان بصلاة الظهر، و بذلك يظهر حال ما بعده.

 

23
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة ص 23

يعدل إليها.

[مسألة 6: إذا كان مسافرا و قد بقي من الوقت أربع ركعات فدخل في الظهر بنية القصر ثم بدا له الإقامة فنوى الإقامة]

[1185] مسألة 6: إذا كان مسافرا و قد بقي من الوقت أربع ركعات فدخل في الظهر بنية القصر ثم بدا له الإقامة فنوى الإقامة بطلت صلاته و لا يجوز له العدول إلى العصر فيقطعها و يصلي العصر، و إذا كان في الفرض ناويا للإقامة فشرع بنية العصر لوجوب تقديمها حينئذ ثم بدا له فعزم على عدم الإقامة فالظاهر أنه يعدل بها إلى الظهر قصرا (1).

[مسألة 7: يستحب التفريق بين الصلاتين المشتركتين في الوقت]

[1186] مسألة 7: يستحب التفريق بين الصلاتين المشتركتين في الوقت (2) كالظهرين و العشاءين، و يكفي مسماه، و في الاكتفاء به بمجرد فعل النافلة وجه إلا أنه لا يخلو عن إشكال.

[مسألة 8: قد عرفت أن للعشاء وقت فضيلة]

[1187] مسألة 8: قد عرفت أن للعشاء وقت فضيلة و هو من ذهاب الشفق

______________________________
(1) بل الظاهر فيها عدم صحّة العدول، لأن ما دلّ على العدول لا يشمل المقام فإنه مختصّ بما إذا دخل في صلاة العصر غفلة أو نسيانا لصلاة الظهر، أو معتقدا الاتيان بها، ثم بان له أو تذكّر أنه لم يأت بها وجب عليه العدول إليها و يتمّها بنيّة الظهر، و أما إذا نوى الاقامة في مكان فشرع في صلاة العصر عالما بأنها وظيفته الفعلية باعتبار أنه لم يبق من الوقت إلّا بمقدار أربع ركعات ثم بدا له فعدل عن الاقامة، فعندئذ لا يجوز له العدول الى الظهر، فإن دليل العدول قاصر عن شمول ذلك، و عليه فتكون وظيفته قطع ما بيده و الاتيان بالظهر، ثم بالعصر إذا بقي من الوقت مقدار أربع ركعات، و إن لم يبق إلّا بمقدار ركعتين قطع و أتى بالعصر.

(2) في الاستحباب إشكال بل منع، حيث يظهر من الروايات أن التفريق لمكان الاتيان بالنافلة لا من جهة أنه في نفسه أمر مستحبّ، فمن لا يأتي بالنافلة فلا يستحبّ له التفريق.

 

24
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 قد عرفت أن للعشاء وقت فضيلة ص 24

إلى ثلث الليل و وقتا إجزاء من الطرفين، و ذكروا أن العصر أيضا كذلك، فله وقت فضيلة و هو من المثل إلى المثلين و وقتا إجزاء من الطرفين، لكن عرفت نفي البعد في كون ابتداء وقت فضيلته هو الزوال.

نعم الأحوط (1) في إدراك الفضيلة الصبر إلى المثل.

[مسألة 9: يستحب التعجيل في الصلاة في وقت الفضيلة و في وقت الإجزاء]

[1188] مسألة 9: يستحب التعجيل في الصلاة في وقت الفضيلة و في وقت الإجزاء، بل كل ما هو أقرب إلى الأول يكون أفضل إلا إذا كان هناك معارض كانتظار الجماعة أو نحوه.

[مسألة 10: يستحب الغلس بصلاة الصبح]

[1189] مسألة 10: يستحب الغلس بصلاة الصبح أي الإتيان بها قبل الإسفار في حال الظلمة.

[مسألة 11: كل صلاة أدرك من وقتها في آخره مقدار ركعة فهو أداء]

[1190] مسألة 11: كل صلاة أدرك من وقتها في آخره مقدار ركعة فهو أداء (2) و يجب الإتيان به، فإن من ادرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت، لكن لا يجوز التعمد في التأخير إلى ذلك.

______________________________
(1) في الاحتياط إشكال بل منع، لما مرّ من أن وقت الفضيلة من الزوال الى قدم في صلاة الظهر، و الى قدمين في صلاة العصر، ثم دونهما في الفضيلة الذراع و الذراعان، ثم المثل و المثلان، غاية الأمر أن من أتى بالنافلة فالوقت المفضّل له القدم و القدمان و هكذا، و من لم يأت بها فالوقت المفضّل له يبدأ من الزوال، لما دلّ من الروايات على أفضليّة أول الوقت لكل صلاة.

(2) هذا مبنىّ على عموم حديث (من أدرك ..) لسائر الصلوات أيضا و عدم اختصاصه بمورده، و أما بناء على ما قوّيناه من الاختصاص فهو أداء شرعا في مورده دون سائر الموارد.

 

25
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أوقات الرواتب ص 26

[فصل في أوقات الرواتب]

فصل في أوقات الرواتب

[مسألة 1: وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع، و العصر إلى الذراعين]

[1191] مسألة 1: وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع، و العصر إلى الذراعين أي سبعي الشاخص و أربعة أسباعه بل إلى آخر وقت إجزاء الفريضتين على الأقوى، و إن كان الأولى بعد الذراع تقديم الظهر و بعد الذراعين تقديم العصر و الإتيان بالنافلتين بعد الفريضتين، فالحدان الأولان للأفضلية، و مع ذلك الأحوط بعد الذراغ و الذراعين عدم التعرض لنية الأداء و القضاء في النافلتين.

[مسألة 2: المشهور عدم جواز تقديم نافلتي الظهر و العصر في غير يوم الجمعة على الزوال]

[1192] مسألة 2: المشهور عدم جواز تقديم نافلتي الظهر و العصر في غير يوم الجمعة على الزوال و اعلم بعدم التمكن من إتيانهما بعده، لكن الأقوى جوازه فيهما خصوصا في الصورة المذكورة (1).

[مسألة 3: نافلة يوم الجمعة عشرون ركعة]

[1193] مسألة 3: نافلة يوم الجمعة عشرون ركعة (2)، و الأولى تفريقها بأن

______________________________
(1) في القوّة إشكال بل منع، و الأظهر هو التخصيص بما إذا لم يتمكّن من الاتيان بهما بعد الزوال لسبب من الأسباب، و ذلك لأن صحيحة محمد بن عذافر فإن كانت مطلقة و مقتضى إطلاقها جواز الاتيان بهما مطلقا قبل الزوال و إن كان متمكّنا من الاتيان بهما بعده. و لكن لا بدّ من تقييده بصحيحة اسماعيل بن جابر الظاهرة في تقييد الجواز بعدم التمكّن منه بعده.

(2) تقدّم في فصل أعداد الفرائض و نوافلها أن تحديدها بذلك غير‌

 

26
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 نافلة يوم الجمعة عشرون ركعة ص 26

يأتي ستا عند انبساط الشمس و ستا عند ارتفاعها و ستا قبل الزوال و ركعتين عنده.

[مسألة 4: وقت نافلة المغرب من حين الفراغ من الفريضة إلى زوال الحمرة المغربية]

[1194] مسألة 4: وقت نافلة المغرب من حين الفراغ من الفريضة إلى زوال الحمرة المغربية (1).

[مسألة 5: وقت نافلة العشاء- و هي الوتيرة- يمتد بامتداد وقتها]

[1195] مسألة 5: وقت نافلة العشاء- و هي الوتيرة- يمتد بامتداد وقتها، و الأولى كونها عقيبها من غير فصل معتد به، و إذا أراد فعل بعض الصلوات الموظفة في بعض الليالي بعد العشاء جعل الوتيرة خاتمتها (2).

[مسألة 6: وقت نافلة الصبح بين الفجر الأول و طلوع الحمرة المشرقية]

[1196] مسألة 6: وقت نافلة الصبح بين الفجر الأول و طلوع الحمرة المشرقية، و يجوز دسها في صلاة الليل قبل الفجر (3) و لو عند النصف بل و لو قبله إذا قدم صلاة الليل عليه، إلا أن الأفضل إعادتها في وقتها (4).

______________________________
صحيح.

(1) بل الأظهر امتداد وقتها بامتداد وقت الفريضة لعدم الدليل على التحديد المذكور.

(2) فيه إشكال بل منع، إذ لا دليل عليه، و الدليل على ذلك إنما ورد في الوتر و هو قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (و ليكن آخر صلاتك و تر ليلتك) «1»، و أما كونها بدلا عنها فلا يدلّ على أنها مثلها في هذا الحكم، بل المستفاد من الروايات أن بدليّتها عنها إنما شرّعت من أجل أن من لم يوفّق من الاتيان بصلاة الوتر لأجل حدث الموت أو نحو ذلك فهي بدل عنها.

(3) بل يجوز الاتيان بها قبل الفجر بلا دسّ على ما نطقت به مجموعة من الروايات.

(4) في أفضليّة الاعادة مطلقا إشكال بل منع، و إنما هي ثابتة في صورة خاصّة و هي ما إذا قدّم نافلة الفجر و نام ثم استيقظ قبل الفجر أو عنده يستحبّ له‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 42 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة الحديث: 5.

 

27
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 إذا صلى نافلة الفجر في وقتها أو قبله و نام بعدها يستحب إعادتها ص 28

[مسألة 7: إذا صلى نافلة الفجر في وقتها أو قبله و نام بعدها يستحب إعادتها]

[1197] مسألة 7: إذا صلى نافلة الفجر في وقتها أو قبله و نام بعدها يستحب إعادتها.

[مسألة 8: وقت نافلة الليل ما بين نصفه و الفجر الثاني]

[1198] مسألة 8: وقت نافلة الليل ما بين نصفه و الفجر الثاني، و الأفضل إتيانها في وقت السحر، و هو الثلث الأخير من الليل، و أفضله القريب من الفجر (1).

[مسألة 9: يجوز للمسافر و الشاب الذي يصعب عليه نافلة الليل في وقتها تقديمها على النصف]

[1199] مسألة 9: يجوز للمسافر و الشاب الذي يصعب عليه نافلة الليل في وقتها تقديمها على النصف، و كذا كل ذي عذر كالشيخ و خائف البرد أو الاحتلام و المريض، و ينبغي لهم نية التعجيل لا الأداء.

[مسألة 10: إذا دار الأمر بين تقديم صلاة الليل على وقتها أو قضائها فالأرجح القضاء]

[1200] مسألة 10: إذا دار الأمر بين تقديم صلاة الليل على وقتها أو قضائها فالأرجح القضاء.

[مسألة 11: إذا قدمها ثم انتبه في وقتها ليس عليه الإعادة]

[1201] مسألة 11: إذا قدمها ثم انتبه في وقتها ليس عليه الإعادة.

[مسألة 12: إذا طلع الفجر و قد صلى من صلاة الليل أربع ركعات أو أزيد أتمها مخففة]

[1202] مسألة 12: إذا طلع الفجر و قد صلى من صلاة الليل أربع ركعات أو أزيد أتمها مخففة، و إن لم يتلبس بها قدّم ركعتي الفجر ثم فريضته و قضاها، و لو اشتغل بها أتمّ ما في يده ثم أتى بركعتي الفجر و فريضته و قضى البقية بعد ذلك.

[مسألة 13: قد مر أن الأفضل في كل صلاة تعجيلها]

[1203] مسألة 13: قد مر أن الأفضل في كل صلاة تعجيلها، فنقول:

يستثنى من ذلك موارد:

الأول: الظهر و العصر لمن أراد الإتيان بنافلتهما، و كذا الفجر إذا لم يقدم نافلتها قبل دخول الوقت.

______________________________
الاعادة للنصّ الخاصّ بها، و لا يمكن التعدّي عن مورده الى سائر الموارد إلّا بقرينة باعتبار أن الحكم يكون فيه على خلاف القاعدة.

(1) فيه إشكال بل منع و لا دليل عليه.

 

28
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 قد مر أن الأفضل في كل صلاة تعجيلها ص 28

الثاني: مطلق الحاضره لمن عليه فائتة و أراد إتيانها.

الثالث: في المتيمم مع احتمال زوال العذر أو رجائه (1)، و أما في غيره من الأعذار فالأقوى وجوب التأخير و عدم جواز البدار.

الرابع: لمدافعة الأخبثين و نحوهما فيؤخر لدفعهما.

الخامس: إذا لم يكن له إقبال فيؤخر إلى حصوله.

السادس: لانتظار الجماعة (2) إذا لم يفض إلى الإفراط في التأخير، و كذا لتحصيل كمال آخر كحضور المسجد أو كثرة المقتدين أو نحو ذلك.

السابع: تأخير الفجر عند مزاحمة صلاة الليل (3) إذا صلى منها أربع ركعات.

الثامن: المسافر المستعجل.

التاسع: المربية للصبي تؤخر الظهرين لتجمعهما مع العشاءين بغسل واحد (4) لثوبها.

______________________________
(1) تقدّم عدم جواز البدار فيه واقعا، و أما ظاهرا أو برجاء بقاء العذر الى آخر الوقت فلا مانع منه، فالنتيجة إنه لم يثبت أفضليّة التأخير فيه، فإن ثبوتها متوقّف على ثبوت جواز البدار واقعا في هذا الفرض و هو غير ثابت، و أما سائر الأعذار فحالها حال هذا العذر و هو عدم تيسّر الماء، فلا فرق بينهما من هذه الناحية، فإن البدار واقعا غير ثابت و أما ظاهرا أو برجاء بقاء العذر فلا مانع منه.

(2) هذا إذا لم يؤدّ الى تفويت وقت الفضيلة، و به يظهر حال ما بعده.

(3) فيه إشكال بل منع، إذ لا دليل عليه مع أنه تطوّع في وقت الفريضة و هو منهي عنه.

(4) فيه: أنه لا دليل على العفو عن نجاسة ثوبها مشروطا بغسله في كل يوم مرة واحدة، فإن غسل الثوب عليها لكل صلاة إن كان حرجيّا أو ضرريّا وجب عليها‌

 

29
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 قد مر أن الأفضل في كل صلاة تعجيلها ص 28

العاشر: المستحاضة الكبرى تؤخر الظهر و المغرب (1) إلى وقت فضيلتهما لتجمع بين الاولى و العصر و بين الثانية و العشاء بغسل واحد.

الحادى عشر: العشاء تؤخر إلى وقت فضيلتها و هو بعد ذهاب الشفق، بل الأولى تأخير العصر إلى المثل (2) و إن كان ابتداء وقت فضيلتها

______________________________
الاقتصار على غسله في كل يوم بما لا يستلزم الحرج أو الضرر، فعندئذ لا محالة تكون وظيفتها الجمع لكي لا تقع الصلاة في النجس و عليه فيكون الجمع واجبا لا أنه أفضل، و إن لم يكن حرجيّا أو ضرريّا وجب عليها غسله عند كل صلاة، و حينئذ فلا موجب للجمع، بل هو مرجوح باعتبار أنه يوجب تفويت فضيلة الوقت بالنسبة الى صلاة الظهرين.

(1) الظاهر أن ثبوت هذه الطريقة لها ليس بملاك أنها الأفضل، بل بملاك التسهيل و التوسعة لها حيث أن لها أن تقوم بعملية الغسل في وقت الفضيلة لكل صلاة و لا تكون هذه العملية مرجوحة.

(2) فيه: أن الأولويّة ممنوعة لما مرّ من أنه لا موضوعيّة للقدم و القدمين و الذراع و الذراعين، فإن العبرة في دخول وقت فضيلتهما إنما هي بإتيان نوافلهما و من لم يقم بإتيانها فيبدأ وقت فضيلتهما من حين الزوال، و يظهر ذلك من مجموعة من الروايات:

منها: ما يكون ناطقا بأنه إنما جعل الذراع و الذراعان لمكان النافلة.

و منها: ما يكون ناطقا بأنه إذا دخل الوقت فلا يمنعك إلّا سبحتك.

و منها: ما يدل على استحباب تخفيف النافلة للاتيان بالفريضة بعدها.

و منها: ما يكون ناطقا على نفي موضوعيّة القدم و القدمين و الذراع و الذراعين و أن العبرة إنما هي بالفراغ من النافلة شاء أن يطوّلها و شاء أن يقصّرها.

فالمستفاد من مجموع هذه الروايات بمختلف ألسنتها تعدّد مراتب الفضل،

 

30
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 قد مر أن الأفضل في كل صلاة تعجيلها ص 28

من الزوال.

الثاني عشر: المغرب و العشاء لمن أفاض من عرفات إلى المشعر، فإنه يؤخرهما و لو إلى ربع الليل بل و لو إلى ثلثه.

الثالث عشر: من خشي الحرّ يؤخر الظهر إلى المثل ليبرد (1) بها.

الرابع عشر: صلاة المغرب في حق من تتوق نفسه إلى الإفطار أو ينتظره أحد.

[مسألة 14: يستحب التعجيل في قضاء الفرائض و تقديمها على الحواضر]

[1204] مسألة 14: يستحب التعجيل في قضاء الفرائض و تقديمها على الحواضر، و كذا يستحب التعجيل في قضاء النوافل إذا فاتت في أوقاتها الموظفة، و الأفضل قضاء الليلة في الليل و النهارية في النهار.

[مسألة 15: يجب تأخير الصلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار]

[1205] مسألة 15: يجب تأخير الصلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار (2) مع رجاء زوالها أو احتماله في آخر الوقت ما عدا التيمم كما مر هنا و في

______________________________
فالأفضل إتيان نافلة الظهر الى قدم، ثم الاتيان بها و إتيان نافلة العصر الى قدمين ثم الاتيان بها، و دونهما في الفضل الذراع و الذراعان، و دونهما المثل و المثلان. و من هنا لو أتى بالنافلة قبل ذلك في أول الوقت فالأفضل الاتيان بالفريضة قبل تلك المقادير، و كذا من لم يأت بها فالأفضل له الاتيان بالفريضة في أول الوقت لهذه الروايات و للروايات الدالّة على فضيلة أول الوقت.

(1) في أفضليّة التأخير بهذا العنوان إشكال بل منع، نعم إذا فرض أنه لو صلّى في هذا الحال لم تتوفر في العناوين الراجحة كالخضوع او الخشوع أو الاقبال أو نحو ذلك، و أما إذا أخّر و صلّى في ذلك الوقت تتوفّر فيها تلك العناوين فعندئذ لا يبعد أن يكون الأفضل هو التأخير الى ذلك الحدّ دون الأكثر و إلّا لاستلزم تفويت وقت الفضيلة و هو مرجوح.

(2) تقدّم حكم ذلك في الأمر الثالث من المسألة (13).

 

31
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 يجب تأخير الصلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار ص 31

بابه، و كذا يجب التأخير لتحصيل المقدمات الغير الحاصلة كالطهارة و الستر و غيرهما، و كذا لتعلم أجزاء الصلاة و شرائطها، بل و كذا لتعلم أحكام الطوارئ من الشك و السهو و نحوهما مع غلبة الاتفاق، بل قد يقال مطلقا، لكن لا وجه له، و إذا دخل في الصلاه سمع عدم تعلمها بطلت إذا كان متزلزلا (1) و إن لم يتفق، و أما مع عدم التزلزل بحيث تحقق منه قصد الصلاة و قصد امتثال أمر اللّه فالأقوى الصحة، نعم إذا اتفق شك أو سهو لا يعلم حكمه بطلت صلاته، لكن له أن يبني على أحد الوجهين أو الوجوه بقصد السؤال بعد الفراغ و الإعادة إذا خالف الواقع، و أيضا يجب التأخير إذا زاحمها واجب آخر مضيق كإزالة النجاسة عن المسجد أو أداء الدين المطالب به مع القدرة على أدائه أو حفظ النفس المحترمة أو نحو ذلك، و إذا خالف و اشتغل بالصلاة عصى في ترك ذلك الواجب لكن صلاته صحيحة على الأقوى و إن كان الأحوط الإعادة.

[مسألة 16: يجوز الإتيان بالنافلة و لو المبتدأة في وقت الفريضة]

[1206] مسألة 16: يجوز الإتيان بالنافلة و لو المبتدأة في وقت الفريضة ما لم تتضيق، و لمن عليه فائتة على الأقوى، و الأحوط الترك بمعنى تقديم الفريضة و قضائها.

______________________________
(1) في الحكم بالبطلان مطلقا إشكال بل منع، فإنه إنما يتمّ فيما إذا كان التزلزل مانعا عن الاحتياط، كما إذا كان الشكّ في شرطيّة شي‌ء للصلاة أو مانعيّته عنها، ففي مثله بما أنه لا يمكن الاحتياط فلا يتمكّن من إحراز الصحّة، فلا محالة تكون محكومة بالبطلان بمعنى عدم الاكتفاء بها في مقام الامتثال و عدم إحراز فراغ الذمّة بها، و أما إذا كان الشكّ في جزئيّة شي‌ء لها أو شرطيّة آخر أو مانعيّة ثالث فلا يكون التزلزل فيه مانعا عن الاحتياط، و معه يحرز الصحّة و فراغ الذمّة، فلا مناص حينئذ من الحكم بالصحّة و لا موجب للبطلان.

 

32
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 إذا نذر النافلة لا مانع من إتيانها في وقت الفريضة و لو على القول بالمنع ص 33

[مسألة 17: إذا نذر النافلة لا مانع من إتيانها في وقت الفريضة و لو على القول بالمنع]

[1207] مسألة 17: إذا نذر النافلة لا مانع من إتيانها في وقت الفريضة و لو على القول بالمنع، هذا إذا أطلق في نذره، و أما إذا قيده بوقت الفريضة فإشكال على القول بالمنع، و إن أمكن القول بالصحة (1) لأن المانع إنما هو وصف النفل و بالنذر يخرج عن هذا الوصف و يرتفع المانع، و لا يرد أن متعلق النذر لا بد أن يكون راجحا و على القول بالمنع لا رجحان فيه فلا ينعقد نذره، و ذلك لأن الصلاة من حيث هي راجحة، و مرجوحيتها مقيدة

______________________________
(1) في الصحّة إشكال و لا يبعد عدمها إذ على القول بالنهي عن النافلة في وقت الفريضة فيكون المنهىّ عنها حصّة خاصّة منها و هي الحصّة الواقعة في وقت الفريضة، و هذه الحصّة مبغوضة بعنوان ثانوي و هو عنوان كونها في وقت الفريضة، و الفرض أن النذر قد تعلّق بتلك الحصّة، فمن أجل ذلك لا يكون صحيحا.

و دعوي: أن المنهىّ عنه يكون عنوان التطوّع و التنفّل القصدي لا ذات الصلاة و لا المركّب منها و من العنوان ...

خاطئة؛ لأن التطوّع و التنفّل بما أنه عنوان انتزاعي لها و لا واقع موضوعي له فلا يصلح أن يتعلّق النهي به ذاتا، بل لا محالة يكون متعلّقا بالمعنون به و هو الحصّة لوضوح أن منشأ النهي عنها وقوعها في وقت الفريضة و مزاحمتها لها، و معلوم أن المزاحم لها هو الحصّة بوجودها الواقعي فإنها تأخذ من وقتها، فإذن لا محالة يكون النهي متعلّقا بها و يتطلّب ذلك كون النذر المتعلّق بها فاسدا، لأن متعلّقه حينئذ يكون مرجوحا.

فالنتيجة: أن ذات الصلاة من حيث هي و إن كانت راجحة إلّا أنها ليست متعلّقة للنذر، و ما هو متعلّق النذر و هو حصّة خاصّة منها و هي الحصّة الواقعة في وقت الفريضة ليس براجح، فإذن لا وجه للصحّة.

 

33
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 إذا نذر النافلة لا مانع من إتيانها في وقت الفريضة و لو على القول بالمنع ص 33

بقيد يرتفع بنفس النذر، و لا يعتبر في متعلق النذر الرجحان قبله (1) و مع قطع النظر عنه حتى يقال بعدم تحققه في المقام.

[مسألة 18: النافلة تنقسم إلى مرتبة و غيرها]

[1208] مسألة 18: النافلة تنقسم إلى مرتبة و غيرها:

و الأولى: هي النوافل اليومية التي مرّ بيان أوقاتها.

و الثانية: إما ذات السبب كصلاة الزيارة و الاستخارة و الصلوات المستحبة في الأيام و الليالي المخصوصة، و إما غير ذات السبب و تسمى بالمبتدئة، لا اشكال في عدم كراهة المرتبة في أوقاتها و إن كان بعد صلاة العصر أو الصبح، و كذا لا إشكال في عدم كراهة قضائها في وقت من الأوقات، و كذا في الصلوات ذوات الأسباب، و أما النوافل المبتدأة التي لم يرد فيها نص بالخصوص و إنما يستحب الإتيان بها لأن الصلاة خير موضوع و قربان كل تقي و معراج المؤمن فذكر جماعة أنه يكره الشروع فيها في خمسة أوقات:

أحدها: بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس.

الثاني: بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس.

الثالث: عند طلوع الشمس حتى تنبسط.

الرابع: عند قيام الشمس حتى تزول.

الخامس: عند غروب الشمس أي قبيل الغروب، و أما إذا شرع فيها قبل ذلك فدخل أحد هذه الأوقات و هو فيها فلا يكره إتمامها، و عندي في ثبوت الكراهة (2) في المذكورات.

______________________________
(1) فيه: أنه لا شبهة في اعتباره قبل النذر إلّا فيما قام دليل على صحّته كما في الصوم في السفر و الاحرام قبل الميقات.

(2) الأظهر عدم ثبوتها، فإن الروايات الدالّة على الكراهة قاصرة، فلا‌

 

34
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أحكام الأوقات ص 35

[فصل في أحكام الأوقات]

فصل في أحكام الأوقات

[مسألة 1: لا يجوز الصلاة قبل دخول الوقت]

[1209] مسألة 1: لا يجوز الصلاة قبل دخول الوقت، فلو صلى بطلت و إن كان جزء منها قبل الوقت، و يجب العلم بدخوله حين الشروع فيها، و لا يكفي الظن لغير ذوي الأعذار، نعم يجوز الاعتماد على شهادة العدلين على الأقوى، و كذا على أذان العارف العدل (1)، و أما كفاية شهادة العدل الواحد فمحل إشكال (2)، و إذا صلى مع عدم اليقين بدخوله و لا شهادة العدلين أو أذان العدل بطلت إلا إذا تبين بعد ذلك كونها بتمامها في الوقت مع فرض حصول قصد القربة منه.

______________________________
يمكن الاستدلال بها عليها، و أما الروايات الدالّة على رجحان الاتيان بها مطلقا فهي تامّة و لا بأس بها.

(1) في التقييد بالعدل إشكال بل منع، لأنه إن كان باعتبار أن الأذان يستلزم الاخبار بدخول الوقت و حجيّة الاخبار منوطة بعدالة المخبر، فهو لا ينسجم مع ما أفاده قدّس سرّه بعد ذلك من الاشكال في حجيّة شهادة العدل الواحد، و إن كان باعتبار أن المستفاد من الروايات أن العدالة معتبرة في الاعتماد على أذان المؤذّن العارف، ففيه: أن المستفاد منها اعتبار الوثاقة فيه دون العدالة.

(2) الأظهر الكفاية، بل كفاية شهادة مطلق الثقة و إن لم يكن عدلا.

 

35
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 إذا كان غافلا عن وجوب تحصيل اليقين أو ما بحكمه فصلى ثم تبين وقوعها في الوقت بتمامها صحت ص 36

[مسألة 2: إذا كان غافلا عن وجوب تحصيل اليقين أو ما بحكمه فصلى ثم تبين وقوعها في الوقت بتمامها صحت]

[1210] مسألة 2: إذا كان غافلا عن وجوب تحصيل اليقين أو ما بحكمه فصلى ثم تبين وقوعها في الوقت بتمامها صحت، كما أنه لو تبين وقوعها قبل الوقت بتمامها بطلت، و كذا لو لم يتبين الحال (1)، و أما لو تبين دخول الوقت في أثنائها ففي الصحة إشكال، فلا يترك الاحتياط بالإعادة (2).

[مسألة 3: إذا تيقن دخول الوقت فصلى أو عمل بالظن المعتبر كشهادة العدلين و أذان العدل العارف]

[1211] مسألة 3: إذا تيقن دخول الوقت فصلى أو عمل بالظن المعتبر كشهادة العدلين و أذان العدل العارف (3) فإن تبين وقوع الصلاة بتمامها قبل الوقت بطلت و وجب الإعادة، و إن تبين دخول الوقت في أثنائها و لو قبل السلام صحت (4)، و أما إذا عمل بالظن الغير المعتبر فلا تصح و إن دخل

______________________________
(1) فالحكم بالبطلان فيه يكون بمعنى عدم الاكتفاء به في ظرف الامتثال عقلا لا بمعنى عدم مطابقته للواقع، لفرض أن المكلّف جاهل به كما هو المراد من البطلان في المسألة السابقة.

(2) بل الظاهر وجوب الاعادة لأن الوقت معتبر في تمام أجزاء الصلاة، فلو كان جزء منها فاقدا له بطل و به تبطل سائر الأجزاء أيضا لمكان ارتباطيّة الأجزاء بعضها مع بعضها الآخر ثبوتا و سقوطا، هذا إضافة الى أنه مقتضى حديث (لا تعاد) أيضا.

(3) تقدّم أنه لا وجه للتقييد بالعدل.

(4) في الصحّة إشكال بل منع لما تقدّم آنفا من أن الوقت معتبر في جميع أجزاء الصلاة من المبدأ الى المنتهى، فلو وقع جزء منها خارج الوقت بطلت الصلاة، و لا أثر للقطع بدخول الوقت لا وجدانا و لا تعبّدا.

أما على الأول: فلا أمر في مورده لا واقعا و لا ظاهرا لأنه جهل مركّب.

و على الثاني: فالأمر الظاهري و إن كان موجودا فيه إلّا أن امتثاله لا يجزئ عن امتثال الواقع.

 

36
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 إذا تيقن دخول الوقت فصلى أو عمل بالظن المعتبر كشهادة العدلين و أذان العدل العارف ص 36

الوقت في أثنائها، و كذا إذا كان غافلا على الأحوط كما مر (1)، و لا فرق في الصحة في الصورة الاولى بين أن يتبين دخول الوقت في الأثناء بعد الفراغ أو في الأثناء، لكن بشرط أن يكون الوقت داخلا حين التبين، و أما إذا تبين أن الوقت سيدخل قبل تمام الصلاة فلا ينفع شيئا.

[مسألة 4: إذا لم يتمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه لمانع في السماء من غيم أو غبار او لمانع في نفسه]

[1212] مسألة 4: إذا لم يتمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه لمانع في السماء من غيم أو غبار او لمانع في نفسه، من عمى أو حبس أو نحو ذلك

______________________________
هذا مضافا الى أنه لا يبعد شمول حديث (لا تعاد) للمقام أيضا، فإن مفاده أن الاخلال بأجزاء الصلاة أو شرائطها نسيانا أو جهلا و اعتقادا بها لا يوجب الاعادة إلّا إذا كان في أحد الخمسة، منها الوقت.

و لا فرق في الاخلال به بين وقوع تمام الصلاة في خارج الوقت، أو وقوع بعضها فإنه إذا لم يأت بها بتمام أجزائها في الوقت فقد أخلّ به و إن أتى ببعضها فيه، فإنه لا أثر له باعتبار أن اشتراط كل جزء بالوقت في ضمن اشتراط الكلّ به، و واضح أن الاخلال به يتحقّق فيما إذا لم يأت بالكلّ فيه، فإذن تكون الصحّة بحاجة الى دليل خاصّ.

نعم لو تمّت رواية اسماعيل بن رباح فكانت دليلا على الصحّة هنا في كلا الفرضين و تكون مخصّصة لإطلاق حديث (لا تعاد) في المقام، و لكنها غير تامّة من جهة السند، و بذلك يظهر أن ما ذكره الماتن قدّس سرّه من التفصيل في ذيل المسألة بين ما إذا كان الوقت داخلا حينما علم بالحال سواء أ كان ذلك الحين بعد الفراغ أم كان في الأثناء، و ما إذا لم يكن الوقت داخلا في هذا الحين، و لكنه يعلم بأنه سيدخل و قبل إتمام الصلاة مبنىّ على تماميّة رواية اسماعيل باعتبار أنها تعمّ الفرض الأول بكلا شقّيه، و لا تعمّ الفرض الثاني.

(1) قد مرّ أن الأقوى وجوب الاعادة.

 

37
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 إذا لم يتمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه لمانع في السماء من غيم أو غبار او لمانع في نفسه ص 37

فلا يبعد كفاية الظن، لكن الأحوط التأخير حتى يحصل اليقين (1) بل لا يترك هذا الاحتياط.

[مسألة 5: إذا اعتقد دخول الوقت فشرع و في أثناء الصلاة تبدل يقينه بالشك]

[1213] مسألة 5: إذا اعتقد دخول الوقت فشرع و في أثناء الصلاة تبدل يقينه بالشك لا يكفي في الحكم بالصحة إلا إذا كان حين الشك عالما بدخول الوقت، إذ لا أقل من أنه يدخل تحت المسألة المتقدمة (2) من

______________________________
(1) بل هو الأظهر، فإن الروايات التي استدلّ بها على حجيّة الظنّ بالوقت لذوي الأعذار بأجمعها قاصرة عن إثبات ذلك، لأن عمدتها روايتان:

إحداهما: قوله عليه السّلام في موثقة سماعة بن مهران: (اجتهد رأيك و تعمّد القبلة جهدك) «1» فإنه لو لم يكن ظاهرا في الاجتهاد في تعيين القبلة خاصة فلا أقل من الاجمال و لا ظهور له في الاجتهاد في تعيين الوقت أو الأعمّ منه و من القبلة، و لا يكون في السؤال قرينة على ذلك لو لم يكن فيه قرينة على العكس. و يؤكّد ذلك أن تعيين الوقت إذا كان هناك مانع عن رؤية الشمس كالغيم أو الغبار أو نحو ذلك لا يحتاج الى الاجتهاد و إعمال الرأي و النظر حيث أنه لا موضوع للاجتهاد فيه حينئذ، فإنه إذا كان هناك غيم أو غبار مانع عن الشمس و يسبّب ذلك شكّ المكلّف في زوالها و دخول الوقت، فلا معنى للأمر بتعيين الوقت بالاجتهاد و التحرّي و إعمال الرأي و النظر، لأنه ليس أمرا اجتهاديّا و نظريّا، بل هو أمر حسىّ فإذا كان هناك مانع وجب التأخير الى أن يحصل اليقين أو الاطمئنان بدخول الوقت.

و الأخرى: قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (ليس عليه قضاء ...) «2» فإن مورده ما إذا ظنّ الرجل أن الشمس قد غابت فافطر، ثم أبصر الشمس بعد ذلك، و التعدّي عنه الى الصلاة بحاجة الى دليل باعتبار أن الحكم يكون على خلاف القاعدة.

(2) تقدّم أنه لا يمكن الحكم بصحّة الصلاة في تلك المسألة، و عليه فلا يجدي دخول المقام فيها. و قد يقال بأنه لا مانع من التمسّك بقاعدة الفراغ في‌

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 6 من أبواب القبلة الحديث: 2.

(2) الوسائل ج 10 باب: 51 من أبواب ما يمسك عنه الصّائم و وقت الإمساك الحديث: 2.

 

38
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 إذا اعتقد دخول الوقت فشرع و في أثناء الصلاة تبدل يقينه بالشك ص 38

الصحة مع دخول الوقت في الأثناء.

[مسألة 6: إذا شك بعد الدخول في الصلاة في أنه راعى الوقت و أحرز دخوله أم لا]

[1214] مسألة 6: إذا شك بعد الدخول في الصلاة في أنه راعى الوقت و أحرز دخوله أم لا فإن كان حين شكه عالما بالدخول فلا يبعد الحكم بالصحة، و إلا وجبت الإعادة بعد الإحراز.

[مسألة 7: إذا شك بعد الفراغ من الصلاة في أنها وقعت في الوقت أو لا]

[1215] مسألة 7: إذا شك بعد الفراغ من الصلاة في أنها وقعت في الوقت أو لا فإن علم عدم الالتفات إلى الوقت حين الشروع وجبت الإعادة، و إن علم أنه كان ملتفتا و مراعيا له و مع ذلك شك في أنه كان داخلا أم لا بنى على الصحة، و كذا إن كان شاكا في أنه كان ملتفتا أم لا، هذا كله إذا كان حين الشك عالما بالدخول، و إلا لا يحكم بالصحة مطلقا و لا تجري قاعدة الفراغ، لأنه لا يجوز له حين الشك الشروع في الصلاة فكيف يحكم بصحة ما مضى مع هذه الحالة.

[مسألة 8: يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر و بين العشاءين بتقديم المغرب]

[1216] مسألة 8: يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر و بين العشاءين بتقديم المغرب، فلو عكس عمدا بطل، و كذا لو كان جاهلا بالحكم (1)،

______________________________
المقام لإثبات صحّة الصلاة باعتبار أن التكليف بها محرز للعلم بدخول الوقت، و الشكّ إنما هو في الصحّة من جهة الشكّ في دخول الوقت من حين الشروع فيها.

و لكن الأمر ليس كذلك؛ فإن جريان قاعدة الفراغ مشروط بما إذا احتمل المكلّف أنه كان أذكر حين العمل من حين الشكّ، و هذا الاحتمال مفقود في المقام. نعم إذا احتمل أنه كان ملتفتا و مراعيا له حين الدخول فيها جرت القاعدة.

(1) في الحكم بالبطلان في هذه الصورة إشكال بل منع، و الأظهر عدم البطلان حتى فيما إذا كان جاهلا مقصّرا، لما استظهرناه من شمول عموم حديث (لا تعاد) حتى الجاهل المقصّر.

 

39
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر و بين العشاءين بتقديم المغرب ص 39

و أما لو شرع في الثانية قبل الأولى غافلا أو معتقدا لإتيانها عدل بعد التذكر إن كان محل العدول باقيا و إن كان في الوقت المختص بالأولى على الأقوى كما مرّ لكن الأحوط الإعادة في هذه الصورة، و إن تذكر بعد الفراغ صح و بنى على أنها الأولى في متساوي العدد كالظهرين تماما أو قصرا و إن كان في الوقت المختص على الأقوى، و قد مر أن الأحوط أن يأتي بأربع ركعات أو ركعتين بقصد ما في الذمة، و أما في غير المتساوي كما إذا أتى بالعشاء قبل المغرب و تذكر بعد الفراغ فيحكم بالصحة و يأتي بالاولى و إن وقع العشاء في الوقت المختص بالمغرب لكن الأحوط في هذه الصوره الإعادة.

[مسألة 9: إذا ترك المغرب و دخل في العشاء غفلة أو نسيانا أو معتقدا لإتيانها فتذكر في الأثناء عدل]

[1217] مسألة 9: إذا ترك المغرب و دخل في العشاء غفلة أو نسيانا أو معتقدا لإتيانها فتذكر في الأثناء عدل، إلا إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة فإن الأحوط حينئذ إتمامها عشاء ثم إعادتها بعد الإتيان بالمغرب (1).

______________________________
(1) هذا ينافي ما ذكره قدّس سرّه في المسألة (3) من فصل أوقات الفرائض و نوافلها، حيث حكم هناك بالبطلان و وجوب الاعادة، و أما هنا فاحتاط هذا، و الصحيح ما ذكره قدّس سرّه هناك من البطلان و وجوب الاعادة و ذلك لعدم الدليل على إتمام صلاة العشاء صحيحا. أما حديث (لا تعاد) فهو لا يدلّ على ذلك، فإنه لا يشمل العالم العامد، و الفرض أنه حينما دخل في ركوع الركعة الرابعة للعشاء تذكّر بعدم الاتيان بصلاة المغرب، و حينئذ فإتمامها عشاء يتوقّف على عدم اعتبار الترتيب بين الأجزاء الباقية من صلاة العشاء و بين صلاة المغرب بعد العلم بالحال و هو بحاجة الى دليل و لا دليل عليه. أما الحديث فقد مرّ أنه لا يعمّ العالم بالحال.

و الدليل الآخر غير موجود، و قياس ذلك بما إذا تذكّر بعد الفراغ من صلاة‌

 

40
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 يجوز العدول في قضاء الفوائت أيضا من اللاحقة إلى السابقة ص 41

[مسألة 10: يجوز العدول في قضاء الفوائت أيضا من اللاحقة إلى السابقة]

[1218] مسألة 10: يجوز العدول في قضاء الفوائت أيضا من اللاحقة إلى السابقة (1) بشرط أن يكون فوت المعدول عنه معلوما، و أما إذا كان احتياطيا

______________________________
العشاء قياس مع الفارق، فإن الحكم بالصحّة هناك إنما هو على أساس أن الترتيب بينهما شرط ذكرى، فلا يكون شرطا في حال النسيان و الغفلة، فمن أجل ذلك يحكم بصحّتها.

و أما هنا فالمفروض أنه تذكّر في الركعة الرابعة، فإذن ما هو المسقط لاعتبار الترتيب بينها و بين صلاة المغرب في هذا الحال؟!.

(1) في الجواز إشكال بل منع، و ذلك لأن نصوص الباب مختصّة بالعدول من الحاضرة الى الحاضرة و منها الى الفائتة، و لا تعمّ العدول من الفائتة الى الفائتة.

و التعدّي بحاجة الى قرينة باعتبار أن الحكم يكون على خلاف القاعدة، و لا قرينة ما عدا دعوى الاجماع و عدم الخلاف في المسألة، و هو لا يصلح أن تكون قرينة.

و قد يقال: أن جواز العدول من الفائتة الى الفائتة يكون مقتضى القاعدة الثانوية، فإن المكلّف إذا شرع في فائتة العصر و تذكّر في أثنائها أن صلاة الظهر أيضا قد فاتته لم يجز له إتمامها عصرا لمكان اعتبار الترتيب بينهما، و ليس له رفع اليد عنها و الاعادة لأنه ينافي حديث لا تعاد، فإذن لا مناص من العدول الى الظهر.

و لكن ذلك لا يتمّ، فإنه مبنىّ على شمول حديث لا تعاد للمقام و هو غير شامل له، فإن الترتيب معتبر بين الصلاتين في حال الذكر، و على هذا فإذا تذكّر المصلّي أثناء صلاة العشاء أنه لم يأت بصلاة المغرب لم يمكن التمسّك بحديث لا تعاد لإثبات عدم وجوب إعادة ما أتى به من صلاة العشاء. كما إذا فرضنا أنه أتى بركعتين منها ثم تذكّر، و ذلك لأن الركعتين المذكورتين إن كانتا ملحوظتين بشرط لا و على نحو الاستقلال فهما ليستا بصلاة حتى يعمّهما الحديث حيث إن موضوعه الصلاة. و إن كانتا ملحوظتين في ضمن صلاة العشاء بلحاظ أنهما من أجزائها كان‌

 

41
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 يجوز العدول في قضاء الفوائت أيضا من اللاحقة إلى السابقة ص 41

فلا يكفي العدول في البراءة من السابقة و إن كانت احتياطية أيضا (1)،

______________________________
شموله لهما في ضمن شموله لها لا مستقلا، فإن أتى المكلّف بها قبل صلاة المغرب نسيانا أو جهلا بالحال، ثم تذكّر أو علم بالحال دلّ الحديث على صحّتها و إلغاء الترتيب بينهما، و أما إذا تذكّر أو علم بالحال في أثنائها فلا يدلّ على صحّة الأجزاء السابقة و إلغاء الترتيب بينها و بين الصلاة اللاحقة لأنها ليست بصلاة على الفرض حتى تكون مشمولة له، و لا تتّصف بالصحّة فعلا إلّا مشروطة بإلحاق الأجزاء الباقية بها. و المفروض أنه لا يدلّ على إلغاء الترتيب بينها و بين الصلاة اللاحقة لأنه لا يعمّ العالم و المتذكّر بالحال كما مرّ.

و دعوى أن حديث لا تعاد يدلّ على صحّة الأجزاء السابقة، و دليل العدول يدلّ على صحّة الأجزاء اللاحقة بها، و بضمّ إحداهما الى الأخرى تتمّ صحّة الصلاة.

مدفوعة بأن شمول حديث لا تعاد للأجزاء السابقة يتوقّف على إثبات صحّة الأجزاء الباقية، إما بنفس هذا الحديث أو بدليل آخر، و هو دليل العدول، أما الحديث فقد مرّ أنه لا يشمل العالم و المتذكّر بالحال، و أما دليل العدول فقد عرفت أنه قاصر عن شمول المقام.

(1) في الحكم بعدم الكفاية مطلقا إشكال بل منع، فإن منشأ الاحتياط إذا كان واحدا- كالعلم الإجمالي بوجوب القصر أو التمام- في كلّ واحد من السابقة و اللاحقة، فعندئذ إذا دخل في العصر قصرا ثم تذكّر بأنه لم يأت بالظهر كذلك، وجب العدول إليه، فإن الواجب إن كان في الواقع هو القصر كان العدول في محلّه، و إن كان التمام فلا موضوع له، و لو لم يعدل و أتمّ العصر قصرا علم بفساده إما من جهة الاخلال بالترتيب، أو من جهة أن الواجب هو التمام. نعم إذا كان منشأ الاحتياط في إحداهما غير منشأ الاحتياط في الأخرى، أو كانت الثانية احتياطيّة‌

 

42
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 يجوز العدول في قضاء الفوائت أيضا من اللاحقة إلى السابقة ص 41

لاحتمال اشتغال الذمة واقعا بالسابقة دون اللاحقة فلم يتحقق العدول من صلاة إلى أخرى، و كذا الكلام في العدول من حاضرة إلى سابقتها، فإن اللازم أن لا يكون الإتيان باللاحقة من باب الاحتياط، و إلا لم يحصل اليقين بالبراءة من السابقه بالعدول لما مرّ.

[مسألة 11: لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة في الحواضر و لا في الفوائت]

[1219] مسألة 11: لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة في الحواضر و لا في الفوائت، و لا يجوز من الفائتة إلى الحاضرة، و كذا من النافلة إلى الفريضة، و لا من الفريضة إلى النافلة إلا في مسألة إدراك الجماعة، و كذا من فريضة إلى اخرى إذا لم يكن بينهما ترتيب، و يجوز من الحاضرة إلى الفائته بل يستحب في سعة وقت الحاضرة.

[مسألة 12: إذا اعتقد في أثناء العصر أنه ترك الظهر فعدل إليها]

[1220] مسألة 12: إذا اعتقد في أثناء العصر أنه ترك الظهر فعدل إليها ثم تبين أنه كان آتيا بها فالظاهر جواز العدول منها إلى العصر ثانيا، لكن لا يخلو عن إشكال، فالأحوط بعد الإتمام الإعاده أيضا (1).

______________________________
دون الأولى، فلا مجال حينئذ للعدول من الثانية الى الأولى، لاحتمال أن يكون العدول من غير الواجب الى الواجب، و لا أثر له، و لا يوجب غير الواجب فراغ الذمّة عن الواجب.

(1) بل الأظهر ذلك فيما إذا أتى المصلّي بجزء ركنىّ كالركوع بنيّة الظهر بعد العدول، ثم تذكّر أنه أتى بها، فحينئذ لو كان هناك دليل على أن ما أتى به بنيّة الظهر ينقلب عصرا فهو، و لكن قد مرّ أنه لا دليل عليه. فعندئذ إن اقتصر عليه كانت صلاة العصر فاقدة للركن، و إن لم يقتصر عليه فهو زيادة فيها.

و أما إذا لم يأت بشى‌ء، أو أتى بجزء غير ركني، فالأظهر الصحّة، لأن زيادة الجزء غير الركنىّ إذا لم تكن عمديّة لا أثر لها.

 

43
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 المراد بالعدول أن ينوي كون ما بيده هي الصلاة السابقة بالنسبة إلى ما مضى منها ص 44

[مسألة 13: المراد بالعدول أن ينوي كون ما بيده هي الصلاة السابقة بالنسبة إلى ما مضى منها]

[1221] مسألة 13: المراد بالعدول أن ينوي كون ما بيده هي الصلاة السابقة بالنسبة إلى ما مضى منها و ما سيأتي.

[مسألة 14: إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء الصلاة]

[1222] مسألة 14: إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء الصلاة بحسب حاله في ذلك الوقت من السفر و الحضر و التيمم و الوضوء و المرض و الصحة و نحو ذلك ثم حصل أحد الأعذار المانعة من التكليف بالصلاة كالجنون و الحيض و الإغماء وجب عليه القضاء، و إلا لم يجب، و إن علم بحدوث العذر قبله و كان له هذا المقدار وجبت المبادرة إلى الصلاة، و على ما ذكرنا فإن كان تمام المقدمات حاصلة في أول الوقت يكفي مضي مقدار أربع ركعات للظهر و ثمانية للظهرين، و في السفر يكفي مضي مقدار ركعتين للظهر و أربعة للظهرين، و هكذا بالنسبة إلى المغرب و العشاء، و إن لم تكن المقدمات أو بعضها حاصلة لا بد من مضي مقدار الصلاة و تحصيل تلك المقدمات، و ذهب بعضهم إلى كفاية مضي مقدار الطهارة و الصلاة في الوجوب و إن لم يكن سائر المقدمات حاصلة، و الأقوى الأول و إن كان هذا القول أحوط (1).

______________________________
(1) بل هو الأظهر؛ و ذلك لأن المقدّمة إن كانت الطهارة الحدثيّة فهي ركن للصلاة و مقوّمة لها، و بدونها فلا صلاة، و على هذا فان كان الوقت متسعا للطهارة و الصلاة معا و مع ذلك لم يقم المكلّف بتحصيل الطهارة و الاتيان بالصلاة معها فقد فاتت و وجب عليه القضاء، و لا فرق في ذلك بين الحائض و غيرها من ذوي الأعذار.

و إن كانت غيرها كطهارة البدن و اللباس و نحوهما لم يعتبر في وجوب القضاء أن يكون الوقت متّسعا لها أيضا، فلو كان متّسعا للصلاة مع الطهارة الحدثيّة‌

 

44
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 إذا ارتفع العذر المانع من التكليف في آخر الوقت ص 45

[مسألة 15: إذا ارتفع العذر المانع من التكليف في آخر الوقت]

[1223] مسألة 15: إذا ارتفع العذر المانع من التكليف في آخر الوقت فإن وسع الصلاتين وجبتا، و إن وسع لصلاة واحدة اتى بها، و إن لم يبق إلا مقدار ركعة وجبت الثانية فقط، و إن زاد على الثانية بمقدار ركعة وجبتا معا (1)، كما إذا بقي إلى الغروب في الحضر مقدار خمس ركعات، و في السفر مقدار ثلاث ركعات، أو إلى نصف الليل مقدار خمس ركعات في الحضر و أربع ركعات في السفر، و منتهى الركعة تمام الذكر الواجب من السجدة الثانية، و إذا كان ذات الوقت واحدة كما في الفجر يكفي بقاء مقدار ركعة.

[مسألة 16: إذا ارتفع العذر في أثناء الوقت المشترك بمقدار صلاة واحدة ثم حدث ثانيا]

[1224] مسألة 16: إذا ارتفع العذر في أثناء الوقت المشترك بمقدار صلاة واحدة ثم حدث ثانيا كما في الإغماء و الجنون الأدواري فهل يجب الإتيان بالأولى أو الثانية أو يتخير وجوه (2).

[مسألة 17: إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد]

[1225] مسألة 17: إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد (3)، و لو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في أثناء الوقت فالأقوى كفايتها و عدم وجوب إعادتها و إن كان أحوط، و كذا الحال لو بلغ في أثناء الصلاة.

[مسألة 18: يجب في ضيق الوقت الاقتصار على أقل الواجب إذا استلزم الإتيان بالمستحبات وقوع بعض الصلاة خارج الوقت]

[1226] مسألة 18: يجب في ضيق الوقت الاقتصار على أقل الواجب إذا استلزم الإتيان بالمستحبات وقوع بعض الصلاة خارج الوقت، فلو أتى

______________________________
فحسب كفى في وجوب القضاء لصدق الفوت حينئذ.

(1) تقدّم حكم ذلك في المسألة (4) من فصل أوقات اليوميّة و نوافلها.

(2) تقدّم في المسألة (3) من هذا الفصل أن الوجه الأول هو المتعيّن.

(3) على الأحوط في غير صلاة الغداة، و بذلك يظهر حال ما بعده.

 

45
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 18 يجب في ضيق الوقت الاقتصار على أقل الواجب إذا استلزم الإتيان بالمستحبات وقوع بعض الصلاة خارج الوقت ص 45

بالمستحبات مع العلم بذلك يشكل صحة صلاته، بل تبطل على الأقوى.

[مسألة 19: إذا أدرك من الوقت ركعة أو أزيد يجب ترك المستحبات محافظة على الوقت بقدر الإمكان]

[1227] مسألة 19: إذا أدرك من الوقت ركعة أو أزيد يجب ترك المستحبات محافظة على الوقت بقدر الإمكان، نعم في المقدار الذي لا بد من وقوعه خارج الوقت لا بأس بإتيان المستحبات.

[مسألة 20: إذا شك في أثناء العصر في أنه أتى بالظهر أم لا بنى على عدم الإتيان]

[1228] مسألة 20: إذا شك في أثناء العصر في أنه أتى بالظهر أم لا بنى على عدم الإتيان و عدل إليها إن كان في الوقت المشترك و لا تجري قاعدة التجاوز، نعم لو كان في الوقت المختص بالعصر يمكن البناء على الإتيان باعتبار كونه من الشك بعد الوقت.

 

46
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القبلة ص 47

[فصل في القبلة]

فصل في القبلة و هي المكان الذي وقع فيه البيت- شرّفه اللّه تعالى- من تخوم الأرض إلى عنان السماء (1) للناس كافة القريب و البعيد، لا خصوص البنية، و لا يدخل فيه شي‌ء من حجر إسماعيل و إن وجب إدخاله في الطواف.

و يجب استقبال عينها لا المسجد أو الحرم و لو للبعيد، و لا يعتبر اتصال الخط من موقف كل مصل بها بل المحاذاة العرفية كافية (2)، غاية

______________________________
(1) فيه إشكال بل منع، و إن كان هو المشهور و المعروف، بل ادعي عليه الاجماع من المسلمين، و لكن لا يمكن إثباته به لأنّه لا يتعدّى عن إجماع منقول، نعم إن الكعبة قبلة ليست كبناية، بل كموضع بامتداده عموديّا الى الأعلى و الى الأسفل، فمن صلّى في الطائرة كفاه أن يستقبل سماء الكعبة.

ثم إن العبرة في استقبال القبلة إنما هي باختيار أقصر خطّ من الخطوط المنحنية بين المصلّي و بينها نظرا الى كرويّة الأرض، فإذا كان المصلّي في مكان بعيد عن الكعبة، كما إذا كان في طرف شمالها فحينئذ إن كان الخطّ المنحني بينه و بين القبلة الى جهة الجنب أقصر منه الى جهة الشمال، فإن وقف الى جهة الجنوب كان مستقبلا لها، و إن وقف الى جهة الشمال لم يكن مستقبلا لها.

(2) الظاهر إن مراد الماتن قدّس سرّه من الخطّ هو الخطّ المستقيم بالمقياس الهندسي، فإن اتّصال ذلك الخطّ من موقف المصلّي الى الكعبة غير معتبر.

 

47
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القبلة ص 47

..........

______________________________
و طريقة ذلك هي أن المصلّي لو مدّ خطّين مستقيمين متقاطعين أحدهما بين يمينه و شماله و الآخر يقطع ذلك الخطّ على نحو يشكّل زاويتين قائمتين، فامتداد الخطّ الثاني من أمام المصلّي و اتّصاله بالكعبة غير معتبر في استقبالها، و يسمّى هذا بالاستقبال بالخطّ المستقيم أو الاستقبال الهندسي، و لا فرق في ذلك بين القريب و البعيد.

و في مقابل ذلك الاستقبال العرفي الحقيقي لا المسامحي، و بما أنه استقبال لعين الكعبة فما دام المصلّي متمكّنا منه كانت وظيفته ذلك و لا يجزئ غيره.

و كيفيّة هذا الاستقبال لدى كلّ انسان عرفي بحكم فهمه الفطري الأولي و هي: أن المصلّي إذا كان واقفا أمام الكعبة كان مواجها و مستقبلا نقطة معيّنة منها، و كلّما ابتعد عنها متقهقرا الى الخلف توسّعت نقطة الاستقبال من كل من جانبي المصلّي بنسبة معيّنة لا تقل عن خمس المسافة بين المصلّي و نقطة الاستقبال. و على هذا فإذا فرض أن المصلّي كان يستقبل الكعبة على بعد خمسمائة كيلومتر كان يتطلّب ذلك توسّع منطقة الاستقبال من كل من جانبيه بنسبة خمس المسافة تقريبا، فيكون مجموع منطقة الاستقب‌ال حينئذ مائتي كيلومتر، و تكون نسبته الى محيط دائرة هذه المسافة نسبة السبع تقريبا بملاك أن نسبة قطر الدائرة الى محيطها نسبة الثلث تقريبا، و بما أن مسافة القطر هنا قد فرضت خمسمائة كيلومتر فبطبيعة الحال تكون مسافة المحيط ألف و خمسمائة كيلومتر تقريبا، فإذا كانت الكعبة الشريفة واقعة في ضمن هذه المنطقة و المسافة و هي مائتا كيلومتر كان المصلّي مواجها لها و مستقبلا إيّاها عينا.

ثم إن الظاهر أن هذا هو مراد الماتن قدّس سرّه من المحاذاة العرفية في مقابل المحاذاة بخطّ هندسي، و نتيجة ذلك عملا هي أن السهم المؤشّر في البوصلة إذا‌

 

48
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القبلة ص 47

الأمر أن المحاذاة تتسع مع البعد، و كلما ازداد بعدا ازدادت سعة المحاذاة كما يعلم ذلك بملاحظة الأجرام البعيدة كالأنجم و نحوها، فلا يقدح زيادة عرض الصف المستطيل عن الكعبة في صدق محاذاتها كما نشاهد ذلك بالنسبة إلى الأجرام البعيدة، و القول بأن القبلة للبعيد سمت الكعبة وجهتها راجع في الحقيقة إلى ما ذكرنا، و إن كان مرادهم الجهة العرفية الماحية فلا وجه له.

و يعتبر العلم بالمحاذاة مع الإمكان، و مع عدمه يرجع إلى العلامات و الأمارات المفيدة للظن، و في كفاية شهادة العدلين مع إمكان تحصيل العلم إشكال (1)، و مع عدمه لا باس بالتعويل عليها إن لم يكن اجتهاده على خلافها، و إلا فالأحوط تكرار الصلاة (2)، و مع عدم إمكان تحصيل الظن

______________________________
وضعه المصلّي على موضع سجوده لأمكنه أن ينحرف عنه يمينا أو يسارا بقدر خمس المسافة بين موضع قدميه و موضع سجوده، و المسافة بينهما عادة خمسة أشبار، فإذن يمكنه أن ينحرف عن السهم المؤشّر بقدر شبر الى طرف اليمين أو اليسار.

(1) الظاهر أنه لا إشكال في الكفاية، لأن حجيّتها لا تكون مقيّدة بصورة عدم التمكّن من تحصيل العلم إذا كانت حسيّة، و إلّا فحالها حال سائر الأمارات الظنيّة، فلا تكفي مع إمكان تحصيل العلم.

(2) هذا إذا لم تكن البيّنة مستندة الى الحسّ، و إلّا فلا شبهة في تقديمها على اجتهاده الشخصي، بل معها لا مجال له، لما مرّ من أنها حجة حتى في حال التمكّن من تحصيل العلم. و أما إذا كانت مستندة الى الحدس و الاجتهاد فتدخل في الأمارات الظنيّة. و على هذا فإن كان الظنّ الحاصل منها مخالفا للظنّ الحاصل من اجتهاده الشخصي و تحرّيه، و حينئذ فإن كانا على مستوى واحد فالأحوط‌

 

49
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القبلة ص 47

يصلي إلى أربع جهات (1) إن وسع الوقت، و إلا فيتخير بنيها.

[مسألة 1: الأمارات المحصلة للظن التي يجب الرجوع إليها عند عدم إمكان العلم]

[1229] مسألة 1: الأمارات المحصلة للظن التي يجب الرجوع إليها عند عدم إمكان العلم كما هو الغالب بالنسبة إلى البعيد كثيرة:

منها الجدي الذي هو المنصوص في الجملة بجعله في أواسط العراق

______________________________
وجوبا التكرار، بأن يأتي بالصلاة مرّة على طبق اجتهاده، و أخرى على طبق البيّنة، و إن كان أحدهما أقوى و أجدر من الآخر تعيّن العمل به بمقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (يجزئ التحرّي أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة ..) «1» فإنه يدلّ على أن المجزئ هو الأحرى و الأجدر بملاك ظهور كلمة (التحرّى) في طلب ذلك.

و من هنا يظهر حال ما إذا أخبره ثقة بجهة القبلة، فإنه إذا لم يكن حسيّا فهو داخل في الأمارات الظنيّة، فإن كان مخالفا لاجتهاده الشخصي و عندئذ فإن كانا على مستوى واحد تعيّن العمل بالاحتياط، و إن كان أحدهما أقوى و أحرى من الآخر تعيّن العمل به.

(1) بل يكفي الى أيّة جهة يشاؤها، و ذلك لنصّ قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (يجزئ المتحيّر أبدا أينما توجّه إذا لم يعلم أين وجه القبلة). «2» ثم إن هذا التخيير هل هو منوط بأن تكون كلّ الجهات على مستوى واحد و بنسبة متساوية بحساب الاحتمالات، أو أنه ثابت ما لم يبلغ قوّة الاحتمال في بعضها الى مرتبة الظنّ، فيه وجهان: و مقتضى إطلاق هذه الصحيحة هو الوجه الثاني، و لكن مقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة الثانية: (يجزئ التحرّي أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة) هو الوجه الأول، فإنه يدلّ على أن المجزئ هو طلب الأجدر و الأحرى، فإذا كان احتمال القبلة في بعض الجهات أقلّ خفاء من احتمالها في بعضها الآخر، فعليه ترك ما هو أكثر غموضا و الأخذ بما هو أقلّ خفاء، لأنه الأجدر و الأحرى بالأخذ.

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 6 من أبواب القبلة الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 4 باب: 8 من أبواب القبلة الحديث: 2.

 

50
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 الأمارات المحصلة للظن التي يجب الرجوع إليها عند عدم إمكان العلم ص 50

كالكوفة و النجف و بغداد و نحوها خلف المنكب الأيمن، و الأحوط أن يكون ذلك في غاية ارتفاعه أو انخفاظه، و المنكب ما بين الكتف و العنق، و الأولى وضعه خلف الأذن، و في البصرة و غيرها من البلاد الشرقية في الأذن اليمنى، و في الموصل و نحوها من البلاد الغربية بين الكتفين، و في الشام خلف الكتف الأيسر، و في عدن بين العينين، و في صنعاء على الأذن اليمنى، و في الحبشة و النوبة صفحة الخد الأيسر.

و منها سهيل، و هو عكس الجدي.

و منها الشمس لأهل العراق إذا زالت عن الأنف إلى الحاجب الأيمن عند مواجهتهم نقطة الجنوب.

و منها جعل المشرق على اليمين و المغرب على الشمال لأهل العراق (1) أيضا في مواضع يوضع الجدي بين الكتفين كالموصل.

و منها الثريا و العيوق لأهل المغرب، يضعون الأول عند طلوعه على الأيمن و الثاني على الأيسر.

و منها محراب صلى فيه معصوم فإن علم أنه صلى فيه من غير تيامن و لا تياسر كان مفيدا للعلم، و إلا فيفيد الظن.

و منها قبر المعصوم، فإذا علم عدم تغيره و أن ظاهره مطابق لوضع الجسد أفاد العلم، و إلا فيفيد الظن.

و منها قبلة بلد المسلمين في صلاتهم و قبورهم و محاريبهم إذا لم يعلم بناؤها على الغلط، إلى غير ذلك كقواعد الهيئة و قول أهل خبرتها.

[مسألة 2: عند عدم إمكان تحصيل العلم بالقبلة يجب الاجتهاد]

[1230] مسألة 2: عند عدم إمكان تحصيل العلم بالقبلة يجب الاجتهاد في

______________________________
(1) هذا من سهو القلم، فإن الأمر بالنسبة الى أهل العراق على العكس.

 

51
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 عند عدم إمكان تحصيل العلم بالقبلة يجب الاجتهاد ص 51

تحصيل الظن، و لا يجوز الاكتفاء بالظن الضعيف مع إمكان القويّ، كما لا يجوز الاكتفاء به مع إمكان الأقوى، و لا فرق بين أسباب حصول الظن فالمدار على الأقوى فالأقوى سواء حصل من الأمارات المذكورة أو من غيرها و لو من قول فاسق بل و لو كافر، فلو أخبر عدل و لم يحصل الظن بقوله و أخبر فاسق أو كافر بخلافه و حصل منه الظن من جهة كونه من أهل الخبرة يعمل به.

[مسألة 3: لا فرق في وجوب الاجتهاد بين الأعمى و البصير]

[1231] مسألة 3: لا فرق في وجوب الاجتهاد بين الأعمى و البصير، غاية الأمر أن اجتهاد الأعمى هو الرجوع إلى الغير (1) في بيان الأمارات أو في تعيين القبلة.

[مسألة 4: لا يعتبر إخبار صاحب المنزل إذا لم يفد الظن]

[1232] مسألة 4: لا يعتبر إخبار صاحب المنزل إذا لم يفد الظن، و لا يكتفي بالظن الحاصل من قوله إذا أمكن تحصيل الأقوى.

[مسألة 5: إذا كان اجتهاده مخالفا لقبلة بلد المسلمين في محاريبهم و مذابحهم و قبورهم]

[1233] مسألة 5: إذا كان اجتهاده مخالفا لقبلة بلد المسلمين في محاريبهم و مذابحهم و قبورهم فالأحوط تكرار الصلاة (2) إذا علم بكونها مبنية على الغلط.

[مسألة 6: إذا حصر القبلة في جهتين بأن علم أنها لا تخرج عن إحداهما]

[1234] مسألة 6: إذا حصر القبلة في جهتين بأن علم أنها لا تخرج عن إحداهما وجب عليه تكرير الصلاة، إلا إذا كانت إحداهما مظنونة و الأخرى

______________________________
(1) في الحصر إشكال بل منع، إذ قد يكون اجتهاده بإعمال نظره و رأيه بما لديه من القواعد للهيئة و نحوها.

(2) لا يترك ذلك إذا لم يكن ظنّه الاجتهادي أقوى من الظنّ الحاصل من تلك العلائم بل كانا على مستوى واحد. نعم إذا كان أحدهما أقوى من الآخر وجب العمل به على أساس وجوب طلب الأجدر و الأقوى في ظرف الشكّ و التحيّر.

 

52
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 إذا حصر القبلة في جهتين بأن علم أنها لا تخرج عن إحداهما ص 52

موهومة فيكتفي بالاولى، و إذا حصر فيهما ظنا فكذلك يكرّر فيهما، لكن الأحوط إجراء حكم المتحير فيه بتكرارها إلى أربع جهات (1).

[مسألة 7: إذا اجتهد لصلاة و حصل له الظن لا يجب تجديد الاجتهاد لصلاة أخرى]

[1235] مسألة 7: إذا اجتهد لصلاة و حصل له الظن لا يجب تجديد الاجتهاد لصلاة أخرى ما دام الظن باقيا.

[مسألة 8: إذا ظن بعد الاجتهاد أنها في جهة فصلى الظهر مثلا إليها ثم تبدل ظنه إلى جهة أخرى]

[1236] مسألة 8: إذا ظن بعد الاجتهاد أنها في جهة فصلى الظهر مثلا إليها ثم تبدل ظنه إلى جهة أخرى وجب عليه إتيان العصر إلى الجهة الثانية، و هل يجب إعادة الظهر أو لا الأقوى وجوبها إذا كان مقتضى ظنه الثاني وقوع الاولى مستدبرا أو إلى اليمين أو اليسار (2)، و إذا كان مقتضاه وقوعها

______________________________
(1) لا وجه لهذا الاحتياط إذ مضافا الى ما مرّ من عدم ثبوت هذا الحكم في نفسه أن مورده ما إذا اشتبهت القبلة بين أربع جهات من دون العلم أو الظنّ بها، و أما إذا كانت مظنونة فيجب العمل بالظنّ غاية الأمر إذا كانت محصورة بين جهتين ظنّا فالأحوط وجوبا تكرار الصلاة فيهما و كلا الفرضين خارج عن تلك المسألة.

(2) و هذا ليس من جهة أن هذا الظنّ كما يكون حجّة في إثبات مدلوله المطابقي و هو كون الجهة المظنونة قبلة كذلك يكون حجّة في إثبات مدلوله الالتزامي و هو أن الجهة التي صلّى إليها الصلاة الأولى فهي ليست بقبلة، فإنه لا يثبت مدلوله الالتزامي و لا يكون حجّة فيه، لأن الدليل إنما يدلّ على حجيّة ذلك الظنّ في مدلوله المطابقي و الاجتزاء به فحسب، و أما ما يستلزمه من الظنّ بلوازمه فلا يدلّ على حجيّته بل من جهة العلم الإجمالي حينئذ إما ببطلان الصلاة الأولى أو الثانية، فإن القبلة إن كانت الجهة التي صلّى إليها الصلاة الأولى كانت الصلاة الثانية باطلة من جهة أنها وقعت الى غير القبلة يمينا أو شمالا أو خلفا، و إن كان العكس فبالعكس. و أما إذا لم يعلم ببطلان إحداهما كما إذا احتمل وقوعها بين اليمين أو اليسار فحينئذ هل تجب إعادة الأولى؟!

 

53
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 إذا ظن بعد الاجتهاد أنها في جهة فصلى الظهر مثلا إليها ثم تبدل ظنه إلى جهة أخرى ص 53

ما بين اليمين و اليسار لا تجب الإعادة.

[مسألة 9: إذا انقلب ظنه في أثناء الصلاة إلى جهة أخرى انقلب إلى ما ظنه]

[1237] مسألة 9: إذا انقلب ظنه في أثناء الصلاة إلى جهة أخرى انقلب إلى ما ظنه، إلا إذا كان الأول إلى الاستدبار أو اليمين و اليسار بمقتضى ظنه الثاني فيعيد.

[مسألة 10: يجوز لأحد المجتهدين المختلفين في الاجتهاد الاقتداء بالآخر إذا كان اختلافهما يسيرا]

[1238] مسألة 10: يجوز لأحد المجتهدين المختلفين في الاجتهاد الاقتداء بالآخر إذا كان اختلافهما يسيرا بحيث لا يضر بهيئة الجماعة و لا يكون بحد الاستدبار أو اليمين و اليسار.

[مسألة 11: إذا لم يقدر على الاجتهاد أو لم يحصل له الظن بكونها في جهة و كانت الجهات متساوية]

[1239] مسألة 11: إذا لم يقدر على الاجتهاد أو لم يحصل له الظن بكونها في جهة و كانت الجهات متساوية صلى إلى أربع جهات إن وسع الوقت (1)، و إلا فبقدر ما وسع، و يشترط أن يكون التكرار على وجه يحصل معه اليقين بالاستقبال في إحداها أو على وجه لا يبلغ الانحراف إلى حد اليمين و اليسار، و الأولى أن يكون على خطوط متقابلات.

[مسألة 12: لو كان عليه صلاتان]

[1240] مسألة 12: لو كان عليه صلاتان فالأحوط أن تكون الثانية إلى جهات الأولى (2).

______________________________
الظاهر وجوبها إذا كان في الوقت بمقتضى قاعدة الاشتغال، و أما الثانية فإن كانت مترتّبة على الأولى فتجب إعادتها أيضا بعين هذا الملاك، و أما إذا كان في خارج الوقت فلا يجب القضاء حتى في الصورة الأولى فضلا عن هذه الصورة للنصّ، و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

(1) تقدّم أن الأظهر كفاية الصلاة الى جهة واحدة، و بذلك يظهر حال المسائل الآتية.

(2) لا بأس بتركه، لأن الغرض من ذلك إحراز وقوع الصلاة الى جهة القبلة‌

 

54
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 من كانت وظيفته تكرار الصلاة إلى أربع جهات أو أقل و كان عليه صلاتان ص 55

[مسألة 13: من كانت وظيفته تكرار الصلاة إلى أربع جهات أو أقل و كان عليه صلاتان]

[1241] مسألة 13: من كانت وظيفته تكرار الصلاة إلى أربع جهات أو أقل و كان عليه صلاتان يجوز له أن يتمّم جهات الاولى ثم يشرع في الثانية، و يجوز أن يأتي بالثانية في كل- جهة صلى إليها الاولى إلى أن تتمّ، و الأحوط اختيار الأول، و لا يجوز أن يصلي الثانية إلى غير الجهة التي صلى إليها الاولى، نعم إذا اختار الوجه الأول لا يجب أن يأتي بالثانية على ترتيب الاولى.

[مسألة 14: من عليه صلاتان كالظهرين مثلا مع كون وظيفته التكرار إلى أربع]

[1242] مسألة 14: من عليه صلاتان كالظهرين مثلا مع كون وظيفته التكرار إلى أربع إذا لم يكن له من الوقت مقدار ثمان صلوات بل كان مقدار خمسة أو ستة أو سبعة، فهل يجب إتمام جهات الاولى و صرف بقية الوقت في الثانية أو يجب إتمام جهات الثانية و إيراد النقص على الاولى؟

الأظهر الوجه الأول (1)، و يحتمل وجه ثالث و هو التخيير، و إن لم يكن له إلا مقدار أربعة أو ثلاثة فقد يقال بتعين الإتيان بجهات الثانية و يكون الاولى

______________________________
و لا يتوقّف على أن تكون الثانية الى جهات الأولى.

(1) بل الأظهر هو التخيير بين الاتيان بصلاة الظهر بتمام محتملاتها، ثم بصلاة العصر كذلك و الاتيان بالظهر الى جهة منها ثم الاتيان بالعصر الى تلك الجهة و هكذا، و ذلك لأن المكلّف إذا أتى بصلاة الظهر الى جهة معيّنة فلا يخلو من أن تكون تلك الجهة قبلة أو لا، فعلى الأول فهو مأمور بصلاة العصر، و على الثاني بصلاة الظهر، و بما أنه لا ترجيح في البين فالمكلّف مخيّر بين الاتيان بصلاة الظهر في هذا الحال أو العصر، نعم إذا لم يبق من الوقت إلّا مقدار أربع ركعات كان مختصّا بالعصر، فلا بدّ من إتيانها فيه.

 

55
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 من عليه صلاتان كالظهرين مثلا مع كون وظيفته التكرار إلى أربع ص 55

قضاء، لكن الأظهر وجوب الإتيان بالصلاتين (1) و إيراد النقص على الثانية كما في الفرض الأول، و كذا الحال في العشاءين، و لكن في الظهرين يمكن الاحتياط بأن يأتي بما يتمكن من الصلوات بقصد ما في الذمة فعلا (2)، بخلاف العشاءين لاختلافهما في عدد الركعات.

[مسألة 15: من وظيفته التكرار إلى الجهات إذا علم أو ظن بعد الصلاة إلى جهة أنها القبلة]

[1243] مسألة 15: من وظيفته التكرار إلى الجهات إذا علم أو ظن بعد الصلاة إلى جهة أنها القبلة لا يجب عليه الإعادة و لا إتيان البقية، و لو علم أو ظن بعد الصلاة إلى جهتين أو ثلاث أن كلها إلى غير القبلة فإن كان فيها ما هو ما بين اليمين و اليسار كفى، و إلا وجبت الإعادة.

[مسألة 16: الظاهر جريان حكم العمل بالظن مع عدم إمكان العلم]

[1244] مسألة 16: الظاهر جريان حكم العمل بالظن مع عدم إمكان العلم، و التكرار إلى الجهات مع عدم إمكان الظن في سائر الصلوات غير اليومية، بل غيرها مما يمكن فيه التكرار كصلاة الآيات و صلاة الأموات و قضاء الأجزاء المنسية و سجدتي السهو (3) و إن قيل في صلاة الأموات بكفاية الواحدة عند عدم الظن مخيرا بين الجهات أو التعيين بالقرعة، و أما فيما لا يمكن فيه التكرار كحال الاحتضار و الدفن و الذبح و النحر فمع عدم الظن يتخير، و الأحوط القرعة.

______________________________
(1) بل الأظهر فيه أيضا التخيير بعين ما عرفت من الملاك.

(2) هذا في غير الصلاة الأخيرة فإنه لا بدّ من إتيانها بعنوان العصر، لاختصاص هذا الوقت بها.

(3) هذا مبنىّ على اعتبار الاستقبال فيهما، و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع لعدم الدليل على اعتباره، و الفرض أنهما واجبتان مستقلّتان و ليستا من أجزاء الصلاة.

 

56
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 إذا صلى من دون الفحص عن القبلة إلى جهة غفلة أو مسامحة يجب إعادتها ص 57

[مسألة 17: إذا صلى من دون الفحص عن القبلة إلى جهة غفلة أو مسامحة يجب إعادتها]

[1245] مسألة 17: إذا صلى من دون الفحص عن القبلة إلى جهة غفلة أو مسامحة يجب إعادتها (1) إلا إذا تبين كونها القبلة مع حصول قصد القربة منه.

[فصل في ما يستقبل له]

فصل في ما يستقبل له

[يجب الاستقبال في مواضع]

يجب الاستقبال في مواضع:

[أحدها: الصلوات اليومية أداء و قضاء]

أحدها: الصلوات اليومية أداء و قضاء و توابعها من صلاة الاحتياط للشكوك و قضاء الأجزاء المنسية بل و سجدتي السهو (2)، و كذا فيما لو صارت مستحبة بالعارض كالمعادة جماعة أو احتياطا، و كذا في سائر الصلوات الواجبة كالآيات، بل و كذا في صلاة الأموات، و يشترط في صلاة النافلة في حال الاستقرار (3) لا في حال المشي أو الركوب، و لا يجب فيها الاستقرار

______________________________
(1) في إطلاق ذلك إشكال، بل منع، فإنه إذا تبيّن وقوعها بين اليمين و اليسار لم تجب الاعادة، و سوف نشير إليه في أحكام الخلل.

(2) مرّ عدم اعتبار الاستقبال فيهما في المسألة (16) من فصل في القبلة.

(3) على الأحوط، بل لا يبعد عدم الاعتبار فإن ما يمكن أن يستدلّ به على ذلك هو قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (لا صلاة إلّا الى القبلة) «1» باعتبار أنه مطلق.

و لكن قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي: (إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعدّ الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا) «2» يدلّ بمقتضى مفهوم الشرط على اختصاص البطلان بالمكتوبة دون النافلة، و هو يصلح أن يكون مقيّدا لإطلاق صحيحة زرارة.

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 2 من أبواب القبلة الحديث: 9.

(2) الوسائل ج 7 باب: 3 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 2.

 

57
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

أحدها الصلوات اليومية أداء و قضاء ص 57

و الاستقبال و إن صارت واجبة بالعرض بنذر و نحوه.

[مسألة 1: كيفية الاستقبال في الصلاة قائما أن يكون وجهه و مقاديم بدنه إلى القبلة]

[1246] مسألة 1: كيفية الاستقبال في الصلاة قائما أن يكون وجهه و مقاديم بدنه إلى القبلة حتى أصابع رجليه على الأحوط (1)، و المدار على الصدق العرفي، و في الصلاة جالسا أن يكون رأس ركبتيه إليها (2) مع وجهه و صدره و بطنه، و إن جلس على قدميه لا بد أن يكون وضعهما على وجه يعد مقابلا لها (3)، و إن صلى مضطجعا يجب أن يكون كهيئة المدفون، و إن صلى مستلقيا فكهيئة المحتضر.

[الثاني: في حال الاحتضار]

الثاني: في حال الاحتضار و قد مر كيفيته.

[الثالث: حال الصلاة على الميت]

الثالث: حال الصلاة على الميت، يجب أن يجعل على وجه يكون رأسه إلى المغرب و رجلاه إلى المشرق (4).

______________________________
هذا مضافا الى أن الروايات الدالّة على جواز الاتيان بالنافلة في حال المشي و الركوب و على ظهر الدابّة حتى في الحضر غير قاصرة عن الدلالة على عدم اعتبار استقبال القبلة فيها مطلقا حتى في حال التمكّن و الاختيار حيث أن مقتضى إطلاق تلك الروايات ذلك، و لكن مع هذا لا ينبغي ترك الاحتياط.

(1) لا بأس بتركه.

(2) لا يعتبر ذلك، فالمناط الصدق العرفي.

(3) لا يتوقف الاستقبال على ذلك، و لا تعتبر فيه كيفيّة خاصّة، فالعبرة إنما هي بصدق كون المصلّي مستقبل القبلة، سواء أ كان قائما أم كان جالسا كان جلوسه على قدميه أم كان على الأرض.

(4) هذا في البلاد التي تكون قبلتها في طرف الجنوب، و أما في البلاد التي تكون قبلتها في طرف الشمال فالأمر على عكس ما ذكره الماتن قدّس سرّه. و أما في البلاد الشرقيّة التي تكون قبلتها في طرف المغرب فيجب أن يجعل رأس الميّت حين‌

 

58
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الرابع وضعه حال الدفن ص 59

[الرابع: وضعه حال الدفن]

الرابع: وضعه حال الدفن على كيفية مرّت.

[الخامس: الذبح و النحر]

الخامس: الذبح و النحر بأن يكون المذبح و المنحر و مقاديم بدن الحيوان إلى القبلة، و الأحوط كون الذابح أيضا مستقبلا و إن كان الأقوى عدم وجوبه.

[مسألة 2: يحرم الاستقبال حال التخلي بالبول أو الغائط]

[1247] مسألة 2: يحرم الاستقبال حال التخلي بالبول أو الغائط، و الأحوط تركه حال الاستبراء و الاستنجاء كما مر.

[مسألة 3: يستحب الاستقبال في مواضع: حال الدعاء]

[1248] مسألة 3: يستحب الاستقبال في مواضع: حال الدعاء، و حال قراءة القرآن، و حال الذكر، و حال التعقيب، و حال المرافعة عند الحاكم، و حال سجدة الشكر، و سجدة التلاوة، بل حال الجلوس مطلقا.

[مسألة 4: يكره الاستقبال حال الجماع]

[1249] مسألة 4: يكره الاستقبال حال الجماع، و حال لبس السراويل، بل كل حالة تنافي التعظيم.

______________________________
الصلاة عليه الى طرف الشمال و رجلاه طرف الجنوب. و أما في البلاد المغربية فعلى عكس ذلك ..

و الحاصل: ليس لذلك ضابط كلّي، بل هو يختلف باختلاف قبلة البلد شرقا أو غربا أو جنوبا أو شمالا.

 

59
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أحكام الخلل في القبلة ص 60

[فصل في أحكام الخلل في القبلة]

فصل في أحكام الخلل في القبلة

[مسألة 1: لو أخلّ بالاستقبال عالما عامدا بطلت صلاته مطلقا]

[1250] مسألة 1: لو أخلّ بالاستقبال عالما عامدا بطلت صلاته مطلقا، و إن أخلّ بها جاهلا (1) أو ناسيا أو غافلا أو مخطئا في اعتقاده أو في ضيق

______________________________
(1) الظاهر هو التفصيل بين الجاهل بالحكم و هو الجاهل بأن الشارع المقدّس أوجب الصلاة الى القبلة أساسا، أو كان عالما بهذا الحكم من البداية و لكنه نسيه حين الصلاة و دخل فيها متّجها الى غير القبلة، و بين الجاهل بالموضوع أو الناسي أو المخطئ في اعتقاده.

فعلى الأول: إذا صلّى الى غير جهة القبلة فالظاهر بطلان صلاته فيكون كالعالم بأن صلاته ليست الى القبلة، لأن النصوص الدالّة على عدم وجوب الاعادة إذا كان منحرفا عن القبلة يمينا و شمالا تختصّ بالجاهل أو الناسي أو الغافل في الشبهات الموضوعيّة و لا تعمّ الجاهل بالحكم أو الناسي له، فإذن مقتضى القاعدة البطلان و وجوب الاعادة.

و على الثاني: فإذا صلّى الى غير القبلة جاهلا بها أو ناسيا أو مخطئا في اعتقاده ثم اتّضح له الحال، فإن كان قبل ذهاب الوقت وجبت الاعادة إذا كان انحرافه عن القبلة كثيرا على نحو صارت القبلة الى يمينه أو يساره أو خلفه، و أما إذا كان انحرافه أقلّ من ذلك بأن يكون في يمين القبلة أو يسارها فلا تجب الاعادة، و قد نصّت على ذلك صحيحتا زرارة و معاوية بن عمّار، أما في الأولى فقوله عليه السّلام في‌

 

60
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 لو أخل بالاستقبال عالما عامدا بطلت صلاته مطلقا ص 60

..........

______________________________
جواب السائل: (أين حدّ القبلة؟ ما بين المشرق و المغرب قبلة كلّه) «1»، و أما في الثانية فقوله عليه السّلام: (.. قد مضت صلاته و ما بين المشرق و المغرب قبلة). «2» و واضح أن لسانهما لسان الحكومة و التوسعة و الامتنان فيوسع دائرة القبلة و يجعلها ما بين المشرق و المغرب كلّه، و يعبّر عنه في كلمات الأصحاب بما بين اليمين و اليسار باعتبار أنه أشمل، حيث أن الأول مختصّ بما إذا كانت قبلته نقطة الجنوب أو الشمال و لا يعمّ ما إذا كانت قبلته نقطة المشرق أو المغرب، إذ حينئذ تكون قبلته ما بين الشمال و الجنوب.

و إن كان بعد ذهاب الوقت لم تجب الاعادة و إن كان انحرافه عن القبلة خلفا فضلا عن كون انحرافه عنها يمينا أو يسارا.

و تدلّ على هذا التفصيل روايات كثيرة واضحة الدلالة و تامّة السند و لكن بما أن تلك الروايات لم تحدّد مقدار الانحراف عن القبلة الموجب للإعادة في الوقت دون خارج الوقت لا سعة و لا ضيقا فتكون مجملة من هذه الناحية، فإذن لا بدّ من الرجوع الى صحيحتي زرارة و معاوية بن عمّار باعتبار أنهما تحدّدان دائرة القبلة سعة و ضيقا للمعذور كالناسي أو الجاهل و هي ما بين المشرق و المغرب، أي ما بين اليمين و اليسار، و تدلّان على أنه قبلة، و عليه فتكونا مقيّدتين لإطلاق تلك الروايات بما إذا كان الانحراف عن القبلة في موردها بأكثر ممّا بين اليمين و اليسار، و بذلك يرتفع الاجمال عنها، و حينئذ فتصبح النتيجة بضمّهما الى تلك الروايات ما يلي:

إن من صلّى الى جهة منحرفا عن القبلة جهلا أو نسيانا، فإن كانت القبلة بين يمينه و يساره صحّت صلاته، و لم تجب عليه الاعادة حتى في الوقت فضلا عن خارج الوقت. و إن كانت القبلة في يمينه أو يساره أو خلفه، فإن اتّضح له الحال قبل‌

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 2 من أبواب القبلة الحديث: 9.

(2) الوسائل ج 4 باب: 10 من أبواب القبلة الحديث: 1.

 

61
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 لو أخل بالاستقبال عالما عامدا بطلت صلاته مطلقا ص 60

الوقت فإن كان منحرفا عنها إلى ما بين اليمين و اليسار صحت صلاته، و لو كان في الأثناء مضى ما تقدم و استقام في الباقي من غير فرق بين بقاء الوقت و عدمه، لكن الأحوط (1) الإعادة في غير المخطئ في اجتهاده مطلقا، و إن كان منحرفا إلى اليمين و اليسار أو إلى الاستدبار فإن كان مجتهدا مخطئا أعاد في الوقت دون خارجه و إن كان الأحوط الإعادة مطلقا لا سيما في صورة الاستدبار، بل لا ينبغي أن يترك في هذه الصورة (2)، و كذا إن كان في الأثناء، و إن كان جاهلا أو ناسيا أو غافلا فالظاهر وجوب الإعادة في الوقت و خارجه (3).

[مسألة 2: إذا ذبح أو نحر إلى غير القبلة عالما عامدا حرم المذبوح و المنحور]

[1251] مسألة 2: إذا ذبح أو نحر إلى غير القبلة عالما عامدا حرم المذبوح و المنحور، و إن كان ناسيا أو جاهلا أو لم يعرف جهة القبله لا يكون حراما، و كذا لو تعذر استقباله كأن يكون عاصيا أو واقعا في بئر أو نحو ذلك مما لا

______________________________
ذهاب الوقت وجبت الاعادة، و إن اتّضح له الحال بعد ذهابه لم تجب. و أما إذا اتّضح له الحال في أثناء الصلاة، فإن كانت القبلة بين يمينه و يساره وجب عليه أن يحوّل وجهه الى القبلة ساعة يعلم لما بقي من صلاته و صحّ ما مضى منها، و إن كانت القبلة في يمينه أو يساره أو خلفه وجب عليه قطع الصلاة و إعادتها، و قد نصّت على ذلك صحيحة عمّار. هذا مضافا الى أنه لا يحتمل الفرق بين انكشاف الخلاف في أثناء الصلاة و انكشافه بعد الفراغ منها.

(1) الاحتياط ضعيف و لا وجه له.

(2) لا بأس بتركه لإطلاق النصوص.

(3) هذا إذا كان جاهلا بالحكم من الأساس، أو ناسيا له. و أما إذا كان جاهلا بالموضوع أو ناسيا له فقد مرّ التفصيل فيه.

 

62
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 إذا ذبح أو نحر إلى غير القبلة عالما عامدا حرم المذبوح و المنحور ص 62

يمكن استقباله، فإنه يذبحه و إن كان إلى غير القبلة.

[مسألة 3: لو ترك استقبال الميت وجب نبشه ما لم يتلاش]

[1252] مسألة 3: لو ترك استقبال الميت وجب نبشه ما لم يتلاش و لم يوجب هتك حرمته سواء كان عن عمد أو جهل أو نسيان كما مرّ سابقا.

[فصل في الستر و الساتر]

فصل في الستر و الساتر اعلم أن الستر قسمان: ستر يلزم في نفسه، و ستر مخصوص بحالة الصلاة.

[فالأول: يجب ستر العورتين- القبل و الدبر- عن كل مكلف]

فالأول: يجب ستر العورتين- القبل و الدبر- عن كل مكلف من الرجل و المرأه عن كل أحد من ذكر أو أنثى و لو كان مماثلا محرما أو غير محرم، و يحرم على كل منهما أيضا النظر إلى عورة الآخر، و لا يستثنى من الحكمين إلا الزوج و الزوجة و السيد و الأمة إذا لم تكن مزوجة و لا محللة (1)، بل يجب الستر عن الطفل المميز خصوصا المراهق، كما أنه يحرم النظر إلى عورة المراهق، بل الأحوط ترك النظر إلى عورة المميز، و يجب ستر المرأة تمام بدنها عمن عدا الزوج و المحارم إلا الوجه و الكفين مع عدم التلذذ و الريبة، و أما معهما فيجب الستر و يحرم النظر حتى بالنسبة إلى المحارم و بالنسبة إلى الوجه و الكفين، و الأحوط سترها عن المحارم من السرة إلى الركبة

______________________________
(1) بل و لا في عدّة غيره، فإنها حينئذ في حكم المزوّجة.

 

63
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فالأول يجب ستر العورتين القبل و الدبر عن كل مكلف ص 63

مطلقا (1)، كما أن الأحوط ستر الوجه و الكفين عن غير المحارم مطلقا.

[مسألة 1: الظاهر وجوب ستر الشعر الموصول بالشعر]

[1253] مسألة 1: الظاهر وجوب ستر الشعر الموصول بالشعر (2) سواء كان من الرجل أو المرأة، و حرمة النظر إليه، و أما القرامل من غير الشعر و كذا الحلي، ففي وجوب سترهما و حرمة النظر إليهما مع مستورية البشرة إشكال و إن كان أحوط.

[مسألة 2: الظاهر حرمة النظر إلى ما يحرم النظر إليه في المرأة و الماء الصافي مع عدم التلذذ]

[1254] مسألة 2: الظاهر حرمة النظر إلى ما يحرم النظر إليه في المرأة و الماء الصافي مع عدم التلذذ (3)، و أما معه فلا إشكال في حرمته.

[مسألة 3: لا يشترط في الستر الواجب في نفسه ساتر مخصوص و لا كيفية خاصة]

[1255] مسألة 3: لا يشترط في الستر الواجب في نفسه ساتر مخصوص و لا كيفية خاصة، بل المناط مجرد الستر و لو كان باليد و طلي الطين و نحوهما.

[و أما الثاني: أي الستر حال الصلاة]

و أما الثاني: أي الستر حال الصلاة فله كيفية خاصة، و يشترط فيه ساتر خاص، و يجب مطلقا سواء كان هناك ناظر محترم أو غيره أم لا، و يتفاوت بالنسبة إلى الرجل و المرأة، أما الرجل فيجب عليه ستر العورتين- أي القبل من القضيب و البيضتين و حلقة الدبر- لا غير، و إن كان الأحوط ستر العجان أي ما بين حلقة الدبر إلى أصل القضيب، و أحوط من ذلك ستر ما بين السرّة و الركبة، و الواجب ستر لون البشرة، و الأحوط ستر الشبح الذي يرى من خلف الثوب من غير تميز للونه، و أما الحجم أي الشك فلا يجب ستره.

______________________________
(1) بل هو الأقوى للنصّ الدالّ على أن ما بينهما عورة.

(2) هذا إذا عدّ جزء من شعرها أو محسوبا من الزينة، و كذلك الحال في القرامل و الحلىّ.

(3) على الأحوط.

 

64
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

و أما الثاني أي الستر حال الصلاة ص 64

و أما المرأة فيجب عليها ستر جميع بدنها حتى الرأس و الشعر إلا الوجه المقدار الذي يغسل في الوضوء، و إلا اليدين إلى الزندين، و القدمين إلى الساقين ظاهرهما و باطنهما، و يجب ستر شي‌ء من أطراف هذه المستثنيات من باب المقدمة.

[مسألة 4: لا يجب على المرأة حال الصلاة ستر ما في باطن الفم]

[1256] مسألة 4: لا يجب على المرأة حال الصلاة ستر ما في باطن الفم من الأسنان و اللسان و لا ما على الوجه من الزينة كالكحل و الحمرة و السواد و الحلي و لا الشعر الموصول بشعرها و القرامل و غير ذلك، و إن قلنا بوجوب سترها عن الناظر.

[مسألة 5: إذا كان هناك ناظر ينظر بريبة إلى وجهها أو كفيها أو قدميها]

[1257] مسألة 5: إذا كان هناك ناظر ينظر بريبة إلى وجهها أو كفيها أو قدميها يجب عليها سترها لكن لا من حيث الصلاة، فإن أثمت و لم تسترها لم تبطل الصلاة، و كذا بالنسبة إلى حليّها و ما على وجهها من الزينة، و كذا بالنسبة إلى الشعر الموصول و القرامل (1) في صورة حرمة النظر إليها.

[مسألة 6: يجب على المرأة ستر رقبتها حال الصلاة]

[1258] مسألة 6: يجب على المرأة ستر رقبتها حال الصلاة، و كذا تحت ذقنها حتى المقدار الذي يرى منه عند اختمارها على الأحوط (2).

[مسألة 7: الأمة كالحرة في جميع ما ذكر من المستثنى و المستثنى منه]

[1259] مسألة 7: الأمة كالحرة في جميع ما ذكر من المستثنى و المستثنى منه، و لكن لا يجب عليها ستر رأسها و لا شعرها و لا عنقها، من غير فرق بين أقسامها من القنّة و المدبّره و المكاتبة و المستولدة (3)، و أما المبعّضة

______________________________
(1) مرّ الكلام في ذلك في المسألة (1) من هذا الفصل.

(2) لا بأس بتركه؛ حيث لا دليل على وجوب ستر المقدار الزائد على ما يستره الخمار في العادة.

(3) في إطلاقه إشكال بل منع، و الاظهر هو التفصيل في المسألة بين ما‌

 

65
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 الأمة كالحرة في جميع ما ذكر من المستثنى و المستثنى منه ص 65

فكالحرة مطلقا، و لو أعتقت في أثناء الصلاة و علمت به و لم يتخلل بين عتقها و ستر رأسها زمان صحت صلاتها، بل و إن تخلل زمان إذا بادرت إلى ستر رأسها للباقي (1) من صلاتها بلا فعل مناف، و أما إذا تركت سترها

______________________________
إذا كان لها ولد و ما لم يكن، فعلى الأول يكون حكمها حكم الحرّة، و على الثاني يكون حكم الأمة. و يدلّ عليه مفهوم قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: (و لا على أمّ الولد أن تغطّي رأسها إذا لم يكن لها ولد)، «1» فإنه يدلّ عرفا على أن العبرة إنما هي بوجود الولد لها فعلا لا بالولادة، و لا تعارضه صحيحته الأخرى عن أبي جعفر عليه السّلام قال: (و سألته عن الأمة إذا ولدت عليها الخمار قال: لو كان عليها لكان عليها إذا هي حاضت و ليس عليها التقنّع في الصلاة ...) «2» في قوله عليه السّلام في ذيلها:

(و ليس عليها التقنّع في الصلاة) و إن دلّ على عدم وجوب ستر الرأس عليها في الصلاة إلّا أن الموضوع فيه الأمة التي ولدت سواء أ كان ولدها باقيا حتى تكون ذات ولد فعلا، أم لا، كي لا تكون صاحبة ولد كذلك. و أما الموضوع في الصحيحة الأولى الأمة التي تكون ذات ولد فعلا فيكون أخصّ منه، فلا بدّ من تقييده به عندئذ.

فالنتيجة: أن الأمة إذا كانت ذات ولد فعلا فحكمها حكم الحرّة، و إن لم تكن ذات ولد كذلك فحكمها حكم سائر الاماء و إن كانت مستولدة.

(1) هذا شريطة أن لا تقوم في ذلك الزمان المتخلّل بإتيان جزء من الأجزاء الباقية للصلاة مع علمها بالاشتراط و إلّا بطلت صلاتها، فإن ظاهر دليل شرطيّة شي‌ء للصلاة هو أنه شرط لأجزائها دون الأكوان و الآنات المتخلّلة بينها فإنها ليست جزء للصلاة ليكون شرطا لها أيضا. نعم قد ثبت ذلك في بعض الشروط بدليل خاصّ كالطهارة الحدثيّة، فإنها كما تكون شرطا لأجزائها تكون شرطا في الأكوان المتخلّلة بينها.

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 29 من أبواب لباس المصلّي الحديث: 3.

(2) الوسائل ج 4 باب: 29 من أبواب لباس المصلّي الحديث: 6.

 

66
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 الأمة كالحرة في جميع ما ذكر من المستثنى و المستثنى منه ص 65

حينئذ بطلت، و كذا إذا لم تتمكن من الستر إلا بفعل المنافي، و لكن الأحوط الإتمام ثم الإعادة، نعم لو لم تعلم بالعتق حتى فرغت صحت صلاتها على الأقوى، بل و كذا لو علمت لكن لم يكن عندها ساتر (1) أو كان الوقت ضيقا، و أما إذا علمت عتقها لكن كانت جاهلة بالحكم و هو وجوب الستر فالأحوط إعادتها (2).

______________________________
و أما الستر في الصلاة؛ فالظاهر من لسان نصوصه أنه شرط في حال الاتيان بأجزاء الصلاة دون الأكوان المتخلّلة بينها، فإن قوله عليه السّلام في تلك النصوص:

(يصلّي في قميص أو ثوب أو نحو ذلك) «1» ظاهر عرفا في أن الصلاة لا بدّ أن تكون فيه، و الفرض أن الصلاة اسم للأجزاء المتقيّدة بالشروط، و أما الأكوان المتخلّلة فهي خارجة عنها.

و على هذا فترك الستر في الآن المتخلّل لا يضرّ بالصلاة و لا تجب المبادرة إليه ما لم يستلزم فوت الموالاة، و عليه فما في المتن من تعليق الحكم بالصحّة على مبادرتها الى ستر رأسها لا يتمّ إلّا إذا استلزم عدمها الاخلال بالموالاة. نعم لو قلنا بأن الستر شرط حتى في الأكوان المتخلّلة؛ فعندئذ لا مناص من الحكم بالبطلان و إن بادرت الى ستر رأسها.

(1) هذا فيما إذا لم يكن عندها ساتر في تمام الوقت، و إلّا فوظيفتها تأخير الصلاة الى زمان تمكّنها من الستر.

(2) بل الأقوى ذلك بمقتضى حديث (لا تعاد)، لما ذكرناه في محلّه من أنه يشمل حتى الجاهل المقصّر إلّا إذا كان جهله بسيطا، فإنه حينئذ يكون خارجا عن إطلاقه باعتبار أن المصلّي إذا كان جاهلا بجزئيه شي‌ء أو شرطيّة آخر جهلا بسيطا و كان مقصّرا يرى أن وظيفته الاحتياط و الاتيان بذلك الجزء أو الشرط المشكوك، فلو تركه و الحال هذه حكم بالبطلان ظاهرا، فمن أجل ذلك لا يكون مشمولا‌

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 22 من أبواب لباس المصلّي الحديث: 2.

 

67
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 الصبية الغير البالغة حكمها حكم الأمة ص 68

[مسألة 8: الصبية الغير البالغة حكمها حكم الأمة]

[1260] مسألة 8: الصبية الغير البالغة حكمها حكم الأمة في عدم وجوب ستر رأسها و رقبتها بناء على المختار من صحة صلاتها و شرعيتها، و إذا بلغت في أثناء الصلاة فحالها حال الأمة المعتقة في الأثناء في وجوب المبادرة إلى الستر و البطلان مع عدمها إذا كانت عالمة بالبلوغ.

[مسألة 9: لا فرق في وجوب الستر و شرطيته بين أنواع الصلوات]

[1261] مسألة 9: لا فرق في وجوب الستر و شرطيته بين أنواع الصلوات الواجبة و المستحبة، و يجب أيضا في توابع الصلاة من قضاء الأجزاء المنسية بل سجدتي السهو على الأحوط (1)، نعم لا يجب في صلاة الجنازه و إن كان هو الأحوط فيها أيضا، و كذا لا يجب في سجدة التلاوة و سجدة الشكر.

[مسألة 10: يشترط ستر العورة في الطواف أيضا]

[1262] مسألة 10: يشترط ستر العورة في الطواف أيضا (2).

[مسألة 11: إذا بدت العورة كلا أو بعضا لريح أو غفلة لم تبطل]

[1263] مسألة 11: إذا بدت العورة كلا أو بعضا لريح أو غفلة لم تبطل

______________________________
للحديث حيث أن مورده هو ما إذا رأى المصلّي وظيفته ترك جزء أو شرط جهلا أو نسيانا ثم بعد الفراغ تذكّر أو علم بالحال، و بذلك يظهر حال المسألة الآتية و هي ما إذا بلغت في أثناء الصلاة.

(1) لكن الأقوى فيهما عدم وجوب الستر، حيث أنهما ليستا من أجزاء الصلاة، و الدليل الآخر على الوجوب غير موجود.

(2) على الأحوط الأولى؛ إذ لا دليل على اعتباره فيه كاعتباره في الصلاة و الروايات التي استدلّ بها على اعتباره بأجمعها ضعيفة سندا، بل إنها لا تدلّ إلّا على المنع من الطواف عريانا، و لا ملازمة بين بطلانه عريانا و بطلانه مكشوف العورة، إذ قد يكون الطائف أثناء الطواف مكشوف العورة و لا يكون عريانا.

فالنتيجة: أن اعتبار الستر في الطواف و إن كان مشهورا إلّا أنه لا دليل عليه.

 

68
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 إذا بدت العورة كلا أو بعضا لريح أو غفلة لم تبطل ص 68

الصلاة، لكن إن علم به في أثناء الصلاه وجبت المبادرة إلى سترها (1) و صحت أيضا و إن كان الأحوط الإعادة بعد الإتمام خصوصا إذا احتاج سترها إلى زمان (2) معتد به.

[مسألة 12: إذا نسي ستر العورة ابتداء أو بعد التكشف في الأثناء]

[1264] مسألة 12: إذا نسي ستر العورة ابتداء أو بعد التكشف في الأثناء فالأقوى صحة الصلاة (3) و إن كان الأحوط الإعادة، و كذا لو تركه من أول

______________________________
(1) تقدّم حكم ذلك في المسألة (7) من هذا الفصل.

(2) في الخصوصيّة إشكال بل منع، فإن الفصل بالزمان المذكور إن أدّى الى الاخلال بالموالاة بطلت الصلاة به، و إلّا فلا فرق بينه و بين الزمان القليل.

(3) هذا فيما إذا كان جاهلا أو ذاهلا و لم يعرف شيئا ممّا حدث إلّا بعد الانتهاء من صلاته، فعندئذ لا شي‌ء عليه بمقتضى حديث (لا تعاد)، و أما إذا علم المصلّي أثناء الصلاة بأن ما يجب عليه ستره مكشوف، أو صلّى منكشفا و هو لا يعلم بأن الستر واجب على المصلّي و علم بذلك أثناء الصلاة، فحينئذ تختلف النتيجة باختلاف القولين في المسألة و هما القول بأن الستر شرط حتى في الآنات و الفواصل الزمنيّة بين الأجزاء، و القول بأنه شرط للأجزاء فحسب دون الآنات المتخلّلة بينها.

أما على القول الأول؛ فإذا علم المصلّي أثناء الصلاة بأنه فاقد للستر لم يكن معذورا في هذه الآن و هو آن العلم به و إن كان ذلك الآن من الآن المتخلّل لفرض أنه شرط في تمام الآنات، و على هذا القول فلا يمكن تصحيح هذه الصلاة بإلحاق الأجزاء الباقية منها بالأجزاء السابقة، بل لا بدّ من قطعها و إعادتها متستّرا.

و أما على القول الثاني، فإن لم يأت المصلّي بشى‌ء من الأجزاء الباقية بعد علمه بأن ما يجب عليه ستره مكشوف، فلا مانع من الحكم بصحّة هذه الصلاة بإلحاق الأجزاء الباقية متستّرا بالأجزاء السابقة على أساس أنها محكومة بالصحّة‌

 

69
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 إذا نسي ستر العورة ابتداء أو بعد التكشف في الأثناء ص 69

الصلاة أو في الأثناء غفلة، و الجاهل بالحكم كالعامد على الأحوط (1).

[مسألة 13: يجب الستر من جميع الجوانب]

[1265] مسألة 13: يجب الستر من جميع الجوانب بحيث لو كان هناك ناظر لم يرها إلا من جهة التحت فلا يجب، نعم إذا كان واقفا على طرف سطح أو على شباك بحيث ترى عورته لو كان هناك ناظر فالأقوى و الأحوط وجوب الستر من تحت أيضا، بخلاف ما إذا كان واقفا على طرف بئر، و الفرق من حيث عدم تعارف وجود الناظر في البئر فيصدق الستر عرفا، و أما الواقف على طرف السطح لا يصدق عليه الستر إذا كان بحيث يرى، فلو لم يستر من جهة التحت بطلت صلاته و إن لم يكن هناك ناظر، فالمدار على الصدق العرفي و مقتضاه ما ذكرناه.

[مسألة 14: هل يجب الستر عن نفسه بمعنى أن يكون بحيث لا يرى نفسه أيضا أم المدار على الغير قولان]

[1266] مسألة 14: هل يجب الستر عن نفسه بمعنى أن يكون بحيث لا يرى نفسه أيضا أم المدار على الغير قولان الأحوط الأول، و إن كان الثاني لا يخلو عن قوة (2)، فلو صلى في ثوب واسع الجيب بحيث يرى عورة نفسه عند الركوع لم تبطل على ما ذكرنا و الأحوط البطلان، هذا إذا لم يكن

______________________________
بمقتضى حديث (لا تعاد).

و أما العلم بكونه فاقدا للستر في الآن المتخلّل فهو لا يضرّ و لا يمنع من الالحاق.

(1) في إطلاقه إشكال بل منع، لأن الجاهل بالحكم إن كان جهله مركّبا فهو مشمول لحديث (لا تعاد) و إن كان مقصّرا. و إن كان بسيطا فإن كان قاصرا كان مشمولا له، و إلّا فلا، كما تقدّم في المسألة (7) من هذا الفصل.

(2) بل هو الظاهر، لانصراف دليل وجوب الستر عن نفس المصلّي، فلو رأى المصلّي عورته أثناء الصلاة و لم ير غيره بأن كانت مستورة عنه صحّت صلاته.

 

70
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 هل يجب الستر عن نفسه بمعنى أن يكون بحيث لا يرى نفسه أيضا أم المدار على الغير قولان ص 70

بحيث قد يراها غيره أيضا، و إلا فلا إشكال في البطلان.

[مسألة 15: هل اللازم أن يكون ساتريته في جميع الأحوال حاصلا من أول الصلاة إلى آخرها]

[1267] مسألة 15: هل اللازم أن يكون ساتريته في جميع الأحوال حاصلا من أول الصلاة إلى آخرها أو يكفي الستر بالنسبة إلى كل حالة عند تحققها، مثلا إذا كان ثوبه مما يستر حال القيام لا حال الركوع فهل تبطل الصلاة فيه و إن كان في حال الركوع يجعله على وجه يكون ساترا أو يتستر عنده بساتر آخر أو لا تبطل، و جهان أقواهما الثاني و أحوطهما الأول، و على ما ذكرنا فلو كان ثوبه مخرقا بحيث تنكشف عورته في بعض الأحوال لم يضر إذا سد ذلك الخرق في تلك الحالة بجمعه أو بنحو آخر و لو بيده على إشكال في الستر بها (1).

[مسألة 16: الستر الواجب في نفسه من حيث حرمة النظر يحصل بكل ما يمنع عن النظر]

[1268] مسألة 16: الستر الواجب في نفسه من حيث حرمة النظر يحصل بكل ما يمنع عن النظر و لو كان بيده أو يد زوجته أو أمته، كما أنه يكفي ستر الدبر بالأليتين، و أما الستر الصلاتي فلا يكفي فيه ذلك و لو حال الاضطرار، بل لا يجزئ الستر بالطلي بالطين أيضا حال الاختيار، نعم يجزئ حال الاضطرار على الأقوى و إن كان الأحوط خلافه، و أما الستر بالورق و الحشيش فالأقوى جوازه حتى حال الاختيار، لكن الأحوط الاقتصار على

______________________________
(1) الظاهر عدم كفاية الستر بها حال الصلاة لانصراف النصّ عنه، هذا فيما إذا كان الستر باليد مستقلا، و أما إذا كان ضمنا كما هو المفروض في المسألة بأن يسدّ باليد الخرق الموجود في الساتر أثناء الصلاة و لو في بعض الحالات كما في حال الركوع أو السجود فالظاهر الكفاية، فإن النصّ منصرف عن ستر العورة بها مستقلا لا عن مثل ذلك.

 

71
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 الستر الواجب في نفسه من حيث حرمة النظر يحصل بكل ما يمنع عن النظر ص 71

حال الاضطرار (1)، و كذا يجزئ مثل القطن و الصوف الغير المنسوجين، و إن كان الأولى المنسوج منهما أو من غيرهما مما يكون من الألبسة المتعارفة.

______________________________
(1) بل الأقوى ذلك، فإن مورد الروايات الواردة في الساتر الصلاتي و إن كان العناوين الخاصّة كالقميص و الازار و الرداء و الثوب و السراويل و نحو ذلك، إلّا أن المناسبة العرفية الارتكازية للحكم و الموضوع في المسألة تقتضي عدم خصوصيّة لها و جواز التعدّي منها الى ما لا ينطبق عليه أحد هذه العناوين، كما إذا كان الساتر جلدا، و إنما الكلام في إمكان التعدّي منها الى ما يشترك معها في الجنس كالستر بالحشيش أو الطين أو نحو ذلك في عرضها.

و الظاهر عدم إمكان هذا التعدّي فإنه بحاجة الى قرينة و لا قرينة عليه لا في نفس هذه الروايات و لا من الخارج.

و أما صحيحة علىّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام فهي لا تدلّ على أن الستر بالحشيش في عرض الستر بالقميص و نحوه لو لم تدلّ على العكس باعتبار أن المرتكز في ذهن السائل تعيّن الستر بها إذا كان المصلّي متمكّنا منه و لا يجوز له الستر بغيرها كالحشيش أو نحوه، و إلّا فلا معنى لتحيّر السائل و جواب الامام عليه السّلام بقوله: (إن أصاب حشيشا يستر به عورته ...)، فإنه ظاهر عرفا في أن الستر به في طول الستر بها.

 

72
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط لباس المصلي ص 73

[فصل في شرائط لباس المصلي]

فصل في شرائط لباس المصلي و هي أمور:

[الأول: الطهارة في جميع لباسه عدا ما لا تتم فيه الصلاة منفردا]

الأول: الطهارة في جميع لباسه عدا ما لا تتم فيه الصلاة منفردا، بل و كذا في محموله، على ما عرفت تفصيله في باب الطهارة.

[الثاني: الإباحة]

الثاني: الإباحة (1) و هي أيضا شرط في جميع لباسه من غير فرق بين الساتر

______________________________
(1) الأظهر أن إباحة الساتر ليست شرطا في صحّة الصلاة بل الصلاة صحيحة مع كون الساتر مغصوبا، و ذلك لأنه لم يرد نهي عن الصلاة في المغصوب كما ورد عن الصلاة في الحرير أو الذهب أو النجس أو ما لا يؤكل أو نحو ذلك لكي يكون إرشادا الى أن إباحته شرط في صحّة الصلاة، فإذن لا محالة تكون شرطيّة إباحة الساتر منوطة بكون الحرام متّحدا مع الواجب، و أما إذا لم يكن متّحدا معه فلا تكون شرطا و دخيلة في صحّة الصلاة، و على هذا فلا بدّ من النظر الى حدود الحرام و الواجب في المقام، فالحرام هو الستر بالساتر المغصوب، و الواجب هو الصلاة المركّبة من الأجزاء و المقيّدة بالشروط منها الستر، و ذات الشروط خارجة عن الصلاة و التقيّد بها داخل فيها و جزؤها، و في المقام بما أن الحرام و هو الستر باعتبار أنه تصرّف في الساتر المغصوب و الواجب و هو الصلاة المقيّدة به فلا يكون متّحدا مع الواجب بل هو خارج عنه و التقيّد به جزء له و هو أمر ذهنىّ لا واقع موضوعي له في الخارج، و أما القيد و هو الستر فهو خارج عنه و عليه فلا ينطبق‌

 

73
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الثاني الإباحة ص 73

و غيره (1)، و كذا في محموله (2)، فلو صلى في المغصوب و لو كان خيطا منه عالما بالحرمة عامدا بطلت و إن كان جاهلا بكونه مفسدا، بل الأحوط البطلان مع الجهل بالحرمة أيضا، و إن كان الحكم بالصحة لا يخلو عن قوة (3)، و أما

______________________________
الواجب و هو الصلاة عليه لكي يمنع عن الصحّة باعتبار أن الحرام يستحيل أن يكون مصداقا للواجب. و على ذلك فالساتر إذا كان مغصوبا لم يمنع من صحّة الصلاة و إن ارتكب المصلّي محرّما باعتبار أنه تصرّف فيه، نظير من صلّى في الأرض المغصوبة إذا كان موضع سجوده مباحا، فإنه و إن ارتكب محرّما و هو التصرّف فيها و لكن بما أنه لا يكون متّحدا مع الصلاة في الخارج فلا يمنع من صحّتها.

و بذلك يظهر حال المسائل الآتية جميعا لأنها مبنيّة على أن تكون إباحة الساتر شرطا لصحّة الصلاة، و غصبيّته مانعة عنها.

(1) تقدّم أن شرطيّة الاباحة لم تثبت حتى في الساتر الفعلي للمصلّي فضلا عن جميع لباسه، و على تقدير ثبوتها فيه فلا دليل على ثبوتها في سائر لباسه، لأن التصرّف فيها لا يكون متّحدا مع الصلاة لكي يكون مانعا عن صحّتها.

(2) فيه: أنه لا وجه لاشتراط الاباحة فيه و إن قلنا باشتراطها في اللباس و لو بملاك أن النهي عنه يرجع الى النهي عن الصلاة فيه، و لكن هذا الملاك غير متوفّر في المحمول.

(3) في إطلاقه إشكال بل منع، فإن جهله بالحرمة إن كان مركّبا فحاله حال الناسي فلا مانع من الحكم بالصحّة بملاك أنه لا حرمة في الواقع حينئذ. و إن لم يكن مركبا فلا مناص من الحكم بالفساد و إن كان قاصرا لأن الحرام لا يقع مصداقا للواجب و إن لم يكن منجزا. و بذلك يظهر حال الجهل بالغصبيّة، فإنه إن كان مركّبا فحاله حال نسيانها. و إن كان بسيطا فلا مناص من الحكم بالبطلان لاستحالة كون‌

 

74
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الثاني الإباحة ص 73

مع النسيان أو الجهل بالغصبية فصحيحة، و الظاهر عدم الفرق بين كون المصلي الناسي هو الغاصب أو غيره، لكن الأحوط الإعادة بالنسبة إلى الغاصب خصوصا إذا كان بحيث لا يبالي على فرض تذكره أيضا.

[مسألة 1: لا فرق في الغصب بين أن يكون من جهة كون عينه للغير أو كون منفعته له]

[1269] مسألة 1: لا فرق في الغصب بين أن يكون من جهة كون عينه للغير أو كون منفعته له، بل و كذا لو تعلق به حق الغير بأن يكون مرهونا.

[مسألة 2: إذا صبغ ثوب بصبغ مغصوب]

[1270] مسألة 2: إذا صبغ ثوب بصبغ مغصوب فالظاهر أنه لا يجري عليه حكم المغصوب، لأن الصبغ يعد تالفا فلا يكون اللون لمالكه، لكن لا يخلو عن إشكال أيضا (1)، نعم لو كان الصبغ أيضا مباحا لكن أجبر شخصا على عمله و لم يعط أجرته لا إشكال فيه، بل و كذا لو اجبر على خياطة ثوب أو استأجر و لم يعط أجرته إذا كان الخيط له أيضا، و أما إذا كان للغير فمشكل، و إن كان يمكن أن يقال إنه يعد تالفا فيستحق مالكه قيمته خصوصا إذا لم يمكن رده بفتقه، لكن الأحوط ترك الصلاة فيه قبل إرضاء مالك الخيط خصوصا إذا أمكن ردّه بالفتق صحيحا، بل لا يترك في هذه الصورة.

[مسألة 3: إذا غسل الثوب الوسخ أو النجس بماء مغصوب]

[1271] مسألة 3: إذا غسل الثوب الوسخ أو النجس بماء مغصوب فلا إشكال في جواز الصلاه فيه بعد الجفاف، غاية الأمر أن ذمته تشتغل بعوض

______________________________
الحرام في الواقع مصداقا للواجب فيه.

(1) الظاهر أنه لا إشكال في جواز التصرّف في هذا الثوب المصبوغ و إن قلنا بأن الصبغ التالف يكون متعلّقا لحقّ المالك، و لكن لما لم تكن له ماليّة لم يكن مانع من التصرّف فيه إلّا إذا كان مزاحما لصاحب الحقّ، فإنه لا تجوز مزاحمته حيث أنه أولى بالتصرّف في حقّه إذا أراد. و في المقام بما أنه لا يتمكّن من التصرّف فيه فلا مانع من تصرّف غيره.

 

75
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 إذا غسل الثوب الوسخ أو النجس بماء مغصوب ص 75

الماء، و أما مع رطوبته فالظاهر أنه كذلك أيضا، و إن كان الأولى تركها حتى يجف.

[مسألة 4: إذا أذن المالك للغاصب أو لغيره في الصلاة فيه مع بقاء الغصبية]

[1272] مسألة 4: إذا أذن المالك للغاصب أو لغيره في الصلاة فيه مع بقاء الغصبية صحت خصوصا بالنسبة إلى غير الغاصب، و إن أطلق الإذن ففي جوازه بالنسبة إلى الغاصب إشكال، لانصراف الإذن إلى غيره، نعم مع الظهور في العموم لا إشكال.

[مسألة 5: المحمول المغصوب إذا تحرك بحركات الصلاة يوجب البطلان]

[1273] مسألة 5: المحمول المغصوب إذا تحرك بحركات الصلاة يوجب البطلان و إن كان شيئا يسيرا (1).

[مسألة 6: إذا اضطر إلى لبس المغصوب لحفظ نفسه أو لحفظ المغصوب عن التلف]

[1274] مسألة 6: إذا اضطر إلى لبس المغصوب لحفظ نفسه أو لحفظ المغصوب عن التلف صحت صلاته فيه (2).

[مسألة 7: إذا جهل أو نسي الغصبية و علم أو تذكر في أثناء الصلاة]

[1275] مسألة 7: إذا جهل أو نسي الغصبية و علم أو تذكر في أثناء الصلاة فإن أمكن نزعه فورا و كان له ساتر غيره صحت الصلاة (3)، و إلا ففي سعة

______________________________
(1) تقدّم حكم ذلك في أول هذا الفصل.

(2) هذا في غير الغاصب، و أما فيه فلا يبعد البطلان باعتبار أن الاضطرار مستند الى سوء اختياره، و هو لا يرفع ملاك الحرمة في الواقع و هو المبغوضيّة و إن كان رافعا للخطاب التحريمي باعتبار أنه لغو.

(3) في الحكم بالصحّة مطلقا إشكال بل منع، أما بناء على ما قوّيناه من أن غصبيّة الساتر مع العلم بها لا تكون مانعة عن صحّة الصلاة فالأمر واضح و لكنه خارج عن مفروض المسألة. و أما بناء على المشهور من أنها مانعة عن صحّة الصلاة فعندئذ إن كان جهله بها بسيطا لم يمكن الحكم بصحّة الأجزاء السابقة التي أتى بها في هذا الحال، لأن الحرام لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب في الواقع و إن لم يكن منجزا، و لا يمكن التمسّك هنا بحديث (لا تعاد) لأن مفاده أن الاخلال بجزء أو‌

 

76
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 إذا جهل أو نسي الغصبية و علم أو تذكر في أثناء الصلاة ص 76

الوقت و لو بإدراك ركعة يقطع الصلاة، و إلا فيشتغل بها في حال النزع.

[مسألة 8: إذا استقرض ثوبا و كان من نيته عدم أداء عوضه أو ان من نيته الأداء من الحرام]

[1276] مسألة 8: إذا استقرض ثوبا و كان من نيته عدم أداء عوضه أو ان من نيته الأداء من الحرام فعن بعض العلماء أنه يكون من المغصوب، بل عن بعضهم أنه لو لم ينو الأداء أصلا لا من الحلال و لا من الحرام أيضا كذلك، و لا يبعد ما ذكراه (1) و لا يختص بالقرض و لا بالثوب، بل لو اشترى أو استأجر أو نحو ذلك و كان من نيته عدم أداء العوض أيضا كذلك.

[مسألة 9: إذا اشترى ثوبا بعين مال تعلق به الخمس أو الزكاة]

[1277] مسألة 9: إذا اشترى ثوبا بعين مال تعلق به الخمس أو الزكاة مع

______________________________
شرط من الصلاة جهلا أو نسيانا لا يضرّ و لا يوجب الاعادة إذا تذكّر أو علم بالحال بعد الانتهاء من الصلاة و إتمامها و ليس مفاده نفي الحرمة التكليفيّة عند الجهل بها، و الفرض أن مانعيّة الغصب ليست وضعيّة كمانعيّة النجاسة، بل من جهة حرمته التكليفيّة لا تجتمع مع الوجوب التكليفي في شي‌ء واحد و تمنع من انطباق الواجب عليه. و من المعلوم أن مفاد حديث (لا تعاد) ليس نفي حرمة الغصب في الواقع و عدم منعها عن انطباق الواجب عليه. و أما إن كان جهله بها مركّبا أو ناسيا لها فعندئذ تكون الأجزاء السابقة محكومة بالصحّة و لكن وظيفته حينئذ نزع الستر المغصوب فورا من بدنه باعتبار أنه أخفّ المحذورين، و هذا النزع لا بدّ أن يكون في الآن المتخلّل لا في حال اشتغاله بالصلاة و إلّا لأدّى الى بطلانها. و عليه فإن كان له ساتر آخر في بدنه غيره فهو، و إن لم يكن فإن تمكّن من تحصيله وجب إلّا إذا سبّب تحصيله الاخلال بالموالاة، فعندئذ تبطل الصلاة، و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن قدّس سرّه في المسألة.

(1) بل هو بعيد جدّا، فإنه يملك الثوب بالاستقراض فيكون تصرّفه فيه حينئذ تصرّفا في ملكه لا في ملك غيره حتى يكون مغصوبا غاية الأمر إن ذمّته تبقى مشغولة بثمنه.

 

77
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 إذا اشترى ثوبا بعين مال تعلق به الخمس أو الزكاة ص 77

عدم أدائهما من مال آخر حكمه حكم المغصوب.

[الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة]

الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة سواء كان حيوانه محلل اللحم أو محرمه، بل لا فرق بين أن يكون مما ميتته نجسة أو لا كميته السمك و نحوه مما ليس له نفس سائلة على الأحوط (1)، و كذا لا فرق بين أن يكون مدبوغا أو لا، و المأخوذ من يد المسلم و ما عليه أثر استعماله بحكم المذكى، بل و كذا المطروح في أرضهم و سوقهم و كان عليه أثر الاستعمال، و إن كان الأحوط اجتنابه، كما أن الأحوط اجتناب ما في يد المسلم المستحل للميتة بالدبغ، و يستثنى من الميتة صوفها و شعرها و وبرها و غير ذلك مما مر في بحث النجاسات.

[مسألة 10: اللحم أو الشحم أو الجلد المأخوذ من يد الكافر]

[1278] مسألة 10: اللحم أو الشحم أو الجلد المأخوذ من يد الكافر أو المطروح في بلاد الكفار أو المأخوذ من يد مجهول الحال في غير سوق المسلمين أو المطروح في أرض المسلمين إذا لم يكن عليه أثر الاستعمال محكوم بعدم التذكيه و لا تجوز الصلاة فيه، بل و كذا المأخوذ من يد المسلم إذا علم أنه أخذه من يد الكافر مع عدم مبالاته بكونه من ميتة أو مذكى.

[مسألة 11: استصحاب جزء من أجزاء الميتة في الصلاة موجب لبطلانها]

[1279] مسألة 11: استصحاب جزء من أجزاء الميتة في الصلاة موجب لبطلانها و إن لم يكن ملبوسا.

[مسألة 12: إذا صلى في الميتة جهلا لم يجب الإعادة]

[1280] مسألة 12: إذا صلى في الميتة جهلا لم يجب الإعادة، نعم مع الالتفات و الشك لا تجوز و لا تجزئ، و أما إذا صلى فيها نسيانا فإن كانت ميتة ذي النفس أعاد في الوقت و خارجه، و إن كان من ميتة ما لا نفس له فلا

______________________________
(1) بل على الأظهر لإطلاق صحيحة ابن أبي عمير الظاهرة في مانعيّة الميتة بعنوانها لا بعنوان أنها نجسة على تفصيل ذكرناه في بحث الفقه.

 

78
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 إذا صلى في الميتة جهلا لم يجب الإعادة ص 78

 تجب الإعادة.

[مسألة 13: المشكوك في كونه من جلد الحيوان أو من غيره لا مانع من الصلاة فيه]

[1281] مسألة 13: المشكوك في كونه من جلد الحيوان أو من غيره لا مانع من الصلاة فيه.

[الرابع: أن لا يكون من أجزاء ما لا يؤكل لحمه]

الرابع: أن لا يكون من أجزاء ما لا يؤكل لحمه و إن كان مذكى أو حيا جلدا كان أو غيره، فلا تجوز الصلاة في جلد غير المأكول و لا شعره و صوفه و ريشه و وبره و لا في شي‌ء من فضلاته سواء كان ملبوسا أو مخلوطا به أو محمولا، حتى شعرة واقعة على لباسه بل حتى عرقه و ريقه- و إن كان طاهرا- ما دام رطبا بل و يابسا إذا كان له عين، و لا فرق في الحيوان بين كونه ذا نفس أو لا كالسمك الحرام أكله.

[مسألة 14: لا بأس بالشمع و العسل و الحرير الممتزج و دم البق]

[1282] مسألة 14: لا بأس بالشمع و العسل و الحرير الممتزج و دم البق و القمل و البرغوث و نحوها من فضلات أمثال هذه الحيوانات مما لا لحم لها، و كذا الصدف لعدم معلومية كونه جزءا من الحيوان، و على تقديره لم يعلم كونه ذا لحم، و أما اللؤلؤ فلا إشكال فيه أصلا لعدم كونه جزءا من الحيوان.

[مسألة 15: لا بأس بفضلات الإنسان]

[1283] مسألة 15: لا بأس بفضلات الإنسان و لو لغيره كعرقه و وسخه و شعره و ريقه و لبنه، فعلى هذا لا مانع في الشعر الموصول بالشعر سواء كان من الرجل أو المرأة، نعم لو اتخذ لباسا من شعر الانسان فيه إشكال (1) سواء كان ساترا أو غيره، بل المنع قوي خصوصا الساتر.

[مسألة 16: لا فرق في المنع بين أن يكون ملبوسا أو جزءا منه أو واقعا عليه]

[1284] مسألة 16: لا فرق في المنع بين أن يكون ملبوسا أو جزءا منه أو

______________________________
(1) الاشكال ضعيف جدّا، و لا مانع من الصلاة فيه بلا فرق بين كونه ساترا أو لا، و ذلك لانصراف ما دلّ على عدم جواز الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه عن الانسان.

 

79
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 لا فرق في المنع بين أن يكون ملبوسا أو جزءا منه أو واقعا عليه ص 79

واقعا عليه أو كان في جيبه بل و لو في حقة هي في جيبه.

[مسألة 17: يستثنى مما لا يؤكل الخز الخالص الغير المغشوش بوبر الأرانب و الثعالب]

[1285] مسألة 17: يستثنى مما لا يؤكل الخز الخالص الغير المغشوش بوبر الأرانب و الثعالب، و كذا السنجاب، و أما السمّور و القاقم و الفنك (1) و الحواصل فلا تجوز الصلاة في أجزائها على الأقوى.

[مسألة 18: الأقوى جواز الصلاة في المشكوك كونه من المأكول أو من غيره]

[1286] مسألة 18: الأقوى جواز الصلاة في المشكوك كونه من المأكول أو من غيره، فعلى هذا لا بأس بالصلاة في الماهوت، و أما إذا شك في كون شي‌ء من أجزاء الحيوان أو من غير الحيوان فلا إشكال فيه.

______________________________
(1) فيه: أن الأظهر جواز الصلاة فيه كالسنجاب و الخز، و تدلّ عليه مجموعة من الروايات؛ منها: قوله عليه السّلام في صحيحة أبي علىّ بن راشد، فصل:

الفنك و السنجاب، «1» و لا معارض له. و أما موثقة ابن أبي بكير الدالّة على عدم جواز الصلاة في كل شي‌ء حرام أكله فهي مطلقة و هو يصلح أن يكون مقيّدا لإطلاقها.

و أما الحواصل فقد ورد ترخيص الصلاة فيها في رواية بشير بن بشّار، و لكن بما أنها ضعيفة سندا فالمرجع فيها عموم الموثقة.

و أما السمور؛ فالروايات الخاصّة فيه متعارضة نفيا و إثباتا، فتسقط من جهة المعارضة، فالمرجع فيه العامّ الفوقي و هو الموثقة.

و أما الثعالب؛ فالروايات المرخّصة فيها إما محمولة على التقيّة من جهة معارضتها بالروايات المانعة، أو أن كلتيهما تسقطان من جهة المعارضة، فالمرجع العامّ الفوقي فالنتيجة واحدة على كلا التقديرين و هي عدم جواز الصلاة فيها.

و أما القاقم؛ فلم يرد فيه نصّ، فإن كان ممّا لا يؤكل فهو مشمول لعموم الموثقة، و إلّا فلا مانع من الصلاة فيه.

و أما الأرنب؛ فالرواية المعتبرة الدالّة على جواز الصلاة فيه غير موجودة، فالمرجع هو عموم الموثقة.

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 3 من أبواب لباس المصلّي الحديث: 5.

 

80
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 إذا صلى في غير المأكول جاهلا أو ناسيا ص 81

[مسألة 19: إذا صلى في غير المأكول جاهلا أو ناسيا]

[1287] مسألة 19: إذا صلى في غير المأكول جاهلا أو ناسيا فالأقوى صحة صلاته.

[مسألة 20: الظاهر عدم الفرق بين ما يحرم أكله بالأصالة أو بالعرض كالموطوء و الجلال]

[1288] مسألة 20: الظاهر عدم الفرق بين ما يحرم أكله بالأصالة أو بالعرض كالموطوء و الجلال و إن كان لا يخلو عن إشكال.

[الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال]

الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال، و لا يجوز لبسه لهم في غير الصلاة أيضا، و لا فرق بين أن يكون خالصا أو ممزوجا، بل الأقوى اجتناب الملحّم به و المذهّب بالتمويه و الطلي إذا صدق عليه لبس الذهب، و لا فرق بين ما تتم فيه الصلاة و ما لا تتم كالخاتم و الزر (1) و نحوهما، نعم لا بأس بالمحمول منه مسكوكا أو غيره، كما لا بأس بشد الأسنان (2) به، بل الأقوى أنه لا بأس بالصلاة فيما جاز فعله فيه من السلاح كالسيف (3) و الخنجر و نحوهما و إن أطلق عليهما اسم اللبس، لكن الأحوط اجتنابه، و أما النساء فلا إشكال في جواز لبسهن و صلاتهن فيه، و أما الصبي المميّز فلا يحرم عليه لبسه، و لكن الأحوط عدم الصلاة فيه.

[مسألة 21: لا بأس بالمشكوك كونه ذهبا في الصلاة و غيرها]

[1289] مسألة 21: لا بأس بالمشكوك كونه ذهبا في الصلاة و غيرها.

______________________________
(1) فيه: أن الزر من المحمول لا الملبوس، و المحرّم إنما هو لبس الذهب لا حمله كما صرّح به قدّس سرّه.

(2) بل لا بأس أن يلبّسها بالذهب، فإن الممنوع إنما هو لبس المصلّي له، و الفرض أنه لا يصدق على لبس السنّ لبس المصلّي.

(3) في القوّة إشكال بل منع، لأن الوارد في النصّ جواز تحلية السيف بالذهب و الفضة و لا ملازمة بين جوازها تكليفا و جواز الصلاة فيه وضعا، فإذن مقتضى إطلاق موثقة عمّار عدم جواز الصلاة فيه. نعم لا يبعد أن يفهم العرف منه الملازمة بين جواز تحليته و جواز لبسه دون الصلاة فيه.

 

81
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 إذا صلى في الذهب جاهلا أو ناسيا فالظاهر صحتها ص 82

[مسألة 22: إذا صلى في الذهب جاهلا أو ناسيا فالظاهر صحتها]

[1290] مسألة 22: إذا صلى في الذهب جاهلا أو ناسيا فالظاهر صحتها (1).

[مسألة 23: لا بأس بكون قاب الساعه من الذهب]

[1291] مسألة 23: لا بأس بكون قاب الساعه من الذهب، إذا لا يصدق عليه الآنية، و لا بأس باستصحابها أيضا في الصلاة إذا كان في جيبه حيث إنه يعدّ من المحمول، نعم إذا كان زنجير الساعة من الذهب و علّقه على رقبته أو وضعه في جيبه لكن علق رأس الزنجير يحرم، لأنه تزيين بالذهب، و لا تصح الصلاة فيه أيضا (2).

[مسألة 24: لا فرق في حرمة لبس الذهب بين أن يكون ظاهرا مرثيا أو لم يكن ظاهرا]

[1292] مسألة 24: لا فرق في حرمة لبس الذهب بين أن يكون ظاهرا مرثيا أو لم يكن ظاهرا.

[مسألة 25: لا بأس بافتراش الذهب]

[1293] مسألة 25: لا بأس بافتراش الذهب، و يشكل التدثر به (3).

______________________________
(1) في إطلاق ذلك إشكال بل منع، فإنه لا يتمّ فيما إذا كان جهله بالمسألة بسيطا و لم يكن معذورا فيه فحينئذ لا يمكن الحكم بالصحّة بحديث (لا تعاد) لما مرّ من أنه لا يشمل مثل هذا الجاهل. نعم لو كان جهله بها مركّبا، أو كان بسيطا و لكنه كان معذورا فيه كما إذا كان مستندا الى اجتهاده أو تقليده، فعندئذ يحكم بصحّتها بمقتضى هذا الحديث.

(2) في ثبوت حرمة التزيين بالذهب إشكال بل منع، لضعف نصوصها الدالّة عليها و على تقدير ثبوتها فهي لا تمنع عن صحّة الصلاة إلّا إذا كان التزيين متّحدا مع الصلاة في الخارج، و الفرض عدمه. نعم لو علّق زنجير الساعة على رقبته فهو لبس فيكون مانعا عن الصلاة، و أما لو وضعه في جيبه و لكن علّق رأس الزنجير، فالظاهر عدم كونه لبسا.

(3) فيه: إن أريد بذلك الالتحاف و الالتفاف به فالظاهر أنه غير جائز فإنه لبس بنظر العرف. و إن أريد به مجرّد التغطّي بالغطاء فلا مانع منه حيث لا يصدق‌

 

82
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

السادس أن لا يكون حريرا محضا للرجال ص 83

[السادس: أن لا يكون حريرا محضا للرجال]

السادس: أن لا يكون حريرا محضا للرجال (1) سواء كان ساترا للعورة أو كان الساتر غيره و سواء كان مما تتم فيه الصلاة أو لا على الأقوى (2) كالتكة و القلنسوة و نحوهما، بل يحرم لبسه في غير حال الصلاة أيضا إلا مع الضرورة لبرد أو مرض و في حال الحرب، و حينئذ تجوز الصلاة فيه أيضا (3)، و إن كان الأحوط أن يجعل ساتره من غير الحرير، و لا بأس به للنساء، بل تجوز صلاتهن فيه أيضا على الأقوى، بل و كذا الخنثى المشكل (4)، و كذا لا بأس بالممتزج بغيره من قطن أو غيره مما يخرجه عن صدق الخلوص

______________________________
عليه اللبس.

(1) على الأحوط وجوبا باعتبار أن ما دلّ على عدم جواز الصلاة فيه معارض بما دلّ على الجواز فيسقط من جهة المعارضة، فمقتضى القاعدة الجواز، و لكن بما أن المشهور بين الأصحاب بل لم ينقل الخلاف منهم في المسألة، فمن أجل ذلك لا بدّ من الاحتياط فيها.

(2) في القوّة إشكال و لا يبعد الجواز، لأن ما دلّ على عدم جواز الصلاة فيما لا تتمّ فيه معارض بما دلّ على الجواز كصحيحة الحلبي فيسقط من جهة المعارضة، فيرجع الى الأصل العملي في المسألة و هو أصالة البراءة عن مانعية ذلك عن الصلاة.

(3) في الجواز إشكال بل منع، حيث أنه لا ملازمة بين جواز لبس الحرير في حال الاضطرار و جواز الصلاة فيه إلّا إذا كان مضطرّا الى لبسه في حال الصلاة أيضا.

(4) بل وظيفته الاحتياط و عدم جواز لبسه و لا الصلاة فيه للعلم الإجمالي إما بحرمة لبسه عليه أو بوجوب ستر تمام بدنه ما عدا الوجه و الكفّين في الصلاة أو وجوب الستر عليه من الرجال، فحينئذ لا مناص من الاحتياط.

 

83
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

السادس أن لا يكون حريرا محضا للرجال ص 83

و المحوضة، و كذا لا بأس بالكف به و إن زاد على أربع أصابع، و إن كان الأحوط ترك ما زاد عليها، و لا بأس بالمحمول منه أيضا و إن كان مما تتم فيه الصلاة.

[مسألة 26: لا بأس بغير الملبوس من الحرير كالافتراش و الركوب عليه و التدثر به]

[1294] مسألة 26: لا بأس بغير الملبوس من الحرير كالافتراش و الركوب عليه و التدثر به (1) و نحو ذلك في حال الصلاه و غيرها، و لا بزر الثياب و أعلامها و السفائف و القياطين الموضوعة عليها و إن تعددت و كثرت.

[مسألة 27: لا يجوز جعل البطانة من الحرير للقميص و غيره]

[1295] مسألة 27: لا يجوز جعل البطانة من الحرير للقميص و غيره و إن كان إلى نصفه، و كذا لا يجوز لبس الثوب الذي أحد نصفيه حرير، و كذا إذا كان طرف العمامة منه إذا كان زائدا على مقدار الكف (2)، بل على أربعة أصابع على الأحوط.

[مسألة 28: لا بأس بما يرقع به الثوب من الحرير إذا لم يزد على مقدار الكف]

[1296] مسألة 28: لا بأس بما يرقع به الثوب من الحرير إذا لم يزد على مقدار الكف (3)، و كذا الثوب المنسوج طرائق بعضها حرير و بعضها غير حرير إذا لم يزد عرض الطرائق من الحرير على مقدار الكف، و كذا لا بأس بالثوب الملفق من قطع بعضها حرير و بعضها غيره بالشرط المذكور.

[مسألة 29: لا بأس بثوب جعل الإبريسم بين ظهارته و بطانته]

[1297] مسألة 29: لا بأس بثوب جعل الإبريسم بين ظهارته و بطانته (4)

______________________________
(1) هذا إذا لم يكن على نحو الالتحاف و الالتفاف به، و إلّا فهو لبس كما مرّ.

(2) فيه: أن العبرة إنما هي بصدق لبس الحرير الخالص و لا عبرة بالتقدير المذكور و لا دليل عليه.

(3) مرّ أن العبرة إنما هي بصدق اللبس لا بالمقدار المذكور، و به يظهر حال ما بعده.

(4) فيه إشكال بل منع، إذا لا فرق في ثوب بين أن يجعل حشوه من الابريسم غير المنسوج أو يجعله من الابريسم المنسوج فإن العبرة إنما هي بصدق‌

 

84
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 29 لا بأس بثوب جعل الإبريسم بين ظهارته و بطانته ص 84

عوض القطن و نحوه، و أما إذا جعل وصلة من الحرير بينهما فلا يجوز لبسه و لا الصلاة فيه.

[مسألة 30: لا بأس بعصابة الجروح و القروح و خرق الجبيره و حفيظة المسلوس و المبطون إذا كانت من الحرير]

[1298] مسألة 30: لا بأس بعصابة الجروح و القروح و خرق الجبيره و حفيظة المسلوس و المبطون إذا كانت من الحرير.

[مسألة 31: يجوز لبس الحرير لمن كان قملا على خلاف العادة لدفعه]

[1299] مسألة 31: يجوز لبس الحرير لمن كان قملا على خلاف العادة لدفعه، و الظاهر جواز الصلاة فيه حينئذ (1).

[مسألة 32: إذا صلى في الحرير جهلا أو نسيانا]

[1300] مسألة 32: إذا صلى في الحرير جهلا أو نسيانا فالأقوى عدم

______________________________
اللبس حيث أن الحكم يدور مداره، و الفرض أنه يصدق على لبس ثوب يكون حشوه من الحرير بلا فرق بين أن يكون من المنسوج أو غير المنسوج، و عليه فما في المتن من الفرق بينهما في غير محلّه.

و دعوى أن هذا الفرق يقوم على أساس الروايات الدالّة على جواز الصلاة في ثوب يكون حشوه قزّا، بتقريب أن موردها و إن كان القزّ و لكن بعدم القول بالفصل و بما دلّ على أنه من الابريسم يثبت الحكم في ثوب يكون حشوه حريرا، فمن أجل تلك الروايات بنى الماتن قدّس سرّه على الفرق بين المنسوج و غيره حيث أن مورد هذه الروايات غير المنسوج، و لا يمكن التعدّي عنه الى المنسوج ...

مدفوعة؛ بأن موردها القزّ و التعدّي بحاجة الى دليل، و عدم القول بالفصل غير ثابت، و الرواية الدالّة على مساواتهما ضعيفة.

فالنتيجة: كما أنه لا يجوز لبس ثوب جعل بطانته من الحرير كذلك لا يجوز لبس ثوب جعل حشوه من الحرير لمكان صدق لبس الحرير على كلا التقديرين.

(1) تقدّم في المسألة (20) من هذا الفصل عدم الملازمة بين جواز اللبس تكليفا و جواز الصلاة فيه وضعا.

 

85
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 32 إذا صلى في الحرير جهلا أو نسيانا ص 85

وجوب الإعادة و إن كان أحوط (1).

[مسألة 33: يشترط في الخليط أن يكون مما تصح فيه الصلاة كالقطن و الصوف مما يؤكل لحمه]

[1301] مسألة 33: يشترط في الخليط أن يكون مما تصح فيه الصلاة كالقطن و الصوف مما يؤكل لحمه، فلو كان من صوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه لم يكف في صحة الصلاة و إن كان كافيا في رفع الحرمة، و يشترط أن يكون مقدار يخرجه عن صدق المحوضة، فاذا كان يسيرا مستهلكا بحيث يصدق عليه الحرير المحض لم يجز لبسه و لا الصلاة فيه، و لا يبعد كفاية العشر في الإخراج عن الصدق.

[مسألة 34: الثوب الممتزج إذا ذهب جميع ما فيه من غير الإبريسم]

[1302] مسألة 34: الثوب الممتزج إذا ذهب جميع ما فيه من غير الإبريسم من القطن أو الصوف لكثرة الاستعمال و بقي الإبريسم محضا لا يجوز لبسه بعد ذلك.

[مسألة 35: إذا شك في ثوب أنّ خليطه من صوف ما يؤكل لحمه أو ما لا يؤكل]

[1303] مسألة 35: إذا شك في ثوب أنّ خليطه من صوف ما يؤكل لحمه أو ما لا يؤكل فالأقوى جواز الصلاة فيه، و إن كان الأحوط الاجتناب عنه.

[مسألة 36: إذا شك في ثوب أنه حرير محض أو مخلوط جاز لبسه و الصلاة فيه]

[1304] مسألة 36: إذا شك في ثوب أنه حرير محض أو مخلوط جاز لبسه و الصلاة فيه على الأقوى.

[مسألة 37: الثوب من الإبريسم المفتول بالذهب لا يجوز لبسه و لا الصلاة فيه]

[1305] مسألة 37: الثوب من الإبريسم المفتول بالذهب لا يجوز لبسه و لا الصلاة فيه.

[مسألة 38: إذا انحصر ثوبه في الحرير]

[1306] مسألة 38: إذا انحصر ثوبه في الحرير فإن كان مضطرا إلى لبسه لبرد أو غيره فلا بأس بالصلاة فيه (2)، و إلّا لزم نزعه و إن لم يكن له ساتر غيره فيصلي حينئذ عاريا، و كذا إذا انحصر في الميتة أو المغصوب أو الذهب، و كذا إذا انحصر في غير المأكول، و أما إذا انحصر في النجس

______________________________
(1) مرّ الكلام فيه في المسألة (22) من هذا الفصل.

(2) تقدّم حكمه آنفا.

 

86
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 38 إذا انحصر ثوبه في الحرير ص 86

فالأقوى جواز الصلاة فيه و إن لم يكن مضطرا إلى لبسه، و الأحوط تكرار الصلاة، بل و كذا في صورة الانحصار في غير المأكول فيصلي فيه ثم يصلي عاريا.

[مسألة 39: إذا اضطر إلى لبس أحد الممنوعات من النجس و غير المأكول و الحرير و الذهب و الميتة و المغصوب]

[1307] مسألة 39: إذا اضطر إلى لبس أحد الممنوعات من النجس و غير المأكول و الحرير و الذهب و الميتة و المغصوب قدّم النجس على الجميع ثم غير المأكول ثم الذهب و الحرير و يتخير بينهما ثم الميتة (1)، فيتأخر

______________________________
(1) في تقديم الذهب و الحرير على الميتة إشكال بل منع، حتى على القول بحرمة لبس الميتة إذ على هذا القول فالوظيفة هي التخيير بين الصلاة في الذهب أو الحرير و الصلاة في الميتة إلّا إذا كانت حرمة إحداهما أهمّ، أو محتمل الأهميّة من حرمة الآخر، فعندئذ يتعيّن اختياره و الصلاة فيه. و أما على القول بعدم حرمة لبس الميتة تكليفا كما هو الصحيح و إنما يكون لبسها مانعا عن الصلاة فحسب فحينئذ يتعيّن تقديم الميتة على الذهب أو الحرير إذا دار الأمر بينهما، باعتبار أن المكلّف لا يكون مضطرّا الى لبس الذهب أو الحرير حينئذ حيث أن بإمكانه رفع الاضطرار بلبس الميتة الذي لا يكون محرّما، نظير ما إذا اضطرّ المكلّف الى شرب أحد الماءين يكون واحد منهما مغصوبا و الآخر مباحا، ففي مثل ذلك لا بدّ من اختيار شرب الماء المباح و رفع اضطراره به و لا يجوز له اختيار شرب الماء المغصوب لعدم اضطراره الى شربه. و ما نحن فيه من هذا القبيل، فإذن لا بدّ من تقديم الميتة على الذهب و الحرير. و أما بالنسبة الى غير المأكول فهو مخيّر إلّا إذا كانت الميتة من غير المأكول فعندئذ لا بدّ من تقديم غير المأكول على الميتة باعتبار أن مانعية الميتة عن الصلاة من جهتين، من جهة أنها ميتة و من جهة أنها من غير المأكول. و حيث أن المكلّف مضطرّ الى الصلاة مقترنة بوجود مانع فحينئذ إذا أتى بها في غير المأكول كانت مقترنة بمانع واحد، و إذا أتى بها في الميتة‌

 

87
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 39 إذا اضطر إلى لبس أحد الممنوعات من النجس و غير المأكول و الحرير و الذهب و الميتة و المغصوب ص 87

المغصوب عن الجميع.

[مسألة 40: لا بأس بلبس الصبي الحرير]

[1308] مسألة 40: لا بأس بلبس الصبي الحرير، فلا يحرم على الولي إلباسه إياه، و تصح صلاته فيه بناء على المختار من كون عباداته شرعية (1).

[مسألة 41: يجب تحصيل الساتر للصلاة و لو بإجارة أو شراء]

[1309] مسألة 41: يجب تحصيل الساتر للصلاة و لو بإجارة أو شراء و لو كان بأزيد من عوض المثل ما لم يجحف بماله و لم يضر بحاله، و يجب قبول الهبة أو العارية ما لم يكن فيه حرج، بل يجب الاستعارة و الاستيهاب كذلك.

[مسألة 42: يحرم لبس لباس الشهرة بأن يلبس خلاف زيّه]

[1310] مسألة 42: يحرم لبس لباس الشهرة بأن يلبس خلاف زيّه (2) من حيث جنس اللباس أو من حيث لونه أو من حيث وضعه و تفصيله و خياطته كأن يلبس العالم لباس الجندي أو بالعكس مثلا، و كذا يحرم على الأحوط لبس الرجال ما يختص بالنساء و بالعكس (3)، و الأحوط ترك الصلاة فيهما،

______________________________
كانت مقترنة بمانعين مع أنه لم يكن مضطرّا الى اقترانها بأكثر من مانع واحد، فإذن لا محالة يكون الاقتران بالمانع الثاني عمديّا فيكون مبطلا للصلاة.

(1) قد مرّ أنه لا ملازمة بين الجواز التكليفي و الجواز الوضعي و هو صحّة الصلاة فيه.

(2) في الحرمة إشكال بل منع، إذ لم يقم دليل على أن لباس الشهرة بعنوانه محرّم، فإن عمدة الدليل عليها قوله عليه السّلام في صحيحة أبي أيوب الخزّاز: (إن الله يبغض شهرة اللباس) «1»، و لكن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي أن مبغوضيّة شهرة اللباس باعتبار ما يترتّب عليها من اللوازم الفاسدة كهدر كرامة الانسان و هتك حرمته أو تؤدّي الى كبريائه هذا إضافة الى أن المبغوضيّة لا تساوق الحرمة.

(3) بل على الأحوط الأولى لعدم الدليل على ذلك حتى فيما إذا تزيّن‌

______________________________
(1) الوسائل ج 5 باب: 12 من أبواب أحكام الملابس و لو في غير الصّلاة الحديث: 1.

 

88
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 42 يحرم لبس لباس الشهرة بأن يلبس خلاف زيه ص 88

و إن كان الأقوى عدم البطلان (1).

[مسألة 43: إذا لم يجد المصلي ساترا حتى ورق الأشجار و الحشيش]

[1311] مسألة 43: إذا لم يجد المصلي ساترا حتى ورق الأشجار و الحشيش (2) فإن وجد الطين أو الوحل أو الماء الكدر أو حفرة يلج فيها

______________________________
إحداهما بزىّ الأخرى. و أما رواية التشبيه فمضافا الى ضعفها سندا فهي لا تدلّ على الحرمة بعنوان التشبيه في اللباس لقوّة احتمال أن يكون المراد من التشبيه فيها التشبّه في التذكير و التأنيث كما فسّر بذلك في رواية أخرى، فإذن تكون الرواية مجملة حيث يستبعد عرفا أن يكون لبس الرجال ما يختصّ بالنساء و بالعكس بعنوانه محرّما.

نعم قد يكون محرّما بعنوان ثانوي كالهتك أو التنقيص أو هدر الكرامة، كما إذا لبس شخص لباس امرأة آخر فإنه يؤدّي الى هدر كرامته و هتك حرمته.

(1) هذا لا ينجسم مع حكمه قدّس سرّه بحرمة لبس الرجال ما يختصّ بالنساء و بالعكس على الأحوط، فإن لازم ذلك أن يكون ترك الصلاة فيهما واجبا احتياطيّا باعتبار أنه قدّس سرّه يرى أن حرمة الستر مانعة عن الصلاة، و إباحته شرط لصحّتها. نعم بناء على ما قوّيناه في أول هذا الفصل من أن حرمة الستر لا تكون مانعة عنها، و إباحته لا تكون شرطا، فحينئذ و إن قلنا بحرمة لبس كلّ منهما ما يختصّ بالآخر فمع ذلك لا مانع من الصلاة فيه.

(2) تقدّم في المسألة (16) من (الستر و الساتر)؛ أن الستر بورق الأشجار أو الحشيش في طول الستر بالملابس، فإذا لم تتوفّر لدى المصلّي ملابس وجب عليه أن يتستّر بغير الملابس ممّا تيسّر له كورق الأشجار أو الحشيش أو الطين أو الوحل أو الماء الكدر أو الحفرة أو نحو ذلك ممّا يستر به العورة و يصلّي قائما حينئذ مع الركوع و السجود. و أما الستر بالطين أو الوحل أو الحفرة أو الماء الكدر فهو في عرض الستر بورق الأشجار أو الحشيش لا في طوله، و يستفاد ذلك من ظاهر‌

 

89
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 43 إذا لم يجد المصلي ساترا حتى ورق الأشجار و الحشيش ص 89

و يتستر بها أو نحو ذلك مما يحصل به ستر العورة صلى صلاة المختار قائما مع الركوع و السجود، و إن لم يجد ما يستر به العوره أصلا فإن أمن من الناظر بأن لم يكن هناك ناظر أصلا أو كان و كان أعمى أو في ظلمة أو علم بعدم نظره أصلا أو كان ممن لا يحرم نظره إليه كزوجته أو أمته فالأحوط تكرار الصلاة (1) بأن يصلي صلاة المختار تارة و مؤمئا للركوع و السجود أخرى قائما، و إن لم يأمن من الناظر المحترم صلى جالسا و ينحني للركوع و السجود (2) بمقدار لا يبدو عورته، و إن لم يمكن فيومئ برأسه، و إلا فبعينيه، و يجعل الانحاء أو الإيماء للسجود أزيد من الركوع (3)، و يرفع ما يسجد عليه و يضع جبهته عليه (4)، و في صورة القيام يجعل يده على قبله

______________________________
قوله عليه السّلام في صحيحة علىّ بن جعفر: (إن أصاب حشيشا يستر به عورته أتمّ صلاته بالركوع و السجود و إن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ و هو قائم ...) «1»، إذ لا يفهم العرف منه أن للحشيش خصوصيّة بل باعتبار أن العورة تستر به كما هو مقتضى قوله عليه السّلام: (و إن لم يصب شيئا يستر به عورته) إذ يفهم منه أن المناط بستر العورة بأىّ شي‌ء كان و لو كان بالطين أو الوحل.

(1) بل الأقوى كفاية الصلاة قائما مع الايماء كما هي مقتضى جملة من الروايات.

(2) فيه إشكال بل منع، و الظاهر عدم الوجوب حيث أنه لا دليل في المسألة إلّا صحيحة زرارة و هي تدلّ على وجوب الصلاة جالسا مع الايماء بدلا عنهما دون الانحناء لهما.

(3) فيه إشكال بل منع، و الأقوى عدم وجوب الزيادة باعتبار أن ما يدلّ عليها ضعيف. نعم لا بأس بالاحتياط.

(4) على الأحوط الأولى، حيث لم يقم دليل على ذلك إلّا إذا صدق عليه‌

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 50 من أبواب لباس المصلّي الحديث: 1.

 

90
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 43 إذا لم يجد المصلي ساترا حتى ورق الأشجار و الحشيش ص 89

على الأحوط (1).

[مسألة 44: إذا وجد ساترا لإحدى عورتيه ففي وجوب تقديم القبل أو الدبر أو التخيير بينهما وجوه]

[1312] مسألة 44: إذا وجد ساترا لإحدى عورتيه ففي وجوب تقديم القبل أو الدبر أو التخيير بينهما وجوه أوجهها الوسط (2).

______________________________
أدنى مرتبة السجود فحينئذ يجب.

(1) لا بأس بتركه حيث لا دليل عليه، و قد تقدّم أن الستر باليد ليس من الستر الصلاتي و لا إطلاق لأدلّة وجوب الستر بنحو يشمله، و صحيحة زرارة و إن دلّت على وضع المرأة يدها على فرجها و الرجل على سوأته، إلّا أنها لا تدلّ على أن الستر باليد من الستر الصلاتي لو لم تدلّ على أنه من الناظر المحترم، فلا أقلّ من الاجمال.

(2) هذا مبنىّ على أن أمثال المقام داخلة في باب التزاحم، و حينئذ فلا بدّ من الرجوع الى مرجّحات ذلك الباب، و بما أن الصلاة مع الركوع و السجود أهمّ من الصلاة مع الايماء بدلا عنهما، فلا بدّ من تقديم الأولى على الثانية بستر الدبر دون القبل، و لكن قد ذكرنا غير مرّة أن المقام داخل في باب التعارض، فإن الأمر بالصلاة مع ستر العورتين قد سقط جزما من جهة عدم قدرة المكلّف على سترهما معا فيها، و بما أن الصلاة لا تسقط بحال، فيعلم إجمالا بجعل الأمر بها في هذا الحال مع ستر إحدى العورتين، و لكن لا يدري أن المجعول هو الأمر بالصلاة مع ستر الدبر أو الأمر بها مع ستر القبل، فإذن تقع المعارضة بين دليل وجوب ستر الدبر في الصلاة و دليل وجوب ستر القبل فيها، و حينئذ فلا بدّ من الرجوع الى مرجّحات بابها و بما أنه لا ترجيح في البين فالنتيجة هي التخيير، فيكون المكلّف مخيّرا بينهما.

و أما صحيحة زرارة الدالّة على أن الموجب لسقوط الركوع و السجود هو بدو ما خلفه فلا تدلّ على ترجيح ستر الدبر على القبل و ذلك لأن موردها المكلّف‌

 

91
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 45 يجوز للعراة الصلاة متفرقين ص 92

[مسألة 45: يجوز للعراة الصلاة متفرقين]

[1313] مسألة 45: يجوز للعراة الصلاة متفرقين، و يجوز بل يستحب لهم الجماعة و إن استلزمت للصلاة جلوسا و أمكنهم الصلاة مع الانفراد قياما، فيجلسون و يجلس الإمام وسط الصف و يتقدمهم بركبتيه و يومئون للركوع و السجود (1)، إلا إذا كانوا في ظلمة آمنين من نظر بعضهم إلى بعض

______________________________
العاري الذي لا يكون عنده ساتر أصلا، و تدلّ على أن وظيفته الصلاة مع الايماء عوضا عن الركوع و السجود دونهما معلّلا بأنهما يؤدّيان الى بدو ما خلفه، و أما إذا كان عنده ساتر يكفي لأحدهما دون الآخر فلا تدلّ الصحيحة بمقتضى تعليلها على تقديم ستر الدبر على القبل بل هي أجنبيّة عن هذه المسألة. هذا إضافة الى أنها لا تكون ظاهرة في أن بدو ما خلفه بالركوع و السجود مانع عن الصلاة بملاك أن عدمه معتبر فيها، بل من المحتمل فيها أن يكون ذلك من جهة وجود الناظر المحترم، فالصحيحة لو لم تكن ظاهرة في الأول فلا تكون ظاهرة في الثاني.

(1) فيه إشكال بل منع، و الأظهر أن الامام يصلّي مع الايماء بدلا عن الركوع و السجود، و المأمومين يصلّون مع الركوع و السجود خلفه، و قد نصّت على ذلك موثقة إسحاق بن عمّار. و لكن لا بدّ من حمل الموثقة على صورة كونهم آمنين من الناظر المحترم حتى من نظر بعضهم الى بعض، و ذلك لقرينة داخلية و خارجية.

أما الداخلية فلأن الموثقة الآمرة للإمام بالايماء و المأمومين بالركوع و السجود قرينة على أن هذا الاختلاف بينهما لا يمكن أن يكون جزافا بل لا محالة يكون مبنيّا على نكتة و تلك النكتة ليست إلّا أن الامام لا يكون آمنا من نظر المأمومين، و أما المأمومون فهم آمنون من نظر بعضهم الى بعض، باعتبار أنهم في حال الصلاة لا يتمكّنون من ذلك.

و من هنا لا بدّ من حمل مورد الموثقة على صف واحد، و إلّا فلا يجوز لهم الركوع و السجود حيث أن ما خلفهم يبدو للصفّ الثاني و هو منهىّ عنه في‌

 

92
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 45 يجوز للعراة الصلاة متفرقين ص 92

فيصلون قائمين صلاة المختار تارة و مع الإيماء أخرى (1) على الأحوط.

[مسألة 46: الأحوط بل الأقوى تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت]

[1314] مسألة 46: الأحوط بل الأقوى تأخير الصلاة (2) عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت.

[مسألة 47: إذا كان عنده ثوبان يعلم أن أحدهما حرير أو ذهب]

[1315] مسألة 47: إذا كان عنده ثوبان يعلم أن أحدهما حرير أو ذهب أو

______________________________
صحيحة زرارة. و ممّا يؤكّد أن موردها الصفّ الواحد هو تقدّم الامام عليهم بركبتيه فحسب لا بتمام جسده لما فيه من الحزازة و قبح المنظر. و أما القرينة الخارجية فلما ورد من الأمر بالصلاة جالسا مع الايماء إذا كان غير مأمون من الناظر المحترم و قائما مع الايماء إذا كان مأمونا منه. و قد ورد في بعضها النهي عن الركوع و السجود معلّلا بأنهما يستلزمان بروز ما خلفه.

فإذن لا تنافي بين الموثقة و صحيحة زرارة، فإن الصحيحة إما محمولة على ما إذا لم يكن المصلّي مأمونا من الناظر المحترم فمن أجل ذلك أمر فيها بالصلاة جالسا مع الايماء، و نهى عن السجود و الركوع معلّلا بأنهما يؤدّيان الى بروز ما خلفه أو إجمالها من هذه الناحية.

(1) في الجمع بينهما إشكال بل منع، حيث أن لهم الاكتفاء بالصلاة قائما فرادى مع الايماء كما هو مقتضى جملة من الروايات. و أما مشروعيّة صلاة الجماعة لهم قائما مع الركوع و السجود في هذا الحال فهي بحاجة الى دليل، و الدليل قد دلّ على مشروعيّة الجماعة للعراة جالسا و هو صحيحة عبد الله بن سنان و موثقة إسحاق بن عمّار على الكيفيّة التي قد مرّت و لا دليل على مشروعيّة الجماعة لهم قائما مع الركوع و السجود، بل و لا مع الايماء عوضا عنهما.

(2) في القوّة إشكال بل منع، إذ لا مانع من جواز البدار و الاتيان بالصلاة عاريا قائما أو جالسا مع الايماء ظاهرا أو برجاء بقاء العذر و وجود الأمر بها واقعا، غاية الأمر إن استمرّ العذر كفت، و إن لم يستمر و تمكّن من الستر أعادها معه.

 

93
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 47 إذا كان عنده ثوبان يعلم أن أحدهما حرير أو ذهب ص 93

مغصوب و الآخر مما تصح فيه الصلاه لا تجوز الصلاة في واحد منهما بل يصلي عاريا، و إن علم أن أحدهما من غير المأكول و الآخر من المأكول أو أن أحدهما نجس و الآخر طاهر صلى صلاتين، و إذا ضاق الوقت و لم يكن إلا مقدار صلاة واحدة يصلي عاريا في الصورة الاولى (1) و يتخير بينهما في الثانية.

[مسألة 48: المصلي مستلقيا أو مضطجعا لا بأس بكون فراشه أو لحافه نجسا أو حريرا أو من غير المأكول]

[1316] مسألة 48: المصلي مستلقيا أو مضطجعا لا بأس بكون فراشه أو لحافه نجسا أو حريرا أو من غير المأكول (2) إذا كان له ساتر غيرهما، و إن كان يتستر بهما أو باللحاف فقط فالأحوط كونهما مما تصح فيه الصلاة.

[مسألة 49: إذا لبس ثوبا طويلا جدا و كان طرفه الواقع على الأرض الغير المتحرك بحركات الصلاة نجسا]

[1317] مسألة 49: إذا لبس ثوبا طويلا جدا و كان طرفه الواقع على الأرض الغير المتحرك بحركات الصلاة نجسا أو حريرا أو مغصوبا أو مما لا يؤكل فالظاهر عدم صحة الصلاة ما دام يصدق أنه لا بس ثوبا كذائيا (3)، نعم لو

______________________________
(1) بل الوظيفة فيها التخيير أيضا؛ و ذلك لأن الصلاة عاريا وظيفة من كان ساتره منحصرا فيما لا يؤكل، و المسألة ليست كذلك حيث أن المكلّف فيها مأمور بالصلاة في الساتر الشرعي، و عليه فوظيفته أن يحتاط فيها بتكرار الصلاة حتى يحصل له القطع بالموافقة إن أمكن و إلّا فيأتي بها في أحدهما مخيّرا لا الصلاة عاريا، فإن فيها مخالفة قطعية عملية.

(2) الظاهر بطلان الصلاة في اللحاف إذا كان من غير المأكول، حيث لا فرق في بطلانها فيه بين الملبوس و المحمول.

(3) هذا لا يتمّ في الثوب المغصوب لما قوّيناه في أول هذا الفصل من أن غصبيّة الساتر و إن كان فعليّا لم تمنع عن صحّة الصلاة، و لا في الحرير أيضا لما مرّ من أن الممنوع هو الصلاة في الحرير المحض، و أما إذا كان بعض أجزاء الثوب حريرا فلا يصدق على الصلاة فيه أنها صلاة في الحرير المحض، و أما فيما لا يؤكل‌

 

94
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 49 إذا لبس ثوبا طويلا جدا و كان طرفه الواقع على الأرض الغير المتحرك بحركات الصلاة نجسا ص 94

كان بحيث لا يصدق لبسه بل يقال لبس هذا الطرف منه كما إذا كان طوله عشرين ذراعا و لبس بمقدار ذراعين منه أو ثلاثة و كان الطرف الآخر مما لا تجوز الصلاة فيه فلا بأس به.

[مسألة 50: الأقوى جواز الصلاة فيما يستر ظهر القدم و لا يغطي الساق]

[1318] مسألة 50: الأقوى جواز الصلاة فيما يستر ظهر القدم و لا يغطي الساق كالجورب و نحوه.

______________________________
فقد تقدّم أن الممنوع هو الصلاة فيه أعمّ من أن يكون على نحو الظرفية أو على نحو المعيّة، و أما إذا كان طرف منه الواقع على الأرض الخارج عن المتعارف من أجزاء ما لا يؤكل فإن صدق على الصلاة فيه عنوان الصلاة في غير المأكول بطلت و إلّا لم تبطل. نعم ما في المتن يتمّ في الذهب و الثوب النجس، أما في الأول فلأن الممنوع فيه عنوان اللبس و الصلاة فيه، و أما في الثاني فلأن جزءا من الثوب حال الصلاة إذا كان نجسا كان مانعا عنها.

 

95
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في ما يكره من اللباس حال الصلاة ص 96

[فصل في ما يكره من اللباس حال الصلاة]

فصل في ما يكره من اللباس حال الصلاة و هي أمور:

أحدها: الثوب الأسود حتى للنساء عدا الخف و العمامة و الكساء و منه العباء، و المشبع منه أشد كراهة، و كذا المصبوغ بالزعفران أو العصفر، بل الأولى اجتناب مطلق المصبوغ.

الثاني: الساتر الواحد الرقيق.

الثالث: الصلاة في السروال وحده و إن لم يكن رقيقا، كما أنه يكره للنساء الصلاة في ثوب واحد و إن لم يكن رقيقا.

الرابع: الاتّزار فوق القميص.

الخامس: التوشح، و تتأكد كراهته للإمام، و هو إدخال الثوب تحت اليد اليمنى و إلقاؤه على المنكب الأيسر بل أو الأيمن.

السادس: في العمامة المجردة عن السدل و عن التحنّك اي التلحي، و يكفي في حصوله ميل المسدول إلى جهة الذقن، و لا يعتبر إدارته تحت الذقن و غرزه في الطرف الاخر، و إن كان هذا أيضا أحد الكيفيات له.

السابع: اشتمال الصماء بأن يجعل الرداء على كتفه و إدارة طرفه تحت إبطه و إلقائه على الكتف.

الثامن: التحزم للرجل.

 

96
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في ما يكره من اللباس حال الصلاة ص 96

التاسع: النقاب للمرأة إذا لم يمنع من القراءة و إلا أبطل.

العاشر: اللثام للرجل إذا لم يمنع من القراءة.

الحادي عشر: الخاتم الذي عليه صورة.

الثاني عشر: استصحاب الحديد البارز.

الثالث عشر: لبس النساء الخلخال الذي له صوت.

الرابع عشر: القباء المشدود بالزرور الكثيرة أو بالحزام.

الخامس عشر: الصلاة محلول الأزرار.

السادس عشر: لباس الشهرة إذا لم يصل إلى حد الحرمة أو قلنا بعدم حرمته.

السابع عشر: ثوب من لا يتوقى من النجاسة خصوصا شارب الخمر و كذا المتهم بالغصب.

الثامن عشر: ثوب ذو تماثيل.

التاسع عشر: الثوب الممتزج بالإبريسم.

العشرون: ألبسة الكفار و أعداء الدين.

الحادي و العشرون: الثوب الوسخ.

الثاني و العشرون: السنجاب.

الثالث و العشرون: ما يستر ظهر القدم من غير أن يغطي الساق.

الرابع و العشرون: الثوب الذي يوجب التكبر.

الخامس و العشرون: لبس الشائب ما يلبسه الشبان.

السادس و العشرون: الجلد المأخوذ ممن يستحل الميتة بالدباغ.

السابع و العشرون: الصلاة في النعل من جلد الحمار.

الثامن و العشرون: الثوب الضيق اللاصق بالجلد.

 

97
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في ما يكره من اللباس حال الصلاة ص 96

التاسع و العشرون: الصلاة مع الخضاب قبل أن يغسل.

الثلاثون: استصحاب الدرهم الذي عليه صورة.

الواحد و الثلاثون: إدخال اليد تحت الثوب إذا لاصقت البدن.

الثاني و الثلاثون: الصلاة مع نجاسة ما لا تتم فيه الصلاة كالخاتم و التكة و القلنسوة و نحوها.

الثالث و الثلاثون: الصلاة في ثوب لاصق وبر الأرنب أو جلده مع احتمال لصوق الوبر به.

 

98
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في ما يستحب من اللباس ص 99

[فصل في ما يستحب من اللباس]

فصل في ما يستحب من اللباس و هي أيضا أمور:

أحدها: العمامة مع التحنك.

الثاني: الرداء خصوصا للإمام، بل يكره له تركه.

الثالث: تعدد الثياب، بل يكره في الثوب الواحد للمرأة كما مر.

الرابع: لبس السراويل.

الخامس: أن يكون اللباس من القطن أو الكتان.

السادس: أن يكون أبيض.

السابع: لبس الخاتم من العقيق.

الثامن: لبس النعل العربية.

التاسع: ستر القدمين للمرأة.

العاشر: ستر الرأس في الأمة و الصبية، و أما غيرهما من الإناث فيجب كما مر.

الحادي عشر: لبس أنظف ثيابه.

الثاني عشر: استعمال الطيب، ففي الخبر ما مضمونه الصلاة مع الطيب تعادل سبعين صلاة.

الثالث عشر: ستر ما بين السرة و الركبة.

الرابع عشر: لبس المرأة قلادتها.

 

99
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مكان المصلي ص 100

[فصل في مكان المصلي]

فصل في مكان المصلي و المراد به ما استقر عليه و لو بوسائط و ما شغله من الفضاء في قيامه و قعوده و ركوعه و سجوده و نحوها، و يشترط فيه أمور:

[أحدها: إباحته]

أحدها: إباحته، فالصلاة في المكان المغصوب باطلة (1)، سواء تعلق الغصب بعينه أو بمنافعه كما إذا كان مستأجرا و صلى فيه شخص من غير إذن المستأجر و إن كان مأذونا من قبل المالك أو تعلق به حق كحق

______________________________
(1) في إطلاقه إشكال بل منع، اذ لا تعتبر إباحة المكان حال القراءة و الركوع و الأذكار حيث أنها لا تتّحد مع الحرام و هو التصرّف في المكان المغصوب، و إنما المعتبر إباحته في حال السجود بأن تكون المواضع السبعة له على الأرض المباحة، بملاك أن السجود عليها بنفسه تصرّف فيها فيكون الواجب متّحدا مع الحرام حينئذ. و من هنا لو أتى بها في الأرض المغصوبة و لكنه حين إرادة السجود تقدّم بضع خطوات فدخل في حدود الأرض المباحة و سجد عليها و كانت أعضاء سجوده السبعة كلها خارج نطاق الغصب صحّت صلاته، لأن بطلان الصلاة بسبب الغصب يدور مدار المكان الغصبي حال سجوده، فإن كان مكانه في هذه الحالة مغصوبا بطلت صلاته و إلّا فهي صحيحة، و نقصد بالمكان الذي يعتبر أن يكون مباحا ما يضع المصلّي جسمه و ثقله عليه دون الفضاء أو السقف أو الجدار أو الخيمة، و بذلك يظهر حال المسائل الآتية.

 

100
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

أحدها إباحته ص 100

الرهن (1) و حق غرماء الميت (2) و حق الميت إذا أوصى بثلثه و لم يفرز بعد و لم يخرج منه و حق السبق كمن سبق إلى مكان من المسجد (3) أو غيره

______________________________
(1) فيه: أن حقّ الرهن لا يمنع من التصرّف الذي لا يكون منافيا له سواء أ كان من المرتهن أم كان من غيره، و على هذا فلا مانع من الصلاة في الدار المرهونة إذا كان مأذونا من قبل صاحبها حيث أنها لا تنافي حقّ الرهن المتعلّق بها المتمثّل في كونها وثيقة للمرتهن، فكلّ تصرّف لا ينافي الوثيقة لا يكون منافيا لحقّه.

(2) هذا مبنىّ على القول بانتقال جميع التركة الى ورثة الميّت متعلّقة لحقّ الغرماء و أنها لا تمنع من تصرّفهم فيها فيما عدا المقدار المعادل لحقّهم، لأن المستفاد من الدليل أن نسبة ما تعلّق به حقّهم من التركة إليها نسبة الكلّي في المعيّن لا الاشاعة، و على ذلك فلا يجوز لهم التصرّف في المقدار المذكور إذا لم يبق من التركة إلّا هذا المقدار فحسب، و أما التصرّف فيما عداه فلا مانع منه و لا يتوقّف على رضاهم.

و لكن هذا المبنى غير صحيح، و ذلك لأن ظاهر الآية الشريفة كقوله تعالى:

(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ)* و الروايات الدالّة على أن الارث بعد الوصية و الدين، هو أن المقدار المعادل للدين من التركة يظلّ باقيا في ملك الميّت و لا ينتقل الى الورثة، فتكون التركة مشتركة بينهما على نحو الكلّي في المعيّن دون الاشاعة بدليل أنه إذا تلف من التركة شي‌ء كان التالف من حصّة الورثة دون الميّت، فمن أجل ذلك يجوز التصرّف فيها فيما عدا المقدار المعادل للدين، و لا يتوقّف جوازه فيما عداه على إذن ولىّ الميّت من الوصىّ إن كان و إلّا فالحاكم الشرعي.

نعم إن تصرّفهم في ذلك المقدار غير جائز إلّا بإذن الولي، باعتبار أنه تصرّف في مال غيرهم.

(3) في بطلان الصلاة به إشكال بل منع، فإن المتيقّن هو ثبوت هذا الحقّ‌

 

101
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

أحدها إباحته ص 100

فغصبه منه غاصب على الأقوى و نحو ذلك، و إنما تبطل الصلاة إذا كان عالما عامدا، و أما إذا كان غافلا أو جاهلا أو ناسيا فلا تبطل (1)، نعم لا يعتبر العلم بالفساد، فلو كان جاهلا بالفساد مع علمه بالحرمة و الغصبية كفى في البطلان (2)، و لا فرق بين النافلة و الفريضة في ذلك على الأصح.

[مسألة 1: إذا كان المكان مباحا و لكن فرش عليه فرش مغصوب فصلى على ذلك الفرش بطلت صلاته]

[1319] مسألة 1: إذا كان المكان مباحا و لكن فرش عليه فرش مغصوب فصلى على ذلك الفرش بطلت صلاته، و كذا العكس.

[مسألة 2: إذا صلى على سقف مباح و كان ما تحته من الأرض مغصوبا]

[1320] مسألة 2: إذا صلى على سقف مباح و كان ما تحته من الأرض مغصوبا فإن كان السقف معتمدا على تلك الأرض تبطل الصلاة عليه، و إلا فلا، لكن إذا كان الفضاء الواقع فيه السقف مغصوبا أو كان الفضاء الفوقاني

______________________________
له ما دام يظلّ جالسا فيه، فإنه حينئذ لا تجوز مزاحمته و دفعه من هذا المكان فلو فعل ذلك أثم، و أما ثبوته و لو بعد دفعه عنه فهو بحاجة الى دليل و لا دليل عليه.

نعم قد يستدلّ على ثبوته كذلك بروايتين، و لكن بما أن كلتيهما ضعيفتان سندا فلا تصلحان للدليليّة، فإذن ينحصر الدليل عليه ببناء العقلاء، و القدر المتيقّن منه أنه لا تجوز مزاحمته فيه.

(1) في إطلاقه بالنسبة الى الجاهل إشكال بل منع، لأن جهله إن كان مركّبا كان حاله حال الناسي و الغافل فلا حرمة في الواقع، و إن كان بسيطا فالظاهر هو البطلان و إن كان قاصرا، لأن الحرام لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب و إن لم يكن منجزا.

(2) بل يكفي و إن كان جاهلا بالحرمة و الغصبيّة إذا كان جهله بها بسيطا و إن كان قاصرا لاستحالة كون الحرام في الواقع مصداقا للواجب في الواقع، فإذا لم تنطبق الصلاة المأمور بها على الصلاة المأتىّ بها في المغصوب بطلت.

 

102
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 إذا صلى على سقف مباح و كان ما تحته من الأرض مغصوبا ص 102

الذي يقع فيه بدن المصلي مغصوبا بطلت في الصورتين (1).

[مسألة 3: إذا كان المكان مباحا و كان عليه سقف مغصوب]

[1321] مسألة 3: إذا كان المكان مباحا و كان عليه سقف مغصوب فإن كان التصرف في ذلك المكان يعدّ تصرفا في السقف بطلت الصلاة فيه (2)، و إلا فلا، فلو صلى في قبة سقفها أو جدرانها مغصوب و كان بحيث لا يمكنه الصلاة فيها إن لم يكن سقف أو جدار أو كان عسرا و حرجا كما في شدة الحر أو شدة البرد بطلت الصلاة، و إن لم يعد تصرفا فيه فلا، و مما ذكرنا ظهر حال الصلاة تحت الخيمة المغصوبة، فإنها تبطل إذا عدت تصرفا في الخيمة، بل تبطل على هذا إذا كانت أطنابها أو مساميرها غصبا كما هو الغالب، إذ في الغالب يعد تصرفا فيها، و إلا فلا.

[مسألة 4: تبطل الصلاة على الدابة المغصوبة]

[1322] مسألة 4: تبطل الصلاة على الدابة المغصوبة، بل و كذا إذا كان

______________________________
(1) ظهر ممّا مرّ أنه لا وجه للبطلان فيهما، فإن السقف إذا كان مباحا و كان الفضاء مغصوبا فحينئذ إن كان المغصوب هو الفضاء الواقع فيه السقف لم تكن الصلاة على السقف تصرّفا فيه بل هي تصرّف فيما اعتمد عليه السقف و هو ليس بمغصوب و إن كان المغصوب هو الفضاء الذي يقع فيه بدن المصلّي فالصلاة و إن كانت تصرّفا فيه إلّا أنها لم تكن متّحدة معه ما دام لم يكن أحد مواضع السجود مغصوبا.

(2) في بطلان الصلاة فيه إشكال بل منع، لما مرّ من أن الصلاة تحت سقف مغصوب أو خيمة مغصوبة لا تعدّ تصرّفا فيها. و على تقدير تسليم أنها تصرّف فيها إلّا أنها لا تكون متّحدة معه لكي تبطل، و قد تقدّم أن بطلان الصلاة و فسادها بسبب الغصب يدور مدار مكان المصلّي حال سجوده، فإن كان مغصوبا بطلت و إلّا صحّت و إن كان الفضاء مغصوبا، و بذلك يظهر حال ما بعده من صور المسألة.

 

103
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 تبطل الصلاة على الدابة المغصوبة ص 103

رحلها أو سرجها أو وطأها غصبا (1)، بل و لو كان المغصوب نعلها.

[مسألة 5: قد يقال ببطلان الصلاة على الارض التي تحتها تراب مغصوب]

[1323] مسألة 5: قد يقال ببطلان الصلاة على الارض التي تحتها تراب مغصوب و لو بفصل عشرين ذراعا و عدم بطلانها إذا كان شي‌ء آخر مدفونا فيها، و الفرق بين الصورتين مشكل، و كذا الحكم بالبطلان، لعدم صدق التصرف في ذلك التراب أو الشي‌ء المدفون، نعم لو توقف الاستقرار و الوقوف في ذلك المكان على ذلك التراب أو غيره يصدق التصرف و يوجب البطلان.

[مسألة 6: إذا صلى في سفينة مغصوبة بطلت]

[1324] مسألة 6: إذا صلى في سفينة مغصوبة بطلت (2)، و قد يقال بالبطلان إذا كان لوح منها غصبا، و هو مشكل على إطلاقه، بل يختص البطلان بما إذا توقف الانتفاع بالسفينة على ذلك اللوح.

[مسألة 7: ربما يقال ببطلان الصلاة على دابة خيط جرحها بخيط مغصوب]

[1325] مسألة 7: ربما يقال ببطلان الصلاة على دابة خيط جرحها بخيط مغصوب، و هذا أيضا مشكل، لأنّ الخيط يعدّ تالفا و يشتغل ذمة الغاصب بالعوض إلا إذا أمكن رد الخيط إلى مالكه مع بقاء ماليته (3).

______________________________
(1) في إطلاقه إشكال بل منع، فإن الصلاة إنما تكون محكومة بالبطلان إذا كانت مع السجود على الدابة أو على رحلها أو سرجها، و أما إذا كانت مع الايماء بدلا عنه فلا تكون محكومة به لأنها حينئذ لا تكون متّحدة مع الغصب.

(2) هذا إذا كانت الصلاة مع السجود عليها، و أما إذا كانت مع الايماء بدلا عنه فلا تبطل، و من هنا يظهر حال ما إذا كان لوح منها مغصوبا، فإن الصلاة فيها حينئذ إنما تبطل إذا كان ذلك اللوح مسجدا لا مطلقا.

(3) بل لا موجب للحكم ببطلان الصلاة في هذا الفرض أيضا، لأن الصلاة على الدابة لا تعدّ تصرّفا في ذلك الخيط فضلا عن كونها متّحدة معه. نعم إن‌

 

104
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 المحبوس في المكان المغصوب يصلي فيه قائما ص 105

[مسألة 8: المحبوس في المكان المغصوب يصلي فيه قائما]

[1326] مسألة 8: المحبوس في المكان المغصوب يصلي فيه قائما مع الركوع و السجود إذا لم يستلزم تصرفا زائدا على الكون فيه (1) على الوجه المتعارف كما هو الغالب، و أما إذا استلزم تصرفا زائدا فيترك ذلك الزائد و يصلي بما أمكن من غير استلزام، و أما المضطر إلى الصلاة في المكان المغصوب فلا إشكال في صحة صلاته.

[مسألة 9: إذا اعتقد الغصبية و صلى فتبين الخلاف]

[1327] مسألة 9: إذا اعتقد الغصبية و صلى فتبين الخلاف فإن لم يحصل منه قصد القربة بطلت، و إلا صحت، و أما إذا اعتقد الإباحة فتبين الغصبية فهي صحيحة من غير إشكال (2).

______________________________
الاستيلاء عليها إذا كان على الخيط فهو و إن كان تصرّفا فيه إلّا أنه ليس جزء الصلاة.

نعم إن كان الخيط في ضمن المسجد بطلت.

(1) هذا إنما يتصوّر فيما إذا كان في المكان المغصوب شي‌ء آخر و كان مغصوبا، كما إذا كانت فيه سجادة مغصوبة و صلّى عليها، فإن صلاته عليها بما أنها تستلزم تصرّفا زائدا على الكون فيه و هو التصرّف في السجادة المتّحد مع السجود عليها، فمن أجل ذلك تبطل.

و أما بالنسبة الى الكون فيه فلا يتصوّر التصرّف الزائد فيه، إذ كل فرد يشغل من المكان بما يعادل حجم جسمه كمّا، و لا يختلف ذلك باختلاف ما يطرأ عليه من الحالات المختلفة كالقيام و القعود و الركوع و السجود و نحوها، و على هذا فلا فرق بين المحبوس في المكان المغصوب و المضطرّ الى الصلاة فيه، لأن وظيفة كليهما تكون الصلاة مع الركوع و السجود فيه باعتبار أنه ليس في الصلاة معهما تصرّف زائد على الصلاة مع الايماء عوضا عنهما، حيث أنهما على نسبة واحدة في حجم التصرّف و مقداره.

(2) هذا فيما إذا لم يكن الناسي هو الغاصب، و إلّا فالصحّة لا تخلو عن‌

 

105
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 الاقوى صحة صلاة الجاهل بالحكم الشرعي ص 106

[مسألة 10: الاقوى صحة صلاة الجاهل بالحكم الشرعي]

[1328] مسألة 10: الاقوى صحة صلاة الجاهل بالحكم الشرعي و هي الحرمة (1)، و إن كان الأحوط البطلان خصوصا في الجاهل المقصر (2).

[مسألة 11: الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز التصرف فيها]

[1329] مسألة 11: الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز التصرف فيها و لو بالصلاة و يرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي (3)، و كذا إذا غصب آلات و ادوات من الآجر و نحوه و عمر بها دارا أو غيرها ثم جهل المالك، فإنه لا يجوز التصرف و يجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي.

[مسألة 12: الدار المشتركة لا يجوز لواحد من الشركاء التصرف فيها إلا بإذن الباقين]

[1330] مسألة 12: الدار المشتركة لا يجوز لواحد من الشركاء التصرف فيها إلا بإذن الباقين.

______________________________
إشكال بل منع بملاك أن العقل يستقلّ بأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ملاكا، فإذا كان الفعل مبغوضا في الواقع استحال ان يقع مصداقا للواجب.

(1) هذا فيما إذا كان جهله بالحكم مركّبا لا مطلقا، و أما إذا كان بسيطا فلا يمكن الحكم بالصحّة و إن كان قاصرا، لأن الحرام لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب كما مرّ.

(2) فيه: أن الجاهل بالحرمة إذا كان مقصّرا فلا مناص من الحكم بالبطلان و إن كان جهله بها مركّبا لمكان مبغوضيّة الفعل و إن لم يمكن توجيه الخطاب التحريمي إليه لمكان غفلته و اعتقاده الجزمي بالخلاف و مع مبغوضيّته لا يعقل أن ينطبق الواجب عليه، فمن أجل ذلك يحكم بالبطلان و استحقاق العقوبة بحكم العقل.

(3) على الأحوط الأولى، فإن الروايات الآمرة بالتصدّق للأموال المجهول مالكها من قبل أصحابها الى الفقراء مطلقة، و مقتضى إطلاقها أن كل من كان عنده من تلك الأموال فوظيفته التصدّق به من دون الرجوع الى الحاكم الشرعي، و لا دليل على تقييده بما إذا كان التصدّق بها بإذن منه.

 

106
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 إذا اشترى دارا من المال الغير المزكى أو الغير المخمس يكون بالنسبة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضوليا ص 107

[مسألة 13: إذا اشترى دارا من المال الغير المزكّى أو الغير المخمّس يكون بالنسبة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضوليا]

[1331] مسألة 13: إذا اشترى دارا من المال الغير المزكّى أو الغير المخمّس يكون بالنسبة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضوليا (1)، فإن أمضاه الحاكم ولاية على الطائفتين من الفقراء و السادات يكون لهم فيجب عليه أن يشتري هذا المقدار من الحاكم، و إذا لم يمض بطل و تكون باقية على ملك المالك الأول.

[مسألة 14: من مات و عليه من حقوق الناس كالمظالم أو الزكاة أو الخمس لا يجوز لورثته التصرف في تركته]

[1332] مسألة 14: من مات و عليه من حقوق الناس كالمظالم أو الزكاة أو الخمس لا يجوز لورثته التصرف في تركته (2)، و لو بالصلاة في داره قبل

______________________________
(1) في المساواة إشكال، و الأظهر هو الفرق بين الزكاة و الخمس أما الزكاة، فالأمر فيها كما في المتن غاية الأمر إن تصحيح الشراء كما يمكن بالرجوع الى الحاكم الشرعي و إمضائه ولاية من قبل الفقراء، كذلك يمكن بأداء المشتري من ماله الآخر بدون المراجعة الى الحاكم الشرعي، و قد نصّ على ذلك صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله.

و أما الخمس، فالأظهر أنه مشمول لإطلاق روايات التحليل التي عمدتها صحيحة يونس بن يعقوب، و مقتضى هذه الروايات أن المال المتعلّق للخمس إذا وصل الى أحد موالي الأئمة عليه السّلام بهبة أو بيع أو نحو ذلك فهو حلال له، و بما أن هذا التحليل تحليل مالكي لا مجرّد أنه حكم شرعي فهو مساوق للتمليك، و مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين أن يكون المال واصلا إليه ممّن لا يعتقد بالخمس أو ممّن يعتقد به.

(2) فيه: أن الظاهر من مورد كلام الماتن في هذه المسألة هو ما إذا كان الحقّ ثابتا في الأعيان بقرينة أنه تعرّض لحكم ما إذا كان الحقّ ثابتا في الذمّة في المسألة الآتية، و على هذا فإن كان الحقّ من قبيل المظالم و الزكاة لم يجز تصرّف الورثة في التركة لأنها مشتركة بينهم و بين غيرهم قبل تأدية الحقّ أو الاستئذان من‌

 

107
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 من مات و عليه من حقوق الناس كالمظالم أو الزكاة أو الخمس لا يجوز لورثته التصرف في تركته ص 107

أداء ما عليه من الحقوق.

[مسألة 15: إذا مات و عليه دين مستغرق للتركة لا يجوز للورثة و لا لغيرهم التصرف في تركته]

[1333] مسألة 15: إذا مات و عليه دين مستغرق للتركة لا يجوز للورثة و لا لغيرهم التصرف في تركته (1) قبل أداء الدين، بل و كذا في الدين الغير المستغرق إلا إذا علم رضاء الديان (2) بأن كان الدين قليلا و التركة كثيرة

______________________________
الحاكم الشرعي في تأخير الأداء. و أما إن كان من قبيل الخمس فلا يبعد شمول إطلاق روايات الحلّ له، و عدم وجوب إخراجه على الورثة، و إن كان الاحتياط بالنسبة الى كبار الورثة لا ينبغي تركه لكن الصحيح عدم الفرق بين هذه المسألة و المسألة الآتية.

(1) هذا لا من جهة أنها متعلّقة لحقّ الديّان، بل قد مرّ في أول هذا الفصل أن مقتضى ظاهر النصوص هو أنها باقية في ملك الميّت، فمن أجل ذلك لا يجوز للورثة و لا لغيرهم التصرّف فيها.

(2) تقدّم أن ما يعادل الدين من التركة يبقى في ملك الميّت و لم ينتقل الى الورثة كما هو مقتضى النصوص من الآية الشريفة و الروايات، و عليه فعدم جواز تصرّف الورثة فيه بلحاظ أنه تصرّف في ملك الغير لا من جهة أنه متعلّق لحقّ الديّان رغم كونه ملكا لهم. ثم إن الظاهر من الأدلّة أن اشتراك الميّت مع الورثة ليس على نحو الاشاعة.

و من هنا لو تلف من التركة شي‌ء كان التالف محسوبا على الورثة دون الميّت، بل هو على نحو الكلّي في المعيّن، و من هنا يجوز تصرّف الورثة في التركة إذا كانوا بانين على إعطاء الدين من الباقي منها. نعم إذا لم يبق منها إلّا مقدار الدين لم يجز لهم التصرّف فيه إلّا بإذن ولىّ الميّت. و من ذلك يظهر أنا لو قلنا بانتقال تمام التركة الى الورثة متعلّقة لحقّ الديّان، فمع ذلك يجوز تصرّف الورثة فيها و لا يتوقّف جوازه على رضا الديّان، باعتبار أن تعلّق حقّهم بها يكون على نحو الكلّي في‌

 

108
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 إذا مات و عليه دين مستغرق للتركة لا يجوز للورثة و لا لغيرهم التصرف في تركته ص 108

و الورثة بانين على أداء الدين غير متسامحين، و إلا فيشكل حتى الصلاة في داره، و لا فرق في ذلك بين الورثة و غيرهم، و كذا إذا لم يكن عليه دين و لكن كان بعض الورثة قاصرا أو غائبا أو نحو ذلك (1).

[مسألة 16: لا يجوز التصرف حتى الصلاة في ملك الغير إلا بإذنه الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال]

[1334] مسألة 16: لا يجوز التصرف حتى الصلاة في ملك الغير إلا بإذنه الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال.

و الأول: كأن يقول أذنت لك بالتصرف في داري بالصلاة فقط أو بالصلاة و غيرها، و الظاهر عدم اشتراط حصول العلم برضاه، بل يكفي الظن الحاصل بالقول المزبور لأن ظواهر الألفاظ معتبرة عند العقلاء.

و الثاني: كأن يأذن في التصرف بالقيام و القعود و النوم و الأكل من ما له ففي الصلاة بالأولى يكون راضيا، و هذا أيضا يكفي فيه الظن على الظاهر، لأنه مستند إلى ظاهر اللفظ إذا استفيد منه عرفا، و إلا فلا بد من العلم بالرضا (2) بل الأحوط اعتبار العلم مطلقا، و الثالث: كأن يكون هناك قرائن و شواهد تدل على رضاه كالمضائف المفتوحة الأبواب و الحمامات

______________________________
المعيّن لا على نحو الاشاعة كما مرّ.

(1) فيه: أنه فرق بين المقام و بين ما إذا مات الشخص و عليه دين، فإن اشتراك الورثة بعضهم مع بعض في التركة إنما يكون على نحو الاشاعة، و قد مرّ أن اشتراك الميّت مع الورثة، أو تعلّق حقّ الغرماء بها إنما يكون على نحو الكلّي في المعيّن، فمن أجل ذلك لا يجوز تصرّف الورثة في التركة على الأولى إذا كان بعضهم قاصرا أو غائبا إلّا بإذن وليّه، و يجوز على الثاني على تفصيل قد مرّ.

(2) بل يكفي الاطمئنان أيضا.

 

109
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 لا يجوز التصرف حتى الصلاة في ملك الغير إلا بإذنه الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال ص 109

و الخانات و نحو ذلك، و لا بد في هذا القسم من حصول القطع (1) بالرضاء، لعدم استناد الإذن في هذا القسم إلى اللفظ و لا دليل على حجية الظن الغير الحاصل منه.

[مسألة 17: تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة اتساعا عظيما]

[1335] مسألة 17: تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة اتساعا عظيما بحيث يتعذر أو يتعسر على الناس اجتنابها (2) و إن لم يكن إذن من ملّاكها،

______________________________
(1) في اللّابديّة إشكال، و الأظهر كفاية الاطمئنان أيضا.

(2) الظاهر أن مراده قدّس سرّه من التعذّر أو التعسّر النوعي و بالنسبة الى غالب الناس لا الشخصي، و إلّا فلا فرق بين الأراضي المتّسعة و غيرها، فإن وجوب الاجتناب عنها إذا كان حرجيا فهو مرفوع و إن لم يكن من الأراضي الواسعة، هذا إضافة الى أن الدليل على جواز التصرّف في تلك الأراضي إنما هو السيرة العملية الجارية على ذلك من لدن عصر التشريع الى زماننا هذا في تمام القرى و الأرياف مع عدم الطريق عادة الى إحراز رضا الملّاك، و لم يرد منهم عليه السّلام من مبدأ عصر العصمة الى منتهاه ردع عن العمل بهذه السيرة رغم أن ابتلاء الناس بالتصرّف في تلك الأراضي في العصور المتقدّمة كان أكثر، و لكن لا بدّ من تقييد هذه السيرة بما إذا لم ينه مالكها عن التصرّف بها، و إلّا فلا سيرة على الجواز مع النهي، و في حكمه ما إذا علم بعدم رضاه به.

و أما إذا كان مالكها صغيرا أو مجنونا أو كان الصغير أو المجنون بين ملاكها فإن كان له ولىّ حقيقىّ كالأب أو الجدّ و علم به كان حاله حال المالك البالغ، فالعبرة إنما هي بإحراز عدم كراهته و نهيه عن التصرّف، حيث أن أمر التصرّف في ماله بيده، و لا يعتبر فيه مراعاة الغبطة و المصلحة، بل يكفي فيه خلوّه عن المفسدة كما هو المفروض في المسألة و إن لم يكن له ولىّ حقيقىّ كان وليّه الحاكم الشرعي، و حينئذ لا يكفي عدم إحراز كراهته بل لا بدّ من إحراز أن تصرّفه في ماله مبنىّ على‌

 

110
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة اتساعا عظيما ص 110

بل و إن كان فيهم الصغار و المجانين، بل لا يبعد ذلك و إن علم كراهة الملّاك، و إن كان الأحوط التجنب حينئذ مع الإمكان.

[مسألة 18: يجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن]

[1336] مسألة 18: يجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن مع عدم العلم بالكراهة كالأب و الأم و الأخ و العم و الخال و العمة و الخالة و من ملك الشخص مفتاح بيته و الصديق، و أما مع العلم بالكراهة فلا يجوز، بل يشكل مع ظنها أيضا (1).

[مسألة 19: يجب على الغاصب الخروج من المكان المغصوب]

[1337] مسألة 19: يجب على الغاصب الخروج من المكان المغصوب، و إن اشتغل بالصلاة في سعة الوقت يجب قطعها، و إن كان في ضيق الوقت يجب الاشتغال بها حال الخروج مع الإيماء للركوع و السجود، و لكن يجب عليه قضاؤها أيضا (2) إذا لم يكن الخروج عن توبة و ندم (3)، بل الأحوط

______________________________
مراعاة المصلحة و الغبطة و كونه صلاحا للمولّى عليه، و إلّا لم ينفذ و لا طريق لنا الى إحراز ذلك، و عندئذ يشكل التصرّف فيها. و أما إذا شكّ في أنه له ولىّ حقيقىّ أو لا، فالظاهر هو البناء على أن له وليّا كذلك بمقتضى استصحاب بقائه، هذا كلّه فيما إذا علم بوجود المالك الصغير أو المجنون، و أما إذا شكّ في ذلك فالسيرة جارية، و بذلك يظهر حال ما ذكره قدّس سرّه في المسألة.

(1) لا أثر للظنّ، إلّا أن يكون المقصود منه الأمارات المعتبرة الظنيّة كخبر الثقة أو نحوه.

(2) في الوجوب إشكال بل منع باعتبار أنه إذا أتى بالصلاة حال الخروج من جهة ضيق الوقت و عدم إدراكها فيه بعده، فبما أنها لا تكون متّحدة مع الغصب و هو التصرّف الخروجي المبغوض فلا محالة تقع صحيحة و معها لا وجه لوجوب قضائها خارج الوقت.

(3) فيه: أن التوبة لا ترفع مبغوضيّة التصرّف الخروجي و إنما ترفع‌

 

111
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 يجب على الغاصب الخروج من المكان المغصوب ص 111

القضاء و إن كان من ندم و بقصد التفريغ للمالك.

[مسألة 20: إذا دخل في المكان المغصوب جهلا أو نسيانا أو بتخيل الإذن ثم التفت و بان الخلاف]

[1338] مسألة 20: إذا دخل في المكان المغصوب جهلا أو نسيانا أو بتخيل الإذن ثم التفت و بان الخلاف فإن كان في سعة الوقت لا يجوز له التشاغل بالصلاة، و إن كان مشتغلا بها وجب القطع و الخروج، و إن كان في ضيق الوقت اشتغل بها حال الخروج سالكا أقرب الطرق مراعيا للاستقبال بقدر الإمكان، و لا يجب قضاؤها و إن كان أحوط، لكن هذا إذا لم يعلم برضاء المالك بالبقاء بمقدار الصلاة، و إلا فيصلي ثم يخرج، و كذا الحال إذا كان مأذونا من المالك في الدخول ثم ارتفع الإذن برجوعه عن إذنه أو بموته و الانتقال إلى غيره.

[مسألة 21: إذا أذن المالك بالصلاة خصوصا أو عموما ثم رجع عن إذنه قبل الشروع فيها وجب الخروج في سعة الوقت]

[1339] مسألة 21: إذا أذن المالك بالصلاة خصوصا أو عموما ثم رجع عن إذنه قبل الشروع فيها وجب الخروج في سعة الوقت، و في الضيق يصلي حال الخروج على ما مر، و إن كان ذلك بعد الشروع فيها فقد يقال بوجوب إتمامها مستقرا و عدم الالتفات إلى نهيه و إن كان في سعة الوقت إلا إذا كان موجبا لضرر عظيم على المالك، لكنه مشكل، بل الأقوى وجوب

______________________________
استحقاق العقوبة عليه، فإذن لا وجه للتفصيل في الحكم بالصحّة و عدمه بين التوبة و عدمها، فإن الصلاة في حال الخروج من الأرض المغصوبة مع الايماء عوضا عن الركوع و السجود صحيحة مطلقا على القول بعدم اتّحادها مع الغصب و إن لم يتب، و باطلة مطلقا على القول باتّحادها معه و إن تاب، و أما عدم كون التوبة رافعة للحرمة و المبغوضيّة عن التائب فلضرورة أنه لم يقم دليل على تقيّد إطلاق دليلها بغيره.

 

112
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 21 إذا أذن المالك بالصلاة خصوصا أو عموما ثم رجع عن إذنه قبل الشروع فيها وجب الخروج في سعة الوقت ص 112

القطع في السعة (1) و التشاغل بها خارجا في الضيق خصوصا في فرض الضرر على المالك.

[مسألة 22: إذا أذن المالك في الصلاة و لكن هناك قرائن تدل على عدم رضاه]

[1340] مسألة 22: إذا أذن المالك في الصلاة و لكن هناك قرائن تدل على عدم رضاه و أن إذنه من باب الخوف أو غيره لا يجوز أن يصلي، كما أن العكس بالعكس.

[مسألة 23: إذا دار الأمر بين الصلاة حال الخروج من المكان الغصبي بتمامها في الوقت أو الصلاة بعد الخروج]

[1341] مسألة 23: إذا دار الأمر بين الصلاة حال الخروج من المكان الغصبي بتمامها في الوقت أو الصلاة بعد الخروج و إدراك ركعة أو أزيد فالظاهر وجوب الصلاة في حال الخروج (2)، لأن مراعاة الوقت أولى من مراعاة الاستقرار و الاستقبال و الركوع و السجود الاختياريين.

______________________________
(1) بل هو المتعيّن و لا يمكن إتمام هذه الصلاة صحيحة، لأنه إن أتى بها مع الايماء بطلت من جهة تمكّنه من الصلاة مع الركوع و السجود في الوقت خارج الأرض المغصوبة، و إن أتى بها مع الركوع و السجود بطلت أيضا من جهة أن السجود متّحد مع الحرام.

(2) هذا هو المتعيّن في غير صلاة الغداة لما ذكرناه من المناقشة في شمول حديث (من أدرك) لغيرها، و عليه فبما أن الصلاة لا تسقط عن المكلّف في الوقت فوظيفته حينئذ الاتيان بها و لو إيماء، و لا يجوز له تفويت الوقت، و أما في صلاة الغداة فالأمر بالصلاة التامّة في الوقت قد سقط جزما لعدم تمكّن المكلّف منها و بما أن الصلاة لا تسقط عنه بحال فيعلم إجمالا أن الأمر بالصلاة الناقصة قد جعل من قبل الشرع، و لكن لا يعلم أن المجعول هو الأمر بالصلاة مع الايماء بإدراك تمامها في الوقت، أو الأمر بالصلاة مع الركوع و السجود بإدراك ركعة منها فيه، فإذن لا بدّ من الرجوع الى مرجّحات باب المعارضة باعتبار وقوعها بين دليلي الوقت و الركوع و السجود فإن كان هناك مرجّح فهو، و إلّا فالوظيفة هي التخيير.

 

113
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الثاني من شروط المكان كونه قارا ص 114

[الثاني: من شروط المكان كونه قارّا]

الثاني: من شروط المكان كونه قارّا، فلا يجوز الصلاة على الدابة أو الأرجوحة أو في السفينة و نحوها مما يفوت مع استقرار المصلي، نعم مع الاضطرار و لو لضيق الوقت عن الخروج من السفينة مثلا لا مانع، و يجب عليه حينئذ مراعاة الاستقبال و الاستقرار بقدر الإمكان، فيدور حيثما دارت الدابة أو السفينة، و إن أمكنه الاستقرار في حال القراءة و الأذكار و السكوت خلالها حين الاضطراب وجب ذلك مع عدم الفصل الطويل الماحي للصورة، و إلا فهو مشكل (1).

[مسألة 24: يجوز في حال الاختيار الصلاة في السفينه أو على الدابة الوقافتين]

[1342] مسألة 24: يجوز في حال الاختيار الصلاة في السفينه أو على الدابة الوقافتين مع إمكان مراعاة جميع الشروط من الاستقرار و الاستقبال و نحوهما، بل الأقوى جوازها مع كونهما سائرتين إذا أمكن مراعاة الشروط و لو بأن يسكت حين الاضطراب عن القراءة و الذكر مع الشرط المتقدم و يدور إلى القبلة إذا انحرفتا عنها، و لا تضرّ الحركة التبعية بتحركهما، و إن

______________________________
(1) الظاهر أنه لا إشكال في الصحّة في هذه الصورة، فإن المكلّف إذا لم يتمكّن من الاستقرار وجب الاتيان بالصلاة في هذا الحال، و إلّا لزم تفويت الصلاة، و لا فرق بين أن يكون عدم تمكّنه من الاستقرار بنفسه أو بتبع مكانه، فإن المستفاد من روايات المسألة بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أن استقرار المكان ليس شرطا تعبّديّا للصلاة بل هو من جهة الحفاظ على أجزائها و شرائطها كالركوع و السجود و الطمأنينة و الاستقرار، فلو تمكّن المكلّف من الحفاظ عليها و لو بالصلاة على الدابة، كما إذا كانت وظيفته الصلاة جالسا مع الايماء، أو الصلاة في السفينة جاز أن يصلّي عليها، فإن الحركة التبعيّة لا تمنع من صحّتها إذا كانت مع الطمأنينة و الاستقرار.

 

114
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 24 يجوز في حال الاختيار الصلاة في السفينه أو على الدابة الوقافتين ص 114

كان الأحوط القصر على حال الضيق و الاضطرار.

[مسألة 25: لا تجوز الصلاة على صبرة الحنطة و بيدر التبن و كومة الرمل مع عدم الاستقرار]

[1343] مسألة 25: لا تجوز الصلاة على صبرة الحنطة و بيدر التبن و كومة الرمل مع عدم الاستقرار (1)، و كذا ما كان مثلها.

[الثالث: أن لا يكون معرضا لعدم إمكان الإتمام و التزلزل في البقاء إلى آخر الصلاة]

الثالث: أن لا يكون معرضا لعدم إمكان الإتمام و التزلزل في البقاء إلى آخر الصلاة، كالصلاة في الزحام المعرض لإبطال صلاته، و كذا في معرض الريح أو المطر الشديد أو نحوها، فمع عدم الاطمئنان بإمكان الإتمام لا يجوز الشروع فيها على الأحوط (2)، نعم لا يضر مجرد احتمال عروض المبطل.

[الرابع: أن لا يكون مما يحرم البقاء فيه]

الرابع: أن لا يكون مما يحرم البقاء فيه (3)، كما بين الصفين من القتال أو

______________________________
(1) هذا إذا لم يتمكّن من الاستقرار في تمام الحالات، و أما إذا تمكّن منه، كما إذا أمكن أن يصل بالضغط على الموضع الى قرار ثابت يستقرّ عليه في حال الاشتغال بالصلاة و في حال السجود، و مثال ذلك أن يضع ورقة على فراش قطني منفوش و يسجد عليها، فإن الورقة تهبط عند ما يضع جبهته عليها لرخاوة القطن و لكنها تستقرّ في نهاية المطاف، فإذا سجد عليها ينتظر الى أن يستقرّ ثم يأتي بالذكر صحّ سجوده، و كذلك الأمر في سائر الحالات، فصحّة الصلاة تدور مدار استقرار المصلّي حال القراءة و الذكر و إن لم يكن مستقرّا في سائر الأحوال.

(2) فيه: أن عدم الجواز مبنىّ على اعتبار الجزم بالنيّة في صحّة العبادة، و لكنه غير معتبر إذ لا شبهة في كفاية الاتيان بها بداعي احتمال أمرها في الواقع، و على هذا فيجوز الشروع فيها بداعي احتمال أمرها، أو بمقتضى استصحاب عدم عروض ما يمنع عن إتمامها.

(3) تقدّم أنه لا ملازمة بين حرمة كون المصلّي في مكان و بين بطلان صلاته فيه، ما لم يتّحد الحرام مع الواجب فيه، و الفرض عدم الاتّحاد هنا حتى في‌

 

115
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الرابع أن لا يكون مما يحرم البقاء فيه ص 115

تحت السقف أو الحائط المنهدم أو في المسبعة أو نحو ذلك مما هو محل للخطر على النفس.

[الخامس: أن لا يكون مما يحرم الوقوف و القيام و القعود عليه]

الخامس: أن لا يكون مما يحرم الوقوف و القيام و القعود عليه كما إذا كتب عليه القرآن، و كذا على قبر المعصوم عليه السّلام أو غيره ممن يكون الوقوف عليه هتكا لحرمته (1).

[السادس: أن يكون مما يمكن أداء الأفعال فيه بحسب حال المصلي]

السادس: أن يكون مما يمكن أداء الأفعال فيه بحسب حال المصلي، فلا تجوز الصلاة في بيت سقفه نازل بحيث لا يقدر فيه على الانتصاب أو بيت يكون ضيقا لا يمكن فيه الركوع و السجود على الوجه المعتبر، نعم في الضيق و الاضطرار يجوز و يجب مراعاتها بقدر الإمكان، و لو دار الأمر بين مكانين في أحدهما قادر على القيام لكن لا يقدر على الركوع و السجود إلا مومئا و في الآخر لا يقدر عليه و يقدر عليهما جالسا فالأحوط الجمع بتكرار

______________________________
السجدة حيث أن الأرض مباحة.

(1) فيه: أن الأمر كذلك إذا كان وقوفه مصداقا للهتك المحرّم، فإنه حينئذ إذا صلّى عليه كانت صلاته مصداقا له فبطلت، إذ فرق بين أن يكون الوقوف في مكان محرّما بملاك التصرّف فيه بدون إذن صاحبه كالوقوف تحت خيمة مغصوبة مع كون الأرض مباحة، و بين أن يكون الوقوف فيه محرّما بملاك كونه مصداقا للهتك لا من جهة التصرّف فيه باعتبار أنه ليس متعلّقا لحقّ غيره، فعلى الأول لا تكون الصلاة فيه باطلة لعدم اتّحاد الحرام مع الواجب، و على الثاني باطلة للاتّحاد على أساس أنها بنفسها مصداق للهتك. نعم إذا لم تكن حرمة الوقوف فيه من باب الهتك بل من جهة أخرى لا ترتبط بالصلاة لم تمنع منها.

 

116
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

السادس أن يكون مما يمكن أداء الأفعال فيه بحسب حال المصلي ص 116

الصلاة، و في الضيق لا يبعد التخيير (1).

[السابع: أن لا يكون مقدّما على قبر معصوم و لا مساويا له]

السابع: أن لا يكون مقدّما على قبر معصوم و لا مساويا له مع عدم الحائل المانع الرافع لسوء الأدب على الأحوط (2)، و لا يكفي في الحائل الشبابيك و الصندوق الشريف و ثوبه.

[الثامن: أن لا يكون نجسا نجاسة متعدية إلى الثوب أو البدن]

الثامن: أن لا يكون نجسا نجاسة متعدية إلى الثوب أو البدن، و أما إذا لم تكن متعدية فلا مانع إلّا مكان الجهة فإنه يجب طهارته و إن لم تكن نجاسته متعدية، لكن الأحوط طهارة ما عدا مكان الجبهة أيضا مطلقا خصوصا إذا كانت عليه عين النجاسة.

[التاسع: أن لا يكون محل السجدة أعلى أو أسفل من موضع القدم بأزيد من أربع أصابع مضمومات]

التاسع: أن لا يكون محل السجدة أعلى أو أسفل من موضع القدم بأزيد من أربع أصابع مضمومات على ما سيجي‌ء في باب السجدة.

[العاشر: أن لا يصلي الرجل و المرأة في مكان واحد بحيث تكون المرأة مقدمة على الرجل أو مساوية له]

العاشر: أن لا يصلي الرجل و المرأة في مكان واحد بحيث تكون المرأة مقدمة على الرجل أو مساوية له إلا مع الحائل أو البعد عشرة أذرع بذراع اليد

______________________________
(1) تقدّم غير مرّة أن أمثال المقام داخلة في كبرى باب التعارض، فإن الأمر و هو المتعلّق بالصلاة التامّة قد سقط جزما، و الأمر الثاني المجعول بعد سقوط الأمر الأول مردّد بين تعلّقه بالصلاة مع القيام أو بالصلاة مع الركوع و السجود، أو بأحدهما يعني الجامع، و بما أنه لا ترجيح لدليل القيام على دليل الركوع و السجود، فالوظيفة هي التخيير.

(2) الظاهر أن هذا الحكم تأديبىّ، حيث أن التقدّم على المعصوم عليه السّلام في الموقف في نفسه لا يحتمل أن يكون حكما إلزاميّا، بل لا محالة يكون تأدّبيّا بلا فرق بين أن يكون ذلك في الصلاة أو في غيرها باعتبار أن الظاهر من التعليل في الرواية مطلق التقدّم لا في خصوص الصلاة.

 

117
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

العاشر أن لا يصلي الرجل و المرأة في مكان واحد بحيث تكون المرأة مقدمة على الرجل أو مساوية له ص 117

على الأحوط، و إن كان الأقوى كراهته (1) إلا مع أحد الأمرين، و المدار على

______________________________
(1) هذا هو الصحيح، و ذلك لأن الروايات الناهية عن صلاة الرجل بمحاذاة صلاة المرأة و بالعكس ظاهرة في نفسها في مانعيّة المحاذاة، و لكن لا يمكن الحفاظ على هذه الظاهرة العرفية و ذلك لأن مانعيّة المحاذاة في بعض هذه الروايات قد حدّدت بالمسافة بينهما بأقلّ من شبر، و في الآخر بأقلّ ممّا لا يتخطّى، و في الثالث بأقلّ من ذراع، و في الرابع بأقلّ من رجل، و في الخامس بعظم الذراع فصاعدا، و في السادس بأقلّ من عشرة أذرع ... و من الواضح أنه لا يمكن تحديد مانعيّتها بهذه المراتب المتفاوتة طولا و قصرا حيث يلزم من فرض وجوده عدمه، فإذن بطبيعة الحال يكون هذا الاختلاف بنفسه قرينة على أنها في مقام بيان الحكم الترخيصى و هو الكراهة، و اختلافها يكشف عن اختلاف مراتبها في الشدّة و الضعف.

و بكلمة أخرى: إن الروايات ظاهرة عرفا في شرطيّة البعد المسافتي بين الرجل و المرأة في صحّة صلاة كلّ منهما بمحاذاة صلاة الآخر، و بما أن تلك الروايات بأنفسها مختلفة في تحديد ذلك البعد قصرا و طولا فمن أجل ذلك لا يمكن الحفاظ على هذا الظهور لاستحالة كون كلّ بعد من تلك الأبعاد بينهما شرطا بحدّه الخاص و إلّا لزم الخلف، فإذن لا بدّ من علاج ذلك بأحد أمرين ...

الأول: أن ترفع اليد عن ظهور تلك الروايات في شرطيّة تلك الأبعاد ما عدا ظهورها في شرطيّة البعد الأول و هو الحدّ الأدنى منه.

الثاني: أن ترفع اليد عن ظهورها في الجميع و حملها على بيان الحكم الترخيصي و هو الكراهة باعتبار أن لها مراتب مختلفة، و اختلاف الروايات في تحديد مراتب البعد بينهما يكشف عن اختلاف مراتب الكراهة.

الظاهر هو الأمر الثاني، بل هو المتعيّن لمجموعة من القرائن:

 

118
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

العاشر أن لا يصلي الرجل و المرأة في مكان واحد بحيث تكون المرأة مقدمة على الرجل أو مساوية له ص 117

..........

______________________________
الأولى: أن لازم الفرض الأول هو إلغاء كافة الروايات المتضمّنة لاعتبار سائر مراتب البعد بينهما على كثرتها من جهة معارضتها للروايات المتضمّنة لاعتبار المرتبة الأولى، و متقضى القاعدة إلغاؤها نهائيا، و هو في نفسه بعيد، و حملها على الكراهة بحاجة الى قرينة تدلّ على التفكيك بينها و بين الروايات المتضمّنة للمرتبة الأولى من البعد، فإن كانت القرينة اختلاف تلك الروايات في مراتب البعد فهي قرينة على حمل الجميع على الكراهة لا خصوص تلك الروايات و إن كانت شيئا آخر فهي غير متوفّرة.

الثانية: أن الفرض الأول لا يمكن تطبيقه بالنسبة الى بعض الروايات كصحيحة زرارة التي هي ناصّة في تخيير المكلّف في الفصل بينه و بين المرأة بما لا يتخطّى أو قدر عظم الذراع فصاعدا، و ذلك لاستحالة تقييد شرطيّة الفصل بينهما بأحد البعدين على نحو التخيير، فإذن يكون نصّ الصحيحة قرينة على أن مدلولها حكم ترخيصي لا إلزامي.

و دعوى أن هذه الصحيحة معارضة بما دلّ من الروايات على اعتبار الفصل بينهما تعيينا فلا تكون حجّة ...

خاطئة؛ فإنها ناصّة في التخيير بين المسافتين الأقلّ و الأكثر، و تلك الروايات ظاهرة في التعيين، و قد عرفت أن هذا التخيير لا يمكن تطبيقه على الحكم الالزامى، فإذن تكون الصحيحة قرينة على التصرّف فيها و حملها على خلاف ظاهرها و هو الكراهة.

الثالثة: أن صحيحة الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام: (قال: إنما سمّيت بكّة لأنه تبك فيها الرجال و النساء و المرأة تصلّي بين يديك و عن يمينك و عن يسارك و معك و لا بأس بذلك و إنما يكره في سائر البلدان) «1» تدلّ بوضوح على أن المراد من‌

______________________________
(1) الوسائل ج 5 باب: 5 من أبواب مكان المصلّي الحديث: 10.

 

119
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

العاشر أن لا يصلي الرجل و المرأة في مكان واحد بحيث تكون المرأة مقدمة على الرجل أو مساوية له ص 117

الصلاة الصحيحة لو لا المحاذاة أو التقدم دون الفاسدة لفقد شرط أو وجود مانع، و الأولى في الحائل كونه مانعا عن المشاهدة، و إن كان لا يبعد كفايته مطلقا، كما أن الكراهة أو الحرمة مختصة بمن شرع في الصلاة لاحقا إذا كانا مختلفين في الشروع، و مع تقارنهما تعمهما، و ترتفع أيضا بتأخر المرأة مكانا بمجرد الصدق، و إن كان الأولى تأخرها عنه في جميع حالات الصلاة بأن يكون مسجدها وراء موقفة، كما أن الظاهر ارتفاعها أيضا بكون أحدهما في موضع عال على وجه لا يصدق مع التقدم أو المحاذاة و إن لم يبلغ عشرة أذرع.

[مسألة 26: لا فرق في الحكم المذكورة كراهة أو حرمة بين المحارم و غيرهم و الزوج و الزوجة و غيرهما]

[1344] مسألة 26: لا فرق في الحكم المذكورة كراهة أو حرمة بين المحارم و غيرهم و الزوج و الزوجة و غيرهما و كونهما بالغين أو غير

______________________________
الكراهة فيها إنما هي في مقابل الحكم الالزامى، بداهة أنه لو كان المراد منها الحرمة لم يكن فرق بين مكّة و غيرها، إذ لا يحتمل أن يكون الفصل بينهما بقدر شبر أو أكثر شرطا في سائر البلدان دون مكّة. فإذن لا محالة يكون المراد الفصل من الكراهة الحكم الترخيصي و اختلاف مكّه مع سائر البلدان إنما هو في ذلك، فإن صلاة المرأة عن يمين الرجل أو يساره أو أمامه و إن لم يكن بينهما بمقدار شبر لم تكن مكروهة فيها، و أما في سائر البلدان فهي مكروهة.

فالنتيجة: إن اختلاف الروايات في مراتب الفصل سعة و ضيقا و طولا و قصرا بنفسه قرينة على أنها لا تتضمّن حكما إلزاميّا، بل في مقام بيان الحكم الترخيصي و هو الكراهة، و متى ما كان الفصل بينهما أقلّ كانت الكراهة أشدّ، فأدنى مرتبة منها ما إذا كان الفصل بينهما بما دون عشرة أذرع و إذا بلغ عشرة أذرع انتفت الكراهة نهائيّا.

 

120
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 26 لا فرق في الحكم المذكورة كراهة أو حرمة بين المحارم و غيرهم و الزوج و الزوجة و غيرهما ص 120

 بالغين (1) أو مختلفين بناء على المختار من صحة عبادات الصبي و الصبية.

[مسألة 27: الظاهر عدم الفرق أيضا بين النافلة و الفريضة]

[1345] مسألة 27: الظاهر عدم الفرق أيضا بين النافلة و الفريضة.

[مسألة 28: الحكم المذكور مختص بحال الاختيار]

[1346] مسألة 28: الحكم المذكور مختص بحال الاختيار، ففي الضيق و الاضطرار بلا مانع و لا كراهة، نعم إذا كان الوقت واسعا يؤخر أحدهما صلاته، و الأولى تأخير المرأة صلاتها.

[مسألة 29: إذا كان الرجل يصلي و بحذائه أو قدّامه امرأة من غير أن تكون مشغولة بالصلاة لا كراهة و لا إشكال]

[1347] مسألة 29: إذا كان الرجل يصلي و بحذائه أو قدّامه امرأة من غير أن تكون مشغولة بالصلاة لا كراهة و لا إشكال، و كذا العكس، فالاحتياط أو الكراهة مختص بصوره اشتغالهما بالصلاة.

[مسألة 30: الأحوط ترك الفريضة على سطح الكعبة]

[1348] مسألة 30: الأحوط ترك الفريضة على سطح الكعبة (2) و في

______________________________
(1) في إلحاق غير البالغ بالبالغ إشكال بل منع، لاختصاص الدليل بالرجل و المرأة و عدم شموله للصبىّ و الصبيّة، و على هذا فلا مانع من صلاة الرجل بمحاذاة صلاة الصبيّة و صلاة المرأة بمحاذاة صلاة الصبىّ، أو صلاة كلّ من الصبىّ و الصبيّة بمحاذاة صلاة الآخر و صلاة الصبىّ بمحاذاة صلاة المرأة و صلاة الصبيّة بمحاذاة صلاة الرجل.

(2) بل الأقوى ذلك، فإن الكعبة و إن لم تكن عبارة عن بنية البيت، بل هي كموضع لها عموديا، و من هنا لا فرق بين أن يكون موقف المصلّي عاليا أو نازلا، إلّا أن الواجب هو استقبال ذلك الموضع، و أما إذا كان في سطح البيت فلا يتمكّن من استقباله، فإن المتبادر من استقبال الكعبة و التوجّه إليها هو أن يكون موقف المتوجّه إليها و المستقبل لها خارجا عنها جزما لأن من كان على سطح المسجد مثلا لا يصدق أنه متوجّه إليه لوضوح أن التوجّه الى شي‌ء يستدعي أن يكون المتوجّه إليه خارجا عنه و إلّا لم يصدق. و أما الصلاة في داخل البيت فقد ثبت جوازها بالنصّ و التعدّي عنه الى سطح البيت بحاجة الى قرينة بعد ما كان الحكم‌

 

121
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 30 الأحوط ترك الفريضة على سطح الكعبة ص 121

جوفها اختيارا، و لا بأس بالنافلة، بل يستحب أن يصلي فيها قبال كل ركن ركعتين، و كذا لا بأس بالفريضة في حال الضرورة، و إذا صلى على سطحها فاللازم أن يكون قباله في جميع حالاته شي‌ء من فضائها و يصلي قائما، و القول بأنه يصلي مستلقيا متوجها إلى البيت المعمور، أو يصلي مضطجعا ضعيف.

______________________________
على خلاف القاعدة.

 

122
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مسجد الجبهة من مكان المصلي ص 123

[فصل في مسجد الجبهة من مكان المصلي]

فصل في مسجد الجبهة من مكان المصلي يشترط فيه مضافا إلى طهارته أن يكون من الأرض أو ما أنبتته غير المأكول و الملبوس، نعم يجوز على القرطاس أيضا، فلا يصح على ما خرج عن اسم الأرض كالمعادن مثل الذهب و الفضة و العقيق و الفيروزج (1) و القير

______________________________
(1) في الحكم بعدم جواز السجود عليهما إشكال بل منع، و الظاهر هو الجواز حيث لا شبهة في أنهما من أجزاء الأرض حقيقة، كيف فإن العقيق حجر و كذا الفيروزج، غاية الأمر أنهما من الأحجار الكريمة النادرة، و لا ينافي ذلك كونهما من المعادن، إذ لم يرد في الدليل المنع عن السجود عليها لكي ننظر الى مفهومها سعة و ضيقا، فإن الوارد في الدليل هو جواز السجود على الأرض و ما ينبت منها غير المأكول و المشروب، و عليه فكلّ ما يصدق عليه اسم الأرض جاز السجود عليه و إن كان من المعادن، إذ لم يؤخذ في مفهوم المعدن خروجه عن اسم الأرض لا لغة و لا عرفا، فإنه قد يكون منها و قد لا يكون منها.

و دعوى: أن في كونهما من أجزاء الأرض في نفسه محلّ تأمّل، لا من جهة كونهما من المعادن لكي يقال أنه لم يؤخذ في مفهوم المعدن خروجه عن اسم الأرض لا لغة و لا عرفا.

و لكن لا أساس لهذه الدعوى:

أما أوّلا: فقد مرّ أنهما من أجزاء الأرض عرفا و لغة، فإن الأرض تتركّب من أجزاء مختلفة المراتب عرضا و طولا من الترابية و الرملية و الحجريّة الشاملة‌

 

123
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مسجد الجبهة من مكان المصلي ص 123

و الزفت (1) و نحوها، و كذا ما خرج عن اسم النبات كالرماد و الفحم و نحوهما، و لا على المأكول و الملبوس كالخبز و القطن و الكتّان و نحوها، و يجوز السجود على جميع الأحجار إذا لم تكن من المعادن.

[مسألة 1: لا يجوز السجود في حال الاختيار على الخزف و الآجر و النورة و الجص المطبوخين]

[1349] مسألة 1: لا يجوز السجود في حال الاختيار على الخزف و الآجر (2) و النورة و الجص المطبوخين، و قبل الطبخ لا بأس به.

______________________________
للأحجار العادية و الأحجار الكريمة التي هي ذات صفات قيّمة و نادرة و خصوصيات فريدة، و بها تمتاز عن غيرها، و مجرّد كونها ذات صفات قيّمة و نادرة لا يوجب خروجها عن أجزاء الأرض، إذ لم يؤخذ في مفهوم الأرض أن لا تكون أجزاؤها ذات صفات قيّمة و خصوصيّات نادرة التي تسبّب عزّة وجودها و رغبة الناس الى جلبها و اقتنائها.

و ثانيا: على تقدير تسليم أن مفهوم الأرض مردّد بين السعة و الضيق، فعلى الأول يشمل الأحجار الكريمة دون الثاني، و حينئذ فبما أنه ليس لدينا أصل موضوعي لإثبات أنها موضوعة للأعمّ أو للأخصّ فيكون المرجع في المسألة الأصل الحكمي باعتبار أن مردّ هذا الشكّ الى الشكّ في تقييد وجوب السجود على الأرض بخصوصيّة زائدة و هي عدم كونها من الأحجار الكريمة و عدم تقييده بها، فإذن يكون المرجع أصالة البراءة عن هذا التقييد بلحاظ أن الشكّ في أصل ثبوته في الشريعة المقدّسة. و لكن مع ذلك كان الأجدر أن يسجد عليهما.

(1) على الأحوط؛ حيث أن ما دلّ على عدم جواز السجود عليه معارض بما دلّ على الجواز و مقتضى الصناعة تقديم دليل الجواز على دليل المنع باعتبار أنه أظهر منه دلالة، و لكن مع ذلك فالاحتياط لا يترك.

(2) لكن الظاهر هو الجواز في الجميع، حيث أنها لا تخرج بعملية الطبخ عن أجزاء الأرض باعتبار أن تلك العملية لا توجب تبدّلها الى ماهيّة أخرى لا‌

 

124
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 لا يجوز السجود على البلور و الزجاجة ص 125

[مسألة 2: لا يجوز السجود على البلّور و الزجاجة]

[1350] مسألة 2: لا يجوز السجود على البلّور و الزجاجة.

[مسألة 3: يجوز على الطين الأرمني و المختوم]

[1351] مسألة 3: يجوز على الطين الأرمني و المختوم.

[مسألة 4: في جواز السجدة على العقاقير و الأودية مثل لسان الثور و عنب الثعلب و الخبة]

[1352] مسألة 4: في جواز السجدة على العقاقير و الأودية مثل لسان الثور و عنب الثعلب و الخبة و أصل السوس و أصل الهندباء إشكال، بل المنع لا يخلو عن قوة (1)، نعم لا بأس بما لا يؤكل منها شائعا و لو في حال المرض و إن كان يؤكل نادرا عند المخمصة أو مثلها.

[مسألة 5: لا بأس بالسجود على مأكولات الحيوانات]

[1353] مسألة 5: لا بأس بالسجود على مأكولات الحيوانات كالتبن و العلف.

[مسألة 6: لا يجوز السجود على ورق الشاي و لا على القهوة]

[1354] مسألة 6: لا يجوز السجود على ورق الشاي (2) و لا على القهوة، و في جوازها على الترياك إشكال (3).

______________________________
يصدق عليها اسم الأرض بل هي تظلّ باقية على عنوانها كاللحم المطبوخ، فإنه لا يخرج بعملية الطبخ عن اسم اللحم.

(1) لا وجه للمنع؛ فإن ما دلّ على عدم جواز السجود على المأكول لا يعمّ تلك الأمور لأنها ليست من المأكول، و إنما تستعمل كالأدوية بصبّ الماء عليها و فورانها لتكسب الماء خاصيّتها و يشرب ذلك الماء بعنوان الدواء و تطرح تلك الأخشاب، فهي ليست من المأكول بنفسها لا قبل طبخها و لا بعده.

(2) في عدم الجواز إشكال بل منع، و الأظهر هو الجواز لأن ورق الشاي ليس من المأكول بنفسه، و إنما يصبّ عليه الماء الحار و بعد تأثّر الماء و اكتساب اللون و الرائحة و الخاصيّة منه يشرب و يطرح الورق، فيكون حاله حال العقاقير و الأدوية. و منه يظهر أن القهوة ليست كورق الشاي حيث أنها تؤكل بعد سحقها بنفسها.

(3) الظاهر عدم الجواز لا من جهة أنه من المأكول، فإنه ليس منه جزما،

 

125
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 لا يجوز على الجوز و اللوز ص 126

[مسألة 7: لا يجوز على الجوز و اللوز]

[1355] مسألة 7: لا يجوز على الجوز و اللوز، نعم يجوز على قشرهما بعد الانفصال (1)، و كذا نوى المشمش و البندق و الفستق.

[مسألة 8: يجوز على نخالة الحنطة و الشعير و قشر الازر]

[1356] مسألة 8: يجوز على نخالة الحنطة و الشعير و قشر الازر (2).

[مسألة 9: لا بأس بالسجدة على نوى التمر]

[1357] مسألة 9: لا بأس بالسجدة على نوى التمر، و كذا على ورق الأشجار و قشورها، و كذا سعف النخل.

[مسألة 10: لا بأس بالسجدة على ورق العنب بعد اليبس]

[1358] مسألة 10: لا بأس بالسجدة على ورق العنب بعد اليبس، و قبله مشكل (3).

______________________________
نعم قد يستعمل للتداوي، و أما اعتياد بعض الأفراد بأكله فهو لا يجعله منه، بل من جهة أنه ليس من النبات، فإن ما ينبت من الأرض إنما هو الخشخاش، و أما الترياك فهو مادة تستخرج منه و تشبه الحليب في اللون و لا يصدق عليها عنوان نبات الأرض.

(1) الأظهر جواز السجود عليهما في حال الاتّصال أيضا، لأن القشر موجود مستقلّ و ليس من توابع اللّبّ في حال الاتّصال لكي لا يجوز السجود عليه، فلا فرق بين الحالتين.

(2) في الجواز إشكال و الأحوط ترك السجود عليها، فإنها و إن كانت مأكولة بالتبع إلّا أن العبرة في عدم جواز السجود على المأكول ما يكون كذلك في نفسه لا بالتبع، و أما كون النخالة أو قشر الأرز فهو من المأكول في نفسه غير معلوم لو لم يكن معلوم العدم، فمن أجل ذلك يكون الاحتياط في ترك السجود عليها في محلّه.

(3) إذا كان رطبا و قابلا للأكل و لو بعد العلاج كالطبخ لم يجز السجود عليه، لأن الظاهر من قوله عليه السّلام في صحيحة هشام: (... إلّا ما أكل أو لبس ...) «1» هو ما يكون قابلا للأكل أو اللبس في نفسه و معدّا له كذلك و إن كان بعد العلاج و العملية كالطبخ أو النسج و أما ما لا يكون متّصفا بهذا العنوان فعلا فيجوز السجود عليه و إن كان قد‌

______________________________
(1) الوسائل ج 5 باب: 1 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1.

 

126
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 الذي يؤكل في بعض الأوقات دون بعض لا يجوز السجود عليه مطلقا ص 127

[مسألة 11: الذي يؤكل في بعض الأوقات دون بعض لا يجوز السجود عليه مطلقا]

[1359] مسألة 11: الذي يؤكل في بعض الأوقات دون بعض لا يجوز السجود عليه مطلقا (1)، و كذا إذا كان مأكولا في بعض البلدان دون بعض.

[مسألة 12: يجوز السجود على الأوراد غير المأكولة]

[1360] مسألة 12: يجوز السجود على الأوراد غير المأكولة.

[مسألة 13: لا يجوز السجود على الثمرة قبل أوان أكلها]

[1361] مسألة 13: لا يجوز السجود على الثمرة قبل أوان أكلها (2).

[مسألة 14: يجوز السجود على الثمار الغير المأكولة أصلا]

[1362] مسألة 14: يجوز السجود على الثمار الغير المأكولة أصلا كالحنظل و نحوه.

[مسألة 15: لا بأس بالسجود على التنباك]

[1363] مسألة 15: لا بأس بالسجود على التنباك.

[مسألة 16: لا يجوز على النبات الذي ينبت على وجه الماء]

[1364] مسألة 16: لا يجوز على النبات الذي ينبت على وجه الماء.

[مسألة 17: يجوز السجود على القبقاب و النعل المتخذ من الخشب مما ليس من الملابس المتعارفة]

[1365] مسألة 17: يجوز السجود على القبقاب و النعل المتخذ من الخشب مما ليس من الملابس المتعارفة، و إن كان لا يخلو عن إشكال،

______________________________
يستعمل للأكل لكن في حالات نادرة و ضروريّة كالعقاقير و الأدوية، فإذن العبرة إنما هي بما يؤكل أو يلبس في نفسه و نوعا و إن كان بعد العلاج، و لا عبرة باستعماله في الأكل في حالات نادرة و ضروريّة، فإنه لا يجعله من المأكول عرفا.

(1) في إطلاقه إشكال بل منع، فإن التغيير في الوقتين إن كان بسبب خروجه عن قابلية الأكل ذاتا و نوعا في الوقت المتأخّر جاز السجود عليه في ذلك الوقت. و إن لم يخرج عن كونه قابلا للأكل نوعا و ذاتا، و لكن مع ذلك لم يؤكل في ذلك الوقت فعندئذ تمّ ما في المتن. نعم إذا كان الشى‌ء مأكولا في بعض البلاد دون بعض لم يجز السجود عليه حتى في البلد الثاني لصدق المأكول عليه.

(2) في عدم الجواز إشكال بل منع، و الأظهر هو الجواز باعتبار أن الثمرة قبل أوان أكلها ليست ممّا يؤكل في نفسها و بعنوانها و إن كانت مادّتها مستعدّة لذلك بمرور الزمان، إلّا أن مجرّد ذلك لا يكفي، فإن العبرة باتّصافها بهذا العنوان فعلا لا في المستقبل، و لكن مع ذلك يكون الاحتياط هو الأجود و الأولى.

 

127
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 يجوز السجود على القبقاب و النعل المتخذ من الخشب مما ليس من الملابس المتعارفة ص 127

و كذا الثوب المتخذ من الخوص.

[مسألة 18: الأحوط ترك السجود على القنّب]

[1366] مسألة 18: الأحوط ترك السجود على القنّب (1).

[مسألة 19: لا يجوز السجود على القطن]

[1367] مسألة 19: لا يجوز السجود على القطن، لكن يجوز على خشبه و ورقه.

[مسألة 20: لا بأس بالسجود على قراب السيف و الخنجر إذا كان من الخشب و إن كانا ملبوسين]

[1368] مسألة 20: لا بأس بالسجود على قراب السيف و الخنجر إذا كان من الخشب و إن كانا ملبوسين، لعدم كونهما من الملابس المتعارفة.

[مسألة 21: يجوز السجود على قشر البطّيخ و الرقّي و الرمّان بعد الانفصال على إشكال]

[1369] مسألة 21: يجوز السجود على قشر البطّيخ و الرقّي و الرمّان بعد الانفصال على إشكال، و لا يجوز على قشر الخيار و التفّاح و نحوهما.

[مسألة 22: يجوز السجود على القرطاس و إن كان متخذا من القطن أو الصوف أو الإبريسم و الحرير]

[1370] مسألة 22: يجوز السجود على القرطاس و إن كان متخذا من القطن أو الصوف أو الإبريسم و الحرير و كان فيه شي‌ء من النورة، سواء كان أبيض أو مصبوغا بلون أحمر أو أصفر أو أزرق أو مكتوبا عليه إن لم يكن مما له جرم حائل مما لا يجوز السجود عليه كالمداد المتخذ من الدخان و نحوه، و كذا لا بأس بالسجود على المراوح المصبوغة من غير جرم حائل.

[مسألة 23: إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه من الأرض أو نباتها أو القرطاس]

[1371] مسألة 23: إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه من الأرض أو نباتها أو القرطاس أو كان و لم يتمكن من السجود عليه لحرّ أو برد أو تقية أو غيرها سجد على ثوبه القطن أو الكتّان (2)، و إن لم يكن سجد على

______________________________
(1) بل الأقوى ذلك؛ فإن القنب نبات خاصّ تصلح مادته للّبس بعد العلاج من غزل و نسج كالقطن و الكتّان.

(2) الأظهر جوازه على مطلق الثوب و إن لم يكن من القطن أو الكتّان، لإطلاق الدليل و عدم وجود ما يصلح لتقييده، و صحيحة منصور بن حازم لا تصلح أن تكون مقيّدة له باعتبار سكوتها عن حكم غيرها.

 

128
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 23 إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه من الأرض أو نباتها أو القرطاس ص 128

المعادن أو ظهر كفه (1)، و الأحوط تقديم الأول.

[مسألة 24: يشترط أن يكون ما يسجد عليه مما يمكن تمكين الجبهة عليه]

[1372] مسألة 24: يشترط أن يكون ما يسجد عليه مما يمكن تمكين الجبهة عليه، فلا يصح على الوحل و الطين و التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه، و مع إمكان التمكين لا بأس بالسجود على الطين، و لكن إن لصق بجبهته يجب إزالته للسجدة الثانية (2)، و كذا إذا سجد على التراب و لصق بجبهته يجب إزالته لها، و لو لم يجد إلا الطين الذي لا يمكن الاعتماد عليه سجد عليه بالوضع من غير اعتماد (3).

[مسألة 25: إذا كان في الأرض ذات الطين بحيث يتلطخ به بدنه و ثيابه]

[1373] مسألة 25: إذا كان في الأرض ذات الطين بحيث يتلطخ به بدنه و ثيابه في حال الجلوس للسجود و التشهد جاز له الصلاة مومئا للسجود و لا يجب الجلوس للتشهد، لكن الأحوط مع عدم الحرج الجلوس لهما (4) و إن

______________________________
(1) في التخصيص إشكال بل منع، و الأظهر جواز السجود في هذا الحال على غيرهما ممّا لا يصحّ السجود عليه في حال الاختيار، باعتبار أنه لا دليل عليه، و مقتضى القاعدة حينئذ عدم الفرق بينهما و بين غيرهما ممّا لا يصحّ السجود عليه.

(2) في الوجوب إشكال، و لا يبعد العدم، لأن المصلّي الذي لصق الطين أو التراب بجبهته إذا وضعها في هذا الحال على الأرض معتمدا عليها صدق عنوان السجود على الأرض من دون الحيلولة بشى‌ء أجنبىّ بينهما.

(3) فيه إشكال بل منع، حيث أن مفهوم السجود متقوّم بالاعتماد على ما يسجد عليه و لا يتحقّق بمجرّد الوضع من دون الاعتماد، فإذن تدخل المسألة في كبرى مسألة من لا يتمكّن من السجدة، فوظيفته حينئذ الايماء بدلا عنها و قد دلّت على ذلك مجموعة من الروايات.

(4) بل الأقوى ذلك، لأن الرافع لوجوب الجلوس للسجود و التشهّد هو‌

 

129
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 25 إذا كان في الأرض ذات الطين بحيث يتلطخ به بدنه و ثيابه ص 129

تلطخ بدنه و ثيابه، و مع الحرج أيضا إذا تحمله صحت صلاته (1).

[مسألة 26: السجود على الأرض أفضل من النبات و القرطاس]

[1374] مسألة 26: السجود على الأرض أفضل من النبات و القرطاس، و لا يبعد كون التراب أفضل من الحجر، و أفضل من الجميع التربة الحسينية، فإنها تخرق الحجب السبع و تستنير إلى الأرضين السبع.

[مسألة 27: إذا اشتغل بالصلاة و في أثنائها فقد ما يصح السجود]

[1375] مسألة 27: إذا اشتغل بالصلاة و في أثنائها فقد ما يصح السجود

______________________________
الحرج، فإذا لم يكن فيه حرج ظلّ على وجوبه لهما، و مجرّد تلطّخ ثيابه بالطين و تلوّثها به من دون أن يستلزم الحرج لا يمنع عنه. نعم إذا لم يتمكّن من السجود عليه إذا جلس من جهة عدم إمكان تمكين الجبهة عليه، حيث أن موضع السجود لا بدّ أن يكون من الصلابة بدرجة تتيح للمصلّي أن تمكّن جبهته عند السجود عليه، أو أنه حرجىّ لم يجب الجلوس له و لكن يجب للتشهد. و أما موثقة عمّار:

(قال: سألته الرجل يصيبه المطر و هو لا يقدر أن يسجد فيه من الطين، و لا يجد موضعا جافّا قال: يفتتح الصلاة، فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلّى، فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤمّ بالسجود إيماء و هو قائم، و يفعل ذلك حتى يفرغ من الصلاة و يتشهّد و هو قائم و يسلّم ...) «1» فهي ظاهرة في عدم التمكّن العرفي من السجود عليه مباشرة أو بلحاظ عدم التمكّن من الجلوس له، و بما أنّ عدم التمكن العرفي مساوق للحرج فلا تدلّ الموثقة على إناطة الحكم بأكثر منه فإذن تكون الموثقة مطابقة للقاعدة.

(1) في الصحّه إشكال بل منع، لأن السجود أو الجلوس له و للتشهد إذا كان حرجيّا ارتفع أمره فلا أمر به حينئذ، و مع عدم الأمر به لا طريق لنا الى إحراز الملاك فيه و كونه محبوبا لكي يتمكّن التقرّب به، فمن أجل ذلك لا يمكن الحكم بالصحّة و الاكتفاء بها في مقام الامتثال و ترك ما هو وظيفته في هذا الحال و هو الصلاة مع الايماء.

______________________________
(1) الوسائل ج 5 باب: 15 من أبواب مكان المصلّي الحديث: 4.

 

130
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 27 إذا اشتغل بالصلاة و في أثنائها فقد ما يصح السجود ص 130

عليه قطعها في سعة الوقت، و في الضيق (1) يسجد على ثوبه القطن أو الكتان أو المعادن أو ظهر الكف على الترتيب (2).

[مسألة 28: إذا سجد على ما لا يجوز باعتقاد أنه مما يجوز]

[1376] مسألة 28: إذا سجد على ما لا يجوز باعتقاد أنه مما يجوز فإن كان بعد رفع الرأس مضى و لا شي‌ء عليه (3)، و إن كان قبله جرّ جبهته إن

______________________________
(1) هذا فيما إذا لم يتمكّن من إدراك ركعة مع تمام شروطها في الوقت، فعندئذ تكون وظيفته هذا، و أما إذا تمكّن منه كذلك فإن كان ذلك في صلاة الغداة التي قد ورد فيها النصّ بأن إدراك ركعة منها في الوقت بمثابة إدراك تمام الصلاة فيه، فحينئذ إن كان المكلّف متمكّنا من إدراك ركعة منها في الوقت لم يجز له الاكتفاء بإتمام الصلاة التي لا يتمكّن فيها من السجود على ما يصحّ السجود عليه لأنه بحكم الشارع يكون متمكّنا من الصلاة التامة في وقتها، و معه لا يجوز له الاكتفاء بالصلاة الناقصة.

و أما إذا كان ذلك في سائر الصلوات التي ناقشنا في شمول حديث (من أدرك) لها فالأظهر فيها التخيير بين إتمام الصلاة في الوقت مع السجود على ما لا يصحّ، و بين إعادتها بإدراك ركعة منها في الوقت مع السجود على ما يصحّ من جهة وقوع المعارضة بين دليل الوقت و دليل السجود على ما يصحّ، فيسقطان فيرجع الى التخيير بعد أصالة البراءة عن التعيين.

(2) تقدّم في المسألة (23) أن الترتيب معتبر بين سجوده على ثوبه من القطن أو الكتّان أو نحوه و سجوده على غيره من أقسام ما لا يصحّ السجود عليه، و لا دليل على اعتبار الترتيب بين المعادن و ظهر الكفّ و بين غيرهما، فإن الجميع على نسبة واحدة.

(3) هذا مبنىّ على أن يكون الوضع على ما يصحّ السجود واجبا آخر على نحو تعدّد المطلوب و بما أن محلّه قد فات فلا يمكن تداركه إلّا بإعادة الصلاة و هي‌

 

131
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 28 إذا سجد على ما لا يجوز باعتقاد أنه مما يجوز ص 131

أمكن (1)، و إلا قطع الصلاة في السعة، و في الضيق أتم على ما تقدم (2) إن أمكن، و إلا اكتفى به.

______________________________
منفيّة بحديث (لا تعاد) و لكن فيه إشكالا بل منعا، لأن ما دلّ على اعتبار كون ما يسجد عليه أرضا أو نباتها إلّا ما أكل أو لبس ظاهر في القيديّة و كون الواجب حصّة خاصّة من السجود و هي السجود على الأرض أو نباتها غير ما استثنى- كما هو الحال في تمام موارد الاطلاق و التقييد- و على هذا فإن كان التذكّر قبل الدخول في الركوع وجب التدارك، و إن كان بعده لم يجب حيث قد فات محلّه، نعم يجب عليه قضاؤه بعد الفراغ من الصلاة، هذا إذا كان الخطأ في سجدة واحدة، و أما إذا كان الخطأ في سجدتين، فإن كان التذكّر قبل الدخول في ركوع ركعة أخرى فلا يمكن إعادتهما لاستلزامها زيادة الركن، و هل يمكن الاتيان بالسجدة الثانية على أساس عدم تجاوز محلّها و الحكم بصحّة الأولى بمقتضى قوله عليه السّلام: (.. لا تعاد من سجدة واحدة ..) «1» الظاهر أنه لا يمكن فإن هذا الحديث كحديث (لا تعاد) لا يشمل الاخلال العمدي و إن كان مستندا الى عذر، و ما نحن فيه كذلك، فإن المصلّي ترك السجدة الأولى متعمّدا رغم أن محلّها يظلّ باقيا من جهة أن الاتيان بها يستلزم الزيادة، فإذن تجب إعادة الصلاة، و إن كان التذكّر بعد الدخول في الركوع بطلت الصلاة و تجب إعادتها.

(1) فيه إشكال بل منع؛ فإن المأمور به هو إحداث السجود لا إبقاؤه، و الجرّ بما أنه إبقاء له فلا يكفي، فإذن تكون وظيفته رفع الجبهة عمّا لا يصحّ السجود عليه و وضعها على ما يصحّ، و هذا و إن استلزم زيادة سجدة و لكن بما أنها سهوية فلا تضرّ.

(2) تقدّم حكمه في المسألة (27).

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 14 من أبواب الرّكوع الحديث: 3.

 

132
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الأمكنة المكروهة ص 133

[فصل في الأمكنة المكروهة]

فصل في الأمكنة المكروهة و هي مواضع:

أحدها: الحمام و إن كان نظيفا، حتى المسلخ منه عند بعضهم، و لا بأس بالصلاة على سطحه.

الثاني: المزبلة.

الثالث: المكان المتخذ للكنيف و لو سطحا متخذا لذلك.

الرابع: المكان الكثيف الذي يتنفر منه الطبع.

الخامس: المكان الذي يذبح فيه الحيوانات أو ينحر.

السادس: بيت المسكر.

السابع: المطبخ و بيت النار.

الثامن: دور المجوس، إلا إذا رشها ثم صلى فيها بعد الجفاف.

التاسع: الأرض السبخة.

العاشر: كل أرض نزل فيها عذاب أو خسف.

الحادي عشر: أعطان الإبل و إن كنست و رشت.

الثاني عشر: مرابط الخيل و البغال و الحمير و البقر و مرابض الغنم.

الثالث عشر: على الثلج و الجمد.

الرابع عشر: قرى النمل و أوديتها و إن لم يكن فيها نمل ظاهر حال

 

133
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الأمكنة المكروهة ص 133

الصلاة.

الخامس عشر: مجاري المياه و إن لم يتوقع جريانها فيها فعلا، نعم لا بأس بالصلاة على ساباط تحته نهر أو ساقيه و لا في محل الماء الواقف.

السادس عشر: الطرق و إن كانت في البلاد ما لم تضر بالمارة، و إلا حرمت و بطلت.

السابع عشر: في مكان يكون مقابلا لنار مضرمة أو سراج.

الثامن عشر: في مكان يكون مقابله تمثال ذي الروح، من غير فرق بين المجسّم و غيره و لو كان ناقصا نقصا لا يخرجه عن صدق الصورة و التمثال، و تزول الكراهة بالتغطية.

التاسع عشر: بيت فيه تمثال و إن لم يكن مقابلا له.

العشرون: مكان قبلته حائط ينزّ من بالوعة يبال فيها أو كنيف، و ترتفع بستره، و كذا إذا كان قدّامه عذرة.

الحادي و العشرون: إذا كان قدّامه مصحف أو كتاب مفتوح أو نقش شاغل بل كل شي‌ء شاغل.

الثاني و العشرون: إذا كان قدامه إنسان مواجه له.

الثالث و العشرون: إذا كان مقابله باب مفتوح.

الرابع و العشرون: المقابر.

الخامس و العشرون: على القبر.

السادس و العشرون: إذا كان القبر في قبلته، و ترتفع بالحائل.

السابع و العشرون: بين القبرين من غير حائل، و يكفي حائل واحد من أحد الطرفين، و إذا كان بين قبور أربعة يكفي حائلان أحدهما في جبهة اليمين أو اليسار و الآخر في جهة الخلف أو الإمام، و ترتفع أيضا ببعد عشرة

 

134
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الأمكنة المكروهة ص 133

أذرع من كل جهة فيها القبر.

الثامن و العشرون: بيت فيه كلب غير كلب الصيد.

التاسع و العشرون: بيت فيه جنب.

الثلاثون: إذا كان قدامه حديد من أسلحة أو غيرها.

الواحد و الثلاثون: إذا كان قدامه ورد عند بعضهم.

الثاني و الثلاثون: إذا كان قدامه بيدر حنطة أو شعير.

[مسألة 1: لا بأس بالصلاة في البيع و الكنائس و إن لم ترش]

[1377] مسألة 1: لا بأس بالصلاة في البيع و الكنائس و إن لم ترش و إن كان من غير إذن من أهلها كسائر مساجد المسلمين.

[مسألة 2: لا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمة (عليهم السلام)]

[1378] مسألة 2: لا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمة (عليهم السلام) و لا على يمينها، و شمالها، و إن كان الأولى الصلاة عند جهة الرأس على وجه لا يساوي الإمام عليه السّلام.

[مسألة 3: يستحب أن يجعل المصلي بين يديه سترة إذا لم يكن قدامه حائط أو صف]

[1379] مسألة 3: يستحب أن يجعل المصلي بين يديه سترة إذا لم يكن قدامه حائط أو صف للحيلولة بينه و بين من يمر بين يديه إذا كان في معرض المرور و إن علم بعدم المرور فعلا، و كذا إذا كان هناك شخص حاضر، و يكفي فيها عود أو حبل أو كومة تراب، بل يكفي الخط، و لا يشترط فيها الحلية و الطهارة، و هي نوع تعظيم و توقير للصلاة، و فيها إشارة إلى الانقطاع عن الخلق و التوجه إلى الخالق.

[مسألة 4: يستحب الصلاة في المساجد]

[1380] مسألة 4: يستحب الصلاة في المساجد، و أفضلها مسجد الحرام، فالصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثم مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف، و مسجد الكوفة و فيه تعدل ألف صلاة، و المسجد الأقصى و فيه تعدل ألف صلاة أيضا، ثم مسجد الجامع و فيه تعدل مائة و مسجد القبيلة و فيه تعدل خمسا و عشرين، و مسجد السوق و فيه تعدل اثني عشر،

 

135
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 يستحب الصلاة في المساجد ص 135

و يستحب أن يجعل في بيته مسجدا أي مكانا معدا للصلاة فيه و إن كان لا يجري عليه أحكام المسجد، و الأفضل للنساء الصلاة في بيوتهن، و أفضل البيوت بين المخدع أي بيت الخزانة في البيت.

[مسألة 5: يستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السّلام]

[1381] مسألة 5: يستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السّلام، و هي البيوت الذي أمر اللّه تعالى أن ترفع و يذكر فيها اسمه، بل هي أفضل من المساجد، بل قد ورد في الخبر أن الصلاة عند علي عليه السّلام بمائتي ألف صلاة، و كذا يستحب في روضات الأنبياء و مقام الأولياء و الصلحاء و العلماء و العبّاد بل الأحياء منهم أيضا.

[مسألة 6: يستحب تفريق الصلاة في أماكن متعددة لتشهد له يوم القيامة]

[1382] مسألة 6: يستحب تفريق الصلاة في أماكن متعددة لتشهد له يوم القيامة، ففي الخبر سأل الراوي أبا عبد اللّه عليه السّلام: «يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها قال عليه السّلام: لا بل هاهنا و هاهنا، فإنها تشهد له يوم القيامة».

و عنه عليه السّلام: «صلّوا من المساجد في بقاع مختلفة، فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة».

[مسألة 7: يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر]

[1383] مسألة 7: يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده»، و يستحب ترك مؤاكلة من لا يحضر المسجد و ترك مشاربته و مشاورته و مناكحته و مجاورته.

[مسألة 8: يستحب الصلاة في المسجد الذي لا يصلي فيه]

[1384] مسألة 8: يستحب الصلاة في المسجد الذي لا يصلي فيه، و يكره تعطيله، فعن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ثلاثة يشكون إلى اللّه- عز و جل- مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، و عالم بين جهّال، و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه».

[مسألة 9: يستحب كثرة التردد إلى المساجد]

[1385] مسألة 9: يستحب كثرة التردد إلى المساجد، فعن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «من

 

136
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 يستحب كثرة التردد إلى المساجد ص 136

مشى إلى مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات و محي عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات».

[مسألة 10: يستحب بناء المسجد]

[1386] مسألة 10: يستحب بناء المسجد، و فيه أجر عظيم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه اللّه بكل شبر منه مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب و فضة و لؤلؤ و زبرجد»، و عن الصادق عليه السّلام: «من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنة».

[مسألة 11: الأحوط إجراء صيغة الوقف بقصد القربة في صيرورته مسجدا]

[1387] مسألة 11: الأحوط إجراء صيغة الوقف بقصد القربة في صيرورته مسجدا بأن يقول وقفته قربة إلى اللّه تعالى، لكن الأقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجدا مع صلاة شخص واحد فيه بإذن الباني، فيجري حينئذ حكم المسجدية و إن لم تجر الصيغة.

[مسألة 12: الظاهر أنه يجوز أن يجعل الأرض فقط مسجدا دون البناء و السطح]

[1388] مسألة 12: الظاهر أنه يجوز أن يجعل الأرض فقط مسجدا دون البناء و السطح، و كذا يجوز أن يجعل السطح فقط مسجدا أو يجعل بعض الغرفات أو القباب أو نحو ذلك خارجا، فالحكم تابع لجعل الواقف و الباني في التعميم و التخصيص، كما أنه كذلك بالنسبة إلى عموم المسلمين أو طائفة دون أخرى على الأقوى (1).

[مسألة 13: يستحب تعمير المسجد إذا أشرف على الخراب]

[1389] مسألة 13: يستحب تعمير المسجد إذا أشرف على الخراب، و إذا لم ينفع يجوز تخريبه و تجديد بنائه، بل الأقوى جواز تخريبه مع استحكامه لإرادة توسيعه من جهة حاجة الناس.

______________________________
(1) في التخصيص إشكال بل منع، فإنه لا ينسجم مع حقيقة المسجدية حيث أنها تحرير و إخراج عن الملك نهائيا، لا أنها إخراج عن الملك و إدخال في ملك آخر لكي تكون قابلة للتخصيص بطائفة دون أخرى.

 

137
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في بعض أحكام المسجد ص 138

[فصل في بعض أحكام المسجد]

فصل في بعض أحكام المسجد

[الأول: يحرم زخرفته]

الأول: يحرم زخرفته (1) أي تزيينه بالذهب، بل الأحوط ترك نقشه بالصور (2).

[الثاني: لا يجوز بيعه و لا بيع آلاته]

الثاني: لا يجوز بيعه و لا بيع آلاته و إن صار خرابا و لم يبق آثار مسجديته، و لا إدخاله في الملك و لا في الطريق، و لا يخرج عن المسجدية أبدا، و يبقى الأحكام من حرمة تنجيسه و وجوب احترامه، و تصرف آلاته في تعميره، و إن لم يكن معمرا تصرف في مسجد آخر، و إن لم يمكن الانتفاع بها أصلا يجوز بيعها و صرف القيمة في تعميره أو تعمير مسجد آخر.

[الثالث: يحرم تنجيسه]

الثالث: يحرم تنجيسه، و إذا تنجس يجب إزالتها فورا (3) و إن كان في

______________________________
(1) في الحرمة إشكال بل منع، إذ لا دليل عليها، بل فيها تعظيم و احترام لشعائر الله تعالى، كما هو الحال في المشاهد المشرّفة، و لا سيّما في زماننا هذا، فإنها نوع تجليل لها أمام سائر الطوائف.

(2) لكن الأظهر جوازه؛ حيث لم يقم دليل على المنع. نعم قد يكون نقش الصور في نفسه محرّما سواء كان في المساجد أم في غيرها إذا كان نقش صور ذوات الأرواح.

(3) تقدّم حكم هذه المسألة بتمام صورها و فروعها في مبحث النجاسات‌

 

138
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الثالث يحرم تنجيسه ص 138

وقت الصلاه مع سعته، نعم مع ضيقه تقدم الصلاة، و لو صلى مع السعة أثم لكن الأقوى صحة صلاته، و لو علم بالنجاسة أو تنجس في أثناء الصلاة لا يجب القطع للإزالة و إن كان في سعة الوقت، بل يشكل جوازه (1)، و لا بأس بإدخال النجاسة الغير المتعدية إلا إذا كان موجبا للهتك كالكثيرة من العذرة اليابسة مثلا، و إذا لم يتمكن من الإزالة بأن احتاجت إلى معين و لم يكن سقط وجوبها، و الأحوط إعلام الغير إذا لم يتمكن، و إذا كان جنبا و توقفت الإزالة على المكث فيه فالظاهر عدم وجوب المبادرة إليها بل يؤخرها إلى ما بعد الغسل، و يحتمل وجوب التيمم و المبادرة إلى الإزالة (2).

[مسألة 1: يجوز أن يتخذ الكنيف و نحوه من الأمكنة التي عليها البول و العذرة و نحوهما مسجدا]

[1390] مسألة 1: يجوز أن يتخذ الكنيف و نحوه من الأمكنة التي عليها البول و العذرة و نحوهما مسجدا، بأن يطمّ و يلقى عليها التراب النظيف، و لا

______________________________
في فصل (يشترط في صحّة الصلاة).

(1) الأظهر جوازه إذ لا دليل على حرمته، و إن كان لا بأس بالاحتياط.

(2) هذا بناء على القول بفوريّة وجوب الازالة، و حيث أن تأخيرها الى ما بعد الغسل ينافي الفوريّة فيجب حينئذ التيمّم للقيام بعملية الازالة فورا لمكان اضطرار المكلّف إليه عندئذ. و من هنا لو كان تأخيرها الى ما بعد الغسل هتكا له فلا شبهة في وجوب التيمّم عليه و القيام بعملية الازالة، نعم لو لم يكن التأخير بمقدار زمان الغسل منافيا لوجوبها الفوري لم يكن التيمّم مشروعا. و أما على القول بأن وجوب إزالة النجاسة عن المسجد في نفسه مبنىّ على الاحتياط فضلا عن فوريّتها فلا يكون التيمّم مشروعا إذا كان متمكّنا من الغسل حيث أن التأخير بمقداره جائز.

و أما إذا لم يتمكّن من الغسل، إما لعدم وجود الماء عنده، أو أنه موجود و لكنه لا يتمكّن من استعماله فلا شبهة في مشروعيّة التيمّم حينئذ.

 

139
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 يجوز أن يتخذ الكنيف و نحوه من الأمكنة التي عليها البول و العذرة و نحوهما مسجدا ص 139

تضرّ نجاسة الباطن في هذه الصورة، و إن كان لا يجوز تنجيسه في سائر المقامات (1)، لكن الأحوط إزالة النجاسة أولا أو جعل المسجد خصوص المقدار الطاهر من الظاهر.

[الرابع: لا يجوز إخراج الحصى منه]

الرابع: لا يجوز إخراج الحصى منه، و إن فعل ردّه إلى ذلك المسجد أو مسجد آخر، نعم لا بأس بإخراج التراب الزائد المجتمع بالكنس أو نحوه.

[الخامس: لا يجوز دفن الميت في المسجد]

الخامس: لا يجوز دفن الميت في المسجد، إذا لم يكن مأمونا من التلويث بل مطلقا على الأحوط (2).

[السادس: يستحب سبق الناس في الدخول إلى المساجد]

السادس: يستحب سبق الناس في الدخول إلى المساجد، و التأخر عنهم في الخروج منها.

[السابع: يستحب الإسراج فيه، و كنسه]

السابع: يستحب الإسراج فيه، و كنسه، و الابتداء في دخوله بالرجل اليمنى، و في الخروج باليسرى، و أن يتعاهد نعله تحفظا عن تنجيسه، و أن يستقبل القبلة، و يدعو و يحمد اللّه و يصلي على النبي صلّى اللّه عليه و آله، و أن يكون على طهارة.

[الثامن: يستحب صلاة التحية بعد الدخول]

الثامن: يستحب صلاة التحية بعد الدخول، و هي ركعتان، و يجزئ عنها الصلوات الواجبة أو المستحبة.

______________________________
(1) على الأحوط الأولى باعتبار أن القدر المتيقّن من حرمة تنجيس المسجد على تقدير ثبوتها هو تنجيس ظاهره دون باطنه.

(2) بل على الأقوى، لأن الدفن في المسجد ينافي جهة الوقف، و إلّا لم يكن عدم الأمن من التلويث مانعا منه، لما مرّ من أنه لا دليل على حرمة تنجيس باطن المسجد، و من هنا لو اشترط الواقف حين الوقف دفن نفسه أو من ينتمي إليه في المسجد وجب و إن لم يكن مأمونا من تلويث باطنه.

 

140
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الثامن يستحب صلاة التحية بعد الدخول ص 140

التاسع: يستحب التطيب و لبس الثياب الفاخرة عند التوجه إلى المسجد.

[العاشر: يستحب جعل المطهرة على باب المسجد]

العاشر: يستحب جعل المطهرة على باب المسجد.

[الحادي عشر: يكره تعلية جدران المساجد]

الحادي عشر: يكره تعلية جدران المساجد، و رفع المنارة عن السطح، و نقشها بالصور غير ذوات الأرواح، و أن يجعل لجدرانها شرفا، و أن يجعل لها محاريب داخلة.

[الثاني عشر: يكره استطراق المساجد إلا أن يصلي فيها ركعتين]

الثاني عشر: يكره استطراق المساجد إلا أن يصلي فيها ركعتين، و كذا إلقاء النخامة و النخاعة، و النوم إلا لضرورة، و رفع الصوت إلا في الأذان و نحوه، و إنشاد الضالة، و حذف الحصى، و قراءة الأشعار غير المواعظ و نحوها، و البيع، و الشراء، و التكلم في أمور الدنيا، و قتل القمل، و إقامة الحدود، و اتخاذها محلا للقضاء و المرافعة، و سلّ السيف، و تعليقه في القبلة، و دخول من أكل البصل و الثوم و نحوهما مما له رائحة تؤذي الناس، و تمكين الأطفال و المجانين من الدخول فيها، و عمل الصنائع، و كشف العورة و السرة و الفخذ و الركبة، و إخراج الريح.

[مسألة 2: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد]

[1391] مسألة 2: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.

[مسألة 3: الأفضل للرجال إتيان النوافل في المنازل و الفرائض في المساجد]

[1392] مسألة 3: الأفضل للرجال إتيان النوافل في المنازل و الفرائض في المساجد.

 

141
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الأذان و الإقامة ص 142

[فصل في الأذان و الإقامة]

فصل في الأذان و الإقامة لا إشكال في تأكد رجحانهما في الفرائض اليومية أداء و قضاء جماعة و فرادى حضرا و سفرا للرجال و النساء، و ذهب بعض العلماء إلى وجوبهما، و خصه بعضهم بصلاة المغرب و الصبح، و بعضهم بصلاة الجماعة و جعلهما شرطا في صحتها، و بعضهم جعلهما شرطا في حصول ثواب الجماعة، و الأقوى استحباب الأذان مطلقا و الأحوط (1) عدم ترك الإقامة، للرجال في

______________________________
(1) لكن الأقوى جواز تركها و إن كان الاحتياط فيها آكد، حيث يستحب بكلّ توكيد لمن يأتي بالفرائض اليومية أن يؤذّن و يقيم لكلّ فريضة منها بلا فرق بين الأداء و القضاء، و كون المكلّف رجلا أم امرأة، حاضرا أم مسافرا، مريضا أم سالما، و يتأكّد هذا الاستحباب بالنسبة الى الرجال خاصّة، و لا سيّما بالنسبة الى الاقامة، حيث أن التأكيد عليها في الروايات أكثر من التأكيد على الأذان. و من هنا ذهب جماعة الى وجوبها و لكن يدلّ على عدم الوجوب أمران:

أحدهما: قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة صفوان: (و الأذان و الاقامة في جميع الصلوات أفضل) «1»، فإن التعبير فيها بصيغة الأفضليّة نصّا في كافة الصلوات يصلح أن يكون قرينة على رفع اليد عن ظهور الروايات في وجوبها و كونها شرطا في صحّة الصلاة.

و الآخر: أن الاقامة لو كانت واجبة شرعا و شرطا في صحّة الصلاة لأصبحت‌

______________________________
(1) الوسائل ج 5 باب: 6 من أبواب الأذان و الإقامة الحديث: 2.

 

142
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الأذان و الإقامة ص 142

غير موارد السقوط و غير حال الاستعجال و السفر و ضيق الوقت، و هما مختصان بالفرائض اليومية، و أما في سائر الصلوات الواجبة فيقال:

«الصلاة» ثلاث مرات (1)، نعم يتسحب الأذان في الأذن اليمنى من المولود و الإقامة في أذنه اليسرى يوم تولده أو قبل أن تسقط سرّته، و كذا يستحب الأذان في الفلوات عند الوحشة من الغول و سحرة الجن، و كذا يستحب الأذان في أذن من ترك اللحم أربعين يوما، و كذا كل من ساء خلقه، و الأولى أن يكون في أذنه اليمنى، و كذا الدابة إذا ساء خلقها.

ثم إن الأذان قسمان: أذان الإعلام و أذان الصلاة، و يشترط في أذان الصلاة كالإقامة قصد القربة، بخلاف أذان الإعلام فإنه لا يعتبر فيه، و يعتبر أن يكون أول الوقت، و أما أذان الصلاة فمتصل بها و إن كان في آخر الوقت.

و فصول الأذان ثمانية عشر:

اللّه أكبر أربع مرات، و أشهد أن لا إله إلا اللّه، و أشهد أن محمدا رسول اللّه، و حيّ على الصلاة، و حيّ على الفلاح، و حيّ على خير العمل، و اللّه أكبر، و لا

______________________________
المسألة من الوضوح و الجلاء لدى المتشرّعة بمكان غير قابلة للتشكيك و السؤال لكثرة الابتلاء بها في كل يوم مرّات عديدة من جهة، و اهتمام الشارع بالصلاة بما لها من الأجزاء و الشرائط من جهة أخرى.

(1) فيه: أن الظاهر عدم اختصاص هذا الحكم بالصلاة الواجبة باعتبار أن مورد الرواية صلاة العيدين و هي مستحبّة و ليست بواجبة، كما أن الظاهر منها الاختصاص بالصلاة جماعة، فإن قوله عليه السّلام: (و لكن ينادي: الصلاة، ثلاث مرّات ...) «1»

إنما هو من أجل إعلام الناس و اجتماعهم، و هذا لا ينسجم إلّا مع الصلاة جماعة دون فرادى، حيث أنه لا مقتضى للنداء فيها.

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 7 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1.

 

143
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الأذان و الإقامة ص 142

إله إلا اللّه، كل واحد مرتان.

و فصول الإقامة سبعة عشر:

اللّه أكبر في أولها مرتان، و يزيد بعد حيّ على خير العمل «قد قامت الصلاة» مرتين، و ينقص من لا إله إلا اللّه في آخرها مرة.

و يستحب الصلاة على محمد و آله عند ذكر اسمه، و أما الشهادة لعلي عليه السّلام بالولاية و إمرة المؤمنين فليست جزءا منهما، و لا بأس بالتكرير في حي على الصلاة أو حي على الفلاح للمبالغة في اجتماع الناس، و لكن الزائد ليس جزءا من الأذان، و يجوز للمرأة الاجتزاء عن الأذان بالتكبير و الشهادتين بل بالشهادتين، و عن الإقامة بالتكبير و شهادة أن لا إله إلا اللّه و أن محمدا عبده و رسوله، و يجوز للمسافر و المستعجل الإتيان بواحد من كل فصل منهما، كما يجوز ترك الأذان و الاكتفاء بالإقامة، بل الاكتفاء بالأذان فقط (1)، و يكره الترجيع على نحو لا يكون غناء، و إلا فيحرم، و تكرار الشهادتين جهرا بعد قولهما سرا أو جهرا، بل لا يبعد كراهة مطلق تكرار واحد من الفصول إلا للإعلام.

[مسألة 1: يسقط الأذان في موارد:]

[1393] مسألة 1: يسقط الأذان في موارد:

أحدها: أذان عصر يوم الجمعة إذا جمعت مع الجمعة أو الظهر (2)، و أما

______________________________
(1) هذا لا ينسجم مع ما ذكره قدّس سرّه آنفا من أن الأحوط عدم ترك الاقامة، هذا من ناحية. و من ناحية أخرى استفادة مشروعيّة الأذان وحده و الاكتفاء به فقط من الروايات في غاية الاشكال بل المنع، كما ستأتي الاشارة إليه.

(2) في السقوط هنا خاصّة إشكال بل منع، إذ لا دليل عليه. نعم إنه داخل في كبرى كليّة أخرى و هي الترخيص في ترك الأذان في مطلق الجمع بين الظهرين‌

 

144
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 يسقط الأذان في موارد ص 144

مع التفريق فلا يسقط.

الثاني: أذان عصر يوم عرفة إذا جمعت مع الظهر لا مع التفريق.

الثالث: أذان العشاء في ليلة المزدلفة مع الجمع أيضا لا مع التفريق.

الرابع: العصر و العشاء للمستحاضة التي تجمعهما مع الظهر و المغرب (1).

الخامس: المسلوس و نحوه (2) في بعض الأحوال التي يجمع بين

______________________________
و العشاءين سواء أ كان في يوم الجمعة أم كان في يوم عرفة أم في سائر الأيام لدلالة مجموعة من الروايات على ذلك، و بما أن هذه الروايات لا تدلّ على سقوط أذان العصر عن الاستحباب و الرجحان فلا تكون مقيّدة لإطلاق أدلّة مشروعيّته، فإذن لا يكون سقوطه في تلك الموارد سقوطا عن الاستحباب و الرجحان بل بملاك أن الاستعجال في الشروع بالعصر أرجح من أن يؤذن ثم يشرع فيها. نعم من كان في عرفة و جمع بين العصر و الظهر سقط أذانه، كما هو الحال في ليلة المزدلفة إذا جمع بين المغرب و العشاء و قد نصّت على ذلك مجموعة من الروايات.

(1) في سقوط الأذان فيه إشكال بل منع، فإن الوارد فيها أن المستحاضة بالكبرى تجمع بين الظهرين بغسل و بين العشاءين بآخر من دون الدلالة على سقوط أذان العصر و العشاء، فإن الجمع بينهما لا ينافي عدم السقوط. نعم إن ذلك داخل في الكبرى المتقدّمة و هي الترخيص في ترك الأذان في مطلق الجمع.

(2) كالمبطون و سلس الريح، و لكن في إلحاقهما بسلس البول نظر بل منع، لما تقدّم في مبحث الوضوء في حكم دائم الحدث كالمسلوس أو المبطون أو نحوهما، من أنه إذا لم تكن له فترة زمنيّة تسع للطهارة و الصلاة معا لم ينتقض و ضوؤه بما يخرج منه قهرا و بغير اختياره إلّا بالحدث المتعارف كالنوم أو البول أو نحوهما، و من هنا يجوز له أن يأتي به صلوات عديدة و لا يجب عليه الجمع بين‌

 

145
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 يسقط الأذان في موارد ص 144

الصلاتى، كما إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين بوضوء واحد، و يتحقق التفريق بطول الزمان بين الصلاتين لا بمجرد قراءة تسبيح الزهراء (سلام اللّه عليها) أو التعقيب و الفصل القليل، بل لا يحصل بمجرد فعل النافلة مع عدم طول الفصل، و الأقوى أن السقوط في الموارد المذكورة رخصة لا عزيمة (1) و إن كان الأحوط الترك، خصوصا في الثلاثة الاولى.

[مسألة 2: لا يتأكد الأذان لمن أراد إتيان فوائت في دور واحد لما عدا الصلاة الاولى]

[1394] مسألة 2: لا يتأكد الأذان لمن أراد إتيان فوائت في دور واحد لما عدا الصلاة الاولى، فله أن يؤذّن للأولى منها و يأتي بالبواقي بالإقامة وحدها لكل صلاة.

[مسألة 3: يسقط الأذان و الإقامة في موارد]

[1395] مسألة 3: يسقط الأذان و الإقامة في موارد:

______________________________
الظهرين أو العشاءين و لا الاستعجال فيه، هذا هو مقتضى إطلاقات أدلّته، و بما أن النصّ قد ورد في خصوص سلس البول و يكون على خلاف تلك الاطلاقات فلا يمكن التعدّي عن مورده الى سائر الموارد كالمبطون و سلس الريح و نحوهما، فلا يجب عليهما الجمع بين الصلاتين بأذان و إقامتين، بل له أن يأتي بكلّ منهما بأذان و إقامة.

(1) في إطلاقه إشكال بل منع، أما في المورد الأول فقد مرّ أنه لا دليل على سقوط الأذان فيه لكي ننظر إليه أنه على نحو العزيمة أو الرخصة، نعم إنه داخل في كبرى كليّة أخرى و هي الترخيص في ترك الأذان و الاكتفاء بالاقامة في مطلق الجمع بين الظهرين و العشاءين، فعندئذ لا محالة يكون السقوط على نحو الترخيص.

و أما السقوط في الموارد الثاني و الثالث و الخامس، فالظاهر من أدلّتها أنه عزيمة لا رخصة، و أما في الموارد الرابع فلا دليل على السقوط لكي ننظر الى أنه عزيمة أو رخصة.

 

146
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يسقط الأذان و الإقامة في موارد ص 146

أحدها: الداخل في الجماعة التي أذنوا لها و أقاموا (1) و إن لم يسمعهما و لم يكن حاضرا حينهما و كان مسبوقا، بل مشروعية الإتيان بهما في هذه الصورة لا تخلو عن إشكال.

الثاني: الداخل في المسجد للصلاة منفردا أو جماعة و قد أقيمت الجماعة حال اشتغالهم و لم يدخل معهم أو بعد فراغهم مع عدم تفرق الصفوف، فإنهما يسقطان لكن على وجه الرخصة لا العزيمة على الأقوى، سواء صلى جماعة إماما أو مأموما أو منفردا.

و يشترط في السقوط أمور:

أحدها: كون صلاته و صلاة الجماعة كلاهما أدائية، فمع كون إحداهما أو كلتيهما قضائية عن النفس أو عن الغير على وجه التبرع أو الإجارة لا يجري الحكم.

الثاني: اشتراكهما في الوقت، فلو كانت السابقة عصرا و هو يريد أن يصلي المغرب لا يسقطان.

الثالث: اتحادهما في المكان عرفا، فمع كون إحداهما داخل المسجد و الاخرى على سطحه يشكل السقوط، و كذا مع البعد كثيرا (2).

______________________________
(1) في تخصيص السقوط بالدخول في الجماعة التي أذن لها و أقيم إشكال بل منع، إذ يكفي في السقوط الدخول في الجماعة التي سمع الامام فيها الأذان و الاقامة من شخص آخر خارج الجماعة، فإن سماعه كاف في سقوطهما عن كل من اشترك معه في الجماعة، و قد نصّت على ذلك معتبرة عمرو بن خالد، فإذن لا يختصّ السقوط بما ذكره الماتن قدّس سرّه.

(2) إطلاقه لا يخلو عن إشكال بل منع، فإن العبرة بوحدة المكان، فإن كان‌

 

 

147
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يسقط الأذان و الإقامة في موارد ص 146

الرابع: أن تكون صلاة الجماعة السابقة مع الأذان و الإقامة، فلو كانوا تاركين لا يسقطان عن الداخلين و إن كان تركهم من جهة اكتفائهم بالسماع من الغير.

الخامس: أن تكون صلاتهم صحيحة، فلو كان الإمام فاسقا مع علم المأمومين لا يجري الحكم، و كذا لو كان البطلان من جهة أخرى.

السادس: أن يكون في المسجد، فجريان الحكم في الأمكنة الأخرى محل إشكال (1)، و حيث إن الأقوى كون السقوط على وجه الرخصة فكل مورد شك في شمول الحكم له الأحوط أن يأتي بهما (2)، كما لو شك في

______________________________
واحدا كمسجد الكوفة أو المسجد الحرام فلا أثر للبعد، و إن كان متعدّدا فلا أثر للقرب.

(1) الظاهر اختصاص الحكم بالمسجد و لا يجري في غيره حيث أن دليل الحكم يختصّ به، و لا قرينة على التعدّي عنه الى سائر الأمكنة.

(2) تفريع الحكم على كون السقوط على وجه الرخصة محلّ إشكال بل منع، إذ لا فرق في إمكان الاحتياط في المسألة على القولين فيها، أما على القول بالرخصة فظاهر، و أما على القول بالعزيمة فلأن الحرمة على هذا القول بما أنها تشريعيّة فلا تمنع عن الاحتياط فيها و اما في موارد الشك فان كان من جهة الشبهة المفهومية بأن لا يعلم أن كلمة التفريق موضوعة لمعنى وسيع و هو الجامع بين تفريق البعض و تفريق الكلّ، أو لمعنى ضيق و هو تفريق الكلّ، أو أن المفهوم معلوم و لكن لا يعلم أن المناط في السقوط بتفرّق البعض أو الكلّ، فالدليل مجمل من هذه الناحية، كان المرجع إطلاقات أدلّة مشروعيّة الأذان و الاقامة في المقدار الزائد على المتيقّن، كما هو الحال في جميع موارد ما إذا كان الدليل المخصّص المنفصل مجملا دون العام.

 

148
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يسقط الأذان و الإقامة في موارد ص 146

صدق التفرق و عدمه أو صدق اتحاد المكان و عدمه أو كون صلاة الجماعة أدائية أو لا أو أنهم أذنوا و أقاموا لصلاتهم أم لا، نعم لو شك في صحة صلاتهم حمل على الصحة.

الثالث من مورد سقوطهما: إذا سمع الشخص أذان غيره أو إقامته، فإنه يسقط عنه سقوطا على وجه الرخصة بمعنى أنه يجوز له أن يكتفي بما سمع إماما كان الآتي بهما أو مأموما أو منفردا، و كذا في السامع، و لكن بشرط أن لا يكون ناقصا و أن يسمع تمام الفصول، و مع فرض النقصان يجوز له أن يتمّ

______________________________
و إن كان الشكّ فيه من جهة الشبهة الموضوعيّة، فلا مانع من الرجوع الى استصحاب عدم التفريق الذي هو الموضوع للسقوط، كما في موثقة أبي بصير.

و أما إذا كان الشكّ في اتّحاد المكان و عدمه فيستصحب عدم اتّصافه بالاتّحاد بناء على جريان الاستصحاب في العدم الأزلي، كما هو الصحيح، و أما لو لم نقل به فليس هنا أصل آخر في المسألة يحرز به الاتّحاد أو عدمه بعد ما لم يكن لشي‌ء منهما حالة سابقة، فإذن يكون المرجع في المسألة هو أصالة الاحتياط.

و أما إذا كان الشكّ في أدائيّة الجماعة و قضائيّتها فيستصحب عدم اتّصافها بالأدائيّة و به يحرز موضوع العام و يترتّب عليه أثره و هو عدم السقوط.

و أما إذا شكّ في أنه يؤذن فيها و يقيم أو لا، فمقتضى الأصل عدمه.

و أما إذا كان الشكّ في صحّة صلاتهم، فيكون المتّبع فيها أصالة الصحّة و يترتّب عليها السقوط.

و أما إذا كان الشكّ في كون مكان الجماعة مسجدا أو لا، فيكون المتّبع استصحاب عدم الاتّصاف بكونه مسجدا على نحو الاستصحاب في العدم الأزلي و به يحرز موضوع الدليل العام و يترتّب عليه أثره و هو عدم السقوط.

 

149
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يسقط الأذان و الإقامة في موارد ص 146

ما نقصه القائل (1) و يكتفي به، و كذا إذا لم يسمع التمام يجوز له أن يأتي بالبقية (2) و يكتفي به لكن بشرط مراعاة الترتيب، و لو سمع أحدهما لم يجزئ للآخر، و الظاهر أنه لو سمع الإقامة فقط فأتى بالأذان لا يكتفي بسماع الإقامة، لفوات الترتيب حينئذ بين الأذان و الإقامة.

الرابع: إذا حكى أذان الغير أو إقامته، فإن له أن يكتفي بحكايتهما (3).

______________________________
(1) في كفاية التتميم إشكال بل منع، فإن النصّ الوارد في المسألة و هو موثقة عمرو بن خالد ظاهر في سماع تمام الأذان و الاقامة، و لا يدلّ على كفاية سماع البعض و تتميم ما نقصه المؤذّن. و أما صحيحة ابن سنان فهي و إن دلّت على تتميم ما نقصه إلّا أن موردها الاكتفاء بأذان المؤذّن نفسه لا بسماعه، و تدلّ على أنه إذا نقصه جاز لغيره الاكتفاء به بضمّ الاتيان بالباقي إليه.

(2) في الاكتفاء به نظر بل منع، لأن ظاهر النصّ كما عرفت هو كفاية سماع التمام، و أما البعض و الاتيان بالباقي فلا دليل عليه.

(3) في الاكتفاء بالحكاية مطلقا إشكال بل منع، فإن المحكىّ بالحكاية إن كان هو صرف اللفظ دون قصد المعنى و لو ارتكازا لم تكف باعتبار عدم صدق عنوان الأذان و الاقامة، لأنها مجرّد لقلقة اللسان، فلا تكون مصداقا لهما، و إن كان المحكىّ بها مع قصد المعنى و لو إجمالا صدق أنه أذّن و أقام، و إن كان المحكىّ بها بقصد ذكر الله ثم نوى كونهما للصلاة لم يكف لأن القصد المذكور لا يوجب الانقلاب عمّا وقع عليه، فكونهما أذانا و إقامة للصلاة منوط بإتيانهما بقصدها، كما هو الحال بالنسبة الى أجزائها و شرائطها لا مطلقا.

نعم قد يقال بالكفاية بملاك السماع لا بالحكاية بلحاظ أنه أسبق منها معلّلا بأن مقتضى دليله و هو موثقة عمرو بن خالد كفاية مطلق السماع و إن لم يكن بقصد التوصّل الى الصلاة. و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع لعدم الاطلاق له.

 

150
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 يستحب حكاية الأذان عند سماعه ص 151

[مسألة 4: يستحب حكاية الأذان عند سماعه]

[1396] مسألة 4: يستحب حكاية الأذان عند سماعه سواء كان أذان الإعلام أو أذان الإعظام أي أذان الصلاة جماعة أو فرادى مكروها كان أو مستحبا، نعم لا يستحب حكاية الأذان المحرم (1)، و المراد بالحكاية أن يقول مثل ما قال المؤذن عند السماع من غير فصل معتد به، و كذا يستحب حكاية الإقامة أيضا (2)، لكن ينبغي إذا قال المقيم قد قامت الصلاة (3) أن يقول هو: اللهم أقمها و أدمها و اجعلني من خير صالحي أهلها، و الأولى تبديل الحيعلات بالحولقة بأن يقول: لا حول و لا قوة إلا باللّه.

[مسألة 5: يجوز حكاية الأذان و هو في الصلاة]

[1397] مسألة 5: يجوز حكاية الأذان و هو في الصلاة، لكن الأقوى حينئذ تبديل الحيعلات بالحولقة (4).

[مسألة 6: يعتبر في السقوط بالسماع عدم الفصل الطويل بينه و بين الصلاة]

[1398] مسألة 6: يعتبر في السقوط بالسماع عدم الفصل الطويل بينه و بين الصلاة.

[مسألة 7: الظاهر عدم الفرق بين السماع و الاستماع]

[1399] مسألة 7: الظاهر عدم الفرق بين السماع و الاستماع.

______________________________
(1) بل هي محرّمة إذا كانت بنيّة الأذان لمكان صدقه عليها، و أما إذا كانت بنيّة الذكر فلا بأس، بل مستحبّة.

(2) فيه: أنه لا دليل على الاستحباب بعنوان الحكاية، و أما بعنوان الذكر فلا إشكال في استحبابها.

(3) لا دليل عليه و على ما بعده إلّا بناء على تماميّة قاعدة التسامح في أدلّة السنن.

(4) مرّ أنه لا دليل على التبديل، نعم لا بأس به بعنوان ذكر الله لا بملاك أنه وظيفة شرعيّة.

 

151
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 القدر المتيقن من الأذان الأذان المتعلق بالصلاة ص 152

[مسألة 8: القدر المتيقن من الأذان الأذان المتعلق بالصلاة]

[1400] مسألة 8: القدر المتيقن من الأذان الأذان المتعلق بالصلاة (1)، فلو سمع الأذان الذي يقال في أذن المولود أو وراء المسافر عند خروجه إلى السفر لا يجزئه.

[مسألة 9: الظاهر عدم الفرق بين أذان الرجل و المرأة]

[1401] مسألة 9: الظاهر عدم الفرق بين أذان الرجل و المرأة (2) إلا إذا كان سماعه على الوجه المحرم أو كان أذان المرأه على الوجه المحرم.

[مسألة 10: قد يقال يشترط في السقوط بالسماع أن يكون السامع من الأول قاصدا الصلاة]

[1402] مسألة 10: قد يقال يشترط في السقوط بالسماع أن يكون السامع من الأول قاصدا الصلاة، فلو لم يكن قاصدا و بعد السماع بنى على الصلاة لم يكف في السقوط، و له وجه (3).

______________________________
(1) فيه: أن كفاية سماعه ليست بملاك أنه المتيقّن من إطلاق النصّ دون غيره، فإن النصّ إذا فرض أنه مطلق كان حجّة بإطلاقه و إن كان له قدر متيقّن حيث أنه لا يوجب اختصاص حجيّته به دون الأعمّ، بل بملاك أنه لا إطلاق له في نفسه باعتبار أنه حكاية لفعل الامام عليه السّلام في واقعة خاصّة، على أنه لا يبعد دعوى انصرافه إليه.

(2) فيه: أن الأظهر هو الفرق بينهما، لأن سقوط الأذان عن شخص بسماع أذان غيره بحاجة الى دليل و لا دليل عليه ما عدا موثقة عمرو بن خالد و هي لا إطلاق لها لأنها في مقام بيان سماع أذان شخص واحد في الخارج. هذا مضافا الى أن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي انصرافها الى الرجل و لو بلحاظ أن أذان المرأة غير متعارف في شي‌ء من الأزمنة.

(3) مرّ آنفا أن الأوجه هو أنه يكفي في السقوط.

 

152
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الأذان و الإقامة ص 153

[فصل في شرائط الأذان و الإقامة]

فصل في شرائط الأذان و الإقامة يشترط في الأذان و الإقامة أمور:

الأول: النية ابتداء و استدامة على نحو سائر العبادات، فلو أذّن أو أقام لا بقصد القربة لم يصح، و كذا لو تركها في الأثناء، نعم لو رجع إليها و أعاد ما أتى به من الفصول لا مع القربة معها صح و لا يجب الاستئناف، هذا في أذان الصلاة، و أما أذان الإعلام فلا يعتبر فيه القربة كما مر، و يعتبر أيضا تعيين الصلاة التي يأتي بهما لها مع الاشتراك، فلو لم يعين لم يكف، كما أنه لو قصد بهما صلاة لا يكفي لأخرى، بل يعتبر الإعادة و الاستئناف.

الثاني: العقل و الإيمان، و أما البلوغ فالأقوى عدم اعتباره خصوصا في الأذان و خصوصا في الإعلامي، فيجزئ أذان المميز و إقامته (1) إذا سمعه أو حكاه أو فيما لو أتى بهما للجماعة، و أما إجزاؤهما لصلاة نفسه فلا إشكال فيه، و أما الذكورية فتعتبر في أذان الإعلام و الأذان و الإقامة لجماعة الرجال غير المحارم (2)، و يجزئان لجماعة النساء و المحارم على إشكال في الأخير،

______________________________
(1) في الأجزاء باقامته إشكال، و لا يبعد عدمه، إذ لا إطلاق في دليله و هو موثقة عمرو بن خالد حيث أنها حكاية لفعل الامام عليه السّلام و هو سماعه أذان شخص معهود.

(2) بل المحارم أيضا، فإن اكتفاء إمام الجماعة بأذان المرأة و إقامتها و إن‌

 

153
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الأذان و الإقامة ص 153

و الأحوط عدم الاعتداد، نعم الظاهر إجزاء سماع أذانهن بشرط عدم الحرمه كما مر، و كذا إقامتهن (1).

الثالث: الترتيب بينهما بتقديم الأذان على الإقامة، و كذا بين فصول كل منهما، فلو قدم الإقامة عمدا أو جهلا أو سهوا أعادها بعد الأذان (2)، و كذا لو

______________________________
كان من محارمها لا يخلو من إشكال بل منع، لأن عمدة الدليل على ذلك موثقة عمرو بن خالد التي هي في مقام حكاية الفعل و هو سماع الامام عليه السّلام أذان فرد معهود في الخارج فلا إطلاق لها.

(1) تقدّم الاشكال بل المنع فيه في المسألة (9).

(2) في الاعادة إشكال بل منع، حيث لم يرد في أىّ دليل جواز الاكتفاء بالأذان وحده، فإن الوارد في الروايات بأسرها الاتيان به ثم بالاقامة جمعا على نحو الترتيب، و أما الاقامة فقد ورد في مجموعة من الروايات صريحا جواز الاكتفاء بها وحدها، و يترتّب على هذا أن مقتضى الأصل عدم مشروعيّة الأذان بلا إقامة، و عليه فالمتيقّن كونها مشروطة بتقدّمه زمنا على الاقامة، فلو أتى به و لم يأت بالاقامة بعده لم يصحّ، و هذا بخلاف الاقامة، فإذا اقتصر المكلّف بها وحدها صحّت، و نتيجة ذلك أن صحّة الأذان مشروطة بتقدّمه على الاقامة و أما صحّة الاقامة فهي ليست مشروطة بتأخّرها عن الأذان، و على ذلك فإذا أتى المكلّف بالاقامة دون الأذان لم يكن هذا من تقديم الاقامة عليه، لما عرفت من أن محلّها ليس بعد الأذان ليكون ذلك من التقديم، و إلّا لم يصحّ الاتيان بها وحدها، و حينئذ فلا محالة يسقط أمرها لمكان امتثالها و أمر الأذان لفوات محلّه و هو قبل الاقامة، فإذن يكون الاتيان بالأذان ثم إعادة الاقامه بحاجة الى دليل خاصّ، و إلّا لم يكن الاتيان به ثم إعادتها مشروعا.

و دعوى أن المكلّف ما دام لم يدخل في الصلاة فهو مأمور بالاتيان بالأذان‌

 

154
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الأذان و الإقامة ص 153

خالف الترتيب فيما بين فصولهما، فإنه يرجع إلى موضع المخالفة و يأتي على الترتيب إلى الآخر، و إذا حصل الفصل الطويل المخل بالموالاة يعيد من الأول من غير فرق أيضا بين العمد و غيره ..

الرابع: الموالاة بين الفصول من كل منهما على وجه تكون صورتهما محفوظة بحسب عرف المتشرعة، و كذا بين الأذان و الإقامة و بينهما و بين الصلاة، فالفصل الطويل المخل بحسب عرف المتشرعة بينهما أو بينهما و بين الصلاة مبطل.

الخامس: الإتيان بهما على الوجه الصحيح بالعربية، فلا يجزئ ترجمتهما و لا مع تبديل حرف بحرف.

السادس: دخول الوقت، فلو أتى بهما قبله و لو لا عن عمد لم يجتزئ بهما و إن دخل الوقت في الأثناء، نعم لا يبعد جواز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام (1)، و إن كان الأحوط إعادته بعده.

______________________________
فإذا أتى به فلا مانع من إعادة الاقامة رعاية للترتيب ...

غريبة جدّا، لأن لازم هذه الدعوى عدم اعتبار الترتيب بينهما، فإن اعتباره إما بملاك أن صحّة الأذان مشروطة بتقدّمه على الاقامة، أو بملاك أن صحّة الاقامة مشروطة بتأخّرها عنه. فعلى الأول فلا أمر بالأذان في مفروض المسألة لسقوط أمره بفوات محلّه و عدم إمكان تداركه. و على الثاني فالاقامة باطلة، لفقدان شرطها و هو الاتيان بالأذان قبلها، فصحّة الاقامة مع فرض بقاء الأمر بالأذان في المسألة، فمعناه عدم اعتبار الترتيب بينهما و هذا خلف.

(1) فيه إشكال بل منع، فإن ما يظهر من الروايات أن هنا أذانا ثالثا و هو:

الأذان لتهيّؤ الناس باستيقاظهم من النوم لأجل الصلاة، فإن مشروع قبل الفجر، و أما‌

 

155
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الأذان و الإقامة ص 153

السابع: الطهارة من الحدث في الإقامة على الأحوط، بل لا يخلو عن قوة، بخلاف الأذان.

[مسألة 1: إذا شك في الإتيان بالأذان بعد الدخول في الإقامة لم يعتن به]

[1403] مسألة 1: إذا شك في الإتيان بالأذان بعد الدخول في الإقامة لم يعتن به، و كذا لو شك في فصل من أحدهما بعد الدخول في الفصل اللاحق، و لو شك قبل التجاوز أتى بما شك فيه.

______________________________
الأذان الاعلامي فلا دليل على كونه مشروعا قبل دخول الوقت و كذلك الأذان الصلاتى.

 

156
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مستحبات الأذان و الإقامة ص 157

[فصل في مستحبات الأذان و الإقامة]

فصل في مستحبات الأذان و الإقامة يستحب فيهما أمور:

الأول: الاستقبال.

الثاني: القيام (1).

الثالث: الطهارة في الأذان، و أما الإقامة فقد عرفت أن الأحوط بل لا يخلو عن قوة اعتبارها فيها، بل الأحوط اعتبار الاستقبال و القيام أيضا فيها، و إن كان الأقوى الاستحباب.

الرابع: عدم التكلم في أثنائهما، بل يكره بعد «قد قامت الصلاة» للمقيم، بل لغيره أيضا في صلاة الجماعة، إلا في تقديم إمام بل مطلق ما يتعلق بالصلاة كتسوية صف و نحوه، بل يستحب له إعادتها حينئذ.

الخامس: الاستقرار في الإقامة.

السادس: الجزم في أواخر فصولهما مع التأني في الأذان، و الحدر في الإقامة على وجه لا ينافي قاعدة الوقف.

السابع: الإفصاح بالألف و الهاء من لفظ الجلالة في آخر كل فصل هو

______________________________
(1) الظاهر أنه شرط في الاقامة كالطهارة، بل هو المتعيّن فيها، و يدلّ عليه قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: (و لا يقيم إلّا و هو قائم).

 

157
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مستحبات الأذان و الإقامة ص 157

فيه.

الثامن: وضع الإصبعين في الأذنين في الأذان.

التاسع: مدّ الصوت في الأذان و رفعه، و يستحب الرفع في الإقامة أيضا إلا أنه دون الأذان.

العاشر: الفصل بين الأذان و الإقامة بصلاة ركعتين أو خطوة أو قعدة أو سجدة أو ذكر أو دعاء أو سكوت بل أو تكلم لكن في غير الغداة، بل لا يبعد كراهته فيها.

[مسألة 1: لو اختار السجدة يستحب أن يقول في سجوده:]

[1404] مسألة 1: لو اختار السجدة يستحب أن يقول في سجوده: «ربّ سجدت لك خاضعا خاشعا»، أو يقول: «لا إله إلا أنت سجدت لك خاضعا خاشعا»، و لو اختار القعدة يستحب أن يقول: «اللهم اجعل قلبي بارّا و رزقي دارّا و عملي سارّا و اجعل لي عند قبر نبيك قرارا و مستقرا»، و لو اختار الخطوة أن يقول: «باللّه استفتح و بمحمد صلّى اللّه عليه و آله استنجح و أتوجه، اللهم صل على محمد و آل محمد و اجعلني بهم وجيها في الدنيا و الآخرة و من المقربين».

[مسألة 2: يستحب لمن سمع المؤذن يقول:]

[1405] مسألة 2: يستحب لمن سمع المؤذن يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه أن يقول: «و أنا أشهد أن لا إله إلا اللّه و أن محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، أكتفي بها عن كل من أبى و جحد، و أعين بها من أقر و شهد».

[مسألة 3: يستحب في المنصوب للأذان أن يكون عدلا رفيع الصوت مبصرا بصيرا بمعرفة الأوقات]

[1406] مسألة 3: يستحب في المنصوب للأذان أن يكون عدلا رفيع الصوت مبصرا بصيرا بمعرفة الأوقات، و أن يكون على مرتفع منارة أو غيرها.

[مسألة 4: من ترك الأذان أو الإقامة أو كليهما عمدا حتى أحرم]

[1407] مسألة 4: من ترك الأذان أو الإقامة أو كليهما عمدا حتى أحرم

 

158
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 من ترك الأذان أو الإقامة أو كليهما عمدا حتى أحرم ص 158

للصلاة لم يجز له قطعها لتداركهما (1)، نعم إذا كان عن نسيان جاز له القطع ما لم يركع (2)، منفردا كان أو غيره حال الذكر، لا ما إذا عزم على الترك زمانا معتدا به ثم أراد الرجوع، بل و كذا لو بقي على التردد كذلك، و كذا لا يرجع لو نسي أحدهما (3) أو نسي بعض فصولهما بل أو شرائطهما على الأحوط.

[مسألة 5: يجوز للمصلي فيما إذا جاز له ترك الإقامة تعمد الاكتفاء بأحدهما]

[1408] مسألة 5: يجوز للمصلي فيما إذا جاز له ترك الإقامة تعمد الاكتفاء بأحدهما (4)، لكن لو بنى على ترك الأذان فأقام ثم بدا له فعله أعادها بعده.

[مسألة 6: لو نام في خلال أحدهما أو جنّ أو أغمي عليه أو سكر ثم أفاق]

[1409] مسألة 6: لو نام في خلال أحدهما أو جنّ أو أغمي عليه أو سكر ثم أفاق جاز له البناء ما لم تفت الموالاة مراعيا لشرطية الطهارة في الإقامة، لكن الأحوط الإعادة فيها مطلقا خصوصا في النوم، و كذا لو ارتد عن ملة ثم تاب.

______________________________
(1) هذا مبنىّ على حرمة قطع الصلاة، و لكن الأظهر عدم الحرمة و إن كانت رعاية الاحتياط أولى.

(2) بل ما لم يفرغ لنصّ قوله عليه السّلام في صحيحة علىّ بن يقطين: (و إن لم يكن فرغ من صلاته فليعد) غاية الأمر أن قطعه الصلاة قبل الركوع إذا انتبه الى الحال بغاية تدارك الأذان و الاقامة أفضل من قطعه بعده و ما دام لم يفرغ.

(3) هذا في الأذان، و أما في الاقامة فالأظهر هو الرجوع، فإن إطلاق كل من صحيحة علىّ بن يقطين و معتبرة الحسين بن أبي العلاء يشمل ما إذا كان المنسىّ هو الاقامة فقط، غاية الأمر إن فاتت الموالاة بينهما و بين الأذان كما إذا كان التذكّر و الانتباه في آخر الصلاة بطل الأذان أيضا، فحينئذ يقطع و يرجع و يأتي بالأذان و الاقامة معا و إن لم تفت الموالاة بينهما يقطع و يأتي بالاقامة فحسب.

(4) تقدّم حكم ذلك و ما بعده في الأمر الثالث ممّا يشترط في الأذان و الاقامة.

 

159
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 لو أذن منفردا و أقام ثم بدا له الإمامة يستحب له إعادتهما ص 160

[مسألة 7: لو أذّن منفردا و أقام ثم بدا له الإمامة يستحب له إعادتهما]

[1410] مسألة 7: لو أذّن منفردا و أقام ثم بدا له الإمامة يستحب له إعادتهما.

[مسألة 8: لو أحدث في أثناء الإقامة أعادها بعد الطهارة]

[1411] مسألة 8: لو أحدث في أثناء الإقامة أعادها بعد الطهارة (1) بخلاف الأذان.

نعم، يستحب فيه أيضا الإعادة بعد الطهارة.

[مسألة 9: لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان الصلاة]

[1412] مسألة 9: لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان الصلاة، و لو أتى به بقصدها بطل، و أما أذان الإعلام فقد يقال بجواز أخذها عليه، لكنه مشكل.

نعم، لا بأس بالارتزاق من بيت المال.

[مسألة 10: قد يقال: إن اللحن في أذان الإعلام لا يضر]

[1413] مسألة 10: قد يقال: إن اللحن في أذان الإعلام لا يضر، و هو ممنوع.

______________________________
(1) فيه إشكال بل منع، فإن الطهارة من الحدث و إن كانت شرطا في صحّة الاقامة بمقتضى ظهور مجموعة من النصوص في ذلك، إلّا أن كون الحدث في أثنائها قاطعا لها ممّا لم يقم دليل عليه كما قام دليل على ذلك في باب الصلاة، و على هذا فإذا أحدث في أثناء الاقامة فإن كان في أثناء فصل من فصولها أعاد ذلك الفصل بعد الطهارة و يأتي بما بقي منها، و إن كان في الآن المتخلّل بين فصولها أتى بالبقية بعدها فقط و به يظهر أنه لا وجه للاحتياط بالاعادة أيضا كما في المسألة المتقدّمة، مع أن احتياطه قدّس سرّه بالاعادة هناك لا يجتمع مع إفتائه بها في هذه المسألة.

 

160
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط قبول الصلاة و زيادة ثوابها ص 161

[فصل في شرائط قبول الصلاة و زيادة ثوابها]

فصل في شرائط قبول الصلاة و زيادة ثوابها ينبغي للمصلي بعد إحراز شرائط صحة الصلاة و رفع موانعها السعى في تحصيل شرائط قبولها و رفع موانعه، فإن الصحة و الإجزاء غير القبول، فقد يكون العمل صحيحا و لا يعدّ فاعله تاركا بحيث يستحق العقاب على الترك لكن لا يكون مقبولا للمولى، و عمدة شرائط القبول إقبال القلب على العمل فإنه روحه و هو بمنزلة الجسد، فإن كان حاصلا في جميعه فتمامه مقبول، و إلا فبمقداره فقد يكون نصفه مقبولا و قد يكون ثلثه مقبولا و قد يكون ربعه و هكذا، و معنى الإقبال أن يحضر قلبه و يتفهم ما يقول و بتذكر عظمة اللّه تعالى و أنه ليس كسائر من يخاطب و يتكلم معه بحيث يحصل في قلبه هيبته منه، و بملاحظة أنه مقصر في أداء حقه يحصل له حالة حياء و حالة بين الخوف و الرجاء بملاحظة تقصيره مع ملاحظة سعة رحمته تعالى، و للإقبال و حضور القلب مراتب و درجات، و أعلاها ما كان لأمير المؤمنين عليه السّلام حيث كان يخرج السهم من بدنه حين الصلاة و لا يحسّ به، و ينبغي له أن يكون مع الخضوع و الخشوع و الوقار و السكينة، و أن يصلي صلاة مودّع، و أن يجدد التوبة و الإنابة و الاستغفار، و أن يكون صادقا في أقواله كقوله: إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ و في سائر مقالاته، و أن يلتفت أنه لمن يناجي و ممن يسأل و لمن يسأل.

 

161
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط قبول الصلاة و زيادة ثوابها ص 161

و ينبغي أيضا أن يبذل جهده في الحذر عن مكائد الشيطان و حبائله و مصائده التي منها إدخال العجب في نفس العابد، و هو من موانع قبول العمل، و من موانع القبول أيضا حبس الزكاة و سائر الحقوق الواجبة، و منها الحسد و الكبر و الغيبة، و منها أكل الحرام و شرب المسكر، و منها النشوز و الإباق، بل مقتضى قوله تعالى: إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ عدم قبول الصلاة و غيرها من كل عاص و فاسق.

و ينبغي أيضا أن يجتنب ما يوجب قلة الثواب و الأجر على الصلاة كأن يقوم إليها كسلا ثقيلا في سكرة النوم أو الغفلة أو كان لاهيا فيها أو مستعجلا أو مدافعا للبول أو الغائط أو الريح أو طامحا ببصره إلى السماء، بل ينبغي أن يخشع ببصره شبه المغمض للعين، بل ينبغي أن يجتنب كل ما ينافي الخشوع و كل ما ينافي الصلاة في العرف و العادة و كل ما يشعر بالتكبر أو الغفلة.

و ينبغي أيضا أن يستعمل ما يوجب زيادة الأجر و ارتفاع الدرجة كاستعمال الطيب و لبس أنظف الثياب و الخاتم من عقيق و التمشط و الاستياك و نحو ذلك.

 

162
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في واجبات الصلاة و أركانها ص 163

[فصل في واجبات الصلاة و أركانها]

فصل في واجبات الصلاة و أركانها واجبات الصلاة أحد عشر: النية (1)، و القيام (2)، و تكبيرة الإحرام، و الركوع، و السجود، و القراءة، و الذكر، و التشهد، و السلام، و الترتيب، و الموالاة.

و الخمسة الاولى أركان، بمعنى أن زيادتها و نقيصتها عمدا و سهوا

______________________________
(1) فيه: أن النيّة ليست جزءا ركنيّا للصلاة، بل هي شرط ركنىّ لها، و الكلام في أجزائها من الركنيّة و غيرها لا في شروطها. ثم إن للنيّة عنصرين أساسيّين:

أحدهما: نيّة القربة في كلّ واجب عبادىّ كالصلاة و نحوها، و هي عبارة عن:

اضافة العمل الى الله تعالى بخلوص.

و الآخر: نيّة العنوان الخاصّ للعبادة التي يريد المكلّف الاتيان بها إذا كان لها عنوان و اسم كذلك، كصلاة الظهر و العصر و الصبح و ما شاكلها، فكلا العنصرين معا معتبر في العبادات التي لها أسماء خاصّة و عناوين مخصوصة. نعم إذا كانت هناك عبادة ليس لها اسما خاصّ و عنوان مخصوص لم يعتبر فيها إلّا العنصر الأول و هو نيّة القربة فقط.

(2) فيه: أن القيام إما مقوّم للركن أو أنه ليس بركن كما سوف نشير إليه في ضمن البحوث القادمة.

 

163
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في واجبات الصلاة و أركانها ص 163

موجبة للبطلان (1)، لكن لا يتصور الزيادة في النية بناء على الداعي، و بناء على الإخطار غير قادحة، و البقية واجبات غير ركنية، فزيادتها و نقصها عمدا موجب للبطلان لا سهوا.

[فصل في النية]

فصل في النية و هي القصد الى الفعل بعنوان الامتثال و القربة، و يكفي فيها الداعي القلبي، و لا يعتبر فيها الإخطار بالبال و لا التلفظ، فحال الصلاة و سائر العبادات حال سائر الأعمال و الأفعال الاختيارية كالأكل و الشرب و القيام و القعود و نحوها من حيث النية، نعم تزيد عليها باعتبار القربة فيها، بأن يكون الداعي و المحرك هو الامتثال و القربة.

و لغايات الامتثال درجات:

أحدها و هو أعلاها: أن يقصد امتثال أمر اللّه لأنه تعالى أهل للعبادة

______________________________
(1) في البطلان بالزيادة مطلقا كالنقيصة إشكال، بل منع، حيث أن البطلان بالنقيصة يكون على القاعدة، لأن جزء الصلاة إذا كان ركنا لها فمعناه أن الصلاة متقوّمة به و تنتفي بانتفائه، و هذا بخلاف زيادته، فإن بطلان الصلاة بها بحاجة الى دليل، و إلّا فمقتضى القاعدة عدم البطلان. و من هنا تكون تكبيرة الاحرام في الصلاة ركنا لها مع أنها لا تبطل بزيادتها غير العمدية.

 

164
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في النية ص 164

و الطاعة، و هذا ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله: «إلهي ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك».

الثاني: أن يقصد شكر نعمه التي لا تحصى.

الثالث: أن يقصد به تحصيل رضاه و الفرار من سخطه.

الرابع: أن يقصد به حصول القرب إليه.

الخامس: أن يقصد به الثواب و رفع العقاب، بأن يكون الداعي إلى امتثال أمره رجاء ثوابه و تخليصه من النار، و أما إذا كان قصده ذلك على وجه المعاوضة من دون أن يكون برجاء إثابته تعالى فيشكل صحته، و ما ورد من صلاة الاستسقاء و صلاة الحاجة إنما يصح إذا كان على الوجه الأول.

[مسألة 1: يجب تعيين العمل إذا كان ما عليه فعلا متعددا]

[1414] مسألة 1: يجب تعيين العمل إذا كان ما عليه فعلا متعددا، و لكن يكفي التعيين الإجمالي كأن ينوي ما وجب عليه أولا من الصلاتين مثلا أو ينوي ما اشتغلت ذمته به أولا أو ثانيا، و لا يجب مع الاتحاد.

[مسألة 2: لا يجب قصد الأداء و القضاء و لا القصر و التمام و لا الوجوب و الندب]

[1415] مسألة 2: لا يجب قصد الأداء و القضاء و لا القصر و التمام و لا الوجوب و الندب إلا مع توقف التعيين على قصد أحدهما، بل لو قصد أحد الأمرين في مقام الآخر صح إذا كان على وجه الاشتباه في التطبيق كأن قصد امتثال الأمر المتعلق به فعلا و تخيل أنه أمر أدائي فبان قضائيا أو بالعكس، أو تخيل أنه وجوبي فبان ندبيا أو بالعكس، و كذا القصر و التمام، و أما إذا كان على وجه التقييد، فلا يكون صحيحا (1) كما إذا قصد امتثال

______________________________
(1) تقدّم أن التقييد بمعنى التضييق و الحصّة في أمثال المقام غير معقول، فإن المأمور به في المسألة ليس هو الجامع بين الواجب و المستحبّ أو الأداء و القضاء لكي يكون قابلا للتقييد، و كذلك الأمر هنا، فإنه ليس الجامع بين الوجوب و الندب أو‌

 

165
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 لا يجب قصد الأداء و القضاء و لا القصر و التمام و لا الوجوب و الندب ص 165

..........

______________________________
الأداء و القضاء بل المأمور به شي‌ء واحد شخصىّ في الواقع، و كذلك الأمر، و حيث أن المكلّف قد قصد امتثال الأمر المتعلّق به في الواقع، غاية الأمر إنه اعتقد أن ذلك الأمر وجوبىّ لا ندبىّ ثم بان انه ندبى فيكون ذلك من باب التخلّف في الداعي و الاشتباه في التطبيق لا في الواقع حتى فيما لو نوى أنه لو لم يكن وجوبيّا لم أمتثله، كما هو معنى أنه نوى امتثال الأمر الوجوبي ليس إلّا، فإنه أيضا يرجع بالتحليل الى التخلّف في الداعي و الخصوصيّة الخارجة عن المأمور به في الواقع و مقام الثبوت، و ذلك لأن المكلّف قد أتى بالمأمور به الواقعي بنيّة القربة و هي إضافته إليه تعالى و لا تخلّف في شي‌ء من أجزائه و شروطه في الواقع، و التخلّف إنما هو في أمر خارج لا مساس له بالمأمور به لا جزءا و لا قيدا و هو اعتقاد المكلّف بوجوبه في الواقع و هو مستحبّ فيه. و من المعلوم أن الاعتقاد الذهني لا يغيّر الواقع و لا يؤثّر فيه، و أما نيّته بأنه لو لم يكن واجبا في الواقع لم أمتثله فلا أثر لها لأنها لا تمنع عن قيامه بإتيان المأمور به في الواقع حيث أن محرّكه نحوه هو اعتقاده بالوجوب و لا عن نيّة القربة، فإذن يكون وجود هذه النيّة التقديرية كعدمها.

ثم إن الضابط العام لامتياز موارد الاشتباه في التطبيق و تخلّف الداعي عن موارد الاشتباه في التقييد و تخلّف القيد هو أن في كل مورد يكون التخلّف في خصوصيّة من الخصوصيّات التي لا ترجع الى المأمور به لا جزءا و لا قيدا و لا عنوانا إذا كان لقصده دخل في ترتّب الملاك عليه، فهو من موارد الاشتباه في التطبيق و تخلّف الداعي. و كل مورد يكون التخلّف في خصوصيّة من خصوصيّات المأمور به جزءا أو قيدا أو عنوانا فهو من موارد الاشتباه في التقييد و تخلّف القيد. فإذا كان الاشتباه من قبيل الأول فهو لا يمنع عن صحّة المأمور به باعتبار أنه لا يوجب النقص فيه، و إذا كان من قبيل الثاني فهو يمنع عن صحّته باعتبار أنما أتى به في الواقع ليس‌

 

166
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 لا يجب قصد الأداء و القضاء و لا القصر و التمام و لا الوجوب و الندب ص 165

الأمر الأدائي ليس إلّا، أو الأمر الوجوبي ليس إلا فبان الخلاف فإنه باطل.

[مسألة 3: إذا كان في أحد أماكن التخيير فنوى القصر يجوز له أن يعدل إلى التمام و بالعكس]

[1416] مسألة 3: إذا كان في أحد أماكن التخيير فنوى القصر يجوز له أن يعدل إلى التمام و بالعكس ما لم يتجاوز محل العدول، بل لو نوى أحدهما و أتم على الآخر من غير التفات إلى العدول فالظاهر الصحة، و لا يجب التعيين حين الشروع أيضا، نعم لو نوى القصر فشك بين الاثنين و الثلاث بعد إكمال السجدتين يشكل العدول إلى التمام و البناء على الثلاث، و إن كان لا يخلو من وجه بل قد يقال بتعينه، و الأحوط العدول و الإتمام مع صلاة الاحتياط و الإعادة.

[مسألة 4: لا يجب في ابتداء العمل حين النية تصور الصلاة تفصيلا]

[1417] مسألة 4: لا يجب في ابتداء العمل حين النية تصور الصلاة تفصيلا بل يكفي الإجمال، نعم يجب نية المجموع من الأفعال جملة أو الأجزاء على وجه يرجع إليها، و لا يجوز تفريق النية على الأجزاء على وجه لا يرجع الى قصد الجملة كأن يقصد كلا منها على وجه الاستقلال من غير لحاظ الجزئية.

[مسألة 5: لا ينافي نية الوجوب اشتمال الصلاة على الأجزاء المندوبة]

[1418] مسألة 5: لا ينافي نية الوجوب اشتمال الصلاة على الأجزاء المندوبة، و لا يجب ملاحظتها في ابتداء الصلاة و لا تجديد النية على وجه الندب حين الإتيان بها.

[مسألة 6: الأحوط ترك التلفظ بالنية في الصلاة]

[1419] مسألة 6: الأحوط ترك التلفظ بالنية في الصلاة خصوصا في صلاة

______________________________
بمأمور به، و ما هو مأمور به فيه لم يأت به. و من هذا القبيل ما إذا اعتقد بعدم الاتيان بصلاة الفجر فأتى بها بعنوانها ثم بعد الفراغ تبيّن الحال و علم بالاتيان بها فلا يمكن الحكم بصحّتها بعنوان نافلة الصبح أو قضائه لأن ما أتى به في الواقع ليس بمأمور به، و ما هو مأمور به لم يأت به.

 

167
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 الأحوط ترك التلفظ بالنية في الصلاة ص 167

الاحتياط للشكوك، و إن كان الأقوى الصحة معه (1).

[مسألة 7: من لا يعرف الصلاة يجب عليه أن يأخذ من يلقّنه]

[1420] مسألة 7: من لا يعرف الصلاة يجب عليه أن يأخذ من يلقّنه فيأتي بها جزءا فجزءا، و يجب عليه أن ينويها أوّلا على الإجمال.

[مسألة 8: يشترط في نية الصلاة بل مطلق العبادات الخلوص عن الرياء]

[1421] مسألة 8: يشترط في نية الصلاة بل مطلق العبادات الخلوص عن الرياء، فلو نوى بها الرياء بطلت، بل هو من المعاصي الكبيره، لأنه شرك باللّه تعالى.

ثم إن دخول الرياء في العمل على وجوه:

أحدها: أن يأتي بالعمل لمجرد إرادة الناس من دون أن يقصد به امتثال أمر اللّه تعالى، و هذا باطل بلا إشكال، لإنه فاقد لقصد القربة أيضا.

الثاني: أن يكون داعية و محركة على العمل القربة و امتثال الأمر و الرياء معا، و هذا أيضا باطل سواء كانا مستقلين أو كان أحدهما تبعا و الآخر مستقلا أو كانا معا و منضما محركا و داعيا.

الثالث: أن يقصد ببعض الأجزاء الواجبة الرياء، و هذا أيضا باطل (2)

______________________________
(1) هذا مبنىّ على أن صلاة الاحتياط هل هي جزء الصلاة على تقدير نقصانها، أو أنها صلاة مستقلّة، فعلى الأول الأحوط ترك التلفّظ بالنيّة فيها باعتبار احتمال أنه تلفّظ في أثناء الصلاة، و على الثاني فالأقوى جواز التلفّظ بها، و بما أن الظاهر من دليلها هو الأول فالأحوط ترك التلفّظ بها.

(2) فيه: أن الرياء في الجزء يوجب بطلانه فحسب لا بطلان نفس العمل المركّب منه و من غيره لأنه بلا مبرّر، نعم إذا اقتصر عليه بطل العمل من جهة بطلان جزئه، و أما إذا لم يقتصر عليه بأن يتداركه، فإن كان العمل غير الصلاة الذي لا تكون الزيادة فيه مبطلة فيصحّ، و إن كان الصلاة بطلت من جهة الزيادة العمدية إذا كان قد‌

 

168
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 يشترط في نية الصلاة بل مطلق العبادات الخلوص عن الرياء ص 168

و إن كان محل التدارك باقيا، نعم في مثل الأعمال التى لا يرتبط بعضها ببعض أو لا ينافيها الزيادة في الأثناء كقراءة القرآن و الأذان و الإقامة إذا أتى ببعض الآيات أو الفصول من الأذان اختص البطلان به، فلو تدارك بالإعادة صح.

الرابع: أن يقصد ببعض الأجزاء المستحبة الرياء كالقنوت في الصلاة، و هذا أيضا باطل على الأقوى (1).

______________________________
أتى بالجزء المراءى فيه بنيّة الجزئية، و إلّا لم تبطل إلّا إذا كان ذلك الجزء من قبيل الركوع أو السجود.

و دعوى: أن أدلّة مانعيّة الزيادة ظاهرة في إحداث الزائد و لا تعمّ ما إذا أوجد صفة الزيادة لما تحقّق سابقا و ما نحن فيه من قبيل الثانى ..

خاطئة جدّا: و ذلك لأن المصلّي إذا أتى بالجزء رياء أثناء صلاته صدق أنه أحدث الأمر الزائد في أثنائها لفرض أنه ليس جزءا لها، فلا محالة يكون أمرا زائدا عليها، غاية الأمر إنه إذا اقتصر عليه بطلت الصلاة من جهة النقيصة لا من جهة الزيادة لأن بطلانها إنما يستند إليها إذا كانت تامّة في نفسها، و إلّا فهو مستند الى أسبق علله و هو عدم المقتضي لصحّتها، لا وجود المانع عنها مع ثبوت المقتضي لها، و أما إذا لم يقتصر عليه و أتى به مرة ثانية بنيّة القربة حتى ينتهي من صلاته، و عندئذ فهي تامّة، و لكنها بطلت من جهة الزيادة لصدق أن المصلّي قد زاد في صلاته عمدا، إذ لا فرق في صدق هذا العنوان بين أن يأتي بالجزء المذكور بنيّة الرياء أولا ثم بنيّة القربة، أو بالعكس.

(1) فيه: أن الظاهر عدم البطلان باعتبار أن ما يكون مستحبّا في أثناء الصلاة كالقنوت مثلا لا يكون جزءا لها، فإذن لا يكون الواجب متّحدا مع الحرام لكي يمنع عن الانطباق.

 

169
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 يشترط في نية الصلاة بل مطلق العبادات الخلوص عن الرياء ص 168

الخامس: أن يكون أصل العمل للّه لكن أتى به في مكان و قصد بإتيانه في ذلك المكان الرياء كما إذا أتى به في المسجد أو بعض المشاهد رياء، و هذا أيضا باطل على الأقوى، و كذا إذا كان وقوفه في الصف الأول من الجماعة أو في الطرف الأيمن رياء.

السادس: أن يكون الرياء من حيث الزمان كالصلاة في أول الوقت رياء، و هذا أيضا باطل على الأقوى.

السابع: أن يكون الرياء من حيث أوصاف العمل كالإتيان بالصلاة جماعة أو القراءة بالتأني أو بالخشوع أو نحو ذلك، و هذا أيضا باطل على الأقوى (1).

______________________________
(1) فيه: أن البطلان مبنىّ على اتّحاد الحرام مع الواجب في الخارج و كونه مصداقا له، و إلّا فلا مقتضى له، و على هذا فالرياء في أوصاف العمل كالجماعة أو الخشوع و الخضوع أو البكاء أو التأنّي في القراءة أو في المسجد أو نحو ذلك إن رجع الى الرياء في نفس العمل المتّصف بها، بأن يكون في الصلاة جماعة أو خاضعا أو باكيا أو نحو ذلك فلا شبهة في بطلانها، و إن لم يرجع إليها بأن يكون الرياء في نفس تلك الأوصاف دون موصوفها فلا موجب عندئذ لبطلانها، لعدم انطباق الواجب على الحرام حينئذ.

مثال ذلك؛ أن المكلّف تارة يقصد التواجد في المسجد أو في الجماعة رياء ليوهم الآخرين بأنه من روّاد المساجد و الجماعات فالرياء حينئذ إنما يكون في تواجده في المساجد أو الجماعات، و أما في الصلاة فلا رياء فيها حيث أنه يصلّ على كلّ حال كان في المسجد أو الجماعة أو في مكان آخر، و حيث أن تلك الحالة التي يكون فيها الرياء غير متّحدة مع الصلاة في الخارج فلا يكون الرياء فيها موجبا لبطلانها و إن كان موجبا للإثم.

 

170
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 يشترط في نية الصلاة بل مطلق العبادات الخلوص عن الرياء ص 168

الثامن: أن يكون في مقدمات العمل كما إذا كان الرياء في مشيه إلى المسجد لا في إتيانه في المسجد، و الظاهر عدم البطلان في هذه الصورة.

التاسع: أن يكون في بعض الأعمال الخارجة عن الصلاة كالتحنك حال الصلاة، و هذا لا يكون مبطلا إلا إذا رجع إلى الرياء في الصلاة متحنكا.

العاشر: أن يكون العمل خالصا للّه لكن كان بحيث يعجبه أن يراه الناس، و الظاهر عدم بطلانه أيضا، كما أن الخطور القلبي لا يضر خصوصا إذا كان بحيث يتأذى بهذا الخطور، و كذا لا يضر الرياء بترك الأضداد.

[مسألة 9: الرياء المتأخر لا يوجب البطلان]

[1422] مسألة 9: الرياء المتأخر لا يوجب البطلان بأن كان حين العمل قاصدا للخلوص ثم بعد تمامه بدا له في ذكره أو عمل عملا يدل على أنه فعل كذا.

[مسألة 10: العجب المتأخر لا يكون مبطلا]

[1423] مسألة 10: العجب المتأخر لا يكون مبطلا، بخلاف المقارن فإنه مبطل على الأحوط، و إن كان الأقوى خلافه.

[مسألة 11: غير الرياء من الضمائم إما حرام أو مباح أو راجح]

[1424] مسألة 11: غير الرياء من الضمائم إما حرام أو مباح أو راجح، فإن

______________________________
و أخرى يقصد الرياء من أجل الصلاة فيه أو في الجماعة حتى يظهر للآخرين بأنه من الملتزمين بالصلاة في المساجد أو في الجماعة، فيقصد الرياء في صلاته فيها لا في وجوده و حضوره، و في مثل ذلك لا شبهة في البطلان لأن الرياء حينئذ متمثّل في الصلاة لا في أمر خارج عنها.

فالنتيجة: أن الرياء إذا كان في الجزء المستحبّ سواء أ كان متمثّلا في فعل معيّن كالقنوت و نحوه، أم متمثّلا في صفة عامّة تتّصف الصلاة بها، ككونها في المسجد أو جماعة، فبما أنه لا يكون متّحدا مع الصلاة فلا يوجب بطلانها.

 

171
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 غير الرياء من الضمائم إما حرام أو مباح أو راجح ص 171

كان حراما و كان متحدا مع العمل أو مع جزء منه بطل (1) كالرياء، و إن كان خارجا عن العمل مقارنا له لم يكن مبطلا، و إن كان مباحا أو راجحا فإن كان تبعا و كان داعي القربة مستقلا فلا إشكال في الصحة، و إن كان مستقلا و كان داعي القربة تبعا بطل، و كذا إذا كانا معا منضمين محركا و داعيا على العمل، و إن كانا مستقلين فالأقوى الصحة، و إن كان الأحوط الإعادة.

[مسألة 12: إذا أتى ببعض أجزاء الصلاة بقصد الصلاة و غيرها كأن قصد بركوعه تعظيم الغير و الركوع الصلاتي]

[1425] مسألة 12: إذا أتى ببعض أجزاء الصلاة بقصد الصلاة و غيرها كأن قصد بركوعه تعظيم الغير و الركوع الصلاتي أو بسلامه سلام التحية و سلام الصلاة بطل (2) إن كان من الأجزاء الواجبة قليلا كان أم كثيرا أمكن تداركه أم لا (3)، و كذا في الأجزاء المستحبة (4) غير القرآن و الذكر على الأحوط،

______________________________
(1) مرّ حكم ذلك في الوجه الثالث من هذا الفصل.

(2) هذا فيما إذا كان العنوانان متنافيين و لا ينطبقان على شي‌ء واحد في الخارج كالمثالين في المتن. و أما إذا لم يكونا متنافيين و كانا قابلين للانطباق على شي‌ء واحد، كما إذا أتى بأجزاء الصلاة بعنوان الصلاة و بعنوان التعليم فإن كلا العنوانين منطبق عليها فلا موجب حينئذ للحكم بالبطلان.

(3) هذا مبنىّ على أن يكون العنوانان متنافيين، و إلّا فالصحّة لا تتوقّف على التدارك كما مرّ.

(4) فيه: أن الأجزاء المستحبّة و إن فسدت إذا نوى بها عنوانين متنافيين لا يمكن أن تكون تلك الأجزاء مصداقا لهما معا، كما إذا قصد بقنوته التضرّع الى الغير و القنوت الصلاتي، فإن قنوته حينئذ و إن بطل إلّا أن بطلانه لا يضرّ بصلاته، لأنه ليس زيادة فيها.

نعم، إن أتى به بنيّة أنه من الصلاة عامدا ملتفتا الى الحكم الشرعي أوجب بطلانها من جهة الزيادة، و لكنّه خلاف مفروض المسألة.

 

172
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 إذا أتى ببعض أجزاء الصلاة بقصد الصلاة و غيرها كأن قصد بركوعه تعظيم الغير و الركوع الصلاتي ص 172

و أما إذا قصد غير الصلاة محضا فلا يكون مبطلا إلا إذا كان مما لا يجوز فعله في الصلاة أو كان كثيرا.

[مسألة 13: إذا رفع صوته بالذكر أو القراءة لإعلام الغير لم يبطل]

[1426] مسألة 13: إذا رفع صوته بالذكر أو القراءة لإعلام الغير لم يبطل إلا إذا كان قصد الجزئية تبعا و كان من الأذكار الواجبة، و لو قال اللّه أكبر مثلا بقصد الذكر المطلق لإعلام الغير لم يبطل، مثل سائر الأذكار التي يؤتى بها لا بقصد الجزئية.

[مسألة 14: وقت النية ابتداء الصلاة]

[1427] مسألة 14: وقت النية ابتداء الصلاة، و هو حال تكبيرة الإحرام، و أمره سهل بناء على الداعي، و على الإخطار اللازم اتصال آخر النية المخطرة بأول التكبير، و هو أيضا سهل.

[مسألة 15: يجب استدامة النية إلى آخر الصلاة]

[1428] مسألة 15: يجب استدامة النية إلى آخر الصلاة بمعنى عدم حصول الغفلة بالمرة بحيث يزول الداعي على وجه لو قيل له ما تفعل يبقى متحيرا، و أما مع بقاء الداعي في خزانة الخيال فلا تضر الغفلة و لا يلزم الاستحضار الفعلي.

[مسألة 16: لو نوى في أثناء الصلاة قطعها فعلا أو بعد ذلك أو نوى القاطع و المنافي فعلا أو بعد ذلك]

[1429] مسألة 16: لو نوى في أثناء الصلاة قطعها فعلا أو بعد ذلك أو نوى القاطع و المنافي فعلا أو بعد ذلك فإن أتم مع ذلك بطل (1)، و كذا لو أتى

______________________________
و من هنا يظهر أن القرآن و الذكر كالقنوت من هذه الجهة فإنه إذا أتى بهما بعنوانين متنافيين، لا يمكن انطباقهما عليهما، و يمتازان عنه من جهة أخرى و هي أنه لا معنى لبطلانهما غير عدم ترتّب الثواب على هذا الفرد، و أما الاتيان بفرد آخر فهو ليس تداركا لهما لأن كلّ فرد منهما مستحبّ في نفسه، و هذا بخلاف الجزء المستحبّ في الصلاة كالقنوت فإنه قابل للتدارك.

(1) فيه: أن نيّة القطع أو القاطع فعلا لا تجتمع مع الاتمام بنيّة الصلاة، فإن‌

 

173
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 لو نوى في أثناء الصلاة قطعها فعلا أو بعد ذلك أو نوى القاطع و المنافي فعلا أو بعد ذلك ص 173

ببعض الأجزاء بعنوان الجزئية ثم عاد إلى النية الاولى (1)، و أما لو عاد إلى النية الأولى قبل أن يأتي بشي‌ء لم يبطل، و إن كان الأحوط الإتمام و الإعادة، و لو نوى القطع أو القاطع و أتى ببعض الأجزاء لا بعنوان الجزئية ثم عاد إلى النية الاولى (2) فالبطلان موقوف على كونه فعلا كثيرا، فإن كان قليلا لم يبطل خصوصا إذا كان ذكرا أو قرآنا، و إن كان الأحوط الإتمام و الإعادة أيضا.

[مسألة 17: لو قام لصلاة و نواها في قلبه فسبق لسانه أو خياله خطورا إلى غيرها صحت على ما قام إليها]

[1430] مسألة 17: لو قام لصلاة و نواها في قلبه فسبق لسانه أو خياله خطورا إلى غيرها صحت على ما قام إليها و لا يضر سبق اللسان و لا الخطور الخيالي.

[مسألة 18: لو دخل في فريضة فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة أو بالعكس]

[1431] مسألة 18: لو دخل في فريضة فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة أو بالعكس صحت على ما افتتحت عليه.

[مسألة 19: لو شك فيما في يده أنه عيّنها ظهرا أو عصرا مثلا]

[1432] مسألة 19: لو شك فيما في يده أنه عيّنها ظهرا أو عصرا مثلا قيل

______________________________
معنى نيّة المصلّي القطع أو القاطع فعلا هو خروجه عن الصلاة كذلك بفعل المنافي كالتكلّم أو نحوه أو بدونه، و من المعلوم إن هذا في طرف النقيض مع استمرار المصلّي في صلاته، إلّا ن يكون مراده الاستمرار فيها بعنوان آخر لا الصلاة، و هو كما ترى.

(1) بل لا يلزم أن يكون الاتيان به بنيّة الجزئية إذا كان من الأركان كالركوع أو السجود حيث إن بطلان الصلاة به لا يتوقّف على الاتيان به بتلك النيّة.

(2) هذا فيما إذا اقتصر عليه، و أما إذا تداركه بعد العود، فإن كان من الأركان كالركوع أو السجود، فالأظهر هو البطلان و وجوب الاعادة، و إن كان من غيره فالصحّة و عدم وجوب الاعادة باعتبار أنه لا يتّصف بالزيادة العمديّة.

 

174
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 لو شك فيما في يده أنه عينها ظهرا أو عصرا مثلا ص 174

بنى على التي قام إليها، و هو مشكل، فالأحوط الإتمام و الإعادة (1)، نعم لو

______________________________
(1) فيه إشكال بل منع، فإن صلاتين لو كانتا مترتّبتين كظهرين أو عشاءين، فإن علم بعدم الاتيان بصلاة الظهر أو كان شاكّا فيه فوظيفته العدول إليها و إتمامها بلا حاجة الى الاعادة. و إن علم بالاتيان بها و لكن لا يدري أنه نوى ما في يده من الصلاة ظهرا أو عصرا فإنه لا يقع ظهرا لفرض أنه أتى بها، و لا عصرا من جهة عدم إحراز أنه نواها عصرا، فإذن لا بدّ من الاعادة. و أما إذا علم بأنه نوى الدخول في صلاة معيّنة كالعصر مثلا و لكن شكّ في أنه دخل فيها فعلا أو لا، ففي مثل ذلك قد يقال أنه بنى عليها بمقتضى أصالة عدم العدول عنها الى غيرها، و لكنه بعيد عن الحقّ، إذ مع الشكّ في أنه دخل فيما نواه من الصلاة لم يحرز أن ما بيده فعلا من الصلاة هي تلك التي نواها أو غيرها، و مع عدم الاحراز فلا يمكن الحكم بالصحّة، فلا بدّ حينئذ من الاعادة.

و أما أصالة عدم العدول عمّا نوى الدخول فيها الى غيرها، فلا أثر لها حيث أنها لا تثبت أن ما بيده فعلا من الصلاة هو صلاة العصر إلّا على القول بالأصل المثبت. و من هنا يظهر حال ما إذا كانت الصلاتان غير مترتّبتين كالقضاء و الأداء مثلا، فإن المصلّي إذا لم يعلم أن ما بيده أداء أو قضاء لم يمكن الحكم بصحّة شي‌ء منهما لمكان عدم إحراز النيّة في شي‌ء منهما، فإذن لا بدّ من الاعادة. و إن علم بأنه نوى الدخول في صلاة معيّنة و لكن شكّ في أن ما بيده فعلا من الصلاة هل هي ما نوى الدخول فيها، أو أنها غيرها من جهة الشكّ في أنه عدل عنها الى غيرها و دخل فيها أو لا، فلا يمكن إثبات أن ما بيده فعلا من الصلاة هي تلك التي نواها بأصالة عدم العدول منها الى غيرها إلّا على القول بالأصل المثبت، فلا بدّ حينئذ من الاعادة، و عليه فالقول بالجمع بين إتمام ما بيده فعلا و الاعادة بعده لا يتمّ مطلقا، لا في الصلاتين المترتّبتين و لا في غيرهما كما عرفت.

 

175
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 لو شك فيما في يده أنه عينها ظهرا أو عصرا مثلا ص 174

رأى نفسه في صلاة معينة و شك في أنه من الأول نواها أو نوى غيرها بنى على أنه نواها و إن لم يكن مما قام إليه، لأنه يرجع إلى الشك بعد تجاوز المحل.

[مسألة 20: لا يجوز العدول من صلاة إلى أخرى إلا في موارد خاصة]

[1433] مسألة 20: لا يجوز العدول من صلاة إلى أخرى إلا في موارد خاصة ..

أحدها: في الصلاتين المرتبتين كالظهرين و العشاءين إذا دخل في

______________________________
و أما إذا وجد المصلّي نفسه في صلاة العصر و شكّ في أنه دخل فيها بهذه النيّة أو لا، فهل يمكن التمسّك فيه بقاعدة التجاوز أو لا؟ الظاهر أنه لا يمكن التمسّك بها لأن الشك ليس في وجود النيّة بعد التجاوز عن محلّها حيث أن المصلّي يعلم بها من الأول أي منذ بداية دخوله في الصلاة و لكنه لا يدري أن تلك النيّة هي النيّة الفعليّة التي يكون المصلّي متلبّسا بها فعلا، أو غيرها. و قاعدة التجاوز لا تثبت أنها هي النيّة الفعليّة لأن موردها الشكّ في وجود الشى‌ء بمفاد كان التامّة بعد التجاوز عن محلّه الشرعىّ دون الشكّ في صفة الموجود بمفاد كان الناقصة.

و إن شئت قلت: إن المصلّي في المسألة يعلم بأنه دخل في الصلاة مع النيّة فنوى و كبّر و قرأ و ركع و لا يحتمل الدخول فيها بدون النيّة، و لكنه حينما دخل في السجود مثلا يرى في نفسه أنه يأتي به بنيّة أنه من صلاة العصر، و شكّ حينئذ في أنه كان كذلك من بداية الصلاة و أنه نوى الاتيان بالأجزاء المذكورة بعنوان أنها من العصر، أو أنه من البداية نوى الاتيان بها بعنوان أنها من صلاة أخرى دونها، ففي مثل ذلك لا يمكن التمسّك بقاعدة التجاوز لإثبات الفرض الأول لأن موردها الشكّ في الوجود بعد التجاوز عن محلّه شرعا، دون الشكّ في كيفيّته بعد الفراغ عن أصله.

 

176
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 20 لا يجوز العدول من صلاة إلى أخرى إلا في موارد خاصة ص 176

الثانية قبل الاولى عدل إليها بعد التذكر في الأثناء إذا لم يتجاوز محل العدول، و أما إذا تجاوز كما إذا دخل في ركوع الرابعة من العشاء فتذكر ترك المغرب فإنه لا يجوز العدول، لعدم بقاء محله فيتمها عشاء (1) ثم يصلي المغرب و يعيد العشاء أيضا احتياطا، و أما إذا دخل في قيام الرابعة و لم يركع بعد فالظاهر بقاء محل العدول فيهدم القيام و يتمها بنية المغرب.

الثاني: إذا كان عليه صلاتان أو أزيد قضاء فشرع في اللاحقة قبل السابقة يعدل إليها مع عدم تجاوز محل العدول، كما إذا دخل في الظهر أو العصر فتذكر ترك الصبح القضائي السابق على الظهر و العصر، و أما إذا تجاوز أتم ما بيده على الأحوط و يأتي بالسابقة و يعيد اللاحقة (2) كما مر في الأدائيتين، و كذا لو دخل في العصر فذكر ترك الظهر السابقة فإنه يعدل.

الثالث: إذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه قضاء، فإنه يجوز له أن

______________________________
(1) في إتمامها عشاء إشكال بل منع، فإن ما دلّ على اعتبار الترتيب بينهما ظاهر في اعتباره بين تمام أجزاء العشاء من مبدئها الى منتهاها و بين المغرب، و على هذا فعدم اعتبار الترتيب بين الركعة الأخيرة منها و بين المغرب بحاجة الى دليل و لا يمكن الالتزام به بدونه، إذ لو جاز له إتمامها عشاء في حال عدم إمكان العدول الى المغرب فمعناه أنه يجوز تقديم العشاء على المغرب في هذا الحال عامدا و ملتفتا الى الحكم الشرعىّ و هو لا يمكن من دون مبرّر.

(2) هذا مبنىّ على اعتبار الترتيب في قضاء الفوائت مطلقا حتى في غير المترتّبتين، و فيه إشكال بل منع لعدم دليل يدلّ على اعتباره كذلك، فإذن يكفي إتمام ما بيده بلا حاجة الى إعادة السابقة بعد عدم إمكان العدول إليها من جهة تجاوز محلّه كما هو المفروض. نعم لو لم يتجاوز لكان العدول هو المتعيّن للنصّ.

 

177
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 20 لا يجوز العدول من صلاة إلى أخرى إلا في موارد خاصة ص 176

يعدل إلى القضاء إذا لم يتجاوز محل العدول، و العدول في هذه الصورة على وجه الجواز بل الاستحباب، بخلاف الصورتين الأولتين فإنه على وجه الوجوب (1).

الرابع: العدول من الفريضة إلى النافلة يوم الجمعة لمن نسي قراءة الجمعة و قرأ سورة أخرى من التوحيد أو غيرها و بلغ النصف أو تجاوز (2)، و أما إذا لم يبلغ النصف فله أن يعدل عن تلك السورة و لو كانت هي التوحيد إلى سورة الجمعة فيقطعها و يستأنف سورة الجمعة.

______________________________
(1) ظهر أن العدول في الصورة الثانية ليس على وجه الوجوب، فإنه مبنىّ على القول بوجوب الترتيب في قضاء الفوائت مطلقا، و قد مرّ عدم وجوبه كذلك.

(2) في التقييد به و بما بعده إشكال بل منع، أما فيه؛ فلأن ما دلّ على جواز العدول الى النافلة و هو موثق صباح بن صبيح مطلق، و مقتضى إطلاقه جوازه و إن كان قبل بلوغ النصف، و أما فيما بعده و هو التقييد بما قبل البلوغ في العدول من التوحيد الى الجمعة فلأن ما دلّ على هذا التقييد من الروايات مطلق أيضا و مقتضاه جوازه و إن كان بعد بلوغ النصف.

و دعوى: أن ذلك هو مقتضى الجمع بين هذه الروايات و الموثق بحمل الموثق على ما إذا بلغ النصف أو تجاوز، و حمل تلك الروايات على ما إذا لم يبلغ النصف خاطئة و لا أساس لها، إذ مضافا الى أنه لا شاهد على هذا الجمع لا مقتضى له حيث أنه لا تنافي بينهما لكي يكون مبرّرا له، باعتبار أن كلا منهما متكفّل للحكم الترخيصي دون الالزامي، إذ بإمكان المصلّي في صلاة الجمعة أن يقرأ أيّة سورة شاء من التوحيد و غيرها و إن كان الأفضل أن يقرأ فيها سورتي الجمعة و المنافقين، و على هذا فإذا شرع في قراءة سورة التوحيد فيها لم يجب عليه العدول منها الى النافلة أو الى الجمعة، نعم هو أفضل.

 

178
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 20 لا يجوز العدول من صلاة إلى أخرى إلا في موارد خاصة ص 176

الخامس: العدول من الفريضة إلى النافلة لإدراك الجماعة إذا دخل فيها و أقيمت الجماعة و خاف السبق (1) بشرط عدم تجاوز محل العدول بأن دخل في ركوع الركعة الثالثة.

السادس: العدول من الجماعة إلى الانفراد لعذر أو مطلقا كما هو الأقوى (2).

السابع: العدول من إمام إلى إمام إذا عرض للأول عارض.

الثامن: العدول من القصر إلى التمام إذا قصد في الأثناء إقامة عشرة أيام.

التاسع: العدول من التمام إلى القصر إذا بدا له في الإقامة بعد ما قصدها.

العاشر: العدول من القصر إلى التمام أو بالعكس في مواطن التخيير.

[مسألة 21: لا يجوز العدول من الفائتة إلى الحاضرة]

[1434] مسألة 21: لا يجوز العدول من الفائتة إلى الحاضرة، فلو دخل في فائتة ثم ذكر في أثنائها حاضرة ضاق وقتها أبطلها و استأنف، و لا يجوز العدول على الأقوى.

[مسألة 22: لا يجوز العدول من النفل إلى الفرض و لا من النفل]

[1435] مسألة 22: لا يجوز العدول من النفل إلى الفرض و لا من النفل إى

______________________________
(1) بل يجوز العدول مع عدم خوف السبق أيضا لإطلاق النصّ و عدم التقييد بالخوف.

(2) فيه: أن هذا ليس من موارد العدول في المسألة؛ حيث إن مورده هو العدول من صلاة الى أخرى، لا من كيفيّة صلاة الى كيفيّة أخرى لها، و إما أن هذا العدول جائز مطلقا أو لعذر طارئ أثناء الجماعة فيأتي الكلام فيه في مبحث الجماعة إن شاء الله تعالى.

 

179
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 لا يجوز العدول من النفل إلى الفرض و لا من النفل ص 179

النفل حتى فيما كان منه كالفرائض في التوقيت و السبق و اللحوق.

[مسألة 23: إذا عدل في موضع لا يجوز العدول بطلتا]

[1436] مسألة 23: إذا عدل في موضع لا يجوز العدول بطلتا كما لو نوى بالظهر العصر و أتمها على نية العصر.

[مسألة 24: لو دخل في الظهر بتخيل عدم إتيانها فبان في الأثناء أنه قد فعلها لم يصح له العدول إلى العصر]

[1437] مسألة 24: لو دخل في الظهر بتخيل عدم إتيانها فبان في الأثناء أنه قد فعلها لم يصح له العدول إلى العصر.

[مسألة 25: لو عدل بزعم تحقق موضع العدول فبان الخلاف بعد الفراغ أو في الأثناء لم يبعد صحتها على النية الأولى]

[1438] مسألة 25: لو عدل بزعم تحقق موضع العدول فبان الخلاف بعد الفراغ أو في الأثناء لم يبعد صحتها على النية الأولى كما إذا عدل بالعصر إلى الظهر ثم بان أنه صلاها فإنها تصح عصرا، لكن الأحوط الإعادة.

[مسألة 26: لا بأس بترامي العدول]

[1439] مسألة 26: لا بأس بترامي العدول كما لو عدل في الفوائت إلى سابقة فذكر سابقة عليها، فإنه يعدل منها إليها و هكذا.

[مسألة 27: لا يجوز العدول بعد الفراغ إلا في الظهرين إذا أتى بنية العصر بتخيل أنه صلى الظهر فبان أنه لم يصلها]

[1440] مسألة 27: لا يجوز العدول بعد الفراغ إلا في الظهرين إذا أتى بنية العصر بتخيل أنه صلى الظهر فبان أنه لم يصلها، حيث إن مقتضى رواية صحيحة أنه يجعلها ظهرا، و قد مرّ سابقا.

[مسألة 28: يكفي في العدول مجرد النية]

[1441] مسألة 28: يكفي في العدول مجرد النية من غير حاجة إلى ما ذكر في ابتداء النية.

[مسألة 29: إذا شرع في السفر و كان في السفينة أو العربة مثلا]

[1442] مسألة 29: إذا شرع في السفر و كان في السفينة أو العربة مثلا فشرع في الصلاة بنية التمام قبل الوصول إلى حد الترخص فوصل في الأثناء إلى حد الترخص فإن لم يدخل في ركوع الثالثة فالظاهر أنه يعدل إلى القصر، و إن دخل في ركوع الثالثة فالأحوط الإتمام و الإعادة (1) قصرا،

______________________________
(1) الظاهر وجوب الاعادة عليه قصرا و عدم إمكان إتمامها تماما حيث أنه منذ زمن وصوله الى حدّ الترخيص انقلب الحكم بانقلاب موضوعه فأصبح مأمورا‌

 

180
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 29 إذا شرع في السفر و كان في السفينة أو العربة مثلا ص 180

و إن كان في السفر و دخل في الصلاة بنية القصر فوصل إلى حد الترخص يعدل إلى التمام.

[مسألة 30: إذا دخل في الصلاة بقصد ما في الذمة فعلا و تخيل أنها الظهر مثلا ثم تبين أن ما في ذمته هي العصر أو بالعكس]

[1443] مسألة 30: إذا دخل في الصلاة بقصد ما في الذمة فعلا و تخيل أنها الظهر مثلا ثم تبين أن ما في ذمته هي العصر أو بالعكس فالظاهر الصحة، لأن الاشتباه إنما هو في التطبيق (1).

______________________________
بالصلاة قصرا و انتفى وجوب التمام بانتفاء موضوعه، و مع انتفائه ليس بإمكان المكلّف الاتمام إلّا تشريعا، فتكون النتيجة بطلان ما بيده من الصلاة تماما و وجوبها قصرا.

(1) بل الظاهر البطلان في الفرض الأول، و الصحّة في العكس، باعتبار أن المقام داخل في الاشتباه في التقييد و التخلّف في القيد لا في الاشتباه في التطبيق و التخلّف في الداعي و ذلك لأن المعتبر في صحّة كلّ صلاة يكون لها اسم خاصّ و عنوان مخصوص أن ينوي المصلّي ذلك الاسم الخاصّ لها حين الاتيان بها الذي يميّزها شرعا عن غيرها و هي كصلاة الفجر و صلاة الظهر و العصر و المغرب و العشاء و صلاة الجمعة و الآيات و العيد و صلاة الليل و النوافل الخاصّة و هكذا، فإن المصلّي إذا أراد أن يأتي بإحدى تلك الصلوات فليس بإمكانه الاكتفاء بنيّة القربة و الاخلاص فقط، بل لا بدّ من أن ينويها بالاسم الخاصّ لها و عنوانها المخصوص، و هذه النيّة معتبرة في صحّتها و مقوّمة لحقيقتها و لا فرق في ذلك بين أن تكون لها شريكة في الكمّ و الكيف، أو في الكمّ فقط، أو لا تكون لها شريكة، بل هي فريدة، و الأول كصلاة الظهر و العصر فإنهما متماثلتان في الكمّ و الكيف، و أما صلاة العشاء فهي تماثلها الظهر و العصر في الكمّ فقط، و صلاة الصبح فهي تماثلها نافلة الصبح في الكمّ، و الثاني كصلاة المغرب فإنها فريدة و لا تماثلها صلاة أخرى في العدد، فإذا أراد المصلّي أن يأتي بصلاة المغرب وجب أن ينويها بذلك الاسم الخاص‌

 

181
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 30 إذا دخل في الصلاة بقصد ما في الذمة فعلا و تخيل أنها الظهر مثلا ثم تبين أن ما في ذمته هي العصر أو بالعكس ص 181

..........

______________________________
و العنوان المخصوص و إلّا لم تصح، فالنتيجة: إن هذه النيّة واجبة بنفسها كنيّة القربة و إن لم يحصل الاشتباه بدون هذه النيّة، و على هذا الأساس إذا صلّى المصلّي بنيّة الظهر و كانت في ذمّته صلاة العصر دونها لم تصحّ ظهرا و لا عصرا، أما الأول فلعدم الواقع لها، و أما الثاني فلأنه لم ينوها بالاسم الخاص و العنوان المخصوص لها و هذا ليس من الاشتباه في التطبيق، بل هو من الاشتباه في التقييد.

و أما إذا كانت في ذمّته صلاة الظهر و صلّى بنيّة العصر فمقتضى القاعدة و إن كان عدم صحّتها لأن ما نواها باسمها الخاصّ لا واقع لها، و ما لها، واقع لم يقصدها باسمها الخاصّ و لكن مقتضى النصّ الصحّة، ثم إن هذه النيّة و هي قصد الاسم الخاصّ للصلاة كنيّة القربة يجب أن تستمرّ مع الصلاة من مبدئها الى منتهاها، فلو نوى المصلّي في أثناء صلاته صلاة أخرى و أتمّها بطلت صلاته إلّا في موردين:

أحدهما: أن يكون العدول عمّا نواه أولا من الصلاة الى صلاة أخرى نسيانا أو غفلة كما إذا قام الى الصلاة بنيّة صلاة الصبح و في أثنائها غفل عمّا نواه أولا و تخيّل أنها نافلة الصبح و أتمّها قاصدا بها النافلة فإنها تصحّ صبحا كما نواها أولا، و كذا الأمر بالعكس، أو قام بنيّة صلاة العصر مثلا و في أثنائها عرض عليه الذهول و الغفلة و تخيّل أنها صلاة الظهر و أتمّها بنيّة الظهر فإنها تصحّ عصرا كما نواها من قبل، فالعبرة في الصحّة إنما هي بالنيّة الأولى التي افتتحت الصلاة بها لا بما طرأت بسبب الغفلة و النسيان و تدلّ على ذلك مجموعة من النصوص صريحا.

و الآخر: أن يبدّل نيّته الى صلاة أخرى في موارد و حالات يجوز هذا التبديل و العدول شرعا، كالعدول من العصر الى الظهر و من الحاضرة الى الفائتة و هكذا كما مرّ.

ثم أنه لا يلزم أن ينوي المصلّي أن صلاته من فريضة اليوم الفلاني، فإذا علم‌

 

182
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 31 إذا تخيل أنه أتى بركعتين من نافلة الليل مثلا فقصد الركعتين الثانيتين أو نحو ذلك فبان أنه لم يصل الأولتين ص 183

[مسألة 31: إذا تخيل أنه أتى بركعتين من نافلة الليل مثلا فقصد الركعتين الثانيتين أو نحو ذلك فبان أنه لم يصلّ الأولتين]

[1444] مسألة 31: إذا تخيل أنه أتى بركعتين من نافلة الليل مثلا فقصد الركعتين الثانيتين أو نحو ذلك فبان أنه لم يصلّ الأولتين صحت و حسبت له الأولتان، و كذا في نوافل الظهرين، و كذا إذا تبين بطلان الأولتين، و ليس هذا من باب العدول بل من جهة أنه لا يعتبر قصد كونهما أولتين أو ثانيتين فتحسب على ما هو الواقع نظير ركعات الصلاة حيث إنه لو تخيل أن ما بيده من الركعة ثانية مثلا فبان أنها الاولى أو العكس أو نحو ذلك لا يضرّ و يحسب على ما هو الواقع.

______________________________
أن عليه صلاة واحدة كصلاة الصبح مثلا و لكن لا يعلم أنها فريضة اليوم الحالي أو اليوم الماضي وجب أن يصلّيها ناويا اسمها الخاصّ و هو صلاة الصبح و لا يجب عليه تحديد أنها لهذا اليوم أو ليوم مضى. و على هذا فإذا صلّى معتقدا أنها فريضة اليوم الماضي ثم تبيّن الحال أنها فريضة اليوم الحالي أو بالعكس صحّت، و هذا يكون من باب الاشتباه في التطبيق.

 

183
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في تكبيرة الإحرام ص 185

[فصل في تكبيرة الإحرام]

فصل في تكبيرة الإحرام و تسمى تكبيرة الافتتاح أيضا، و هي أوّل الأجزاء الواجبة للصلاة بناء على كون النية شرطا، و بها يحرم على المصلي المنافيات، و ما لم يتمها يجوز له قطعها، و تركها عمدا و سهوا مبطل، كما أن زيادتها أيضا كذلك (1)، فلو كبّر بقصد الافتتاح و أتى بها على الوجه الصحيح ثم كبّر بهذا القصد ثانيا بطلت و احتاج إلى ثالثة، فإن أبطلها بزيادة رابعة احتاج إلى خامسة، و هكذا تبطل بالشفع و تصح بالوتر، و لو كان في أثناء صلاة فنسي و كبر

______________________________
(1) تقدّم في أول بحث النيّة أن زيادتها لا توجب بطلان الصلاة فإنه بحاجة الى دليل و لا دليل عليه، كما تقدّم أن بطلان الصلاة بنقصان الجزء الركني يكون على القاعدة إذ لا صلاة بدونه حتى يمكن الحكم بصحّتها، و أما بطلانها بزيادته فهو بحاجة الى دليل باعتبار أنه ليس من لوازم ركنيّته لها، فركنيّة التكبيرة للصلاة متقوّمة بأن تسبّب انتفاؤها انتفاء الصلاة شرعا و إن كان سهوا، و أما زيادتها فهي ليست من شئون ركنيّتها، فما هو المشهور في تفسير الركن من أن زيادته كنقيصته تقدح عمدا و سهوا لا أصل له و لا يكون تفسيرا لمفهوم الركن، فإذن زيادته سهوا كزيادة غيره من الأجزاء تكون مشمولة لحديث (لا تعاد)، إلّا إذا قام دليل على بطلان الصلاة بزيادته مطلقا كما في الركوع و السجود.

 

185
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في تكبيرة الإحرام ص 185

لصلاة أخرى فالأحوط إتمام الاولى (1) و إعادتها، و صورتها «اللّه أكبر» من غير تغيير و لا تبديل، و لا يجزئ مرادفها و لا ترجمتها بالعجمية أو غيرها، و الأحوط (2) عدم وصلها بما سبقها من الدعاء أو لفظ النية، و إن كان الأقوى جوازه، و تحذف الهمزة من «اللّه» حينئذ، كما أن الأقوى جواز وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة أو غيرهما، و يجب حينئذ إعراب راء «أكبر»، لكن الأحوط عدم الوصل، و يجب إخراج حروفها من مخارجها و الموالاة بينها و بين الكلمتين.

[مسألة 1: لو قال «الله تعالى أكبر» لم يصح]

[1445] مسألة 1: لو قال «الله تعالى أكبر» لم يصح، و لو قال «الله أكبر من أن يوصف» أو «من كل شي‌ء» فالأحوط الإتمام و الإعادة، و إن كان الأقوى الصحة إذا لم يكن بقصد التشريع.

[مسألة 2: لو قال: «الله أكبار» بإشباع فتحة الباء حتى تولّد الألف بطل]

[1446] مسألة 2: لو قال: «الله أكبار» بإشباع فتحة الباء حتى تولّد الألف بطل، كما أنه لو شدّد راء «أكبر» بطل أيضا.

[مسألة 3: الأحوط تفخيم اللام من «اللّه» و الراء من «أكبر»]

[1447] مسألة 3: الأحوط تفخيم اللام من «اللّه» و الراء من «أكبر»، و لكن الأقوى الصحة مع تركه أيضا.

[مسألة 4: يجب فيها القيام و الاستقرار]

[1448] مسألة 4: يجب فيها القيام و الاستقرار، فلو ترك أحدهما بطل عمدا كان أو سهوا (3).

______________________________
(1) بل هو الأظهر، إذ مضافا الى أن زيادتها سهوا لا توجب البطلان فلا زيادة في المقام باعتبار أنه لم يأت بها بنيّة الجزئية للصلاة التي تكون بيد المصلّي و إنما أتى بها بهذه النيّة لصلاة أخرى التي لا واقع لها و لا يكون المصلّي متلبّسا بها فعلا.

(2) لا يترك.

(3) في البطلان مطلقا إشكال، بل منع، فإن المصلّي إذا ترك القيام حال‌

 

186
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 يعتبر في صدق التلفظ بها بل و بغيرها من الأذكار و الأدعية و القرآن أن يكون بحيث يسمع نفسه تحقيقا أو تقديرا ص 187

[مسألة 5: يعتبر في صدق التلفظ بها بل و بغيرها من الأذكار و الأدعية و القرآن أن يكون بحيث يسمع نفسه تحقيقا أو تقديرا]

[1449] مسألة 5: يعتبر في صدق التلفظ بها بل و بغيرها من الأذكار و الأدعية و القرآن أن يكون بحيث يسمع نفسه تحقيقا أو تقديرا، فلو تكلم بدون ذلك لم يصح.

[مسألة 6: من لم يعرفها يجب عليه أن يتعلم]

[1450] مسألة 6: من لم يعرفها يجب عليه أن يتعلم، و لا يجوز له الدخول في الصلاة قبل التعلم إلا إذا ضاق الوقت فيأتي بها ملحونة، و إن لم يقدر فترجمتها من غير العربية (1)، و لا يلزم أن يكون بلغته و إن كان أحوط، و لا يجزئ عن الترجمة غيرها من الأذكار و الأدعية و إن كانت بالعربية، و إن أمكن له النطق بها بتلقين الغير حرفا فحرفا قدّم على الملحون و الترجمة.

[مسألة 7: الأخرس يأتي بها على قدر الإمكان]

[1451] مسألة 7: الأخرس يأتي بها على قدر الإمكان، و إن عجز عن

______________________________
تكبيرة الاحرام فهو يوجب بطلان الصلاة و إن كان سهوا بمقتضى نصّ موثقة عمّار.

و أما إذا ترك الاستقرار و الطمأنينة فيها فلا دليل على أنه يوجب البطلان إذ الدليل الخاصّ على اعتباره فيها خاصّة غير موجود، و أما الدليل العام على اعتباره في الصلاة عامّة فتكون عمدته الاجماع و أنه على تقدير تماميّته و ثبوته يكون المتيقّن منه كشفا هو اعتباره في حال العمد و الالتفات لا مطلقا و لو في حال الغفلة و السهو.

(1) على الأحوط ثم يقضيها في خارج الوقت لأن كفاية الترجمة و بدليّتها عن الأصل بحاجة الى دليل، و نصوص التكبيرة لا تعمّ ترجمتها، حيث أن عنوان التكبيرة لا يصدق عليها، و أما قوله عليه السّلام في موثقة عمّار: (لا صلاة بغير الافتتاح ...) «1»

فلا إطلاق له بل هو منصرف عرفا الى الافتتاح المعهود و هو الافتتاح بالتكبيرة، حيث أن الظاهر من اللام فيه كونه للعهد مشيرا الى ما في الروايات من أن افتتاح الصلاة بالتكبيرة و اختتامها بالتسليمة، بل صحيحة زيد الشحّام ناصّة في أن الافتتاح اسم للتكبيرة لا الأعمّ منها و من ترجمتها، فمن أجل هذا يشكل الاكتفاء بالترجمة، فالأحوط هو الجمع بين إتيان المصلّي بها و قضائها خارج الوقت.

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 2 من أبواب تكبيرة الإحرام و الافتتاح الحديث: 7.

 

187
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 الأخرس يأتي بها على قدر الإمكان ص 187

النطق أصلا أخطرها بقلبه (1) و أشار إليها مع تحريك لسانه إن أمكنه.

[مسألة 8: حكم التكبيرات المندوبة فيما ذكر حكم تكبيرة الإحرام حتى في إشارة الأخرس]

[1452] مسألة 8: حكم التكبيرات المندوبة فيما ذكر حكم تكبيرة الإحرام حتى في إشارة الأخرس.

[مسألة 9: إذا ترك التعلم في سعة الوقت حتى ضاق أثم و صحت صلاته على الأقوى]

[1453] مسألة 9: إذا ترك التعلم في سعة الوقت حتى ضاق أثم و صحت صلاته على الأقوى، و الأحوط القضاء بعد التعلم (2).

[مسألة 10: يستحب الإتيان بست تكبيرات مضافا إلى تكبيرة الإحرام فيكون المجموع سبعة]

[1454] مسألة 10: يستحب الإتيان بست تكبيرات مضافا إلى تكبيرة الإحرام فيكون المجموع سبعة، و تسمى بالتكبيرات الافتتاحية، و يجوز الاقتصار على الخمس و على الثلاث، و لا يبعد التخيير في تعيين تكبيرة الإحرام في أيتها شاء، بل نية الإحرام بالجميع أيضا (3)، لكن الأحوط

______________________________
(1) في كفاية ذلك اشكال، بل إن وظيفة الأخرس و غيره فمن يكون عاجزا عن النطق لسبب طارئ أمران: أحدهما الاشارة بإصبعه، و الآخر تحريك لسانه، و أما الاخطار بالقلب فهو غير موجود في النصّ. نعم أنهما يكشفان عنه.

(2) لا يترك فيما إذا لم يتمكّن المصلّي في الوقت إلّا من الاتيان بترجمة التكبيرة لا بصيغتها الخاصّة، فإذن تكون وظيفته الجمع بين الاتيان بها في الوقت و قضاء الصلاة مع صيغة التكبيرة في خارج الوقت بعد التعلّم. و أما إذا كان متمكّنا من التكبيرة في الوقت و لكن لا على صيغتها الصحيحة المألوفة الواصلة إلينا، بل على الصيغة الملحونة، فوظيفته حينئذ الاكتفاء بها في الوقت بمقتضى ما دلّ من أن الصلاة لا تسقط بحال، فإنه إذا لم يتمكّن من الاتيان بها صحيحة وجب عليه الاتيان بها ملحونة حيث أن اللحن لا يوجب خروجها عن التكبيرة، غاية الأمر أنها تكبيرة ملحونة لا صحيحة كما هو الحال في القراءة و غيرها من الأذكار.

(3) فيه إشكال بل منع ثبوتا، لأن مردّه الى التخيير بين الأقلّ و الأكثر و هو غير معقول حيث أنه لا شبهة في أن نيّة الاحرام تكفي بواحدة منها كما هو مقتضى‌

 

188
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 يستحب الإتيان بست تكبيرات مضافا إلى تكبيرة الإحرام فيكون المجموع سبعة ص 188

اختيار الأخيرة، و لا يكفي قصد الافتتاح بأحدها المبهم من غير تعيين، و الظاهر عدم اختصاص استحبابها في اليومية، بل تستحب في جميع الصلوات الواجبة و المندوبة، و ربما يقال بالاختصاص بسبعة مواضع و هي:

كل صلاة واجبة، و أول ركعة من صلاة الليل، و مفردة الوتر، و أول ركعة من نافلة الظهر، و أول ركعة من نافلة المغرب، و أول ركعة من صلاة الإحرام، و الوتيرة، و لعل القائل أراد تأكدها في هذه المواضع.

[مسألة 11: لما كان في مسألة تعيين تكبيرة الإحرام إذا أتى بالسبع أو الخمس أو الثلاث احتمالات]

[1455] مسألة 11: لما كان في مسألة تعيين تكبيرة الإحرام إذا أتى بالسبع أو الخمس أو الثلاث احتمالات بل أقوال، تعيين الأول، و تعيين الأخير، و التخيير، و الجميع فالأولى لمن أراد إحراز جميع الاحتمالات و مراعاة

______________________________
نصّ جملة من الروايات، و يسقط الأمر بها، و عليه فلا يمكن الاتيان بالبقيّة بداعي الأمر و لا يعقل أن يقع الجميع مصداقا للمأمور به لفرض أن الغرض يحصل بالاتيان بواحدة منها، فإذا حصل الغرض سقط الأمر، و مع سقوطه لا يعقل التخيير و تعلّق الأمر بالجامع بينهما و كون الجميع أحد فردي الواجب، و على هذا فلا يمكن الالتزام به في مقام الاثبات و حمل الروايات عليه، و من هنا فالصحيح في المقام أن يقال: إن تكبيرة الاحرام لما كانت جزء الصلاة باسمها الخاصّ فعلى المصلّي أن يكبّر ناويا به تكبيرة الاحرام و افتتاح الصلاة به و إلّا لم يكن التكبير جزءا و مفتاحا لها، و على هذا فإذا كبّر المصلّي فإن كان ناويا به اسمها الخاصّ فهي جزء الصلاة و مفتاحها، و إن لم ينو به اسمها الخاصّ فليست جزءا لها، فإذن لا يمكن أن يكبّر المصلّي بكافة التكبيرات السبع ناويا بها تكبيرة الاحرام إلّا تشريعا و عليه فمقتضى القاعدة كون المصلّي مخيّرا بين أن ينوي بالتكبير الأول تكبيرة الاحرام أو بالتكبير الثاني أو الثالث و هكذا الى التكبير الأخير، و إن كان الأجدر و الأولى أن ينوي في التكبير الأول تكبيرة الاحرام الواجبة التي بها يتمّ الدخول في الصلاة.

 

189
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 لما كان في مسألة تعيين تكبيرة الإحرام إذا أتى بالسبع أو الخمس أو الثلاث احتمالات ص 189

الاحتياط من جميع الجهات أن يأتي بها بقصد أنه إن كان الحكم هو التخيير فالافتتاح هو كذا و يعيّن في قلبه ما شاء، و إلا فهو ما عند اللّه من الأول أو الأخير أو الجميع.

[مسألة 12: يجوز الإتيان بالسبع ولاء من غير فصل بالدعاء]

[1456] مسألة 12: يجوز الإتيان بالسبع ولاء من غير فصل بالدعاء، لكن الأفضل أن يأتي بالثلاث ثم يقول:

«اللهم أنت الملك الحق لا إله إلّا أنت سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت»، ثم يأتي باثنتين و يقول:

«لبيك و سعديك و الخير في يديك و الشر ليس إليك و المهديّ من هديت لا ملجأ منك إلّا إليك سبحانك و حنانيك تباركت و تعاليت سبحانك ربّ البيت»، ثم يأتي باثنتين و يقول:

«وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ عالم الغيب و الشهادة حَنِيفاً مسلما وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلٰاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ لٰا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا من الْمُسْلِمِينَ»، ثم يشرع في الاستعاذة و سورة الحمد، و يستحب أيضا أن يقول قبل التكبيرات:

«اللهم إليك توجهت و مرضاتك ابتغيت و بك آمنت و عليك توكلت، صل على محمد و آل محمد و افتح قلبي لذكرك و ثبتني على دينك و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب»، و يستحب أيضا أن يقول بعد الإقامة قبل تكبيرة الإحرام:

«اللهم ربّ هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة بلّغ محمدا صلّى اللّه عليه و آله الدرجة و الوسيلة و الفضل و الفضيلة، باللّه أستفتح و باللّه أستنجح و بمحمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و عليهم أتوجه، اللهم صلّ على محمد و آل محمد و اجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا و الآخرة و من المقربين»، و أن يقول بعد تكبيرة الإحرام:

 

190
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 يجوز الإتيان بالسبع ولاء من غير فصل بالدعاء ص 190

«يا محسن قد أتاك المسي‌ء و قد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي‌ء أنت المحسن و أنا المسي‌ء بحق محمد و آل محمد صلّ على محمد و آل محمد و تجاوز عن قبيح ما تعلم مني».

[مسألة 13: يستحب للإمام أن يجهر بتكبيرة الإحرام على وجه يسمع من خلفه دون الست]

[1457] مسألة 13: يستحب للإمام أن يجهر بتكبيرة الإحرام على وجه يسمع من خلفه دون الست فإنه يستحب الإخفات بها.

[مسألة 14: يستحب رفع اليدين بالتكبير إلى الاذنين أو إلى حيال الوجه]

[1458] مسألة 14: يستحب رفع اليدين بالتكبير إلى الاذنين أو إلى حيال الوجه أو إلى النحر مبتدءا بابتدائه و منتهيا بانتهائه، فإذا انتهى التكبير و الرفع أرسلهما، و لا فرق بين الواجب منه و المستحب في ذلك، و الأولى أن لا يتجاوز بهما الأذنين، نعم ينبغي ضم أصابعهما حتى الإبهام و الخنصر و الاستقبال بباطنهما القبلة، و يجوز التكبير من غير رفع اليدين، بل لا يبعد جواز العكس.

[مسألة 15: ما ذكر من الكيفية في رفع اليدين إنما هو على الأفضلية]

[1459] مسألة 15: ما ذكر من الكيفية في رفع اليدين إنما هو على الأفضلية و إلا فيكفي مطلق الرفع، بل لا يبعد جواز رفع إحدى اليدين دون الأخرى.

[مسألة 16: إذا شك في تكبيرة الإحرام]

[1460] مسألة 16: إذا شك في تكبيرة الإحرام فإن كان قبل الدخول فيما بعدها بنى على العدم، و إن كان بعد الدخول فيما بعدها من دعاء التوجه أو الاستعاذة أو القراءة بنى على الإتيان (1)، و إن شك بعد إتمامها أنه أتى بها

______________________________
(1) هذا فيما إذا دخل المصلّي في القراءة و شكّ في أنه أتى بتكبيرة الاحرام، فإنه حينئذ بنى على الاتيان بها بمقتضى قاعدة التجاوز كما هو مورد صحيحة زرارة، و أما إذا شكّ فيها بعد الدخول في دعاء التوجّه أو الاستعاذة فالظاهر أنه لا يمكن البناء على الاتيان بها بمقتضى القاعدة لعدم تحقّق التجاوز عن محلّها الشرعي و أنه بعد باق.

 

191
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 إذا شك في تكبيرة الإحرام ص 191

صحيحة أو لا بنى على العدم (1)، لكن الأحوط إبطالها بأحد المنافيات ثم استئنافها، و إن شك في الصحيحة بعد الدخول فيما بعدها بنى على الصحة، و إذا كبر ثم شك في كونه تكبيرة الإحرام أو تكبير الركوع بنى على أنه للإحرام.

______________________________
(1) في البناء على العدم إشكال بل منع، و الأظهر هو البناء على الصحّة بمقتضى قاعدة الفراغ حيث أن موضوعها في المقام متحقّق و هو الشكّ في صحّة شي‌ء بعد الفراغ عن وجوده و الفرض أن المكلّف هنا شاكّ في صحّة التكبيرة بعد الفراغ عن أصل وجودها، و لا يعتبر فيها الدخول في الغير، و بذلك يظهر حال ما في المتن من إناطة جريان قاعدة الفراغ في التكبيرة بالدخول فيما بعدها.

 

192
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القيام ص 193

[فصل في القيام]

فصل في القيام و هو أقسام: إما ركن و هو القيام حال تكبيرة الإحرام و القيام المتصل بالركوع بمعنى أن يكون الركوع عن قيام، فلو كبر للإحرام جالسا أو في حال النهوض بطل و لو كان سهوا، و كذا لو ركع لا عن قيام بأن قرأ جالسا ثم ركع أو جلس بعد القراءة أو في أثنائها و ركع و إن نهض متقوسا إلى هيئة الركوع القيامي، و كذا لو جلس ثم قام متقوسا من غير أن ينتصب ثم يركع (1) و لو كان ذلك كله سهوا، و واجب غير ركن و هو القيام حال القراءة

______________________________
(1) في بطلان الركوع في هذا الفرض اشكال، بل منع، حيث ان المقدم للركوع هو القيام في مقابل الجلوس، فإذا قام من الجلوس ثم ركع فقد تحقق الركوع و إن لم يصل إلى حد الاعتدال و الانتصاب، فان مفهوم الركوع عرفا متقدم بالقيام، بأن يكون عن قيام و لا يلزم أن يكون عن قيام معتدل منتصب فإن الاعتدال و الانتصاب غير داخل في مفهوم القيام عرفا، و إنما يثبت اعتباره بدليل خاص و لولاه لم نقل باعتباره.

و على هذا فاذا قام متقوسا و ترك الانتصاب و الاعتدال متعمدا فلا شبهة في بطلان صلاته، و أما إذا كان سهوا و نسيانا فالظاهر هو الصحة، لأن الركوع عن قيام قد تحقق و الاخلال إنما هو في غير الركن من الأجزاء و الشرائط و هو الانتصاب و الاعتدال و بما أنه سهوي فلا يقدح بمقتضى حديث لا تعاد.

 

193
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القيام ص 193

و بعد الركوع، و مستحب و هو القيام حال القنوت و حال تكبير الركوع، و قد يكون مباحا و هو القيام بعد القراءة أو التسبيح أو القنوت أو في أثنائها مقدارا من غير أن يشتغل بشي‌ء، و ذلك في غير المتصل بالركوع و غير الطويل الماحي للصورة.

[مسألة 1: يجب القيام حال تكبيرة الإحرام من أولها إلى آخرها]

[1461] مسألة 1: يجب القيام حال تكبيرة الإحرام من أولها إلى آخرها، بل يجب من باب المقدمة قبلها و بعدها، فلو كان جالسا و قام للدخول في الصلاة و كان حرف واحد من تكبيرة الإحرام حال النهوض قبل تحقق القيام بطل، كما أنه لو كبّر المأموم و كان الراء من «أكبر» حال الهوي للركوع كان باطلا، بل يجب أن يستقر قائما ثم يكبر، و يكون مستقرا بعد التكبير ثم يركع.

[مسألة 2: هل القيام حال القراءة و حال التسبيحات الأربع شرط فيهما أو واجب حالهما؟]

[1462] مسألة 2: هل القيام حال القراءة و حال التسبيحات الأربع شرط فيهما أو واجب حالهما؟ و جهان الأحوط الأول و الأظهر الثاني (1)، فلو قرأ

______________________________
(1) بل الأول هو الظاهر من الروايات، فان قوله عليه السلام: «إن استطاع أن يصلى قائما و إن لم يستطع صلى جالسا ...» و قوله عليه السلام: «تصلى قائما فإن لم يستطع فجالسا ...» و نحوهما ظاهر عرفا في أن القيام قيد معتبر في الصلاة، غاية الأمر أنه قيد مرتبط بجزء معين من أجزائها مباشرة فيجب في ضمن ذلك الجزء و هو من واجبات الجزء و قيوده، و ليس من واجبات الصلاة مباشرة و قيودها كذلك. و عليه فالقيام حال القراءة من واجبات القراءة و قيودها مباشرة لا الصلاة، و القيام حال التسبيحات من واجباتها و قيودها كذلك نظير الذكر في الركوع و السجود فانه من واجباتهما مباشرة دون الصلاة، و الطمأنينة في حال الذكر و القراءة و التسبيحات و التشهد و التسليم فانها من واجباتها كذلك.

 

194
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 هل القيام حال القراءة و حال التسبيحات الأربع شرط فيهما أو واجب حالهما ص 194

جالسا نسيانا ثم تذكر بعدها أو في أثنائها صحت قراءته وفات محل القيام و لا يجب استئناف القراءة، لكن الأحوط الاستئناف قائما.

[مسألة 3: المراد من كون القيام مستحبا حال القنوت أنه يجوز تركه بتركه]

[1463] مسألة 3: المراد من كون القيام مستحبا حال القنوت أنه يجوز تركه بتركه، لا أنه يجوز الإتيان بالقنوت جالسا عمدا، لكن نقل عن بعض العلماء جواز إتيانه جالسا و أن القيام مستحب فيه لا شرط، و على ما ذكرنا فلو أتى به جالسا عمدا لم يأت بوظيفة القنوت بل تبطل صلاته للزيادة (1).

[مسألة 4: لو نسي القيام حال القراءة و تذكر بعد الوصول إلى حد الركوع]

[1464] مسألة 4: لو نسي القيام حال القراءة و تذكر بعد الوصول إلى حد

______________________________
فالنتيجة: ان كل واجب من واجبات الصلاة إذا كان مرتبطا بجزء معين من أجزائها مباشرة فهو من واجباته و قيوده، و إذا كان مرتبطا بنفس الصلاة كذلك كواجباتها الأولية من التكبيرة و القراءة و الركوع و السجود و التشهد و التسبيح و التسليم، فهو من واجباتها. و على هذا فما عن المشهور من أن القيام واجب في حال الصلاة، إن أريد به أنه من واجبات الصلاة مباشرة فقد مر أنه من واجبات الجزء كذلك.

و إن أريد به أن الصلاة ظرف لوجوبه و انه ليس قيدا لها و لو بلحاظ كونه قيدا لجزئها.

ففيه: ما عرفت من ان ظاهر الروايات أنه قيد لها باعتبار كونه قيدا لجزئها مباشرة حيث أن قيود الجزء جميعا ترجع إلى قيودها في نهاية المطاف.

(1) هذا فيما اذا أتى بالقنوت ناويا به كونه جزءا من الصلاة فانه يوجب بطلانها للزيادة العمدية، و أما إذا أتى به بعنوان الوظيفة تشريعا فهو محرم و لا يوجب البطلان. و إن شئت قلت: ان الاتيان به بنية أنه منها مع العلم بأنه ليس منها يؤدي الى البطلان و إن كان قائما. و إن لم يأت به كذلك لم يوجب البطلان و إن كان تشريعا محرما إذا كان جالسا.

 

195
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 لو نسي القيام حال القراءة و تذكر بعد الوصول إلى حد الركوع ص 195

الركوع صحت صلاته، و لو تذكر قبله فالأحوط الاستئناف على ما مرّ (1).

______________________________
(1) لكن الأظهر صحة القراءة و عدم وجوب استئنافها قائما لما مر من أن القيام شرط في القراءة فإذا قرأ المصلي جالسا نسيانا و تذكر بعد أن أكمل القراءة فهو غير تارك منها الا ما هو شرط لها و هو القيام، و بما أنه كان عن سهو فيكون مشمولا لحديث لا تعاد باعتبار أن محل القيام قد فات و لا يمكن تداركه الا باعادة القراءة ثانية، و لا موجب لها الّا دعوى: أن ما هو جزء الصلاة حصة خاصة من القراءة و هي الصحة المقيدة بالقيام، و الفرض أن المصلي لم يأت بها، فان ما أتى به و هو القراءة جالسا فهو ليس جزءا لها، و المفروض بقاء المحل و امكان تداركه فيه، و معه يجب.

و لكن هذه الدعوى ساقطة جزما على أساس أنها مبنية على أحد أمرين لا واقع موضوعي لهما.

الاول: أن يكون القيام قيدا مقوما للقراءة. و الآخر: أن تكون شرطيته لها ثابتة مطلقا حتى في حال النسيان و الجهل بالحكم.

أما الأمر الأول: فبطلانه ظاهر ضرورة أن القيام أجنبي عن القراءة مفهوما و حقيقة و غير داخل فيه جزما، و معه كيف يكون مقوما لها و مجرد كونه شرطا لها شرعا لا يدل على ذلك و إنما يدل على أنه دخيل في ترتب الملاك عليها.

و أما الأمر الثاني: فلأن مقتضى اطلاق دليل شرطيته و إن كان كذلك، الّا أن حديث لا تعاد يقيده بحال العمد و الالتفات إلى الحكم الشرعي، و نتيجة ذلك أن القراءة لا تكون مشروطة بالقيام في هذا الحال، فلا يتاح له حينئذ التدارك، فإنه إن قام بدون القراءة فلا قيمة له، و إن قرأ مرة ثانية مع القيام فأيضا لا قيمة لها، لأن القيام من قيود الجزء و واجباته، و الجزء هو القراءة الأولى دون الثانية، و من هذا القبيل ما إذا نسي الجهر في قراءته و تفطن بعد الاكمال و قبل أن يركع، أو الخفت فيها كذلك،

 

196
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 لو نسي القراءة أو بعضها و تذكر بعد الركوع صحت صلاته إن ركع عن قيام ص 197

[مسألة 5: لو نسي القراءة أو بعضها و تذكر بعد الركوع صحت صلاته إن ركع عن قيام]

[1465] مسألة 5: لو نسي القراءة أو بعضها و تذكر بعد الركوع صحت صلاته إن ركع عن قيام، فليس المراد من كون القيام المتصل بالركوع ركنا أن يكون بعد تمام القراءة.

[مسألة 6: إذا زاد القيام كما لو قام في محل القعود سهوا لا تبطل صلاته]

[1466] مسألة 6: إذا زاد القيام كما لو قام في محل القعود سهوا لا تبطل صلاته، و كذا إذا زاد القيام حال القراءة بأن زاد القراءة سهوا، و أما زيادة القيام الركني فغير متصورة من دون زيادة ركن آخر، فإن القيام حال تكبيرة الإحرام لا يزاد إلا بزيادتها، و كذا القيام المتصل بالركوع لا يزاد إلا بزيادته، و إلا فلو نسي القراءة أو بعضها فهوى للركوع و تذكر قبل أن يصل إلى حد

______________________________
أو نسي الذكر في سجوده حتى يرفع رأسه منه، أو الطمأنينة و الاستقرار فيه، فإن المرجع في تمام هذه الموارد هو حديث لا تعاد، و مقتضاه ان شرطية هذه العناصر مختصة بحال الذكر و الالتفات لا مطلقا، هذا إضافة إلى أن هذه الدعوى لو تمت فلا زمها عدم جواز التمسك بهذا الحديث في أجزاء الصلاة و واجباتها مباشرة بعين ما عرفت من البيان، فإنه إذا فرض ان المصلي نسي التشهد مثلا في صلاته فإنه يكشف عن أنه لم يأت بالجزء المتقدم عليه و هو السجود، لأن الجزء حصة خاصة منه و هي المسبوقة بالركوع و الملحوقة بالتشهد، و الفرض ان ما أتى به المصلي من السجود ليس ملحوقا به لنسيانه إياه فإذن ما هو جزء لم يأت به، و ما أتى به ليس بجزء و هكذا، و من المعلوم أن لازم ذلك في نهاية المطاف هو عدم الاتيان بالصلاة المأمور بها نهائيا لمكان ارتباطية أجزائها و سقوطها بسقوط بعضها، فإذن لا بد من الاعادة، و لا يمكن التمسك حينئذ بحديث لا تعاد، فإن مدلوله ان الاخلال بجزء من الصلاة أو شرطها إذا كان سهوا أو جهلا بالحكم لا يضر بصحتها و لا يدل على أن الصلاة المتروكة نسيانا أو جهلا بالحكم كالصلاة المأتي بها رغم أنه لا شبهة في أن المرجع في النسيان المذكور هو حديث لا تعاد.

 

197
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 إذا زاد القيام كما لو قام في محل القعود سهوا لا تبطل صلاته ص 197

الركوع رجع و أتى بما نسي ثم ركع و صحت صلاته و لا يكون القيام السابق على الهوي الأول متصلا بالركوع حتى يلزم زيادته إذا لم يتحقق الركوع بعده فلم يكن متصلا به، و كذا إذا انحنى للركوع فتذكر قبل أن يصل إلى حده أنه أتى به، فإنه يجلس للسجدة و لا يكون قيامه قبل الانحناء متصلا بالركوع ليلزم الزيادة.

[مسألة 7: إذا شك في القيام حال التكبير بعد الدخول فيما بعد أو في القيام المتصل بالركوع بعد الوصول إلى حده]

[1467] مسألة 7: إذا شك في القيام حال التكبير بعد الدخول فيما بعد أو في القيام المتصل بالركوع بعد الوصول إلى حده (1) أو في القيام بعد الركوع بعد الهوي إلى السجود و لو قبل الدخول فيه لم يعتن به و بنى على الإتيان (2).

[مسألة 8: يعتبر في القيام الانتصاب و الاستقرار]

[1468] مسألة 8: يعتبر في القيام الانتصاب و الاستقرار، و الاستقلال حال الاختيار (3)، فلو انحنى قليلا أو مال إلى أحد الجانبين بطل، و كذا إذا لم

______________________________
(1) في عدم الاعتناء بهذا الشك إشكال بل منع، لأن مرجع هذا الشك إلى الشك في أن هذه الهيئة ركوع أو لا، فإن كانت عن قيام فهي ركوع، و إلّا فلا، من جهة أنه لا دليل على أن هذا القيام شرط أو جزء في الصلاة في حيال الركوع ليكون الشك فيه بعد الدخول في الركوع من الشك بعد تجاوز المحل، بل اعتباره من جهة أنه مقوم للركوع و الاخلال به إخلال بالركوع، و بما أن الشك فيه يكون بعد في محله فمقتضى القاعدة هو الاتيان به بأن يرفع رأسه و يقوم منتصبا ثم يركع عنه غاية الأمر يشك حينئذ في الركوع الزائد، و لكن لا أثر له.

(2) فيه: ان الأظهر هو عدم كفاية الدخول في المقدمات في جريان قاعدة التجاوز.

(3) فيه: ان اعتبارهما في القيام لا يخلو عن اشكال بل منع، أما الاستقرار‌

 

198
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 يعتبر في القيام الانتصاب و الاستقرار ص 198

يكن مستقرا أو كان مستندا على شي‌ء من إنسان أو جدار أو خشبة أو نحوها، نعم لا بأس بشي‌ء منها حال الاضطرار، و كذا يعتبر فيه عدم التفريج بين الرجلين فاحشا بحيث يخرج عن صدق القيام، و أما إذا كان بغير الفاحش فلا بأس، و الأحوط الوقوف على القدمين دون الأصابع و أصل القدمين، و إن كان الأقوى كفايتهما أيضا، بل لا يبعد إجزاء الوقوف على الواحدة.

[مسألة 9: الأحوط انتصاب العنق أيضا]

[1469] مسألة 9: الأحوط انتصاب العنق أيضا، و إن كان الأقوى جواز الإطراق.

[مسألة 10: إذا ترك الانتصاب أو الاستقرار أو الاستقلال ناسيا صحت صلاته]

[1470] مسألة 10: إذا ترك الانتصاب أو الاستقرار أو الاستقلال ناسيا صحت صلاته و إن كان ذلك في القيام الركني، لكن الأحوط فيه الإعادة.

______________________________
و الطمأنينة فلا دليل على اعتباره غير دعوى الاجماع في المسألة، و مورده الصلاة لا خصوص القيام و لا سيما القيام المتصل بالركوع فإنه لو كان هناك دليل لفظي على اعتبار الاستقرار و الطمأنينة فيها لكان الحكم باعتباره في القيام المتصل بالركوع مشكلا بل ممنوعا من جهة ما مر من أن اعتباره إنما هو بملاك أنه مقوم للركوع لا من جهة أنه جزء من أجزاء الصلاة أو شروطها و عليه فلا بد من النظر إلى أن تحقق الركوع هل يتوقف على استقرار المصلي في حال القيام؟ الظاهر عدم توقفه عليه حيث ان المعتبر فيه أن يكون عن قيام، و الفرض عدم اعتبار الاستقرار في مفهوم القيام.

و أما الاستقلال في القيام فهو أيضا غير معتبر فيه لعدم الدليل. نعم يكره الاعتماد على شي‌ء آخر و هو مقتضى الجمع العرفي بين ما يكون ناهيا عنه و ما هو ناص في جوازه، و بذلك يظهر حال المسألة و المسائل الآتية.

 

199
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 لا يجب تسوية الرجلين في الاعتماد ص 200

[مسألة 11: لا يجب تسوية الرجلين في الاعتماد]

[1471] مسألة 11: لا يجب تسوية الرجلين في الاعتماد، فيجوز أن يكون الاعتماد على إحداهما و لو على القول بوجوب الوقوف عليهما.

[مسألة 12: لا فرق في حال الاضطرار بين الاعتماد على الحائط أو الإنسان أو الخشبة]

[1472] مسألة 12: لا فرق في حال الاضطرار بين الاعتماد على الحائط أو الإنسان أو الخشبة، و لا يعتبر في سناد الأقطع أن يكون خشبته المعدة لمشيه بل يجوز له الاعتماد على غيرها من المذكورات.

[مسألة 13: يجب شراء ما يعتمد عليه عند الاضطرار أو استئجاره مع التوقف عليهما]

[1473] مسألة 13: يجب شراء ما يعتمد عليه عند الاضطرار أو استئجاره مع التوقف عليهما.

[مسألة 14: القيام الاضطراري بأقسامه مقدم على الجلوس]

[1474] مسألة 14: القيام الاضطراري بأقسامه من كونه مع الانحناء (1) أو

______________________________
(1) في جعل جميع ما ذكر في المسألة من أقسام القيام من القيام الاضطراري اشكال بل منع بيان ذلك: أن القيام الصلاتي مع الامكان و القدرة مشروط بشروط:

الاول: الاعتدال و الانتصاب فلا يجوز الانحناء و لا التمايل يمنة أو يسرة، و لا التباعد بين الرجلين و تفريج الفخذين الذي يخرج القيام عن الاعتدال و الانتصاب.

الثاني: الطمأنينة و الاستقرار بمعنى أن لا يكون في قيامه مضطربا يتحرك و يتمايل يمينا و يسارا. نعم لا يعتبر ذلك في القيام المتصل بالركوع كما مر.

الثالث: الوقوف، فلا يجوز أن يصلى و هو يمشي بأن يكبر و يقرأ في حال المشي.

ثم أنه لا يعتبر في القيام الوقوف على القدمين معا بل يكفي الوقوف على أحدهما مع مراعاة الشروط المتقدمة. و كذا لا يعتبر فيه كما مرّ أن يكون مستقلا و معتمدا على نفسه فيجوز للمصلي أن يعتمد على حائط أو شخص أو نحوه، و بذلك يظهر أن القيام مع الاعتماد ليس من القيام الاضطراري، و على هذا فاذا كان المكلف عاجزا عن الاعتدال و الانتصاب دون أصل القيام، فبالنسبة إلى ما لا يعتبر‌

 

200
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 القيام الاضطراري بأقسامه مقدم على الجلوس ص 200

..........

______________________________
فيه الانتصاب و الاعتدال كالقيام حالة الركوع و القيام المتصل به فوظيفته أن يركع عن ذلك القيام، كما أنه يركع و هو واقف لا جالس، و أما بالنسبة إلى ما يعتبر فيه ذلك كالقيام حال تكبيرة الاحرام و حال القراءة و بعد رفع الرأس من الركوع، فهل الساقط القيام و انتقال الوظيفة إلى الصلاة جالسا أو أن الساقط الاعتدال و الانتصاب دون أصل القيام فمقتضى القاعدة الأول، لأن الواجب بعد تقييد إطلاق دليل القيام بدليل اعتبار الاعتدال و الانتصاب فيه هو حصة خاصة من القيام و هي القيام المقيد بالاعتدال و الانتصاب، فإذا تعذر سقط، فالوظيفة حينئذ هي الصلاة جالسا بمقتضى لروايات الدالة على أن من لم يستطع من القيام صلى جالسا دون الصلاة مع القيام الانحنائي. و لكن مقتضى قوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين:

«يقوم و انحنى ظهره ...» ان الساقط هو الاعتدال و الانتصاب دون أصل القيام.

و أما إذا كان عاجزا عن الوقوف أو عن الاستقرار و الطمأنينة دون القيام ففي مثل ذلك هل يكون الساقط الوقوف و الاستقرار، أو القيام، الظاهر هو الأول باعتبار أن الدليل عليهما منحصر بالدليل اللبي و هو الاجماع، و على تقدير تماميته فيكون المتيقن منه اعتبارهما في حال التمكن لا مطلقا.

و من هنا يظهر وجه تقديم الاعتدال و الانتصاب في القيام على الاستقرار و الوقوف إذا دار الامر بين ترك الأول أو الثاني، كما أنه لا وجه لدوران الأمر بين ترك الاستقلال في القيام و ترك واحد من العناصر المذكورة من الاعتدال أو الاستقرار أو الوقوف، و ذلك لما عرفت من أنه لا دليل على اعتبار الاستقلال فيه.

و يظهر أيضا مما مرّ أنه إذا دار الامر بين الصلاة قائما في حالة المشي أو في حالة الاضطراب، و بينها جلوسا لا بد من تقديم الأولى على الثانية بمقتضى ما دل على أن المكلف ما دام متمكنا من الصلاة قائما لا تصل النوبة إلى الصلاة جالسا.

 

201
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 القيام الاضطراري بأقسامه مقدم على الجلوس ص 200

الميل إلى أحد الجانبين أو مع الاعتماد أو مع عدم الاستقرار أو مع التفريج الفاحش بين الرجلين مقدم على الجلوس، و لو دار الأمر بين التفريج الفاحش و الاعتماد أو بينه و بين ترك الاستقرار قدما عليه، أو بينه و بين الانحناء أو الميل إلى أحد الجانبين قدم ما هو أقرب إلى القيام (1)، و لو دار الأمر بين ترك الانتصاب و ترك الاستقلال قدم ترك الاستقلال فيقوم منتصبا معتمدا، و كذا لو دار بين ترك الانتصاب و ترك الاستقرار قدم ترك الاستقرار، و لو دار بين ترك الاستقلال و ترك الاستقرار قدم الأول، فمراعاة الانتصاب أولى من مراعاة الاستقلال و الاستقرار، و مراعاة الاستقرار أولى من مراعاة الاستقلال.

[مسألة 15: إذا لم يقدر على القيام كلا و لا بعضا مطلقا]

[1475] مسألة 15: إذا لم يقدر على القيام كلا و لا بعضا مطلقا حتى ما كان منه بصورة الركوع صلى من جلوس و كان الانتصاب جالسا بدلا عن القيام، فيجري فيها حينئذ جميع ما ذكر فيه حتى الاعتماد (2) و غيره، و مع تعذّره

______________________________
و كذا إذا دار الامر بين القيام الانحنائي و الجلوس، أو بينه و بين التفريج الفاحش بين الرجلين الذي يخرج القيام به عن الاعتدال و الانتصاب، فإنه لا بد من تقديم القيام الانحنائي بتمام أنحائه على الجلوس بمقتضى إطلاق صحيحة علي بن يقطين المتقدمة. و من هنا يظهر أن التفريج الفاحش و الانحناء و الميل إلى أحد الجانبين جميعا من أسباب خروج القيام عن الاعتدال و الانتصاب، و بذلك يظهر حال ما في المتن.

(1) فيه: انه مبني على قاعدة الميسور و هي غير تامة، فالعبرة بما تقدم.

(2) في اطلاقه اشكال بل منع، لما مر من أن الاعتماد على نفسه غير معتبر في القيام الصلاتي فضلا عن الجلوس الصلاتي. نعم لا بأس باعتبار الاعتدال و الانتصاب في الجلوس حال الصلاة أيضا و كذلك الحال في اعتبار الاستقرار‌

 

202
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 إذا لم يقدر على القيام كلا و لا بعضا مطلقا ص 202

صلى مضطجعا على الجانب الأيمن كهيئة المدفون، فإن تعذر فعلى الأيسر عكس الأول، فإن تعذر صلى مستلقيا كالمحتضر، و يجب الانحناء للركوع و السجود بما أمكن (1)، و مع عدم إمكانه يومئ برأسه، و مع تعذره فبالعينين بتغميضهما، و ليجعل إيماء سجوده أخفض منه لركوعه (2)، و يزيد في

______________________________
و الطمأنينة.

(1) في الوجوب مطلقا اشكال بل منع، أما في الركوع فإن تمكن المصلي من الانحناء بدرجة لا تقل عن أدنى حد الركوع وجب ذلك، و أن تمكن بدرجة أقل منه لم يجب لعدم الدليل على وجوبه غير قاعدة الميسور و هي غير تامة، فإذن تكون وظيفته الايماء بالرأس بدلا عن الركوع و إن كان الاحوط أن يكون ذلك في حال الانحناء بقدر طاقته، هذا إذا لم يتمكن من ركوع الجالس، و إلا كان الاحوط أن يصلي صلاة أخرى أيضا قائما في حال التكبيرة و القراءة و بعد الاكمال يجلس و يركع ركوع الجالس ثم يقوم منتصبا معتدلا و يقرأ و هكذا. و أما في السجود فإن عجز عن الانحناء الكامل للسجود و هو وضع الجبهة على الأرض فإن تمكن من الانحناء بدرجة أقل انحنى و رفع ما يصح عليه السجود و وضع الجبهة عليه حيث انه مرتبة من السجود، و الأحوط ضم الايماء إليه أيضا.

و إن لم يتمكن من الانحناء اطلاقا كالمضطجع مثلا وجب عليه الاحتياط بين أن يرفع هو أو يرفع له ما يصح السجود عليه إلى جبهته و يؤمئ برأسه إن أمكن و الّا فبالعينين و هذا هو مقتضى الجمع بين الروايات الآمرة بالايماء و الروايات الآمرة بالرفع على ضوء ما في الطائفة الثانية من الشاهد على هذا الجمع.

(2) على الأحوط وجوبا، لا لأجل مرسلتي الصدوق (ره) و رواية البختري وحدها بل أنها بضميمة الروايات الواردة في النافلة الدالة على هذا الحكم نصا، و بما أن موردها النافلة و المتمكن من الركوع و السجود، فلا يمكن التعدي إلى‌

 

203
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 إذا لم يقدر على القيام كلا و لا بعضا مطلقا ص 202

غمض العين للسجود على غمضها للركوع (1)، و الأحوط وضع ما يصح السجود عليه على الجبهة (2) و الإيماء بالمساجد الأخر أيضا (3)، و ليس بعد المراتب المزبورة حدّ موظف، فيصلي كيفما قدر و ليتحر الأقرب إلى صلاة المختار (4)، و إلا فالأقرب إلى صلاة المضطر على الأحوط.

______________________________
العاجز عنهما، و لكن مع هذا أنها لا تخلو عن أشعار بل أكثر على عموم هذا الحكم باعتبار أنها تدل على أن من يجزئ في حقه الايماء فعليه أن يجعل ايماء سجود اخفض من إيماء ركوعه.

(1) على الاحوط الأولى حيث لم يرد هذا الحكم في رواية حتى في رواية مرسلة و ضعيفة، نعم أنه مشهور بين الاصحاب.

(2) هذا فيما إذا لم يتمكن من وضع جبهته على ما يصح السجود عليه كالمريض المضطجع، فحينئذ تكون وظيفته ذلك مع الايماء، و أما إذا تمكن منه كما إذا كان قادرا على الانحناء الناقص و بدرجة أقل فيجب عليه أن ينحنى بقدر طاقته و يرفع ما يصح عليه السجود و يضع جبهته عليه فإنه مرتبة من السجود و الخضوع للّه تعالى، و الأحوط ضم الايماء إليه أيضا.

(3) في وجوب الايماء بها منع ظاهر إذ مضافا إلى أنه لا دليل عليه ليس له معنى معقول.

(4) فيه إشكال بل منع، حيث أنه لا دليل على وجوب الصلاة على من لم يتمكن من الايماء بالرأس أو العين أيضا، إذ حينئذ لا صلاة لكي تجب عليه، و لا يمكن التمسك بما دل على أن الصلاة لا تسقط بحال لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية باعتبار أن الصلاة الفاقدة للركوع و السجود بتمام مراتبهما كالصلاة الفاقدة للطهورين.

نعم ما ذكره الماتن (قده) هو الأحوط.

 

204
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 إذا تمكن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائما جلس و ركع جالسا ص 205

[مسألة 16: إذا تمكن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائما جلس و ركع جالسا]

[1476] مسألة 16: إذا تمكن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائما جلس و ركع جالسا (1)، و إن لم يتمكن من الركوع و السجود صلى قائما و أومأ للركوع و السجود و انحنى لهما بقدر الإمكان (2)، و إن تمكن من الجلوس جلس لإيماء السجود (3)، و الأحوط وضع ما يصح السجود

______________________________
(1) لا يبعد أن يكون مقتضى القاعدة فيه التخيير بين الصلاة قائما مع الايماء بدلا عن الركوع و السجود، و بين الصلاة قائما مع ركوع الجالس، و ذلك لما مر من أن أمثال المسألة داخلة في باب المعارضة، فإن الأمر بالصلاة قائما مع ركوع القائم قد سقط جزما من جهة عجز المكلف عنها، و بما أن الصلاة لا تسقط بحال فيعلم إجمالا في هذا الحال بجعل الأمر بها و لكن لا يدري أن الشارع جعل الأمر للصلاة قائما مع الايماء بالرأس إن أمكن و الّا فبالعينين، أو للصلاة قائما مع ركوع الجالس، أو للجامع بينهما، فعندئذ تقع المعارضة بين إطلاق دليل وجوب الصلاة قائما مع الايماء عند تعذر الركوع قائما و إطلاق دليل وجوبها مع الركوع و لو جالسا، فيسقطان من جهة المعارضة فيرجع إلى أصالة البراءة عن خصوصية كل من الايماء و ركوع الجالس فالنتيجة حينئذ هي التخيير، هذا بمقتضى القاعدة، و لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط في مقام العمل بين الصلاة قائما مع الايماء بدلا عن الركوع، و بين أن يصلي صلاة أخرى يكبر فيها و يقرأ قائما ثم يجلس و يركع ركوع الجالس.

(2) على الاحوط الأولى باعتبار أنه لا دليل عليه الا قاعدة الميسور و هي غير تامة، فاذن تكون الوظيفة الايماء. نعم إذا تمكن من الركوع جالسا فالأحوط ضم صلاة أخرى إليه مع ركوع الجالس كما مر.

(3) في وجوبه منع حيث إنه لا يمكن إثباته حتى بقاعدة الميسور فضلا عن غيرها باعتبار ان الايماء جالسا لا يعد ميسورا للسجود.

 

205
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 إذا تمكن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائما جلس و ركع جالسا ص 205

عليه (1) على جبهته إن أمكن.

[مسألة 17: لو دار أمره بين الصلاة قائما مومئا أو جالسا مع الركوع و السجود فالأحوط تكرار الصلاة]

[1477] مسألة 17: لو دار أمره بين الصلاة قائما مومئا أو جالسا مع الركوع و السجود فالأحوط تكرار الصلاة (2)، و في الضيق يتخير بين الأمرين.

______________________________
(1) تقدم حكمه في المسالة (15) من هذا الفصل.

(2) لكن الأظهر اختيار الأول، فإنه مع تمكن المصلي من الصلاة قائما و لو مع الايماء لم تسع له الصلاة جالسا و لو مع الركوع و السجود، و ذلك لان المستفاد عرفا من النصوص الآمرة بالصلاة قائما بمختلف السنتها كقوله عليه السلام: «إن لم يستطع صلى جالسا» و قوله عليه السلام: «إذا قوي فليقم» و قوله عليه السلام: «يقوم و إن حنى ظهره» و هكذا، إن الصلاة جالسا تكون في طول الصلاة قائما و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين تمكن المصلي من الركوع القيامي و عدم تمكنه منه و استبداله بالايماء فإنه في كلا الحالين لا تصل النوبة إلى الصلاة جالسا. نعم مقتضى الصناعة في المسألة هو التخيير بين الصلاة قائما مع الايماء و الصلاة قائما مع ركوع الجالس بأن يكبر قائما و يقرأ ثم يجلس و يركع ركوع الجالس.

فالنتيجة: إن في كل مورد يتمكن المصلي من القيام و لكنه لا يتمكن من ركوع القائم مع تمكنه من ركوع الجالس فمقتضى القاعدة أنه مخير بينهما، و لكن مع ذلك كان الاجدر و الأحوط وجوبا الجمع بينهما، و أما التخيير بينهما و بين الصلاة جالسا من البداية إلى النهاية مع الركوع فلا مقتضي له، بل مقتضى الروايات المتقدمة أن المصلي متى استعاد قدرته على القيام في الصلاة وجب.

و ان شئت قلت: ان الامر بالصلاة قائما مع الركوع و السجود قد سقط جزما في هذا الحال للعجز عنها، و الأمر المجعول ثانيا بمقتضى ان الصلاة لا تسقط بحال مردد بين تعلقه بالصلاة قائما مع الايماء، و تعلقه بالصلاة جالسا مع الركوع و السجود، فالتعيين يتطلب وجود معين، و المعين هنا وجود اطلاق النصوص‌

 

206
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 18 لو دار أمره بين الصلاة قائما ماشيا أو جالسا فالأحوط التكرار أيضا ص 207

[مسألة 18: لو دار أمره بين الصلاة قائما ماشيا أو جالسا فالأحوط التكرار أيضا]

[1478] مسألة 18: لو دار أمره بين الصلاة قائما ماشيا أو جالسا فالأحوط التكرار أيضا (1).

[مسألة 19: لو كان وظيفته الصلاة جالسا و أمكنه القيام حال الركوع وجب ذلك]

[1479] مسألة 19: لو كان وظيفته الصلاة جالسا و أمكنه القيام حال الركوع وجب ذلك.

[مسألة 20: إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع وجب أن يقوم إلى أن يتجدد العجز]

[1480] مسألة 20: إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع وجب أن يقوم إلى أن يتجدد العجز، و كذا إذا تمكن منه في بعض الركعة لا في تمامها، نعم لو علم من حاله أنه لو قام أول الصلاة لم يدرك من الصلاة قائما إلا ركعة أو بعضها و إذا جلس أوّلا يقدر على الركعتين قائما أو أزيد مثلا لا يبعد (2) وجوب تقديم الجلوس، لكن لا يترك الاحتياط حينئذ

______________________________
المذكورة فان مقتضاه تعلقه بالصلاة قائما مع الايماء.

نعم، كان الاحوط عليه وجوبا أن يصلى صلاة أخرى قائما مع ركوع الجالس بأن يكبر و يقرأ قائما ثم يجلس و يركع ركوع الجالس و يرفع رأسه عن الركوع معتدلا منتصبا فيه، ثم يهوي إلى السجدة الثانية و يرفع رأسه عنها و يقوم منتصبا و يقرأ قائما و هكذا.

فالنتيجة: أنه لا وجه للقول بتكرار الصلاة مرة قائما مع الايماء و أخرى جالسا مع الركوع و السجود، كما أنه لا وجه للقول بالتخيير بينهما، فالصحيح هو ما ذكرناه من أن مقتضى القاعدة و ان كان هو التخيير بين الصلاة قائما مع الايماء و الصلاة قائما مع الركوع عن جلوس، الّا أن الاحتياط بالجمع بينهما لا يترك.

(1) و لكن الاقوى تعين الصلاة قائما ماشيا لما مر من أن الدليل على اعتبار الاستقرار لو تم فهو مختص بحال التمكن منه، و أما في حال عدم التمكن فلا دليل على اعتباره فيكون اطلاق دليل القيام محكما.

(2) بل هو بعيد جدا، لأن المكلف إذا كان قادرا على القيام و لكنه لا يتاح‌

 

207
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 20 إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع وجب أن يقوم إلى أن يتجدد العجز ص 207

بتكرار الصلاة، كما أن الأحوط في صورة دوران الأمر بين إدراك أول الركعة قائما و العجز حال الركوع أو العكس أيضا تكرار الصلاة.

[مسألة 21: إذا عجز عن القيام و دار أمره بين الصلاة ماشيا أو راكبا قدم المشي على الركوب]

[1481] مسألة 21: إذا عجز عن القيام و دار أمره بين الصلاة ماشيا أو راكبا قدم المشي على الركوب.

[مسألة 22: إذا ظن التمكن من القيام في آخر الوقت وجب التأخير]

[1482] مسألة 22: إذا ظن التمكن من القيام في آخر الوقت وجب التأخير (1)، بل و كذا مع الاحتمال.

[مسألة 23: إذا تمكن من القيام لكن خاف حدوث مرض]

[1483] مسألة 23: إذا تمكن من القيام لكن خاف حدوث مرض أو بطء

______________________________
له أن يواصل القيام طيلة مدة الصلاة وجب عليه أن يقوم في الركعات الأولى إلى أن يعجز عنه و يضطر إلى الجلوس فيصلي جالسا بمقتضى قوله عليه السلام: «إذا قوي فليقم ...» و لا يجوز له تركه فيها مع تمكنه منه للحفاظ عليه في الركعات الأخيرة، و لا فرق فيه بين فرض الماتن و غيره، فإنه متى قدر على القيام وجب كان ذلك في أول الصلاة أم في أثنائها، كما أنه إذا استعاد قدرته بعد العجز و تمكن من استئناف القيام أثناء الصلاة وجب فسقوطه بالعجز في جزء لا يستلزم سقوطه في جزء آخر، فإذا استعاد قدرته على القيام فيه وجب لإطلاق قوله عليه السلام: «اذا قوي فليقم». و بذلك يظهر حال تمام صور المسألة في المتن.

(1) في الوجوب اشكال بل منع، فإن المراد منه ليس هو الوجوب الظاهري، إذ مضافا إلى أنه لا دليل عليه، إن الدليل موجود على جواز التقديم ظاهرا و هو استصحاب بقاء العذر إلى آخر الوقت، كما أنه لا مانع منه إذا كان بنية الرجاء، و أما الوجوب الواقعي فلا علم به باعتبار أن المكلف إذا استعاد قدرته في آخر الوقت كان وجوبه واقعيا، و الّا فلا و أما وجوبه بملاك أن الاتيان بالصلاة جالسا في أول الوقت بنية الجزم بوجوبها بما أنه لا يمكن الّا تشريعا فمن أجل ذلك يجب التأخير، فهو مبني على اعتبار الجزم بالنية و هو غير معتبر.

 

208
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 23 إذا تمكن من القيام لكن خاف حدوث مرض ص 208

برئه جاز له الجلوس (1)، و كذا إذا خاف من الجلوس جاز له الاضطجاع، و كذا إذا خاف من لصّ أو عدوّ أو سبع، أو نحو ذلك.

[مسألة 24: إذا دار الأمر بين مراعاة الاستقبال أو القيام]

[1484] مسألة 24: إذا دار الأمر بين مراعاة الاستقبال أو القيام فالظاهر وجوب مراعاة الأول (2).

______________________________
(1) هذا اذا كان الخوف بدرجة مؤدية إلى الحرج و الّا فلا دليل على أن مجرد وجوده في النفس موجب للانتقال من القيام إلى الجلوس و منه إلى الاضطجاع. نعم قد يكون الخوف موضوعا للحكم كما في باب الصوم و لكنه بحاجة إلى دليل و لا دليل في المقام على ذلك، فإذن يدور الحكم مدار وجود الحرج أو الضرر، و لا يدور مدار وجود الخوف، و حينئذ فإن كان القيام في الصلاة حرجيا أو ضرريا انتقل إلى الجلوس فيها، و إن كان الجلوس كذلك انتقل إلى الصلاة مضطجعا.

(2) فيه اشكال بل منع، و الأظهر هو التخيير، فان القبلة و ان كانت مستثناة في حديث لا تعاد، الّا أنها مع ذلك ليست من الأركان التي تنتفي الصلاة بانتفائها كالطهور و الركوع و السجود و ذلك لما دل من النصوص على أن الصلاة لا تسقط بتعذر الاستقبال، فمن أجل ذلك تكفي الصلاة إلى جهة واحدة من الجهات عند اشتباه القبلة فيها، مع أن من المحتمل أن تكون تلك الجهة في نقطة استدبار القبلة.

فالنتيجة أن استقبال القبلة ليس كالركوع و السجود و الطهور، و من عجز عن الاستقبال ليس كفاقد الطهورين. و على هذا فلا بد من حمل قوله عليه السلام: «لا صلاة الّا إلى القبلة ...» على نفي الصلاة التامة كما هو المراد من قوله عليه السلام:

«لا صلاة لمن لم يقم صلبه». فإذن تكون الوظيفة هي التخيير فإنه نتيجة سقوط اطلاق كل من دليلى استقبال القبلة و القيام في الصلاة بالمعارضة و نفي تعيين كل منهما بأصالة البراءة.

 

209
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 25 لو تجدد العجز في أثناء الصلاة عن القيام انتقل إلى الجلوس ص 210

[مسألة 25: لو تجدد العجز في أثناء الصلاة عن القيام انتقل إلى الجلوس]

[1485] مسألة 25: لو تجدد العجز في أثناء الصلاة عن القيام انتقل إلى الجلوس، و لو عجز عنه انتقل إلى الاضطجاع، و لو عجز عنه انتقل إلى الاستلقاء، و يترك القراءة أو الذكر في حال الانتقال إلى أن يستقر (1).

[مسألة 26: لو تجددت القدرة على القيام في الأثناء انتقل إليه]

[1486] مسألة 26: لو تجددت القدرة على القيام في الأثناء انتقل إليه (2)، و كذا لو تجدد للمضطجع القدرة على الجلوس، أو للمستلقي القدرة على الاضطجاع، و يترك القراءة أو الذكر في حال الانتقال (3).

[مسألة 27: إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع و ليس عليه إعادة القراءة]

[1487] مسألة 27: إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع و ليس عليه إعادة القراءة (4)، و كذا لو تجددت في أثناء القراءة لا يجب

______________________________
(1) على الاحوط وجوبا فإن دليله و هو الاجماع لا يصلح أن يكون منشئا لأكثر من ذلك.

(2) في اطلاقه اشكال بل منع، فإن وظيفة المصلي إنما كانت الانتقال إليه في الاثناء و اتمام ما بيده من الصلاة إذا كان في ضيق الوقت بدرجة لا يتمكن من إعادة الصلاة من الاول، و أما إذا كان في سعة الوقت فتجب عليه إعادة الصلاة من الاول لأنه إذا استعاد بقدرته على القيام في الاثناء تكشف عن أنه مأمور بالصلاة قائما في الوقت و ما أتى به من الأجزاء جالسا لا أمر به فيكون باطلا.

(3) على الاحوط كما مر.

(4) هذا اذا كان في ضيق الوقت و عدم التمكن من الاعادة فيه، و أما إذا كان في سعة الوقت فمقتضى القاعدة وجوب اعادة القراءة إن أمكن و الّا أعاد الصلاة لأن استعادة القدرة في الوقت تكشف عن أن ما أتى به من الصلاة ليس مما تنطبق عليه الصلاة المأمور به و هي الطبيعة الجامعة بين المبدأ و المنتهى، فحينئذ لا يجزئ.

و أما بالنظر إلى حديث لا تعاد فيختلف الحال في المسألة لأن المصلي إذا‌

 

210
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 27 إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع و ليس عليه إعادة القراءة ص 210

..........

______________________________
قام الى الصلاة فكبر قائما ثم عجز عن القيام فجلس و قرأ ثم استعاد قوته قبل أن يركع فحينئذ إن كانت قراءته في حال الجلوس عن غفلة أو جهل غير ملتفت إلى الحكم الشرعي لم تجب اعادة القراءة بل هي محكومة بالصحة من جهة حديث لا تعاد، فإن مقتضاه أن القيام ليس شرطا لها في هذه الحالة، فإذا لم يكن شرطا في تلك الحالة فالقراءة صحيحة لعدم نقص فيها، فإذن لا يتاح له الاعادة لأنه إن أعاد القيام فقط فلا قيمة له و إن أعاد القراءة معه فهي زيادة عمدية مبطلة للصلاة. و إن كانت عن التفات كما إذا كان واثقا حين قرأ بأنه سوف يتمكن من الصلاة قائما قبل أن ينتهي الوقت لم يكن الحكم بالصحة من جهة حديث لا تعاد، فإنه لا يعم صورة التفات المصلي في الاخلال بجزء أو شرط لا يرى له عذرا فيه، و عندئذ فلا بد من اعادة القراءة اذا استعاد قوته قبل الركوع و اعادة الصلاة إذا استعادها بعد الدخول فيه أو بعد الفراغ منها نعم اذا احتمل ذلك و لم يمكن واثقا به فقرأ جالسا على أساس استصحاب بقاء العذر ثم استعاد قوته بعد اكمال القراءة و قبل أن يركع لم تجب اعادة القراءة بمقتضى حديث لا تعاد و كذلك اذا استعادها في أثناء القراءة فانه قام و أكمل القراءة و لا تجب عليه اعادة ما قراء بعين ما تقدم و أما إذا استعادها بعد الركوع أو بعد الفراغ من الصلاة فتجب اعادتها باعتبار أنه تارك لركوع القائم عن قيام و هو مبطل للصلاة و إن كان عن عذر، هذا كله في الاخلال بالجزء غير الركني.

و أما الاخلال بالجزء الركني، كما إذا عجز عن القيام حين التكبيرة فكبر جالسا و قرأ ثم استعاد قدرته قبل أن يركع فهو يوجب بطلان صلاته مطلقا سواء أ كان تكبيره جالسا عن غفلة أو جهل بالحكم أو عن التفات باعتبار أن ركنية التكبيرة متقومة بالقيام و مع انتفائه ينتفي الركن، و لا فرق في بطلان الصلاة بانتفاء الركن بين العمد و السهو أو إذا عجز قبل الركوع و ركع لا عن قيام ثم استعاد قدرته‌

 

211
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 27 إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع و ليس عليه إعادة القراءة ص 210

استئنافها، و لو تجددت بعد الركوع (1) فإن كان بعد تمام الذكر انتصب للارتفاع منه، و إن كان قبل تمامه ارتفع منحنيا إلى حد الركوع القيامي (2)، و لا يجوز له الانتصاب ثم الركوع، و لو تجددت بعد رفع الرأس من الركوع

______________________________
فإنه يوجب بطلان الصلاة مطلقا و إن كان ذلك عن غفلة و سهو، كما لا فرق في بطلانها بين أن يتدارك الركوع ثانيا و يركع عن قيام أو لا، غاية الأمر يستند بطلانها إلى الزيادة في الفرض الأول و إلى النقيصة في الفرض الثانى.

(1) في اطلاقه اشكال بل منع، أما في سعة الوقت فقد مرّ أنه لا شبهة في بطلان الصلاة حينئذ باعتبار أن الاخلال بالقيام الذي يركع عنه المصلي و إن كان سهوا اخلال بالركن فعندئذ لا بد من الاعادة في الوقت و الّا ففي خارج الوقت. و أما في ضيق الوقت فإذا استعاد المصلي قدرته على القيام بعد الركوع جالسا وجب عليه أن يقوم منتصبا معتدلا بمقتضى اطلاق قوله عليه السلام: «إذا قوي فليقم» بضمه إلى قوله عليه السلام: «من لم يقم صلبه لا صلاة له». و لا فرق بين أن تكون استعادة القدرة بعد اتمام ذكر الركوع أو قبله، فإن ركوعه عن جلوس تام و صحيح باعتبار أنه لا يقدر على الصلاة مع الركوع عن قيام فتكون وظيفته ذلك، و الفرض أن ذكر الركوع لا يكون من مقوماته، و بما أن قدرته قد تجددت بعد الركوع وجب عليه أن يقوم منتصبا إن أمكن بملاك ما عرفت من أن المصلي متى استعاد قدرته على القيام وجب.

(2) فيه اشكال بل منع، لما مرّ من أن الركوع القيامي متقوم بأمرين:

أحدهما: أن يكون في حالة القيام. و الآخر: أن يكون عن قيام، و هذا الركوع بما أنه ليس عن قيام فلا يكون ركوعا، فاذن لا دليل على وجوبه، هذا اضافة إلى أن هذا الركوع ليس متمما للركوع الأول بل هو في مقابلة لأنه ركوع قيامي و ذاك ركوع جلوسي، فيلزم حينئذ زيادة الركوع في الصلاة.

 

212
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 27 إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع و ليس عليه إعادة القراءة ص 210

لا يجب عليه القيام للسجود، لكون انتصابه الجلوسي بدلا عن الانتصاب القيامي و يجزئ عنه، لكن الأحوط القيام للسجود عنه (1).

[مسألة 28: لو ركع قائما ثم عجز عن القيام]

[1488] مسألة 28: لو ركع قائما ثم عجز عن القيام، فإن كان بعد تمام الذكر جلس منتصبا ثم سجد، و إن كان قبل الذكر هوى متقوسا إلى حد الركوع الجلوسي (2) ثم أتى بالذكر.

[مسألة 29: يجب الاستقرار حال القراءة و التسبيحات و حال ذكر الركوع و السجود]

[1489] مسألة 29: يجب الاستقرار حال القراءة و التسبيحات و حال ذكر الركوع و السجود بل في جميع أفعال الصلاة و أذكارها بل في حال القنوت و الأذكار المستحبة (3) كتكبيرة الركوع و السجود، نعم لو كبّر بقصد الذكر المطلق في حال عدم الاستقرار لا بأس به، و كذا لو سبّح أو هلّل، فلو كبّر بقصد تكبير الركوع في حال الهوي له أو للسجود كذلك أو في حال النهوض يشكل صحته، فالأولى لمن يكبّر كذلك أن يقصد الذكر المطلق، نعم محلّ قوله: «بحول اللّه و قوته» حال النهوض للقيام.

[مسألة 30: من لا يقدر على السجود يرفع موضع سجوده]

[1490] مسألة 30: من لا يقدر على السجود يرفع موضع سجوده إن

______________________________
(1) بل هو الاقوى حيث يتوجب على المصلي أن يقوم كلما استعاد قوته على القيام، و بما أن القيام بعد الركوع واجب فيجب عليه أن يقوم منتصبا ان أمكن ثم يهوي للسجود.

(2) في كفاية ذلك اشكال بل منع حيث إنه ليس من الركوع الجلوسي بنكتة أنه متقوم بأن يكون عن جلوس، هذا اضافة إلى أن ذلك لو كان من الركوع الجلوسي لزم الزيادة باعتبار أن الركوع القيامي قد تحقق و لا يتوقف على اتمام ذكره فإنه لا يكون من مقوماته.

(3) و لكن الظاهر عدم اعتبار الاستقرار و الطمأنينة فيها لقصور الدليل و عدم الاطلاق له، و بذلك يظهر حال ما بعده.

 

213
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 30 من لا يقدر على السجود يرفع موضع سجوده ص 213

أمكنه (1)، و إلا وضع ما يصح السجود عليه على جبهته كما مرّ (2).

[مسألة 31: من يصلي جالسا يتخير بين أنحاء الجلوس]

[1491] مسألة 31: من يصلي جالسا يتخير بين أنحاء الجلوس، نعم يستحب لم أن يجلس جلوس القرفصاء، و هو أن يرفع فخذيه و ساقيه، و إذا أراد أن يركع ثنى رجليه، و أما بين السجدتين و حال التشهد فيستحب أن يتورك.

[مسألة 32: يستحب في حال القيام أمور]

[1492] مسألة 32: يستحب في حال القيام أمور:

أحدها: إسدال المنكبين.

الثاني: إرسال اليدين.

الثالث: وضع الكفين على الفخذين قبال الركبتين اليمنى على الأيمن و اليسرى على الأيسر.

الرابع: ضم جميع أصابع الكفين.

الخامس: أن يكون نظره إلى موضع سجوده.

السادس: أن ينصب فقار ظهره و نحره.

السابع: أن يصفّ قدميه مستقبلا بهما متحاذيتين بحيث لا تزيد إحداهما على الأخرى و لا تنقص عنها.

الثامن: التفرقة بينهما بثلاث أصابع مفرجات أو أزيد إلى الشبر.

التاسع: التسوية بينهما في الاعتماد.

العاشر: أن يكون مع الخضوع و الخشوع كقيام العبد الذليل بين يدي المولى الجليل.

______________________________
(1) مر حكمه في المسألة (15).

(2) مر حكمه أيضا في المسألة المذكورة.

 

214
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القراءة ص 215

[فصل في القراءة]

[فصل في أحكام القراءة]

فصل في القراءة يجب في صلاة الصبح و الركعتين الأولتين من سائر الفرائض قراءة سورة الحمد و سورة كاملة غيرها بعدها (1) إلا في المرض و الاستعجال فيجوز الاقتصار على الحمد، و إلا في ضيق الوقت أو الخوف و نحوهما من أفراد الضرورة فيجب الاقتصار عليها و ترك السورة، و لا يجوز تقديمها عليه فلو قدّمها عمدا بطلت الصلاة للزيادة العمدية إن قرأها ثانيا (2)

______________________________
(1) على الأحوط و إن كان مقتضى صناعة الجمع العرفي بين الروايات عدم وجوب السورة، و لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط الا في حالات كالمرض و الاستعجال و ضيق الوقت و الخوف و نحو ذلك، ثم أنه لا يبعد الاكتفاء ببعض السورة و إن كانت رعاية الاحتياط بقراءة سورة كاملة أولى.

(2) فيه: ان التقديم إذا كان بقصد الجزئية فهو زيادة عمدية سواء قرأها بعد الحمد ثانيا أيضا أم لا، لأن معنى الزيادة في الصلاة هو الاتيان بشي‌ء فيها بقصد الجزئية مع عدم كونه في الواقع جزءا لها، سواء أ كان ذلك الشي‌ء من سنخ أجزائها أم لا، و مثال الأول، ما إذا أتى بفاتحة الكتاب مرتين بنية الجزئية كانت احداهما زيادة فيها، أو إذا أتى بها في غير موضعها كالإتيان بها بعد الركوع بنية الجزئية فإنها زيادة فيها و إن لم يأت بها في محلها، و بما أن موضع السورة بعد الحمد فإذا أتى بها قبله بنية الجزئية كانت زيادة و إن لم يأت بها بعده.

 

215
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في أحكام القراءة ص 215

و عكس الترتيب الواجب إن لم يقرأها، و لو قدمها سهوا و تذكر قبل الركوع أعادها بعد الحمد أو أعاد غيرها، و لا يجب عليه إعادة الحمد إذا كان قد قرأها.

[مسألة 1: القراءة ليست ركنا]

[1493] مسألة 1: القراءة ليست ركنا، فلو تركها و تذكر بعد الدخول في الركوع صحت الصلاة و سجد سجدتي السهو مرتين (1) مرة للحمد و مرة للسورة، و كذا إن ترك إحداهما و تذكر بعد الدخول في الركوع صحت الصلاة و سجد سجدتي السهو، و لو تركهما أو إحداهما و تذكر في القنوت أو بعده قبل الوصول إلى حد الركوع رجع و تدارك، و كذا لو ترك الحمد و تذكر بعد الدخول في السورة رجع و أتى بها ثم بالسورة.

[مسألة 2: لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال]

[1494] مسألة 2: لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال، فإن قرأه عامدا بطلت صلاته و إن لم يتمه إذا كان من نيته الإتمام حين الشروع، و أما إذا كان ساهيا فإن تذكر بعد الفراغ أتم الصلاة و صحت و إن لم يكن قد أدرك ركعة من الوقت أيضا (2) و لا يحتاج إلى إعادة سورة

______________________________
و مثال الثاني: التكتف فيها بقصد الجزئية فإنه زيادة رغم أنه ليس من سنخ المزيد فيه.

(1) على الاحوط الأولى لعدم الدليل على وجوبها لكل زيادة و نقيصة الّا في موارد خاصة ستأتي الاشارة إليها في موضعها.

(2) الصحة لا تخلو عن إشكال، لأن المصلي إن أدرك من الصلاة أقل من مقدار ركعة في الوقت فالحكم بعدم الصحة ظاهر، لأن المقدار الواقع منها في الوقت كالتكبيرة و الفاتحة مثلا لا أمر به لا أداء و لا قضاء. أما الأول فلأن تعلقه به مقيد بتعلقه بالباقي أداء و هو لا يمكن لخروج الوقت، و لا دليل على أن الأمر‌

 

216
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال ص 216

أخرى، و إن تذكر في الأثناء عدل إلى غيرها إن كان في سعة الوقت، و إلا تركها و ركع و صحت الصلاة.

[مسألة 3: لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة]

[1495] مسألة 3: لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة (1)، فلو

______________________________
المتعلق بهذه الصلاة مركبة من الأداء و القضاء. و أما الثاني: فلأن تعلقه بالباقي بعد الوقت مقيّد بتعلقه بالمقدار الواقع منها في الوقت قضاء و هو لا يمكن. و إن أدرك منها بمقدار ركعة في الوقت فعندئذ إن قلنا بالتعدي عن مورد حديث من أدرك و هو صلاة الفجر إلى سائر الصلوات اليومية يحكم بالصحة، لأن ادراك ركعة منها في الوقت بمثابة ادراك تمام ركعاتها فيه تنزيلا و هذا يعني أن هذه الصلاة بتمام ركعاتها متعلقة للأمر الأدائي التنزيلى. و أما إن قلنا بعدم التعدي عنه فلا يمكن الحكم بالصحة في غير ما هو مورد الحديث و هو صلاة الفجر، و حيث إن القناعة بالتعدي لم تحصل عندنا فالحكم بالصحة مشكل فلا بد من الاحتياط بالجمع بين الاتيان بهذه الصلاة برجاء ادراك الأمر الأدائي التنزيلي و القضاء خارج الوقت.

(1) فيه اشكال، و الأظهر هو الجواز، لأن النهي الوارد في النصوص عن قراءة تلك السور في المكتوبة لا يحتمل عرفا أن يكون نهيا تحريميا نفسيا و ذلك لأمرين:

الأول: ان المتفاهم العرفي منه بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو الارشاد دون المولوية.

الثاني: ان في نفس هذه النصوص قرينة تدل على أن المراد فيه النهي الارشادي دون المولوي، و هو التعليل فيها عن قراءة العزائم في الصلاة بأن السجود زيادة في المكتوبة، و على ضوء ذلك يكون النهى فيها إرشادا إلى أن قراءتها في المكتوبة تؤدي إلى أحد مجذورين، أما إلى بطلان الصلاة إذا سجد عند قراءة آية السجدة لأنها زيادة عمدية فيها، أو إلى ترك الواجب و هو السجدة إذا لم‌

 

217
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة ص 217

قرأها عمدا استأنف الصلاة و إن لم يكن قرأ إلا البعض (1) و لو البسملة أو شيئا منها إذا كان من نيته حين الشروع الإتمام أو القراءة إلى ما بعد آية السجدة، و أما لو قرأها ساهيا فإن تذكر قبل بلوغ آية السجدة وجب عليه العدول إلى سورة أخرى (2) و إن كان قد تجاوز النصف، و إن تذكر بعد

______________________________
يأت بها عند قراءتها مع صحة الصلاة بناء على القول بإمكان الترتب.

(1) مر أن الأظهر هو جواز قراءة تمام سورة العزيمة في الصلاة تكليفا، و أما النهي عنها فهو إرشادي على أساس ما يترتب عليها من المحذور. و أما قراءة بعضها فلا محذور فيها الّا إذا كان ذلك البعض مشتملا على آية السجدة، هذا إضافة إلى أن النهي عنها لو كان نهيا تحريميا لكان مقتضاه بطلان السورة فقط باعتبار أنها محرمة و الحرام لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب، و أما الصلاة فإن اقتصر المصلي عليها بطلت من جهة النقصان، و إن تداركها بسورة أخرى بطلت من جهة الزيادة العمدية إذا أتى بها بنية كونها من الصلاة.

و أما اذا أتى بها كذلك ذاهلا أو جاهلا بالحكم غير ملتفت إليه أو لا بنية أنها من الصلاة، فلا تبطل حيث لا زيادة على الثاني. و أما على الاول فهو و إن كان زيادة و لكن المصلي معذور فيها سهوا أو جهلا، فيكون مشمولا لحديث «لا تعاد ...».

(2) في الوجوب اشكال بل منع، فإنه مبني على عدم كفاية قراءتها، فإذا قرأها لم تقع مصداقا للسورة المأمور بها من ناحية، و على عدم كفاية قراءة بعض السورة، بل لا بد من تمامها من ناحية أخرى.

و لكن تقدم النظر في كلا الأمرين. أما الأمر الأول، فقد مرّ أنه يجوز قراءتها في نفسها و لا تكون محرمة، فإن المانع منها شي‌ء آخر لا حرمتها. و أما الأمر الثاني:

فقد مرّ في أول هذا الفصل أنه لا يبعد كفاية قراءة بعض السورة، هذا إضافة إلى أن موثقة عمار ناصة في جواز قراءة سورة العزيمة في المكتوبة ما لم يقرأ آية السجدة‌

 

218
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة ص 217

قراءة آية السجدة أو بعد الإتمام فإن كان قبل الركوع فالأحوط إتمامها إن كان في أثنائها (1) و قراءة سورة غيرها بنية القربة المطلقة بعد الإيماء إلى السجدة (2) أو الإتيان بها و هو في الفريضة ثم إتمامها و إعادتها من رأس (3)، و إن كان بعد الدخول في الركوع و لم يكن سجد للتلاوة فكذلك أومأ إليها (4) أو سجد و هو في الصلاة ثم أتمها و أعادها، و إن كان سجد لها

______________________________
من ناحية، و في التخيير بين الاكتفاء بها بدون آية السجدة أو العدول عنها إلى سورة أخرى من ناحية أخرى.

(1) لا بأس بتركه و الاكتفاء بما قرأ من السورة كما تقدم. نعم تجب السجدة عليه حينئذ فإن سجد بطلت صلاته، و إن لم يسجد اثم و أما صلاته فهي صحيحة على القول بالترتب.

(2) فيه ان الاكتفاء بالايماء عوضا عن السجدة في الفريضة إنما هو في مورد استماع آيتها خاصة لا في الأعم منه و من قراءتها، و التعدي بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه لا في الداخل و لا من الخارج، و عليه فلا يجوز له الاكتفاء بالايماء بدلا عن السجدة في مفروض المسألة.

(3) فيه اشكال بل منع، فإن المصلي إذا سجد في أثناء صلاته للتلاوة بطلت صلاته و معه لا مقتضى لإتمامها أولا ثم الاعادة. و إن اكتفى بالايماء عوضا عن السجود فلا مقتضي للإعادة، لأن الايماء و إن كان عوضا عنه الّا أنه لا يحتمل أن يكون مبطلا للصلاة لاختصاص الدليل بالسجود و لا يعمه.

(4) تقدم عدم جواز الاكتفاء بالايماء بدلا عن السجدة في مفروض المسألة، بل الوظيفة فيها هي السجدة فحينئذ ان سجد بطلت صلاته و أعادها، و الّا صحت صلاته و كان آثما.

و دعوى: ان فورية الاتيان بالسجدة بما أنها عرفية فتأخيرها إلى ما بعد الفراغ‌

 

219
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة ص 217

نسيانا أيضا فالظاهر صحة صلاته و لا شي‌ء عليه، و كذا لو تذكر قبل الركوع مع فرض الإتيان بسجود التلاوة أيضا نسيانا فإنه ليس عليه إعادة الصلاة حينئذ.

[مسألة 4: لو لم يقرأ سورة العزيمة لكن قرأ آيتها في أثناء الصلاة عمدا بطلت صلاته]

[1496] مسألة 4: لو لم يقرأ سورة العزيمة لكن قرأ آيتها في أثناء الصلاة عمدا بطلت صلاته (1)، و لو قرأها نسيانا أو استمعها من غيره أو سمعها (2) فالحكم كما مرّ من أن الأحوط الإيماء إلى السجدة (3) أو

______________________________
لا ينافيها ...

غير مسموعة: فإن تعليل النهي عن قراءة آيات السجدة في الصلاة بأنها زيادة في المكتوبة ظاهر في التنافي و الّا فلا مقتضي للنهي عنها حيث أن حال سور العزائم حينئذ حال سائر السور، غاية الأمر ان اختار قراءة احدى سورة العزائم فعليه أن يسجد للتلاوة بعد الفراغ من الصلاة.

(1) في البطلان اشكال بل منع، فإن قراءة آية السجود في أثناء الصلاة إذا لم تكن بنية الجزئية كما هو الظاهر لم توجب البطلان و إن كانت عمدا، فإن الموجب للبطلان حينئذ إنما هو سجدتها، فإن سجد بطلت صلاته و الّا صحت و كان آثما.

(2) وجوب السجدة في سماعها صدفة من دون قصد و اصغاء لا يخلو عن اشكال بل منع، و عليه ان يمضي في صلاته و لا شي‌ء عليه لعدم دليل في المسألة.

(3) تقدم ان المصلي اذا استمع آية السجدة و أصغى لها جاز له الاكتفاء بالايماء إلى السجود برأسه و أتم صلاته و صحت، و أما إذا قرأها فلا يجوز له الاكتفاء بالايماء إلى السجود و اتمام صلاته، بل يجب عليه السجود فإن سجد بطلت صلاته فلا يتمكن من اتمامها، و الّا كان آثما و صحت صلاته، و بذلك يظهر‌

 

220
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 لو لم يقرأ سورة العزيمة لكن قرأ آيتها في أثناء الصلاة عمدا بطلت صلاته ص 220

السجدة و هو في الصلاة و إتمامها و إعادتها.

[مسألة 5: لا يجب في النوافل قراءة السورة]

[1497] مسألة 5: لا يجب في النوافل قراءة السورة و إن وجبت بالنذر أو نحوه، فيجوز الاقتصار على الحمد أو مع قراءة بعض السورة، نعم النوافل التي تستحب بالسور المعينة يعتبر في كونها تلك النافلة قراءة تلك السورة، لكن في الغالب يكون تعيين السور من باب المستحب في المستحب على وجه تعدد المطلوب لا التقييد.

[مسألة 6: يجوز قراءة العزائم في النوافل]

[1498] مسألة 6: يجوز قراءة العزائم في النوافل و إن وجبت بالعارض، فيسجد بعد قراءة آيتها و هو في الصلاة ثم يتمها.

[مسألة 7: سور العزائم أربع: الم السجدة، و حم السجدة، و النجم، و اقرأ باسم]

[1499] مسألة 7: سور العزائم أربع: الم السجدة، و حم السجدة، و النجم، و اقرأ باسم.

[مسألة 8: البسملة جزء من كل سورة]

[1500] مسألة 8: البسملة جزء من كل سورة فيجب قراءتها عدا سورة براءة.

[مسألة 9: الأقوى اتحاد سورة الفيل و لإيلاف، و كذا و الضحى و أ لم نشرح]

[1501] مسألة 9: الأقوى اتحاد سورة الفيل و لإيلاف، و كذا و الضحى و أ لم نشرح (1)، فلا يجزئ في الصلاة إلا جمعهما مرتبتين مع البسملة

______________________________
حال ما في المتن.

(1) في القوة اشكال بل منع نظرا إلى أن ما استدل به على الاتحاد من الروايات بأجمعها ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد على شي‌ء منها في عملية الاستنباط و الافتاء بمضمونها.

و أما صحيحة زيد الشحام قال: «صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السلام الفجر فقرأ الضحى و أ لم نشرح في ركعة ...» «1» فهي لا تدل على الاتحاد، إذ غاية ما تدل عليه الصحيحة هو جواز القران بينهما، و أما الوحدة فلا، بل لا تدل على وجوب القران‌

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 10 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 1.

 

221
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 الأقوى اتحاد سورة الفيل و لإيلاف و كذا و الضحى و أ لم نشرح ص 221

بينهما (1).

[مسألة 10: الأقوى جواز قراءة سورتين أو أزيد في ركعة مع الكراهة في الفريضة]

[1502] مسألة 10: الأقوى جواز قراءة سورتين أو أزيد في ركعة مع الكراهة في الفريضة، و الأحوط تركه، و أما في النافلة فلا كراهة.

[مسألة 11: الأقوى عدم وجوب تعيين السورة قبل الشروع فيها]

[1503] مسألة 11: الأقوى عدم وجوب تعيين السورة قبل الشروع فيها (2)، و إن كان هو الأحوط، نعم لو عيّن البسملة لسورة لم تكف لغيرها،

______________________________
أيضا، لان الفعل لا يدل على الوجوب.

فالنتيجة: أنه لا دليل على الاتحاد، و أما التعدد فأيضا لا يمكن اثباته بدليل، هذا من ناحية، و من ناحية أخرى هل يجوز الاكتفاء باحداهما في الصلاة أو لا، فيه قولان. و الظاهر هو القول الثاني بناء على عدم جواز الاكتفاء في الصلاة بقراءة بعض السورة و ذلك لا لأجل دليل اجتهادي في المسألة لعدم وجوده، بل لأجل الأصل العملي فيها باعتبار أن تقيد الصلاة بقراءة سورة واحدة معلوم و ليس لنا شك فيه، و الشك انّما هو في انطباقها على كل من الفيل و لإيلاف، و مرجع هذا الشك الى الشك في فراغ الذمة بعد العلم بالاشتغال. و من هنا يظهر أن الرجوع إلى قاعدة الاشتغال في المسألة ليس من جهة أن الشك فيها يكون في المحصل، بل من جهة أن الشك فيها يكون في انطباق المأمور به على المأتي به في الخارج لا في المحصل.

(1) هذا بناء على عدم كفاية بعض السورة في ظرف الامتثال، و أما بناء على كفاية ذلك كما قويناه في صدر هذا الفصل ان الكفاية غير بعيدة، فيجزئ احداهما في الصلاة، و لا يلزم الجمع بينهما، و أما مع لزوم الجمع بينهما لا بد أن يكون مع البسملة بعين ما مرّ.

(2) في القوة اشكال بل منع، لأن البسملة لما كانت جزءا من السورة كسائر أجزائها فبطبيعة الحال يكون الجزء من كل سورة حصة خاصة من البسمله كسائر‌

 

222
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 الأقوى عدم وجوب تعيين السورة قبل الشروع فيها ص 222

 فلو عدل عنها وجب إعادة البسملة.

[مسألة 12: إذا عين البسملة لسورة ثم نسيها فلم يدر ما عيّن وجب إعادة البسملة لأي سورة أراد]

[1504] مسألة 12: إذا عين البسملة لسورة ثم نسيها فلم يدر ما عيّن وجب إعادة البسملة لأي سورة أراد، و لو علم أنه عيّنها لإحدى السورتين من الجحد و التوحيد و لم يدر أنه لأيتهما أعاد البسملة و قرأ إحداهما (1)، و لا

______________________________
أجزائها، و على هذا فإذا بسمل من دون أن يعين السورة التي يريد قراءتها لم تجزئه هذه البسملة، حيث انه لا بد أن يكون الاتيان بكل جزء من أجزائها بنية أنه جزؤها كأجزاء الصلاة و الّا لم يقع جزءا لها، و على هذا فلا يجزئ أن يبسمل بدون أن يعين السورة التي يريد قراءتها، و إذا بسمل لسورة معينة ثم عدل عنها إلى سورة أخرى فعليه اعادة البسملة لها، كما أنه إذا بسمل لسورة معينة ثم غابت عن ذاكرته فكأنه لم يبسمل اطلاقا و عليه أن يستأنف البسملة من جديد لصورة معينة و اما إذا بسمل للسورة التي سيقع عليها اختيارها بعد البسملة فالظاهر هو الكفاية حيث أن ما سيقع عليه اختياره بعدها واقعا معين في علم اللّه تعالى، فإنه تعالى يعلم ما يختاره من السورة بعد البسملة و الفرض أن المصلي بسمل بنية ذلك المختار في الواقع و علم اللّه.

(1) فيه انه لا يمكن الأمر باعادة البسملة حتى بنية العدول، و يتعين عليه على الأحوط الجمع بين قراءة السورتين المذكورتين بنية جزئية ما وقعت البسملة له، إذ على كل من التقديرين لا يجوز العدول عنها إلى سورة أخرى غيرهما، كما لا يجوز العدول من احداهما الى الاخرى، و على هذا فاذا أعاد المصلي البسملة فلا يخلو من أن تكون الاعادة لسورة ثالثة غيرهما أو تكون للتوحيد خاصة أو للجحد كذلك، فعلى جميع التقادير تكون لغوا، فإنها أن كانت للتوحيد لم يجز العدول عنها إلى سورة أخرى و لو كانت الجحد، و إن كانت للجحد فالامر فيها أيضا كذلك، و يترتب على ذلك أن المصلي إذا كان عالما بالمسألة و هي عدم جواز العدول من إحداهما إلى الاخرى و لا إلى سورة ثالثة و مع ذلك أعاد البسملة، فإن كانت بنية‌

 

223
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 إذا عين البسملة لسورة ثم نسيها فلم يدر ما عين وجب إعادة البسملة لأي سورة أراد ص 223

يجوز قراءة غيرهما.

[مسألة 13: إذا بسمل من غير تعيين سورة فله أن يقرأ ما شاء]

[1505] مسألة 13: إذا بسمل من غير تعيين سورة فله أن يقرأ ما شاء (1)،

______________________________
أنها من الصلاة فهي زيادة عمدية تبطل بها الصلاة، و إن لم تكن بنية انها منها لم تبطل. نعم إذا كان غافلا أو جاهلا فيما يعذر فيه الجاهل فهي و إن كانت زيادة إذا أتى بها بنية أنها من الصلاة، الّا انها لما لم تكن عمدية فلا تكون مبطلة، و من هنا يظهر وجه عدم امكان الاعادة في المسألة فالوظيفة فيها متعينة بقراءة كلتا السورتين بنية ما قرأ البسملة له.

بقي هنا صورتان ..

الأولى: ما إذا كانت احدى السورتين الجحد أو التوحيد، و الأخرى غيرها كسورة النصر.

الثانية: ما اذا كانت كلتاهما غير الجحد و التوحيد.

أما الصورة الاولى: فالمكلف فيها مخير بين أمرين:

الاول: أن يجمع بين قراءة السورتين على الأحوط بنية ما وقعت البسملة له بناء على ما هو الصحيح من جواز القران بينهما، و أما احتمال الفصل بين البسملة و سورتها بسورة أخرى فلا يضر اذا كانت قصيرة و لا تقدح بالموالاة المعتبرة بينهما.

الثاني: أن يعدل إلى سورة التوحيد أو الجحد فيبسمل لها احتياطا و يقرأها و لا يلزم منه محذور، فإن العدول من النصر إليها جائز، و أما احتمال أن هذه البسملة زيادة فهو مدفوع بالأصل. و أما العدول إلى سورة النصر فلا يجوز لعدم الأمر، لأن البسملة الأولى إن كانت لسورة التوحيد أو الجحد لم يجز العدول منها إلى غيرها، و إن كانت لها فالثانية زيادة، و على كلا التقديرين فلا أمر بها.

و أما الصورة الثانية: فسيأتي حكمها في ضمن المسائل القادمة.

(1) تقدم انه لا بد من تعيين السورة التي يريد قراءتها و الّا فلا تجزئ. و منه‌

 

224
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 إذا بسمل من غير تعيين سورة فله أن يقرأ ما شاء ص 224

و لو شك في أنه عيّنها لسورة معينة أو لا فكذلك، لكن الأحوط في هذه الصورة إعادتها، بل الأحوط إعادتها مطلقا لما مر من الاحتياط في التعيين.

[مسألة 14: لو كان بانيا من أول الصلاة أو أول الركعة أن يقرأ سورة معينة فنسي و قرأ غيرها]

[1506] مسألة 14: لو كان بانيا من أول الصلاة أو أول الركعة أن يقرأ سورة معينة فنسي و قرأ غيرها كفى و لم يجب إعادة السورة، و كذا لو كانت عادته سورة معينة فقرأ غيرها.

[مسألة 15: إذا شك في أثناء سورة أنه هل عيّن البسملة لها أو لغيرها و قرأها نسيانا]

[1507] مسألة 15: إذا شك في أثناء سورة أنه هل عيّن البسملة لها أو لغيرها و قرأها نسيانا بنى على أنه لم يعين غيرها (1).

[مسألة 16: يجوز العدول من سورة إلى أخرى اختيارا ما لم يبلغ النصف]

[1508] مسألة 16: يجوز العدول من سورة إلى أخرى اختيارا ما لم يبلغ النصف (2) إلا من الجحد و التوحيد فلا يجوز العدول منهما إلى غيرهما، بل

______________________________
يظهر حال الشك في التعيين، فإنه لا يكفي، بل لا بد من إحرازه، و أما احتياط الماتن (قده) في هذه الصورة دون الصورة الأولى فهو مبني على أن المأمور به عنده بما أنه طبيعي السورة فيجزئ أن يبسمل من دون تعيين صداقها في الخارج، فيكون تعيينه بيده فيعين ما شاء منها. و أما في الصورة الثانية فبما أنه شاك في التعيين فيحتمل عدم أجزائها عن غير المعين، و حيث أن مقتضى الأصل عدم التعيين فيكون الاحتياط استحبابيا.

(1) هذا فيما اذا احتمل أنه كان أذكر من حين ما يشك فيه، و الّا لم تجر القاعدة.

(2) بل ما لم يبلغ ثلثي السورة بمقتضى موثقة عبيد بن زرارة، و اما التحديد بعدم بلوغ النصف تارة و بعدم تجاوزه تارة أخرى فلا دليل عليه غير دعوى الاجماع على التحديد الثاني، و لكن لا يمكن الاعتماد على هذه الدعوى صغرى و كبرى كما حققناه في بحث الفقه.

ثم انه لا فرق في هذا الحكم بين القول بوجوب السورة في الصلاة و القول‌

 

225
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 يجوز العدول من سورة إلى أخرى اختيارا ما لم يبلغ النصف ص 225

من إحداهما إلى الأخرى بمجرد الشروع فيها و لو بالبسملة، نعم يجوز العدول منهما إلى الجمعة و المنافقين في خصوص يوم الجمعة حيث إنه يستحب في الظهر أو الجمعة منه أن يقرأ في الركعة الأولى الجمعة و في الثانية المنافقين، فإذا نسي و قرأ غيرهما حتى الجحد و التوحيد يجوز العدول إليهما ما لم يبلغ النصف (1)، و أما إذا شرع في الجحد أو التوحيد عمدا فلا يجوز العدول إليهما أيضا على الأحوط (2).

______________________________
بعدم وجوبها، اذ على القول باستحباب السورة بعد الحمد لا مانع من الالتزام بعدم جواز العدول بعد تجاوز النصف، أو بعد بلوغ ثلثيها الى سورة اخرى بعنوان استحبابها في هذا الظرف الخاص لا بعنوان تلاوة القرآن، و اما على القول بجواز التبعيض و الاكتفاء بقراءة بعض السورة فلا موضوع لهذا البحث، فان المصلي اذا قرأ بعض السورة كفى و إن لم يبلغ النصف و لا يجب عليه اتمامه، كما لا يجوز له العدول الى سورة أخرى و الاتيان بها بعنوان الجزئية و ان كان قبل بلوغ النصف لأنه تشريع و محرم.

(1) في التقييد اشكال بل منع، و الأظهر جواز العدول منهما إليهما، اي الى الجمعة و المنافقين في يوم الجمعة مطلقا من دون تحديد ببلوغ النصف أو الثلثين لمكان اطلاق الروايات الدالة على هذا الحكم. ثم ان مورد اكثر هذه الروايات سورة التوحيد و لا يعم سورة الجحد، و لكن صحيحة علي بن جعفر غير قاصرة عن شمولها.

(2) لكن الأقوى جواز العدول حتى في هذه الصورة و ذلك لإطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن جعفر: (و إن أخذت في غيرها و إن كان قل هو الله أحد فاقطعها من أولها و ارجع اليها ...) «1» فإنّه يعم صورة العمد.

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 69 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 4.

 

226
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 الأحوط عدم العدول من الجمعة و المنافقين إلى غيرهما في يوم الجمعة و إن لم يبلغ النصف ص 227

[مسألة 17: الأحوط عدم العدول من الجمعة و المنافقين إلى غيرهما في يوم الجمعة و إن لم يبلغ النصف]

[1509] مسألة 17: الأحوط (1) عدم العدول من الجمعة و المنافقين إلى غيرهما في يوم الجمعة و إن لم يبلغ النصف.

[مسألة 18: يجوز العدول من سورة إلى أخرى في النوافل مطلقا]

[1510] مسألة 18: يجوز العدول من سورة إلى أخرى في النوافل مطلقا و إن بلغ النصف.

[مسألة 19: يجوز مع الضرورة العدول بعد بلوغ النصف]

[1511] مسألة 19: يجوز مع الضرورة العدول بعد بلوغ النصف (2) حتى في الجحد و التوحيد كما إذا نسي بعض السورة أو خاف فوت الوقت بإتمامها أو كان هناك مانع آخر، و من ذلك ما لو نذر أن يقرأ سورة معينة في صلاته فنسي و قرأ غيرها، فإن الظاهر جواز العدول و إن كان بعد بلوغ النصف (3)، أو كان ما شرع فيه الجحد أو التوحيد.

______________________________
(1) لكن الأقوى الجواز حيث لم يقم دليل على عدمه و ان كانت رعاية الاحتياط أولى و أجدر.

(2) بل مطلقا حتى بعد بلوغ الثلثين او اكثر، فإنّ العبرة إنّما هي باقتضاء الضرورة مهما كان مقدار ما قرأ منها، فإنّها اذا اقتضت العدول لا بدّ منه و إن كان مقدار ما قرأ أكثر منهما، بلا فرق بين أن تكون تكوينية كنسيان ما بقي من السورة أو تشريعية كضيق الوقت، لأنّ دليل عدم جواز العدول لا يشمل المسألة لانصرافه عما اذا كانت هناك ضرورة للعدول من قبل الشرع و ظهوره عرفا فيما اذا كان المصلي متمكنا من اتمام السورة بلا مانع.

(3) فيه اشكال بل منع، فان متعلق النذر ان كان صلاة شخصية، كأن نذر قراءة سورة معينة في صلاة الظهر في وقت معين مثلا و هو أول الزوال و شرع فيها في ذلك لوقت و نسي السورة المنذورة و قرأ سورة أخرى و بعد بلوغ ثلثيها تذكر فالظاهر بطلان النذر، لما ذكرناه في علم الأصول من أن وجوب الوفاء بالنذر لا يصلح أن يزاحم أي حكم الزامي آخر على خلافه، على أساس ما ورد من:- «ان‌

 

227
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 يجوز مع الضرورة العدول بعد بلوغ النصف ص 227

..........

______________________________
شرط اللّه قبل شرطكم ..» «1» فإن المستفاد من هذا اللسان عرفا أن وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه مما جاء من قبل التزام المكلف على نفسه لا يمكن أن يزاحم حكما الزاميا جعله اللّه تعالى، و هذا يعني أنه مشروط بعدم وجوده، و يرتفع بصرف تحققه، و ان لم يشتغل بامتثاله.

ثم انه لا فرق في بطلان النذر في هذه الصورة بين أن يكون عدم جواز العدول من سورة بعد بلوغ ثلثيها الى سورة أخرى حكما تكليفيا أو وضعيا، اما على الأول فظاهر، و اما على الثاني فأيضا كذلك لأن وجوب الوفاء بالنذر لا يصلح أن يزاحم مانعية العدول عن الصلاة تطبيقا لنفس ما تقدم، هذا بناء على القول بعدم جواز تبعيض سورة واحدة في الصلاة و الاكتفاء بقراءة بعضها، و أما بناء على جواز ذلك فلا موضوع للعدول حينئذ.

فالنتيجة: ان النذر باطل في هذه الصورة على كل حال.

و ان كان طبيعي الصلاة، كما اذا نذر قراءة سورة معينة في صلاة الظهر يوم الجمعة فيكون متعلقه طبيعي صلاة الظهر من المبدأ الى المنتهى، فعندئذ اذا شرع في صلاة الظهر بعد الزوال و نسي السورة المنذورة و قرأ سورة أخرى و في الاثناء تذكر فوظيفته رفع اليد عن هذه الصلاة و قطعها و الاتيان بالصلاة المنذورة لفرض أن النذر لم يتعلق بهذه الصلاة بخصوصها، و اما العدول الى السورة المنذورة فهو غير جائز لعدم ضرورة تقتضي جوازه حيث أنها ليست منذورة في شخص هذه الصلاة لكي يلزم من عدم العدول اليها تفويت النذر و مخالفة، فاذن لا ضرورة هنا للعدول، و اما اتمام هذه الصلاة فهو أيضا غير جائز لاستلزامه تفويت النذر، اذ بعد اتمامها لا يتمكن من الاتيان بها مع السورة المنذورة الا تشريعا، فمن أجل ذلك لا بد من قطعها و الاتيان بها مع السورة المنذورة.

______________________________
(1) الوسائل ج 21 باب: 20 من أبواب المهور الحديث: 6.

 

228
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 20 يجب على الرجال الجهر بالقراءة في الصبح و الركعتين الأولتين من المغرب و العشاء ص 229

[مسألة 20: يجب على الرجال الجهر بالقراءة في الصبح و الركعتين الأولتين من المغرب و العشاء]

[1512] مسألة 20: يجب على الرجال الجهر بالقراءة (1) في الصبح

______________________________
(1) على الأحوط وجوبا حيث إنّ عمدة الدليل على وجوب الجهر صحيحتا زرارة و هما تدلّان نصا على الوجوب و بطلان الصلاة بالاخلال به، و لكنهما متعارضتان بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال:

(سألته عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة، هل عليه أن لا يجهر! قال: إن شاء جهر و إن شاء لم يفعل ...) «1» فإنّها ناصة في عدم الوجوب.

و دعوى: أن الصحيحة لا تدل على عدم وجوب الجهر في القراءة بلحاظ ما فرض فيها ان الفريضة مما يجهر بالقراءة، و معه كيف يصح السؤال عن ان عليه أن لا يجهر، فإذن لا بدّ أن يكون السؤال عن لزوم الاخفات في غير القراءة من الاذكار و التشهد و نحوهما ...

مدفوعة جدا لوضوح أن المبرر للسؤال عنه احتمال عدم وجوب الجهر فيها و إن كان العمل الخارجي على الجهر بها، و لكن مجرد استمراره عليه لا يمنع عن السؤال عن وجوبه باعتبار انه لا يدل عليه لكي يمنع عنه، فإذن لا اشكال في دلالتها على عدم وجوب الجهر، و عليه فتقع المعارضة بينها و بينهما فتسقطان من جهة المعارضة فيكون المرجع العام الفوقي و هو إطلاق الروايات الآمرة بوجوب قراءة الفاتحة من دون التقييد بالجهر و الاخفات، و مع قطع النظر عنه يكون المرجع في المسألة الأصل العملي و مقتضاه عدم وجوب الجهر أيضا.

و دعوى: ان صحيحة علي بن جعفر بما أنها موافقة للعامة دونهما فتحمل على التقية ... مما لا يمكن المساعدة عليها، فان الجهر في موضع الجهر و الاخفات في موضع الخفت عندهم من سنن الصلاة، و قد اختلفوا في أن تركهما سهوا هل يوجب السجود أولا و الصحيحة تدل على المساواة بين الفعل و الترك، و مع هذا كيف تكون موافقة لهم، و لكن مع ذلك فالاحتياط لا يترك.

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 25 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 6.

 

229
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 20 يجب على الرجال الجهر بالقراءة في الصبح و الركعتين الأولتين من المغرب و العشاء ص 229

و الركعتين الأولتين من المغرب و العشاء، و يجب الإخفات في الظهر و العصر في غير يوم الجمعة، و أما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة بل في الظهر أيضا على الأقوى.

[مسألة 21: يستحب الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد و السورة]

[1513] مسألة 21: يستحب الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد و السورة.

[مسألة 22: إذا جهر في موضع الإخفات أو أخفت في موضع الجهر عمدا بطلت الصلاة]

[1514] مسألة 22: إذا جهر في موضع الإخفات أو أخفت في موضع الجهر عمدا بطلت الصلاة، و إن كان ناسيا أو جاهلا و لو بالحكم صحت سواء كان الجاهل بالحكم متنبها للسؤال و لم يسأل أم لا، لكنّ الشرط حصول قصد القربة منه، و إن كان الأحوط في هذه الصورة الإعادة (1).

[مسألة 23: إذا تذكر الناسي أو الجاهل قبل الركوع لا يجب عليه إعادة القراءة]

[1515] مسألة 23: إذا تذكر الناسي أو الجاهل قبل الركوع لا يجب عليه إعادة القراءة، بل و كذا لو تذكر في أثناء القراءة، حتى لو قرأ آية لا يجب

______________________________
(1) بل الاعادة هي الأقوى لانصراف النص عنه، حيث ان الجاهل الملتفت اذا كان مقصرا و يرى ان وظيفته السؤال فبطبيعة الحال يرى ان ما أتى به من العمل قبل السؤال لا يكون مؤمّنا في مقام الامتثال لاحتمال كونه مخالفا للواقع المنجز، و بما أن العقاب معه يكون محتملا يستقل العقل بوجوب تحصيل الأمن من قبله.

و إن شئت قلت: ان الظاهر من قوله عليه السّلام في النص و هو صحيحة زرارة: (.. أو لا يدري فلا شي‌ء عليه و قد تمت صلاته ...) «1» الجاهل المركب مطلقا و ان كان مقصرا و الجاهل البسيط فيما يعذر فيه باعتبار أن المتفاهم منه عرفا هو انه يرى صحة عمله و لو ظاهرا و يكون واثقا من عدم العقاب على تقدير المخالفة، فمن أجل ذلك لا يعم الجاهل البسيط المقصر، و على هذا ففي الحكم بالصحة في الصور المذكورة لا يحتاج الى دليل آخر كحديث لا تعاد، فإن نفس الصحيحة كافية فيه.

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 26 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 1.

 

230
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 23 إذا تذكر الناسي أو الجاهل قبل الركوع لا يجب عليه إعادة القراءة ص 230

إعادتها، لكن الأحوط الإعادة خصوصا إذا كان في الأثناء.

[مسألة 24: لا فرق في معذورية الجاهل بالحكم في الجهر و الإخفات بين أن يكون جاهلا بوجوبهما أو جاهلا بمحلهما]

[1516] مسألة 24: لا فرق في معذورية الجاهل بالحكم في الجهر و الإخفات بين أن يكون جاهلا بوجوبهما أو جاهلا بمحلهما بأن علم إجمالا أنه يجب في بعض الصلوات الجهر و في بعضها الإخفات إلا أنه اشتبه عليه أن الصبح مثلا جهرية و الظهر إخفاتية بل تخيل العكس أو كان جاهلا بمعنى الجهر و الإخفات فالأقوى معذوريته في الصورتين، كما أن الأقوى معذوريته إذا كان جاهلا بأنّ المأموم يجب عليه الإخفات عند وجوب القراءة عليه و إن كانت الصلاة جهرية فجهر، لكن الأحوط فيه و في الصورتين الأولتين الإعادة.

[مسألة 25: لا يجب الجهر على النساء في الصلاة الجهرية]

[1517] مسألة 25: لا يجب الجهر على النساء في الصلاة الجهرية بل يتخيرن بينه و بين الإخفات مع عدم سماع الأجنبي، و أما معه فالأحوط إخفاتهن (1)، و أما في الإخفاتية فيجب عليهن الإخفات كالرجال و يعذرن فيما يعذرون فيه.

[مسألة 26: مناط الجهر و الإخفات ظهور جوهر الصوت و عدمه]

[1518] مسألة 26: مناط الجهر و الإخفات ظهور جوهر الصوت و عدمه (2)

______________________________
(1) لا بأس بتركه الا إذا كان مورد الريبة و تهييج الشهوة فعندئذ و إن كان الحكم عدم الجواز، إلّا أنّ هذا الفرض خارج عن محل الكلام.

(2) الظاهر أنّ المناط فيهما بالصدق العرفي لا بما ذكره في المتن، فإنّ الصوت الشبيه بالمبحوح لا يظهر جوهر الصوت فيه مع أنّه ليس من الاخفات، و قد يظهر جوهر الصوت نسبيا كما للقريب و للقارى نفسه مع أنّه بنظر العرف يكون من الاخفات و ليس من الجهر إلّا أن يقال أن ظهور جوهره نسبيا لا يضر و لا يمنع عن صدق الاخفات، فالعبرة في الخفت عرفا إنّما هي بعدم ظهور جوهر الصوت‌

 

231
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 26 مناط الجهر و الإخفات ظهور جوهر الصوت و عدمه ص 231

فيتحقق الإخفات بعدم ظهور جوهره و إن سمعه من بجانبه قريبا أو بعيدا.

[مسألة 27: المناط في صدق القراءة قرآنا كان أو ذكرا أو دعاء ما مر في تكبيرة الإحرام]

[1519] مسألة 27: المناط في صدق القراءة قرآنا كان أو ذكرا أو دعاء ما مر في تكبيرة الإحرام من أن يكون بحيث يسمعه نفسه تحقيقا أو تقديرا بأن كان أصم أو كان هناك مانع من سماعه، و لا يكفي سماع الغير الذي هو أقرب إليه من سمعه.

[مسألة 28: لا يجوز من الجهر ما كان مفرطا خارجا عن المعتاد كالصياح]

[1520] مسألة 28: لا يجوز من الجهر ما كان مفرطا خارجا عن المعتاد كالصياح، فإن فعل فالظاهر البطلان.

[مسألة 29: من لا يكون حافظا للحمد و السورة يجوز أن يقرأ في المصحف]

[1521] مسألة 29: من لا يكون حافظا للحمد و السورة يجوز أن يقرأ في المصحف، بل يجوز ذلك للقادر الحافظ أيضا على الأقوى، كما يجوز له اتباع من يلقّنه آية فآية، لكن الأحوط اعتبار عدم القدرة على الحفظ و على الائتمام.

[مسألة 30: إذا كان في لسانه آفة لا يمكنه التلفظ يقرأ في نفسه و لو توهما]

[1522] مسألة 30: إذا كان في لسانه آفة لا يمكنه التلفظ يقرأ في نفسه و لو توهما (1)، و الأحوط تحريك لسانه بما يتوهمه.

______________________________
و أن لا يكون الصوت عاليا كصوت المبحوح.

(1) فيه إشكال بل منع، إذ لا دليل على أنّ وظيفته ذلك، بل الظاهر أن حاله حال الأخرس غاية الأمر ان الشخص قد يكون أخرسا بالذات و قد يكون بالعرض و بما أنّه لم يقم دليل معتبر على تعيين وظيفة الأخرس كما و كيفا فاللازم عليه أن يصلي إلى القبلة بأي نحو يتمكن منه من تحريك اللسان و الاشارة باليد أو نحو ذلك، فالكيفية الخاصة مما لا دليل عليها. نعم قد ورد في رواية السكوني كيفية خاصة و هي تحريك اللسان و الاشارة بالاصبع، إلّا أنّها ضعيفة سندا، و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

 

232
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 31 الأخرس يحرك لسانه و يشير بيده إلى ألفاظ القراءة بقدرها ص 233

[مسألة 31: الأخرس يحرك لسانه و يشير بيده إلى ألفاظ القراءة بقدرها]

[1523] مسألة 31: الأخرس يحرك لسانه و يشير بيده إلى ألفاظ القراءة بقدرها.

[مسألة 32: من لا يحسن القراءة يجب عليه التعلم و إن كان متمكنا من الائتمام]

[1524] مسألة 32: من لا يحسن القراءة يجب عليه التعلم و إن كان متمكنا من الائتمام (1)، و كذا يجب تعلم سائر أجزاء الصلاة، فإن ضاق الوقت مع كونه قادرا على التعلم فالأحوط الائتمام إن تمكن منه (2).

______________________________
(1) في الوجوب اشكال بل منع، إذ مع التمكن من الائتمام يتمكن من الصلاة الصحيحة التامة، و معه لا وجه لوجوب التعلم باعتبار أنّ وجوبه طريقي بملاك الحفاظ على الواقع، و إذا كان المكلف متمكنا من الحفاظ عليه بطريق آخر فلا مقتضي له.

(2) بل هو الأقوى إذا كان مقصرا فيه باعتبار أنّ الواقع منجز عليه و احتمال ان ما تيسر له من القراءة لا يكفي في الحكم بالصحة بملاك تقصيره في التعلم و معه يحتمل العقاب و لا يتمكن من دفعه إلّا بالاقتداء بمن يصح الاقتداء به في الصلاة إن أمكن، و أما إذا ترك الاقتداء مع تمكنه منه و صلى منفردا فيحكم العقل ببطلان صلاته و عدم الاكتفاء بها.

نعم إذا تسامح و ضاق الوقت و لم يتيسر له الاقتداء وجب عليه أن يصلي و يقرأ ما تيسر له باعتبار أنّ الصلاة لا تسقط بحال، و حينئذ تصح صلاته، و لكنه يكون آثما على تقصيره و تهاونه. نعم إذا كان عاجزا عن تعلم القراءة عن قصور و لو لأجل ضيق الوقت، أو عاجزا بالذات كما إذا كان في لسانه ثقل أو ينطق الكاف قافا مثلا كفى ما تيسر له منها و صحت صلاته، كما ان له الاقتداء إذا تيسر، و لكنه غير واجب باعتبار ان قراءة الامام مسقطة عن الواجب لا أنها عدل، و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنها عدل، إلّا ان مقتضى إطلاق صحيحة عبد الله بن سنان كفاية الاقتصار على التكبير و التسبيح حتى مع التمكن من الاقتداء.

 

233
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 33 من لا يقدر إلا على الملحون أو تبديل بعض الحروف و لا يستطيع أن يتعلم أجزأه ذلك ص 234

[مسألة 33: من لا يقدر إلا على الملحون أو تبديل بعض الحروف و لا يستطيع أن يتعلم أجزأه ذلك]

[1525] مسألة 33: من لا يقدر إلا على الملحون أو تبديل بعض الحروف و لا يستطيع أن يتعلم أجزأه ذلك و لا يجب عليه الائتمام و إن كان أحوط، و كذا الأخرس لا يجب عليه الائتمام.

[مسألة 34: القادر على التعلم إذا ضاق وقته قرأ من الفاتحة ما تعلّم و قرأ من سائر القرآن عوض البقية]

[1526] مسألة 34: القادر على التعلم إذا ضاق وقته قرأ من الفاتحة ما تعلّم و قرأ من سائر القرآن عوض البقية (1) و الأحوط مع ذلك تكرار ما يعلمه بقدر البقية، و إذا لم يعلم منها شيئا قرأ من سائر القرآن بعدد آيات الفاتحة بمقدار حروفها (2) و إن لم يعلم شيئا من القرآن سبّح و كبّر و ذكر بقدرها (3)، و الأحوط الإتيان بالتسبيحات الأربعة بقدرها، و يجب تعلم السورة أيضا، و لكن الظاهر عدم وجوب البدل لها في ضيق الوقت و إن كان أحوط.

[مسألة 35: لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحمد و السورة]

[1527] مسألة 35: لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحمد و السورة (4)،

______________________________
(1) على الأحوط الأولى، فإن وجوب ذلك بدلا عن البقية لا يمكن إثباته بالدليل.

(2) تقدم أن أصل البدلية غير ثابت فضلا عن كون البدل مطابقا للمبدل حتى في عدد الحروف و إن كانت رعاية الاحتياط في الجميع أولى و أجدر.

(3) على الأحوط الأولى، فإن ما هو ثابت بمقتضى صحيحة عبد الله بن سنان هو أن المصلي إذا لم يعلم شيئا من القرآن كبر و سبّح و صلّى.

(4) في عدم الجواز اشكال بل منع، إذ لا دليل عليه ما عدا شهرة المسألة بين الأصحاب، و دعوى الاجماع عليها، و الاستدلال بالآية الشريفة كقوله تعالى:

(لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ)* و الكل كما ترى.

أما الشهرة، فلا تكون حجة في نفسها حتى يمكن الاعتماد عليها في عملية الاستنباط.

و أما الاجماع، فقد ذكرنا في ابحاثنا الفقهية ان حجيته منوطة بتوفر أمرين‌

 

234
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 35 لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحمد و السورة ص 234

..........

______________________________
فيه ..

أحدهما: أن يكون بين الفقهاء المتقدمين.

و الآخر: أن لا يكون في المسألة ما يصلح أن يكون مدركا له.

و كلا الأمرين غير متوفر.

أما الأوّل: فلأنّه لا طريق لنا إلى احراز الاجماع و التسالم بينهم في المسألة.

و أما الثاني: فليس بإمكاننا احراز أنّهم جميعا استندوا في المسألة إلى الاجماع لاحتمال أن جماعة منهم استندوا إلى الوجه الأول و جماعة أخرى استندوا إلى الوجه الثاني.

و أما الاستدلال بالآية الشريفة، فهو غريب جدا، لأنّ التعليم عمل عقلائي له شأن في المجتمع و يبذلون بازائه اموالا هائلة، فإذن كيف يمكن أن يقال أن أخذ الأجرة بازائه من الأكل بالباطل، و أما وجوبه شرعا فهو لا يمنع عن ذلك على أساس أن وجوبه بما هو أمر اعتباري ذهني لا ينافي ماليته إلّا إذا أخذ في متعلقه قيد زائد و هو المجانية.

و هذا يعني أن متعلق الوجوب حصة خاصة من التعلم و هي التعلم المجاني، و من المعلوم أن هذا التقييد بحاجة إلى دليل، و لا يكفي ما دل على وجوبه، و على هذا فلا مانع من صحة الاجارة عليه حيث أن المانع منها أحد أمرين: الأول سقوطه عن المالية، و الثاني خروجه عن قدرته و سلطانه و لو شرعا، و كلاهما لا واقع موضوعي لهما.

أما الأول، فلا شبهة في ماليته لدى العقلاء من دون أن يكون وجوبه منافيا لها كما عرفت.

و أما الثاني، فلا شبهة في أنه تحت قدرته و سلطانه باعتبار أنّ قيد المجانية‌

 

235
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 35 لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحمد و السورة ص 234

..........

______________________________
غير مأخوذ فيه كما مر.

و من هنا لا شبهة في صحة جعل الواجب شرطا في ضمن عقد، و دعوى: أن ما دل على وجوب شي‌ء بالمطابقة يدل على الاتيان به مجانا بالالتزام، فمن أجل ذلك لا يجوز أخذ الأجرة عليه ...

خاطئة، فإن مقتضى دليل الوجوب لزوم الاتيان بمتعلقه بما له من الأجزاء و الشرائط في الخارج لما يترتب عليه من الفائدة و الأثر التي تدعوا المولى الى إيجابه، و أما أن هذا الاتيان لا بدّ أن يكون مجانا فالدليل ساكت عنه، لأنّه شي‌ء خارج عن متعلقه، فاعتباره فيه بحاجة إلى دليل.

و إن شئت قلت: أن الأمر المتعلق بشى‌ء لا يقتضي إلّا الاتيان به فحسب دون الأكثر و أما اعتبار خصوصية زائدة فيه كالإتيان به مجانا و بدون أخذ الأجرة فهو بحاجة إلى قرينة خارجية تدل عليه، و أما الأمر فهو لا يدل عليه لا مطابقة و لا التزاما و أما الأول فهو واضح. و أما الثاني، فلأنّ الدلالة الالتزامية لا يمكن أن تكون جزافا، فلا محالة تكون مبنية على نكتة مبررة لها، و لا نكتة في المقام إلّا على القول بأن الغرض الداعي إلى إيجابه لا يترتب عليه مع أخذ الأجرة، و إنما يترتب على حصة خاصة منه و هي وجوده مجانا و بلا أخذ الأجرة و من المعلوم أن الأمر لا يدل عليه لا بمادته و لا بهيئته، أما بالأولى فظاهر لأنها موضوعة للطبيعة المهملة، و أما بالثانية فمفادها وجوب تلك الطبيعة.

فالنتيجة: أن الوجوب بذاته لا ينافي أخذ الأجرة على الواجب و لا بلحاظ اقتضائه.

و من هنا يظهر أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون الواجب توصليا أو تعبديا، و ذلك لأن الغرض في الواجب التعبدي إنّما يترتب على حصة خاصة منه و هي‌

 

236
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 35 لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحمد و السورة ص 234

بل و كذا على تعليم سائر الأجزاء الواجبة من الصلاة، و الظاهر جواز أخذها على تعليم المستحبات.

[مسألة 36: يجب الترتيب بين آيات الحمد و السورة و بين كلماتها و حروفها، و كذا الموالاة]

[1528] مسألة 36: يجب الترتيب بين آيات الحمد و السورة و بين كلماتها و حروفها، و كذا الموالاة، فلو أخلّ بشي‌ء من ذلك عمدا بطلت صلاته.

[مسألة 37: لو أخلّ بشي‌ء من الكلمات أو الحروف أو بدّل حرفا بحرف حتى الضاد بالظاء أو العكس بطلت]

[1529] مسألة 37: لو أخلّ بشي‌ء من الكلمات أو الحروف أو بدّل حرفا بحرف حتى الضاد بالظاء أو العكس بطلت (1)، و كذا لو أخلّ بحركة بناء أو

______________________________
الحصة المقيدة بقصد القربة لا مطلقا، و الوجوب المتعلق بها لا يقتضي إلّا الاتيان بها في الخارج باعتبار ما يترتب على وجودها فيه من الغرض، و أما اعتبار قصد القربة فيه فهو لا يمنع عن أخذ الأجرة، لأن الاجارة إنما تقع على الواجب العبادي بما له من الأجزاء و الشرائط منها قصد القربة، فالأمر الجائى من قبل الاجارة تعلق بالاتيان به بنية القربة، لفرض أنها على العبادة.

إلى هنا قد ظهر أن وجوب شي‌ء لا يمنع من أخذ الأجرة عليه لا في نفسه و لا بلحاظ اقتضائه حتى فيما إذا كان تعبديا فضلا عن كونه توصليا أو كفائيا.

فإذن عدم الجواز بحاجة إلى دليل، فإن قام دليل من الخارج، كما إذا قام على وجوب الاتيان به مجانا فهو، و إلّا فمقتضى القاعدة الجواز.

(1) هذا إذا صلّى هكذا عامدا ملتفتا إلى أن ذلك لا يجوز و أما إذا كان ناسيا أو غافلا و غير منتبه إلى أن ذلك لا يجوز فلا تبطل صلاته، و حينئذ فإن انتبه إلى الحال قبل أن يركع من تلك الركعة وجب عليه تدارك ما فاته من القراءة الصحيحة و الاتيان بها على الوجه المطلوب ثانيا، و أما إذا انتبه بعد الركوع من تلك الركعة فلا يجب عليه التدارك فضلا عما إذا انتبه بعد الفراغ من الصلاة، و ذلك لحديث لا تعاد، هذا فيما اذا كان الاخلال بجوهر الكلمة أو هيئتها أو اعرابها الموجب للإخلال بنفسها و أما إذا كان الاخلال بصفتها كما إذا فاته الاستقرار في حال الاتيان‌

 

237
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 37 لو أخل بشي‌ء من الكلمات أو الحروف أو بدل حرفا بحرف حتى الضاد بالظاء أو العكس بطلت ص 237

إعراب أو مدّ واجب أو تشديد أو سكون لازم، و كذا لو أخرج حرفا من غير مخرجه بحيث يخرج عن صدق ذلك الحرف في عرف العرب.

[مسألة 38: يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة «اللّه» و «الرحمن» و «الرحيم» و «اهدنا» و نحو ذلك]

[1530] مسألة 38: يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة «اللّه» و «الرحمن» و «الرحيم» و «اهدنا» و نحو ذلك، فلو أثبتها بطلت، و كذا يجب إثبات همزة القطع كهمزة «أنعمت»، فلو حذفها حين الوصل بطلت (1).

[مسألة 39: الأحوط ترك الوقف بالحركة و الوصل بالسكون]

[1531] مسألة 39: الأحوط ترك الوقف بالحركة و الوصل بالسكون (2).

[مسألة 40: يجب أن يعلم حركة آخر الكلمة إذا أراد أن يقرأها]

[1532] مسألة 40: يجب أن يعلم حركة آخر الكلمة إذا أراد أن يقرأها‌

______________________________
بها، أو الجهر فيما يجب أن يجهر أو الاخفات فيما يجب أن يخفت، فلا تجب عليه اعادة القراءة التي قرأها في حال عدم استقراره في قيامه أو قرأها جهرا في محل الاخفات واجبا أو بالعكس شريطة أن يصدر ذلك منه نسيانا أو جهلا بالحكم، أما بالنسبة إلى الجهر و الاخفات فللنصوص الخاصة الدالة على أن الجهر في موضع الاخفات و بالعكس يجزى للناسي و الجاهل بالحكم و أما الاستقرار، فلا إطلاق لدليل اعتباره، فالمتيقن منه ان اخلاله عامدا و ملتفتا إلى عدم الجواز موجب للبطلان لا مطلقا، ثم إن في بطلان الصلاة بالاخلال عامدا ببعض ما في هذه المسألة اشكالا، بل منعا كالإخلال بالمد أو بالسكون حيث لا دليل على وجوبهما لكي يكون الاخلال بهما مضرا بالصلاة على ما سوف يأتي التعرض لحكمهما في ضمن المسائل الآتية.

(1) هذا إذا كان عامدا ملتفتا إلى أنّه لا يجوز، لا مطلقا، كما يظهر وجهه من التعليق في المسألة السابقة.

(2) لا بأس بتركه حيث لا دليل على اعتبار شي‌ء منهما تعبدا، و لا يكون دخيلا في صحة الكلام، فإن الوقف بالحركة أو الوصل بالسكون موجود في كلمات العرب من دون أن يعدّونه من الاغلاط و الألحان.

a

238
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 40 يجب أن يعلم حركة آخر الكلمة إذا أراد أن يقرأها ص 238

بالوصل بما بعدها، مثلا إذا أراد أن يقف على «العالمين» و يصلها بقوله:

«الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ» يجب أن يعلم أن النون مفتوح و هكذا، نعم إذا كان يقف على كل آية لا يجب عليه أن يعلم حركة آخر الكلمة.

[مسألة 41: لا يجب أن يعرف مخارج الحروف على طبق ما ذكره علماء التجويد]

[1533] مسألة 41: لا يجب أن يعرف مخارج الحروف على طبق ما ذكره علماء التجويد، بل يكفي إخراجها منها و إن لم يلتفت إليها، بل لا يلزم إخراج الحرف من تلك المخارج، بل المدار صدق التلفظ بذلك الحرف و إن خرج من غير المخرج الذي عيّنوه، مثلا إذا نطق بالضاد أو الظاء على القاعدة لكن لا بما ذكروه من وجوب جعل طرف اللسان من الجانب الأيمن أو الأيسر على الأضراس العليا صح، فالمناط الصدق في عرف العرب، و هكذا في سائر الحروف فما ذكره علماء التجويد مبني على الغالب.

[مسألة 42: المدّ الواجب هو فيما إذا كان بعد أحد حروف المدّ]

[1534] مسألة 42: المدّ الواجب هو فيما إذا كان بعد أحد حروف المدّ (1)- و هي الواو المضموم ما قبلها و الياء المكسور ما قبلها و الألف المفتوح ما قبلها- همزة مثل جاء و سوء و جي‌ء أو كان بعد أحدها سكون لازم خصوصا إذا كان مدغما في حرف آخر مثل «الضّٰالِّينَ»*.

[مسألة 43: إذا مدّ في مقام وجوبه أو في غيره أزيد من المتعارف]

[1535] مسألة 43: إذا مدّ في مقام وجوبه أو في غيره أزيد من المتعارف لا يبطل إلا إذا خرجت الكلمة عن كونها تلك الكلمة.

______________________________
(1) في الوجوب اشكال بل منع، إذ لا دليل عليه. نعم يجب المد بمقدار يظهر حروفه من الألف و الواو و الياء دون أكثر من ذلك. و أما تحديده بمقدار ألفين أو أكثر فلا أصل له، و بذلك يظهر حال ما بعده، كما يظهر به حال المسألتين الآتيتين.

 

239
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 44 يكفي في المد مقدار ألفين و أكمله إلى أربع ألفات ص 240

[مسألة 44: يكفي في المد مقدار ألفين، و أكمله إلى أربع ألفات]

[1536] مسألة 44: يكفي في المد مقدار ألفين، و أكمله إلى أربع ألفات، و لا يضر الزائد ما لم يخرج الكلمة عن الصدق.

[مسألة 45: إذا حصل فصل بين حروف كلمة واحدة اختيارا أو اضطرارا بحيث خرجت عن الصدق بطلت]

[1537] مسألة 45: إذا حصل فصل بين حروف كلمة واحدة اختيارا أو اضطرارا بحيث خرجت عن الصدق بطلت، و مع العمد أبطلت (1).

[مسألة 46: إذا أعرب آخر الكلمة بقصد الوصل بما بعده فانقطع نفسه فحصل الوقف بالحركة فالأحوط إعادتها]

[1538] مسألة 46: إذا أعرب آخر الكلمة بقصد الوصل بما بعده فانقطع نفسه فحصل الوقف بالحركة فالأحوط إعادتها (2)، و إن لم يكن الفصل كثيرا اكتفى بها.

[مسألة 47: إذا انقطع نفسه في مثل «الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ» بعد الوصل بالألف و اللام و حذف الألف هل يجب إعادة الألف و اللام]

[1539] مسألة 47: إذا انقطع نفسه في مثل «الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ» بعد الوصل بالألف و اللام و حذف الألف هل يجب إعادة الألف و اللام بأن يقول:

المستقيم أو يكفي قوله: مستقيم؟ الأحوط الأول (3)، و أحوط منه إعادة

______________________________
(1) هذا اذا تعمد قاصدا منذ بداية نطقه بتلك الكلمة بأن يفعل ذلك و فعل بطلت صلاته باعتبار أنه نوى الزيادة فيها من البداية عامدا ملتفتا إلى أنّها لا تجوز فيكون ذلك مشمولا لقوله عليه السّلام: (من زاد في صلاته فعليه الاعادة) «1» و أما إذا تعمد قطع الكلمة في الأثناء، كما إذا بدأ بالكلمة و قبل إتمامها أخذه السعال الشديد مثلا فقصد منذ بداية السعال عامدا قطعها و فعل ذلك بطلت نفس هذه الكلمة دون الصلاة لعدم نية الزيادة فيها، و عندئذ فوظيفته أن يعيد النطق بالكلمة على الوجه الصحيح فإذا أعاد صحت صلاته، و في حكم الكلمة الواحدة المضاف و المضاف اليه و الجار و المجرور و الصفة و الموصوف و الفعل و الفاعل و المبتدأ و الخبر.

(2) لا بأس بتركه، و قد ظهر وجهه من التعليق على المسألة (39).

(3) بل هو الأقوى، باعتبار أن لام التعريف تعد جزءا من الكلمة فلا يجوز الفصل بينه و بينها، و بذلك يظهر حال ما بعده.

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 19 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث: 2.

 

240
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 47 إذا انقطع نفسه في مثلا لصراط المستقيم بعد الوصل بالألف و اللام و حذف الألف هل يجب إعادة الألف و اللام ص 240

الصراط أيضا، و كذا إذا صار مدخول الألف و اللام غلطا كأن صار مستقيم غلطا، فإذا أراد أن يعيده فالأحوط أن يعيد الألف و اللام أيضا بأن يقول:

المستقيم؛ و لا يكتفي بقوله: مستقيم، و كذا إذا لم يصح المضاف إليه فالأحوط إعادة المضاف، فإذا لم يصح لفظ المغضوب فالأحوط أن يعيد لفظ «غير» أيضا.

[مسألة 48: الإدغام في مثل مدّ و ردّ مما اجتمع في كلمة واحدة مثلان واجب]

[1540] مسألة 48: الإدغام في مثل مدّ و ردّ مما اجتمع في كلمة واحدة مثلان واجب سواء كانا متحركين كالمذكورين أو ساكنين كمصدرهما.

[مسألة 49: الأحوط الإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف «يرملون» مع الغنة]

[1541] مسألة 49: الأحوط الإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف «يرملون» مع الغنة فيما عدا اللام و الراء، و لا معها فيهما، لكن الأقوى عدم وجوبه.

[مسألة 50: الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبعة]

[1542] مسألة 50: الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبعة، و إن كان الأقوى عدم وجوبها، بل يكفي القراءة على النهج العربي و إن كانت مخالفة لهم في حركة بنية أو إعراب (1).

[مسألة 51: يجب إدغام اللام مع الألف و اللام في أربعة عشر حرفا]

[1543] مسألة 51: يجب إدغام اللام مع الألف و اللام في أربعة عشر حرفا و هي التاء و الثاء و الدال و الذال و الراء و الزاي و السين و الشين و الصاد و الضاد و الطاء و الظاء و اللام و النون، و إظهارها في بقية الحروف فتقول في

______________________________
(1) في إطلاق ذلك إشكال بل منع، فإن الواجب علينا القراءة على طبق قراءة مشهورة متلقاة من زمان المعصومين عليه السّلام يدا بيد، و يدخل في ذلك القراءة السبع المشهورة و على هذا فالقراءة المذكورة التي هي مخالفة للقراءات السبع في الحركات و الاعراب فإن كانت معروفة و مشهورة في ذلك الزمان فلا بأس بها، و إلّا فلا تجوز.

 

241
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 51 يجب إدغام اللام مع الألف و اللام في أربعة عشر حرفا ص 241

«اللّه» و «الرحمن» و «الرحيم» و «الصراط» و «الضالين» مثلا بالإدغام، و في «الحمد» و «العالمين» و «المستقيم» و نحوها بالإظهار.

[مسألة 52: الأحوط الإدغام في مثل «اذهب بكتابي» و «يدرككم» مما اجتمع المثلان في كلمتين مع كون الأول ساكنا]

[1544] مسألة 52: الأحوط الإدغام في مثل «اذهب بكتابي» و «يدرككم» مما اجتمع المثلان في كلمتين مع كون الأول ساكنا، لكن الأقوى عدم وجوبه.

[مسألة 53: لا يجب ما ذكره علماء التجويد من المحسنات كالإمالة و الإشباع و التفخيم و الترقيق و نحو ذلك]

[1545] مسألة 53: لا يجب ما ذكره علماء التجويد من المحسنات كالإمالة و الإشباع و التفخيم و الترقيق و نحو ذلك، بل و الإدغام غير ما ذكرنا و إن كان متابعتهم أحسن.

[مسألة 54: ينبغي مراعاة ما ذكروه من إظهار التنوين و النون الساكنة]

[1546] مسألة 54: ينبغي مراعاة ما ذكروه من إظهار التنوين و النون الساكنة إذا كان بعدهما أحد حروف الحلق، و قلبهما فيما إذا كان بعدهما حرف الباء، و إدغامهما إذا كان بعدهما أحد حروف يرملون، و إخفاؤهما إذا كان بعدهما بقية الحروف، لكن لا يجب شي‌ء من ذلك حتى الإدغام في «يرملون» كما مر.

[مسألة 55: ينبغي أن يميّز بين الكلمات و لا يقرأ بحيث يتولد بين الكلمتين كلمة مهملة]

[1547] مسألة 55: ينبغي أن يميّز بين الكلمات و لا يقرأ بحيث يتولد بين الكلمتين كلمة مهملة كما إذا قرأ «الحمد للّه» بحيث يتولد لفظ «دلل» أو تولد من «للّه رب» لفظ «هرب»، و هكذا في «مالك يوم الدين» تولد «كيو»، و هكذا في بقية الكلمات و هذا معنى ما يقولون إن في الحمد سبع كلمات مهملات و هي: دلل و هرب و كيو و كنع و كنس و تع و بع.

[مسألة 56: إذا لم يقف على «أحد» في «قل هو اللّه أحد» و وصله ب‍ «اللّه الصمد»]

[1548] مسألة 56: إذا لم يقف على «أحد» في «قل هو اللّه أحد» و وصله ب‍ «اللّه الصمد» يجوز أن يقول أحد اللّه الصمد بحذف التنوين من أحد (1)،

______________________________
(1) في جواز ذلك إشكال بل منع، فإن الواجب في مسألة القراءة كما مر‌

 

242
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 56 إذا لم يقف على أحد فيقل هو الله أحد و وصله ب‍الله الصمد ص 242

و أن يقول: أحدن اللّه الصمد بأن يكسر نون التنوين، و عليه ينبغي أن يرقق اللام من اللّه، و أما على الأول فينبغي تفخيمه كما هو القاعدة الكلية من تفخيمه إذا كان قبله مفتوحا أو مضموما و ترقيقه إذا كان مكسورا.

[مسألة 57: يجوز قراءة مالك و ملك يوم الدين]

[1549] مسألة 57: يجوز قراءة مالك و ملك يوم الدين، و يجوز في الصراط بالصاد و السين، بأن يقول: السراط المستقيم و سراط الذين.

[مسألة 58: يجوز في كفوا أحد أربعة وجوه]

[1550] مسألة 58: يجوز في كفوا أحد أربعة وجوه: كفؤا بضم الفاء و بالهمزة، و كفؤا بسكون الفاء و بالهمزة، و كفوا بضم الفاء و بالواو، و كفوا بسكون الفاء و بالواو، و إن كان الأحوط ترك الأخيرة (1).

[مسألة 59: إذا لم يدر إعراب كلمة أو بناءها أو بعض حروفها أنه الصاد مثلا أو السين أو نحو ذلك]

[1551] مسألة 59: إذا لم يدر إعراب كلمة أو بناءها أو بعض حروفها أنه الصاد مثلا أو السين أو نحو ذلك يجب عليه أن يتعلم، و لا يجوز له أن يكررها بالوجهين (2) لأن الغلط من الوجهين ملحق بكلام الآدميين.

______________________________
هو القراءة المشهورة المعروفة في زمان الأئمة عليهم السّلام، و هذه القراءة ليست من القراءات السبع و لا من القراءة المعروفة غيرها، فإذن لا يمكن الاكتفاء بها.

(1) بل هو الأظهر لأنّ هذه القراءة ليست من القراءات المعروفة و المشهورة لكي تكون مجزية في مقام الامتثال.

(2) في إطلاقه إشكال بل منع، فإنّه يجوز أن يقرأها بوجهين إذا لم يوجب التردد الحاصل بين القراءتين خروج الكلمة عن كونها ذكرا بأن يقصد بأحدهما القرآن و بالآخر الذكر، و إلّا فعليه أن يقرأ بوجه واحد احتياطا إذا كان ذلك في أثناء الصلاة أو قبلها و لكنه لا يتمكن من التعلم أو التأكد على صحة أحد الوجهين ثم بعد الصلاة يتأكد من صحة ما قرأ، فإن كان صحيحا فهو و إلّا وجبت عليه الاعادة باعتبار‌

 

243
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 60 إذا اعتقد كون الكلمة على الوجه الكذائي من حيث الإعراب أو البناء ص 244

[مسألة 60: إذا اعتقد كون الكلمة على الوجه الكذائي من حيث الإعراب أو البناء]

[1552] مسألة 60: إذا اعتقد كون الكلمة على الوجه الكذائي من حيث الإعراب أو البناء أو مخرج الحرف فصلى مدة على تلك الكيفية ثم تبين له كونه غلطا فالأحوط الإعادة أو القضاء، و إن كان الأقوى عدم الوجوب.

______________________________
أنّ ما أتى به ليس مصداقا للصلاة المأمور بها، و حديث لا تعاد لا يشمل المقام.

 

244
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الركعة الثالثة و الرابعة ص 245

[فصل في الركعة الثالثة و الرابعة]

فصل في الركعة الثالثة و الرابعة في الركعة الثالثة من المغرب و الأخيرتين من الظهرين و العشاء يتخير بين قراءة الحمد أو التسبيحات الأربع و هي «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر» و الأقوى إجزاء المرة، و الأحوط الثلاث، و الأولى (1) إضافة الاستغفار إليها و لو بأن يقول: «اللهم اغفر لي» و من لا يستطيع يأتي بالممكن منها (2)، و إلا أتى بالذكر المطلق (3)، و إن كان قادرا على قراءة

______________________________
(1) بل على الأحوط لصحيحة عبيد بن زرارة الآمرة به و لكن من جهة حمل المشهور الأمر فيها على الاستحباب و عدم القول بالوجوب في المسألة صريحا و خلو سائر الأخبار عنه يمنع عن الجزم بالوجوب، و أما الاحتياط فلا يترك.

(2) هذا مبني على قاعدة الميسور و هي غير تامة، و دعوى أن ذلك ليس مبنيا على تلك القاعدة بل هو مبني على أن المتفاهم العرفي من الروايات أن كلا من التسبيح و التحميد و التهليل و التكبير واجب مستقل لا أن المجموع واجب واحد و كل واحد منها جزء الواجب.

مدفوعة: لأن هذه الدعوى غريبة، إذ لا شبهة في أن المتفاهم منها عرفا أن المجموع واجب واحد و كل منها جزؤه، فإذا سقط سقط الكل.

(3) على الأحوط الأولى، إذ قيام ذكر آخر مقام الذكر الواجب عند تعذره‌

 

245
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الركعة الثالثة و الرابعة ص 245

الحمد تعينت حينئذ.

[مسألة 1: إذا نسي الحمد في الركعتين الأوليين فالأحوط اختيار قراءته في الأخيرتين]

[1553] مسألة 1: إذا نسي الحمد في الركعتين الأوليين فالأحوط اختيار قراءته في الأخيرتين، لكن الأقوى بقاء التخيير بينه و بين التسبيحات.

[مسألة 2: الأقوى كون التسبيحات أفضل من قراءة الحمد في الأخيرتين]

[1554] مسألة 2: الأقوى كون التسبيحات أفضل من قراءة الحمد في الأخيرتين (1) سواء كان منفردا أو إماما أو مأموما.

______________________________
بحاجة إلى دليل و هو مفقود.

(1) في القوة مطلقا اشكال بل منع، إذ لم تثبت افضلية التسبيحات من القراءة لا للإمام في الجماعة و لا للمنفرد في صلاته و لا للمأموم في خصوص الصلوات الاخفاتية و أما في الصلوات الجهرية فالأظهر اختيار التسبيح في صورة واحدة و هي ما إذا قرأ الامام فيهما لا مطلقا، بيان ذلك:

أن الروايات الواردة في هذه المسألة تصنف إلى ثلاث مراتب.

المرتبة الأولى: الروايات الدالة على أن الوظيفة الأولية المجعولة فيهما في الشريعة المقدسة هي التسبيحات دون القراءة.

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: (عشر ركعات، ركعتان من الظهر و ركعتان من العصر و ركعتا الصبح و ركعتا المغرب و ركعتا العشاء الآخرة لا يجوز فيهن الوهم- إلى أن قال: و هي الصلاة التي فرضها الله، و فوض الى محمد صلّى اللّه عليه و آله، فزاد النبي صلّى اللّه عليه و آله في الصلاة سبع ركعات و هي سنة ليس فيهن قراءة، أنما هو تسبيح و تهليل و تكبير و دعاء فالوهم إنما هو فيهن ...).

«1» و منها: صحيحته الأخرى عن أبي جعفر عليه السّلام قال: (كان الذي فرض الله على العباد من الصلاة عشر ركعات و فيهن القراءة و ليس فيهن و هم يعني سهوا، فزاد رسول الله صلّى اللّه عليه و آله سبعا و فيهن الوهم و ليس فيهن قراءة ...) «2» فإنهما تدلان بوضوح على أن القراءة لم تشرع في الأخيرتين و إنما شرعت فيهما التسبيحات الأربع فحسب.

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 42 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 6.

(2) الوسائل ج 6 باب: 51 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 6.

 

246
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 الأقوى كون التسبيحات أفضل من قراءة الحمد في الأخيرتين ص 246

..........

______________________________
و منها: غيرهما.

المرتبة الثانية: ما يدل على أن قراءة فاتحة الكتاب في الركعتين الاخيرتين بملاك أنها تحميد و دعاء لا بعنوان أنها فاتحة الكتاب و هو صحيحة زرارة قال:

(سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الركعتين الاخيرتين من الظهر، قال: تسبح و تحمد الله و تستغفر لذنبك و إن شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد و دعاء) «1» فإن لسان هذه الصحيحة لسان الحكومة و تبين ان مشروعية قراءة فاتحة الكتاب في الركعتين الأخيرتين إنّما هي بعنوان أنها مصداق للتحميد و الدعاء، فإذن لا تكون منافية للروايتين المتقدمتين في المرتبة الأولى، فإنّهما إنما تنفيان مشروعية قراءة فاتحة الكتاب في الركعتين الأخيرتين بعنوان فاتحة الكتاب كما كانت مشروعة كذلك في الركعتين الاوليين، هذا من ناحية. و من ناحية أخرى انها بلسانها الحكومي تعالج المشكلة الناشئة من المعارضة بين الروايات في المرتبة الثالثة.

المرتبة الثالثة: الروايات الواردة في الامام و المأموم دون المنفرد.

أما في الامام، فقد دلت صحيحة معاوية بن عمار و صحيحة منصور بن حازم أن وظيفة الامام في الركعتين الأخيرتين قراءة فاتحة الكتاب، و في مقابلهما معتبرة سالم بن أبي خديجة، فانها تدل على أن وظيفته التسبيح فيهما. فتكون معارضة لهما.

و لكن صحيحة زرارة المتقدمة بضميمة الروايات في المرتبة الأولى الدالة على عدم مشروعية القراءة في الركعتين الاخيرتين تبين المراد من صحيحتي معاوية و منصور و تفسّره بما ينسجم مع مدلول المعتبرة، و هو أن قراءة فاتحة الكتاب فيهما باعتبار أنها تحميد و دعاء لا بما أنها قراءة فاتحة الكتاب كما كان كذلك في الركعتين الأوليين. فإذن لا معارضة في البين حيث أن مقتضى الصحيحة‌

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 42 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 1.

 

247
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 الأقوى كون التسبيحات أفضل من قراءة الحمد في الأخيرتين ص 246

..........

______________________________
أن الوظيفة في الركعتين الأخيرتين هي التخيير بين التسبيحات الأربع و بين التحميد و الدعاء.

قد يقال: ان التفصيل في صحيحتي معاوية و منصور بين الامام و المأموم في أن وظيفة الأول قراءة فاتحة الكتاب، و وظيفة الثاني التسبيح يدل على أن فاتحة الكتاب بعنوانها وظيفة للإمام لا بعنوان أنها مصداق للتحميد و الدعاء.

و الجواب عن ذلك: ان التفصيل في نفسه و إن كان ظاهرا في ذلك، إلّا أنه ينسجم مع كون قراءة فاتحة الكتاب تحميدا و دعاء أيضا، و على هذا فالتفصيل إنما هو بنكتة ان الاتيان بأحد فردي الواجب يكون أفضل للإمام، و الاتيان بالآخر يكون أفضل للمأموم، فإذن لا مناص من حمل التفصيل على ذلك بقرينة حكومة الصحيحة عليهما التي تبين المراد من قراءة فاتحة الكتاب فيهما.

و مع الاغماض عن ذلك و استقرار المعارضة بينهما تسقط من جهة المعارضة فالمرجع هو العام الفوقي، و هو في المقام معتبرة علي بن حنظلة الناصة في التخيير مطلقا بلا فرق بين الامام و المأموم و المنفرد.

و مع الاغماض عنها أيضا فالمرجع هو روايات المرتبة الأولى الدالة على عدم مشروعية القراءة في الركعتين الاخيرتين، و الروايات المطلقة الدالة على أن الوظيفة فيهما التسبيح بلا فرق بين الامام و المأموم و المنفرد.

و أمّا في المأموم: فقد دلت صحيحة معاوية ان وظيفته التسبيح في الركعتين الأخيرتين، و في مقابلها معتبرة سالم بن أبي خديجة، فإنها تدل على أن وظيفته قراءة فاتحة الكتاب، و لكن على ضوء حكومة الصحيحة على المعتبرة و بيان المراد منها ترتفع المعارضة بينهما و يحمل التفصيل بين الامام و المأموم في الركعتين الأخيرتين على الأفضلية، فإذن تكون المعارضة بين المعتبرة و صحيحة معاوية في‌

 

248
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يجوز أن يقرأ في إحدى الأخيرتين الحمد و في الأخرى التسبيحات ص 249

[مسألة 3: يجوز أن يقرأ في إحدى الأخيرتين الحمد و في الأخرى التسبيحات]

[1555] مسألة 3: يجوز أن يقرأ في إحدى الأخيرتين الحمد و في الأخرى

______________________________
الأفضلية، فتسقطان و يرجع إلى العام الفوقي و هو معتبرة علي بن حنظلة، نعم قد يقال: ان صحيحة زرارة التي يكون موردها الصلاة الجهرية قد نهت المأموم عن القراءة في الركعتين الأخيرتين، فبما أنها تكون أخص من معتبرة سالم فتقيد اطلاقها بغير الصلاة الجهرية.

و لكن للمناقشة فيه مجال، فإن الظاهر من الصحيحة هو أن وظيفة المأموم ترك القراءة و الانصات في الركعتين الأخيرتين أيضا إذا قرأ الامام فيهما بقرينة قوله عليه السّلام بعد نهي المأموم عن القراءة: (فإن الله عزّ و جل يقول للمؤمنين وَ إِذٰا قُرِئَ الْقُرْآنُ- يعني في الفريضة خلف الامام- فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) «1»، و لا تدل على أن وظيفته التسبيح، فانها إنما تدل على أن القراءة ليست وظيفة له، و أما أن وظيفته التسبيح أو لا فهي ساكتة عنها نفيا و اثباتا فلو كنا نحن و هذه الصحيحة لم نقل بوجوب التسبيح عليه في فرض قراءة الامام- فاتحة الكتاب، و أما في فرض عدم قراءته فالصحيحة لا تدل على أن وظيفته أيضا ترك القراءة.

هذا اضافة إلى أنا لو سلمنا أن الصحيحة تقيد اطلاق المعتبرة بغير الصلاة الجهرية إلّا أنّه لا أثر لهذا التقييد في المقام إلّا على القول بانقلاب النسبة، فإنه على هذا القول فبما أن المعتبرة تصبح أخص من صحيحة معاوية فترتفع المعارضة بينهما، و لكن بما اننا بنينا في علم الأصول على عدم القول بالانقلاب فالمعارضة بينهما تظل باقية.

الى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة و هي أن وظيفة المصلي في الركعتين الأخيرتين التخيير بين القراءة و التسبيح مطلقا، أي بلا فرق بين الصلوات الاخفاتية و الجهرية، و بلا فرق بين كون المصلي اماما أو مأموما أو منفردا. نعم الأظهر للمأموم في الصلوات الجهرية اختيار التسبيح في صورة واحدة و هي ما إذا قرأ الامام فيهما.

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3.

 

249
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يجوز أن يقرأ في إحدى الأخيرتين الحمد و في الأخرى التسبيحات ص 249

التسبيحات (1)، فلا يلزم اتحادهما في ذلك.

[مسألة 4: يجب فيهما الإخفات سواء قرأ الحمد أو التسبيحات]

[1556] مسألة 4: يجب فيهما الإخفات سواء قرأ الحمد أو التسبيحات (2)، نعم إذا قرأ الحمد يستحب الجهر بالبسملة على الأقوى (3)، و إن كان الإخفات فيها أيضا أحوط.

[مسألة 5: إذا أجهر عمدا بطلت صلاته]

[1557] مسألة 5: إذا أجهر عمدا بطلت صلاته (4)، و أما إذا أجهر جهلا أو نسيانا صحت، و لا يجب الإعادة و إن تذكر قبل الركوع.

______________________________
(1) هذا في غير المأموم في الصلوات غير الجهرية، و أما المأموم في الصلوات الجهرية فالأظهر له اختيار التسبيح إذا اختار الامام القراءة فيهما كما مرّ.

(2) في الوجوب اشكال، و لا سيما في القراءة، و إن كان أحوط، لأن عمدة الدليل في المسألة هي سيرة المتشرعة الجارية على الاخفات فيهما منذ بداية التشريع إلى زماننا هذا، و لكن السيرة إذا ثبتت فدلالتها على الوجوب لا تخلو عن إشكال، و عليه فلا يمكن الحكم بكون المسألة صغرى لكبرى مطوية في صحيحة زرارة و هي قوله عليه السّلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه و أخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال: (أىّ ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته و عليه الاعادة) «1» و ذلك لأن الصحيحة ضابطة كلية لبيان حكم تارك الجهر و الاخفات فيما يكون معتبرا فيه و شرطا له، و المفروض في المسألة عدم احراز أن الجهر معتبر فيهما لكي تكون صغرى لها. فالنتيجة أن الوجوب مبني على الاحتياط و لا سيما بناء على ما تقدم من الاشكال في أصل وجوب الجهر في القراءة. نعم إذا كان المصلي اماما جاز له أن يقرأ الحمد فيهما جهرا إذا كان في الصلاة الجهرية كما هو ظاهر صحيحة زرارة.

(3) في القوة إشكال بل منع لعدم الدليل. نعم لا بأس بالاتيان بها بعنوان الرجاء.

(4) على الأحوط، و قد مر وجهه في التعليق على المسألة (4).

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 26 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 1.

 

250
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 إذا كان عازما من أول الصلاة على قراءة الحمد يجوز له أن يعدل عنه إلى التسبيحات ص 251

[مسألة 6: إذا كان عازما من أول الصلاة على قراءة الحمد يجوز له أن يعدل عنه إلى التسبيحات]

[1558] مسألة 6: إذا كان عازما من أول الصلاة على قراءة الحمد يجوز له أن يعدل عنه إلى التسبيحات، و كذا العكس، بل يجوز العدول في أثناء أحدهما إلى الآخر، و إن كان الأحوط عدمه.

[مسألة 7: لو قصد الحمد فسبق لسانه إلى التسبيحات فالأحوط عدم الاجتزاء به]

[1559] مسألة 7: لو قصد الحمد فسبق لسانه إلى التسبيحات فالأحوط عدم الاجتزاء به (1)، و كذا العكس، نعم لو فعل ذلك غافلا من غير قصد إلى أحدهما فالأقوى الاجتزاء به، و إن كان من عادته خلافه.

[مسألة 8: إذا قرأ الحمد بتخيل أنه في إحدى الأولتين فذكر أنه في إحدى الأخيرتين فالظاهر الاجتزاء به]

[1560] مسألة 8: إذا قرأ الحمد بتخيل أنه في إحدى الأولتين فذكر أنه في إحدى الأخيرتين فالظاهر الاجتزاء به و لا يلزم الإعادة أو قراءة التسبيحات و إن كان قبل الركوع، كما أن الظاهر أن العكس كذلك، فإذا قرأ الحمد بتخيل أنه في إحدى الأخيرتين ثم تبين أنه في إحدى الأوليين لا يجب عليه الإعادة، نعم لو قرأ التسبيحات ثم تذكر قبل الركوع أنه في إحدى الأولتين يجب عليه قراءة الحمد و سجود السهو بعد الصلاة لزيادة التسبيحات (2).

[مسألة 9: لو نسي القراءة و التسبيحات و تذكر بعد الوصول إلى حد الركوع]

[1561] مسألة 9: لو نسي القراءة و التسبيحات و تذكر بعد الوصول إلى حد

______________________________
(1) بل هو الأظهر لعدم القصد المعتبر في صحة العبادة. نعم يكفي في صحتها قصد الجامع إذا كان هو الواجب كما في المقام، و على هذا فإذا كان المصلي قاصدا للجامع في ضمن أحد فرديه خاصة و لكن حينما بدأ بالعمل غفل و اختاره في ضمن فرد آخر صح باعتبار أن الواجب العبادي هو الجامع و المعتبر إنما هو قصده دون فرده، و المفروض انه قاصد له و الغفلة إنما هي في مرحلة التطبيق و لا خصوصية في هذه المرحلة لفرد دون آخر.

(2) على الأحوط باعتبار أنه لا دليل على وجوبه لكل زيادة و نقيصة، و منه يظهر حال المسألة الآتية.

 

251
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 لو نسي القراءة و التسبيحات و تذكر بعد الوصول إلى حد الركوع ص 251

الركوع صحت صلاته و عليه سجدتا السهو للنقيصة، و لو تذكر قبل ذلك وجب الرجوع.

[مسألة 10: لو شك في قراءتهما بعد الهوي للركوع لم يعتن]

[1562] مسألة 10: لو شك في قراءتهما بعد الهوي للركوع لم يعتن و إن كان قبل الوصول إلى حده (1)، و كذا لو دخل في الاستغفار.

[مسألة 11: لا بأس بزيادة التسبيحات على الثلاث إذا لم يكن بقصد الورود]

[1563] مسألة 11: لا بأس بزيادة التسبيحات على الثلاث إذا لم يكن بقصد الورود بل كان بقصد الذكر المطلق.

[مسألة 12: إذا أتى بالتسبيحات ثلاث مرات]

[1564] مسألة 12: إذا أتى بالتسبيحات ثلاث مرات فالأحوط أن يقصد القربة و لا يقصد الوجوب و الندب (2) حيث إنه يحتمل أن يكون الأولى واجبة و الأخيرتين على وجه الاستحباب، و يحتمل أن يكون المجموع من حيث المجموع واجبا فيكون من باب التخيير بين الإتيان بالواحدة و الثلاث، و يحتمل أن يكون الواجب أيا منها شاء مخيرا بين الثلاث، فحيث إن الوجوه متعددة فالأحوط الاقتصار على قصد القربة، نعم لو اقتصر على المرة لم أن يقصد الوجوب.

______________________________
(1) في عدم الاعتناء اشكال بل منع، و الأظهر هو الاعتناء، اذ كفاية الدخول في المقدمات في جريان قاعدة التجاوز بحاجة إلى دليل و أدلة القاعدة لا تساعد عليها.

(2) بل للمصلي أن ينوي الوجوب في التسبيحة الأولى فحسب دون الثانية و الثالثة بلحاظ أن مقتضى صحيحة زرارة أن الواجب هو الاتيان بها مرة واحدة و لا يمكن أن يكون الواجب هو الجامع بين الاتيان بها مرة واحدة و الاتيان بها ثلاث مرات لأنّه من التخيير بين الأقل و الأكثر و هو غير معقول، فالصحيح أن الوجوب ساقط بالاتيان بها مرة واحدة فلا يمكن الاتيان بالزائد بقصد الوجوب.

 

252
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مستحبات القراءة ص 253

[فصل في مستحبات القراءة]

فصل في مستحبات القراءة و هي أمور:

الأول: الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الاولى بأن يقول:

«أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم»، أو يقول: «أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم»، و ينبغي أن يكون بالاخفات.

الثاني: الجهر بالبسملة في الإخفاتية، و كذا في الركعتين الأخيرتين إن قرأ الحمد، بل و كذا في القراءة خلف الإمام حتى في الجهرية (1)، و أما في الجهرية فيجب الإجهار بها على الإمام و المنفرد.

الثالث: الترتيل أي التأني في القراءة و تبيين الحروف على وجه يتمكن السامع من عدّها.

الرابع: تحسين الصوت بلا غناء.

الخامس: الوقف على فواصل الآيات.

السادس: ملاحظة معاني ما يقرأ و الاتعاظ بها.

السابع: أن يسأل اللّه عند آية النعمة أو النقمة ما يناسب كلا منها.

______________________________
(1) تقدم الاشكال في قراءة المأموم خلف الامام في الصلوات الجهرية إذا قرأها.

 

253
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مستحبات القراءة ص 253

الثامن: السكتة بين الحمد و السورة، و كذا بعد الفراغ منها بينها و بين القنوت أو تكبير الركوع.

التاسع: أن يقول بعد قراءة سورة الحمد: «كذلك اللّه ربي» مرة أو مرتين أو ثلاث، أو «كذلك للّه ربنا»، و أن يقول بعد فراغ الإمام من قراءة الحمد إذا كان مأموما: «الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ» بل و كذا بعد فراغ نفسه إن كان منفردا.

العاشر: قراءة بعض السور المخصوصة في بعض الصلوات: كقراءة عمّ يتساءلون، و هل أتى، و هل أتاك، و لا أقسم، و أشباهها في صلاة الصبح، و قراءة سبّح اسم، و الشمس، و نحوهما في الظهر و العشاء، و قراءة إذا جاء نصر اللّه، و ألهيكم التكاثر في العصر و المغرب، و قراءة سورة الجمعة في الركعة الاولى و المنافقين في الثانية في الظهر و العصر من يوم الجمعة، و كذا في صبح يوم الجمعة، أو يقرأ فيها في الاولى الجمعة و التوحيد في الثانية، و كذا في العشاء في ليلة الجمعة يقرأ في الاولى الجمعة و في الثانية المنافقين، و في مغربها الجمعة في الاولى و التوحيد في الثانية، و يستحب في كل صلاة قراءة إنا أنزلناه في الاولى و التوحيد في الثانية، بل لو عدل عن غيرهما، إليهما لما فيهما من الفضل أعطي أجر السورة التي عدل عنها مضافا إلى أجرهما، بل ورد أنه لا تزكو صلاة إلا بهما، و يستحب في صلاة الصبح من الاثنين و الخميس سورة هل أتى في الاولى و هل أتاك في الثانية.

[مسألة 1: يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس]

[1565] مسألة 1: يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس.

[مسألة 2: يكره قراءة التوحيد بنفس واحد]

[1566] مسألة 2: يكره قراءة التوحيد بنفس واحد، و كذا قراءة الحمد و السورة بنفس واحد.

[مسألة 3: يكره أن يقرأ سورة واحدة في الركعتين]

[1567] مسألة 3: يكره أن يقرأ سورة واحدة في الركعتين إلا سورة

 

254
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يكره أن يقرأ سورة واحدة في الركعتين ص 254

التوحيد.

[مسألة 4: يجوز تكرار الآية في الفريضة و غيرها و البكاء]

[1568] مسألة 4: يجوز تكرار الآية في الفريضة و غيرها و البكاء، ففي الخبر: «كان علي بن الحسين عليه السّلام إذا قرأ مالك يوم الدين يكررها حتى يكاد أن يموت»، و في آخر عن موسى بن جعفر عليه السّلام: «عن الرجل يصلي له أن يقرأ في الفريضة فتمرّ الآية فيها التخويف فيبكي و يردد الآية؟ قال عليه السّلام:

يردد القرآن ما شاء و إن جاءه البكاء فلا بأس».

[مسألة 5: يستحب إعادة الجمعة أو الظهر في يوم الجمعة إذا صلاهما فقرأ غير الجمعة و المنافقين]

[1569] مسألة 5: يستحب إعادة الجمعة أو الظهر في يوم الجمعة إذا صلاهما فقرأ غير الجمعة و المنافقين، أو نقل النية إلى النقل إذا كان في الأثناء و إتمام ركعتين ثم استئناف الفرض بالسورتين.

[مسألة 6: يجوز قراءة المعوذتين في الصلاة]

[1570] مسألة 6: يجوز قراءة المعوذتين في الصلاة، و هما من القرآن.

[مسألة 7: الحمد سبع آيات، و التوحيد أربع آيات]

[1571] مسألة 7: الحمد سبع آيات، و التوحيد أربع آيات.

[مسألة 8: الأقوى جواز قصد إنشاء الخطاب]

[1572] مسألة 8: الأقوى جواز قصد إنشاء الخطاب بقوله: إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ اذا قصد القرآنية أيضا بأن يكون قاصدا للخطاب بالقرآن، بل و كذا في سائر الآيات، فيجوز إنشاء الحمد بقوله: الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و إنشاء المدح في الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ و إنشاء طلب الهداية في اهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ، و لا ينافي قصد القرآنية مع ذلك.

[مسألة 9: قد مرّ أنه يجب كون القراءة و سائر الأذكار حال الاستقرار]

[1573] مسألة 9: قد مرّ أنه يجب كون القراءة و سائر الأذكار حال الاستقرار، فلو أراد حال القراءة التقدم أو التأخر قليلا أو الحركة إلى أحد الجانبين أو أن ينحني لأخذ شي‌ء من الأرض أو نحو ذلك يجب أن يسكت حال الحركة و بعد الاستقرار يشرع في قراءته، لكن مثل تحريك اليد أو أصابع الرجلين لا يضر، و إن كان الأولى بل الأحوط تركه أيضا.

[مسألة 10: إذا سمع اسم النبي (صلّى اللّه عليه و آله) في أثناء القراءة يجوز بل يستحب أن يصلي عليه]

[1574] مسألة 10: إذا سمع اسم النبي (صلّى اللّه عليه و آله) في أثناء

 

255
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 إذا سمع اسم النبي صلى الله عليه و آله في أثناء القراءة يجوز بل يستحب أن يصلي عليه ص 255

القراءة يجوز بل يستحب أن يصلي عليه، و لا ينافي الموالاة كما في سائر مواضع الصلاة، كما أنه إذا سلّم عليه من يجب رد سلامه يجب و لا ينافي.

[مسألة 11: إذا تحرك حال القراءة قهرا بحيث خرج عن الاستقرار]

[1575] مسألة 11: إذا تحرك حال القراءة قهرا بحيث خرج عن الاستقرار فالأحوط إعادة ما قرأه في تلك الحالة (1).

[مسألة 12: إذا شك في صحة قراءة آية أو كلمة يجب إعادتها إذا لم يتجاوز]

[1576] مسألة 12: إذا شك في صحة قراءة آية أو كلمة يجب إعادتها إذا لم يتجاوز، و يجوز بقصد الاحتياط مع التجاوز (2)، و لا بأس بتكرارها مع تكرر الشك ما لم يكن عن وسوسة، و معه يشكل الصحة إذا أعاد (3).

[مسألة 13: في ضيق الوقت يجب الاقتصار على المرة في التسبيحات الأربعة]

[1577] مسألة 13: في ضيق الوقت يجب الاقتصار على المرة في التسبيحات الأربعة.

[مسألة 14: يجوز في إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ القراءة بإشباع كسر الهمزة و بلا إشباعه]

[1578] مسألة 14: يجوز في إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ القراءة بإشباع كسر الهمزة و بلا إشباعه.

[مسألة 15: إذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأ بالوجهين]

[1579] مسألة 15: إذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأ بالوجهين مع فرض العلم ببطلان أحدهما، بل مع الشك أيضا كما

______________________________
(1) لا بأس بتركه لأنّ التحرك في حال القراءة قهرا لا يضرّ.

(2) هذا اذا كان المقصود من عدم التجاوز الشك في صحة قراءة آية أو كلمة في الأثناء، و أما إذا كان بعد الفراغ لم تجب الاعادة، و من هنا كان الأنسب أن يقول: إذا شك في صحة قراءة آية أو كلمة في الأثناء و قبل الفراغ منها وجبت اعادتها.

(3) الظاهر انه لا إشكال في الصحة إذا لم تبلغ الوسوسة إلى مرتبة المبغوضية و الحرمة.

 

256
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 إذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأ بالوجهين ص 256

مر (1)، لكن لو اختار أحد الوجهين مع البناء على إعادة الصلاة لو كان باطلا لا بأس به.

[مسألة 16: الأحوط فيما يجب قراءته جهرا أن يحافظ على الإجهار في جميع الكلمات حتى أواخر الآيات]

[1580] مسألة 16: الأحوط (2) فيما يجب قراءته جهرا أن يحافظ على الإجهار في جميع الكلمات حتى أواخر الآيات بل جميع حروفها، و إن كان لا يبعد اغتفار الإخفات في الكلمة الأخيرة من الآية فضلا عن حرف آخرها.

______________________________
(1) قد مرّ حكم ذلك في التعليق على المسألة (59) من القراءة.

(2) بل هو الأظهر على تقدير القول بالوجوب.

 

257
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الركوع ص 259

[فصل في الركوع]

فصل في الركوع يجب في كل ركعة من الفرائض و النوافل ركوع واحد إلا في صلاة الآيات ففي كل ركعة من ركعتيها خمس ركوعات كما سيأتي، و هو ركن تبطل الصلاة بتركه عمدا كان أو سهوا، و كذا بزيادته في الفريضة إلا في صلاة الجماعة فلا تضر بقصد المتابعة.

و واجباته أمور:

أحدها: الانحناء على الوجه المتعارف بمقدار تصل يداه إلى ركبتيه وصولا لو أراد وضع شي‌ء منها عليها لوضعه، و يكفي وصول مجموع أطراف الأصابع التي منها الإبهام على الوجه المذكور، و الأحوط الانحناء بمقدار إمكان وصول الراحة إليها، فلا يكفي مسمى الانحناء، و لا الانحناء على غير الوجه المتعارف بأن ينحني على أحد جانبيه أو يخفض كفيه و يرفع ركبتيه و نحو ذلك، و غير المستوي الخلقة كطويل اليدين أو قصيرهما يرجع إلى المستوي، و لا بأس باختلاف أفراد المستوين خلقة، فلكل حكم نفسه بالنسبة إلى يديه و ركبتيه (1).

______________________________
(1) هذا فيما اذا تحقق الركوع العرفي بذلك حيث أنّه الواجب فإذا تحقق كفى و إن لم تصل يداه إلى ركبتيه باعتبار أنه امارة، فلا موضوعية له.

 

259
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الركوع ص 259

الثاني: الذكر، و الأحوط اختيار التسبيح من أفراده مخيرا بين الثلاث من الصغرى و هي «سبحان اللّه» و بين التسبيحة الكبرى و هي «سبحان ربي العظيم و بحمده»، و إن كان الأقوى كفاية مطلق الذكر من التسبيح أو التحميد أو التهليل أو التكبير بل و غيرها بشرط أن يكون بقدر الثلاث الصغريات، فيجزئ أن يقول: «الْحَمْدُ لِلّٰهِ» ثلاثا أو «اللّه أكبر» كذلك أو نحو ذلك.

الثالث: الطمأنينة فيه بمقدار الذكر الواجب، بل الأحوط ذلك في الذكر المندوب أيضا إذا جاء به بقصد الخصوصية، فلو تركها عمدا بطلت صلاته (1) بخلاف السهو على الأصح، و إن كان الأحوط الاستئناف إذا تركها فيه أصلا و لو سهوا، بل و كذلك إذا تركها في الذكر الواجب.

الرابع: رفع الرأس منه حتى ينتصب قائما، فلو سجد قبل ذلك عامدا بطلت الصلاة.

الخامس: الطمأنينة حال القيام بعد الرفع، فتركها عمدا مبطل للصلاة.

[مسألة 1: لا يجب وضع اليدين على الركبتين حال الركوع]

[1581] مسألة 1: لا يجب وضع اليدين على الركبتين حال الركوع، بل يكفي الانحناء بمقدار إمكان الوضع كما مر.

[مسألة 2: إذا لم يتمكن من الانحناء على الوجه المذكور]

[1582] مسألة 2: إذا لم يتمكن من الانحناء على الوجه المذكور و لو

______________________________
(1) في البطلان اشكال بل منع حتى فيما إذا كان الدليل على اعتبار الطمأنينة في الصلاة دليلا لفظيا، فإنّه لا يقتضي أكثر من اعتبارها في الصلاة لا فيما ليس من أجزائها، و الفرض أن الذكر المندوب ليس من أجزائها فلا يكون وقتئذ مشمولا للدليل المذكور، هذا اضافة إلى أنه لا دليل عليه غير دعوى الاجماع في المسألة، و هو إن تم فالمتيقن منه الأجزاء الواجبة.

 

260
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 إذا لم يتمكن من الانحناء على الوجه المذكور ص 260

باعتماد على شي‌ء أتى بالقدر الممكن (1) و لا ينتقل إلى الجلوس و إن تمكن من الركوع منه، و إن لم يتمكن من الانحناء أصلا و تمكن منه جالسا أتى به جالسا، و الأحوط صلاة أخرى بالإيماء قائما، و إن لم يتمكن منه جالسا أيضا أومأ له- و هو قائم- برأسه إن أمكن، و إلا فبالعينين تغميضا له و فتحا للرفع منه، و إن لم يتمكن من ذلك أيضا نواه بقلبه و أتى بالذكر الواجب (2).

[مسألة 3: إذا دار الأمر بين الركوع جالسا مع الانحناء في الجملة و قائما مومئا لا يبعد تقديم الثاني]

[1583] مسألة 3: إذا دار الأمر بين الركوع جالسا مع الانحناء في الجملة و قائما مومئا لا يبعد تقديم الثاني (3)، و الأحوط تكرار الصلاة.

______________________________
(1) فيه اشكال بل منع إذا لم يصدق عليه الركوع القيامي بأدنى مرتبته، حيث انه لا دليل على وجوبه حينئذ إلّا قاعدة الميسور و هي غير تامة. نعم قد تقدم في مبحث القيام أن المصلي إذا لم يتمكن من الركوع القيامي و تمكن من الركوع الجلوسي فمقتضى القاعدة و إن كان هو التخيير بين الصلاة مع الايماء قائما و بين الصلاة قائما مع ركوع الجالس، و لكن مع ذلك فالأحوط وجوبا تكرار الصلاة مرة قائما مع الايماء و اخرى قائما مع ركوع الجالس.

(2) على الأحوط الأولى حيث لم يرد في شي‌ء من روايات المقام ما يدل على وجوب ذلك فإذن لا دليل عليه حينئذ إلّا قاعدة الميسور و هي غير تامة.

(3) بل هو بعيد، فإن المصلي إذا كان متمكنا من ركوع الجالس و لكن لا يتمكن من ركوع القائم فقد مرّ أنّ مقتضى القاعدة هو التخيير، و لكن مع هذا كان الأجدر و الأحوط وجوبا الجمع بين الصلاة قائما مع الايماء مرة و الصلاة قائما مع ركوع الجالس مرة أخرى، هذا إذا تمكن من ركوع الجالس، و أما إذا لم يتمكن منه اما من جهة أنه لا يتمكن من الانحناء اصلا أو تمكن منه و لكن لا بمقدار يصدق عليه ركوع الجالس فيتعين عليه الصلاة قائما مع الايماء.

 

261
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 لو أتى بالركوع جالسا و رفع رأسه منه ثم حصل له التمكن من القيام لا يجب بل لا يجوز له إعادته قائما ص 262

[مسألة 4: لو أتى بالركوع جالسا و رفع رأسه منه ثم حصل له التمكن من القيام لا يجب بل لا يجوز له إعادته قائما]

[1584] مسألة 4: لو أتى بالركوع جالسا و رفع رأسه منه ثم حصل له التمكن من القيام لا يجب بل لا يجوز له إعادته قائما (1)، بل لا يجب عليه القيام للسجود خصوصا إذا كان بعد السمعلة و إن كان أحوط، و كذا لا يجب إعادته بعد إتمامه بالانحناء الغير التام (2)، و أما لو حصل له التمكن في أثناء الركوع جالسا فإن كان بعد تمام الذكر الواجب يجتزئ به (3)، لكن يجب عليه الانتصاب للقيام بعد الرفع، و إن حصل قبل الشروع فيه أو قبل تمام

______________________________
(1) فيه إشكال بل منع و ذلك لأنّه إن كان في سعة الوقت وجب اعادة الصلاة لأنّ الفرد المأتي به بما أنه فاقد للركن و هو ركوع القائم عن قيام فلا يمكن اعادته قائما لاستلزامه زيادة الركن فمن أجل ذلك لا مناص من اعادة الصلاة و ان كان في ضيق الوقت، فان استعاد قدرته على القيام بعد رفع الرأس من الركوع وجب بمقتضى اطلاق قوله عليه السّلام: (اذا قوي فليقم ...) «1» ثم يسجد عن قيام، و إذا فعل ذلك صحت صلاته و بذلك يظهر حال ما في المتن.

(2) في اطلاقه اشكال بل منع، فانه إن صدق على الانحناء المذكور عنوان الركوع عرفا فقد مرّ حكمه في سعة الوقت و ضيقه آنفا، و إن لم يصدق كما هو الظاهر، فلا دليل على وجوبه عوضا عن الركوع، كما مرّ في المسألة (2). و أما إذا افترضنا وجود الدليل عليه فحينئذ إذا استعاد المصلي قدرته على الركوع وجبت اعادته، و اما الانحناء فبما انه لا يصدق عليه عنوان الركوع فلا تقدح زيادته اذا كانت عن عذر لأن المبطل انما هو زيادة الركوع أو السجود و لو كانت عن عذر لا زيادة كل جزء، و مجرد كونه بديلا عن الركوع لا يوجب ترتيب جميع أحكام الركوع عليه إذ لا يعتبر في البدلية كون البدل مثل المبدل في جميع الأحكام و الآثار.

(3) هذا إذا كان في ضيق الوقت، و اما اذا كان في سعته فلا بد من اعادة الصلاة كما مرّ.

______________________________
(1) الوسائل ج 5 باب: 6 من أبواب القيام الحديث: 3.

 

262
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 لو أتى بالركوع جالسا و رفع رأسه منه ثم حصل له التمكن من القيام لا يجب بل لا يجوز له إعادته قائما ص 262

الذكر يجب عليه أن يقوم منحنيا إلى حد الركوع القيامي (1) ثم إتمام الذكر و القيام بعده و الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة، و إن حصل في أثناء الركوع بالانحناء الغير التام أو في أثناء الركوع الإيمائي فالأحوط الانحناء إلى حد الركوع و إعادة الصلاة (2).

[مسألة 5: زيادة الركوع الجلوسي و الإيمائي مبطلة]

[1585] مسألة 5: زيادة الركوع الجلوسي و الإيمائي مبطلة و لو سهوا

______________________________
(1) في الوجوب اشكال بل منع، فان هذا الركوع و ان كان ركوعا قياميا لأنّه صادر منه و هو قائم على قدميه غير جالس و لكنه ليس من الركوع الواجب في الصلاة لأنّه متقوم بأمرين ...

أحدهما: أن يكون عن قيام.

و الآخر: أن يكون في حالة القيام. فالركوع الركني عبارة عن هذه الحصة الخاصة، و من المعلوم ان انتفاء كل من الأمرين يوجب انتفاءها، هذا اضافة إلى أن المصلي اذا نهض منحنيا إلى حدّ الركوع القيامي فان صدق عليه الركوع فهو زيادة، و إن لم يصدق كان وجوده كعدمه فلا أثر له و على هذا فاذا استعاد قدرته قبل الشروع في ذكر الركوع أو بعده، فان كان الوقت متسعا بطل ما في يده من الصلاة و وجب عليه الاعادة، و إن لم يكن متسعا صح ما في يده شريطة أن يقوم منتصبا بعد رفع رأسه من الركوع بمقتضى اطلاق قوله عليه السّلام: (فإذا قوي فليقم ...).

«1» (2) بل الظاهر كفاية الانحناء الى حد الركوع في الركوع الايمائي باعتبار انه ركوع عن قيام منتصب، و اما كفاية الانحناء الى حد الركوع من الانحناء غير التام فهي مبنية على صدق الركوع عن القيام عليه، فان صدق كفى و إلّا لم يكف، فحينئذ يجب أن يقوم منتصبا ثم يركع، و أما زيادة الانحناء فبما أنها عذرية فلا تقدح بعد عدم صدق الركوع عليه.

______________________________
(1) الوسائل ج 5 باب: 6 من أبواب القيام الحديث: 3.

 

263
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 زيادة الركوع الجلوسي و الإيمائي مبطلة ص 263

كنقيصته (1).

[مسألة 6: إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض]

[1586] مسألة 6: إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض فإن تمكن من الانتصاب و لو بالاعتماد على شي‌ء وجب عليه ذلك لتحصيل القيام الواجب حال القراءة و للركوع (2)، و إلا فللركوع فقط فيقوم و ينحني، و إن لم يتمكن من ذلك لكن تمكن من الانتصاب في الجملة (3) فكذلك، و إن لم يتمكن أصلا فإن تمكن من الانحناء أزيد من المقدار الحاصل بحيث لا يخرج عن حد الركوع وجب (4)، و إن لم يتمكن من الزيادة أو كان على

______________________________
(1) فيه: ان الركوع الايمائي بما أنّه ليس ركوعا لا لغة و لا عرفا فلا تكون زيادته زيادة الركوع لكي تبطل الصلاة بها إلّا إذا كانت عمدية، و الدليل الآخر على البطلان غير موجود إلّا دعوى أنه بدل عن الركوع، فما يترتب على الركوع من الآثار يترتب عليه أيضا منها بطلان الصلاة بزيادته، و لكن لا اساس لهذه الدعوى، إذ لا دليل على أنّ كل ما هو ثابت للمبدل من الآثار و الأحكام فهو ثابت للبدل أيضا إلّا دعوى الاجماع في المسألة، و هي غير تامة. فإذن حال الايماء من حيث الزيادة حال الأجزاء غير الركنية. نعم لو لم يركع الركوع الايمائي بطلت صلاته باعتبار أنّها فاقدة للمبدل و البدل معا، بل لا صلاة حينئذ. فالنتيجة: ان زيادته ليست كنقيصته.

(2) بل لتكبيرة الاحرام أيضا، بل هو أولى بوجوب التحصيل فيها من وجوب تحصيله في القراءة، باعتبار انه مقوم لها فمن تركه حال التكبيرة فكبر للإحرام جالسا بطلت صلاته و ان كان ناسيا، فيكون حاله حال القيام للركوع.

(3) هذا فيما اذا صدق عليه القيام و لو بأدنى مرتبته، و إلّا لم يجب لعدم الدليل.

(4) في الوجوب اشكال بل منع إذ لا دليل عليه إلّا قاعدة الميسور و هي غير تامة.

 

264
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض ص 264

أقصى مراتب الركوع بحيث لو انحنى أزيد خرج عن حده فالأحوط له الإيماء بالرأس (1)، و إن لم يتمكن فبالعينين له تغميضا و للرفع منه فتحا، و إلا فينوي به قلبا و يأتي بالذكر (2).

[مسألة 7: يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع]

[1587] مسألة 7: يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع (3) و لو إجمالا بالبقاء على نيته في أول الصلاة بأن لا ينوي الخلاف، فلو انحنى بقصد وضع شي‌ء على الأرض أو رفعه أو قتل عقرب أو حية أو نحو ذلك لا يكفي في جعله ركوعا بل لا بد من القيام ثم الانحناء للركوع، و لا يلزم منه زيادة الركن.

[مسألة 8: إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود و تذكر قبل وضع جبهته على الأرض]

[1588] مسألة 8: إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود و تذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى لقيام ثم ركع، و لا يكفي أن يقوم منحنيا إلى

______________________________
(1) بل هو الأقوى حيث أن وظيفته ذلك بعد عدم تمكنه من الركوع الواجب، و لا يكفي قصد الركوع بتلك الهيئة الخاصة لما مرّ من أنّ الركوع الواجب الركني في الصلاة متقوم بأمرين ..

أحدهما: أن يكون عن القيام منتصبا.

و الآخر: أن يكون في حالة القيام لا الجلوس. و بانتفاء كل منهما ينتفي الركوع، فإذن لا محالة تكون وظيفته الايماء.

(2) على الأحوط الأولى كما مر في المسألة (2).

(3) و هو الخضوع لله تعالى فحسب، فلو انحنى لالتقاط شي‌ء من الأرض، أو وضع آخر فيها أو نحوه لم يكن ذلك ركوعا، و يجب على هذا المنحني أن يقوم منتصبا مرة أخرى و يركع، كما أنّ من انحنى لاحترام عالم أو تقبيل يد أحد أو ما شاكله لم يكن ذلك ركوعا.

 

265
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود و تذكر قبل وضع جبهته على الأرض ص 265

حد الركوع من دون أن ينتصب، و كذا لو تذكر بعد الدخول في السجود أو بعد رفع الرأس من السجدة الاولى قبل الدخول في الثانية على الأقوى، و إن كان الأحوط في هذه الصورة إعادة الصلاة أيضا بعد إتمامها و إتيان سجدتي السهو لزيادة السجدة.

[مسألة 9: لو انحنى بقصد الركوع فنسي في الأثناء و هوى إلى السجود]

[1589] مسألة 9: لو انحنى بقصد الركوع فنسي في الأثناء و هوى إلى السجود فإن كان النسيان قبل الوصول إلى حد الركوع انتصب قائما ثم ركع، و لا يكفي الانتصاب إلى الحد الذي عرض له النسيان ثم الركوع (1)، و إن كان بعد الوصول إلى حده فإن لم يخرج عن حده وجب عليه البقاء مطمئنا و الإتيان بالذكر، و إن خرج عن حده فالأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها بأحد الوجهين من العود إلى القيام ثم الهوي للركوع (2) أو القيام

______________________________
(1) فيه: الظاهر أنه ليس من جهة أن الواجب هو الركوع الحدوثي لا الأعم منه و من البقائي، و هذا ركوع بقائي، بل من جهة عدم صدق الركوع عن قيام منتصب عليه فإنه إذا رجع إلى الحد الذي عرض عليه النسيان فيه ثم انحنى منه للركوع لم يصدق انه ركع عن قيام منتصب، فان الانحناء قبل عروض النسيان و إن كان عن قيام إلّا أنه انفصل بعروضه فلا يمكن أن يتحد مع انحناء آخر، لأنّ الاتصال مساوق للوحدة، و مع الانفصال و تعدد الوجود لا يمكن الاتحاد لاستحالة اتحاد وجود مع وجود آخر. و حيث ان الانحناء الركوعي الواجب في الصلاة عن قيام منتصب متقوم بأن يبدأ عن قيام و ينتهي الى حد الركوع بنحو الاستمرار و الاتصال المساوق للوحدة، و اما إذا انقطع في الطريق و لم يصل إلى حد الركوع فلا يمكن إيصاله إلى حده بضم انحناء آخر إليه، لأنّ ما بدأ عن قيام لم يصل، و ما وصل لم يبدأ عن قيام.

(2) هذا هو المتعين دون الشق الثاني، لأن الركوع لا يتحقق مع استمرار‌

 

266
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 لو انحنى بقصد الركوع فنسي في الأثناء و هوى إلى السجود ص 266

بقصد الرفع منه ثم الهوي للسجود، و ذلك لاحتمال كون الفرض من باب نسيان الركوع فيتعين الأول، و يحتمل كونه من باب نسيان الذكر و الطمأنينة في الركوع بعد تحققه و عليه فيتعين الثاني، فالأحوط أن يتمها بأحد الوجهين ثم يعيدها.

[مسألة 10: ذكر بعض العلماء أنه يكفي في ركوع المرأة الانحناء بمقدار يمكن معه إيصال يديها إلى فخذيها فوق ركبتيها]

[1590] مسألة 10: ذكر بعض العلماء أنه يكفي في ركوع المرأة الانحناء بمقدار يمكن معه إيصال يديها إلى فخذيها فوق ركبتيها، بل قيل باستحباب ذلك، و الأحوط كونها كالرجل في المقدار الواجب من الانحناء (1)، نعم الأولى لها عدم الزيادة في الانحناء لئلا ترتفع عجيزتها.

______________________________
الهوي و تواليه لوضوح أنه يعتبر في مفهوم الركوع لغة و عرفا الوقوف الى حدّ و الاستقرار فيه و لو آنا ما فالانحناء المستمر في الهوي و التوالي لا يكون مصداقا للركوع، و من هنا لا يكون الهاوي إلى السجود براكع أولا ثم ساجدا، و إلا لاستلزم الهوي إلى السجود ركوعا و هو كما ترى فالمصداق للركوع هو الانحناء المنتهى الى حد يقف فيه و يستقر و لو آنا ما، فحينئذ ان استقر في حده و لو هنيئة تحقق الركوع، و اذا تذكر بعد الخروج عن حده يقوم منتصبا ثم يهوي للسجود و إن لم يستقر في حده كذلك كما هو الظاهر لم يتحقق الركوع، فإذا تذكر وجب أن يقوم منتصبا ثم ينحني للركوع، و بعد هذا فلا موجب للاحتياط باعادة الصلاة أصلا. نعم لو كانت المسألة من باب نسيان ذكر الركوع و الطمأنينة فيه دون أصله، و فرضنا أن الركوع يتحقق بالهوي إذا وصل الى حده و إن لم يستقر فيه و لو قليلا فعندئذ إذا تذكر قام منتصبا ثم يهوى إلى السجود.

(1) بل الأقوى ذلك لما مر من أنّ الروايات التي تحدد مقدار الانحناء الركوعي ظاهرة في الطريقية، و معناها أن الركوع الواجب عبارة عن مرتبة خاصة من الانحناء بلا فرق فيها بين الرجل و المرأة. و أما قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:

 

267
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 يكفي في ذكر الركوع التسبيحة الكبرى مرة واحدة ص 268

[مسألة 11: يكفي في ذكر الركوع التسبيحة الكبرى مرة واحدة]

[1591] مسألة 11: يكفي في ذكر الركوع التسبيحة الكبرى مرة واحدة كما

______________________________
(المرأة إذا قامت في الصلاة .. إلى أن قال: فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطئ كثيرا فترتفع عجيزتها) «1» فهو لا ينافي تلك الروايات باعتبار أن وضع اليدين فوق الركبتين و على الفخذين يكفي في الانحناء الواجب في الركوع، و الفرض أن تلك الروايات طريق إليه.

و إن شئت قلت: ان الصحيحة في مقام بيان أدنى حد الانحناء الواجب على المرأة في الركوع بقرينة ذيلها الناهي عن انحنائها بقدر كما و كيفا يؤدي إلى ارتفاع عجيزتها، فإذن يكون المنهي هو حصة خاصة من الانحناء لا مطلق الانحناء الركوعي و من المعلوم أن هذه الحصة غير واجبة على الرجال فضلا عن النساء حيث انها الحد الأقصى للانحناء الركوعي الواجب في الصلاة و هو غير لازم، فإن اللازم هو الجامع بين الحدين الأدنى و الأقصى، و حيث ان المنهي عنه في حق النساء بمقتضى ذيل الصحيحة الحد الأقصى من الانحناء كما و كيفا الموجب لارتفاع عجيزتها فلا مانع في حقها من سائر مراتبه و ان كان بمقدار تتمكن المرأة من ايصال يديها إلى ركبتيها، و عليه فبضم صدر الصحيحة إلى ذيلها تصبح النتيجة ان ما هو المنهي عنه للمرأة هو مرتبة خاصة من الانحناء و هي المرتبة التي تؤدي إلى المانع المذكور، و أما ما دونها من المراتب فلا مانع منها، ثم ان هذا النهي لا يمكن أن يكون تحريميا ضرورة ان انحناء المرأة في حال الركوع الى حد ترتفع عجيزتها لا يكون محرما في نفسه، كما إذا صلّت في مكان لم يكن أحد عندها، و من هنا لا يحتمل أن يكون انحناء المرأة عند زوجها أو في المكان الخلوة بنحو ترتفع عجيزتها محرما. نعم يمكن أن يكون محرما بعنوان ثانوي كإثارة الشهوة و الفتنة و ما شاكل ذلك، فإذن لا محالة يكون النهي عنه نهيا تنزيهيا، و بذلك يختلف الرجل عن المرأة.

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 18 من أبواب الرّكوع الحديث: 2.

 

268
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 يكفي في ذكر الركوع التسبيحة الكبرى مرة واحدة ص 268

مر، و أما الصغرى إذا اختارها فالأقوى وجوب تكرارها ثلاثا، بل الأحوط و الأفضل في الكبرى أيضا التكرار ثلاثا (1)، كما أن الأحوط في مطلق الذكر غير التسبيحة أيضا الثلاث (2) و إن كان كل واحد منه بقدر الثلاث من الصغرى، و يجوز الزيادة على الثلاث و لو بقصد الخصوصية و الجزئية (3)، و الأولى أن يختم على وتر كالثلاث و الخمس و السبع و هكذا، و قد سمع من الصادق (صلوات اللّه عليه) ستون تسبيحة في ركوعه و سجوده.

[مسألة 12: إذا أتى بالذكر أزيد من مرة لا يجب تعيين الواجب منه]

[1592] مسألة 12: إذا أتى بالذكر أزيد من مرة لا يجب تعيين الواجب منه، بل الأحوط عدمه (4) خصوصا إذا عينه في غير الأول لاحتمال كون الواجب هو الأول مطلقا، بل احتمال كون الواجب هو المجموع فيكون من

______________________________
(1) في الاحتياط اشكال، بل لم يظهر له وجه بعد كون النص في المسألة صريحا في كفاية المرة. نعم لا بأس بكونه أفضل للأمر به في جملة من النصوص.

(2) هذا اذا لم يكن الذكر بما يعادل التسبيحات الثلاث و إلّا كفى مرة واحدة لنص صحيحة مسمع في كفاية ما يعادلها مرة واحدة.

(3) فيه اشكال بل منع حيث ان الاتيان بها بقصد الجزئية لا ينسجم مع استحبابها، فلا يمكن أن يكون المستحب جزء للواجب. نعم أن الواجب يكون ظرفا له، و أما الخصوصية فان أراد بها ورود الزائد على الثلاث بعنوان خاص.

ففيه: انه لم يرد كذلك في شي‌ء من روايات الباب، و إن أراد الاتيان به بعنوان الوظيفة المقررة من قبل الشرع.

ففيه: ان اثباته من الروايات مشكل فانها و إن دلت على استحباب اطالة الركوع و السجود و اكثار الذكر فيهما و لكنها لا تدل على أن اكثار الذكر فيهما من باب الوظيفة، أو انه بملاك محبوبية مطلق الذكر.

(4) تقدم الكلام فيه في المسألة (12) من مسائل الركعتين الأخيرتين.

 

269
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 إذا أتى بالذكر أزيد من مرة لا يجب تعيين الواجب منه ص 269

باب التخيير بين المرة و الثلاث و الخمس مثلا.

[مسألة 13: يجوز في حال الضرورة و ضيق الوقت الاقتصار على الصغرى مرة واحدة]

[1593] مسألة 13: يجوز في حال الضرورة و ضيق الوقت الاقتصار على الصغرى مرة واحدة، فيجزئ «سبحان اللّه» مرة.

[مسألة 14: لا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول إلى حد الركوع]

[1594] مسألة 14: لا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول إلى حد الركوع، و كذا بعد الوصول و قبل الاطمئنان و الاستقرار، و لا النهوض قبل تمامه و الإتمام حال الحركة للنهوض، فلو أتى به كذلك بطل و إن كان بحرف واحد منه، و يجب إعادته إن كان سهوا و لم يخرج عن حد الركوع، و بطلت الصلاة مع العمد و إن أتى به ثانيا مع الاستقرار، إلا إذا لم يكن ما أتى به حال عدم الاستقرار بقصد الجزئية بل بقصد الذكر المطلق.

[مسألة 15: لو لم يتمكن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت]

[1595] مسألة 15: لو لم يتمكن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت، لكن يجب عليه إكمال الذكر الواجب قبل الخروج عن مسمى الركوع، و إذا لم يتمكن من البقاء في حد الركوع إلى تمام الذكر يجوز له الشروع قبل الوصول أو الإتمام حال النهوض (1).

[مسألة 16: لو ترك الطمأنينة في الركوع أصلا بأن لم يبق في حده بل رفع رأسه بمجرد الوصول سهوا فالأحوط إعادة الصلاة]

[1596] مسألة 16: لو ترك الطمأنينة في الركوع أصلا بأن لم يبق في حده بل رفع رأسه بمجرد الوصول سهوا فالأحوط إعادة الصلاة (2) لاحتمال

______________________________
(1) بل يتعين عليه الاتيان بتسبيحة صغرى مرة واحدة، و أما ما في المتن فلا دليل عليه إلّا قاعدة الميسور و هي غير تامة.

(2) في الاحتياط بالاعادة اشكال بل منع، و الأظهر عدم وجوبها لما مرّ من أن الركوع الركني متقوم بأمرين: أحدهما أن يكون عن قيام، و الآخر أن يكون في حالة القيام في مقابل الجلوس. و أما الطمأنينة في حال الركوع و التمكن فيه و إن كانت معتبرة فيه إلّا أنها ليست مقومة له، فإن تحقق الركوع لا يتوقف عليها و إلّا‌

 

270
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 لو ترك الطمأنينة في الركوع أصلا بأن لم يبق في حده بل رفع رأسه بمجرد الوصول سهوا فالأحوط إعادة الصلاة ص 270

..........

______________________________
فلازمه بطلان الصلاة فيما إذا لم يتمكن المصلي من الطمأنينة لمرض أو نحوه في حال الركوع أو يتحرك سهوا و غفلة مع أنّه لا شبهة في الصحة.

و بكلمة أخرى: أن من تكون وظيفته الصلاة قائما فالركن هو ركوع القائم على قدميه عن قيام، و من كانت وظيفته الصلاة جالسا فالركن هو ركوع الجالس على قدميه عن الانتصاب الجلوسي. فعلى الأول يكون الانحناء إلى ركوع القائم عن قيام مقدم له و لا يصدق ركوع القائم إذا لم يكن الانحناء إليه عن قيام، كما أن ركوع الجالس متقوم بأن يكون الانحناء إليه عن الانتصاب الجلوسي ...

و دعوى أن كونه مقوما له إنما هو ثابت بالإجماع لا من جهة أن مفهومه متقوم به خاطئة: اذ اثبات الاجماع في المسألة في غاية الاشكال، فإن الاجماع المدعى في كلام الاصحاب إنما هو على ركنية القيام المتصل بالركوع في مقابل ركنية التكبيرة و الركوع، لا أنه مقوم للركن و مع الاغماض عن ذلك فاثبات الاجماع الكاشف عن ثبوت المسألة في زمان المعصومين عليهم السّلام و وصولها إلينا طبقة بعد طبقة في غاية الاشكال، بل هو مقطوع العدم، و أما الطمأنينة فلا شبهة في أنها غير داخلة في مفهوم الركوع لا في حال القيام و لا في حال الجلوس لأن الركن هو الركوع الحدوثي في حال القيام لمن تكون وظيفته الصلاة قائما و في حال الجلوس لمن تكون وظيفته الصلاة جالسا، و من المعلوم أن تحققه لا يتوقف على اطمئنان المصلي و استقراره في حاله فإذا ركع المصلي عن قيام أو جلوس غير مطمئن و لا مستقر بأن يتمايل يمنة أو يسرة تحقق الركوع الحدوثي.

و أما قوله عليه السّلام في صحيحة الأزدي: (اذا ركع فليتمكن ..) «1» فهو ظاهر في أن التمكين معتبر في الركوع، يعني إذا ركع المصلي فليستقر في ركوعه و ليثبت في مقابل أن لا يكون ركوعه نقرا كنقر الغراب فيكون الاستقرار و التثبيت شرطا للركوع‌

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 8 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 14.

 

271
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 لو ترك الطمأنينة في الركوع أصلا بأن لم يبق في حده بل رفع رأسه بمجرد الوصول سهوا فالأحوط إعادة الصلاة ص 270

توقف صدق الركوع على الطمأنينة في الجملة، لكن الأقوى الصحة.

[مسألة 17: يجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى و الصغرى]

[1597] مسألة 17: يجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى و الصغرى، و كذا بينهما و بين غيرهما من الأذكار.

[مسألة 18: إذا شرع في التسبيح بقصد الصغرى يجوز له أن يعدل في الأثناء إلى الكبرى]

[1598] مسألة 18: إذا شرع في التسبيح بقصد الصغرى يجوز له أن يعدل في الأثناء إلى الكبرى، مثلا إذا قال: «سبحان» بقصد أن يقول: «سبحان اللّه» فعدل و ذكر بعده «ربّي العظيم» جاز، و كذا العكس، و كذا قال: «سبحان اللّه» بقصد الصغرى ثمّ ضمّ إليه «و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر» و بالعكس.

[مسألة 19: يشترط في ذكر الركوع العربية، و الموالاة، و أداء الحروف من مخارجها الطبيعية]

[1599] مسألة 19: يشترط في ذكر الركوع العربية، و الموالاة، و أداء الحروف من مخارجها الطبيعية، و عدم المخالفة في الحركات الإعرابية و البنائية.

[مسألة 20: يجوز في لفظة «ربي العظيم» أن يقرأ بإشباع كسر الباء من «ربي» و عدم إشباعه]

[1600] مسألة 20: يجوز في لفظة «ربي العظيم» أن يقرأ بإشباع كسر الباء من «ربي» و عدم إشباعه (1).

[مسألة 21: إذا تحرك في حال الذكر الواجب بسبب قهري بحيث خرج عن الاستقرار وجب إعادته]

[1601] مسألة 21: إذا تحرك في حال الذكر الواجب بسبب قهري بحيث خرج عن الاستقرار وجب إعادته (2)، بخلاف الذكر المندوب.

______________________________
لا أنه مقوم له، نظير أن يقال إذا قرأت فليتمكن فهل بإمكان أحد أن يدعي أن التمكين مقوم للقراءة.

(1) الظاهر أن المقصود من الاشباع و عدمه ليس الاشباع الاصطلاحي و هو اشباع كسر الياء بدرجة يتولد منه حرف الياء، بل المراد منه اظهار ياء المتكلم و حذفه حيث ان الاشباع الاصطلاحي لا يخلو عن اشكال بل منع باعتبار انه يتولد منه حرف زائد و هو الياء.

(2) في اطلاقه اشكال بل منع، فان الاتيان بالذكر في حال عدم الاستقرار‌

 

272
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 لا بأس بالحركة اليسيرة التي لا تنافي صدق الاستقرار ص 273

[مسألة 22: لا بأس بالحركة اليسيرة التي لا تنافي صدق الاستقرار]

[1602] مسألة 22: لا بأس بالحركة اليسيرة التي لا تنافي صدق الاستقرار، و كذا بحركة أصابع اليد أو الرجل بعد كون البدن مستقرا.

[مسألة 23: إذا وصل في الانحناء إلى أوّل حدّ الركوع فاستقر]

[1603] مسألة 23: إذا وصل في الانحناء إلى أوّل حدّ الركوع فاستقر و أتى بالذكر أو لم يأت به ثم انحنى أزيد بحيث وصل إلى آخر الحد لا بأس به،

______________________________
و الاطمينان ان كان عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي و قاصدا به انه من صلاته بطلت صلاته للزيادة العمدية، فلا بد من اعادتها، و لا تكفي اعادة الذكر، و ان كان سهوا و غير ملتفت الى الحكم الشرعي صحت صلاته و لا تجب عليه إعادة الذكر، و ان تذكر قبل رفع الرأس من الركوع و ذلك لأن دليل اعتبار الاطمئنان و الاستقرار قاصر عن شموله في هذه الحالة و عليه فيقع صحيحا فلا موجب للإعادة و ان كان غير قاصد انه من صلاته لم تبطل صلاته لعدم صدق الزيادة، و لكن تجب عليه اعادة الذكر مع بقاء محل الاعادة كما اذا كان تذكره قبل رفع الرأس منه، و لا فرق في ذلك بين أن يكون الاضطراب و عدم الاستقرار من جهة عدم التفاته إلى الحكم الشرعي أو الغفلة و النسيان أو يكون بسبب قاهر كالازدحام أو نحو ذلك، فان الذكر في هذا الحال يقع صحيحا و لا تجب اعادته و ذلك لقصور دليل اعتباره عن شمول مثل المقام حيث أن عمدته الاجماع، و القدر المتيقن منه غير المضطر. و اما قوله عليه السّلام في صحيحة الأزدي المتقدمة: (اذا ركع فليتمكن) «1» فهو لا يدل على اعتبار التمكين و الاستقرار في حال الذكر أيضا، فإن الظاهر منه بمناسبة الحكم و الموضوع هو اعتباره في ركوعه بان لا يكون ركوعه نقرا كنقر الغراب، فاذا ركع فليثبت و ليستقر في حده و لا ينزل و لا يصعد، و هذا لا ينافي عدم استقرار بدن المصلي في هذا الحدّ بأن يتمايل يمنة و يسرة، فاذن لا تدل الصحيحة على اعتبار الاطمئنان و الاستقرار في الركوع فضلا عن ذكره، و عليه فلا دليل على اعتبار الاستقرار في الذكر إلّا الاجماع.

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 8 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 14.

 

273
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 23 إذا وصل في الانحناء إلى أول حد الركوع فاستقر ص 273

و كذا العكس، و لا يعدّ من زيادة الركوع، بخلاف ما إذا وصل إلى أقصى الحد ثم نزل أزيد ثم رجع فإنه يوجب زيادته (1)، فما دام في حده يعدّ

______________________________
(1) فيه اشكال بل منع لما مرّ من أن الركوع ظاهر في الركوع الحدوثي لا الأعم منه و من البقائي. نعم لو فعل ذلك بقصد الجزئية عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي بطلت صلاته من جهة الزيادة العمدية و عليه الاعادة، و أما إذا فعل ذلك من دون أن ينوي به أن يكون من صلاته فلا تبطل. و من هنا يظهر حال ما إذا فعل ذلك نسيانا أو جهلا بالحكم أو بالموضوع فانه لا يوجب بطلان صلاته فلا اعادة عليه. أجل لو قلنا بصدق الركوع على هذه الزيادة لأدت الى بطلان الصلاة في تمام هذه الفروض.

و أما القول ببطلان الصلاة من جهة أن هذا العمل يمنع عن اتصال القيام بعد الركوع به مع أنه معتبر في صحتها فلا يمكن الأخذ به و ذلك لأن رجوعه الى حد الركوع ثانيا إذا لم يكن ركوعا آخر صدق انه قام منتصبا عن ركوعه، و العمل المذكور لا يمنع عن هذا الصدق، و الروايات لا تقصر عن شمول المقام لأن اطلاق قوله عليه السّلام: (اذا رفعت رأسك من الركوع فاقم صلبك ...) «1» يشمل المقام.

نعم قد يشكل الحكم بالصحة في هذه الصورة من جهة الاخلال بالقيام الواجب بعد الركوع اذا كان ملتفتا الى وجوبه متصلا به، فانه مع هذا اذا قام بالعمل المذكور عامدا ملتفتا الى ذلك فقد أخل بالقيام الواجب بعده متعمدا و إن لم يكن ناويا بها كونها من الصلاة، فمن أجل ذلك لا يمكن الحكم بصحتها.

و لكن استفادة ذلك من الروايات مشكل، فان عمدتها روايتان:

إحداهما: قوله عليه السّلام في صحيحة حماد بن عيسى: (ثم استوى قائما ...). «2»

و الأخرى: قوله عليه السّلام في صحيحة أبي بصير: (و اذا رفعت رأسك من الركوع فاقم صلبك). «3»

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 16 من أبواب الرّكوع الحديث: 2.

(2) الوسائل ج 5 باب: 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث: 1.

(3) الوسائل ج 6 باب: 16 من أبواب الرّكوع الحديث: 2.

 

274
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 23 إذا وصل في الانحناء إلى أول حد الركوع فاستقر ص 273

ركوعا واحدا و إن تبدلت الدرجات منه.

[مسألة 24: إذا شك في لفظ «العظيم» مثلا أنه بالضاد أو بالظاء يجب عليه ترك الكبرى و الإتيان بالصغرى ثلاثا]

[1604] مسألة 24: إذا شك في لفظ «العظيم» مثلا أنه بالضاد أو بالظاء يجب عليه ترك الكبرى و الإتيان بالصغرى ثلاثا أو غيرها من الأذكار، و لا يجوز له أن يقرأ بالوجهين (1)، و إذا شك في أن «العظيم» بالكسر أو بالفتح يتعين عليه أن يقف عليه، و لا يبعد عليه جواز قراءته وصلا بالوجهين (2) لإمكان أن يجعل العظيم مفعولا لأعني مقدرا (3).

[مسألة 25: يشترط في تحقق الركوع الجلوسي أن ينحني]

[1605] مسألة 25: يشترط في تحقق الركوع الجلوسي أن ينحني بحيث يساوي وجهه ركبتيه، و الأفضل الزيادة على ذلك بحيث يساوي مسجده، و لا يجب فيه على الأصح الانتصاب على الركبتين شبه القائم ثم الانحناء،

______________________________
فإن كلمة (ثم) و ان دلت على ترتب القيام على الركوع إلّا أن من الواضح أن هذا الترتب إنما هو بنظر العرف لا بنظر العقل، و العمل المذكور بما انه عمل بسيط كما و كيفا فهو لا يمنع عنه بنظرهم، و مع ذلك فالاحوط تركه، و إن أتى به عامدا ملتفتا فالاحوط اعادة الصلاة.

(1) في اطلاقه اشكال بل منع، اذ لا مانع من قراءة الكلمة بالوجهين اذا لم تخرج عن كونها ذكرا او دعاء و إن لم تقع بالعربي الصحيح، و إلّا قرأ بوجه واحد، ثم بعد الفراغ من الصلاة يتأكد بأن ما قرأه ان كان صحيحا فهو، و إلّا اعاد الصلاة، و قد مرّ وجهه في المسألة (59) من القراءة.

(2) في الجواز مطلقا اشكال بل منع، فان القراءة الواجبة علينا هي القراءة على طبق القراءة الواصلة إلينا من زمان المعصومين عليهم السّلام لا كل قراءة صحيحة في لغة العرب و لو بتقدير كلمة أو حرف، فان تلك القراءة ما دام لم تصل منهم عليهم السّلام إلينا فلا أثر لها، و لا يجوز الاكتفاء بها في ظرف الامتثال.

(3) قد ظهر حكمه من المسألة المتقدمة.

 

275
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 25 يشترط في تحقق الركوع الجلوسي أن ينحني ص 275

و إن كان هو الأحوط.

[مسألة 26: مستحبات الركوع أمور]

[1606] مسألة 26: مستحبات الركوع أمور:

أحدها: التكبير له و هو قائم منتصب، و الأحوط عدم تركه، كما أن الأحوط عدم قصد الخصوصية، إذا كبّر في حال الهوي أو مع عدم الاستقرار.

الثاني: رفع اليدين حال التكبير على نحو ما مرّ في تكبيرة الإحرام.

الثالث: وضع الكفين على الركبتين مفرجات الأصابع ممكّنا لهما من عينيهما واضعا اليمنى على اليمنى و اليسرى على اليسرى.

الرابع: رد الركبتين إلى الخلف.

الخامس: تسوية الظهر بحيث لو صب عليه قطرة من الماء استقر في مكانه لم يزل.

السادس: مدّ العنق موازيا للظهر.

السابع: أن يكون نظره بين قدميه.

الثامن: لتجنيح بالمرفقين.

التاسع: وضع اليد اليمنى على الركبة قبل اليسرى.

العاشر: أن تضع المرأة يديها على فخذيها فوق الركبتين.

الحادي عشر: تكرار التسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا بل أزيد.

الثاني عشر: أن يختم الذكر على وتر.

الثالث عشر: أن يقول قبل قوله: «سبحان ربي العظيم و بحمده»:

«اللهم لك ركعت و لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخّي و عصبي و عظامي و ما أقلت قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا

 

276
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 26 مستحبات الركوع أمور ص 276

مستحسر».

الرابع عشر: أن يقول بعد الانتصاب: «سمع اللّه لمن حمده» بل يستحب أن يضم إليه قوله: «الحمد للّه رب العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة، الحمد للّه رب العالمين» إماما كان أو مأموما أو منفردا.

الخامس عشر: رفع اليدين للانتصاب منه، و هذا غير رفع اليدين حال التكبير للسجود.

السادس عشر: أن يصلي على النبي و آله بعد الذكر أو قبله.

[مسألة 27: يكره في الركوع أمور]

[1607] مسألة 27: يكره في الركوع أمور:

أحدها: أن يطأطئ رأسه بحيث لا يساوي ظهره، أو يرفعه إلى فوق كذلك.

الثاني: أن يضم يديه إلى جنبيه.

الثالث: أن يضع إحدى الكفين على الأخرى و يدخلهما بين ركبتيه، بل الأحوط اجتنابه.

الرابع: قراءة القرآن فيه.

الخامس: أن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقا لجسده.

[مسألة 28: لا فرق بين الفريضة و النافلة في واجبات الركوع و مستحباته و مكروهاته و كون نقصانه موجبا للبطلان]

[1608] مسألة 28: لا فرق بين الفريضة و النافلة في واجبات الركوع و مستحباته و مكروهاته و كون نقصانه موجبا للبطلان، نعم الأقوى عدم بطلان النافلة بزيادته سهوا.

 

277
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في السجود ص 279

[فصل في السجود]

فصل في السجود و حقيقته وضع الجبهة على الأرض بقصد التعظيم، و هو أقسام:

السجود للصلاة و منه قضاء السجدة المنسية، و للسهو، و للتلاوة، و للشكر، و للتذلل و التعظيم، أما سجود الصلاة فيجب في كل ركعة من الفريضة و النافلة سجدتان، و هما معا من الأركان فتبطل بالاخلال بهما معا، و كذا بزيادتهما معا في الفريضة عمدا كان أو سهوا أو جهلا، كما أنها تبطل بالإخلال بإحداهما عمدا، و كذا بزيادتها، و لا تبطل على الأقوى بنقصان واحدة و لا بزيادتها سهوا.

و واجباته أمور:

أحدها: وضع المساجد السبعة على الأرض، و هي: الجبهة، و الكفان، و الركبتان، و الإبهامان من الرجلين، و الركنية تدور مدار وضع الجبهة، فتحصل الزيادة و النقيصة به دون سائر المساجد، فلو وضع الجبهة دون سائرها تحصل الزيادة، كما أنه لو وضع سائرها و لم يضعها يصدق تركه.

الثاني: الذكر، و الأقوى كفاية مطلقه، و إن كان الأحوط اختيار التسبيح على نحو ما مرّ في الركوع إلا أن في التسبيحة الكبرى يبدل العظيم بالأعلى.

الثالث: الطمأنينة فيه بمقدار الذكر الواجب بل المستحب أيضا إذا

 

279
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في السجود ص 279

أتى به بقصد الخصوصية (1)، فلو شرع في الذكر قبل الوضع أو الاستقرار

______________________________
(1) في اعتبار الاستقرار و الطمأنينة اشكال بل منع، فان عمدة الدليل على اعتباره في الأذكار انما هي الاجماع بضميمة الارتكاز الثابت لدى المتشرعة من ان الصلاة لا تتناسب مع عدم استقرار المصلي و تحركه في اثنائها يمنة و يسرة، و من المعلوم أنه على تقدير تماميته فالمتيقن منه اعتباره في الأذكار الواجبة دون المستحبة و ان كانت لها خصوصية.

و اما الروايات: فهي لا تدل على اعتبار تمكين المصلي و استقراره حال الصلاة و عدم صحتها اذا كان غير مطمئن و لا مستقر، فان مجموعة منها كصحيحة علي بن يقطين و صحيحة علي بن جعفر تدل على اعتبار تمكين الجبهة و استقرارها حال السجود دون تمام بدن المصلي كما هو محل الكلام. و مجموعة اخرى منها تدل على بطلان صلاة من كان ركوعه و سجوده فيها نقرا كنقر الغراب، و من المعلوم ان هذه المجموعة لا تدل على أكثر من ذلك كاعتبار الطمأنينة و الاستقرار في الصلاة باعتبار أن المصلي اذا وصل الى حد الركوع و مكث فيه أو إلى حد السجود و هو وضع الجبهة على الأرض و استقرارها و ثبوتها عليها، و إن لم يكن المصلي مطمئنا و لا مستقرا فيه لم يكن ركوعه و لا سجوده نقرا كنقر الغراب.

و اما صحيحة بكر بن محمد الأزدي فهي لا تدل على أكثر من اعتبار التمكين و الاستقرار حال الركوع و السجود و لا تدل على اعتباره في اذكارهما، و لا ملازمة بينهما إذ يمكن أن يكون شرطا للركوع و السجود و لا يكون شرطا للذكر فيهما فانه جزء آخر للصلاة و لا يكون من مقوماتهما. هذا مضافا إلى أن مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي أن يكون المراد من التمكين المعتبر في الركوع و السجود هو الاستقرار و التثبيت، و التثبيت في الركوع انما يكون بوقوف المصلي اذا انحنى اليه في حده و استقر فيه في مقابل أن لا ينزل و لا يصعد، و هذا لا ينافي أن يكون بدن‌

 

280
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في السجود ص 279

عمدا بطل و أبطل، و إن كان سهوا وجب التدارك (1) إن تذكر قبل رفع الرأس، و كذا لو أتى به حال الرفع أو بعده و لو كان بحرف واحد منه فإنه مبطل إن كان عمدا، و لا يمكن التدارك إن كان سهوا إلا إذا ترك الاستقرار و تذكر قبل رفع الرأس.

الرابع: رفع الرأس منه.

الخامس: الجلوس بعده مطمئنا ثم الانحناء للسجدة الثانية.

السادس: كون المساجد السبعة في محالّها إلى تمام الذكر، فلو رفع بعضها بطل و أبطل إن كان عمدا، و يجب تداركه إن كان سهوا (2)، نعم لا مانع من رفع ما عدا الجبهة في غير حال الذكر ثم وضعه عمدا كان أو سهوا من غير فرق بين كونه لغرض كحك الجسد و نحوه أو بدونه.

السابع: مساواة موضع الجبهة للموقف بمعنى عدم علوّه أو انخفاضه أزيد من مقدار لبنة موضوعة على أكبر سطوحها أو أربع أصابع مضمومات، و لا بأس بالمقدار المذكور، و لا فرق في ذلك بين الانحدار

______________________________
المصلي غير مطمئن و لا مستقر بأن يتمايل يمنة و يسرة. و أما التثبيت في حال السجود فهو انما يكون باعتماد الجبهة على الأرض و تمكينها و استقرارها عليها و هو لا ينافي كون بدن المصلي غير مطمئن و لا مستقر، فإذن لا تدل الصحيحة على اعتبار الطمأنينة و الاستقرار في الصلاة.

(1) في وجوب التدارك اشكال بل منع، و الأظهر عدم وجوبه و إن انتبه إلى الحال قبل رفع الرأس لقصور المقتضي كما مرّ ذلك بتمام شقوقه في المسألة (21) من الركوع، و بذلك يظهر حال ما بعده.

(2) مرّ حكمه في الأمر الثالث آنفا.

 

281
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في السجود ص 279

و التسنيم، نعم الانحدار اليسير لا اعتبار به فلا يضر معه الزيادة على المقدار المذكور (1)، و الأقوى عدم اعتبار ذلك في باقي المساجد لا بعضها مع بعض و لا بالنسبة إلى الجبهة، فلا يقدح ارتفاع مكانها أو انخفاضه ما لم يخرج به السجود عن مسماه.

الثامن: وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه من الأرض و ما نبت منها غير المأكول و الملبوس على ما مرّ في بحث المكان.

التاسع: طهارة محل وضع الجبهة.

العاشر: المحافظة على العربية و الترتيب و الموالاة في الذكر.

[مسائل في أحكام السجود]

[مسألة 1: الجبهة ما بين قصاص شعر الرأس و طرف الأنف الأعلى و الحاجبين طولا]

[1609] مسألة 1: الجبهة ما بين قصاص شعر الرأس و طرف الأنف الأعلى و الحاجبين طولا، و ما بين الجبينين عرضا، و لا يجب فيها الاستيعاب بل يكفي صدق السجود على مسماها، و يتحقق المسمى بمقدار الدرهم قطعا، و الأحوط عدم الأنقص (2)، و لا يعتبر كون المقدار المذكور مجتمعا بل يكفي و إن كان متفرقا مع الصدق، فيجوز السجود على السبحة الغير

______________________________
(1) فيه اشكال بل منع، فان مقتضى النص في المسألة ان الزائد على المقدار المحدّد فيه قادح بلا فرق بين أن يكون الانحدار يسيرا أو كثيرا.

(2) الاحتياط ضعيف لنص صحيحة زرارة بكفاية مقدار طرف الأنملة، مع أنّه أقل من الدرهم جزما، بل لا يستفاد من الصحيحة موضوعية ذلك أيضا حيث أنها ليست في مقام تحديد المسجد كما بل هي في مقام التمثيل، فيكفي أن يضع المصلي مقدارا من الجبهة على الأرض لتحقق السجود عرفا و إن كان أقل من مقدار طرف أحد أنامله قليلا، فلا يكفي وضعها على شي‌ء صغير جدا كرأس الإبرة أو نحوه.

 

282
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 الجبهة ما بين قصاص شعر الرأس و طرف الأنف الأعلى و الحاجبين طولا ص 282

المطبوخة (1) إذا كان مجموع ما وقعت عليه الجبهة بقدر الدرهم.

[مسألة 2: يشترط مباشرة الجبهة لما يصح السجود عليه]

[1610] مسألة 2: يشترط مباشرة الجبهة لما يصح السجود عليه، فلو كان هناك مانع أو حائل عليه أو عليها وجب رفعه حتى مثل الوسخ الذي على التربة إذا كان مستوعبا لها بحيث لم يبق مقدار الدرهم منها و لو متفرقا خاليا عنه، و كذا بالنسبة إلى شعر المرأة الواقع على جبهتها، فيجب رفعه بالمقدار الواجب، بل الأحوط إزالة الطين اللاصق بالجبهة في السجدة الاولى (2)، و كذا إذا لصقت التربة بالجبهة فإن الأحوط رفعها بل الأقوى وجوب رفعها إذا توقف صدق السجود على الأرض أو نحوها عليه، و أما إذا لصق بها تراب يسير لا ينافي الصدق فلا بأس به، و أما سائر المساجد فلا يشترط فيها المباشرة للأرض.

______________________________
(1) بل على المطبوخة أيضا حيث أنها بالطبخ لا تخرج عن أجزاء الأرض.

(2) هذا ينافي ما ذكره قدّس سرّه في المسألة (24) من مسجد الجبهة من مكان المصلي حيث أفتى فيها بوجوب الازالة. و على كل حال فقد قلنا هناك أن الأظهر عدم وجوب الازالة، لأنّ الحائل أن كان شيئا اجنبيا وجب ازالته باعتبار انه يمنع عن وضع الجبهة و سقوطها على الأرض. و أما اذا كان الحائل من نفس الأرض فلا يمنع من ذلك فانه ما دام لم يضع جبهته اللاصق بها الطين او التربة على الأرض لم يتحقق عنوان الوضع على الأرض لأن مفهوم الوضع متقوم بالاعتماد، و اما اذا وضعها على الأرض فيتحقق وضع الجبهة عليها حقيقة و مباشرة لفرض أن الحائل من أجزائها و ليس شيئا اجنبيا عنها.

و أما قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبى: (نعم قد كان أبو جعفر عليه السّلام يمسح جبهته في الصلاة اذا لصق بها التراب ...) «1» لا يدل على الوجوب بقرينة استشهاده عليه السّلام بفعل ابي جعفر عليه السّلام و الفعل لا يدل على الوجوب.

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 18 من أبواب السّجود الحديث: 1.

 

283
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يشترط في الكفين وضع باطنهما مع الاختيار و مع الضرورة يجزئ الظاهر ص 284

[مسألة 3: يشترط في الكفين وضع باطنهما مع الاختيار، و مع الضرورة يجزئ الظاهر]

[1611] مسألة 3: يشترط في الكفين وضع باطنهما مع الاختيار، و مع الضرورة يجزئ الظاهر، كما أنه مع عدم إمكانه لكونه مقطوع الكف أو لغير ذلك ينتقل إلى الأقرب من الكف فالأقرب (1) من الذراع و العضد.

[مسألة 4: لا يجب استيعاب باطن الكفين أو ظاهرهما]

[1612] مسألة 4: لا يجب استيعاب باطن الكفين أو ظاهرهما، بل يكفي (2) المسمى و لو بالأصابع فقط أو بعضها، نعم لا يجزئ وضع رءوس الأصابع مع الاختيار، كما لا يجزئ لو ضم أصابعه و سجد عليها مع الاختيار.

[مسألة 5: في الركبتين أيضا يجزئ وضع المسمى منهما و لا يجب الاستيعاب]

[1613] مسألة 5: في الركبتين أيضا يجزئ وضع المسمى منهما و لا يجب الاستيعاب، و يعتبر ظاهرهما دون الباطن (3)، و الركبة مجمع عظمي الساق و الفخذ فهي بمنزلة المرفق من اليد.

[مسألة 6: الأحوط في الإبهامين وضع الطرف من كل منهما]

[1614] مسألة 6: الأحوط في الإبهامين وضع الطرف من كل منهما دون

______________________________
(1) على الأحوط لعدم الدليل الّا قاعدة الميسور و هي غير تامة، فاذن مقتضى القاعدة السقوط و عدم وجوب وضع الأقرب فالأقرب على الأرض، و لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط.

(2) في الكفاية اشكال بل منع، فان مقتضى الروايات الآمرة بوضع الكفين على الأرض هو الوضع على النحو المتعارف حيث انه المتبادر منها عرفا دون مسمّى الوضع. و تؤكد ذلك صحيحة حماد.

(3) بل لا يمكن وضع الباطن عادة حتى يمكن القول بان المعتبر هو وضع ظاهرهما دون الباطن.

 

284
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 الأحوط في الإبهامين وضع الطرف من كل منهما ص 284

الظاهر أو الباطن منهما (1)، و من قطع إبهامه يضع ما بقي منه (2)، و إن لم يبق منه شي‌ء أو كان قصيرا يضع سائر أصابعه، و لو قطع جميعها يسجد على ما بقي من قدميه، و الأولى و الأحوط ملاحظة محل الإبهام.

[مسألة 7: الأحوط الاعتماد على الأعضاء السبعة بمعنى إلقاء ثقل البدن عليها]

[1615] مسألة 7: الأحوط (3) الاعتماد على الأعضاء السبعة بمعنى إلقاء ثقل البدن عليها، و إن كان الأقوى عدم وجوب أزيد من المقدار الذي يتحقق معه صدق السجود، و لا يجب مساواتها في إلقاء الثقل و لا عدم مشاركة غيرها معها من سائر الأعضاء كالذراع و باقي أصابع الرجلين.

[مسألة 8: الأحوط كون السجود على الهيئة المعهودة]

[1616] مسألة 8: الأحوط كون السجود على الهيئة المعهودة، و إن كان الأقوى كفاية وضع المساجد السبعة بأي هيئة كان ما دام يصدق السجود، كما إذا ألصق صدره و بطنه بالأرض بل و مدّ رجله أيضا (4)، بل و لو انكب

______________________________
(1) بل يكفي وضع الظاهر او الباطن منهما أيضا لأنّ الابهام اسم للعقد الأخير من الاصبع لا أنه اسم لخصوص طرفه. و أما صحيحة حماد فهي لا تدل على أن الامام عليه السّلام وضع طرفي الابهامين على الأرض لأنّ الفعل مجمل لا يدل على التعيين و التحديد.

(2) على الأحوط فيه و فيما بعده باعتبار انه لا دليل عليه إلّا قاعدة الميسور.

(3) بل هو الأقوى لما مرّ من أن مفهوم السجود متقوم بالاعتماد و لا يكفي مجرد المماسة للأرض من دون الاعتماد، نعم لا يجب توزيع الاعتماد على الاعضاء السبعة بنسبة واحدة بعد اشتراك الجميع فيه، كما لا يجب عدم اشتراك سائر الاعضاء معها في تحمل الثقل.

(4) الظاهر عدم صدق السجود عليه عرفا فضلا عما بعده لأنّ السجود هيئة خاصة معروفة لدى المرتكزات العرفية و ليس عبارة عن وضع المساجد‌

 

285
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 الأحوط كون السجود على الهيئة المعهودة ص 285

على وجهه لاصقا بالأرض مع وضع المساجد بشرط الصدق المذكور، لكن قد يقال بعدم الصدق و إنه من النوم على وجهه.

[مسألة 9: لو وضع جبهته على موضع مرتفع أزيد من المقدار المغتفر كأربع أصابع مضمومات]

[1617] مسألة 9: لو وضع جبهته على موضع مرتفع أزيد من المقدار المغتفر كأربع أصابع مضمومات فإن كان الارتفاع بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا جاز رفعها و وضعها ثانيا (1)، كما يجوز جرّها (2)، و إن كان بمقدار يصدق معه السجدة عرفا فالأحوط الجرّ لصدق زيادة السجدة مع الرفع (3)، و لو لم يمكن الجر فالأحوط الإتمام و الإعادة.

______________________________
السبعة على الأرض باي شكل و هيئة اتفق في الخارج.

(1) هذا فيما اذا كان وضع الجبهة عليه سهوا أو عمدا و لكن من دون أن ينوي به أن يكون من الصلاة باعتبار ان الزائد ليس من السجود على الفرض لكي يكون مطلق وجوده في الصلاة مبطلا لها. نعم اذا نوى به انه من الصلاة عامدا ملتفتا الى الحكم الشرعي فتبطل من جهة الزيادة العمدية.

(2) فيه اشكال بل منع، فان الواجب على المصلي بعد رفع رأسه من الركوع أن يقف قائما ثم يهوي الى السجود فيسجد السجدة الأولى ثم يرفع رأسه منها معتدلا منتصبا في جلوسه و مطمئنا ثم يهوي الى السجدة الثانية، و اما إذا هوي الى السجود و لكنه يبتدي اولا بوضع جبهته على مكان مرتفع لا يصدق السجود معه عرفا ثم يجرها منه الى موضع السجود فانه مما لا ينطبق عليه السجود المأمور به.

(3) لكن الأقوى عدم كفاية الجر لأنّ المأمور به هو احداث وضع الجبهة على الأرض لا الأعم منه و من الابقاء حتى يكون الجر كافيا.

و إن شئت قلت: ان الواجب على المصلي في السجدة الأولى هو أن يهوي من القيام بعد الركوع الى الأرض فاذا وصل إليها يضع جبهته عليها و بذلك تتحقق‌

 

286
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه الجر ص 287

[مسألة 10: لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه الجر]

[1618] مسألة 10: لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه الجر (1) و لا يجوز رفعها لاستلزامه زيادة السجدة، و لا يلزم من الجر ذلك، و من هنا يجوز له ذلك مع الوضع على ما يصح أيضا لطلب الأفضل أو الأسهل و نحو ذلك، و إذا لم يمكن إلا الرفع فإن كان الالتفات إليه قبل تمام الذكر فالأحوط الإتمام ثم الإعادة (2)، و إن كان بعد تمامه فالاكتفاء به

______________________________
السجدة الأولى ثم يرفع رأسه منها معتدلا منتصبا في جلوسه و مطمئنا ثم يهوي اليها مرة ثانية فيضع جبهته عليها و بذلك تتحقق السجدة الثانية، و اما إذا هوى اليها فيضع جبهته على مكان ثم يجرها منه الى مكان آخر فيكون سجوده على الثاني ابقاء للأول فلا يكون مصداقا للمأمور به. و على هذا فبما أنه لا يمكن تصحيح هذه السجدة بجر الجبهة عن موضعها الى موضع آخر فهي سجدة زائدة فحينئذ إن أتى المصلي بها عامدا ملتفتا الى الحكم الشرعي و إن لم تكن بنية انّها من الصلاة بطلت صلاته و لا مناص عندئذ من اعادتها و إن كانت سهوية لم تبطل باعتبار ان زيادة السجدة الواحدة سهوا غير قادحة، و حينئذ تكون وظيفته رفع الجبهة و وضعها ثانيا لا جرّها. و اما رواية معاوية بن عمار الدالة على أن الوظيفة هي الجر دون الرفع فهي ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد عليها.

(1) يظهر حكم هذه المسألة من التعليق على المسألة المتقدمة تماما.

(2) بل الأظهر الاكتفاء بهذا السجود و عدم جواز رفع الجبهة و وضعها ثانيا، كما أنّه لا يجوز جرها. و اما الاكتفاء به فلأنّ الواجب هو طبيعي السجود بما له من المعنى العرفي اذ ليس له معنى خاص عند الشارع في مقابل معناه العرفي و اللغوي، بل قد أخذ في موضوع الدليل بما له من المعنى العرفي غاية الأمر أن الشارع قد جعل له قيودا و شروطا و لم يؤخذ على اطلاقه كما هو الحال في الركوع و نحوه، و على هذا فتلك القيود و الشروط غير دخيلة في المسمّى و المفهوم العرفي‌

 

287
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه الجر ص 287

..........

______________________________
و لا تكون من مقوماته و هي ما يلي ..

الأول: أن يكون السجود على الأرض أو نباتها مما لا يؤكل و لا يلبس غالبا.

الثاني: أن يكون موضعه بدرجة من الصلابة تتيح للمصلي أن يمكن جبهته عند السجود عليه.

الثالث: أن يكون طاهرا.

الرابع: أن لا يكون موضع الجبهة عاليا عن موضع قدميه بأكثر من أربعة أصابع منفرجات.

الخامس: أن لا يكون مغصوبا و كذلك سائر مواضع السجود.

السادس: أن يكون بعد القيام من الركوع.

السابع: أن يجلس معتدلا منتصبا و مطمئنا بعد رفع رأسه من السجدة الأولى ثم يهوي إلى السجدة الثانية.

الثامن: أن يأتي فيه بذكر خاص أو مطلق.

التاسع: أن يكون مطمئنا و مستقرا فيه.

العاشر: أن يضع باطن كفيه و طرفي ابهامي القدمين على الأرض.

الحادي عشر: أن يلصق ركبتيه معا بالأرض.

الثاني عشر: أن تكون المواضع السبعة من الجبهة و الكفين و الابهامين و الركبتين تماما على الأرض بصورة مستقرة مطمئنة.

ثم ان من الواضح أن هذه الشروط بكافة اصنافها خارجة عن حقيقة السجود و لا يكون شي‌ء منها من مقوماته لوضوح أن صدقه لا يتوقف على شي‌ء منها.

و على ضوء ذلك فإذا سجد المصلي على ما لا يصح عامدا ملتفتا الى الحكم الشرعي بطلت صلاته، و كذلك اذا سجد عليه لا بنية أنه منها، كل هذا للزيادة‌

 

288
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه الجر ص 287

..........

______________________________
العمدية، و اما إذا كان ذلك سهوا او جهلا بالحكم غير ملتفت اليه فالظاهر هو الحكم بالصحة بملاك حديث لا تعاد حيث ان المقام داخل في المستثنى دون المستثنى منه باعتبار أن السجود قد تحقق و الفاقد انما هو شرطه و قيده، و بما ان تركه كان سهوا او جهلا بالحكم فهو مشمول للحديث و مقتضاه اختصاص شرطيته بالعالم الملتفت، فإذن لا فرق فيه بين أن يكون الانتباه الى الحال قبل تمام الذكر أو بعده قبل رفع الرأس أو بعده، إذ في تمام هذه الصور قد تحقق طبيعي السجود و مسماه العرفي الذي هو ركن للصلاة لا المقيد بقيود، و إلّا فلازمه أن يكون تمام تلك القيود مقوما للركن، فما في المتن من الفرق بين الصور المذكورة لا وجه له أصلا، فإن نظره فيه إن كان الى حديث لا تعاد، فمقتضى هذا الحديث عدم الفرق بينها بلحاظ أن الاخلال في الجميع انما هو بالشرط لا بالركن، و حيث انه اخلال عن عذر فهو مشمول للحديث.

و ان كان نظره الى احتمال ان الذكر مقوم للسجود فهو غير محتمل حتى عنده قدّس سرّه.

و ان كان نظره الى جواز رفع الجبهة و وضعها ثانيا اذا كان قبل تمام الذكر ..

ففيه: انه كيف يجوز بعد تحقق الركن لاستلزامه زيادة الركن.

فالنتيجة: ان ما ذكره قدّس سرّه من الفرق بين تلك الصور لا يمكن تبريره بشى‌ء.

و من هنا يظهر انه لا يمكن رفع الجبهة و وضعها ثانيا على ما يصح فانه زيادة في السجود عمدا باعتبار ان السجود بمعناه العرفي قد تحقق بالوضع على ما لا يصح السجود عليه سهوا أو جهلا بالحكم و هو محكوم بالصحة شرعا بمقتضى حديث (لا تعاد).

و دعوى: ان الوضع على ما يصح من القيود الشرعية المعتبرة في ذات‌

 

289
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه الجر ص 287

..........

______________________________
السجود المأمور به فالاخلال به اخلال بنفس السجود فيشمله عقد الاستثناء في حديث لا تعاد، اذ المراد من السجود في الحديث هو السجود الشرعي دون العرفي، و على هذا فلا بد من تدارك السجود تحصيلا للمأمور به، غاية ما هناك لزوم زيادة سجدة واحدة و بما أنها سهوية لا تقدح ...

خاطئة جدّا، اذ من الواضح انه ليس للسجود معنيان أحدهما معنى عرفي و الآخر معنى شرعي بأن تكون لكلمة (السجود) وضعان أحدهما من العرف و اللغة و الآخر من الشارع، فالعرف قد وضعها للجامع و الشارع وضعها لحصة خاصة منه و هي الحصة المقيدة فإنّ ذلك غير محتمل، اذ لا شبهة في أن لكلمة السجود معنى واحدا لدى العرف العام، و الشارع كأحدهم استعملها فيه، غاية ما هناك أنه قد زاد فيه قيودا و شروطا، و هذه القيود قيود للمأمور به و مقومة له لا للمعنى الموضوع له و المسمّى و عليه فبطبيعة الحال قد أخذ السجود أو الركوع في لسان الدليل بمعناه العرفي و منه هذا الحديث، لوضوح أن المتفاهم عرفا من السجود و الركوع الواردين في هذا الحديث هو المعنى العرفي و ان الاخلال به اخلال بالصلاة، فيدخل في عقد المستثنى منه للحديث، و اما إذا كان الاخلال بقيده كوضع الجبهة على ما لا يصح فهو ليس اخلالا بالسجود، بل هو اخلال بقيده فيدخل في عقد المستثنى.

و من هنا يظهر ان هذه الدعوى مبنية على الخلط بين السجود المأمور به شرعا و بين مسمّى السجود لأن السجود المأمور به حصة خاصة و كل قيد أخذ فيه مقوم له لا ذات السجود و مسمّاه الذي هو عبارة عن وضع الجبهة على شي‌ء كان ذلك الشى‌ء مما يصح السجود عليه لدى الشرع أو لا.

هذا اضافة الى أنه لا يمكن أن يراد من السجود أو الركوع في الحديث‌

 

290
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه الجر ص 287

قوي كما لو التفت بعد رفع الرأس، و إن كان الأحوط الإعادة أيضا.

[مسألة 11: من كان بجبهته دمل أو غيره]

[1619] مسألة 11: من كان بجبهته دمل أو غيره فإن لم يستوعبها و أمكن

______________________________
السجود الشرعي من طرف النقيصة و العرفي من طرف الزيادة، فان السجود في الحديث مستعمل في معنى واحد و ذلك المعنى الواحد ان كان شرعيا فلا بد أن يراد منه المعنى الشرعي من حيث الزيادة و النقيصة معا، و ان كان عرفيا فكذلك، فلا يكون السجود فيه مستعملا في معنيين. و اما النهي الوارد عن تلاوة العزيمة في الصلاة معللا بانه زيادة في المكتوبة فهو لا يكون قرينة على ذلك بل هو قرينة على أن المراد منه المعنى العرفي غاية الأمر قد يتوقف ترتب الأثر الشرعي عليه على تقييده بقيد اذ من غير المحتمل ان يقوم الشارع في بداية التشريع بعملية الوضع فيه لمعنى خاص في مقابل العرف العام بل على تقدير القول بثبوت الحقائق الشرعية في باب العبادات لم تثبت في مثل الركوع و السجود و نحوهما من اجزاء العبادات ... و مما يشهد على ذلك أيضا هو التمسك باطلاق دليل السجود او الركوع اذا شك في تقييده بقيد، فلو كان المراد من السجود او الركوع المأخوذ في لسان الدليل هو السجود او الركوع الشرعي لم يمكن التمسك به لإجماله حينئذ. هذا مضافا إلى إنا لو تنزلنا عن ذلك و سلمنا ان السجود أو الركوع موضوع لدى الشارع لمعنى خاص في مقابل معناه العرفي، إلّا أنّه لا ملازمة بين كل ما هو قيد مقوم للسجود المأمور به فهو قيد مقوم للمسمّى أيضا، اذ يختلف الحال بالنسبة اليه فان كان من قبيل الركن له فهو مقوم له و إلّا فلا يكون مقوما له كما هو الحال في الصلاة.

فالنتيجة في نهاية المطاف انه لا اساس لهذا القول اصلا، فالصحيح هو ما ذكرناه من ان المصلي اذا وضع جبهته على ما لا يصح فان كان ذلك سهوا أو جهلا بالحكم غير ملتفت اليه صح سجوده بمقتضى حديث لا تعاد باعتبار ان الاخلال انما هو في قيده لا في ذاته التي هي ركن.

 

291
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 من كان بجبهته دمل أو غيره ص 291

سجوده على الموضع السليم سجد عليه، و إلا حفر حفيرة ليقع السليم منها على الأرض، و إن استوعبها أو لم يمكن بحفر الحفيرة أيضا سجد على أحد الجبينين من غير ترتيب (1)، و إن كان الأولى و الأحوط تقديم الأيمن على الأيسر، و إن تعذر سجد على ذقنه، فإن تعذر اقتصر على الانحناء الممكن (2).

[مسألة 12: إذا عجز عن الانحناء للسجود انحنى بالقدر الممكن مع رفع المسجد إلى جبهته]

[1620] مسألة 12: إذا عجز عن الانحناء للسجود انحنى بالقدر الممكن مع رفع المسجد إلى جبهته (3) و وضع سائر المساجد في محالها، و إن لم

______________________________
(1) فيه اشكال بل منع، و الأظهر أن يسجد على ذقنه، و يدل عليه قوله عليه السّلام في ذيل موثقة اسحاق بن عمار: (فان لم يقدر فعلى ذقنه ...) «1» فانه واضح الدلالة على أن المصلي اذا عجز عن وضع جبهته على الأرض فوظيفته السجود على الذقن. نعم لا بأس بالاحتياط بالجمع بين السجود على أحد الجبينين و السجود على الذقن بتكرار الصلاة.

(2) بل الظاهر تعيّن الايماء في المسألة. عوضا عن السجود حيث لا دليل على أن الانحناء الممكن بدليل عن السجود الا قاعدة الميسور و هي غير تامة.

(3) هذا اذا لم يتمكن من الانحناء الكامل للسجود، فحينئذ انحنى حسب تمكنه و رفع ما يصح السجود الى جبهته و وضعها عليه مع وضع سائر اعضاء السجود الستة على مواضعها، و لا بأس بضم الايماء اليه أيضا. و اما إذا لم يقدر على الانحناء اطلاقا فيجب عليه الجمع احتياطا بين رفع ما يصح السجود عليه الى جبهته و بين الايماء برأسه إن أمكن و إلّا فبالعينين. ثم إن في المسألة روايتين ...

إحداهما: معتبرة ابن أبي بصير.

و الأخرى: صحيحة زرارة، و كلتا هما و ان وردت في المريض إلّا أن الظاهر منهما بمناسبة الحكم و الموضوع عدم خصوصية له و ثبوت هذا الحكم لكل من لا‌

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 12 من أبواب السّجود الحديث: 1.

 

292
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 إذا عجز عن الانحناء للسجود انحنى بالقدر الممكن مع رفع المسجد إلى جبهته ص 292

يتمكن من الانحناء أصلا أومأ برأسه، و إن لم يتمكن فبالعينين، و الأحوط له رفع المسجد مع ذلك إذا تمكن من وضع الجبهة عليه (1)، و كذا الأحوط وضع ما يتمكن من سائر المساجد في محالها، و إن لم يتمكن من الجلوس أومأ برأسه و إلا فبالعينين، و إن لم يتمكن من جميع ذلك ينوي بقلبه جالسا أو قائما (2) إن لم يتمكن من الجلوس، و الأحوط الإشارة باليد و نحوها مع ذلك.

[مسألة 13: إذا حرّك إبهامه في حال الذكر عمدا أعاد الصلاة احتياطا]

[1621] مسألة 13: إذا حرّك إبهامه في حال الذكر عمدا أعاد الصلاة احتياطا، و إن كان سهوا أعاد الذكر إن لم يرفع رأسه (3)، و كذا لو حرك سائر

______________________________
يقدر على السجود على الأرض، و لا يستفاد منهما تعيّن رفع المسجد و وضع الجبهة عليه، بل صحيحة زرارة ناصة في أنه افضل من الايماء و معنى هذا ان المكلف مخير بينه و بين الايماء، غاية الأمر أن الأول أفضل، و لكن مع ذلك كان الأجدر و الاحوط وجوبا الجمع بينهما.

(1) لا يترك كما مرّ.

(2) على الأحوط الأولى لعدم الدليل عليه الّا قاعدة الميسور، و بذلك يظهر حال ما بعده و هو الاشارة باليد.

(3) في الاعادة اشكال بل منع، و الأظهر عدم وجوبها، لأن الاستقرار و ان كان شرطا للذكر إلّا أنك عرفت انه لا دليل على اعتبار الاستقرار إلّا الاجماع المدعى في المسألة و هو يختص بحال الالتفات و التذكر و لا يعم غيره. و على تقدير تسليم ان دليل اعتباره لفظي له اطلاق و لكن مدلوله و هو شرطية الاستقرار مختص بمقتضى حديث لا تعاد بصورة العلم و العمد فلا يكون شرطا في حال النسيان و الجهل بالحكم. و عليه فإذا ذكر المصلي في سجوده غير مستقر و لا مطمئن سهوا أو جهلا بالحكم ثم انتبه الى الحال قبل رفع الرأس لم تجب عليه‌

 

293
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 إذا حرك إبهامه في حال الذكر عمدا أعاد الصلاة احتياطا ص 293

المساجد، و أما لو حرك أصابع يده مع وضع الكف بتمامها فالظاهر عدم البأس به لكفاية اطمئنان بقية الكف، نعم لو سجد على خصوص الأصابع (1) كان تحريكها كتحريك إبهام الرجل.

[مسألة 14: إذا ارتفعت الجبهة قهرا من الأرض قبل الإتيان بالذكر]

[1622] مسألة 14: إذا ارتفعت الجبهة قهرا من الأرض قبل الإتيان بالذكر فإن أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا حسبت سجدة فيجلس و يأتي بالأخرى إن كانت الاولى، و يكتفي بها إن كانت الثانية، و إن عادت إلى الأرض قهرا فالمجموع سجدة واحدة فيأتي بالذكر (2)، و إن كان بعد الإتيان به اكتفى به.

______________________________
اعادة الذكر بمقتضى حديث لا تعاد نظير ما اذا قرأ فاتحة الكتاب غير مطمئن و لا مستقر و بعد الفراغ منها و قبل الركوع انتبه الى الحال لم يجب عليه اعادة القراءة بمقتضى عموم هذا الحديث، بل لو انتبه الى الحال في أثناء قراءة السورة و أن الفاتحة لم تكن واجدة للشرط و هو الاستقرار لم تجب عليه اعادتها لمكان الحديث.

(1) تقدم الاشكال بل المنع في كفاية ذلك.

(2) فيه اشكال بل منع، و الظاهر ان الثاني لغو و لا يكون سجودا عرفا لأنّه متقوم بالقصد، فإذا عادت الجبهة الى الهوي و السجود ثانيا بدون قصد لم يتحقق السجود حتى يكون متمما للأول بأن يكون المجموع سجدة واحدة مع أن الثاني موجود بوجود مستقل في مقابل الأول فلا يعقل أن يكونا موجودين بوجود واحد و سجدة فاردة.

و إن شئت قلت: ان المصلي اذا ارتفع رأسه فجأة قبل أن يتحقق منه ما يسمّى سجودا وجب عليه أن يهوي الى السجود و يسجد و لا تضر زيادة الأول لأنّه ليس بسجدة على الفرض و لا عمدية، و اذا ارتفع رأسه فجأة بعد تحقق ما يسمّى سجودا و كان قبل الذكر اعتبر سجدة و قد تمت بهذا الارتفاع المفاجي، و حينئذ فان‌

 

294
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 لا بأس بالسجود على غير الأرض و نحوها مثل الفراش في حال التقية ص 295

[مسألة 15: لا بأس بالسجود على غير الأرض و نحوها مثل الفراش في حال التقية]

[1623] مسألة 15: لا بأس بالسجود على غير الأرض و نحوها مثل الفراش في حال التقية، و لا يجب التفصيّ عنها بالذهاب إلى مكان آخر، نعم لو كان في ذلك المكان مندوحة بأن يصلي على البارية أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها.

[مسألة 16: إذا نسي السجدتين أو إحداهما و تذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليها]

[1624] مسألة 16: إذا نسي السجدتين أو إحداهما و تذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليها، و إن كان بعد الركوع مضى إن كان المنسي واحدة و قضاها بعد السلام، و تبطل الصلاة إن كان اثنتين، و إن كان في الركعة الأخيرة يرجع ما لم يسلّم، و إن تذكر بعد السلام بطلت الصلاة إن كان المنسي اثنتين (1)، و إن كان واحدة قضاها.

[مسألة 17: لا تجوز الصلاة على ما لا تستقر المساجد عليه]

[1625] مسألة 17: لا تجوز الصلاة على ما لا تستقر المساجد عليه، كالقطن المندوف (2) و المخدّة من الريش و الكومة من التراب الناعم أو

______________________________
لم يتمالك رأسه بل عادت الجبهة الى الهوي و السجود ثانيا بدون قصد و نية فعليه ان يرفع رأسه و يواصل في صلاته و لا تضر زيادته لأنّه ليس بسجدة باعتبار أنها متقومة بالقصد و هو فاقد له و لا عمدية، فما في المتن لا يرجع إلى معنى صحيح.

(1) هذا فيما إذا أتى بالمنافي بعد السلام، و إلّا وجب تداركهما باعتبار أنه لم يخرج بعد عن الصلاة و ما أتى به من التشهد و السلام في غير محله، و عليه فبما أن المصلي يكون بعد في الصلاة فوظيفته أن يقوم بتدارك السجود و اعادة التشهد و التسليم ثم يأتي بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط.

(2) في اطلاقه اشكال بل منع، فان الصلاة انما لا تجوز عليه اذا لم تستقر المساجد اصلا، و اما اذا استقرت في نهاية المطاف كما اذا وضع ورقة أو نحوها على فراش قطني منفوش و سجد عليها فان الورقة تهبط عند وضع الجبهة عليها‌

 

295
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 لا تجوز الصلاة على ما لا تستقر المساجد عليه ص 295

كدائس الحنطة و نحوها.

[مسألة 18: إذا دار أمر العاجز عن الانحناء التام للسجدة بين وضع اليدين على الأرض و بين رفع ما يصح السجود عليه و وضعه على الجبهة]

[1626] مسألة 18: إذا دار أمر العاجز عن الانحناء التام للسجدة بين وضع اليدين على الأرض و بين رفع ما يصح السجود عليه و وضعه على الجبهة فالظاهر تقديم الثاني (1)، فيرفع يديه أو إحداهما عن الأرض ليضع ما يصح السجود عليه على جبهته، و يحتمل التخيير.

______________________________
و تستقر في نهاية المطاف، فاذن على المصلي أن ينتظر الى أن تستقر ثم يشرع في الذكر.

(1) هذا فيما اذا صدق عليه عنوان السجود عرفا و لو بأدنى مرتبته، و إلّا فالأحوط هو الجمع بينه و بين الايماء كما مرّ.

 

296
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مستحبات السجود ص 297

[فصل في مستحبات السجود]

فصل في مستحبات السجود و هي أمور:

الأول: التكبير حال الانتصاب من الركوع قائما أو قاعدا.

الثاني: رفع اليدين حال التكبير.

الثالث: السبق باليدين إلى الأرض عند الهويّ إلى السجود.

الرابع: استيعاب الجبهة على ما يصح السجود عليه، بل استيعاب جميع المساجد.

الخامس: الإرغام بالأنف على ما يصح السجود عليه.

السادس: بسط اليدين مضموتي الاصابع حتى الإبهام حذاء الأذنين متوجها بهما إلى القبلة.

السابع: شغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود.

الثامن: الدعاء قبل الشروع في الذكر بأن يقول:

«اللهم لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت و عليك توكلت و أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه و شقّ سمعه و بصره، و الحمد للّه رب العالمين، تبارك اللّه أحسن الخالقين».

التاسع: تكرار الذكر.

العاشر: الختم على الوتر.

 

297
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مستحبات السجود ص 297

الحادي عشر: اختيار التسبيح من الذكر، و الكبرى من التسبيح، و تثليثها أو تخميسها أو تسبيعها.

الثاني عشر: أن يسجد على الأرض بل التراب دون مثل الحجر و الخشب.

الثالث عشر: مساواة موضع الجبهة مع الموقف، بل مساواة جميع المساجد.

الرابع عشر: الدعاء في السجود أو الأخير بما يريد من حاجات الدنيا و الآخرة، و خصوص طلب الرزق الحلال بأن يقول: «يا خير المسؤولين و يا خير المعطين، ارزقني و ارزق عيالي من فضلك، فإنك ذو الفضل العظيم».

الخامس عشر: التورك في الجلوس بين السجدتين و بعدهما، و هو أن يجلس على فخذه الأيسر جاعلا ظهر القدم اليمنى في بطن اليسرى.

السادس عشر: أن يقول في الجلوس بين السجدتين: «استغفر اللّه ربي و أتوب إليه».

السابع عشر: التكبير بعد الرفع من السجدة الاولى بعد الجلوس مطمئنا، و التكبير للسجدة الثانية و هو قاعد.

الثامن عشر: التكبير بعد الرفع من الثانية كذلك.

التاسع عشر: رفع اليدين حال التكبيرات.

العشرون: وضع اليدين على الفخذين حال الجلوس، اليمنى على اليمنى و اليسرى على اليسرى.

الحادي و العشرون: التجافي حال السجود بمعنى رفع البطن عن الأرض.

الثاني و العشرون: التجنح، بمعنى تجافي الأعضاء حال السجود بأن

 

298
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مستحبات السجود ص 297

يرفع مرفقيه عن الأرض مفرجا بين عضديه و جنبيه و مبعدا يديه عن بدنه جاعلا يديه كالجناحين.

الثالث و العشرون: أن يصلّي على النبي و آله في السجدتين.

الرابع و العشرون: أن يقوم سابقا برفع ركبتيه قبل يديه.

الخامس و العشرون: أن يقول بين السجدتين: «اللهم اغفر لي و ارحمني و أجرني و ادفع عني، فإني لما أنزلت إليّ من خير فقير، تبارك اللّه رب العالمين».

السادس و العشرون: أن يقول عند النهوض للقيام: «بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد» أو يقول: «اللهم بحولك و قوتك أقوم و أقعد».

السابع و العشرون: أن لا يعجن بيديه عند إرادة النهوض أي لا يقبضهما بل يسبطهما على الأرض معتمدا عليهما للنهوض.

الثامن و العشرون: وضع الركبتين قبل اليدين للمرأة عكس الرجل عند الهوي للسجود، و كذا يستحب عدم تجافيها حاله بل تفترش ذراعيها و تلصق بطنها بالأرض و تضم أعضاءها، و كذا عدم رفع عجيزتها حال النهوض للقيام بل تنهض و تنتصب عدلا.

التاسع و العشرون: إطالة السجود و الإكثار فيه من التسبيح و الذكر.

الثلاثون: مباشرة الأرض بالكفين.

الواحد و الثلاثون: زيادة تمكين الجبهة و سائر المساجد في السجود.

[مسألة 1: يكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما أيضا]

[1627] مسألة 1: يكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما أيضا، و هو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه كما فسره به الفقهاء، بل بالمعنى الآخر المنسوب إلى اللغويين أيضا، و هو أن يجلس على أليتيه و ينصب ساقيه و يتساند إلى ظهره كإقعاء الكلب.

 

299
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 يكره نفخ موضع السجود إذا لم يتولد حرفان ص 300

[مسألة 2: يكره نفخ موضع السجود إذا لم يتولد حرفان]

[1628] مسألة 2: يكره نفخ موضع السجود إذا لم يتولد حرفان، و إلا فلا يجوز بل مبطل للصلاة، و كذا يكره عدم رفع اليدين من الأرض بين السجدتين.

[مسألة 3: يكره قراءة القرآن في السجود]

[1629] مسألة 3: يكره قراءة القرآن في السجود كما كان يكره في الركوع.

[مسألة 4: الأحوط عدم ترك جلسة الاستراحة]

[1630] مسألة 4: الأحوط عدم ترك جلسة الاستراحة، و هي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الاولى و الثالثة مما لا تشهد فيه، بل وجوبها لا يخلو عن قوة.

[مسألة 5: لو نسيها رجع إليها ما لم يدخل في الركوع]

[1631] مسألة 5: لو نسيها رجع إليها ما لم يدخل في الركوع.

 

300
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في سائر أقسام السجود ص 301

[فصل في سائر أقسام السجود]

فصل في سائر أقسام السجود

[مسألة 1: يجب السجود للسهو كما سيأتي مفصلا في أحكام الخلل]

[1632] مسألة 1: يجب السجود للسهو كما سيأتي مفصلا في أحكام الخلل.

[مسألة 2: يجب السجود على من قرأ إحدى آياته الأربع في السور الأربع]

[1633] مسألة 2: يجب السجود على من قرأ إحدى آياته الأربع في السور الأربع و هي: الم تنزيل عند قوله: لٰا يَسْتَكْبِرُونَ، و حم فصلت عند قوله: تَعْبُدُونَ، و النجم و العلق و هي سورة «اقْرَأْ بِاسْمِ» عند ختمهما، و كذا يجب على المستمع لها بل السامع على الاظهر (1).

و يستحب في أحد عشر موضعا: في الأعراف عند قوله: وَ لَهُ يَسْجُدُونَ، و في الرعد عند قوله: وَ ظِلٰالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ، و في النحل عند قوله: وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ، و في بني إسرائيل عند قوله:

وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً، و في مريم عند قوله: خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا، في

______________________________
(1) لكن الأقوى عدم وجوبه على السامع لنص صحيحة عبد اللّه بن سنان في التفصيل بينه و بين المستمع و المنصت فتدل على وجوبه على المستمع دون السامع و هي تقيد اطلاق سائر الروايات الدالة على وجوبه مطلقا من دون فرق بينهما. فالنتيجة عدم وجوب السجود على السامع ما دام لم ينو الاستماع و الانصات.

 

301
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 يجب السجود على من قرأ إحدى آياته الأربع في السور الأربع ص 301

سورة الحج في موضعين عند قوله: يَفْعَلُ اللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ، و عند قوله:

افْعَلُوا الْخَيْرَ، و في الفرقان عند قوله: وَ زٰادَهُمْ نُفُوراً، و في النمل عند قوله: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، و في ص عند قوله: وَ خَرَّ رٰاكِعاً وَ أَنٰابَ، و في الانشقاق عند قوله: وَ إِذٰا قُرِئَ بل الأولى السجود عند كل آية فيها أمر بالسجود.

[مسألة 3: يختص الوجوب و الاستحباب بالقارئ و المستمع و السامع للآيات]

[1634] مسألة 3: يختص الوجوب و الاستحباب بالقارئ و المستمع و السامع للآيات (1) فلا يجب على من كتبها أو تصورها أو شاهدها مكتوبة أو أخطرها بالبال.

[مسألة 4: السبب مجموع الآية فلا يجب بقراءة بعضها]

[1635] مسألة 4: السبب مجموع الآية فلا يجب بقراءة بعضها و لو لفظ السجدة منها.

[مسألة 5: وجوب السجدة فوري]

[1636] مسألة 5: وجوب السجدة فوري فلا يجوز التأخير، نعم لو نسيها أتى بها إذا تذكر، بل و كذلك لو تركها عصيانا.

[مسألة 6: لو قرأ بعض الآية و سمع بعضها الآخر فالأحوط الإتيان بالسجدة]

[1637] مسألة 6: لو قرأ بعض الآية و سمع بعضها الآخر فالأحوط الإتيان بالسجدة (2).

______________________________
(1) مرّ عدم وجوبه عليه ما دام انه غير قاصد للإنصات و الاستماع و بذلك يظهر حال المسائل الآتية.

(2) بل الأقوى عدم وجوب الاتيان بها لأنّ دليل التلاوة و دليل الاستماع كليهما لا يشمل المقام، و الدليل الآخر على وجوب السجدة فيه غير موجود، فاذن لا يمكن الحكم بالوجوب إلّا على أساس دعوى القطع بعدم الفرق و هي تبتني على القطع بوجود الملاك في المسألة. و من المعلوم انه ليس بامكان أحد دعوى القطع بوجوده فيها على أساس انه لا طريق اليه و ليس بامكان العقل ادراكه بدون‌

 

302
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 إذا قرأها غلطا أو سمعها ممن قرأها غلطا فالأحوط السجدة أيضا ص 303

[مسألة 7: إذا قرأها غلطا أو سمعها ممن قرأها غلطا فالأحوط السجدة أيضا]

[1638] مسألة 7: إذا قرأها غلطا أو سمعها ممن قرأها غلطا فالأحوط السجدة أيضا (1).

[مسألة 8: يتكرر السجود مع تكرر القراءة أو السماع أو الاختلاف]

[1639] مسألة 8: يتكرر السجود مع تكرر القراءة أو السماع أو الاختلاف بل و إن كان في زمان واحد بأن قرأها جماعة (2)، أو قرأها شخص حين

______________________________
وجود قرينة عليه. كما ان دعوى القطع بأن العرف لا يرى هذه الصورة خارجة عن روايات التلاوة في غير محلها لأنّ قطع العرف بذلك لا يمكن أن يكون جزافا فلا محالة يكون مبنيا على القطع بوجود ملاك وجوب السجدة في المسألة، و قد مرّ أنّه لا طريق للقطع بوجوده فيها، و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط الاتيان بالسجدة.

(1) لا بأس بتركه و ان كان رعاية الاحتياط أولى لأنّ الروايات الآمرة بالسجدة إذا قرأ آياتها أو استمع لها ظاهرة في قراءة الآيات النازلة على النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله من قبل اللّه عزّ و جل أو استماعها و الانصات اليها و بما أنّ الآيات النازلة عليه صلّى اللّه عليه و آله هي الآيات الصحيحة مادة و هيئة فإذا كانت ملحونة و مغلوطة لم تكن منها لكي تكون قراءتها أو استماعها موجبة للسجدة.

(2) في تعدد الوجوب اشكال بل منع و ان كان هو الأجدر و الأولى، باعتبار أن سبب الوجوب و موضوعه هو الاستماع فيدور مداره في الوحدة و الكثرة، و بما أنّ تلاوة الجماعة لآية السجدة كانت في آن واحد فبطبيعة الحال يكون استماعها في ذلك الآن استماع واحد و ان كان المسموع متعددا ذاتا و لكن لا أثر له و لا يوجب تعدد الاستماع ما لم يتعدد زمانا أيضا، و لذا لا يصدق عليه انه استمع قراءة آية السجدة مرات عديدة بعدد المسموع ذاتا، بل يصدق انه استمع قراءتها مرة واحدة.

فالنتيجة: انه لا فرق بين أن تكون قراءة آية السجدة من واحد أو جماعة اذا‌

 

303
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 يتكرر السجود مع تكرر القراءة أو السماع أو الاختلاف ص 303

قراءته على الأحوط (1).

[مسألة 9: لا فرق في وجوبها بين السماع من المكلف أو غيره]

[1640] مسألة 9: لا فرق في وجوبها بين السماع من المكلف أو غيره كالصغير و المجنون إذا كان قصدهما قراءة القرآن.

[مسألة 10: لو سمعها في أثناء الصلاة أو قرأها أومأ للسجود]

[1641] مسألة 10: لو سمعها في أثناء الصلاة أو قرأها أومأ للسجود (2)

______________________________
كانت في زمن واحد، فعلى كلا التقديرين يكون استماعها استماع واحد، و يدل على عدم هذا الفرق اطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة الحذاء: (ان كانت من العزائم فلتسجد اذا سمعتها ...) «1» فان مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين ما اذا كان استماعها من واحد أو جماعة اذا كان الاستماع منهم في وقت واحد، فاذن لا منشأ للاحتياط الوجوبي في المسألة كما عن الماتن قدّس سرّه.

(1) بل على الأقوى باعتبار ان كلا من قراءة آية السجدة و استماعها سبب مستقل للوجوب فلا مقتضى للتداخل.

(2) تقدم في المسألة (4) من القراءة أن الايماء وظيفة المستمع لتلاوة آية السجدة اثناء الصلاة، و أما القارى لها اثناءها فوظيفته الاتيان بالسجدة و لا يجزى الايماء بدلا عنها، و على هذا فالمصلي ان استمع آية السجدة اثناء صلاته كفى الايماء عوضا عنها، و ان قرأها عامدا أو ساهيا وجب عليه السجود و لا يكفي الايماء، فحينئذ إن سجد في اثناء صلاته بطلت و اعادها، و إلّا أثم و صحت صلاته ثم يأتي بالسجود على أساس أنّ السجود لا يسقط عنه بالتأخير للنص الخاص فيه، و هو صحيحة محمد بن مسلم فان موردها و ان كان هو النسيان إلّا أنّ الظاهر منها أنّ السجود بعد الانتباه و التذكر إنّما هو بمقتضى الأمر الأول و هذا يدل على عدم توقيته بالفورية العرفية و لا يسقط بالتأخير و إن كان عامدا و ملتفتا الى الحكم الشرعي.

______________________________
(1) الوسائل ج 2 باب: 36 من أبواب الحيض الحديث: 1.

 

304
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 10 لو سمعها في أثناء الصلاة أو قرأها أومأ للسجود ص 304

و سجد بعد الصلاة و أعادها (1).

[مسألة 11: إذا سمعها أو قرأها في حال السجود يجب رفع الرأس منه ثم الوضع]

[1642] مسألة 11: إذا سمعها أو قرأها في حال السجود يجب رفع الرأس منه ثم الوضع، و لا يكفي البقاء بقصده بل و لا الجرّ إلى مكان آخر.

[مسألة 12: الظاهر عدم وجوب نيته حال الجلوس أو القيام]

[1643] مسألة 12: الظاهر عدم وجوب نيته حال الجلوس أو القيام ليكون الهوي إليه بنيته، بل يكفي نيته قبل وضع الجبهة بل مقارنا له.

[مسألة 13: الظاهر أنه يعتبر في وجوب السجدة كون القراءة بقصد القرآنية]

[1644] مسألة 13: الظاهر أنه يعتبر في وجوب السجدة كون القراءة بقصد القرآنية، فلو تكلم شخص بالآية لا بقصد القرآنية لا يجب السجود بسماعه، و كذا لو سمعها ممن قرأها حال النوم أو سمعها من صبي غير مميز، بل و كذا لو سمعها من صندوق حبس الصوت، و إن كان الأحوط السجود في الجميع.

[مسألة 14: يعتبر في السماع تمييز الحروف و الكلمات]

[1645] مسألة 14: يعتبر في السماع تمييز الحروف و الكلمات، فمع سماع الهمهمة لا يجب السجود و إن كان أحوط.

[مسألة 15: لا يجب السجود لقراءة ترجمتها أو سماعها و إن كان المقصود ترجمة الآية]

[1646] مسألة 15: لا يجب السجود لقراءة ترجمتها أو سماعها و إن كان المقصود ترجمة الآية.

[مسألة 16: يعتبر في هذا السجود بعد تحقق مسماه مضافا إلى النية، إباحة المكان و عدم علوّ المسجد بما يزيد على أربعة أصابع]

[1647] مسألة 16: يعتبر في هذا السجود بعد تحقق مسماه مضافا إلى النية، إباحة المكان و عدم علوّ المسجد بما يزيد على أربعة أصابع،

______________________________
(1) في الاعادة اشكال بل منع، و اما السجود بعد الصلاة فان كانت وظيفته الايماء اثناء الصلاة و اومأ فيه فقد أنجز وظيفته و بعد الصلاة لا يجب عليه السجود اذ لا مقتضى له، و اما اذا كانت وظيفته السجود في اثنائها فإن سجد بطلت صلاته و أعادها، و إن لم يسجد أثم و صحت صلاته ثم سجد بعدها، فما في المتن من الجمع بين السجود بعد الصلاة و الاعادة لا يمكن على كلا الفرضين في المسألة.

 

305
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 يعتبر في هذا السجود بعد تحقق مسماه مضافا إلى النية إباحة المكان و عدم علو المسجد بما يزيد على أربعة أصابع ص 305

و الأحوط وضع سائر المساجد و وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه (1)، و لا يعتبر فيه الطهارة من الحدث و لا من الخبث فتسجد الحائض وجوبا عند سببه و ندبا عند سبب الندب، و كذا الجنب، و كذا لا يعتبر فيه الاستقبال، و لا طهارة موضع الجبهة، و لا ستر العورة فضلا عن صفات الساتر من الطهارة و عدم كونه حريرا أو ذهبا أو جلد ميتة، نعم يعتبر أن لا يكون لباسه مغصوبا إذا كان السجود يعدّ تصرفا فيه (2).

[مسألة 17: ليس في هذا السجود تشهد، و لا تسليم، و لا تكبير افتتاح]

[1648] مسألة 17: ليس في هذا السجود تشهد، و لا تسليم، و لا تكبير افتتاح، نعم يستحب التكبير للرفع منه، بل الأحوط عدم تركه.

[مسألة 18: يكفي فيه مجرد السجود]

[1649] مسألة 18: يكفي فيه مجرد السجود، فلا يجب فيه الذكر و إن كان يستحب، و يكفي في وظيفة الاستحباب كل ما كان، و لكن الأولى (3) أن

______________________________
(1) بل هو غير بعيد لإطلاق النص في المسألة، و دعوى الانصراف الى السجود الصلاتى و إن كانت محتملة بدوا إلّا أنها ليست بدرجة تمنع عن ثبوت الاطلاق العرفي له حيث ان المناسب عرفا أن تكون هذه الأحكام أحكاما لطبيعي السجود للّه تعالى دون خصوص السجود الصلاتي، و من هنا يظهر انه لا وجه للماتن قدّس سرّه من الجزم بعدم علو المسجد بما يزيد على أربعة أصابع و الاحتياط في وضع سائر المساجد و وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، مع أن مقتضى النصوص في المسألة عدم الفرق بين هذه الاحكام الثلاثة باعتبار أن موضوعها في تلك النصوص طبيعي السجود.

(2) بل لا يعد تصرفا فيه اصلا بملاك أن ذلك مبني على اتحاد التصرف فيه مع السجود في الخارج، و الفرض عدمه. نعم أن التصرف فيه يكون مقارنا له لا متحدا معه.

(3) بل هو الأحوط لصحيحة أبي عبيدة الحذاء فانها ظاهرة في وجوب‌

 

306
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 18 يكفي فيه مجرد السجود ص 306

يقول: «سجدت لك يا ربّ تعبدا ورقا لا مستكبرا عن عبادتك و لا مستنكفا و لا مستعظما بل أنا عبد ذليل خائف مستجير»، أو يقول: «لا إله إلّا اللّه حقا حقا، لا إله إلّا اللّه إيمانا و تصديقا، لا إله إلّا اللّه عبودية ورقا، سجدت لك يا ربّ تعبدا ورقا لا مستنكفا و لا مستكبرا بل أنا عبد ذليل ضعيف خائف مستجير»، أو يقول: «إلهي آمنا بما كفروا، و عرفنا منك ما أنكروا، و أجبناك إلى ما دعوا، إلهي فالعفو العفو»، أو يقول ما قاله النبي (صلّى اللّه عليه و آله) في سجود سورة العلق و هو: «أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك، و أعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك».

[مسألة 19: إذا سمع القراءة مكررا و شك بين الأقل و الأكثر يجوز له الاكتفاء في التكرار بالأقل]

[1650] مسألة 19: إذا سمع القراءة مكررا و شك بين الأقل و الأكثر يجوز له الاكتفاء في التكرار بالأقل، نعم لو علم العدد و شك في الإتيان بين الأقل و الأكثر وجب الاحتياط بالبناء على الأقل أيضا.

[مسألة 20: في صورة وجوب التكرار يكفي في صدق التعدد رفع الجبهة عن الأرض ثم الوضع للسجدة الأخرى]

[1651] مسألة 20: في صورة وجوب التكرار يكفي في صدق التعدد رفع الجبهة عن الأرض ثم الوضع للسجدة الأخرى، و لا يعتبر الجلوس ثم الوضع، بل و لا يعتبر رفع سائر المساجد و إن كان أحوط (1).

______________________________
ذلك، و لا قرينة في نفس الصحيحة و لا في الخارج على حملها على الاستحباب، فإذن مقتضى القاعدة هو الفتوى بالوجوب، و لكن العدول عنها الى الاحتياط الوجوبي للتماشي في مخالفة المشهور في المسألة. نعم قد يستدل على المشهور ببعض الروايات و لكنه قاصر سندا.

(1) في عدم الاعتبار اشكال و لا يبعد اعتباره بان يرفع سائر المساجد الستة عن مواضعها أيضا ثم وضعها فيها كما مرّ في المسألة المتقدمة.

 

307
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 21 يستحب السجود للشكر لتجدد نعمة أو دفع نقمة ص 308

[مسألة 21: يستحب السجود للشكر لتجدد نعمة أو دفع نقمة]

[1652] مسألة 21: يستحب السجود للشكر لتجدد نعمة أو دفع نقمة أو تذكرهما مما كان سابقا أو للتوفيق لأداء فريضة أو نافلة أو فعل خير و لو مثل الصلح بين اثنين، فقد روي عن بعض الأئمة (عليهم السلام) أنه كان إذا صالح بين اثنين أتى بسجدة الشكر، و يكفي في هذا السجود مجرد وضع الجبهة مع النية، نعم يعتبر فيه إباحة المكان، و لا يشترط فيه الذكر، و إن كان يستحب أن يقول: «شكرا للّه» أو «شكرا شكرا» و «عفوا عفوا» مائة مرة أو ثلاث مرات، و يكفي مرة واحدة أيضا، و يجوز الاقتصار على سجدة واحدة، و يستحب مرتان، و يتحقق التعدد بالفصل بينهما بتعفير الخدين أو الجبينين أو الجميع مقدما للأيمن منهما على الأيسر ثم وضع الجبهة ثانيا، و يستحب فيه افتراش الذراعين، و إلصاق الجؤجؤ و الصدر و البطن بالأرض، و يستحب أيضا أن يسمح موضع سجوده بيده ثم إمرارها على وجهه و مقاديم بدنه، و يستحب أن يقرأ في سجوده ما ورد في حسنة عبد اللّه بن جندب عن موسى بن جعفر عليهما السّلام: «ما أقول في سجدة الشكر فقد اختلف أصحابنا فيه؟ فقال عليه السّلام: قل و أنت ساجد:

«اللهم إني أشهدك و أشهد ملائكتك و أنبياءك و رسلك و جميع خلقك أنك أنت اللّه ربي، و الإسلام ديني، و محمد نبيي، و علي و الحسن و الحسين- إلى آخرهم- أئمتي عليهم السّلام، بهم أتولى و من أعدائهم أتبرأ، اللهم إني أنشدك دم المظلوم- ثلاثا-، اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأعدائك لتهلكنهم بأيدينا و أيدي المؤمنين، اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوّك و عدوّهم، أن تصلي على محمد و على المستحفظين من آل محمد- ثلاثا- اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر- ثلاثا- ثم تضع خدك الأيمن على الأرض و تقول: يا كهفي حين تعييني

 

308
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 21 يستحب السجود للشكر لتجدد نعمة أو دفع نقمة ص 308

المذاهب و تضيق عليّ الأرض بما رحبت، يا بارئ خلقي رحمة بي و قد كنت عن خلقي غنيا، صل على محمد و على المستحفظين من آل محمد، ثم تضع خدك الأيسر و تقول: يا مذلّ كل جبار و يا معزّ كل ذليل قد و عزّتك بلغ مجهودي- ثلاثا-، ثم تقول: يا حنان يا منان يا كاشف الكرب العظام، ثم تعود للسجود فتقول مائة مرة: شكرا شكرا، ثم تسأل حاجتك إن شاء اللّه»، و الأحوط وضع الجبهة في هذه السجدة أيضا على ما يصح السجود عليه و وضع سائر المساجد على الأرض، و لا بأس بالتكبير قبلها و بعدها لا بقصد الخصوصية و الورود.

[مسألة 22: إذا وجد سبب سجود الشكر و كان له مانع من السجود على الأرض فليومئ برأسه و يضع خدّه على كفه]

[1653] مسألة 22: إذا وجد سبب سجود الشكر و كان له مانع من السجود على الأرض فليومئ برأسه و يضع خدّه على كفه، فعن الصادق عليه السّلام:

«إذا ذكر أحدكم نعمة اللّه عز و جل فليضع خده على التراب شكرا للّه، و إن كان راكبا فلينزل فليضع خده على التراب، و إن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خده على قربوسه، فإن لم يقدر فليضع خده على كفه ثم ليحمد اللّه على ما أنعم عليه»، و يظهر من هذا الخبر تحقق السجود بوضع الخد فقط من دون الجبهة.

[مسألة 23: يستحب السجود بقصد التذلل أو التعظيم للّه تعالى]

[1654] مسألة 23: يستحب السجود بقصد التذلل أو التعظيم للّه تعالى، بل من حيث هو راجح و عبادة، بل من أعظم العبادات و آكدها، بل ما عبد اللّه بمثله، و ما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنّه أمر بالسجود فعصى و هذا أمر به فأطاع و نجى، و أقرب ما يكون العبد إلى اللّه و هو ساجد، و أنه سنّة الأوّابين، و يستحب إطالته فقد سجد آدم ثلاثة أيام بلياليها، و سجد علي بن الحسين عليهما السّلام على حجارة خشنة حتى أحصي عليه ألف مرة: «لا إله إلّا اللّه حقا حقا، لا إله إلّا اللّه تعبدا ورقا، لا إله إلّا اللّه إيمانا

 

309
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 23 يستحب السجود بقصد التذلل أو التعظيم لله تعالى ص 309

و تصديقا»، و كان الصادق عليه السّلام يسجد السجدة حتى يقال: إنه راقد، و كان موسى بن جعفر عليهما السّلام يسجد كل يوم بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال.

[مسألة 24: يحرم السجود لغير اللّه تعالى]

[1655] مسألة 24: يحرم السجود لغير اللّه تعالى، فإنه غاية الخضوع فيختص بمن هو غاية الكبرياء و العظمة، و سجدة الملائكة لم تكن لآدم بل كان قبلة لهم، كما أن سجدة يعقوب و ولده لم تكن ليوسف بل للّه تعالى شكرا حيث رأوا ما أعطاه اللّه من الملك، فما يفعله سواد الشيعة من صورة السجدة عند قبر أمير المؤمنين و غيره من الأئمة عليهم السّلام مشكل، إلا أن يقصدوا به سجدة الشكر لتوفيق اللّه تعالى لهم لإدراك الزيارة.

نعم، لا يبعد جواز تقبيل العتبة الشريفة.

 

310
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التشهد ص 311

[فصل في التشهد]

فصل في التشهد و هو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية، و في الثلاثية و الرباعية مرّتين الاولى كما ذكر و الثانية بعد رفع الرأس من السجدة الثانية في الركعة الأخيرة، و هو واجب غير ركن، فلو تركه عمدا بطلت الصلاة، و سهوا أتى به ما لم يركع، و قضاه بعد الصلاة إن تذكر بعد الدخول في الركوع مع سجدتي السهو.

و واجباته سبعة:

الأول: الشهادتان.

الثاني: الصلاة على محمد و آل محمد، فيقول:

«أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله، اللهم صلّ على محمد و آل محمد»، و يجزئ على الأقوى (1) أن

______________________________
(1) في الاجزاء اشكال و لا يبعد عدم الاجزاء على أساس أن مقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: (إذا استويت جالسا فقل: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله) «1» هو تعيّن هذه الكيفية في التشهد الصلاتي، فإذن يكون الاكتفاء بغيرها بحاجة إلى دليل. و كذلك مقتضى قوله عليه السّلام في موثقة أبي بصير: (إذا جلست في الركعة الثانية فقل: بسم اللّه و بالله و خير الأسماء لله أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمدا عبده‌

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 4 من أبواب التّشهّد الحديث: 4.

 

311
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التشهد ص 311

..........

______________________________
و رسوله). «1»

ثم يقع الكلام هنا في نقاط ..

النقطة الأولى: أن صحيحة محمد بن مسلم تختلف عن موثقة أبي بصير في نقطة و هى: أن صيغة التشهد قد كررت في الصحيحة في الشهادة بالوحدانية و بالرسالة فيكون مقتضاها وجوب تكرار الشهادة، و أما في الموثقة فقد اقتصر فيها على صيغة واحدة في كلتيهما معا فيكون مقتضاها عدم وجوب تكرارها و حينئذ تقع المعارضة بينهما. و الصحيح في علاج هذه المعارضة أن يقال: ان دلالة الموثقة على عدم وجوب تكرار الشهادة إنّما هي بالاطلاق الناشي من سكوت المولى في مقام البيان و عدم ذكره في مقام الاثبات، فإنّه يدل على عدم اعتباره في مقام الثبوت و الجد إذ ليس هنا شي‌ء قد قصده في الواقع و مقام الثبوت و لم يقله في مقام الاثبات، فيكون ظهورها فيه سلبيا.

و أما دلالة الصحيحة على وجوب التكرار فهي بالظهور اللفظي الايجابي بمعنى دلالتها في أن ما قاله في مقام الاثبات ثابت في مقام الثبوت و الجدّ، فيكون مرجعه إلى أنّه ليس هناك شي‌ء قد ذكره و لم يرده في الواقع، و بما أنّ الظهور الأول بنظر العرف اضعف من الظهور الثاني فيتقدم عليه، و نتيجة ذلك تقديم الصحيحة على الموثقة باعتبار أنّها بيان لدى العرف على ما تكون الموثقة ساكتة عنه. هذا اضافة إلى أنّ الموجود في التهذيب تكرار لفظ التشهد، و عليه فنسخة عدم التكرار غير ثابتة فلا تكون الموثقة حينئذ حجة في نفسها في عدم التكرار من جهة اختلاف النسخ.

و أما ما اشتملت عليه الموثقة من الفقرات زائدا على الشهادتين فهي و ان كانت ظاهرة في وجوبها، إلّا أنّه لا بد من رفع اليد عنه لقيام قرينة على عدم‌

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 3 من أبواب التّشهّد الحديث: 2.

 

312
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التشهد ص 311

..........

______________________________
الوجوب و هي مجموعة من الروايات الناصة على كفاية الشهادتين فحسب.

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة الفضلاء: (اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته) «1» باعتبار ان الشهادتين اسم للشهادة بالوحدانية و الشهادة بالرسالة.

و منها: قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة (الشهادتان) «2» فانه ظاهر في كفايتهما.

و منها: معتبرة سورة بن كليب: (قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أدنى ما يجزي من التشهد قال: الشهادتان) «3» و منها غيرها.

النقطة الثانية: انه لا معارض لهما في المسألة فان المطلقات من الروايات كصحيحة الفضلاء و صحيحة زرارة و معتبرة سورة بن كليب و نحوها ليست في مقام البيان من حيث الكيفية و لا نظر لها الى تلك الكيفية، و إنّما هي ناظرة إلى بيان الكمية فقط و اعتبارها في الصلاة. نعم لو لم تكن صحيحة محمد بن مسلم و موثقة ابي بصير لكان مقتضى اطلاق تلك الروايات عدم اعتبار كيفية خاصة فيهما و كفاية أية كيفية تصدق عليها الشهادة بالله وحده و بالرسالة.

نعم هنا روايتان احداهما رواية الحسن بن الجهم و الأخرى رواية اسحاق بن عمار فانهما تدلان على كفاية صيغة اخرى للتشهد و هي صيغة: اشهد أن لا إله إلّا اللّه و أشهد أنّ محمدا رسول اللّه، و لكن بما أنهما ضعيفتان من ناحية السند فلا تصلحان للمعارضة.

النقطة الثالثة: أنّ صحيحة زرارة تدل على كفاية الشهادة بالتوحيد في التشهد الأول و عدم وجوب ضم الشهادة بالرسالة اليها، و أما في التشهد الأخير فيجب الضم.

و الجواب: ان دلالة الصحيحة على عدم وجوب الضم بما أنها ناشئة من الاطلاق السكوتي في مقام البيان و قد مرّ أنّها من اضعف مراتب الدلالة العرفية فلا‌

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 4 من أبواب التّشهّد باب: من 2.

(2) الوسائل ج 6 باب: 4 من أبواب التّشهّد الحديث: 1.

(3) الوسائل ج 6 باب: 4 من أبواب التّشهّد الحديث: 6.

 

313
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التشهد ص 311

..........

______________________________
تصلح أن تقاوم دلالة سائر الروايات. على وجوب الضم و عدم الفرق بين التشهد الأول و الثاني، فانها تكون بيانا ناقضا للسكوت و قرينة تمنع عن تأثيره في تكوين الاطلاق.

النقطة الرابعة: قد يستشكل في دلالة الموثقة على الوجوب باعتبار أن الأمر فيها لا يمكن أن يكون مستعملا في الوجوب بالنسبة إلى جميع فقراتها حيث أن كثيرا منها غير واجب، و عليه فلا محالة يكون الأمر فيها مستعملا في الجامع فلا يدل على الوجوب.

و الجواب: أنه لا شبهة في ظهور الأمر بنفسه في الوجوب بملاك الوضع على ما حققناه في محله إذا لم تكن هناك قرينة تدل على الخلاف، و على هذا فالأمر في الموثقة بنفسه ظاهر في وجوب تمام فقراتها، فلو لم تكن قرينة من الخارج على عدم وجوب الزائد على الشهادتين لقلنا بوجوب الجميع، و لكن القرينة تمنع من القول به، و من المعلوم أن هذه القرينة لا تمنع عن استعمال الأمر في الوجوب وضعا و انما تمنع عن ارادة الوجوب منه في مقام الجدّ.

و إن شئت قلت: ان القرينة اذا كانت منفصلة فهي معدّة من قبل المتكلم لتفسير المراد التصديقي الجدي من كلامه دون المراد التصوري أو الاستعمالي فانه قد ظل بحاله، و من هنا فالمراد الجدي قد لا يطابق المراد التصوري او الاستعمالي، و حيث ان الأمر في الموثقة مستعمل في الوجوب فيكون الوجوب هو المراد في ظرف الاستعمال بالنسبة الى الجميع، و لكنه لا يكون مرادا جديا بالنسبة الى الزائد على الشهادتين، فلا يكون المراد الجدي مطابقا للمراد الاستعمالي.

فالنتيجة: ان القرينة على ارادة عدم الوجوب بالاضافة الى الزائد لا تدل‌

 

314
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التشهد ص 311

 ..........

______________________________
على أن الأمر مستعمل في معنيين أحدهما الوجوب و الآخر الاستحباب، بل تدل على ان المراد التصديقي الجدي متعدد دون المراد التصوري الاستعمالي.

النقطة الخامسة: قد ورد في موثقة أبي بصير الطويلة الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله بصيغة: اللهم صل على محمّد و آل محمّد، و حيث ان ظاهر الأمر بالصلاة بهذه الكيفية في الموثقة هو التعيّن فرفع اليد عنه بحاجة الى قرينة، و قد مرّ ان مجموعة من الروايات التي تنص على كفاية الاقتصار على الشهادتين تصلح أن تكون قرينة على عدم وجوب سائر الفقرات التي تعد من توابع الشهادتين و ملحقاتهما و منها الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله، و لكن قد دلت صحيحة زرارة على وجوبها خاصة في الصلاة و هي تصلح أن تكون مقيدة لإطلاق تلك الروايات، و حيث ان الصحيحة غير متعرضة لبيان كيفية خاصة لها فمقتضى اطلاقها عدم الاعتبار و كفاية الاتيان بها بأية كيفية تصدق عليها الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله إلّا أن يدعى ان المنصرف منها عرفا الصيغة الخاصة المتعارفة، و هو محل تأمل بل منع.

بقى هنا شي‌ء و هو أنّه يظهر من مجموعة من الروايات أن صدور الحدث من المصلي قهرا بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة لا يبطل الصلاة.

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: (في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الأخيرة و قبل أن يتشهد؟

قال: ينصرف فيتوضأ فإن شاء رجع الى المسجد و إن شاء ففي بيته و إن شاء حيث قعد فيتشهد ثم يسلم، و إن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته ..).

«1» و منها: صحيحة عبيد بن زرارة، قال: (قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير؟

فقال: تمت صلاته، و اما التشهد سنة في الصلاة فيتوضأ و يجلس مكانه أو‌

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 13 من أبواب التّشهّد الحديث: 1.

 

315
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التشهد ص 311

يقول: «أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أشهد أن محمدا رسول اللّه، اللهم صل على محمد و آل محمد».

الثالث: الجلوس بمقدار الذكر المذكور.

______________________________
مكانا نظيفا فيتشهّد ...) «1» و مثلها صحيحته الأخرى.

فان هذه الروايات واضحة الدلالة على عدم بطلان الصلاة بصدور الحدث من المصلي بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة، و تصلح أن تكون مقيدة لإطلاق ما دل على بطلان الصلاة بالحدث في أثنائها، و من هنا قام الاصحاب بحمل تلك الروايات على التقية باعتبار انها معارضة بالروايات الدالة على جزئية التشهد في الصلاة.

و الجواب: أنه لا يمكن حملها على التقية من جهة ان المسألة محل خلاف بين العامة و معه لا مقتضي له، كما ان الروايات الدالة على جزئية التشهد لا تصلح أن تكون معارضة لها على أساس أن تلك الروايات لا تنفي جزئية التشهد فيها بل تؤكدها بلحاظ دلالتها على لزوم الاتيان به بعد صدور الحدث منه، فاذن ليس في المسألة ما يمنع عن الالتزام بها في موردها.

و دعوى: ان اعراض المشهور عنها مانع عن العمل بها، خاطئة و لا أصل لها صغرى و لا كبرى كما حققناه في الأصول. و من هنا ذكر المحقق الهمداني قدّس سرّه انه لو لا اعراض المشهور عنها لكان دليلهم غير صالح لمعارضتها.

فالنتيجة: ان حمل هذه الروايات على التقية أو تأويلها أو طرحها لا يبتني على أساس صحيح، فمن اجل ذلك كان الأجدر و الأحوط وجوبا اذا صدر الحدث من المصلي قهرا بعد رفع رأسه عن السجدة الأخيرة وجوب اعادة الصلاة اذا كان الوقت متسعا لها، و امّا اذا لم يكن متسعا فتصح صلاته و لا يجب قضاؤها و إن كان أحوط، نعم يجب قضاء التشهد.

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 13 من أبواب التّشهّد الحديث: 2.

 

316
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التشهد ص 311

الرابع: لطمأنينة فيه (1).

الخامس: الترتيب بتقديم الشهادة الأولى على الثانية، و هما على الصلاة على محمد و آل محمد كما ذكر.

السادس: الموالاة بين الفقرات و الكلمات و الحروف بحيث لا يخرج عن الصدق.

السابع: المحافظة على تأديتها على الوجه الصحيح العربي في الحركات و السكنات و أداء الحروف و الكلمات.

[مسألة 1: لا بد من ذكر الشهادتين و الصلاة بألفاظها المتعارفة]

[1656] مسألة 1: لا بد من ذكر الشهادتين و الصلاة بألفاظها المتعارفة، فلا يجزئ غيرها و إن أفاد معناها مثل ما إذا قال بدل أشهد: أعلم أو أقرّ أو أعترف و هكذا في غيره.

[مسألة 2: يجزئ الجلوس فيه بأي كيفية كان و لو إقعاء]

[1657] مسألة 2: يجزئ الجلوس فيه بأي كيفية كان و لو إقعاء، و إن كان الأحوط تركه.

[مسألة 3: من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلم]

[1658] مسألة 3: من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلم، و قبله يتبع غيره فيلقنه، و لو عجز و لم يكن من يلقنه أو كان الوقت ضيقا أتى بما يقدر و يترجم الباقي (2)، و إن لم يعلم شيئا يأتي بترجمة الكل، و إن لم يعلم يأتي

______________________________
(1) على الأحوط وجوبا حيث أن الدليل اللفظي على اعتبارها غير موجود لا في الصلاة و لا في خصوص التشهد إلّا دعوى الاجماع و هو لا يصلح أكثر من أن يكون منشئا للاحتياط في المسألة.

(2) وجوبه كوجوب ما بعده من المراتب مبني على قاعدة الميسور و هي غير ثابتة بل صدقها على بعض تلك المراتب لا يخلو عن اشكال بل منع. نعم لا بأس بالاحتياط.

 

317
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلم ص 317

بسائر الأذكار بقدره، و الأولى التحميد إن كان يحسنه، و إلّا فالأحوط الجلوس قدره مع الإخطار بالبال إن أمكن.

[مسألة 4: يستحب في التشهد أمور]

[1659] مسألة 4: يستحب في التشهد أمور:

الأول: أن يجلس الرجل متورّكا على نحو ما مرّ من الجلوس بين السجدتين.

الثاني: أن يقول قبل الشروع في الذكر: «الحمد للّه» أو يقول: «بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه، أو الأسماء الحسنى كلها للّه».

الثالث: أن يجعل يديه على فخذيه منضمة الأصابع.

الرابع: أن يكون نظره إلى حجره.

______________________________
ثم ان التشهد بما أنه ليس من أركان الصلاة فإن كان المصلي تاركا له عامدا و ملتفتا إلى أن ذلك لا يجوز بطلت صلاته، و إن كان تاركا له سهوا أو جهلا غير ملتفت الى الحكم الشرعي لم تبطل، و لكن عليه أن يأتي بالتشهد بعد الفراغ من الصلاة مع سجدتي السهو على ما يأتي تفصيله في باب الخلل، كما أنّه إذا نسي التشهد في الركعة الثانية و قام للركعة الثالثة فإذا تنبه الى الحال قبل أن يدخل في ركوع الركعة الثالثة وجب أن يرجع إلى التشهد و جلس و تشهد ثم قام للركعة الثالثة، و إن لم يتنبه إلى الحال إلّا بعد أن ركع مضى في صلاته و يأتي بالتشهد بعد اتمامها مع سجدتي السهو.

أما إذا شك المصلي في أنه تشهد أو بعد لم يتشهد فإن كان ذلك الشك في حال جلوسه بعد أو في حالة النهوض وجب أن يتشهد، و إن كان بعد الدخول في القيام للركعة الثالثة أو بعد الدخول في التسليم الواجب في الركعة الأخيرة يمضي في صلاته، و كذلك إذا شك في صحته و فساده بعد الفراغ منه فإنّه لا يعتني بهذا الشك و يمضي في صلاته.

 

318
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 يستحب في التشهد أمور ص 318

الخامس: أن يقول بعد قوله: و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله: «أرسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، و أشهد أنّ ربي نعم الرب و أنّ محمدا نعم الرسول» ثم يقول: «اللهم صلّ- الخ».

السادس: أن يقول بعد الصلاة: «و تقبل شفاعته و ارفع درجته» في التشهد الأول، بل في الثاني أيضا، و إن كان الأولى عدم قصد الخصوصية في الثاني.

السابع: أن يقول في التشهد الأول و الثاني ما في موثقة أبي بصير و هي قوله عليه السّلام:

«إذا جلست في الركعة الثانية فقل: بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله أرسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنك نعم الرب، و أن محمدا نعم الرسول، اللهم صل على محمد و آل محمد، و تقبل شفاعته في أمته و ارفع درجته، ثم تحمد اللّه مرتين أو ثلاثا، ثم تقوم، فإذا جلست في الرابعة قلت: بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله، أرسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنك نعم الرب و أن محمدا نعم الرسول، التحيات للّه و الصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات ما طاب و زكى و طهر و خلص و صفا فللّه، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله، أرسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّ ربي نعم الرب و أنّ محمدا نعم الرسول، و أشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها و أن اللّه يبعث من في القبور، الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه،

 

319
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 يستحب في التشهد أمور ص 318

الحمد للّه ربّ العالمين، اللهم صلّ على محمد و آل محمد، و بارك على محمد و آل محمد، و سلّم على محمد و آل محمد، و ترحم على محمد و آل محمد كما صليت و باركت و ترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صلى على محمد و آل محمد، و اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم، اللهم صلى على محمد و آل محمد و امنن عليّ بالجنة و عافني من النار، اللهم صل على محمد و آل محمد، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و لا تزد الظالمين إلا تبارا، ثم قل: السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته، السلام على أنبياء اللّه و رسله، السلام على جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقربين، السلام على محمد بن عبد اللّه خاتم النبيين لا نبي بعده، و السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، ثم تسلّم».

الثامن: أن يسبّح سبعا بعد التشهد الأول بأن يقول: «سبحان اللّه سبحان اللّه» سبعا ثم يقوم.

التاسع: أن يقول: «بحول اللّه و قوته ... الخ» حين القيام عن التشهد الأول.

العاشر: أن تضمّ المرأة فخذيها حال الجلوس للتشهد.

[مسألة 5: يكره الإقعاء حال التشهد]

[1660] مسألة 5: يكره الإقعاء حال التشهد على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين، بل الأحوط تركه كما عرفت.

 

320
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التسليم ص 321

[فصل في التسليم]

فصل في التسليم و هو واجب على الأقوى (1)، و جزء من الصلاة فيجب فيه جميع ما

______________________________
(1) الظاهر أنه لا شبهة في وجوب التسليم في الصلاة و كونه من اجزائها الواجبة و القول بعدم الوجوب ضعيف جدا، بل غير محتمل فقهيا، لا مجرد أن القول الأول قوي.

و ذلك لأنّ الروايات التي تنص على وجوب التسليم في الصلاة روايات كثيرة قد وردت في ابواب متفرقة بمختلف الألسنة و المناسبات التي تبلغ من الكثرة حد التواتر الإجمالي جزما، و هذه الروايات واضحة الدلالة على أنه جزء الصلاة و اختتامها به، و في مقابلها مجموعة من الروايات الأخرى التي قد يستدل بها على عدم الوجوب.

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: (سأله عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم، قال: تمت صلاته).

«1» و منها: قوله عليه السّلام في صحيحته الأخرى: (و إن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته).

«2» و منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: (اذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة اذا كان الالتفات فاحشا، و إن كنت قد تشهدت فلا تعد) «3».

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 3 من أبواب التّسليم الحديث: 2.

(2) الوسائل ج 6 باب: 13 من أبواب التّشهّد الحديث: 1.

(3) الوسائل ج 6 باب: 3 من أبواب التّسليم الحديث: 4.

 

321
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التسليم ص 321

يشترط فيها من الاستقبال و ستر العورة و الطهارة و غيرها، و مخرج منها و محلل للمنافيات المحرّمة بتكبيرة الإحرام، و ليس ركنا فتركه عمدا مبطل لا سهوا، فلو سها عنه و تذكر بعد إتيان شي‌ء من المنافيات عمدا و سهوا أو بعد فوات الموالاة لا يجب تداركه، نعم عليه سجدتا السهو للنقصان بتركه (1)، و إن تذكر قبل ذلك أتى به و لا شي‌ء عليه إلا إذا تكلم فيجب عليه سجدتا السهو، و يجب فيه الجلوس و كونه مطمئنا (2).

______________________________
و منها غيرها ...

و الجواب: اما عن الصحيحة الأولى فلأنّه لا بد من حملها على صورة نسيان التسليم كما لعله الظاهر من السؤال، و لا يمكن الأخذ باطلاقها، فإن مقتضى الاطلاق هو أن ترك التسليم عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي غير مضر بالصلاة، و هو مخالف للروايات المتقدمة التي تنص و تؤكد على أن التسليمة جزء الصلاة و بها تقيد اطلاق الصحيحة بصورة النسيان، و مع الاغماض عن ذلك و تسليم المعارضة فهي لا تصلح أن تعارض تلك الروايات لما مرّ من أنها متواترة اجمالا، فإذن تدخل الصحيحة في الرواية المخالفة للسنة فلا تكون حجة، و مع الاغماض عن ذلك أيضا يمكن حملها على فرض صدور الحدث منه قهرا.

و أما الصحيحة الثانية فلأنها تدل على عدم الوجوب بالاطلاق الناشي من السكوت في مقام البيان و هو لا يصلح أن يعارض الروايات الدالة على وجوب التسليمة نصا، باعتبار انه من أضعف مراتب الدلالة لدى العرف العام، و بذلك يظهر الجواب عن الصحيحة الثالثة، كما يظهر به حال سائر الروايات التي قد يستدل بها على عدم الوجوب.

(1) على الأحوط، كما سيأتي الكلام في محله.

(2) على الأحوط وجوبا حيث أنه لا دليل على اعتبار الطمأنينة فيه لا‌

 

322
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التسليم ص 321

و له صيغتان هما: «السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين» و «السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته»، و الواجب إحداهما (1) فإن قدّم الصيغة الاولى

______________________________
عموما و لا خصوصا ما عدا دعوى الاجماع على اعتبارها، و هي لا تصلح أن تكون دليلا في المسألة.

(1) بل الأولى على الأظهر، و الأحوط ضم الثانية اليها و ذلك لأن صحيحة الحلبي و موثقة أبي بصير تنصان على أن الفراغ من الصلاة يحصل بالصيغة الأولى، و ظاهرهما تعين ذلك و رفع اليد عن الظهور، و الحمل على التخيير بحاجة الى قرينة و لا قرينة عليه، نعم قد ورد في رواية الحضرمي أن الفراغ منها يحصل بالصيغة الثانية من التسليم و ظاهرها التعين، و لكن الرواية ضعيفة سندا.

و أما الروايات المطلقة فلا تصلح أن تكون قرينة على التخيير، بل الصحيحة و الموثقة قرينتان على تعيين السلام في تلك الروايات بالصيغة الأولى.

و دعوى: أنه يكفي للقول بالتخيير في المسألة الاجماع المدعى على خروج المصلي من الصلاة بالصيغة الأخيرة و هو يصلح أن يكون قرينة على رفع اليد عن ظهور الروايتين في التعيين.

ساقطة ... أولا: أنه لا اجماع في المسألة.

و ثانيا: على تقدير وجوده فلا يكون حجة لما ذكرناه في الفقه من أن حجية الاجماع مبنية على توفر أمرين فيه:

أحدهما: ان يكون ذلك الاجماع بين الفقهاء المتقدمين الذين يكون عصرهم قريبا لعصر اصحاب الأئمة: و رواة احاديثهم.

و الآخر: أن لا يكون في المسألة ما يصلح أن يكون مدركا لها، و كلا الأمرين غير متوفر هنا.

أما الأمر الأول: فلأنه لا طريق لنا الى احرازه.

 

323
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التسليم ص 321

كانت الثانية مستحبة بمعنى كونها جزءا مستحبا لا خارجا (1)، و إن قدّم الثانية اقتصر عليها، و أما «السلام عليك أيها النبي» فليس من صيغ السلام بل هو من توابع التشهد (2)، و ليس واجبا بل هو مستحب، و إن كان الأحوط عدم تركه لوجود القائل بوجوبه، و يكفي في الصيغة الثانية: «السلام عليكم» بحذف قوله «و رحمة اللّه و بركاته»، و إن كان الأحوط ذكره، بل الأحوط الجمع بين الصيغتين بالترتيب المذكور، و يجب فيه المحافظة على أداء الحروف و الكلمات على النهج الصحيح مع العربية و الموالاة، و الأقوى عدم كفاية قوله: «السلام عليكم» بحذف الألف و اللام.

[مسألة 1: لو أحدث أو أتى ببعض المنافيات الأخر قبل السلام بطلت الصلاة]

[1661] مسألة 1: لو أحدث أو أتى ببعض المنافيات الأخر قبل السلام بطلت الصلاة، نعم لو كان ذلك بعد نسيانه بأن اعتقد خروجه من الصلاة لم

______________________________
و اما الثاني: فلأن من المطمئن به أن مدرك الحكم في المسألة هو الروايات و لا سيما رواية ابى بكر الحضرمي.

نعم، لا بأس بالاحتياط بضم الصيغة الأخيرة الى الأولى.

(1) بل هي خارجة عن حقيقة الصلاة اذ لا معنى لكونها جزء الصلاة و مع ذلك تكون مستحبة غاية الأمر أن الشى‌ء قد يكون مستحبا في بداية الصلاة و قد يكون مستحبا في نهايتها و قد يكون مستحبا في اثنائها، و الجميع خارج عن الصلاة.

(2) لم يثبت ذلك بل الظاهر من مجموعة من الروايات كرواية الحضرمي و رواية أبي بصير و موثقته الطويلة انه من توابع التسليم لا التشهد و ان كانت رواية أبي كهمس مشعرة بأنه من توابع التشهد، و على كلا التقديرين فهو مستحب و لا تترتب نتيجة عملية على كونه من توابع التشهد أو التسليم.

 

324
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 لو أحدث أو أتى ببعض المنافيات الأخر قبل السلام بطلت الصلاة ص 324

تبطل (1)، و الفرق أن مع الأول يصدق الحدث في الأثناء و مع الثاني لا يصدق لأن المفروض أنه ترك نسيانا جزءا غير ركني فيكون الحدث خارج

______________________________
(1) هذا هو الأقوى و مع ذلك كان الأجدر و الأحوط استيناف الصلاة من جديد و ذلك لأن حديث لا تعاد لا يكون قاصرا عن شمول السلام المنسي في المقام مقارنا لصدور الحدث من المصلي زمانا و إن كان متأخرا عنه رتبة، و لازم ذلك أن صدور الحدث منه لم يكن في أثناء الصلاة و إنما كان مقارنا لخروجه منها، فإذن لا مانع من الحكم بصحة الصلاة. قد يقال: ان مدلول الحديث هو صحة الصلاة من ناحية الجزء المنسي فحسب و لا يدل على صحتها من ناحية اخرى، و حيث ان للتسليم جهتين ..

احداهما: انه جزء الصلاة كسائر اجزائها.

و الاخرى: اختتامها به كما أن افتتاحها بالتكبيرة و حديث لا تعاد و ان كان يشمل التسليم من الجهة الأولى الّا انه لا يشمله من الجهة الثانية و معه لا يمكن الحكم بصحة الصلاة و اختتامها بغيره.

و الجواب: أن ما دل على اعتبار التسليم في الصلاة لا يدل على اعتبار أمرين: أحدهما انه جزء الصلاة، و الآخر ان اختتامها به لكي يقال ان حديث لا تعاد يشمله من الناحية الأولى دون الثانية، بل هو يدل بمختلف السنته على أمر واحد و هو ان الشارع جعله جزءا أخيرا للصلاة على أساس ان اجزاء الصلاة تدريجية فأوّلها التكبير و آخرها التسليم، و هذا معنى ان التسليمة خاتمة للصلاة، فعنوان الاختتام عنوان انتزاعي منتزع من ذلك، و على هذا فاذا لم يكن التسليم في حال النسيان جزءا أخيرا للصلاة بمقتضى الحديث، فبطبيعة الحال تنتهي الصلاة و تختتم بغيره، هذا اضافة الى أن اختتامها به لو كان معتبرا زائدا على كونه جزءا، فبما أنه ليس من الأركان فهو مشمول للحديث.

 

325
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 لو أحدث أو أتى ببعض المنافيات الأخر قبل السلام بطلت الصلاة ص 324

الصلاة.

[مسألة 2: لا يشترط فيه نية الخروج من الصلاة]

[1662] مسألة 2: لا يشترط فيه نية الخروج من الصلاة بل هو مخرج قهرا و إن قصد عدم الخروج، لكن الأحوط عدم قصد عدم الخروج، بل لو قصد ذلك فالأحوط إعادة الصلاة (1).

[مسألة 3: يجب تعلم السلام على نحو ما مرّ في التشهد]

[1663] مسألة 3: يجب تعلم السلام على نحو ما مرّ في التشهد، و قبله يجب متابعة الملقن إن كان، و إلا اكتفى بالترجمة، و إن عجز فبالقلب ينويه (2) مع الإشارة باليد على الأحوط، و الأخرس يخطر ألفاظه بالبال و يشير إليها باليد أو غيرها.

[مسألة 4: يستحب التورك في الجلوس حاله]

[1664] مسألة 4: يستحب التورك في الجلوس حاله على نحو ما مر و وضع اليدين على الفخذين، و يكره الإقعاء.

[مسألة 5: الأحوط أن لا يقصد بالتسليم التحية حقيقة]

[1665] مسألة 5: الأحوط (3) أن لا يقصد بالتسليم التحية حقيقة بأن

______________________________
(1) بل الأظهر هو الاعادة اذا كان ذلك بقصد التشريع بأن يبني على ان التسليم المفروض عليه في الصلاة شرعا لا يكون مخرجا عن الصلاة مع علمه و التفاته بان الشارع جعله مخرجا عنها، فحينئذ لا محالة تبطل الصلاة من جهة بطلان التسليم، و اما اذا لم يكن بقصد التشريع فلا موجب للبطلان و لا منشأ حينئذ للاحتياط.

(2) في وجوب كليهما اشكال بل منع لعدم الدليل إلّا قاعدة الميسور و هي في نفسها غير تامة، هذا اضافة الى أن الاتيان بالترجمة بلفظ آخر يعد ميسورا عرفا للواجب محل اشكال بل منع، و كذلك بالنسبة إلى نية الواجب بالقلب فإنها لا تعدّ ميسورا للترجمة.

(3) في الاحتياط اشكال بل منع، حيث يظهر من مجموعة من الروايات‌

 

326
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 الأحوط أن لا يقصد بالتسليم التحية حقيقة ص 326

يقصد السلام على الإمام أو المأمومين أو الملكين، نعم لا بأس بإخطار ذلك بالبال، فالمنفرد يخطر بباله الملكين الكاتبين حين السلام الثاني، و الإمام يخطرهما مع المأمومين، و المأموم يخطرهم مع الإمام، و في «السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين» يخطر بباله الأنبياء و الأئمة و الحفظة عليهم السّلام.

[مسألة 6: يستحب للمنفرد و الإمام الإيماء بالتسليم الأخير إلى يمينه بمؤخر عينه أو بأنفه]

[1666] مسألة 6: يستحب للمنفرد و الإمام الإيماء بالتسليم الأخير إلى يمينه بمؤخر عينه أو بأنفه أو غيرهما على وجه لا ينافي الاستقبال، و أما المأموم فإن لم يكن على يساره أحد فكذلك، و إن كان على يساره بعض المأمومين فيأتي بتسليمة أخرى مومئا إلى يساره، و يحتمل استحباب تسليم آخر للمأموم بقصد الإمام فيكون ثلاث مرات.

[مسألة 7: قد مرّ سابقا في الأوقات أنه إذا شرع في الصلاة قبل الوقت و دخل عليه و هو في الصلاة صحت صلاته]

[1667] مسألة 7: قد مرّ سابقا في الأوقات أنه إذا شرع في الصلاة قبل الوقت و دخل عليه و هو في الصلاة صحت صلاته (1) و إن كان قبل السلام أو في أثنائه، فإذا أتى بالسلام الأول و دخل عليه الوقت في أثنائه تصح صلاته، و أما إذا دخل بعده قبل السلام الثاني أو في أثنائه ففيه إشكال، و إن كان يمكن القول بالصحة لأنه و إن كان يكفي الأول في الخروج عن الصلاة لكن على فرض الإتيان بالصيغتين يكون الثاني أيضا جزءا فيصدق دخول

______________________________
جواز أن يقصد التحية بالتسليم و بها نقيد اطلاق النهي عن الابتداء بالتحية في الصلاة و عن كلام الآدميين.

(1) في الصحة اشكال بل منع، و الأظهر لزوم الاعادة اذ لا دليل على الصحة إلّا رواية ضعيفة.

 

327
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 قد مر سابقا في الأوقات أنه إذا شرع في الصلاة قبل الوقت و دخل عليه و هو في الصلاة صحت صلاته ص 327

الوقت في الأثناء، فالأحوط إعادة الصلاة مع ذلك (1).

______________________________
(1) بل لا شبهة في وجوب الاعادة في هذه الصورة حيث ان تمام الصلاة قد وقعت قبل دخول الوقت، و اما وقوع ما هو المستحب فيها في الوقت و هو السلام الثاني فلا أثر له لما مرّ من أن المستحب لا يمكن أن يكون جزءا للواجب، فاذن لا يكون السلام الثاني جزءا للصلاة حتى يكون وقوعه في الوقت وقوع جزء منها فيه.

ثم ان المصلي اذا نسي التسليم فتنبه بالحال ففيه صور ..

الأولى: أن يتفطن قبل الاتيان بالمنافي، و في هذه الصورة تكون وظيفته الاتيان بالتسليم و به تصح صلاته، و اما اذا لم يتنبه به إلى أن مضت فترة طويلة من الزمن التي فاتت الموالاة معها و ذهبت صورة الصلاة نهائيا فأيضا تصح صلاته بمقتضى عموم حديث لا تعاد لا بالتدارك فانه غير قابل له.

الثانية: ان يتفطن بعد الاتيان بما لا يبطل الصلاة إلّا في حال العمد و الالتفات كالكلام في اثناء الصلاة فانه يمنع عنها اذا كان عن عمد و التفات، و اذا كان عن سهو و نسيان لم يضربها، و في مثل ذلك يجب عليه الاتيان بالتسليم و تصح صلاته بذلك ما لم تمر فترة طويلة تمنع عن الاتصال.

الثالثة: أن يتفطن بعد الاتيان بما ينافي الصلاة مطلقا حتى في حال الغفلة و النسيان كالحدث في اثناءها فانه يبطلها و ان كان صدوره عن غفلة و نسيان.

و في هذه الصورة لا يبعد الحكم بصحة صلاته على أساس عموم حديث لا تعاد كما تقدم في المسألة (1) من هذا الفصل، و مع ذلك كان الأجدر و الأحوط استيناف الصلاة من جديد.

و اما إذا شك المصلي في أنه هل أتى بالتسليم أو لا؟ يجب عليه الاتيان به ما لم تمر فترة طويلة تمنع من الاتصال، أو لم يصدر منه ما ينافيها حتى في حال‌

 

328
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الترتيب ص 329

[فصل في الترتيب]

فصل في الترتيب يجب الإتيان بأفعال الصلاة على حسب ما عرفت من الترتيب بأن يقدّم تكبيرة الإحرام على القراءة، و القراءة على الركوع و هكذا، فلو خالفه عمدا بطل ما أتى به مقدّما، و أبطل من جهة لزوم الزيادة سواء كان ذلك في الأفعال أو الأقوال و في الأركان أو غيرها، و إن كان سهوا فإن كان في الأركان بأن قدّم ركنا على غير ركن كما إذا قدّم السجدتين على الركوع فكذلك، و إن قدّم ركنا على غير الركن كما إذا قدّم الركوع على القراءة، أو قدّم غير الركن على الركن كما إذا قدّم التشهد على السجدتين أو قدم غير الاركان بعضها على بعض كما إذا قدم السورة مثلا على الحمد فلا تبطل الصلاة إذا كان ذلك سهوا، و حينئذ فإن أمكن التدارك بالعود بأن لم يستلزم زيادة ركن وجب، و إلا فلا، نعم يجب عليه سجدتان لكل زيادة أو نقيصة (1) تلزم من ذلك.

[مسألة 1: إذا خالف الترتيب في الركعات سهوا]

[1668] مسألة 1: إذا خالف الترتيب في الركعات سهوا كأن أتى بالركعة

______________________________
السهو و النسيان كالحدث، و اما اذا سلّم و شك في صحته فيبني على الصحة على أساس قاعدة الفراغ.

(1) على الأحوط، و سيأتي تفصيل ذلك في محله إن شاء اللّه تعالى.

 

329
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 إذا خالف الترتيب في الركعات سهوا ص 329

الثالثة في محل الثانية بأن تخيل بعد الركعة الاولى أنّ ما قام إليه ثالثة فأتى بالتسبيحات الأربعة و ركع و سجد و قام إلى الثالثة و تخيل أنها ثانية فأتى بالقراءة و القنوت لم تبطل صلاته، بل يكون ما قصده ثالثة ثانية و ما قصده ثانية ثالثة قهرا، و كذا لو سجد الاولى بقصد الثانية و الثانية بقصد الاولى.

 

330
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الموالاة ص 331

[فصل في الموالاة]

فصل في الموالاة قد عرفت سابقا وجوب الموالاة في كل من القراءة و التكبير و التسبيح و الأذكار بالنسبة إلى الآيات و الكلمات و الحروف، و أنه لو تركها عمدا على وجه يوجب محو الاسم بطلت الصلاة، بخلاف ما إذا كان سهوا فإنه لا تبطل الصلاة و إن بطلت تلك الآية أو الكلمة فيجب إعادتها، نعم إذا أوجب فوات الموالاة فيها محو اسم الصلاة بطلت، و كذا إذا كان ذلك في تكبيرة الإحرام فإن فوات الموالاة فيها سهوا بمنزلة نسيانها، و كذا في السلام فإنه بمنزلة عدم الإتيان به، فإذا تذكر ذلك و مع ذلك أتى بالمنافي بطلت صلاته، بخلاف ما إذا أتى به قبل التذكر فإنه كالإتيان به بعد نسيانه.

و كما تجب الموالاة في المذكورات تجب في أفعال الصلاة بمعنى عدم الفصل بينها على وجه يوجب محو صورة الصلاة سواء كان عمدا أو سهوا مع حصول المحو المذكور، بخلاف ما إذا لم يحصل المحو المذكور فإنه لا يوجب البطلان.

[مسألة 1: تطويل الركوع أو السجود أو إكثار الأذكار أو قراءة السور الطوال لا تعدّ من المحو]

[1669] مسألة 1: تطويل الركوع أو السجود أو إكثار الأذكار أو قراءة السور الطوال لا تعدّ من المحو فلا إشكال فيها.

[مسألة 2: الأحوط مراعاة الموالاة العرفية]

[1670] مسألة 2: الأحوط مراعاة الموالاة العرفية بمعنى متابعة الأفعال بلا فصل و إن لم يمح معه صورة الصلاة، و إن كان الأقوى عدم وجوبها، و كذا

 

331
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 الأحوط مراعاة الموالاة العرفية ص 331

في القراءة و الأذكار.

[مسألة 3: لو نذر الموالاة بالمعنى المذكور فالظاهر انعقاد نذره لرجحانها]

[1671] مسألة 3: لو نذر الموالاة بالمعنى المذكور فالظاهر انعقاد نذره لرجحانها و لو من باب الاحتياط، فلو خالف عمدا عصى، لكن الأظهر عدم بطلان صلاته.

 

332
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القنوت ص 333

[فصل في القنوت]

فصل في القنوت و هو مستحب في جميع الفرائض اليومية و نوافلها بل جميع النوافل حتى صلاة الشفع على الأقوى، و يتأكد في الجهرية من الفرائض خصوصا في الصبح و الوتر و الجمعة، بل الأحوط عدم تركه في الجهرية بل في مطلق الفرائض، و القول بوجوبه في الفرائض أو في خصوص الجهرية منها ضعيف، و هو في كل صلاة مرة قبل الركوع من الركعة الثانية و قبل الركوع في صلاة الوتر، إلا في صلاة العيدين ففيها في الركعة الاولى خمس مرات و في الثانية أربع مرات، و إلا في صلاة الآيات ففيها مرتان: مرة قبل الركوع الخامس و مرة قبل الركوع العاشر، بل لا يبعد استحباب خمس قنوتات فيها في كل زوج من الركوعات، و إلا في الجمعة ففيها قنوتان: في الركعة الاولى قبل الركوع و في الثانية بعده.

و لا يشترط فيه رفع اليدين و لا ذكر مخصوص بل يجوز ما يجري على لسانه من الذكر و الدعاء و المناجاة و طلب الحاجات، و أقلّه «سبحان اللّه» خمس مرات أو ثلاث مرات، أو «بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ»* ثلاث مرات، أو «الحمد للّه» ثلاث مرات، بل يجزئ «سبحان اللّه» أو سائر ما ذكر مرة واحدة، كما يجزئ الاقتصار على الصلاة على النبي و آله (صلّى اللّه عليه و آله)، و مثل قوله: «اللهم اغفر لي» و نحو ذلك، و الأولى أن يكون

 

333
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في القنوت ص 333

جامعا للثناء على اللّه تعالى و الصلاة على محمد و آله و طلب المغفرة له و للمؤمنين و المؤمنات.

[مسألة 1: يجوز قراءة القرآن في القنوت خصوصا الآيات المشتملة على الدعاء]

[1672] مسألة 1: يجوز قراءة القرآن في القنوت خصوصا الآيات المشتملة على الدعاء كقوله تعالى: رَبَّنٰا لٰا تُزِغْ قُلُوبَنٰا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنٰا وَ هَبْ لَنٰا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّٰابُ و نحو ذلك.

[مسألة 2: يجوز قراءة الأشعار المشتملة على الدعاء و المناجاة]

[1673] مسألة 2: يجوز قراءة الأشعار المشتملة على الدعاء و المناجاة مثل قوله:

إلهي عبدك العاصي أتاكا                                مقرا بالذنوب و قد دعاكا

[مسألة 3: يجوز الدعاء فيه بالفارسية و نحوها من اللغات غير العربية]

[1674] مسألة 3: يجوز الدعاء فيه بالفارسية و نحوها من اللغات غير العربية، و إن كان لا يتحقق وظيفة القنوت إلا بالعربي، و كذا في سائر أحوال الصلاة و أذكارها، نعم الأذكار المخصوصة لا يجوز إتيانها بغير العربي.

[مسألة 4: الأولى أن يقرأ الأدعية الواردة عن الأئمة (صلوات اللّه عليهم)]

[1675] مسألة 4: الأولى أن يقرأ الأدعية الواردة عن الأئمة (صلوات اللّه عليهم)، و الأفضل كلمات الفرج و هي:

«لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم، لا إله إلّا اللّه العلي العظيم، سبحان اللّه رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و رب العرش العظيم، و الحمد للّه رب العالمين»، و يجوز أن يزيد بعد قوله: «و ما بينهن»: «و ما فوقهن و ما تحتهن»، كما يجوز أن يزيد بعد قوله: «العرش العظيم» «و سلام على المرسلين» و الأحسن أن يقول بعد كلمات الفرج:

«اللهم اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنا، إنك على كل شي‌ء قدير».

[مسألة 5: الأولى ختم القنوت بالصلاة على محمد و آله]

[1676] مسألة 5: الأولى ختم القنوت بالصلاة على محمد و آله بل الابتداء بها أيضا، أو الابتداء في طلب المغفرة أو قضاء الحوائج بها، فقد روي أن اللّه سبحانه و تعالى يستجيب الدعاء للنبي (صلّى اللّه عليه و آله)

 

334
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 الأولى ختم القنوت بالصلاة على محمد و آله ص 334

بالصلاة و بعيد من رحمته أن يستجيب الأول و الآخر و لا يستجيب الوسط، فينبغي أن يكون طلب المغفرة و الحاجات بين الدعاءين للصلاة على النبي (صلّى اللّه عليه و آله).

[مسألة 6: من القنوت الجامع الموجب لقضاء الحوائج- على ما ذكره بعض العلماء]

[1677] مسألة 6: من القنوت الجامع الموجب لقضاء الحوائج- على ما ذكره بعض العلماء- أن يقول: «سبحان من دانت له السماوات و الأرض بالعبودية، سبحان من تفرّد بالوحدانية، اللهم صلّ على محمد و آل محمد و عجّل فرجهم، اللهم اغفر لي و لجميع المؤمنين و المؤمنات، و اقض حوائجي و حوائجهم بحقّ حبيبك محمد و آله الطاهرين صلّى اللّه عليه و آله أجمعين».

[مسألة 7: يجوز في القنوت الدعاء الملحون مادّة أو إعرابا]

[1678] مسألة 7: يجوز في القنوت الدعاء الملحون مادّة أو إعرابا إذا لم يكن لحنه فاحشا و لا مغيّرا للمعنى، لكن الأحوط الترك.

[مسألة 8: يجوز في القنوت الدعاء على العدوّ بغير ظلم و تسميته]

[1679] مسألة 8: يجوز في القنوت الدعاء على العدوّ بغير ظلم و تسميته كما يجوز الدعاء لشخص خاص مع ذكر اسمه.

[مسألة 9: لا يجوز الدعاء لطلب الحرام]

[1680] مسألة 9: لا يجوز الدعاء لطلب الحرام.

[مسألة 10: يستحب إطالة القنوت خصوصا في صلاة الوتر]

[1681] مسألة 10: يستحب إطالة القنوت خصوصا في صلاة الوتر، فعن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف»، و في بعض الروايات قال (صلّى اللّه عليه و آله):

«أطولكم قنوتا في الوتر في دار الدنيا ... الخ»، و يظهر من بعض الأخبار أن إطالة الدعاء في الصلاة أفضل من إطالة القراءة.

[مسألة 11: يستحب التكبير قبل القنوت]

[1682] مسألة 11: يستحب التكبير قبل القنوت، و رفع اليدين حال التكبير و وضعهما ثم رفعهما حيال الوجه و بسطهما جاعلا باطنهما نحو السماء و ظاهرهما نحو الأرض، و أن يكونا منضمتين مضمومتي الأصابع إلا

 

335
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 يستحب التكبير قبل القنوت ص 335

الإبهامين، و أن يكون نظره إلى كفيه، و يكره أن يجاوز بهما الرأس، و كذا يكره أن يمرّ بهما على وجهه و صدره عند الوضع.

[مسألة 12: يستحب الجهر بالقنوت]

[1683] مسألة 12: يستحب الجهر بالقنوت سواء كانت الصلاة جهرية أو إخفاتية و سواء كان إماما أو منفردا بل أو مأموما إذا لم يسمع الإمام صوته.

[مسألة 13: إذا نذر القنوت في كل صلاة أو صلاة خاصة وجب]

[1684] مسألة 13: إذا نذر القنوت في كل صلاة أو صلاة خاصة وجب، لكن لا تبطل الصلاة بتركه سهوا، بل و لا بتركه عمدا أيضا على الأقوى.

[مسألة 14: لو نسي القنوت فإن تذكر قبل الوصول إلى حد الركوع قام و أتى به]

[1685] مسألة 14: لو نسي القنوت فإن تذكر قبل الوصول إلى حد الركوع قام و أتى به، و إن تذكر بعد الدخول في الركوع قضاه بعد الرفع منه، و كذا لو تذكر بعد الهوي للسجود قبل وضع الجبهة، و إن كان الأحوط ترك العود إليه، و إن تذكر بعد الدخول في السجود أو بعد الصلاة قضاه بعد الصلاة و إن طالت المدة، و الأولى الإتيان به إذا كان بعد الصلاة جالسا مستقبلا، و إن تركه عمدا في محله أو بعد الركوع فلا قضاء.

[مسألة 15: الأقوى اشتراط القيام في القنوت مع التمكن منه]

[1686] مسألة 15: الأقوى اشتراط القيام في القنوت مع التمكن منه إلا إذا كانت الصلاة من جلوس أو كانت نافلة حيث يجوز الجلوس في أثنائها كما يجوز في ابتدائها اختيارا.

[مسألة 16: صلاة المرأه كالرجل في الواجبات و المستحبات إلا في أمور]

[1687] مسألة 16: صلاة المرأه كالرجل في الواجبات و المستحبات إلا في أمور قد مرّ كثير منها في تضاعيف ما قدّمنا من المسائل و جملتها: أنه يستحب لها الزينة حال الصلاة بالحلي و الخضاب، و الإخفات في الأقوال، و الجمع بين قدميها حال القيام، و ضم ثدييها إلى صدرها بيديها حاله أيضا، و وضع يديها على فخذيها حال الركوع، و أن لا ترد ركبتيها حاله إلى وراء، و أن تبدأ بالقعود للسجود، و أن تجلس معتدلة ثم تسجد، و أن تجتمع و تضم أعضاءها حال السجود، و أن تلتصق بالأرض بلا تجاف و تفترش ذراعيها،

 

336
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 صلاة المرأه كالرجل في الواجبات و المستحبات إلا في أمور ص 336

و أن تنسلّ انسلالا إذا أردت القيام أي تنهض بتأنّ و تدريج عدلا لئلا تبدو عجيزتها، و أن تجلس على أليتيها إذا جلست رافعة ركبتيها ضامة لهما.

[مسألة 17: صلاة الصبي كالرجل، و الصبية كالمرأة]

[1688] مسألة 17: صلاة الصبي كالرجل، و الصبية كالمرأة.

[مسألة 18: حكم النظر و اليدين حال الصلاة]

[1689] مسألة 18: قد مرّ في المسائل المتقدمة متفرقة حكم النظر و اليدين حال الصلاة، و لا بأس بإعادته جملة: فشغل النظر حال القيام أن يكون على موضع السجود، و حال الركوع بين القدمين، و حال السجود إلى طرف الأنف، و حال الجلوس إلى حجره، و أما اليدان فيرسلهما حال القيام و يضعهما على الفخذين، و حال الركوع على الركبتين مفرجة الأصابع، و حال السجود على الأرض مبسوطتين مستقبلا بأصابعهما منضمة حذاء الأذنين، و حال الجلوس على الفخذين، و حال القنوت تلقاء وجهه.

 

337
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التعقيب ص 338

[فصل في التعقيب]

فصل في التعقيب و هو الاشتغال عقيب الصلاة بالدعاء أو الذكر أو التلاوة أو غيرها من الأفعال الحسنة مثل التفكر في عظمة اللّه و نحوه، و مثل البكاء لخشية اللّه أو للرغبة إليه و غير ذلك، و هو من السنن الأكيدة، و منافعه في الدين و الدنيا كثيرة، و في رواية: «من عقب في صلاته فهو في صلاته» و في خبر:

«التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد»، و الظاهر استحبابه بعد النوافل أيضا، و إن كان بعد الفرائض آكد، و يعتبر أن يكون متصلا بالفراغ منها غير مشتغل بفعل آخر ينافي صدقه الذي يختلف بحسب المقامات من السفر و الحضر و الاضطرار و الاختيار، ففي السفر يمكن صدقه حال الركوب أو المشي أيضا كحال الاضطرار، و المدار على بقاء الصدق و الهيئة في نظر المتشرعة، و القدر المتيقن في الحضر الجلوس مشتغلا بما ذكر من الدعاء و نحوه، و الظاهر عدم صدقه على الجلوس بلا دعاء أو الدعاء بلا جلوس إلا في مثل ما مر، و الأولى فيه الاستقبال و الطهارة و الكون في المصلّى، و لا يعتبر فيه كون الأذكار و الدعاء بالعربية و إن كان هو الأفضل، كما أن الأفضل الأذكار و الأدعية المأثورة المذكورة في كتب العلماء، و نذكر جملة منها تيمنا:

أحدها: أن يكبر ثلاثا بعد التسليم رافعا يديه على هيئة غيره من

 

338
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في التعقيب ص 338

التكبيرات.

الثاني: تسبيح الزهراء (صلوات اللّه عليها)، و هو أفضلها على ما ذكره جملة من العلماء، ففي الخبر: «ما عبد اللّه بشي‌ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة، و لو كان شي‌ء أفضل منه لنحله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فاطمة» و في رواية: «تسبيح فاطمة الزهراء الذكر الكثير الذي قال اللّه تعالى: اذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً»، و في أخرى عن الصادق (عليه السلام):

«تسبيح فاطمة كل يوم في دبر كل صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم»، و الظاهر استحبابه في غير التعقيب أيضا بل في نفسه، نعم هو مؤكد فيه و عند إرادة النوم لدفع الرؤيا السيئة، كما أن الظاهر عدم اختصاصه بالفرائض بل هو مستحب عقيب كل صلاة.

و كيفيته: «اللّه أكبر» أربع و ثلاثون مرة، ثم «الحمد للّه» ثلاث و ثلاثون، ثم «سبحان اللّه» كذلك، فمجموعها مائة، و يجوز تقديم التسبيح على التحميد و إن كان الأولى الأول.

[مسألة 1: يستحب أن يكون السبحة بطين قبر الحسين (صلوات اللّه عليه)]

[1690] مسألة 1: يستحب أن يكون السبحة بطين قبر الحسين (صلوات اللّه عليه). و في الخبر أنها تسبّح إذا كانت بيد الرجل من غير أن يسبّح و يكتب له ذلك التسبيح و إن كان غافلا.

[مسألة 2: إذا شك في عدد التكبيرات أو التسبيحات أو التحميدات بنى على الأقل]

[1691] مسألة 2: إذا شك في عدد التكبيرات أو التسبيحات أو التحميدات بنى على الأقل إن لم يتجاوز المحل، و إلا بنى على الإتيان به، و إن زاد على الأعداد بنى عليها و رفع اليد عن الزائد.

الثالث: «لا إله إلّا اللّه وحده وحده، أنجز وعده و نصر عبده و أعزّ جنده و غلب الأحزاب وحده، فله الملك و له الحمد، يحيي و يميت و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي‌ء قدير».

 

339
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 إذا شك في عدد التكبيرات أو التسبيحات أو التحميدات بنى على الأقل ص 339

الرابع: «اللهم اهدني من عندك، و أفض عليّ من فضلك، و انشر عليّ من رحمتك، و أنزل عليّ من بركاتك».

الخامس: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر» مائة مرة أو أربعين أو ثلاثين.

السادس: «اللهم صلّ على محمد و آل محمد و أجرني من النار و ارزقني الجنة و زوجني من الحور العين».

السابع: «أعوذ بوجهك الكريم و عزتك التي لا ترام و قدرتك التي لا يمتنع منها شي‌ء من شر الدنيا و الآخرة و من شر الأوجاع كلها، و لا حول و لا قوة إلّا باللّه العليّ العظيم».

الثامن: قراءة الحمد و آية الكرسي و آية شَهِدَ اللّٰهُ أَنَّهُ لٰا إِلٰهَ- الخ (آل عمران 3: 17) و آية الملك (آل عمران 3: 26).

التاسع: «اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك و أعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها، و أعوذ بك من خزي الدنيا و عذاب الآخرة».

العاشر: «أعيذ نفسي و ما رزقني ربي باللّه الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، و أعيذ نفسي و ما رزقني ربي برب الفلق من شرّ ما خلق- إلى آخر السورة-، و أعيذ نفسي و ما رزقني ربي برب الناس ملك الناس- إلى آخر السورة».

الحادي عشر: أن يقرأ قل هو اللّه أحد اثني عشر مرة، ثم يبسط يديه و يرفعهما إلى السماء و يقول:

«اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطهر الطاهر المبارك، و أسألك باسمك العظيم و سلطانك القديم أن تصلي على محمد و آل

 

340
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 إذا شك في عدد التكبيرات أو التسبيحات أو التحميدات بنى على الأقل ص 339

محمد، يا واهب العطايا يا مطلق الأسارى يا فكاك الرقاب من النار أسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تعتق رقبتي من النار و تخرجني من الدنيا آمنا و تدخلني الجنة سالما و أن تجعل دعائي أوّله فلاحا و أوسطه نجاحا و آخره صلاحا، إنك أنت علام الغيوب».

الثاني عشر: الشهادتان و الإقرار بالأئمة.

الثالث عشر: قبل أن يثني رجليه يقول ثلاث مرات: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلّا هو الحي القيوم ذو الجلال و الإكرام و أتوب إليه».

الرابع عشر: دعاء الحفظ من النسيان، و هو:

«سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته، سبحان من لا يأخذ أهل الأرض بألوان العذاب، سبحان الرؤوف الرحيم، اللهم اجعل لي في قلبي نورا و بصرا و فهما و علما، إنك على كل شي‌ء قدير».

[مسألة 3: يستحب في صلاة الصبح أن يجلس بعدها في مصلاه إلى طلوع الشمس مشتغلا بذكر اللّه]

[1693] مسألة 3: يستحب في صلاة الصبح أن يجلس بعدها في مصلاه إلى طلوع الشمس مشتغلا بذكر اللّه.

[مسألة 4: الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا]

[1693] مسألة 4: الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا، و كذا الدعاء بعد الفريضة أفضل من الدعاء بعد النافلة.

[مسألة 5: يستحب سجود الشكر بعد كل صلاة]

[1694] مسألة 5: يستحب سجود الشكر بعد كل صلاة فريضة كانت أو نافلة و قد مر كيفيته سابقا.

 

341
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله ص 342

[فصل في الصلاة على النبي (صلّى اللّه عليه و آله)]

فصل في الصلاة على النبي (صلّى اللّه عليه و آله) يستحب الصلاة على النبي حيث ما ذكر أو ذكر عنده و لو كان في الصلاة و في أثناء القراءة، بل الأحوط عدم تركها لفتوى جماعة من العلماء بوجوبها، و لا فرق بين أن يكون ذكره باسمه العلمي كمحمد و أحمد أو بالكنية و اللقب كأبي القاسم و المصطفى و الرسول و النبي أو بالضمير، و في الخبر الصحيح: «و صلّ على النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في الأذان أو غيره»، و في رواية: «من ذكرت عنده و نسي أن يصلي عليّ خطأ اللّه به طريق الجنة».

[مسألة 1: إذا ذكر اسمه (صلّى اللّه عليه و آله) مكررا يستحب تكرارها]

[1695] مسألة 1: إذا ذكر اسمه (صلّى اللّه عليه و آله) مكررا يستحب تكرارها، و على القول بالوجوب يجب، نعم ذكر بعض القائلين بالوجوب يكفي مرة إلا إذا ذكر بعدها فيجب إعادتها، و بعضهم على أنه يجب في كل مجلس مرة.

[مسألة 2: إذا كان في أثناء التشهد فسمع اسمه لا يكتفي بالصلاة]

[1696] مسألة 2: إذا كان في أثناء التشهد فسمع اسمه لا يكتفي بالصلاة التي تجب للتشهد (1).

______________________________
(1) بل الظاهر هو الاكتفاء بها لأن نسبة الأمر المتعلق بالصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله إذا سمع اسمه الشريف إلى الأمر بالصلاة في التشهد عموم من وجه، و عليه فإذا سمع المصلي اسم النبي صلّى اللّه عليه و آله اثناء التشهد و أتى بالصلاة فيه فقد امتثل‌

 

342
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 إذا كان في أثناء التشهد فسمع اسمه لا يكتفي بالصلاة ص 342

نعم ذكره في ضمن قوله: «اللهم صلّ على محمد و آل محمد» لا يوجب تكرارها، و إلا لزم التسلسل.

[مسألة 3: الأحوط عدم الفصل الطويل بين ذكره و الصلاة عليه (1)]

[1697] مسألة 3: الأحوط عدم الفصل الطويل بين ذكره و الصلاة عليه (1) بناء على الوجوب، و كذا بناء على الاستحباب في إدراك فضلها و امتثال الأمر الندبي، فلو ذكره أو سمعه في أثناء القراءة في الصلاة لا يؤخر إلى آخرها إلا إذا كان في أواخرها.

[مسألة 4: لا يعتبر كيفية خاصة في الصلاة]

[1698] مسألة 4: لا يعتبر كيفية خاصة في الصلاة بل يكفي في الصلاة عليه كل ما يدل عليها مثل «صلّى اللّه عليه» و «اللهم صلّ عليه»، و الأولى ضم الآل إليه (2).

[مسألة 5: إذا كتب اسمه (صلّى اللّه عليه و آله) يستحب أن يكتب الصلاة عليه]

[1699] مسألة 5: إذا كتب اسمه (صلّى اللّه عليه و آله) يستحب أن يكتب الصلاة عليه.

[مسألة 6: إذا تذكّره بقلبه فالأولى أن يصلي عليه]

[1700] مسألة 6: إذا تذكّره بقلبه فالأولى أن يصلي عليه لاحتمال شمول قوله عليه السّلام: «كلما ذكرته» الخ، لكن الظاهر إرادة الذكر اللساني دون القلبي.

[مسألة 7: يستحب عند ذكر سائر الأنبياء و الأئمة أيضا ذلك]

[1701] مسألة 7: يستحب عند ذكر سائر الأنبياء و الأئمة أيضا ذلك، نعم إذا أراد أن يصلي على الأنبياء أوّلا يصلي على النبي و آله (صلّى اللّه عليه و آله) ثم عليهم إلا في ذكر إبراهيم عليه السّلام، ففي الخبر عن معاوية بن عمار

______________________________
كلا الأمرين لانطباق متعلق كل منهما عليها كما هو الحال في كل مورد تكون النسبة بين متعلق الأمرين عموما من وجه فإن المكلف اذا قام بالاتيان بالمجمع فقد امتثل كلا الأمرين على أساس انطباق متعلق كل منهما على الفرد المأتي به في الخارج.

(1) بل الأقوى ذلك إذا كان الفصل طويلا بمقدار يمنع عن صدق الصلاة عليه على أساس ذكر اسمه الشريف.

(2) بل الأظهر ذلك كما مرّ.

 

343
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 يستحب عند ذكر سائر الأنبياء و الأئمة أيضا ذلك ص 343

قال: ذكرت عند أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام بعض الأنبياء فصليت عليه فقال عليه السّلام: «إذا ذكر أحد من الأنبياء فابدأ بالصلاة على محمد و آله ثم عليه».

 

344
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في مبطلات الصلاة ص 345

[فصل في مبطلات الصلاة]

فصل في مبطلات الصلاة و هي امور:

[أحدها: فقد بعض الشرائط في أثناء الصلاة كالستر و إباحة المكان و اللباس]

أحدها: فقد بعض الشرائط في أثناء الصلاة كالستر و إباحة المكان و اللباس و نحو ذلك مما مر في المسائل المتقدمة.

[الثاني: الحدث الأكبر أو الأصغر]

الثاني: الحدث الأكبر أو الأصغر، فإنه مبطل أينما وقع فيها و لو قبل الآخر بحرف من غير فرق بين أن يكون عمدا أو سهوا أو اضطرارا عدا ما مر في حكم المسلوس و المبطون و المستحاضة، نعم لو نسي السلام ثم أحدث فالأقوى عدم البطلان، و إن كان الأحوط الإعادة أيضا (1).

[الثالث: التكفير]

الثالث: التكفير (2) بمعنى وضع إحدى اليدين على الاخرى على

______________________________
(1) لا يترك كما مرّ في المسألة (1) من التسليم.

(2) في اطلاقه اشكال بل منع، لأنّ عملية التكفير إن كانت بنية الجزئية للصلاة فهي مبطلة لها لأنها زيادة عمدية، و إن كانت بنية أنها تفرض عليه في الصلاة بقصد الخضوع و الخشوع و العبودية له تعالى من دون أن ينوي كونها من الصلاة فلا شبهة في حرمتها حينئذ تشريعا، و أما بطلان الصلاة فلا لأنّ الحرام لا ينطبق عليها في الخارج بل هو مقارن لها.

و أما إذا لم تكن بنية الجزئية و لا بقصد الخضوع و العبودية فلا دليل على حرمته. نعم قد ورد في مجموعة من النصوص أنه عمل و لا عمل في الصلاة، و لكن‌

 

345
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الثالث التكفير ص 345

النحو الذي يصنعه غيرنا إن كان عمدا لغير ضرورة، فلا بأس به سهوا و إن كان الأحوط الإعادة معه أيضا، و كذا لا بأس به مع الضرورة، بل لو تركه حالها أشكلت الصحة و إن كانت أقوى، و الأحوط عدم وضع إحدى اليدين على الاخرى بأيّ وجه كان في أيّ حالة من حالات الصلاة و إن لم يكن متعارفا بينهم لكن بشرط أن يكون بعنوان الخضوع و التأدب، و أما إذا كان لغرض آخر كالحك و نحوه فلا بأس به مطلقا حتى على الوضع المتعارف.

[الرابع: تعمد الالتفات بتمام البدن إلى الخلف أو إلى اليمين أو اليسار]

الرابع: تعمد الالتفات بتمام البدن إلى الخلف أو إلى اليمين أو اليسار بل و إلى ما بينهما على وجه يخرج عن الاستقبال و إن لم يصل إلى حدهما و إن لم يكن الالتفات حال القراءة أو الذكر، بل الأقوى ذلك في الالتفات بالوجه إلى الخلف مع فرض إمكانه و لو بميل البدن على وجه لا يخرج عن الاستقبال، و أما الالتفات بالوجه يمينا و يسارا مع بقاء البدن مستقبلا فالأقوى (1) كراهته مع عدم كونه فاحشا، و إن كان الأحوط اجتنابه أيضا

______________________________
الظاهر منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أنها ناظرة الى العمل المعهود بين العامة و هو التكفير في الصلاة بعنوان الخضوع و العبودية لا إلى أنّ مجرد وضع المصلي يده على الأخرى عمل محرم بذاته في الصلاة و إن لم يكن ناويا به العبادة.

فالنتيجة: أن بطلان الصلاة به مبني على أن يكون الاتيان به على أساس أن ينوي المصلي جزئيته لها لا مطلقا، و إن كانت رعاية الاحتياط في تركه مطلقا أولى و أجدر.

(1) في القوة اشكال بل منع، فان المصلي اذا التفت ببدنه أو بوجهه على نحو لم يعد مستقبلا للقبلة بأن تكون على يمينه أو يساره و كان متعمدا في ذلك و ملتفتا إلى الحكم الشرعي بطلت صلاته، و إن تدارك الموقف باسرع ما يمكن‌

 

346
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الرابع تعمد الالتفات بتمام البدن إلى الخلف أو إلى اليمين أو اليسار ص 346

خصوصا إذا كان طويلا و سيما إذا كان مقارنا لبعض أفعال الصلاة خصوصا الأركان سيما تكبيرة الإحرام، و أما إذا كان فاحشا ففيه إشكال فلا يترك الاحتياط حينئذ، و كذا تبطل مع الالتفات سهوا فيما كان عمده مبطلا إلا إذا لم يصل إلى حد اليمين و اليسار بل كان فيما بينهما فإنه غير مبطل إذا كان سهوا و إن كان بكل البدن.

[الخامس: تعمد الكلام بحرفين و لو مهملين]

الخامس: تعمد الكلام بحرفين و لو مهملين (1) غير مفهمين للمعنى،

______________________________
و أعاد وجهه اليها حيث ان استقبالها معتبر في الصلاة من المبدأ الى المنتهى حتى في الآنات المتخللة بين اجزائها.

و من هنا يظهر انه لا فرق في ذلك بين أن يكون الانحراف عن القبلة في زمن يسير جدا أو كثير، و كذلك لا فرق بين أن يكون في فترة الكون بين الاجزاء أو فترة الاشتغال بها، كما أنه لا فرق في ذلك بين الاجزاء الركنية و غيرها، و يلحق به الجاهل بالحكم من الأساس أو العالم به في البداية و لكن نسي هذا الحكم حين الصلاة لأن هاتين الصورتين لا تكونا مشمولتين للروايات الدالة على عدم وجوب الاعادة اذا صلّى منحرفا عن القبلة يمينا أو يسارا لاختصاص تلك الروايات بالجاهل و الناسي و الغافل في الشبهات الموضوعية و قد تقدم تفصيل ذلك في المسألة (1) من أحكام الخلل في القبلة.

(1) في تقييد الكلام بحرفين اشكال بل منع، لأن الوارد في النصوص الناهية عن الكلام في الصلاة إنما هو عنوان (التكلم) و (يتكلم) و (تكلمت) و اما عنوان الكلام فلم يرد في شي‌ء من الروايات فإذن تكون العبرة إنما هي بصدق أحد العناوين المذكورة، و الظاهر صدقه على حرف واحد، فيقال لمن قال (ب) أو (ت) أنه تكلم و نطق. و من هنا اذا قال صبي (ب) أول مرة فيقال إنه نطق بحرف واحد لأن المراد من التكلم هو النطق و لو بحرف واحد.

 

347
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الخامس تعمد الكلام بحرفين و لو مهملين ص 347

أو بحرف واحد بشرط كونه مفهما للمعنى نحو «ق» فعل أمر (1) من «وقى» بشرط أن يكون عالما بمعناه و قاصدا له، بل أو غير قاصد أيضا مع التفاته إلى معناه على الأحوط.

[مسألة 1: لو تكلم بحرفين حصل ثانيهما من إشباع حركة الأول بطلت]

[1702] مسألة 1: لو تكلم بحرفين حصل ثانيهما من إشباع حركة الأول بطلت، بخلاف ما لو لم يصل الإشباع إلى حد حصول حرف آخر.

[مسألة 2: إذا تكلم بحرفين من غير تركيب]

[1703] مسألة 2: إذا تكلم بحرفين من غير تركيب كأن يقول: «ب ب» مثلا ففي كونه مبطلا أولا وجهان، و الأحوط الأول (2).

[مسألة 3: إذا تكلم بحرف واحد غير مفهم للمعنى]

[1704] مسألة 3: إذا تكلم بحرف واحد غير مفهم للمعنى لكن وصله

______________________________
(1) فيه اشكال بل منع لما مرّ من أن العبرة إنما هي بصدق عنوان- تكلم او يتكلم- و من المعلوم عدم اناطة صدقة على حرف واحد كونه مفهما للمعنى و موضوعا له، فان حيثية الوضع و الافهام غير دخيلة في الصدق كما أن حيثية علم المصلي بمعناه و قصده له لا ترتبط به، لأن موضوع الحكم هو التكلم و هو صفة اللفظ و لا صلة له بالمعنى فمن أجل ذلك لا فرق بين أن يكون مهملا او موضوعا، كما انه لا فرق بين أن يصدر من لافظ شاعر أو بغير شعور و اختيار أو من نائم أو مجنون أو صبي.

فالنتيجة: ان التلفظ بحرف واحد اذا صدر من المصلي صدق عليه انه تكلم به، و اذا صدق عليه ذلك فان كان عامدا و ملتفتا الى أنه غير جائز في الصلاة بطلت صلاته بلا فرق بين كونه موضوعا أو مهملا و بذلك يظهر حال جملة من المسائل الآتية.

(2) فيه: انه بناء على كون الكلام المبطل للصلاة هو المركب من حرفين كما هو مختاره قدّس سرّه فلا يصدق على التكلم بحرفين منفصلين في مفروض المسألة، و عندئذ فلا وجه للاحتياط، نعم بناء على ما قويناه فهو مبطل كما مر.

 

348
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 إذا تكلم بحرف واحد غير مفهم للمعنى ص 348

بإحدى كلمات القراءة أو الأذكار أبطل من حيث إفساد تلك الكلمة إذا خرجت تلك الكلمة عن حقيقتها.

[مسألة 4: لا تبطل بمد حرف المد و اللين و إن زاد فيه بمقدار حرف آخر]

[1705] مسألة 4: لا تبطل بمد حرف المد و اللين و إن زاد فيه بمقدار حرف آخر، فإنه محسوب حرفا واحدا.

[مسألة 5: الظاهر عدم البطلان بحروف المعاني]

[1706] مسألة 5: الظاهر عدم البطلان بحروف المعاني مثل «ل» حيث إنه لمعنى التعليل أو التمليك أو نحوهما، و كذا مثل «و» حيث يفيد معنى العطف أو القسم، و مثل «ب» فإنه حرف جر و له معان، و إن كان الأحوط البطلان مع قصد هذه المعاني، و فرق واضح بينها و بين حروف المباني.

[مسألة 6: لا تبطل بصوت التنحنح و لا بصوت النفخ و الأنين و التأوّه و نحوها]

[1707] مسألة 6: لا تبطل بصوت التنحنح و لا بصوت النفخ و الأنين و التأوّه و نحوها، نعم تبطل بحكاية أسماء هذه الأصوات مثل إح و يف و أوه.

[مسألة 7: إذا قال: آه من ذنوبي أو آه من نار جهنم، لا تبطل الصلاة قطعا]

[1708] مسألة 7: إذا قال: آه من ذنوبي أو آه من نار جهنم، لا تبطل الصلاة قطعا إذا كان في ضمن دعاء أو مناجاة، و أما إذا قال: آه من غير ذكر المتعلق فإن قدّره فكذلك، و إلا فالأحوط اجتنابه (1)، و إن كان الأقوى عدم البطلان إذا كان في مقام الخوف من اللّه.

[مسألة 8: لا فرق في البطلان بالتكلم بين أن يكون هناك مخاطب أم لا]

[1709] مسألة 8: لا فرق في البطلان بالتكلم بين أن يكون هناك مخاطب أم لا، و كذا لا فرق بين أن يكون مضطرا في التكلم أو مختارا (2)، نعم

______________________________
(1) لا بأس بتركه اذا نوى المصلي به الشكاية اليه تعالى اجمالا باعتبار انه حينئذ داخل في المناجاة معه تعالى. نعم اذا لم ينو به الشكاية اليه تعالى اصلا فلا يبعد الحكم بالبطلان حينئذ فإنه ليس من المناجاة و لا من الدعاء.

(2) هذا إذا كان الوقت متسعا، و اما إذا كان ضيقا بحيث لا يتمكن المصلي‌

 

349
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 لا فرق في البطلان بالتكلم بين أن يكون هناك مخاطب أم لا ص 349

التكلم سهوا ليس مبطلا و لو بتخيل الفراغ من الصلاة.

[مسألة 9: لا بأس بالذكر و الدعاء في جميع أحوال الصلاة بغير المحرّم]

[1710] مسألة 9: لا بأس بالذكر و الدعاء في جميع أحوال الصلاة بغير المحرّم، و كذا بقراءة القرآن غير ما يوجب السجود، و أما الدعاء بالمحرّم كالدعاء على مؤمن ظلما فلا يجوز بل هو مبطل للصلاة (1) و إن كان جاهلا

______________________________
من اعادة الصلاة من جديد في الوقت فالظاهر هو الفرق بين حالتي الاضطرار و الاختيار، فعلى الأول يرتفع تقيد الصلاة بعدم التكلم فيها بالاضطرار و حينئذ فالأمر المتعلق بالصلاة المقيدة بعدمه و إن سقط و لا يعقل بقاؤه و لكن ثبت وجوب الباقي بمقتضى ما دل من الصلاة لا تسقط بحال و على الثاني بطلت صلاته و يجب عليه قضاؤها.

(1) فيه ان عدم جوازه ليس من جهة أنه حرام في نفسه، بل من جهة انه تجرّ على المولى عامدا ملتفتا الى حرمته. نعم لو كان جاهلا مركبا أو بسيطا و لكن كان قاصرا لم يكن تجرّيا و اما إنه مبطل للصلاة فهو من أجل أن الممنوع هو التكلم فيها إلّا إذا كان مناجاة مع اللّه تعالى أو دعاء، و لا شبهة في انصراف المناجاة و الدعاء عنه لأن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي أن يكون التكلم مع اللّه تعالى فيما يرضيه لا فيما يبغضه لأنه ليس تكلما مع اللّه تعالى و مناجاة و دعاء فلا محالة يكون مبطلا للصلاة.

نعم لو كان موضوع الحكم هو كلام الآدمي لم يكن مبطلا لها حيث انه لا يصدق عليه، و لكن قد مرّ أن موضوع الحكم هو التكلم بلا خصوصية زائدة، و قد ورد في صحيحة علي بن مهزيار: (الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه ...). «1»

و عليه فالضابط العام لذلك هو أن المصلي اذا تكلم في صلاته الفريضة بكل ما يمكن أن يناجي به ربه فان كان ناويا به المناجاة معه تعالى أو الدعاء لم تبطل‌

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 13 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 1.

 

350
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 لا بأس بالذكر و الدعاء في جميع أحوال الصلاة بغير المحرم ص 350

بحرمته.

نعم لا يبطل مع الجهل بالموضوع كما إذا اعتقده كافرا فدعا عليه فبان أنه مسلم.

[مسألة 10: لا بأس بالذكر و الدعاء بغير العربي أيضا]

[1711] مسألة 10: لا بأس بالذكر و الدعاء بغير العربي أيضا و إن كان الأحوط العربية.

[مسألة 11: يعتبر في القرآن قصد القرآنية]

[1712] مسألة 11: يعتبر في القرآن قصد القرآنية، فلو قرأ ما هو مشترك بين القرآن و غيره لا بقصد القرآنية و لم يكن دعاء أيضا أبطل، بل الآية المختصة بالقرآن أيضا إذا قصد بها غير القرآن أبطلت، و كذا لو لم يعلم أنها قرآن.

[مسألة 12: إذا أتى بالذكر بقصد تنبيه الغير و الدلالة على أمر من الامور]

[1713] مسألة 12: إذا أتى بالذكر بقصد تنبيه الغير و الدلالة على أمر من الامور، فإن قصد به الذكر و قصد التنبيه برفع الصوت مثلا فلا إشكال بالصحة، و إن قصد به التنبيه من دون قصد الذكر أصلا بأن استعمله في التنبيه و الدلالة فلا إشكال في كونه مبطلا، و كذا إن قصد الأمرين معا على أن يكون له مدلولان و استعمله فيهما، و أما إذا قصد الذكر و كان داعيه على الإتيان بالذكر تنبيه الغير فالأقوى الصحة.

[مسألة 13: لا بأس بالدعاء مع مخاطبة الغير]

[1714] مسألة 13: لا بأس بالدعاء مع مخاطبة الغير بأن يقول: غفر اللّه لك (1)، فهو مثل قوله: اللهم اغفر لي أو لفلان.

______________________________
صلاته، و إلّا بطلت و اذا كان ذلك محرما و مبغوضا للّه تعالى لم يصلح أن يناجي به ربه، فلو نوى به المناجاة لم يكن مصداقا لها بل هو مبطل للصلاة على أساس انه تكلم فيها و لم يكن مع اللّه تعالى شأنه.

(1) في عدم البأس اشكال بل منع، و ذلك لأن شمول الدعاء الوارد في‌

 

351
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 لا بأس بتكرار الذكر أو القراءة عمدا أو من باب الاحتياط ص 352

[مسألة 14: لا بأس بتكرار الذكر أو القراءة عمدا أو من باب الاحتياط]

[1715] مسألة 14: لا بأس بتكرار الذكر أو القراءة عمدا أو من باب الاحتياط.

نعم إذا كان التكرار من باب الوسوسة فلا يجوز (1)، بل لا يبعد بطلان الصلاة به (2).

[مسألة 15: لا يجوز ابتداء السلام للمصلي]

[1716] مسألة 15: لا يجوز ابتداء السلام للمصلي، و كذا سائر التحيات مثل «صبّحك اللّه بالخير» أو «مسّاك اللّه بالخير» أو «في أمان اللّه» أو «ادخلوها

______________________________
روايات القنوت لمثل هذا الدعاء المشتمل على المخاطبة مع غيره تعالى لا يخلو عن اشكال بل منع حيث يصدق على المصلي أنه تكلم في صلاته بما يشتمل على المخاطبة مع الناس ناويا به، و إذا صدق بطلت صلاته.

فالنتيجة أن التكلم بما يتضمن الدعاء و المخاطبة مع غيره تعالى معا اذا كان ناويا به المخاطبة يوجب بطلان صلاته سواء نوى به الدعاء أيضا أم لا.

(1) في عدم الجواز اشكال بل منع، اذ لا دليل على أن الوسوسة بعنوانها محرمة من أدنى مرتبتها الى أقصاها. نعم قد تبلغ الى مرتبة تكون مبغوضة له تعالى باعتبار انها تستلزم فعل حرام او ترك واجب، و اما ما في صحيحة عبد اللّه بن سنان من نفي العقل عن الوسواسي معللا بانه يطيع الشيطان فلا يدل على حرمة الوسوسة، بل يدل على أنها تجى‌ء من قبل الشيطان، و من المعلوم أن الوسواسي لم يعمل بها بنية اطاعة الشيطان بل بنية اطاعة الرب و الانقياد له، فما دامت الوسوسة لم تؤد الى ترك واجب أو فعل حرام لم تكن مبغوضة.

(2) بل هو بعيد لأن تكرار الذكر أو القراءة و إن بلغ من الكثرة إلى حدّ الوسوسة و لكن قد مرّ أن الوسوسة لا تكون محرمة في نفسها لكي توجب حرمة الذكر أو القراءة الموجبة لبطلان الصلاة باعتبار انصراف الذكر المستثنى عنه كما مرّ.

 

352
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 لا يجوز ابتداء السلام للمصلي ص 352

بسلام» إذا قصد مجرد التحية، و أما إذا قصد الدعاء بالسلامة أو الإصباح (1) و الإمساء بالخير و نحو ذلك فلا بأس به و كذا إذا قصد (2) القرآنية من نحو

______________________________
(1) الظاهر عدم كفاية قصد المصلي ذلك في صحة صلاته لأن مقتضى القاعدة بطلان صلاته اذا تكلم فيها شريطة أن لا ينطبق عليه أحد العناوين التالية:

المناجاة مع ربه، و ذكر اللّه تعالى، و ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله، و قراءة القرآن، و الدعاء، فاذا انطبق عليه أحدها لم يكن مبطلا، و أما في هذه المسألة فلا بد من النظر فيها، فهل ينطبق عليها أحد تلك العناوين أو لا؟

الظاهر عدم الانطباق، اما العنوان الأول و الثاني و الثالث و الرابع فهو واضح، لأن الصيغ المذكورة في المسألة ليست من صيغ المناجاة مع الرب و لا من ذكر اللّه تعالى و لا من ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله و لا من القرآن. و اما الدعاء فانطباقه عليه مبني على أن يكون المراد من الدعاء المستثنى في الروايات أعم من أن يكون بصيغه الخاصة أو لا باعتبار أن تلك الصيغ ليست من صيغ الدعاء و إنما المتكلم لها ناويا بها الدعاء، و لكن الأمر ليس كذلك لأنّ الظاهر من الروايات التي تنص على استثناء الدعاء في الصلاة هو ما كان دعاء في نفسه فلا تشمل ما لا يكون دعاء كذلك و لكن المتكلم نوى به الدعاء في مقام الاستعمال، هذا مضافا إلى ما مرّ من أن التكلم بصيغة مشتملة على الدعاء و المخاطبة مع الناس معا في أثناء الصلاة مبطل لها إذا كان ناويا به المخاطبة.

(2) الظاهر عدم كفاية هذا القصد اذا كان بداعي التحية، فإنه إذا قصد بهذه الصيغة الحكاية عما انزل اللّه تعالى على رسوله الكريم فهي و إن كانت قرآنا إلّا أنها لما كانت بنية التحية لغيره فهي تحية له حقيقة فتكون مبطلة للصلاة و لا يصدق عليها من هذه الحيثية قراءة القرآن و لا غيرها من العناوين المذكورة، نعم لو كان قاصدا بها القرآنية من دون أن ينوي التحية للغير و لكن العرف يفهم منه التحية فلا‌

 

353
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 لا يجوز ابتداء السلام للمصلي ص 352

قوله: «سلام عليكم» أو «ادخلوها بسلام» و ان كان الغرض منه السلام أو بيان المطلب بأن يكون من باب الداعي على الدعاء أو قراءة القرآن.

[مسألة 16: يجوز رد سلام التحية في اثناء الصلاة بل يجب]

[1717] مسألة 16: يجوز رد سلام التحية في اثناء الصلاة بل يجب و إن لم يكن السلام أو الجواب بالصيغة القرآنية، و لو عصى و لم يرد الجواب و اشتغل بالصلاة قبل فوات وقت الرد لم تبطل على الأقوى.

[مسألة 17: يجب أن يكون الرد في أثناء الصلاة بمثل ما سلّم]

[1718] مسألة 17: يجب أن يكون الرد في أثناء الصلاة بمثل ما سلّم، فلو قال: «سلام عليكم» يجب أن يقول في الجواب: «سلام عليكم» مثلا، بل الأحوط (1) المماثلة في التعريف و التنكير و الإفراد و الجمع فلا يقول:

«سلام عليكم» في جواب «السلام عليكم» أو في جواب «سلام عليك» مثلا و بالعكس، و إن كان لا يخلو من منع، نعم لو قصد القرآنية في الجواب فلا بأس بعدم المماثلة.

[مسألة 18: لو قال المسلّم: «عليكم السلام» فالأحوط في الجواب أن يقول: «سلام عليكم» بقصد القرآنية]

[1719] مسألة 18: لو قال المسلّم: «عليكم السلام» فالأحوط في الجواب أن يقول: «سلام عليكم» بقصد القرآنية (2) أو بقصد الدعاء.

______________________________
بأس بها حينئذ. فلو قال المصلي اثناء صلاته (ادْخُلُوهٰا بِسَلٰامٍ)* ناويا بها القرآنية حقيقة و لكنه اراد منه تبعا افهام غيره بانه في حال الصلاة و هو مأذون بالدخول عليه لم بضر بصلاته باعتبار أنه لا ينطبق عليه إلّا قراءة القرآن. نعم مع ذلك إذا نوى به الخطاب مع غيره تعالى أيضا لكان مبطلا لصلاته كما مرّ.

(1) بل الأظهر ذلك و سوف يأتى وجهه في المسألة القادمة.

(2) قد مرّ الاشكال بل المنع في كفاية قصد القرآنية أو الدعاء بالخطاب مع الغير حيث أن القرآن أو الدعاء أو الذكر إنما يكفي شريطة أن لا يخاطب به غير اللّه تعالى، هذا من ناحيه، و من ناحية أخرى إذا سلم على المصلي مسلم فالأظهر هو‌

 

354
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 18 لو قال المسلمعليكم السلام فالأحوط في الجواب أن يقولسلام عليكم بقصد القرآنية ص 354

..........

______________________________
اعتبار التطابق بين السلام و جوابه و ذلك لأنه مقتضى الجمع بين الروايات، حيث أن مقتضى صحيحة محمد بن مسلم أن يرد الجواب بصيغة (السلام عليك)، و مقتضى موثقة سماعة أن يرد الجواب بصيغة (سلام عليكم) و مقتضى صحيحتي محمد بن مسلم و منصور اعتبار المطابقة بين السلام و جوابه، حيث أن الوارد في الأولى قوله عليه السّلام: (نعم مثل ما قيل له ...) «1» و في الثانية قوله عليه السّلام: (كما قال ...) «2» و على هذا فاطلاق كل من الرواية الأولى و الثانية في تعين الجواب بالصيغة المذكورة فيها ناشي من عدم ذكر عدل لها، و عليه فلا بد من تقييد اطلاق كل واحدة منهما بنص الأخرى فالنتيجة هي كفاية الجواب باحدى الصيغتين.

ثم ان الروايتين الأخيرتين ظاهرتان في اعتبار المماثلة في تمام الخصوصيات فإن حملها على المماثلة في الذات فقط خلاف الظاهر، و على أساس ذلك فتكون نسبتهما الى الروايتين الأوليين نسبة المقيد إلى المطلق باعتبار أنهما تدلان على أن السلام على المصلي بأية صيغة كانت فالجواب منه أيضا لا بد أن يكون بتلك الصيغة و بذلك ترفع اليد عن اطلاق الروايتين الأوليين، فالنتيجة أن الأظهر هو اعتبار المماثلة بين السلام على المصلي و جوابه في جميع الخصوصيات من التعريف و التنكير و الافراد و الجمع، و أما إذا سلّم على المصلي بصيغة (عليكم السلام) أو (عليك السلام) فالظاهر أن عليه أن يجيب عنها بمثلها مقدما كلمة (عليكم أو عليك) على كلمة (السلام) بمقتضى اطلاق الروايتين الأخيرتين. و دعوى أن الجواب بصيغة (عليكم السلام) منهي عنه في موثقة سماعة و هي قوله عليه السّلام: (و لا يقول: و عليكم السلام ...) «3» مدفوعة بأن تعليل هذا النهي بفعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دليل على عدم التحريم، غاية الأمر انه أقل مرتبة من تقديم كلمة (السلام) على كلمة (عليكم أو عليك).

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 16 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 7 باب: 16 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 3.

(3) الوسائل ج 7 باب: 16 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 2.

 

355
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 لو سلم بالملحون وجب الجواب صحيحا ص 356

[مسألة 19: لو سلّم بالملحون وجب الجواب صحيحا]

[1720] مسألة 19: لو سلّم بالملحون وجب الجواب صحيحا (1)، و الأحوط قصد الدعاء أو القرآن.

[مسألة 20: لو كان المسلّم صبيا مميزا أو نحوه أو امرأة أجنبية أو رجلا أجنبيا على امرأة تصلي فلا يبعد بل الأقوى جواز الرد]

[1721] مسألة 20: لو كان المسلّم صبيا مميزا أو نحوه أو امرأة أجنبية أو رجلا أجنبيا على امرأة تصلي فلا يبعد بل الأقوى جواز الرد بعنوان ردّ التحية، لكن الأحوط قصد القرآن أو الدعاء.

[مسألة 21: لو سلّم على جماعة منهم المصلي فرد الجواب غيره لم يجز له الرد]

[1722] مسألة 21: لو سلّم على جماعة منهم المصلي فرد الجواب غيره لم يجز له الرد، نعم لو ردّه صبي مميز ففي كفايته إشكال (2)، و الأحوط ردّ المصلي بقصد القرآن أو الدعاء (3).

[مسألة 22: إذا قال: «سلام» بدون «عليكم» وجب الجواب في الصلاة إما بمثله]

[1723] مسألة 22: إذا قال: «سلام» بدون «عليكم» وجب الجواب في الصلاة إما بمثله (4) و يقدّر «عليكم» و إما بقوله: «سلام عليكم» و الأحوط

______________________________
(1) في الوجوب اشكال بل منع، فانه ان صدقت على الملحون صيغة السلام فبإمكان المصلي أن يجيب بنفس هذه الصيغة ملحونة، كما أنّه بامكانه أن يجيب بها صحيحة لصدق المماثلة على كلا التقديرين. و أما وجوب المماثلة حتى في اللحن فليس بامكاننا اثباته لأنّ دعوى انصراف الروايتين عن اعتبار المماثلة حتى في اللحن غير بعيدة، و إذا لم تصدق عليه لم يجب الجواب.

(2) الأظهر عدم الكفاية لأنّ قيام غير الواجب مقام الواجب و اجزائه عن المكلف بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه، فإذن مقتضى القاعدة عدم كفاية رده، و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط هو الجمع بين الرد و اعادة الصلاة.

(3) تقدم عدم كفاية قصد القرآن أو الدعاء إذا كان مخاطبا به غير اللّه تعالى، و به يظهر الحال في جملة من المسائل الآتية.

(4) هذا هو الأظهر لما مرّ من اعتبار المماثلة بين السلام و جوابه حتى في التعريف و التنكير و نحوهما فضلا عن المقام. و دعوى أن مقتضى اطلاق موثقة‌

 

356
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 إذا قال سلام بدون عليكم وجب الجواب في الصلاة إما بمثله ص 356

الجواب كذلك بقصد القرآن أو الدعاء.

[مسألة 23: إذا سلّم مرات عديدة يكفي في الجواب مرة]

[1724] مسألة 23: إذا سلّم مرات عديدة يكفي في الجواب مرة، نعم لو أجاب ثم سلّم يجب جواب الثاني أيضا و هكذا إلا إذا خرج عن المتعارف فلا يجب الجواب حينئذ.

[مسألة 24: إذا كان المصلي بين جماعة فسلّم واحد عليهم و شك المصلي في أن المسلّم قصده أيضا أم لا]

[1725] مسألة 24: إذا كان المصلي بين جماعة فسلّم واحد عليهم و شك المصلي في أن المسلّم قصده أيضا أم لا لا يجوز له الجواب، نعم لا بأس به بقصد القرآن أو الدعاء.

[مسألة 25: يجب جواب السلام فورا]

[1726] مسألة 25: يجب جواب السلام فورا فلو أخّر عصيانا أو نسيانا بحيث يخرج عن صدق الجواب لم يجب، و إن كان في الصلاة لم يجز، و إن شك في الخروج عن الصدق وجب و إن كان في الصلاة (1)، لكن

______________________________
سماعة و صحيحة محمد بن مسلم تعين الجواب بصيغة (سلام عليكم) «1» و (السلام عليك) «2» و إن كان السلام بصيغة (سلام) فحسب، خاطئة، فإن ما دل على اعتبار المماثلة بينهما و هو الروايتان الأخيرتان قد مرّ أنّه يقيد بهما اطلاقهما بما إذا كان السلام و جوابه متماثلين.

(1) في الوجوب اشكال بل منع و ذلك لأنّ جواب السلام الذي هو متمثل في ردّ التحية متقوم عرفا بالارتباط بها على نحو يعد عرفا جوابا لها، فإذا شككنا في أنّ هذا الردّ جواب و ردّ لها فليس بإمكاننا احراز ذلك، و بما أن مرجع الشك في الخروج عن الصدق إلى ذلك فلا يمكن احرازه و إن كانت الشبهة موضوعية بأن يعلم أن مقدار خروج الجواب عن كونه ردا للتحية نصف دقيقة و شك في انقضائه فحينئذ و إن جرى استصحاب عدم انقضائه إلّا أنّه لا يثبت كون هذا الجواب جوابا لها إلّا على القول بالأصل المثبت. و من هنا يظهر حال ما إذا كانت الشبهة مفهومية كما إذا لم يعلم أن الزمان الذي يخرج الجواب عن كونه جوابا لها نصف دقيقة أو‌

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 16 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 2.

(2) الوسائل ج 7 باب: 16 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 1.

 

357
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 25 يجب جواب السلام فورا ص 357

الأحوط حينئذ قصد القرآن أو الدعاء.

[مسألة 26: يجب إسماع الرد]

[1727] مسألة 26: يجب إسماع الرد سواء أ كان في الصلاة أم لا (1) إلا إذا سلّم و مشى سريعا أو كان المسلّم أصم فيكفي الجواب على المتعارف

______________________________
دقيقة واحدة، فإذن مقتضى الأصل العملي في المسألة هو البراءة.

(1) وجوب الاسماع مطلقا حتى في الصلاة لا يخلو عن اشكال، و أما في غير الصلاة فعمدة الدليل على وجوبه هي أن رد التحية متقوم في مفهومه بالايصال و الابلاغ و لا يكون ذلك الا بالاسماع، و لكن هذا الدليل لا يبتني على أساس نكتة عرفية مبنية حتى يمكن الاعتماد عليه بل هو مجرد دعوى في أن مفهوم رد التحية و جوابها متقوم بالايصال و الابلاغ، و من المعلوم أن الدعوى المجردة لا قيمة لها مع أنها تنافي الاكتفاء بالاسماع التقديري، فلو كان الاسماع داخلا في مفهوم رد التحية لم يكن الاكتفاء بالتقديري لعدم الصدق، و من هنا يكون الاسماع من باب الحكمة لوجوب الرد لا العلة. نعم قد يستدل على ذلك بروايتين:

احداهما رواية ابن القداح، و الاخرى رواية عبد اللّه بن الفضل الهاشمي، و لكن كلتا الروايتين ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليهما.

فالنتيجة أن مسألة وجوب الاسماع مبنية على الاحتياط.

و أما في الصلاة فقد دل قوله عليه السّلام في صحيحة منصور بن حازم: (ترد عليه خفيا ...) «1» و منها قوله عليه السّلام في موثقة عمار: (فرد عليه فيما بينك و بين نفسك و لا ترفع صوتك ...) «2» فإنهما و إن كانا ظاهرين في وجوب الاخفات، و لكن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي عدم وجوب الاخفات، فإن العرف لا يفهم منهما الوجوب و حرمة رفع الصوت باعتبار أن الأمر بالخفت في الأول و النهي عن الجهر في الثاني واردان في مقام توهم وجوب رفع الصوت، و حينئذ فبإمكان المصلي أن يرد الجواب خفيا، كما ان بامكانه أن يرده جهرا.

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 16 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 3.

(2) الوسائل ج 7 باب: 16 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 4.

 

358
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 26 يجب إسماع الرد ص 358

بحيث لو لم يبعد أو لم يكن أصم كان يسمع.

[مسألة 27: لو كانت التحية بغير لفظ السلام كقوله: «صبّحك اللّه بالخير» أو «مسّاك اللّه بالخير» لم يجب الرد]

[1728] مسألة 27: لو كانت التحية بغير لفظ السلام كقوله: «صبّحك اللّه بالخير» أو «مسّاك اللّه بالخير» لم يجب الرد، و إن كان هو الأحوط، و لو كان في الصلاة فالأحوط الرد بقصد الدعاء (1).

[مسألة 28: لو شك المصلي في أن المسلّم سلم بأي صيغة فالأحوط أن يرد بقوله: «سلام عليكم» بقصد القرآن أو الدعاء]

[1729] مسألة 28: لو شك المصلي في أن المسلّم سلم بأي صيغة فالأحوط (2) أن يرد بقوله: «سلام عليكم» بقصد القرآن أو الدعاء.

[مسألة 29: يكره السلام على المصلي]

[1730] مسألة 29: يكره السلام على المصلي.

[مسألة 30: رد السلام واجب كفائي]

[1731] مسألة 30: رد السلام واجب كفائي، فلو كان المسلّم عليهم جماعة يكفي رد أحدهم، و لكن الظاهر عدم سقوط الاستحباب بالنسبة إلى الباقين، بل الأحوط رد كل من قصد به، و لا يسقط برد من لم يكن داخلا في تلك الجماعة أو لم يكن مقصودا، و الظاهر عدم كفاية رد الصبي المميز

______________________________
(1) قد مرّ أن قصد الدعاء لا يكفي إذا كان الخطاب مع غير اللّه تعالى، هذا اضافة إلى أنّه لا دليل على وجوب الرد إذا لم تكن التحية بصيغة (السلام) حتى في حال غير الصلاة، لأنّ الآية الشريفة لو لم تكن ظاهرة في أنّ المراد من التحية فيها خصوص (السلام) لم تكن ظاهرة في الأعم، و أما في حال الصلاة فقد نصت صحيحة محمد بن مسلم على عدم الوجوب.

(2) في الاحتياط اشكال و الظاهر ان بامكان المصلي أن يرد الجواب به و بغيره من صيغ السلام و ذلك لأنّ صحيحتي محمد بن مسلم و منصور الدالتين على اعتبار المماثلة بين السلام و جوابه ظاهرتان في اختصاص ذلك بحال علم المصلي بما سلم عليه من الصيغة و لا تدلان على اعتبارها مطلقا، و عليه فهما تقيدان اطلاق الروايات الدالة على عدم اعتبار المماثلة بينهما بغير حال العلم به، فإذن يكون المرجع في المقام هو اطلاق تلك الروايات.

 

359
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 30 رد السلام واجب كفائي ص 359

أيضا (1)، و المشهور على أن الابتداء بالسلام أيضا من المستحبات الكفائية، فلو كان الداخلون جماعة يكفي سلام أحدهم، و لا يبعد بقاء الاستحب‌اب بالنسبة إلى الباقين أيضا و إن لم يكن مؤكدا.

[مسألة 31: يجوز سلام الأجنبي على الأجنبية و بالعكس على الأقوى]

[1732] مسألة 31: يجوز سلام الأجنبي على الأجنبية و بالعكس على الأقوى إذا لم يكن هناك ريبة أو خوف فتنة، حيث إن صوت المرأه من حيث هو ليس عورة.

[مسألة 32: مقتضى بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلا لضرورة]

[1733] مسألة 32: مقتضى بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلا لضرورة، لكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة، و إن سلّم الذمي على مسلم فالأحوط الرد بقوله: «عليك» (2) أو بقوله: «سلام» دون عليك.

[مسألة 33: المستفاد من بعض الأخبار أنه يستحب أن يسلّم الراكب على الماشي]

[1734] مسألة 33: المستفاد من بعض الأخبار أنه يستحب (3) أن يسلّم الراكب على الماشي، و أصحاب الخيل على أصحاب البغال، و هم على أصحاب الحمير، و القائم على الجالس، و الجماعة القليلة على الكثيرة، و الصغير على الكثير، و من المعلوم أن هذا مستحب في مستحب و إلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضا.

[مسألة 34: إذا سلّم سخرية أو مزاحا فالظاهر عدم وجوب رده]

[1735] مسألة 34: إذا سلّم سخرية أو مزاحا فالظاهر عدم وجوب رده.

[مسألة 35: إذا سلّم على أحد شخصين و لم يعلم أنه أيهما أراد]

[1736] مسألة 35: إذا سلّم على أحد شخصين و لم يعلم أنه أيهما أراد لا

______________________________
(1) هذا ينافي ما ذكره قدّس سرّه من الاشكال في كفاية ردّ الصبي المميّز في المسألة (21) و الصحيح ما ذكره هنا بخلاف ما ذكره هناك كما مرّ.

(2) بل هو المتعين بمقتضى صحيحة زرارة و معتبرة محمد بن مسلم، و أما الردّ بقوله: سلام، فقد ورد في رواية لم تتم سندا.

(3) فيه أن ثبوت الاستحباب كذلك مبني على تمامية قاعدة التسامح في ادلة السنن و هي غير تامة.

 

360
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 35 إذا سلم على أحد شخصين و لم يعلم أنه أيهما أراد ص 360

يجب الرد على واحد منهما، و إن كان الأحوط في غير حال الصلاة الرد من كل منهما.

[مسألة 36: إذا تقارن سلام شخصين كل على الآخر وجب على كل منهما الجواب]

[1737] مسألة 36: إذا تقارن سلام شخصين كل على الآخر وجب على كل منهما الجواب و لا يكفي سلامه الأول لأنه لم يقصد الرد بل الابتداء بالسلام.

[مسألة 37: يجب جواب سلام قارئ التعزية و الواعظ و نحوهما من أهل المنبر]

[1738] مسألة 37: يجب جواب سلام قارئ التعزية و الواعظ و نحوهما من أهل المنبر، و يكفي رد أحد المستمعين.

[مسألة 38: يستحب الرد بالأحسن في غير حال الصلاة]

[1739] مسألة 38: يستحب الرد بالأحسن في غير حال الصلاة بأن يقول في جواب «سلام عليكم»: «سلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته»، بل يحتمل ذلك فيها أيضا و إن كان الأحوط الرد بالمثل (1).

[مسألة 39: يستحب للعاطس و لمن سمع عطسة الغير و إن كان في الصلاة أن يقول: «الحمد للّه»]

[1740] مسألة 39: يستحب للعاطس و لمن سمع عطسة الغير و إن كان في الصلاة أن يقول: «الحمد للّه» أو يقول: «الحمد للّه و صلّى اللّه على محمد و آله» بعد أن يضع إصبعه على أنفه، و كذا يستحب تسميت العاطس بأن يقول له: «يرحمك اللّه» أو «يرحمكم اللّه» و إن كان في الصلاة، و إن كان الأحوط الترك حينئذ (2)، و يستحب للعاطس كذلك أن يرد التسميت بقوله:

«يغفر اللّه لكم».

[السادس تعمد القهقهة]

السادس تعمد القهقهة و لو اضطرارا، و هي الضحك المشتمل على الصوت و المد و الترجيع بل مطلق الصوت على الأحوط (3)، و لا بأس بالتبسم و لا

______________________________
(1) بل هو الأظهر كما مرّ في المسألة (18).

(2) بل هو الأقوى لما مرّ من أن المتكلم إذا نوى بالدعاء المخاطبة مع غيره تعالى لم يكن داخلا في المستثنى فيكون مبطلا للصلاة.

(3) بل على الأظهر إذا صدقت القهقهة عليه عرفا، و إلا لم يكن قاطعا‌

 

361
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

السادس تعمد القهقهة ص 361

بالقهقهة سهوا، نعم الضحك المشتمل على الصوت تقديرا كما لو امتلأ جوفه ضحكا و احمرّ وجهه لكن منع نفسه من إظهار الصوت حكمه حكم القهقهة (1).

______________________________
للصلاة لأنّ القاطع كما في صحيحة زرارة و معتبرة سماعة إنما هو القهقهة حيث قد نص في الأولى بقوله عليه السّلام: (القهقهة لا تنقض الوضوء و تنقض الصلاة) «1» و في الثانية بقوله عليه السّلام: (و أما القهقهة فهي تقطع الصلاة ...) «2» و أما إذا شك فيها فتارة يكون من جهة الشبهة المفهومية و أخرى من جهة الشبهة الموضوعية، فعلى الأول و إن كان الشك في مفهومها سعة و ضيقا إلّا أن مرجعه إلى الشك في الأقل و الأكثر، فإن قاطعية الأقل معلومة و الشك إنما هو في قاطعية الأكثر، و المرجع فيه اصالة البراءة بناء على ما هو الصحيح من أن المرجع في كبرى مسألة الأقل و الأكثر الارتباطيين هو اصالة البراءة.

و على الثاني فالشك في أن ما صدر من المصلي أثناء الصلاة هل هو قهقهة أو لا؟ يرجع إلى الشك في قاطعية الموجود و ناقضيته، و المرجع فيه اصالة البراءة عنها، أو استصحاب عدم جعلها له، و من هنا يظهر حال ما إذا كان الشك في أصل صدور القاطع منه.

فالنتيجة إن ما ذكره الماتن قدّس سرّه من الاحتياط لا وجه له اصلا.

(1) فيه اشكال بل منع، فإن ما يبطل الصلاة إنما هو مرتبة خاصة من الضحك و هي ما ينطبق عليها عنوان القهقهة، و أما سائر مراتبه التي لا ينطبق عليه هذا العنوان فلا دليل على أنها مبطلة، و بما أنّ القهقهة لا تصدق على الضحك في الجوف و ان امتلأ ما دام المصلي مسيطرا على نفسه و مانعا من بروز صوته في الخارج فلا يكون مبطلا. و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أن الضحك بتمام مراتبه مانع عن الصلاة إلّا أن الظاهر من الروايات هو الضحك الفعلي فلا يعم الضحك‌

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 7 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 7 باب: 7 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 2.

 

362
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

السابع تعمد البكاء المشتمل على الصوت ص 363

[السابع: تعمد البكاء المشتمل على الصوت]

السابع: تعمد البكاء المشتمل على الصوت (1) بل و غير المشتمل عليه على الأحوط لأمور الدنيا، و أما البكاء للخوف من اللّه و لأمور الآخرة فلا بأس به بل هو من أفضل الأعمال، و الظاهر أن البكاء اضطرارا أيضا مبطل.

نعم لا بأس به إذا كان سهوا، بل الأقوى عدم البأس به إذا كان لطلب أمر دنيوي من اللّه فيبكي تذللا له تعالى ليقضي حاجته.

[الثامن: كل فعل ماح لصورة الصلاة قليلا كان أو كثيرا كالوثبة و الرقص و التصفيق و نحو ذلك مما هو مناف للصلاة]

الثامن: كل فعل ماح لصورة الصلاة قليلا كان أو كثيرا كالوثبة و الرقص و التصفيق و نحو ذلك مما هو مناف للصلاة (2)، و لا فرق بين

______________________________
التقديري.

(1) على الأحوط وجوبا حيث انه لا دليل على بطلان الصلاة به، أما الرواية الدالة على التفصيل بين أن يكون الدافع إلى البكاء أمرا دنيويا أو أمرا دينيا، و على الأول تبطل الصلاة به دون الثاني، فهي ضعيفة سندا، فلا يمكن الاعتماد عليها.

و أما الاجماع فهو غير ثابت، و على تقدير ثبوته فهو غير كاشف على أساس احتمال أن يكون مدرك الحكم في المسألة هو الرواية المذكورة، فإذن ليس إلّا كون المسألة مشهورة بين الاصحاب فتوى، و بما أنّ فتواهم تطابق مضمون الرواية من التفصيل بين البكاء للدين أو للدنيا فيعلم ان مدركهم تلك الرواية، فإذن تسقط الشهرة عن القيمة نهائيا.

(2) في كون التصفيق بتمام مراتبه ماحيا لصورة الصلاة اشكال بل منع، إذ أن بعض مراتبه لا يكون ماحيا لها جزما، و من هنا قد ورد في صحيحة الحلبي جواز تصفيق المرأة في حال الصلاة إذا ارادت الحاجة.

فالنتيجة ان كل تصرف و فعل من المصلي إذا كان ماحيا لاسم الصلاة فهو مبطل لها بلا فرق بين أن يكون متعمدا أو غير متعمد، مضطرا أو غير مضطر، و أما ما‌

 

363
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

الثامن كل فعل ماح لصورة الصلاة قليلا كان أو كثيرا كالوثبة و الرقص و التصفيق و نحو ذلك مما هو مناف للصلاة ص 363

العمد و السهو، و كذا السكوت الطويل الماحي، و أما الفعل القليل الغير الماحي بل الكثير الغير الماحي فلا بأس به مثل الإشارة باليد لبيان مطلب و قتل الحية و العقرب و حمل الطفل و ضمه و إرضاعه عند بكائه و عدّ الركعات بالحصى و عدّ الاستغفار في الوتر بالسبحة و نحوها مما هو مذكور في النصوص، و أما الفعل الكثير أو السكوت الطويل المفوّت للموالاة بمعنى المتابعة العرفية إذا لم يكن ماحيا للصورة فسهوه لا يضر، و الأحوط الاجتناب عنه عمدا.

[التاسع: الأكل و الشرب الماحيان للصورة]

التاسع: الأكل و الشرب الماحيان للصورة فتبطل الصلاة بهما عمدا كانا أو سهوا، و الأحوط الاجتناب عما كان منهما مفوّتا للموالاة العرفية عمدا (1)، نعم لا بأس بابتلاع بقايا الطعام الباقية في الفم أو بين الأسنان، و كذا بابتلاع قليل من السكر الذي يذوب و ينزل شيئا فشيئا، و يستثنى أيضا ما ورد في النص بالخصوص من جواز شرب الماء لمن كان مشغولا بالدعاء في صلاة الوتر و كان عازما على الصوم في ذلك اليوم و يخشى

______________________________
لا يكون ماحيا له فهو يتبع الدليل، فان دل دليل على بطلان الصلاة به فهو و إلّا فلا يكون مبطلا.

(1) بل هو الأقوى و ذلك باعتبار أن الموالاة العرفية مقومة لصورة الصلاة، و مع انتفائها تذهب صورة الصلاة، فإذن لا صلاة. و أما الأكل أو الشرب بعنوانه فلا دليل على أنّه مبطل في مقابل الفعل الماحي لصورة الصلاة.

فالنتيجة أن الأكل أو الشرب إذا كان منافيا لصورة الصلاة عرفا على نحو لم يعد أنه مشغول بها فهو مبطل لا بعنوانه، بل من جهة أنه يمحو صورتها و اسمها، و حينئذ فلا خصوصية لهما، فإن كل فعل إذا كان ماحيا لها فهو مبطل، و أما إذا لم يكن منافيا لها عرفا فلا يكون مبطلا لعدم الدليل.

 

364
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

التاسع الأكل و الشرب الماحيان للصورة ص 364

مفاجأة الفجر و هو عطشان و الماء أمامه و محتاج إلى خطوتين أو ثلاثة، فإنه يجوز له التخطي و الشرب حتى يروى و إن طال زمانه إذا لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة حتى إذا أراد العود إلى مكانه رجع القهقرى لئلا يستدبر القبلة، و الأحوط الاقتصار على الوتر المندوب، و كذا على خصوص شرب الماء فلا يلحق به الأكل و غيره، نعم الأقوى عدم الاقتصار على الوتر و لا على حال الدعاء فيلحق به مطلق النافلة و غير حال الدعاء و إن كان الأحوط الاقتصار.

[العاشر: تعمد قول آمين بعد تمام الفاتحة]

العاشر: تعمد قول آمين بعد تمام الفاتحة (1) لغير ضرورة من غير

______________________________
(1) في بطلان الصلاة به مطلقا اشكال بل منع لأنّ عمدة الدليل على ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة جميل: (إذا كنت خلف امام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل انت: الحمد لله ربّ العالمين و لا تقل آمين ...) «1» بدعوى أن النهي عن التأمين في الصلاة ظاهر في الارشاد الى مانعيته عنها مطلقا و إن لم ينو المصلي كونه منها.

و لكن للمناقشة في اطلاقها مجال فإن الظاهر منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو أن النهي عنه ناظر إلى ما هو المرتكز في أذهان العامة من الاتيان به بقصد الجزئية إذ احتمال أن الشارع نهى المصلي عنه مطلقا و إن كان ناويا به الدعاء فهو بعيد جدا و لا مبرر له.

و إن شئت قلت: أن الصحيحة لو لم تكن ظاهرة في ذلك عرفا فلا شبهة في أنها غير ظاهرة في أن كلمة (آمين) مانعة عن الصلاة مطلقا و إن كان المصلي ناويا بها الدعاء، فتكون مجملة فيؤخذ بالمتيقن منها و هو المانعية فيما إذا أتى بها على أساس أنها من الصلاة دون ما إذا أتى بها على أساس أنها دعاء. و أما قوله عليه السّلام في صحيحته الأخرى: (ما أحسنها و اخفض الصوت بها ...) «2» فهو و إن كان يدل على جواز القول بها إلّا أنه مع ذلك لا يصلح أن يكون معارضا لصحيحته المتقدمة،

______________________________
(1) الوسائل ج 6 باب: 17 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 6 باب: 17 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث: 5.

 

365
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

العاشر تعمد قول آمين بعد تمام الفاتحة ص 365

فرق بين الإجهار به و الإسرار للإمام و المأموم و المنفرد، و لا بأس به في غير المقام المزبور بقصد الدعاء، كما لا بأس به مع السهو و في حال الضرورة، بل قد يجب معها، و لو تركها أثم لكن تصح صلاته على الأقوى.

[الحادي عشر: الشك في ركعات الثنائية و الثلاثية و الاوليين من الرباعية]

الحادي عشر: الشك في ركعات الثنائية و الثلاثية و الاوليين من الرباعية على ما سيأتي.

[الثاني عشر: زيادة جزء أو نقصانه عمدا إن لم يكن ركنا]

الثاني عشر: زيادة جزء أو نقصانه عمدا إن لم يكن ركنا، و مطلقا إن كان ركنا (1).

[مسألة 40: لو شك بعد السلام في أنه هل أحدث في أثناء الصلاة أم لا]

[1741] مسألة 40: لو شك بعد السلام في أنه هل أحدث في أثناء الصلاة أم لا بنى على العدم و الصحة.

[مسألة 41: لو علم بأنه نام اختيارا و شك في أنه هل أتم الصلاة ثم نام أو نام في أثنائها]

[1742] مسألة 41: لو علم بأنه نام اختيارا و شك في أنه هل أتم الصلاة ثم نام أو نام في أثنائها بنى على أنه أتم ثم نام (2)، و أما إذا علم بأنه غلبه النوم

______________________________
و هذا لا من جهة أنه محمول على التقية إذ لو كان محمولا على التقية فلا معنى للأمر بخفض الصوت بها، بل كان المناسب هو الأمر بالمتابعة لهم، بل من جهة أن الأمر بخفض الصوت بها بعد قوله عليه السّلام: (ما أحسنها ...) ظاهر في أنه مبني على نكتة أخرى و هي أن كلمة (آمين) ليست من الصلاة لأنّ مجموع الجملتين يدل على ذلك، فالأمر بخفض الصوت بعد قوله عليه السّلام: (ما أحسنها ...) كناية عن أنه لم يأت بها بنية أنها من الصلاة، فإذن ليس في المسألة إلّا دعوى الاجماع و الشهرة و لكن لا أثر لها على أساس احتمال أن مدركها الروايات التي عمدتها صحيحة جميل المتقدمة.

(1) في اطلاقه اشكال بل منع فإن التكبيرة ركن و مع ذلك لا تكون زيادتها السهوية موجبة للبطلان.

(2) فيه اشكال بل منع، و الأظهر اعادة الصلاة لما ذكرناه في الأصول من أن‌

 

366
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 41 لو علم بأنه نام اختيارا و شك في أنه هل أتم الصلاة ثم نام أو نام في أثنائها ص 366

..........

______________________________
قاعدة التجاوز بما أنها من القواعد العقلائية التي لا يمكن أن يلتزم العقلاء بها على أساس التعبد المحض فلا محالة يكون التزامهم بها مبنيا على نكتة متوفرة فيها و هي اماريتها و كاشفيتها النوعية عن الواقع، و من هنا قلنا أن حجيتها شرعا إنما هي على أساس هذه النكتة و تدور مدارها، و من المعلوم أن هذه النكتة النوعية إنما تتوفر فيما إذا كان المصلي في مقام الامتثال و شك في أنه ترك جزءا أو شرطا في صلاته بعد تجاوز مكانه المقرر له شرعا فإنه في مثل ذلك لا يحتمل أن يكون تاركا له عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي لأنّه خلف الفرض، و احتمال أن يكون تاركا له سهوا و غفلة خلاف الأصل الأولى فلا يعتنى به فإذا تحققت هذه الحالة له حكم الشارع بعدم الاعتناء بالشك و البناء على أنه أتى به في مكانه، و هذا بخلاف المقام فإن المصلي يعلم بانه قد نام باختياره و لكن شك في انه كان في أثناء الصلاة عامدا و ملتفتا إلى الحال و قبل أن يتمها، أو نام بعد اتمامها، ففي مثل ذلك لم يقم بناء من العقلاء على أنّه نام بعد اتمام الصلاة، و النكتة فيه أن هذه الحالة حالة فردية لا نوعية لأنّها قد تتفق في فرد بسبب من الأسباب كعدم المبالاة بالدين أو اقتضاء حاجة لها كغلبة النوم أو ما شاكلها. و من المعلوم أنه ليس فيها ما يصلح أن يوجب الوثوق و الاطمئنان بالعدم نوعا.

و إن شئت قلت: أن هذه الحالة تختلف عن الحالة الأولى في نقطتين ..

الأولى: أنها حالة فردية قد تتفق بالنسبة إلى بعض افراد المكلف دون الحالة الأولى.

و الأخرى: أن منشأ هذه الحالة يختلف باختلاف الافراد و الموارد، فقد يكون منشأها عدم المبالاة بالدين، و قد يكون اقتضاء الحاجة لها، و أما منشأ الحالة الأولى فإنه واحد بالنسبة إلى تمام المكلفين و هو احتمال الغفلة و السهو، و حيث‌

 

367
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 41 لو علم بأنه نام اختيارا و شك في أنه هل أتم الصلاة ثم نام أو نام في أثنائها ص 366

قهرا و شك في أنه كان في أثناء الصلاة أو بعدها وجب عليه الإعادة، و كذا إذا رأى نفسه نائما في السجدة و شك في أنها السجدة الأخيرة من الصلاة أو سجدة الشكر بعد إتمام الصلاة، و لا يجزي قاعدة الفراغ في المقام.

[مسألة 42: إذا كان في أثناء الصلاة في المسجد فرأى نجاسة فيه]

[1743] مسألة 42: إذا كان في أثناء الصلاة في المسجد فرأى نجاسة فيه فإن كانت الإزالة موقوفة على قطع الصلاة أتمها ثم أزال النجاسة (1)، و إن أمكنت بدونه بأن لم يستلزم الاستدبار و لم يكن فعلا كثيرا موجبا لمحو الصورة وجبت الإزالة ثم البناء على صلاته.

[مسألة 43: ربما يقال بجواز البكاء على سيد الشهداء- أرواحنا فداه- في حال الصلاة]

[1744] مسألة 43: ربما يقال بجواز البكاء على سيد الشهداء- أرواحنا فداه- في حال الصلاة، و هو مشكل (2).

______________________________
أن هذا الاحتمال يكون على خلاف طبيعة الانسان الملتفت فمن أجل ذلك يكون ضعيفا نوعا، و على هذا الأساس تكون هذه الحالة امارة نوعية لدى العقلاء و قد نص الشارع بتقريرها و امضائها في ضمن النصوص التشريعية. و أما الحالة الثانية فبما أن منشأها يختلف باختلاف افراد المكلف فيكون كل واحد منهم موظف بالرجوع إلى نفسه عند طروّ هذه الحالة عليه، فإن اطمأن باتمام العمل فهو و إلّا فعليه الاعادة و ليس لها ضابط كلي بالنسبة إلى الجميع، فمن أجل ذلك لا تكون مشمولة لنصوص قاعدة التجاوز.

(1) هذا إذا لم يكن في تأخير الازالة هتك لحرمة المسجد و إلّا وجب قطع الصلاة و ازالة النجاسة عنه ثم استيناف الصلاة من جديد، هذا كله في سعة الوقت، و اما في ضيق الوقت فلا شبهة في وجوب اتمام الصلاة أولا ثم الازالة.

(2) تقدم أن مبطلية البكاء للصلاة مبنية على الاحتياط، و على هذا فالبكاء على سيّد الشهداء عليه السّلام إذا كان لأجل الدين و التقرب به إلى اللّه تعالى لم يكن مبطلا. نعم إذا كان لأجل الدنيا فالاشكال في محله.

 

368
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 44 إذا أتى بفعل كثير أو بسكوت طويل و شك في بقاء صورة الصلاة و محوها معه فلا يبعد البناء على البقاء ص 369

[مسألة 44: إذا أتى بفعل كثير أو بسكوت طويل و شك في بقاء صورة الصلاة و محوها معه فلا يبعد البناء على البقاء]

[1745] مسألة 44: إذا أتى بفعل كثير أو بسكوت طويل و شك في بقاء صورة الصلاة و محوها معه فلا يبعد البناء على البقاء، لكن الأحوط الإعادة بعد الإتمام (1).

______________________________
(1) بل الاعادة هي الأظهر و ذلك لأنّه ليس في المقام ما يمكن تبرير الحكم بصحة الصلاة في المسألة إلّا استصحاب بقاء صورتها و هيئتها الاتصالية، و لكن من المعلوم أن هذا الاستصحاب لا يجري في نفسه إلّا على القول بالأصل المثبت، فإن موضوع الحكم بالصحة هو التحاق الاجزاء اللاحقة بالأجزاء السابقة و اتصالها بها فعلا و هو لا يترتب عليه.

 

369
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في المكروهات في الصلاة ص 370

[فصل في المكروهات في الصلاة]

فصل في المكروهات في الصلاة و هي امور:

الأول: الالتفات بالوجه قليلا بل و بالعين و بالقلب.

الثاني: العبث باللحية أو بغيرها كاليد و نحوها.

الثالث: القران بين السورتين على الأقوى، و إن كان الأحوط الترك.

الرابع: عقص الرجل شعره، و هو جمعه و جعله في وسط الرأس و شدّه أو ليّه و إدخال أطرافه في اصوله، أو ضفره وليّه على الرأس، أو ضفره و جعله كالكبة في مقدم الرأس على الجبهة، و الأحوط ترك الكل، بل يجب ترك الأخير في ضفر الشعر حال السجدة.

الخامس: نفخ موضع السجود.

السادس: البصاق.

السابع: فرقعة الأصابع أي نقضها.

الثامن: التمطي.

التاسع: التثاؤب.

العاشر: الأنين.

الحادي عشر: التأوّه.

الثاني عشر: مدافعة البول و الغائط بل و الريح.

 

370
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في المكروهات في الصلاة ص 370

الثالث عشر: مدافعة النوم، ففي الصحيح: «لا تقم إلى الصلاة متكاسلا و لا متناعسا و لا متثقالا».

الرابع عشر: الامتخاط.

الخامس عشر: الصفد في القيام أي الإقران بين القدمين معا كأنهما في قيد.

السادس عشر: وضع اليد على الخاصرة.

السابع عشر: تشبيك الأصابع.

الثامن عشر: تغميض البصر.

التاسع عشر: لبس الخف أو الجورب الضيق الذي يضغطه.

العشرون: حديث النفس.

الحادي و العشرون: قص الظفر و الأخذ من الشعر و العض عليه.

الثاني و العشرون: النظر إلى نقش الخاتم و المصحف و الكتاب، و قراءته.

الثالث و العشرون: التورك بمعنى وضع اليد على الورك معتمدا عليه حال القيام.

الرابع و العشرون: الإنصات في أثناء القراءة أو الذكر ليسمع ما يقوله القائل.

الخامس و العشرون: كلّ ما ينافي الخشوع المطلوب في الصلاة.

[مسألة 1: لا بدّ للمصلي من اجتناب موانع قبول الصلاة]

[1746] مسألة 1: لا بدّ للمصلي من اجتناب موانع قبول الصلاة كالعجب و الدلال و منع الزكاة و النشوز و الإباق و الحسد و الكبر و الغيبة و أكل الحرام و شرب المسكر بل جميع المعاصي لقوله تعالى: إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة 5: 27).

 

371
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 قد نطقت الأخبار بجواز جملة من الأفعال في الصلاة و أنها لا تبطل بها ص 372

[مسألة 2: قد نطقت الأخبار بجواز جملة من الأفعال في الصلاة و أنها لا تبطل بها]

[1747] مسألة 2: قد نطقت الأخبار بجواز جملة من الأفعال في الصلاة و أنها لا تبطل بها، لكن من المعلوم أن الأولى الاقتصار على صورة الحاجة و الضرورة و لو العرفية، و هي: عدّ الصلاة بالخاتم و الحصى بأخذها بيده، و تسوية الحصى في موضع السجود، و مسح التراب عن الجبهة، و نفخ موضع السجود إذا لم يظهر منه حرفان، و ضرب الحائط أو الفخذ باليد لإعلام الغير أو إيقاظ النائم، و صفق اليدين لإعلام الغير، و الإيماء لذلك، و رمي الكلب و غيره بالحجر، و مناولة العصا للغير، و حمل الصبي و إرضاعه، و حك الجسد، و التقدم بخطوة أو خطوتين، و قتل الحية و العقرب و البرغوث و البقة و القملة و دفنها في الحصى، و حكّ خرء الطير من الثوب، و قطع الثآليل، و مسح الدماميل، و مسّ الفرج، و نزع السن المتحرك، و رفع القلنسوة و وضعها، و رفع اليدين من الركوع أو السجود لحك الجسد، و إدارة السبحة، و رفع الطرف إلى السماء، و حك النخامة من المسجد، و غسل الثوب أو البدن من القي‌ء و الرعاف.

 

372
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في حكم قطع الصلاة ص 373

[فصل في حكم قطع الصلاة]

فصل في حكم قطع الصلاة لا يجوز قطع صلاة الفريضة اختيارا (1)، و الأحوط عدم قطع النافلة

______________________________
(1) في عدم الجواز اشكال و إن كان هو الأحوط، اذ ليس في المسألة ما يمكن الاعتماد عليه حتى تطمئن به النفس في الافتاء بحرمة القطع تكليفا، لأنّ ما استدل به على الحرمة من الوجوه لا يتم، حيث انه بين ما يكون قاصرا في نفسه كالإجماع المدعى في المسألة و ما شاكله و ما يكون اجنبيا عن الدلالة على الحرمة كالآية الشريفة و الروايات.

أما الآية الشريفة فلأنّ الظاهر منها الارشاد الى عدم احداث المبطل و ايجاده بعد الفراغ من العمل و صحته بالعجب أو الرياء أو المن و الأذى كما في قوله تعالى:

(لٰا تُبْطِلُوا صَدَقٰاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذىٰ ...) و لا نظر لها إلى حرمة قطع العمل في الأثناء و من هنا لم يلتزموا بحرمة القطع في غير الصلاة من الأعمال الواجبة و العبادات المفترضة إلّا بدليل خاص.

و أما الروايات التي تنص على أن الصلاة تفتتح بالتكبيرة و تختتم بالتسليمة فلا تدل على حرمة قطعها بل لا اشعار فيها عليها فضلا عن الدلالة لأنّها في مقام بيان الجزء الأول من الصلاة و هو الذي تبدأ الصلاة به و الجزء الأخير منها و هو الذي تنتهي الصلاة بانتهائه و لا نظر لها إلى أن المصلي اذا بدأ فيها فهل يجوز له قطعها و استئنافها من جديد أو لا؟

 

373
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في حكم قطع الصلاة ص 373

..........

______________________________
و أما الروايات التي تنص على أن تحريم الصلاة بالتكبير و تحليلها بالتسليمة فهي تنص على حرمة قطعها إذا دخل فيها ما لم يخرج منها بالتسليم، فإن المصلي إذ كبر حرم عليه كل فعل ينافي اتمام الصلاة.

و الجواب .. أولا: أن هذه الروايات ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها.

و ثانيا: أن المراد من التحريم و التحليل فيها التحريم و التحليل الوضعيين لا التكليفيين، و محل الكلام في المسألة هو الثاني دون الأول. و أما قوله عليه السّلام في صحيحة حريز: (إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أو حية تتخوفها على نفسك فاقطع الصلاة فاتبع غلامك أو غريمك و اقتل الحيّة ...) «1» فقد يقال بدلالته على حرمة القطع على أساس دلالة القضية الشرطية على المفهوم. و قد أجيب بانها مسوقة لبيان تحقق الموضوع فلا مفهوم لها، فإن الموضوع فيها هو الكون في الفريضة و عدم القطع عند انتفائه من باب السالبة بانتفاء الموضوع.

و يرد عليه: أن القضية الشرطية في الصحيحة لم تكن مسوقة لبيان تحقق الموضوع لأنّ الموضوع فيها كون المصلي في صلاة الفريضة و الشرط هو تخوفه على نفسه أو ماله، فيكون مردها إلى أن المصلي إذا كان في صلاة الفريضة و خاف على نفسه أو ماله جاز له القطع و إن لم يخف لم يجز.

و الصحيح في المقام أن يقال: أن الحكم المعلق على الشرط في هذه القضية هو وجوب القطع مقدمة لحفظ النفس أو المال، و هذا يعني أن وجوب القطع وجوب ارشادي فيكون ارشادا إلى ما استقل به العقل و هو الحفاظ على النفس أو المال، و عليه فينتفي وجوب القطع عند انتفاء الشرط دون جوازه. فالنتيجة: انه‌

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 21 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 1.

 

374
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في حكم قطع الصلاة ص 373

أيضا و إن كان الأقوى جوازه، و يجوز قطع الفريضة لحفظ مال و لدفع ضرر مالي أو بدني كالقطع لأخذ العبد من الإباق أو الغريم من الفرار أو الدابة من الشراد و نحو ذلك، و قد يجب كما إذا توقف حفظ نفسه أو حفظ نفس محترمة أو حفظ مال يجب حفظه شرعا عليه، و قد يستحب كما إذا توقف حفظ مال مستحب الحفظ عليه و كقطعها عند نسيان الأذان و الإقامة إذا تذكر قبل الركوع، و قد يجوز كدفع الضرر المالي الذي لا يضره تلفه، و لا يبعد كراهته لدفع ضرر مالي يسير، و على هذا فينقسم إلى الأقسام الخمسة.

[مسألة 1: الأحوط عدم قطع النافلة المنذورة إذا لم تكن منذورة بالخصوص]

[1748] مسألة 1: الأحوط (1) عدم قطع النافلة المنذورة إذا لم تكن منذورة بالخصوص بأن نذر إتيان نافلة فشرع في صلاة بعنوان الوفاء لذلك النذر، و أما إذا نذر نافلة مخصوصة فلا يجوز قطعها قطعا (2).

______________________________
ليس بامكاننا اثبات حرمة قطع الفرائض اليومية فضلا عن غيرها و إن كان الأجدر و الأحوط عدم قطعها.

(1) لا بأس بتركه و إن كانت رعاية الاحتياط أولى لما مرّ من أن اتمام الدليل على حرمة قطع الفريضة يكون في غاية الاشكال بل المنع فضلا عن غيرها.

(2) هذا ليس من جهة ان قطع النافلة المنذورة غير جائز بل من جهة أن قطعها مخالفة لوجوب الوفاء بالنذر، و لكن هذا إنما يتم فيما إذا كانت النافلة المنذورة حصة خاصة غير قابلة للتكرار لا مجرد كونها نافلة خاصة كنافلة الصبح- مثلا- فانها قابلة للتكرار. فإذا كانت منذورة فلا مانع من قطعها و استئنافها من جديد، بل لا بد من تقييدها بقيد زائد يوجب عدم قابليتها للإعادة، كما إذا نذر الاتيان بركعتين من النافلة بعد اتمام صلاة المغرب مباشرة فانه إذا شرع فيهما بعد المغرب كذلك لم يجز قطعهما باعتبار انه مخالف لوجوب الوفاء بالنذر و لا صلة لذلك بحرمة قطع الصلاة الواجبة أو عدم حرمة قطعها، و لعل هذا هو مراد‌

 

375
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 إذا كان في أثناء الصلاة فرأى نجاسة في المسجد أو حدثت نجاسة فالظاهر عدم جواز قطع الصلاة لإزالتها ص 376

[مسألة 2: إذا كان في أثناء الصلاة فرأى نجاسة في المسجد أو حدثت نجاسة فالظاهر عدم جواز قطع الصلاة لإزالتها]

[1749] مسألة 2: إذا كان في أثناء الصلاة فرأى نجاسة في المسجد أو حدثت نجاسة فالظاهر عدم جواز قطع الصلاة لإزالتها (1) لأن دليل فورية الإزالة قاصر الشمول عن مثل المقام، هذا في سعة الوقت، و أما في الضيق فلا إشكال، نعم لو كان الوقت موسعا و كان بحيث لو لا المبادرة إلى الإزالة فاتت القدرة عليها فالظاهر وجوب القطع.

[مسألة 3: إذا توقف أداء الدين المطالب به على قطعها فالظاهر وجوبه في سعة الوقت]

[1750] مسألة 3: إذا توقف أداء الدين المطالب به على قطعها فالظاهر وجوبه في سعة الوقت لا في الضيق، و يحتمل في الضيق وجوب الإقدام على الأداء متشاغلا بالصلاة.

[مسألة 4: في موارد وجوب القطع إذا تركه و اشتغل بها فالظاهر الصحة]

[1751] مسألة 4: في موارد وجوب القطع إذا تركه و اشتغل بها فالظاهر الصحة و إن كان آثما في ترك الواجب، لكن الأحوط الإعادة خصوصا في صورة توقف دفع الضرر الواجب عليه.

[مسألة 5: يستحب أن يقول حين إرادة القطع في موضع الرخصة أو الوجوب: «السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته»]

[1752] مسألة 5: يستحب (2) أن يقول حين إرادة القطع في موضع الرخصة أو الوجوب: «السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته».

______________________________
الماتن قدّس سرّه.

(1) مرّ أن عدم جواز القطع و وجوب الازالة كليهما مبني على الاحتياط فلا ترجيح لأحدهما على الآخر إذا كان الوقت متسعا إلّا إذا كان بقاء النجاسة في المسجد هتكا لحرمته، فانه حينئذ يجب القطع، و أما في ضيق الوقت فلا يجوز قطعها جزما.

(2) في الاستحباب اشكال بل منع و لا دليل عليه حتى رواية ضعيفة لكي يمكن التمسك بقاعدة التسامح في أدلة السنن بناء على تماميتها.

 

376
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة الآيات ص 377

[فصل في صلاة الآيات]

فصل في صلاة الآيات و هي واجبة على الرجال و النساء و الخناثي، و سببها امور:

الأول و الثاني: كسوف الشمس و خسوف القمر و لو بعضهما و إن لم يحصل منهما خوف.

الثالث: الزلزلة، و هي أيضا سبب لها مطلقا (1) و إن لم يحصل بها خوف على الأقوى.

الرابع: كل مخوّف سماوي أو أرضي (2) كالريح الأسود أو الأحمر أو

______________________________
(1) على الأحوط وجوبا، لأنّ ما استدل به من الروايات بين ما يكون ضعيفا سندا و إن كان تاما دلالة كرواية سليمان الديلمي و رواية بريد بن معاوية و محمد بن مسلم، و ما يكون ضعيفا دلالة و إن كان تاما سندا كصحيحة الفضلاء باعتبار انها في مقام بيان كيفية صلاة الآيات و هي عشر ركعات لا في مقام بيان وجوبها فلا تدل عليه.

(2) في وجوب الصلاة في الاخاويف الأرضية و هي حوادث اتفاقية إذا وقعت في الأرض أدت إلى قلق الناس و رعبهم عادة اشكال بل منع لعدم الدليل حيث أنها لم ترد في شي‌ء من روايات الباب، كما أنه ليس فيها ما يدل على وجوب الصلاة لها من عموم أو تعليل و لو على أساس الارتكاز العرفي، و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط الاتيان بالصلاة عند ظهورها.

 

377
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة الآيات ص 377

الأصفر و الظلمة الشديدة و الصاعقة و الصيحة و الهدّة و النار التي تظهر في السماء و الخسف و غير ذلك من الآيات المخوّفة عند غالب الناس، و لا عبرة بغير المخوف من هذه المذكورات و لا بخوف النادر و لا بانكساف أحد النيّرين ببعض الكواكب الذي لا يظهر إلا للأوحدي من الناس، و كذا بانكساف بعض الكواكب ببعض إذا لم يكن مخوفا للغالب من الناس.

و أما وقتها ففي الكسوفين هو من حين الأخذ إلى تمام الانجلاء على الأقوى، فتجب المبادرة إليها بمعنى عدم التأخير إلى تمام الانجلاء و تكون أداء في الوقت المذكور، و الأحوط (1) عدم التأخير عن الشروع في

______________________________
(1) لا بأس بتركه على أساس ما هو الصحيح و بنى عليه الماتن قدّس سرّه أيضا من أن وقت صلاة الكسوف أو الخسوف يمتد من حين الشروع في الحادث إلى تمام الانجلاء بمقتضى صحيحة رهط فانها ظاهرة لو لم تكن ناصة في أن وقتها يمتد إلى الانجلاء بالكامل، إذ احتمال أن النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله يؤخرها إلى أن وقع مقدار منها خارج الوقت غير محتمل.

و دعوى: أن فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله لا يدل على امتداد وقتها إلى الانجلاء الكامل بل غايته أنه يدل على جواز تأخير الفراغ من هذه الصلاة إلى ما بعد وقتها فيكون ذلك تخصيصا في عدم تأخير الصلاة عن وقتها ... بعيدة جدا فإنه لو كانت في الصحيحة قرينة على أن وقتها يمتد إلى الشروع في الانجلاء لأمكن حمل فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله فيها على ذلك التخصيص و الفرض عدم القرينة فيها.

و دعوى: أن قوله عليه السّلام في الصحيحة: (ففرغ حين فرغ و قد انجلى كسوفها ...) «1»

يدل على وقوع مقدار من الصلاة بعد تمام الانجلاء ... و إن كانت صحيحة إلّا أن نفس هذه الجملة تدل على امتداد وقتها إلى تمام الانجلاء بقرينة ان وقتها لو كان ممتدا إلى الشروع في الانجلاء لم يكن مبرر لقوله عليه السّلام: (و قد انجلى كسوفها ...) بعد قوله عليه السّلام:

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 4 من أبواب قواطع الصّلاة و ما يجوز فيها الحديث: 4.

 

378
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة الآيات ص 377

الانجلاء، و عدم نية الأداء و القضاء على فرض التأخير (1)، و أما في الزلزلة (2) و سائر الآيات المخوفة فلا وقت لها (3) بل يجب المبادرة إلى

______________________________
(ففرغ حين فرغ ...) لأنّ مقدارا من صلاته صلّى اللّه عليه و آله قد وقع خارج الوقت و إن لم ينجل كسوفها تماما، فإذن لا يمكن هذا الحمل.

فالنتيجة: أن الصحيحة واضحة الدلالة على أن وقتها يمتد إلى تمام الانجلاء. هذا من ناحية. و من ناحية أخرى: أن الفصل الزمني بين الشروع في الانجلاء و انتهائه بالكامل ليس بقليل بل هو زمن معتد به و يتمكن المكلف من الاتيان بها فيه على أية كيفية شاء و أراد. هذا اضافة إلى أن مقتضى اطلاقات روايات الكسوف و الخسوف هو أن وقتها يمتد من بداية الآية إلى انتهائها.

(1) بل ينوي الاداء لما مر من أن وقتها يمتد إلى تمام الانجلاء.

(2) تقدم أن وجوب الصلاة لها مبني على الاحتياط و ليس لها وقت محدّد. نعم الأحوط وجوبا أن يبادر اليها عند وقوع الزلزلة و إذا لم يبادر عصيانا أو نسيانا إلى أن تمر مدة لم تعد الصلاة فيها عندها عرفا كان الأحوط الاتيان بها ناويا الخروج عن العهدة من دون أن ينوي الأداء أو القضاء.

(3) بل الأظهر أن لها وقتا محددا يبدأ من الشروع فيها و ينتهي بزوالها و يدل على ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة و محمد بن مسلم: (كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتى يسكن ...) «1» فإن قوله عليه السّلام: (حتى يسكن) ظاهر في أنه قيد للهيئة و للوجوب أيضا لما ذكرناه في الأصول من أن ما يكون من قيود الواجب فهو على نحوين ..

أحدهما: أن يكون اختياريا للمكلف، و في هذه الحالة يأخذه المولى قيدا للواجب على اساس أنه يهتم بتحصيله، فمن أجل ذلك يكون المكلف مسئولا أمامه.

و الآخر: أن يكون غير اختياري، و في هذه الحالة يتعين أخذه قيدا للوجوب‌

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 2 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1.

 

379
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة الآيات ص 377

الإتيان بها بمجرد حصولها، و إن عصى فبعده إلى آخر العمر و تكون أداء مهما أتى بها إلى آخره.

و أما كيفيتها: فهي ركعتان في كل منهما خمس ركوعات و سجدتان بعد الخامس من كل منهما، فيكون المجموع عشر ركعات و سجدتان بعد الخامس و سجدتان بعد العاشر.

و تفصيل ذلك: بأن يكبر للإحرام مقارنا للنية ثم يقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يرفع رأسه و يقرأ الحمد و سورة ثم يركع و هكذا حتى يتم خمسا، فيسجد بعد الخامس سجدتين، ثم يقوم للركعة الثانية فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع و هكذا إلى العاشر، فيسجد بعده سجدتين ثم يتشهد و يسلم، و لا فرق بين اتحاد السورة في الجميع أو تغايرها، و يجوز تفريق سورة واحدة على الركوعات فيقرأ في القيام الأول من الركعة الاولى الفاتحة ثم يقرأ بعدها آية من سورة أو أقل أو أكثر ثم يركع و يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من تلك السورة و يركع، ثم يرفع و يقرأ بعضا آخر و هكذا

______________________________
اضافة إلى أخذه قيدا للواجب، على أساس أنه لا يمكن الاقتصار على أخذه قيدا للواجب فقط و يكون الوجوب مطلقا، إذ لازم الاقتصار على ذلك أن يكون الوجوب محركا للمكلف نحو الاتيان بالواجب المقيد بقيد غير اختياري و هو تكليف بغير المقدور، و من هنا قلنا أن ملاك كون الشى‌ء قيدا للوجوب أحد أمرين: أما كونه شرطا لاتصاف الفعل بالملاك، و أما كونه شرطا للواجب مع كونه غير مقدور كالوقت و كسكون تلك الآيات و الاخاويف السماوية، و يترتب على ذلك أن زمان الحادثة إذا كان قليلا على نحو لم يتسع للصلاة فيه سقطت بسقوط موضوعها، و إذا كان يتسع لأكثر من الصلاة لم تجب المبادرة اليها منذ وقوع الحادثة.

 

380
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة الآيات ص 377

إلى الخامس حتى يتم سورة، ثم يركع ثم يسجد بعده سجدتين، ثم يقوم إلى الركعة الثانية فيقرأ في القيام الأول الفاتحة و بعض السورة، ثم يركع و يقوم و يصنع كما صنع في الركعة الاولى إلى العاشر، فيسجد بعده سجدتين و يتشهد و يسلم، فيكون في كل ركعة الفاتحة مرة و سورة تامة مفرّقة على الركوعات الخمسة مرة، و يجب إتمام سورة في كل ركعة، و إن زاد عليها فلا بأس، و الأحوط الأقوى وجوب القراءة عليه من حيث قطع، كما أن الأحوط و الأقوى عدم مشروعية الفاتحة حينئذ إلا إذا أكمل السورة فإنه لو أكملها وجب عليه في القيام بعد الركوع قراءة الفاتحة، و هكذا كلما ركع عن تمام سورة وجبت الفاتحة في القيام بعده، بخلاف ما إذا لم يركع عن تمام سورة بل ركع عن بعضها فإنه يقرأ من حيث قطع و لا يعيد الحمد كما عرفت، نعم لو ركع الركوع الخامس عن بعض سورة فسجد فالأقوى وجوب الحمد بعد القيام للركعة الثانية ثم القراءة من حيث قطع، و في صورة التفريق يجوز قراءة أزيد من سورة في كل ركعة مع إعادة الفاتحة بعد إتمام السورة في القيام اللاحق.

[مسألة 1: لكيفية صلاة الآيات كما استفيد مما ذكرنا صور:]

[1753] مسألة 1: لكيفية صلاة الآيات كما استفيد مما ذكرنا صور:

الاولى: أن يقرأ في كل قيام قبل كل ركوع بفاتحة الكتاب و سورة تامة في كل من الركعتين، فيكون كل من الفاتحة و السورة عشر مرات، و يسجد بعد الركوع الخامس و العاشر سجدتين.

الثانية: أن يفرق سورة واحدة على الركوعات الخمسة في كل من الركعتين، فيكون الفاتحة مرتين مرة في القيام الأول من الركعة الاولى و مرة في القيام الأول من الثانية، و السورة أيضا مرتان.

الثالثة: أن يأتي بالركعة الاولى كما في الصورة الاولى، و بالركعة

 

381
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 لكيفية صلاة الآيات كما استفيد مما ذكرنا صور ص 381

الثانية كما في الصورة الثانية.

الرابعة: عكس هذه الصورة.

الخامسة: أن يأتي في كل من الركعتين بأزيد من سورة، فيجمع بين إتمام السورة في بعض القيامات و تفريقها في البعض، فيكون الفاتحة في كل ركعة أزيد من مرة، حيث إنه إذا أتم السورة وجب في القيام اللاحق قراءتها.

السادسة: أن يأتي بالركعة الاولى كما في الصورة الاولى و بالثانية كما في الخامسة.

السابعة: عكس ذلك.

الثامنة: أن يأتي بالركعة الاولى كما في الصورة الثانية و بالثانية كما في الخامسة.

التاسعة: عكس ذلك، و الأولى اختيار الصورة الاولى.

[مسألة 2: يعتبر في هذه الصلاة ما يعتبر في اليومية من الأجزاء و الشرائط و الأذكار الواجبة و المندوبة]

[1754] مسألة 2: يعتبر في هذه الصلاة ما يعتبر في اليومية من الأجزاء و الشرائط و الأذكار الواجبة و المندوبة.

[مسألة 3: يستحب في كل قيام ثان بعد القراءة قبل الركوع قنوت]

[1755] مسألة 3: يستحب في كل قيام ثان بعد القراءة قبل الركوع قنوت، فيكون في مجموع الركعتين خمس قنوتات، و يجوز الاجتزاء بقنوتين أحدهما قبل الركوع الخامس و الثاني قبل العاشر، و يجوز الاقتصار على الأخير منهما.

[مسألة 4: يستحب أن يكبّر عند كل هوي للركوع و كل رفع منه]

[1756] مسألة 4: يستحب أن يكبّر عند كل هوي للركوع و كل رفع منه.

[مسألة 5: يستحب أن يقول: «سمع اللّه لمن حمده» بعد الرفع من الركوع الخامس و العاشر]

[1757] مسألة 5: يستحب أن يقول: «سمع اللّه لمن حمده» بعد الرفع من الركوع الخامس و العاشر.

[مسألة 6: هذه الصلاة حيث إنها ركعتان حكمها حكم الصلاة]

[1758] مسألة 6: هذه الصلاة حيث إنها ركعتان حكمها حكم الصلاة

 

382
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 هذه الصلاة حيث إنها ركعتان حكمها حكم الصلاة ص 382

الثنائية في البطلان إذا شك في أنه في الاولى أو الثانية و إن اشتملت على خمس ركوعات في كل ركعة، نعم إذا شك في عدد الركوعات كان حكمها حكم أجزاء اليومية في أنه يبني على الأقل إن لم يتجاوز المحل و على الإتيان إن تجاوز، و لا تبطل صلاته بالشك فيها، نعم لو شك في أنه الخامس فيكون آخر الركعة الاولى أو السادس فيكون أول الثانية بطلت الصلاة من حيث رجوعه إلى الشك في الركعات.

[مسألة 7: الركوعات في هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها و نقصها عمدا و سهوا كاليومية]

[1759] مسألة 7: الركوعات في هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها و نقصها عمدا و سهوا كاليومية.

[مسألة 8: إذا أدرك من وقت الكسوفين ركعة فقد أدرك الوقت، و الصلاة أداء]

[1760] مسألة 8: إذا أدرك من وقت الكسوفين ركعة فقد أدرك الوقت (1)، و الصلاة أداء، بل و كذلك إذا لم يسع وقتهما إلا بقدر الركعة (2)، بل و كذا

______________________________
(1) فيه اشكال بل منع، فإن مورد حديث (من أدرك ركعة في الوقت فقد أدرك الصلاة) «1» هو صلاة الغداة خاصة، و قلنا أن التعدي عن مورده إلى سائر الفرائض اليومية لا يخلو عن اشكال فضلا عن صلاة الآيات.

(2) بل الظاهر أن هذه الصورة غير مشمولة للحديث و إن قلنا بشموله للصورة الأولى و ذلك لأنّ الظاهر منه اختصاصه بما إذا كان الوقت في نفسه صالحا لإدراك تمام الصلاة و لكن المكلف لم يدرك فيه إلّا ركعة منها، و أما إذا لم يكن في نفسه صالحا لإدراك تمامها إلّا ركعة منها فلا يكون مشمولا له بل لا يمكن الحكم بوجوبها و جعله لها لاستحالة جعل التكليف لشي‌ء في وقت لا يسعه لأنّه من التكليف بالمحال، و بذلك يظهر حال ما إذا لم يكن الوقت صالحا لإدراك ركعة واحدة أيضا.

فالنتيجة: انه لا تجب الصلاة في هذه الصورة لا اداء و لا قضاء، أما اداء فلاستحالة التكليف بشى‌ء في وقت لا يسعه، و أما قضاء فلأنّه متفرع على صدق‌

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 30 من أبواب المواقيت الحديث: 4.

 

383
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 إذا أدرك من وقت الكسوفين ركعة فقد أدرك الوقت و الصلاة أداء ص 383

إذا قصر عن أداء الركعة أيضا.

[مسألة 9: إذا علم بالكسوف أو الخسوف و أهمل حتى مضى الوقت عصى و وجب القضاء]

[1761] مسألة 9: إذا علم بالكسوف أو الخسوف و أهمل حتى مضى الوقت عصى و وجب القضاء، و كذا إذا علم ثم نسي وجب القضاء، و أما إذا لم يعلم بهما حتى خرج الوقت الذي هو تمام الانجلاء فإن كان القصر محترقا وجب القضاء، و إن لم يحترق كله لم يجب، و أما في سائر الآيات فمع تعمد التأخير يجب الإتيان بها (1) ما دام العمر، و كذا إذا علم و نسي،

______________________________
الفوت في الوقت و الفرض انه لا وجوب فيه.

(1) على الأحوط في الزلزلة كما مرّ في الأمر الرابع، و أما في الاخاويف السماوية فقد تقدم أن وجوب الصلاة لها موقت الى زمان سكونها، و على هذا فإذا تركها المكلف في وقتها عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي أو ناسيا أو جاهلا، فالأجدر و الأحوط وجوبا قضاؤها. نعم قد يقال: أن صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: (انه سئل عن رجل صلّى بغير طهور، أو نسي صلاة لم يصلها، أو نام عنها، فقال: يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار، فإذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت، و هذه أحق بوقتها فليصلّها فإذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى و لا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها) ... «1» تعم صلاة الآيات أيضا باطلاقها.

و فيه: أن الوثوق و الاطمئنان بالاطلاق مشكل، و دعوى الانصراف الى الفرائض اليومية غير بعيدة على أساس كثرة اطلاق كلمة الصلاة عليها، فإذا أريد الأعم منها و من صلاة الآيات أو نحوها فهو بحاجة إلى قرينة، نظير كلمة (الماء) فإذا اطلقت بدون قيد فالمتبادر منها الماء المطلق، و ارادة الأعم منه و من غيره بحاجة إلى عناية زائدة. و على الجملة فلا يبعد دعوى أن المنصرف من الصلاة في الصحيحة هو الصلاة اليومية، هذا اضافة إلى أن في قوله عليه السّلام: (فإذا دخل وقت‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 2 من أبواب قضاء الصّلوات الحديث: 3.

 

384
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 إذا علم بالكسوف أو الخسوف و أهمل حتى مضى الوقت عصى و وجب القضاء ص 384

و أما إذا لم يعلم بها حتى مضى الوقت أو حتى مضى الزمان المتصل بالآية ففي الوجوب بعد العلم إشكال، لكن لا يترك الاحتياط بالإتيان بها ما دام العمر فورا ففورا.

[مسألة 10: إذا علم بالآية و صلى ثم بعد خروج الوقت أو بعد زمان الاتصال بالآية تبين له فساد صلاته وجب القضاء أو الإعادة]

[1762] مسألة 10: إذا علم بالآية و صلى ثم بعد خروج الوقت أو بعد زمان الاتصال بالآية تبين له فساد صلاته وجب القضاء أو الإعادة.

[مسألة 11: إذا حصلت الآية في وقت الفريضة اليومية فمع سعة وقتهما مخير بين تقديم أيهما شاء]

[1763] مسألة 11: إذا حصلت الآية في وقت الفريضة اليومية فمع سعة وقتهما مخير بين تقديم أيهما شاء و إن كان الأحوط تقديم اليومية، و إن ضاق وقت إحداهما دون الاخرى قدمها، و إن ضاق وقتهما معا قدم اليومية.

[مسألة 12: لو شرع في اليومية ثم ظهر له ضيق وقت صلاة الآية قطعها مع سعة وقتها و اشتغل بصلاة الآية]

[1764] مسألة 12: لو شرع في اليومية ثم ظهر له ضيق وقت صلاة الآية قطعها مع سعة وقتها و اشتغل بصلاة الآية، و لو اشتغل بصلاة الآية فظهر له في الأثناء ضيق وقت الإجزاء لليومية قطعها و اشتغل بها و أتمها ثم عاد إلى صلاة الآية من محل القطع إذا لم يقع منه مناف غير الفصل المزبور، بل الأقوى جواز قطع صلاة الآية و الاشتغال باليومية إذا ضاق وقت فضيلتها فضلا عن الإجزاء ثم العود إلى صلاة الآية من محل القطع، لكن الأحوط خلافه.

______________________________
الصلاة و لم يتم ما فاته ...) دلالة على أن المراد من الصلاة الفائتة فريضة الوقت، فلا أقل من الاشعار.

فالنتيجة: أن الصحيحة لو لم تكن ظاهرة في أن المراد من الصلاة هو صلاة الفريضة دون الأعم منها و من صلاة الآيات لم تكن ظاهرة في الاطلاق و العموم، فتكون مجملة، فالقدر المتيقن منها هو الفرائض اليومية، و لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط، و بذلك يظهر حال ما بعده، كما يظهر به حال المسائل الآتية أيضا.

 

385
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 يستحب في هذه الصلاة أمور ص 386

[مسألة 13: يستحب في هذه الصلاة أمور]

[1765] مسألة 13: يستحب في هذه الصلاة امور:

الأول و الثاني و الثالث: القنوت، و التكبير قبل الركوع و بعده، و السمعلة على ما مرّ.

الرابع: إتيانها بالجماعة أداء أو قضاء مع احتراق القرص و عدمه، و القول بعدم جواز الجماعة مع عدم احتراق القرص ضعيف، و يتحمل الإمام فيها عن المأموم القراءة خاصة كما في اليومية دون غيرها من الأفعال و الأقوال.

الخامس: التطويل فيها خصوصا في كسوف الشمس.

السادس: إذا فرغ قبل تمام الانجلاء يجلس في مصلاه مشتغلا بالدعاء و الذكر إلى تمام الانجلاء أو يعيد الصلاة.

السابع: قراءة السور الطوال كياسين و النور و الروم و الكهف و نحوها.

الثامن: إكمال السورة في كل قيام.

التاسع: أن يكون كل من القنوت و الركوع و السجود بقدر القراءة في التطويل تقريبا.

العاشر: الجهر بالقراءة فيها ليلا أو نهارا حتى في كسوف الشمس على الأصح.

الحادي عشر: كونها تحت السماء.

الثاني عشر: كونها في المساجد بل في رحبها.

[مسألة 14: لا يبعد استحباب التطويل حتى للإمام]

[1766] مسألة 14: لا يبعد استحباب التطويل حتى للإمام، و إن كان يستحب له التخفيف في اليومية مراعاة لأضعف المأمومين.

[مسألة 15: يجوز الدخول في الجماعة إذا أدرك الإمام قبل الركوع الأول]

[1767] مسألة 15: يجوز الدخول في الجماعة إذا أدرك الإمام قبل الركوع الأول أو فيه من الركعة الاولى أو الثانية، و أما إذا أدركه بعد الركوع الأول

 

386
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 يجوز الدخول في الجماعة إذا أدرك الإمام قبل الركوع الأول ص 386

من الاولى أو بعد الركوع من الثانية فيشكل الدخول لاختلال النظم حينئذ بين صلاة الإمام و المأموم.

[مسألة 16: إذا حصل أحد موجبات سجود السهو في هذه الصلاة فالظاهر وجوب الإتيان به بعدها]

[1768] مسألة 16: إذا حصل أحد موجبات سجود السهو في هذه الصلاة فالظاهر وجوب الإتيان به بعدها كما في اليومية.

[مسألة 17: يجري في هذه الصلاة قاعدة التجاوز عن المحل و عدم التجاوز عند الشك في جزء أو شرط]

[1769] مسألة 17: يجري في هذه الصلاة قاعدة التجاوز عن المحل و عدم التجاوز عند الشك في جزء أو شرط كما في اليومية.

[مسألة 18: يثبت الكسوف و الخسوف و سائر الآيات بالعلم و شهادة العدلين]

[1770] مسألة 18: يثبت الكسوف و الخسوف و سائر الآيات بالعلم و شهادة العدلين (1) و إخبار الرصدي إذا حصل الاطمئنان بصدقه على إشكال في الأخير (2)، لكن لا يترك معه الاحتياط، و كذا في وقتها و مقدار مكثها.

[مسألة 19: يختص وجوب الصلاة بمن في بلد الآية فلا يجب على غيره]

[1771] مسألة 19: يختص وجوب الصلاة بمن في بلد الآية فلا يجب على غيره.

نعم يقوى إلحاق المتصل بذلك المكان (3) مما يعدّ معه كالمكان

______________________________
(1) الأظهر ثبوتها بشهادة عدل واحد، بل ثقة واحدة.

(2) بل الظاهر أن الأخبار الرصدي لا يكون حجة و إن كان المخبر به ثقة على أساس انه اخبار حدسي فلا يكون مشمولا لأدلة حجية اخبار الثقة باعتبار اختصاصها بالاخبار الحسية. نعم إذا حصل منه الاطمئنان كان الاطمئنان حجة دونه، و لا وجه لاشكال الماتن قدّس سرّه في حجيته اذا حصل منه باعتبار ان الاطمئنان بنفسه حجة كالعلم.

(3) في اطلاقه اشكال بل منع، فإن الآية إن كانت من قبيل الكسوف فتختص صلاة الآيات بمن انكسفت الشمس عنده لا مطلقا، و أما سائر الآيات‌

 

387
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 يختص وجوب الصلاة بمن في بلد الآية فلا يجب على غيره ص 387

الواحد.

[مسألة 20: تجب هذه الصلاة على كل مكلف إلا الحائض و النفساء]

[1772] مسألة 20: تجب هذه الصلاة على كل مكلف إلا الحائض و النفساء فيسقط عنهما أداؤها، و الأحوط (1) قضاؤها بعد الطهر و الطهارة.

[مسألة 21: إذا تعدد السبب دفعة أو تدريجا تعدد وجوب الصلاة]

[1773] مسألة 21: إذا تعدد السبب دفعة أو تدريجا تعدد وجوب الصلاة.

[مسألة 22: مع تعدد ما عليه من سبب واحد لا يلزم التعيين]

[1774] مسألة 22: مع تعدد ما عليه من سبب واحد لا يلزم التعيين، و مع تعدد السبب نوعا كالكسوف و الخسوف و الزلزلة الأحوط التعيين و لو إجمالا (2).

______________________________
كالزلزلة فوجوب الصلاة لها مختص بمن كان على الأرض التي وقعت الحادثة فيها، و أما الأخاويف السماوية فإن وجوب الصلاة لها في كل منطقة وقعت الحادثة فيها يدور مدار كونها مثيرة للخوف النوعي لأهل تلك المنطقة دون المناطق المجاورة لها إلا إذا كانت مثيرة للخوف النوعي لأهل تلك المناطق أيضا.

(1) لكن الأقوى عدم وجوب القضاء عليها باعتبار انه بحاجة إلى دليل و ليس تابعا للأداء و لا دليل على وجوبه و دعوى ان عدم وجوبه إنما هو على أساس عدم الموضوع له و هو الفوت بملاك ان صدقه متوقف على ثبوت المقتضى له و الفرض انه لا مقتضي له بالنسبة إلى الحائض ... مدفوعة بأن صدق الفوت لا يتوقف على ثبوت المقتضي للتكليف في مادة المكلف فعلا إذا يكفي في صدقه ثبوته اللولائي، و هذا يعني أن المرأة لو لم تكن حائضا لكان المقتضي لثبوت التكليف فيها موجودا، و من هنا يجب قضاء الصلاة على النائم و العاجز و الناسي، و لو لم يكف ثبوت المقتضي اللولائي لم يصدق أن الصلاة قد فاتت منهم.

(2) بل الأظهر عدمه لأنّ صلاة الآيات حقيقة واحدة كما و كيفا، و إنما المتعدد اسبابها في الخارج فانها تجب بسبب الكسوف تارة و بالخسوف أخرى و بالزلزلة ثالثة، و هكذا و هذا التعدد كما يمكن أن يكون على أساس تعدد حصصها‌

 

388
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 مع تعدد ما عليه من سبب واحد لا يلزم التعيين ص 388

..........

______________________________
مثل ما إذا ورد في الدليل: إذا انكسفت الشمس وجبت صلاة الآيات، و إذا انخسف القمر وجبت، و إذا وقعت الزلزلة وجبت و هكذا ... فإن العرف يفهم منها تعدد الوجوب بتعددها، كذلك يمكن أن يكون على أساس أن عناوين اسبابها عناوين لها أيضا، بمعنى أن الواجب عند انكساف الشمس هو الصلاة المعنونة بعنوان الكسوف، و عند انخساف القمر هو المعنونة بعنوان الخسوف و هكذا ...

و إن شئت قلت: أن هذه الأسباب كما أنها شروط لاتصاف الواجب بالملاك كذلك أنها شروط لترتب الملاك عليه، و هذا يعني أنها شروط للوجوب و الواجب معا، و لكن مع ذلك لا يعتبر في صحتها قصد تلك العناوين، بل يكفي فيها الاتيان بها بنية القربة.

و لكن قد يقال: أن المكلف إذا علم بأن في ذمته صلاة واحدة و لكن لا يدري أنها صلاة الكسوف أو الخسوف أو الزلزلة ففي مثل هذه الحالة لا يجب عليه التعيين و لو اجمالا، بل يكفي الاتيان بصلاة واحدة بنية القربة و به فرغت ذمته، و هذا بخلاف ما إذا علم أن في ذمته صلوات متعددة بتعدد اسبابها من الكسوف و الخسوف و الزلزلة فإن في مثل هذه الحالة لا بد من التعيين اجمالا بأن يأتي بصلاة ناويا بها صلاة الكسوف و يأتي بأخرى ناويا بها صلاة الخسوف و هكذا، و إلّا لم ينطبق عليها شي‌ء من تلك الصلوات على أساس أن نسبة الكل إليها نسبة واحدة.

و الجواب: أنه لا فرق بين الحالتين، فكما لا يعتبر التعيين في الحالة الأولى فكذلك لا يعتبر في الحالة الثانية، فإن التعيين إنما يعتبر فيما إذا كان الامتثال متوقفا عليه، كما إذا صلّى شخص صلاة الفجر فإنه لا يكفي أن ينوي أنه يصلي ركعتين قربة إلى الله تعالى بل لا بد أن ينوي اسمها الخاص المميز لها شرعا بأن يصلي ركعتين ناويا بهما صلاة الفجر، فإذا صلّى ركعتين بنية القربة من دون التعيين‌

 

389
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 مع تعدد ما عليه من سبب واحد لا يلزم التعيين ص 388

..........

______________________________
و التمييز لم تنطبق عليها صلاة الفجر و لا نافلته، و من هنا إذا كانت ذمة المكلف مشغولة بقضاء صلاة الظهر و صلاة العصر مثلا في يومين و صلّى أربع ركعات من دون أن يقصد اسمها الخاص و عنوانها المخصوص كالظهر أو العصر لم تصح لا باسم صلاة الظهر و لا العصر على أساس أن الصحة متوقفة على التعيين و التمييز في مثل المثال. و أما إذا لم تكن الصحة متوقفة على ذلك كما إذا كانت ذمة المكلف مشغولة بعدد من قضاء صلاة الظهر مثلا و يأتي بهذا العدد واحدة تلو الأخرى ناويا بها اسمها الخاص كفى و لا يتوقف على التعيين و التمييز بأن ينوي أن الأولى قضاء لليوم الفلاني و الثانية قضاء لليوم الآخر و هكذا أو ينوي الأول فالأول قضاء و ذلك لأنّ الصحة لا تتوقف على شي‌ء منهما و إنما تتوقف على أمرين ..

أحدهما: نية القربة، و الآخر: قصد عنوانها الخاص، فإذا صلى أربع ركعات قربة إلى الله ناويا بها عنوانها المخصوص صحت، و النكتة في ذلك ان ذمة المكلف مشغولة في المثال بقضاء صلاة الظهر أربع مرات بلا لون و خصوصية في الذمة، فإذا أتى المكلف بها مرة واحدة انطبق عليها قضاء صلاة الظهر و حكم بصحتها و بقي حينئذ في ذمته قضاؤها ثلاث مرات و هكذا .. و ما نحن فيه من هذا القبيل، فإن ذمة المكلف مشغولة بصلاة الآيات ثلاث مرات بلا اعتبار مميز بينها شرعا، و أما قصد سببها فقد مر أنّه غير معتبر في صحتها، و على هذا الأساس فإذا قام المكلف و أتى بها مرة واحدة انطبقت عليها صلاة الآيات و هكذا إلى أن تفرغ ذمته منها باعتبار أنه لا امتياز بينها في الذمة و لا لون لها فيها و نتيجة ذلك أن الثابت فيها طبيعة واحدة و المكلف مأمور بالاتيان بها ثلاث مرات.

فالنتيجة: أنه يكفي الاتيان بها بنية القربة ناويا بها الخروج من العهدة واحدة بعد الأخرى و لا يلزم تعيين انها من الكسوف أو الخسوف أو الزلزلة و إن كان الأجدر‌

 

390
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 مع تعدد ما عليه من سبب واحد لا يلزم التعيين ص 388

نعم مع تعدد ما عدا هذه الثلاثة من سائر المخوفات لا يجب التعيين و إن كان أحوط أيضا.

[مسألة 23: المناط في وجوب القضاء في الكسوفين في صورة الجهل احتراق القرص بتمامه]

[1775] مسألة 23: المناط في وجوب القضاء في الكسوفين في صورة الجهل احتراق القرص بتمامه، فلو لم يحترق التمام و لكن ذهب ضوء البقية باحتراق البعض لم يجب القضاء مع الجهل و إن كان أحوط خصوصا مع الصدق العرفي.

[مسألة 24: إذا أخبره جماعة بحدوث الكسوف مثلا و لم يحصل له العلم بقولهم]

[1776] مسألة 24: إذا أخبره جماعة بحدوث الكسوف مثلا و لم يحصل له العلم بقولهم، ثم بعد مضيّ الوقت تبين صدقهم فالظاهر إلحاقه بالجهل، فلا يجب القضاء مع عدم احتراق القرص، و كذا لو أخبره شاهدان لم يعلم عدالتهما ثم بعد مضي الوقت تبين عدالتهما، لكن الأحوط القضاء في الصورتين.

______________________________
و الأولى أن ينوي بكل صلاة سببها.

 

391
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة القضاء ص 393

[فصل في صلاة القضاء]

فصل في صلاة القضاء يجب قضاء اليومية الفائتة عمدا أو سهوا أو جهلا أو لأجل النوم المستوعب للوقت أو للمرض (1) و نحوه، و كذا إذا أتى بها باطلة لفقد شرط أو جزء يوجب تركه البطلان بأن كان على وجه العمد أو كان من الأركان، و لا يجب على الصبي إذا لم يبلغ في أثناء الوقت، و لا على المجنون في تمامه مطبقا كان أو أدواريا، و لا على المغمى عليه في تمامه (2)، و لا على

______________________________
(1) لعله أراد بالمرض الموجب لترك الفريضة ما لا يقدر صاحبه على الصلاة بتمام مراتبها و إلّا فالمرض بعنوانه ليس عذرا لترك الصلاة بل يجب على صاحبه أن يصلي حسب امكانه من المراتب الدانية.

(2) هذا فيما إذا لم يكن الاغماء باختياره بل كان بسبب قاهر لا دخل لاختيار الانسان فيه، و أما إذا كان بسبب اختياري فالظاهر وجوب القضاء عليه.

و الوجه فيه أن الروايات التي تنص على عدم وجوب القضاء عليه مختلفة، فإن مورد مجموعة منها المريض، و أما المجموعة الأخرى منها فمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي اختصاصها بمن يكون اغماؤه بسبب قاهر و لا تعم ما إذا كان اغماؤه بسبب اختياري، بل و لا أقل من الاجمال و عدم الاطلاق لها، و مع الاغماض عن ذلك فيكفي في الفرق بينهما التعليل الوارد في جملة من الروايات و هو قوله عليه السّلام: (كلّما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر ...) «1» فإنه ناص في أن الاغماء إذا كان بسبب قاهر كالمرض أو نحوه فبما أنّه من قبل الله تعالى فالله أولى بعذره.

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 3 من أبواب قضاء الصّلوات الحديث: 16.

 

393
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة القضاء ص 393

الكافر الأصلي إذا أسلم بعد خروج الوقت بالنسبة إلى ما فات منه حال

______________________________
و معناه أن ما فات منه في هذا الحال من الصلاة أو الصيام لا يترتب عليه أثر كوجوب القضاء و هو معذور فيه.

و أما إذا كان الاغماء بسبب اختياري و بفعل نفس المكلف فبما أنّه لا يكون مشمولا للتعليل المذكور فلا يكون معذورا فيه.

و دعوى: أن التعليل فيها ناظر إلى نفي العقاب إذا كان الاغماء بفعله تعالى لا إلى نفي وجوب القضاء ... بعيدة عن الصواب، فإن الاغماء إذا كان من قبل الله تعالى فلا مجال لاحتمال استحقاق العقاب على ما فات منه بسببه لاستقلال العقل بقبح هذا العقاب، و عليه فلا معنى لقوله عليه السّلام (فالله أولى بالعذر) لأنّ مساقه مساق الامتنان و هو لا يمكن إلا بعدم ترتب وجوب القضاء عليه.

أو فقل: أن المستفاد من التعليل فيها عرفا أن الفوت إذا كان مستندا إلى فعل الله سبحانه فهو كلا فوت بل في صدق الفوت عليه اشكال.

و يدل على أنه ناظر إلى نفي وجوب القضاء تطبيق الامام عليه السّلام ذلك التعليل على نفي القضاء بقوله عليه السّلام في صحيحة مرازم بن الحكيم الأزدي: (ليس عليك قضاء، ان المريض ليس كالصحيح، كل ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر ..) «1»

و يترتب على ذلك أنه على تقدير أن يكون للروايات الدالة على عدم وجوب القضاء على المغمى عليه اطلاق بالنسبة إلى ما كان اغماؤه بسبب اختياري فلا بد من تقييده بمقتضى هذا التعليل بما إذا كان اغماؤه بسبب قاهر.

فالنتيجة: ان الأظهر وجوب القضاء على المغمى عليه إذا كان اغماؤه بسبب اختياري و باقدام نفسه بلا جبر و اكراه في البين على اساس أن ترك الصلاة في وقتها بما لها من الملاك الملزم فيه بما انه كان مستندا الى اختياره في نهاية المطاف فيصدق عليه عنوان الفوت.

______________________________
(1) الوسائل ج 4 باب: 20 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث: 2.

 

394
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة القضاء ص 393

كفره، و لا على الحائض و النفساء مع استيعاب الوقت.

[مسألة 1: إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه قبل خروج الوقت وجب عليهم الأداء]

[1777] مسألة 1: إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه قبل خروج الوقت وجب عليهم الأداء و إن لم يدركوا إلا مقدار ركعة من الوقت، و مع الترك يجب عليهم القضاء (1)، و كذا الحائض و النفساء إذا زال عذرهما قبل خروج الوقت و لو بمقدار ركعة (2)، كما أنه إذا طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مضيّ مقدار صلاة المختار بحسب حالهم من السفر و الحضر و الوضوء و التيمم و لم يأتوا بالصلاة وجب عليهم القضاء كما تقدم في المواقيت.

[مسألة 2: إذا أسلم الكافر قبل خروج الوقت و لو بمقدار ركعة و لم يصلّ وجب عليه قضاؤها]

[1778] مسألة 2: إذا أسلم الكافر قبل خروج الوقت و لو بمقدار ركعة و لم يصلّ وجب عليه قضاؤها (3).

[مسألة 3: لا فرق في سقوط القضاء عن المجنون و الحائض]

[1779] مسألة 3: لا فرق في سقوط القضاء عن المجنون و الحائض

______________________________
(1) تقدم أن مورد حديث (من أدرك) هو صلاة الغداة، و بما أنّ ما يتضمنه الحديث من الحكم يكون على خلاف القاعدة، فالتعدي عن مورده و هو صلاة الفجر إلى سائر الصلوات بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه لا في نفس الحديث من عموم أو تعليل و لا في الخارج غير دعوى القطع بعدم الفرق بين صلاة الغداة و غيرها. و لكن القطع بذلك مشكل لاحتمال وجود خصوصية في صلاة الغداة دون غيرها، فمن أجل ذلك يختص وجوب الأداء و القضاء مع الترك في المسألة بصلاة الفجر و أما في سائر الصلوات فوجوب القضاء فيها منوط بعدم ادراك المصلي تلك الصلوات بكامل اجزائها في الوقت، و أما إذا تمكن من ادراك ركعة منها فيه دون الباقي فيجب أن يحتاط بالجمع بين الاتيان بها مع ادراك ركعة منها في الوقت و قضائها في خارج الوقت.

(2) مرّ الكلام فيهما في ضمن مسائل أحكام الحيض.

(3) ظهر حالها مما تقدم في المسألة السابقة.

 

395
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 لا فرق في سقوط القضاء عن المجنون و الحائض ص 395

و النفساء بين أن يكون العذر قهريا أو حاصلا من فعلهم و باختيارهم، بل و كذا في المغمى عليه و إن كان الأحوط القضاء عليه إذا كان من فعله (1) خصوصا إذا كان على وجه المعصية، بل الأحوط قضاء جميع ما فاته مطلقا.

[مسألة 4: المرتدّ يجب عليه قضاء ما فات منه أيام ردّته بعد عوده إلى الإسلام]

[1780] مسألة 4: المرتدّ يجب عليه قضاء ما فات منه أيام ردّته بعد عوده إلى الإسلام سواء كان عن ملة أو فطرة، و تصح منه و إن كان عن فطرة على الأصح.

[مسألة 5: يجب على المخالف قضاء ما فات منه أو أتى به على وجه يخالف مذهبه]

[1781] مسألة 5: يجب على المخالف قضاء ما فات منه أو أتى به على وجه يخالف مذهبه بل و إن كان على وفق مذهبنا أيضا على الأحوط (2)

______________________________
(1) بل هو الأظهر كما مرّ.

(2) لكن الأقوى عدم وجوب القضاء في هذا الفرض فإن الروايات التي تنص على عدم وجوب قضاء الصلاة و الصيام و الحج و نحوها على المخالف غير الزكاة ظاهرة بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية في أنها كانت صحيحة على ضوء مذهبه و لا تعم ما إذا كانت فاسدة عنده، فإذن يكون مورد عدم وجوب القضاء عليه هو ما إذا كان العمل كالصلاة و الصيام و الحج صحيحا على أساس مذهبه، و أما إذا كان فاسدا فلا يكون مشمولا لتلك الروايات، و حينئذ فيرجع فيها إلى مقتضى القاعدة، فإن كانت اعماله فاسدة في الواقع فلا شبهة في وجوب قضائها عليه، و إن كانت صحيحة واقعا كما إذا أتى بالصلاة في برهة من عمره بكامل اجزائها و شروطها و الاجتناب عن موانعها و هذا يعني أنها كانت مطابقة لمذهب الخاصة تماما فلا مقتضي للقضاء باعتبار أنها لم تفت منه في الواقع، و لا بأس أن نذكر لتوضيح المسألة عدة حالات:

الأولى: أن يكون آتيا بالصلاة و نحوها على طبق مذهبه و بعد ذلك استبصر‌

 

396
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 يجب على المخالف قضاء ما فات منه أو أتى به على وجه يخالف مذهبه ص 396

..........

______________________________
و عرف الحق و في هذه الحالة لا يجب عليه القضاء على أساس الروايات التي تؤكد على ذلك.

الثانية: أن يكون آتيا بها كذلك و لكنها فاقدة للجزء أو الشرط عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي، و في هذه الحالة إن كانت صلاته فاسدة مطلقا وجب عليه قضاؤها، و إن كانت صحيحة على مذهب الخاصة و فاسدة على مذهبه فهل يجب عليه قضاؤها أو لا؟ الظاهر عدم وجوبه لا من جهة الروايات فإنها لا تشمل هذه الحالة، بل من جهة أنه لا مقتضي له و ذلك لأنّه قبل أن يستبصر و يعرف الحق كان مأمورا بالصلاة و الصيام و الحج و نحوها بكامل أجزائها و شروطها على طبق الشريعة الاسلامية، و لكنه حسب اعتقاده بمذهبه يرى أن وظيفته شرعا كذا و كذا و إن كانت مخالفة للواقع، فإذا افترض انه أتى بها على طبق الواقع و تمكن من نية القربة ثم بعد استبصاره و معرفته للحق تبين له أن ما مضى من صلاته أو صيامه أو حجه كان مطابقا للواقع- أي مذهب الحق- و حينئذ فلا مقتضي للإعادة و لا للقضاء.

و دعوى: أن الروايات التي تدل على وجوب القضاء إذا كانت فاسدة على مذهبه تشمل هذه الحالة أيضا ... خاطئة لما مرّ من أن مدلول الروايات نفي وجوب القضاء إذا كانت اعماله صحيحة على مذهبه، و أما إذا كانت فاسدة فلا تكون مشمولة لها، فإذن لا بد من الرجوع فيها إلى مقتضى القاعدة فإن كانت فاسدة مطلقا فلا بد من الاعادة أو القضاء و إن كانت صحيحة على مذهب الخاصة و فاسدة على مذهبه فلا مقتضى للإعادة و لا للقضاء.

الثالثة:- أن يكون آتيا بها على طبق مذهبه فاقدة للجزء أو الشرط جاهلا أو ناسيا بالحال، و في مثل هذه الحالة إن كان الجزء أو الشرط مما يعذر فيه الجاهل‌

 

397
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 يجب على المخالف قضاء ما فات منه أو أتى به على وجه يخالف مذهبه ص 396

و أما إذا أتى به على وفق مذهبه فلا قضاء عليه، نعم إذا كان الوقت باقيا فإنه يجب عليه الأداء حينئذ، و لو تركه وجب عليه القضاء، و لو استبصر ثم خالف ثم استبصر فالأحوط القضاء (1) و إن أتى به بعد العود إلى الخلاف على وفق مذهبه.

[مسألة 6: يجب القضاء على شارب المسكر]

[1782] مسألة 6: يجب القضاء على شارب المسكر سواء كان مع العلم أو الجهل و مع الاختيار على وجه العصيان أو للضرورة أو الإكراه.

[مسألة 7: فاقد الطهورين يجب عليه القضاء و يسقط عنه الأداء]

[1783] مسألة 7: فاقد الطهورين يجب عليه القضاء و يسقط عنه الأداء، و إن كان الاحوط الجمع بينهما.

[مسألة 8: من وجب عليه الجمعة إذا تركها حتى مضى وقتها أتى بالظهر إن بقي الوقت]

[1784] مسألة 8: من وجب عليه الجمعة إذا تركها حتى مضى وقتها أتى بالظهر إن بقي الوقت، و إن تركها أيضا وجب عليه قضاؤها لا قضاء الجمعة.

[مسألة 9: يجب قضاء غير اليومية سوى العيدين حتى النافلة]

[1785] مسألة 9: يجب قضاء غير اليومية سوى العيدين حتى النافلة

______________________________
و الناسي بمقتضى مذهبه كانت اعماله صحيحة عنده فلا يجب عليه القضاء. و إن كان مما لا يعذر فيه الجاهل و الناسي بطلت اعماله و وجب عليه القضاء.

الرابعة:- أن لا يكون آتيا بها عامدا و عالما بالحكم الشرعي، و في هذه الحالة لا شبهة في وجوب الاعادة أو القضاء.

الخامسة:- أن يكون آتيا بها في أول الوقت على طبق مذهبه و في آخر الوقت استبصر، فهل تجب اعادة ما أتى به في أول الوقت؟

الظاهر وجوبها على أساس أنها فاسدة على مذهب الخاصة و خارجة عن مورد الروايات، لأنّ موردها نفي وجوب القضاء و لا يعم هذا المورد.

(1) ظهر الحال فيه مما تقدم.

 

398
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 يجب قضاء غير اليومية سوى العيدين حتى النافلة ص 398

المنذورة في وقت معين (1).

[مسألة 10: يجوز قضاء الفرائض في كل وقت من ليل أو نهار أو سفر أو حضر]

[1786] مسألة 10: يجوز قضاء الفرائض في كل وقت من ليل أو نهار أو سفر أو حضر، و يصلي في السفر- ما فات في الحضر تماما، كما أنه يصلي في الحضر ما فات في السفر قصرا.

[مسألة 11: إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالأحوط قضاؤها قصرا مطلقا]

[1787] مسألة 11: إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالأحوط قضاؤها قصرا (2) مطلقا سواء قضاها في السفر أو في الحضر في تلك الأماكن أو

______________________________
(1) على الأحوط استحبابا إذ لا إطلاق في أدلة القضاء، فإن عمدتها صحيحة زرارة و هي لا تشمل النافلة المنذورة على أساس أن موضوعها الصلاة الواجبة الموقتة، هذا اضافة إلى أنها ليست بموقتة أيضا، فإن النذر المتعلق بها كان في وقت معين لا أنها موقتة، فلو لم يقم الناذر بالاتيان بها في ذلك الوقت فقد خالف وجوب الوفاء بالنذر من دون أن يصدق عليه عنوان الفوت فيه.

(2) بل الأظهر هو التخيير لأنّ الروايات التي تنص عليه في الاماكن الأربعة تكون مخصّصة لأدلة وجوب القصر تعيينا على المسافر في غير تلك الاماكن، و أما فيها فوظيفته التخيير بين القصر و التمام شرعا و قد سبق أن مرد هذا التخيير إلى إيجاب الجامع، فإذن يكون الفائت في تلك الاماكن هو الجامع حقيقة، و من المعلوم أن الواجب هو قضاء ذلك الفائت.

و دعوى: أن الواجب بالذات على المسافر هو القصر، و أما جواز التمام فهو حكم شرعي آخر نشأ من خصوصية المكان ... بعيدة جدّا و ذلك لأنّه إن أريد بذلك أن التمام مسقط للواجب فقط و ليس عدلا له فيرد عليه: أن ظاهر الأدلة هو أن التمام واجب في هذه الاماكن حيث قد ورد الأمر به في كثير من الروايات تعيينا تارة و تخييرا أخرى.

و إن أريد به أن التمام واجب لخصوصية في تلك الأماكن.

 

399
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالأحوط قضاؤها قصرا مطلقا ص 399

غيرها، و إن كان لا يبعد جواز الإتمام أيضا إذا قضاها في تلك الأماكن خصوصا إذا لم يخرج عنها بعد و أراد القضاء.

[مسألة 12: إذا فاتته الصلاة في السفر الذي يجب فيه الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام]

[1788] مسألة 12: إذا فاتته الصلاة في السفر الذي يجب فيه الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام فالقضاء كذلك.

[مسألة 13: إذا فاتت الصلاة و كان في أوّل الوقت حاضرا و في آخر الوقت مسافرا أو بالعكس لا يبعد التخيير في القضاء بين القصر و التمام]

[1789] مسألة 13: إذا فاتت الصلاة و كان في أوّل الوقت حاضرا و في آخر الوقت مسافرا أو بالعكس لا يبعد التخيير في القضاء بين القصر و التمام (1)، و الأحوط اختيار ما كان واجبا في آخر الوقت و أحوط منه

______________________________
فيرد عليه أن لازم هذا تعدد الواجب من جهة تعدد الملاك و هو خلاف الفرض.

و بكلمة أخرى: أن المستفاد من الروايات الآمرة بالتمام في تلك الاماكن هو أنه أحد عدلي الواجب فيها، و هذا يكشف عن أن المصلحة الملزمة في الواقع واحدة و هي قائمة باحداهما و كل منهما بما لها من الخصوصية وافية بها لا بخصوص صلاة القصر، و على هذا فمقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (يقضى ما فاته كما فاته ...) «1» هو التخيير في القضاء أيضا، حيث أن ما فاته في الاماكن المذكورة هو الواجب التخييري فيجب قضاؤه كما فات على أساس اعتبار المماثلة بين ما يقضي و ما هو فائت.

(1) بل هو بعيد جدا، نعم قد يقال في تقريب ذلك أن الواجب في الواقع على المكلف في مثل المسألة الجامع بين القصر و التمام و هو طبيعي الصلاة بين المبدأ و المنتهي، و التخيير بينهما عقلي بين الاتيان بالقصر في أول الوقت في السفر و بين التأخير و الاتيان بالتمام إذا حضر، و أما إذا لم يأت بشى‌ء منهما لا في السفر و لا في الحضر فيفوت عنه الواجب و هو الجامع فيجب عليه قضاؤه كما فاته.

و دعوى: ان العبرة إنما هي بحال الأداء باعتبار أن موضوع وجوب القضاء‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 6 من أبواب قضاء الصّلوات الحديث: 1.

 

400
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 إذا فاتت الصلاة و كان في أول الوقت حاضرا و في آخر الوقت مسافرا أو بالعكس لا يبعد التخيير في القضاء بين القصر و التمام ص 400

الجمع بين القصر و التمام.

[مسألة 14: يستحب قضاء النوافل الرواتب استحبابا مؤكدا]

[1790] مسألة 14: يستحب قضاء النوافل الرواتب استحبابا مؤكدا، بل لا يبعد استحباب قضاء غير الرواتب من النوافل الموقتة دون غيرها، و الأولى قضاء غير الرواتب من الموقتات بعنوان احتمال المطلوبية، و لا يتأكد قضاء ما فات حال المرض، و من عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة عن كل ركعتين مدّ، و إن لم يتمكن فعن كل أربع ركعات بمدّ، و إن لم يتمكن فمدّ لصلاة الليل و مدّ لصلاة النهار، و إن لم يتمكن فلا يبعد مدّ لكل يوم و ليلة، و لا فرق في قضاء النوافل أيضا بين الأوقات.

[مسألة 15: لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليومية]

[1791] مسألة 15: لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليومية لا بالنسبة إليها و لا بعضها مع البعض الآخر، فلو كان عليه قضاء الآيات و قضاء

______________________________
هو الفوت و هو ينطبق على الفريضة حال خروج الوقت فإن كانت قصرا فالفائت هو القصر فيجب قضاؤه و إن كانت تماما فالفائت هو التمام فيجب قضاؤه فلا موضوع للتخيير ...

خاطئة: بأن ما يفوت عن المكلف حال خروج الوقت فهو فرد الواجب و به يتحقق فوت الواجب و هو الجامع، لا أنه واجب فإذا كان الأمر كذلك كان الواجب هو قضاء الجامع.

و الجواب: أن هذا التقريب مبني على الاشتباه و الخطأ في التطبيق، فإن الواجب على المكلف في المسألة ليس هو الجامع بين القصر و التمام فإنه ما دام مسافرا كان الخطاب بالقصر متوجها اليه تعيينا دون الخطاب بالجامع، و إذا حضر توجه اليه الخطاب بالتمام كذلك دون الأعم، باعتبار أن الموضوع قد تبدل بصيرورة المسافر حاضرا، و في هذه الحالة إذا فات منه التكليف كان الفائت لا محالة هو التكليف بالتمام دون الجامع.

 

401
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليومية ص 401

اليومية يجوز تقديم أيهما شاء تقدم في الفوات أو تأخر، و كذا لو كان عليه كسوف و خسوف يجوز تقديم كل منهما و إن تأخر في الفوات.

[مسألة 16: يجب الترتيب في الفوائت اليومية]

[1792] مسألة 16: يجب الترتيب في الفوائت اليومية (1) بمعنى قضاء

______________________________
(1) هذا في الفوائت المترتبة بالأصالة كالظهرين و العشاءين في يوم واحد، و إلّا فالأظهر عدم اعتبار الترتيب بينها، كما إذا فاتت من المكلف صلاة الصبح و الظهرين و العشاءين في يوم واحد أو أكثر، فإنه لا يلزم عليه أن يقوم بالاتيان بصلاة الصبح أولا، ثم بالظهرين و العشاءين على نحو الترتيب، بل له العكس، كما أن له أن يبدأ من الظهرين ثم العشاءين ثم صلاة الفجر و ذلك لأنّ الروايات الواردة في هذه المسألة تصنف إلى مجموعتين:

الأولى: تختص بالفوائت المترتبة بالاصالة، و هذه المجموعة خارجة عن محل الكلام فلا يمكن الاستدلال بها على اعتبار الترتيب بين الفوائت مطلقا.

الثانية: لا تدل على اعتبار الترتيب بينها، فإن عمدتها قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (فابدأ باولاهن فأذّن لها و أقم ثم صلّها ...) «1» فإنه كما يحتمل أن يكون المراد ب‍ (اولاهن) اولاهن فوتا ففوتا، يحتمل أن يكون المراد بذلك أولاهن قضاء فعلى الاحتمال الأول يدل على الترتيب، و على الثاني فلا يدل عليه و لا ظهور له في الأول، بل المناسب له هو الثاني بقرينة كلمة (الفاء) في قوله عليه السّلام: (فأذّن) فإنها تدل على أن من أراد قضاء الصلوات التي فاتت منه يبدأ بالأذان و الاقامة للصلاة التي يريد أن يقضيها أولا دون الصلوات الأخرى فإنه يكتفي فيها بالاقامة فحسب.

فالنتيجة: ان الصحيحة لو لم تكن ظاهرة في الخلاف فلا أقل أنها مجملة، و بذلك يظهر حال مجموعة من المسائل الآتية.

و إن شئت قلت: ان الترتيب في الفوائت اليومية غير معتبر، فلو علم المكلف بفوت الظهر و العصر في يوم واحد و كذلك المغرب و العشاء وجب أن‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 1 من أبواب قضاء الصّلوات الحديث: 4.

 

402
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 يجب الترتيب في الفوائت اليومية ص 402

السابق في الفوات على اللاحق و هكذا، و لو جهل الترتيب وجب التكرار إلا أن يكون مستلزما للمشقة التي لا تتحمل من جهة كثرتها، فلو فاتته ظهر و مغرب و لم يعرف السابق صلى ظهرا بين مغربين أو مغربا بين ظهرين، و كذا لو فاتته صبح و ظهر أو مغرب و عشاء من يومين أو صبح و عشاء أو صبح و مغرب و نحوها مما يكونان مختلفين في عدد الركعات، و أما إذا فاتته ظهر و عشاء أو عصر و عشاء أو ظهر و عصر من يومين مما يكونان متحدين في عدد الركعات فيكفي الإتيان بصلاتين بنية الاولى في الفوات و الثانية فيه، و كذا لو كانت أكثر من صلاتين فيأتي بعدد الفائتة بنية الاولى فالاولى.

[مسألة 17: لو فاتته الصلوات الخمس غير مرتبة و لم يعلم السابق من اللاحق يحصل العلم بالترتيب]

[1793] مسألة 17: لو فاتته الصلوات الخمس غير مرتبة و لم يعلم السابق من اللاحق يحصل العلم بالترتيب بأن يصلي خمسة أيام، و لو زادت فريضة اخرى يصلي ستة أيام، و هكذا كلما زادت فريضة زاد يوما.

______________________________
يقضي الظهر قبل العصر و المغرب قبل العشاء، و أما إذا فات الظهر من يوم و العصر من يوم آخر كما إذا فرض أنه لم يبق من الوقت إلّا بمقدار يسع لأربع ركعات فصلى العصر فيه و لم يقض الظهر في اليوم الثاني، ثم أنّه قد فات منه العصر في ذلك اليوم، ففي مثل ذلك يكون المصلي مخيرا في تقديم ما شاء و تأخير ما شاء، كما إذا فاتته صبح و ظهر و مغرب.

و في ضوء ذلك فمن فاتته الصلاة سنة كاملة أو شهرا كاملا فبإمكانه أن يقضي تلك الصلوات بالترتيب بأن يبدأ من الصبح ثم الظهر و العصر ثم المغرب و العشاء ثم الصبح و هكذا، كما أن بإمكانه أن يختار طريقا آخر و هو أن يقضي صلاة الفجر سنة كاملة أو شهرا كاملا ثم صلاة الظهر كذلك ثم العصر ثم المغرب و العشاء إلى فراغ ذمته عن الكل.

 

403
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 18 لو فاتته صلاة معلومة سفرا و حضرا و لم يعلم الترتيب صلى بعددها من الأيام ص 404

[مسألة 18: لو فاتته صلاة معلومة سفرا و حضرا و لم يعلم الترتيب صلى بعددها من الأيام]

[1794] مسألة 18: لو فاتته صلاة معلومة سفرا و حضرا و لم يعلم الترتيب صلى بعددها من الأيام، لكن يكرر الرباعيات من كل يوم بالقصر و التمام.

[مسألة 19: إذا علم أن عليه صلاة واحدة لكن لا يعلم أنها ظهر أو عصر]

[1795] مسألة 19: إذا علم أن عليه صلاة واحدة لكن لا يعلم أنها ظهر أو عصر يكفيه إتيان أربع ركعات بقصد ما في الذمة.

[مسألة 20: لو تيقن فوت إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر لا على التعيين و احتمل فوت كلتيهما]

[1796] مسألة 20: لو تيقن فوت إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر لا على التعيين و احتمل فوت كلتيهما بمعنى أن يكون المتيقن إحداهما لا على التعيين و لكن يحتمل فوتهما معا فالأحوط الإتيان بالصلاتين و لا يكفي الاقتصار على واحدة بقصد ما في الذمة، لأن المفروض احتمال تعدده، إلا أن ينوي ما اشتغلت به ذمته أوّلا فإنه على هذا التقدير يتيقن إتيان واحدة صحيحة، و المفروض أنه القدر المعلوم اللازم إتيانه.

[مسألة 21: لو علم أن عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح و مغرب و أربع ركعات]

[1797] مسألة 21: لو علم أن عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح و مغرب و أربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر و العصر و العشاء مخيرا فيها بين الجهر و الإخفات، و إذا كان مسافرا يكفيه مغرب و ركعتان مرددة بين الأربع، و إن لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا يأتي بركعتين مرددتين بين الأربع، و أربع ركعات مرددة بين الثلاثة، و مغرب.

[مسألة 22: إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين في الخمس من يوم]

[1798] مسألة 22: إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين في الخمس من يوم وجب عليه الإتيان بأربع صلوات، فيأتي بصبح إن كان أول يومه الصبح ثم أربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر ثم مغرب ثم أربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء، و إن كان أول يومه الظهر أتى بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر و العشاء ثم بالمغرب ثم بأربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء ثم بركعتين للصبح، و إن كان مسافرا يكفيه ثلاث صلوات ركعتان مرددتان بين الصبح و الظهر و العصر و مغرب ثم ركعتان

 

404
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين في الخمس من يوم ص 404

مرددتان بين الظهر و العصر و العشاء إن كان أول يومه الصبح، و إن كان أول يومه الظهر تكون الركعتان الأوّلتان مرددة بين الظهر و العصر و العشاء و الأخيرتان مرددتان بين العصر و العشاء و الصبح، و إن لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا أتى بخمس صلوات، فيأتي في الفرض الأول بركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر و العصر ثم أربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر ثم المغرب ثم ركعتين مرددتين بين الظهر و العصر و العشاء ثم أربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء، و إن كان أول يومه الظهر فيأتي بركعتين مرددتين بين الظهر و العصر (1) و أربع ركعات مرددة بين الظهر و العشاء ثم المغرب ثم ركعتين مرددتين بين العصر و العشاء و الصبح ثم أربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء.

[مسألة 23: إذا علم أن عليه ثلاثة من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب]

[1799] مسألة 23: إذا علم أن عليه ثلاثة من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب، و إن كان في السفر يكفيه أربع صلوات ركعتان مرددتان بين الصبح و الظهر و ركعتان مرددتان بين الظهر و العصر ثم المغرب ثم ركعتان مرددتان بين العصر و العشاء، و إذا لم يعلم أنه كان حاضرا أو مسافرا يصلي سبع صلوات ركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر و العصر (2) ثم الظهر و العصر تامتين ثم ركعتين مرددتين بين الظهر ثم

______________________________
(1) بل العشاء أيضا إذ ليس بإمكاننا القطع بالاتيان بالعشاء قصرا إذا كان هو الفائت في الواقع مع صلاة الصبح، حيث إن الاتيان بركعتين مرددتين بين الظهر و العصر حينئذ يكون بلا مورد، و الاتيان بركعتين مرددتين بين العصر و العشاء و الصبح يكفى لإحدى الفائتتين دون الأخرى.

(2) فيه أنه لا حاجة إلى ضم العصر اليهما لا غناء ضمها إلى الظهر في‌

 

405
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 23 إذا علم أن عليه ثلاثة من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب ص 405

المغرب ثم ركعتين مرددتين بين العصر و العشاء ثم العشاء بتمامه، و يعلم مما ذكرنا حال ما إذا كان أول يومه الظهر بل و غيرها.

[مسألة 24: إذا علم أن عليه أربعا من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب]

[1800] مسألة 24: إذا علم أن عليه أربعا من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب، و إن كان مسافرا فكذلك قصرا، و إن لم يدر أنه كان مسافرا أو حاضرا أتى بثمان صلوات مثل ما إذا علم أن عليه خمسا و لم يدر أنه كان حاضرا أو مسافرا.

[مسألة 25: إذا علم أن عليه خمس صلوات مرتبة و لا يعلم أن أولها أية صلاة من الخمس]

[1801] مسألة 25: إذا علم أن عليه خمس صلوات مرتبة و لا يعلم أن أولها أية صلاة من الخمس أتى بتسع صلوات على الترتيب، و إن علم أن عليه ستا كذلك أتى بعشر، و إن علم أن عليه سبعا كذلك أتى بإحدى عشرة صلاة و هكذا، و لا فرق بين أن يبدأ بأيّ من الخمس شاء إلا أنه يجب عليه

______________________________
الثنائية الثانية و إلى العشاء في الثنائية الثالثة. ثم إن ذمة المكلف إذا كانت مشغولة في الواقع بصلاتين متماثلتين في الكم أو أكثر كالظهر و العصر و العشاء، أو الصبح و الظهر قصرا و هكذا ففي مثل ذلك إذا أتى بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر و العشاء ناويا لإحداها فمقتضى القاعدة أنها لم تقع لشي‌ء منها، لأنّ نسبتها إليها نسبة واحدة، فكونها واقعة ظهرا لا غير أو عصرا أو عشاء كذلك ترجيح من غير مرجح و هو لا يمكن، و في مثل ذلك يجب على المصلي أن ينوي بها الأولى فالأولى فوتا في الواقع، فإن كانت الأولى فوتا صلاة الصبح انطبقت عليها، و إن كانت صلاة الظهر انطبقت عليها و هكذا ...

فالنتيجة: أن المصلي إذا أراد أن يصلي صلاة واحدة مرددة بين صلاتين أو أكثر إذا كانت عهدته مشغولة بالجميع فلا بد له أن ينوي ما هو المميز لهما و هو عنوان (الأول فالأول فوتا).

 

406
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 25 إذا علم أن عليه خمس صلوات مرتبة و لا يعلم أن أولها أية صلاة من الخمس ص 406

الترتيب على حسب الصلوات الخمس إلى آخر العدد، و الميزان أن يأتي بخمس و لا يحسب منها إلا واحدة، فلو كان عليه أيام أو أشهر أو سنة و لا يدري أول ما فات إذا أتى بخمس و لم يحسب أربعا منها يتيقن أنه بدأ بأول ما فات.

[مسألة 26: إذا علم فوت صلاة معينة كالصبح أو الظهر مثلا مرات و لم يعلم عددها]

[1802] مسألة 26: إذا علم فوت صلاة معينة كالصبح أو الظهر مثلا مرات و لم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى، و لكن الأحوط التكرار بمقدار يحصل منه العلم بالفراغ خصوصا مع سبق العلم بالمقدار و حصول النسيان بعده، و كذا لو علم بفوت صلوات مختلفة و لم يعلم مقدارها لكن يجب تحصيل الترتيب بالتكرار في القدر المعلوم، بل و كذا في صورة إرادة الاحتياط بتحصيل التفريغ القطعي.

[مسألة 27: لا يجب الفور في القضاء بل هو موسّع ما دام العمر]

[1803] مسألة 27: لا يجب الفور في القضاء بل هو موسّع ما دام العمر إذا لم ينجر إلى المسامحة في أداء التكليف و التهاون به.

[مسألة 28: لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة]

[1804] مسألة 28: لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة، فيجوز الاشتغال بالحاضرة في سعة الوقت لمن عليه قضاء، و إن كان الأحوط تقديمها عليها خصوصا في فائتة ذلك اليوم، بل إذا شرع في الحاضرة قبلها استحب له العدول منها إليها إذا لم يتجاوز محل العدول.

[مسألة 29: إذا كانت عليه فوائت أيام و فاتت منه صلاة ذلك اليوم أيضا و لم يتمكن من إتيان جميعها أو لم يكن بانيا على إتيانها]

[1805] مسألة 29: إذا كانت عليه فوائت أيام و فاتت منه صلاة ذلك اليوم أيضا و لم يتمكن من إتيان جميعها أو لم يكن بانيا على إتيانها فالأحوط استحبابا أن يأتي بفائتة اليوم قبل الأدائية، و لكن لا يكتفي بها بل بعد الإتيان بالفوائت يعيدها أيضا مرتبة عليها.

[مسألة 30: إذا احتمل اشتغال ذمته بفائتة أو فوائت]

[1806] مسألة 30: إذا احتمل اشتغال ذمته بفائتة أو فوائت يستحب له تحصيل التفريغ بإتيانها احتياطا، و كذا لو احتمل خللا فيها و إن علم بإتيانها.

 

407
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 31 يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى ص 408

[مسألة 31: يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى]

[1807] مسألة 31: يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى، كما يجوز الإتيان بها بعد دخول الوقت قبل إتيان الفريضة كما مر سابقا (1).

[مسألة 32: لا يجوز الاستنابة في قضاء الفوائت ما دام حيا]

[1808] مسألة 32: لا يجوز الاستنابة في قضاء الفوائت ما دام حيا و إن كان عاجزا عن إتيانها أصلا.

[مسألة 33: يجوز إتيان القضاء جماعة]

[1809] مسألة 33: يجوز إتيان القضاء جماعة سواء كان الإمام قاضيا أيضا أو مؤديا، بل يستحب ذلك، و لا يجب اتحاد صلاة الإمام و المأموم بل يجوز الاقتداء من كل من الخمس بكل منها.

[مسألة 34: الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء]

[1810] مسألة 34: الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء (2) إلى زمان رفع

______________________________
(1) قد مرّ في مبحث المواقيت.

(2) الأقوى جواز البدار ظاهرا على أساس استصحاب بقائها، بل مع الاغماض عنه فايضا لا مانع منه بنية الرجاء و احتمال الأمر في الواقع، غاية الأمر أن المعذور إذا قام بالصلاة عن عذر و أتى بها فإن استمر عذره كفى، و إن لم يستمر و ارتفع و تمكن من الصلاة التامة في أثناء الوقت انكشف ان ما أتى به ليس مصداقا للصلاة المأمور بها فلا بد من الاعادة.

و إن شئت قلت: إن العذر إن كان ملازما له ما دام هو في قيد الحياة فوظيفته واقعا هي الصلاة الناقصة، و حينئذ فيجوز البدار إلى القضاء واقعا، و إن كان موقتا و غير ملازم له فوظيفته الواقعية هي الصلاة التامة و حينئذ فلا يجوز له البدار في الواقع، هذا بحسب الحكم الواقعي.

و أما بحسب الحكم الظاهري فلا مانع من جواز البدار في ظرف الشك و عدم العلم بارتفاع العذر، و من هنا يظهر انه لا وجه للاحتياط في المسألة الا على أساس احتمال أن الجزم بالنية معتبر في صحة العبادة، و لكن هذا الاحتمال ضعيف جدا حتى عنده قدّس سرّه.

 

408
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 34 الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء ص 408

العذر إلا إذا علم بعدم ارتفاعه إلى آخر العمر أو خاف مفاجأة الموت.

[مسألة 35: يستحب تمرين المميز من الأطفال على قضاء ما فات منه من الصلاة]

[1811] مسألة 35: يستحب تمرين المميز من الأطفال على قضاء ما فات منه من الصلاة كما يستحب تمرينه على أدائها سواء الفرائض و النوافل، بل يستحب تمرينه على كل عبادة، و الأقوى مشروعية عباداته.

[مسألة 36: يجب على الولي منع الأطفال عن كل ما فيه ضرر عليهم و على غيرهم من الناس]

[1812] مسألة 36: يجب على الولي منع الأطفال عن كل ما فيه ضرر عليهم (1) و على غيرهم من الناس، و عن كل ما علم من الشرع إرادة عدم وجوده في الخارج لما فيه من الفساد كالزنا و اللواط و الغيبة بل و الغناء على الظاهر (2)، و كذا عن أكل الأعيان النجسة و شربها مما فيه ضرر عليهم (3)، و أما المتنجسة فلا يجب منعهم عنها بل حرمة مناولتها لهم غير معلومة (4)، و أما لبس الحرير و الذهب و نحوهما مما يحرم على البالغين فالأقوى عدم وجوب منع المميزين منها فضلا عن غيرهم، بل لا بأس بإلباسهم إياها، و إن كان الأولى تركه بل منعهم عن لبسها.

______________________________
(1) هذا إذا كان الضرر معتدا به، و إلّا فلا دليل عليه، و ولايته عليهم لا تقتضي منعهم من القيام بأي عمل و نشاط قد يؤدي إلى وقوعهم في الضرر.

(2) في وجوب المنع عنه اشكال، و الأظهر عدم وجوبه، فإن الوجوب بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه، لأنّ دليل حرمة الغناء لا يدل عليه، و اهتمام الشارع بعدم وجوده في الخارج نهائيا و أنه مبغوض له مطلقا كما هو الحال في مثل قتل النفس المحترمة أو نحوه غير موجود.

(3) هذا إذا كان معتدا به كما مرّ.

(4) بل الظاهر أن عدمها معلوم.

 

409
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في صلاة الاستئجار ص 411

[فصل في صلاة الاستئجار]

فصل في صلاة الاستئجار يجوز الاستئجار للصلاة بل و لسائر العبادات عن الأموات إذا فاتت منهم، و تفرغ ذمتهم بفعل الأجير، و كذا يجوز التبرع عنهم، و لا يجوز الاستئجار و لا التبرع عن الأحياء في الواجبات و إن كانوا عاجزين عن المباشرة إلا الحج إذا كان مستطيعا و كان عاجزا عن المباشرة، نعم يجوز إتيان المستحبات و إهداء ثوابها للأحياء كما يجوز ذلك للأموات (1)، و يجوز النيابة عن الأحياء في بعض المستحبات.

[مسألة 1: لا يكفي في تفريغ ذمة الميت إتيان العمل و إهداء ثوابه]

[1813] مسألة 1: لا يكفي في تفريغ ذمة الميت إتيان العمل و إهداء ثوابه بل لا بد إما من النيابة عنه بجعل نفسه نازلا منزلته (2) أو بقصد إتيان ما عليه

______________________________
(1) هذا على القول بأن الثواب من باب الاستحقاق كاستحقاق الأجير الأجرة على المستأجر يكون على القاعدة. و أما على القول بأن الثواب ليس من باب الاستحقاق بل هو من باب التفضل كما هو الصحيح فلا موضوع للإهداء حينئذ، فإنه لا يستحق شيئا على المولى حتى يهديه لغيره، و عليه فلا مناص من الالتزام بأن المراد من الاهداء هو التضرع إلى المولى سبحانه و تعالى و الطلب منه بالتفضل على غيره إذا أراد بدلا عن التفضل عليه.

(2) فيه اشكال بل منع، إذ يكفي في تحقق النيابة أن يقوم النائب بالعمل كالصلاة مثلا ناويا به ما هو في ذمة المنوب عنه و لا تدل أدلة النيابة على أكثر من‌

 

411
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 لا يكفي في تفريغ ذمة الميت إتيان العمل و إهداء ثوابه ص 411

له و لو لم ينزل نفسه منزلته نظير أداء دين الغير، فالمتبرع بتفريغ ذمة الميت له أن ينزل نفسه منزلته و له أن يتبرع بأداء دينه من غير تنزيل، بل الأجير أيضا يتصور فيه الوجهان فلا يلزم أن يجعل نفسه نائبا بل يكفي أن يقصد إتيان ما على الميت و أداء دينه الذي للّه.

[مسألة 2: يعتبر في صحة عمل الأجير و المتبرع قصد القربة]

[1814] مسألة 2: يعتبر في صحة عمل الأجير و المتبرع قصد القربة، و تحققه في المتبرع لا إشكال فيه، و أما بالنسبة إلى الأجير الذي من نيته أخذ العوض فربما يستشكل فيه، بل ربما يقال من هذه الجهة إنه لا يعتبر فيه قصد القربة بل يكفي الإتيان بصورة العمل عنه، لكن التحقيق أن أخذ الاجرة داع لداعي القربة (1) كما في صلاة الحاجة و صلاة الاستسقاء حيث

______________________________
ذلك، و أما اعتبار التنزيل فهو عناية زائدة فيحتاج إلى دليل يدل على ذلك و لا دليل عليه.

و إن شئت قلت: إن سقوط ذمة المنوب عنه بفعل النائب فبما أنه يكون على خلاف القاعدة فهو بحاجة إلى دليل، و قد دلت مجموعة من النصوص على ذلك و المستفاد منها بمناسبة الحكم و الموضوع أن الشارع جعل عمل النائب بدلا عمن عمل المنوب عنه، و لا يستفاد منها أن النائب بدل عن المنوب عنه، حيث أن الصيغ الواردة في النصوص كمثل قوله عليه السّلام: (يصلي و يصوم عن الميت ...) «1» لا تدل على أكثر من قيام آخر بعمل ناويا به ما هو ثابت في عهدة الميت أو الحي، فيكون عمله بدلا عن عمله بحكم الشارع، و أما التنزيل فهو لا يستفاد منها، بل لا اشعار فيها على ذلك فضلا عن الدلالة.

(1) فيه: إن الأمر بالوفاء بالاجارة يدعوا إلى الاتيان بالعمل المستأجر عليه، فإن كان العمل عباديا كالصلاة و نحوها لم يف بالاجارة إلّا إذا أتى به عبادة، و إلّا لم يأت بما هو متعلق الاجارة، و عليه فيكون الداعي إلى الاتيان به بنية القربة‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 12 من أبواب قضاء الصّلوات الحديث: 8.

 

412
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 يعتبر في صحة عمل الأجير و المتبرع قصد القربة ص 412

..........

______________________________
هو الخوف منه تعالى لا أخذ الأجرة.

ثم إن الكاشف عن منشأ عبادية الصلاة أو الصيام للنائب إنما هو الروايات الآمرة باتيانها من قبل الميت على أساس أنها تدل على مشروعية النيابة فيها، و معنى مشروعية النيابة في العبادات أن الاتيان بها ناويا لما في عهدة المنوب عنه محبوب للمولى كما أنها كانت محبوبة له تعالى من المنوب عنه، و بما أنّ فعل النائب بدل عن فعل المنوب عنه بمقتضى هذه الروايات فإذا كان عبادة كالصلاة أو الصيام فبطبيعة الحال يكون محبوبا للمولى.

و إن شئت قلت: إن روايات الباب تكشف عن مشروعية النيابة في العبادات و تؤكد عليها، و معنى مشروعيتها فيها ان صدورها من النائب محبوب في المرتبة السابقة على الاجارة كصدورها من المنوب عنه، و هذه المحبوبية هي المنشأ لعباديتها له و التقرب بها، و من هنا يظهر أن الأمر الجائي من قبل الاجارة لا يصلح أن يكون منشأ لعباديتها لفرض أنه تعلق بها بما هي عبادة في المرتبة السابقة و بقطع النظر عن تعلقه بها.

و دعوى: أن الأمر الجائي من قبل الاجارة أو النذر أو نحوه يندك في الأمر الاستحبابي العبادي المتعلق بذات الصلاة مثلا، و يكتسب كل منهما من الآخر ما هو فاقد له، فالأمر الاستحبابي يكتسب من الأمر الوجوبي صفة الوجوب و هو يكتسب من الأمر الاستحبابي صفة العبادة فيصبحان أمرا واحدا وجوبيا عباديا ...

خاطئة، فإن الاندكاك لا يتصور في الأمر الاعتباري على أساس أنه لا واقع له ما عدا اعتبار المعتبر في افق ذهنه مباشرة فلا يعقل اندكاك أمر مع أمر آخر و تولد أمر ثالث لأنّ ذلك إنما يعقل في الأمور الواقعية لا في الأمور الاعتبارية التي لا واقع موضوعي لها. نعم إن ذلك يتصور في مرحلة الملاك بأن يندك ملاك أحدهما في‌

 

413
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 يعتبر في صحة عمل الأجير و المتبرع قصد القربة ص 412

إن الحاجة و نزول المطر داعيان إلى الصلاة مع القربة، و يمكن أن يقال إنما يقصد القربة من جهة الوجوب عليه من باب الإجارة، و دعوى أن الأمر الإجاري ليس عباديا بل هو توصلي مدفوعة بأنه تابع للعمل المستأجر عليه، فهو مشترك بين التوصلية و التعبدية (1).

[مسألة 3: يجب على من عليه واجب من الصلاة أو الصيام أو غيرهما من الواجبات أن يوصي به]

[1815] مسألة 3: يجب على من عليه واجب من الصلاة أو الصيام أو غيرهما من الواجبات أن يوصي به خصوصا مثل الزكاة و الخمس و المظالم و الكفارات من الواجبات المالية (2)، و يجب على الوصي إخراجها من

______________________________
ملاك الآخر و بتبعه لا يكون في مرحلة الاعتبار إلّا حكم واحد، و لكن في المقام فلا موضوع لهذا الاندكاك أيضا لأنّ ملاك الأمر الاستحبابي هو محبوبية العمل في نفسه و أما ملاك الأمر الوجوبي فهو قائم بالوفاء بعقد الاجارة أو النذر أو ما شاكل ذلك، و لا يكون ناشئا من محبوبية العمل في المرتبة السابقة، فإذن لا تزاحم بينهما حتى يندك أحدهما في الآخر. و بذلك يظهر أن قياس المسألة بصلاتي الحاجة و الاستسقاء قياس مع الفارق. فإن طلب الحاجة و الاستسقاء قد نشأ من نفس المصلحة القائمة بالصلاة و محبوبيتها، لا من مصلحة أخرى كما هو الحال في الاجارة.

(1) مرّ أن الأظهر أنه توصلي و إن تعلق بالعبادة على أساس ما عرفت من أنه لا يصلح أن يكون منشأ لعبادية متعلقه.

(2) فيه اشكال بل منع، فإن كون الكفارات من الواجبات المالية إنما هو بمعنى أن المكلف ملزم بصرف المال و اعطائه للفقراء، لا بمعنى أنه مديون لغيره حتى يصدق عليها عنوان الدين، و بما أن المستثنى من التركة قبل الارث هو عنوان الدين كتابا و سنة فيكون المتفاهم العرفي منه ما كانت ذمة الشخص مشغولة بمال غيره عرفا أو شرعا كالزكاة و الخمس، و أما اخراج حجة الإسلام من التركة قبل‌

 

414
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يجب على من عليه واجب من الصلاة أو الصيام أو غيرهما من الواجبات أن يوصي به ص 414

أصل التركة في الواجبات المالية و منها الحج الواجب و لو بنذر و نحوه، بل وجوب إخراج الصوم و الصلاة من الواجبات البدنية أيضا من الأصل لا يخلو عن قوة (1) لأنها دين اللّه و دين اللّه أحق أن يقضى.

[مسألة 4: إذا علم أن عليه شيئا من الواجبات المذكورة]

[1816] مسألة 4: إذا علم أن عليه شيئا من الواجبات المذكورة وجب إخراجها من تركته و إن لم يوص به، و الظاهر أن إخباره بكونها عليه يكفي

______________________________
تقسيمها إرثا فهو إنما يكون على أساس النص لا على القاعدة، و إلّا فمقتضى القاعدة عدم الاخراج من جهة عدم صدق الدين عليها.

فالنتيجة: أن المكلف مأمور بصرف الأموال على الفقراء بعنوان الكفارات لا أنهم يملكون تلك الأموال في ذمّته في المرتبة السابقة كما في الزكاة و الخمس.

نعم لو كان الوارد في لسان الدليل عنوان الواجب المالي لأمكن أن يقال أن الكفارات ديون.

(1) في القوة اشكال بل منع، لما مرّ من أن المستثنى من التركة في الكتاب و السنة الدين و هو لا يصدق على الصلاة و الصيام و نحوهما، و أما ما ورد في مجموعة من الروايات من اطلاق الدين على الصلاة و نحوها فلا يمكن الأخذ به، أما اولا فلأنها بأجمعها ضعيفة سندا، و أما ثانيا فإن اطلاق الدين عليها على أساس أنها دين الله تعالى و لا دليل على خروج هذا الدين من أصل التركة قبل الارث، فإن الكتاب و السنة يدلان على خروج الدين المالي العرفي و الشرعي من التركة و لا يدلان على خروج مطلق الدين منها و إن كان بدنيا رغم انه لا يصدق عليه الدين عرفا.

و أما ما ورد من: (أن دين الله أحق أن يقضى ...) «1» فهو على تقدير تماميته سندا فلا يدل على خروج ذلك الدين من الأصل، و إنما يدل على أنه أحق و أولى بالقضاء، و من المعلوم أنه لا ملازمة بين ذلك و بين خروجه من الأصل.

______________________________
(1) المستدرك ج 8 باب 18 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 3.

 

415
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 إذا علم أن عليه شيئا من الواجبات المذكورة ص 415

في وجوب الإخراج من التركة (1).

[مسألة 5: إذا أوصى بالصلاة أو الصوم و نحوهما و لم يكن له تركة]

[1817] مسألة 5: إذا أوصى بالصلاة أو الصوم و نحوهما و لم يكن له تركة

______________________________
(1) في اطلاقه اشكال بل منع، لأنّ اخباره إن كان عن اشتغال ذمته بالدين المالي فهو حجة و نافذ على أساس أنه إقرار بالدين بلا فرق بين كونه شرعيا أو عرفيا، و بلا فرق بين كونه ثقة أو لا، و إن كان باشتغال ذمته بالدين البدني كالصلاة و الصيام و نحوهما فإن كان ثقة فهو حجة، و حينئذ فإذا كان له ولد أكبر وجب قضاؤهما عليه، و إن لم يكن ثقة لم يكن اخباره به حجة على الوارث، و عندئذ فلا يجب القضاء على ولده الأكبر، و أما حجة الإسلام فهل هي كالدين أو كسائر الواجبات؟ فيه وجهان، الظاهر هو الوجه الثاني و ذلك لأنّ اخباره بالدين إنما هو نافذ بملاك نفوذ الاقرار للمقر له و له حينئذ إن يطالب به، و أما اخباره بثبوت حجة الإسلام في عهدته فلا يمكن أن يكون حجة على أساس حجة الاقرار و نفوذه للمقر له حيث ان اخباره بثبوتها لا يرجع إلى اقراره به لآخر كما هو الحال في الاخبار عن الدين، بل هو كإخباره عن ثبوت الصلاة في عهدته ..

و دعوى الفرق بين اخباره عن ثبوت حجة الإسلام في عهدته و بين اخباره عن ثبوت الصلاة فيها فإنه على الأول مأمور بأن يبعث أحدا ليحج عنه إذا كان عاجزا عنه بالمباشرة، و على الثاني فلا تكليف عليه بالاستنابة في زمن حياته إذا كان عاجزا كذلك.

خاطئة .. أولا: فلأنّ هذا الفرض يكون أخص من المدعى، فإن المدعى أعم من أن يكون ترك حجة الإسلام عن عجز أو عن عمد و التفات إلى الحكم الشرعي كما هو الحال في غيرها من الواجبات. و ثانيا: أن مجرد أنه مأمور بأن يبعث أحدا ليحج عنه في زمن حياته لا يوجب دخول اخباره بحجة الإسلام في ذمته في الاقرار، فإن ملاك حجية الاقرار غير متوفر فيه.

 

416
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 إذا أوصى بالصلاة أو الصوم و نحوهما و لم يكن له تركة ص 416

لا يجب على الوصي أو الوارث إخراجه من ماله و لا المباشرة إلا ما فات منه لعذر من الصلاة و الصوم (1) حيث يجب على الولي و إن لم يوص بها، نعم الأحوط (2) مباشرة الولد ذكرا كان أو أنثى مع عدم التركة إذا أوصى بمباشرته لهما و إن لم يكن مما يجب على الولي، أو أوصى إلى غير الولي بشرط أن لا يكون مستلزما للحرج من جهة كثرته، و أما غير الولد ممن لا يجب عليه إطاعته فلا يجب عليه، كما لا يجب على الولد أيضا استئجاره إذا لم يتمكن من المباشرة أو كان أوصى بالاستئجار عنه لا بمباشرته.

[مسألة 6: لو أوصى بما يجب عليه من باب الاحتياط وجب إخراجه من الأصل أيضا]

[1818] مسألة 6: لو أوصى بما يجب عليه من باب الاحتياط وجب إخراجه من الأصل أيضا (3)، و أما لو أوصى بما يستحب عليه من باب

______________________________
(1) في التخصيص بالعذر اشكال بل منع، و الأقوى هو العموم بملاك اطلاق دليل المسألة على تفصيل يأتي في فصل (قضاء الولي).

(2) لا بأس بتركه و إن كان أجدر و أولى، و ذلك لأنّ الوصية لا تكون نافذة إلّا في ثلث ما تركه الميت، و أما إذا لم تكن له تركة فلا موضوع للوصية، هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى: إن الأب إذا لم تكن له تركة لم تكن وصيته لأولاده نافذة إذا كانت في الأمور المالية كالوصية بالاستيجار عنه لزيارة الحسين عليه السّلام في كل ليلة جمعة، أو قراءة القرآن أو ما شاكل ذلك من الاعمال التي يتوقف تنجيزها على بذل المال إذ لا دليل على وجوب اطاعة الوالد بهذا النطاق الواسع، و أما إذا لم تكن في الأمور المالية كالوصية لأولاده بالقيام بالاعمال الخيرية له مباشرة كقراءة القرآن و زيارة الحسين عليه السّلام و نحوهما فهل هي نافذة أو لا فيه وجهان: و الأظهر عدم نفوذها لأنّ النفوذ بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه غير دعوى وجوب اطاعة الوالد على الأولاد، و لكن اثبات هذه الدعوى بدليل بنحو تشمل المقام أيضا لا يمكن.

(3) في اطلاقه اشكال بل منع و ذلك لأنّ الخارج من أصل التركة عنوانان ...

 

417
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 لو أوصى بما يجب عليه من باب الاحتياط وجب إخراجه من الأصل أيضا ص 417

..........

______________________________
أحدهما: الدين.

و الآخر: حجة الإسلام.

و كلاهما عنوان وجودي و يترتب على ذلك أن الوارث إذا شك في ثبوت الدين في ذمة الميت فلا يمكن التمسك باطلاق الكتاب و السنة لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

نعم، إذا علم بأن ذمته كانت مشغولة بالدين و شك في الفراغ فلا مانع من استصحاب بقاء الاشتغال، و به يحرز موضوع العام، كما أنه إذا شك في ثبوت حجة الإسلام في ذمته و عدم ثبوتها فالأمر أيضا كذلك إلّا إذا علم بأن ذمته كانت مشغولة بالحج و شك في الفراغ فلا مانع من استصحاب بقاء الاشتغال و به يحرز موضوع الدليل العام و هو ما دل على أنه يخرج من أصل ماله، و أما إذا علم أن الميت حينما حج في حياته لم يتمكن من ادراك الموقف في عرفة لا الاختياري منه و لا الاضطراري و إنما أدرك الموقف في المشعر فقط، ففي مثل هذه الحالة ..

فتارة تكون كفاية ذلك عن حجة الإسلام محل اشكال بنظر الميت و الوارث معا.

و أخرى محل اشكال بنظر الميت دون الوارث.

و ثالثة بالعكس.

و على الأول: إن قلنا بجريان الاستصحاب في مورد قاعدة الاشتغال كما هو الصحيح جرى استصحاب بقاء اشتغال ذمته بالحج و به يحرز موضوع العام فيترتب عليه أثره و هو اخراجه من أصل المال. و إن قلنا بعدم جريانه فقاعدة الاشتغال لا تثبت الموضوع فلا يمكن الحكم حينئذ باخراجه من الأصل.

و على الثاني: فلا يجب على الوارث اخراجه منه على أساس أنه يرى فراغ‌

 

418
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 لو أوصى بما يجب عليه من باب الاحتياط وجب إخراجه من الأصل أيضا ص 417

الاحتياط وجب العمل به لكن يخرج من الثلث، و كذا لو أوصى بالاستئجار عنه أزيد من عمره فإنه يجب العمل به و الإخراج من الثلث، لأنه يحتمل أن يكون ذلك من جهة احتماله الخلل في عمل الأجير، و أما لو علم فراغ ذمته علما قطعيا فلا يجب و إن أوصى به، بل جوازه أيضا محل إشكال (1).

[مسألة 7: إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به]

[1819] مسألة 7: إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به

______________________________
ذمته عن الحج في الواقع و أن ما أتى به من الحج في زمن حياته فهو صحيح، و على هذا فلا موضوع حينئذ لإخراجه من الأصل.

و على الثالث: فهل يجب على الوارث اخراجه من الأصل أو من الثلث؟

الظاهر هو الأول و ذلك لأنّ النظر البدوي إلى الروايات التي تنص على أن الحج يخرج من صلب المال و إن كان يقتضي عدم الشمول لهذه الحالة إلّا أن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي أن الموضوع هو اشتغال ذمة الميت بحجة الإسلام سواء لم يحج أصلا أم حج و لكنه كان فاسدا، و لا يكون مبرئا لذمته، و على هذا الأساس فإن كان نظر الوارث إلى وجوب اعادة الحج في هذه الحالة احتياطا مبنيا على قاعدة الاشتغال لم يجب اخراجه من الأصل لأنّ هذه القاعدة لا تثبت موضوع هذا الحكم و هو ثبوت حجة الإسلام في ذمته.

فإذن يجب اخراجه من الثلث، و إن كان مبنيا على الاستصحاب وجب اخراجه من الأصل باعتبار أنه يثبت الموضوع و يقوم مقام القطع الطريقي.

(1) بل منع، و الأقوى عدم الجواز فضلا عن الوجوب لما مرّ من أن معنى النيابة هو أن يقوم النائب مقام المنوب عنه في الاتيان بعمله كالصلاة و نحوها، فإذا كانت ذمته فارغة واقعا فلا موضوع للنيابة، بل يكون الاتيان بالعمل حينئذ ناويا به ما هو في ذمته مع علمه بأن ذمته فارغة عند تشريع محرم.

 

419
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به ص 419

فإن اشترط المباشرة بطلت الإجارة (1) بالنسبة إلى ما بقي عليه و تشتغل

______________________________
(1) في البطلان مطلقا اشكال بل منع، فإنه مبني على الالتزام بأحد أمرين ..

الأول: أن يكون مرجع هذا الاشتراط إلى تقييد العمل المستأجر عليه.

الثانى: أن لا يمضي زمان يتمكن الأجير من الاتيان بالعمل فيه.

أما الأمر الأول: فالمرجع في ذلك هو العرف العام، و لا يبعد أن يكون ذلك شرطا بنظرهم لا قيدا، و تخلفه لا يوجب الا الخيار.

و أما الأمر الثانى: فإن قلنا انه يكفي في صحة الاجارة مضي زمان يتمكن الأجير من الاتيان بالعمل فيه فعندئذ إن مات الأجير بعد مضي ذلك الزمان فالاجارة صحيحة، و إن مات قبل ذلك فالاجارة باطلة، و إما إن قلنا بأن صحة الاجارة مرهونة بتمكن الأجير من تسليم العمل المستأجر عليه في مدة الاجارة فإن تمكن منه في تلك المدة و لم يقم بتسليمه فالاجارة صحيحة، و إن لم يتمكن منه فيها فالاجارة باطلة على أساس أنه مأمور بتسليم العمل في هذه المدة لا في أقل منها، و لكن الظاهر هو الأول، لأنّ مدة الاجارة إذا كانت أوسع من مقدار الاتيان بالعمل المستأجر عليه كما هو الغالب كان الأجير مخيرا بين أن يقوم به في أول الوقت أو آخره، و عليه فإذا مضى من الوقت مقدار منه يتمكن الأجير فيه من الاتيان بالعمل ثم مات أو عجز فالاجارة صحيحة لأنّ هذا الوقت من المبدأ إلى المنتهى وقت تسليم العمل، و أما صحة الاجارة فهي مرهونة بقدرة الأجير على تسليمه فإذا مضى من مدة الاجارة زمن يقدر على تسليمه فيه و لكنه لم يقم بذلك ثم مات أو عجز صحت الاجارة على أساس انه في ذلك الزمن مالك لعمله ذاتا، فإذا كان مالكا صح تمليكه لآخر بعقد الايجار باعتبار انه قادر على تسليمه فيه، غاية الأمر يثبت الخيار حينئذ للمستأجر، و إن لم يمض من المدة زمن كذلك بطلت الاجارة بالنسبة إلى الباقى.

 

420
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به ص 419

ذمته بمال الإجارة إن قبضه فيخرج من تركته، و إن لم يشترط المباشرة وجب استئجاره من تركته إن كان له تركة، و إلا فلا يجب على الورثة كما في سائر الديون إذا لم يكن له تركة، نعم يجوز تفريغ ذمته من باب الزكاة أو نحوها أو تبرعا.

[مسألة 8: إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري و مع ذلك كان عليه فوائت من نفسه]

[1820] مسألة 8: إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري و مع ذلك كان عليه فوائت من نفسه فإن وقت التركة بها فهو (1)، و إلا قدم الاستئجاري (2)

______________________________
و إن شئت قلت: ان الاجارة صحيحة بالنسبة إلى ما مضى من المدة و باطلة بالنسبة إلى ما بقي منها، و يدل على هذا التبعيض مضافا إلى سيرة العقلاء قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة محمد بن مسلم: (فدعوتهما إليّ فقلت للذي اكترى:

ليس لك يا عبد اللّه أن تذهب بكراه دابة الرجل كله، و قلت للآخر: يا عبد اللّه ليس لك أن تأخذ كراه دابتك كله، و لكن انظر قدر ما بقي من الموضع و قدر ما اركبته فاصطلحا عليه ففعلا ...) «1» و لو لا هذه السيرة و ذاك النص فلا يمكن القول بالتبعيض على أساس القاعدة، فإن انحلال عقد الاجارة الى عقود متعددة بتعدد المنافع في الأزمنة المحدودة لا يجدى، لأنّ تلك العقود المتعددة عقود ضمنية تحليلية فلا تكون مشمولة لأدلة الامضاء.

(1) تقدم أن الواجبات البدنية كالصلاة و الصيام و نحوهما لا تخرج من الأصل، فإن الخارج منه الديون المالية، و بما أن العمل الاستيجاري دين في ذمة الميت فيجب اخراجه من الأصل دون تلك الواجبات.

(2) مرّ أنّه قدم مطلقا و أمّا بناء على ما ذكره قدّس سرّه من أنّ الواجبات البدنية تخرج من أصل التركة كالديون فمقتضى القاعدة هو التقسيط لا التقديم، و ما ذكره قدّس سرّه من أنّ دين الناس مقدم على دين اللّه تعالى في مقام المزاحمة لا دليل عليه.

______________________________
(1) الوسائل ج 19 باب: 12 من كتاب الإجارة الحديث: 1.

 

421
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 8 إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري و مع ذلك كان عليه فوائت من نفسه ص 421

لأنه من قبيل دين الناس.

[مسألة 9: يشترط في الأجير أن يكون عارفا بأجزاء الصلاة و شرائطها و منافياتها]

[1821] مسألة 9: يشترط (1) في الأجير أن يكون عارفا بأجزاء الصلاة و شرائطها و منافياتها و أحكام الخلل عن اجتهاد أو تقليد صحيح.

[مسألة 10: الأحوط اشتراط عدالة الأجير]

[1822] مسألة 10: الأحوط اشتراط عدالة الأجير (2) و إن كان الأقوى كفاية الاطمئنان بإتيانه على الوجه الصحيح و إن لم يكن عادلا.

[مسألة 11: في كفاية استئجار غير البالغ و لو بإذن وليه إشكال]

[1823] مسألة 11: في كفاية استئجار غير البالغ و لو بإذن وليه إشكال (3) و إن قلنا بكون عباداته شرعية و العلم بإتيانه على الوجه الصحيح، و إن كان لا يبعد، و كذا لو تبرع عنه مع العلم المذكور.

[مسألة 12: لا يجوز استئجار ذوي الأعذار]

[1824] مسألة 12: لا يجوز استئجار ذوي الأعذار خصوصا من كان

______________________________
(1) في الاشتراط اشكال بل منع، لأنّه إن أريد به أن معرفة الأجير دخيلة في صحة الاجارة، فيرد عليه: أن صحتها لا تتوقف عليها، و إنما تتوقف على تمكنه من الاتيان بالعمل الواقع عليه الاجارة، و من المعلوم أنه لا يتوقف على معرفته.

و إن أريد به أنها دخيلة في فراغ ذمة المنوب عنه ...

فيرد عليه: أن فراغ ذمته متوقف على صحة عمله لا على معرفته بتمام اجزائه و شروطه تفصيلا، إذ يمكن أن يكون النائب جاهلا و مع ذلك يكون عمله صحيحا، كما إذا كان بناؤه في مقام العمل على الاحتياط في موارد الجهل، أو يكون جاهلا فيما يعذر فيه الجاهل.

(2) بل الأظهر كفاية الوثاقة و إن لم يكن عادلا.

(3) بل الأظهر عدم الكفاية و إن قلنا بمشروعية عباداته حيث انه لا ملازمة بينها و بين اجزائها عن عبادة غيره و بدليتها عنها فإن ذلك بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه. و أما نصوص النيابة فهي و إن كانت مطلقة إلّا أنّ حديث الرفع يقيد اطلاقها بغير البالغ.

 

422
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 لا يجوز استئجار ذوي الأعذار ص 422

صلاته بالإيماء أو كان عاجزا عن القيام و يأتي بالصلاة جالسا و نحوه و إن كان ما فات من الميت أيضا كان كذلك، و لو استأجر القادر فصار عاجزا وجب عليه التأخير إلى زمان رفع العذر، و إن ضاق الوقت انفسخت الإجارة (1).

[مسألة 13: لو تبرع العاجز عن القيام مثلا عن الميت ففي سقوطه عنه إشكال]

[1825] مسألة 13: لو تبرع العاجز عن القيام مثلا عن الميت ففي سقوطه عنه إشكال (2).

[مسألة 14: لو حصل للأجير سهو أو شك يعمل بأحكامه على وفق تقليده أو اجتهاده]

[1826] مسألة 14: لو حصل للأجير سهو أو شك يعمل بأحكامه على وفق تقليده أو اجتهاده (3)، و لا يجب عليه إعادة الصلاة.

[مسألة 15: يجب على الأجير أن يأتي الصلاة على مقتضى تكليف الميت اجتهادا أو تقليدا]

[1827] مسألة 15: يجب على الأجير أن يأتي الصلاة على مقتضى تكليف الميت اجتهادا أو تقليدا (4)، و لا يكفي الإتيان بها على مقتضى تكليف

______________________________
(1) هذا إذا لم يمض من الوقت بمقدار كان الأجير متمكنا من الاتيان بالعمل المستأجر عليه فيه و إلّا فالاجارة صحيحة كما مرّ في المسألة (7).

(2) بل لا اشكال في عدم السقوط إذ لا فرق فيه بين المتبرع و الأجير حيث أن ملاك عدم السقوط في كليهما واحد و هو أن ذمة الميت مشغولة بالصلاة التامة و هي صلاة المختار فلا تسقط بالصلاة الناقصة و هي صلاة العاجز باعتبار عدم انطباقها عليها.

(3) في اطلاقه اشكال بل منع يظهر وجهه من المسائل الآتية.

(4) في اطلاقه اشكال بل منع يظهر وجهه من خلال بيان صور المسألة:-

الأولى: إذا أوصى الميت بالاستئجار عنه في الصلاة و الصيام و نحوهما.

الثانية: إذا لم يوص به لا عموما و لا خصوصا و إن أوصى بالثلث و لكن جعل مصرفه باختيار الوصى.

الثالثة: إذا قام وليه بالاستئجار عنه.

 

423
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 يجب على الأجير أن يأتي الصلاة على مقتضى تكليف الميت اجتهادا أو تقليدا ص 423

..........

______________________________
الرابعة: إذا قام شخص بصلاته و صيامه تبرعا أو استأجر آخر عنه كذلك.

أما الصورة الأولى: فإن علم الأجير اجتهادا أو تقليدا بخطإ نظر الميت، كما إذا كان نظره عدم وجوب السورة مثلا في الصلاة على أساس اصالة البراءة، و الأجير قد بنى على وجوبها على أساس أنه ظفر برواية معتبرة كان الميت لم يظفر بها، أو ظفر و لكنه تخيل أنها ساقطة سندا، فلا يمكن له أن يعمل على طبق تكليف الميت باعتبار انه يرى بطلان الصلاة بلا سورة، فمن أجل ذلك ليس بإمكانه أن يأتي بها ناويا للقربة، و إذا كان نظر الميت وجوب السورة في الصلاة على أساس قاعدة الاشتغال في مسألة الأقل و الأكثر الارتباطيين و نظر الأجير عدم وجوبها على أساس أصالة البراءة فيها، ففي مثل هذه الحالة يجب على الأجير أن يعمل على طبق نظر الميت باعتبار أن مقتضى الوصية بالاستئجار عنه هو العمل بما يراه الميت صحيحا، بل الأمر كذلك و إن كان عدم الوجوب بنظر الأجير مبنيا على أساس دليل اجتهادى، فإنه حينئذ و إن رأى عدم اشتغال ذمة الميت إلا بالصلاة بدون السورة و لكن مع ذلك كان مقتضى الوصية وجوب الاتيان بها بداعي احتمال وجوبها في الواقع و ثبوتها في عهدته، هذا إذا كان المتفاهم العرفي من الوصية ذلك، و أما إذا كان المتفاهم العرفي منها و لو بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أن الغرض الداعي له اليها هو الايجار على عمل يكون مبرءا لذمته و خلاصه من المسؤولية بلا خصوصية لنظره، فعندئذ يجوز للأجير أن يعمل على طبق وظيفته.

و الحاصل: ان الوصية تختلف باختلاف الموارد و الاشخاص و ليس لها ضابط كلي في تمام الموارد، و على هذا فإذا لم يحرز نظره في الوصية كان الأجدر و الأحوط أن يعمل على طبق نظره، و لا فرق في ذلك بين أن يكون وجوبها ثابتا بنظره على أساس دليل اجتهادي أو قاعدة الاشتغال إلّا فيما إذا لم يتمكن الأجير‌

 

424
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 يجب على الأجير أن يأتي الصلاة على مقتضى تكليف الميت اجتهادا أو تقليدا ص 423

..........

______________________________
من الاتيان به بقصد القربة.

و أمّا الصورة الثانية: فإذا استأجر الوصي شخصا لصلاة الميت من دون وصيته بذلك فمقتضى أن الاستئجار إنما هو بغرض تفريغ ذمة الميت أن الأجير ملزم بالعمل على طبق تكليفه اجتهادا أو تقليدا لا تكليف نفسه إلّا في موردين:

أحدهما: ما إذا رأى الأجير أن العمل على طبق تكليف الميت غير مشروع و ليس بإمكانه الاتيان به بداعي القربة.

و الآخر: ما إذا رأى اجتهادا أو تقليدا أن ذمة الميت لم تكن مشغولة بما كان معتقدا به كذلك، كما إذا علم أنه كان معتقدا بوجوب السورة في الصلاة أو التسبيحات الأربع ثلاث مرات على أساس قاعدة الاشتغال في مسألة الأقل و الأكثر، و لكن الأجير يرى عدم وجوبها و كفاية التسبيحات الأربع مرة واحدة على أساس دليل اجتهادى، و في مثل هذه الحالة لا يجب على الأجير أن يقوم بالعمل على طبق تكليف الميت لأنّ الاجارة لا تقتضي أكثر من قيامه بما يكون مبرءا لذمته، و مع ذلك كان الأجدر و الأحوط مراعاة تكليف الميت فيها.

و أما الصورة الثالثة: و هي ما إذا قام الولي باستئجار شخص عن الميت، فالحال فيها هو الحال في الصورة الثانية إلّا في فرض واحد و هو ما إذا كان نظر الولي موافقا لنظر الميت، فإنّه حينئذ يرى الولي أن صلاة الأجير بلا سورة أو بدون الاتيان بالتسبيحات الأربع ثلاث مرات باطلة على أساس قاعدة الاشتغال و لا تحصل براءة ذمة الميت بها ظاهرا، مع أنّه موظف بتفريغ ذمته عنها مباشرة أو بالواسطة، بأن يكون واثقا و متأكدا منه، فمن أجل ذلك يجب على الأجير في هذا الفرض أن يأتي بالسورة أو بالتسبيحات الأربع ثلاث مرات. نعم إذا كان نظر الولي موافقا لنظر الأجير لم تجب مراعاة تكليف الميت و إن كانت أجدر و أولى.

 

425
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 يجب على الأجير أن يأتي الصلاة على مقتضى تكليف الميت اجتهادا أو تقليدا ص 423

نفسه، فلو كان يجب عليه تكبير الركوع أو التسبيحات الأربع ثلاثا أو جلسة الاستراحة اجتهادا أو تقليدا و كان في مذهب الأجير عدم وجوبها يجب

______________________________
و أمّا الصورة الرابعة: و هي ما إذا صلّى شخص عن الميت تبرعا فلا تجب عليه مراعاة تكليف الميت، و أما إذا استأجر شخصا آخر للقيام باعماله من الصلاة و نحوها فبما أن الظاهر من الاجارة هو أنها لتفريغ ذمة الميت على أساس أنه يدعوا إليها فتجب عليه مراعاة وظيفة الميت فيما إذا كانت الصلاة بلا سورة مثلا صحيحة عنده ظاهرا على أساس اصالة البراءة، و لكنها كانت فاسدة عند الميت، فإن في مثل ذلك بما أنه لا يترتب على أصالة البراءة فراغ ذمة الميت، و إنما المترتب عليها نفي تنجيز الواقع و العذر في مخالفته فلا يكون واثقا و متأكدا من براءة ذمته بها، و مقتضى عقد الاجارة انه ملزم باحراز فراغ ذمته. نعم إذا كانت الصلاة المذكورة صحيحة عند الأجير واقعا على أساس دليل اجتهادي يكون مفاده نفي وجوب الصلاة مع السورة و عدم اشتغال ذمته بها لكفى الاتيان بها و يكون واثقا و متأكدا بابراء ذمته حيث انه لا يرى اشتغالها بأكثر منها. هذا كله في فرض العلم بالمخالفة بين نظر الميت و نظر الأجير، و أما مع الجهل و عدم العلم بها كما هو الغالب فلا يجب الفحص على كل من الوصي و الولي عن نظر الأجير، و لا على الأجير عن نظر الميت إذ يكفي في الأول الوثوق و الاطمئنان بالأجير و التأكد من انه يقوم بالاتيان بالصلاة الصحيحة التامة، و أما في الثاني فيكفي كونه متأكدا و واثقا بأن ما أتى به من الصلاة مبرئ لذمة الميت، و مع ذلك كان الأجدر عليه مراعاة الاحتياط.

ثم إن ما ذكرناه من النزاع في أن الواجب على الأجير هل هو العمل على طبق تكليف نفسه أو تكليف الميت إنما هو في شروط الصلاة و اجزائها دون شروط المصلي كالستر و الجهر و الخفت و نحوها، كما إذا كان النائب رجلا و المنوب عنه امرأة أو بالعكس.

 

426
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 يجب على الأجير أن يأتي الصلاة على مقتضى تكليف الميت اجتهادا أو تقليدا ص 423

عليه الإتيان بها، و أما لو انعكس فالأحوط الإتيان بها أيضا لعدم الصحة عند الأجير على فرض الترك، و يحتمل الصحة إذا رضي المستأجر بتركها، و لا ينافي ذلك البطلان في مذهب الأجير إذا كانت المسألة اجتهادية ظنية لعدم العلم بالبطلان فيمكن قصد القربة الاحتمالية، نعم لو علم علما وجدانيا بالبطلان لم يكف لعدم إمكان قصد القربة حينئذ، و مع ذلك لا يترك الاحتياط.

[مسألة 16: يجوز استئجار كل من الرجل و المرأة للآخر]

[1828] مسألة 16: يجوز استئجار كل من الرجل و المرأة للآخر، و في الجهر و الإخفات يراعى حال المباشر، فالرجل يجهر في الجهرية و إن كان نائبا عن المرأة، و المرأة مخيرة و إن كانت نائبة عن الرجل.

[مسألة 17: يجوز مع عدم اشتراط الانفراد الإتيان بالصلاة الاستئجارية جماعة إماما كان الأجير أو مأموما]

[1829] مسألة 17: يجوز مع عدم اشتراط الانفراد الإتيان بالصلاة الاستئجارية جماعة إماما كان الأجير أو مأموما، لكن يشكل الاقتداء بمن يصلي الاستئجاري إلا إذا علم اشتغال ذمة من ينوب عنه بتلك الصلاة، و ذلك لغلبة كون الصلوات الاستئجارية احتياطية (1).

[مسألة 18: يجب على القاضي عن الميت أيضا مراعاة الترتيب في فوائته]

[1830] مسألة 18: يجب على القاضي عن الميت أيضا مراعاة الترتيب في فوائته (2) مع العلم به، و مع الجهل يجب اشتراط التكرار المحصل له

______________________________
(1) و فيه أنه لا وجه لتعليل عدم جواز الاقتداء بالغلبة، فانها علة لعدم حصول العلم بالاشتغال لا لعدم جواز الاقتداء إذ يكفي فيه عدم احراز الاشتغال، و هو لا يتوقف على الغلبة.

(2) قد مرّ عدم اعتبار الترتيب في القضاء إلّا في الصلاتين المترتبتين بالاصالة على تفصيل تقدم في المسألة (16) من صلاة القضاء و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

 

427
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 18 يجب على القاضي عن الميت أيضا مراعاة الترتيب في فوائته ص 427

خصوصا إذا علم أن الميت كان عالما بالترتيب.

[مسألة 19: إذا استؤجر لفوائت الميت جماعة يجب أن يعين الوقت لكل منهم ليحصل الترتيب الواجب]

[1831] مسألة 19: إذا استؤجر لفوائت الميت جماعة يجب أن يعين الوقت لكل منهم ليحصل الترتيب الواجب، و أن يعين لكل منهم أن يبتدئ في دوره بالصلاة الفلانية مثل الظهر، و أن يتمم اليوم و الليلة في دوره، و أنه إن لم يتمم اليوم و الليلة بل مضى وقته و هو في الأثناء أن لا يحسب ما أتى به و إلا لاختل الترتيب، مثلا إذا صلى الظهر و العصر فمضى وقته أو ترك البقية مع بقاء الوقت ففي اليوم الآخر يبدأ بالظهر و لا يحسب ما أتى به من الصلاتين.

[مسألة 20: لا تفرغ ذمة الميت بمجرد الاستئجار]

[1832] مسألة 20: لا تفرغ ذمة الميت بمجرد الاستئجار بل يتوقف على الإتيان بالعمل صحيحا، فلو علم عدم إتيان الأجير أو أنه أتى به باطلا وجب الاستئجار ثانيا، و يقبل قول الأجير بالإتيان به صحيحا (1)، بل الظاهر جواز الاكتفاء ما لم يعلم عدمه حملا لفعله على الصحة (2) إذا انقضى وقته،

______________________________
(1) هذا إذا كان ثقة.

(2) في الحمل على الصحة اشكال بل منع لأنّ موضوع أصالة الصحة هو ما إذا تحقق فعل في الخارج و شك في انطباق المأمور به عليه مع توفر شروطها العامة كأهلية الفاعل و صدور الفعل منه في الخارج و قابليته للاتصاف بالصحة و الفساد على أساس أن تلك الشروط من مقومات الاصالة، و بما أنّ صدور الفعل من الأجير في الخارج غير معلوم فلا يمكن التمسك بها، فإن مدلولها هو حكم الشارع بتطبيق المأمور به على المأتي به في الخارج و مع الشك في وجوده فيه فالموضوع غير محرز. نعم قد يدعى أن وقت الاجارة إذا انقضى كان امارة على أن الأجير قد أتى بالعمل بحيث يكون المستأجر واثقا و متأكدا من ذلك، و لكن قد يشك في صحته و فساده فلا مانع حينئذ من التمسك بالأصالة لا ثبات صحته،

 

428
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 20 لا تفرغ ذمة الميت بمجرد الاستئجار ص 428

و أما إذا مات قبل انقضاء المدة فيشكل الحال، و الأحوط تجديد استئجار مقدار ما يحتمل بقاؤه من العمل (1).

[مسألة 21: لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل إلا مع إذن المستأجر]

[1833] مسألة 21: لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل إلا مع إذن المستأجر أو كون الإجارة واقعة على تحصيل العمل أعم من المباشرة و التسبيب، و حينئذ فلا يجوز أن يستأجر بأقل من الأجرة المجعولة له إلا أن يكون آتيا ببعض العمل و لو قليلا.

[مسألة 22: إذا تبرع متبرع عن الميت قبل عمل الأجير ففرغت ذمة الميت انفسخت الإجارة]

[1834] مسألة 22: إذا تبرع متبرع عن الميت قبل عمل الأجير ففرغت ذمة الميت انفسخت الإجارة (2) فيرجع المؤجر بالأجرة أو ببقيتها إن أتى ببعض العمل.

______________________________
و لكن لا أساس لهذه الدعوى، فإن انقضاء وقت الاجارة في نفسه لا يصلح أن يكون امارة كاشفة عن اتيان الأجير بالعمل و مفيدة للوثوق و الاطمئنان به ما لم تكن هناك جهة أخرى و إلّا فلازمه ان لا يشك المستأجر فيه.

(1) بل هو الأقوى إذا كان الاستئجار من قبل الميت واجبا، فإن المقدار الذي يكون المستأجر واثقا و متأكدا باتيان الأجير به فقد برئت ذمة الميت عنه فلا مقتضي للاستئجار ثانيا، و أما المقدار الذي لا يكون واثقا و متأكدا باتيانه فيجب عليه الاستئجار ثانيا لكي يحصل له الوثوق و الاطمئنان بفراغ ذمته منه.

(2) في اطلاقه اشكال بل منع، فإن الاجارة إنما تنفسخ إذا لم يمض من حينها إلى زمان قيام المتبرع بالعمل زمن يتمكن الأجير من الاتيان بالعمل فيه، و إلّا صحت و يرجع المستأجر إلى الأجير و يطالبه بقيمة العمل المستأجر عليه لا بالأجرة المسماة، نعم إذا بطلت يطالبه بالأجرة، و حينئذ فإن كان الأجير آتيا ببعض العمل استحق اجرة المثل بالنسبة إليه دون المسمّى.

 

429
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 إذا تبرع متبرع عن الميت قبل عمل الأجير ففرغت ذمة الميت انفسخت الإجارة ص 429

نعم لو تبرع متبرع عن الاجير ملك الاجرة (1).

[مسألة 23: إذا تبين بطلان الإجارة بعد العمل استحق الأجير اجرة المثل بعمله]

[1835] مسألة 23: إذا تبين بطلان الإجارة بعد العمل استحق الأجير اجرة المثل بعمله، و كذا إذا فسخت الإجارة من جهة الغبن لأحد الطرفين.

[مسألة 24: إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال من يوم معين إلى الغروب فأخّر]

[1836] مسألة 24: إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال من يوم معين إلى الغروب فأخّر حتى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات و لم يصلّ صلاة عصر ذلك اليوم ففي وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه أو الصلاة الاستئجارية إشكال (2) من أهمية صلاة الوقت و من كون صلاة الغير من قبيل حق الناس المقدم على حق اللّه.

[مسألة 25: إذا انقضى الوقت المضروب للصلاة الاستئجارية و لم يأت بها]

[1837] مسألة 25: إذا انقضى الوقت المضروب للصلاة الاستئجارية و لم يأت بها أو بقي منها بقية لا يجوز له أن يأتي بها بعد الوقت إلا بإذن جديد من المستأجر.

[مسألة 26: يجب تعيين الميت المنوب عنه و يكفي الإجمالي]

[1838] مسألة 26: يجب تعيين الميت المنوب عنه و يكفي الإجمالي، فلا يجب ذكر اسمه عند العمل بل يكفي من قصده المستأجر أو صاحب المال

______________________________
(1) هذا إذا لم يشترط المباشرة، و أما إذا اشترطت فعلى القول بأنها قيد للعمل المستأجر عليه كما هو ظاهر الماتن قدّس سرّه فتبطل الاجارة، فلا يملك الأجير الأجرة عندئذ، و على القول بأنها شرط كما هو غير بعيد فهو يملك الأجرة و لكن مع ثبوت الخيار حينئذ للمستأجر.

(2) بل لا اشكال في وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه على أساس أن فريضة الوقت أهم من الصلاة الاستئجارية، فإذا وقعت المزاحمة بينهما وجب تقديم الأولى على الثانية بملاك الأهمية، و أما تقديم حق الناس على حق اللّه تعالى فهو بعنوانه غير ثابت و لا دليل عليه، بل في كل مورد تقع المزاحمة بينهما فالمرجع هو قواعد باب المزاحمة.

 

430
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 26 يجب تعيين الميت المنوب عنه و يكفي الإجمالي ص 430

أو نحو ذلك.

[مسألة 27: إذا لم يعين كيفية العمل من حيث الإتيان بالمستحبات]

[1839] مسألة 27: إذا لم يعين كيفية العمل من حيث الإتيان بالمستحبات يجب الإتيان على الوجه المتعارف.

[مسألة 28: إذا نسي بعض المستحبات التي اشترطت عليه أو بعض الواجبات مما عدا الأركان فالظاهر نقصان الاجرة بالنسبة]

[1840] مسألة 28: إذا نسي بعض المستحبات التي اشترطت عليه أو بعض الواجبات مما عدا الأركان فالظاهر نقصان الاجرة بالنسبة (1) إلا إذا كان المقصود تفريغ الذمة على الوجه الصحيح.

[مسألة 29: لو آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر و لم يمكن الاستعلام من المؤجر أيضا]

[1841] مسألة 29: لو آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر و لم يمكن الاستعلام من المؤجر أيضا فالظاهر وجوب الاحتياط بالجمع، و كذا لو آجر نفسه لصلاة و شك أنها الصبح أو الظهر مثلا وجب الإتيان بهما.

[مسألة 30: إذا علم أنه كان على الميت فوائت و لم يعلم أنه أتى بها قبل موته أو لا]

[1842] مسألة 30: إذا علم أنه كان على الميت فوائت و لم يعلم أنه أتى بها قبل موته أو لا فالأحوط الاستئجار عنه (2).

______________________________
(1) هذا إذا كانت الاجزاء غير الركنية و بعض المستحبات مأخوذة في متعلق الاجارة بالنص، و أما إذا كانت الاجارة على العمل الصحيح شرعا المبري لذمة الميت كما هو الغالب في الخارج فلا يترتب على نسيانها شي‌ء باعتبار أن تلك الأجزاء غير دخيلة في الصحة حال النسيان، فإذا صلّى المصلي ناسيا لها صحت صلاته، و على هذا فالصلاة المستأجر عليها صحيحة في حالتي التفات المكلف إلى تلك الأجزاء و نسيانها لها فإذا كانت صحيحة و مبرئة للذمة فلا موجب لنقصان الأجرة. و أما لزوم الاتيان ببعض المستحبات فهو من جهة انصراف اطلاق الاجارة و من المعلوم أن هذا الانصراف يختص بحال كون المكلف ذاكرا لا ناسيا.

(2) بل الأقوى ذلك فيما إذا كان الاستئجار واجبا من قبل الميت على الوصي أو الولي على تقدير وجود الفوائت في ذمته، و بما أن الوصي أو الولي كان يعلم بوجودها في ذمته و يشك في أنه أتى بها قبل موته أو لا، فيلجأ إلى استصحاب بقائها و يترتب عليه وجوب الاستئجار عنه.

 

431
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في قضاء الولي ص 433

[فصل في قضاء الولي]

فصل في قضاء الولي يجب على ولي الميت رجلا كان الميت أو امرأة على الأصح حرّا كان أو عبدا أن يقضي عنه ما فاته من الصلاة لعذر (1) من مرض أو سفر أو

______________________________
(1) في التخصيص اشكال بل منع، و الأظهر وجوب قضاء الفائت منه مطلقا و لو كان عن عمد و التفات، لإطلاق صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام، قال: يقضي عنه أولى الناس بميراثه ..) «1» فان جملة (و عليه صلاة أو صيام) و إن وردت في كلام السائل، إلّا أن الامام عليه السّلام في مقام الجواب لم يفصل بين ان ما عليه من صلاة أو صيام قد فات عنه عن عذر أو عن عمد و التفات.

و دعوى انصرافها الى ما عليه عن عذر ... بعيدة عن الواقع جدا، فإن كلمة (عليه) تنص على ثبوت الفائت في ذمته، و من المعلوم انه لا فرق فيه بين أن يكون منشأه الترك العمدي أو العذرى، هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أنه لا فرق بين أن يكون الميت رجلا أو امرأة و ذلك لقوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: (و اما الطمث و المرض فلا، و أما السفر فنعم ...) «2» فانه يدل على أنه يقضي عنها في السفر دون الطمث و المرض.

و المناقشة في دلالته على الوجوب بحمل السؤال في الصحيحة على السؤال عن اصل الجواز و المشروعية على أساس أن في مشروعية القضاء من‌

______________________________
(1) الوسائل ج 10 باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 5.

(2) الوسائل ج 10 باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4.

 

433
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في قضاء الولي ص 433

..........

______________________________
الولي مع عدم ثبوته في حق الميت اشكال ... في غير محلّها، لأنّ الصحيحة التي تدل على مشروعية القضاء عنها في السفر دون المرض و الطمث ظاهرة في وجوبه على الولي، و لا معنى لحمل السؤال فيها على الجواز بالمعنى الأخص حينئذ، و على هذا فحكم الامام عليه السّلام بأنه يقضي عنها في السفر بقوله: (فنعم) دون الطمث و المرض ظاهر عرفا في وجوب القضاء عنها. و قد نصت مجموعة أخرى من الروايات على الفرق بين السفر و المرض و الطمث بوجوب القضاء عن الميت في الأول دون الثاني و الثالث.

و أما قوله عليه السّلام في صحيحة أبي بصير: (فإن اللّه لم يجعله عليها) «1» و إن كان بمثابة التعليل لعدم وجوب قضاء ما لا يجب عليه في حال حياته على أساس عدم قدرته عليه، كما إذا مرض في شهر رمضان و افطر فيه ثم مات قبل خروج الشهر أو بعده بزمن لم يتمكن من القضاء فيه، أو طمثت فيه ثم ماتت، إلّا أن الروايات المذكورة التي يكون موردها السفر خاصة تحكم على اطلاق التعليل و تقيده بسائر الاعذار دون السفر.

و إن شئت قلت: إن التعليل في صحيحة أبي بصير يكشف عن أن الصيام الفائت غير ثابت في عهدته واقعا في الشريعة المقدسة إذا كان مستندا إلى المرض أو الطمث شريطة عدم تمكن المريض أو الطامث من القضاء، و ثابت في عهدته كذلك إذا كان مستندا إلى السفر على الرغم من عدم تمكن المسافر من القضاء في حال حياته.

فالنتيجة: ان مقتضى تلك الروايات أن الصوم الفائت إذا كان مستندا إلى السفر ثابت في عهدته و إن لم يجب عليه في حال حياته على أساس عدم اتاحة الفرصة له للقيام به.

______________________________
(1) الوسائل ج 10 باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 12.

 

434
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في قضاء الولي ص 433

حيض (1) فيما يجب فيه القضاء و لم يتمكن من قضائه (2)، و إن كان

______________________________
ثم أن مورد صحيحة محمد بن مسلم و إن كان الصوم إلّا أنّ العرف لا يفهم منه خصوصية فلا يرى الفرق بينه و بين الصلاة من هذه الناحية، فكما يجب على الولي قضاء صوم الأم فكذلك قضاء صلاتها، و يؤيد ذلك بل يؤكده ما ورد في جملة من الروايات من أنه لا يقضى عن الحائض في شهر رمضان إذا ماتت فيه، و عن المرأة إذا مرضت فيه ثم ماتت. و وجه التأكيد ان عدم وجوب القضاء على الولي عنها في المسألة إنما هو على أساس عدم المقتضي له باعتبار أنه لم يكن واجبا على الأصيل حتى يجب على البديل.

و من هنا لسنا بحاجة إلى الروايات الدالة على عدم وجوب القضاء على الولي إذا لم يكن واجبا على الميت بل يكون على القاعدة، و ما دل على وجوب القضاء عليه كصحيحة حفص فهو ظاهر في أنه واجب على الميت أيضا فلا يعم ما نحن فيه.

(1) في عدّ المرض و السفر من الأعذار المسوّغة لترك الصلاة اشكال بل منع. فإن المرض ليس بعذر للمريض في تركه الصلاة نهائيا بل هو يصلي كغيره حسب طاقته من الصلاة جالسا أو مضطجعا أو مع الايماء، و السفر لا يكون عذرا للمسافر في ترك الصلاة، فإنه يصلي على حسب وظيفته و هي الصلاة قصرا، و أما الحيض فإن كان مستوعبا لتمام الوقت فلا يوجب القضاء، و إن لم يكن مستوعبا لذلك بأن مضى من الوقت مقدارا تتمكن من الصلاة فيه ثم فاجأها الحيض، فعندئذ يجب عليها قضاء ما فات.

(2) بل مع التمكن منه، إذا قد مرّ أن مقتضى التعليل في صحيحة أبي بصير عدم وجوب القضاء على الولي إذا لم يكن واجبا على الميت على أساس أن التعليل فيها بمثابة ضابط عام في المسألة و لا يختص بمورده فيعم الصلاة أيضا فإذا‌

 

435
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في قضاء الولي ص 433

الأحوط قضاء جميع ما عليه، و كذا في الصوم لمرض تمكن من قضائه و أهمل، بل و كذا لو فاته من غير المرض من سفر و نحوه و إن لم يتمكن من قضائه (1)، و المراد به الولد الأكبر، فلا يجب على البنت و إن لم يكن هناك ولد ذكر و لا على غير الأكبر من الذكور و لا على غير الولد من الأب و الأخ و العم و الخال و نحوهم من الأقارب، و إن كان الأحوط مع فقد الولد الأكبر قضاء المذكورين على ترتيب الطبقات، و أحوط منه قضاء الأكبر فالأكبر من الذكور ثم الإناث في كل طبقة حتى الزوجين و المعتق و ضامن الجريرة.

[مسألة 1: إنما يجب على الولي قضاء ما فات عن الأبوين من صلاة نفسهما]

[1843] مسألة 1: إنما يجب على الولي قضاء ما فات عن الأبوين من صلاة نفسهما، فلا يجب عليه ما وجب عليهما بالاستئجار أو على الأب من صلاة أبويه من جهة كونه وليّا.

[مسألة 2: لا يجب على ولد الولد القضاء عن الميت إذا كان هو الأكبر حال الموت]

[1844] مسألة 2: لا يجب على ولد الولد القضاء عن الميت إذا كان هو الأكبر حال الموت، و إن كان أحوط خصوصا إذا لم يكن للميت ولد.

[مسألة 3: إذا مات أكبر الذكور بعد أحد أبويه لا يجب على غيره من إخوته الأكبر فالأكبر]

[1845] مسألة 3: إذا مات أكبر الذكور بعد أحد أبويه لا يجب على غيره من إخوته الأكبر فالأكبر.

______________________________
نام المكلف و فاتت الصلاة منه من جهة مضي الوقت ثم مات قبل اليقظة أو بعدها من دون مضي وقت يتمكن فيه من القضاء، ففي مثل ذلك لا يجب القضاء على الولي من جهة عدم وجوبه على الميت.

فالنتيجة: أنه لا فرق بين الصوم و الصلاة من هذه الناحية إلّا في مورد واحد و هو ما إذا فات الصوم بسبب السفر فإنه يجب قضاؤه على الولي على أساس النص رغم أنه لم يكن واجبا على الميت في زمن حياته.

(1) هذا إذا كان العذر هو السفر دون غيره كما مرّ.

 

436
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 4 لا يعتبر في الولي أن يكون بالغا عاقلا عند الموت ص 437

[مسألة 4: لا يعتبر في الولي أن يكون بالغا عاقلا عند الموت]

[1846] مسألة 4: لا يعتبر في الولي أن يكون بالغا عاقلا عند الموت، فيجب على الطفل إذا بلغ و على المجنون إذا عقل، و إذا مات غير البالغ قبل البلوغ أو المجنون قبل الإفاقة لا يجب على الأكبر بعدهما.

[مسألة 5: إذا كان أحد الأولاد أكبر بالسن و الآخر بالبلوغ فالولي هو الأول]

[1847] مسألة 5: إذا كان أحد الأولاد أكبر بالسن و الآخر بالبلوغ فالولي هو الأول.

[مسألة 6: لا يعتبر في الولي كونه وارثا]

[1848] مسألة 6: لا يعتبر في الولي كونه وارثا فيجب على الممنوع من الإرث بالقتل أو الرق أو الكفر (1).

[مسألة 7: إذا كان الأكبر خنثى مشكلا فالولي غيره من الذكور]

[1849] مسألة 7: إذا كان الأكبر خنثى مشكلا فالولي غيره من الذكور (2)

______________________________
(1) في عدم الاعتبار اشكال بل منع، فإن ظاهر قوله عليه السّلام في الصحيحة:

(يقضى عنه أولى الناس بميراثه) هو الأولوية الفعليّة، يعني أن الولي هو أولى الناس بميراثه فعلا فلا يعم الممنوع من الارث كالقاتل أو الكافر أو العبد على أساس ظهور الاضافة في الفعلية و ارادة الأعم منها و من الشأنية بحاجة إلى قرينة.

(2) في ولاية غيره اشكال، و الأظهر عدم ثبوت الولاية له و لا لغيره، أما بالنسبة إلى الحبوة فإن كان الخنثى المشكل في الواقع رجلا على أساس أنه ليس طبيعة ثالثة فهو أولى بها، و إن كان امرأة فالأولى بها غيره، فعندئذ ينشأ علم اجمالي بأن الحبوة أما أن تكون له أو لغيره، و لا يمكن لأي واحد منهما أن يتمسك باستصحاب عدم انتقالها إلى غيره فانه معارض باستصحاب عدم انتقالها اليه فيسقطان من جهة المعارضة، فإذن لا بد لهما من المصالحة و التراضي بينهما.

و أما بالنسبة إلى وجوب القضاء فالخنثى بما أنه يعلم اجمالا أما بوجوب ستر تمام البدن عليه في الصلاة أو بوجوب قضاء ما فات عن أبويه أو أحدهما، فيكون هذا العلم الإجمالي منجزا و مقتضاه وجوب القضاء عليه.

و دعوى: أن هذا العلم الإجمالي إنما يكون مؤثرا إذا كان بلوغ الخنثى بعد‌

 

437
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 إذا كان الأكبر خنثى مشكلا فالولي غيره من الذكور ص 437

..........

______________________________
موت أبيه أو أمه، و أما إذا كان قبل موته فلا يكون مؤثرا، لأنّ وجوب القضاء حينئذ لا يكون ظرفا للعلم الإجمالي حيث انه قبل الموت قد أثر أثره و تنجز عليه احكام الرجال و النساء، و أما وجوب القضاء فهو خارج عن اطراف العلم الإجمالي على أساس انه تكليف حادث بعد الموت و متأخر عنه فيكون مشكوكا بالشك البدوى، و المرجع فيه أصالة البراءة ...

غير صحيحة، لأنّ هذه المسألة داخلة في كبرى مسألة علمين اجماليين يكون أحدهما متقدما على الآخر زمانا و كانا مشتركين في بعض الاطراف كما في الملاقي لأحد اطراف العلم الإجمالي، و ذلك لأنّ الخنثى يعلم اجمالا قبل موت أحد أبويه اما بوجوب الجهر عليه في الصلاة أو بوجوب ستر تمام البدن فيها، و هذا العلم الإجمالي يكون منجزا للتكليف المعلوم بالاجمال و مانعا عن التعبد بالأصل المؤمن في كلا طرفيه معا، و إذا مات أحدهما حدث علم اجمالي آخر و هو العلم الإجمالي بانه اما ملزم بالقضاء عنه او ملزم بستر تمام البدن في الصلاة، فيكون أحد طرفي هذا العلم الإجمالي هو الطرف للعلم الإجمالي الأول، فإذن يقع الكلام في أن العلم الإجمالي الثاني هل هو منجز أو لا؟ المعروف لدى المحققين من الأصوليين انه غير منجز، بتقريب أن العلم الإجمالي بوجوب القضاء أو الطرف الآخر إنما يكون منجزا لو كان الأصل المؤمن في وجوب القضاء معارضا مع الأصل المؤمن في ذلك الطرف، فيسقطان من جهة المعارضة. و لكن الأمر ليس كذلك لأن الأصل في الطرف الآخر قد سقط بالمعارضة مع الأصل العرضي في عدله في زمن سابق بسبب العلم الإجمالي الأول، و في زمان اجراء الأصل في وجوب القضاء لا يوجد أصل معارض له، فإذن يجري فيه بلا معارض، و هذا معنى أن العلم الإجمالي الثاني كلا علم فلا أثر له.

 

438
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 إذا كان الأكبر خنثى مشكلا فالولي غيره من الذكور ص 437

..........

______________________________
و الجواب: أن سقوط التعبد بالأصل المؤمن في اطراف العلم الإجمالي معلول للعلم الإجمالي حدوثا و بقاء فيحدث بحدوثه و يبقى ببقائه، و لا يعقل أن يكون العلم الإجمالي بحدوثه سببا لسقوط التعبد بالأصل في اطرافه في طول الزمن و تمام قطعاته التدريجية، و إلّا لزم انفكاك المعلول عن العلة، و نتيجة ذلك أن سقوط التعبد بالأصل يدور مدار العلم الإجمالي حدوثا و بقاء كدوران المعلول مدار علته فسقوطه في آن حدوثه مستند إلى حدوثه في ذلك الآن و في الآن الثاني مستند إلى وجوده البقائي فيه و هكذا، و من المعلوم أن الأصل المؤمن في الطرف المشترك في زمان العلم بالموت إنما يكون ساقطا من ناحية العلم الإجمالي الأول إذا كان هذا العلم باقيا إلى ذلك الحين، فهو بوجوده البقائي إلى ذلك الحين مانع عن التعبد به في ذلك الطرف لا بصرف وجوده الحدوثى، و إلّا لزم انفكاك المعلول عن العلة، أو الالتزام بنظرية استغناء المعلول في وجوده البقائي عن العلة بعد حدوثه، و كلاهما باطل، و من هنا لو ارتفع العلم الإجمالي و انحل لجرى الأصل بعد انحلاله لأنّ المعارضة بين الأصلين في كل زمان فرع بقاء العلم الإجمالي إلى ذلك الزمان، و على ذلك الأساس أن التعبد بالأصل المؤمن في الطرف المشترك في زمان العلم بالموت لا يسقطه إلّا بقاء العلم الإجمالي الأول إلى ذلك الزمان، و المفروض حدوث علم اجمالي آخر في هذا الزمان و هو العلم بوجوب القضاء أو الطرف الآخر، و عليه فيكون كل من الوجود البقائي للعلم الإجمالي الأول و الوجود الحدوثي للعلم الإجمالي الثاني مانعا عن التعبد بالأصل المؤمن في الطرف الآخر و هو الطرف المشترك بينهما، فنسبة المنع عن فعلية التعبد به في هذا الحين إلى كل من العلمين على حد سواء و لا يمكن استناده إلى الأول دون الثاني أو بالعكس لأنه ترجيح من غير مرجح، و حينئذ فيكون الأصل المؤمن في وجوب القضاء‌

 

439
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 7 إذا كان الأكبر خنثى مشكلا فالولي غيره من الذكور ص 437

و إن كان أصغر، و لو انحصر في الخنثى لم يجب عليه.

[مسألة 8: لو اشتبه الأكبر بين الاثنين أو الأزيد لم يجب على واحد منهم]

[1850] مسألة 8: لو اشتبه الأكبر بين الاثنين أو الأزيد لم يجب على واحد منهم، و إن كان الأحوط التوزيع أو القرعة.

[مسألة 9: لو تساوى الولدان في السن قسّط القضاء عليهما]

[1851] مسألة 9: لو تساوى الولدان في السن قسّط القضاء عليهما (1)،

______________________________
معارضا مع الأصل في الطرف الآخر في عرض واحد فيسقطان معا فيجب عليه القضاء و يكون العلم الإجمالي الثاني حينئذ كالأول منجزا.

فالنتيجة: انه لا مبرر للمشهور إلّا الالتزام بأن العلم الإجمالي حدوثا يمنع عن التعبد بالأصل المؤمن في اطرافه حدوثا و بقاء، و هو لا يمكن، و تفصيل ذلك في علم الاصول.

(1) في التقسيط اشكال بل منع و ذلك لأنّ موضوع وجوب القضاء كما في الصحيحة هو أولى الناس بميراثه لا الولد الأكبر، و هو ينطبق على كل واحد منهما على حدّ سواء، فإذن يكون القضاء واجبا على الجامع و هو عنوان أولى الناس على نحو صرف الوجود المنطبق على الواحد و المتعدد، و نتيجة ذلك هي أن وجوب القضاء كفائي في فرض تعدد الولد الأكبر، و أما التقسيط فلا دليل عليه.

هذا مضافا إلى أنه لا يمكن في تمام الموارد، كما إذا كان الفائت عن الميت من الصلاة أو الصيام فردا لا زوجا. و الالتزام بالتقسيط فيما يمكن و الوجوب الكفائي فيما لا يمكن كما في المتن، غريب جدا، إذ لا يمكن استفادة ذلك من دليل واحد في المسألة.

إلّا أن يقال: أن مقتضى القاعدة هو التقسيط، و لكن فيما لا يمكن فيه التقسيط لا بد من الالتزام بالوجوب الكفائي فيه من جهة العلم الخارجي بأن ذمة الميت لا تبقى مشغولة.

و لكن يرد عليه أنه لا مبرر لهذا العلم الخارجي و لا مانع من الالتزام بعدم‌

 

440
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 لو تساوى الولدان في السن قسط القضاء عليهما ص 440

و يكلف بالكسر- أي ما لا يكون قابلا للقسمة و التقسيط كصلاة واحدة و صوم يوم واحد- كل منهما على الكفاية، فلهما أن يوقعاه دفعة واحدة و يحكم بصحة كل منهما و إن كان متحدا في ذمة الميت، و لو كان صوما من قضاء شهر رمضان لا يجوز لهما الإفطار بعد الزوال (1)، و الأحوط الكفارة على كل منهما (2) مع الإفطار بعده بناء على وجوبها في القضاء عن الغير

______________________________
الوجوب بالنسبة إلى ما لا يمكن التقسيط فيه، و الفرض أن ما دل على وجوب التقسيط لا يشمله، و لا يوجد دليل آخر سواه.

و مع الاغماض عن ذلك و تسليم انه لا دليل على الوجوب الكفائي أيضا فيلتجأ إلى الأصل العملي في المسألة فيعلم كل منهما بوجوب القضاء عليه اما كفاية، أو تقسيطا، و نتيجة هذا العلم الإجمالي هي أن كلا منهما كما يشك في وجوب النصف عليه تعيينا يشك في وجوب الكل عليه كذلك عند عصيان الآخر، و أصالة البراءة عن الأول معارضة بأصالة البراءة عن الثاني حيث يلزم من جريانهما معا مخالفة قطعية عملية، فإذن يجب عليه الاحتياط و الاتيان بالنصف إذا أتى أخوه بالنصف الآخر، أو بالكل إذا عصى.

(1) هذا على القول بالتقسيط و عدم جواز الافطار في القضاء حتى عن غيره على ما يأتي الكلام فيه في محله، و لكن قد مرّ أن القول بالتقسيط لا دليل عليه، فالمتعين هو القول بالوجوب الكفائى، و معه يجوز الافطار لأحدهما إذا كان واثقا و متأكدا من اتمام الآخر، و إلّا لم يجز.

(2) بل الأظهر ذلك إذا أفطر كل واحد منهما مع عدم الوثوق و الاطمئنان باتمام الآخر حيث انه يوجب العقوبة و الكفارة على تقدير القول بها في القضاء عن غيره. نعم إذا كان أحدهما واثقا باتمام الآخر و عدم افطاره جاز له الافطار، و حينئذ فإذا أفطر الآخر فالظاهر وجوب الكفارة عليه فحسب على أساس أن الاتمام وقتئذ‌

 

441
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 لو تساوى الولدان في السن قسط القضاء عليهما ص 440

أيضا كما في قضاء نفسه.

[مسألة 10: إذا أوصى الميت بالاستئجار عنه سقط عن الولي بشرط الإتيان من الأجير صحيحا]

[1852] مسألة 10: إذا أوصى الميت بالاستئجار عنه سقط عن الولي بشرط الإتيان من الأجير صحيحا.

[مسألة 11: يجوز للولي أن يستأجر ما عليه من القضاء عن الميت]

[1853] مسألة 11: يجوز للولي أن يستأجر ما عليه من القضاء عن الميت.

[مسألة 12: إذا تبرع بالقضاء عن الميت متبرع سقط عن الولي]

[1854] مسألة 12: إذا تبرع بالقضاء عن الميت متبرع سقط عن الولي.

[مسألة 13: يجب على الولي مراعاة الترتيب في قضاء الصلاة]

[1855] مسألة 13: يجب على الولي مراعاة الترتيب في قضاء الصلاة (1)، و إن جهله وجب عليه الاحتياط بالتكرار.

[مسألة 14: المناط في الجهر و الإخفات على حال الولي المباشر لا الميت]

[1856] مسألة 14: المناط في الجهر و الإخفات على حال الولي المباشر لا الميت، فيجهر في الجهرية و إن كان القضاء عن الام.

[مسألة 15: في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا لا تكليف الميت]

[1857] مسألة 15: في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا لا تكليف الميت، بخلاف أجزاء الصلاة و شرائطها فإنه يراعي تكليف الميت (2)، و كذا في أصل وجوب القضاء (3) فلو كان

______________________________
واجب عليه عينا.

(1) تقدم عدم وجوبها إلّا في الصلاتين المترتبتين بالاصالة كالظهرين و العشاءين.

(2) مرّ حكم هذه المسألة بشكل موسع في المسألة (15) من صلاة الاستئجار.

(3) بل المتبع فيه نظر الولي اجتهادا أو تقليدا حيث ان موضوع وجوب القضاء على الولي فوائت الميت، فإذا لم تكن بنظره فوائت على ذمته فلا موضوع لوجوب القضاء فيكون انتفاؤه بانتفاء الموضوع، و مثال ذلك: إذا كان رأي الميت‌

 

442
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 15 في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا لا تكليف الميت ص 442

مقتضى تقليد الميت و اجتهاده وجوب القضاء عليه يجب على الولي الإتيان به و إن كان مقتضى مذهبه عدم الوجوب، و إن كان مقتضى مذهب الميت عدم الوجوب لا يجب عليه و إن كان واجبا بمقتضى مذهبه، إلا إذا علم علما وجدانيا قطعيا ببطلان مذهب الميت فيراعي حينئذ تكليف نفسه.

[مسألة 16: إذا علم الولي أنّ على الميت فوائت و لكن لا يدري أنها فاتت لعذر من مرض أو نحوه أو لا لعذر]

[1858] مسألة 16: إذا علم الولي أنّ على الميت فوائت و لكن لا يدري أنها فاتت لعذر من مرض أو نحوه أو لا لعذر لا يجب عليه القضاء (1)، و كذا إذا شك في أصل الفوت و عدمه.

[مسألة 17: المدار في الأكبرية على التولد]

[1859] مسألة 17: المدار في الأكبرية على التولد (2) لا على انعقاد

______________________________
اجتهادا أو تقليدا أن وظيفة الجريح أو الكسير هي الوضوء مع الجبيرة حتى إذا كان الجرح أو الكسر مكشوفا بوضع خرقة طاهرة عليه ثم مسحها، و قد عمل الميت على هذا الرأي مدة من الوقت ثم تبدل رأيه اجتهادا أو تقليدا، و رأى أن وظيفته إذا كان مكشوفا هي الوضوء مقتصرا على غسل اطرافه إن أمكن و إلّا فالتيمم دون الجبيرة، و نتيجة ذلك أن ما أتى به من الصلوات في المدة المذكورة باطلة على أساس بطلان طهارته و تكون ذمته مشغولة بها، فإذا مات قبل أن يقوم بقضائها، ففي مثل هذه الحالة إذا فرض أن رأي الولي اجتهادا أو تقليدا صحة تلك الصلوات بملاك أن الوظيفة بنظره هي الوضوء مع الجبيرة حتى في الجرح أو الكسر المكشوف بوضع خرقة طاهرة عليه فلا يرى ذمة الميت مشغولة بشى‌ء لكي يجب عليه قضاؤه، و لا فرق في ذلك بين أن يعلم الولي ببطلان رأي الميت وجدانا أو تعبدا.

(1) بل يجب لما مرّ من عدم الفرق في ذلك بين العذر و العمد في أول فصل قضاء الولي.

(2) على الأحوط فيه و فيما بعده و في التوأمين لعدم الدليل في المسألة،

 

443
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 المدار في الأكبرية على التولد ص 443

النطفة، فلو كان أحد الولدين أسبق انعقادا و الآخر أسبق تولدا فالولي هو الثاني، ففي التوأمين الأكبر أولهما تولدا.

[مسألة 18: الظاهر عدم اختصاص ما يجب على الولي بالفوائت اليومية]

[1860] مسألة 18: الظاهر عدم اختصاص ما يجب على الولي بالفوائت اليومية، فلو وجب عليه صلاة بالنذر الموقت و فاتت منه لعذر وجب على الولي قضاؤها.

[مسألة 19: الظاهر أنه يكفي في الوجوب على الولي إخبار الميت]

[1861] مسألة 19: الظاهر أنه يكفي في الوجوب على الولي إخبار الميت (1) بأن عليه قضاء ما فات لعذر.

[مسألة 20: إذ مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي]

[1862] مسألة 20: إذ مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي وجب على الولي قضاؤها.

[مسألة 21: لو لم يكن ولي أو كان و مات قبل أن يقضي عن الميت وجب الاستئجار من تركته]

[1863] مسألة 21: لو لم يكن ولي أو كان و مات قبل أن يقضي عن الميت وجب الاستئجار من تركته (2)، و كذا لو تبين بطلان ما أتى به.

[مسألة 22: لا يمنع من الوجوب على الولي اشتغال ذمته بفوائت نفسه]

[1864] مسألة 22: لا يمنع من الوجوب على الولي اشتغال ذمته بفوائت نفسه، و يتخير في تقديم أيهما شاء.

[مسألة 23: لا يجب عليه الفور في القضاء عن الميت و إن كان أولى و أحوط]

[1865] مسألة 23: لا يجب عليه الفور في القضاء عن الميت و إن كان أولى و أحوط.

[مسألة 24: إذا مات الولي بعد الميت قبل أن يتمكن من القضاء]

[1866] مسألة 24: إذا مات الولي بعد الميت قبل أن يتمكن من القضاء

______________________________
و أما صحيحة حفص فهي لا تدل على ذلك.

(1) هذا فيما إذا كان الميت ثقة.

(2) تقدم عدم وجوب الاستئجار إلّا فيما إذا أوصى الميت به، و حينئذ تخرج من الثلث لا من الأصل و يكون في عرض وجوب القضاء على الولي لا في طوله كما في المتن.

 

444
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 24 إذا مات الولي بعد الميت قبل أن يتمكن من القضاء ص 444

ففي الانتقال إلى الأكبر بعده إشكال (1).

[مسألة 25: إذا استأجر الولي غيره لما عليه من صلاة الميت]

[1867] مسألة 25: إذا استأجر الولي غيره لما عليه من صلاة الميت فالظاهر أنّ الأجير يقصد النيابة عن الميت لا عنه.

______________________________
(1) بل الظاهر عدم الانتقال لأنّ الولي كما مرّ هو الأولى بميراثه المتعين في ولده الأكبر و لو بملاك أنه المتيقن بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية، فإذا مات فالانتقال إلى غيره بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه.

 

445
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الجماعة ص 447

[فصل في الجماعة]

فصل في الجماعة و هي من المستحبات الأكيدة في جميع الفرائض خصوصا اليومية منها و خصوصا في الأدائية و لا سيما في الصبح و العشاءين و خصوصا لجيران المسجد أو من يسمع النداء، و قد ورد في فضلها و ذمّ تاركها من ضروب التأكيدات ما كاد يلحقها بالواجبات، ففي الصحيح:

«الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذّ- أي الفرد- بأربع و عشرين درجة» و في رواية زرارة:

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرين، فقال عليه السّلام: صدقوا. فقلت:

الرجلان يكونان جماعة، قال عليه السّلام: نعم و يقوم الرجل عن يمين الإمام» و في رواية محمد بن عمارة:

«قال: أرسلت إلى الرضا عليه السّلام أسأله عن الرجل يصلّي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو صلاته مع جماعة، فقال عليه السلام: الصلاة في جماعة أفضل»، مع أنه ورد أن الصلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة و في بعض الأخبار ألفين، بل في خبر:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام و أهدى إليك هديتين لم

 

447
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الجماعة ص 447

يهدهما إلى نبي قبلك، قلت: ما تلك الهديتان؟ قال: الوتر ثلاث ركعات و الصلاة الخمس في جماعة، قلت: يا جبرائيل ما لأمتي في الجماعة؟ قال:

يا محمد إذا كانا اثنين كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة مائة و خمسين صلاة، و إذا كانوا ثلاثة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة، و إذا كانوا أربعة كتب اللّه لكل واحد ألفا و مائتي صلاة، و إذا كانوا خمسة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ألفين و أربعمائة صلاة، و إذا كانوا ستة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف و ثمانمائة صلاة، و إذا كانوا سبعة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف و ستمائة صلاة، و إذا كانوا ثمانية كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشرة الفا و مائتي صلاة و اذا كانوا تسعة كتب اللّه لكل واحد منهم ثمانية و ثلاثين ألفا و أربعمائة صلاة، و إذا كانوا عشرة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة ستة و سبعين ألفا (و ألفين خ) و ثمانمائة صلاة، فإن زادوا على العشرة فلو صارت السماوات كلها قرطاسا و البحار مدادا و الأشجار أقلاما و الثقلان مع الملائكة كتّابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة، يا محمد صلّى اللّه عليه و آله تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستين ألف حجة و عمرة و خير من الدنيا و ما فيها بسبعين ألف مرة، و ركعة يصليها المؤمن مع الإمام خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين، و سجدة يسجدها المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة» و عن الصادق عليه السّلام:

«الصلاة خلف العالم بألف ركعة و خلف القرشي بمائة» و لا يخفى أنه إذا تعدد جهات الفضل تضاعف الأجر، فإذا كانت في مسجد السوق الذي تكون الصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة يتضاعف بمقداره، و إذا كانت في مسجد القبيلة الذي تكون الصلاة فيه بخمسة و عشرين فكذلك، و إذا

 

448
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في الجماعة ص 447

كانت في المسجد الجامع الذي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره، و كذا إذا كانت في مسجد الكوفة الذي بألف أو كانت عند علي عليه السلام الذي فيه بمائتي ألف، و إذا كانت خلف العالم أو السيد فأفضل، و إن كانت خلف العالم السيد فأفضل، و كلما كان الإمام أوثق و أورع و أفضل فأفضل، و إذا كان المأمومون ذوي فضل فتكون أفضل، و كلما كان المأمومون أكثر كان الأجر أزيد، و لا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافا بها، ففي الخبر:

«لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد إلا من علة، و لا غيبة لمن صلى في بيته و رغب عن جماعتنا، و من رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته و سقطت بينهم عدالته و وجب هجرانه، و إذا دفع إلى إمام المسلمين أنذره و حذّره فإن حضر جماعة المسلمين و إلا أحرق عليه بيته» و في آخر:

«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام بلغه أن قوما لا يحضرون الصلاة في المسجد فخطب فقال: إن قوما لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا و لا يشاربونا و لا يشاورونا و لا يناكحونا أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة و إني لأوشك بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون، قال:

فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم و مشاربتهم و مناكحتهم حتى حضروا لجماعة المسلمين» إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة، فمقتضى الإيمان عدم الترك من غير عذر لا سيما مع الاستمرار عليه فإنه كما ورد لا يمنع الشيطان من شي‌ء من العبادات منعها، و يعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة و نحوها حيث لا يمكنهم إنكارها لأن فضلها من ضروريات الدين.

[جملة من أحكام الجماعة في ضمن مسائل]

[مسألة 1: تجب الجماعة في الجمعة و تشترط في صحتها، و كذا العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب]

[1868] مسألة 1: تجب الجماعة في الجمعة و تشترط في صحتها، و كذا العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب، و كذا إذا ضاق الوقت عن تعلم

 

449
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 تجب الجماعة في الجمعة و تشترط في صحتها و كذا العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب ص 449

القراءة لمن لا يحسنها مع قدرته على التعلم (1)، و أما إذا كان عاجزا عنه

______________________________
(1) في وجوب الجماعة عليه اشكال بل منع، أما وجوبها الشرطي فلأنه لا دليل على أن صحة صلاته في هذه الحالة مشروطة بالجماعة و إلّا لكانت باطلة، فإن ذلك بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه. نعم أنها واجبة بحكم العقل دفعا للعقاب.

و أما وجوبها النفسي فهو مبني على أن تكون الجماعة أحد فردي الواجب التخييرى، بأن يكون المصلي مخيرا بين الاتيان بالصلاة فرادى و الاتيان بها جماعة، فإذا تعذر احداهما تعين الأخرى، و لكن المبنى غير صحيح، فإن الخطابات الأولية الآمرة بالصلاة من الكتاب و السنة متوجهة إلى آحاد المكلفين، و من المعلوم أن مفاد تلك الخطابات هو أن كل واحد منهم مأمور بالقيام بصلاته بنفسه و الاتيان بها كذلك، و لا يدل شي‌ء منها على مشروعية الجماعة أصلا.

و أما أدلة الجماعة التي تنص على مشروعيتها و تؤكد على افضلية الصلاة بهذه الكيفية في ضمن حدودها فلا تدل على أن الواجب في كل صلاة تشرع فيها الجماعة هو الجامع بين أن يقرأ المصلي بنفسه أو يكتفي بقراءة الامام، بل غاية ما تدل عليه هو أن قراءة الامام مسقطة عن قراءته شريطة توفر شروط الامامة فيه.

و النكتة في ذلك: أن أدلة مشروعية الجماعة ناظرة إلى استحبابها في الصلاة و تؤكد على الاتيان بها معها و لا نظر لها إلى أن الواجب على المصلي هو الجامع بين أن يقرأ بنفسه فيها أو يكتفي بقراءة الامام، فلو كنا نحن و تلك الأدلة التي تنص و تؤكد على فضيلة الجماعة لم نقل بالكفاية فانها بحاجة إلى دليل يدل على كفاية قراءة الامام عن قراءته و قد دل دليل خاص بصيغة: (ان الامام ضامن لقراءة المأموم دون سائر اجزاء صلاته ...) «1» و من المعلوم أن هذه الصيغة ظاهرة في أن قراءة الامام مسقطة عن قراءته في هذه الحالة لا أنها أحد عدلي الواجب.

و إن شئت قلت: أن نصوص الجماعة لا تدل على أن الاجتماع في الصلاة‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 30 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

 

450
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 تجب الجماعة في الجمعة و تشترط في صحتها و كذا العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب ص 449

أصلا فلا يجب عليه حضور الجماعة و إن كان أحوط، و قد تجب بالنذر و العهد و اليمين، و لكن لو خالف صحت الصلاة و إن كان متعمدا، و وجبت حينئذ عليه الكفارة، و الظاهر وجوبها أيضا إذا كان ترك الوسواس موقوفا عليها (1)، و كذا إذا ضاق الوقت عن إدراك الركعة بأن كان هناك إمام في حال الركوع (2)، بل و كذا إذا كان بطيئا في القراءة في ضيق الوقت، بل لا

______________________________
بما هو اجتماع أحد فردي الواجب، بل أنها تنص و تؤكد على أن الاجتماع فيها مستحب و ليس بواجب كما نص بذلك في صحيحة زرارة و الفضيل.

فالنتيجة: أن المستفاد من تلك النصوص أن فضيلة الجماعة و المثوبة المترتبة عليها إنما هي بملاك الاجتماع فيها على أساس ما يترتب عليه من الآثار، و أما كفاية قراءة الامام عن قراءة المأموم فهي غير دخيلة في تحقق الجماعة و لا تكون مقومة لعنوان الاجتماع و الاقتداء، و إنما ثبتت بدليل خاص، و ظاهر ذلك الدليل هو أنها مسقطة لا أنها عدل، و لازم هذا أن المكلف إذا لم يتمكن من القراءة و لو بسوء اختياره لم يجب عليه الجماعة، بل أن مقتضى النصوص أنها مستحبة على كل مكلف كان ممن يحسن القراءة أم لا.

(1) في اطلاقه اشكال بل منع، فان الجماعة انما تجب إذا بلغت الوسوسة إلى درجة الحرمة و المبغوضية على أساس استلزامها ترك واجب أو فعل محرم، و إلّا فلا دليل على حرمتها بعنوانها. و ما ورد في الرواية من نفي العقل عن الوسواسي معللا بأنه يطيع الشيطان لا يدل على الحرمة كما مر في المسألة (14) من مبطلات الصلاة.

(2) هذا على المشهور، و أما بناء على ما ذكرناه من الاشكال في التعدي عن مورد حديث (من ادرك) و هو صلاة الغداة إلى سائر الصلوات، فيكون الاحوط وجوبا في سائر الصلوات هو الجمع بين الجماعة بادراك ركعة منها في الوقت‌

 

451
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 تجب الجماعة في الجمعة و تشترط في صحتها و كذا العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب ص 449

يبعد وجوبها بأمر أحد الوالدين (1).

[مسألة 2: لا تشرع الجماعة في شي‌ء من النوافل الأصلية]

[1869] مسألة 2: لا تشرع الجماعة في شي‌ء من النوافل الأصلية (2) و إن

______________________________
و القضاء خارج الوقت و أما في صلاة الغداة فيتعين فيها الجماعة، و به يظهر حال ما بعده.

(1) في الوجوب اشكال بل منع لعدم الدليل على وجوب اطاعة الوالدين على الأولاد مطلقا فإن المستفاد من الآية الشريفة و بعض الروايات المعتبرة أن الواجب عليهم هو المعاشرة الحسنة معهما المتمثلة في التعايش السلمي بالمعروف المتضمن للحفاظ على كرامتهما دون أكثر من هذا، و بذلك يمتاز الوالدين عن سائر الناس حيث لا يجب عليهم تلك المعاشرة مع غيرهما.

(2) في عدم المشروعية اشكال و إن كان الأجدر و الأحوط ترك الجماعة فيها، لأنّ الدليل الوحيد على عدم المشروعية الذي يمكن الاعتماد عليه هو قوله عليه السّلام في صحيحة الفضلاء: (قال صلّى اللّه عليه و آله: أيها الناس إنّ الصّلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة ...) «1» فانه ناص في أن الجماعة في نوافل شهر رمضان بدعه و غير مشروعة، و أما دلالته على أنها بدعة في مطلق النوافل فهي تتوقف على أن يقطع الانسان بعدم خصوصية لمورده و هي غير بعيدة و لا أقل من الوثوق بذلك و عدم خصوصية لليالي شهر رمضان، و يؤكد ذلك أن الظاهر من الصحيحة هو أن الجماعة في صلاة الليل بدعة باعتبار أنها نافلة، و عليه فالصحيحة تدل على عدم مشروعية الجماعة في النافلة مطلقا، فتكون حينئذ معارضة بروايات أخرى تنص على مشروعية الجماعة في النوافل، و مورد هذه الروايات و إن كان المرأة إلّا أن العرف لا يفهم خصوصية لها بل يفهم منها مشروعية الجماعة في النوافل مطلقا أي بلا فرق بين جماعة النساء و جماعة الرجال، و لا يحتمل عادة كون الجماعة في مورد مشروعة للنساء دون الرجال، كما أن مورد صحيحة‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 10 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث: 1.

 

452
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 2 لا تشرع الجماعة في شي‌ء من النوافل الأصلية ص 452

وجبت بالعارض بنذر أو نحوه حتى صلاة الغدير على الأقوى إلا في صلاة الاستسقاء، نعم لا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض كصلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب، و الصلاة المعادة جماعة، و الفريضة المتبرع بها عن الغير، و المأتي بها من جهة الاحتياط الاستحبابي.

[مسألة 3: يجوز الاقتداء في كل من الصلوات اليومية بمن يصلي الاخرى أيا منها كانت]

[1870] مسألة 3: يجوز الاقتداء في كل من الصلوات اليومية بمن يصلي الاخرى أيا منها كانت و إن اختلفا في الجهر و الإخفات، و الأداء و القضاء و القصر و التمام بل و الوجوب و الندب، فيجوز اقتداء مصلي الصبح أو المغرب أو العشاء بمصلي الظهر أو العصر، و كذا العكس، و يجوز اقتداء المؤدي بالقاضي و العكس، و المسافر بالحاضر و العكس، و المعيد صلاته بمن لم يصلّ و العكس، و الذي يعيد صلاته احتياطا استحبابيا أو وجوبيا

______________________________
الفضلاء الرجل و لا يفهم العرف خصوصية له. فإذن تقع المعارضة بينها و بين الصحيحة، قد يرجح الصحيحة عليها على أساس شهرتها بين الاصحاب و مخالفتها للعامة ..

و الجواب: أن الشهرة العملية لا تكون من المرجحات في باب المعارضة، و أما مخالفة العامة فهي و إن كانت منها إذا كانت الأخرى موافقة لهم، إلّا أنّ احتمال التقية في تلك الروايات ضعيف جدّا على أساس أن لسانها بيان أن الجماعة للنساء مشروعة في النوافل دون الفرائض، و هذا اللسان ليس لسان التقية، هذا اضافة إلى أن مشروعية جماعة النساء عندهم غير متفقة، و عليه فتسقطان معا من جهة المعارضة، فالمرجع هو العام الفوقي و هو قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة و الفضيل:

(و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها و لكنها سنّة ...) «1» و مقتضاه مشروعية الجماعة في الصلوات كلها و هي تعم النوافل أيضا.

و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط ترك الجماعة فيها.

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2.

 

453
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 3 يجوز الاقتداء في كل من الصلوات اليومية بمن يصلي الاخرى أيا منها كانت ص 453

بمن يصلي وجوبا، نعم يشمل اقتداء من يصلي وجوبا بمن يعيد احتياطا و لو كان وجوبيا (1)، بل يشكل اقتداء المحتاط بالمحتاط إلا إذا كان احتياطهما من جهة واحدة.

[مسألة 4: يجوز الاقتداء في اليومية أيا منها كانت أداء أو قضاء بصلاة الطواف]

[1871] مسألة 4: يجوز الاقتداء في اليومية أيا منها كانت أداء أو قضاء بصلاة الطواف كما يجوز العكس (2).

______________________________
(1) بل لا يجوز اقتداؤه به لعدم احرازه أن صلاة الامام صحيحة حتى تكون قراءته عوضا عن قراءته، اذ ان صلاته الأولى ان كانت صحيحة فالثانية فاسدة و ليست بمأمور بها و إنما هي صورتها لا واقع لها، و من المعلوم انه لا يجوز الاقتداء بمثل هذه الصلاة، و بما انه لم يحرز صحة صلاة الامام لم يحرز فراغ ذمته عن القراءة، و نتيجة ذلك انه لمّا لم يعلم ان ذمته قد برئت من الصلاة حكمت عليه قاعدة الاشتغال، و من هنا لا يجوز اقتداء المحتاط بالمحتاط على أساس احتمال ان صلاة الامام باطلة في الواقع و صلاة المأموم صحيحة، و احتمال أن يكون الأمر بالعكس، و نتيجة ذلك أن المأموم لم يحرز فراغ ذمته عن الصلاة و ليس بإمكانه الاكتفاء بها باعتبار ان صلاة الامام إذا كانت باطلة ظلت ذمة المأموم مشغولة بها من جهة انه تارك للقراءة عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعى، و بما أنه لم يعلم ببطلان صلاته لم يعلم بفراغ ذمته عنها، فقاعدة الاشتغال حينئذ محكمة، نعم إذا كان منشأ احتياطهما واحدا لا بأس باقتداء أحدهما بالآخر فإنه في الواقع أما أن تكون صلاة كليهما باطلة أو تكون صلاة كليهما صحيحة و احتمال كون صلاة أحدهما صحيحة دون الآخر غير محتمل فمن أجل ذلك لا بأس بالاقتداء في هذه الصورة.

(2) في جواز الاقتداء فيها بصلاة الطواف و عكسه اشكال، بل لا يبعد عدم جوازه على أساس أنه بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه، و أما صحيحة زرارة و الفضيل فانها تدل على مشروعية الجماعة في كل نوع من انواع الصلاة و ناظرة‌

 

454
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في الشكوك ص 455

[مسألة 5: لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في الشكوك]

[1872] مسألة 5: لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في الشكوك (1).

______________________________
اليها و لا تدل على مشروعية الجماعة في نوع منها بنوع آخر و لا تكون ناظرة إلى هذه الحالات باعتبار ان عمومها انواعي لا احوالى، فإذن لا يمكن التمسك بعمومها في المقام لإثبات جواز الاقتداء فيه. و أما مشروعية الجماعة في صلاة الطواف بنفسها فهي مقتضى عموم الصحيحة، و دعوى أن الجماعة فيها غير معهودة كالجماعة في سائر الصلوات الواجبة بين المسلمين و لا منقولة من النبي الاكرم صلّى اللّه عليه و آله و لا من أحد الأئمة الأطهار عليهم السّلام فهي ليست بدرجة تؤدي إلى الوثوق و الاطمئنان بعدم مشروعية الجماعة فيها في الشريعة المقدسة و توجب تقييد اطلاق الصحيحة بغيرها و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط ترك الجماعة فيها.

(1) كما لا يجوز الاقتداء فيها بمن يصلي فوائت مشكوكة كذلك لا يجوز ائتمام من يصلي فوائت مشكوكة بمثله إلّا في صورة واحدة و هي ما إذا علم بانه في حالة كون ذمته مدينة بتلك الصلوات فذمة امامه أيضا مدينة بها، كما إذا توضأ كلاهما بماء واحد وصليا الظهر و العصر و بعد ذهاب الوقت شكا في أن الماء الذي توضئا به معا هل كان طاهرا أم نجسا أو مباحا أو مغصوبا و ارادا أن يحتاطا استحبابا باعادة الصلاتين، ففي مثل هذه الحالة يجوز لكل منهما الاقتداء بالآخر إذا كان جديرا به.

و أما من يصلي صلاة الاحتياط علاجا للشك في صلاته فهل يجوز له أن يقتدي بمن يصلي صلاة الاحتياط أيضا؟ فالظاهر عدم الجواز لا من جهة احتمال أنها نافلة لما مرّ من أن مشروعية الجماعة في النوافل غير بعيدة، بل من جهة أنه لا دليل على الجواز باعتبار أن صلاة الاحتياط لعلاج الشكوك ليست نوعا مستقلا للصلاة في الشريعة المقدسة، بل هي مجعولة لتدارك النقص المحتمل فيها، و من‌

 

455
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في الشكوك ص 455

و الأحوط ترك العكس أيضا و إن كان لا يبعد الجواز (1)،

______________________________
هنا تكون بمثابة الجزء لها، فمن أجل ذلك لا تكون مشمولة للصحيحة على أساس أن عمومها افرادي لا الأعم منه و من الأحوالى. نعم يسوغ هذا الاقتداء فيما إذا فرض عروض الشك في عدد الركعات على الامام و المأموم معا على نحو واحد، كما إذا شكّا بين الثلاث و الاربع و بني على الاربع و تشهدا و سلّما و فرغا من صلاتهما ثم قاما للإتيان بصلاة الاحتياط، فإنه يجوز للمأموم أن يواصل اقتداءه بإمامه في صلاة الاحتياط، و هذا لا من جهة أنه يعلم في حال كون ذمته مدينة بها فذمة امامه أيضا مدينة بها لعين السبب، بل من جهة أنها إما أن تكون صلاة مستقلة أو جزء من صلاته و على كلا التقديرين يجوز الائتمام. أما على الأول فلما مرّ من أن مشروعية الجماعة في النافلة غير بعيدة، و أما على الثاني فلأنه يقتدي به من أول صلاته و يواصل في اقتدائه إلى الجزء الأخير المتمم لها، و لا يكون ذلك من الاقتداء في أثناء الصلاة بعد الدخول فيها فرادى لكي يقال أنه لا دليل على مشروعيته.

و أما اقتداء من يصلي صلاة الاحتياط بمن يصلي الفريضة فالظاهر عدم الجواز لأنّ الجواز بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه، و أما الصحيحة فبما أن عمومها افرادي فلا تدل على مشروعية ذلك، بل قد مرّ أنها لا تدل على مشروعية الجماعة في صلاة الاحتياط بنفسها.

(1) بل عدم الجواز هو الأقوى لا من جهة احتمال أنها نافلة بل من جهة أن المقتضي للجواز قاصر في نفسه، فإن الصحيحة بعمومها كما مرّ ناظرة إلى مشروعية الجماعة في انواع الصلاة و عدم الفرق بين نوع و نوع دون اجزائها و حالاتها فلا تدل على مشروعية الاقتداء في نوع بنوع آخر منها، و بذلك يظهر حال ما بعده.

 

456
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 5 لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في الشكوك ص 455

الأحوط ترك الاقتداء فيها و لو بمثلها من صلاة الاحتياط حتى إذا كان جهة الاحتياط متحدة و إن كان لا يبعد الجواز في خصوص صورة الاتحاد كما إذا كان الشك الموجب للاحتياط مشتركا بين الإمام و المأموم.

[مسألة 6: لا يجوز اقتداء مصلي اليومية أو الطواف بمصلي الآيات أو العيدين أو صلاة الأموات]

[1873] مسألة 6: لا يجوز اقتداء مصلي اليومية أو الطواف بمصلي الآيات أو العيدين أو صلاة الأموات، و كذا لا يجوز العكس، كما أنه لا يجوز اقتداء كل من الثلاثة بالآخر.

[مسألة 7: الأحوط عدم اقتداء مصلي العيدين بمصلي الاستسقاء]

[1874] مسألة 7: الأحوط عدم اقتداء مصلي العيدين بمصلي الاستسقاء (1)، و كذا العكس و إن اتفقا في النظم.

[مسألة 8: أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان]

[1875] مسألة 8: أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الإمام سواء كان المأموم رجلا أو امرأة بل و صبيا مميزا على الأقوى، و أما في الجمعة و العيدين فلا تنعقد إلّا بخمسة أحدهم الإمام.

[مسألة 9: لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة و العيدين نية الإمام الجماعة و الإمامة]

[1876] مسألة 9: لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة و العيدين نية الإمام الجماعة و الإمامة (2)، فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحققت

______________________________
(1) بل هو الأظهر، فلا يجوز الاقتداء مع اختلاف الصلاتين، فإذا صلى الامام صلاة الاستسقاء أو صلاة العيدين لم يجز لغيره أن يقتدي به حينئذ إلّا في صلاة من نوع الصلاة التي يصليها الامام باعتبار أن الجماعة و إن كانت مشروعة في تلك الصلوات، إلّا أن مشروعية الاقتداء في صلاة العيدين بصلاة الاستسقاء و بالعكس بحاجة إلى دليل، و أما الصحيحة فقد مرّ أنّه لا عموم لها من هذه الناحية.

كما أن من يصلي صلاة العيدين مأموما أو صلاة الاستسقاء أو الآيات كذلك فلا يجوز له أن يقتدي إلّا بمن يؤدي نفس تلك الصلوات.

(2) بل في غير الصلاة المعادة جماعة أيضا، و لعل اهمال الماتن قدّس سرّه لها من‌

 

457
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 9 لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة و العيدين نية الإمام الجماعة و الإمامة ص 457

الجماعة سواء كان الإمام ملتفتا لاقتداء الغير به أم لا، نعم حصول الثواب في حقه موقوف على نية الإمامة، و أما المأموم فلا بد له من نية الائتمام، فلو لم ينوه لم تتحقّق الجماعة في حقه و إن تابعه في الأقوال و الأفعال، و حينئذ فإن أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحت صلاته و إلا فلا، و كذا يجب وحدة الإمام فلو نوى الاقتداء باثنين و لو كانا متقارنين في الأقوال و الأفعال لم تصح جماعة و تصح فرادى إن أتى بما يجب على المنفرد و لم يقصد التشريع، و يجب عليه تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنية أو الخارجية فيكفي التعيين الإجمالي كنية الاقتداء بهذا الحاضر أو بمن يجهر في صلاته مثلا من الأئمة الموجودين أو نحو ذلك، و لو نوى الاقتداء بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة و إن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك في الأثناء أو بعد الفراغ.

[مسألة 10: لا يجوز الاقتداء بالمأموم]

[1877] مسألة 10: لا يجوز الاقتداء بالمأموم، فيشترط أن لا يكون إمامه مأموما لغيره.

[مسألة 11: لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم و أتم منفردا]

[1878] مسألة 11: لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم و أتم منفردا و إن علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة، نعم لو ظهر عليه أحوال الائتمام كالإنصات و نحوه فالأقوى عدم الالتفات و لحوق أحكام الجماعة (1)، و إن كان الأحوط الإتمام منفردا، و أما إذا كان ناويا للجماعة

______________________________
جهة أن من صلى فرادى إذا أعاد صلاته اماما لا ينفك عن نية الامامة و الجماعة حيث انه يعلم ان اعادتها لم تكن مشروعة له إلّا جماعة اماما كان أو مأموما.

(1) في اطلاقه اشكال بل منع، فإنه إن كان واثقا و متأكدا من أن الحالة الطارئة عليه إنما هي بالائتمام و الدخول في الجماعة وجب عليه ترتيب أحكامها،

 

458
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم و أتم منفردا ص 458

و رأى نفسه مقتديا و شك في أنه من أول الصلاة نوى الانفراد أو الجماعة فالأمر أسهل (1).

______________________________
و إلّا فليس بإمكانه ترتيبها و عدم الالتفات.

(1) في اطلاقه اشكال بل منع على أساس أنه لم يجز أن ينوي من أول الصلاة الافراد ثم في الاثناء ينوي الائتمام، إذ لا دليل على مشروعية ذلك، و إنما يسوغ للمصلي أن ينوي الاقتداء من بداية صلاته، و على هذا فإذا شكّ المصلي في أنه دخل في الصلاة ناويا بها الافراد ثم عدل إلى الجماعة، أو ناويا بها الجماعة من الابتداء لم تجر قاعدة التجاوز و ان احتمل انه كان حين الدخول فيها أذكر لأمرين ...

أحدهما: أن الشك هنا ليس في ترك جزء أو شرط بعد التجاوز عن محله الشرعي و إنما هو في أنه نوى الافراد أولا ثم عدل إلى الجماعة، أو نوى الجماعة من الأول فالشك إنما هو في صفة النية لا في أصل وجودها بمفاد كان التامة، و هو ليس موردا لقاعدة التجاوز فانها تثبت وجود الجزء أو الشرط بمفاد كان التامة، و لا تثبت صفة الموجود، هذا اضافة إلى أنه ليس لنية الصلاة افرادا أو جماعة محل معين.

و الآخر: أن قاعدة التجاوز إنما تجري لإثبات أن الصلاة تامة و لا نقص فيها بحيث لو لم تجر لكانت ناقصة و لا بد من الاتيان بها مرة ثانية، و لا يترتب هذا الأثر على جريانها في المقام، و ذلك لأنّ المصلي لما يشكّ في أنه نوى الافراد من الأول يعني يصلي بدون أن يكون لصلاته ارتباط شرعي بصلاة شخص آخر ثم يعدل إلى الجماعة و الائتمام، أو نوى الجماعة من الأول، يعني يصلي ناويا أن يتخذ من مصل آخر إماما له في صلاته، فهو إنما يوجب الشكّ في بطلان جماعته لا صلاته، و من المعلوم أن قاعدة التجاوز لا تثبت صحة جماعته و تحققها شرعا إذا كانت‌

 

459
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو ص 460

[مسألة 12: إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو]

[1879] مسألة 12: إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو فإن لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته و صلاته أيضا إذا ترك القراءة (1) أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد، و إلا صحت على الأقوى، و إن التفت في الأثناء و لم يقع منه ما ينافي صلاة المنفرد أتم منفردا، و إن كان عمرو أيضا عادلا ففي المسألة صورتان: إحداهما أن يكون قصده الاقتداء بزيد و تخيّل أن الحاضر هو زيد و في هذه الصورة تبطل جماعته و صلاته أيضا (2) إن

______________________________
الصلاة صحيحة على كل حال.

فالنتيجة: ان المصلي إذا رأى نفسه في صلاة جماعة و شكّ في أنه نوى بها الجماعة من الأول أو نوى الافراد ثم عدل إليها فليس بإمكانه اثبات صحة جماعته، و حينئذ فوظيفته أن يواصل صلاته منفردا و لا شي‌ء عليه، و لا فرق في ذلك بين أن يعرض عليه الشكّ و هو في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة.

(1) في بطلان صلاته مطلقا اشكال بل منع، لأنها لا تبطل بترك القراءة فيما إذا كان معذورا في تركها بمقتضى اطلاق حديث لا تعاد، نعم إذا لم يكن معذورا فيه أو كان ما تركه مما يوجب البطلان و إن كان عن عذر كما إذا تورط في فترة اقتدائه بنقصان ركن فيها و لو سهوا بطلت صلاته و وجب عليه استئنافها من جديد.

و دعوى: ان حديث (لا تعاد) لا يشمل المقام باعتبار ان المصلي يكون تاركا للقراءة عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي و من المعلوم أن مثله لا يكون مشمولا لإطلاق الحديث لاختصاصه بما إذا ترك الجزء أو الشرط ناسيا أو جاهلا إذا كان معذورا أو كان مركبا و إن لم يكن معذورا.

خاطئة بأن منشأ الترك في المقام هو الغفلة عن كون الامام عمروا و الاعتقاد بأنه زيد فيكون غافلا و جاهلا مركبا كما هو الحال في سائر موارده.

(2) بل الظاهر صحة الصلاة و الجماعة معا لأنّ البطلان مبني على أن يكون‌

 

460
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 12 إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو ص 460

خالفت صلاة المنفرد، الثانية أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر و لكن تخيّل أنه زيد فبان أنه عمرو و في هذه الصورة الأقوى صحة جماعته و صلاته، فالمناط ما قصده لا ما تخيله من باب الاشتباه في التطبيق.

[مسألة 13: إذا صلى اثنان و بعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما]

[1880] مسألة 13: إذا صلى اثنان و بعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما، أما لو علم أن نية كل منهما الإتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة (1) إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد، و لو شكا فيما أضمراه

______________________________
الاقتداء بالامام الواقف على أنه زيد من باب التقييد لا الداعى، و قد مرّ أن التقييد بمعنى التضييق و الحصة في امثال المسألة غير متصور على أساس أن الامام الواقف الحاضر موجود خارجي معين و هو غير قابل للحصة و التضييق، فالاقتداء به على أنه زيد لا محالة يكون من باب الداعي لأنه قد ائتم بالامام الواقف امامه خارجا واقعا و حقيقة و لكن باعتقاد انه زيد فبان عمروا، و من الواضح أن هذا الاعتقاد الخاطي لا يغير الواقع الخارجي بداهة أن الشى‌ء إذا وقع لا ينقلب عما هو عليه، فإذا كان الامام الواقف الذي نوى الاقتداء به جديرا بالامامة أيضا و تتوفر فيه الشروط اللازمة في امام الجماعة صحت صلاته و ائتمامه، فالنتيجة: ان كلتا الصورتين في المتن تكون من باب تخلف الداعي و الاشتباه في التطبيق.

(1) في الاستئناف اشكال و الأظهر عدمه، فإن عمدة الدليل على وجوب الاستئناف هي رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه قال: (قال أمير المؤمنين عليه السّلام في رجلين اختلفا فقال أحدهما: كنت امامك، و قال الآخر: انا كنت امامك، فقال: صلاتهما تامة، قلت: فإن قال كل واحد منهما كنت ائتم بك، قال:

صلاتهما فاسدة و ليستأنفا) «1» فانها واضحة الدلالة على بطلان صلاة كليهما معا، و لكن لا يمكن الأخذ بهذه الرواية من ناحية السند باعتبار ان في سندها النوفلي و هو لم يثبت توثيقه، و مجرد وروده في اسناد كامل الزيارات و تفسير القمي لا‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 29 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

 

461
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 إذا صلى اثنان و بعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما ص 461

فالأحوط الاستئناف و إن كان الأقوى الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ (1) أو

______________________________
يكفى في توثيقه، و على هذا فمقتضى حديث لا تعاد هو صحة صلاة كل منهما بملاك أنه معذور في ترك القراءة.

(1) هذا بناء على بطلان الصلاة بائتمام كل منهما بالآخر، و حينئذ فإن علم به فلا اشكال في البطلان و إن شك فيه كان يشك في صحة صلاته على أساس أنه مانع عنها، و معه لا مانع من الرجوع إلى قاعدة الفراغ شريطة أن يكون المصلي ملتفتا إلى مانعية ذلك و كان في مقام الامتثال فعندئذ اذا شك بعد الفراغ من صلاته انه ائتم بصاحبه مع علمه بائتمام صاحبه به أو شكه فيه لا مانع من جريان قاعدة الفراغ باعتبار انه كان في مقام الامتثال فاحتمال انه ائتم به عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي غير محتمل، و احتمال أنه صنع ذلك غفلة و سهوا فهو خلاف الأصل، و عليه فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب في المسألة و هو استصحاب عدم ائتمامه بصاحبه الجدير بالائتمام، و بالعكس، و استصحاب عدم ائتمام كل منهما بالآخر، فإن هذا الاستصحاب و إن كان لا مانع منه في نفسه إلّا أنه محكوم في المسألة بالقاعدة، نعم لو لم تجر القاعدة كما إذا كان المصلي غافلا حين العمل فلا بأس بالتمسك به على أساس أن المانع من الصلاة إنما هو ائتمام كل منهما بالآخر في زمان ائتمام الآخر به واقعا، و مع الشك يستصحب عدمه و به يحرز عدم المانع من الصلاة.

و دعوى: انه لا مجال لجريان قاعدة الفراغ بملاك انه لا يحتمل أن يكون ائتمامه بالآخر عن غفلة و نسيان، بل لو كان فهو عن قصد و عمد حيث انه لا يرى ذلك خلاف وظيفته باعتبار انه يعتقد مشروعية هذا الائتمام لعدم علمه بائتمام صاحبه به.

مدفوعة: بأن المفروض في المسألة هو أن المصلي شاك في صحة صلاته‌

 

462
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 13 إذا صلى اثنان و بعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما ص 461

قبله مع نية الانفراد بعد الشك.

[مسألة 14: الأقوى و الأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختيارا]

[1881] مسألة 14: الأقوى و الأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختيارا و إن كان الآخر أفضل و أرجح، نعم لو عرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته من موت أو جنون أو إغماء أو صدور حدث بل و لو لتذكر حدث سابق جاز للمأمومين تقديم إمام آخر (1) و إتمام الصلاة معه، بل

______________________________
و فسادها بعد الانتهاء منها، و لا يكون منشأ لهذا الشك إلّا الشك في الائتمام المذكور من ناحية النسيان و الغفلة لأنّ احتمال أن يكون ذلك عن عمد و التفات خلاف الفرض مع أن لازم هذه الدعوى هو عدم الشك فيها.

و أما إذا كان الشك في ذلك في أثناء الصلاة فإن كان قبل الركوع في الركعة الأولى يواصل صلاته منفردا بأن يقرأ إلى أن أكمل القراءة ثم ركع و لا شي‌ء عليه، و إن كان بعده فأيضا الأمر كذلك، و أما ترك القراءة فبما أنه كان معذورا فيه فهو مشمول لحديث (لا تعاد).

(1) و الأظهر أن يكون ذلك الامام من أحد المأمومين بمقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن جعفر عليه السّلام: (لا صلاة لهم إلّا بإمام فليقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها و قد تمت صلاته) «1» و قوله عليه السّلام في صحيحة البقباق: (لا يؤم الحضري المسافر و لا المسافر الحضري فإن ابتلى بشى‌ء من ذلك فأم قوما حضريين فإذا أتم الركعتين سلّم ثم أخذ بيد بعضهم فقدّمه فأمهم).

«2» و أما قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبى: (و يقدمون رجلا آخر) «3» و إن كان مطلقا و يدل باطلاقه على جواز تقديم رجل اجنبي إلّا أنه لا بد من تقييده بهما تطبيقا لمبدإ حمل المطلق على المقيد.

ثم إن المنصوص في الروايات المعتبرة من الأعذار موت الامام أثناء الصلاة و اعتلاله و صدور الحدث منه أو تذكره حدثا سابقا على الصلاة و سفره، و أما سائر‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 72 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 8 باب: 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(3) الوسائل ج 8 باب: 43 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

 

463
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 الأقوى و الأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختيارا ص 463

الأقوى ذلك لو عرض له ما يمنعه من إتمامها مختارا كما لو صار فرضه الجلوس، حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به لما يأتي من عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد.

[مسألة 15: لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء]

[1882] مسألة 15: لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء.

[مسألة 16: يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد و لو اختيارا]

[1883] مسألة 16: يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد و لو اختيارا في

______________________________
الاعذار التي قد تعرض عليه في الاثناء كالجنون و الاغماء و الرعاف و الأذى في البطن و نحوها فهي بين ما لم ترد في شي‌ء من النصوص و بين ما ورد في نص غير معتبر هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أن الاقتداء بشخصين في صلاة واحدة عرضا أو طولا بأن يقتدي نصف منها بشخص و النصف الآخر بآخر غير مشروع لعدم الدليل، فإذن مقتضى القاعدة عدم جواز ذلك، و على هذا الاساس فالحكم في مورد النصوص المذكورة يكون على خلاف القاعدة، و حينئذ فهل يمكن التعدي عن موردها إلى سائر الاعذار؟ الظاهر هو امكان التعدي و ذلك لأنّ المتفاهم العرفي من هذه النصوص على اساس مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو انه لا خصوصية للأعذار المنصوصة و أن العبرة إنما هي بعدم تمكن الامام من اتمام الصلاة.

و إن شئت قلت: ان هذه الاعذار لو كانت واردة في كلام الامام عليه السّلام لأمكن أن يقال بأن فيها خصوصية و يشكل التعدي حينئذ، و لكن بما أنها واردة في كلام السائل فمن جواب الامام عليه السّلام بتقديم أحد المأمومين لإتمام الصلاة يفهم العرف عموم الحكم و عدم اختصاصه بمورده، بل لا يبعد التعدي إلى ما يعرض على الامام ما لا يتمكن معه من الصلاة قائما فحسب.

فالنتيجة: أن المستفاد من هذه النصوص عرفا هو أن التعدي من موردها إلى سائر الأعذار يكون على القاعدة و تؤيدها النصوص الضعيفة الدالة على ذلك ..

 

464
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد و لو اختيارا ص 464

جميع أحوال الصلاة على الأقوى (1) و إن كان ذلك من نيته في أول الصلاة،

______________________________
(1) في اطلاقه اشكال بل منع و الأقوى عدم جواز العدول فيما إذا كان ناويا له من البداية كما إذا اقتدى بإمام و عول عليه في القراءة و هو ينوي الانفراد في الركعة الثانية أو في القنوت و إذا وصل الامام اليها و إلى القنوت انفرد عنه، فإذا فعل ذلك بطلت صلاته و عليه الاعادة من جديد و ذلك لما مرّ من أنه لا دليل على مشروعية الجماعة في بعض الصلاة دون بعضها، فإن صحيحة زرارة و الفضيل لا تدل على مشروعيتها كذلك باعتبار أن عمومها افرادي و لا نظر لها إلى ابعاض الصلوات و احوالها، و لا يوجد دليل آخر في المسألة.

و عليه فبطبيعة الحال تكون صلاته باطلة باعتبار ان الجماعة إذا لم تكن صحيحة لم يجز له التعويل على قراءة الامام و الاكتفاء بها، فحينئذ يكون تاركا للقراءة عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعى، نعم لو كان جاهلا بالمسألة و معتقدا بجواز العدول حتى في هذه الصورة لم تجب عليه الاعادة لمكان حديث (لا تعاد).

و أما إذا لم يكن ناويا العدول من البداية و لكن بدا له في الاثناء و عدل من الائتمام إلى الانفراد فحينئذ إن كان العدول قبل الركوع من الركعة الأولى أو الثانية وجب عليه أن يقرأ كما يقرأ المنفرد، و لا يمكن أن يكتفي بقراءة الامام باعتبار أن انفراده هذا من الائتمام كاشف عن بطلانه على أساس ما مرّ من انه لا دليل على مشروعية الائتمام في بعض اجزاء الصلاة فحسب، و بما أن محل القراءة يظل باقيا و هو متمكن منها فلا يجوز له تركها و إلا لكان تاركا لها عن عمد و التفات و معه تبطل صلاته. و إن كان بعد الدخول في الركوع يواصل في صلاته منفردا و لا شي‌ء عليه، و أما ترك القراءة فبما أنه يكون معذورا فيه فيشمله حديث (لا تعاد) فيحكم بصحة صلاته شريطة أنه لم يتورط في زيادة ركن فيها أو نقصانه.

 

465
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 16 يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد و لو اختيارا ص 464

لكن الأحوط عدم العدول إلا لضرورة و لو دنيوية خصوصا في الصورة الثانية.

[مسألة 17: إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في الركوع لا يجب عليه القراءة]

[1884] مسألة 17: إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في الركوع لا يجب عليه القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقي منها و إن كان الأحوط استئنافها خصوصا إذا كان في الأثناء.

[مسألة 18: إذا أدرك الإمام راكعا يجوز له الائتمام و الركوع معه ثم العدول إلى الانفراد اختيارا]

[1885] مسألة 18: إذا أدرك الإمام راكعا يجوز له الائتمام و الركوع معه ثم العدول إلى الانفراد اختيارا، و إن كان الأحوط ترك العدول حينئذ خصوصا إذا كان ذلك من نيته أوّلا (1).

[مسألة 19: إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام و أتمّ صلاته]

[1886] مسألة 19: إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام و أتمّ صلاته فنوى الاقتداء به في صلاة اخرى قبل أن يركع الامام في تلك الركعة أو حال كونه

______________________________
فالنتيجة: أن المأموم إذا عدل في الاثناء فإن لم يكن ناويا من البداية بطلت جماعته دون صلاته غاية الأمر إن كان قبل الركوع وجب عليه أن يقرأ كما مرّ، و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

(1) مرّ أن الأقوى بطلان جماعته إذا كان من نيته العدول من الأول، بل بطلان صلاته إذا كان ملتفتا إلى عدم جواز ذلك على أساس انه تارك للقراءة حينئذ عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي إلّا أن يكون معتقدا بجواز ذلك فعندئذ صحت بمقتضى حديث (لا تعاد). نعم إذا لم يكن ناويا له من الأول و بنى على العدول بعد الركوع فعدل و واصل صلاته منفردا صحت شريطة عدم الاخلال بالركن، و به و بما ذكرناه في المسائل المتقدمة يظهر حال المسألة الآتية.

 

466
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام و أتم صلاته ص 466

في الركوع من تلك الركعة جاز و لكنه خلاف الاحتياط (1).

[مسألة 20: لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود إلى الائتمام]

[1887] مسألة 20: لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود إلى الائتمام.

نعم، لو تردّد في الانفراد و عدمه ثم عزم على عدم الانفراد صح (2)، بل لا يبعد جواز العود إذا كان بعد نية الانفراد بلا فصل (3)، و إن كان الأحوط عدم العود مطلقا.

[مسألة 21: لو شكّ في أنه عدل إلى الانفراد أم لا بنى على عدمه]

[1888] مسألة 21: لو شكّ في أنه عدل إلى الانفراد أم لا بنى على عدمه.

[مسألة 22: لا يعتبر في صحة الجماعة قصد القربة من حيث الجماعة بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة]

[1889] مسألة 22: لا يعتبر في صحة الجماعة قصد القربة من حيث الجماعة بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة، فلو كان قصد الإمام من الجماعة الجاه أو مطلب آخر دنيوي و لكن كان قاصدا للقربة في أصل

______________________________
(1) لم يظهر وجه هذا الاحتياط، فإن المأموم إذا عدل إلى الانفراد على تفصيل قد مر و تمّت صلاته جاز له الائتمام به في صلاته الثانية بلا شبهة.

(2) في الصحة اشكال بل منع لأنّ التردد ينافي البقاء على الائتمام باعتبار أن الائتمام أمر قصدي يتوقف على النية و لا يجتمع مع التردد، و عليه فإذا نوى الائتمام بعد التردد فهو ائتمام في اثناء الصلاة بعد كونه منفردا فيها، و لا دليل على صحة هذا الائتمام و جوازه، و على هذا فإذا كان هذا التردد قبل الركوع في الركعة الأولى أو الثانية وجب عليه أن يقرأ كما يقرأ المنفرد و إلّا بطلت صلاته إلّا إذا كان معذورا.

(3) بل هو يبعد عن الصواب إذ لا شبهة في أن الائتمام بعد نية الانفراد و إن كان بلا فصل ائتمام جديد و ليس هو من الائتمام الأول و بقاء له، فإذا كان ائتماما جديدا فبما انه كان في أثناء الصلاة و مسبوقا بالانفراد فيها فلا دليل على مشروعيته.

 

467
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 22 لا يعتبر في صحة الجماعة قصد القربة من حيث الجماعة بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة ص 467

الصلاة صحّ، و كذا إذا كان قصد المأموم من الجماعة سهولة الأمر عليه أو الفرار من الوسوسة أو الشك أو من تعب تعلم القراءة أو نحو ذلك من الأغراض الدنيوية صحت صلاته مع كونه قاصدا للقربة فيها، نعم لا يترتب ثواب الجماعة إلا بقصد القربة فيها.

[مسألة 23: إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا]

[1890] مسألة 23: إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد و صحت، و كذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ و لم تخالف صلاة المنفرد، و إلا بطلت (1).

[مسألة 24: إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع]

[1891] مسألة 24: إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع جاز له الدخول معه و تحسب له ركعة (2)، و هو منتهى ما تدرك به الركعة في ابتداء

______________________________
(1) الظاهر أن مراد الماتن قدّس سرّه من المخالف و المنافي لصلاة المنفرد هو خصوص المنافي لها عمدا و سهوا، فإن المأموم إذا كان ائتمامه باطلا في الواقع إنما تصح صلاته منفردا شريطة أن لا يكون متورطا في الاتيان بالمنافي لصلاة المنفرد كزيادة ركن او نقصانه.

(2) هذا هو المشهور و المعروف، و لكن الأجدر و الأولى أن لا يدخل في الجماعة إلّا ان يدرك الامام حال تكبيرة الركوع و يقتدي به في ذلك الحال و ذلك: لأن الروايات التي تنص على أن من أدرك الامام و هو راكع ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد ادرك الركعة معارضة بطائفة من الروايات التي تؤكد على عدم الاعتداد بركعة لم يشهد تكبيرها و عدم الدخول فيها على أساس أن مدلول هذه الطائفة هو الارشاد الى فساد الركعة التي لم يشهد المأموم تكبيرها و لم يدرك‌

 

468
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 24 إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع ص 468

..........

______________________________
الامام في حاله، و مدلول الطائفة الأولى هو الصحة اذا أدرك الامام و هو راكع فركع قبل أن يرفع الامام رأسه و إن لم يشهد تكبيره.

و على هذا الأساس فلا يمكن الجمع بينهما بحمل الطائفة الثانية على الكراهة بقرينة الطائفة الأولى و ذلك لأن مدلول النهي في هذه الطائفة ليس حرمة تكليفية لكي تكون الطائفة الأولى بلحاظ أنها ناصة في مدلولها قرينة عرفية على رفع اليد عن ظهور النهي فيها في الحرمة و حمله على الكراهة، فاذن لا وجه لهذا الجمع و لا مبرر له فلا محالة تكون المعاوضة بينهما مستقرة، فان الطائفة الأولى تؤكد على كفاية ادراك الامام في الركوع شريطة ان يركع المأموم قبل رفع الامام رأسه، و الطائفة الثانية تؤكد على عدم كفاية ذلك و أن أدنى ما يكفي في صحة الصلاة جماعة ادراك الامام في تكبيرة الركوع و الاقتداء به في هذا الحال باعتبار أن كلمة (الادراك) تدل على أن ذلك أدنى حد يمكن أدرك الجماعة به، و على هذا فلا بد من النظر الى مرجحات باب المعارضة و لا ترجيح في البين، و اما الشهرة العملية فهي و إن كانت موافقة للأولى إلّا أنّها ليست من مرجحات ذلك الباب هذا، و لكن الذي يهون الخطب هو أن الطائفة الأولى روايات كثيرة و مشهورة تبلغ من الكثرة بدرجة يكون الانسان العادي واثقا و متأكدا بصدور بعضها عن المعصوم عليه السّلام، و عندئذ تسقط الطائفة الثانية عن الاعتبار بملاك أنها مخالفة للسنة فلا تكون حجة لكي تصلح أن تعارض الطائفة الأولى، فالمقام من دوران الأمر بين الحجة و اللّاحجّة لا المعارضة بين الحجتين. و اما مع غض النظر عن ذلك، فلا يكون هناك مبرر لتقديم الأولى على الثانية فتسقطان من جهة المعارضة فلا دليل على كفاية اقتران ركوع المأموم بركوع الامام قبل أن يبدأ برفع رأسه، و من هنا كان الأجدر و الأولى أن لا يأتم اذا ادرك الامام و هو راكع.

 

469
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 24 إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع ص 468

الجماعة على الأقوى بشرط أن يصل إلى حد الركوع قبل رفع الإمام رأسه و إن كان بعد فراغه من الذكر على الأقوى، فلا يدركها إذا أدركه بعد رفع رأسه، بل و كذا لو وصل المأموم إلى الركوع بعد شروع الإمام في رفع الرأس و إن لم يخرج بعد عن حده على الأحوط (1)، و بالجملة إدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقف على إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه، و أما في الركعات الاخر فلا يضر عدم إدراك الركوع مع الإمام بأن ركع بعد رفع رأسه بل بعد دخوله في السجود أيضا، هذا إذا دخل في الجماعة بعد ركوع الإمام، و أما إذا دخل فيها من أول الركعة أو أثنائها و اتفق أنه تأخر عن الإمام في الركوع فالظاهر صحة صلاته و جماعته (2)، فما هو

______________________________
(1) بل على الأظهر فان العبرة انما هي بعدم خروجه عن حد الركوع الشرعي و إن خرج عن حد ركوعه الشخصى، و من هنا اذا ابتدأ الامام برفع رأسه و خرج عن حد ركوعه الشخصي و لكنه لا يزال باقيا في حد الركوع الشرعي و هو الحد الأدنى من الركوع و واقفا فيه قليلا و اقترن به ركوع المأموم صدق انه أدرك الامام و هو راكع، و اما اذا ابتدأ برفع رأسه و استمر في النهوض الى القيام من دون الوقوف الى حده الشرعى، فلا يكفي اقتران ركوع المأموم به في هذا الحد و لا يصدق عليه انه أدرك الامام و هو راكع باعتبار أن عنوان الراكع لا يصدق في حال نهوضة الى القيام.

(2) هذا اذا كان تأخره عنه عن عذر كالسهو او الزحام أو نحو ذلك، و لعلّ هذا هو مراده قدّس سرّه أيضا.

و النكتة فيه: ان الجماعة متقومة بمتابعة المأموم للإمام في افعاله، فيقف بوقوفه و يركع بركوعه و يسجد بسجوده و يجلس بجلوسه و هكذا، و هذا يعني ان المأموم اذا سبقه في فعل من افعاله فيها فهو منفرد عنه فيه فلا يكون مقتديا و متابعا‌

 

470
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 24 إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع ص 468

..........

______________________________
له، و لا فرق بين ان يكون ذلك عن عمد و التفات، أو عن سهو و غفلة، او لمانع خارجي كالزحام أو نحوه، باعتبار أن انفراده عنه فيه واقعي فلا يختلف باختلاف حالاته او المانع الخارجى، فإذن يكون استمراره في متابعته له في افعاله اللاحقة و التحاقه به فيها اقتداء به مرة ثانية بعد الانفراد، و من المعلوم ان ذلك بحاجة الى دليل خاص بعد ما مرّ من عدم اطلاق لدليل المسألة (العام)، و قد دل الدليل على الاقتداء و الالتحاق به مرة أخرى في موردين:

أحدهما: ما إذا كان ترك المتابعة فيه عن سهو و ذهول.

و الآخر: ما إذا كان تركها لمانع خارجى.

اما الدليل في المورد الأول فهو متمثل في صحيحة عبد الرحمن عن ابي الحسن عليه السّلام قال: (سألته عن الرجل يصلي مع امام يقتدي به فركع الامام و سها الرجل و هو خلفه لم يركع حتى رفع الامام رأسه و انحط للسجود، أ يركع ثم يلحق بالامام و القوم في سجودهم؟ أم كيف يصنع؟ قال: يركع، ثم ينحط و يتم صلاته معهم و لا شي‌ء عليه). «1» فإنها تنص على مشروعية الاقتداء و الالتحاق به في اللاحق بعد الانفراد في الركوع.

ثم إن الحكم في مورد الصحيحة و إن كان على خلاف القاعدة حيث أن مقتضى القاعدة عدم مشروعية الاقتداء به ثانيا بعد الانفراد عنه و لو سهوا إلّا أن المتفاهم العرفي منها عدم اختصاصه بموردها و هو نسيان الركوع مع الامام و يلحق به نسيان السجود معه بل سائر الافعال أيضا.

نعم لا يمكن التعدي عن موردها إلى ما إذا سبق المأموم الامام في ركوع أو سجود سهوا و غفلة، و لكن قد ثبت مشروعية الاقتداء و الالتحاق هناك بدليل آخر في هذا المورد. و سيأتي بحث ذلك في ضمن مسائل أحكام الجماعة.

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 64 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

 

471
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 24 إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع ص 468

المشهور من أنه لا بد من إدراك ركوع الإمام في الركعة الاولى للمأموم في ابتداء الجماعة و إلا لم تحسب له ركعة مختص بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام أو قبله بعد تمام القراءة (1) لا فيما إذا دخل فيها من أول الركعة أو أثنائها و إن صرح بعضهم بالتعميم، و لكن الأحوط الإتمام

______________________________
و أما الدليل في المورد الثانى، فهو متمثل في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السّلام: (في رجل صلّى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الامام ألجأه الناس إلى جدار أو اسطوانة فلم يقدر على أن يركع ثم يقوم في الصف و قد قام القوم، أم كيف يصنع؟ قال: يركع و يسجد لا بأس بذلك) «1». فانها تنص على مشروعية الالتحاق به مرة ثانية بعد الانفصال و الانفراد.

و دعوى: أن مورد هذه الصحيحة هو الجماعة في صلاة الجمعة، و التعدي عنه إلى سائر الموارد بحاجة إلى دليل باعتبار أن الحكم يكون على خلاف القاعدة.

مدفوعة، بأن الحكم في موردها و إن كان على خلاف القاعدة إلّا أن العرف يفهم منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية عموم الحكم لمطلق الجماعة و لا خصوصية للجمعة، كما انه يفهم منها في ضوء تلك المناسبة إنه لا خصوصية لكون المانع من المتابعة هو الزحام، فإن العبرة إنما هي بمنع المأموم من متابعة الامام في الركوع أو السجود، و لا موضوعية لكون المانع منها هو زحام الناس.

(1) في الحاقة بإدراك الامام في الركوع اشكال بل منع، و الأظهر انه ملحق بإدراك الامام في القراءة بمقتضى اطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الامام فقد أدركت الصّلاة ...) «2» فإنه يدل على أن المأموم إذا أدرك الامام قائما حال التكبيرة للركوع صحت صلاته و كفت قراءة الامام عوضا عن قراءته، كما هو الحال فيما إذا أدرك الامام تكبيرة الاحرام أو القراءة.

______________________________
(1) الوسائل ج 7 باب: 17 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 8 باب: 44 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

 

472
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 24 إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع ص 468

حينئذ و الإعادة.

[مسألة 25: لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا و لم يدرك بطلت صلاته]

[1892] مسألة 25: لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا و لم يدرك بطلت صلاته (1)، بل و كذا لو شك في إدراكه و عدمه (2)، و الأحوط في صورة

______________________________
(1) بل صحت صلاته منفردا لا جماعة إن كان واثقا بادراك الامام و هو راكع إذا نوى الائتمام به و كبر و ركع كما هو الظاهر من المتن إذ حينئذ لا مقتضي للبطلان إلّا من جهة الاخلال بالقراءة و تركها، و لكن لما كان تركها باعتقاد انه يدرك الامام في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه فيكون معذورا في تركها و معه لا قصور في حديث (لا تعاد) عن شموله.

و دعوى: ان مقتضى الروايات التي تنص على أن من ركع و لم يدرك الامام في الركوع لم يدرك ركعة و قد فاتت منه، أن صلاته باطلة باعتبار أن ركوعه الذي لم يقترن بركوع الامام لم يحسب من الصلاة ...

بعيدة جدا لأنّ تلك الروايات ناظرة إلى أن المأموم إذا نوى الائتمام به و كبر و ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك ركعة جماعة و صحت صلاته على أساس صحة الائتمام، و أما إذا ركع بعد رفع الامام رأسه من الركوع فلم يدرك ركعة جماعة فتبطل صلاته جماعة على أساس بطلان الائتمام، و لا نظر لها إلى صحة صلاته و بطلانها منفردا أصلا حيث أنها ليست في مقام البيان من هذه الناحية نهائيا، و لا مانع من كون هذه الركعة باطلة جماعة و صحيحة منفردا، لأنّ ملاك بطلانها جماعة شي‌ء و هو عدم ادراكه الامام في الركوع و ملاك صحتها شي‌ء آخر و هو حديث (لا تعاد).

(2) فيه أن الأظهر في هذه الصورة صحة صلاته جماعة، فانها تختلف عن الصورة المتقدمة و هي ما إذا اعتقد المأموم ادراك الامام و هو راكع، فإذا نوى الائتمام به و كبر و ركع معتقدا بذلك ثم تبين له الخلاف صحت صلاته منفردا لا‌

 

473
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 25 لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا و لم يدرك بطلت صلاته ص 473

الشك الإتمام و الإعادة أو العدول إلى النافلة و الإتمام ثم اللحوق في الركعة الأخرى.

[مسألة 26: الأحوط عدم الدخول إلا مع الاطمئنان بإدراك ركوع الإمام]

[1893] مسألة 26: الأحوط عدم الدخول إلا مع الاطمئنان بإدراك ركوع

______________________________
جماعة كما مرّ، و أما إذا كبر و ركع معتقدا ذلك و لكنه حين ركع شك في أن الامام هل كان راكعا أو رافعا رأسه من الركوع؟ فالأظهر صحة جماعة و ذلك لاستصحاب بقاء الامام راكعا حين ركوعه و بذلك يحرز موضوع صحة الائتمام، فإن موضوعها مركب من جزءين:

أحدهما: ركوع المأموم.

و الآخر: كون الامام راكعا.

فإذا تحقق الجزءان في الخارج في زمن واحد ثبت الموضوع، و في المقام بما أن ركوع المأموم محرز بالوجدان، و كون الامام راكعا في حينه بالاستصحاب، فبضم الوجدان اليه يثبت الموضوع و يترتب عليه أثره و هو صحة الصلاة جماعة، و أما عنوان (القبل) الوارد في بعض روايات المسألة فالظاهر أنه عنوان مشير إلى الواقع، و هو أن يكون الامام راكعا حين ركع المأموم، و يؤكد ذلك أن هذا العنوان لم يرد في بعضها الآخر كصحيحة زيد الشحام فإن مقتضاها أن الموضوع مركب من ذاتي الجزءين المذكورين من دون أخذ شي‌ء زائد فيه، و على هذا فلا مانع من استصحاب بقاء الامام راكعا حين راكعا المأموم، و به يظهر أنه لا وجه للاحتياط بالجمع بين الاتمام و الاعادة.

و أما العدول إلى النافلة فلا موضوع له في الصورة الثانية و هي صورة الشك، و على أساس ذلك يظهر أن من شك في أنه هل يدرك الامام و هو راكع إذا نوى الائتمام به و كبر و ركع أو لا؟ فله أن ينوي و يكبر و يركع، فإن أدرك الامام راكعا صحت صلاته جماعة، و إلّا صحت صلاته منفردا.

 

474
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 26 الأحوط عدم الدخول إلا مع الاطمئنان بإدراك ركوع الإمام ص 474

الإمام و إن كان الأقوى جوازه مع الاحتمال، و حينئذ فإن أدرك صحت و إلا بطلت (1).

[مسألة 27: لو نوى و كبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع أو قبل أن يصل إلى حد الركوع]

[1894] مسألة 27: لو نوى و كبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع أو قبل أن يصل إلى حد الركوع لزمه الانفراد أو انتظار الإمام قائما إلى الركعة الأخرى (2) فيجعلها الاولى له، إلا إذا أبطأ الإمام بحيث يلزم الخروج عن صدق الاقتداء، و لو علم قبل أن يكبّر للإحرام عدم إدراك ركوع الإمام لا يبعد جواز دخوله و انتظاره إلى قيام الإمام للركعة الثانية (3) مع عدم فصل

______________________________
(1) مرّ أنها صحت منفردا لا جماعة.

(2) تقدم أن الانفراد هو المتعين في مفروض المسألة إذا كان ناويا الائتمام به معتقدا أنه يدركه راكعا ثم تبين له الخلاف. نعم يتخير بين أن يواصل صلاته منفردا و بين أن يعدل إلى النافلة فينويها نافلة و يتمها بالكامل، كما أن له إن شاء أن يقطع النافلة و يلتحق بالامام في ركعة لاحقة. و أما لزوم التخيير بين الانفراد أو الانتظار فلا دليل عليه، هذا اضافة إلى ما مرّ من أن صلاته في المسألة صحيحة منفردا لا جماعة، و هذا يعني أن ركوعه صحيح و يكون ركوعا للركعة الأولى من صلاته منفردا، و عليه فلا يكون انتظاره قائما للإمام إلى الركعة الأخرى و الاقتداء به فيها مشروعا، فإنه أن جعلها بذلك الركعة الأولى له فهو خلف الفرض، و إن جعلها الركعة الثانية له باعتبار أن الركعة الأولى قد تحققت كان لازم ذلك الائتمام به في أثناء الصلاة مسبوقا بالانفراد و هو غير مشروع و لا دليل عليه.

(3) بل هو بعيد فإن الائتمام بما انه خلاف الأصل فمشروعيته في كل مورد بحاجة إلى دليل، و قد ثبتت مشروعيته اثناء تكبيرة الاحرام و القراءة و بعد اكمالها و قبل الركوع و بعده إذا ركع و الامام راكع، و لا فرق في الأخير بين أن يكون في ركوع الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة، و أما الائتمام به بعد رفع رأسه‌

 

475
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 27 لو نوى و كبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع أو قبل أن يصل إلى حد الركوع ص 475

يوجب فوات صدق القدوة، و إن كان الأحوط عدمه.

[مسألة 28: إذا أدرك الإمام و هو في التشهد الأخير يجوز له الدخول معه]

[1895] مسألة 28: إذا أدرك الإمام و هو في التشهد الأخير يجوز له الدخول معه بأن ينوي و يكبر ثم يجلس معه و يتشهد فإذا سلّم الإمام يقوم

______________________________
من الركوع و الانتظار إلى قيام الامام للركعة الثانية فلا دليل على جوازه بقطع النظر عن أن هذا المقدار من الفصل لا يضر بصدق الائتمام و المتابعة. و أما ما ورد في جملة من الروايات من أنه إذا لم يدرك الامام في الركوع فاسجد معه، فإنه مضافا إلى أنه لا ينطبق على ما نحن فيه، فهو غير ثابت لضعفها سندا. نعم قد ثبت ذلك في موارد:

أحدها: ما إذا أدرك الامام في التشهد الأخير فإن بإمكانه حينئذ إذا أراد أن يدرك فضيلة الجماعة و ثوابها أن يكبر تكبيرة الاحرام ناويا الائتمام به و هو قائم ثم يجلس مع الامام و يتشهد، فاذا أسلم الامام قام فأتم صلاته منفردا. و تدل على ذلك موثقة عمار.

ثانيها: ما إذا أدرك الامام بعد الركعتين، يعني في التشهد الأول، فإن بإمكانه حينئذ أن ينوي الائتمام و يكبر تكبيرة الاحرام و هو قائم و لا يقعد مع الامام حتى يقوم، و تدل عليه موثقة عمار.

ثالثها: ما إذا أدرك الامام في السجدة الأخيرة من صلاته، إذ حينئذ بإمكانه أن يقوم بمثل ذلك فيكبر و يهوي إلى السجود فيجسد و الامام ساجد ثم يتشهد، فإذا سلّم الامام قام لصلاته و أتى بها منفردا، و تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم، و على هذا فالمكلف في مفروض المسألة مخير بين أن ينوي الانفراد و يكبر و يواصل صلاته منفردا، أو يعدل إلى النافلة. ثم إن شاء أتمها أو قطعها و التحق بالامام في ركعة لاحقة، و بين أن ينتظر إلى أن يقوم الامام من الركعة الأولى و يقتدي به في الركعة الثانية.

 

476
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 28 إذا أدرك الإمام و هو في التشهد الأخير يجوز له الدخول معه ص 476

فيصلي من غير استئناف للنية و التكبير، و يحصل له بذلك فضل الجماعة و إن لم يحصل له ركعة.

[مسألة 29: إذا أدرك الإمام في السجدة الاولى أو الثانية من الركعة الأخيرة و أراد إدراك فضل الجماعة]

[1896] مسألة 29: إذا أدرك الإمام في السجدة الاولى أو الثانية من الركعة الأخيرة و أراد إدراك فضل الجماعة نوى و كبّر و سجد معه السجدة أو السجدتين و تشهد (1) ثم يقوم بعد تسليم الإمام و يستأنف الصلاة و لا يكتفي بتلك النية و التكبير (2)، و لكن الأحوط إتمام الاولى بالتكبير الأول

______________________________
(1) في الائتمام به في السجدة الأولى من الركعة الأخيرة و في بقية السجود من سائر الركعات اشكال بل منع، لعدم الدليل على مشروعية هذا الائتمام و ما دل عليها قاصر من ناحية السند. نعم قد ثبت جواز الائتمام في خصوص السجدة الأخيرة من صلاة الامام كما مرّ.

(2) في اطلاقه اشكال بل منع، فإن من أدرك الامام في السجدة الأخيرة من الصلاة فبإمكانه حينئذ إذا أراد إدراك فضل الجماعة أن يكبر ناويا الائتمام به و يهوي إلى السجود فيسجد و الامام ساجد ثم يتشهد مع الامام بنفس النية السابقة فإذا سلّم الامام قام لصلاته و أتمها، ففي مثل ذلك لا يجب عليه أن يكبر تكبيرة الاحرام من جديد ناويا الانفراد، و يدل على ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: (إذا أدرك الامام و هو في السجدة الأخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصّلاة مع الامام ...) «1» فإنه ظاهر في أن من أراد أن يدرك ثواب الجماعة كان له أن يقوم بهذا العمل، بأن يكبر تكبيرة الاحرام لصلاته منفردا ناويا الاقتداء به في السجدة الأخيرة لإدراك الثواب و الفضل، و من هنا لا يحتسب ذلك من الصلاة و إنما يعطى للملتحق بالجماعة فيها أو في التشهد الأخير ثوابها، فإن احتساب ذلك من الصلاة إنما هو فيما إذا أدرك الامام و هو راكع أو قبله كما مرّ، فإذن مقتضى الصحيحة أن زيادة السجدة و إن كانت عمدية إلّا أنها لا تضر، و أما إذا أدرك الامام‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 49 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

 

477
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 29 إذا أدرك الإمام في السجدة الاولى أو الثانية من الركعة الأخيرة و أراد إدراك فضل الجماعة ص 477

ثم الاستئناف بالإعادة.

[مسألة 30: إذا حضر المأموم الجماعة فرأى الإمام راكعا و خاف أن يرفع الإمام رأسه]

[1897] مسألة 30: إذا حضر المأموم الجماعة فرأى الإمام راكعا و خاف أن يرفع الإمام رأسه إن التحق بالصف نوى و كبّر في موضعه و ركع ثم مشى في ركوعه أو بعده أو في سجوده أو بعده أو بين السجدتين أو بعدهما أو حال القيام للثانية إلى الصف، سواء كان لطلب المكان الأفضل أو للفرار عن كراهة الوقوف في صف وحده أو لغير ذلك، و سواء كان المشي إلى

______________________________
و هو في السجدة الأولى أو الثانية من سائر الركعات فيقوم بمثل ذلك، بأن يكبر و يهوي للسجود فيسجد مع الامام و يتشهد، فإن كان معتقدا بصحة ذلك و مشروعيته و كانت الزيادة سجدة واحدة صحت صلاته و لا يجب عليه أن يكبر تكبيرة الاحرام من جديد باعتبار أن زيادة السجدة الواحدة إذا كانت عن عذر لا تقدح بالصلاة، و إن لم يكن معتقدا بها بطلت صلاته لزيادة سجدة واحدة عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعى، و حينئذ يجب عليه أن يكبر تكبيرة الاحرام من جديد حيث أن الأولى قد بطلت على أساس الزيادة العمدية، و أما إذا كان معتقدا بذلك و لكن كانت الزيادة سجدتين فأيضا تبطل صلاته باعتبار زيادة الركن فيها، و في هذا الفرض أيضا يجب أن يستأنف الصلاة من جديد.

فما في المتن من البناء على صحة الائتمام في غير السجدة الأخيرة من الصلاة و التشهد أيضا لإدراك الثواب و الفضل بأن يكبر ناويا الائتمام به ثم يهوي إلى السجود و الامام ساجد ثم يتشهد مع الامام فإذا سلم الامام قام، و لكن بنى على أنه لا يكتفي بتلك النية و التكبيرة، بل عليه أن يكبر تكبيرة الاحرام من جديد ... في غير محله، فإن الائتمام إذا كان صحيحا لم يكن موجب لبطلان صلاته إلّا زيادة سجدة واحدة و هي لا تقدح. نعم إذا كانت الزيادة سجدتين بطلت صلاته و يجب عليه استئنافها من جديد.

 

478
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 30 إذا حضر المأموم الجماعة فرأى الإمام راكعا و خاف أن يرفع الإمام رأسه ص 478

الامام أو الخلف أو أحد الجانبين بشرط أن لا يستلزم الانحراف عن القبلة و أن لا يكون هناك مانع آخر من حائل أو علوّ أو نحو ذلك، نعم لا يضرّ البعد الذي لا يغتفر حال الاختيار على الأقوى إذا صدق معه القدوة و إن كان الأحوط اعتبار عدمه أيضا، و الأقوى عدم وجوب جرّ الرجلين حال المشي بل له المشي متخطيا على وجه لا تنمحي صورة الصلاة، و الأحوط ترك الاشتغال بالقراءة و الذكر الواجب أو غيره مما يعتبر فيه الطمأنينة حاله، و لا فرق في ذلك بين المسجد و غيره.

 

479
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الجماعة ص 481

[فصل في شرائط الجماعة]

فصل في شرائط الجماعة يشترط في الجماعة مضافا إلى ما مر في المسائل المتقدمة أمور:

أحدها: أن لا يكون بين الإمام و المأموم حائل يمنع عن مشاهدته (1)، و كذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام كمن في صفه من طرف الإمام أو قدّامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالإمام، فلو كان حائل و لو في بعض أحوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود بطلت الجماعة من غير فرق في الحائل بين كونه جدارا أو غيره و لو شخص إنسان لم يكن مأموما، نعم إنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا، أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الإمام أو غيره من المأمومين مع كون الإمام رجلا بشرط أن تتمكن من المتابعة بأن تكون عالمة بأحوال الإمام من القيام و الركوع و السجود و نحوها، مع أن الأحوط فيها أيضا عدم الحائل، هذا و أما إذا كان الإمام امرأة أيضا فالحكم كما في الرجل.

______________________________
(1) فيه أن عنوان (الحائل) لم يرد في شي‌ء من الروايات، و إنما الوارد فيها عنوانان: أحدهما (ما لا يتخطّى) و قد فسر ذلك بقدر مسقط جسد الانسان إذا سجد، و الآخر عنوان (سترة أو جدار) فإذن يعتبر في صحة الجماعة و الائتمام هذان الأمران، هما عدم الفصل بينهما بأكثر من ذلك و عدم وجود سترة أو جدار تمنع عن مشاهدته.

 

481
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الجماعة ص 481

الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوّا معتدا به دفعيا كالأبنية و نحوها لا انحداريا على الأصح (1)، من غير فرق بين المأموم الأعمى و البصير و الرجل و المرأة، و لا بأس بغير المعتد به مما هو دون الشبر (2)، و لا بالعلو الانحداري حيث يكون العلو فيه تدريجيا على

______________________________
(1) هذا إذا لم يكن علو مكان الامام و انخفاض مكان المأموم محسوسا، و إلّا لم يجز على أساس أن الأرض المنحدرة تارة يكون انحدارها واضحا و محسوسا، و أخرى غير محسوس، كما إذا كانت مسرحة و تنخفض تدريجيا، فعلى الأول لا يجوز لا يجوز للإمام أن يقف في الأعلى و يقف المأموم في موضع منخفض عن ذلك حسا بقدر شبر أو أزيد و على الثاني يجوز للإمام أن يقف في أي موضع منها.

و إن شئت قلت: أن مقتضى نص موثقة عمار: أن الأرض إذا كانت منبسطة جاز للإمام أن يقف في أي موضع منها شاء و لا يضر انحدارها و انخفاضها تدريجيا إذا كان غير واضح و محسوس و إن طالت الصفوف و بلغ انخفاض مكان المأموم في الصف الأخير عن مكان الامام تدريجيا أكثر من شبر بل ذراع أو أزيد ما دام لم يصدق أن موقف الامام أعلى من موقف المأموم. نعم إذا كانت الجماعة في سفح الجبال مثلا صدق أن موقف الامام أعلى و أرفع من موقف المأمومين، فالعبرة إنما هي بصدق ذلك، فإن صدق لم يجز الائتمام به و إن كان بقدر شبر أو أقل، كما إذا كانت ساحة المسجد مرتفعة عن ساحة أخرى مجاورة بقدر شبر أو أقل بقليل فحينئذ إذا وقف الامام في ساحة المسجد و المأموم في الساحة الأخرى صدق أن موقف الامام أرفع و أعلى من موقف المأموم فلا يصح الائتمام به.

(2) تقدم أن العبرة إنما هي بصدق ارتفاع موقف الامام عن موقف المأموم عرفا و أما تحديد ذلك الارتفاع بالشبر تارة و بغيره أخرى فلم يثبت. لأنّ موثقة عمار‌

 

482
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الجماعة ص 481

وجه لا ينافي صدق انبساط الأرض، و أما إذا كان مثل الجبل فالأحوط ملاحظة قدر الشبر فيه، و لا بأس بعلوّ المأموم على الإمام و لو بكثير.

الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة إلا إذا كان في صفّ متصل بعضه ببعض حتى ينتهي إلى القريب، أو كان في صف ليس بينه و بين الصف المتقدم البعد المزبور و هكذا حتى ينتهي إلى القريب، و الأحوط احتياطا لا يترك أن لا يكون بين موقف الإمام و مسجد المأموم (1) أو بين موقف السابق و مسجد اللاحق أزيد من مقدار الخطوة

______________________________
مختلفة من هذه الناحية و لم تثبت النسخة المشتملة على تحديد الارتفاع بالشبر و لا بغيره، فإذن يكون المناط فيه بالصدق العرفى، فإن صدق أن موقف الامام أرفع من موقف المأموم لم يجز الائتمام و إلّا جاز، و بذلك يظهر حال ما بعده.

(1) بل الأظهر ذلك و تدل عليه صحيحة زرارة بقوله عليه السّلام: (ان صلّى قوم و بينهم و بين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بإمام، و أي صف كان أهله يصلون بصلاة الامام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة) «1» بتقريب: انه لا يمكن أن يراد من البعد المكاني المحدد بما لا يتخطى الانسان الاعتيادي البعد بين موقف المأموم و موقف الامام أو موقف المأموم أمامه إذ لا يحتمل أن يكون ذلك معتبرا في صحة الائتمام، إذ قلّما توجد جماعة مشروعة في الخارج أن يكون مسجد المأموم متصلا بموقف الامام أو موقف المأموم أمامه على نحو يكون الفصل بينهما مضرا و إن كان قليلا حيث قد حدّد ما لا يتخطى في نفس الصحيحة بقدر مسقط جسد الانسان إذا سجد، و معنى ذلك أن الواجب على كل مأموم أن يراعي في الفاصل بين الموقفين أن لا يزيد على ذلك المقدار و إذا زاد لم يجز الائتمام باعتبار أنه ليس بإمام بنص قوله عليه السّلام في الصحيحة:

(إن صلّى قوم .. الخ ..) و على هذا الأساس فبطبيعة الحال تكون الصحيحة في مقام‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 62 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2.

 

483
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الجماعة ص 481

التي تملأ الفرج، و أحوط من ذلك مراعاة الخطوة المتعارفة، و الأفضل بل الأحوط (1) أيضا أن لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار جسد الإنسان إذا سجد بأن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل.

______________________________
بيان أقصى حد فاصل بين مسجد المأموم و موقف الامام أو موقف المأموم الذي امامه هو أن لا يزيد عن مسقط جسد الانسان إذا سجد، و إذا زاد فلا جماعة و لا امامة، و يؤكد ذلك بعض الروايات الأخرى أيضا كموثقة عمار و صحيحة عبد اللّه بن سنان.

فالنتيجة: أن المعتبر في صحة الجماعة أن لا تكون الفواصل و الفراغات بين موقف الامام و مسجد المأمومين، و كذا بين صف و صف بمقدار لا يتعدى عما يمكن أن يتخطاه الانسان بخطوة واسعة، و من هنا كان على كل مأموم أن يراعي في الفاصل بين موضع سجوده و موقف امامه أو موقف المأموم الذي يكون أمامه أن لا يزيد عن ذلك القدر و إلّا لم يجز الائتمام به.

(1) فيه أنه لا وجه لهذا الاحتياط لما مرّ من أن ذلك لو كان معتبرا و لو احتياطا بين موقف الامام و موقف المأمومين و كذا بين كل صف و صف كان لازمه بطلان كثير من الجماعات، حيث أن لازم ذلك أن يكون مسجد المأموم متصلا بموقف الامام في الصف الأول أو متصلا بموقف المأموم امامه في سائر الصفوف، مع أن الامام و المأموم لا يراعي ذلك و يكون على خلاف ما هو المرتكز في اذهان المتشرعة. هذا اضافة إلى أن موثقة عمار تدل على نفي البأس عن وجود الطريق بين الامام و المأموم رغم أن الغالب تكون سعة الطريق أكثر مما يتخطى، و صحيحة عبد اللّه بن سنان فإنها تدل على أن الحد الفاصل بين الامام و المأموم أقله مربض عنز و أكثره مربض فرس، و من المعلوم أن مربض الفرس اكثر بكثير مما يتخطاه الانسان العادي بخطوة واسعة.

 

484
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الجماعة ص 481

الرابع: أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، فلو تقدم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته (1) إن بقي على نية الائتمام، و الأحوط تأخره عنه، و إن كان الأقوى جواز المساواة (2)، و لا بأس بعد تقدم الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الإمام في ركوعه و سجوده لطول قامته و نحوه، و إن كان الأحوط (3) مراعاة عدم التقدم في

______________________________
(1) بل بطلت جماعته دون صلاته فإنها تصح منفردا شريطة عدم الاخلال بوظيفة المنفرد فيما لا يعذر فيه الجاهل.

(2) هذا فيما إذا كان المأموم واحدا فإنه يقوم عن يمين الامام و يقتدي به دون خلفه و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: (الرّجلان يؤم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه ...). «1» ثم إن مقتضى اطلاق الصحيحة جواز مساواتهما في الموقف حقيقة، و مع الاغماض عن الاطلاق و الشك في جوازها فالمرجع هو الأصل العملي و هل هو أصالة البراءة أو اصالة الاشتغال؟ الظاهر هو الثانى، و ذلك: لأن الشك ان كان في اجزاء الصلاة الواجبة و شروطها فالمرجع هو أصالة البراءة بناء على ما هو الصحيح من جريانها في مسألة الأقل و الأكثر الارتباطيين، و إن كان فيما يعتبر في الجماعة دون أصل الواجب فالمرجع فيه هو اصالة الاشتغال على أساس أن مرد هذا الشك إلى الشك في سقوط القراءة عن ذمة المأموم بقراءة الامام، و قد تقدم في أول بحث الجماعة أن ظاهر الروايات أن قراءة الامام مسقطة عن الواجب و هو قراءة المأموم لا أنها أحد عدلي الواجب.

و أما إذا كان أكثر من واحد فلا يجوز أن يساووه في الموقف بل يجب أن يقوموا خلفه، و يدل على ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: (فإن كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه ...).

«2» (3) لا يترك هذا الاحتياط، فإن صحيحة محمد بن مسلم و إن لم تدل على‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 8 باب: 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

 

485
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

فصل في شرائط الجماعة ص 481

جميع الأحوال حتى في الركوع و السجود و الجلوس، و المدار على الصدق العرفي.

[مسألة 1: لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة]

[1898] مسألة 1: لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة (1).

______________________________
عدم جواز تقدم المأموم على الامام في تمام الحالات حتى في ركوعه و سجوده، و إنما تدل على تأخر موقف الامام، و لا نظر لها إلى سائر حالاته، و على هذا فإذا كان موقف المأموم متأخرا عن موقف الامام و لكن مسجده كان متقدما على موضع سجود الامام باعتبار طول قامته لم تدل على عدم جواز ذلك. و اما مفهوم الامامة فهو أيضا لا يقتضي ذلك لأنّ امامة امام الجماعة إنما هي على أساس أن على المأمومين متابعته في الافعال و عدم تقدمهم عليه فيها، و من المعلوم أن الامامة في ذلك لا تقتضي تقدم الامام على المأمومين في المكان أيضا، و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط وجوبا أن لا يتقدم المأموم على الامام في جميع الحالات قائما و راكعا و جالسا و ساجدا.

(1) هذا إذا كان مما يتخطاه الانسان و إلّا ففيه بأس، و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: (و أىّ صف كان أهله يصلون بصلاة الامام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة و إن كان سترا أو جدارا ...) «1» على أساس أن الضمير في كان يرجع إلى الموصول فيدل حينئذ على أن بين صف وصف و بين امام و مأموم إذا كان سترا أو جدارا بقدر لا يمكن للإنسان أن يتخطاه فهو مانع عن الائتمام، و أما إذا كان بإمكانه أن يتخطاه فلا يكون مانعا، هذا يتخطاه فهو مانع عن الائتمام، و أما إذا كان بإمكانه أن يتخطاه فلا يكون مانعا، هذا على رواية الفقيه، و أما في الكافي فقد روى الرواية هكذا: (و أىّ صف كان أهله يصلون بصلاة أمام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس لهم بصلاة، فإن كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة إلّا من كان في حيال الباب ..) «2». و حينئذ تختلف رواية الفقيه عن رواية الكافي في نقطة و تتحد معها في‌

______________________________
(1) من لا يحضره الفقيه ج 1 باب الجماعة و فضلها ح 54

(2) الكافي ج 3 باب الرجل يخطو إلى الصف أو يقوم خلف الصف وحده أو يكون بينه و بين الإمام ما لا يتخطى ح 4

 

486
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة ص 486

في أحوال الصلاة و إن كان مانعا منها حال السجود كمقدار الشبر بل أزيد

______________________________
نقطة أخرى. أما نقطة الاتحاد فإن كلتا الروايتين تدل على أن المانع من صحة الاقتداء أمران: أحدهما البعد المكاني بين المأموم و الامام و بين صف و صف المحدد بما لا يتخطى المفسر بمسقط جسد الانسان إذا سجد، و الآخر وجود الساتر بينهما و بين صف و صف.

و أما نقطة الاختلاف بينهما فلأنّ رواية الفقيه تحدد الساتر المانع من الائتمام بما لا يتخطى، فالساتر الذي يمكن أن يتخطاه الانسان لا يكون مانعا، و أما رواية الكافي فهي تدل على أن الساتر مانع، و مقتضى اطلاقها مانعيته و إن كان مما يتخطاه الانسان بخطوة واسعة شريطة صدق الساتر و الجدار بينهم عليه.

و دعوى: أنه لا اطلاق لها على أساس أنها في مقام المنع عن الصلاة خلف المقاصير مقتديا بصلاة من فيها ... مدفوعة باناطة المانع فيها بوجود الساتر و الجدار لا بالمقاصير.

فإذن العبرة إنما هي بصدق ذلك، و على هذا فمقتضى رواية الفقيه ان الساتر إذا كان بمقدار يمكن أن يتخطاه الانسان بخطوة واسعة من أوسع خطوات الانسان العادي لم يكن مانعا، و مقتضى رواية الكافي أنه مانع، و بما أن الصادر من الامام عليه السّلام احداهما دون كلتيهما معا فإذن لم يثبت شي‌ء منهما لا نسخة الفقيه و لا نسخة الكافي لعدم الترجيح في البين، و على هذا الأساس فإذا كان الساتر مما يتخطى كان موضع الشك في انه مانع أو لا؟ و حيث أن الشك في مانعيته عن الجماعة فيكون مرجعه إلى الشك في أن قراءة الامام فيها مع وجود ذلك الساتر هل هي مسقطة عن قراءة المأموم الثابتة في عهدته أو لا؟ و بما أن الشك يكون في المسقط عن الواجب فالمرجع هو قاعدة الاشتغال، هذا اضافة إلى دعوى أن وجوده بين صفوفهم مانع عن صدق الاجتماع .. غير بعيدة.

 

487
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 1 لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة ص 486

أيضا، نعم إذا كان مانعا حال الجلوس فيه إشكال لا يترك معه الاحتياط (1).

[مسألة 2: إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع]

[1899] مسألة 2: إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلا أو حال القيام لثقب في أعلاه أو حال الهوي إلى السجود لثقب في أسفله فالأحوط و الأقوى فيه عدم الجواز، بل و كذا لو كان في الجميع لصدق الحائل معه أيضا (2).

[مسألة 3: إذا كان الحائل زجاجا يحكي من وراءه]

[1900] مسألة 3: إذا كان الحائل زجاجا يحكي من وراءه فالأقوى عدم جوازه للصدق.

[مسألة 4: لا بأس بالظلمة و الغبار و نحوهما]

[1901] مسألة 4: لا بأس بالظلمة و الغبار و نحوهما، و لا تعدّ من الحائل، و كذا النهر و الطريق إذا لم يكن فيهما بعد ممنوع في الجماعة.

[مسألة 5: الشبّاك لا يعد من الحائل]

[1902] مسألة 5: الشبّاك لا يعد من الحائل، و إن كان الأحوط الاجتناب معه خصوصا مع ضيق الثقب، بل المنع في هذه الصورة لا يخلو عن قوة لصدق الحائل (3) معه.

______________________________
(1) بل هو الأقوى حتى فيما إذا كان الساتر مما يمكن أن يتخطاه الانسان بأوسع خطوات الرجل المتعارف و ذلك مضافا إلى قاعدة الاشتغال، أنه لا يبعد كونه مانعا عن صدق الاجتماع الذي هو المقوم لحقيقة الجماعة.

(2) تقدم أن عنوان الحائل لم يرد في شي‌ء من الروايات، و الوارد فيها إنما هو عنوان الساتر، و الظاهر أنه لا يصدق مع وجود الثقب فيه بحيث يشاهد الامام أو يشاهد من يشاهده مباشرة أو بالواسطة كالشبابيك المخرّمة و الزجاج فإن كل ذلك لا يمنع عن صدق الاجتماع. و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

(3) تقدم أن العبرة إنما هي بصدق عنوان الساتر فإن صدق من جهة ضيق الثقب كان مانعا عن صحة الائتمام حيث لا يصدق معه اسم الاجتماع، و إلّا فلا و إن‌

 

488
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 6 لا يقدح حيلولة المأمومين بعضهم لبعض ص 489

[مسألة 6: لا يقدح حيلولة المأمومين بعضهم لبعض]

[1903] مسألة 6: لا يقدح حيلولة المأمومين بعضهم لبعض و إن كان أهل الصف المتقدم الحائل لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين لها.

[مسألة 7: لا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصف الأول أو أكثره للإمام إذا كان ذلك من جهة استطالة الصف]

[1904] مسألة 7: لا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصف الأول أو أكثره للإمام إذا كان ذلك من جهة استطالة الصف، و لا أطولية الصف الثاني مثلا من الأول.

[مسألة 8: لو كان الإمام في محراب داخل في جدار و نحوه لا يصح اقتداء من على اليمين أو اليسار]

[1905] مسألة 8: لو كان الإمام في محراب داخل في جدار و نحوه لا يصح اقتداء من على اليمين أو اليسار ممن يحول الحائط بينه و بين الإمام، و يصح اقتداء من يكون مقابلا للباب لعدم الحائل بالنسبة إليه، بل و كذا من على جانبيه ممن لا يرى الإمام لكن مع اتصال الصف على الأقوى و إن كان الأحوط العدم، و كذا الحال إذا زادت الصفوف إلى باب المسجد فاقتدى من في خارج المسجد مقابلا للباب و وقف الصف من جانبيه فإن الأقوى صحة صلاة الجميع و إن كان الأحوط العدم بالنسبة إلى الجانبين.

[مسألة 9: لا يصح اقتداء من بين الأسطوانات مع وجود الحائل بينه و بين من تقدمه]

[1906] مسألة 9: لا يصح اقتداء من بين الأسطوانات مع وجود الحائل بينه و بين من تقدمه إلا إذا كان متصلا بمن لم تحل الأسطوانة بينهم، كما أنه يصح إذا لم يتصل بمن لا حائل له لكن لم يكن بينه و بين من تقدمه حائل مانع.

[مسألة 10: لو تجدد الحائل في الأثناء]

[1907] مسألة 10: لو تجدد الحائل في الأثناء فالأقوى بطلان الجماعة و يصير منفردا (1).

______________________________
صدق عنوان الحائل.

(1) هذا إذا كان الحائل ساترا يمنع عن صدق الاجتماع و إلّا فلا تبطل الجماعة.

 

489
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 11 لو دخل في الصلاة مع وجود الحائل جاهلا به لعمى أو نحوه لم تصح جماعة ص 490

[مسألة 11: لو دخل في الصلاة مع وجود الحائل جاهلا به لعمى أو نحوه لم تصح جماعة]

[1908] مسألة 11: لو دخل في الصلاة مع وجود الحائل جاهلا به لعمى أو نحوه لم تصح جماعة، فإن التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد أتم منفردا، و إلا بطلت (1).

[مسألة 12: لا بأس بالحائل الغير المستقر كمرور شخص من إنسان أو حيوان أو غير ذلك]

[1909] مسألة 12: لا بأس بالحائل الغير المستقر كمرور شخص من إنسان أو حيوان أو غير ذلك، نعم إذا اتصلت المارّة لا يجوز و إن كانوا غير مستقرين لاستقرار المنع حينئذ.

[مسألة 13: لو شك في حدوث الحائل في الأثناء بنى على عدمه]

[1910] مسألة 13: لو شك في حدوث الحائل في الأثناء بنى على عدمه، و كذا لو شك قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه، و أما لو شك في وجوده و عدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول إلا مع الاطمئنان بعدمه (2).

______________________________
(1) هذا فيما اذا كان المنافي لصلاة المنفرد منافيا لها عمدا و سهوا كالاخلال بالركن، و إلّا صحت صلاته منفردا.

(2) هذا هو الصحيح، أما إذا كان مسبوقا بالوجود فهو واضح، و أما إذا بدأت صلاة الجماعة فيشك من المأمومين في وجود الساتر الذي يمنع عن صدق اسم الاجتماع عرفا منذ بداية الصلاة سواء أ كان مصدر هذا الشك الشك في حدوثه بمفاد كان التامة قبل البدء بالصلاة جماعة أم كان من جهة توارد الحالتين المتضادتين، فيكون هذا الشك مانعا عن الائتمام و لا يسوغ للشاك الدخول في هذه الجماعة و الاعتماد على الصلاة فيها على أساس أن مرد هذا الشك إلى الشك في أن صلاته في تلك الجماعة هل هي مسقطة عن الصلاة الواجبة في ذمته أو لا؟

باعتبار أن الساتر بين الامام و المأمومين، أو بين صف و آخر ان كان موجودا في الواقع لم تكن مسقطة عنها لبطلانها حينئذ جماعة و منفردا، اما جماعة فلوجود الساتر و أما منفردا فلأنّه تارك للقراءة عامدا و ملتفتا فلا يعمه حديث (لا تعاد). و إن‌

 

490
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام و لكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس ص 491

[مسألة 14: إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام و لكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس]

[1911] مسألة 14: إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام و لكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس و المفروض زواله حال الركوع أو الجلوس هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟ فيه و جهان و الأحوط (1) كونه مانعا من الأول، و كذا العكس لصدق وجود الحائل بينه

______________________________
لم يكن موجودا فيه كانت مسقطة لصحتها حينئذ جماعة. و حيث انه شاك من بداية الصلاة في وجود الساتر كذلك فيشك لا محالة في أنها مسقطة عن الواجب أو لا، و من المعلوم أن الشك إذا كان في سقوط التكليف بعد العلم به فهو مورد لأصالة الاشتغال دون اصالة البراءة باعتبار أن الشك في المقام ليس في مانعية شي‌ء عن الصلاة أو شرطية آخر لها لكي يكون موردا لها، بل إنما هو في وجود المانع عن الجماعة، و هذا الشك في نفسه لا يترتب عليه أثر عملي منجّز حتى يمكن التمسك بأصالة البراءة عنه لفرض أن الاجتماع مستحب و ليس بواجب، و لكن بما أن مردّه إلى الشك في مسقطية قراءة الامام عن قراءة المأموم في هذه الحالة فالمرجع فيه قاعدة الاشتغال.

(1) بل هو الأقرب، فإنه لا يبعد أن يكون مشمولا لقوله عليه السّلام في الصحيحة:

(فإن كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة).

«1» و إن شئت قلت: انه لا تصح صلاة الجماعة مع وجود جدار أو أي ساتر آخر بين الامام و المأمومين، أو بين صف و صف آخر على نحو يمنع عن صدق الاجتماع عرفا، و كذلك لا تصح مع وجود فواصل و فراغات بين الامام و المأمومين و بين صف و آخر بمقدار يمنع عن صدق الاجتماع، و قد حددت تلك الفواصل و الفراغات في الصحيحة بما لا يمكن أن يتخطاه الانسان العادى، و فسّر ذلك فيها بقدر جسد الانسان إذا سجد، و يراعى هذا المقدار بين موضع سجوده و موقف امامه أو موقف المأموم الذي أمامه، كما أنها حددت وجود الستار و الجدار بينهم‌

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 59 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

 

491
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 14 إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام و لكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس ص 491

و بين الإمام.

[مسألة 15: إذا تمت صلاة الصف المتقدم و كانوا جالسين في مكانهم أشكل بالنسبة إلى الصف المتأخر]

[1912] مسألة 15: إذا تمت صلاة الصف المتقدم و كانوا جالسين في مكانهم أشكل بالنسبة إلى الصف المتأخر لكونهم حينئذ حائلين غير مصلين.

نعم إذا قاموا بعد الإتمام بلا فصل و دخلوا مع الإمام في صلاة اخرى لا يبعد بقاء قدوة المتأخرين (1).

[مسألة 16: الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل لا يجوز معه الاقتداء]

[1913] مسألة 16: الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل لا يجوز معه الاقتداء.

[مسألة 17: إذا كان أهل الصفوف اللاحقة غير الصف الأول متفرقين]

[1914] مسألة 17: إذا كان أهل الصفوف اللاحقة غير الصف الأول متفرقين بأن كان بين بعضهم مع البعض فصل أزيد من الخطوة التي تملأ

______________________________
بما لا يسمح بصدق صلاة الجماعة، فلا تكون الصحيحة في مقام بيان شرطية هذين الأمرين في صلاة الجماعة تعبدا، بل هي في مقام بيان أنهما من مقوماتها، و على هذا فيقع الكلام في صدق وجود الساتر على الساتر المفروض في المسألة و قلنا أنه غير بعيد باعتبار انه لا يعتبر في مانعيته عن الجماعة أن يكون في تمام حالات المصلي في الصلاة.

(1) بل هو الظاهر لأنّ العبرة إنما هي ببقاء اسم الاجتماع عرفا، و من المعلوم ان ائتمام الصف المتقدم بالامام ثانيا بعد اتمام الصلاة الأولى بلا فصل زمني لا يضر بصدق الاجتماع و لا يكون مشمولا لدليل مانعية الساتر لعدم صدق الساتر عليه. كما أن الصف المتأخر إذا أمكنه أن يتقدم فورا و يأخذ المكان المناسب و يواصل صلاته بعد اتمام الصف المتقدم صحت صلاته جماعة و لا يضر هذا المقدار من الفصل بصدق الاجتماع عرفا.

 

492
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 17 إذا كان أهل الصفوف اللاحقة غير الصف الأول متفرقين ص 492

الفرج فإن لم يكن قدامهم من ليس بينهم و بينه البعد المانع و لم يكن إلى جانبهم أيضا متصلا بهم من ليس بينه و بين من تقدمه البعد المانع لم يصح اقتداؤهم، و إلا صح، و أما الصف الأول فلا بد فيه من عدم الفصل بين أهله، فمعه لا يصح اقتداء من بعد عن الإمام أو عن المأموم من طرف الإمام بالبعد المانع.

[مسألة 18: لو تجدد البعد في أثناء الصلاة بطلت الجماعة و صار منفردا]

[1915] مسألة 18: لو تجدد البعد في أثناء الصلاة بطلت الجماعة و صار منفردا، و إن لم يلتفت و بقي على نية الاقتداء فإن أتى بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع مثلا للمتابعة أو نحو ذلك بطلت صلاته و إلا صحت.

[مسألة 19: إذا انتهت صلاة الصف المتقدم من جهة كونهم مقصرين أو عدلوا إلى الانفراد]

[1916] مسألة 19: إذا انتهت صلاة الصف المتقدم من جهة كونهم مقصرين أو عدلوا إلى الانفراد فالأقوى بطلان اقتداء المتأخر للبعد، إلا إذا عاد المتقدم إلى الجماعة بلا فصل (1)، كما أن الأمر كذلك من جهة

______________________________
(1) في كفاية ذلك في صحة جماعة الصف المتأخر اشكال بل منع، لأنّ ظاهر الصحيحة أن البعد بين الامام و المأموم و بين كل صف و صف إذا كان بقدر ما لا يتخطاه الانسان العادي فهو مانع عن تحقق الجماعة، لأنّ قوامها باجتماع الامام و المأمومين في موقف واحد من بداية الائتمام به في الصلاة الى نهايته، و على هذا فالبعد المذكور مانع حدوثا و بقاء و لو في آن واحد، و لا يقاس هذا بالساتر على أساس أن المانع هناك عرفا هو الساتر الثابت دون غيره و هو ما يحدث و يزول و الصحيحة منصرفة عنه، و هذا بخلاف البعد المانع من الجماعة، فإنه إذا تحقق و لو في آن واحد فلا جماعة في ذلك الآن و لا ائتمام فيه، و قد مرّ أنها متقومة باجتماع الامام و المأمومين في موقف واحد من بداية الائتمام إلى نهايته، و لا دليل‌

 

493
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 19 إذا انتهت صلاة الصف المتقدم من جهة كونهم مقصرين أو عدلوا إلى الانفراد ص 493

الحيلولة أيضا على ما مر.

[مسألة 20: الفصل لعدم دخول الصف المتقدم في الصلاة لا يضر بعد كونهم متهيئين للجماعة]

[1917] مسألة 20: الفصل لعدم دخول الصف المتقدم في الصلاة لا يضر بعد كونهم متهيئين للجماعة، فيجوز لأهل الصف المتأخر الإحرام قبل إحرام المتقدم، و إن كان الأحوط خلافه (1)، كما أن الأمر كذلك من حيث الحيلولة على ما سبق.

[مسألة 21: إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة]

[1918] مسألة 21: إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة (2) و إن كانوا غير ملتفتين للبطلان، نعم

______________________________
على مشروعية الاقتداء في اثناء الصلاة بعد الانفراد.

(1) فيه ان الاحتياط و إن كان استحبابيا إلّا أنه لا منشأ له، فإن المأمومين المتقدمين مكانا إذا كانوا في حالة تهيّؤهم لتكبيرة الاحرام و تأهبهم للافتتاح لم يشكلوا حاجبا أو فاصلا بين الامام و من تأخر عنهم من المأمومين و حينئذ فيجوز للمأموم المتأخر أن ينوي الائتمام و يكبر للإحرام إذا رأى أن المأمومين المتقدمين متهيئون للتكبيرة، كما إذا كانوا قد رفعوا أيديهم حتى يكبروا، و الوجه في ذلك أن المستفاد من الصحيحة و غيرها من الروايات أن الجماعة قد تحققت باجتماع الناس خلف امام شريطة توفر شروطها العامة، فإذا تهيئوا و تأهبوا للائتمام به جاز في هذه الحالة لكل واحد منهم أن ينوي الائتمام و يكبر و إن كان في الصف المتأخر، و لا يعتبر فيها أن ينوي الصف المتقدم الائتمام به و يكبر أولا ثم يكبر المتأخر فالمتأخر و هكذا بالترتيب، و لا يدل على اعتبار ذلك شي‌ء من الروايات.

فالنتيجة: أنهم إذا كانوا متهيئين و متأهبين للائتمام و التكبيرة لم يكونوا في هذه الحالة مانعين من ائتمام المأموم المتأخر لا من جهة البعد المكاني بينه و بين الامام و لا من جهة وجود الحاجب و الساتر.

(2) في البطلان اشكال بل منع لأنّ مانعية وجود المأمومين المتقدمين في‌

 

494
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 21 إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة ص 494

..........

______________________________
المكان على أساس بطلان صلاتهم أما من جهة أن وجودهم يشكل حاجبا و ساترا بين المأموم المتأخر في المكان و الامام، أو من جهة انه يشكل البعد المكاني بينهما باكثر مما لا يتخطاه الانسان العادي بخطوة واسعة، و كلا المانعين لا يصدق على وجودهم. اما المانع الأول فلأن وجود الساتر و الحاجب يمنع عن تحقق الجماعة التي هي اسم للاجتماع بنظر العرف من البداية إلى النهاية، و مع وجود الساتر و الحاجب بين الامام و المأموم و بين كل صف و آخر لا يصدق اجتماعهما في موقف واحد و مكان فارد، و من الواضح ان الساتر لا يصدق على وجود هؤلاء عرفا و لا يمنع عن صدق الاجتماع خلف الامام، بل هو مقوم له باعتبار أنهم من المصلين و المؤتمين به، غاية الأمر أن صلاتهم فاسدة و لا دليل على أن صحة صلاة المأمومين معتبرة في الجماعة فإنها تحققت باجتماع الناس خلف الامام في موقف واحد في صفوف منتظمة و غير متفرقة و ائتمامهم به و تبعيتهم له في الافعال سواء أ كانت صلاتهم صحيحة أم كانت فاسدة.

و إن شئت قلت: أن وجود الانسان الواقف بين المأموم و الامام أو بينه و بين المأموم امامه و إن كان حاجبا و ساترا فيكون مانعا عن تحقق الجماعة و مشمولا لإطلاق دليل المانعية إلّا أن ذلك إنما هو بلحاظ انه ليس من اعضاء الجماعة بل هو أمر أجنبي عنها، و هذا بخلاف وجود هؤلاء فانه من اعضاء الجماعة و اركانها و مصلين معهم بصلاة الامام و مقتدين به في الحركات و السكنات فكيف يصدق عليه وجود الحاجب بين المأموم المتأخر و الامام، غاية الأمر أن صلاتهم تكون فاسدة، و من المعلوم أن مجرد فسادها لا يمكن أن يؤثر في الواقع و يجعل وجودهم خارجا عن الجماعة و ساترا بينه و بين الامام.

و أما المانع الثانى: فلأن البعد المكاني بين الامام و المأموم أو بين صف‌

 

495
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 21 إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة ص 494

مع الجهل بحالهم تحمل على الصحة و لا يضر، كما لا يضر فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم و إن كانت باطلة بحسب تقليد الصف المتأخر.

[مسألة 22: لا يضر الفصل بالصبيّ المميز ما لم يعلم بطلان صلاته]

[1919] مسألة 22: لا يضر الفصل بالصبيّ المميز ما لم يعلم بطلان صلاته (1).

[مسألة 23: إذا شك في حدوث البعد في الأثناء بنى على عدمه]

[1920] مسألة 23: إذا شك في حدوث البعد في الأثناء بنى على عدمه، و إن شك في تحققه من الأول وجب إحراز عدمه إلا أن يكون مسبوقا بالقرب كما إذا كان قريبا من الإمام الذي يريد أن يأتم به فشك في أنه تقدم عن مكانه أم لا.

[مسألة 24: إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة سهوا أو جهلا أو اضطرارا صار منفردا]

[1921] مسألة 24: إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة سهوا أو جهلا أو اضطرارا صار منفردا، و لا يجوز له تجديد الاقتداء، نعم لو عاد بلا

______________________________
وصف آخر يمنع عن صدق اسم اجتماع الناس بشكل منتظم و في صفوف مترتبة غير متبعثرة و من المعلوم أنه لا ينطبق على وجود هؤلاء، فإن وجودهم مقوم لمفهوم الجماعة لا أنه مانع منه.

فالنتيجة: أن دليل مانعية وجود الحاجب و البعد المكاني بين الامام و المأموم أو بين صف و صف لا يشمل المقام، و الدليل الآخر ليدل على أن المأمومين المتقدمين اذا كانت صلاتهم باطلة كان وجودهم حاجبا أو فاصلا بين الامام و المأموم المتأخر غير موجود.

(1) بل مع العلم بالبطلان كما مرّ، و من هنا لا فرق بين أن تكون عباداته شرعية أو تمرينية.

 

496
تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى3 (للفياض)

مسألة 24 إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة سهوا أو جهلا أو اضطرارا صار منفردا ص 496

فصل لا يبعد بقاء قدوته (1).

[مسألة 25: يجوز على الأقوى الجماعة بالاستدارة حول الكعبة]

[1715] مسألة 25: يجوز على الأقوى (2) الجماعة بالاستدارة حول الكعبة، و الأحوط عدم تقدم المأموم على الإمام بحسب الدائرة، و أحوط منه عدم أقربيته مع ذلك إلى الكعبة، و أحوط من ذلك تقدم الإمام بحسب الدائرة و أقربيته مع ذلك إلى الكعبة.

______________________________
(1) بل هو بعيد جدا فإن تقدم المأموم على الامام مكانا اذا كان مبطلا لصلاته جماعة كان مبطلا لها و لو آنا ما، لأنّ مقتضى اطلاق صحيحة محمد بن مسلم أن تأخر المأموم عن الامام أو تساويه شرط في صحة الجماعة من البداية إلى النهاية على نحو الاستمرار بل هو مقوم لمفهوم الائتمام، فلا وجه حينئذ للفرق في الاخلال بهذا الشرط بين العود إليه بلا فصل و بين عدم العود فانه على كلا التقديرين يكون منفردا و لا أثر لعوده ثانيا، فإنه ائتمام به بعد الانفراد، و لا دليل على مشروعيته، كما أن مقتضى اطلاق الصحيحة عدم الفرق بين أن يكون الاخلال به عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي أو سهوا أو اضطرارا.

(2) في القوة اشكال، و لا يبعد عدم الجواز، فإن مقتضى صحيحة محمد بن مسلم: «1» ان المأموم ان كان اكثر من واحد قاموا خلف الامام، و إن كان واحدا قام على يمينه .. هو عدم مشروعية الجماعة على نحو الاستدارة، و الدليل الخاص على المشروعية غير موجود. و دعوى جريان السيرة من المسلمين عليها في زمان المعصومين عليهم السّلام و وصولها إلينا ... مجازفة، و على تقدير ثبوتها فهي ثابتة بين ابناء العامة دون الخاصة، و دعوى الامضاء ... لا أساس لها، بل الصحيحة تدل على الردع.

______________________________
(1) الوسائل ج 8 باب: 23 من من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7.

 

497